كتاب : المبدع شرح المقنع
المؤلف : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين

فصل
وأدوات الشرط ستة إن وإذا ومتى ومن وأي وكلما وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا كلما وفي متى وجهان.
ـــــــ
فوجهان وإن وضعه الحالف في حجره أو بين يديه فلم يأخذ لم يحنث وإن أخذه الحاكم من الغريم فدفعه إلى المستحق فأخذه حنث كما لو قال لا تأخذ حقك علي وقال القاضي لا كما لو قال أعطيك حقك.
فصل
وأدوات الشرط ستة كذا وقع بخط المؤلف والوجه ست ويمكن تخريجه على الحمل على المعنى على تأويل الأدوات بالألفاظ أو هو جمع لفظ وهو مذكر نظيره قول الشاعر:
ثلاثة أنفس وثلاثة ذود لقد جار الزمان على عيالي
والنفس مؤنثة لكن أريد بها الإنسان وليس المراد حصر أدوات الشرط فيها فإن غيرها أداة له كـ "ما" وإنما خص الستة بالذكر لأنها غالب ما تستعمل له.
"إن وإذا ومتى ومن وأي وكلما وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا كلما" بغير خلاف نعلمه لقوله تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: من الآية64] و {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [لأعراف: من الآية38] وفي متى وجهان أحدهما تستعمل للتكرار قال الشاعر:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد
ولأنها تستعمل للشرط والجزاء ومتى وجد الشرط ترتب عليه جزاؤه.
والثاني: لا يقتضيه وجزم به في "الوجيز" وقدمه في "الفروع" لأنها اسم زمن بمعنى أي وقت وبمعنى إذا وكونها تستعمل للتكرار لا يمنع استعمالها في

وكلها على التراخي إذا تجردت عن لم فإن اتصل بها صارت على الفور إلا "إن".
ـــــــ
غيره كإذا ونصف وقت فإنهما يستعملان في الأمرين كقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} [الأنعام: من الآية68] {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ} [لأعراف: من الآية203] وكذلك أي وقت وأي زمان فإنهما يستعملان للتكرار وسائر الحروف يجازى بها إلا أنها لما كانت تستعمل للتكرار وغيره فلا تحمل على التكرار إلا بدليل.
فرع: "من" و"أي" المضافة إلى الشخص يقتضيان عموم ضميرهما فاعلا كان أو مفعولا.
"وكلها على التراخي إذا تجردت عن "لم" أو نية الفور أو قرينته لأنها مستعملة فيه لكون أنها لا تقتضي وقتا إلا ضرورة أن الفعل لا يقع إلا في وقت فهي مطلقة في الزمان كله.
"فإن اتصل بها صارت على الفور" لأن "متى" و"أي" معناهما أي زمان وذلك شائع في الزمان كله فأي زمن وجدت الصفة فيه وجب الحكم بوقوع الطلاق ولا بد أن يلحظ في "أي" كونها مضافة إلى زمن فإن أضيفت إلى شخص كان حكمها حكم "من" وظاهره أن من للفور وصرح به في "المغني" وفيه نظر لأن "من" لا دلالة لها على الزمان إلا ضرورة أن الفعل لا يقع إلا في زمان فهي بمنزلة "أي" فيجب ألا تكون على التراخي مع أن صاحب "المحرر" حكى في من وأي المضافة إلى الشخص وجهين ويتوجهان في "مهما" فإن اقتضت فورا فهي في التكرار كـ "متى".
وأما "كلما" فدلالتها على الزمن أقوى من دلالة "أي" و "متى" فإذا صارتا للفور عند اتصالهما بـ "لم" فلأن تصير "كلما" كذلك بطريق الأولى "إلا إن" أي مع عدم نية أو قرينة فإذا قال إن لم تدخلي الدار فأنت طالق لم يقع إلا عند تعذر إيقاعه بموت أو ما يقوم مقامه.

وفي "إذا" وجهان فإذا قال إن قمت أو إذا قمت أو من قامت من كن أو أي وقت قمت أو متى قمت أو كلما قمت فأنت طالق فمتى قامت طلقت وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق إلا في "كلما".
ـــــــ
"وفي "إذا" وجهان" أحدهما أنها على التراخي نصره القاضي لأنها تستعمل شرطا بمعنى "إن" كقول الشاعر:
وإذا تصبك خصاصة فتجمل
فجزم بها كـ "إن" ولأنها تستعمل بمعنى "متى" و "إن" فلا يقع بالشك والثاني على الفور وهو أشهر لأنها اسم لزمن مستقبل فيكون كمتى فأما المجازاة بها فلا تخرجها عن موضوعها.
مسألة: قد علم حكم المعلق بالشرط وأنها لا تطلق قبل وجوده وعنه: يحنث بعزمه على الترك وجزم به في "الروضة" لأنه أمر موقوف على القصد والقصد هو النية ولهذا فعله ناسيا أو مكرها لم يحنث لعدم القصد فأثر فيه تعيين النية كالعبادات من الصلاة والصيام إذا نوى قطعهما ذكره في "الواضح".
تذنيب: قولهم الأدوات الأربع في النفي على الفور صحيح في "كلما" و"أي" و"متى" فإنها تعم الزمان بخلاف "من" لأنها ليست من أسماء الزمان وإنما تعم الأشخاص فلا يظهر أنها تقتضي الفور فعلى هذا إذا قال من لم أطلقها منكن فهي طالق لم تطلق واحدة منهن إلا أن يتعذر طلاقها أو ينوي وقتا أو تقوم قرينة بفور فيتعلق به.
"فإذا قال إن قمت أو إذا قمت أو من قامت منكن أو أي وقت قمت أو متى قمت أو كلما قمت فأنت طالق فمتى قامت طلقت" لأن وجود الشرط يستلزم وجود الجزاء وعدمه عدمه إلا أن يعارض معارض.
"وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق" لأنها ليست للتكرار "إلا في "كلما"

وفي "متى" في أحد الوجهين ولو قال كلما أكلت رمانة فأنت طالق أو كلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت ثلاثا وإن علق طلاقها على صفات ثلاث فاجتمعن في عين واحدة مثل أن يقول إن رأيت رجلا فأنت طالق وإن رأيت فقيها فأنت طالق وإن رأيت أسود فأنت طالق فرأت رجلا أسود فقيها طلقت ثلاثا وإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها لم تطلق إلا في آخر جزء من حياة أحدهما إلا أن تكون له نية.
ـــــــ
فإنها تقتضي التكرار "و"متى" في أحد الوجهين" بناء على مقتضاها التكرار وعدمه ولو قمن الأربع فيمن قامت وأيتكن قامت أو من أقمتها أو أيتكن أقمتها طلقن.
"ولو قال كلما اختلفا رمانة فأنت طالق وكلما اختلفا نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت ثلاثا" لوجود وصفه النصف مرتين والجميع مرة لأن "كلما" تقتضي التكرار واختار الشيخ تقي الدين تطلق واحدة.
"وإن علق طلاقها على صفات ثلاث فاجتمعن في عين واحدة مثل أن يقول إن رأيت رجلا فأنت طالق وإن رأيت فقيها فأنت طالق وإن رأيت أسود فأنت طالق فرأت رجلا أسود فقيها طلقت ثلاثا" لوجود الصفات الثلاث فيه أشبه ما لو رأت ثلاثة فيهم الثلاث صفات.
أصل: أدوات الشرط إذا تقدم جزاؤها عليها لم يحتج إلى الفاء في الجزاء كقوله أنت طالق إن دخلت الدار وإن تأخر احتاجت إلى حرف واختصت الفاء لأنها للتعقيب.
"وإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها لم تطلق" لأن "إن لم" لا تقتضي الفور "إلا في آخر جزء من حياة أحدهما" أي أحد الزوجين لأنه لا يمكن إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما فتبين أنه يقع لجواز أن يطلقها قبل موته أو موتها "إلا أن تكون له نية" فيعمل بها لأنه نوى الطلاق بقول صالح فوجب

وإن قال من لم أطلق أو أي وقت لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها فيه طلقت وإن قال إذا لم أطلقك فأنت طالق فهل تطلق في الحال على وجهين وإن قال كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها فيه ثلاثا ولم يطلقها طلقت ثلاثا.
ـــــــ
أن يقع عملا بالمقتضي السالم عن المعارض وكذا إذا دلت قرينة على الفور وفي "الإرشاد" رواية يقع بعد موته وأيهما مات قبل إيقاعه وقع الحنث بموته وورثه صاحبه إذا كان أقل من ثلاث وإن كان ثلاثا ورثته ولم يرثها هو ولا يرث ثانيا وترثه ويتخرج لا ترثه من تعليقه في صحته على فعلها فيوجد في مرضه والفرق ظاهر وفي "الروضة" في إرثهما روايتان لأن الصفة في الصحة والطلاق في المرض وفيه روايتان.
فرع: لا يمنع من وطء زوجته قبل فعل ما حلف عليه وعنه: بلى جزم به جماعة والأول أصح لأنه نكاح صحيح لم يقع فيه طلاق فحل له الوطء.
"وإن قال من لم أطلقها أو أي وقت لم أطلقك" أو متى لم أطلقك "فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها فيه طلقت" في الحال لوجود الصفة فإنها اسم لوقت الفعل فيقدر بهذا أو لهذا يصح به السؤال فيقال متى دخلت أو أي وقت دخلت وأما من فتقتضي الفور وحينئذ يتحقق الطلاق بمضي زمن عقيب اليمين إذا لم يطلق لأن شرطه يتحقق حينئذ فيلزم منه الطلاق ضرورة أن وجود الشرط يستلزم وجود المشروط وفي وجه أن حكم من لم أطلقها أو إذا لم أطلقك أو أيتكن لم أطلقها كحكم إن لم أطلقك.
"وإن قال إذا لم أطلقك فأنت طالق فهل تطلق في الحال؟" أو في آخر جزء من حياة أحدهما "على وجهين" بناء على أنها للفور أو على التراخي.
"وإن قال كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها فيه ثلاثا ولم يطلقها طلقت ثلاثا" لأن "كلما" تقتضي التكرار فيقتضي تكرار الطلاق بتكرر الصفة والصفة عدم طلاقه لها فإذا مضى زمن يمكن فيه أن

إلا التي لم يدخل بها فإنها تبين بالأولى وإن قال العامي إن دخلت الدار فأنت طالق بفتح الهمزة فهو شرط وإن قاله عارف بمقتضاه طلقت في الحال وحكي عن الخلال أنه إن لم ينو مقتضاه فهو شرط أيضا وإن قال إن قمت وأنت طالق طلقت في الحال.
ـــــــ
يطلقها ولم يفعل فقد وجدت الصفة فيقع واحدة وثانية وثالثة إذا كانت مدخولا بها "إلا التي لم يدخل بها فإنها تبين بالأولى" ولم يقع شيء بعدها لأن البائن لا يقع عليها طلاق.
"وإن قال العامي أن دخلت الدار فأنت طالق يفتح الهمزة فهو شرط" لأن العامي لا يريد به إلا الشرط ولا يعرف أن مقتضاها التعليل فلا يريده فلا يثبت له حكم ما لا يعرفه وكنيته.
"وإن قاله عارف بمقتضاه طلقت في الحال" لأن "أن" للتعليل لا للشرط لقوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: من الآية17] {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} [مريم: 90-91] قال القاضي وهذا التفصيل قياس المذهب.
"وحكي عن الخلال أنه إن لم ينو مقتضاه فهو شرط أيضا" لأن الطلاق يحمل على العرف فإذا لم ينو مقتضاه استوى العارف وغيره وفيه وفي "الترغيب" وجه يقع إذن ولو لم يوجد كتطليقها لرضى أبيها يقع كان فيه رضاه أو سخطه وأطلق جماعة عن أبي بكر فيهما يقع إذن ولو بدل أن كهي وفي "الكافي" يقع إذن كإذ ذكره في "الكافي" و "الشرح" وفيها احتمال كأمس.
فرع: إذا قال إن دخلت الدار أنت طالق فهو شرط قدمه في "المحرر" و "الرعاية" كما لو قال أنت طالق إن دخلت الدار وإنما حذفت الفاء لحذف المبتدأ أو الخبر لدلالة باقي الكلام عليه وفي "الكافي" احتمال يقع في الحال لأن جواب الشرط إذا تأخر عنه لم يكن إلا بالفاء أو إذا وقيل إن نوى الشرط وإلا طلقت في الحال.
"وإن قال إن قمت وأنت طالق طلقت في الحال" لأن الواو ليست جوابا

فإن قال أردت الجزاء أو أردت أن أجعل قيامها وطلاقها شرطين لشيء ثم أمسكت وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين وإن قال إن قمت فقعدت فأنت طالق أو إن قعدت إذا قمت أو إن قعدت إن قمت لم تطلق حتى تقوم ثم تقعد.
ـــــــ
للشرط لأن معناه أنت طالق في كل حال لقوله عليه السلام: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق" وفي "الفروع" كالفاء.
"فإن قال أردت الجزاء أو أردت أن أجعل قيامها وطلاقها شرطين لشيء ثم أمسكت" دين لأنه محتمل وهو أعلم بمراده من غيره وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين كذا أطلقهما في "الفروع" وغيره أشهرهما القبول فيه لما ذكرنا والثانية لا لأنه خلاف الظاهر فلو جعل له جزاءا بأن قال إن قمت وأنت طالق فعبدي حر صح ولم يعتق العبد حتى يقوم وهي طالق لأن الواو هنا للحال فلو قال إن قمت طالقا فقامت وهي طالق طلقت أخرى وإن قامت طالق لم تطلق لأن هذا حال فجرى مجرى قوله إن قمت ساكتة.
فرع: إذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق وإن دخلت الأخرى رجع إلى ما أراد فإن عدمت فمتى دخلت الأولى طلقت سواء دخلت الأخرى أو لا ولا تطلق الأخرى فلو قال إن دخلت الدار وإن دخلت هذه الأخرى فأنت طالق فقيل لا تطلق إلا بدخولهما ويحتمل أن تطلق بأحدهما أيهما كان لأنه ذكر شرطين بحرفين فيقتضي كل واحد منهما جزاء فترك جزاء الأول والجزاء الأخير دال عليه كقوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [قّ: من الآية17]
"وإن قال إن قمت فقعدت فأنت طالق أو إن قعدت إذا قمت أو إن قعدت إن قمت لم تطلق حتى تقوم ثم تقعد" لأن القعود شرط يتقدم مشروطه وكذا إن قال إن قمت ثم قعدت لأن الفاء وثم للترتيب وذكر القاضي في إن كالواو بناء على أن فيه عرفا وذكر جماعة في الفاء و"ثم" رواية كالواو.
تتمة: إذا قال أنت طالق إن أكلت إذا أو إن أو متى لبست لم تطلق حتى

وإن قال إن قمت وقعدت فأنت طالق طلقت بوجودهما كيفما كانا وعنه: تطلق بوجود أحدهما إلا أن ينوي والأول أصح وإن قال إن قمت أو قعدت فأنت طالق طلقت بوجود أحدهما.
ـــــــ
تلبس ثم تأكل وتسميه النحاة اعتراض الشرط على الشرط فيقتضي تقديم المتأخر وتأخير المتقدم لأنه جعل الثاني في اللفظ شرطا للذي قبله والشرط يتقدم المشروط كقوله تعالى: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: من الآية34] الآية وقال القاضي إذا كان الشرط بـ "إذا" كقولنا وفيما إذا قال إن شربت إن أكلت أنها تطلق بوجودهما كيفما وجدا لأن أهل العرف لا تعرف ما يقوله أهل العربية في هذا فقال المؤلف والأول أصح وليس لأهل العرف في هذا عرف.
"وإن قال إن قمت وقعدت فأنت طالق طلقت بوجودهما كيفما كانا" ولا تطلق بوجود أحدهما لأنها للجمع لا للترتيب "وعنه: تطلق بوجود أحدهما" لأن الحالف على فعل شيء يحنث بفعل بعضه على رواية وكإن قمت وإن قعدت "إلا أن ينوي" فعل الأمرين لأنه حينئذ لا يحنث بفعل أحدهما لأن الخلاف في بعض المحلوف إنما هو عند الإطلاق أما إذا نوى الكل فلا يحنث بفعل البعض رواية واحدة "والأول أصح" لأن هذه الرواية تخالف الأصول والقواعد فإنه لا خلاف أن الحكم المعلق بشرطين لا يثبت إلا بهما.
"وإن قال إن قمت أو قعدت فأنت طالق طلقت بوجود أحدهما" لأن "أو" تقتضي تعليق الجزاء على واحد كقوله تعالى: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: من الآية184].

فصل في تعليقه بالحيض
إذا قال إذا حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض فإن بان أن الدم ليس بحيض لم تطلق به وإن قال لطاهر إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر.
ـــــــ
فصل في تعليقه بالحيض"إذا قال إذا حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض" لأن الصفة وجدت بدليل منعها من الصلاة والصيام نقل مهنا تطلق برؤية الدم لتحريم مباشرتها طاهرا فيه وفي قبل موتي بشهر وكل زمن يحتمل أن يتبين أنه زمن الطلاق في الأصح ولمنع المعتادة من العبادة إجماعا وفي "الانتصار" و "الفنون" وغيرهما بتبينه بمضي أقله.
"فإن بان أن الدم ليس بحيض لم تطلق به" لأنه تبين أن الصفة لم توجد وذلك بأن تكون بنتا دون تسع سنين أو ينقطع لأقل من أقل الحيض ويتصل الانقطاع إلى أكثر الحيض ولم يشترط في "المغني" الاتصال واشترطه أبو الخطاب وغيره ولا بد منه لأنه إذا انقطع لما ذكر ثم جاء قبل الأكثر كان حيضا لكون من رأته ملفقة ومعنى لم تطلق أي لم يقع.
"وإن قال لطاهر إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر" نص عليه لأنها لا تحيض حيضة إلا بذلك وقيل لا تطلق حتى تغتسل منها وذكره ابن عقيل رواية من أول حيضة مستقبلة والأول أصح والظاهر أنه يقع سنيا.

ولا يعتد بالحيضة التي هي فيها وإن قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق احتمل أن يعتبر نصف عادتها واحتمل أنها متى طهرت تبينا وقوع الطلاق في نصفها واحتمل أن يلغو قوله نصف حيضة وقيل إذا حاضت سبعة أيام ونصفا طلقت.
ـــــــ
"ولا يعتد بالحيضة التي هي فيها" لأنها ليست حيضة كاملة.
فرع: إذا قال إذا حضت حيضة فأنت طالق وإذا حضت حيضتين فأنت طالق فحاضت حيضة طلقت واحدة فإذا حاضت الثانية طلقت الثانية عند طهرها فلو قال ثم إذا حضت حيضتين فأنت طالق لم تطلق الثانية حتى تطهر من الحيضة الثالثة لأن ثم للترتيب تقتضي حيضتين بعد الطلقة الأولى.
"وإن قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق احتمل أن يعتبر نصف عادتها" جزم به في "الوجيز" وصححه في "الشرح" لأن الأحكام تعلقت بالعادة فيتعلق بها وقوع الطلاق "واحتمل أنها متى ظهرت تبينا وقوع الطلاق في نصفها" وهو أشهر لأنها إذا طهرت في ستة أيام مثلا تحقق أن نصف حيضها ثلاثة فيجب أن يحكم بوقوع الطلاق فيها لوجود شرطه وفيه إشعار أنها لا تطلق حتى تطهر وهو صحيح لأن شرط الطلاق مضي نصف الحيضة ولا يتحقق نصفها إلا بكمالها.
"واحتمل أن يلغو قوله نصف حيضة" وهو قول القاضي لأن الحيضة لا تتنصف لأنها عبارة عن جريان الدم فعلى هذا يتعلق طلاقها بأول الدم كقوله: إذا حضت "وقيل إذا حاضت سبعة أيام ونصفا طلقت" لأنه لا يتيقن مضي الحيضة إلا بذلك ولأنه نصف أكثر الحيض قال في "الكافي" بمعنى والله أعلم أنه مادام حيضها باقيا لا يحكم بوقوع طلاقها حتى يمضي نصف أكثر الحيض لأن ما قبل الحيض لا يتيقن به مضي نصف الحيضة فلا يقع الطلاق بالشك.

"وإن قال إذا طهرت فأنت طالق طلقت بانقطاع الدم وإن كانت طاهرا طلقت إذا طهرت من حيضة مستقلة وإذا قالت حضت وكذبها قبل قولها في نفسها وإن قال قد حضت فأنكرته طلقت بإقراره.
ـــــــ
"وإن قال إذا طهرت فأنت طالق طلقت بانقطاع الدم" نص عليه لأنه بانقطاعه ثبت لها أحكام الطاهرات في وجوب الصلاة وصحة الصيام فيجب أن يتعلق به وجوب الطلاق وفي عبارته تسامح ولو قال بأول طهر مستقبل لكان أولى وظاهر أنها تطلق وإن لم تغتسل لأنه ثبت لها أحكام الطهر لأنها ليست حائضا فلزم أن تكون طاهرا لأنهما ضدان وفي "التنبيه" قول حتى تغتسل لأن بعض أحكام الحيض باقية وبناه في "الشرح" على العدة.
"وإن كانت طاهرا طلقت إذا أطهرت من حيضة مستقبلة" لأن قوله لها إذا طهرت يقتضي تجدد الطهارة فإذا كانت طاهرا لم توجد الطهارة المتجددة إلا إذا طهرت من حيضة مستقبلة ضرورة كونها طهارة متجددة.
"وإذا قالت حضت وكذبها قبل قولها في نفسها" بغير يمين في ظاهر المذهب لقوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: من الآية228] قيل هو الحيض فلولا أن قولها مقبول فيه ما حرم عليها كتمانه ولأنه لا يعرف إلا من جهتها ولقوله إن أضمرت بغضي فادعته بخلاف دخول الدار وعنه: تطلق بنيته فيختبرنها النساء بإدخال قطنة في الفرج زمن دعواها الحيض فإن ظهر دم فهي حائض واختاره أبو بكر لأن الحيض يمكن معرفته من غيرها كدخول الدار وعلى الأول هي يعتبر يمينها فيه وجهان مبنيان على ما إذا ادعت أن زوجها طلقها وأنكرها وفاقا لأبي حنيفة وقوله قبل قولها في نفسها أي دون غيرها من طلاق أخرى أو عتق عبد نص عليه في الطلاق لأنها مؤتمنة في حق نفسها دون غيرها.
"وإن قال قد حضت فأنكرته طلقت بإقراره" لأنه أقر بما يوجب

وإن قال إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت له حضت وكذبها طلقت دون ضرتها وإن قال إن حضتما فأنتما طالقتان فقالتا قد حضنا فصدقهما طلقتا وإن كذبها لم تطلقا وإن كذب إحداهما طلقت وحدها وإن قال ذلك لأربع.
ـــــــ
طلاقها أشبه ما لو قال طلقتها "وإن قال إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت قد حضت وكذبها طلقت" لأن قولها مقبول في حق نفسها دون ضرتها أي أن الضرة لا تطلق إلا أن تقيم بينة على حيضها فإن ادعت الضرة أنها حاضت لم تقبل لأن معرفتها بحيض غيرها كمعرفة الزوج به وعنه: تختبر وعنه: إن أخرجت على خرقة دما طلقت الضرة اختاره في "التبصرة" وحكاه عن القاضي فإذا قال حضت وأنكرت طلقت بإقراره.
"وإن قال إن حضتما فأنتما طالقتان فقالتا قد حضنا فصدقهما طلقتا" لأنهما أقرتا وصدقهما فوجدت الصفة في حقهما "وإن كذبهما لم تطلقا" ولا واحدة منهما لأن طلاق كل واحدة منهما معلق على شرطين حيضها وحيض ضرتها ولا يقبل قول واحدة منهما في حق ضرتها فلم يوجد الشرطان.
"وإن كذب إحداهما طلقت وحدها" لأن قولها مقبول في حقها وقد صدق الزوج ضرتها فوجد الشرطان في حقها ولم تطلق المصدقة لأن قول المكذبة غير مقبول في حقها ولم يصدقها الزوج فلم يوجد شرط طلاقها.
فرع: إذا قال لزوجتيه إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان بحيضتين منهما عملا باليقين وفي "الكافي" و "المستوعب" يلغى قوله حيضة الرجعة كقوله إن حضتما قاله القاضي وقدمه في "الرعاية" زاد في "الكافي" فإن قال أردت إذا حاضت كل واحدة منهما حيضة قبل لأنه محتمل لذلك والأشهر تطلقان بالشروع فيهما وقيل بحيضة من واحدة وقيل لا تطلقان بحال كمستحيل.
"وإن قال ذلك لأربع" فقد علق طلاق كل واحدة منهن على حيض الأربع

فقلن قد حضنا فصدقهن طلقن وإن صدق واحدة أو اثنتين لم يطلق منهن شيء وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة وحدها وإن قال كلما حاضت إحداكن فضرائرها طوالق فقلن قد حضن فصدقهن طلقن ثلاثا ثلاثا وإن صدق واحدة لم تطلق وطلق ضراتها طلقة وإن صدق اثنتين طلقت كل واحدة منهما طلقة وطلقت المكذبتان طلقتين طلقتين وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة ثلاثا.
ـــــــ
"فقلن قد حضنا فصدقهن طلقن" لأنه قد وجد حيضهن بتصديقه "وإن صدق واحدة أو اثنتين لم يطلق منهن شيء" لأن شرط طلاقهن حيض الأربع ولم يوجد وكذا إن كذب الكل "وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة وحدها" لأن قولها مقبول في حيضها وقد صدق الزوج صواحبها فوجد حيض الأربع في حقها فطلقت ولا تطلق المصدقات لأن قول المكذبة غير مقبول في حقهن.
فائدة: الأفصح في "صاحبة" أن تجمع على "صواحب" كضوارب ووقع لبعضهم صواحباتها وهي لغة قليلة.
"وإن قال كلما أو أيتكن حاضت إحداكن فضرائرها طوالق فقلن قد حضنا فصدقهن طلقن ثلاثا ثلاثا" لأن حيض كل واحدة منهن صفة لطلاق البواقي ولكل واحدة ثلاث ضرائر وقد حضن فتطلق ثلاث تطليقات فإن كذبهن لم يطلق منهن شيء لأن قولهن غير مقبول في طلاق غيرهن "وإن صدق واحدة لم تطلق" لأنه ليس لها صاحبة ثبت حيضها "وطلق ضراتها طلقة طلقة" لأن لكل منهن صاحبة ثبت حيضها.
"وإن صدق اثنتين طلقت كل واحدة منهما طلقة" لأن لكل واحدة منهما ضرة مصدقة "وطلقت المكذبتان طلقتين طلقتين" لأن لكل واحدة منهما ضرتين مصدقتين.
"وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة ثلاثا" لأن لها ثلاث ضرائر ثبت حيضهن وطلقت كل واحدة من المصدقات طلقتين لأن لكل واحدة ضرتين مصدقتين.
فرع: العتق المعلق بالحيض كذلك.

ـــــــ
تذنيب إذا قال لأربع أيتكن لم أطأها فضرائرها طوالق فإن قيده بوقت معين فمضى ولم يطأهن طلقن ثلاثا ثلاثا لأن لكل واحدة ثلاث موطوآت فإن وطىء ثلاثا وترك واحدة لم تطلق المتروكة لأنها ليس لها ضرة غير موطوءة وتطلق كل واحدة من الموطوآت طلقة طلقة وإن وطىء طلقتا طلقتين وإن أطلق تقيد بالعمر فإذا مات هو طلقن كلهن في آخر جزء من حياته وعنه: فيمن قال لعبيده أيكم أتاني بخبر كذا فهو حر فجاء به جماعة عتقوا ونقل حنبل أحدهم بقرعة فيتوجه مثله في نظائرها ذكرهما في "الإرشاد"

فصل في تعليقه بالحمل
إذا قال إن كنت حاملا فأنت طالق فتبين أنها كانت حاملا تبينا وقوع الطلاق حين اليمين وإلا فلا.
ـــــــ
فصل في تعليقه بالحمل"إذا قال إن كنت حاملا فأنت طالق فتبين أنها كانت حاملا تبينا وقوع الطلاق حين اليمين" بأن تلد لأقل من ستة أشهر من حين اليمين فيقع الطلاق بوجود شرطه منذ حلف وكذا بينهما ولم يطأ "وإلا فلا" بأن تلد لأكثر من أربع سنين فإنها لا تطلق فإن ولدت بين المدتين وكان الزوج يطؤها فولدت لدون نصف سنة منذ وطئ وقع لعلمنا أنه ليس من الوطء وإن ولدته لأكثر منها فوجهان أصحهما لا تطلق لأن النكاح باق بيقين والظاهر حدوث الولد من الوطء لأن الأصل عدمه قبله ونصه يقع إن ظهر للنساء أو خفي فولدته لتسعة أشهر فأقل.

وإن قال إن لم تكوني حاملا فأنت طالق فهي بالعكس ويحرم وطؤها قبل استبرائها في إحدى الروايتين إن كان الطلاق بائنا وإن قال إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق واحدة وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا وأنثى طلقت ثلاثا.
ـــــــ
"وإن قال إن لم تكوني حاملا فأنت طالق فهي بالعكس" فيما إذا كان الشرط عدميا فتطلق في كل موضع لا تطلق في المسألة: السابقة وعكسه بعكسه وفي "الكافي" كل موضع لا يقع ثمة يقع هنا وفيه وجهان أحدهما تطلق لأن الأصل عدم الحمل والثاني لا لأن الأصل بقاء النكاح.
"ويحرم وطؤها قبل استبرائها" في المسألتين "في إحدى الروايتين إن كان الطلاق بائنا" نص عليه لأنه يحتمل أن يكون شرط الطلاق حاصلا فيكون واطئا بائنا وشرط البينونة لأنه إذا كان رجعيا وقدر حصول الشرط يكون واطئا رجعية وهو حلال على المذهب وقال القاضي ولو رجعية مباحة منذ حلف وعنه: بظهور حمل.
ويكفي الاستبراء بحيضة ماضية أو موجودة نص عليه وقيل لا وذكره في "الترغيب" عن أصحابنا وعنه: تعتبر ثلاثة أقراء لأنها حرة أنهت العدة والصحيح الأول لأن المقصود معرفة براءة رحمها وذلك حاصل بحيضة لأن ما تعلم به البراءة في حق الأمة تعلم به في حق الحرة لأنه أمر حقيقي لا يختلف بالحرية والرق وأما العدة ففيها نوع تعبد وهل تعتد بالاستبراء قبل عقد اليمين أو بالحيضة التي حلف فيها على وجهين أصحهما الاعتداد به قاله في "الشرح" والثانية لا يحرم وطؤها لأن الأصل بقاء النكاح.
فرع: إذا قال إذا حملت لم يقع إلا بحمل متجدد ولا يطأ حتى تحيض ثم يطأ كل طهر مرة وعنه: يجوز أكثر
"وإن قال إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق واحدة وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا وأنثى طلقت ثلاثا" لوجود الصفة، واستحقا

وإن كان مكان قوله إن كنت حاملا إن كان حملك لم تطلق إذا كانت حاملا بهما.
ـــــــ
من وصيته وإن ولدت ذكرا فطلقة وإن كانا ذكرين فطلقة وقيل اثنتان وإن ولدت أنثى أو اثنتين فطلقتين وقال ابن حمدان تطلق بالاثنتين ثلاثا "وإن كان مكان قوله: "إن كنت حاملا" إن كان حملك" أو ما في بطنك "لم تطلق إذا كانت حاملا بهما" وهو قول أبي ثور لأن حملها كله ليس بغلام ولا جارية وقال القاضي في وقوع الطلاق وجهان بناء على الروايتين فيمن حلف لا لبست ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه.

فصل ففي تعليقه بالولادة

فصل في تعليقه بالولادة
إذا قال إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا ثم أنثى طلقت بالأول وبانت بالثاني ولم تطلق به ذكره أبو بكر.
ـــــــ
فصل في تعليقه بالولادة
إذا علقه بها فألقت ما تصير به الأمة أم ولد وقع ويقبل قوله في عدم الولادة قال القاضي وأصحابه إن لم يقر بالحمل وإن شهد بها النساء وقع في ظاهر كلامه وقيل لا كمن حلف بطلاق ما غضب أو لا غضب فثبت ببينة ما لم تطلق في الأصح. "إذا قال إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا ثم أنثى" أو خنثى قاله في "الكافي" "طلقت بالأول" لأن شرطه ولادة ذكر وأنثى وقد وجد "وبانت بالثاني ولم تطلق به ذكره أبو بكر وصححه في "الكافي"

وقال ابن حامد تطلق به وإن أشكل كيفية وضعهما وقعت واحدة بيقين ولغا ما زاد وقال القاضي قياس المذهب أن يقرع بينهما ولا فرق بين أن تلده حيا وميتا.
ـــــــ
و "الشرح" لأن العدة انقضت بوضعه فصادفها الطلاق بائنا كقوله إذا مت فأنت طالق. "وقال ابن حامد تطلق به" وأومأ إليه قاله في "المنتخب" لأن زمن البينونة زمن الوقوع فلا تنافي بينهما وفي "نكت المحرر" ويعايا بها على أصلنا إن الطلاق بعد الدخول ولا مانع والزوجان مكلفان لا عدة فيه ويقال طلاق بلا عوض دون الثلاث بعد الدخول في نكاح صحيح لا رجعة فيه فإن ولدتهما معا طلقت ثلاثا لوجود الشرطين وان سبق أحدهما بدون ستة أشهر وقع ما علق به وانقضت العدة بالثاني وإن كان بستة أشهر فالثاني من حمل مستأنف بلا خلاف فلا يمكن ادعاء أن تحبل بولد بعد ولد وفي الطلاق به وجهان إلا أن يقول لا تنقضي به عدة فيقع الثلاث وكذا في الأصح إن ألحقنا به لثبوت وطئه به فتثبت الرجعة على الأصح فيها واختار في "الترغيب" أن الحمل لا يدل على الوطء المحصل للرجعة.
"وإن أشكل كيفية وضعهما وقعت واحدة بيقين" جزم به في "الوجيز" وقدمه في "المحرر" و "الفروع" لأن من وقع بها طلقتان فيقع بها واحدة "ولغا ما زاد" على المذهب لأنه مشكوك فيه والأصل بقاء النكاح ولا يزول عنه بالشك لكن الورع أن يلتزمها ذكره في "الشرح" "وقال القاضي قياس المذهب أن يقرع بينهما" وأومأ إليه قال في "الفروع" وهو أظهر لأنه يحتمل كل واحد منهما احتمالا مساويا للآخر فيقرع بينهما كما لو أعتق أحد عبديه معينا ثم أنسيه.
"ولا فرق بين أن تلده حيا أو ميتا" لأن الشرط ولادة ذكر وأنثى وقد وجد ولأن العدة تنقضي به وتصير الجارية أم ولد فكذا هنا فلو قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثة معا فثلاث وكذا إن لم يقل ولدا واختار المجد واحدة فإن قال أول ولد تلدينه ذكرا فأنت طالق

ـــــــ
واحدة وإن كانت أنثى فاثنتين فولدتهما معا لم تطلق لأنه لا أول فيهما فإن ولدتهما دفعتين طلقت بالأول وبانت بالثاني ولم تطلق إلا على قول ابن حامد.
تنبيه: إذا قال لأربع نسوة كلما ولدت إحداكن فضرائرها طوالق فولدن دفعة واحدة طلقن ثلاثا ثلاثا وإن ولدن متعاقبات طلقت الأولى والرابعة ثلاثا ثلاثا والثانية طلقة والثالثة طلقتين فلو قال إن ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدين على التعاقب طلقت بالأول وفرغت عدتها من الثاني ولم تطلق به في الأصح فإن كان بينهما نصف سنة فأكثر ودون أكثر مدة الحمل فهل يلحقه الثاني وتنقضي به العدة فيه وجهان.

فصل في تعليقه بالطلاق
إذا قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال إذا قمت فأنت طالق فقامت طلقت طلقتين.
ـــــــ
فصل في تعليقه بالطلاق"إذا قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال إذا قمت فأنت طالق فقامت طلقت طلقتين" لأنها تطلق واحدة بقيامها وأخرى بالصفة لأن الصفة تطليقة لها وتعليقه لطلاقها بقيامها إذا اتصل به القيام تطليق لها فلو قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق وقعت واحدة بالمباشرة وأخرى بالصفة إن كانت مدخولا بها لأنه جعل تطليقها شرطا لوقوع طلاقها وإن كانت غير مدخول بها بانت بالأولى ولم تقع الثانية لأنه لا عدة عليها فإن قال عنيت بأنه يقع عليك ما باشرتك به دين وفي الحكم روايتان.

وإن قال إن قمت فأنت طالق ثم قال إذا طلقتك فأنت طالق فقامت طلقت واحدة وإن قال إن قمت فأنت طالق ثم قال إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق فقامت طلقت طلقتين وإن قال كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق طلقت طلقتين وإن قال كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم وقع عليها طلاقه بمباشرة أو سبب طلقت ثلاثا.
ـــــــ
فرع: إذا وكل من طلقها فهو كمباشرته لأن فعل الوكيل كموكله.
"وإن قال إن قمت فأنت طالق ثم قال إذا طلقتك فأنت طالق فقامت طلقت واحدة" لقيامها ولم تطلق بتعليق الطلاق لأنه لم يطلقها بعد ذلك لأن هذا يقتضي ابتداء إيقاع ووقوع الطلاق هنا بالقيام إنما هو وقوع بصفة سابقة لعقد الطلاق شرطا.
"وإن قال إن قمت فأنت طالق ثم قال إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق فقامت طلقت طلقتين" واحدة بالقيام والثانية بوقوع الطلاق عليها إن كانت مدخولا بها لأن الطلاق الواقع بها طلاقه فقد وجدت الصفة وإن كان غير مدخول بها فواحدة "وإن قال كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق طلقت طلقتين" إحداهما بالمباشرة والأخرى بالصفة ولا تقع ثالثة لأن قوله كلما طلقتك تقتضي كلما أوقعت عليك الطلاق وهذا يقتضي تجديد إيقاع طلاق بعد هذا القول فلو قال لها بعد عقد الصفة إن خرجت فأنت طالق فخرجت طلقت بالخروج طلقة وبالصفة أخرى لأنه قد طلقها فلو قال كلما أوقعت عليك طلاقي فأنت طالق فهو كقوله كلما طلقتك فأنت طالق وذكر القاضي في هذا أنه إذا أوقع عليها طلاقه بصفة عقدها لم تطلق لأن ذلك ليس بإيقاع منه وفيه نظر فإنه قد أوقع عليها الطلاق بشرط فإذا وجد الشرط فهو الموقع للطلاق عليها.
"وإن قال كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم وقع عليها طلاقه بمباشرة أو سبب طلقت ثلاثا" لأنه إذا طلقها بمباشرة أو سبب طلقت واحدة فيصدق

وإن قال كلما وقع عليك طلاقي أو إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم قال أنت طالق فلا نص فيها وقال أبو بكر والقاضي تطلق ثلاثا وقال ابن عقيل تطلق بالطلاق المنجز ويلغو ما قبله.
ـــــــ
أنه وقع عليها طلاقه فتطلق أخرى بالصفة وتقع الثالثة لأن كلما للتكرار وفي "الكافي" و "الشرح" لأن الثانية طلقة واقعة عليها فتقع بها الثالثة.
"وإن قال كلما وقع عليك طلاقي أو إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم قال أنت طالق فلا نص فيها" أي لم ينقل عن الإمام أحمد فيها شيء والصواب وقوع الطلاق لعمومات النصوص ولأن الله تعالى شرع الطلاق لمصلحة تتعلق به فلا يجوز إبطالها وفي القول بعدمها إبطال لها ولأنه طلاق من مكلف مختار في محل النكاح صحيح فيجب أن يقع كما لو لم يعقد هذه الصفة.
"وقال أبو بكر والقاضي تطلق ثلاثا" واختاره الجمهور ذكره في "الترغيب" وجزم به في "المستوعب" عن أصحابنا لأنه وصف المعلق بصفة فيستحيل وصفه بها فإنه يستحيل وقوعها بالشرط قبله فلغت صفتها بالقبلية وصار كأنه قال إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثلاثا قيل معا وقيل المعلق وقيل المنجز ثم تتمتها من المعلق لكن إذا كان المنجز أقل من ثلاث كملت من المعلق وإن كان ثلاثا لم يقع من المعلق شيء لأنه لم يصادف محلا. "وقال ابن عقيل تطلق بالطلاق المنجز" لأن المحل صالح له "ويلغو ما قبله" أي تعليقه باطل لأنه طلاق في زمن ماض أشبه قوله أنت طالق أمس ولأنه لو وقع المعلق لمنع وقوع المنجز فإذا لم يقع المنجز بطل شرط المعلق فاستحال وقوع المعلق ولا استحالة في وقوع المنجز فيقع وقيل لا يقع شيء.
أما المنجز فلأنه لو وقع لوقع ثلاث قبله لوجود الشرط ولو كان كذلك لما وقع إذ لا مزيد على الثلاث فلزم من وقوعه عدم وقوعه فلم يقع وأما المعلق فإنه إذا

وإن قال لأربع نسوة أيتكن وقع عليها طلاقي فصواحبها طوالق ثم وقع على إحداهن طلاقه طلقن ثلاثا ثلاثا.
ـــــــ
لم يقع المنجز لم يوجد الشرط وهذا ما صححه الأكثرون من الشافعية وحكاه بعضهم عن النص وقاله الشيخ أبو حامد شيخ العراقيين والقفال شيخ المراوزة قال في المهمات فكيف تسوغ الفتوى بما يخالف نص الشافعي وكلام الأكثرين ونصر في "الشرح" الأول وأكده بقوله إذا انفسخ نكاحك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وجد ما يفسخ النكاح من رضاع أو ردة فإنه يرد على ابن سريج فيها ولا خلاف في انفساخ النكاح قال القاضي ما ذكروه ذريعة إلى أنه لا يقع عليها الطلاق جملة ولو قال لزوجته الأمة إذا ملكتك فأنت طالق ثلاثا ثم ملكها طلقت في الاقيس وفي "المحرر" لا تطلق وجها واحدا.
تنبيه: إذا قال كلما طلقتك طلاقا أملك فيه رجعتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق طلقت طلقتين إحداهما بالمباشرة والأخرى بالصفة إلا أن تكون الطلقة بعوض أو غير مدخول بها فلا تقع ثانية وإن طلقها ثنتين طلقت الثالثة نصره في "الشرح" وهو الأصح وإن قال كلما طلقت ضرتك فأنت طالق ثم قال مثله للضرة ثم طلق الأولة طلقت الضرة طلقة بالصفة والأولة طلقتين بالمباشرة ووقوعه بالضرة تطليق لأنه أحدث فيها طلاقا بتعليقه طلاقها بائنا وإن طلق الثانية فقط طلقتا طلقة طلقة.
"وإن قال لأربع نسوة أيتكن وقع عليها طلاقي فصواحبها طوالق ثم وقع على إحداهن طلاقه طلقن ثلاثا ثلاثا" لأنه إذا وقع طلاقه على واحدة وقع على صواحبها ووقوعه على واحدة منهن يقتضي وقوعه على صواحبها فيتسلسل الوقوع عليهن إلى أن تكمل الثلاث بكل واحدة.
فرع: لو كان له ثلاث نسوة فقال إن طلقت زينب فعمرة طالق وإن طلقت عمرة فحفصة طالق وإن طلقت حفصة فزينب طالق ثم طلق زينب طلقت عمرة ولم تطلق حفصة وإن طلق عمرة طلقت حفصة ولم تطلق زينب وإن طلق حفصة طلقت زينب ثم طلق عمرة وقع الطلاق

وإن قال كلما طلقت واحدة منكن فعبد من عبيدي حر وكلما طلقت اثنتين فعبدان حران وكلما طلقت ثلاثا فثلاثة أحرار وكلما طلقت أربعا فأربعة أحرار ثم طلقهن جميعا عتق خمسة عشر عبدا وقيل عشرة ويحتمل ألا يعتق إلا أربعة إلا أن تكون له نية.
ـــــــ
بالثلاث لأنه أحدث في زينب طلاقا بعد تعليقه طلاق عمرة بطلاقها.
"وإن قال كلما طلقت واحدة منكن فعبد من عبيدي حر وكلما طلقت اثنتين فعبدان حران وكلما طلقت ثلاثا فثلاثة أحرار وكلما طلقت أربعا فأربعة أحرار ثم طلقهن جميعا" مجتمعات أو متفرقات "عتق خمسة عشر عبدا" هذا هو الأصح لأن فيهن أربع صفات هن أربع فيعتق أربعة وهن أربعة آحاد فيعتق أربعة أيضا وهن اثنتان واثنتان فيعتق كذلك وفيهن ثلاث فيعتق بذلك ثلاث وإن شئت قلت يعتق بالواحدة واحد وبالثانية ثلاثة لأن فيها صفتين هي واحدة وهي مع الأولى اثنتان ويعتق بالثالثة أربعة لأنها واحدة وهي مع الأولى والثانية ثلاث ويعتق بالرابعة سبعة لأن فيها ثلاث صفات هي واحدة وهي مع الثانية اثنتان وهي مع الثلاث التي قبلها أربع قال في "المغني" وهذا أولى من الأول لأن قائله لا يعتبر صفة الطلاق الواحدة في غير الأولى ولا صفة التثنية في الثالثة والرابعة.
"وقيل عشرة" بالواحدة واحد وبالثانية اثنان وبالثالثة ثلاثة وبالرابعة أربعة وقيل يعتق سبعة عشر لأن صفة التثنية قد وجدت ثلاث مرات فإنها توجد فيضم الأولى إلى الثانية ويضم الثانية إلى الثالثة ويضم الثالثة إلى الرابعة وقيل عشرون لأن صفة الثلاثة وجدت مرة ثانية بضمه الثانية والثالثة إلى الرابعة وردهما في "المغني" و "الشرح" بأن كلا منهما غير سديد.
"ويحتمل ألا يعتق إلا أربعة" واختاره في "الرعاية" إن طلقن معا كقوله كلما اعتقت أربعة فأربعة أحرار لأن هذا الذي يسبق إلى أذهان العامة وهذا مع الإطلاق "إلا أن تكون له نية" فيعمل بها لأن مثل ذلك لا يراد منه عرفا غير ذلك ومتى لم يعين العبيد المعتقين أخرجوا بالقرعة والأول أصح قاله في

وإن قال لامرأته إذا أتاك طلاقي فأنت طالق ثم كتب إليها إذا أتاك كتابي هذا فأنت طالق فأتاها الكتاب طلقت طلقتين فإن قال أردت أنك طالق بذلك الطلاق الأول دين وهل يقبل في الحكم على روايتين.
ـــــــ
المغني لأن كلما تقتضي التكرار والصفات المتقدمة متكررة فيجب أن يتكرر الطلاق بتكرر الصفات فلو جعل مكانها إن لم يتكرر لعدم تكرارها ولم يعتق سوى عشرة كالقول الثاني.
تنبيه: لو قال كلما صليت ركعة فعبدي حر وهكذا إلى آخره فصلى عشرة عتق سبعة وثمانون عبدا على الأول ولو علق طلاقها بدخول الدار على صفات أربع بأن قال إن دخلها رجل فعبد من عبيدي حر وإن دخلها طويل فعبدان حران وإن دخلها أسود فثلاثة أحرار وإن دخلها فقيه فأربعة أحرار فدخلها رجل متصف بما ذكرنا عتق عشرة.
فرع: إذا قال إن طلقتك فعبدي حر ثم قال لعبده إن قمت فامرأتي طالق فقام طلقت وعتق ولو قال لعبده إن قمت فامرأتي طالق ثم قال لامرأته إن طلقتك فعبدي حر فقام العبد طلقت ولم يعتق العبد لأن وقوع الطلاق بالصفة إنما يكون تطليقا مع وجودها.
"وإن قال لامرأته إذا أتاك طلاقي فأنت طالق ثم كتب إليها إذا أتاك كتابي فأنت طالق فأتاها الكتاب طلقت طلقتين" لأنه علق طلاقها بصفتين مجيء طلاقه ومجيء كتابه وقد اجتمعتا في مجيء الكتاب وفي "الكافي" إذا ذهبت حواشيه أو انمحى كل ما فيه إلا ذكر الطلاق طلقت لأنه أتاها كتابه مشتملا على المقصود فإن انمحى ذكر الطلاق أو ضاع الكتاب لم تطلق لأن المقصود لم يأت.
"وإن قال أردت أنك طالق بذلك الطلاق الأول دين" لأنه محتمل وهو أعلم بإرادته "وهل يقبل في الحكم على روايتين" كذا في "الفروع" أشهرهما القبول لما ذكرنا والثانية لا يقبل لأنه خلاف الظاهر فلو علق طلاقها على قراءة الكتاب فقرأته أو قرئ عليها وقع إن كانت أمية وإن كانت

ـــــــ
قارئة فوجهان قاله في "الترغيب" و "الرعاية" قال أحمد لا تتزوج حتى يشهد عندها شاهدا عدل لا حامل الكتاب وحده.

فصل في تعليقه بالحلف
إذا قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق قمت أو دخلت الدار طلقت في الحال وإن قال أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج فهل هو حلف فيه وجهان
ـــــــ
فصل في تعليقه بالحلف"إذا قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق إن قمت أو دخلت الدار" أو إن لم تدخلي الدار أو إن لم يكن هذا القول حقا "طلقت في الحال" لأنه حلف بطلاقها وكذا كل شرط فيه حث أو منع والأصح أو تصديق خبر أو تكذيبه وعلم منه أن كل شرط ممكن الوجود ممكن العدم يقع به الطلاق واستثنى جماعة ثلاث صور أحدها تعليقه على المشيئة لأن ذلك تمليك لا حلف الثاني تعليقه على الحيض لأنه تعليق بدعة الثالث تعليقه على الطهر لأنه طلاق سنة وأبى آخرون استثناءها ذكره الشيخ تقي الدين واختار العمل بعرف المتكلم وقصده في مسمى اليمين وأنه موجب أصول أحمد ونصوصه.
"وإن قال أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج فهل هو حلف فيه وجهان" أحدهما لا تطلق حتى تطلع الشمس أو يقدم الحاج قاله القاضي في "المحرر" واختاره ابن عقيل وقدمه في "المحرر" و "الفروع" لأن الحلف ما قصد به المنع من شيء أو الحث عليه وليس فيهما شيء من ذلك والثاني:

وإن قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق أو قال إن كلمتك فأنت طالق وأعاده مرة أخرى طلقت واحدة وإن أعاده ثلاثا طلقت ثلاثا وإن قال لامرأتيه إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان وأعاده طلقت كل واحدة طلقة وإن كانت إحداهما غير مدخول بها فأعاده بعد ذلك لم تطلق واحدة منهما.
ـــــــ
أنه حلف قاله القاضي في "الجامع" وأبو الخطاب وقدمه السامري لأنه علق على شرط ويسمى حلفا عرفا فتعلق الحكم به كما لو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ولأن في الشرط معنى القسم من حيث كونه جملة غير مستقلة دون الجواب أشبه قوله والله وبالله
وتالله.
"وإن قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق أو قال إن كلمتك فأنت طالق وأعاده مرة أخرى طلقت واحدة" لأنه حلف بطلاقها لكن لو قصد بإعادته إفهامها لم يقع ذكره أصحابنا بخلاف ما لو أعاده من علقه بالكلام وأخطأ بعض أصحابنا وقال فيها كالأولى ذكره في "الفنون" "وإن أعاده ثلاثا" أي غير المرة الأولى "طلقت ثلاثا" وحاصله أنه إذا أعاده ثلاثا طلقت اثنتين وإن أعاده أربعا طلقت ثلاثا لأن كل مرة يوجد فيها شرط الطلاق وينعقد شرط لطلقة أخرى هذا إذا كانت مدخولا بها وإلا بانت بالأولة.
"وإن قال لامرأتيه إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان وأعاده طلقت كل واحدة طلقة" لأن شرط طلاقهما الحلف بطلاقهما وقد وجد وإن أعاده ثلاثا طلقتا طلقتين وإن أعاده أربعا فثلاث لوجود الشرط وهو الحلف.
"وإن كانت إحداهما غير مدخول بها وأعاده بعد ذلك لم تطلق واحدة منهما" لأن شرط طلاقهما الحلف بطلاقهما ولم يوجد المدخول بها لا يصح الحلف بطلاقها لأنها بائن فإن جدد نكاح البائن ثم قال لها إن كلمتك فأنت طالق فاختار المؤلف أنه لا تطلق وهو معنى كلامه في "الكافي" أنه لا يصح الحلف بطلاقها لأن الصفة لم تنعقد لأنها بائن وكذا جزم به في "الترغيب" أنه

وإن قال لمدخول بهما كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فأنتما طالقتان وأعاده طلقت كل واحدة طلقتين وإن قال كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فهي طالق أو فضرتها طالق وأعاده طلقت كل واحدة طلقت وإن قال لإحداهما إذا حلفت طلاق ضرتك فأنت طالق ثم قال ذلك للأخرى طلقت الأولى وإن أعاده للأولى طلقت الأخرى.
ـــــــ
لا يصح التعليق بعد البينونة وإنما عللوا بذلك أن ما يقع به الطلاق لا تنعقد به الصفة كمسألة: الولادة في الأشهر وقيل تطلقان لأنه صار بهذا حالفا بطلاقهما وقد حلف بطلاق المدخول بها بإعادة قوله فطلقتا حينئذ.
"وإن قال لمدخول بهما كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فأنتما طالقتان وأعاده ثانيا طلقت كل واحدة طلقتين" لأنه بإعادته حالف بطلاق كل واحدة منهما وهو شرط لطلاقهما وكلمة "كلما" للتكرار فيتكرر طلاقهما لتكرر عددهما "وإن قال كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فهي طالق أو فضرتها طالق وأعاده طلقت كل واحدة طلقة" لأن حلفه بطلاق واحدة طلاقها وحدها وما حلف بطلاقها إلا مرة فتطلق واحدة.
"وإن قال لإحداهما إذا حلفت بطلاق ضرتك فأنت طالق ثم قال ذلك للأخرى طلقت الأولى" لأن التعليق حلف وقد علق طلاق ضرتها فتطلق الأولى لوجود شرط طلاقها وهو تعليق طلاق ضرتها "وإن أعاده للأولى طلقت الأخرى" لأن ذلك تعليق لطلاقها وكلما أعاده لامرأة طلقت الأخرى إلى أن يبلغ ثلاثا وإن كانت إحداهما غير مدخول بها فطلقت مرة لم تطلق الأخرى لأنه ليس حلفا بطلاقها لكونها بائنا فلو قال كلما حلفت بطلاقكما فإحداكما طالق وكرره ثلاثا أو أكثر لم يقع شيء ذكره في "المحرر" و "الرعاية" و "الفروع" لأن هذا حلف طلاق واحدة ولم يوجد الحلف بطلاقهما وإن قال لمدخول بهما كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فإحداكما طالق ثم قاله ثانيا وقعت بإحداهما طلقة وتعين بقرعة ذكره الأصحاب.
مسائل: إذا قال إن حلفت بطلاق زينب فنسائي طوالق ثم قال: إن حلفت

ـــــــ
بطلاق عمرة فنسائي طوالق وإن حلفت بطلاق حفصة فنسائي طوالق طلقت كل واحدة طلقتين فلو قال كلما حلفت لطلاق واحدة منكن فأنتن طوالق ثم قال ذلك مرة ثانية طلقن ثلاثا ثلاثا ولو كان مكان "كلما" "إن" وأعاده طلقن واحدة واحدة وإن قال بعد ذلك لإحداهن إن قمت فأنت طالق طلقت كل واحدة طلقة أخرى وإن قال كلما حلفت بطلاقكن فأنتن طوالق ثم أعاد ذلك طلقت كل واحدة طلقة وإن قال بعد ذلك لإحداهن إن قمت فأنت طالق لم تطلق واحدة منهن وإن قال ذلك للاثنتين الباقيتين طلق الجميع طلقة طلقة.

فصل في تعليقه بالكلام
إذا قال إن كلمتك فأنت طالق فتحققي ذلك أو زجرها فقال تنحي أو سكتي أو قال إن قمت فأنت طالق طلقت ويحتمل أن لايحنث بالكلام المتصل بيمينه لأن إتيانه به يدل على إرادته الكلام المنفصل عنها
ـــــــ
فصل في تعليقه بالكلام"إذا قال إن كلمتك فأنت طالق فتحققي ذلك أو زجرها فقال تنحي أو اسكتي أو قال إن قمت فأنت طالق طلقت" لأنه علق طلاقها على كلامها وقد وجد لأن قوله تحققي وتنحي واسكتي وإن قمت فأنت طالق كلام لها بعد عقد اليمين إلا أن ينوي كلاما "ويحتمل ألا يحنث بالكلام المتصل بيمينه" وعلله بقوله "لأن إتيانه به يدل على إرادته الكلام المنفصل عنها" لأن القرينة تصرف عموم اللفظ إلى خصوصه إذ قرينة الحال تجعل المطلق كالمقيد بالمقال وإن سمعها تذكره فقال الكاذب عليه لعنة الله

وإن قال إن بدأتك بالكلام فأنت طالق فقال إن بدأتك به فعبدي حر انحلت يمينه
إلا أن ينوي ويحتمل أن يحنث ببداءته إياها بالكلام في وقت آخر لأن الظاهر أنه أراد ذلك بيمينه وإن قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته فلم يسمع لتشاغله أو غفلته أو كاتبته أو راسلته حنث.
ـــــــ
حنث نص عليه لأنه كلمها.
فرع: إذا قال إن كلمتك فأنت طالق إن قمت فأنت طالق طلقت في الحال طلقة وأخرى بالقيام إن كان دخل بها فلو قال إن كلمتك فأنت طالق وأعاده ثانية فواحدة وإن ثالثا فثانية وإن رابعا فثالثة فتبين غير المدخول بها بطلقة ولا ينعقد ما بعدها ذكر القاضي وجزم به في "المغني" وقدمه في "المحرر" ثم قال الثانية بحيث إذا تزوجها وكلمها طلقت إلا على قول التميمي تحل الصفة مع البينونة فإنها قد انحلت بالثالثة لأنه قد كلمها ولا يجيء مثله في الحلف بالطلاق لأنه لا ينعقد لعدم إمكان إيقاعه قال في "الفروع" ويتوجه أنه لا فرق بينها وبين مسألة: الحلف السابقة.
"وإن قال إن بدأتك بالكلام فأنت طالق فقالت إن بدأتك به فعبدي حر انحلت يمينه" في الأصح لأنها كلمته فلم يكن كلامه لها بعد ذلك ابتداء "إلا أن ينوي" أنه لا يبدؤها في مرة أخرى وبقيت يمينها معلقة فإن بدأها بكلام انحلت يمينها وإن بدأته هي عتق عبدها ذكره الأصحاب "ويحتمل أن يحنث ببداءته إياها بالكلام في وقت آخر" وعلله بقوله "لأن الظاهر أنه أراد ذلك بيمينه" لأن الحلف بمثل ذلك يفهم منه قصد هجران بداءته كلامها وذلك يقتضي تعميم البداءة في المجلس وغيره.
"وإن قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته فلم يسمع لتشاغله وغفلته" أو لفظه أو ذهوله حنث نص عليه لأنها كلمته وإنما لم يسمع لشغل قلبه وغفلته "أو كاتبته أو راسلته حنث" لأن الكلام يطلق ويراد به

وإن أشارت إليه احتمل وجهين وإن كلمته سكران أو أصم بحيث يعلم أنها تكلمه أو مجنونا يسمع كلامها حنث وقيل لايحنث.
ـــــــ
ذلك بدليل صحة استثنائه منه في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} [الشورى: من الآية51] لأن القصد بيمينه هجرانه ولا يحصل ذلك مع مواصلته بالكتابة والرسل إلا أن يكون قصد أن تشافهه نص عليه ويحتمل ألا يحنث إلا أن ينوي ترك ذلك لأن هذا ليس بكلام حقيقة بدليل الحلف بالله.
فرع: إذا أرسلت إنسانا ليسأل أهل العلم عن حديث أو مسألة فجاء الرسول فسأل المحلوف عليه لم يحنث.
"وإن أشارت إليه" برمز "احتمل وجهين" كذا في "الفروع" أولاهما لا تطلق لأنه لم يوجد الكلام والثاني بلى لأنه يحصل به مقصود الكلام.
"وإن كلمته سكران أو أصم بحيث يعلم أنها تكلمه أو مجنونا يسمع كلامها حنث" لأن الطلاق معلق على الكلام وقد وجد فإن كان السكران أو المجنون مصروعا لم يحنث وكذا إذا كانا لا يعلم واحد منهما أنها تكلمه والمجنون إذا لم يسمع كلامها صرح به في "المغني" في الآخرين وقيل لا يحنث اختاره القاضي وغيره لأن السكران والمجنون لا عقل لهما والأصم لا سمع له فلم يحنث بكلامها وقيل لا السكران.
فرع: إذا جنت هي وكلمته لم يحنث لأن القلم رفع عنها وإن كلمته سكرانة فقال في "الشرح" يحنث لأن حكمها حكم الصاحي وإن كلمت صبيا يسمع ويعلم أنها تتكلم حنث وكذا إن سلمت عليه لأنه كلام فإن كان تسليم الصلاة فلا حنث لأنه للخروج منها إلا أن ينوي بتسليمه على المأمومين فيكون كما لو سلم عليهم في غير الصلاة ويحتمل لا حنث بحال لأن هذا يعد تكليما ولا يريده الحالف.

وإن كلمته ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو نائما لم يحنث وقال أبو بكر يحنث وإن قال لامرأته إن كلمتما هذين فأنتما طالقتان فكلمت كل واحدة واحدا منهما طلقتا ويحتمل أن لايحنث حتى يكلما جميعا كل واحد منهما.
ـــــــ
"وإن كلمته ميتا أو غائبا أو مغمى عليها أو نائما لم يحنث" في الأصح لأن التكلم فعل يتعدى المتكلم وقيل هو مأخوذ من الكلم وهو الجرح لأنه يؤثر فيه كتأثير الجرح ولا يكون ذلك إلا باستماعه "وقال أبو بكر" وحكاه رواية "يحنث" لأن إشعاره معتبر لقوله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها وجوابه بأن تكليمه لهم كانت من معجزاته عليه السلام فإنه قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولم يثبت هذا لغيره مع أن قول الصحابة له حجة لنا فإنهم قالوا ذلك استبعادا وسؤالا عما خفي عليهم سببه حتى كشف لهم حكمة ذلك بأمر مختص به فبقي الأمر فيمن سواه على النفي.
تتمة: إذا حلف لا يكلم إنسانا فكلم غيره وهو يسمع يقصد بذلك إسماعه كما يقال إياك أعني واسمعي يا جارة حنث نص عليه وعنه: لا كنية غيره والأول أصح لأنه أسمعه كلامه يريده به أشبه ما لو خاطبه به ولأن مقصود تكليمه قد حصل بإسماعه كلامه وإن حلف لا يكلم امرأته فجامعها لم يحنث إلا أن تكون نيته هجرانها.
فرع: إذا حلف لا يقرأ كتاب زيد فقرأه في نفسه ولم يحرك شفتيه به حنث لأن هذا قراءة الكتب في عرف الناس إلا أن ينوي حقيقة القراءة.
"وإن قال لامرأتيه إن كلمتما هذين فأنتما طالقتان" وقلنا لا يحنث ببعض المحلوف عليه "فكلمت كل واحدة واحدا منهما طلقتا" لأن تكليمهما وجد منهما وكما لو قال إن ركبتما هاتين الدابتين فأنتما طالقتان فركبت كل واحدة دابة "ويحتمل ألا يحنث حتى يكلما جميعا كل واحد منهما" لأنه علق طلاقهما بكلامه لهما فلا تطلق واحدة بكلام الأخرى وحدها كقوله:

وإن قال إن أمرتك فخالفتني فأنت طالق فنهاها فخالفته لم يحنث إلا أن ينوي مطلق المخالفة ويحتمل أن تطلق وقال أبو الخطاب إن لم يعرف حقيقة الأمر والنهي حنث.
ـــــــ
إن كلمتما زيدا وكلمتما عمرا وهذا أظهر الوجهين وهو أولى إن شاء الله تعالى إذا لم يكن له نية قال في "المغني" هذا معنى الخلاف فيما لو تجر العادة بانفراد الواحدة به فأما ما جرى العرف فيه بانفراد الواحدة به كلبس ثوبيهما وتقليد سيفيهما ونحوه لأن اليمين تحمل على العرف فأما إن قال إن أكلتما هذين الرغيفين فأكلت كل واحدة منهما رغيفا فإنه يحنث لأنه يستحيل أن تأكل واحدة منهما الرغيفين.
مسألة: إذا قال لا اختلفا هذا الخبز وهذا اللحم فكقوله لا أكلتهما هل يحنث بأحدهما فيه وجهان وكذا لو قال ولا هذا اللحم وقيل يحنث كما لو قال لا آكل شيئا منهما.
"وإن قال إن أمرتك فخالفتني فأنت طالق فنهاها فخالفته لم يحنث إلا أن ينوي مطلق المخالفة" وهو المذهب لأنها خالفت نهيه لا أمره ولأنه يحنث إذا نوى مطلق المخالفة بغير خلاف لأن مخالفة النهي مخالفة ويحتمل أن تطلق قدمه في "الرعاية" لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده والنهي عنه أمر بضده فإذا تكون خالفت أمره.
"وقال أبو الخطاب إن لم يعرف حقيقة الأمر والنهي حنث" لأنه إذا كانت كذلك فإنما يريد نفي المخالفة فلو قال إن نهيتني عن نفع أمي فأنت طالق فقالت له لا تعطها شيئا من مالي لم يحنث لأنه نفع محرم فلا يتناوله يمينه وقيل يحنث لأن لفظه عام.
فرع: إذا قال أنت طالق إن كلمت زيدا ومحمد مع خالد لم تطلق حتى تكلم زيدا في حال كون محمد مع خالد لأنها حال من الجملة الأولى وقال القاضي تطلق بكلام زيد لأن الجملة الثانية استئناف لا تعلق لها بالأولى،

ـــــــ
والأول أصح كما لو تقدم الشرط ولأنه متى أمكن جعل الكلام متصلا كان أولى فلو قال أنت طالق إن كلمت زيد إلى أن يقدم فلان فكلمته قبل قدومه طلقت وإلا فلا لأن الغاية رجعت إلى الكلام لا إلى الطلاق بخلاف ما لو قدم الشرط فإنها تطلق بكلامه قبل قدوم فلان أو بعده لأن الغاية عادت إلى الطلاق والطلاق لا يرتفع بعده وقوعه.

فصل في تعليقه بالإذن

فصل في تعليقه بالمشيئة
إذا قال أنت طالق إن شئت أو كيف شئت أو حيث شئت أو متى شئت لم تطلق حتى تقول قد شئت سواء شاءت على الفور أو التراخي ويحتمل أن يقف على المجلس كالاختيار.
ـــــــ
فصل في تعليقه بالمشيئة
"إذا قال أنت طالق إن شئت أو كيف شئت أو حيث شئت أو متى شئت" أو أي وقت شئت "لم تطلق حتى تقول قد شئت" لأن ما في القلب لا يعلم حتى يعبر عنه اللسان فيتعلق الحكم بما ينطق به دون ما في القلب فلو شاءت بقلبها دون نطقها لم تطلق ولو شاءت وهي كارهة طلقت اعتبارا بالنطق ولو رجع قبل مشيئتها لم يصح رجوعه على الأصح كبقية التعليق "سواء شاءت على الفور أو التراخي" نص عليه في تعليق الطلاق بمشيئة فلان وقاله الزهري وقتادة لأنه تعليق للطلاق على شرط أشبه سائر التعليقات ولأنه إزالة ملك معلق على المشيئة فكان على التراخي كالعتق "ويحتمل أن يقف على المجلس كالاختيار" وهو قول الحسن وعطاء لأنه تمليك للطلاق فكان على الفور كاختاري والأول أصح وفرق بينهما في "المغني" و "الشرح" من حيث إن

وإن أذن لها من حيث لا تعلم فخرجت طلقت ويحتمل ألا تطلق وقال ن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق فخرجت تريد الحمام وغيره طلقت وإن خرجت إلى الحمام ثم عدلت إلى غيره طلقت ويحتمل ألا تطلق.
ـــــــ
القاضي وجعل المستثنى محلوفا عليه.
"وإن أذن لها من حيث لا تعلم فخرجت طلقت" نص عليه لأن الإذن هو الإعلام مع أن إذن الشارع وأوامره ونواهيه لا يثبت حكمها إلا بعد العلم بها وكذا إذن الآدمي ولأنها قصدت بخروجها مخالفته وعصيانه أشبه ما لولم يأذن لها في الباطن لأن العبرة بالقصد لا بحقيقة الحال "ويحتمل ألا تطلق" قدمه الحلواني لأنه يقال أذن لها ولم يعلم به وإن أذن لها في الخروج فلم تخرج حتى نهاها عنه ثم خرجت فوجهان أحدهما لا يحنث لأنه قد أذن لها والثاني بلى لأن هذا الخروج جرى مجرى خروج ثان وهو محتاج إلى إذن.
فرع: إذا قال كنت أذنت لك قبل ببينة ويحتمل الاكتفاء بعلمه للبينة.
"وإن قال إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق فخرجت تريد الحمام وغيره طلقت" في الأشهر لأنها خرجت إلى غير الحمام وانضم إليه غيره فحنث كما لو حلف لا يكلم زيدا فكلم زيدا وعمرا والوجه الثاني لا لأنها ما خرجت الحمام بل الخروج مشترك وظاهره أنها إذا خرجت الحمام أنها تطلق سواء عدلت إلى الحمام أو لا.
"وإن خرجت إلى الحمام ثم عدلت إلى غيره طلقت" هذا ظاهر ما روي عن أحمد وهو قياس المذهب لأن ظاهر هذه المنع من غير الحمام فكيفما صارت إليه حنث كما لو خالف في لفظه "ويحتمل ألا تطلق" أطلق في "المحرر" الخلاف لأنها لم تفعل ما حلف عليه إذ هو عبارة عن الخروج إلى غير الحمام ولم يوجد.

ـــــــ
مسألة: قال أحمد في رجل حلف بالطلاق ألا يأتي أرمينية إلا بإذن امرأته فقالت امرأته اذهب حيث شئت فقال لا حتى تقول إلى أرمينية قال القاضي هذا من كلام أحمد محمول على أن هذا خرج مخرج الغضب والكراهة ولو قالت هذا بطيب قلبها كان إذنا منها وله الخروج وإن كان بلفظ عام.

فصل في تعليقه بالمشيئة
إذا قال أنت طالق إن شئت أو كيف شئت أو حيث شئت أو متى شئت لم تطلق حتى تقول قد شئت سواء شاءت على الفور أو التراخي ويحتمل أن يقف على المجلس كالاختيار.
ـــــــ
فصل في تعليقه بالمشيئة"إذا قال أنت طالق إن شئت أو كيف شئت أو حيث شئت أو متى شئت" أو أي وقت شئت "لم تطلق حتى تقول قد شئت" لأن ما في القلب لا يعلم حتى يعبر عنه اللسان فيتعلق الحكم بما ينطق به دون ما في القلب فلو شاءت بقلبها دون نطقها لم تطلق ولو شاءت وهي كارهة طلقت اعتبارا بالنطق ولو رجع قبل مشيئتها لم يصح رجوعه على الأصح كبقية التعليق "سواء شاءت على الفور أو التراخي" نص عليه في تعليق الطلاق بمشيئة فلان وقاله الزهري وقتادة لأنه تعليق للطلاق على شرط أشبه سائر التعليقات ولأنه إزالة ملك معلق على المشيئة فكان على التراخي كالعتق "ويحتمل أن يقف على المجلس كالاختيار" وهو قول الحسن وعطاء لأنه تمليك للطلاق فكان على الفور كاختاري والأول أصح وفرق بينهما في "المغني" و "الشرح" من حيث إن

وأن قال أنت طالق إن شئت فقالت قد شئت إن شئت فقال قد شئت لم تطلق وإن قال أنت طالق إن شئت وشاء أبوك لم تطلق حتى يشاءا .
ـــــــ
"اختاري" ليس شرط وإنما هو تخيير محض فيتقيد بالمجلس كخيار المجلس بخلاف المشيئة فإنها هنا شرط فوجب حملها على "إن" فإن قيد المشيئة بوقت تقيد به.
"وإن قال أنت طالق إن شئت فقالت قد شئت إن شئت فقال قد شئت لم تطلق" نص عليه لأنه لم يوجد منها مشيئة وإنما وجد منها تعليق مشيئتها بشرط وليس بمشيئة لا يقال إذا وجد الشرط يجب أن يوجد مشروطه لأن المشيئة أمر حقيقي فلا يصح تعليقها على شرط ووجه الملازمة إذا صح التعليق وكذا إن قالت قد شئت إن طلعت الشمس نص عليه وهو قول سائر الفقهاء وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه.
"وإن قال أنت طالق إن شئت وشاء أبوك لم تطلق حتى يشاءا" لأن الصفة بمشيئتهما فلا تطلق بمشيئة أحدهما لعدم وجود الشرط وخرج القاضي أنها تطلق بمشيئة أحدهما كفعل بعض المحلوف عليه وعلى الأول كيف شاءا طلقت فإن شاء أحدهما على الفور والآخر على التراخي وقع لأن المشيئة وجدت منهما جميعا.
فروع: إذا قال إذا ضاجعتك على فراش فأنت طالق فاضطجعت هي معه فقام لوقته لم يحنث وإلا حنث.
ولو اختصم رجلان فقال أحدهما للآخر زوجة السفلة بكسر السين مع إسكان الفاء منا طالق فقال الآخر نعم قال أحمد السفلة الذي لا يبالي بما قال ولا ما قيل فيه وقال في رواية عبد الله هو الذي يدخل الحمام بلا مئزر ولا يبالي على أي معصية رئي.
إذا حلف بالطلاق ليفعلن محرما في وقت معين لم يحل له فعله وتطلق،

وإن قال أنت طالق إن شاء زيد فمات أو جن أو خرس قبل المشيئة لم تطلق وإن شاء وهو سكران خرج على الروايتين في طلاقه وإن كان صبيا يعقل المشيئة فشاء طلقت وإلا فلا وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد فمات أو جن أو خرس طلقت.
ـــــــ
نص عليه فيمن حلف بالطلاق ليطأن زوجته في وقت بعينه فإذا هي حائض قال لا يطؤها وتطلق فإن فعله فقد عصى الله ولم تطلق وإن لم يعين وقتا لفعله لم يحنث إلا في آخر وقت الإمكان.
"وإن قال أنت طالق إن شاء زيد فمات أو جن أو خرس قبل المشيئة لم تطلق" اختاره ابن حامد لأن شرط الطلاق لم يوجد وقال أبو بكر يقع لأنه علقه على شرط تعذر الوقوف عليه فوقع كقوله أنت طالق إن شاء الله تعالى وليس بصحيح لأن الطلاق المعلق على شرط لا يقع إذا تعذر شرطه كالمعلق على دخول الدار وعلم منه أنه إذا شاء وهو مجنون لا يقع طلاقه لأنه لا حكم لكلامه ويستثنى منه أنه إذا فهمت إشارة أخرس فهي كنطقه وقيل إن خرس بعد يمينه فلا وإن شاء وهو سكران خرج على الروايتين في طلاقه قاله أصحابنا لأن قوله قد شئت يترتب عليه وقوع الطلاق فوجب كونه بمنزلة نفس الطلاق قال في "المغني" والصحيح أنه لا يقع لأنه زائل العقل أشبه المجنون ثم الفرق بين إيقاع طلاقه وبين المشيئة أن إيقاعه عليه تغليظ عليه لئلا تكون المعصية سببا للتخفيف عنه وهنا إنما يقع الطلاق بغيره فلا يصح منه في حال زوال عقله "وإن كان صبيا" أي مميزا قاله في "الكافي" وغيره "يعقل المشيئة فشاء طلقت" لأن له مشيئة بدليل صحة اختياره لأحد أبويه والثانية لا لأن شرطه التكليف "وإلا فلا" أي إذا كان صبيا لا يعقل المشيئة لم تطلق كالمجنون.
"وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد فمات أو جن أو خرس طلقت" في الحال لأنه أوقع الطلاق وعلقه بشرط ولم يوجد وقيل في آخر حياته وقيل يتبين حنثه منذ حلف.

وإن قال أنت طالق واحدة إلا أن يشاء ثلاثا فشاء ثلاثا طلقت ثلاثا في أحد الوجهين وفي الآخر لا تطلق وإن قال أنت طالق إن شاء الله طلقت وإن قال لأمته أنت حرة إن شاء الله عتقت وحكي عنه أنه يقع العتق دون الطلاق.
ـــــــ
فرع: إذا قال أنت طالق وعبدي حر إن شاء زيد ولاينه فشاءهما ونقل أبو طالب أو تعذر بموت ونحوه اختاره أبو بكر وابن عقيل وحكي عنه أو غاب وقعا.
"وإن قال أنت طالق واحدة إلا أن يشاء ثلاثا فشاء ثلاثا طلقت ثلاثا في أحد الوجهين" وكذا عكسه قدمه في "الكافي" و "الرعاية" و "الفروع" وجزم به في "الوجيز" لأن هذا هو السابق إلى الفهم من ذلك كما لو قال له علي درهم إلا أن يقيم بينة بثلاثة وخذ درهما إلا أن يريد أكثر منه.
"وفي الآخر لا تطلق" لأن الاستثناء من الإثبات نفي ولأنه علق وقوع الواحدة على عدم مشيئتها الثلاث ولم يوقع بمشيئتها شيئا أشبه قوله إلا أن يشاء زيد فأما إذا لم يشأ زيد أو شاء أقل من ثلاث فواحدة.
"وإن قال أنت طالق إن شاء الله طلقت وإن قال لأمته أنت حرة إن شاء الله عتقت" نص عليه وفي "زاد المسير" لا تختلف الرواية فيه وهو قول سعيد والحسن ومكحول وقتادة والزهري والأوزاعي لما روى أبو حمزة قال سمعت ابن عباس يقول إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله فهي طالق رواه أبو حفص وروى ابن عمر وأبو سعيد قالا كنا معشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزا في كل شيء إلا في الطلاق والعتاق ولأنه استثناء يرفع جملة الطلاق حالا ومآلا فلم يصح كاستثناء الكل ولأنه تعليق على ما لا سبيل إلى علمه أشبه تعليقه على المستحيل.
"وحكي عنه أنه يقع العتق دون الطلاق" وعلله أحمد بأن العتق لله تعالى والطلاق ليس هو لله ولا فيه قربة إليه ولأنه لو قال لأمته كل ولد تلدينه فهو

وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء الله طلقت وإن قال إن لم يشأ الله فعلى وجهين.
ـــــــ
حر فهذا تعليق للحرية على الملك وهو صحيح ولأن نذر العتق يلزم الوفاء به بخلاف الطلاق فافترقا قال في "المحرر" ولا يصح عن أحمد التفرقة بينهما لكن حكاها أبو حامد الإسفراييني قال أبو الخطاب في "الانتصار" ولقد أبطل في حكاية ذلك عنه وعكس في "الترغيب" هذه الرواية وقال يا طالق إن شاء الله تعالى أولى بالوقوع وعنه: لا يقعان اختاره أكثر العلماء كما لو علقه على مشيئة زيد ولقوله عليه السلام: "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث" رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه من حديث ابن عمر وإسناده ثقات قال الشيخ تقي الدين ويكون معناه هي طالق إن شاء الله الطلاق بعد هذا والله لا يشاؤه إلا بتكلمه به.
والجواب عنه: أن الطلاق والعتاق ليسا من الإيمان قاله أحمد وإن سمي بذلك فمجاز ثم إن الطلاق إنما يسمى يمينا إذا كان معلقا على شرط يمكن فعله وتركه ومجرد قوله أنت طالق ليس بيمين حقيقة ولا مجازا وكذا إذا قدم الاستثناء كقصده تأكيد الإيقاع وذكر الخرقي أن أكثر الروايات عن أحمد توقف عن الجواب عنها.
"وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء الله طلقت" في المنصوص لأنه أوقع الطلاق وعلق رفعه بمشيئة لم تعلم قال أحمد قال قتادة قد شاء الله الطلاق حين أذن فيه قال ابن حمدان ويحتمل ألا تطلق كالأول.
"وإن قال إن لم يشاء الله" أو ما لم يشاء الله "فعلى وجهين" أحدهما تطلق قدمه في "الكافي" وصححه في "الفروع" لتضاد الشرط والجزاء فلغا تعليقه بخلاف المستحيل والثاني لا لأنه بمنزلة تعليقه الطلاق على المحال كقوله إن جمعت بين الضدين أو شربت ماء الكوز ولا ماء فيه قال في "الرعاية" وكذا العتق.

وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله فدخلت فهل تطلق على روايتين وإن قال أنت طالق لرضى زيد أو مشيئته طلقت في الحال وإن قال أردت الشرط دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين وإن قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار فأنت طالق.
ـــــــ
"وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق" أو حرة "إن شاء الله فدخلت فهل تطلق على روايتين" إحداهما تطلق قدمه في "الرعاية" لما تقدم والثانية لا لأن الطلاق المعلق بشرط يمين فيدخل في عموم الخبر وفارق إذا لم يعلقه فإنه ليس بيمين فلا يدخل في العموم قال في "المحرر" و "الفروع" إلا أن ينوي رد المشيئة إلى الفعل فلا تطلق كقوله أنت طالق لا فعلت أو لأفعلن إن شاء الله وإن أراد بالاستثناء والشرط رده إلى الطلاق فقط ففيه الخلاف وإن لم تعلم نيته والظاهر رجوعه إلى الفعل.
غريبة: إذا قال أنت طالق يوم أتزوجك إن شاء الله فتزوجها لم تطلق وإن قال أنت حر يوم أشتريك إن شاء الله فاشتراه عتق.
"وإن قال أنت طالق لرضى زيد أو مشيئته" أو لدخول الدار "طلقت في الحال" لأن معناه أنت طالق لكونه قد شاء ذلك أو رضيه وذلك كقوله هو حر لوجه الله أو لرضى الله بخلاف قوله: لقدوم زيد.
"وإن قال أردت الشرط" فيما ظاهره التعليل "دين" لأنه أعلم بمراده وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين أصحهما يقبل لأن ذلك يستعمل للشرط كقوله أنت طالق للسنة والثانية لا وجزم به في "الوجيز" لأنه خلاف الظاهر.
فرع: إذا قال إن رضي أبوك فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت وقع لأنه مطلق وكان متراخيا ذكره في "الفنون" وإن قوما قالوا ينقطع بالأول.
"وإن قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار" أو تبغضين الجنة "فأنت

أو قال إن كنت تحبينه بقلبك فقالت أنا أحبه فقد توقف أحمد وقال القاضي تطلق والأولى أنها لا تطلق إذا كانت كاذبة.
ـــــــ
طالق أو قال إن كنت تحبينه بقلبك فقالت أنا أحبه فقد توقف أحمد عنها" لتعارض الأدلة عنده وسئل عنها فلم يجب فيها بشيء "وقال القاضي تطلق" قدمه في "الرعاية" وجزم به في "الوجيز" وفي "الفنون" هو مذهبنا لأن ما في القلب لا يوقف عليه إلا من اللفظ فاقتضى تعليق الحكم بلفظها به صادقة أو كاذبة كالمشيئة.
"والأولى أنها لا تطلق إذا كانت كاذبة" وهو المذهب وقاله أبو ثور لأن المحبة في القلب ولا توجد من أحد محبة ذلك وخبرها بالمحبة كاذب لا يلتفت إليه واختار في "الفنون" أنها لا تطلق لاستحالته عادة كقوله إن كنت تعتقدين أن الجمل يدخل في خرم الإبرة فأنت طالق فقالت أعتقده فإن عاقلا لا يجوز فضلا عن اعتقاده ثم إن قال كذبت لم تطلق وهي يعتبر نطقها أو تطلق بإقرار الزوج فيه احتمالان وقيل لا تطلق إن لم يقل بقلبك.
فرع: إذا قال إن كنت تحبين زيدا أو تبغضيني فأنت طالق فأخبرته به طلقت وإن كانت كاذبة فإذا قال أنت طالق إن أحببت أو إن أردت أو إن كرهت احتمل أن يتعلق الطلاق بلسانها كالمشيئة واحتمل أن يتعلق الحكم بما في القلب من ذلك ويكون اللسان دليلا عليه فعلى هذا لو أقر الزوج بوجوده طلقت ولو أخبرت به ثم قالت كنت كاذبة لم تطلق ذكره في "الشرح".
فرع: إذا قالت أريد أن تطلقني فقال إن كنت تريدين فأنت طالق فيقتضي أنها تطلق بإرادة مستقبلة ودلالة الحال على أنه أراد إيقاعه للإرادة التي أخبرته بها قاله في "الفنون" قال ولو قال إن كان أبوك يرضى بما فعلتيه فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت طلقت لأنه علقه على رضى مستقبل وقد وجد بخلاف إن كان أبوك راضيا به لأنه ماض وتعليق كطلاق ويصح بالموت.

فصل في مسائل متفرقة
إذا قال أنت طالق إذا رأيت الهلال طلقت إذا رؤي إلا أن ينوي حقيقة رؤيتها فلا يحنث. وإن قال: من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق فأخبره به امرأتاه، طلقت
ـــــــ
فصل في مسائل متفرقة"إذا قال أنت طالق إذا رأيت الهلال طلقت إذا رؤي" بعد الغروب أو أكملت العدة لأن رؤيته في الشرع عبارة عما يعلم به دخوله لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" فانصرف لفظ الحالف إلى عرف الشرع كما لو قال: إذا صليت فأنت طالق فإنه ينصرف إلى الشرعية وفارق رؤية زيد فإنه لم يثبت له عرف شرعي "إلا أن ينوي حقيقة رؤيتها فلا يحنث حتى تراه" لأنها رؤية حقيقية ويقبل ذلك حكما على الأصح وقيل يقبل بقرينة ويتعلق الحكم برؤيتها له بعد الغروب لأن هلال الشهر ما كان في أوله وقيل تطلق برؤيتها له قبل الغروب لأنه يسمى رؤية والحكم يتعلق برؤيته في الشرع فإن قال أردت إذا رأيته أنا بعيني فلم يره حتى أقمر لم تطلق لأنه ليس بهلال وهو هلال إلى الثالثة ثم يقمر وقيل إلى الثانية وقيل إذا استدار وبهر ضوؤه.
فرع: إذا قال إذا رأيت فلانا فأنت طالق فرأته ولو ميتا أو في ماء أو زجاج شفاف طلقت إلا مع نية أو قرينة لا خياله في ماء ومرآة وفي مجالستها له وهي عمياء وجهان أصحهما لا حنث.
"وإن قال من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق فأخبره به امرأتاه طلقت

الأولى منهما إلا أن تكون الثانية هي الصادقة وحدها فتطلق وحدها وإن قال من أخبرتني بقدومه فهي طالق فكذلك عند القاضي وعند أبي الخطاب تطلقان
ـــــــ
الأولى منهما" إذا كانت صادقة لأن البشارة خبر تتغير به بشرة الوجه من سرور أو غم وإنما يحصل بالأول لأنها عند الإطلاق للخير كقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ} [الزمر: من الآية17] الزمر فإن أريد الشر قيدت قال تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: من الآية34] "إلا أن تكون الثانية هي الصادقة وحدها فتطلق وحدها" لحصول الغرض ببشارتها وإن كانتا كاذبتين لم تطلق واحدة منهما لأنه لا سرور في الكذب وعلم منه أنه إذا بشره نساؤه معا طلقن لأن "من" تقع على الواحد فما زاد لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة:7]ويتوجه تحصل البشارة بالمكاتبة وإرسال رسول بها "وإن قال من أخبرتني بقدومه فهي طالق فكذلك عند القاضي" وجزم به في "الوجيز" لأن المراد من الخبر الإعلام ولا يحصل إلا بالخبر الصادق "وعند أبي الخطاب تطلقان" أي تطلق الصادقة والكاذبة لأن الخبر يدخله الصدق والكذب قال في "المحرر" وعندي يطلقن مع الصدق ولا تطلق منهما كاذبة وفي "المستوعب" حكى ابن أبي موسى فيمن قال لعبيده أيكم جاءني بخبر كذا فهو حر فجاءه به اثنان أو أكثر فيه روايتان إحداهما يعتق واحد منهم بالقرعة والثانية يعتقون جميعا ولم يفرق بين الصدق والكذب ولا بين المتقدم والمتأخر.
تنبيه: إذا قال أول من تقوم منكن فهي طالق فقام الكل دفعة واحدة لم تطلق واحدة منهن وإن قامت واحدة ولم يقم أحد بعدها فوجهان فإن قلنا لا يقع لم يحكم بوقوع ذلك ولا انتفائه حتى ييأس من قيام واحدة منهن فتنحل يمينه وكذا العتق وإن قام اثنتان أو ثلاثة معا وقام بعدهن أخرى وقع بمن قام أولا والعتق كذلك وقال القاضي فيمن قال أول من يدخل من عبيدي فهو حر فدخل اثنان دفعة واحدة ثم دخل آخر لم يعتق واحد منهن، وهو

وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا حنث في الطلاق والعتاق ولم يحنث في اليمين المكفرة في ظاهر المذهب وعنه: يحنث في الجميع وعنه: لايحنث في الجميع
ـــــــ
بعيد وإن قال آخر من تدخل منكن الدار فهي طالق فدخل إحداهن لم يحكم بطلاق واحدة منهن حتى ييأس من دخول غيرها فيتبين وقوع الطلاق بآخرهن دخولا من حين دخولها.
"وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا أو جاهلا حنث في الطلاق والعتاق ولم يحنث في اليمين المكفرة في ظاهر المذهب" نقله عن أحمد جماعة واختاره الخلال وصاحبه وذكر القاضي في "المجرد" أنه هو المعمول به في المذهب لأن الكفارة تجب لرفع الإثم ولا إثم عليهما وأما الطلاق والعتاق فهو معلق بشرط فيقع بوجود شرطه من غير قصد كما لو قال أنت طالق إن قدم الحاج ولأن هذا يتعلق به حق آدمي فتعلق الحكم مع النسيان كالإتلاف.
"وعنه: يحنث في الجميع" قدمها في "الرعاية" لأنه فعل ما حلف عليه قاصدا لفعله أشبه الذاكر وكالطلاق والعتاق وحينئذ يلزمه الكفارة في اليمين المكفرة وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد والزهري وعنه: لا يحنث في الجميع وقاله عطاء وعمرو بن دينار ولقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: من الآية5] ولقوله عليه السلام: "إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" قاصد للمخالفة أشبه النائم ولأنه أحد طرفي اليمين فاعتبر به القصد كحالة الابتداء على الأول ولو فعله حين جنونه لم يحنث كالنائم وقيل هو كالناسي وإن حلف على غيره ممن يقصد منعه كالزوجة والولد ففعله ناسيا أو جاهلا فعلى الخلاف قال في "الرعاية" وإن قصد بمنعهم أن لا يخالفوه أو فعلوه كرها لم يحنث وعنه: يحنث المكره،

وإن حلف لا يدخل على فلان بيتا ولا يكلمه ولا يسلم عليه أو لا يفارقه حتى يقضيه حقه فدخل بيتا هو فيه ولم يعلم أو سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم أو قضاه حقه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله بحقه ففارقه ظنا منه أنه قد بر خرج على الروايتين في الناسي والجاهل وإن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه لم يحنث.
ـــــــ
فيتخرج ألا يحنث إلا في الطلاق والعتاق قال في "المستوعب" فإن كان يمكنه الامتناع فلم يمتنع فوجهان فإن قلنا لا يحنث فأقام بعد دخولها فهل يحنث ينبني على ما إذا حلف لا يدخل الدار وهو فيها وإن عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه فكمن حلف على مستقبل وفعله ناسيا يحنث في طلاق وعتاق فقط.
"وإن حلف لا يدخل على فلان بيتا ولا يكلمه ولا يسلم عليه أو لا يفارقه حتى يقضيه حقه فدخل بيتا هو فيه ولم يعلم أو سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم أو قضاه حقه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله بحقه ففارقه ظنا منه أنه قد بر خرج على الروايتين في الناسي والجاهل" قاصد للمخالفة أشبه الناسي وظاهره أنه إذا دخل بيتا هو فيه عالما حنث وصرح به غيره لأن شرط الحنث أنه قد وجد سالما عن المعارض وكذا ما بعده لأنه معطوف عليه فإن نوى السلام على الجميع أو كلامهم حنث رواية واحدة وإن نوى غيره فلا وإن أطلق فالخلاف وإن علم به ولم ينوه ولم يستثنه بقلبه فروايتان أصحهما الحنث وكذا إن حلف لا يكلم فلانا فسلم عليه يحسبه أجنبيا أو حلف لا بعت لزيد ثوبا فوكل زيد من يدفعه إلى من يبيعه فدفعه إلى الحالف فباعه من غير علمه.
"وإن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه لم يحنث" نص عليه في رواية صالح وحنبل اختاره أبو الخطاب كالإثبات ولأنه عليه السلام كان يخرج رأسه وهو معتكف إلى عائشة لترجله وهي حائض والمعتكف ممنوع من الخروج من المسجد والحائض عكسه.

وعنه يحنث إلا أن ينوي جميعه وإن حلف ليفعلنه لم يبر حتى يفعل جميعه وإذا حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده أو لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه خرج على الروايتين وإن حلف لا شربت ماء هذا النهر فشرب منه حنث.
ـــــــ
"وعنه: يحنث" اختاره الخرقي وصححه في "المغني" لأن اليمين تقتضي المنع من المحلوف عليه فاختص المنع بشيء منه كالنهي "إلا أن ينوي جميعه" فعلم منه أن الخلاف إنما هو في اليمين المطلقة فإن نوى الجميع أو البعض عمل بنيته وكذا إن كانت قرينة وعلى الأولى لو حلف على من يمتنع بيمينه كزوجة وقرابة وقصد منعه ولا نية ولا سبب ولا قرينة لم يحنث بفعل بعضه.
"وإن حلف ليفعلنه لم يبر حتى يفعل جميعه" لأن ذلك حقيقة اللفظ ولأن مطلوبه تحصيل الفعل فهو كالأمر ولو أمر الله تعالى بشيء لم يخرج عن العهدة إلا بفعل جميعه فكذا هنا.
"وإذا حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده أو لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه خرج على الروايتين" في فعل بعض المحلوف عليه والمذهب أنه لا يحنث كما لو حلف لا يبيع عبده ولا يهبه فباع أو وهب بعضه "وإن حلف لا شربت ماء هذا النهر فشرب منه حنث" وجها واحدا لأن فعل الجميع ممتنع فلا تصرف اليمين إليه وكذلك إن قال والله لا آكل الخبز ولا أشرب الماء مما علق على اسم جنس أو جمع كالمسلمين فإنه يحنث بفعل البعض فإن نوى فعل الجميع أو كان في لفظه ما يقتضي ذلك لم يحنث إلا بفعل الجميع بلا خلاف.
فرع: إذا حلف لا شربت من ماء الفرات فشرب منه حنث سواء كرع منه أو اغترف منه فشربه وإن شرب من نهر يأخذ منه حنث في وجه، اقتصر

وإن حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد أو نسجه أو لا يأكل طعاما طبخه زيد فلبس ثوبا نسجه هو وغيره أو اشترياه أو أكل من طعام طبخاه فعلى روايتين فإن اشترى غيره شيئا فخلطه بما اشتراه فأكل أكثر مما اشتراه شريكه حنث.
ـــــــ
عليه في "المستوعب" كما لو حلف لا يشرب من شيء فاستقى أو لا يشرب من شاة فحلب وشربه والثاني لا يحنث لأنه يضاف إلى النهر لا إلى الفرات وكغيره فلو حلف لا يأكل من هذه النخلة فلقط من تحتها وأكل حنث بخلاف أكل ورقها وأطراف أغصانها.
مسألة: إذا قال إن قربت بكسر الراء دار أبيك فأنت طالق لم يقع حتى تدخلها فلو قاله بضم الراء وقع بوقوفها تحت فنائها ولصوقها بجدارها لأن مقتضاهما كذلك ذكرهما في "الروضة" ولم يذكر الجوهري قرب بالكسر بمعنى دخل ولعله عرف خاص.
"وإن حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد أو نسجه أو لا يأكل طعاما طبخه زيد فلبس ثوبا نسجه هو وغيره أو اشترياه أو أكل من طعام طبخاه فعلى روايتين" أشهرهما يحنث جزم به في "الوجيز" كما لو حلف لا يلبس شيئا من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل غيرها والثانية لا يحنث لأنه لم يلبس ثوبا كاملا كما لو حلف لا يلبس ما خاطه زيد فإنه يحنث بكل ثوب خاطاه جميعا بخلاف ما لو قال ثوبا خاطه زيد وإذا حلف لا يأكل طعاما اشتراه زيد فأكل طعاما اشتراه هو وغيره حنث إلا أن يكون أراد أن لا ينفرد أحدهما بشراء وذكر أبو الخطاب احتمالا لا حنث لأن كل جزء لم ينفرد أحدهما بشرائه كما لو حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد فلبس ثوبا اشتراه هو وغيره.
"فإن اشترى غيره شيئا فخلطه بما اشتراه فأكل أكثر مما اشتراه شريكه" حنث وجها واحدا لأنه يعلم بالضرورة أنه أكل مما اشتراه زيد وهو شرط الحنث.

وإن أكل مثله فعلى وجهين.
باب التأويل في الحلف
ومعنى التأويل: أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره.
ـــــــ
"وإن أكل مثله فعلى وجهين" أحدهما يحنث لأنه يستحيل في العادة انفراد ما اشتراه زيد من غيره فيكون الحنث ظاهرا.
والثاني: لا يحنث وجزم به في "الوجيز" لأن الأصل عدم الحنث ولم نتيقنه فعلى هذا كل موضع لا يحنث فحكمه حكم ما لو حلف لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة على ما نذكره وإن قابل زيد في مأكول كان باعه شيئا فأكل منه فهل يحنث على وجهين فإن كان اشترى شيئا سلما أو أخذه على وجه الصلح فأكل منه حنث.
باب التأويل في الحلف
"ومعنى التأويل أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره" مثل أن يحلف أنه أخي يريد أخوة الإسلام وبالسقف والبناء السماء وبالبساط والفراش الأرض وبالأوتاد الجبال وباللباس الليل أو يقول ما رأيت فلانا أي ما ضربت رئته وما ذكرته أي ما قطعت ذكره وكقوله جواري أحرار يعني سفنه ونسائي طوالق أي أقاربه أو يقول ما كاتبت فلانا ولا عرفته ولا علمته ولا سألته حاجة ولا أكلت له دجاجة ولا فروجة ولا شربت له ماء ولا في بيتي فراش ولا حصير ولا بارية ويعني بالمكاتبة مكاتبة الرقيق وبالتعريف جعله عريفا وبالإعلام جعله أعلم الشفة والحاجة الشجرة الصغيرة والدجاجة الكبة من الغزل والفروجة الدراعة والفرش صغار

فإن كان الحالف ظالما لم ينفعه تأويله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك"
ـــــــ
الإبل والحصير الجيش والبارية السكين التي يبرى بها فهذا وأشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه إذا عناه بيمينه فهو تأويل لأنه خلاف الظاهر.
"فإن كان الحالف ظالما لم ينفعه تأويله" بغير خلاف نعلمه "لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك" وفي لفظ: "اليمين على نية المستحلف" رواهما مسلم وعلم منه أنه إذا كان مظلوما فله تأويله نص عليه لحديث سويد بن حنظلة قال خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له فتحرج القوم أن يحلفوا فحلفت أنه أخي فخلي سبيله فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك فقال: "كنت أبرهم وأصدقهم المسلم أخو المسلم" رواه أبو داود وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" رواه الترمذي قال محمد بن سيرين الكلام أوسع من أن يكذب ظريف خص الظريف بذلك يعني به الكيس الفطن فإنه يفطن التأويل فلا حاجة إلى الكذب فإن كان لا ظالما ولا مظلوما فظاهر كلام أحمد أن له تأويله لأنه عليه السلام كان يمزح ولا يقول إلا حقا ومزاحه أن يوهم السامع بكلامه غير ما عناه وهو التأويل فقال عليه السلام لعجوز لا تدخل الجنة عجوز يعني أن الله تعالى ينشئهن أبكارا عربا أترابا.
مسائل: الأولى: إذا حلف ليقسمن بين ثلاث نسوة ثلاثين قارورة عشر مملوءة وعشر فرغ وعشر منصف قلب كل منصفة في أخرى فلكل واحدة خمس مملوءة وخمس فرغ.
الثانية: إذا كان له ثلاثون نعجة عشر ولدت كل واحدة سخلة وعشر اثنتين وعشرة ثلاثا وحلف ليجعلن لكل امرأة ثلاثا ولا يفرق بين سخلة وأمها أعطى الكبرى عشرة نتجت عشرين والوسطى نصف ما نتج سخلة ونصف ما نتج ثلاثا بسخالها وكذا الصغرى.

فإذا أكلا تمرا فحلف لتخبرني بعدد ما أكلت أو لتميزن نوى ما أكلت فإنها تفرد كل نواة وحدها وتعد من واحد إلى عدد يتحقق دخول ما أكل فيه.
ـــــــ
الثالثة: إذا حلف أنه رأى ثلاث إخوة لأبوين أحدهم عبد والآخر مولى والآخر عربي لا ولاء عليه هذا رجل تزوج بأمة فولدت ابنا فهو عبد ثم كوتبت فأدت وهي حامل فأتت بابن فتبعها فهو مولى ثم ولدت بعد الأداء ابنا فهو عربي بلا ولاء.
الرابعة: إذا حلف أن خمسة زنوا بامرأة فلزم الأول القتل والثاني والرجم والثالث الجلد والرابع نصف الحر ولم يلزم الخامس شيء فالأول ذمي والثاني محصن والثالث بكر والرابع عبد والخامس حربي.
الخامسة: إذا حلف ليخبرنه بشيء رأسه في عذاب وأسفله في شراب وأوسطه في طعام وحوله سلاسل وأغلال وحبسه في بيت ضيق فهو فتيلة القنديل.
السادسة: إذا حلف أنه يحب الفتنة ويكره الحق ويشهد بما لم يره وهو بصير ولا يخاف من الله ولا رسول الله وهو مؤمن عدل فجوابه أنه يحب المال والولد ويكره الموت ويشهد بالغيب والحساب ولا يخاف من الله ولا رسوله الظلم والجور.
السابعة: لو سئل عن طعم نجو الآدمي قيل إنه أولا حلو لسقوط الذباب عليه ثم حامض لأنه يدود ثم مر لأنه يلدح.
"فإذا أكلا تمرا فحلف لتخبرني بعدد ما أكلت أو لتميزن نوى ما أكلت فإنها تفرد كل نواة وحدها وتعد من واحد إلى عدد يتحقق دخول ما أكل فيه" ولا يحنث إذا كان نيته ذلك وإن نوى الإخبار بكميته من غير زيادة ولا نقص لم يبرأ إلا بذلك وإن أطلق فقياس المذهب أنه كذلك لأن الأيمان تنبني على المقاصد إلا أن تكون حيلة فيحنث.

وإن حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا تدخله بارية فإنه يدخل قصبا وينسجه فيه وإن حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه فلا يجد طعم الملح فإنه يسلق فيه بيضا وإن حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجده بيضا وتفاحا فإنه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا وإن كان على سلم فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة فلتنزل العليا ولتصعد السفلى فتنحل يمينه وإن حلف لا أقمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فإنه ينتقل إلى سلم آخر.
ـــــــ
فرع: لو كان في فيها تمرة فقال أنت طالق إن أكلتها أو ألقيتها أو أمسكتها فأكلت بعضها وألقت بعضها انبنى على فعل بعض المحلوف عليه.
"وإن حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا تدخله بارية فإنه يدخل قصبا وينسجه فيه" ويجلس عليها في البيت ولا يحنث لأنه لم يدخله بارية وإنما أدخله قصبا وفي "المحرر" وإن حلف لا يدخل بيته بارية فأدخل قصبا لذلك فنسجت فيه حنث وإن طرأ قصده والقصب فيها فوجهان.
"وإن حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه فلا يجد طعم الملح فإنه يسلق فيه بيضا" لأن الصفة وجدت لكون أن الملح لا يدخل في البيض "وإن حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجده بيضا وتفاحا فإنه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا" ويأكل منه بغير حنث لأن ذلك ليس ببيض ولا تفاح وقيل يحنث مع التعيين "وإن كان على سلم فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة فلتنزل العليا وتصعد السفلى فتنحل يمينه" لأن ما فعله سبب إلى عدم حنثه وأما كونه تنحل يمينه فلأنه لم يبق حنثه ممكنا لزوال الصورة المحلوف عليها.
"وإن حلف لا أقمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فإنه ينتقل إلى سلم آخر" فتنحل يمينه لأنه إنما نزل أو صعد من غيره.

وإن حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا تدخله بارية فإنه يدخل قصبا وينسجه فيه وإن حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه فلا يجد طعم الملح فإنه يسلق فيه بيضا وإن حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجده بيضا وتفاحا فإنه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا وإن كان على سلم فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة فلتنزل العليا ولتصعد السفلى فتنحل يمينه وإن حلف لا أقمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فإنه ينتقل إلى سلم آخر.
ـــــــ
فرع: لو كان في فيها تمرة فقال أنت طالق إن أكلتها أو ألقيتها أو أمسكتها فأكلت بعضها وألقت بعضها انبنى على فعل بعض المحلوف عليه.
"وإن حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا تدخله بارية فإنه يدخل قصبا وينسجه فيه" ويجلس عليها في البيت ولا يحنث لأنه لم يدخله بارية وإنما أدخله قصبا وفي "المحرر" وإن حلف لا يدخل بيته بارية فأدخل قصبا لذلك فنسجت فيه حنث وإن طرأ قصده والقصب فيها فوجهان.
"وإن حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه فلا يجد طعم الملح فإنه يسلق فيه بيضا" لأن الصفة وجدت لكون أن الملح لا يدخل في البيض "وإن حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجده بيضا وتفاحا فإنه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا" ويأكل منه بغير حنث لأن ذلك ليس ببيض ولا تفاح وقيل يحنث مع التعيين "وإن كان على سلم فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة فلتنزل العليا وتصعد السفلى فتنحل يمينه" لأن ما فعله سبب إلى عدم حنثه وأما كونه تنحل يمينه فلأنه لم يبق حنثه ممكنا لزوال الصورة المحلوف عليها.
"وإن حلف لا أقمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فإنه ينتقل إلى سلم آخر" فتنحل يمينه لأنه إنما نزل أو صعد من غيره.

وإن حلف على امرأته لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعته لم يحنث إلا أن ينوي.
ـــــــ
"وإن حلف على امرأته لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعته لم يحنث" لأن الخيانة ليست بسرقة "إلا أن ينوي" ذلك فيحنث لأن اللفظ صالح أن يراد به ذلك وقد نواه فوجب الحنث ضرورة المخالفة في المحلوف عليه أو يكون له سبب.
فرع: إذا استحلفه ظالم هل رأيت فلانا أو لا وكان قد رآه فإنه يعني برأيت ما ضربت رئته وإن قال إن كانت امرأتي في السوق فعبدي حر وإن كان عبدي في السوق فامرأته طالق وكانا في السوق عتق العبد ولم تطلق لأنه عتق باللفظ الأول فلما عتق لم يبق له في السوق عبد ويحتمل أن يحنث إن أراد عبدا بعينه بناء على من حلف على معين تعلق اليمين بعينه دون صفته.
مسائل: إذا حلف أنه يطأ في يوم ولا يغتسل فيه مع قدرته على استعمال الماء ولا تفوته صلاة مع الجماعة فإنه يصلي الفجر والظهر والعصر ويطأ بعدها ويغتسل بعد المغرب ويصلي معه.
إذا قال أنت طالق إن لم أطأك في رمضان ثم سافر ثلاثة أيام ثم وطئ فقال أحمد لا يعجبني لأنها حيلة وقال في رواية بكر بن محمد إذا حلف على فعل شيء ثم احتال بحيلة فصار إليها فقد صار إلى ذلك الذي حلف عليه بعينه وقال القاضي الصحيح أنها تنحل به اليمين ويباح به الفطر لأن إرادة حل اليمين من المقاصد الصحيحة.
إذا حلف في شعبان ليجامعن امرأته في شهرين متتابعين فدخل رمضان سافر بها فإن حاضت فوطئ فيه كفر عن كل وطء في الحيض كفارته وعنه: لا يطأ وتطلق كمن حلف ليسقين ولده خمرا نص عليه.
سئل أحمد عن رجل حلف لا يفطر في رمضان فقال للسائل اذهب إلى

باب الشك في الطلاق
إذا شك هل طلق أم لا؟ لم تطلق.
ـــــــ
بشر ابن الوليد فاسأله ثم ائتني فأخبرني فذهب فسأله فقال له بشر إذا أفطر أهلك فاقعد معهم ولا تفطر فإذا كان السحر فكل واحتج بقوله عليه السلام: "هلموا إلى الغداء المبارك" فاستحسنه أحمد رضي الله عنه.
باب الشك في الطلاق
الشك في الاصطلاح تردد على السواء وهنا مطلق التردد.
"إذا شك هل طلق أم لا؟" أوشك في وجود شرطه "لم تطلق" نص عليه وهو قول أكثرهم لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك ويشهد له قوله عليه السلام: "فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" فأمره بالبناء على اليقين واطراح الشك قال المؤلف والورع إلزام الطلاق وعن شريك أنه إذا شك في طلاقه طلقها واحدة ثم راجعها لتكون الرجعة عن طلقة صحيحة فتكون صحيحة في الحكم وفيه نظر لأن التلفظ بالرجعة ممكن مع الشك في الطلاق ولا يفتقر إلى ما تفتقر إليه العبادات من النية ولأنه لو شك في طلقتين فطلق واحدة لصار شاكا في تحريمها عليه فلا تفيده الرجعة وقيل يلزمه حكمه مع شرط عدمي نحو لقد فعلت كذا أو إن لم أفعله اليوم فمضى وشك في فعله لزمه الطلاق قال في "المحرر" وتمام الورع في الشك قطعه برجعة أو عقد إن أمكن وإلا فتفرقة متيقنة بأن يقول إن لم تكن طلقت فهي طالق.

وإن شك في عدده بنى على اليقين وقال الخرقي إذا طلق فلم يدر أواحدة طلق أو ثلاثا لا يحل له وطؤها حتى يتيقن وكذلك قال فيمن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة منع من وطء امرأته حتى يتيقن أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله.
ـــــــ
"وإن شك في عدده بنى على اليقين" نص عليه لأن ما زاد على اليقين طلاق مشكوك فيه فلم يقع كما لو شك في أصل الطلاق فلو شك هل طلق اثنتين أو واحدة فهي واحدة لأنها اليقين وأحكامه أحكام المطلق دون الثلاث من إباحة الرجعة وحل الوطء وإذا راجع عادت إلى ما كانت عليه قبل الطلاق وكذا لو قال لها أنت طالق بعدد ما طلق فلان زوجته وجهل عدده فطلقة.
"وقال الخرقي إذا طلق فلم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا لا يحل له وطؤها حتى يتيقن" هذا رواية عن أحمد أنه يحرم عليه وطؤها لأنه متيقن للتحريم شاك في التحليل وعليه نفقتها ما دامت في العدة لأن الأصل بقاؤها استنادا لبقاء النكاح ولأنه لو تنجس ثوبه ولم يدر موضع النجاسة منه لا يحل له أن يصلي فيه حتى يغسل ما تيقن به طهارته فكذا هنا والجامع بينهما تيقن الأصل والشك فيما بعده وظاهر كلام الإمام والأصحاب أنه إذا راجعها حلت له لأن الرجعة مزيلة لحكم المتيقن من الطلاق فإن التحريم أنواع تحريم تزيله الرجعة وتحريم يزيله نكاح جديد وتحريم يزيله نكاح بعد زوج وإصابة ومن تيقن الأدنى لا يثبت فيه حكم الأعلى كمن تيقن الحدث الأصغر لا يثبت فيه حكم الأكبر ويخالف الثوب فإن غسل بعضه لا يرفع ما تيقنه من النجاسة ومن أصحابنا من منع حصول التحريم بالطلاق لكون الرجعة مباحة فلم يكن التحريم متيقنا.
"وكذلك قال فيمن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة منع من وطء امرأته حتى يتيقن أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله" إذا تيقن أكل التمرة المحلوف عليها، أو أنه لم

وإن قال لامرأتيه إحداكما طالق ينوي واحدة معينة طلقت وحدها وإن لم ينو أخرجت المطلقة بالقرعة.
ـــــــ
يأكلها فلا إشكال في ذلك بغير خلاف فإن أكل منها شيئا قل أو كثر ولم يدر أكلها أو لا فلا يتحقق حنثه لأن الباقية يحتمل أنها المحلوف عليها ويقين النكاح ثابت فلا يزول بالشك فعلى هذا حكم الزوجية باق إلا في الوطء فإن الخرقي يمنع منه لأنه شاك في حلها كما لو اشتبهت امرأته بأجنبية وذكر أبو الخطاب وغيره أنها باقية على الحل لأن الأصل الحل فلا يزول بالشك كسائر أحكام النكاح وكما لو شك هل طلق أم لا فإن كانت يمينه ليأكلن هذه التمرة فلا يتحقق بره حتى يعلم أنه أكلها.
فرع: إذا قال لزوجتيه أو أمتيه إحداكما طالق أو حرة غدا فماتت إحداهن قبل الغد طلقت وعتقت الباقية في ظاهر المذهب وقيل يقرع بينهما كموتهما وهل تطلق إذن أو منذ طلق فيه وجهان.
"وإن قال لامرأتيه إحداكما طالق ينوي واحدة معينة طلقت وحدها" لأنه عينها بنيته أشبه ما لو عينها بلفظه فإن قال أردت فلانة قبل لأن ما قاله محتمل ولا يعرف إلا من جهته "وإن لم ينو أخرجت المطلقة بالقرعة" نص عليه في رواية جماعة روي عن علي وابن عباس ولا مخالف لهما في الصحابة وقاله الحسن وأبو ثور ولأنه إزالة ملك بني على التغليب والسراية فتدخله القرعة كالعتق وقد ثبت الأصل بقرعته عليه السلام بين العبيد الستة ولأن الحق لواحد غير معين فوجب تعيينه بقرعة كإعتاق عبيده في مرضه وكالسفر بإحدى نسائه وكالمنسية وعنه: يعين أيتهما شاء وقاله أكثر العلماء وذكرها بعضهم في العتق لأنه لا يمكن إيقاعه ابتداء ويعينه فإذا أوقعه ولم يعينه ملك تعيينه لأنه استيفاء ما ملكه وقال قتادة يطلقن جميعا ورد بأنه أضاف الطلاق إلى واحدة فلم تطلق الجميع كما لو عينها.
فرع: لا يطأ إحداهما قبل القرعة أو التعيين وهل وطء إحداهما تعيين لغيرها قال ابن حمدان يحتمل وجهين والأصح أنه ليس تعيينا لغيرها ولا يقع بالتعيين

وإن طلق واحدة بعينها وأنسيها فكذلك عند أصحابنا وإن تبين أن المطلقة غير التي خرجت عليها القرعة ردت إليه في ظاهر كلامه.
ـــــــ
بل يتبين وقوعه في المنصوص فإن مات أقرع الورثة فمن قرعت لم تورث نص عليه.
تنبيه: إذا قال امرأتي طالق أو أمتي حرة ونوى معينة انصرف إليها وإن نوى مبهمة فهي مبهمة فيهن وإن لم ينو شيئا فالمذهب تطلق نساؤه وتعتق إماؤه روي عن ابن عباس لأن الواحد المضاف يراد به الكل لقوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: من الآية18] وقال الجماعة: يقع على واحدة مبهمة كما لو قال إحداكما طالق لأن لفظ الواحد لا يستعمل في الجميع إلا مجازا ولو احتمل وجب صرفه على الواحدة لأنها اليقين وما زاد مشكوك فيه قال في "الشرح" وهذا أصح.
"وإن طلق واحدة بعينها وأنسيها فكذلك عند أصحابنا" أي ذهب أكثر الأصحاب إلى أنه إذا طلق امرأة من نسائه وأنسيها أنها تخرج بالقرعة قال في "المحرر" هو المشهور لأنه بعد النسيان لا تعلم المطلقة منهما فوجب أن تشرع القرعة فيها وحينئذ تجب النفقة حتى يقرع وقد روى إسماعيل بن سعيد عن أحمد أن القرعة لا تستعمل هنا لمعرفة الحل وإنما تستعمل لبيان الميراث قال في "الشرح" لا ينبغي أن يثبت الحل بالقرعة وهو قول أكثر أهل العلم فالكلام إذا في شيئين أحدهما في في المنسية في التوريث الثاني استعمالها في الحل فالأول جائز لأن الحقوق إذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز إلا بالقرعة صح كالشركاء في القسمة وأما الثاني فلا يصح استعمالها لأنها اشتبهت زوجته بأجنبية فلم تحل إحداهما بالقرعة.
"وإن تبين أن المطلقة غير التي خرجت عليها القرعة ردت إليه في ظاهر كلامه" لأنه ظهر أنها غير مطلقة والقرعة ليست بطلاق ولا كناية وهذا إذا لم تكن تزوجت لأنه أمر لا يعرف إلا من جهته فقبل قوله "إلا أن تكون

إلا أن تكون قد تزوجت أو تكون بحكم حاكم وقال أبوبكر وابن حامد تطلق المرأتان والصحيح أن القرعة لا مدخل لها هاهنا وتحرمان عليه جميعا كما لو اشتبهت امرأته بأجنبية وإن طار طائر فقال إن هذا غرابا ففلانة طالق وإن لم يكن غرابا ففلانة طالق فهي كالمنسية.
ـــــــ
قد تزوجت" لأنها قد تعلق بها حق الزوج الثاني "أو تكون" القرعة "بحكم حاكم" نص عليه في رواية الميموني لأن قرعة الحاكم بينهما حكم بالتفريق وليس لأحد رفع ما حكم به الحاكم قال ابن أبي موسى وفي هذا دليل على أن لحكم الحاكم تأثيرا في التحريم.
"وقال أبو بكر وابن حامد" وقدمه في "الرعاية" "تطلق المرأتان" أما المطلقة فحقيقة وأما التي خرجت بالقرعة فلأن الطلاق إذا وقع يستحيل رفعه ولأنها حرمت عليه بقوله وترثه إن مات ولا يرثها وعلى قولهما يلزمه نفقتها ولا يحل له وطؤها والأولى بالقرعة قاله في "الشرح" وذكر في "الرعاية" على قولهما إن مات قبلها أقرع الورثة فمن قرعت لم ترث وإن ماتتا أو إحداهما قبله فمن قرعت لم يرثها مع طلاق بائن "والصحيح" عند المؤلف وهو رواية "أن القرعة لا مدخل لها ها هنا" أي في المعينة المتقدم ذكرها "وتحرمان عليه جميعا كما لو اشتبهت امرأته بأجنبية" ولأن القرعة لا تزيل حكم المطلقة ولا ترفع الطلاق عمن وقع عليها لأنه لو ارتفع لما عاد إذا تبين أنها مطلقة وفارق ما قاسوا عليه فإن الحق لم يثبت لواحد بعينه.
تنبيه: إذا طلق واحدة لا بعينها أو بعينها ثم نسيها فانقضت عدة الجميع فله نكاح خامسة قبل القرعة في الأصح ومتى علمناها بعينها فعدتها من حين طلقها وقيل من حين التعيين فإن مات الزوج قبل التعيين فعلى الجميع عدة الوفاة عند أهل الحجاز والعراق والصحيح أنه يلزم كل واحدة الأطول من عدة وفاة أو طلاق.
"وإن طار طائر فقال إن كان هذا غرابا ففلانة طالق وإن لم يكن غرابا ففلانة طالق" ولم يعلم حاله "فهي كالمنسية" لأن الطائر لابد أن يكون أحدهما،

وإن قال إن كان غرابا ففلانة طالق وإن كان حماما ففلانة طالق لم تطلق واحدة مهما إذا لم يعلم وإن قال إن كان غرابا فعبدي حر وقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر ولم يعلماه ولم يعتق عبد واحد منهما وإن اشترى أحدهما عبد الآخر أقرع بينهما حينئذ وقال القاضي يعتق الذي اشتراه.
ـــــــ
فيقع الطلاق بمن وجد شرط طلاقها وقد تقدم ذكر الخلاف فيها لكن لو قال إن كان غرابا فامرأتي طالق ثلاثا وقال آخر إن لم يكن غرابا فامرأتي طالق ثلاثا ولم يعلماه لم تطلقا وحرم عليهما الوطء إلا مع اعتقاد أحدهما خطأ الآخر.
"وإن قال إن كان غرابا ففلانة طالق وإن كان حماما ففلانة طالق لم تطلق واحدة منهما إذا لم يعلم" لأنه يحتمل أنه غيرهما فلا يزول يقين النكاح بالشك في الحنث فإن ادعت حنثه قبل قوله لأن الأصل معه واليقين في جانبه.
"وإن قال إن كان غرابا فعبدي حر وقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر ولم يعلماه لم يعتق عبد واحد منهما" لأن الأصل بقاء الرق فلا يزول بالشك بخلاف ما إذا كان العبدان لواحد ولأنه معلوم زوال رقه عن أحدهما فلذلك شرعت القرعة.
"وإن اشترى أحدهما عبد الآخر أقرع بينهما حينئذ" قاله أبو الخطاب ونصره في "الشرح" لأن العبدين صارا له وقد علم عتق أحدهما لا بعينه فيعتق لقرعة إلا أن يكون أحدهما أقر أن الحانث صاحبه فيؤخذ بإقراره "وقال القاضي" وقدمه في "الرعاية" "يعتق الذي اشتراه" لأنه ينكر حنث نفسه وذلك يقتضي حنث رفيقه في الحلف فيكون مقرا بحريته فإذا اشتراه وجب الحكم عليه بالعتق ولم يفرق المؤلف بين ما إذا اشتراه بعد أن أنكر حنث نفسه وبين شرائه قبل أن ينكر وفرق بينهما في "المغني" وقال في "المحرر" فاشترى أحدهما نصيب صاحبه وقيل إنما يعتق إذا تكاذبا وإلا أحدهما بالقرعة وهو الأصح وولاء المبيع إن عتق لبيت المال وقيل: للمشتري.

وإن قال لامرأته وأجنبية إحداكما طالق أو سلمى طالق واسم امرأته سلمى طلقت امرأته فإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته وإن ادعى ذلك دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين.
ـــــــ
فرع: إذا كان الحالف واحدا فقال إن كان هذا غرابا فعبدي حر وإن لم يكن غرابا فأمتي حرة عتق أحدهما بالقرعة فإن ادعى أحدهما أنه الذي عتق أو ادعى ذلك كل واحد منهما قبل قول السيد مع يمينه وإذا قال إن كان غرابا فنساؤه طوالق وإن لم يكن فعبيده أحرار وجهل أقرع بين النساء والعبيد وعليه نفقة الكل قبلها فإن ادعى كل منهم أنه عتق قبل قول السيد وفي يمينه وجهان وكل موضع قلنا يستحلف فنكل قضى عليه فإن قال أنا أعلم أنه كان غرابا غراب قبل منه وإن مات أقرع الورثة وقيل لهم التعيين.
مسألة: إذا زوج بنتا من ثلاث ثم مات وجهلت حرمن ونقل أبو طالب وحنبل تخرج بقرعة قال القاضي وأبو الخطاب وكذا يجيء إذا اختلطت أخته بأجنبيات وفي "عيون المسائل" لا يجوز اعتبار ما لو اختلط ملكه بملك لأجنبي ما لو اختلط ملكه بملكه لأنه إذا اختلط عبده بعبد غيره لم يقرع.
"وإن قال لامرأته وأجنبية إحداكما طالق أو سلمى طالق واسم امرأته سلمى طلقت امرأته" لأن الأصل اعتبار كلام المكلف دون إلغائه فإن أضافه إلى إحدى امرأتين وإحداهما زوجته أو إلى اسم وزوجته مسماة بذلك وجب صرفه إلى امرأته لأنه لو لم يصرف إليها لوقع لغوا.
"فإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته" لأنه لم يصرح بطلاقها ولا لفظ بما يقتضيه ولا نواه فوجب بقاء نكاحها على ما كان عليه.
"وإن ادعى ذلك دين" لأنه يحتمل ما قاله "وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين" أشهرهما أنه لا يقبل ونصره في "الشرح" لأن غير زوجته ليست محلا لطلاقه والثانية بلى وقاله أبو ثور لما قلنا وعلى الأولى إذا كان ثم

فإن نادى امرأته فأجابته امرأة له أخرى فقال أنت طالق يظنها المناداة طلقتا في إحدى الروايتين والأخرى تطلق التي ناداها وإن قال علمت أنها غيرها وأردت المناداة طلقتا معا وإن قال أردت طلاق الثانية طلقت وحدها وإن لقي أجنبية ظنها امرأته فقال فلانة أنت طالق طلقت امرأته.
ـــــــ
قرينة دالة على إرادة الأجنبية مثل أن يدفع بيمينه ظلما أو يتخلص بها من مكروه فإنه يقبل في الحكم ونقل أبو داود فيمن له امرأتان اسمهما واحد ماتت إحداهما فقال فلانة طالق ينوي الميتة فقال الميتة تطلق كأن أحمد أراد لا يصدق حكما وفي "الانتصار" خلاف في قوله لها ولرجل إحداكما طالق فإن لم ينو زوجته ولا الأجنبية طلقت زوجته لأنها محل للطلاق.
"وإن نادى امرأته فأجابته امرأة له أخرى فقال أنت طالق يظنها المناداة طلقتا في إحدى الروايتين" اختارها ابن حامد لأنها خاطبها بالطلاق فطلقت كما لو قصدها "والأخرى تطلق التي ناداها" فقط قدمها في "المحرر" و "الفروع" لأنه قد تعلق بخطابه المناداة وليست الأخرى مناداة ولأنه لم يقصدها بالطلاق فلم تطلق كما لو أراد أن يقول طاهر فسبق لسانه فقال أنت طالق قال أبو بكر لا يختلف كلام أحمد أنها لا تطلق.
"وإن قال علمت أنها غيرها وأردت طلاق المناداة طلقتا معا" في قولهم جميعا لأن المناداة توجه إليها لفظ الطلاق ونيته والمجيبة توجه إليها بخطابها بالطلاق.
"وإن قال أردت طلاق الثانية طلقت وحدها" لأنه خاطبها بالطلاق ونواها به ولا تطلق غيرها لأن لفظه غير موجه إليها ولا هي منوية.
"وإن لقي أجنبية ظنها امرأته فقال فلانة أنت طالق" هذا قول في المذهب أنها تطلق إذا سمى زوجته والمذهب أنه يقع لقوله "طلقت امرأته" نص عليه لأنه قصد زوجته بصريح الطلاق كما لو قال علمت أنها أجنبية وأردت طلاق

كتاب الرجعة
ـــــــ
زوجتي ويحتمل أنها لا تطلق لأنه لم يخاطبها بالطلاق وكما لو علم أنها أجنبية فإن لقي امرأته ظنها أجنبية فقال أنت طالق فهل تطلق فيه روايتان هما أصل المسائل قال ابن عقيل وغيره وجزم به في "الوجيز" على أنه لا يقع وكذا العتق قال أحمد فيمن قال يا غلام أنت حر يعتق عبده الذي نوى وفي "المنتخب" أو نسي أن له عبدا أو زوجة فبان له.
فرع: إذا لقي امرأته يظنها أجنبية فقال أنت طالق أو قال تنحي يا مطلقة أو قال لأمته يظنها أجنبية تنحي يا حرة فقال أبو بكر لا يلزمه عتق ولا طلاق ونصره في "الشرح" لأنه لم يردهما بذلك فلم يقع بهما شيء كسبق اللسان ويخرج على قول ابن حامد أنهما يقعان ويحتمل ألا يقع العتق فقط لأن عادة الناس مخاطبة من لا يعرفها بقوله يا حرة بخلاف المرأة فإنها تطلق.
تذنيب: إذا أوقع كلمة وجهلها هل هي طلاق أو ظهار فقيل يقرع بينهما لأنها تخرج المطلقة بها فكذا أحد اللفظين وقيل لغو قدمه في "الفنون" كمني في ثوب لا يدري من أيهما هو قال في "الفروع" ويتوجه مثله من حلف يمينا ثم جهلها يريد أنه لغو في قول أحمد في رجل قال له حلفت بيمين لا أدري أي شيء هي قال ليت أنك إذا دريت دريت أنا وذكر ابن عقيل رواية تلزمه كفارة يمين:
كتاب الرجعة
الرجعة بفتح الراء أفصح من كسرها قاله الجوهري وقال الأزهري الكسر أكثر وهي لغة المرة من الرجوع وشرعا عبارة عن إعادة بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً} [البقرة: من الآية228] أي رجعة قاله الشافعي والعلماء وقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}

إذا طلق الحر امرأته بعد دخوله بها أقل من ثلاث والعبد واحدة بغير عوض فله رجعتها مادامت في العدة رضيت أو كرهت وألفاظ الرجعة راجعت امرأتي أو رجعتها أو ارتجعتها أو رددتها أو أمسكتها،
ـــــــ
[الطلاق: من الآية2] فخاطب الأزواج بالأمر ولم يجعل لهن اختيارا وقد روى ابن عمر قال طلقت امرأتي وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مره فليراجعها" متفق عليه وطلق عليه السلام حفصة ثم راجعها رواه أبو داود من حديث عمر رضي الله عنه. "إذا طلق الحر امرأته بعد دخوله بها أقل من ثلاث والعبد واحدة بغير عوض فله رجعتها ما دامت في العدة" أجمع أهل العلم على ذلك ذكره ابن المنذر وإذا فقد قيد منها لم يملك الرجعة فالأول يحترز عن غير المدخول بها لأنه إذا طلقها قبل الدخول فلا رجعة لأنه لا عدة عليها فلا تربص في حقها برجعتها فيه وبالثاني عن المطلقة تمام العدد وبالثالث عن الخلع ونحوه وبالرابع عن انقضاء العدة والمنصوص أن الخلوة هنا كالدخول وقيل لا رجعة لمن خلا بها ولم يطأ وهو قول أكثرهم.
"رضيت أو كرهت" لعموم المنصوص ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية فلم يعتبر رضاها في ذلك ليث في صلب نكاحه ولو بلا إذن سيد وغيره ولو كان مريضا مسافرا نص عليه وقال الشيخ تقي الدين لا يمكن من الرجعة إلا من أراد إصلاحا وأمسك بمعروف وظاهره للحر رجعة أمة وإن كان تحته حرة وشرط المرتجع أهلية النكاح بنفسه فخرج بالأهلية المرتد وبنفسه الصبي والمجنون ولو طلق فجن فلوليه الرجعة على الأصح حيث يجوز له ابتداء النكاح.
فلو كانت حاملا فوضعت بعض الولد فله رجعتها لأنها لم تضع جميع حملها فإذا كانت حاملا باثنين فله رجعتها قبل وضع الثاني في قول عامتهم وقال عكرمة تنقضي عدتها بوضع الأول.
"وألفاظ الرجعة راجعت امرأتي أو رجعتها أو ارتجعتها أو رددتها أو أمسكتها" لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: من الآية228] {فَأَمْسِكُوهُنَّ

فإن قال نكحتها أو تزوجتها فعلى وجهين وهل من شرطها الإشهاد على روايتين
ـــــــ
بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: من الآية2] والرجعة ورد بها السنة واشتهرت في العرف كاشتهار اسم الطلاق فيه وقيل الصريح لفظها لاشتهاره دون غيره كقولنا في صريح الطلاق وذكره في "الرعاية" تخريجا وذكر الحلواني ألفاظها الصريحة ثلاثة أمسكتك وراجعتك وارتجعتك.
"فإن قال نكحتها أو تزوجتها فعلى وجهين" وفي "الإيضاح" روايتان إحداهما: لا تحصل بذلك قدمه السامري وجزم به في "الوجيز" لأن هذا كناية والرجعة استباحة بضع مقصود فلا تحصل بالكناية كالنكاح.
والثاني: بلى أومأ إليه أحمد واختاره ابن حامد لأن الأجنبية تباح به فالرجعية أولى وعلى هذا يحتاج أن ينوي به الرجعة وذكره في "الوجيز" و "التبصرة" و "المغني" و "الشرح" لأن ما كان كناية تعتبر له النية ككنايات الطلاق وفي "الترغيب" هل يحصل بكناية أعدتك أو استدمتك فيه وجهان وفيه وجه لا يحصل بكناية رجعة.
"وهل من شرطها الإشهاد على روايتين" كذا أطلقهما في "الفروع" إحداهما يجب قدمه الخرقي وجزم به أبو إسحاق بن شاقلا ونص عليه في رواية مهنا لقوله تعالى: { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: من الآية2] الطلاق وظاهر الأمر الوجوب ولأنه استباحة بضع مقصود فوجبت الشهادة فيه كالنكاح فلو ارتجع بغير إشهاد لم يصح وإن أشهد وأوصى الشهود بكتمانها فالرجعة باطلة نص عليه وقال القاضي يخرج على الروايتين في التواصي بكتمان النكاح.
والثانية: لا يشترط نص عليه في رواية ابن منصور واختارها أبو بكر والقاضي وأصحابه ورجحها في "المغني" و "الشرح" وجزم بها في "الوجيز" لأنها لا تفتقر إلى قبول فلم تفتقر إلى شهادة كسائر حقوق الزوج ولأن ما

والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار والإيلاء ويباح لزوجها وطؤها والخلوة بها والسفر بها ولها أن تتزين وتتشرف له وتحصل الرجعة بوطئها نوى الرجعة أو لم ينو.
ـــــــ
لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد كالبيع وإذا يحمل الأمر على الاستحباب.
ولا شك أن الإشهاد بعد الرجعة مستحب بالإجماع فكذا عندها حذارا من الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد وما قيل إنها استباحة بضع فغير مسلم إذ الرجعة مباحة وجعل المجد هاتين الروايتين على قولنا إن الرجعة لا تحصل إلا بالقول وهو ظاهر وأما على القول بأنها تحصل بالوطء فلا يشترط الإشهاد رواية واحدة وعامة الأصحاب كالقاضي في التعليق يطلقون الخلاف وألزم الشيخ تقي الدين بإعلان الرجعة والتسريح أو الإشهاد كالنكاح والخلع عنده لا على ابتداء الفرقة ولئلا يكتم طلاقها وعلى كل تقدير فالاحتياط أن يقول اشهدا علي أني قد راجعت زوجتي إلى نكاحي أو راجعتها لما وقع عليها طلاقي.
"والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار والإيلاء" ويرث أحدهما صاحبه إن مات بالإجماع وعنه: لا يصح الإيلاء منها فإن خالعها صح خلعه وفيه رواية حكاها في "الترغيب" لأنه يراد للتحريم وهي محرمة وجوابه أنها زوجة يصح طلاقها فصح خلعها كما قبل الطلاق وليس مقصود الخلع التحريم بل الخلاص من ضرر الزوج على أننا نمنع كونه محرمة وتستحق النفقة كالزوجة.
"ويباح لزوجها وطؤها والخلوة والسفر بها ولها أن تتزين وتتشرف له" في ظاهر المذهب وصححه في "المستوعب" قال أحمد في رواية أبي طالب لا تحتجب عنه وفي رواية أبي الحارث تتشرف له ما كانت في العدة لأنها في حكم الزوجات كما قبل الطلاق.
"وتحصل الرجعة بوطئها نوى الرجعة أم لم ينو" على المذهب، اختاره ابن

ولا تحصل بمباشرتها والنظر إلى فرجها والخلوة بها لشهوة نص عليه وخرجه ابن حامد على وجهين وعنه: ليست مباحة ولا تحصل الرجعة بوطئها وإن أكرهها عليه فلها المهر إن لم يرتجعها بعده.
ـــــــ
حامد والقاضي وقاله كثير من العلماء لأنه سبب زوال الملك انعقد مع الخيار والوطء من المالك يمنع زواله كوطء البائع في مدة الخيار وكما ينقطع به التوكيل في طلاقها وقال ابن أبي موسى تكون رجعة إذا أراد بها الرجعة وقاله إسحاق.
"ولا تحصل بمباشرتها والنظر إلى فرجها والخلوة بها لشهوة نص عليه" لأن ذلك كله ليس في معنى الوطء إذ الوطء يدل على ارتجاعها دلالة ظاهرة بخلاف ما ذكر وقال بعض أصحابنا تحصل الرجعة بها لأنه معنى يحرم من الأجنبية والحل من الزوجة فحصلت به الرجعة كالاستمتاع والصحيح الأول لأنه لا يبطل خيار المشتري للأمة وكاللمس لغير شهوة.
"وخرجه ابن حامد على وجهين" مبنيين على الروايتين في تحريم المصاهرة به أحدهما هو رجعة لأنه استمتاع يباح بالزوجة فحصلت الرجعة به كالوطء والثاني ليس برجعة لأنه أمر لا يتعلق به إيجاب عدة ولا مهر فلا تحصل به كالوطء.
"وعنه: ليست مباحة" لأنها مطلقة فوجب عدم إباحتها كالمطلقة بعوض "ولا تحصل الرجعة بوطئها" بل لا تحصل إلا بالقول وهو ظاهر الخرقي لأنه استباحة بضع مقصود أمر بالإشهاد فيه فلم يحصل من القادر بغير قول كالنكاح ولأن غير القول فعل من قادر على القول فلم تحصل الرجعة به كالإشارة من الناطق فعليها لا مهر لها.
"وإن أكرهها عليه فلها المهر" لأن وطأها حرمه الطلاق فأوجب المهر كوطء البائن "إن لم يرتجعها بعده" وقاله جمع لأنه إذا ارتجعها بعده تبينا أن الطلاق السابق لم يكن مفضيا إلى البينونة فوجب ألا يكون محرما فلا يكون موجبا والمذهب أنه لا مهر بوطئها فلزمه سواء رجع أم لا؛ لأنه

ولا يصح تعليق الرجعة بشرط ولا الإرتجاع ففي الردة وإن طهرت من الحيضة الثالثة والأمة من الحيضتين ولما تغتسل فهل له رجعتها على روايتين.
ـــــــ
وطئ زوجته التي يلحقها طلاقه فلم يلزمه مهرها كالزوجات قال في "الشرح" والأول أولى لظهور الفرق فإن البائن ليست زوجة له وهذه زوجة يلحقها طلاقه.
فرع: لا حد عليه في هذا الوطء وهل يعزر فيه خلاف، ولا يصح تعليق الرجعة بشرط لأنه استباحة فرج مقصود أشبه النكاح فلو قال كلما طلقتك فقد راجعتك أو راجعتك إن شئت أو إن قدم أبوك لم يصح لأنه تعليق على شرط لكن لو قال كلما راجعتك فقد طلقتك صح وطلقت.
"ولا الارتجاع في الردة أي إذا راجع في الردة" من أحدهما لم يصح كالنكاح وقال القاضي إن قلنا تتعجل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة لأنها قد بانت بها وإن قلنا لا تتعجل الفرقة فالرجعة موقوفة إن أسلم المرتد منهما صحت الرجعة وإن لم يسلم لم يصح كما يقف الطلاق والنكاح وهذا قول المزني واختاره ابن حامد وكذا إذا راجعها بعد إسلام أحدهما.
"وإن طهرت من الحيضة الثالثة والأمة من الحيضتين ولما تغتسل فهل له رجعتها على روايتين" ذكرهما ابن حامد إحداهما لا تنقضي حتى تغتسل ولزوجها رجعتها نص عليه في رواية حنبل قدمها السامري وابن حمدان وهي قول كثير من الأصحاب روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وقاله شريك وإن فرطت في الغسل عشرين سنة ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان كالإجماع ولأن أكثر أحكام الحيض لا تزول إلا بالغسل والثانية أنها تنقضي بانقطاع الدم وإن لم تغتسل اختارها أبو الخطاب والحلواني قال ابن حمدان وهي أولى وفي "الوجيز" والصحيح ما لم يمض عليها وقت صلاة لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: من الآية228] والقرء الحيض وقد زالت

وإن انقضت عدة، ولم يرتجعها، بانت، ولم تحل له إلا بنكاح جديد وتعود إليه على ما بقي من عدد طلاقها سواء رجعت بعد نكاح زوج غيره أو قبله وعنه: إن رجعت بعد نكاح زوج غيره رجعت بطلاق ثلاث وإن ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم فاعتدت وتزوجت من أصابها ردت إليه.
ـــــــ
فيزول التربص ويحمل قول الصحابة حتى تغتسل أي يلزمها الغسل ولأن انقضاء العدة يتعلق ببينونتها من الزوج وحلها لغيره فلم تتعلق بفعل اختياري من جهة المرأة بغير تعليق الزوج كالطلاق فإن كانت العدة بوضع الحمل فله رجعتها بعد وضعه وقبل أن تغتسل من النفاس قال ابن عقيل له رجعتها على رواية حنبل والصحيح لا نص عليه سواء طهرت من النفاس أم لا؟.
"وإن انقضت عدتها ولم يرتجعها بانت ولم تحل له إلا بنكاح جديد" بشروطه بالإجماع "وتعود إليه على ما بقي من عدد طلاقها سواء رجعت بعد نكاح زوج غيره أو قبله" وجملته أنها إذا رجعت إليه قبل زوج ثان فإنها تعود إليه على ما بقي من طلاقها بغير خلاف علمناه وإن عادت إليه بعد زوج وإصابة وكان الأول طلقها ثلاثا عادت إليه بطلاق ثلاثا إجماعا حكاه ابن المنذر وإن طلقها دون الثلاث فأظهر الروايتين أنها تعود إليه على ما بقي من طلاقها وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي هريرة وابن عمر وعمران وقاله أكثر العلماء لأن وطء الثاني لا يحتاج إليه إلا في الإحلال للأول فلا يغير حكم الطلاق كوطء السيد وكما لو عادت إليه قبل نكاح آخر. "وعنه: إن رجعت بعد نكاح زوج غيره رجعت بطلاق ثلاث" وهي قول ابن عمر وابن عباس لأن وطء الثاني يهدم الطلقات الثلاث فأولى أن يهدم ما دونها ولأن وطء الثاني سبب للحل وجوابه أنه لا يثبت الحل لأنه في الطلقات الثلاث غاية للتحريم وإنما سماه محللا تجوزا ولأن الحل إنما يثبت في محل فيه تحريم وهي المطلقة ثلاثا وها هنا هي حلال له فلا يثبت فيها حل. "وإن ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم فاعتدت وتزوجت من أصابها ردت إليه" وحاصله: أن زوج الرجعية إذا

ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها، وعنه: أنها زوجة الثاني وإن لم تكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه لكن إن صدقه الزوج الثاني بانت منه وإن صدقته المرأة لم يقبل تصديقها.
ـــــــ
راجعها من حيث لا تعلم صحت المراجعة لأنها لا تفتقر إلى رضاها فلم تفتقر إلى علمها كطلاقها فإذا راجعها ولم تعلم فانقضت عدتها وتزوجت ثم جاء وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها وأقام البينة على ذلك فهي زوجته وإن نكاح الثاني فاسد لأنه تزوج امرأة غيره وترد إلى الأول سواء دخل بها الثاني أولا وهو قول أكثرهم لأنها رجعة صحيحة وتزوجت وهي زوجة الأول فلم يصح كما لو لم يطلقها.
"ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها من الثاني لأنها معتدة من غيره أشبه ما لو وطئت في أصل نكاحه "وعنه: أنها زوجة الثاني" إن دخل بها ويبطل نكاح الأول روي عن عمر وسعيد بن المسيب وغيرهما لأن كل واحد منهما عقد عليها وهي ممن يجوز له العقد عليها في الظاهر ومع الثاني مزية وجوابه ما سبق فإن لم يدخل الثاني بها فلا مهر وإن دخل فعليه مهر المثل ومقتضاه أنه إذا لم يدخل بها فإنها ترد إلى الأول بغير خلاف في المذهب وأنه إذا تزوجها مع علمه بالرجعة فالنكاح باطل وحكم العالم كالزاني في الحد وغيره.
"وإن لم تكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه" لقوله عليه السلام: "لو يعطى الناس بدعواهم" الخبر ولأن الأصل عدم الرجعة فإذا اعترفا له بها كان كإقامة البينة بها في أنها ترد إليه "لكن إن صدقه الزوج الثاني بانت منه" لأنه اعترف بفساد نكاحه فتبين منه وعليه مهرها إن كان دخل بها أو نصفه ولا تسلم إلى المدعي لأن قول الزوج الثاني لا يقبل عليها وإنما يقبل في حقه ويقبل قولها وفي اليمين وجهان وصحح في "المغني" أنها لا تستحلف لأنها لو أقرت لم يقبل.
"وإن صدقته المرأة لم يقبل تصديقها" على الزوج إذا أنكر وإنما يقبل على

ومتى بانت منه عادت إلى الأول بغير عقد جديد.
ـــــــ
نفسها في حقها ولا يستحلف الزوج الثاني في وجه اختاره القاضي لأنه دعوى في النكاح والثاني بلى وهو قول الخرقي للعموم وعلى هذا يمينه على نفي العلم لأنه على نفي فعل الغير.
"ومتى بانت منه" بموت أو طلاق أو فسخ "عادت إلى الأول بغير عقد جديد" لأن المنع من ردها إنما كان لحق الثاني كما لو شهد بحرية عبد ثم اشتراه فإنه يعتق عليه ولا يلزمها مهر الأول إن صدقته في الأصح وفي "الواضح" إن صدقته لم يقبل إلا أنه يحال بينهما وقال القاضي له عليها المهر لأنها أقرت أنها حالت بينه وبين نصفها بغير حق أشبه شهود الطلاق إذا رجعوا ولنا أن ملكها قد استقر على المهر فلم يرجع به عليها كما لو ارتدت أو أسلمت ويلزمها للثاني مهرها أو نصفه وهل يؤمر بطلاقها فيه روايتان فإن مات الأول وهي في نكاح الثاني ورثته لإقراره بزوجيتها وتصديقها له وإن ماتت لم يرثها لأنها لا تصدق في إبطال نكاحه وإن مات الثاني لم ترثه لأنها تنكر صحة نكاحه فتنكر ميراثه وإن ماتت ورثها لأنه زوجها في الحكم من إباحة النظر والوطء وكذا في الميراث.
فرع: إذا تزوجت الرجعية في عدتها وحملت من الثاني انقطعت عدة الأول فإذا وضعت أتمت عدة الأول وله رجعتها في هذا التمام وجها واحدا وإن راجعها قبل الوضع صحت لأن الرجعة باقية وإنما انقطعت لعارض كما لو وطئت في صلب نكاحه وقيل لا لأنها في عدة غيره والأول أولى فعلى الثاني لو حملت حملا يمكن أن يكون منهما وراجعها في هذا الحمل ثم بان أنه من الثاني لم يصح وإن بان من الأول صحت على أصح الاحتمالين.

فصل
وإذا ادعت المرأة انقضاء عدتها قبل قولها إذا كان ممكنا إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة ولو أنه امرأة واحدة وأقل ما يمكن انقضاء العدة به من الإقراء السبعة تسعة وعشرون يوما ولحظة إذا قلنا:
ـــــــ
فصل
"وإذا ادعت المرأة انقضاء عدتها" بولادة أو غيرها "قبل قولها إذا كان ممكنا" لقوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: من الآية228] البقرة أي من الحمل والحيض فلولا أن قولهن مقبول لم يحرم عليهن كتمانه ولأنه أمر يختص بمعرفته فكان القول قولها فيه كالنية أو أمر لا يعرف إلا من جهتها فقبل قولها فيه كما يجب على التابعي قبول خبر الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة ولو أنه امرأة واحدة" نص عليه لقول شريح إذا ادعت أنها حاضت ثلاث حيض في شهر وجاءت ببينة فقد انقضت عدتها وإلا فهي كاذبة فقال له علي قالون ومعناه بلسان الرومية أصبت وأحسنت ولأنه يندر جدا حصول ذلك في شهر فيعمل بالبينة بخلاف ما زاد على الشهر وكخلاف عادة منتظمة في الأصح وعنه: يقبل قولها مطلقا واختاره الخرقي وأبو الفرج كثلاثة وثلاثين يوما ذكره في "الواضح" "والطريق الأقرب" ولا فرق بين المسلمة والفاسقة وضدهما.
فرع: إذا قالت انقضت عدتي ثم قال ما انقضت فله رجعتها ولو قال أخبرتني بانقضاء عدتها ثم راجعتها ثم أقرت بكذبها بانقضاء عدتها وأنكرت ذلك وادعت أن عدتها لم تنقض فالرجعة صحيحة لأنها لم تقر بانقضاء عدتها وإنما أخبرت به وقد رجعت عنه.
"وأقل ما يمكن انقضاء العدة به" أي عدة الحرة "من الأقراء تسعة وعشرون

الأقراء الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما وإن قلنا الطهر خمسة عشر فثلاثة وثلاثون يوما ولحظة وإن قلنا القروء الأطهار فثمانية وعشرون يوما ولحظتان.
ـــــــ
يوما ولحظة إذا قلنا الأقراء الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما" وذلك بأن يطلقها مع آخر الطهر ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر ثلاثة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر ثلاثة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر لحظة ليعرف بها انقطاع الحيض وإن لم تكن هذه اللحظة من عدتها فلا بد منها لمعرفة انقطاع الحيض ومن اعتبر الغسل فلا بد من وقت يمكن الغسل فيه بعد الانقطاع "وإن قلنا الطهر خمسة عشر فثلاثة وثلاثون يوما ولحظة" لأن الطهرين يزيدان أربعة أيام "وإن قلنا القروء الأطهار فثمانية وعشرون يوما ولحظتان" وهو أن يطلقها من آخر لحظة من طهرها فيحسب به قرءا ثم يحسب طهرين آخرين ستة وعشرين يوما وبينهما حيضتان فإذا طغت على الحيضة الثالثة لحظة انقضت عدتها "وإن قلنا الطهر خمسة عشر يوما فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان" زدنا أربعة أيام في الطهرين.
فأما إن كانت أمة انقضت عدتها بخمسة عشر يوما ولحظة على الأول وفي "الرعاية" مع بينة على الأصح وعلى الثاني بسبعة عشر يوما ولحظة وعلى الثالث بأربعة عشر يوما ولحظتين وعلى الرابع بستة عشر يوما ولحظتين فمتى ادعت انقضاء عدتها بالقروء في أقل من هذا لم يقبل قولها عند أحد فيما أعلم لأنه لا يحتمل صدقها.
تنبيه: إذا قالت انقضت عدتي بوضع حمل مصور وأمكن صدقت في المضغة وفي يمين من يقبل قوله روايتان فإذا عينا وقت حيض أو وضع واختلفا في سبق الطلاق قبل قوله في العدة في الأشهر.
قال في "الشرح" وكل موضع قلنا القول قولها فأنكر الزوج فقال الخرقي عليها اليمين وأومأ إليه أحمد في رواية أبي طالب وقال القاضي قياس المذهب لا يمين وأومأ إليه أحمد فقال لا يمين في نكاح ولا طلاق لأن الرجعة لا يصح

وإن قلنا الطهر خمسة عشر يوما فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان وإذا قالت: انقضت عدتي فقال قد كنت راجعتك فأنكرته فالقول قولها وإن سبق فقال ارتجعتك فقالت: قد انقضت عدتي قبل رجعتك فالقول قوله، وقال الخرقي: القول قولها، وإن تداعيا معا قدم قولها وقيل يقدم قول من تقع له القرعة.
ـــــــ
بذلها فلا يستحلف فيها كالحدود والأول أولى فإن نكلت عن اليمين فقال القاضي لا يقضى بالنكول وقال المؤلف ويحتمل أن يستحلف الزوج وله رجعتها بناء على القول برد اليمين لأنه لما وجد النكول منها ظهر صدقه وقوي جانبه واليمين تشرع في حقه كما شرعت في حق المدعى عليه لقوة جانبه بالعين في اليد.
"وإذا قالت انقضت عدتي فقال قد كنت راجعتك فأنكرته فالقول قولها" لأن قولها في انقضاء عدتها مقبول فصارت دعواه للرجعة بعد الحكم بانقضاء عدتها وهذا بخلاف ما إذا ادعى الزوج رجعتها في عدتها فأنكرته ونبه عليها بقوله: "وإن سبق فقال ارتجعتك فقالت قد انقضت عدتي قبل رجعتك" فأنكرها "فالقول قوله" ذكره القاضي وأبو الخطاب وصححه ابن حمدان لأنه ادعى الرجعة قبل الحكم بانقضائها ولأنه يملك الرجعة وقد صحت في الظاهر فلا يقبل قولها في إبطالها.
"وقال الخرقي" والشيرازي وابن الجوزي ونص عليه ذكره في "الواضح" القول قولها لأن الظاهر البينونة والأصل عدم الرجعة ولأن من قبل قوله سابقا قبل مسبوقا كسائر الدعاوى والأصح قوله جزم به في "الترغيب" ولم يتعرض الأصحاب لسبق الدعوى هل هو عند الحاكم أم لا.
"وإن تداعيا معا قدم قولها" على المذهب ذكره ابن المنجا وصححه في "الشرح" وجزم به في "الوجيز" لأنه تساقط قولهما مع التساوي والأصل عدم الرجعة "وقيل يقدم قول من تقع له القرعة" ذكره أبو الخطاب وغيره لأن القرعة

فصل
وإن طلقها ثلاثا.
ـــــــ
مرجحة عند الاستواء بدليل الإمامة والأذان والعتق ونحوها وقيل يقبل قوله لأن المرأة تدعي ما يرفع الطلاق وهو ينكره فقبل قوله كالمولي والعنين إذا ادعيا إصابة امرأته وأنكرته وحكى في "الفروع" الأقوال الثلاثة من غير ترجيح كالمحرر في القولين المحكيين هنا وهذا إذا لم تكن المرأة قد نكحت فإذا نكحت بعد انقضاء العدة فادعى الزوج الرجعة في العدة فإن أقام بينة أو صدقاه سلمت إليه وإن كذباه ولا بينة قبل قولها مع يمينها وإن صدقته وكذبه الزوج الثاني صدق الثاني بيمينه.
أصل: إذا اختلفا في الإصابة فقال قد أصبتك فلي الرجعة فأنكرته أو قالت قد أصابني فلي المهر قبل قول المنكر منهما لأن الأصل معه فلا يزول إلا بيقين وليس له رجعتها في الموضعين فإن كان اختلافهما بعد قبض المهر وادعى إصابتها فأنكرته لم يرجع عليها بشيء لأنه يقر لها به ولا يدعيه وإن كان هو المنكر رجع عليها بنصفه والخلوة كالإصابة في إثبات الرجعة للزوج على المرأة التي خلا بها وقال أبو بكر لا رجعة له عليها إلا أن يصيبها لأنها غير مصابة فلا تستحق رجعتها كالتي لم يخل بها ووجه الأول أنها معتدة يلحقها طلاقه فملك رجعتها كالتي أصابها.
فرع: إذا ادعى زوج الأمة بعد عدتها أنه كان راجعها في عدتها فأنكرته وصدقه مولاها قبل قولها نص عليه وقيل قوله فعلى الأول إن علم مولاها صدق الزوج لم يحل له وطؤها ولا تزويجها وإن علمت هي صدق الزوج في رجعتها فهي حرام على سيدها ولا يحل لها تمكينه من وطئها إلا مكرهة كما قبل الطلاق.
فصل
"وإن طلقها" أي الحر "ثلاثا" والعبد اثنتين ولو عبر كـ "الفروع" بقوله: من

لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ويطؤها في القبل وأدنى ما يكفي من ذلك تغييب الحشفة في الفرج وإن لم ينزل وإن كان مجبوبا بقي من ذكره قدر الحشفة فأولجه أو وطئها زوج مراهق.
ـــــــ
طلق عدد طلاقه لكان أولى "لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره" إجماعا وسنده قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: من الآية230] وحديث امرأة رفاعة القرظي وقال سعيد بن المسيب إذا تزوجها تزويجا صحيحا لا يريد به إحلالا فلا بأس أن يتزوجها الأول قال ابن المنذر لا نعلم أحدا قال بهذا إلا الخوارج ولإجماعهم على أن المراد بالنكاح في الآية الجماع.
وحاصله: أن حلها للأول مشروط بأن تنكح زوجا غيره فلو كانت أمة فوطئها السيد فلا وأن يكون النكاح صحيحا على المذهب فلو كان فاسدا فلا وأن يطأها في الفرج لحديث عائشة ونبه عليه بقوله: "ويطؤها في القبل" لأنه عليه السلام علق الحل على ذواق العسيلة ولا تحصل إلا بالوطء في الفرج "وأدنى ما يكفي من ذلك تغييب الحشفة" مع الانتشار "في الفرج وإن لم ينزل" لأن أحكام الوطء تتعلق به فلو أولج من غير انتشار لم يحلها لأن الحكم يتعلق بذواق العسيلة ولا يحصل من غير انتشار وليس الإنزال شرطا فيه لأنه عليه السلام جعل ذواق العسيلة غاية للحرمة وذلك حاصل بدون الإنزال والذي يظهر أن هذا في الثيب فأما البكر فأدناه أن يفتضها بآلته.
"وإن كان مجبوبا بقي من ذكره قدر الحشفة فأولجه" أحلها لأن ذلك منه بمنزلة الحشفة من غيره وفي "الترغيب" وجه بقيته "أو وطئها زوج مراهق" أحلها في قولهم إلا الحسن لظاهر النص ولأنه وطء من زوج في نكاح صحيح أشبه البالغ وبخلاف الصغير فإنه لا يمكنه الوطء ولا تذاق عسيلته وفي "المستوعب" يعتبر أن يكون له عشر سنين فصاعدا وقال القاضي يشترط له اثنتا عشرة سنة ونقله مهنا لأن من دون ذلك لا يمكنه المجامعة، ولا معنى

أو ذمي، وهي ذمة أحلها.
ـــــــ
لهذا فإن الخلاف في المجامع ومتى أمكنه الجماع فقد وجد منه المقصود أو ذمي وهي ذمية أحلها لمطلقها المسلم نص عليه وقال هو زوج وبه تجب الملاعنة والقسم ولظاهر النص ولأنه وطء من زوج في نكاح صحيح أشبه وطء المسلم.
"وإن وطئها في الدبر أو وطئت بشبهة أو بملك يمين لم تحل" لأن الوطء في الدبر لا تذوق به العسيلة والوطء بشبهة أو ملك يمين وطء من غير زوج فلا يدخل في عموم النص فيبقى على المنع وإن وطئت في نكاح فاسد لم تحل في أصح الوجهين نص عليه لأن النكاح المطلق في الكتاب والسنة إنما يحمل على الصحيح وقاله الأئمة وخرج أبو الخطاب وجها يحلها لأنه زوج فيدخل في عموم النص وسماه عليه السلام محللا مع فساد نكاحه والأول المذهب ونصره في "الشرح" بدليل ما لو حلف لا يتزوج فتزوج تزويجا فاسدا لا يحنث ولأن أكثر أحكام التزويج غير ثابتة فيه من الإحصان واللعان والظهار ونحوها وسماه محللا لقصده التحليل فيما لا يحل ولو أحل حقيقة لما لعن ولا لعن المحلل له لقوله عليه السلام: "ما آمن بالقرآن من استحل محارمه" ولأنه وطء في غير نكاح كوطء الشبهة.
"وإن وطئها زوجها في حيض أو نفاس أو إحرام" أو صوم واجب منهما أو من أحدهما "أحلها" في اختيار المؤلف وصححه في "الشرح" لدخوله في العموم ولأنه وطء تام في نكاح تام فأحلها كما لو وطئها مريضة يضر بها وطؤه فإنه لا خلاف في حلها قاله في "الكافي" وكما لو تزوجها وهو مملوك ووطئها وكما لو وطئها وقد ضاق وقت صلاة ومسجد وكقبض مهر ونحوه لأن الحرمة لا لمعنى فيها لحق الله تعالى بخلاف وطئها في إحرام ونحوه فإن الحرمة هناك لمعنى فيها وفي "عيون المسائل" و "المفردات": منع وتسليم.

وإن وطئها في الدبر أو وطئت بشبهة أو بملك يمين لم تحل، وإن وطئت في نكاح فاسد لم تحل في أصح الوجهين وإن وطئها زوجها في حيض أو نفاس أو إحرام أحلها قال أصحابنا: لا يحلها وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها لم تحل.
ـــــــ
"وقال أصحابنا: لا يحلها" قدمه في "الفروع" وهو المنصوص في الكل لأنه وطء حرم لحق الله فلم يحلها كوطء المرتدة أو نكاح باطل.
مسائل: الأولى: إذا وطئها في ردتها أو ردته لم يحلها لأنه إن عاد إلى الإسلام فقد وقع الوطء في نكاح غير تام لانعقاد سبب البينونة وإن لم يسلم في العدة فلم يصادف الوطء نكاحا وكذا لو أسلم أحد الزوجين فوطئها قبل إسلام الآخر.
الثانية: إذا كانا مجنونين أو أحدهما فوطئها أحلها على المذهب لظاهر النص وكالبالغ العاقل وقال ابن حامد لا يحلها لأنه لا يذوق العسيلة والأول أصح لأن العقل ليس شرطا في الشهوة بدليل البهائم قال في "الشرح" لكن إن كان المجبوب ذاهب الحس كالمصروع والمغمى عليه فلم يحصل الحل بوطئه.
الثالثة: إذا وطئ مغمى عليها أو نائمة لا تحس بوطئه لم تحل حكاه ابن المنذر ويحتمل حصول الحل للعموم ولو وطئها يعتقدها أجنبية فإذا هي امرأته حلت لأنه صادف نكاحا صحيحا.
الرابعة: إذا استدخلت ذكره وهو نائم حلت وقدم في "الشرح" خلافه لأنه لم يذق عسيلتها وإن وطئها مع إغمائه فوجهان وإن كان خصيا أو مسلولا أو موجوءا حلت لدخوله في عموم الآية في قول الأكثر وعنه: لا لعد ذوقان العسيلة قال أبو بكر والعمل على الأول لأنه يطأ كالفحل ولم يفقد إلا الإنزال وهو غير معتبر في الإحلال.
"وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها لم تحل" نص عليه رواه مالك والبيهقي

ويحتمل أن تحل وإن طلق العبد امرأته طلقتين لم تحل حتى تنكح زوجا غيره سواء عتقا أو بقيا على الرق، وإذا غاب عن مطلقته ثلاثا فأتته فذكرت أنها نكحت من أصابها أو انقضت عدتها وكان ذلك ممكنا فله نكاحها إذا غلب على ظنه صدقها.
ـــــــ
عن زيد بن ثابت وقاله الأكثر للآية ولأن الفرج لا يجوز أن يكون محرما مباحا "ويحتمل أن تحل" لأن الطلاق يختص الزوجية فأثر في التحريم.
"وإن طلق العبد امرأته طلقتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره" هذا هو المذهب أن الطلاق معتبر بالرجال والتفريع عليه فعلى هذا إذا طلقها طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره "سواء عتقا أو بقيا على الرق" لاستواء حالين في السبب المقتضي للتحريم قبل نكاح زوج آخر وذلك أن سبب التحريم استكمال العدد وهو موجود في حالتي العتق بعد الرق وبقاء الرق والمذهب أنه إذا عتق بعد طلقة ملك تمام الثلاث وإن كان بعد طلقتين فعلى روايتين لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى به وقال في رواية أبي طالب يتزوجها ولا يبالي في العدة عتقا أو بعد العدة وقال هو قول ابن عباس وجابر لأن ابن عباس أفتى به وقال: قضى به النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وقال لا أرى شيئا يدفعه وأبو داود والنسائي من رواية عمر بن معتب عن أبي حسن مولى بني نوفل ولا يعرفان وقال النسائي في عمر ليس بقوي وقال ابن المبارك ومعمر لقد تحمل أبو حسن هذا صخرة عظيمة وقال أحمد حديث عثمان وزيد في تحريمها عليه جيد وحديث ابن عباس يرويه عمر بن معتب ولا أعرفه وأما أبو حسن فهو عندي معروف وقال أبو بكر إن صح الحديث فالعمل عليه وإلا فالعمل على حديث عثمان وزيد وبه أقول.
فرع: إذا علق ثلاثا في الرق بشرط فوجد بعد عتقه لزمته الثلاث وقيل ثنتان ويبقى له واحدة كتعليقها بعتقه في الأصح.
"وإذا غاب عن مطلقته ثلاثا فأتته فذكرت أنها نكحت من أصابها أو انقضت عدتها وكان ذلك ممكنا فله نكاحها إذا غلب على ظنه صدقها"

إلا فلا.
ـــــــ
المطلقة المبتوتة إذا مضى بعد طلاقها زمن يمكن فيه انقضاء عدتين بينهما نكاح ووطء ولم يرجع قبل العقد وأخبرته بذلك وغلب على ظنه صدقها مثل أن يعرف أمانتها أو بخبر غيرها ممن يعرف حالها وفي "الترغيب" وجه إن كانت ثقة فله أن يتزوجها في قول عامتهم لأنها مؤتمنة على نفسها وعلى ما أخبرت به عنها ولا سبيل إلى معرفة هذه الحال على الحقيقة إلا من جهتها فتعين الرجوع إلى قولها كما لو أخبرت بانقضاء عدتها "وإلا فلا" أي إذا لم يوجد ما ذكر ولم يغلب على ظنه صدقها فلا تحل له لأن الأصل التحريم فوجب البقاء على الأصل وكما لو أخبره عن حالها فاسق فلو كذبها الثاني في وطء قبل قوله في تنصيف مهر وقولها في إباحتها للأول وكذا لو تزوجت حاضرا وفارقها وادعت إصابته وهو منكرها ومثل الأولة لو جاءت حاكما وادعت أن زوجها طلقها وانقضت عدتها فله تزويجها إن ظن صدقها بمعاملة وعبد لم يثبت عتقه قاله الشيخ تقي الدين لا سيما إن كان الزوج لا يعرف وظهر مما سبق لو اتفقا أنه طلقها وانقضت العدة فإنها تزوج.
فرع: لو شهدا بأن فلانا طلق امرأته ثلاثا ووجد معها بعد وادعى العقد ثانيا بشروطه يقبل منه وسئل عنها المؤلف فلم يجب ولو وطئ من طلقها ثلاثا حد نص عليه فإن جحد طلاقها ووطئها فشهد بطلاقه فلا لأنا لا نعلم معرفته به وقت وطئه إلا بإقراره به.
*********
انتهى بحمد الله تعالى المجلد السابع ويليه بعونه تعالى المجلد الثامن.

المجلد الثامن
كتاب الإيلاء

كتاب الإيلاء

كتاب الإيلاء
وهو الحلف على ترك الوطء في القبل
__________
كتاب الإيلاء
الإيلاء: بالمد الحلف وهو مصدر يولي إيلاء ويقال تألى يتألى وفي الخبر من يتأل على الله يكذبه والآلية بوزن فعيلة اليمين وجمعها ألايا بوزن خطايا قال كثير:
قليل الألايا حافظ ليمينه إذا صدرت منه الألية برت
وكذلك الألوة بسكون اللام وتثليث الهمزة والأصل فيه قوله تعالى:
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة 226] وكان أبي بن كعب وابن عباس يقرآن: يقسمون الآية، وقال ابن عباس: "الذين يؤلون يحلفون حكاه عن أحمد وكان أهل الجاهلية إذا طلب الرجل من امرأته شيئا فأبت أن تطيعه حلف أن لا يقربها السنة والسنتين والثلاث فيدعها لا أيما ولا ذات بعل فلما كان الإسلام جعل الله ذلك للمسلمين أربعة أشهر وهو محرم في ظاهر كلام جماعة لأنه يمين على ترك واجب وكان الإيلاء والظهار طلاقا في الجاهلية وذكره أحمد في الظهار عن أبي قلابة وقتادة وحاصله أن شرع غير حكمه الذي كان معروفا عندهم.
"وهو الحلف على ترك الوطء في القبل" هذا بيان لمعنى الإيلاء شرعا وفيه نظر لأنه لم يقيده بحلف الزوج بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك وطء الزوجة في القبل ولم يقيده بالمدة وهذا ليس بداخل في حقيقته وإنما هي شروط والأولى فيه أن يقال كل زوج صح طلاقه صح إيلاؤه فهو إذن حلف زوج يمكنه الوطء بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك الوطء ولو قبل الدخول في القبل فالزوج يحترز به عما لو قال لأجنبية والله لا أطؤك أبدا ويمكنه الوطء احترازا من الصبي والمجنون وقوله في القبل يحترز به عن الرتقاء ونحوها.

ويشترط له شروط أربعة أحدها الحلف على ترك الوطء في القبل فإن تركه بغير يمين لم يكن مؤليا لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر فهل تضرب له مدة الإيلاء ويحكم بحكمه على روايتين وإن حلف على ترك الوطء في الدبر أو دون الفرج لم يكن مؤليا وإن حلف إلا يجامعها إلا جماع سوء يريد به جماعا ضعيفا لا يزيد على التقاء الختانين لم يكن مؤليا.
__________
"ويشترط له شروط أربعة أحدها الحلف على ترك الوطء في القبل" لأنه الذي يحصل به الضرر ويجب على الزوج فعله ويضر الزوجة فقده
" فإن تركه بغير يمين لم يكن مؤليا" لأن الإيلاء هو الحلف ولم يوجد "لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر فهل تضرب له مدة الإيلاء ويحكم بحكمه على روايتين" أشهرهما: نعم لأنه تارك لوطئها ضرارا بها أشبه المؤلي ولأن ما لا يجب إذا لم يحلف لا يجب إذا حلف على تركه كالزيادة على الواجب وثبوت حكم الإيلاء له لا يمنع من قياس غيره عليه إذا كان في معناه كسائر الأحكام الثابتة بالقياس
الثانية : لا تضرب له مدة لأنه ليس بمؤل فلا يثبت له حكمه كما لو تركه لعذر و لأن تخصيص الإيلاء بحكم يدل على أنه لا يثبت بدونة وكذا حكم من ظاهر ولم يكفر و قصد الإضرار بها
"وإن حلف على ترك الوطء في الدبر أو دون الفرج لم يكن مؤليا" أما أولا فإنه لم يترك الوطء الواجب عليه و لا تتضرر المرأة بتركه لأنه وطء محرم وقد أكد منع نفسه منه بيمينه و أما ثانيا فلأنه لم يحلف على الوطء الذي يطالب به في الفيئة ولا ضرر على المرأة في تركه
وإن حلف إلا يجامعها إلا جماع سوء يريد جماعا ضعيفا و اليمين لا يزيد على التقاء الختانين لم يكن مؤليا" ؛ لأن الضعيف كالقوي في الحكم وإن قال أردت وطئا لا ابلغ التقاء الختانين فهو مؤل لأنه لا يمكنه الوطء الواجب عليه في الفيئة بغير حنث وإن لم يكن له نية فليس بمؤل لأنه محتمل و إن

وإن أراد به الوطء في الدبر أو دون الفرج صار مؤليا وإذا حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيره كلفظه الصريح وقوله لا أدخلت ذكري في فرجك وللبكر خاصة لا اقتضضتك لم يدين فيه وإن قال و الله لا و طئتك أولا جامعتك أولا باضعتك أولا باشرتك أولا باعلتك أولا قربتك أو لا مسستك أو لا أتيتك أو لا اغتسلت منك فهو صريح في الحكم.
__________
قال و الله لا جامعتك جماع سوء لم يكن مؤليا بحال لأنه لم يحلف على ترك الوطء إنما حلف على ترك صفته المكروهة
"وإن أراد به الوطء في الدبر أو دون الفرج صار مؤليا" لأنه حالف على ترك الوطء في القبل لأن حلفه أن لا يجامعها يشتمل المجامعة في الفرج فإذا قصد بالاستثناء الوطء في الدبر أو دون الفرج بقي الوطء في الفرج تحت الحلف ولم يتعرض المؤلف إلى اليمين إذا خلت عن الإرادة وفي المغني أنه ليس بإيلاء لأنه مجمل فلا يتعين لكونه مؤليا به
" وإذا حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيره كلفظه الصريح" نحو لا أنيكك وقوله لا أدخلت ذكري في فرجك أو لا أغيب أو أولج ذكري في فرجك لأنه محصل معناه وللبكر خاصة لا اقتضضتك هو بالقاف و التاء المثناة من فوق واقتضاض البكر وافتراعها بالفاء بمعنى و هو وطؤها و إزالة بكارتها بالذكر مأخوذ من قضضت اللؤلؤة إذا ثقبتها و مثله ما ذكر في المستوعب و الرعاية لا أبتني بك زاد في الرعاية من الطفل لم يدين فيه لأنه لا يحتمل غير الإيلاء ومثله لا أدخلت حشفتي في فرجك لأن الفيئة لا تحصل بدون ذلك بخلاف لا أدخلت كل ذكري في فرجك.
"وإن قال و الله لا و طئتك أولا جامعتك أولا باضعتك أولا باشرتك أولا باعلتك أولا قربتك أو لا مسستك" هو بكسر السين الأولى وفتحها لغة أي لا و طئتك "أو لا أتيتك أو لا اغتسلت منك فهو صريح في الحكم" لأنها تستعمل في الوطء عرفا زاد في

ويدين فيما بينه و بين الله تعالى وسائر الألفاظ لا يكون مؤليا فيها إلا بالنية
__________
"الكافي" و "الشرح" ولا أصبتك زاد جماعة ولا افترشتك والمنصوص و لا غشيتك والأصح لا أفضيت إليك لأن الكتاب و السنة ورد ببعضها كقولة تعالى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: من الآية222] {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: من الآية187] و {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: من الآية237] و أما الوطء و الجماع فهما أشهر الألفاظ في الاستعمال والباقي قياسا عليها فلو قال أردت بالوطء الوطء بالقدم و بالجماع اجتماع الأجسام وبالإصابة الإصابة باليد و بالمباضعة التقاء بضعة من البدن بالبضعة منه وبالمباشرة مس المباشرة وبالمباعلة الملاعبة والاستمتاع دون الفرج وبالمقاربة و يريد قرب بدنه منها و المماسة ويريد بها مس بدنها وبالإتيان ويراد به المجيء و بالاغتسال ويريد به الاغتسال من الإنزال عن مباشرة من قبله أو جماع دون الفرج "ويدين فيما بينه و بين الله تعالى" مع عدم قرينة على المذهب لأن صدقه غير ممتنع ولم يقبل في الحكم لأنه خلاف الظاهر والعرف وفي الانتصار لمستم ظاهر في الجس باليد ولامستم ظاهر في الجماع فيحمل الأمر عليهما لأن القراءتين كالآيتين وظاهر نقل عبد الله في لا اغتسلت منك أنه كناية تقف على نية أو قرينة.
" وسائر الألفاظ" أي باقيها وهي الكناية لا يكون مؤليا فيها إلا بالنية لأنها ليست بصريح في الجماع ولا ظاهر فافتقرت إلى النية ككنايات الطلاق وفي الرعاية والفروع أو القرينة كقوله والله لا جمعتنا مخدة ولا اجتمعنا تحت سقف لأضاجعك لا دخلت عليك لا دخلت علي لامس جلدي جلدك ونحوه وتكفي نية ترك الوطء فيها إلا في قوله ليطولن تركي لجماعك فتكفي نية المدة وتعتبر نية الوطء والمدة في قوله لتطولن غيبتي عنك

فصل
الشرط الثاني: أن يحلف في الرضى والغضب بالله تعالى أو صفة من صفاته فإن حلف بنذر أو عتق أو طلاق لم يصر مؤليا في الظاهر عنه وعنه يكون مؤليا
__________
فصل
"الشرط الثاني أن يحلف في الرضى والغضب بالله تعالى أو صفة من صفاته لا خلاف أن الحلف بذلك إيلاء وعن ابن عباس في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] أي يحلفون بالله تعالى يؤيده قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] لأن الغفران إنما يدخل في اليمين بالله تعالى.
"فإن حلف بنذر أو عتق أو طلاق" أو صدقة مال أو الحج أو الظهار "لم يصر مؤليا في الظاهر عنه" ، واختاره الخرقي والقاضي وأصحابه قال في المستوعب هو المشهور في المذهب ل قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] والمغفرة إنما تكون في الحنث في اليمين بالله بخلاف الطلاق وغيره ولأنه لم يحلف بالله تعالى أشبه ما لو حلف بالكعبة ولأن التعليق بشرط ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم و لا يجاب بجوابه ولا ذكره أهل العربية في باب القسم وإنما يسمى حلفا تجوزا لمشاركته القسم في الحث على الفعل أو المنع منه.
"وعنه يكون مؤليا" لقول ابن عباس كل يمين منعت جماع المرأة فهي إيلاء وقاله الشعبي والنخعي والأكثر لأنها يمين منعت جماعها فكانت إيلاءكالحلف بالله وعنه بيمين مكفرة كنذر وظهار اختاره أبو بكر وعنه وبعتق وطلاق بأن يحلف بهما لنفعهما أو على رواية تركه ضرارا ليس كمؤل اختاره الشيخ تقي الدين وألزم عليه كونه يمين مكفرة يدخلها الاستثناء والحق أنه إذا استثنى في يمين مكفرة لا يكون مؤليا لأنه لا يلزمه كفارة بالحنث فلم يكن الحنث موجبا

وإن قال إن وطئتك فأنت زانية أو فلله علي صوم هذا الشهر لم يكن مؤليا
فصل
الثالث: أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر
__________
لحق عليه وخرج على الأول أن الحلف بغير الله وصفته لغو.
فرع : إذا علق مدخول بها بوطئها فروايتان فلو وطئها وقع رجعيا وهما في إن وطئتك فضرتك طالق فإن صح إيلاء فأبان الضرة انقطع فإن نكحها وقلنا تعود الصفة عاد الإيلاء وتبنى على المدة.
"وإن قال إن وطئتك فأنت زانية أو فلله علي صوم هذا الشهر لم يكن موليا" لا يختلف المذهب فيه أما أولا فلأنه لا يصح تعليق القذف بشرط فلا يلزمه بالوطء حق فلا يكون مؤليا وأما ثانيا فلأنه إذا قال إن وطئتك فلله علي صوم أمس أو صوم هذا الشهر لم يصح لأنه يصير عند وجوب الفيئة ماضيا ولا يصح نذر الماضي فلو قال إن وطئتك فلله علي صوم الشهر الذي أطؤك فيه فكذلك فإذا وطئ صام بقيته وفي قضاء يوم وطئ فيه وجهان ومثله والله لا وطئتك في هذا البلد أو مخضوبة نص عليه أو حتى تصومي نفلا أو تقومي أو بإذن زيد فيموت زيد
فرع : إذا قال إن وطئتك فعبدي حر عن ظهاري وكان ظاهر فوطئ عتق بالظهار وإلا فليس بمؤل فلو وطئ لم يعتق في الأصح فلو قال إن وطئتك فهو حر قبله بشهر فابتداء المدة بعد مضيه فلو وطئ في الأول لم يعتق والمطالبة في شهر سادس.
فصل
"الثالث أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر" قاله ابن عباس وهو المشهور عن أحمد لأنه لم يمنع نفسه من الوطئ باليمين أكثر من أربعة أشهر فلم يكن مؤليا كما لو حلف على ترك قبلها ولأن الله تعالى جعل له تربص أربعة أشهر فما

أو يعلقه على شرط يغلب على الظن أنه لا يوجد في أقل منها مثل أن يقول والله لا وطئتك حتى ينزل عيسى أو يخرج الدجال أو ما عشت أو قال والله لا وطئتك حتى تحبلي لأنها لا تحبل إذا لم يطأها
__________
دونها فلا معنى للتربص لأن مدة الإيلاء تنقضي قبل ذلك أو مع انقضائه وتقدير التربص بأربعة أشهر يقتضي كونه في مدة تناولها الإيلاء ولأن المطالبة إنما تكون بعدها فإذا انقضت مدتها فما دون لم تصح المطالبة من غير إيلاء فلو قال والله لا وطئتك كان مؤليا لأنه يقتضي التأبيد وعنه أنه إذا حلف على أربعة أشهر كان مؤليا ذكرها القاضي أبو الحسين وقاله عطاء والثوري لأنه يمتنع عن الوطء باليمين أربعة أشهر فكان مؤليا كما لو حلف على ما زاد.
"أو يعلقه على شرط يغلب على الظن أنه لا يوجد في أقل منها مثل أن يقول والله لا وطئتك حتى ينزل عيسى أو يخرج الدجال أو ما عشت" أو حتى أموت أو تموتي أو يموت زيد لأن ذلك لا يوجد في أربعة أشهر ظاهرا أشبه ما لو قال والله لا وطئتك في نكاحي هذا ولأن حكم الغالب حكم القطع في كثير من الصور فكذا هنا وكذا لو علق الطلاق على مرضها أو مرض إنسان بعينه أو قيام الساعة
فرع : إذا علق الإيلاء بشرط مستحيل كقوله والله لا وطئتك حتى تصعدي السماء ونحوه فهو مؤل لأن معناه ترك وطئها فإن ما يراد حالة وجوده تعلق على المستحيل ك قوله تعالى: في الكفار {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [لأعراف: 40] وكقول الشاعر:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي وصار القار كاللبن الحليب
"أو قال والله لا وطئتك حتى تحبلي" فهو مؤل "لأنها لا تحبل إذا لم يطأها" لأن حبلها بغير وطئ مستحيل عادة كصعود السماء وفي المحرر والفروع إذا قال حتى تحبلي ولم يكن وطئها أو وطئ ونيته حبل متجدد فمؤل وإلا فالروايتان

وقال القاضي إذا قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها لم يكن مؤليا وإن قال والله لا وطئتك مدة أو ليطولن تركي لجماعك لم يكن مؤليا حتى ينوي أربعة أشهر وإن حلف على ترك الوطء حتى يقدم زيد ونحوه مما يغلب على الظن عدمه في أربعة أشهر أو لا وطئتك في هذه البلدة لم يكن مؤليا.
__________
وقال القاضي وأبو الخطاب إذا قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها لم يكن مؤليا لأنه يحتمل أنها تحبل قبل مدة الإيلاء قال المؤلف لا أعلم لهذا وجها وهو صحيح إن كان مقصود الحالف حتى تحبلي من وطء فلو كانت صغيرة أو آيسة فهو مؤل فإن قال أردت ب حتى السببية أي لا أطؤك لتحبلي قبل منه لأنه ليس بحالف على ترك الوطء.
تنبيه : لو علقه على ما يعلم وجوده قبل أربعة أشهر كجفاف بقل أو ما يغلب على الظن وجوده قبلها كنزول الغيث في أوانه أو ما يحتمل الأمرين كقدوم زيد من سفر قريب لم يكن مؤليا لأنه يغلب على الظن وجود الشرط فلا يثبت حكمه وكذا لو قال والله لا أطؤك حتى أعطيك مالا بخلاف ما لو قال والله لا وطئتك طاهرا أو وطئا مباحا فإنه يصير مؤليا.
"وإن قال والله لا وطئتك مدة أو ليطولن تركي لجماعك لم يكن مؤليا" لأن ذلك يقع على القليل والكثير فلا يصير مؤليا به "حتى ينوي" أكثر من "أربعة أشهر" ليتمحض اليمين للمدة المعتبرة وفي قول المصنف ليطولن تركي لجماعك صريح في الإيلاء وصرح به في المغني لأن الجماع نص في إدخال الذكر في الفرج وذكره أبو الخطاب في الكنايات لأن الجماع يطلق ويراد به الجماع دون الفرج فعلى هذا تعتبر فيه نية إدخال الذكر في الفرج كما تعتبر نية المدة.
"وإن حلف على ترك الوطء حتى يقدم زيد ونحوه مما لا يغلب على الظن عدمه في أربعة أشهر أو لا وطئتك في هذه البلدة لم يكن مؤليا" لأنه لا يعلم حلفه على أكثر من أربعة أشهر ولا يمكنه وطؤها البلدة المحلوف عليها وقال ابن أبي ليلى وإسحاق :هو مؤل لأنه حالف عل ترك وطئها وجوابه أنه يمكن

فإن قال إن وطئتك فوالله لا وطئتك أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك لم يصر مؤليا حتى يوجد الشرط ويحتمل أن يصير مؤليا في الحال
__________
وطؤها بغير حنث فلم يكن مؤليا كما لو استثنى في يمينه.
فرع : إذا علقه على فعل مباح لا مشقة فيه كقوله والله لا أطؤك حتى تدخلي الدار لم يكن مؤليا بخلاف ما لو علقه على محرم كقوله والله لا أطؤك حتى تشربي الخمر أو أقتل زيدا لأنه علقه بممتنع شرعا أشبه الممتنع حسا فإن علقه على ما على فاعله فيه مضرة كقوله والله لا أطؤك حتى تسقطي صداقك عني أو حتى تكفلي ولدي فهو مؤل لأن أخذه لمالها أو مال غيرها عن غير رضى صاحبه محرم أشبه شرب الخمر.
"فإن قال إن وطئتك فوالله لا وطئتك أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك لم يصر مؤليا" في الحال؛ لأنه لا يلزمه في الوطء حق حتى يوجد الشرط ونصره في الشرح وغيره لأنه يصير مؤليا بالوطء أو دخول الدار لأنها تبقى يمينا بمنع الوطء على التأبيد.
"ويحتمل أن يصير مؤليا في الحال"؛ لأنه لا يمكنه الوطء إلا بأن يصير مؤليا بالوطء أو دخول الدار فيلحقه بالوطء ضرر أشبه ما لو منع نفسه من وطئها في الحال في المدة المعتبرة وجوابه بأنه يمكنه الوطء حنث فلم يكن مؤليا كما لو لم يقل شيئا وإن قال إن وطئتك فوالله لا أطؤك فأولج الحشفة ثم زاد حنث بالزيادة وقيل لا كمن نوى.
فرع : إذا قال والله لا وطئتك إلا برضاك لم يكن مؤليا لإمكان وطئها بغير حنث وكذا إن قال والله لا وطئتك مريضة إلا أن يكون بها مرض لا يرجى برؤه أو لا يزول في أربعة أشهر فينبغي أن يكون مؤليا لأنه حالف على ترك وطئها أربعة أشهر فإن قال ذلك وهي صحيحة فمرضت مرضا يمكن برؤه قبل أربعة أشهر لم يصر مؤليا وإلا فلا

وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا مرة لم يصر مؤليا حتى يطأها وقد بقي منها أكثر من أربعة أشهر وإن قال إلا يوما فكذلك في أحد الوجهين وفي الآخر يصير مؤليا في الحال وإن قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فو الله لا وطئتك أربعة أشهر لم يصر مؤليا ويحتمل أن يصير مؤليا
__________
"وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا مرة لم يصر مؤليا" في الحال لأنه يمكنه الوطء بغير حنث فلم يكن ممنوعا من الوطء بحكم يمينه "حتى يطأها، بقي منها أكثر من أربع أشهر" فيكون مؤليا لأنه صار ممنوعا من وطئها بيمينه وفيه وجه يصير مؤليا في الحال لأنه لا يمكنه إلا بأن يصير مؤليا فيلحقه بالوطء ضرر وجوابه بأنه ممنوع فيما إذا وطئ وقد بقي من السنة ثلثها فأقل لأنه لم تبق المدة الممنوع من الوطء فيها المدة المعتبرة في الإيلاء.
"وإن قال إلا يوما فكذلك في أحد الوجهين" جزم في الوجيز وهو المذهب لأن اليوم يتنكر فلا يختص يوما دون يوم وحينئذ فيجوز أن يكون اليوم المستثنى في الحال ويجوز أن يكون في المال فلا يتحقق الإيلاء لفوات شرطه فعليه إن وطئها وقد بقي من السنة أكثر من ثلثها صار مؤليا وإلا فلا ومثله لو قال صمت رمضان إلا يوما أو لا كلمتك في السنة إلا يوما فإنه لا يختص بيوم.
"وفي الآخر يصير مؤليا في الحال" وهو قول القاضي وأصحابه لأن اليوم المستثنى يكون في آخر المدة كالتأجيل ومدة الخيار بخلاف المسألة الأولى فإن المدة لا تختص وقتا بعينه ومن نصر الأول قال التأجيل في مدة الخيار تجب الموالاة فيهما لأنه لو جازت له المطالبة لزم قضاء الدين فيسقط التأجيل بالكلية ولو لزم العقد في أثناء مدة الخيار لم يعد إلى الجواز وجواز الوطء في يوم من أول السنة وأوسطها لا يمنع حكم اليمين فيما بقي منها.
"وإن قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فو الله لا وطئتك أربعة أشهر لم يصر مؤليا" قدمه في الكافي والمستوعب والرعاية والمحرر لأن كل واحد من الزمانين لا تزيد مدته على أربعة أشهر "ويحتمل أن يصير مؤليا" صححه في الشرح لأنه يمتنع بيمينه من وطئها مدة متوالية أكثر من أربعة أشهر

وإن قال والله لا وطئتك إن شئت فشاءت صار مؤليا وإن قال إلا أن تشائي أو إلا باختيارك أو إلا أن تختاري لم يصر مؤليا و قال أبو الخطاب إن لم تشأ في المجلس صار مؤليا
__________
وأطلق في الفروع الخلاف وكذا الحكم في كل مدتين متواليتين يزيد مجموعهما عن أربعة أشهر كثلاثة أشهر وشهرين.
"وإن قال والله لا وطئتك إن شئت فشاءت صار مؤليا" بوجوده في قول أكثرهم لأنه لا يصير ممتنعا من الوطء حتى تشاء ولأنه علق اليمين على المشيئة بحرف إن أشبه مشيئة غيرها فإن حنث فهل لا يكون مؤليا كقوله والله لا وطئتك إلا برضاك فالجواب الفرق بينهما بأنها إذا شاءت انعقدت يمينه بحيث لا يمكنه الوطء بغير حنث بخلاف والله لا وطئتك إلا برضاك فإنه لم يحلف إلا على وطئها حال سخطها فيمكنه وطؤها في حال رضاها بغير حنث فإن قالت ما أشاء أو سكتت لم يصر مؤليا قاله في المستوعب.
فرع : إذا قال والله لا وطئتك إلا أن يشاء أبوك أو فلان لم يكن مؤليا لأنه علقه بوجود فعل يمكن وجوده في ثلث سنة إمكانا غير بعيد وليس بمحرم ولا فيه مضرة أشبه ما لو علقه على دخولها الدار.
"وإن قال إلا أن تشائي أو إلا باختيارك أو إلا أن تختاري لم يصر مؤليا" اقتصر عليه في الكافي ونصره في الشرح لأنه منع نفسه من وطئها بيمينه إلا عند إرادتها أشبه ما لو قال إلا برضاك أو حتى تشائي وكما لو علقه على مشيئة غيرها وقال القاضي تنعقد يمينه فإن شاءت انحلت وإلا فهي منعقدة "وقال أبو الخطاب" وابن الجوزي وجزم به في التبصرة "إن لم تشأ في المجلس صار مؤليا" لأنه يصدق بمضي المجلس أنها ما شاءت فوجب تحقق ذلك لفوات الاستثناء.
فظاهره بل صريحه يعتمد أن المشيئة تعتبر في المجلس والمذهب لا فرق بين وجودها في الحال أو التراخي .

وإن قال لنسائه والله لا وطئت واحدة منكن صار مؤليا منهن إلا أن يريد واحدة بعينها فيكون مؤليا منها وحدها وإن أراد واحدة مبهمة فقال أبو بكر تخرج بالقرعة وإن قال و الله لا وطئت كل واحدة منكن كان مؤليا من جميعهن
__________
فرع : إذا حلف لا يطؤها حتى تفطم ولدها أو ترضعه كان مؤليا إذا كان بينه وبين مدة الفطام والرضاع أكثر من أربعة أشهر فإن مات الولد قبل مضي أربعة أشهر سقط الإيلاء مسألة: إذا حلف على وطء امرأته عاما ثم كفر يمينه انحل الإيلاء فإن كان تكفيره قبل مضي أربعة أشهر لم ينحل الإيلاء حين التكفير وإن كفر بعد الأربعة قبل الوقت صار كالحالف على أكثر منها إذا مضت يمينه على وفقه.
"وإن قال لنسائه والله لا وطئت واحدة منكن صار مؤليا منهن" جزم به الجماعة لأن النكرة في سياق النفي فإنها تعم ولا يمكنه وطء واحدة منهن إلا بالحنث وقال القاضي يكون مؤليا من واحدة غير معينة لأن لفظه تناول واحدة منكرة فلا يقتضي العموم و جوابه مما سبق ل قوله تعالى: {لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} [الاسراء111] {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الاخلاص:4] فيجب حمل اللفظ على الإطلاق على مقتضاه في العموم فعلى الأول إذا طلق واحدة منهن أو ماتت كان مؤليا من البواقي لأنه تعلق بكل واحدة منفردة وإن وطئ واحدة منهن حنث و سقط الإيلاء من الباقيات لأنها يمين واحدة "إلا أن يريد واحدة بعينها فيكون مؤليا منها وحدها" لأن اللفظ يحتمله و هو أعلم بنيته.
"وإن أراد واحدة مبهمة" قبل منه و لا يصير مؤليا منهن في الحال فإذا وطئ ثلاثا كان مؤليا من الرابعة "فقال أبو بكر: تخرج بالقرعة" قدمه في المحرر و الرعاية وجزم به في الوجيز وفي الكافي هو قياس المذهب كما إذا طلق واحدة من نسائه لا بعينها و كالعتق و قيل يرجع إلى تعيينه
"وإن قال و الله لا وطئت كل واحدة منكن كان مؤليا من جميعهن" لأن

و تنحل يمينه بوطء واحدة و قال القاضي لا تنحل في البواقي وإن قال و الله لا أطؤكن فهي كالتي قبلها في أحد الوجهين و في الآخر لا يصير مؤليا حتى يطأ ثلاثا فيصير مؤليا من الرابعة فعلى هذا لو طلق واحدة منهن أو ماتت انحلت يمينه هاهنا في التي قبلها لا تنحل في البواقي
__________
لفظه صريح في التعميم و لا يقبل قوله نويت واحدة معينة أو مبهمة و لفظة كل أزالت الخصوص "و تنحل يمينه بوطء واحدة" جزم به في الكافي و قدمه في الرعاية لأنها يمين واحدة تعلقت بأشياء فإذا حنث فيها لم تتبعض و يسقط حكم المهر في الباقي "وقال القاضي لا تنحل في البواقي" قدمه في المستوعب كما لو أطلق إحداهن أو ماتت ولأنه صريح بمنع نفسه من كل و احد أشبه ما لو حلف على كل واحدة يمينا.
فرع : إذا قال: كلما وطئت واحدة منكن فضرائرها طوالق و قلنا هو إيلاء فهو مؤل منهن.
"وإن قال و الله لا أطؤكن فهي كالتي قبلها في أحد الوجهين" و هو ينبني على أصل و هو هل يحنث بفعل البعض و فيه روايتان إحداهما يحنث فيكون مؤليا في الحال منهن و جزم به في الوجيز لأنه لا يمكنه وطء واحدة منهن إلا بحنث فإذا وطئ واحدة انحلت يمينه لأنها يمين واحدة فتنحل بالحنث فيها كما لو حلف على واحدة و الثانية لا يحنث بفعل البعض و لا يكون مؤليا في الحال لأنه يمكنه وطء كل واحدة بغير حنث.
"و في الآخر لا يصير مؤليا حتى يطأ ثلاثا فيصير مؤليا من الرابعة" لأن المنع حينئذ يصير في الرابعة محققا ضرورة الحنث بوطئها و ابتداء المدة حينئذ "فعلى هذا لو طلق واحدة منهن أو ماتت انحلت يمينه هاهنا" لأنه يمكنه وطء الباقيات بغير حنث.
"و في التي قبلها لا تنحل في البواقي" لأنه يقتضي كون المحلوف عليه المنع من كل واحدة وطلاق واحدة أو موتها لا يوجب انحلال اليمين في غيرها كما

و إن آلى من واحدة و قال للأخرى اشتركت معها لم يصر مؤليا من الثاني و قال القاضي يصير مؤليا منهما
__________
لو حلف بالله لا وطئت هذه ثم حلف لا وطئت هذه ثم ماتت إحداهما أو طلقها و ذكر القاضي أنه إذا قلنا يحنث بفعل البعض فوطئ واحدة حنث و لم ينحل الإيلاء في البواقي و نصره في الشرح خلاف قوله و قيل إن ماتت لم تبق يمين ولا إيلاء على الوجهين و على الأول إذا قلنا صار مؤليا منهن فإذا طالبن بالفيئة وقف لهن كلهن فإن اختلفت مطالبتهن و قف لكل واحدة عند طلبها اختاره أبو بكر لأنه لا يؤخذ بحقها قبل طلبها وعنه يوقف للجميع وقت مطالبة أولاهن قال القاضي هو ظاهر كلام أحمد لأنها يمين واحدة فكان الوقف لها واحدا و الكفارة واحدة و قيل تجب بفيئته إلى كل واحدة كفارة.
"وإن آلى من واحدة و قال للأخرى شركتك معها لم يصر مؤليا من الثانية" لأن اليمين بالله لا تصح إلا بلفظ صريح من اسم أو صفة و التشريك بينهما كناية فلم تصح به اليمين.
"و قال القاضي يصير مؤليا منهما" كالطلاق لكن الفرق بينهما أن الطلاق ينعقد بالكناية و ليس كذلك اليمين فلو آلى رجل من زوجته فقال آخر لامرأته أنت مثل فلانة لم يكن مؤليا و علم مما سبق أنة لا يصح إلا من زوجة فلو حلف على ترك وطء أمته لم يكن مؤليا للنص و كذا لو حلف على ترك وطء أجنبية ثم نكحها نص عليه ونصره في الشرح لأن الإيلاء حكم من أحكام النكاح فلم يتقدمه كالطلاق و قال الشريف أبو جعفر قال أحمد يصح الظهار قبل النكاح فكذا الإيلاء وقيل بشرط إضافته إلى النكاح كما لو قال إن تزوجت فلانة فوالله لا وطئتها و مثله نكاح فاسد.
تنبيه : يصح الإيلاء بكل لغة مطلقا فإن آلى بالعجمية أو العربية من لا يدري معناها لم يكن مؤليا وإن نوى موجبها عند أهلها فإن آلى عربي أو عجمي بلغته ثم قال جرى على لساني من غير قصد لم يقبل قوله في الحكم لأنه خلاف الظاهر

فصل
الشرط الرابع أن يكون من زوج يمكنه الجماع وتلزمه الكفارة بالحنث مسلما كان أو كافرا حرا أو عبدا سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه فأما العاجز عن الوطء بجب أو شلل فلا يصح إيلاؤه و يحتمل أن يصح.
__________
فصل
الشرط الرابع أن يكون من زوج نص عليه يشترط أن يكون مكلفا للآية ولأن غير الزوج موطوءته أمته و الأمة لاحق لها في الوطء كالأجنبية و الذمي كالمسلم إذا ترافعوا إلينا في قول أكثرهم فإن أسلم لم ينقطع إيلاؤه و يتخرج و أجنبي كلزومه الكفارة.
"يمكنه الجماع" لأنه إذا لم يمكنه الجماع كالمجبوب فيمينه يمين على مستحيل فلم ينعقد كما لو حلف ليقلب الحجر ذهبا و لأن الإيلاء اليمين المانعة من الجماع و يمين من شأنه ما ذكر لا يمنعه بل فعل ذلك متعذرا منه.
"وتلزمه" أي الزوج "الكفارة بالحنث" لأنه إذا كان صبيا أو مجنونا فلا يعتبر قوله و لا يمينه ضرورة عدم الأهلية "مسلما كان أو كافرا حرا أو عبدا سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه" أو مرضوضا أو مجبوبا بقي من ذكره ما يمكنه الجماع به و كذا إن كان لعارض مرجو الزوال كحبس و نحوه لأنه قادر على الوطء فصح منه الامتناع منه وعنه أولا كرتق اختاره القاضي و أصحابه.
"فأما العاجز عن الوطء بجب أو شلل فلا يصح إيلاؤه" لأن من شرطه إمكان الجماع و هو معدوم و كذا إن كان مرجو الزوال لأنه حلف على ترك مستحيل فلم يصح كالحلف على ترك الطيران.
"و يحتمل أن يصح" لمرض مرجو الزوال و الأولى أولى و عليه لو حلف ثم

و فيئته أن يقول لو قدرت لجامعتك و لا يصح إيلاء الصبي و المجنون و في إيلاء السكران وجهان و مدة الإيلاء في الأحرار و الرقيق سواء و عنه في العبد أنها على النصف و لاحق لسيد الأمة في طلب الفيئة والعفو عنها وإنما ذلك إليهما
__________
جب ففي بطلانه وجهان قاله في الترغيب.
"و فيئته أن يقول لو قدرت لجامعتك" لأنه يقدر على أكثر منه و عنه فيئة كل معذور فئت إليك و لا حنث بفيئة اللسان.
"و لا يصح إيلاء الصبي و المجنون" لرفع القلم عنهما و المذهب صحة إيلاء المميز لأنه يصح طلاقة.
"و في إيلاء السكران وجهان" بناء على طلاقة و الأشهر صحته.
"و مدة الإيلاء في الأحرار والرقيق سواء" في ظاهر المذهب و نصره في الشرح لعموم النص و لأنها مدة ضربت للوطء أشبهت مدة العنة.
"و عنه أنها في العبد على النصف" نقل أبو طالب أن أحمد رجع إليه و أنه قول التابعين كلهم إلا الزهري وحده و اختاره أبو بكر كالطلاق و النكاح و لأن مدة الإيلاء ثبت ابتداؤها بقول الزوج فوجب أن تختلف كمدة العدة و ظاهرها ما سبق أنه لا يشترط لصحته الغضب و لا قصد الإضرار وقاله ابن مسعود و أهل العراق و قال ابن عباس إنما الإيلاء في الغضب.
"و لاحق لسيد الأمة في طلب الفيئة والعفو عنها وإنما ذلك إليها" وجملة ذلك أن الحرة والأمة سواء في استحقاق المطالبة عفى السيد أو لا لأن الحق لها لكون الاستمتاع يحصل لها فإن تركت المطالبة لم يكن لمولاها المطالبة به لأنه لا حق له لا يقال حقه في الولد لأنه لا يعزل عنها إلا بإذنه لأنه لا يستحق على الزوج استيلاد المرأة بدليل أنه لو حلف ليعزلن عنها أولا يستولده لم يكن مؤليا

فصل
وإذا صح الإيلاء ضربت له مدة أربعة أشهر
__________
فصل
"وإذا صح الإيلاء ضربت له مدة أربعة أشهر" فالمؤلي يتربص أربعة أشهر كما أمره الله تعالى ولا يطالب بالوطء فيهن فإذا مضت ورافعته امرأته إلى الحاكم أمره بالفيئة فإن أبى أمر بالطلاق و لا تطلق بمضي المدة قال أحمد يوقف عن أكابر الصحابة و قال في رواية أبي طالب قال ذلك عمر و عثمان و علي و ابن عمر و جعل يثبت حديث علي ورواه البخاري عن ابن عمر قال و يذكر عن أبي الدراداء و عائشة و اثني عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال سليمان بن يسار أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يوقف المؤلي رواه الشافعي و الدارقطني بإسناد جيد
و قال ابن مسعود وابن عباس إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة و قال مكحول و الزهري تطليقة رجعية لأن هذه المدة ضربت لاستدعاء الفعل منه أشبه مدة العنة و جوابه ظاهر الآية و الفاء للتعقيب ثم قال: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:227] و لو وقع بمضي المدة لم يحتج إلى عزم عليه.
و قوله {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يقتضي أن الطلاق مسموع و لا يكون المسموع إلا كلاما و لأنها مدة ضربت تأجيلا فلم تستحق المطالبة فيها كسائر الآجال و مدة العنة حجة لنا فإن الطلاق لا يقع إلا بمضيها و لأن مدة العنة ضربت ليختبر فيها و يعرف عجزه عن الوطء بتركه في مدتها وهذه ضربت تأخيرا له و تأجيلا ولا يستحق المطالبة إلا بمضي الأجل كالدين.
وفي "الوجيز" تضرب للكافر المدة بعد إسلامه والمذهب أن ابتداءها من حين اليمين ولا يفتقر إلى ضرب لأنها تثبت بالنص والإجماع كمدة العنة .

فإن كان بالرجل عذر يمنع الوطء احتسب عليه بمدته وإن كان ذلك بها لم تحتسب عليه وإن طرأ بها استؤنفت العدة عند زواله إلا الحيض فإنه يحتسب عليه بمدته و في النفاس وجهان وإن طلقها في أثناء المدة انقطعت
__________
"فإن كان بالرجل عذر يمنع الوطء" كمرض وصوم "احتسب عليه بمدته" لأن المانع من جهته وقد وجد التمكين الذي عليها وكذلك لو أمكنته من نفسها وامتنع وجبت لها النفقة وإن طرأ شيء من هذه الأعذار بعد الإيلاء أو جن لم تنقطع المدة.
"وإن كان ذلك بها" كصغرها ومرضها وصيامها واعتكافها المفروضين وإحرامها "لم تحتسب عليه" أي إذا وجد ذلك حال الإيلاء لم تضرب له المدة حتى تزول لأن المدة تضرب لامتناعه من وطئها والمنع هنا من قبلها.
"وإن طرأ بها" هو بالهمز وقد يترك "استؤنفت المدة عند زواله" ولم تبن على ما مضى ل قوله تعالى: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] يقتضي أنها متوالية فإذا قطعها وجب استئنافها كمدة الشهرين في صوم الكفارة وقيل تبنى كحيض "إلا الحيض فإنه يحتسب عليه بمدته" ولا يمنع ضرب المدة إذا كان موجودا وقت الإيلاء لأنه لو منع لم يمكن ضرب المدة لأن الحيض في الغالب لا يخلو منه شهر فيؤدي ذلك إلى إسقاط حكم الإيلاء.
"وفي النفاس وجهان" وقيل روايتان أحدهما هو كالحيض لأنه مثله في أحكامه والثاني وهو الأشهر إنه كالمرض لأنه عذر نادر وقيل مجنونة لها شهوة كعاقلة وفي الرعاية فإن تعذر الوطء بسبب من جهتها كحيض وحبس ومرض وصغر لم يحتسب عليه في المدة وقيل بلى كحيض قال في المحرر فيخرج أن يسقط في أوقات المنع منها ويبني على ما مضى.
"وإن طلقها في أثناء المدة انقطعت" لأنها صارت ممنوعة بغير اليمين فانقطعت المدة كما لو كان الطلاق بائنا سواء بانت بفسخ أو خلع أو

فإن راجعها أو نكحها إذا كانت بائنا استؤنفت المدة وإن انقضت المدة وبها عذر يمنع الوطء لم تملك طلب الفيئة وإن كان العذر به وهو مما يعجز به عن الوطء أمر أن يفيء بلسانه فيقول متى قدرت جامعتك.
__________
بانقضاء عدتها من الطلاق الرجعي لأنها صارت أجنبية ولم يبق شيء من أحكام نكاحها "فإن راجعها أو نكحها إذا كانت بائنا استؤنفت المدة" لأن الإيلاء يعود حكمه بذلك والتربص واجب فوجب استئنافها ضرورة الوفاء بالواجب وظاهره أن الطلاق الرجعي كالبائن في انقطاع مدة التربص وفي استئنافها بالرجوع إلى زوجته وصرح به في المغني وأنه لا يحتسب المدة على الزوجة من الرجعة في قول الخرقي والقاضي لأنها صارت ممنوعة من غير يمين فانقطعت كمن لو كان الطلاق بائنا.
وقال ابن حامد إذا طلق استؤنفت مدة أخرى من حين طلاقه وتحتسب مدة الإيلاء في زمن عدة الرجعة فإذا تمت أربعة أشهر قبل انقضاء عدة الطلاق وقف فإن فاء وإلا أمر بالطلاق وإن انقضت العدة قبل مدة الإيلاء تربص به تمام أربعة أشهر من حين طلق والمذهب أنه إذا طلق رجعيا في المدة لم تنقطع قبل فراغ عدتها وقيل تنقطع وتستأنف كما لو ارتدا أو أحدهما بعد الدخول أو أسلما في العدة.
"وإن انقضت المدة وبها عذر يمنع الوطء" كمرض وإحرام "لم تملك طلب الفيئة" لأن الوطء ممتنع من جهتها ولأن المطالبة مع الاستحقاق وهي لا تستحق الوطء في هذه الأحوال وليس لها المطالبة بالطلاق لأنها إنما تستحق عند امتناعه ولم يجب عليه شيء لكن تتأخر المطالبة إلى زوال العذر إن لم يكن قاطعا للمدة كالحيض أو كان العذر حدث بعد انقضاء المدة وفي الرعاية لم تطالب بفيئة الوطء حتى يزول ذلك وفي فيئة القول وجهان "وإن كان العذر به وهو مما يعجز به عن الوطء" كمرض وحبس مطلقا "أمر أن يفيء بلسانه" ولا يمهل لفيئة اللسان "فيقول متى قدرت جامعتك" هذا قول

ثم متى قدر على الوطء لزمه ذلك أو يطلق وقال أبو بكر لا يلزمه وإن كان ظاهر فقال أمهلوني حتى أطلب رقبة أعتقها عن ظهاري أمهل ثلاثة أيام.
__________
ابن مسعود وجمع لأن القصد بالفيئة ترك ما قصده من الإضرار وقد ترك قصد الإضرار بما أتى به من الاعتذار والقول مع العذر يقوم مقام فعل القادر بدليل إشهاد الشفيع على الطلب بها ولا يحتاج أن يقول ندمت لأن الغرض أن يظهر رجوعه عن المقام عن اليمين وحكى أبو الخطاب عن القاضي أن فيئة المعذور أن يقول فئت إليك وقاله الثوري وأبو عبيد واختاره الخرقي وأبو بكر والحلواني لأن وعده بالفعل عند القدرة عليه دليل على ترك قصد الإضرار.
"ثم متى قدر على الوطء لزمه ذلك أو يطلق" صححه ابن حمدان ونصره المؤلف لأنه أخر حقها لعجزه عنه فإذا قدر عليه لزمه أن يوفيها إياه كالدين على المعسر إذا قدر عليه.
"وقال أبو بكر لا يلزمه" وهو قول الحسن وعكرمة والأوزاعي لأنه فاء مرة فلا يلزمه أخرى كالوطء والمذهب الأول لأن فيئته بالقول ليس عين حقها وإنما هو وعد بإيفاء حقها فحقها الأصلي باق ولا مانع من فعله فلزمه كما لو لم يفئ بلسانه فإن رضيت بالمقام مع العاجز لم تضرب له مدة في الأصح وعلم منه أن من أفاء بلسانه فلا كفارة عليه ولا حنث لأنه لم يفعل بالمحلوف عليه وإنما وعد بفعله كالمدين إذا أعسر.
"وإن كان مظاهرا" لم يطأ حتى يكفر فإذا وطئ صار مظاهرا منها وزال حكم الإيلاء "فقال أمهلوني حتى أطلب رقبة أعتقها عن ظهاري أمهل ثلاثة أيام" لأنها مدة قريبة فالظهار كالمرض عند الخرقي وكذا الاعتكاف المنذور وذكر بعض أصحابنا أن المظاهر لا يمهل ويؤمر بالطلاق فيخرج من هذا أن كل عذر من فعله يمنع الوطء لا يمهل من أجله لأن الامتناع بسب منه فلا يسقط حكما واجبا ووجه الأول أنه عاجز عن الوطء بأمر لا يمكنه الخروج منه أشبه المريض

و إن قال أمهلوني حتى أقضي صلاتي أو أتغدى أو حتى ينهضم الطعام أو أنام فإني ناعس أمهل بقدر ذلك و إذا لم يبق له عذر وطلبت الفيئة وهي الجماع فجامع انحلت يمينه وعليه كفارتها.
__________
فإن قال أمهلوني حتى أطلب رقبة أو أطعم فإن علم أنه قادر على التكفير في الحال لم يمهل لأنه إنما يمهل للحاجة ولا حاجة هنا وإن لم يعلم أمهل ذكره المؤلف ولا يمهل لصوم شهرين متتابعين لأنه كثير وقيل بلى فإن وطئها فقد عصى وانحل إيلاؤه ولها منعه وقال القاضي يلزمها التمكين فإن امتنعت سقط حقها لأن حقها في الوطء وقد بذله لها وجوابه بأنه وطء حرام فلا يلزم التمكين منه كالوطء في الحيض.
"وإن قال أمهلوني حتى أقضي صلاتي أو أتغدى أو حتى ينهضم الطعام أو أنام فإني ناعس أمهل بقدر ذلك" لأنه زمن يسير ولا يمهل أكثر من قدر الحاجة كالدين الحال وإن طلب المهلة حتى ينظر في صومه أو يرجع إلى بيته أو يحل من إحرامه أمهل لأن العاده تقتضيه فرع: إذا كانت صغيرة أو مجنونة فليس لها المطالبة لأن قولها غير معتبر ولا لوليها لأن هذا طريقه الشهوة وإن كانتا ممن لا يمكن وطؤهما لم يحتسب عليه بالمدة لأن المنع من جهتها وإن كان ممكنا فأفاقت المجنونة وبلغت الصغيرة قبل انقضاء المدة له تممت ثم لهما المطالبة وإن كان بعد انقضاء المدة فلهما المطالبة يومئذ لأن الحق لهما ثابت وإنما تأخر لعدم إمكان المطالبة.
"و إذا لم يبق له عذر وطلبت الفيئة وهي الجماع" بغير خلاف وأصل الفيء الرجوع إلى فعل ما تركته و الفيئة بكسر الفاء مثل الصيغة ذكره في الصحاح "فجامع" القادر عليه إن حل وطؤها وقيل ذكره ابن عقيل رواية وطئا مباحا لا في حيض ونحوه "انحلت يمينه" لتحقق حنثه "وعليه كفارتها" في قول أكثر العلماء لعموم النص وقال الحسن لا كفارة عليه قال قتادة الحسن قد خالف الناس.
فرع: إذا كفر عن يمينه بعد المدة قبل الوطء أو استدخلت ذكره وهو نائم أو

وأدنى ما يكفيه تغييب الحشفة في الفرج وإن وطئها دون الفرج أو في الدبر لم يخرج من الفيئة وإن وطئها في الفرج وطئا محرما مثل أن يطأ حالة الحيض أو النفاس أو الإحرام أو صيام فرض من أحدهما فقد فاء إليها لأن يمينه انحلت به وقال أبو بكر الأصح أنه لا يخرج من الفيئة.
__________
وطئها ناسيا يمينه أوفي حال جنونه وقلنا لا يحنث فهل ينحل إيلاؤه على وجهين وفي المذهب يفي بما يبيحها لزوج أول والجاهل كالناسي في الحنث.
"وأدنى ما يكفيه تغييب الحشفة" أو قدرها "في الفرج" لأن أحكام الوطء تتعلق به وظاهره ولو من مكره وناس ونحوهما.
"وإن وطئها دون الفرج أو في الدبر لم يخرج من الفيئة" لأنه ليس بمحلوف عليه ولا يزول الضرر بفعله.
وفي الرعاية فما فاء ولو حنث بهما في وجه لدخوله في يمينه.
"وإن وطئها في الفرج وطئا محرما مثل أن يطأ حالة الحيض أو النفاس أو صيام فرض من أحدهما فقد فاء إليها لأن يمينه انحلت به" فزال حكمها وزال الضرر عنها وكان كالوطء الحلال وكما لو وطئها مريضة "وقال أبو بكر الأصح" وحكاه في المغني والشرح قياس المذهب "أنه لا يخرج من الإيلاء" لأنه وطء لا يؤمر به في الفيئة فلم يخرج به من الإيلاء كالوطء في الدبر والذي ذكره لا يصح لأن يمينه انحلت ولم يبق ممتنعا من الوطء بحكم اليمين فلم يبق الإيلاء كما لو كفر يمينه وقد نص أحمد على من حلف ثم كفر يمينه لا يبقى مؤليا لعدم حكم اليمين فهذا أولى وقد ذكر القاضي في المحرم والمظاهر أنهما إذا وطئا فقد وفياها حقها بخلاف الوطء في الدبر لأنه ليس بمحل للوطء
مسألتان: الأولى: إذا آلى بعتق أو طلاق وقع بنفس الوطء لأنه معلق بصفة وإن لم يفعل فكفارة يمين وإن آلى بنذر أو صوم أو صلاة أو حج أو غير ذلك من الطاعات أو المباحات فهو مخير بين الوفاء به وبين التكفير لأنه نذر لجاج وغضب وهذا حكمه

وإن لم يفئ و أعفته المرأة سقط حقها و يحتمل ألا يسقط و لها المطالبة بعد وإن لم تعفه أمر بالطلاق فإن طلق واحدة فله رجعتها.
__________
الثانية: إذا آلى بطلاق ثلاث أمر بالطلاق لأن الوطء غير ممكن لأنها تبين منه بإيلاج الحشفة فيصير مستمتعا بأجنبية وذكر المؤلف أن الأليق بالمذهب تحريمه وعنه لا ومتى أولج وتمم أو لبث لحقه نسبه وفي المهر وجهان وقيل يجب الحد جزم به في المستوعب وفيه ويعزر جاهل وفي المنتخب فلا مهر ولا نسب وإن نزع فلا حد ولا مهر لأنه تارك وإن نزع ثم أولج فإن جهلا التحريم فالمهر والنسب ولا حد والعكس بعكسه وإن علمه لزمه المهر والحد ولا نسب وإن علمته فالحد والنسب ولا مهر وكذا إن تزوجت في عدتها.
"وإن لم يفئ وأعفته المرأة سقط حقها" وليس لها المطالبة في قياس المذهب قاله القاضي لأنها رضيت بإسقاط حقها من الفسخ فسقط حقها منه كامرأة العنين إذا رضيت به "ويحتمل أن لا يسقط ولها المطالبة بعد" أي متى شاءت لأنها ثبتت لدفع الضرر بترك ما يتجدد مع الأحوال كما لو أعسر بالنفقة فعفت عن المطالبة ثم طالبت وفارقت الفسخ للعنة فإنه فسخ لعيبه فمتى رضيت بالعيب سقط حقها كما لو عفى المشتري عن عيب المبيع وإن سكتت عن المطالبة ثم طالبت فلها ذلك وجها وحدا لأن حقها ثبت على التراخي فلم يسقط بتأخير المطالبة كاستحقاق النفقة.
"وإن لم تعفه أمر بالطلاق" إن طلبت ذلك ل قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] فإذا امتنع من أداء الواجب فقد أمتنع من الإمساك بالمعروف فيؤمر بالتسريح بالإحسان.
"فإن طلق واحدة فله رجعتها" سواء كان المؤلي أو الحاكم في الأشهر لأنه طلاق صادف مدخولا بها من غير عوض ولا استيفاء عدد فكان رجعيا كالطلاق في غير الإيلاء و يفارق فرقة العنة لأنها فسخ لعيب

و عنه أنها تكون بائنة وإن لم يطلق حبس و ضيق عليه حتى يطلق في إحدى الروايتين والأخرى يطلق عليه الحاكم فإن طلقها واحدة فهو كطلاق المؤلي وإن طلق ثلاثا أو فسخ صح ذلك.
__________
"و عنه أنها تكون بائنة" و قاله أبو ثور لأنها فرقة لدفع الضرر فكانت بائنة كالمختلعة و عنه من حاكم لا منه.
قال القاضي المنصوص عن أحمد في فرقة الحاكم أنها تكون بائنا و قال الأثرم فأما تفريق السلطان فليس فيه رجعة كاللعان و علم منه أن الزوج أو الحاكم إذا طلق ثلاثا فإنها تحرم عليه و لا تحل له إلا بعد زوج و إصابة.
فرع : إذا و قع الطلاق ثم ارتجعها أو تركها حتى أنقضت عدتها ثم تزوجها أو طلق ثلاثا فتزوجت غيره ثم تزوجها و قد بقي من مدة الإيلاء أكثر من أربعه أشهر و قف لها لأنه يمتنع من وطئها بيمين في حال الزوجية أشبه ما لو راجعها وإن بقي أقل من أربعة أشهر و لم يثبت حكم الإيلاء لقصوره عن مدته.
"وإن لم يطلق حبس و ضيق عليه حتى يطلق في إحدى الروايتين" قدمها في الرعاية و الفروع و جزم بها في الوجيز لأنه مفض إلى زوال ضرر المرأة المطلوب زواله فعليها ليس للحاكم الطلاق لأن الزوج إذا خير بين أمرين لم يقم غيره مقامه كاختياره لبعض الزوجات إذا أسلم على أكثر من أربع.
"والأخرى يطلق عليه الحاكم" قدمها في الكافي و صححها في الشرح قال في الفروع و هي أظهر لأنه حق تعين مستحقه فدخلت النيابة فيه كقضاء الدين و الفرق بين طلاق الحاكم و التخيير أن المستحق من النسوة غير معين بخلاف الإيلاء و لأنها خيرة تشه بخلاف الخيرة هنا و ليس هو خيرة بين أمرين لأنه يؤمر بالفيئة ثم بالطلاق.
"فإن طلقها" الحاكم "واحدة فهو كطلاق المؤلي" لأنه نائبه و قائم مقامه فوجب أن يكون كحكمه "وإن طلاق ثلاثا أو فسخ صح ذلك" لأن الحاكم

و إن ادعي أن المدة لم تنقض أو أنه وطئها و كانت ثيبا فالقول قوله وإن كانت بكرا و ادعت أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل فالقول قولها و إلا فالقول قوله وهل يحلف من القول قوله على وجهين
__________
قائم مقام الزوج فملك ما يملكه و قدم في التبصرة أنه لا يملك ثلاثا للمساواة و عنه يتعين الطلاق و عنه الفسخ فإن قال الحاكم فرقت بينكما فروايتان أنصهما أنه فرقة بغير طلاق فلا تحل له إلا بعقد جديد و الأخرى تقع عليه طلقة.
فرع : إذا ادعى عجزه عن الوطء و لم يكن علم أنه عنين فقيل لا يقبل قوله صححه في الرعاية لأن الأصل سلامته فيؤمر بالطلاق و قيل بلى لأنه لا يعرف إلا من جهته.
"وإن ادعي أن المدة لم تنقض" و ادعت في انقضائها "أو أنه وطئها و كانت ثيبا فالقول قوله" لأن الأصل بقاء النكاح والمرأة تدعي رفعه فهو يدعي ما يوافق الأصل كما لو ادعى الوطء من العنة وفيه احتمال و في اليمين روايتان:
إحداهما: يحلف اختاره الخرقي للخبر وكالدين و لأن ما تدعيه المرأة محتمل فوجب نفيه باليمين.
و الثانية: و نص عليها في رواية الأثرم و اختارها أبو بكر أنه لا يمين عليه لأنه لا يقضى فيها بالنكول.
"وإن كانت بكرا و ادعت أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل فالقول قولها" لأن قولها اعتضد بالبينة إذ لو وطئها زالت بكارتها و عنه لا يقبل فيه إلا امرأتان و إلا فإن لم يشهد لها أحد بذلك "و إلا فالقول قوله" كما لو كانت ثيبا "و هل يحلف من القول قوله؟" من الزوج و الزوجة "على وجهين" حكاهما في الترغيب فيها والله وأعلم.

كتاب الظهار
كتاب الظهار
كتاب الظهارو هو محرم و هو أن يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد بها أو بعضو منها فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو كوجه حماتي
__________
كتاب الظهار
هو مشتق من الظهر سمي بذلك لتشبيه الزوجة بظهر الأم و إنما خصوا الظهر لأنه موضع الركوب إذ المرأة مركوبة إذا غشيت فقوله أنت علي كظهر أمي أي ركوبها للنكاح حرام علي كركوب أمي للنكاح فأقام الظهر مقام الركوب لأنه مركوب و أقام الركوب مقام النكاح لأن الناكح راكب و يقال كانت المرأة بالظهار تحرم على زوجها و لا تباح لغيره فنقل الشارع حكمه لا تحريمها ووجوب الكفارة بعد العود و أبقى محله و هو الزوجية و هو محرم إجماعا حكاه ابن المنذر و سنده قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة: 2] و قول المنكر و الزور من أكبر الكبائر للخبر و معناه أن الزوجة ليست كالأم في التحريم ل قوله تعالى: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: 2] {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } [الأحزاب: 4] و السنة حديث أوس بن الصامت حين ظاهر من زوجته خويلة بنت مالك بن ثعلبة فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم تشتكيه فأنزل الله أول سورة المجادلة رواه أبو داود و صححه ابن حبان و الحاكم و فيه أحاديث أخر ستأتي.
"و هو أن يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد بها أو بعضو منها" إذا شبه امرأته بظهر من تحرم عليه على التأييد كقوله أنت علي كظهر أمي فهو مظاهر إجماعا وإن شبهها بظهر من تحرم من ذوي رحمة كجدته و خالته فكذلك في قول أكثرهم لأنهن محرمات بالقرابة أشبهن الأم "فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو كوجه حماتي" الأحماء في اللغة أقارب الزوج و الأختان أقارب المرأة و الأصهار لكل

أو ظهرك أو يدك علي كظهر أمي أو كيد أختي أو خالتي من نسب أو رضاع
__________
واحد منهما و نقل ابن فارس أن الأخماء كالأصهار فعلى هذا فيقال هذا حماه زيد و حماة هند.
"أو ظهرك أو يدك علي كظهر أمي" على الأصح فيه "أو كيد أختي أو خالتي" لأنه تشبيه لعضو منها من تحرم عليه على التأبيد أشبه ما لو قال أنت علي كظهر أمي و إنما كان ذلك ظهارا لأنه قد أتى بالمنكر من القول و الزور و ذلك موجود في تشبيه عضو منها بذلك "من نسب" كالأمهات و الجدات "أو رضاع" المرضعات و الأخوات من الرضاعة لاستوائهما في التحريم على التأبيد و عنه لا يكون ظهارا قاله الحلواني حتى يشبه جملة امرأته لأنه لو حلف بالله لا يمس عضوا منها لم يسر إلى غيره والأول المذهب لأن تحريم المحرمات من النسب و الرضاع إنما كان لمعان نظر إليها الشارع فيهن فحرمهن لتلك المعاني وأباح الزوجة لمعنى فيها فإلحاقها في التحريم بمن حرمه الله عز وجل افتراء على الله و تحريم لما أباحه الله منهن و ظاهره و لو وقع منه بغير العربية فإن قال كشعر أمي أو سنها أو ظفرها فلغو لأنها ليست من الأعضاء الثابتة و كذا الريق و الدم و الروح و كوجهي من وجهك حرام و ليس بظهار نص عليه و أمي امرأتي أو مثلها و في المبهج أنه كطلاق.
تنبيه : إذا قال أنت علي أو عندي أو مني أو معي كأمي أو مثل أمي و أطلق فهو ظهار و عنه لا اختاره في الإرشاد و المغني وإن نوى في الكرامة و نحوها دين و في الحكم روايتان وإن قال جملتك أو بدنك أو جسمك أو ذاتك أو كللك علي كظهر أمي كان ظهارا كقوله أنت لأنه أتى بما يقتضي تحريمها عليه فانصرف الحكم إليه كما لو قال أنت طالق وإن قال أنت كظهر أمي طالق أو عكسه لزما.
فائدة : يكره أن يسمى الرجل زوجته بمن تحرم عليه لما روى أبو داود أن رجلا

و إن قال أنت علي كأمي كان مظاهرا وإن قال أردت كأمي في الكرامة ونحوه دين و هل يقبل في الحكم يخرج على روايتين وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي فذكر أبو الخطاب فيها روايتين والأولى أن هذا ليس بظهار إلا أن ينويه أو يقترن به ما يدل على إرادته
__________
قال لامرأته يا أخته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أختك هي؟" فكره ذلك و نهى عنه و لأنه لفظ يشبه الظهار و لا يثبت حكمه.
"وإن قال أنت علي كأمي كان مظاهرا" لأنه شبه امرأته بأمه أشبه ما لو شبهها بعضو من أعضائها و هذا إذا نوى به الظهار فإن أطلق فروايتان قال ابن أبي موسى أظهرهما أنه ليس بظهار حتى ينويه و قال أبو بكر هو صريح في الظهر و نص عليه قال المؤلف و قياس المذهب عندي أنه إن و جدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج أو قال ذلك حال الخصومة و الغضب "وإن قال أردت كأمي في الكرامة ونحوه" دين لأنه أعلم بمراده "و هل يقبل في الحكم يخرج على روايتين" أصحهما و اختاره المؤلف أنه يقبل لأنه لما احتمل الظهار و غيره ترجح عدم الظهار بدعوى الإرادة.
و الثانية لا يقبل لأنه لما قال أنت علي كأمي اقتضى أن يكون فيه تحريم أشبه ما لو قال أنت علي كظهر أمي
"وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي" بإسقاط علي أو عندي فهو مظاهر إن نواه لأنه يحتمله ذكره في الشرح "فذكر أبو الخطاب فيها روايتين" مثل قوله أنت علي كأمي و كذا يتخرج في قوله رأسك كرأس أمي أو يدك كيدها وما أشبه فلو قال أمي امرأتي أو مثل امرأتي لم يكن ظهارا لأنه تشبيه لأمه ووصف لها وليس بوصف لامرأته "والأولى أن هذا ليس بظهار" لأن اللفظ ظاهر في الكرامة فتعين حمله عليه ثم الإطلاق و لأنه ليس بصريح فيه اللفظ المستعمل فيه كما لو قال أنت كبيرة مثل أمي إلا أن ينويه أو يقترن به ما يدل على إرادته لأن النية تعين اللفظ في المنوي و القرينة شبيهة بها

و إن قال أنت علي كظهر أبي أو كظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو خالتها فعلى روايتين وإن قال أنت علي كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا وإن قال أنت علي حرام فهو مظاهر إلا أن ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون ظهارا أو ما نواه على روايتين.
__________
"و إن قال أنت علي كظهر أبي" أو كأبي أو مثل أبي "أو كظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو خالتها فعلى روايتين" إذا قال أنت علي كظهر أبي فعنه ظهار لأنه شبهها بظهر من يحرم عليه على التأبيد أشبه الأم و كذا إن شبهها بالميتة.
و الثانية ليس بظهار و هي قول أكثر العلماء لأنه تشيبه بما ليس بمحل للاستمتاع أشبه ما لو قال أنت علي كما لزيد فعلى هذا عليه كفارة يمين لأنه نوع تحريم أشبه ما لو حرم ماله و عنه لا شيء عليه أشبه التشبيه بمال غيره و أما إذا شبه امرأته بظهر من تحرم عليه تحريما مؤقتا كأخت امرأته وعمتها أو الأجنبية فالأشبه أنه ظهار اختاره الخرقي و أبو بكر و رجحه في الشرح لأنه شبهها بمحرمة أشبه تشبيهها بالأم و الثانية ليس بظهار لأنها غير محرمة على التأبيد فلا يكون التشبيه بها كافيا كالحائض.
"وإن قال أنت علي كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا" لأنه ليس بمحل للاستمتاع وفيه وجه كما لو شبهها بظهر أبيه و أطلقهما في المحرر و الفروع و ذكر في الرعاية إذا نوى الظهار فليس مظاهرا و قيل بلى.
"وإن قال أنت علي حرام فهو مظاهر" إذا لم ينو به طلاقا ولا يمينا في قول أكثر العلماء لأن اللفظ ظاهر فيه فوجب كونه ظهارا كسائر الألفاظ الظاهرة فلو زاد إن شاء الله فليس بظهار نص عليه "إلا أن ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون ظهارا أو ما نواه على روايتين" إذا نوى به الطلاق فالأشهر أنه ظهار نص عليه في رواية جماعة و حكاه إبراهيم الحربي عن عثمان و ابن عباس و غيرهما لأنه تحريم أوقعه في الزوجة فكان بإطلاقه ظهارا لشبهها بظهر أمه و كما لو قال أنت علي كظهر أمي ونوى به الطلاق

فصل
و يصح من كل زوج يصح طلاقه مسلما كان أو ذميا
__________
و الثانية أنه ما نواه لأن النية إذا لم تكن موجبة فلا أقل من أن تكون صادقة و عنه أن التحريم يمين وروي عن ابن عباس ل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] وأكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار فليس بظهار وإن نوى الظهار والطلاق معا كان ظهارا لأن اللفظ الواحد لا يكون كذلك.
فرع : إذا قال ما أحل الله علي حرام من أهل و مال فكفارة ظهار تجزئه كفارة واحدة في ظاهر كلامه و نصره المؤلف لأنه يمين واحدة فلا توجب كفارتين واختار ابن عقيل أنه يلزمه كفارتان للظهار و لتحريم المال لأنه لو انفرد أوجب بذلك فكذا إذا اجتمعا
فصل
"و يصح من كل زوج يصح طلاقه" فكل من صح طلاقه صح ظهاره لأنه قول يختص النكاح أشبه الطلاق قال في عيون المسائل فإن أحمد سوى بينه وبين الطلاق وفي الموجز مكلف و في الرعاية و الوجيز من صح طلاقه صح ظهاره إلا الأب و السيد "مسلما كان أو ذميا" على الأصح فيه لأنه يجب عليه كفارة إذا حنث فوجب صحة ظهاره كالمسلم و كجزاء صيد و يكفر بمال فقط و قال ابن عقيل و يعتق بلا نية و إنه يصح العتق من مرتد وفي عيون المسائل ويعتق لأنه من فرع النكاح أو قول لمنكر وزور والذمي أهل لذلك
و الثانية لا يصح منه لأن الكفارة لا تصح منه لأنها عبادة تفتقر إلى النية كسائر العبادات و جوابه بأنه يبطل بكفارة الصيد إذا قتله في الحرم و يصح منه العتق لا الصيام و لا تمتنع صحة الظهار بامتناع بعض أنواع الكفارة كما في حق العبد و النية إنما تعتبر لتعيين الفعل للكفارة فلا يمتنع ذلك في حق الكافر كالنية في

و الأقوى عندي أنه لا يصح من الصبي ظهار و لا إيلاء لأنه يمين مكفرة فلم ينعقد في حقه و يصح من كل زوجة فإن ظاهر من أمته أو أم ولده لم يصح و عليه كفارة اليمين و يحتمل أن تلزمه كفارة ظهار
__________
كنايات الطلاق واقتضى ذلك صحته من الصبي و العبد و قيل لا يصح من العبد وإن من لا يصح طلاقه وهو الطفل وزائل العقل بجنون أو إغماء أو نوم لا يصح بغير خلاف نعلمه "و الأقوى عندي أنه لا يصح من الصبي ظهار و لا إيلاء لأنه يمين مكفرة فلم ينعقد في حقه" كاليمين بالله تعالى و لأن الكفارة و جبت لما فيه من قول المنكر و الزور و ذلك مرفوع عن الصبي لأن القلم مرفوع عنه و في المذهب في يمينه وجهان و في عيون المسائل يحتمل ألا يصح ظهاره لأنه تحريم مبني على قول الزور و حصول التكفير و المأثم و إيجاب مال أو صوم قال و أما الإيلاء فقال بعض أصحابنا تصح ردته و إسلامه و ذلك متعلق بذكر الله وإن سلمنا فإنما لم يصح لأنه ليس أهل اليمين بمجلس الحكم لرفع الدعوى.
"و يصح من كل زوجة" كبيرة كانت أو صغيرة مسلمة أو ذمية أمكن وطؤها أولا لعموم الآية و قال أبو ثور لا يصح ممن لا يمكن وطؤها لأن الظهار لتحريم وطئها و هو ممتنع منه بغير اليمين و جوابه العموم و لأنها زوجة يصح طلاقها فصح الظهار منها كغيرها.
"فإن ظاهر من أمته أو أم ولد لم يصح" و قال عبد الله بن عمر و ابن عمرو ورواه الدارقطني عن ابن عباس ل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة:2] فخصهن به و لأنه لفظ تعلق به تحريم الزوجة فلا تحرم به الأمة كالطلاق "و عليه كفارة اليمين" نقله الجماعة و قدمه في الكافي و صححه في الشرح كتحريم سائر ماله.
و قال نافع حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته فأمره الله أن يكفر يمينه.
"و يحتمل أن تلزمه كفارة ظهار" ونقله حنبل عن أحمد لأنه أتى بالمنكر من القول والزور ولكن قال أبو بكر لا يتوجه هذا على مذهبه لأنه لو كان عليه

وإن قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي لم تكن مظاهرة وعليها كفارة ظهار و عليها التمكين قبل التكفير وعنه كفارة يمين وهو قياس المذهب و عنه لا شيء عليها
__________
كفارة ظهار كان مظاهرا ويحتمل ألا يلزمه شيء قاله أبو الخطاب كما لو قال أنت علي كظهر أبي وفي عمد الأدلة والترغيب رواية أنه يصح قال أحمد وإن أعتقها فهو كفارة يمين ويتزوجها إن شاء.
"وإن قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي" أو إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي "لم تكن مظاهرة" رواية واحدة قاله القاضي وهو قول أكثر العلماء للآية ولأنه قول يوجب تحريم الزوجة يملك الزوج رفعه فاختص به الرجل كالطلاق وعنه ظهار اختاره أبو بكر وابن أبي موسى وقاله الزهري والأوزاعي فتكفر إن طاوعته وإن استمتعت به أو عزمت فكمظاهر "وعليها كفارة ظهار" قدمه في "المستوعب" و"الفروع" وصححه الحلواني لأن عائشة بنت طلحة قالت إن تزوجت مصعب بن الزبير فهو علي كظهر أبي فاستفتت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأمروها أن تعتق رقبة وتتزوجه رواه سعيد والأثرم و الدارقطني ولأنها زوج أتى بالمنكر من القول والزور كالآخر ولأن الظهار يمين مكفرة فاستوى فيها المرأة والرجل قاله أحمد وقال في رواية حرب عن ابن مسعود الظهار من الرجل والمرأة سواء.
"وعليها التمكين قبل التكفير" نص عليه لأن ذلك حق عليها فلا يسقط بيمينها كاليمين بالله تعالى وقيل لا وهو ظاهر كلام أبي بكر كالرجل والفرق واضح ونقل صالح له أن يطأ قبل أن تكفر لأنه ليس لها عليها شيء
وفي "المحرر" يحرم عليها ابتداء قبله يعني كمظاهر "وعنه كفارة يمين وهو قياس المذهب" وأشبه بأصوله لأنه تحريم لحلال كتحريم الأمة وما روي عن عائشة يتعين حمله على ذلك لكون الموجود منها ليس بظاهر وظاهر كلامه في رواية الأثرم لا يقتضي وجوب كفارة الظهار إنما قال الأحوط ولا شك أن الأحوط التكفير بأغلظ الكفارات ليخرج من الخلاف "وعنه لا شيء عليها" وهو قول أكثر العلماء لأنه قول منكر وزور وليس بظهار فلم تجب

و إن قالت لأجنبية أنت علي كظهر أمي لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر.
__________
كفارة كالنسب وإذا قلنا بوجوب الكفارة عليها لم تجب إلا بوطئها مطاوعة فإن طلقها أو مات أحدهما قبل وطئها أو أكرهها عليه فلا كفارة ولأنها يمين فلم تجب الكفارة قبل الحنث كسائر الأيمان.
فرع : إذا علقته بتزوجها لم تكن مظاهرة في قول الأكثر وهو ظاهر نصوصه ولم يفرق بينهما أحمد إنما سئل في رواية أبي طالب فقال ظهار وقطع به المحرر وقيل له في المفردات هذا ظهار قبل النكاح وعندكم لا يصح قلنا يصح على رواية وإن قلنا لا يصح فالخبر أفاد الكفارة وصحته قام الدليل على أنه لا يصح قبله بقيت الكفارة وذكر ابن عقيل على المذهب أن قياسه قولها أنا عليك كظهر أمك فإن التحريم عليه تحريم عليها.
"وإن قال لأجنبية أنت علي كظهر أمي" فهو صحيح مطلقا نصره في "الشرح" وقدمه في "المحرر" ورواه أحمد عن عمر ولأنها يمين مكفرة فصح عقدها قبل النكاح كاليمين بالله تعالى والآية الكريمة خرجت مخرج الغالب وقيل لا يصح وقاله الأكثر من العلماء كالطلاق والإيلاء.
وجوابه أن الطلاق حل قيد النكاح ولا يمكن حله قبل عقده والظهار تحريم للوطء فيجوز تقديمه على العقد كالحيض وإنما اختص حكم الإيلاء بنسائه لكونه يقصد الإضرار بهن والكفارة وجبت هنا لقول المنكر والزور فلا يختص ذلك بنسائه "لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر" نص عليها لأنها إذا تزوجها تحقق معنى الظهار فيها وحيث كان كذلك امتنع وطؤها قبل التكفير لأنه شأن المظاهر.
فرع : إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي علي كظهر أمي فعلى القول بصحته إذا تزوج نساء وأراد العود فكفارة واحدة سواء تزوجهن في عقد أو عقود نص عليه وعنه لكل عقد كفارة فإن قال لأجنبية إن تزوجت فلانة فهي علي

وإن قال لأجنبية أنت علي حرام يريد في كل حال فكذلك وإن أراد في تلك الحال فلا شيء عليه لأنه صادق ويصح الظهار معجلا ومعلقا بشرط ومطلقا ومؤقتا نحو أنت علي كظهر أمي شهر رمضان أو إن دخلت الدار فمتى انقضى الوقت زال الظهار وإن أصابها فيه وجبت عليه الكفارة
__________
كظهر أمي وقال أردت أن مثلها في التحريم في الحال دين وفي الحكم وجهان.
أحدهما لا يقبل لأنه صريح للظهار والثاني بلى لأنها حرام عليه كأمه.
"وإن قال لأجنبية أنت علي حرام يريد في كل حال فكذلك" أي فهو ظهار لأن لفظة الحرام إذا أريد بها فهو ظهار من الزوجة فكذا الأجنبية فعليه لا يطؤها إذا تزوجها حتى يكفر "وإن أراد في تلك الحال فلا شي عليه لأنه صادق وكذا إن أطلق قاله في الشرح وفي الترغيب وجه ويصح الظهار معجلا ومعلقا بشرط" فإذا وجد فمظاهر نص عليه "ومطلقا" إن قصد اليمين واختاره ومثل بالحل علي حرام لأفعلن "ومؤقتا نحو أنت علي كظهر أمي شهر رمضان" لحديث سلمة بن صخر قال ظاهرت من امرأتي شهر رمضان وأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم ينكر عليه التقييد ولم يعبه ولأنها يمين مكفرة فصح توقيتها كاليمين بالله تعالى ولأنه يمنع نفسه بيمين لها كفارة فصح أن تكون مؤقتة كالإيلاء لا يقال الظهار طلاق في الأصل فيجب ألا يصح تقييده كالنكاح لأنه تقدم الفرق بينهما في تعليقه ولا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة
"أو إن دخلت الدار" لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء ولأنه قول تحرم به الزوجة فصح تعليقه على شرط كالطلاق "فمتى انقضى الوقت زال الظهار" لأن التحريم صادف ذلك الزمن دون غيره فوجب أن ينقضي بانقضائه "وإن أصابها فيه" أي في الوقت "وجبت عليه الكفارة" لأنه - عليه السلام -


__________
أوجبها على سلمة.
تنبيه : إذا قال أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم يلزمه شيء نص عليه.
وقال ابن عقيل هو مظاهر ذكره في المجرد وإن قال ما أحل الله علي حرام إن شاء الله وله أهل هي يمين ولم يلزمه شيء بغير خلاف نعلمه لأنها يمين مكفرة فصح الاستثناء فيها كاليمين بالله تعالى وكذا إن قال أنت حرام إن شاء الله أو عكسه فلا ظهار نص عليه خلافا لابن شاقلا وابن بطة وابن عقيل وإن قال أنت حرام إن شاء الله وشاء زيد فشاء زيد لم يكن مظاهرا لأنه علقه على شيئين فلا يحصل بأحدهما.

فصل في حكم الظهار
يحرم وطء المظاهر منها قبل التكفير
__________
فصل في حكم الظهار"يحرم وطء المظاهر منها قبل التكفير" إذا كان بالعتق أو الصيام بغير خلاف للآية وكذا إن كان بالإطعام في قول الجمهور لما روى عكرمة عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال ما حملك على ذلك يرحمك الله فقال رأيت خلخالها في ضوء القمر فقال لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وقال المرسل أولى بالصواب.
وهل يحرم الاستمتاع بها دون الفرج على روايتين أظهرهما أنه يحرم واختاره أبو بكر وابن عقيل وقدمه في "المستوعب" و "الفروع" لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام.
والثانية يجوز نقلها عن الأكثر وفي "الترغيب" هي أظهرهما لأنه تحريم يتعلق بالوطء فيه كفارة فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض والمراد من التماس في الآية الجماع.

وهل يحرم الاستمتاع بها دون الفرج؟ على روايتين. وعنه :وطؤها إذا كان التكفير بالإطعام ، اختاره أبو بكر . وتجب الكفارة بالعود وهو الوطء نص عليه أحمد وأنكر قول مالك انه العزم على الوطء وقال القاضي وأبو الخطاب هو العزم .
__________
"وعنه لا يحرم وطؤها إذا كان التكفير بالإطعام اختاره أبو بكر" وأبو إسحاق وقاله أبو ثور لأن الله لم يذكر المسيس فيه كما ذكره في العتق والصيام وجوابه أن يحمل المطلق على المقيد لاتحاد الواقعة.
"وتجب الكفارة" أي تثبت في ذمته "بالعود وهو الوطء نص عليه أحمد" اختاره الخرقي وقدمه في "الكافي" و "الرعاية" و"الفروع" وجزم به في الوجيز ل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [القصص: 3] المجادلة فأوجب الكفارة عقب العود وذلك يقتضي تعلقها به فمتى وطئ لزمته الكفارة ولا تجب قبل ذلك صرح به في المغني وغيره لأنه علق الكفارة بشرطين ظهار وعود والمعلق لا وجود له عند عدم أحدهما إلا أنها شرط كل الوطء فيؤمر بها من أراده ليستحله بها كما يؤمر بعقد النكاح من أراد حلها ذكره في الشرح ولأن العود في القول هو فعل ضد ما قال كما أن العود في الهبة استرجاع ما وهب ويلزمه إخراجها بعزمه على الوطء نص عليه ويجوز قبله وفي الانتصار في الطلاق إن عزم فيقف مراعا "وأنكر قول مالك انه العزم على الوطء" لما تقدم وقال أبو حنيفة "تجب الكفارة على من وطئ" وهي عنده في حق من وطئ كمن لم يطأ وقال الشافعي: "العود إمساكها بعد ظهاره زمنا يمكن طلاقها فيه" وقال داود: "العود تكرار الظهار مرة ثانية" وقال القاضي وأبو الخطاب وغيرهما: "هو العزم على الوطء" وذكره ابن رزين رواية لأنه قصد تحريمها فإذا عزم على الوطء فقد عاد فيما قصد ولأن الوطء تحريم فإذا عزم على استباحتها فقد رجع عن ذلك التحريم فكان عائدا ولأن الله تعالى أمر بالتكفير عقب العود قبل التماس وكلامه مشعر بأن العود ليس هو إمساك المظاهر منها عقب يمينه.
وصرح به في المغني وعلله بأن الظهار تحريم قصده وفعل ما حرمه دون

وإن مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة عليه وإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفر وإن وطئ قبل التكفير أثم واستقرت عليه الكفارة
__________
الإمساك ولأن العود فعل والإمساك ترك الطلاق ول قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [القصص: 3] وثم للتراخي والمهلة وذلك ينافي الإمساك عقب الظهار وحاصله أنهم لم يوجبوا الكفارة على العازم على الوطء إذا مات أحدهما أو طلق قبل الوطء إلا أبا الخطاب فإنه قال إذا مات بعد العزم أو طلق فعليه الكفارة وهذا قول مالك وأبي عبيدة وأنكره أحمد وقال القاضي وأصحابه لا كفارة عليه حكاه المؤلف وقطع في المحرر بالكفارة وحكاه عن القاضي وأصحابه.
"وإن مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة عليه" وحاصله أن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار فإن مات أحدهما أو فارقها قبل العود فلا كفارة عليه لأن الموجب لها هو الوطء ولم يوجد على المنصوص وأيهما مات ورثه الآخر وقال قتادة إن ماتت لم يرثها حتى يكفر وجوابه أن من ورثها إذا كفر ورثها وإن لم يكفر كالمؤلى منها.
"وإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفر" سواء كان الطلاق ثلاثا أو لا وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو لا نص عليه وهو قول الحسن وعطاء للآية وهي ظاهرة في امرأته فلا يحل أن يتماسا حتى يكفر كالتي لم يطلقها ولأن الظهار يمين مكفرة فلم يبطل حكمها بالطلاق كالإيلاء.
"وإن وطئ قبل التكفير أثم" مكلف لأنه بوطئه قبل التكفير عاص ربه لمخالفته أمره "واستقرت عليه الكفارة" ولو مجنونا نص عليه لئلا يسقط بعد ذلك كالصلاة إذا غفل عنها في وقتها.
وتحريم زوجته باق عليه حتى يكفر في قول الأكثر وظاهر كلام جماعة لا وأنه كاليمين قال في "الفروع" وهو أظهر وكذا في "الترغيب" وجهان كالإيلاء وفي الانتصار وغيره إن أدخلت ذكره نائما فلا عود ولا كفارة

وتجزئه كفارة واحدة وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل له حتى يكفر وقال أبو بكر يبطل الظهار و تحل له وإن وطئها فعليه كفارة يمين وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارته واحدة و عنه إن كرره في مجالس فكفارات.
__________
وعلى الأول "وتجزئه كفارة واحدة" لحديث سلمة بن صخر ولأنه وجد الظهار والعود فيدخل في عموم الآية وحكي عن عمرو بن العاص أن عليه كفارتين رواه الدارقطني وبه قال جمع وعن بعض العلماء أن ا لكفارة تسقط لأنه قد فات وقتها لكونها وجبت قبل المسيس.
"وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل له حتى يكفر" وحاصله أنه إذا ظاهر من زوجته الأمة ثم ملكها انفسخ النكاح وحكم الظهار باق ذكره الخرقي واختاره ابن حامد قال القاضي وهو "المذهب" للآية ولأن الظهار لا يسقط بالطلاق المزيل للملك والحل فبملك اليمين أولى.
"وقال أبو بكر" وأبو الخطاب "يبطل الظهار" لأن شرطه الزوجية وقد زالت فوجب أن يزول لزوال شرطه "وتحل له وإن وطئها فعليه كفارة يمين" لا غير كما لو كان تظاهر منها وهي أمته ويتخرج بلا كفارة ومقتضى كلامهما هنا أنها تباح له قبل التكفير لأنه أسقط الظهار وجعله يمينا لتحريم أمته فإن أعتقها عن كفارته أجزأ على القولين فإن تزوجها بعد ذلك حلت له بغير كفارة وإن أعتقها عن غير الكفارة ثم تزوجها لم تحل له حتى يكفر "وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارته واحدة" في ظاهر المذهب سواء كان في المجلس أو مجالس ينوي به الاستئناف أو التأكيد أو يطلق نقله عن أحمد جمع لأنه قول لم يؤثر تحريم الزوجة فلم تجب به كفارة ظهار كاليمين بالله تعالى وظاهره أنه إذا كفر عن الأول لزمه للثاني كفارة بغير خلاف لأنها أثبتت في المحل تحريما أشبهت الأولى
وعنه إن نوى الاستئناف فكفارات بعدده وقاله الثوري وعنه بعدده.
"وعنه إن كرره في مجالس فكفارات" روي عن علي وعمرو بن مرة

فإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة فكفارة واحدة وإن كان بكلمات فكل واحدة كفارة
__________
لأن الظاهر أنه قول مستأنف فوجب أن يتعلق به مثل ما تعلق بالأول بخلاف ما إذا كان في مجلس واحد فإن ظاهره أنه أراد التأكيد.
"فإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة" بأن قال أنتن علي كظهر أمي "فكفارة واحدة" بغير خلاف في "المذهب" قاله في "الشرح" وهو قول عمر وعلي رواه عنهما الأثرم ولا يعرف لهما في الصحابة مخالف ولأنها يمين واحدة فلم يجب لها أكثر من كفارة كاليمين بالله تعالى وعنه لكل امرأة كفارة كما لو أفردها والفرق أن كل كلمة تقتضي كفارة ترفعها وتكفر إثمها والظهار بكلمة واحدة الكفارة الواحدة ترفع حكمها وتمحو إثمها بخلاف الكلمات "وإن كان بكلمات فلكل واحدة كفارة" قاله عروة وعطاء وقال ابن حامد والقاضي هذا المذهب رواية واحدة لأنها أيمان في محال مختلفة أشبه ما لو وجدت في عقود متفرقة.
وعنه تجزئه كفارة واحدة اختاره أبو بكر وقال هذا الذي قلناه إتباعا لعمر والحسن وإبراهيم وإسحاق لأن كفارة الظهار حق الله فلم تتكرر بتكرر سببها كالحد وجوابه أن الحد عقوبة يدرأ بالشبهة وعنه إن كرره في مجالس فكفارات وإلا فواحدة قال القاضي وكذلك يخرج في كفارة القتل يعني بفعل أو أفعال.

فصل في كفارة الظهار و ما في معناها
__________
فصل في كفارة الظهار وما في معناها
الكفارة مأخوذ معناها من الكفر وهو الستر لأنها تستر الذنب "كفارة

كفارة الظهار على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا و كفارة الوطء في رمضان مثلها في ظاهر المذهب و كفارة القتل مثلهما إلا في الإطعام ففي وجوبه روايتان و الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب في إحدى الروايتين
__________
الظهار على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع" لكبر أو مرض وفي الكافي غير مرجو زواله أو يخاف زيادته أو أبطأه وذكر المؤلف وغيره أو لشبق وفي الترغيب أو لضعفه عن معيشة تلزمه وفي الروضة لضعف عنه أو كثرة شغل أو شدة حر {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: 4] لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ} [القصص: 3] الآيتين ولحديث خويلة امرأة أوس بن الصامت حين ظاهر منها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "تعتق رقبة" قالت يعني امرأته لا يجد قال "فيصوم شهرين متتابعين" قالت شيخ كبير ما به من صيام قال "فيطعم ستين مسكينا" وهذا الترتيب لا خلاف فيه إذا كان المظاهر حرا ويأتي حكم العبد "وكفارة الوطء في" نهار "رمضان مثلها في ظاهر المذهب" وقد سبق "وكفارة القتل مثلهما" لأن التحريم والصيام منصوص عليهما في كتاب الله تعالى "إلا في الإطعام ففي وجوبه روايتان" أصحهما لا يجب واختاره الأكثر لأنه لم يذكر في كتاب الله تعالى ولو كان واجبا لذكره كالعتق والصيام.
والثانية بلى اختارها في التبصرة والطريق الأقرب لأنها كفارة فيها عتق وصوم فكان فيها إطعام ككفارة الظهار.
"والاعتبار في الكفارات بحال الوجوب في إحدى الروايتين" وهي ظاهر الخرقي وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية والفروع لأنها تجب على وجه الطهرة فكان الاعتبار بحال الوجوب كالحد نص عليه فإذا وجب وهو عبد فلم يكفر حتى عتق فعليه الصوم لا يجزئه غيره وقاله الأثرم

فإذا وجبت و هو موسر ثم أعسر لم يجزئه إلا العتق وإن وجبت و هو معسر فأيسر لم يلزمه العتق و له الانتقال إليه إن شاء و عنه في العبد إذا عتق لا الصوم و الرواية الثانية الاعتبار بأغلظ الأحوال فمن أمكنه العتق من حين الوجوب إلى حين التفكير لا يجزئه غيره.
__________
فإن وجبت وهو موسر ثم أعسر لم يجزئه إلا العتق لأنه هو الذي وجب عليه فلا يخرج عن العهدة إلا به.
"وإن وجبت وهو معسر فأيسر لم يلزمه العتق" ما وجب عليه لا يقال الصوم بدل عن العتق فإذا وجد من يعتقه وجب الانتقال إليه كالمتيمم يجد الماء قبل الصلاة أو فيها للفرق بينهما فإن الماء إذا وجد بعد التيمم بطل بخلاف الصوم فإن العتق لو وجد بعد فعله لم يبطل.
"وله الانتقال إليه إن شاء" لأن العتق هو الأصل فوجب أن يجزئه كسائر الأصول.
"و عنه في العبد إذا عتق لا يجزئه غير الصوم" بناء على قولنا أن الاعتبار بحالة الوجوب لأنه حنث وهو عبد فلم يكن يجزئه إلا الصوم وقد نص أحمد على أنه يكفر كفارة عبد قال القاضي وفيه نظر ومقتضاه أنه لا يلزمه التكفير بالمال فإن كفر به أجزأه ولأنه حكم تعلق بالعبد في رقه فلم يتغير بحريته كالحد وهذا على القول الذي لا يجوز للعبد التكفير بالمال بإذن سيده وعلى الأخرى هو كالحر لأن رقه جعله كالمعسر فإذا أتى بالعتق وجب أن يجزئه كالحر المعسر.
"والرواية الثانية الاعتبار بأغلظ الأحوال" لأنها حق يجب في الذمة بوجود المال فاعتبرت بأغلظ الأحوال كالحج وجوابه إن الحج عبادة العمر وجميعه وقت لها فمتى قدر عليه في جزء من وقته وجب بخلافه هنا.
"فمن أمكنه العتق من حين الوجوب إلى حين التكفير لا يجزئه غيره" لأنه هو الواجب عليه ولا يجزئه غيره لأن فعله غير واجب عليه

فإن شرع في الصوم ثم أيسر لم يلزمه لم يلزمه الانتقال عنه و يحتمل أن يلزمه.
فصل
فمن ملك رقبة
__________
"فإن شرع في الصوم ثم أيسر لم يلزمه الانتقال عنه" وقاله أكثر العلماء لأنه لم يقدر على العتق قبل تلبسه بالصيام أشبه ما لو استمر العجز إلى ما بعد الفراغ ولأنه وجد المبدل بعد الشروع في البدل فلم يلزمه الانتقال إليه كالمتمتع يجد الهدي بعد الشروع في صيام الأيام السبعة ويفارق ما إذا وجد الماء في الصلاة فإن قضاءها يسير وروى البيهقي من حديث أبي القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا ابن أبى ذئب عن ابن شهاب قال السنة فيمن صام من الشهرين ثم أيسر أن يمضي وذكر في المبهج وابن عقيل رواية أنه يعتبر وقت الأداء لأنه حق له بدل من غير جنسه فاعتبر فيه حالة الأداء كالوضوء "و يحتمل أن يلزمه" الانتقال إليه وقاله ابن سيرين والحكم لأنه قدر على الأصل كالمتيمم يجد الماء قبل الصلاة أو فيها أصل إذا تكلف العتق ممن فرضه الصيام أجزأه في الأصح و إذا قلنا الاعتبار بحال الوجوب فوقته في الظهار من حين العود لا وقت المظاهرة لأن الكفارة لا تجب حتى يعود ووقته في اليمين من الحنث لا وقت اليمين فلو كان المظاهر ذميا فتكفيره بغير الصوم لأنه ليس من أهله ويتعين رقبة مؤمنة إذا كانت في ملكه فإن لم يكن فلا سبيل إلى شرائه ويتعين التكفير بالإطعام إلا أن يقول لمسلم أعتق عبدك عن كفارتي وعلي ثمنه فيصح في رواية فلو ظاهر وهو مسلم ثم ارتد وصام فيها لم يجزئه وإن كفر بغيره فقال احمد لا يجزئه وقال القاضي المذهب أنه موقوف
فصل
"فمن ملك رقبة" لزمه فلو اشتبه عبده بعبيد غيره أمكنه العتق بأن يعتق الرقبة

أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام وغيرها من حوائجه الأصلية بثمن مثلها لزمه العتق و من له خادم يحتاج إليه أو دار يسكنها أو دابة يحتاج إلى ركوبها
__________
التي في ملكه ثم يقرع بين الرقاب فيعتق من وقعت عليه القرعة هذا قياس "المذهب" قاله القاضي وغيره "أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام" لقوله عليه السلام "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" ولأن ذلك مقدم على دين المفلس المقدم على الكفارة فلأن يقدم عليها بطريق الأولى.
"وغيرها من حوائجه الأصلية" لأنها قريبة من كفايته ومساوية لها بدليل تقديمها على غرماء المفلس.
"بثمن مثلها" لأن ما حصل بأكثر من ثمن المثل يجوز له الانتقال كاليتيم.
"لزمه العتق" إجماعا و ليس له لانتقال إلى الصيام إذا كان مسلما حرا مع شرط آخر و هو أن يكفر فاضلا عن و فاء دينه وفيه رواية لا مال يحتاجه لأكل الطيب و لبس الناعم و هو من أهله لعدم عظم المشقة ذكره ابن شهاب و غيره.
"و من له خادم يحتاج إلى خدمته" لكبر أو مرض و نحوه أو كان ممن لا يخدم نفسه عادة فليس عليه إعتاق لأنه في حكم العدم كمن معه ما يحتاج إليه العطش و نحوه فإن كان يخدم امرأته وهو ممن عليه إخدامها أو كان له رقيق يتقوت بخراجهم فكذلك بخلاف ما إذا كان له خادم و هو يخدم نفسه عادة لزمه الإعتاق لأنه فاضل عن حاجته.
فرع : إذا كان له سرية لم يلزم إعتاقها فإن أمكنه بيعها و شراء سرية غيرها و رقبة يعتقها لم يلزمه لأن الغرض قد يتعلق بعينها بخلاف ما إذا كان له رقبة يمكنه بيعها و شراء رقبتين بثمنها يستغني بخدمة إحداهما و يعتق الأخرى.
"أو دار يسكنها أو دابة يحتاج إلى ركوبها" لأن ذلك من حوائجه الأصلية فإن كان له دار يمكنه بيعها و شراء ما يكفيه لسكن مثله أو رقبة ,

أو ثياب يتجمل أو كتب يحتاج إليها أو لم يجد رقبة إلا بزيادة عن ثمن مثلها تجحف به لم يلزمه العتق وإن وجدها بزيادة لا تجحف به فعلى وجهين وإن وهبت له رقبة لم يلزمه قبولها وإن كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة لزمه.
__________
أو ضيعة يفضل منها عن كفايته ما يمكنه شراء رقبة لزمه ويراعي في ذلك الكفاية التي يحرم معها أخذ الزكاة
"أو ثياب يتجمل بها" لأنه غير قادر على العتق لكن لو كان له ملابس فاخرة تزيد على ملابس مثله يمكنه بيعها و شراء ما يكفيه في لباسه ورقبة يعتقها لزمه.
"أو كتب" علم "يحتاج إليها" أو عقار يحتاج إلى غلته أو عرض للتجارة لا يستغني عن ربحه في مؤنته "أو لم يجد رقبة إلا بزيادة عن ثمن مثلها تجحف به لم يلزمه العتق" لأن عليه ضررا في ذلك "وإن وجدها بزيادة لا تجحف فعلى وجهين" وقيدهما في "المحرر" و"الرعاية" بما لا يتغابن الناس بمثلها.
أحدهما يلزمه وهو أشهر لأنها زيادة لا تجحف به أشبه ما لو بيعت بثمن مثلها والثاني لا لأنه يجد رقبة بثمن مثلها أشبه العادم وأصلهما العادم للماء إذا وجده بزيادة على ثمن مثله فإن وجد رقبة رفيعة يمكن أن يشتري بثمنها رقبتين من غير جنسها لزمه لا ضرر في الشرط وإنما الضرر في إعتاقها وذلك لا يمنع الوجوب كما لو كان مالكا لها.
"وإن وهبت له رقبة لم يلزمه قبولها" لأن عليه منة في قبولها وذلك ضرر في حقه "وإن كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة" لغيبة ماله وفي الرعاية أو لكونه دينا لزمه في الأصح وقد ذكر المؤلف أنه إذا عدم الماء فبذل له بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده وجهين أحدهما يلزمه واختاره القاضي لأنه قادر على أخذه بما لا مضرة فيه والثاني وقاله أبو الحسن التميمي لا لأن عليه ضررا في بقاء الدين في ذمته وربما تلف ماله قبل أدائه فيخرج هاهنا على الوجهين قال في الشرح والأولى إن شاء الله تعالى أنه لا يلزمه وظاهره أنها إذا لم تبع نسيئة فإنه يجوز الصوم قدمه في "المحرر" و"الفروع" للحاجة ,

ولا تجزئه في كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة وكذلك في سائر الكفارات في ظاهر المذهب و لا تجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا
__________
وكالعادم وقيل لا وقيل ظهار للحاجة لتحريمها قبل التكفير وفي "الشرح" إذا كان مرجو الحضور قريبا لم يجز الانتقال إلى الصيام لأن ذك بمنزلة الانتظار لشراء الرقبة وإن كان بعيدا جاز الانتقال إليه في غير كفارة الظهار.
فرع : لا يجوز تقديم كفارة الظهار قبله فلو قال لعبده أنت حر الساعة عن ظهاري عتق ولم يجزئه عنه فإن قال إن ظاهرت فأنت حر عن ظهاري ثم قال لامرأته أنت علي كظهر أمي عتق وفي إجزائه عن الكفارة وجهان.
"ولا تجزئه في كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة" رواية واحدة قاله في المستوعب وحكاه ابن حزم إجماعا وسنده قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وكذلك في سائر الكفارات في ظاهر المذهب وهو قول الحسن وإسحاق والأكثر قياسا على كفارة القتل ولقوله عليه السلام "أعتقها فإنها مؤمنة" رواه مسلم من حديث معاوية وعنه يجزئه في غير كفارة قتل عتق رقبة وقيل كافرة وقيل كتابية وقيل ذمية وهو قول عطاء والثوري لأن الله تعالى أطلق الرقبة في كفارة الظهار فوجب أن يجزئ ما تناوله الإطلاق وجوابه بأن المطلق يحمل على المقيد إذا اتحد الحكم ولأن الإعتاق يتضمن تفريغ العبد المسلم لعبادة ربه وتكميل أحكامه ومعونة للمسلمين فناسب ذلك إعتاقه في الكفارة تحصيلا لهذه المصالح.
وذكر أبو الخطاب وجمع منع حربية ومرتدة اتفاقا قال في "الفروع" و يتوجه في نذر عتق مطلق رواية مخرجة من فعل منذور في وقت نهي ومن منفعة زوجته من حجة نذر بناء على أنه ليس كالواجب بأصل الشرع
"و لا تجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا" لأن المقصود تمليك العبد منفعته و تمكينه من التصرف ولا يحصل هذا مع ما يضر

كالعمى و شلل اليد و الرجل أو قطعهما أو قطع إبهام اليد أو سبابتهما أو الوسطى أو الخنصر و البنصر من يد واحدة و لا يجزئ المريض المأيوس منه و لا النحيف العاجز عن العمل و لا غائب لا يعلم خبره
__________
بالعمل ضررا بينا "كالعمى" لأنه لا يمكنه العمل في أكثر الصنائع لفقده البصر الذي يهتدي به إلى العمل.
"و شلل اليد و الرجل أو قطعهما" لأن اليد آله البطش و الرجل آله المشي فلا يتهيأ كثير من العمل مع حصول ذلك وكذا لا يجزئ مقعد و مجنون مطبق لأنه وجد فيه العيبان ذهاب منفعة الحس و حصول الضرر و لأنه إذا لم يستقل بكفاية نفسه يكون كلا على غيره و قد نظر الشافعي في العيوب من كل باب إلى ما يليق به فاعتبر هنا ما يضر بالعمل و في الأضحية ما ينقص اللحم و في النكاح ما يخل بمقصود الجماع و في البيع ما يخل بالمالية.
"أو قطع إبهام اليد أو سبابتها أو الوسطى أو الخنصر و البنصر من يد واحدة" لأن نفع اليد يزول أكثره بذلك و مقتضاه أنه لو قطع خنصره و وبنصره من يدين جاز عتقه.
و صرح به في "الوجيز" لأن نفع الكفين باق و قطع أنملة الإبهام كقطعها وإن قطع من إصبع أنملتان فهو كقطعها لأنه ذهب بمنفعتها وإن قطع من أصبع غير الإبهام أنملة لم يمنع و في الواضح أن مقطوع الإبهامين لا يجزئ بخلاف ما إذا قطع أحدهما و لا يجزئ المريض المأيوس منه كمرض السل لأن برأه يندر و لا يتمكن من العمل مع بقائه و قيل أولا ثم مات وظاهره أنه إذا لم يكن مأيوسا منه كالحمى و نحوها لم يمنع.
"و لا النحيف العاجز عن العمل" لعجزه عما هو المقصود بعتق الرقبة و ظاهره أنه إذا تمكن من العمل فإنه يجزئ و في معناه الزمن و المقعد و فيهما رواية.
"و لا غائب لا يعلم خبره" لأنه مشكوك في حياته و الأصل بقاء شغل الذمة فلا تبرأ بالشك لا يقال الأصل الحياة لأنه قد علم أن الموت لا بد منه و قد وجدت دلالة عليه و هو انقطاع خبره وفيل يجزئ كما لو علم

و لا مجنون مطبق و لا أخرس لا تفهم إشارته و لا عتق من علق عتقه بصفة عند وجودها و لا من يعتق عليه بالقرابة
__________
بعد و فيل يعتق ولا يجزئ فإن لم ينقطع خبره أجزأ عتقه لأنه عتق صحيح
"و لا مجنون مطبق" لأنه معدوم النفع ضرورة استغراق زمانه في الجنون وقيل أو أكثر وقته و هو أولى لعدم قدرته على تمام العمل و في معناه الهرم قاله في "الرعاية".
"و لا أخرس لا تفهم إشارته" لأن منفعته زائلة أشبه زوال العقل و لأن الخرس نقص كثير يمنع كثيرا من الأحكام كالقضاء و الشهادة و كثير من الناس لا تفهم إشارته فيتضرر بترك استعماله و ظاهره أنه إذا فهمت إشارته أجزأ صححه في "الشرح" كذهاب الشم و المنصوص عدم الإجزاء ذكره في الكافي و قيل يجزئ مطلقا حكاه في "التعليق" و أبو الخطاب عن أحمد فإن كان به صمم لم يجزئ و إلا أجزأ و في "المغني" الأولى أنه متى فهمت إشارته و فهم إشارة غيره أنه يجزئ لأن الإشارة تقوم مقام الكلام و في "الواضح" "المذهب" أنه يجزئ الأصم لأن الصمم لا يمنع من التصرف في العمل "و لا عتق من علق عتقه بصفة عند وجودها" أي إذا اشترى من يعتق عليه إذا ملكه ينوي بشرائه عتقه عن الكفارة عتق و لم يجزئه لأنه حينئذ يستحق العتق بسبب غير الكفارة فلم يجزئ عتقه كالذي يعتق عليه بشرائه و ظاهره انه إذا علق عتقه للكفارة أو أعتقه قبل وجود الصفة أنه يجزئ لأنه أعتق عبده الذي يملكه عن الكفارة لأن عتقه مستحق في غير الكفارة.
"ولا من يعتق عليه بالقرابة" لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] و التحرير فعل العتق و لم يحصل هنا بتحرير منه و لا إعتاق فلم يكن ممتثلا للأمر و لأن عتقه مستحق بسبب آخر فلم يجزئه كما لو ورثه ينوي به العتق عن كفارته و يخالف المشتري البائع من وجهين أحدهما أن البائع يعتقه و المشتري لم يعتقه و إنما يعتق بإعتاق الشارع من غير اختيار منه و الثاني أن البائع لا يستحق عليه إعتاقه و المشتري بخلافه .

و لا من اشتراه بشرط العتق في ظاهر المذهب و لا أم و لده في الصحيح عنه و لا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا في اختيار شيوخنا وعنه:يجزئ وعنه :لا يجزئ مكاتب بحال.
__________
"و لا من اشتراه بشرط العتق في ظاهر المذهب" و هو قول معقل بن يسار لأنه إذا فعل ذلك فالظاهر أن البائع نقصه من الثمن لأجل هذا الشرط فكأنه أخذ عن العتق عوضا فلم يجزئه عن الكفارة وعنه بلى فعلى الأول لو شرط عليه مالا أو خدمة لم يجزئه.
"و لا أم و لده في الصحيح عنه" و قاله الأوزاعي و أبو عبيد و الأكثر لأن عتقها مستحق بسبب آخر كما لو اشترى قربيه أو عبدا بشرط العتق فأعتقه و كما لو قال أنت حر إن دخلت الدار و نوى عتقه عن كفارته عند دخوله.
و الثانية يجزئ قاله الحسن و طاووس لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} و معتقها قد حررها و جوابه الآية مخصوصة بما ذكرناه فنقيس عليه ما اختلفوا فيه.
"و لا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا في اختيار شيوخنا" و هو قول الليث و الأوزاعي قال القاضي هو الصحيح و قدمه في الفروع و اختاره الأكثر لأنه إذا أدى شيئا فقد حصل العوض عن بعضه فلم يجز كما لو أعتق بعض رقبة وظاهره أنه إذا لم يؤد شيئا أنه يجزئ على المذهب لأنه أعتق رقبة مؤمنة سالمة الخلق تامة الملك فأجزأ كالمدبر "و عنه يجزئ" و قاله أبو ثور و اختاره أبو بكر و قدمه في المحرر لأن المكاتب عبد يجوز بيعه فأجزأ عتقه عنها كالمدبر و لأنه رقبة فيدخل في مطلق الآية "و عنه لا يجزئ مكاتب بحال" قاله أبو عبيد و الأكثر لأن عتقه مستحق بسبب الكتابة و لهذا لا يملك إبطال كتابته أشبه أم الولد و قيل يجزئ من كتابة فاسدة و قال ابن حمدان إن جاز بيعها و الصحيح الأول و الفرق بينه و بين المدير أن المدبر لم يحصل في مقابلة منه عوض بخلاف مكاتب أدى بعض كتابته و الفرق بينه وبين أم الولد أنه لا يجوز بيعها على الصحيح بخلاف المكاتب.

و يجزئ الأعرج يسيرا و المجدوع الأنف و الأذن و المجبوب و الخصي و من يخنق في الأحيان و الأخرس الذي يفهم الإشارة و تفهم إشارته
__________
فرع: لا يجزئ إعتاق الجنين في قول أكثرهم لأنه لا تثبت له أحكام بعد و فاته فإنه لا يملك إلا بالإرث و الوصية و لا يشترط لهما كونه آدميا لكونه يثبت له ذلك و هو نطفة أو علقه و ليس بآدمي في تلك الحال.
تنبيه : إذا اشترى عبدا ينوي إعتاقه عن كفارته فوجد به عيبا لا يمنع من الإجزاء فاخذ أرشه ثم أعتقه عنها أجزأه و الأرش له فإن أعتقه قبل العلم بالعيب ثم ظهر على عيبه و أخذ أرشه فهو له كما لو أخذه قبل إعتاقه
وعنه أنه يصرف الأرش في الرقاب فإن علم العيب ولم يأخذ أرشه كان الأرش للمعتق لأنه أعتقه معيبا عالما بعيبه فلم يلزمه أرش كما لو باعه لمن يعلم عيبه فلو قال أعتق عبدك عن كفارتك و لك خمسة دنانير ففعل لم يجزئه عنها لأن الرقبة لم تقع خالصة عن الكفارة و ذكر القاضي أن العتق يقع عن باذل العوض و له ولاؤه.
"و يجزئ الأعرج يسيرا" لأنه قليل الضرر بالعمل بخلاف الفاحش الكثير فهو كقطع الرجل و في "المستوعب" يجزئ الأعرج يسيرا إذا كان يتمكن من المشي و المجدع و الأنف و الأذن الجدع قطع الأنف و الأذن و الشفه و هو بالأنف أخص لأن ذلك لا تعلق له بالعمل فهو كمقطوع الأذنين وكنقص السمع "و المجبوب و الخصي و من يخنق في الأحيان والأصم و الأخرس الذي يفهم الإشارة و تفهم إشارته" لما ذكرنا وخالف في الموجز و "التبصرة" لنقصه وتجزئ الرتقاء والكبيرة التي تقدر على العمل لأن ما لا يضر بالعمل لا يمنع تمليك العبد منافعه وتكميل أحكامه.
مسائل: يجزئ مستأجر ومرهون وأحمق والجاني مطلقا وإن قتل قصاصا و الأمة الزوجة و الحامل وإن استثنى حملها كما لا يضر قطع أصابع قدم و كذهاب نور إحدى العينين و قال أبو بكر فيه قول آخر لأنه

و المدبر و المعلق عتقه بصفة وولد الزنى والصغير .وقال الخرقي: إذا صام وصلى.
__________
يمنع التضحية و الإجزاء في الهدي أشبه العمى.
"و المدبر" في قول طاووس لأنه عبد كامل المنفعة لم يحصل عن شيء منه عوض كالقن و لأنه يجوز بيعه وإن قيل بعدم جوازه لم يجز عتقه قاله الأوزاعي و أبو عبيد و لأكثر لأن عتقه مستحق بسبب آخر أشبه أم الولد "و المعلق عتقه بصفة" قبل و جودها لأن ملكه فيه تام "وولد الزنى" في قول أكثر العلماء لدخوله في الآية و لأنه مملوك مسلم كامل العقل لم يعتق عن شيء و لا استحق عتقه بسبب آخر أشبه ولد الرشيدة قال الطحاوي هو الملازم للزنى كما يقال بن السبيل الملازم لها وولد الليل الذي يسير فيه.
و قال عطاء الأوزاعي لا يجزئ استدلالا بقوله عليه السلام "و لد الزنى شر الثلاثة" رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال الخطابي هو شر الثلاثة أصلا و عنصرا و نسبا لأنه خلق من ماء الزنى وهو خبيث و أنكر قوم هذا التفسير وقالوا ليس عليه من وزر و الدية ل قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] و قد ورد في بعض الأحاديث أنه شرهم إذا عمل عملهم فإن صح ذلك أندفع الإشكال وبالجملة فهذا يرجع إلى أحكام الآخرة و أما أحكام الدنيا فهو كغيره في صحة إمامته و بيعه و عتقه و قبول شهادته فكذا في عتقه عن الكفارة و يجزئ مع كمال أجره.
قال الشيخ تقي الدين و يشفع مع صغره في أمه لا أبيه "و الصغير" كذا عبر به الأصحاب و عنه له سبع سنين إن اشترط الإيمان قاله في "الوجيز" لدخوله في الآية و لأنه يرجى منافعه فأجزأ كالمريض و المراد بالإيمان الإسلام بدليل إعتاق الفاسق قال الثوري المسلمون كلهم مؤمنون عندنا في الأحكام و لا ندري ما هم عند الله و لهذا تعلق حكمه بكل مسلم و "قال الخرقي إذا صلى و صام" لأن المعتبر الفعل دون السن فمن صلى و صام ممن له عقل يعرفهما و يتحقق منه الآيتان بنيته و أركانه فإنه يجزئ في

و إن أعتق نصف عبد و هو معسر ثم اشترى باقيه فأعتقه أجزأه إلا على رواية وجوب الاستسعاء وإن أعتقه و هو موسر فسرى إلى نصيب شريكه لم يجزئه نص عليه و يحتمل أن يجزئه وإن أعتق نصفا آخر
__________
الكفارة وإن لم يبلغ السبع و ظاهره أنه إذا لم يوجد منه أنه لا يجزئ وإن كان كبيرا لأنه عاجز من كل وجه أشبه الزمن.
و قدم في "الرعاية" أنه يجزئ ابن سبع إذا صلى و صام و ظاهر كلام أحمد أنه لا يجزئ إعتاق من له دون سبع لأنه لا تصح منه العبادات أشبه المجنون و قال القاضي في إعتاق الصغير في جميع الكفارات إلا كفارة القتل فإنها على روايتين و نقل الميموني يعتق الصغير إلا في قتل الخطأ فإنه لا تجزئ إلا مؤمنة فأراد التي صلت و الأول أقرب إلى الصواب و الصحة لأن الإيمان و الإسلام هو حاصل في حق الصغير و هو مؤمن تبعا.
"وإن أعتق نصف عبد و هو معسر ثم اشترى باقيه فأعتقه أجزأه" لأنه أعتق رقبة كاملة في و قتين كما لو أطعم المساكين في وقتين "إلا على رواية وجوب الاستسعاء" لأنه حينئذ مستحق العتق فلم يجزئ كما لو اشتراه بشرط العتق و الأصح في المذهب خلافها "وإن أعتقه" عن كفارته "و هو موسر فسرى إلى نصيب شريكه" عتق "لم يجزئه" نص عليه اختاره الخلال و صاحبه و صححه في "الشرح" لأن عتق نصفه لم يحصل بالمباشرة بل بالسراية كما لو عتق نصف عبد.
"و يحتمل أن يجزئه" إذا نوى إعتاق جميعه عن كفارته اختاره القاضي و أصحابه و زعم أنه قياس "المذهب" لأنه أعتق عبدا كامل الرق سليم الخلق غير مستحق للعتق ناويا به الكفارة فأجزأ كما لو كان الجميع ملكه
فرع : إذا كان له عبد فأعتق جزءا منه معينا أو مشاعا عتق كله وإن نوى به الكفارة أجزأ عنه وإن نوى إعتاق الجزء الذي باشره عن الكفارة دون غيره لم يجزئه عتق غيره وهل يحتسب له بما نوى عن الكفارة على وجهين.
"وإن أعتق نصفا آخر" أي نصف عبدين أو أمتين أو نصف عبد ونصف

أجزأه عند الخرقي ولم يجزئه عند أبي بكر.
فصل
فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين حرا كان أو عبدا و لا تجب نية التتابع
__________
أمة "أجزأه عند الخرقي" وفي "الروضة" هو الصحيح في "المذهب" لأن الأشقاص كالأشخاص فيما لا يمنع العيب اليسير دليله الزكاة إذا كان نصف ثمانين شاة مشاعا وجبت الزكاة كما لو ملك أربعين منفردة وكالضحايا والهدايا إذا اشتركوا فيها "ولم يجزئه عند أبي بكر" لأن المقصود تكميل الأحكام ولا تحصل من إعتاق نصفين وذكر ابن عقيل وصاحب "الروضة" روايتين وقيل إن كان باقيهما حرا أجزأه اختاره القاضي زاد في المحرر إذا أعتق كل واحد منهما عن كفارتين أجزأه وإلا فلا وهذا أصح لأن إعتاق الرقبة إنما ينصرف إلى الكاملة ولا يحصل من الشخصين ما يحصل من الرقبة الكاملة في تكميل الأحكام وتخليص الآدمي من ضرر الرق ويمتنع قياس الشقصين على الرقبة الكاملة بدليل الشراء.
فرع : الأصح أنه لا يجزئ المغصوب وأطلق الخلاف في "الترغيب" وفي موصى بخدمته أبدا منع وتسليم في "الانتصار" وأما نضو الخلق ضعيف التركيب فإن كان لا يضعف عن العمل مع بقائه أجزأه.
فصل
"فمن لم يجد" رقبة يشتريها أو وجدها ولم يجد ثمنها أو وجده لكن بزيادة كثيرة تجحف بماله أو وجدها ولكن احتاجها لخدمة ونحوه "فعليه صيام شهرين متتابعين" إذا قدر عليه إجماعا وسنده قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة:4] من قبل أن يتماسا وأجمعوا على وجوب التتابع ومعناه الموالاة بين صيام أيامهما فلا يفطر فيهما ولا يصوم عن غير الكفارة "حرا كان" المكفر "أو عبدا" بغير خلاف نعلمه "ولا تجب نية التتابع" بل يكفي فعله لأنه شرط وشرائط العبادات لا تحتاج إلى نية وإنما تجب النية

فإن تخلل صومها شهر رمضان أو فطر واجب كفطر العيد أو الفطر بحيض أو نفاس أو جنون أو مرض مخوف أو فطر الحامل و المرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع التتابع و كذلك إن خافتا على و لديهما
__________
لأفعالها وقيل تجب النية ففي الاكتفاء بالليلة الأولة والتجديد لكل ليلة وجهان ويبيت النية وفي تعيينها جهة الكفارة وجهان فإن تخلل صومها شهر رمضان بأن يبتدئ الصوم من أول شعبان فيتخلله رمضان.
"أو فطر واجب كفطر العيد" بأن يبتدئ مثلا من ذي الحجة فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق فإن التتابع لا ينقطع بهذا ويبني على ما مضى من صيامه لأنه زمن منعه الشرع عن صومه في الكفارة كالحيض والنفاس وفي "مفردات ابن عقيل" في صوم العيد يقطع التتابع لأنه خلله بإفطار يمكنه أن يحترز عنه ثم سلم أنه لا يقطعه لأنه لا يقبل الصوم كالليل ويتخرج في أيام التشريق أنه يصومها فعلى هذا إن أفطرها استأنف لأنها أيام أمكنه صيامها في الكفارة ففطرها يقطع التتابع كغيرها "أو الفطر بحيض أو نفاس" أجمع أهل العلم ونص عليه أحمد على أن الصائمة متتابعا إذا حاضت قبل إتمامه تقضي إذا طهرت وتبني لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس و فيه تغرير بالصوم لأنها ربما ماتت قبله و النفاس كالحيض لأنه بمنزلته في أحكامه في وجه و في آخر يقطع التتابع لأنه فطر أمكن التحرز منه ولا يتكرر في العام أشبه الفطر لغير عذر و لا يصح قياسه على الحيض لأنه أندر منه لا يقال الحيض و النفاس لا يمكن التحرز منهما لأنه قد يمكن التحرز من النفاس بأن لا تبتدئ الصوم في حال الحمل و في الحيض إذا كان طهرها يزيد على الشهرين بإن تبتدئ الصوم عقب طهرها من الحيض و مع هذا لا ينقطع التتابع به "أو جنون قال جماعة أو مرض مخوف" روي عن ابن عباس و سعيد بن المسيب و الحسن لأنه أفطر بسبب لا صنع له فيه كالحيض "أو فطر الحامل و المرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع التتابع" لأنه فطر أبيح لعذر من غير جهتها فلم ينقطع كالمريض "و كذلك إن خافتا على و لديهما" لم ينقطع التتابع و جزم به معظم الأصحاب لأنه

ويحتمل أن ينقطع وإن أفطر لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء أو عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر أو المرض غير المخوف فعلى وجهين.
__________
فطر أبيح لهما بسبب لا يتعلق باختيارهما كما لو أفطرتا خوفا على أنفسهما.
"ويحتمل أن ينقطع" لأن الخوف على غيرهما ولهذا تلزمهما الفدية مع القضاء وأطلق في "المحرر" الخلاف والأول "المذهب" لاشتراكهما في إباحة الفطر والمشقة اللاحقة فقطع التتابع وبفطره ناسيا أو مكرها أو مخطئا كجاهل به "وإن أفطر" أي تعمده "لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء أو عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف" لأنه أخل بالتتابع المشروط ويقع صومه عما نواه لأن هذا الزمان ليس بمستحق متعين للكفارة بخلاف شهر رمضان فإن كان عليه صوم نذر غير معين أخره إلى فراغه من الكفارة وإن كان متعينا أخر الكفارة عنه أو قدمها عليه وإن أمكن وإن كان أياما من الشهر كالخميس وأيام البيض قدم الكفارة عليه لأنه لو صامه لا يقطع التتابع ولزمه الاستئناف فيفضي إلى أنه لا يتمكن من التكفير بحال والنذر يمكنه قضاؤه بعد صوم الكفارة وفيه شيء لأنه النذر المتعين زمانه متعين للصوم فهو كرمضان فيلزم عدم انقطاع التتابع به لتعينه أو انقطاع التتابع بصوم رمضان ضرورة مساواة أحدهما للآخر في تعيين الزمان بل الأولى أن يقال النذر آكد من رمضان لأن النذر السابق مقدم بخلاف رمضان فإن التكفير سابق عليه قاله ابن المنجا.
"وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير المخوف فعلى وجهين" ذكرهما أبو الخطاب في الثانية أحدهما: لا ينقطع التتابع كالمرض المخوف.
والثاني: بلى كما لو أفطر لغير عذر وإن أفطر لسفر يبيح الفطر فالأظهر عن أحمد في رواية الأثرم أنه لا ينقطع وقاله الحسن لأنه أفطر لعذر يبيح الفطر في رمضان كفطر الحائض وقيل بلى وقاله الأكثر لأن السفر حصل باختياره فقطعه كما لو أفطر لغير عذر وفي "الروضة" إن أفطر لعذر كمرض وعيد بنى

وإن أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع وعنه لا ينقطع بفعله ناسيا وإن أصاب غيرها ليلا لم ينقطع.
__________
وكفر كفارة يمين قيل لأحمد مظاهر أفطر لمرض يعيد قال أرجو أنه في عذر.
فرع: إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب أفطر وفي انقطاع التتابع وجهان وإن أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع وقاله الثوري وأبو عبيد والأكثر ل قوله تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] أمر بهما خاليين من التماس ولم يوجد ولأن تحريم الوطء لا يختص الصيام فاستوى فيه الليل والنهار كالاعتكاف لا يقال الوطء ما بقي إلى كفارته سبيل لأن الآية دلت ألا يوجد التماس قبل الشهرين ولا فيها فإذا تعذر اشتراط أحدهما وجب الآخر لإمكانه.
"وعنه لا ينقطع بفعله ناسيا" أي لا ينقطع التتابع بفعله ليلا ولا نهارا ناسيا ورجحه في الشرح لأنه وطء لا يفطر به كوطء غيرها وعنه لا يفطر ولا ينقطع لأنه فعل الفطر ناسيا وإن أبيح له الفطر لعذر فوطئ غيرها لم ينقطع لأن الوطء لا أثر له في قطع التتابع وإن وطئها كان كوطئها ليلا وهل يقطع التتابع فيه وجهان ودل ذلك على أن وطأه في أثناء إطعام كما نقله ابن منصور وعتق لا يقطعه ومنعهما في "الانتصار" ثم سلم الإطعام لأنه بدل والصوم مبدل كوطء من لا تطيق الصوم في الإطعام.
"وإن أصاب غيرها ليلا لم ينقطع" بغير خلاف نعلمه لأن محرم عليه ولا هو مخل بإتباع الصوم كالأكل ودل على أنه إذا لمس المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام وفي "الرعاية" روايتان.

فصل
فإن لم يستطع لزمه إطعام ستين مسكينا مسلما حرا صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل الطعام
__________
فصل
"فإن لم يستطع" الصوم لكبر أو مرض ولو رجي زواله أو يخاف زيادته أو بطأه قال جماعة أو شبق "لزمه إطعام ستين مسكينا" إجماعا وسنده الآية الكريمة والخبر وعلم منه أنه لا يجوز الانتقال إليه لأجل السفر لأنه لا يعجزه عن الصيام وله نهاية ينتهي إليها وهو من أفعاله الاختيارية بخلاف المرض.
"مسلما حرا صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل الطعام" وحاصله أن من أعطي الزكاة لحاجته جاز إعطاؤه من طعامها والمساكين هم الذين تدفع إليهم الزكاة لحاجتهم ويدخل فيه الفقراء لأنهم وإن كانوا صنفين فهم صنف واحد واقتصر في "الهدي" عليهما لظاهر القرآن وشرطه الإسلام وهو قول الأكثر لأنه شرط في دفع الزكاة إليه والكفارة جارية مجراها وذكر أبو الخطاب وغيره في ذمي يخرج من عتقه وخرج الخلال دفعها إلى كافر قال ابن عقيل لعله من المؤلفة ولأنه مسكين من أهل دار الإسلام فأجزأ الدفع إليهم منها كالمسلم وقال الثوري يعطيهم إذا لم يجد غيرهم.
وجوابه أنهم كفار فلم يجز إعطاؤهم منها كمساكين أهل الحرب والآية مخصوصة بهذا والجزية لا يجوز دفعها إلى عبد ولا مكاتب ولا أم ولد لوجوب نفقتهم على السيد ولا فرق فيه بين الكبير والصغير لأنه مسكين فجاز إطعامه كالكبير وهذا إذا أكل الطعام فإن لم يأكله لم يدفع إليه في ظاهر الخرقي وقاله القاضي وهي أشهر الروايتين قاله المجد وهو ظاهر كلام المؤلف كزكاة في رواية نقلها جماعة وسواء كان محجورا عليه أو لا لكن من لا حجر عليه يقبض لنفسه أو وكيله والمحجور عليه كالصغير والمجنون يقبض له وليه.

ولا يجوز دفعها إلى مكاتب ولا إلى من تلزمه مؤنته وإن دفعها إلى من يظنه مسكينا فبان غنيا فعلى روايتين وإن رددها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزئه إلا أن لا يجد غيره فيجزئه في ظاهر المذهب وعنه لا يجزئه ، وعنه يجزئه وإن وجد غيره
__________
والأخرى يدفع إلى الصغير الذي لم يطعم ذكرها أبو الخطاب "المذهب" وقاله أكثر الفقهاء لأنه مسلم حر محتاج أشبه الكبير "ولا يجوز دفعها إلى مكاتب" لأنه عبد واختار الشريف جواز دفعها إليه اختاره في "المحرر" وغيره وقال أبو الخطاب يتخرج دفعها إليه بناء على جواز إعتاقه لأنه يأخذ من الزكاة لحاجته أشبه المسلمين وجوابه بأنه ليس في معنى المسكين لأن حاجته من غير جنس حاجتهم والكفارة إنما هي للمساكين للآية ولأن المسكين يدفع إليه ليتم كفايته والمكاتب إنما يأخذ لفكاك رقبته وكفايته في كسبه.
"ولا إلى من تلزمه مؤنته" لأن الزكاة لا تدفع إليهم فكذا الكفارة وفي دفعها إلى الزوج وجهان بناء على الروايتين في دفع الزكاة إليه.
"وإن دفعها إلى من يظنه مسكينا" أي ظاهره الفقر "فبان غنيا فعلى روايتين" وفي "الشرح" وجهان بناء على الروايتين في الزكاة وظاهره أنه إذا بان كافرا أو عبدا أنه لا يجزئه وجها واحدا.
وإن رددها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزئه" لأن الله تعالى أوجب إطعام ستين مسكينا ولم يطعم إلا مسكينا واحدا "إلا أن لا يجد غيره فيجزئه في ظاهر المذهب" وهو الصحيح لأنه مع عدم الوجدان لغيره معذور
"وعنه لا يجزئه" مطلقا اختاره في "الانتصار" لظاهر الآية لمن احتج لعدم بزكاة ووصية للفقراء وخمس الخمس بأن فيه نظرا وصححها في "عيون المسائل" وقال اختارها أبو بكر واحتج ابن شهاب بأنه مال أضيف إلى عدد محصور فلم يجز صرفه إلى واحد كما لو قال لله علي أن أطعم ستين مسكينا أو أوصي لهم "وعنه يجزئه وإن وجد غيره" اختارها ابن بطة و أبو محمد الجوزي لأن هذا المسكين لم يستوف قوت يومه من هذه الكفارة

و إن دفع إلى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه و عنه لا يجزئه و المخرج في الكفارة ما يجزئ في الفطرة و في الخبز روايتان فإن كان قوت بلده غير ذلك أجزأ منه
__________
فجاز أن يعطي منها كاليوم الأول "وإن دفع إلى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه" على المذهب لأنه دفع القدر الواجب إلى العدد الواجب فأجزأ كما لو دفع ذلك إليه في يومين "و عنه لا يجزئه" لأنه استوفى قوت يوم من كفارة فلم يجز أن يدفع إليه ثانيا كما لو دفعها إليه من كفارة واحدة فعلى هذا يجزئه عن إحدى الكفارتين و يرجع في الأخرى إن كان أعلمه أنها كفارة وإلا فلا و يتخرج ألا يرجع بشيء كالزكاة و الأول أقيس و أصح فإن اعتبار عدد المساكين أولى من اعتبار عدد الأيام وإن دفع إلى الستين من كفارتين فروايتان.
"و المخرج في الكفارة ما يجزي في الفطرة" وهو التمر و الزبيب و البر و الشعير و نحوها و إخراج الحب أفضل للخروج من الخلاف و هي حالة كماله لأنه يدخر و يهيأ لمنافعه كلها بخلاف غيره و نقل ابن هاني التمر و الدقيق أحب إلى مما سواهما و في "الترغيب" التمر أعجب إلى أحمد فإن أخرج دقيقا جاز لأنه أجزاء الحب و قد كفاهم مؤنته و هيأه لهم بخلاف الهريسة فإنها تفسد عن قرب و في السويق الخلاف السابق "و في الخبز روايتان" المنصوص الأجزاء اختارها الخرقي ل قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] و المطعم للخبز من أوسط ما يطعم أهله و لأنه مهيأ للأكل.
و الثانية لا و هي ظاهر "المحرر" و "الفروع" لأنه خرج عن حال الكمال و الادخار أشبه الهريسة قال القاضي و أصحابه الأولى الجواز و في "المغني" هو أحسن و هذا من أوسط ما يطعم أهله و ليس الادخار مقصودا في الكفارة فإنها مقدرة بما يقوت المسكين في يومه و هذا مهيأ للأكل المعتاد للاقتيات به و أما الهريسة فإنها خرجت عن الاقتيات المعتاد إلى خبز الإدام.
"وإن كان قوت بلده غير ذلك" كذرة و الأرز "أجزأ منه" في قول أبي

لقول الله تعالى : {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} و قال القاضي لا يجزئه و لا يجزئ من البر أقل من مد ولا من غيره أقل من مدّين،
__________
الخطاب و المؤلف و غيرهما لقول الله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] و هذا مما يطعمه أهله فوجب أن يجزئه بظاهر النص فإن أخرج عن قوت بلده أجود منه فقد زاده خيرا و اعتبر في الواضح غالب قوت بلده وأوجب الشيخ تقي الدين وسطه قدرا ونوعا مطلقا بلا تقدير
"و قال القاضي لا يجزئه" سواء كان قوت بلده أو لم يكن لأن الخبز ورد بإخراج هذه الأصناف في الفطرة فلم يجز غيره كما لو لم يكن قوت بلده و الأول أجود
"و لا يجزئ من البر" أو دقيقه "أقل من مد" و قال زيد و ابن عباس و ابن عمر لما روى أحمد ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي يزيد المدني قال جاءت امرأة من بني بياضة بنصف و سق شعير فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر و على هذا يحمل ما روي عن سلمة بن صخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا فقال أطعمه ستين مسكينا و ذلك لكل مسكين مد رواه الدارقطني و الترمذي بمعناه
"و لا من غيره أقل من مدين" لقوله عليه السلام "فإن مدي شعير مكان مد بر" و هو مرسل جيد و لأبي داود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال يعني بالعرق زنبيلا يأخذ خمسة عشر صاعا و إذن العرقان ثلاثون صاعا فيكون لكل مسكين نصف صاع ولأبي داود في رواية العرق مكتل يسع ثلاثين صاعا و قال هذا أصح و عنه مدان لكل واحد لحديث عطاء عن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه خمسة عشر صاعا من شعير إطعام ستين مسكينا رواه أبو داود و قال عطاء لم يدرك أوسا
و روى الأثرم عن أبي هريرة في حديث المجامع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعرق فيه خمسة عشر صاعا فقال: "خذه و تصدق به" و لأنه إطعام و اجب فلم يختلف باختلاف أنواع المخرج كالفطرة و جوابه بأنه يحتمل بأنه لم يجد سواه و لذلك

و لا من الخبز أقل من رطلين بالعراقي إلا أن يعلم أنه مد وإن أخرج القيمة أو غذي المساكين أو عشاهم لم يجزئه و عنه يجزئه.
__________
لما أخبره بحاجته إليه أمره بأكله وفي المتفق عليه قريب من عشرين صاعا و ليس ذلك مذهبا لأحد.
"و لا من الخبز" إذا قلنا بإجزائه "أقل من رطلين بالعراقي" أي مع عدم العلم بأنه مد لأن الغالب أن ذلك لا يبلغ مدا لأنه ثلاثة أسباع الدمشقي وهو به خمس أواق و سبع أوقية فإن كان من الشعير فلا يجزئ إلا ضعف "إلا أن يعلم أنه مد" من الحنطة فيجزئ لأنه الواجب.
و طاهر ما سبق أنه لا يجب الأدم بل هو مستحب نص عليه وعنه أنه ذكر قول ابن عباس بأدمة و ذكره الشيخ تقي الدين رواية و أنه لا يجب التمليك في قياس "المذهب" كزوجة وإن الأدم يجب إذا كان يطعمه أهله.
"وإن أخرج القيمة" لم يجزئه نقلها الميموني و الأثرم و هو قول الأكثر منهم عمر و ابن عباس لأن الواجب هو الإطعام و إعطاء القيمة ليس بإطعام فهو باق في عهدة الواجب أو غذى المساكين أو عشاهم لم يجزئه مطلقا في ظاهر "المذهب" لأن المنقول عن الصحابة إعطاؤهم و لحديث كعب في فدية الأذى ولأنه مال وجب للفقراء شرعا أشبه الزكاة "وعنه يجزئه" أما أولا فلأن المقصود دفع حاجة المسكين وهو يحصل بدفع القيمة وأما ثانيا فالأجزاء مشروط فإذا أطعمهم القدر الواجب لهم ولم يقل الشيخ تقي الدين بالواجب و هو ظاهر نقل أبي داود و غيره عنه فإنه قال أشبعهم قال ما أطعمهم قال خبزا و لحما إن قدرت أو من أوسط طعامكم و أطعم أنس فدية الصيام قال أحمد أطعم شيئا كثيرا فعلى "المذهب" لو قدم إليهم مدا و قال هذا بينكم فقبلوه فإن قال بالسوية أجزأ وإلا فوجهان و قال القاضي إن علم أنه و صل إلى كل واحد قدر حقه أجزأ و إلا فلا.

فصل
و لا يجزئ الإخراج إلا بنية و كذلك الإعتاق و الصيام فإن كان عليه كفارة واحدة فنوى عن كفارتين أجزأه وإن كان عليه كفارات من جنس فنوى إحداها أجزأه
__________
فصل
و لا يجزئ الإخراج إلا بنية لا نية التقرب لأنه حق على سبيل الطهرة فافتقر إلى النية كالزكاة "و كذلك الإعتاق و الصيام" لحديث "الأعمال بالنيات" ولقوله "لا عمل إلا بنية" لأن العتق يقع متبرعا به وعن كفارة أخرى أو نذر فلم ينصرف إلى هذه الكفارة إلا بنية وصفتها أن ينوي العتق أو الصيام أو الإطعام عن الكفارة فإن زاد الواجبة فتأكيد وإن نوى و جوبها ولم ينو الكفارة لم يجزئه لأن الواجب يتنوع فوجب تمييزه و موضعها مع التكفير أو قبله بيسير فإن كانت الكفارة صياما اشترط نية الصيام عن الكفارة في كل ليلة للخبر.
"فإن كان عليه كفارة واحدة" لم يلزمه تعيين سببها سواء علمها أو جهلها فإن عينه فغلط أجزأه عما يتداخل و هي الكفارات عن جنس فنوى عن كفارتين أجزأه لأن النية تعينت له و لأنه نوى عن كفارته ولا مزاحم لها فوجب تعليق النية بها.
"وإن كان عليه كفارات من جنس" كما لو ظاهر من نسائه الأربع "فنوى إحداهما أجزأه" لا نعلم فيه خلافا فإذا عتق عبدا عن ظهاره أجزأه عن إحداهن وحلت له واحدة غير معينة لأنه واجب من جنس واحد فأجزأته نية مطلقة كما لو كان عليه صوم يومين من رمضان و قياس "المذهب" أنه يقرع بينهن فتخرج المحللة منهن بالقرعة و قاله أبو ثور و قال بعض العلماء له أن يصرفها إلى أيتهن شاء فتحل فعلى الأول لو كان الظهار من ثلاث نسوة فأعتق ثم صام ثم أطعم حل الجميع من غير قرعة لأن التكفير حصل عن الثلاث أشبه ما لو أعتق ثلاثة أعبد

وإن كانت من أجناس فكذلك عند أبي الخطاب ، وعند القاضي لا يجزئه حتى يعين سببها ، فإن كانت عليه كفارة واحدة فنسي سببها أجزأته كفارة واحدة على الوجه الأول . وعلى الثاني : يجب عليه كفارات بعدد الأسباب.
__________
عن الجميع دفعة واحدة.
"وإن كانت من أجناس" كظهار و قتل و يمين فأعتق رقبة عن إحداها و لم يعينه "فكذلك عند أبي الخطاب" و صححه في "المحرر" و قدمه في "الفروع" و جزم به في "الوجيز" لأنها عبادة واجبة فلم تفتقر في صحة أدائها إلى تعيين سببها كما لو كانت من جنس قال ابن شهاب بناء على أن الكفارات كلها من جنس و لأن آحادها لا تفتقر إلى تعيين النية بخلاف الصلوات.
"و عند القاضي لا يجزئه حتى يعين سببها" قدمه في "الرعاية" وحكى عن أحمد لأنهما عبادتان من جنسين كما لو وجب عليه صوم من قضاء ونذر وكتيممه لأجناس وكذبحه في دم نسك ودم محظور وكعتق نذر وعتق كفارة في الأصح قاله في "الترغيب".
"فإن كانت عليه كفارة واحدة فنسي سببها أجزأته كفارة واحدة على الوجه الأول" قاله أبو بكر لأن تعيين السبب ليس شرطا فإذا أخرج كفارة وقعت عن كفارته فتخرج عن العهدة "وعلى الثاني" لا بد من تعيين السبب "يجب عليه كفارات بعدد الأسباب" كما لو نسي صلاة خمس وكما لو علم إن عليه يوما لا يعلم هل هو قضاء أو نذر فإنه يلزمه صوم يومين فإن كان عليه صيام ثلاثة أيام لا يدري أهي من كفارة أو نذر أو قضاء لزمه صوم تسعة أيام كل ثلاثة عن واحدة من الجهات واختار في "الانتصار" إن اتحد السبب فنوع وإلا فجنس قال في "الفروع" ولو كفر مرتد بغير الصوم فنصه لا يصح وقال القاضي المذهب صحته.
مسألة : إذا كان عليه كفارتان فأعتق عنهما عبدين فله أقسام:
1- أن يقول أعتقت هذا عن هذه الكفارة وهذا عن الأخرى فيجزئه إجماعا.__________
2- أن يقول أعتقت هذا عن إحداهما وهذا عن الأخرى من غير تعيين فإن كانا من جنس واحد جاز وإن كانا من جنسين خرج على الخلاف في اشتراط السبب.
3- أن يقول أعتقتهما عن الكفارتين أجزأه إن كانا من جنس وإلا فالخلاف.
4- أن يعتق كل واحد منهما جميعا فيكون معتقا عن كل واحدة من الكفارتين نصف العبدين وفيه الخلاف السابق وذكر القاضي وجها ثالثا إن كان باقيهما حرا جاز لأنه حصل تكمبل الأحكام والتصرف.
فرع : لا يجوز تقديم الكفارة على سببها كتقديم الزكاة على الملك وإن كفر بعد السبب وقبل الشرط جاز فلو كفر عن الظهار بعده وقبل العود جاز لأنه حق مالي فجاز تقديمه قبل شرطه كالزكاة فلو قال لعبده إن ظاهرت فأنت حر عن ظهاري ثم قال لامرأته أنت علي كظهر أمي عتق لوجود الشرط وهل يجزئه عن الكفارة فيه وجهان.

كتاب اللعان
__________
كتاب اللعانهو مصدر لاعن لعانا إذا فعل ما ذكر أو لعن كل واحد منهما الآخر وهو مشتق من اللعن لأن كل واحد منهما يلعن نفسه في الخامسة وقال القاضي سمي به لأن أحد الزوجين لا ينفك عن أن يكون كاذبا فتحصل اللعنة عليه وهي الطرد والإبعاد يقال لعنه الله أي باعده والتعن الرجل إذا لعن نفسه من قبل نفسه واللعان لا يكون إلا من اثنين يقال لاعن امرأته لعانا وملاعنة وتلاعنا بمعنى ولاعن الإمام بينهما ورجل لعنة بوزن همزة إذا كان يلعن الناس كثيرا أو لعنة بسكون العين إذا كان يلعنه الناس
وشرعا: شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف في جانبه وحد زنى في جانبها والأصل فيه قوله تعالى:

وإن قذف الرجل امرأته بالزنى ، فله إسقاط الحد باللعان . وصفته أن يبدأ الزوج فيقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى . ويشير إليها ، وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ، حتى يكمل ذلك أربع مرات ، ثم يقول في الخامسة : وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى.
__________
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الآيات نزلت سنة تسع منصرفة عليه السلام من تبوك في عويمر العجلاني أو هلال ابن أمية ويحتمل أنها نزلت فيهما ولم يقع بعدها بالمدينة إلا في زمن عمر ابن عبد العزيز والسنة شهيرة بذلك ولأن الزوج يبتلي بقذف امرأته لنفي العار والنسب الفاسد ويتعذر عليه إقامة البينة فجعل اللعان بينة له ولهذا لما نزلت آية اللعان قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أبشر يا هلال فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا" "و إذا قذف الرجل" العاقل "امرأته بالزنى" ولو في طهر وطئ فيه في قبل أو دبر فكذبته لزمه ما يلزم بقذف أجنبية من إيجاب الحد عليه وحكم بفسقه ورد شهادته إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن ولهذا أعقبه بقوله "فله إسقاط الحد باللعان" ل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: من الآية5] الآية وهو عام في الزوج وغيره وإنما خص الزوج بأن أقام لعانه مقام الشهادة في نفي الحد والفسق ورد الشهادة ويدل عليه قوله عليه السلام لهلال: "البينة وإلا حد في ظهرك" ولأنه قاذف فلزمه الحد كما لو أكذب نفسه كالأجنبي وله إسقاطه بلعانه ولو بقي سوط واحد ولو زنت قبل الحد ويسقط بلعانه وحده ذكره في "المغني" و"الترغيب" "وصفته أن يبدأ الزوج فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى ويشير إليها" ولا يحتاج مع الحضور والإشارة إلى تسمية ونسب كما لا يحتاج إلى ذلك في سائر العقود "وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها" حتى تنتفي المشاركة بينها وبين غيرها قلت ولا يبعد أن يقوم وصفها بما هي مشهورة به مقام الرفع في نسبها "حتى يكمل ذلك أربع مرات ثم يقول في الخامسة وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى" وقيل لا يشترط أن يذكر الرمي بالزنى

ثم تقول هي : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات ، ثم تقول في الخامسة : وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى . فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا ، أو بدأت باللعان قبله ، أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم ، أو نائبه لم يعتد به . وإن أبدل لفظة أشهد بـ أقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بـ الإبعاد أو الغضب بـ السخط فعلى وجهين .
__________
قاله في "الرعاية" "ثم تقول هي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى" أربع مرات وتشير إليه إن كان حاضرا وإن كان غائبا أسمته ونسبته "ثم تقول في الخامسة وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى" للآية والأخبار وإنما خصت هي في الخامسة بالغضب لأن النساء يكثرن اللعن كما ورد "فإن" هذا شروع في بيان شروطه هي ستة: أحدها استعماله الألفاظ الخمسة فإن "نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا" ولو قل لم يصح لأن الله تعالى علق الحكم عليها ولأنها بينة فلم يجز النقص من عددها كالشهادة "أو بدأت باللعان قبله" لم يعتد به لأنه خلاف المشروع وكذا إن قدم الرجل اللعنة على شيء من الألفاظ الأربعة أو قدمت هي الغضب عليها لأن لعان الرجل بينة لإثبات ولعانها بينة لإنكار فلم يجز تقديم الإنكار على الإثبات "أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم أو نائبه لم يعتد به" لأنه يمين في دعوى فاعتبر فيه أمر الحاكم كسائر الدعاوى.
الرابع أن يأتي كل واحد منهما باللعان بعد إلقائه عليه فإن بادر قبل أن يلقيه الإمام أو نائبه لم يصح كما لو حلف قبل أن يحلفه الحاكم.
الخامس الإشارة من كل منهما إلى صاحبه إن كان حاضرا أو يسميه وينسبه إن كان غائبا ولا يشترط حضورهما معا بل لو كان أحدهما غائبا عن صاحبه مثل أن يكون الرجل في المسجد و المرأة على بابه لعذر جاز.
"وإن أبدل لفظة أشهد بأقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بالإبعاد أو الغضب بالسخط فعلى وجهين" هذا هو الشرط السادس لصحة اللعان و هو

والحمل الذي تنقضي به العدة ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبتدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة؟ على روايتين.
__________
البقرة {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] الآية والخاص مقدم على العام ولأنها معتدة حامل فتنقضي عدتها بوضعه كالمطلقة إذ الوضع أدل الأشياء على براءتها فلو ظهر بعضه فهي في عدتها حتى ينفصل باقيه وإن كانا اثنين أو أكثر لم تنقض عدتها إلا بوضع الآخر وعنه بالأول ذكرها ابن أبي موسى وقاله أبو قلابة وعكرمة ولكن لا تتزوج حتى تضع الآخر منهما وهذا شاذ مخالف لظاهر الكتاب وقول أهل العلم واحتج القاضي والأزجي بأن أول النفاس من الأول وآخره منه بأن أحكام الولادة تتعلق بأحد الولدين لأن انقطاع الرجعة وانقضاء العدة تتعلق بأحدهما لا بكل واحد منهما كذلك مدة النفاس وفيه نظر فلو وضعت واحدا وشكت في آخر لم تنقض عدتها حتى تزول الريبة "والحمل الذي تنقضي به العدة" ما تصير به أم ولد وهو "ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان" كالرأس واليد والرجل فتنقضي به العدة إجماعا حكاه ابن المنذر لأنه علم أنه حمل فيدخل في عموم النص.
الثاني ألقت مضغة لم يتبين فيها شيء من الخلقة فشهد ثقات من القوابل أن فيه صورة خفية بان بها أنها خلقة آدمي فكذلك.
"فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبتدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة على روايتين" هذا هو الثالث وفيه روايتان.
إحداهما تنقضي وجزم به في الوجيز وغيره كما لو تصور والثانية لا قدمها في "الكافي" وذكر أنها المنصوص وهي اختيار أبي بكر لأنه لم يصر ولدا أشبه العلقة.
الرابع ألقت نطفة أو دما لا تدري هل هو ما يخلق منه آدمي أو لا فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام لأنه لم يثبت أنه ولد بالمشاهدة ولا بالبينة.

وإذا فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها ، وإلا فلا . وهل يصح لعان من اعتقل لسانه وأيس من نطقه بالإشارة على وجهين.
__________
"و إذا فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها" قاله القاضي و أبو الخطاب و ذكره في "المستوعب" و "الرعاية" و قدمه في "الفروع" و جزم به في "الوجيز" كطلاقه و عنه لا يصح اختاره المؤلف قال أحمد إذا كانت المرأة خرساء لم تلاعن لأنه لا تعلم مطالبتها ولأن اللعان يفتقر إلى الشهادة أشبه الشهادة الحقيقية ولأن الحد يدرأ بالشبهة و الإشارة ليست صريحة كالنطق ولا يخلو من احتمال و تردد و جوابه أن الشهادة يمكن حصولها من غيره فلم تدع الحاجة إليه فيها و اللعان لا يحصل إلا منه فدعت الحاجة إلى قبوله منه كالطلاق و قال المؤلف و قولنا أحسن إذ الشهادة قد لا تحصل إلا منه لاختصاصه برؤية المشهود عليه أو سماعه إياه
و جوابه بأن موجب القذف وجوب الحد و هو يدرأ بالشبهة و مقصود اللعان نفي السبب و هو يثبت بالإمكان مع ظهور انتفائه و إلا فلا أي إذا كان غير معلوم الإشارة و الكتابة لم يصح.
فرع : إذا قذف الأخرس و لاعن ثم تكلم فأنكرهما لم يقبل إنكاره للقذف لأنه يتعلق به حق لغيره بحكم الظاهر و يقبل إنكاره للعان فيما عليه فيطالب بالحد ويلحقه النسب و لا تعود الزوجة فإن قال أنا ألاعن لسقوط الحد ونفي النسب كان له ذلك وإن اعترف بالزنى ثم أنكر فكاللمعان.
"و هل يصح لعان من اعتقل لسانه و أيس من نطقه بالإشارة على وجهين" كذا في "المحرر" و "الفروع".
أحدهما و جزم به في "الوجيز" يصح كالأخرس الأصلي.
والثاني لا لأنه عجز عن النطق لعارض أشبه غير المأيوس.
فإن قال لم أرد قذفا و لعانا قبل في لعان في حد ونسب فقط و يلاعن لهما فإن رجي نطقه انتظر و في "الترغيب" ثلاثة أيام و فائدته صحة

فصل
و السنة أن يتلاعنا قياما بحضرة جماعة في الأوقات و الأماكن المعظمة
__________
قذف الأخرس و لعانه لأنا لا نأمرة باللعان و نحبسه إذا نكل حتى يلاعن ذكره في عيون المسائل و كلام غيره يقضي أنه يحد
فصل
"و السنة أن يتلاعنا قياما" لقوله عليه السلام لهلال بن أمية "قم فأشهد أربع شهادات" و لأنه أبلع في الردع فيبدأ الزوج فيلتعن و هو قائم فإذا فرغ قامت المرأة فالتعنت "بحضرة جماعة" لحضور ابن عباس و أبن عمر و سهل بن سعد مع حداثة أسنانهم فدل على أنه حضر جمع كثير لأن الصبيان إنما يحضرون تبعا للرجال إذ اللعان مبني على التغليظ للردع والزجر وفعله في الجماعة أبلغ في ذلك.
و يستحب ألا ينقصوا عن أربعة لأن بينة الزنى التي شرع اللعان من أجل الرمي به أربعة و ليس بواجب بغير خلاف نعلمه.
"في الأوقات و الأماكن المعظمة" هذا قول أبي الخطاب و جزم به في "المستوعب" و "المحرر" و "الوجيز" ففي الزمان بعد العصر لقول الله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106] و المراد صلاة العشاء في قول المفسرين و قال أبو الحطاب و بين الأذانين لأن الدعاء بينهما لا يرد.
و في المكان بمكة بين الركن الذي فيه الحجر الأسود و المقام و هو المسمى بالحطيم و لو قيل بالحجر لكان أولى لأنه من البيت و بالمدينة عند المنبر مما يلي القبر الشريف لقوله عليه السلام "ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة" و ببيت المقدس عند الصخرة وفي سائر البلدان في جوامعها و هل يجوز أن يرتقيا على المنابر أولا وإن كان في الناس كثرة فيه احتمال أو وجه قاله في "الواضح" و حائض و نحوها بباب المسجد لتحريم مكثها فيه.
فلو رأى الإمام تأخيره إلى انقطاع الدم و غسلها لم يبعد و الوجه الثاني : لا

وإذا بلغ كل و احد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلا فأمسك يده على في الرجل و امرأة تضع يدها على في المرأة ثم يعظه فيقول اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإن يكون ذلك بحضرة الحاكم
__________
يستحب التغليظ مطلقا قاله القاضي و قدمه في "الكافي" لأن الله تعالى أطلق الأمر به ولأنه عليه السلام أمر الرجل بإحضار امرأته و لم يخصه بزمن و لو خصه لنقل و أطلق الخلاف في "الفروع" و خصهما في "الترغيب" بالذمة و ظاهره على الأول و لو كانا كافرين فعلى هذا يحضرهم في أوقاتهم المعظمة و بيوت عبادتهم كالكنائس لأهل الكتاب و بيوت النار للمجوس و يحتمل أن يغلظ بالمكان فإن كانت المسلمة حائضا و قفت على باب المسجد.
"و إذا بلغ كل و احد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلا فأمسك يده على في الرجل و امرأة تضع يدها على في المرأة ثم يعظه" لما روى ابن عباس قال تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه و قال و يحك كل شيء أهون عليك من لعنة الله ثم أرسل فقال لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم دعا بها فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ثم أمر بها فأمسكت على فيها فوعظها و قال ويلك كل شيء أهون عليك من غضب الله أخرجه الجوز جاني.
و ظاهره أن الواعظ هو الحاكم وحكاه في "الرعاية" قولا "فيقول اتق الله فإنها الموجبة" للعنة و الغضب من الله "و عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة" لما روى ابن عباس قال لما كانت الخامسة قيل لهلال بن أمية اتق الله فإنها الموجبة و فيه فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة لأن عذاب الدنيا منقطع و عذاب الآخرة دائم ليتوب الكاذب منهما و يرتدع عما عزم عليه.
"وإن يكون ذلك بحضرة الحاكم" أو نائبه و قد تقدم أن هذا شرط لصحة اللعان فإن تحاكما إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فلاعن لم يصح لأن اللعان مبني على التغليظ فلم يجز لغير الحاكم كالحد و حكى المؤلف أنه ينفذ

فإن كانت المرأة خفرة بعث من يلاعن بينهما وإذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة بلعان و عنه يجزئه لعان واحد فعلى هذا يقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى و تقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى و عنه إن كان القذف بكلمة واحدة أجزأه لعام و احد لأنه قذف و احد فخرج عن عهدته بلعان و احد
__________
في ظاهر كلام أحمد و سواء كان الزوجان حرين أو مملوكين في ظاهر كلام الخرقي و قال الشافعي للسيد أن يلاعن بين عبده و أمته كالحد و جوابه أنه لا يملك إقامته على أمته المزوجة ثم لا يشبه اللعان الحد لأنه زجر و تأديب و اللعان إما شهادة أو يمين فافترقا "فإن كانت المرأة خفرة" بفتح الخاء و كسر الفاء يعني شديدة الحياء و هي ضد البرزة "بعث من يلاعن بينهما" يعني نائبه و عدولا فلو اقتصر على نائبه جاز لأن الجمع غير واجب كما يبعث من يستخلفهما في الحقوق و لأن الغرض يحصل ببعث من يثق الحاكم به فلا ضرورة إلى إحضارها و ترك عاداتها مع حصول الغرض بدونه وفي عيون المسائل للزوج أن يلاعن مع غيبتها و تلاعن مع غيبته "و إذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة بلعان" على المذهب سواء قذفهن بكلمة أو كلمات لأنه قاذف لكل واحدة منهن أشبه ما لو لم يقذف غيرها و يبدأ بلعان التي تبدأ بالمطالبة فإن طالبن جميعا أو تشاححن فالقرعة وإن لم يتشاححن بدأ تمن شاء بمن و لو بدأ بواحدة منهن من غير قرعة مع المشاحة جاز.
"و عنه يجزئه لعان واحد" لأن اللعان تابع للقذف و القذف وإن تعدد فكلمته واحدة "فعلى هذا يقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى و تقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى" لأن حلفهن جملة لا يمكن "و عنه إن كان القذف بكلمه واحدة أجزأه لعان و احد لأنه قذف و احد فخرج عن عهدته بلعان و احد" كما لو قذف و احدة.

وإن قذفهن بكلمات أفرد كل واحدة بلعان ولا يصح إلا بشروط ثلاثة أحدهما أن يكون بين زوجين عاقلين بالغين سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين و الأخرى لا يصح إلا بين زوجين مسلمين حرين عدلين .
__________
"و إن قذفهن بكلمات أفرد كل واحدة بلعان" كما لو قذف كل واحدة بعد لعان الأخرى وعنه إن طالبوا عند الحاكم مطالبة واحدة فحد واحد و إلا فحدود حكاها في "المستوعب".
فصل
"ولا يصح إلا بشروط ثلاثة: أحدهما: أن يكون بين زوجين" لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ثم خص الأزواج من عمومها بقوله {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فيبقى ما عداه على مقتضى العموم
"عاقلين بالغين" لأنه إما يمين أو شهادة و كلاهما لا يصح من مجنون و إذ لا عبرة بقولهما "سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين" أي يصح بينهما مطلقا إذا كانا مكلفين نقله و اختاره الأكثر و ذكر ابن هبيرة أنه أظهر الروايتين لعموم قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الآية و لأن اللعان يمين بدليل قوله عليه السلام "لولا الإيمان لكان لى و لها شأن" و لأنه يفتقر إلى اسم الله تعالى و يستوى فيه الذكر والأنثى ولأن الزوج يحتاج إلى نفي الولد فشرع له اللعان طريقا إلى نفيه كما لو كانت ممن يحد بقذفها
"والأخرى لا يصح إلا بين زوجين مسلمين حرين عدلين" اختاره الخرقي وعلله احمد بأنه شهادة ل قوله تعالى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فجعلهم شهداء وقال تعالى: فشهادة أحدهم أربع شهادات، بالله وعنه لا لعان المحصنة وهي الأمة والذمية والمحدودة في الزنى

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24