كتاب : المبدع شرح المقنع
المؤلف : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين

وعنه له النظر إلى ما يظهر غالبا كالرقبة واليدين والقدمين وله النظر إلى ذلك وإلى الرأس والساقين من الأمة المستامة ومن ذوات محارمه وعنه: لا ينظر من ذوات محارمه إلا الوجه والكفين.
ـــــــ
"لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" رواه أحمد وعنه: له النظر إلى ما يظهر غالبا كالرقبة واليدين والقدمين قدمه في "المحرر" و "الفروع" لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" رواه أحمد وأبو داود من رواية ابن إسحاق قال أحمد لا بأس أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها من يد أو جسم أو نحو ذلك لأنه عليه السلام لما أذن في النظر إليها من غير علمها علم أنه أذن في النظر إلى ما يظهر غالبا إذ لا يمكن إفراد مع مشاركة غيره له في الظهور وقيل ورأس وساق وعنه: وكف وقال أبو بكر لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة.
"وله النظر إلى ذلك وإلى الرأس والساقين من الأمة المستامة" لأن الحاجة داعية إلى ذلك ولأن رؤية ما ذكر يحصل المقصود به لأنها تراد للاستمتاع وغيره من التجارة وحسنها يزيد في ثمنها وعنه: سوى عورة الصلاة وقيل كمخطوبة نقل حنبل لا بأس أن يقلبها اذا اراد شراء من فوق الثوب لأنه لاحرمة لها قال القاضي أجاز تقليب الصدر والظهر بمعنى لمسه من فوق الثياب وظاهره أن الأمة إذا لم تكن مستامة أنه لا يجوز النظر إليها وهو وجه.
"و" له النظر إلى ذلك "من ذوات محارمه" أي الصحيح إباحة النظر إلى ما يظهر غالبا منهن للحاجة ولأن امرأة أبي حذيفة قالت إن سالما يراني "وعنه: لا ينظر من ذوات محارمه إلا إلى الوجه والكفين" لقول ابن عباس في قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: من الآية31] يعني وجهها وكفيها مع الاختلاف في العورة وذوات المحارم من حرم نكاحها على التأبيد بنسب أو رضاع أو تحريم مصاهرة فأما أم المزني وابنتها فلا يحل له النظر وإن حرم

وللعبد النظر إليهما من مولاته ولغير أولي الإربة من الرجال كالكبير والعنين ونحوهما النظر إلى ذلك وعنه: لا يباح وللشاهد والمبتاع النظر إلى وجه المشهود عليها ومن تعامله.
ـــــــ
نكاحهن كالمحرمة باللعان وكذا بنت الموطوءة بشبهة وأمها فإنها ليست من ذوات محارمه.
فرع: ظاهر كلامهم لا ينظر عبد مشترك ولا ينظر الرجل مشتركة لعموم النظر إلا من عبده وأمته ونصه انه يحرم نظر خصي ومجبوب إلى أجنبية.
"وللعبد النظر إليهما" أي إلى الوجه والكفين "من مولاته" لقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: من الآية6] ولما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد وهبه لها قال وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك" رواه أبو داود.
وكره أحمد النظر إلى شعرها رواه أبو بكر عن جابر وأباحه ابن عباس ورجحه في "المغني" وجعله من ذوات المحارم وذكر السامري في النظر إلى الوجه والكفين للحاجة.
ولا يخلو بها لأنه ليس بمحرم لها على الأصح "ولغير أولي الإربة من الرجال كالكبير والعنيين ونحوهما النظر إلى ذلك" أي إلى الوجه والكفين لقوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ} [النور: من الآية31] أي غير أولي الحاجة وعن مجاهد وقتادة هو الذي لا أرب له في النساء وعن ابن عباس نحوه "وعنه لا يباح" كالذي له أرب.
"وللشاهد والمبتاع النظر إلى وجه المشهود عليها" لتكون الشهادة على عينها "ومن تعامله" ليعرفها بعينها فيرجع عليها بالدرك ونصه وكفيها مع الحاجة وفي مختصر ابن رزين ينظران إلى ما يظهر غالبا ونقل حرب وغيره ينظر البائع إلى وجهها وكفيها إن كانت عجوزا وإن كانت شابة تشتهى أكره ذلك.

وللطبيب النظر إلى ما تدعو الحاجة إلى نظره وللصبي المميز غير ذي الشهوة النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة فإن كان ذا شهوة فهو كذي المحرم وعنه: كالأجنبي وللمرأة مع المرأة والرجل مع الرجل النظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة.
ـــــــ
"وللطبيب النظر إلى ما تدعو الحاجة إلى نظره" ولمسه حتى داخل الفرج لأنه عليه السلام لما حكم سعدا في بني قريضة فكان يكشف عن مؤتزرهم لأنه موضع حاجة وظاهره ولو كان ذميا وفي "الفروع" يجوز أن يستطب ذميا إذا لم يجد غيره ولم يجوزه صاحب النظم في وجه وكره أحمد أخذ الدواء من كافر لا يعرف مفرداته قال القاضي لأنه لا يؤمن أن يخلطوه سما أو نجسا وإنما يرجع إليه في دواء مباح وعنه: أن الكافرة مع المسلمة كالأجنبي وكرهه في "الرعاية" وأن يستطبه بلا ضرورة.
خاتمة: من يلي خدمة مريض ومريضة في استنجاء ووضوء وغيرها كطبيب نص عليه وكذا حالق لمن لا يحسن حلق عانته نصا.
"وللصبي المميز غير ذي الشهوة النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة" لأنه لا شهوة له أشبه الطفل ولأن المحرم للرؤية في حق البالغ كونه محلا للشهوة وهو معدوم هنا وقال في "الشرح" الطفل غير المميز لا يجب الاستتار منه في شيء.
"فإن كان ذا شهوة فهو كذي المحرم" على المذهب لأن الله تعالى فرق بين البالغ وغيره بقوله: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: من الآية59] ولو لم يكن له النظر لما كان بينهما فرق وعنه: كالأجنبي لأنه في معنى البالغ في الشهوة ومثله بنت تسع وذكر أبو بكر قول أحمد رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغت الحيض فلا تكشف إلا وجهها" ونقل جعفر في الرجل عنده الأرملة واليتيمة لا ينظر وأنه لا بأس بنظر الوجه بلا شهوة.
"وللمرأة مع المرأة والرجل مع الرجل النظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة" ولو أمرد ينظر غير العورة لأن النساء الكوافر كن يدخلن على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن يحتجبن ولا أمرن بحجاب لأن الحجب بين الرجال والنساء لا يوجد بين

وعنه: أن الكافرة مع المسلمة كالأجنبي ويباح للمرأة النظر من الرجل إلى غير العورة وعنه: لا يباح.
ـــــــ
المسلمة والذمية ولأن تخصيص العورة بالنهي دليل على إباحة النظر إلى غيرها.
"وعنه أن الكافرة مع المسلمة كالأجنبي" لقوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: من الآية31] ينصرف إلى المسلمات فلو جاز للكافرة النظر لم يبق للتخصيص فائدة وعنه: منعها من مسلمة مما لا يظهر غالبا وعلى ذلك يقبلها لضرورة.
"ويباح للمرأة النظر من الرجل إلى غير العورة" نصره في "الشرح" وغيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: "اعتدي في بيت أم مكتوم" ولحديث عائشة أنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يسترها بردائه متفق عليهما ولأنه لو منعن النظر لوجب على الرجال الحجاب لئلا ينظرن إليهم كما تؤمر النساء به "وعنه: لا يباح" لها النظر إلا إلى مثل ما ينظر إليه منها قدمه السامري وابن حمدان واختاره أبو بكر لحديث نبهان عن أم سلمة مرفوعا قال أفعمياوان أنتما لا تبصرانه رواه أبو داود والترمذي وصححه لكن قال أحمد هو ضعيف وقال ابن عبد البر نبهان مجهول وحديث فاطمة أصح والحجة به لازمة ولأن المعنى المحرم على الرجال خوف الفتنة وهو في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلا وقيل تنظر ما يظهر غالبا وقيل لا وقت مهنة أو غفلة.
تنبيه: نقل الأثرم يحرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونقل في "الفنون" عن أبي بكر أنه قال لا تختلف الرواية أنه لا يجوز لهن وقال في الروايتين يجوز لهن رواية واحدة لأنهن في حكم الأمهات في الحرمة والتحريم فجاز مفارقتهن بقية النساء في هذا وقال بعض الفقهاء فرض الحجاب يختص بهن فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين لا يجوز كشفها لشهادة ولا غيرها ولا يجوز إظهار شخوصهن ولو مستترات إلا لضرورة البراز وجوز جماعة وذكره الشيخ تقي الدين رواية نظر رجل من حرة ما ليس بعورة والمذهب لا ويجوز غير عورة صلاة من أمة ومن لا تشتهى وفي تحريم تكرار نظر وجه مستحسن وجهان.

ويجوز النظر إلى الغلام لغير شهوة ولا يجوز النظر إلى أحد ممن ذكرنا لشهوة ولكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن الآخر ولمسه.
ـــــــ
"ويجوز النظر إلى الغلام لغير شهوة" لأنه ذكر أشبه الملتحي وظاهره أنه يحرم لشهوة فإن خاف ثورانها فوجهان وهما في كراهته إلى أمرد ذكره في "الترغيب" "ولا يجوز النظر إلى أحد ممن ذكرنا لشهوة" لما فيه من الفتنة ومعنى الشهوة أن يتلذذ بالنظر إليه ومن استحله كفر إجماعا ونصه وخوفها اختاره الشيخ تقي الدين وحرم ابن عقيل وهو ظاهر كلام غيره النظر مع شهوة تخنيث وسحاق ودابة يشتهيها ولا يعف عنها.
مسائل: صوت الأجنبية ليس عورة على الأصح ويحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة واللمس قيل كالنظر وقيل أولى.
وإذا شبه خنثى بذكر أو أنثى فله حكمه وإلا فهو مع رجل كامرأة ومع امرأة كرجل وتحرم الخلوة لغير محرم في الكل مطلقا ولو بحيوان يشتهي المرأة أو تشتهيه كالقرد ذكره ابن عقيل وغيره قال الشيخ تقي الدين الخلوة بأمرد حسن ومضاجعته كامرأة ولو لمصلحة تأديب وتعليم.
"ولكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن الآخر ولمسه" بلا كراهة حتى فرجها لحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك" قال السامري: حتى الفرج إلا في حال الطمث فإنه يكره النظر فيه واعتبر ابن عقيل فيه الشهوة عادة.
سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن مس الرجل فرج زوجته وعكسه فقال لا بأس أرجو أن يعظم أجرهما نقل الأثرم في الرجل يضع الصغيرة في حجره ويقبلها إن لم يجد شهوة فلا بأس "وكذلك السيد مع أمته" لأنها في معنى الزوجة فتدخل في عموم الخبر وفيه نظر فإنه يدخل فيه أمته المزوجة المجوسية ونحوهما وجعل بعضهم سريته بدل أمته لأنه يخرجها إذا لم تكن سرية فإن

وكذلك السيد مع أمته.
فصل
ولا يجوز التصريح بخطبة المعتدة ولا التعريض بخطبة الرجعية ويجوز في عدة الوفاة والبائن بطلاق ثلاث.
ـــــــ
له النظر إليها ولمسها وقال ابن المنجا وجعل بعضهم أمته المباحة له وهو أجودها لسلامته عما ذكر فإن زوجها نظر غير عورة وفي "الترغيب" كمحرم ونقل حنبل كأمة غيره وفي "الترغيب" يكره نظر عورته وفي "المستوعب" وغيره ويستحب أن لا يستديمه.
مسألة: يحرم نظر الرجل إلى الأجنبية من غير سبب وقال القاضي له النظر إلى الوجه والكفين فقط مع الكراهة إذا أمن الفتنة ونظر بغير شهوة والأول ظاهر كلام أحمد ونصره في "الشرح" قال ابن أبي موسى لا حرج في النظر إلى وجه العجوز والبرزة الهمة وفي معنى ذلك الشوهاء التي لا تشتهى وهو معنى كلام ابن حمدان وزاد يباح نظر ما ليس بعورة منها ومضاجعتها والسلام عليها.
فصل
"ولا يجوز التصريح" وهو مالا يحتمل إلا النكاح "بخطبة المعتدة" بالإجماع، وسنده قوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: من الآية235] ولأنه لا يؤمن أن يحملها الحرص على النكاح الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها والتعريض بخلافه.
"ولا" يجوز "التعريض بخطبة الرجعية" لأنها في حكم الزوجات "ويجوز" التعريض "في عدة الوفاة والبائن بطلاق ثلاث" أو فسخ لتحريمها على زوجها كالفسخ بالرضاع أو اللعان للآية الكريمة ولحديث فاطمة بنت قيس فأما البائن بغير الثلاث كالمختلعة والبائن بفسخ لعيب أو إعسار ونحوه فلزوجها التصريح بخطبتها والتعريض لأنه مباح له نكاحها في عدتها.

وهل يجوز في عدة البائن بغير الثلاث على وجهين والتعريض نحو قوله: "إني في مثلك لراغب" و "لا تفوتيني بنفسك" وتجيبه ما يرغب عنك وإن قضي شيء كان ونحوه ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه إن أجيب،
ـــــــ
"وهل يجوز في عدة البائن بغير الثلاث على وجهين" أحدهما يجوز لعموم الآية وكالمطلقة ثلاثا والثاني لا وجزم به في "الوجيز" لأن الزوج يملك أن يستبيحها أشبهت الرجعية وهي في الجواب كهو فيما يحل ويحرم فإن صرح بالخطبة أو عرض في موضع يحرم ثم تزوجها بعد حلها صح النكاح في قول الجمهور "والتعريض نحو قوله: "إني في مثلك لراغب" و "لا تفوتيني بنفسك" لحديث فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما طلقها زوجها ثلاثا: "فإذا حللت فآذنيني" وفي لفظ: "لا تسبقيني بنفسك" "وتجيبه: ما يرغب عنك وإن قضى شيء كان ونحوه" لأن ذلك كاف في الغرض وشبيه بالتعريض.
"ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه" الخطبة بالكسر خطبة الرجل المرأة وبالضم حمد الله تعالى ولو ذميا في ذمية "إن أجيب" تصريحا لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" متفق عليه ولأن فيه ايقاع العداوة بين الناس وقال أبو حفص العكبري هي مكروه كأنه ذهب إلى قول أحمد في رواية صالح أكرهه ورد بأن ظاهر النهي التحريم ولذلك حمله عليه القاضي لتصريحه به في رواية ابن مشيش فإن ارتكب النهي صح العقد على الأصح كالخطبة في العدة وقياس قول أبي بكر لا يصح كالبيع ورد بأن المحرم لم يقارن العقد فلم يؤثر في صحته وكذا الأشهر لو أجيب تعريضا إن علم لعموم النهي.
والثانية يجوز لحديث فاطمة قال في "الشرح" ولا حجة فيه "فإن رد حل" لما روت فاطمة بنت قيس أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن معاوية وأبا جهم خطباها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه انكحي أسامة بن زيد" متفق عليه.

فإن رد حل فإن لم تعلم الحال فعلى وجهين والتعويل في الرد والإجابة إن لم تكن مجبرة وإن كانت مجبرة فعلى الولي ويستحب عقد النكاح مساء يوم الجمعة،
ـــــــ
"فإن لم تعلم الحال" هل أجيب أم لا "فعلى وجهين" أحدهما لا يجوز لعموم النهي والثاني بلى وهو ظاهر نقل الميموني وجزم به في "الوجيز" لأن الأصل عدم الإجابة ومثله لو ترك الخطبة أو أذن له أو سكت عنه وظاهره أنه لو كان الأول ذميا لم تحرم الخطبة على خطبته نص عليه كما لا ينصحه وقال ابن عبد البر هو حرام أيضا لأنه خرج مخرج الغالب ورد بأن لفظ النهي خاص بالمسلم وإلحاق غيره به إنما يصح إذا كان مثله وليس الذمي كالمسلم ولا حرمته كحرمته وظاهر كلامهم يقتضي جواز خطبة المرأة على خطبة أختها وصرح في الاختيارات بالمنع ولعل العلة تساعده.
"والتعويل في الرد والإجابة" عليها "إن لم تكن مجبرة" أحق بنفسها من وليها ولو أجاب الولي ورغبت هي عن النكاح كان الأمر أمرها "وإن كانت مجبرة فعلى الولي" لأنه يملك تزويجها بغير اختيارها فكان العبرة به لا بها وفي "المغني" إذا كرهت المجبرة المجاب واختارت غيره سقط حكم إجابة وليها لأن اختيارها مقدم على اختياره وإن كرهته ولم تختر سواه فينبغي أن تسقط الإجابة أيضا قال ابن الجوزي في قول عمر فلقيت عثمان فعرضت عليه حفصة يدل على أن السعي من الأب للأيم في التزويج واختيار الأكفاء غير مكروه بل هو مستحب.
"ويستحب عقد النكاح مساء يوم الجمعة" لما روى أبو هريرة مرفوعا قال امسوا بالأملاك فإنه أعظم للبركة رواه أبو حفص ولأنه أقرب إلى مقصوده وأقل لانتظاره وقد استحب جماعة من السلف هذا اليوم لأنه شريف ويوم عيد وفيه خلق آدم لقوله عليه السلام: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة" وفي "الغنية"الخميس والجمعة والمساء به أولى

وأن يخطب قبل العقد بخطبة ابن مسعود وأن يقال للمتزوج بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في خير وعافية وإذا زفت إليه قال اللهم إني اسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه.
ـــــــ
"وأن يخطب قبل العقد بخطبة ابن مسعود" قال: "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الحاجة وهو أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويقرأ ثلاث آيات {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}" الآيات رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وظاهره خطبة واحدة وليست واجبة خلافا لداود وإن أخرت عنه جاز وإنه يستحب أن يضيف إليها {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: من الآية32] الآية وقبلها إن الله تعالى أمر بالنكاح ونهى عن السفاح وكان أحمد إذا لم يسمع الخطبة انصرف.
"وأن يقال للمتزوج بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في خير وعافية" لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ إنسانا تزوج قال: "بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وإذا زفت إليه أي أهديت إليه قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها" أي خلقتها وطبعتها "عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ولفظه له عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا ولفظه قال: "إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادما أو دابة فيأخذ بناصيتها وليقل" إلى آخره.

باب أركان النكاح وشروطه
فأركانه الإيجاب والقبول ولا ينعقد الإيجاب إلا بلفظ النكاح والتزويج بالعربية لمن يحسنهما أو بمعناهما الخاص بكل لسان لمن لا يحسنهما فإن قدر على تعلمهما بالعربية لم يلزمه في أحد الوجهين.
ـــــــ
باب أركان النكاح وشروطهأركان الشيء أجزاءه ماهيته فالماهية لا توجد بدون جزئها فكذا الشيء لا يتم بدون ركنه طاعة ما ينتفي المشروط بانتفائه وليس جزءا للماهية "فأركانه الإيجاب والقبول" لأن ما هية النكاح مركبة منهما ومتوقفة عليهما.
"ولا ينعقد الإيجاب إلا بلفظ النكاح والتزويج" إجماعا لورودهما في نص القرآن في قوله تعالى: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: من الآية37] {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: من الآية22] ولا ينعقد بغيرهما إذ العادل عنهما مع معرفته لهما عادل عن اللفظ الذي ورد القرآن بهما مع القدرة فإن قلت قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة فقال: "ملكتك بما معك من القرآن" رواه البخاري قلت ورد فيه زوجتكها وزوجناكها وأنكحتها من طرق صحيحة فإما أن يكون قد جمع بين الألفاظ ويحمل على أن الرواي روى بالمعنى ظنا منه أنهما بمعنى واحد أو يكون خاصا به وعلى كل تقدير لا يبقى حجة وكذا ينعقد بقوله لأمته: أعتقتها وجعلت عتقها صداقها "بالعربية لمن يحسنهما أو بمعناهما الخاص بكل لسان لمن لا يحسنهما" لأن ذلك في لغته نظير الإنكاح والتزويج في العربية "فإن قدر على تعلمهما بالعربية لم يلزمه" التعلم "في أحد الوجهين" اختاره المؤلف ونصره في "الشرح" وجزم به في "التبصرة" و "الوجيز" لأن النكاح عقد معاوضة فصح بغير العربية كعاجز والثاني وقدمه السامري وابن حمدان أن يلزمه كالتكبير.

والقبول قبلت هذا النكاح أو ما يقوم مقامه في حق من لا يحسن فإن اقتصر على قول قبلت أو قال الخاطب للولي أزوجت قال نعم وللمتزوج أقبلت قال نعم صح ذكره الخرقي ويحتمل ألا يصح وإن تقدم القبول الإيجاب لم يصح.
ـــــــ
"والقبول" من الزوج أو وكيله "قبلت هذا النكاح أو ما يقوم مقامه" كرضيته "في حق من لا يحسن" ولو هازلا وتلجئه كالإيجاب وقيل وبكتابة وذكر ابن عقيل عن بعضهم أنه خرج صحته بكل لفظ يقتضي التمليك وخرجه هو في عمد الأدلة من جعله عتق أمته مهرها وقال الشيخ تقي الدين ينعقد بما عده الناس نكاحا بأي لغة وبأي لفظ وفعل كان وإن مثله كل عقد وإن الشرط بين الناس ما عدوه شروطا فالأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع وتارة باللغة وتارة بالعرف وكذلك العقود "فإن اقتصر على قول قبلت" أو تزوجت "أو قال الخاطب للولي أزوجت قال نعم وللمتزوج أقبلت قال نعم صح ذكره الخرقي" في المنصوص فيهما ونصره في "الشرح" وغيره أما في الأولى فلأنه صريح في الجواب فصح النكاح كالبيع وأما في الثانية فلأن المعنى نعم زوجت نعم قبلت هذا التزويج بدليل قوله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ} [لأعراف: من الآية44] كان إقرارا منهم بوجدان ما وعدهم ربهم حقا وبدليل الإقرار ويحتمل أن لا يصح لأن لفظ زوجته وقبلت هذا النكاح ركن في العقد فلم يصح بدونهما واختار ابن عقيل في الثانية.
فرع: ينعقد نكاح أخرس بإشارة مفهمة نص عليه أو كتابة وذكر في "المحرر" أن في كتابة القادر على النطق وجهين أولاهما عدم الصحة قاله في "الشرح" وإن أوجب ثم جن قبل القبول بطل كموته نص عليه وفي إغمائه وجهان وإن نام لم يبطل الإيجاب.
"وإن تقدم القبول الإيجاب لم يصح" سواء كان بلفظ الماضي كتزوجت ابنتك فيقول: زوجتك أو بلفظ الطلب زوجني ابنتك فيقول زوجتكها لأن القبول إنما يكون للإيجاب فإذا وجد قبله لم يكن قبولا لعدم

وإن تراخى عنه صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه وإن تفرقا قبله بطل الإيجاب وعنه: لا يبطل.
فصل: وشروطه خمسة: أحدها: تعيين الزوجين،
ـــــــ
معناه، وكما لو تقدم بلفظ الاستفهام وفيه احتمال لأنه وجد الإيجاب والقبول فيه فصح كما لو تقدم الإيجاب والفرق بينه وبين البيع أنه لا يشترط فيه هذه الصيغة وأنه لا يتعين فيه هذا اللفظ بل يصح بأي لفظ أدى المعنى والفرق بين الخلع والنكاح أن الخلع يصح تعليقه على شرط بخلاف النكاح.
"وإن تراخى" القبول "عنه" أي عن الإيجاب "صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه" لأن حكم المجلس حكم حالة العقد بدليل صحة العقد فيما يشترط القبض فيه وثبوت الخيار في عقود المعاوضات ولأنه مع التشاغل يعد كالمعرض عن الإيجاب فلم يصح بعده كما لو رده "وإن تفرقا قبله" أي قبل القبول "بطل الإيجاب" لأنه لم يوجد معناه فإن الإعراض قد وجد من جهته بالتفرق "وعنه لا يبطل" نقلها أبو طالب واختارها أبو بكر فعليها لا بد أن يقبل في المجلس وأصل هذه الرواية أنه قيل للإمام أحمد إن رجلا مضى إليه قوم فقالوا له زوج فلانا قال زوجته على ألف فرجعوا إلى الزوج فأخبروه فقال قد قبلت يكون هذا نكاحا ويتوارثان قال نعم قال القاضي هو محمول على أنه وكل من قبل العقد وفيه نظر.
فصل
"وشروطه خمسة أحدها تعيين الزوجين" لأن كل عاقد ومعقود عليه يتعين بتعيينهما كالمشتري والمبيع ولأنه عقد معاوضة فلم يصح بدون التعيين كالبيع.
تنبيه: المعقود عليه المنفعة كالإجارة لا في حكم المعين وفيه قال أبو الوفاء ما ذكروه أن الأعيان مملوكة لأجلها يحتمل المنع لأن الأعيان لله وإنما يملك التصرفات ولو سلم في الأطعمة والأشربة فملكه إتلافها ولا ضمان بخلاف ملك النكاح.

فإن قال زوجتك ابنتي وله بنات لم يصح وإن لم يكن له إلا ابنة واحدة صح ولو قال إن وضعت زوجتي ابنة فقد زوجتكها لم يصح.
فصل
الثاني: رضا الزوجين.
ـــــــ
"فإن قال زوجتك ابنتي وله بنات لم يصح" لأن التعيين شرط ولم يوجد "حتى يشير إليها أو يسميها أو يصفها بما تتميز به" لوجود التعيين وإن لم يكن له إلا ابنه واحدة صح لأن عدم التعيين إنما حصل من التعدد وهو معدوم هنا وظاهره ولو سماها بغير اسمها وهو اختيار القاضي فلو قال زوجتك فاطمة وهواسمها ولم يقل مع ذلك ابنتي لم يصح فإن قال زوجتك فاطمة بنت فلان احتاج أن يرفع نسبها حتى يبلغ ما تتميز به عن النساء.
فرع: إذا كان له ابنتان كبرى اسمها عائشة وصغرى اسمها فاطمة فقال زوجتك ابنتي عائشة وقبل المزوج وهما ينويان الصغرى لم يصح نص عليه وقال القاضي يصح في التي نوياها وليس بصحيح وإن كان الولي يريد الكبرى والزوج يقصد الصغرى لم يصح كما إذا خطب امرأة وزوج بغيرها لأن القبول وجد في غير من وجد الإيجاب فيه وقيل يصح إذا لم يتقدم ذلك ما يصرف القبول إلى الصغرى من خطبة غيرها ولو نوى الولي الصغرى والزوج الكبرى أو نوى الولي الكبرى ولم يدر الزوج أيتهما هي فعلى الأول يصح التزويج لعدم النية فيها في التي تناولها لفظها وعلى الآخر يصح في التي تناولها لفظهما وعلى الصريح في المعينة فقط.
"ولو قال إن وضعت زوجتي ابنة فقد زوجتكها لم يصح" لأنه تعليق النكاح على شرط وهو مجرد وعد كقوله: زوجتك حمل هذه المرأة.
فصل:
"الثاني: رضى الزوجين" أو من يقوم مقامهما لأن العقد لهما، فاعتبر

فإن لم يرضيا أو أحدهما لم يصح إلا الأب له تزويج أولاده الصغار والمجانين وبناته الأبكار بغير إذنهن.
ـــــــ
تراضيهما به كالبيع "فإن لم يرضيا أو أحدهما لم يصح" لأن الرضى شرط ولم يوجد إلا الأب له تزويج أولاده الصغار أي للأب خاصة تزويج ابنه الصغير العاقل أذن أو كره وفاقا لما روى الأثرم أن ابن عمر زوج ابنه وهو صغير فاختصموا إلى زيد فأجازاه جميعا ولأنه يتصرف في ماله بغير تولية فكان له تزويجه كابنته الصغيرة وذكر القاضي في إجباره مراهقا نظر ويتوجه كأنثى أو عبد مميز وإن أقر به قبل ذكره في "الإيضاح" والمجانين لأنه لا قول لهم فكان له ولاء تزويجهم كأولاده الصغار وظاهره لا فرق بين البالغ وغيره وصرح به في "المغني" و "الشرح" وهو ظاهر كلام أحمد لاستوائهما في المعنى الذي جاز التزويج من أجله وقال القاضي لا يزوج بالغا إلا إذا ظهرت منه أمارات الشهوة باتباع النساء للمصلحة وقيل بمهر المثل.
وظاهر المذهب واحدة وفي أربع وجهان وقال أبو بكر ليس له تزويجه بحال لأنه رجل فلا يملك إجباره كالعاقل والأول أولى لأنه إذا جاز تزويج الصغير مع عدم حاجته إليه فالبالغ أولى وظاهره أنه لا يجوز تزويج من يخنق في الأحيان إلا بإذنه.
فرع: يزوجهما حاكم لحاجة وظاهر "الإيضاح" لا وإلا فوجهان وفي "الفصول" وغيره حاجة نكاح فقط وأطلق غيره وصرح به في "المغني" بكفء وهو أظهر.
"وبناته الأبكار بغير إذنهن" أي تزويج ابنته الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين بغير خلاف إذا زوجها بكفء قاله ابن المنذر لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: من الآية4] الآية فدل على أنها تزوج ثم تطلق ولا إذن لها فتعتبر وعن عائشة قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست سنين وبنى بي وأنا ابنة تسع" متفق عليه.

وعنه: لا يجوز تزويج ابنة تسع سنين إلا بإذنها وهل له تزويج الثيب الصغيرة على وجهين.
ـــــــ
وكذا له تزويج ابنة تسع سنين نص عليه وعن عائشة قالت إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة رواه أحمد ورواه القاضي عن ابن عمر مرفوعا
فإن كانت بالغة عاقلة فله إجبارها في أظهر الروايتين لحديث: "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يزوجها أبوها" رواه الدارقطني فإن أجبرت أخذ بتعيينها كفئا لا بتعيين المجبر في ظاهر المذهب وقد صرح بعض العلماء أنه يشترط للإجبار بشروط أن يزوجها من كفء بمهر المثل وأن لا يكون المزوج معسرا وأن لا يكون بينها وبين الأب عداوة ظاهرة وأن يزوجها بنقد البلد.
والثانية: لا اختاره أبو بكر لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن فقالوا يا رسول الله كيف إذنها قال أن تسكت" متفق عليه.
"وعنه لا يجوز تزويج ابنة تسع سنين إلا بإذنها" لأنها إذا بلغت تسعا تصلح للبلوغ أشبهت البالغة ولها بعد التسع إذن صحيحة نقله واختاره الأكثر وعنه: لا إذن لها كمال ويحتمل في ابن تسع يزوج بإذنه قاله في "الانتصار" واذنه نطق ولا يكفي صمته "وهل له تزويج الثيب الصغيرة على وجهين" المذهب كما ذكره ابن عقيل واختاره ابن حامد وابن بطة وجزم به في "الوجيز" وقدمه في "الفروع" أنه لا يجوز كالثيب الكبيرة. والثاني: الجواز اختاره أبو بكر ورجحه في "الشرح" كولده الصغير وفي ثالث تزوج ابنة تسع سنين بإذنها وعلم منه أنه لا تزوج الثيب الكبيرة إلا بإذنها في قول العامة إلا الحسن قال إسماعيل بن إسحاق لا أعلم أحدا قال بقوله وهو قول شاذ لقوله عليه السلام: "الأيم أحق بنفسها من وليها" وروى ابن عباس مرفوعا قال: "ليس للولي مع الثيب أمر" رواهما النسائي ولأنها عالمة بالمقصود من النكاح فلم يجز إجبارها عليه كالرجل. ويستحب أن

والسيد له تزويج إمائه الأبكار والثيب وعبيده الصغار بغير إذنهم ولا يملك إجباره عبده الكبير ويحتمل مثل ذلك في الصغير أيضا ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها إلا المجنونة؛
ـــــــ
يرسل إليها نسوة ثقات ينظرن ما في نفسها والأم بذلك أولى.
"والسيد له تزويج إمائه الأبكار والثيب وعبيده الصغار بغير إذنهم" وفيه مسائل الأولى أن السيد له تزويج إمائه الأبكار بغير إذنهن هذا المذهب المجزوم به لأن النكاح عقد على منفعتها وهي مملوكة أشبهت الإجارة ونقل أبو عبد الله النيسابوري عن أحمد أنه سئل هل يزوج الرجل جاريته من غلامه بغير مهر قال لا يعجبني إلا بمهر وشهود قيل فإن أبت قال يزوجها السيد بإذنها قال الشيخ تقي الدين وظاهر هذا أن السيد لا يجبر الأمة الكبيرة بناء على أن منافع البضع ليست بمال بدليل المعسرة لا تلزم بالتزوج ولا تضمن باليد اتفاقا وملك السيد لها كملكه لمنفعة بضع زوجته وظاهر الأول يشمل المدبرة والمعلق عتقها بصفة وأم الولد لمساواتهن للأمة وفي ملكه إجبار المكاتبة وجهان ولو كان بعضها حرا لم يملكه ولا إنكاحها وحده ويعتبر إذنها وإذن مالك البقية كأمة لاثنين ويقول كل منهما زوجتكها.
الثانية: "أن السيد له تزويج عبده الصغير بغير إذنه" وهي المذهب المنصوص: أن له إجباره قياسا على الابن الصغير بل أولى لثبوت الملك له عليه "ولا يملك إجبار عبده الكبير" لأنه خالص حقه فلم يملك إجباره عليه كالطلاق،
ويحتمل مثل ذلك في الصغير أيضا هذا وجه حكاه في "الانتصار" كالكبير والمذهب إجباره كالمجنون نص عليه وهو قول أكثرهم والمهر والنفقة على السيد مطلقا نص عليه وعنه: يتعلق بكسبه.
"ولا يجوز لسائر الأولياء" كالجد والأخ ونحوهما "تزويج كبيرة إلا بإذنها"؛ لأن غير الأب لا يساويه وفي تزويج الأب الكبيرة البالغة خلاف فلزم أنه لا يجوز لغيره قولا واحدا وفيه وجه أن الجد كالأب يجبر "إلا المجنونة" في اختيار أبي الخطاب والشيخين "لهم تزويجها إذا ظهر منها الميل إلى الرجال" لحاجتها لدفع

لهم تزويجها إذا ظهر منها الميل إلى الرجال وعنه: لهم ذلك ولها الخيار إذا بلغت.
ـــــــ
ضرر الشهوة وصيانتها عن الفجور مع ما فيه من تحصيل المهر والنفقة وغير ذلك وكحاكم في الأصح وفي "المغني" ينبغي أن تزوج إذا قال أهل الطب تزول علتها بالتزويج كالشهوة لأن ذلك من أعظم مصالحها وقيل وهو ظاهر كلام الخرقي ليس لهم ذلك لأن هذه ولاية إجبار فلا تثبت لغير الأب كالعاقلة ومحل الخلاف إذا لم يكن موصى له في النكاح أما مع وجوده فحكمه كالأب.
"وليس لهم ولاية تزويج صغيرة بحال" نص عليه في رواية الأثرم لما روي أن قدامة بن مظعون زوج ابنة أخيه من عبد الله بن عمر فرفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم : "إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها" والصغيرة لا إذن لها كمال "وعنه: لهم ذلك" لقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: من الآية3] دلت بمفهومها أن تزويجها إذا أقسطوا جائز وقد فسرته عائشة بذلك قال في "الفروع" كحاكم ولعله كالأب بل في "المستوعب" و "الرعاية" ما يخالفه وذكر في "المجرد" للحاكم تزويجه لأنه يلي ماله.
والمراد أنه يزوجها عند عدمهم بدليل ما نقل ابن هانئ أن الإمام أحمد سئل عن صبية بنت ثمان سنين مات أبوها ويريد العصبة أن يزوجوها قال لا أرى أن تستأمر ولا يزوجها إلا عم أو ابن عم أو عصبة فإن لم يكن زوجها السلطان فعلى هذا يفيد الحل وبقية أحكام النكاح الصحيح من الإرث ونحوه وفي "الفصول" لا ونقل أبو داود في يتيمة زوجت قبل أن تدرك فمات أحدهما هل يتوارثان قال فيه اختلاف قال قتادة لا يتوارثان ومثله كل نكاح لزومه موقوف ولفظ القاضي نسخة موقوف وكل نكاح صحته موقوفة على الإجازة فالأحكام من الطلاق وغيره منتفية فيه.
"ولها الخيار إذا بلغت" لتستدرك ما فاتها وظاهر كلام ابن الجوزي في صغير مثلها وقاسه المؤلف وجماعة عليها فدل على التسوية ونقل صالح في صغير

وعنه: لهم تزويج ابنة تسع سنين بإذنها ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم فأما زوال البكارة بأصبع أو وثبة فلا تغير صفة الإذن.
ـــــــ
زوجه عمه قال إن رضي به في وقت من الأوقات جاز وإن لم يرض فسخ.
"وعنه: لهم تزويج ابنة تسع سنين بإذنها" نص عليه وجزم به في "الوجيز" وقاله جمع لقوله عليه السلام: "تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها" رواه الخمسة إلا ابن ماجه من حديث أبي هريرة وهذه الرواية أقوى دليلا لأن القول بها جمعا بين الآية والأخبار وقيدت بالتسع لأنها تصير عارفة بما يضرها وينفعها فتظهر فائدة استئذانها ولقول عائشة فعلى هذا لا خيار لها إذا بلغت وجزم به في "المغني" و "الرعاية" وذكره نصا وإن لم يصح إذنها فلها الخيار. "
وإذن الثيب الكلام" بلا خلاف "وإذن البكر الصمات" للأخبار وقد روى أحمد وابن ماجه عن عدي الكندي مرفوعا قال الثيب تعرب عن نفسها والبكر رضاها صماتها فإن ضحكت أو بكت فكذلك ونطقها أبلغ لحديث أبي هريرة رواه أبو بكر.
"ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم" وعلى الأصح لعموم الخبر لأن الحكمة التي اقتضت التفرقة بينها وبين البكر مباضعة الرجال ومخالطتهم وهذا موجود في المصابة بالزنى ولهذا قال المؤلف لو أوصى لثيب دخلا. "فأما زوال البكارة بأصبع أو وثبة فلا تغير صفة الإذن" لعدم المباضعة والمخالطة وكما لو وطئت في الدبر وعكس هذا لو عادت بكارتها بوطء بعد زوالها فهي في حكم الثيب ذكره أبو الخطاب وفاقا لوجود المباضعة وعنه: زوال عذرتها مطلقا ولو بوطء دبر وظاهر كلامه يشمل الأب وغيره نص عليه في رواية الميموني وقال في التعليق إن من أصلنا أن إذن البكر في حق غير الأب النطق والمذهب الأول ويعتبر في الاستئذان تسمية الزوج على وجه تقع معرفتها به ذكره الشيخ تقي الدين.

فصل
الثالث: الولي فلا نكاح إلا بولي. فإن زوجت المرأة نفسها أو غيرها لم يصح.
ـــــــ
فصل
"الثالث: الولي فلا نكاح إلا بولي" هذا هو المذهب المعروف للأصحاب لما روى أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي" رواه الخمسة وصححه ابن المديني وهو لنفي الحقيقة الشرعية بدليل ما روى سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وادعى القاضي أنه إجماع الصحابة لا يقال يمكن حمل الأول على نفي الكمال لأن كلام الشارع محمول على الحقائق الشرعية أي لا نكاح شرعي أو موجود في الشرع إلا بولي.
والثاني: يدل على صحته بإذن الولي وأنتم لا تقولون به مع أن قوله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: من الآية232] يدل على صحة نكاحها لنفسها لأنه أضافه إليهن ولأنه خالص حقها فصح منه كبيع أمتها قيل لا مفهوم له كقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: من الآية23] الآية لأن المخاطبين بالنهي عن العضل هم الأولياء ونهيهم عنه دليل على اشتراطهم إذ العضل لغة المنع وهو شامل للعضل الحسي والشرعي لأنه اسم جنس مضاف ففي ذلك دليل على أن العضل منهم يصح دون الأجانب ثم إن الآية نزلت في معقل بن يسار حين امتنع من تزويج اخته فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها ولو لم يكن لمعقل ولاية وان الحكم متوقف عليه لما عوتب عليه.
وأما الإضافة إليهن فلأنهن محل له "فإن زوجت المرأة نفسها أو غيرها لم يصح" لعدم وجود شرطه ولأنها غير مأمونة على البضع لنقص عقلها وسرعة انحدارها فلم يجز تفويضه إليها كالبذر في المال "وعنه: لها تزويج أمتها"

وعنه: لها تزويج أمتها ومعتقتها فيخرج منه صحة تزويج نفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة والأول المذهب.
ـــــــ
لأنها ملكها وولايته عليها لها فكان لها تزويجها كالسيد "ومعتقتها" لأن الولاية كانت لها عليها فوجب استصحابها ولأن الولاء كالملك "فيخرج منه" أي من هذا القول "صحة تزويج نفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة" لأنها إذا كانت أهلا لمباشرة تزويج أمتها ومعتقتها فلأن تكون أهلا لمباشرة وتزويج نفسها وغيرها بالوكالة بطريق الأولى يدل عليه أن عائشة تولت نكاح بنت أخيها عبد الرحمن ولأنها شخص يتصرف في ماله بنفسه فيتولى عقد النكاح لنفسه كالغلام.
وعنه: تزوج نفسها مطلقا وخصه المؤلف بحال العذر كما إذا عدم الولي أو السلطان واختلف في مأخذها فابن عقيل أخذها من قول الإمام أحمد في دهقان القرية يزوج من الأولى لها فهو بمنزلة حاكمها وغلطه الشيخ تقي الدين وأخذها ابن أبي موسى مما أخذه المؤلف واستدل له بالآية وبقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} فأباح فعلها في نفسها من غير شرط الولي وبدليل خطبته عليه السلام أم سلمة فإن أهل التاريخ قالوا إنه كان ابن ست سنين ومثله لا تصح ولايته وقد سئل أحمد عن حديث: "لا نكاح إلا بولي" يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا" ثم هو محمول على نفي الكمال وسليمان بن موسى ضعفه البخاري قال في رواية المروذي ما أراه صحيحا لأن عائشة فعلت بخلافه وقال ابن جريج لقيت الزهري فسألته عنه فقال لا أعرفه ويقويه أن الزهري قال بخلاف ذلك قاله أحمد. "والأول المذهب" لما ذكرنا وصونا لها عن مباشرة ما يشعر بوقاحتها ورعونتها وميلها إلى الرجال فوجب أن لا تباشر النكاح تحصيلا لذلك والجواب عن الآية تقدم وهو نكاح البائنة في أنها لا تحل للأول إلا بعد نكاح وتزويجه أم سلمة كان من خصائصه كما لا تشترط الشهادة في حقه وحديث أبي موسى الصحيح المشهور عن إمامنا تصحيحه والحمل على نفي الكمال خلاف الظاهر،

وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة أبوها ثم أبوه وإن علا ثم ابنها، ثم ابنه وإن نزل
ـــــــ
وحديث عائشة فرواية سليمان بن موسى وهو ثقة كبير وقال الترمذي لم يتكلم فيه أحد من المتقدمين إلا البخاري لأحاديث انفرد بها ومثل هذا لا يرد به الحديث وقد ذكر جماعة في قوله عليه السلام: "أيما امرأة" إلى آخره لا يجوز حمله على المصير إلى البطلان لأن المجاز من القول لا يجوز تأكيده ذكره ابن قتيبة وغيره فعلى هذا إذا تزوجت بغير إذن وليها فكفضولي فإن أبي فسخه حاكم نص عليه.
فرع: إذا حكم بصحة هذا العقد حاكم أو كان المتولي له حاكما لم يجز نقضه كسائر الأنكحة الفاسدة وقيل ينقض هنا واختاره الاصطخري فإن وطئ فيه فلا حد عليه في ظاهر كلام أحمد لأنه وطء مختلف في حله وقال ابن حامد يجب لأنه وطء في نكاح منصوص على بطلانه.
"وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة أبوها" على المذهب لقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: من الآية90] لأن الولد موهوب لأبيه وقال إبراهيم عليه السلام: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: من الآية39] وقال عليه السلام: "أنت ومالك لأبيك" وإثبات ولاية الموهوب له على الهبة أولى من العكس لأن الأب أكمل نظرا وأشد شفقة بخلاف الميراث بدليل أنه يجوز أن يشتري لها من ماله وله من مالها.
وقيل: يقدم الابن عليه كالميراث وأخذه في "الانتصار" من نقل حنبل العصبة من أحرز المال "ثم أبوه وإن علا" على الأشهر لأن الجد له إيلاد وتعصب أشبه الأب "ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل" لما تقدم في الميراث وللابن ولاية نص عليه في رواية جماعة لحديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليها فقالت ليس أحد من أوليائي شاهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك" فقالت لابنها يا عمر قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه. رواه أحمد والنسائي فدل على أن لها وليا

ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها والتسوية بين الجد والأخ وبين الأخ للأبوين والأخ من الأب ثم بنوا الإخوة وإن سفلوا ثم العم ثم ابنه ثم الأقرب فالأقرب من العصبات على ترتيب الميراث،
ـــــــ
شاهدا أي: حاضرا ويحتمل أنها ظنت أنه ابنها عمر ولا ولاية له لأن وجوده كالعدم لصغره فإنه عليه السلام تزوجها سنة أربع وقال ابن الأثير كان عمر عمر حين وفاته عليه الصلاة والسلام تسع سنين وانه ولد سنة اثنتين من الهجرة وعلى هذا يكون عمره حين التزويج ثلاث سنوات.
"ثم أخوها لأبويها" كالميراث "ثم لأبيها" في رواية اختارها أبو بكر وصححها في المغنى و "الشرح" كالإرث وعلى استحقاقه بالولاء وأنه يقدم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب وإن كان النساء لا مدخل لهن فيه "وعنه: تقديم الابن على الجد" اختارها الشيرازي وابن أبي موسى والسامري وغيرهم كالميراث وعنه: على هذه يقدم الأخ على الجد لادلائه بالبنوة وعنه: سواء لامتياز كل واحد منهما بمرجح.
"والتسوية بين الجد والأخ" لاستوائهما في الميراث والتعصيب "وبين الأخ للأبوين والأخ من الأب" نص عليه في رواية صالح وحرب وأبي الحارث وهي المذهب عند الخرقي والقاضي ومعظم أصحابه لأنهما استويا في الجهة التي تستفاد منها في الولاية وهي العصوبة التي من جهة الأب فاستويا في النكاح كما لو كانا من أب وقرابة الأم لا مدخل لها في النكاح.
"ثم بنوا الإخوة وإن سفلوا" كالميراث وعلى الثانية: ابن الأخ من الأب مساو لابن الأخ من الأبوين "ثم العم ثم ابنه" لما ذكرنا فإن كانا أبناء عم أحدهما أخ لأم فقال القاضي وطائفة هما على ما تقدم من الخلاف في ابني عم أحدهما من الأبوين والآخر من الأب وقال المؤلف هما سواء لأنهما استويا في التعصيب والإرث به وجهة الأم يورث بها منفردة ولا ترجيح بها.
"ثم الأقرب فالأقرب من العصبات على ترتيب الميراث" لأن الولاية مبناها على النظر والشفقة ومظنة ذلك القرابة والأحق بالميراث هو الأقرب فيكون

ثم عصابته من بعده الأقرب فالأقرب ثم السلطان فأما الأمة فوليها سيدها،
ـــــــ
أحق بالولاية. قال ابن هبيرة اتفقوا على أن الولاية في النكاح لا تثبت إلا لمن يرث بالتعصيب وعلى هذا لا يلي بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم وأولى ولد كل أب أقربهم إليه لا نعلم فيه خلافا "ثم المولى المنعم" أي المعتق "ثم عصباته من بعده الأقرب فالأقرب" لأنهم عصبات يرثون ويعقلون فكذلك يزوجون وقدم هنا المناسبون كالميراث فيقدم ابن المعتق على أبيه لأنه إنما قدم هناك لزيادة شفقته وكمال نظره وهنا النظر لأقرب العصبة وقيل يقدم أبوها على ابنها كالأصل.
"ثم السلطان" لما ذكرنا وهو الإمام أو نائبه قال أحمد القاضي أحب إلي من الأمير في هذا انتهى وظاهره ولو من بغاة إذا استولوا على بلد فإن عدم وكلت قاله في "الفروع" وظاهر كلامهم أنه لا ولاية لغير من ذكر فيدخل فيه من أسلمت على يديه فإنه لا يلي نكاحها على الأشهر وفيه رواية كالإرث ولا والي البلد وعنه: عند عدم القاضي وحملهاالقاضى على أنه أذن له في التزويج وذكر الشيخ تقي الدين الجواز مطلقا للضرورة.
تنبيه: إذا لم يكن للمرأة ولي فظاهر كلامهم أنه لا بد منه مطلقا قال أبو يعلى الصغير في رجل وامرأة في سفر ليس معهما ولي ولا شهود لا يجوز أن يتزوج بها وإن خاف الزنى بها وعنه: يزوجها عدل بإذنها قال ابن عقيل أخذ قوم من أصحابنا على أن النكاح لا يقف على ولي ونصوص أحمد تمنعه وأخذه المؤلف من دهقان القرية قال الشيخ تقي الدين تزويج الأيامى فرض كفاية فإن أباه حاكم إلا بظلم كطلبه جعلا لا يستحقه صار وجوده كالعدم فقيل توكل من يزوجها وقيل لا تتزوج والصحيح ما نقل عن أحمد يزوجها ذو السلطان في ذلك المكان كالعضل.
"فأما الأمة" حتى الآبقة "فوليها سيدها" إذا كان من أهل الولاية بغير خلاف نعلمه لأنه عقد على منافعها فكان إليه كإجارتها ولو مكاتبا أو فاسقا فإن كان

وإن كانت لامرأة فوليها ولي سيدتها ولا يزوجها إلا بإذنها ويشترط في الولي الحرية والذكورية،
ـــــــ
لها سيدان لم يجز إلا بإذنهما.
"فإن كانت لامرأة فوليها ولي سيدتها" هذا هو المختار من الروايات صححه القاضي وقطع به أبو الخطاب لأن الأصل في الولاية لها لأنها مالها وإنما امتنعت في حقها لانتفاء عبارتها في النكاح وحينئذ تثبت لأوليائها يؤيده ما احتج به أحمد من حديث أبي هريرة قال لا تنكح المرأة نفسها ولا تنكح من سواها وروي عنه رواه ابن ماجه والدارقطني وصححه والنهي دليل الفساد وهو قول جمهور الصحابة.
"ولا يزوجها إلا بإذنها" أي شرطها إذنها لوليها لأن الأمة لها والتصرف في مال الرشيدة لا يكون إلا بإذنها فإن كانت رشيدة أو لغلام مجنون فوليها من يلي ماله لأنه تصرف في نفعها كإجارتها ويشترط في الولي الحرية والذكورية واتفاق الدين والعقل ويعتبر في إذنها النطق وإن كانت بكرا قاله المؤلف وغيره إذ الصمات إنما اكتفي به في تزويجها نفسها لحيائها وهي لا تستحي من تزويج أمتها وعنه: أي رجل أذنت له سيدتها أن تباشره هي لأن سبب الولاية الملك وإنما امتنعت المباشرة لنقص الأنوثة فملكت التوكيل كالمريض والغائب وعنه: تعقده هي فعبارتها على هذه معتبرة بأن التزويج على الملك لا يحتاج إلى أهلية الولاية بدليل تزويج الفاسق مملوكته.
فرع: عتيقتها كأمتها إن طلبت وأذنت وقلنا يلي عليها في رواية ولو عضلت المولاة زوج وليها ففي إذن سلطان وجهان ويجبرها من يجبر المولاة.
"ويشترط في الولي الحرية" فلا ولاية لعبد نص عليه لأنه لا ولاية له على نفسه فعلى غيره أولى وفي "الانتصار" وجه يلي على ابنته ثم جوزه بإذن سيده وفي "الروضة" هل للعبد ولاية على الحرة فيه روايتان "والذكورية" فلا ولاية لامرأة لعدم تزويجها نفسها وقد سبق "واتفاق الدين" ومعناه أن

واتفاق الدين، والعقل وهل يشترط بلوغه وعدالته على روايتين.
ـــــــ
يكون مسلما إن كانت الزوجة مسلمة والعكس بالعكس إذ الكافر لا ولاية له على المسلم في قول عامة العلماء لقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: من الآية71] وحكاه ابن المنذر لإجماع من يحفظ عنه قال أحمد بلغنا أن عليا أجاز نكاح أخ ورد نكاح أب وكان نصرانيا والمسلم لا ولاية له على كافرة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: من الآية73] والعقل بغير خلاف لأن الولاية تثبت نظرا للمولى عليه ثم عجزه عن النظر لنفسه ومن لا عقل له لا يمكنه النظر ولا يلي على نفسه فغيره بطريق الأولى.
وسواء فيه وهل يشترط بلوغه وعدالته على روايتين الصغير ومن ذهب عقله بجنون أو كبر كالشيخ الهم فأما المغمى عليه ومن يجن في بعض الأوقات فلا ينعقد ولايتهما على الأشهر لأن المغمي عليه مدة يسيرة كالنوم ولذلك لا تثبت الولاية عليه ويجوز على الأنبياء عليهم السلام وفي "الفروع" إن جن أحيانا أو أغمي عليه أو نقص عقله بنحو مرض أو أحرم انتظر نقله ابن الحكم في مجنون.
"وهل يشترط بلوغه وعدالته؟ على روايتين" ظاهر المذهب يشترط البلوغ لأن الولاية يعتبر لها كمال الحال ومن لم يبلغ قاصر لثبوت الولاية عليه والثانية ليس بشرط فعلى هذا يزوج ابن عشر لأنه تصح وصيته وطلاقه فتثبت له الولاية كالبالغ وعنه: اثنتي عشرة سنة.
وأما العدالة فليست بشرط في رواية وهي ظاهر كلام الخرقي فعليها يزوج فاسق لأنه يلي نكاح نفسه فغيره أولى والثانية وهي أنصهما تشترط واختارها ابن أبي موسى وابن حامد والقاضي وأصحابه لما روى الشالنجي بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لا نكاح إلا بولي مرشد أو سلطان وعن جابر معناه مرفوعا رواه البرقاني ولأنها إحدى الولايتين فنافاها الفسق كولاية المال وعليها يكتفى بمستور الحال على ما جزم الشيخان ويستثنى منه السلطان الرشيد وحكى ابن حمدان ثالثة إن الفاسق يلي نكاح عتيقته فقط كما قبل العتق وقال الشيخ تقي الدين إذا قلنا الولاية الشرطية تبقى مع

وإذا كان الأقرب طفلا أو كافرا أو عبدا زوج الأبعد وإن عضل الأقرب زوج الأبعد وعنه: يزوج الحاكم.
ـــــــ
الفسق فالولاية الشرعية أولى قال الزركشي وفيه نظر إذ الولاية الشرطية يلحظ فيها حظ الموصي ونظره بخلافه هنا.
أصل: يشترط فيه الرشد بان يعرف مصالح النكاح ومعرفة الكفء فلا يضعها عند من لا يحفظها ولا يكافئها وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما يشترط معرفته بالمصالح وهو أظهر وفي شرح "المحرر" هو ضد السفيه ولا يشترط نطقه إذا فهمت إشارته والأصح ولا بصره لأن شعيبا زوج ابنته وهو أعمى ولحصول المقصود بالبحث والسماع.
"وإذا كان الأقرب طفلا أو كافرا أو عبدا زوج الأبعد" من عصبتها لأن وجودهم كالعدم وقوله: "طفلا" يحتمل أن يريد المميز وهو ظاهر العرف فعليه تصح ولاية المميز وهو إحدى الروايتين مقيدا بابن عشر أشبه البالغ ويحتمل أن يريد البالغ وهو ظاهر كلامه لقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: من الآية59] "وإن عضل الأقرب" فلم يزوجها بكفء رضيته ورغب كل منهما في صاحبه بما صح مهرا "زوج الأبعد" نص عليه كما لوجن وحديث معقل بن يسار شاهد بذلك وفيه نزل قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: من الآية232] قال وكفرت عن يميني وأنكحتها إياه.
لكن لو رضيت بغير كفء كان للولي منعها منه فلو اختلفا في تعيين الكفء قدم تعيينها عليه حتى إنه يعضل بالمنع ويفسق به إن تكرر منه ولم يذكر المؤلف التكرر.
"وعنه: يزوج الحاكم" اختاره أبو بكر لقوله: "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" والحاكم نائب عنه وكما لو كان عليه دين وامتنع من قضائه والأول أصح والحديث المذكور لا حجة فيه والفرق بين الولاية

وإن غاب غيبة منقطعة زوج الأبعد وهي مالا تقطع الا بكلفة ومشقة وقال الخرقي مالا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه وقال القاضي مالا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة.
ـــــــ
والدين من أوجه أحدها أن الولاية حق للمولى والدين حق عليه وثانيها أن الولاية تنتقل عنه بفسق ونحوه بخلاف الدين وثالثها أن الولاية تعتبر في بقائها العدالة وقد زالت بالعدل والدين لا يعتبر فيه ذلك نعم إذا اشتجروا جميعا زوج الحاكم.
"وإن غاب غيبة منقطعة زوج الأبعد" لأنه قد تعذر التزويج من الأقرب فوجب أن ينتقل إلى من يليه كما لو جن وقال ابن عقيل ليس فيه سلب الأقرب من الولاية لكن مشترك بينهما بدليل ما لو زوج الأقرب الغائب في مكانه أو وكل فيه فإنه يصح وكذا لو وكل ثم غاب بخلاف ما لو وكل ثم جن وفي التعليق إذا زوج أو وكل في الغيبة فالولاية باقية لانتفاء الضرر وإلا سقطت وحكى قولا كالأول وذكر في "الانتصار" وجها لا تنتقل ولاية مال إليه بالغيبة ويستثنى منه مالم تكن أمة فيزوجها الحاكم وهي ما لا تقطع إلا بكلفة ومشقة في ظاهر كلامه نص عليه واختاره أبو بكر والشيخان لأن أهل العراق يعدون ذلك مضرا قال المؤلف وهذا القول أقرب إلى الصواب فإن التحديد بابه التوقيف ولا توقيف. "وقال الخرقي ما لا يصل إليه الكتاب" كمن هو في أقصى بلاد الهند "أو يصل فلا يجيب عنه" قد أومأ أحمد إلى هذا في رواية الأثرم قال المنقطع الذي لا تصل إليه الأخبار لأن مثل ذلك تتعذر مراجعته فيلحق الضرر بانتظاره "وقال القاضي" في "تعليقه" وأبو الخطاب في خلافه الصغير وهو رواية "ما لا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة" كسفر الحجاز لأن الكفء ينتظر سنة ولا ينتظر أكثر منها فيلحق الضرر بترك تزويجها.
"وعن أحمد: إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأبعد فيحتمل أنه أراد ما تقصر فيه الصلاة" لأن الشارع جعله بعيدا وعلق عليه رخص السفر. وذكر أبو

وعن أحمد إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأبعد فيحتمل أنه أراد ما تقصر فيه الصلاة ولا يلي كافر نكاح مسلمة بحال إلا إذا أسلمت أم ولده في وجه ولا يلي مسلم نكاح كافرة إلا سيد الأمة أو ولي سيدتها أو السلطان.
ـــــــ
الخطاب والمجد رواية أن الحاكم يزوج كما في العضل إذ الأبعد محجوب بالأقرب والولاية باقية فقام الحاكم مقامه فيها وقيل ما تستضر به الزوجة وقيل فوت كفء راغب ويلحق بذلك ما لو تعذرت مراجعته كأسير أو لم يعلم مكانه أو كان مجهولا لا يعلم أنه عصبة ثم علم قاله الشيخ تقي الدين أو زوجت بنت ملاعنة ثم استلحقها أب فكبعيد وإن زوج الأبعد بدون ذلك فكفضولي وإن تزوج لغيره فقيل لا يصح كذمته وقيل كفضولي ومن تزوج أمة غيره فملكها من تحرم عليه فإن أجازه فوجهان.
"ولا يلي كافر نكاح مسلمة بحال" حكاه ابن المنذر إجماعا وسنده قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: من الآية141] "إلا إذا أسلمت أم ولده في وجه" وكذا مكاتبته أو مدبرته لأنها ملكه أشبهت المسلم وذكر ابن عقيل وابن رزين وبنته.
والثاني: لا يليه وهو أولى للإجماع وعلى الأول هل يباشر تزويج المسلم أو يباشره بإذنه مسلم أو الحاكم في أوجه.
"ولا يلي مسلم نكاح كافرة" للنص ولأنه لا يرث أحدهما الآخر ولا يعقل عنه فلم يله كما لو كان أحدهما رقيقا "إلا سيد الأمة" فله تزويجها لأنها لا تحل للمسلمين "أو ولي سيدتها" لأنها ولاية بالملك ولأنها تحتاج إلى التزويج ولا ولي لها غير سيدها "أو السلطان" لأن له الولاية على من لا ولي لها وولايته عامة على أهل دار الإسلام فالكافرة من أهل الدار فتثبت الولاية عليها كالمسلمة.

ويلي الذمي نكاح موليته الذمية من الذمي وهل يليه من مسلم على وجهين وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب أو أجنبي لم يصح النكاح وعنه: يصح ويقف على إجازة الولي.
ـــــــ
"ويلي الذمي نكاح موليته الذمية من الذمي" لأنه مساو لها فوليه كالمسلم ويشترط فيه الشروط المعتبرة وعبر في "المحرر" و "الفروع" بالكافر وهل يليه من مسلم على وجهين أحدهما يليه للآية والمساواة والثاني لا يزوجها إلا الحاكم قاله القاضي لأن فيه صغارا على المسلم وعلى هذا لايلي مالها قاله القاضي وفي تعليق ابن المني في ولاية الفاسق لا يليه كافر إلا عدل في دينه ولو سلمنا فلئلا يؤدي إلى القدح في نسب نبي أو ولي ويدل عليه ولاية المال.
"وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب أو أجنبي لم يصح النكاح" نص عليه في مواضع وهو الأصح لقوله عليه السلام: "أيما امرأة" الخبر ولأنه نكاح لم تثبت أحكامه من الطلاق والخلع والتوارث فلم ينعقد كنكاح المعتدة.
"وعنه: يصح ويقف على إجازة الولي" لما روى ابن عباس أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود وقال وهو حديث مرسل رواه الناس عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا ابن عباس وحينئذ فالشهادة تعتبر حالة العقد لأنها شرط له فتعتبر معه كالقبول ولو كان في الصداق نماء ملك من حين العقد ولا توارث قبل الإجازة وقيل إن كان ما لو رفع إلى الحاكم أجازه ورثه الآخر لأنه عقد تلزمه الإجازة فهو كالصحيح.
فرع: إذا زوجت من يعتبر إذنها بغير إذنها وقلنا يقف على إجازتها فهي بالنطق أو ما يدل على الرضا بكرا كانت أو ثيبا وقال ابن أبي موسى إذا زوج أجنبية ليس من العصبات بطل النكاح من أصله قولا واحدا.
"ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضرا" لتوكيله عليه

ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضرا ووصيه في النكاح بمنزلته وعنه: لا تستفاد ولاية النكاح بالوصية.
ـــــــ
الصلاة والسلام أبا رافع في تزويج ميمونة وعمرو بن أمية في تزويج أم حبيبة ولأنه عقد معاوضة فصح التوكيل فيه كالبيع وعلى هذا فلا فرق بين أن يكون الموكل حاضرا أو غائبا مجبرا أوغير مجبر ولا يعتبر إذنها في التوكيل سواء كان الموكل أبا أو غيره ذكره في "المغني" وغيره وقيل لا يوكل غير مجبر بلا إذن إلا حاكم وقيل ولا مجيز وخرجه القاضي على الخلاف في توكيل الوكيل ولا خلاف أن الحاكم يملكه مطلقا ويجوز في تزويج معين أو من شاء أو من يرضاه وقيل يمنع من التوكيل المطلق وقيل يعتبر التعيين لغير مجبر وقيل وله فلو منعت الولي من التوكيل امتنع قاله في "الترغيب" وعلى الأشهر يثبت للوكيل ما هو ثابت للموكل لأنه قائم مقامه ومن لم تثبت له الولاية لا يصح توكيله وقيل يصح توكيل العبد ونحوه لأنهم من أهل القرابة بدليل قبولهم النكاح لأنفسهم فإن وكل الزوج في قبول النكاح صح وقيل لا كالإيجاب وبالجملة يتقيد وكيل أو ولي مطلق بالكفء ان اشترط ذكره في "الترغيب" وليس لوكيل أن يتزوجها لنفسه ويصح توكيله مطلقا كزوج من شئت ومقيد كزوج فلانا بعينه.
"ووصيه في النكاح بمنزلته" على المذهب لأنها ولاية ثابتة فجازت الوصية بها كولاية المال ولأن له أن يستنيب في حياته فكذا بعد مماته كالمال فعلى هذا يجبر اختاره أبو بكر وغيره لأنها ولاية تنتقل إلى غيره شرعا فلم يجز أن يوصي بها كالحضانة يحققه أنه لا ضرر على الوصي في وضعها عند غير كفء لها فهو كالأجنبي وكولاية الحاكم.
"وقال ابن حامد لا يصح إلا أن يكون له عصبة" هذا رواية حكاها القاضي في "الجامع الكبير" والحلواني لأنه إن كان عصبة لم تستقر حذارا من إسقاط حقهم\

وقال ابن حامد لا يصح إلا ألا يكون له عصبة وإذا استوى الأولياء في الدرجة صح التزويج من كل واحد منهم والأولى تقديم أفضلهم ثم أسنهم وإن تشاحوا أقرع بينهم فإن سبق غيرمن وقعت له القرعة فزوج صح في أقوى الوجهين.
ـــــــ
وإلا استفيدت لعدم ذلك والأول هو المنصور ثم جمهور الأصحاب فعلى هذا تجوز الوصية بالنكاح من كل ذي ولاية وهل للوصي الوصية بها أو يوكل فيه روايتان ظاهر المذهب جوازه ذكره في النوادر وظاهره أن له تزويج صغير بوصية كصغيرة وفي الخرقي أو وصي ناظر له في التزويج وظاهر كلام القاضي و "المحرر" الوصي مطلقا وجزم به الشيخ تقي الدين وان وصي المال يزوج الصغير لأنه يلي ماله أشبه الأب وخرج منه أن الجد يزوج الصغير إن قلنا يلي ماله والأول أظهر كما لا يزوج الصغير.
"وإذا استوى الأولياء في الدرجة" كالأخوة أو بنيهم "صح التزويج من كل واحد منهم" إذا أذنت لكل منهم لأن سبب الولاية موجود في كل واحد منهم "والأولى تقديم أفضلهم" لأنه أكمل من المفضول.
"ثم أسنهم" لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث حويصة ومحيصة لما تكلم عبد الرحمن وكان أصغرهم: "كبر كبر" أي يقدم الأكبر فتكلم حويصة.
"وإن تشاحوا أقرع بينهم" لأنهم تساووا في الحق فلجئ كالمرأتين في السفر وفي مختصر ابن زيد يقدم أعلم ثم أسن ثم أفضل ثم يقرع.
"فإن سبق غير من وقعت فزوج صح في أقوى الوجهين" صححه في "الرعاية" و "الفروع" لأنه تزويج صدر من ولي كامل الولاية كالمنفرد وإنما القرعة لإزالة المشاحة،
والثاني: لا تصح لأنه بالقرعة صار أولى فلم يصح كالأبعد مع الأقرب أما إذا أذنت لواحد فإنه يتعين ولا يعدل عنه.
"وإن زوج اثنان" لاثنين بإذنهما وعلم السابق فالنكاح له في قول أكثرهم لما روى الحسن عن سمرة مرفوعا قال: " أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول

وإن زوج اثنان ولم يعلم السابق فسخ النكاحان وعنه: يقرع بينهما فمن قرع أمر الآخر بالطلاق ثم يجدد القارع نكاحه.
ـــــــ
منهما" رواه الخمسة وحسنه الترمذي وروي عن علي أنه قال إن دخل بها الثاني وهو لا يعلم أنها ذات زوج فرق بينهما بغير طلاق ولها عليه مهر مثلها اختاره الخرقي وهو الصحيح وقال أبو بكر لها المسمى قال القاضي هو قياس المذهب ولم يصبها زوجها حتى تعتد من الثاني وإن أتت بولد منه لحق به.
"و" إن "لم يعلم السابق" أي جهل السابق منهما "فسخ النكاحان" أي فسخهما حاكم لأن كل واحد منهما يحتمل أن يكون نكاحه هو الصحيح والجمع متعذر فلجئ إلى الفسخ لإزالة الزوجية وقال ابن عقيل والسامري للزوجين الفسخ ولعله يريدان بإذنه وقال أبو بكر يطلقانها ونصه لها نصف المهر يقترعان عليه في الأشهر وعنه: النكاح مفسوخ ذكره في النوادر وقدمه في "التبصرة" لأنه تعذر إمضاؤهما وتتزوج من شاءت منهما أو من غيرهما.
"وعنه: يقرع بينهما" لأنها تزيل الإبهام "فمن قرع أمر الآخر بالطلاق ثم يجدد القارع نكاحه" بإذنها لأنها إن كانت زوجته لم يضره ذلك وإلا قد صارت له بالتجديد وعنه: تكون لمن تخرج له القرعة اختاره أبو بكر النجاد ونقله ابن منصور والأصح أنه يعتبر طلاق الآخر لها فإن أبي طلق الحاكم عليه وقيل إن جهل وقوعهما معا بطلا كالعلم به وإن علم سبقه ونسي فقيل كجهله وقال أبو بكر يقف ليعلم وإن أقرت لأحدهما بالسبق لم يقبل على الأصح وإن ادعى علمها بالسبق فأنكرت لم تستحلف.
أصل: إذا ماتت فلأحدهما نصف ميراثها بقرعة من غير يمين وإن مات الزوجان فإن كانت أقرت بالسبق لأحدهما فلا ميراث لها من الآخر وهي تدعي ميراثها ممن أقرت له فإن كان ادعى ذلك أيضا دفع إليها "وإلا فلا إن أنكر الورثة وإن لم تكن أقرت بالسبق فلها ميراث أحدهما بقرعة".

وإذا زوج عبده الصغير من أمته جاز أن يتولى طرفي العقد وكذلك ولي المرأة مثل ابن العم والمولى والحاكم إذا أذنت له في نكاحها فله أن يتولى طرفي العقد وعنه: لا يجوز حتى يوكل غيره في الطرف الآخر.
ـــــــ
مسألة: يقدم أصلح الخاطبين مطلقا نقله ابن هانئ وفي النوادر ينبغي أن يختار لموليته شابا حسن الصورة.
"وإذا زوج عبده الصغير من أمته" أو بنته أو زوج ابنه ببنت أخيه أو زوج وصي في نكاح صغيرا بصغيرة تحت حجره "جاز أن يتولى طرفي العقد" في قولهم جميعا لأنه ملكه بحكم الملك أو الولاية "وكذلك ولي المرأة مثل ابن العم والمولى والحاكم إذا أذنت له في نكاحها فله أن يتولى طرفي العقد" لقول عبد الرحمن بن عوف لأم حكيم بنت قارظ أتجعلين أمرك إلي قالت نعم قال قد تزوجتك رواه البخاري تعليقا ولأنه عقد وجد فيه الإيجاب والقبول فصح كما لو كانا من رجلين وكما لو زوج عبده من أمته والأشهر أنه يكفي الإيجاب فيقول زوجت فلانا فلانة أو تزوجتها إن كان هو الزوج لفعل عبد الرحمن وقيل يعتبر معه القبول وقيل تولية طرفيه تختص بمجبر.
"وعنه: لا يجوز حتى يوكل غيره في الطرف الآخر" نقلها ابن منصور؛ لأن المغيرة بن شعبة خطب امرأة هو أولى الناس بها فأمر رجلا فزوجه رواه البخاري تعليقا ولأنه عقد ملكه بالإذن فلم يجز أن يتولى طرفيه كالبيع وبهذا فارق ما إذا زوج أمته بعبده الصغير وعلى هذه إن وكل من يقبل له النكاح وتولى هو الإيجاب جاز كالإمام الأعظم أو وكله الولي في الإيجاب والزوج في القبول فوجهان وعلى الأولى إلا بنت عمه وعتيقته المجنونتين فيشترط ولي غيره أو حاكم.
مسألة: إذا أذنت له في تزويجها ولم تعين الزوج لم يجز أن يزوجها نفسه لأن إطلاق الإذن يقتضي تزويجها غيره كولده مثلا فإن كان الابن كبيرا قبل لنفسه وإن كان صغيرا فالخلاف في تولي طرفي العقد.

وإذا قال السيد لأمته أعتقتك وجعلت عتقك صداقك صح.
ـــــــ
"وإذا قال السيد لأمته" بحضرة شاهدين نص عليه "أعتقتك وجعلت عتقك صداقك صح" العتق والنكاح نص عليه في رواية جماعة وهو المذهب لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها فقال له ثابت ما أصدقها قال نفسها أعتقها وتزوجها متفق عليه وفي لفظ للبخاري وجعل عتقها صداقها ولم ينقل أنه عليه الصلاة والسلام استأنف عقدا ومتى ثبت العتق صداقا ثبت النكاح إذ الصداق لا يتقدم عليه رواه الأثرم عن علي وفعله أنس ولأن منفعة البضع إحدى المنفعتين فجاز أن يكون العتق عوضا عنه دليله منفعة الخدمة كقوله أعتقتك على خدمة سنة لا يقال هذا من خصائصه إذ من خصائصه النكاح بغير مهر ولا شهود لأنا نقول الغرض أنه عليه الصلاة والسلام عقد بمهر وإذن فحكم أمته حكمه في صفة ومثله جعلت عتق أمتي صداقها أو عكس أو على أن عتقها صداقها أو على أن أتزوجك وعتقي صداقك وقال ابن حامد يشترط مع قوله تزوجتها وظاهره أنه لا يشترط قبول الأمة نص عليه وأن يكون متصلا وأن يقصد بالعتق جعله صداقا.
تنبيه: أورد على القاضي إذا قال جعلت عتق أمتي صداق ابنتك لا يصح النكاح فكذا في نفسه فأجاب لا يصح لتقدم القبول على الإيجاب فلو قال الأب ابتداء زوجتك ابنتي على عتق أختك فقال قبلت لم يمتنع أن يصح وقال الشيخ تقي الدين إذا قال زوجت أمتي من فلان وجعلت عتقها صداقها قياس المذهب صحته لأنهم قالوا الوقت الذي جعل العتق صداقا كان يملك إجبارها في حق الأجنبي.
"فإن طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف قيمتها" نص عليه إذ التسمية صحيحة وذلك يوجب الرجوع في نصفها كغيرها ولما لم يكن سبيل إلى الرجوع في الرق بعد زواله رجع في بدله وهو القيمة وهي معتبرة يوم عتقه فإن لم يقدر فهل ينتظر القدرة أو يستسعي فيه روايتان منصوصتان،

فإن طلقتها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف قيمتها وعنه: لا يصح حتى يستأنف نكاحها بإذنها فإن أبت ذلك فعليها قيمتها.
ـــــــ
قال القاضي أصلها المفلس إذا كان له حرفة هل يجبر على الاكتساب على روايتين.
"وعنه: لا يصح حتى يستأنف نكاحها بإذنها" نقل المروذي أنه يوكل رجلا فأخذ القاضي وأتباعه من ذلك رواية أن النكاح لايصح بهذا اللفظ واختاره القاضي في خلافه وأبو الخطاب وابن عقيل وزعم أنه الاشبه بالمذهب إذ بالعتق تملك نفسها فيعتبر رضاها كما لو فصل بينهما ولأنه لم يوجد إيجاب ولا قبول وهما ركناه ولا يصح إلا بهما ولأن العتق ليس بمال ولا يجبره أشبه رقبة الحر ونوزع ابن أبي موسى في حكاية رواية بعدم الصحة وجعل الرواية أنه يستأنف العقد عليها بإذنه بدون رضاها إذ العتق وقع على هذا الشرط وأجيب عن ملكها نفسها بأن الكلام المتصل لا يثبت له حكم الانفصال قبل تمامه فلم يستقر ملكها على نفسها إلا بعد النكاح والسيد كان يملك إجبارها على النكاح في حق الأجنبي فكذا في حق نفسه وعن عقد الإيجاب والقبول بأن العتق لما خرج مخرج الصداق صار الإيجاب كالمضمر فيه والقابل هو الموجب فلا يحتاج إلى الجمع بينهما وعن العتق ليس بمال بأنه يترتب عليه حصول مال وهو تمليك الرقيق نافع نفسه وهو المقصود.
"فإن أبت ذلك فعليها قيمتها" لأنه أزال ملكه بعوض لم يسلم له فرجع إلى القيمة كالبيع الفاسد.
فرع: إذا ارتدت أو فعلت ما يفسخ به نكاحها قبل الدخول رجع عليها بجميع قيمتها وعلى الثانية يستأنف نكاحها بإذنها وعلى قول ابن أبي موسى لا تعتبر إذنها ومهرها العتق فعلى مختار القاضي إن امتنعت لزمها قيمة نفسها واختار الشيخ تقي الدين أنه لا يلزمها شيء إذا لم يلزم بالنكاح ولم يرض بالشروط كما لو أعتقها على ألف فلم تقبل بل أولى.

فصل
الرابع الشهادة. فلا ينعقد إلا بشاهدين عدلين
ـــــــ
فصل
"الرابع: الشهادة" وهي من الشروط لصحته نص عليه واختاره الأصحاب وقاله عمر وعلي وابن عباس لما روت عائشة مرفوعا قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه ابن حبان وصححه وفي بعض طرقه: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل" ذكره الدار قطني عن يونس عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عنها مرفوعا وعن ابن عباس قال: "البغايا اللائي ينكحن أنفسهن بغير بينة" رواه الترمذي وقال لم يرفعه إلا عبد الأعلى ووقفه هو وغيره قال والوقف أصح وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا بد في النكاح من أربعة الولي والزوج والشاهدان" رواه الدارقطني والمعنى فيه الاحتياط للأبضاع، وصيانة الأنكحة عن الجحود. "فلا ينعقد إلا بشاهدين" دون غيره من العقود لما فيه من تعلق المتعاقدين وهو الولد لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه.
"عدلين" للأخبار والأشهر أنه يكفي مستور الحال وإن لم يقبله في الأموال لتعذر البحث عن عدالة الشهود في الباطن غالبا لوقوع النكاح في البوادي وبين عوام الناس.
والثاني: أنه لابد من العدالة الباطنة كغيره وهو احتمال للقاضي في التعليق بعد أن أقر أنه لا تعرف الرواية عن الأصحاب في ذلك.
"ذكرين" لقول الزهري: مضت السنة لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا النكاح والطلاق رواه أبو عبيد في الأموال ولأنه عقد ليس بمال ولا يقصد به ويطلع عليه الرجال غالبا فلم ينعقد بهن كالحدود.

ذكرين بالغين عاقلين وإن كانا ضريرين وعنه: ينعقد بحضور فاسقين ورجل وامرأتين ومراهقين عاقلين ولا ينعقد نكاح مسلم بشهادة ذميين ويتخرج أن ينعقد إذا كانت المرأة ذمية.
ـــــــ
"بالغين" على المذهب لأن الصبي لا شهادة له.
"عاقلين" لأن المجنون والطفل ليسا من أهل الشهادة.
"وإن كانا ضريرين" لأنها شهادة على قول فصحت من الأعمى كشهادة الاستفاضة ويعتبر أن يتيقن الصوت على وجه لا يشك فيه وظاهره أنه لايشترط فيه الحرية وهو كذلك والمراد حضورهما سواء حضرا قصدا أو اتفاقا فلو حضرا وسمعا الإجابة والقبول صح وإن لم يسمعا الصداق.
"وعنه: ينعقد بحضور فاسقين" لأنه تحمل فلم تعتبر فيه العدالة كسائر التحملات والأول أصح لأن من لا يثبت النكاح بقوله لا ينعقد بشهادته كالصبي فلو بانا بعد العقد أنهما فاسقان فالعقد صحيح ذكره المؤلف لاشتراط العادلة ظاهرا فقط وقيل لا لعدم شرطه. "ورجل وامرأتين" لأنه عقد معاوضة أشبه البيع "ومراهقين عاقلين" بناء على أنهما من أهل الشهادة ولأنه يصح تحمله فصحت شهادته كالبيع.
"ولا ينعقد نكاح مسلم بشهادة ذميين" لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: من الآية282] ولعموم قوله عليه السلام: "وشاهدي عدل" ولأنه نكاح مسلم فلم ينعقد بشهادة ذميين كنكاح المسلمين ولا فرق بين أن يكون الزوجان مسلمين أو الزوج وحده نص عليه وهو قول الأكثر.
"ويتخرج أن ينعقد إذا كانت المرأة ذمية" بناء على الرواية بقبول شهادة بعضهم على بعض.
"ولا ينعقد بحضور أصمين" لأنه لا يسمع العقد ليشهد به. "ولا أخرسين" لأن النطق شرط وهو لا يتمكن من أداء الشهادة فوجوده كعدمه.

ولا ينعقد بحضور أصمين ولا أخرسين وهل ينعقد بحضور عدوين أو ابني الزوجين أو أحدهما على وجهين وعنه: أن الشهادة ليست من شروط النكاح.
ـــــــ
وهل ينعقد بحضور عدوين أو ابني الزوجين أو أحدهما أو الولي أو متهم لرحم من أحدهم على وجهين أحدهما ينعقد لأنه ينعقد بهما نكاح غير هذا الزوج فانعقد بهما نكاحه كسائر العدول.
والثاني: لا لأن العدو لا تقبل شهادة على عدوه وكذا الابن وكذا الخلاف في أهل الصنائع الرذيلة كالحجام ونحوه.
"وعنه: أن الشهادة ليست من شروط النكاح" بل تسن فيه كعقد غيره فيصح بدونها وهو قول ابن عمر
وابن الزبير والحسن بن علي لأنه عليه السلام تزوج بغير مهر ولا شهود قال ابن المنذر لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر وكذا قاله أحمد في رواية المروذي ولأنه عقد معاوضة كالبيع ويجاب عنه بأن ذلك من خصائصه وقضية الموهوبة نفسها قضية في عين والأحاديث يتقوى بعضها ببعض والجمهور قد أطلقوا هذه الرواية وقيدها المجد وجماعة بما إذا لم يكتموه وإلا لم يصح وذكره بعضهم إجماعا وعلى الأول لا يبطله التواصي بكتمانه وعنه: بلى اختاره أبو بكر.
مسألة: قال ابن أبي موسى: لا يختلف قول أحمد إن المرأة إذا زوجت نفسها بغير شهود أن النكاح باطل قال واختلف قوله هل لها أن تتزوج بغير هذا الزوج قبل أن يطلقها أو يفرق بينهما حاكم فيه روايتان قال ولم يختلف قوله: إنه إذا مات أحدهما لم يرثه الآخر قال: فإن زوجت نفسها بحضرة شهود فلا يختلف قوله: إنها لا تتزوج بغيره إلا أن يطلقها أو يفرق بينهما حاكم مع قوله: "إن النكاح فاسد" قال السامري كل ذلك يتخرج على الاختلاف في الشهادة هل هي شرط أم لا.

فصل
الخامس: كون المرء كفئا لها في إحدى الروايتين فلو رضيت المرأة والأولياء بغيره لم يصح.
ـــــــ
فصل
"الخامس: كون الرجل كفئا لها في إحدى الروايتين" هي ظاهر المذهب والمشهورة عند عامة الأصحاب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وروي مرسلا قيل: هو أصح وقال عمر: "لأمنعن تزويج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء" رواه الخلال والدار قطني ورواه جابر مرفوعا لا ينكح النساء إلا الأكفاء ضعفه ابن عبد البر وقال سلمان لجرير إنكم معشر العرب لا نتقدم في صلاتكم ولا ننكح نساءكم لأن الله فضلكم علينا بمحمد رواه البيهقي بإسناد حسن واحتج بهما أحمد في رواية أبي طالب ولأنه تصرف في حق من يأتي من الأولياء فلم يصح كما لو زوجت بغير إذنها.
فإن عدم حال العقد فحكمه حكم العقود الفاسدة وإن وجدت حال العقد ثم عدمت بعده لم يبطل النكاح وللمرأة الفسخ كعتقها تحت عبد وقيل لا كوليها وكطول حرة من نكح أمة وفي ثالث لهم الفسخ كما لو كانت معدومة قبل العقد، "فلو رضيت المرأة والأولياء بغيره" أي بغير كفء "لم يصح" لفوات الشرط ولأنها حق لله تعالى ولهم واحتج جماعة ببيعه مالها بدون ثمنه مع أن المال أخف من النكاح لدخول البدل فيه والإباحة والمحاباة ويحكم بالنكول فيه وبأن منعها تزويج نفسها كيلا يضعها كفء فبطل العقد لتوهم العار فيه فهاهنا أولى ولأن لله فيه نظرا ولأن الولي إذا زوجها بغير كفء يكون فاسقا.
"والثانية ليس بشرط" للصحة بل للزوم وهي أصح اختارها أبو

والثانية: ليس بشرط وهي أصح لكن إن لم ترض المرأة والأولياء جميعهم فلمن لم يرض الفسخ فلو زوج الأب بغير كفء برضاها فللإخوة الفسخ نص عليه.
ـــــــ
الخطاب وقدمها في "المحرر" و "الفروع" وجزم بها في "الوجيز" قال ابن حمدان وهي أولى لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: من الآية13] وزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنتيه من عثمان وأبي العاصي ولا شك أن نسبه فوق نسبهما وفي "الصحيحين" أنه عليه السلام أمر فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد مولاه وهي قرشية وفي البخاري أن أبا حذيفة تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هند ابنة الوليد وهو مولى لامرأة من الأنصار وتزوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش وفي الدارقطني أن أخت عبد الرحمن بن عوف كانت تحت بلال وما روي فيها يدل على اعتبارها في الجملة ولا يلزم منه اشتراطها "لكن إن لم ترض المرأة والأولياء جميعهم فلمن لم يرض الفسخ" ويكون النكاح صحيحا لما روى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته قال فجعل الأمر إليها فقالت قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء رواه أحمد والنسائي. ويكون الفسخ فورا وكذا وتراخيا ذكره القاضي وذكره الشيخ تقي الدين ظاهر المذهب لأنه لنقص في المعقود عليه فهي حق الأولياء والمرأة وللأبعد الفسخ مع رضى الأقرب لما يلحقه من العار في الأشهر يؤيده قوله: "فلو زوج الأب بغير كفء برضاها فللأخوة الفسخ نص عليه" لأن الأخ ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة فملك الفسخ كالولي المساوي وقياس المذهب أن الفسخ يفتقر إلى حاكم.
فرع: الكفاءة المعتبرة في الرجل فقط لأنه عليه السلام لا مكافئ له وقد تزوج من أحياء العرب وفي "الانتصار" احتمال يخير معتق تحت أمة وفي "الواضح" احتمال يبطل بناء على الرواية إذا استغنى عن نكاح الأمة بحرة بطل، قال

والكفاءة الدين والمنصب فلا تزوج عفيفة بفاجر ولا عربية بعجمي والعرب بعضهم لبعض أكفاء وسائر الناس بعضهم لبعبض أكفاء وعنه: لا تزوج قرشية لغير قرشي ولا هاشمية لغير هاشمي.
ـــــــ
الكسائى قولهم لا أصل أي لا حسب ولا فضل أي لا مال وهي حق لله وعلى الثانية حق للأولياء والمرأة فقط.
"والكفاءة الدين والمنصب" هذا إحدى الروايتين وإليها ميل المؤلف أما الدين فلقوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً} [السجدة: من الآية18] الآية ويلزم منه نفي الاستواء من كل وجه صرح به القاضي وغيره لأن الفاسق مردود الشهادة والرواية غير مأمون مسلوب الولاية ناقص عند الله وعند خلقه قليل الحظ في الدنيا والآخرة.
وأما المنصب فهو النسب لحديث عمر ما الأكفاء؟ قال في الحسب رواه أبو بكر ولأن العرب يعدون الكفاءة في النسب ويأنفون من نكاح الموالي ويرون أن ذلك نقص وعار. "فلا تزوج عفيفة بفاجر ولا عربية بعجمي" لفقد العفة والمنصب "والعرب بعضهم لبعض أكفاء" على المذهب لأنه عليه السلام زوج ابنتيه عثمان وأبا العاص وزوج علي عمر ابنته أم كلثوم وتزوج عبد الله بن عمر فاطمة بنت الحسين بن علي وتزوج مصعب بن الزبير أختها سكينة وتزوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وهذا يدل على أن العرب كلهم في مرتبة واحدة.
وفي مسند البزار عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعا قال: "العرب بعضهم لبعض أكفاء والموالي بعضهم لبعض أكفاء" إلا أن خالدا لم يسمع من معاذ "وسائر الناس بعضهم لبعض أكفاء" وإن تفاضلوا في الشرف كالعرب.
"وعنه: لا تزوج قرشية لغير قرشي ولا هاشمية لغير هاشمي" حكاها القاضي في "الجامع الكبير" وأبو الخطاب والشيخان إذ العرب فضلت الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش أخص به من سائر العرب وبنو هاشم أخص به من

وعنه أن الحرية والصناعة واليسار: من شروط الكفاءة؛
ـــــــ
قريش يدل عليه قوله عليه السلام: "إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم".
ورد الشيخ تقي الدين هذه الرواية وقال ليس في كلام أحمد ما يدل عليه وإنما المنصوص عنه كما ذكره ابن أبي موسى والقاضي أن قريشا بعضهم لبعض أكفاء قال الشيخ تقي الدين ومن قال الهاشمية لا تتزوج بغير هاشمي بمعنى أنه لايجوز مارق من دين الإسلام إذ نصه تزويج الهاشميات من بنات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن بغير الهاشميين ثابت في السنة ثبوتا لا يخفى.
"وعنه أن الحرية والصناعة واليسار من شروط الكفاءة" أي مع الدين والنسب فتكون خمسة قال ابن هبيرة هذا هو المشهور عن أحمد واختارها القاضي في "تعليقه" والشريف وأبو الخطاب والمجد وصححها المؤلف في الحرية والشيرازي في اليسار وأما الحرية فلأن النبي صلى الله عليه وسلم خير بريره حين عتقت تحت عبد وإذا ثبت الخيار في الاستدامة ففي الابتداء أولى ولأن الرق نقصه كثير وضرره بين فإنه مشغول عن امرأته بخدمة سيده ولا ينفق نفقة الموسرين ولا على ولده.
وأما الصناعة فلأن ذلك نقص في عرف الناس أشبه نقص النسب وقد روى العرب بعضهم لبعض أكفاء قبيلة لقبيلة وحي لحي ورجل لرجل إلا حائك أو حجام ذكره ابن عبد البر في التمهيد وذكر أنه حديث منكر وأن أحمد قال العمل عليه لما سأله مهنا.
وأما اليسار فلأن في عرف الناس التفاضل في ذلك ولقوله عليه السلام لفاطمة بنت قيس حين أخبرته بخطابها فقال لها: "أما معاوية فصعلوك لا مال له" ولأن على الموسرة ضررا في إعسار زوجها لإخلاله بنفقتها ونفقة ولدها.
"فلا تزوج حرة بعبد" لانتفاء الحرية فيه ولا بمن بعضه رقيق واختلف فيمن

فلا تزوج حرة بعبد ولا بنت بزاز بججام ولا بنت تانئ بحائك ولا موسرة بمعسر.
ـــــــ
مسه أو مس آباءه الرق هل يكون كفئا الحرة الأصل فيه روايتان.
"ولا بنت بزاز" بياع البز "بحجام" لانتفاء الاستواء في الصنعة "ولا بنت تانئ" بالهمز بغير خلاف وهو صاحب العقار والمال "بحائك" لانتفاء اليسار وإن وجد فيه كثرة المال فالعبرة بالغالب "ولا موسرة بمعسر" وظاهره ولو كان متوليا وقاله الشيخ تقي الدين وعلى هذا بقية الصنائع المزرية كالقيم والحمامي لأن ذلك نقص في عرف الناس وعنه: لا لأنه ليس بنقص لازم كالمرض وقيل نساج كحائك.
وولد الزنى قيل هو كفء لذات نسب وعنه: لا كعربية زاد الشافعي على ذلك المنتسب إلى العلماء والصلحاء المشهورين ليس كفئا للمنتسب إليهما.
تنبيه: اختلف في الكفاءة هل هي شرط للصحة أو للزوم وأنها هل تعتبر في اثنين أو جهة وقد سبق وقال القاضي وأبو الخطاب والمؤلف وجمع كما في الشروط الخمسة وقال في "المجرد" ومحلهما في الدين والمنصب وأما الثلاثة الباقية فلا يبطل رواية واحدة وجمع المجد بينهما فجعل فيها ثلاث روايات يختص البطلان بالدين والمنصب وقال في "المجرد" يختص البطلان بالنسب فقط وقال الشيخ تقي الدين لم أجد عن أحمد نصا ببطلان النكاح لفقر أو رق ولم أجد عنه نصا بإقرار النكاح مع عدم الدين والمنصب ونص على التفريق بالحياكة في رواية حنبل.
فرع: يجوز للعجمي أن يتزوج موالي بني هاشم نص عليه وقال في قوله مولى القوم من أنفسهم هو في الصدقة وفي رواية مهنا المنع.
ومن أسلم كفء لمن له أبوان في الإسلام نص عليه.
وأهل البدع قال أحمد في الرجل يزوج الجهمي يفرق بينهما. وكذا

ـــــــ
الواقفي إذا كان يخاصم وقال لا يزوج بنته من حروري ولا رافضي ولا قدري فإن كان لا يدعو فلا بأس.
مسألة: لا تشترط الشهادة بخلوها عن الموانع الشرعية قال في "الترغيب" وغيره ولا الإشهاد على إذنها وقيل بلى ولا يزوجها العاقد نائب الحاكم بطريق الولاية حتى يعلم إذنها وإن ادعى زوج إذنها وأنكرت صدقت قبل الدخول لا بعده وفي "عيون المسائل" تصدق الثيب لأنها تزوج بإذنها ظاهرا بخلاف البكر فإنه يزوجها أبوها بلا إذنها وفي دعوى الولي إذنها كذلك وقال الشيخ تقي الدين قولها وإن دعت الإذن فأنكر ورثته صدقت.

باب
المحرمات في النكاح
وهن ضربان: محرمات على الأبد وهن أربعة أقسام أحدها المحرمات بالنسب وهن سبع الأمهات وهن الوالدة والجدات من قبل الأب والأم وإن علون،
ـــــــ
باب المحرمات في النكاح"وهن ضربان محرمات على الأبد" أي التأبيد "وهن أربعة أقسام أحدها المحرمات بالنسب" ولا فرق بين النسب الحاصل بنكاح أو ملك يمين أو وطء شبهة أو حرام وسنذكره "وهن سبع" يجمعها قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: من الآية23] الآية الأمهات وهن كل من انتسب إليهن بولادة سواء وقع عليها اسم الأم حقيقة وهي التي ولدتك أو مجازا وهي التي ولدت من ولدك وإن علت.
ثم بين ذلك بقوله: "وهن الوالدة والجدات من قبل الأب والأم وإن علون" وهن: جدتاك أم أمك وأم أبيك وجدتا أمك وجدتا أبيك وجدتا جدتيك

والبنات من حلال أو حرام وبنات الأولاد وإن سفلن والأخوات من الجهات الثلاث وبنات الأخ وبنات الأخت وأولادهم وإن سفلوا والعمات والخالات وإن علون ولا تحرم بناتهن.
ـــــــ
وجدتا أجدادك وارثات كن أوغير وارثات كلهن محرمات.
وفي الصحيح أن أبا هريرة ذكر هاجر أم إسماعيل وقال تلك أمكم يا بني ماء السماء وفي الدعاء المأثور اللهم صل على أبينا آدم وأمنا حواء.
"والبنات من حلال" وهي كل أنثى انتسبت إليك بولادتك كابنة "أو حرام" وشمل ابنته من الزنى لقوله عليه السلام في امرأة هلال بن أمية: "أنظروه فإن جاءت به على كذا فهو لشريك بن سمحاء" يعني الزاني واستدل أحمد بأمر النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تحتجب من ابن زمعة للشبه الذي رأى بعتبة ويكفي في التحريم أن يعلم أنها بنته ظاهرا وإن كان النسب لغيره قاله في التعليق وظاهر كلام أحمد أن الشبه كاف ولأنها مخلوقة من مائه فحرمت كتحريم الزانية على ولدها وكالمنفية باللعان لا يقال لا يجري التوارث بينهما ولا تعتق عليه إذا ملكها ولا يلزمه لأن تخلف بعض الأحكام لا يوجب كما لو كانت رقيقة أو مخالفة لدينه.
"وبنات الأولاد وإن سفلن" من ملك أو شبهة لصحة الراوي الاسم للجميع "والأخوات من الجهات الثلاث" أي الأخوات من الأبوين أو من الأب ومن الأم لشمول الآية لهن ) {وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} من أي جهة كانوا "وأولادهم وإن سفلوا" للآية "والعمات والخالات وإن علون" فيدخل في العمات كل أخت لأب وإن بعدت من جهة أبيه ومن جهة أمه وفي الخالات كل أخت لأم وإن بعدت من جهة أبيه ومن جهة أمه. وإذا ثبت أن كل جد أب وكل جدة أم فكل أخت لها عمة وخالة ويستثنى منه خالة العمة لأب وعمة الخالة لأم "ولا تحرم بناتهن" لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: من الآية50] والأصل المساواة لاسيما وقد

القسم الثاني المحرمات بالرضاع ويحرم به ما يحرم من النسب.
القسم الثالث المحرمات بالمصاهرة وهن أربع أمهات نسائه.
ـــــــ
دخلت في عموم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: من الآية24] وضابطه أن كل امرأة حرمت حرمت ابنتها إلا خمس أم الزوجة والعمة والخالة وحليلة الابن وحليلة الأب ومن حرمت حرمت أمها إلا خمس البنت والربيبة وبنت الأخ وحليلة الابن وحليلة الأب.
أصل: يحرم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فقط على غيره ولو من فارقها وهن أزواجه دنيا وأخرى.
"القسم الثاني المحرمات بالرضاع ويحرم به ما يحرم من النسب" لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: من الآية23] والبقية بالقياس بغير خلاف حكاه ابن حزم والمؤلف ولقوله عليه السلام: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه.
نقل حنبل نكاح ابن الرجل من لبنه بمنزلة نكاح ابنه من صلبه وقال الشيخ تقي الدين لم يقل الشارع ما يحرم بالمصاهرة فأم امرأته برضاع وامرأة ابنه أو أبيه من الرضاعة التي لم ترضعه وبنت امرأته بلبن غيره حرمن بالمصاهرة لا بالنسب،
ولا نسب ولا مصاهرة بينه وبينهن فلا تحريم وقد استثنى من كلامه بعض أصحابنا إلا أم أخته وأخت ابنه فإنهما لا يحرمان والصواب عند الأكثر عدم استثنائهما لأن أم أخته إنما حرمت في غير هذا الموضع لكونها زوجة أبيه وهو تحريم بالمصاهرة لا تحريم نسب وأخت ابنه لأنها ربيبته.
فرع: ظاهر كلامه لا فرق بين الرضاع والمحظور ذكره القاضي في "تعليقه" بأنه إجماع.
"القسم الثالث المحرمات بالمصاهرة وهن أربع أمهات نسائه" أي إذا تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها من نسب أو رضاع قريبة أو بعيدة بمجرد العقد نص عليه وهو قول عمر وابن مسعود وجابر وعن علي أنها لا تحرم إلا

وحلائل آبائه وأبنائه فيحرمن بمجرد العقد دون بناتهن والربائب وهن بنات نسائه اللاتي دخل بهن دون اللاتي لم يدخل بهن
ـــــــ
بالدخول بابنتها ولنا قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: من الآية23] وهو عام. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال: "من تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها لا بأس أن يتزوج ربيبته ولا يحل له أن يتزوج أمها" رواه ابن ماجه وأبو حفص "وحلائل آبائه" سميت امرأة الرجل حليلة لأنها محل إزار زوجها وهي محللة له أي فيحرم عليه امرأة أبيه قريبا كان أو بعيدا من نسب أو رضاع وارثا كان أوغير وارث دخل بها أو لا لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: من الآية22].
وقال البراء: لقيت خالي ومعه الراية قال أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه رواه أحمد وأبو داود وقال حسن غريب وسواء في هذا امرأة أبيه أو امرأة جده لأبيه وجده لأمه قريب أو بعيد ولا فرق بين من وطئها بملك أو شبهة.
"وأبنائه" أي يحرم عليه أن يتزوج بامرأة ابنه وابن بنته من نسب أو رضاع قريبا كان أو بعيدا لقوله تعالى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: من الآية23] بغير خلاف نعلمه "فيحرمن بمجرد العقد" لعموم ما تقدم ولو كان نكاح الأب الكافر فاسدا ذكره الشيخ تقي الدين إجماعا وظاهره لا فرق فيه بين العقد الصحيح المفيد للحل والفاسد على ظاهر كلام القاضي في "المجرد" لأن حكمه كالصحيح إلا الحل والإحلال والإحصان والإرث وتنصف الصداق قبل المسيس وظاهر كلامه في التعليق خلافه دون بناتهن أي يحل له نكاح ربيبة أبيه وابنه لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: من الآية24].
"والربائب وهن بنات نسائه اللاتي دخل بهن" لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: من الآية23] "دون اللاتي لم يدخل بهن" لأن تقييده بالحجر خرج مخرج الغالب وما كان كذلك لا مفهوم له اتفاقا ولا فرق فيها بين أن تكون قريبة أو بعيدة وارثة أوغير وارثة من نسب أو رضاع فإذا

فإن متن قبل الدخول فهل تحرم بناتهن على روايتين ويثبت تحريم المصاهرة بالوطء الحلال والحرام فإن كانت المواطوءة ميتة أو صغيرة فعلى وجهين وإن باشر امرأة أو نظر إلى فرجها أو خلا بها لشهوة فعلى روايتين.
ـــــــ
دخل بالأم حرمت عليه سواء كانت في حجره أو لا.
وحكي عن ابن عقيل وهو مروي عن عمر وعلي أنه يرخص فيها إذا لم تكن في حجره فإن متن قبل الدخول أو ماتت "فهل تحرم بناتهن؟ على روايتين" أظهرهما أنها لا تحرم وهو قول عامة العلماء لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: من الآية23] وكالطلاق والموت لا يجري مجرى الدخول في الإحلال والإحصان والثانية بلى اختاره أبو بكر قياسا على تكميل العدة والصداق.
"ويثبت تحريم المصاهرة بالوطء الحلال" اتفاقا "والحرام" لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: من الآية22] وفيها دلالة تصرفه إلى الوطء دون العقد لقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} [النساء: من الآية22] وهذا التغليظ إنما يكون في الوطء وعن ابن مسعود قال لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها رواه الدارقطني بإسناد ضعيف ولأن ما تعلق بالوطء المباح تعلق بالمحظور كوطء الحائض ولأن النكاح يفسده الوطء بالشبهة وأفسده الوطء الحرام كالإحرام وذكر في "المستوعب" و "المغني" و "الترغيب" ولو بوطء دبر وقيل لا ونقل بشر بن موسى لا يعجبني ونقل الميموني إنما حرم الله الحلال على ظاهر الآية والحرام مباين للحلال "فإن كانت الموطوءة ميتة أو صغيرة لا يوطأ مثلها فعلى وجهين" أحدهما ينشر الحرمة كالرضاع والثاني وهو ظاهر "الوجيز" وغيره لا ينشرها لأن التحريم يتعلق باستيفاء منفعة الوطء وذلك يبطلها وفي المذهب هو كنكاح فيه شبهة وجهان.
"وإن باشر امرأة أو نظر إلى فرجها أو قبلها أو خلا بها لشهوة فعلى روايتين" وفيه مسائل
الأولى إذا باشرها دون الفرج لشهوة فالأشهر أنه لا ينشرها كما لو لم يكن لشهوة والثانية بلى وهو قول ابن عمرو وابن

وإن تلوط بغلام حرم على كل واحد منهما أم الآخر وابنته وعن أبي الخطاب هو كالوطء دون الفرج وهو الصحيح.
ـــــــ
عمر كالوطء والفرق بين الوطء وغيره ظاهر وعلم منه أنه إذا باشرها دون الفرج لغير شهوة أنه لا ينشر الحرمة بغير خلاف نعلمه.
الثانية: إذا نظر إلى فرجها لشهوة ظاهر المذهب أنه لا ينشرها كالنظر إلى الوجه والثانية ينشرها في كل موضع ينشرها اللمس روي عن جماعة من الصحابة.
وعنه: لا فرق بين النظر إلى الفرج وإلى بقية البدن ذكرها أبو الحسين ونقله الميموني وابن هانئ منها أو منه إذا كان لشهوة والأصح خلافه فإن غير الفرج لا يقاس عليه وإن وقع ذلك من غير شهوة لم ينشرها بغير خلاف فيه وهذا فيمن بلغت تسع سنين فما زاد وعنه: سبع إذا أصابها حرمت عليه أمها.
الثالثة: إذا خلا بها لشهوة قبل الوطء فروايتان إحداهما وهي اختيار القاضي وابن عقيل والمؤلف لا ينشر بناء على أن النظر كناية عن الدخول والثانية بلى لأنه تعالى أطلق الدخول وهو شامل للخلوة والعرف على ذلك يقال دخل بزوجته إذا كان بنى بها وإن لم يطأ وأما إذا فعلت هي ذلك فالحكم كما ذكره.
"وإن تلوط بغلام حرم على كل واحد منهما أم الآخر وابنته" أي يحرم بوطء الغلام ما يحرم بوطء المرأة نص عليه لأنه وطء في فرج فينشر الحرمة إلى من ذكر كوطء المرأة "وعند أبي الخطاب وهو كالوطء دون الفرج" فيكون في تحريم المصاهرة حكم المباشرة فيما دون الفرج شهوة لكونه وطئافي غير محله "وهو الصحيح" عند المؤلف لأنه ليس بمنصوص على تحريم ولا يصح قياسه على النساء لأن وطأها سبب للبغضة ويوجب المهر ويلحق به النسب وتصير المرأة به فراشا قال ابن البنا وابن عقيل وكذا دواعيه والأول هو المذهب.
"القسم الرابع الملاعنة تحرم على الملاعن" إذا لم يكذب نفسه في قول

القسم الرابع الملاعنة تحرم على الملاعن إلا أن يكذب نفسه فله تحل له على روايتين. فصل
الضرب الثاني: المحرمات إلى أبد وهن نوعان أحدهما المحرمات لأجل الجمع فيحرم الجمع بين الأختين،
ـــــــ
الجماهير لقول سهل بن سعد مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما لا يجتمعان أبدا رواه الجوزجاني ونحوه عن عمر بن الخطاب إلا أن يكذب نفسه فهل تحل له على روايتين ظاهر المذهب أنها تحرم لظاهر الخبر ولأنه تحريم لا يرتفع قبل الجلد والتكذيب فلم يرتفع بالتكذيب كالرضاع.
والثانية: تحل نقلها حنبل وذكر ابن رزين أنه الأظهر لأنه لما أكذب صارت شبهته بحالها قبل الملاعنة وهي حينئذ حلال وعنه: بنكاح جديد أو ملك يمين وينبغي أن يحمل على ما إذا لم يفرق الحاكم بينهما أما إذا فرق بينهما فلا وجه لبقاء النكاح وفيه نظر لأن الفرقة حصلت باللعان وإن قيل لا تحصل إلا بفرقة الحاكم فلا تحرم حتى يقول حلت له وظاهره إذا كان اللعان بعد البينونة أو في نكاح فاسد أنه لا تحل على الأشهر ولا حد قولا واحدا.
مسألة: إذا وطئ أم امرأته أو ابنتها انفسخ النكاح لأنه طرأ عليها ما يحرمها أشبه الرضاع
فصل
"الضرب الثاني: المحرمات إلى أمد" أي غاية "وهن نوعان أحدهما المحرمات لأجل الجمع فيحرم الجمع بين الأختين" من نسب أو رضاع حرتين أو أمتين أو حرة وأمة من أبوين أو من أب وأم قبل الدخول أو بعده لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء:

وبين المرأة وعمتها أو خالتها فإن تزوجهما في عقد لم يصح وإن تزوجهما في عقدين أو تزوج إحداهما في عدة الأخرى سواء كانت بائنا أو رجعية فنكاح الثانية باطل.
ـــــــ
23] "وبين المرأة وعمتها أو خالتها" إجماعا وسنده ماروى أبو هريرة مرفوعا قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها" متفق عليه وللبخاري عن جابر مثله وفي التمهيد عن ابن عباس نحوه ولما فيه من إيقاع العداوة بين الأقارب وإفضاؤه إلى قطيعة الرحم ويحصل تخصيص قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: من الآية24]. ولا فرق فيه بين القريبة والبعيدة من نسب أو رضاع وضابطه كل امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا والأخرى أنثى حرم نكاحه ولهذا حرم الجمع بين المرأة وبنت أخيها لأن الأخ لا يباح له بنت أخته لا تباح له خالته وأبيح الجمع بين بنتي عمين وبنتي خالين وبنتي عمتين وبنتي خالتين لأن ابن العم يجوز أن يتزوج ببنت عمه وابن الخال يجوز له أن يتزوج ببنت خالته.
وهل يكره لأجل قطيعة الرحم إن كانت بعيدة أو لا يكره فيه روايتان لكن لا يجوز الجمع أن يجمع بين عمة وخالة بأن ينكح امرأة وابنه أمها فولد لكل منهما بنت وبين عمتين بأن ينكح أم رجل والآخر أمه فيولد لكل منهما بنت وبين خالتين بأن ينكح كل منهما ابنة الآخر.
لا بين أخت رجل من أبيه وبين أخته من أمه ولو في عقد واحد قاله ابن حمدان وغيره ولا بين من كانت زوجة رجل وبنته من غيرها.
"فإن تزوجهما في عقد" واحد أو عقدين معا "لم يصح" لأنه لا يمكن تصحيحهما ولا مزية لأحدهما على الآخر "وإن تزوجهما في عقدين أو تزوج إحداهما في عدة الأخرى سواء كانت بائنا أو رجعية فنكاح الثانية باطل" لأن به يحصل الجمع فاختص البطلان به لكن إن جهل السابق فسخ النكاحان وعنه: يقرع بينهما وعلى الأول يلزمه نصف المهر ويقترعان

وإن اشترى أخت امرأته أو عمتها أو خالتها صح ولم يحل له وطؤها حتى يطلق امرأته وتنقضي عدتها وإن اشتراهن في عقد واحد صح فإن وطىء إحداهما لم تحل له الأخرى حتى يحرم على نفسه الأولى بإخراج عن ملكه أو تزويج ويعلم أنها ليست بحامل.
ـــــــ
عليه وذكر ابن عقيل رواية لا لأنه مكره اختاره أبو بكر.
فرع: إذا تزوج أما وبنتا في عقد صح في حق البنت فقط وقيل يفسد في حقهما كالأختين وجه الأول أن الأم تحرم بمجرد العقد فكانت أولى بالبطلان فاختصت به ونقل ابن منصور إذا تزوج أختين في عقد يختار إحداهما قال القاضي هو محمول على أنه يختار إحداهما بعقد مستأنف.
"وإن اشترى أخت امرأته أو عمتها أو خالتها صح" لأن الشراء يراد للاستمتاع ولغيره ولذلك صح شراء المجوسية وأخته من الرضاع وكذا لو ملكها بغير الشراء "ولم يحل له وطؤها حتى يطلق امرأته وتنقضي عدتها" لئلا يكون جامعا بينهما في الفراش وجامعا ماءه في رحم من يحرم الجمع بينهما.
"وإن اشتراهن" أو ملكهن "في عقد واحد صح" لا نعلم فيه خلافا لأن الشراء يراد لغير الوطء بخلاف العقد وإذا جاز شراء واحدة على الأخرى فمعا أولى "فإن وطئ إحداهما" جاز لأن الأخرى لم تصر فراشا في قول أكثر العلماء وذكر جماعة لا يقرب واحدة منهما وذكره أبو الخطاب مذهبا لأحمد "ولم تحل له الأخرى حتى يحرم على نفسه الأولى بإخراج عن ملكه" ولو ببيع للحاجة قاله الشيخ تقي الدين وابن رجب وهو الأظهر "أو تزويج" بعد استبراء "ويعلم أنها ليست بحامل" وهو قول علي وابن عمر لأن كل من حرم وطؤها تحل له إذا أخرجها عن ملكه ببيع أو تزويج لأن الجمع قد زال وظاهره ولو كانت الأولى صغيرة ويشكل عليه أنه لا يجوز أن يفرق في البيع بين ذي رحم محرم إلا بعد البلوغ على رواية.
وشرط المؤلف وغيره ويعلم أنها ليست بحامل لأنه إذا كانت حاملا لم تحل

فإن عادت إلى ملكه لم يصب واحدة منهما حتى يحرم الأخرى وعنه: ليس بحرام ولكن ينهى عنه.
ـــــــ
له أختها حتى تضع حملها لئلا يكون جامعا ماءه في رحم أختين فهوكنكاح الأخت في عدة أختها لا يقال هذا الشرط لا يحتاج إليه إذ شرط الإباحة أحد الأمرين وكلاهما لا يصح إلا بعد العلم أن الموطوة غيرحامل لأن في البيع يجوز على رواية وعلى المنع يمكن أن يتضرر بالعتق ولكن من صور الإخراج البيع والهبة.
وفي الاكتفاء بتحريمها بكتابة ورهن وبيع بشرط خيار وجهان ولا يكفي مجرد تحريمها نص عليه وقال ابن عباس وحكي عن علي أحلتها آية وحرمتها أخرى يريد قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا} [النساء: من الآية23] {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: من الآية3].
"فإن عادت إلى ملكه لم يصب واحدة منهما حتى يحرم الأخرى" في ظاهر نصوصه لأن الثانية صارت فراشا وقد رجعت إليه التي كانت فراشا فحرمت كل واحدة منهما بكون الأخرى فراشا كما لو انفردت.
واختار في "المغني" إن عادت قبل وطء أختها فهي المباحة واختار في "المحرر" بل أيتهما شاء وانها إن عادت بعد وطء أختها فأختها المباحة وقال ابن نصر الله هذا إذا لم يجب استبراء فإن وجب لم يلزمه ترك أختها وهو حسن فلو خالف وفعل لزمه أن يمسك عنهما حتى تحرم إحداهما وأباح القاضي وطء الأولى بعد إستبراء الثانية.
"وعنه: ليس بحرام ولكن ينهى عنه" حكاها القاضي والشيخان معتمدين في ذلك على رواية ابن منصور وسأله عن الجمع بين الأختين المملوكتين تقول إنه حرام قال لا ولكن ينهى عنه وامتنع الشيخ تقي الدين من إثبات ذلك رواية وهذا وضوء في الفتوى كثيرا ما يستعمله السلف لا يطلقون لفظ التحريم يقولون ينهى عنه.

وإن وطىء أمته ثم تزوج أختها لم يصح عند أبي بكر وظاهر كلام أحمد أنه يصح ولا يطؤها حتى يحرم الموطوءة فإن عادت إلى ملكه لم يطأ واحدة منهما حتى يحرم الأخرى
ـــــــ
فرع: لو ملك أختين مسلمة ومجوسية فله وطء المسلمة ذكره في التبصرة.
"وإن وطئ أمته" أو أعتق سريته "ثم تزوج أختها لم يصح عند أبي بكر" وهو ظاهر كلام أحمد قاله القاضي لأن النكاح تصير المرأة به فراشا فلم يجز أن ترد على فراش الأخت كالوطء.
"وظاهر كلام أحمد أنه يصح" ذكره أبو الخطاب وجزم به في "الوجيز" لأنه سبب يستباح به الوطء فجاز أن يرد على وطئ الأخت ولا يبيح كالشراء "ولا يطؤها حتى تحرم الموطوءة" لئلا يكون جامعا ماءه في رحم أختين ولا شك أن ملك اليمين أقوى من النكاح بدليل أنه لو اشترى زوجته انفسخ النكاح ولو سلم تساويهما فسبق ملك اليمين معارضة وعنه: تحريمهما حتى يحرم إحداهما وكذا لو تزوجها بعد تحريم سريته ثم رجعت السرية إليه لكن النكاح بحالة وإن أعتق سريته ثم تزوج أختها في مدة استبرائها ففي صحة العقد روايتان وله نكاح أربع سواها في الأصح "فإن عادت إلى ملكه لم يطأ واحدة منهما حتى يحرم الأخرى" لأن الأولى عادت إلى الفراش فاجتمعا فيه فلم تبح واحدة منهما قبل إخراج الأخرى عن الفراش.
تنبيه: إذا وطىء بشبهة أو زنى لم يجز في العدة أن ينكح أختها ولو كانت زوجته نص عليه وفيه احتمال وفي وطء أربع غيرها أو العقد عليهن وجهان ومن وطئت بشبهة حرم نكاحها في العدة وإن كان الواطىء في قياس المذهب وعنه: إن لزمتها عدة من غيره حرم وإلا فلا وهي أشهر وعنه: إن نكح معتدة من زوج بنكاح فاسد أو وطء حرمت عليه أبدا.

ولا يجوز للحر أن يجمع أكثر من أربع ولا للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين وإن طلق إحداهن لم يجز أن يتزوج أخرى حتى تنقضي عدتها.
ـــــــ
"ولا يجوز للحر أن يجمع أكثر من أربع" أجمع أهل العلم على هذا إلا ما روي عن القاسم بن إبراهيم أنه أباح تسعا لقوله: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: من الآية3] والواو للجمع ولأنه عليه السلام مات عن تسع وهذا القول خرق للإجماع وترك للسنة فإنه عليه السلام قال لغيلان بن سلمة: "أمسك أربعا" والجواب سائرهن وأمر نوفل بن معاوية حين أسلم على خمس أن يفارق واحدة منها رواهما الشافعي فإذا منع من الاستدامة زيادة على أربع فالابتداء أولى والواو أريد بها التمييز بين الأشياء كقوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ} [فاطر: من الآية1] الآية ليس لكل ملك منهم تسعة أجنحة والنبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يتزوج بأي عدد شاء ذكر الشيخ عز الدين ابن عبد السلام أنه كان في شريعة موسى جواز التزويج من غيرحصر وفي شريعة عيسى لا يجوز أكثر من واحدة لمصلحة النساء فراعت شريعتنا مصلحة النوعين.
"ولا للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين" إجماعا وسنده أن الحكم بن عتيبة قال أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد لا ينكح إلا اثنتين ولا يجوز أكثر من ذلك رواه الشافعي وهو قول عمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وبه يتخصص عموم الآية أو يقال الآية إنما تناولت الحر لأن فيها {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} والعبد لا يملك ولو ملك فنفس ملكه لا يبيح التسري.
فرع: من عتق نصفه أو أكثر له جمع ثلاث نص عليه كالحد وقيل لا يملك سوى اثنتين لأنهما قد ثبتا له وهو عبد فلا ينتقل عنه إلا بدليل من نص أو إجماع ولم يوجد.
"وإن طلق إحداهن" أي نهاية عدده "لم يجز أن يتزوج أخرى حتى تنقضي عدتها" أما إذا كان الطلاق رجعيا فلا خلاف فيه وكذا إن كان بائنا أو فسخا روي عن علي وابن عباس لأن بعض الأحكام باقية فيمتنعان منه كالرجعي

فصل النوع الثاني محرمات لعارض يزول فيحرم عليه نكاح زوجة غيره والمعتدة منه والمستبرئة منه وتحرم الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها،
ـــــــ
بخلاف موتها نص عليه فإن قال أخبرتني بانقضاء عدتها فكذبته فله نكاح أختها وبدلها في الأصح ولا تسقط السكنى والنفقة ونسب الولد بل الرجعة.
فرع: يجوز نكاح أمته في عدة حرة إذا كان الطلاق بائنا وكان خائفا للعنت نص عليه في رواية مهنا لوجود الشرطين.
تذنيب: في "الفنون" قال فقيه شهوة المرأة فوق شهوة الرجل تسعة أجزاء فقال حنبلي لو كان هذا ما كان له أن يتزوج بأربع وينكح ما شاء من الإماء ولا تزيد المرأة على رجل ولها من القسم الربع وحاشا حكمته أن تضيق على الأحوج.
وذكر ابن عبد البر عن أبي هريرة وبعضهم يرفعه فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين جزءا من اللذة أو قال من الشهوة ولكن الله تعالي ألقى عليهن الحياء وقوى في إعلام الموقعين أن الرجل أشد شهوة من المرأة وأن حرارته أقوى من حرارة المرأة والشهوة تتبعها الحرارة بدليل أن الرجل إذا جامع امرأة أمكنه مجامعة غيرها في الحال.
فصل
"النوع الثاني: محرمات لعارض يزول" لأن زوجة غيره إنما حرمت لأجل ذلك الغير فيحرم عليه نكاح زوجة غيره بغير خلاف "والمعتدة منه" أي من غيره لقوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: من الآية235] الآية والمستبرئة منه لأنها في معنى المعتدة من غيره ولأن إباحة نكاحها يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب وهو محذور مطلوب العدم.
"وتحرم الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها" نص عليهما لقوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ

ومطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره والمحرمة حتى تحل
ـــــــ
لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: من الآية3] ولأنه لا يؤمن أن يلحق به ولد من غيره، فحرمت كالمعتدة ويشترط انقضاء العدة أما على الزاني فلأن ولدها لا يلحق به فيفضي نكاحه بها إلى اشتباه من لا يلحق نسبه بأحد ممن يلحق نسبه به وأما على غيره فلأنها معتدة من غيره وبالجملة إذا حملت من الزنى فلا يحل نكاحها قبل الوضع لقوله عليه السلام: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ولأنها حامل من غيره أشبه سائر الحوامل.
وقيل: لا يحرم نكاحها كما لو لم تحمل فعلى الأول يلزمها العدة ويحرم النكاح فيها لاشتباه الأنساب وتشترط التوبة منه لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} وهي قبل التوبة في حكم الزنى فإذا تابت زال ذلك وتوبتها كغيرها صححه المؤلف وقدمه في "الفروع" ونصه الامتناع من الزنى بعد الدعاية إليه روى عن عمر وابن عباس وظاهره لا تشترط التوبة من الزاني وعنه: بلى إن نكحها ذكره ابن الجوزي عن الأصحاب وعلم منه أنها إذا تابت وانقضت عدتها حلت للزاني وغيره في قول أكثرهم.
فائدة: إذا زنت امرأة رجل أو زنى زوجها قبل الدخول أو بعده لم ينفسخ النكاح في قول عامتهم وعن جابر يفرق بينهما وليس لها شيء وعن الحسن مثله ولنا أن دعواه الزنى عليها لا يبينها ولو كان النكاح ينفسخ به لانفسخ بمجرد دعواه كالرضاع ولأنه معصية أشبهت السرقة ولكن استحب أحمد مفارقتها إذا زنت وقال لا أرى أن يمسك مثل هذه ولا يطؤها حتى يستبرئها بثلاث حيض والأولى بحيضة.
"ومطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره" لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } [البقرة: من الآية230] والمراد به هنا الوطء فدل أنها إذا نكحت غيره حلت لأنه جعل ذلك غاية لتحريمها وحلها موقوف على طلاق الثاني وانقضاء عدته "والمحرمة حتى تحل" لقوله عليه السلام: "لا ينكح المحرم

ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال ولا لمسلم نكاح كافرة إلا حرائر أهل الكتاب.
ـــــــ
ولا ينكح ولا يخطب" رواه مسلم ولأنه عارض منع الطيب فمنع النكاح كالمعتدة.
"ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال" لا نعلم فيه خلافا وظاهره ولو كان وكيلا ولا لمسلم نكاح كافرة لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: من الآية221] وظاهره ولو كان عبدا صرح به في "الفروع" ولا نكاح مرتدة وإن تدينت بدين أهل الكتاب لأنها لا تقر على دينها ولا مجوسية لأنه لم يثبت لها كتاب.
"إلا حرائر أهل الكتاب" فإنها تحل بغير خلاف نعلمه وسنده قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: من الآية5] ولإجماع الصحابة عليه لا يقال ما تقدم يدل على عدم إباحتهن لشركهن وقول ابن عباس آية المائدة متأخرة عنهما لأن لفظ المشركين لا يتناول أهل الكتاب لقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: من الآية1] ونص على الحرائر لأن الإماء يأتي حكمهن والأولى تركه وكرهه تقي الدين كقول أكثرهم كذبائحهم بل حاجة وشمل الحربيات من أهل الكتاب وهو أحد الأقوال اختاره القاضي وهو ظاهر "الوجيز" و "الفروع" لدخولهن في الآية الكريمة.
وقيل: لا يجوز حملا لآية المنع على ذلك وآية الجواز الحربيات ونص أحمد أنه لا يجوز في دار الإسلام فقط وإن اضطر اختاره ابن عقيل وقيل يجوز في دار الحرب مع الضرورة نص عليه وعلل الإمام المنع في دار الحرب من أجل الولد لئلا يستعبد الرجعة على دينهم ومقتضاه لا يتزوج ونقل الأثرم لا يطأ زوجته إن كانت مغيبة فدل على أنه لا يتزوج آيسة وصغيرة.
تنبيه: أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ومن وافقهم في أصل دينهم؛

فإن كان أحد أبويها غير كتابي أو كانت من نساء بني تغلب فهل تحل على روايتين.
ـــــــ
كالسامرة والفرنج والأرمن وأما الصابئة فقال أحمد هم من جنس النصارى وقال في موضع آخر بلغني أنهم يسبتون فألحقهم باليهود وفي "المغني" الصحيح أن من وافق اليهود والنصارى في أصل دينهم وخالفهم في فروعه فهو منهم ومن خالفهم في أصل دينهم فلا ومن سواهم من الكفار كالمتمسك بصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فليسوا بأهل كتاب على الصحيح ذكره ابن عقيل فلا تحل نساؤهم ولا ذبائحهم لقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ} [الأنعام: من الآية156] الآية وقيل: هم أهل كتاب فتنعكس الأحكام.
"فإن كان أحد كتابي أو كانت من نساء بني تغلب فهل تحل على روايتين"، وفيه مسألتان الأولى قطع الخرقي وأبو بكر وابن أبي موسى والقاضي وجمهور أصحابه والمؤلف في "الكافي" أنه لا يحل لمسلم نكاحها لأنها متولدة بين من يحل ومن لا يحل كالمتولد بين مأكول وغيره.
والثانية: بلى لأنها كتابية فتدخل في العموم وحكى ابن رزين ثالثة أنها تحل إذا كان أبوها كتابيا لأن الولد ينسب إليه قال الشيخ تقي الدين هذا خطأ وكلام أحمد يدل على أن العبرة بالدين وأنه لم يعلق الحكم بالنسب البتة وكذا ذكره القاضي في "تعليقه" ردا على الشافعية أن تحريم النكاح والذبيحة تتعلق بالدين دون المحرم موجود فكان الاعتبار به دون النسب وظاهره إذا كان كتابيين فالتحريم وهو المذهب وقيل عنه لا وجزم به في "المغني" واختاره الشيخ تقي الدين اعتبارا بنفسه وأما الثانية فالصحيح أنها تحل روي عن عمر وابن عباس قال الأثرم ما علمت أحدا من الصحابة كرهه إلا عليا ولأنها كتابية فتشملها الآية ولأن بني تغلب يقرون على دينهم ببذل المال فتحل نساؤهم كأهل الكتاب.
والثانية: لا روي عن علي ولأنه يحتمل أنهم دخلن في دين الكفر بعد

وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية وعنه: يجوز ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف العنت ولا يجد طولا لنكاح حرة ولا ثمن أمة.
ـــــــ
التبديل، وقيل: هما في بقية اليهود والنصارى من العرب فإن شك فيه فالأشهر أنهما يحرمان.
فرع: لا ينكح مجوسي كتابية وقيل ولا كتابي مجوسية.
"وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية" رواه عن أحمد نحو عشرين نفسا قال أبو الخطاب هو قول عامة أصحابنا لقوله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: من الآية25] ولأنه اجتمع فيها نقص الرق والكفر أشبهت المجوسية فإنه اجتمع فيها الكفر وعدم الكتاب وحذارا من استرقاق الولد وعنه: يجوز لأنها تحل بملك اليمين فتحل بالنكاح كالمسلمة فعلى هذا تحل للعبد مطلقا وللحر بشرطه وعلى الأول لا فرق فيها بين أن تلد أولا ولا بين أن تكون لمسلم أو كافر صرح به القاضي في تعليقه.
"ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف العنت ولا يجد طولا لنكاح حرة" أي ليس للحر المسلم أن يتزوج أمة مسلمة إلا بوجود شرطين عدم الطول وخوف العنت لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} [النساء: من الآية25] فشرطهما تعالى لنكاح الأمة والمعلق على شرط عدم عند عدمه وكما إذا كان تحته حرة.
والقيد الأول يحترز به من العبد فإن له نكاحها من غير شرط لتساويهما
والثاني يحترز به عن الكافر وقيد الأمة بكونها مسلمة احتراز من الكافرة فإنه لا يجوز نكاحها ولا مع الشرطين والعنت فسره القاضيان أبو يعلي وأبو الحسين والشيرازي والمؤلف بالزنى وفسره المجد لحاجة المتعة أو الخدمة لكبر أو سقم نص عليه وجعله ابن حمدان قولا والطول قال أحمد تبعا لابن عباس السعة وعن ابن عباس لايجد صداق حرة وقاله القاضي في "المجرد" وزاد عليه ابن عقيل ولا نفقتها وزاد المؤلف تبعا لغيره "ولا ثمن أمة"؛ لأن

وإن تزوجها وفيه الشرطان ثم أيسر أو نكح حرة فهل يبطل نكاح الأمة على روايتين.
ـــــــ
القادر على ذلك غير خائف العنت لأنه قدر على صيانة ولده من الرق فهو كالقادر على نكاح مؤمنة.
وإن شرط حرية الولد صار حرا ذكره في "الروضة" وفي أعلام الموقعين وظاهره أنه إذا لم يجد طولا لحرة مسلمة ووجد طولا لحرة كتابية أن له نكاح الأمة قاله في "الانتصار" لظاهر الآية وصرح الأكثر بعدم اشتراط الإسلام فمن وجد طولا لحرة مطلقا لا يجوز له نكاح الأمة لأنه إذن يأمن العنت فيفوت الشرط وتوقف أحمد في رواية حرب وقد دخل في كلامه المجبوب ونحوه له نكاح الأمة بشرطه وأن له نكاح الأمة الولود وإن وجد آيسة صرح به القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما وعدم جواز نكاحها مع فقد شرطه وإن كانت لا تلد لصغر أو رتق و نحوهما.
واقتضى كلامه أنه إذا لم يجد ما يتزوج به حرة لم يلزمه الاقتراض مع القدرة عليه ولا التزوج بصداق في الذمة وإن كان مؤجلا دفعا للضرر عنه ولو وهب له الصداق لم يلزمه قبوله نعم لو رضيت بدون مهر مثلها وهو قادر على ذلك فاحتمالان للقاضي في "تعليقه" فلو وجد حرة بزيادة على مهر مثلها لا تجحف بماله لزمه للاستطاعة قاله المؤلف.
ولا يرد اليتيم على وجه لأنه رخصة عامة ونكاح الأمة للضرورة وفي "الترغيب" ما لم يعد سرفا وحرة لا توطأ لصغر أو غيبة كعدم في المنصوص وكذا مريضة وفي "الترغيب" وفيه وجهان وفيه من نصفها حر أولى من أمة لأن إرقاق بعض الولد أولى من جميعه.
فرع: يقبل قوله في خشية العنت وعدم الطول حتى لو كان بيده قال فادعى أنه وديعة أو مضاربة قبل قوله لأنه حكم فيما بينه وبين الله تعالى.
"وإن تزوجها وفيه الشرطان ثم أيسر أو نكح حرة فهل يبطل نكاح الأمة على روايتين"، إذا أيسر بعد نكاحها لم يبطل نكاح الأمة على المذهب المجزوم به

وإن تزوج حرة أو أمة فلم تعفه ولم يجد طولا لحرة أخرى فهل له نكاح أمة أخرى على روايتين قال الخرقي وله أن ينكح من الإماء أربعا إذا كان الشرطان قائمين فيه وللعبد نكاح الأمة.
ـــــــ
عند الأصحاب؛ لأن عدم استطاعة الطول شرط نكاح الأمة فلم تعتبر استدامته كخوف العنت والثانية بلى لأنه إنما أبيح للحاجة فإذا زالت لم يجز له استدامة كأكل الميتة وفرق بينهما في "المغني" من حيث إن أكل الميتة بعد القدرة ابتداء للأكل بخلاف عادم الطول فإنه غير مبتدئ وإنما هو مستديم وفي تزويج الحرة ينبني على انفساخه باليسار وعدمه وجعلهما في "الترغيب" في زوال خوف العنت وفي "المنتخب" يكون طلاقا لا فسخا ونقله ابن منصور إذا تزوج حرة على أمة يكون طلاقا للأمة لقول ابن عباس قال أبو بكر مسألة: إسحاق مفردة.
"وإن تزوج حرة أو أمة فلم تعفه ولم يجد طولا لحرة أخرى فهل له نكاح أمة أخرى على روايتين" إحداهما ليس له ذلك قال أحمد يذهب إلى حديث ابن عباس لا تتزوج من الإماء إلا واحدة ولأن تحته زوجة والثانية بلى وهي المذهب لأنه خائف العنت عادم لطول حرة أشبه من لازوجة تحته ثم أكده بقوله: "قال الخرقي له أن ينكح من الإماء أربعا إذا كان الشرطان قائمين فيه" لأن المعنى الذي أبيح من أجله نكاح الأمة الشرطان فإذا وجدا وجب العمل بهما.
وقد يقال له نكاح الأربع دفعة واحدة إذا علم أنها لا تعفه صرح به القاضي في "المجرد" وحكى الأول عن أبي بكر وحمله في "الجامع الكبير" على ما إذا خشي العنت وفسره هنا بما إذا كان تحته أمة غائبة أو مريضة أو نحوهما.
"وللعبد نكاح الأمة" وإن فقد الشرطين لأنه مساو لها فلم يعتبر كالحر مع الحرة ومدبر كذلك وكذا مكاتب ومعتق بعضه مع أن العلم يقتضي المنع فيهما أو في المعتق بعضه.

وهل له أن ينكحها على حرة على روايتين وإن جمع بينهما في العقد جاز ويتخرج ألا يجوز وليس له نكاح سيدته ولا للحر أن يتزوج أمته ولا أمة ابنه ويجوز للعبد أن يتزوج أمة ابنه وإن اشترى الحر زوجته انفسخ
ـــــــ
"وهل له أن ينكحها على حرة على روايتين"، المذهب وجزم به في "الوجيز" له ذلك للمساواة وكالحر مع الحرة والثانية لا لأنه مالك لبضع حرة فلم يجز كالحر "وإن جمع بينهما" أي بين الحرة والأمة "في العقد جاز" لأن كل واحدة منهما يجوز إفرادها بالعقد فجاز الجمع بينهما كالأمتين "ويتخرج أن لا يجوز" هذا رواية لأنه جمع أشبه ما لو تزوج الأمة على الحرة ونقل ابن منصور يصح في الحرة فقط وقدمه في "المحرر" وفي "الموجز" في عبد رواية عكسها وكذا في "التبصرة" لفقد الكفاءة وأنه لو لم يعتبر صح فيهما وهو رواية في المذهب.
فرع: وكتابي وفي الوسيلة ومجوسي وفي المجموع وكل كافر كمسلم في نكاح أمة قال في "الترغيب" وغيره فإن اعتبر فيه الإسلام اعتبر في الكتابي كونها كتابية.
"وليس له نكاح سيدته" بالإجماع لأن أحكام الملك والنكاح متناقضان "ولا للحر أن يتزوج أمته" لأن ملك الرقبة تفيد إباحة البضع فلا يجتمع مع عقد أضعف منه "ولا أمة ابنه" دون أمة والده في الأصح فيهما لأن له فيه شبهة ملك لقوله عليه السلام: "أنت ومالك لأبيك" وفيه وجه.
وعلم منه أنه لا يجوز أن يتزوج أمة له فيها ملك ولا مكاتبته.
"ويجوز للعبد أن يتزوج أمة ابنه" لأن الرق قطع ولايته عن ابنه وماله فهو أجنبي منه ويصح نكاح أمة من بيت المال مع أن فيه شبهة تسقط الحد لكن لا يجعل الأمة أم ولد ذكره في الفنون.
فرع: لا يجوز للعبد نكاح أم سيده ولا سيدته خلافا لأهل العراق.
"وإن اشترى الحر" وعبر في "الفروع" بملك وهو أولى "زوجته انفس

نكاحها وإن اشتراها ابنه فعلى وجهين ومن جمع بين محرمة ومحللة في عقد واحد فهل يصح فيمن تحل له على روايتين.
ـــــــ
نكاحها" لا نعلم فيه خلافا لمنافاة الحكمين ولأن النكاح يوجب للمرأة حقوقا تمنعها من القسم فانفسخ بالملك لأنه اجتمع معه ما لا يوافقه وكذا إن ملك جزءا منها أو ملكته هي أو جزءا منه وفي الأصح أو مكاتبته وفي "الشرح" إذا ملكت بعض زوجها وانفسخ النكاح فليس ذلك طلاقا وقال جماعة هي تطليقة ولا يصح.
"وإن اشتراها ابنه فعلى وجهين" أصحهما ينفسخ النكاح لأن ملك الابن كملكه في إسقاط الحد وحرمة الاستيلاد فكذا هذا والثاني لا لأنه لا يملكها بملك الابن فلم ينفسخ نكاحها كما لو ملكها أجنبي فلو بعثت إليه زوجته حرمت عليك ونكحت غيرك وعليك نفقتي ونفقة زوجي فقد ملكت زوجها وتزوجت ابن عمها فلو قبل ملكت زوجها وتزوجت معتقها فإذا لم يكن لها مال وكان للعبد كسب أنفق عليها منه لأن المرأة إذا كان لها معتق وليس له نفقة فنفقته على معتقته لأنها عصبته.
فرع: إذا اشتبهت أخته بتسع نسوة فأقل حرمن عليه قبل البيان وكذا إن كان بعشرة وقيل يتحرى فإن كانت بنساء قبيلة فله نكاح إحداهن وفي وجوب التحري وجهان وفي "الشرح" أن حنبلا نقل عنه في رجل له ثلاث بنات زوج إحداهن برجل ثم مات الأب ولم يعلم أيتهن زوجها أقرع بينهن فمن أصابتها القرعة فهي زوجته وإن مات الزوج فهي التي ترثه انتهى وإن اشتبهت مطلقته دون الثلاث بزوجته أو أمته بمعتقته تحرى في الأصح.
"ومن جمع بين محرمة ومحللة في عقد واحد فهل يصح فيمن تحل له؟ على روايتين" كذا في "الفروع" إحداهما يفسد فيهما اختاره أبو بكر كما لو جمع بين أختين والثانية تصح فيمن تحل له ونص عليه فيمن تزوج حرة وأمة وهي ظاهر المذهب لأنها محل قابل للنكاح أضيف إليها عقد صادر من أهله لم يجتمع معها فيه مثلها فصح كما لو انفردت به فعلى هذا يكون

ومن حرم نكاحها حرم وطؤها بملك اليمين إلا إماء أهل الكتاب.
فصل
ولايحل نكاح خنثى مشكل حتى يتبين أمره يص عليه وقال الخرقي إذا قال أنا رجل لم يمنع من نكاح النساء ولم يكن له أن ينكح بغير ذلك بعد وإن قال أنا امرأة لم ينكح إلا رجلا فلو تزوج امرأة ثم قال
ـــــــ
لها من المسمى بقسط مهر مثلها وقيل لها نصف المسمى.
"ومن حرم نكاحها حرم وطؤها بملك اليمين" في قول أكثرهم لأن النكاح إذا حرم لكونه طريقا إلى الوطء فلأن يحرم الوطء بنفسه بطريق الأولى وجوزه الشيخ تقي الدين كأمة كتابية إلا إماء أهل الكتاب في قول عامتهم لقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: من الآية3] وإنما حرم نكاحها لما فيه من إرقاق الولد وإبقائه مع كافرة وهو معدوم في التسري وكرهه الحسن.
فصل
"ولا يحل" أي لا يصح "نكاح خنثى مشكل حتى يتبين أمره نص عليه" نقله الميموني وجزم به في "الوجيز" وقدمه في "الفروع" لأنه لم يتحقق جهة ما يبيح له النكاح فلم يبح له كما لو اشتبهت أخته بأجنبية.
وقال الخرقي: إذا قال أنا رجل لم يمنع من نكاح النساء اختاره القاضي في الروايتين لأن الله تعالى أجرى العادة في الحيوانات بميل الذكر إلى الأنثى وبالعكس وهذا الميل في النفس لا يطلع عليه غيره فرجع فيه إليه لتعذر معرفته من غيره كما رجع إلى المرأة في حيضها وعدتها وهذا في الأمور الباطنة فيما يختص بحكمه "ولم يكن له أن ينكح بغير ذلك بعد"؛ لأنه أقر بتحريمه ولأنه إذا ادعى غير الأول يكون مكذبا بالنفقة مدعيا دعوى يناقض قوله الأول فلم يلتفت إليه كالإنكار بعد الإقرار.
"وإن قال أنا امرأة لم ينكح إلا رجلا" لما ذكرنا "فلو تزوج امرأة ثم قال:

أنا امرأة انفسخ نكاحه ولو تزوج برجل ثم قال أنا رجل لم يقبل قوله في فسخ النكاح.
ـــــــ
أنا امرأة انفسخ نكاحه" لإقراره ببطلانه ولزمه نصف المهر قبل الدخول وإلا جميعه ولا يحل له أن ينكح بعد ذلك لأنه أقر بقوله أنا رجل بتحريم الرجال وأنا امرأة بتحريم النساء. "ولو تزوج برجل ثم قال أنا رجل لم يقبل قوله في فسخ النكاح" لأن النكاح حق عليه فلا يقبل قوله في إسقاط حق الغير فإذا زال النكاح فلا مهر لأنه يقر أنه لا يستحقه سواء دخل بها أو لا وفي "المحرر" إن عاد عن قوله الأول وليس بمتزوج منع نكاح الصنفين بالكلية عندي وظاهره قول أصحابنا لا يمنع من الصنف الأول إن عاد إليه وإن عاد أولا وقد نكح انفسخ نكاحه من المرأة دون الرجل وفي نكاحه لما يستقبل الوجهان.
فائدة: لا يحرم في الجنة زيادة على العدد والجمع بين المحارم وغيره ذكره الشيخ تقي الدين.

باب الشروط في النكاح
وهي قسمان: صحيح مثل اشتراط زيادة في المهر أو نقد معين أو لا يخرجها من دارها أو بلدها،
ـــــــ
باب الشروط في النكاح"وهي قسمان: صحيح" وفاسد لأنه عقد معاوضة فانقسم إلى ذلك كالبيع والأول نوعان أحدهما شرط ما يقتضيه العقد كتسليم المرأة وتمكينه من الاستمتاع بها فهذا لا أثر له وجوده كالعدم والثاني شرط ما تنتفع به المرأة وهو المعبر عنه بقوله: "مثل اشتراط زيادة في المهر أو نقد معين" فهذا صحيح يجب الوفاء به كالثمن في البيع "أو" شرط أن "لا يخرجها من دارها أو بلدها" هذا المذهب وعليه الأصحاب لما روى عقبة بن عامر مرفوعا

أو لا يتزوج عليها ولا يتسرى فهذا صحيح لازم إن وفى به وإلا فلها الفسخ
ـــــــ
قال: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه الشيخان.
ولعمومات الأمر بالوفاء بالعقود والعهود ولأن الشارع حرم مال الغير إلا عن تراض منه ولا شك أن المرأة إذا لم ترض ببذل فرجها إلا بهذا الشرط وشأن الفرج أعظم من المال فإذا حرم المال إلا بالتراضي فالفرج أولى مع أن الأثرم روى أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها دارها ثم أراد نقلها فخاصموه إلى عمر فقال لها شرطها وعنه: لا يلزم وحكاها أبو الحسين عن شيخه لقوله عليه السلام: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" وعن عمر بن عوف: "المسلمون عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح وجوابه بأن معناه ليس في كتاب الله أي في حكمه وشرعه وهذه مشروعة ومن نفاه فعليه الدليل.
وعن الثاني: بأنها لا تحرم الحلال وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ وقال القاضي في "الجامع" يثبت لها الفسخ بالغرم على الإخراج وما ذكره المؤلف هو قول عمر وسعد بن أبي وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان كالإجماع.
"أو لا يتزوج عليها ولا يتسرى فهذا صحيح" لقول عمر: "مقاطع الحقوق عند الشروط" ولأنه شرط له فيه منفعة كاشتراط نقد معين "لازم إن وفى به وإلا فلها الفسخ" كاشتراط صفة في المبيع ككونه كاتبا أو صانعا فأتى كلام أصحابنا أن الزوج لا يجبر على الوفاء بالشرط وظاهر كلام أحمد خلافه.
تنبيه: ظاهر إطلاق المؤلف وذكره الشيخ تقي الدين ظاهر المذهب ومنصوص الإمام أنه كالشرط فيه لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود يتناول ذلك.
والثاني: لا يؤثر إلا إذا اشترطت في العقد وهو مقتضى كلام القاضي في مواضع واختاره في "المحرر" وقدمه في "الفروع" كالشروط.

وإن شرط لها طلاق ضرتها فقال أبو الخطاب هو صحيح ويحتمل أنه باطل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فإن لها ما قدر لها".
ـــــــ
والثالث يفرق بين شرط يجعل العقد غير مقصود كالتواطؤ على أن البيع تلجئة لا حقيقة له فيؤثر وبين شرط لا يخرجه عن أن يكون مقصودا كاشتراط الخيار فهذا لا يؤثر قاله القاضي في تعليقه.
"وإن شرط لها طلاق ضرتها فقال أبو الخطاب هو صحيح" وهو رواية ذكره جماعة وجزم به في "المحرر" و "الوجيز" لأن لها فيه نفعا وفائدة أشبه ما لو شرطت أن لا يتزوج عليها لكن قال المؤلف: "ويحتمل أنه باطل" هذا قول في المذهب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فإن لها ما قدر لها" رواه البخاري من حديث أبي هريرة والأشهر مثله بيع أمته قال في "عيون المسائل" وغيرها إذا شرطت أن لا يسافر بها إذا أرادت انتقالا لم يصح لأنه اشتراط تصرف الزوج بحكم عقد النكاح وذلك لا يجوز كما لو شرطت أن تستدعيه إلى النكاح وقت حاجتها وإرادتها وهنا شرطت التسليم على نفسها في مكان مخصوص فاقتصرت بالشرط في تصرفه فيها على بعض ما تستحقه من التصرف باطلاق العقل وذلك غير ممتنع كما بينا أن الشرع قصر تصرفه على مكان وعدد فلا يخص الشرع الزوجة بالتصرف في الزوج قال في "الفروع" ويتوجه لا يبعد صحته وأنه يخرج من شرطها طلاق ضرتها.
أصل: ذكر الشيخ شمس الدين بن القيم في الهدى في قصة بني هاشم بن المغيرة لما استأذنوا أن يزوجوا علي بن أبي طالب ابنة أبي جهل قال فيه إنه تضمن هذا مسألة: الشرط لأنه عليه السلام أخبر أنه يؤذي فاطمة ويريبها ويؤذيه ويريبه وأنه معلوم أنه إنما زوجه على عدم ذلك وأنه إنما دخل عليه وإن لم يشترط في العقد وفي ذكره عليه السلام صهره الآخر بأنه حدثه فصدقه ووعده فوفى له تعريض لعلي وأنه قد جرى منه وعد له بذلك فحثه عليه.

فصل
القسم الثاني فاسد وهو ثلاثة أنواع أحدها ما يبطل النكاح وهو ثلاثة أشياء أحدها نكاح الشغار
ـــــــ
قال: فيؤخذ من هذا أن المشروط عرفا كالمشروط لفظا وأن عدمه يملك به الفسخ فقوم لا يخرجون نساءهم من ديارهم أو المرأة من بيت لا يتزوج الرجل على نسائهم ضرة ويمنعون الأزواج منه أو تعلم عادة أن المرأة لا تمكن من ادخال الضرة عليها كان ذلك كالمشروط لفظا وهذا مطرد على قواعد أهل المدينة وأحمد أن الشرط العرفي كاللفظي وبهذا أوجبوا الأجرة على من دفع ثوبه إلى قصار المسألة: المشهورة.
فرع: متى بانت من زوجها فلا حق لها في الشرط نقل أبو الحارث وإن أعطته مالا واشترطت عليه أن لا يتزوج عليها يرد عليها المال إذا تزوج وأنه لو دفع إليها مالا على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت يرد المال إلى ورثته.
فصل
"القسم الثاني فاسد وهو ثلاثة أنواع أحدها ما يبطل النكاح وهو ثلاثة أشياء أحدها نكاح الشغار" قيل: سمي به لقبحه تشبيها برفع الكلب رجله ليبول يقال شغر الكلب إذا فعل ذلك وقيل هو الرفع كأن كل واحد رفع رجله للآخر عما يريد وقيل هو البعد كأنه بعد عن طريق الحق.
وقال الشيخ تقي الدين: الأظهر أنه من الخلو يقال شغر المكان إذا خلا ومكان شاغر أي خال وشغر الكلب إذا رفع رجله لأنه أخلى ذلك المكان من رجله وقد فسره الإمام أحمد بأنه فرج بفرج فالفروج كما لا توهب ولا تورث فلأن لا يعارض بضع بضع أولى ولأنه جعل كل واحد من العقدين سلفا في الآخر فلم يصح كبعتك ثوبي بمائة على أن تبيعني ثوبك بمائة "وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما" فهذا باطل لما

وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما فإن سمو مهرا صح نص عليه وقال الخرقي لا يصح.
ـــــــ
روى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق متفق عليه وأبو داود جعل تفسيره من كلام نافع.
وعن ابن عمر مرفوعا قال: "لا شغار في الإسلام" رواه مسلم وروي نحوه من حديث عمران بن حصين وأنس وجابر والنهي يدل على الفساد والنفي لنفي الحقيقة الشرعية ويؤيده فعل الصحابة.
قال أحمد روي عن عمر وزيد أنهما فرقا فيه وصرح أبو الخطاب وجمع رواية ببطلان الشرط وصحة العقد من نصه في رواية الأثرم إذا تزوجها بشرط الخيار أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح أن النكاح جائز والشرط باطل إذ فساد التسمية لا يوجب فساد العقد.
كما لو تزوجها على خمر ونحوه فعلى هذا يجب مهر المثل "فإن سموا مهرا" مستقلا غير قليل حيلة "صح نص عليه" وعليه أكثر الأصحاب لحديث ابن عمر إذ التفسير إن كان من النبي صلى الله عليه وسلم فظاهر وإن كان من نافع فهو راوي الحديث وقد فسره بما لا يخالف ظاهره فيقع.
وقيل: يصح بمهر المثل "وقال الخرقي" وأبو بكر في "الخلاف" وحكاه في "الجامع" رواية إنه "لا يصح" لما روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وقد كانا جعلا صداقا فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما وقال هذا الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود.
وجوابه: بأن أحمد ضعفه من قبل ابن إسحاق وبأنه يحمل على أنهما كانا جعلا صداقا قليلا حيلة وحكى المجد قولا وصححه أنه لا يصح مع قوله وتضع كل واحدة مهر الأخرى فقط للتصريح بالتشريك المقتضي للبطلان وقد صرح

والثاني: نكاح المحلل وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها طلقها.
ـــــــ
القاضي وابن عقيل والمؤلف أنه متى صرح بالتشريك لا يصح النكاح قولا واحدا فهذه الصورة عندهم مخرجة من محل الخلاف وظاهر كلام ابن الجوزي يصح معه بتسمية.
وذكر الشيخ تقي الدين وجها اختاره أن بطلانه لاشتراط عدم المهر ومتى قلنا بصحة العقد إذا سميا صداقا فقيل تفسد التسمية ويجب مهر المثل وقيل يجب المسمى وهو المذهب فإن سمى لإحداهما صداقا دون الأخرى فسد نكاحهما عند أبي بكر والأولى أنه يفسد في التي لم يسم لها صداقا وفي الأخرى روايتان.
مسألة: إذا قال زوجتك جاريتي هذه على أن تزوجني ابنتك ويكون رقيقها صداقا لابنتك لم يصح تزويج الجارية وإذا زوج ابنته على أن يجعل رقبة الجارية صداقا لها صح وإن زوج عبده امرأة وجعل رقبته صداقا لها صح النكاح ووجب مهر المثل.
"والثاني نكاح المحلل" وهو حرام باطل في قول عامة العلماء "وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها" للأول "طلقها" أو فلا نكاح بينهما أو زوجتكها إلى أن تطأها لما روى ابن مسعود قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه وعن علي مثله رواه الخمسة إلا النسائي وعن أبي هريرة كذلك رواه أحمد.
وعن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار" قالوا بلى يا رسول الله قال: "هو المحلل" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له رواه ابن ماجه.
وهو عليه السلام لا يلعن على فعل جائز فدل ذلك على تحريمه وفساده وتسميته محللا لقصده الحل في موضع لا يحصل فيه الحل كقوله عليه السلام: "ما آمن بالقرآن من استحل محارمه".

فإن نوى ذلك بغير شرط لم يصح في ظاهر المذهب. وقيل: يكره، ويصح.
ـــــــ
وعن جابر قال سمعت عمر يخطب وهو يقول: "والله إني لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما" رواه الأثرم وهو قول الفقهاء من التابعين ولأنه نكاح إلى مدة وفيه شرط يمنع بقاءه أشبه نكاح المتعة.
وخرج القاضي وأبو الخطاب رواية لبطلان الشرط وصحة العقد من مسألة: اشتراط الخيار وكذلك ابن عقيل لكنه خرجها من الشروط الفاسدة.
"فإن نوى ذلك بغير شرط لم يصح في ظاهر المذهب" وعليه الأصحاب لعموم ما تقدم يؤيده ما روى ابن شاهين في غرائب وقيل يكره ويصح السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن نكاح المحلل فقال: "لا نكاح إلا نكاح رغبة لا نكاح دلسة" وظاهره شامل إذا اشترطا التحليل حال العقد أو قبله ولم يرجع عنه لأن الشرط السابق كالمقارن إلا أن هنا النية كافية في المنع فغايته أنها أكدت بالشرط السابق.
نعم لو شرط في العقد ثم نوى فيه نكاحا فالمؤلف تقي الدين يقول إن الشرط السابق كالمقارن فالشرط لا يلزم معه العقد "وقيل: يكره ويصح" قطع به ابن البنا وحكاه عن أحمد أما الكراهة فلأنه مختلف في صحته وأما صحته فلأنه عقد خلا عن شرط يفسده أشبه ما لو طلقها بغير الإحلال.
ونقل حرب عن أحمد إذا تزوج امرأة وفي نفسه طلاقها فكرهه فأخذ من ذلك الشريف وأبو الخطاب رواية بالصحة مع الكراهة وهو مقتضى كلام شيخنا ومنع من ذلك الشيخ تقي الدين إذ رواية حرب فيمن نوى الطلاق وذلك إنما يكون فيمن له رغبة في النكاح والمحلل لا رغبة له فيه أصلا ومن هنا قال القاضي وأصحابه إذا نوى التطليق في وقت بعينه فهو كنية التحليل ونص أحمد يشهد لهم.

الثالث: نكاح المتعة،
ـــــــ
أصل لو زوج عبده بمطلقته ثلاثا ثم وهبها العبد أو بعضه لينفسخ نكاحها لم يصح النكاح نص عليه وهو كمحلل ولو دفعت مالا هبة لمن تثق به ليشتري مملوكا فاشتراه وزوجه بها ثم وهبه لها انفسخ النكاح ولم يكن هناك تحليل مشروط ولا منوي ممن تؤثر نيته وشرطه وهو الزوج ولا أثر لنية الزوجة والولي قاله في إعلام الموقعين وقال صرح أصحابنا بأن ذلك يحلها وفي "المحرر" و "الفروع" ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته.
"الثالث: نكاح المتعة" نقل عنه ابناه وحنبل أن نكاح المتعة حرام لما روى علي أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية" متفق عليه.
وعن سلمة بن الأكوع قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها وعن سبرة الجهني أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة قال فأقمنا بها خمسة عشر فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء ثم إنه حرمها.
ولأحمد وأبي داود عن سبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة وهو يدل على فساد المنهي عنه لا سيما وقد عضده أمره صلى الله عليه وسلم بالتخلية والاستدامة أسهل من الابتداء والأحكام المتعلقة بالنكاح من الطلاق والظهار والتوارث لا يجري فيه فدل على أنه ليس بنكاح إذ هي لازمة للنكاح الصحيح وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم.
وسأله ابن منصور عن المتعة فقال اجتنبها أحب إلي فأثبت ذلك أبو بكر في "الخلاف" رواية وأبى ذلك القاضي في خلافه وقال ابن عقيل إن أحمد رجع عنها والشيخ تقي الدين يقول توقف عن لفظ الحرام ولم ينفه.
وعن ابن عباس أنه أجازه وإليه ذهب أكثر أصحابه قال ابن جريج وحكي ذلك عن أبي سعيد وجابر وعليه قراءة ابن مسعود: "فما استمتعتم به منهن إلى

وهو أن يتزوجها إلى مدة ونكاح يشرط فيه طلاقها في وقت أو علق ابتداءه على شرط كقوله زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها فهذا كله باطل من أصله.
ـــــــ
أجل مسمى".
وعن ابن مسعود قال: "كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس معنا نساء فقلنا ألا نختصي فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل" ثم قرأ عبد الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ} [المائدة: من الآية87] الآية متفق عليه وأجيب بمنع ثبوت قراءة ابن مسعود ثم نسخ الجميع بما تقدم.
والحاصل أنها كانت مباحة ثم نسخت يوم خيبر ثم أبيحت ثم حرمت عام الفتح قال الشافعي لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة وقد روى الترمذي عن ابن عباس أنه رجع عن قوله.
"وهو أن يتزوجها إلى مدة" سواء كانت معلومة كإلى شهر أو مجهولة كنزول المطر وسواء وقع بشرطه أو لا وظاهره أنه إذا تزوجها بغير شرط وفي نيته طلاقها فالنكاح صحيح في قول عامتهم خلافا للأوزاعي فإنه قال نكاح متعة والصحيح لا بأس به وليس على الرجل حبس امرأته وحسبه إن وافقته وإلا طلقها.
وقال الشريف: وحكي عن أحمد أنه إن عقد بقلبه تحليلها للأول أو الطلاق في وقت بعينه لم يصح النكاح "ونكاح يشرط فيه طلاقها" في وقت معلوم أو مجهول وهو شرط مانع من بقاء النكاح وعنه: يصح العقد دون الشرط لأن النكاح وقع مطلقا وشرط على نفسه شرطا لا يؤثر فيه أشبه ما لو شرط أن لا يطؤها وكما لو نوى إن وافقته وإلا طلقها "أو علق ابتداءه" أي النكاح "على شرط كقوله زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها فهذا كله باطل من أصله" لأن النكاح عقد معاوضة فبطل تعليقه على شرط كالبيع ويستثنى من ذلك الا زوجت أو قبلت إن شاء

النوع الثاني أن يشترط أنه لا مهر لها ولا نفقة أو يقسم لها أكثر من امرأته الأخرى أو أقل فالشرط باطل ويصح النكاح.
ـــــــ
الله وفي "المحرر" وغيره مستقبل فيصح على ماض وحاضر كزوجتك هذه إن كانت بنتي أو كنت وليها أو انقضت عدتها وهما يعلمان ذلك أو شئت فقال شئت وقبلت ونحوه ذكره الشيخ تقي الدين وعنه: يصح دون شرطه وقال الشيخ تقي الدين ذكر القاضي وغيره في "تعليقه" بشرط والأنص من كلامه جوازه كالطلاق قال والفرق بأن هذا معاوضة أو إيجاب وذاك اسقاط غير مؤثر وبأنه ينتقض بنذر التبرر بالجعالة.
مسائل: إذا قال لأمته إن تزوجتك نكاحا صحيحا فأنت حرة قبله فلا عتق ولا نكاح ذكره في "الرعاية" في الصداق ويكره تقليد مفت بها وذكر القاضي وجمع أنها كغيرها من مسائل الخلاف ولا يثبت أحكام الزوجية ولم أجد فيه خلافا بل وطء شبهة وذكر أبو إسحاق وابن بطة أنه كزنى ويصح النكاح إلى الممات وإذا عزم على تزويجه بالمطلقة ثلاثا ووعدها سرا كان أشد تحريما من التصريح بخطبة المعتدة إجماعا لاسيما ينفق عليها ويعطيها ما يحلل به ذكره الشيخ تقي الدين.
"النوع الثاني: أن يشترط أنه لا مهر لها ولا نفقة أو يقسم لها أكثر من امرأته الأخرى أو أقل" أو شرط أحدهما عدم وطء ونحوه "والشرط باطل" لأنه ينافي مقتضى العقد ولأنه يتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده فبطل كإسقاط الشفعة قبل البيع "ويصح النكاح" نص عليها كما لو شرط فيه صداقا محرما ولأن النكاح يصح مع الجهل بالعوض فجاز أن يصح مع الشرط الفاسد كالعتق وقيل: يفسد.
ونقل المروذي إذا تزوج النهاريات أو الليليات ليس من نكاح الاسلام ونقل عبد الله إذا تزوج على شرط ثم بدا له أن يقيم جدد النكاح وذكر أبو بكر فيما إذا شرط أن لا يطأ أو لا ينفق أو إن فارق رجع بما أنفق على روايتين في صحة

الثالث: أن يشترط الخيار أو إن جاءها بالمهر في وقت وإلا فلا نكاح بينهما فالشرط باطل وفي صحة النكاح روايتان.
فصل
فإن تزوجها على أنها مسلمة فبانت كتابية فله الخيار وإن شرطها كتابية فبانت مسلمة فلا خيار له وقال أبو بكر له الخيار،
ـــــــ
العقد وقيل يبطل بشرط ترك الوطء فقط ونقل الأثرم توقفه في الشرط قال الشيخ تقي الدين فيخرج على وجهين واختار صحته كشرطه ترك ما يستحقه وفرق القاضي بأن له مخلصا كملكه طلاقها وأجاب الشيخ تقي الدين بأن عليه المهر وابن عقيل سوى بينهما فإن صح وطلبته فارقها وأخذ المهر وهو في معنى الخلع.
"الثالث: أن يشترط الخيار أو إن جاءها بالمهر في وقت وإلا فلا نكاح بينهما فالشرط باطل" لمنافاته مقتضى العقد "وفي صحة النكاح روايتان" كذا في "الفروع" إحداهما يصح العقد وقدمه في "المحرر" وجزم به في "الوجيز" لأنه يصح مع الجهل أشبه العتق والثانية لا لأن عقد النكاح يجب أن يكون ثابتا لازما فنافاه الشرط وأبطله ونقل عنه ابن منصور صحتها وبعدها القاضي واختار الصحة فيهما الشيخ تقي الدين في شرط الخيار وقال وإن بطل لم يلزم العقد بدونه وشرط الخيار في المهر كذا وقيل يصح ويثبت الخيار وإن طلق بشرط خيار وقع.
فصل
"فإن تزوجها على أنها مسلمة فبانت كتابية فله الخيار" أي خيار الفسخ لأنه نقص وضرره يتعدى إلى الولد "وإن شرطها كتابية" أو ظنها مسلمة ولم تعرف بتقدم كفر "فبانت مسلمة فلا خيار له" لأنه زاده خيرا "وقال أبو بكر له الخيار" لأنه قد يكون له غرض في عدم وجوب العبادات عليها وفي

كما إذا شرطها أمة فبانت حرة فلا خيار له وإن شرطها بكرا أو جميلة أو نسيبة أو شرط نفي العيوب التي لا ينفسخ بها النكاح فبانت بخلافه فهل له الخيار على وجهين.
ـــــــ
الشرح إذا تزوج امرأة يظنها مسلمة فبانت كافرة فله الخيار "كما إذا شرطها أمة" وكان له نكاح الإماء "فبانت حرة فلا خيار له" لأن ولده يسلم من الرق ويتمكن من الاستمتاع بها ليلا ونهارا وكذا إذا شرطها ذات نسب فبانت أشرف منه أوعلى صفة دنيئة فبانت خيرا من شرطها.
"وإن شرطها بكرا أو جميلة أو نسيبة أو شرط نفي العيوب التي لا يفسخ بها النكاح" كالعمى والشلل "فبانت بخلافه فهل له الخيار على وجهين" هما روايتان عن أحمد أطلقهما في "الفروع" إحداهما لا خيار له جزم به في "الوجيز" لأن النكاح لا يرد له بعيب سوى العيوب السبعة فلا يرد بمخالفة الشرط كما لو شرطت ذلك في الرجل.
والثانية: له الفسخ اختارها في "الترغيب" و "الرعاية" والشيخ تقي الدين لأنها صفات مقصودة فصح شرطها كالحرية وقيل له الفسخ في شرط النسب خاصة وفي "الإيضاح" واختاره في "الفصول" في شرط بكر إن لم يملكه رجع بما بين المهرين ويتوجه مثله في بقية الشروط وفي "الفنون" في شرط البكر يحتمل فساد العقد لأن لنا قولا إذا تزوجها على صفة فبانت بخلافه بطل العقد قال الشيخ تقي الدين ويرجع على الغار وإن غرته وقبضته وإلا سقط في ظاهر المذهب.
تذنيب: إذا ظنها بكرا فلم تكن فلا فسخ له في الأصح وإن شرطته حرا أو ظنته فبان عبدا بطل وعنه: يصح ولها الفسخ فإن فسخت قبل الدخول والخلوة فلا مهر وبعد أحدهما بحسب المسمى والعدة وإن شرطه بصفة غير الحرية فبان أقل لم يخير وفي النسب إن لم يخل بالكفاءة وجهان وإن خرج مماثلا له فوجهان وذكر القاضي في "الجامع الكبير" إن شرطها فيه أبلغ من شرطه فيها لأنه يملك طلاقها ولا تملك طلاقه وفي "الكافي" إن غرت

وإن تزوج أمة يظنها حرة فأصابها وولدت منه فالولد حر ويفديهم بمثلهم يوم ولادتهم
ـــــــ
الأمة بعبد فتزوجته على أنه حر فلها الخيار وفيه احتمال.
"وإن تزوج أمة يظنها حرة" أو شرطها حرة واعتبر في "المستوعب" مقارنته لم يبطل العقد بالغرور لا يقال ينبغي أن يفسد كما لو قال بعتك هذا الفرس فإذا هو حمار لأن المعقود عليه في النكاح الشخص دون الصفات فلا يؤثر عدمه في صحته كما لو قال زوجتك هذه الحسناء فإذا هي شوهاء وذاتها مختلفة والبيع يؤثر فيه فوات الصفات بخلاف النكاح "فأصابها وولدت منه فالولد حر" بغير خلاف نعلمه لاعتقاده حريته كما إذا اشترى أمة فبانت مغصوبة بعد أو أولدها قال ابن عقيل كما ينعقد ولد القرشي قرشيا باعتقاده. "ويفديهم" على المذهب المنصوص عليه في رواية الجماعة لقضاء الصحابة عمر وعلي وابن عباس ولأنه نماء مملوكه فسبيله أن يكون ملكا لمالكها وقد فوته الزوج باعتقاده الحرية فوجب عليه الضمان كما لو فوته بفعله ونقل عنه ابن منصور لا فداء عليه لانعقاد الولد حرا والحر لا يملك وروى الخلال هذه وقال أحسبه قولا روي لأبي عبد الله لأنهم اتفقوا على الفداء ونقل حنبل يخير بين الفداء فيكون الولد حرا وبين الترك فيكون رقيقا وهو ظاهر ما نقل عن علي شرط أن تضعه حيا لوقت يعيش لمثله وصفة الفداء ووقته تقدما في الغصب "بمثلهم يوم ولادتهم" لقول عمر مكان كل غلام بغلام وكل جارية بجارية وعنه: يفديهم بقيمتهم وصححه في "المغني" لأن الحيوان ليس بمثلي فيضمن بالقيمة كسائر المتقومات وعنه: يخير فيهما روي عن عمر فإن كان ممن يجوز له نكاح الإماء وقد نكحها نكاحا صحيحا فلها المسمى وإن كان لم يدخل بها واختار الفسخ فلا مهر لأن الفسخ لعذر من جهتها وإن لم يبح فباطل كعلمه وعند أبي بكر يصح وله الخيار وبناه في "الواضح" على الكفاءة وحينئذ لا مهر قبل الدخول وبعده هل يجب المسمى أو مهر المثل فيه روايتان وإن كان ممن يجوز له نكاح الإماء فلا مهر

ويرجع بذلك على من غره ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له نكاح الإماء،
ـــــــ
قبل الخلوة لفساد العقد وكذا بعدها على رأي المؤلف وقياس المذهب يجب.
"ويرجع بذلك على من غره" أي من المهر وقيمة الأولاد في ظاهر المذهب لقضاء جماعة من الصحابة وكأمره بإتلاف مال غيره بأنه له فلم يكن ذكره في "الواضح" وعنه: لا يرجع بالمهر اختاره أبو بكر لأنه دخل على ذلك سيما وقد استوفى المنفعة المقابلة له روي عن علي وقال القاضي الأظهر أنه يرجع به لأن أحمد قال كنت أذهب إلى حديث علي ثم إني هبته وكأني أميل إلى حديث عمر وعلى هذا يرجع بأجرة الخدمة إذا غرمها وظاهره الرجوع مع الظن وهو ظاهر كلام أحمد إذ الصحابة الذين قضوا بالرجوع لم يستفصلوا وظاهر الخرقي خلافه وصرح به المجد وابن حمدان وعن القاضي لا يرجع إلا مع شرط مقارن لا مع تقدمه لأنه مفرط حيث اعتمد على ظنه.
تنبيه: الغارم من علم أنها أمة ولم يبين نص عليه ثم لا يخلو إما أن يكون السيد أو المرأة أو وكيلها أو أجنبي فإن كان السيد وقال هي حرة عتقت وبغيرها لا تثبت الحرية ولا يجب له شيء نعم إن قلنا إن الزوج لا يرجع بالمهر وجب للسيد لانتفاء المحذور ولا يتصور منه على قول القاضي لأن شرطه المقارنة وإن كان وكيلها رجع عليه في الحال وكذا إن كان أجنبيا في ظاهر كلام أحمد بل صريحه في رواية ابنيه وظاهر كلام القاضي لا رجوع عليه وإن كانت المرأة ففي الرجوع عليها وجهان أحدهما هو ظاهر كلام الخرقي والمؤلف له الرجوع عليها لمكان الغرور وهل يتعلق برقبتها أو ذمتها على وجهي استدانة العبد بدون إذن سيده والثاني وهو ظاهر كلام أحمد لا رجوع إذ الولد ملك السيد وهي لا تملك بذل ذلك أشبه ما لو أذنت في قطع طرفها ولمستحق الفداء مطالبة الغار أو لا نص عليه. "ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له نكاح الإماء" لأنا قد بينا فساد العقد

وإن كان ممن يجوز له ذلك فله الخيار فإن رضي بالمقام معها فما ولدت بعد ذلك فهو رقيق وإن كان المغرور عبدا فولده أحرار ويفديهم إذا عتق،
ـــــــ
من أصله أشبه المنكوحة في العدة أو بلا رضى وكذا إن تزوجها بلا رضى سيدها أو اختل شرط من شروط النكاح وفي "الواضح" إن المغرور الحر لا يبطل نكاحه في وجه بل له الخيار واختاره أبو بكر.
"وإن كان ممن يجوز له نكاح الإماء" بالشرطين السابقين في الحر وفي العبد أن لا يكون تحته حرة "فله الخيار" لأنه غر بحريتها فثبت له الخيار كما لو غرت بحريته ولما في من ضرره بالولد وهو منفي شرعا.
"فإن رضي بالمقام معها فما ولدت بعد ذلك فهو رقيق" لأنتفاء الغرر إذن، وعلم منه أن الولد يتبع أمه في الحرية والرق نص عليه محتجا بقول عمر وظاهره وإن كانت قد علقت به قبل الرضى وهو ظاهر الخرقي وعلله المؤلف بأن أكثر الأحكام إنما تتعلق بالوضع أما هنا فقد جعل الحكم منوطا بالعلوق وصرح به المجد وإن اختار فسخ النكاح انفسخ وعموم كلامه يقتضي ثبوت الخيار للعبد كالحر وهو الصحيح وقيل لا اختيار للعبد لتساويهما.
تنبيه: من غر بحرية مكاتبة أو من بعضها حر فكالأمة ولا مهر في الأصح لمكاتبة غارة لعدم الفائدة وولدها مكاتب فيغرم أبوه قيمته لها على الأصح والمعتق بعضها يجب لها البعض فيسقط وولدها يغرم أبوه قدر رقه ولو أوهمته أنها زوجته أو سريته بظنه فموطوءة بشبهة أو أوهمه سيدها به فلا مهر وإن جهلت تحريمه ويغرر عالمه ذكر الشيخ تقي الدين قال وإن جهل فساد نكاح كتغرير غار كأخته من رضاع فالمهر على الغار.
"وإن كان المغرور عبدا فولده أحرار" لأنه ساوى الحر في اعتقاد حريته "ويفديهم إذا عتق" كالحر لفوات الرق المستحق لكن الحر يجب عليه الفداء

ويرجع به على من غره وإن تزوجت رجلا على أنه حر أو تظنه حرا فبان عبدا فلها الخيار.
فصل
وإن عتقت الأمة وزوجها حر فلا خيار لها في ظاهر المذهب.
ـــــــ
في الحال كبقية الحقوق اللازمة له أما العبد فلا مال له في الحال فيتأخر الفداء إلى وقت ملكه ويساره وهو العتق وبناه القاضي في "الجامع" على الخلاف في استدانته بغير إذن سيده وبناه المؤلف على خلع الأمة بغير إذن سيدها وقيل يتعلق برقبته وهو رواية في "الترغيب" كجنايته والفرق أن الجناية من فعله بخلاف الفداء فإنه لم يجن في عتقهم وإنما عتقوا من طريق الحكم.
"ويرجع به على من غره" كالحر لكن يرجع به في الحال وأما العبد فلا يرجع إلى حين الغرم حذارا من أن يجب له ما يعتق عليه نعم يتعلق الفداء برقبته يرجع به السيد في الحال. "وإن تزوجت رجلا على أنه حر أو تظنه حرا فبان عبدا فلها الخيار" نص عليه لأنه لما ثبت للعبد إذا غر بأمة ثبت لها إذا غرت بعبد ومقتضاه صحة العقد لأن اختلاف الصفة لا تمنع صحة العقد وكما لو تزوج أمة على أنها حرة ولأنها إذا كانت حرة وكانت حرية الزوج شرطا لصحة النكاح لم يكن لها الخيار لأنه باطل من أصله والخيار يعتمد الصحة وحينئذ فإن اختارت الإمضاء فلأوليائها الاعتراض لعدم الكفاءة.
فصل
"وإن عتقت الأمة وزوجها حر" أو بعضه "فلا خيار لها في ظاهر المذهب" هذا قول عمر وابن عباس والأكثر وعن أحمد لها الخيار لما روى أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة وكان زوجها حرا.

وإن كان عبدا فلها الخيار في فسخ النكاح ولها الفسخ بغير حكم حاكم فإن أعتقت قبل فسخها أو أمكنته من وطئها بطل خيارها.
ـــــــ
وجوابه: أنها كافأت زوجها في الكمال فلم يثبت لها خيار كما لو أسلمت الكتابية تحت مسلم وعن الخبر بأن ابن عباس قال كان زوج بريرة عبدا رواه البخاري وروى مسلم من حديث القاسم وعروة عن عائشة أن بريرة كان زوجها عبدا وقالت لو كان حرا لم يخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري قول الأسود منقطع ثم عائشة عمة القاسم وخالة عروة فروايتهما عنها أولى من رواية أجنبي يسمع من وراء حجاب.
"وإن كان عبدا فلها الخيار من فسخ النكاح" بالإجماع حكاه ابن المنذر وابن عبد البر لأنه عليه السلام خير بريرة فاختارت نفسها فإن اختارت الفسخ فلها فراقه وإن رضيت بالمقام فلا لأنها أسقطت حقها فإن عتق بعضها فلا خيار لها على المذهب وعنه: بلى وعنه: أو معتق بعضه وعنه: ليس فيه بقدر حريتها وفي "الترغيب" إذا عتقت تحت معتق بعضه فلها الفسخ.
"ولها الفسخ" على التراخي ما لم ترض به "بغير حكم حاكم" لأنه فسخ مجمع عليه غير مجتهد فيه كالرد بالعيب بخلاف خيار العيب في النكاح فإنه مجتهد فيه كالفسخ للإعسار فإن اختارت الفراق كان فسخا وليس بطلاق في قول الجمهور قال أحمد الطلاق ما تكلم به ولأنها فرقة من قبل الزوجة فكانت فسخا كما لو اختلف دينها أو أرضعت من ينفسخ نكاحه برضاعها فعلى هذا لو قالت اخترت نفسي أو فسخت هذا النكاح انفسخ ولو قالت طلقت نفسي ونوت المفارقة كان كناية في الفسخ.
"فإن أعتقت قبل فسخها" بطل خيارها لأنه إنما كان لدفع الضرر بالرق وقد زال بعتقه فسقط كالمبيع إذا زال عيبه "أو أمكنته من وطئها بطل خيارها" نص

فإن ادعت الجهل بالعتق وهو مما يجوز جهله أو الجهل بملك الفسخ فالقول قولها وقال الخرقي يبطل خيارها علمت أو لم تعلم وخيار المعتقة على التراخي ما لم يوجد منها ما يدل على الرضا.
ـــــــ
عليه روي عن ابن عمر وحفصة رواه مالك ولقوله عليه السلام لبريرة: "فإن قربك فلا خيار لك" رواه أبو داود والدارقطني بإسناد حسن وظاهره سواء علمت بالخيار أو لا وهو المذهب وذكر القاضي أن لها الخيار إذا لم تعلم فإن أصابها بعد علمها فلا خيار لها فعليه إذا وطئها "وادعت الجهل بالعتق وهو مما يجوز جهله" مثل أن يعتقها سيدها في بلد آخر "أوالجهل بملك الفسخ فالقول قولها" لأن الأصل عدم ذلك وفي الثانية لا يعلمه إلا خواص الناس فالظاهر صدقها فلو كانا في بلد واحد واشتهر لم يقبل قولها لأنه خلاف الظاهر وفي "الفروع" قيل يجوز جهله وقيل لا يخالفها ظاهر فلا فسخ نقله الجماعة "وقال الخرقي يبطل خيارها علمت أو لم تعلم" لقول حفصة لامرأة عتقت تحت عبد: أمرك بيدك ما لم يمسك فليس لك من الأمر شيء رواه مالك ولأنه خيار عيب فيسقط بالتصرف فيه مع الجهالة كخيار الرد بالعيب وفي "الوجيز" فإن ادعت جهلا بعتقه فلها الفسخ وعكسه الجهل بملك الفسخ.
"وخيار المعتقة على التراخي" في قول ابن عمر وحفصة والأوزاعي والزهري قال ابن عبد البر لا أعلم لها في الصحابة مخالفا ولأن الحاجة داعية إلى ذلك فثبت كخيار القصاص "ما لم يوجد منها ما يدل على الرضى" لما روى الحسن بن أمية قال سمعت رجالا يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أعتقت المرأة فهي بالخيار ما لم يطأها فإن وطئها فلا خيار لها" رواه أحمد ولا يمنع الزوج من وطئها.
فرع: أذن له سيده في التزويج بأمة فتزوجها ثم أعتق العبد فهما على نكاحهما في المشهور ويحتمل أن يفسخ نكاحهما بناء على الرواية إذا استغنى

فإن كانت صغيرة أو مجنونة فلها الخيار إذا بلغت وعقلت وليس لوليها الاختيار عنها فإن طلقت قبل اختيارها وقع الطلاق وإن عتقت المعتدة الرجعية فلها الخيار فإن رضيت بالمقام فهل يبطل خيارها على وجهين ومتى اختارت المعتقة الفرقة بعد الدخول فالمهر للسيد وإن كان قبله فلا مهر.
ـــــــ
عن نكاح أمة بحرة "فإن كانت صغيرة أو مجنونة فلها الخيار إذا بلغت" سنا يعتبر قولها فيه "وعقلت" ولا خيار لهما في الحال لأنه لا عقل لهما ولا قول معتبر وذكر ابن عقيل إذا بلغت سبع سنين "وليس لوليها الاختيار عنها" لأن هذا طريقه الشهوة فلم يملكه الولي كالقصاص "فإن طلقت" بائنا "قبل اختيارها وقع الطلاق" وبطل خيارها على المذهب لأنه طلاق من زوج في نكاح صحيح فيعتد به كما لو لم يعتق وقال القاضي طلاقه موقوف فإن اختارت الفسخ فلم يقع وإن لم تختر وقع وفي "الترغيب" في وقوعه وجهان وإن كان الطلاق رجعيا لم يسقط خيارها لأنها زوجة فعلى قول القاضي إذا طلقت قبل الدخول ثم اختارت الفسخ سقط مهرها لأنها بانت بالفسخ وإن لم يفسخ فلها نصف الصداق لأنها بانت بالطلاق "وإن عتقت المعتدة الرجعية" أو عتقت ثم طلقها رجعيا "فلها الخيار" لأن نكاحها باق ولها في الفسخ فائدة فإنها لا تأمن رجعته إذا لم يفسخ فإن قيل ينفسخ حينئذ فيحتاج إلى عدة أخرى وإذا فسخت في العدة بنت على عدة حرة.
"فإن رضيت بالمقام فهل يبطل خيارها على وجهين" أحدهما وقدمه في "المحرر" و "الفروع" أنه يسقط خيارها لأنها رضيت بالمقام مع حرمانها في البينونة وذلك ينافي الاختيار والثاني لا يسقط لأنها حالة يصح فيها اختيار المقام فصح اختيار الفسخ كصلب النكاح فإن لم تختر شيئا لم يسقط لأنه على التراخي وسكوتها لا يدل على رضاها.
"ومتى اختارت المعتقة الفرقة بعد الدخول فالمهر للسيد" وكذا إن اختارت الفسخ قبل الدخول لأنه وجب بالعقد فإذا اختارت المقام لم يوجد له مسقط والواجب المسمى مطلقا وإن كان قبله فلا مهر لها نص عليه؛

وقال أبو بكر لسيدها نصف المهر وإن أعتق أحد الشريكين وهو معسر فلا خيار لها وقال أبو بكر لها الخيار وإن عتق الزوجان معا فلا خيار لها.
ـــــــ
لأن الفرقة جاءت من قبلها فهو كما لو أسلمت أو ارتدت أو أرضعت من يفسخ نكاحها.
"وقال أبو بكر لسيدها نصف المهر" ونقله مهنا عن الإمام أحمد لأنه وجب للسيد فلا يسقط بفعل غيره وأجيب بأنه وإن وجب للسيد لكن بواسطتها وفيه شيء فلو كانت مفوضة ففرض لها مهر المثل فهو للسيد لأنه وجب للسيد في ملكه لا بالفرض وكذا لو مات أحدهما وجب وإن كان الفسخ قبل الدخول والفرض فلا يبنى إلا على القول بوجوب المتعة حيث يجب لوجوبه فلا يسقط بفعل غيره.
"وإن أعتق أحد الشريكين وهو معسر فلا خيار لها" اختاره الخرقي والأكثر لأنه لا نص فيها ولا يصح قياسها على المنصوص وعلله أحمد بأن النكاح صحيح فلا يفسخ بالمختلف فيه وهذه يختلف فيها فلو زوج مدبرة له لا يملك غيرها وقيمتها مائة بعبد على مائتين مهرا ثم مات السيد عتقت ولا فسخ قبل الدخول لئلا يسقط المهر أو يتنصف فلا يخرج من الثلث فيرق بعضها فيمتنع الفسخ.
"وقال أبو بكر لها الخيار" هذا رواية وقدمها في "الرعاية" لأنها قد صارت أكمل منه فثبت لها الخيار كما لو عتقت جميعها أما لو كان موسرا فإن العتق يسري ويثبت لها الخيار بلا نزاع وكذا إذا قلنا بوجوب الاستسعاء.
فرع: إذا عتق زوج الأمة لم يثبت لها خيار لأن الكفاءة تعتبر في الرجل فقط فلو تزوج امرأة مطلقا فبانت أمة فلا خيار له ولو نكحت رجلا مطلقا فبان عبدا فلها الخيار وكذا في الاستدامة لكن إن عتق ووجد الطول لحرة فهل يبطل نكاحه على وجهين "وإن عتق الزوجان معا فلا خيار لها" في المشهور عنه والنكاح باق سواء أعتقهما واحد أو اثنان نص عليه؛

وعنه ينفسخ نكاحهما.
ـــــــ
لأن حرية العبد لو طرأت بعد عتقها لمنعت الفسخ فإذا قارنت كان أولى أن يمنع كالإسلام وعنه: لها الخيار كما لو عتقت قبله.
"وعنه: ينفسخ نكاحهما" نقله الجماعة لأن العتق معنى يزيل الملك عنهما لا إلى مالك فجاز أن تقع فيه الفرقة كالموت وفي "المغني" معناه والله أعلم أنه إذا وهب عبده سرية وأذن له في التسري بها ثم أعتقهما جميعا لم يصبها إلا بنكاح جديد واحتج أحمد بما روى نافع عن ابن عمر أما إذا كانت امرأته فعتقا لم ينفسخ لأنه اذا لم ينفسخ بإعتاقها وحدها فلأن لا ينفسخ بإعتاقهما معا أولى وهذه التي ذكرها المؤلف هي كاحتمال في "الواضح" في عتقه وحده بناء على غناه عن أمة بحرة وذكر غيره إن وجد طولا فلو أعتق نصفها فهو كما لو عتقا معا.
مسألة: يستحب لمن له عبد وأمة متزوجان البداءة بعتق الرجل لئلا يثبت للمرأة الخيار عليه فينفسخ نكاحه والله أعلم بالصواب.

باب حكم العيوب في النكاح
ـــــــ
باب حكم العيوب في النكاحخيار الفسخ يثبت لكل واحد من الزوجين للعيب يجده في الآخر روي عن عمر وابنه وابن عباس وبه قال أكثرهم وعن علي وابن مسعود أن الحرة لا ترد بعيب إلا أن يكون الرجل مجبوبا أو عنينا فإن لها الخيار فإن اختارت الفراق فرق الحاكم بينهما بطلقة ولا يكون فسخا لأن وجود العيب لا يقتضي فسخ النكاح كالعمى ونحوه.
وأجيب عنه بأن المختلف فيه يمنع الوطء فأثبت الخيار كالجب والرجل

العيوب المثبتة للفسخ ثلاثة أقسام: أحدها: ما يختص بالرجال وهو شيئان: أحدهما: أن يكون الرجل مجبوبا قد قطع ذكره أو لم يبق منه إلا ما لا يمكن الجماع به فإن اختلفا في إمكان الجماع بالباقي فالقول قولها، ويحتمل أن القول قوله، الثاني: أن يكون عنينا لا يمكنه الوطء،
ـــــــ
أحد الزوجين فثبت له الخيار كالمرأة وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فأبصر بكشحها بياضا فقال: "خذي عليك ثيابك" رواه أحمد وسعيد.
"العيوب المثبتة للفسخ ثلاثة أقسام" لأن منها ما يختص الرجال ومنها ما يختص النساء ومنها ما هو مشترك بينهما أحدها ما يختص الرجال وهو شيئان "أحدها أن يكون الرجل مجبوبا قد قطع ذكره ولم يبق منه إلا ما لا يمكن الجماع به" لأن ذلك يمنع المقصود من النكاح أشبه العنة بل أولى لأنه لا يرجى زواله بخلاف العنة وحينئذ العيوب المثبة للفسخ ثمانية الجب والعنة والقرن والعفل والجنون والجذام والبرص وقال القاضي هي سبعة فالقرن والعفل واحد وهو الرتق أيضا لأنه لحم ينبت في الفرج وحكاه عن أهل الأدب فبعضها يتعذر الوطء معه وبعضها يمنع الاستمتاع المقصود بالنكاح وبعضها يخشى تعديه إلى النفس والنسل.
"فإن اختلفا في إمكان الجماع بالباقي فالقول قولها" على المذهب لأنها تدعي شيئا يعضده الحال ولأنه بالقطع يضعف والأصل عدمه.
"ويحتمل أن القول قوله" كما لو ادعى الوطء في العنة وكما لو كان ذكره قصيرا ما لم تكن بكرا قاله في المحرر.
"الثاني: أن يكون عنينا لا يمكنه الوطء" العنين هو العاجز عن الوطء وربما اشتهاه ولا يمكنه مشتق من عن الشيء إذا عرض وقيل الذي له ذكر ولا ينتشر فإن اختلفنا في وجود العنة فإن كان للمدعي بينة من أهل الخبرة والثقة عمل بها وإلا حلف المنكر وقبل قوله فإن كان مريضا يغمى عليه ثم يزول فذلك مرض لا يثبت به خيار وإن زال المرض ودام به الإغماء فهو الجنون،

فإن اعترف بذلك أجل سنة منذ ترافعه فإن وطىء فيها وإلا فلها الفسخ فإن اعترفت أنه وطئها مرة بطل كونه عنينا.
ـــــــ
فإذا ثبت أنه عنة فهو عيب تستحق المرأة به الفسخ بعد أن عملا له مدة يختبر بها ويعلم حاله بها في قول الجماهير.
"فإن اعترف بذلك" وأقيمت به بينة عادلة "أجل سنة منذ ترافعه" لقول عمر وابن مسعود والمغيرة بن شعبة رواه الدارقطني ولا مخالف لهم رواه أبو حفص عن علي وكالجب وخبر امرأة رفاعة "إنما معه مثل هدبة هذا الثوب" لا حجة فيه فإن المدة إنما تضرب مع اعترافه وطلب المرأة ذلك مع أن الرجل أنكر ذلك وقال إني لأعركها عرك الأديم قال ابن عبد البر وقد صح أن ذلك كان بعد طلاقه فلا معنى لضرب المدة وحينئذ لا يحتسب عليه منها ما اعتزلته فقط قاله في "الترغيب" ولأن العجز عنه يحتمل أن يكون مرضا فتضرب له سنة لتمر به الفصول الأربعة وقيل شمسية فإن كان من يبس زال في الرطوبة وإن كان من رطوبة زال في فصل اليبس وإن كان من برودة زال في الحرارة وإن كان من انحراف مزاج زال في فصل الاعتدال فإذا مضت الفصول الأربعة واختلفت عليه الأهوية ولم يزل علم أنه خلقة. قال أحمد أهل الطب قالوا الداء لا يسجن في البدن أكثر من سنة ثم يظهر وابتداء السنة منذ ترافعه قال ابن عبد البر على هذا جماعة القائلين بتأجيله بخلاف مدة الإيلاء.
"فإن وطئ فيها وإلا فلها الفسخ" في ظاهر المذهب لأنه لا تثبت عنته فيثبت لها الفسخ واختار أبو بكر وصححه المجد أنه لا يؤجل ويفسخ في الحال كالجب ولأن المقتضي للفسخ قد وجد وزواله لا يحتمل الأجل والظاهر عدمه والحاصل أنها إذا ادعت عدم وطئها لعنته سئل عن ذلك فإن أنكر وهي عذراء فالقول قولها وإلا فالقول قوله مع يمينه في ظاهر المذهب لأن الأصل السلامة والأصح أنه يحلف فإن نكل عنها ثبت عجزه وأجل سنة في قول عامتهم "فإن اعترفت أنه وطئها مرة بطل كونه عنينا" في قول أكثر

فإن وطئها في الدبر أو وطىء غيرها لم تزل العنة ويحتمل أن تزول فإن ادعى أنه وطئها وقالت إنها عذراء فشهد بذلك امرأة ثقة فالقول قولها،
ـــــــ
العلماء لأنه قد تجددت قدرته على الوطء فبطل كونه عنينا لأن حقوق الزوجية من استقرار المهر والعدة تثبت بوطء واحد فكذا هذا وأما الجب فقد تحقق به العجز فافترقا.
تنبيه: إذا أولج الحشفة في الفرج زالت عنته فإن كان مقطوعها كفاه تغييب قدرها من الباقي في الأصح وظاهره ولو في حيض أو إحرام نصره في "الشرح" وذكر القاضي أن قياس المذهب أنه لا يخرج منها لأنه لا يحصل به الإحصان والإباحة للزوج الأول وأجيب بأنه وطء في محله فخرج منها كالمريضة والإخراج لا يخرج من العنة إلا بتغييب جميع الباقي.
"فإن وطئها في الدبر أو وطئ غيرها لم تزل العنة" جزم به في "الوجيز" وغيره لأن الدبر ليس محلا للوطء أشبه ما لو وطئ دون الفرج ولأن كل امرأة تعتبر في نفسها لأن الفسخ لدفع الضررالحاصل بالعجز عن وطئها وهو موجود هنا وإن وطئ غيرها ويحتمل أن تزول هذا وجه حكاه في "المحرر" و "الفروع" روي عن سمرة وعمر بن عبد العزيز ولأن العنة جبلة فلا تختلف باختلاف المحل والنساء ولأن الوطء في الدبر أصعب فمن قدر عليه كان على غيره أقدر وهذا مختار ابن عقيل فأتى قول أبي بكر فعلى الأول لو تزوج امرأة فأصابها ثم أنابها ثم تزوجها فعن عنها فلها المطالبة لأنه إذا جاز عن امرأة دون أخرى ففي نكاح دون آخر أولى لأنها قد تطرأ به وعلى الثاني لا يصح بل متى وطئ امرأة زالت عنته أبدا.
"وإن ادعى أنه وطئها وقالت إنها عذراء فشهد بذلك امرأة ثقة فالقول قولها" لأن بكارتها أكذبت الزوج إذ الوطء مع بقاء البكارة متعذر ويقبل في بقاء عذرتها امرأة ثقة كالرضاع وعنه: ثقتان ويؤجل فإن ادعى أن عذرتها عادت بعد الوطء قبل قولها لأن هذا بعيد جدا وإن كان متصورا والأصح

وإلا فالقول قوله وإن كانت ثيبا فالقول قوله وعنه: القول قولها وقال الخرقي يخلى معها في بيت ويقال لها أخرج ماءك على شيء فإن ادعت أنه ليس بمني جعل على النار فإن ذاب فهو مني وبطل قولها.
ـــــــ
أنها تستحلف "وإلا فالقول قوله" أي إذا لم يشهد لها أحد لأن الأصل السلامة وعدم العيب وكذا إذا ادعت أن عذرتها زالت بسبب آخر لأن الأصل عدمه.
"وإن كانت ثيبا فالقول قوله" مع يمينه إن ادعاه ابتداء وإن ادعاه بعد ثبوت عنته وتأجيله قبل قولها لأن هذا يتعذر إقامة البينة عليه ولأنه يدعي بالإجماع العقد وسلامة نفسه من العيوب والأصل السلامة فإن نكل قضي عليه بالنكول قال القاضي ويتخرج أن لا يستحلف.
"وعنه: القول قولها" نقلها ابن منصور وحكاه القاضي في "المجرد" لأن الأصل عدم الإصابة فكان القول قولها مع يمينها، "وقال الخرقي يخلى معها في بيت ويقال له أخرج ماءك على شيء فإن ادعت أنه ليس بمني جعل على النار فإن ذاب فهو مني وبطل قولها" نقله عن أحمد مهنا وأبو داود وأبو الحارث واختاره القاضي وأصحابه إذ بذلك يظهر صدقه أو صدقها إذ الغالب أن العنين لا ينزل فمع الإنزال يغلب على الظن كذبها فيكون القول قوله مع يمينه ومع عدم الإنزال يظهر صدقها فيكون القول قولها ومع الإنزال إذا أنكرت أنه يختبر فيجعل على النار فإن ذاب فهو مني لأن ذلك من علاماته وإن يبس وتجمع فهو بياض بيض فإن ضعف عن إخراجه قبل قولها لأن الظاهر معها وذكر أبو بكر أنه يزوج امرأة لها دين وحظ من جمال فإن ذكرت أنه قربها كذبت الأولى وخيرت الثانية بين المقام معه أو فراقه ويكون صداقها في بيت المال وإن ذكرت أنه لا يقربها فرق بينه وبين الزوجتين ومهراهما في ماله واعتمد على ماروي أن امرأة جاءت إلى سمرة فشكت إليه أنه لا يصل إليها زوجها أنه كتب إلى معاوية فأمره بمثل ذلك.

فصل
القسم الثاني يختص بالنساء وهو شيئان الرتق وهو كون الفرج مسدودا لا مسلك للذكر فيه وكذلك القرن والعفل وهو لحم يحدث فيه يسده وقيل القرن عظم والعفل رغوة فيه تمنع لذة الوطء.
الثاني الفتق هو انخراق ما بين السبيلين،
ـــــــ
فرع: إذا ادعت زوجة مجنون عنته ضربت له مدة عند ابن عقيل وهل يبطل بحدوثه فلا يفسخ الولي فيه خلاف.
فصل
"القسم الثاني يختص النساء" وهو ظاهر "وهو شيئان الرتق" بفتح الراء والتاء يعني ملتصقا لا يدخل الذكر فيه قاله أبو الخطاب وقال الجوهري هو مصدر امرأة رتقاء أي بينة الرتق لا يستطاع جماعها لارتتاق ذلك الموضع منها "وهو كون الفرج مسدودا لا مسلك للذكر فيه" قاله في "الفروع" وغيره لأنه يمنع من استيفاء مقصود النكاح أشبه الجب والعنة ولأن المرأة أحد العوضين في النكاح فجاز ردها بعيب كالصداق.
"وكذلك القرن والعفل وهو لحم يحدث فيه يسده" كذا قيل أما القرن بفتح القاف والراء قرنت المرأة بكسر الراء تقرن قرنا بفتحها فيهما إذا كان في فرجها قرن وهو العظم أو غدة مانعة من سلوك الذكر وأما العفل بوزن فرس شيء يخرج من فرج المرأة وحياء الناقة شبيه بما يكون في خصية الرجل "وقيل القرن عظم والعفل رغوة فيه" بتثليث الراء ورغوة اللبن معروفة وزبد كل شيء رغوته "تمنع لذة الوطء" قاله أبو حفص وقال القاضي هما والرتق لحم ينبت في الفرج.
"الثاني: الفتق" قال الجوهري الفتق بالتحريك مصدر قولك امرأة فتقاء وهي المنفتقة الفرج خلاف الرتقاء "وهو انخراق ما بين السبيلين" وهو

وقيل انخراق ما بين مخرج البول والمني الثالث مشترك بينهما وهو الجذام والبرص والجنون سواء كان مطبقا أو يخنق في الأحيان فهذه الأقسام يثبت بها خيار الفسخ رواية واحدة.
فصل
واختلف أصحابنا في البخر وهر نتن الفم وقال ابن حامد نتن في الفرج يثور عند الوطء،
ـــــــ
المذهب واعتمد عليه في "الفروع" وقيل انخراق ما بين مخرج البول والمني قدمه في "الكافي" لأن فيه تنفيرا أشبه انخراق ما بين السبيلين وفي "المحرر" إذا انخرق مخرجا البول والمني في الفرج فهل يثبت الخيار على وجهين.
"الثالث: مشترك بينهما وهو الجذام والبرص" لما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار فرأى بكشحها بياضا فقال الحقي بأهلك" فثبت الخيار بالبرص وباقي العيوب بالقياس عليه ولأنهما يثيران نفرة في النفس تمنع قربان أحدهما الآخر ويخشى تعديه إلى النفس والنسل "والجنون" لأنه يثير النفرة المذكورة ويخاف ضرره "سواء كان مطبقا" أي دائما "أو يخنق في الأحيان" أي يعتريه وقتا دون آخر لأن النفس لا تسكن إلى من هذه حاله وفي "الواضح" جنون غالب وفي "المغني" أو إغماء مريض لم يدم "فهذه الأقسام يثبت بها خيار الفسخ رواية واحدة" وهذا تصريح من المؤلف أنه لا خلاف عنه في ذلك. فصل
"واختلف أصحابنا في البخر وهو نتن الفم" على المذهب لأنه يثير نفرة كالبرص "وقال ابن حامد نتن في الفرج يثور عند الوطء" لأن النفرة حاصلة به قال في "المغني" إن أراد به أنه يسمى بخرا ويثبت الخيار وإلا

واستطلاق البول والنجو والقروح السيالة في الفرج والباسور الناسور والحصاء وهو قطع الخصيتين والسل وهو سل البيضتين والوجاء وهو رضهما وفي كونه خنثى وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله،
ـــــــ
فلا معنى له وذكر ابن عقيل في بخر روايتين.
فائدة: يستعمل له السواك ويأخذ كل يوم ينوي آس مع زبيب منزوع العجم قدر جوزة واستعمال الكرفس ومضغ النعناع جيد فيه.
"واستطلاق البول" أي لا يزال ينقض "والنجو" وهو الغائط "والقروح السيالة في الفرج" واحدها قرح بفتح القاف وضمها كالضعف والضعف "والباسور" وهو علة تخرج في المقعدة "والناسور" بالنون العرق الذي لا يزال ينقض "والخصاء" بالمد خصيت الفحل خصيا إذا سللت أنثيبه وقطعتهما أو قطعت ذكره "وهو قطع الخصيتين والسل وهو سل البيضتين والوجاء" بكسر الواو ممدودا "وهو رضهما" وفي "المطلع" وهو رض عروق البيضتين حتى تنفضخ فيكون شبيها بالخصاء.
"وفي كونه خنثى" سواء كان مشكلا أو لا قاله جماعة وخصه في "المغني" بالمشكل وفي "الرعاية" عكسه وفي ثبوت الخيار بذلك وجهان أحدهما لا يثبت لأن ذلك لا يمنع الاستمتاع ولا يخشى تعديه أشبه العمى بل يقال إن الخصي أقدر على الجماع والخنثى فيه خلقة زائدة كاليد الزائدة والثاني بلى لأن فيه نقصا وعارا ويثير نفرة وألحق بذلك في "الموجز" بول كبيرة في الفراش والقرع في الرأس وله رائحة منكرة وجهان.
"وفي ما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله" لا خيار لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه والثاني وهو الأصح ثبوته لوجود سببه أشبه العبد المغرور بأمة لأن الإنسان قد يأنف من عيب غيره ولا يأنف من عيب نفسه وعلم منه أنه إذا اختلف العيب فيهما أنه يثبت الخيار إلا أن يجد المجبوب المرأة

أوحدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار على وجهين فإن علم بالعيب وقت العقد أوقال قد رضيت به معيبا.
ـــــــ
رتقاء فلا ينبغي أن يثبت لهما الخيار لامتناع الاستمتاع بعيب نفسه واختار في "الفصول" إن لم يطأ لبظر بها فرتقاء.
"أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار على وجهين" أحدهما واختاره القاضي وجزم به في "الوجيز" وصححه في "الشرح" يثبت الخيار لأنه عيب أثبت الخيار مقارنا فأثبته طارئا كالإعسار والرق والثاني لا وهو قول أبي بكر وابن حامد لأنه عيب حدث بالمعقود عليه بعد لزوم العقد أشبه الحادث بالمبيع والأول أشبه لأنه ينتقض بالعيب الحادث في الإجارة.
تنبيه: علم مما سبق أنه لا فسخ بغير ذلك كعور وعمى وقطع يد بخلاف البيع وفي "الروضة" هل يحط من مهر المثل بقدر النقص فيه نظر وقيل لشيخنا لم فرق بين هذه العيوب وغيرها قيل قد علم أن عيوب الفرج المانعة من الوطء لا يرضى بها في العادة فإن المقصود من النكاح الوطء بخلاف اللون والطول والقصر وأن الحرة لا تقلب كما تقلب الأمة والزوج قد رضي رضى مطلقا وهو لم يشترط صفة فبانت بدونها والصواب أن له الفسخ وذكر صاحب "الهدي" في قطع يد أو رجل أو خرس أو طرش وكذا كل عيب لا يحصل به مقصود النكاح فوجب الخيار وانه أولى من البيع واختار بعض الشافعية رد المرأة بما ترد به الأمة في البيع حكاه أبو عاصم العبادي وقال أبو البقاء الشيخوخة في أحدهما عيب ولو بان عقيما فلا خيار نص عليه ونقل ابن منصور أعجب إلي أن يبين لها.
"فإن علم بالعيب وقت العقد أو قال قد رضيت به معيبا" فلا خيار له بغير خلاف نعلمه لأنه قد رضي به أشبه مشتري المبيع وإن ظنه يسيرا فبان كثيرا فلا خيار له بخلاف ما إذا رضي بعيب فبان غيره لأنه وجد به عيبا لم يرض به ولا يحسبه وإن رضي بعيب فزاد بعد العقد فلا خيار له لأن رضاه به رضى بما يحدث منه.

أو وجد منه دلالة تدل على الرضى من وطء أوتمكين مع العلم بالعيب فلا خيار له ولا يجوز الفسخ إلا بحكم الحاكم فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر وإن فسخ بعده فلها المهر المسمى.
ـــــــ
"أو وجد منه دلالة على الرضى من وطء أو تمكين مع العلم بالعيب فلا خيار له" لأنه عيب يثبت الخيار فبطل بما ذكر كالعيب في المبيع وعلم منه أن خيار العيب والشرط على التراخي لا يسقط إلا بما يدل على الرضى من قول أو فعل إلا في العنة فإنه لا يسقط بغير القول وصرح به الأصحاب.
"ولا يجوز الفسخ إلا بحكم الحاكم" لأنه مجتهد فيه كالفسخ بالإعسار والعنة بخلاف خيار المعتقة تحت عبد فإنه متفق عليه فعليه بفسخه هو أو برده إلى من له الخيار وفي "الوجيز" يتولاه هو وإن فسخ مع عنيته أو فرق بين متلاعنين بعد عنيتهما ففيه خلاف في "الانتصار" وفي "الترغيب" لا يطلق على عنينين كولي في أصح الروايتين ولا تحرم أبدا وعنه: كلعان وقال الشيخ تقي الدين ليس هو الفاسخ وإنما يأذن ويحكم به فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ فهو فعله.
فرع: إذا زال العيب فلا فسخ وكذا إن علم حالة العقد ومنعه في "المغني" في عنين ذكره في المصراة قال في "الفروع" ويتوجه في غيره مثله.
"فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر" سواء كان الفاسخ الزوج أو الزوجة لأن الفسخ إن كان منها فالفرقة من جهتها يسقط مهرها كرضاع زوجة له أخرى وإن كان منه فإنما فسخ لعيب بها دلسه بالإخفاء فصار الفسخ كأنه منها لا يقال هلا جعل فسخها لعيبه كأنه منه لحصوله بتدليسه لأن العوض من الزوج في مقابلة منافعهما فإذا اختارت الفسخ مع بالإجماع ما عقد عليه رجع العوض إلى العاقد منهما وليس من جهتها عوض في مقابلة منافع الزوج وإنما ثبت لها الخيار لأجل ضرر يلحقها لا لأجل تعذر ما استحقت عليه في مقابلته عوضا فافترقا.
"وإن فسخ بعده فلها المهر المسمى" على المذهب لأنه نكاح صحيح وجد

وقيل عنه مهر المثل ويرجع به على من غره من المرأة والولي وعنه: لايرجع.
ـــــــ
بأركانه وشروطه فترتب عليه أحكام الصحة ولأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالخلوة فلا يسقط بحادث بعده بدليل أنه لا يسقط بردتها وفيه مسمى صحيح فوجب كغير المعيبة والمعتقة تحت عبد وكما لو طرأ العيب.
"وقيل عنه مهر المثل" لأن الفسخ استند إلى العقد فصار كالعقد الفاسد وقيل عنه مهر المثل في فسخ الزوج لشرط أو عيب قديم وقيل فيه ينسب قدر نقص مهر المثل لأجل ذلك إلى مهر المثل كاملا فيسقط من المسمى بنسبته فسخ أو أمضى وقاسه في الخلاف على المبيع المعيب وفي مختصر ابن رزين مسمى بلاحق ومثل بسابق.
فرع: الخلوة هنا كالوطء في تقرير المهر ونحوه.
"ويرجع به على من غره من المرأة والولي" أو الوكيل رواه مالك عن عمر وكما لو غر بحرية أمة قال المؤلف والصحيح أن المذهب رواية واحدة أنه يرجع قال أحمد كنت أذهب إلى قول علي فهبته فملت إلى قول عمر.
"وعنه: لا يرجع" وهي قول أكثر العلماء لأنه ضمن ما استوفى بدله وهو الوطء فلا يرجع به على غيره كما لو كان المبيع معيبا فأكله فعلى الأول إن كان الولي علم غرم وإن لم يعلم رجع عليها بالصداق ويقبل قول الولي مع يمينه في عدم علمه بالعيب إلا أن تقوم عليه بينة بإقراره وقال القاضي إن كان أبا أو جدا أو ممن يجوز أن يراها فالتقرير في جهته علم أو لا ومثله الرجوع على الغار ولو زوج امرأة فأدخلوا عليه غيرها ويلحقه الولد وتجهز زوجته بالمهر الأول نص عليه.
فرع: إذا طلقها قبل الدخول ثم علم أنه كان بها عيب فعليه نصف الصداق وإن مات أو ماتت قبل العلم بالعيب فلها الصداق ولا يرجع فيهما وإذا بانت بالفسخ فلا سكنى لها ولا نفقة إن كانت حائلا كالبائن بالثلاث وإن كانت

فصل
وليس لولي صغيرة أومجنونة ولا سيد أمة تزويجها معيبا ولا لولي كبيرة تزويجها به بغير رضاها فإن اختارت الكبيرة نكاح مجبوب أو عنين لم يملك منعها وإن اختارت نكاح مجنون أومجذوم أو أبرص فله منعها في أصح الوجهين.
ـــــــ
حاملا فلها النفقة للحمل والحمل لاحق به وقيل لا لأنها بائن وفي السكنى روايتان.
فصل
"وليس لولي صغيرة" حرة "أو مجنونة ولا سيد أمة تزويجها معيبا" لأنه ناظر لهم بما فيه الحظ ولا حظ لهن في هذا العقد فإن زوجهن مع العلم بالعيب لم يصح وإن لم يعلم به صح كما لو اشترى معيبا لا يعلم عيبه وقيل مطلقا وعكسه وهل له الفسخ إذن أو ينتظرها فيه وجهان وفي "الرعاية" الخلاف إن أجبرها بغير كفء وصححه في "الإيضاح" مع جهله ويخير ومثله تزويج صغير ومجنون بمعيبة "ولا لولي كبيرة تزويجها به بغير رضاها" بغير خلاف نعلمه لأنها تملك الفسخ إذا علمت به بعد العقد فالامتناع أولى فإن خالف وفعل صح مع جهله به والأصح له الفسخ إذا علم.
"فإن اختارت الكبيرة نكاح مجبوب أو عنين لم يملك منعها" في الأصح لأن الحق لها والضرر مختص بها والثاني له منعها لأنه ضرر دائم ربما أفضى إلى الشقاق فيتضرر وليها وأهلها فملك الولي منعها كما لو أرادت نكاح غيركفء قال أحمد ما يعجبني أن يزوجها بعنين وإن رضيت الساعة تكره إذا دخلت عليه لأن من شأنهن النكاح ويعجبهن من ذلك ما يعجبنا.
"وإن اختارت نكاح مجنون أو مجذوم أو أبرص فله منعها في أصح الوجهين" لأن فيه ضررا دائما وعارا عليها وعلى أهلها أشبه من تزويجها بغير كفء ولأنه يخشى تعديه إلى الولد والثاني لا يملك منعها لأن الحق

وإن علمت العيب بعد العقد أو حدث به لم يملك إجبارها على الفسخ.
ـــــــ
لها أشبه المجبوب وعلى الأول على ذلك ورضيا به صح النكاح ويكره لهما ذلك لأنها وإن رضيت الآن تكره فيما بعد وقيل ولبقية الأولياء المنع لأن العار يلحقهم أشبه ما لو زوجها بغير كفء.
"وإن علمت العيب بعد العقد أو حدث به لم يملك إجبارها على الفسخ" ذكره الأصحاب لأن حق الولي في ابتداء العقد لا في دوامه لأنها لو دعت وليها أن يزوجها بعبد لم يلزمه إجابتها ولو عتقت تحت عبد لم يملك إجبارها على الفسخ.

باب نكاح الكفار
وحكمه حكم نكاح المسلمين فيما يجب به وتحريم المحرمات ويقرون على الأنكحة المحرمة ما اعتقدوا حلها.
ـــــــ
باب نكاح الكفار"وحكمه حكم نكاح المسلمين فيما يجب به وتحريم المحرمات" أنكحة الكفار يتعلق بها أحكام النكاح الصحيح من وقوع الظهار والإيلاء ووجوب المهر والقسم والإباحة للزوج الأول والإحصان وكذا وقوع الطلاق في قول الجمهور لأنه طلاق من بالغ عاقل في نكاح صحيح فوقع كطلاق المسلم ودليل صحته قوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4] و{ امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} [التحريم: من الآية11] وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولدت من نكاح لا من سفاح" وإذا ثبت صحتها ثبت أحكامها كأنكحة المسلمين فعلى هذا لو طلق الكافر ثلاثا ثم تزوجها قبل زوج وأصابها ثم أسلما لم يقرا عليه ولو طلقها أقل من ثلاث ثم أسلما فهي عنده على ما بقي من طلاقها ويحرم عليهم ما يحرم على المسلمين كما ذكر في بابه.
"ويقرون على الأنكحة المحرمة ما اعتقدوا حلها" في شرعهم "ولم يرتفعوا

ولم يرتفعوا إلينا وعنه: في مجوسي تزوج كتابية أو اشترى نصرانية يحول بينهما الإمام فيخرج من هذا أنهم لا يقرون على نكاح محرم وإن أسلموا وترفعوا إلينا في ابتداء العقد لم نمضه إلا على الوجه الصحيح وإن كان في أثنائه لم نتعرض لكيفية عقدهم بل إن كانت المرأة ممن لايجوز ابتداء نكاحها كذات محرمه ومن هي في عدتها أو شرط الخيار في
ـــــــ
إلينا" هذا هو المذهب لأنه أسلم الخلق الكثير في زمنه عليه السلام فأقرهم على أنكحتهم ولم يكشف عن كيفيتها خصوصا أهل هجر لعلمه أنهم يستبيحون نكاح محارمهم ولأن ما لا يعتقدون حله ليس من دينهم فلا يقرون عليه كالزنى قال أحمد فيمن عقد على ذات محرم إنه يقر مالم يرتفعوا إلينا.
"وعنه: في مجوسي تزوج كتابية واشترى نصرانية يحول بينهما الإمام" لأنه لا مساغ له عندنا ولأن علينا ضررا في ذلك بتحريم أولاد النصرانية علينا ولأنه نكاح فاسد أشبه نكاح المسلم الفاسد "فيخرج من هذا أنهم لا يقرون على نكاح محرم" وأن يحال بينهم وبين نكاح محارمهم لقول عمر فرقوا بين كل رحم من المجوس وقال أحمد في مجوسي ملك أمة نصرانية يحال بينه وبينها ويجب عليه بيعها لأن النصارى لهم دين فلو ملك نصراني مجوسية فلا بأس أن يطأها وقال أبو بكر لا يباح لما فيه من الضرر.
"فإن أسلموا" وأتونا "أو ترافعوا إلينا" قبل إسلامهم "في ابتداء العقد" لنعقده لهم "لم نمضه إلا على الوجه الصحيح" كأنكحة المسلمين من الإيجاب والقبول والولي والشهود لأنه لا حاجة إلى عقد يخالف ذلك قال الله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: من الآية42] أي بالعدل "وإن كان في أثنائه" حتى ولو أسلم الزوجان فإن كانت المرأة تباح إذن كعقده في عدة فرغت أو بلا شهود نص عليهما أو بلا ولي وصيغة أو على أخت ماتت "لم نتعرض لكيفية عقدهم" بغير خلاف نعلمه قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن الزوجين إذا أسلما معا في حالة واحدة أن لهما المقام على نكاحهما ما لم يكن بينهما نسب أو رضاع "بل إن كانت المرأة ممن لا يجوز ابتداء نكاحها كذات محرمه ومن هي في عدتها أو شرط الخيار في نكاحها

نكاحها متى شاءت أو مدة هما فيها أو مطلقته ثلاثا فرق بينهما وإلا أقرا على النكاح وإن قهر حربي حربية فوطئها أو طاوعته واعتقدا نكاحا أقرا وإلا فلا وإن كان المهر مسمى صحيحا أو فاسدا قبضته استقر وإن كان فاسدا لم تقبضه فرض لها مهر المثل.
ـــــــ
متى شاء أو مدة هما فيها أو مطلقته ثلاثا فرق بينهما" لأن الاستدامة أضعف من الابتداء فإذا لم يجز الابتداء وهو أقوى فلأن لا تجوز الاستدامة وهي أضعف بطريق الأولى وكذا إن كان بينهما نكاح متعة.
فإن اعتقدا فساد الشرط وحده أقرا "وإلا أقرا على النكاح" لعدم وجود ما يبطله وعنه: يعتبر في المفسد مؤبدا أو مجمعا عليه فإذا أسلما والمرأة بنته من رضاع أو زنى أو هي في عدة مسلم متقدمة على القعد فرق بينهما وإن كانت من كافر فروايتان منصوصتان وفي حبلى من زنى وشرط الخيار فيه مطلقا أو إلى مدة هما فيها وجهان.
"وإن قهر حربي حربية فوطئها أو طاوعته واعتقداه نكاحا" ثم أسلما "أقرا" لأن المصحح له اعتقاده الحل وهو موجود هنا كالنكاح بلا ولي "وإلا فلا" أي إذا لم يعتقاه لم يقرا عليه لأنه ليس من أنكحتهم.
وحكم أهل الذمة كذلك جزم به في "المغني" وفي "الترغيب" لا يقرون "وإن كان المهر المسمى صحيحا" قبض أو لم يقبض "أو فاسدا قبضته استقر" لأنه لا يتعرض إلى ما فعلوه يؤكده قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: من الآية275] ولأن التعرض للمقبوض بإبطاله يسبق لتطاول الزمان وكثرة تصرفاتهم في الحرام ولأن في التعرض إليهم تنفيرا لهم عن الإسلام فعفي عنه كما عفي عما تركوه من الفرائض ولأنهم تقابضوا بحكم الشرك فرئت ذمة من عليه منه كما لو تبايعوا بيعا فاسدا وتقابضوا.
"وإن كان فاسدا" كالخمر "لم تقبضه" ولم يسم لها شيء "فرض لها مهر المثل" لأنه يجب في التسمية الفاسدة إذا كانت الزوجة مسلمة فكذا الكافرة ولأن الخمر لا قيمة لها في الإسلام فوجب مهر المثل.

فصل
وإذا أسلم الزوجان معا، أو أسلم زوج الكتابية، فهما على نكاحهما،
ـــــــ
وعنه: لا شيء لها في خمر وخنزير معين ولها في غيرمعين قيمته ذكرها القاضي فلو أسلما فانقلبت خلا وطلق ففي رجوعه بنصفه وجهان ولو تلف الخل ثم طلق ففي رجوعه بنصف مثله احتمالان.
فرع: إذا قبضت بعض المسمى الفاسد وجب قسط ما بقي من مهر المثل وتعتبر الحصة فيما يدخله الكيل أو الوزن به وفي معدود قيل بعده وقيل بقيمته عندهم ولا يرجع بما أنفقه من خمر ونحوه كما لو كان مهرا قبضته ذكره في "الروضة".
مسألة: قال أحمد في المجوسية تكون تحت أخيها أو أبيها فيطلقها أو يموت عنها فترفع إلى المسلمين لا مهر لها لأنه باطل من أصله لا يقر عليه في الإسلام فإن دخل بها فهل يجب مهر المثل يخرج على الخلاف في المسلم إذا وطئ امرأة من محارمه بشبهة انتهى فلو تزوج ذمي ذمية على أن لا صداق لها أو سكت عن ذكره فلها المطالبة بفرضه قبل الدخول وبعده يجب مهر المثل.
فصل
"وإذا أسلم الزوجان معا" بأن تلفظا بالإسلام دفعة واحدة فهما على نكاحهما إجماعا لأن اختلاف الدين مفسد للنكاح بمجرد سبق أحدهما وقيل يقف على المجلس بدليل القبض لأن اتفاقهما على النطق بكلمة الإسلام معا متعذر فلو اعتبر ذلك لوقعت الفرقة بين كل مسلمين إلا في الشاذ النادر.
"أو اسلم زوج الكتابية" سواء كان كتابيا أوغير كتابي قبل الدخول أو بعده "فهما على نكاحهما" لأن نكاح الكتابية يجوز ابتداؤه فالاستمرار أولى.

وإن أسلمت الكتابية أو أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الدخول يفسخ النكاح فإن كانت هي المسلمة فلا مهر لها وإن أسلم قبلها فلها نصف المهر وعنه: لا مهر لها وإن قالت أسلمت قبلي وأنكرها فالقول قولها وإن قال أسلمنا معا فنحن على النكاح فأنكرته فعلى وجهين،
ـــــــ
"وإن أسلمت الكتابية أو أحد الكتابيين" كالوثنيين والمجوسيين "قبل الدخول يفسخ النكاح" لقوله تعالى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: من الآية10] {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: من الآية10] إذ لا يجوز لكافر نكاح مسلمة قال ابن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم ولأن دينها اختلف فلم يجز استمراره كابتدائه وتعجلت الفرقة وكان ذلك فسخا لا طلاقا كالردة.
"فإن كانت هي المسلمة فلا مهر لها" رجحه في "الشرح" وقدمه في "الفروع" لأن الفرقة من جهتها أشبه مالو ارتدت وعنه: لها نصفه اختاره أبو بكر لأن الفرقة حصلت منه بامتناعه من الإسلام وهي فعلت الواجب عليها كما لو علق طلاقها على الصلاة فصلت. وفرق المؤلف بينهما من حيث إن التعليق من جهة الزوج بخلاف الإسلام فإنه لا أثر له فيه البتة وعنه: إن سبقها اختاره الأكثر.
"وإن أسلم قبلها فلها نصف المهر" على المذهب لأن الفرقة حصلت من جهته أشبه ما لو طلقها "وعنه: لا مهر لها" لأن الفرقة حصلت بتأخرها عن الإسلام فكان من جهتها ولأن في إيجاب المهر عليه تنفيرا له عن الإسلام لأنه يجتمع عليه فسخ النكاح مع وجوب المهر.
"وإن قالت أسلمت قبلي وأنكرها فالقول قولها" لأنها تدعي استحقاق شيء أوجبه العقد وهو يدعي سقوطه فلم يقبل قوله لأن الأصل عدمه وهذا تفريع على أنها تستحق نصف المهر إذا سبقها بالإسلام وأما على الأخرى فلا.
"وإن قال أسلمنا معا فنحن على النكاح فأنكرته فعلى وجهين" كذا

وإن أسلم أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة فإن أسلم الثاني قبل انقضائها فهما على نكاحهما وإلا تبينا أن الفرقة وقعت حين
ـــــــ
أطلقهما في "المحرر" و "الفروع" أحدهما وجزم به في "الوجيز" أنه يقبل قوله لأن الأصل بقاء النكاح والثاني يقبل قولها لأن الظاهر معها إذ يبعد اتفاق الإسلام منهما دفعة واحدة وإن قيل العبرة بالمجلس فينبغي أن يقبل قوله لأن العمل بالظاهر متعين.
فرع: إذا قالا سبق أحدنا ولا نعلم عينه فلها نصف المهر قاله أبو الخطاب وقدمه في "الفروع" وقال القاضي إن لم تكن قبضت فلا شيء لها لأنها تشك في استحقاقه وإن كان بعد القبض لم يرجع عليها لأنه يشك في استحقاق الرجوع.
"وإن أسلم أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة فإن اسلم الثاني قبل انقضائها فهما على نكاحهما" هذا هو المشهور قال أبو بكر رواه عنه خمسين رجلا واختاره عامة الأصحاب لما روى ابن شبرمة قال كان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسلم الرجل قبل المرأة والمرأة قبله فأيهما أسلم قبل انقضاء العدة فهي امرأته وإن أسلم بعد العدة فلا نكاح بينهما.
وروي أن بنت الوليد بن المغيرة كانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت ثم أسلم صفوان فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما قال ابن شهاب وكان بينهما نحو من شهر رواه مالك قال ابن عبد البر وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده وقال ابن شهاب وأسلمت أم حكيم وهرب زوجها عكرمة إلى اليمن فارتحلت إليه ودعته إلى الإسلام فأسلم وقدم فبايع النبي صلى الله عليه وسلم فبقيا على نكاحهما قال الزهري ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت وزوجها مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها روى ذلك مالك.
"وإلا" أي وإن لم يسلم الثاني قبل انقضائها "تبينا أن الفرقة وقعت حين

أسلم الأول فعلى هذا لو وطئها في عدتها ولم يسلم فعليه المهر وإن أسلم فلا شيء لها وإذا أسلمت قبله فلها نفقة العدة وإن كان هو المسلم فلا نفقة لها فإن اختلفا في السابق منهما فالقول قولها في أحد الوجهين وعنه: أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما كما قبل الدخول،
ـــــــ
أسلم الأول" لأن سبب الفرقة اختلاف الدين فوجب أن تحتسب الفرقة منه كالطلاق "فعلى هذا لو وطئها في عدتها ولم يسلم الثاني فعليه المهر" لأنه تبينا أنه وطئ في غير ملك ويؤدب "وإن أسلم فلا شيء لها" لأنه وطئها في نكاحه "وإذا أسلمت قبله فلها نفقة العدة" لأنها محبوسة بسببه فكان لها النفقة لكونه يتمكن من استمتاعها كالرجعية وسواء أسلم في عدتها أو لا "وإن كان هو المسلم فلا نفقة لها" لأنه لا سبيل إلى تلافي نكاحها أشبهت البائن "فإن اختلفا في السابق منهما فالقول قولها في أحد الوجهين" جزم به في "الوجيز" وقدمه في "المحرر" و "الفروع" لأن الأصل وجوب النفقة وهو يدعي سقوطها.
والثاني: يقبل قوله لأن النفقة إنما تجب بالتمكين من الاستمتاع والأصل عدمه فإن قال أسلمت بعد شهرين من إسلامي فلا نفقة لك فيهما وقالت بعد شهر فالقول قوله فأما إن ادعى هو ما يفسخ النكاح وأنكرته انفسخ.
فرع: لو لاعن ثم اسلم صح لعانه وإلا فسد ففي الحد إذن وجهان وفي "الترغيب" لهما فيمن ظن صحة نكاح فلاعن ثم بان فساده.
"وعنه أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما كما قبل الدخول" اختارها الخلال وصاحبه وقدمها السامري وابن حمدان ونصرها ابن المنذر لقوله تعالى: { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: من الآية10] الآية وهي تدل من وجه عموم {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: من الآية10]
فأمر برد المهر ولو لم تقع الفرقة باختلاف الدين لما أمر برد المهر وقوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [الممتحنة: من الآية10] وأباح نكاحهن على الإطلاق وقوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: من الآية10]ـــــــ
يكون منسوخا بهذه الآية والجواب بأن المراد في حال كفرهم بدليل قوله {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: من الآية10] وبأنه يجب دفع المهر إلى الزوج إذا جاء وإن كان قبل انقضاء عدتها ثم نسخ وجوب دفع المهر إليه وبأنه محمول على ما بعد العدة.
والثالثة: الوقف بإسلام الكتابية والانفساخ بغيرها.
والرابعة: الوقف مطلقا وظاهره أن الفرقة حيث تقع تقع في الحال ولا يحتاج إلى حاكم ولا إلى عرض الزوج على الإسلام ولا فرق بين دار الإسلام وغيرها نص عليه لأن أبا سفيان أسلم بمر الظهران ثم أسلمت امرأته بمكة فأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على نكاحهما ولأنه عقد معاوضة فلم ينفسخ باختلاف الدار كالبيع.
تنبيه: إذا أسلم أحدهما وتخلف الآخر حتى انقضت العدة انفسخ النكاح في قول عامتهم وعن أحمد ترد إلى زوجها وإن طالت المدة وهو قول النخعي لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رد زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين بالنكاح الأول ولم يحدث نكاحا رواه أحمد وأبو داود والترمذي ولفظه له وقال ليس بإسناده بأس وصححه أحمد:
وجوابه: بأنه يحتمل أن يكون قبل نزول تحريم المسلمات على الكفار أو تكون حاملا استمر حملها أو مريضة لم تحض ثلاث حيض حتى أسلم زوجها أو تكون ردت إليه بنكاح جديد رواه أحمد والترمذي عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بنكاح جديد ومهر جديد قال أحمد هذا ضعيف وقال الدارقطني لا يثبت وقال يزيد بن هارون حديث ابن عباس أجود إسنادا والعمل على حديث عمرو بن شعيب.
واختار الشيخ تقي الدين أنها إذا أسلمت قبله بقاء نكاحه قبل الدخول وبعده ما لم تنكح من غيره والأمر إليها ولا حكم له عليها ولا حق عليه لأن الشارع

وأما الصداق فواجب بكل حال.
فصل
وإن ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر لها إن كانت هي المرتدة وإن كان هو المرتد فلها نصف المهر وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة على روايتين،
ـــــــ
لم يستفصل وهو مصلحة محضة وكذا عبده إن أسلم قبلها وليس له حبسها وأنها متى أسلمت ولو قبل الدخول وبعد العدة فهي امرأته إن اختار.
"وأما الصداق فواجب" بعد الدخول "بكل حال" يعني إذا وقعت الفرقة بإسلام أحدهما بعد الدخول يجب لها المهر لأنه استقر بالدخول فإن كان صحيحا أو فاسدا قبضته استقر وإن كان فاسدا لم تقبضه أو لم يسم لها شيء فلها مهر المثل.
فصل
"وإن ارتد أحد الزوجين" أو هما معا "قبل الدخول انفسخ النكاح" في قول عامتهم لقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: من الآية10] ولأنه اختلاف دين يمنع الإصابة فأوجب فسخ النكاح كما لو أسلمت تحت كافر ولا مهر لها إن كانت هي المرتدة لأن الفسخ من قبلها.
"وإن كان هو المرتد فلها نصف المهر" لأن الفسخ من جهته أشبه طلاقها قبل الدخول وإن كانت التسمية فاسدة فلها نصف مهر المثل.
"وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة على روايتين" كذا في "الكافي" و "المحرر" و "الفروع" إحداهما تتعجل الفرقة روي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز والثوري لأن ما أوجب فسخ النكاح استوى فيهما قبل الدخول وبعده كالرضاع والثانية وهي أشهر تقف على انقضاء العدة كإسلام الحربية تحت الحربي والرضاع تحريم المرأة

فإن كان هو المرتد فلها نفقة العدة وإن كانت هي المرتدة فلا نفقة لها وإن انتقل أحد الكتابيين إلى دين لا يقر عليه فهو كردته.
فصل
وإن أسلم كافر وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه اختار منهن أربعا وفارق سائرهن،
ـــــــ
على التأبيد فلا فائدة في تأخير الفسخ إلى ما بعد انقضاء العدة.
"فإن كان هو المرتد فلها نفقة العدة" لأنه يمكنه تلافي نكاحها بإسلامه فهي كزوج الرجعية "وإن كانت هي المرتدة فلا نفقة لها" لأنه لا سبيل إلى تلافي نكاحها فلم يكن لها نفقة كما بعد العدة.
تتمة: إذا وطئها أو طلق ولم تتعجل الفرقة ففي المهر ووقوع الطلاق خلاف في "الانتصار".
"وإن انتقل أحد الكتابيين إلى دين لا يقر عليه" أو تمجس كتابي تحته كتابية "فهو كردته" بغير خلاف نعلمه لأنه انتقل إلى دين لا يقر عليه أهله بالجزية أشبه عبادة الأوثان وإن تمجست دونه فوجهان وظاهره أنه إذا انتقل إلى دين يقر عليه كاليهودي يتنصر فنص أحمد أنه يقر وهو ظاهر الخرقي واختاره الخلال وصاحبه لأنه لم يخرج عن دين أهل غير المنتقل والثانية لا يقر لأنه انتقل إلى دين قد أقر ببطلانه فهو كالمرتد.
فرع: من هاجر إلينا بذمة مؤبدة أو مسلما أو مسلمة والآخر بدار الحرب لم ينفسخ النكاح.
فصل
"وإن أسلم كافر وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه" وكن كتابيات "اختار منهن" ولو كان محرما بحج أو عمرة خلافا للقاضي "أربعا" ولو من شاب إن كان مكلفا وإلا وقف الأمر حتى يكلف "وفارق سائرهن" لقوله عليه

فإن لم يختر أجبر عليه وعليه نفقتهن إلا أن يختار فإن طلق إحداهن،
ـــــــ
السلام لغيلان بن سلمة وقد أسلم على عشر نسوة فأسلمن معه فأمره أن يختار منهن أربعا رواه الترمذي وابن ماجه وفي لفظ: "اختر منهن أربعا وفارق سائرهن" روى أبو داود وابن ماجه عن قيس بن الحارث معناه وهو من رواية محمد بن أبي ليلى عن حميضة بن الشمردل وقد ضعفا وسواء تزوجهن في عقد واحد أو عقود اختار الأوائل أو الأواخر. ولفظ الاختيار نحو اخترت هؤلاء أو أمسكتهن أو اخترت حبسهن أو نكاحهن أو أمسكت هؤلاء أو تركت هؤلاء فإن أسقط اخترت فظاهر كلام بعضهم يلزمه فراق بقيتهن والمهر لمن انفسخ نكاحها بالاختيار ولا مدخل للقرعة هنا لأنها قد تقع على من لا يحبها فيفضي إلى تنفيره ولا يصح تعليقها بشرط.
وعدة المتروكات منذ اختار لأن البينونة حصلت به وقيل منذ أسلم لأن البينونة الحقيقية حصلت بالإسلام وإنما الاختيار بين محلها فإن أسلم البعض وليس الباقي كتابيات ملك إمساكا وفسخا في مسلمة فقط وله تعجيل إمساك مطلقا وتأخيره حتى تنقضي عدة البقية أو يسلمن.
"فإن لم يختر أجبر عليه" لأنه حق عليه يمكنه فعله وهو يمتنع منه فأجبر عليه كإيفاء الدين وظاهره أنه يجبر عليه بحبس ثم تعزير وليس للحاكم أن يختار عنه كما يطلق على المولى لأن الحق هنا لغير معين "وعليه نفقتهن إلى أن يختار" لأنهن محبوسات عليه وهن في حكم الزوجات فإن طلق إحداهن فقد اختارها في الأصح لأن الطلاق لا يكون إلا في زوجة فإن قال فارقت أو أخترت هؤلاء فإن لم ينو به الطلاق كان اختيارا لغيرهن للخبر لأنه يدل على أن لفظ الفراق صريح فيه وقيل اختيار للمفارقات ثم الإطلاق والأول أولى واختار في "الترغيب" أن لفظ الفراق هنا ليس طلاقا ولا اختيارا

أو وطئها كان اختيارا لها وإن طلق الجميع ثلاثا أقرع بينهن فأخرج بالقرعة أربع منهن وله نكاح البواقي وإن ظاهر أو آلى من احداهن فهل يكون اختيارا لها على وجهين وإن مات فعلى الجميع عدة الوفاة ويحتمل أن يلزمهن أطول الأمرين من ذلك أو ثلاثة قروء،
ـــــــ
للخبر فإن نوى به طلاقا كان طلاق واختيارا "أو وطئها كان اختيارا لها" في قياس المذهب لأنه لا يجوز إلا في ملك كوطء الجارية المبيعة بشرط الخيار وفي "الواضح" وجه كرجعة بناء على أن الوطء في حق المطلقة الرجعية لا يوجب الرجعة.
"وإن طلق الجميع ثلاثا أقرع بينهن فأخرج بالقرعة أربع منهن" لأن ذلك فائدة الإقراع "وله نكاح البواقي" لأنهن لم يطلقن منه وشرطه أن تنقضي عدة المطلقات ذكره في "المغني" و "الشرح" لئلا يكون جامعا بين أكثر من أربع وقيل لا قرعة ويحرمن إلا بعد زوج وإن وطئ الكل تعين الأول.
فرع: أسلم ثم طلق الجميع ثم أسلمن في العدة اختار منهن أربعا فإذا اختار تبينا أن طلاقه وقع بهن لأنهن زوجات ويعتددن من حين طلاقه وبان البواقي باختياره لغيرهن ولا يقع بهن طلاقه وله نكاح أربع منهن إذا انقضت عدة المطلقات والفرق بينها وبين التي قبلها أن طلاقهن قبل إسلامهن في زمن ليس له الاختيار فيه فإذا أسلمن تجدد له الاختيار حينئذ.
"وإن ظاهر أو آلى من إحداهن فهل يكون اختيارا لها على وجهين" كذا أطلقهما في "المحرر" و "الفروع" أحدهما لا يكون اختيارا جزم به في "الكافي" و "الوجيز" لأنه يصح في غير زوجته.
والثاني: بلى لأن حكمه لا يثبت في غيرزوجه فإن قذفها لم يكن اختيارا "وإن مات" ولم يختر "فعلى الجميع عدة الوفاة" قدمه في "المحرر" وجزم به في "الوجيز" لأن الزوجات لم يتعين منهن "ويحتمل أن يلزمهن أطول الأمرين من ذلك أو ثلاثة قروء" وقاله القاضي في "المجرد" وإن كانت

والميراث لأربع منهن بالقرعة وإن أسلم وتحته أختان اختار منهما واحدة،
ـــــــ
حاملا فعدتها بوضعه لأن ذلك تنقضي به العدة بكل حال وإن كانت آيسة أو صغيرة فعدتها عدة الوفاة لأنها أطول العدتين في حقها وإن كانت من ذوات الأقراء اعتدت أطول الأجلين من ثلاثة أقراء أو أربعة أشهر وعشرا لأن كل واحدة منهن يحتمل أن تكون مختارة وعدتها عدة الوفاة أو مفارقة وعدتها ثلاثة قروء فأوجبنا أطولهما لتقضى به العدة بيقين كما لو نسي صلاة من خمس ذكره في "المغني" و "الكافي" وقال في "الشرح" عن القول الأول لا يصح وحكاهما في "الفروع" قولين من غير ترجيح.
"والميراث لأربع منهن بالقرعة" في قياس المذهب لأن الميراث بالزوجية ولا زوجية فيما زاد على الأربع فإن اخترن الصلح جاز كيفما اصطلحن.
فرع: إذا أسلمن معه ثم متن قبل اختياره فله أن يختار منهن ويكون له ميراثهن ولا يرث الباقيات وإن مات بعضهن فله الاختيار من الأحياء والأموات ولو أسلم بعضهن فمتن ثم أسلم البواقي فله الاختيار من الجميع وإن لم يسلم البواقي لزم النكاح في الميتات وإن وطئ الجميع قبل إسلامهن ثم أسلمن فاختار أربعا فليس لهن إلا المسمى ولسائرهن المسمى بالعقد الأول ومهر المثل للوطء الثاني وإن وطئهن بعد اسلامهن فالموطوءات أولا المختارات والباقي أجنبيات والحكم في المهر على ما تقدم.
"وإن أسلم وتحته أختان اختار منهما واحدة" لما روى الضحاك بن فيروز عن أبيه قال أسلمت وعندي امرأتان أختان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اختر أيتهما شئت" رواه الترمذي وفي رواية أحمد وأبي داود قال فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما ولأن أنكحة الكفار صحيحة.
وإنما حرم الجمع في الإسلام ما لو طلق إحداهما قبل إسلامه ثم أسلم والأخرى في حباله وكذا الحكم في المرأة وعمتها أو خالتها لأن المعنى في الجميع واحد وإن أسلمت إحداهما معه قبل المسيس تعينت وقيل إن لم تكن الأخرى كتابية

وإن كانتا أما وبنتا فسد نكاح الأم وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما.
فصل
وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن وكان في حال اجتماعهم على الإسلام فمن يحل له نكاح الإماء فله الاختيار منهن وإلا فسد نكاحهن،
ـــــــ
"وإن كانتا أما وبنتا فسد نكاح الأم" وحرمت على الأبد لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل نكح امرأة دخل بها أو لم يدخل فلا تحل له أمها" رواه ابن ماجه ولأنها من أمهات نسائه فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: من الآية23] ولأنها أم زوجته فتحرم عليه كما لو طلق ابنتها في حال شركه "وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما" وحرمتا على الأبد حكاه ابن المنذر إجماعا والمهر للأم قاله في "الترغيب" وغيره.
فصل
"وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن معه وكان في حال اجتماعهم على الإسلام فمن يحل له نكاح الإماء" أي يكون عادما للطول خائفا العنت "فله الاختيار منهن" لأن شروط النكاح تعتبر في وقت الاختيار أي فيختار واحدة وإن كانت لا تعفه فله أن يختار منهن من تعفه في إحدى الروايتين والأخرى لا يختار إلا واحدة "وإلا فسد نكاحهن" أي إذا لم يوجد الشرطان فإنه يفسد نكاح الكل ولم يكن له أن يختار لأنه لا يجوز ابتداء العقد عليها حال الإسلام فلم يملك اختيارها كالمعتدة وإن كان دخل بهن ثم أسلم ثم أسلمن في عدتهن فالحكم كذلك.
وقال أبو بكر لا يجوز هنا أن يختار بل تبين بمجرد إسلامه وإن لم يسلمن إلا بعد العدة انفسخ نكاحهن وإن كن كتابيات.

وإن كانتا أما وبنتا فسد نكاح الأم وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما.
فصل
وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن وكان في حال اجتماعهم على الإسلام فمن يحل له نكاح الإماء فله الاختيار منهن وإلا فسد نكاحهن،
ـــــــ
"وإن كانتا أما وبنتا فسد نكاح الأم" وحرمت على الأبد لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل نكح امرأة دخل بها أو لم يدخل فلا تحل له أمها" رواه ابن ماجه ولأنها من أمهات نسائه فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: من الآية23] ولأنها أم زوجته فتحرم عليه كما لو طلق ابنتها في حال شركه "وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما" وحرمتا على الأبد حكاه ابن المنذر إجماعا والمهر للأم قاله في "الترغيب" وغيره.
فصل
"وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن معه وكان في حال اجتماعهم على الإسلام فمن يحل له نكاح الإماء" أي يكون عادما للطول خائفا العنت "فله الاختيار منهن" لأن شروط النكاح تعتبر في وقت الاختيار أي فيختار واحدة وإن كانت لا تعفه فله أن يختار منهن من تعفه في إحدى الروايتين والأخرى لا يختار إلا واحدة "وإلا فسد نكاحهن" أي إذا لم يوجد الشرطان فإنه يفسد نكاح الكل ولم يكن له أن يختار لأنه لا يجوز ابتداء العقد عليها حال الإسلام فلم يملك اختيارها كالمعتدة وإن كان دخل بهن ثم أسلم ثم أسلمن في عدتهن فالحكم كذلك.
وقال أبو بكر لا يجوز هنا أن يختار بل تبين بمجرد إسلامه وإن لم يسلمن إلا بعد العدة انفسخ نكاحهن وإن كن كتابيات.

وإن أسلم عبد وتحته إماء فأسلمن ثم عتق فله أن يختارمنهن فإن أسلم وعتق ثم أسلمن فحكم حكم الحر لا يجوز أن يختار منهن إلا بوجود الشرطين فيه.
ـــــــ
نكاحها قبل الطلاق.
"وإن أسلم عبد وتحته إماء فأسلمن معه" أو في العدة "ثم عتق فله أن يختار منهن" اثنتين لأنه حال اجتماعهم على الإسلام كان عبدا يجوز له الاختيار من الإماء "فإن أسلم وعتق ثم أسلمن فحكمه حكم الحر لا يجوز أن يختار منهن إلا بوجود الشرطين فيه" لأنه في حال اجتماعهم في الإسلام كان حرا فيشترط في حقه ما يشترط في حق الحر وحينئذ يلزمه نكاح أربع لثبوت خياره حرا ولو أسلم على أربع فأسلمت ثنتان ثم عتق فأسلمتا فهل تتعين الأوليان فيه وجهان ولا مهر بالفسخ قبل الدخول.

كتاب الصداق
كتاب الصداق
كتاب الصداقوهو مشرةع في النكاح ويستحب تخفيفه.
ـــــــ
كتاب الصداق
وهو العوض المسمى في النكاح وفيه لغات صداق بفتح الصاد وكسرها وصدقة بفتح الصاد وضم لدال وصدقة بسكون الدال فيهما مع ضم الصاد وفتحها وله أسماء الصداق والصدقة والمهر والنحلة والفريضة والأجر والعلائق والعقر والحباء وقد نظمت في بيت وهو قوله:
صداق ومهر نحلة وفريضة حباء وأجر ثم عقر علائق
يقال أصدقت المرأة ومهرتها ولا يقال أمهرتها قاله في "المغني" وفي "النهاية".
"وهو مشروع في النكاح" لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: من الآية4] وقيل النحلة الهبة والصداق في معناها وقيل نحلة من الله تعالى للنساء وقوله تعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: من الآية24] وقوله عليه السلام: "فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها" وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال: "مهيم فقال يا رسول الله تزوجت امرأة قال: "ما أصدقتها" قال وزن نواة من ذهب" رواه الجماعة قوله وزن نواة هو اسم لما زنته خمسة دراهم ذهبا كان أو فضة وقيل كانت قدر نواة من ذهب قيمتها خمسة دراهم ونصف وقيل كانت ربع دينار.
"ويستحب تخفيفه" لقوله عليه السلام: "أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة" رواه أحمد وفيه ضعف وقال عمر لا تغالوا في صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه.

وإلا يعرى النكاح عن تسميته وألا يزيد على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وهو خمسمائة درهم ولا يتقدر أقله ولا أكثره.
ـــــــ
"وألا يعرى النكاح عن تسميته" بل يستحب تسميته في العقد لأنه عليه السلام كان يزوج ويتزوج ولم يكن يخلي ذلك من صداق مع أنه كان عليه السلام له أن يتزوج بلا مهر وقال للذي زوجه الموهوبة: "هل من شيء تصدقها" قال: لا، قال: "التمس ولو خاتما من حديد" ولأنه أقطع للنزاع وليس ذكره شرطا وفاقا لقوله تعالى: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: من الآية236] ولأن القصد بالنكاح الوصلة والاستمتاع وبالغ في "التبصرة" فكره تركه وذكر الطحاوي أن كثيرا من أهل المدينة يبطلون هذا النكاح إذا خوصموا فيه قبل الدخول.
"وألا يزيد على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وهو خمسمائة درهم" وقال في "المستوعب" لما روى مسلم من حديث عائشة أن صداق النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه خمسمائة درهم وفي "الرعاية" و "الوجيز" و "الفروع" ألا يزيد على مهور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته من أربعمائة إلى خمسمائة وقدم في "الترغيب" لا يزاد على مهر بناته أربعمائة درهم لما روى أبو العجفاء قال سمعت عمر يقول ما أصدق النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه لكن أبو العجفاء فيه ضعف.
"ولا يتقدر أقله" وقاله الأوزاعي والليث لقوله عليه السلام: "التمس ولو خاتما من حديد" وعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرضيت من نفسك ومالك بنعلين قالت نعم فأجازه" رواه الترمذي وقال حسن صحيح وزوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين ولأنه بدل منفعتها فجاز ما تراضيا عليه من المال كالبيع.
"ولا أكثره" بالإجماع قاله ابن عبد البر لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ

بل كل ماجاز أن يكون ثمنا جاز أن يكون صداقا من قليل أوكثير وعين ودين ومعجل ومؤجل ومنفعة معلومة كرعاية غنمها مدة معلومة وخياطة ثوب ورد عبدها من موضع معين.
ـــــــ
اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً} [النساء: من الآية20] يؤيده ما روى أبو حفص بإسناده أن عمر أصدق أم كلثوم بنت علي أربعين ألفا وقال عمر خرجت أنا أريد أن أنهى عن كثرة الصداق فذكرت هذا {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارا} قال أبو صالح القنطار مائة رطل وقال أبو سعيد بل ملء مسك ثوب هنا وقال مجاهد سبعون ألف مثقال بل كل ما جاز أن يكون ثمنا أو أجرة جاز أن يكون صداق من قليل أو كثير لأنه أحد العوضين أشبه عوض البيع لكن قال جماعة ولنصفه قيمة قال في "المغني" و "الشرح" يشترط أن يكون له نصف يتمول عادة بحيث إذا طلقها قبل الدخول بقي لها من النصف مال حلال وفي "الروضة" له أوسط النقود ثم أدناها.
"وعين ودين ومعجل ومؤجل ومنفعة معلومة كرعاية غنمها مدة معلومة" لقوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: من الآية27] ولأنها منفعة معلومة يجوز العوض عنها في الإجارة فجازت صداقا كمنفعة العبد وظاهره أن منفعة الحر كالمملوك لقوله عليه السلام: "أنكحوا الأيامى وأدوا العلائق قيل ما العلائق يا رسول الله قال: "ما تراضى به الأهلون ولو قضيب من أراك".
رواه الدار قطني وعنه: لا يجوز أن يكون منافع الحر صداقا لأنها ليست بمال.
"وخياطة ثوب ورد عبدها من موضع معين" لأنها منفعة معلومة وعلم منه أن كل مالا يجوز أن يكون ثمنا في المبيع كالمحرم والمعدوم والمجهول ومالا منفعة فيه مالم يتم ملكه عليه كالمبيع من المكيل والموزون قبل قبضه وما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء وما لا يتمول عادة كقشر جوزة وحبة حنطة لا يجوز

وإن كانت مجهولة كرد عبدها أين كان وخدمتها فيما شاءت لم يصح وإن تزوجها على منافعه مدة معلومة فعلى زوايتين وكل موضع لا تصح التسمية وجب مهر المثل.
ـــــــ
أن يكون صداقا لأنه نقل الملك فيه بعوض فلم يجز فيه ذلك كالبيع "وإن كانت مجهولة كرد عبدها أين كان وخدمتها فيما شاءت لم يصح" لأنه عوض في عقد معاوضة فلم يصح مجهولا كالثمن في البيع والأجرة في الإجارة فلو تزوجها على أن يحج بها لم تصح التسمية لأن الحملان مجهول لا يوقف له على حدود.
"وإن تزوجها على منافعه مدة معلومة فعلى روايتين إحداهما" لا يصح لأنها ليست مالا فلا يصح أن يكون مهرا كرقبته ومنفعة البضع والثانية وهي الأصح أنه يصح بدليل قصة موسى وقياسا على منفعة العبد وقال أبو بكر إن كانت خدمة معلومة كبناء حائط صح وإن كانت مجهولة مثل أن يأتيها بعبدها الآبق أين كان ويخدمها في أي شيء أرادت فلا يصح ولا يضر جهل يسير وغرر يرجى زواله في الأصح فلو تزوجها على شرائه لها عبد زيد صح في المنصوص فإن تعذر شراؤه بقيمته فلها قيمته وكذا على دين سلم وآبق ومغصوب يحصله ومبيع اشتراه ولم يقبضه نص عليه.
"وكل موضع لا تصح التسمية" كالخمر والمعدوم والآبق والمجهول "وجب مهر المثل" لأن فساد العوض يقتضي رد المعوض وقد تعذر رده بصحة النكاح فوجب قيمته وهو مهر المثل كمن اشترى بثمن فاسد فقبض المبيع وتلف في يده فإنه يجب عليه رد قيمته وعنه: يفسد اختاره أبو بكر لأنه عقد معاوضة أشبه البيع وجوابه بأن فساد المسمى ليس بأكثر من عدمه وعدمه لا يفسد العقد كذا هذا ويجب مهر المثل لأنها لم ترض إلا ببدل ولم يسلم البدل وتعذر رد العوض فوجب رد بدله كما لو باعه سلعة بخمر فتلفت عند المشتري.

وإن أصدقها تعليم أبواب من الفقه أولحديث أوقصيدة من الشعر المباح صح فإن كان لا يحفظها لم يصح ويحتمل أن يصح ويتعلمها ثم يعلمها فإن تعلمتها من غيره لزمه أجرة تعلمها وإن طلقها قبل الدخول وقبل تعليمها فعليه نصف الأجرة.
ـــــــ
"وإن أصدقها تعليم أبواب من الفقه أو الحديث أو قصيدة من الشعر المباح" أو أدب أو صنعة أو كتابة وهو معين "صح" لأنه يصح أخذ الأجرة على تعليمه فجاز أن يكون صداقا كمنافع الدار حتى ولو كان لا يحفظها نص عليه ويتعلمها ثم يعلمها.
"فإن كان لا يحفظها لم يصح" على المذهب كذا قيل واختاره في "الوجيز" لأنه أصدقها شيئا لا يقدر عليه كما لو استأجر على الخياطة من لا يحسنها وكذا لو قال على أن أعلمك ويحتمل أن يصح ذكره في "المجرد" لأن هذا يكون في ذمته أشبه ما لو أصدقها مالا في ذمته لا يقدر عليه في الحال وعلى هذا يتعلمها ثم يعلمها أو يقيم لها من يعلمها لأنه بذلك يخرج عن عهدة ما وجب عليه.
فإن جاءت بغيرها فقالت علمهم القصيدة التي تريد تعليمي إياها أو أتاها بغيره يعلمها لم يلزم ذلك في الأشهر لأن المستحق عليه العمل في عين لم يلزمه إيقاعه في غيرها ولأن المعلمين يختلفون في التعليم.
"فإن تعلمتها من غيره لزمه أجرة تعلمها" لأنه لما تعذر الوفاء بالواجب وجب الرجوع إلى بدله وكذا إن تعذر عليه تعليمها كما لو أصدقها خياطة ثوب فتعذر فإن ادعى أنه علمها وأنكرته قبل قولها لأن الأصل عدمه وفيه وجه لأن الظاهر معه وإن علمها ثم أنسيتها فلا شيء عليه وإن لقنها الجميع وكلما لقنها شيئا أنسيته لم يعتد بذلك في الأشهر.
"وإن طلقها قبل الدخول وقبل تعليمها فعليه نصف الأجرة" لأنها صارت أجنبية فلا يؤمن في تعليمها من الفتنة وبعد الدخول كلها.

ويحتمل أن يعلمها نصفها وإن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجرة وإن أصدقها تعليم شيء من القرآن معين لم يصح وعنه: يصح ولا يحتاج إلى ذكر قراءة وقال أبو الخطاب يحتاج إلى ذلك.
ـــــــ
"ويحتمل أن يعلمها نصفها" هذا رواية لأنه موضع حاجة أشبه سماع كلامها في المعاملات وعلى هذا يعلمها من وراء حجاب من غير خلوة بها لأن ذلك حرام وإن كان الطلاق بعد الدخول ففي تعليمها الكل الوجهان.
"وإن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجر" لأن الطلاق قبل الدخول يوجب نصف الصداق والرجوع بنصف التعليم متعذر فوجب الرجوع إلى بدله وهو نصف وإن سقط مهرها رجع بالكل.
"وإن أصدقها تعليم شيء من القرآن معين لم يصح" على المذهب واختاره أبو بكر وغيره لأن الفروج لا تستباح إلا بالمال لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: من الآية24] {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} [النساء: من الآية25] والطول المال لأن تعليم القرآن قربة ولا يصح أن يكون صداقا كالصوم.
"وعنه: يصح" ذكر ابن رزين أنها الأظهر وجزم بها في "عيون المسائل" لحديث الموهوبة ولأن تعليم القرآن منفعة مباحة فجاز جعل ذلك صداقا كتعليم قصيدة من الشعر المباح وقيل إن جاز أخذ الأجرة عليه والأول أولى وحديث الموهوبة قيل معناه زوجتكها لأنك من أهل القرآن كما زوج أبا طلحة على إسلامه ويحتمل أن يكون خاصا به يؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج غلاما على سورة من القرآن ثم قال لا يكون بعدك مهرا رواه سعيد والنجاد فعلى هذا تعين السورة أو الآية لأنه إذا لم يعين يصير مجهولا مفضيا إلى المنازعة.
"ولا يحتاج إلى ذكر قراءة" من القراءات السبعة لأن الاختلاف في ذلك يسير "وقال أبو الخطاب يحتاج إلى ذلك" لأن الأغراض تختلف والقراءات تختلف فمنها ماهو صعب كقراءة حمزة وهشام ووقوفهما على

وإن تزوج نساء بمهر واحد أو خالعهن بعوض واحد صح ويقسم العوض بينهن على قدر مهورهن في أحد الوجهين في الآخر يقسم بينهن بالسوية.
ـــــــ
المد أشبه تعيين الآيات فإن أطلق فعرف البلد فإن تعلمته من غيره لزمه الأجرة وإن علمها ثم سقط رجع بالأجرة ومع تنصفه بنصفها وإن طلقها ولم يعلمها لزمه أجرة مايلزمه لخوف الفتنة جزم به في "الفصول" وأنه يكره سماعه بلا حاجة، وعنه: يعلمها مع أمن الفتنة.
ملحق: كصوم وصلاة تخرج على الروايتين ذكره في "الواضح".
تنبيه: إذا أصدق الكتابية تعليم شيء من القرآن لم يصح نص عليه ولها مهر المثل وفي المذهب يصح بقصدها الاهتداء به ولقوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: من الآية6] وجوابه أن الجنب يمنع من قراءة القرآن مع إيمانه واعتقاده فالكافر أولى والسماع غير الحفظ وكذا إذا أصدقها تعليم شيء من التوراة أو الإنجيل ولزم مهر المثل لأنه منسوخ ومبدل.
"وإن تزوج نساء بمهر واحد أو خالعهن بعوض واحد صح" لأن العوض في الجملة معلوم فلم تؤثر جهالة ما لكل واحدة كما لو اشترى أربعة أعبد من رجل بثمن واحد واختار ابن حمدان وهو احتمال في "الترغيب" يجب مهر المثل لأن مايجب لكل واحدة غيرمعلوم. "ويقسم العوض بينهن على قدر مهورهن" أي مهور مثلهن "في أحد الوجهين" اختاره القاضي وابن حامد وجزم به في "الوجيز" ونصره في "الشرح" وقدمه في "الفروع" لأن الصفقة إذا وقعت على شيئين مختلفي القيمة وجب تقسيط العوض بينهما بالقيمة كما لو باع شقصا وسيفا.
"وفي الآخر يقسم بينهن بالسوية" اختاره أبو بكر لأنه أضافه إليهن إضافة واحدة فكان بينهن بالسوية كما لو وهبه لهن أو أقر لهن وفي

ويشترط أن يكون معلوما كالثمن وإن أصدقها دارا غير معينة أو دابة لم يصح وإن أصدقها عبدا مطلقا لم يصح وقال القاضي يصح.
ـــــــ
"الرعاية" وكما لو قال بينهن وقيل في الخلع يقسم على قدر مهورهن المسماة.
فرع: تزوج امرأتين إحداهما لا يصح العقد عليها بصداق واحد وقلنا يصح في الأخرى فلها حصتها من المسمى وقيل مهر المثل فإن جمع بين نكاح وبيع صح في الأشهر فعلى هذا يقسط العوض على قدر صداقهما وقيمة المبيع.
فصل
"ويشترط أن يكون معلوما كالثمن" لأن الصداق عوض في عقد معاوضة فاشترط كونه معلوما كالعوض في البيع لأن غير المعلوم مجهول لا يصلح عوضا في البيع فلم تصح تسميته كالمحرم لكن لا يضر جهل يسير وغرر يرجى زواله في الأصح.
"وإن أصدقها دارا غير معينة أو دابة لم يصح" لأن الصداق يشترط فيه أن يكون معلوما وهو معدوم هنا.
"وإن أصدقها عبدا مطلقا لم يصح" للجهالة "وقال القاضي يصح" لقوله عليه السلام: "العلائق ما تراضى عليه الأهلون" ولأنه موضع ثبت فيه العوض في الذمة بدلا عما ليس المقصود فيه المال فثبت مطلقا كالدية ولأن جهالة التسمية هذه أقل من جهالة مهر المثل وحكى في "المغني" و "الشرح" عن القاضي يصح مجهولا مالم تزد جهالته على جهالة مهر المثل كعبد وفرس من جنس معلوم فإن كان دابة أو حيوانا لم يصح لأنه لا سبيل إلى معرفة الوسط.

ولها الوسط هو السندي وإن أصدقها عبدا من عبيده لم يصح ذكره أبو بكر وروي عن أحمد أنه يصح ولها أحدهم بالقرعة وكذلك يخرج إذا أصدقها دابة من دوابه أ وقميصا من قمصانه ونحوه وإن أصدقها عبدا موصوفا صح.
ـــــــ
"ولها الوسط وهو السندي" بالعراق لأن الأعلى التركي والأسفل الزنجي والوسط السندي والمنصوري والأول أصح والخبر المراد به ما تراضى عليه الأهلون مما يصلح عوضا بدليل سائر ما لا يصلح والدية ثبتت بالشرع لا بالعقل وهي خارجة عن القياس في تقديرها ومن وجبت عليه فلا ينبغي أن تجعل أصلا ثم الحيوان الثابت فيها موصوف مقدر بقيمته فكيف يقاس عليه العبد المطلق وأما كون جهالة المطلق أقل من جهالة قدر مهر المثل فممنوع لأن العادة في القبائل يكون لنسائهم مهر لا يكاد يختلف إلا بالثيوبة والبكارة فيكون إذا معلوما.
"وإن أصدقها عبدا من عبيده لم يصح ذكره أبو بكر" لأنه مجهول كما لو باع عبدا من عبيده أو دابة أو ثوبا.
"وروي عن أحمد أنه يصح" اختاره أبو الخطاب وجزم به في "الوجيز" كموصوف وكما لو عين ثم نسي وهذا مما لا نظير له يقاس عليه وتأويل أبو بكر نص أحمد على أنه تزوجها على عبد معين ثم أشكل عليه وفيه نظر فعلى هذا يعطى من عبيده وسطهم وهو رواية.
"و" الأشهر أن "لها أحدهم بالقرعة" نقله مهنا لأنه إذا صح أن يكون صداقا استحقت واحدا غير معين فشرعت القرعة مميزة كما لو أعتق أحد عبده وقيل يعطيها ما اختاره وقيل ما اختارت ذكرهما ابن عقيل.
"وكذلك يخرج إذا أصدقها دابة من دوابه أو قميصا من قمصانه ونحوه" لأنه في معنى ما سبق "وإن أصدقها عبدا موصوفا صح" لأنه يجوز أن يكون عوضا في البيع والصفة تنزله منزلة المعين فجاز أن يكون صداقا.

وإن جاءها بقيمته أو أصدقها عبدا وسطا وجاءها بقيمته أو خالعته على ذلك فجاءته بقيمته لم يلزمها قبوله وقال القاضي يلزمها ذلك وإن أصدقها طلاق امرأة له أخرى لم يصح وعنه: يصح فإن فات طلاقها بموتها فلها مهرها في قياس المذهب.
ـــــــ
"وإن جاءها بقيمته أو أصدقها عبدا وسطا وجاءها بقيمته أو خالعته على ذلك فجاءته بقيمته لم يلزمها قبوله" في الأشهر واختاره أبو الخطاب "وقال القاضي يلزمها ذلك" قياسا على الإبل في الدية وجوابه بأنها استحقت عليه عبدا بعقد معاوضة فلم يلزمها أخذ قيمته كالمسلم فيه وكما لو كان معينا والأثمان أصل في الدية كالإبل فيلزم الولي القبول لا على طريق القيمة ولأن الدية خارجة عن القياس ثم قياس العوض على سائر الأعواض أولى من قياسه على غير عقود المعاوضة ثم ينتقض بالعبد المعين.
فرع: إذا تزوجها على أن يعتق أباها صح نص عليه فإن طلبت به أكثر من قيمته أو تعذر عليه فلها قيمته.
"وإن أصدقها طلاق امرأة له أخرى لم يصح" قدمه في "المحرر" و "الفروع" وهو ظاهر المذهب وقول أكثر الفقهاء لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: من الآية24] وقوله عليه السلام: "لا تسأل المرأة طلاق أختها" ولأن هذا لا يصح ثمنا في بيع ولا أجرا في إجارة فلم يصح صداقا كالمنافع المحرمة فعلى هذا لها مهل المثل أو نصفه قبل الدخول أو المتعة ثم من يوجبها في التسمية الفاسدة.
"وعنه: يصح" جزم به في "الوجيز" لأن لها فائدة ونفعا لما يحصل لها في الراحة بطلاقها من مقاسمتها والغيرة منها فصح جعله صداقا كخياطة ثوبها وعتق أمتها.
"فإن فات طلاقها بموتها فلها مهرها" أي مهر الضرة "في قياس المذهب" لأنه سمى لها صداقا لم يصل إليها فكان لها قيمته كما لو أصدقها عبدا فخرج

وإن تزوجها على ألف إن كان أبوها حيا وألفين إن كان أبوها ميتا لم تصح نص عليه وإن تزوجها على ألف إن لم يكن له زوجة وألفين إن كان له زوجة لم يصح في قياس التي قبلها والمنصوص أنه يصح
ـــــــ
حرا وقيل يستحق مهر مثلها لأن الطلاق لا قيمة له ولا مثل له وكذا جعله إليها إلى سنة وهل يسقط حقها من المهر فيه وجهان فإن قلنا لا يسقط فهل ترجع إلى مهر مثلها أو إلى مهر الأخرى فيه وجهان.
"وإن تزوجها على ألف إن كان أبوها حيا وألفين إن كان أبوها ميتا لم تصح" التسمية "نص عليه" في رواية مهنا لأن حال الأب غير معلومة فيكون مجهولا ولأنه في معنى بيعتين في بيعة وحينئذ لها صداق نسائها وعنه: يصح لأن الألف معلومة وإنما جهل الثاني وهو معلق على شرط. "وإن تزوجها على ألف إن لم يكن له زوجة وألفين إن كان له زوجة لم يصح في قياس التي قبلها" لأنها في معناها وكذا إن تزوجها على ألف إن لم يخرجها من دارها وعلى ألفين إن أخرجها.
"والمنصوص أنه يصح" هذه التسمية هنا وذكر القاضي فيهما روايتين إحداهما لا تصح اختاره أبو بكر لأن سبيله سبيل الشرطين فلم تصح كالبيع والثانية تصح لأن ألفا معلومة وإنما جهلت الثانية وهي معلقة على شرط فإن وجد الشرط كان زيادة في الصداق والزيادة فيه صحيحة والأول أولى يعني القول بالفساد فيهما.
ويجاب عنه بأنه تعليق على شرط لا يصح لوجهين أحدهما أن الزيادة لا يصح تعليقها على شرط فلو قال إن مات أبوك فقد زدتك في صداقك ألفا لم يصح ولم تلزم الزيادة عند موت الأب والثاني أن الشرط يتجدد في قوله إن كان لي زوجة أو إن كان أبوك حيا ولا الذي جعل الألف فيه معلوم الوجود لتكون الألف الثانية زيادة عليه ويمكن الفرق بين نص أحمد على بطلان التسمية ونصه على صحتها بأن المرأة ليس لها غرض يصح بدل العوض فيه وهو كون أبيها ميتا وخلوها عن ضرة من أكبر أغراضها وكذلك قرارها في دارها بين أهلها،

وإذا قال العبد لسيدته أعتقيني على أن أتزوجك فأعتقته على ذلك عتق ولم يلزمه شيء وإذا فرض الصداق مؤجلا ولم يذكر محل الأجل صح في ظاهر كلامه ومحله الفرقة عند أصحابنا وعند أبي الخطاب لا تصح
ـــــــ
وفي وطئها فعلى هذا يمتنع قياس إحدى الصورتين على الأخرى وما وردت من المسائل الحق بما يشبهها ولا يكون في كل مسألة: إلا رواية واحدة.
"وإذا قال العبد لسيدته أعتقيني على أن أتزوجك فأعتقته على ذلك عتق" لأن سيدته أعتقته "ولم يلزمه شيء" لأن النكاح يحصل به الملك للزوج فلم يلزمه ذلك كما لو اشترطت عليه أن تملكه دارا وكذا إن قالت لعبدها أعتقتك على أن تتزوج بي لم يلزمه ذلك ويعتق ولا يلزمه قيمة نفسه لأنها اشترطت عليه شرطا هو حق له فلم يلزمه كما لو شرطت عليه أن تهبه دينارا ليقبلها ولأن النكاح من الرجل لا عوض له بخلاف نكاح المرأة.
"وإذا فرض الصداق مؤجلا ولم يذكر محل الأجل صح في ظاهر كلامه" لأن لذلك عرفا فوجب أن يصح ويحمل عليه وعلم منه أنه يجوز أن يكون مؤجلا وحالا وبعضه كذلك لأنه عقد معاوضة فجاز فيه ذلك كالثمن ومتى أطلق اقتضى الحلول كما لو أطلق ذكر الثمن وإن شرطه مؤجلا إلى وقت فهو إلى أجله.
"ومحله الفرقة عند أصحابنا" لأن المطلق يحمل على العرف والعرف ترك المطالبة بالصداق إلى حين الفرقة بموت أو طلاق فحمل عليه فيصير حينئذ معلوما.
"وعند أبي الخطاب لا تصح" التسمية وهو رواية وحينئذ لها مهر المثل كثمن المبيع وعلى الأول لو جعل الأجل مدة مجهولة كقدوم زيد ونحوه لم يصح وقال ابن أبي موسى يحتمل إذا كان الأجل مجهولا أن يكون حالا فإن طلقها قبل الدخول كان لها نصفه في رواية وفي أخرى منعه كما لو تزوجها

فصل
وإن أصدقها أو خنزيرا أو مالا مغصوبا صح النكاح ووجب مهر المثل وعنه: أنه يعجبه استقبال النكاح اختاره أبو بكر والمذهب صحته.
ـــــــ
على محرم كخمر.
فصل
"وإن أصدقها خمرا أو خنزيرا أو مالا مغصوبا صح النكاح" نص عليه وقاله عامة الفقهاء لأنه عقد لا يبطل بجهالة العوض فلا يفسد بتحريمه كالخلع ولأن فساد العوض لا يزيد على عدمه "ووجب مهر المثل" في قولهم؛ لأن فساد العوض يقتضي رد المعوض فوجب رد قيمته وهو مهر المثل كمن اشترى ثوبا بثمن فاسد فتلف المبيع في يده بالغا ما بلغ لأن ما تضمنه بالعقد الفاسد اعتبر قيمته بالغا ما بلغ كالمبيع لا يقال إنما وجب لحق الله لأنه لو كان كذلك لوجب أقل المهر.
"وعنه: أنه يعجبه استقبال النكاح اختاره أبو بكر" وشيخه الخلال لأنه جعل عوضه محرما أشبه نكاح الشغار وخرج عليها في "الواضح" فساده بتعويض كمبيع وهو رواية في "الإيضاح" وعند ابن أبي موسى مثل مغصوب أو قيمته وفي "الواضح" إن باعه ربه قبله بثمن لزمه وعنه: مثل خمر خلا.
"والمذهب صحته" وكلام أحمد محمول على الاستحباب فأما إذا فسد الصداق لجهالته أو عدمه أو العجز عن تسليمه فالنكاح ثابت بغير خلاف نعلمه فإن طلقها قبل الدخول فلها نصف مهر المثل وذكر القاضي في "الجامع" أنه لا فرق بين من لم يسم لها صداقا وبين من سمى لها محرما كالخمر أو مجهولا كالثوب وفي روايتان إحداهما لها المتعة لأنه يرتفع مهر المثل بها والثانية تجب لها نصف مهر المثل لأنه قد وجب فينتصف به كالمسمى.

وأن تزوجها على عبد فخرج حرا أو مغصوبا أو عصيرا فبان خمرا فلها قيمته وإن وجدت به عيبا فلها الخيار بين أخد أرشه أو رده وأخذ قيمته.
فصل
وإن تزوجها على ألف لها وألف لأبيها، صح.
ـــــــ
"وإن تزوجها على عبد فخرج حرا أو مغصوبا أو عصير فبان خمرا فلها قيمته" لأنها رضيت بما سمى لها وتسليمه ممتنع قابل لجعله صداقا فوجب الانتقال إلى قيمته يوم العقد لأنها بدل ولا تستحق مهر المثل لعدم رضاها به ولا بد أن يلحظ أن المغصوب لو كان مثليا لكان لها مثله لا قيمته كما لو استحق عليه مثلي بغير الصداق والعصير محمول على عصير عدم مثله إذ المذهب أنه يلزمه عصير مثله قدمه في "الفروع" وجزم به في "الوجيز" وقدم في "الإيضاح" مهر مثلها.
"وإن وجدت به عيبا فلها الخيار بين أخذ أرشه أو رده وأخذ قيمته" لأنه عوض في عقد معاوضة فثبتت الخيرة فيه بين أخذ الأرش أو البدل وأخذ القيمة كالمبيع المعيب وكذا عوض الخلع المنجز وعنه: إن أمسكه فلا أرش وما عقد عليه في الذمة وجب بذله فقط.
فرع: إذا تزوجها على عبدين فخرج أحدهما حرا أو مغصوبا صح الصداق في ملكه ولها قيمة الآخر نص عليه وعنه: قيمتها وإن بان نصفه مستحقا أو أصدقها ألف ذراع فبانت تسعمائة خيرت بين أخذه وقيمة الفائت وبين قيمة الكل
فصل
"وإن تزوجها على ألف لها وألف لأبيها صح" لأنه لو شرط الكل لنفسه لصح فكذا إذا شرط البعض بل هو من باب أولى يؤيده أن شعيبا زوج

وكانا جميع مهرها فإن طلقها قبل الدخول رجع عليها ولم يكن على الأب شيء مما أخذ.
ـــــــ
ابنته على رعاية غنمه وذلك اشتراط لنفسه لأن للوالد الأخذ من مال ولده لقوله عليه السلام: "أنت ومالك لأبيك" ولقوله عليه السلام: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" رواه أبو داود والترمذي وحسنه فإذا شرط شيئا لنفسه من مهر ابنته كان ذلك أخذا من مالها.
"وكانا جميعا مهرها" وهذا في أب يصح تملكه أو شرطه له وحكى أبو عبد الله ابن تيمية رواية يبطل الشرط وتصح التسمية وقيل يبطلان ويجب مهر المثل وعلى الأول شرطه مالم يجحف بابنته فإن أجحف بها لم يصح الشرط وكان الجميع لها ذكره القاضي وابن عقيل والمؤلف وضعفه الشيخ تقي الدين لأنه لا يتصور الإجحاف لعدم ملكها له وظاهر كلام أحمد والقاضي في "تعليقه" وأبي الخطاب أنه لا يشترط.
"فإن طلقها قبل الدخول بعد قبضهما رجع عليها بألف" لأنه نصف الصداق "ولم يكن على الأب شيء مما أخذ" لأنه أخذ من مال ابنته ألفا فلا يجوز الرجوع عليه بشيء وقيل إلا في شرط جميعه له وهذا ظاهر فيما إذا قبضت الألفين فإن طلقها قبل قبضهما سقط عن الزوج ألف وبقي عليه ألف للزوجة يأخذ الأب منها ما شاء وقال القاضي يكون بينهما نصفين ونقله مهنا عن أحمد لأنه شرط لنفسه النصف ولم يحصل من الصداق إلا النصف قال في "المغني" و "الشرح" هذا على سبيل الاستحباب فلو شرط لنفسه الجميع ثم طلق قبل الدخول بعد تسليم الصداق رجع في نصف ما أعطى الأب لأنه الذي فرضه لها فيرجع في نصفه وقيل يرجع عليها بنصفه ولا شيء على الأب فيما أخذ لأنا قدرنا أن الجميع صار لها ولو ارتدت قبل الدخول فهل ترجع في الألف الذي قبضها الأب له أو عليها فيه وجهان.

وإن فعل ذلك غير الأب فالكل لها دونه وللأب تزويج ابنته البكر والثيب بدون صداق مثلها وإن كرهت وإن فعل غيره بإذنها صح ولم يكن لغيره الاعتراض وإن فعله بغير إذنها وجب مهر المثل.
ـــــــ
"وإن فعل الأب ذلك غير الأب" كالجد والأخ "فالكل لها دونه" وكان الشرط باطلا نص عليه لأن جميع ما اشترطه عوض في تزويجها فيكون صداقا لها كما لو جعله لها وليس للغير أن يأخذ شيئا بغير إذن فيقع الاشتراط لغوا وفي "الترغيب" في الأب رواية كذلك.
"وللأب تزويج ابنته البكر والثيب" صغيرة كانت أو كبيرة بدون صداق مثلها وإن كرهت لأن عمر خطب الناس فقال: "لا تغالوا في صدق النساء فما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه ولا بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية" وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر فكان اتفاقا منهم على أن له أن يزوج بذلك وإن كان دون صداق مثلها ولأنه ليس المقصود من النكاح العوض وإنما المقصود السكن والازدواج ووضع المرأة في منصب عند من يكفلها ويصونها والظاهر من الأب مع تمام شفقته وحسن نظره أنه لا ينقصها من الصداق إلا لتحصيل المعاني المقصودة فلا يمنع منه وعقود المعاوضات المقصود منها العوض لا يقال كيف يملك الأب تزويج البنت الكبيرة بدون صداق مثلها لأن الأشهر أنه يتصور بأن يأذن في أصل النكاح دون قدر المهر.
وقيل: عليه تتميمه كبيعه بعض مالها بدون ثمنه لسلطان يظن به حفظ الباقي ذكره في "الانتصار" وقيل لبنت كبيرة لصحة تصرفها وفي "الروضة" إلا أن ترضى بما وقع عليه العقد قبل لزومه.
"وإن فعل غيره بإذنها" وكانت رشيدة "صح" لأن الحق لها فإذا رضيت بإسقاطه سقط كبيع سلعتها "ولم يكن لغيره الاعتراض" لأن الحق في ذلك تمحض لها دون غيرها بخلاف تزويجها بغير كفء "وإن فعله بغير إذنها وجب مهر المثل" لأنه قيمة بضعها وليس للولي نقصها منه والنكاح صحيح لا يؤثر فيه

ويحتمل ألا يلزم الزوج إلا المسمى والباقي على الولي كالوكيل في البيع وإن زوج ابنه الصغير بأكثر من مهر المثل صح ولزم ذمة الابن فإن كان معسرا فهل يضمنه الأب يحتمل وجهين.
ـــــــ
فساد التسمية وعدمها "ويحتمل ألا يلزم الزوج إلا المسمى" هذا رواية لأنه ما التزم غيره وكمن زوج بدون ما عينته له.
"والباقي على الولي" لأنه مفرط "كالوكيل في البيع" وفي "الشرح" وقدمه في "الفروع" تمام المهر على الزوج لأن التسمية فاسدة ويضمنه الولي لأنه مفرط كما لو باع مالها بدون ثمن مثله ويحتمل في تزويج الأب الثيب الكبيرة وجوب التمام.
"وإن زوج ابنه الصغير بأكثر من مهر المثل صح" لأن تصرف الأب ملحوظ فيه المصلحة فكما يصح أن يزوج ابنته بدون مهر المثل للمصلحة فكذا يصح هنا تحصيله لها "ولزم ذمة الابن" لأن العقد له فكان بدله عليه كثمن المبيع ونقل ابن هانئ مع رضاه.
"فإن كان معسرا فهل يضمنه الأب يحتمل وجهين" وحكاهما في "المغني" روايتين أشهرهما لا يضمنه كثمن مبيعه وقدمه في "الفروع" قال القاضي وهذا أصح والثانية يضمنه الأب نص عليه وجزم به في "الوجيز" كما لو نطق بالضمان وللعرف وقيل يضمن الزيادة وفي النوادر نقل صالح كالنفقة فلا شيء على ابن كذا قال ونقل المروذي النفقة على الصغير من ماله قلت فإن كانت صغيرة لا توطأ قال إن كان لها مال أنفق عليها منه والنفقة تجب مع المنع من قبله لا من قبلهم.
فرع: إذا طلق قبل الدخول سقط نصف الصداق فإن كان بعد دفع الأب الصداق رجع نصفه إلى الابن وليس للأب الرجوع فيه في الأشهر وكذا الحكم فيما لو قضى الصداق عن ابنه الكبير ثم طلق قبل الدخول فإن ارتدت قبل الدخول فالرجوع في جميعه كالرجوع في نصفه بالطلاق.

وللأب قبض صداق ابنته الصغيرة بغير إذنها ولا يقبض صداق البنت الكبيرة إلا بإذنها وفي البكر البالغة روايتان.
فصل
وإن تزوج العبد بإذن سيده على صداق مسمى صح وهل يتعلق برقبته أو ذمة سيده على روايتين.
ـــــــ
"وللأب قبض صداق ابنته الصغيرة" أي المحجور عليها "بغير إذنها" لأنه يلي مالها فكان له قبضه كثمن مبيعها والسفيهة والمجنونة كذلك.
"ولا يقبض صداق البنت الكبيرة إلا بإذنها" إذا كانت رشيدة لأنها المتصرفة في مالها فاعتبر إذنها في قبضه كثمن مبيعها "وفي البكر البالغة" العاقلة "روايتان" الأصح أنه لايقبضه إلا بإذنها إذا كانت رشيدة كالثيب والثانية بلى لأنه العادة بدليل أنه يملك إجبارها على النكاح أشبهت الصغير زاد في "المحرر" مالم يمنعه فعليها يبرأ الزوج بقبضه ويرجع على أبيها بما بقي لا بما أنفق.
فصل
"وإن تزوج العبد بإذن سيده على صداق مسمى صح" لأن الحجر عليه لحق سيده فإذا أسقط حقه سقط بغير خلاف وله نكاح أمة ولو أمكنه حرة ويملك نكاح واحدة إذا طلق نص عليه وفي تناول النكاح الفاسد احتمالان.
"وهل يتعلق برقبته أو ذمة سيده على روايتين" الأصح أنه يتعلق بذمة سيده نقله الجماعة لأنه حق تعلق بالعبد برضى السيد فتعلق بذمته كالدين وكذا النفقة والكسوة والمسكن نص عليه.
والثانية: تتعلق برقبته لأنه وجب بفعله أشبه جنايته وعنه: يتعلق بهما وعنه: بذمتيهما بذمة العبد أصالة وذمة سيده ضمانا وعنه: بكسبه وفائدة الخلاف أن من ألزم السيد المهر والنفقة أوجبهما عليه وإن لم يكن للعبد كسب،

وإن تزوج بغير إذنه لم يصح النكاح فإن دخل بها وجب في رقبته مهر المثل.
وعنه: يحب خمسا المسمى اختارها الخرقي.
ـــــــ
وليس للمرأة الفسخ لعدم كسب العبد وللسيد استخدامه ومنعه من الاكتساب ومن علقه بكسبه فللمرأة الفسخ إن لم يكن له كسب وليس لسيده منعه من التكسب وعلى الأول إن باعه سيده أو أعتقه لم يسقط المهر عن السيد نص عليه فأما النفقة فإنها تتجدد فيكون في الزمن المستقبل على المشتري وعلى العبد إذا أعتق.
"وإن تزوج بغير إذنه لم يصح النكاح" نقله الجماعة وهو قول عثمان وابن عمر لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وإسناده جيد لكن فيه عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه كلام ورواه الخلال من حديث ابن عمر مرفوعا وأنكره أحمد ورواه أبو داود وابن ماجه عن ابن عمر موقوفا ولأنه نكاح فقد شرطه فكان باطلا كما لو تزوج بغير شهود ونقل حنبل هو كفضولي وقاله الأصحاب ولأنه عقد يقف على الفسخ فوقف على الإجازة كالوصية.
"فإن دخل بها" ووطئها "وجب في رقبته مهر المثل" في قول أكثرهم كسائر الأنكحة الفاسدة فعلى هذا يباع فيه إلا أن يفديه السيد وقيل يتعلق بذمة العبد والأول أظهر لأن الوطء أجري مجرى الجناية الموجبة للضمان بغير إذن الولي.
"وعنه: يجب خمسا المسمى" نقله الجماعة "اختارها الخرقي" والقاضي وأصحابه لما روى خلاس بن عمرو أن غلاما لأبي موسى تزوج بغير إذنه.
فكتب في ذلك إلى عثمان فكتب إليه أن فرق بينهما وخذ لها الخمسين من صداقها وكان صداقها خمسة أبعرة رواه أحمد.

وإن زوج السيد عبده أمته لم يجب مهر ذكره أبو بكر وقيل يجب ويسقط وإن زوج عبده حرة ثم باعها العبد بثمن في الذمة تحول صداقها أو نصفه إن كان قبل الدخول إلى ثمنه.
ـــــــ
ولأن المهر أحد موجبي الوطء فجاز أن ينقص فيه العبد عن الحر كالحد قال الشيخ تقي الدين المهر يجب في نكاح العبد بخمسة أشياء عقد النكاح وعقد الصداق وإذن السيد في النكاح وإذنه في الصداق والدخول فبطل ثلاثة من قبل السيد فبقي من قبله اثنان وهو التسمية والدخول.
وعنه: إن علمت أنه عبد فلها خمسا المهر وإلا فلها المهر في رقبة العبد وقيل يجب خمسا مهر المثل وعنه: المسمى قدمه في "الرعاية" ونقل المروذي يعطي شيئا قلت تذهب إلى حديث عثمان قال أذهب أن يعطي شيئا قال أبو بكر هو القياس.
تنبيه: السيد مخير بين أن يفديه بأقل الأمرين من قيمته أو مهر واجب كأرش جنايته ونقل حنبل لا مهر لأنه بمنزلة العاهر ويروى عن ابن عمر وهو رواية في "المحرر" إن علما التحريم وظاهر كلام جماعة أو علمته هي.
"وإن زوج السيد عبده أمته لم يجب مهر ذكره أبو بكر" والقاضي لأنه لا يجب للسيد على عبده مال. "وقيل يجب ويسقط" قدمه في "الكافي" و "المستوعب" و "الرعاية" وهو رواية في "التبصرة" لأن النكاح لا يخلو من مهر ثم يسقط لتعذر إتيانه وقال أبو الخطاب يجب المسمى أو مهر المثل إن لم يكن مسمى والمذهب أنه يجب مهر المثل ويتبع به بعد عتقه نص عليه في رواية سندي وجزم به في "الوجيز".
"وإن زوج عبده حرة ثم باعها العبد بثمن في الذمة تحول صداقها أو نصفه إن كان قبل الدخول إلى ثمنه" لأن ذلك متعلق برقبة العبد فوجب أن ينتقل إلى بدله وهو الثمن وحاصله أنه إذا باعه لها بثمن في ذمتها فعلى حكم مقاصصة الدينين وإن تعلق برقبته تحول مهرها إلى ثمنه كشراء غريم عبدا مدينا وإن تعلق

وإن باعها إياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده ويحتمل ألا يصح قبل الدخول.
فصل
وتملك الصداق المسمى بالعقد.
ـــــــ
بذمتيهما سقط المهر لملكها العبد والسيد تبع له لأنه ضامنه ويبقى الثمن للسيد عليها وقيل لا يسقط بناء على من ثبت له دين على عبد ثم ملكه ففي سقوطه وجهان والنصف قبل الدخول كالجميع إن لم يسقط في رواية قال في "الشرح" المذهب أنه لا يسقط بعد الدخول بحال.
"وإن باعها إياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده" نص عليه لأن الصداق يصلح أن يكون ثمنا لغير العبد فكذا له وفي رجوعه قبل الدخول بنصفه أو جميعه الروايتان وبطل النكاح إذن.
"ويحتمل ألا يصح قبل الدخول" هذا رواية لأنه يلزم من صحته فسخ النكاح ومن سقوط المهر بطلان البيع لأنه عوضه ولا يصح بغير عوض واختار ولد صاحب "الترغيب" إن تعلق برقبته أو ذمته وسقط ما في الذمة بملك طارئ برئت ذمة السيد فيلزم الدور فيكون في الصحة بعد الدخول الروايتان قبله وإن جعله مهرها بطل العقد كمن زوج ابنه على رقبة من يعتق على الابن لو ملكه إذ نقدره له قبلها بخلاف إصداق الخمر لأنه لو ثبت لم ينفسخ ذكره جماعة.
فصل
"وتملك الصداق المسمى بالعقد" في قول عامتهم لقوله عليه السلام: "إن أعطيتها إزارك جلست ولا إزار لك" فيدل على أن الصداق كله للمرأة ولا يبقى للرجل فيه شيء ولأنه عقد يملك به العوض فملك به العوض كاملا كالبيع وعنه: تملك نصفه قال ابن عبد البر هذا موضع اختلف فيه السلف، وسقوط

فإن كان معينا كالعبد والدار فلها التصرف فيه ونماؤه لها وزكاته ونقصه وضمانه عليها إلا أن يمنعها قبضه فيكون ضمانه عليه وعنه: فيمن تزوج على عبد ففقئت عينه إن كان قد قبضته فهو لها وإلا فهو على الزوج لا يدخل في ضمانها إلا بقبضه وإن كان غير معين كقفيز من صبرة لم يدخل في ضمانها ولم يملك التصرف فيه إلا بقبضه كالمبيع.
ـــــــ
نصفه بالطلاق لايمنع وجوب جميعه بالعقد ألا ترى أنها لو ارتدت سقط جميعه وإن كانت ملكت نصفه.
"فإن كان معينا كالعبد والدار فلها التصرف فيه" لأنه ملكها فكان لها ذلك كسائر أملاكها "ونماؤه لها وزكاته ونقصه وضمانه عليها" سواء قبضته أو لم تقبضه متصلا كان النماء أو منفصلا وعليها زكاته إذا تم عليه الحول نص عليه لأن ذلك كله من توابع الملك وإن تلف فهو من ضمانها ولو زكت ثم طلقت قبل الدخول كان ضمان الزكاة عليها لأنها قد ملكته أشبه ما لو ملكته بالبيع "إلا أن يمنعها قبضه فيكون ضمانه عليه" لأنه غاصب أو بمنزلته وإن زاد فالزيادة لها وإن نقص فالنقص عليه وهو بالخيار بين أخذ نصفه ناقصا وبين أخذ نصف قيمته أكثر ما كانت من يوم العقد إلى يوم القبض لأنه إذا زاد بعد العقد فالزيادة لها وإن نقص فالنقص عليه إلا أن تكون الزيادة لتغير الأسعار.
"وعنه: فيمن تزوج على عبد ففقئت عينه إن كان قد قبضته فهو لها وإلا فهو على الزوج" هذه الرواية نقلها مهنا فعلى هذا لا يدخل في ضمانها إلا بقبضه مقبوض فلم يضمنه قياسا على البيع في رواية وظاهر هذا أنه جعله قبل قبضه من ضمان الزوج بكل حال سواء كان معينا أو لم يكن وإن تلف قبل قبضه ضمنه الزوج بمثله إن كان له مثل وإلا قيمته يوم العقد ذكره القاضي وقال أبو الخطاب يضمنه بقيمته يوم التلف،
"وإن كان غير معين كقفيز من صبرة لم يدخل في ضمانها ولم يملك التصرف فيه إلا بقبضه كالمبيع" نقول حكم الصداق حكم المبيع في أن ما

وإن قبضت صداقها ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إن كان باقيا ويدخل في ملكه حكما كالميراث ويحتمل ألا يدخل حتى يطالب به ويختار فما ينمي قبل ذلك فهو لها.
ـــــــ
كان مكيلا أو موزونا لا يجوز لها التصرف فيه إلا بقبضه وما عداه لا يحتاج إلى قبض وقال القاضي وأصحابه ما كان متعينا فله التصرف فيه وما لم يكن متعينا كقفيز من صبرة ورطل زيت من دن لا يملك التصرف فيه حتى يقبضه كالمبيع وعنه: لا يملك التصرف في شيء منه قبل قبضه وقيل ما لا ينقص العقد بهلاكه كالمهر وعوض الخلع يجوز التصرف فيه قبل قبضه لأنه بدل لا ينفسخ للسبب الذي ملك بهلاكه كالوصية وقد نص أحمد على هبة المرأة زوجها صداقها قبل قبضها وهو نوع تصرف وقياس المذهب أن كلما جاز التصرف فيه فهو من ضمانها وما لا يتصرف فيه فهو من ضمان الزوج إلا أن يمنعها قبضه فيكون ضمانه عليه كما نص على العبد إذا فقئت عينه وحيث قبل فضمانه عليه قبل القبض إذا تلف لم يبطل الصداق بتلفه ويضمنه بمثله أو قيمته.
"وإن قبضت صداقها ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إن كان باقيا" بحاله لم يتغير ولم يتعلق به حق غيره بغير خلاف لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [البقرة: من الآية237] الآية.
"ويدخل في ملكه حكما كالميراث" نص عليه لأن قوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: من الآية237] يدل عليه لأن التقدير فنصف ما فرضتم لكم أو لهن وذلك يقتضي كينونة النصف له أو لها بمجرد الطلاق وأن الطلاق سبب تملك به بغير عوض فلم يفتقر إلى اختياره كالإرث فعلى هذا ما يحدث من النماء يكون بينهما.
"ويحتمل ألا يدخل" في ملكه "حتى يطالب به ويختار" لأن الإنسان لا يملك شيئا بغير اختياره إلا بالميراث وكالشفيع.
"فما ينمي قبل ذلك فهو لها" لأنه نماء ملكها لأن التقدير أنه لا يملك إلا

فإن زاد زيادة متصلة رجع في نصف الأصل والزيادة لها وإن كانت متصلة فهي مخيرة بين دفع نصفه زائدا وبين دفع نصف القيمة وقت العقد وإن كان ناقصا خير الزوج بين أخذه ناقصا وبين نصف القيمة.
ـــــــ
باختياره فهو قبل الاختيار على ملك الزوجة وفي "الترغيب" أصلها اختلاف الرواية فيمن بيده عقدة النكاح وعلى المنصوص لو طلقها على أن المهر لها لم يصح الشرط وعلى الثاني وجهان.
"فإن" كان الصداق "زاد زيادة متصلة" كالولد والثمرة "رجع في نصف الأصل" لأن الطلاق قبل الدخول يقتضي الرجوع في نصف الصداق وقد أمكن الرجوع فيه من غير ضرر على أحد فوجب أن يثبت حكمه "والزيادة لها" لأنه نماء ملكها وعنه: يرجع بنصفهما "وإن كانت متصلة" كالسمن وتعلم صناعة وبهيمة حملت "فهي مخيرة بين دفع نصفه زائدا" ويلزمه القبول "وبين دفع نصف القيمة وقت العقد" لأنها إن اختارت دفع نصف الأصل زائدا كان لها ذلك إسقاطا لحقها من الزيادة وإن اختارت دفع نصف قيمته كان لها ذلك لأنه لا يلزمها دفع نصف الأصل زائدا لاشتماله على الزيادة التي لا يمكن فصلها عنه وحينئذ تعينت القيمة كالإتلاف ويتخرج أن يجب دفعه بزيادته كالمنفصلة وأولى وفي "التبصرة" لها نماؤه بتعيينه وعنه: بقبضه فعلى المذهب له قيمة نصفه يوم الفرقة على أدنى صفة من وقت العقد إلى وقت قبضه وفي "الكافي" أو التمكين منه فإن قلنا يضمن المهر بالعقد اعتبرت صفة وقته وفي "الترغيب" المهر المعين قبل قبضه هل هو بيده أمانة فمئونة دفن العبد عليه فيه روايتان.
فرع: إذا كانت محجورا عليها لم يكن له الرجوع إلا في نصف القيمة "وإن كان ناقصا" بغير جناية عليه "خير الزوج بين أخذه" أي أخذ نصفه "ناقصا" لأنه إذا اختار ذلك فقد رضي بإسقاط حقه "وبين نصف القيمة" لأن قبوله ناقصا ضرر عليه وهو منفي شرعا فعلى الأول هل له أرش النقص كما هو مختار القاضي في "تعليقه" كالمبيع المعيب أو لا أرش كواجد

وقت العقد وإن كان تالفا أو مستحقا بدين أو شفعة فله نصف قيمته وقت العقد إلا أن يكون مثليا فيرجع بنصف مثله وقال القاضي له القيمة أقل ما كانت من يوم العقد إلى يوم القبض.
ـــــــ
متاعه عند المفلس وهو اختيار الأكثرين فيه قولان وتعتبر القيمة وقت العقد ذكره الخرقي والمؤلف وابن حمدان وحرر المجد ذلك فجعله في المتميز إذا قلنا على المذهب يضمنه بالعقد وعلى هذا يحمل قولهم إذ الزيادة في غير المتميز صورة نادرة وفي "الشرح" إذا كان ناقصا متميزا كعبدين تلف أحدهما رجع بنصف الباقي ونصف قيمة التالف وإن لم يكن متميزا كشاب صار شيخا فنصف قيمته أو نسي صناعة فإن شاء رجع بنصف قيمته وقت ما أصدقها لأن ضمان النقص عليها فلا يلزمه أخذ نصفه لأنه دون حقه وإن شاء رجع بنصفه ناقصا فتجبر المرأة على ذلك.
فرع: إذا زاد من وجه ونقص من وجه كعبد صغير كبر ومصوغ كسرته وأعادته صناعة أخرى فلكل منهما الخيار وكذا حمل أمة وفي البهيمة زيادة مالم يفسد اللحم وزرع وغرس بعض الأرض "وإن كان تالفا أو مستحقا بدين أو شفعة فله نصف قيمته" إذا لم يكن مثليا لأنه تعذر الرجوع في عينه فوجب الرجوع في نصف القيمة كالإتلاف "وقت العقد" لأن الزيادة بعد ذلك تكون ملكا للزوجة لكونها نماء ملكها فلا يجوز تقويمها بعد العقد لكونه تقويما لملك الغير "إلا أن يكون مثليا فيرجع بنصف مثله" لأن المثلي يضمن في الإتلاف بالمثل لأنه أقرب مشابهة ومماثلة لحقه "وقال القاضي له القيمة أقل ما كانت من يوم العقد إلى يوم القبض" لأنه لو نقص في يده كان ضمانه عليه قال المؤلف هذا مبني على أن الصداق لا يدخل في ضمان المرأة إلا بقبضه وإن كان معينا في رواية فعلى هذا إن كانت القيمة وقت العقد أقل لم يلزمها إلا نصفها لأن الزيادة بعد العقد لها لأنه نماء ملكها أشبهت الزيادة بعد القبض وإن كانت القيمة وقت القبض أقل لم يلزمها أكثر من نصفها لأن ما نقص من القيمة من ضمانه لم يلزمه غرامة لها فكيف تجب

--------------------------------------
ـــــــ
له عليها؟ قال صاحب النهاية فيها والأول أصح لأن المعين لا يفتقر الملك فيه إلى قبض ولا يضمن باليد.
مسائل:
الأولى: إذا خرج عن ملكها ثم عاد إليها ثم طلقها وهو في يدها كان له الرجوع في نصفه لعدم المانع منه ولا يلزم إذ لو وهب لولده شيئا فخرج عن ملكه ثم عاد حيث لا يملك الرجوع وإن أسلم فلان حق الولد سقط بخروجه عن ملكه بدليل أنه لا يطالبه ببدله بخلاف الزوج.
الثانية: إذا تصرف تصرفا لا ينقل الملك كوصية لم يمنع الرجوع كعارية وكذا إذا دبرته في ظاهر المذهب ولا يجبر على الرجوع في نصفه وإن قلنا لا يباع لم يجز الرجوع فإن كان التصرف لازما لا ينقل الملك كنكاح وإجارة خير بين الرجوع في نصفه ناقصا وبين نصف قيمته فإن رجع في نصف المستأجر صبر حتى تنفسخ الإجارة.
الثالثة: إذا أصدقها نخلا فاطلعت أبر أو لم يؤبر ثم طلق قبل الدخول فزيادة متصلة وفي "الترغيب" وجهان فيما أبر.
الرابعة: إذا أصدقها أرضا فزرعتها فحكمها حكم الشجر إذا أثمر سواء قاله القاضي وقال غيره يفارق الزرع الثمرة في أنها إذا بذلت نصف الأرض مع نصف الزرع لم يلزمه قبوله فلو أصدقها ثوبا فصبغه أو أرضا فبنتها فبذل قيمة زيادته لتملكه فله ذلك خلافا.
الخامسة: أصدقها صيدا ثم طلق وهو محرم فإن لم يملكه بإرث فنصف قيمته وإلا فهل يقدم حق الله فيرسله ويغرم لها قيمة النصف أم حق الآدمي فيمسكه ويبقى ملك المحرم ضرورة أم هما سواء فيخيران فإن أرسله برضاها غرم لها وإلا بقي مشتركا قال في "الترغيب" مبني على حكم الصيد المملوك بين محل ومحرم وفيه أوجه.

وإن نقص الصداق في يدها بعد الطلاق فهل تصمن نقصه يحتمل وجهين وإن قال الزوج نقص قبل الطلاق وقالت بعده فالقول قولها والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح.
ـــــــ
"وإن نقص الصداق في يدها بعد الطلاق فهل تضمن نقصه يحتمل وجهين" أما إذ منعته منه بعد طلبه وتلف فعليها الضمان لأنها غاصبة وإن تلف قبل مطالبته فوجهان أصلهما الزوج إذا تلف الصداق المعين في يده قبل مطالبتها وقياس المذهب أنه لا ضمان عليها لأنه دخل في يدها بغير فعلها ولا عدوان من جهتها فلم تضمنه كالوديعة وإن اختلفا في المطالبة قبل قولها لأنها منكرة والثاني عليها الضمان أشبه المبيع إذا ارتفع العقد بالفسخ وقيل لا يضمن المتميز كما لو تلف بآفة سماوية.
"وإن قال الزوج نقص قبل الطلاق وقالت بعده فالقول قولها" لأنه يدعي عليها ما يوجب الضمان والقول قول المنكر "مع يمينها" لأن الأصل براءة ذمتها وفهم منه أن النقص في الصداق في يد الزوجة بعد الطلاق أنها لا تضمنه لأنه إذا كان مضمونا بعده كما يضمن قبله فلا فائدة في الاختلاف.
تنبيه: إذا فات النصف مشاعا فله النصف الباقي وكذا معينا من النصف وفي "المغني" له نصف البقية ونصف قيمة التالف أو مثله وإن قبضت المسمى في الذمة فكالمعين إلا أنه لا يرجع بنمائه مطلقا ويعتبر في تقويمه صفته يوم قبضه وفي وجوب رده بعينه وجهان،
"والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح" في ظاهر المذهب لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولي العقدة الزوج" رواه الدارقطني عن ابن لهيعة ورواه أيضا بإسناد جيد عن علي ورواه بإسناد حسن عن جبير بن مطعم عن ابن عباس ولأن الذي بيده عقدة النكاح بعد العقد هو الزوج لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: من الآية237] والعفو الذي هو أقرب للتقوى هو عفو الزوج عن حقه أما عفو الولي عن مال المرأة فليس هو أقرب للتقوى ولأن المهر للزوجة فلا يملك الولي إسقاطه كسائر الأولياء،

فإذا طلق قبل الدخول فأيهما عفا لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الأمر في ماله بريء منه صاحبه وعنه: أنه الأب فله أن يعفو عن نصف مهر ابنته الصغيرة.
ـــــــ
ولا يمتنع العدول عن خطاب الحاضر إلى الغائب لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: من الآية22] وعفوه أن يسوق إليها المهر كاملا ولأن الصغير لو رجع إليه صداق زوجته أو نصفه لانفساخ النكاح برضاع أو نحوه لم يكن لوليه العفو عنه رواية واحدة فكذا ولي الصغير "فإذا طلق قبل الدخول" فإنه يتنصف المهر بينهما "فأيهما عفا لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الأمر في ماله برئ منه صاحبه" أي سواء كان العافي الزوج أو الزوجة إذا كان جائز التصرف في ماله فإن كان صغيرا أو سفيها لم يصح لأنه ليس من أهل التصرف في ماله ولا يصح عفو الولي عن الصداق أبا كان أو غيره صغيرة كانت أو كبيرة نص عليه "وعنه: أنه الأب" نقله ابن منصور وقدمه ابن رزين واختاره الشيخ تقي الدين قال ومثله سيد الأمة رواه الدارقطني بإسناد حسن عن ابن عباس ولأن عقدة النكاح بعد الطلاق إلى الولي لأن الله تعالى خاطب الأزواج بخطاب المواجهة ثم خاطب الأولياء فقال: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: من الآية237] وهو خطاب غيبة ومعناه أنه يعفو للمطلقات عن أزواجهن فلا يطالبنهم بنصف المهر وشرطه أن يكون أبا لأنه هو الذي يلي مالها لكن قال أبو حفص ما أرى ما نقله ابن منصور إلا قولا قديما فظاهره أن المسألة: رواية واحدة وأن أبا عبد الله رجع عن قوله بجواز عفو الأب وهو الصحيح لأن مذهبه أنه لا يجوز للأب إسقاط ديون ولده الصغير ولا إعتاق عبيده ولا تصرفه إلا بما فيه مصلحتهم.
"فله" أي للأب "أن يعفو عن نصف مهر ابنته الصغيرة" والمجنونة لأنه يكون وليا على مالها فإن الكبيرة العاقلة تلي مال نفسها وفي "المغني" و "الكافي" بشرط البكارة واختار جمع وقدمه في "المحرر" وجزم به في

إذا طلقت قبل الدخول.
فصل
إذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه وعنه: لا يرجع بشيء.
ـــــــ
"الموجز" وبكر بالغة وفي "الترغيب" أصله هل ينفك الحجر بالبلوغ "إذا طلقت" لأنه قبل الطلاق معرضة لا تلاف البضع "قبل الدخول" لأن ما بعده قد أتلف البضع فلا يعفو عن بدل متلف وسواء فيه عفوه أو عفوها ولم يقيد في "عيون المسائل" بصغر وكبر وبكارة وثيوبة وذكر ابن عقيل رواية الولي في حق الصغيرة وذكر ابن حمدان قولا للأب العفو بعد الدخول مالم تلد أو تبقى في بيتها سنة بناء على بقاء الحجر عليها وقدم اعتبار كونه دينا فلا يعفو عن عين فيصح بلفظ الهبة.
فصل
"إذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه" على المذهب لأن الطلاق قبل الدخول يقتضي الرجوع في نصف الصداق وقد وجد ولا أثر لكونها أبرأته أو وهبته له لأن ذلك حصل مستأنفا فلم يمنع استحقاق النصف كما لو وهبته لأجنبي فوهبه الأجنبي للزوج.
"وعنه: لا يرجع بشيء" لأن نصف الصداق يعجل له بالهبة لأن عقد الهبة لا يقتضي ضمانا وعنه: يرجع مع الهبة دون الإبراء صححه في "المحرر" لأن الإبراء إسقاط لا تمليك وفي "الترغيب" أصل الخلاف في الإبراء أيهما يلزمه زكاته إذا مضى أحوال وهو دين فيه روايتان وفي "المغني" هل هو إسقاط أو تمليك وإن وهبته بعضه ثم تنصف رجع بنصف غير الموهوب ونصف الموهوب استقر ملكها له فلا ترجع به ونصفه الذي لم يستقر ترجع به على الأولى والثانية.

وإن ارتدت قبل الدخول فهل يرجع عليها بجميعه على روايتين وكل فرقة جاءت من الزوج كطلاقه وخلعه وإسلامه وردته أو من أجتبي كالرضاع ونحوه قبل الدخول يتنصف بها المهر بينهما.
ـــــــ
فرع: إذا خالعته بنصف صداقها قبل الدخول صح وكان الصداق كله له ويحتمل أن يصير له ثلاثة أرباعه فإن خالعته بمثل جميع الصداق في ذمتها صح ورجع عليها بنصفه فإن خالعته بصداقها كله فكذا في وجه وفي الآخر لا يرجع عليها بشيء.
مسألة: باع عبدا ثم أبرأه البائع من الثمن أو قبضه منه ثم وهبه إياه ثم وجد المشتري بالعبد عيبا فهل له رد المبيع والمطالبة بالثمن أو أخذ أرش العيب مع إمساكه على روايتين بناء على الخلاف في الصداق وإن كانت بحالها فوهب المشتري العبد البائع ثم أفلس المشتري وهو في ذمته فللبائع أن يضرب بالثمن مع الغرماء وجها واحدا لأن الثمن ما عاد إلى البائع منه شيء.
فرع: تبرع أجنبي بأداء المهر ثم سقط أو تنصف فالراجع للزوج وقيل للأجنبي ومثله أداء ثمن ثم يفسخ بعيب ورجوع مكاتب أبرئ من كتابته بالإيتاء واختار المؤلف فيه لا رجوع.
"وإن ارتدت قبل الدخول فهل يرجع عليها بجميعه على روايتين" مأخذهما ما سبق والمذهب أنه يرجع بجميعه.
"وكل فرقة جاءت من الزوج كطلاقه وخلعه" سواء سألته أو سأله أجنبي،
"وإسلامه وردته أو من أجنبي كالرضاع ونحوه قبل الدخول يتنصف بها المهر بينهما" لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: من الآية237] ثبت في الطلاق والباقي قياسا عليه لأنه في معناه وعنه: إذا أسلم فلا مهر عليه والأول المذهب وإنما تنصف المهر بالخلع لأن المغلب فيه جانب الزوج بدليل أنه يصح منها ومن غيرها وهو خلعه مع الأجنبي فصار كالمنفرد به وذكر ابن أبي موسى أن المختلعة لا متعة لها وأن

وكل فرقة جاءت من قبلها كإسلامها وردتها ورضاعها من ينفسخ به نكاحها وفسخها لعيبه أو إعساره وفسخه لعيبها يسقط به مهرها ومتعتها وفرقة اللعان تخرج على روايتين وفي فرقة بيع الزوجة من الزوج وشرائها له وجهان.
ـــــــ
المخالعة في المرض لا ترث وعلل بأن الفرقة حصلت من جهتها وفي "الرعاية" وإن تخالعا وقلنا هو فسخ وقيل أو طلاق وجهان وإن جعل لها الخيار فاختارت نفسها أو وكلها في الطلاق فطلقت نفسها فهو كطلاقه لأنها بائنة عنه وفي رواية وإن علقه على فعل منها لم يسقط مهرها لأن السبب وجد منه وإن طلق الحاكم على الزوج في الإيلاء فهو كطلاقه وأما فرقة الأجنبي كالرضاع ونحوه فإنه يجب نصف المهر لأنه لا جناية منها يسقط مهرها ويرجع الزوج بما لزمه على الفاعل لأنه قرره عليه.
"وكل فرقة جاءت من قبلها كإسلامها وردتها ورضاعها من ينفسخ به نكاحها وفسخها لعيبه أو إعساره وفسخه لعيبها يسقط به مهرها ومتعتها" لأنها أتلفت العوض قبل تسليمه فسقط البدل كله كالبائع يتلف المبيع قبل تسليمه وكذا إن فسخت لعتقها تحت عبد أو لفوات شرط وعنه: يتنصف بفسخها لشرط فيتوجه في فسخها لعيبه الخلاف وفي "الرعاية" إن فسخت قبل الدخول فروايتان وإن كان لها مهر مسمى فهل يتنصف أو يسقط على روايتين.
وذكر أبو بكر أنه إذا تزوجها بشرط أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا يخرجها من دارها فلم يف لها ففسخت ولم يكن سمى لها مهرا فلها المتعة.
"وفرقة اللعان تخرج على روايتين" لأن النظر إلى كون الفسخ عقيب لعانها فهو كفسخها لعيبه أو إلى أن سبب اللعان القذف من الزوج فهو كفسخه لطلاقه وقال القاضي يخرج على روايتين أصلهما إذا لاعنها في مرض موته هل ترثه على روايتين إحداهما هو كطلاقه لأن سبب اللعان قذفه الصادر منه أشبه الخلع والثانية يسقط به مهرها لأن الفسخ عقيب لعانها هو كفسخها لعيبه.
"وفي فرقة بيع الزوجة من الزوج وشرائها له وجهان" أحدهما: يتنصف

وفرقة الموت يستقر بها المهر كله كالدخول ولو قتلت نفسها لاستقر مهرها كاملا.
فصل
وإذا اختلف الزوجان في قدر الصداق فالقول قول الزوج مع يمينه وعنه: القول قول من يدعي مهر المثل منهما.
ـــــــ
المهر بشرائها زوجها لأن البيع الموجب للفسخ تم بالسيد وبالمرأة أشبه الخلع والثاني يسقط به المهر لأن الفسخ وجد عقيب قبولها أشبه فسخها لعيبه وكذا إذا اشترى الزوج امرأته وفي "المغني" في شرائها له روايتان وفي شرائه لها وجهان مخرجان على الروايتين وقيل هما إن اشتراها من مستحق مهرها وإن اشترته فروايتان.
"وفرقة الموت يستقر بها المهر كله كالدخول" حرة كانت أو أمة لقضاء النبي صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق رواه معقل بن سنان ولأنه عقد ينتهي بموت أحدهما فاستقر به العوض كانتهاء الإجارة.
"ولو قتلت نفسها" أو قتلها غيرها "لاستقر مهرها كاملا" كالموت حتف أنفها لأنها فرقة حصلت بانقضاء الأجل وانتهاء النكاح فهو كموتها حتف أنفها وفي رواية وفي "الوجيز" يتقرر إن قتل نفسه أو قتله غيرهما فظاهره لا يتقرر إن قتل أحدهما الآخر قال في "الفروع" وهو متجه إن قتلته.
فصل
"وإذا اختلف الزوجان" أو ورثتهما "في قدر الصداق" ولا نية على مبلغه فالقول قول الزوج قدمه في "المحرر" و "الفروع" لأنه منكر للزيادة "مع يمينه" لأنه مدعى عليه فيدخل في قوله عليه السلام: "ولكن اليمين على المدعى عليه".
"وعنه: القول قول من يدعي مهر المثل منهما" نصره القاضي وأصحابه،

فإن ادعى أقل منه وادعت أكثر منه رد إليه بلا يمين عند القاضي في الأحوال كلها وعند أبي الخطاب يجب اليمين وإن قال تزوجتك على هذا العبد قالت بل على هذه الأمة خرج على الروايتين.
ـــــــ
وجزم به في "الوجيز" لأن الظاهر صدق من يدعيه فيقدم قوله أشبه المنكر في سائر الدعاوى فلو ادعت المرأة مهر المثل أو أقل منه قبل قولها وإن ادعى الزوج مهر المثل أو أكثر منه قبل قوله لأن الظاهر صدق المدعي ولا فرق بين أن يكون هذا الاختلاف قبل الدخول أو بعده قبل الطلاق أو بعده وعنه: ثالثة يتحالفان ذكرها في "المبهج" فإن حلف أحدهما ونكل الآخر ثبت ما قاله الآخر وإن حلفا وجب مهر المثل والأصح لا تحالف لأنه عقد لا ينفسخ بالتحالف فلم يشرع فيه كالعفو عن دم العمد.
"فإن ادعى أقل منه وادعت أكثر منه رد إليه" أي إلى مهر المثل لأن ذلك فائدة قبول قول من يدعيه "بلا يمين عند القاضي" لأنها دعوى في نكاح أشبهت الدعوى في أصل النكاح "في الأحوال كلها" سواء وافق قول الزوج أو قولها.
"وعند أبي الخطاب يجب اليمين" لأنه اختلاف فيما يجوز بدله فوجب أن تجب فيه اليمين كسائر الدعاوى في الأموال وفي "المغني" إذا ادعى أقل من مهر المثل وادعت أكثر منه رد إلى مهر المثل ولم يذكر أصحابنا يمينا والأولى أن يتحالفا فإن ما يقوله كل واحد منهما محتمل للصحة فلا يعدل عنه إلا بيمين كالمنكر في سائر الدعاوى ولأنهما متساويان في عدم الظهور فشرع التحالف كاختلاف المتبايعين وفيه نظر لأنه نفى أن يكون الأصحاب ذكروا يمينا والحال أنه ذكره عن القاضي نفيا وعن أبي الخطاب إثباتا وقوله فشرع التحالف يقتضي أنه ليس بواجب وليس كذلك فيقول هو ما أصدقتها كذا وإنما أصدقتها كذا أو تقول هي ما أصدقني كذا وإنما أصدقني كذا كاختلاف المتبايعين.
"وإن قال تزوجتك على هذا العبد قالت بل على هذه الأمة خرج على الروايتين" أي إذا اختلفا في عينه أو صفته فإن كان قيمة العبد مهر المثل أو

فإن اختلفا في قبض المهر فالقول قولها وإن اختلفا فيما يستقر به المهر فالقول قوله.
ـــــــ
أكثر منه وقيمة الأمة دون ذلك حلف الزوج ولها قيمة العبد وإن كان قيمة الأمة مهر المثل أو أقل وقيمة العبد دون ذلك فالقول قولها مع يمينها وهل تجب الأمة أو قيمتها فيه وجهان إحداهما تجب عين الأمة لأنه يقبل قولها في القدر فكذا في العين.
والثاني: تجب لها قيمتها لأن قولها إنما وافق الظاهر في القدر لا في العين وفي فتاوى المؤلف إن عينت أمها وعين أباها فينبغي أن يعتق أبوها لأنه مقر بملكها له وإعتاقه عليها ثم يتحالفان ولها الأقل من قيمة أمها أو مهر مثلها وفي "الواضح" يتحالفان كبيع ولها الأقل مما ادعته أو مهر مثلها وفي "الترغيب" يقبل قول مدع جنس مهر المثل في أشهر الروايتين والثانية قيمة ما يدعيه هو.
فرع: اختلف الزوج وأبو الصغيرة أو المجنونة قام الأب مقامها في اليمين لأنه يحلف على فعل نفسه كالوكيل ذكره في "الكافي" و "الشرح" وفي "الواضح" توقف اليمين إلى حين بلوغها ويجب على الزوج دفع ما أقر به وعلى الأول إن لم يحلف حتى بلغت الصغيرة وعقلت المجنونة فاليمين عليها لأنه إنما حلف لتعذر اليمين منهما فإذا أمكن لزمهما كالوصي إذا بلغ الطفل فأما أبو البكر البالغة العاقلة فلا تسمع مخالفة الأب لأن قولها مقبول والحق لها وأما سائر الأولياء فليس لهن أن يزوجوا بدون مهر المثل فإن فعلوا ثبت لها مهر المثل بغير يمين فإن ادعى أنه زوجها بأكثر من مهر مثلها فاليمين على الزوج لأن قوله مقبول في قدر مهر المثل.
"فإن اختلفا في قبض المهر فالقول قولها" مع يمينها لأن الأصل عدمه وذكر ابن الزاغوني رواية أنه يقبل قول الزوج مع يمينه بناء على "كان له علي وقضيته".
"وإن اختلفا فيما يستقر به المهر" من المسيس والخلوة "فالقول قوله"؛ لأنه

وإن زوجها على صداقين سرا وعلانية أخذ بالعلانية وإن كان قد انعقد بالسر ذكره الخرقي وقال القاضي إن تصادقا على السر لم يكن لها غيره وإن قال هو عقد واحد أسررته ثم أظهرته وقالت بل هو عقدان فالقول قولها مع يمينها.
ـــــــ
منكر والأصل عدمه.
"وإن تزوجها على صداقين سر وعلانية أخذ بالعلانية وإن كان انعقد بالسر ذكره الخرقي" ونص عليه أحمد لأن الزوج وجد منه بذل الزائد على مهر السر فلزمه كما لو زادها في صداقها فأتى ذلك أنه يؤخذ بأزيدهما وقدمه في "الفروع".
"وقال القاضي إن تصادقا على السر لم يكن لها غيره" أي الواجب المهر الذي انعقد به النكاح سرا كان أو علانية لأنه هو الذي ثبت به النكاح والعلانية ليس بعقد حقيقة وإنما هو عقد صورة والزيادة فيه غير مقصودة وحمل كلام أحمد والخرقي على أن المرأة لم تقر بنكاح السر وإذا القول قولها لأن الأصل عدم نكاح السر على أن المهر ألف وأنهما عقدا بألفين تجملا فالمهر ألفان أي ما عقد به في الأصح كعقده هزلا وتلجئه نص عليه ولا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون السر من جنس العلانية أو يكونا من جنسين وذكر الحلواني في بيع مثله.
"وإن قال هو عقد واحد أسررته ثم أظهرته وقالت بل هو عقدان فالقول قولها مع يمينها" لأن الظاهر أن الثاني عقد صحيح يفيد حكما كالأول ولها المهران وإن أصر على الإنكار سئلت المرأة فإن ادعت أنه دخل بها ثم طلقها ثم نكحها حلفت واستحقت وإن أقرت بما يسقط جميعه أو نصفه لزمها ما أقرت به.
فرع: يلحق الزيادة بعد العقد بالمهر على الأصح فيما يقرره وينصفه وتملك الزيادة من حينها نقله مهنا في أمة عتقت فزيد مهرها وجعلها القاضي لمن الأصل له فأما هديته فليست من المهر نص عليه فإن كانت قبل العقد وقد وعد به

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24