كتاب : المبدع شرح المقنع
المؤلف : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين

الرابع: نذر المعصية كشرب الخمر وصوم يوم الحيض ويوم النحر فلا يجوز الوفاء به ويكفر إلا أن ينذر نحر ولده وفيه روايتان إحداهما أنه كذلك والثانية: يلزمه ذبح كبش
__________
والخلاف فيه كالذي قبله
"الرابع نذر المعصية كشرب الخمر وصوم يوم الحيض" وفيه وجه كصوم يوم عيد جزم به في الترغيب "ويوم النحر فلا يجوز الوفاء به" لقوله عليه السلام "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه" ويكفر في الثلاثة وقاله ابن مسعود وابن عباس وعمران وسمرة لقوله عليه السلام "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين" رواه الخمسة من حديث عائشة ورواته ثقات احتج به أحمد وإسحاق وضعفه جماعة ولأن النذر حكمه حكم اليمين وعنه لا كفارة فيه وهي قول أكثرهم لقوله عليه السلام "لا نذر فيما لا يملك العبد" رواه مسلم من حديث عمران فهذا مما لا يملك وإن كفر فهو أعجب إلى أبي عبد الله ونقل الشالنجي إذا نذر نذرا يجمع في يمينه البر والمعصية ينفذ في البر ويكفر في المعصية وإذا نذر نذورا كثيرة لا يطيقها أو ما لا يملك فلا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين ومثله نذر سراج بئر وشجرة مجاورة عنده قال من يعظم شجرة أو جبلا أو مغارة أو مقبرة إذا نذر له أو لسكانه أو للمضافين إلى ذلك المكان لم يجز ولا يجوز الوفاء به إجماعا قاله الشيخ تقي الدين.
"إلا أن ينذر نحر ولده ففيه روايتان إحداهما أنه كذلك" ذكر في الشرح أنه قياس المذهب وقدمه في المحرر والرعاية وهو قول ابن عباس لما سبق من قوله لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين ولأنه نذر معصية أشبه نذر ذبح أخيه وقال ابن عقيل ولأن ما يوجب كفارة يمين في حق الأجنبي أوجب كفارة يمين إذا علقه على ولده كالقسم وأبوه وكل معصوم كالولد ذكره القاضي وغيره واختاره في الانتصار ما لم نقس وفي عيون المسائل وعلى قياسه العم والأخ في ظاهر المذهب لأن بينهم ولاية
"والثانية يلزمه ذبح كبش" جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وقال

ويحتمل ألا ينعقد نذر المباح ولا المعصية ولا تجب به الكفارة ولهذا قال أصحابنا لو نذر الصلاة أو الاعتكاف في مكان معين فله فعله في غيره ولا كفارة عليه
__________
ابن هبيرة هي أظهر ورواه سعيد عن ابن عباس لأن الله تعالى جعل الكبش عوضا عن ذبح إسماعيل بعد أن أمر إبراهيم بذبحه وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع إبراهيم بقوله تعالى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} [النحل: 123] ونذر الآدمي كذلك لأنه يقتضي الإلزام كالأمر قبل إمكانه ويفرقه على المساكين وقيل كهدي ونقل حنبل يلزمانه وعنه إن قال إن فعلته فعلي كذا أو نجزه وقصد اليمين فيمين وإلا فنذر معصية قال الشيخ تقي الدين وهو مبني على الفرق بين النذر واليمين ولو نذر طاعة حالفا بها أجزأه كفارة يمين بلا خلاف عن أحمد فكيف لا يجزئه إذا نذر معصية حالفا بها فعلى رواية حنبل يلزمان الناذر والحالف تجزئه كفارة
فرع: إذا كان بنوه ثلاثة ولم يعين أحدهم لزمه ثلاثة كباش أو ثلاث كفارات ذكره في الرعاية قال في الشرح لأن لفظ الواحد إذا أضيف اقتضى العموم.
"ويحتمل ألا ينعقد نذر المباح ولا المعصية" لحديث أبي إسرائيل وعن عقبة بن عامر قال "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله فاستفتيت لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "لتمش ولتركب" متفق عليه ولفظه للبخاري وذكر الآدمي نذر شرب الخمر لغو لا كفارة فيه وقدم ابن رزين نذر المعصية لغو قال ونذره لشيخ معين حي للاستعانة وقضاء الحاجة كحلفه بغيره "ولا تجب به الكفارة" لما تقدم والأول أولى لأن قوله عليه السلام "لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله" أي لا نذر يجب الوفاء به ولا خلاف فيه وإنما هو في انعقاده موجبا للكفارة ثم أكد الاحتمال بقوله "ولهذا قال أصحابنا لو نذر الصلاة أو الاعتكاف في مكان معين" غير المساجد الثلاثة "فله فعله في غيره ولا كفارة عليه" فجعلوا ذلك منه وفيه نظر .

ولو نذر الصدقة بكل ماله فله الصدقة بثلثه ولا كفارة عليه وإن نذر الصدقة بألف لزمه جميعها وعنه يجزئه ثلثه
__________
فائدة: قال في الفنون يكره إشعال القبور وتبخيرها وقال الشيخ تقي الدين فيمن نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم يصرف لجيرانه عليه السلام قيمته وأنه أفضل من الختمة قال في الفروع ويتوجه كمن وقفه على مسجد لا يصح فكفارة يمين على المذهب وقيل يصح فيكسر وهو لمصلحته.
"ولو نذر الصدقة بكل ماله فله الصدقة بثلثه ولا كفارة عليه" اقتصر عليه في الكافي والشرح وجزم به في الوجيز لقول كعب لرسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك" متفق عليه وفي قصة توبة أبي لبابة وأن أنخلع من مالي صدقة لله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم "يجزئ عنك الثلث" رواه أحمد ولأن الصدقة بالجميع مكروه قال في الروضة ليس لنا في نذر الطاعة ما يجزئ بعضه إلا هذا الموضع وفي الكفارة وجهان قطع به في المستوعب بوجوبها وعنه تلزمه الصدقة بجميعه ذكرها ابن أبي موسى لقوله عليه السلام "من نذر أن يطيع الله فليطعه" وإذا لم تكن له نية هل يتناول جميع ما يملكه أو الصامت خاصة فيه روايتان
فرع: إذا نذر الصدقة بماله أو ببعضه وعليه دين أكثر مما يملكه أجزأه الثلث فإن نفذ هذا المال وأنشأ غيره فقضى دينه فيجب إخراج ثلثه يوم حنثه وفي الهدي يوم نذره وهو صحيح وفيه أنه يخرج قدر الثلث يوم نذره ولا يسقط منه قدر دينه.
"وإن نذر الصدقة بألف لزمه جميعه" قدمه السامري وصححه في الشرح لأنه منذور وهو قربة أشبه سائر المنذورات "وعنه يجزئه ثلثه" قدمه في الرعاية لأنه مال نذر للصدقة فأجزأه ثلثه لجميع المال قال في الشرح وإنما خولف هذا في جميع المال للأثر فيه ولما في الصدقة بالمال كله من الضرر اللاحق به اللهم إلا أن يكون المنذور ها هنا يستغرق جميع المال فيكون

فصل
الخامس: نذر التبرر كنذر الصلاة والصيام والصدقة والاعتكاف والحج والعمرة ونحوها من التقرب على وجه القربة سواء نذره مطلقا أو علقه بشرط يرجوه فقال إن شفى الله مريضي أو سلم مالي فلله علي كذا فمتى وجد شرط انعقد نذره ولزمه فعله
__________
كنذر ذلك وعنه إن زاد على ثلث الكل أجزأه قدر الثلث صححه في المحرر وفيما عدا ذلك يلزم المسمى رواية واحدة ونقل ابن منصور إن قال إن ملكت عشرة دراهم فهي صدقة إن كان على جهة اليمين أجزأه كفارة يمين وإن أراد النذر أجزأه الثلث
فرع: إذا حلف أو نذر لا رددت سائلا فقياس قولنا إنه كمن حلف أو نذر الصدقة بماله فإن لم يتحصل له إلا ما يحتاجه فكفارة يمين وإلا تصدق بثلثه الزائد وحبة بر ليست سؤال السائل والمقاصد معتبرة ويحتمل خروجه من نذره بحبة بر لتعليق حكم الربا عليها ذكره في الفنون
فصل
"الخامس نذر التبرر" وهو التقرب يقال تبرر تبررا أي تقرب تقربا "كنذر الصيام والصلاة والصدقة والاعتكاف والحج والعمرة ونحوها من القرب على وجه القربة" كعيادة مريض ونحوه "سواء نذره مطلقا أو علقه بشرط يرجوه" لشموله لهما "فقال إن شفى الله مريضي أو سلم مالي فلله علي كذا فمتى وجد شرطه انعقد نذره ولزمه فعله" أقول نذر التبرر وهو نذر المستحب يتنوع أنواعا:
منها: ما إذا كان في مقابلة نعمة استجلبها أو نقمة استدفعها وتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الشرع فلهذا يلزم الوفاء به إجماعا وكذا إن لم يكن كذلك كطلوع الشمس وقدوم الحاج قاله في المستوعب أو فعلت كذا لدلالة الحال ذكره ابن عقيل ونص أحمد في إن قدم فلان تصدقت بكذا .__________
وكذا قال الشيخ تقي الدين فيمن قال إن قدم فلان أصوم كذا هذا نذر يجب الوفاء به مع القدرة ولا أعلم فيه نزاعا وقول القائل لئن ابتلاني الله لأصبرن ولئن لقيت عدو الله لأجاهدن نذر معلق بشرط كقول الآخر {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} الآية [التوبة: 75]
ومنها التزام طاعة من غير شرط كقوله ابتداء لله علي صوم كذا فيلزم الوفاء به في قول أكثرهم وقال بعض العلماء لا يلزم الوفاء به لقول أبي عمرو غلام ثعلب النذر عند العرب وعد بشرط لأن ما التزمه الآدمي بعوض يلزمه كالبيع وما التزمه بغير عوض فلا يلزمه بمجرد العقد كالهبة
ومنها: نذر طاعة لا أصل لها في الوجوب كالاعتكاف وعيادة المريض فيلزم الوفاء به في قول العامة لقوله من نذر أن يطيع الله فليطعه ولأنه تعالى ذم الذين ينذرون ولا يوفون ولأنه التزام على وجه القربة فلزمه لموضع الإجماع وكالعمرة فإنهم سلموها وهي غير واجبة عندهم وما حكوه عن أبي عمرو لا يصح فإن العرب تسمي الملتزم نذرا وإن لم يكن بشرط والجعالة وعد بشرط وليست بنذر
مسائل: إذا نذر الحج العام وعليه حجة الإسلام فعنه يجزئه الحج عنهما وعنه تلزمه حجة أخرى أصلهما إذا نذر صوم يوم فوافق يوما من رمضان وإذا نذر صياما ولم ينو عددا أجزأه صوم يوم بلا خلاف وينويه ليلا اقتصر عليه في المحرر وصححه في الرعاية وإذا نذر صلاة مطلقة لزمه ركعتان على المذهب لأن الركعة لا تجزئ في فرض وعنه تجزئه ركعة بناء وعلى التنفل بها فدل أن في لزومها قائما الخلاف
وإن نذرها قائما لم تجز جالسا ولو عكس جاز فإن صلى جالسا لعجز كفى ذكره ابن عقيل هي بموضع غصب مع الصحة وله الصلاة قائما من نذر جالسا ويتوجه وجه كشرط تفريق صوم وفي النوادر لو نذر أربعا بتسليمتين أو أطلق لم يجب ويتوجه عكسه إن عين لأنه أفضل والمنصوص لو حلف يقصد التقرب بأن قال والله لئن سلم مالي لأتصدقن

وإن نذر صوم سنة لم يدخل في نذره صوم رمضان ويوما العيدين وفي أيام التشريق روايتان وعنه ما يدل على أنه يقضي يومي العيدين وأيام التشريق وإذا نذر صوم يوم الخميس فوافق يوم عيد أو حيض أفطر وقضى وكفر
__________
بكذا فوجد شرطه لزمه فعله ويجوز فعله قبله ذكره في التبصرة والفنون لوجود أحد سببيه ومنعه أبو الخطاب لأن تعليقه منع كونه سببا
"وإن نذر صوم سنة" معينة "لم يدخل في نذره صوم رمضان ويوما العيدين" لأنه لا يقبل الصوم عن النذر فلم يدخل في نذره كالليل "وفي أيام التشريق روايتان" وهما مبنيان على أن صومها عن الفرض هل هو جائز أم لا "وعنه ما يدل على أنه يقضي يومي العيدين وأيام التشريق" فيتناولها نذره وهذا على القول بتحريم صومها عن الفرض ويكفر في الأصح لقوله عليه السلام "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين" وعنه يتناول أيام النهي دون أيام رمضان فإن وجب ففي الكفارة وجهان وما أفطره بلا عذر قضاه مع كفارة يمين وقيل يستأنف قال ابن حمدان وفي الكفارة وجهان فإن قال سنة وأطلق فيصوم اثني عشر شهرا سوى رمضان وأيام النهي ويقضيهما قال ابن حمدان وكفر كفارة يمين في الأقيس وإن شرط التتابع في رواية وعين أولهما ففي القضاء وجهان ومع جواز التفرق تكمل أيامها وقيل بلى عدة الشهور قال في الترغيب يصوم مع التفريق ثلاثمائة وستين يوما وقال ابن عقيل إن صامها متتابعة فهي على ما هي عليه من نقصان أو تمام وإن قال سنة من الآن فكمعينة وقيل كمطلقة في لزوم اثني عشر شهرا للنذر.
"وإذا نذر صوم يوم الخميس فوافق يوم عيد أو حيض أفطر" لأن الشرع حرم صومه "وقضى" لأنه فاته ما نذر صومه "وكفر" وجزم به في الوجيز لعدم الوفاء بنذره وكما لو فاته لمرض وفي الرعاية إن من ابتدأ بصوم كل اثنين وخميس لزمه فإن صادف مرضا أو حيضا غير معتاد قضى وقيل وكفر كما لو صادف عيدا وعنه تكفي الكفارة عنهما . وقيل : لا

وعنه يكفر من غير قضاء ونقل عنه ما يدل على أنه إن صام يوم العيد صح صومه وإن وافق أيام التشريق فهل يصح صومه على روايتين وإن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا فلا شيء عليه وإن قدم نهارا فعنه ما يدل على أنه لا ينعقد نذره ولا يلزمه إلا إتمام صيام ذلك اليوم إن لم يكن أفطر وعنه أنه يقضي ويكفر سواء قدم وهو مفطر
__________
قضاء ولا كفارة مع حيض وعيد.
"وعنه يكفر من غير قضاء" كما لو نذرت المرأة صوم يوم حيضها "ونقل عنه ما يدل على أنه إن صام يوم العيد صح صومه" لأنه وفى بنذره وإن وافق أيام التشريق فهل يصح صومه على روايتين وذلك مبني على جواز صومها عن الفرض لأن النذر إذا صادف زمنا قابلا للصوم وجب الوفاء به وإلا كان حكمه حكم يوم العيد وفي المغني رواية رابعة أنه يقضي ولا كفارة عليه.
"وإن نذر صوم يوم يقدم فلان" صح نذره وقال بعض العلماء لا لأنه لا يمكن صومه بعد وجود شرطه كما لو قال لله علي أن أصوم اليوم الذي قبل اليوم الذي يقدم فيه وجوابه أنه زمن يصح فيه صوم التطوع فانعقد نذره لصومه كما لو أصبح صائما تطوعا وقال لله علي أن أصوم يومي ولا نسلم ما قاسوا عليه فإن علم قدومه من الليل فنوى صومه وكان صوما يجوز فيه صوم النذر أجزأه "فقدم ليلا فلا شيء عليه" عند الجميع لأنه لم يتحقق شرطه فلم يجب نذره ولا يلزمه أن يصوم صبيحته وفي المنتخب يستحب.
"وإن قدم نهارا" وهو مفطر فالمذهب يقض وعنه لا يلزمه وقاله الأكثر كقدومه ليلا وجزم به في الوجيز "فعنه ما يدل على أنه لا ينعقد نذره" لأنه لا يمكنه صومه بعد وجود شرطه "ولا يلزمه إلا إتمام صيام ذلك اليوم إن لم يكن أفطر" كما لو قال لله علي أن أصوم بقية يومي وليس ذلك مرتبا على عدم الانعقاد لأنه لا وجه له.
"وعنه أنه يقضي ويكفر سواء قدم وهو مفطر" لأنه أفطر ما نذر

أو صائم وإن وافق قدومه يوما من رمضان فقال الخرقي يجزئه صيامه لرمضان ونذره وقال غيره عليه القضاء وفي الكفارة روايتان وإن وافق يوم نذره وهو مجنون فلا قضاء عليه ولا كفارة
__________
صومه أشبه ما لو نذر صوم يوم الخميس فلم يصمه "أو صائم" لأنه لم ينو الصوم من الليل وإن قدم ولم يفطر فنوى أجزأه بناء على أن موجب النذر الصوم من قدومه وعلى القضاء يكفر اختاره الأكثر وعنه لا كالأخرى وإن من نذر صوم يوم أكل فيه قضى في وجه وفي الانتصار ويكفر "وإن وافق قدومه يوما من رمضان فقال الخرقي يجزئه صيامه لرمضان ونذره" لأنه نذر صومه وقد وفى به وكونه يجزئه صيام ذلك اليوم إشعار بأن النذر صحيح منعقد صرح به في المغني وصححه في الفروع وقال القاضي ظاهر كلام الخرقي أن النذر غير منعقد لأن نذره وافق زمنا يستحق صيامه كما لو نذر صيام رمضان والأول أصح لأنه نذر طاعة يمكن الوفاء به غالبا "وقال غيره عليه القضاء" لأنه لم يصمه عن نذره "وفي الكفارة روايتان" كذا في المحرر والفروع إحداهما تجب الكفارة وهي أشهر لتأخر النذر عن زمنه والثانية: لا لأنه أخره لعذر أشبه ما لو أخر صوم رمضان لعذر وعنه لا شيء عليه جزم به في الوجيز لما يأتي فعلى الأول يكفر إن لم يصمه وعنه يكفيه لرمضان ونذره وفي نية نذره وجهان وفي الفصول لا يلزمه صوم آخر لأن صومه أغنى عنهما بل لتعذره فيه نص عليه وذكر أيضا إذا نوى صومه عنهما فقيل لغو وقيل يجزئه عن رمضان "وإن وافق يوم نذره وهو مجنون فلا قضاء عليه ولا كفارة" لأنه خرج عن أهلية التكليف قبل وقت النذر أشبه ما لو فاته
وبقي هنا مسائل:
الأولى: إذا قدم يوم عيد فعنه: لا يصومه ويقضي ويكفر وقاله أكثر الأصحاب وعنه يقضي فقط كالمكره وعنه إن صامه صح كما لو نذر معصية وفعلها وقيل يكفر من غير قضاء كما لو نذرت المرأة صوم يوم

وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه لغير عذر فعليه القضاء وكفارة يمين وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء وفي الكفارة روايتان وإن صام قبله لم يجزئه
__________
حيضها وعنه لا يلزمه شيء بناء على نذر المعصية
الثانية: إذا وافق يوم حيض أو نفاس فكما لو وافق يوم عيد إلا أنها لا تصوم بغير خلاف فعلى هذا تقضي وتكفر على الأشهر
الثالثة: إذا قدم وهو صائم عن نذر معين فعنه يكفيه لهما والأصح يتمه ولا يستحب قضاؤه بل يقضي نذر القدوم كصومه في قضاء رمضان أو كفارة أو نذر مطلق
الرابعة: إذا قدم وهو صائم تطوعا فعنه يتمه ويعتقده عن نذره ولا قضاء ولا كفارة لأن سبب الوجوب وجد في بعضه كما لو نذر في صوم التطوع إتمام صوم ذلك اليوم وعنه يلزمه القضاء والكفارة وقيل عليه القضاء فقط كما لو قدم وهو مفطر
خاتمة: نذر اعتكافه كصومه وفي عيون المسائل والفصول والترغيب يقضي بقية اليوم لصحته في بعض اليوم إلا إذا اشترط الصوم فكنذر صومه وإن نذر صومه بعض يوم لزمه يوم وفيه وجه
"وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه لغير عذر فعليه القضاء" لأنه صوم واجب معين كقضاء رمضان "وكفارة يمين" لتأخر النذر عن وقته لأنه يمين.
"وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء" لما ذكرنا "وفي الكفارة روايتان" إحداهما يكفر قدمها في المحرر وجزم بها في الوجيز لتأخير النذر عن وقته والثانية: لا كتأخير رمضان لعذر والأول أولى قاله في المغني لأن النذر كاليمين.
"إن صام قبله لم يجزئه" وكذا الحج لأن العبادة إذا كان لها وقت معلوم لم يجز تقديمها على وقتها كالصلاة لكن إذا نذر أن يتصدق بشيء في وقت بعينه فتصدق قبله أجزأه وفاقا واختار الشيخ تقي الدين له الانتقال إلى زمن

وإن أفطر في بعضه لغير عذر لزمه استئنافه ويكفر ويحتمل أن يتم باقيه ويقضي ويكفر وإذا نذر صوم شهر لزمه التتابع
__________
أفضل وأن من نذر أن يصوم الدهر أو صوم الاثنين والخميس فله صوم يوم وإفطار يوم كالمكان قال واستحب أحمد لمن نذر الحج مفردا أو قارنا أن يتمتع لأنه أفضل "وإن أفطر في بعضه لغير عذر لزمه استئنافه" لأن صوم يجب متتابعا بالنذر كما لو اشترط التتابع ويلزمه استئنافه متتابعا متصلا بإتمامه وقدمه في المحرر والرعاية وصححه ابن المنجا لأن باقي الشهر منذور فلا يجوز ترك الصوم والفرق بين رمضان والنذر أن تتابع رمضان بالشرع وتتابع النذر أوجبه على نفسه على صفة ثم فوتها "ويكفر" قدمه في الكافي والمحرر والشرح لفوات زمن النذر وقيل لا يكفر وعنه لا يلزمه استئناف إلا أن يكون قد شرط التتابع لأن وجوب التتابع من جهة الوقت لا النذر فلم يبطله الفطر كشهر رمضان فعلى هذا يكفر عن فطره ويقضي أيام فطره بعد إتمام صومه وهذا أقيس وأصح قاله في الشرح "ويحتمل" هذا الاحتمال رواية في المحرر والرعاية "أن يتم باقيه" لأن التتابع فيما نذره وجب من حيث الوقت لا من حيث الشرط فلم يبطله الفطر كصوم رمضان "ويقضي" كما لو أفطر يوما من رمضان "ويكفر" لفوات زمن النذر
فرع: لم يتعرض المؤلف لمن أفطر لعذر والمذهب أنه يبني ويقضي ويكفر وعنه لا كفارة وقاله أكثر العلماء كما لو أفطر رمضان لعذر والفرق ظاهر وفي وصل القضاء وتتابعه روايتان وقيل يستأنف متتابعا أو يبني ويكفر
تنبيه: إذا جن جميع الشهر المعين لم يلزمه قضاؤه على الأصح ولم يكفر وإن حاضت المرأة جميع الزمن المعين فعليها القضاء كما لو حاضت في رمضان وفي الكفارة وجهان.
"وإذا نذر صوم شهر" خير بين أن يصوم شهرا بالهلال وبين أن يصوم بالعدد ثلاثين يوما و"لزمه التتابع" قدمه في المحرر وصححه في الرعاية وهو قول أبي ثور لأن إطلاق الشهر يقتضي التتابع وكمن نواه وعنه لا يلزمه لأن الشهر

وإن نذر صيام أيام معدودة لم يلزمه التتابع إلا أن يشترطه وإن نذر صياما متتابعا فأفطر لمرض أو حيض قضى لا غير وإن أفطر لغير عذر
__________
يقع على ما بين الهلالين أو ثلاثين يوما ومحله ما لم يكن شرط ولا نية كما لو نذر عشرة أيام أو ثلاثين يوما وعلى الأول إن قطعه بلا عذر استأنف وبعذر يخير بينه بلا كفارة وبين البناء ويتم ثلاثين ويكفر.
"وإن نذر صيام أيام معدودة" ولو ثلاثين يوما "لم يلزمه التتابع" نص عليه
قال ابن البنا رواية واحدة وجزم به في المحرر والوجيز لأن الأيام لا دلالة لها على التتابع بدليل قوله تعالى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وعنه فيمن قال لله علي صيام عشرة أيام يصومها متتابعا وهذا يدل على وجوب التتابع في الأيام المنذورة اختاره القاضي قال في الكافي والأول أولى وهذا محمول على من نوى التتابع.
"إلا أن يشترطه" فيلزمه للوفاء بنذره وذكر ابن البنا هل يلزمه التتابع فيما دون الثلاثين على روايتين صحح في الرعاية أنه يلزمه وقال بعض أصحابنا كلام أحمد على ظاهره ويلزمه التتابع في العشرة دون الثلاثين قال في الشرح والصحيح أنه لا يلزمه التتابع وإن شرط تفريقها لزمه في الأقيس
تنبيه: إذا نذر صوم الدهر لزمه ولم يدخل في نذره رمضان والأيام المنهي عنها فإن أفطر لعذر لم يقضه ويكفر وإن لزمه قضاء من رمضان أو كفارة قدمه على النذر وإذا لزمته الكفارة وكانت كفارته الصيام احتمل أن لا تجب واحتمل أن تجب ولا تجب بفعلها كفارة.
"وإن نذر صياما متتابعا" غير معين "فأفطر لمرض أو حيض قضى لا غير" كما لو أفطر في رمضان والمرض والحيض لا يقطع التتابع فلم يجب الاستئناف لبقاء التتابع حكما وذكر الخرقي يتخير بين الاستئناف متتابعا بلا كفارة وبين البناء وقضاء ما ترك مع كفارة يمين وقدمه في المحرر والرعاية والفروع وإذا قلنا بالبناء فهل يتم ثلاثين أو الأيام الفائتة فيه وجهان وفي التكفير وجه كشهري الكفارة ذكره جماعة "وإن أفطر لغير عذر لزمه الاستئناف" وفاقا

لزمه الاستئناف وإن أفطر لسفر أو ما يبيح الفطر فعلى وجهين وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم عنه لكل يوم مسكينا ويحتمل أن يكفر ولا شيء عليه
__________
ضرورة الوفاء بالتتابع من غير كفارة "وإن أفطر لسفر أو ما يبيح الفطر فعلى وجهين" أي إذا أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر فقيل لا ينقطع التتابع مع القدرة على الصوم كالمرض الذي يجب معه الفطر وقيل بلى لأنه أفطر باختياره كالفطر لغير عذر وعلى قول المؤلف يفرق بين المرض المبيح والسفر المبيح فإن المرض ليس باختياره بخلاف السفر فناسب أن يقطع السفر التتابع لأنه من فعله بخلاف المرض "وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم عنه لكل يوم مسكينا" مع كفارة يمين نص عليه وصححه القاضي وقدمه في الفروع لأن سبب الكفارة عدم الوفاء بالنذر وسبب الإطعام العجز عن واجب الصوم فقد اختلف السببان واجتمعا فلم يسقط واحد منهما لعدم ما يسقطه وعنه لا يجب إلا الإطعام فقط وهو ما ذكره في المتن كما لو عجز عن الصوم المشروع "ويحتمل أن يكفر ولا شيء عليه هذا" رواية ذكرها ابن عقيل وجزم بها في الوجيز وقدمها في الكافي وذكر أنها أقيس لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين" رواه ابن ماجة والدارقطني وإسناده ثقات ورواه أبو داود وذكر أنه روي موقوفا على ابن عباس وكسائر النذور وقياس المنذور على المنذور أولى لأن رمضان يطعم عنه عند العجز بالموت فكذلك في الحياة وهذا بخلافه ويتخرج ألا تلزمه كفارة في العجز عنه كما لو عجز عن الواجب بأصل الشرع وفي النوادر احتمال يصام عنه وسبق فعل الولي عنه ذكره القاضي وكذا إن نذره عاجزا عنه نقل أبو طالب ما كان نذر معصية أو لا يقدر عليه ففيه كفارة يمين ومرادهم غير الحج وإلا فلو نذر معضوب أو صحيح ألف حجة لزمه ويحج عنه والمراد لا يطيقه ولا شيئا منه وإلا أتى بما يطيقه منه وكفر للباقي وقيل لا ينعقد نذره وظاهره أنه إذا كان لعارض يرجى زواله فإنه ينتظر فإن كان عن صوم معين وفات وقته قضاه وهل يلزمه لفوات الوقت كفارة على روايتين .

وإن نذر المشي إلى بيت الله أو موضع من الحرم لم يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة فإن ترك المشي لعجز أو غيره فعليه كفارة يمين وعنه عليه دم
__________
"وإن نذر المشي إلى بيت الله" الحرام "أو موضع من الحرم" لزمه الوفاء به بغير خلاف نعلمه وسنده قوله عليه السلام من نذر أن يطيع الله فليطعه "لم يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة" أي لزمه أن يمشي في أحدهما لأنه مشي إلى عبادة والمشي إلى العبادة أفضل ما لم ينو إتيانه لا حقيقة مشي من مكانه نص عليه وذكره القاضي إجماعا محتجا به وبما لو نذره من محله لم يجز من ميقاته على قضاء الحج الفاسد من الأبعد من إحرامه أو من ميقاته.
"فإن ترك المشي لعجز أو غيره فعليه كفارة يمين" قدمه الأصحاب ونصره في الشرح لقول عقبة يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية فقال "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا لتخرج راكبة ولتكفر يمينها" رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وقال تفرد به شريك ولأن المشي غير مقصود ولم يعتبره الشرع بموضع كنذر التحفي قال في الفروع فيتوجه منه أنه لا يلزم قادرا ولهذا ذكر ابن رزين رواية لا كفارة عليه "وعنه: عليه دم" وأفتى به عطاء لما روى أحمد بسنده عن عمران قال "ما قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة" وفيه "وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا فإذا نذر أحدكم أن يحج ماشيا فليهد هديا وليركب" ولأنه أخل بواجب في الإحرام أشبه ما لو ترك الإحرام من الميقات وفي المغني قياس المذهب يستأنفه ماشيا لتركه صفة المنذور كتفريقه صوما متتابعا وقال الشافعي لا يلزمه مع العجز كفارة إلا أن يكون النذر إلى بيت الله فهل عليه هدي فيه قولان وقد روى أبو داود أن أخت عقبة نذرت أن تمشي إلى البيت وأنها لا تطيق ذلك فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هديا
فرع: إذا عجز عن المشي بعد الحج كفر وأجزأه وإن مشى بعض الطريق فيحتمل أن يكون كقول ابن عمر يحج من قابل ويركب ما مشى ويمشي ما ركب ويحتمل أن لا يجزئه إلا حج يمشي في جميعه .

وإن نذر الركوب فمشى ففيه الروايتان وإن نذر رقبة فهي التي تجزئ عن الواجب
__________
أصل: يلزمه الإتيان بالمشي والركوب من دويرة أهله إلا أن ينوي موضعا بعينه وقال الأوزاعي يمشي من ميقاته إلا أن ينوي قال والخبر فيه عطاء عن ابن عباس ورواه البيهقي ويلزمه المنذور منهما في الحج والعمرة إلى أن يتحلل لأن ذلك انقضاء قال أحمد إذا رمى الجمرة فقد فرغ وفي الترغيب لا يركب حتى يأتي بالتحللين على الأصح.
"وإن نذر الركوب فمشى ففيه الروايتان" كذا في المحرر والفروع لأنه مخالف لما نذر فهو بمعنى الركوب إذا نذر المشي ولأن الركوب في نفسه غير طاعة إحداهما تلزمه الكفارة دون الدم لما ذكرنا واقتصر عليه في المغني والثانية: يلزمه دم لأنه ترفه بترك الإنفاق وفي الشرح وجزم به في الوجيز إلا أنه إذا مشى ولم يركب مع إمكانه لم يلزمه أكثر من كفارة يمين
فائدة: لم يتعرض المؤلف لمن نذر المشي إلى مسجد المدينة أو الأقصى فإنه يلزمه إتيانهما والصلاة فيهما قال في الفروع مرادهم لغير المرأة لأفضلية بيتها وإن عين مسجدا غير حرم لزمه عند وصوله ركعتين ذكره في الواضح ومذهب مالك على ما في المدونة من قال علي المشي إلى المدينة أو بيت المقدس لم يأتهما أصلا إلا أن يريد الصلاة في مسجديهما فليأتهما
فرع: إذا أفسد الحج المنذور ماشيا وجب القضاء مشيا ويمضي في الحج الفاسد ماشيا حتى يحل منه وإذا عين لنحر الهدي موضعا من الحرم تعين وكان لفقرائه ما لم يتضمن معصية للخبر وإن نذر ستر البيت وتطييبه لزمه
مسألة: إذا نذر الحج العام فلم يحج ثم نذر أخرى في العام الثاني قال في الفروع فيتوجه يصح وأن يبدأ بالثانية لفوتها ويكفر لتأخير الأولى وفي المعذور الخلاف.
"وإن نذر رقبة فهي التي تجزئ عن الواجب" ذكره معظم الأصحاب لأن المطلق يحمل على معهود الشرع وهو الواجب في الكفارة "إلا أن ينوي رقبة

إلا أن ينوي رقبة بعينها وإن نذر الطواف على أربع طاف طوافين نص عليه
__________
بعينها" فإنها تجزئ عنه لأن المطلق يتقيد بالنية كالقرينة اللفظية لكن لو مات المنذور أو أتلفه قبل عتقه لزمه كفارة يمين ولا يلزمه عتق نص عليه وقيل بل تصرف قيمته في الرقاب على قياس قوله في الولاء إذ الأصل فيه ذلك وفي الرعاية من عين بنذره أو نيته شيئا من عدد صوم أو صلاة أو هدي رقاب كفاه ما عينه وعنه يجزئ باللفظ به لا ما نواه فقط وإن عين الهدي بغير حيوان جاز ويتصدق به أو بثمنه على فقراء الحرم قال في المستوعب فإن عين الهدي بما ينقل لزمه إنفاذه إلى الحرم ليفرق هناك وإلا بيع وأنفذ ثمنه ليفرق هناك.
"وإن نذر الطواف" فأقله أسبوع وإن نذره "على أربع طاف طوافين نص عليه" جزم به في المحرر والمستوعب والوجيز وقدمه في الفروع وهو قول ابن عباس رواه سعيد ولخبر رواه معاوية بن خديج الكندي أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أمه كبشة بنت معدي كرب عمة الأشعث بن قيس فقالت يا رسول الله آليت أن أطوف بالبيت حبوا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "طوفي على رجليك سبعين سبعا عن يديك وسبعا عن رجليك" أخرجه الدارقطني
قال الشيخ تقي الدين لأنه بدل واجب ولأن فيه على أربع مثله وعنه يطوف على رجليه واحدا قال في المغني والشرح وهو القياس لأن غيره ليس بمشروع وفي الكفارة وجهان وقياس المذهب لزومها ومثله نذر السعي على أربع ذكره في المبهج والمستوعب والفروع وفي الرعاية يلزمه سعيان وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو الحج حافيا حاسرا وفى بالطاعة على الوجه الشرعي وفي الكفارة لتركه المنهي وجهان
مسألتان: الأولى النذر المطلق على الفور نص عليه وقيل لا قال في المستوعب فإن نذر أن يهدي هدايا لزمه أن يهدي إلى الحرم لينحر هناك ويفرق فإن نذر أن ينحر هديا بغير مكة من المدينة وبيت المقدس أو يضحي أضحية في موضع عينه لزمه نحر ذلك ويفرق لحمه في الموضع الذي عينه .

.
__________
الثانية لا يلزمه الوفاء بالوعد نص عليه وقاله أكثر العلماء لأنه يحرم بلا استثناء لقوله تعالى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} الآية [الكهف: 23] ولأنه في معنى الهبة قبل القبض وذكر الشيخ تقي الدين وجها يلزم واختاره ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل وقيل لأحمد بم يعرف الكذابون قال بخلف المواعيد وهو قول ابن شبرمة وعمر بن عبد العزيز لقوله تعالى {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} الآية [الصف:3] ولخبر آية المنافق ثلاث وبإسناد حسن "العدة عطية" وبإسناد ضعيف "العدة دين" ومذهب مالك يلزم بسبب كمن قال تزوج وأعطيك كذا واحلف لا تشتمني ولك كذا وإلا لم يلزم والله أعلم .

المجلد العاشر
كتاب القضاء

باب القضاء

كتاب القضاء
هو فرض كفاية قال أحمد رحمه الله تعالى: لا بد للناس من حاكم أتذهب حقوق الناس
__________
كتاب القضاء
قال الأزهري: القضاء في الأصل إحكام الشيء والفراغ منه لقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}[ فصلت: من الآية12] ويكون بمعنى إمضاء الحكم ومنه قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: من الآية4] أي أمضينا وأنهينا وسمي الحاكم قاضيا لأنه يمضي الأحكام ويحكمها ويكون بمعنى أوجب فيجوز أن يكون سمي به لإيجابه الحكم على من يجب عليه.
واصطلاحا: النظر بين المترافعين له للإلزام وفصل الخصومات والأصل فيه قوله تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [صّ: من الآية26]
وقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: من الآية65]
وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر" متفق عليه من حديث عمرو بن العاص وأجمع المسلمون على نصب القضاة للفصل بين الناس .
"وهو فرض كفاية" كالإمامة، قال الشيخ تقي الدين: قد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر وهو تنبيه: على أنواع الاجتماع والواجب اتخاذها دينا وقربة فإنها من أفضل القربات وإنما فسد حال بعضهم لطلب الرئاسة والمال بها ومن فعل ما يمكنه لم تلزمه ما يعجز عنه وعنه: سنة نصره القاضي وأصحابه وعنه: لا يسن دخوله فيه نقل عبد الله لا يعجبني هو أسلم وعلى الأول: "قال أحمد: لا بد للناس من حاكم أتذهب حقوق الناس" لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه كالجهاد وفيه فضل عظيم لمن قوي عليه وفيه خطر عظيم إن لم يؤد الحق فيه لما روى معقل بن يسار مرفوعا

فيجب على الإمام أن ينصب في كل إقليم قاضيا ويختار لذلك أفضل من يجد و أورعهم ويأمرهم بتقوى الله وإيثار طاعته في سره وعلانيته وتحري العدل والاجتهاد في إقامة الحق وأن يستخلف في كل صقع أصلح من يقدر عليه لهم ويجب على من يصلح له إذا طلب ولم يوجد غيره ممن يوثق به الدخول فيه،
__________
"ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجتهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة" قال مسروق لأن أحكم يوما بحق أحب إلي من أن أغزو سنة في سبيل الله فعلى هذا إذا أجمع أهل بلد على ترك القضاء أثموا قال أبن حمدان: إن لم يحتكموا في غيره "فيجب على الإمام أن ينصب في كل إقليم" هو بكسر الهمزة وهو أحد الأقاليم السبعة "قاضيا" لأن الإمام هو القائم بأمر الرعية المتكلم بمصلحتهم المسؤول عنهم فيبعث القضاة إلى الأمصار كفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وللحاجة إلى ذلك لأنه عليه السلام بعث عليا قاضيا إلى اليمن وولى عمر شريحا قضاء الكوفة وكعب بن سور قضاء البصرة وغير ذلك.
"ويختار لذلك أفضل من يجد و أورعهم" لأن ذلك أكمل وهو أقرب إلى حصول المقصود من القضاء "ويأمره بتقوى الله تعالى وإيثار طاعته في سره وعلانيته وتحري العدل والاجتهاد في إقامة الحق" لأن ذلك تذكرة له فيما يجب عليه فعله وإعانة له في إقامة الحق وتقوية لقلبه و تنبيها على اهتمام الإمام بأمر الشرع وأهله فإن كان غائبا عنه كتب له ذلك في عهده "وأن يستخلف في كل صقع" أي ناحية "أصلح من يقدر عليه لهم" لأن في ذلك خروجا من الخلاف في جواز الاستنابة و تنبيها على مصلحة رعية بلد القاضي وحثا له على اختيار الأصلح وذكر الآمدي أن على الإمام نصب من يكتفى به "ويجب على من يصلح له إذا طلب" ولم يشغله عن أهم منه "ولم يوجد غيره ممن يوثق به الدخول فيه" قدمه في الكافي و المحرر و المستوعب وجزم به في الوجيز وصححه جمع لأن فرض الكفاية إذا لم يوجد من يقوم به تعين عليه كغسل الميت ونحوه وقيل: ويلزمه طلبه وقال الماوردي إن كان فيه غير أهل فإن كان أكثر قصده إزالته أثيب وإن كان أكثر قصده ليختص بالنظر أبيح

وعنه: أنه سئل هل يأثم القاضي بالامتناع إذا لم يوجد غيره قال لا يأثم وهذا يدل على أنه ليس بواجب فإن وجد غيره كره له طلبه بغير خلاف في المذهب وإن طلب فالأفضل له أن لا يجيب إليه في ظاهر كلام أحمد
__________
فإن ظن عدم تمكينه فاحتمالان وقيل: يحرم بخوفه ميلا
" وعنه: أنه سئل هل يأثم القاضي بالامتناع إذا لم يوجد غيره ممن يوثق به قال لا يأثم وهذا يدل على أنه ليس بواجب" نقلها إسماعيل بن سعيد لما فيه من الخطر والمشقة الشديدة لكنها محمولة على من لم يمكنه القيام بالواجب لظلم السلطان وغيره وحكى ابن هبيرة عن الثلاثة أن القضاء من فروض الكفاية ويتعين على المجتهد الدخول فيه ثم قال وقال أحمد: في أظهر روايتيه ليس هو من فروض الكفاية ولا يتعين على المجتهد الدخول فيه وإن لم يوجد غيره.
"فإن وجد غيره كره له طلبه بغير خلاف في المذهب" جزم به في المحرر و الوجيز وقدمه في الفروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة "لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة: وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة: أعنت عليها" متفق عليه وعنه: لا يكره لقصد إقامة الحق وخوفا أن يتعرض له غير مستحق ذكره القاضي.
قال في الفروع: ويتوجه وجه بل يستحب إذن وقال الماوردي: ويتوجه وجه يحرم بدونه وذكر الماوردي أنه لقصد المنزلة والمباهاة يجوز اتفاقا وإن طائفة كرهته إذن وطائفة لا واحتج الإمام أحمد فيما رواه عنه ابنه عبد الله بما روى أبو هريرة مرفوعا "من طلب قضاء المسلمين حتى ناله فغلب عدله جوره فله الجنة وإن غلب جوره عدله فله النار" ورواه أبو داود والمراد إذا لم يكن فيه أهل وإلا حرم وقدح فيه "وإن طلب فالأفضل أن لا يجيب إليه في ظاهر الكلام أحمد" اختاره القاضي وقدمه في الكافي و الرعاية و الفروع وجزم به في الوجيز وفي الشرح أنه الأولي لما فيه من الخطر والتشديد ولما في تركه من السلامة وذلك طريقة السلف وقد أراد عثمان تولية ابن عمر

وقال ابن حامد الأفضل الإجابة إليه إذا أمن نفسه ولا تثبت ولاية القضاء إلا بتولية الإمام أو نائبه ومن شرط صحتها معرفة المولي كون المولى على صفة تصلح للقضاء ويعين ما يوليه الحكم فيه من الأعمال والبلدان ومشافهته بالولاية أو مكاتبته بها
__________
القضاء فأبى "وقال ابن حامد الأفضل الإجابة إليه إذا أمن نفسه" لأن الله تعالى جعل للمجتهد فيه أجرا مع الخطأ وأسقط عنه حكم الخطأ ولأن فيه أمرا بالمعروف ونصر المظلوم وأداء الحق إلى مستحقه ورد الظالم عن ظلمه بدليل تولية النبي صلى الله عليه وسلم لجماعة من أصحابه وهم كذلك ولا يختار إلا الأفضل وقيل: مع خموله وحمل في المغني كلام ابن حامد عليه وقيل: أو فقره.
فرع: يحرم بذل مال فيه وأخذه وطلبه وفيه مباشر أهل وظاهر تخصيصهم الكراهة بالطلب أنه لا يكره تولية الحريص لا ينفي أن غيره أولى قال في الفروع ويتوجه وجه يكره
مسألة: إذا جهل القضاء أو عجز عنه أو خاف الميل حرم دخوله فيه وقيل: مع وجود غيره وهو يصلح له قال في الشرح من الناس من لا يجوز الدخول فيه وهو من لا يحسنه ولم تجتمع فيه شروطه.
"ولا تثبت ولاية القضاء إلا بتولية الإمام" لأنه صاحب الأمر والنهي وهو واجب الطاعة مسموع الكلمة مالك لجميع الولايات شرعا وحسا أو نائبه لأنه منزل منزلته ولأن الولاية من المصالح العامة أشبه عقد الذمة "ومن شرط صحتها معرفة المولي كون المولى على صفة تصلح للقضاء" لأن مقصود القضاء لا يحصل إلا بذلك وحاصله إن كان يعرف صلاحيته ولاه وإلا سأل أهل المعرفة عنه ولأن الأصل العلم فلا يجوز توليته مع عدم العلم بذلك كما لا يجوز توليته مع العلم بعدم صلاحيته "ويعين ما يوليه الحكم فيه من الأعمال" كالكوفة ونواحيها "والبلدان" كبغداد ونحوها ليعلم محل ولايته فيحكم فيه ولا يحكم في غيره ولأنه عقد ولأنه يشترط فيه الإيجاب والقبول فلا بد من معرفة المعقود عليه كالوكالة "ومشافهته بالولاية" أي

وإشهاد شاهدين على توليته وقال القاضي تثبت بالاستفاضة إذا كان بلده قريبا تستفيض فيه أخبار بلد الإمام وهل تشترط عدالة المولي على روايتين وألفاظ التولية الصريحة سبعة وليتك الحكم وقلدتك واستنبتك واستخلفتك ورددت إليك وفوضت إليك وجعلت لك الحكم،
__________
يشافهه الإمام بها إن كان حاضرا "أو مكاتبته بها" إن كان غائبا لأن التولية تحصل بذلك كالتوكيل وحينئذ يكتب له عهدا بما ولاه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن وكتب عمر إلى أهل الكوفة أما بعد فإني قد بعثت إليكم عمارا أميرا وعبد الله قاضيا "وإشهاد شاهدين على توليته" أي إذا كان البلد الذي ولاه فيه بعيدا لا يستفيض إليه الخبر بما يكون في بلد الإمام فلا بد من شهادة عدلين عليها "وقال القاضي تثبت بالاستفاضة إذا كان بلده قريبا تستفيض فيه أخبار بلد الإمام" لأن العلم بالولاية يحصل بذلك والأصح أنها تثبت بالاستفاضة مع قرب ما بينهما كخمسة أيام والحاصل أنها لا تثبت إلا بشاهدين أو بالاستفاضة إذا كان بلده قريبا تستفيض فيه أخبار المولى له وأطلق الآدمي أو استفاضة وظاهره مع البعد قال في الفروع وهو متجه.
" وهل تشترط عدالة المولي" بكسر اللام "على روايتين" إحداهما تشترط كما تشترط المتولي
والمذهب أنها لا تشترط لأن ولاية الإمام الكبرى تصح من كل بر وفاجر فصحت ولايته كالعدل ولأنها لو اعتبرت في المولي أفضى إلى تعذرها بالكلية فيما إذا كان غير عدل وعنه: سوى الإمام وجزم به في الوجيز أي إذا ولاه إمام فاسق صح وإن ولاه نائبه الفاسق فلا.
فرع: لا ينعزل إمام أعظم بفسق يطرأ عليه وعنه: بلى كالحاكم ولا تنعقد الإمامة العظمى لفاسق وعنه: تنعقد ولو غلبهم بسيفه مع بقية الشروط وهي أشهر
"وألفاظ التولية الصريحة سبعة وليتك الحكم وقلدتك واستنبتك واستخلفتك ورددت إليك الحكم وفوضت إليك وجعلت إليك الحكم" لأن هذه تدل على ولاية القضاء دلالة لا تفتقر معها إلى شيء آخر وذلك هو

فإذا وجد لفظ منها والقبول من المولى انعقدت الولاية والكناية نحو اعتمدت عليك أو عولت عليك ووكلت إليك وأسندت إليك الحكم فلا ينعقد بها حتى تقترن بها قرينة نحو فاحكم أو فتول ما عولت عليك فيه وما أشبهه،
__________
الصريح زاد في الرعاية على هذه استكفيتك وقيل: رددته وفوضته وجعلته إليك كناية "فإذا وجد لفظ منها" أي واحد منها "والقبول من المولى" الحاضر في المجلس والغائب بعده "انعقدت الولاية" لأنها لا تحتمل إلا ذلك فمتى أتى بواحد منها ووجد القبول صحت كالبيع والنكاح ويصح القبول بالشروع في العمل في الأصح.
قال أبن حمدان: إن قلنا: هو نائب عن الشرع كفى وإن قلنا: هو نائب من ولاه فلا
مسألة: تصح تولية مفضول مع موجود فاضل قال أبن حمدان: إن أمنت الفتنة وكان أصلح للدين والناس وإن فوض الإمام إلى إنسان تولية القاضي جاز ولا يجوز له اختيار نفسه ولا والده ولا ولده كما لو وكله في الصدقة قال ويحتمل أن يجوز له اختيارهما إذا كانا صالحين للولاية.
"والكناية نحو اعتمدت عليك وعولت عليك ووكلت إليك وأسندت إليك الحكم فلا ينعقد بها" لأن هذه الألفاظ تحتمل التولية وغيرها من كونه يأخذ برأيه أو غير ذلك فلا ينصرف إلى التولية "حتى يقترن بها قرينة نحو فاحكم أو فتول ما عولت عليك فيه وما أشبه ذلك" لأن هذه القرينة تنفي الاحتمال.
فصل: قال في الرعاية:لا تصح الإمامة العظمى إلا لمسلم حر ذكر مكلف عدل مجتهد شجاع مطاع ذي رأي سميع بصير ناطق قرشي ولا بد من بيعة أهل الحل والعقد من العلماء ووجوه الناس والاستيلاء قهرا مع بقية شروط الإمامة.
وعنه: لا يضر فسقه المقارن وجهله إن شرطنا حين البيعة عدم فسقه وجهله لم ينعزل بفسقه الطارئ على الأصح ولا طاعة له في معصية ومن ثبتت ولايته قهرا زالت به قال في المستوعب وشروط القضاء تنقص عن شروط

فصل
وإذا ثبتت الولاية وكانت عامة استفاد بها النظر في عشرة أشياء.
فصل
الخصومات واستيفاء الحق ممن هو عليه ودفعه إلى ربه والنظر في أموال اليتامى والمجانين والسفهاء.
__________
الإمامة بالشجاعة لسقوط الحرب عن القاضي وحاجة الإمام إليه.
وبالنسب لأن الإمامة أعلى المراتب الدينية فاعتبر فيها النسب لحصول التمييز عن الرعية قال في الشرح: لو خرج رجل على الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له وأذعنوا بطاعته وبايعوه صار إماما يحرم قتاله والخروج عليه فإن عبد الملك بن مروان خرج على عبد الله بن الزبير فقتله واستولى على البلاد وأهلها حتى بايعوه طوعا وكرها وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم.
فصل
"وإذا ثبتت الولاية وكانت عامة" أي لم تقيد بنوع "استفاد بها النظر في عشرة أشياء" كذا في المحرر و الوجيز وزاد عليها واحدا وهو جباية الخراج وفي الفروع و الزكاة وقال في التبصرة والاحتساب على الباعة والمشترين وإلزامهم بالشرع.
وقال الشيخ تقي الدين: ما يستفيد بالولاية لا حد له شرعا بل يتلقى من اللفظ والأحوال والعرف.
فصل
"الخصومات واستيفاء الحق ممن هو عليه ودفعه إلى ربه" لأن المقصود من القضاء ذلك ولهذا قال أحمد: أتذهب حقوق الناس "والنظر في أموال اليتامى والمجانين والسفهاء" لأن بعضهم مختص بنظر الحاكم وهو

والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس والنظر في الوقوف في عمله بإجرائها على شرط الواقف وتنفيذ الوصايا وتزويج النساء اللاتي لا ولي لهن وإقامة الحدود وإقامة الجمعة والنظر في مصالح عمله بكف الأذى عن طريق المسلمين وأفنيتهم وتصفح حال شهوده وأمنائه والاستبدال بمن ثبت جرحه منهم فأما جباية الخراج وأخذ الصدقة فعلى وجهين،
__________
السفيه وبعضهم هو بين أن لا يكون له ولي فترك نظره في ماله يؤدي إلى ضياعه وبين أن يكون له ولي فترك نظره في حال الولي يؤدي إلى طمعه في مال موليه وفي ذلك ضرر عليه "والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس" لأن الحجر يفتقر إلى نظر واجتهاد فلذلك كان مختصا به "والنظر في الوقوف في عمله بإجرائها على شرط الواقف" لأن الضرورة تدعو إلى إجرائها على شروطها سواء أكان لها ناظر خاص أو لم يكن "وتنفيذ الوصايا" لأن الميت محتاج إلى ذلك وليس ذلك لغيره "وتزويج النساء اللاتي لا ولي لهن" لقوله عليه السلام "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" والقاضي نائبه "وإقامة الحدود" لأنه عليه السلام كان يقيمها والخلفاء من بعده "وإقامة الجمعة" والعيد ذكره في المستوعب و الرعاية و الفروع ما لم يخصا بإمام من جهة السلطان أو الواقف ذكره ابن حمدان ولأن الخلفاء كانوا يقيمونهما "والنظر في مصالح عمله بكف الأذى عن طرقات المسلمين وأفنيتهم" لأنه مرصد للمصالح "وتصفح حال شهوده وأمنائه والاستبدال بمن ثبت جرحه منهم" لأن العادة في القضاء توليها فعند إطلاق الولاية تنصرف إلى ما جرت به العادة "فأما جباية الخراج وأخذ الصدقة" إذا لم يخصا بعامل قاله في الوجيز تبعا لأبي الخطاب "فعلى وجهين" أحدهما: يدخلان قياسا على سائر الخصال الثاني: لا لأن العادة لم تثبت بتولي القضاء لهما والأصل عدم ذلك وقيل: في الخراج.
ونقل أبو طالب: أمير البلد إنما هو مسلط على الأدب وليس إليه المواريث والوصايا والفروج والحدود والرحم إنما ذلك للقاضي فظهر الفرق بينهما.
وعلم مما تقدم أنه لا يسمع بينة في غير عمله وهو محل حكمه وتجب إعادة الشهادة لتعديلها.

وله طلب الرزق لنفسه وأمنائه وخلفائه مع الحاجة فأما مع عدمها فعلى وجهين.
__________
"وله طلب الرزق لنفسه وأمنائه وخلفائه مع الحاجة" ورخص فيه أكثر العلماء لأن عمر رزق شريحا في كل شهر مائة درهم ورزق ابن مسعود نصف شاة كل يوم وإذا جاز له الطلب لنفسه جاز لمن هو في معناه وقال أحمد: لا يعجبني أن يأخذ على القضاء أجرا وإن كان فبقدر عمله مثل مال اليتيم وكان ابن مسعود يكره الأجرة على القضاء ولا يأخذ عليه أجرا.
"فأما مع عدمها فعلى وجهين" أما الجواز لأن أبا بكر لما ولي الخلافة فرضوا له كل يوم درهمين وفرض عمر لزيد وغيره وأمر بفرض الرزق لمن تولي من القضاة ولأنه لو لم يجز فرض الرزق لتعطلت وضاعت الحقوق و الثاني: لا يجوز لأنه يختص أن يكون فاعله من أهل القربة فلم يجز أخذ الأجرة عليه كالصلاة فأما الاستئجار عليه فلا يجوز فإن عمر قال لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرا قال في المغني: لا نعلم فيه خلافا لأنه يختص أن يكون فاعله من أهل القربة ولا يعمله الإنسان عن غيره وإنما يقع عن نفسه كالصلاة فإن لم يكن له رزق وليس له ما يكفيه وقال للخصمين لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي جعلا جاز وقيل: لا.
تنبيه: لا يجوز أن يقلد القضاء لواحد على أن يحكم بمذهب بعينه لا نعلم فيه خلافا لأنه مأمور بالحكم بالحق والحق لا يتعين في مذهب بعينه وفي فساد التولية وجهان كالشرط الفاسد في البيع وإن أمره أن يحكم به وحده صح وله أن يحكم بمذهب إمام غيره ومذهب غير من ولاه إن قوي عنده دليله وقيل: لا وللإمام تولية القضاء في بلده وفي غيره وإن أذن له أن يستنيب صح وإن نهاه فلا وإن أطلق فظاهر كلام أحمد وجزم به في المستوعب وقدم في الشرح الجواز وقيل: له ذلك فيما لا يباشره مثله عرفا أو يشق فإن استخلف في موضع ليس الاستخلاف فحكمه حكم من لم يول وتشترط أهلية النائب لما تولاه.

فصل
ويجوز أن يوليه عموم النظر في عموم العمل ويجوز أن يوليه خاصا في أحدهما أو فيهما فيوليه عموم النظر في بلد أو محلة خاصة فينفذ قضاؤه في أهله ومن طرأ إليه أو يجعل إليه الحكم في المداينات خاصة أو في قدر من المال لا يتجاوزه أو يفوض إليه عقود الأنكحة دون غيرها ويجوز أن يولي قاضيين أو أكثر في بلد واحد يجعل إلى كل واحد عملا فيجعل إلى أحدهما الحكم بين الناس وإلى الآخر عقود الأنكحة دون غيرها.
__________
فصل
"ويجوز أن يوليه عموم النظر في عموم العمل" بأن يوليه القضاء في سائر الأحكام وسائر البلدان "وأن يوليه خاصا في أحدهما" بأن يوليه الحكم في سائر الأحكام في بلد أو محلة من المحال وكذا عكسه "أو فيهما بأن يوليه الحكم في المداينات أو عقود الأنكحة في بعض البلاد أو المحال فيوليه عموم النظر في بلد أو محلة خاصة فينفذ قضاؤه في أهله" وهو ظاهر "ومن طرأ إليه" لأن الطارئ يعطي حكم أهله في كثير من الأحكام بدليل أن الدماء الواجبة لأهل مكة يجوز تفريقها في الطارئ إليها كأهلها "أو يجعل إليه الحكم في المداينات خاصة أو في قدر من المال لا يتجاوزه أو يفوض إليه عقود الأنكحة دون غيرها" لأن الخيرة في التولية إلى الإمام فكذا في صفتها وله الاستنابة في الكل فكذا في البعض وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستنيب أصحابه كلا في شيء فولي عمر القضاء وبعث عليا قاضيا ظاهرا وكان يرسل بعضهم لجمع الزكاة وغيرها وكذلك الخلفاء من بعده "ويجوز أن يولي" من غير مذهبه قاله القاضي في الأحكام السلطانية و الرعايتين و الحاوي و النظم لأن على القاضي أن يجتهد رأيه في قضائه وقد سبق في الوكالة "قاضيين أو أكثر في بلد واحد يجعل إلى كل واحد عملا فيجعل إلى أحدهما الحكم بين الناس وإلى الآخر عقود الأنكحة دون غيرها" لأن الإمام كامل الولاية فوجب أن يملك ذلك إذ لا

فإن جعل إليهما عملا واحدا جاز وعند القاضي لا يجوز وإن مات المولي أو عزل المولى مع صلاحيته لم تبطل ولايته في أحد الوجهين وتبطل في الآخر.
__________
ضرر عليه كتولية القاضي الواحد "فإن جعل إليهما عملا واحدا جاز" صححه في المغني وقدمه في المحرر و الفروع وجزم به في الوجيز لأنها نيابة فجاز جعلها إلى اثنين كالوكالة ولأنه يجوز للقاضي أن يستخلف خليفتين في موضع واحد فالإمام أولى عند أبي الخطاب "وعند القاضي لا يجوز" لأنهما قد يختلفان في الاجتهاد فتقف الحكومة.
وجوابه: أن كل حاكم يحكم باجتهاده وليس للآخر الاعتراض عليه ويقدم قول الطالب ولو عند نائب فإن كانا مدعيين اختلفا في ثمن مبيع باق اعتبر أقرب الحاكمين منهما مجلسا فإن استويا أقرع وقيل: يعتبر اتفاقهما على حاكم قال حرملة قال الشافعي لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق كان يجيء إلى الرجل فيقول له لتحدث وإلا استعديت عليك السلطان وفي الرعاية يقدم منهما من طلب حكم مستنيب وفي الترغيب إن تنازعا أقرع
وقال ابن عقيل: إن كانا في الحاجز كدجلة والفرات ليس الحاكم في ولاية أحدهما فإلى الوالي الأعظم "وإن مات المولي" بكسر اللام "أو عزل المولى" بفتحها "مع صلاحيته لم تبطل ولايته في أحد الوجهين" هذا هو الأشهر وقدمه في الرعاية و الفروع لأنه عقد لمصلحة المسلمين كما لو عقد الولي النكاح على مولاته ثم مات أو فسخه "وتبطل في الآخر" وجزم به في الوجيز في الثانية: لا الأولى كالوكيل قال عمر لأعزلن أبا مريم وأولي رجلا إذا رآه الفاجر فرقه فعزله وولى كعب بن سور وولى علي أبا الأسود ثم عزله فقال لم عزلتني وما جنيت قال: رأيتك يعلو كلامك على الخصمين وجزم في الترغيب بأنه ينعزل نائبه في أمر معين وسماع شهادة معينة وإحضار مستعد عليه فعلى هذا لو عزله في حياته لم ينعزل وقال أبن حمدان: إن قلنا: الحاكم نائب الشرع لم ينعزل وإن قلنا: نائب من ولاه انعزل وفي الشرح لا ينعزل بالموت وهل ينعزل بالعزل فيه وجهان لأن فيه ضررا وهنا لا ضرر فيه لأنه لا ينعزل قاض

وهل ينعزل قبل العلم بالعزل على وجهين بناء على الوكيل وإذا قال المولي من نظر في الحكم في البلد الفلاني من فلان وفلان فهو خليفتي أو قد وليته لم تنعقد الولاية لمن ينظر.
__________
حتى يولى آخر مكانه ولهذا لا ينعزل الوالي بموت الإمام وينعزل بعزله قال الشيخ تقي الدين كعقد وصي وناظر عقدا جائزا كوكالة وشركة ومضاربة ومثله كل عقد لمصلحة المسلمين كوال ومن نصبه لجباية مال وصرفه وأمر الجهات ووكيل بيت المال والمحتسب وهو ظاهر كلام غيره.
"وهل ينعزل قبل العلم بالعزل على وجهين بناء على الوكيل" لأنه في معناه وجزم في الوجيز بأنه ينعزل كالوكيل والأشهر عدمه لأنه يتعلق به قضايا الناس وأحكامهم فيشق بخلاف الوكيل فإنه متصرف في أمر خاص.
تنبيه: إذا تغير حال القاضي بزوال عقل أو مرض يمنعه من القضاء أو اختل فيه بعض الشروط فإن يتعين على الإمام عزله وجها واحدا وفي المغني أنه ينعزل فإن استخلف القاضي خليفة فإنه ينعزل بموته أو عزله كالوكيل وله عزل نفسه في الأرض وفي الرعاية إن لم يلزمه قبوله وفيها له عزل نائبه بأفضل منه وقيل: بمثله وقيل: بدونه لمصلحة في الدين وقال القاضي عزل نفسه يتخرج على الروايتين في أنه وكيل للمسلمين أم لا فيه روايتان منصوصتان في خطأ الإمام وفي الرعاية في نائبه في الحكم وقيم الأيتام وناظر الوقف ونحوه أوجه ثالثها: إن استخلفهم بإذن من ولاه فلا ورابعها: إن قال استخلف عنك انعزلوا وإن قال: عني فلا ولا يبطل ما فرضه فارض في المستقبل في الأشهر ومن عزل أو انعزل حرم عليه الحكم ولزمه إعلام ولي الأمر فلو تاب الفاسق وحسن حاله أو أفاق من جنون أو إغماء وقيل: ينعزل به فهل يعود قاضيا بلا تولية جديدة فيه وجهان ومن أخبر بموت قاضي بلد وولي غيره فبان الأول: حيا لم ينعزل في الأقوى.
"وإذا قال المولي من نظر في الحكم في البلد الفلاني من فلان وفلان فهو خليفتي أو قد وليته لم تنعقد الولاية لمن ينظر" ذكره القاضي وغيره وجزم

وإن قال وليت فلانا وفلانا فمن نظر منهم فهو خليفتي انعقدت الولاية.
فصل
ويشترط في القاضي عشر صفات أن يكون بالغا عاقلا ذكرا حرا مسلما عدلا سميعا،
__________
به في الرعاية و الوجيز لأنه لم يعين بالولاية أحدا منهم وكما لو قال بعتك أحد الثوبين
ويحتمل أن تنعقد لمن نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق ولاية الإمارة بعد زيد على شرط فكذا ولاية الحكم "وإن قال: وليت فلانا وفلانا فمن نظر منهما فهو خليفتي انعقدت الولاية" لمن نظر لأنه ولاهما جميعا ثم عين السابق منهما.
فصل
"ويشترط في القاضي عشر صفات أن يكون بالغا عاقلا" لأن غيرهما لا ينعقد قولهما في أنفسهما فلأن لا ينفذ في غيرهما بطريق الأولى وهما يستحقان الحجر عليهما والقاضي يستحقه على غيره وبين الحالين منافاة ولم يذكر أبو الفرج في كتبه بالغا وفي الانتصار في صحة أشده لا يعرف فيه رواية "ذكرا" وقاله الجمهور وقال ابن جرير لا تشترط الذكورية وجوابه: قوله عليه السلام: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" لأن المرأة ناقصة العقل وقليلة الرأي ليست أهلا لحضور الرجال "حرا" لأن العبد منقوص برقه مشغول بحقوق سيده كالإمامة العظمى لكن تصح ولاية عبد إمارة سرية وقسم صدقة وفيء وإمامة صلاة وفيه وجه يجوز مطلقا قاله ابن عقيل: وأبو الخطاب وقال فيه بإذن سيد "مسلما" لأن الكفر يقتضي إذلال صاحبه والقضاء يقتضي احترامه وبينهما منافاة وهو شرط في الشهادة فكذا هنا "عدلا" لأن الفاسق لا يجوز أن يكون شاهدا فهذا أولى ولا يجوز تولية من فيه نقص يمنع الشهادة وظاهره ولو تائبا من قذف نص عليه وقيل: أو فسق لشبهة فوجهان "سميعا" لأن

بصيرا متكلما مجتهدا وهل يشترط كونه كاتبا على وجهين،
__________
الأصم لا يسمع كلام الخصمين "بصيرا" لأن الأعمى لا يعرف المدعي من المدعى عليه ولا المقر من المقر له "متكلما" لأن الآخر س لا يمكنه النطق بالحكم ولا يفهم جميع الناس إشارته "مجتهدا" إجماعا ذكره ابن حزم وأنهم أجمعوا على أنه لا يحل لحاكم ولا لمفت تقليد رجل لا يحكم ولا يفتي إلا بقوله لأنه فاقد الاجتهاد إنما يحكم بالتقليد والقاضي مأمور بالحكم بما أنزل الله ولقوله عليه السلام: "القضاة ثلاثة" رواه أبو داود ورجاله ثقات ولأن المفتي لا يجوز أن يكون عاميا مقلدا فالحاكم أولى ولكن في الإفصاح أن الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة وأن الحق لا يخرج عنهم ثم ذكر أن الصحيح في هذه المسألة: أن قول من قال أنه لا يجوز إلا تولية مجتهد فإنه إنما عنى به ما كانت الحال عليه قبل استقرار ما استقر من هذه المذاهب واختار في الترغيب ومجتهدا في مذهب إمامه للضرورة واختار في الإفصاح و الرعاية أو مقلدا وقيل: يفتى به ضرورة قال ابن بشار: ما أعيب على من يحفظ خمس مسائل لأحمد يفتي بها وظاهر نقل عبد الله يفتي غير مجتهد ذكره القاضي وحمله الشيخ تقي الدين على الحاجة فعلى هذا يراعي ألفاظ إمامه ومتأخرها وتقليد كبار مذهبه في ذلك وظاهره أنه يحكم ولو اعتقد خلافه لأنه مقلد وأنه لا يخرج عن الظاهر قال في الفروع فيتوجه مع الاستواء الخلاف في مجتهد.
"وهل يشترط كونه كاتبا على وجهين" : أحدهما لا يشترط نصره المؤلف وقدمه في الكافي وهو ظاهر الوجيز و الفروع لأنه عليه السلام كان أميا وليس من ضرورة الحكم معرفة الكتابة و الثاني: يشترط قدمه في الرعاية ليعلم ما يكتبه كاتبه فيأمن تحريفه وظاهره أنه لا يشترط غير ذلك وشرط الخرقي والحلوانية وابن رزين والشيخ تقي الدين أن يكون ورعا وقيل: وزاهدا وأطلق فيهما في الترغيب وجهين وقال ابن عقيل: لا مغفلا وهو مراد وقال القاضي في موضع لا يكون بليدا ولا نافيا للقياس وقال الشيخ تقي الدين: الولاية لها ركنان القوة والأمانة فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم بالعدل وتنفيذ الحكم والأمانة ترجع إلى خشية الله تعالى، وحاصله أنه يجب تولية الأمثل

والمجتهد: من يعرف من كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه السلام الحقيقية والمجاز والأمر والنهي والمجمل والمبين والمحكم والمتشابه والخاص والعام والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمستثنى والمستثنى منه ويعرف من السنة: صحيحها من سقيمها وتواترها من آحادها ومرسلها،
__________
فالأمثل فالشاب بالصفات كغيره لكن الأسن أولى مع التساوي يرجح بحسن الخلق أيضا "والمجتهد" مأخوذ من الاجتهاد وهو استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي "من يعرف من كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام الحقيقة" وهي اللفظ المستعمل في وضع أول "والمجاز" وهو اللفظ المستعمل في غير وضع أول زاد بعضهم على وجه يصح "والأمر" وهو القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به "والنهي" وهو اقتضاء كف عن فعل لا بقول كف "والمجمل" وهو ما لا يفهم منه عند الإطلاق شيء "والمبين" وهو إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والوضوح وقال الشافعي: اسم جامع لمعان مجتمعة الأصول متشعبة الفروع "والمحكم" المتضح المعنى "والمتشابه" مقابله إما لاشتراك أو ظهور تشبيه "والخاص" قصر العام على بعض مسمياته "والعام" ما دل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلق أجزائه "والمطلق" ما دل على شائع في جنسه والمقيد وهو ما دل على شيء معين "والناسخ" فهو الرافع لحكم شرعي "والمنسوخ" وهو ما ارتفع شرعا بعد ثبوته شرعا "والمستثنى" وهو المخرج بإلا وما في معناها من لفظ شامل له "والمستثنى منه" وهو العام المخصوص بإخراج بعض ما دل عليه بإلا أو ما في معناها "ويعرف من السنة صحيحها" وهو ما نقله العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ ولا علة "من سقيمها" وهو ما لم توجد فيه شروط الصحة كالمنقطع والمنكر والشاذ وغيرها "وتواترها" هو الخبر الذي نقله جمع لا يتصور تواطؤهم على الكذب مستويا في ذلك طرفاه ووسطه الحق أنه لا ينحصر في عدد بل يستدل بحصول العلم على حصول العدد والعلم الحاصل عنه ضروري في الأصح "من آحادها" وهو ما عدا التواتر وليس المراد به أن يكون راويه واحدا بل كل ما لم يبلغ التواتر فهو آحاد "ومرسلها" وهو قول غير الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما مرسل الصحابي فهو حجة عند الجمهور.

ومتصلها ومسندها aومنقطعها مما له تعلق بالأحكام خاصة ويعرف ما أجمع عليه مما اختلف فيه والقياس وحدوده وشروطه وكيفية استنباطه والعربية المتداولة بالحجاز والشام والعراق وما يواليهم وكل ذلك مذكور في أصول الفقه وفروعه فمن وقف عليه ورزق فهمه صلح للقضاء والفتيا وبالله التوفيق.
__________
"ومتصلها" وهو ما اتصل إسناده وكان كل واحد من رواته سمعه ممن فوقه سواء كان مرفوعا أو موقوفا "ومسندها" وهو ما اتصل إسناده من راويه إلى منتهاه وأكثر استعماله فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم "ومنقطعها" هو ما لم يتصل سنده على أي وجه كان الانقطاع "مما له تعلق بالأحكام خاصة" وظاهره أنه لا يجب عليه حفظ القرآن وإنما المتعين عليه حفظ خمسمئة آية كما نقله المعظم لأن المجتهد هو من يعرف الصواب بدليله كالمجتهد في القبلة ولكل واحد مما ذكرنا دلالة لا يمكن معرفتها إلا بمعرفته فوجب معرفة ذلك ليعرف دلالته ووقف الاجتهاد على معرفة ذلك "ويعرف ما أجمع عليه" وهو اتفاق المجتهدين من هذه الأمة في كل عصر على أمر "مما اختلف فيه والقياس" وهو رد فرع إلى أصل بعلة وحدوده على ما ذكر في أصول الفقه "وشروطه" بعضها يرجع إلى الأصل وبعضها إلى الفرع وبعضها إلى العلة "وكيفية استنباطه" على الكيفية المذكورة في محالها. "والعربية" هي الإعراب أو الألفاظ العربية والأشهر أنها اللغة العربية من حيث اختصاصها بأحوال هي الإعراب لا توجد في غيرها من اللغات "المتداولة بالحجاز والشام والعراق" واليمن وقاله في المستوعب و المحرر "وما يواليهم" ليعرف به استنباط الأحكام من أصناف علوم الكتاب والسنة وقد نص أحمد على اشتراط ذلك للفتيا فالحكم مثله بل أشد "وكل ذلك مذكور في أصول الفقه وفروعه فمن وقف عليه" أو على أكثره جزم به في المحرر و الوجيز "ورزق فهمه صلح للفتيا والقضاء وبالله التوفيق" لأن العالم بذلك يتمكن من التصرف في العلوم الشرعية ووضعها في مواضعها قال أبو محمد الجوزي: من حصل أصول الفقه وفروعه فمجتهد ولا يقلد أحدا وعنه: يجوز وقيل: مع ضيق الوقت وفي الرعاية كخوفه على خصوم مسافرين__________
فوت رفقتهم في الأصح ويتحرى الاجتهاد في الأصح.
مسائل: الأولى: تقدم أن العدالة شرط فلا تصح تولية فاسق بفعل محرم إجماعا فإن فسق بشبهة فوجهان وما منع تولية القضاء منع دوامها وقيل: الفسق الطارئ يمنع تولية القضاء ودوامها وفي الإمامة العظمى روايات ثالثها يمنع انعقادها لا دوامها قال في المحرر: وما فقد منها في الدوام أزال الولاية إلا فقد السمع والبصر فيما ثبت عنده ولم يحكم به فإن ولاية حكمه باقية فيه قال في الرعاية: فإن نسي الفقه أو خرس قال أبن حمدان: ولم تفهم إشارته أو فسق أو زال عقله بجنون أو سكر محرم أو إغماء أو عمي انعزل ويلزم المدعي أن يصبر حتى يفرغ له الحاكم من شغله وله ملازمة غريمه حتى يفرغ إن كانت بينته حاضرة أو قريبة وإن كانت غائبة بعيدة فوجهان.
الثانية: تصح فتيا مستور الحال في الأصح وإن كان عبدا أو امرأة أو قرابة أو أخرس تفهم إشارته أو كتابته أو مع جلب نفع أو دفع ضرر وقيل: وعداوة وللحاكم أن يفتي وقيل: لا فيما يتعلق بالقضاء دون الطهارة والصلاة ونحوهما.
الثالثة: يحرم التساهل في الفتيا واستفتاء من عرف بذلك فإن عرف ما سئل عنه وجوابه: أجاب سريعا ويحرم أن يتتبع الحيل المحرمة والمكروهة والترخص لمن أراد نفعه والتغليظ لمن أراد ضره وإن حسن قصده في حيلة لا شبه فيها ولا مفسدة ليخلص بها حالفا من يمينه كقصة أيوب عليه السلام جاز ويحرم التحيل لتحليل حرام أو تحريم حلال بلا ضرورة. الرابعة: يمنع من الفتيا في حال ليس للحاكم أن يحكم فيها فإن أفتى وأصاب كره وصح وقيل: لا يصح وله أخذ رزق من بيت المال وأن تعين أنه يفتي وله كفاية فوجهان.
وإن كان اشتغاله بها وبما يتعلق بها يقطعه عن نفقته ونفقة عياله فله أخذه فإن أخذه لم يأخذ على فتياه أجرة ومع عدمه له أخذ أجرة خطه لا فتياه وإن

فصل
وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فحكم نفذ حكمه في المال وينفذ في القصاص والحد والنكاح واللعان في ظاهر كلامه ذكره أبو الخطاب وقال القاضي لا ينفذ إلا في الأموال خاصة.
__________
جعل له أهل البلد من أموالهم رزقا ليتفرغ لفتاويهم جاز وله قبول هدية وقيل: يحرم إن كانت ليفتيه بما يريده دون غيره أو لنفعه بجاهه أو ماله ويقدم الأعلم على الأورع في الأصح ويجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل وإمكان تولية سواه في الأقيس ولا يكفيه قول من لم تسكن نفسه إليه منهما.
الخامسة: يلزم كل مقلد أن يلتزم بمذهب معين في الأشهر فلا يقلد غير أهله وقيل: بلى وقيل: ضرورة فإن التزم فيما أفتى به أو عمل به أو ظنه حقا أو لم يجد مفتيا لزمه قبوله وإلا فلا ولا تجوز الفتوى في علم الكلام بل ينهى السائل عنه والعامة أولى ويؤمر الكل بالإيمان المجمل وما يليق بالله تعالى ولا يجوز التقليد فيما يطلب فيه الجزم ولا إتيانه بدليل ظني والاجتهاد فيه ويجوز فيما يطلب فيه الظن وإثباته بدليل ظني والاجتهاد فيه ولا اجتهاد في القطعيات ولا الإجماع الظني وإن نهاه في مسألة: عن الحكم فيها فقال أبن حمدان: يحتمل وجهين.
فصل
"وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما نفذ حكمه" لما روى أبو شريح أنه قال: يا رسول الله! إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي علي الفريقان فقال: "ما أحسن هذا" رواه النسائي وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضيا به فلم يقل بينهما الحق فعليه لعنة الله" رواه أبو بكر ولولا أن حكمه يلزمهما لما لحقه هذا الذم لأن عمر وأبيا تحاكما إلى زيد بن ثابت وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير لا يقال إن عمر وعثمان كانا إمامين فيصير حاكما من رد الحكم إليه لأنه لم ينقل

.
ـــــــ
عنهما أكثر من الرضى بحكمه خاصة وذلك لا يصير الحكم إليه قاضيا وهو حينئذ كحاكم الإمام ولا يجوز نقض حكمه إلا فيما ينقض من حكم غيره.
"في المال والقصاص والحد" كذا أطلقه الأصحاب وقيده في الوجيز بحد القذف خاصة "والنكاح واللعان في ظاهر كلامه ذكره أبو الخطاب" وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لما ذكرنا من عموم الأحاديث وظاهر كلامه ينفذ في غير فرج كتصرفه ضرورة في تركه ميت في غير فرج ذكره ابن عقيل: واختار الشيخ تقي الدين نفوذ حكمه بعد حكم حاكم الإمام وأنه إن حكم أحدهما خصمه أو حكما مفتيا في مسألة: اجتهادية جاز وأنه يكفي وصف القصة له وينبغي أن يشهدا عليه بالرضى به قبل حكمه لئلا يجحد المحكوم عليه منهما وإن رجع أحدهما قبل أن يشرع منه جاز وإن رجع بعده قبل تمامه فوجهان قال أبن حمدان: ليس له الرجوع بعد الرضى بحكمه.
فائدة: له أن يشهد على نفسه بحكمه ويلزم الحكام قبوله وكتابه ككتاب حاكم الإمام.
"وقال القاضي لا ينفذ إلا في المال خاصة" هذه رواية حكاها في الفروع وغيره لأنه أسهل من غيره ويجب الاقتصار عليه.

باب أدب القاضي
ينبغي أن يكون قويا من غير عنف لينا من غير ضعف حليما،
__________
باب أدب القاضيالأدب بفتح الهمزة والدال وضمها لغة إذا صار أدبيا في خلق أو علم فأدب القاضي أخلاقه التي ينبغي له أن يتخلق بها والخلق صورته الباطنة.
"ينبغي" أي "يسن أن يكون قويا من غير عنف" لئلا يطمع فيه الظالم والعنف ضد الرفق "لينا من غير ضعف" لئلا يهابه صاحب الحق وظاهر الفصول يجب ذلك "حليما" لئلا يغضب من كلام الخصم فيمنعه ذلك من

ذا أناة وفطنة بصيرا بأحكام الحكام قبله وإذا ولي في غير بلده سأل عمن فيه من الفقهاء والفضلاء والعدول وينفذ عند مسيره من يعلمهم يوم دخوله ليتلقوه ويدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت لابسا أجمل ثيابه،
__________
الحكم بينهم "ذا أناة" الأناة اسم مصدر لئلا يؤدي إلى عجلته "وفطنة" لئلا يخدع كغيره "بصيرا بأحكام الحكام قبله" لقول علي لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال عفيف حليم عالم بما كان قبله يستشير ذوي الألباب لا يخاف في الله لومة لائم ورعا ليؤمن منه مع ذلك أخذ ما لا يحل عفيفا هو الذي يكف عن الحرام ولأنه لا يطمع في ميله معه بغير حق.
فرع: إذا أفتأت عليه الخصم ففي المغني له تأديبه والعفو وفي الفصول يزبره فإن عاد عزره وفي الرعاية ينتهره ويصيح عليه قبل ذلك وظاهره يختص بمجلس الحكم وفيه نظر كالإقرار فيه وفي غيره ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لكثرة المتظلمين على الحكام وأعوانهم فجاز فيه وفي غيره ولهذا شق رفعه إلى غيره فأدبه بنفسه مع أنه حق له.
"وإذا ولي في غير بلده سأل عمن فيه من الفقهاء والفضلاء والعدول" ليعرف حالهم حتى يشاور من هو أهل للمشاورة ويقبل شهادة من هو من أهل العدالة " وينفذ عند مسيره من يعلمهم يوم دخوله ليتلقوه" لأن في تلقيه تعظيما له وذلك طريق لقبول قوله ونفوذ أمره وقال جماعة يأمرهم بتلقيه "ويدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت" كذا في المحرر و الوجيز و الفروع لقوله عليه السلام: "بورك لأمتي في سبتها وخميسها: وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا قدم من سفر قدم يوم الخميس" ولأن الاثنين يوم مبارك وفي الكافي يستحب أن يدخل يوم الخميس وذكر آخرون يستحب يوم الاثنين فإن لم يقدر فيوم الخميس وفي المستوعب وغيره أو السبت.
"لابسا أجمل ثيابه" أي: أحسنها لأن الله جميل يحب الجمال ويستحب أن تكون سودا وإلا فالعمامة فقد قال في التبصرة :وكذا أصحابه وظاهر كلامهم غير السواد أولى للأخبار وأنه يدخل ضحوه لاستقبال الشهر ولا يتطير

فيأتي الجامع فيصلي ركعتين ويجلس مستقبل القبلة فإذا اجتمع الناس أمر بعهده فقرئ عليهم وأمر من ينادي من له حاجة فليحضر يوم كذا ثم يمضي إلى منزله وينفذ فيتسلم ديوان الحكم من الذي كان قبله ثم يخرج في اليوم الذي وعد بالجلوس فيه على أعدل أحواله غير غضبان ولا جائع ولا شبعان ولا حاقن ولا مهموم بأمر يشغله عن الفهم فيسلم على من يمر به ثم يسلم على من في مجلسه،
__________
بشيء وإن تفاءل فحسن "فيأتي الجامع" لأنه الموضع الذي يجتمع فيه أهل البلد للطاعة وهو أوسع الأمكنة "فيصلي فيه ركعتين" لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين "ويجلس مستقبل القبلة" لأن خير المجالس ما استقبل به القبلة "فإذا اجتمع الناس أمر بعهده فقرئ عليهم" أي: على الحاضرين ليعلموا توليته ويعلموا احتياط الإمام على اتباع أحكام الشرع والنهي عن مخالفته وقدر المولى عنده ويعلموا حدود ولايته وما فوض إليه الحكم فيها "وأمر من ينادي: من له حاجة فليحضر يوم كذا" ليعلم من له حاجة فيقصد الحضور لفصل حاجته وفي التبصرة وليقل من كلامه إلا لحاجة للخبر "ثم يمضي إلى منزله" ليستريح من نصب سفره ويعد أمره ويرتب نوابه ليكون خروجه على أعدل أحواله "وينفذ فيتسلم ديوان الحكم" بكسر الدال وحكي فتحها وهو فارسي معرب "من الذي كان قبله" وهو الدفتر المنصوب ليثبت حجج الناس ووثائقهم وسجلاتهم وودائعهم ولأنه الأساس الذي يبنى عليه وهو في يد الحاكم بحكم الولاية وقد صارت إليه فوجب أن ينتقل ذلك إليه قال في التبصرة: وليأمر كاتبا ثقة يثبت ما تسلمه بمحضر عدلين "ثم يخرج في اليوم الذي وعد بالجلوس فيه على أعدل أحواله غير غضبان ولا جائع ولا شبعان ولا حاقن ولا مهموم بأمر يشغله عن الفهم" ليكون أجمع لقلبه وأبلغ في تيقظه للصواب ولأنه عليه السلام قال: "لا يقضي القاضي وهو غضبان" متفق عليه من حديث أبي بكرة صرح بالغضب والباقي بالقياس عليه.
"فيسلم على من يمر به" من المسلمين ولو كان صبيا لأن السنة سلام الإشارة على الممرور به "ثم يسلم على من في مجلسه" لأن السنة سلام الداخل على

ويصلي تحية المسجد إن كان في مسجد ويجلس على بساط ويستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه سرا أن يعصمه من الزلل ويوفقه للصواب ولما يرضيه من القول والعمل ويجعل مجلسه في مكان فسيح كالجامع والفضاء والدار الواسعة في وسط البلد إن أمكن ولا يتخذ حاجبا ولا بوابا
__________
أهل المجلس "ويصلي تحية المسجد إن كان في مسجد" لقوله عليه السلام: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين" والأخير قاله معظم الأصحاب والأفضل الصلاة "ويجلس على بساط" ونحوه في الأشهر لأنه أبلغ في هيبته وأوقع في النفوس وأعظم لحرمة الشرع وظاهره أنه لا يجلس على التراب ولا على حصير المسجد لكن قال في الشرح وما ذكر من جلوسه على البساط دون تراب وحصير لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه والإقتداء بهم أولى فيكون وجوده وعدمه سواء وفي المستوعب أنفذ بساطا أو لبادا أو حصيرا أو غير ذلك ليفرش له في مجلس حكمه وفي الرعاية بسكينة ووقار وفي الكافي ويبسط تحته شيئا يجلس عليه ليكون أوقر له: "ويستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه سرا أن يعصمه من الزلل ويوفقه للصواب ولما يرضيه من القول والعمل" لأن ذلك مطلوب مطلقا ففي وقت الحاجة أولى والقاضي أشد الناس إليه حاجة "ويجعل مجلسه في مكان فسيح كالجامع" ويصونه عما يكره "والفضاء والدار الواسعة في وسط البلد إن أمكن" ليكون ذلك أوسع على الخصوم وأقرب إلى العدل وعلم منه أنه لا يكره القضاء في الجامع والمساجد لحديث كعب بن مالك متفق عليه وروي عن عمر وعثمان وعلي أنهم كانوا يقضون في المسجد وقال مالك هو السنة والقضاء فيه من أمر الناس القديم فإن اتفق لأحد من الخصوم مانع من دخوله كحيض وكفر أو وكل وكيلا أو ينتظر حتى يخرج فيحاكم إليه.
"ولا يتخذ حاجبا ولا بوابا" لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته" إسناده ثقات رواه أحمد والترمذي وقال: غريب ولأن الحاجب ربما قدم المتأخر وأخر المتقدم لغرض له.

إلا في غير مجلس الحكم إن شاء ويعرض القصص فيبدأ بالأول: فالأول: ولا يقدم السابق في أكثر من حكومة واحدة فإن حضروا دفعة واحدة وتشاحوا قدم أحدهم بالقرعة ويعدل بين الخصمين في لحظة ولفظه ومجلسه والدخول عليه،
__________
"إلا في غير مجلس الحكم إن شاء" وفي الفروع وغيره إلا من عذر لأنه قد تدعو حاجته إلى ذلك ولا مضرة على الخصوم فيه لأنه ليس بوقت للحكومة وفي المحرر و الوجيز المنع مطلقا وفي المذهب يتركه ندبا وفي الأحكام السلطانية: ليس له تأخير الخصوم إذا تنازعوا إليه بلا عذر ولا له أن يحتجب إلا في أوقات الاستراحة وفي المستوعب ينبغي أن يكون على رأسه من يرتب الناس "ويعرض القصص" ليقضي حوائج أصحابها "فيبدأ بالأول فالأول" كما لو سبق إلى موضع مباح " ولا يقدم السابق في أكثر من حكومة واحدة" لئلا يستوعب المجلس بدعاويه فيضر بغيره ولأنه مسبوق بالنسبة إلى الثانية: لأن الذي يليه سبقه بالنسبة إلى الدعوى الثانية: وقيل: يقدم من له بينة لئلا تضجر البينة وفي الرعاية يكره تقديم متأخر
"فإذا حضروا دفعة واحدة وتشاحوا قدم أحدهم بالقرعة" لأنها مشروعة للترجيح في غير هذا الموضع فكذا هنا وفي المحرر والوجيز يقدم المسافر المرتحل زاد في الرعاية والمرأة في حكومات يسيرة فعلى هذا إن كان المسافرون مثل المقيمين أو أقل وفي تقديمهم ضرر اعتبر رضى المقيمين وقيل: إن كانوا مثلهم أو أكثر سوى بينهم فإن ادعى كل منهم أنه حضر قبل الآخر ليدعي عليه فهل يقدم الحاكم من شاء منهما أو يصرفهما حتى يتفقا أو يقرع بينهما أو يحلف كل منهما للآخر فيه أوجه والاعتبار بسبق المدعي لكن لو قدم المتأخر أو عكس صح قضاؤه مع الكراهة "ويعدل بين الخصمين" لزوما في الأصح "في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه" لما روى عمرو بن أبي شيبة في كتاب قضاء البصرة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ولا يرفعن صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر" وكتب عمر إلى أبي موسى وآس بين الناس في وجهك،

إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم بالمسلم عليه في الدخول ويرفعه في الجلوس وقيل: يسوي بينهما ولا يسار أحدهما ولا يلقنه حجة ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها.
__________
ومجلسك وعدلك حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ولا يطمع الشريف في حيفك رواه الدارقطني من رواية عبد الله بن أبي حميد الهذلي وهو واه ولأنه ربما لم يفهم حجته فيؤدي إلى ظلمه وانكسار قلبه وقدم في الرعاية أن ذلك يسن "إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم بالمسلم عليه في الدخول ويرفعه في الجلوس" هذا هو الأشهر لما روى حكيم بن حزام عن الأعمش عن إبراهيم التيمي قال وجد علي درعه مع زفر فقال درعي سقطت وقت كذا فقال اليهودي" درعي في يدي وبيني وبينك قاضي المسلمين فارتفعا إلى شريح فلما رآه شريح قام من مجلسه وأجلسه في موضعه وجلس مع اليهودي بين يديه فقال علي لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك ولكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تساووهم في المجلس" وإسناده فيه ضعف وإظهارا لشرف الإسلام "وقيل: يسوي بينهما" لأن العدل يقتضي ذلك كالمسلمين قال ابن المنجا: والأول أولى لحديث علي وهو واجب التقديم لأنه خاص والخاص يجب تقديمه وفي المحرر يفضل عليه دخولا وأما جلوسا فعلى وجهين.
"ولا يسار أحدهما" لما فيه من كسر قلب صاحبه وربما أدى إلى ضعفه عن إقامة حجته "ولا يلقنه حجته" لأن عليه أن يعدل بينهما ولما فيه من الضرر على صاحبه ولا يضيفه لما روى عن علي أنه نزل به رجل فقال ألك خصم قال نعم قال تحول عنا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تضيفوا أحد الخصمين إلا ومعه خصمه" وفي الكافي لا ينبغي ذلك.
"ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين" وهو المذهب لما فيه من الإعانة على خصمه وكسر قلبه "وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها" لأنه لا ضرر على خصمه في ذلك ولأن في ترك تعليمه تسببا إلى تأخير حقه وعدم الفصل بينه وبين غريمه وفي مختصر ابن رزين: يسوي بين

وله أن يشفع إلى خصمه لينظره أو ليضع عنه ويزن عنه وينبغي أن يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن ويشاورهم فيما يشكل عليه،
__________
خصمين في مجلسه ولحظه ولفظه ولو ذميا في وجه.
فرع: ما لزم ذكره في الدعوى من شرط أو سبب أو غيرهما إذا لم يذكره أن الحاكم يسأل عنه ليذكره ويحرره ذكره في المحرر و الوجيز وغيرهما.
"وله أن يشفع إلى خصمه لينظره أو يضع عنه أو يزن عنه" كذا في الكافي و الشرح و الوجيز لما روى سعيد ثنا ابن المبارك أنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن معاذا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه ليكلم غرماءه فلو تركوا الأخذ لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل جيد ونقل حنبل أن كعب بن مالك تقاضى ابن أبي حدرد دينا عليه وأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بيده أن ضع الشطر من دينك قال: قد فعلت قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قم فأعطه" قال أحمد: هذا حكم من النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبن حمدان: يحتمل منع وزنه عنه وفي سؤال الوضع عنه رواية ذكرها في المحرر و الرعاية.
فرع: إذا سلم أحدهما رد عليه وفي الترغيب يصبر ليرد عليهما معا إلا أن يتمادى عرفا وقيل: يكره قيامه لهما نقل عبد الله سنة القاضي أن يجلس الخصمان بين يديه لأمره عليه السلام بذلك.
"وينبغي" أي: "يسن أن يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن" حتى إذا حدثت حادثة سألهم عنها ليذكروا أدلتهم فيها وجوابه: م عنها فإنه أسرع إلى اجتهاده وأقرب إلى صوابه فإن حكم باجتهاده فليس لأحد الاعتراض عليه لأن فيه افتئاتا عليه إلا أن يحكم بما يخالف نصا أو إجماعا "ويشاورهم فيما يشكل عليه" لقوله تعالى : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159] وقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أسارى بدر وشاور أبو بكر في ميراث الجدة وعمر في دية الجنين وشاور في حد الخمر ولا مخالف في استحباب ذلك والمشاورة هنا لاستخراج الأدلة ويعرف الحق بالاجتهاد وقال أحمد: ما أحسنه لو فعله الحكام

فإن اتضح له حكم وإلا أخره ولا يقلد غيره وإن كان أعلم منه ولا يقضي وهو غضبان
__________
يشاورون وينتظرون.
"فإن اتضح له حكم" ولا يحل له تأخيره لما فيه من تأخير الحق عن موضعه "وإلا أخره" حتى يتضح الحق فيحكم به لما فيه من القضاء بالجهل.
"ولا يقلد غيره وإن كان أعلم منه" لأن المجتهد لا يجوز له التقليد ولو ضاق الوقت كالمجتهدين في القبلة نقل ابن الحكم عليه أن يجتهد قال عمر والله ما يدري عمر أصاب الحق أم أخطأ ولو كان حكم بحكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا ونقل أبو الحارث لا تقلد التابعين أحدا وعليك بالأثر وقال الفضل ابن زياد: لا تقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا وقال أبن حمدان: وإن كان الخصم مسافرا يخاف فوت رفقته يحتمل وجهين وإن فوضه إلى من اتضح له وهو أهل للقضاء صح.
قال أبو الخطاب: وحكى أبو إسحاق الشيرازي أن مذهبنا جواز تقليد العالم للعالم وهذا لا يعرف عنهم واختار أبو الخطاب إن كانت العبادة مما لا يجوز تأخيرها كالصلاة فعلها بحسب حاله ويعيد إذا قدر كمن عدم الطهورين فلا ضرورة إلى التقليد ولأن العامي لا يسقط عنه فرضه وهو التقليد بخوف فوت وقته وقال أحمد في رواية المروذي إذا سئلت عن مسألة: لا أعرف فيها خبرا قلت: فيها بقول الشافعي لأنه إمام عالم من قريش وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عالم قريش يملأ الأرض علما".
فرع: إذا حكم ولم يجتهد ثم بان أنه حكم بالحق لم يصح ذكره ابن عقيل.
"ولا يقضي وهو غضبان" غضبا كثيرا لخبر أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان" متفق عليه لأنه ربما حمله الغضب على الجور في الحكم وفيه من الوعيد ما رواه ابن أبي أوفى مرفوعا: "إن الله تعالى مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان" رواه الترمذي.

ولا حاقن ولا في شدة الجوع والعطش والهم والوجع والنعاس والبرد المؤلم والحر المزعج فإن خالف وحكم فوافق الحق نفذ حكمه وقال القاضي لا ينفذ وقيل: إن عرض ذلك بعد فهم الحكم جاز وإلا فلا ولا يحل له أن يرتشي ولا يقبل الهدية
__________
"ولا حاقن ولا في شدة العطش والجوع والهم والوجع والنعاس والبرد المؤلم والحر المزعج" قياسا على المنصوص عليه ومثله شهوة نكاح وكسل وحزن وخوف وفرح غالب لأنها تمنع حضور القلب واستيفاء الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب فهو في معنى الغضب.
"فإن خالف وحكم فوافق الحق نفذ حكمه" في الأصح لأنه عليه السلام حكم للزبير في شراج الحرة وهو غضبان متفق عليه "وقال القاضي: لا ينفذ" لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه "وقيل: إن عرض ذلك بعد فهم الحكم جاز وإلا فلا" لأن ذلك إنما يمنع من الحكم معه لما فيه من إشغال الفهم وذلك مفقود فيما إذا عرض بعد فهم الحكم موجود فيما إذا عرض قبله ولغضبه عليه السلام في قضية الزبير قال الشيخ مجد الدين في أحكامه: باب النهي عن الحكم في حال الغضب إلا أن يكون يسيرا لا يشغل ثم ذكر قصة أبي بكرة والزبير لكن ذكر ابن نصر الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقضي حالة غضبه "ولا يحل له أن يرتشي" الرشوة بتثليث الراء وقد اتفق العلماء على تحريمها لما روى عبد الله ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال لعنة الله على الراشي والمرتشي" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وإسناده ثقات ورواه أحمد والترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة وزادا "في الحكم" وفيه عمرو بن أبي سلمة ورواه أحمد من حديث ثوبان وزاد "والرايش" يعني الذي يمشي بينهما بها فإن رشاه على واجب أو ليدفع ظلمه فقال عطاء وجابر بن زيد والحسن لا بأس أن يصانع عن نفسه ولأنه يستفيد ماله كما يستفيد الرجل أسيره "ولا يقبل الهدية" لما روى أبو حميد الساعدي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هدايا العمال غلول" رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد وعنه: قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة فقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي

إلا ممن كان يهدي إليه قبل ولايته بشرط أن لا تكون له حكومة ويكره أن يتولى البيع والشراء بنفسه،
__________
فقام النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا لي ألا جلس في بيت أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا والذي نفس محمد بيده لا نبعث أحدا منكم فيأخذ شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر" ثم رفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه فقال: "اللهم هل بلغت ثلاثا" متفق عليه.
وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية فيما مضى هدية فأما اليوم فهي رشوة وقال كعب الأحبار فرأيت في بعض ما أنزل الله على أنبيائه الهدية تفقأ عين الحكم.
"إلا ممن كان يهدي إليه قبل ولايته بشرط أن لا تكون له حكومة" لأن التهمة منتفية لأن المنع إنما كان من أجل الاستمالة أو من أجل الحكومة وكلاهما منتف ويستحب له التنزه عنها وفي الشرح و الرعاية أنه إن أحس أنه يقدمها بين يدي حكومة أو أنه فعلها حال الحكومة أنه يحرم أخذها قال في الكافي والأولى الورع عنها في غير حال الحكومة لأنه لا يأمن أن يكون لحكومة منتظرة.
تنبيه: إذا ارتشى الحاكم أو قبل هدية فقيل: تؤخذ لبيت المال لخبر ابن اللتبية وقيل: ترد إلى مالكها قدمه في الشرح كمقبوض بعقد فاسد وقيل: يملك بتعجيله المكافأة.
فعلى الأول: هدية العامل للصدقات ذكره القاضي فدل أن في انتقال الملك في الرشوة والهدية وجهين قال أحمد: فيمن ولي شيئا من أمر السلطان لا أحب له أن يقبل شيئا يروى هدايا العمال غلول والحاكم خاصة لا أحبه له إلا ممن كان له به خلطة وصلة ومكافأة قبل أن يلي.
"ويكره أن يتولى البيع والشراء بنفسه" خصوصا بمجلس حكمه لأنه يعرف فيحابى فيكون كالهدية ولأن ذلك يشغله عن أمور المسلمين فإن تعذر ذلك أو شق جاز لقضية أبي بكر رضي الله عنه.

ويستحب أن يوكل في ذلك من لا يعرف أنه وكيله ويستحب له عيادة المرضى وشهود الجنائز ما لم يشغله عن الحكم وله حضور الولائم فإن كثرت تركها كلها ولم يجب بعضهم دون بعض ويوصي الوكلاء والأعوان على بابه بالرفق بالخصوم وقلة الطمع ويجتهد أن يكونوا شيوخا أو
__________
"ويستحب أن يوكل في ذلك من لا يعرف أنه وكيله" لأنه أنفى للتهمة وجعلها الشريف وأبو الخطاب كهدية الوالي سأله حرب هل للقاضي والوالي أن يتجرا قال: لا إلا أنه شدد في الوالي "ويستحب له عيادة المرضى وشهود الجنائز ما لم يشغله عن الحكم" لأن ذلك قربة وطاعة وقد وعد الشارع على ذلك أجرا عظيما فيدخل القاضي في ذلك "وله حضور البعض لأن هذا يفعله لنفع نفسه بخلاف الولائم" وفي الترغيب ويودع الغازي والحاج وظاهره أنه إذا أشغله حضور ذلك عن الحكم فلا لأن اشتغاله بالفصل بين الخصوم ومباشرة الحكم أولى.
"وله حضور الولائم" كغيره لأنه عليه السلام أمر بحضورها "وإن كثرت تركها كلها" لئلا يشتغل عن الحكم الذي هو فرض عين لكنه يسألهم التحليل ويعتذر "ولم يجب بعضهم دون بعض" أي بلا عذر ذكره القاضي وغيره لأن في ذلك كسرا لقلب من لم يجبه إلا أن يختص بعذر يمنعه من منكر أو بعد أو اشتغال بها زمنا طويلا فله الإجابة لأن عذره طاعة
وذكر أبو الخطاب يكره مسارعته إلى غير وليمة عرس مع أنه يجوز له حضورها وفي الترغيب يكره وقدم لا يلزمه حضور وليمة عرس وذكر له القاضي أنه يستحب له حضور غير وليمة عرس وقيل: يجب عليه حضورها وقيل: إن وجبت على غيره وإلا فلا يلزمه.
فرع: لو تضيف رجلا فظاهر كلامهم يجوز وفي الفنون له أخذ الصدقة.
"ويوصي الوكلاء والأعوان على بابه بالرفق بالخصوم وقلة الطمع" تنبيها لهم على الفعل الجميل اللائق بمجالس الحكام والقضاة "ويجتهد أن يكونوا

كهولا من أهل الدين والعفة والصيانة ويتخذ كاتبا مسلما مكلفا عدلا حافظا عالما يجلسه بحيث يشاهد ما يكتبه ويجعل القمطر مختوما بين يديه ويستحب أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود ولا يحكم لنفسه
__________
شيوخا أو كهولا من أهل الدين والعفة والصيانة" لأن في ضد ذلك ضررا بالناس فيجب أن يوصيهم بما يزول به الضرر عنهم والكهول والشيوخ أولى من غيرهم لأن الحاكم يأتيه النساء وفي اجتماع الشباب بهن ضرر.
"ويتخذ كاتبا" أي يباح والأشهر أنه يسن لأنه عليه السلام استكتب زيدا وغيره ولأن الحاكم تكثر أشغاله فلا يتمكن من الجمع بينها وبين الكتابة فإن أمكنه ولاية ذلك بنفسه جاز والأولى الاستنابة وظاهر كلام السامري أنه لا يتخذ إلا مع الحاجة ويشترط فيه أن يكون "مسلما" لقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} [آل عمران:118] "مكلفا" لأن غير المكلف لا يوثق بقوله ولا يعول عليه فهو كالفاسق "عدلا" لأن الكتابة موضع أمانة "حافظا عالما" لأن في ذلك إعانة على أمره وأن يكون عارفا قاله في الكافي لأنه إذا لم يكن عارفا أفسد ما يكتبه بجهله قال في الفروع ويتوجه فيه ما في عامل الزكاة ويستحب أن يكون ورعا نزها جيد الخط "يجلسه بحيث يشاهد ما يكتبه" أي يستحب أن يجلسه بحيث يشاهد ما يكتبه لأنه أبعد للتهمة وأمكن لإملائه عليه وإن قعد ناحية جاز لأن ما يكتبه يعرض على الحاكم.
مسألة: يشترط في القاسم أن يكون حاسبا لأنه عمله وبه يقسم فهو كالخط للكاتب والعفة للحاكم.
"ويجعل القمطر" هو بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء أعجمي معرب وهو الذي تصان فيه الكتب "مختوما بين يديه" لأنه أحفظ له من أن يغير "ويستحب أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود" ليستوفي بهم الحقوق ويثبت بهم الحجج والمحاضر ويحرم تعيينه قوما بالقبول لأن من ثبتت عدالته وجب قبول شهادته "ولا يحكم لنفسه" أي لا ينفذ حكمه لنفسه لأنه لا

ولا لمن تقبل شهادته له ويحكم بينهم بعض خلفائه وقال أبو بكر: يجوز ذلك.
فصل
وأول ما ينظر فيه أمر المحبسين فيبعث ثقة إلى الحبس فيكتب اسم كل محبوس ومن حبسه وفيم حبسه في رقعة منفردة،
__________
يجوز أن يشهد لها ويتحاكم هو وخصمه إلى قاض آخر أو بعض خلفائه لأن عمر حاكم أبيا إلى زيد وحاكم عثمان طلحة إلى جبير.
"ولا لمن لا تقبل شهادته له" ذكره بعضهم إجماعا كشهادته له "ويحكم بينهم بعض خلفائه" لزوال التهمة "وقال أبو بكر: يجوز ذلك" هذا رواية في المبهج وقاله أبو يوسف وأبو ثور واختاره ابن المنذر كالأجانب وسواء كان الخصم منهم أو أجنبيا ذكره في الرعاية فإن كان الحكم بين والديه أو ولديه لم يجز في الأشهر وقيل: بلى لأنهما سواء عنده فارتفعت تهمة الميل وله استخلاف والده وولده كحكمه لغيره بشهادتهما ذكره أبو الخطاب وابن الزاغوني وأبو الوفاء وزاد إذا لم يتعلق عليهما من ذلك تهمة ولم يوجب لهما بقبول شهادتهما ريبة لم تثبت بطريق التزكية وقيل: لا فإذا صار ولي اليتيم حاكما حكم له على قول أبي بكر.
فرع: لا يحكم وقيل: لا يفتي على عدوه وجوز الماوردي والشافعي حكمه على عدوه لأن أسباب الحكم ظاهرة بخلاف الشهادة واستشكله الرافعي بالتسوية بينهما في عمودي نسبه وأن المشهور لا يحكم على عدوه كالشهادة ولا تقل عن الحنفية ومنعه بعض متأخريهم كالشهاد.
فصل
"وأول من ينظر فيه أمر المحبسين" لأن الحبس عذاب وربما كان فيهم من لا يستحق البقاء فيه فاستحب البداءة بهم "فيبعث ثقة إلى الحبس فيكتب اسم كل محبوس ومن حبسه وفيم حبسه في رقعة منفردة" لأن ذلك طريق إلى معرفة

ثم ينادى في البلد أن القاضي ينظر في أمر المحبسين غدا فمن له منهم خصم فليحضر فإذا كان الغد وحضر القاضي أحضر رقعة فقال هذه رقعة فلان ابن فلان فمن خصمه فإن حضر خصمه نظر بينهما،
__________
الحال على ما هي عليه ولئلا يتكرر بكتابته في رقعة واحدة النظر في حال الأول: منها فالأول بل يخرج واحدة منها بالاتفاق كما في القرعة "ثم ينادى في البلد أن القاضي ينظر في أمر المحبوسين غدا فمن له فيهم خصم فليحضر" كذا ذكره في الكافي و المحرر و المستوعب و الرعاية لأن في ذلك إعلاما بيوم جلوس القاضي وفي الشرح أن القاضي يأمر مناديا ينادي في البلد بذلك ثلاثة أيام وأنه يجعل الرقاع بين يديه فيمد يده إليها فما رفع في يده منها نظر إلى اسم المحبوس وقيل: يخصه بقرعة "فإذا كان الغد وحضر القاضي أحضر رقعة فقال هذه رقعة فلان فمن خصمه؟" لأنه لا يمكنه الحكم إلا بذلك "فإن حضر خصمه نظر بينهما" لأنه لذلك ولي ولا يسأل خصمه لم حبسته لأن الظاهر أن الحاكم إنما حبسه لحق ترتب عليه ولكن يسأل المحبوس لم حبست فإن قال جئت بحق أمره بقضائه طلبه وخصمه فإن أبى وله موجود قضاه منه أو من ثمنه إن لم يكن كالمدعى به وفي الشرح قال له القاضي اقضه وإلا رددتك إلى الحبس فإن ادعى عجزا وكذبه خصمه أو عرف له مال ولا بينة تشهد بتلفه أو نفاذه أو عجزه أو عسرته أعيد حبسه إن طلبه غريمه فإن لم يقضه قضاه الحاكم من موجوده أو ثمنه فإن تعذر أعيد حبسه بطلب غريمه وقيل: إن حلف خصمه أنه قادر حبسه وإلا حلف المنكر على التلف والإعسار وخلي كمن لم يعرف له مال وإن صدقه غريمه في عجزه وإعساره أو ثبت بينة أطلق بلا يمين قدمه في المستوعب و الرعاية وقيل: يحلف مع البينة لأنها تشهد بالظاهر ويحتمل أن يكون له مال لا يعلمه وإن أقام خصمه بينة بأن له ملكا معينا فقال هو لزيد فكذبه زيد بيع في الدين لأن إقراره سقط بإكذابه وكذا إن صدقه زيد ولم يكن له بينة ذكره القاضي لأن البينة شهدت لصاحب اليد بالملك فتضمنت شهادتها وجوب القضاء منه فإذا لم تقبل شهادتها في حق نفسه قبلت فيما تضمنته لأنها حق غيره ولأنه متهم في إقراره

وإن كان حبس في تهمة أو افتئات على القاضي قبله خلي سبيله وإن لم يحضر له خصم وقال حبست ظلما ولا حق علي ولا خصم لي نادى بذلك ثلاثا فإن حضر له خصم وإلا أحلفه
__________
لغيره وفيه وجه يثبت الإقرار ويسقط البينة لأنها تشهد بالملك لمن لا يدعيه وينكره فإن صدقه زيد وله بينة فهو له لأن بينته قويت بإقرار صاحب اليد وإن علم رب الدين عسرته حرم عليه حبسه ووجب إنظاره إلى يسرته "فإن كان حبس في تهمة أو افتئات على القاضي قبله خلي سبيله" ذكره في الشرح و المستوعب و الوجيز لأن بقاءه فيه ظلم ولأن المقصود التأديب وقد حصل وفي المحرر و الرعاية و الفروع أن الحاكم إن شاء خلاه وإن شاء أبقاه بقدر ما يرى فإطلاقه بإذنه ولو في قضاء دين ونفقة فيرجع ووضع ميزاب بناء وغيره وأمره بإراقة نبيذ ذكره في الأحكام السلطانية وقرعته وإطلاق محبوس ذكره في الرعاية حكم يرفع الخلاف إن كان ومثله تقدير مدة حبسه والمراد إذا لم يأمر ولم يأذن بحبسه.
تنبيه: إذا قال: حبست لتعديل البينة أعيد حبسه في الأصح إن طلبه خصمه وكان الأول: قد حكم به وإلا نادى أنه حكم بإطلاقه وكذا إن قلنا: لا يحبس في ذلك وصدقه خصمه فإن قال الخصم الحاكم قد عرف عدالة شهودي وحكم عليه بالحق قبل قوله وإن قال حبست لتكميل البينة فهو كما لو قال حبست لتعديلها وإن قال: حبست في ثمن كلب أو خمر أرقته لذمي وصدقه خصمه أطلقه وفيه وجه أن الثاني: ينفذ حكم الأول: لأنه ليس له نقض حكم غيره باجتهاده وفيه وجه يتوقف ويجتهد في المصالحة بينهما بشيء وإن قال خصمه: حبست بحق غير هذا صدق للظاهر وإن قال: خصمي غائب ووكيله وأنا مظلوم كتب إليه ليحضر هو أو وكيله وإن تأخر بلا عذر ولم يجد من يحاكمه أطلق ويحتمل أن يطلق مطلقا كما لو جهل مكانه والأولى أن يضمن عليه ويطلق فإن تعذر الكفيل أطلقه إذا أيس من خصم له وكفيل "وإن لم يحضر له خصم وقال حبست ظلما ولا حق علي ولا خصم لي نادى بذلك ثلاثا فإن حضر له خصم" نظر بينهما "وإلا أحلفه

وأخلى سبيله ثم ينظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف ثم في حال القاضي قبله
__________
وأخلى سبيله" ذكره معظم الأصحاب لأن الظاهر أنه لو كان له خصم لظهر وفي الرعاية وقيل: ثلاثة أيام.
تنبيه: فعله حكم كتزويج يتيمة وشراء عين غائبة وعقد نكاح بلا ولي ذكره المؤلف في الأخيرة وذكر الشيخ تقي الدين أنه أصح الوجهين وذكر الأزجي فيمن أقر لزيد فلم يصدقه و قلنا: يأخذه الحاكم ثم ادعاه المقر لم يصح لأن قبض الحاكم بمنزلة الحكم بزوال ملكه وفي التعليق و المحرر فعله حكم إن حكم به هو أو غيره وفاقا لفتياه فإذا قال: حكمت بصحته نفذ حكمه باتفاق الأئمة.
وسبق كلام الشيخ تقي الدين الحاكم ليس هو الفاسخ وإنما يأذن أو يحكم به فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم بصحته لكن لو عقد هو أو فسخ فهو فعله وهل فعله حكم فيه الخلاف المشهور.
مسائل: حكمه بشيء حكم بلازمه ذكره الأصحاب في أحكام مفقود وثبوت شيء عنده ليس حكما به على ما ذكروه في صفة السجل وتنفيذ الحكم يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ قاله شيخنا ابن نصر الله.
وفي كلام الأصحاب ما يدل على أنه حكم وفي كلام بعضهم أنه عمل بالحكم وإجازة له وإمضاء كتنفيذ الوصية.
"ثم ينظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف" لأن ذلك لا يمكنه المطالبة لأن الصغير والمجنون لا قول لهما وأرباب الوقوف كالفقراء والمساكين لا يتعينون وينظر أيضا في الوصايا التي ليس لها ناظر معين فلو نفذ لم يعزله لأن الظاهر معرفة أهليته لكن يراعيه فدل أن إثبات صفة كعدالة وجرح وأهلية وصية وغيرها حكم "ثم في حال القاصي قبله" والأصح أنه لا يحب لأن الظاهر صحة قضايا من قبله وفي المستوعب قدمه في الرعاية،

فإن كان ممن يصلح للقضاء لم ينقض من أحكامه إلا ما خالف نص كتاب أو سنة أو إجماعا وإن كان ممن لا يصلح نقض أحكامه وإن وافقت الصحيح ويحتمل أن لا ينقض الصواب منها.
__________
ورجحه ابن المنجا أنه يجب قيل: لا يجوز والأصح أن له النظر في حال من قبله "فإن كان ممن يصلح للقضاء لم ينقض من أحكامه إلا ما خالف نص كتاب وسنة" متواترة كانت أو أحادا كقتل مسلم بكافر فيلزم نقضه نص عليهما وقيل: متواترا وكذا ينقض حكم من جعل عين ماله عند من حجر عليه أسوة الغرماء نص عليه بخلاف ما إذا زوجت نفسها في الأصح أو إجماعا لأنه يؤدي إلى نقض الحكم بمثله ويؤدي إلى أنه لا يثبت حكم أصلا وقيل: ولو ظنيا وقيل: وقياسا جليا ومقتضاه أنه ينقض إذا خالف ما ذكر لأنه حكم لم يصادف شرطه فوجب نقضه لأن شرط الاجتهاد عدم مخالفة ما ذكر ولأنه إذا وجد ذلك فقد فرط كما لو حكم بشهادة كافرين ولا فرق بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدمي في ظاهر كلامه وفي المغني أن حق الآدمي لا ينقضه إلا بمطالبته بخلاف حق الله تعالى وكذا ينقض حكمه بما لم يعتقده وفاقا وفي الإرشاد هل ينقض بمخالفة صحابي يتوجه نقضه إن قيل: بحجيته كالنص.
فرع: إذا حكم بشاهد ويمين لم ينقض ذكره بعضهم إجماعا.
قال سعيد: ثنا هشيم عن داود عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالقضاء وينزل القران بغير ما قضى فيستقبل حكم القرآن ولا يرد قضاءه الأول: هذا مرسل وقال محمد بن الحسن ينقض وإذا تغيرت صفة الواقعة فتغير القضاء بها لم يكن نقضا للقضاء الأول: بل ردت للتهمة لأنه صار خصما فيها والمخالفة في قضية نقض مع العلم "وإن كان ممن لا يصلح نقض أحكامه وإن وافقت الصواب" في الأشهر في المذهب لأن حكمه غير صحيح وقضاؤه بمنزلة العدم لفقد شرط القضاء فيه.
"ويحتمل أن لا ينقض الصواب منها" قدمه في الكافي والمستوعب،

وإن استعداه على القاضي خصم له أحضره وعنه: لا يحضره حتى يعلم أن لما ادعى أصلا وإن استعداه على القاضي قبله سأله عما يدعيه فإن قال لي عليه دين معاملة أو رشوة راسله فإن اعترف بذلك أمره بالخروج منه.
__________
وصححه ابن المنجا وجزم به في الوجيز لأنه الحق وصل إلى مستحقه فلم يجز نقضه لعدم الفائدة: فيه.
فرع: إذا تغير اجتهاده قبل الحكم حكم بما يغير اجتهاده إليه وكذا إن بان فسق الشهود قبل الحكم بشهادتهم لم يحكم بها وإن كان بعده لم ينقضه.
فائدة: ينظر في أمناء الحاكم قبله فمن فسق عزله ويضم إلى الضعيف أمينا وله إبداله ثم في الضوال واللقطة وإن استعداه أحد على خصم له حاضر بما تتبعه الهمة أحضره لزوما في الأصح.
قال في المستوعب: هو اختيار أكثر شيوخنا لأن ضرر فوات الحق أعظم من حضور مجلس الحكم وللمتعدى عليه أن يوكل من يقوم مقامه إن كره الحضور ولو طلبه خصمه أو حاكم ليحضر مجلس الحكم حيث يلزم الحاكم إحضاره بطلب منه لزمه الحضور "وعنه: لا يحضره حتى يعلم أن لما ادعاه أصلا" روي عن علي لما فيه من تبذيل أهل المروعات وإهانة ذوي الهيئات وفي المستوعب إن كان يعلم أن مثله لا يعامله لا يحضره حتى يحرر دعواه وهذه رواية اختارها أبو بكر وأبو الخطاب وقدمها في الرعاية ومتى لم يحضر لم يرخص له في تخلفه وإلا أعلم الوالي به فإذا حضر فله تأديبه.
"وإن استعداه على القاضي قبله سأله عما يدعيه" أي يعتبر تحرير الدعوى في حقه "فإن قال: لي عليه دين من معاملة أو رشوة راسله" لأن ذلك طريق إلى استخلاص الحق لما في إحضاره من الامتهان وتسليط أعوانه عليه ولا يؤمن معه امتناع وصول الصالح للقضاء من الدخول فيه ولم يذكر في المغني والكافي مراسلة بل يحضره والأول أظهر.
"فإن اعترف بذلك أمره بالخروج منه" لأن الحق توجه عليه باعترافه "وإن

وإن أنكر وقال: إنما يريد تبذيلي فإن عرف أن لما ادعاه أصلا أحضره وإلا فهل يحضره؟ على روايتين وإن قال: حكم علي بشهادة فاسقين فأنكر فالقول قوله بغير يمين وإن قال الحاكم المعزول: كنت حكمت في ولايتي لفلان على فلان بحق قبل قوله ويحتمل أن لا يقبل قوله.
__________
أنكر وقال: إنما يريد تبذيلي فإن عرف أن لما ادعاه أصلا أحضره" لأن ذلك تعين طريقا إلى استخلاص حق المستعدي "وإلا فهل يحضره" إذا لم يعلم على روايتين سبقتا " وإن قال: حكم علي بشهادة فاسقين" عمدا "فأنكر فالقول قوله" أي قول الحاكم "بغير يمين" لأنه لو لم يقبل قوله في ذلك لتطرق المدعى عليهم إلى إبطال ما عليهم من الحقوق بالقول المذكور وفي ذلك ضرر عظيم واليمين تجب للتهمة والقاضي ليس من أهلها وقيل: تجب يمينه لإنكاره لكن إن قال حكمت بشهادة عدلين صدق بلا يمين.
فرع: إذا قال حكم علي بشهادة فاسقين أو عدوين أو جار علي في الحكم وله بينة أحضره أو وكيله وحكم بها وإن لم تكن بينة ففي إحضاره قبل المعرفة وجهان: أحدهما: يحضره لجواز أن يعترف وكما لو ادعى عليه مالا و الثاني: لا لأن فيه امتهانا وأعداء القاضي كثيرة فإن أحضره فاعترف عليه وإن أنكره قبل قوله بغير يمين وإن ادعى أنه قتل ابنه ظلما فهل يحضره من غير بينة؟ فيه وجهان فإن أحضره فاعترف حكم عليه وإلا قبل قوله بغير يمين "وإن قال الحاكم المعزول: كنت حكمت في ولايتي لفلان على فلان بحق قبل قوله" إذا كان ممن يسوغ له الحكم نص عليه زاد في الرعاية: ما لم يتهم لأن عزله لا يمنع من قبول قوله كما لو كتب كتابا إلى قاض آخر ثم عزل ووصل الكتاب بعد عزله لزم المكتوب إليه قبول كتابه بعد عزل كاتبه ولأنه أخبر بما حكم به وهو غير متهم أشبه حال ولايته.
وقال بعض المتأخرين: يقبل قوله ما لم يشتمل على إبطال حكم حاكم وهو حسن "ويحتمل أن لا يقبل قوله" وهو قول أكثر الفقهاء ثم اختلفوا فقال ابن أبي ليلى والأوزاعي: هو بمنزلة الشاهد إذا كان معه شاهد آخر.
وقال أبو حنيفة: لا يقبل إلا شاهدان سواه وهو ظاهر مذهب الشافعي،

وإن ادعى على امرأة غير برزة لم يحضرها وأمرها بالتوكيل وإن وجبت عليها اليمين أرسل إليها من يحلفها وإذا ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما،
__________
وذكر ابن أبي موسى: أنه يتوجه كقول الأوزاعي وكقول الحنفية فأما إن قال: في حال ولايته قبل قوله لأن من ملك الحكم ملك الإقرار به كالزوج إذا أقر بالطلاق ولأنه لو أخبر أنه رأى كذا وكذا فحكم به قبل وعلى الأول: إذا قال حكمت بعلمي أو بالنكول أو شاهد ويمين قبل وإن قال: حكمت ولم يضفه إلى بينة ولا غيرها قبل.
"وإن ادعى على امرأة غير برزة" أي ليست معتادة أن تخرج في حوائجها "لم يحضرها" لما فيه من المشقة والضرر "وأمرها بالتوكيل" لأجل فصل الخصومة ولأنه يقوم مقامها فلا تبتذل من غير حاجة إلى ذلك "وإن وجبت عليها اليمين أرسل إليها من يحلفها" لأن إحضارها غير مشروع واليمين لا بد منها وهذا طريقه فيبعث أمينا معه شاهدان فيستحلفها بحضرتهما
وذكر القاضي: إن الحاكم يبعث من يقضي بينها وبين غريمها في دارها لقوله عليه السلام: "واغد يا أنيس" الخبر والأول أولى لأنه أستر وربما منعها الحياء من النطق بحجتها سيما مع جهلها بالحجة وذكر السامري أنه يخير وأطلق في الانتصار النص فيها واختاره إن تعذر حق بدون حضورها وإلا لم يحضرها وأطلق ابن شهاب وغيره إحضارها لأن حق الآدمي مبني على الشح والضيق والمدة يسيرة كسفرها من محلة وحكم المريض كذلك لأنه يشق عليه السعي والحركة فأما إن كانت برزة أي تبرز لحوائجها غير مخدرة فإنه يحضرها ولا يعتبر لخروجها محرم نص عليه كسفر الهجرة.
"وإن ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما" نقول: إذا استعدى على غائب في غير ولاية القاضي لم يكن له أن يعدي عليه وإن كان في ولايته وله هناك خليفة فإن

فإن لم يقبلوا قيل: للخصم حقق ما تدعيه ثم يحضره وإن بعدت المسافة.
__________
كانت له بينة ثبت له الحق عنده وكتب إلى خليفته ولم يحضره وإن لم تكن له بينة حاضرة نفد إلى خصمه ليحاكمه عند خليفته فإن لم يكن له خليفة وكان فيه من يصلح للقضاء أذن له في الحكم بينهما وإن لم يكن فيه من يصلح بعث إلى ثقة يتوسط بينهما لأن ذلك طريق إلى قطع الخصومة مع عدم المشقة الحاصلة بالإحضار "فإن لم يقبلوا" أي إذا تعذر أو أبى الخصمان قبول ذلك "قيل: للخصم: حرر ما تدعيه" لأنه يجوز أن يكون ما يدعيه ليس بحق عنده كالشفعة للجار وقيمة الكلب فلا يكلف الحضور لما لا يقضى عليه به مع المشقة فيه بخلاف الحاضر.
"ثم يحضره وإن بعدت المسافة" ذكره الأصحاب وهو المذهب لأنه لا بد من فصل الخصومة وقد تعين بذلك وقيل: بدون مسافة القصر وعنه: لدون يوم جزم به في التبصرة وزاد بلا مؤنة ومشقة وفي الترغيب لا يحضره مع البعد حتى تتحرر دعواه وفيه يتوقف إحضاره على سماع البينة إن كان مما لا يقضى فيه بالنكول قال: وذكر بعض أصحابنا لا يحضره مع البعد حتى يصح عنده ما ادعاه.
تنبيه: إذا ادعى قبله شهادة لم تسمع ولم يعد عليه ولم يحلف خلافا للشيخ تقي الدين وهو ظاهر نقل صالح وحنبل ولو قال: أنا أعلمها ولا أؤديها فظاهر ولو نكل لزمه ما ادعى به إن قيل: كتمانها موجب لضمان ما تلف ولا يبعد كما يضمن من ترك الإطعام الواجب وكونه لا يحصل المقصود لفسقه بكتمانه لا ينفي ضمانه في نفس الأمر والله أعلم.

باب طريق الحكم وصفته
إذا جلس إليه خصمان فله أن يقول من المدعي منكما؟ وله أن يسكت حتى يبتدئا فإن سبق أحدهما بالدعوى قدمه وإن ادعيا معا قدم أحدهما بالقرعة فإذا انقضت حكومته سمع دعوى الآخر،
__________
باب طريق الحكم وصفتهطريق كل شيء ما توصل به إليه والحكم الفصل.
"إذا جلس إليه الخصمان" المستحب أن يجلس الخصمان بين يدي الحاكم أو يجلسهما لذلك لما روى عبد الله بن الزبير قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم" رواه أحمد وأبو داود لأن ذلك أمكن للحاكم من العدل بينهما والإقبال عليهما والنظر في خصومتهما.
وفي الرعاية: إذا جاءه خصمان فجلسا بين يديه أو أجلسهما حاجبه أو أذن لهما الحاكم بذلك أو عن جانبيه إن كانا شريفين أو كبيرين "فله أن يقول: من المدعي منكما؟" هذا هو الأشهر لأن ذلك طريق إلى معرفة المدعي من المدعى عليه "وله أن يسكت حتى يبتدئا" لأن كلامه يستدعي طالبا له ولم يوجد وقيل: بل يسكت حتى يدعي أحدهما ويقول القائم على رأسه من المدعي منكما إن سكتا جميعا ولا يقول الحاكم ولا حاجبه لأحد منهما تكلم لأن في إفراده بذلك تفضيلا له وتركا للإنصاف.
"فإن سبق أحدهما بالدعوى قدمه" لأن للسابق حق تقدم فلو قال الخصم أنا الخصم لم يلتفت إليه "وإن ادعيا معا قدم أحدهما بالقرعة" هذا قياس المذهب لأنها مرجحة عند الازدحام بدليل الإمامة والأذان وقيل: من شاء الحاكم قدم منهما واستحسن ابن المنذر أن يسمع منهما جميعا وقيل: يؤخرهما حتى يتبين من المدعي منهما "فإذا انقضت حكومته سمع دعوى الآخر" لأن التزاحم قد زال وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا علي إذا جلس إليك

ثم يقول للخصم: ما تقول فيما ادعاه؟ ويحتمل أن لا يملك سؤاله حتى يقول المدعي: اسأل سؤاله عن ذلك فإن اقر له لم يحكم حتى يطالبه المدعي بالحكم وإن أنكر مثل أن يقول المدعي: أقرضته ألفا أو: بعته فيقول ما أقرضي ولا باعني أو ما يستحق علي ما ادعاه ولا شيئا منه أو: لا حق له علي صح الجواب.
__________
الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول: فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء" رواه أحمد وأبو داود والترمذي قال في عيون المسائل: ولا ينبغي للحاكم أن يسمع شكية أحد إلا ومعه خصمه هكذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم "ثم يقول للخصم ما تقول فيما ادعاه؟" قدمه وصححه أكثر الأصحاب لأن ظاهر الحال يقتضي ذلك.
"ويحتمل أن لا يملك سؤاله حتى يقول المدعي: اسأل سؤاله عن ذلك" هذا وجه كالحكم "فإن أقر له" سواء كان قبل السؤال أو بعده لزمه ما ادعى عليه ولكن "لم يحكم له حتى يطالبه المدعي بالحكم" ذكره السامري والمجد وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي والشرح لأن الحكم عليه حق له فلا يستوفيه إلا ب مسألة: مستحقه واختار جمع له الحكم قبل مسألة: المدعي وهو الظاهر لأن الحال يدل على إرادته فاكتفى بها كما اكتفى في مسألة: المدعى عليه الجواب لأن كثيرا من الناس لا يعرف مطالبة الحاكم بذلك فيترك مطالبته لجهله فيضيع حقه ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه فاشتراطه ينافي ظاهر حالهم.
وفي الترغيب: إذا أقر فقد ثبت ولا يفتقر إلى قوله قضيت في أحد الوجهين بحلاف قيام البينة لأنه يتعلق باجتهاده.
فرع: إذا قال الحاكم يستحق عليك كذا فقال نعم لزمه ذكره في الواضح "وإن أنكر مثل أن يقول المدعي أقرضته ألفا أو بعته فيقول ما أقرضني ولا باعني أو ما يستحق على ما ادعاه ولا شيئا منه أو لا حق له علي صح الجواب" لنفيه عين ما ادعاه ولأن قوله لاحق له علي نكرة في سياق النفي فتعم بمنزلة قوله: ما يستحق علي ما ادعاه ولا شيئا منه وهذا ما

وللمدعي أن يقول: لي بينة فإن لم يقل قال الحاكم: ألك بينة؟ فإن قال: لي بينة أمره بإحضارها فإذا أحضرها،
__________
لم يعترف بسبب الحق فلو ادعت من يعترف بأنها زوجته المهر فقال لا تستحق علي شيئا لم يصح الجواب ويلزمه المهر إن لم يقم بينة بإسقاطه لجوابه في دعوى قرض اعترف به لا يستحق علي شيئا ولهذا لو أقرت في مرضها لا مهر لها عليه لم تقبل إلا ببينة أنها أخذته نقله مهنا أو أنها أسقطته في الصحة.
تنبيه: لو ادعى بدينار فقال لا يستحق علي حبة فليس بجواب عند ابن عقيل: لأنه لا يكتفى في رفع الدعوى إلا بنص لا بظاهر.
وقال الشيخ تقي الدين: يعم الحبات وما لم يندرج في لفظ حبة من باب الفحوى إلا أن يقال نعم حقيقة عرفية ولو قال: لي عليك مائة فقال ليس لك علي مائة اعتبر في الأصح قوله ولا شيء منها كاليمين فإن نكل عن ما دون المائة حكم عليه بمائة إلا جزءا وإن قلنا: برد اليمين حلف المدعي على مادون المائة إذا لم يسند المائة إلى عقد لكون اليمين لا تقع إلا مع ذكر النسبة كمطابق الدعوى ذكره في الترغيب.
"وللمدعي أن يقول: لي بينة" لأن الحق طريق له والبينة طريق إلى تخليصه "وإن لم يقل قال له الحاكم: ألك بينة" لقوله عليه السلام للحضرمي: "لك بينة؟" قال: لا رواه مسلم وفيه "فلك يمينه" فإن كان المدعي عارفا بأنه موضع البينة خير الحاكم بين أن يقول ذلك وبين السكوت وظاهر المحرر ولا يقوله "فإن قال: لي بينة أمره بإحضارها" لأنه طريق إلى تخليص الحق وفي المستوعب والرعاية يقول له أحضرها إن شئت وفي المغني أن المدعي إذا قال لي بينة لم يقل له الحاكم أحضرها لأن ذلك حق له فله أن يفعل ما يرى قال ابن المنجا: فيحمل أمره بالإحضار على الإذن فيه لأن حمل الأمر على حقيقته ينافي ما ذكره في المغني. "فإذا أحضرها" لم يسألها الحاكم حتى يسأله المدعي ذلك لأنه حق له فإذا سأله المدعي سؤالها لم يقل اشهدا ولا يلقنهما وفي المستوعب لا ينبغي،

سمعها الحاكم وحكم بها إذا سأله المدعي ولا خلاف في أنه يجوز له الحكم بالإقرار والبينة في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان فإن لم يسمعه معه أحد أو سمعه معه شاهد واحد فله الحكم به نص عليه وقال القاضي: لا يحكم به،
__________
وفي الموجز يكره كتعنتهما "سمعها الحاكم" لأن الإحضار من أجل السماع فيقول الحاكم: من كانت عنده شهادة فليذكر ما عنده فإذا شهدا واتضح الحق لزمه ولم يجز ترديدها وفي الرعاية إن ظن الصلح آخره وفي الفصول أحببنا له أمرهما بالصلح أي إذا كان فيها لبس فإن أبيا أخرهما لأن الحكم بالجهل حرام فإن عجل قبل البيان لم يصح حكمه قال أبو عبيد إنما يسعه الصلح في الأمور المشكلة أما إذا استنارت الحجة فليس له ذلك وروي عن شريح أنه ما أصلح بين المتحاكمين إلا مرة واحدة وروي عن عمر أنه قال ردوا الخصوم حتى يصطلحا فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن.
"وحكم بها إذا سأله المدعي" بأن كانت الشهادة صحيحة وفي المغني والشرح يقول الحاكم للمدعى عليه قد شهدا عليك فإن كان لك قادح فبينه عندي قال في الفروع: يعني يستحب وذكره في المذهب والمستوعب فيما إذا ارتاب فيهما فدل أن له الحكم مع الريبة وإن لم يظهر ما يقدح فيها حكم عليه إذا سأله المدعي الحكم لأنه حق له فلا يستوفيه إلا ب مسألة: مستحقه "ولا خلاف في أنه يجوز له الحكم بالإقرار والبينة في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان " لأن التهمة الموجودة في الحكم بالعلم منتفية هنا.
فرع: لا يجوز الاعتراض عليه لتركه تسمية الشهود وذكره القاضي وابن عقيل: وذكر الشيخ تقي الدين أن له عليه تسمية الشهود ليتمكن من القدح باتفاق.
قال في الفروع: ويتوجه مثله حكمت بكذا ولم يذكر مستنده "فإن لم يسمعه معه أحد وسمعه معه شاهد واحد فله الحكم به نص عليه" في رواية حرب وهو المذهب لأن الحكم إذا لبس بمحض الحكم بالعلم ولا يضر رجوع المقر "وقال القاضي: لا يحكم به: هذا رواية ذكرها ابن هبيرة لأنه حكم

وليس له الحكم بعلمه مما رآه وسمعه نص عليه وهو اختيار الأصحاب وعنه: ما يدل على جواز ذلك سواء كان في حد أو غيره.
__________
بعلمه وذلك لا يجوز وعنه: لا يحكم بإقرار في مجلسه حتى يسمعه معه عدلان اختاره القاضي وجزم به في الروضة فإن طلب منه الإشهاد على إقراره عنده لزمه "وليس له الحكم بعلمه" في غير ذلك "فيما رآه أو سمعه نص عليه وهو اختيار الأصحاب" .
وفي الكافي والشرح: هو ظاهر المذهب وفي المحرر هو المشهور عنه وصححه ابن المنجا ونصره المؤلف لقوله عليه السلام : "إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع" متفق عليه فدل أنه يقضي بما سمع لا بما يعلم.
وفي حديث الحضرمي والكندي "شاهداك أو يمينه ليس لك منه إلا ذلك" رواه مسلم
وقال أبو بكر رضي الله عنه لو رأيت رجلا على حد من حدود الله تعالى ما أخذته ولا دعوت له أحدا حتى يكون معي غيري حكاه أحمد.
" وعنه: ما يدل على جوازه سواء كان في حد أو غيره" وقاله أبو يوسف والمزني لحديث هند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" ولأنه حق عليه فجاز الحكم به كالجرح والتعديل وكما لو قامت به البينة وعن أحمد يجوز ذلك إلا في الحدود وقال ابن أبي موسى: لا اختلاف عنه أنه لا يحكم بعلمه في الحدود وهل يحكم به في غيره على روايتين نقل حنبل إذا رآه على حد لم يكن له أن يقيمه إلا بشهادة من شهد معه لأن شهادته شهادة رجل ونقل أيضا أنهما يذهبان إلى حاكم آخر والأول: أظهر
وأجاب في الشرح عن حديث هند أنه فتيا لا حكم بدليل عدم حضور أبي سفيان ولو كان حكما لم يحكم عليه في غيبته ويفارق الحكم بالشهادة فإنه لا يفضي إلى تهمة بخلاف مسألتنا وأما الجرح والتعديل فإنه يحكم فيه بعلمه بغير خلاف لأنه لو لم يحكم بعلمه لتسلسل ولأنه لا يجوز له قبول شهادة من يعلم فسقه ولأن التهمة لا تلحقه في ذلك لأن صفات الشهود معنى ظاهر.

وإن قال المدعي: مالي بينة فالقول قول المنكر مع يمينه فيعلمه أن له اليمين على خصمه وإن سال إحلافه أحلفه وخلى سبيله وإن أحلفه أو حلف هو من غير سؤال المدعي لم يعتد بيمينه.
__________
وقال القاضي وجماعة: ليس هذا بحكم لأنه يعدل هو ويجرح غيره ويجرح هو ويعدل غيره ولو كان حكما لم يكن لغيره نقضه وعلى المنع هل علمه كشاهد فيه وجهان.
"وإن قال المدعي ما لي بينة فالقول قول المنكر مع يمينه" للخبر ولأن الأصل براءة ذمته "فيعلمه أن له اليمين على خصمه" لأنه موضع حاجة.
"وإن سأل إحلافه أحلفه" لأن اليمين طريق إلى تخليص حقه يلزم الحاكم إجابة المدعي كسماع البينة وتكون على صفة جوابه نص عليه وعنه: بصفة الدعوى وعنه: يكفي تحليفه لا حق لك علي فإذا أحلفه "خلى سبيله" لأنه لم يتوجه عليه حق وعلم منه أنه ليس له استحلافه قبل سؤاله لأن اليمين حق له كنفس الحق ويمين المنكر على الفور وله تحليفه مع علمه قدرته على حقه نص عليه نقل ابن هانئ إن علم أن عنده يؤدي إليه حقه أرجو أن لا يأثم وظاهر رواية أبي طالب: يكره.
مسألة: حلف يمينا واحدة عند حاكم لم يحلف ثانية عنده ولا عند من عرف حلفه وإذا لم يبطل حقه باليمين الأولى فله طلبه واحدة بكل طريق شرعي ويحلفه عند من جهل حلفه لبقاء الحق مع انقطاع الخصومة عنده ذكره في المستوعب والرعاية.
"وإن أحلفه أو حلف هو من غير سؤال المدعي لم يعتد بيمينه" لأنه أتى بها في غير وقتها فإذا سأله المدعي أعادها له لأن الأولى لم تكن يمينه وإن أمسك المدعي عن إحلاف خصمه ثم أراد إحلافه بالدعوى المقدمة جاز لأن حقه لا يسقط بالتأخير وإن أبرأه منها فله تجديد الدعوى وطلبها لأن حقه لم يسقط بالإبراء من اليمين وهذه الدعوى غير التي أبرأه من اليمين فيها.
فان حلف سقطت الدعوى ولم يكن للمدعي أن يحلف يمينا أخرى لا في

وإن نكل قضى عليه بالنكول نص عليه واختاره عامة شيوخنا فيقول له إن حلفت وإلا قضيت عليك ثلاثا فإن لم يحلف قضى عليه إذا سأل المدعي ذلك وعند أبي الخطاب ترد اليمين على المدعي وقال قد صوبه أحمد وقال ما هو ببعيد يحلف ويأخذ.
__________
هذا المجلس ولا في غيره لحديث الحضرمي وعنه: يبرأ بتحليف المدعي.
وعنه: ويحلفه له وإن لم يحلفه ذكرها الشيخ تقي الدين من رواية مهنا أن رجلا اتهم رجلا بشيء فحلف له ثم قال لا أحلف إلا أن يحلف لي عند السلطان أله ذلك قال لا قد ظلمه وتعنته.
ولا يصله باستثناء في المغني أو بما لا يفهم لأن الاستثناء يزيل حكم اليمين وفي الترغيب هي يمين كاذبة ولا يجوز التأويل والتورية فيها إلا لمظلوم "وإن نكل قضى عليه بالنكول نص عليه" في رواية الميموني والأثرم وحرب "واختاره عامة شيوخنا" وفي المستوعب هو اختيار أكثر أصحابنا لأن عثمان قضى على ابن عمر بنكوله عن اليمين رواه أحمد "فيقول له: إن حلفت وإلا قضيت عليك ثلاثا" ذكره في المستوعب والكافي لأن النكول ضعيف فوجب اعتضاده بالتكرار ثلاثا وصرح في المحرر والفصول بأنه يستحب أن يكون ثلاثا لأنه لو كان كاذبا لحلف المدعى عليه على نفي دعواه وقدم في الرعاية أن الحاكم يقول ذلك مرة وسواء كان مأذونا له أو مريضا أو غيرهما "فإن لم يحلف قضى عليه" بالنكول نص عليه وهو كإقامة بينة لا كإقرار ولا كبذل "إذا سأله المدعي عن ذلك" لأن ذلك حق للمدعي فلم يفعل إلا بسؤاله "وقال أبو الخطاب" واختاره جماعة "ترد اليمين على المدعي" لما روى ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رد اليمين على صاحب الحق" رواه الدار قطني وروي أيضا من رواية إبراهيم بن أبي يحيى عن علي قال المدعى عليه أولى باليمين وإن نكل حلف صاحب الحق وأخذه وهذا مذهب عمر وعثمان "وقال: قد صوبه أحمد" في رواية أبي طالب "وقال: ما هو ببعيد يحلف ويأخذ" لما ذكرنا وقياس قول أحمد يقتضيه وأنه حكم باليمين مع الشهادة ابتداء من غير رضى المنكر وكذا في القسامة فإذا رضي المنكر بيمينه كان

فيقال للناكل لك رد اليمين على المدعي فإن ردها حلف المدعي وحكم له وإن نكل أيضا صرفهما فإن عاد أحدهما فبذل اليمين لم يسمعها في ذلك المجلس حتى يحتكما في مجلس آخر.
__________
أولى فعلى ذلك لا يشترط إذن ناكل في الرد وشرطه أبو الخطاب وجزم به السامري ويمينه كإقرار مدعى عليه فلا تسمع بينته بعدها بأداء ولا إبراء وقيل: كبينة فتسمع وقيل: يحبس حتى يجيب إما بإقرار أو حلف ذكره في الترغيب عن أصحابنا "فيقال للناكل: لك رد اليمين على المدعي" لأنه موضع حاجة أشبه قوله لك يمينه "فإن ردها حلف المدعي وحكم له" لاستكمال الشروط المعتبرة "وإن نكل" من ردت عليه اليمين "صرفهما" وجملته أنه إذا نكل سئل عن سبب نكوله لأنه لا يجب بنكوله حق لغيره بخلاف المدعى عليه فإن قال امتنعت لأن لي بينة أقيمها أو حسابا أنظر فيه فهو على حق من اليمين ولا يضيق عليه في المدة لأنه لا يتأخر إلا حقه بخلاف المدعى عليه.
"فإن عاد أحدهما فبذل اليمين لم يسمعها في ذلك المجلس" لأنه أسقط حقه منها "حتى يحتكما في مجلس آخر" لأن الدعوى فيه تصير محاكمة ثانية فإذا استأنف الدعوى أعيد الحكم بينهما كالأول: وقال أبن حمدان: إن بذلها الناكل قبل عرضها على المدعي وبعده برضاه سمعت وإلا فلا وهذا الذي ذكره المؤلف شرطه عدم الحكم بالنكول وإن تعذر رد اليمين و قلنا: به لكون المدعي وليا ونحوه قضي بالنكول وقيل: يحلف الولي وقيل: إن باشر ما ادعاه وقيل: يحلف حاكم وقطع المؤلف يحلف إذا عقل ويكتب له محضرا بنكوله.
تنبيه: الذي يقضى فيه بالنكول ورد اليمين المال وما يقصد به المال وهل يقضى بالنكول في دعوى الوكالة بالمال على وجهين وقال السامري: اختلف أصحابنا في دعوى الكفالة هل يقضى فيها بالنكول فيه وجهان أوجههما الحكم به قاله ابن أبي موسى.

وإن قال المدعي: لي بينة بعد قوله مالي بينة لم تسمع ذكره الخرقي ويحتمل أن تسمع وإن قال: ما أعلم لي بينة ثم قال: قد علمت لي بينة سمعت وإن قال: شاهدان نحن نشهد لك فقال: هذان بينتي سمعت وإن قال: ما أريد أن تشهدا لي لم يكلف إقامة البينة وإن قال لي بينة
__________
"وإن قال المدعي لي بينة بعد قوله ما لي بينة لم تسمع ذكره الخرقي" نص عليه وجزم به في الكافي والمستوعب والوجيز لأن سماع البينة قد تحقق كذبه فيعود الأمر على خلاف المقصود وكذا قوله كذب شهودي وأولى ولا تبطل دعواه بذلك في الأصح "ويحتمل أن تسمع" هذا وجه واختاره ابن عقيل: وغيره قال في الفروع وهو متجه حلفه أو لم يحلفه لأنه يجوز أن ينسى أو يكون الشاهدان سمعا منه وصاحب الحق لا يعلمه فلا يثبت بذلك لأنه أكذب نفسه.
فرع: إذا قال كل بينة أقيمها فهي زور أو لا حق لي فيها ثم أقام بينة لم تسمع بحال "وإن قال: ما أعلم لي بينة ثم قال قد علمت لي بينة سمعت" لأنه لم يكذب بينته "وإن قال شاهدان فنحن نشهد لك فقال هذان بينتي سمعت" وهي أولى من التي قبلها لأنه لا تهمة فيها لكن لو شهدت بغير ما ادعاه فهو مكذب لها نص عليه وإن ادعى شيئا فأقر له بغيره لزمه إذا صدقه المقر له والدعوى بحالها نص عليه.
"فإن قال: ما أريد أن تشهدا لي لم يكلف إقامة البينة" لأنه أسقط حقه منها وله تحليفه في ذلك كله "وإن قال: لي بينة" وأريد ملازمة خصمي حتى أقيمها لم يكن له ذلك ذكره في الكافي.
وفي الشرح إذا قال: لي بينة غائبة ليس له مطالبته بكفيل ولا ملازمته حتى تحضر البينة نص عليه لأنه لم يثبت له قبله حق وذكر في موضع آخر أنه إن كانت بينته قريبة فله ملازمته حتى يحضرها لأن ذلك ضرورة أقامتها فإنه لو لم يتمكن من ملازمته لذهب من مجلس الحكم ولا يمكن من إقامتها إلا

وأريد يمينه فإن كانت غائبة فله إحلافه وإن كانت حاضرة فهل له ذلك على وجهين وإن حلف المنكر ثم أحضر المدعي بينة حكم بها ولم تكن اليمين مزيلة للحق.
__________
بحضرته وتفارق البينة البعيدة ومن لا يمكن حضورها فإن إلزامه الإقامة إلى حين حضورها يحتاج إلى حبس أو ما يقوم مقامه ولا سبيل إليه "وأريد يمينه فإن كانت غائبة فله إحلافه" ذكره في الكافي والشرح وقدمه في المحرر لأن ذلك تعين طريقا إلى استخلاص الحق.
وقيل: إن كانت غائبة عن البلد فله ذلك وقيل: يملك إقامتها فقط "وإن كانت حاضرة" في مجلس الحكم قال أبن حمدان: أو قريبا منه "فهل له ذلك؟ على وجهين": أحدهما: يملك إقامتها أو تحليفه من غير أن يسمع البينة بعده ذكره في المحرر وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية والفروع لأن فصل الخصومة يمكن بإحضار البينة فلا حاجة إلى اليمين و الثاني: أنه يجاب إليهما لأنه أقرب لفصل الخصومة وقيل: لا يملك إلا إقامتها فقط واستدل في الشرح للأول بقوله عليه السلام" شاهداك أو يمينه "ولأنه أمكن لفصل الخصومة بالبينة أشبه ما لو لم يطلب يمينه ولأن اليمين بدل فلا يجمع بينها وبين مبدلها كسائر الأبدال مع مبدلاتها فإن قال أحلفوه ولا أقيم بينة حلف لأن البينة حقه كما لو أسقط نفس الحق ثم في جواز إقامتها بعد الحلف وجهان.
فرع: إذا أقام شاهدا في المال فله أن يحلف معه بلا رضى خصمه وإن لم يحلف معه بل طلب يمين المنكر حلف له فإن حلف ثم قال المدعي أنا أحلف مع شاهدي لم يستحلف لأن اليمين فعله وهو قادر عليه فأمكنه أن يسقطها بخلاف البينة وإن عاد فبذل اليمين قبل أن يحلف المدعى عليه لم يكن له ذلك في هذا المجلس "وإن حلف المنكر ثم أحضر المدعي بينة حكم بها ولم تكن اليمين مزيلة للحق" وفاقا لقول عمر: البينة الصادقة أحب إلي من اليمين الفاجرة ولأن كل حالة يجب عليه الحق فيها بإقراره يجب عليه بالبينة كما قبل اليمين ولأن اليمين لو أزالت الحق لاجترأ الفسقة على أخذ أموال الناس وقال ابن أبي ليلى وداود: لا تسمع بينته ورد بما سبق.

وإن سكت المدعى عليه فلم يقر ولم ينكر قال له القاضي إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك وقيل: يحبسه حتى يجيب وإن قال لي مخرج مما ادعاه لم يكن مجيبا وإن قال لي حساب أريد أن أنظر فيه لم يلزم المدعي إنظاره وإن قال قد قضيته أو أبرأني ولي بينة بالقضاء أو الإبراء وسأل الإنظار أنظر ثلاثا وللمدعي ملازمته.
__________
"وإن سكت المدعى عليه فلم يقر ولم ينكر" أو قال لا أقر ولا أنكر أو قال أعلم قدر حقه قاله في عيون المسائل والمنتخب "قال له القاضي إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك" قدمه في المحرر والرعاية وذكر ابن المنجا أنه المذهب وجزم به في الوجيز لأنه ناكل عما توجب عليه فيه فيحكم عليه بالنكول عنه كاليمين والجامع بينهما أن كل واحد من القولين طريق إلى ظهور الحق ويسن تكراره من الحاكم ثلاثا ذكره في الكافي والمستوعب وفي المحرر والوجيز كاملين وقدم في الرعاية بقوله مرة "وقيل: يحبسه حتى يجيب" إن لم يكن للمدعي بينة قاله القاضي وقدمه السامري لأن اليمين حق عليه كما لو أقر بمال وامتنع من أدائه فإن كان للمدعي بينة قضي بها وجها واحدا.
"وإن قال لي مخرج مما ادعاه لم يكن مجيبا" لأن الجواب إقرار أو إنكار وهذا ليس واحدا منهما.
"وإن قال لي حساب أريد أن أنظر فيه لم يلزم الداعي إنظاره" اختاره أبو الخطاب والسامري وقدمه في الرعاية لما فيه من تأخير حقه ولأن حق الجواب ثبت له مالا فلم يلزمه إنظاره كما لو ثبت عليه الدين والأصح أنه يلزمه إنظاره ثلاثة أيام لأنه يحتاج إلى ذلك لمعرفة قدر دينه أو يعلم هل عليه شيء أم لا والثلاث مدة يسيرة ولا يمهل أكثر منها لأنه كثير "وإن قال قد قضيته أو أبرأني ولي بينة بالإبراء أو القضاء وسأل الإنظار أنظر ثلاثا" لأنها قريبة ولا تتكامل في أقل منها وقيل: لا يلزم إنظاره لقوله لي بينة بدفع دعواه وعلى الأول "وللمدعي ملازمته" لأن جنبته أقوى لأن حقه قد توجه عليه ودعوى الإسقاط الأصل عدمها وكيلا يهرب أو يغيب ولا يؤخر الحق عن المدة التي

فإن عجز حلف المدعي على نفي ما ادعاه واستحق فإن ادعى عليه عينا في يده فأقر بها لغيره جعل الخصم فيها وهل يحلف المدعى عليه على وجهين فإن كان المقر له حاضرا مكلف سئل فإن ادعاها لنفسه ولم تكن بينة حلف وأخذها.
__________
أنظر فيها "فإن عجز حلف المدعي على نفي ما ادعاه واستحق" لأنه يصير منكرا واليمين على المنكر فإن نكل عنها قضى عليه بنكوله وصرف وإن قلنا: برد اليمين فله تحليف خصمه فإن أبى حكم عليه هذا كله إن لم يكن أنكر سبب الحق أتى فأما إن أنكره ثم فادعى قضاء أو إبراء سابقا لإنكاره لم يسمع منه وإن أتى ببينة نص عليه وقيل: تسمع البينة ذكره في المحرر والرعاية وزاد بأن قال قتلت دابتي فلي عليك ثمنها ألف فقال لا تلزمني أو لا يستحقه علي شيئا منه فقد أجاب وإن اعترف بالقتل احتاج إلى مسقط ولو قال لي عليك مائة دينار قال بل ألف درهم فما أجاب ويلزمه الألف إن صدقه المدعي ودعوى الذهب باقية نص عليه "وإن ادعى عليه عينا في يده فأقر بها لغيره جعل الخصم فيها" وكان صاحب اليد لأن من في يده العين اعترف أن يده نائبة عن يده وإقرار الإنسان بما في يده إقرار صحيح.
"وهل يحلف المدعى عليه على وجهين" :أحدهما: يحلف أنه لا يعلم أنها للمدعي قدمه في الشرح وجزم به في الكافي والوجيز لأنه لو أقر له بها لزمه غرمها كما لو قال هذه العين لزيد ثم قال هي لعمر فإنها تدفع إلى زيد ويغرم قيمتها لعمرو من لزمه الغرم مع الإقرار لزمه اليمين مع الإنكار فعلى هذا إن نكل عنها مع طلبها أخذ منه بدلها ثم إن صدقه المقر له فهو كأحد مدعيين على ثالث أقر له الثالث: وسيأتي و الثاني: لا يحلف لأن الخصومة انقلبت إلى غيره فوجب أن تنتقل اليمين إلى ذلك الغير.
مسألة: قال أبن حمدان: من أقر بعين أو دين لزيد فكذبه صدق به عن ربه مضمونا له إذا علم بعد وإن بان أنه لزيد لم يسقط حقه بإنكاره جهلا ويغرمه المقر وفيه احتمال "فإن كان المقر له حاضرا مكلفا سئل" ليتبين الحال "فإن ادعى لنفسه ولم تكن بينة حلف وأخذها" لأنه كالمدعى عليه وقد أنكر

وإن أقر بها للمدعي سلمت إليه وإن قال ليست لي ولا أعلم لمن هي سلمت إلى المدعي في أحد الوجهين وفي الآخر لا تسلم إليه إلا ببينة ويجعلها الحاكم عند أمين وإن أقر بها لغائب أو صبي أو مجنون سقطت عنه الدعوى ثم إن كان للمدعي بينة سلمت إليه وهل يحلف على وجهين وإن لم تكن له بينة،
__________
فيحلف ويأخذ العين لأنه ظهر كونها له بإقرار من العين في يده واندفعت خصومة المدعي فوجب الأخذ عملا بالمقتضي "وإن أقر بها للمدعي سلمت إليه" لأن اليد صارت للمقر له أشبه ما لو ادعى شخص فأقر بها له.
"وإن قال ليست لي" أو قال ذلك المدعي عليه ابتداء "ولا أعلم لمن هي سلمت إلى المدعي في أحد الوجهين" قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز وذكر في الشرح أنه أولى فتسلم إليه بلا بينة لأنه لا منازع له فيها أشبه التي بيده ولأن صاحب اليد لو ادعاها ثم نكل قضي عليه بها للمدعي فمع عدم ادعائه أولى فإن كانا اثنين اقترعا عليها "وفي الآخر لا تسلم إليه إلا ببينة" تشهد بذلك لأنه لم يثبت أنه مستحقها "ويجعلها الحاكم عند أمين" كمال ضائع ويتخرج أن يحلف المدعي أنها له وتسلم إليه بناء على القول برد اليمين إذا نكل المدعى عليه وقيل: يقر بيد المدعى عليه وهو المذهب قاله في المحرر "وإن أقر بها لغائب أو صبي أو مجنون سقطت عنه الدعوى" لأن الدعوى صارت على غيره ويصير الغائب والولي خصمين إن صدقا وحلف المدعى عليه للمدعي قاله في الرعاية "ثم إن كان للمدعي بينة سلمت إليه" لأن جانبه قد ترجح بها "وهل يحلف" معها "على وجهين" هما روايتان:
إحداهما: لا يحلف جزم بها في الوجيز وهي أشهر لأن البينة وحدها كافية للخبر و الثانية: بلى لأن الغائب والصغير والمجنون لا يقوم منهم واحد بالحجة فاحتيج إلى اليمين لتأكيد البينة وقيل: إن جعل قضاء على غائب أخذها وحلف وإلا فلا وفي الرعاية إنه إذا حضر الغائب وأقام بينة أنها له تعارضتا وأقرت بيد المدعي إن قدمنا بينة الخارج وإلا فهي للغائب "وإن لم يكن له بينة" لم يقض له بها ويوقف الأمر حتى يقدم الغائب ويصير غير المكلف

حلف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه وأقرت في يده إلا أن يقيم بينة أنها لمن سمى فلا يحلف وإن أقر بها لمجهول قيل: له إما أن تعرفه أو نجعلك ناكلا.
فصل
ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم بها المدعى،
__________
مكلفا فتكون الخصومة له "حلف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه" لأنه لو أقر لزمه الدفع ومن لزمه الدفع مع الإقرار لزمته اليمين مع الإنكار "وأقرت في يده" لأن المدعي اندفعت دعواه باليمين وفي الشرح إذا قال المدعي أحلفوا المدعى عليه أحلفناه وتقر العين في يده ولو نكل عن اليمين غرم بدلها.
وقال أبن حمدان: بل تكون عند أمين الحاكم حتى يأخذها المقر له.
فإن كان المدعي اثنين غرم عوضين لهما وفي الشرح متى عاد المقر بها لغيره ادعاها لنفسه لم تسمع لأنه أقر بأنه لا يملكها فلا يسمع منه الرجوع بعد إقراره "إلا أن يقيم بينة أنها لمن سمى فلا يحلف" أي إذا أقام المدعى علية بينة أنها لمن سماه سمعها الحاكم لزوال التهمة عن الحاضر وسقوط اليمين عنه ولم يقض بها لأن البينة للغائب والغائب لم يدعها هو ولا وكيله ويتخرج أن يقضي بها إذا قلنا: بتقديم بينة الداخل وأن للمودع المحاكمة في الوديعة إذا غصبت واقتصر في الرعاية على حكاية هذا التخريج فقط.
فرع: إذا ادعى من هي بيده أنها معه بإجارة أو عارية وأقام بينة بالملك للغائب لم يقض بها ويتخرج بلى على ما قلناه وذكر في الرعاية أنه إن ثبت ذلك و قلنا: لهما المحاكمة ثبت الملك "وإن أقر بها لمجهول قيل: له إما أن تعرفه وإما أن نجعلك ناكلا" ونقضي عليك لأنه لا يمكن الدعوى على مجهول فيضيع الحق بإقراره هذا فإن ادعاها لنفسه لم تسمع في الأشهر.
فصل
"ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعي" لأن الحاكم يسأل

إلا في الوصية والإقرار فإنها تجوز بالمجهول فإن كان المدعى عينا حاضرة عينها وإن كانت غائبة ذكر صفاتها إن كانت تنضبط بها والأولى
__________
المدعى عليه عما ادعاه المدعي فإن اعترف به ألزمه ولا يمكنه أن يلزمه مجهولا "إلا في الوصية" وعليها اقتصر السامري "والإقرار" والخلع وعبد مطلق في مهر حيث صححناه "فإنها تجوز بالمجهول" لأنه لو أوصى أو أقر بشيء مجهول لصح فكذا هذا وشرطها أيضا أن تكون متعلقة بالحال فلا بد في الدعوى بالدين أن يكون حالا وقيل: تسمع بدين مؤجل لإثباته إذا خاف سفر الشهود وقال في الترغيب الصحيح أنها تسمع فيثبت أصل الحق للزومه في المستقبل كدعوى تدبير وأنه يحتمل في قتل أبي أحد هؤلاء الخمسة أنه يسمع للحاجة لوقوعه كثيرا ويحلف كل منهم وكذا دعوى غصب وسرقة لا إقرار وبيع إذا قال نسيت لأنه مقصر وإن يصرح بها فلا يكفي قوله عن دعوى في ورقة ادعى بما فيها وأن تنفك عما يكذبها فلو ادعى عليه أنه قتل أباه منفردا ثم ادعى على آخر المشاركة فيه لم تسمع الثانية: ولو أقر الثاني: إلا أن يقول غلطت أو كذبت في الأول: فالأظهر تقبل قاله في الترغيب لإمكانه والحق لا يعدوهما "فإن كان المدعى عينا حاضرة" في المجلس "عينها" لأنه ينتفي اللبس وكذا إن كانت حاضرة لكن لم تحضر بمجلس الحكم اعتبر إحضارها للتعيين ويجب إحضارها على المدعى عليه إن أقر بيده مثلها ولو ثبت أنها بيده ببينة أو نكول حبس أبدا حتى يحضرها أو يدعي تلفها فيصدق للضرورة وتكفي القيمة.
تنبيه: إذا ادعى دينا على أبيه ذكر موته وحرر الدين والتركة ذكر القاضي وفي المغنى أو أنه وصل إليه من تركة أبيه ما يفي بدينه وإن ادعى مالا مطلقا لم يجب ذكر سببه وقدره وجنسه ذكره في الرعاية فإن ادعى عينا أو دينا لم يعتبر ذكر سببه وجها واحدا لكثرة سببه ويكفيه أن يقول استحق هذه العين التي في يدك أو ذمتك "وإن كانت غائبة ذكر صفاتها إن كانت تنضبط بها" لأنها تتميز بذلك وكذا إن كانت في الذمة "والأولى" مع

ذكر قيمتها. وإن كانت تالفة من ذوات الأمثال ذكر قدرها وجنسها وصفتها وإن ذكر قيمتها كان أولى وإن لم تنضبط بالصفات فلا بد من ذكر قيمتها وإن ادعى نكاحا فلا بد من ذكر المرأة بعينها إن حضرت وإلا ذكر اسمها ونسبها وذكر شروط النكاح وأنه تزوجها بولي مرشد وشاهدي عدل ورضاها في الصحيح من المذهب وإن ادعى بيعا أو عقدا سواه فهل يشترط ذكر شروطه يحتمل وجهين.
__________
ذلك "ذكر قيمتها" لأنه أضبط "وإن كانت تالفة من ذوات الأمثال ذكر قدرها وجنسها وصفتها" ما يكفي في السلم لأن المثل واجب لا يتحقق المثل بدونها وإن ذكر قيمتها كان أولى لأنه أضبط وأحضر "وإن لم تنضبط بالصفات فلا بد من ذكر قيمتها" لأنها لا تعلم إلا بذلك "وإن ادعى نكاحا فلا بد من ذكر المرأة بعينها إن حضرت" لأن اللبس ينتفي بذلك "وإلا" ذكر "اسمها ونسبها" لأنها لا تتميز إلا بذلك "وذكر شروط النكاح" المعتبرة في الحضور والغيبة صححه في المستوعب والمحرر والرعاية ونصرة في الشرح لأن الناس اختلفوا في شروطه فلم يكن بد من ذكرها حتى يعلم الحال على ما هي عليه ليعرف كيف يحكم "وإن تزوجها بولي مرشد وشاهدي عدل ورضاها في الصحيح من المذهب" وعنه: لا يشترط ذلك لأنه نوع ملك كما لو ادعى بيعا أو عقدا غيره والأول: أصح والفرق أن الفروج يحتاط لها بخلاف غيرها ولأنه مبني على الاحتياط وتتعلق العقوبة بجنسه فاشترط شروطه كالقتل فإن ادعى استدامة الزوجية ولم يدع عقدا لم يحتج إلى ذكر شروطه في الأصح لأنه ثبت بالاستفاضة التي لا يعلم معها اجتماع الشروط وفي آخر بلى كدعوى العقد وفي الترغيب يعتبر في النكاح وصفه بالصحة وأنه لا يعتبر انتفاء المفسد وأنها ليست معتدة ولا مرتدة.
"وإن ادعى بيعا أو عقدا سواه فهل يشترط ذكر شروطه يحتمل وجهين" أصحهما: يعتبر ذكر شروطه كالنكاح و الثاني: لا يشترط قدمه في الكافي وذكر في الشرح أنه أولى وأصح وقد سبق ذكر الفرق بينهما.

وإن ادعت المرأة نكاحا على رجل وادعت معه نفقة أو مهرا سمعت دعواها وإن لم تدع سوى النكاح فهل تسمع دعواها على وجهين.
__________
وقيل: يشترط في ملك الإماء خاصة وعلى الأول: لو ادعى بيعا لازما أو هبة مقبوضة كفى في الأشهر وفي اعتبار وصف البيع بأنه صحيح وجهان.
وقيل: ويذكر القيمة والوصف دون ذكر القيمة فلو ادعى بيعا أو هبة لم تسمع إلا أن يقول ويلزمك التسليم إلي لاحتمال كونه قبل التسليم وما لزم ذكره في الدعوى ولم يذكره سأله الحاكم عنه لتصير الدعوى معلومة فيمكن الحاكم الحكم بها.
فرع: إذا ادعى عقارا غائبا بعيدا كفى شهرته عندهما وعند حاكم عن تحديده لحديث الحضرمي والكندي وإن كان قريبا عينه إن أمكن.
"وإن ادعت المرأة نكاحا على رجل وادعت معه نفقة أو مهرا سمعت دعواها" بغير خلاف نعلمه لأن حاصل دعواها دعوى الحق من المهر ونحوه "وإن لم تدع سوى النكاح فهل تسمع دعواها على وجهين:" كذا في المحرر والفروع.
أحدهما: تسمع وهو قول القاضي لأن النكاح يتضمن حقوقا لها أشبه ما لو ادعت مع النكاح مهرا.
و الثاني: لا تسمع جزم به في الوجيز وهو أشهر لأنه حق عليها فدعواها له إقرار لا يسمع مع إنكار المقر له ولا يشترط ذكر انتفاء مفسداته فإن قلنا: بالأول: قبل قول الزوج بغير يمين إذا لم تكن بينة لأنه إذا لم تستحلف المرأة والحق عليها فلأن لا يستحلف من الحق له وهو ينكره أولى ويحتمل أن تستحلف لأن دعواها إنما سمعت لتضمنها دعوى حقوق مالية فشرع فيها اليمين وإن قامت البينة بالنكاح ثبت لها ما تضمنه النكاح من حقوقها وأما إباحتها له فتنبني على باطن الأمر فإن علم أنها زوجته حلت له لأن إنكاره النكاح ليس بطلاق إلا أن ينويه وإن علم أنها ليست امرأته لم تحل له هل يمكن

وإن ادعى قتل موروثه ذكر القاتل وأنه انفرد به أو شارك غيره وأنه قتله عمدا أو خطا أو شبه عمد ويصفه وإن ادعى الإرث ذكر سببه وإن ادعى شيئا محلى قومه بغير جنس حليته فإن كان محلى بذهب وفضة قومه بما شاء منهما للحاجة.
__________
منها في الظاهر؟ فيه وجهان.
فرع: إذا ادعى رق جارية رجل فصدقه لم يستحقها بإقراره "وإن ادعى قتل موروثه ذكر القاتل وأنه انفرد به أو شارك غيره وأنه قتله عمدا أو خطأ أو شبه عمد ويصفه" لأن الحال يختلف باختلاف ذلك فلم يكن بد من ذكره لترتب حكم الحاكم عليه.
ولو قال قده نصفين وكان حيا أو ضربه وهو حي صح ولو لم يذكر الحياة فوجهان.
وإن قال: ضربه بسيف فأوضح رأسه فهل يشترط أن يقول فأوضح عظمه قال أبن حمدان: يحتمل وجهين "وإن ادعى الإرث ذكر سببه" لاختلافه قال في الرعاية وقدره ولا يكفي قوله مات فلان وأنا وارثه "وإن ادعى شيئا محلا قومه بغير جنسه" لئلا يؤدي إلى الربا "فلو كان محلى بذهب وفضة قومه بما شاء منهما للحاجة" إذ الثمنية منحصرة فيهما فإن ادعى نقدا من نقد البلد كفى ذكر قدره قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وقيل: لا بد من ذكر وصفه.
فرع: إذا ادعى أن زيدا أقر له بألف لم تسمع حتى يقول ادعي عليه حالا أطلبه بما فيها منه ولا يكفي قوله لي عليك أو لي في ذمتك كذا حتى يقول وهو حال وأنا أطلبك به وفي الوديعة يقول وأنا أطلب أن تمكنني من أخذها ولا يقول أطلب تسليمها فإنه لا يلزم تسليمها إليه بل التمكين منها ولا يجب ذكر قيمتها العارية والغصب ويقول وهما في يده يلزمه تسليمها إلي وفي السلم يذكر شروطه وكذا في دعوى الغصب والسرقة والإتلاف في وجه فإذا ادعى أنها له في الحال فشهدت أنها له أمس أو في يده لم تسمع في

فصل
وتعتبر في البينة العدالة ظاهرا وباطنا في اختيار أبي بكر والقاضي.
__________
الأشهر وإن قال خصمه كانت بيدك أمس لم يلزم خصمه شيء.
مسأله: تصح دعوى الحسبة من كل مسلم مكلف رشيد في حق الله تعالى وفي حق كل آدمي غير معين كرباط وجسر وإن لم يطلبه مستحقه وتصح الشهادة به قبل الدعوى وبعدها من ربه وغيره.
ادعى شجرة أو دابة لم يستحق النتاج والثمرة قبل ذلك ولا الثمرة الظاهرة عند إقامة البينة ويستحق الموجود إذن وقيل: لا إلا أن يثبت ملكه للأصل قبل ذلك ومن اشترى شيئا فأخذ منه بحجة مطلقا رد بائعه ثمنه الذي قبضه وقيل: إن كان ملكا سابقا على المشتري
ومن ادعى ملكا مطلقا فذكر شهود الملك وسببه صح ولم يضره ذكره ولو ذكر المدعي سببا غيره ردت شهادتهم.
شهد له عدلان بحق مالي لا عند حاكم فله أخذه في الأقيس وإن شهدا له بقود لا عند حاكم فلا يأخذه وقيل: بلى كما لو شهدت عند حاكم.
فرع: أعطى دلالا ثوبا يساوي عشرة ليبيعه بعشرين فجحده فقال ادعي ثوبا إن كان باعه فلي عشرون وإن كان باقيا فلي عينه وإن كان تالفا فلي عشرة فقد اصطلح القضاة على قبول هذه الدعوى المردودة للحاجة ذكره في الترغيب.
وإن غصب ثوبا فإن كان باقيا فلي رده وإلا قيمته صح وقيل: بل يدعيه فإن حلف المنكر ادعى قيمته وإن قامت بينة على مجهول بيد المنكر سمعت في الأشهر.
فصل
"وتعتبر في البينة العدالة ظاهرا وباطنا في اختيار أبي بكر والقاضي" قدمه في الرعاية والكافي وذكر أنه ظاهر المذهب ونصره في الشرح وذكر

وعنه: تقبل شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة اختاره الخرقي وإن جهل إسلامه رجع إلى قوله والعمل على الأول.
__________
في المحرر أنه اختيار الخرقي لقوله تعالى :{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ} الآية[الحجرات:6] ولقوله عليه السلام: "لا تقبل شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه ولا محدود في الإسلام" وسواء طعن الخصم فيه أو لا لأن العدالة شرط فيجب العمل بها كالإسلام فعلى هذا يكتب اسمه ونسبه وكنيته وحليته وصنعته وسوقه ومسكنه ومن شهد له وعليه وما شهد به في رقاع ويدفعها إلى أصحاب مسائله الذين يعرفونه حال من جهل عدالته من غير شحناء ولا عصبية ويجتهد أن لا يعرفهم المشهود ولا المشهود عليه ولا المسئولون ويدفع إلى كل واحد رقعة ولا يعلم بعضهم ببعض ليسألوا عنه فإن رجعوا بتعديله قبله من اثنين منهم قدمه في الشرح ورجحه في الرعاية ويشهدان بلفظ الشهادة.
وقيل: لا يقبل إلا شهادة المسئولين لأنهم شهود أصل فإن قالا نشهد أنه عدل ولم يبينا سببه فوجهان " وعنه: تقبل شهادة كل مسلم لم يظهر منه ريبة" وهي قول الحسن "اختارها الخرقي" وأبو بكر وصاحب الروضة لقبول النبي صلى الله عليه وسلم شهادة الأعرابي برؤية الهلال ولقول عمر المسلمون عدول ولأن العدالة أمر خفي سببها الخوف من الله تعالى ودليل ذلك الإسلام فإذا وجد فليكتف به ما لم يقم دليل على خلافة فعلى هذه إن جهل إسلامه رجع إلى أقواله لأنه إن لم يكن مسلما صار مسلما بالاعتراف ولا يكفي ظاهر الدار ذكره الأصحاب وفي جهل حريته المعتبرة وجهان أحدهما: لا بد من معرفة ذلك جزم به في الشرح.
وفي عيون المسائل إن منعوا عدالة العبد فيمنع بقوله عليه السلام يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله وهم من حمال العلم والحديث والفتوى فهم عدول بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "والعمل على الأول".
وقولهم: إن ظاهر المسلم العدالة ممنوع بل الظاهر عكس ذلك وقول عمر معارض بما روي عنه أنه أتي بشاهدين فقال لهما لست أعرفكما ولا

وإذا علم الحاكم عدالتهما عمل بعلمه وحكم بشهادتهما إلا أن يرتاب بهما فيفرقهما ويسأل كل واحد كيف تحملت ومتى وفي أي موضع وهل كنت وحدك أو أنت وصاحبك فإن اختلفا لم يقبلهما وإن اتفقا وعظهما وخوفهما فإن ثبتا حكم بهما إذا سأله المدعي فإن جرحهما المشهود عليه كلف البينة بالجرح فإن سأل الإنظار أنظر ثلاثا،
__________
يضركما إن لم أعرفكما ولأن الأعرابي قد صار صحابيا وهم عدول كلهم.
"وإذا علم الحاكم عدالتهما عمل بعلمه" في عدالة البينة لأنه لو لم يكتف بذلك لتسلسل لأن المزكي يحتاج إلى عدالتهما فإذا لم يعمل بعلمه احتاج كل واحد من المزكين ثم كل واحد ممن يزكيهما إلى مزكين إلى مالا نهاية له وعكسه بعكسه "وحكم بشهادتهما" لأن شروط الحكم قد وجدت "إلا أن يرتاب بهما" فإنه يلزم سؤالهما والبحث عن صفة تحملهما وغيره "فيفرقهما" استحبابا صرح به في المحرر والكافي والوجيز وعبارة السامري وابن حمدان كالتي قبلها "ويسأل كل واحد: كيف تحملت الشهادة؟ ومتى؟ وفي أي موضع؟ وهل كنت وحدك أو أنت وصاحبك؟" لما روي عن علي أن سبعة خرجوا ففقد واحد منهم فأتت زوجته عليا فدعي الستة فسأل واحدا منهم فأنكر فقال: الله أكبر فظن الباقون أنه قد اعترف فاستدعاهم فاعترفوا فقال للأول قد شهدوا عليك فاعترف فقتلهم "فإن اختلفا لم يقبلهما" ذكره الأصحاب لأنه ظهر له ما يمنع قبولها وقال في المستوعب: يوقف عن قبولها قدمه في الرعاية وفي الشرح سقطت شهادتهما "وإن اتفقا وعظهما وخوفهما" لأن ذلك سبب لتوقفهما بتقدير كونهما شاهدي زور "فإن ثبتا" على قولهما "حكم بها إذا سأله المدعي" لأن الشرط ثبات الشاهدين على شهادتهما إلى حين الحكم وطلب المدعي الحكم وقد وجد ذلك كله ويستحب أن يقول للمنكر قد قبلتهما فإن جرحتهما وإلا حكمت عليك ذكره السامري "وإن جرحهما المشهود عليه كلف البينة بالجرح" ليتحقق صدقه أو كذبه "وإن سأل الإنظار أنظر ثلاثا" ذكره في الكافي والمستوعب والوجيز وصححه في الرعاية لأن تكليفه إقامتها في أقل من ذلك يشق

وللمدعي ملازمته فإن لم يقم بينة حكم عليه ولا يسمع الجرح إلا مفسرا بما يقدح في العدالة إما أن يراه أو يستفيض عنه وعنه: أنه يكفي أن يشهد أنه فاسق وليس بعدل.
__________
ويعسر فإن أقام المدعي عليه بينة أنهما شهدا عند قاض بذلك فردت شهادتهما لفسقهما بطلت شهادتهما لأن الشهادة إذا ردت لفسق لم تقبل مرة ثانية.
فرع: لا يجوز للحاكم أن يرتب شهودا لا يقبل غيرهم لكن له أن يرتب شهودا يشهدهم الناس فيستغنون بإشهادهم عن تعديلهم ويكتفى عن الكشف عن أحوالهم قال أحمد: ينبغي للقاضي أن يسأل عن شهوده كل قليل وهل هو مستحب أو واجب فيه وجهان "وللمدعي ملازمته" لأن حقه قد توجه والمدعى عليه يدعي ما يسقطه والأصل عدمه "فإن لم يقم بينة حكم عليه" لأن الحق قد وضح على وجه لا إشكال فيه و"لا يسمع الجرح إلا مفسرا بما يقدح في العدالة إما أن يراه أو يستفيض عنه" قدمه في المستوعب والمحرر والرعاية وذكر في الكافي أنه المذهب ونصره في الشرح وجزم به في الوجيز لأن الناس يختلفون في أسباب الجرح كاختلافهم في شارب يسير النبيذ فوجب أن لا يقبل مجرد الجرح لئلا يجرحه بما لا يراه القاضي جرحا وفي الاستفاضة وجه كتزكية.
"وعنه: أنه يكفي أن يشهد أنه فاسق وليس بعدل" كالتعديل في الأصح لأن التصريح بالسبب يجعل الجارح فاسقا فوجب عليه الحد في بعض الحالات وجوابه: بأنه يمكنه التعريض وقيل: إن اتحد مذهب الجارح والحاكم أو عرف الجارح أسباب الجرح قبل إجماله وإلا فلا وفي المحرر المبين أن يذكر ما يقدح في العدالة والمطلق أن يقول هو فاسق وقال القاضي هو المبين والمطلق أن يقول الله أعلم به ونحوه ولا يكفي قوله بلغني عنك كذا لقوله تعالى :{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:86]
فرع: إذا صرح الجارح بقذفه بالزنا فعليه الحد إن لم يأت بتمام أربعة شهداء ولا يقبل فيه ولا في التعديل شهادة النساء وعنه: بلى كالرواية وأخبار

وإن شهد عنده فاسق يعرف حاله قال للمدعي زدني شهودا وإن جهل حاله طالب المدعي بتزكيته ويكفي في التزكية شاهدان يشهدان أنه عدل مرضي ولا يحتاج أن يقول علي ولي.
__________
الديانات وجوابه: بأنها شهادة فيما ليس بمال ولا يقصد به المال ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال أشبه الشهادة في القصاص ولا يقبل الجرح من الخصم بغير خلاف.
مسألة: لا تقبل شهادة المتوسمين وذلك إذا حضر شاهدان مسافران فشهدا عند حاكم لا يعرفهما كشاهدي الحضر "وإن شهد عنده فاسق يعرف حاله قال للمدعي زدني شهودا" الآن ذلك يحصل المقصود مع الستر على الشاهد "وإن جهل حاله" لزمه البحث لقول عمر رضي الله عنه للشاهدين: جيئا بمن يعرفكما ولأن العدالة شرط فالشك في وجوده "وطالب المدعي بتزكيته" ا كعدمها كشروط الصلاة "ويكفي في التزكية شاهدان يشهدان أنه عدل مرضي فيه قول أكثر العلماء" لقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2] فإذا شهدا أنه عدل ثبت ذلك بشهادتهما فيدخل في عموم الآية وفي الترغيب إذا قلنا: ليست شهادة ولا يعتبر لفظ الشهادة والعدد في الجميع وهي حق الشرع يطلبها الحاكم وإن سكت عنها الخصم وقيل: بل حقه "ولا يحتاج أن يقول لي وعلي" لأنه إذا كان عدلا لزم أن يكون له وعليه وعلى سائر الناس وفي كل شيء فلا يحتاج إلى ذكره خلافا للشافعي لئلا يكون بينهما عداوة أو قرابة ولئلا يكون عدلا في شيء دون آخر وفي الشرح لا يصح أن يكون ذلك فإن من ثبتت عدالته لم تزل بقرابة ولا عداوة وإنما ترد للتهمة مع كونه عدلا ثم إن هذا إذا كان معلوما انتفاؤه بينهما لم يحتج إلى ذكره ولا نفيه عن نفسه كما لو شهد بالحق من عرف الحاكم عدالته ولأن العدو لا يمنع من شهادته له بالتزكية وإنما تمنع الشهادة عليه ولا يكفي فيها أن يقول ما أعلم إلا خيرا.
تنبيه: يشترط في قبول المزكين معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة

وإن عدله اثنان وجرحه اثنان فالجرح أولى وإن سأل المدعي حبس المشهود عليه حتى يزكي شهوده فهل يحبس على وجهين.
__________
ومعاملة ونحوهما وفي الترغيب ومعرفة الجرح والتعديل لقول عمر لأن عادة الناس إظهار الطاعات وإسرار المعاصي وفي الرعاية وغيرها ولا يتهم بمعصية وتعديل الخصم وحده تعديل في حق الشاهد وكذا تصديقه له ولا تصح التزكية في واقعة واحدة في الأشهر فيهن قال أحمد: لا يعجبني أن يعدل لأن الناس يتغيرون وقال قيل: لشريح قد أحدثت في قضائك قال إنهم أحدثوا فأحدثنا وذكر جماعة لا يلزم المزكي الحضور للتزكية وفيه وجه وإن جهل الحاكم أنه من أهل الخبرة الباطنة منعه.
قال في الشرح يحتمل أن يريد الأصحاب بما ذكروه أن الحاكم إذا علم أن المعدل لا خبرة له لم تقبل شهادته بالتعديل كما فعل عمر ويحتمل أنهم أرادوا لا يجوز للمعدل الشهادة بالعدالة إلا إن تكون خبرة باطنة فأما الحاكم إذا شهد عنده العدل بالتعديل ولم يعرف حقيقة الحال فله أن يقبل الشهادة من غير كشف وإن استكشف الحال كما فعل عمر فحسن.
"وإن عدله اثنان وجرحه اثنان فالجرح أولى" في قول أكثر العلماء لأن الجارح يخبر بأمر باطن خفي على المعدل وشاهد العدالة يخبر عن أمر ظاهر ولأن الجارح مثبت والمعدل ناف وكذا إن زاد عدد المعدل على ذلك فإن عدله اثنان وجرحه واحد وقبلنا جرحه قدم التعديل ذكره في المحرر والمستوعب والرعاية وعلله في الكافي بأن بينة الجرح لم تكمل وإن جرحه اثنان قدما إذا بينا سبب جرحه فإن أخير أحدهما بتعديله والآخر بجرحه بعث آخرين فإن أخبرا بجرحه ردت شهادته وإن لم يبعث أحدا قدم الجرح.
فرع: إذا عصى في بلده فانتقل عنه فجرحه اثنان في بلده وزكاه اثنان في البلد الذي انتقل إليه قدم التزكية ويكفي فيها الظن بخلاف الجرح "وإن سأل المدعي حبس المشهود عليه حتى يزكي شهوده فهل يحبس على وجهين:" أشهرهما: أنه يحبس وجزم به في الوجيز وزاد لمدة ثلاثة أيام لأن الظاهر

وإن أقام شاهدا وسأله حبسه حتى يقيم الآخر حبسه إن كان في المال وإن كان في غيره فعلى وجهين وإن حاكم إليه من لا يعرف لسانه ولا يقبل في الترجمة والجرح والتعديل والتعريف والرسالة إلا قول عدلين.
__________
العدالة ويحبس حتى يفعل ذلك و الثاني: لا يجيبه إلى ذلك لأن الأصل براءة الذمة وقيل: يحبس في المال ونحوه فقط وكذا الخلاف لو سأل كفيلا به في غير حد أو جعل عين مدعاه في يد عدل قبل التزكية "وإن أقام شاهدا وسأل حبسه حتى يقيم الآخر حبسه إن كان في المال" جزم به أكثر الأصحاب لأن الشاهد حجة فيه مع يمين المدعي واليمين إنما تتعين عند تعذر شاهد آخر ولم يحصل التعذر وقيل: لا يحبس "وإن كان في غيره فعلى وجهين:"
أحدهما: لا يحبسه لأنه لا يكون حجة في إثباته أشبه ما لو لم تقم بينة و الثاني: بلى كالتي قبلها والأول: أولى لأنه إن حبس ليقيم شاهدا آخر يتم بها البينة فهو كالحق الذي لا يثبت إلا بشاهدين وإن حبس ليحلف معه فلا حاجة إليه لأن الحلف ممكن في الحال فإن ثبت حقه وإلا لم يجب شيء وفي الرعاية أنه يحبس في المال وغيره ثلاثة أيام فإن أقام شاهدا آخر وإلا حلف غريمه وأطلق وقيل: إن طلب يمين المنكر فأبى ولم تثبت عدالة الشاهد حبس وإلا فلا وقيل: إن توقف الحكم على شاهد آخر لم يحبس غريمه حتى يقيمه وإلا فاحتمالان.
فرع: إذا أقام العبد شاهدين بأن سيده أعتقه وسأل الحاكم أن يحول بينه وبين سيده فوجهان وإن أقامت المرأة شاهدين بطلاقها ولم تعرف عدالة الشهود حيل بينه وبينها لا إن أقامت شاهدا واحد "وإن حاكم إليه من لا يعرف لسانه ترجم له من يعرف لسانه" لأنه لا يعرف ما يترتب الحكم عليه إلا بذلك و "لا يقبل في الترجمة والجرح والتعديل والتعريف" المراد به تعريف الحاكم لا تعريف الشاهد المشهود عليه قال أحمد: لا يجوز أن يقول الرجل للرجل أنا أشهد أن هذه فلانة ويشهد على شهادتي والفرق أن الحاجة تدعو إلى ذلك في الحاكم لأنه يحكم بغلبة الظن "والرسالة" والتزكية "إلا قول عدلين" قدمه في المحرر والمستوعب وجزم به في الوجيز وهو المذهب لأن ذلك إثبات شيء يبني الحاكم حكمه عليه فافتقر إلى ذلك كسائر الحقوق فعلى هذا لا بد

وعنه: يقبل قول واحد ومن ثبتت عدالته مرة فهل يحتاج إلى تجديد البحث عن عدالته مرة أخرى على وجهين.
__________
من عدلين ذكرين أجنبيين يشهدا بذلك شفاها وهذا في غير المال والزنى أما المال فيشهد رجلان أو رجل وامرأتان وفي الزنى الأصح أنه لا بد من أربعة وذلك شهادة فيعتبر فيه ما يعتبر فيها "وعنه: يقبل قول واحد في الكل" اختاره أبو بكر لحديث زيد ين ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره فتعلم كتاب اليهود حتى كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم كتبه وأقرأته كتبهم رواه البخاري.
وقال عمر بن الخطاب وعنده عثمان وعلي وعبد الرحمن: ما تقول هذه فقال عبد الرحمن هذه حاطب تخبرك بالذي صنع معها وقال أبو جمرة كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس وكالرواية وأخبار الديانات.
فعلى هذا يكفي إخبار عدل بدون لفظ الشهادة ولو كان امرأة أو والدا وولدا أو أعمى لمن خبره بعد عماه لا قبله وعنه: بشرط حريته ذكرها ابن هبيرة وجوابه: بأنه يقبل خبر العبد كأخبار الديانات ويكتفى بالرقعة مع الرسول.
وعلى الأول تجب المشافهة وتعتبر شروط الشهادة فيمن رتبه حاكم يسأل سرا عن الشهود لتزكية أو جرح ومن نصبه للحكم بجرح وتعديل وسماع بينة قنع الحاكم بقوله وحده إذا قامت البينة عنده.
"ومن ثبتت عدالته مرة فهل يحتاج إلى تجديد البحث عن عدالته مرة أخرى؟ على وجهين"
أحدهما: لا يحتاج قدمه في المحرر كالزمن القريب ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان فلا يزول حتى يثبت الجرح.
و الثاني: بلى قال في المحرر وهو المنصوص عنه وصححه في الفروع وجزم به في الوجيز مع طول المدة لأن مع طول الزمان تتغير الأحوال.

فصل
وإن ادعى على غائب أو مستتر في البلد أو ميت أو صبي أو مجنون وله بينة سمعه الحاكم وحكم بها وهل يحلف المدعي أنه لم يبرأ إليه منه ولا من شيء منه على روايتين.
__________
فصل
"وإن ادعى على غائب" مسافة قصر "أو مستتر في البلد" أو في دون مسافة قصر "أو ميت أو صبي أو مجنون" وعبارة الفروع أو غير مكلف وهي أحسن "وله بينة سمعها الحاكم وحكم بها" قدمه في الكافي والمحرر والمستوعب والفروع وجزم به في الوجيز ونصره في الشرح واختاره الخلال وصاحبه لحكمه عليه السلام على أبي سفيان في حديث هند ولم يكن حاضرا ولأن عدم سماعها يفضي إلى تأخير الحق مع إمكان استيفائه والسماع من أجل الحكم وليس تقدم الإنكار هنا شرطا ولو فرض إقراره فهو تقوية لثبوته قال في الترغيب وغيره لا تفتقر البينة إلى جحود إذ الغيبة كالسكوت والبينة تسمع على ساكت لكن لو قال هو معترف وأنا أقيم البينة استظهارا لم تسمع وقاله الآدمي وقد علم أن المستتر والميت كالغائب بل أولى لأن المستتر لا عذر له بخلاف الغائب وأما الصبي والمجنون فإنهما لا يعبران عن أنفسهما وظاهره أنه إذا لم تكن له بينة لم تسمع دعواه.
فائدة: ولا يقضى على غائب بحق لله لأن مبناه على المساهلة فإن تعلق به حق آدمي كالسرقة قضى بالغرم دون القطع وفي حد القاذف وجهان "وهل يحلف المدعي أنه لم يبرأ منه ولا من شيء منه؟ على روايتين" إحداهما: لا يستحلف على بقاء حقه اختاره الأكثر وذكره في الشرح ظاهر المذهب لقوله عليه السلام البينة على المدعي واليمين على من أنكر وكما لو كانت على حاضر.

ثم إذا قدم الغائب أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون فهو على حجته وإن كان الخصم في البلد غائبا عن المجلس لم تسمع البينة حتى يحضر فإن امتنع عن الحضور سمعت البينة وحكم بها في إحدى الروايتين والأخرى لا تسمع حتى يحضر.
__________
و الثانية: بلى قدمها في المحرر وجزم بها في الوجيز وصححها في الرعاية وقالها أكثر العلماء لأنه يجب الاحتياط ولأنه يحتمل أن يكون قضاه أو غير ذلك وكما لو كان حاضرا فادعى بعض ذلك وطلب اليمين ولا يتعرض في يمينه لصدق البينة لكمالها بخلاف ما أذا قام شاهدا فإنه يحلف معه ولا يلين مع بينة إلا هنا لأن فيه طعنا على البينة وعنه: بلى فعله علي وعنه: مع ريبة وليس ببعيد وعنه: لا يحكم على غائب ونحوه اختاره ابن أبي موسى وكان شريح لا يرى القضاء على الغائب وذكر ابن هبيرة عن أحمد أنه لا يحكم على غائب بحال إلا أن يتعلق الحكم للحاضر مثل أن يكون وكيل الغائب أو وصي أو جماعة شركاء في شيء فيدعي على أحدهم وهو حاضر فيحكم عليه وعلى الغائب "ثم إذا قدم الغائب وبلغ الصبي أو أفاق المجنون فهو على حجته" لأن المانع إذا زال صار كالحاضر المكلف فإن قدم الغائب قبل الحكم لم تجب إعادة البينة لكن يخبره الحاكم بالحال ويمكنه من الجرح فإن جرح البينة بعد أداء الشهادة أو مطلقا لم يقبل لجواز كونه بعد الحكم فلا يقدح فيه وإلا قبل.
"وإن كان الخصم في البلد غائبا عن المجلس" أو غائبا عنها دون مسافة القصر غير ممتنع "لم تسمع الدعوى" ولا البينة حتى يحضر لأن حضوره ممكن فلم يجز الحكم عليه مع حضوره كحاضر مجلس الحكم بحلاف الغائب "فإن امتنع من الحضور سمعت البينة وحكم بها في إحدى الروايتين" قدمها في الفروع وهي أشهر لأنه إذا سمعت على غائب وحكم بها فلأن تسمع على الحاضر الممتنع بطريق الأولى لأن الحاضر الممتنع لا عذر له.
"والأخرى لا تسمع حتى يحضر" لقوله عليه السلام: "لا يقضي للأول حتى يسمع كلام الثاني" فعلى هذا لو لم يقدر عليه وأصر عليه الاستتار حكم

فإن أبى بعث إلى صاحب الشرطة ليحضره فإن تكرر منه الاستتار أقعد على بابه من يضيق عليه في دخوله وخروجه حتى يحضر وإن ادعى أن أباه مات عنه وعن أخ له غائب وله مال في يد فلان أو دين عليه فأقر عليه أو ثبتت بينة سلم إلى المدعي نصيبه وأخذ الحاكم نصيب الغائب فيحفظه له.
__________
عليه نص عليه فإن وجد له مالا وفاه منه وإلا قال للمدعي إن عرفت له مالا وثبت عندي وفيتك منه ونقل أبو طالب يسمعان ولكن لا يحكم عليه حتى يحضر قال في المحرر وهو الأصح.
"فإن أبى بعث إلى صاحب الشرطة ليحضره" فعلى هذا ينفذ من يقول في منزله ثلاثة أيام القاضي يطلبه إلى مجلس الحكم فأخبروه ويحرم أن يدخل عليه بيته لكن صرح في التبصرة إن صح عند الحاكم أنه في منزله أمر بالهجوم عليه وإخراجه ونصه يحكم بعد ثلاثة أيام جزم به في الترغيب وغيره.
وظاهر نقل الأثرم يحكم عليه إذا خرج قال لأنه قد صار في حرمه كمن لجأ إلى الحرم.
"فإن تكرر منه الاستتار أقعد على بابه من يضيق عليه في دخوله وخروجه يراه حتى يحضر" إذ الحاكم يضيق عليه بما يراه حتى يحضر والحكم للغائب ممتنع قال في الترغيب لامتناع سماع البينة له والكتابة له إلى قاض آخر ليحكم له بكتابه بخلاف الحكم عليه ويصح تبعا ونبه عليه بقوله: "فإن ادعى أن أباه مات عنه وعن أخ له غائب".
أو غير رشيد "وله مال في يد فلان أو دين عليه فأقر المدعى عليه أو ثبت ببينة سلم إلى المدعي نصيبه وأخذ الحاكم نصيب الغائب فيحفظه له" قدمه في المحرر والرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأن حقه ثبت وذلك يوجب تسليم نصيبه إليه وكذا حكمه بوقف يدخل فيه من لم يخلق تبعا وإثبات أحد الوكيلين والوكالة في غيبة الآخر فتثبت له تبعا وسؤال أحد الغرماء الحجر كالكل وقد سبق.
قال الشيخ تقي الدين: والقضية الواحدة المشتملة على عدد أو أعيان كولد

ويحتمل أنه إذا كان المال دينا أن يترك نصيب الغائب في ذمة الغريم حتى يقدم.
__________
الأبوين في المشركة أن الحكم فيها لواحد أو عليه يعمه وغيره وحكمه لطبقة حكم للثانية إن كان الشرط واحدا ثم من أبدى ما يجوز أن يمنع الأول: من الحكم عليه فللثاني الدفع به.
"ويحتمل أنه إذا كان المال دينا أن يترك نصيب الغائب" وغير الرشيد "في ذمة الغريم حتى يقدم" ويرشد الآخر لأنه لا يؤمن عليه التلف إذا قبضه فإن تعذر أخذ الباقي شارك الآخر فيما أخذه فإذا حضر الغائب ورشد الآخر لم تعد الدعوى إلا من جهة غير الإرث وإن أقام الحاضر الرشيد شاهدا وحلف معه في الإرث أخذ حقه فإذا حضر الغائب ورشد الآخر حلفا بدون إعادة البينة إلا في غير الإرث ذكره في الرعاية والأول: أولى لأنه تعرض للتلف لفلس وموت وعزل الحاكم وتعذر البينة وكالمنقول وكما لو آجره صغيرا أو مجنونا ثم إذا دفعنا إلى الحاضر نصف العين أو الدين لم يطالبه بضمين لأن فيه طعنا على الشهود
قال الأصحاب: سواء كان الشاهدان من أهل الخبرة الباطنة أو لا ويحتمل أن لا تقبل شهادتهما في نفي وارث آخر حتى يكونا من أهل الخبرة الباطنة والمعرفة والمتقادمة فعلى هذا يسأل الحاكم ويأمر مناديا ينادي أن فلانا مات فإن كان له وارث فليأت فإذا غلب على ظنه أنه لو كان له وارث لظهر دفع الحاكم إليه نصيبه.
فرع: إذا كان مع الابن ذو فرض فعلى المذهب يعطى فرضه كاملا.
وعلى الآخر: يعطى اليقين وإن كانت له زوجة أعطيت ربع الثمن عائلا فيكون ربع التسع لجواز أن يكونه له أربع زوجات وإن كانت له جدة وثبت موت أمه أعطيتها ثلث السدس وتعطاه عائلا فيكون ثلث العشر ولا يعطى العصبة شيئا.
مسأله: إذا اختلفا في دار في يد أحدهما فأقام المدعي بينة أن الدار كانت له أمس ملكه أو منذ شهر سمعت البينة وقضي بها في الأشهر لأنه ثبت الملك في

وإن ادعى إنسان أن الحاكم حكم بحق فصدقه قبل قول الحاكم وحده وإن لم يذكر الحاكم ذلك فشهد عدلان أنه حكم له به قبل شهادتهما وأمضى القضاء وكذلك إن شهدا فلانا وفلانا شهدا عندك بكذا قبل شهادتهما وإن لم يشهد به أحد لكن وجده في قمطره في صحيفة تحت ختمه بخطه فهل ينفذه على روايتين.
__________
الماضي فإذا ثبت استديم حتى يعلم زواله ولا تسمع في وجه صححه القاضي لكن إن انضم إلى شهادته بيان سبب يد الثاني: سمعت وقضي بها فإن أقر المدعى عليه أنها كانت للمدعي أمس سمع إقراره في الصحيح وحكم به ويفارق البينة من وجهين أحدهما أنه أقوى من البينة الثاني: أن البينة لا تسمع إلا على ما ادعاه والدعوى يجب أن تكون متعلقة بالحال والإقرار يسمع ابتداء.
"وإذا ادعى إنسان أن الحاكم حكم له بحق فصدقه قبل قول الحاكم وحده" كما لو أقر خصمه في مجلس الحكم فسأل المدعي الحاكم عن إقراره فقال نعم وليس هذا حكما بعلم إنما هو إمضاء الحكم السابق وقال أبن حمدان: إن منعنا الحكم بعلمه فلا "وإن لم يذكر ذلك فشهد عدلان أنه حكم له به قبل شهادتهما وأمضى القضاء" لقدرته على إمضائه وهذا قول ابن أبي ليلى ومحمد بن الحسن وذكر ابن عقيل: لا يقبلهما وهو مروي عن الحنفية والشافعية لأنه يمكنه الرجوع إلى العلم والاحتياط فلا يرجع إلى الظن كالشاهد إذا نسي شهادته فشهد عنده شاهدان أنه شهد لم يكن له أن يشهد وجوابه: أنهما لو شهدا عنده بحكم غيره قبل فكذا إذا شهدا عنده بحكمه وما ذكروه لا يستقم لأن ذكر ما نسيه ليس إليه والحاكم يمضي ما حكم به إذا ثبت عنده والشاهد لا يقدر على إمضاء شهادته.
ومحل ما ذكره المؤلف ما لم يتيقن صواب نفسه فإن تيقنه لم يقبلهما لقصة ذي اليدين "وكذلك إن شهدا أن فلانا وفلانا شهدا عندك بكذا قبل شهادتهما" كما تقبل شهادتهما على الحق نفسه "وإن لم يشهد به أحد لكن وجده في قمطره تحت ختمه بخطه" وتيقنه ذكره الأصحاب ولم يذكره "فهل ينفذه.؟ على روايتين" أحداهما لا يعمل به إلا أن يذكره نص عليه في الشهادة.

وكذلك الشاهد إذا رأى خطه في كتاب بشهادة ولم يذكرها فهل له أن يشهد بها؟ على روايتين.
__________
وذكر القاضي وأصحابه المذهب وفي الترغيب هو الأشهر وقدمه في الرعاية والفروع لأنه حكم حاكم لم يعلمه فلم يجز إنفاذه إلا ببينة كحكم غيره ولأنه يجوز أن يزور عليه وعلى خطه وختمه وكخط أبيه بحكم أو شهادة لم يشهد ولم يحكم بها إجماعا.
و الثانية: يحكم به اختاره في الترغيب وقدمه في المحرر وجزم به الآدمي وصاحب الوجيز
قال المؤلف وهذا الذي رأيته عن أحمد في الشاهد لأنه إذا كان في قمطره تحت ختمه لم يحتمل إلا أن يكون صحيحا إلا احتمالا بعيدا كاحتمال كذب الشاهدين.
و الثالثة: ينفذه مطلقا سواء كان في حرزه وحفظه كقمطره أو لا فإن قلت: لو وجد في دفتر أبيه حقا على إنسان جاز أن يدعيه ويحلف عليه قلنا: هذا يخالف الحكم والشهادة بدليل الإجماع على أنه لو وجد خط أبيه بشهادة لم يجز أن يحكم بها ولا يشهد بها ولو وجد حكم أبيه مكتوبا بخطه لم يجز له إنفاذه ولأنه يمكنه الرجوع فيما حكم به إلى نفسه لأنه فعله فروعي ذلك وأما ما كتبه أبوه فلا يمكنه الرجوع فيه إلى نفسه فيكفي فيه الظن "وكذلك الشاهد إذا رأى خطه" جزما "في كتاب بشهادة ولم يذكرها فهل له أن يشهد بها؟ على روايتين" أي فيها الخلاف السابق وعلل في الشرح الجواز بأن الظاهر أنها خطه وفي الرعاية لو ضاع أو انمحى لم يضره ولو شهد بخلافة صح.
فرع: إذا أخبر حاكم آخر بحكم أو ثبوت عمل به مع غيبة المخبر وفي الرعاية عن المجلس ويقبل خبره في غير عملهما أو في عمل أحدهما وعند القاضي لا يقبل إلا أن يخبر في عمله حاكما في غير عمله فيعمل به إذا بلغ عمله وجاز حكمه بعلمه وجزم به في الترغيب ثم قال وإن كانا في ولاية المخبر فوجهان وفيه إذا قال سمعت البينة فاحكم لا فائدة: فيه مع حياة البينة بل عند العجز عنها.

فصل
ومن كان له على إنسان حق ولم يمكنه أخذه بالحاكم وقدر له على مال لم يجز له أن يأخذ قدر حقه نص عليه واختاره عامة شيوخنا وذهب بعضهم من المحدثين إلى جواز ذلك فإن قدر على جنس حقه أخذ قدر حقه وإلا قومه وأخذ بقدر حقه متحريا للعدل في ذلك لحديث هند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف وكقوله عليه السلام: "الرهن مركوب ومحلوب".
__________
فصل
"من كان له على إنسان حق ولم يمكنه أخذه بالحاكم وقدر على مال له لم يجز" أي يحرم "أن يأخذ قدر حقه نص عليه واختاره عامة شيوخنا" وهو المشهور في المذهب ونصره في الشرح وغيره ورواه ابن القاسم عن مالك لقوله عليه السلام: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" وقوله: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه" ولأن التعيين والمعارضة بغير رضى المالك إلا إذا تعذر على ضيف أخذ حقه بحاكم فله ذلك. فعلى ما ذكره لو أخذ شيئا لزمه رده أو مثله أو قيمته فإن كان من جنس دينه تساقطا في قياس المذهب وإن كان من غير جنسه غرمه وتقدم لو غصبه مالا أو كان عنده عين ماله أخذه قهرا زاد في الترغيب ما لم يفض إلى فتنة .قال ولو كان لكل منهما دين على الآخر من غير جنسه فجحد أحدهما فليس للآخر أن يجحد وجها واحدا لأنه كبيع دين بدين لا يجوز ولو رضيا "وذهب بعضهم من المحدثين إلى جواز ذلك" هذا رواية فعلى هذا يجب أن يتحريا الأخذ بالعدل "فإن قدر على جنس حقه أخذ بقدره" من غير زيادة على ذلك "وإلا" أي وإن لم يقدر على جنس حقه "قومه وأخذ بقدره" لأن الزائد على ذلك لا مقابل له "متحريا للعدل في ذلك لحديث هند: "خذي ما يكفيك ولدك بالمعروف" ولقوله عليه السلام: "الرهن مركوب ومحلوب" والأول أولى لأن حديث هند قد أشار أحمد إلى الفرق وهو أن حق الزوجية واجب في كل

وحكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته في الباطن وذكر ابن أبي موسى عنه رواية أنه يزيل العقود والفسوخ.
__________
وقت والمحاكمة في كل لحظة تشق بخلاف من له دين وفرق أبو بكر وهو أن قيام الزوجية كقيام البينة لأن المرأة لها من البسط في ماله بحكم العادة ما يؤثر في أخذ الحق وبذل اليد فيه بخلاف الأجنبي وعلى الجواز ليس له الأخذ من غير جنسه مع قدرته على جنس حقه وإن لم يجد إلا من غير جنس حقه فيحتمل أنه لا يجوز له تملكه لأنه لا يجوز أن يبيعه من نفسه وهذا يبيعه من نفسه ويلحقه فيه تهمة ويحتمل أن يجوز كما قالوا في الرهن يركب بقدر النفقة.
فأما إن كان مقرا به باذلا له أو كان مانعا له لأمر يبيح المنع كالتأجيل والإعسار أو قدر على استخلاصه بالحاكم لم يجز له الأخذ بغير خلاف.
فرع: نص أحمد في رواية ابنيه وحرب على أن لابن الابن أن يأخذ من مال أبيه بغير إذنه إذا احتاج إليه ذكره الخلال في جامعه ويتخرج جوازه بناء على تنفيذ الوصي الوصية ما في يده إذا كتم الورثة تعيين التركة "وحكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته في الباطن" وهذا قول جمهور العلماء لقوله عليه السلام في حديث أم سلمة : "فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" متفق عليه، ولأنه حكم بشهادة زور فلا يحل له ما كان محرما عليه كالمال المطلق "وذكر ابن أبي موسى رواية أنه يزيل العقود والفسوخ" لما روي عن علي أن رجلا ادعى على امرأة نكاحا فرفعا إلى علي فشهد شاهدان بذلك فقضى بينهما بالزوجية فقالت والله ما تزوجني اعقد بيننا عقدا حتى أحل له فقال شاهداك زوجاك.
فعلى هذا يحل لمدعي النكاح وطء المرأة المشهود عليها والتصرف في العين المبيعة ولمن علم كذب شهود الطلاق أن يتزوج بالمرأة والأول: أصح وحديث علي بتقدير صحته لا حجة فيه لأنه أضاف التزويج إلى الشاهدين لا إلى حكمه لكن اللعان ينفسخ به النكاح وإن كان احدهما كاذبا فالبينة أولى وجوابه بأن


__________
اللعان حصلت به الفرقة لا بصدق الزوج ولهذا لو قامت به البينة لم ينفسخ النكاح لكن أجاب حنبلي بأن اللعان وضعه الشرع لستر الزانية وصيانة النسب فتعقب الفسخ الذي لا يمكن الانفكاك إلا به وما وضعه الشرع للفسخ به زوال الملك وليس من مسألتنا إلا جهل الحاكم بباطن الأمر وعلمهما وعلم الشهود أكثر من النص في الدلالة لأن النص معلوم وهذا محسوس.
وقدم في المحرر كالمقنع ثم استثنى إلا في أمر مختلف فيه قبل الحكم فإنه على روايتين قطع في الواضح وغيره أنه يحيل الشيء عن صفته في مختلف فيه قبل الحكم.
فلو حكم حنفي لحنبلي شفعة جوار زال باطنا في الأعرف ولو حكم لمجتهد أو عليه بما يخالف اجتهاده عمل باطنا بالحكم ذكره القاضي وقيل: باجتهاده وإن باع حنبلي متروك التسمية فحكم بصحته شافعي نفذ عند أصحابنا إلا أبي الخطاب وعلى المذهب من حكم له بزوجية امرأة ببينة زور حلت له حكما ثم إن وطأ مع العلم فكزنى ويصح نكاحها غيره خلافا للمؤلف وإن حكم بطلاقها ثلاثا بشهود زور فهي زوجته باطنا نص عليه ويكره أن يجتمع بها ظاهرا ولا يصح نكاحها غيره ممن يعلم الحال نص عليه فإن وطئها فهل يحد فيه وجهان وقال القاضي يصح النكاح وجوابه: أنه يفضي إلى الجمع بين الوطء للمرأة من اثنين أحدهما يطأها بحكم الظاهر والآخر بحكم الباطن وهذا فساد وكالمتزوج بلا ولي.
مسائل:
الأولى: إذا رد حاكم شهادة واحد برمضان لم يؤثر كملك مطلق وأولى لأنه لا مدخل لحكمه في عبادة ووقت وإنما هو فتوى فلا يقال حكم بكذبه أو بأنه لم يره وفي المعني أن رده ليس بحكم هنا لتوقفه في العدالة ولهذا لو ثبتت حكم.
قال الشيخ تقي الدين: أمور الدين والعبادات المشتركة بين المسلمين لا يحكمـــــــ
فيها إلا الله ورسوله إجماعا فدل على أن إثبات سبب الحكم كرؤية الهلال والزوال ليس بحكم فمن لم يره سببا لم يلزمه شيء وعلى ما ذكره المؤلف أنه حكم.
الثانية: إذا رفع إليه حكم في مختلف فيه لا يلزمه نقضه لينفذه لزمه تنفيذه في الأصح وقيل: مع عدم نص يعارضه وكذا إن كان نفس الحكم مختلفا فيه كحكمه بعلمه ونكوله وشاهد ويمين. وفي المحرر لا يلزمه إلا أن يحكم به حاكم آخر قبله.
الثالثة: إذا رفع إليه خصمان عقدا فاسدا عنده فقط وأقر بأنه نافذ الحكم حكم بصحته فله إلزامهما ذلك ورده والحكم بمذهبه. وقال الشيخ تقي الدين إنه كالبينة ثم ذكر أنه قياس المذهب كبينته إن عينا الحاكم.
الرابعة: من قلد في صحة نكاح لم يفارق بتغير اجتهاده كحكم بخلاف مجتهد نكح ثم رأى بطلانه في الأصح. وقيل: ما لم يحكم به حاكم ولا يلزم إعلام المقلد بتغيره في الأصح وإن بان خطؤه في إتلاف بمخالفة قاطع ضمن لا مستفتيه وفي تضمين مفت ليس أهلا وجهان.

باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي
__________
باب حكم كتاب القاضي أبي القاضي
وهو ثابت بالإجماع وسنده قوله تعالى : {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} النمل وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر والنجاشي وملوك الأطراف وكان يكتب إلى عماله وسعاته والحاجة داعية إلى قبوله فإن من له حق في بلده لا يمكنه إتيانه ولا مطالبته إلا بكتاب القاضي وذلك يقتضي وجوب قبوله.

يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في المال وما يقصد به المال كالقرض والغضب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له والجناية الموجبة للمال ولا يقبل في حد لله تعالى وهل يقبل فيما عدا ذلك كالقصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكل والوصية إليه على روايتين.
فأما حد القذف فإن قلنا: هو لله تعالى فلا يقبل فيه وإن قلنا: للآدمي فهو كالقصاص،
__________
"يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في المال وما يقصد به المال كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له والجناية الموجبة للمال" بغير خلاف نعلمه لأن هذا في معنى الشهادة على الشهادة "ولا يقبل في حد لله تعالى" جزم به في المستوعب والمحرر والشرح لأنه مبني على الستر والدرء بالشبهات والإسقاط بالرجوع وفيه رواية في الرعاية قاله مالك وأبو ثور.
"وهل يقبل فيما عدا ذلك كالقصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل والوصية إليه على روايتين:" إحداهما: يقبل قدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز لأنه لا يدرأ بالشبهات.
و الثانية: لا كقول أكثر العلماء وهو قول أبي بكر وابن حامد لأنه لا يثبت إلا بشاهدين كحق الله تعالى وعنه: يقبل إلا في الدماء والحدود.
وفي الشرح أن المذهب لا يقبل في القصاص كالحد وقيل: يقبل فيما تقبل فيه شهادة الفرع: وما لا فلا ذكره في الكافي لأن الكتاب لا يثبت إلا بتحمل الشهادة من جهة القاضي فكان حكمه حكم الشهادة على الشهادة.
"فأما حد القذف فإن قلنا: هو لله تعالى فلا يقبل فيه" كحقوق الله تعالى "وإن قلنا هو لآدمي فهو كالقصاص" جزم في الوجيز بثبوته فيه.

ويجوز كتاب القاضي فيما حكم به لينفذه في المسافة القريبة ومسافة القصر ويجوز فيما ثبت عنده ليحكم به في المسافة البعيدة دون القريبة،
__________
تنبيه: اعلم أن الأصحاب ذكروا أن كتاب القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة لأنه شهادة على شهادة وذكروا فيما إذا تغيرت حاله أنه أصل ومن شهد عليه فرع فلا يسوغ نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنكاره الحكم كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم فدل ذلك أنه فرع لمن شهد عنده وأصل لمن شهد عليه.
"ويجوز كتابه فيما حكم به" مثل أن يحكم على إنسان بحق فيتعين عليه وفاؤه أو يدعي حقا على غائب ويقيم بينة عنده ويسأل الحاكم الحكم عليه فيحكم عليه ويسأله أن يكتب له كتابا بحكمه إلى قاضي البلد الذي فيه الغائب فيكتب له إليه أو تقوم البينة على حاضر فيهرب قبل الحكم عليه فيسأل صاحب الحق الحاكم الحكم عليه وأن يكتب له كتابا بحكمه فيلزم الحاكم إجابته لأن الحاجة داعية إلى ذلك "لينفذه في المسافة القريبة ومسافة القصر" لا نعلم فيه خلافا لأن المكتوب إليه يلزمه قبوله وظاهره ولو كانا ببلد واحد وحكم الحاكم يجب إمضاؤه على كل حاكم واختار الشيخ تقي الدين وفي حق الله تعالى.
"ويجوز فيما ثبت عنده ليحكم به في المسافة البعيدة دون القريبة" هذا هو المذهب لأنه نقل شهادة فاعتبر فيه ما يعتبر في الشهادة على الشهادة وكتابة بالحكم ليس هو نقلا وإنما هو خبر وعنه: فوق يوم قال الشيخ تقي الدين خرجته في المذهب وأقل كخبر وقاله أبو يوسف ومحمد وروي عن أبي حنيفة لكن قال بعض أصحابه الذي يقتضيه مذهبه أنه لا يجوز كما لا يجوز ذلك في الشهادة على الشهادة قال القاضي ويكون في كتابة شهد عندي فلان وفلان بكذا ليكون المكتوب إليه هو الذي يقضي ولا يكتب ثبت عندي لأنه حكم بشهادتهما كبقية الأحكام قاله ابن عقيل: وغيره.
قال الشيخ تقي الدين: والأول أشهر أنه خبر بالثبوت كشهود الفرع لأن

ويجوز أن يكتب إلى قاض معين وإلى من يصل إليه كتابي هذا من قضاه المسلمين وحكامهم ولا يقبل الكتاب إلا أن يشهد به شاهدان يحضرهما القاضي الكاتب فيقرأه عليهما،
__________
الحكم أمر ونهي يتضمن إلزاما.
فرع: لو أثبت مالكي وقفا لا يراه كوقف الإنسان على نفسه بالشهادة على الخط فإن حكم للخلاف في العمل بالخط كما هو المعتاد فلحنبلي يرى صحة الحكم أن ينفذه في مسافة قريبة وإن لم يحكم المالكي بل قال ثبت كذا فكذلك لأن الثبوت عند المالكي حكم ثم إن رأى الحنبلي الثبوت حكما نفذه وإلا فالخلاف في قرب المسافة ولزوم الحنبلي تنفيذه ينبني على لزوم تنفيذ الحكم المختلف فيه وحكم المالكي مع علمه باختلاف العلماء في الخط لا يمنع كونه مختلفا فيه ولهذا لا ينفذه الحنفي حتى ينفذه آخر وللحنبلي الحكم بصحة الوقف مع بعد المسافة ومع قربها الخلاف ذكره في الفروع.
"ويجوز أن يكتب إلى قاض معين" ككتابه عليه السلام إلى كسرى وقيصر "وإلى من يصل إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم" وهو قول أبي ثور واستحسنه أبو يوسف كما لو كان معينا "ولا يقبل الكتاب إلا أن يشهد به شاهدان" عدلان عند المكتوب إليه ويعتبر ضبطهما لمعناه وما يتعلق به الحكم فقط نص عليه وقيل: عند الكاتب.
ويتوجه لنا أنه إذا كان يعرف خطه وختمه اكتفى به وهو قول الحسن وسوار والعنبري لأنه يحصل غلبة الظن أشبه شهادة الشاهدين.
وجوابه: أن ما أمكن إتيانه بالشهادة لم يجز الاقتصار على الظاهر كإثبات العقود ولأن الخط يشبه الخط والختم يمكن التزوير عليه ولأنه نقل حكم أو إثبات فلم يكن فيه بد من شهادة عدلين كالشهادة على الشهادة "يحضرهما القاضي الكاتب" لأن تحمل الشهادة بغير معرفة المشهود به غير جائز "فيقرؤه عليهما" وهذا ليس بواجب في القبول بل قراءته هي الواجبة سواء كانت من حاكم أو غيره والأولى أن يقرأه الحاكم لأنه أبلغ والأحوط أن ينظرا معه،

ثم يقول: أشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان بن فلان ويدفعه إليهما فإذا وصلا إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب وقالا: نشهد أن هذا كتاب فلان إليك من عمله وأشهدنا عليه والاحتياط أن يشهدا عليه بما فيه وبختمه ولا يشترط ختمه ولا يكفي ذكر اسمه في العنوان دون باطنه؛
__________
فيما يقرؤه فإن لم ينظر جاز لأنه لا يستقر إلا ثقة "ثم يقول: أشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان بن فلان" لأنه يحملهما الشهادة فوجب أن يعتبر فيه إشهاده كالشهادة على الشهادة وإن قال: اشهدا علي بما فيه كان أولى فإن اقتصر على قوله هذا كتابي إلى فلان فظاهر الخرقي أنه لا يجزئ حتى يقول اشهدا علي كالشهادة على الشهادة وقال القاضي: يجزئ ثم إن قل ما في الكتاب اعتمدا على حفظه وإلا كتب كل منهما نسخة به ويقبضان الكتاب قبل أن يغيبا لئلا يدفع إليهما غيره "فإذا وصلا إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب" ثم يقرؤه عليهما ثم شهدا به "وقالا: نشهد أن هذا كتاب فلان إليك كتبه من عمله وأشهدنا عليه. لأن الكتاب لا يقبل إلا من قاض وذلك يستدعي وجود الكتابة والإشهاد عليه في موضع قضائه وفي كلام أبي الخطاب كتبه بحضرتنا وقال: لنا اشهدا علي كتبته في عملي فثبت عندي وحكمت به من كذا وكذا فيشهدان بذلك لأن الكتاب لا يقبل إلا إذا وصل في مجلس عمله "والاحتياط أن يشهدا بما فيه وبختمه" لأنه أبلغ "ولا يشترط ختمه" لأنه عليه السلام كتب إلى قيصر ولم يختمه فقيل: له إنه لا يقرأ كتابا غير مختوم فاتخذ الخاتم وحاصله أنه يقبل سواء كان مختوما أو غير مختوم ومفتولا أو غير مفتول لأن الاعتماد على شهادتهما لا على الخط والختم فإن انمحى الخط وكانا يحفظان ما فيه جاز لهما أن يشهدا بذلك.
فائدة: لا يشترط أن يذكر القاضي الكاتب اسمه في العنوان ولا ذكر المكتوب إليه في باطنه وقال أبو حنيفة: إذا لم يذكر اسمه لا يقبل لأن الكتاب إليه.
"ولا يكفي ذكر اسمه في العنوان دون باطنه؛

لأن ذلك لم يقع على وجه المخاطبة وإن كتب كتابا وأدرجه وختمه وقال هذا كتابي إلى فلان اشهدا علي بما فيه لم يصح لأن أحمد قال فيمن كتب وصية وختمها ثم أشهد على ما فيها فلا حتى يعلمه ما فيها ويتخرج الجواز لقوله إذا وجدت وصية الرجل مكتوبة عند رأسه من غير أن يكون أشهد أو أعلم بها أحدا عند موته وعرف خطه وكان مشهورا فإنه ينفذ ما فيها وعلى هذا إذا عرف المكتوب إليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله والعمل على الأول،
__________
لأن ذلك لم يقع على وجه المخاطبة وإن كتب كتابا وأدرجه وختمه وقال هذا كتابي إلى فلان اشهدا علي بما فيه لم يصح" قدمه في المحرر والمستوعب والفروع وجزم به في الوجيز وهو قول أكثر العلماء لأنهما شهدا بمجهول لا يعلمانه فلم يصح كما لو شهدا أن لفلان على فلان مالا "لأن أحمد قال فيمن كتب وصية وختمها ثم أشهد على ما فيها فلا حتى يعلمه بما فيها" هذا تنبيه على جهة الأصل المستفاد منه الحكم المذكور.
"ويتخرج الجواز" هذا رواية كما لو شهدا ما في هذا الكيس من الدراهم جازت شهادته وإن لم يعلما قدرها "لقوله: إذا وجدت وصية الرجل مكتوبة عند رأسه من غير أن يكون أشهد أو أعلم بها أحدا عند موته وعرف خطه وكان مشهورا فإنه ينفذ ما فيها" لأنهما سواء في المعنى فكذا يجب أن يكون حكما "وعلى هذا إذا عرف المكتوب إليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله" لأن القبول هنا كتنفيذ الوصية وقيل: هو على الوجهين.
وقال الشيخ تقي الدين: من عرف خطه بإقرار وإنشاء أو عقد أو شهادة عمل به كميت فإن حضر وأنكر مضمونه فكاعترافه بالصوت وإنكار مضمونه وذكر قولا في المذهب أنه يحكم بخط شاهد ميت وقال الخط كاللفظ إذا عرف أنه خطه وأنه مذهب جمهور العلماء وهو يعرف أن هذا خطه كما يعرف أن هذا صوته "والعمل على الأول" لما تقدم فالعمل به أولى.
فرع: إذا ترافع إليه في غير خصمان محل ولايته لم يكن له الحكم بينهما

فإذا وصل الكتاب فأحضر المكتوب إليه الخصم المحكوم عليه في الكتاب فقال لست فلان ابن فلان فالقول قوله مع يمينه إلا أن تقوم به بينة فإن ثبت أنه فلان ابن فلان ببينة أو إقرار فقال المحكوم عليه غيري لم يقبل منه إلا ببينة تشهد أن في البلد من يساويه فيما سمي ووصف به فيتوقف الحكم حتى يعلم من المحكوم عليه منهما
__________
بحكم ولايته إلا بتراضيهما به فيكون حكم غير القاضي إذا تراضيا وسواء كان الخصمان من أهل عمله أو لم يكونا ولو ترافع إليه اثنان وهو في موضع ولايته من غير أهل ولايته كان له الحكم بينهما فإن أذن الإمام لقاض أن يحكم بين أهل ولايته حيث كانوا أو منعه من الحكم في غير أهل ولايته حيث ما كان كان الأمر على ما أذن فيه أو منع منه لأن الولاية بتوليته فكان الحكم على وفقها.
"فإذا وصل الكتاب فأحضر المكتوب إليه الخصم المحكوم عليه في الكتاب فقال لست فلان ابن فلان فالقول قوله مع يمينه" ذكره الأصحاب لأنه منكر وإن نكل قضى عليه بالنكول وكذا إن رد اليمين على الخلاف "إلا أن تقوم به بينة" لأن قوله معارض بالبينة وهي راجحة فوجب أن لا يقبل قوله لأنه مرجوح بالنسبة إليها "وإن ثبت أنه فلان ابن فلان ببينة أو إقرار فقال المحكوم عليه غيري لم يقبل منه" لأن الظاهر عدم المشاركة في ذلك "إلا ببينة تشهد أن في البلد من يساويه فيما سمي ووصف به فيتوقف حتى يعلم من المحكوم عليه منهما" لأنه يحتمل أن يكون الحق على المشارك له في الاسم وهو يشارك فيه وحينئذ يكتب إلى الحاكم الكاتب يعلمه بالحال حتى يحضر الشاهدان فيشهدان عنده بما يتميز المشهود عليه منهما فإن ادعى المسمى أنه كان في البلد من يشاركه في الاسم والصفة وقد مات فإن كان موته بعد الحكم أو بعد المعاملة وكان ممن أمكن أن يجري بينه وبين المحكوم له معاملة فقد وقع الإشكال كما لو كان حيا لجواز أن يكون الحق على الذي مات وإلا فلا إشكال.
فرع: يقبل كتابه في حيوان في الأصح بالصفة اكتفاء بها كمشهود عليه لا له فإن لم تثبت مشاركته في صفته أخذه مدعيه بكفيل مختوما عنقه فيأتي به__________
القاضي الكاتب ليشهد البينة على عينه ويقضي له به ويكتب له كتابا ليبرأ كفيله وإن كان المدعي جارية سلمت إلى أمين يوصلها وإن لم يثبت له ما ادعى لزمه رده ومؤنته منذ تسلمه ذكره في الرعاية وزاد دون نفعه وحكمه كمغصوب لأنه أخذه بلا حق.
وقيل: لا يقبل كتابه به لأن الوصف لا يكفي بدليل أنه لا يجوز أن يشهد لرجل بالوصف والتحلية كذلك المشهور به والأول: رجحه في الشرح قياسا على العين ويخالف المشهود له فإنه لا حاجة إلى ذلك فيه فإن الشهادة له لا تثبت إلا بعد دعواه وقيل: يحكم به الكاتب ويسلم المكتوب إليه لمدعيه.
وفي الترغيب على الأول: لو ادعى على رجل دينا صفته كذا ولم يذكر اسمه ونسبه لم يحكم عليه بل يكتب إلى قاضي البلد الذي فيه المدعى عليه كما قلنا: في المدعى به ليشهد على عينه فلو كان عقارا محدودا في بلد المكتوب إليه أنفذ حكم القاضي الكاتب وأخذه به وكذا حكم كل منقول معروف لا يشتبه.
تذنيب: قال في الرعاية: يكتب في الكتاب اسم الخصمين واسم أبويهما أو جديهما وحليتهما وقدر المال وتاريخ الدعوى وقيام البينة العادلة وطلب الخصم الحكم وإجابته إليه وقيل: لا يجب ذكر شهود المال قال في الفروع وظاهر كلامهم أنه لا يعتبر ذكر الجد في النسب بلا حاجة وذكر في المنتقى وغيره أن المشهود عليه إذا عرف باسمه واسم أبيه فإنه يغني عن ذكر الجد.
فائدة: إذا تحملها وشهد بها عند حاكم لزمه الحكم بها بشرطه سواء كان الكتاب إليه أو إلى غيره أو مطلقا وليس لشهود الكتاب أن يتخلفوا في موضع لا حاكم فيه ولهم كراء دوابهم فقط وإن كان فيه حاكم فإن شاءوا شهدوا عنده ليمضيه ويكتب إلى قاضي بلد الخصم وإن شاءوا أشهد كل منهم على شهادته شاهدين يشهدان عند المكتوب إليه.

وإن تغيرت حال القاضي الكاتب بعزل أو موت لم يقدح في كتابه وإن تغيرت بفسق لم يقدح فيما حكم به وبطل فيما ثبت عنده ليحكم به وإذا تغيرت حال المكتوب إليه فلمن قام مقامه قبول الكتاب والعمل به.
__________
"وإن تغيرت حال القاضي الكاتب بعزل أو موت لم يقدح في كتابه" جزم به في المحرر والوجيز وقدمه في الفروع لأن المعول في الكتاب على الشاهدين وهما حيان فوجب أن يقبل الكتاب كما لو لم يمت أو ينعزل ولأن الكتاب إن كان فيما حكم به فحكمه لا يبطل بهما وإن كان فيما ثبت عنده فهو أصل واللذان شهدا عليه فرع ولا تبطل شهادة الفرع بموت شاهد الأصل وقيل: لا كما لو فسق فينقدح خاصة فيما ثبت عنده ليحكم به.
"وإن تغيرت بفسق لم يقدح فيما حكم به" قال ابن المنجا: كما لو حكم بشيء ثم فسق وفيه شيء.
وفي الشرح: كما لو حكم بشيء ثم بان فسقه فإنه لا ينقض ما مضى من أحكامه كذا هنا "ويبطل فيما ثبت عنده ليحكم به" لأن بقاء عدالة شاهدي الأصل شرط في الحكم بشاهدي الفرع فكذلك بقاء عدالة الحاكم لأنه بمنزلة شاهدي الأصل.
"وإن تغيرت حال المكتوب إليه" بأي حال كان "فلمن قام مقامه قبول الكتاب والعمل به" كذا ذكره معظم أصحابنا لأن المعول على ما حفظه الشهود وتحملوه ومن تحمل شهادة وشهد بها وجب على كل قاض الحكم بها ولو ضاع الكتاب أو انمحى وكما لو شهدا بأن فلانا القاضي حكم بكذا لزمه إنفاذه قاله في الواضح وغيره.
فرع: إذا كان المكتوب إليه بحاله ووصل الكتاب إلى غيره عمل به ذكره القاضي ولو شهدا بخلاف ما فيه قبل اعتماد على العلم.
قال أبو الخطاب وأبو الوفاء فإن قالا: هذا كتاب فلان إليك أخبرنا من نثق به لم يجز العمل بهما وإن قدم غائب فللكاتب الحكم عليه بلا إعادة شهود قاله في الانتصار.

فصل
وإذا حكم عليه فقال اكتب إلى الحاكم الكاتب أنك حكمت علي حتى لا يحكم علي ثانيا لم يلزمه ذلك ولكنه يكتب له محضرا بالقضية وكل من ثبت له عند حاكم حق أو ثبتت براءته مثل إن أنكر وحلفه الحاكم فسأل الحاكم أن يكتب له محضرا بما جرى ليثبت حقه أو براءته لزمه إجابته
__________
فصل
"وإذا حكم عليه فقال اكتب إلى الحاكم الكاتب أنك حكمت علي حتى لا يحكم علي ثانيا لم يلزمه ذلك" جزم به في المستوعب وصححه في الرعاية لأن الحاكم إنما يحكم فيما ثبت عنده ليحكم به غيره أو فيما حكم به لينفذه غيره وكلاهما مفقود هنا و الثاني: يلزمه جزم به في المحرر والوجيز والفروع ليخلص مما يخافه.
فإن قال: اشهد لي عليك بما جرى لزمه ذكره في المحرر والرعاية "ولكنه يكتب له محضر بالقضية" لأنه ربما حكم عليه غيره ثانيا وفيه ضرر وهو منتف شرعا "وكل من ثبت له عند حاكم حق أو ثبتت براءته مثل إن أنكر وحلفه الحاكم" أو ثبوت مجرد أو متصل بحكم وتنفيذ أو سأله أن يحكم له بما ثبت عنده "فسأل الحاكم أن يكتب له محضرا بما جرى ليثبت حقه أو براءته لزمه إجابته" لأن الحاكم يلزمه إجابة من سأله لتبقى حجته في يده فعلى هذا إذا ثبت له حق بإقرار فسأله المقر له أن يشهد على نفسه بما ثبت عنده من الإقرار لزمه ذلك ولو قلنا: يحكم بعلمه لأنه يحتمل أن ينسى وإن ثبت عنده حق بنكول المدعى عليه أو بيمين المدعي بعد النكول فسأله المدعي أن يشهد على نفسه لزمه لا يؤمن أن يترك بعد ذلك ويحلف ولا حجة للمدعي غير الإشهاد فأما إن ثبت عنده بينة فسأله الإشهاد فالمشهور يلزمه لما فيه من تعديل البينة وإلزام خصمه وقيل: لا يلزمه لأن له بالحق بينة وإن حلف المنكر وسأل الحاكم الإشهاد على براءته لزمه ليكون حجة له في سقوط المطالبة مرة أخرى.

و إن سأله من ثبت محضره عند الحاكم أن يسجل له فعل ذلك وجعله نسختين نسخة يدفعها إليه والأخرى يحبسها عنده والورق من بيت المال فإن لم يكن فمن مال المكتوب له
__________
وحاصلة: أنه يكتب له محضرا بجميع ذلك في الأصح لأنه وثيقة له فهو كالإشهاد لأن الشاهدين ربما نسيا الشهادة أو نسيا الخصمين وقيل: لا يلزمه لأن الإشهاد يكفيه وإن سأله أن يسجل به فهل يلزمه فيه وجهان.
"وإن سأله من ثبت محضره عند الحاكم أن يسجل له" أي كتابته وأتاه بورقة لزمه في الأصح ولهذا قال: "فعل ذلك" قال أحمد: إذا أخذ الساعي زكاته كتب له براءة.
وقال الشيخ تقي الدين: يلزمه إن تضرر بتركه وما تضمن الحكم ببينة سجل وغيره محضر.
وفي المغني والترغيب المحضر شرح ثبوت الحق عنده لا الحكم بثبوته.
"وجعله نسختين نسخة يدفعها إليه ونسخة يحبسها عنده" هذا هو الأولى حتى إذا هلكت واحدة بقيت الأخرى "والورق من بيت المال" لأن ذلك من المصالح لأنه الطالب لذلك لأن معظم الحاجة له فإن لم يأته بذلك لم يلزمه لأن "فإن لم يكن فمن مال المكتوب له" عليه الكتابة دون الغرم
تنبيه: من حكم له بحق بحجة بيده فأقبضه المحكوم عليه الحق وطالبه بتسليم الحجة لم يلزمه غير الشهادة على نفسه بأخذه ذكره في المستوعب والرعاية لأنه ربما خرج ما قبضه مستحقا فيحتاج إلى حجة تخصه.
وإن طلب المشتري من البائع الأصل لم يلزمه غير الشهادة عليه بالبيع لأن ذلك حجة له عند الدرك ولمن عليه حق ببينة أن يمتنع من أدائه حتى يشهد عليه ربه بأخذه وإن كان بلا بينة فلا ذكره أصحابنا.

فصل
وصفة المحضر بسم الله الرحمن الرحيم حضر القاضي فلان ابن فلان الفلاني قاضي عبد الله الإمام على كذا وكذا وإن كان نائبا كتب خليفة القاضي فلان قاضي عبد الله الإمام في مجلس حكمه وقضائه بموضع كذا مدع ذكر أنه فلان ابن فلان وأحضر معه مدعى عليه ذكر أنه فلان ابن فلان فادعى عليه كذا فأقر له، أو فأنكر، فقال القاضي للمدعي: ألك بينة؟ فقال: نعم.
__________
فصل
"وصفة المحضر" هو بفتح الميم والضاد وهو عبارة عن الصك سمي محضرا لما فيه من حضور الخصمين والشهود "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" تذكر في ابتداء كل فعل تبركا بها "حضر القاضي فلان ابن فلان الفلاني قاضي عبد الله الإمام على كذا" إن كان مستقلا "وإن كان نائبا كتب خليفة القاضي فلان قاضى عبد الله الإمام في مجلس حكمه وقضائه بموضع كذا" إذا ثبت الحق باعتراف المدعى عليه لم يحتج أن يكتب في مجلس حكمه وقضائه لأن الاعتراف يصح منه في مجلس الحكم وغيره وإن كتب أنه شهد على إقراره شاهدان كان آكد ذكره في الشرح والرعاية وإن ثبت ببينة احتاج أن يذكر مجلس حكمه وقضائه لأن البينة لا تسمع إلا في مجلس الحكم وليس في المحضر ثبوت الحق سواء ثبت بالاعتراف أو بالبينة وإنما هو شرح ثبوت الحق عند الحاكم "مدع ذكر أنه فلان ابن فلان وأحضر معه مدعى عليه ذكر أنه فلان ابن فلان" يرفع في نسبهما حتى يتميزا ويذكر حليتهما لأن الاعتماد عليها فربما استعار النسب هذا إذا جهلهما الحاكم فإن كان يعرفهما بأسمائهما ونسبهما قال فلان ابن فلان الفلاني وأحضر معه فلان بن فلان الفلاني وإن أخل بذكر حليتهما جاز لأن ذكر نسبهما إذا رفع فيه أغنى عن ذكر الحلية وفي الرعاية ذكر حليتهما أولى فادعى عليه "كذا فأقر له أو فأنكر فقال القاضي للمدعي: ألك بينة؟ فقال: نعم فأحضرها وسأله

فأحضرها وسأله سماعها ففعل أو فأنكر ولم يقم له بينة وسأل إحلافه فأحلفه وإن نكل عن اليمين ذكر ذلك وأنه حكم عليه بنكوله وإن رد اليمين فحلفه حكى ذلك وسأله أن يكتب له محضرا بما جرى فأجابه إليه في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويعلم في الإقرار والإنكار والإحلاف جرى الأمر على ذلك وفي البينة شهد عندي بذلك وأما السجل فهو لإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به وصفته أن يكتب هذا ما اشهد عليه القاضي فلان ابن فلان ويذكر ما تقدم من حضره من الشهود أشهدهم أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان وقد عرفهما بما رأى معه قبول شهادتهما بمحضر من خصمين يذكرهما إن كانا معروفين وإلا قال مدع ومدعى عليه جاز حضورهما وسماع الدعوى من أحدهما على الآخر بمعرفة فلان ابن فلان,
__________
سماعها ففعل أو فأنكر ولم تقم له بينة وسأل إحلافه فأحلفه وإن نكل عن اليمين ذكر ذلك وأنه حكم عليه بنكوله وإن رد اليمين فحلفه حكى ذلك وسأله أن يكتب له محضرا بما جرى فأجابه إليه في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويعلم" على رأس المحضر " في الإقرار" والإنكار "والإحلاف جرى الأمر على ذلك" لأن ذلك أمر جرى فالعلامة فيه بما ذكر تحقيق للقضية وإخبار عنها ويذكر مع ذلك في رأس المحضر الحمد لله وحده ونحو ذلك ذكره في الرعاية وهو ظاهر ما ذكره في الشرح "وفي البينة شهدا عندي بذلك" لأنه الواقع ويكون في آخر المحضر وفي الشرح يكتب علامته مع ذلك في رأس المحضر وإن اقتصر جاز وهو قول في الرعاية وأما السجل هو بكسر السين الجيم الكتاب الكبير "فهو لإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به" هذا بيان لمعناه "وصفته أن يكتب هذا ما أشهد عليه القاضي فلان ابن فلان ويذكر ما تقدم" في أول المحضر "من حضره من الشهود أشهدهم أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان وقد عرفهما بما رأى معه قبول شهادتها بمحضر من خصمين ويذكرهما إن كانا معروفين وإلا قال مدع ومدعى عليه جاز حضورهما وسماع الدعوى من أحدهما على الآخر بمعرفة فلان بن فلان"

ويذكر المشهود عليه وإقراره طوعا في صحة منه وسلامة وجواز أمر بجميع ما سمي ووصف به في كتاب نسخته كذا وينسخ الكتاب المثبت أو الحضر جميعه حرفا بحرف فإذا فرغ منه قال وإن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب عليه في مثله بعد أن سأله ذلك وإلا شهد به الخصم المدعي ويذكر اسمه ونسبه ولم يدفعه الخصم الحاضر معه بحجة وجعل كل ذي حجة على حجته وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحكمه وإمضائه من حضره من الشهود في مجلس حكمه في اليوم المؤرخ في أعلاه وأمر بكتب هذا السجل نسختين متساويين ويجلد نسخة منهما بجلد ديوان الحكم ويدفع الأخرى إلى من كتبها له وكل واحد منهما حجة ووثيقة فيما أنفذه منهما لتضمنهما وهذا يذكر للخروج من الخلاف ولو قال إنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان ما في كتاب نسخته كذا،
__________
معرفة مرفوعا فاعل ثبت عنده "ويذكر المشهود عليه" لأنه أصل "وإقراره" بالدفع معطوف على معرفة والتقدير ثبت عنده معرفة فلان ابن فلان وإقراره ويجوز نصبه عطفا على المشهود أي ويذكر المشهود عليه وإقراره "طوعا في صحة منه وجواز أمر" حتى يخرج المكره ونحوه "بجميع ما سمي ووصف في كتاب نسخته وينسخ الكتاب المثبت والمحضر جميعه حرفا بحرف فإذا فرغ منه قال وإن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب في مثله بعد أن سأله ذلك والإشهاد به الخصم المدعي ويذكر اسمه ونسبه ولم يدفعه الخصم الحاضر معه بحجة وجعل كل ذي حجة على حجته وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحكمه وإمضائه من حضره من الشهود في مجلس حكمه في اليوم المؤرخ في أعلاه وأمر بكتب هذا السجل نسختين متساويتين" لأنهما اللتان تقوم إحداهما مقام الأخرى "ويجلد نسخة منهما بديوان الحكم وتدفع الأخرى إلى من كتبها له وكل واحدة منهما حجة ووثيقة فيما أنفذه منهما لتضمنهما" ذلك "وهذا يذكر ليخرج من الخلاف" في القضاء على الغائب "ولو قال: إنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان ما في كتاب نسخته كذا،

ولم يذكر بمحضر من الخصمين ساغ ذلك لجواز الحكم على الغائب وما يجتمع عنده من المحاضر والسجلات في كل أسبوع أو شهر على قلتها وكثرتها يضم بعضها إلى بعض ويكتب عليها محاضر وقت كذا في سنة كذا
__________
ولم يذكر بمحضر من الخصمين ساغ ذلك لجواز الحكم على الغائب عندنا قال الشيخ تقي الدين الثبوت المجرد لا يفتقر إلى حضورهما بل إلى دعواهما وهذا ينبني على أن الشهادة هل تفتقر إلى الخصمين فأما التزكية فلا "وما يجتمع عنده من المحاضر والسجلات في كل أسبوع أو شهر" زاد في الرعاية أو سنة "على قلتها وكثرتها يضم بعضها إلى بعض" لأن إفراد كل واحد يشق "ويكتب عليها محاضر وقت كذا من سنة كذا" لتتميز وليمكن إخراجها عند الحاجة إليها قال في الكافي فإن تولى ذلك بنفسه وإلا وكل أمينة وذكر في الرعاية أنه يكتب مع ذلك أسماء أصحابها ويختم عليها فإن أحضر خصمه وادعى عليه فأنكر وذكر القاضي أنه حكم عليه أو أنه ثبت عنده ولم يحكم به ألزمه بالحق بسؤال خصمه وإن لم يجزم بذلك فلا في الأشهر وإن نسي الواقعة فشهد عنده عدلان أنه حكم بها أو ثبت عنده لزمه ثبوتها والحكم بها بسؤال المدعي في الأظهر.

باب القسمة
__________
باب القسمةالقسمة بكسر القاف والقسم بكسرها أيضا وهو النصيب المقسوم قال الجوهري: القسم مصدر قسمت الشيء فانقسم وقاسمه المال وتقاسماه واقتسماه والاسم القسمة وهي تمييز بعض الأنصباء من بعض وإفرازها عنها والإجماع على جوازها وسنده قوله تعالى :{وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [القمر:28] ، {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} الآية

وقسمة الأملاك جائزة وهي نوعان قسمة تراض وهي ما فيها ضرر أو رد عوض من أحدهما كالدور الصغار والحمام والعضائد المتلاصقة اللاتي لا يمكن قسمة كل عين منفردة والأرض التي في بعضها بئر أو يناء ونحوه مما لا يمكن قسمته بالأجزاء والتعديل إذا رضوا بقسمتها أعيانا بالقيمة جاز وهذه جارية مجرى البيع في أنه لا يجبر عليها الممتنع منها ولا يجوز فيها إلا ما يجوز في البيع
__________
[النساء:8] وقوله عليه السلام: "الشفعة فيما لم يقسم" وكان يقسم الغنائم بين أصحابه والحاجة داعية إلى ذلك ليتمكن كل واحد من الشركاء من التصرف على حسب اختياره ويتخلص من سوء المشاركة وكثرة الأيدي "وقسمة الأملاك جائزة" للدليل السابق "وهي نوعان: قسمة تراض وهي ما فيها ضرر أو رد عوض من أحدهما كالدور الصغار والحمام والعضائد" واحدتها عضادة وهي ما يصنع لجريان الماء فيه من السواقي وذوات الكتفين ومنه عضادتا الباب وهما جنبتاه من جانبيه "المتلاصقة اللاتي لا يمكن قسمة كل عين منفردة والأرض التي في بعضها بئر أو بناء ونحوه لا يمكن قسمته بالأجزاء" لأنه إذا أمكن قسمته بالأجزاء مثل أن تكون البئر واسعة يمكن أن يجعل نصفها لواحد ونصفها للآخر ويجعل بينهما حاجزا في أعلاها أو البناء كبيرا يمكن أن يجعل لكل واحد منهما نصفه "والتعديل" مثل أن يكون في أحد جانبي الأرض بئر يساوي مائة وفي الآخر منها بناء يساوي مائة تكون القسمة قسمة إجبار لا قسمة تراض لأنه يمكن أن تجعل البئر لأحد الشريكين مع نصف الأرض والبناء للآخر مع نصف الأرض "إذا رضوا بقسمتها أعيانا بالقيمة جاز" فأجاز لأن الحق لهما وإن طلبا من الحاكم أن يقسمه بينهما أجابهما إليه وإن لم يثبت عنده أنه ملكهما لأن اليد تدل على الملك ولا منازع لهم فثبت له من طريق الظاهر ولهذا يجوز له التصرف فيه من البيع ونحوه كالاتهاب "وهذه" القسمة "جارية مجرى البيع" لما فيها من الرد وبهذا تصبر بيعا لأن صاحب الدار بذل المال عوضا عما حصل في حق شريكه وهذا هو البيع "لا يجبر عليها الممتنع ولا يجوز فيها إلا ما يجوز في البيع" لما روى أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن جابر

والضرر المانع من القسمة وهو نقص القيمة بالقسم في ظاهر كلامه أو لا ينتفعان به مقسوما في ظاهر كلام الخرقي فإن كان الضرر على أحدهما دون الآخر كرجلين لأحدهما الثلثان،
__________
عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا قال: "لا ضرر ولا ضرار" ورواه ابن ماجة والدار قطني
ولهما أيضا من حديث عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار" رواه مالك في الموطأ عن عمرو عن أبيه مرسلا قال النووي حديث حسن وله طرق يقوي بعضها بعضا ولأنه إتلاف وسفه يستحق به الحجر أشبه هدم البناء ولأن فيها إما ضرر وإما رد عوض وكلاهما لا يجبر الإنسان عليه لكن إذا دعي شريكه إلى بيع في قسمة تراض أجبر فإن أبى بيع عليهما وقسم الثمن نقله الميموني وحنبل وذكره القاضي وأصحابه وذكره في الإرشاد والفصول والإفصاح والترغيب وغيرها وكذا الإجازة قال الشيخ تقي الدين: ولو في وقف وللشافعية وجهان في الإجارة قال ابن الصلاح وددت لو محي من المذهب قال وقد عرف من أصلنا أنه إذا امتنع السيد من الإنفاق على مماليكه باعهم الحاكم عليه فإذا صرنا إلى ذلك دفعا للضرر عن شريك له عليه حق وملك فلم لا يصير إلى ذلك دفعا للضرر عن شريك لا حق له عليه ولا ملك. "والضرر المانع من القسمة" أي قسمة الإجبار "هو نقص القيمة بالقسم في ظاهر كلامه" قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأن نقص قيمته ضرر وهو منفي شرعا
وظاهره سواء انتفعوا به مقسوما "أولا أو لا ينتفعان به مقسوما في ظاهر كلام الخرقي" واختاره المؤلف وذكر في الكافي أنه القياس وهو رواية وذلك مثل أن يكون بينهما دار صغيرة إذا قسمت أصاب كل منهما موضعا ضيقا لا ينتفع به ولو أمكن أن ينتفع به في شيء غير الدار أو لا يمكن أن ينتفع به دارا فلا إجبار لأنه ضرر يجري مجرى الإتلاف بحلاف نقصان القيمة فإن اعتباره يؤدي إلى بطلان القسمة غالبا فوجب أن لا يعتبر ولأن ضرر نقص القيمة ينجبر بزوال صرر الشركة فيصير كالمعدوم "فإن كان الضرر على أحدهما دون الآخر كرجلين لأحدهما

وللآخر الثلث ينتفع صاحب الثلثين بقسمها ويتضرر الآخر فطلب من لا يتضرر القسم لم يجبر عليه الآخر وإن طلبه الآخر أجبر الأول: وقال القاضي إن طلبه الأول: أجبر الآخر وإن طلبه المضرور لم يجبر الآخر وإن كان بينهما عبيد أو بهائم أو ثياب ونحوها فطلب أحدهما قسمها أعيانا بالقيمة لم يجبر عليه وقال القاضي: يجبر
ـــــــ
الثلثان وللآخر الثلث ينتفع صاحب الثلثين ويتضرر الآخر فطلب من لا يتضرر القسم لم يجبر الآخر عليه" اختاره أبو الخطاب وقدمه في المحرر والرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأن فيه إضاعة مال ولأنها قسمة يضر بها صاحبه فلم يجبر عليها كما لو استضرا معا في الأصح قاله في الرعاية "فإن طلبه الآخر أجبر الأول" لأن شريكه مالك طلب إفراز نصيبه الذي لا يستضر بتمييزه فوجب إجابته إلى ذلك " وقال القاضي إن طلبه الأول أجبر الآخر وإن طلبه المضرور ولم يجبر الآخر" هذا رواية عن أحمد واختارها جماعة كما لو كانا لا يستضران ولأنه يطالب بحق كقضاء الدين و الثالثة: أيهما طلب لم يجبر الآخر عليه وإن طلبه المستضر أجبر الآخر قدمه في الشرح وغيره لأن ضرر الطالب رضي به من يسقط حكمه والآخر لا ضرر عليه فصار كما لا ضرر فيه وذكر أصحابنا أن المذهب انه لا يجبر الممتنع عن القسمة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وإن طلب القسمة من المستضر سفه وقال أبن حمدان: إن قلنا: المانع من الإجبار نقص القيمة أجبر الممتنع مطلقا وإلا فلا.
فرع: ما تلاصق من دور وعضائد ونحوها اعتبر الضرر وعدمه في كل عين وحدها نقل أبو طالب يأخذ من كل موضع حقه إذا كان خيرا له.
"وإن كان بينهما عبيد أو بهائم أو ثياب ونحوها" من جنس واحد قاله في المحرر والوجيز والفروع وفي المغني من نوع "فطلب أحدهما قسمها أعيانا بالقيمة لم يجبر الآخر عليه" أي إذا كانت متفاضلة لأن ذلك بيع وكما لو اختلف الجنس وإن لم يكن ثم ضرر ولا رد عوض فذكر في المستوعب أنه لا رواية في ذلك عن أحمد "وقال القاضي: يجبر" قدمه في

وإن كان بينهما حائط لم يجبر الممتنع من قسمة وإن استهدم لم يجبر على قسم عرصته وقال أصحابنا إن طلب قسمه طولا بحيث يكون له نصف الطول في كمال العرض أجبر الممتنع وإن طلب قسمه عرضا وكانت تسع حائطين أجبر الممتنع وإلا فلا
__________
المحرر والفروع وجزم به في الوجيز وهو المنصوص إذا تساوت القيمة وفي الرعاية هو أظهر وأشهر وظاهره أنه لا يجاب إذا تفاوتت القيمة وقوى أبو الخطاب عدم الإجبار كما لا يجبر على قسمة الدور بأن يأخذ هذا دارا كالأجناس يؤيده أن اختلاف الجنس ليس بأكثر اختلافا من قيمة الدار الكبيرة لأنها ذات بيوت واسعة وضيقة وقديمة وحديثة وهذا الاختلاف لا يمنع الإجبار كذلك الجنس الواحد وفارق الدور فإنه أمكن قسمة كل دار منها على حدتها وهنا لا يمكن.
وفي الشرح فإن كانت الثياب أنواعا كحرير وقطن فهي كالأجناس.
فرع: الآجر واللبن المتساوي القالب من قسمة الأجزاء والمتفاوت من قسمة التعديل "وإن كان بينهما حائط لم يجبر الممتنع من قسمة" صححه في المحرر وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأن فيه ضررا "وإن استهدم لم يجبر على قسم عرصته" وهي التي لا بناء فيها لأنه موضع للحائط أشبه الأول "وقال أصحابنا: إن طلب قسمه طولا بحيث يكون له نصف الطول في كمال العرض أجبر الممتنع" لأنه لا ضرر فيه وقيل: لا يجبر لأنه يفضي إلى أن يبقى ملكه الذي يلي نصيب صاحبه بغير حائط "وإن طلب قسمه عرضا وكانت تسع حائطين أجبر الممتنع" قدمه في الكافي وحكاه في المحرر والفروع عن القاضي فقط لأنه ملك مشترك يمكن الانتفاع به مقسوما وقيل: لا يجبر لأنه لا تدخله القرعة خوفا من أن يحصل لكل واحد منهما ما يلي ملك الآخر وفي الرعاية والفروع ومع القسمة فقيل: لكل واحد ما يليه وقيل: يقرع بينهما "وإلا فلا" أي إذا كان لا يسع ذلك على قولهم لأنه يتضرر بذلك.
وقال أبو الخطاب: لا إجبار في الحائط بخلاف العرصة وقيل: لا إجبار

وإن كان بينهما دار لها علو وسفل فطلب أحدهما قسمها لأحدهما العلو وللآخر السفل أو كان بينهما منافع لم يجبر الممتنع من قسمها وإن تراضيا على قسمها كذلك أو على قسم المنافع بالمهايأة جاز
__________
فيهما إلا في قسمة العرصة طولا في كمال عرضها وإن رضيا بشيء من ذلك جاز "إن كان بينهما دار لها علو وسفل فطلب أحدهما قسمها لأحدهما العلو وللآخر السفل" و قسم العلو وحده أو بالعكس فلا إجبار كدارين متلاصقتين لأن كل واحد منهما مسكن منفرد ولأن في إحدى الصور قد يحصل لكل واحد منهما علو سفل الآخر فيستضر كل منهما وفي أحدهما يحصل التمييز والقسمة تراد له ولو طلب أحدهما قسمتها معا ولا ضرر أجبر الممتنع وعدل بالقيمة ولا يحسب فيها ذراع سفل بذراعي علو ولا ذراع بذراع "و كان بينهما منافع لم يجبر الممتنع من قسمها" جزم به في الشرح وقدمه في الرعاية والمحرر والفروع لأن قسمة المنافع إنما تكون بقسمة الزمان والزمان إنما يقسم بأن يأخذ أحدهما قبل الآخر وهذا لا تسوية فيه فإن الآخر يتأخر حقه فلا يجبر ولأن الأصل مشاع والمنافع تابعة له وعنه: يجبر واختاره في المحرر في القسمة بالمكان ولا ضرر "وإن تراضيا على قسمها كذلك" أي: بزمن أو مكان صح ويقع جائزا قدمه في الرعاية والفروع واختار في المحرر والوجيز يفع لازما إن تعاهدا مدة معلومة وقيل: لازما بالمكان مطلقا "وعلى قسم المنافع بالمهايأة جاز" لأن الحق لهما فإذا رضيا به جاز فإن انت قلت: كانتقال الوقف فهل تنتقل مقسومة أولا فيه نظر فإن كانت إلى مدة لزمت الورثة والمشتري قاله الشيخ تقي الدين قال وقد صرح الأصحاب بأن الوقف لا يجوز قسمته إلا إذا كان على جهتين فأما إن كان على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق من يأتي من البطون لكن تجوز المهايأة وهي قسمة المنافع وهذا وجه وظاهر كلام الأصحاب لا فرق قال في الفروع وهو اظهر وفي المبهج لزومها إذا اقتسموا بأنفسهم أو تهايئوا.

وإن كان بينهما أرض ذات زرع فطلب أحدهما قسمها دون الزرع قسمت وإن طلب قسمها مع الزرع أو قسم الزرع مفردا لم يجبر الآخر وإن تراضوا عليه والزرع فصيل أو قطن جاز وإن كان بذرا أو سنابل قد اشتد حبها فهل يجوز؟ على وجهين وقال القاضي: يجوز في السنابل،
__________
تتمة: نفقة الحيوان في مدة كل منهما عليه وإن نقص الحادث عن العادة فللآخر الفسخ "وإن كان بينهما أرض ذات زرع فطلب أحدهما قسمها دون الزرع قسمت" جزم به الأصحاب كالخالية منه ولأن الزرع في الأرض كالقماش في الدار وهو لا يمنع القسم كذا هنا وسواء خرج الزرع أو كان بذرا فإذا اقتسماها بقي الزرع بينهما مشتركا كما لو باعا الأرض لغيرهما قال في الكافي هكذا ذكر أصحابنا والأولى أنه لا يحب لأنه يلزم منه بقاء الزرع المشترك في الأرض المقسومة إلى الجداد بخلاف القماش "وإن طلب قسمها مع الزرع" لم يجبر الآخر جزم به في المحرر والمستوعب والوجيز وقدمه في الرعاية الفروع لأنها مشتملة على مالا يجبر على قسمه وحده وهو الزرع ولأنه مودع فيها للنقل عنها فلم تجب قسمته كالقماش فيها وفي المغني والكافي أنه يجبر في فصيل وحب مشتد لأن الزرع كالشجر في الأرض والقسمة إفراز حق.
وإن قلنا: هي بيع لم يجبر إذا اشتد الحب لأنه يتضمن بيع السنبل بعضه ببعض وقيل: بلى لأنه دخل تبعا وفي البذر وجهان " أو قسم الزرع مفردا لم يجبر الآخر" لأن القسمة لا بد فيها من تعديل المقسوم وتعديل الزرع بالسهام لا يمكن لبقائه في الأرض المشتركة "وإن تراضوا عليه والزرع فصيل أو قطن جاز" كبيعه ولأن الحق لهم ولجواز التفاضل إذن "وإن كان بذرا وسنابل قد اشتد حبها فهل يجوز على وجهين" أصحهما: لا يجوز لأن البذر مجهول وأما السنبل فلأنه بيع بعضه ببعض مع عدم العلم بالتساوي و الثاني: بلى إذا اقتسماه مع الأرض لأنه يدخل تبعا.
وبناه في الترغيب على أنها هل هي إفراز أو بيع "وقال القاضي: يجوز في السنابل" مع الأرض،

ولا يجوز في البذر وإنا كان بينهما نهر أو قناة أو عين ينبع ماؤها فالماء بينهما على ما اشترطا عند استخراج ذلك وإن اتفقا على قسمه بالمهايأة جاز وإن أرادا قسم ذلك بنصب خشبة أو حجر مستو في مصدم الماء فيه ثقبان على قدر حق كل واحد منهما جاز فإن أراد أحدهما أن يسقي بنصيبه أرضا ليس لها رسم شرب من هذا النهر جاز ويحتمل أن لا يجوز ويجيء على أصلنا أن الماء لا يملك وينتفع كل واحد منهما على قدر حاجته.
__________
"ولا يجوز في البذر" لأن الجهالة في السنبل أقل "وإن كان بينهما نهر أو قناة أو عين ينبع ماؤها فالماء بينهما على ما اشترطا عند استخراج ذلك" لقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" والنفقة لحاجة بقدر سقيهما فإن كان أحدهما أعلى شارك في الغرامة ما فوقه دون ما تحته.
فإن احتاج النهر بعد الأسفل إصلاحا كتصرف الماء فعليهما "وإن اتفقا على قسمه بالمهايأة" كيوم لهذا ويوم للآخر "جاز" لأن الحق لهما وكالأعيان "وإن أرادا قسم ذلك بنصب خشبة أو حجر مستو في مصدم الماء فيه ثقبان على قدر حق كل واحد منهما جاز" لأن ذلك طريق إلى التسوية بينهما فجاز كقسم الأرض بالتعديل ويسمى المراز.
"فإن أراد أحدهما أن يسقي بنصيبه أرضا ليس لها رسم شرب" الشرب بكسر الباء وهو النصيب من الماء "من هذا النهر جاز" لأن الحق له وهو يتصرف على حسب اختياره وكما لو لم يكن شريكا "ويحتمل أن لا يجوز" هذا وجه لأنه إذا طال الزمان يظن أن لهذه الأرض حقا في السقي من النهر المشترك ويأخذ لذلك أكثر من حقه فإن أراد أحد أن يجري بعضه في ساقية إلى أرضه قبل قسمته لم يجز صرح به ابن حمدان "ويجيء على أصلنا أن الماء لا يملك وينتفع كل واحد منهما على قدر حاجته" قاله أبو الخطاب لأنه فيكون من المباحات والمباح ينتفع كل واحد على قدر حاجته.

فصل
النوع الثاني: قسمة الإجبار: وهي مالا ضرر فيها ولا رد عوض كالأرض الواسعة والقرى والبساتين والدور الكبار والدكاكين الواسعة والمكيلات والموزونات من جنس واحد سواء كانت مما مسته النار كالدبس وخل التمر أو لم تمسه كخل العنب والأدهان والألبان فإن طلب أحدهما القسم وأبى الآخر أجبر عليه،
__________
فصل
"النوع الثاني: قسمة الإجبار" لأنه يلي الأول وهو قسمة التراضي "وهي مالا ضرر فيها ولا رد عوض كالأرض الواسعة والقرى والبساتين والدور الكبار والدكاكين الواسعة" والمراد به أحدها سواء أكانت متساوية الأجزاء أو لا إذا أمكن قسمها بالتعديل بأن لا يجعل شيء معها فلهما قسم أرض بستان وحدها وغلته والجميع فإن قسما الجميع أو الأرض فقسمة إجبار ويدخل الشجر تبعا وإن قسما الشجر فقط فتراض ولأن جواز قسم الأرض مع اختلافها يدل على جواز قسم مالا يختلف بطريق ال تنبيه: سواء قلنا: القسمة بيع أو إفراز "والمكيلات والموزونات من جنس واحد" لأن الغرض تمييز الحق وذلك لا يختلف بالنسبة إلى ذلك فإن كان فيها أنواع كحنطة وشعير وتمر وزبيب فطلب أحدهما قسمة كل نوع على حدته أجبر الممتنع وإن طلب قسمها أعيانا بالقيمة لم يجبر لأن هذا بيع نوع بنوع آخر وليس بقسمة فلم يجبر عليه كغير الشريك فإن تراضيا عليه جاز وكان بيعا يعتبر له التقابض قبل التفرق فيما يعتبر فيه التقابض وسائر شروط البيع "سواء كان مما مسته النار كالدبس وخل التمر أو لم تمسه كخل العنب والأدهان والألبان" ونحوها لما قلنا: من أن الغرض تمييز الحق "فإن طلب أحدهما القسم وأبى الآخر أجبر" الممتنع هو أو وليه وكذا حاكم في الأشهر "عليه" لأنه يتضمن إزالة الضرر الحاصل بالشركة وحصول النفع للشريكين لأن نصيب كل

و هذه القسمة إفراز حق أحدهما من الآخر في ظاهر المذهب وليست بيعا فيجوز قسمة الوقف وإن كان نصف العقار طلقا ونصفه وقفا جازت قسمته،
__________
واحد منهما إذا تميز كان له أن يتصرف فيه بحسب اختياره ويتمكن من إحداث الغراس والبناء وذلك لا يمكن مع الاشتراك.
ويشترط له مع ما ذكره المؤلف أن يثبت عند الحاكم أنه ملكهم بينة لأن في الإجبار عليها حكما على الممتنع منها فلا يثبت إلا بما يثبت به الملك لخصمه بخلاف حالة الرضى فإنه لا يحكم على أحدهما ولم يذكره آخرون وجزم به في الروضة واختاره الشيخ تقي الدين كبيع مرهون وجان.
ونقل حرب فيمن أقام بينة بسهم من ضيعة بيد قوم فهربوا منه يقسم عليهم ويدفع إليه حقه.
قال الشيخ تقي الدين: وإن لم يثبت ملك الغائب فدل أنه يجوز ثبوته وأنه أولى وفي المحرر يقسم حاكم على غائب قسمة إجبار وفي المبهج والمستوعب بلى مع وكيله فيها الحاضر واختاره في الرعاية في عقار بيد غائب "وهذه القسمة إفراز" يقال: فرزت الشيء وأفرزته إذا عزلته والإفراز مصدر أفرز "حق أحدهما من الآخر في ظاهر المذهب" وقاله في المحرر وصححه في المستوعب وجزم به في الوجيز لأنها لا تفتقر إلى لفظ التمليك ولا تجب فيها شفعة ويلزم بإخراج القرعة ويتقدر أحد النصيبين بمقدار ويدخلها الإجبار "وليست بيعا" لأنها تخالفه في الأحكام والأسباب فلم تكن بيعا كسائر العقود "فيجوز قسمة الوقف" أي: تصح بلا رد من أحدهما "وإن كان نصف العقار طلقا" الطلق بكسر الطاء الحلال وسمي المملوك طلقا لأن جميع التصرفات فيه حلال والموقوف ليس كذلك "ونصفه وقفا جازت قسمته" إن طلبها صاحب الطلق فإن كان فيها رد عوض وفعلا ذلك في وقف لم يجز لأن بيعه غير جائز وإن كان من أهل الوقف جاز لأنهم يشترون بعض الطلق ذكره معظم الأصحاب.

وتجوز قسمة الثمار خرصا وقسمة ما يكال وزنا وما بوزن كيلا والتفرق في قسمة ذلك قبل القبض وإذا حلف لا يبيع فقسم لم يحنث وحكي عن أبي عبد الله بن بطة ما يدل أنها كالبيع فلا يجوز فيها ذلك وإن كان بينهما أرض بعضها يسقى سيحا وبعضها بعلا وفي بعضها نخل وفي بعضها شجر فطلب أحدهما قسمة كل نوع على حدة وطلب الآخر قسمها أعيانا بالقيمة قسمت كل عين على حدة إذا أمكن
__________
"وتجوز قسمة الثمار خرصا" أي: التي تخرص "وقسمة ما يكال وزنا وما يوزن كيلا" لأن الغرض التمييز زاد فيهما في الترغيب على الأصح.
فرع: يجوز قسم لحم رطب بمثله ولحم هدي وأضاح ولا يجوز بيعه "والتفرق في قسمة ذلك قبل القبض" لأن التفرق إنما منع منه في البيع "وإذا حلف لا يبيع فقسم لم يحنث" لأن ذلك ليس ببيع "وحكي عن أبي عبد الله بن بطة ما يدل على أنها كالبيع" لأنه يبذل نصيبه من أحد السهمين بنصيب صاحبه من السهم الآخر وهذا حقيقة البيع "فلا يجوز فيها ذلك" فلا تجوز قسمة ما كله وقف أو بعضه وفي المحرر عليهما إن كان الرد من رب وقف لرب الطلق جازت قسمته بالتراضي في الأصح وفي الترغيب عليهما ما كله وقف لا تصح قسمته في الأصح ولا شفعة مطلقا بجهالة ثمن وبفسخ بعيب وقيل: يبطل لفوت التعديل وإن بان غير فاحش لم يصح وعلى الثاني: كبيع ويصح بقوله رضيت بدون لفظ القسمة وفيه على الثاني: في الترغيب وجهان.
ملحق: قال القاضي: في الخلاف وابن الزاغوني في الواضح ويثبت في القمسة الخياران على المذهبين جميعا لأن وضعهما للنظر وهذا يحتاج إليه هنا وفي النهاية القسمة إفراز حق على الصحيح فلا يدخلها خيار المجلس وإن كان فيها رد احتمل أن يدخلها خيار المجلس "وإن كان بينهما أرض بعضها يسقى سيحا وبعضها بعلا وفي بعضها نخل وفي بعضها شجر فطلب أحدهما قسمة كل نوع على حدة وطلب الآخر قسمها أعيانا بالقيمة قسمت كل عين على حدة إذا أمكن" لأنه أقرب إلى التعديل لأن لكل واحد

فصل
ويجوز للشركاء أن ينصبوا قاسما يقسم بينهم وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة فمتى عدلت السهام وأخرجت القرعة لزمت القسمة
__________
منهما حقا في الجميع ولأن الحامل على القسمة زوال الشركة وهو حاصل فيما ذكر وحينئذ فتتعين إجابة طالبه لأن ضرر صاحبه يزول بإجابته وإذا لم يمكن قسمة كل عين على حدة قسم الجميع إن كان قابلا لها وإلا فلا.
فصل
"ويجوز للشركاء" أن يتقاسموا بأنفسهم "وأن ينصبوا قاسما يقسم بينهم" لأن الحق لهم لا يعدوهم "وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم" لأن طلب ذلك حق لهم فجاز أن يسألوا الحاكم كغيره من الحقوق.
"ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة" مع إسلام وإن كان عبدا وفي المغني عارفا بالحساب لأنه كالخط للكاتب وفي الكافي إن كان من جهة الحاكم اشترطت عدالته وإن كان من جهتهم لم تشترط إلا أنه إن كان عدلا كان كقاسم الحاكم في لزوم قسمته وإن لم يكن عدلا لم تلزم قسمته إلا بتراضيهما كما لو اقتسموا بأنفسهم وتباح أجرته وعنه: هي كقربة.
نقل صالح: أكرهه قال ابن عيينة لا يأخذ على شيء الخير أجرا وهي على قدر الأملاك نص عليه وفي الترغيب إذا أطلق الشركاء العقد وأنه لا ينفرز واحد بالاستئجار بلا إذن وقيل: بعدد الملاك وفي الكافي على ما شرطا فعلى النص أجرة شاهد يخرج لقسم البلاد ووكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح كأملاك ذكره الشيخ تقي الدين "فمتى عدلت السهام وأخرجت القرعة لزمت القسمة" أي: قسمة الإجبار لأن القاسم كالحاكم وقرعته كالحكم نص عليه قدمه في المستوعب والمحرر وجزم به في الوجيز بدليل أنه يجتهد في تعديل السهام كاجتهاد الحاكم في طلب الحق فوجب

ويحتمل أن لا تلزم فيما فيه رد عوض بخروج القرعة حتى يتراضيا بذلك وإذا كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين وإن خلت من تقويم أجزأ قاسم واحد وإذا سألوا الحاكم قسمة عقار لم يثبت عنده أنه لهم قسمة وذكر في كتاب القسمة: أن قسمه بمجرد دعواهم لا عن بينة شهدت لهم بملكهم وإن لم يتفقوا على طلب القسمة لم يقسمه.
__________
أن تلزم قرعته وقسمة التراضي إذا لم يكن فيها رد عوض فتلزم كما إذا كان فيها رد عوض على المذهب "ويحتمل أن لا يلزم فيما فيه رد عوض بخروج القرعة حتى يتراضيا بذلك" بعد القرعة سواء قسمها الحاكم أو قاسمه أو قاسمهم لأن رضاهما معتبر في الأول ولم يوجد ما يزيله فوجب استمراره ولأنها بيع فلا يلزم بغير التراضي كسائر يوجد وقيل: الرضى بعدها مطلقا.
وفي المغني والشرح بالرضى بعدها إن اقتسماه بأنفسهما وإن تراضيا على أن يأخذ كل واحد منهما سهما بغير قرعة أو خير أحدهما صاحبه فاختار أحد القسمين جاز ويلزم بتراضيهما وتفرقهما كالبيع ذكره جماعة.
"وإذا كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين " ذكره في المستوعب والشرح وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والرعاية لأنها شهادة بالقيمة فلم يقبل فيها أقل من اثنين كسائر الشهادات وقيل: يكفي فيه واحد.
"وإن خلت من تقويم أجزأ قاسم واحد" لأن القاسم مجتهد في التقويم وهو يعمل باجتهاده أشبه الحاكم وفي الكافي لأنه حكم بينهما فأشبه الحاكم.
"وإذا سألوا الحاكم قسمة عقار لم يثبت عنده أنه لهم قسمة" لأن اليد دليل الملك ولا منازع لهم فثبت لهم من طريق الظاهر فوجب أن يتناول ثبوت الملك في القسمة "وذكر " الحاكم القاسم "في كتاب القسمة أن قسمه بمجرد دعواهم لا عن بينة شهدت له بملكهم" لئلا يتوهم الحاكم بعده أن القسمة وقعت بعد ثبوت ملكهم فيؤدي ذلك إلى ضرر من يدعي في العين حقا وقد سبق.
"وإن لم يتفقوا على طلب القسمة لم يقسمه" حتى يثبت عنده أنه ملكهم لأن الإشاعة حق لكل واحد منهم القسمة لم يرض بعضهم ولم يثبت ما يوجب القسمة لم يجز التصرف في حقه بغير رضاه.

فصل
ويعدل القاسم السهام بالأجزاء إن كانت متساوية وبالقيمة إن كانت مختلفة وبالرد إن كانت تقتضيه ثم يقرع بينهم فمن خرج له سهم صار له وكيفما أقرع جاز إلا أن يكتب اسم كل واحد من الشركاء في رقعة ثم يدرجها في بنادق شمع أو طين متساوية القدر والوزن،
__________
وفي الرعاية إن كان بين شريكين مهايأة لازمة فطلب أحدهما القسمة بطلت المهايأة.
فصل
"ويعدل القسم السهام" لأن ضد ذلك جور وهو غير جائز إجماعا "بالأجزاء إن كانت متساوية" كأرض قيمة جميع أجزائها متساوية فهذه تعدل سهامها بالأجزاء لأنه يلزم من التساوي بالأجزاء التساوي بالقيمة "وبالقيمة إن كانت مختلفة" كأرض أحد جوانبها يساوي مثلي الآخر فهذه يعدل فيها بالقيمة لأنه لما تعذر التعديل بالأجزاء لم يبق إلا التعديل بالقيمة ضرورة لأن قسمة الإجبار لا تخلو من أحدهما وهذا مع اتفاق السهام واختلافها.
"وبالرد إن كانت تقتضيه" كأرض قيمتها مائة فيها شجر أو بئر يساوي مائتين فإذا جعلت الأرض بينهما كانت الثلث ودعت الضرورة إلى أن تجعل مع الأرض خمسون درهما يردها من خرجت له الشجر أو البئر على من خرجت له الأرض ليكونا نصفين متساويين "ثم يقرع بينهم" لإزالة الإبهام الحاصل قياسا لبعض موارد الشرع على بعض. "فمن خرج له سهم صار له" لأن هذا شأن القرعة "وكيف ما أقرع جاز" لأن الغرض التمييز وذلك حاصل فعلى هذا يجوز أن يقرع بينهم بخواتم وحصى وغير ذلك "إلا أن الأحوط أن يكتب اسم كل واحد من الشركاء في رقعة" لأنه طريق إلى التمييز "ثم يدرجها في بنادق شمع أو طين متساوية القدر والوزن" لأنه لا يعلم بعضها من بعض،

وتطرح في حجر من لم يحضر ذلك ويقال له: أخرج بندقة على هذا السهم فمن خرج اسمه كان له ثم الثاني كذلك والسهم الباقي للثالث إذا كانوا ثلاثة وسهامهم متساوية وإن كتب اسم كل سهم في رقعة وقال: أخرج بندقة باسم فلان وأخرج الثانية باسم الثاني و الثالثة للثالث جاز وإن كانت السهام مختلفة كثلاثة لأحدهم النصف وللآخر الثلث وللآخر السدس فإنه يجزئها ستة أجزاء ويخرج الأسماء على السهام لا غير،
__________
"ويطرح في حجر من لم يحضر ذلك" لأنه أنفى للتهمة "ويقال له: أخرج بندقة على هذا السهم" ليعلم من له ذلك "فمن خرج اسمه كان له" لأن اسمه خرج عليه ويميز سهمه به "ثم الثاني كذلك" أي: كالأول من القول لأنه كالأول معنى يستحب أن يكون كذلك حكما.
"والسهم الباقي للثالث إذا كانوا ثلاثة وسهامهم متساوية" لأن السهم الثالث يعين له لزوال الإبهام وذكر أبو بكر أن البنادق تجعل طينا وتطرح في ماء فأي البنادق انحل عنها الطين وخرجت رفعتها على أعلى الماء فهي له وكذا الثاني و الثالث وما بعده فإن خرج اثنان معا أعيدت القرعة وما ذكره المؤلف أولى وأسهل ذكره في الشرح "وإن كتب اسم كل سهم في رقعة وقال: أخرج بندقة باسم فلان وأخرج الثانية باسم الثاني و الثالثة للثالث جاز" ذكره في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأن الغرض يحصل بذلك وذكر في الكافي والمستوعب أنه يخير بينه وبين الذي قبله "وإن كانت السهام مختلفة كثلاثة لأحدهم النصف وللآخر الثلث وللآخر السدس فإنه يجزئها ستة أجزاء" لأن السهام مختلفة فلم يكن بد من تجزئتها بحسب أقل الشركاء نصيبا وهو السدس وعلى هذا فقس فلو كانت الأرض بين ثلاثة لأحدهم النصف وللآخر الربع وللآخر الثمن فأجزاؤها ثمانية أجزاء.
"ويخرج الأسماء على السهام لا غير" أي: لا يجوز إلا هذا لئلا يخرج السهم الرابع: لصاحب النصف فيقول أخذه وسهمين قبله ويقول صاحباه:

فيكتب باسم صاحب النصف ثلاثا وباسم صاحب الثلث اثنتين وباسم صاحب السدس واحدة ويخرج بندقة على السهم الأول فإن خرج اسم صاحب النصف أخذه والثاني و الثالث وإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والثاني ثم يقرع بين الآخر والباقي للثالث،
__________
يأخذه وسهمين بعده فيختلفون ولأنه لو خرج لصاحب السدس السهم الثاني: ثم خرج لصاحب النصف السهم الأول لتفرق نصيبه.
"فيكتب باسم صاحب النصف ثلاثا" أي: ثلاث رقاع "وباسم صاحب الثلث ثنتين" أي: رفعتين "وباسم صاحب السدس واحدة" كذا ذكره معظم الأصحاب لأن الكتابة بحسب التجزئة.
وقدم في المغني والشرح أنه بكتب باسم كل واحدة رقعة لحصول المقصود ثم ذكرا هذا قولا وقالا هذا لا فائدة: فيه فإن المقصود خروج اسم صاحب النصف وإذا كتب ثلاثا حصل المقصود فأغنى.
"ويخرج بندقة على السهم الأول" ليعلم لمن هو "فإن خرج اسم صاحب النصف أخذه والثاني و الثالث" ليجتمع له حقه ولا يتضرر بتفرقته.
"وإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والثاني" لما تقدم "ثم يقرع بين الآخر" لأن الإبهام بالنسبة إليهما باق "والباقي للثالث" واختار الشيخ تقي الدين: لا قرعة في مكيل وموزون إلا للابتداء فإن خرجت لرب الأكثر أخذ كل حقه فإن تعدد سبب استحقاقه توجه وجهان.
فرع: إذا كان بينهما داران أو خانان أو أكثر فطلب أحدهما أن يجمع نصيبه في إحدى الدارين أو أحد الخانين ويجعل الباقي نصيبا للآخر لم يجبر الآخر وهو قول الشافعي.
وقال أبو يوسف ومحمد: يجبر إذا رأى الحاكم ذلك سواء تقاربتا أو تفرقتا لأنه أنفع وأعدل وقال مالك: إن ينفذ متجاورتين أجبر الممتنع لأن المتجاورتين تتقارب منفعتهما بخلاف المتباعدتين وقال أبو حنيفة: إن كانت إحداهما حجرة الأخرى أجبر وإلا فلا لأنهما تجريان مجرى الواحدة وجوابه: أنه نقل

فصل
فإن ادعى بعضهم غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على تراضيهم به لم يلتفت إليه وإن كان فيما قسمه قاسم الحاكم فعلى المدعي البينة وألا فالقول قول المنكر مع يمينه وإن كان فيما قسمه قاسمهم الذي نصبوه وكان فيما قسمه قاسمهم الذي نصبوه وكان فيما اعتبرنا فيه الرضا بعد القرعة لم تسمع دعواه وإلا فهو كقاسم الحاكم.
__________
حقه من عين إلى عين أخرى فلم يجبر عليه كالمتفرقين والحكم في الدكاكين كالدور قاله في الشرح.
فصل
"فإن ادعى بعضهم غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على تراضيهم به لم يلتفت إليه" ذكره الأصحاب لأنه قد رضي بذلك ورضاه بالزيادة في نصيب شريكه يلزمه وصحح المؤلف أنه تقبل ببينة عادلة لأن ما ادعاه محتمل فتنقض القسمة أشبه ما لو شهد عليه بقبض ثمن أو مسلم فيه ثم ادعى غلطا في كيله أو وزنه.
وقولهم: إن حقه في الزيادة سقط برضاه ممنوع فإنه إنما يسقط إذا علمه وفي الرعاية أنه لا يقبل وإن أقام بينة إلا أن يكون مسترسلا مغبونا بما يسامح به عادة أو الثلث أو السدس على الخلاف.
"وإن كان فيما قسمه قاسم الحاكم فعلى المدعي البينة" لقوله عليه السلام: "فعلى المدعي البينة"، "وإلا فالقول قول المنكر مع يمينه" لقوله عليه السلام: "اليمين على من أنكر" ولأن الظاهر الصحة وأداء الأمانة ولا يحلف القاسم "وإن كان فيما قسمه قاسمهم الذي نصبوه وكان فيما اعتبرنا فيه الرضى لم تسمع دعواه" لأنه رضي بالقسمة "وإلا فهو كقاسم الحاكم" لأنه بمنزلته وكذا في المستوعب والمحرر والوجيز وقيل: إن قلنا: القسمة بيع أو كانت مع رد لم تسمع دعوى الغلط وإن قلنا: إفراز سمعت.

وإن تقاسموا ثم استحق من حصته أحدهما شيء معين بطلت وإن كان شائعا فيهما فهل تبطل القسمة؟ على وجهين وإذا اقتسما دارين قسمة تراض فبنى أحدهما أو غرس في نصيبه ثم خرجت الدار مستحقة ونقض بناؤه رجع بنصف قيمته على شريكه
__________
فرع: تقبل شهادة القاسم أن زيدا أخذ حقه وإن كان بجعل فلا ذكره في المستوعب والرعاية.
"وإن تقاسموا ثم استحق من حصته أحدهما شيء معين بطلت" القسمة ذكره في المحرر والوجيز والفروع لأنه تبين أن أحد المتقاسمين لم يأخذ حقه وكما لو فعلا ذلك مع علمهما بالحال وإن كان المستحق من الحصتين على السواء لم تبطل فيما بقي على الأشهر لأن الباقي مع كل واحد قدر حقه إلا أن يكون ضرر المستحق في نصيب أحدهما أكثر كسد طريقه أو مجرى مائه أو ضوئه ونحوه فيبطل لأن هذا يمنع التعديل.
وقيل: تبطل لأنه لم يتعين الباقي لكل واحد منهما في مقابلة ما بقي للآخر "وإن كان شائعا فيهما فهل تبطل القسمة على وجهين".
أحدهما: تبطل قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الكافي والوجيز لأن الثالث: شريكهما لم يحضر ولم يأذن أشبه ما لو علماه.
و الثاني: لا كما لو كان المستحق في نصيبهما على السواء لأنه يمكن بقاء حقه في يدهما جميعا مع بقائهما فيما عدا ذلك على ما كانا وإذا ادعى كل منهما أن هذا من سهمي تحالفا ونقضت القسمة.
"وإذا اقتسما دارين قسمة تراض فبنى أحدهما أو غرس في نصيبه ثم خرجت الدار مستحقه ونقص بناؤه" وقلع غرسه "رجع بنصف قيمته على شريكه" لأن هذه القسمة بمنزلة البيع لأن الدارين لا يقتسمان قسمة إجبار وإنما هو بالتراضي ولو باعه نصف الدار رجع عليه بنصف ما غرم كذا هذا أو كذا في قسمة الإجبار إن قلنا: هي بيع وإن قلنا: إفراز فلا رجوع لأنه أفرز له حقه من حقه ولم يضمن له ما غرم فيه.

وإن خرج في نصيب أحدهما عيب فله فسخ القسمة وإذا اقتسم الورثة العقار ثم ظهر على الميت دين فإن قلنا: هي إفراز حق لم تبطل القسمة وإن قلنا: هي بيع انبنى على بيع التركة قبل قضاء الدين هل يجوز على وجهين،
__________
وأطلق في التبصرة رجوعه وفيه احتمال قال الشيخ تقي الدين: إذا لم يرجع حيث لا يكون بيعا فلا يرجع بالأجرة ولا بنصف قيمة الولد في الغرور إذا اقتسما الجواري أعيانا وعلى هذا فالذي لم يستحق شيئا من نصيبه يرجع الآخر عليه بما فوته من المنفعة هذه المدة "وإن خرج في نصيب أحد هما عيب فله فسخ القسمة" ذكره في الرعاية وغيرها إن كان جاهلا به لأن العيب نقص عن قدر حقه الخارج له فوجب أن يتمكن من فسخ القسمة استدراكا لما فاته وله الإمساك مع أرش العيب لأنه نقص في نصيبه فكان له ذلك استدراكا لحقه الثابت كالمشتري قال في الشرح :ويحتمل أن تبطل القسمة لأن التعديل فيها شرط ولم يوجد بخلاف البيع.
"وإذا اقتسم الورثة العقار ثم ظهر على الميت دين فإن قلنا: هي إفراز حق لم تبطل القسمة" ذكر معظم أصحابنا لأن الدين يتعلق بالتركة بعد القسمة فلم يقع ضرر في حق أحد لكن إن امتنعوا من وفاء الدين بطلت لأن الدين مقدم على الميراث وإن امتنع بعضهم بطل في نصيبه وحده وفي الكافي في صحة القسمة وجهان ولم يفرق وبنى ذلك على أن الدين هل يمنع صحة التصرف في التركة فيه وجهان "وإن قلنا: هي بيع" ذكر ابن عقيل أنه المذهب "انبنى على بيع التركة قبل قضاء الدين هل يجوز؟ على وجهين" وحكاهما في المحرر وغيره روايتان الأصح الجواز لأن العبد الجاني يتعلق برقبته حق المجني عليه ويتمكن مالكه من بيعه فكذا الوارث و الثانية: لا لأن تعلق الدين بالعين يمنع التصرف فيها كالرهن.
تنبيه: تركة الميت يثبت فيها الملك لورثته سواء كان عليه دين أو لا نص عليه وقال الأصطخري: يمنع بقدره وأومأ إليه أحمد لأن الدين لم يثبت في ذمة الورثة فيجب أن يتعلق بالتركة.

وإن اقتسما فحصلت الطريق في نصيب أحدهما ولا منفذ للآخر بطلت،
__________
والمذهب الأول: بدليل أن الغريم لا يحلف على دين الميت لأن الدين محله الذمة وإنما يتعلق بالتركة فيتخير الوارث بين قضاء الدين منها أو من غيرها كالرهن والجاني ولا يلزمه نفقة الرقيق والنماء له لأنه نماء ملكه أشبه كسب الجاني وقيل: يتعلق به حق الغرماء كنماء الرهن.
فمن اختار الأول: قال تعلق حق الغرماء بالرهن آكد لأنه ثبت باختيار المالك ولهذا أمنع من التصرف فيه.
وعلى الأخرى: حكمه حكم التركة وما يحتاج إليه من المؤنة منها فإن تصرف الوارث فيها ببيع أو هبة فعلى المذهب هو صحيح إن قضى الدين وإلا نقض تصرفه كما إذا تصرف السيد في الجاني ولم يود الجناية وعلى الثانية: تصرفه فاسد لأنه تصرف فيما لا يملكه.
وقال أبن حمدان: إن تعلق الدين بالتركة كتعلقه بالرهن لم يصح تصرف الوارث قبل الوفاء ولم يختص بالنماء وإن قلنا: كتعلق الأرش بالجاني وهو الأقيس فيصح تصرفه ثم إن ظهر الدين فلربه الفسخ وأخذ دينه في الأصح والدين المستغرق وغيره سواء.
مسألة: إذا كان له شجر وعليه دين فأثمرت ومات فالثمرة إرث ولا يتعلق بها دين وفيها الزكاة إن قلنا: تنتقل التركة مع الدين تعلق بها الدين وإن كان بعد وقت الوجوب ففي الزكاة روايتان وإن كان قبله ون قلنا: التركة قبل وفاء الدين فكذا وإلا فلا.
فرع: إذا كانت التركة أرضا ورضي ربها بإخراج ثلثها فقسمها الورثة وقالوا نحن نخرج قيمة الثلث بيننا فقيل: يجوز كالدين وقيل: لا لأن المستحق بالوصية بعض الأرض فتبطل القسمة.
وقال السامري: تبطل في حق كل وارث بقدر حصته من الثلث وفي الباقي وجهان وكذا إن أوصى أن يباع ثلثها ويصرف في جهة عينها.
"وإذا اقتسما فحصلت الطريق في نصيب أحدهما ولا منفذ للآخر بطلت

لقسمة ويجوز للأب والوصي قسم مال المولى عليه مع شريكه.
ـــــــ
القسمة" ذكره جماعة منهم صاحب الوجيز والفروع لأن النصيب الذي لا طريق له لا قيمة له إلا قيمة ملكه فلم يحصل تعديل والقسمة تقتضيه لأن من شرط الإجبار على القسمة أن يأخذه كل منهما يمكن الانتفاع به لكن إن كان أخذه راضيا عالما بأنه لا طريق له جاز كما لو اشتراه قال الشيخ تقي الدين: وكذا طريق ماء ونصه هو لهما ما لم يشترطا رده.
قال المؤلف: قياسه جعل الطريق مثله في نصيب الآخر ما لم يشرط صرفها عنه ونقل أبو طالب في مجرى الماء لا يغير مجرى الماء ولا يضر بهذا إلا أن يتكلف له النفقة حتى يصلح مسيله.
فرع: إذا كان لهما ظلة فوقعت في حق أحدهما فهي له بمقتضى العقد ذكره في المحرر والوجيز وغيرهما.
"ويجوز للأب والوصي قسم مال المولى عليه مع شريكه" لأن القسمة إما بيع وإما إفراز حق وكلاهما يجوز لهما ولأن فيها مصلحة الصغير فجازت كالشراء ويجوز لهما قسمة التراضي من غير زيادة في العوض لأن فيه دفعا لضرر أشبه ما لو باعه لضرر الحاجة إلى قضاء الدين وفي المحرر والوجيز وولي المولى عليه في قسمة الإجبار بمنزلته وكذلك في قسمة التراضي إذا رآها مصلحة.

باب الدعاوى والبينات
الدعاوى واحدها دعوى وهي إضافة الإنسان إلى نفسه ملكا أو استحقاقا أو نحوه.
وفي الشرع: إضافته إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره أو في ذمته والمدعى عليه من يضاف إليه استحقاق شيء عليه وقال أبن حمدان: هي إخبار خصمه باستحقاق شيء معين أو مجهول كوصية وإقرار عليه أو

المدعي من إذا سكت ترك والمنكر من إذا سكت لم يترك ولا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف وإذا تداعيا عينا لم تخل من ثلاثة أقسام: أحدها: أن تكون في يد أحدهما فهي له مع يمينه أنها له حق للآخر فيها إذا لم تكن بينة،
__________
عنده له ولموكله أو موليه أو لله حسبة بطلبه منه عند حاكم والأول أولى وهي عبارة عن الطلب ومنه قوله تعالى :{وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس:57]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه" رواه مسلم واليمين تختص بالمدعى عليه إلا في القسامة ودعاوى الأمناء المقبولة وحيث يحكم باليمين مع الشاهد أو نقول بردها والبينات جمع بينة من بان يبين فهو بين والأنثى بينة أي واضحة وهو صفه لمحذوف أي الدلالة البينة "المدعي من إذا سكت ترك والمنكر من إذا سكت لم يترك" ذكره في المحرر والوجيز وقدمه في الرعاية والفروع لأن المدعي طالب والمنكر مطلوب أي مطالب بالحق وقيل: المدعي من يطلب خلاف الظاهر أو الأصل والمدعى عليه عكسه وينبني على ذلك لو قال أسلمنا معا فالنكاح باق وادعت التعاقب فالمدعي هي وعلى الثاني: هو وقد يكون كل منهما مدعيا ومدعى عليه باعتبارين ولا تسمع دعوى مقلوبة وسمعها بعضهم واستنبطها فذكروا في الشفعة إذا أنكر المشتري الشراء أو أقام الشفيع بينة وأخذ الشفيع بالشفعة وامتنع المشتري من قبض الثمن ثلاثة أوجه أحدها يبقى في يد الشفيع الثاني: في يد الحاكم الثالث: واختاره القاضي يلزم الشفيع بقبضه أو يبرئ منه وفي السلم إذا جاءه بالسلم قبل محله لزمه قبضه إذا لم يكن في قبضه ضرر فحيث لزمه القبض أن دعواه تسمع ويلزم رب الدين بقبضه "ولا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف" لأن من لا يصح تصرفه لا قول له يعتمد وتصح على السفيه فيما يؤخذ به إذن وبعد فك حجره ويحلف إذا أنكر "وإذا تداعيا عينا لم تخل من أقسام ثلاثة: أحدها: أن تكون في يد أحدهما فهي له مع يمينه أنها له لا حق للآخر فيها إذا لم كن بينة" لقضاء النبي صلى الله عليه وسلم باليمين على المدعى عليه متفق عليه.

ولو تنازعا دابة احدهما راكبها أو له عليها حمل والآخر آخذ بزمامها فهي للأول وإن تنازعا قميصا أحدهما لابسه والآخر آخذ بكمه فهو للابسه وإن تنازع صاحب الدار والخياط الإبرة والمقص فهما للخياط،
__________
ولقوله في قضية الحضرمي والكندي " شاهداك أو يمينه ليس لك منه إلا ذلك " رواه مسلم لأن اليد دليل الملك ظاهرا أو لأن من ليست له يحتمل أن تكون له فشرعت اليمين في حق صاحبه من أجل ذلك وظاهره أنه إذا كان له بينة تظهر الحق أنه لا يحلف معها لكن لا يثبت الملك بذلك كثبوته بالبينة فلا شفعة له بمجرد اليد ولا عاقلة صاحب الحائط بمجرد اليد لأن الظاهر لا تثبت فيه الحقوق وإنما ترجح به الدعوى وفي الروضة أن اليد دليل الملك وفي التمهيد ببينة " ولو تنازعا دابة أحدهما راكبها أوله عليها حمل " الحمل بالكسر ما على رأس وظهر بالفتح ما في بطن الحبلى وفي حمل الشجرة " والآخر أخذ بزمامها " وقيل: غير مكار " فهي للأول " لأن تصرفه أقوى ويده آكد لأنه المستوفي للمنفعة فإن كان لأحدهما عليها حمل والآخر راكبها فهي للراكب فإن ادعيا الحمل فهو للراكب لأن يده على الدابة والحمل معا أشبه ما لو اختلف الساكن ومالك الدار في قماش فيها بخلاف السرج فإنه في العادة لصاحب الفرس " وإن تنازعا قميصا أحدهما لابسه والآخر أخذ بكمه فهو للابسه " لأنه أحسن حالا من الراكب مع الأخذ بالزمام فالراكب أولى فكذا ما هو أحسن حالا منه فإن كان كمه في يد أحدهما وباقية مع الآخر أو تنازعا عمامة طرفها في يد أحدهما وباقيها بيد الآخر تحالفا وهي بينهما فيمين كل واحد على النصف الذي أخذه
وعنه: يقرع بينهما فمن قرع حلف وأخذها إلا أن يدعي واحد نصفها فأقل والآخر كلها أو أكثر مما بقي فيصدق مدعي الأقل بيمينه نص عليه وذكر جمع يتحالفان " وإن تنازع صاحب الدار والخياط الإبرة والمقص " بكسر الميم وتسمى كل فردة مقصا " فهما للخياط " لأن تصرف الخياط في ذلك أظهر والظاهر معه فكان أقوى وإن نازعه الخياط

وإن تنازع هو والقراب القربة فهي للقراب وإن تنازعا عرصة فيها شجر أو بناء لأحدهما فهي له وإن تنازعا حائطا معقود ببناء احدهما وحده أو متصلا به اتصالا لا يمكن إحداثه أو له عليه أزج فهو له وإن كان محلولا من بنائهما أو معقودا بهما فهو بينهما ولا ترجح الدعوى بوضع خشب أحدهما عليه،
__________
في قميص يخيطه فيه أو النجار في خشب ينجره فيها أو في فرش وقطن وصوف فهو لصاحب الدار عملا بالعادة.
" وإن تنازع هو والقراب القربة فهي للقراب " لما ذكرنا لخلاف الخابية والجرار فإنها لصاحب الدار " وإن تنازعا عرصة فيها شجر أو بناء لأحدهما فهي له " لأن ذلك دليل الملك ظاهر وقال أبن حمدان: إن ثبتا بالاقتدار فهو بينهما " وإن تنازعا حائطا معقودا ببناء أحدهما وحده أو متصلا به لا يمكن إحداثه أو له عليه أزج " قال الجوهري: هو ضرب من الأبنية وقال ابن المنجا: هو القبو " فهو له " لأن ذلك يرجح قول مدعيه فكان له عملا بالظاهر وهو قول أكثرهم ويحلف لخصمه.
وظاهرة أنه إذا أمكن إحداثه لم يرجح بذلك وهو قول القاضي لاحتمال أن يكون فعل ذلك ليتملك الحائط المشترك ظاهر الخرقي أنه يترجح بهذا الاتصال عملا بالظاهر.
" وإن كان محلولا من بنائهما أو معقودا بهما فهو بينهما " لأنه لا ترجيح لأحدهما على الآخر ويحلف كل منهما لصاحبه أن نصف الحائط له وإن حلف كل واحد على جميعه أنه له وما هو لصاحبه جاز وإن نكلا عن اليمين كان الحائط في أيديهما على ما كان وإن نكل أحدهما قضى عليه وكان الكل للآخر فإن أقام كل منهما بينة تعارضتا وصارا كمن لا بينة لهما " ولا ترجح الدعوى بوضع خشب أحدهما عليه " قاله الأصحاب لأنه هذا مما يسمح به الجار وهو عندنا حق يحب التمكين منه أشبه إسناد متاعه إليه وتزويقه
ويحتمل أن ترجح به الدعوى ورجحه في الشرح كالباني عليه ولأن كونه مستحقا تشترط له الحاجة إلى وضعه وأكثر الناس

ولا بوجود الآخر والتزويق والتجصيص ومعاقد القمط في الخص وإن تنازع صاحب العلو السفل في سلم منصوب أو درجة منصوبة فهي لصاحب العلو إلا أن يكون تحت الدرجة مسكن لصاحب السفل فيكون بينهما،
__________
لا يتسامحون به ولأن الحائط يبنى لذلك فترجح به كالأزج
والظاهر: أنها لا ترجح بخلاف الجذعين ونحوهما لأن الحائط يبنى لهما " ولا بوجوه الآجر والتزويق والتجصيص " والتحسين ولا يكون أحدهما له على الآخر سترة غير مبينة لأنه مما يتسامح به ويمكن إحداثه " ومعاقد القمط " المعاقد جمع معقد بكسر القاف ما تشد به الأخصاص في الخص وهو بيت يعمل من خشب وقصب وجمعه أخصاص سمي به لما فيه من الفروج والأنقاب.
وحاصله: أنها لا يرجح الدعوى بكون الدواخل إلى أحدهما والخوارج ووجوه الآجر والحجارة ولا كون الأجرة الصحيحة مما يلي أحدهما ولا معاقد القمط " في الخص " يعني الخيوط التي يشد بها الخص.
والحديث المروي عن عمران رواه سعيد وابن ماجه ضعفه جماعة منهم أحمد وإسحاق وابن المنذر ولأن العرف جار بأن من بنى حائطا جعل وجه الحائط كما إذا لبس ثيابه فيجعل أحسنها أعلاها الظاهر للناس ليروه فيتزين به " وإن تنازع صاحب العلو والسفل في سلم منصوب أو درجة منصوبة فهي لصاحب العلو " لأن الظاهر أن ذلك له لكونه يراد للصعود والعرصة التي عليها الدرجة له أيضا لانتفاعه بها وحده " إلا أن يكون تحت الدرجة مسكن لصاحب السفل فتكون بينهما " لأن يدهما عليها لكونها سقفا للسفلاني وموطئا للفوقاني. قال في الشرح: وإن كان تحتها طاق صغير لم تبن الدرجة لأجله وإنما جعل مرفقا يجعل فيه جب الماء فهي لصاحب العلو لأنها بنيت لأجله.
ويحتمل أن تكون بينهما لأن يدهما عليها وانتفاعهما حاصل بها فهي كالسقف.

وان تنازعا في السقف الذي بينهما فهو بينها وإن تنازع المؤجر والمستأجر في رف مقلوع أو مصراع له شكل منصوب في الدار لصاحبها وإلا فهو بينهما
__________
وفي المحرر والرعاية فإن كان في الدرجة طاقة ونحوها فهل تكون بينهما على وجهين.
مسألة: إذا كانت دار فيها أربعة أبيات واحد ساكن في أحد أبياتها وآخر ساكن في البواقي واختلفا فيها كان لكل واحد ما هو ساكن فيه لأن كل بيت ينفصل عن صاحبه ولا يشارك الخارج منه الساكن فيه لثبوت اليد عليه.
وإن تنازعا الساحة التي يتطرق منها إلى البيوت فهي بينهما نصفان لاشتراكهما في ثبوت اليد عليها.
" وإن تنازعا في السقف الذي بينهما فهو بينها " جزم به في المحرر والمستوعب والوجيز لأنه حاجز بين ملكيهما ينتفعان به غير متصل ببناء أحدهما اتصال البنيان فكان بينهما كالحائط بين الملكين ويتحالفان.
وقال ابن عقيل: هو لصاحب العلو لأنه يمكنه السكنى إلا به.
وقال أبن حمدان: إن أمكن إحداثه بعد بناء العلو فهو لهما من غير يمين وإن تعذر فهو لرب السفل إن حلف وإن تنازعا حائط العلو أو سقفه فهو لربه لأنه مختص به وإن تنازعا حائط السفل فهو لربه لم يذكر في الشرح غيره لأنه المنتفع به وهو من جملة البيت فكان لصاحبه وقيل: هو بينهما لأنه لنفعهما فهو كالسلم تحت مسكن.
" وإن تنازعا المؤجر والمستأجر في رف مقلوع أو مصراع له شكل منصوب في الدار فهو لصاحبها وإلا فهو بينهما " قاله معظم أصحابنا لأن الظاهر أن الرف والمصراع تابع للمنصوب وذلك لصاحب الدار فكذا ما يتبعه وإما كونه بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر ويتحالفان.
وذكر في الكافي والشرح: أن ما يتبع الدار في البيع لرب الدار لأنه من توابعها أشبه الشجرة المغروسة فيها وما لا يتبعها للمكتري لأن يده عليها

وإن تنازعا دارا في يدهما فادعاها احدهما وادعى الآخر نصفها جعلت بينهما نصفين واليمين على مدعي النصف وإن تنازع الزوجان أو ورثتهما في قماش البيت فما كان يصلح للرجل فهو للرجل وما يصلح للنساء فهو للمرأة وما يصلح لهما فهو بينهما،
__________
والعادة من أن الإنسان يؤجر داره فارغة.
ونصه لمؤجر مطلقا كما لو لم يدخل في بيع وكذا ما لا يدخل في البيع وجرت العادة به وما لم تجر العادة به فلمكتر.
" وإن تنازعا دارا في أيديهما فادعاها أحدهما وادعى الآخر نصفها جعلت بينهما بصفين واليمين على مدعي النصف " نص عليه لأن مدعي الكل في يده نصف لا منازع فيه ومدعي النصف في يده نصف مدعى عليه به وهو ينكره والقول قول المنكر مع يمينه للخبر ولا أعلم فيه خلافا إلا ما حكي عن ابن شبرمة أن لمدعي الكل ثلاثة أرباعها لأن النصف لا منازع فيه والنصف الآخر يقسم بينهما على حسب دعواهما فيه وجوابه سبق.
وذكر أبو بكر وابن أبي موسى أنهما يتحالفان وهي بينهما نصفان وكذا لو ادعى أحدهما ثلثها والآخر جميعها وإن أقام كل منهما بينة فظاهر المذهب أنها للمدعي بتقدم بينته لأنه خارج في النصف وإن قدمنا بينة الداخل فالنصف لمدعيه وقيل: إن سقطتا فالتسوية وفي اليمين روايتان وإن كانت بيد ثالث فلمدعي الكل ثلاثة أرباعها ولمدعي النصف ربع مع البينة والتحالف نص عليه.
وعنه: هي لهما نصفين للتساقط وقيل: يقترعان على النصف وإن كانت بيد ثلاثة فادعى أحدهم نصفها والآخر ثلثها و الثالث: سدسها فهي لهم كذلك سواء أقام كل واحد منهم بينة أم لا " وإن تنازع الزوجان " حرين كانا أو رقيقين أو أحدهما أو بعضه "أو ورثتهما " أو أحدهما وورثة الآخر " في قماش البيت فما كان يصلح للرجال " كالسيف والعمامة " فهو للرجل " لأنه الظاهر "وما يصلح للنساء" كالحلي وزينتهن " فهو للمرأة " لما ذكرنا.
" وما يصلح لهما فهو بينهما " لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر وقيل: ولا

وإن اختلف صانعان في قماش دكان فهما حكم بآلة كل صناعة لصحبها في ظاهر كلام أحمد والخرقي وقال القاضي إن كانت أيديهما عليه من طريق الحكم فكذلك وإن كانت من طريق المشاهدة فهو بينهما على كل حال وكل من قلنا: له فهو مع يمينه إذا لم تكن بينة وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها،
-----------------
عادة نقل الأثرم المصحف لهما فإن كانت لا تعرف تكتب ولا تقرأ بذلك فهو له " وإن اختلف صانعان في قماش دكان لهما حكم بالة كل صناعة لصاحبها في ظاهر كلام أحمد والخرقي " قدمه في المحرر والمستوعب وجزم به في الوجيز ونصره في الشرح عملا بالظاهر ولأن الآلة بالنسبة إلى الصانع كالقماش الصالح للرجل بالنسبة إليه وكما لو تنازعا فيما في أيديهما أشبه ما لو كان في اليد الحكمية.
وقال القاضي في المسألتين: "إن كانت أيديهما عليه من طريق الحكم فكذلك وإن كانت من طريق المشاهدة فهو بينهما على كل حال" لأن المشاهدة أقوى من اليد الحكمية بدليل ما لو تنازع الخياط وصاحب الدار الإبرة والمقص وإن كان في يد أحدهما المشاهدة فهو له.
واعلم أنه لا ترجيح مما خرج عن المسكن والدكان بالصلاحية فقط بحال لأنه ليس لهما يد حكمية أشبه سائر المختلفين.
" وكل من قلنا هو فهو له مع يمينه " لأنه يحتمل أن لا يكون له فشرعت اليمين من أجل ذلك " إذا لم تكن بينة " لأنها تظهر الحق " وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها " بغير خلاف ولم يحلف لحديث الحضرمي وغيره ولأن البينة أحد حجتي الدعوى فيكتفى بها كاليمين وهذا قول أهل الفتيا من أهل الأمصار وقال شريح والنخعي والشعبي وابن أبي ليلى يستحلف الرجل مع بينته قيل: لشريح ما هذا الذي أحدثت في القضاء فقال رأيت الناس أحدثوا فأحدثت قال الشيخ شمس الدين ابن القيم وهذا ليس ببعيد لا سيما مع التهمة ويخرج في مذهب أحمد وجهان.
قال الخلال في جامعه: حدثنا محمد بن علي حدثنا مهنا قال سألت أبا

وإن كان لكل واحد منهما بينة حكم بها للمدعي في ظاهر المذهب وعنه: إن شهدت بينة المدعى عليه أنها له نتجت في مكله أو قطيعة من الإمام قدمت بينته وإلا فهي للمدعي ببينته،
__________
عبد الله عن الرجل يقيم الشهود أيستقيم للحاكم أن يقول لصاحب الشهود احلف قال قد فعل ذلك علي قلت: من ذكره قال ثنا حفص بن غياث ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن حنيس قال استحلف علي عبيد الله بن الحر مع الشهود.
" وإن كان لكل واحد منهما بينة " وهي بيد أحدهما أقيمت بينة منكر مع زوال يده أو لا " حكم بها للمدعي في ظاهر المذهب " وهو المشهور عنه وقاله الخرقي ونصره في الشرح وجزم به في الوجيز لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل البينة في جنبة المدعى بقوله: " البينة على المدعي " فلا يبقى في جنبة المدعى عليه بينة ولأن بينة المدعي أكثر فائدة: لأنها تثبت شيئا لم يكن فوجب تقديمها كبينة الجرح على التعديل وبينة المنكر إنما تثبت ظاهرا دلت اليد عليه فلم تفد ولأنه يجوز أن يكون مستند بينة المنكر رؤية التصرف ومشاهدة اليد أشبهت اليد المفردة.
و الثانية: تقدم بينة المنكر مطلقا اختارها أبو محمد الجوزي وقاله أكثر الفقهاء وأبو عبيد لأنهما تعارضتا ومع صاحب اليد ترجيح بها فقدمت كالنصين إذا تعارضا ومع أحدهما القياس.
" وعنه: أن شهدت بينة المدعى عليه أنها له تجب في مكله أو قطيعة من الإمام قدمت بينته " لحديث جابر: "أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في دابة أو بعير وأقام كل منها البينة أنها له أنتجها فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم أنها للذي في يده ولأنها إذا شهدت بالسبب أفادت ما لا تفيده اليد وترجحت باليد فوجب ترجيحها " وإلا " أي وإن يشهد بذلك " فهي للمدعي ببينته "
قال أحمد: البينة للمدعي ليس لصاحب الدار بينة وعنه: تقدم بينة الداخل إلا أن تمتاز بينة الخارج بسبب الملك أو سبقه فإنها تقدم وعلى هذا يكفي مطلق السبب.
وعنه: تعتبر إفادته للسبق فإن شهدت بينة كل منهما أنها أنتجت في مكله

وقال القاضي فيهما: إذا لم يكن مع بينة الداخل ترجيح لم يحكم بها رواية واحدة وقال أبو الخطاب: فيه رواية أخرى أنها مقدمة بكل حال فإن أقام الداخل بينة أنه اشتراها من الداخل فقال القاضي تقدم بينة الداخل وقيل: تقدم بينة الخارج
__________
تعارضتا وقدم في الإرشاد تقدم بينة خارج "وقال القاضي فيهما: إذا لم يكن مع بينة الداخل ترجيح لم يحكم بها رواية واحدة " لأن بينة الخارج أقوى منها لأنها لا يجوز أن يكون مسنتدها اليد بخلاف بينة الداخل.
" وقال أبو الخطاب فيه رواية أخرى: أنها " أي بينة الداخل " مقدمة بكل حال " لأن جنبته أقوى من جنبة الخارج بدليل أن يمينه تقدم على يمينه.
" وإن أقام الداخل بينة أنه اشتراها من الخارج وأقام الخارج بينة أنه اشتراها من الداخل فقال القاضي تقدم بينة الداخل " قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأنه هو الخارج في المعنى لأنه ثبت بالبينة أن المدعي صاحب اليد وأن يد الداخل نائبة عنه.
" وقيل: تقدم بينة الخارج " لأنه المدعي ولأن اليمين في حق الداخل فتكون البينة في حق الخارج وقيل: يتعارضان فلو ادعى الخارج أن العين ملكه أودعها إياه أو آجره وأنكر الآخر وأقاما بينتين فبينة الخارج أولى نصره في الكافي والشرح وقدمه في الرعاية وكما لو لم يدع الوديعة.
وقال القاضي بينة الداخل مقدمة لأنه هو الخارج في المعنى ومثله لو ادعى أن الداخل غصبه إياها.
فرع : إذا أقام المدعي بينة ولم يعدلها لم تسمع بينة الداخل وفيه احتمال وتسمع بعد التعديل قبل الحكم وبعده قبل التسليم ولا تسمع قبل سماع بينة الخارج وتعديلها بعد الحكم والتسليم.
فإن لم يكن للداخل بينة حاضرة فرفعنا يده فجاءت بينته وقد ادعى ملكا مطلقا في بينة خارج وإن ادعاه مستندا إلى ما قبل رفع يده فبينة داخل والمراد فمن يقدم بينة الداخل يقدمها وينقض الحكم ببينة الخارج والمراد إن كان يرى

فصل
القسم الثاني: أن تكون العين في يديهما فيتحالفان وتقسم بينهما
__________
تقديمها عند التعارض لأنه إنما حكم بناء على عدم بينة داخل فقد بين إسناد ما يمنع الحكم إلى حالة الحكم وهو الأشهر للشافعية.
مسائل
الأولى: إذا كان في يد إنسان شاة مسلوخة وباقيها في يد آخر فادعاها كل منهما ولا بينة فلكل ما في يده مع يمينه وإن أقاما بينتين و قلنا: بتقديم بينة الخارج فلكل ما في يده من غير يمين.
الثانية: إذا كان في يد كل منهما شاة فادعى كل منهما أن الشاة التي في يد صاحبه له وأقاما بينتين فلكل منهما الشاة التي في يد صاحبه ولا تعارض وإن قال كل منهما الشاة التي في يدك من نتاج شاتي هذه فالتعارض في النتاج لا في الملك.
الثالثة: إذا ادعى شاة بيد عمرو وأقام بينة قضي له فإن أقام عمرو بينة أنها ملكه لم تسمع لأنها بينة داخل له يد.
الرابعة: إذا كان في يده شاة فادعى عمرو أنها له منذ سنة وأقام البينة وادعى زيد أنها في يده منذ سنتين وأقام بينة فهي لعمرو بغير خلاف لإمكان الجمع فإن شهدت بينة عمرو بأنها ملكه منذ سنتين فقد تعارض الترجيحان وفيه روايتان فإن شهدت بينة الداخل أنه ملكها منذ سنة وشهدت بينة الخارج أنه ملكها منذ سنتين قدمت بينة الخارج على المشهور.
فصل
" القسم الثاني: أن تكون العين في يديهما فيتحالفان وتقسم بينهما " بغير خلاف نعلمه لأن يد كل منهما على نصفها والقول قول صاحب اليد مع يمينه وإن نكلا جميعا عن اليمين فكذلك وإن نكل أحدهما وحلف

وإن تنازعا مسناة بين نهر أحدهما وأرض الآخر تحالفا وهي بينهما وإن تنازعا صبيا في يديهما فكذلك وإن كان مميزا فقال: إني حر فهو حر إلا أن تقوم بينة برقه ويحتمل أن يكون كالطفل،
__________
الآخر قضي له بجميعها لأنه يستحق ما في يده بيمينه وما في يد الآخر بنكوله أو بيمينه التي ردت عليه بنكول صاحبه وفى يكل موضع قلنا: هو بينهما نصفان إنما يحلف كل منهما على النصف الذي نجعله له.
" وإن تنازعا مسناة " المسناة السد الذي يرد ماء النهر من جانبه " بين نهر أحدهما وأرض الآخر تحالفا وهي بينهما " ذكره في الكافي والشرح والوجيز لأنه حاجز بين ملكهما ينتفع به كل واحد منهما أشبه الحائط بين الدارين وقيل: لرب النهر وقيل: لرب الأرض ولرب النهر الارتفاق بها في تنظيف النهر والحوض كالنهر في ذلك.
فرع : إذا تنازعا جرارا بين ملكهما فهو بينهما ويتحالفان ويحلف كل منهما للآخر أن نصفه له وفي المغني يجوز أن يحلف أن كله له " وإن تنازعا صبيا " مجهول النسب " في يديهما " كذلك أي يتحالفان وهو يبنهما لأنه لا يعبر عن نفسه أشبه البهيمة إلا أن يعرف أن سبب يده غير الملك مثل أن يلتقطه فلا تقبل دعواه لرقة لأن اللقيط محكوم بحريته فأما غيره فقد وجد فيه دليل الملك وهو اليد من غير معارضة فيحكم برقه وإن لم يدعه.
فعلى هذا إذا بلغ وادعى الحرية لم تقبل منه لأنه محكوم برقه قبل دعواه فلو وضع يده على بدنه والآخر على ثوبه فهو وثوبه للأول.
" وإن كان مميزا فقال: إني حر فهو حر " قدمه في المستوعب والرعاية وجزم به في الوجيز وذكر في الشرح أنه الأولى لأن الظاهر الحرية وهي الأصل في بني آدم ولأنه يعرب عن نفسه أشبه البالغ " إلا أن تقوم بينة برقه " فيعمل بها.
" ويحتمل أن يكون كالطفل " أي: يكون يبنهما لأنه غير مكلف أشبه الطفل وكما لو اعترف برقه.

فإن كان لأحدهما بينة حكم له بها وإن كان لكل واحد بينة قدم أسبقهما تاريخا فإن وقتت أحدهما وأطلقت الأخرى فهما سواء ويحتمل تقديم المطلقة وإن شهدت أحدهما بالملك والأخرى بالملك والنتاج أو سبب من أسباب الملك فهل تقدم بذلك على وجهين.
__________
فرع: إذا ادعيا رق بالغ فصدقهما فهو لهما وإن كذبهما ولا بينة حلف لهما وخلي وإن صدق أحدهما فهو له لأن رقه إنما ثبت بإقراره وإن جحدهما قبل قوله في الأشهر وفي الرعاية إن سكت هو أو المميز لم يصح بيعهما.
وقيل: بلى فإن أقاما بينة برقية أحدهما وأقام بينة بحريته تعارضتا وقيل: تقدم بينة الحرية وقيل: عكسه " وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها " لأن البينة تظهر صاحب الحق " وإن كان لكل واحد منهما بينة قدم أسبقهما تاريخا " قال القاضي: هو قياس المذهب وجزم به في الوجيز لأنها أثبتت لصاحبها في وقت لم تعارض فيه البينة الأخرى فيثبت الملك فيه ولهذا له المطالبة بالباقي ذلك الزمان وتعارضت البينتان في الملك في الحال فسقطتا وبقي ملك السابق تجب استدامته مثل أن تشهد أحداهما أنها له منذ سنة والأخرى أنها له منذ سنتين وظاهر الخرقي أنهما سواء قدمه في المحرر والرعاية ورجحه في الشرح لأن الشاهد بالملك الحادث أولى لجواز أن يعمل به دون الأول: فإذا لم يرجح بهذا فلا أقل من التساوي.
وأجاب في المغني عن ثبوت الملك في الزمن الأول: بأن ذلك إنما يثبت تبعا للزمن الحاصل بدليل أنه لو انفردت الدعوى بالزمن الماضي لم تسمع.
" فإن وقتت إحداهما وأطلقت الأخرى فهما سواء " هذا هو المذهب وجزم به في الوجيز ونصره في الشرح لأنه ليس في المطلقة ما يقتضي التقديم فوجب استواؤهما كمما لو أطلقتا جميعا " ويحتمل تقديم المطلقة " هذا وجه وهو قول أبي يوسف ومحمد لأن الملك بها يجوز أن يكون ثابتا قبل الموقتة " وإن شهدت إحداهما بالملك والأخرى؟ بالملك والنتاج أو سبب الملك فهل تقدم بذلك على وجهين :" أحدهما: وهو اختيار

ولا تقدم إحداهما بكثرة العدد ولا اشتهار العدالة ولا الرجلان على الرجل والمرأتين ويقدم الشاهدان على الشاهد واليمين في أحد الوجهين وإذا تساوتا تعارضتا وقسمت العين بينهما
__________
الخرقي وقدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز لا ترجح به لأنهما اشتركا في إثبات أصل الملك واليد فوجب استواؤهما كذلك و الثاني: تقدم به لأنها شهدت بزيادة على الأخرى كتقديم بينة الجرح على التعديل.
وعنه: لا تقدم إحداهما إلا بالسبق أو سبب يفيده كالنتاج في ملكه والإقطاع فأما سبب الإرث أو الهبة أو الشراء فلا قال في المحرر: فعلى هاتين إن شهدت بينة بملك منذ سنة وأطلقت الأخرى فهل هما سواء أو تقدم المطلقة على وجهين فإن شهدت بينة كل واحد بسبق الملك أو سببه قدمت بينة الخارج وقيل: هما كغيرهما في السقوط وغيره.
وكذا إذا اتفق تاريخهما قاله في الرعاية: " ولا تقدم إحداهما بكثرة العدد ولا اشتهار العدالة ولا الرجلان على الرجل والمرأتين " هذا هو المعمول به وقاله أكثر العلماء لأن الشرع قدر الشهادة بمقدار معلوم وبالعدالة وبالرجل والمرأتين فلم يختلف ذلك بالزيادة وعنه: ترجح باشتهار العدالة اختاره ابن أبي موسى وأبو الخطاب وأبو محمد الجوزي وجزم به في الوجيز لأنه أبلغ وهو قول في الرجلين وتخريج في كثرة العدد لأن أحد الخبرين يرجح بذلك والشهادة خبر ولأن الظن يقوى بذلك.
" ويقدم الشاهدان على الشاهد واليمين في أحد الوجهين " صححه في الشرح وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأن الشاهدين حجة متفق عليها فتقدم على المختلف فيه و الثاني: لا ترجح بذلك وقدمه في الفروع بل تتعارضان لأنهما حجتان أشبهتا البينتين.
" وإذا تساوتا تعارضتا " لأنه لا مزية لإحداهما على الأخرى " وقسمت العين بينهما " على المذهب وصححه في الشرح وفي الكافي إنه الأولى وجزم به في الوجيز لما روى أبو موسى أن رجلين اختصما في بعير وأقام

بغير يمين وعنه: أنهما يتحالفان كمن لا بينة لهما وعنه: أنه يقرع بينهما فمن قرع صاحبه حلف وأخذها فإن ادعى احدهما أنه اشتراها من زيد لم تسمع البينة على ذلك حتى يقولا وهي ملكه وتشهد البينة به فإن ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد وهي ملكه وادعى الآخر أنه اشتراها من عمرو وهي ملكه وأقاما بذلك بينتين تعارضتا
__________
كل منهما شاهدين فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بالبعير بينهما رواه أبو داود ولأن كلا منهما داخل في نصف العين خارج في نصفها الآخر " بغير يمين " وهو قوله أكثرهم لظاهر ما ذكرناه.
" وعنه أنهما يتحالفان كمن لا بينة لهما " ذكره الخرقي وقدمه في المحرر والرعاية فعلى هذا يحلف كل منهما على النصف المحكوم له به وكالخبرين المتساويين.
وجوابه الفرق أن كل بينة في نصف العين والبينة الراجحة يحكم بها من غير يمين ونصر في عيون المسائل يستهمان على من يحلف وتكون العين له ونقله صالح " وعنه: أنه يقرع بينهما " لأن القرعة مشروعة في موضع الإبهام وهو موجود هنا " فمن قرع صاحبه حلف " لأنه يحتمل أن تكون العين لصاحبه " وأخذها " لأن ذلك فائدة: القرعة والمقدم في الفروع أنه يأخذها من غير يمين ثم قال وهل يحلف كل منهما للآخر فيه روايتان.
" فإن ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد لم تسمع البينة على ذلك حتى يقولا وهي ملكه وتشهد البينة به " لأن مجرد الشراء لا يوجب نقل الملك لجواز أن يقع من غير مالك فلم يكن بد من انضمام الملك للبائع ولأن مجرد الشراء لو أفاد لتمكن من أراد انتزاع ملك من يد شخص بذلك بأن يوافق شخصا لا ملك له على إيقاع الشراء على الملك الذي في يد ذلك الشخص وينتزعه منه وذلك ضرر عظيم.
" وإن ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد وهي ملكه وادعى الآخر أنه اشتراها من عمرو وهي ملكه وأقاما بذلك بينتين تعارضتا " لأنهما استويا في السبب وثبوت الملك وذلك يوجب التعارض وظاهره ولو أرضا

وإن أقام أحدهما بينة أنها ملكه وأقام الآخر بينة أنه اشتراها منه أو وقفها عليه أو أعتقه قدمت بينته ولو أقام رجل بينة أن هذه الدار لأبي خلفها تركة وأقامت امرأته بينة أن أباها أصدقها إياها فهي للمرأة،
__________
وهو رواية وهي المذهب.
والثانية : يقدم أسبقهما تاريخا وإن كانت في يد أحدهما فهي للخارج.
فرع : من ادعى دارا في يده فأقام زيد بينة أنه اشتراها من عمرو حين كانت ملكه وسلمها إليه فهي لزيد وإلا فلا.
وكذا دعوى وقفها عليه من عمرو وهبتها له منه ومن أقر لزيد بشيء ادعاه وذكر تلقيه من سمع وإلا فلا وإن أخذ منه ببينة ثم ادعاه فهل يلزم ذكر تلقيه منه قال أبن حمدان: يحتمل وجهين.
إذا قال: آجرتك هذا البيت بعشرة فقال المستأجر بل جميع الدار وأقاما بينتين تعارضتا وقيل: يقدم قول المستأجر.
" وإن أقام أحدهما بينة أنها ملكه وأقام الآخر بينة أنه اشتراها منه أو وقفها عليه أو أعتقه قدمت بينته " لأنها شهدت بأمر خفي على بينة الملك ولا تعارض بينهما فثبت الملك للأول والشراء منه للثاني ولم ترفع يده بل تقر في يده ولا تؤخذ منه لأنه قد حكم بأن بينته مقدمة بخلاف الحكم في مسألة: الداخل والخارج فإن اليد ترفع فيها لأن صاحب اليد هو الداخل كقوله أبرأني من الدين لأن معها زيادة علم.
أما لو قال: لي بينة غائبة طولب بالتسليم لأن تأخيره يطول.
وقال الشيخ تقي الدين في بينة شهدت له بملك إلى حين وقفه وأقام وارث بينة أن مورثه اشتراه من الواقف قبل وقفه قدمت بينة وارث لأن معها مزيد علم كتقديم من شهد بأنه ورثه من أبيه وآخر أنه باعه " ولو أقام رجل بينة أن هذه الدار لأبي خلفها تركة وأقامت امرأته بينة أن أباه أصدقها إياها فهي للمرأة " لأن بينتها شهدت بالسبب المقتضي لنقل الملك.
وقول الابن إن أباه تركها تركة لا تعارضها وإن نافيها في مستندها فيه هو

فصل
القسم الثالث: تداعيا عينا في يد غيرهما،
__________
الاستصحاب وقد تبين قطعه بقيام البينة على سبب النقل فإن لم يكن لها بينة فيصدق الابن إن حلف.
تنبيه : إذا كانت دار بيد زيد فأقام كل واحد بينة أنه اشتراها من زيد بكذا وقبل أو لم يقبل وهي ملكه بل كانت تحت يده وقت البيع واتحد تاريخهما تعارضتا.
فإن قلنا: تقسم تحالفا ورجع كل واحد على زيد بما وزن له وقيل: بنصف الثمن وله الخيار في فسخ البيع لأن الصفقة تبعضت عليه.
فإن فسخ أحدهما فللآخر طلب كل الدار إلا أن يكون الحاكم قد حكم له بنصف السلعة ونصف الثمن فلا يعود النصف الآخر إليه وإن أقرعنا فهي لمن قرع وفي اليمين الخلاف السابق وإن سقطتا فكما سبق.
وإن اختلف تاريخهما حكم بالأسبق وغرم البائع الثمن للثانية وإن أرخت إحداهما أو لم تؤرخا تعارضتا في الملك في الحال لا في الشراء لجواز تعدده وتجدده وإن ادعاها زيد لنفسه حلف لهما مرة قدمه في الرعاية.
وقيل: إن قلنا: يسقطان حلف لكل واحد يمينا وأخذها وإن قلنا: بالقرعة فمن قرع منهما غير زيد حلف أنها له وحده وأخذها.
وإن قلنا: تقسم فلكل منهما نصفها بنصف الثمن ذكره في الكافي وقد نص أحمد في رواية الكوسج في رجل أقام البينة أنه اشترى سلعة بمائة وأقام آخر بينة أنه اشتراها فكل منهما يستحق نصف السلعة بنصف الثمن فيكونان شريكين.
فصل
القسم الثالث: تداعيا عينا في يد غيرهما نقول إذا ادعاها صاحب اليد لنفسه قبل قوله مع يمينه بغير خلاف ويحلف لكل واحد يمينا في الأشهر فإن نكل عنها لزمه العين لهما أو عوضها وإن لم يكن كذلك.

فإنه يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها فإن كان المدعي عبدا فأقر لأحدهما لم يرجح بإقراره،
__________
" فإنه يقرع بينهما " لما روى أبو هريرة أن رجلين تداعيا في دابة ليس لواحد منهما بينة فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يستهما على اليمين رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وإسناده ثقات ولأن القرعة تتميز عند التساوي ولأنه لا مزية لأحدهما أشبه ما لو أعتق أحد عبديه في مرضه " فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها " لما ذكرنا وقيل: يقتسمانها ويتحالفان وقيل: من قرع من المدعيين وحلف فهي له وذكر جماعة أنه إذا اعترف أنه لا يملكها وقال لا أعرف صاحبها وصدقاه في نفي العلم لم يحلف وأخذت منه واقترعا فمن قرع صاحبه حلف أنها له وأخذها.
وإن كذباه أو أحدهما لزمه يمين واحدة بذلك واقترعا قبل حلفه الواجب وبعده وإن نكل تعين قبله.
وإن اقترعا قبل فلا حلف عليه كغير المقروع المكذب له فإن نكل لزمه القيمة وعنه: يقف الحكم حتى يأتيا بأمر بين قال لأن إحداهما كاذبة فسقطتا كما لو ادعيا زوجية امرأة وأقام كل واحد البينة وليست بيد أحدهما فإنهما يسقطان كذا هنا.
" فإن كان المدعي عبدا " مكلفا " فأقر لأحدهما لم يرجح بإقراره " هذا رواية ذكرها القاضي وغيره لأنه متهم وهو محجور عليه أشبه الطفل والمذهب أنه إذا صدق أحدهما فهو له كمدع واحد وإن صدقهما فهو لهما وإن جحد قبل قوله وحكي لا وإن كان غير مكلف لم يرجح بإقراره.
مسائل : إذا أقر بها لأحدهما بعينه حلف وأخذها ويحلف المقر للآخر وإن نكل أخذ منه بدلها وإن أخذها المقر له فأقام الآخر بينة أخذها منه قال في الروضة للمقر له قيمتها على المقر وإن أقر بها لهما ونكل عن التعيين اقتسماها وإن قال: هي لأحدهما وأجهله فإن صدقاه لم يحلف ويقرع بينهما فمن قرع حلف وأخذها نص عليه.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24