كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير


خاتم النبيين فأجعله من عماره وسكانه وحماته وولاته وحجابه وسقته يكون أميني عليه ما كان حيا فإذا انقلب إلي وجدني قد ادخرت له من أجره ونصيبه ما يتمكن به من القربة إلي والوسيلة عندي وأفضل المنازل في دار المقامة ، وأجعل اسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناه مكرمة لنبي من ولدك يكون قبيل هذا النَّبِيّ وهو أبوه يقال له إبراهيم أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته وأنيط له سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه وأجعل أمة واحدة قانتا بأمري داعيا إلى سبيلي وأجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم ، أبتليه فيصبر وأعافيه فيشكر وآمره فيفعل وينذر لي فيفي ويعدني فينجز وأستجيب دعوته في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذلك البيت وحماته وسقاته وخدمه وخزنته وحجابه حتى يبتدعوا ويغيروا ويبدلوا ، فإذا فعلوا ذلك فأنا أقدر القادرين على أن استبدل من اشاء بمن أشاء وأجعل إبراهيم إمام ذلك وأهل تلك الشريعة يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الإنس والجن يطأون فيها آثاره ويتبعون فيها سنته ويقتدون فيها بهديه فمن فعل ذلك منهم أوفى بنذره واستكمل نسكه وأصاب بغيته ومن لم يفعل ذلك منهم ضيع نسكه وأخطأ بغيته ولم يوف بنذره ، فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن أين أنا فأنا من الشعث الغبر الموبقين الموفين بنذرهم المستكملين

مناسكهم المتبتلين إلى ربهم الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون ، وأخرجه الجندي عن عكرمة ووهب بن منبه رفعاه إلى ابن عباس بمثله سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : كان موضع البيت في زمن آدم عليه السلام شبرا أو أكثر علما فكانت الملائكة تحج إليه قبل آدم ثم حج فاستقبلته الملائكة قالوا : يا آدم من أين جئت قال : حججت البيت ، فقالوا : قد حجته الملائكة قبلك بألفي عام.
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : أهبط آدم بالهند فقال : يا رب مالي لا أسمع صوت الملائكة كما كنت أسمعها في الجنة فقال له : لخطيئتك يا آدم فانطلق فابن لي بيتا فتطوف به كما رأيتهم يتطوفون ، فانطلق حتى أتى مكة فبنى البيت فكان موضع قدمي آدم قرى وأنهارا وعمارة ومابين خطاه مفاوز فحج آدم البيت من الهند أربعين سنة.
وأخرج البيهقي عن وهب بن منبه قال : لما تاب الله على آدم وأمره أن يسير إلى مكة فطوى له الأرض حتى انتهى إلى مكة فلقيته الملائكة

بالأبطح فرحبت به وقالت له : يا آدم إنا لننظرك بر حجك أما أنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام وأمر الله جبريل فعلمه المناسك والمشاعر كلها وانطلق به حتى أوقفه في عرفات والمزدلفة وبمنى وعلى الجمار وأنزل عليه الصلاة والزكاة والصوم والاغتسال من الجنابة ، قال : وكان البيت على عهد آدم ياقوتة حمراء يلتهب نورا من ياقوت الجنة لها بابان شرقي وغربي من ذهب من تبر الجنة وكان فيها ثلاث قناديل من تبر الجنة فيها نور يلتهب بابها بنجوم من ياقوت أبيض والركن يومئذ نجم من نجومها ياقوتة بيضاء فلم يزل على ذلك حتى كان في زمان نوح وكان الغرق فرفع من الغرق فوضع تحت العرش ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة ، فلم يزل على ذلك حتى كان إبراهيم فأمره أن يبني بيتي فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس تتكلم لها وجه كوجه الإنسان فقالت : يا إبراهيم خذ قدر ظلي فابن عليه ولاتزد ولا تنقص ، فأخذ إبراهيم قدر ظلها ثم بنى هو واسماعيل البيت ولم يجعل له سقفا فكان الناس يلقون فيه الحلى والمتاع حتى إذا كاد أن يمتلى ء أنفذ له خمسون نفرا ليسرقوا ما فيه فقام كل واحد على زاوية واقتحم الخامس فسقط على رأسه فهلك وبعث الله عند ذلك حية بيضاء سوداء الرأس والذنب فحرست البيت خمسمائة عام لا يقربه أحد إلا أهلكته فلم يزل حتى بنته قريش

وأخرج الأزرقي والبيهقي عن عطاء ، أن عمر بن الخطاب سأل كعبا فقال أخبرني عن هذا البيت ما كان أمره فقال : إن هذا البيت أنزله الله من السماء ياقوتة حمراء
مجوفة مع آدم فقال : يا آدم إن هذا بيتي فطف حوله وصل حوله كما رأيت ملائكتي تطوف حول عرشي وتصلي ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ثم وضع البيت على القواعد فلما أغرق الله قوم نوح رفعه الله إلى السماء وبقيت قواعده.
وأخرج البيهقي من طريق عطاء بن أبي رباح عن كعب الأحبار قال : شكت الكعبة إلى ربها وبكت إليه فقالت : أي رب قل زواري وجفاني الناس ، فقال الله لها إني محدث لك إنجيلا وجاعل لك زوارا يحنون إليك حنين الحمامة إلى بيضاتها.
وأخرج الأزرقي والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن سابط عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال : ما بين المقام إلى الركن إلى بئر زمزم إلى الحجر قبر سبعة وسبعين نبيا جاؤوا حاجين فماتوا فقبروا هنالك.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : أقبل تبع يريد الكعبة حتى إذا كان

بكراع الغميم بعث الله عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم إلا عصفته وذهب القائم ليقعد فيصرع وقامت عليهم ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما ما هذا الذي بعث علي قالا : أو تؤمننا قال : أنتم آمنون ، قالا : فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده ، قال : فما يذهب هذا عني قالا : تجرد في ثوبين ثم تقول لبيك لبيك ثم تدخل فتطوف بذلك البيت ولا تبيح أحدا من أهله ، قال : فإن أجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عني قالا : نعم ، فتجرد ثم لبى ، قال ابن عباس : فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة فقال مرحبا بك من بيت ما أعظمك وأعظم حرمتك وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه نظر إلى الكعبة فقال : لقد شرفك الله وكرمك

والمؤمن أعظم حرمة منك.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر قال لما افتتح النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مكة استقبلها بوجهه وقال : أنت حرام ما أعظم حرمتك وأطيب ريحك وأعظم حرمة عند الله منك المؤمن.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن مكحول أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما رأى البيت حين دخل مكة رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا.
وأخرج الشافعي في الأم عن ابن جريج أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أواعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للكعبة لسانا وشفتين وقد اشتكت فقالت : يا رب قل عوادي وقل زواري ، فأوحى الله : إني خالق بشرا خشعا سجدا يحنون إليك كما تحن

الحمامة إلى بيضها.
وأخرج الأزرقي ، عَن جَابر الجزري قال : جلس كعب الأحبار أو سلمان الفارسي بفناء البيت فقال : شكت الكعبة إلى ربها ما نصب حولها من الأصنام وما استقسم به من الأزلام فأوحى الله إليها : إني منزل نورا وخالق بشرا يحنون إليك حنين الحمام إلى بيضه ويدفون إليك دفيف النسور ، فقال له قائل : وهل لها لسان قال : نعم وأذنان وشفتان.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس ، أن جبريل وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عصابة خضراء قد علاها الغبار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الغبار الذي أدى على عصابتك قال : إني زرت البيت فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى مما تثير بأجنحتها.
وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال : حج آدم عليه السلام فقضى المناسك فلما حج قال : يا رب إن لكل عامل أجرا قال الله تعالى : أما أنت يا آدم فقد غفرت لك وأما ذريتك فمن جاء منهم هذا البيت

فباء بذنبه غفرت له ، فحج آدم عليه السلام فاستقبلته الملائكة بالردم فقالت : بر حجك يا آدم قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، قال : فما كنتم تقولون حوله قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قال : فكان آدم إذا طاف يقول هؤلاء الكلمات فكان طواف آدم سبع أسابيع بالليل وخمسة أسابيع بالنهار.
وأخرج الأزرقي والجندي ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : حج آدم فطاف بالبيت سبعا فلقيته الملائكة في الطواف فقالوا : بر حجك يا آدم أما إنا قد
حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، قال : فماذا كنتم تقولون في الطواف قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قال آدم : فزيدوا فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله فزادت الملائكة فيها ذلك ثم حج إبراهيم بعد بنائه البيت فلقيته الملائكة في الطواف فسلموا عليه فقال لهم : ماذا كنتم تقواون في طوافكم قالوا : كنا نقول قبل أبيك آدم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فأعلمناه ذلك فقال : زيدوا ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فقال إبراهيم : زيدوا فيها العلي العظيم ، فقالت الملائكة

ذلك.
وأخرج الجندي والديلمي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة من يواقيت الجنة وكان له بابان من زمرد أخضر باب شرقي وباب غربي وفيه قناديل من الجنة والبيت المعمور الذي في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة حذاء الكعبة الحرام وأن الله عز وجل لما أهبط آدم إلى موضع الكعبة وهو مثل الفلك من شدة رعدته وأنزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ كأنه لؤلؤة فأخذه آدم فضمه إليه استئناسا ثم أخذ الله من بني آدم ميثاقهم فجعله في الحجر الأسود ثم أنزل على آدم العصا ثم قال : يا آدم تخط ، فتخطى فإذا هو بأرض الهند فمكث هناك ما شاء الله ثم استوحش إلى البيت فقيل له : احجج يا آدم ، فأقبل يتخطى فصار كل موضع قدم قرية وما بين ذلك مفازة حتى قدم مكة فلقيته الملائكة فقالوا : بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، قال : فما كنتم تقولون حوله قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وكان آدم إذا طاف بالبيت قال هؤلاء الكلمات وكان آدم يطوف سبعة أسابيع بالنهار ، قال آدم : يا رب اجعل لهذا البيت عمارا يعمرونه من ذريتي فأوحى الله تعالى أني

معمره نبيا من ذريتك اسمه إبراهيم أتخذه خليلا أقضي على يديه عمارته وأنيط له سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه ، وقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إن آدم سأل ربه فقال : يا رب أسألك من حج هذا البيت من ذريتي لا يشرك بك شيئا أن تلحقه بي في الجنة ، فقال الله تعالى : يا آدم من مات في الحرم لا يشرك بي شيئا بعثته آمنا يوم القيامة.
وأخرج الجندي عن مجاهد ، أن آدم طاف بالبيت فلقيته الملائكة فصافحته
وسلمت عليه وقالت : بر حجك يا آدم طف بهذا البيت فإنا قد طفناه قبلك بألفي عام ، قال لهم آدم : فما كنتم تقولون حوله قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قال آدم : وأنا أزيد فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : كان موضع الكعبة قد خفي ودرس زمان الغرق فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام وكان موضعه أكمة حمراء مدرة لا تعلوها السيول غير أن الناس يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك ولا يثبت موضعه وكان يأتيه المظلوم والمتعوذ من أقطار الأرض ويدعو عنده المكروب فقل من دعا هنالك إلا استجب له فكان الناس يحجون إلى موضه البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم عليه السلام لما أراد من عمارة بيته وإظهار دينه وشعائره فلم يزل منذ اهبط الله آدم إلى الأرض معظما محرما بيته تتناسخه الأمم والملل أمة بعد أمة وملة بعد ملة

قال : وقد كانت الملائكة تحجه قبل ذلك.
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : بلغنا - والله أعلم - أن إبراهيم خليل الله عرج به إلى السماء فنظر إلى الأرض مشارقها ومغاربها فاختار موضع الكعبة فقالت له الملائكة : يا خليل الله اخترت حرم الله في الأرض فبناه من حجارة سبعة أجبل ويقولون خمسة فكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم عليه السلام من تلك الجبال.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : أقبل إبراهيم عليه السلام والسكينه والصرد والملك من الشام فقالت السكينة : يا إبراهيم ربض على البيت فلذلك لا يطوف بالبيت ملك من جبابرة الملوك ولا أعرابي نافر إلا وعليه السكينة والوقار.
وأخرج الأزرقي عن بشر بن عاصم قال : أقبل إبراهيم من أرمينية معه السكينة والملك والصرد دليلا به يتبوأ إبراهيم كما تتبوأ العنكبوت بيتها فرفع

صخرة فما رفعها عنه إلا ثلاثون رجلا فقالت السكينة : ابن علي ، فلذلك لا يدخله أعرابي نافر ولا جبار إلا رأيت عليه السكينة.
وأخرج الأزرقي عن علي بن أبي طالب قال : أقبل إبراهيم والملك والسكينة والصرد دليلا حتى تبوأ البيت كما تبوأت العنكبوت بيتها فحفر ما برز عن أسها أمثال خلف الإبل لا يحرك الصخرة إلا ثلاثون رجلا ثم قال الله لإبراهيم : قم فابن
لي بيتا ، قال : يا رب وأين قال : سنريك ، فبعث الله سحابة فيها رأس يكلم إبراهيم فقال : يا إبراهيم إن ربك يأمرك أن تخط قدر هذه السحابة فجعل ينظر إليها ويأخذ قدرها ، فقال له الرأس : أقد فعلت قال : نعم ، قال : فارتفعت السحابة فأبرز عن أس نابت من الأرض فبناه إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الأزرقي عن قتدة في قوله {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت} قال : ذكر لنا أنه بناه من خمسة أجبل ، من طورسينا وطورزيتا ولبنان والجودي وحراء وذكر لنا أن قواعده من حراء.
وأخرج الأزرقي عن الشعبي قال : لما أمر إبراهيم أن يبني البيت

وانتهى إلى موضع الحجر قال لاسماعيل : ائتني بحجر ليكون علما للناس يبتدئون منه الطواف فأتاه بحجر فلم يرضه فأتى إبراهيم بهذا الحجر ثم قال : أتاني به من لم يكلني إلى حجرك.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو أن جبريل عليه السلام هو الذي نزل عليه بالحجر من الجنة وأنه وصعه حيث رأيتم وأنكم لن تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم فتمسكوا به ما استطعتم فإنه يوشك أن يجيء فيرجع به إلى حيث جاء به.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، وَابن خزيمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الحجر الأسود من الجنة وهوأشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم.
وأخرج البزار عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحجر الأسود من حجارة الجنة.
وأخرج الأزرقي والجندي عن مجاهد قال : الركن من الجنة ولو لم

يكن من الجنة لفني.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لولا ما طبع من الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها وأيدي الظلمة والأثمة لاستشفي به من كل عاهة ولألقاه اليوم كهيئته يوم خلقه الله وإنما غيره الله بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة وإنه لياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة فوضعه الله يومئذ لآدم حين أنزله في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل
فيها بشيء من المعاصي وليس لها أهل ينجسونها ووضع لها صفا من الملائكة على أطراف الحرم يحرسونه من جان الأرض وسكانها يومئذ الجن وليس ينبغي لهم أن ينظروا إليه لأنه من الجنة ومن نظر إلى الجنة دخلها فهم

على أطراف الحرم حيث أعلامه اليوم محدقون به من كل جانب بينه وبين الحرم.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن البيت الذي بوأه الله لآدم كان من ياقوتة حمراء لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربي فكان فيها قناديل من نور الجنة آنيتها الذهب منظومة بنجوم من ياقوت أبيض والركن يومئذ نجم من نجومه ووضع لها صفا من الملائكة على أطراف الحرم فهم اليوم يذبون عنه لأنه شيء من الجنة لا ينبغي أن ينظر إليه إلا من وجبت له الجنة ومن نظر إليها دخلها وإنما سمي الحرم لأنهم لا يجاوزونه وإن الله وضع البيت لآدم حيث وضعه والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل عليها شيء من المعاصي وليس لها أهل ينجسونها وكان سكانها الجن.
وأخرج الجندي عن ابن عباس قال : الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستلم الحجر فقد بايع الله ورسوله.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال : إن هذا الركن الأسود يمين الله في الأرض يصافح به عباده.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود والمقام فهما جوهرتان من جوهر الجنة ولولا ما مسهما من أهل الشرك ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله تعالى.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : نزل الركن وإنه لأشد بياضا من الفضة ولولا ما مسه من أنجاس الجاهلية وأرجاسهم ما مسه ذو عاهة إلا برى ء

وأخرج الأزرقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا استلام هذا الحجر فإنكم توشكون أن تفقدوه بينما الناس يطوفون به ذات ليلة إذ أصبحوا وقد فقدوه إن الله لا ينزل شيئا من الجنة إلا أعاده فيها قبل يوم القيامة.
وأخرج الأزرقي عن يوسف بن ماهك قال : إن الله جعل الركن عيد أهل هذه القبلة كما كانت المائدة عيدا لبني إسرائيل وإنكم لن تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم وأن جبريل عليه السلام وضعه في مكانه.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن الله يرفع القرآن من صدور الرجال والحجر الأسود قبل يوم القيامة.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : كيف بكم إذا أسرى بالقرآن فرفع من صدوركم ونسخ من قلوبكم ورفع الركن.
وَأخرَج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النَّبِيّ في المنام

وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : حجوا هذا البيت واستلموا هذا الحجر فوالله ليرفعن أو ليصيبه أمر من السماء إن كانا لحجرين إهبطا من الجنة فرفع أحدهما وسيرفع الآخر وإن لم يكن كما قلت فمن مر على قبري فليقل هذا قبر عبد الله بن عمرو الكذاب.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : استقبل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا فالتفت فإذا بعمر يبكي فقال : يا عمر ههنا تسكب العبرات.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود من حجارة الجنة وما في الأرض من الجنة غيره وكان أبيض كالمهاة ولولا ما مسه من رجس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا برى ء.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس كأنه مهاة بيضاء فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم ، وأخر الأزرقي عن عكرمة قال : الركن ياقوتة من يواقيت الجنة وإلى الجنة

مصيره ، قال : وقال ابن عباس : لولا ما مسه من أيدي الجاهلية لأبرأ الأكمه والأبرص.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أنزل الله الركن والمقام مع آدم عليه السلام ليلة نزل بين الركن والمقام فلما أصبح رأى الركن والمقام فعرفهما فضمهما وأنس بهما.
وأخرج الأزرقي عن أبي بن كعب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الحجر الأسود نزل به ملك من السماء.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أنزل الله الركن الأسود من الجنة وهو يتلألأ تلألؤا من شدة بياضه فاخذه آدم فضمه إليه أنسا به.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : نزل آدم من الجنة ومعه الحجر الأسود متأبطه وهو ياقوتة من يواقيت الجنة ولولا أن الله طمس ضوءه ما استطاع أحد أن ينظر إليه ونزل بالباسة ونخلة العجوة ، قال أبو محمد الخزاعي :

الباسة آلات الصناع.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أن عمر بن الخطاب سأل كعبا عن الحجر الأسود فقال : مروة من مرو الجنة.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لولا أن الحجر تمسه الحائض وهي لا تشعر والجنب وهو لا يشعر ما مسه أجذم ولا أبرص إلا برى ء.
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان الحجر الأسود أبيض كاللبن وكان طوله كعظم الذراع وما اسود إلا من المشركين كانوا يمسحونه ولولا ذلك ما مسه ذو عاهة إلا برى ء.
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : أخبرني ابن نبيه الحجبي عن أمه أنها حدثته أن أباها حدثها : أنه رأى الحجر قبل الحريق وهو أبيض يتراءى الإنسان فيه وجهه ، قال عثمان : وأخبرني زهير : أنه بلغه أن الحجر من

رضراض ياقوت الجنة وكان أبيض يتلألأ فسوده أرجاس المشركين وسيعود لى ما كان عليه وهو يوم القيامة مثل أبي قبيس في العظم له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بحق ويشهد على من استلمه بغير حق.
وأخرج ابن خزيمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة وإنما سودته خطايا المشركين يبعث يوم القيامة مثل أحد يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله يبعث الركن الأسود له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق.
وأخرج الأزرقي عن سلمان الفارسي قال : الركن من حجارة الجنة أما

والذي نفس سلمان بيده ليجيئن يوم القيامة له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بالحق.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : الركن يمين الله في الأرض يصافح بها
خلقه والذي نفسي بيده ما من إمرى ء مسلم يسأل الله عنده شيئا إلا أعطاه إياه.
وأخرج ابن ماجه عن عطاء بن أبي رباح ، أنه سئل عن الركن أسود فقال : حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن.
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق.
وأخرج ابن خزيمه والطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يأتي الركن يوم القيامه أعظم من أبي قبيس له لسان وشفتان يتكلم عن من [ استلمه ]

بالنية وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه". واخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا هذا الحجر خيرا فإنه يأتي يوم القيامة شافع مشفع له لسان وشفتان يشهد لمن استلمه.
وأخرج الجندي من طريق عطاء بن السائب عن محمد بن سابط عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال كان النَّبِيّ من الأنبياء إذ هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النَّبِيّ ومن معه حتى يموت فمات بها نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام وقبورهم بين زمزم والحجر.
وأخرج الأزرقي والجندي من عطاء بن السائب عن محمد

بن سابط قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لا يسكنها سافك دم ولا تاجر بربا ولا مشاء بنميمة ، قال : ودحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت وهي أول من طاف به وهي الأرض التي قال الله (إني جاعل في الأرض خليفة) (البقرة الآية 30) وكان النَّبِيّ من الأنبياء إذا هلك قومه فنجا هو والصالحون معه أتاها بمن معه فيعبدون الله حتى يموتوا فيها وإن قيبر نوح وهود وشعيب وصالح بين زمزم والركن والمقام.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : حج موسى عليه السلام على جمل أحمر فمر
بالروحاء عليه عباءتان قطوانيتان متزر بإحداهما مرتد بالأخرى فطاف بالبيت ثم طاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف ويلبي بين الصفا والمروة إذ سمع صوتا من السماء وهو يقول : لبيك عبدي أنا معك فخر موسى عليه السلام ساجدا.
وأخرج الأزرقي عن مقاتل قال : في المسجد الحرام بين زمزم قبر سبعين نبيا منهم هود وصالح واسماعيل وقبر آدم وابراهيم وإسحاق ويعقوب

ويوسف في بيت المقدس.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال : النظر إلى الكعبة مخض الإيمان.
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن المسيب قال : من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه.
وأخرج الأزرقي والجندي من طريق زهير بن محمد عن أبي السائب المدني قال : من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا تحاتت ذنوبه كما يتحات الورق من الشجر ، قال : والجالس في المسجد ينظر إلى البيت لا يطوف به ولا يصلي أفضل من المصلي في بيته لا ينظر إلى البيت.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي والجندي والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء قال : النظر إلى البيت عبادة والناظر إلى البيت بمنزلة القائم الصائم المخبت المجاهد في سبيل الله.
وأخرج الجندي عن عطاء قال : إن نظرة إلى هذا البيت في غير طواف ولا صلاة تعدل عبادة سنة قيامها وركوعها وسجودها

وأخرج ابن أبي شيبة والجندي ، عَن طاووس قال : النظر إلى هذا البيت أفضل من عبادة الصائم القائم الدائم المجاهد في سبيل الله.
وأخرج الأزرقي عن إبراهيم النخعي قال : الناظر إلى الكعبة كالمجتهد في العبادة في غيرها من البلاد.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن مجاهد قال : النظر إلى الكعبة عبادة.
وأخرج الأزرقي والجندي ، وَابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والأصبهاني في الترغيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة تنزل على هذا البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين.
وأخرج الجندي عن ابن مسعود قال : أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه.
وأخرج البزار في مسنده ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استمتعوا بهذا البيت فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة

وأخرج الجندي عن الزهري قال : إذا كان يوم القيامة رفع الله الكعبة البيت الحرام إلى بيت المقدس فمر بقبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة فيقول : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فيقول صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام يا كعبة الله ما حال أمتي فتقول : يا محمد أما من وفد إلي من أمتك فأنا القائم بشأنه وأما من لم يفد من أمتك فأنت القائم بشأنه.
وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن خالد بن معدان قال : لا تقوم الساعة حتى تزف الكعبة إلى الصخرة زف العروس فيتعلق بها جميع من حج واعتمر فإذا رأتها الصخرة قالت لها : مرحبا بالزائرة والمزورة إليها.
وأخرج الواسطي عن كعب قال : لا تقوم الساعة حتى يزف البيت الحرام إلى بيت المقدس فينقادان إلى الجنة وفيهما أهلهما والعرض والحساب ببيت المقدس.
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب والديلمي ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة زفت الكعبة البيت الحرام إلى

قبري فتقول : السلام عليك يا محمد فأقول : وعليك السلام يا بيت الله ما صنع بك أمتي بعدي فتقول : يا محمد من أتاني فأنا أكفيه وأكون له شفيعا ومن لم يأتني فأنت تكفيه وتكون له شفيعا.
وأخرج الأزرقي عن أبي إسحاق قال : بنى إبراهيم عليه السلام البيت وجعل طوله في السماء تسعة أذرع وعرضه في الأرض اثنين وثلاثين ذراعا من الركن الأسود إلى الركن الشامي الذي عند الحجر من وجهه وجعل عرض ما بين الركن الشامي إلى الركن الغربي الذي فيه الحجر اثنين وعشرين ذراعا وجعل طول ظهرها من الركن الغربي إلى الركن اليماني أحدا وثلاثين ذراعا وجعل عرض شقها اليماني من الركن الأسود إلى الركن اليماني عشرين ذراعا ، قال : فلذلك سميت الكعبة لأنها على خلقة الكعب.
قال : وكذلك سنن أساس آدم وجعل بابها بالأرض غير مبوب

حتى كان تبع ابن سعد الحميري وهو الذي جعل لها غلقا فارسيا وكساها كسوة تامة ونحر عندها وجعل إبراهيم عليه السلام الحجر إلى جنب البيت عريشا من أراك تقتحمه العنز فكان زربا لغنم اسماعيل وحفر إبراهيم جبا في بطن البيت على يمين من دخله يكون خزانة للبيت يلقي فيه ما يهدى للكعبة وكان الله استودع الركن أبا قبيس حين أغرق الله الأرض زمن نوح وقال : إذا رأيت خليلي يبني بيتي فأخرجه له فجاء به جبريل فوضعه في مكانه وبنى عليه إبراهيم وهو حينئذ يتلألأ نورا من شدة بياضه وكان نوره يضيء إلى منتهى أنصاف الحرم من كل ناحية ، قال : وإنما شدة سواده لأنه أصابه الحريق مرة بعد مرة في الجاهلية والإسلام.
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم والنسائي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألم تر إلى قومك حين بنوا الكعبة أقصروا عن قواعد إبراهيم فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم قال : لولا حدثان قومك بالكفر ، فقال ابن عمر : ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك

استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : كان ابن الزبير بنى الكعبة من الذرع على ما بناها إبراهيم عليه السلام ، قال : وهي مكعبة على خلقة الكعب ولذلك سميت الكعبة ، قال : ولم يكن إبراهيم سقف الكعبة ولا بناها بمدر وإنما رضمها رضما.
وأخرج الأزرقي عن أبي المرتفع قال : كنا مع ابن الزبير في الحجر فأول حجر من المنجنيق وقع في الكعبة سمعنا لها أنينا كأنين المريض : آه آه.
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : رأيت الكعبة في النوم وهي تكلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهي تقول : لئن لم تنته أمتك يا محمد عن المعاصي لأنتفضن حتى يصير كل حجر مني في مكان

وأخرج الجندي عن وهيب بن الورد قال : كنت أطوف أنا وسفيان بن سعيد الثوري ليلا فانقلب سفيان وبقيت في الطواف فدخلت الحجر فصليت تحت الميزاب فبنا أنا ساجد إذ سمعت كلاما بين استار الكعبة والحجارة وهي تقول : يا جبريل أشكو إلى الله ثم إليك ما يفعل هؤلاء الطائفون حولي تفكههم في الحديث ولغطهم وشؤمهم ، قال وهيب : فأولت إن البيت يشكو إلى جبريل عليه السلام.
وَأَمَّا قوله تعالى : {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}
أخرج الدارقطني عن ابن عباس قال ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبل منا إنك أنت السميع العليم.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش ، أنه قرأ {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا}.
قوله تعالى : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الكريم في قوله تعالى {ربنا واجعلنا مسلمين} قال : مخلصين

أخرج ابن أبي حاتم عن سلام بن أبي مطيع في هذه الآية قال : كانا مسلمين ولكن سألاه الثبات.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} يعنيان العرب.
وَأَمَّا قوله تعالى : {وأرنا مناسكنا}.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم والأزرقي عن مجاهد قال : قال إبراهيم عليه السلام : رب أرنا مناسكنا ، فاتاه جبريل فأتى به البيت فقال : ارفع القواعد ، فرفع القواعد وأتم البنيان ثم أخذ بيده فأخرجه فانطلق به إلى الصفا قال : هذا من شعائر الله ثم انطلق به إلى المروة فقال : وهذا من شعائر الله ثم انطلق به نحو منى فلما كان من العقبة إذا

إبليس قائم عند الشجرة فقال : كبر وارمه ، فكبر ورماه ثم انطلق إبليس فقام عند الجمرة الوسطى فلما حاذى به جبريل وابراهيم قال له : كبر وارمه ، فكبر ورمى فذهب إبليس حتى أتى الجمرة القصوى فقال له جبريل : كبر وارمه ، فكبر ورمى فذهب إبليس وكان الخبيث أراد أن يدخل في الحج شيئا فلم يستطع فأخذ بيد إبراهيم حتى أتى به المشعر الحرام فقال : هذا المشعر الحرام ثم ذهب حتى أتى به عرفات قال : قد عرفت ما أريتك قالها ثلاث مرات ، قال : نعم ، قال : فأذن في الناس بالحج ، قال : وكيف أؤذن قال : قل
يا أيها الناس أجيبوا ربكم ثلاث مرات فأجاب العباد لبيك اللهم ربنا لبيك فمن أجاب إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن المسيب ، عَن عَلِي ، قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : قد فعلت أي رب فأرنا مناسكنا ابرزها لنا علمناها فبعث الله جبريل فحج به.
وأخرج سعيد بن منصور الأزرقي عن مجاهد قال : حج إبراهيم

واسماعيل وهما ماشيان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : كان المقام من أصل الكعبة فقام عليه إبراهيم فتفرجت عنه هذه الجبال أبو قبيس وصواحبه إلى مابينه وبين عرفات فأرأه مناسكه حتى انتهى إليه فقال : عرفت قال : نعم ، فسميت عرفات.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مجلز في قوله (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واسماعيل) (البقرة الآية 127) قال : لما فرغ إبراهيم من البيت جاءه جبريل أراه الطواف بالبيت والصفا والمروة ثم انطلقا إلى العقبة فعرض لهما الشيطان فأخذ جبريل سبع حصيات وأعطى إبراهيم سبع حصيات فرمى وكبر وقال لابراهيم : ارم وكبر مع كل رمية حتى أمل الشيطان ثم انطلقا إلى الجمرة الوسطى فعرض لهما الشيطان فأخذ جبريل سبع

حصيات فرميا وكبرا مع كل رمية حتى أمل الشيطان ثم أتيا الجمرة القصوى فعرض لهما الشيطان فأخذ جبريل سبع حصيات وأعطى إبراهيم سبع حصيات وقال : ارم وكبر ، فرميا وكبرا مع كل رمية حتى أقل ثم أتى به إلى منى فقال : ههنا يحلق الناس رؤوسهم ثم أتى به جمعا فقال : ههنا يجمع الناس الصلاة ثم أتى به عرفات فقال : عرفت ، قال : نعم ، فمن ثم سميت عرفات ، واخرج الأزرقي عن زهير بن محمد قال : لما فرغ إبراهيم من البيت الحرام قال : أي رب قد فعلت فأرنا مناسكنا فبعث الله إليه جبريل فحج به حتى إذا جاء يوم النحر عرض له إبليس فقال : احصب ، فحصب سبع حصيات ثم الغد ثم اليوم الثالث فملأ ما بين الجبلين ثم علا على منبر فقال : يا عباد الله أجيبوا ربكم فسمع دعوته من بين الأبحر ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمان قالوا : لبيك اللهم لبيك ، قال : ولم يزل على وجه الأرض

سبعة مسلمون فصاعدا ولولا ذلك
لأهلكت الأرض ومن عليها ، قال : وأول من أجاب حين أذن بالحج أهل اليمن.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد في قوله {وأرنا مناسكنا} قال : مذابحنا.
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : قال الله لابراهيم عليه السلام قم فابن لي بيتا ، قال : أي رب أين ، قال : سأخبرك فبعث الله إليه سحابة لها رأس فقالت : يا إبراهيم إن ربك يأمرك أن تخط قدر هذه السحابة ، قال : فجعل إبراهيم ينظر إلى السحابة ويخط ، فقالت : قد فعلت قال : نعم ، فارتفعت السحابة فحفر إبراهيم فأبرز عن أساس نابت من الأرض فبنى إبراهيم فلما فرغ قال : أي رب قد فعلت فأرنا مناسكنا ، فبعث الله إليه جبريل يحج به حتى إذا جاء يوم النحر عرض له إبليس فقال له جبريل : احصب ، فحصب بسبع حصيات ثم الغد ثم اليوم الثالث فالرابع ثم قال : أعل ثبيرا ، فعلا ثبيرا فقال : أي عباد الله أجيبوا أي عباد الله أطيعوا لله فسمع دعوته ما

بين الأبحر ممن في قلبه مثقال ذرة من الإيمان قالوا لبيك أطعناك اللهم أطعناك وهي التي أتى الله إبراهيم في المناسك : لبيك اللهم لبيك ولم يزل على الأرض سبعة مسلمون لولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها.
وأخرج ابن خزيمة والطبراني وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رفعه قال لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض قال ابن عباس : الشيطان ترجمون وملة أبيكم إبراهيم تتبعون.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : إن إبراهيم لما رأى المناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابق إبراهيم فسبقه إبراهيم ثم انطلق به جبريل حتى أراه منى فقال : هذا مناخ الناس ، فلما انتهى إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات من ذهب ثم أتى به إلى الجمرة الوسطى فعرض له الشيطان

فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم أتى به إلى الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب فأتى به جمعا فقال : هذا المشعر ، ثم أتى به عرفة فقال : هذه عرفة ، فقال له جبريل :
أعرفت قال : نعم ، ولذلك سميت عرفة ، أتدري كيف كانت التلبية : إن إبراهيم لما أمر أن يؤذن في الناس بالحج أمرت الجبال فخفضت رؤوسها ورفعت له القرى فأذن في الناس بالحج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وأرنا مناسكنا} قال : أراهما الله مناسكهما ، الموقف بعرفات والإفاضة من جمع ورمي الجمار والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة.
قوله تعالى : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم.
أخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته

وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين.
وأخرج أحمد ، وَابن سعد والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي أمامة قال : قلت يا رسول الله ما كان بدء أمرك قال : دعوة إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام.
وأخرج ابن سعد في طبقاته ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أنا دعوة إبراهيم ، قال وهو يرفع القواعد من البيت {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم} حتى أتم الآيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العاليه في قوله {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم} يعني أمة محمد ، فقيل له : قد استجيب لك وهو كائن في آخر الزمان

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وابعث فيهم رسولا منهم} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ويعلمهم الكتاب والحكمة} قال : السنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ويعلمهم الكتاب والحكمة} قال : الحكمة السنة ، قال : ففعل ذلك بهم فبعث فيهم رسولا منهم يعرفون اسمه ونسبه يخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم.
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آتاني الله القرآن ومن الحكمة مثليه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {يزكيهم} قال : يطهرهم من الشرك ويخلصهم منه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {العزيز الحكيم} قال : عزيز في نقمته إذا انتقم حكيم في أمره

قوله تعالى : ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {ومن يرغب عن ملة إبراهيم} قال : رغبت اليهود والنصارى عن ملته واتخذوا اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله وتركوا ملة إبراهيم الإسلام وبذلك بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بملة إبراهيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {إلا من سفه نفسه} قال : إلا من أخطأ حظه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {ولقد اصطفيناه} قال : اخترناه.
قوله تعالى : ووصى إبراهيم بها بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لك اليدن فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسد بن يزيد قال : في مصحف عثمان {ووصى} بغير ألف

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ووصى بها إبراهيم بنيه} قال : وصاهم بالاسلام ووصى يعقوب بنيه مثل ذلك.
وأخرج الثعلبي عن فضيل بن عياض في قوله {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} أي محسنون بربكم الظن.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : ولد لابراهيم اسماعيل وهو أكبر ولده وأمه هاجر وهي قبطية وإسحاق وأمه سارة ومدن ومدين وبيشان وزمران وأشبق وشوح وأمهم قنطوراء من العرب العاربة فأما بيشان فلحق بنوه بمكة وأقام مدين بأرض مدين فسميت به ومضى سائرهم في البلاد وقالوا لابراهيم : يا أبانا أنزلت اسماعيل وإسحاق معك وأمرتنا أن ننزل أرض الغربة والوحشة قال : بذلك أمرت ، فعلمهم اسما من أسماء الله فكانوا يستسقون به ويستنصرون.
قوله تعالى : أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم واسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {أم كنتم شهداء} يعني أهل مكة

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} الآية ، قال : يقول لم تشهد اليهود ولاالنصارى ولا أحد من الناس يعقوب إذ أخذ على بنيه الميثاق إذ حضره الموت ألا تعبدوا إلا إياه فأقروا بذلك وشهد عليهم أن قد أقروا بعبادتهم وأنهم مسلمون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ، أنه كان يقول : الجد أب ويتلو {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق}.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في الآية قال : يقال بدأ باسماعيل لأنه أكبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : سمى العم أبا

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : الخال والد العم والد وتلا {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن أنه كان يقرأ (نعبد إلهك وإله أبيك) على معنى الواحد.
قوله تعالى : تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يفعلون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {تلك أمة قد خلت} قال : يعني إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط.
قوله تعالى : وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال عبد الله بن صوريا الأعور للنبي صلى الله عليه وسلم ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا} الآية.
وَأَمَّا قوله تعالى : {حنيفا}.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {حنيفا} قال : حاجا

وأخرج ابن أبي حاتم محمد بن كعب قال : الحنيف المستقيم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حنيفا} قال : متبعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خصيف قال : الحنيف المخلص.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قلابة قال : الحنيف الذي يؤمن بالرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم.
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال : ما كان في القرآن حنيفا مسلما وما كان في القرآن حنفاء مسلمين حجاجا.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة

وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال قيل : يا رسول الله أي الأديان أحب إلى الله قال : الحنيفية السمحة.
وأخرج أبو الترس في الغرائب والحاكم في تاريخه وأبو موسى المديني في الصحابة ، وَابن عساكر عن سعد بن عبد الله بن مالك الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.
قوله تعالى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون.
أخرج ابن أبي حاتم عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنوا بالتوراة والزبور والإنجيل وليسعكم القرآن.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما الآية التي في البقرة {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية ، كلها وفي الآخرة ب (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) (آل عمران الآية 52)

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم} الاية ، وفي الثانية (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة) (آل عمران الآية 64) الآية.
وأخرج وكيع عن الضحاك قال : علموا نساءكم وأولادكم وخدمكم أسماء
الأنبياء المسلمين في الكتاب ليؤمنوا بهم فإن الله أمر بذلك فقال {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} إلى قوله {ونحن له مسلمون} ، وأخر ابن جرير عن ابن عباس قال : الأسباط بنو يعقوب كانوا اثني عشر رجلا كل واحد منهم ولد سبطا أمة من الناس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : الأسباط بنو يعقوب يوسف وبنيامين وروبيل ويهوذا وشمعون ولاوى ودان وقهات وكوذ وباليوق.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم ، وَابن عساكر عن عبد الله بن عبد الثمالي أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : لو حلفت لبررت أنه لا يدخل الجنة قبل الرعيل

الأول من أمتي إلا بضعة عشر إنسانا إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى بن مريم ، قوله تعالى : فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : لا تقولوا {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به} فإن الله لا مثل له ولكن قولوا : فإن آمنوا بالذي أمنتم به.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف والخطيب في تاريخه عن أبي جمرة قال : كان ابن عباس يقرأ / {فإن آمنوا بالذي آمنتم به > /.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي اعالية في قوله {فإنما هم في شقاق} قال : فراق.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : كنت قاعدا إذ أقبل عثمان فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يا عثمان تقتل وأنت تقرأ سورة البقرة فتقع قطرة من دمك على !

{فسيكفيكهم الله} قال الذهبي في مختصر المستدرك : هذا كذب بحت وفي إسناده أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي وهو المتهم به.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف وأبو القاسم بن بشران في أماليه وأبو نعيم في
المعرفة ، وَابن عساكر عن أبي سعيد مولى بني أسد قال : لما دخل المصريون على عثمان والمصحف بين يديه فضربوه بالسيف على يديه فجرى الدم {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} فمد يده وقال : والله لأنها أول يد خطت المفصل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم قال : أرسل إلي بعض الخلفاء بمصحف عثمان بن عفان فقلت له : إن الناس يقولون : إن مصحفه كان في حجره حين قتل فوقع الدم على {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} فقال نافع ك بصرت عيني بالدم على هذه الآية وقد قدم

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عمرة بنت أرطاة العدوية قال : خرجت مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة فمررنا بالمدينة ورأينا المصحف الذي قتل وهو في حجره وكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} قالت عمرة : فما مات منهم رجل سويا.
قوله تعالى : صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {صبغة الله} قال : دين الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {صبغة الله} قال : فطرة الله التي فطر الناس عليها.
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن بني اسرائيل قالوا : يا موسى هل يصبغ ربك فقال : اتقوا الله ، فناداه ربه : يا موسى سألوك هل يصبغ ربك فقل : نعم : أنا اصبغ الألوان الأحمر والأبيض والأسود والألوان كلها من صبغتي وأنزل الله

على نبيه {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} وأخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس موقوفا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : إن اليهود تصبغ أبناءها يهود وأن النصارى تصبغ أبناءها نصارى وأن صبغة الله الإسلام ولا صبغة أحسن من صبغة الله الإسلام ولا أطهر وهو دين الله الذي بعث به نوحا ومن كان بعده من الأنبياء.
وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد عن ابن عباس في قوله {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} قال : البياض.
قوله تعالى : قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون * أم تقولون إن إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أتحاجوننا في الله} قال : أتخاصمونا.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {أتحاجوننا} تجادلوننا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله} قال : في قول يهود لابراهيم واسمعيل ومن ذكر معهما أنهم كانوا يهودا أو نصارى فيقول الله لهم : لا تكتموا مني شهادة إن كانت عندكم وقد علم الله أنهم كاذبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ومن أظلم ممن كتم شهادة} الآية ، قال : أولئك أهل الكتاب كتموا الإسلام وهم يعلمون أنه دين الله واتخذوا اليهودية والنصرانية وكتموا محمد وهم يعلمون أنه رسول الله.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله} قال : كان عند القوم من الله شهادة أن أنبياءه براء من اليهودية والنصرانية.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله {تلك أمة قد خلت} قالا : يعني إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي المليح قال : الأمة ما بين الأربعين إلى المائة فصاعدا

المجلد الثاني
قوله تعالى : سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
أخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن البراء بن عازب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال : أشهد بالله لقد صليت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله (وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم) (البقرة الآية 143).
وأخرج ابن إسحاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر

الله فأنزل الله (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) (البقرة الآية 144) فقال رجال من المسلمين : وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله (وما كان الله ليضيع إيمانكم) (البقرة الآية 143) وقال السفهاء من الناس وهم من أهل الكتاب : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله {سيقول السفهاء من الناس} إلى آخر الآية.
وأخرج الترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا
وكان يجب أن يصلي نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فأنزل الله (قد نرى تقلب وجهك) (البقرة الآية 144) الآية ، فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس قال أول ما نسخ في القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان

رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله (قد نرى تقلب وجهك) (البقرة الآية 144) إلى قوله (فولوا وجوهكم شطره) يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا : ما ولاهم عن قبلتهم الني كانوا عليها فأنزل الله {قل لله المشرق والمغرب} وقال : (أينما تولوا فثم وجه الله) (البقرة الآية 115).
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والنحاس والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال : أول ما نسخ من القرآن القبلة وذلك أن محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب ، فقال الله (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) وقال (قد نرى تقلب وجهك) الآية.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة مرسلا.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر

نحو بيت المقدس فقال لجبريل وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها فقال له
جبريل : إنما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا إلا ما أمرت فادع ربك وسله فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل الله (قد نرى تقلب وجهك في السماء) (البقرة الآية 144) يقول : إنك تديم النظر إلى السماء للذي سألت (فول وجهك شطر المسجد الحرام) يقول فحول وجهك في الصلاة نحو المسجد الحرام {وحيث ما كنتم} يعني من الأرض (فولوا وجوهكم) في الصلاة (شطره) نحو الكعبة.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له : يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه ، فأنزل الله {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} أي ابتلاء واختبارا (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) (البقرة الآية 143) أي ثبت الله (وما كان الله ليضيع إيمانكم) يقول :

صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا (إن الله بالناس لرؤوف رحيم) إلى قوله {فلا تكونن من الممترين}.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن البراء في قوله {سيقول السفهاء من الناس} قال : اليهود.
وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : أول آية نسخت من القرآن القبلة ثم الصلاة الأولى.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال صلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما

بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول : قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة : فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا : إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما وجه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا فقال المنافقون : ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها وقال المسلمون : ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا وقال اليهود : إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة : تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها.
وأخرج مالك وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعد أن قدم المدينة

ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم تحولت القبلة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال : سمعت سعد بن أبي وقاص يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حول بعد ذلك قبل المسجد الحرام قبل بدر بشهرين.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن سعيد بن عبد العزيز أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الأول إلى جمادى الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب أن الأنصار صلت للقبلة الأولى قبل قدوم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة بثلاث حجج وأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى للقبلة الأولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا.
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى للقبلة الأولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا.
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهرا.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير عن أنس قال صلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحو بيت

المقدس تسعة أشهر أو عشرة أشهر فبينما هو قائم يصلي الظهر بالمدينة وقد صلى ركعتين نحو بيت المقدس انصرف بوجهه إلى الكعبة فقال السفهاء : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.
وأخرج البخاري عن أنس قال : لم يبق ممن صلى للقبلتين غيري.
وأخرج أبو داود في ناسخه وأبو يعلى والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس فلما نزلت هذه الآية (فول وجهك شطر المسجد الحرام) (البقرة الآية 144) مر رجل من بني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة مرتين فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة.
وأخرج مالك ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والنسائي عن الن عمر قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوهم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة

وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول
وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) (البقرة الآية 144) ، و(وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون) (البقرة الآية 144) قال : فقال المنافقون : حن محمد إلى أرضه وقومه وقال المشركون : أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه ، وقال اليهود للمؤمنين : ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون ، وقال المؤمنون : لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال : فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله {إن الله بالناس لرؤوف رحيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي

وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس : لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله (وما كان الله ليضيع إيمانكم) (البقرة الآية 143) وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال : صلينا إحدى صلاتي العشي فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة فنادى أن الصلاة قد وجبت نحو الكعبة فحول أو انحرف أمامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان.
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن أنس بن مالك قال : جاءنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن القبلة قد حولت إلى بيت الله الحرام وقد صلى الإمام

ركعتين فاستداروا فصلوا الركعتين الباقيتين نحو الكعبة.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرفت القبلة إلى البيت ونحن في صلاة الظهر فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فاستدرنا معه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} قال : يهديهم إلى المخرج من الشبهات والضلالات والفتن.
وأخرج أحمد والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم - يعني أهل الكتاب - لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين.
وأخرج الطبراني عن عثمان بن حنيف قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم من مكة يدعو الناس إلى الإيمان بالله في تصديق به قولا وعملا والقبلة إلى بيت المقدس فلما هاجر إلينا نزلت الفرائض ونسخت المدينة مكة والقول فيها ونسخ البيت الحرام بيت المقدس فصار الإيمان قولا وعملا

وأخرج البزار والطبراني عن عمرو بن عوف قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم حولت إلى الكعبة.
قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم.
أخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي والنسائي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والاسماعيلي في صحيحه والحاكم وصححه عن أبي سعيد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال : عدلا.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النَّبِيّ في قوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال : عدلا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس جعلناكم {أمة وسطا} قال : جعلكم أمة عدلا

وأخرج ابن سعد عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قال رجل لابن عمر : من أنتم قال : ما تقولون قال : نقول إنكم سبط وتقول إنكم وسط ، فقال : سبحان الله ، إنما السبط في بني إسرائيل والأمة الوسط أمة محمد جميعا.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير والن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح يوم القيامة فيقال له : هل بلغت فيقول : نعم ، فيدعو قومه فيقال لهم : هل بلغكم فيقولون : ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد ، فيقال لنوح : من يشهد لك فيقول : محمد وأمته فذلك قوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال : والوسط العدل فتدعون فتشهدون له بالبلاغ وأشهد عليكم.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء النَّبِيّ يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال

لهم : هل بلغكم هذا فيقولون : لا ، فيقال له : هل بلغت قومك فيقول : نعم ، فيقال له : من يشهد لك فيقول : محمد وأمته ، فيدعى محمد وأمته ، فيقال لهم : هل بلغ هذا قومه فيقولون : نعم ، فيقال : وما علمكم فيقولون : جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا ، فذلك قوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال : عدلا {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أنا وأمتي يوم القيامة على كوم مشرفين على الخلائق ما من الناس أحد إلا ود أنه منا وما من نبي كذبه قومه إلا ونحن نشهد أنه بلغ رسالة ربه.
وأخرج ابن جرير عن أبي سعيد في قوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} بأن الرسل قد بلغوا {ويكون الرسول عليكم شهيدا} بما عملتم.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه ، عَن جَابر قال شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة في بني سلمة وكنت إلى جانبه فقال بعضهم : والله يا رسول الله لنعم المرء
كان لقد كان عفيفا مسلما وأثنوا عليه خيرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت الذي تقول فقال : يا رسول الله بدا لنا والله أعلم بالسرائر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وجبت ، قال : وكنا معه في جنازة رجل من بني حارثة أو من بني عبد الأشهل فقال رجل : بئس المرء ما علمنا إن كان لفظا غليظا إن كان ، فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت الذي تقول فقال : يا رسول الله الله أعلم بالسرائر فأما الذي بدا لنا منه فذاك ، فقال : وجبت ثم تلا رسول الله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس قال : مروا بجنازة فأثني عليه خير فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجبت وجبت وجيت ومر بجنازة فأثني عليه بشر فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : وجبت وجبت فسأله عمر ، فقال : من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض ، زاد الحكيم الترمذي ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكذلك جعلناكم

أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن عمر ، أنه مرت به جنازة فأثني على صاحبها خير فقال : وجبت وجبت ثم مر بأخرى فأثني شر فقال عمر : وجبت ، فقال أبو الأسود : وما وجبت قال : قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدله الله الجنة ، فقلنا : وثلاثة ، فقال : وثلاثة ، فقلنا : واثنان ، فقال : واثنان ولم نسأله عن الواحد.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجة والطبراني والبغوي والحاكم في الكنى والدارقطني في الأفراد والحاكم في المستدرك والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي زهير الثقفي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبناوة يقول يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم ، قال : بم يا رسول الله قال : بالثناء الحسن والثناء السيء أنتم شهداء الله في الأرض

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال أتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بجنازة يصلي عليها فقال الناس : نعم الرجل ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : وجبت ، وأوتي بجنازة أخرى فقال الناس : بئس الرجل ، فقال : وجبت ، قال أبي بن كعب : ما قولك فقال : قال تعالى {لتكونوا شهداء على الناس}.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن حبان والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من مسلم يموت فتشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه لا خيرا إلا قال الله : قد قبلت شهادتكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن جَرِير والطبراني عن سلمة بن الأكوع قال مر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بجنازة رجل من الأنصار فأثني عليها خيرا فقال : وجبت ، ثم مر عليه بجنازة أخرى فأثني عليها دون ذلك فقال : وجبت ، فقال : يا رسول الله وما وجبت قال : الملائكة شهود الله في السماء وأنتم شهود الله في الأرض

وأخرج الخطيب في تاريخه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت فيشهد له رجلان من جيرانه الأدنين فيقولان اللهم لا نعلم إلا خيرا إلا قال الله للملائكة : اشهدوا أني قد قبلت شهادتهما وغفرت ما لا يعلمان.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : أعطيت هذه الأمة ثلاث خصال لم يعطها إلا الأنبياء كان النَّبِيّ يقال له : بلغ ولا حرج وأنت شهيد على قومك وادع أجبك ، وقل لهذه الأمة (ما جعل عليكم في الدين من حرج) (الحج الآية 78) وقال {لتكونوا شهداء على الناس} وقال (ادعوني استجب لكم) (غافر الآية 60).
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن الأمم يقولون يوم القيامة : والله لقد كادت هذه الأمة أن يكونوا أنبياء كلهم لما يرون الله أعطاهم.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن جَرِير عن حبان بن أبي جبلة يسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جمع الله عباده يوم القيامة كان أول من يدعى اسرافيل فيقول له ربه : ما فعلت في عهدي هل بلغت عهدي فيقول : نعم رب قد بلغته جبريل ، فيدعى جبريل فيقال : هل بلغك اسرافيل عهدي فيقول : نعم ، فيخلى عن اسرافيل ويقول لجبريل : هل بلغت عهدي فيقول : نعم قد بلغت الرسل فتدعى الرسل فيقال لهم : هل بلغكم جبريل عهدي

فيقولون : نعم ، فيخلى جبريل ثم يقال للرسل : هل بلغتم عهدي فيقولون : نعم بلغناه الأمم ، فتدعى
الأمم فيقال لهم : هل بلغتكم الرسل عهدي فمنهم المكذب ومنهم المصدق ، فتقول الرسل : إن لنا عليهم شهداء ، فيقول : من فيقولون : أمة محمد ، فتدعى أمة محمد فيقال لهم : أتشهدون أن الرسل قد بلغت الأمم فيقولون : نعم ، فتقول الأمم : يا ربنا كيف يشهد علينا من لم يدركنا فيقول الله : كيف تشهدون عليهم ولم تدركوهم فيقولون : يا ربنا أرسلت إلينا رسولا وأنزلت علينا كتابا وقصصت علينا فيه أن قد بلغوا فنشهد بما عهدت إلينا ، فيقول الرب : صدقوا فذلك قوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} والوسط العدل {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب في الآية قال {لتكونوا شهداء على الناس} يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوح وعلى قوم هود وعلى قوم صالح وعلى قوم شعيب وعندهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم ، قال أبو العالية : وهي في قراءة أبي (لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة)

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {ويكون الرسول عليكم شهيدا} قال : يشهد أنهم قد آمنوا بالحق إذ جاءهم وقبلوه وصدقوا به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبيد بن عمير قال : يأتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بإذنه ليس معه أحد فتشهد له أمة محمد أنه قد بلغهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : يقال : يا نوح قد بلغت قال : نعم يا رب ، قال : فمن يشهد لك قال : رب أحمد وأمته ، قال : فكلما دعي نبي كذبه قومه شهدت له هذه الأمة بالبلاغ فإذا سأل عن هذه الأمة لم يسأل عنها إلا نبيها.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن حبان بن أبي جبلة قال : بلغني أن ترفع أمة محمد على كوم بين يدي الله تشهد للرسل على أممها بالبلاغ فإنما يشهد منهم يومئذ من لم يكن في قلبه احنة على أخيه المسلم.
وأخرج مسلم وأبو دلود والحكيم الترمذي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة.
وَأَمَّا قوله تعالى {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها} الآية.
أَخرَج ابن جرير عن عطاء في قوله {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها}

قال :
يعني بيت المقدس {إلا لنعلم من يتبع الرسول} قال : يبتليهم ليعلم من يسلم لأمره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {إلا لنعلم} قال : إلا لنميز أهل اليقين من أهل الشك {وإن كانت لكبيرة} يعني تحويلها على أهل الشك والريب.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : بلغني أن أناسا من الذين أسلموا رجعوا فقالوا مرة ههنا ومرة ههنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {وإن كانت لكبيرة} يقول : ما أمر به من التحول إلى الكعبة من بيت المقدس.
وأخرج وكيع والفريابي والطيالسي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة قالوا : يا رسول الله فكيف بالذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم}

وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن البراء بن عازب في قوله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} قال : صلاتكم نحو بيت المقدس.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول : صلاتكم اليت صليتم من قبل أن تكون القبلة وكان المؤمنون قد أشفقوا على من صلى منهم أن لايقبل صلاتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {رؤوف} قال : يرأف بكم.
قوله تعالى : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعماون.
أخرج ابن ماجه عن البراء قال صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية
عشر شهرا وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله المدينة بشهرين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى إلى بيت المقدس أكثر تقلب وجهه في السماء وعلم الله من قلب نبيه أنه يهوى الكعبة فصعد جبريل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره وهو يصعد بين السماء والأرض ينظر ما يأتيه به فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبريل

كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس فأنزل الله (وما كان الله ليضيع إيمانكم) (البقرة الآية 143).
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم أنزل الله أنه يأمره فيها بالتحول إلى الكعبة فقال {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك} الآية.
وأخرج النسائي والبزار ، وَابن المنذر والطبراني عن أبي سعيد بن المعلى قال كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنمر على المسجد فنصلي فيه فمررنا يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر فقلت : لقد حدث أمر ، فجلست ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {قد نرى تقلب وجهك في السماء} حتى فرغ من الآية فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكون أول من صلى فتوارينا فصلينا ثم نزل

رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى للناس الظهر يومئذ إلى الكعبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} قال : هو يومئذ يصلي نحو بيت المقدس وكان يهوى قبلة نحو البيت الحرام فولاه الله قبلة كان يهواها ويرضاها {فول وجهك شطر المسجد الحرام} قال : تلقاء المسجد الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : قالت اليهود : يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا ، فقال : يدعو الله ويستفرض القبلة فنزلت {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية فانقطع قول يهود حين وجه للكعبة وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في الكبير وصححه عن عبد الله بن عمرو في قوله {فلنولينك قبلة ترضاها} قال : قبلة إبراهيم نحو الميزاب

وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن البراء في قوله {فول وجهك شطر المسجد الحرام} قال : قبله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والدينوري في المجالسة والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن علي في قوله {فول وجهك شطر المسجد الحرام} قال : شطره قبله.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير والبيهقي عن ابن عباس قال : شطره نحوه.
وأخرج آدم والدينوري في المجالسة والبيهقي عن مجاهد في قوله {شطره} يعني نحوه.
وأخرج وكيع وسفيان بن عينية ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والدينوري عن أبي العالية في قوله {شطر المسجد الحرام} قال : تلقاءه

وأخرج ابن أبي حاتم عن رفيع قال {شطره} تلقاءه بلسان الحبش.
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في المصاحف عن أبي رزين قال : في قراءة عبد الله (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم قبله).
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : البيت كله قبلة وقبلة البيت الباب.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس مرفوعا البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {وإن الذين أوتوا الكتاب} قال : أنزل ذلك في اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم} قال : يعني بذلك القبلة.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير عن أبي العالية في قوله {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم} يقول : ليعلمون أن الكعبة

كانت قبلة إبراهيم والأنبياء ولكنهم تركوها عمدا (وإن فريقا منهم ليتكمون الحق) (البقرة الآية 146) يقول : يكتمون صفة محمد وأمر القبلة.
قوله تعالى : ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذل لمن الظالمين.
أخرج ابن جرير عن السدي في قوله {وما بعضهم بتابع قبلة بعض} يقول : لا اليهود بتابعي قبلة النصارى ولا النصارى بتابعي قبلة اليهود.
قوله تعالى : الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الذين آتيناهم الكتاب} قال : اليهود والنصارى {يعرفونه} أي يعرفون رسول الله في كتابهم {كما يعرفون أبناءهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} قال : يعرفون أن البيت الحرام هو القبلة.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} قال : يعرفون أن البيت الحرام هو القبلة التي أمروا بها {وإن فريقا منهم ليكتمون الحق} يعني القبلة

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {وإن فريقا منهم} قال : أهل الكتاب {ليكتمون الحق وهم يعلمون} قال : يكتمون محمدا وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه} قال : زعموا أن بعض أهل المدينة من أهل الكتاب ممن أسلم قال : والله لنحن أعرف به منا بأبنائنا من الصفة والنعت الذي نجده في كتابنا وأما أبناؤنا فلا ندري ما أحدث النساء.
وأخرج الثعلبي من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن ابن عباس قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام : قد أنزل الله على نبيه {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} فكيف يا عبد الله هذه المعرفة فقال عبد الله بن سلام : ياعمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان وأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني فقال عمر : كيف ذلك قال : إنه رسول الله حق من الله وقد نعته الله في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء ، فقال له عمر : وفقك الله يا ابن سلام.
وأخرج الطبراني عن سلمان الفارسي قال : خرجت أبتغي الدين فوقعت في الرهبان بقايا أهل الكتاب قال الله تعالى {يعرفونه كما يعرفون

أبناءهم} فكانوا يقولون : هذا زمان نبي قد أظل يخرج من أرض العرب له علامات من ذلك شامة مدورة بين كتفيه خاتم النبوة.
قوله تعالى : الحق من ربك فلا تكونن من الممترين.
أخرج أبو دلود في ناسخه ، وَابن جَرِير عن أبي العالية قال : قال الله لنبيه {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} يقول : لا تكونن في شك يا محمد أن الكعبة هي قبلتك وكانت قبلة لأنبياء قبلك.
قوله تعالى : ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولكل وجهة} يعني بذلك أهل الأديان ، يقول : لكل قبلة يرضونها ووجه الله حيث توجه المؤمنون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ {ولكل وجهة هو موليها} مضاف قال : مواجهها قال : صلوا نحو بيت المقدس مرة ونحو الكعبة قبلة.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن قتادة {ولكل وجهة هو موليها} قال : هي صلاتهم إلى بيت المقدس وصلاتهم إلى الكعبة

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي داود في المصاحف عن منصور قال : نحن نقرؤها (ولكل جعلنا قبلة يرضونها).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ولكل وجهة هو موليها} قال : لكل صاحب ملة قبلة وهو مستقبلها.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية {ولكل وجهة هو موليها} قال : لليهود وجهة هو موليها وللنصارى وجهة هو موليها فهداكم الله أنتم أيتها الأمة القبلة التي هي القبلة.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأ {ولكل وجهة هو موليها}.
وَأَمَّا قوله تعالى : {فاستبقوا الخيرات} الآية.
أَخرَج ابن جرير عن قتادة في قوله {فاستبقوا الخيرات}

يقول : لاتغلبن على قبلتكم.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله {فاستبقوا الخيرات} قال : فسارعوا في الخيرات {أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا} قال : يوم القيامة.
وأخرج البخاري والنسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته.
قوله تعالى : ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما يعملون * ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون.
أخرج ابن جرير من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : لما صرف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة : تحير محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل في دينكم ، فأنزل الله {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {لئلا يكون للناس عليكم حجة} قال : يعني بذلك أهل الكتاب قالوا حين صرف نبي

الله إلى الكعبة البيت الحرام : اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {لئلا يكون للناس عليكم حجة} قال : حجتهم قولهم : قد راجعت قبلتنا.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة ومجاهد في قوله {إلا الذين ظلموا منهم} قال : هم مشركو العرب قالوا حين صرفت القبلة إلى الكعبة : قد رجع إلى قبلتكم فيوشك أن يرجع إلى دينكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إلا الذين ظلموا منهم} قال : الذيت ظلموا منهم مشركو قريش إنهم سيحتجون بذلك عليكم واحتجوا على نبي الله بانصرافه إلى البيت الحرام وقالوا : سيرجع محمد على ديننا كما رجع إلى قبلتنا فأنزل الله في ذلك كله (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) (البقرة الآية 153).
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {لئلا يكون للناس عليكم حجة} قال : يعني بذلك أهل الكتاب {إلا الذين ظلموا منهم} بمعنى مشركي قريش

قوله تعالى : كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الاعلاية في قوله {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} يقول : كا فعلت فاذكروني.
قوله تعالى : فاذكروني أذكركم وأشكروا لي ولا تكفرون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في قوله {فاذكروني أذكركم} قال : اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي.
وأخرج أبو الشيخ والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فاذكروني أذكركم} يقول : اذكروني يا معاشر العباد بطاعتي أذكروكم بمغفرتي.
وأخرج ابن لال والديلمي ، وَابن عساكر عن أبي هند الداري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الله : اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي فمن ذكرني وهو مطيع فحق علي أن أذكره بمغفرتي ومن ذكرني وهو لي عاص فحق علي أن أذكره بمقت

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {فاذكروني أذكركم} قال : قال ابن عباس : يقول الله ذكري لكم خير من ذكركم لي.
وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أبي هرير عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول الله يا ابن آدم إنك إذا ماذكرتني شكرتني وإذا ما نسيتني كفرتني.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد بن أسلم ، أن موسى عليه السلام قال : يا رب أخبرني كيف أشكرك قال تذكرني ولا تنساني فإن ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني فقد كفرتني.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعطي أربعا أعطي أربعا وتفسير ذلك في كتاب الله من أعطي الذكر ذكره الله لأن الله يقول {فاذكروني أذكركم} ومن أعطي الدعاء أعطي الإجابة لأن الله يقول {ادعوني أستجب لكم} (غافر الآية 60) ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة لأن الله يقول

(لئن شكرتم لأزيدنكم) (إبراهيم الآية 7) ومن أعطي الاستغفار أعطي المغفرة لأن الله يقول (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) (نوح الآية 10).
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله تعالى {فاذكروني أذكركم} قال : ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله إلا يذكره مؤمن إلا ذكره برحمة ولا يذكره كافر إلا ذكره بعذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى داود قل للظلمة لايذكروني فإن حقا علي أذكر من ذكرني إن ذكري إياهم أن ألعنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر ، أنه قيل له : أرأيت قاتل النفس وشارب الخمر والزاني يذكر الله وقد قال الله {فاذكروني أذكركم} قال : إذا ذكر الله هذا ذكره الله بلعنته حتى يسكت.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن خالد بن أبي عمران قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطاع الله فقد ذكر الله

وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.
وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : يا ابن آدم إذا ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملاءكة ، أو قال : في ملأ خير منهم وإن دنوت مني شبرا دنوت منك باعا وإن أتيتني تمشي أتيتك بهرولة

وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ذكره : لا يذكرني أحد في نفسه إلا ذكرته في ملأ من ملائكتي ولا يذكرني في ملأ إلا ذكرته في الرفيق الأعلى.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر والبزار والبيهقي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : قال الله : يا ابن آدم إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا وإذا ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير من الذين تذكرني فيهم وأكثر.
وأخرج ابن ماجه ، وَابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل يقول : أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن بسر أن رجلا قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أستن به قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله

وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار ، وَابن حبان والطبراني والبيهقي عن مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل قال لهم إن آخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلت : أي الأعمال أحب إلى الله قال : أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي المخارق قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مررت ليلة أسرى بي برجل في نور العرش قلت : من هذا ملك قيل : لا ، قلت : نبي ، قيل : لا ، قلت : من هذا قال : هذا رجل كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله وقلبه معلق بالمساجد ولم يستسب لوالديه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد قال : قيل لأبي الدرداء : إن الرجل أعتق مائة نسمة قال : إن مائة نسمة من مال رجل لكثير وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار أن لا يزال لسان أحدكم رطبا من ذكر الله

وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن ماجه ، وَابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا أعداءكم فتضربوا أعناقهم قالوا : بلى ، قال : ذكر الله.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله بن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إن لكل شيء صقالة وإن صقالة القلوب ذكر الله وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله ، قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولو أن يضرب بسيفه حتى ينقطع.
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
عجز منكم عن الليل أن يكابده وبخل بالمال أن ينفقه وحين غدر العدوان يجاهده فليكثر ذكر الله

وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر رفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما عمل آدمي عملا أنجى له من العذاب من ذكر الله ، قيل : ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والطبراني والبيهقي عن ابن عباس إن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة : قلب شاكر ولسان ذاكر وبدن على البلاء صابر وزوجة لاتبغيه خونا في نفسها وماله.
وأخرج ابن حبان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليذكرن الله أقوام في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم الله الرجات العلى.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن أبي موسى قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي ذر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من يوم وليلة إلا والله عز وجل فيه صدقة من بها على من يشاء من عباده وما من الله على عبد

بأفضل من أن يلهمه ذكره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن خالد بن معدان قال : إن الله يتصدق كل يوم بصدقة فما تصدق على عبده بشيء أفضل من ذكره.
وأخرج الطبراني عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن رجلا في حجره دراهم يقسمها وآخر يذكر الله لكان الذاكر لله أفضل.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكر الله تعالى فيها.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها بخير إلا تحسر عليها يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي ، وَابن ماجه

البيهقي عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يقعد قوم 2 يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن لأهل ذكر الله أربعا ، ينزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة وتحف بهم الملائكة ويذكرهم الرب في ملأ عنده.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يقول : أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس مرفوعا قال الله عبدي أنا عند ظنك بي وأنا معك إذا ذكرتني.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عمر قال : ذكر الله بالغداة والعشي أعظم من حطم السيوف في سبيل الله وإعطاء المال سخاء

وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : لو أن رجلين أحدهما يحمل على الجياد في سبيل الله والآخر يذكر الله لكان الذاكر أعظم وأفضل أجرا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال : لو بات رجل يعطي القناة البيض (يقصد قتال الأعداء ، ولفظ أحمد : يطاعن الأقران وبات آخر يقرأ القرآن أو يذكر الله لرأيت أن ذاكر الله أفضل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمرو لو أن رجلين أقبل أحدهما من المشرق والآخر من المغرب مع أحدهما ذهب لا يضع منه شيئا إلا في حق والآخر يذكر الله حتى يلتقيا في طريق كان الذي يذكر الله أفضلهما.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء فإذا تفرقوا عرجوا إلى السماء فيسألهم ربهم - وهو يعلم - من أين جئتم فيوقلون : جئنا من عند عباد لك يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ، فيقول : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا وأشد لك تسبيحا

فيقول : فما يسألون فيقولون : يسألونك الجنة ، فيقول : وهل رأوها فيقولون :
لا ، فيقول : فكيف لو رأوها فيقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة ، قال : فمم يتعوذون : يتعوذون من النار ، فيقول : وهل رأوها فيقولون : لا ، فيقول : فكيف لو رأوها فيقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة ، فيقول : أشهدكم أني قد غفرت لهم ، فيقول ملك من الملائكة : فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة ، قال : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال : ما أجلسكم قالوا : جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا ، قال آلله ماجلسكم إلا ذلك قالوا : آلله ما أجلسنا إلا ذلك ، قال : أما أني لم استحلفكم تهمة لكم ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله يوم القيامة : سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم ، فقيل : ومن أهل الكرم يا رسول الله قال : أهل

مجالس الذكر.
وأخرج أحمد عن أنس قال : كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تعال نؤمن بربنا ساعة ، فقال ذات يوم لرجل فغضب الرجل فجاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة.
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات.
وأخرج الطبراني عن سهل بن الحنظلية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل فيه فيقومون حتى يقال لهم : قوموا قد غفرت لكم وبدلت سيئاتكم حسنات

وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله إلا ناداهم مناد في السماء : قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات وما من قوم اجتمهوا في مجلس فتفرقوا ولم يذكروا الله إلا كان ذلك عليهم حسرة يوم القيامة.
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عمل آدمي
عملا قط أنجى له من عذاب القبر من ذكر الله ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند ميلككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ذكر الله.
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل أنه سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان قال : أن تحب لله وتبغض لله وتعمل في ذكر الله ، قال : وماذا قال : وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره للناس ما تكره لنفسك وأن تقول خيرا أو تصمت

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي برزة الأسلمي قال : لو أن رجلا في حجره دنانير يعطيها وآخر ذاكر الله عز وجل لكان الذاكر أفضل.
وأخرج عبد الله بن أحمد عن أبي الدرداء قال : اذكر الله عند كل حجيرة وشجيرة ومدرة واذكره في سرائك تذكر في ضرائك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : إن الذين لا تزال ألسنتهم رطبة بذكر الله تبارك وتعالى يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : لأن أكبر مائة تكبيرة أحب إلي من أن أتصدق بمائة دينار.
وأخرج عبد الله ابنه عن عبد الله بن عمرو قال : ما اجتمع ملأ يذكرون الله إلا ذكرهم الله في ملأ أعز منه وأكرم وما تفرق قوم لم يذكروا الله في مجلسهم إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة

وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : التكبيرة خير من الدنيا وما فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عمل ابن آدم عملا أنجى له من النار من ذكر الله ، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ثم تضرب بسيفك حتى ينقطع ثم تضرب حتى ينقطع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : لأن اذكر الله من غدوة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أحمل على الجياد في سبيل الله من غدوة حتى تطلع الشمس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبادة بن الصامت قال : لأن أكون في قوم يذكرون الله من حين يصلون الغداة إلى حين تطلع الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله إلى أن تطلع الشمس ولأن أكون في قوم يذكرون من حين يصلون العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله حتى تغرب الشمس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : إذا كان العبد يحمد الله في السراء ويحمده في الرخاء فأصابه ضر دعا الله قالت الملائكة : صوت معروف من

إمرى ء ضعيف فيشفعون له فإذا كان العبد لا يذكر الله في السراء ولا يحمده في الرخاء فأصابه ضر فدعا الله قالت الملائكة : صوت منكر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الأعمال ثلاثة ذكر الله على كل حال والإنصاف من نفسك والمواساة في المال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : إن أهل السماء ليرون بيوت أهل الذكر تضيء لهم كما يضيء الكوكب لأهل الأرض.
وأخرج البزار عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون : ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ويسألونك لآخرتهم ودنياهم ، فيقول تبارك وتعالى : غشوهم برحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم.
وأخرج أحمد عن ابن عمر قال : قلت : يا رسول الله ما غنيمة مجالس

الذكر قال : غنيمة مجالس الذكر الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار وأبو يعلى والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الدعوات ، عَن جَابر قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر فارتعوا في رياض الجنة ، قالوا : وأين رياض الجنة قال : مجالس الذكر فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروه أنفسكم من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر الله كيف منزلة الله عنده فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قال : وما رياض الجنة قال : حلق الذكر.
وأخرج الطبراني عن عمرو بن عبسة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشي بياض وجوهم نظر الناظرين يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله

قيل : يا رسول الله من هم قال : هم جماع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله تعالى فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه.
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوهم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، فقال أعرابي : يا رسول الله صفهم لنا نعرفهم قال : هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه.
وأخرج الخرائطي في الشكر عن خليد العقري قال : إن لكل بيت زينة وزينة المساجد الرجال على ذكر الله.
وأخرج البيهقي في الدعوات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا في الدعاء قالوا : نعم ، قال : قولوا : اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وأخرج أحمد في الزهد عن عمرو بن قيس قال : أوحى الله إلى داود إنك إن ذكرتني ذكرتك وإن نستني تركتك واحذر أن أجدك على حال لا أنظر إليك فيه

وأخرج عبد الله ابنه في زوائده عن معاوية بن قرة عن أبيه أنه قال له : يا بني إذا كنت في قوم يذكرون الله فبدت لك حاجة فسلم عليهم حين تقوم فإنك لا تزال لهم شريكا ما داموا جلوسا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال : ما من شيء أحب إلى الله من الذكر والشكر ، أما قوله تعالى {واشكروا لي ولا تكفرون}.
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنكدر قال : كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن أبي الدنيا والبيهقي عن معاذ قال : قال لي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إني أحبك لا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة : اللهم أعني على شكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي الجلد قال : قرأت في مساءلة موسى عليه السلام ، أنه قال : يا رب كيف لي أن أشكرك

وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله فأتاه الوحي : أن يا موسى الآن شكرتني.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان التيمي قال : إن الله عز وجل أنعم على العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الملك بن مروان قال : ما قال عبد كلمة أحب إليه وابلغ من الشكر عنده من أن يقول : الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا للإسلام.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الأصبغ بن نباتة قال : كان علي رضي الله عنه إذا دخل الخلاء قال : بسم الله الحافظ من المؤذي وإذا خرج مسح بيده على بطنه ثم قال : يا لها من نعمة لو يعلم العباد شكرها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : إن الله ليمنع النعمة ما شاء فإذا لم يشكر قلبها عذابا.
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي كلاهما في كتاب الشكر

والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما أنعم الله على عبده من نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها قبل أن يحمده وما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له ذلك قبل أن يستغفره إن الرجل ليشتري الثوب بالدينار فيلبسه فيحمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له.
وأخرج البيهقي في الشعب عن علي رضي الله عنه قال : من قال حين يصبح : الحمد لله على حسن المساء والحمد لله على حسن المبيت والحمد لله على حسن الصباح فقد أدى شكر ليلته ويومه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله : أدى شكر ليلته ويومه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا البيهقي عن عبد الله بن سلام قال : قال موسى عليه السلام : يا رب ما الشكر الذي نبغي لك قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكري ، قال : فإنا نكون من الحال إلى حال نجلك أن نذكرك عليها قال : ما هي قال : الغائط وإهراق الماء من الجنابة وعلى غير وضوء ، قال : كلا ، قال : يا رب كيف أقول قال : تقول سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت فجنبني الأذى سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت فقني من الأذى

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن رجلا كان يأتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه فيقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يدعو له فجاء يوما فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كيف أنت يا فلان قال : بخير إن شكرت ، فسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال الرجل : يا نبي الله كنت تسألني وتدعو لي وإنك سألتني اليوم فلم تدع لي قال : إني كنت أسألك فتشكر الله وإني سألتك اليوم فشككت في الشكر ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أنه ان يقول في دعائه : أسألك تمام النعمة في الأشياء كلها والشكر لك عليها حتى ترضى وبعد الرضا.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي حازم أن رجلا قال له : ما شكر العينين قال : إن رأيت بهما خيرا أعلنته وإن رأيت بهما شرا سترته ، قال : فما شكر الأذنين قال : إن سمعت خيرا وعيته وإن سمعت بهما شرا أخفيته ، قال : فما شكر اليدين قال : لا تأخذ بهما ما ليس لهما ولا تمنع حقا لله عز وجل هو فيهما ، قال : فما شكر البطن قال : أن يكون أسفله طعاما وأعلاه

علما ، قال : فما شكر الفرج قال : كما قال الله عز وجل (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) (المؤمنون الآية 6) إلى قوله (فأولئك هم العادون) قال : فما شكر الرجلين قال : إن رأيت حيا غبطته بهما عملته وإن رأيت ميتا مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله عز وجل فأما من شكر بلساه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر.
وأخرج البيهقي في الشعب عن علي بن المديني قال : قيل لسفيان بن عينية : ما
حد الزهد قال : أن تكون شاكرا في الرخاء صابرا في البلاء فإذا كان كذلك فهو زاهد ، قيل لسفيان : ما الشكر قال : أن تجتنب ما نهى الله عنه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عمر بن عبد العزيز قال : قيدوا نعم الله بالشكر لله عز وجل شكر الله ترك المعصية

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن لوط الأنصاري قال : كان يقال : الشكر ترك المعصية.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مخلد بن حسين قال : كان يقال : الشكر ترك المعاصي.
وأخرج البيهقي عن اجنيد قال : قال السري يوما : ما الشكر فقلت له : الشكرعندي أن لا يستعان على المعاصي بشيء من نعمه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سفيان بن عينية قال : قيل للزهري ما الزاهد قال : من لم يغلب الحرام صبره ولم يمنع الحلال شكره.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : الشكر يأخذ بجرم الحمد وأصله وفرعه فلينظر في نعم من الله في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك ليس من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله حق على العبد أن يعمل بالنعم اللاتي هي في يديه لله عز وجل في طاعته ونعم أخرى في الرزق وحق عليه أن يعمل لله فيما أنعم به عليه من الرزق في طاعته فمن عمل بهذا كان أخذ بجرم الشكر وأصله وفرعه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عامر قال : الشكر نصف الإيمان والصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله

وقال البيهقي : أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : سئل الأستاذ أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي عن الشكر والصبر أيهما أفضل فقال : هما في محل الاستواء فالشكر وظيفة السراء والصبر فريضة الضراء.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قل عمله وحضر عذابه.
وأخرج البيهقي عن الفضيل بن عياض قال : عليكم بالشكر فإنه قل قوم كانت عليهم من الله نعمة فزالت عنهم ثم عادت إليهم.
وأخرج البيهقي عن عمارة بن حمزة قال : إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر.
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نظر في الدين إلى من فوقه وفي الدنيا إلى من تحته كتبه الله صابرا شاكرا ومن نظر في الدين إلى

من تحته ونظر في الدنيا إلى من فوقه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خصلتان من كانتا فيه كتبه الله صابرا شاكرا ومن لم يكونا فيه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا من نظر في دينه إلى من فوقه فاقتدى به ومن نظر في دنياه إلى من هو دونه ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فاسف على ما فاته لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا.
وأخرج مسلم والبيهقي عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لأمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء فشكر كان خيرا وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا.
وأخرج النسائي والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبت للمؤمن إن أعطي قال : الحمد لله فشكر وإن ابتلي قال : الحمد لله فصبر فالمؤمن يؤجر على كل حال حتى اللقمة يرفعها إلى فيه.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من

كانت فيه ثلاث أدخله الله في رحمته وأراه محبته وكان في كنفه : من إذا أعطي شكر وإذا قدر غفر وإذا غضب فتر.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه وستر عليه برحمته وأدخله في محبته ، قيل : وما هن يا رسول الله قال : من إذا أعطي شكر وإذا قدر غفر وإذا غضب فتر.
وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن أبي الدنيا في الشكر والفريابي في الذكر والمعمري في عمل اليوم والليلة والطبراني في الدعاء ، وَابن حبان والبيهقي والمستغفري كلاهما في الدعوات عن عبد الله بن غنام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يصبح :
اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر يومه ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن السري بن عبد الله أنه كان في الطائف فاصابهم مطر فخطب الناس فقال : يا أيها الناس احمدوا الله على ما وضع

لكم من رزقه فإنه بلغني عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أنعم الله عز وجل على عبده بنعمة فحمده عندها فقد أدى شكرها.
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي كلاهما في كتاب الشكر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى صاحب بلاء فقال : الحمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى جميع خلقه تفضيلا فقد أدى شكر النعمة.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن كعب قال : ما أنعم الله عز وجل على عبد نعمة في الدنيا فشكرها لله عز وجل وتواضع بها لله إلا أعطاه نفعها في الدنيا ورفع له بها درجة في الآخرة وما أنعم الله على عبد من نعمة في الدنيا فلم يشكرها لله عز وجل ولم يتواضع بها لله إلا منعه الله عز وجل نفعها في الدنيا وفتح له طبقا من النار فعذبه إن شاء أو تجاوز عنه.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما من عبد يشرب من ماء القراح فيدخل بغير أذى ويجري بغير أذى إلا وجب عليه الشكر

وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي بكرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره خر ساجدا لله عز وجل شكرا لله.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إني لقيت جبريل عليه السلام فبشرني وقال : إن الله يقول لك : من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه فسجدت لله شكرا.
وأخرج الخرائطي في الشكر ، عَن جَابر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى صاحب بلاء خر ساجدا.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والخرائطي في الشكر عن شداد بن أوس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا كنز الناس الذهب والفضة فأكثروا هؤلاء
الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وأسألك حسن عبادتك وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب.
وأخرج الخرائطي ، عَن جَابر بن عبد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

أفضل الذكر لا إلا إله إلا الله وأفضل الشكر الحمد لله.
وأخرج الخرائطي والبيهقي في الدعوات عن منصور بن صفية قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول : الحمد لله الذي هداني للإسلام وجعلني من أمة محمد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد شكرت عظيما.
وأخرج الخرائطي عن محمد بن كعب القرظي قال : يا هؤلاء احفظوا اثنتين شكر النعمة وإخلاص الإيمان.
وأخرج الخرائطي عن أبي عمر الشيباني قال : قال موسى عليه السلام يوم الطور : يا رب إن أنا صليت فمن قبلك وإن أنا تصدقت فمن قبلك وإن أنا بلغت رسالاتك فمن قبلك فكيف أشكرك قال : يا موسى الآن شكرتني.
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن قرط الأزدي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنما تثبت النعمة بشكر المنعم عليه للمنعم.
وأخرج الخرائطي عن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب قال : أشكر المنعم عليك فإنه لا نفاد للنعم إذا شكرت ولا

بقاء لها إذا كفرت والشكر زيادة في النعم وأمان من الغير.
وأخرج الخرائطي عن خالد الربعي قال : كان يقال : إن من أجدر الأعمال أن تعجل عقوبته : الأمانة تخان والرحم يقطع والإحسان يكفر.
وأخرج الخرائطي عن كعب الأحبار قال : شر الحديث التجديف قال أبو عبيد : قال الأصمعي : التجديف هو الكفر بالنعم وقال الأموي : هو استقلال ما أعطاه الله عز وجل.
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين
أخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه غشية ظنوا أنه قد فاضت به نفسه فيها حتى قاموا من عنده وجللوه ثوبا وخرجت أم كلثوم بنت عقبة امرأته إلى المسجد تستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة فلبثوا ساعة وهو في غشيته ثم أفاق.
قوله تعالى : ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون.
أخرج ابن منده في المعرفة من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قتل تميم بن الحمام ببدر وفيه وفي غيره نزلت {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات} الآية

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن حبير في قوله {لمن يقتل في سبيل الله} قال : في طاعة الله في قتال المشركين.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي العالية في قوله {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء} قال : يقول : هم أحياء في صور طير خضر يطيرون في الجنة حيث شاؤوا ويأكلون من حيث شاؤوا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير عن عكرمة في قوله تعالى {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات} الآية ، قال : أرواح الشهداء طير بيض فقاقيع في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في البعث والنشور عن كعب قال : جنة المأوى فيها طير خضر ترتقي فيها أرواح الشهداء في أجواف طير خضر وأولاد المؤمنين الذين لم يبلغوا الحنث عصافير من عصافير

الجنة ترعى وتسرح.
وأخرج عبد الرزاق عن معمرعن قتادة قال بلغنا أن أرواح الشهداء في صور طير بيض تأكل من ثمار الجنة وقال الكلبي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : في صورة طير بيض تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون} قال : ذكر لنا أن أرواح الشهداء تعارف في طير
بيض تأكل من ثمار الجنة وإن مساكنهم السدرة وأن الله أعطى المجاهد ثلاث خصال من الخير ، من قتل في سبيل الله حيا مرزوقا ومن غلب آتاه الله أجره عظيما ومن مات رزقه الله رزقا حسنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {بل أحياء} قال : كان يقول : من ثمر الجنة ويجدون ريحها وليسوا فيها.
وأخرج مالك وأحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجه عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق (تعلق من ثمر الجنة : ترعى من أعلاه) من ثمر الجنة أو شجر الجنة

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرواح الشهداء في صور طير خضر معلقة في قناديل الجنة حتى يرجعها الله يوم القيامة.
وأخرج النسائي والحاكم وصححه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله له : يا ابن آدم كيف وجدك منزلك فيقول : أي رب خير منزل ، فيقول : سل وتمن ، فيقول : وما أسألك وأتمنى أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيل الله عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة.
قوله تعالى : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله {ولنبلونكم} الآية ، قال : أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها وأمرهم بالصبر وبشرهم فقال {وبشر الصابرين} ، وأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب الله له ثلاث
خصال من الخير : الصلاة من الله والرحمة وتحقيق سبل الهدى ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استرجع عند

المصيبة جبر الله مصيبته وأحسن عقباه وجعل له خلفا صالحا يرضاه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطاء في قوله {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع} قال : هم أصحاب محمد عليه السلام.
وأخرج سفيان بن عينية ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن جويبر قال : كتب رجل إلى الضحاك يسأله عن هذه الآية {إنا لله وإنا إليه راجعون} أخاصة هي أم عامة فقال : هي لمن أخذ بالتقوى وأدى الفرائض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولنبلونكم} قال : ولنبتليكم يعني المؤمنين {وبشر الصابرين} قال : على أمر الله في المصائب يعني بشرهم بالجنة {أولئك عليهم} يعني على من صبر على أمر الله عند المصيبة {صلوات} يعني مغفرة {من ربهم ورحمة} يعني رحمة لهم وأمنة من العذاب {وأولئك هم المهتدون} يعني من المهتدين بالاسترجاع عند المصيبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن رجاء

بن حيوة في قوله : ونقص من الثمرات ، قال : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة فيه إلا تمرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق رجاء بن حيوة عن كعب ، مثله.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم أن يقولوا عند المصيبة {إنا لله وإنا إليه راجعون}.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير قال : لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئا لم تعطه الأنبياء من قبلهم ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول : يا أسفي على يوسف {إنا لله وإنا إليه راجعون} لفظ البيهقي قال : لم يعط أحد من الأمم الاسترجاع غير هذه الأمة أما سمعت قول يعقوب : يا أسفي على يوسف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم

المهتدون} قال :
من استطاع أن يستوجب لله في مصيبته ثلاثا الصلاة والرحمة والهدى فليفعل ولا قوة إلا بالله فإنه من استوجب على الله حقا بحق أحقه الله له ووجد الله وفيا.
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب العزاء ، وَابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب قال : نعم العدلان ونعم العلاوة {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} نعم العدلان {وأولئك هم المهتدون} نعم العلاوة.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو قال : أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة : من كان عصمة أمره لا إله إلا الله وإذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون وإذا أعطي شيئا قال : الحمد لله وإذا أذنب ذنبا قال : استغفر الله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن يونس بن يزيد قال : سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن ما منتهى الصبر قال : يكون يوم تصبيه المصيبة

مثله قبل أن تصيبه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الاعتبار عن عمر بن عبد العزيز ، أن سليمان بن عبد الملك قال له عند موت ابنه : أيصبر المؤمن حتى لا يجد لمصيبته ألما قال : يا أمير المؤمنين لا يستوي عندك ما تحب وما تكره ولكن الصبر معول المؤمن.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسين بن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يصلب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها فيحدث لذلك استرجاعا إلا جدد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب.
وأخرج سعيد بن منصور والعقيلي في الضعفاء من حديث عائشة ، مثله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نعمة وإن تقادم عهدها فيجدد لها العبد الحمد إلا جدد الله له ثوابها وما من مصيبة وإن تقادم عهدها فيجدد لها العبد الاسترجاع إلا جدد الله له ثوابها وأجرها

وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن سعيد بن المسيب رفعه من استرجع بعد أربعين سنة أعطاه الله ثواب مصيبته يوم أصيبها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن كعب قال : ما من رجل تصيبه مصيبة فيذكرها بعد أربعين سنة فيسترجع إلا أجرى الله له أجرها تلك الساعة كما أنه لو استرجع يوم أصيب.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن أم سلمة قالت : أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا سررت به قال لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول : اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا فعل ذلك به ، قالت : أم سلمة : فحفظت ذلك منه فلما توفي أبو سلمة استرجعت فقلت : اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ثم رجعت إلى نفسي وقلت من أين لي خير من أبي سلمة فأبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج مسلم عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها ، قالت :

فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي فيقولون : نعم ، فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون : نعم ، فيقول : ماذا قال عبدي فيقولون : حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للموت فزعا فإذا أتى أحدكم وفاة أخيه فليقل : إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا إلى ربنا لمنقلبون.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن أبي بكر بن أبي مريم سمعت أشياخا يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أهل المصيبة لتنزل بهم فيجزعون وتسور عنهم فيمر بها مار من الناس فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون فيكون فيها أعظم أجرا من أهلها.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة قال انقطع قبال (قبال : زمام النعل) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

فاسترجع فقالوا : مصيبة يا رسول الله فقال : ما أصاب المؤمن مما يكره فهو مصيبة.
وأخرج البزار بسند ضعيف والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إذا انقطع شسع (زمام النعل بين الأصبع الوسطى والتي تليها) أحدكم فليسترجع لأنها من المصائب.
وأخرج البزار بسند ضعيف عن شداد بن أوس مرفوعا ، مثله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن شهر بن حوشب رفعه قال من انقطع شسعه فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون فإنها مصيبة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا عن عوف بن عبد الله قال : من انقطع شسعه فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون فإنها مصيبة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا عن عوف بن عبد الله قال : كان ابن مسعود يمشي فانقطع شسعه فاسترجع فقيل : يسترجع على مثل هذا قال : مصيبة.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة وهناد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب ، أنه انقطع شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه

راجعون ، فقيل له : مالك فقال : انقطع شسعي فسائني وما ساءك فهو لك مصيبة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأمل والديلمي عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلا اتخذ قبالا من حديد فقال : أما أنت أطلت الأمل إن أحدكم إذا انقطع شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون كان عليه من ربه الصلاة والهدى والرحمة وذلك خير له من الدنيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في العزاء عن عكرمة قال طفى ء سراج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقيل : يا رسول الله أ مصيبة هي قال : نعم وكل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد العزيز بن أبي رواد قال بلغني أن المصباح طفى ء فاسترجع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل ما ساءك مصيبة.
وأخرج الطبراني وسمويه في فوائده عن أبي أمامة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقطع شسع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال له رجل : هذا الشسع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها مصيبة.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي إدريس الخولاني قال بينا النبي
صلى الله عليه وسلم يمشي هو وأصحابه إذ انقطع شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه

راجعون ، قال : ومصيبة هي قال : نعم كل شيء ساء المؤمن فهو مصيبة.
وأخرج الديلمي عن عائشة قالت أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لدغته شوكة في إبهامه فجعل يسترجع منها ويمسحها فلما سمعت استرجاعه دنوت منه فنظرت فإذا أثر حقير فضحكت فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي أكل هذا الاسترجاع من أجل هذه الشوكة فتبسم ثم ضرب على منكبي فقال : يا عائشة إن الله عز وجل إذا أراد أن يجعل الصغير كبيرا جعله وإذا أراد أن يجعل الكبير صغيرا جعله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : إذا فاتتك صلاة في جماعة فاسترجع فإنها مصيبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سواد بن داود ، أن سعيد بن المسيب جاء وقد فاتته الصلاة في الجماعة فاسترجع حتى سمع صوته خارجا من المسجد.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبر عند الصدمة الأولى والعبرة لا يملكها ابن آدم صبابة المرء إلى أخيه.
وأخرج ابن سعد عن خيثمة قال : لما جاء عبد الله بن مسعود نعي أخيه عتبة

دمعت عيناه فقال : إن هذه رحمة جعلها الله لا يملكها ابن آدم.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأى امرأة تبكي على صبي لها فقال لها : اتقي الله واصبري ، فقالت : وما تبالي أنت مصيبتي فلما ذهب قيل له : إنه رسول الله فأخذها مثل الموت فأتت بابه فلم تجد عليه بوابين فقالت : لم أعرفك يا رسول الله فقال : إنما الصبر عند أول صدمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما مسلمين مضى لهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا حنثا كانوا لهما حصنا حصينا من النار ، قال : أبو ذر مضى لي اثنان ، قال : واثنان ، قال أبو المنذر سيد القراء : مضى لي واحد يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وواحد وذلك في الصدمة الأولى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كريب بن حسان قال : توفي رجل منا فوجد به أبوه
أشد الوجد فقال له رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقال له حوشب : ألا

أحدثكم بمثلها شهدتها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان رجل يأتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له توفي فوجد به أبوه أشد الوجد ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما فعل فلان قالوا : يا رسول الله توفي ابنه الذي كان يختلف معه إليك ، فلقيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا فلان أيسرك إن ابنك عندك كأجرى الغلمان جريا يا فلان أيسرك أن ابنك عندك كأنشط الغلمان نشاطا يا فلان أيسرك أن ابنك عندك كأجود الكهول كهلا أو يقال لك أدخل الجنة ثواب ما أخذ منك.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن معاوية بن قرة عن أبيه قال كان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه بني له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم : أتحبه قال : يا رسول الله أحبك الله كما أحبه ، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما فعل ابن فلان قالوا : مات ، قال : فلقيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة تستفتحه إلا جاء يسعى حتى يفتحه لك قالوا : يا رسول الله أله وحده أم لكلنا قال : بل لكلكم.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم

احتسبه إلا الجنة.
وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحاجته حتى يلقى الله وليست له خطيئة.
وأخرج أحمد والطبراني عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على الله وجبت له الجنة.
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن بريدة قال كنت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فبلغه أن امرأة من الأنصار مات ابن لها فجزعت عليه فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه فلما دخل عليها قال : أما أنه قد بلغني أنك جزعت فقالت : ما لي لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد فقال : إنما الرقوب التي يعيش ولدها إنه لا يموت لأمرأة مسلمة ثلاثة من الولد فتحتسبهم إلا وجبت لها الجنة ، فقال عمر : واثنين قال : واثنين.
وأخرج مالك في الموطأ عن أبي نصر السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يموت لأحد من المسلمسن ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة

من النار ، فقالت امرأة : أو اثنان ، قال : أو اثنان.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم دخل الجنة ، فقالت امرأة : واثنين ، قال : واثنين.
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، فقالوا : يا رسول الله أو اثنان ، قال : أو اثنان ، قالوا : أو واحد ، قال : أو واحد ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته.
وأخرج الطبراني ، عَن جَابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دفن ثلاثة فصبر عليهم واحتسب وجبت له الجنة ، فقالت أم أيمن : واثنين ، قال :

واثنين ، قالت : أو واحد ، فسكت ثم قال : وواحد.
وأخرج أحمد ، وَابن قانع في معجم الصحابة ، وَابن منده في المعرفة عن حوشب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من مات له ولد فصبر واحتسب قيل له : ادخل الجنة بفضل ما أخذنا منك.
وأخرج النسائي ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله والولد الصالح يتوفى للمرء فيحتسبه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء والبيهقي عن أنس قال توفي ابن عثمان بن مظعون فاشتد حزنه عليه فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن للجنة ثمانية أبواب وللنار سبعة أبواب أفما يسرك أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك يشفع لك عند ربك قال : بلى ، قال المسلمون :

يا رسول الله ولنا في إفراطنا ما لعثمان قال : نعم لمن صبر منكم واحتسب.
وأخرج النسائي عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب بثواب من الجنة.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قسم الله العقل على ثلاثة أجزاء فمن كن فيه فهو العاقل ومن لم يكن فيه فلا عقل له ، حسن المعرفة بالله وحسن الطاعة لله وحسن الصبر لله.
وأخرج ابن سعد عن مطوف بن عبد الله بن الشخير ، أنه مات ابنه عبد الله فخرج وهو مترجل في ثياب حسنة فقيل له في ذلك فقال : قد وعدني الله على مصيبتين ثلاث خصال كل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها ، قال الله {الذين إذا أصابتهم مصيبة} إلى قوله {المهتدون} أفأستكين لها بعد هذا $

قوله تعالى : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم.
أخرج مالك في الموطأ وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي داود ، وَابن الأنباري في المصاحف معا ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن عائشة أن عروة قال لها : أرأيت قول الله تعالى {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} فما أرى على أحد جناحا أن يطوف بهما فقالت عائشة : بئسما قلت يا ابن أختي إنها لو كانت على ما أولتها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية ، قالت عائشة : ثم سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما فليس لأحد أن يدع الطواف بهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن أبي حاتم ، وَابن السكن والبيهقي عن أنس ، أنه سئل

عن الصفا والمروة قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله}.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا في الجاهلية إذا أحرموا لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما قدمنا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كانت الشياطين في الجاهلية تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة فكانت فيها آلهة لهم أصنام فلما جاء الإسلام قال المسلمون : يا رسول الله ألا نطوف بين الصفا والمروة فإنه شيء كنا نصنعه في الجاهلية فأنزل الله {فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} يقول : ليس عليه إثم ولكن له أجر.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : قالت الأنصار : إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله {إن الصفا والمروة من

شعائر الله} الآية.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن حبيش قال : سألت ابن عمر عن قوله {إن الصفا والمروة} الآية ، فقال : انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد ، فأتيته فسألته فقال : إنه كان عندهما أصنام فلما أسلموا أمسكوا عن الطواف بينهما حتى أنزلت {إن الصفا والمروة} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية ، وذلك أن ناسا تحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة فأخبر الله أنهما من شعائره الطواف بينهما أحب إليه فمضت السنة بالطواف بينهما.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عامر الشعبي قال : كان وثن بالصفا يدهى اساف ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت يسعون بينهما ويمسحون الوثنين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين وليس الطواف بهما من الشعائر فأنزل الله {إن الصفا والمروة} الآية ، فذكر الصفا من أجل الوثن الذي كان

عليه وأنثت المروة من أجل الوثن الذي كان عليه مونثا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : قالت الأنصار إنما السعي بين هذين الحجرين من عمل أهل الجاهلية فأنزل الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} قال : من الخير الذي أخبرتكم عنه فلم يحرج من لم يطف بهما {فمن تطوع خيرا فهو خير له} فتطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت من السنن فكان عطاء يقول : يبدل مكانه سبعين بالكعبة إن شاء.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال كان ناس من أهل تهامة في الجاهلية لا يطوفون بين الصفا والمروة فأنزل الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} وكان من سنة إبراهيم واسماعيل بينهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مروديه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قال : كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة في الجاهلية ومناة صنم بين مكة والمدينة ، قالوا : يا نبي الله إنا كنا لانطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فهل علينا من

حرج أن نطوف بهما فأنزل الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية ، قال عروة : فقلت لعائشة : ما أبالي أن لا أطوف بين الصفا والمروة قال الله {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} فقالت : يا ابن أختي ألا ترى أنه يقول {إن الصفا والمروة من شعائر الله} قال الزهري : فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام فقال : هذا العلم ، قال أبو بكر : ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : لما أنزل الله الطواف بالبيت ولم ينزل الطواف بين الصفا والمروة قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة وأن الله قد ذكر الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بين الصفا والمروة فهل علينا من حرج أن لا نطوف بهما فأنزل الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية كلها ، قال أبو بكر : فاسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما فيمن طاف وفيمن لم يطف.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير عن عائشة قالت : لعمري ما أتم الله حج من لم يسع بين الصفا والمروة ولا عمرته ولأن الله قال {إن الصفا والمروة من شعائر الله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم عن أنس قال : كانت الأنصار يكرهون السعي بين الصفا والمروة حتى نزلت هذه الآية {إن الصفا

والمروة من شعائر الله} فالطواف بينهما تطوع.
وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ ((فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما)).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عطاء قال : في مصحف ابن مسعود (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما).
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حماد قال : وجدت في مصحف أبي (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما).
وأخرج ابن أبي داود عن مجاهد ، أنه كان يقرأ (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما).
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس ، أنه قرأ {فلا جناح عليه أن يطوف} مثقلة فمن ترك فلا بأس.
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم وصححه عن ابن عباس ، أنه أتاه رجل

فقال : أبدأ بالصفا قبل المروة وأصلي قبل أن أطوف أو أطوف قبل ، وأحلق قبل أن أذبح أو أذبح قبل أن أحلق فقال ابن عباس : خذوا ذلك من كتاب الله فإنه أجدر أن يحفظ قال الله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} فالصفا قبل المروة وقال (لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) (البقرة الآية 196) فالذبح قبل الحلق ، وقال (وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) (الحج الآية 26) والطواف قبل الصلاة.
وأخرج وكيع عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس لم بدى ء بالصفا قبل المروة قال : لأن الله قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله.
وأخرج مسلم والترمذي ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" ، عَن جَابر قال لما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصفا في حجته قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله ابدؤا بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه.
وأخرج الشافعي ، وَابن سعد وأحمد ، وَابن المنذر ، وَابن قانع والبيهقي عن حبيبة بنت أبي بحران قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والنايس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول : اسعوا فإن الله عز وجل كتب عليكم السعي

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا.
وأخرج وكيع عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : سألت ابن عباس عن السعي بين الصفا والمروة قال : فعله إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة وإن ذلك سنة قال : صدقوا إن إبراهيم لما أمر بالمناسك اعترض عليه الشيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس ، أنه رآهم يطوفون بين الصفا والمروة فقال : هذا مما أورثتكم أم اسماعيل.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن سعيد بن جبير قال : أقبل إبراهيم ومعه هاجر واسماعيل عليهم السلام فوضعهم عند البيت فقالت : الله أمرك

بهذا قال : نعم ، قال : فعطش الصبي فنظرت فإذا أقرب الجبال إليها الصفا فسعت فرقت عليه فنظرت فلم تر شيئا ثم نظرت فإذا أقرب الجبال إليها المروة فنظرت فلم تر شيئا قال : فهي أول من سعى بين الصفا والمروة ثم أقبلت فسمعت حفيفا أمامها قال : قد أسمع فإن يكن عندك غياث فهلم فإذا جبريل أمامها يركض زمزم بعقبه فنبع الماء فجاءت بشيء لها تقرى فيه الماء فقال لها : تخافين العطش هذا بلد ضيفان الله لا يخافون العطش.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داو والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لأقامة ذكر الله لا لغيره.
وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال : السنة في الطواف بين الصفا والمروة أن ينزل من الصفا ثم يمشي حتى يأتي بطن المسيل فإذا جاءه سعى حتى يظهر

منه ثم يمشي حتى يأتي المروة.
وأخرج الأزرقي من طريق مسروق عن ابن مسعود أنه خرج إلى الصفا فقام إلى صدع فيه فلبى فقلت له : إن ناسا ينهون عن الإهلال ههنا قال : ولكني آمرك به هل تدري ما الإهلال إنما هي استجابة موسى لربه فلما أتى الوادي رمل وقال : رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز والأكرم.
وأخرج الطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود ، أنه قام على الصدع الذي في الصفا وقال : هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
أما قوله تعالى : {ومن تطوع خيرا}.
أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله / {ومن تطوع بخير > /.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر أنه كان يدعو على الصفا والمروة يكبر ثلاثا سبع مرات يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له ولو كره الكافرون ، وكان يدعو بدعاء كثير حتى يبطئنا وإنا لشباب وكان

من دعائه : اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ويحب عبادك الصالحين اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم يسرني لليسرى وجنبني للعسرى واغفر لي في الآخرة والأولى واجعلني من الأئمة المتقين ومن ورثة جنة النعيم واغفر لي خطيئتي يوم الدين ، اللهم إنك قلت (ادعوني أستجب لكم) وإنك لا تخلف الميعاد ، اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعه مني ولا تنزعني منه حتى توفاني على الإسلام وقد رضيت عني ، اللهم لا تقدمني للعذاب ولا تؤخرني لسيء الفتن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال : من قدم منكم حاجا فليبدأ بالبيت فليطف به سبعا ثم ليصل ركعتين عند مقام إبراهيم ثم ليأت الصفا فليقم عليه مستقبل الكعبة ثم ليكبر سبعا بين كل تكبيرتين حمد الله وثناء عليه والصلاة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويسأله لنفسه وعلى المروة مثل ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال : ترفع الأيدي في سبعة مواطن ، إذا قام إلى الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وفي

عرفات وفي جمع وعند الجمرات.
وأخرج الشافعي في الأم عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ترفع الأيدي في الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وعلى عرفات وبجمع وعند الجمرتين وعلى الميت ، أما قوله تعالى : {فإن الله شاكر عليم}.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : لا شيء أشكر من الله ولا أجزى ء بخير من الله عز وجل.
قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : سأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة وسعد بن معاذ أخو بني الأشهل وخارجة بن زيد أخو الحرث بن الخزرج نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم فأنزل الله فيهم {إن

الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} قال : هم أهل الكتاب.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} الآية ، قال : أولئك أهل الكتاب كتوا الإسلام وهو دين الله وكتموا محمدا وهم (يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنحيل) (الأعراف الآية 157) {ويلعنهم اللاعنون} قال : من ملائكة الله المؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : هم أهل الكتاب كتموا محمدا ونعته وهم يجدونه مكتوبا عندهم حسدا وبغيا.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة قال له : هل تجدون محمدا عندكم قال : لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء في قوله {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم

اللاعنون} قال : الجن والإنس وكل دابة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {ويلعنهم اللاعنون}
قال : إذا أجدبت الهائم دعت على فجار بني آدم ، فقالت : تحبس عنا الغيث بذنوبهم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ويلعنهم اللاعنون} قال : إن البهائم إذا اشتدت عليهم السنة قالت : هذا من أجل عصاة بني آدم لعن الله عصاة بني آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله {ويلعنهم اللاعنون} قال : دواب الأرض العقارب والخنافس يقولون : إنما منعنا القطر بذنوبهم فيلعنونهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة في قوله {ويلعنهم اللاعنون} قال : يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب يقولون : منعنا القطر بذنوب بني آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي جعفر في قوله {ويلعنهم اللاعنون} قال : كل شيء حتى الخنفساء

وأخرج ابن ماجه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن البراء بن عازب قال : كنا في جنازة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال إن الكافر يضرب ضربتين بين عينيه فيسمعه كل دابة غير الثقلين فتلعنه كل دابة سمعت صوته فذلك قول الله {ويلعنهم اللاعنون} يعني دواب الأرض.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ويلعنهم اللاعنون} قال : قال البراء ابن عازب : إن الكافر إذا وضع في قبره أتته دابة كأن عينيها قدران من نحاس معها عمود من حديد فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح لا يسمع أحد صوته إلا لعنه ولا يبقى شيء إلا سمع صوته إلا الثقلين الحن والإنس.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {ويلعنهم اللاعنون} قال : الكافر إذا وضع في حفرته ضرب ضربة بمطرق فيصيح صيحة يسمع صوته كل شيء إلا الثقلين الجن والإنس فلا يسمع صيحته شيء إلا لعنه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الوهاب بن عطاء في قوله {إن الذين يكتمون} الآية ، قال : سمعت الكلبي يقول : هم اليهود ، قال :

ومن لعن شيئا ليس هو بأهل رجعت اللعنة على يهودي فذلك قوله {ويلعنهم اللاعنون}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن مروان أخبرني الكلبي عن أبي
صالح عن ابن مسعود في هذه الآية قال : هو الرجل يلعن صاحبه في أمر يرى أن قد أتى إليه فترتفع اللعنة في السماء سريعا فلا تجد صاحبها التي قيلت له أهلا فترجع إلى الذي تكلم بها فلا تجد لها أهلا فتنطلق فتقع على اليهود فهو قوله {ويلعنهم اللاعنون} فمن تاب منهم ارتفعت عنهم اللعنة فكانت فيمن بقي من اليهود وهو قوله {إلا الذين تابوا} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سئل عن علم عنده فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة.
وأخرج ابن ماجه عن أنس بن مالك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من سئل عن علم فكتمه ألجمه يوم القيامة بلجام من نار.
وأخرج ابن ماجه والمرهبي في فضل العلم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتم علما مما ينفع الله به الناس في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار

وأخرج ابن ماجه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما عبد آتاه الله علما فكتمه لقي الله يوم القيامة ملجما بلجام من نار ، واخرج أبو يعلى والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سؤل عن علم فكتمه جاء يوم القيامه ملجما بلجام من نار.
وأخرج الطبراني من حديث ابن عمر ، وَابن عمرو مثله.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان قال : علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة قال : لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدا بشيء أبدا ثم تلا هذه الآية {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس في قوله {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} إلى قوله {اللاعنون} ثم استثنى فقال {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء {إلا الذين تابوا وأصلحوا} قال : ذلك كفارة له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {إلا الذين تابوا وأصلحوا} قال : أصلحوا ما بينهم وبين الله {وبينوا} الذي جاءهم

من الله ولم يكتموا ولم يجحدوا به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أتوب عليهم} يعني أتجاوز عنهم ، أما قوله تعالى : {وأنا التواب}.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي زرعة عمرو بن جرير قال : إن أول شيء كتب أنا التواب أتوب على من تاب.
قوله تعالى : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله ثم تلعنه الملائكة ثم يلعنه الناس أجمعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} قال : يعني الناس أجمعين المؤمنين

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : لا يتلاعن اثنان مؤمنان ولا كافران فيقول أحدهما : لعن الله الظالم إلا رجعت تلك اللعنة على الكافر لأنه ظالم فكل أحد من الخلق يلعنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يقرؤها (أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعون).
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {خالدين فيها} يقول : خالدين في جهنم في اللعنة ، وفي قوله {ولا هم ينظرون} ويقول : لا ينظرون فيعتذرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا هم ينظرون} قال : لا يؤخرون.
قوله تعالى : وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وصححه ، وَابن ماجة وأبو مسلم الكجي في السنن ، وَابن الضريس ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد بن السكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله

إلا هو الرحمن الرحيم} و(ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) (آل عمران الآيتان 1 - 2).
وأخرج الديلمي عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ليس أشد على مردة الجن من هؤلاء الآيات التي في سورة البقرة {وإلهكم إله واحد} الآيتين.
وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن وثمة قال : الآيات التي يدفع الله بهن من اللمم من لزمهن في كل يوم ذهب عنه ما يجد {وإلهكم إله واحد} الآية ، وآية الكرسي وخاتمة البقرة و(إن ربكم الله) (الأعراف الآية 54) إلى المحسنين وآخر الحشر بلغنا أنهن مكتوبات في زوايا العرش وكان يقول : اكتبوهن لصبيانكم من الفزع واللم.
164 - قوله تعالى : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا نتقوى به على عدونا فأوحى الله إليه : إني معطيهم فأجعل لهم الصفا ذهبا ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذابا لا

أعذبه أحدا من العالمين ، فقال : رب دعني وقومي فأدعوهم يوما بيوم فأنزل الله هذه الآية {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر} وكيف يسألونك الصفا وهم يرون من الآيات ما هو لأعظم من الصفا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير قال : سألت قريش فقالوا : حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات فأخبروهم أنه كان يبرى ء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا فنزداد به يقينا ونتقوى به على عدونا فسأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ربه ، فأوحى الله إليه : أني معطيكم ذلك ولكن إن كذبوا بعد عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، فقال : ذرني وقومي فأدعوهم يوما بيوم فأنزل الله عليه {إن في خلق السماوات والأرض} الآية ، فخلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار أعظم من أن أجعل الصفا ذهبا.
وأخرج وكيع والفريابي وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي

في شعب الإيمان عن أبي الضحى قال : لما نزلت (وإلهكم إله واحد) (البقرة الآية 163) عجب المشركون وقالوا : إن محمد يقول : وإلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين فأنزل الله {إن في خلق السماوات والأرض} الآية يقول : إن في هذه الآيات {لآيات لقوم يعقلون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال : نزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) (البقرة الآية 163) فقال كفار قريش بمكة : كيف يسع الناس إله واحد فأنزل الله {إن في خلق السماوات والأرض} إلى قوله تعالى {لقوم يعقلون} فبهذا يعلمون أنه إله واحد وأنه إله كل شيء وخالق كل شيء ، أما قوله تعالى : {واختلاف الليل والنهار}
أخرج أبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال : الليل موكل به ملك يقال له شراهيل فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة عين وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة فإذا غربت جاء الليل فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته وترى الشمس الخرزة البيضاء فتطلع وقد أمرت أن لا

تطلع حتى تراها فإذا طلعت جاء النهار ، أما قوله تعالى : {والفلك التي تجري في البحر}.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {والفلك} قال : السفينة ، أما قوله تعالى : {وبث فيها من كل دابة}.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وبث فيها من كل دابة} قال : بث خلق.
وأخرج الحاكم وصححه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقلوا الخروج إذا هدأت الرجل إن الله يبث من خلقه بالليل ما شاء ، أما قوله تعالى : {وتصريف الرياح}.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وتصريف الرياح} قال : إذا شاء جعلها رحمة لواقح للسحاب ونشرا بين يدي رحمته وإذا شاء جعلها عذابا ريحا عقيما لا تلقح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي كعب قال : كل شيء في القرآن من الرياح

فهي رحمة وكل شيء في القرآن من الريح فهو عذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب قال : لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن ، قوله {وتصريف الرياح والسحاب المسخر} ولكن قولوا : اللهم إن نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ونعوذ بك من شرهل وشر ما أرسلت به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : الريح من روح الله فإذا رأيتموها فأسألوا من خيرها وتعوذوا بالله من شرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة عن أبيها قال : إن من الرياح رحمة ومنها رياح
عذاب فإذا سمعتم الرياح فقولوا : اللهم اجعلها رياح رحمة ولا تجعلها رياح عذاب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : الماء والريح جندان من جنود الله والريح جند الله الأعظم.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : الريح لها جناحان وذنب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب المطر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال : الرياح ثمان أربع منها

رحمة وأربع عذاب فأما الرحمة فالناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات.
وَأَمَّا العذاب فالعقيم والصرصر وهما في البر والعاصف والقاصف وهما في البحر.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : الرياح ثمان أربع رحمة وأربع عذاب الرحمة المنتشرات والمبشرات والمرسلات والرخاء ، والعذاب العاصف والقاصف وهما في البحر والعقيم والصرصر وهما في البر.
وأخرج أبو الشيخ عن عيسى ابن أبي عيسى الخياط قال : بلغنا أن الرياح سبع : الصبا والدبور والجنوب والشمال والخروق والنكباء وريح القائم ، فأما الصبا فتجيء من المشرق وأما الدبور فتجيء من المغرب وأما الجنوب فيجيء عن يسار القبلة وأما الشمال فتجيء عن يمين القبلة وأما النكباء فبين الصبا والجنوب وأما الخروق فبين الشمال والدبور وأما ريح القائم فأنفاس الخلق.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : جعلت الرياح على الكعبة فإذا أردت أن تعلم ذلك فاسند ظهرك إلى باب الكعبة فإن الشمال عن شمالك وهي مما يلي الحجر والجنوب عن يمينك وهو مما يلي الحجر الأسود والصبا

مقابلك وهي مستقبل باب الكعبة والدبور من دبر الكعبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين بن علي الجعفي قال : سألت اسرائيل بن يونس عن أي شيء سميت الريح قال : على القبلة ، شماله الشمال وجنوبه الجنوب والصبا ما جاء من قبل وجهها والدبور ما جاء من خلفها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة بن حبيب قال : الدبور والريح الغربية والقبول الشرقية والشمال الجنوبية واليمان القبلية والنكباء تأتي من الجوانب الأربع.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الشمال ما بين الجدي والدبور ما بين مغرب الشمس إلى سهيل.
وأخرج أبو الشيخ عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنوب من ريح الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ

وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ريح الجنوب من الجنة وهي من اللواقح وفيها منافع للناس والشمال من النار تخرج فتمر بالجنة فتصيبها نفحة من الجنة فبردها من ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسنديهما والبخاري في تاريخه والبزار وأبو الشيخ عن أبي ذر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق في الجنة ريحا بعد الريح بسبع سنين من دونها باب مغلق إنما يأتيكم الروح من خلل ذلك الباب ولو فتح ذلك الباب لأذرت ما بين السماء والأرض وهي عند الله الأزيب وعندكم الجنوب.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الجنوب سيدة الأرواح واسمها عند الله الأزيب ومن دونها سبعة أبواب وإنما يأتيكم منها ما يأتيكم من خللها ولو فتح منها باب واحد لأذرت ما بين السماء والأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الشمال ملح الأرض ولولا

الشمال لأنتنت الأرض.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة عن كعب قال : لو احتبست الريح عن الناس ثلاثة أيام لأنتن ما بين السماء والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن المبارك قال : إن للريح جناحا وإن القمر يأوي إلى غلاف من الماء.
وأخرج أبو الشيخ عن عثمان الأعرج قال : إن مساكن الرياح تحت أجنحة الكروبيين حملة العرش فتهيج فتقع بعجلة الشمس فتعين الملائكة على جرها ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع في البحر ثم تهيج في البحر فتقع برؤوس الجبال ثم تهيج من رؤوس الجبال فتقع في البر فأما الشمال فإنها تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها ثم تأتي الشمال وحدها من كرسي بنات نعش إلى مغرب الشمس وتأتي
الدبور وحدها من مغرب الشمس إلى مطلع الشمس إلى كرسي بنات نعش فلا تدخل هذه ولا هذه في

حد هذه.
وأخرج الشافعي ، وَابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : أخذت لنا الريح بطريق مكة وعمر حاج فاشتدت فقال عمر لمن حوله : ما بلغكم في الريح فقلت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الريح من روح الله تأتي بالرحمة والعذاب فلا تسبوها وسلوا الله من خيرها وعوذوا بالله من شرها.
وأخرج الشافعي عن صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الريح وعوذوا بالله من شرها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن رجلا لعن الريح فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لاتعلن الريح فإنها مأمورة وأنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه.
وأخرج الشافعي وأبو الشيخ والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال ما هبت ريح قط إلا جثا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال : اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ، قال ابن

عباس : والله إن تفسير ذلك في كتاب الله (أرسلنا عليهم ريحا صرصرا) (القمر الآية 19) ، (أرسلنا عليهم الريح العقيم) (النازعات الآية 41) وقال (وأرسلنا الرياح لواقح) (الحجر الآية 22) ، (أن يرسل الرياح مبشرات) (الروم الآية 46).
وأخرج الترمذي والنسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الريح فإنها من روح الله وسلوا الله خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وتعوذوا بالله من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : هاجت ريح فسبوها ، فقال ابن عباس : لا تسبوها فإنها تجيء بالرحمة وتجيء بالعذاب ولكن قولوا : اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عمر ، أنه كان إذا عصفت الريح فدارت يقول : شدوا التكبير فإنها مذهبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس ولا القمر ولا الريح فإنها تبعث

عذابا على قوم ورحمة على آخرين ، أما قوله تعالى : {والسحاب المسخر بين السماء والأرض}.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن عساكر عن معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهني قال : رأيت ابن عباس سأل تبيعا ابن امرأة كعب هل سمعت كعبا يقول في السحاب شيئا قال : نعم سمعته يقول : إن السحاب غربال المطر ولولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض ، قال : وسمعت كعبا يذكر أن الأرض تنبت العام نباتا وتنبت عاما قابلا غيره ، وسمعته يقول : إن البذر ينزل من السماء مع المطر فيخرج في الأرض ، قال ابن عباس : صدقت وأنا سمعت ذلك من كعب.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال : السحاب تخرج من الأرض.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال : إن في الجنة شجرة تثمر السحاب فالسوداء منها الثمرة التي قد نضجت التي تحمل المطر والبيضاء الثمرة التي لا تنضج لا تحمل المطر

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس عن أبي المثنى أن الأرض قالت : رب أروني من الماء ولا تنزله علي منهمرا كما أنزلته علي يوم الطوفان ، قال : سأجعل لك السحاب غربالا.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب المطر وأبو الشيخ عن الغفاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ينشى ء السحاب فتنطق أحسن المنطق وتضحك أحسن الضحك.
وأخرج أبو الشيخ عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أنشأت بحرية ثم تشامت فتلك عين أو عام يعني مطرا كثيرا.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه قال : أشد خلق ربك عشرة : الجبال والحديد ينحت الجبال النار تأكل الحديد والماء يطفى ء

النار والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء والريح تنقل السحاب والإنسان يتقي الريح بيده ويذهب فيها لحاجته والسكر يغلب الإنسان والنوم يغلب السكر والهم يمنع النوم فأشد خلق ربك الهم.
أخرج أبو الشيخ عن الحسن ، أنه كان إذا نظر إلى السحاب قال فيه : والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بذنوبكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى سحابا ثقيلا من أفق من آفاق ترك ما هو فيه وإن كان في صلاة حتى يستقبله فيقول : اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به فإن أمطر ، قال : اللهم سيبان نافعا مرتين أو ثلاثا وإن كشفه الله ولم يمطر حمد الله على ذلك.
قوله تعالى : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ومن الناس

من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} قال : مباهاة ومضارة للحق بالأنداد {والذين آمنوا أشد حبا لله} قال : من الكفار لآلهتهم.
وأخرج ابن جريرعن السدي في الآية قال : الأنداد من الرجال يطيعونهم كما يطيعون الله إذا أمر وهم أطاعوهم وعصوا الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا} أي شركاء {يحبونهم كحب الله} أي يحبون آلهتهم كحب المؤمنين لله {والذين آمنوا أشد حبا لله} قال : من الكفار لآلهتهم أي لأوثانهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {يحبونهم كحب الله} قال : يحبونهم أوثانهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله من الكفار لأوثانهم

وأخرج ابن جرير عن الزبير في قوله {ولو يرى الذين ظلموا} قال : ولو ترى يا محمد الذين ظلموا أنفسهم فاتخذوا من دوني أندادا يحبونهم كحبكم إياي حين يعاينون عذابي يوم القيامة الذي أعددت لهم لعلمتم أن القوة كلها إلي دون الأنداد والآلهة لا تغني عنهم هنالك شيئا ولا تدفع عنهم عذابا أحللت بهم وأيقينتهم أني شديد عذابي لمن كفرني وادعى معي إلها غيري.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد قال : كان في خاتم {أن القوة لله جميعا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إذ تبرأ الذين اتبعوا} قال : هم الجبابرة والقادة والرؤوس في الشر والشرك {من الذين

اتبعوا} وهم الأتباع والضعفاء.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {إذ تبرأ الذين اتبعوا} قال : هم الشياطين تبرؤوا من الإنس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {وتقطعت بهم الأسباب} قال : المودة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وتقطعت بهم الأسباب} قال : المنازل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وتقطعت بهم الأسباب} قال : الأرحام.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد في قوله {وتقطعت بهم الأسباب} قال : الأوصال التي كانت بينهم في الدنيا والمودة

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الربيع {وتقطعت بهم الأسباب} قال : أسباب المنازل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {وتقطعت بهم الأسباب} قال :
أسباب الندامة يوم القيامة والأسباب التي كانت بينهم في الدنيا يتواصلون بها ويتحابون بها فصارت عداوة يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة} قال : رجعة إلى الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم} يقول : صارت أعمالهم الخبيثة حسرة عليهم يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وما هم بخارجين من النار}

قال : أولئك أهلها الذين هم أهلها.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأوزاعي قال : سمعت ثابت بن معبد قال : ما زال أهل النار يأملون الخروج منها حتى نزلت {وما هم بخارجين من النار}.
قوله تعالى : يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال تليت هذه الآية عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} فقام سعد بن أبي وقاص فقال : يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال : يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه فما يتقبل منه أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} قال : عمله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ما خالف القرآن فهو من خطوات الشيطان

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} قال : خطأه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} نزغات الشيطان.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {خطوات الشيطان} قال : تزيين الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : ما كان من يمين أو نذر في غضب فهو من خطوات الشيطان وكفارته كفارة يمين.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود ، أنه أتى بضرع وملح فجعل يأكل فاعتزل رجل من القوم فقال ابن مسعود : ناولوا صاحبكم ، فقال : لا أريد ، فقال : أصائم أنت قال : لا ، قال : فما شأنك قال : حرمت أن آكل ضرعا أبدا ، فقال ابن مسعود : هذا من خطوات الشيطان فاطعم وكفر عن يمينك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن أبي مجلز في قوله {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} قال : النذور في المعاصي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي قال : جاء رجل إلى الحسن فسأله وأنا عنده فقال له : حلفت إن لم أفعل كذا وكذا أن أحج حبوا ، فقال : هذا من خطوات الشيطان فحج واركب وكفر عن يمينك

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عثمان بن غياث قال : سألت جابر بن زيد عن رجل نذر أن يجعل في أنفه حلقة من ذهب فقال : هي من خطوات الشيطان ولا يزال عاصيا لله فليكفر عن يمينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إنما سمى الشيطان لأنه يشيطن.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {إنما يأمركم بالسوء} قال : المعصية {والفحشاء} قال : الزنا {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} قال : هو ما كانوا يحرمون من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي ويزعمون أن الله حرم ذلك.
قوله تعالى : وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما آلفينا عليه آباءنا أولو كان أباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون

أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم عذاب الله ونقمته ، فقال له رافع بن خارجة ومالك بن عوف : بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم وخيرا منا فأنزل الله في ذلك {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا} الآية.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {ما ألفينا} قال : يعني وجدنا قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول نابغة بن ذبيان : فحسبوه فألفوه كما زعمت * تسعا وتسعين لم ينقص ولم يزد.
وَأخرَج ابن جرير عن الربيع وقتادة في قوله {ما ألفينا} قالا : وجدنا.
قوله تعالى : ومثل الذين

كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} قال : كمثل البقر والحمار والشاة وإن قلت لبعضهم كلاما لم يعلم ما تقول غير أنه يسمعك وكذلك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : مثل الدابة تنادى فتسمع ولا تعقل ما يقال لها كذلك الكافر يسمع الصوت ولا يعقل.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} قال : شبه الله أصوات المنافقين والكفار بأصوات البهم أي بأنهم لا يعقلون ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت بشر بن أبي حازم وهو يقول : هضيم الكشح لم يغمز ببوس * ولم ينعق بناحية الرياق

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {كمثل الذي ينعق} قال :
الراعي {بما لا يسمع} قال : البهائم {إلا دعاء ونداء} قال : كمثل البعير والشاة تسمع الصوت ولا تعقل.
وأخرج وكيع عن عكرمة في قوله {كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء} مثل الكافر مثل البهيمة تسمع الصوت ولا تعقل.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قال لي عطاء في هذه الآية : هم اليهود الذين أنزل الله فيهم (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب) (البقرة الآية 174) إلى قوله (فما أصبرهم على النار).
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون.
أخرج أحمد ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم) (المؤمنون الآية 51) وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {كلوا من طيبات} قال : من الحلال.
وأخرج ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز ، أنه قال يوما : إني أكلت حمصا وعدسا فنفخني ، فقال له بعض القوم : يا أمير المؤمنين إن الله يقول في كتابه {كلوا من طيبات ما رزقناكم} فقال عمر : هيهات ذهبت به إلى غير مذهبه إنما يريد به طيب الكسب ولا يريد به طيب الطعام.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {يا أيها الذين آمنوا} يقول : صدقوا {كلوا من طيبات ما رزقناكم} يعني اطعموا من حلال الرزق الذي أحللناه لكم
بتحليلي إياه لكم مما كنتم تحرمونه أنتم ولم أكن حرمته عليكم من المطاعم والمشارب {واشكروا لله} يقول : أثنوا على الله بما هو أهل له على النعم التي رزقكم وطيبها لكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي أمية {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} قال : فلم يوجد من الطيبات شيء أحل ولا أطيب من الولد وماله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة ويشرب الشربة فيحمد الله عليها.
قوله تعالى : إنما حرم عليكم المينة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم.
أخرج أحمد ، وَابن ماجه والدارقطني والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان ، السمك والجراد والكبد والطحال ، أما قوله تعالى : {وما أهل به} الآية.
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وما أهل به} قال : ذبح.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وما أهل به لغير الله} يعني ما أهل للطواغيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {وما أهل به} قال : ما ذبح لغير لله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية {وما أهل به لغير الله} يقول :

ما ذكر عليه اسم غير الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن اضطر} يعني إلى شيء مما حرم {غير باغ ولا عاد} يقول : من أكل شيئا من هذه وهو مضطر فلا حرج ومن أكله وهو غير مضطر فقد بغى واعتدى.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {غير باغ} قال : في الميتة ، قال : في الأكل.
وأخرج سفيان بن عينية وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في المعرفة وفي السنن عن مجاهد في قوله {غير باغ ولا عاد} قال : غير باغ على المسلمسن ولا معتد عليهم من خرج يقطع الرحم أو يقطع سبيل أو يفسد في الأرض أو مفارقا للجاعة والأئمة أو خرج في معصية الله فاضطر إلى الميتة لم تحل له.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} قال : العادي الذي يقطع الطريق لا رخصة له {فلا إثم عليه} يعني في أكله حين اضطر إليه {إن الله غفور}

يعني لما أكل من الحرام {رحيم} به إذ أحل له الحرام في الاضطرار.
وأخرج وكيع عن إبراهيم والشعبي قالا : إذا اضطر إلى الميتة أكل منها قدر ما يقيمه.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن مسروق قال : من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فتركه تقذرا ولم يأكل ولم يشرب ثم مات دخل النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} قال : غير باغ في أكله ولا عاد بتعدي الحلال إلى الحرام وهو يجد عنه بلغة ومندوحة.
قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب} والتي في آل عمران (إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا) (آل عمران الآية 77) نزلتا جميعا في يهود.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم وأخذوا عليه طمعا قليلا.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {إن الذين يكتمون ما أنزل الله

من الكتاب} قال : أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم في كتابهم من الحق والهدى والإسلام وشأن محمد ونعته {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار} يقول : ما أخذوا عليه من الأجر فهو نار في بطونهم.
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال : سألت الملوك اليهود قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ما الذي يجدون في التوراة قالوا : إنا نجد في التوراة أن الله يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له محمد بتحريم الزنا والخمر والملاهي وسفك الدماء فلما بعث الله محمدا ونزل المدينة قالت الملوك لليهود : هذا الذي تجدون في كتابكم فقالت : اليهود طمعا في أموال الملوك : ليس هذا بذلك النَّبِيّ ، فأعطاهم الملوك الأموال فأنزل الله هذه الآية إكذابا لليهود.
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وعلمائهم كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضل وكانوا يرجون أن يكون النَّبِيّ المبعوث منهم فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها ثم أخرجوها إليهم فقالوا : هذا نعت النَّبِيّ الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النَّبِيّ فإذ نظرت السفلة إلى النعت وجدوه مخالفا لصفة محمد فلم يتبعوه فأنزل الله {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب}.
قوله تعالى : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار * ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} الآية ، قال : اختاروا الضلالة على الهدى والعذاب عبى المغفرة {فما أصبرهم على النار} قال : ما أجرأهم على عمل النار.
وأخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية في قوله {فما أصبرهم على النار} قال : والله ما لهم عليها من صبر ولكن يقول : ما أجرأهم على النار.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {فما أصبرهم} قال : ما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {فما أصبرهم على النار} قال : هذا على وجه الاستفهام يقول : ما الذي أصبرهم على النار وفي قوله {وإن الذين اختلفوا في الكتاب} قال : هم اليهود والنصارى {لفي شقاق بعيد} قال : في عداوة بعيدة

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية قال : اثنان ما أشدهما علي من يجادل في القرآن (ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا) (غافر الآية 4) {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}.
قوله تعالى : ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين ، وَابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلوة وآتى الزكوة والوفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون.
أخرج ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فتلا {ليس البر أن تولوا وجوهكم} حتى فرغ منها ثم سأله فتلاها وقال : وإذا عملت حسنة أحبها قلبك وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن القاسم بن عبد الرحمن قال جاء رجل إلى أبي ذر فقال : ما الإيمان فتلا عليه هذه اللآية {ليس البر أن تولوا وجوهكم} حتى فرغ منها ، فقال الرجل : ليس عن البرسألتك ، فقال أبو ذر : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألتني فقرأ عليه هذه الآية فأبى أن يرضى كما أبيت أن ترضى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادن ، فدنا فقال : المؤمن إذا عمل الحسنة سرته رجاء ثوابها وإذا عمل السيئة أحزنته وخاف عقابه

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : سئل الحسن بن علي مقبله من الشام عن الإيمان فقرأ {ليس البر} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ليس البر أن تولوا وجوهكم} يعني في الصلاة يقول : ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا فهذا حين تحول من مكه إلى المديته ونزلت الفرائض وحد الحدود فأمر الله بالفرائض والعمل بها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : هذه الآيه نزلت بالمدينه {ليس البر

أن تولوا وجوهكم} يعني الصلاة تبدل ليس البر أن تصلوا ولكن البر ما ثبت في القلب من طاعة الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ليس البر} الآية ، قال : ذكر لنا أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن البر فأنزل الله هذه الآية فدعا الرجل فتلاها عليه وقد كان الرجل قبل الفرائض إذ شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له في خير فأنزل الله {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب} وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق {ولكن البر من آمن بالله} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الاية.
وأخرج أبو عبيد في فضائله والثعلبي من طريق هرون عن ابن مسعود وأبي بن كعب أنهما قرآ (ليس البر بأن تولوا).
وأخرج وكيع ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي ميسرة قال : من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان {ليس البر} الآية

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر} ما ثبت في القلوب من طاعة الله.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا مكان ليس البر أن تولوا ولا تحسبن أن البر ، أما قوله تعالى : {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين}.
أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن أبي حاتم والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب أنهم بينما هم جلوس عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يمشي حسن الشعر عليه ثياب بياض فنظر القوم بعضهم إلى بعض ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر ثم قال : يا رسول الله آتيك قال : نعم ، فجاءه فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه فقال : ما الإسلام قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت قال : فما الإيمان قال : أن تؤمن بالله وملائكته ولفظ ابن مردويه : أن تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين

والجنة والنار والبعث بعد الموت والقدر كله ، قال : فما الإحسان قال : أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك ، قال : فمتى الساعة قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل قال : فما أشراطها قال : إذا العراة الحفاة العالة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان وولدت الإماء أربابهن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بالرجل فطلبوه فلم يروا شيئا فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال : يا ابن الخطاب أتدري من السائل كذا وكذا قال : الله ورسوله أعلم ، قال : ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم.
وأخرج أحمد والبزارعن ابن عباس قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا فأتاه جبريل فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا كفيه على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله حدثني عن الإسلام قال : الإسلام أن تسلم وجهك لله عز وجل وأن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله ، قال :
فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت ، قال : يا رسول الله حدثني عن الإيمان قال : الإيمان أن تؤمن بالله وباليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين والموت والحياة بعد الموت وتؤمن بالجنة والنار والحساب والميزان وتؤمن بالقدر كله خيره وشره ، قال : فإذ فعلت فقد آمنت ، قال :

يا رسول الله حدثني ما الإحسان قال : الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإن لا تراه فإنه يراك.
وأخرج البزار عن أنس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه إذا جاءه رجل ليس عليه ثياب السفر يتخلل الناس حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده على ركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ما الإسلام قال : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت ان استطعت إليه سبيلا ، قال : فإذا فعلت فأنا مؤمن قال : نعم ، قال : صدقت ، قال : يا محمد ما الإحسان قال : أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تراه فإن يراك ، قال : فإذا فعلت فأنا محسن قال : نعم ، قال : صدقت ، قال : يا محمد متى الساعة قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل وأدبر الرجل فذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي بالرجل فاتبعوه يطلبونه فلم يروا شيئا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأبي ذر قالا : إنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في مجلسه محتب إذ أقبل رجل من أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا وأنقى الناس ثوبا فقال : يا محمد ما الإسلام قال : أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان قال : فإذا فعلت هذا فقد أسلمت قال : نعم ، قال : صدقت ، فقال : يا محمد أخبرني ما الإيمان قال : الإيمان بالله وملائكته والكتاب والنبيين وتؤمن بالقدر كله ، قال : فإذا فعلت ذلك فقد آمنت قال : نعم ، قال : صدقت.
وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية بن حيدة قال قلت يا رسول الله ما الذي بعثك الله به قال : بعثني الله بالإسلام قلت : وما الإسلام قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، أما قوله تعالى {وآتى المال على حبه}
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وآتى المال} يعني أعطى المال {على حبه} يعني على حب المال

وأخرج ابن المبارك في الزهد ووكيع وسفيان بن عينية وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود {وآتى المال على حبه} قال : يعطي وهو صحيح شحيح يأمل العيش ويخاف الفقر.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود مرفوعا ، مثله.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن المطلب أن قيل : يا رسول الله ما آتى المال على حبه فكلنا نحبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تؤتيه حين تؤتيه ونفسك حين تحدثك بطول العمر والفقر.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن حبان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا إلا وقد كان لفلان

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل الذي ينفق أو يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع ، أما قوله تعالى : {ذوي القربى}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ذوي القربى} يعني قرابته.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح.
وأخرج أحمد والدارمي والطبراني عن حكيم بن حزام أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيهما أفضل قال : على ذي الرحم الكاشح

وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن حبان والحاكم وصححه عن ميمونة أم المؤمنين قال أعتقت جارية لي فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أما لو أعطيتها بعض أخوالك كان أعظم لأجرك.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن الن عباس أن ميمونة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جارية تعتقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيها أختك ترعى عليها وصلي بها رحما فإنه خير لك.
وأخرج ابن المنذر عن فاطمة بنت قيس أنها قالت : يا رسول الله إن لي مثقالا من ذهب ، قال : اجعليها في قرابتك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجه والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن سلمان بن عامر الضبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة.
وأخرج أحمد وابخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجه عن زينب

امرأة عبد الله بن مسعود قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتجزيء عني من الصدقة النفقة على زوجي وأيتام في حجري قال : لك أجران : أجر الصدقة وأجر القرابة ، أما قوله تعالى : {وابن السبيل}.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : ابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر ، أما قوله تعالى : {والسائلين}.
أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {والسائلين} قال : السائل الذي يسألك.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن أبي حاتم عن الحسين بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل حق وإن جاء على فرس

وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطوا السائل وإن كان على فرس.
وَأخرَج ابن أبي شيبه عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عيسى بن مريم : للسائل حق وإن جاء على فرس مطوق بالفضة.
وأخرج ابن سعد والترمذي وصححه ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان من طريق عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد وكانت ممن تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئا أعطيه إياه فقال لها : إن لم
تجدي إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه ، ولفظ ابن خزيمة : ولا تردي سائلك ولو بظلف.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد من طريق عمرو بن معاذ الأنصاري عن جدته حواء قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ردوا السائل ولو بظلف محرق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن قال : كان يقال : ردوا

السائل ولو بمثل رأس القطاة.
وأخرج أبو نعيم والثعلبي والديلمي والخطيب في رواة مالك بسند واه عن ابن عمر مرفوعا هدية الله للؤمن السائل على بابه.
وأخرج ابن شاهين ، وَابن النجار في تاريخه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلكم على هدايا الله عز وجل إلى خلقه قلنا : بلى ، قال : الفقير هو هدية الله قبل ذلك أو ترك ، قوله تعالى {وفي الرقاب}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وفي الرقاب} يعني فكاك الرقاب ، أما قوله تعالى : {وأقام الصلاة وآتى الزكاة}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وأقام الصلاة} يعني وأتم الصلاة المكتوبة {وآتى الزكاة} يعني الزكاة المفروضة

وأخرج الترمذي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي والدارقطني ، وَابن مردويه عن فاطمة بنت قيس قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المال حق سوى الزكاة ثم قرأ {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الآية.
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل في المال حق بعد الزكاة قال : نعم ، تحمل على النجيبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي ، أنه سئل هل على الرجل في ماله حق سوى الزكاة قال : نعم ، وتلا هذه الآية {وآتى المال على حبه ذوي القربى} إلى آخرة الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ربيعة بن كلثوم قال : حدثني أبي قال لي مسلم بن يسار : إن الصلاة صلاتان وإن الزكاة زكاتان والله إنه لفي كتاب الله أقرأ عليك به قرآنا ، قلت له : أقرأ ، قال : فإن الله يقول في كتابه {ليس البر أن تولوا وجوهكم}
إلى قوله {وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين ، وَابن السبيل} فهذا وما دونه تطوع كله {وأقام الصلاة} على الفريضة {وآتى الزكاة} فهاتان فريضتان

أما قوله تعالى : {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا}.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} قال : فمن أعطى عهد الله ثم نقضه فالله ينتقم منه ومن أعطى ذمة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم غدر بها فالنبي صلى الله عليه وسلم خصمه يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} يعني فيما بينهم وبين الناس ، أما قوله تعالى : {والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس}.
أخرج وكيع ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال {البأساء والضراء} السقم {وحين البأس} حين القتال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : كنا نحدث أن البأساء البؤس والفقر والضراء السقم والوجع وحين البأس عند مواطن القتال.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن البأساء والضراء قال : البأساء الخصب والضراء الجدب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول زيد بن عمرو :

إن الإله عزيز واسع حكم * بكفه الضر والبأساء والنعم أما قوله تعالى : {أولئك الذين صدقوا} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أولئك} يعني الذين فعلوا ما ذكر الله في هذه الآية هم الذين صدقوا.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله {أولئك الذين صدقوا} قال : تكلموا بكلام الإيمان فكانت حقيقته العمل صدقوا الله قال : وكان الحسن يقول : هذا كلام الإيمان وحقيقته العمل فإن لم يكن مع القول عمل فلا شيء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي عامر الأشعري قال : قلت يا رسول الله ما تمام البر قال تعمل في السر عمل العلانية.
وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي شيبان قال : سألت زيد بن رفيع فقلت : يا أبا جعفر ما تقول في الخوارج في تكفيرهم الناس قال : كذبوا بقول الله عز وجل {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الآية ، فمن آمن فهو مؤمن ومن كفر بهن فهو كافر ، $

قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بأحسن ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل فكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال فحلفوا أن لا يرضوا حتى بالعبد من الحر منهم وبالمرأة من الرجل منهم فنزل فيهم {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة فأنزل الله (النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) فجعل الأحرار في قصاص سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس وجعل العبيد مستويين في العمد النفس وما دون النفس رجالهم

ونساؤهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم قال : يقتل بعبدنا فلان بن فلان وتقتل بأمتنا فلانة بنت فلانة ، فأنزل الله {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أبي مالك قال : كان بين حيين من الأنصار قتال كان لأحدهما على الآخر الطول فكأنهم طلبوا الفضل فجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم فنزلت الآية {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} قال ابن عباس : نسختها (النفس بالنفس) (المائدة الآية 45).
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : لم يكن لمن كان قبلنا دية إنما هو القتل والعفو فنزلت هذه الآية في قوم أكثر من غيرهم فكانوا إذا قتل من الكثير عبد قالوا : لا نقتل به إلا حرا وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا فأنزل الله {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى}

وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه وأبو القاسم الزجاجي في أماليه والبيهقي في "سُنَنِه" عن قتادة في الآية قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان فكان الحي منهم إذا كان فيهم عدد فقتل لهم عبدا عبد قوم آخرين فقالوا : لن نقتل به إلا حرا تعززا وتفضلا على غيرهم في أنفسهم وإذا قتلت لهم أنثى قتلتها امرأة قالوا : لن نقتل بها إلا رجلا فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد إلى آخر الآية نهاهم عن البغي ثم أنزل سورة المائدة فقال (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) الآية.
وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} ، قال : نسختها (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) الآية ، أما قوله تعالى : {فمن عفي له} الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {فمن عفي له} قال : هو العمد يرضى أهله بالدية {فاتباع بالمعروف} أمر به الطالب {وأداء إليه بإحسان} قال : يؤدى المطلوب بإحسان {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} مما كان

على بني اسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن عفي له من أخيه شيء} بعد أخذ الدية بعد استحقاق الدم وذلك العفو {فاتباع بالمعروف} يقول : فعلى الطالب
اتباع بالمعروف إذا قبل الدية {وأداء إليه بإحسان} من القاتل في غير ضرر ولا فعلة المدافعة {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} يقول : رفق.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن حبان والبيهقي عن ابن عباس قال : كان في بني اسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة {كتب عليكم القصاص في القتلى} إلى قوله {فمن عفي له من أخيه شيء} فالعفو أن تقبل الدية في العمد {فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} يتبع الطالب بالمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} مما كتب من كان قبلكم {فمن اعتدى بعد ذلك} قتل بعد قبول الدية {فله عذاب أليم}

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كانت بنو اسرائيل إذا قتل فيهم القتيل عمدا لا يحل لهم إلا القود وأحل الله الدية لهذه الأمة فأمر هذا أن يتبع بمعروف وأمر هذا أن يؤدي بإحسان {ذلك تخفيف من ربكم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان على بني اسرائيل القصاص في القتلى ليس بينهم دية في نفس ولا جرح وذلك قول الله (وكتبنا عليه فيها أن النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) الآية ، فخخف الله عن أمة محمد فجعل عليهم الدية في النفس وفي الجراحة وهو قوله {ذلك تخفيف من ربكم}.
وأخرج ابن جرير والزجاجي في أماليه عن قتادة في قوله {ورحمة} قال : هي رحمة رحم بها الله هذه الأمة أطعمهم الدية وأحلها لهم ولم تحل لأحد قبلهم فكان في أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو ليس بينهما أرش فكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به وجعل الله لهذه الأمة القتل والعفو الدية إن شاؤوا أحلها لهم ولم يكن لأمة قبلهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي

عن ابن شريح الخزاعي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من أصيب بقتل أو جرح فإنه يختار إحدى
ثلاث ، إما أن يقتض وإما أن يعفو وإما أن يأخذ الدية فإن أراد رابعة فخذوا على يديه ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالدا فيها أبدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {فمن اعتدى بعد ذلك} بأن قتل بعد أخذه الدية {فله عذاب أليم} قال : فعليه القتل لا يقبل منه الدية وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أعافي رجل قتل بعد أخذ الدية.
وأخرج سمويه في فوائده عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أعافي رجل قتل بعد أخذ الدية.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ن الحسن في قوله {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} قال : كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلا ينضم إلى قومه فيجيء قومه فيصالحون عنه بالدية فيخرج الفار وقد أمن في

نفسه فيقتله ويرمي إليه بالدية فذلك الاعتداء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة ، في رجل قتل بعد أخذ الدية قال : يقتل أما سمعت الله يقول {فله عذاب أليم}.
قوله تعالى : ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ولكم في القصاص حياة} يعني نكالا وعظة إذا ذكره الظالم المعتدي كف عن القتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لأولي الألباب وفيه عظة لأهل الجهل والسفه كم من رجل قد هم بداهية لولا مخافة القصاص لوقع بها ولكن الله حجز عباده بها بعضهم عن بعض وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر إصلاح في الدنيا والآخرة وما نهى الله عن أمر إلا وهو أمر فساد والله أعلم بالذي يصلح خلقه ، وأخر ابن جرير عن السدي {في القصاص حياة} قال : بقاء لا يقتل القاتل إلا بجناية

وأخرج سفيلن بن عينية عن مجاهد في قوله {ولكم في القصاص حياة} قال : يناهي بعضهم عن بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} يعني من كان له لب أو عقل يذكر القصاص فيحجزه خوف القصاص عن القتل {لعلكم تتقون} لكي تتقوا الدماء مخافة القصاص.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء ، أنه قرأ {ولكم في القصاص} قال : قصص القرآن.
وأخرج آدم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي العالية {فمن اعتدى} قتل بعد أخذه الدية {تخفيف من ربكم ورحمة} يقول : حين

أعطيتم الدية ولم تحل لأهل التوراة إنما هو قصاص أو عفو وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو وليس غيره فجعل الله لهذ الأمة القود والدية والعفو {ولكم في القصاص حياة} يقول : جعل الله القصاص حياة فكم من رجل يريد أن يقتل فيمنعه منه مخافة أن يقتل.
قوله تعالى : كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن ترك خيرا} قال : مالا.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إن ترك خيرا} قال : الخير المال.
أخرج ابن جرير عن مجاهد قال : الخير في القرآن كله المال {إن ترك خيرا} ، (لحب الخير) (العاديات الآية 8) ، (أحببت حب الخير) (ص الآية 32) ، (إن علمتم فيهم خيرا) (النور الآية 33).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {إن ترك خيرا الوصية} قال : من لم يترك ستين دينار لم يترك خيرا.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم

والبيهقي في "سُنَنِه" عن عروة ، أن علي بن أبي طالب دخل على مولى لهم في الموت وله سبعمائة درهم أو ستمائة درهم
فقال : ألا أوصي قال : لا إنما قال الله {إن ترك خيرا} وليس لك كثير مال فدع ملك لورثتك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي عن عائشة ، أن رجلا قال لها : إني أريد أن أوصي قالت : كم مالك ، قال : ثلاثة آلاف ، قالت : كم عيالك قال : أربعة ، قالت : قال الله {إن ترك خيرا} وهذا شيء يسير فاتركه لعيالك فهو أفضل.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس قال : إن ترك الميت سبعمائة درهم فلا يوصي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مجلز قال : الوصية على من ترك خيرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الزهري قال : جعل الله الوصية

حقا مما قل منه أو كثر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما حق إمرى ء مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا وصيته عنده ، قال ابن عمر : فما مرت علي ثلاث قط إلا ووصيتي عندي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس ابتاعوا أنفسكم من ربكم إلا أنه ليس لإمرى ء شيء إلا عرف أمرا بخل بحق الله فيه حتى إذا حضر الموت يوزع ماله ههنا وههنا ثم يقول قتادة : ويلك يا ابن آدم اتق الله ولا تجمع إساءتين مالك إساءة في الحياة وإساءة عند الموت أنظر إلى قرابتك الذين يحتاجون ولا يرثون فأوص لهم من مالك بالمعروف.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قاضي البصرة قال : من أوصى فسمى أعطينا من سمى وإن قال : ضعها حيث

أمر الله أعطيناها قرابته.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، عَن طاووس قال : من أوصى لقوم وسماهم وترك ذوي قرابته محتاجين انتزعت منهم وردت على قرابته.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : إذا أوصى في غير أقاربه بالثلث جاز لهم ثلث الثلث ويرد على أقاربه ثلثي الثلث.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في الناسخ ، وَابن جرير
وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن محمد بن سيرين قال : خطب ابن عباس فقرأ سورة البقرة فبين ما فيها حتى مر على هذه الآية {إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} فقال : نسخت هذه الآية.
وأخرج أبو داود والنحاس معا في الناسخ ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم عن ابن عباس في الوصية {للوالدين والأقربين} قال : كان ولد الرجل يرثونه وللوالدين الوصية فنسختها (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) (النساء الآية 7) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان لا يرث مع الوالدين غيرهما إلا وصية الأقربين فأنزل الله آية الميراث فبين ميراث الوالدين وأقر وصية الأقربين في ثلث مال الميت.
وأخرج أبو داود في "سُنَنِه" وناسخه والبيهقي عن ابن عباس في قوله {إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} قال : فكانت الوصية لذلك حين نسختها آية الميراث

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : نسخ من يرث ولم ينسخ الأقربين الذين لا يرثون.
وأخرج وكيع ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر ، أنه سئل عن هذه الآية {الوصية للوالدين والأقربين} قال : نسختها آية الميراث.
وأخرج ابن جرير عن قتادة عن شريح في الآية قال : كان الرجل يوصي بماله كله حتى نزلت آية الميراث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في الآية قال : كان الميراث للولد والوصية للوالدين والأقربين فهي منسوخة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في الآية قال : الخير المال كان يقال ألف فما فوق ذلك فأمر أن يوصي للوالدين والأقربين ثم نسخ الوالدين وألحق لكل ذي ميراث نصيبه منها وليست لهم منه وصية فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجه عن عمرو بن خارجة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته فقال : إن الله قد قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي أمامة الباهلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في خطبته يقول : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث أن تجيزه الورثة.
قوله تعالى : فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم * فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه} وقد وقع أجر الموصي على الله وبرى ء من إثمه في وصيته أو حاف فيها فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب.
وأخرج ابن جرير عن قتاده في قوله {فمن بدله} قال : من بدل الوصيه بعد ما سمعها فإثم ما بدل عليه.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فمن بدله} يقول : للأوصياء من بدل وصية الميت {فمن بدله بعد ما سمعه} يعني من بعد ما سمع من الميت فلم يمض وصيته إذا كان عدلا {فإنما إثمه} يعني إثم ذلك {على الذين يبدلونه} يعني الوصي وبرى ء منه الميت {إن الله سميع} يعني للوصية {عليم} بها {فمن خاف} يقول : فمن علم {من موص}

يعني من الميت {جنفا} ميلا {أو إثما} يعني أو خطأ فلم يعدل {فأصلح بينهم} رد خطأه إلى الصواب {إن الله غفور} للوصي حيث أصلح بين الورثة {رحيم} به رخص له في خلاف جور وصية الميت.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {جنفا} قال : الجور والميل في الوصية قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول عدي بن زيد وهو يقول : وأمك يا نعمان في أخواتها * يأتين ما يأتينه جنفا
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {جنفا أو إثما} قال : الجنف الخطأ والإثم العمد.
وأخرج سفيان بن عينية ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {جنفا أو إثما} قال : خطأ أو عمدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء في قوله {جنفا} قال : حيفا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {فمن خاف من موص} الآية ، قال : هذا حين يحضر الرجل وهو يموت فإذا أسرف أمره بالعدل وإذا قصر عن حق قالوا له : افعل كذا وكذا وأعط فلانا كذا

وكذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {خاف من موص} الآية ، قال : من أوصى بحيف أو جار في وصية فيردها ولي الميت أو إمام من أئمة المسلمين إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه كان له ذلك.
وأخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : الجنف في الوصية والأضرار فيها من الكبائر.
وأخرج أبو داود في مراسيله ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يرد من صدقة الجانف في حياته ما يرد من وصية المجنف عند موته.
وأخرج عبد الرزاق عن الثوري في قوله {فمن بدله بعد ما سمعه} قال : بلغنا أن الرجل إذا أوصى لم تغير وصيته حتى نزلت {فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم} فرده إلى الحق

قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخرى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون.
أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة إيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن معاذ بن جبل قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال ، فأما أحوال الصلاة فإن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلى سبعة عشر شهرا إلى بيت المقدس ثم إن الله أنزل عليه (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها) (البقرة الآية 144) الآية فوجهه الله إلى مكة هذا حول وقال : وكانوا يجتمعون للصلاة ويؤذن بها بعضهم بعضا حتى نفسوا أو كادوا ثم إن رجلا من الأنصار يقال له عبد الله بن يزيد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم ولو قلت أني لم أكن نائما لصدقت إني بينا أنا بين النائم واليقظان إذ رأيت شخصا عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة فقال : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مثنى مثنى حتى فرغ الأذان ثم أمهل ساعة ثم قال مثل الذي قال : غير أنه يزيد في ذلك قد قامت الصلاة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علمها بلالا فليؤذن بها ، فكان بلال أول من أذن بها قال : وجاء عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله إنه قد طاف بي مثل الذي طاف به غير أنه سبقني فهذان حولان ، قال : وكانوا يأتون الصلاة قد سبقهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ببعضها فكان الرجل يسر إلى الرجل كم صلى فيقول واحدة أو اثنتين فيصليهما ثم يدخل مع القوم صلاتهم فجاء معاذ فقال : لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني فجاء وقد سبقه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ببعضها فثبت معه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قام فقضى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد سن لكم معاذ فهكذا فاصنعوا ، فهذه ثلاثة أحوال.
وَأَمَّا أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وصام عاشوراء ثم إن الله فرض عليه الصيام وأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} إلى قوله {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه ثم إن الله أنزل الآية الأخرى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى
للناس) (البقرة الآية 185)

إلى قوله (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام فهذان حولان ، قال : وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا ثم إن رجلا من الأنصار يقال له صرمة كان يعمل صائما حتى إذا أمسى فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما فرآه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد جهد جهدا شديدا فقال : ما لي أراك قد جهدت جهدا شديدا قال : يا رسول الله عملت أمس فجئت حين جئت فألقيت نفسي فنمت فأصبحت حين أصبحت صائما قال : وكان عمر قد أصاب النساء بعد ما نام فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله (أحل لكم ليلة الصيام الرفث) (البقرة الآية 187) إلى قوله (ثم أتموا الصيام إلى الليل).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كما كتب على الذين من قبلكم} يعني بذلك أهل الكتاب

وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال : إن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا فكانوا ربما صاموه في القيظ فحولوه إلى الفصل وضاعفوه حتى صار إلى خمسين يوما فذلك قوله {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم}.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {كما كتب على الذين من قبلكم} قال : الذين من قبلنا هم النصارى كتب عليهم رمضلن وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا في شهر رمضان ، فاشتد على النصارى صيام رمضان فاجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف وقالوا : نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا فلم تزل المسلمون يصنعون كما تصنع النصارى حتى كان من أمر أبي قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب ما كان فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماع إلى قبيل طلوع الفجر.
وأخرج ابن حنظلة في تاريخه والنحاس في ناسخه والطبراني عن معقل بن
حنظلة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال كان على النصارى صوم شهر رمضان فمرض ملكهم فقالوا : لئن شفاه الله لنزيدن عشرا ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فوه فقالوا : لئن شفاه الله لنزيدن سبعة ثم كان ملك

آخر فقالوا : ما تدع من هذه الثلاثة أيام شيئا أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع ففعل فصارت خمسين يوما.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} قال : كتب عليهم الصيام من العتمة إلى العتمة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {كما كتب على الذين من قبلكم} قال : أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لعلكم تتقون} من الطعام والشراب والنساء مثل ما اتقوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {أياما معدودات} قال : وكان هذا صيام الناس ثلاثة أيام من كل شهر ولم يسم الشهر أياما معدودات ، قال : وكان هذا صيام الناس قبل ذلك ثم فرض الله عليهم شهر رمضان

وأخرج سعيد بن منصور عن أبي جعفر قال : نسخ شهر رمضان كل صوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {أياما معدودات} يعني أيام رمضان ثلاثين يوما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كتب عليكم الصيام} قال : كان ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ بالذي أنزل الله من صيام شهر رمضان فهذا الصوم الأول من العتمة وجعل الله فيه فدية طعام مسكين فمن شاء من مسافر أو مقيم يطعم مسكينا ويفطر وكان في ذلك رخصة له فأنزل الله في الصوم الآخر {فعدة من أيام أخر} ولم يذكر الله في الأخر فدية طعام مسكين فنسخت الفدية وثبت في الصوم الأخر {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} وهو الإفطار في السفر وجعله عدة من أيام أخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} قال : هو شهر رمضان كتبه الله على من كان قبلكم وقد كانوا يصومون من كل شهر ثلاثة أيام ويصلون ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي حتى افترض عليهم شهر رمضان

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كان الصوم الأول صامه نوح فمن دونه حتى صامه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكان صومهم من شهر ثلاثة أيام إلى العشاء وهكذا صامه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : لقد كتب الصيام على كل أمة خلت كما كتب علينا شهرا كاملا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : كتب على النصارى الصيام كما كتب عليكم وتصديق ذلك في كتاب الله {كتب عليكم} الآية ، قال : فكان أول أمر النصارى أن قدموا يوما قالوا : حتى لا نخطى ء ثم قدموا يوما وأخروا يوما قالوا : لا نخطى ء ثم إن آخر أمرهم صاروا إلى أن قالوا : نقدم عشرا ونؤخر عشرا حتى لا نخطى ء فضلوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : أنزلت {كتب عليكم الصيام} الآية ، كتب عليهم أن أحدهم إذا صلى

العتمة ونام حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى مثلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير في قوله {كتب عليكم الصيام} الآية ، قال : كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم شيئا لم يحل له أن يطعم إلى القابلة والنساء عليهم حرام ليلة الصيام وهو ثابت عليهم وقد رخص لكم في ذلك.
وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة قالت : كان عاشوراء يصام فلما نزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر.
وأخرج سعيد ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} الآية ، يعني بذلك أهل الكتاب وكان كتابه على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : إن الرجل يأكل ويشرب وينكح مابينه وبين أن يصلي العتمة أو يرقد فإذا صلى العتمة أو رقد منع من ذلك إلى مثلها من القابلة فنسختها هذه الآية {أحل لكم ليلة الصيام}.
وَأَمَّا قوله تعالى : {وعلى الذين يطيقونه فدية}

أخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن سيرين قال : كان ابن عباس يخطب فقرأ هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية} قال : قد نسخت هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية} فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا ثم نزلت هذه الآية {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} فنسخت الأولى إلا الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر.
وأخرج أبو داود عن ابن عباس {وعلى الذين يطيقونه فدية} ومن شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى وتم له صومه فقال {فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم} وقال {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في الآية قال : كانت مرخصة الشيخ الكبير والعجوز وهما

يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا ثم نسخت بعد ذلك فقال الله {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وأثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان أن يفطرا ويطعما وللحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينا ولا قضاء عليهما.
وأخرج الدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن خزيمة وأبو عوانة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس ، وَابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن سلمة بن الأكوع قال : لما نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية} من شاء منا صام ومن شاء أن يفطر ويفتدي فعل ذلك حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وأخرج ابن حبان عن سلمة بن الأكوع قال : كنا في رمضان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى حتى نزلت هذه الآية {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وأخرج البخاري عن أبي ليلى قال نبأ أصحاب منا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما

نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك رمضان فشق عليهم ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها {وأن تصوموا خير لكم} فأمروا بالصوم.
وأخرج ابن جرير عن أبي ليلى نبأ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا من غير فريضة ثم نزل صيام رمضان وكانوا قوما لم يتعودوا الصيام فكان مشقة عليهم فكان من لم يصم أطعم مسكينا ثم نزلت هذه الآية {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} فكانت الرخصة للمريض والمسافر وأمرنا بالصيام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عامر الشعبي قال : لما نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية} أفطر الأغنياء وأطعموا وجعلوا الصوم على الفقراء فأنزل الله {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} فصام الناس جميعا.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي ليلى قال : دخلت على عطاء بن أبي رباح في شهر رمضان وهو يأكل فقلت له : أتأكل قال : إن الصوم

أول ما نزل كان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا كل يوم فلما نزلت {فمن تطوع خيرا فهو خير له} كان من تطوع أطعم مسكينين فلما نزلت {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وجب الصوم على كل مسلم إلا مريضا أو مسافرا أو الشيخ الكبير الفاني مثلي فإنه يفطر ويطعم كل يوم مسكينا.
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة في المصنف والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عمر ، أنه كان يقرأ {فدية طعام مسكين} وقال : هي منسوخة نسختها الآية التي بعدها {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وأخرج وكيع وسفيان وعبد الرزاق والفريابي والبخاري وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف والطبراني والدارقطني والبيهقي من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ ((وعلى الذين يطوقونه)) مشددة قال : يكلفونه ولا يطيقونه ويقول : ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير الهرم والعجوز الكبيرة الهرمة

يطعمون لكل يوم مسكينا ولا يقضون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم وصححاه والبيهقي عن ابن عباس {وعلى الذين يطيقونه} قال : يكلفونه فدية طعام مسكين واحد {فمن تطوع خيرا} زاد طعام مسكين آخر {فهو خير له وأن تصوموا خير لكم} قال : فهذه ليست منسوخة ولا يرخص إلا للكبير الذي لا يطيق الصوم أو مريض يعلم أنه لا يشفى.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن عائشة كانت تقرأ (يطوقونه).
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير أنه قرأ (وعلى الذين يطوقونه).
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري عن عكرمة أنه كان

يقرأ (وعلى الذين يطوقونه) قال : يكلفونه ، وقال : ليس هي منسوخة الذين يطيقونه يصومونه والذين يطوقونه عليهم الفدية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنبياري عن ابن عباس أنه قرأ {وعلى الذين يطيقونه} قال : يتجشمونه يتكلفونه.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير عن عكرمة أنه كان يقرؤها {وعلى الذين يطيقونه} وقال : ولو كان يطيقونه إذن صاموا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال نزلت {وعلى الذين يطيقونه فدية} في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس {وعلى الذين يطيقونه} قال : ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام يفطر ويتصدق لكل يوم نصف صاع من بر مدا لطعامه ومدا لإدامه

وأخرج ابن سعد في طبقاته عن مجاهد قال : هذه الآية نزلت في مولى قيس بن السائب {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} فأفطر وأطعم لكل يوم مسكينا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وعلى الذين يطيقونه} قال : من لم يطق الصوم إلا على جهد فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا والحامل والمرضع والشيخ الكبير والذي سقمه دائم.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله {وعلى الذين يطيقونه} قال : الشيخ الكبير الذي لايستطيع الصوم يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو يعلى ، وَابن المنذر والدارقطني والبيهقي عن أنس بن مالك ، أنه ضعف عن الصوم عاما قبل موته فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلاثين مسكينا فأطعمهم.
وأخرج الطبراني عن قتادة : أن إنسانا ضعف عن الصوم قبل موته عاما فأفطر وأطعم كل يوم مسكينا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والدارقطني وصححه عن ابن عباس ، أنه قال لأم ولد له حامل أو مرضع : أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصوم عليك الطعام ولا قضاء عليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والدارقطني عن نافع قال : أرسلت إحدى بنات ابن عمر إلى ابن عمر تسأله عن صوم رمضان وهي حامل قال : تفطر وتطعم كل يوم مسكينا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : تفطر الحامل التي في شهرها والمرضع التي تخاف على ولدها يفطران ويطعمان كل يوم مسكينا كل واحد منهما ولا قضاء عليهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عثمان بن الأسود قال : سألت مجاهدا عن إمرأتي وكانت حاملا وشق عليها الصوم فقال : مرها فلتفطر ولتطعم مسكينا كل يوم فإذا صحت فلتقض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحين قال : المرضع إذا خافت أفطرت وأطعمت والحامل إذا خافت على نفسها أفطرت وقضت وهي بمنزلة المريض

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : يفطران ويقضيان صياما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن النخعي قال : الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وقضتا مكان ذلك صوما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم قال : إذ خشي الإنسان على نفسه في رمضان فليفطر.
وَأَمَّا قوله تعالى {طعام مسكين}.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن سيرين قال : قرأ ابن عباس سورة البقرة على المنبر فلما أتى على هذه الآية قرأ {طعام مسكين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {فدية طعام مسكين} قال : واحد

وأخرج وكيع عن عطاء في قوله {فدية طعام مسكين} قال : مد بمد أهل مكة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : سألت طاوسا عن أمي
وكان أصابها عطاش فلم تستطع أن تصوم فقال : تفطر وتطعم كل يوم مدا من بر ، قلت : بأي مد قال : بمد أرضك.
وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال : من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم رمضان فعليه كل يوم مد من قمح.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن سفيان قال : ما الصدقات والكفارات إلا بمد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وَأَمَّا قوله تعالى : {فمن تطوع خيرا فهو خير له}.
وأخرج وكيع عن مجاهد في قوله {فمن تطوع خيرا} قال : أطعم المسكين صاعا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {فمن تطوع خيرا} قال : أطعم مسكينين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، عَن طاووس {فمن تطوع خيرا} قال :

أطعم مساكين.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد عن أنس ، أنه أفطر في رمضان وكان قد كبر وأطعم أربعة مساكين لكل يوم.
وأخرج الدارقطني في "سُنَنِه" من طريق مجاهد قال : سمعت قيس بن السائب يقول : إن شهر رمضان يفتديه الإنسان أن يطعم لكل يوم مسكينا فأطعموا عني مسكينين ، قوله تعالى : {وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون}.
أخرج ابن جرير عن ابن شهاب في قوله {وأن تصوموا خير لكم} أي أن الصيام خير لكم من الفدية.
وأخرج مالك وأحمد ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي للصائم فرحتان : فرحة عند فطره فرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند

الله من ريح المسك.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : الصوم لي وأنا أجزي به للصائم فرحتان.
إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فجازاه فرح ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.
وأخرج أحمد والبيهقي ، عَن جَابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال ربنا : الصيام جنة يستجن بها العبد من النار وهو لي وأنا أجزي به ، قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : الصيام جنة حصينة من النار.
وأخرج البيهقي عن أيوب بن حسان الواسطي قال سمعت رجلا سأل سفيان بن عينية فقال : يا أبا محمد فيما يرويه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، فقال ابن عينية : هذا من أجود الأحاديث وأحكمها إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لايبقى إلا الصوم فيتحمل الله ما بقي

عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وإن سابه أو شاتمه أحد فليقل إني إمرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عن الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرح بهما : إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن خزيمة والبيهقي عن سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحد غيرهم يقال : أين الصائمون فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد ، زاد ابن خزيمة ومن دخل منه شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيام لا رياء فيه ، قال الله : هو لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأخرج النسائي والبيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور.
وأخرج ابن عدي في الكامل وأبو الحسن محمد بن أحمد بن جميع

الغساني وأبو سعيد بن الأعرابي والبيهقي عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد أصبح صائما إلا فتحت له أبواب السماء وسبحت أعضاؤه واستغفر له أهل السماء الدنيا إلى أن توارى بالحجاب فإن صلى ركعة أو ركعتين أضاءت له السموات نورا وقال أزواجه من الحور العين اللهم اقبضه إلينا فقد اشتقنا إلى رؤيته وإن هلل أو سبح أو كبر تلقاه سبعون ألف ملك يكتبون ثوابها إلى أن توارى بالحجاب.
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من منعه الصيام من الطعام والشراب يشتهيه أطعمه الله من ثمار الجنة وسقاه من شرابها.
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله أوحى إلى نبي من بني اسرائيل : أخبر قومك أن ليس عبد يصوم يوما ابتغاء وجهي إلا صححت جسمه وأعظمت أجره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : بينما نحن في البحر غزاة إذ مناد ينادي : يا أهل السفينة خبروا بخبركم ، قال أبو موسى :

قلت : ألا ترى الريح لنا طيبة والشراع لنا مرفوعة والسفينة لنا تجري في لجة البحر قال : أفلا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه قلت : بلى ، قال : فإن الله قضى على نفسه أيما عبد عطش نفسه لله في الدنيا يوما فإن حقا على الله أن يرويه يوم القيامة.
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي أمامة قال قلت : يا رسول الله مرني بعمل آخذه عنك ينفعني الله به ، قال : عليك بالصوم فإنه لا مثل له.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي رباح قال : توضع الموائد يوم القايمة للصائمين فيأكلون والناس في كرب الحساب.
وأخرج البيهقي عن كعب الأحبار قال : ينادي يوم القيامة مناد : إن كل حارث يعطي بحرثه ويزاد غير أهل القرآن والصيام يعطون أجورهم بغير حساب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل أهل

عمل باب من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل ولأهل الصيام باب يقال له الريان.
وأخرج مالك في الموطأ ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيام جنة.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصيام جنة وحصن حصينة من النار.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة والبيهقي عن عثمان بن أبي العاصي الثقفي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال

وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي ، وَابن خزيمة والبيهقي عن عبيدة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصيام جنة ما لم يخرقها.
وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيام جنة ما لم يخرقها ، قيل وبم يخرقها بكذب أو غيبة.
وأخرج الترمذي والبيهقي عن رجل من بني سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده فقال : سبحان الله نصف الميزان والحمد لله تملأ الميزان والله أكبر تملأ ما بين السماء والأرض والوضوء نصف الميزان والصيام نصف الصبر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الصيام نصف الصبر وأن لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصيام.
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصوم

وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي عن أم عمارة بنت كعب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقربت إليه طعاما فقال : كلي ، فقالت : إني صائمة ، فقال : إن الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة حتى يفرغوا أو يقضوا.
وأخرج ابن ماجه والبيهقي عن بريدة قال : دخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغذى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تغذى يا بلال ، قال : إني صائم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نأكل رزقنا وفضل رزق بلال في الجنة أشعرت يا بلال أن الصائم تسبح عظامه وتستغفر له الملائكة ما أكل عنده.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الصائم إذا أكل عنده سبحت مفاصله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن خليل مثله

وأخرج أبو يعلى والطبراني والبيهقي عن سلمة بن قيصر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من صام يوما ابتغاء وجه الله بعده الله من جهنم كبعد غراب كار وهو فرخ حتى مات هرما.
وأخرج أحمد والبزار من حديث أبي هريرة ، مثله.
وأخرج البزار والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم ودعوة المسافر ودعوة المظلوم.
وأخرج البيهقي عن أنس قال خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وفيه فئة من أصحابه فقال : من كان عنده طول فلينكح وإلا فعليه بالصوم فإن له وجاء ومجسمة للعرق.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجه عن سهل بن سعد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال في الجنة باب يدعى الريان يدعى له الصائمون فمن كان من الصائمين

دخله ومن دخله لا يظمأ أبدا.
وأخرج ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد ، وأخرح البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصوم يوم القايمة حوضا ما يرده غير الصوام.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى في سرية في البحر فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف من قومهم يهتف : يا أهل السفينة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه ، قال أبو موسى : أخبرنا إن كنت مخبرا قال : إن الله قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف سقاه الله يوم العطش.
وأخرج ابن سعد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الدعوات عن الحرث الأشعري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني اسرائيل أن يعملوا بها وأنه كاد أن يبطى ء بها فقال عيسى : إن الله

أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني اسرائيل أن يعملوا بها فإما تأمرهم وإما أن آمرهم فقال يحيى : أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذب فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ وقعد على الشرف فقال : إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وأمركم أن تعملوا بهن ، أولهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال : هذه داري وهذا عملي فأعمل وأد إلي فكان يعمل ويؤدي إلى سيده فإيكم يرضى أن يكون عبده كذلك وإن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت وأمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجبه ريحها وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو ولفوا يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال : أفدي نفسي منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم وأمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى به على حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الجوع والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم
القيامة يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني به ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني به قال : فيشفعان.
وأخرج أبو يعلى والطبراني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن رجلا صام يوما تطوعا ثم أعطى ملء الأرض ذهبا لم يستوف ثوابه دون يوم الحساب.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا

وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض.
وأخرج الطبراني عن عمرو بن عبسة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله بعدت من النار مسيرة مائة عام.
وأخرج الترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفا ، وأخرح الترمذي عن أبي أمامة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم إحتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب

السماء ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصائمون تنفح من أفواههم ريح المسك وتوضع لهم يوم القيامة مائدة تحت العرش فيأكلون منها والناس في شدة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله جعل مائدة عليها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لا يقعد عليها إلا الصائمون.
وأخرج أبو الشيخ بن حبان في الثواب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة تخرج الصوام من قبورهم يعرفون برياح صيامهم أفواههم أطيب من ريح المسك فيلقون بالموائد والأباريق مختمة بالمسك فيقال لهم : كلوا فقد جعتم واشربوا فقد عطشتم ذروا الناس واستريحوا فقد أعييتم إذ استراح الناس فيأكلون ويشربون ويستريحون والناس في عناء وظمأ

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال عن مغيب بن سمى قال : تركد الشمس فوق رؤوسهم على أذرع وتفتح أبواب جهنم فتهب عليهم لفحها وسمومها وتخرج عليها نفحاتها حتى تجري الأرض من عرقهم أنتن من الجيف والصائمون في ظل العرش.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب من طريق أحمد بن أبي الحواري أنبأنا أبو سليمان قال : جاءني أبو علي الأصم بأحسن حديث سمعته في الدنيا قال : توضع للصوام مائدة يأكلون والناس في الحساب فيقولون : يا رب نحن نحاسب وهؤلاء يأكلون فيقول طالما صاموا وأفطرتم وقاموا ونمتم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام.
وأخرج البيهقي عن نافع قال ابن عمر : كان يقال : إن لكل مؤمن دعوة مستجابة عند إفطاره إما أن تعجل له في دنياه أو تدخر له في آخرته فكان ابن عمر يقول عند إفطاره : يا واسع المغفرة اغفر لي.
وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ذات يوم من

شهد منكم جنازة قال عمر : أنا ، قال : من عاد مريضا قال عمر : أنا ، قال : من تصدق بصدقة قال عمر : أنا ، قال : من أصبح صائما قال عمر : أنا ، قال : وجبت وجبت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن رباح قال : خرجنا إلى معاوية فمررنا براهب فقال : توضع الموائد فأول من يأكل منها الصائمون.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة والدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من
أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه عنه صوم الدهر كله وإن صامه.
وأخرج الدارقطني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفطر يوما من رمضان من غير عذر فعليه صوم شهر.
وأخرج الدارقطني عن رجاء بن جميل قال : كان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول : من أفطر يوما من رمضان صام اثني عشر يوما لأن الله

رضي من عباده شهرا من اثني عشر شهرا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إني أفطرت يوما من رمضان فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تصدق واستغفر وصم يوما مكانه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من أفطر يوما من رمضان متعمدا من غير سفر ولا مرض لم يقضه أبدا وإن صام الدهر كله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقضه أبدا طول الدهر.
قوله تعالى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ، اخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن عدي والبيهقي في "سُنَنِه" والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله ولكن قولوا شهر رمضان.
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : لا تقل رمضان فإنك لا تدري ما رمضان لعله اسم من أسماء الله عز وجل ولكن قل شهر رمضان

كما قال الله عز وجل.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر قال : إنما سمي رمضان لأن الذنوب ترمض فيه وإنما سمي شوالا لأنه يشول الذنوب كما تشول الناقة ذنبها.
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمي رمضان لأن رمضان يرمض الذنوب.
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني عن عائشة قالت : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ما رمضان قال : أرمض الله فيه ذنوب المؤمنين وغفرها لهم ، قيل : فشوال قال : شالت فيه ذنوبهم فلم يبق فيه ذنب إلا غفره.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجه عن أبي بكرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال شهرا عيد لا ينقصان

رمضان وذو الحجة.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل رجب قال : اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن طلحة بن عبيد الله أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال : يا رسول الله أخبرني بما فرض الله علي من الصيام فقال : شهر رمضان إلا إن تطوع ، فقال : أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام ، قال : والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة والبخاري والنسائي والبيهقي عن أبي

هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والبيهقي عن عرفجة قال : كنا عند عتبة ابن فرقد وهو يحدثنا عن رمضان إذ دخل رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسكت عتبة بن فرقد قال : يا أبا عبد الله حدثنا عن رمضان كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رمضان شهر مبارك تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب السعير وتصفد فيه الشياطين وينادي مناد كل ليلة : يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر حتى ينقضي رمضان.
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله عند كل فطر عتقاء من النار.
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر

وأخرج ابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان وعرف حدوده وحفظ مما ينبغي أن يحفظ منه كفر ما قبله.
وأخرج ابن ماجه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة.
وأخرج الترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتح أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد كل ليلة : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عز وجل عتقاء من النار وذلك عند كل ليلة.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : نبشركم قد جاءكم رمضان شهر مبارك افترض الله

عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم.
وأخرج أحمد والبزار وأبو الشيخ في الثواب والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت أمتي في شهر رمضان خمس خصال لم تعط أمة قبلهم : خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ويزين الله كل يوم جنته ثم قال : يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك وتصفد الشياطين ولا يخلصوا فيه إلى ما يخلصون في غيره ويغفر لهم آخر ليلة ، قيل : يا رسول الله أهي ليلة القدر قال : لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله.
وأخرج البيهقي والأصبهاني ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي : أما واحدة فإنه إذا كان
أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا وأما الثانية فإنه خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة

وأما الرابعة فإن الله يأمر جنته فيقول لها استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي وأما الخامسة فإذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا ، فقال رجل من القوم : أهي ليلة القدر فقال : لا ألم تر إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم أعطوا أجورهم.
وأخرج البيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار فإذا كان آخر ليلة أعتق بعدد من مضى.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب واحد الشهر كله وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب واحد الشهر كله وغلت الجن ونادى مناد من كل ليلة إلى انفجار الصبح : يا باغي الخير تمم وابشر ويا باغي الشر أقصر وابصر السماء هل من مستغفر نغفر له هل من تائب نتوب عليه هل من داع نستجيب له هل

من سائل نعطي سؤله ولله عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء من الناء ستون ألفا فإذا كان يوم الفطر أعتق مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفا ستين ألفا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلكم شهركم هذا - يعني شهر رمضان - بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مر على المسلمين شهر خير لهم منه ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل ويكتب وزره وشقاءه قبل أن يدخل وذلك أن المؤمن يعد فيه النفقة للقوة في العبادة ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم فهو غنم للمؤمنين وغرم على الفاجر.
وأخرج العقيلي وضعفه ، وَابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والخطيب والأصبهاني في الترغيب عن سلمان الفارسي قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال يا أيها الناس قد أظلكم شهر

عظيم شهر مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر
جعل الله صيامه فريضة وتطوع ليله تطوعا من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن تقرب أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزاد في رزق المؤمن من فطر فيه صائما كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء ، قلنا : يا رسول الله ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء ومن أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة وهو شهر أوله وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار من خفف عن مملوكه فيه غفر له وأعتقه من النار فاستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتان ترضون بهما ربكم وخصلتان لا غنى بكم عنهما ، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الجنة وتعوذون به من النار

وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فقال : شهر فرض الله عليكم صيامه وسننت أنا قيامه فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي تليها كفارة والجمعة إلى الجمهة التي تليها كفارة ما بينهما والشهر إلى الشهر يعني شهر رمضان إلى شهر رمضان كفارة إلا من ثلاث الإشراك بالله وترك السنة ونكث الصفقة ، فقلت : يا رسول الله أما الإشراك بالله فقد عرفناه فما نكث الصفقة وترك السنة قال : أما نكث الصفقة فأن تبايع رجلا بيمينك ثم تخالف إليه فتقاتله بسيفك وأما ترك السنة فالخروج من الجماعة.
وأخرج ابن خزيمة والبيهقي والأصبهاني عن أنس بن مالك قال : لما أقبل شهر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله ماذا تستقبلون وماذا يستقبلكم قال عمر بن الخطاب : بأبي أنت وأمي يا رسول الله وحي نزل أو عدو حضر قال : لا ولكن شهر رمضان يغفر الله في أول لية لكل أهل هذه القبلة وفي القوم رجل يهز راسه فيقول : بخ بخ فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : كان ضاق صدرك بما سمعت ، قال : لا
والله يا رسول ولكن

ذكرت المنافق فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : المنافق كافر وليس للكافر في ذا شيء.
وأخرج البيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر جعل له ثلاث عتبات فلما صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم العتبة الأولى قال : آمين ثم صعد العتبة الثانية فقال : آمين حتى إذا صعد العتبة الثالثة قال : آمين ، فقال المسلمون : يا رسول الله رأيناك تقول آمين آمين آمين ولا نرى أحدا فقال : إن جبريل صعد قبلي العتبة الأولى فقال : يا محمد ، فقلت لبيك وسعديك ، فقال : من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له فأبعده الله قل آمين ، فقلت : آمين ، فلنا صعد العتبة الثانية قال : يا محمد قلت : لبيك وسعديك ، قال : من أدرك شهر رمضان وصام نهاره وقام ليله ثم مات ولم يغفر فدخل النار فأبعده الله فقل آمين ، فقلت : آمين ، فلما صعد العتبة الثالثة قال : يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك ، قال : من ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات ولم يغفر له فدخل فأبعده الله قل آمين ، فقلت : آمين.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احضروا المنبر فحضرنا فلما ارتقى درجة قال : آمين ، فلما ارتقى

الثانية قال : آمين ، ثم لما ارتقى الثالثة قال : آمين ، فلما نزل قلنا : يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه قال : إن جبريل عرض لي فقال : بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له ، قلت : آمين ، فلما رقيت الثانية قال : بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك ، فقلت : آمين ، فلما رقيت الثالثة قال : بعد من أدرك أبويه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة ، فقلت : آمين.
وأخرج ابن حبان عن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده فلما صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فلما رقى عتبة قال : آمين ، ثم رقى أخرى قال : آمين ، ثم رقى عتبة ثالثة فقال : آمين ، ثم قال : أتاني جبريل فقال : يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله ، فقلت : آمين ، قال : ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله ، فقلت : آمين ، قال : ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله ، فقلت : آمين.
وأخرج ابن خزيمة ، وَابن حبان عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال :
آمين آمين آمين ، قيل : يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال : إن جبريل أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان

فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين ، فقلت : آمين.
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان شد مئزره ثم لم يأت فراشه حتى ينسلخ.
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان تغير لونه وكثرت صلاته وابتهل في الدعاء وأشفق منه.
وأخرج البزار والبيهقي عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذادخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن في رمضان ينادي مناد بعد الثلث الأول أو ثلث الليل الآخر : ألا سائل يسأل فيعطى ألا مستغفر يستغفر فيغفر له ألا تائب يتوب فيتوب الله عليه.
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن أنس قال : قيل يا رسول الله أي الصدقة أفضل قال : صدقة في رمضان.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الجنة لتتزين

من الحول إلى الحول لشهر رمضان وإن الحور العين لتتزين من الحول إلى الحول لصوام رمضان فإذا دخل رمضان قالت الجنة : اللهم اجعل لي في هذا الشهر من عبادك ويقول الحور : اللهم اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا ، فمن لم يقذف مسلما فيه ببهتان ولم يشرب مسكرا كفر الله عنه ذنوبه ومن قذف فيه مسلما أو شرب فيه مسكرا أحبط الله عمله لسنة فاتقوا شهر رمضان فإنه شهر الله جعل الله لكم أحد عشر شهرا تأكلون فيها وتشربون وتتلذذون وجعل لنفسه شهرا فاتقوا رمضان فإنه شهر الله.
وأخرج الدارقطني في الإفراد والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي ، وَابن عساكر عن ابن عمرو أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى حول قابل فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح تحت العرش من ورق الجنة على الحور العين فيقلن : يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجا تقر بهم أعيننا وتقر أعينهم بنا

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن خزيمة وأبو الشيخ في الثواب وابن
مردويه والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي مسعود الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأهل رمضان فقال : لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت أمتي أن يكون السنة كلها ، فقال رجل : يا نبي الله حدثنا فقال : إن الجنة للتزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة فتنظر الحور العين إلى ذلك فيقلن : يا رب اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا تقر بهم أعيننا وتقر أعينهم بنا ، فيقال : فما من عبد يصوم يوما من رمضان إلا زوج زوجة من الحور العين في خيمة من درة مما نعت الله (حور مقصورات في الخيام) (الرحمن الآية 72) على كل امرأة منهن سبعون حلة ليس منها حلة على لون أخرى ويعطى سبعين لونا من الطيب ليس منه لون على ريح الآخر - لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها وسبعون ألف وصيف مع كل وصيفة صحفة من ذهب فيها لون طعام يجد لآخر لقمة منها لذة لم يجدها لأوله لكل امرأة منهن سبعون سريرا من ياقوتة حمراء على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من استبرق فوق كل فراش سبعون أريكة ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوت أحمر موشحا بالدر عليه سواران من

ذهب هذا بكل يوم صامه من رمضان سوى ما عمل من الحسنات.
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب السماء فلا يغلق منها باب حتى يكون آخر ليلة من رمضان وليس من عبد مؤمن يصلي في ليلة منها إلا كتب الله ألفا وخمسمائة حسنة بكل سجدة وبنى له بيتا في الجنة من ياقوتة حمراء لها ستون ألف باب فيها قصر من ذهب موشح بياقوتة حمراء فإذا صام أول يوم من رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه إلى مثل ذلك اليوم من شهر رمضان واستغفر له كل يوم سبعون ألف ملك من صلاة الغداة إلى أن توارى بالحجاب وكان له بكل سجدة يسجدها في شهر رمضان بليل أو نهار شجرة يسير الراكب في ظلها خمسمائة عام.
وأخرج البزار والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الشهور رمضان وأعظمها حرمة ذو الحجة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال : سيد الشهور من

رمضان وسيد الأيام الجمعة.
وأخرج البيهقي عن كعب قال : إن الله اختار ساعات الليل والنهار فجعل منهن الصلوات المكتوبة واختار الأيام فجعل منهن الجمعة واختار الشهور فجعل منهن شهر رمضان واختار الليالي فجعل منهن ليلة القدر واختار البقاع فجعل منها المساجد.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب والبيهقي والأصبهاني عن ابن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الجنة لتعد وتتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان فإذا كانت أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة تصفق ورق الجنة وحلق المصاريع يسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه فيثب الحور العين حتى يشرفن على شرف الجنة فينادين : هل من خاطب إلى الله فيزوجه ثم يقول الحور العين : يا رضوان الجنة ما هذه الليلة فيجيبهن بالتلبية ثم يقول : من

هذه أول ليلة من شهر رمضان فتحت أبواب الجنة على الصائمين من أمة محمد ويا جبريل إهبط إلى الأرض فاصفد مردة الشياطين وغلهم بالأغلال ثم اقذفهم في البحار حتى لا يفسدوا على أمة محمد حبيبي صيامهم ويقول الله عز وجل في ليلة من شهر رمضان لمناد ينادي ثلاث مرات : هل من سائل فأعطيه سؤله هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له من يقرض المليء غير المعدم والوفي غير الظلوم قال : وله في كل يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار فإذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره ، وإذا كان ليلة القدر يأمر الله جبريل فيهبط في كبكبة من الملائكة إلى الأرض ومعهم لواء أخضر فيركز اللواء على ظهر الكعبة وله ستمائة جناح منها جناحان لا ينشرهما إلا في تلك الليلة فينشرهما في تلك الليلة فتجاوز المشرق إلى من

المغرب فيحث جبريل الملائكة في هذه الليلة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر يصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر ينادي جبريل : معاشر الملائكة الرحيل الرحيل ، فيقولون : يا جبريل فما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيقول جبريل : نظر الله إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة ، قلنا : يا رسول الله من هم قال : رجل مدمن خمر
وعاق لوالديه وقاطع رحم ومشاحن قلنا : يا رسول الله ما المشاحن قال : هو المصارم ، فإذا كانت ليلة القدر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة فإذا كانت غداة الفطر بعث الله الملائكة في كل بلاد فيهبطون إلى الأرض فيقومون على أفواه السكك فينادون بصوت يسمع من خلق الله إلا الجن والأنس فيقولون : يا أمة محمد اخرجوا إلى رب كريم يعطي الجزيل ويعفو عن العظيم فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله للملائكة : ما جزاء الأجير إذا عمل عمله فتقول الملائكة : إلهنا وسيدنا جزاؤه أن يوفيه أجره ، فيقول : فإني أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامه رضاي ومغفرتي ، ويقول : يا عبادي سلوني فوعزتي وجلالي لا تسالوني اليوم شيئا في جمعكم لآخرتكم إلا أعطيتكم ولا لدنياكم إلا نظرت لكم فوعزتي لأسترن عليكم عثراتكم ما راقبتموني وعزتي لا أخزيكم ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الحدود انصرفوا مغفورا من

لكم قد أرضيتموني ورضيت عنكم ، فتفرح الملائكة ويستغفرون بما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان.
وأخرج البيهقي في الشعب عن كعب الأحبار قال : أوحى الله إلى موسى عليه السلام : إني افترضت على عبادي الصيام وهو شهر رمضان ، يا موسى من وافى القيامة وفي صحيفته عشر رمضانات فهو من الأبدال ومن وافى القيامه وفي صحيفته عشرون رمضانا فهو من المخبتين ومن وافى القيامة وفي صفحته ثلاثون رمضانا فهو من أفضل الشهداء عندي ثوابا يا موسى إني آمر حملة العرش إذا دخل شهر رمضان أن يمسكوا عن العبادة فكلما دعا صائمو رمضان بدعوة وأن يقولوا آمين وإني أوجبت على نفسي أن لا أرد دعوة صائمي رمضان ، يا موسى إني ألهم في رمضان السموات والأرض والجبال والدواب والهوام أن يستغفروا لصائمي رمضان ، يا موسى اطلب ثلاثة ممن يصوم رمضان فصل معهم وكل واشرب معهم فإني لا أنزل عقوبتي ولا نقمتي في بقعة فيها ثلاثة ممن يصوم رمضان ، يا موسى إن كنت مسفرا فاقدم وإن كنت مريضا فمرهم أن يحملوك وقل للنساء والحيض والصبيان الصغار أن يبرزوا معك حيث يبرز صائمو رمضان من

عند صوم رمضان فإني لو أذنت لسمائي وأرضي لسلمتا عليهم ولكلمتاهم ولبشرتاهم بما أجيزهم إني أقول لعبادي الذين صاموا رمضان ارجعوا إلى رحالكم فقد
أرضيتموني وجعلت ثوابكم من صيامكم أن أعتقكم من النار وأن أحاسبكم حسابا يسيرا وأن أقيل لكم العثرة وأخلف لكم النفقة وأن لا أفضحكم بين يدي أحد وعزتي لا تسألوني شيئا بعد صيام رمضان موقفكم هذا من آخرتكم إلا أعطيتكم ولا تسألوني شيئا من أمر دنياكم إلا نظرت لكم.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي والأصبهاني عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ذاكر الله في رمضان مغفور وسائل الله فيه لا يخيب.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي في الشمائل والنسائي والبيهقي عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه جبريل كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عليه القرآن فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة من

وأخرج ابن ماجه عن أنس قال : دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد الحرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم.
وأخرج البزار عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة من رمضان وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إلى خلقه وإذا نظر الله إلى عبده لم يعذبه أبدا ولله في كل يوم ألف ألف عتيق من النار فإذا كانت ليلة تسع وعشرين أعتق الله فيها مثل جميع ما أعتق في الشهر كله فإذا كانت ليلة القدر ارتجت الملائكة وتجلى الجبار بنوره مع أنه لا يصفه الواصفون فيقول لملائكته وهم في عيدهم من الغد : يا معشر الملائكة ما جزاء الأجير إذا وفى عمله تقول الملائكة : يوفى أجره ، فيقول الله : أشهدكم أني قد غفرت لهم من

وأخرج الطبراني عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما وحضر رمضان : أتاكم شهر بركة يغشاكم الله فيه فتنزل الرحمة وتحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هذا رمضان قد جاء تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين بعدا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له إذا لم يغفر له فيه فمتى.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شهر رمضان شهر أمتي يمرض مريضهم فيعودنه فإذا صام مسلم لم يكذب ولم يغتب وفطره طيب ويسعى إلى العتمات محافظا على فرائضه خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها.
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في ترغيبه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما من رمضان فسلم من ثلاث ضمنت له الجنة

فقال أبو عبيدة بن الجراح : يا رسول الله على ما فيه سوى الثلاث قال : على ما فيه سوى الثلاث ، لسانه وبطنه وفرجه.
وأخرج الأصبهاني عن الزهري قال : تسبيحة في شهر رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره.
وأخرج الأصبهاني عن معلى بن الفضل قال : كانوا يدعون الله عز وجل ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ويدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم.
وأخرج الأصبهاني عن البراء بن عازب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فضل الجمعة في شهر رمضان على سائر أيامه كفضل رمضان على سائر الشهور.
وأخرج الأصبهاني عن إبراهيم النخعي قال : صوم يوم من رمضان أفضل من ألف يوم وتسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة وركعة في رمضان أفضل من ألف ركعة.
وأخرج الأصبهاني عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم رمضان سلمت السنة وإذا سلمت الجمعة سلمت الأيام.
وأخرج الأصبهاني من طريق الأوزاعي عن مكحول والقاسم بن مخيمرة وعبد بن أبي لبابة قالوا : سمعنا أبا لبابة الباهلي ووائلة بن الأسقع وعبد الله بن بشر سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الجنة لتتزين من الحول

إلى الحول لشهر رمضان ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صان نفسه ودينه في شهر رمضان زوجه الله من الحور العين وأعطاه قصرا من قصور الجنة ومن عمل سيئة أو رمى بها مؤمنا ببهتان أو
شرب مسكرا في شهر رمضان أحبط الله عمله سنة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا شهر رمضان لأنه شهر الله جعل لكم أحد عشر شهرا تشبعون فيها وتروون وشهر رمضان شهر الله فاحفظوا فيه أنفسكم.
وأخرج الأصبهاني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمتي لن يخزوا أبدا ما أقاموا شهر رمضان فقال رجل من الأنصار : وما خزيهم من إضاعتهم شهر رمضان فقال : إنتهاك المحارم ، من عمل سوءا أو زني أو سرق لم يقبل منه شهر رمضان ولعنة الرب والملائكة إلى مثلها من الحول فإن مات قبل شهر رمضان فليبشر بالنار فاتقوا شهر رمضان فإن الحسنات تضاعف فيه وكذلك السيئات.
وأخرج الأصبهاني ، عَن عَلِي ، قال : لما كان أول ليلة من رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى على الله وقال : أيها الناس قد كفاكم الله عدوكم من الجنة ووعدكم الإجابة وقال (ادعوني أستجب لكم) (غافر الآية 60) إلا وقد وكل الله بكل شيطان مريد سبعة من الملائكة فليس بمحلول حتى ينقضي شهر رمضان ألا وأبواب السماء مفتحة من أول ليلة منه إلى آخر ليلة منه إلا والدعاء فيه مقبول حتى إذا كان أول ليلة من العشر شمر وشد المئزر وخرج من بيته

واعتكفهن وأحيا الليل ، قيل : وما شد المئزر قال : كان يعتزل النساء فيهن.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن إسحاق بن أبي إسحاق ، أن أبا هريرة قال لكعب : تجدون رمضان عندكم قال : نجده حطة.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان ، وَابن مردويه والبيهقي عن عمرو بن مرة الجهني قال جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الصلوات الخمس وصمت رمضان وقمته وآتيت الزكاة فمن أنا فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق والديه.
وأخرج البيهقي عن علي ، أنه كان يخطب إذا حضر رمضان ثم يقول : هذا الشهر المبارك الذي فرض الله صيامه ولم يفرض قيامه ليحذر الرجل أن يقول : أصوم إذا صام فلان وأفطر إذا أفطر ألا إن الصيام ليس من الطعام والشراب
ولكن من الكذب والباطل واللغو ألا لا تقدموا الشهر إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأتموا العدة

وأما قوله تعالى : {الذي أنزل فيه القرآن}.
أخرج أحمد ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان والأصبهاني في الترغيب عن وائلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة من رمضان وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : أنزل الله صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزل التوراة على موسى لست خلون من رمضان وأنزل الزبور على داود لاثنتي عشرة خلت من رمضان وأنزل الإنجيل على عيسى لثماني عشرة خلت من رمضان وأنزل الفرقان على محمد لأربع وعشرين خلت من رمضان.
وأخرج ابن الضريس عن أبي الجلد قال : أنزل الله صحف إبراهيم عليه

السلام في أول ليلة من رمضان وأنزل الإنجيل لثماني عشرة خلون شهر من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال أعطيت السبع الطوال مكان التوراة وأعطيت المبين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل.
وأخرج محمد بن نصر عن عائشة قالت : أنزلت الصحف الأولى في أول يوم من رمضان وأنزلت التوراة في ست من رمضان وأنزل الإنجيل في اثنتي عشرة من رمضان وأنزل الزبور في ثماني عشرة من رمضان وأنزل القرآن في أربع وعشرين من رمضان.
وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن مقسم قال : سأل عطية بن الأسود ابن عباس فقال : إنه قد وقع في قلبي الشك في قوله الله {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} وقوله (إنا أنزلناه في ليلة القدر * (القدر الآية 1) وقوله (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) (الدخان الآية 3)

وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر ربيع الأول فقال ابن عباس : في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجم مرسلا في الشهور والأيام.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة ، وفي لفظ : فصل القرآن من الذكر لأربعة وعشرين من رمضان فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل ينزله على رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتله ترتيلا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : شهر رمضان والليلة المباركة وليلة القدر فإن ليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في رمضان نزل القرآن جملة من الذكر إلى البيت المعمور وهو موقع النجوم في السماء الدنيا حيث وقع القرآن ثم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسلا رسلا.
وأخرج ابن الضريس والنسائي ومحمد بن نصر ، وَابن جرير

والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئا أنزله منه حتى جمعه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة واحدة على جبريل في ليلة القدر فكان لا ينزل منه إلا ما أمر به.
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير قال : نزل القرآن جملة واحدة في رمضان في ليلة القدر فجعل في بيت العزة ثم أنزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة جواب كلام الناس.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن عساكر عن الحسن بن علي ، أنه لما قتل علي قام خطيبا فقال : والله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن فيها رفع عيسى بن مريم وفيها قتل يوشع بن نون وفيها تيب على بني اسرائيل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : بلغني أنه كان ينزل فيه من القرآن حتى انقطع الوحي وحتى مات محمد صلى الله عليه وسلم فكان ينزل من القرآن في ليلة القدر كل شيء ينزل من القرآن في تلك السنة فينزل ذلك من

السماء السابعة على جبريل في السماء الدنيا فلا ينزل جبريل من ذلك على محمد إلا بما أمره ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس عن داود بن أبي هند قال : قلت لعامر الشعبي : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن فهل كان نزل عليه في سائر السنة إلا ما في رمضان قال : بلى ولكن جبريل كان يعارض محمدا ما أنزل في السنة في رمضان فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء وينسخ ما ينسخ وينسيه ما يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} يقول : الذي أنزل صومه في القرآن.
وَأَمَّا قوله تعالى : {هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {هدى للناس} قال : يهتدون به {وبينات من الهدى} قال : فيه الحلال والحرام والحدود.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {وبينات من الهدى والفرقان} قال : بينات من الحلال والحرام

وأما قوله تعالى : {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : كان يوم عاشوراء يصام قبل أن ينزل شهر رمضان فلما نزل رمضان ترك.
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم ، عَن جَابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا عنه ولم يتعاهدنا عنده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} قال : هو هلاكه بالدار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} قال : من كان مسافرا في بلد مقيم فليصمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} قال : إذا كان مقيما.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر فقد لزمه الصوم لأن الله يقول !

{فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر في قوله {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} قال : من أدركه رمضان في أهله ثم أراد السفر فليصم.
وأخرج الدارقطني بسند ضعيف ، عَن جَابر بن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من أفطر يوما من شهر رمضان في الحضر فليهد بدنه فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا من تمر للمساكين.
وَأَمَّا قوله تعالى : {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}.
أخرج ابن جرير عن الحسن وابراهيم النخعي قالا : إذا لم يستطع المريض أن يصلي قائما أفطر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : الصيام في السفر مثل الصلاة تقصر إذا أفطرت وتصوم إذا وفيت الصلاة.
وأخرج سفيان بن عينية ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس بن مالك القشيري ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر

الصلاة وعلى الحبلى والمرضع.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس ، أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : يسر وعسر فخذ بيسر الله.
وأخرج مالك والشافعي ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن عائشة إن حمزة الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر فقال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
وأخرج الدارقطني وصححه عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال : يا رسول الله إني أجد قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي رخصة من الله تعالى من أخذ بها فحسن وإن أحب أن يصوم فلا جناح عليه

وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم عن الصوم في السفر فقال : إن شئت أن تصوم فصم وإن شئت أن تفطر فأفطر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والدارقطني عن عائشة قالت كل قد فعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقد صام وأفطر وأتم وقصر في السفر.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن معاذ بن جبل قال صام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزلت عليه آية الرخصة في السفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي عياض قال خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مسافرا في رمضان فنودي في الناس : من شاء صام ومن شاء أفطر ، فقيل لأبي عياض : كيف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صام وكان أحقهم بذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : لا أعيب على من صام وعلى من أفطر في السفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب وعامر أنهما اتفقا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون في رمضان فيصوم الصائم ويفطر المفطر فلا يعيب المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر

وأخرج مالك والشافعي ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود عن أنس بن مالك قال : سافرنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري قال : كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر وكانوا يرون أنه من وجد قوة فصام محسن ومن وجد ضعفا فأفطر محسن.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي ، عَن جَابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من البر الصيام في السفر.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن ماجه والحاكم وصححه عن كعب بن عاصم الأشعري ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ليس من البر الصيام في السفر

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عمر قال : لأن أفطر في رمضان في السفر أحب إلي من أن أصوم.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عمر قال : الإفطار في السفر صدقة تصدق الله بها على عباده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عمر ، أنه سأل عن الصوم في السفر فقال : رخصة نزلت من السماء فإن شئتم فردوها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عمر ، أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : لو تصدقت بصدقة فردت ألم تكن تغضب إنما هو صدقة صدقها الله عليكم.
وأخرج النسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : الإفطار في السفر كالمفطر في الحضر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : الإفطار في السفر عزمة

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محرز بن أبي هريرة ، أنه كان في سفر فصام رمضان فلما رجع أمره أبو هريرة أن يقضيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عامر بن ربيعة : أن عمر أمر رجلا صام لامضان في السفر أن يعيد.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد عن عامر بن عبد العزيز ، أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : إن كان أهون عليك فصم ، وفي لفظ : إذا كان يسر فصوموا وإن كان عسر فأفطروا ، قال الله {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن جَرِير عن خيثمة قال : سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر فقال : يصوم قلت : فأين هذه الآية {فعدة من أيام أخر} قال : إنها نزلت يوم نزلت ونحن نرتحل جياعا وننزل على غير شبع واليوم نرتحل شباعا وننزل على شبع.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن أنس قال : من أفطر فهي رخصة ومن صام فهو أفضل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم وسعيد بن جبير ومجاهد أنهم قالوا

في الصوم في السفر : إن شئت فأفطر وإن شئت فصم والصوم أفضل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق العوام عن مجاهد قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصوم ويفطر في السفر ويرى أصحابه أنه يصوم ويقول : كلوا إني أظل يطعمني ربي ويسقيني ، قال العوام : فقلت لمجاهد : فأي ذلك يرى قال : صوم في رمضان أفضل من صوم في غير رمضان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق أبي البختري قال : قال عبيدة : إذا سافر
الرجل وقد صام في رمضان فليصم ما بقي ثم قرأ هذه الآية {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} قال : وكان ابن عباس يقول : من شاء صام ومن شاء أفطر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن سيرين سألت عبيدة قلت : أسافر في رمضان قال : لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم قال : إذا أدرك الرجل رمضان فلا يخرج فإن خرج وقد صام شيئا منه فليصمه في السفر فإنه إن يقضه في رمضان أحب إلي من أن يقضيه في غيره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مجلز قال : إذا دخل شهر رمضان فلا يسافرن الرجل فإن أبى إلا أن يسافر فليصم

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الرحمن بن القاسم ، أن إبراهيم بن محمد جاء إلى عائشة يسلم عليها وهو في رمضان فقالت : أين تريد قال : العمرة ، قالت : قعدت حتى دخل هذا الشهر لا تخرج ، قال : فإن أصحابي وأهلي قد خرجوا قالت : وإن فردهم ثم أقم حتى تفطر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أم درة قالت : كنت عند عائشة فجاء رسول إلي وذلك في رمضان فقالت لي عائشة : ما هذا فقلت : رسول أخي يريد أن نخرج ، قالت : لا تخرجي حتى ينقضي الشهر فإن رمضان لو أدركني وأنا في الطريق لأقمت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : لا بأس أن يسافر الرجل في رمضان ويفطر إن شاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : لم يجعل الله رمضان قيدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء قال : من أدركه شهر رمضان فلا بأس أن يسافر ثم يفطر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود عن سنان بن سلمة بن محبق الهذلي

عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له حمولة تأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه.
وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تصدق بفطر رمضان على مريض أمتي ومسافرها.
وأخرج الطبراني عن أنس بن مالك عن رجل من كعب قال أغارت علينا خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيت إليه وهو يأكل فقال : اجلس فأصب من طعامنا هذا ، فقلت : يا رسول الله إني صائم ، قال : اجلس أحدثك عن الصلاة وعن الصوم : إن الله عز وجل وضع شطر الصلاة عن المسافر ووضع الصوم عن المسافر والمريض والحامل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة {فعدة من أيام أخر} قال : إن شاء وصل وإن شاء فرق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قضاء رمضان قال : إن شاء تابع وإن شاء فرق لأن الله تعالى يقول !

{فعدة من أيام أخر}.
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن ابن عباس في قضاء رمضان ، صم كيف شئت وقال ابن عمر : صمه كما أفطرته.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : يصوم شهر رمضان متتابعا من أفطره من مرض أو سفر.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن أنس ، أنه سئل عن قضاء رمضان فقال : إنما قال الله {فعدة من أيام أخر} فإذا أحصى العدة فلا بأس بالتفريق.
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي عن أبي عبيدة بن الجراح ، أنه سئل عن قضاء رمضان متفرقا فقال : إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه فاحصر العدة واصنع ما شئت

وأخرج الدارقطني عن رافع بن خديج قال : احصر العدة وصم كيف شئت.
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن معاذ بن جبل ، أنه سئل عن قضاء رمضان فقال : احصر العدة وصم كيف شئت.
وأخرج الدارقطني عن عمرو بن العاص قال : فرق قضاء رمضان إنما قال الله {فعدة من أيام أخر}.
وأخرج وكيع ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة ، أن امرأة سألته : كيف تقضي رمضان فقال : صومي كيف شئت وأحصي العدة فإنما {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
وأخرج ابن المنذر والدارقطني وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة قالت : نزلت / {فعدة من أيام أخر متتابعات > / فسقطت متتابعات ، قال البيهقي : أي نسخت.
وأخرج الدارقطني وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يفرقه.
وأخرج الدارقطني وضعفه عن عبد الله بن عمرو سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن

قضاء رمضان فقال : يقضيه تباعا وإن فرقه أجزأه.
وأخرج الدارقطني عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : في قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع.
وأخرج الدارقطني من حديث ابن عباس ، مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن محمد بن المنكدر قال بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء صيام شهر رمضان فقال : ذاك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين إلم يكن قضاء فالله تعالى أحق أن يقضى ويغفر ، قال الدارقطني : إسناده حسن إلا أنه مرسل ثم رواه من طريق آخر موصولا ، عَن جَابر مرفوعا وضعفه.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن والبيهقي في الأسماء والصفات"

عن ابن عباس في قوله {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} قال : اليسر الإفطار في السفر والعسر الصوم في السفر.
وأخرج ابن مردويه عن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي فتراءاه ببصره ساعة فقال : أتراه يصلي صادقا قلت : يا رسول الله هذا أكثر أهل المدينة صلاة ، فقال : لا تسمعه فتهلكه وقال : إن الله إنما أراد بهذه الأمة اليسر ولا يريد بهم العسر.
وأخرج أحمد عن الأعرج أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره.
وأخرج ابن سعد وأحمد وأبو يعلى والطبراني ، وَابن مردويه عن عروة التميمي قال سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علينا حرج في كذا فقال : أيها الناس إن دين الله يسر ثلاثا يقوله.
وأخرج البزار عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يسروا ولا تعسروا

وسكنوا ولا تنفروا.
وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق.
وأخرج البزار ، عَن جَابر قال : قال رسول اله صلى الله عليه وسلم إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
وأخرج أحمد عن أبي ذر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الإسلام ذلول لا يركب إلا ذلولا.
وأخرج البخاري والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : الدين يسر ولن يغالب الدين أحد إلا غلبه سددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة.
وأخرج الطيالسي وأحمد والبيهقي عن بريدة قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلقنا نمشي جميعا فإذا رجل بين أيدينا يصلي يكثر الركوع والسجود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تراه مرائيا قلت : الله ورسوله أعلم ، فأرسل يدي فقال : عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه.
وأخرج البيهقي عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباده فإن المنبت لا يقطع سفرا ولا يستبقي ظهرا.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الدين متين فأوغل به برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت لا سفر قطع ولا ظهرا أبقى فاعمل عمل امرى ء يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذرا تخشى أن تموت غدا.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تشددوا على أنفسكم فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات.
وأخرج البيهقي من طريق معبد الجهني عن بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم أفضل من العمل وخير الأعمال أوسطها ودين الله بين القاسي والغالي والحسنة بين الشيئين لا ينالها إلا بالله وشر السير الحقحقة.
وأخرج ابن عبيد والبيهقي عن إسحاق بن سويد قال : تعبد عبد الله بن مطرف فقال له مطرف : يا عبد الله العلم أفضل من العمل والحسنة بين الشيئين وخير الأمور أوساطها وشر السير الحقحقة.
وأخرج أبو عبيد والبيهقي عن تميم الداري قال : خذ من دينك لنفسك ومن نفسك لدينك حتى يستقيم بك الأمر على عبادة تطيقها.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يحب أن يؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن حبان عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما لا يحب أن تؤتى معصيته.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس قال سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي الأديان أحب إلى الله قال : الحنيفية السمحة.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر ، أن رجلا قال له : إني أقوى على الصيام في السفر فقال ابن عمر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن يزيد بن أديم قال : حدثني أبو الدرداء ووأئلة بن الأسقع وأبو أمامة وأنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة ربه

وأخرج أحمد عن عائشة قالت وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقني على منكبه لأنظر زفن الحبشة حتى كنت الذي مللت وانصرفت عنهم قالت : وقال يومئذ : لتعلم يهود أن في ديننا فسحة أي أرسلت بحنيفية سمحة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن قال : إن دين الله وضع دون الغلو وفوق التقصير.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : لا تعب على من صام في السفر ولا على من أفطر خذ بأيسرهما عليك ، قال الله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : خذ بأيسرهما عليك فإن الله لم يرد إلا اليسر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {ولتكملوا العدة} قال : عدة رمضان

وأخرج أبو ادود والنسائي ، وَابن المنذر والدارقطني في "سُنَنِه" عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثلاثين ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثلاثين.
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم ولا تصوموا حتى تروه ثم صوموا حتى تروه فإن حال دونه الغمام فأتموا العدة ثلاثين ثم أفطروا.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غيم عليكم الشهر فأكملوا العدة ، وفي لفظ : فعدوا ثلاثين.
وأخرج الدارقطني عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احصوا عدة شعبان لرمضان ولا تقدموا الشهر بصوم فإذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فإكملوا العدة ثلاثين يوما ثم أفطروا فإن الشهر

هكذا وهكذا وهكذا وهكذا وحبس إبهامه في الثالثة.
وأخرج الدارقطني عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال : إنا اصطحبنا أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنهم حدثونا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين فإن شهد ذو عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا.
وأخرج الدارقطني عن أبي مسعود الأنصاري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصبح صائما لتمام الثلاثين من رمضان فجاء أعرابيان فشهدا أن لآ إله إلا الله وأنهما أهلاه بالأمس فأمرهم فأفطروا.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {ولتكملوا العدة} قال : عدة ما أفطر المريض والمسافر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والمروزي في كتاب العيدين عن

زيد بن أسلم في قوله {ولتكبروا الله على ما هداكم} قال : لتكبروا يوم الفطر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم لأن الله يقول {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله}.
وأخرج الطبراني في المعجم الصغير عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زينوا أعيادكم بالتكبير.
وأخرج المروزي والدارقطني والبيهقي في السنن عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى يعني في التكبير.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى حيث تقضى الصلاة فإذا قضى الصلاة قطع التكبير ، وأخرجه البيهقي من وجه آخر موصولا عن الزهري عن سالم عن ابن

عمر وضعفه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق نافع عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : إن من السنة أن تكبر يوم العيد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والمروزي عن ابن مسعود أنه كان يكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد.
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه كان يكبر الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا الله أكبر ولله الحمد الله أكبر وأجل على ما هدانا.
وأخرج البيهقي عن أبي عثمان النهدي قال : كان عثمان يعلمنا التكبير الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا اللهم أنت أعلى وأجل من أن يكون لك صاحبة أو يكون لك ولد أو يكون لك شريك في الملك أو يكون لك ولي من

الذل وكبره تكبيرا اللهم اغفر لنا اللهم ارحمنا.
قوله تعالى : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.
أخرج ابن جرير والبغوي في معجمه ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طريق الصلت بن حكيم عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا} إذا أمرتهم أن يدعوني فدعوني أستجيب لهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن الحسن قال سأل أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أين ربنا فأنزل الله {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم أين ربنا قال : في السماء على عرشه ثم تلا (الرحمن على العرش استوى) (طه الآية 5) وأنزل الله {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} الآية.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا

تعجزوا عن الدعاء فإن الله أنزل علي {ادعوني أستجب لكم} فقال رجل : يا رسول الله ربنا يسمع الدعاء أم كيف ذلك فأنزل الله {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} الآية.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح ، أنه بلغه لما أنزلت (وقال ربكم ادعوني أستجيب لكم) (غافر الآية 60) قالوا : لو نعلم أي ساعة ندعو فنزلت {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} إلى قوله {يرشدون}.
وأخرج سفيان بن عينية في تفسيره وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق
سفيان عن أبي قال قال المسلمون يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} الآية.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أنه لما أنزل الله (ادعوني أستجيب لكم) (غافر الآية 60) قال رجال : كيف ندعو يا نبي الله فأنزل الله {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عبد الله بن عبيد قال : لما نزلت هذه الآية (ادعوني أستجيب لكم) (غافر الآية 60) قالوا : كيف لنا به أن نلقاه حتى ندعوه فأنزل الله {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} الآية

فقالوا : صدق ربنا وهو بكل مكان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قال المسلمون : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزلت {فليستجيبوا لي} ليطعوني والاستجابة هي الطاعة {وليؤمنوا بي} ليعلموا {فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : مفتاح البحار السفن ومفتاح الأرض الطرق ومفتاح السماء الدعاء.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد عن كعب قال : قال موسى : أي رب ، أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك قال : يا موسى أنا جليس من ذكرني قال : يا رب فإن نكون من الحال على حال نعظمك أو نجلك أن نذكرك عليها قال : وماهي قال : الجنابة والغائط ، قال : يا موسى اذكرني على كل حال.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا ولا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير فدنا منا فقال :

يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته.
وأخرج أحمد عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يقول الله : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمان الفارسي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن ربكم حي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا ، وفي لفظ : يستحي أن يبسط العبد إليه فيردهما خائبين.
وأخرج البيهقي عن سلمان قال : إني أجد في التوراة ، أن الله حي كريم يستحي أن يرد يدين خائبتين يسأل بهما خيرا

وأخرج عبد الرزاق والحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ربكم حي كريم يستحي إذا رفع العبد يديه إليه أن يردهما حتى يجعل فيهما خيرا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جواد كريم يستحي من العبد المسلم إذا دعاه أن يرد يديه صفرا ليس فيهما شيء.
وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حي كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرا لا خير فيهما فإذا رفع أحدكم يديه فليقل : يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين ثلاث مرات ثم إذا أراد رد يديه فليفرغ الخير على وجهه.
وأخرج الطبراني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رفع قوم أكفهم إلى الله عز وجل يسألونه شيئا إلا كان حقا على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوه.
وأخرج الطبراني ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل حي كريم يستحي من عبده أن يرفع يديه فيردهما صفرا ليس فيهما شيء

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35