كتاب : المبدع شرح المقنع
المؤلف : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين

فإن استويا فهو مشكل فإن كان يرجى انكشاف حاله وهو الصغير أعطي هو ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يبلغ فيظهر فيه علامات الرجال من نبات لحيته وخروج المني من ذكره أو علامات النساء من الحيض ونحوه وإن يئس من ذلك بموته أو عدم العلامات بعد بلوغه أعطي نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى،
__________
الأول لأن الكثرة مزية لإحدى العلامتين فيعتبر بها كالسبق.
"فإن استويا" في وجود البول منهما وعدم سبقه وكثرته في أحدهما فهو مشكل لأنه لا مزية لأحد أمريه على الآخر "فإن كان يرجى انكشاف حاله وهو الصغير" واحتيج إلى قسم تركة من يرثه "أعطي هو ومن معه اليقين" أي: يعطى من يرث على تقدير ذكوريته وأنوثيته الأقل مما يرث فيهما ولا يعطى من يسقطه في أحد الحالين شيئا ومن لا يختلف ميراثه منهما يعطى حقه كاملا.
"ووقف الباقي حتى يبلغ" في قول الجمهور فيعمل بما ظهر من علامة رجل أو امرأة وهو يحصل بالسن أو الإنبات وبه ينكشف الأمر "فتظهر فيه علامات الرجال من نبات لحيته وخروج المني من ذكره أو علامات النساء من الحيض ونحوه" كتفلك ثدييه أو سقوطهما قال في الفروع وكذا إن حاض من فرجه وأنزل من ذكره فإن وجد أحدهما فوجهان وإن وجدا من مخرج واحد فلا ذكر ولا أنثى وفي الجامع لا في إرث ودية لأن للغير حقا وقيل: أو انتشر بوله على كثيب رمل أو اشتهى النساء فذكر والعكس بالعكس وقال علي والحسن البصري تعد أضلاعه فإن كانت ستة عشر فرجل وإن كانت سبعة عشر فأنثى لأن أضلاعها أكثر بواحد واختاره ابن أبي موسى قال ابن اللبان والأصحاب لو صح هذا لما وقع في الخنثى إشكال.
"وإن يئس منه بعد ذلك بموته أو عدم العلامات بعد بلوغه" أي: لم يظهر فيه شيء من العلامات المذكورة أو اختلطت فأمنى من كل من الفرجين فيسمى مشكلا وحينئذ "أعطي نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى" نص عليه وهو قول ابن عباس ولم يعرف له في الصحابة منكر وأهل مكة والمدينة

فإذا كان مع الخنثى بنت وابن جعلت للبنت أقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة وقال أصحابنا تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى ثم تضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى إن اتفقتا وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا وتضربها في اثنين ثم من له شيء من إحدى المسألتين مضروب في الأخرى أو في وفقها،
__________
واللؤلؤي وخلق لأن حالتيه تساوتا فوجب التسوية بين حكمهما كما لو تداعى نفسان دارا بأيديهما ولا بينة لهما وليس نورثه بأسوإ حاله ولا سبيل إلى الوقف لأنه لا غاية له تنتظر وفيه تضييع مع تعين استحقاق الورثة له فيعطى هو نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى ويعطى من معه نصف ماله حالة الذكورية ونصف ماله حالة الأنوثية إلا أن يرث بأحدهما فيعطى نصفه وسواء كان الخنثى ومن معه يتزاحمان من جهتين مختلفتين كولد خنثى وعم يزاحم العم في تعصيبه ببنوته فيمنعه من أخذ الباقي والعم يزاحمه بعمومته في الزائد على فرض البنت أو كولد خنثى وأب أو من جهة واحدة كالأولاد والإخوة المتفقين.
"فإذا كان مع الخنثى بنت وابن جعلت للبنت أقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة" وهذا قول الثوري واللؤلؤي في هذه المسألة وفي كل مسألة فيها ولد إذا كان فيهم خنثى قال المؤلف وهذا قول لا بأس به لكن قال في المستوعب هذا لا يصح على أصلنا فإن كان مكان الابن أخ أو غيره من العصبات فله السدس والباقي بين الخنثى والبنت على خمسة.
"وقال: أصحابنا" ويسمى مذهب المنزلين "تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى" لأن له حالين فلم يكن بد من اعتبارهما "ثم تضرب إحداهما" إن تباينتا "أو وفقها في الأخرى إن اتفقتا وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا وتضربها في اثنين ثم من له شيء من إحدى المسألتين مضروب في الأخرى أو في وفقها" ففي المتباين وهي مسألة المتن.

أو تجمع ماله منهما إن تماثلتا،
__________
مسألة: الذكورة من خمسة والأنوثة من أربعة فاضرب إحداهما في الأخرى تكن عشرين ثم في اثنين تكن أربعين للبنت سهم في خمسة وسهم في أربعة تسعة وللذكر ثمانية عشر وللخنثى سهم في خمسة وسهمان في أربعة ثلاث عشر وهي دون ثلث الأربعين وعلى قول الثوري وهو يوافق قول الأصحاب في بعض المواضع ويخالف في بعضها فعلى قوله تكون المسألة من تسعة للخنثى الثلث وهو ثلاثة وعلى قول من ورثه بالدعوى فيما بقي بعد اليقين فوافق قول المنزلين في أكثر المواضع فإنه يقول في هذه المسألة للذكر الخمسان بيقين وذلك ستة عشر من أربعين وهو يدعي النصف عشرين وللبنت الخمس بيقين ثمانية وهي تدعي الربع وللخنثى الربع بيقين وهي يدعي الخمسين ستة عشر والمختلف فيه ستة أسهم يدعيها الخنثى كلها فيعطيه نصفها ثلاثة مع العشرة التي معه صار له ثلاثة عشر والابن يدعي أربعة فيعطيه نصفها اثنين صار له ثمانية عشر والبنت تدعي سهمين فتدفع إليها سهما صار لها تسعة ومن ورثه بالدعوى من أصل المال فعلى قولهم يكون الميراث في هذه المسألة من ثلاثة وعشرين لأن المدعي هنا نصف وربع وخمسان مخرجهما من عشرين يعطى الابن النصف عشرة والبنت خمسة والخنثى ثمانية تكن ثلاثة وعشرين وفي التوافق زوج وأم وولد أب خنثى فالذكورية من ستة والأنوثية من ثمانية وبينهما موافقة فاضرب نصف أحدهما في الآخر تكن أربعة وعشرين ثم في اثنين تكن ثمانية وأربعين وفي التماثل زوجة وولد خنثى وعم فالذكورية من ثمانية والأنوثية كذلك فاجتزئ بإحداهما واضربها في حالين تكن ستة عشر.
وفي التناسب أم وبنت وولد خنثى وعم فالذكورية من ستة وتصح من ثمانية عشر والأنوثة من ستة وتصح منها وهي تناسب الأولى: بالثلث فاجتزئ بأكثرهما وهو ثمانية عشر فاضربها في حالين تكن ستة وثلاثين وتجمع.
"أو تجمع ماله منهما إن تماثلتا" فإن كان الخنثى يرث في حال دون حال،

وإن كانا خنثيين أو أكثر نزلتهم بعدد أحوالهم وقال ابو الخطاب: تنزلهم حالين مرة ذكورا ومرة إناثا والأول أولى،
__________
كزوج وأخت لأبوين وولد أب خنثى فمقتضى قول الثوري أن يجعل للخنثى نصف ما يرثه في حال إرثه وهو نصف سهم فتضمه إلى سهام الباقين وهي ستة ثم تبسطها أيضا ليزول الكسر فيصير له ثلاثة عشر له منها سهم والباقي بين الزوج والأخت نصفين وقد عملها أبو الخطاب في الهداية على ذلك وأما في التنزيل فتصح من ثمانية وعشرين للخنثى سهمان وهي نصف سبع ولكل واحد من الآخرين ثلاثة عشر.
فائدة: الخناثى من الورثة ستة مسألة: الولد وولد الابن والأخ وولده والعم وولده فالزوجان والأبوان والجدان يتصور فيهم ذلك والخلاف يقع في ثلاثة الولد وولد الابن فالأخ وأما الباقي فليس للإناث منهم ميراث فيكون للخنثى منهم نصف ميراث ذكر بلا خلاف قاله الخبري.
"وإن كانا خنثيين أو أكثر نزلتهم بعدد أحوالهم" هذا هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو قول ابن أبي ليلى وضرار ويحيى بن آدم كإعطائهم اليقين قبل البلوغ فعلى هذا تجعل للاثنين أربعة أحوال لأنه يحتمل أن يكون كل منهم ذكرا وأن يكون كل منهم أنثى ويحتمل أن يكونوا ذكورا وأن يكونوا إناثا وللثلاثة ثمانية أو للأربعة ستة عشر وللخمسة اثنين وثلاثين ثم تجمع مالهم في الأحوال كلها فتقسمه على عدد أحوالهم فما خرج بالقسم فهو لهم إن كانوا من جهة واحدة وإن كانوا من جهات جمعت ما لكل واحد منهم في الأحوال وقسمته على عدد الأحوال كلها فالخارج بالقسم هو نصيبه.
"وقال ابو الخطاب" وفاقا لأبي يوسف "تنزلهم حالين مرة ذكورا ومرة إناثا" كما تصنع بالواحد "والأول أولى" لأنه يعطى كل واحد منهم بحسب ما فيه من الاحتمال فيعدل بينهم.
وعلى الثاني يعطى ببعض الاحتمالات دون بعض وهذا تحكم لا دليل عليه.__________
ابن وخنثيان مسألة الذكورية من ثلاثة والأنوثية من أربعة وذكورية أحدهما وأنوثية الآخر من خمسة للمقدر ولورثته سهمان وللآخر سهم فاجتزئ بأحدهما لتماثلهما واضرب بقية الأحوال بعضها في بعض لتباينها تكن ستين ثم في الأحوال مائتين وأربعين فلهما في حال الذكورية ثلثا المال وهو أربعون وفي حال الأنوثة نصفه وهو ثلاثون وفي حال ذكورية أحدهما وأنوثية الآخر ثلاثة أخماسه وهو ستة وثلاثون وفي الحال الآخركذلك فإذا جمعت ذلك كان ما ذكرنا فاقسمه على أربعة تكن خمسة وثلاثين ونصفا لكل واحد سبعة عشر ونصف وربع ثم اضرب نصيب كل واحد في أربعة يصح لكل خنثى أحد وسبعون وللابن ثمانية وتسعون وعلى هذا فقس.
وإذا كان ولد خنثى وولد أخ خنثى وعم فإن كانا ذكرين فالمال للولد وإن كانا أنثيين فللبنت النصف والباقي للعم فهي من أربعة عند من نزلهم حالين للولد ثلاثة أرباع المال وللعم ربعه ومن نزلهم أحوالا كانت من ثمانية للولد المال في حالين والنصف في حالين فله ربع ذلك وهو ثلاثة أرباع المال ولولد الأخ نصف المال في حال فله ربعه وهو الثمن وللعم مثل ذلك وهذا أعدل ومن قال بالدعوى فيما زاد على اليقين قال للولد النصف يقينا والنصف الآخر يتداعونه فيكون المال بينهم أثلاثا وتصح من ستة وقد ذكر في المحرر حكم الخنثى وبينه بأحسن طريق وفصله أبلغ تفصيل فليراجع هناك.
فصل
قال المؤلف: وجدنا في عصرنا شبيها بالخنثى لم يذكره الفرضيون شخصين ليس لهما في قبلهما مخرج ولا ذكر ولا فرج أما أحدهما فذكروا أنه ليس له في قبله إلا لحمة نابتة كالربوة يرشح منها البول رشحا على الدوام وأرسل إلينا فسألنا عن الصلاة والتحرز من النجاسة والثاني ليس له إلا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول وأخبرت عنه أنه يلبس لباس النساء،

ويخالطهن ويغزل معهن ويعد نفسه امرأة قال وحدثت أن في بعض بلاد العجم شخصا ليس له قبل ولا دبر وإنما يتقيأ ما يأكله ويشربه فهذا وما أشبهه في معنى الخنثى لأنه لا يمكن اعتباره بمباله وإن لم يكن له علامة أخرى فهو مشكل ينبغي أن يثبت له حكمه في ميراثه.

باب ميراث الغرقى ومن عمي موته
إذا مات متوارثان وجهل أولهما موتا كالغرقى والهدمى واختلف وراثهما في السابق منهما فقد نقل عن أحمد في امرأة وابنها ماتا فقال زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها أنه يحلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه ويكون ميراث الابن لأبيه،
__________
باب ميراث الغرقى ومن عمي موته
أي خفي ولم يعلم وكان ينبغي للمؤلف أن يذكر هذا الباب عقب المفقود لأنه جهل يوجب التوقف في الإرث وهنا يوجب حرمانه في بعض الصور.
"إذا مات متوارثان فجهل أولهما موتا كالغرقى" هو جمع غريق كقتيل وجريح "والهدمى" يجوز أن يكون جمع هديم بمعنى مهدوم كجريح بمعنى مجروح قال ابن أبي الفتح ولم أر هذا منقولا "واختلف وراثهما في السابق منهما" أي: ادعى ورثة كل ميت سبق الآخر ولا بينة أو تعارضت البينة ولم يتوارثا نص عليه واختاره الأكثر وقال جماعة بلى وخرجوا منها المنع في جهلهم الحال اختاره الشيخ تقي الدين "فقد نقل عن أحمد في امرأة وابنها ماتا فقال: زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها مات ابنها فورثته لما ماتت فورثناها أنه يحلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه" لأن كل واحد منهما ينكر ما ادعي به عليه والمنكر عليه اليمين وهذا إذا لم تكن بينة.
"ويكون ميراث الابن لأبيه" لأنه وارثه الحي المتيقن وغيره مشكوك فيه

وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين ذكرها الخرقي وهذا يدل على أنه يقسم ميراث كل ميت على الأحياء من ورثته دون من مات معه وظاهر المذهب أن كل واحد من الموتى يرث صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه من الميت معه ثم يقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه ثم يقسم ما ورثه منه على الأحياء من ورثته ثم يصنع بالثاني كذلك.
__________
"وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين" لأنهما اللذان يرثانها يقينا وغيرهما مشكوك فيه "ذكرها الخرقي" في الدعاوى وهو قول الصديق وزيد وابن عباس والحسن بن علي وعمر بن عبدالعزيز والأوزاعي والزهري وأكثر العلماء وهو المنصوص "وهذا يدل على أنه يقسم ميراث كل ميت على الأحياء من ورثته دون من مات معه" وظاهره: أنه إذا مات المتوارثان معا وعلم الورثة ذلك فلا إرث صرح به في المحرر والفروع لأن من شرط توريثه كونه حيا حين موت الآخر.
"وظاهر المذهب" وقد نص عليه واختاره الأكثر "أن كل واحد من الموتى يرث صاحبه من تلاد ماله" أي: ماله القديم الأصل دون ما ورثه من الميت معه وهو المستحدث ويقال له الطارف والطريف وسواء جهل الورثة كيف مات أو تحققوا السابق وجهلوا عينه.
"ثم يقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه ثم يقسم ما ورثه منه على الأحياء من ورثته ثم يصنع بالثاني كذلك" فيقدر أن المرأة ماتت أولا فورثها زوجها وابنها أرباعا ثم يأخذ ما ورثه الابن فيدفع لورثته الأحياء وهم الأب فيجتمع له جميع ماله ثم يقدر أن الابن مات أولا فورثه أبواه أثلاثا ثم يأخذ ثلث الأم فيقسمه بين ورثتها الأحياء وهم أخوها وزوجها نصفين فيحصل للأخ السدس من مال الابن قال أحمد: أذهب إلى قول عمر وعلي وشريح وإبراهيم والشعبي وحكاه في المغني والشرح عن جمع من التابعين ومن بعدهم قال الشعبي وقع الطاعون بالشام عام عمواس فجعل أهل البيت يموتون عن آخرهم فكتب في ذلك إلى عمر فأمر عمر أن يورثوا بعضهم من

.
__________
بعض.
وروي عن إياس المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوم وقع عليهم بيت فقال: "يرث بعضهم بعضا" وحمل بعض الأصحاب نص أحمد الذي حكاه الخرقي اختصاصه بما إذا ادعى وارث كل ميت بأن موروثه كان آخرهما موتا فأما مع الجهل فيورث كل واحد منهما من الآخر لأن مع التداعي يتوجه اليمين على المدعى عليه بخلاف ما إذا اتفقوا على الجهل لكونها لا تشرع حينئذ.
واحتج في المغني والشرح للرواية الأولى: بما روى سعيد في سننه وحدثنا إسماعيل بن عويس عن يحيى بن سعيد أن قتلى اليمامة وصفين والحرة لم يرث بعضهم من بعض ورثوا عصبتهم الأحياء وقال ثنا عبدالعزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيهم أن أم كلثوم بنت علي توفيت هي وابنها زيد بن عمر فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه فلم ترثه ولم يرثها.
ولأن شرط التوارث حياة الوارث بعد موت الموروث وليس بمعلوم فلا يثبت مع الشك في شرطه ولأنه مشكوك في حياته حين يرث موروثه فلا يرثه كالحمل إذا وضعته ميتا ولا توريث كل واحد منهما خطأقطعا لأنه لا يخلو من أن يكون موتهما معا أو يسبق أحدهما وتوريث السابق بالموت خطأ يقينا مخالف للإجماع فكيف يعمل به؟.
وقال أبو ثور وابن سريج وطائفة: يعطى كل وارث اليقين ويوقف المشكوك فيه حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا وحكاه في الرعاية قولا وقال أبو بكر المال بينهما نصفان وأبطله في المغني بأنه يقتضي إلى أن يعطي الأخ ما لا يدعيه ولا يستحقه يقينا لأنه لا يدعي من مال الابن أكثر من سدسه ولا يمكن أن يستحق أكثر منه.
فرع: لو علم السابق ثم نسي فالحكم فيه كما لو جهل وقيل: بالقرعة قال الأزجي وإنما لم تجرالقرعة لعدم دخولها في النسب وقال الوني يعمل باليقين

فعلى هذا لو غرق أخوان أحدهما مولى زيد والآخر مولى عمرو وصار كل واحد منهما لمولى الآخر وعلى القول الآخر يصير مال كل واحد منهما لمولاه وهو أحسن إن شاء الله تعالى.
__________
ويوقف مع الشك.
"فعلى هذا لو غرق أخوان أحدهما مولى زيد والآخر مولى عمرو وصار مال كل واحد منهما لمولى الآخر" لأنه إذا قدر موت مولى زيد أولا استحق ميراثه يتحقق ميراثه أخوه ثم يدفع إلى ورثته الأحياء وهو مولاه صار مال مولى زيد لعمرو ثم هكذا يقدر في مولى عمرو.
"وعلى القول الآخر" وهو من لم يورث أحدهما من صاحبه "يصير مال كل واحد منهما لمولاه وهو أحسن إن شاء الله تعالى" لما تقدم ومن قال بالوقف وقف مالهما وإن ادعى كل واحد منهما أن مولاه آخرهما موتا حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وأخذ مال مولاه على ما ذكره الخرقي.
وإن كان لهما أخت فمن ورث كل واحد منهما من صاحبه جعل لها الثلثين من مال كل واحد منهما والنصف على القول الآخر.
وإن خلف كل واحد منهما زوجة وبنتا فمن لم يورث بعضهم من بعض صححها من ثمانية لامرأته الثمن ولابنته النصف والباقي لمولاه ومن ورثهم جعل الباقي لأخيه ثم قسمه بين ورثة أخيه على ثمانية ثم ضربها في الثمانية الأولى: فصحت من أربعة وستين لامرأته ثمانية ولابنته اثنان وثلاثون ولامرأة أخيه ثمن الباقي ثلاثة ولابنته اثنا عشر ولمولاه الباقي تسعة.
مسألة: لو عين الورثة وقت موت أحدهما وشكوا هل مات الآخر قبله أو بعده ورث من شك في موته من الآخر إذ الأصل بقاؤه وقيل: لا توارث بينهما بحال وهو بعيد ولو مات أخوان عند الزوال أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ورث الذي مات بالمغرب من الذي مات بالمشرق لموته قبله بناء على اختلاف الزوال قاله في الفائق.

باب ميراث أهل الملل
لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم إلا أن يسلم قبل قسم ميراثه فيرثه.
__________
باب ميراث أهل المللوهو جمع ملة بكسر الميم إفراداً وجمعاً وهي الدين والشريعة.
"لا يرث المسلم الكافر" قال أحمد ليس بين الناس اختلاف فيه وهو قول جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم وروي عن عمر ومعاذ ومعاوية خلافه والعمل على الأول ولا فرق فيه بين أن يكون من نسب أو نكاح وصرح به في الوجيز وقيد الكافر بالأصلي وهومراد "ولا الكافر المسلم" إجماعا وسنده ما روى أسامة بن زيد مرفوعاً لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم متفق عليه.
ولأن الولاية بينهما منقطعة فلم يتوارثا "إلا أن يسلم قبل قسم ميراثه فيرثه" نقله الأثرم ومحمد بن الحكم واختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما لما روى سعيد في سننه من طريقين عن عروة وابن أبي مليكة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أسلم على شيء فهو له".
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه قسم الإسلام فإنه على قسم الإسلام" رواه أبو داود وابن ماجه وقضى به عمر وعثمان ورواه ابن عبدالبر في التمهيد ولم ينكر فكان إجماعا.
والحكمة فيه الترغيب في الإسلام والحث عليه فعلى هذا إن أسلم قبل قسم البعض ورث ما بقي فإن كان الوارث واحدا فتصرفه في التركة وحيازتها كقسمتها ذكره في المغني والشرح.
وظاهره: أنه إذا قسمت التركة وتعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شيء له،

وعنه لا يرث وإن عتق عبد بعد موت موروثه وقبل القسم لم يرث وجها واحدا ويرث أهل الذمة بعضهم بعضا إن اتفقت أديانهم وهم ثلاث.
__________
واستثنى الخرقي والمجد والجد الميراث بالولاء وهو ما إذا أعتق الكافر مسلما أو بالعكس فإنه يرثه بالولاء على المذهب لثبوته.
"وعنه: لا يرث" نقلها أبو طالب وصححها جماعة وقاله أكثر العلماء لقوله عليه السلام لا يرث المسلم الكافر الخبر ولأن الملك قد انتقل عنه بالموت فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا أو كان رقيقا فأعتق.
فعليها يرث عصبة سيده الموافق لدينه وورث الشيخ تقي الدين المسلم من ذمي لئلا يمتنع قريبه من الإسلام ولوجوب نصرهم ولا ينصروننا.
"وإن عتق عبد بعد موت موروثه وقبل القسم لم يرث وجها واحدا" نص عليه في رواية ابن الحكم وقاله جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم لأن مقتضى الدليل منعه مطلقا خرج منه ما سبق فبقي ما عداه على مقتضاه.
وعنه: يرث ذكرها ابن أبي موسى كمن أسلم وقاله ابن مسعود ومكحول وقتادة والأول أصح قال ابن حمدان والمذهب توريث من أسلم لا من عتق والفرق أن الإسلام أعظم الطاعات والقرب ورد الشرع بالتأليف عليه فورد الشرع بتوريثه ترغيبا له في الإسلام والعتق لا صنع له فيه ولا يحمد عليه فلم يصح قياسه عليه ولولا ما ورد من الأثر في توريث من أسلم لكان النظر أن لا يرث من لم يكن من أهل الميراث حين الموت.
فرع: لو ملك ابن عمه فدبره يعتق بموته ولم يرثه لأنه رقيق حين الموت وإن قال أنت حر في آخر حياتي عتق وورث في الأصح لحريته عند الموت.
"ويرث أهل الذمة بعضهم بعضا إن اتفقت أديانهم" لا نعلم فيه خلافا وهم ثلاث وإن اختلفت لم يتوارثوا وعنه: يتوارثون لأن المانع من الإرث اختلاف الدين وهو منتف لكن لا فرق بين أهل الذمة وغيرهم من الكفار في ذلك لمفهوم حديث أسامة "وهم ثلاث ملل" هذا رواية "اليهودية

ملل اليهودية والنصرانية ودين سائرهم {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وإن اختلفت أديانهم لم يتوارثوا وعنه: بتوارثون.
ولا يرث ذمي حربيا ولا حربي ذميا ذكره القاضي.
__________
والنصرانية" لأن كلا منهما له كتاب وأحكام وشرائع غيرالأخرى "ودين سائرهم" أي: باقيهم كالمجوس وعبدة الأوثان فإنهم ملة واحدة لأنه يشملهم بأنه لا كتاب لهم وهذا قول شريح وعطاء وجمع.
واختاره القاضي وعامة الأصحاب وجزم به في الوجيز لما روى عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتوارث أهل ملتين شيئا" رواه أبو داود ولأن الموالاة منقطعة بينهم أشبه اختلافهم بالكفر والإسلام.
وعنه: الكفر ملل مختلفة اختاره أبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وقدمه في الفروع وهو قول كثير من العلماء لأن الخبر المذكور ينفي توارثهم ولم نسمع عن أحمد تصريحا بذكر انقسام الملك.
فعلى هذا لا توارث بينها قال في المغني والشرح يحتمل أن تكون مللا كثيرة فتكون المجوسية ملة وعبدة الأوثان ملة وعباد الشمس ملة قال في المغني وهو أصح لأن كل فريقين منهم لا موالاة بينهم ولا اتفاق في دين وقول من حصر الملة بعدم الكتاب لا يصح لأنه وصف عدمي لا يقتضي حكما.
وعنه: ملة واحدة نقلها حرب فعليها يتوارثون اختارها الخلال لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} عام في جميعهم فالصابئة قيل كاليهود وقيل: كالنصارى "وإن اختلفت أديانهم لم يتوارثوا" هذا هو المذهب لخبر ابن عمر.
"وعنه: بتوارثون" قدمه في الكافي والمحرر وكمفهوم حديث أسامة قال في الشرح وهذا يجيئ على قولنا إن الكفر ملة واحدة.
"ولا يرث ذمي حربيا ولا حربي ذميا ذكره القاضي" وقاله أكثر

ويحتمل أن يتوارثا والمرتد لا يرث أحدا إلا أن يسلم قبل قسم الميراث وإن قتل في ردته فما له في بيت مال المسلمين،
__________
أصحابنا وذكره أبو الخطاب في التهذيب اتفاقا لانقطاع الموالاة بينهما "ويحتمل أن يتوارثا" نص عليه في رواية يعقوب وقاله القاضي في تعليقه قال في الانتصار: وهو الأقوى في المذهب عملاً بظاهر الخبر ولأنهم أهل ملة واحدة وإنما اختلفت الدار.
قال في المغني: قياس المذهب عندي أن الملة الواحدة يتوارثون وإن اختلفت ديارهم لأن العمومات في النصوص تقتضي توريثهم ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع ولا يصح فيهم قياس فيجب العمل بعمومها ولأن مقتضى التوريث موجود فيعمل به مالم يقم دليل على تحقق المانع.
مسألة: يتوارث حربي ومستأمن وذمي ومستأمن وفي المنتخب يرث مستأمنا ورثته بدار حرب لأنه حربي وفي الترغيب هو في حكم ذمي ونقل أبو الحارث المستأمن يموت هنا ترثه ورثته.
"والمرتد لا يرث أحدا" بغير خلاف علمناه لأنه لا يقر على كفره فلم يثبت له حكم الدين الذي انتقل إليه ولهذا لا تحل ذبيحته ولا نكاح نسائه ولو انتقل إلى دين أهل الكتاب لأن المرتد تزول أملاكه الثابتة له أو استقرارها فلأن لا يثبت له ملك أولى "إلا أن يسلم قبل قسم الميراث" فعلى الخلاف السابق.
ولو ارتد متوارثان فمات أحدهما لم يرثه الآخر لأن المرتد لا يرث ولا يورث لكن قال المؤلف قياس المذهب أن أحد الزوجين إذا ارتد في مرض موته ورثه الآخر ويخرج في ميراث سائر الأقارب كذلك.
"وإن قتل" أو مات "في ردته فماله في بيت مال المسلمين" هذا هوالمشهور والصحيح وقاله ابن عباس وغيره لأنه كافر فلا يرثه المسلم كالكافر الأصلي ولأن ماله مال مرتد أشبه الذي كسبه في ردته ولا يمكن جعله لأهل دينه لأنه لا يرثهم فلا يرثونه كغيرهم من أهل الأديان.

وعنه: أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره.
__________
"وعنه أنه لورثته من المسلمين" روي عن الصديق وعلي وابن مسعود وجمع واختاره الشيخ تقي الدين لأن ردته كمرض موته والفرق بينهما أن على الأولى: يأخذونه فيئا وعلى الثانية إرثا.
"وعنه: أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره" روي عن علقمة لأنه كافر يرثه أهل دينه كالحربي فإن لم يكن فيهم من يرثه فهو فيء وظاهر ما ذكره الأصحاب لا فرق بين تلاد ماله وطارئه فإن ارتد ودخل دار الحرب وقف ماله إلى أن يموت على الأصح قاله في الرعاية.
تنبيه: لم يتعرض المؤلف لحكم الزنديق وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر الذي كان يسمى منافقا في عصره عليه السلام حكمه كالمرتد قال في الفصول وآكد حيث لا تقبل توبته قال في الفروع والمراد إذا لم يتب أو تاب ولم يقبلها واحتج المؤلف وغيره بكف النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بإظهار الشهادة مع علم الله تعالى له بباطنهم.
واختار الشيخ تقي الدين أن المنافق يرث ويورث لأنه عليه السلام لم يأخذ من تركة منافق شيئا ولا جعله فيئا فعلم أن الميراث مداره على النصرة الظاهرة واسم الإسلام يجري عليهم في الظاهر إجماعا ولا لحكم الداعية وهو إذا دعي إلى بدعة مكفرة فماله فيء نص عليه في الجهمي وعلى الأصح أو غيرداعية وهما في غسله والصلاة عليه وغير ذلك ونقل الميموني في الجهمي إذا مات في قرية ليس فيها إلا نصارى من يشهده قال أنا لا أشهده يشهده من شاء قال ابن حامد ظاهر المذهب خلافها.

فصل
وإن أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا ورثوا بجميع قراباتهم،
__________
فصل
"وإن أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا ورثوا بجميع قراباتهم" إن أمكن نص عليه وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد في الصحيح عنه وجمع من التابعين وغيرهم واختاره ابن اللبان لأن الله تعالى فرض للأم الثلث وللأخت النصف فإذا كانت الأم أختا وجب إعطاؤها ما فرض الله لها في الآيتين كالشخصين ولأنهما قرابتان ترث كل واحد منهما منفردة ولا تحجب إحداهما الأخرى إذا كانا في شخصين ولا ترجيح فيهما فيرث بهما جميعا كزوج هو ابن عم وابن عم هو أخ لأم.
وعنه: يرث بأقوى القرابتين وهي التي لا تسقط بحال روي عن زيد وقاله الحسن والزهري لأنهما قرابتان لا يورث بهما في الإسلام فلا يورث بهما في غيره كما لو أسقطت إحداهما الأخرى.
وجوابه: أن أبا بكر أنكر هذه الرواية وقال لم يحك حنبل عن أحمد لفظا ومعنى وبأن القرابتين في الأصل تسقط إحداهما الأخرى إذا كانا في شخصين فكذا إذا كانا في شخص واحد وقولهم لا تورث بهما في الإسلام لعدم وجودهما فلو تصور وجودهما كزوج هو ابن عم ورث بهما.
تنبيه: اعلم أن المسائل التي يجتمع بها قرابتان ويصح الإرث بهما ست إحداهن في الذكور وهي عم هو أخ لأم وخمس في الإناث وهي بنت هي أخت أو بنت ابن وأم هي أخت وأم أم هي أخت لأب وأم أب هي أخت لأم ومتى كانت البنت أختا والميت رجل فهي أخت لأم ومتى كان امرأة فهي أخت لأب فإن قيل أم هي أخت لأم أو أم أو هي أخت لأم وأم أب هي أخت لأب فهو محال.

فإذا خلف أمه وهي أخته من أبيه وعما ورثت الثلث بكونها أما والنصف بكونها أختا والباقي للعم فإن كان معها أخت أخرى لم ترث بكونها أماً إلا الثلث لأنها انحجبت بنفسها وبالأخرى.
__________
"فإذا خلف أمه وهي أخته من أبيه وعما ورثت الثلث بكونها أماً والنصف بكونها أختا" لما تقدم "والباقي للعم" لخبر ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر "فإن كان معهما أخت أخرى لم ترث بكونها أماً إلا السدس" وعلله "لأنها انحجبت بنفسها وبالأخرى" لأن الأم ترد من الثلث إلى السدس بالأختين ومن ورثها بأقوى القرابتين ورثها الثلث بكونها أماً ولم يحجبها بنفسها وقد تحجب هي نفسها وهو ما إذا تزوج مجوسي أمه فأولدها بنتا ثم مات فلها السدس ولابنته النصف ولا يرث أمه بالزوجية ولا ابنته بالأخوة للأم لأن ولد الأم وهو موجود هنا فتكون إذاً قد حجبت نفسها بنفسها.
مسألة: مجوسي تزوج ابنته فأولدها بنتا ثم مات عنها وعن عم فلها الثلثان والبقية للعم ولا ترث الكبرى بالزوجية في قول الجميع فإن ماتت الكبرى بعده فالمال للصغرى لأنها بنت وأخت فإن ماتت قبل الكبرى فلها نصف وثلث والبقية للعم.
ومن ورث بأقواهما لم يورثها بالأخوة شيئا في المسألتين ثم لو تزوج الصغرى فولدت بنتا وخلف معهن عما فلبناته الثلثان وما بقي للعم ولو ماتت بعده ابنته الكبرى فللوسطى النصف لأنها بنت وما بقي لها وللصغرى لأنهما أختان لأب.
وتصح من أربعة فهذه بنت بنت ورثت مع بنت فوق السدس ولو ماتت بعده الوسطى فالكبرى أم وأخت لأب والصغرى بنت وأخت لأب فللأم السدس وللبنت النصف وما بقي لهما بالتعصيب وإن ماتت الصغرى بعدها فأم أمها أخت لأب فلها الثلثان وما بقي للعم.

ولا يرثون بنكاح ذوي المحارم ولا بنكاح لا يقرون عليه لو أسلموا.
__________
ولو ماتت بعده بنته الصغرى فللوسطى بأنها أم السدس وحجبت نفسها ولهما الثلثان بأنهما أختان لأب وما بقي للعم ولا ترث الكبرى بأنها جدة مع أم فهذه جدة حجبت أما وورثت معها ومن حجب نفسه عمل به.
"ولا يرثون بنكاح ذوات المحارم" لا نعلم فيه خلافا "ولا بنكاح لا يقرون عليه" كمن تزوج مطلقته ثلاثا "لو أسلموا" لأنه باطل لا يقر عليه والمجوس وغيرهم في هذا سواء وظاهره: أنهم إذا اعتقدوا صحته وأقروا عليه بعد الإسلام يرثون به سواء وجد بشروطه الصحيحة المعتبرة في نكاح المسلمين أو لا كمن تزوج بلا شهود ونحوه لأنه نكاح يقر عليه فترتب عليه الإرث كالنكاح الصحيح وفي بعض الأنكحة خلاف.
واستحقاق الإرث مبني على الخلاف في أنه يقر عليه أم لا فالمجوسي إذا تزوج امرأة في عدتها فظاهر كلام أحمد أنهما يتوارثان لإقرارهم عليه بعد الإسلام.
وقال القاضي: إن أسلما بعد انقضاء العدة أقرا وإلا فلا فعليه لو مات أحدهما قبل انقضاء العدة لم يتوارثا وإن مات بعده توارثا وتأول كلام أحمد على من أسلم بعد انقضاء العدة.

باب ميراث المطلقة
إذا طلقها في صحته أو مرض غير مخوف أو غيرمرض الموت طلاقا بائنا قطع التوارث بينهما،
__________
باب ميراث المطلقةمشدودة ولا ممسكة بعقد النكاح.
"إذا طلقها في صحته أو مرض غير مخوف أوغير مرض الموت طلاقا بائنا قطع التوارث بينهما" لأن التوارث سببه الزوجية وهي معدومة هنا ولأن حكم

وإن كان رجعياً لم يقطعه ما دامت في العدة وإن طلقها في مرض الموت المخوف طلاقا لا يتهم فيه بأن سألته الطلاق أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته أو علقه على شرط في الصحة فوجد في المرض،
__________
الطلاق في مرض غير مخوف حكم الطلاق في الصحة وحينئذ إذا طلقها في صحته طلاقا بائنا أورجعياً فبانت بانقضاء عدتها لم يتوارثا إجماعا لزوال الزوجية التي هي سبب الميراث فإن طلقها في المرض المخوف ثم صح منه ومات بعده لم ترثه.
"وإن كان رجعياً لم يقطعه ما دامت في العدة" سواء كان صحيحا أو مريضا بغيرخلاف نعلمه لأن الرجعية زوجة "وإن طلقها في مرض الموت المخوف طلاقا لا يتهم فيه بأن سألته الطلاق" أي: في مرضه فأجابها فالأصح أنها لا ترثه لأنه ليس بفار.
والثانية: بلى صححها في المستوعب والشيخ تقي الدين لأنه طلقها في مرضه فهو كمن سألته طلقة فطلقها ثلاثا.
وقال أبو محمد الجوزي إذا سألته الطلاق فطلقها ثلاثا لم ترثه وهو معنى كلام جماعة وكذلك الحكم إذا خالعها "أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته" أو خيرها فاختارت نفسها أو علق طلاقها على مشيئتها فشاءت فالأصح أنها لا ترثه لأنه ليس بفار ولزوال الزوجية بأمر لا يتهم فيه لكن إن لم تعلم بتعليق طلاقها ففعلت ما علق عليه ورثته لأنها معذورة فيه ذكره في المغني والشرح "أو علقه على شرط في الصحة" ليس من صنعهما ولا من صنعها ولها منه بد "فوجد في المرض" كقدوم زيد مثلا لم ترثه لما ذكرنا. وذكر القاضي رواية أخرى فيهما بالإرث لأن الطلاق وقع في المرض فلو علق طلاقها على فعل نفسه وفعله في المرض ورثته لأنه أوقعه في المرض ولو قال في الصحة أنت طالق إن لم أضرب غلامي فلم يضربه حتى مات ورثته ولا

أو طلق من لا يرث كالأمة والذمية فعتقت أو أسلمت فهو كطلاق الصحيح في أصح ا لروايتين فإن كان متهما بقصد حرمانها الميراث مثل إن طلقها ابتداء،
__________
يرثها إن ماتت وإن مات الغلام والزوج مريض طلقت وكان كتعليقه على مجيء زيد. وكذا إن قال إن لم أوفك مهرك فأنت طالق فإن ادعى أنه وفاها مهرها فأنكرته صدق الزوج في توريثه منها لأن الأصل بقاء النكاح ولم يصدق في براءته منه لأن الأصل بقاؤه في ذمته فلو قال لها في صحته إن لم أتزوج عليك فأنت طالق فكذلك نص عليه وهو قول الحسن.
فرع: إذا قال لها في صحته إذا مرضت فأنت طالق فهو كطلاق المريض سواء أو إن أقر في مرضه أنه كان طلقها في صحته ثلاثا لم يقبل إقراره وكان كطلاق المريض لأنه أقر بما يبطل حق غيره فلم يقبل كما لو أقر بما لها.
"أو طلق" المسلم في المرض طلاقا بائنا "من لا يرث كالأمة والذمية فعتقت أو أسلمت" ثم مات عقبها "فهو كطلاق الصحيح في أصح الروايتين" أي: لم يرثاه لأنه ليس بفار و الثانية: بلى لأنه طلاق في مرض الموت فورثاه كغيرهما وهذه الرواية لم يذكرها في المغني والكافي فلو قال لهما أنتما طالقتان غدا فعتقت الأمة وأسلمت الذمية لم يرثاه لأنه ليس بفار.
"فإن كان متهما بقصد حرمانها الميراث مثل أن طلقها" ثلاثا وفي المحرر أبانها وهو أولى في مرضه المخوف "ابتداء" ورثته إذا مات في قول عمر وعثمان وشريح وعروة وغيرهم وقال علي وعبدالله بن الزبير وعبدالرحمن بن عوف لا ترث مبتوتة لأنها بائن فلا ترث كالبائن في الصحة وكما لو كان الطلاق باختيارها.
وجوابه: بأن عثمان ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها في مرضه فبتها واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكر

أو علقه على فعل لا بد لها منه كالصلاة ونحوها ففعلته أو قال للذمية أو الأمة إذا أسلمت أو عتقت فأنت طالق أو علم أن سيد الأمة قال لها أنت حرة غدا فطلقها اليوم ورثته ما دامت في العدة ولم يرثها،
__________
فكان إجماعا ولم يثبت عن علي وعبدالرحمن بن عوف خلاف هذا.
بل روى عروة أن عثمان قال لعبدالرحمن إن مت لأورثنها منك.
قال قد علمت ذلك وما روي عن ابن الزبير فهو مسبوق بالإجماع ولأنه قصد قصدا فاسدا فعومل بنقيض قصده كالقاتل القاصد استعجال الميراث.
"أو علقه" أي: الثلاث "على فعل لا بد لها منه" شرعا "كالصلاة" المفروضة "ونحوها" كالصوم الواجب أو عقلا كأكل ونحوه لانها تضطر إلى فعل ذلك فتعليقه عليه كتنجيزه في قول الجميع وكذا إن علقه على كلامها لأبويها أو أحدهما قطع به في المنتخب والشرح وذكره في الرعاية قولا وفي المحرر وكلام أيهما "ففعلته".
وكذا لو طلقها طلقة بعوض من غيرها أو قذفها في صحته ولاعنها في مرضه وقيل: للحد لا لنفي الولد ورثته على الأصح وجزم جماعة بخلافه وإن آلى منها في مرضه ثم صح ثم رجع إلى مرضه وبانت بالإيلاء لم ترثه ذكره في الشرح.
"أو قال للذمية أو الأمة إذا أسلمت أو عتقت فأنت طالق" ثلاثا لأن قصد الحرمان ظاهر فيه لكونه رتب الطلاق على الموجب للإرث "أو علم أن سيد الأمة قال لها أنت حرة غدا فطلقها" أي: أبانها "اليوم" لأنه فار.
وظاهره: أنه إذا لم يعلم أنها لا ترثه وهو ظاهر لعدم الفرار بغير خلاف نعلمه وكذا إذا وطئ عاقل وقيل: مكلف حماته أو علق إبانتها في صحته على مرضه أو على فعل له ففعله في مرضه أو على تركة نحو لأتزوجن عليك أو وكل في صحته من يبينها متى شاء فأبانها في مرضه "ورثته ما دامت في العدة" رواية واحدة لوجود المقتضي "ولم يرثها" لأن مقتضى البينونة قطع التوارث خولف في

وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول؟ على روايتين.
__________
الزوجة لما ذكرنا فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل.
"وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول؟ على روايتين" الأشهر أنها ترثه في العدة وبعدها مالم تتزوج نقله واختاره الأكثر وذكر أبو بكر أن قول أحمد لا يختلف في ذلك وهو قول الحسن وجمع لما روى أبو سلمة بن عبدالرحمن أن أباه طلق أمه وهو مريض فورثها بعد انقضاء العدة.
ولأن سبب توريثها فراره من ميراثها وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة وشرطه مالم ترتد والأظهر أو تسلم.
والثانية: لا ترث بعد العدة اختاره في التبصرة لأنه يفضي إلى توريث أكثر من أربع فلم يجز كما لو تزوجت فعلى هذا لو تزوج أربعا سواها ثم مات صح على الأصح فترثه الخمس.
وعنه: وصححها في المحرر أن ربعة للمبتوتة وثلاثة أرباعه للأربع إن تزوجهن في عقد وإلا فللثلاث السوابق بالعقد وقيل: كله للمبتوتة فإن تزوجت أو ماتت فحقها للجدد في عقد وإلا فللسابقة إلى كمال أربع بالمتبوعة.
وأما المطلقة قبل الدخول فروايتان أطلقهما في الفروع وقدم في المحرر عدم الإرث وذكر أبو بكر إذا طلقها ثلاثا قبل الدخول في مرضه أربع روايات:
إحداهن: لها الصداق كاملا والميراث وعليها العدة لأن الميراث ثبت للمدخول بها لفراره وهذا فار وإذا ثبت الميراث وجب تكميل الصداق قال المؤلف وينبغي أن تكون العدة عدة وفاة وقيل: طلاق.
والثانية: لها الميراث والصداق ولا عدة عليها لأن العدة حق عليها فلا تجب بفراره.
والثالثة: لها الميرث ونصف الصداق وعليها العدة وهي قول مالك لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} الآية. والرابعة: لا ترث ولا عدة عليها ولها نصف

فإن تزوجت لم ترثه وإن أكره الابن امرأة أبيه على ما يفسخ نكاحها لم يقطع ميراثها إلا أن تكون له امرأة سواها.
__________
الصداق وهي قول أكثر العلماء لأن الله تعالى نص على تنصيف الصداق ونفي العدة عن المطلقة قبل الدخول وأما الميراث فليست زوجة ولا معتدة من نكاح أشبهت المطلقة في الصحة فإن خلا بها وأنكر الوطء وصدقته فلها الميراث وعليها العدة للوفاة ويكمل لها الصداق لأن الخلوة تكفي في ثبوت هذه الأحكام.
"فأن تزوجت لم ترثه" لأنها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الأول أشبه مالو فسخت النكاح وسواء كانت باقية مع الزوج الثاني أو بانت منه في قول أكثر العلماء "وإن أكره الابن" وهو عاقل وارث "امرأة أبيه" أو جده المريض "على ما يفسخ نكاحها" من وطء أو غيره "لم يقطع ميراثها" لأنه قصد حرمانها أشبه مالو أبانها زوجها وظاهره: سواء زاد إرثه أو نقص أو كان له أولاد أخر أو لم يكن له أو فات إرثه بقتل أو حجب فإن طاوعته فالأشهر أنها لا ترثه لأنها مشاركة له فيما ينفسخ نكاحها أشبه مالو خالعته.
"إلا أن تكون له امرأة" وارثة "سواها" فإن المستكرهة لا ترث لانتفاء التهمة وكذا لو كان الابن مجنونا أو عبدا أو كافرا أو استدخلت ذكره وهو نائم لم ترثه في الأصح والاعتبار بالتهمة حال الإكراه فعلى هذا لو صار ابن الابن وارثا بعد ذلك لم ترث لانتفاء التهمة حال الوطء وعكسه لو كان وارثا حال الوطء فعاد محجوبا ورثت لوجود التهمة حين الوطء وجزم بعضهم إن انتفت التهمة بقصد حرمانها الإرث أو بعضه لم ترثه في الأصح. قال في الفروع فيتوجه منه لو تزوج في مرضه مضارة لينتقص إرث غيرها وأقرت به لم ترثه ومعنى كلام شيخنا وهو ظاهر كلام غيره ترثه لأن له أن يوصي بالثلث.
فرع: لو كان للمريض امرأتان فاستكره ابنه إحداهما لم ترثه لانتفاء التهمة لكون ميراثها لا يرجع إليه وإن استكره الثانية: بعدها ورثت لأنه متهم في حقهما فإن استنكرهما معا ورثتا معا.

وإن فعلت في مرض موتها ما يفسخ نكاحها لم يسقط ميراث زوجها وإن خلف زوجات نكاح بعضهن فاسد أقرع بينهن فمن أصابتها القرعة فلا ميراث لها.
__________
مسألة: تقدم أنه إذا وطئ حماته أن امرأته تبين منه وترثه سواء طاوعته أو لا وإن كان زائل العقل حين الوطء لم ترث شيئا لأنه ليس له قصد صحيح فلا يكون فارا وكذا لو وطئ بنت امرأته وهو زائل العقل فإن كان صبيا عاقلا ورثت لأن له قصدا صحيحا وفي القبلة والمباشرة دون الفرج روايتان إحداهما تنشر الحرمة كالوطء و الثانية: لا كالنظر وخرج بعض أصحابنا في النظر إلى الفرج والخلوة لشهوة وجها له ينشر الحرمة والأصح خلافه.
"وإن فعلت في مرض موتها ما يفسخ نكاحها" بأن ترضع زوجها الصغير أو ترتد سقط ميراثها "لم يسقط ميراث زوجها" لأنها أحد الزوجين فلم يسقط فعلها ميراث الآخر كالزوج قال في الفروع والزوج في إرثها إذا قطعت نكاحها منه كفعله وكذا ردة أحدهما ذكره في الانتصار وذكره الشيخ قياس المذهب والأشهر لا وكذا خرج الشيخ في سائر الأقارب.
تنبيه: إذا أعتقت فاختارت نفسها أو كان الزوج عنينا فأجل سنة ولم يصبها حتى مرضت في آخر الحول فاختارت فرقته وفرق بينهما لم يتوارثا ذكره ابن اللبان وذكر القاضي في المعتقة إذا اختارت نفسها في مرضها لم يرثها لأن فسخ النكاح لدفع الضرر لا للفرار
ولو زوج ابنة أخيه صغيرة ففسخت النكاح في مرضها لم يرثها الزوج بغير خلاف علمناه لأن النكاح فاسد من أصله في الصحيح من المذهب وعن أحمد خلافه ولها الخيار لأن الفسخ ليس للفرار فلم يرثها كما لو فسخت المعتقة نكاحها.
"وإن خلف زوجات نكاح بعضهن فاسد" قال في المحرر أو منقطع قطعا يمنع الإرث ولم يعلم عينها "أقرع بينهن" لأنها تزيل الإبهام فشرعت كالعتق "فمن أصابتها القرعة فلا ميراث لها" ذكره أبو بكر والأصحاب لأن القرعة تعينها.

وإذا طلق أربع نسوة في مرضه فانقضت عدتهن وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه: أنه بين الثمان.
__________
فرع: لو قبلها في مرضه ثم مات لم ترثه لخروجها من حيز التملك والتمليك ذكره ابن عقيل وغيره ويتوجه خلاف كمن وقع في شبكته صيد بعد موته ذكره في الفروع.
"وإذا طلق أربع نسوة في مرضه فانقضت عدتهن وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه: أنه بين الثمان" جعل ابن المنجا هذا الخلاف مبنيا على أن المطلقة في مرض الموت هل ترث مالم تتزوج والأصح الإرث.
فعلى هذا الصحيح هنا أن الميراث بين الثمان وفيه شيء ونقل أبو الخطاب أن الميراث هل هو للمطلقات أو بين الثمان فيه وجهان:
أحدهما: أنه بين المطلقات لأنهن يرثن ما كن يرثن وكن يرثن جميع الميراث فكذا بعد تزويجه.
والثاني: أنه بين الثمان لأن المطلقات إذا ورثن وقد مضى نكاحهن فلأن ترث الزوجات ونكاحهن باق بطريق الأولى وجملته أن المريض إذا طلق امرأته ثم نكح غيرها ثم مات لم يخل من حالين:
أحدهما: أن يموت في عدة المطلقة فترثاه جميعا في قول الجمهور وفيه وجه أن الميراث كله للمطلقة بناء على أن نكاح المريض غير صحيح لأنها ترث منه ما كانت ترث قبل طلاقها وهو جميع الميراث فكذا بعده ورده في المغني والشرح بأنها إنما ترث ما كانت ترث لو لم يطلقها ولو تزوج ولم يطلقها لم ترث إلا نصف ميراث الزوجات فكذا إذا طلقها فعلى هذا لو تزوج ثلاثا في مرضه فللمطلقة ربع ميراث الزوجات ولكل واحدة منهن ربعه. الثاني: أن يموت بعد انقضاء عدة المطلقة فيكون الميراث كله للزوجات وعنه: للأربع كما لو مات في عدة المطلقة.


__________
مسألة: إذا كن أربع نسوة فطلق إحداهن في مرضه ثلاثا ثم نكح أخرى في عدة المطلقة أو طلقها ونكح أختها في عدتها ومات في عدتها فالنكاح باطل والميراث بين المطلقة وباقي الزوجات الأوائل فإن مات بعد انقضاء عدتها ففي ميراثها روايتان:
إحداهما: لا ميراث لها فيكون لباقي الزوجات.
والثانية: ترث معهن ولا شيء للمنكوحة فإن تزج الخامسة: بعد انقضاء عدة المطلقة صح نكاحها وهل ترث المطلقة على روايتين ظاهر كلام أحمد عدم الإرث لأنه يلزم منه توريث ثمان نسوة أو أختان أو حرمان الزوجات المنصوص على ميراثهن فعلى هذا يكون الميراث للزوجات دون المطلقة.
والثانية: ترث المطلقة وفيه وجهان أحدهما يكون الميراث بين الخمس والثاني: يكون للمطلقة والمنكوحات الأوائل لأن المريض ممنوع من أن يحرمهن ميراثهن بالطلاق فكذا يمنع من تنقيصهن منه.
ورد المؤلف كلا الوجهين أما أحدهما فرده نص الكتاب على توريث الزوجات فلا يجوز مخالفته وأما الآخر فلأن الله تعالى لم يبح نكاحهن أكثر من أربع ولا الجمع بين الأختين فلا يجوز أن يجتمعن في ميراثه بالزوجية وعلى هذا لو طلق أربعا في مرضه وانقضت عدتهن ونكح أربعا سواهن ثم مات في مرضه فعلى المختار ترثه المنكوحات خاصة وعلى الثاني فيه وجهان أحدهما أنه بين الثمان والثاني: أنه للمطلقات وإن صح من مرضه ثم تزوج أربعا في صحته ثم مات فالميراث لهن في قول الجماعة ولا شيء للمطلقات.
فرع: إذا ادعت عليه زوجته طلاقا يقطع الميراث فأنكر لم ترثه إن مات إذا كانت مقيمة على قولها ذكره في المحرر والفروع.

باب الإقرار بمشارك في الميراث
إذا أقر الورثة كلهم بوارث للميت فصدقهم أوكان صغيرا ثبت نسبه وإرثه سواء كانوا جماعة أو واحدا وسواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه كأخ يقر بابن للميت
__________
باب الإقرار بمشارك في الميراث"إذا أقر الورثة كلهم" ولو مع أهلية الشهادة ولو أنه واحد ذكرا كان أو أنثى "بوارث للميت فصدقهم أو كان صغيرا" أو مجنونا وسواء كان من حرة أو أمة نقله الجماعة ثبت نسبه وإرثه لأنه عليه السلام قبل قول عبد بن زمعة لما ادعى نسب وليدة أبيه وقال هذا أخي ولد على فراش أبي فأثبت نسبه منه ولأن الوارث يقوم مقام مورثه في ميراثه وديونه وسائر حقوقه فكذا في النسب وإذا ثبت النسب ثبت الإرث واشترط في البالغ العاقل التصديق لأن الإقرار بالنسب إقرار فاشترط تصديق المقر له كالإقرار بالمال وفي الصغير يكتفى بصغره لعدم اعتبار قوله فقبل الإقرار بنفسه وإن لم يصدقه كالمال وظاهره: أنه يثبت بالنسب ولو مع وجود منكر لا يرث لمانع رق ونحوه إن كان مجهول النسب وإلا فلا والإرث إن لم يكن به مانع.
"سواء كانوا" أي: المقرين "جماعة أو واحدا" لأنهم سواء في الإقرار بالمال فكذا في الإقرار بغيره "وسواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه كأخ يقر بابن للميت أو ابن ابن يقر بابن للميت" فإنه يثبت نسبه وإرثه لبعض المقر هذا هو المذهب وقاله شريح لأنه ثابت النسب لم يوجد في حقه مانع من الإرث فدخل في عموم النص والعبرة بكونه وارثا حالة الإقرار.
وقيل: لا يرث مسقط اختاره أبو إسحاق وذكره الأزجي عن الأصحاب سوى القاضي وأنه الصحيح لأن توريثه يفضي إلى إسقاط توريثه فسقط لأنه لو ورث لخرج المقر عن كونه وارثا فيبطل إقراره فعليه نصيبه بيد المقر وقيل:

وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه إلا أن يشهد منهم عدلان أنه ولد على فراشه أو أن الميت أقر به،
__________
ببيت المال فإن بلغ الصغير وعقل المجنون فصدقا المقر يثبت إرثهما من المقر وعلى الأول يعتبر إقرار الزوج والمولى المعتق إذا كانا من الورثة ولو كانت بنتا صح لإرثها بالفرض والرد.
فرع: إذا أقر أحد الزوجين بابن للآخر من غيره فصدقه نائب الإمام ثبت نسبه وفيه احتمال ذكره الأزجي لأن الإمام ليس له منصب الورثة قال وهو مبني على أنه هل له استيفاء قود لا وارث له وإذا لم يثبت أخذ نصف ما بيد المقر
"وإن أقر بعضهم" لوارث مشارك لهم في الميراث لم يثبت نسبه بالإجماع ذكره في الشرح لأن النسب لا يتبعض فلا يمكن إثباته في حق المقر دون المنكر ولا إثباته في حقهما لأن الآخر منكر فلا يقبل إقرار غيره عليه ولم توجد شهادة يثبت بها النسب ولو كان المقر عدلين لأنه إقرار من بعض الورثة وعنه: إن أقر اثنان منهم على أبيهما بدين أو نسب ثبت في حق غيرهم إعطاء له حكم شهادة وإقرار وفي اعتبار العدالة منهما روايتان.
"إلا أن يشهد منهم" أو من غيرهم "عدلان أنه ولد على فراشه" أو ولده "أو أن الميت أقر به" ثبت نسبه من المقرين الوارثين ويشاركهم في الإرث لأنها بينة عادلة فثبت النسب بها كالأجانب ولأنهما لو شهدا على غير مورثهما لقبل فكذا إذا شهدا عليه وقيل: لا جزم به الأزجي وغيره فلو كان المقر به أخا ومات المقر عن ابن عم ورثوه وعلى الأول يرثه الأخ وهل يثبت نسبه من ولد المقر المنكر له تبعا فتثبت العمومة فيه وجهان.
وفي الانتصار خلاف مع كونه أكبر سنا من أبي المقر أو معروف النسب ولو مات المقر وخلفه المنكر فإرثه بينهما فلو خلفه فقط ورثه وذكر جماعة إقراره كوصية فيأخذ المال في وجه وثلثه في آخر وقيل: لبيت المال.

وعلى المقر أن يدفع إليه فضل ما في يده عن ميراثه فإذا أقر أحد الابنين بأخ فله ثلث ما في يده وإن أقر بأخت فلها خمس ما في يده فإن لم يكن في يد المقر فضل فلا شيء للمقر به.
__________
"وعلى المقر" إذا لم يثبت النسب "أن يدفع إليه فضل ما في يده عن ميراثه" لأنه تبين بإقراره أنه لا يستحقه "فإذا أقر أحد الابنين بأخ فله ثلث ما في يده" نقله بكر بن محمد لأن في يده النصف وهو لا يستحق إلا الثلث فالسدس مستحق للمقر به وهو ثلث النصف "وإن أقر بأخت فلها خمس ما في يده" لأن في يده النصف وهو يستحق خمسين فنصف الخمس مستحق للمقر بها وهو خمس ما في يده هذا قول الجمهور.
وقال النخعي وحماد يقاسمه ما في يده لأنه يقول أنا وأنت سواء في ميراث أبينا وما أخذه المنكر بمنزلة التالف وأجيب بأنه إنما أقر له بالفاضل عن ميراثه فلم يلزمه أكثر مما أقر به كما لو أقر له بمعين وكإقرار أحد الشريكين بجناية العبد والتركة بينهم أثلاثا فلا يستحق ما في يده إلا الثلث كما لو ثبت نسبه ببينة.
فرع: خلف ابنا فأقر بأخ ثم جحده لم يقبل جحده ولزمه أن يدفع نصف ما في يده فإن صدقه المقر له أو به فوجهان ذكرهما في الكافي وغيره فإن أقر بعد جحده بآخر احتمل أن لا يلزمه له شيء وإن كان لم يدفع إلى الأول شيئا لزمه أن يدفع إليه نصف ما في يده ولا يلزمه للآخر شيء ويحتمل أن يلزمه دفع النصف كله إلى الثاني ويحتمل أن يلزمه ثلث ما في يده للثاني كما لو أقر بالثاني من غير جحد الأول.
فإن خلف ابنين فأقر أحدهما بأخ ثم جحده ثم أقر بأخ لم يلزمه للثاني شيء وعلى الاحتمال الثاني يدفع إليه نصف ما في يده وعلى الثالث يلزمه دفع ما بقي في يده ولا يثبت نسب واحد منهما ويثبت نسب المقر به الأول في المسألة الأولى دون الثاني.
"فان لم يكن في يد المقر فضل فلا شيء للمقر به" لأنه يقر على غيره "وإذا

وإذا خلف أخا من أب وأخا من أم فاقرأ بأخ من أبوين ثبت نسبه وأخذ ما في يد الأخ من الأب وإن أقر به الأخ من الأب وحده أخذ ما في يده ولم يثبت نسبه وإن أقر به الأخ من الأم وحده أو أقر بأخ سواه فلا شيء له وطريق العمل أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وتدفع إلى المقر سهمه من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وإلى المنكر سهمه من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار وما فضل فهو للمقربه فلو خلف ابنين فأقر أحدهما بأخوين،
__________
خلف أخا من أب وأخا من أم فأقرا بأخ من أبوين ثبت نسبه" لإقرار كل الورثة به "وأخذ ما في يد الأخ من الأب" لأنه تبين بإقراره أنه لا حق له وأن الحق للمقر به إذ هو محجوب به.
"وإن أقر به الأخ من الأب وحده أخذ ما في يده" لأنه يسقطه في الميراث وقال ابو الخطاب: يأخذ نصف ما في يده وهو سهو "ولم يثبت نسبه" لأن كل الورثة لم يقروا به وإقرارهم شرط في ثبوته.
"وإن أقربه الأخ من الأم وحده أو أقر بأخ سواه فلا شيء له" لأنه لا فضل في يده وهذا بخلاف ما إذا أقر بأخوين من أم فإنه يدفع إليهما ثلث ما في يده لأن في يده السدس وبإقراره اعترف أنه لا يستحق من الميراث إلا التسع فيبقى في يده نصف التسع وهو ثلث ما في يده.
"وطريق العمل" في هذا الباب "أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار" لأن به يظهر ما للمقر وما للمنكر وما يفضل وتراعى الموافقة "وتدفع إلى المقر سهمه من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وإلى المنكر سهمه من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار وما فضل فهو للمقر له" فإذا أقر أحد الابنين بأخ فمسألة الإقرار من ثلاثة والإنكار من اثنين فاضرب إحداهما في الأخرى لتباينهما تكن ستة للمقر سهم من مسألة الإقرار في الإنكار باثنين وللمنكر سهم من الإنكار في الإقرار بثلاثة يبقى سهم للمقر له لأنه الفاضل وهو ثلث ما بقي في يد المقر لأن النصف في يده وقد تبين هنا أنه ثلاثة.
"فلو خلف ابنين فأقر أحدهما بأخوين فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسب

فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسب المتفق عليه فصاروا ثلاثة ثم تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن اثني عشر للمنكر سهم من الإنكار في الإقرار أربعة وللمقر سهم من الإقرار في مسألة الإنكار ثلاثة وللمتفق عليه أن صدق المقر مثل سهمه وإن أنكره مثل سهم المنكر وما فضل للمختلف فيه وهو سهمان في حال التصديق وسهم في حال الإنكار وقال ابو الخطاب: لا يأخذ المتفق عليه من المنكر في حال التصديق إلا ربع ما في يده وصححها من ثمانية للمنكر ثلاثة وللمختلف فيه سهم ولكل واحد من الأخوين سهمان
__________
المتفق عليه" لإقرار كل الورثة به "فصاروا ثلاثة ثم تضرب مسألة الإقرار" وهي أربعة "في مسألة الإنكار" وهي ثلاثة "تكن اثني عشر " لما ذكرنا " للمنكر سهم من الإنكار في الإقرار أربعة وللمقر سهم من الإقرار في الإنكار ثلاثة وللمتفق عليه إن صدق المقر مثل سهمه" لأنه مقر "وإن أنكره مثل سهم المنكر" لأنه منكر "وما فضل للمختلف فيه وهو سهمان في حال التصديق وسهم في حال الإنكار" لأن ذلك هو الفاضل وهذا أصح الأقوال قاله في الشرح.
"وقال ابو الخطاب: لا يأخذ المتفق عليه من المنكر في حال التصديق إلا ربع ما في يده" لأنه لا يدعي أكثر منه لأنه يدعي أنهم أربعة "وصححها من ثمانية" لأن أصل المسألة من اثنين والمقر به يستحق ربع ما في يد المنكر فاضرب أربعة في اثنين بثمانية "للمنكر ثلاثة" لأنه كان يستحق أربعة أخذ منها المتفق عليه ربعها بقي ثلاثة "وللمختلف فيه سهم" لأنه يستحق ربع ما في يد المقر بهما "ولكل واحد من الأخوين سهمان" لأنه كان يستحق أربعة خرج منها سهم للمتفق عليه وسهم للمختلف فيه بقي اثنان للآخر وذكر ابن اللبان أن هذا قياس قول مالك والشافعي وفيه نظر لأن المنكر يقر أنه لا يستحق إلا الثلث وقد حضر من يدعي الزيادة فوجب دفعها إليه ونظيره لو ادعى إنسان داراً في يد آخر فأقر بها لغيره فقال المقر له إنما هي للمدعي فإنها تسلم إليه وقد رد الخبري على ابن اللبان قوله وقال يبقى مع المنكر ثلاثة أثمان وهو لا يدعي إلا الثلث وقد حضر من يدعي هذه الزيادة ولا منازع له فيهافيجب دفعها

وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما سواء اتفقا أو اختلفا ويحتمل ألا يثبت نسبهما مع اختلافهما فإن أقر بأحدهما بعد الآخر أعطي الأول نصف ما في يده،
__________
إليه قال والصحيح أن يضم المتفق عليه السدس الذي يأخذه من المقر به فيضمه إلى النصف الذي هو بيد المقر لهما فيقتسمانه أثلاثا فتصح من تسعة للمنكر ثلاثة ولكل واحد من الآخرين سهمان.
قال في المغني: ولا يستقيم هذا على قول من لا يلزم المقر أكثر من الفضل عن ميراثه لأن المقر بهما والمتفق عليه لا ينقص ميراثه عن الربع ولم يحصل له على هذا القول إلا التسعان وقيل: في حال الإنكار يدفع المقر بهما إليهما نصف ما في يده ويأخذ المتفق عليه من المنكر ثلث ما في يده فيحصل للمنكر الثلث وللمقر الربع وللمتفق عليه السدس والثمن وللمختلف فيه الثمن وتصح من أربعة وعشرين للمنكر ثمانية وللمتفق عليه سبعة وللمقر ستة وللمختلف ثلاثة قال ابن حمدان وهو أصح.
"وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما" مطلقا "سواء اتفقا" مع إقرار الإبن بهما "أو اختلقا" أي: تجاحدا لأن نسبهما ثبت بإقرار كل من الورثة قبلهما فلم تعتبر موافقة الآخر كما لو كانا صغيرين "ويحتمل ألا يثبت نسبهما مع اختلافهما" لأن الإقرار بكل واحد منهما لم يصدر من كل الورثة ويدفع إلى كل واحد منهما ثلث ما في يده فإن صدق أحدهما بصاحبه وجحده الآخر ثبت نسب المتفق عليه وفي الآخر وجهان فإن كانا توأمين ثبت نسبهما ولم يلتفت إلى إنكار المنكر منهما سواء تجاحدا معا أو جحد أحدهما صاحبه ومتى أقر الوارث بأحدهما ثبت نسب الآخر فإن أقر بنسب صغيرين معا ثبت نسبهما على الأول وعلى الثاني فيه احتمالان.
"فإن أقر بأحدهما بعد الآخر أعطي الأول نصف ما في يده" : بغير خلاف لأنه اعترف بأخوته فيلزم منه إرثه فتكون المسألة بالنسبة إليه مقسومة على اثنين.

والثاني: ثلث ما في يده ويثبت نسب الأول ويقف نسب الثاني على تصديقه وإن أقر بعض الورثة بامرأة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته.
__________
"والثاني: ثلث ما في يده" وهو السدس لأنه فاضل عن حقه لأنه أقر أن الأولاد ثلاثة فأحدهم يستحق الثلث فقط.
"وثبت نسب الأول" لأنه أقر به كل الورثة "ويقف نسب الثاني على تصديقه" لأنه صار من الورثة وكذا إن كانا توامين و في المحرر وفي الفروع وإن كذب الثاني بالأول وهو مصدق به ثبت نسب الثلاثة وقيل: يسقط نسب الأول ويأخذ الثاني ثلثي ما في يده وثلث ما في يد المقر.
"وإن أقر بعض الورثة بامراة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته" أي: يلزمه ما يفضل في يده لها عن حقه كما لو أقر بابن وفي الرعاية وإن أقر بها كلهم أو شهد بالنكاح اثنان منهم أو من غيرهم ثبت كل إرثها فإن مات المنكر فأقر به ابنه فهل يكمل ارثه فيه وجهان.
مسألة: إذا خلف ثلاثة بنين فأقر أحدهم بأخ وأخت فصدقه أحدهما في الأخ والآخر في الأخت لم يثبت نسبهما ويدفع المقر بهما إليهما ثلث ما في يده ويدفع المقر بالأخ إليه ربع ما في يده ويدفع المقر بالأخت إليها سبع ما في يده فأصل المسألة ثلاثة سهم المقر يقسم بينهما وبينه على تسعة له ستة ولهما ثلاثة وسهم المقر بالأخ بينهما على أربعة له ثلاثة ولأخته سهم وسهم المقر بالأخت بينه وبينها على سبعة له ستة ولها سهم وكلها متباينة فاضرب أربعة في سبعة في تسعة ثم في أصل المسألة تكن سبعمائة وستة وخمسين ومنها تصح للمقر بهما ستة في أربعة في سبعة بمائة وثمانين وستين وللمقر بالأخت ستة في أربعة في تسعة بمائتين وستة عشر وللمقر بالأخ ثلاثة في سبعة في تسعة بمائة وتسعة وثمانين وللأخ المقر به سهمان في أربعة في سبعة ستة وخمسين وسهم في سبعة في تسعة بثلاثة وستين فيجتمع له مائة وتسعة عشر وللأخت سهم في أربعة في سبعة بثمانية وعشرين وسهم

وإذا قال رجل مات أبي وأنت أخي فقال هو أبي ولست بأخي لم يقبل إنكاره وإن قال مات أبوك وأنا أخوك لست أخي فالمال كله للمقربه وإن قال ماتت زوجتي وأنت أخوها قال لست بزوجها فهل يقبل إنكاره على وجهين.
__________
في أربعة في تسعة بستة وثلاثين يجتمع لها أربعة وستون ولا فرق بين تصادقهما وتجاحدهما لأنه لا فضل في يد أحدهما عن ميراثه.
"وإذا قال رجل مات أبي وأنت أخي" أو مات أبونا ونحن ابناه "فقال: هو أبي ولست بأخي لم يقبل إنكاره" لأنه نسب الميت إليه بأنه أبوه وأقر بمشاركة المقر في ميراثه بطريق الأخوة فلما أنكر أخوته لم يثبت إقراره به وبقيت دعواه أنه أبوه دونه غير مقبولة كما لو ادعى ذلك قبل الإقرار وحينئذ فالمال بينهما وقيل: للمقر وقيل: للمقر به.
"وإن قال مات أبوك وأنا أخوك قال: لست أخي فالمال كله للمقر به" لأنه صدر الإقرار بأنه أبوه وذلك يوجب كون الميراث له ثم ادعى مشاركته بعد ثبوت الأبوة للأول فإذا أنكر أخوته لم تقبل دعوى هذا المقر "وإن قال" ماتت زوجتي وأنت أخوها قال" لست بزوجها فهل يقبل إنكاره؟ على وجهين" كذا في المحرر.
أصحهما أنه يقبل إنكار الأخ لأن النكاح يفتقر إلى إقامة البينة عليه.
والثاني: لا يقبل لما سبق والمال بينهما قال في الشرح وهذه المسألة تشبه الأولى من حيث أنه نسب الميت إليه بالزوجية في ابتداء إقراره كما نسب الأبوة في قوله مات أبي ويفارقها في أن الزوجية من شرطها الإشهاد ويستحب الإعلان بها واشتهارها فلا يكاد يخفى بخلاف النسب فإنه إنما يشهد عليه بالاستفاضة غالبا.

فصل
وإذا أقر من أعيلت له المسألة بمن يزيل العول كزوج وأختين أقرت إحداهما بأخ فاضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن ستة وخمسين واعمل على ما ذكرنا يكن للزوج أربعة وعشرون وللمنكرة ستة عشر وللمقرة سبعة يبقى تسعة للأخ فإن صدقها الزوج فهي تدعي أربعة والأخ يدعي أربعة عشر وللمقر به من السهام تسعة فاقسمها على سهامهم لكل سهمين سهما للزوج سهمان وللأخ سبعة فإن كان معهم أختان لأم.
__________
فصل
"وإذا أقر من أعيلت له المسألة بمن يزيل العول كزوج وأختين" أصلها من ستة وتعول إلى سبعة "أقرت إحداهما بأخ فاضرب مسألة الإقرار" وهي ثمانية ناشئة من ضرب أربعة في اثنين "في مسألة الإنكار" وهي سبعة "تكن ستة وخمسين واعمل على ما ذكرنا يكن للزوج أربعة وعشرون" مرتفعة من ضرب ثلاثة وهي ماله من مسألة الإنكار في ثمانية "وللمنكرة ستة عشر" مرتفعة من ضرب اثنين في ثمانية "وللمقرة سبعة" لأن لها من مسألة الإقرار سهما مضروبا في مسألة الإنكار "يبقى تسعة للأخ" لأنها الفاضل "فإن صدقها الزوج فهو يدعي أربعة" وهي تمام النصف "والأخ يدعي أربعة عشر" لأنه يدعي استحقاق ربع المال "وللمقر به من السهام تسعة فاقسمهما" أي: التسعة "على سهامهم" المدعى به وهي ثمانية عشر "لكل سهمين سهما للزوج سهمان" مضافان إلى ما أخذه وهو أربعة وعشرون تكن ستة وعشرين "وللأخ سبعة" مضافة إلى ما أخذه فإن أقرت الأختان وأنكر الزوج دفع إلى كل أخت سبعة وإلى الأخ أربعة عشر يبقى أربعة يقران بها للزوج وهو منكرها وفي ذلك ثلاثة أوجه ستأتي.
"فإن كان معهم أختان لأم" فتكون مسألة الإنكار من ستة وتعول إلى تسعة،

فإذا ضربت وفق مسألة الإقرار في مسألة الإنكار كانت اثنين وسبعين للزوج ثلاثة من مسألة الإنكار في وفق مسألة: الإقرار أربعة وعشرون وللأختين من الأم ستة عشر وللأخت المنكرة ستة عشر وللمقرة ثلاثة يبقى في يدها ثلاثة عشر للأخ منها ستة يبقى سبعة لا يدعيها أحد ففيها ثلاثة أوجه:
أحدها: تقر في يد المقرة والثاني: تؤخذ إلى بيت المال والثالث يقسم بين المقرة والزوج والأختين من الأم على حسب ما يحتمل أنه لهم،
__________
ومسألة الإقرار من أربعة وعشرين لأن فيها نصفا وثلثا وما بقي وهو سهم على أربعة لا يصح ولا يوافق فاضرب ستة في أربعة تبلغ ذلك فإذا نظرت بينهما فهما متفقان بالأثلاث.
"فإذا ضربت وفق مسألة الإقرار في مسألة الإنكار كانت اثنين وسبعين للزوج ثلاثة من مسألة الإنكار في وفق مسألة الإقرار" وهي ثمانية "أربعة وعشرون" مرتفعة مما ذكرنا "وللأختين من الأم" سهمان في ثمانية "ستة عشر وللأخت المنكرة ستة عشر" مرتفعة من ضرب اثنين في ثمانية "وللمقر ثلاثة" لأن لها سهما من مسألة الإقرار مضروب في وفق مسألة: الإنكار وهو ثلاثة بثلاثة.
"يبقى في يدها ثلاثة عشر" أي: من الاثنين وسبعين "للأخ منهما ستة" ضعف نصيبها "يبقى سبعة لا يدعيها أحد" لاستكمال كل واحد حقه "ففيها ثلاثة أوجه: أحدها:" قدمه في الشرح والفروع :تقر في يد المقرة: لأنه لا يدعيها أحد.
"والثاني: يؤخذ إلى بيت المال" لأنه موضع الأموال التي لا أرباب لها.
"والثالث: يقسم بين المقرة والزوج والأختين من الأم على حسب ما يحتمل أنه لهم" لأن هذا المال لا يخرج عنهم فإن المقرة إذا كانت صادقة فهو للزوج والأختين من الأم وإن كانت كاذبة فهو لها وإن كان لهم لا يخرج عنهم قسم بينهم على قدر الاحتمال كما قسمنا ميراث الخنثى وبين من معه على ذلك فعلى هذا يكون للمقرة النصف وللزوج والأختين من الأم النصف بينهم على خمسة لأن هذا في حال للمقرة وفي حال لهما فيقسم بينهم

فإن صدق الزوج المقرة فهو يدعي اثني عشر والأخ يدعي ستة يكونان ثمانية عشر ولا تنقسم عليها الثلاثة عشر ولا توافقها فاضرب ثمانية عشر في أصل المسألة ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين مضروب في ثمانية عشر وكل من له شيء من ثمانية عشر مضروب في ثلاثة عشر وعلى هذا تعمل ما ورد عليك.
__________
نصفين ثم تجعل نصف الزوج والأختين من الأم على خمسة لأن له النصف ولهما الثلث وذلك خمسة في ستة فتقسم السبعة بينهم على عشرة للمقرة خمسة وللزوج ثلاثة وللأختين سهمان فإذا اردت تصحيح المسألة فاضربها وهي اثنان وسبعون في عشرة ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين مضروب في عشرة ومن له شيء من عشرة مضروب في سبعة
"فإن صدق الزوج المقرة فهو يدعي اثني عشر" لأن له النصف وهو هنا ستة وثلاثون معه منها أربعة وعشرون بقي ما ذكر "والأخ يدعي ستة" لأنه هو وأختاه يدعون أربعة من أربعة وعشرين مضروبة في وفق مسألة الإنكار وهو ثلاثة تكن اثني عشر له نصفها "يكونان ثمانية عشر ولا تنقسم عليها الثلاثة عشر ولا توافقها فاضرب ثمانية عشر" لانكسارها على المقسوم عليه في أصل المسألة وهو اثنان وسبعون تكن ألفا ومائتين وستة وتسعين.
"ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين مضروب في ثمانية عشر وكل من له شيء من ثمانية عشر مضروب في ثلاثة عشر" فللزوج أربعة وعشرون في ثمانية عشر بأربعمائة واثنين وثلاثين وللأختين من الأم مائتان ثمانية وثلاثون وللمنكرة كذلك وللمقرة ثلاثة في ثمانية عشر بأربعة وخمسين وللأخ ستة في ثلاثة عشر ثمانية وسبعون وللزوج اثنا عشر في ثلاثة عشر بمائة وستة وخمسين وترجع بالاختصار إلى مائتين وستة عشر لأن السهام كلها تتفق بالأسداس "وعلى هذا تعمل ما ورد عليك" من هذه المسائل لأنها مثلها معنى فكذا يجب أن تكون مثلها عملاً.
مسألة: ثلاثة إخوة لأب ادعت امرأة أنها أخت الميت لأبيه وأمه فصدقها

الأكبر وقال الأوسط هي أخت لأم وقال الأصغر هي أخت لأب فالأكبر يدفع إليها نصف ما في يده ويدفع الأوسط سدس ما في يده ويدفع الأصغر سبع ما بقي وتصح من مائة وستة وعشرين لأن أصل مسألتهم من ثلاثة من اثنين والثاني: من ستة والثالث من سبعة والاثنان داخلان في الستة فتضرب ستة في سبعة باثنين وأربعين فهذا ما في يد كل واحد منهم فتأخذ من الأكبر إحدى وعشرين ومن الأوسط سبعة وهو السدس ومن الأصغر ستة وهو السبع فصار لها أربعة وثلاثون.
فرع: إذا مات رجل وخلف ابنين فمات أحدهما وترك بنتا فأقر الباقي بأخ له من أبيه ففي يده ثلاثة أرباع المال وهو يزعم أن له ربعا وسدسا فيفضل في يده ثلث يرده على المقر به فإن أقرت به البنت وحدها ففي يدها الربع وهي تزعم أن لها السدس يفضل في يدها نصف السدس تدفعه إلى المقر له.

باب ميراث القاتل
كل قتل مضمون بقصاص أودية أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول،
__________
باب ميراث القاتلعقد هذا الباب لبيان إرث القاتل وعدمه وهو المقصود بالترجمة وكان ينبغي أن يعبر بالنفي والقتل على ضربين مضمون وغير مضمون فالمضمون موجب للحرمان وهو المعبر عنه بقوله:
"كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة" كمن رمى إلى صف الكفار فأصاب مسلما "يمنع القاتل ميراث المقتول" لما روى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يرث القاتل شيئا" رواه أبو داود والدارقطني.
وعن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس لقاتل ميراث" رواه مالك وأحمد.

سواء كان عمدا أوخطأ،
__________
وعن ابن عباس مرفوعا مثله رواه أحمد وروى النسائي معناه مرفوعا صححه ابن عبد البر في الفرائض ونقل الاتفاق عليه وضعفه غيره.
والمعنى فيه أنه لو ورث القاتل لم يأمن من داعر مستعجل الإرث أن يقتل مورثه فيفنى العالم فاقتضت المصلحة حرمانه ولأن القتل قطع الموالاة وهي سبب الإرث وظاهره: أن المقتول يرث من قاتله مثل ان يجرح مورثه ثم يموت قبل المجروح من تلك الجراحة وسواء انفرد به أو شارك غيره فلو شهد على مورثه مع جماعة ظلما بقتل لم يرثه "سواء كان عمدا" بالإجماع إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير أنهما ورثاه منه لأن آية المواريث تناولته بعمومها فيجب العمل بها.
ولا تعويل على هذا القول لشذوذه وقيام الدليل على خلافه فإن عمر أعطى دية ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه وكان حذفه بسيف فقتله واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع ولأن الوارث ربما استعجل موت مورثه ليأخذ ماله كما فعل الإسرائيلي الذي قتل ابن عمه فأنزل الله تعالى فيه قصة البقرة.
"أو خطأ" نص عليه وهو قول جمهور العلماء وذهب سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب والأوزاعي والزهري أنه يرث من المال دون الدية وروي نحوه عن علي لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة تخصص قاتل العمد فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه وأجيب بما تقدم ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها كقاتل العمد والمخالف في الدين سدا للذريعة وطلبا للتحرز عنه.
لكن ذكر أبو الوفاء وأبو يعلى الصغير أنه يرث من لا قصد له من صبي ومجنون وإنما يحرم من يتهم وصححه أبو الوفاء ونص أحمد خلافه لأنه قد يظهر الجنون ليقتله وقد يحرض عاقل صبيا فحسمنا المادة كالخطأ.

بمباشرة أو سبب صغيرا كان القاتل أو كبيرا وما لا يضمن بشيء من هذا كالقتل قصاصا أو حدا أو دفعا عن نفسه وقتل العادل الباغي أو الباغي للعادل فلا يمنع منه وعنه: لا يرث الباغي العادل ولا العادل الباغي،
__________
"بمباشرة" كان الخطأ كمن رمى صيدا فأصاب مورثه "أو سبب" كمن حفر بئرا عدوانا فسقط فيها مورثه "صغيرا كان القاتل أو كبيرا" لأنه قاتل فتشمله الأدلة وظاهره: لا فرق بين الأب وغيره وسواء قصد مصلحته كضرب الأب والزوج للتأديب وكسقيه الدواء وربط جرحه والمعالجة إذا مات به.
وفي الفروع ولو شربت دواء فأسقطت جنينها لم ترث من الغرة شيئا نص عليه وقيل: من أدب ولده فمات لم يرثه وأنه إن سقاه دواء أو فصده أو بط سلعته لحاجة فوجهان وإن في الحافر احتمالين ومثله نصب سكين ووضع حجر ورش ماء وإخراج جناح انتهى.
وقاله في الرعاية أيضا وجزم في الحاشية بأنه إذا أدب ولده فمات يمنع الإرث وظاهر الشرح إذا لم يقصد مصلحته.
"وما لا يضمن بشيء من هذا كالقتل قصاصا أو حدا" كمن قتله الإمام بالرجم أو بالمحاربة وكذا إن شهد على مورثه بما يوجب الحد أو القصاص نقل محمد بن الحكم في أربعة شهود شهدوا على أختهم بالزنى فرجمت فرجمها مع الناس يرثونها لأنهم غير قتلة ويتوجه في تزكية شهود كذلك.
"أو دفعا عن نفسه" لأنه فعل فعلا مأذونا فيه فلم يمنع الميراث كما لو أطعمه وسقاه فأفضى إلى تلفه "وقتل العادل الباغي أو الباغي للعادل فلا يمنع" صححه في الهداية والمحرر وجزم به في الوجيز لأن المنع من العدوان حسما لمادته ونفيا للقتل المحرم فلو منع هنا لكان مانعا من استيفاء الواجب أو الحق المباح استيفاؤه.
"وعنه: لا يرث الباغي العادل ولا العادل الباغي" لعموم الأدلة وهاتان روايتان لكن الأولى: لا يرث الباغي العادل جزم بها القاضي في الجامع

فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث.
__________
الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والمغني والتبصرة والترغيب لأن الباغي آثم ظالم فناسب أن لا يرث مع دخوله في عموم الأدلة وهذا بخلاف العادل لأنه مأذون في الفعل مثاب عليه وذلك لا يناسب نفي الإرث.
واختار المؤلف وجمع إن جرحه العادل ليصير غير ممتنع ورثه لا إن تعمد قتله ابتداء قال في الفروع وهو متجه ولأن العادل إذا منع من الإرث مع الإدن جاز أن يمنع منه كل قاتل لأن أعلى مراتبه أن يكون مأذونا له فيه.
"فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث" بحال في رواية هي ظاهر الخرقي وعموم الأدلة يشهد لها وهذا مبني على سد الذريعة والأول أولى لأنه إنما حرم الميراث في محل الوفاق لئلا يفضي إلى اتخاذ القتل المحرم وسيلة وفي مسألتنا حرمان الميراث يمنع إقامة الحدود واستيفاء الحقوق المشروعة ولا يفضي إلى اتخاذ قتل محرم فهو ضد ما ثبت في الأصل.
مسألة : أربعة إخوة قتل أكبرهم الثاني ثم قتل الثالث الأصغر سقط القصاص عن الأكبر لأن ميراث الثاني صار للثالث والأصغر نصفين فلما قتل الثالث الأصغر لم يرثه دونه الأكبر فرجع اليه نصف دم نفسه وميراث الأصغر جميعه فيسقط عنه القصاص لميراثه بعض دم نفسه وله القصاص من الثالث ويرثه في ظاهر المذهب فإن اقتص منه ورثه وورث إخوته الثلاثة والله أعلم بالصواب.

باب ميراث المعتق بعضه
__________
باب ميراث المعتق بعضهذكر في هذا الباب المانع من الإرث وهو الرق مع ما تقدم من اختلاف الدين والقتل المضمون ومن يرث بعضه.

لا يرث العبد ولا يورث سواء كان قنا أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد،
__________
"لا يرث العبد" نص عليه قال في المغني لا نعلم فيه خلافا إلا ما روي عن ابن مسعود في رجل مات وترك أبا مملوكا يشتري من ماله ويعتق ثم يرث وقاله الحسن وعن أحمد يرث عند عدم وارث ذكره في المذهب وأبو البقاء في الناهض والأول قول الجمهور ولأن فيه نقصا يمنع كونه موروثا فمنع كونه وارثا كالمرتد ويفارق الوصية فإنها تصح وتكون لمولاه وقياسهم بالحمل ينتقض بمختلفي الدين.
"ولا يورث" إجماعا لأنه لا مال له فيورث عنه ولأنه لا يملك وإن قيل به فملكه ناقص غير مستقر ينتقل إلى سيده بزوال ملكه فيه يدل عليه قوله عليه السلام: "من باع عبدا وله مال" إلى آخره إذ السيد أحق بمنافعه وأكسابه فكذا بعد مماته.
"سواء كان قنا" قال ابن سيده وغيره هو وأبوه مملوكان وفي اصطلاح الفقهاء هو الرقيق الكامل الذي لم يحصل فيه شيء من أسباب العتق ومقدماته قال الجوهري ويستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث وربما قالوا عبيدا قنان ويجمع على أقنة.
"أو مدبرا" لأن فيه جميع أحكام العبودية بدليل أنه عليه السلام باعه "أو مكاتبا" لأنه عبد ما بقي عليه درهم وهذا ظاهر فيما إذا لم يملك قدر ما عليه و قال القاضي وأبو الخطاب: إذا أدى ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع عتق لأنه يجب إيتاؤه ذلك وفي رواية أخرى أنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا يرث ويورث فإذا مات له من يرثه ورث وإن مات فلسيده بقية كتابته والباقي لورثته لأثر سيأتي.
"أو أم ولد" لأنها رقيقة يجري فيها جميع أحكام الرق إلا ما استثني.
فرع : المعلق عتقه بصفة إذا لم توجد كذلك.

فأما المعتق بعضه فما كسبه بجزئه الحر فلورثته ويرث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية فإذا كانت بنت وأم نصفهما حر وأب حر فللبنت بنصف حريتها نصف ميراثها وهو الربع وللأم مع حريتها ورق البنت الثلث والسدس مع حرية البنت فقد حجبتها حريتها عن السدس فبنصف حريتها تحجبها عن نصفه يبقى لها الربع لو كانت حرة فلها بنصف حريتها نصفه وهو الثمن والباقي للأب،
__________
"فأما المعتق بعضه فما كسبه بجزئه الحر" مثل أن يكون قد هايأ سيده على منفعته فاكتسب في أيامه أو ورث شيئا فإن الميراث إنما يستحقه بجزئه الحر "فلورثته ويرث" إذا مات له من يرثه "ويحجب بقدر ما فيه من الحرية" في قول علي وابن مسعود واختاره جمع لما روى عبد الله بن أحمد ثنا البرمكي عن يزيد بن هارون عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العبد يعتق بعضه: "يرث ويورث على ما عتق منه" وفيه انقطاع. قال أحمد: إذا كان العبد نصفه حرا ونصفه رقيقا ورث بقدر الحرية وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه يجب أن يثبت لكل بعض حكمه كما لو كان الآخر مثله وقياسا لأحدهما على الآخر.
وقال زيد: لا يرث ولا يورث وأحكامه أحكام العبد وفاقا لمالك وجعل ماله لمالك باقيه قال ابن اللبان وهو غلط لأنه ليس لمالك باقيه على ما عتق منه ملك ولا ولاء عليه ولا هو ذو رحم.
"فإذا كانت بنت وأم نصفهما حر وأب حر فللبنت بنصف حريتها نصف ميراثها" لأنها لو كانت كاملة الحرية لكان لها النصف فوجب أن يكون لها بنصف حريتها نصفه "وهو الربع" لأنه نصف النصف "وللأم مع حريتها ورق البنت الثلث" لأنه ميراثها حينئذ "والسدس مع حرية البنت فقد حجبتها حريتها عن السدس فبنصف حريتها تحجبها عن نصفه يبقى لها الربع" وهو نصف النصف "لو كانت حرة فلها بنصف حريتها نصفه وهو الثمن" لأنه نصف ما يستحقه بالحرية الكاملة "والباقي للأب" لأن له السدس بالفرض وما بقي بعده بالتعصيب لأنه أولى

وإن شئت نزلتهم أحوالا كتنزيل الخناثى وإذا كان عصبتان نصف كل واحد منهما حر كالأخوين فهل تكمل الحرية فيهما يحتمل وجهين.
__________
رجل ذكر "وإن شئت نزلتهم أحوالا كتنزيل الخناثى" فنقول: إن كانتا حرتين فالمسألة من ستة للبنت ثلاثة وللأم سهم والباقي للأب وإن كانا رقيقين فالمال للأب وإن كانت البنت وحدها حرة فلها النصف والباقي للأب فهي من اثنين وإن كانت الأم وحدها حرة فلها الثلث فهي من ثلاثة وكلها تدخل في الستة فتضربها في الأحوال الأربعة تكن أربعة وعشرين للبنت ستة وهي الربع لأن لها النصف في حالين وللأم ثلاثة لأن لها السدس في حال والثلث في حال والباقي للأب لأن المال له في حال والثلث في حال والنصف في حال والثلثان في حال صار ذلك خمسة عشر وترجع بالاختصار إلى ثمانية.
"وإذا كان عصبتان" لا يحجب أحدهما الآخر "نصف كل واحد منهما حر كالأخوين فهل تكمل الحرية فيهما؟ يحتمل وجهين" أصحهما تكمل قاله في المستوعب وهو قياس قول علي قاله الخبري فتضم الحرية من أحدهما إلى ما في الآخر منهما فإن كمل منهما واحد ورثا جميعا ميراث ابن حر لأن نصفي شيء شيء كامل ثم يقسم ما ورثاه بينهما على قدر ما في كل واحد منهما ففي مسألة الكتاب يكمل.
وكذا إذا كان ثلثا أحدهم حرا وثلث الآخر كذلك فيقسم حينئذ ما ورثاه بينهما أثلاثا فإن نقص ما فيهما من الحرية عن جزء كامل ورثا بقدر ما فيهما وإن زاد على جزء واحد وكان الجزءان فيهما سواء قسم ما ورثاه بينهما بالسوية وإن اختلفا أعطى كل واحد منهما بقدر ما فيه.
والثاني: لا تكمل وهو أشهر لأنها لو كملت لم يظهر للرق فائدة وكانا في ميراثهما كالحرية.
وعليه فيه وجهان: أحدهما لكل واحد نصف ماله في حال حريتهما،

فإن كان أحدهما يحجب الآخر كابن وابن ابن فالصحيح أنها لا تكمل.
__________
وهو هنا الربع والثاني : بطريق الخطاب ومعناه لو خاطبتهما لقلت للحر لك المال لو كان أخوك رقيقا ونصفه لو كان حرا.
فعلى هذا لكل واحد ربع وثمن ولو كان ابن وبنت نصفهما حر وعم فعلى الأول لهما ثلاثة أرباع المال ونصفه على الثاني وخمسة أثمانه على الثالث ولو كان معهم أم فلها السدس على الأوجه والبنت والابن هل لهما على الأول على ثلاثة وثلاثة أرباع المال الباقي بعد السدس أو ثلاثة أرباع المال فيه وجهان.
وعلى الثاني هل لها نصف المال أو نصف الباقي بعد السدس؟ على وجهين "فإن كان أحدهما يحجب الآخر كابن وابن ابن" فوجهان "فالصحيح أنها لا تكمل" لأن الشيء لا يكمل مما يسقطه ولا يجمع بينه وبين ما ينافيه فإن كان نصف كل منهما حرا فللابن النصف ولا شيء لابنه على الأوسط وعلى الأول الربع وعلى الثالث النصف قال في الشرح وورثهم بعضهم بالخطاب وتنزيل الأحوال وحجب بعضهم ببعض على مثال تنزيل الخناثى وهو قول أبي يوسف.
مسألة : أم وأخوان بأحدهما رق لها ثلث وحجبها أبو الخطاب بقدر حريته فبنصفها عن نصف سدس.
تنبيه : يرد على ذي فرض وعصبة لم يرث بقدر نسبة الحرية منهما فلبنت نصفها حر النصف بفرض ورد ولابن مكانها النصف بالعصوبة والبقية لبيت المال ولابنين نصفهما حران لم نورثها المال البقية مع عدم عصبة ولبنت وجدة نصفهما حر المال نصفين بفرض ورد ومع حريته ثلاثة أرباعهما المال بينهما أرباعا بقدر فرضيهما ومع حرية ثلثهما الثلثان بينهما والبقية لبيت المال.
ابن نصفه حر له نصف المال فإن كان معه آخر فلهما المال في وجه وفي آخر لهما نصفه والباقي للعصبة أو لبيت المال وقيل: لكل منهما ثلاثة أثمان


__________
المال لأنهما لو كانا حرين لكان لكل منهما النصف ولو كانا رقيقين لم يكن لهما شيء ولوكان الأكبر حرا لكان المال له وبالعكس ولكل واحد منهما في الأحوال الأربعة مال ونصف فله ربع ذلك وهو ثلاثة أثمان فإن كان معهما ابن آخر ثلثه حر فعلى الوجه الأول يقسم المال بينهم على ثمانية كما تقسم مسألة: المباهلة وعلى الثاني يقسم النصف بينهم على ثمانية وفي وجه يقسم الثلث بينهم أثلاثا ثم يقسم السدس بين صاحبي النصفين نصفين.

باب الولاء
كل من أعتق عبدا،
__________
باب الولاءأي باب ميراث الولاء لأن الولاء لا يورث وإنما يورث به فهو من إضافة الشيء إلى سببه لأن سبب الميراث هنا الولاء ولا شك أنه من جملة الأسباب التي يتوارث بها والولاء بفتح الواو ممدود وهو ثبوت حكم شرعي بالعتق أو تعاطي سببه ومعناه أنه إذا أعتق رقيقا على أي: جهة صار له عصبة في جميع أحكام التعصيب عند عدم العصبة من النسب كالميراث وولاية النكاح والعقل.
والأصل فيه قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الآية يعني الأدعياء مع قوله عليه السلام: "الولاء لمن أعتق" متفق عليه. وإنما تأخر الولاء عن النسب لقوله عليه السلام في حديث عبد الله بن أبي أوفى: "الولاء لحمة كلحمة النسب" رواه الخلال ورواه الشافعي وابن حبان من حديث ابن عمر مرفوعا وفيه لا يباع ولا يوهب شبهه بالنسب والمشبه دون المشبه به وأيضا فإن النسب أقوى منه لأنه تتعلق به المحرمية ووجوب النفقة وترد الشهادة ونحوها بخلاف الولاء.
"كل من أعتق عبدا" وفي الفروع: رقيقا وهي أولى وسواء أعتقه كله أو

أو عتق عليه برحم أو كتابة
__________
بعضه فسرى إلى بقيته فله عليه الولاء إجماعا حيث لم يعتقه عن نذره أو كفارته وكلامه شامل للمسلم وغيره فلو أعتق الحربي حربيا فله عليه الولاء في قول عامتهم فإن جاء المعتق مسلما فالولاء بحاله.
وإن سبي مولي النعمة لم يرث ما دام عبدا فإن عتق فعليه الولاء لمعتقه وله الولاء على عتيقه وهل يثبت لمعتق السيد ولاء على معتقه فيه احتمالان فإن كان الذي اشتراه مولاه فأعتقه فكل واحد منهما مولى صاحبه وإن أسره مولاه فكذلك وإن سبي المعتق فاشتراه رجل فأعتقه بطل ولاء الأول وصار للثاني على المشهور.
وإن أعتق ذمي عبدا فهرب إلى دار الحرب فاسترق فالحكم فيه كما لو أعتقه الحر سواء. وإن أعتق مسلم كافرا فهرب إلى دار الحرب ثم سباه المسلمون لم يجر استرقاقه وقال المؤلف والصحيح جوازه فعلى هذا إن استرق فالولاء للثاني وقيل: للأول وقيل: بينهما. وإن أعتق مسلم مسلما أو أعتقه ذمي ثم ارتد ولحق بدار الحرب فسبي لم يجز استرقاقه وإن اشتري فهو باطل ولا تقبل منه إلا التوبة أو القتل.
"أو عتق عليه برحم" يعني إذا ملكه يعتق عليه بالملك وكان ولاؤه له كما لو باشر عتقه وسواء ملكه بشراء أو هبة أو إرث أو غنيمة بغير خلاف نعلمه أو كتابة يعني إذا كاتبه فأدى ما كوتب عليه عتق ولا فرق بين أن يؤدي إلى سيده أو إلى ورثته لأن عتقه بكتابته وهي من سيده وحكى ابن سراقة عن عمرو بن دينار وأبي ثور أنه لا ولاء على المكاتب لأنه اشترى نفسه فلم يكن عليه ولاء كما لو اشتراه أجنبي فأعتقه وهذا قويل عندنا ورد بالأحاديث المشهورة.

أو تدبير أو استيلاد أو وصية بعتقه فله عليه الولاء وعلى أولاده من زوجة معتقة أو من أمته وعلى معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبدا ما تناسلوا ويرث به عند عدم العصبة من النسب،
__________
فرع : إذا اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حال عتق والولاء لسيده نص عليه كالمكاتب وفيه قول.
"أو تدبير" أي: عتق عليه بالتدبير فولاؤه لسيده في قول عامة الفقهاء "أو استيلاد" يعني إذا عتقت أم الولد بموت سيدها فولاؤها له يرثها أقرب عصبته في قول الجمهور وقال ابن مسعود يعتق من نصيب ولدها فيكون الولاء له وقال علي لا يعتق ما لم يعتقها وله بيعها واختاره جابر بن زيد والأول أولى لأنها عتقت بفعله من ماله فكان ولاؤها له كما لو عتقت بقوله "أو وصية بعتقه" أي: إذا أوصى أن يعتق عنه بعد موته فأعتق فالولاء له وكذا إن وصى به ولم يقل: عني.
"فله عليه الولاء" أي: ثبت للمعتق على المعتق إلا إذا أعتق قن قنا ملكه نص عليه "وعلى أولاده من زوجة معتقة أو من أمته" لأنه ولي نعمتهم وعتقهم بسببه ولأنهم فرع والفرع يتبع أصله بشرط أن يكونوا من زوجة معتقة أو سرية فإن كانت أمهم حرة الأصل فلا ولاء على ولدها لأنهم يتبعونها في الحرية والرق فيتبعونها في عدم الولاء إذ ليس عليها ولاء.
"وعلى معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبدا ما تناسلوا" لأنه ولي نعمتهم وبسببه عتقوا أشبه ما لو باشرهم بالعتق " ويرث به عند عدم العصبة من النسب" أي: إذا لم يكن للمعتق عصبة ولا ذو فرض فهو للمولى لما روى الحسن مرفوعا الميراث للعصبة فإن لم تكن عصبة فللمولى ولأن النسب أقوى من الولاء بدليل أنه يتعلق به التحريم وسقوط القصاص ورد الشهادة بخلاف الولاء وظاهره: أنه إذا كان عصبة أو ذو فرض يستغرق فروضهم المال فلا شيء للمولى بغير خلاف نعلمه ولو كان ذو فرض لا تستغرق المال فالباقي للمولى.

ثم يرث به عصبته من بعده الأقرب فالأقرب وعنه: في المكاتب إذا أدى إلى الورثة أن ولاءه لهم وإن أدى إليهما فولاؤه بينهما ومن كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسه رق فلا ولاء عليه.
__________
"ثم يرث به عصبته من بعده" سواء كان ابنا أو أخا أو أبا أو غيره من العصبات ولا فرق بين كون المعتق ذكرا أو أنثى " الأقرب فالأقرب" لما روى أحمد عن سعيد بن المسيب مرفوعا أنه قال المولى أخ في الدين ومولى نعمة يرثه أولى الناس بالمعتق ولأنه حق من حقوقه فوجب أن يرث به أقرب عصباته كالنسب فإن لم تكن له عصبة فلمولاه.
"وعنه: في المكاتب إذا أدى إلى الورثة أن ولاءه لهم" لأنه انتقل إليهم أشبه ما لو اشتروه "وإن أدى إليهما فولاؤه بينهما" أي: بين السيد والورثة لأن العتق يتبع الأداء وفي التبصرة وجه أنه للورثة وفي المبهج إن أعتق كل الورثة المكاتب نفذ والولاء للرجال وفي النساء روايتان.
"ومن كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسه رق فلا ولاء عليه" أي: إذا كان أحد الزوجين حر الأصل فلا ولاء على ولدها سواء كان الآخر عربيا أو مولى لأن الأم إن كانت حرة الأصل فالولد يتبعها فيما إذا كان الأب رقيقا في انتفاء الرق والولاء فلأن يتبعها في نفي الولاء أولى وإن كان الأب حر الأصل فالولد يتبعه فيما إذا كان عليه ولاء بحيث يصير الولاء عليه لمولى أبيه فلأن يتبعه في سقوط الولاء عنه أولى.
وعلى هذا لا فرق بين أن يكون مسلما أو ذميا معلوم النسب أو مجهوله قال الأصحاب هذا هو الأشبه بمذهب أحمد ونصره في الشرح و قال القاضي: إن كان مجهول النسب ثبت الولاء على ولده لمولى الأم إن كانت مولاة وعلله الخبري بأن مقتضى ثبوته لمولى الأم موجود وإنما امتنع في محل الوفاق لحرية الأب فإذا لم تكن معلومة فقد وقع الشك في المانع فيبقى على الأصل

ومن أعتق سائبة،
__________
وجوابه: بأن الأب حر محكوم بحريته أشبه معروف النسب إذ الأصل في الآدميين الحرية فإن كان الأب مولى والأم مجهولة النسب فعلى الخلاف والمذهب لا ولاء عليه وقد علم أن من أبوه حر الأصل وأمه عتيقة فلا ولاء عليه وعنه: يلي لمولى أمه ومن كانت أمه عتيقة وأبوه مجهول النسب فلا ولاء عليه وعنه: بلى كمولى أبيه.
مسألة : إذا تزوج عبد بمعتقة لقوم أو بحرة الأصل فأولدها ثم أعتقه مولاه قال ابن أبي موسى لايختلف قول أحمد أن ولاء أولاده لمولى أبيهم وجزم به في الوجيز وفي حر الأصل إذا تزوج أمة فعتق ولدها على سيدها فله ولاؤه
"ومن أعتق سائبة" كقوله: أعتقتك سائبة كأنه يجعله لله أو أعتقتك ولا ولاء لي عليك وأصله من تسييب الدواب ولا نزاع في صحة العتق والخلاف إنما هو في ثبوت الولاء للمعتق وفيه روايتان حكاهما الشيخان.
فأشهرهما واختاره أكثر الأصحاب حتى إن القاضي والشريف وأبا الخطاب في خلافيهما وابن عقيل في التذكرة لم يذكروا خلافا أنه لا ولاء عليه لأن ابن عمر أعتق سائبة فمات فاشترى ابن عمر بماله رقابا فأعتقهم وعلله أحمد بأنه جعله لله فلا يجوز أن يرجع إليه منه شيء ففي عقله لكونه معتقا وانتفاء الولاء عنه روايتان قاله أبو المعالي وماله لبيت المال.
و الثانية : أنه يثبت الولاء للمعتق جزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع قال المؤلف وهو أصح في النظر لعموم الأخبار وعن هزيل بن شرحبيل قال جاء رجل إلى عبد الله قال إني أعتقت عبدا وجعلته سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثا فقال عبد الله إن أهل الإسلام لا يسيبون وإنما كان أهل الجاهلية يسيبون وأنت ولي نعمته وإن تأثمت وتحرجت في شيء فنحن نقبله ونجعله في بيت المال رواه مسلم.
وقال سعيد: ثنا هشيم عن منصور أن عمر وابن مسعود قالا في ميراث

أو في زكاته أو نذره أو كفارته ففيه روايتان إحداهما له عليه الولاء و الثانية: لا ولاء عليه وما رجع في ميراثه رد في مثله يشتري به رقابا يعتقهم ومن أعتق عبده عن ميت أو حي بلا أمره فولاؤه للمعتق،
__________
السائبة هو للذي أعتقه.
"أو في زكاته أو نذره أو كفارته ففيه روايتان إحداهما له عليه الولاء" للعموم ولأن عائشة اشترت بريرة بشرط العتق وهو يوجب العتق ولم يمنع ذلك ثبوت الولاء لها "والثانية: لا ولاء عليه" لأنه أعتقه في الزكاة من غير ماله فلم يكن له عليه الولاء كما لو دفعها إلى الساعي فاشترى بها وأعتق وكما لو دفع إلى المكاتب مالا فأداه في كتابته وفارق الذي اشترط عليه العتق فإنه أعتقه من ماله والعتق في الكفارة والنذر واجب عليه أشبه العتق في الزكاة.
"وما رجع من ميراثه رد في مثله يشتري به رقابا يعتقهم" هذا هو المعروف في السائبة لما روي عن ابن عمر ونظرا إلى أنه جعله محضا لله فيختص بهذه الجهة وهل ولاية الإعتاق للإمام لأنه النائب عن الله وهو أظهر أو للسيد لأنه المعتق فيه روايتان وقال أحمد في الذي يعتق من زكاته إن ورث منه شيئا جعله في مثله وهو قول الحسن وإسحاق.
قال في الشرح: وعلى قياس ذلك العتق في الكفارة والنذر لأنه واجب عليه وعنه: في السائبة والمعتق في الواجب لا ولاء عليه بل ماله لبيت المال لأنه لا وارث له فعلى الأول إذا خلف السائبة ذا فرض لا يستغرق ماله أخذ فرضه واشترى بباقيه رقابا يعتقهم ولا يرد على أهل الفرض فلو ترك بنتا ومعتقا فللبنت النصف والباقي يصرف في العتق إذ جهة العتق هي المستحقة للولاء على القول بأن الولاء للسيد والمال بينهما نصفان وعلى الآخر الجميع للبنت بالفرض والرد إذ الرد مقدم على بيت المال.
"ومن أعتق عبده عن ميت أو حي بلا أمره فولاؤه للمعتق" للخبر ولأنه أعتقه بغير إذن الآخر فكان ولاؤه للمعتق كما لو لم ينوه لكن ذكر في

وإن أعتقه عنه بأمره فولاؤه للمعتق عنه وإذا قال أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه.
__________
المحرر والفروع والوجيز تبعا للقاضي أنه إذا أعتق عن ميت في واجب عليه أن العتق يقع عن الميت لمكان الحاجة إلى ذلك وهو الاحتياج إلى براءة الذمة.
قال الشيخ تقي الدين: بناء على أن الكفارة ونحوها من شرطها الدخول في ملك المكفر عنه وحينئذ يصح العتق وقيل: لا يصح إلا بوصية قال في الترغيب بناء على قولنا الولاء للمعتق عنه.
وإن تبرع بعتقه عنه ولا تركة فهل يجزئه كإطعام وكسوة أم لا جزم به في الترغيب لأن مقصوده الولاء ولا يمكن إثباته بدون المعتق عنه فيه وجهان وإن تبرع عنه أجنبي فأوجه ثالثها يجزئه في إطعام وكسوة.
"وإن أعتقه عنه بأمره" صح لأنه نائب عنه فكان.
"فولاؤه للمعتق عنه" في قول أكثرهم كما لو باشره ولما ذكره حالات نبه عليها بقوله: "وإذا قال أعتق عبدك عني وعلي ثمنه" ففعل قبل فراقه أو بعده "فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه" لا نعلم فيه خلافا قاله في المغني لأنه أعتقه عنه بشرط العوض فيقدر ابتياعه منه ثم توكيله في عتقه ليصح أشبه ما لو ابتاعه منه ثم وكله في عتقه وكإطعامه طعامه عنه والكسوة وذكر ابن أبي موسى لا يجزئه حتى يملكه إياه فيعتقه هو ونقله مهنا وعلى الأول يجزئه عن واجب ما لم يكن قريبه ويلزمه عوضه بالتزامه وعنه: يلزمه ما لم ينفه وعنه: العتق والولاء للمسؤول لا للسائل إلا حيث التزم العوض وفي الترغيب لو قال أعتقه عن كفارتي ولك علي مائة فأعتقه عتق ولم يجزئه وتلزمه المائة والولاء له قال ابن عقيل ثم قال أعتقه عني بهذا الخمر والخنزير ملكه وعتق كالهبة والملك يقف على القبض في هبة بلفظها لا بلفظ العتق بدليل أعتق عبدك عني ينتقل الملك قبل إعتاقه ويجوز جعله قابضا من طريق الحكم كقوله بعتك أو وهبتك هذا فقال المشتري:

وإن قال: أعتقه والثمن علي ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق وإن قال الكافر لرجل: أعتق عبدك المسلم عني وعلي ثمنه ففعل فهل يصح على وجهين.
__________
هو حر عتق وقدر القبول حكما.
"وإن قال: أعتقه والثمن علي" أو أعتقه عنك وعلي ثمنه "ففعل فالثمن عليه" أي: على السائل لأنه جعل جعلا على الإعتاق فلزمه بالعمل أشبه ما لو قال من بنى لي هذا حائطا فله كذا استحقه بعمله "والولاء" والعتق "للمعتق" أي: المسؤول على الأصح لأنه لم يأمره بإعتاقه عنه ولا قصد به المعتق ذلك فلم يوجد ما يقتضي صرفه إليه فيبقى للمسؤول عملا بالخبر ويجزئه عن واجب في الأصح و قال القاضي: في موضع لايجزىء عن الواجب ويقع عن العتق والولاء للسائل قال في المحرر وفيه بعد.
تنبيه : بقي هنا صورتان:
الأولى : إذا قال: أعتقه عني وأطلق فيحتمل أنه يلزمه العوض كما لو صرح به إذ الغالب في انتقال الملك العوض ويحتمل عدمه لأنه التزام ما لم يلتزمه.
الثانية : إذا قال أعتقه عني مجانا لم يلزمه العوض بلا نزاع والولاء والعتق للسائل في ظاهر كلام الخرقي وجماعة.
فرع : لو قال أعتق مكاتبك على ألف ففعل عتق ولزم القائل ألف وولاؤه للمعتق وقيل: للقائل فلو قال اقبله على درهم فلغو ذكره في الانتصار قال في الفروع ويتوجه وجه.
"وإن قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عني وعلي ثمنه ففعل فهل يصح على وجهين:" كذا أطلقهما في المحرر والفروع:
أحدهما : وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز أنه يصح ويعتق لأنه

وإن أعتق عبدا يباينه في دينه فله ولاؤه وهل يرث به على روايتين إحداهما لا يرث لكن إن كان له عصبة على دين المعتق ورثه وإن أسلم الكافر منهما ورث المعتق رواية واحدة.
__________
يملكه زمنا يسيرا فاغتفر هذا الضرر اليسير لأجل تحصيل الحرية للأبد وهو نفع عظيم لأنه يصير متهيئا للطاعات وإكمال القربات وحينئذ الولاء للكافر جزم به في الوجيز لظاهر الخبر.
والثاني: لا يصح ولا يعتق لأنه يلزم من الصحة ثبوت الملك المقدر وهو كالمحقق وثبوت المحقق منفي لما فيه من الصغار فكذلك ثبوت ما يشبهه وحكاهما في الرعاية روايتين:
"وإن أعتق عبدا يباينه في دينه فله ولاؤه" بغير خلاف نعلمه لأنه معتق فيدخل في قوله عليه السلام الولاء لمن أعتق وحينئذ يثبت الولاء للأنثى على الذكر وبالعكس.
"وهل يرث به؟ على روايتين: إحداهما: لا يرث" وهو قول جمهور الفقهاء قال في المغني وهو أصح في الأثر والنظر لخبر أسامة لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولأنه ميراث فمنعه اختلاف الدين كميراث النسب والميراث بالنسب أقوى فإذا منع الأقوى فالأضعف أولى و الثانية: يرثه روي عن عمر وعلي وغيرهما واحتج أحمد بقول علي الولاء شعبة من الرق فلم يضر تباين الدين بخلاف الإرث بالنسب.
"لكن" أي: على الأولى "إن كان له" أي: للسيد "عصبة على دين المعتق" بفتح التاء "ورثه" أي: العصبة أشبه ما لو كان الأقرب من العصبة مخالفا لدين الميت والأبعد على دينه.
"وإن أسلم الكافر منهما" أي: من السيد والمعتق "ورث المعتق" بكسر التاء "رواية واحدة" لأنهما اجتمعا على الإسلام فتوارثا كالمتناسبين لزوال المانع.

فصل
ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن وعنه: في بنت المعتق خاصة: ترث.
__________
فصل
"ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن" وأولادهما ومن جروا ولاءه "أو كاتبن أو كاتب من كاتبن" هذا ظاهر كلام أحمد واختاره الأكثر وروي عن عمر وعثمان وعلي وغيرهم ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان كالإجماع وسنده ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال: "ميراث الولاء للكبر من الذكور ولا يرث النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن أو أعتق من أعتقن" . ولأن الولاء مشبه بالنسب والمولى المعتق من المولى المنعم بمنزلة أخيه أو عمه فولده من العتيق بمنزلة ولد أخيه أو عمه ولا يرث منهم إلا الذكور خاصة ويستثنى منه إلا عتيق ابن ملاعنة فإن الملاعنة ترثه على المنصوص إن عدم الابن و قلنا: هي العصبة وإلا عصبتها.
"وعنه: في بنت المعتق خاصة: ترث" نقلها أبو طالب ووهمه أبو بكر في حكايتها عنه واختارها القاضي وأصحابه وإليها ميل المجد في المنتقى واحتج الإمام أحمد بما روى ابن عباس أن مولى لحمزة توفي وترك ابنته وابنة حمزة فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النصف ورواه الدارقطني.
وقد روى إبراهيم النخعي ويحيى بن آدم وإسحاق أن المولى كان لحمزة واعترض عليه بأن المولى كان لابنة حمزة قاله أحمد في رواية ابن القاسم وسأله هل كان المولى لحمزة أو لابنته فقال: لابنته فقد نص على أن ابنة حمزة ورثت بولاء نفسها لأنها هي المعتقة وصححه في الكافي والشرح ويرشحه ما روى ابن ماجه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الله بن شداد عن بنت حمزة وهي أخت ابن

والأول أصح ولا يرث منه ذوا فرض إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن،
__________
شداد لأمه قالت: مات مولاي وترك ابنة فقسم النبي صلى الله عليه وسلم
ماله بيني وبين ابنته فجعل لي النصف ولها النصف ورد بأن ابن أبي ليلى ضعيف ثم يحتمل تعدد الواقعة فلا معارضة ولو سلم الاتحاد فيحتمل أنه أضيف مولى الوالد إلى الولد بناء على أن الولاء ينتقل إليه أو أنه يرث به وعنه: أنها ترث مع عدم عصبة وعنه: ترث مع أخيها فلو اشترى هو وأخته أباهما فعتق ثم اشترى عبدا وأعتقه ثم مات عتيقه بعد أبيه ورثه ابنه لا بنته وعلى الثانية: يرثانه أثلاثا فلو نكحت عتيقها وأحبلها فهي القائلة إن ألد أنثى فالنصف وذكرا فالثمن وإن لم ألد فالجميع "والأول أصح" لإجماع الصحابة ومن بعدهم عليه.
مسائل
إذا خلف بنت معتقه وابن عم معتقه فلا شيء للبنت وجميع المال لابن عم المعتق على الأولى : وعلى الثانية : للبنت النصف والباقي لابن العم ولو خلف المعتق بنته وبنت معتقه فالمال كله لابنته على الأولى: بالفرض والرد وعلى الثانية: لابنته النصف ولابنة معتقه النصف ولو كان بدل بنت معتقه أخت معتقه فلا شيء لها قولا واحدا.
"ولا يرث منه" بالولاء "ذوا فرض" كالأخ من الأم والزوج إذا لم يكونا ابني عم " إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن" نص عليه في رواية جماعة لأنهما يرثان ذلك في غير الولاء فكذا في الولاء واختار أبو إسحاق سقوطهما مع ابن وهو قول زيد وأكثر الفقهاء لأن الابن أقرب العصبة وهما يرثان معه بالفرض ولا يرث بالولاء ذو فرض.
وجوابه: بأنه عصبة وارث فاستحق من الولاء كالأخوين ولا نسلم أن الابن أقرب من الأب بل هما فيه سواء وكلاهما عصبة لا يسقط أحدهما الآخر بل يتفاضلان في الميراث وكذا في الإرث بالولاء وفي الانتصار:

والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له.
والولاء لا يورث وإنما يورث به،
__________
ربما حملنا توريث أب سدسا بفرض مع ابن على رواية توريث بنت المولى فيجيء من هذا أنه يرث قرابة المولى بالولاء على نحو ميراثهم.
"والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له" أي: إذا زاد عدد البنين على اثنين لأنه يرث ذلك معهم في غير الولاء فكذا في الولاء وإن خلف المعتق أخاه وجده فالولاء بينهما نصفان وعن زيد المال للأخ لأنه ابن الأب والجد أبوه والابن أحق من الأب ومن جعل الجد أبا ورثه وجده وفي المحرر والفروع إن الجد كأخ وإن كثروا.
قال في الترغيب: وهو أقيس ويعاد الإخوة من الأبوين الجد بالإخوة من الأب ثم يأخذوا ما حصل لهم كالميراث وقال ابن سريج: هو على عددهم ورد بالميراث ولا يعتد بالأخوات لأنهن لا يرثن منفردات وكالإخوة من الأم وولد الأب إذا انفردن مع الجد كولد الأبوين.
مسائل
إذا خلف جد مولاه وابن أخي مولاه فالمال للجد في قولهم جميعا وكما لو خلف جد مولاه وعم مولاه فلو ترك جد أبي مولاه وعم مولاه فهو للجد في قول أهل العراق وقال الشافعي هو للعم وبنيه وإن سفلوا دون جد الأب.
فرع : لا يرث المولى من أسفل معتقه في قول عامتهم وحكي عن شريح وطاووس أنهما ورثاه لحديث ابن عباس حسنه الترمذي وروي ذلك عن عمر وعلى الأول لا يعقل عنه.
"والولاء لا يورث وإنما يورث به" في قول الأكثر لأنه عليه السلام شبهه بالنسب والنسب لا يورث وإنما يورث به ولأن الولاء إنما يحصل بإنعام السيد على رقيقه بالعتق وهذا المعنى لا ينتقل عن العتق فكذا الولاء.

ولا يباع ولا يوهب وهو للكبر خاصة فإذا مات المعتق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق،
__________
"ولا يباع ولا يوهب" أي: لا يصح لأنه عليه السلام نهى عن بيع الولاء وهبته ولا يجوز شراؤه ولا وقفه ولا أن يأذن لمولاه فيوالي من شاء لكن روى سعيد عن سفيان عن عمرو بن دينار أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس وكان مكاتبا وروي عنها أيضا أنها وهبت ولاء مواليها للعباس وقال ابن جريج: قلت: لعطاء أذنت لمولاي أن يوالي من شاء فيجوز قال: نعم وجوابه ما سبق وبأنه عليه السلام قال: "لعن الله من تولى غير مواليه" ولأنه معنى يورث به فلا ينتقل عنه كالقرابة فعلى هذا لا ينتقل الولاء عن المعتق بموته ولا يرثه ورثته وإنما يرثون المال به مع بقائه وهو للمعتق.
"وهو للكبر خاصة" أي: أنه يرث بالولاء أقرب عصبات السيد إليه يوم مات عتيقه لا يوم مات السيد هذا هو المختار للأصحاب والمشهور من الروايتين قال أحمد: في رواية صالح حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أحرز الوالد والولد فهو لعصبته من كان" يرويه عمرو بن شعيب وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا الولاء للكبر فهذا الذي نذهب إليه وهو قول أكثر الناس قلت: وقد رواه سعيد ثنا هشيم ثنا أشعث بن سوار عن الشعبي أن عمر وعليا وزيدا وابن مسعود جعلوا الولاء للكبر.
والثانية: ونقلها حنبل وابن الحكم إن الولاء يورث كالمال وقاله جمع من الصحابة ومعناه أن من ملك شيئا في حياته فهو لورثته لكن يختص به العصبة.
"فإذا" هذا تفريع على المسألة وتوضيح لها "مات المعتق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق" نص عليه في رواية أبي طالب لأن ابن المعتق أقرب الناس إليه يوم مات المعتق قال أحمد قوله عليه السلام أعطه أكبر خزاعة ليس أكبرهم سنا ولكن أقربهم إلى خزاعة.
وعلى الثانية: هو بينهما نصفان لأنه لما مات المولى المنعم ورث ابناه الولاء

وإن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم لكل واحد عشرة وإذا اشترى رجل وأخته أباهما أو أخاهما فعتق عليهما ثم اشترى عبدا فأعتقه ثم مات المعتق ثم مات مولاه ورثه الرجل دون أخته،
__________
بينهما نصفين فإذا مات أحدهما انتقل نصيبه إلى ابنه.
"وإن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم" نص عليه "لكل واحد عشرة" لأن الجميع في القرب إلى السيد يوم مات العتيق سواء وعلى الأخرى ونص عليها هنا في رواية بكر بن محمد لابن الابن النصف إرثا عن أبيه والنصف الآخر على بني الابن الآخر على تسعة وتصح من ثمانية عشر.
فرع : إذا لم يخلف عصبة من نسب مولاه فماله لمولى أمه ثم لأقرب عصباته فإذا انقرض العصبات وموالي عصباتهم فماله لبيت المال.
"وإذا اشترى رجل وأخته أباهما أو أخاهما فعتق عليهما" يعني بالملك "ثم اشترى عبدا فأعتقه ثم مات المعتق" فميراثه بينهما أثلاثا بالنسب "ثم مات مولاه ورثه الرجل" لأنه ابن المعتق أو يتحقق فورثه بالنسب "دون أخته" لأنها مولاه المعتق وعصبة المعتق تقدم على مولاه.
وروي عن مالك أنه قال سألت عنها سبعين قاضيا من قضاة العراق فأخطاوا فيها قال في المستوعب وهذا مما لا خلاف فيه إلا على ما نقله الخرقي في بنت المعتق خاصة وحينئذ إذا اشتريا أباهما كان ميراث العبد بينهما أثلاثا.
مسألة : إذا خلف بنت مولاه ومولى أبيه فماله لبيت المال لأنه ثبت عليه الولاء من جهة مباشرته العتق فلم يثبت عليه بإعتاق أبيه.
فائدة : امرأة حرة لا ولاء عليها وأبواها رقيقان فيتصور إذا كانوا كفارا فتسلم هي ويسبي أبواها ويسترقان وإذا كان أبوها عبدا تزوج بأمة على أنها حرة فولدتها ثم ماتت.

وإذا ماتت المرأة وخلفت ابنها وعصبتها غيره ومولاها فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها.
__________
"وإذا ماتت المرأة وخلفت ابنها وعصبتها غيره ومولاها فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها" لما روى إبراهيم قال اختصم علي والزبير في مولى صفية فقال علي مولى عمتي وأنا أعقل عنه وقال الزبير مولى أمي وأنا أرثه فقضى عمر على علي بالعقل وقضى للزبير بالميراث رواه سعيد واحتج به أحمد وظاهره: أن الابن ليس من العصبة وهو مقتضى كلام الأكثرين ومنهم من يجعله منها كالرواية الأخرى يقول الولاء له والعقل عليه فإن باد بنوها فولاؤه لعصبتها.
ونقل عنه جعفر بن محمد ولاؤه لعصبة بنيها وهو موافق للولاء يورث ثم لعصبة بنتها وقيل: لبيت المال ولم يفرق الخرقي وابن حمدان بين الرجل والمرأة والأكثر كالمتن قال في الشرح أما الرجل المعتق فإنه يعقل عن معتقه لأنه عصبة من أهل العقل ويعقل ابنه وأبوه لأنهما من عصباته وعشيرته فلا يلحق ابنه من نفي العقل بابن المرأة لأنها لا تعقل ابنها.

فصل في جر الولاء
كل من باشر العتق أو عتق عليه لا ينتقل عنه بحال فأما إن تزوج العبد معتقة فأولدها فولاء ولدها لموالي أمه فإن أعتق العبد سيده انجر ولاء ولده إليه ولا يعود إلى مولى الأم بحال،
__________
فصل في جر الولاء"كل من باشر العتق أو عتق عليه" لسبب من الأسباب "لا ينتقل عنه بحال" لقوله عليه السلام: "الولاء لمن أعتق" ولأن غيره ليس مثله في النعمة ولأن مقتضى الدليل أن لا ينتقل حق عن مستحقه خولف فيمن اشترى أبا من عليه الولاء تبعا لأمهم فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل.
"فأما إن تزوج العبد معتقة فأولدها " فولده منها أحرار " فولاء ولدها لموالي أمه " لأنهم سبب الإنعام على الولد لكونه انعتق بعتق أمه "فإن أعتق العبد سيده انجر ولاء ولده إليه" أي: إلى معتق العبد في قول الجمهور من الصحابة ومن بعدهم لما روى عبد الرحمن عن الزبير أنه لما قدم خيبر رأى فتية لعسا فأعجبه ظرفهم وجمالهم فسأل عنهم فقيل موالي رافع بن خديج وأبوهم مملوك لآل الحرقة فاشترى الزبير أباهم فأعتقه وقال لأولاده انتسبوا إلي فإن ولاءكم لي فقال رافع بل هو لي فإنهم عتقوا بعتق أمهم فاحتكموا إلى عثمان فقضى بالولاء للزبير وأجمعت عليه الصحابة ولأن الأب لما كان مملوكا لم يصلح وارثا ولا وليا في نكاح فكان كولد الملاعنة ينقطع نسبه عن أبيه فثبت الولاء لمولى أمه وانتسب إليها فإذا عتق العبد صلح للانتساب وعاد وارثا وليا فعادت النسبة إليه وإلى مواليه كما لو استلحق الملاعن ولده.
فائدة : اللعس سواد في الشفتين تستحسنه العرب ومثله اللمياء قال ذو الرمة:
لمياء في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي أنيابها شنب
"ولايعود إلى موالي الأم بحال" أي: إذا انجر الولاء إلى موالي الأب ثم

وإن أعتق الجد لم يجرّولاءهم في أصح الروايتين،
__________
انقرضوا عاد الولاء إلى بيت المال ولم يعد إلى موالي الأم بحال في قول أكثرهم وعن ابن عباس خلافه والأول أصح لأن الولاء يجري مجرى الانتساب ولو انقرض الأب وآباؤه لم يعد النسب إلى الأم فكذا الولاء فعليه لو ولدت بعد عتق الأب كان ولاء ولدها لموالي أبيه بغير خلاف فإن نفاه باللعان عاد ولاؤه لموالي الأم فإن عاد فاستلحقه عاد الولاء إلى موالي الأب.
فرع : حكم المكاتب يتزوج في كتابته فيولد له ثم يعتق حكم القن في جر الولاء وكذا المدبر والمعلق عتقه بصفة لأنهم عبيد.
أصل : اعلم أنه لا ينجر الولاء إلا بشروط ثلاثة:
أحدها : أن يكون الأب عبدا حين الولادة فإن كان حرا وزوجته مولاة فإن كان حر الأصل فلا ولاء على ولده بحال وإن كان مولى ثبت الولاء على ولده لمواليه أبدا ولا جر فيه.
الثاني : أن تكون الأم مولاة فإن لم تكن كذلك فإن كانت حرة الأصل فلا ولاء على ولدها بحال وهم أحرار بحريتها وإن كانت أمة فولدها رقيق لسيدها فإن أعتقهم فولاؤهم له مطلقا لا ينجر عنه بحال.
الثالث : أن يعتق العبد سيده فإن مات على الرق لم ينجر الولاء بحال فإن اختلف سيد العبد ومولى الأم في العبد بعد موته فقال سيده مات حرا بعد جر الولاء وأنكر ذلك مولى الأم قبل قوله لأن الأصل بقاء الرق ذكره أبو بكر.
"وإن أعتق الجد" قبله "لم يجر ولاءهم في أصح الروايتين" قال أحمد: الجد لا يجر الولاء ليس هو كالأب ولأن الأصل بقاء الولاء لمستحقه وإنما خولف هذا الأصل للاتفاق على أنه ينجر بعتق الأب والجد لا يساويه بدليل أنه لو أعتق الأب بعد الجد جره عن مولى الجد إليه ولأنه لو أسلم الجد لم يتبعه ولد ولده ولأن الجد يدلي بغيره ولا يستقر الولاء عليه فلم يجر الولاء كالأخ.

وعنه: يجره وإن اشترى الابن أباه عتق عليه وله ولاؤه إخوته ويبقى ولاؤه لموالي أمه لأنه لا يجر ولاء نفسه وإن اشترى الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه وجر ولاء معتقه وصار كل واحد منهما مولى الآخر،
__________
"وعنه يجره" أي: إلى مولاه بكل حال وهو قول أهل المدينة فإن أعتق الأب بعد ذلك جره عن موالي الجد إليه لأن الجد يقوم مقام الأب في التعصيب وأحكام النسب فكذا في جر الولاء وعليها لا فرق بين القريب والبعيد لأن البعيد يقوم مقام الأب كالقريب وعنه: إن عتق والأب ميت جر الولاء وإن عتق والأب حي فلا سواء عتق الأب أو مات قنا ذكرها الخلال.
فرع : إذا تزوج معتق بمعتقة فأولدها ولدين فولاؤهما لموالي أبيهما فإن نفاهما باللعان عاد الولاء إلى موالي أمهما فإن مات أحدهما فميراثه لأمه ومواليها فإن أكذب أبوهما نفسه لحقه نسبهما واسترجع الميراث من مولى الأم.
"وإن اشترى الابن أباه عتق عليه" بالملك للخبر "وله ولاؤه" لأنه عتق عليه بسبب شرائه فكان له الولاء كما لو باشره بالعتق "وولاء إخوته" لأنه تبع لأبيهم "ويبقى ولاءه لموالي أمه" في قول جمهور الفقهاء "لأنه لا يجر ولاء نفسه" وشذ عمرو بن دينار فقال يجره وهو بعيد لأنه يؤدي إلى أن يكون الولاء ثابتا على أبويه دونه مع كونه مولودا في حالة رقهما وليس لنا مثل هذا في الأصول ولا يمكن أن يكون مولى نفسه يعقل عنها ويرثها ويزوجها. "وإن اشترى الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه" أي: فإنه يجر ولاء سيده فيكون لهذا الولد على معتقه الولاء بإعتاقه إياه "وجر ولاء معتقه" أي: للعتيق ولاء معتقه بولائه على أبويه "وصار كل واحد منهما مولى الآخر" لأن الولد مولى المعتق لأنه أعتقه والمعتق مولى الولد لأنه أعتق أباه وشرطه أن يكون الولد من معتقه لينجر الولاء إلى المعتق بشراء أبيه فلو كانت حرة الأصل لم يكن عليه ولاء لأحد.

ومثله لو أعتق الحربي عبدا ثم سبى العبد معتقه فأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه.
__________
"ومثله لو أعتق الحربي عبدا ثم سبى العبد معتقه" أي: أسر سيده "فأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه" لأن كل واحد منهما منعم على الآخر بخلاص رقبته من الرق فإن سبى المسلمون العتيق الأول فرق ثم أعتق فولاؤه لمعتقه ثانيا وقيل: للأول وقيل: لهما فعلى الأول وهو الأصح لا ينجر الولاء ما كان للأول قبل الرق من ولاء ولد أو عتيق إلى الأخير وكذا عتيق ذمي وقيل: أو مسلم.
مسائل
الأولى : إذا تزوج ولد المعتقة بمعتقة فأولدها فاشتري جده عتق عليه وله ولاؤه وولاء أبيه وسائر أولاد جده وولاء المشتري لمولى أم أبيه في قول الجمهور.
الثانية : إذا تزوج عبد بمعتقة فأولدها فتزوج الولد بمعتقة رجل فأولدها فولاء هذا لمولى أم أبيه في وجه لأن له الولاء على أبيه فكان له عليه كما لو كان مولى جده وفي آخر ولاؤه لمولى أمه لأن الولاء الثابت على أبيه من جهة أمه ومثل ذلك ثابت في حق نفسه.
الثالثة : تزوج معتق بمعتقة فأولدها بنتا وتزوج عبد بمعتقة فأولدها ابنا فتزوج هذا الولد ببنت المعتقين فأولدها ولدا فولاء ولدها لمولى أم أبيه لأن له الولاء على أبيه فإن تزوجت البنت المذكورة بمملوك فولاء ولدها لمولى أبيها لأن ولاءها له فإن كان أبوها ابن مملوك ومعتقة فالولاء لمولى أم أبي الأم على الوجه الأول لأن مولى أم أبي الأم يثبت له الولاء على أبي الأم مقدما على أمهما وثبت له الولاء عليهما.

فصل في دور الولاء
إذا اشترى ابن وبنت معتقة أباهما عتق عليهما وصار الولاء لهما نصفين وجر كل واحد منهما نصف ولاء صاحبه ويبقى نصفه لمولى أمه فإن مات الأب ورثاه أثلاثا وإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب فإذا مات أخوها فما له لمواليه وهم أخته وموالي أمه فلموالي أمه النصف والنصف الآخر لموالي أخته وهم أخوها وموالي أمها فلموالي أمها نصف ذلك وهو الربع فيبقى الربع وهو،
__________
فصل في دور الولاءمعنى دور الولاء أن يخرج من مال ميت قسط إلى مال ميت آخر بحكم الولاء ثم يرجع من ذلك القسط جزء إلى الميت الآخر بحكم الولاء أيضا فيكون هذا الجزء الراجع قد دار بينهما.
واعلم أنه لا يقع الدور في مسألة حتى يجتمع فيها شروط أن يكون المعتق اثنين فصاعدا وأن يموت في مسألة اثنان فصاعدا وأن يكون الباقي منهما يجوز إرث الميت.
"إذا اشترى ابن وبنت معتقة أباهما عتق عليهما" لأنه ذو رحم محرم "وصار ولاؤه بينهما نصفين" لأن كل واحد عتق عليه نصفه "وجر كل واحد منهما نصف ولاء صاحبه" لأن ولاء الولد تابع لولاء الوالد "ويبقى نصفه لمولى أمه" لأن الشخص لا يجر ولاء نفسه "فإن مات الأب ورثاه أثلاثا" لأن ميراث النسب مقدم على الولاء وميراث النسب للذكر مثل حظ الأنثيين.
"وإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب" وميراث الأخ بالنسب ظاهر "فإذا مات أخوها فماله لمواليه" لأنه لا مناسب له "وهم أخته وموالي أمه فلموالي أمه النصف والنصف الآخر لموالي أخته" لأن الولاء بينهما نصفين "وهم أخوها وموالي أمها فلموالي أمها نصف ذلك وهو الربع" لأن ولاء الأخت بين الأخ وموالي الأخت نصفان "فيبقى الربع وهو

الجزء الدائر لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان أحدهما أنه لمولى الأم والثاني: أنه لبيت المال لأنه لا مستحق له.
__________
الجزء الدائر لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان أحدهما أنه لمولى الأم" قال أبو عبد الله الوني: هو قياس قول أحمد قال في الشرح وهو قول الجمهور وجزم به في الوجيز لأن مقتضى كونه دائرا أن يدور أبدا وفي كل دورة يصير لمولى الأم نصفه ولا يزال كذلك حتى ينفذ كله إلى موالي الأم.
"والثاني: أنه لبيت المال" قاله القاضي وقياس قول أكثرهم "لأنه لا مستحق له" أي: معين وقيل: يرد على سهام الموالي أثلاثا لموالي أمه الثلثان ولموالي أمها الثلث فإن كانت المسألة بحالها إلا أن مكان الابن بنت فاشترت أباها عتق عليها وجر ولاء أختها فإذا مات الأب فلابنتيه الثلثان بالنسب والباقي لمعتقه بالولاء فإن ماتت البنت التي لم تشتره بعد ذلك فمالها لأختها نصفه بالنسب ونصفه بأنها مولاة أبيها ولو ماتت التي اشترته فلأختيها النصف والباقي لموالي أمها فإن اشترت البنتان أباهما عتق عليهما وجر كل واحد منهما نصف ولاء صاحبه فإن مات الأب ورثه ابنتاه بالنسب والولاء فإن ماتت إحداهما بعد ذلك فلأختها النصف بالنسب ونصف الباقي بما جر الأب إليها من ولاء نصفها فإن ماتت إحداهما قبل الأب ثم مات الأب فصار لها ثلاثة أرباع المال والربع الباقي لموالي أمها فإن ماتت إحداهما قبل أبيها فمالها له ثم إذا مات الأب فللباقية نصف ميراث أبيها لأنها بنته ونصف الباقي وهو الربع لأنها مولاة يبقى الربع لموالي البنت التي ماتت قبله فإن ماتت الباقية بعدهما فمالها لمواليها نصفه لموالي أمها ونصفه لموالي أختها الميتة وهم أختها وموالي أمها فنصفه لموالي أمها وهو الربع والربع الباقي يرجع إلى هذه الميتة فهذا الجزء الدائر لأنه خرج من هذه الميتة ثم دار إليها ففيه الوجهان السابقان.

كتاب العتق
كتاب العتق
كتاب العتقوهو من أفضل القرب.
__________
كتاب العتق
وهو لغة الخلوص ومنه عتاق الخيل والطير أي: خالصها وسمي به البيت الحرام لخلوصه من أيدي الجبابرة.
وفي الشرع: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق وخصت به الرقبة وإن تناول العتق الجميع لأن ملك السيد له كالغل المانع له من الخروج فإذا أعتق فكأن رقبته أطلقت من ذلك يقال عتق العبد وأعتقته أنا فهو عتيق ومعتق وهم عتقاء وأمة عتيق وعتيقة وإماء عتائق وعتق بمعنى فاعل لا مفعول لأنه لا يقال عتق العبد فهو معتوق وقيل: تسميته معتوقا لحن وقيل: لا.
والإجماع على صحته وحصول القربة به وسنده قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} النساء و {فَكُّ رَقَبَةٍ} البلد وقوله عليه السلام: "من أعتق امرءا مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار" متفق عليه من حديث أبي هريرة.
"وهو من أفضل القرب" وأعظمها لأنه تعالى جعله كفارة للقتل والظهار والوطء في رمضان والأيمان وجعله عليه السلام فكاكا لمعتقه من النار ولأن فيه تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق وملك نفسه ومنافعه وتكميل أحكامه وتمكينه من التصرف في نفسه ومنافعه على حسب إرادته واختياره.
وفي التبصرة هو أحبها إلى الله تعالى وأفضل الرقاب أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا نقله الجماعة فظاهره ولو كافرة ويثاب على عتقه.
قال في الفنون: لا يختلف الناس فيه واحتج به وبرق الذرية على أن الرق ليس بعقوبة بل محنة وبلوى.
فائدة : الأفضل عتق ذكر وعنه: أنثى لأنثى وعنه: أمتين كعتقه رجلا.

والمستحب عتق من له كسب فأما من لا قوة له ولا كسب فلا يستحب عتقه ولا كتابته ويحصل العتق بالقول والملك فأما القول فصريحه لفظ العتق والحرية كيف صرفا،
__________
قال الشيخ تقي الدين: وتزويجه بها ويصح ممن تصح وصيته وعنه: وهبته.
"والمستحب عتق من له كسب" فيستغني به أي: يجر ما ينفق عليه فلا يبقى عيلة ولا محتاجا "فأما من لا قوة له ولا كسب فلايستحب عتقه ولا كتابته" هذا رواية وهو المذهب لأنه يتضرر بفوات نفقته الواجبة له وصار كلا على الناس وعنه: يستحب.
قال ابن حمدان: ويحمل بوجوب نفقته عليه وعنه: يكره كتابته وعنه: الأنثى لخوف محرم كقطع طريق أو جارية يخاف عليها الزنى والفساد فإن ظن إفضاؤه إليه حرم ويصح عتقه ذكره في المغني والشرح.
قال في الفروع: ويتوجه كمن باع واشترى بقصد الحرام.
"ويحصل العتق بالقول" فلو قال أنت حر في هذا الزمان أو المكان عتق مطلقا "والملك" وسيأتي قال في الكافي والاستيلاد ولا يحصل بالنية المجردة في ظاهر كلامه لأنه إزالة ملك فكان كالطلاق.
" فاما القول فصريحه لفظ العتق والحرية" لأنه إزالة ملك فانقسم إلى صريح وكناية كالطلاق ولأنهما لفظان وردا في الكتاب والسنة فوجب اعتبارهما "كيف صرفا" وكذا في المحرر والوجيز والمراد به غير مضارع لأنه وعد وأمر لأنه لا يصلح للإنشاء ولا هو خبر فيؤاخذ به.
وعنه: يعتبر مع ذلك نية وقوعه كالكناية فلو قال لامرأة لا يعرفها تنحي يا حرة فإذا هي أمته عتقت وعنه: لا قال السامري وأصل ذلك الروايتان في اعتبار النية في صريح العتق وفي المغني والشرح والفروع إن الرجل إذا قال عبدي حر يريد عفته وكرم خلقه أنه لا يعتق في ظاهر المذهب.
ونقل حنبل سئل أبو عبد الله عن رجل قال لعبده أنت حر وهو يعاتبه.

وكناية خليتك والحق بأهلك واذهب حيث شئت ونحوها وفي قوله لا سبيل لي عليك ولا سلطان ولا ملك لي عليك ولا رق لي عليك وفككت رقبتك وأنت مولاي وأنت لله وأنت سائبة روايتان إحداهما أنه صريح و الأخرى كناية وفي قوله لأمته أنت طالق أو أنت حرام روايتان إحداهما أنه كناية.
__________
قال: إذا كان لا يريد أن يعتق رجوت أن لا يعتق وأنا أهاب المسألة لأنه نوى بكلامه ما يحتمله فانصرف إليه وإن طلب استحلافه حلف وظاهر كلامهم أنه يعتق ولو كان هازلا لا من نائم ونحوه.
"وكنايته: خليتك والحق بأهلك واذهب حيث شئت ونحوها" كقوله: أطلقتك وحبلك على غاربك فهذا إن نوى به العتق عتق وإلا فلا لأنه يحتمل غيره فلم يرد به كتاب ولا سنة ولا عرف استعمال وفي التبصرة أو دلالة حال لأن فيه معنى الإزالة فجاز أن يكنى به عن العتق كالطلاق.
"وفي قوله: لا سبيل لي عليك ولا سلطان ولا ملك" ولا خدمة " لي عليك ولا رق لي عليك وفككت رقبتك وأنت مولاي وأنت لله وأنت سائبة روايتان" كذا في الكافي والمحرر والفروع.
"إحداهما: أنه صريح" جزم به في الوجيز لأنه يتضمن العتق وقد ورد في قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} يعني العتق فكانت صريحة كالعتق "والأخرى كناية" صححها السامري وهي الأشهر لأنه يحتمل غير العتق وقد ذكر القاضي وأبو الخطاب الروايتين في قوله لا سلطان لي عليك ولا سبيل لي عليك قال المؤلف والصحيح أنهما كناية وظاهر الواضح وهبتك لله صريح وسوى القاضي بينهما وبين أنت لله وفي الموجز هي ورفعت يدي عنك إلى الله كناية.
"وفي قوله لأمته أنت طالق أو أنت حرام" ليس بصريح اتفاقا وفيه "روايتان إحداهما: أنه كناية" جزم بها في الوجيز وصححها في الشرح

وإن قال لعبده وهو أكبر منه أنت ابني لم يعتق ذكره القاضي ويحتمل أن يعتق وإذا أعتق حاملا عتق جنينها إلا أن يستثنيه،
__________
في: أنت حرام كقوله: لا سبيل لي عليك و الأخرى لا يعتق به وإن نوى لأن الرق ملك لا يستدرك بالرجعة فلم يزل بما ذكر كملك بقية المال وحاصله أنه إذا قال: لأمته أنت طالق ينوي به العتق أنها لا تعتق لأن الطلاق لفظ وضع لإزالة الملك عن المنفعة فلم يزل به الملك عن الرقبة كفسخ الإجارة وكما لو قال: أنت علي كظهر أمي وعنه: كناية يعتق به إن نوى لأن الرق أحد الملكين على الآدمي فيزول بلفظ الطلاق كالآخر وكالحرية في إزالة النكاح وعنه: لا تطلق إذا أضاف إليها الحرية.
"وإذا قال لعبده وهو أكبر منه أنت ابني لم يعتق ذكره القاضي" كقوله لمن لا يمكن كونه منه أنت ابني في الأصح كقوله أعتقتك أو أنت حر من ألف سنة وفي الانتصار إن قال لأمته أنت ابني ولعبده أنت بنتي لم يعتق.
"ويحتمل أن يعتق" هذا وجه ذكره أبو الخطاب لأنه اعترف بما تثبت به حريته أشبه ما لو أقر بها والأول المذهب لأنه قول يتحقق كذبه فيه كما لو قال: لطفل هذا أبي ولطفلة هذه أمي ولأنه لو قال: لزوجته وهي أسن منه هذه ابنتي أو قال: لها وهو أسن منها هذه أمي لم تطلق فكذا هنا أما إذا أمكن كونه منه ولو كان له نسب معروف فإنه يعتق لجواز كونه من وطء شبهة وقيل: لا لكذبه شرعا ومثله لأصغر أنت أبي وفي الرعاية وقيل: إن كان مثله يولد لمثله مطلقا عتق وإلا فلا.
"وإذا أعتق حاملا عتق جنينها" لأنه تابع لأمه بدليل دخوله في البيع إلا أن يستثنيه فإنه لايعتق وقاله ابن عمر وأبو هريرة قال أحمد: اذهب إلى حديث ابن عمر في العتق ولا أذهب إليه في البيع ولقوله عليه السلام: "المسلمون على شروطهم" وفيه وجه وذكره القاضي رواية أنه لايصح استثناؤه كالبيع وبه قال أكثرهم وكما لو استثنى بعض أعضائها.

وإن أعتق ما في بطنها دونها عتق وحده وأما الملك فمن ملك ذا رحم محرم عتق عليه وعنه: لا يعتق إلا عمودا النسب.
__________
وجوابه: أن الحمل معلوم فصح استثناؤه للخبر بخلاف البيع لأنه عقد معاوضة فاعتبر فيه العلم بصفات العوض والعتق يعتبر فيه العلم بوجوده وقد وجد ولا يصح قياسه على بعض أعضائها لأنه لايصح انفراده عنها بخلافه هنا.
"وإن أعتق ما في بطنها دونها عتق وحده" لا نعلم فيه خلافا لأن حكمه حكم الإنسان المنفرد ولهذا يورث الجنين إذا ضرب بطن أمه فأسقطت جنينا فإنه يحجب موروثه عنه كأنه سقط حيا وكتدبير وكتابة وعنه: لا يصح حتى يوضع حيا فيكون كمن علق عتقه بشرط وإن أعتق من حملها لغيره كالموصى به ضمن قيمته ذكره القاضي وقدم في المستوعب لا يعتق وجزم به في الترغيب واختاره في المحرر.
"وأما الملك" هذا شروع في بيان القسم الثاني "فمن ملك ذا رحم محرم" ولو حملا "عتق عليه" في ظاهر المذهب لما روى حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا قال من ملك ذا رحم محرم فهو حر رواه الخمسة وحسنه الترمذي وقال العمل على هذا عند أهل العلم وعن قتادة عن عمر موقوفا مثله رواه أبو داود وقتادة لم يدرك عمر وعن ابن عمر مرفوعا مثله رواه ابن ماجه بإسناد جيد لكن قال أحمد لا أصل له ولأنه ذو رحم محرم فيعتق عليه بالملك كعمودي النسب وظاهره: سواء وافقه في دينه أو لا وسواء كانوا من الأولاد وإن سفلوا أو من الآباء وإن علوا من عمودي نسبه كما قلنا: أو من غيرهم كالأخ وأولاده وإن نزلوا والأعمام والعمات والأخوال والخالات وإن علوا دون أولادهم. "وعنه: لايعتق إلا عمودا النسب" قال في الكافي: بناء على أنه لا نفقة لغيرهم وفي الانتصار لنا فيه خلاف واختار الآجري لا نفقة لغيرهم.

وإن ملك ولده من الزنا لم يعتق في ظاهر كلامه ويحتمل أن يعتق وإن ملك سهما ممن يعتق عليه بغير الميراث وهو موسر عتق عليه كله وعليه قيمة نصيب شريكه.
__________
وذكر أبو يعلى الصغير أنه آكد من التعليق فلو علق عتق عبده على ملكه عتق بملكه لا بتعليقه ورجح ابن عقيل لا عتق بملك وعنه: إن ملكه بإرث لم يعتق وفي إجباره على عتقه روايتان وعنه: لا يعتق حمل حتى يولد في ملكه حيا فلو زوج ابنه بأمته فولدت بعد موت جده فهل هو موروث عنه أو حر فيه الروايتان.
فرع : علم مما سبق أنه لا يعتق بشراء رحم غير محرم ولا محرم برضاع أو مصاهرة نقله الجماعة وقال على: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" فالرضاعة ليست برحم وقال الزهري مضت السنة بأن يباع وكره أحمد بيع أخيه لرضاع روي عن ابن مسعود.
"وإن ملك ولده من الزنى لم يعتق في ظاهر كلامه" المذهب أن أحكام الولد غير ثابتة فيه وهي الميراث وعدم الحجب والمحرمية ووجوب الإنفاق وثبوت الولاية عليه ومثله لو ملك أباه من زنى ذكره في التبصرة.
"ويحتمل أن يعتق" لأنه جزؤه حقيقة وقد ثبت فيه حكم تحريم التزويج بدليل أنه لو ملك ولده المخالف له في الدين عتق عليه مع انتفاء هذه الأحكام لكن قال أبو الخطاب قياس المذهب في تحريم نكاح بنته من الزنى أن يعتق عليه.
"وإن ملك سهما ممن يعتق عليه بغير الميراث وهو موسر عتق عليه كليا" سواء ملكه بعوض أو بغيره كالهبة والاغتنام والوصية باختياره أو بغيره كالميراث لأن كل ما يعتق به الكل يعتق به البعض كالإعتاق بالقول.
" وإن كان معسرا لم يعتق عليه إلا ما ملك" لأنه لو أعتقه لم يعتق واستقر ذلك الجزء فيه وإن كان موسرا وكان الملك باختياره سرى إلى باقيه ويعتق عليه كله "وعليه قيمة نصيب شريكه" في قول أكثرهم لأنه فوته عليه وقال: قوم لا يعتق عليه إلا ما ملك سواء ملكه بشراء أو غيره لأنه لم يعتقه وإنما عتق عليه بغير

وإن كان معسرا لم يعتق عليه إلا ما ملك وإن ملكه بالميراث لم يعتق منه إلا ما ملك موسرا كان أو معسرا وعنه: إنه يعتق عليه نصيب الشريك إن كان موسرا وإن مثل بعبده فجدع أنفه أو أذنه ونحو ذلك عتق نص عليه.
__________
اختيار منه فلم يسر أشبه ما لو ملكه بالميراث وجوابه بأنه فعل سبب العتق اختيارا منه فلم يسر أشبه ما لو ملكه بالميراث وجوابه بأنه فعل سبب العتق اختيارا منه فسرى ولزمه الضمان كما لو وكل من أعتق نصيبه وفارق الإرث فإنه حصل بغير فعله ولا قصده وكما لو جرح إنسانا.
"وإن ملكه بالميراث لم يعتق منه إلا ما ملك موسرا كان أو معسرا " هذا هو المذهب لأنه لم يتسبب إلى إعتاقه وإنما حصل بغير اختياره "وعنه: أنه يعتق عليه نصيب الشريك إن كان موسرا" لأنه عتق عليه بعضه وهو موسر فسرى إلى باقيه كما لو وصى له به فقبله والموسر هنا القادر حالة العتق على قيمته بشرط أن يكون ذلك فاضلا كالفطرة فإن قلنا: لا يعتق فهل يجبر على إعتاقه فيه روايتان وإن كان معسرا لم يعتق منه إلا ما ملك وهل يستسعي العبد في باقيه على روايتين.
فرع : إذا ورث صبي أو مجنون جزءا ممن يعتق عليهما عتق ولم يسر إلى باقيه وكذا إن وهب لهما أو وصي لهما به وهما معسران فعلى الولي القبول وإن كانا موسرين فوجهان مبنيان على أنه هل يقوم عليهما باقيه إذا ملكا بعضه وفيه وجهان.
"وإن مثل" كضرب وهو بتشديد الثاء وقال أبو السعادات مثلت بالحيوان أمثل مثلا إذا قطعت أطرافه وبالقتل إذا جدعت أنفه أو أذنه ونحوه "بعبده" ولو عبر برقيقه لعم "فجدع أنفه أو أذنه ونحو ذلك" كحرق عضو منه قال ابن حمدان أو حرقه بالنار "عتق نص عليه " أي: بلا حكم لما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن زنباعا جدع عبدا فأتى العبد النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: "اذهب فأنت حر" رواه أحمد وغيره لا مكاتب قاله جماعة ولا يحصل بضربه وخدشه وفي اعتبار القصد وثبوت الولاء وجهان والأشهر ثبوته ولو زاد ثمنه بجب أو خصاء فقال في الفروع يتوجه حل الزيادة.

و قال القاضي: والقياس ألا يعتق وإذا أعتق السيد عبده فماله للسيد وعنه: للعبد وإذا أعتق جزءا من عبد معينا أو مشاعا عتق كله عليه.
__________
"وقال القاضي: القياس أنه لايعتق" كالمكاتب لأن سيده لم يعتقه بلفظ صريح ولا كناية فلم يزل ملكه عنه أشبه جنايته على دابته والمذهب الأول لثبوت الحديث السابق وحينئذ يترك القياس.
فرع : إذا وطىء جاريته المباحة له التي لا يوطأ مثلها فأفضاها عتقت قاله ابن حمدان وإن أكره رجلا يزني بها فأفضاها فاحتمالان.
"وإذا أعتق السيد عبده فماله للسيد" نصره في المستوعب والشرح وغيرهما وقاله ابن مسعود وأنس وهو قول أكثرهم واحتج جماعة بخبر ابن مسعود أنه قال لغلامه عمير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أيما رجل أعتق عبده فماله للسيد" رواه الأثرم وابن ماجه وفيه ضعف ولأن العبد وماله كانا للسيد فأزال ملكه عن أحدهما فبقي ملكه في الآخر كما لو باعه.
" وعنه: للعبد" وهو قول النخعي لما روى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بإسناد جيد لكن قال أحمد يرويه عبيد الله بن جعفر من أهل مصر وهو ضعيف في الحديث وكان صاحب فقه وحكم المدبر وأم الولد إذا مات سيدها والمكاتب ولهم أموال حكم العبد.
"وإذا أعتق جزءا من عبده" غير شعر وسن وظفر "معينا" كرأسه وأصبعه "أو مشاعا" كعشره أو نصفه "عتق كله عليه" لقوله عليه السلام: "من أعتق شقصا له في مملوك فهو حر من ماله" وفي الصحيحين معناه من أبي هريرة ولأنه إزالة ملك عن بعض رقيقه فزال جميعه كالطلاق ويفارق البيع فإنه لايحتاج إلى السعاية ولا ينبني على التغليب والسراية.

وإن أعتق شركا له في عبد وهو موسر بقيمة باقيه عتق كله،
__________
مسائل
الأولى : إذا حفر بئرا عدوانا أو نصب سكينا فتلف عبده أو بعضه أو داواه وهو غير صادق أو حده وزاد سوطا أو ضربها على غسل من حيض ليطأها فهل تعتق على وجهين.
الثانية : إذا قال لحر اشترني من سيدي بهذا المال وأعتقني ففعل عتق وعلى المشتري لسيده مثل ثمنه المسمى وله ولاؤه وإن اشتراه بعين المال بطل العتق والشراء على المذهب.
الثالثة : إذا قال لأمتيه إحداكما حرة ولم ينو حرم وطؤهما معا بدون قرعة فإن وطىء إحداهمالم تعتق الأخرى كما لو عينها ثم نسيها على المذهب.
الرابعة : إذا قال: لأمته إن صليت مكشوفة الرأس فأنت حرة قبله فصلت كذلك عتقت وقيل: لا جزم به أبو المعالي لبطلان الصفة بتقديم المشروط وإن قال: إن أقررت بك لزيد فأنت حرة قبله فأقر له به صح إقراره فقط وإن قال إن أقررت بك له فأنت حرة ساعة إقراري لم يصحا.
الخامسة : إذا قال: عبدي حر أو أمتي ولم ينو البعض عتق الكل وقيل: أحدهم بقرعة وفي المغني إذا قال: امرأتي طالق وأمتي حرة ولم ينو شيئا فقال أبو الخطاب: تطلق الكل ويعتقن لأن الواحد المضاف يعم كقوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} الآية [إبراهيم:34] روي ذلك عن ابن عباس وقال جماعة يقع على واحدة مبهمة كما لو قال: إحداكن طالق أو حرة قال المؤلف: وهو أصح إن شاء الله تعالى.
"وإن أعتق شركا له في عبد" أي: أعتق من عبد مشترك "وهو موسر بقيمة باقيه عتق كله" بغير خلاف نعلمه لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق شركا له في عبد وكان له ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه العبد قيمة عدل فأعطى

وعليه قيمة باقيه يوم العتق لشريكه وإن اعتقه شريكه بعد ذلك لم يثبت له فيه عتق وإن كان معسرا لم يبق إلا نصيبه ويبقى حق شريكه فيه وعنه: يعتق كله ويستسعى العبد في قيمة باقيه غيرمشقوق عليه.
__________
شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق" متفق عليه وفي المغني مقتضى نصه لا يباع له أصل مال أو كاتبه فأدى إليه.
"وعليه قيمة باقيه لشريكه" أي: قيمة أنصباء شركائه والولاء له قاله الجمهور وقال البتي لا يعتق إلا حصة المعتق ونصيب الباقين باق على الرق ولا شيء على المعتق وجوابه حديث ابن عمر وحديث أبي المليح بن أسامة عن أبيه أن رجلا أعتق شقصا له في مملوك فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل خلاصه عليه في ماله وقال: "ليس فيه شريك" رواه أحمد وفي لفظ له هو حر كله ليس لله عز وجل فيه شريك.
تنبيه : القيمة تعتبر وقت العتق لأنه وقت الإتلاف وفي الإرشاد وجه يوم تقويمه فإن اختلفا فيها رجع إلى أهل الخبرة فإن تعذر فيقبل فيها قول المعتق وقيل: يعتق بدفع قيمته واختاره الشيخ تقي الدين فلو أعتق شريكه قبلها فوجهان وله نصف القيمة قاله أحمد لا قيمة النصف وهل يقوم كاملا ولا عتق فيه أو قد عتق فيه قولان للعلماء الأول قاله الشيخ تقي الدين لظاهر الخبر.
"وإن أعتقه شريكه بعد ذلك" وقبل أخذ القيمة "لم يثبت له فيه عتق" في قول الجمهور لخبر ابن عمر ولأنه قد صار حرا بعتق الأول له وقيل: لا يعتق إلا بعد أداء القيمة كما تقدم "وإن كان معسرا لم يعتق إلا نصيبه" في ظاهر المذهب "ويبقى حق شريكه فيه" أي: باق على الرق فإذا أعتقه شريكه عتق عليه نصيبه في قول الأكثر وروي عن عروة أنه اشترى عبدا فأعتق نصفه فكان يشاهره شهر عبد وشهر حر.
"وعنه: يعتق كله ويستسعى العبد في قيمة باقيه غير مشقوق عليه" نصره

وإذا كان العبد لثلاثة لأحدهم نصفه وللآخر ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب النصف وصاحب السدس معا وهما موسران عتق عليهما وضمنا حق شريكهما فيه نصفين وصار ولاؤه بينهما أثلاثا ويحتمل أن يضمناه على قدر ملكيهما فيه.
__________
في الانتصار واختاره أبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين وقاله الأوزاعي لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق شقصا له في مملوك فعليه أن يعتقه إن كان له مال وإلا قوم عليه فاستسعى به غير مشقوق عليه" متفق عليه ولأن بها إقرار حقه خرج عن يده فيستسعي العبد في قيمته لأنها في ذمته ويصير حكمه حكم الأحرار والأول أولى لأن الاستسعاء إعتاق بعوض فلم يجبر عليه كالكتابة وحديث أبي هريرة قد طعن به الأئمة قال أبو عبد الله: ليس في الاستسعاء شيء يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي هريرة يرويه ابن أبي عروبة وأما هشام وشعبة ومعمر فلم يذكروه وقد ذكر همام أنه من قول أبي قتادة وفتياه.
فرع : يعتق على الموسر ببعضه بقدره في المنصوص.
" وإذا كان العبد لثلاثة لأحدهم نصفه ولآخر ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب النصف وصاحب السدس معا " بأن تلفظا بالعتق معا أو علقاه على صفة واحدة أو وكلا لشخص في عتقه "وهما موسران " لاختصاصه بالسراية "عتق عليهما وضمنا حق شريكهما فيه نصفين" لأن العتق بمنزلة الإتلاف وقد وجد منهما فيتساويان في ضمانه كما لو جرحه أحدهما جرحا والآخر أكثر منه وتفارق الشفعة فإنها تثبت لإزالة الضرر عن نصيب الشريك الذي لم يبع فكان استحقاقه على قدر نصيبه ولأن الضمان ههنا لدفع الضرر منهما وفي الشفعة لدفع الضرر عنهما.
"وصار ولاؤه بينهما أثلاثا" لأنا إذا حكمنا بأن الثلث معتق عليهما نصفين فنصفه سدس إذا ضممناه إلى النصف صارا ثلثين والسدس الآخر إلى سدس المعتق صارا ثلثا "ويحتمل" هذا الاحتمال لأبي الخطاب "أن يضمناه على قدر ملكيهما فيه" لأن السراية حصلت بإعتاق ملكهما وما وجب بسبب الملك

وإذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم وهو موسر سرى إلى باقيه في أحد الوجهين وإذا ادعى كل واحد من الشريكين أن شريكه أعتق نصيبه منه وهما موسران فقد صار العبد حرا لاعتراف كل واحد منهما بحريته،
__________
كان على قدره كالنفقة واستحقاق الشفعة فعلى هذا يصير الولاء بينهما أرباعا لصاحب السدس ربعه ولصاحب النصف ثلاثة أرباعه ولو كان المعتق صاحب النصف وصاحب الثلث فعلى المذهب لصاحب النصف الثلث والربع ولصاحب الثلث الربع والسدس وعلى الاحتمال السدس بينهما أخماسا لصاحب النصف ثلاثة أخماسه ولصاحب الثلث خمساه والعبد على ثلاثين سهما لصاحب النصف ثمانية عشر وهي نصف ونصف خمس ولصاحب الثلث اثنا عشر وذلك خمساه ولو كان المعتق صاحب الثلث والسدس فعلى المذهب لصاحب الثلث ثلث وربع ولصاحب السدس ربع وسدس وعلى الاحتمال النصف مقسوم بينهما لصاحب الثلث الثلثان ولصاحب السدس الثلث والضمان والولاء تابعان للسراية.
"وإذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم وهو موسر سرى إلى باقيه في آخر الوجهين " ذكره القاضي واختاره في المغني والشرح لعموم: "من أعتق شركا له في عبد" ولما علل به في حديث أبي المليح ولأنه تقويم متلف فاستوى فيه المسلم والكافر كتقويم المتلفات.
والثاني: لا يسري ذكره أبو الخطاب لأن فيه تقدير الملك والكافر لا يجوز أن يتملك المسلم ورد بأن هذا ليس بضمان تمليك إنما هو ضمان إتلاف وليس بجيد إذ لو صح لم يكن له ولاء والفرض أن له الولاء على ما عتق عليه فدل على أنه يدخل في ملكه ثم يعتق والمحذور مغمور بما حصل من مصلحة العتق.
"وإذا ادعى كل واحد من الشريكين أن شريكه أعتق نصيبه منه وهما موسران فقد صار العبد حرا لاعتراف كل واحد منهما بحريته" أي:

وصار مدعيا على شريكه قيمة حقه منه ولا ولاء عليه لواحد منهما وإن كانا معسرين لم يعتق على واحد منهما فإن اشترى أحدهما نصيب صاحبه عتق حينئذ ولم يسر إلى نصيبه.
__________
معترف بحرية نصيبه شاهد على شريكه بحرية نصفه الآخر لأنه يقول لشريكه أعتقت نصيبك فسرى العتق إلى نصيبي فعتق كله عليك ولزمك قيمة نصيبي فقد صار العبد حرا لاعترافهما بحريته.
"وصار مدعيا على شريكه قيمة حقه منه " فإن كان لأحدهما بينة حكم بها وإن لم تكن بينة حلف كل واحد منهما لصاحبه وبرئا فإن نكل أحدهما قضى عليه وإن نكلا جميعا سقط حقهما لتماثلهما.
"ولا ولاء عليه لواحد منهما" لأنه لا يدعيه لأنه يقول لصاحبه أنت المعتق وولاؤه لك لا حق لي فيه ولا فرق في هذه الحال بين المسلم والكافر لتساوي العدل والفاسق في الاعتراف والدعوى فإن اعترف به أحدهما ثبت له لأنه لا يستحق له سواه ولزمه قيمة نصيب شريكه لاعترافه بهما وله ولاؤه كله وإلا فلبيت المال.
"وإن كانا معسرين لم يعتق على واحد منهما " لأن عتق المعسر لا يسري إلى غيره بل هو شاهد على صاحبه بإعتاق نصيبه فإن كانا فاسقين فلا أثر لكلامهما وإن كانا عدلين عمل بشهادتهما لأن كل واحد منهما لا يجر إلى نفسه نفعا ولا يدفع عنها ضررا وقبل في العتق شاهد ويمين فإن حلف معهما عتق كله وإن حلف مع أحدهما عتق نصفه على الرواية الأخرى ويبقى نصفه رقيقا ذكره الخرقي.
وذكر ابن أبي موسى لا يصدق أحدهما على الآخر وذكره في زاد المسافر وعلله بأنهما خصمان ولا شهادة لخصم على خصمه.
"وإن اشترى أحدهما نصيب صاحبه عتق حينئذ" لأنه معترف بحريته "ولم يسر إلى نصيبه" لأن السراية فرع الإعتاق ولم يوجد منه ذلك وإنما حكم.

وقال ابو الخطاب: يعتق جميعهم وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا أعتق نصيب المعسر وحده وإذا قال أحد الشريكين إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر فأعتق الأول وهو موسر عتق كله عليه وإن كان معسرا عتق على كل واحد منهما نصيبه،
__________
عليه بالعتق لاعترافه أن شريكه أعتقه ولا يثبت له عليه ولاء لأنه لا يدعي إعتاقه بل يعترف بأن المعتق غيره وإنما هو مخلص له ممن يسترقه فهو كالأسير من أيدي الكفار.
"وقال ابو الخطاب: يعتق جميعه" لأنه شراء حصل به الإعتاق أشبه شراء بعض ولده وإن أكذب نفسه في شهادته لم يقبل في الأصح وهل يثبت الولاء عليه إن أعتقه فيه احتمالان فإن اشترى كل واحد منهما نصيب صاحبه فقد صار العبد حرا كله ولا ولاء عليه.
"وان كان أحدهما موسرا والآخر معسرا أعتق نصيب المعسر وحده" لأنه قد صار حرا بإعتاق شريكه الموسر الذي يسري عتقه ولم يعتق نصيب الموسر لأنه يدعي أن المعسر الذي لا يسري عتقه أعتق نصيبه فعتق وحده ولا تقبل شهادة المعسر لأنه يجر نفعا بها لكونه يوجب عليه بشهادته قيمة حصته فعلى هذا إن لم يكن للعبد بينة سواه فحلف الموسر وبرىء من القيمة والعتق معا ولا ولاء للمعتق في نصيبه لأنه لا يدعيه ولا للموسر كذلك فإن عاد المعسر فأعتقه وادعاه ثبت له.
"وإذا قال أحد الشريكين إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر فأعتق الأول وهو موسر عتق كله عليه" نصيبه بالعتق ونصيب شريكه بالسراية هذا اختيار الأصحاب ويقوم عليه نصيب شريكه ولا يقع عتقه لأن السراية سبقت فمنعت عتق الشريك قال المؤلف ويحتمل أن يعتق عليهما جميعا وله ولاؤه كله وقيل: يعتق على القائل كله بالشرط ويكون ولاؤه لهما
"وإن كان معسرا عتق على كل واحد منهما نصيبه" لأن عتق المعسر لا يسري

وإن قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر مع نصيبك فأعتق نصيبه عتق عليهما موسرا كان أو معسرا.
__________
إلى نصيب الشريك فوقع عتق الشريك لأنه وجد بشرط عتقه ولم يوجد ما يمنع وقوعه ويكون الولاء لهما.
"وإن قال: إن أعتقت نصيبك فنصيبي حر مع نصيبك فأعتق نصيبه عتق عليهما " في الأصح " موسرا كان أو معسرا" ولم يلزم المعتق شيء لأن عتق شريكه وقع مقارنا للعتق المعلق ضرورة قوله فنصيبي حر مع نصيبك فلم تجد السراية محلا لأنها لا توجد إلا بعد عتق الأول لنصيبه وقيل: يعتق كله على المعتق لأن إعتاق نصيبه شرط عتق نصيب شريكه فيلزم أن يكون سابقا عليه والأول أولى لأنه أمكن العمل بمقتضى شرطه فوجب العمل به.
مسائل
الأولى : إذا قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر قبل إعتاقك وقعا معا إذا أعتق نصيبه هذا مقتضى قول أبي بكر والقاضي وقال ابن عقيل يعتق كله على المعتق ولا يقع إعتاق شريكه لأنه إعتاق في زمن ماض وقال السامري يعتق جميعه على القائل ويضمن لشريكه قيمة نصيبه منه.
الثانية : إذا كان نصف عبدين متساويي القيمة لا يملك غيرهما فأعتق أحدهما في صحته عتق وسرى إلى نصيب شريكه فإن أعتق النصف الآخر عتق لأن وجوب القيمة في ذمته لا تمنع صحة عتقه ولم يسر لأنه معسر.
الثالثة : إذا قال لعبده أنت حر متى شئت أو حيث شئت لم يعتق حتى يشاء بالقول فورا أو تراخيا وكذا أنت حر إن شئت وقيل: يتوقف على المجلس لأنه بمنزلة التخيير فإن قال أنت حر كيف شئت احتمل أن يعتق في الحال واحتمل أن لا يعتق حتى يشاء وإن قال جعلت عتقك إليك أو خيرتك ونوى تفويض العتق إليه فأعتق نفسه في المجلس عتق ويتوجه كطلاق قاله في الفروع.

فصل
ويصح تعليق العتق بالصفات كدخول الدار ومجيء الأمطار ولا يملك إبطالها بالقول وله بيعه وهبته ووقفه وغير ذلك فإن عاد إليه عادت الصفة إلا أن تكون قد وجدت في حال زوال ملكه فهل تعود بعوده على روايتين.
__________
فصل
" ويصح تعليق العتق بالصفات كدخول الدار ومجيء الأمطار " لأنه عتق بصفة فصح كالتدبير "ولا يملك إبطالها" أي: إبطال الصفات "بالقول" لأنه ألزم نفسه شيئا فلم يملك إبطاله بالقول كالنذر وذكر ابن الزاغوني رواية أن له ذلك كالبيع "وله بيعه وهبته ووقفه وغير ذلك" كإجارته لأن ملكه باق عليه إذ العتق لا يقع إلا بعد وجود الشرط لأن المعلق بشرط عدم عند عدم الشرط وله وطء الأمة على الأصح كالتدبير وعنه: لا لأن ملكه باق عليه غير تام والأول هو المذهب فمتى جاء الوقت وهو في ملكه عتق بغير خلاف نعلمه فإن خرج عنه ببيع أو نحوه لم يعتق في قول الأكثر.
فإن قال: إن أعطيتني ألفا فأنت حر فهذه صفة لازمة لا سبيل للسيد ولا للعبد إلى إبطالها مع بقاء الملك فإن أبرأه السيد من الألف لم تصح البراءة ولم يعتق إلا بمجيئها وما بقي في يد العبد بعد الألف من كسبه يكون لسيده بخلاف الكتابة.
فرع : لا يعتق قبل وجود الصفة بكاملها كالجعل في الجعالة وذكر القاضي أن من أصلنا أن العتق المعلق بصفة فوجد بوجود بعضها كما لو قال أنت حر إن أكلت رغيفا فأكل نصفه ولا يصح ذلك لأمور منها أن موضوع الشرط في الكتاب والسنة وأحكام الشريعة على أنه لا يثبت المشروط بدون شرطه.
" فإن عاد إليه" بعد أن خرج منه "عادت الصفة" لأن التعليق وتحقق الشرط موجودان في ملكه فوجب العمل به كما لو لم يزل ملكه عنه "إلا أن تكون قد وجدت في حال زوال ملكه فهل تعود بعوده؟ على روايتين".

وتبطل الصفة بموته فإن قال إن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر أو أنت حر بعد موتي بشهر فهل يصح ويعتق بذلك على روايتين.
__________
المنصوص عن أحمد أنها لا تعود لأنها انحلت بوجودها في ملكه ولأن العتق معلق بشرط لا يقتضي التكرار فإذا وجد مرة انحلت اليمين و الثانية: تعود لأنه لم توجد الصفة التي يعتق بها أشبه ما لو عاد إلى ملكه قبل وجود الصفة ولأن الملك مقدر في الصفة فكأنه قال إذا دخلت الدار وأنت في ملكي فأنت حر ولم يوجد ذلك وفرق في المغني والشرح بين الطلاق والعتق من حيث إن النكاح الثاني ينبني على الأول والعتق بخلافه.
فرع: إذا قال: لعبده عمرو إن دخلت الدار فأنت وعبدي زيد حران فباعه ثم دخل الدار وقال: إن دخلت الدار فأنت طالق وعبدي زيد حر ثم أبانها ثم دخلتها قال ابن حمدان: يحتمل عتق زيد وعدمه.
"وتبطل الصفة بموته" لأن ملكه زال فتبطل تصرفاته بزواله كالبيع " فإن قال: إن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر أو أنت حر بعد موتي بشهر فهل يصح ويعتق بذلك؟ على روايتين" وفيه مسألتان الأولى وهي الأصح في الشرح أن هذه الصفة لا تنعقد لأنه علق عتقه على صفة توجد بعد زوال ملكه فلم تصح كما لو قال: إن دخلت الدار بعد بيعي إياك فأنت حر ولأنه إعتاق له بعد إقرار ملك غيره فلم يعتق كالمنجز.
والثانية: يعتق ذكره القاضي وجزم به في الوجيز لأنه صرح فحمل عليه كما لو وصى بإعتاقه وببيع سلعته ويتصدق بثمنها ويفارق التصرف بعد البيع فإن الله جعل للإنسان التصرف بعد موته في ثلثه بخلاف ما بعد البيع.
الثانية: إذا قال: أنت حر بعد موتي بشهر وقال: مهنا سألت أحمد عن هذا فقال: هذا لا يكون شيئا بعد موته واختاره أبو بكر لما ذكرنا في التي قبلها.
والثانية: يعتق إذا وجدت الصفة بعد الموت ذكره القاضي وابن أبي موسى؛

وإن قال: إن دخلتها فأنت حر بعد موتي فدخلها في حياة السيد صار مدبرا وإلا فلا فإن قال إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر فهل يصح على روايتين وإن قاله العبد لم يصح في أصح الوجهين،
__________
لأن صحة التعليق توجب وقوع العتق عند شرطه ضرورة فعلى هذا يكون قبل العتق ملكا للوارث وكسبه له كأم الولد وعلى الأولى: لا يملك الورثة بيعه قبل فعله كموصى به قبل قبوله.
"وإن قال: إن دخلتها فأنت حر بعد موتي فدخلها في حياة السيد صار مدبرا" لأنه وجد شرط التدبير وهو دخول الدار "وإلا فلا" أي: إذا لم يدخلها في حياة السيد لأنه جعل ظرفا لوقوع الحرية وذلك يقتضي سبق دخول الدار في الحياة وأنه للشرط إذ الشرط لا بد من سبقه الجزاء "فإن قال" الحر "إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر فهل يصح؟ على روايتين" إحداهما لا يصح ولا يعتق روي عن علي وابن عباس وجابر وخلق وفي المغني هي ظاهر المذهب لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا لا عتق لابن آدم فيما لا يملك ولا طلاق لابن آدم فيما لا يملك قال الترمذي هذا حديث حسن وهو أحسن ما روي في هذا الباب ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف فكان كالإجماع ولأنه لا يملك تنجيز العتق فلم يملك تعليقه لقوله عليه السلام: "لا عتق قبل ملك" رواه أبو داود الطيالسي.
والثانية: يعتق إذا ملكه قدمه في الفروع ونقله الجماعة واختاره أصحابنا قاله القاضي وغيره لأن العتق مقصود من الملك والنكاح لا يقصد به الطلاق وفرق أحمد بأن الطلاق ليس لله ولا فيه قربة إلى الله تعالى ولأنه أضاف العتق إلى حال ملك عتقه فيه أشبه ما لو كان التعليق في ملكه.
"وإن قاله العبد لم يصح في أصح الوجهين" لأن العبد لا يصح منه العتق حين التعليق لكونه لا يملك وإن ملك فهو ملك ضعيف غير مستقر لا يتمكن من التصرف فيه وللسيد انتزاعه منه بخلاف الحر والثاني: أن العبد إذا قال

وإن قال: آخر مملوك أشتريه فهو حر و قلنا: بصحة الصفة فملك عبيدا ثم مات فآخرهم حر من حين الشراء أوكسبه له وإن قال: لأمته آخر ولد تلدينه فهو حر فولدت حيا ثم ميتا يعتق الأول،
__________
ذلك ثم عتق وملك عتق كالحر.
فرع : إذا قال الحر أول عبد أملكه فهو حر انبني على العتق قبل الملك وفيه روايتان فإن لم يملك بعد واحد شيئا فوجهان وإن ملك اثنين معا فقيل بعتقهما لأن الأولية وجدت فيهما جميعا كالمسابقة وعكسه وقيل: واحد بقرعة قدمه في الشرح ونقله مهنا في أول غلام أو امرأة تطلع فهو حر أو طالق وذكر المؤلف لفظها أول من يطلع من عبيدي.
مسألة : إذا قال لعبد غيره إن كلمتك فأنت حر ثم ملكه ثم كلمه لم يعتق.
"وإن قال: آخر مملوك أشتريه فهو حر و قلنا: بصحة الصفة" أي: صحة التعليق لأن الحرية علقت على الاتصاف بالآخرية وقد وجدت في الآخر "فملك عبيدا ثم مات فآخرهم حر من حين الشراء " لأنه قد تبينا أنه كان حرا حين ملكه ويكون "أو كسبه له" وإن كان أمة كان أولادها أحرارا من حين ولدتهم لأنهم أولاد حرة وإن كان وطئها فعليه مهرها لأنه وطىء حرة أجنبية ولا يحل له وطؤها إذا اشتراها حتى يشتري غيرها لأنه إذا لم يشتر بعدها غيرها فهي آخر في الحال فإن ملك اثنتين فكأول.
فرع : إذا قال لعبد غيره أنت حر من مالي أو في مالي لم يعتق وإن رضي سيده نص عليه فلو قال: لأمته كل مولود تلدينه فهو حر عتق كل ولد ولدته في ملكه في قول العامة فإن باعها ثم ولدت لم يعتق ولدها لولادتها له بعد زوال ملكه.
"وإن قال: لأمته آخر ولد تلدينه فهو حر فولدت حيا ثم ميتا لم يعتق الأول " لأنه لم يوجد شرط عتقه فأتى قول الشريف أنه يعتق الحي "وإن ولدت

وإن ولدت ميتا ثم حيا عتق الثاني وإن ولدت توأمين فأشكل الآخر منهما أقرع بينهما ولا يتبع ولد المعتقة بالصفة أمه في أصح الوجهين إلا أن تكون حاملا به حال عتقها أو حال تعليق عتقها.
__________
ميتا ثم حيا عتق الثاني" لوجود شرطه "وإن ولدت توأمين فأشكل الآخر منهما أقرع بينهما" لأن أحدهما استحق العتق ولم يعلم بعينه فوجه إخراجه بالقرعة كما لو قال إحداكما حر.
تنبيه : إذا قال: لأمته أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ميتا ثم حيا فعنه يعتق الحي ذكره الشريف وعنه: لا هو الصحيح قال المؤلف: لأن شرط العتق إنما وجد من الميت وليس بمحل للعتق فانحلت اليمين به وإن قال: آخر ولد تلدينه فهو حر فولدت حيا ثم ميتا ثم لم تلد بعد ذلك شيئا ففي عتق الحي روايتان وإن قال: أول ولد تلدينه فهو حر فولدت اثنين وأشكل أولهما خروجا عتق أحدهما بالقرعة وعنه: يعتقان جميعا واختار في الترغيب أن معناهما أن أمد منع السيد منهما هل هو القرعة أو الانكشاف وفي الانتصار احتمال لا يعتق ولد حدث كتعليقه بملكه.
"ولا يتبع ولد المعتقة بالصفة أمه في أصح الوجهين" أي: إذا حملت بعد التعليق ووضعت قبل وجود الصفة ثم وجدت بعد ذلك لم يعتق الولد لأن الصفة لم تتعلق به حال التعليق ولا في حال العتق والوجه الثاني أنه يتبعها في العتق قياسا على ولد المدبرة وفرق القاضي بأن ولد المدبرة يعتق بموت سيدها سواء كانت الأم باقية على ملك السيد أو باعها أو ماتت قبله وولد المعلق عتقها بصفة لا يعتق إلابعتق أمه "إلا أن تكون حاملا به حال عتقها أو حال تعليق عتقها" أي: إذا علق عتق أمه بصفة وهي حامل تبعها ولدها كعضو من أعضائها فإن وضعته قبل وجود الصفة ثم وجدت عتق لأنه تابع في الصفة أشبه ما لو كان في البطن وإن كانت حاملا حال التعليق ثم وجدت الصفة وهي حامل عتقت هي وحملها لأن العتق وجد فيها وهي حامل فتبعها ولدها كالمنجز.

وإن قال لعبده أنت حر وعليك ألف أو على ألف عتق ولا شيء عليه وعنه: إن لم يقبل العبد لم يعتق والصحيح في قوله أنت حر على ألف أنه لا يعتق حتى يقبل وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة فكذلك وقيل: إن لم يقبل لم يعتق رواية واحدة.
__________
فرع : إذا بطلت الصفة ببيع أو موت لم يعتق الولد لأنه لم يصر معتقا بصفة.
"وإن قال لعبده أنت حر وعليك ألف أو على ألف عتق ولا شيء عليه" ذكرها المتأخرون من أصحابنا لأنه أعتقه بغير شرط وجعل عليه عوضا لم يقبله فلم يعتق به ولم يلزمه شيء ونصره القاضي وأصحابه كقوله أنت حر وعليك مائة على الأصح.
"وعنه: إن لم يقبل العبد لم يعتق" نقله محمد بن جعفر لأن السيد قصد المعاوضة فإذا لم يقبل العبد وجب أن يبقى المال على ما كان عليه.
"والصحيح في قوله أنت حر على ألف أنه لا يعتق حتى يقبل" فإن لم يقبل لم يعتق في قول الأكثر لأنه أعتقه بعوض فلم يعتق بدون قبوله كقوله أنت حر بمائة أو بعتك نفسك بمائة لأن "على" تستعمل للشرط والعوض {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} الكهف و {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} القصص ولو قال في النكاح: زوجتك فلانة ابنتي على خمسمائة فقبل الآخر صح ووجب الصداق وقوله لأمته أعتقتك على أن تزوجيني نفسك كقوله على مائة وإن أباه لزمته القيمة وقيل: يعتق بقبولها مجانا واختار ابن عقيل لا يعتق إلا بالأداء فإن باعه نفسه بمال في يده صح على الأصح وعتق في الحال وفي الولاء روايتان.
"وإن قال: أنت حر على أن تخدمني سنة فكذلك" أي: يعتق بلا قبول وتلزمه الخدمة نص عليه "وقيل: إن لم يقبل لم يعتق رواية واحدة" لأن قصد


__________
المعاوضة فيها ظاهر فعلى هذا إذا قبل عتق في الحال ولزمته خدمته سنة فإن مات السيد قبل كمال السنة رجع على العبد بقيمة ما بقي من الخدمة لأنه إذا تعذر استيفاء العوض رجع إلى قيمته كالخلع والصلح عن دم العبد وهل للسيد بيعها فيه روايتان نقل حرب لا بأس ببيعها من العبد أو ممن شاء ولم يذكروا لو استثنى خدمته مدة حياته وذكروا صحته في الوقف وهذا مثله بخلاف شرط البائع خدمة المبيع مدة حياته لأنه عقد معاوضة يختلف الثمن لأجله.
فروع
إذا قال: إن خدمتني سنة فأنت حر لم يعتق حتى يخدمه فإن مات سيده فيها لم يعتق.
وإن قال: أنت حر بشرط أن تخدم زيدا بعد موتي سنة صح على الأصح وعتق بذلك فإن أبرأه زيد من الخدمة عتق في الحال وقيل: بعد سنة فإن كانت الخدمة لبيعة وهما نصرانيان فأسلم العبد قبل تمامها عتق في الحال وهل تلزمه القيمة لبقية الخدمة على روايتين.
إذا قال لجارية: إن خدمت ابني حتى يستغني فأنت حرة لم تعتق حتى تخدمه إلى أن يكبر ويستغني عن الرضاع.
إذا قال: إن أعطيتني مائة فأنت حر فتعليق محض لا يبطله ما دام ملكه ولا يعتق بإبراء بل يدفعها نص عليه وما فضل عنها لسيده ولا يكفيه أن يعطيه من ملكه إذ لا ملك له على الأصح وهو كقوله لامرأته إن أعطيتني مائة فأنت طالق فأتت بمائة مغصوبة ففي وقوعهما احتمالان قاله في الترغيب والعتق مثله.
إذا قال: اشترني من سيدي بهذا المال وأعتقني ففعل عتق ولزم مشتريه المسمى وكذا إن اشتراه بعينه إن لم تتعين النقود وإلا بطلا وعنه: أجبن عنه.

فصل
وإذا قال كل مملوك لي حر عتق عليه مدبروه ومكاتبوه وأمهات أولاده وشقص يملكه وإن قال أحد عبدي حر أقرع بينهما فمن تقع عليه القرعة فهو حر من حين أعتقه وإن مات أقرع الورثة وإن مات أحد العبدين أقرع بينه وبين الحي.
__________
فصل
"وإذا قال: كل مملوك لي حر عتق عليه مدبروه ومكاتبوه وأمهات أولاده وشقص يملكه " وعبد عبده المأذون نص عليه وإن استوعبهم دين المأذون لأن لفظه عام فيهم فيعتقوا كما لو عينهم ونقل مهنا لا يعتق شقص حتى ينويه ذكره ابن عقيل وغيره لأنه لا يملكه كله. فرع: إذا علق بشرط قدمه أو أخره فسواء إن صح تعليقه بالملك ذكره المؤلف في فتاويه. "وإن قال: أحد عبدي حر أقرع بينهما" لأن أحدهما استحق العتق ولم يعلم عينه أشبه ما لو أعتق المريض الجميع ولم يخرجوا من ثلثه "فمن تقع له القرعة فهو حر من حين أعتقه" لأنه تعين وظاهره: أنه ليس للسيد التعيين وهو الأصح ولا للوارث بعده فإن قال: أردت هذا بعينه قبل منه وعتق لأن ذلك إنما يعرف من جهته وقوله من حين أعتقه يريد أن العبد إن كان اكتسب مالا بعد العتق فهو له دون سيده لأنا تبينا أنه اكتسب في حال الحرية "وإن مات أقرع الورثة" لأنهم يقومون مقام موروثهم "وإن مات أحد العبدين أقرع بينه وبين الحي" فإن وقعت على الميت حسبناه من التركة وقومناه حين الإعتاق سواء مات في حياة سيده أو بعده قبل القرعة فعليه إن وقعت على الحي نظر في الميت فإن كان موته قبل موت سيده أو بعده قبل قبض الوارث لم يحسب من التركة فتكون التركة للحي وحده فيعتق ثلثه وتعتبر قيمة

وإن أعتق عبدا ثم أنسيه أخرج بالقرعة فإن علم بعدها أن المعتق غيره عتق وهل يبطل عتق الأول على وجهين.
فصل
وإذا أعتق في مرض موته ولم يجز الورثة اعتبر من ثلثه وإن أعتق جزءا من عبده في مرضه أو دبره،
__________
الإعتاق لأنه حين الإتلاف ويعتبر قيمة التركة بأقل الأمرين من حين الموت إلى حين قبض الوارث وقيل: يحسب الميت من التركة وإن كان موته بعد قبض الوارث له حسب من التركة لأنه وصل إليهم وجعلناه كالحي في تقويمه معه.
"وإن أعتق عبدا ثم أنسيه أخرج بالقرعة" في قياس قول أحمد وقاله الليث لأن مستحق العتق غير معين أشبه ما لو عتق جميعهم في مرض موته فإن لم يقرع فإنه يقبل قوله في عتق من عينه دون غيره فإذا قال: أعتقت هذا عتق ورق الباقون وإن قال: أعتقت هذا لا بل هذا عتقا جميعا وكذا إقرار وارث.
"فإن علم بعدها" أي: بعد القرعة " أن المعتق غيره عتق" لتبين أمره "وهل يبطل عتق الأول؟ على وجهين" أصحهما أنه يبطل ويرد إلى الرق لأنه تبين له المعتق فيعتق دون غيره كما لو لم يقرع والثاني: وهو مقتضى قول ابن حامد أنهما يعتقان لأن الأول تبينت الحرية فيه بالقرعة فلا تزول كسائر الأحرار وكما لو كانت القرعة بحكم حاكم.
فصل
"وإن أعتق في مرض موته" المخوف "ولم يجز الورثة اعتبر من ثلثه" لأنه عليه السلام لم يجز عتق الذي أعتق ستة مملوكين في مرض موته إلا ثلثهم ولأنه تبرع بمال أشبه الهبة وكالتدبير والوصية بالعتق فعلى هذا ما زاد على الثلث إن أجازه الوارث جاز وإن رده بطل لأن الحق له.
"وإن أعتق جزءا من عبده في مرضه أو دبره" بأن قال: إذا مت فنصف

وثلثه يحتمل جميعه فيعتق جميعه وعنه: لا يعتق إلا ما أعتق وإن أعتق في مرضه شركا له في عبد أو دبره وثلثه يحتمل باقيه أعطي الشريك ولو كان جميعه حرا في إحدى الروايتين و الأخرى لا يعتق إلا ما ملك منه ولو أعتق في مرضه ستة أعبد قيمتهم سواء وثلثه يحتملهم ثم ظهر عليه دين يستغرقهم بيعوا في دينه،
__________
عبدي حر ثم مات "وثلثه يحتمل جميعه" على المذهب وهو قول أكثر الفقهاء لأنه يزول التدبير كالعتق بالسراية لأنه إعتاق لبعض عبده "فيعتق جميعه" كما لو أعتقه في حياته وشرطه كما ذكره أن يكون ثلث المريض يحتمله لأن تصرف المريض بالمباشرة في الزائد عن الثلث لا يصح فلأن لايسري فيه بطريق الأولى: فلو مات العبد قبل سيده عتق بقدر ثلثه " وعنه: لا يعتق إلا ما أعتق " لأنه لا يمنع جواز البيع فلم يسر كتعليقه بالصفة في الحياة.
فرع : إذا دبر أحد الشريكين نصيبه صح ولم يلزمه لشريكه في الحال شيء فإذا مات عتق الجزء المدبر إذا خرج من ثلثه وفي سرايته في نصيب الشريك الخلاف.
"وإن أعتق في مرضه شركا له في عبد أو دبره وثلثه يحتمل باقيه أعطي الشريك" أي: قيمة باقيه بنقدير الحكم بالحرية لقوله عليه السلام: "وأعطي شركاءه حصصهم". "ولو كان جميعه حرا في إحدى الروايتين" ويعطى الشريك قيمة نصيبه من الثلث لأن ملك المعتق لثلث المال تام التصرف فيه بالتبرع فهو كمال الصحيح الموسر "والأخرى لا يعتق إلا ما ملك منه" أي: حصته فقط لأن ملكه يزول إلى ورثته بموته فلا يبقى شيء يقضي منه الشريك لكن قال القاضي: ما أعتقه في مرض موته سرى وما دبره أو أوصى بعتقه فلا فالرواية في سراية العتق في حال الحياة أصح والرواية في وقوفه في التدبير أصح لأن العتق في الحياة ينفذ حال ملك المعتق وصحة تصرفه وتصرفه في ثلثه كتصرف الصحيح في ماله كله وأما التدبير والوصية فإنما يحصل العتق به في حال زوال ملك المعتق وتصرفاته "ولو أعتق في مرضه ستة أعبد قيمتهم سواء وثلثه يحتملهم ثم ظهر عليه دين يستغرقهم بيعوا في

ويحتمل أن يعتق ثلثهم وإن أعتقهم فأعتقنا ثلثهم ثم ظهر له مال يخرجون من ثلثه عتق من أرق منهم.
__________
دينه" وجملته أن المريض إذا أعتق عبيده أو دبرهم وهم يخرجون من ثلثه في الظاهر فأعتقناهم ثم مات فظهر عليه دين يستغرقهم تبينا بطلان عتقهم فيباعون في الدين ويكون عتقهم مقدم على الوصية ولأن الدين يقدم على الميراث بالاتفاق ولهذا يباع في قضاء الدين لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} الآية ورد ابن أبي ليلى عبدا أعتقه سيده عند الموت وعليه دين فاستحسن ذلك أحمد رضي الله عنه.
"ويحتمل أن يعتق ثلثهم" هذا رواية ذكرها أبو الخطاب فعلى هذا يعتق منه بقدر الثلث ويرد الباقي لأن تصرف المريض في ثلثه كتصرف الصحيح في ماله وكما لو لم يكن عليه دين ولأنه تبرع في مرض موته بما يعتبر خروجه من الثلث فقدم عليه الدين كالهبة فإن قال الورثة نحن نمضي العتق ونقضي الدين لم ينفذ في وجه لأن الدين كان مانعا منه فيكون باطلا ولا يصح بزوال المانع بعده وفي آخر ينفذ العتق لأنه إذا سقط الدين وجب نفوذه وقيل: أصلهما إذا تصرف الورثة في التركة ببيع وغيره وعلى الميت دين وقضي الدين هل ينفذ فيه وجهان.
فرع : إذا أعتق المريض ثلاثة أعبد لا مال له غيرهم فأقرع الورثة فأعتقوا واحدا وأرقوا اثنين ثم ظهر عليه دين يستغرق نصفهم فوجهان أحدهما: تبطل القرعة والثاني: لا فيقال للورثة اقضوا ثلثي الدين وهو بقدر قيمة نصف العبدين اللذين بقيا إما من العبيد أو من غيرهم ويجب رد نصف العبد الذي عتق فإن كان الذي أعتق العبدين أقرع بينهما فإذا خرجت لأحدهما وكان بقدر السدس من التركة عتق وبيع الآخر في الدين وإن كان أكثر منه عتق بقدر السدس فإن كان أقل عتق وعتق من الآخر تمام السدس.
"وإن أعتقهم فأعتقنا ثلثهم ثم ظهر له مال يخرجون من ثلثه عتق من أرق منهم" أي: إذا أعتق عبيده في مرضه لم يعتق منهم إلا الثلث ويرق الثلثان إذا

وإن لم يظهر له مال جزأناهم ثلاثة أجزاء كل اثنين جزءا وأقرعنا بينهم بسهم حرية وسهمي رق فمن خرج له سهم الحرية عتق ورق الباقون،
__________
لم يجز الورثة فإذا فعل ذلك ثم ظهر له مال بقدر ثلثيهم تبينا أنهم عتقوا حين أعتقهم لأن تصرف المريض في ثلث ماله نافذ وقد بان أنهم ثلث ماله وخفاء ذلك علينا لا يمنع كونه موجودا فلا يمنع كون العتق واقعا فعلى هذا يكونون أحرارا من حين أعتقهم وكسبهم لهم وإن كان تصرف فيهم ببيع ونحوه كان باطلا وإن كانوا قد تصرفوا فحكمهم كالأحرار فلو تزوج منهم عبد بغير إذن سيده كان نكاحه صحيحا ووجب عليه المهر وإن ظهر له بقدر قيمتهم عتق ثلثاهم لأنه ثلث جميع المال وإن ظهر له مال بقدر نصفهم عتق نصفهم وإن كان بقدر ثلثهم عتق أربعة أتساعهم وعلى هذا الحساب "وإن لم يظهر له مال جزأناهم ثلاثة أجزاء كل اثنين جزءا وأقرعنا بينهم بسهم حرية وسهمي رق فمن خرج له سهم الحرية عتق ورق الباقون" في قول أكثر العلماء لقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ} [آل عمران:44] وقوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات141] وعن عمران بن حصين أن رجلا من الأنصار اعتق ستة مملوكين في مرضه لا مال له غيرهم فجزأهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولا شديدا رواه الجماعة إلا البخاري قال أحمد في القرعة خمس سنن وأجمعوا على استعمالها في القسمة.
وإذا أراد الرجل السفر بإحدى نسائه وكذا إذا تشاح الأولياء في التزويج أو من يتولى القصاص ولأنه حق في تفريقه ضرر فوجب كم بالقرعة كقسمة الإجبار مع الطلب وبذلك يبطل قول الخصم إنه مخالف للقياس ثم لو سلم فالحجة الحديث مطلقا فعلى هذا لا بد من تساوي القيمة والعدد فيهم كثلاثة أو ستة أو تسعة قيمة كل واحد منهم مثل قيمة الآخر فإن كانوا متساوي العدد دون القيمة كستة أعبد قيمة اثنين ثلاثمئة واثنين مائتان مائتان واثنين مائة مائة جعلت الاثنين اللذين قيمتهما اربعمئة جزءا وكل


__________
واحد من اللذين قيمتهما مائة مائة مع كل واحد من الأوليين جزءاً وظاهر المتن أنه لا فرق بين أن يعتقهم في دفعة واحدة أو دفعات وأن العطايا يساوي بين متقدمها ومتأخرها.

فصل في كيفية القرعة
وإن كانوا ثمانية فإن شاء أقرع بينهم بسهمي حرية وخمسة رق وسهم لمن ثلثاه حر وإن شاء جزأهم أربعة أجزاء وأقرع بينهم بسهم حرية وثلاثة رق ثم أعاد القرعة بينهم لإخراج من ثلثاه حر وإن فعل غير ذلك جاز.
__________
فصل في كيفية القرعة.
قال أحمد: قال سعيد ابن جبير: يقرع بينهم بالخواتيم أقرع بين اثنين في ثوب فأخرج خاتم هذا وخاتم هذا ثم قال: يخرجونهما ثم يدفع إلى رجل فيخرج منهما واحدا ثم قال أحمد: بأي شيء خرجت مما يتفقان عليه وقع الحكم به سواء كان رقاعا أو خواتيم وقال أصحابنا المتأخرون الأولى: أن يقطع رقاعا صغارا مستوية ثم تجعل في بنادق شمع أو غيره متساوية القدر ثم تلقى في حجر واحد لم يحضر ويغطى عليها بثوب ثم يقال له أدخل يدك فأخرج بندقة فيفضها ويعلم ما فيها وفي كيفيتها طرق ستأتي في القسمة إن شاء الله تعالى.
"وإن كانوا ثمانية فإن شاء أقرع بينهم بسهمي حرية وخمسة رق وسهم لمن ثلثاه حر" لأن الغرض خروج الثلث بالقرعة فكيف اتفق حصل ذلك الغرض "وإن شاء جزأهم أربعة أجزاء وأقرع بينهم بسهم حرية وثلاثة رق ثم بينهم لإخراج من ثلثاه حر" لأنه يجعل كل اثنين جزءاً ويقرع بينهم بما ذكر ليظهر التفريق المعتق من غيره ويعيد القرعة ليظهر من ثلثاه حر "وإن فعل غير ذلك جاز" بأن يجعل ثلاثة جزءاً وثلاثة جزءاً واثنين جزءاً فإن خرجت القرعة على الاثنين عتقا ويكمل الثلث بالقرعة من الباقين وإن

وإن أعتق عبدين قيمة أحدهما مائتان والآخر ثلاثمئة جمعت قيمتهما وهي خمسمئة فجعلتها الثلث ثم أقرعت بينهما فإن وقعت على الذي قيمته مائتان ضربته في ثلاثة تكن ستمائة ثم نسبت منه خمس المائة يكن العتق فيه خمسة أسداسه وإن وقعت على الآخر عتق منه خمسة اتساعه وكل شيء يأتي من هذا فسبيله أن يضرب في ثلاثة ليخرج بلا كسر وإن أعتق واحدا من ثلاثة عبيد فمات أحدهم في حياة سيده أقرع بينه وبين الحيين ويسقط فإن وقعت القرعة على الميت رق الآخران،
__________
خرجت لثلاثة أقرع بينهم بسهمي حرية وسهم رق ثم أعيدت القرعة بينهم فمن وقع له سهم العتق عتق ثلثاه فإن كان جميع ماله عبدين أقرعنا بينهما بسهم حرية وسهم رق على كل حال.
" وإن أعتق عبدين قيمة أحدهما مائتان والآخر ثلاثمئة جمعت قيمتهما وهي خمسمائة فجعلتها الثلث" هذا إذا لم يجز الورثة عتقهما عتق ثلثهما وكمل الثلث في أحدهما فتجمع قيمتهما فتكون خمسمائة "ثم أقرعت بينهما فإن وقعت على الذي قيمته مائتان ضربته في ثلاثة" أي: تضرب قيمته في ثلاثة ونسبنا قيمتها إلى المرتفع بالضرب فما خرج من النسبة عتق من العبد بقدره "تكن ستمائة ثم نسبت منه خمسمائة" لأنها الثلث تقديرا "يكن العتق فيه خمسة أسداسه" لأن خمسمائة من ستمائة خمسة أسداسها.
"وإن وقعت على الآخر" وهو الذي قيمته ثلاثمئة "عتق منه خمسة أتساعه" لأنك إذا ضربت قيمته وهي ثلاثمائة في ثلاثة كانت تسعمائة فإذا نسبت خمسمائة كانت خمسة اتساعها.
"وكل شيء ياتي من هذا فسبيله أن يضرب في ثلاثة ليخرج بلا كسر" هذا قول من يرى جمع العتق في بعض العبد بالقرعة.
"وإن اعتق واحداً" أي: غيرمعين "من ثلاثة أعبد فمات أحدهم في حياة سيده أقرع بينه وبين الحيين" هذا هو الأصح وقيل: يقرع بينهما دون الميت وعلى الاول "فإن على الميت رق الآخران" كما لو كانوا أحياء

وإن وقعت على أحد الحيين عتق إذا خرج من الثلث وإن أعتق الثلاثة في مرضه فمات أحدهم في حياة السيد فكذلك في قول أبي بكر و الأولى: أن يقرع بين الحيين ويسقط حكم الميت.
__________
"وإن وقعت على أحد الحيين عتق إذا خرج من الثلث" لأن تصرف المريض معتبر من الثلث بخلاف الأولى: فإنه لم يشرط فيها لأن الميت إن كان وقف الثلث فلا إشكال فيه وإن كان أكثر فالزائد عن الثلث هلك على ماله وإن كان فلا يعتق من الآخرين شيئا لأنه لم يعتق إلا واحدا.
" وإن أعتق الثلاثة في مرضه فمات أحدهم في حياة السيد فكذلك في قول أبي بكر" أي: يقرع بينه وبين الحيين لأن الحرية إنما تنفذ في الثلث أشبه ما لو أعتق واحدا منهم لا يقال ليس حكم عتق الثلاثة ليس كحكمه عتق أحدهم في بعض الصور لأن الميت لو كانت قيمته أقل من الآخرين فمع وقوع القرعة عليه تكمل من الآخرين والمراد به التشبيه في نفس القرعة من غير تعرض للقيمة.
"والأولى: أن يقرع بين الحيين لبعض حكم الميت" لأن الاعتبار في خروجه من الثلث بحالة الموت وحالة الموت إنما كان له العبدان وهما كل ماله وصار بمنزلة ما لو أعتق العبدين في مرضه ولم يكن له مال غيرهم.
فرع : لو وكل أحد الشريكين الآخر في عتق نصيبه فقال الوكيل نصيبي حر عتق وسرى إلى نصيب شريكه والولاء له وإن أعتق نصيب شريكه عتق وسرى إلى نصيبه إن كان موسرا والولاء للموكل وإن أعتق نصف العبد ولم ينو شيئا احتمل أن ينصرف لى نصيبه لأنه لا يحتاج إلى نية واحتمل أن ينصرف إلى نصيب شريكه لأنه أمره بالإعتاق ويحتمل أن ينصرف إليهما لتساويهما وأيهما حكمنا بالعتق عليه ضمن نصيب شريكه وقيل: لا يضمن لأن الوكيل إذا أعتق نصيبه فسرى إلى الآخر لم يضمنه لأنه مأذون له في العتق.

باب التدبير
وهو تعليق العتق بالموت ويعتبر من الثلث.
__________
باب التدبيرسمي تدبيرا لأن الوفاة دبر الحياة يقال دبره تدبيرا إذا علق عتقه بموته يقال أعتقه عن دبر أي: بعد الموت وقال ابن عقيل هو مشتق من إدباره من الدنيا ولا يستعمل في كل شيء بعد الموت من وصية ووقف وغيره فهو لفظ يخص به العتق بعد الموت.
والأصل فيه حديث جابر أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر ولم يكن له مال غيره فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من يشتريه مني؟" فاشتراه نعيم بن النحام بثمانمئة درهم فدفعها إليه متفق عليه.
وقال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن من دبر عبده أو أمته ولم يرجع عن ذلك حتى مات والمدبر يخرج من ثلث ماله بعد قضاء الدين وإنفاذ وصاياه وكان السيد بالغا جائز التصرف أنه يعتق.
"وهو تعليق العتق بالموت" هذا بيان لمعنى التدبير شرعا ولا تصح وصيته به "ويعتبر من الثلث" أي: إنما يعتق إذا خرج من ثلث المال في قول أكثر العلماء وروي عن ابن مسعود وغيره أنه من رأس المال ونقله حنبل عن الإمام قياسا على أم الولد.
وجوابه: بأنه تبرع بعد الموت فكان من الثلث كالوصية وما نقله حنبل لا عمل عليه قال أبو بكر: هو قول قديم رجع عنه إلى ما قاله الجماعة فعلى هذا إذا لم يخرج منه وأجاز الورثة عتق جميعه وإلا عتق منه مقدار الثلث وهل يستسعى في قيمة باقيه على روايتين وعنه: في الصحة مطلقا.
فرع : إذا اجتمع العتق في المرض والتدبير قدم العتق وإن اجتمع هو والوصية

ويصح من كل من تصح وصيته وصريحه لفظ العتق والحرية المعلقين بالموت ولفظ التدبير وما تصرف منها ويصح مطلقا ومقيدا بإن يقول إن مت في مرضي هذا أو عامي هذا فأنت حر أو مدبر،
__________
بعتقه تساويا لوجودهما بعد الموت وقيل: يقدم التدبير لحصوله بلا مهلة.
"ويصح من كل من تصح وصيته" لأنه تبرع بالمال بعد الموت أشبه الوصية وقال الخرقي إذا جاوز العشر وكان يعرفه والجارية اذا جاوزت التسع وجوابه بأنه يؤمر بالصلاة والجارية بقول عائشة إذا بلغت الجارية تسعا فهي امرأة ولأنه سن يمكن بلوغها فيه.
ويصح تدبير المحجور عليه بسفه ولا يصح من المجنون ويصح من الكافر ولو حربيا ومرتدا إن تبينا ملكه له فأسلم فإن مات مرتدا بطل في الأصح.
"وصريحه لفظ العتق والحرية المعلقين بالموت" كقوله: أنت حر أو عتيق أو معتق أو محرر بعد موتي فيصير بذلك مدبرا بغير خلاف نعلمه "ولفظ التدبير وما تصرف منها" غير أمر ومضارع فإذا قال أنت مدبر أو دبرتك فإنه يصير مدبرا بمجرد اللفظ وإن لم ينوه. وكنايات العتق المنجز تكون للتدبير إذا أضاف إليه ذكر الموت "ويصح مطلقا" أي: من غير شرط آخر نحو إن مت فأنت حر أو مدبر "ومقيدا" لأنه تعليق للعتق على شرط فصح مطلقا ومقيدا كتعليق العتق بغير الموت "بأن يقول إن مت فمن مرضي هذا أو عامي هذا" أو في بلدي هذا "فأنت حر أو مدبر" لأنه تقييد خاص وقد يكون غير خاص مثل أن يعلقه على صفة كإن دخلت الدار فأنت حر أو إن قدم زيد أو شفى الله مريضي فأنت مدبر فهذا لا يصير مدبرا في الحال لأنه علق التدبير بشرط فإذا وجد صار مدبرا وعتق بموت سيده وإن لم يوجد في حياة السيد ووجد بعد موته لم يعتق لأن إطلاق الشرط يقتضي وجوده في الحياة بدليل ما لو علق عليه عتقا منجزا.

وإن قال متى شئت فأنت مدبر فمتى شاء في حياة السيد صار مدبرا وإن قال إن شئت فأنت مدبر فقياس المذهب أنه كذلك وقال ابو الخطاب: إن شاء في المجلس صار مدبرا وإلا فلا،
__________
فرعان
الأول: إذا قال إذا قرأت القرآن فأنت حر بعد موتي فقرأه جميعه صار مدبرا بخلاف قراءة بعضه فإن قال إذا قرأت قرآنا فأنت حر بعد موتي فقرأ بعضه صار مدبرا لأنه في الأولى: عرفه باللام المقتضية للاستغراق بخلاف الثانية.
الثاني : إذا قالا لعبدهما: إن متنا فأنت حر فهو تعليق للحرية بموتهما جميعا ذكره القاضي وغيره ولا يعتق بموت أحدهما شيء ولا ببيع وارثه حقه وقال أحمد واختاره المؤلف: إذا مات أحدهما فنصيبه حر فإن أراد أنه حر بعد آخرهما موتا فإن جاز تعليق الحرية على صفة بعد الموت عتق بعد موت الآخر منهما عليهما وإلا عتق نصيب الآخر منهما بالتدبير وفي سرايته إن احتمله ثلثه الروايتان.
" وإن قال: متى شئت فأنت مدبر فمتى شاء في حياة السيد صار مدبرا" بعتق بموته لأن المشيئة على التراخي فمتى وجدت المشيئة وجد الشرط كقوله إذا شئت أو أي: وقت شئت فإن مات السيد قبل المشيئة بطلت فإن قال متى شئت بعد موتي أو أي: وقت شئت بعد موتي فهو تعليق للعتق على صفة.
وقال القاضي: يصح فعليه يكون على التراخي وما كسبه قبل مشيئته فهو لورثة سيده بخلاف الموصى به فإن في كسبه قبل القبول وجهين "وإن قال: إن شئت فأنت مدبر فقياس المذهب أنه كذلك" أي: أنه على التراخي كمتى شئت
"وقال ابو الخطاب: إن شاء في المجلس صار مدبرا وإلا فلا" لأن المشيئة

وإذا قال: قد رجعت عن تدبيري أو قد أبطلته لم يبطل لأنه تعليق للعتق بصفة وعنه: يبطل كالوصية وله بيع المدبر وهبته وإن عاد إليه عاد التدبير وعنه: لا يباع إلا في الدين،
__________
كالاختيار "وإذا قال: قد رجعت في تدبيري أو قد أبطلته لم يبطل" في الصحيح من المذهب " لأنه تعليق للعتق بصفة" وكما لو قال إن دخلت الدار فأنت حر.
" وعنه: يبطل كالوصية" لأنه جعل له نفسه بعد موته فكان ذلك وصية فجاز الرجوع فيها بالقول كما لو وصى له بعبد آخر فلا يصح رجوعه في حمل لم يوجد وإن رجع في حامل ففي حملها وجهان لا بعد وضعه والروايتان إذا لم يأت بصريح التعليق أو صريح الوصية قاله في الترغيب وغيره وعنه: لا يصح في الأمة وإن أنكره لم يرجع إن قلنا: تعليق وإلا فوجهان.
تنبيه : إذا قال إذا أديت إلى ورثتي ألفا فأنت حر فقد رجع عن تدبيره قال ابن حمدان: كما لو رد الوصية ولم يقبلها وإن دبره كله ثم رجع في نصفه صح إذا قلنا: بصحة الرجوع في جميعه فإن غيّرالتدبير فكان مطلقا فجعله مقيدا صار مقيدا إن قلنا: بصحة الرجوع وإن كان مقيدا فأطلقه صح على كل حال لأنه زيادة فلا يمنع منه.
"وله بيع المدبر وهبته" نقله الجماعة عنه لأنه عتق معلق بصفة فلم يمنع من بيعه وظاهره: مطلقا في الدين وغيره مع الحاجة وعدمها وإن لم يوص به وإن عاد إليه بعد البيع عاد التدبير لأنه معلق عتقه بصفة وبناه القاضي على أصل وهو أن التدبير هل هو تعليق للعتق بصفة أو وصية فعلى الأول يعود بخلاف الوصية وهذا رواية عن أحمد.
"وعنه: لا يباع إلا في الدين" لأن الدين يقدم على العتق المحقق في بعض المواضع فلأن يقدم على ما انعقد فيه سبب الحرية بطريق الأولى وعنه: لحاجة اختارها الخرقي وجزم بها في الكافي لأنه عليه السلام إنما باعه لحاجة صاحبه.

وعنه: لا تباع الأمة خاصة وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها ولا يتبعها ولدها من قبل التدبير.
__________
"وعنه لا تباع الأمة خاصة" لأن في جواز بيعها إباحة لفرجها وتسليط مشتريها على وطئها مع وقوع الخلاف في بيعها وحلها بخلاف المدبر.
قال المؤلف: لا نعلم التفريق بينهما عن غير إمامنا والصحيح ألاول.
قال الجوزجاني: صحت أحاديث بيع المدبر باستقامة الطرق والخبر إذا صح استغني به عن غيره ولأنه عتق بصفة فلم يمنع البيع كقوله إن دخلت الدار فأنت حر وخبرهم ليس بصحيح وإنما هو عن ابن عمر.
ويحتمل أنه أراد بعد الموت أو على الاستحباب ولا يصح قياسه على أم الولد لأن عتقها ثبت بغير اختيار سيدها وإذا لم يصح أو دبر الحمل ثم باع أمته فكاستثنائه في البيع قاله في الترغيب وفي الروضة له بيع العبد في الدين وفي بيعها فيه روايتان.
" وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها " الولد الحادث بعد التدبير لا يخلو من حالين أحدهما أن يكون موجودا حال تدبيرها ويعلم ذلك بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر من حينه فيدخل معها بغير خلاف نعلمه كعضو من أعضائها فإن بطل التدبير في الأم لم يبطل في ولدها لأنه ثبت أصلا.
الثاني: أن تحمل به بعد التدبير فهو يتبع أمه مطلقا في قول أكثر أهل العلم.
ونقل حنبل عنه: أن ولدها عبد إذا لم يشرط الولي فظاهره أنه لا يتبعها ولا تعتق بموت سيدها ولأن عتقها معلق بصفة أشبه من علق عتقها بدخول الدار والأول أصح لقول عمر وابنه وجابر إن ولدها بمنزلتها ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة فكان كالإجماع ولأن الأم استحقت الحرية بموت سيدها فيتبعها ولدها كأم الولد.
فعلى هذا إن بطل التدبير في الأم لمعنى اختص بها فقط فإن لم يتبع الثلث لهما جميعا أقرع بينهما "ولا يتبعها ولدها من قبل التدبير" على المذهب لأنه لا

وله وطء مدبرته فإن أولدها بطل تدبيرها وإذا دبر المكاتب أو كاتب المدبر جاز فإن أدى عتق وإن مات سيده قبل الأداء عتق إن حمل الثلث ما بقي من كتابته،
__________
يتبعها في العتق ولا في الاستيلاد ففي التدبير أولى.
وذكر أبو الخطاب: أن حنبلا نقل عن عمه في الرجل يدبر الجارية ولها ولد قال ولدها معها وحملها المؤلف على الولد بعد التدبير توفيقا بين كلاميه وعلم أن ولد المدبر لا يتبع أباه مطلقا على المذهب لأن الولد إنما يتبع أمه في الحرية والرق.
وعنه: وهي ظاهر المغني والشرح الجزم بها في ولده من أمته المأذون له في التسري بها يكون مدبرا لأنه ولده من أمته فتبعه كالحر.
وفي الرعاية لا يكون ولد المدبر من أمته مثله في الأصح بل يتبع أمه "وله وطء مدبرته " روي عن ابن عمر وابن عباس كمملوكته فيدخل تحت قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:2] قال أحمد: لا أعلم أحدا كره ذلك غيرالزهري.
وعنه: لايجوز وطء بنت مدبرته وهو محمول على أنه وطىء أمها "فإن أولدها بطل تدبيرها" لأن الاستيلاد أقوى من التدبير فأبطله كالنكاح مع الملك.
"وإذا دبر المكاتب" جاز بغير خلاف نعلمه لأنه تعليق لعتقه بصفة وهو يملك إعتاقه فيملك التعليق وإن قيل هو وصية "أوكاتب المدبر جاز" وهو قول ابن مسعود وأبي هريرة لأن التدبير إن كان عتقا بصفة لم يمنع الكتابة وكذا إن كان وصية كما لو وصى بعتقه ثم كاتبه.
وذكر القاضي أنه يبطل بها إذا قلنا: هو وصية كما لو وصى به لرجل ثم كاتبه "فإن أدى عتق" لأن ذلك شأن المكاتب "وإن مات سيده قبل الأداء عتق " لأن ذلك شأن المدبر "إن حمل الثلث ما بقي من كتابته" لأن المدبر يعتبر في عتقه بالتدبير خروجه من الثلث وبطلت الكتابة.

وإلا عتق منه بقدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما أعتق وهو على الكتابة فيما بقي وإذا دبر شريكا له في عبد لم يسر إلى نصيب شريكه فإن أعتق شريكه سرى إلى المدبر وغرم قيمته لسيده ويحتمل أن يسري في الأول دون الثاني.
__________
"وإلا عتق منه بقدر الثلث" حيث لم يخرج كله من الثلث لأن ذلك لا مانع له "وسقط من الكتابة بقدر ما عتق" لانتفاء محلها بالعتق "وهو على الكتابة فيما بقي" لأن محلها لم يعارضه شيء.
فعلى هذا لو خرج نصفه من الثلث عتق نصفه وسقط نصف الكتابة وبقي نصفه والذي يحسب من الثلث إنما هو قيمة المدبر وقت موت سيده لأن المدبر لو لم يكن مكاتبا لاعتبرت قيمته ومن عتق بالتدبير كان ما في يده لسيده لأنه كان له قبل العتق فكذا بعده ذكره الأصحاب.
قال المؤلف: وعندي أن يعتق ويتبعه ولده وأكسابه لأن السيد لا يملك إبطال كتابته لكونها عقدا لازما من جهته وإنما يملك إسقاط حقه عليه وعنه: له كسبه ونقل ابن هانىء ما لا بد من كسبه وكما لو ادعى المدبر أنه كسبه بعد موته وأمكن لثبوت يده عليه بخلاف ولده. "وإذا دبر" وهو موسر "شركا له في عبد لم يسر إلى نصيب شريكه" لأنه تعليق للعتق بصفة فلم يسر كتعليقه بدخول الدار ويفارق الاستيلاد فإنه آكد بدليل أنه يعتق من جميع المال ولو قتلت سيدها لم يبطل استيلادها والمدبر بخلافه.
وإن مات المدبر عتق نصيبه إن خرج من الثلث وفي سرايته إلى نصيب شريكه روايتان "فإن أعتق شريكه" نصيبه "سرى إلى المدبر وغرم قيمته لسيده" إن كان موسرا لخبر ابن عمر ولأنه إذا سرى إلى إبطال الملك الذي هو آكد من الولاء والولاء أولى ما ذكر فيه لا أصل له ويبطل بما إذا علق عتق نصيبه بصفة "ويحتمل أن يسري في الأول" ويضمن قيمته لأن المدبر استحق العبد بموت سيده فسرى كأم الولد "دون الثاني" أي: لا يسري لأنه قد انعقد له

وإذا أسلم مدبر الكافر لم يقر في يده وترك في يد عدل ينفق عليه من كسبه وما فضل لسيده وإن أعوز فعليه تمامه إلا أن يرجع في التدبير ونقول بصحة الرجوع فيجبر على بيعه ومن أنكر التدبير لم يحكم عليه إلا بشاهدين،
__________
سبب استحق الولاء على العبد فلم يكن للآخر إبطاله.
تنبيه : إذا دبرا عبدهما معا صح ولا يعتق بموت أحدهما ولا ببيع وارثه حقه ثم إن أعتق أحدهما حقه ففي وجوب ضمان حق الآخر وجهان وفي الشرح إذا دبر كل واحد من الشريكين حقه فمات أحدهما عتق نصيبه وبقي نصيب الآخر على التدبير إن لم يف ثلثه بقيمة حصة شريكه وإن كان يفي فهل يسري على روايتين وإن قال: كل واحد منهما إذا متنا فأنت حر فإذا مات أحدهما فنصفه حر.
وقال القاضي: هذا تعليق للحرية بموتهما جميعا فإن عتق بالتدبير فما معه إذن إرث وعنه: بل هو له اختاره المؤلف كما لو بقي مدة فادعاه كسبا بعد موته حلف له فإن أقام بينة قدمت على بينة الورثة وعنه: تقدم بينة الداخل.
وإن أعتق عبده القن أو كاتبه أو أعتق مكاتبه فما بيده لسيده وعنه: له وعتقه مكاتبه قيل إبراء مما بقي وقيل: فسخ كعتقه في كفارة.
"وإذا أسلم مدبر الكافر لم يقر في يده" أي: أمرناه بإزالة ملكه عنه لئلا يبقى الكافر مالكا لمسلم كغير المدبر وكما لو أسلم مكاتبه وعجز وقيل: لا يلزمه إن استدام تدبيره ويحال بينهما وتلزمه نفقته حتى يعتق بموته "وترك في يد عدل حتى ينفق عليه من كسبه" لأنه أولى الناس به "وما فضل لسيده" لأنه مملوكه "وإن أعوز فعليه تمامه" لأن نفقة المملوك على السيد إن لم يكن له كسب " إلا أن يرجع في التدبير ونقول بصحة الرجوع فيجبر على بيعه" ولا يترك في يد عدل لأن الكافر لا يقر على استقرار ملكه على المسلم.
وفي المغني والشرح إن المدبر إذا كان لم يكن له كسب أنه يجبر سيده على الإنفاق عليه لأنه ملكه " ومن أنكر التدبير لم يحكم عليه إلا بشاهدين"

وهل يحكم عليه بشاهد وامرأتين أو بشاهد ويمين العبد على روايتين وإذا قتل المدبر سيده بطل تدبيره.
__________
أي إذا ادعى العبد على سيده أنه دبره صحت دعواه لأنه يدعي استحقاق العتق فإن أنكر ولم يكن للمدبر بينة قبل قول السيد مع يمينه لأن الأصل عدمه وجحده التدبير ليس رجوعا إن جعل عتقا بصفة وإلا فوجهان فإن جعل رجوعا لم تسمع دعواه ولا بينته.
قال ابن حمدان: إن جوزنا الرجوع وحلف عليه صح وإلا فلا وإن كان الاختلاف بين العبد وورثة سيده فكالخلاف مع السيد إلا أن الدعوى صحيحة بغير خلاف وأيمانهم على نفي العلم.
ويجب اليمين على كل واحد من الورثة فمن نكل منهم عتق نصيبه ولم يسر إلى باقيه ويشترط في الشاهدين العدالة بغير خلاف لأن ذلك شرط فيهما.
"وهل يحكم عليه بشاهد وامرأتين أو بشاهد ويمين العبد على روايتين" إحداهما: وجزم بها في الوجيز أنه يحكم به قياسا على البيع.
والثانية : لا يحكم عليه بذلك لأن الغرض إثبات الحرية وتكميل الأحكام فلا يثبت ذلك إلا بشهادة عدلين كالنكاح والطلاق "وإذا قتل المدبر سيده بطل تدبيره" لأنه قصد استعجال العتق بالقتل المحرم فعوقب بنقيض قصده كمنع الميراث بقتل المورث ولأن التدبير وصية فيبطل بالقتل كالوصية بالمال ولا يلزم على هذا عتق أم الولد لكونها آكد وحينئذ فلا فرق بين كون القتل عمدا أو خطأ كما لا فرق بين حرمان الإرث وإبطال وصية القاتل وإن قيل لا تبطل الوصية بالموت فالتدبير أولى نظرا للعتق.
فرع: إذا جنى المدبر لم يبطل تدبيره ويباع في الجناية وسيده بالخيار ومن لم يجوز بيعه أوجب فداءه على سيده كأم الولد فإن مات سيده قبل بيعه عتق وأرش جنايته في تركة سيده وإن فداه سيده بقي تدبيره وإن باع بعضه بها فباقيه مدبر وإن جنى على المدبر فأرش الجناية لسيده فإن كانت الجناية على نفسه__________
وجبت قيمته لسيده وبطل التدبير بهلاكه لا يقال قيمته قائمة مقامه كالعبد المرهون والموقوف لأن كل واحد منهما لازم فتعلق الحق ببدله والتدبير غير لازم لأنه يمكنه إبطاله بالبيع وغيره فلم يتعلق الحق ببدله.

باب الكتابة
وهي بيع العبد نفسه بمال في ذمته وهي مستحبة لمن يعلم فيه خيراً وهو الكسب والأمانة.
__________
باب الكتابةسميت به لأن السيد يكتب بينه وبينه كتابا بمااتفقا عليه وقيل: سميت به من الكتب وهو الضم لأن المكاتب يضم بعض النجوم إلى بعض ومنه سمي الحرز كتبا والكتيبة كتيبة لانضمام بعضها إلى بعض وهو في الاصطلاح عتق على مال منجم نجمين فصاعدا إلى أوقات معلومة لأن النجوم هي الأوقات المختلفة إذا العرب كانت لا تعرف الحساب وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجوم فسميت الأوقات نجوما كما قال بعضهم:
إذا سهيل أول الليل طلع فابن اللبون الحق والحق الجذع
" وهي بيع العبد" لو قال الرقيق لعم "نفسه بمال في ذمته" هذا بيان لمعنى الكتابة شرعا ويشترط فيه أن يكون مباحا معلوما يصح السلم فيه منجما يعلم قسط كل نجم ومدته أو منفعته مؤجلة والإجماع على مشروعيتها وسنده قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور:33] وقوله عليه السلام: "من أعان غارما أو غازيا أو مكاتبا في كتابته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" رواه سهل بن حنيف فإذا كاتب رقيقه وله مال فهو لسيده إلا أن يشترطه المكاتب في قول أكثر العلماء وعنه: للرقيق.
"وهي مستحبة لمن يعلم فيه خيرا" للنص "وهو الكسب والأمانة" في ظاهر .

وعنه أنها واجبة إذا ابتغاها من سيده أجبر عليها وهل تكره كتابة من لا كسب له؟ على روايتين. ولا تصح إلا من جائز التصرف.
__________
المذهب وأسقط الأمانة في الواضح والموجز والتبصرة.
"وعنه: أنها واجبة إذا ابتغاها بقيمته من سيده أجبر عليها " اختاره أبو بكر ذكره الحلواني لقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} والأمر للوجوب وقد روى محمد بن سيرين أن أباه سيرين كان عبدا لأنس بن مالك فسأله أن يكاتبه فأبى عليه فأخبر سيرين عمر بن الخطاب فرفع الدرة عليه وقرأ الآية فكاتبه أنس وقدم في الروضة الإباحة والمشهور الأول لأنه إعتاق بعوض فلم يجب عليه كالاستسعاء والآية محمولة على الندب وقول عمر يخالفه فعل أنس قال أحمد: الخير صدق وصلاح ووفاء بمال الكتابة ونحو هذا قول جماعة. وقال الشافعي: هو قوة على الكسب والأمانة وفسره به المؤلف وغيره وهو بمعنى الأول. وقال ابن عباس: غناء وإعطاء للمال ولا خلاف بينهم في أن من لا خير فيه لا تجب إجابته.
"وهل تكره كتابة من لا كسب له على روايتين" :
إحداهما وهي ظاهر كلام أحمد والمذهب أنها تكره وهو قول ابن عمر ومسروق والأوزاعي لأن فيها إضرارا بالمسلمين وجعله كلا وعيالا عليهم مع تفويت نفقته الواجبة على سيده.
والثانية : وهي قول أكثر العلماء لا تكره لأن بريرة كاتبت ولا حرفة لها ولم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم احتج به ابن المنذر وقال المؤلف: إن كان يجد من يكفيه مؤونته لم تكره وإلا كرهت لكن ذكر ابن هبيرة أن الأمة إذا كانت لا كسب لها فإنها تكره لها إجماعا "ولا تصح إلا من جائز التصرف" لأنها عقد معاوضة فلم يصح من غير جائز التصرف كالبيع.

وإن كاتب المميز عبده بإذن وليه صح ويحتمل أن لا يصح وإن كاتب السيد عبده المميز صح ولا تصح إلا بالقول وتنعقد بقوله كاتبتك على كذا وإن لم يقل :فإذا أديت إليّ فأنت حر.
__________
"وإن كاتب المميز عبده بإذن وليه صح" لأن تصرف المميز بإذن وليه صحيح في غيرالكتابة فكذا فيها "ويحتمل ألا يصح" لأنه غيرمكلف كالمجنون وبناه في الشرح على أنه لا يصح بيعه بإذن وليه ولأنه عقد إعتاق فلم يصح منه كالعتق بغير مال وكما لو كان بغير إذن وليه وإن كاتب المكلف عبده الطفل أو المجنون لم يصح لكن إذا قال إذا أديتما الي فأنتما حران عتقا بالأداء صفة لا كتابة وما في أيديهما لسيدهما وإن لم يقل فوجهان واختار القاضي العتق "وإن كاتب السيد عبده المميز صح" لأنه مميز والمصلحة له في العتق بخلاصه من الرق كالبالغ.
فرع : وإذا كاتب الذمي عبده ثم أسلما صح لأنه عقد معاوضة أو عتق بصفة وكلاهما صحيح وإن أسلم مكاتب الذمي لم تنفسخ الكتابة ولا يجبر على إزالة ملكه فإن عجز أجبر فإن اشترى مسلما وكاتبه لم تصح الكتابة لأنها لا تزيل الملك وقال القاضي: تصح وإن دبره لم يصح وإن كاتب الذمي عبده الذي أسلم في يده صح وإن كاتب الحربي عبده صح سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام وقال بعض الأئمة لا لأن ملكه ناقص وجوابه قوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ} [الأحزاب:27] وهذه الإضافة تقتضي صحة أملاكهم فتقتضي صحة تصرفاتهم.
"ولا تصح إلا بالقول" لأنها إما بيع وإما تعليق للعتق على الأداء وكلاهما يشترط له القول "وتنعقد بقوله: كاتبتك على كذا" لأنه لفظها الموضوع لها فانعقدت به كلفظ النكاح ويشترط معه قبوله ذكره في الموجز والتبصرة والترغيب وغيرها.
"وإن لم يقل" ذلك بل قال: "فإذا أديت إلي فأنت حر" لأنه صريح في

ويحتمل أن يشترط قوله أو نيته ولا تصح إلا على عوض معلوم منجم نجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم وقيل: تصح على نجم واحد.
__________
الكتابة فانعقد به كصريح البيع ونحوه "ويحتمل أن يشترط قوله" هذا وجه في الترغيب وهو رواية في الموجز والتبصرة وقيل: أو نيته لأن الكتابة في المعنى تعليق العتق على الأداء فلا بد من التلفظ به أو نيته ويشترط أن تكون في الصحة فإن كاتبه في مرضه المخوف اعتبر من ثلثه وقال ابو الخطاب: في رؤوس المسائل من الكل لأنه عقد معاوضة كالبيع والأول أولى "ولا تصح إلا على عوض" مباح "معلوم منجم نجمين" لأنها عقد معاوضة كالبيع ومن شرطه أن يكون مؤجلا لأن جعله حالا يفضي إلى العجز عن أدائه وفسخ العقد مع أن جماعة الصحابة عقدوها كذلك ولو جازت حالة لفعل.
"فصاعدا" قال الإمام أحمد: من الناس من يقول: نجم واحد ومنهم من يقول: نجمان ونجمان أحب إلي فظاهره أنه لا يجوز أقل من نجمين لأن الكتابة مشتقة من الضم فوجب افتقارها إلى نجمين ليحصل الضم وروي عن عثمان وعلي وفي الشرح إنه قياس المذهب. "يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم" لئلا يؤدي إلى المنازعة وسواء ساوت المدة أو اختلفت وعليه في توقيتها بساعتين أم يعتبر ما له وقع في القدرة على الكسب فيه خلاف في الانتصار.
"وقيل: تصح على نجم واحد" قال ابن أبي موسى لأنه عقد يشترط فيه التأجيل فجاز إلى أجل واحد كالسلم ولأن القصد بالتأجيل إمكان التسليم عنده ويحصل ذلك بالنجم الواحد وفي الترغيب في كتابة من نصفه حر كتابة حالة وجهان وفي الكافي والأحوط نجمان فصاعدا انتهى فإن قال يؤدي إلي في كل عام مائة جاز ويكون أجل كل مائة عند انقضاء السنة وظاهر قول القاضي أنه لا يصح ورد بقول بريرة كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فإن الأجل إذا تعلق بمدة تعلق بأحد طرفيها فإن كان بحرف إلى تعلق بأولها كقوله إلى شهر رمضان وإن كان

و قال القاضي: تصح على عبد مطلق وله الوسط وتصح على مال وخدمة سواء تقدمت الخدمة أو تأخرت وإذا أدى ما كوتب عليه أو أبرىء منه عتق،
__________
بحرف في كان إلى آخرها لأنه وقتا لأدائها.
"وقال القاضي" وأصحابه "تصح على عبد مطلق" صححه ابن حمدان كمهر لأن العتق لا يلحقه الفسخ فجاز أن يكون الحيوان المطلق فيه عوضا كالعقل وذكر أبو بكر أنه لايصح لأن ما لا يجوز أن يكون عوضا في البيع والإجارة لا يجوز أن يكون عوضا في الكتابة كالثواب المطلق ويفارق العقل لأنه بدل متلف مقدر في الشرع وهنا عوض مقدر في عقد أشبه البيع ولأن الحيوان المطلق لا تجوز الكتابة عليه بغير خلاف نعلمه إنما الخلاف في العبد المطلق.
"وله الوسط" وهو السندي لأنه كذلك عقده في النكاح والخلع فكذا هنا "وتصح على مال وخدمة" لأن كلا منهما يصح أن يكون عوضا في غيرالكتابة فليكن فيها كذلك "سواء تقدمت الخدمة أو تأخرت" لأن تقدمها وتأخرها لا يخرجها عن كونها صالحة للعوض وظاهره: أنها تصح على الخدمة الحالة لا المال فإن المنع منه في المال إنما كان لئلا يتحقق عجزه عن أداء العوض وهو مفقود في الخدمة فإن كاتبه في الشهر القابل صح كالمحرم في ذي الحجة ولو قدمها فأولها عقيب العقد مع الإطلاق ولو كاتبه على خدمة شهر ودينار ومحله سلخ الشهر أو في أثنائه أو عيناه وجهان لاتحاد المدة وإن شرطه بعد الشهر بيوم أو أكثر صح وإن شرطه حالا فلا.
"وإذا أدى ما كوتب عليه" فقبضه هو أو ولي مجنون ولو من مجنون قاله في الترغيب "أو أبرىء منه" والأصح أو بعض ورثته الموسر من حقه "عتق" لأنه لم يبق لسيده عليه شيء ولا يعتق قبل أداء جميع الكتابة في ظاهر كلام الخرقي لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه

وما فضل في يده فهو له وعنه: أنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا ويجبر على أدائه فلو مات قبل الأداء كان ما في يده لسيده في الصحيح عنه وعلى الرواية الأخرى لسيده بقية كتابته والباقي لورثته.
__________
درهم" رواه أبو داود دل بمنطوقه أنه لا يعتق حتى يؤدي جميع كتابته وبمفهومه أنه إذا أداها لايبقى عبدا.
"وما فضل في يده فهو له" لأنه مالك له بدليل صحة تصرفه فيه قبل العتق "وعنه: أنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا" لما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان لإحداكن مكاتب له ما يؤدي فلتحتجب منه" رواه الخمسة وصححه الترمذي وهو من رواية نبهان مولى أم سلمة وثقه ابن حبان وتكلم فيه ابن عبد البر فأمرهن بالحجاب بمجرد ملكه لما يؤديه ولأنه مالك لمال الكتابة أشبه ما لو أداه.
"ويجبر على أدائه" أي: إذا امتنع من الأداء أجبره الحاكم كسائر الديون الحالة القادر عليها فإن هلك ما في يده قبل أدائه صار دينا في ذمته مع حريته والصحيح الأول هو قول أكثر أهل العلم ولأنه علق عتقه بعوض فلم يعتق قبل الأداء كما لو قال إذا أديت إلي ألفا فعليها إن أدى عتق وقيمته لسيده على قاتله وإن لم يؤد لم يعتق وإن امتنع من الأداء فقال أبو بكر يؤديه الإمام عنه ولا يكون ذلك عجزاولا يملك السيد الفسخ في الاصح ويملك تعجيزه نفسه مع قدرته على الكسب ولا يملكه إن ملك وفاء على الأصح.
" فلو مات قبل الأداء " مات رقيقا وانفسخت الكتابة "كان ما في يده لسيده في الصحيح عنه" أي: إذا مات عن وفاء و قلنا: لا يعتق بملكه انفسخت الكتابة في الصحيح عنه وإن أعتق وارث موسر حقه سرى في الأصح وضمن حق بقية الورثة وإن أبرىء من بعض النجوم لم يعتق منه شيء في الأصح.
"وعلى الرواية الأخرى لسيده بقية كتابته والباقي لورثته" أي: يعتق ويموت

وإذا عجلت الكتابة قبل محلها لزم السيد الأخذ وعتق ويحتمل أن لا يلزمه إذا كان في قبضه ضرر.
__________
حرا فتكون لسيده بقية كتابته والباقي لورثته روي عن علي وابن مسعود ومعاوية وهو قول أكثر أهل العلم و قال القاضي: يكون حرا في آخر جزء من حياته لأنها عقد معاوضة فلم تنفسخ بالموت كالبيع والأول أولى وتفارق الكتابة البيع لأن كل واحد من غيرمعقود عليه ولا يتعلق بعينه فلم ينفسخ بتلفه بخلاف الكتابة فإن مات ولم يخلف وفاء فلا خلاف في المذهب بين أنها تنفسخ ويموت رقيقا وما في يده لسيده وهو قول أكثر أهل الفتوى إلا أن يموت بعد أداء ثلاثة أرباع مال الكتابة ففيه خلاف يأتي.
"وإذا عجلت الكتابة قبل محلها لزم السيد الأخذ وعتق" هذا هو المنصوص عن أحمد " ويحتمل أن لا يلزمه ذلك إذا كان في قبضه ضرر" هذا رواية أنه لايلزمه قبول المال إلا عند نجومه لأن بقاء المكاتب في هذه المدة في ملكه حق له ولم يرض بزواله فلم يزل كما لو علق عتقه على شرط لم يعتق قبل وجوده والصحيح في المذهب الأول وأطلق أحمد والخرقي قولهما فيه وهو مقيد بما لاضرر في قبضه قبل محله كالذي لا يختلف قديمه ولا حديثه ولا يحتاج إلى مؤنة و قال القاضي: المذهب عندي أن فيه تفصيلا ذكرناه في السلم واختار أبو بكر أنه يلزمه قبوله من غير تفصيل اعتمادا على إطلاق أحمد والخرقي رواه سعيد عن عمر وعثمان ولأن الأجل حق لمن عليه الدين فإذا قدمه فقد رضي بإسقاط حقه فسقط كسائر الحقوق لا يقال إذا علق عتق رقيقه على فعل في وقت ففعله في غيره لا يعتق لأنه ملك صفة مجردة لا يعتق إلا بوجودها والكتابة معاوضة يبرأ فيها بأداء العوض فافترقا.
فرع : لو أحضر مال الكتابة أو بعضه ليسلمه فقال السيد هو حرام وأنكره المكاتب قبل قوله ووجب قبضه ويعتق وإن أقام السيد بينة بتحريمه لم يجز له أخذه وإلا فله تحليف عبده أنه حلال فإن نكل حلف سيده وله قبضه من دين آخر عليه وتعجيزه وفي تعجيزه قبل أخذ ذلك عن

ولا بأس أن يعجل المكاتب لسيده ويضع عنه بعض كتابته وإذا أدى وعتق فوجد السيد بالعوض عيبا فله أرشه أو قيمته ولا يرتفع العتق.
__________
جهة الدين وجهان وإن حلف العبد قيل لسيده إما أن تأخذه أو تبرىء منه فإن أبى أخذه الحاكم.
"ولا بأس أن يعجل المكاتب لسيده ويضع عنه بعض كتابته" مثل أن يكاتبه على نجمين إلى سنة ثم قال عجل لي خمسمائة حتى أضع عنك الباقي أو قال صالحني على خمسمائة معجلة جاز ذلك وهو قول طاووس والزهري لأن مال الكتابة غير مستقر ولا هو من الديون الصحيحة لأنه لا يجبر على أدائه ولا تصح الكفالة به وإنما جعل الشرع هذا العقد وسيلة إلى العتق وأوجب فيه التأجيل مبالغة في تحصيل العتق وتخفيفا عن المكاتب وإذا أمكنه التعجيل على وجه يسقط عنه بعض ما عليه كان أبلغ في حصول العتق وإن اتفقا على الزيادة في الدين والأجل لم يجز وفيه احتمال فعلى هذا لو اتفقا على ذلك ثم رجع أحدهما قبل التعجيل صح رجوعه.
فرع : إذا صالح المكاتب سيده عما في ذمته بغير جنسه صح إلا أنه لا يجوز أن يصالحه على كل شيء مؤجل لأنه يكون بيع دين بدين وإن صالحه عن أحد النقدين بالآخر أو عن الحنطة بشعير لم يجز التفرق قبل القبض لأنه بيع في الحقيقة و قال القاضي: لا تصح هذه المصالحة مطلقا لأن هذا دين من شرطه التأجيل وقال ابن أبي موسى: لا يجري الربا بين المكاتب وسيده فعلى قوله تجوز المصالحة كيف ما كانت كعبده القن وسيده والأول أولى. "وإذا أدى وعتق فوجد السيد بالعوض عيبا فله أرشه أو قيمته ولا يرتفع العتق" إذا بان بالعوض عيب فأمسكه استقر العتق لأن إمساكه المعيب راضيا به رضى منه بإسقاط حقه فجرى مجرى إبرائه إن اختار إمساكه وأخذ أرش العيب فله ذلك وإن رده أخذ عوضه وهو المراد بقوله أو قيمته قال أبو بكر وقياس قول أحمد إنه لا يبطل العتق لأنه إتلاف فإذا حكم بوقوعه لم

فصل
ويملك المكاتب أكسابه ومنافعه والبيع والشراء والإجارة والاستئجار والسفر وأخذ الصدقة والإنفاق على نفسه وولده ورقيقه وكل ما فيه صلاح المال.
__________
يبطل أشبه الخلع.
وقال القاضي: يتوجه أن له الرد ويحكم بارتفاع العتق لأن الكتابة عقد معاوضة يلحقه الفسخ بالتراضي كالمبيع أما إذا دفع مال الكتابة فبان مستحقا تبينا أن العتق لم يقع لأن وجود هذا الدفع كعدمه لأنه لم يؤد الواجب عليه.
فصل
"ويملك المكاتب أكسابه ومنافعه والبيع والشراء" بالإجماع لأن عقد الكتابة لتحصيل العتق ولا يحصل إلا بأداء عوضه وهو متعذر إلا بالاكتساب والبيع والشراء من أقوى جهات الاكتساب فإنه قد جاء في الأثر أن تسعة أعشار الرزق في التجارة.
"والإجارة والاستئجار" كالبيع "والسفر" قريبا كان أو بعيدا لأنه من أسباب الكسب وقد أطلق القول فيه وقياس المذهب أن له منعه من سفر تحل نجوم كتابته قبل قدومه كالغريم الذي يحل الدين عليه قبل مدة سفره.
"وأخذ الصدقة" واجبة كانت أو مستحبة لأن الله تعالى أذن للمكاتبين الأخذ من الواجبة فالمستحبة أولى.
"والإنفاق على نفسه وولده ورقيقه" لأن ذلك مما لا غنى عنه والمراد بالولد أي: التابع له كولده من أمته فإن عجز ولم يفسخ سيده كتابته فتلزم النفقة لسيده وللمكاتب النفقة على ولده من أمه لسيده وفيه من مكاتبه لسيده احتمالان.
"وكل ما فيه صلاح المال" أي: يملك كل تصرف فيه صلاح المال كأداء أرش

وإن شرط عليه أن لا يسافر ولا يأخذ الصدقة فهل يصح الشرط على وجهين وليس له أن يتزوج ولا يتسرى ولا يتبرع ولا يقرض ولا يحابي ولا يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه ولا يعتق ولا يكاتب إلا بإذن سيده.
__________
الجناية وجريان الربا بينهما لأنه صار لما بذله من العوض كالحر وله المطالبة بالشفعة والأخذ بها من سيده ومن غيره وعكسه لو اشترى المكاتب شقصا لسيده فيه شركة فله الأخذ بالشفعة من المكاتب.
"وإن شرط أن لا يسافر ولا يأخذ الصدقة فهل يصح الشرط على وجهين" أحدهما : إذا شرط عليه أن لا يسافر فهو شرط باطل قاله القاضي وجمع لأنه ينافي مقتضى العقد فلم يصح شرطه كشرط ترك الاكتساب والثاني : وقاله أبو الخطاب وهو الأصح انه يصح شرطه لأن له فيه فائدة: فلزم كما لو شرط نقدا معلوما فعليه لسيده منعه منه فإن سافر فله رده إن أمكنه وإلا ملك تعجيزه ورده إلى الرق لأنه لم يف بشرطه وقيل: لا يملك ذلك كإمكانه رده.
وأما إذا شرط عليه أن لا يسأل الناس فقال أحمد قال جابر بن عبد الله هم على شروطهم فظاهره أن الشرط لازم وهو الأصح وأنه إن خالف مرة لم يعجزه بخلاف المرتين فأكثر قال أبو بكر إذا رآه يسأل الناس مرة في مرة عجزه كما إذا حل نجم في نجم ولأن فيه غرضا صحيحا وهو أن لا يكون كلا على الناس ولا يطعمه من صدقتهم وأوساخهم وذكر أبو الخطاب أنه لا يصح الشرط لأنه تعالى جعل لهم سهما من الصدقة فلا يصح الاشتراط حينئذ كما لا يصح شرط نوع من التجارة.
فرع: إقرار المكاتب بالبيع والشراء والعيب والدين صحيح لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به ويتعلق دينه بذمته لأنه في يد نفسه فليس من السيد غرور بخلاف المأذون له.
" وليس له أن يتزوج ولا يتسرى ولا يتبرع ولا يقرض ولا يحابي ولايقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه ولا يعتق ولا يكاتب إلا بإذن سيده" وفيه__________
مسائل
الأولى: ليس للمكاتب أن يتزوج إلا بإذن السيد في قول عامتهم وقيل: له ذلك بخلاف المكاتبة لأنه عقد معاوضة كالبيع ورد بأنه يدخل في قوله عليه السلام أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر ولأن على السيد في ذلك ضررا لأنه يحتاج أن يؤدي المهر والنفقة من كسبه وربما عجز فيرق ويرجع إليه ناقص القيمة أما إذا أذن سيده جاز لمفهوم الخبر ولأن المنع لحقه فإذا أذن فقد أسقط حقه مع أنه لو أذن للقن لصح فالمكاتب أولى وعلم منه أنه لا يزوج عبده ولا أمته إلا بإذن سيده على الأصح وعن القاضي له تزويج الأمة فقط لأنه يأخذ عوضا في تزويجها ولنا أن على السيد فيه ضررا وتلزمه نفقة امرأته ومهرها وهي تملك الزوج بضعها وينقص قيمتها وتسلم نفسها ليلا وكسبها لسيدها.
الثانية : إذا أذن له في التسري جاز لأن ملكه ناقص قال الزهري لا ينبغي لأهله أن يمنعوه من التسري وعن أحمد المنع وعنه: عكسه ورد بأن على السيد ضررا فمنع منه كالتزويج لكن لا يعتق عليه لأن ملكه غيرتام وليس له بيعه لأنه ولده ويكون موقوفا على كتابته فإن أدى عتق وعتق الولد لأنه يملك أشبه الجزء وإن عجز عاد إلى الرق.
الثالثة : ليس له استهلاك ماله ولا هبته بغير خلاف نعلمه لأن حق السيد لم ينقطع عنه لأنه قد يعجز فيعود إليه ويجوز بإذن سيده دفعا لضرره.
الرابعة : أنه لا يقرض إلا بإذن سيده لأنه بفرضية أن لا يعود إليه بفلس أو موت المقترض ولا شيء معه ولم يذكروا قرضه برهن.
الخامسة : أن لا يحابي بالمال إلا بإذن سيده لأنه تبرع فمنع منه كالهبة ولأن في ذلك ضررا على السيد.
السادسة ليس له أن يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه إلا بإذن سيده؛

وولاء من يعتقه ويكاتبه لسيده ولا يكفر بالمال وعنه: له ذلك بإذن سيده وهل له أن يرهن أو يضارب بماله يحتمل وجهين.
__________
لأنه إتلاف لماله باختياره ولما في ذلك من الضرر و قال القاضي: له ذلك لأنه من مصالح ملكه لأنه إذا لم يستوف منه صار وسيلة إلى إقدام بعضهم على بعض.
السابعة : ليس له أن يكاتب بعض رقيقه إلا بإذن سيده لأنه ليس له أن يعتق فلم يكن له أن يكاتب كالمأذون له في التجارة.
"وولاء من يعتقه ويكاتبه لسيده" لأنه إذا ثبت له الولاء على المكاتب فلأن يثبت على من أنعم عليه المكاتب بطريق الأولى: وقيل: له إن عتق "ولا يكفر بالمال" لأنه عبد لا تلزمه زكاة ولا نفقة قريبه "وعنه: له ذلك بإذن السيد" صححها في المغني وقدمها في الفروع لأن الحق للسيد وقد أذن فيه قال ابن المنجا: وهذا الخلاف في الجواز لا الوجوب لأنه لو وجب عليه التكفير بالمال لكان عليه في ذلك ضرر لما فيه من إفضائه إلى تفويت الحرية فلم يجب التكفير بالمال كالتبرع "وهل له أن يرهن أو يضارب بماله" أو يبيع نساء ولو برهن وهبته بعوض وقوده من بعض رقيقه الجاني على بعضه إذا كفل بعض بعضا وحده وعتقه بمال في ذمته وقوده لنفسه ممن جنى على طرفه بلا إذن "يحتمل وجهين" كذا في المحرر والفروع أحدهما لايجوز وجزم به في الوجيز لما في ذلك من الضرر على السيد وربما فيه غرر من حيث إنه أسلم ماله لغيره والثاني: بلى لأن ذلك قد يكون سببا للربح أشبه الاستدانة من غير رهن.
مسائل
الأولى: ليس له أن يحج إن احتاج إلى إنفاق ماله فيه ونقل الميموني له أن يحج ما لم يحل نجم وهو محمول على أنه لا يحج إلا بإذن سيده قاله في المغني فإن أمكنه الحج من غير إنفاق ماله فيجوز إذا لم يأت نجمه.

وليس له شراء ذوي رحمه إلا بإذن سيده وقال القاضي: له ذلك وله أن يقبلهم إذا وهبوا له أو وصى له بهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله ومتى ملكهم لم يكن له بيعهم وله كسبهم وحكمهم حكمه فإن عتق عتقوا وإن رق صاروا رقيقا للسيد،
__________
الثانية : لا يجوز هديه للمأكول وإعارة دوابه والتوسعة عليه في النفقة ويحتمل الجواز ولا يضمن قال الحلواني له إطعام الطعام لضيفانه وإعارة أواني منزله مطلقا.
الثالثة : إذا شرط الخدمة فله ذلك وإلا فلا نقله الميموني وفي الانتصار يستمتع بجاريته ويستخدمها ويتصرف بمشيئته إلا بتبرع.
"وليس له شراء ذوي رحمه إلا بإذن سيده" اختاره أبو الخطاب وجزم به في الوجيز لأنه تصرف يؤدي إلى إتلاف ماله فإنه يخرج من ثلثه فلم يجز كالهبة " وقال القاضي: له ذلك " رجحه في الشرح وصححه ابن حمدان كتملكهم بالوصية والهبة إذ لا ضرر في ذلك فإنه إن عجز فهم عبيد وإن عتق لم يضر السيد عتقهم ومثله الفداء قاله في المنتخب وفيه في الترغيب يفديه بقيمته ويصح شراء من يعتق على سيده ذكره في الانتصار والترغيب فإن عجز عتقوا.
"وله أن يقبلهم إذا وهبوا له أو وصى له بهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله" لأنه ليس في القبول إتلاف مال ولا ضرر مع أنه سبب لتحصيل الحرية بتقدير الأداء وذلك مطلوب شرعا "ومتى ملكهم لم يكن له بيعهم" ولا إخراجهم عن ملكه لأن من يعتق عليه ينزل منزله جزئه فلم يجز ذلك كبعضه " وله كسبهم" لأنهم مماليكه "وحكمهم حكمه" لأنهم تبع له "فإن عتق عتقوا" أي: لأنه إذا أدى عتق وكمل ملكه فيهم فعتقوا حينئذ وولاؤهم له دون سيده واختار في المغني انهم يعتقون بإعتاق سيده لهم وإن أعتقهم المكاتب بإذن سيده عتقوا.
"وإن رق صاروا رقيقا للسيد" ونفقتهم على المكاتب لأنهم عبيده فإن

وكذا الحكم في ولده من أمته وولد المكاتبة الذي ولدته في الكتابة يتبعها وإن اشترى المكاتب زوجته انفسخ نكاحها وإن استولد أمته فهل تصير أم ولد على وجهين.
فصل
ولا يملك السيد شيئا من كسبه،
__________
أعتقهم السيد لم يعتقوا لأنهم ليسوا عبيدا له "وكذا الحكم في ولده من أمته" لأنه من ذوي رحمه فكان حكمه حكمه.
"وولد المكاتبة الذي ولدته في الكتابة يتبعها" لأن الكتابة سبب للعتق فسرى إلى الولد كالاستيلاد فإن عتقت بالأداء أو الإبراء عتق وسواء كان حملا حال الكتابة أو حدث بعدها فأما قبل الكتابة فلا يتبعها لأنه لو باشرها بالعتق لم يتبعها ولدها فلأن لا يتبعها في الكتابة بطريق الأولى.
فرع : قيمة الولد إن تلف وكسبه وأرش الجناية عليه لأمه ونفقته عليها وإن ماتت أمه عاد رقيقا فإن خلف وفاء انبنى على فسخ الكتابة وإن عتقت بغير الأداء أو الإبراء لم يعتق ولدها في الأصح وإن أعتق السيد ولدها دونها صح نص عليه و قال القاضي: لا وولد بنتها كبنتها وولد ابنها حكمه حكم أمه.
"وإن اشترى المكاتب زوجته" أو المكاتبة زوجها صح لأنه يملك التصرف فيه وإذا ملك أحدهما صاحبه "انفسخ نكاحها" لأنه لايجتمع ملك اليمين وملك النكاح ولو زوج ابنته من مكاتبه فمات السيد قبل عتقه انفسخ النكاح "وإن استولد أمته فهل تصيرأم ولد يمتنع عليه بيعها؟ على وجهين" المذهب أنها تصير أم ولد له يمتنع عليه بيعها لأنها مستولدته أشبهت مستولدة الحر والثاني: لا لأنها حملت بمملوك في غير ملك تام.
فصل
"ولا يملك السيد شيئا من كسبه" لأنه اشترى نفسه ولا يبقى ذلك لبائعه

ولا يبيعه درهما بدرهمين وإن جنى فعليه أرش جنايته وإن حبسه مدة فعليه أرفق الأمرين به من إنظاره مثل تلك المدة أو أجرة مثله وليس له أن يطأ مكاتبته إلا أن يشترط وإن وطئها ولم يشترط أو وطىء أمها فلها عليه المهر ويؤدب ولايبلغ به الحد وإن شرط وطأها فلا مهر لها عليه،
__________
كسائر المبيعات ولأن الملك الواحد لا يتوارد عليه ملكان في وقت واحد "ولا يبيعه درهما بدرهمين" لأن المكاتب مع سيده كالأجنبي فيحرم الربا بينهما في الأصح إلا في مال الكتابة "وإن جنى فعليه" فلا قصاص لكن يجب عليه "أرش جنايته" لأنه معه كالأجنبي ولا يجب إلا باندمال الجرح فإن قتل فهدر "وإن حبسه مدة" وظاهر كلام المؤلف أو منعه مدة "فعليه" أي: على السيد "أرفق الأمرين به من إنظاره مثل تلك المدة" لأن ذلك نظير ما فاته مثل "أوأجرة مثله" لأنه فوت منافعه فلزمه عوضها كالعبد وقيل: يلزمه أرفقهما بمكاتبه لأنه وجد سببها فكان له أنفعهما فإن قهره أجنبي لزمه أجرة مثله وإن قهره أهل الحرب لم يلزم السيد إنظاره لأن الحبس ليس من جهته.
"وليس له أن يطأ مكاتبته" لأنه زال ملكه عن استخدامها وأرش الجناية عليها فمنع من وطئها كالمعتقة "إلا أن يشترط" فله ذلك نص عليه ونصره في الشرح لبقاء أصل الملك كراهن يطأ بشرط ذكره في عيون المسائل والمنتخب وعنه: لا اختاره أبو الخطاب واختاره ابن عقيل وفي الشرح وقيل: له وطؤها في الوقت الذي لا يشغلها عن الكسب "وإن وطئها ولم يشترط أو وطىء أمها فلها عليه المهر" ولأنه عوض شيء مستحق للكتابة فكان لها كبقية منافعها وسواء أكرهها عليه أو طاوعته لأنه عوض منفعتها فوجب لها كأجرة خدمتها وقيل: إن طاوعته فلا "ويؤدب" لأنه وطىء وطئا محرما "ولا يبلغ به الحد" لأن الحد يدرأ بالشبهات والمكاتبة مملوكة في قول عامتهم وإن كان أحدهما عالما تحريم ذلك والآخر جاهلا عزر العالم وعذر الجاهل.
"وإن شرط وطأها فلا مهر لها عليه" لما تقدم من صحة اشتراط وكذا لا

ومتى ولدت منه صارت أم ولد له وولده حر فإن أدت عتقت فإن مات قبل أدائها عتقت وسقط ما بقي من كتابها وما في يدها لها إلا أن يكون بعد عجزها وقال أصحابنا هو لورثة سيدها وكذلك الحكم فيما إذا أعتق المكاتب سيده.
__________
تعزير عليه لأنه وطىء ملكه فإن أولدها بشرط صارت أم ولد له وهو حر يلحقه نسبه ولايلزمه قيمته لأنها وضعته في ملكه ولاتبطل كتابتها بذلك.
أصل
ليس له وطء بنت مكاتبته فإن وطئها عزر ومهرها حكمه حكم كسبها يكون لأمها تستعين به في كتابتها فإن أحبلها "ومتى ولدت منه صارت أم ولد له " والولد حر يلحقه نسبه ولا تجب عليه قيمتها ولا قيمة ولدها على الأشهر وليس له وطء جارية مكاتبته ولا مكاتبه اتفاقا فإن فعل عزر "وولده حر" يلحقه نسبه وتصير أم ولد له وعليه قيمتها ومهرها لسيدها ولا تجب قيمة ولدها على الأصح "ومتى ولدت منه صارت أم ولد له وولده حر فإن أدت عتقت" بالكتابة لأنها عقد لازم من جهة سيدها وما فضل من كسبها فهو لها وإن عجزت وردت إلى الرق بطل حكم كتابتها وبقي حكم الاستيلاد منفردا وما في يدها لورثة سيدها "فإن مات" السيد قبل عجزها "قبل أدائها عتقت" لأنها أم ولده وقد اجتمع لها شيئا يقتضيان العتق فأيهما سبق عتقت به "وسقط ما بقي من كتابتها" لأنها عتقت بغير الكتابة "وما في يدها لها" ذكره القاضي وابن عقيل لأن العتق إذا وقع في الكتابة لا يبطل حكمها ولأن الملك كان ثابتا لها والعتق لايقتضي زواله عنها أشبه ما لو عتقت بالإبراء من مال الكتابة.
"إلا أن يكون بعد عجزها" فيكون للسيد لأنها قد عادت إلى ملكه بالعجز "وقال أصحابنا" أي: أكثر "هم هو لورثة سيدها" لأنها عتقت بحكم الاستيلاد فأشبه غير الكتابة "وكذلك الحكم فيما إذا أعتق المكاتب سيده" لأن عتقه بالمباشرة

وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها فلها المهر على كل واحد منهما وإن ولدت من أحدهما صارت أم ولد له ويغرم لشريكه نصف قيمتها وهل يغرم نصف قيمة ولدها على روايتين.
__________
كعتقها بالاستيلاد فوجب استواؤهما في الحكم لكن في المغني والكافي يحتمل أن يفرق بينهما من حيث أن الإعتاق عنه يكون برضى في العتق فيكون رضى منه بإعطائها مالها والعتق بالاستيلاد يحصل بغير رضى الورثة واختيارهم فلا يتبع المكاتب شيئا من ماله.
"وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها فلها المهر على كل واحد منهما" لأن الوطء يوجب المهر وقد وجد ذلك منهما فإن كانت بكرا حين وطئها الأول فعليه مهر بكر وعلى الآخر مهر ثيب فإن أفضاها أحدهما بوطئه فعليه لها ثلث قيمتها وقيل: يلزمه قدر نقصها و قال القاضي: يلزمه قيمتها وهذا مبني على الواجب في إفضاء الحر.
"وإن ولدت من أحدهما" أدب ولا حد عليه لشبهة الملك ثم إن ولدت منه " صارت أم ولد له" لأنها علقت بحر في شيء يملك بعضه وذلك موجب للسراية لأن الاستيلاد أقوى من العتق بدليل صحته من المجنون وينفذ من جارية ابنه ومن رأس المال في المرض.
"ويغرم لشريكه نصف قيمتها" قنا لأنه فوت عليه رقها بصيرورتها أم ولد فإن كان موسرا أداه وإن كان معسرا ففي ذمته هذا ظاهر الخرقي لأن الإحبال أقوى من العتق وفي ضمان نصف مهرها وجهان والوجه الثاني عليه نصفها مكاتبا ولها كل المهر.
"وهل يغرم نصف قيمة ولدها على روايتين" أظهرهما: لايلزمه لأنها وضعته في ملكه والولد حر و الثانية: وصححها القاضي على المذهب لأنه كان من سبيل هذا النصف أن يكون مملوكا لشريكه فقد أتلف رقه عليه واختار أبو بكر أنها إن وضعته بعد التقويم فلا شيء على

وإن أتت بولد فألحق بهما صارت أم ولد لهما يعتق نصفها بموت أحدهما وباقيها بموت الآخر وعند القاضي لا يسري استيلاد أحدهما إلى نصيب شريكه إلا أن يعجز فينظر حينئذ فإن كان موسرا قوم على نصيب شريكه وإلا فلا.
فصل
ويجوز بيع المكاتب،
__________
الواطيء وإن وضعته قبل التقويم غرم نصف قيمته "وإن أتت بولد فألحق بهما صارت أم ولد لهما" لأن الولد منسوب إليهما "يعتق نصفها بموت أحدهما وباقيها بموت الآخر" لأنه الذي يملكه كل منهما " وعند القاضي: لا يسري استيلاد أحدهما إلى نصيب شريكه إلا أن يعجز" لأن المكاتبة انعقد فيها سبب الحرية ولمكاتبها عليها الولاء وفي السراية إبطال لذلك " فينظر حينئذ" لأن له حالة يسري فيها وحالة لا يسري فيها.
"فإن كان موسرا قوم عليه نصيب شريكه" لأن استيلاد الموسر موجب للسراية في الرقيق وحينئذ فنصفها أم ولد ونصفها موقوف فإن أدت عتقت وإن عجزت فسخت الكتابة وقومت على الواطىء وصار جميعها أم ولد "وإلا فلا" أي: إذا كان الواطىء معسرا لم يسر إحباله إلى نصيب شريكه لأنه إعتاق فلم يسر مع الإعسار كالقول ويصير نصفها أم ولد فإن عجزت استقر الرق في نصفها وثبت حكم الاستيلاد لنصفها.
فصل
"ويجوز بيع المكاتب" نصره في الشرح وقدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لما روت عائشة قالت جاءت بريرة فقالت إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني قالت عائشة إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة ويكون ولاؤك لي فعلت فعرضت ذلك عليهم فأبوا فذكرت عائشة ذلك

ومشتريه يقوم مقام المكاتب فإن أدى إليه عتق وولاؤه له وإن عجز عاد قنا له وإن لم يعلم أنه مكاتب فله الرد أو الأرش وعنه: لا يجوز بيعه،
__________
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يمنعك ذلك ابتاعي وأعتقي" متفق عليه.
قال ابن المنذر: بيعت بريرة بعلم النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكاتبة ولم ينكر ذلك ولا وجه لمن أنكره ولا أعلم خبرا يعارضه ولا أعلم في شيء من الأخبار دليلا على عجزها وتأوله الشافعي على أنها كانت قد عجزت وليس في الخبر ما يدل عليه بل قولها أعينيني دليل على بقائها على الكتابة.
"ومشتريه يقوم مقام المكاتب" لأنه بدل عنه وفيه إشعار بأن الكتابة لا تنفسخ بالبيع وهو كذلك بغير خلاف نعلمه لأنها عقد لازم فلم تنفسخ به كالنكاح وحكاه ابن المنذر إجماعا إذا كان ماضيا فيها مؤديا ما يجب عليه من نجومه في أوقاتها "فإن أدى إليه عتق" دون ولده "وولاؤه له وإن عجز عاد قنا له" لأن حكمه مع بائعه كذلك "وإن لم يعلم أنه مكاتب فله الرد " وأخذ الثمن أو الإمساك مع "الأرش" لأن الكتابة نقص لأنه لايقدر على التصرف فيه وقد انعقد سبب الحرية فيه أشبه الأمة المزوجة "وعنه: لا يجوز" بيعه لأنه عقد يمنع استحقاق الكسب فمنع البيع كالذي لا نفع فيه وعنه: المنع بأكثر من كتابته لا بقدرها حكاها ابن أبي موسى وفي الواضح في مدبر كذلك أي: على الخلاف كعبد أوصى بمنفعته وحكم الوصية به وهبته كبيعه وعنه: المنع من هبته قصرا على المورد فأما وقفه فلا يجوز لانتفاء الاستقرار.
فرع : لايصح بيع الدين على المكاتب من نجومه لدين السلم فإن سلم المكاتب إلى المشتري نجومه فقيل يعتق ويبرأ المكاتب من مال الكتابة ويرجع السيد على المشتري بما قبضه وقيل: لا يعتق رجحه في الشرح ومال الكتابة باق في ذمة المكاتب ويرجع المكاتب على المشتري بما دفعه إليه ويرجع المشتري على البائع فإن سلم المشتري إلى البائع لم يصح تسليمه لأنه قبضه بغير إذن المكاتب أشبه ما لو أخذه من ماله بغير إذنه.

وإن اشترى كل واحد من المكاتبين الآخر صح شراء الأول وبطل شراء الثاني سواء كانا لواحد أو لاثنين وإن جهل الأول منهما فسد البيعان وإن أسر العدو المكاتب فاشتراه رجل فاحب سيده أخذه بما اشتراه وإلا فهو عند المشتري مبقي على ما بقي من كتابته،
__________
"وإن اشترى كل واحد من المكاتبين الآخر صح شراء الأول" لأن التصرف صدر من أهله في محله "وبطل شراء الثاني" لأن العبد لا يملك سيده لأنه يفضي إلى تناقض الأحكام لأن كل واحد يقول لصاحبه أنا مولاك ولي ولاؤك وإن عجزت صرت لي رقيقا "سواء كانا لواحد أو لاثنين" لأن العلة كون العبد لا يملك سيده وهي موجودة هنا.
"وإن جهل الأول منهما فسد البيعان" اختاره أكثر الأصحاب كنكاح الوليين إذا أشكل الأول منهما ولا يحتاج ذلك إلى فسخ ولا إلى قرعة وأجراه القاضي مجرى الوليين فعلى هذا يفسخ الحاكم البيعين في رواية ويقرع بينهما في أخرى.
"وإن أسر العدو المكاتب فاشتراه رجل فأحب سيده أخذه بما اشتراه" أي: يأخذه سيده بما اشتراه الغير وهو مبني على ما إذا استولى الكفار على مال مسلم ثم استولى عليه المسلمون ثم وجده صاحبه بعد القسمة وفيه خلاف سبق وهل يحتسب على المكاتب بالمدة التي كان فيها عند الكافر فيها وجهان رجح في الشرح أنه يحتسب بها "وإلا" أي: وإن لم يحب سيده أخذه "فهو عند المشتري مبقي على ما بقي من كتابته" لأن الكتابة عقد لازم لا تبطل بالبيع فلأن لا تبطل بطريق الكسر أولى يعتق بالأداء لأنه مكاتب قد أدى كتابته وولاؤه له لأنه معتقه.
فرع : إذا قال لسيده أعتق مكاتبك على كذا ففعل عتق ولزمه ما التزم به وفي الرعاية إذا أدى حربي عن مكاتب دين الكتابة بلا إذنه لم يرجع وإن قضى دينا آخر رجع به إن نواه.

فصل
وإن جنى على سيده أو أجنبي فعليه فداء نفسه مقدما على الكتابة وقال أبو بكر يتحاصان وإن عتق فعليه فداء نفسه وإن عجز فلسيده تعجيزه إن كانت الجناية عليه وإن كانت على أجنبي ففداه سيده وإلا فسخت الكتابة وبيع في الجناية وإن أعتقه السيد فعليه فداؤه،
__________
فصل
"وإن جنى على سيده أو أجنبي فعليه فداء نفسه" أي: إذا جنى المكاتب جناية موجبة للمال تعلق أرشها برقبته وقال قوم جنايته على سيده وقال آخرون يرجع بها سيده فعلى الأول يبدأ بأداء الجناية.
"مقدما على الكتابة" سواء حل نجم أو لا نص عليه لأن جنايته تقدم على حق الملك إذا كان قنا فعلى حقه في المكاتب أولى.
"وقال أبو بكر: يتحاصان" لأنهما اشتركا في الاستحقاق فتساويا وكذا إن أقر بجناية "وإن عتق فعليه فداء نفسه " أي: إذا أدى مبادرا وليس محجورا عليه عتق واستقرالفداء ويكون الأرش في ذمته فيضمن ما كان عليه قبل العتق ويفديه بأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته وإن عتقه السيد فعليه فداؤه لأنه أتلف محل الاستحقاق أشبه ما لو قتله.
"وإن عجز فلسيده تعجيزه إن كانت الجناية عليه " لأن الأرش حق له فكان له تعجيزه إذا عجز عنه كمال الكتابة "وإن كانت على أجنبي ففداه سيده" لأنه لو كان عبدا لملك فداه فكذا هنا "وإلا" أي: وإن لم يفده " فسخت الكتابة وبيع في الجناية" قنا نقله ابن منصور لأن حق المجني عليه مقدم على حق السيد لأن أرش الجناية يتعلق بعتق المكاتب بخلاف السيد فإن حقه متعلق بالذمة ونقل الأثرم جنايته في رقبته يفديه إن شاء قال أبو بكر وبه أقول.
"وإن أعتقه السيد فعليه فداؤه" أي: على السيد فداء الجاني لأنه فوت

والواجب في الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته وقيل: يلزمه فداؤه بأرش الجناية كاملة وإن لزمته ديون معاملة تعلقت بذمته يتبع بعد العتق.
__________
تسليم الرقبة إلى المجني عليه فكان عليه فداؤه كما لو قتله "والواجب في الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته" لأن الأقل إن كان القيمة فهو لايستحق إلا الرقبة والقيمة بدل عنها لأن حقه في المالية لا العين وإن كان الأقل أرش الجناية فهو لايستحق أكثر منها لأن الإنسان لايستحق أكثر مما جني عليه وعنه: جنايته على أجنبي وعنه: وسيده بالأرش كله "وقيل: يلزمه فداؤه بأرش الجناية كاملة" لأنه تعذر تسليمه إلى المجني عليه أشبه ما لو جنى الجاني وامتنع من تسليمه.
مسائل
الأولى : إذا جنى على سيده فيما دون النفس عمدا فلسيده القصاص فإن عفي على مال أو كانت موجبة له وجب لأن المكاتب مع سيده كالأجنبي ويفدي نفسه بما ذكرنا فإن اختار السيد تأخير الأرش وتقديم مال الكتابة جاز ويعتق إذا أدى خلافا لأبي بكر وحكم ورثة السيد مع المكاتب حكم سيده معه فإن جنى جنايات استوفيت كلها فإن كان بعضها موجبا للقصاص فلوليه الاستيفاء ويبطل حقوق الآخرين فإن عفي إلى مال فكجناية المال فإن أعتقه السيد أو فداه لزمه الأقل من قيمته أو أرشها مجتمعة على الأشهر.
"وإن لزمته ديون معاملة تعلقت بذمته" لا رقبته ومقدمها محجور عليه لعدم تعلقها برقبته فلهذا إن لم يكن بيده مال فليس لغريمه تعجيزه بخلاف الأرش ودين الكتابة "يتبع بها بعد العتق" أي: إذا عجز عنها لأن ذلك حال يساره وعنه: ويتعلق برقبته قال في المحرر وهو أصح عندي فيتساوى الإقدام ويملك تعجيزه ويشترك رب الدين والأرش بعد موته لفوت الرقبة،

فصل
والكتابة عقد لازم من الطرفين لا يدخلها الخيار ولا يملك أحدهما فسخها ولا يجوز تعليقها على شرط مستقبل ولا تنفسخ بموت السيد ولا جنونه ولا الحجر عليه ويعتق بالأداء إلى سيده أو من يقوم مقامه من الورثة وغيرهم،
__________
وقيل: يقدم دين المعاملة ولغير المحجور تقديم أي: دين شاء وذكر ابن عقيل وغيره أنه بعد موته هل يقدم دين الأجنبي على السيد كحالة الحياة أم يتحاصان فيه روايتان وهل تصرف سيده بدين معاملة مع غريم فيه وجهان.
فصل
"والكتابة عقد لازم من الطرفين لا يدخلها الخيار" ولأنها عقد معاوضة أشبه البيع "ولا يملك أحدهما فسخها" كسائر العقود اللازمة "ولا يجوز تعليقها على شرط مستقبل" كسائر عقود المعاوضات وقيل: يصح العقد دون الشرط وكذا كل شرط فاسد فيها "ولا تنفسخ بموت السيد" لا نعلم فيه خلافا "ولا جنونه ولا الحجر عليه" لأنها عقد لازم فلم تنفسخ بشيء من ذلك كالبيع ونقل ابن هانىء إن أدى بعض كتابته ثم مات السيد يحتسب من ثلثه ما بقي من العبد ويعتق.
"ويعتق بالأداء إلى سيده أو من يقوم مقامه من الورثة وغيرهم" لأن الكتابة موضوعها العتق بتقدير الأداء فإذا وجد وجب أن يترتب عليه ما يقتضيه ولأنه انتقل إلى الورثة مع بقاء الكتابة فهو كالأداء إلى مورثهم ويكون مقسوما بينهم على قدر مواريثهم كسائر ديونه وإذا عتق بالأداء إلى الورثة فولاؤه لسيده اختاره الخرقي وأبو بكر وهو قول أكثر الفقهاء ثم يختص به عصبته وعنه: للورثة فعلى الأول إن باعه الورثة أو وهبوه فاحتمالان وكذا يعتق بالإبراء وفي الاعتياض وجهان قاله في الرعاية.

وإن حل نجم ولم يؤده فللسيد الفسخ وعنه: لا يعجز حتى يحل عليه نجمان وعنه: لا يعجز حتى يقول قد عجزت وليس للعبد فسخها بحال وعنه: له ذلك.
ولو زوج ابنته من مكاتبه ثم مات انفسخ النكاح.
__________
"وإن حل نجم ولم يؤده فللسيد الفسخ" أي: فسخ الكتابة قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لأنه حق له فكان له الفسخ كما لو أعسر المشتري ببعض ثمن المبيع قبل قبضه "وعنه: لايعجز حتى يحل عليه نجمان" هذا ظاهر الخرقي وكلام كثير من الأصحاب لما روي عن علي قال لا يرد المكاتب إلى الرق حتى يتوالى عليه نجمان ولأنه عقد اعتبر فيه التنجيم لإرقاق العبد فيعتبر فيه ما هو أرفق له وإذا قلنا: للسيد الفسخ لم تنفسخ الكتابة بالعجز بل له مطالبة المكاتب بما حل من نجومه والصبر عليه فإن اختار الصبر عليه لم يملك العبد الفسخ بغير خلاف وإن اختار الفسخ فله ذلك بغير حضور حاكم ولا تلزمه الاستنابة لفعل ابن عمر رواه سعيد.
"وعنه: لا يعجز حتى يقول قد عجزت" حكاها ابن أبي موسى لأن فوات العوض لا يتحقق بذلك وعنه: إن أدى أكثر مال الكتابة لم يرد إلى الرق ويتبع بما بقي ويلزمه إنظاره ثلاثا كبيع عوض ومثله مال غائب دون مسافة قصر يرجو قدومه ودين حال على مليء ومودع وأطلق جمع لا يلزم السيد استيفاؤه قال في الفروع فيتوجه مثله في غيره.
"وليس للعبد فسخها بحال" بغير خلاف نعلمه قاله في المغني لأنها سبب الحرية وفيها حق لله تعالى وفي فسخها إبطال لذلك الحق "وعنه: له ذلك" لأن العقد لحظه فملك فسخه كمرتهن وكاتفاقهما وعلله ابن المنجا بأن معظم المقصود له فإذا رضي بإسقاط حقه سقط وليس بظاهر.
"ولو زوج ابنته من مكاتبه" برضاها "ثم مات" السيد أو ورث زوجته المكاتبة "انفسخ النكاح" على المذهب فيعايا بها لأن زوجته تملكه أو تملك سهما منه،

ويحتمل أن لا ينفسخ حتى يعجز ويجب على سيده أن يؤتيه بربع مال الكتابة إن شاء وضعه منه وإن شاء قبضه فدفعه إليه،
__________
فانفسخ نكاحها كما لو اشترته.
ولا بد فيها من امور:
أحدها : أن الحرية ليست من شروط صحة النكاح.
وثانيها : أن يزوجها بإذنها
وثالثها: أن يكون وارثه فلو كان بينهما اختلاف دين أو كاتب قاتله فالنكاح بحاله لأنها ما ملكته ولا شيئا منه.
"ويحتمل أن لا ينفسخ حتى يعجز " لأنها لا ترثه وإنما تملك نصيبها من الدين الذي في ذمته وفي الانتصار نص في رواية ابن منصور أن الدين يمنع انتقال ما يقابله إلى الورثة فعلى هذه الوصية بمعين والكتابة تمنع الانتقال فلا فسخ وعلى رواية أنه لا يمنع فتنعكس الأحكام والحكم في سائر النساء كالحكم في البنت.
" ويجب على سيده أن يؤتيه" شيئا مما كوتب عليه روي عن علي وابن عباس لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور:33] قال ابن عباس المراد إعطاؤه من الصدقة واختلف موجبه فقدرها إمامنا "بربع مال الكتابة" رواه أبو بكر عن علي مرفوعا وروي موقوفا وأوجبه الشافعي من غيرتقدير واختلف أصحابه فمنهم من أوجب ما اختاره السيد ومنهم من قال يقدره الحاكم باجتهاده كالمتعة "إن شاء وضعه عنه وإن شاء قبضه فدفعه إليه" لأن الغرض التخفيف عن المكاتب ولأنه أبلغ في النصح وأعون على حصول العتق فيكون أفضل من الإيتاء والآية تدل عليه بطريق ال تنبيه: وفي الروضة رواية وقدمها لا يجب إيتاء الربع والأمر في الآية للاستحباب فعلى ما ذكره المؤلف إن أعطاه من جنس مال الكتابة من غيره جاز ويلزمه قبولها وقيل: لا وإن أعطاه من غير جنسه جاز له أخذه ولا.

فإن أدى إليه ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع عتق ولم تنفسخ الكتابة في قول القاضي وأصحابه وظاهر كلام الخرقي أنه لايعتق حتى يؤدي جميع الكتابة.
__________
يلزمه في الأشهر ووقت الوجوب حين العتق وإن مات السيد قبل إيتائه فهو دين في تركته.
" فإن أدى ثلاثة أرباع المال" وعنه: أو أكثر "وعجز عن الربع عتق" ولسيده الفسخ في أنص الروايتين فيهما وفي الترغيب في عتقه بالتقاص روايتان ولم يذكر العجز وقال لو أبرأه من بعض النجوم أو أداه لم يعتق منه على الأصح وأنه لو كان على سيده بمثل النجوم عتق على الأصح.
"ولم تنفسخ الكتابة في قول القاضي وأصحابه" ونسبه في الكافي إلى الأصحاب لعجزه عن ماوجب دفعه إليه فوجب أن يعتق ولا تنفسخ الكتابة كما لو لم يبق عليه شيء أصلا ولأنه عجز عن حق له فلم تتوقف حريته على أدائه كأرش جناية سيده عليه وحينئذ يتبع بما بقي عليه اختاره ابو بكر.
" وظاهر كلام الخرقي انه لايعتق حتى يؤدي جميع الكتابة" اختاره ابن أبي موسى ورجحه في الشرح وروى الأثرم عن عمر وابنه وزيد وعائشة أنهم قالوا المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ورواه أبو داود مرفوعا ويجوز أن يتوقف العتق على أداء الجميع وإن وجب رد البعض إليه كما لو قال إذا أديت إلي ألفا فأنت حر ولله علي رد ربعها فإنه لا يعتق حتى يؤديها وإن وجب عليه رد بعضها وروي عن علي أنه قال يعتق بقدر ما أدى لحديث ابن عباس رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
تنبيه : إذا عجز المكاتب أو رد في الكتابة وكان في يده مال فهو لسيده إلا أن يكون من صدقة مفروضة ففيه روايتان إحداهما هو لسيده و الأخرى يجعل في المكاتبين واختار أبو بكر والقاضي يرد إلى أربابه وهو قول إسحاق ولو قال لمكاتبه متى عجزت بعد موتي فأنت حر فهذا تعليق للحرية على صفة تحدث

فصل
وإذا كاتب عبيدا له كتابة واحدة بعوض واحد صح ويقسط العوض بينهم على قدر قيمتهم ويكون كل واحد منهم مكاتبا بقدر حصته يعتق بأدائها ويعجز بالعجز عنها وحده.
__________
بعد الموت وفيه خلاف فعلى الصحة إن ادعى العجز قبل حلول النجوم لم يعتق لأنه لم يجب عليه شيء يعجز عنه.
فرع : إذا كاتبه ثم أسقط عنه مال الكتابة برىء وعتق ولم يرجع على سيده بالقدر الذي كان يجب عليه إيتاؤه وكذا لو أسقط عنه القدر الذي يلزمه إيتاؤه واستوفي الباقي لم يلزمه شيء وخرجه بعض أصحابنا على الخلاف في الصداق ولا يصح بدليل ما لو قبضه السيد منه ثم أتاه ولم يرجع عليه بشيء بخلاف الصداق.
مسألة : إذا كاتب ثلاثة عبدا فادعى الأداء إليهم فصدقه اثنان وأنكره الثالث شاركهما فيما أقرا بقبضه ونصه تقبل شهادتهما عليه وفي المغني والمحرر قياس المذهب لا واختاره ابن أبي موسى وغيره.
فصل
"وإذا كاتب عبيدا له كتابة واحدة بعوض واحد صح " في قول أكثر أهل العلم لأن الكتابة بيع فصح عقدها على جماعة جملة واحدة بعوض واحد كالبيع وهذا بخلاف قول ثلاثة لبائع اشتريت أنا زيدا وهذا عمروا وهذا بكرا بمائة درهم "ويقسط العوض بينهم على قدر قيمتهم" يوم العقد لأنه حين المعاوضة ولأنه عوض فيقسط على المعوض كما لو اشترى شقصا وسيفا وكما لو اشترى عبيدا فرد واحد بعيب.
"ويكون كل واحد منهم مكاتبا بقدر حصته يعتق بأدائها ويعجز بالعجز عنها وحده" لأن الحصة بمنزلة الثمن المنقود فإن شرط عليهم في العقد أن كل واحد.

وقال أبو بكر: العوض بينهم على عددهم ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة فلو اختلفوا بعد الأداء في قدر ما أدى كل واحد منهم فالقول قول من يدعي أداء قدر الواجب عليه ويجوز أن يكاتب بعض عبده فإن أدى عتق كله وتجوز كتابة حصته من العبد المشترك بغير إذن شريكه،
__________
منهم ضامن عن الباقين فسد الشرط وصح العقد وعنه: صحة الشرط.
وفي الرعاية غلبت فيها الصفة فتكون جائزة فإن مات أحدهم أو عتق سقط قدر حصته نص عليه فإن قال الأعلون قيمة أدينا على قدر قيمتنا وقال الأدنون قيمة بل على عددنا فالقول قول من يدعي التسوية إن جعل العوض بينهم على عددهم وإلا فوجهان.
"وقال أبو بكر: العوض بينهم على عددهم" وقال أبو بكر يتوجه لأبي عبد الله أن العوض بينهم على عدد رؤوسهم لأنه أضيف إليهم إضافة واحدة كما لو أقر لهم بشيء "ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة" واختاره ابن أبي موسى لأن الكتابة مقدر فيها قول السيد متى أديتم فأنتم أحرار وفي المغني "لم يعتق واحد منهم حتى تؤدى الكتابة كلها" الأول أصح والإقرار ليس بعوض " فلو اختلفوا بعد الأداء في قدر ما أدى كل واحد منهم فالقول قول من يدعي أداء قدر الواجب عليه" لأن الظاهر من حاله أداء ما وجب عليه فوجب قبول قوله فيه لاعتضاده بالظاهر ونقل ابن منصور إذا كاتب على نفسه وولده ولم يعلم عدتهم ولم يسمهم فقد دخلوا في الكتابة أيضا.
"ويجوز أن يكاتب بعض عبده" لأنها معاوضة فصحت في بعضه كالبيع ويملك من كسبه بقدر ما كوتب عليه وفي الترغيب يقسم كسبه بين سيده وبين مالك باقيه نصفين في إحدى الروايتين وفي الأخرى يوما له ويوما لمالك باقيه يعني إذا كاتب نصفه.
"فإن أدى عتق كله" لأنه إذا سرى فيه العتق إلى ملك غيره فإلى ملكه أولى "وتجوز كتابة حصته من العبد المشترك بغير إذن شريكه" لأنها عقد معاوضة فجاز

فإذا أدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الآخر عتق كله إن كان الذي كاتبه موسرا وعليه قيمة حصة شريكه فإن أعتق الشريك قبل أدائه عتق عليه كله إن كان موسرا وعليه قيمة نصيب المكاتب و قال القاضي: لا يسري إلى نصيب المكاتب إلا أن يعجز فيقوم عليه حينئذ وإن كاتبا عبدهما جاز سواء كان على التساوي أو التفاضل ولا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على التساوي.
__________
بغير إذن الشريك كالبيع وقال ابن حمدان: إن كان معسرا فلا بد من إذن شريكه.
"فإذا أدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الآخر عتق كله إن كان الذي كاتبه موسرا" لأن بعضه يعتق بأداء الكتابة فيسري إلى نصيب الشريك كما لو باشر نصيبه بالعتق "وعليه قيمة حصة شريكه" لأنه فوت الحصة على مالكها لإتلافها بالعتق كما لو قتله "فإن أعتق الشريك قبل أدائه عتق عليه كله إن كان موسرا وعليه قيمة نصيب المكاتب" لقوله عليه السلام: "من أعتق شركا له في عبد " وهذا داخل في عمومه ولأنه عتق لجزء من العبد من موسر غير محجور عليه فسرى إلى باقيه كالقن وفي كلام المؤلف أنه يجب عليه قيمة حصة شريكه مكاتبا لأنه أتلفه وظاهره: أنه إذا كان معسرا عتق نصيبه وباقيه على الكتابة فإن عجز عاد الجزء المكاتب رقيقا إلا على رواية الاستسعاء.
"وقال القاضي" وأبو بكر "لا يسري إلى نصيب المكاتب" لأنه قد انعقد للمكاتب سبب الولاء فلا يجوز إبطاله "إلا أن يعجز فيقوم عليه حينئذ" لأنه عاد قنا فلا يفضي إلى المحذور المذكور "وإن كاتبا عبدهما جاز سواء كان على التساوي أو التفاضل" لأنها عقد معاوضة فجاز من الشريكين متساويا ومتفاضلا كالبيع.
"ولا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على التساوي" يعني على قدر الملك فيتساويان في الأداء بغير خلاف نعلمه فإن قبض أحدهما دون الآخر شيئا لم يصح وللآخر أن يأخذ حصته إذا لم يكن إذن في القبض فإن أذن فيه

فإذا كمل أداؤه إلى أحدهما قبل الآخر عتق كله عليه وإن أدى إلى أحدهما دون صاحبه لم يعتق إلا أن يكون بإذن الآخر فيعتق ويحتمل أن لا يعتق.
فصل
وإن اختلفا في الكتابة فالقول قول من ينكرها وإن اختلفا في قدر عوضها فالقول قول السيد في إحدى الروايتين،
__________
فوجهان أصحهما يصح لأن المنع لحقه فجاز بإذنه والثاني: لا اختاره أبو بكر لأن حقه في ذمته فلم يقع إذنه فيه.
"فإذا كمل أداؤه إلى أحدهما قبل الآخر عتق كله عليه" لأن نصيبه يعتق بالأداء فيسري إلى نصيب شريكه "وإن أدى إلى أحدهما دون صاحبه لم يعتق" لأن العتق لا يحصل بأداء مال الغير "إلا أن يكون بإذن الآخر فيعتق" لأن المكاتب محجور عليه لحق السيد فإذا أذن له صح الأداء وحينئذ يقع العتق لحصول الأداء الصحيح "ويحتمل أن لا يعتق" لأن حق السيد في ذمة المكاتب وما في يد المكاتب ملك له فإذا أذن السيد فيه لم ينفذ.
فصل
"وإن اختلفا في الكتابة فالقول قول من ينكرها " لأن الأصل معه " وإن اختلفا في قدر عوضها" أو جنسه أو أجله "فالقول قول السيد في إحدى الروايتين" أي: مع يمينه ذكره الخرقي وذكر القاضي أنها المذهب لأنه اختلاف في الكتابة فكان القول قول السيد كما لو اختلفا في العقد.
والثانية: يقبل فيه قول المكاتب نصرها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وصححها ابن عقيل في التذكرة لأنه منكر والقول قوله ومدعى عليه فيدخل في العموم وكما لو أعتقه بمال وأجاب المؤلف بأنه إنما قدم لأن الأصل هنا مع

وإن اختلفا في وفاء ما لها فالقول قول السيد فإن أقام العبد شاهدا وصله معه أو شاهدا وامرأتين ثبت الأداء وعتق.
فصل
والكتابة الفاسدة مثل أن يكاتبه على خمر أو خنزير يغلب فيها،
__________
السيد إذ الأصل في المكاتب وكسبه أنه لسيده وجوابه بأن الاختلاف في المكاتب وكسبه وإنما وقع فيما حصل العقد عليه.
والثالثة: يتحالفان ويترادان اختاره أبو بكر لأنهما اختلفا في عوض بينهما فوجب التحالف إذا لم تكن بينة كالبيع وفرق بينهما في المغني بأن الأصل عدم ملك كل واحد منهما لما صار إليه والأصل في المكاتب وكسبه أنه لسيده فلذلك قبل قوله فيه لأن التحالف في البيع مقيد بخلاف الكتابة إذ الحاصل بالتحالف فسخ الكتابة ورد الرقيق إلى رقه وهذا حاصل من جعل القول قول السيد فإن تحالفا قبل العتق فسخ العقد إلا أن يرضى أحدهما بقول صاحبه وإن كان بعده رجع السيد بقيمته ورجع العبد بما أداه.
"وإن اختلفا في وفاء مالها فالقول قول السيد" أي: مع يمينه لأنه منكر ويمهل المكاتب ثلاثا "فإن أقام العبد شاهدا" ذكرا "وحلف معه أو شاهدا وامرأتين ثبت الأداء وعتق" لأن النزاع بينهما في أداء المال والمال يقبل فيه ذلك وقيل: في غير النجم الأخير وإن ادعى كل واحد من مكاتبيه الوفاء عتق من عينه وخلف لغيره وإن قال لا أعلم عينه حلف على ذلك وعين بقرعة من بقي منهما مكاتبا وإن مات السيد ولم يعين فوارثه كهو.
فرع : إذا أقر السيد بقبض مال الكتابة عتق العبد إذا كان ممن يصح إقراره ولو كان في مرض موته ولو قال استوفيت كتابتي كلها إن شاء الله تعالى أو زيد عتق ولم يؤيد الاستثناء ولو في مرضه ذكره المؤلف.
فصل
"والكتابة الفاسدة مثل أن يكاتبه على خمر أو خنزير" أو مجهول "يغلب فيها

حكم الصفة في أنه إذا أدى عتق ولا يعتق بالإبراء وتنفسخ بموت السيد وجنونه والحجر للسفه ويملك السيد أخذ ما في يده وإن فضل عن الأداء فضل فهو لسيده وهل يتبع المكاتبة ولدها فيها على وجهين.
__________
حكم الصفة في أنه إذا عتق اختاره القاضي وغيره كسائر الكتابات الفاسدة واختار في الانتصار: إن أتى بالتعليق كقوله: إذا أديت إلي فأنت حر فإنه يعتق بالصفة المجردة لا بالكتابة فأما الكتابة التي لا يكون عوضها محرما فإنها تساوي الصحيحة في أربعة أحكام:
أحدها : أنه يعتق بأداء ما كوتب عليه سواء صرح بالصفة بأن يقول: إذا أديت إلي فأنت حر أو لم يقل.
الثاني : انه اذا أ عتقه بالأداء لم يلزمه قيمة نفسه ولم يرجع على سيده بما أعطاه.
الثالث : أن المكاتب يملك التصرف في كتبه.
الرابع : إذا كاتب جماعة كتابة فاسدة فأدى أحدهم حصته عتق على القول بأنه يعتق بها في الصحيحة وعنه: بطلانها بعوض محرم اختاره أبو بكر.
"ولا يعتق بالإبراء" لأن المال غير ثابت في العقد بخلاف الصحيحة ولكل واحد منهما فسخها سواء كان ثم صفة أولا وأن السيد لا يلزمه أن يؤدي إليه شيئا من الكتابة "وتنفسخ بموت السيد" لأن الفاسدة عقد جائز لا يؤول إلى اللزوم فانفسخت بذلك كالوكالة "وجنونه والحجر للسفه" لأن المقصود فيها المعاوضة والصفة مبنية عليها بخلاف الصفة المجردة قال المؤلف والأولى: أنها لا تبطل هنا لأن الصفة المجردة لا تبطل بذلك وليغلب في هذه الكتابة حكم الصفة المجردة "ويملك السيد أخذ ما في يده" لأنه ملكه وماله "وإن فضل عن الأداء فضل فهو لسيده" قاله أبو الخطاب لأنه عتق بالصفة لا بالمعاوضة وقال في المغني ما فضل في يده بعد الأداء فهو له والأول أصح.
"وهل يتبع المكاتبة ولدها فيها على وجهين" أحدهما وهو أقيس وأصح: لا

وقال أبو بكر: لا تنفسخ بالموت ولا الجنون ولا الحجر ويعتق بالأداء إلى الوارث.
__________
يتبعها لأنه إنما تبع في الصحيحة بحكم العقد وهو مفقود هنا والثاني: يتبع كالصحيحة ورجحه بعضهم وكذا الخلاف في وجوب الإيتاء فيه وكذا جعل من أولدها أم ولده وفيه وجه في الصحة ذكره القاضي.
"وقال أبو بكر: لا تنفسخ بالموت ولا الجنون ولا الحجر" لأن الفاسدة كالصحيحة في وقوع العتق وفي تبعية الولد وذوي رحمه فكذلك في الفسخ ولأن الشارع متشوف إلى العتق وما ذكر وسيلة إليه فوجب الحكم به تحصيلا للمطلوب الشرعي "ويعتق بالأداء إلى الوارث" على قوله لكونها لا تنفسخ لتشوف الشارع إلى العتق ولأنه قائم مقام مورثه.

باب أحكام أمهات الأولاد
وإذا علقت من سيدها فوضعت ما تبين فيه بعض خلق إنسان صارت بذلك أم ولد له،
__________
باب أحكام أمهات الأولادالأحكام جمع حكم وهو في اللغة: القضاء والحكمة وفي الاصطلاح: خطاب الله المفيد فائدة: شرعية وأحكامهن ما ذكره من تحريم بيعهن وجواز الانتفاع بهن ونحوه وأمهات جمع أم باعتبار الأصل وأمات باعتبار اللفظ وقيل: الأمهات للناس والأمات للبهائم وقد أشعر كلامه بجواز التسري وهو إجماع بلا شك لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون:5] واشتهر أن النبي صلى الله عليه وسلم استولد مارية القبطية وعملت الصحابة علىذلك منهم عمر وعلي وكان علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله أمهاتهم أم أولاد.
"وإذا علقت من سيدها فوضعت ما تبين فيه بعض خلق إنسان صارت بذلك أم ولد له" نقول: يشترط لكونها أم ولد شرطان:

فإذا مات عتقت وإن لم يملك غيرها وإن وضعت جسما لا تخطيط فيه فعلى روايتين.
__________
أحدهما : أن تحمل به في ملكه سواء كان من وطء مباح أو محرم فأما إن علقت منه في غيرملكه لم تصر أم ولد وظاهر الأول ولو كان محجورا عليه.
الثاني : أن تضع ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان حيا كان أو ميتا أسقطته أو كان تاما روى الأثرم عن ابن عمر قال: أعتقها ولدها وإن كان سقطا وروى الدارقطني بإسناد ضعيف عن ابن عباس مرفوعا نحوه لا نعلم فيه خلافا بين القائلين بثبوت الاستيلاد.
ونقل حنبل وأبو الحارث يغسل السقط ويصلى عليه بعد أربعة أشهر وإن كان أقل من ذلك فلا واحتج بحديث ابن مسعود في عشرين ومائة يوم ينفخ فيه الروح وتنقضي به العدة وتعتق الأمة إذا دخل في الخلق الرابع وقدم في الإيضاح ستة أشهر وذكر الخرقي شرطا ثالثا وهو أن تحمل بحر.
"فإذا مات عتقت وإن لم يملك غيرها" في قول من رأى عتقهن لأنها تعتق من رأس المال لأن ذلك إتلاف حصل بسبب حاجة أصلية أشبه ما لو أتلفه في أكل ونحوه وقيل: إن جاز بيعها لم تعتق بموته ونقل الميموني إن لم تضع وتبين حملها عتقت وإنه يمنع من نقل الملك لما في بطنها حتى يعلم.
فرع : إذا عتقت بموت سيدها فما في يدها فهو لورثة سيدها وقال ابن حمدان: بل لها وذكر السامري روايتين ولا فرق بين المسلمة والكافرة والعفيفة والفاجرة والمسلم والفاجر وضدهما في قول الجماهير وروى سعيد عن عمر وعمر بن عبد العزيز كلاما قال المؤلف عقبه فعلى هذا يحصل العتق بالمسلمة والعفيفة دون ضدهما.
"وإن وضعت جسما لا تخطيط فيه" مثل المضغة ونحوها وعلم منه أنه مبتدأ خلق آدمي "فعلى روايتين" إحداهما لا تصير أم ولد له وهو ظاهرالخرقي وهو المذهب لأن ذلك ليس بولد وعتقها مشروط بصيرورتها أم ولد فعلى

وإن أصابها في ملك غيره بنكاح أو غيره ثم ملكها حاملا عتق الجنين ولم تصر أم ولده وعنه: تصير وأحكام أم الولد أحكام الأمة في الإجارة والاستخدام والوطء وسائر أمورها،
__________
هذا لا تنقضي به عدة الحرة ولا يجب على الضارب المتلف له غرة ولا كفارة.
والثانية : بلى فتتعلق به الأحكام الأربعة أشبه ما لو تبين وعنه: أنها تصير أم ولد ولا تنقضي به عدة الحرة فعلى ذلك لا بد من شهادة ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي لأنها إذا وضعت نطفة لم تصر أم ولد وكذا إذا ألقت علقة قطع به المجد والمؤلف في الكافي ونص أحمد في رواية يوسف بن موسى أنها تعتق وإن لم تتم أربعة أشهر بعد أن يرى خلقه ويعلم أنه ولد.
"وإن أصابها في ملك غيره بنكاح أو غيره" كشبهة " ثم ملكها حاملا عتق الجنين" لأنه ابنه وقد دخل في ملكه "ولم تصر أم ولد" على المذهب سواء ملكها حاملا فولدت في ملكه أو ملكها بعد ولادتها لأنها لم تعلق في ملكه أشبه لو اشتراها بعد الوضع.
"وعنه: تصير" أم ولد في الحالين لأن لحرمة البعض أثرا في تحرير الجميع بدليل ما لو أعتق بعضها قال أحمد: ما سمعنا فيه أنها لا تصير أم ولد حتى تلد في ملكه وعنه: إن ملكها حاملا صارت أم ولد وقال في ابن حمدان أو وطئها في أثناء حملها أو وسطه لأن الماء يزيد في سمعه وبصره وظاهر المذهب أنها لا تكون أم ولد حتى تحبل منه في ملكه ويحرم بيع الولد ويعتقه نصا.
"وأحكام أم الولد أحكام الأمة في الإجارة والاستخدام والوطء" لأنها مملوكة أشبهت القن لما روى ابن عباس قال من وطئ أمته فولدت له فهي معتقة عن دبر منه أو قال من بعده رواه أحمد وابن ماجه فدل على أنها باقية على الرق فعلى هذا لسيدها كسبها.
"وسائر أمورها" كالتزويج والعتق ونحوه من أحكام الإماء ولا يرد عليه كونها

إلا فيما ينقل الملك في رقبتها كالبيع والهبة والوقوف أو ما يراد له كالرهن وعنه: ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة،
__________
لا ترث بل تعتق بموت سيدها ويحد قاذفها وتستر ستر الحرة على رواية نعم يرد عليه أنه لا يصح تدبيرها لانتفاء فائدته ولهذا لو طرأ الا ستيلاد على التدبير أبطله قال ابن حمدان قلت يصح إن جاز بيعها و قلنا: التدبير عتق بصفة وقد يرد ما أشعر به كلام أحمد في رواية أبي طالب انه لا يطؤها لأنه لا يقدر على بيعها فجعل العلة عدم البيع والمذهب خلاف هذه الرواية أنه يجوز وطؤها.
"إلا فيما ينقل الملك في رقبتها كالبيع" لما روى ابن عمر مرفوعا أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها السيد ما دام حيا فإذا مات فهي حرة رواه الدارقطني ورواه مالك في الموطأ والدارقطني من طريق آخر عن ابن عمر عن عمر من قوله قال المجد" وهو أصح وعن ابن عباس قال" ذكرت أم إبراهيم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أعتقها ولدها" رواه ابن ماجه والدارقطني.
وروى سعيد: حدثنا أبو معاوية عن المغيرة عن الشعبي عن عبيدة قال: خطب علي الناس فقال: شاورني عمر في أمهات الأولاد فرأيت أنا وعمر أن أعتقهن فقضى به عمر حياته وعثمان حياته فلما وليت رأيت فيهن رأيا قال: عبيدة فرأي عمر وعلي في الجماعة أحب إلينا من رأي علي وحده وهذا دليل على الإجماع.
"والهبة والوقف أو ما يراد له" أي: للبيع "كالرهن" لأن ذلك ينافي انعقاد سبب الحرية ويبطله "وعنه: ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة" أخذا من قول أحمد في رواية صالح وسأله إلى أي: شيء تذهب في بيع أمهات الأولاد؟ قال: أكرهه وقال في رواية ابن منصور: لا يعجبني فجعل أبو الخطاب ذلك رواية وهي قول ابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وقاله داود وعن،

ولا عمل عليه ثم إن ولدت من غير سيدها فلولدها حكمها في العتق بموت سيدها سواء عتقت او ماتت قبله.
__________
عطاء بن جابر قال: بعنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا رواه أبو داود وإنما كره ذلك أحمد للاختلاف فيه فقيل لاتعتق بموته.
وهل هذا الخلاف شبهة؟ فيه نزاع والأقوى شبهة قاله الشيخ تقي الدين وإنه ينبني عليه لو وطئ هل يلحقه نسبه أو يرجم المحصن؟ أما التعزير فواجب قال ابن عقيل في الفنون يجوز البيع لأنه قول علي وغيره وأجماع التابعين لا يرفعه وحكاه بعضهم إجماع الصحابة.
"ولا عمل عليه" وليس هذا رواية مخالفة لما نص عليه في رواية الجماعة لأن السلف يطلقون الكراهة على التحريم كثيرا ومتى كان التحريم مصرحا به وجب الحمل عليه وقول جابر ليس بصريح في ذلك وأجاب جماعة بأنه كان مباحا ثم نهى عنه ولم يظهر النهي لمن باع لأن أبا بكر لم تطل مدته وكان مشتغلا بما هو أهم من أمر الدين ثم ظهر ذلك زمن عمر فأظهر المنع اعتمادا على النهي لتعذر النسخ حينئذ وحكى ابن عبد البر والإسفراييني والباجي وابن بطال والبغوي الإجماع على أنه لا يجوز.
"ثم إن ولدت" أم الولد بعد ثبوت حكم الاستيلاد "من غير سيدها" من زوج أو غيره "فلولدها حكمها" أي: في جميع الأحكام إلا أنه لا يجوز للسيد أن يستمتع ببناتها لأنه دخل بأمهن قال أحمد قال ابن عمر وابن عباس وغيرهما ولدها بمنزلتها ولا نعلم في هذا خلافا بين القائلين بثبوت حكم الاستيلاد إلا أن عمر بن عبد العزيز قال: هم عبيد "في العتق بموت سيدها" لأن الولد تبع لأمه في الحرية والرق فتبعها في سبب الحرية "سواء عتقت" الام "أو ماتت قبله" لأن سبب الحرية قد انعقد وهو شبيه بنفس العتق فكما لا يرتفع العتق بعد وقوعه فكذلك لا يرتفع النسب بعد وقوعه وكذلك ولد

وإن مات سيدها وهي حامل منه فهل تستحق النفقة لمدة حملها على روايتين وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها وعنه: عليه فداؤها بارش الجناية كله وإن عادت فجنت فداها أيضا وعنه: يتعلق ذلك بذمتها.
__________
المدبرة بخلاف ولد المكاتبة فإن أعتق أم الولد أو المدبرة لم يعتق ولدها وإن أعتق ولدها لم يعتقا بعتقه وإن أعتق المكاتب عتق ولدها نص عليه.
"وإن مات سيدها وهي حامل منه فهل تستحق النفقة لمدة حملها؟ على روايتين" هذا مبني على الخلاف في نفقة الحامل فإن قلنا: هي للحمل فلا نفقة لها لأن الحمل له نصيب في الميراث فتجب نفقته في نصيبه وإن قلنا: للحامل فلها النفقة جزم به في الوجيز لأنه شغلها بحمله فكان عوض ذلك عليه كما لو استأجر دارا كانت أجرتها عليه وفي الرعاية هل تجب نفقتها في الكل أو في حصة ولدها؟ على روايتين.
"وإذا جنت أم الولد" تعلق أرش جنايتها برقبتها كالقن "فداها سيدها" لأنه امتنع عليه بيعها "بقيمتها أو دونها" أي: بالأقل منهما فإن ماتت قبل فدائها فلا شيء على سيدها وإن نقصت قيمتها قبله أيضا وجب فداؤها بقيمتها يوم الفداء وإن زادت قيمتها زاد فداؤها وإن كسبت بعد جنايتها شيئا فهو لسيدها وكذلك ولدها وإن فداها حال حملها فعليه قيمتها حاملا وإن أتلفها سيدها فعليه قيمتها وإن نقصها فعليه نقصها.
"وعنه: عليه فداؤها بأرش الجناية كله" كالقن في رواية بالغة ما بلغت لمنعه من تسليمها بسبب من جهته والفرق ظاهر لأنه لا يمكنه تسليمها للبيع بخلاف القن "فإن عادت فجنت فداها أيضا" نقله ابن منصور واختاره الأصحاب حتى قال أبو بكر: ولو ألف مرة لأنها أم ولد جانية فلزمه فداؤها كالأول "وعنه: يتعلق ذلك بذمتها" أي: يتبع به بعد العتق قدمه في الترغيب حذارا من إصرار السيد بتكرار الفداء مع منعه من بيعها ولانها جانية فلم يلزم السيد أكثر من قيمتها كما لو لم يكن فداها وعلى هذه

وإن قتلت سيدها عمدا فعليها القصاص فإن عفوا على مال أو كانت الجناية خطأ فعليها قيمة نفسها وتعتق في الموضعين،
__________
قال ابن حمدان: قلت: برجع الثاني على الأول بما يخصه مما أخذه كذا أطلقهما في الأكثر وقيدها القاضي في روايتيه والمؤلف في المغني حاكيا له عن أبي الخطاب بما إذا فداها أولا بقيمتها ويقتضي هذا أنه لو فداها أولا بالأرش لزمه فداؤها ثانيا بما بقي من قيمتها بلا خلاف.
فرع : إذا جنت جنايات قبل الفداء تعلق أرش الجميع برقبتها ولم يكن عليه فيها كلها إلا الأقل من قيمتها أو أرش جميعها ويشترك الجميع في الواجب لهم فإن أبرأ بعضهم من حقه توفر الواجب على الباقين إذا كانت كلها قبل الفداء وإن كان العفو عنها بعد فدائه توفر أرشها على سيدها.
"وإن قتلت سيدها عمدا فعليها القصاص" إن لم يكن له منها ولد وإن كان له منها ولد وهو الوارث وحده فلا قصاص وكذا إن كان معه غيره على الأصح لأنه ورث بعض الدم وحينئذ إذا لم يجب القصاص فعليها قيمة نفسها وقد توقف أحمد في هذه المسالة في رواية مهنا وعنه: يقتلها أولاده من غيرها.
"فإن عفوا على مال أو كانت الجناية خطأ فعليها قيمة نفسها" كذا أطلقه الخرقي والقاضي وأصحابه وهو رواية لأن الجناية وجدت منها وهي مملوكة فوجب عليها قيمة نفسها وقال ابو الخطاب: والمجد وابن حمدان عليها الأقل من قيمتها أو أرش جنايتها ولعل إطلاق الأولى: محمول على الغالب إذ الغالب أن قيمة الأمة لا تزيد على دية الحر وفي الروضة في قتل الخطأ الدية على العاقلة لأن عند آخر جزئيات المقتول عتقت ووجب الضمان.
" وتعتق في الموضعين" لأن المقتضي في عتقها قد زال إذ لا يقال ينبغي أن لا تعتق كالقاتل لا يرث لأنه يلزم نقل الملك فيها وإنه يمتنع وفيه نظر لأن الاستيلاد كما هو سبب للعتق بعد الموت كذلك النسب سبب للازمه فكما.

ولا حد على قاذفها وعنه: عليه الحد.
فصل
وإذا أسلمت أم ولد الكافر أو مدبرته منع من غشيانها وحيل بينه وبينها وأجبر على نفقتها إن لم يكن لها كسب فإن أسلم حلت له وإن مات قبل أدائها عتقت،
__________
جاز تخلف الإرث مع قيام السبب بالنص فكذلك ينبغي أن يتخلف العتق مع قيام سببه لأنه مثله قال السامري إذا قتلت أم الولد سيدها عتقت قولا واحدا بخلاف المدبرة في أحد الوجهين "ولا حد على قاذفها" على المذهب كالمدبرة لأن الحد يحتاط لإسقاطه ويدرأ بالشبهة "وعنه: عليه الحد" نقلها أبو طالب قال: إذا كان لها ابن واحتج بحديث ابن عمر ولأن لها يعني منع بيعها وإرثها أشبهت الحرة وأكثر الأصحاب كالمؤلف أطلقوا هذه الرواية وظاهرها التقييد فيكون المذهب عدم حده رواية واحدة ولعل الخلاف بما إذا كان لها ابن حر لأنها لا تصير أم ولد إلا بذلك وينبغي إجراء الخلاف بما إذا كان لها زوج حر ونظيره لو قذف أمة أو ذمية لها ابن أو زوج مسلمان فهل يحد على روايتين ذكرهما المجد وغيره.
فصل
"وإذا أسلمت أم ولد الكافر" وظاهره: ولو كان حربيا لأنه يصح عتقهم "أو مدبرته منع من غشيانها" حذارا من أن يطأ مشرك مسلمة لقوله تعالى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الآية وظاهره: إن ملكه يقر عليها وهو المختار لأن عتقها مجانا فيه إضرار بالسيد وبالسعاية فيه إضرار بها لإلزامها الكسب بغير رضاها وهو منفي شرعا.
"وحيل بينه وبينها" لئلا يتلذذ بها ولا يخلو بها لأن ذلك يفضي إلى الوطء المحرم "وأجبر على نفقتها إن لم يكن لها كسب" لأنه مالك لها "فإن أسلم حلت له" لما ذكرنا "وإن مات قبل أدائها عتقت" نصره في الشرح وغيره وتسلم إلى

وعنه: أنها تستسعي في حياته وتعتق وإذا وطئ أحد الشريكين الجارية فإن أولدها صارت أم ولد له وولده حر.
__________
امرأة ثقة تكون عندها وتقوم بأمرها وإن احتاجت إلى أجر أو أجرة مسكن فعلى سيدها وذكر القاضي أن نفقتها في كسبها والفاضل منه لسيدها وإن عجز كسبها عن نفقتها فهل يلزم السيد نفقتها على روايتين قال المؤلف والصحيح أن نفقتها على سيدها وكسبها له ونقل مهنا أنها تعتق بمجرد الإسلام لأنه لا سبيل إلى بيعها ولا إقرار ملكه عليها قال الزركشي: ولا أعلم له سلفا في ذلك على أن أبا بكر لم يثبت الثاني أيضا فقال أظن أن أبا عبد الله أطلق ذلك لمهنا على سبيل المناظرة.
"وعنه: أنها تستسعى في حياته وتعتق" نقلها مهنا قاله القاضي لأن بيعها وعتقها مجانا منفيان وكذلك إقرار الملك عليها لما فيه من إقرار الكافر على المسلم فسلك بها طريقه وهو الاستسعاء.
"وإذا وطئ أحد الشريكين الجارية" حرم بغير خلاف نعلمه وأدب قال الشيخ تقي الدين وقدح في عدالته ولا حد عليه في قول أكثرهم فإن لم تحمل منه فهي باقية على ملكهما وعليه نصف مهر مثلها لشريكه طالما طاوعته أولاً. ونقل حرب إن كاتب بكرا فقد نقص منها فعليه العقر والثيب لم تنقص وفيه اختلاف.
"فإن أولدها صارت ام ولد له" أي: إذا وضعت ما يتبين فيه بعض خلق الإنسان كما لو كانت خالصة له ويخرج بذلك من ملك الشريك موسرا كان الواطئ أو معسرا لأن الإيلاد أقوى من الإعتاق بدليل نفوذه من رأس مال المريض والمجنون "وولده حر" يلحق نسبه بوالده لأنه وطء في محل له فيه ملك أشبه ما لو وطئها في الإحرام و قال القاضي: وأبو الخطاب يحتمل أن يكون الولد حرا ويحتمل أن يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا كأمه وكولد المعتق بعضها وبهذا تبين أنه لم يستحل انعقاد الولد من حر وقن.

وعليه قيمة نصيب شريكه وإن كان معسرا كان في ذمته فإن وطئها الثاني بعد ذلك فأولدها فعليه مهرها فإن كان عالما فولده رقيق وإن جهل إيلاد شريكه أو أنها صارت أم ولد له فولده حر وعليه فداؤه يوم الولادة ذكره الخرقي وعند القاضي وأبي الخطاب إن كان الأول معسرا لم يسر استيلاده وتصير أم ولد لهما يعتق نصفها بموت أحدهما وإن أعتق أحدهما نصيبه بعد ذلك وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه على وجهين.
__________
"وعليه قيمة نصيب شريكه" لأنه أتلفه عليه بدفعه إليه إن كان موسرا "وإن كان معسرا كان في ذمته" كما لو أتلفها وعنه: ونصف مهرها وعنه: ونصف قيمة الولد.
" فإن وطئها الثاني بعد ذلك فأولدها فعليه مهرها" لأنه وطئ أمة غيره لأن نصفه انتقل إلى الواطئ الأول بالاستيلاد "فإن كان عالما فولده رقيق" كوطء الأمة الأجنبية لأن الوطء حرام والولد تبع لأمه.
"وإن جهل إيلاد شريكه أو أنها صارت أم ولد له فولده حر" لأنه من وطء شبهة "وعليه فداؤه يوم الولادة ذكره الخرقي" لأنه فوت رقه على مالك أمه وقبل الولادة لا يمكن تقويمه وإلا فهم رقيق وظاهره: لا فرق بين أن يكون موسرا أو معسرا.
"وعند القاضي وأبي الخطاب: إن كان الأول معسرا لم يسر استيلاده" كالعتق ولما فيه من الضرر اللاحق بالمالك ولأنه لو أعتق نصفه من العبد المشترك لم يسر مع الإعسار فكذلك الاستيلاد "وتصير أم ولد لهما يعتق نصفها بموت أحدهما" لأن ذلك نصيبه وقد ثبت له حكم الاستيلاد ويكمل عتقها بموت الآخر ولم يذكره المؤلف لظهوره "وإن أعتق أحدهما نصيبة بعد ذلك وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه؟ على وجهين" أحدهما: لا يسري عتقه لأنه يبطل حق صاحبه الذي انعقد سببه بالاستيلاد والثاني: يقوم عليه لحديث ابن عمر وهو أولى وأصح كما لو أعتق أحد الشريكين


__________
نصيبه من الأمة القن ولأن الاستيلاد أقوى من الإعتاق وظاهره: ولو قل ملكه منها.
خاتمة
إذا وطئ حرا ووالده أمة لأهل الغنيمة وهو منهم أو لمكاتبه فالمهر فإن أحبلها فأم ولده وولده حر وتلزمه قيمتها وعنه: ومهرها وعنه: قيمة الولد وكذا الأب يولد جارية ابنه وذكر جماعة هنا لا يثبت له في ذمته شيء وهو ظاهر كلامه وتقدم حكم التعزير والحد فإن كان الابن وطئها لم تصر أم ولد في المنصوص ويحد في الأصح بوطء أمة أبيه وأمه عالماً تحريمه ولايلحقه الولد نقله حنبل وغيره ونقل الميموني خلافه فإن وطىء أمته وهي مزوجة عزر ولم يحد فإن أولدها صارت أم ولد وولده حر ولا يلحقه النسب خلافا للقاضي فإن كانت حاملا من غيره حرم بيع الولد ويعتقه ونقل الأثرم يعتق عليه وجزم به في الروضة قال الشيخ تقي الدين: ويستحب وفي وجوبه خلاف.
ونقل ابن منصور: إذا تزوج بكرا فدخل بها فإذا هي حبلى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لها الصداق بما استحللت منها والولد عبد لك فإذا ولدت فاجلدوها ولها الصداق ولا حد لعلها استكرهت" رواه أبوداود بمعناه من طرق قال الخطابي: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به وهو مرسل وفي الهدي قيل: لما كان ولد زنى وقد غرته من نفسها وغرم صداقها أخدمه ولدها وجعله له كالعبد ويحتمل أنه أرقه عقوبة لأمه على زناها وغرورها ويكون خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه منسوخ وقيل: كان في أول الإسلام يسترق الحر في الدين. والله أعلم.
انتهي بحمد الله المجلد السادسويليه بعون الله تعالى المجلد السابع

المجلد السابع
كتاب النكاح

كتاب النكاح

كتاب النكاح
ـــــــ
كتاب النكاح
النكاح في كلام العرب الوطء قاله الأزهري وسمي التزويج نكاحا لأنه سبب الوطء وقال أبو عمرو غلام ثعلب الذي حصلناه عن ثعلب عن الكوفيين وعن المبرد عن البصريين أنه الجمع قال الشاعر:
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يجتمعان
وقال الجوهري هو الوطء وقد يكون العقد وعن الزجاجي أنه بمعناهما جميعا وقال ابن جني عن شيخه أبي علي الفارسي فرقت العرب فرقا لطيفا فإذا قالوا نكح فلانة أرادوا تزويجها وإذا قالوا نكح امرأته أرادوا مجامعتها
وفي الشرع هو عقد التزويج فعند إطلاق لفظه ينصرف إليه ما لم يصرفه دليل وهو حقيقة في العقد جزم به أكثر الأصحاب لأنه الأشهر في الكتاب والسنة ولهذا قيل ليس في القرآن العظيم لفظ النكاح بمعنى الوطء إلا قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: من الآية230] ولصحة نفيه عن الوطء وهو دليل المجاز ولقول العرب أنكحنا الفرا فسترى
أي اضربنا فحل حمر الوحش آتنه فسترى ما يتولد بينهما فضرب مثلا للأمر يجتمعون عليه ثم يتفرقون عنه
وقال القاضي في العدة وأبو الخطاب وأبو يعلى الصغير هو حقيقة في الوطء لما تقدم عن ثعلب والأصل عدم النقل قال أبو الخطاب وتحريم من عقد عليها الأب استنفدناه بالإجماع والأشهر أنه مشترك قاله في الوسيلة و "الفروع" وقيل حقيقة فيهما اختاره جماعة ثم قال المؤلف والصحيح ما قلنا لأن الأشهر استعمال لفظة النكاح بإزاء العقد في الكتاب والسنة ولسان أهل العرب والاشتراك خلاف الأصل ولو قدم كونه مجازا في العقد لكان

النكاح سنة والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور بتركه فيجب عليه.
ـــــــ
اسما عرفيا يجب صرف اللفظ إليه ثم الإطلاق ونص القاضي انه حقيقة فيهما لقولنا بتحريم موطوءة الأب من غير تزويج لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: من الآية22] وذلك لورودهما في الكتاب والسنة والمعقود عليه المنفعة كالإجارة وهو مشروع بالإجماع وسنده قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: من الآية3] {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [النور: من الآية32] وقوله عليه السلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه وغير ذلك من الأدلة.
"النكاح سنة" وهو من له شهوة ولا يخاف الزنى لأن فعله راجح على تركه لأنه عليه السلام علقه بالاستطاعة والواجب لا يعلق عليها.
"والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة" كصوم وصلاة ونحوهما، "إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور" أي الزنى "بتركه فيجب عليه" في قول عامة الفقهاء.
ويقدم على حج واجب نص عليه قال ابن هبيرة اتفقوا على أن من تاقت نفسه إليه وخاف العنت فإنه يتأكد في حقه ويكون أفضل له من الحج والجهاد والصلاة والصوم المتطوع بها وزاد أحمد فبلغ به إلى الوجوب مع الشرطين وهما أن تتوق نفسه ويخاف العنت وعنه: أنه واجب على الإطلاق رواية واحدة وعنه: انه واجب على الإطلاق اختاره أبو بكر وأبو حفص لظاهر النصوص ومرادهم إذا كان ذا شهوة.
الثالث: من له شهوة ولم تتق نفسه إليه فيستحب له التزويج وهو أفضل من نوافل الطاعات قال أحمد من دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك الإسلام وليست العزبة من أمر الإسلام في شيء.

وعنه أنه واجب على الإطلاق ويستحب تخير ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية.
ـــــــ
الرابع: من لا شهوة له وهو من لم تتق نفسه إليه خلقة أو لكبر ونحوه فمباح له في الأشهر لأنه لا يحصل فيه مصلحة النكاح ويلزم نفسه واجبات وحقوقا لعله يعجز عنها وعنه: يستحب قال السامري اختارها القاضي لدخوله في عموم الأخبار وقيل يكره وحكي عنه يلزم وهو وجه في "الترغيب" والمنصوص حتى لفقير وجزم في النظم لا يتزوج فقير إلا لضرورة وكذا قيدها ابن رزين بالموسر ونقل صالح يقترض ويتزوج قال الشيخ تقي الدين فيه نزاع في مذهب أحمد وغيره وذكر أبو الفتح بن المني أن النكاح فرض كفاية والاشتغال به أولى كالجهاد وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان تركناه للحرج والمشقة ومع أنه ليس بعبادة لأنه يتلقى من الشارع وإنما صح من الكافر لما فيه من عمارة الدنيا كعمارة المساجد وفي "الواضح" إذا قلنا بوجوبه هل يجب الوطء فيه وجهان والأشهر لا يكتفي بمرة وفي المذهب وغيره بلى لرجل وامرأة نقل ابن الحكم المتبتل الذي لم يتزوج قط قال أبو الحسين وفي الاكتفاء بتسر وجهان أصحهما أنه يجزئ عنه ولا يلزم نكاح أمة وقال القاضي وجمع يباح والصبر عنه أولى وأوجبه أبو يعلى الصغير والمخالف استحبه فلهذا جوابه عن الآية مالم يقل به صار كالمسكوت عنه.
فرع: له النكاح بدار حرب ضرورة وبدونها وجهان وكرهه أحمد وقال لا يتزوج ولا يتسرى إلا أن يخاف على نفسه وقال لا يطلب الولد ويجب عزله إن حرم نكاحه بلا ضرورة وإلا استحب ذكره في الفصول.
"ويستحب تخير ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية" لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه ودليل الأوصاف قوله عليه السلام: " تزوجوا الولود فإني مكاثر بكم يوم القيامة" رواه النسائي وقوله عليه السلام: "عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى

ويجوز لمن أراد خطبة امرأة النظر إلى وجهها من غير خلوة بها.
ـــــــ
باليسير" رواه أحمد وقوله عليه السلام: "تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء" رواه ابن ماجه ولأن ولد الحسيبة ربما أشبه أهلها ونزع إليهم ويقال إذا أردت أن تتزوج امرأة فانظر إلى نسبها أي حسبها وأما الأجنبية فلأن ولدها أنجب ولهذا يقال اغتربوا أي انكحوا الغرائب ولأنه لا يؤمن العداوة في النكاح وإفضاؤها إلى الطلاق فيؤدي إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها ويقال الغرائب أنجب وبنات العم أصبر.
ويختار الجميلة للأثر ولأنه أسكن لنفسه وذات العقل ويجتنب الحمقاء وأن يكون لها لحم وشعر حسن وكان يقال النساء لعب وقال ابن الجوزي يتخير ما يليق بمقصده ولا يحتاج أن يذكر له ما يصلح للمحبة من بيت معروف بالدين والقناعة وقال السامري والمجد ولا يزيد على واحدة وقيل عكسه وهو ظاهر نصه فإنه قال يقترض ويتزوج ليت إذا تزوج ثنتين يثلث.
مهمات: أحسن ما تكون الزوجة بنت أربع عشرة سنة إلى العشرين ويتم نسوها إلى الثلاثين ثم تقف إلى الأربعين وأحسنهن التركيات وأصلحهن الجلب التي لم تعرف أحدا وليعزل عن المملوكة إلى أن يتيقن جودة دينها وقوة ميلها إليه وإياك والاستكثار منهن فإنهن يشتتن الشمل ويكثرن الهم ومن التغفيل أن يتزوج الشيخ صبية وأصلح ما يفعله الرجل أن يمنع المرأة من المخالطة للنساء فإنهن يفسدنها عليه ولا يدخل بيته مراهق ولا يأذن لها في الخروج.
"ويجوز" وجزم جماعة بالاستحباب "لمن أراد خطبة امرأة النظر إلى وجهها" فقط، قدمه "المستوعب" و "الرعاية" لأنه مجمع المحاسن ويكرر النظر إليها ويتأمل محاسنها مطلقا إذا غلب على ظنه إجابته لا نظر تلذذ وشهوة ولا لريبة ولا خلاف في إباحة النظر إلى الوجه لأنه ليس بعورة "من غير خلوة بها" لما روى ابن عباس مرفوعا قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه ولفظه العالمين ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور لقوله عليه السلام:

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24