كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم ، ان يؤخذوا فتضرب أعناقهم {سنة الله في الذين خلوا من قبل} كذلك كان يفعل بمن مضى من الأمم {ولن تجد لسنة الله تبديلا} قال : فمن كابر امرأة على نفسها فغلبها فقتل فليس على قاتله دية لأنه مكابر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لنغرينك بهم} قال : لنسلطنك عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والخطيب في تالي التلخيص عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله {لئن لم ينته المنافقون} قال : لا أعلم أغري بهم حتى مات.
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال
له : اخبرني عن قوله {لنغرينك بهم} قال : لنولعنك قال الحارث بن حلزة : لا تخلنا على غرائك انا * قلما قد رشى بنا الأعداء.
- قوله تعالى : يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا * إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنل الرسولا.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل شيء في

القرآن {وما يدريك} فلم يخبره به وما كان {ما أدراك} فقد أخبره.
- قوله تعالى : وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا} أي رؤوسنا في الشر والشرك {ربنا آتهم ضعفين من العذاب} يعني بذلك جهنم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {سادتنا وكبراءنا} قال : منهم أبو جهل بن هشام.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي ، وَابن جَرِير وابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان موسى عليه السلام كان رجلا حييا ستيرا لا يرى من جلده شيء استحياء منه فاذاه من أذاه من بني اسرائيل وقالوا ما يستتر هذا الستر إلا من عيب بجلده ، اما برص واما أدرة وأما آفة وان الله أراد أن يبرئه مما قالوا وان موسى عليه السلام خلا يوما وحده فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ

أقبل إلى ثيابه ليأخذها وان الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عليه السلام عصاه وطلب الحجر فجعل يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني اسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه فوالله ان بالحجر لندبا من أثر ضربه ، ثلاثا ، أو أربعا أو خمسا ، فذلك قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا}.
وأخرج البزار ، وَابن الانباري في المصاحف وة عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان موسى رجلا حييا وانه أتى ليغتسل فوضع ثيابه على صخرة وكان لا يكاد تبدو عورته فقالت بنو اسرائيل : ان موسى عليه السلام آدر به آفة - يعنون انه لا يضع ثيابه - فاحتملت الصخرة ثيابه حتى صارت بحذاء مجالس بني اسرائيل فنظروا إلى موسى عليه السلام كأحسن الرجال فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.

وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان موسى بن عمران كان اذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء.
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} قال : قال له قومه : انه آدر ، فخرج ذات يوم يغتسل فوضع ثيابه على صخرة فخرجت الصخرة تشتد بثيابه فخرج موسى عليه السلام يتبعها عريانا حتى انتهت به إلى مجالس بني اسرائيل فرأوه وليس بآدر فذلك قوله {فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.
وأخرج ابن منيع ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} قال : صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون عليه السلام فقالت بنو اسرائيل لموسى عليه السلام : أنت قتلته كان أشد حبا لنا منك وألين فآذوه من ذلك فأمر الله الملائكة عليهم السلام فحملته فمروا به على مجالس بني اسرائيل وتكلمت الملائكة عليهم السلام بموته فبرأه الله من ذلك فانطلقوا به فدفنوه ولم يعرف قبره إلا الرخم وان الله جعل أصم أبكم.

وأخرج الحاكم وصححه من طريق السدي رضي الله عنه عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن مرة عن ابن مسعود رضي الله عنه وناس من الصحابة ، ان الله أوحى إلى موسى عليه السلام : اني متوف هارون فائت به جبل كذا وكذا ، فانطلقا نحو الجبل فاذا هم بشجرة وبيت فيه سرير عليه فرش وريح طيب فلما نظر هارون عليه السلام إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه قال : يا موسى أني أحب أن أنام على هذا السرير قال : نم عليه قال : نم معي ، فلما ناما أخذ هارون عليه السلام الموت فلما قبض رفع ذلك البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير إلى السماء فلما رجع موسى عليه السلام إلى بني اسرائيل قالوا : قتل هارون عليه السلام وحسده حب بني اسرائيل له وكان هارون عليه السلام أكف عنهم وألين لهم وكان موسى عليه السلام فيه بعض الغلظة عليهم فلما بلغه ذلك قال : ويحكم انه كان أخي أفتروني أقتله فلما أكثروا عليه قام يصلي ركعتين ثم دعا الله فنزلت الملائكة بالسرير حتى نظروا اليه بين السماء والارض فصدقوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} قال : لا تؤذوا محمدا كما آذى قوم موسى ، موسى.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قسم

رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقال رجل : ان هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه ثم قال رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وكان عند الله وجيها} قال : مستجاب الدعوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سنان عمن حدثه في قوله {وكان عند الله وجيها} قال : ما سأل موسى عليه السلام ربه شيئا قط إلا أعطاه إياه إلا النظر.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما *.
أَخْرَج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ثم قال على مكانكم اثبتوا ثم أتى الرجال فقال : ان الله أمرني أن آمركم ان تتقوا الله وان تقولوا قولا سديدا ثم أتى النساء فقال : ان الله أمرني ان آمركن ان تتقين الله وان تقلن قولا سديدا.

وأخرج أحمد في الزهد وأبو داود في المراسيل عن عروة رضي الله عنه قال : أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر إلا سمعته يقول {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج سمويه في فوائده عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خطب الناس أو علمهم لا يدع هذه الآية أن يتلوها {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} إلى قوله {فقد فاز فوزا عظيما}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : ما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر قط إلا تلا هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق سأله عن قوله {قولا سديدا} قال : قولا عدلا حقا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب :
أمين على ما استودع الله قلبه * فان قال قولا كان فيه مسددا

وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد رضي الله عنه في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : صدقا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قولا سديدا} قال : عدلا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قولا سديدا} قال : سدادا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : قولوا لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : قولوا لا إله إلا الله ،.
- قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما.

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في كتاب الأضداد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا عرضنا الأمانة} الآية ، قال : الامانة الفرائض عرضها الله على السموات والأرض والجبال ان أدوها أثابهم وان ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك واشفقوا من غير معصية ولكن تعظيما لدين الله ان لا يقوموا بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها ، وهو قوله {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} يعني غرا بأمر الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض} قال : الأمانة : ما أمروا به
ونهوا عنه ، وفي قوله {وحملها الإنسان} قال : آدم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم قال : ان الله عرض الأمانة على السماء الدنيا فأبت ثم التي تليها حتى فرغ منها ثم الأرض ثم الجبال ثم عرضها على آدم عليه السلام فقال : نعم ، بين أذني وعاتقي قال الله فثلاث آمرك بهن فانهن لك عون ، اني جعلت لك بصرا وجعلت لك شفرتين ففضهما عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك لسانا بين لحيين فكفه عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك فرجا وواريته فلا تكشفه إلى ما حرمت عليك.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري عن ابن جريج رضي الله عنه في الاية قال : بلغني ان الله تعالى لما خلق السموات والأرض والجبال قال اني فارض فريضة وخالق جنة ونارا وثوابا لمن أطاعني وعقابا لمن عصاني فقالت السماء : خلقتني فسخرت في الشمس والقمر والنجوم والسحاب والريح والغيوب فانا مسخرة على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الأرض خلقتني وسخرتني فجرت في الأنهار فأخرجت مني الثمار وخلقتني لما شئت فانا مسخرة على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الجبال : خلقتني رواسي الأرض فأنا على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا ابغي ثوابا ولا عقابا فلما خلق الله آدم عرض عليه فحمله {إنه كان ظلوما} ظلمه نفسه في خطيئته {جهولا} بعاقبة ما تحمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : لما خلق الله السموات والأرض والجبال عرض الأمانة عليهن فلم يقبلوها فلما خلق آدم عليه السلام عرضها عليه قال : يا رب وما هي قال : هي ان أحسنت أجرتك وان أسأت عذبتك قال : فقد تحملت يا رب قال : فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج إلا قدر ما بين الظهر والعصر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جرير

وابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في كتاب الاضداد والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا عرضنا الأمانة} قال : عرضت على آدم عليه السلام فقيل : خذها بما فيها فان أطعت غفرت لك وان عصيت عذبتك قال :
قبلتها بما فيها فما كان إلا قدر ما بين الظهر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الذنب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أشوع في الآية قال عرض عليهن العمل وجعل لهن الثواب فضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن فقلن : ربنا لا طاقة لنا بالعمل ولا نريد الثواب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن الآزواعي ان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عرض العمل على محمد بن كعب فأبى فقال له عمر رضي الله عنه : أتعصي فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تعالى حين عرض {الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} هل كان ذلك منها معصية قال : لا ، فتركه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ان الله قال لآدم عليه السلام اني عرضت الامانة على السموات والأرض والجبال فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها قال : أي رب وما فيها قال : ان حملتها

أجرت وان ضيعتها عذبت قال : قد حملتها بما فيها قال : فما عبر في الجنة إلا قدر ما بين الأولى والعصر حتى أخرجه ابليس من الجنة قيل للضحاك : وما الأمانة قال : هي الفرائض وحق على كل مؤمن ان لا يغش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير فمن فعل فقد خان أمانته ومن انتقص من الفرائض شيئا فقد خان أمانته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال} قال : يعني به الدين والفرائض والحدود {فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} قيل لهن : ان تحملنها وتؤدين حقها ، فقلنا : لا نطيق ذلك {وحملها الإنسان} قيل له : أتحملها قال : نعم ، قيل : أتؤدي حقها فقال : أطيق ذلك قال الله {إنه كان ظلوما جهولا} أي ظلوما بها جهولا عن حقها {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} قال : هذا اللذان خاناها {ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات} قال : هذا اللذان أدياها {وكان الله غفورا رحيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {إنا عرضنا

الأمانة} قال : الفرائض.
وأخرج الفريابي عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إنا عرضنا الأمانة} قال : الدين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمانة ثلاث ، الصلاة والصيام والغسل من الجنابة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : من الأمانة ان ائتمنت المرأة على فرجها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الورع والحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمرو قال : أول ما خلق الله من الانسان فرجه ثم قال : هذه أمانتي عندك فلا تضيعها إلا في حقها ، فالفرج أمانة والسمع أمانة والبصر أمانة.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : من تضييع الامانة : النظر في الحجرات والدور.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ومن الأمانة إلا ومن الخيانة ان يحدث الرجل أخاه بالحديث فيقول : اكتم عني ، فيفشيه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من أعظم الامانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي اليه ثم ينشر سرها.
وأخرج الطبراني وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه وأبو يعلى والبيهقي والضياء ، عَن جَابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ليعذب الله المنافقين} قال : هما اللذان ظلماها واللذان خاناها : المنافق والمشرك.
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن الحكم بن عمير وكان من أصحاب

النبي
صلى الله عليه وسلم قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء فارسلوا به فمنهم رسول الله ومنهم نبي ومنهم نبي رسول الله ونزل القرآن وهو كلام الله ونزلت العربية والعجمية فعلموا أمر القرآن وعلموا أمر السنن بألسنتهم ولن يدع الله شئيا من أمره مما يأتون ومما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بينت لهم فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح ثم الأمانة أول شيء يرفع ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم وتبقى الكتب لعالم يعلمها وجاهل يعرفها وينكرها ولا يحملها حتى وصل الي والى أمتي فلا يهلك على الله إلا هالك ولا يغفله إلا تارك والحذر أيها الناس واياكم والوسواس الخناس فانما يبلوكم أيكم أحسن عملا والله أعلم.

* بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة سبأ.
مكية وآياتها أربع وخمسون.
- مقدمة سورة سبأ.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنه قال : نزلت سورة سبأ بمكة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة سبأ مكية.
- الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور * وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم * ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون
بالآخرة في العذاب والضلال البعيد * أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهو الحكيم الخبير} قال {حكيم} في أمره {خبير} بخلقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يعلم ما يلج في الأرض} قال : من المطر {وما يخرج منها} قال : من النبات {وما ينزل من السماء} قال : الملائكة {وما يعرج فيها} قال : الملائكة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب} قال : يقول : بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه

في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال : مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال : أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال : الرجز هو العذاب الأليم الموجع ، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال : أصحاب محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ويرى الذين أوتوا العلم} قال : الذين أوتوا الحكمة {من قبل} قال : يعني المؤمنين من أهل الكتاب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم} قال : قال ذلك مشركو قريش {إذا مزقتم كل ممزق} يقول : اذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاما ورفاتا ، وتقطعتكم السباع والطير {إنكم لفي خلق جديد} انكم ستحيون وتبعثون قالوا : ذلك تكذيبا به {أفترى على الله كذبا أم به جنة} قال : قالوا : إما أن يكون يكذب على الله واما أن يكون مجنونا {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض}
قال : انك ان نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن

كان قبلهم {أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي قطعا من السماء ان يشأ يعذب بسمائه فعل وان يشأ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند قال قتادة رضي الله عنه : وكان الحسن رضي الله عنه يقول : ان الزبد لمن جنود الله {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} قال قتادة : تائب مقبل على الله عز وجل.
- قوله تعالى : ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير.
أخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أوبي معه} قال : سبحي معه.
وأخرج ابن جرير عن أبي ميسرة رضي الله عنه {أوبي معه} قال : سبحي معه بلسان الحبشة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أوبي معه} قال : سبحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وأبي عبد الرحمن.

مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {يا جبال أوبي معه والطير} أيضا يعني يسبح معه الطير.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه انه قرأ

(الطير) بالنصب بجملة قال : سخرنا له الطير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وألنا له الحديد} قال : كالعجين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنهما في قوله {وألنا له الحديد} قال : لين الله له الحديد فكان يسرده حلقا بيده يعمل به كما يعمل بالطين من غير ان يدخله النار ولا يضربه بمطرقة وكان داود عليه السلام أول من صنعها وانما كانت قبل ذلك صفائح من حديد يتحصنون بها من عدوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وألنا له الحديد} فيصير في يده مثل العجين فيصنع منه الدروع.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقدر في السرد} قال : حلق الحديد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقدر في السرد} قال : السرد المسامير التي في الحلق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقدر في السرد} قال : لا تدق المسامير ، وتوسع الحلق فتسلسل ولا تغلظ المسامير وتضيق الحلق فتنقصم واجعله قدرا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وقدر في السرد} قال : قدر المسامير والحلق لا تدق المسمار فيسلسل ولا تحلها فينقصم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن أبي حاتم عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يرفع في كل يوم درعا فيبيعها بستة آلاف درهم ، ألفين له

ولأهله وأربعة آلاف يطعم بها بني اسرائيل الخبز الحواري.
- قوله تعالى : ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (ولسليمان الريح) رفع الحاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر} قال : تغدو مسيرة شهر وتروح مسيرة شهر في يوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الريح مسيرها شهران في يوم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ان سليمان عليه السلام لما شغلته الخيل فاتته صلاة العصر غضب لله فعقر الخيل فأبدله الله مكانها خيرا منها وأسرع الريح تجري بأمره كيف شاء فكان غدوها شهرا ورواحها شهرا وكان يغدو من ايليا فيقيل بقريرا ويروح من قريرا فيبيت

بكابل.
وأخرج الخطيب في رواية مالك عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يركب الريح من اصطخر فيتغدى ببيت المقدس ثم يعود فيتعشى باصطخر.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {غدوها شهر ورواحها شهر} قال : كان سليمان عليه السلام يغدو من بيت المقدس فيقيل باصطخر ثم يروح من اصطخر فيقيل بقلعة خراسان.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : النحاس.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : أعطاه الله عينا من صفر تسيل كما يسيل الماء قال : وهل تعرف العرف ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :

فالقى في مراجل من حديد * قدور القطر ليس من البرام.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وأسلنا له عين القطر} قال : عين النحاس كانت باليمنوان ما يصنع الناس اليوم مما أخرج الله لسليمان عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : أسال الله تعالى له القطر ثلاثة أيام يسيل كما يسيل الماء قيل : إلى أين قال : لا أدري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : سيلت له عين من نحاس ثلاثة أيام.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {القطر} النحاس ، لم يقدر عليها أحد بعد سليمان عليه السلام وإنما يعمل الناس بعد فيما كان أعطى سليمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {عين القطر} قال : الصفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ليس كل الجن صخر له كما تسمعون {ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه

ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال : يعدل عما يأمره سليمان عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال : من الجن.
- قوله تعالى : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} قال : من شبه ورخام.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : بنيان دون القصور {وتماثيل} قال : من نحاس {وجفان} قال : صحاف كالجوابي قال : الجفنة مثل الجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال : عظام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في الآية قال المحاريب القصور ، والتماثيل الصور {وجفان كالجواب} قال : كالجوبة من الأرض.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : قصور ومساجد {وتماثيل} قال : من رخام وشبه {وجفان كالجواب} كالحياض {وقدور راسيات} قال : ثابتات لا يزلن عن مكانهن كن يرين بأرض اليمن.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتماثيل} قال : اتخذ سليمان عليه السلام تماثيل من نحاس فقال : يا رب انفخ فيها الروح فانها أقوى على الخدمة فنفخ الله فيها الروح فكانت تخدمه وكان اسفيديار من بقاياهم فقيل لداود عليه السلام {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : المساجد {وتماثيل} قال : الصور {وجفان كالجواب} قال : كحياض الإبل العظام {وقدور راسيات} قال : قدرو عظام كانوا ينحتونها من الجبال.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجفان كالجواب} قال : كالجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال : أثافيها منها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {وجفان كالجواب} قال : كالحياض الواسعة تسع الجفنة الجزور
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول : كالجوابي لا هي مترعة * لقرى الأضياف أو للمحتضر وقال أيضا : يجبر المجروب فينا ماله * بقباب وجفان وخدم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {وجفان كالجواب} قال : كالحياض !

{وقدور راسيات} قال : القدور العظام التي لا تحول من مكانها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {وقدور راسيات} قال : عظام تفرغ افراغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : إعملوا شكرا لله على ما أنعم به عليكم.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن شهاب في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : قولوا الحمد لله.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : بلغنا ان داود عليه السلام جزأ الصلاة على بيوته على نسائه وولده فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وانسان قائم من آل داود يصلي فعمتهم هذه الآية {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود لسليمان عليهما السلام : قد ذكر الله الشكر فاكفني قيام النهار أكفك قيام الليل ، قال : لا أستطيع قال : فاكفني صلاة النهار ، فكفاه.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : الشكر تقوى الله والعمل بطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب كيف أشكرك والشكر نعمة منك قال : الآن شكرتني حين علمت أن النعم مني.
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الايمان عن المغيرة بن عتبة قال : قال داود عليه السلام : يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول
ذكرا لك مني فأوحى الله اليه : نعم ، الضفدع وأنزل الله تعالى على داود عليه السلام : يا رب كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر ، فالنعمة منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك قال : يا داود الآن عرفتني حق معرفتي.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم في كتاب الشكر والبيهقي في شعب الايمان عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام انه قال : اي رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك قال : فأتاه الوحي : ان يا داود أليس تعلم ان الذي بك من النعم مني قال : بلى

يارب . قال: فإني أرضى بذلك منك شكرا.
وَأخرَج ابن أبي شيبة وأحمد عن الحسن قال : قال داود عليه السلام : الهي لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار والدهر كله ما قضيت حق نعمة واحدة من نعمك علي.
وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : لم ينفك منهم مصل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لما قيل لهم {اعملوا آل داود شكرا} لم يأت على القوم ساعة إلا ومنهم يصلي.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على المنبر وقرأ هذه الآية {اعملوا آل داود شكرا} قال : ثلاث من أوتيهن فقد أوتي ما أوتي آل داود قيل : وما هن يا رسول الله قال : العدل في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وذكر الله في السر والعلانية ، وأخرجه ابن مردويه من طريق عطاء بن يسار عن حفصة رضي الله عنها مرفوعا به وأخرجه الحكيم الترمذي من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه.

مرفوعا به ، وأخرجه ابن النجار في تاريخه من طريق عطاء بن يسار عن أبي ذر رضي الله عنه ، مرفوعا به ، وقال خشية الله في السر والعلانية والله أعلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقليل من عبادي الشكور} يقول : قليل من عبادي الموحدين توحيدهم.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : قال رجل عند عمر رضي الله عنه : اللهم اجعلني من القليل ، فقال عمر رضي الله عنه : ما هذا الدعاء الذي تدعو به قال : اني سمعت الله يقول {وقليل من عبادي الشكور} فأنا أدعوا الله أن يجعلني من ذلك القليل فقال عمر رضي الله عنه : كل الناس أعلم من عمر.

- قوله تعالى : فلما قضينا عليه بالموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يخلو في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر ويدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي مات فيها وكان بدء ذلك انه لم يكن يوما يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة فيأتيها فيسالها ما اسمك فتقول : الشجرة اسمي كذا وكذا ، فيقول لها : لأي شيء نبت فتقول : نبت لكذا وكذا ، فيأمر بها فتقطع ، فان كانت نبتت لغرس غرسها وان كانت نبتت دواء قالت : نبت دواء لكذا وكذا ، فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخرنوبة قال لها : لأي شيء نبت قالت : نبت لخراب هذا المسجد فقال سليمان عليه السلام : ما كان الله ليخربه وأنا حي أنت الذي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس فنزعها فغرسها في حائط له ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصا فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك وهم يعملون له مخافة أن يخرج فيعاقبهم ، وكانت الشياطين حول المحراب يجتمعون وكان المحراب له كوا من بين يديه ومن خلفه وكان الشيطان المريد الذي يريد ان يخلع يقول : ألست جليدا ان دخلت فخرجت من ذلك الجانب فيدخل حتى يخرج من

الجانب
الآخر فدخل شيطان من أولئك فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان إلا احترق فمر ولم يسمع صوت سليمان ثم رجع فلم يسمع صوته ثم عاد فلم يسمع ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق ونظر إلى سليمان قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس : ان سليمان قد مات ففتحوا عنه فأخرجوه فوجدوا منسأته - وهي العصا بلسان الحبشة - قد أكلتها الارضة ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الارضة على العصا فأكلت منها يوم وليلة ثم حسبوا على نحو ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة ، وهي في قراءة ابن مسعود (فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا) فأيقن الناس عند ذلك ان الجن كانوا يكذبون ولو انهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام ولما لبثوا في العذاب سنة يعملون له ولو كنت تشربين أتيناك بأطيب الشراب ولكننا ننقل اليك الطين والماء فهم ينقلون اليها حيث كانت ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو مما يأتيها الشياطين شكرا لها.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {دابة الأرض تأكل منسأته} عصاه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لبث سليمان عليه السلام على عصاه حولا بعدما مات ثم خر على رأس الحول فأخذت الأنس عصا مثل عصاه ودابة مثل دابته فأرسلوها عليها فأكلتها في سنة ، وكان ابن عباس يقرأ (فلما خر تبينت الأنس ان لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة) قال سفيان : وفي قراءة ابن مسعود (وهم يدأبون له حولا).
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن السنى في الطب النبوي ، وَابن مردويه عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان سليمان عليه السلام اذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما أسمك فتقول : كذا وكذا ، فان كانت لغرس غرست وان كانت لدواء نبتت ، فصلى ذات يوم فاذا شجرة نابتة

بين يديه فقال : لها : ما أسمك قالت : الخرنوب ، قال : لأي شيء أنت قالت : لخراب هذا البيت فقال سليمان عليه السلام : اللهم عم عن الجن موتي
حتى يعلم الأنس ، ان الجن لا يعلمون الغيب فأخذ عصا فتوكأ عليها وقبضه الله وهو متكيء فمكث حينا ميتا والجن تعمل فأكلتها الارضة فسقطت فعلموا عند ذلك بموته فتبينت الأنس ، ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ، وكان ابن عباس يقرأها كذلك فشكرت الجن الأرضة فأينما كانت يأتونها بالماء.
وأخرج البزار والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس ، موقوفا.
وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم ، مرفوعا ، يقول الله أني تفضلت على عبادي بثلاث ، ألقيت الدابة على الحبة ولولا ذلك لكنزتها الملوك كما يكنزون الذهب والفضة ، وألقيت النتن على الجسد ولولا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه وأسليت الحزين ولولا ذلك لذهب التسلي.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : كانت الجن تخبر الأنس انهم يعلمون من الغيب أشياء وانهم يعلمون ما في غد فابتلوا بموت سليمان عليه الصلاة والسلام فمات فلبث سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته وهم مسخرون تلك السنة ويعملون دائبين {فلما خر تبينت الجن} وفي بعض القراءة (فلما خر تبينت الأنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) وقد لبثوا يدأبون ويعملون له حولا بعد موته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنس تقول في زمن سليمان عليه السلام : ان الجن تعلم الغيب فلما مات سليمان عليه السلام مكث قائما على عصاه ميتا حولا والجن تعمل بقيامه (فلما خر تبينت الأنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) كان ابن عباس رضي الله عنهما كذلك يقرأها قال قيس بن سعد رضي الله عنه : وهي قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : قال سليمان عليه السلام لملك الموت : اذا أمرت بي فاعلمني فأتاه فقال : يا سليمان قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس عليه باب فقام يصلي فاتكأ على عصاه فدخل عليه ملك الموت عليه السلام فقبض
روحه وهو متكيء على عصاه ولم يصنع ذلك فرارا من الموت قال : والجن تعمل بين يديه وينظرون يحسبون انه حي فبعث الله {دابة الأرض} دابة تأكل العيدان يقال لها : القادح فدخلت فيها فأكلتها حتى اذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر ميتا فلما

رأت ذلك الجن انفضوا وذهبوا ، فذلك قوله {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما رد الله الخاتم اليه لم يصل صلاة الصبح يوما إلا نظر وراءه فاذا هو بشجرة خضراء تهتز فيقول : يا شجرة أما يأكلنك جن ولا أنس ولا طير ولا هوام ولا بهائم فتقول : اني لم أجعل رزقا لشيء ولكن دواء من كذا ، ودواء من كذا ، فقام الأنس والجن يقطعونها ويجعلونها في الدواء فصلى الصبح ذات يوم والتفت فاذا بشجرة وراءه قال : ما أنت يا شجرة قالت : أنا الخرنوبة قال : والله ما الخرنوبة إلا خراب بيت المقدس والله لا يخرب ما كنت حيا ولكني أموت فدعا بحنوط فتحنط وتكفن ثم جلس على كرسيه ثم جمع كفيه على طرف عصاه ثم جعلها تحت ذقنه ومات فمكث الجن سنة يحسبون أنه حي وكانت لا ترفع أبصارها اليه وبعث الله الارضة فأكلت طرف العصا فخر منكبا على وجهه فعلمت الجن أنه قد مات ، فذلك قوله {تبينت الجن} ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب ولكن في القراءة الأولى (تبينت الأنس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بلغت نصف العصا فتركوها في النصف الباقي فأكلتها في حول فقالوا : مات عام أول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : مكث سليمان بن داود عليه السلام حولا على عصاه متكئا حتى أكلتها الأرضة فخر.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إلا دابة الأرض تأكل منسأته} قال : عصاه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : الارضة أكلت عصاه حتى خر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {تأكل منسأته} قال : العصا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن المنسأة قال : هي العصا وأنشد فيها شعرا قاله عبد المطلب : أمن أجل حبل لا أبالك صدته * بمنسأة قد جر حبلك أحبلا.
وَأخرَج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه قال : المنسأة العصا بلسان الحبشة.
- قوله تعالى : لقد كان لسبأ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط واثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور * وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين * فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهمفجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور.

أخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم فاذن لي في قتالهم وأمرني فلما خرجت من عنده أرسل في أثري فردني فقال ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث اليك وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل : يا رسول الله وما سبأ أرض أم امرأة قال : ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم
ستة وتشاءم منهم أربعة فاما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة.
وَأَمَّا الذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار ، فقال رجل : يا رسول الله وما أنمار قال : الذين منهم خثعم وبجيلة.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن سبأ أرجل هو أو امرأة أم أرض فقال : بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير.
وَأَمَّا الشاميون فلخم وجذام وعاملة

وغسان.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {لقد كان لسبإ في مسكنهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (لقد كان لسبأ) بالخفض منونة مهموزة (في مساكنهم) على الجماع بالألف.

وأخرج الفريابي عن يحيى بن وثاب أنه يقرأها {لقد كان لسبإ في مسكنهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان لسأ جنتان بين جبلين فكانت المرأة تمر ومكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين فتمتليء فاكهة وما مسته بيدها فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها : الجرذ فنقب عليهم فغرقهم فما بقي منهم إلا أثل وشيء من سدر قليل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ، قال لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية وان الركب ليأتون في ثيابهم القمل والدواب فما هو إلا أن ينظروا إلى بيوتها فتموت تلك الدواب وان كان الانسان ليدخل الجنتين فيمسك القفة على رأسه ويخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفة

من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بلدة طيبة ورب غفور} قال : هذه البلد طيبة وربكم غفور لذنوبكم ، وفي قوله {فأعرضوا} قال : بطر القوم أمر الله وكفروا نعمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان أهل سبأ أعطوا ما لم يعطه أحد من أهل زمانهم فكانت المرأة تخرج على رأسها المكتل فتريد حاجتها فلا تبلغ مكانها الذي تريد حتى يمتليء مكتلها من أنواع الفاكهة فأجمعوا ذلك فكذبوا رسلهم وقد كان السيل يأتيهم من مسيرة عشرة أيام حتى يستقر في واديهم فيجمع الماء من تلك السيول والجبال في ذلك الوادي وكانوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وكانوا يفتحون اذا شاؤا من ذلك الماء فيسقون جنانهم اذا شاءوا فلما غضب الله عليهم وأذن في هلاكهم دخل رجل إلى جنته - وهو عمرو بن عامر

فيما بلغنا وكان كاهنا - فنظر إلى جرذة تنقل أولادها من بطن الوادي إلى أعلى الجبل فقال : ما نقلت هذه أولادها من ههنا إلا وقد حضر أهل هذه البلاد عذاب ويقدر أنها خرقت ذلك العرم فنقبت نقبا فسال ذلك النقب ماء إلى جنته فأمر عمرو بن عامر بذلك النقب فسد فأصبح وقد انفجر بأعظم ما كان فأمر به أيضا فسد ثم انفجر بأعظم ما كان فلما رأى ذلك دعا ابن أخيه فقال : اذا أنا جلست العشية في نادي قومي فائتني فقل : علام تحبس علي مالي فاني سأقول ليس لك عندي مال ولا ترك أبوك شيئا وانك لكاذب ، فاذا أنا كذبتك فكذبني وأردد على مثل ما قلت لك فاذا فعلت ذلك فاني سأشتمك فاشتمني ، فاذا أنت شتمتني لطمتك فاذا أنا لطمتك فقم فالطمني ، قال : ما كنت لاستقبلك بذلك يا عم قال : بلى ، فافعل فاني أريد بها صلاحك وصلاح أهل بيتك فقال الفتى فلطمه فقال الشيخ : يا معشر بني فلان الطم فيكم لا سكنت في بلد لطمني فيه فلان أبدا من يبتاع مني ، فلما عرف القوم منه الجد أعطوه فنظر إلى أفضلهم عطية فأوجب له البيع

فدعا بالمال فنقده وتحمل هو وبنوه من ليلته فتفرقوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان في سبأ كهنة وكانت الشياطين يسترقون السمع فأخبروا الكهنة بشيء من أخبار السماء وكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال أنه أخبر ان زوال أمرهم قد دنا وان العذاب قد أظلهم فلم يدر كيف يصنع لأنه كان له مال كثير من عقر فقال لرجل
من بنيه وهو أعزهم أخوالا : اذا كان غدا وأمرتك بأمر فلا تفعله فاذا نهرتك فانتهرني فاذا تناولتك فالطمني قال : يا أبت لا تفعل ان هذا أمر عظيم وأمر شديد قال : يا بني قد حدث أمر لا بد منه فلم يزل حتى هيأه على ذلك فلما أصبحوا واجتمع الناس قال : يا بني افعل كذا وكذا ، فأبى فأنتهره أبوه فأجابه فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه فوثب على أبيه فلطمه فقال : ابني يلطمني علي بالشفرة قالوا : وما تصنع بالشفرة قال : اذبحه قالوا : تذبح ابنك الطمه واصنع ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه فأرسلوا إلى أخواله فاعلموهم بذلك فجاء أخواله فقالوا : خذ منا ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه قالوا : فلتموتن قبل أن تدعوه قال :

اشتروا مني دوري اشتروا مني أرضي فلم يزل حتى باع دوره وأرضه وعقاره ، فلما صار الثمن في يده وأحرزه قال : أي قوم ان العذاب قد أظلكم وزوال أمركم قد دنا فمن أراد منكم دارا جديدا وجملا شديدا وسفرا فليلحق بعمان ومن أراد منكم الخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى ، ومن أراد منكم الراسخات في الوحل المطعمات في المحل المقيمات في الضحل فليلحق بيثرب ذات نخل فأطاعه قوم فخرج أهل عمان إلى عمان وخرجت غسان إلى بصرى وخرجت الاوس والخزرج وبنو كعب بن عمرو إلى يثرب فلما كانوا ببطن نخل قال بنو كعب : هذا مكان صالح لا نبتغي به بدلا فأقاموا فلذلك سموا خزاعة لأنهم انخزعوا عن أصحابهم وأقبلت الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ} ، قال : كان لهم مجلس مشيد بالمرمر فأتاهم ناس من النصارى فقالوا : أشكروا الله الذي أعطاكم هذا قالوا : ومن أعطاناه إنما كان لآبائنا

فورثناه فسمع ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ان لم تأت غدا وأنا في مجلس قومي فتصك وجهي ففعل ذلك فقال : لا أقيم بأرض فعل هذا ابني بي فيها إلا من بيتاع مني مالي فابتدره الناس فابتاعوه
فبعث الله جرذا أعمى يقال له الخلد من جرذان عمى فلم يزل يحفر السد حتى خرقه فانهدم وذهب الماء بالجنتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لقد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم وكان لهم سد كانوا قد بنوه بنيانا أبدا وهو الذي كان يرد عنهم السيل اذا جاء أن يغشى أموالهم وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم انه إنما يخرب سدهم ذلك فارة فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطو عندها هرة فلما جاء زمانه وما أراد الله بهم من التفريق أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء إلى هرة من تلك الهرر فساورنها حتى استأخرت عنها الهرة فدخلت في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت بالسد فحفرت فيه حتى رققته للسيل وهم لا يدرون فلما ان جاء السيل وجد عللا فدخل فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها فلم يبق منها

إلا ما ذكر عن الله تبارك وتعالى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : كانت أودية اليمن تسيل إلى وادي سبأ وهو واد بين جبلين فعمد أهل سبأ فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وتركوا ما شاءوا لجناتهم فعاشوا بذلك زمانا من الدهر ثم انهم عتوا وعملوا بالمعاصي فبعث الله على ذلك السد جرذا فنقبه عليهم فعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمكان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وائل الاثل القصير من الشجر الذي يصنعون منه الأقداح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سيل العرم} قال : الشديد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه {سيل العرم} قال : المنساة بلحن اليمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} قال : {العرم}

بالحبشة وهي المنساة التي يجتمع فيها الماء ثم ينشف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال {العرم} اسم الوادي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {سيل العرم} قال : واد كان باليمن كان يسيل إلى مكة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : وادي سبأ يدعى {العرم}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهمه وحفر الوادي عن الجنتين فارتفعا وغار عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الاحمر من السد كان شيئا أرسله الله عليهم ، وفي قوله {أكل خمط} قال : الخمط الاراك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أرسله الله عليهم ، وفي قوله (أكل خمط) قال : (الخمط) الاراك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أكل خمط} قال : الاراك {وأثل} قال : الطرفاء.

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {أكل خمط} قال : الاراك قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : ما معول فود تراعى بعينها * أغن غضيض الطرف من خلل الخمط.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه في قوله {وأثل} قال الاثل شجر لا يأكلها شيء وانما هي حطب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ، قال : قوم أعطاهم الله نعمة وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته قال الله {فأعرضوا} قال : ترك القوم أمر الله {فأرسلنا عليهم سيل العرم} ذكر لنا {العرم} وادي سبأ كانت تجتمع اليه مسايل من أودية شتى فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه أبوابا وكانوا يأخذون من مائة ما احتاجوا اليه ويسدون عنهم ما لم يعبؤا به من مائة فلما تركوا أمر الله بعث الله عليهم جرذا فنقبه من أسفله فاتسع حتى غرق الله به حروثهم وخرب به أراضيهم عقوبة بأعمالهم قال الله {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}
والخمط الاراك و{أكل} بربرة و{وأثل وشيء من سدر قليل} بينما شجر القوم من خير الشجر اذ صيره الله من شر الشجر عقوبة

بأعمالهم قال الله {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} ان الله اذا أراد بعبد كرامة أو خيرا تقبل حسناته واذا أراد بعبد هوانا أمسك عليه بذنبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الخمط هو الاراك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وأبي مالك ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وهل نجازي إلا الكفور} قال : تلك المناقشة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس {وهل نجازي إلا الكفور} قال : هو المناقشة في الحساب ومن نوقش الحساب عذب وهو الكافر لا يغفر له.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

مجاهد : (وهل يجازى) قال : هل يعاقب إلا الكفور.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن أبي حيوة وكان من أصحاب علي قال : جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والمنغص في اللذة قيل : وما المنغص قال : لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {القرى التي باركنا فيها} قال : الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها} قال : هي قرى الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة} قال : كان فيما بين اليمن إلى الشام قرى متواصلة و{القرى التي باركنا

فيها} الشام ، كان الرجل يغدو فيقبل في القرية ثم يروح فيبيت في القرية الاخرى وكانت المرأة تخرج وزنبيلها على رأسها فما تبلغ حتى يمتلى ء من كل الثمار.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي ملكية في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة}
قال : كانت قراهم متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وثمرهم متدل فبطروا.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {وقدرنا فيها السير} قال : دانينا فيها السير.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله {وجعلنا بينهم} يعني بين مساكنهم {وبين القرى التي باركنا فيها} يعني الأرض المقدسة {قرى} فيما بين منازلهم مساكنهم وبين أرض الشام {سيروا فيها} يعني اذا ظعنوا من منازلهم إلى أرض الشام

من الأرض المقدسة.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله {ظاهرة} قال : قرى بالشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} قال : لا يخافون جوعا ولا ظمأ انما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا : أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها فيمتلى ء قبل أن ترجع إلى أهلها وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا فبطروا النعمة {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} فمزقوا {كل ممزق} وجعلوا أحاديث.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} قال : قالوا يا ليت هذه القرى يبعد بعضها عن بعض فنسير على نجائبنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين

أسفارنا) مثقلة قال : لم يدعوا على أنفسهم ولكن شكوا ما أصابهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين أسفارنا) مثقلة على معنى فعل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه انه قرأ (بعد بين أسفارنا) بنصب الباء ورفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (ربنا) بالنصب (باعد) بنصب الباء وكسر العين على الدعاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في
قوله {ومزقناهم كل ممزق} قال : أما غسان فلحقوا بالشام وأما الانصار فلحقوا بيثرب وأما خزاعة فلحقوا بتهامة وأما الازد فلحقوا بعمان ، فمزقهم الله كل ممزق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال : مطرف في قوله {إن في ذلك لآيات} نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر واذا ابتلي صبر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله : (لكل صبار شكور) قال: صبار في الكريهة ، شكور عند الحسنة ..
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن عامر رضي الله عنه قال : الشكر نصف الايمان والصبر نصف الايمان واليقين الايمان كله.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : ان الله قال : يا عيسى بن مريم اني باعث بعدك أمة ان أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وان أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم ، قال : يا رب كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم قال : أعطيهم من حلمي وعلمي.
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في شعب الايمان والدارمي ، وَابن حبان عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجبا لأمر المؤمن أمر المؤمن كله خير ان أصابته سراء شكر كان خيرا وان أصابته ضراء صبر كان خيرا.
وأخرج أحمد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : عجبت للمؤمن ان أعطي قال الحمد لله فشكر وان ابتلي قال الحمد لله فصبر فالمؤمن يؤجر على كل حال حتى اللقمة يرفعها إلى فيه.
وأخرج البيهقي في الشعب وابو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نظر في الدين إلى من هو فوقه وفي الدنيا إلى من هو تحته كتبه الله صابرا وشاكرا ومن نظر في الدين إلى من هو تحته ونظر في الدنيا إلى من هو فوقه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا والله سبحانه وتعالى أعلم.
- قوله تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريق من المؤمنين * وما كان لهم عليه من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال ابليس : ان آدم خلق من تراب ومن طين ومن حمأ مسنون خلقا ضعيفا واني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء {لأحتنكن ذريته إلا قليلا} الاسراء الآية 62 قال : فصدق ظنه عليهم فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين قال : هم المؤمنون كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يقرأها {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} مشددة قال : ظن بهم ظنا فصدقه.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال : على الناس إلا من أطاع ربه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} ظن بهم فوافق ظنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : لما أهبط آدم عليه السلام من الجنة ومعه حواء عليها السلام هبط ابليس فرحا بما أصاب منهما وقال : اذا أصبت من الابوين ما أصبت فالذرية أضعف وكان ذلك ظنا من ابليس عند ذلك فقال : لا أفارق ابن آدم ما دام فيه الروح أغره وأمنيه وأخدعه فقال الله تعالى : وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ولا يدعوني إلا أجبته ولا يسألني إلا أعطيته ولا يستغفرني إلا غفرت له.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وما كان لي عليكم من سلطان} قال : والله ما ضربهم
بعصا ولا سيف ولا سوط وما أكرههم على شيء وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم اليها فاجابوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إلا لنعلم} قال : انما كان بلاء ليعلم الله الكافر من المؤمن.
- قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما لهم فيهما من شرك} يقول : ما لله من شريك في السموات ولا في الأرض {وما له منهم} قال : من الذين دعوا من دونه {من ظهير} يقول : من عون بشيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما له منهم من ظهير} يقول : من عون من الملائكة.
- قوله تعالى : ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن لهحتى إذا فزع عن قلويهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير * قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين * قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون * قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم * قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فزع عن

قلوبهم} قال : خلى.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أوحى الجبار إلى محمد صلى الله عليه وسلم دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحي فسمعت الملائكة عليهم السلام صوت الجبار يتكلم بالوحي فلما كشف عن قلوبهم سئلوا عما قال الله فقالوا : الحق ، وعلموا أن الله تعالى لا يقول إلا حقا قال ابن عباس رضي الله عنهما : وصوت الوحي كصوت الحديد على الصفا فلما سمعوا خروا سجدا فلما رفعوا رؤوسهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان اذا نزل الوحي كان صوته كوقع الحديد على الصفوان فيصعق أهل السماء {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالت الرسل عليهم السلام {الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينزل الامر إلى السماء الدنيا له وقع كوقعة السلسلة على الصخرة فيفزع له جميع أهل السموات فيقولون {ماذا قال ربكم} ثم يرجعون إلى أنفسهم فيقولون {الحق وهو العلي الكبير}.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في نفر من أصحابه فرمى بنجم فاستنار قال : ما كنتم تقولون اذا كان هذا في الجاهلية قالوا : كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم قال : فانها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلون حملة العرش فيقول الذين يلون حملة العرش {ماذا قال ربكم} فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء وتخطف الجن السمع فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو محق ولكنهم يحرفونه ويزيدون فيه قال معمر : قلت للزهري : أكان يرمي بها في الجاهلية قال : نعم ، قال أرأيت {وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} الجن الآية 9 قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن
ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان يفزعهم ذلك {إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالوا الذي قال {الحق وهو العلي الكبير} فيسمعها مسترقوا السمع ومسترقوا السمع هكذا واحد فوق آخر ، وصف سفيان بيده وفرج وبين أصابعه نصبها بعضها فوق بعض ، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل ان يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا ، وكذا ، وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.

وأخرج ابن جرير ، وَابن خزيمة ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا أراد الله أن يوحي بامر تكلم بالوحي فاذا تكلم بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله تعالى فاذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا وخروا سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام فيكلمه الله من وحيه بما أراد فيمضي به جبريل عليه السلام على الملائكة عليهم السلام كلما مر بسماء سماء سأله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل فيقول {قالوا الحق وهو العلي الكبير} فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل عليه السلام فينتهي جبريل عليه السلام بالوحي حيث أمره الله من السماء والارض.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ (فرغ عن قلوبهم) يعني بالراء والغين والمعجمة.
وأخرج البيهقي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله عز وجل {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : كان لكل قبيل من الجن مقعد في السماء يستمعون منه الوحي وكان اذا نزل الوحي

سمع له صوت كامرار السلسلة على الصفوان فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} وان كان مما يكون في الأرض من أمر
الغيب أو موت أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به فقالوا : يكون كذا ، وكذا ، فسمعته الشياطين فنزلوا به على أوليائهم يقولون : يكون العام كذا ويكون كذا فيسمعه الجن فيخبرون الكهنة به والكهنة تخبر به الناس يقولون : يكون كذا وكذا ، فيجدونه كذلك فلما بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم دحروا بالنجوم فقالت العرب حين لم يخبرهم الجن بذلك : هلك من في السماء فجعل صاحب الابل ينحر كل يوم بعيرا وصاحب البقر ينحر كل يوم بقرة وصاحب الغنم شاة حتى أسرعوا في اموالهم فقالت ثقيف : وكانت أعقل العرب : أيها الناس أمسكوا عليكم أموالكم فانه لم يمت من في السماء وان هذا ليس بانتشاء ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار قال : فقال ابليس لقد حدث اليوم في الأرض حدث فائتوني من تربة كل أرض فاتوه بها فجعل يشمها فلما شم تربة مكة قال : من ههنا جاء الحديث منتشرا فنقبوا

فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث.
وأخرج أبو داود والبيهقي في الاسماء والصفات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء الدنيا صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا جاءهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} فيقولون يا جبريل : ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فيقولون : الحق ، الحق.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا اتاهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} قالوا يا جبريل : ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فينادون الحق الحق.
وَأخرَج البخاري والحاكم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

قرأ : (فرغ عن قلوبهم) يعني : بالراء والغين المعجمة ..
وأخرج ابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما نزل جبريل بالوحي على رسول الله فزع أهل السموات لا نحطاطه وسمعوا صوت الوحي كاشد ما يكون من صوت الحديد على الصفا فكلما مر بأهل سماء
{فزع عن قلوبهم} فيقولون : يا جبريل بماذا أمرت فيقول : نور العزة العظيم كلام الله بلسان عربي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : يوحي الله إلى جبريل عليه السلام فتفزع الملائكة عليهم السلام من مخافة أن يكون شيء من أمر الساعة فاذا خلى عن قلوبهم وعلموا ان ذلك ليس من أمر الساعة {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق}.
وأخرج أبو نصر السجزي في الابانة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت جبريل عليه السلام وزعم ان اسرافيل عليه السلام يحمل العرش وان قدمه في الأرض السابعة والالواح بين عينيه فاذا أراد ذو العرش أمرا سمعت الملائكة كجر السلسلة على الصفا فيغشى عليهم فاذا قاموا {قالوا ماذا قال ربكم} قال

من شاء الله {الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة والكلبي رضي الله عنهما في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالا : لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم فنزل الوحي مثل صوت الحديد فافزع الملائكة عليهم السلام ذلك {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالوا : اذا جلى عن قلوبهم {ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم في الآية قال : زعم ابن مسعود أن الملائكة المعقبات الذين يختلفون إلى أهل الأرض يكتبون أعمالهم اذا أرسلهم الرب تبارك وتعالى فانحدروا سمع لهم صوت شديد فيحسب الذي أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة فيخرون سجدا وهكذا كلما مروا عليهم فيفعلون ذلك من خوف ربهم تبارك وتعالى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : اذا قضى الله تبارك وتعالى أمرا رجفت

السموات والارض والجبال وخرت الملائكة كلهم سجدا حسبت الجن أن أمرا يقضى فاسترقت فلما قضي الامر رفعت الملائكة رؤوسهم ، وهي هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن الانباري عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يقرأ {حتى إذا فزع عن قلوبهم}
ثم يفسره حتى اذا انجلى عن قلوبهم.
وأخرج ابن أبي شيبه من طريق آخر رضي الله عنه أنه كان يقرأ {فزع عن قلوبهم} قال : ما فيها من الشك والتكذيب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : فزع الشيطان عن قلوبهم ففارقهم وأمانيهم وما كان يضلهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} قال : وهذا في بني آدم عند الموت أقروا حين لا ينفعهم الاقرار.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : كشف الغطاء عنها يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم والضحاك أنهما كانا يقراآن {حتى إذا فزع عن قلوبهم} يقولان : جلى عن قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن سيرين أنه سأل كيف تقرأ هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم} أو {فزع عن قلوبهم} قال {إذا فزع عن قلوبهم} قال :

فان الحسن يقول برأيه أشياء أهاب أن أقولها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ حتى (اذا فزع عن قلوبهم) بالعين مثقلة الزاي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ثم أمره الله أن يسأل الناس فقال {قل من يرزقكم من السماوات والأرض}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} قال {إنا} نحن لعلى هدى وانكم في ضلال مبين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنا أو إياكم} قال : قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين والله ما نحن وأنتم على أمر واحد ان أحد الفريقين مهتد ، وفي قوله !

{قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا} أي يقضي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الفتاح} قال : القاضي.
- قوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون.
أخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وما أرسلناك إلا كافة للناس} قال : إلى الناس جميعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {كافة للناس} قال : للناس عامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أرسلناك إلا كافة للناس} قال : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم فاكرمهم على الله أطوعهم له.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، بعثت إلى الناس كافة إلى كل أبيض وأحمر وأطعمت أمتي المغنم لم يطعم أمة قبل أمتي ونصرت بالرعب بين يدي من مسيرة

شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا واعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي يوم القيامة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، بعثت إلى الناس كافة الاحمر والاسود وانما كان النَّبِيّ يبعث إلى قومه ونصرت بالرعب يرعب مني عدوي على مسيرة شهر وأطعمت المغنم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي إلى يوم القيامة وهي ان شاء الله نائلة من لا يشرك لبالله شيئا.
- قوله تعالى : وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى غذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن} قال : هذا قول مشركي العرب كفروا بالقرآن {ولا بالذي بين يديه} من الكتب والانبياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ولا بالذي بين يديه}

قال : التوراة والانجيل وفي قوله {يقول الذين استضعفوا} قال : هم الاتباع {للذين استكبروا} قال : هم القادة وفي قوله {بل مكر الليل والنهار} يقول : غركم اختلاف الليل والنهار.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بما في الليل والنهار.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بما في الليل والنهار يا أيها العظماء والرؤساء حتى أزلتمونا عن عبادة الله تعالى.
أما قوله تعالى : {وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا}.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا قيد ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب.

فحدث به أبو سليمان الداراني رضي الله عنه فبكى ثم قال : فكيف به لو جمع هذا كله عليه فجعل القيد في رجليه والغل في يديه والسلسلة في عنقه ثم أدخل الدار وأدخل المغار.
- قوله تعالى : وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون * وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين * قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان رجلان شريكان خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر فلما بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى صاحبه يسأله ، ما فعل فكتب اليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم فترك تجارته واتى صاحبه فقال له : دلني عليه وكان يقرأ الكتب فاتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إلام تدعو قال إلى كذا وكذا ، قال : أشهد أنك رسول الله قال : ما علمك بذلك قال : انه لم يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم ، فنزلت هذه الآية {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها} الآيات ، فارسل اليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان الله قد أنزل تصديق ما قلت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة في قوله {إلا قال مترفوها} قال : هم جبابرتهم ورؤوسهم وأشرافهم وقادتهم في الشر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إلا قال مترفوها} قال : جبابرتها.
- قوله تعالى : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون * والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {عندنا زلفى} قال : قربى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : لا تعتبروا الناس بكثرة المال والولد وان الكافر يعطى المال وربما حبسه عن المؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن طاووس أنه كان يقول : اللهم ارزقني الايمان والعمل وجنبني المال والولد فاني سمعت فيما أوحيت {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى}.
وأخرج أحمد ومسلم ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : ان الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا} قال : بالواحد عشرا وفي سبيل الله بالواحد سبعمائة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : اذا كان المؤمن غنيا تقيا آتاه الله أجره مرتين ، وتلا هذه الآية {وما أموالكم} إلى قوله {فأولئك لهم جزاء الضعف} قال : تضعيف الحسنة ، أما قوله تعالى : {وهم في الغرفات آمنون}.
أخرج ابن أبي شيبه والترمذي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها ، قالوا : لمن هي قال : لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام.
- قوله تعالى : قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين.
أخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه أنه سأل عن قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} النفقة في سبيل الله قال : لا ، ولكن نفقة الرجل على نفسه وأهله فالله بخلفه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الادب المفرد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : في غير اسراف ولا تقتير.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

ما أنفقتم على أهليكم في غير اسراف ولا تقتير فهو في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : من غير اسراف ولا تقتير.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : اذا كان لاحدكم شيء فليقتصد ولا يتاول هذه الآية {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} فان الرزق مقسوم يقول : لعل رزقه قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : ما كان من خلف فهو منه وربما أنفق الانسان ماله كله في الخير ولم يخلف حتى يموت ، ومثلها {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} هود الآية 6 يقول : ما آتاهم من رزق فمنه وربما لم يرزقها حتى تموت.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : كل ما أنفق العبد نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا نفقة في بنيان أو معصية.
وأخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي من وجه آخر عن محمد بن المنكدر ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة وما أنفق

المرء على نفسه وأهله كتب له به صدقة وما وقي به عرضه كتب له به صدقة وكل نفقة انفقها مؤمن فعلى الله خلفها ضامن إلا نفقة في معصية أو بنيان ، قيل لابن المنكدر : وما أراد بما وقي به المرء عرضه كتب له به صدقة قال : ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا ان بعد زمانكم هذا زمانا عضوضا يعض الموسر على ما في يده حذر الانفاق قال الله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل : أنفق يا ابن آدم أنفق عليك.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة ثم قال : اقرؤا مواضع الخلف فاني سمعت الله يقول {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} اذا لم تنفقوا كيف يخلف.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول

الله صلى الله عليه وسلم قال : ان المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة.
وأخرج الحكيم والترمذي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : جئت حتى جلست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بطرف عمامتي من ورائي ، ثم قال : يا زبير إني رسول الله إليك خاصة وإلى الناس عامة أتدرون ماذا قال ربكم قلت : الله ورسوله أعلم قال : ربكم حين استوى على عرشه فنظر خلقه : عبادي أنتم خلقي وأنا ربكم أرزاقكم بيدي فلا تتبعوا فيما تكفلت لكم فاطلبوا مني أرزاقكم أتدرون ماذا قال ربكم قال الله تبارك وتعالى : أنفق أنفق عليك وأوسع أوسع عليك ولا تضيق أضيق عليك ولا تصر فأصر عليك ولا تحزن فأحزن
عليك إن باب الرزق مفتوح من فوق سبع سموات متواصل إلى العرش لا يغلق ليلا ولا نهارا ينزل الله منه الرزق على كل امرئ بقدر نيته وعطيته وصدقته ونفقته فمن أكثر أكثر له ومن أقل أقل له ومن أمسك أمسك عليه يا زبير فكل وأطعم ولا توك فيوكى عليك ولا تحص فيحصى عليك ولا تقتر فيقتر عليك ولا تعسر فيعسر عليك يا زبير إن

الله يحب الإنفاق ويبغض الإقتار وإن السخاء من اليقين والبخل من الشك فلا يدخل النارمن أيقن ولا يدخل الجنة من شك ، يا زبير إن الله يحب السخاوة ولو بفلقة تمرة والشجاعة ولو بقتل عقرب أو حيه ، يا زبير إن الله يحب الصبر عند زلزلة الزلازل واليقين النافذ عند مجيء الشهوات والعقل الكامل عند نزول الشبهات والورع الصادق عند الحرام والخبيثات ، يا زبير عظم الإخوان وجلل الأبرار ووقر الأخيار وصل الجار ولا تماشي الفجار ، من فعل ذلك دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب هذه وصية الله إلي ووصيتي إليك.
- قوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون * فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون * وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين * وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير * وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} قال : استفهام كقوله لعيسى عليه السلام {أأنت قلت للناس} المائده الآيه 116.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {بل كانوا يعبدون الجن} قال : الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما آتيناهم من كتب

يدرسونها} قال : لم يكن عندهم كتاب يدرسونه فيعلمون أن ما جئت به حق أم باطل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وما آتيناهم من كتب يدرسونها} أي يقرؤونها {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} وقال : {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} فاطر الآيه 24 ولا ينقص هذا هذا ولكن كلما ذهب نبي فمن بعده في نذارته حتى يخرج النَّبِيّ الآخر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يقول : من القدرة في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال : القرون الأولى {وما بلغوا} أي الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم {معشار ما آتيناهم} من القوه والإجلال والدنيا والأموال.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال : كذب الذين قبل هؤلاء {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} قال : يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوة وغير ذلك {فكيف كان نكير} يقول : فقد أهلك الله أولئك وهم أقوى وأخلد ، قوله تعالى : قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : بطاعة الله {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} قال : واحد واثنين.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : بلا إله إلا الله.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : لا إله إلا الله ، وفي قوله {أن تقوموا لله} قال : ليس بالقيام على الأرجل كقوله {كونوا قوامين بالقسط} النساء الآيه 135 ، واخرج ابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآيه قال : يقوم الرجل مع الرجل أو وحده فيتفكر ما بصاحبكم من جنة يقول : إنه ليس بمجنون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامه رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول أعطيت ثلاثا لم يعطهن نبي قبلي ولا فخر ، أحلت لي الغنائم ولم تحل لمن كان قبلي كانوا يجمعون غنائمهم فيحرقونها ، وبعثت إلى كل أحمر وأسود وكان كل نبي يبعث إلى قومه وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أتيمم بالصعيد وأصلي فيها حيث أدركتني الصلاة قال الله تعالى {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي.

- قوله تعالى : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد * قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب * قل جاء الحق وما يبددئ الباطل وما يعيد * قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {قل ما سألتكم من أجر} أي من جعل {فهو لكم} يقول : لم أسألكم
على الإسلام جعلا وفي قوله {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدئ الباطل} قال : الشيطان لا يبدئ ولا يعيد إذا هلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يقذف بالحق} قال : ينزل بالوحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {جاء الحق} قال : جاء القرآن {وما يبدئ الباطل وما يعيد} قال : ما يخلق إبليس شيئا ولا يبعثه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عمر بن سعد رضي الله عنه {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي} قال : أؤخذ بخيانتي.

- قوله تعالى : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : في الدنيا عند الموت حين عاينوا الملائكه ورأوا بأس الله {وأنى لهم التناوش من مكان بعيد} غافر الآيه 84 قال : لا سبيل لهم إلى الإيمان كقوله {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين} قال : قد كانوا يدعون إليه وهم في دعه ورخاء فلم يؤمنوا به {ويقذفون بالغيب} يرجعون بالظن يقولون إنه لا جنة ولا نار ولا بعث {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : اشتهوا طاعة الله لو أنهم عملوا بها فحيل بينهم وبين ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال يوم القيامه {فلا فوت} فلم يفوتوا ربك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال في القبور من الصيحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : هذا يوم بدرحين ضربت أعناقهم فعاينوا العذاب فلم يستطيعوا فرارا من

العذاب ولا رجوعا إلى التوبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والضحاك رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هو يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هم قتلى المشركين من أهل بدر نزلت فيهم هذه الآيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب} قال : هو جيش السفياني قال : من أين أخذ قال : من تحت أقدامهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطيه رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : قوم خسف بهم أخذوا من تحت أقدامهم.
وأخرج ابن مردويه عن حذيفه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث ناس إلى المدينه حتى إذا كانوا ببيداء بعث الله عليهم جبريل عليه السلام فضربهم برجله ضربة فيخسف الله بهم فذلك قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من

مكان قريب}.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هم الجيش الذين يخسف بهم بالبيداء يبقى منهم رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي معقل رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : أخذوا فلم يفوتوا.
وأخرج أحمد عن نفيره امرأة القعقاع بن أبي حدره رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم بجيش قد خسف به فقد أطلت الساعة.
وَأخرَج أحمد ومسلم والحاكم عن حفصه أم المؤمنين رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف أوساطهم فينادي أولهم آخرهم فيخسف بهم خسفا فلا ينجو إلا

الشريد الذي يخبر عنهم.
وَأخرَج أحمد عن حفصه رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم ، قلت : يا رسول الله فكيف بمن كان مستكرها قال : يصيبهم كلهم ذلك ثم يبعث الله كل امرئ على نيته.
وَأخرَج ابن أبي شيبه وأحمد عن صفيه أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزوه جيش حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم قلت : يا رسول الله أرأيت المكره قال : يبعثهم الله على ما في أنفسهم.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشه رضي الله عنها قالت : بينما رسول

الله صلى الله عليه وسلم [ ].
وَأخرَج ابن أبي شيبه والحاكم وصححه عن أم سلمه رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعوذ عائذ بالحرم فيبعث إليه بعث فإذا كان ببيداء من الأرض خسف بهم قلت : يا رسول الله فكيف بمن يخرج كارها قال : يخسف به معهم ولكنه يبعث على نيته يوم القيامه.
وَأخرَج ابن ابي سيبه والطبراني عن أم سلمه قالت :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الرجل من أمتي بين الركن والمقام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب العراق وأبدال الشام فيأتيهم جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ثم يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب فيهزمهم الله قال : وكان يقال إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المحروم من حرم غنيمة كلب ولو عقالا والذي نفسي بيده لتباعن نساؤهم على درج دمشق حتى ترد المرأة من كسر بساقها.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا تنته البعوث عن غزو بيت الله حتى يخسف بجيش منهم.
وَأخرَج الحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعده تحارب القبائل وعامئذ ينهب الحاج وتكون

ملحمه بمنى حتى يهرب صاحبهم فيبايع بين الركن والمقام وهو كاره يبايعه مثل عدة أهل بدر يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة من يتبعه من كلب فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان فيجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة ويخرج رجل من أهل بيتي فيبلغ السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمه فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحذركم سبع فتن فتنه تقبل من المدينه وفتنه بمكه وفتنه باليمن وفتنه تقبل من الشام وفتنه تقبل من المشرق وفتنه تقبل من المغرب وفتنه من بطن الشام وهي السفياني ، فقال ابن مسعود رضي الله عنه : منكم من يدرك أولهاومن هذه الأمه من يدرك آخرها قال الوليد بن عياش رضي الله عنه : فكانت فتنة المدينه من قبل طلحه والزبير وفتنة مكه فتنة ابن الزبير وفتنة الشام من قبل بني أميه وفتنة المشرق من

قبل هؤلاء.
وَأخرَج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب قال : فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق ، وجيشا إلى المدينة ،حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة فيقتلون أكثر من ثلاثة ألاف ويبقرون بها أكثر من مائة إمرأة ، ويقتلون بها ثلاثة مائة كبش من بني العباس ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام ، فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويخلى جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ولياليها ،ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبريل فيقول : ياجبريل اذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم فذلك قوله عزوجل في سورة "سبأ" (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت) الآية . فلا ينفلت منهم إلا رجلان أحدهما بشير والأخر نذير وهما من جهينة " فلذلك جاء القول 000000وعند جهينة الخبر اليقين ..

- قوله تعالى : وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد * وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقالوا آمنا به} قال : الله {وأنى لهم التناوش} قال : التناول كذلك {من مكان بعيد} قال : ما كان بين الآخرة والدنيا {وقد كفروا به من قبل} قال : كفروا بالله في الدنيا {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد} قال : في الدنيا قولهم هو ساحر بل هو كاهن بل هو شاعر بل هو كذاب.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه {وأنى لهم التناوش} الرد {من مكان بعيد} قال : من الآخره إلى الدنيا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأنى لهم التناوش} قال : كيف لهم الرد {من مكان بعيد} قال : يسألون الرد وليس حين رد.

وأخرج ابن المنذر عن التيمي قال : أتيت ابن عباس قلت : ما التناوش قال : تناول الشيء وليس بحين ذاك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتاده رضي الله عنه {وأنى لهم التناوش} قال : التوبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (التناؤش) ممدوده مهموزه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ويقذفون بالغيب} قال : يرجمون بالظن أنهم كانوا في الدنيا يكذبون بالآخرة ويقولون : لا بعث ولا جنه ولا نار.
- قوله تعالى : وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : حيل بينهم وبين الإيمان.

وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : من مالأو ولد أو زهرة أو أهل {كما فعل بأشياعهم من قبل} قال : كما فعل بالكفار من قبلهم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن السدي رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : التوبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : كان رجل من بني إسرائيل فاتحا أي الله فتح له مالا فورثه ابن له تافه - أي فاسد - فكان يعمل في مال أبيه بمعاصي الله فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعزلوه ولاموه فضجر الفتى فباع عقاره بصامت ثم رحل فأتى عينا تجاهه فسرح فيها ماله وابتنى قصرا ، فبينما هو ذات يوم جالس إذ شملت عليه ريح بامرأة من أحسن الناس وجهاوأطيبهم ريحا فقالت : من أنت يا عبد الله قال : أنا امرؤ من بني إسرائيل قالت : فلك هذا القصر وهذا المال قال : نعم ، [ قالت ] فهل لك من زوجة قال : لا ، قالت : فكيف يهنيك العيش ولا زوجة لك قال : قد كان ذاك فهل لك من

بعل قالت : لا ، قال : فهل لك أن أتزوجك قالت : إني امرأة منك على مسيرة ميل فإذا كان غد فتزود زاد يوم وأتني وإن رأيت في طريقك هولا قال : نعم ، قالت : إنه لا بأس عليك فلا يهولنك ، فلما كان من الغد تزود زاد يوم وانطلق إلى قصر فقرع بابه فخرج إليه شاب من أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا فقال : من أنت يا عبد الله قال : أنا الإسرائيلي قال : فما حاجتك قال : دعتني صاحبة هذا القصر إلى نفسها قال : صدقت فهل رأيت في طريقك هولا قال : نعم ولولا أخبرتني أن لا بأس علي لهالني الذي رأيت أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذ أنا بكلبة فاتحة فاها ففزعت فوثبت فإذا أنا من ورائها وإذا جروها ينحر على صدرها قال : لست تدرك هذا هذا يكون آخر الزمان يقاعد الغلام المشيخه فيغلبهم على مجلسهم ويأسرهم حديثهم ، ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل وإذا بمائة أعنز حفل وإذا فيها جدي يمصها فإذا أتى عليها فظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس

الزيادة قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان ملك يجمع صامت الناس كلهم حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس الزيادة قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر فأعجبني غصن من شجرة منها ناضر فأردت برجل معه منجل يحصد ما بلغ وما لم يبلغ قال له : لو حصدت ما بلغ وتركت ما لم يبلغ قال له : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا.
قطعه فنادتني شجرة أخرى : يا عبد الله مني فخذ ، حتى ناداني الشجر : يا عبد الله منا فخذ ، قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان يقل الرجال ويكثر النساء حتى أن الرجل ليخطب المرأة فتدعوه العشرة والعشرون إلى أنفسهن ، قال : ثم أقبلت حتى انفرج بي السبيل فإذا أنا برجل قائم على عين يغرف لكل إنسان من الماء فإذا تصدعوا عنه صب الماء في جرته فلم تعلق جرته من الماء بشيء قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان القاضي يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي الله ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يميح على قليب كلما أخرج دلوه صبه في الحوض فانساب الماء راجعا إلى القليب قال : هذا رجل رد الله عليه صالح عمله فلم يقبله ، ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يبذر بذرا فيستحصد فإذا حنطة طبيه قال : هذا رجل قبل الله صالح عمله وأزكاه له ، قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيلإذا أنا بعنز وإذا قوم قد أخذوا بقوائمها وإذا رجل آخذ بقرنيها وإذا رجل آخذ بذنبها وإذا رجل قد ركبها وإذا رجل يحلبها فقال : أما العنز فهي الدنيا والذين أخذوا بقوائمها فهم يتساقطون من عليتهاوأما الذي قد أخذ بقرنيها فهو يعالج من عيشها ضيقا وأما الذي قد أخذ بذنبها فقد أدبرت عنه وأما الذي ركبها فقد تركها وأما الذي يتحلبها ، فبخ ، بخ ذهب ذاك بها

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل مستلق على قفاه فقال : يا عبد الله ادن مني فخذ بيدي واقعدني فوالله ما قعدت منذ خلقني الله فأخذت بيده فقام يسعى حتى ما أراه فقال له الفتى : هذا عمرك فقد وأنا ملك الموت وأنا المرأة التي أتيتك أمرني الله بقبض روحك في هذا المكان ثم أصيرك إلى جهنم ، قال ففيه نزلت هذه الآيه {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات بسند ضعيف من طريق عكرمه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تهتكوا سترا فإنه كان رجل في بني إسرائيل وكان له إمرأه وكانت إذا قدمت إليه الطعام ثم قامت على رأسه ثم تقول : هتك الله ستر
امرأة تخون زوجها بالغيب فبعث إليها يوما بسمكة ثم قامت على رأسه فقالت : هتك الله ستر امرأة تخون زوجها بالغيب فقهقهت السمكة حتى

سقطت من القصعة ، فعل ذلك ثلاث مرات كل ذلك تقهقه السمكة وتضرب حتى تسقط من الخوان ، فأتى عالم بني إسرائيل فأخبره فقال : إنطلق فاذكر ربك وكل طعامك واخس الشيطان عنك فقال له : اخف الناس انطلق إلى إبنه فإنه أعلم منه فانطلق فأخبره فقال : ائتني بكل من في دارك ممن لم تر عورتهفأتاه فنظر في وجوههم ثم قال : اكشف عن هذه الحبشيه فكشف عنها فإذا مثل ذراع البكر فقال : من هذا أتيت ، فمات أبو الفتى العالم وهتك بهتكه ذلك الستر واحتاج إليه الناس فأتاه بني إسرائيل فقالوا ويحك ، أنت كنت أعلمناوأميننا ، فلما أن أكثروا عليه هرب منهم إلى أن بلغ إلى أقصى موضع بني إسرائيل من أرض البلقاء فأتيح له امرأة جميلة تستفتيه فقال لها : هل لك أن تمكنيني من نفسك وأهب لك مائة دينار قالت : أوخير من ذلك تجيء إلى أهلي تتزوجني واكون لك حلالا أبدا ، قال : فأين منزلك فوصفت له فطابت عليه تلك الليله ، فمضى فإذا هو بكلبة تنبح في بطنها جراؤها قال : ما أعجب هذا قيل له : امض ، لا تكونن مكلفا فسوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يحمل حجارة كلما ثقلت عليه وسقطت منه زاد عليها فقال له : أنت لا تستطيع تحمل هذا تزيد عليه قال :

امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا ، فمضى فإذا هو برجل يستقي من بئر ويصبه في حوض إلى جنب البئر وفي الحوض ثقب فالماء يرجع إلى البئر قال له : لو سددت الجحر استمسك لك الماء قال : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو بظبية ورجل راكب عليها وآخر يحلبها وآخر يمسك بقرنيها وآخرون يمسكون بقوائمها قال : ما أعجب هذا قال له : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يبذر بذرا فلا يقع على الأرض حتى ينبت ثم مضى فإذا هو
فمضى فإذا هو بالقصر الذي وعدته وإذا دونه نهر وإذا رجل جالس على سرير فقال له : كيف الطريق إلى هذا القصر ولقد رأيت في ليلتي أعاجيب قال : ما هي فذكر الكلبه ، قال : يأتي على الناس زمان يثب الصغير على الكبير والوضيع على الشريف والسفيه على الحليم ، وذكر له الذي يحمل الحجارة قال : يأتي على الناس زمان يكون عند الرجل الأمانه فلا يقدر يؤديها ويزيد عليها ، وذكر له الذي يستقي قال : يأتي على الناس زمان يتزوج الرجل المرأة لا يتزوجها لدينها ولا حسب ولا جمال إنما يريد مالها وتكون لا تلد فيكون كل شيء منه يرجع فيها ، وذكر له الظبيه قال : هي الدنيا ، أما الراكب عليها فالملك.
وَأَمَّا الذين يحلبونها فهو

أطيب الناس عيشا.
وَأَمَّا الذي يمسك بقرنيها فمن أيبس الناس عيشا ، واما الذي يمسك ذنبها فالذي لا يأتيه رزقه إلا قوتا ، والذين يمسكون بقوائمها فسفلة الناس ، وذكر له البذر قال : يأتي على الناس زمان لا يدري متى يتزوج الرجل ومتى يولد المولود ومتى قد بلغ ، وذكر له الذي يحصد فقال : ذاك ملك الموت يحصد الصغير والكبير وأنا هو بعثني الله إليك لأقبض روحك على أسوء أحوالك.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنه ، أنه شرب ماء بارد فبكى فقيل له : ما يبكيك فقال : ذكرت آية في كتاب الله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله {أفيضوا علينا من الماء} الأعراف الآيه 50.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتاده في قوله {إنهم كانوا في شك مريب} قال : إياكم والشك والريبه فإنه من مات على شك بعث عليهومن مات على يقين بعث عليه ، والله أعلم | 7

* بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة فاطر.
مكية وآياتها خمس وأربعون.
مقدمة سورة فاطر.
أخرج ابن الضريس والبخاري ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة فاطر بمكة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة الملائكة مكية.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي ملكية قال : كنت أقوم بسورة الملائكة في ركعة.
الآية 1.
أَخرَج أبو عبيد في فضائله ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت لا أدري ما {فاطر السماوات والأرض} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها قال : ابتدأتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال : بديع السموات والأرض.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كل شيء في القرآن {فاطر السماوات والأرض} فهو خالق السموات والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {جاعل الملائكة رسلا} قال : إلى العباد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال : خالق السموات والأرض {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} قال : بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة أجنحة وبعضهم له أربعة أجنحة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أولي أجنحة مثنى} قال : للملائكة الأجنحة من اثنين إلى ثلاثة إلى اثني عشر وفي ذلك وتر الثلاثة الأجنحة والخمسة والذين على الموازين فطران وأصحاب الموازين أجنحتهم عشرة ، عشرة ، وأجنحة الملائكة زغبة ولجبريل ستة أجنحة ، جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناحان على عينيه وجناحان ، منهم من

يقول على ظهره ومنهم من يقول متسرولا بهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} يزيد في أجنحتهم وخلقهم ما يشاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : الصوت الحسن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : حسن الصوت.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة ، أنه سمع أبا التياح يؤذن فقال : من يرد الله أن يجعل رزقه في صوته فعل.
وأخرج البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : الملاحة في العينين.
الآيات 2 - 4

أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس} قال : ما يفتح الله للناس من باب توبة {فلا مرسل له من بعده} وهم لا يتوبون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} يقول (ليس لك من الأمر شيء) (آل عمران 128).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة} أي من خير {فلا ممسك لها} قال : فلا يستطيع أحد حبسها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} قال : المطر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب قال : سمعت مالكا يحدث أن أبا هريرة رضي الله عنه كان إذا أصبح في الليلة التي يمطرون فيها وتحدث مع أصحابه قال : مطرنا الليلة بنوء الفتح ثم يتلو {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.

وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس رضي الله عنه قال : أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله {أنعام} وسيجعل الله بعد عسر يسرا {الطلاق} وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها {هود}.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عروة يقول في ركوب المحمل : هي والله رحمة فتحت للناس ثم يقول {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يرزقكم من السماء والأرض} قال : الرزق من السماء : المطر ومن الأرض : النبات.
الآيات 5 - 7.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الغرة في الحياة الدنيا أن يغتر بها وتشغله عن الآخرة ، أن يمهد لها ويعمل لها كقول العبد إذا أفضى إلى الآخرة (يا ليتني قدمت لحياتي) (الفجر 24) والغرة بالله : أن يكون العبد في معصية الله ويتمنى على الله المغفرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه

في قوله {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} قال : عادوه فإنه يحق على كل مسلم عداوته وعداوته أن يعاديه بطاعة الله ، وفي قوله {إنما يدعو حزبه} قال : أولياءه {ليكونوا من أصحاب السعير} أي ليسوقهم إلى النار فهذه عداوته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {إنما يدعو حزبه} الآية ، قال يدعو حزبه إلى معاصي الله وأصحاب معاصي الله أصحاب السعير وهؤلاء حزبه من الأنس ألا تراه يقول : (أولئك حزب الشيطان) (المجادلة 19) قال : والحزب ولاية الذين يتولاهم ويتولونه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لهم مغفرة وأجر كبير} قال : كل شيء في القرآن {لهم مغفرة وأجر كبير} ورزق كريم فهو الجنة.
الآية 8
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي قلابة أنه سئل عن هذه الآية {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} أهم عمالنا هؤلاء الذين يصنعون قال : ليس هم ، إن هؤلاء ليس أحدهم يأتي شيئا مما لا يحل له إلا قد عرف إن ذلك حرام عليه ، إن

أتى الزنا فهو حرام أو قتل النفس فهو حرام إنما أولئك أهل الملل ، اليهود والنصارى والمجوس وأظن الخزارج منهم لأن الخارجي يخرج بسيفه على جميع أهل البصرة وقد عرف أنه ليس ينال حاجته منهم وأنهم سوف يقتلونه ولولا أنه من دينه ما فعل ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة والحسن في قوله {أفمن زين له سوء عمله} قال : الشيطان زين لهم - والله - الضلالات {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} أي لا تحزن عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} قال : هذا المشرك {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} كقوله (لعلك باخع نفسك) (الكهف 6).
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} حيث قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اللهم

أعز دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فهدى الله عمر رضي الله عنه وأضل أبا جهل ، ففيهما أنزلت.
الآية 9.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور} قال : أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك يبعث الناس يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه قال : يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق لله في السموات والأرض (إلا ما شاء الله) (الأعلى الآية 7) ثم يرسل الله من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت أجسامهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله رضي الله عنه (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) ويكون بين النفختين ما شاء الله ثم يقوم ملك فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال :

قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال : أما مررت بأرض مجدبة ثم مررت بها مخصبة تهتز خضراء قال : بلى ، قال : كذلك يحيي الله الموتى وكذلك النشور.
الآية 10.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من كان يريد العزة} قال : بعبادة الأوثان {فلله العزة جميعا} قال : فليتعزز بطاعة الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال : إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله ، إن العبد المسلم إذا قال سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله قبض عليهن ملك يضمهن تحت جناحه ثم يصعد بهن إلى السماء فلا يمر

بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن
حتى يجيء بهن وجه الرحمن ثم قرأ {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : ذكر الله {والعمل الصالح يرفعه} قال : أداء الفرائض فمن ذكر الله في أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله فصعد به إلى الله ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه وكلامه على عمله وكان عمله أولى به.
وأخرج آدم بن أبي أياس والبغوي والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه {إليه يصعد الكلم الطيب

والعمل الصالح يرفعه} قال : هو الذي يرفع الكلام الطيب.
وأخرج الفريابي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : الدعاء.
وأخرج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله ويعرض القول على العمل فإن وافقه رفع وإلا رد.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن شهر بن حوشب في الآية قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن سعد قال : إن الرجل ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض الله وقد أضاع ما سواها فما زال الشيطان يمنيه فيها ويزين له حتى ما يرى شيئا دون الجنة فقبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ما تريدون بها فإن كانت خالصة لله فامضوها وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم ولا شيء لكم
فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا فإنه قال تبارك وتعالى {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والعمل الصالح يرفعه} قال : لا يقبل قول إلا بعمل ، وقال الحسن : بالعمل قبل الله.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة رضي الله عنه {والعمل الصالح يرفعه} قال : يرفع الله العمل لصاحبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن الحسن رضي الله عنه

قال : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتخلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال ، من قال حسنا وعمل غير صالح رده الله على قوله ، ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل ذلك لأن الله قال {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه سئل : أتقطع المرأة والكلب والحمار الصلاة فقال {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فما يقطع هذا ولكنه مكروه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : هم أصحاب الرياء وفي قوله {ومكر أولئك هو يبور} قال : الرياء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن شهر بن حوشب في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : يراؤن {ومكر أولئك هو يبور} قال : هم أصحاب

الرياء لا يصعد عملهم.
وأخرج عن ابن زيد في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : هم المشركون {ومكر أولئك هو يبور} قال : بار فلم ينفعهم ولم ينتفعوا به وضرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : يعملون السيئات {ومكر أولئك هو يبور} قال : يفسد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومكر أولئك هو يبور} قال : يهلك فليس له ثواب في الآخرة.
الآية 11.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والله خلقكم من تراب} يعني خلق آدم من تراب {ثم من نطفة} يعني ذريته

(ثم ذكرانا وأناثا) (الشورى الآية 50).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما يعمر من معمر} الآية ، يقول : ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر وقد قضيت له ذلك فإنما ينتهي له الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتب له ، فذلك قوله {ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} يقول : كل ذلك في كتاب عنده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد ، لهذا عمر ولهذا عمر هو أنقص من عمره كل ذلك مكتوب لصاحبه بالغ ما بلغ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} قال : ما من يوم يعمر في الدنيا إلا ينقص من أجله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن

أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} قال : ليس يوم يسلبه من عمره إلا في كتاب كل يوم في نقصان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} إلا في كتاب قال : مكتوب في أول الصحيفة عمره كذا وكذا ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتي على آخر عمره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسان بن عطية في قوله {ولا ينقص من عمره} قال : كل ما ذهب من يوم وليلة فهو نقصان من عمره.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر} إلا كتب الله له أجله في بطن أمه {ولا ينقص من

عمره} يوم تضعه أمه بالغا ما بلغ يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد ، لذا عمر ولذا عمر هو أنقص من عمر هذا وكل ذلك مكتوب لصاحبه بالغا ما بلغ.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : ألا ترى الناس يعيش الإنسان مائة سنة ، وآخر يموت حين يولد فهو هذا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : ليس من مخلوق إلا كتب الله له عمره جملة فكل يوم يمر به أو ليلة يكتب : نقص من عمر فلان كذا وكذا ، حتى يستكمل بالنقصان عدة ما كان له من أجل مكتوب فعمره جميعا في كتاب ونقصانه في كتاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني في الآية قال : لا يذهب من عمر إنسان يوم ولا شهر ولا ساعة إلا ذلك مكتوب محفوظ معلوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أما العمر فمن بلغ ستين سنة.
وَأَمَّا الذي ينقص من عمره فالذي يموت قبل أن يبلغ ستين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر} قال :

في بطن أمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولا ينقص من عمره} قال : ما لفظت الأرحام من الأولاد من غير تمام.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمسة وأربعين
ليلة فيقول : أي رب أشقي أم سعيد أذكر أم أنثى فيقول الله ، ويكتبان ثم يكتب عمله ورزقه وأجله وأثره ومصيبته ثم تنطوي الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص منها.
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم والنسائي وأبو الشيخ عن عبد الله بن مسعود قال : قالت أم حبيبة : اللهم أمتعني بزوجي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فإنك سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة ولن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله

ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب القبر كان خيرا وأفضل.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان في بني إسرائيل أخوان ملكان على مدينتين وكان أحدهما بارا برحمه عادلا على رعيته ، وكان الآخر عاقا برحمه جائرا على رعيته ، وكان في عصرهما نبي فأوحى الله إلى ذلك النَّبِيّ إنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث سنين وبقي من عمر هذا العاق ثلاثون سنة فأخبر النَّبِيّ رعية هذا ورعية هذا فأحزن ذلك رعية العادل وأفرح ذلك رعية الجائر ففرقوا بين الأمهات والأطفال وتركوا الطعام والشراب وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله تعالى أن يمتعهم بالعادل ويزيل عنهم الجائر فأقاموا ثلاثا فأوحى الله إلى ذلك النَّبِيّ : أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم وأجبت دعاءهم فجعلت ما بقي من عمر هذا البار لذلك الجائر وما بقي من عمر الجائر لهذا البار فرجعوا إلى بيوتهم ومات العاق لتمام ثلاث سنين وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير.
الآيات 12 - 13

أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي جعفر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب الماء قال : الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج} قال : الأجاج المر {ومن كل تأكلون لحما طريا} أي منهما جميعا {وتستخرجون حلية تلبسونها} هذا اللؤلؤ {وترى الفلك فيه مواخر} قال : السفن مقبلة ومدبرة تجري بريح واحدة {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} قال : نقصان الليل في زيادة النهار ونقصان النهار في زيادة الليل {وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى} قال : أجل معلوم وحد لا يتعداه ولا يقصر دونه {ذلكم الله ربكم} يقول : هو الذي سخر لكم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن سنان بن سلمة أنه سأل ابن عباس عن ماء البحر فقال : بحران لا يضرك من أيهما توضأت ، ماء البحر وماء الفرات.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن كل تأكلون لحما طريا} قال : السمك {وتستخرجون حلية تلبسونها} قال : اللؤلؤ من البحر الأجاج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما يملكون من قطمير} قال : القطمير القشر وفي لفظ الجلد الذي يكون على ظهر النواة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {من قطمير} قال : الجلدة البيضاء التي على النواة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : لم أنل منهم بسطا ولا زبدا * ولا فوفة ولا قطميرا
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء قال : القطمير الذي بين النواة والتمرة القشر الأبيض.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قطمير} قال : لفافة النواة كسحاة البصلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك في قوله {من قطمير} قال : رأس التمرة يعني القمع.
الآيات 14 - 17.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم} أي ما قبلوا ذلك منكم {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} قال : لا يرضون ولا يقرون به {ولا ينبئك مثل خبير} والله هو الخبير أنه سيكون هذا من أمرهم يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إن تدعوهم لا يسمعوا

دعاءكم} قال : هي الآلهة ، لا تسمع دعاء من دعاها وعبدها من دون الله تعالى {ولو سمعوا ما استجابوا لكم} قال : ولو سمعت الآلهة دعاءكم ما استجابوا لكم بشيء من الخير {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} قال : بعبادتكم إياهم.
الآيات 18 – 26
أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجة عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في حجة الوداع ألا لا يجني جان إلا على نفسه ، لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لأبي : ابنك هذا قال : أي ورب الكعبة قال : أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} قال : إن تدع نفس مثقلة من الخطايا ذا قرابة أو غير

ذي قرابة {لا يحمل} عنها من خطاياها شيء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} يكون عليه وزر لا يجد أحدا يحمل عنه من وزره شيئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} كنحو {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول : يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة فيقول له : يا مؤمن إن لي عندك يدا قد عرفت كيف كنت في الدنيا وقد احتجت إليك اليوم فلا يزال المؤمن يشفع له إلى ربه حتى يرده إلى منزلة دون منزلة وهو في النار ، وأن الوالد يتعلق بولده يوم القيامة فيقول : يا بني أي والد كنت لك فيثني خيرا فيقول : يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى فيقول له ولده : يا أبت

ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت فلا أستطيع أن أعطيك شيئا ، ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة أي زوج كنت لك فتثني خيرا فيقول لها : فإني أطلب إليك حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين ، قالت : ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت ، يقول الله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} ، ويقول الله (يوم لا يجزي والد عن ولده) (لقمان 133) و(يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه) (عيسى 34).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} أي إلى ذنوبها {لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى} قال : قرابة قريبة لا يحمل من ذنوبه شيئا ويحمل عليها غيرها من ذنوبها شيئا {إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب} أي يخشون النار والحساب ، وفي قوله {ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه} أي من عمل عملا صالحا فإنما يعمل لنفسه ، وفي قوله {وما يستوي} ، قال : خلق فضل بعضه على بعض فأما المؤمن فعبد حي الأثر حي البصر حي النية حي العمل ، والكافر عبد ميت الأثر ميت البصر ميت

القلب ميت العمل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وما يستوي الأعمى والبصير} قال : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن يقول : كما لا يستوي هذا وهذا كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما يستوي الأعمى والبصير} قال : الكافر والمؤمن {ولا الظلمات} قال : الكفر {ولا النور}
قال : الإيمان {ولا الظل} قال : الجنة {ولا الحرور} قال : النار {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} قال : المؤمن والكافر {إن الله يسمع من يشاء} قال : يهدي من يشاء.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (فإنك لا تسمع الموتى) (الروم 52) {وما أنت بمسمع من في القبور} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقف على القتلى يوم بدر ويقول : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا يا فلان بن فلان ، ألم تكفر بربك ألم تكذب نبيك ألم تقطع رحمك فقالوا : يا رسول الله أيسمعون ما نقول قال : ما أنتم بأسمع منهم لما أقول ، فأنزل الله (فإنك لا تسمع الموتى) {وما أنت بمسمع من في القبور} ومثل

ضربة الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أنت بمسمع من في القبور} فكذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع ، وفي قوله {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} يقول كل أمة قد كان لها رسول جاءها من الله ، وفي قوله {وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم} قال : يعزي نبيه {جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير} قال : شديد والله لقد عجل لهم عقوبة الدنيا ثم صيرهم إلى النار.
الآيات 27 - 28.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها} قال : أحمر وأصفر {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها} أي جبال حمر {وغرابيب سود} والغرابيب السود يعني لونه كما
اختلفت ألوان هذه الجبال

وألوان الناس والدواب والأنعام كذلك {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : كان يقال كفى بالرهبة علما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثمرات مختلفا ألوانها} قال : الأبيض والأحمر والأسود وفي قوله {ومن الجبال جدد بيض} قال : طرائق بيض يعني الألوان.
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال أيصبغ ربك قال نعم ، صبغا لا ينقض ، أحمر ، وأصفر ، وأبيض.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {جدد} قال : طرائق ، طريقة بيضاء وطريقة خضراء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : قد غادر السبع في صفحاتها جددا * كأنها طرق لاحت على أكم.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن الجبال

جدد بيض} قال : طرائق بيض {وغرابيب سود} قال : جبال سود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الغرابيب الأسود الشديد السواد.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {مختلفا ألوانها} قال : منها الأحمر والأبيض والأخضر والأسود وكذلك ألوان الناس منهم الأحمر والأسود والأبيض وكذلك الدواب والأنعام.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {ومن الجبال جدد} قال : طرائق تكون في الجبل بيض وحمر فتلك الجدد {وغرابيب سود} قال : جبال سود {ومن الناس والدواب والأنعام} ، قال : كذلك اختلاف الناس والدواب والأنعام كاختلاف الجبال ، ثم قال {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فلا فضل لما قبلها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ومن الجبال جدد بيض} قال : طرائق مختلفة كذلك اختلاف ما ذكر من اختلاف ألوان الناس والدواب

والأنعام كذلك كما اختلفت هذه الأنعام تختلف الناس في خشية الله كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الخشية والإيمان
والطاعة والتشتت في الألوان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : العلماء بالله الذين يخافونه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم من كثرة الحديث ولكن العلم من الخشية.

وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : العالم من خشي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن صالح أبي الخليل رضي الله عنه في قوله {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : أعلمهم بالله أشدهم له خشية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي حيان التيمي عن رجل قال : كان يقال العلماء ثلاثة ، عالم بالله وعالم بأمر الله وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله ، فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض ، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية إنما العلم نور يقذفه الله في القلب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الإيمان من خشي الله بالغيب ورغب فيما رغب الله فيه وزهد فيما أسخط الله ، ثم تلا {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق قال : كفى بالمرء علما أن يخشى الله

وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كفى بخشية الله علما وكفى باغترار المرء جهلا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الفقيه من يخاف الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن العباس العمي قال : بلغني أن داود عليه السلام قال : سبحانك تعاليت فوق عرشك وجعلت خشيتك على من في السموات والأرض فأقرب خلقك إليك أشدهم لك خشية وما علم من لم يخشك وما حكمة من لم يطع أمرك.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العلم علمان ، علم في القلب فذاك العلم النافع ، وعلم على

اللسان فتلك حجة الله على خلقه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : بحسب المرء من العلم أن يخشى الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس يفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائنا إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخلطون وبخشوعه إذا الناس يختالون وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخابا ولا صياحا ولا حديدا.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : أقبلت مع

عكرمة أقود ابن عباس رضي الله عنهما بعدما ذهب بصره حتى دخل المسجد الحرام فإذا قوم يمترون في حلقة لهم عند باب بني شيبة فقال : أمل بي إلى حلقة المراء فانطلقت به حتى أتاهم فسلم عليهم فأرادوه على الجلوس فأبى عليهم وقال : انتسبوا إلي أعرفكم فانتسبوا إليه فقال : أما علمتم أن لله عبادا أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم إنهم لهم الفصحاء النطقاء النبلاء العلماء بأيام الله غير أنهم إذا ذكروا عظمة الله طاشت عقولهم من ذلك وانكسرت قلوبهم وانقطعت ألسنتهم حتى إذا استقاموا من ذلك سارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية فأين أنتم منهم ثم تولى عنهم فلم ير بعد ذلك رجلان.
وأخرج الخطيب فيه أيضا عن سعيد بن المسيب قال : وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثماني عشرة كلمة حكم كلها قال : ما عاقبت من عصى الله فيك مثل أن تطيع الله فيه وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا أنت تجد لها في الخير محملا ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به ، من كتم سره كانت الخيرة في يده وعليك بأخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء عدة في البلاء

وعليك بالصدق وإن قتلك ولا تعرض فيما لا يعني ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغلا عما لم يكن ولا تطلب حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك ولا تهاون بالحلف الكاذب فيهلكك الله ولا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله وتخشع عند القبور وذل عند الطاعة واستعصم عند المعصية واستشر الذين يخشون الله فإن الله تعالى يقول (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العالم والعابد فقال : فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، ثم تلا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ثم قال إن الله وملائكته وأهل السماء وأهل الأرض والنون في البحر ليصلون على معلمي الخير).
الآيات 29 - 31.
أَخرَج عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن ابن عباس ، أن حصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزلت فيه {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة} الآية.

وأخرج
عبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يرجون تجارة لن تبور} قال : الجنة {لن تبور} لا تبيد {ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} قال : هو كقوله (ولدينا مزيد) (طه 35) {إنه غفور} قال : لذنوبهم {شكور} لحسناتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يرجون تجارة لن تبور} قال : لن تهلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة} ، قال كان مطرف بن عبد الله يقول : هذه آية القراء.
الآيات 32 - 36.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ورثهم الله كل كتاب أنزل فظالمهم مغفور له ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا وسابقهم يدخل

الجنة بغير حساب.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
وابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : في هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} قال : هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة.
وأخرج الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} فأما الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة بغير حساب.
وَأَمَّا الذين اقتصدوا فأولئك الذين يحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين

ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلقاهم الله برحمة فهم الذين يقولون {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} قال البيهقي : إن أكثر الروايات في حديث ظهر أن للحديث أصلا.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم ، وَابن مردويه عن عقبة بن صهبان قلت لعائشة : أرأيت قول الله {ثم أورثنا الكتاب} ، قالت : أما السابق فقد مضى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالجنة.
وَأَمَّا المقتصد فمن اتبع أمرهم فعمل بمثل أعمالهم حتى يلحق بهم.
وَأَمَّا الظالم لنفسه فمثلي ومثلك ومن اتبعنا ، وكل في الجنة.
وأخرج الطبراني والبيهقي في البعث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق

بالخيرات} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلهم من هذه الأمة وكلهم في الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمتي ثلاثة أثلاث ، فثلث يدخلون الجنة بغير حساب ، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة ، وثلث يمحصون ويكسفون ثم تأتي الملائكة فيقولون : وجدناهم يقولون : لا إله إلا الله وحده فيقول الله : أدخلوهم الجنة بقولهم لا إله إلا الله وحده واحملوا خطاياهم على أهل التكذيب وهي التي قال الله وليحملن أثقالهم وأثقالا
مع أثقالهم وتصديقا في التي ذكر الملائكة قال الله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} فجعلهم ثلاثة أنواع {فمنهم ظالم لنفسه} فهذا الذي يكسف ويمحص !

{ومنهم مقتصد} وهو الذي يحاسب حسابا يسيرا {ومنهم سابق بالخيرات} فهو الذي يلج الجنة بغير حساب ولا عذاب بإذن الله ، يدخلونها جميعا لم يفرق بينهم {يحلون فيها من أساور من ذهب} إلى قوله {لغوب}.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : هذه الآية ثلاثة أثلاث يوم القيامة ، ثلث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا وثلث يحبسون بذنوب عظام إلا أنهم لم يشركوا ، فيقول الرب (أدخلوا هؤلاء في سعة رحمتي) ثم قرأ {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية قال : ألا أن سابقنا سابق ومقتصنا ناج وظالمنا مغفور له.
وأخرج العقيلي ، وَابن لال ، وَابن مردويه والبيهقي من

وجه آخر عن عمر بن الخطاب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سابقنا سابق ومتقصدنا ناج وظالمنا ناج وظالمنا مغفور له وقرأ عمر {فمنهم ظالم لنفسه}.
وأخرج ابن النجار عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب ، والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عثمان بن عفان : أنه نزع بهذه الآية قال : إن سابقنا أهل جهاد ، ألا وأن مقتصدنا ناج أهل حضرنا ألا وأن ظالمنا أهل بدونا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} قال : أشهد على الله أنه يدخلهم

الجنة جميعا.
وأخرج الفريابي ، وَابن مردويه عن البراء قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية
{ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال : كلهم ناج وهي هذه الأمة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب} ، قال : هي مثل الذي في الواقعة (فأصحاب الميمنة) (وأصحاب المشئمة) (والسابقون) صنفان ناجيان وصنف هالك.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} ، قال {ظالم لنفسه} هو الكافر والمقتصد أصحاب اليمين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي عن كعب الأحبار أنه تلا هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} إلى قوله {لغوب} قال : دخلوها ورب الكعبة وفي لفظ قال :

كلهم في الجنة ، ألا ترى على أثره (والذين كفروا لهم نار جهنم) فهؤلاء أهل النار فذكر ذلك للحسن فقال : أبت ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنة فقال مسورون بالذهب والفضة مكللة بالدر وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة وعليهم تاج كتاج الملوك جرد مرد مكحلون.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن حذيفة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يبعث الله الناس على ثلاثة أصناف وذلك في قول الله {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} فالسابق بالخيرات يدخل الجنة بلا حساب والمقتصد يحاسب حسابا يسيرا والظالم لنفسه يدخل الجنة برحمة الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب} قال : جعل الله أهل الإيمان على ثلاثة منازل

كقوله (أصحاب الشمال ما أصحاب الشمال) (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) (والسابقون السابقون) (أولئك المقربون) (الواقعة 8 - 11) فهم على هذا المثال.
وأخرج ابن مردويه عن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} قال : الكافر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فمنهم ظالم لنفسه} قال : هذا المنافق {ومنهم مقتصد} قال : هذا صاحب اليمين {ومنهم سابق بالخيرات} قال : هذا المقرب قال قتادة : كان الناس ثلاث منازل عند الموت وثلاث منازل في الدنيا وثلاث منازل في الآخرة ، فأما الدنيا فكانوا مؤمن ومنافق ومشرك.
وَأَمَّا عند الموت فإن الله قال : (فأما إن كان من المقربين) (الواقعة 88) (وأما إن كان من أصحاب اليمين) (الواقعة 90) (وأما إن كان من المكذبين الضالين) (الواقعة 92).
وَأَمَّا الآخرة فكانوا أزواجا ثلاثة (فأصحاب الميمنة) (وأصحاب المشئمة) (والسابقون السابقون أولئك المقربون).
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن الحسن {فمنهم ظالم لنفسه} قال : هو المنافق سقط والمقتصد والسابق بالخيرات في

الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي عن عبيد بن عمير في الآية قال : كلهم صالح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن صالح أبي الخليل قال : قال كعب يلومني أحبار بني إسرائيل : إني دخلت في أمة فرقهم الله ثم جمعهم ثم أدخلهم الجنة ثم تلا هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} حتى بلغ {جنات عدن يدخلونها} قال : قال فأدخلهم الله الجنة جميعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : العلماء ثلاثة ، منهم عالم لنفسه ولغيره فذلك أفضلهم وخيرهم ، ومنهم عالم لنفسه محسن ، ومنهم عالم لا لنفسه ولا لغيره فذلك شرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مسلم الخولاني قال : قرأت في كتاب الله إن هذه الأمة تصنف يوم القيامة على ثلاثة أصناف ، صنف منهم يدخلون الجنة بغير حساب ، وصنف يحاسبهم الله حسابا يسيرا ويدخلون الجنة ، وصنف يوقفون ويؤخذ منهم ما شاء الله ثم يدركهم عفو الله وتجاوزه.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب في قوله {جنات عدن يدخلونها} قال : دخلوها ورب الكعبة فأخبر الحسن بذلك فقال : أبت والله ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن
الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} ، نجوا كلهم ثم قال : تحاكت مناكبهم ورب الكعبة ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن الحنفية قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم تعطها أمة كانت قبلها {فمنهم ظالم لنفسه} مغفور له {ومنهم مقتصد} في الجنان {ومنهم سابق} بالمكان الأعلى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه} قال : هم أصحاب المشئمة {ومنهم مقتصد} قال : هم أصحاب الميمنة {ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} قال : هم السابقون من الناس كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ذلك هو الفضل الكبير} قال : ذاك من نعمة الله.

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تلا قول الله {جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا} فقال : إن عليهم التيجان ، إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أهل الجنة حين دخلوا الجنة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : هم قوم كانوا في الدنيا يخافون الله ويجتهدون له في العبادة سرا وعلانية وفي قلوبهم حزن من ذنوب قد سلفت منهم فهم خائفون أن لا يتقبل منهم هذا الاجتهاد من الذنوب التي سلفت ، فعندها {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} غفر لنا العظيم وشكر لنا القليل من أعمالنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزن النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذي أذهب عنا الحزن} قال : ما كانوا يعملون.

وأخرج الحاكم وأبو نعيم ، وَابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المهاجرون هم السابقون المدلون على ربهم والذي نفس محمد بيده أنهم ليأتون يوم القيامة على عواتقهم السلاح فيقرعون باب الجنة فتقول لهم الخزنة من أنتم فيقولون : نحن المهاجرون فتقول لهم الخزنة : هل حوسبتم فيجثون على ركبهم ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون : أي رب أبهذه نحاسب قد خرجنا وتركنا الأهل والمال والولد فيمثل الله لهم أجنحة من ذهب مخوصة بالزبرجد والياقوت فيطيرون حتى يدخلوا الجنة فذلك قوله {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} إلى قوله {ولا يمسنا فيها لغوب} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دخلوا الجنة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزنهم هو الحزن.

وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : الجوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : طلب الخبز في الدنيا فلا نهتم له كاهتمامنا له في الدنيا طلب الغداء والعشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : ينبغي لمن يحزن أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} وينبغي لمن يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم (قالوا أنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) (الطور الآية 26).
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزن الطعام {إن ربنا لغفور شكور} قال : غفر لهم الذنوب التي عملوها وشكر لهم الخير الذي دلهم عليه فعملوا به فأثابهم عليه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رافع رضي الله عنه قال : يأتي يوم القيامة العبد
بدواوين ثلاث ، بديوان فيه النعم ، وديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه حسناته ، فيقال لأصغر نعمة عليه : قومي فاستوفي ثمنك من حسناته فتقوم فتستوهب تلك النعمة حسناته كلها وتبقى بقية النعم عليه وذنوبه كاملة ، فمن ثم يقول العبد إذا أدخله الله الجنة {إن ربنا لغفور شكور}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن ربنا لغفور شكور} يقول {غفور} لذنوبهم {شكور} لحسناتهم {الذي أحلنا دار المقامة من فضله} قال : أقاموا فلا يتحولون ولا يحولون {لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} قال : قد كان القوم ينصبون في الدنيا في طاعة الله وهم قوم جهدهم الله قليلا ثم أراحهم كثيرا فهنيئا لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله إن النوم مما يقر الله به أعيننا في الدنيا فهل في الجنة من نوم قال : لا إن النوم شريك الموت وليس في الجنة موت قال : يا رسول الله فما راحتهم فأعظم ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال : ليس فيها لغوب كل أمرهم راحة فنزلت {لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها

لغوب}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {لا يمسنا فيها نصب} أي وجع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لغوب} قال : إعياء.
الآيات 37 - 38.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهم يصطرخون فيها} قال : يستغيثون فيها.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : ستين سنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه

والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة قيل : أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعذر الله إلى امرى ء أخر عمره حتى بلغ ستين سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني والروياني في الأمثال والحاكم ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.

وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في الآية قال : العمر الذي عمرهم الله به ، ستون سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الأمثال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من عمره الله ستين سنة أعذر إليه في العمر ، يريد {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}.
وأخرج الترمذي ، وَابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : العمر ستون سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : هو ست وأربعون سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أولم

نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : أربعين سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
اعلموا أن طول العمر حجة فنعوذ بالله أن نعير بطول العمر ، قال : نزلت وإن فيهم لابن ثمان عشرة سنة ، وفي قوله {وجاءكم النذير} قال : احتج عليهم بالعمر والرسل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ (هذا نذير من النذر الأولى) (النجم 56).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : الشيب.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجاءكم النذير} قال : الشيب.
الآيات 39 - 40.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال : أمة بعد أمة.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال : أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن ، وفي قوله {أروني ماذا خلقوا من الأرض} قال : لا شيء والله خلقوا منها ، وفي قوله {أم لهم شرك في السماوات}
قال : لا والله ما لهم فيهما من شرك {أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه} يقول : أم آتيناهم كتابا فهو يأمرهم أن لا يشركوا بي.
الآية 41.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : وقع في نفس موسى عليه السلام هل ينام الله عز وجل فأرسل الله ملكا إليه فارقه ثلاثا وأعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يتحفظ بهما فجعل ينام وتكاد يداه يلتقيان ثم يستيقظ فيحبس أحداهما عن الأخرى حتى نام نومة فاصطقت يداه وانكسرت القارورتان قال : ضرب الله له مثلا

أن الله تبارك وتعالى لو كان ينام ما كان يمسك السماء ولا الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خرشة بن الحر رضي الله عنه قال : حدثني عبد الله بن سلام أن موسى عليه السلام قال : يا جبريل هل ينام ربك فقال جبريل : يا رب إن عبدك موسى يسألك هل تنام فقال الله : يا جبريل قل له فليأخذ بيده قارورتين وليقم على الجبل من أول الليل حتى يصبح فقام على الجبل وأخذ قارورتين فصبر فلما كان آخر الليل غلبته عيناه فسقطتا فانكسرتا فقال : يا جبريل انكسرت القارورتان فقال الله : يا جبريل قل لعبدي إني لو نمت لزالت السموات والأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق عن عكرمة قال : أسر موسى عليه السلام إلى الملائكة هل ينام رب العزة قال : فسهر موسى أربعة أيام ولياليهن ثم قام على المنبر يخطب ورفع إليه القارورتين في كل يد قارورة وأرسل الله عليه النعاس وهو يخطب إذ أدنى يده من الأخرى وهو يضرب القارورة

على الأخرى ففزع ورد يده ثم خطب ثم أدنى يده فضرب بها على الأخرى ففزع ثم قال : (لا إله إلا الله الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) قال عكرمة : السنة التي يضرب برأسه وهو جالس والنوم الذي يرقد.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه ، أن موسى عليه السلام قال له قومه : أينام ربك قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين فأوحى الله إلى موسى أن خذ قارورتين فاملأهما ماء ، ففعل فنعس فنام فسقطتا من يده فانكسرتا فأوحى الله إلى موسى أني أمسك السموات والأرض أن تزولا ولو نمت لزالتا قال البيهقي رضي الله عنه هذا أشبه أن يكون هو المحفوظ.
وأخرج الطبراني في كتاب السنة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل ينام ربنا الخ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف أن يسطو عليك فقل : الله أكبر ألله

أعز من خلقه جميعا الله أعز مما أخاف وأحذر أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والأنس ، اللهم كن لي جارا من شرهم ، جل ثناؤك وعز جارك وتبارك اسمك ولا إله غيرك ، ثلاث مرات.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد إذا دخل بيته وأوى إلى فراشه ابتدره ملكه وشيطانه ، يقول شيطانه : أختم بشر ، ويقول الملك : أختم بخير ، فإن ذكر الله وحده طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه وإن هو انتبه من منامه ابتدره ملكه وشيطانه ، يقول له الشيطان : افتح بشر ، ويقول الملك : افتح بخير ، فإن هو قال الحمد لله الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي {يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا} وقال الحمد لله الذي (يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم) (الحج الآية 56) قال : فإن خرج من فراشه فمات كان شهيدا وإن قام يصلي صلى).

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرض على حوت
والسلسلة على أذن الحوت في يد الله تعالى فذلك قوله {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} قال : من مكانهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أن كعبا كان يقول : إن السماء تدور على نصب مثل نصب الرحا ، فقال حذيفة بن اليمان : كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن شقيق قال : قيل لابن مسعود إن كعبا يقول : أن السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحا في عمود على منكب ملك فقال : كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} وكفى بها زوالا أن تدور.

من آية 42 - 45.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن أبي هلال أنه بلغه أن قريشا كانت تقول : إن الله بعث منا نبيا ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد تمسكا بكتابها منا ، فأنزل الله (لو أن عندنا ذكرا من الأولين) (الصفات 168) (ولو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم) (الأنعام 157) {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم}
وكانت اليهود تستفتح به على الأنصار فيقولون : إنا نجد نبيا يخرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {فلما جاءهم نذير} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء} وهو الشرك {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} أي الشرك {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال : عقوبة الأولين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} قال : قريش {ليكونن أهدى من إحدى الأمم} قال : أهل الكتاب ، وفي قوله تعالى {ومكر السيء} قال : الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب

قال : ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به ، من مكر أو بغي أو نكث ، ثم قرأ {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم {يونس} ومن نكث فإنما ينكث على نفسه {الفتح}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والمكر السيء فإنه {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ولهم من الله طالب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال : هل ينظرون إلا أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأولين من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما كان الله ليعجزه} قال : لن يفوته ، قوله تعالى {ولو يؤاخذ الله الناس}.
وأخرج الفريابي ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : إن كان الجعل ليعذب في جحره من ذنب ابن آدم ثم قرأ {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} والله أعلم.

* بسم الله الرحمن الرحيم * (36)- سورة يس.
مكية وآياتها ثلاث وثمانون.
مقدمة سورة يس.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة يس بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة يس بمكة.
وأخرج الدارمي والترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء قلبا وقلب القلب (يس) ومن قرأ (يس) كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات.
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن (يس).

وأخرج الدارمي وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر الله له تلك الليلة.
وأخرج ابن حبان عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له.
وأخرج الدارمي عن الحسن قال : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له وقال : بلغني أنها تعدل القرآن كله.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ومحمد بن نصر ، وَابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن معقل بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يس قلب القرآن لا يقرأها عبد يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه فاقرأوها على موتاكم.

وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
سورة (يس) تدعى في التوراة (المعمة) تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة ، وتدعى (المدافعة القاضية) تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة ، من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة ونزعت عنه كل غل وداء قال البيهقي تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن رفاع الجندي وهو منكر.
وأخرج الخطيب من حديث أنس ، مثله.

وأخرج الخطيب عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع سورة (يس) عدلت له عشرين دينارا في سبيل الله ومن قرأها عدلت له عشرين حجة ومن كتبها وشربها أدخلت جوفه ألف يقين وألف نور وألف بركة وألف رحمة وألف رزق ونزعت منه كل غل وداء.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي عثمان النهدي قال أبو برزة : من قرأ (يس) مرة فكأنما قرأ القرآن عشر مرات وقال أبو سعيد : من قرأ (يس) مرة فكأنما قرأ القرآن مرتين قال أبو برزة : تحدث أنت بما سمعت وأحدث أنا بما سمعت.
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي يعني (يس).
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من داوم على قراءة (يس) كل ليلة ثم مات مات شهيدا.

وأخرج الدارمي عن عطاء بن أبي رباح قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ (يس) في صدر النهار قضيت حوائجه.
وأخرج الدارمي عن ابن عباس قال : من قرأ يس حين يصبح أعطى يسر يومه حتى يمسي ومن قرأها في صدر ليله أعطى يسر ليله حتى يصبح.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من ميت يقرأ عنده (يس) إلا هون الله عليه.
وأخرج أبو الشيخ في فضائل القرآن والديلمي من حديث أبي ذر ، مثله.
وأخرج ابن سعد وأحمد في مسنده عن صفوان بن عمرو قال : كانت المشيخة يقولون : إذا قرأت (يس) عند الميت خفف عنه بها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي قلابة قال : من قرأ (يس) غفر له ومن قرأها عند طعام خاف قلته كفاه ومن قرأها عند ميت هون عليه ومن قرأها عند امرأة عسر عليها ولدها يسر عليها ومن قرأها فكأنما

قرأ القرآن إحدى عشرة مرة ولكل شيء قلب وقلب القرآن (يس) قال البيهقي : هكذا نقل إلينا عن أبي قلابة وهو من كبار التابعين ولا يقول ذلك إن صح عنه إلا بلاغا.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي جعفر محمد بن علي قال : من وجد في قلبه قسوة فليكتب (يس والقرآن الحكيم) في جام من زعفران ثم يشربه.
وأخرج سعيد بن منصور من طريق سماك بن حرب عن رجل من أهل المدينة عمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الغداة ، فقرأ (بقاف والقرآن المجيد) (سورة ق الآية 1) و(يس والقرآن الحكيم) (سورة يس الآية 1).
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) فكأنما قرأ القرآن عشر مرات.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل شيء قلب وقلب القرآن (يس) ومن قرأ (يس) فكأنما قرأ القرآن عشر مرات.
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة وأنس ، مثله.
وأخرج ابن سعد عن عمار بن ياسر ، أنه كان يقرأ كل يوم جمعة على المنبر (يس) .

وأخرج ابن الضريس عن يحيي بن أبي كثير قال : من قرأ " يس " إذا أصبح لم يزل في فرح ختى يمشي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح ، أخبرنا من جرب ذلك قال : هي قلب القرآن.
وَأخرَج ابن الضريس عن جعفر قال : قرأ سعيد بن جبير على رجل مجنون سورة "يس" فبرأ.
وَأخرَج أبو الشيخ في " العظمة" عن محمد بن سهل المقرىء عن أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمرو الدباغ عن أبيه قال : سلكت طريقا فيه غول فإذا امرأة عليها ثياب معصفرة على سرير وقناديل وهي تدعوني ، فلما رأيت ذلك أخذت في قرأءة "يس" فطفئت قناديلها ، وهي تقول : يا عبدالله ما صنعت بي ، ياعبدالله ما صنعت بي . منها . قال المقرىء : فلا يصيبكم شىء من خوف أو مطالبة من سلطان أو عدو إلا قرأتم "يس" فإنه يدفع عنكم بها ..
وأخرج محمد بن عثمان ، وَابن أبي شيبة في تاريخه والطبراني ، وَابن عساكر عن خريم بن فاتك قال : خرجت في طلب ابل لي وكنا إذا نزلنا بواد نقول : نعوذ بعزيز هذا الوادي فتوسدت ناقة وقلت : أعوذ بعزيز هذا الوادي فإذا هاتف يهتف بي ويقول :

ويحك عذ بالله ذي الجلال * منزل الحرام والحلال ووحد الله ولا تبالي * ما كيد ذا الجن من الأهوال إذ يذكر الله على الأميال * وفي سهول الأرض والجبال وصار كيد الجن في سفال * إلا التقى وصالح الأعمال
فقلت له : أيها القائل ما تقول * أرشد عندك أم تضليل فقال : هذا رسول الله ذا الخيرات * جاء بياسين وحاميمات وسور بعد مفصلات * يأمر بالصلاة والزكاة ويزجر الأقوام عن هنات * فذاك في الأنام نكرات فقلت له : من أنت قال : ملك من ملوك الجن بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جن نجد ، قلت : أما كان لي من يؤدي إبلي هذه إلى أهلي ، لآتيه حتى أسلم قال : فأنا أؤديها فركبت بعيرا منها ثم تقدمت فإذا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على المنبر فلما رآني قال : ما فعل الرجل الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك أما إنه قد أداها سالمة.

وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح ب {يس}.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زار قبر والديه أو أحدهما في كل جمعة فقرأ عندها (يس) غفر الله له بعدد كل حرف منها.
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله يدعى صاحبها الشريف عند الله يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر ، وهي سورة {يس}.
وأخرج الترمذي والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب يا رسول الله إن القرآن ينفلت من صدري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته قال : نعم بأبي أنت وأمي قال : صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ويس ، وفي الثانية بفاتحة الكتاب

(وحم) الدخان ، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب (وألم تنزيل) السجدة ، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب (وتبارك) المفصل ، فإذا فرغت من التشهد فأحمد الله وأثن عليه وصل على النبيين واستغفر للمؤمنين ثم قل : اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني ما لا أتكلف ما لا
يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني وأسألك أن تنور بالكتاب بصري وتطلق به لساني وتفرج به عن قلبي وتشرح به صدري وتستعمل به بدني وتقويني على ذلك وتعينني عليه ، فإنه لا يعينني على الخير غيرك ولا يوفق له إلا أنت فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله ، وما أخطأ مؤمنا قط فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد سبع جمع فأخبره بحفظه القرآن والحديث فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مؤمن ورب الكعبة علم أبا حسن علم أبا حسن.
الآيات 1 - 11.
أَخْرَج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال {يس} محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي لفظ قال : يا محمد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن محمد بن

الحنفية في قوله {يس} قال : يا محمد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {يس} قال : يا إنسان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وعكرمة والضحاك ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يس} قال : يا إنسان بالحبشية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أشهب قال : سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى بيس فقال : ما أراه ينبغي لقوله {يس والقرآن الحكيم} يقول : هذا اسمي تسميت به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله الله {يس والقرآن الحكيم} قال : يقسم الله بما يشاء ثم نزع بهذه الآية {سلام على إل ياسين} الصافات 130 كأنه يرى أنه سلم على رسوله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي كثير في قوله {يس والقرآن الحكيم} قال : يقسم بألف عالم {إنك لمن المرسلين}.
وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار في قوله {يس} قال : هذا قسم أقسم به ربك قال يا محمد إنك لمن المرسلين قبل أن أخلق الخلق بألفي عام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} قال : أقسم كما تسمعون أنه {لمن المرسلين على صراط مستقيم} أي على الإسلام {تنزيل العزيز الرحيم} قال : هو القرآن {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} قال : قريش لم يأت العرب رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم يأتهم ولا آباءهم رسول قبله.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} قال : قد أنذر آباؤهم .

وأخرج ابن جرير عن قتادة : (لتنذر قوما ما أنذر أباؤهم) قال: قال بعضهم {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} ما أنذر الناس من قبلهم وقال بعضهم {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} أي هذه الأمة لم يأتهم نذير حتى جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لقد حق القول على أكثرهم} قال : سبق في علمه.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة حتى تأذى به ناس من قريش حتى قاموا ليأخذوه وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم وإذا هم لا يبصرون فجاؤا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ذلك عنهم ، فنزلت {يس والقرآن الحكيم}
إلى قوله {أم لم تنذرهم لا يؤمنون} قال : فلم يؤمن من ذلك النفر أحد.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا لأفعلن ، ولأفعلن ، فنزلت {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} إلى قوله {لا يبصرون} فكانوا يقولون : هذا محمد فيقول : أين هو أين هو ، لا يبصره.

وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا} قال : كفار قريش غطاء {فأغشيناهم} يقول : ألبسنا أبصارهم {فهم لا يبصرون} النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيؤذونه وذلك أن ناسا من بني مخزوم تواطؤا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ، منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة ، فبينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يسمعون قراءته فأرسلوا إليه الوليد ليقتله فانطلق حتى أتى المكان الذي يصلي فيه فجعل يسمع قراءته ولا يراه فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك فأتوه فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه سمعوا قراءته فيذهبون إليه فيسمعون أيضا من خلفهم فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا ، فذلك قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن محمد بن كعب القرظي قال : اجتمع قريش ، وفيهم أبو جهل على باب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا على بابه : إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم وبعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار

تحرقون فيها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده قال : نعم ، أقول ذلك وأنت أحدهم وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات {يس والقرآن الحكيم} إلى قوله {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات فلم يبق رجل إلا وضع على رأسه ترابا فوضع كل رجل منهم يده على رأسه وإذا عليه تراب فقالوا : لقد كان صدقنا الذي حدثنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {الأغلال} ما بين الصدر إلى الذقن {فهم مقمحون} كما تقمح الدابة باللجام.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه قرأ {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {مقمحون} قال : مجموعة أيديهم إلى أعناقهم تحت الذقن.

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {مقمحون} قال المقمح : الشامخ بأنفه المنكس برأسه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : ونحن على جوانبها قعود * نغض الطرف كالإبل القماح.
وَأخرَج الخرائطي في مساوى ء الأخلاق عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} قال : البخل ، أمسك الله أيديهم عن النفقة في سبيل الله {فهم لا يبصرون}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} قال : في بعض القراءآت إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) قال : مغلولون عن كل خير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فهم مقمحون} قال : رافعوا رؤوسهم وأيديهم موضوعة على أفواههم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن

خلفهم سدا برفع السين فيهما {فأغشيناهم} بالغين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمعت قريش بباب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينتظرون خروجه ليؤذوه فشق ذلك عليه فأتاه جبريل بسورة {يس} وأمره بالخروج عليهم فأخذ كفا من تراب وخرج وهو يقرأوها ويذر التراب على رؤوسهم فما رأوه حتى جاز فجعل أحدهم يلمس رأسه فيجد التراب وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم قالوا : ننتظر محمدا فقال : لقد رأيته داخلا المسجد قالوا : قوموا فقد سحركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا : ائت هذا الرجل فقل له إن قومك يقولون : إنك جئت بأمر عظيم ولم يكن عليه آباؤنا ولا يتبعك عليه أحلامنا وإنك إنما صنعت هذا أنك ذو حاجة
فإن كنت تريد المال فإن قومك سيجمعون لك ويعطونك فدع ما تريد

وعليك بما كان عليه آباؤك فانطلق إليه عتبة فقال له : الذي أمروه فلما فرغ من قوله وسكت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم) (فصلت 1 - 2) فقرأ عليه من أولها حتى بلغ (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) (فصلت 13) فرجع عتبة فأخبرهم الخبر فقال : لقد كلمني بكلام ما هو بشعر ولا بسحر وإنه لكلام عجيب ما هو بكلام الناس فوقعوا به وقالوا نذهب إليه بأجمعنا فلما أرادوا ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمدهم حتى قام على رؤوسهم وقال بسم الله الرحمن الرحيم {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} فضرب الله بأيديهم على أعناقهم فجعل من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأخذ ترابا فجعله على رؤوسهم ثم انصرف عنهم ولا يدرون ما صنع بهم فعجبوا وقالوا : ما رأينا أحدا قط أسحر منه أنظروا ما صنع بنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ائتمر ناس من قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم ليسطوا عليه فجاؤا يريدون ذلك فجعل الله {من بين أيديهم سدا} قال : ظلمة {ومن خلفهم سدا} قال : ظلمة {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} قال : فلم يبصروا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : كان

ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم لبعض : لو قد رأيت محمدا لفعلت به كذا وكذا فأتاهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهم في حلقة في المسجد فوقف عليهم فقرأ {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {لا يبصرون} ثم أخذ ترابا فجعل يذره على رؤوسهم فما يرفع إليه رجل طرفه ولا يتكلم كلمة ثم جاوز النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم والله ما سمعنا والله ما أبصرنا والله ما عقلنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا} قال : عن الحق {فهم} يترددون {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} هدى ولا ينتفعون به.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : جعل هذا السد
بينهم وبين الإسلام والإيمان فلم يخلصوا إليه ، وقرأ {وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} من منعه الله لا يستطيع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا بنصب السين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة أنه قرأ {فأغشيناهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إنما تنذر من اتبع الذكر} قال : اتباع الذكر اتباع القرآن {وخشي الرحمن بالغيب} قال : خشي عذاب الله وناره {فبشره بمغفرة وأجر كريم} قال : الجنة.
الآية 12.
أَخرَج عبد الرزاق والترمذي وحسنه والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال : كان بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه يكتب

آثاركم ثم قرأ عليهم الآية فتركوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : الخطا.
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنصار منازلهم بعيدة من المسجد فأرادوا أن ينتقلوا قريبا من المسجد فنزلت {ونكتب ما قدموا وآثارهم} فقالوا : بل نمكث مكاننا.
وأخرج مسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : إن بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم ويتحولوا قريبا من المسجد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بني سلمة دياركم نكتب آثاركم.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ، وَابن مردويه عن أنس قال : أراد بنو سلمة أن يبيعوا دورهم ويتحولوا قريب المسجد فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكره أن تعرى المدينة فقال يا بني سلمة أما تحبون أن تكتب آثاركم إلى المسجد

قالوا : بلى ، فأقاموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : هذا في الخطو يوم الجمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب قال : كان رجل ما يعلم من أهل المدينة ممن يصلي القبلة أبعد منزلا منه من المسجد فكان يشهد الصلاة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقيل له لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء والظلمات فقال والله ما يسرني أن منزلي بلصق المسجد فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال : يا رسول الله كيما يكتب أثري وخطاي ورجوعي إلى أهلي وإقبالي وإدباري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطاك الله ذلك كله وأعطاك ما احتسبت أجمع.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حين يخرج أحدكم من منزله إلى منزل رجل يكتب له حسنة ويحط

عنه سيئة).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق قال : ما خطا رجل خطوة إلا كتب الله له حسنة أو سيئة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ونكتب ما قدموا} قال : أعمالهم {وآثارهم} قال : خطاهم بأرجلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : لو كان مغفلا شيئا من أثر ابن آدم لأغفل هذا الأثر التي تعفها الرياح ولكن أحصر على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصي هذا الأثر فيما هو في طاعة الله أو معصيته فمن استطاع منكم أن

يكتب أثره في طاعة الله فليفعل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : ما سنوا من سنة فعملوا بها من بعد موتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا} قال : ما قدموا من خير {وآثارهم} قال : ما أورثوا من الضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيء ، ثم تلا هذه الآية {ونكتب ما قدموا وآثارهم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله !

{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : أم الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : كل شيء من إمام عند الله محفوظ يعني في كتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم رضي الله عنه {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : كتاب.
الآيات 13 – 27
أخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية} قال : هي أنطاكية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة {أصحاب القرية} قال : أنطاكية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال : أنطاكية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال : ذكر لنا أنها قرية من قرى الروم بعث عيسى بن مريم إليها رجلين فكذبوهما.

وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان موسى بن عمران عليه السلام بينه وبين عيسى ألف سنة وتسعمائة سنة ولم يكن بينهما وإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل ثم من أرسل من غيرهم وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون
سنة بعث في أولها ثلاثة أنبياء ، وهو قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} والذي عززبه : شمعون ، وكان من الحواريين وكانت الفترة التي ليس فيها رسول أربعمائة سنة وأربعة وثلاثين سنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين} قال : بلغني أن عيسى بن مريم بعث إلى أهل القرية - وهي أنطاكية - رجلين من الحواريين وأتبعهم بثالث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} قال : لكي تكون عليهم الحجة أشد فأتوا أهل القرية فدعوهم إلى الله وحده وعبادته لا شريك له فكذبوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : اسم الرسولين اللذين قالا !

{إذ أرسلنا إليهم اثنين} شمعون ، ويوحنا ، واسم (الثالث) بولص.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فعززنا بثالث} مخففة.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين} ، ، قال : اسم الثالث الذي عزز به سمعون بن يوحنا ، والثالث بولص فزعموا أن الثلاثة قتلوا جميعا وجاء حبيب وهو يكتم إيمانه {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} فلما رأوه أعلن بإيمانه فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} وكان نجارا ألقوه في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قالوا إنا تطيرنا بكم} قال : يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم} بالحجارة {قالوا طائركم معكم} أي أعمالكم معكم {أئن ذكرتم} يقول : أئن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {لنرجمنكم} قال : لنشتمنكم قال والرجم في القرآن كله الشتم وفي قوله {طائركم معكم أئن ذكرتم} يقول : ما كتب عليكم واقع بكم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {طائركم معكم} قال : شؤمكم معكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيي بن وثاب أنه قرأها أئن ذكرتم بالخفض وقرأها زر بن حبيش أن ذكرتم بالنصب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : هو حبيب النجار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال : كان اسم صاحب (يس) حبيب بن مري.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : اسم صاحب (يس) حبيب وكان الجذام قد أسرع فيه.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفرالذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال : تسألون أجرا فقالوا : لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال : فرجموه بالحجارة فجعل يقول : رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال : فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الحكم في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : بلغنا أنه كان قصارا.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل} كان حراثا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال : إنكم معشر العرب تدعون البئر رسا وتدعون القبر رسا فخدوا خدودا في الأرض وأوقدوا فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في {يس} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث}
وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه من الناس وكانت الأنبياء تقتل فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة وما يراد بالرسل أقبل يسعى ليدركهم فيشهدهم على إيمانه فأقبل على قومه فقال {يا قوم اتبعوا المرسلين} إلى قوله {لفي ضلال مبين} ثم أقبل على الرسل فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمانه فأخذ فقذف في النار فقال الله تعالى {ادخل الجنة} قال {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين}.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : لما قال صاحب (يس) {يا قوم اتبعوا المرسلين} خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} أي فاشهدوا لي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قيل ادخل الجنة} قال : وجبت له الجنة {قال يا ليت

قومي يعلمون} قال : هذا حين رأى الثواب.
الآيات 28 - 29.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وما أنزلنا على قومه} قال : ما استعنت عليهم جندا من السماء ولا من الأرض.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : في قراءة ابن مسعود إن كانت إلا رتقة واحدة وفي قراءتنا {إن كانت إلا صيحة واحدة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فإذا هم خامدون} قال : ميتون.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : السبق ثلاثة ، فالسابق إلى موسى يوشع بن نون والسابق إلى عيسى صاحب يس ، والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب.

وأخرج ابن عساكر من طريق صدقة القرشي عن رجل قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أبو بكر الصديق خير أهل الأرض إلا أن يكون نبي وإلا مؤمن آل ياسين وإلا مؤمن آل فرعون.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر : ثلاثة ما كفروا بالله قط ، مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون.
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصديقون ثلاثة ، حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب آل ياسين وعلي بن أبي طالب.
وأخرج أبو داود وأبو نعيم ، وَابن عساكر والديلمي عن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصديقون ثلاثة ، حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال {يا قوم اتبعوا المرسلين} وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) (غافر الآية 28) وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : قدم عروة بن مسعود الثقفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استأذن ليرجع إلى قومه فقال له

رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم قاتلوك قال : لو وجدوني نائما ما أيقظوني فرجع إليهم فدعاهم إلى الإسلام فعصوه وأسمعوه من الأذى فلما طلع الفجر قام على غرفة فأذن بالصلاة ، وتشهد فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتله : مثل عروة ، مثل صاحب يس ، دعا قومه إلى الله فقتلوه).
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن شعبة موصولا ، نحوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني عن مقسم عن ابن عباس ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث عروة بن مسعود إلى الطائف إلى قومه ثقيف فدعاهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم فقتله فقال : ما أشبهه بصاحب (يس).
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال : شبه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمته قال دحية الكلبي يشبه جبريل وعروة بن مسعود الثقفي يشبه عيسى بن مريم وعبد العزى يشبه الدجال).
الآية 30
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يا حسرة على العباد} يقول : يا ويلا للعباد.

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قال {يا حسرة على العباد}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {يا حسرة على العباد} قال : كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يا حسرة على العباد} يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضيعت من أمر الله وفرطت في جنب الله تعالى قال : وفي بعض القراءة يا حسرة العباد على أنفسها ما يأتيهم من رسول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يا حسرة على العباد} قال : الندامة على العباد الذين {وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون} يقول : الندامة عليهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يا حسرة على العباد} قال : يا حسرة لهم.

وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هارون قال : في حرف أبي بن كعب يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن.
الآيات 31 - 34.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون} قال : عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هارون عن الأعرج وأبي عمرو في قوله {أنهم إليهم لا يرجعون} قالا : ليس في مدة اختلاف هذا من رجوع الدنيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي إسحاق قال : قيل لابن عباس إن ناسا يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ، فسكت ساعة ثم قال : بئس القوم نحن إن كنا أنكحنا نساءه واقتسمنا ميراثه أما تقرأون {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}.
آية 35.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ {وما عملته

أيديهم >.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : (وما عملته أيديهم) ! قال : وجدوه معمولا لم تعمله أيديهم ، يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ وأشباهها {أفلا يشكرون} لهذا ، والله أعلم.
آية 36.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} قال : الأصناف كلها ، الملائكة زوج والأنس زوج والجن زوج وما تنبت الأرض زوج وكل صنف من الطير زوج ثم فسر فقال {مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} الروح لا يعلمه الملائكة ولا خلق الله ولم يطلع على الروح أحد وقوله {ومما لا يعلمون} لا يعلم الملائكة ولا غيرها.
آية 37

أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال : يخرج أحدهما من الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال : كقوله (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) (الحج الآية 61).
آية 38.
أَخرَج عَبد بن حميد والبخاري والترمذي ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال : كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال : يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال : مستقرها تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله !

{والشمس تجري لمستقر لها} قال : مستقرها تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي ذر قال : دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقال يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن لها وكأنها قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ وذلك مستقر لها قال : وذلك قراءة عبد الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر في الآية قال {لمستقر لها} أن تطلع فتردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت فلا يؤذن لها فتقول : إن السير بعيد وإني لم يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال اطلعي من حيث غربت ، قال : فمن يومئذ إلى يوم القيامة (لا ينفع نفسا إيمانها) (الأنعام 158).

وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وَابن الأنباري في المصاحف وأحمد عن ابن عباس أنه كان يقرأ والشمس تجري لمستقر لها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال : لو أن الشمس تجري مجرى واحدا من أهل الأرض فيخشى منها ولكنها تحلق في الصيف وتعترض في الشتاء فلو أنها طلعت مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر ، ولو أنها طلعت في الصيف لقطعهم البرد.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي راشد رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال : موضع سجودها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري

لمستقر لها} قال : لوقتها ولأجل لا تعدوه.
آية 39.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والقمر قدرناه منازل} الآية ، قال : قدره الله منازل فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة فشبهه بذلك.
وأخرج الخطيب في كتب النجوم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} قال : في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في شهر ، أربعة عشر منها شامية وأربعة عشر منها يمانية ، فأولها السرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك ، وهو آخر الشامية والعقرب والزبابين والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية ومقدم الدلو ومؤخر الدلو والحوت وهو آخر اليمانية ، فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا {عاد كالعرجون القديم} كما كان في أول الشهر.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كالعرجون القديم} يعني أصل العذق القديم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : عرجون النخل اليابس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : هو عذق النخلة اليابس المنحني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : كعذق النخلة إذا قدم فانحنى.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن بن الوليد قال : أعتق رجل كل غلام له عتيق قديم فسئل يعقوب فقال : من كان لسنة فهو حر ، قال الله {حتى عاد كالعرجون القديم} وكان لسنة.
آية 40.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال : لا يشبه ضوء

أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك ، وذلك {ولا الليل سابق النهار} قال : يتطالبان حثيثين يسلخ أحدهما من الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لكل حد وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال : ذاك ليلة الهلال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ] [ في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لكل واحد منهما سلطان ، للقمر سلطان بالليل ، وللشمس سلطان بالنهار فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل ، وقوله
{ولا الليل سابق النهار} يقول : لا ينبغي إذا كان ليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال : لا يذهب الليل من ههنا حتى يجيء النهار من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال : في قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه فتذهب ظلمته ، وفي قضاء الله وعلمه أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه فيذهب بضوئه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : لا يسبق هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : لا يعلو هذا ضوء هذا ولا هذا على هذا.
الآيات 41 - 48
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال : سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل

زوجين اثنين {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : السفن التي في البحور والأنهار التي يركب الناس فيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي صالح في قوله {حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال : سفينة نوح {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : هذه السفن مثل خشبها وصنعتها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : يعني السفن الصغار وقال : الحسن رضي الله عنه : هي الإبل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني الإبل خلقها الله تعالى كما رأيت فهي سفن البر يحملون عليها ويركبونها.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قالا : الإبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : الأنعام ، وفي قوله {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} لا مغيث لهم يستغيثون به.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا صريخ لهم} قال : لا مغيث لهم وفي قوله {ومتاعا إلى حين} قال : إلى الموت ، وفي قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} قال : من الوقائع التي قد خلت فيمن كان قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم {وما خلفكم} قال : من أمر الساعة ، وفي قوله {وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله} ، قال : نزلت في الزنادقة كانوا

لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} قال ما مضى وما بقي من الذنوب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} قال : اليهود تقوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إسمعيل عن أبي خالد رضي الله عنه في قوله {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} قال : يهود تقوله.
الآيات 49 - 50.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون} قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : تهيج الساعة الناس والرجل يسقي ماشيته والرجل يصلح حوضه والرجل يقيم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه فتهيج بهم وهم كذلك {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون} قال : أعجلوا عن ذلك.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون} قال : هذا مبتدأ يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وهم يخصمون} قال : يتكلمون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : لينفخن في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم حتى أن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به وهي التي قال الله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذه الآية قال : تقوم الساعة والناس في أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثياب ويحلبون اللقاح وفي حوائجهم {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن

المنذر عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : إن الساعة تقوم والرجل يذرع الثوب والرجل يحلب الناقة ثم قرأ {فلا يستطيعون توصية}.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {تأخذهم وهم يخصمون} قال : تذرهم في أسواقهم وطرقهم {فلا يستطيعون توصية} قال : لا يوصي بعضهم إلى بعض ، والله أعلم.
الآيات 51 - 54.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث} قال : النفخة الأخيرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
{فإذا هم من الأجداث} يعني من القبور {إلى ربهم ينسلون} قال :

يخرجون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {من الأجداث} قال : القبور قال : هل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة : حينا يقولون اذ مروا على جدثي * أرشده يا رب من غاز وقد رشدا قال أخبرني عن قوله {إلى ربهم ينسلون} قال : النسل المشي الخبب قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت نابغة بن جعدة وهو يقول : عملان الذنب أمشي فاريا * يرد الليل عليه فنسل.
وَأخرَج ابن الأنباري في المصاحف عن علي رضي الله عنه أنه قرأ {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.

وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : ينامون نومة قبل البعث فيجدون لذلك راحة فيقولون {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {من بعثنا من مرقدنا} قال : ينامون قبل البعث نومة.
وأخرج هناد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن مجاهد قال : للكافر هجعة يجدون فيها طعم النوم قبل يوم القيامة فإذا صيح بأهل القبور يقول الكافر {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} فيقول المؤمن إلى جنبه {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : يقول المشركون {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} فيقول المؤمن {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال : أولها للكفار وآخرها للمسلمين ، قال الكفار {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} وقال المسلمون {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في الآية قال : كانوا يرون أن العذاب يخفف عنهم ما بين النفختين فلما كانت النفخة الثانية قالوا ، {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
وأخرج ابن أبي حاتم رضي الله عنه في الآية قال : ينامون قبل البعث نومة فإذا بعثوا قال الكفار {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال : فتجيبهم الملائكة {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فإذا هم جميع لدينا محضرون} قال : عند الحساب.
الآيات 55 - 56.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم

عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : يعجبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : شغلهم النعيم عما فيه أهل النار من العذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {في شغل فاكهون} قال : في افتضاض الأبكار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : شغلهم افتضاض العذارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وقتادة ، مثله.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن
المؤمن

كلما أراد زوجة وجدها عذراء.
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا.
وأخرج المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أنطؤ في الجنة قال : نعم ، والذي نفسي بيده دحما دحما فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {في شغل فاكهون} قال : ضرب الأوتار قال أبو حاتم : هذا خطأ من السمع إنما هو افتضاض الأبكار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : (فاكهون) . قال : فرحون .

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأزواجهم} قال : حلائلهم.
الآية 57.
أَخْرَج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيء إليه الإبريق فيقع في يده فيشرب فيعود إلى مكانه.
الآية 58.
أَخْرَج ابن ماجة ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار ، وَابن أبي حاتم والآجري في الرؤية ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة ، وذلك قول الله {سلام قولا من رب رحيم}
قال : فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتوا إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سلام قولا من

رب رحيم} قال : فإن الله هو يسلم عليهم.
وأخرج ابن جرير عن البراء رضي الله عنه في قوله {سلام قولا من رب رحيم} قال : يسلم عليهم عند الموت.
وأخرج ابن جرير وأبو نصر السجزي في الإبانة عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله {سلام قولا من رب رحيم} قال : يأتيهم تبارك وتعالى في درجاتهم فيسلم عليهم فيردون عليه السلام فيقول سلوني فيقولون : ما نسألك وعزتك وجلالك لو أنك قسمت علينا رزق الثقلين الجن والإنس لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم ولا ينقصنا ذلك شيئا ، فيقول : إن لدي مزيدا فيقول ذلك بأهل كل درجة حتى ينتهي ثم يأتيهم التحف من الله تحمله إليهم الملائكة.
الآية 59.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس على تل رفيع ثم نادى مناد : امتازوا اليوم أيها المجرمون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رواد بن الجراح رضي الله عنه في الآية قال : إذا كان يوم القيامة

نادى مناد : أن ميزوا المسلمين من المجرمين إلا صاحب الأهواء ، يعني يترك صاحب الهوى مع المجرمين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} فرق وبكى وقال : ما سمع الناس قط بنعت أشد منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} قال : عزلوا عن كل خير.
الآيات 60 - 64.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ألم أعهد إليكم} يقول : ألم أنهكم.
وأخرج ابن المنذر عن مكحول رضي الله عنه في قوله {أن لا تعبدوا الشيطان} قال : إنما عبادته طاعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {جبلا كثيرا} قال : خلقا كثيرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا بكسر الجيم مثقلة اللام أفلم يكونوا يعقلون بالياء.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن هذيل رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا) مخففة.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ ولقد أضل منكم جبلا مخففة.
الآية 65.
أَخرَج أحمد ومسلم والنسائي ، وَابن أبي الدنيا في التوبة واللفظ له ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه في قوله {اليوم نختم على أفواههم} قال كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه قال : أتدرون ممن ضحكت قلنا : لا يا رسول الله قال : من مخاطبة العبد ربه فيقول : يا رب ألم
تجرني من الظلم فيقول : بلى ، فيقول : إني لا أجيز علي إلا شاهدا مني فيقول : كفى بنفسك عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه : أنطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل.

وأخرج مسلم والترمذي ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يلقى العبد ربه فيقول الله : أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول : بلى أي رب فيقول : أفطنت أنك ملاقي فيقول : لا ، فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثاني فيقول : مثل ذلك ، ثم يلقى الثالث فيقول له : مثل ذلك فيقول : آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول : ألا نبعث شاهدنا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه : انطقي ، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه ، بعمله ما كان ذلك يعذر من نفسه وذلك بسخط الله عليه.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول عظم من الإنسان يتكلم

يوم يختم على الأفواه ، فخذه من الرجل الشمال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ليعترف فيقول : أي رب عملت ، عملت عملت فيغفر الله له ذنوبه ويستره منها قال : فما على الأرض خليقة يرى من تلك الذنوب شيئا وتبدو حسناته فود أن الناس كلهم يرونها ، ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض ربه عليه عمله فيجحد ويقول : أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل فيقول له الملك : أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا فيقول : لا وعزتك ، أي رب ما عملته فإذا فعل ذلك ختم على فيه فإني أحسب أول ما ينطق منه لفخذه اليمنى ثم تلا {اليوم نختم على أفواههم}.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن بسرة وكانت
من المهاجرات قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن واعقدن بالأنامل

فإنهن مسؤولات ومستنطقات).
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : يقال للرجل يوم القيامة : عملت كذا وكذا ، فيقول : ما عملته ، فيختم على فيه وتنطق جوارحه فيقول لجوارحه : أبعدكن الله ما خاصمت إلا فيكن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أسماء بن عبيد رضي الله عنه قال : يؤتى بابن آدم يوم القيامة ومعه جبل من صحف لكل ساعة صحيفة فيقول الفاجر : وعزتك لقد كتبوا علي ما لم أعمل فعند ذلك يختم على أفواههم ويؤذن لجوارحهم في الكلام فيكون أول ما يتكلم من جوارح ابن آدم فخذه اليسرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {نختم على أفواههم} قال : فلا يتكلمون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : كانت خصومات وكلام وكان هذا آخره أن ختم على أفواههم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : أول ما ينطق من الإنسان فخذه اليمنى.

الآيات 66 - 67.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} قال : أعميناهم وأضللناهم عن الهدى {فأنى يبصرون} فكيف يهتدون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاستبقوا الصراط} قال : الطريق {فأنى يبصرون} وقد طمسنا على أعينهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} قال : أهلكناهم {على مكانتهم} قال : في مساكنهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} يقول : لجعلناهم حجارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو نشاء لطمسنا} ، قال : لو شاء الله لتركهم عميا يترددون {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} قال : لو نشاء لجعلناهم كسحا لا يقومون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون} قال : فلم يستطيعوا أن يتقدموا ولا يتأخروا.
الآية 68

أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن نعمره ننكسه في الخلق} قال : هو الهرم ، يتغير سمعه وبصره وقوته كما رأيت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ومن نعمره ننكسه في الخلق} قال : نرده إلى أرذل العمر.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {ومن نعمره ننكسه} قال : ثمانين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن نعمره} يقول : من نمد له في العمر {ننكسه في الخلق} كيلا يعلم من بعد علم شيئا {الحج} يعني الهرم.
الآيات 69 - 70.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما علمناه الشعر} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} قال : محمد صلى الله عليه وسلم عصمه الله من ذلك {إن هو إلا ذكر} قال : هذا القرآن {لينذر من كان حيا} قال : حي القلب حي البصر {ويحق القول على الكافرين} بأعمالهم أعمال السوء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : بلغني أنه قيل لعائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر قالت : كان أبغض الحديث إليه غير أنه كان يتمثل ببيت أخي بني قيس يجعل أخره أوله وأوله آخره ويقول : ويأتيك من لم تزود

بالأخبار فقال له أبو بكر رضي الله عنه : ليس هكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل ببيت طرفة : ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار : ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وَأخرَج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم والمرزباني في معجم الشعراء عن الحسن رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت : كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا

فقال أبو بكر رضي الله عنه : أشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك.
وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس : أرأيت قولك :
أصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا راويه ولا ينبغي لك ، إنما قال : بين عيينة والأقرع.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" بسند فيه من يجهل حاله عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا : يقال بما نهوى يكن فلقا * يقال لشيء كان إلا يحقق

قالت عائشة رضي الله عنها : فقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا.
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن ابن عمرو رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقا أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لينذر من كان حيا} قال : عاقلا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن نوفل بن عقرب قال : سألت عائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامع عنده الشعر قالت : كان أبغض الحديث إليه.
الآيات 71 - 76.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {مما عملت أيدينا} قال : من صنعتنا.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله
عنه في قوله {فهم لها مالكون} قال : ضابطون {وذللناها لهم فمنها ركوبهم} يركبونها ويسافرون عليها {ومنها يأكلون} لحومها {ولهم فيها منافع} قال : يلبسون أصوافها {ومشارب} يشربون ألبانها {أفلا يشكرون}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن عروة رضي الله عنه قال في مصحف عائشة رضي الله عنها فمنها ركوبتهم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هارون رضي الله عنه قال في حرف أبي بن كعب رضي الله عنه فمنها ركوبتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن هارون رضي الله عنه قال : قراءة الحسن والأعرج وأبي عمرو والعامة {فمنها ركوبهم} يعني ركوبتهم حمولتهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واتخذوا من دون الله آلهة} قال : هي الأصنام.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لعلهم ينصرون} قال : يمنعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لا يستطيعون نصرهم} قال : لا تستطيع الآلهة نصرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا يستطيعون نصرهم} قال : نصر الآلهة ولا تستطيع الآلهة نصرهم {وهم لهم جند محضرون} قال : المشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم سوء إنما هي أصنام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وهم لهم جند محضرون} قال : هم لهم جند في الدنيا وهم {محضرون} في النار.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وهم لهم جند محضرون} لآلهتهم التي يعبدون يدفعون عنهم ويمنعونهم.
الآيات 77 - 83.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والإسمعيلي في معجمه

والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء العاص بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته بيده فقال يا محمد أيحيي الله هذا بعد ما أرى قال : نعم ، يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم ، فنزلت الآيات من آخر يس {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء عبد الله بن أبي وفي يده عظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف يبعثه الله وهو رميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الله هذا ويميتك ثم يدخلك جهنم ، قال الله {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف وفي يده عظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف يبعثه الله وهو رميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبعث الله هذا ويميتك ثم يدخلك جهنم ، قال الله {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف
الجمحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم نخر فقال : أتعدنا يا محمد إذا بليت عظامنا فكانت رميما أن الله باعثنا خلقا جديدا ثم جعل يفت العظم ويذره في الريح فيقول : يا محمد من يحيي هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، يميتك الله ثم يحييك ويجعلك في جهنم ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن أبي مالك قال : جاء أبي بن خلف بعظم نخرة فجعل يفته بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من يحيي العظام وهي رميم فأنزل الله {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى قوله {وهو بكل شيء عليم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في أبي جهل بن هشام جاء بعظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذراه فقال : من يحيي العظام وهي رميم فقال الله : يا محمد {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وضرب لنا مثلا} قال : أبي بن خلف ، جاء بعظم فقال :

يا محمد أتعدنا أنا إذا متنا ، فكنا مثل هذا العظم البالي في يده ففته وقال : من يحيينا إذا كنا مثل هذا.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وضرب لنا مثلا} قال : نزلت في أبي بن خلف جاء بعظم نخر فجعل يذره في الريح فقال : أنى يحيي الله هذا قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : نعم ، يحيي الله هذا ويدخلك النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة} قال : نزلت في أبي بن خلف ، أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه عظم قد دثر فجعل يفته بين أصابعه ويقول : يا محمد أنت الذي تحدث أن هذا سيحيا بعد ما قد بلى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، ليميتن الآخر ثم ليحيينه ثم ليدخلنه النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : جاء أبي بن خلف إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم حائل فقال : يا محمد أنى يحيي الله هذا فأنزل الله {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلقها قبل أن تكون أعجب من إحيائها وقد كانت.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : لما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، إن الناس يحاسبون بأعمالهم ومبعوثون يوم القيامة أنكروا ذلك إنكارا شديدا ، فعمد أبي بن خلف إلى عظم حائل قد نخر ففته ثم ذراه في الريح ثم قال : يا محمد إذا بليت عظامنا إنا لمبعوثون خلقا جديدا فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من استقباله إياه بالتكذيب والأذى في وجهه وجدا شديدا فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا} يقول : الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعثه ، وفي قوله {أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر} ، قال : هذا مثل قوله {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} قال : ليس من كلام العرب أهون ولا أخف من ذلك ، فأمر الله كذلك.

* بسم الله الرحمن الرحيم * (37)- سورة الصافات.
مكية وآياتها ثنتان وثمانون ومائة.
مقدمة سورة الصافات.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الصافات بمكة.
وأخرج النسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات.
وأخرج ابن أبي داود في فضائل القرآن ، وَابن النجار في تاريخه عن نهشل بن سعيد الورداني عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ يس والصافات يوم الجمعة ثم سأل الله أعطاه سؤله.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل والسلفي في الطيوريات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم أهل حضرموت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو وليعة حمزة

ومحرش ومشرح وأبصعة وأختهم العمردة وفيهم الأشعث بن قيس وهو أصغرهم فقالوا : أبيت اللعن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لست ملكا أنا محمد بن عبد الله قالوا : نسميك باسمك قال : لكن الله سماني وأنا أبو القاسم قالوا : يا أبا القاسم إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو ذا كانوا خبؤا لرسول الله صلى الله عليه وسلم جرادة في حمية سمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ، إنما يفعل هذا بالكاهن وإن الكاهن والكهانة والتكهن في النار فقالوا : يا رسول الله كيف نعلم أنك رسول الله فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصى فقال : هذا يشهد أني رسول الله ، فسبح الحصى في يده قالوا : نشهد أنك رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني بالحق وأنزل علي كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد أثقل في الميزان من الجبل العظيم وفي الليلة الظلماء مثل نور الشهاب ، قالوا : فأسمعنا منه فتلا رسول الله

صلى الله عليه وسلم {والصافات صفا} حتى بلغ {ورب المشارق}
ثم سكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن روعه فما يتحرك منه شيء ودموعه تجري على لحيته فقالوا : أنا نراك تبكي أفمن مخافة من أرسلك تبكي قال : إن خشيتي منه أبكتني بعثني على صراط مستقيم في مثل حد السيف إن زغت عنه هلكت ، ثم تلا (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) (الإسراء 86) إلى آخر الآية.
الآيات 1 - 5.
أَخرَج عَبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه {والصافات صفا} قال : الملائكة {فالزاجرات زجرا} قال : الملائكة {فالتاليات ذكرا} قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور عن مسروق رضي الله عنه قال : كان يقال في الصافات والمرسلات والنازعات هي الملائكة.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{والصافات صفا فالزاجرات زجرا} قال : هم الملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {فالزاجرات زجرا} قال : ما زجر الله عنه في القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {فالتاليات ذكرا} قال : الملائكة يجيؤن بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والصافات صفا} قال : الملائكة صفوف في السماء {فالزاجرات زجرا} قال : ما زجر الله عنه في القرآن {فالتاليات ذكرا} قال : ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم السالفة {إن إلهكم لواحد} قال : وقع القسم على هذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ورب المشارق} قال : المشارق ثلاثمائة وستون مشرقا {والمغارب} ثلاثمائة وستون مغربا في

السنة قال والمشرقان مشرق الشتاء ومشرق الصيف والمغربان مغرب الشتاء ومغرب الصيف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال {المشارق} ثلاثمائة وستون مشرقا {والمغارب} مثل ذلك تطلع الشمس كل يوم من مشرق وتغرب في مغرب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ورب المشارق} قال : عدد أيام السنة كل يوم مطلع ومغرب.
من آية 6 - 10.
أَخرَج عَبد بن حميد عن ابن مسعود أنه كان يقرأ (بزينة الكواكب) منونة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عياش قال : قال عاصم رضي الله عنه من قرأها بزينة الكواكب مضافا ولم ينون فلم يجعلها زينة

للسماء وإنما جعل الزينة للكواكب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وحفظا} قال : جعلناها حفظا {من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى} قال : منعوا بها ، يعني بالنجوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {لا يسمعون إلى الملإ الأعلى} مخففة وقال : أنهم كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لا يسمعون إلى الملإ الأعلى}
قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويقذفون من كل جانب} قال : يرمون من كل مكان {دحورا} قال : مطر ودين {ولهم عذاب واصب} قال : دائم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ويقذفون من كل جانب دحورا} قال : قذفا بالشهب {ولهم عذاب واصب} قال : دائم.

وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {عذاب واصب} قال : دائم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إلا من خطف الخطفة} يقول : إلا من استرق السمع من أصوات الملائكة {فأتبعه شهاب} يعني الكواكب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا رمي الشهاب لم يخطء من رمي به وتلا {فأتبعه شهاب ثاقب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فأتبعه شهاب ثاقب} قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون ولكنها تحرق وتخبل

وتجرح من غير قتل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم في قوله : (فأتبعه شهاب ثاقب) قال : إن الجني يجيء فيسترق فإذا سرق السمع فرمي بالشهاب قال للذي يليه : كان كذا وكذا ،.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن يزيد الرقاشي في قوله {شهاب ثاقب} قال : يثقب الشيطان حتى يخرج من الجانب الآخر فذكر ذلك لأبي مجلز رضي الله عنه فقال : ليس ذاك ولكن ثقوبه ضوءه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {شهاب ثاقب} قال : ضوءه إذا نقض فأصاب الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال {الثاقب} المتوقد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة والحسن في قوله {ثاقب} قالا : مضيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال {الثاقب} المحرق.
الآيات 11 - 21.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه

في قوله {أهم أشد خلقا أم من خلقنا} قال : السموات والأرض والجبال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أم من خلقنا} قال : أم من عددنا عليك من خلق السموات والأرض قال الله تعالى (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس) (غافر 57).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه أنه قرأ أهم أشد خلقا أم من عددنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {أم من خلقنا} قال : من الأموات والملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من طين لازب} قال : ملتصق.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق سأله قال له : أخبرني عن قوله {من طين لازب} قال : الملتزق قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت النابغة وهو يقول :

فلا تحسبون الخير لا شر بعده * ولا تحسبون الشر ضربة لازب.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {من طين لازب} قال : اللزب الجيد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن عكرمة رضي الله عنه {من طين لازب} قال : لازج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من طين لازب} قال : اللازب والحمأ والطين واحد ، كان أوله ترابا ثم صار حمأ منتنا ثم صار طينا لازبا فخلق الله منه آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال اللازب الذي يلزق بعضه إلى بعض.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : اللازب الذي يلزق باليد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله !

{طين لازب} قال : لازم منتن.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ بل عجبت ويسخرون بالرفع.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق الأعمش عن شقيق بن سلمة عن شريح رضي الله عنه أنه كان يقرأ هذه الآية بل عجبت ويسخرون بالنصب ويقول إن الله لا يعجب من الشيء إنما يعجب من لا يعلم قال الأعمش : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي رضي الله عنه فقال : إن شريحا كان معجبا برأيه وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان أعلم منه كان يقرأها {بل عجبت}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {بل عجبت}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بل عجبت ويسخرون} قال : عجبت من كتاب الله ووحيه {ويسخرون} بما

جئت به.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {بل عجبت} قال النبي
صلى الله عليه وسلم : عجبت بالقرآن حين أنزل ويسخر منه ضلال بني آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بل عجبت} قال : عجب محمد صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن حين أعطيه وسخر منه أهل الضلالة {ويسخرون} يعني أهل مكة {وإذا ذكروا لا يذكرون} أي لا ينتفعون ولا يبصرون {وإذا رأوا آية يستسخرون} أي يسخرون منه ويستهزؤن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يستسخرون} قال : يستهزؤن ، وفي قوله {فإنما هي زجرة} قال : صيحة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فإنما هي زجرة

واحدة} قال : نفخة واحدة وهي النفخة الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هذا يوم الدين} قال : يدين الله فيه العباد بأعمالهم {هذا يوم الفصل} يعني يوم القيامة.
الآيات 22 - 23.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : تقول الملائكة للزبانية {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أمثالهم الذين هم مثلهم يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر ، أزواج في الجنة وأزواج في النار.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وعبد بن حميد

وابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أشباههم ، وفي لفظ نظراءهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير وعكرمة رضي الله عنهما ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أزواجهم في الأعمال وقرأ (وكنتم أزواجا ثلاثة) (الواقعة 7) الآية (فأصحاب الميمنة) (الواقعة 8) زوج (وأصحاب المشئمة) (الواقعة 9) زوج (والسابقون) (الواقعة 10) زوج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أمثالهم ، القتلة مع القتلة والزناة مع الزناة وأكلة الربا مع أكلة الربا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أشباههم من الكفار مع الكفار {وما كانوا يعبدون من دون الله} قال : الأصنام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{فاهدوهم إلى صراط الجحيم} قال : سوقوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاهدوهم} قال : دلوهم {إلى صراط الجحيم} قال : طريق النار.
آية 24.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقفوهم إنهم مسؤولون} قال : احبسوهم إنهم محاسبون.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والدارمي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه وإن دعا رجل
رجلا ، ثم قرأ {وقفوهم إنهم مسؤولون}.
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله {وقفوهم إنهم مسؤولون} قال : يقفون يوم القيامة حتى يسألوا عن أعمالهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عثمان بن زائدة رضي الله عنه قال : كان يقال إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن جلسائه.
الآيات 25 - 44.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما لكم لا تناصرون} قال : لا تمانعون منا {بل هم اليوم مستسلمون} مسخرون {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} أقبل بعضهم يلوم بعضا قال : الضعفاء للذين استكبروا {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} تقهروننا بالقدرة عليكم {قالوا بل لم تكونوا مؤمنين} في علم الله {وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين} مشركين في علم الله {فحق علينا قول ربنا} فوجب علينا قضاء ربنا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزة {فإنهم يومئذ} قال : كلهم {في العذاب مشتركون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه

في قوله {ما لكم لا تناصرون} قال : لا يدفع بعضكم بعضا {بل هم اليوم مستسلمون} في عذاب الله {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : الأنس على الجن قالت الأنس للجن {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} قال : من قبل الخير أفتهنونا عنه ، قالت الجن للأنس {بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا} قال : هذا قول الجن {فأغويناكم إنا كنا غاوين} هذا قول الشياطين لضلال بني آدم {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم {بل جاء بالحق وصدق المرسلين} أي صدق من كان قبله من المرسلين {إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين} قال : هذه ثنية الله {أولئك لهم رزق معلوم} قال : الجنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كنتم تأتوننا عن اليمين} قال : كانوا يأتونهم عند كل خير ليصدوهم عنه.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {تأتوننا عن اليمين} قال : عن الحق الكفار تقوله للشياطين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي شيبه ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لم تكونوا مؤمنين} قال : لو كنتم مؤمنين منعتم منا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأغويناكم} قال : الشياطين تقول {فأغويناكم} في الدنيا {إنا كنا غاوين} {فإنهم يومئذ} ومن أغووا في الدنيا {في العذاب مشتركون}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} لا يعقل قال : فحكى الله صدقه فقال {بل جاء بالحق وصدق المرسلين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ، وأنزل الله في كتابه وذكر قوما استكبروا فقال {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} وقال (إذ جعل

الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) (الفتح الآية 26) وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله ، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية ، يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج البخاري في تاريخه عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه قيل له : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال : بلى ، ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان فمن جاء بأسنانه فتح له ومن لا لم يفتح له.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه أنه كان يقرأ {إلا عباد الله المخلصين}.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم رزق معلوم} قال : في الجنة.
الآيات 45 - 49.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عني به الخمر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بكأس من معين} قال : كأس من خمر لم تعصر والمعين هي الجارية {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم ولا تصدع رؤوسهم ولا توجع بطونهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {بكأس من معين} هو الجاري.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {بيضاء} قال : في قراءة عبد الله صفراء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يطاف عليهم بكأس من معين} قال : الخمر {لا فيها غول} قال : ليس فيها صداع {ولا هم عنها ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، فنزه الله خمر الجنة عنها !

{لا فيها غول} لا تغول عقولهم من السكر {ولا هم عنها ينزفون} لا يقيؤن عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها والقيء مستكره.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {لا فيها غول} قال : ليس فيها نتن ولا كراهية كخمر الدنيا قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت أمرؤ القيس وهو يقول : رب كاس شربت لا غول فيها * وسقيت النديم منها مزاجا قال أخبرني عن قوله {ولا هم عنها ينزفون} قال : لا يسكرون قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وهو يقول : ثم لا ينزفون عنها ولكن * يذهب الهم عنهم والغليل.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {لا فيها غول} قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا فيها غول} قال : وجع بطن {ولا هم عنها

ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بكأس من معين} قال : المعين الخمر {لا فيها غول} قال : وجع بطن {ولا هم عنها ينزفون} لا مكروه فيها ولا أذى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله {وعندهم قاصرات الطرف} يقول : عن غير أزواجهن {كأنهن بيض مكنون} قال : اللؤلؤ المكنون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {وعندهم قاصرات الطرف} يقول : عن غير أزواجهن قال : قصرن طرفهن على أزواجهن {عين} قال : حسان العيون.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {عين} قال : العين العظام الأعين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : بياض البيضة ينزع عنها فوقها وغشاؤها الذي يكون في العرف.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : كأنهن بطن البيض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : بياض البيض حين ينزع قشره.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : هو السخاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في

قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض في عشه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وعندهم قاصرات الطرف} قال : قصرن طرفهن على أزواجهن ، فلا يردن غيرهم {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض الذي لم تلوثه الأيدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : محصون لم تمرته الأيدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض الذي يكنه الريش مثل بيض النعام الذي أكنه الريش من الريح فهو أبيض إلى الصفرة فكانت تترقرق فذلك المكنون.
الآيات 50 - 61.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : أهل الجنة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن

أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال : شيطان.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : كان رجلان شريكين وكان لهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها فعمد أحدهما فأشترى بألف دينار أرضا فقال صاحبه : اللهم إن فلانا اشترى بألف دينار أرضا وإني أشتري منك بألف دينار أرضا في الجنة ، فتصدق بألف دينار ثم ابتنى صاحبه دارا بألف دينار فقال هذا : اللهم إن فلانا ابتنى دارا بألف دينار وإني أشتري منك دارا في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار فقال : اللهم إن فلانا تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ثم أشترى خدما ومتاعا بألف دينار وإني أشتري منك خدما ومتاعا في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ، ثم أصابته حاجة شديدة فقال : لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف فجلس على طريقه فمر به في حشمه وأهله فقام إليه الآخر فنظر فعرفه فقال فلان ، فقال : نعم ، فقال : ما شأنك فقال : أصابتني بعدك

حاجة فأتيتك لتصيبني بخير قال : فما فعل فقد اقتسمناه مالا واحدا فأخذت شطره وأنا شطره ، فقال : اشتريت دارا بألف دينار ففعلت أنا كذلك وفعلت أنا كذلك ، فقص عليه القصة فقال : إنك لمن المصدقين بهذا أذهب فو الله لا أعطيك شيئا فرده فقضي لهما أن توفيا فنزلت فيهما {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} حتى بلغ {أئنا لمدينون} قال : لمحاسبون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن فرات بن ثعلبة البهراني رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال : ذكر لي أن رجلين كان شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار فكان أحدهما ليس له حرفة والآخر له حرفة فقال : إنه ليس لك حرفة فما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه ثم فارقه ، ثم إن أحد الرجلين أشترى دارا كانت لملك بألف دينار فدعا صاحبه ثم قال : كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار فقال : ما أحسنها فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي قد ابتاع هذه الدار وإني أسألك دارا من الجنة ، فتصدق بألف دينار ، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم تزوج امرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال : إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين ، فتصدق بألف دينار

ثم أنه مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه وقال : إني قد ابتعت هذه البستانين بألفي دينار فقال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : يا رب إن صاحبي قد ابتاع بستانين بألفي دينار وإني أسألك بستانين في الجنة ، فتصدق بألفي دينار ، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما فانطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه فإذا امرأة يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله البستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا ، وكذا ، ، قال : فإنه ذلك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة فقال {إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين} قيل لهك فإنه في الجحيم قال {هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم} فقال عند ذلك {تالله إن كدت

لتردين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كانا شريكين في
بني إسرائيل ، أحدهما مؤمن ، والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ، ثم افترقا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أضربت به شيئا اتجرت به في شيء قال له المؤمن : لا ، فما صنعت أنت قال : اشتريت به نخلا وأرضا وثمارا وأنهارا بألف دينار فقال له المؤمن : أو فعلت قال : نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل فصلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ثم يموت ويتركها غدا ، اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة ، ثم أصبح فقسمها للمساكين ، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت أضربت به في شيء أتجرت به قال : لا ، قال : فما صنعت أنت قال : كانت ضيعتي قد اشتد على مؤنتها فأشتريت رقيقا

بألف دينار يقومون لي ويعملون لي فيها ، فقال المؤمن : أو فعلت قال : نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعا بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غدا فيتركهم أو يموتون فيتركونه اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار رقيقا في الجنة ، ثم أصبح فقسمها بين المساكين ، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك أضربت به في شيء أتجرت به في شيء قال : لا ، فما صنعت أنت قال : كان أمري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها وبمثلها معها فقال له المؤمن : أو فعلت قال : له نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية فوضعها بين يديه وقال : اللهم إن فلانا تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار ويموت عنها فيتركها أو تموت فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف دينار حوراء عيناء في الجنة ، ثم أصبح فقسمها بين المساكين فبقي المؤمن ليس عنده شيء.
فلبس قميصا من قطن وكساء من صوف ثم جعل يعمل ويحفر

بقوته فقال رجل : يا عبد الله أتؤجر نفسك مشاهرة ، شهرا بشهر تقوم على دواب لي قال : نعم ، فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له : سرقت شعير هذه البارحة ، فلما رأى المؤمن الشدة قال : لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه يطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ويكسيني هذين الثوبين إذا بليا ، فأنطلق يريده فانتهى إلى بابه وهم ممس فإذا قصر في السماء وإذا حوله البوابون فقال لهم : استأذنوا لي صاحب هذا القصر فإنكم إن فعلتم ذلك سره فقالوا له : إنطلق فإن كنت صادقا فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته ونصفه فوقه ثم نام فلما أصبح أتى شريكه فتعرض له فخرج شريكه وهو راكب فلما رآه عرفه فوقف فسلم عليه وصافحه ثم قال له : ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت فأين مالك قال : لا تسألني عنه قال : فما جاء بك قال : جئت أعمل في أرضك هذه تطعمني هذه الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال : لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال : أقرضته من الملأ الوفي قال : من قال : الله ربي وهو مصافحه

فأنتزع يده ثم قال {أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون} وتركه فلما رآه المؤمن لا يلوي عليه رجع وتركه يعيش المؤمن في شدة من الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان ، فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وأنهار وثمار فيقول : لمن هذا فيقال : هذا لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو برقيق لا يحصى عددهم فيقول : لمن هذا فيقال : هؤلاء لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عين فيقول : لمن هذه فيقال : هذه لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يذكر شريكه الكافر فيقول {إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين} فالجنة عالية والنار هاوية فيريه الله شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النار فإذا رآه عرفه المؤمن فيقول {قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون}
بمثل ما قدمت عليه قال : فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر أشد عليه من الموت.

وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أئنا لمدينون} قال : لمحاسبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هل أنتم مطلعون} يقول : مطلعون إليه حتى أنظر إليه في النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سواء الجحيم} قال : وسط الجحيم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {في سواء الجحيم} قال : وسط الجحيم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : رماهم بسهم فاستوى في سوائها * وكان قبولا للهوى والطوارق.
وَأخرَج ابن أبي شيبه وهناد ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله !

{فاطلع فرآه في سواء الجحيم} قال : اطلع ثم التفت إلى أصحابه فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : في الجنة كوى فإذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع فأزداد شكرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال : سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول : في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال : فلان ، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه ، لقد تغير خبره وسبره ، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول : لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال : في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال : هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : علموا أن كل نعيم بعد

الموت يقطعه فقالوا {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل : لا ، قالوا {إن هذا لهو الفوز العظيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يقول الله تعالى لأهل الجنة : (كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون) (المرسلات 43) قال : قول الله (هنيئا) أي لا تموتون فيها ، فعندها قالوا {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون}.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر ثم جثا على ركبتيه فجعل يبكي حتى بل الثرى ثم قال {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
الآيات 62 - 68.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال :

لما ذكر الله شجرة الزقوم افتتن بها الظلمة فقال أبو جهل : يزعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجر {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} أي غذيت بالنار ومنها خلقت {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} قال : يشبهها بذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنا جعلناها فتنة للظالمين} قال : قول أبي جهل : إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه في قوله {طلعها كأنه رؤوس الشياطين}
قال : شعور الشياطين قائمة إلى السماء.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد ، وَابن المنذر عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : بلغنا أن ابن آدم لا ينهش من شجرة الزقوم نهشه إلا نهشت منه مثلها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فلما نفد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى) (القيامة 34 - 35) فسمع أبو جهل فقال : من توعد يا محمد قال : إياك فقال : بم توعدني فقال : أوعدك بالعزيز الكريم فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز

الكريم فأنزل الله (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) (الدخان 43) إلى قوله (ذق إنك أنت العزيز الكريم) فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه فأخرج إليهم زبدا وتمرا فقال : تزقموا من هذا فو الله ما يتوعدكم محمدا إلا بهذا فأنزل الله {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} إلى قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} فقال : في الشوب إنها تختلط باللبن فتشوبه بها فإن لهم على ما يأكلون {لشوبا من حميم}.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا} قال : لمزجا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} قال : يختلط الحميم والغساق قال له : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :

تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا.
وَأخرَج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لشوبا من حميم} قال : يخلط طعامهم ويشاب بالحميم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا
ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء أهل الجنة وأهل النار وقرأ ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} قال : مزجا {ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم} قال : فهم في عناء وعذاب بين نار وحميم ، وتلا هذه

الآية (يطوفون بينها وبين حميم آن) (الرحمن 44).
الآيات 69 - 74.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنهم ألفوا آباءهم} قال : وجدوا آباءهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنهم ألفوا آباءهم} قال : وجدوا آباءهم {ضالين فهم على آثارهم يهرعون} أي مسرعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنهم ألفوا آباءهم ضالين} قال : جاهلين {فهم على آثارهم يهرعون} قال : كهيئة الهرولة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فانظر كيف كان عاقبة المنذرين} قال : كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذب الله.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {إلا عباد الله

المخلصين} قال : الذين استخلصهم الله سبحانه وتعالى.
الآيات 75 - 101.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قال : أجابه الله تعالى.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلى في بيتي فمر بهذه الآية {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قال : صدقت ربنا أنت أقرب من دعي وأقرب من يعطي فنعم المدعي ونعم المعطي ونعم المسؤول ونعم المولى وأنت ربنا ونعم النصير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} قال : من غرق الطوفان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : فالناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام {وتركنا عليه في الآخرين} قال : أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرة.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} يقول : لم يبق إلا ذرية نوح عليه السلام {وتركنا عليه في الآخرين} يقول : يذكر بخير.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : سام وحام ويافث.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وحسنه وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن سمرة رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولد نوح ثلاثة ، سام وحام ويافث ، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير منهم.
وَأَمَّا ولد حام القبط

والبربر والسودان.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : ولد نوح ثلاثة ، فسام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن نوحا عليه السلام اغتسل فرأى ابنه ينظر إليه فقال : تنظر إلي وأنا أغتسل حار الله لونك ، فأسود فهو أبو السودان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتركنا عليه في الآخرين} قال : لسان صدق للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {وتركنا عليه في الآخرين} قال : هو السلام كما قال {سلام على نوح في العالمين}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه {وتركنا عليه في الآخرين} قال : الثناء الحسن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : (وتركنا عليه في الآخرين) قال : السلام والثناء الحسن .

قوله تعالى : (وإن من شيعته لإبراهيم) الآيات.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن من شيعته} قال : من أهل ذريته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن من شيعته لإبراهيم} قال : من شيعة نوح إبراهيم ، على منهاجه وسننه {إذ جاء ربه بقلب سليم} قال : ليس فيه شك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإن من شيعته لإبراهيم} قال : على دينه {إذ جاء ربه بقلب سليم} من الشرك (أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين) إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : رأى نجما طالعا فقال {إني سقيم} قال كايديني في النجوم قال : كلمة من كلام العرب يقول الله عز دينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : كلمة من كلام العرب يقول إذا تفكر ، نظر في النجوم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : في السماء {فقال إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني سقيم} قال : مريض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : طعين

وكانوا يفرون من المطعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : أرسل إليه ملكهم
فقال : إن غدا عيدنا فأخرج قال : فنظر إلى نجم فقال : إن ذا النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي {فتولوا عنه مدبرين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فتولوا عنه مدبرين} قال : فنكصوا عنه منطلقين {فراغ} قال : فمال {إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون} يستنطقهم منطلقين {ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين} أي فأقبل عليهن فكسرهن {فأقبلوا إليه يزفون} قال : يسعون {قال أتعبدون ما تنحتون} من الأصنام {والله خلقكم وما تعملون} قال : خلقكم وخلق ما تعملون بأيديكم {فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين} قال : فما ناظرهم الله بعد ذلك حتى أهلكهم {وقال إني ذاهب إلى ربي} قال : ذاهب بعمله وقلبه ونيته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : خرج قوم إبراهيم عليه السلام إلى عيد لهم وأرادوا إبراهيم عليه السلام على الخروج فأضطجع على ظهره و{فقال إني سقيم} لا أستطيع الخروج وجعل ينظر إلى السماء فلما خرجوا أقبل على آلهتهم فكسرها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{فأقبلوا إليه يزفون} قال : يجرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فأقبلوا إليه يزفون} قال : ينسلون ، والزفيف النسلان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {يزفون} قال : يسعون.
وأخرج البخاري في خلق أفعال العباد والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله صانع كل صانع وصنعته ، وتلا عند ذلك {والله خلقكم وما تعملون}.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال {قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم} قال : فحبسوه في بيت وجمعوا له حطبا حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول :

لئن عافاني الله لأجمعن حطبا لإبراهيم فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب حتى إن كانت
الطير لتمر بها فتحترق من شدة وهجها فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان فرفع إبراهيم عليه السلام رأسه إلى السماء فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة إبراهيم يحرق فيك فقال : أنا أعلم به وإن دعاكم فأغيثوه ، وقال إبراهيم عليه السلام حين رفع رأسه إلى السماء : اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض ليس في الأرض ولد يعبدك غيري حسبي الله ونعم الوكيل فناداها (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) (الأنبياء 69).
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} قال : حين هاجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {رب هب لي من الصالحين} قال : ولدا صالحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : بولادة إسحاق عليه السلام.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فبشرناه بغلام حليم} قال : بشر بإسحاق قال : ولم يثن الله بالحلم على أحد إلا على إبراهيم وإسحاق عليهما السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسماعيل عليه السلام قال : وبشره الله بنبوة إسحاق بعد ذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر من طريق الزهري عن القاسم رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما هو إسحاق عليه السلام وكان ذلك بمنى ، وقال كعب رضي الله عنه : هو إسحاق عليه السلام وكان ذلك ببيت المقدس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : إسماعيل عليه السلام.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسحاق عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبيد بن عمير رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسحاق عليه السلام.

من آية 102 - 111.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بلغ معه السعي} قال : العمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فلما بلغ معه السعي} قال : أدرك معه العمل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلما بلغ معه السعي} قال : لما مشى مع أبيه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {فلما بلغ معه السعي} قال : لما مشى فأسر في نفسه حزنا في قراءة عبد الله {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فلما بلغ معه السعي} قال : لما شب حتى أدرك سعيه سعي إبراهيم في العمل {فلما أسلما} قال : سلما ما أمرا به {وتله للجبين} قال : وضع وجهي للأرض ، ففعل فلما أدخل يده ليذبحه {وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}

فأمسك
يده ورفع رأسه فرأى الكبش ينحط إليه حتى وقع عليه فذبحه.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضح عليك دمي فشده فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه نودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}.
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ ثم أتى به الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع فساخ فلما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق عليهما السلام قال لأبيه : يا أبت أوثقني لا أضطرب فينتضح عليك دمي إذا ذبحتني فشده فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه ، نودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما !

{وإن من شيعته لإبراهيم} قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه {بلغ معه السعي} شب حتى بلغ سعيه سعي إبراهيم في العمل {فلما أسلما} سلما ما أمرا به {وتله} وضع وجهه للأرض فقال : لا تذبحني وأنت تنظر عسى أن ترحمني فلا تجهز علي وأن أجزع فأنكص فأمتنع منك ولكن أربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي إلى الأرض فلما أدخل يده ليذبحه فلم تصل المدية حتى نودي {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} فأمسك يده فذلك قوله {وفديناه بذبح عظيم} بكبش {عظيم} متقبل ، وزعم ابن عباس رضي الله عنهما أن الذبيح إسماعيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا الأنبياء وحي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء وحي ، ثم تلا هذه الآية {إني أرى في المنام أني

أذبحك فانظر ماذا ترى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء عليهم السلام
حق ، إذا رأوا شيئا فعلوه.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أمر إبراهيم عليه السلام بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم عليه السلام ثم ذهب به جبريل عليه السلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات {وتله للجبين} وعلى إسماعيل عليه السلام قميص أبيض فقال : يا أبت ليس لي ثوب تكفني فيه غيره فأخلعه حتى تكفني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} فالتفت فإذا كبش أبيض أعين أقرن فذبحه.
وأخرج ابن جرير والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال : المفدى إسماعيل وزعمت اليهود إنه إسحاق ، وكذبت اليهود.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم

وصححه من طريق الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد ويوسف بن ماهك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق يوسف بن مهران وأبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قالا : الذي أراد إبراهيم عليه السلام ذبحه إسماعيل عليه السلام.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي ومجاهد والحسن ويوسف بن مهران ومحمد بن كعب القرظي ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش.
وأخرج ابن جرير والآمدي في مغازيه والخلعي في فوائده والحاكم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن عبد الله بن سعيد

الصنايجي قال : حضرنا مجلس معاوية بن أبي
سفيان فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق أيهما الذبيح فقال معاوية : سقطتم على الخبير كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه إعرابي فقال : يا رسول الله خلفت الكلأ يابسا والماء عابسا هلك العيال وضاع المال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه فقال القوم : من الذبيحان يا أمير المؤمنين قال : إن عبد المطلب لما حفر زمزم نذر لله أن سهل حفرها أن ينحر بعض ولده فلما فرغ أسهم بينهم وكانوا عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا : أرض ربك وأفد ابنك ، ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح وإسماعيل الثاني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله وذلك أن الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح {وبشرناه بإسحاق} وقال (فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) (هود الآية 71) بابن ، وَابن ابن فلم يكن يأمر بذبح إسحاق وله فيه موعود بما

وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال سألت خوات بن جبير رضي الله عنه عن ذبيح الله قال : إسماعيل عليه السلام لما بلغ سبع سنين رأى إبراهيم عليه السلام في النوم في منزله بالشام أن يذبحه فركب إليه على البراق حتى جاءه فوجده عند أمه فأخذ بيديه ومضى به لما أمر به وجاء الشيطان في صورة رجل يعرفه فذبح طرفي حلقه فإذا هو نحر في نحاس فشحذ الشفرة مرتين أو ثلاثا بالحجر ولا تحز قال إبراهيم : إن هذا الأمر من الله فرفع رأسه فإذا هو بوعل واقف بين يديه فقال إبراهيم : قم يا بني قد نزل فداؤك فذبحه هناك بمنى.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي من طريق عطاء بن يسار رضي الله عنه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : الذبيح إسماعيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد والحسن رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل.

وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة رضي
الله عنه يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : إن الذي أمر بذبحه إسماعيل.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن محمد بن كعب رضي الله عنه ، أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أرسل إلى رجل كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان من علمائهم فسأله : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وأن اليهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب فأجعلني رابعا قال : إن إبراهيم ألقي في النار فصبر من أجلي وإن إسحاق جاد لي بنفسه وأن يعقوب غاب عنه يوسف وتلك بلية لم تنلك).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب يقولون يا رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب لأي شيء يقولون ذلك قال : لأن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا إختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بنفسه فهو على ما سواه أجود وأما

يعقوب فما ابتليت ببلاء إلا ازداد بي حسن الظن.
وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن داود سأل ربه مسأله فقال : اجعلني مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فأوحى الله إليه أني : ابتليت إبراهيم بالنار فصبر وابتليت إسحاق بالذبح فصبر وابتليت يعقوب فصبر).
وأخرج الدارقطني في الأفراد والديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن مردويه عن بهار وكانت له صحبة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إسحاق ذبيح.

وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني عن أبي الأحوص قال : فاخر أسماء بن خارجة عند ابن مسعود فقال : أنا ابن الأشياخ الكرام فقال ابن مسعود رضي الله عنه : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس قال يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي أو شفاعتي فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكون أعم لأمتي ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لعجلت دعوتي إن الله لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له : يا ابا إسحاق سل تعطيه قال : أما والله لا تعجلها قبل نزغات الشيطان اللهم من مات لا يشرك بك شيئا قد أحسن فأغفر له.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي الله عنه ، أنه قال

لأبي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق قال : بلى ، قال : رأى إبراهيم أن يذبح إسحاق قال الشيطان : والله لئن لم أفتن عند هذه آل إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا فتمثل الشيطان رجلا يعرفونه فأقبل حتى خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارة فقال : أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق قالت : لبعض حاجته قال : لا والله قالت : فلم غدا قال : ليذبحه قالت : لم يكن ليذبح ابنه قال : بلى والله قالت سارة : فلم يذبحه قال : زعم أن ربه أمره بذلك قالت : قد أحسن أن يطيع ربه إن كان أمره بذلك ، فخرج الشيطان فأدرك إسحاق وهو يمشي على أثر أبيه قال : أين أصبح أبوك غاديا قال : لبعض حاجته قال : لا والله بل غدا بك ليذبحك قال : ما كان أبي ليذبحني قال : بلى قال : لم قال : زعم إن الله أمره بذلك قال إسحاق : فوالله لئن أمره ليطيعنه ، فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم فقال أين أصبحت غاديا بابنك قال : لبعض حاجتي قال : لا والله ما غدوت به إلا لتذبحه ، قال : ولم أذبحه قال : زعمت أن الله أمرك بذلك فقال : والله لئن كان الله أمرني لأفعلن ، قال فتركه ويئس أن يطاع فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلم إسحاق عافاه الله وفداه بذبح عظيم ، فقال : قم أي بني فإن الله قد عافاك فأوحى الله إلى إسحاق : إني قد
أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها قال : فإني أدعوك أن تستجيب لي ، أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة .

وأخرج ابن جرير عن ابن أبي الهذيل وأبي ميسرة ، وَابن سابط قالوا : الذبيح إسحاق ..
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال الذبيح إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق .

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ذبح إسحاق سار به من منزله إلى المنحر بمنى مسيرة شهر في غداة واحدة فلما صرف عنه الذبح وأمر بذبح الكبش ذبحه ثم راح به وراحا إلى منزله في عشية واحدة مسيرة شهر طويت له الأودية والجبال.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ، أن يذبح إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مسروق رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن عساكر عن نوح بن حبيب قال : سمعت الشافعي يقول كلاما ما سمعت قط أحسن منه سمعته يقول : قال خليل الله إبراهيم لولده في وقت ما قص عليه ما رأى ماذا ترى أي ماذا تشير به ليستخرج

بهذه اللفظة منه ذكر التفويض والصبر والتسليم والإنقياد لأمر الله لا لمواراته لدفع أمر الله تعالى {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} قال الشافعي رضي الله عنه والتفويض هو الصبر والتسليم هو الصبر والإنقياد هو ملاك الصبر فجمع له الذبيح جمع ما ابتغاه بهذه اللفظة اليسيرة.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن فضيل بن عياض قال : أضجعه ووضع
الشفرة فأقلب جبريل الشفرة فقال : يا أبت شدني فإني أخاف أن ينتضح عليك من دمي ثم قال : يا أبت حلني فإني أخاف أن تشهد علي الملائكة إني جزعت من أمر الله تعالى ،.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أتي إبراهيم في النوم فقيل له : أوف بنذرك الذي نذرت ، أن الله رزقك غلاما من سارة أن تذبحه ، فقال : يا إسحاق انطلق فقرب قربانا إلى الله فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق به حتى إذا ذهب به بين الجبال قال الغلام : يا أبت أين قربانك {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} قال له إسحاق : يا أبت اشدد رباطي

حتى لا أضطرب وأكفف عني ثيابك حتى لا ينضح عليها من دمي شيء فتراه سارة فتحزن وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي فإذا أتيت سارة فأقرأ عليها السلام مني ، فأقبل عليه إبراهيم بقلبه وهو يبكي وإسحاق يبكي ثم أنه جر السكين على حلقه فلم تنحر وضرب الله على حلق إسحاق صفيحة من نحاس فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه وحز من قفاه ، وذلك قول الله {فلما أسلما} يقول : سلما لله الأمر {وتله للجبين} فنودي يا إبراهيم (قد صدقت الرؤيا) بإسحاق فالتفت فإذا هو بكبش فأخذه وحل عن ابنه وأكب عليه يقبله وجعل يقول : اليوم يا بني وهبت لي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله لما أمر إبراهيم بذبح ابنه قال له : يا بني خذ الشفرة فقال الشيطان : هذا أوان أصيب حاجتي من آل إبراهيم فلقي إبراهيم متشبها بصديق له فقال له : يا إبراهيم أين تعمد قال : لحاجة قال : والله ما تذهب إلا لتذبح ابنك من أجل رؤيا رأيتها والرؤيا تخطى ء وتصيب وليس في رؤيا رأيتها ما تذهب إسحاق فلما رأى أنه

لم يستفد من إبراهيم شيئا ، لقي إسحاق فقال : أين تعمد يا إسحاق قال : لحاجة إبراهيم قال : إن إبراهيم إنما يذهب بك ليذبحك فقال إسحاق : وما شأنه يذبحني وهل رأيت أحدا يذبح ابنه قال : يذبحك لله قال : فإن يذبحني لله أصبر والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد من إسحاق شيئا جاء إلى سارة فقال : أين يذهب إسحاق قالت : ذهب مع إبراهيم
لحاجته فقال : إنما ذهب به ليذبحه فقالت : وهل رأيت أحدا يذبح ابنه قال : يذبحه لله قالت : فإن ذبحه لله فإن إبراهيم وإسحاق لله والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد منهما شيئا أتى الجمرة فانتفخ حتى سد الوادي ومع إبراهيم الملك فقال الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فأفرج له عن طريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثانية فانتفخ حتى سد الوادي فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة فأفرج له عن الطريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثالثة فانتفخ حتى سد الوادي عليه فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فأفرج له عن الطريق حتى أتى المنحر.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما سميت تروية وعرفة لأن إبراهيم عليه السلام أتاه الوحي في منامه : أن يذبح ابنه فرأى في نفسه أمن الله هذا أم من الشيطان فأصبح صائما فلما كان ليلة عرفة أتاه الوحي فعرف أنه الحق من ربه فسميت عرفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلما أسلما} قال : أسلم هذا نفسه لله وأسلم هذا ابنه لله {وتله} أي كبه لفيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {فلما أسلما} قال : اتفقا على أمر واحد {وتله للجبين} قال : أكبه للجبين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتله للجبين} قال : أكبه على وجهه.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتله للجبين} قال : صرعه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه قال : يا أبتاه خذ بناصيتي واجلس بين كتفي حتى لا أؤذيك إذا مسني حر السكين ففعل فانقلبت السكين قال : مالك يا أبتاه قال : انقلبت
السكين قال : فاطعن بها طعنا قال : فتثنت قال : مالك يا أبتاه قال : تثنت فعرف الصدق ففداه الله بذبح عظيم وهو إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتله للجبين} قال : ساجدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح رضي الله عنه قال : لما أن وضع السكين على حلقه انقلبت صارت نحاسا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عثمان بن حاضر قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق ترك أمه سارة في مسجد الخيف وذهب بإسحاق معه فلما بلغ حيث أراد أن يذبحه قال إبراهيم لمن كان معه : استأخروا مني وأخذ بيد ابنه إسحاق فعزله فقال : يا بني {إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا

ترى} قال له إسحاق : يا أبت ربي أمرك قال إبراهيم : نعم يا إسحاق قال إسحاق : {افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما} لأمر الله {وتله} قال إسحاق لأبيه : يا أبت أوثقتني لأطيش بك نودي {يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} وهبط عليه الكبش من ثبير وقد قيل : إنه ارتعى في الجنة أربعين سنة فلما كشف عن إسحاق دعا ربه ورغب إليه وحمده وأوحى إليه : أن أدع فإن دعاءك مستجاب فقال : اللهم من خرج من الدنيا لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة ، قال ابن خاضر : إن إبراهيم كان قال لربه : يا رب أي ولدي أذبح فأوحى الرب إليه : أحبهما إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه : أن داود قال : يا رب إن الناس يقولون رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني لهم رابعا ، فأوحى الله إليه : إن تلك بلية لم تصل إليك بعد ، إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا اختارني ووفى بجميع ما أمرته ، وإن إسحاق جاد لي بنفسه ، وأن يعقوب أخذت خاصته غيبته عنه طول الدهر فلم ييأس من روحي.
وأخرج سعد بن منصور ، وَابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : خرج

إبراهيم عليه السلام بابنه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام فتمثل له الشيطان في صورة رجل فقال له : أين تذهب فقال إبراهيم : عليه السلام ما لك ولذلك ،.
أذهب في حاجتي قال : فإنك تزعم أنك تذهب بابنك فتذبحه قال : والله إن كان الله أمرني بذلك إني لحقيق أن أطيع ربي ثم ذهب إلى ابنه وهو وراءه يمشي فقال له : أين تذهب قال : أذهب مع أبي فقال : إن أباك يزعم أن الله أمره بذبحك فقال له مثل ما قال إبراهيم ثم انطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كانوا على جبل قال لابنه {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} ويا أبت أوثقني رباطا لا ينتضح عليك من دمي فقام إليه إبراهيم بالشفرة فبرك عليه فجعل ما بين لبته إلى منحره نحاسا لا تحيك فيه الشفرة ثم إن إبراهيم التفت وراء فإذا هو بالكبش فقال له : أي بني قم فإن الله فداك فذبح إبراهيم الكبش وترك ابنه ثم إن إبراهيم عليه السلام قال : يا بني إن الله قد أعطاك بصبرك اليوم فسل ما شئت تعطى قال : فإني أسأل الله أن لا يلقاه له عبد مؤمن به يشهد أن لا إله إلا الله وحده

لا شريك له إلا غفر له وأدخله الجنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : كبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا.
وأخرج البخاري في تاريخه عن علي بن أبي طالب قال : هبط الكبش الذي فدى ابن إبراهيم من هذه الخيبة على يسار الجمرة الوسطى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي التي ذبح عليها إبراهيم عليه السلام فدى ابنه إسحاق هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه وكان مخزونا في الجنة حتى فدي به إسحاق عليه السلام.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبيهقي في "سُنَنِه" عن امرأة من بني سليم قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة فسألت عثمان لما

دعاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : قال إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت الكعبة فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فدى الله إسماعيل عليه السلام بكبشين أملحين أقرنين أعينين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وفديناه بذبح عظيم} قال : بكبش متقبل.
وأخرج البغوي عن عطاء بن السائب رضي الله عنه قال : كنت قاعدا بالمنحر مع رجل من قريش فحدثني القرشي قال : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إن الكبش الذي نزل على إبراهيم في هذا المكان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : خرج عليه كبش من الجنة وقد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا فأرسل إبراهيم عليه السلام ابنه واتبع الكبش فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات فأفلته عنده فجاء الجمرة الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع

حصيات ثم أفلته عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان اسم كبش إبراهيم ، جرير.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال له رجل : نذرت لأنحرن نفسي فقال ابن عباس رضي الله عنهما (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (الأحزاب 21) ثم تلا {وفديناه بذبح عظيم} فأمره بكبش فذبحه.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نذر أن يذبح نفسه فليذبح كبشا ثم تلا (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه لما فدى الله إسحاق من الذبح أتاه

جبريل عليه السلام فقال : يا إسحاق إنه لم يصبر أحد من الأولين
والآخرين يشهد أن لا إله إلا الله فاغفر له ، سبقني أخي إسحاق عليه السلام إلى الدعوة.
الآيات 112 - 122.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} قال : إنما بشر به نبيا حين فداه الله من الذبح ولم تكن البشارة بالنبوة حين مولده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وبشرناه بإسحاق} قال : بشرى نبوة ، بشر به مرتين حين ولد ، وحين نبى ء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة قال : قلت لابن المسيب {وفديناه بذبح عظيم} هو إسحاق قال معاذ الله ، ولكنه إسماعيل عليه السلام فثوب بصبره إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وبشرناه بإسحاق نبيا} قال : بشر به بعد ذلك نبيا ، بعدما كان هذا

من أمره لما جاد لله بنفسه {وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين} أي مؤمن وكافر ، وفي قوله {ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم}
أي من آل فرعون {وآتيناهما الكتاب المستبين} قال : التوراة {وهديناهما الصراط المستقيم} قال : الإسلام {وتركنا عليهما في الآخرين} قال : أبقى الله عليهما الثناء الحسن في الآخرين.
الآيات 123 - 132.
أَخْرَج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن إلياس لمن المرسلين} الآيات ، قال : إنما سمي بعلبك لعبادتهم البعل وكان موضعهم البدء فسمي بعلبك.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وإن إلياس} قال : إن الله تعالى بعث إلياس إلى بعلبك وكانوا قوما يعبدون الأصنام وكانت ملوك بني إسرائيل متفرقة على العامة كل ملك على ناحية يأكلها وكان الملك الذي كان إلياس معه يقوم له أمره ويقتدي برأيه وهو على هدى من بين أصحابه حتى وقع إليهم قوم من عبدة الأصنام فقالوا له : ما يدعوك إلا إلى الضلالة والباطل وجعلوا يقولون له : أعبد هذه الأوثان التي تعبد الملوك ودع ما أنت عليه . فقال الملك لإلياس : يا إلياس

والله ما تدعو إلا إلى الباطل إني أرى ملوك بني إسرائيل كلهم قد عبدوا الأوثان التي تفيد الملوك ، وهم على ما نحن عليه ، يأكلون ويشربون وهم في ملكهم يتقلبون وما تنقص دنياهم ، من ربهم الذي تزعم أنه باطل وما لنا عليهم من فضل ، فاسترجع إلياس فقام شعر رأسه وجلده فخرج عليه إلياس ، قال الحسن رضي الله عنه : وإن الذي زين لذلك الملك امرأته وكانت قبله تحت ملك جبار وكان من الكنعانيين في طول وجسم وحسن فمات زوجها فاتخذت تمثالا
على صورة بعلها من الذهب وجعلت له حدقتين من ياقوتتين وتوجته بتاج مكلل بالدر والجوهر ثم أقعدته على سرير تدخل عليه فتدخنه وتطيبه وتسجد له ثم تخرج عنه فتزوجت بعد ذلك هذا الملك الذي كان إلياس معه وكانت فاجرة قد قهرت زوجها ووضعت البعل في ذلك البيت وجعلت سبعين سادنا فعبدوا البعل فدعاهم إلياس إلى الله فلم يزدهم ذلك إلا بعدا ، فقال إلياس : اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر بك وعبادة غيرك فغير ما بهم من نعمتك فأوحى الله إليه : إني قد جعلت أرزاقهم بيدك ، فقال : اللهم أمسك عنهم القطر ثلاث سنين فأمسك الله عنهم القطر وأرسل إلى الملك فتاه اليسع فقال : قل له إن إلياس يقول لك إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله واتبعت هوى

امرأتك فاستعد للعذاب والبلاء فانطلق اليسع فبلغ رسالته للملك فعصمه الله تعالى من شر الملك وأمسك الله عنهم القطر حتى هلكت الماشية والدواب وجهد الناس جهدا شديدا ، وخرج إلياس إلى ذروة جبل فكان الله يأتيه برزقه وفجر له عينا معينا لشرابه وطهوره حتى أصاب الناس الجهد فأرسل الملك إلى السبعين فقال لهم : سلوا البعل أن يفرج ما بنا فأخرجوا أصنامهم فقربوا لها الذبائح وعطفوا عليها وجعلوا يدعون حتى طال ذلك بهم فقال لهم الملك : إن إله إلياس كان أسرع إجابة من هؤلاء فبعثوا في طلب إلياس فأتى فقال : أتحبون أن يفرج عنكم قالوا : نعم ، قال : فأخرجوا أوثانكم فدعا إلياس عليه السلام ربه أن يفرج عنهم فارتفعت سحابة مثل الترس ، وهم ينظرون ثم أرسل الله عليهم المطر فأغاثهم فتابوا ورجعوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال {إلياس} هو إدريس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان يقال أن {إلياس} هو

إدريس عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : أربعة أنبياء اليوم أحياء ، اثنان في الدنيا ، إلياس والخضر ، واثنان في السماء ، عيسى وإدريس.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : الخضر عليه السلام من وفد فارس وإلياس عليه السلام من بني إسرائيل يلتقيان كل عام بالموسم.
وأخرج ابن عساكر عن وهب رضي الله عنه قال : دعا إلياس عليه السلام ربه أن يريحه من قومه فقيل له : أنظر يوم كذا وكذا ، فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس فإذا رأيت دابة لونها مثل لون النار فاركبها فجعل يتوقع ذلك اليوم فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس لونه كلون النار حتى وقف بين يديه فوثب عليه فانطلق به فكان آخر العهد به فكساه الله الريش وكساه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار في الملائكة عليهم السلام.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : إلياس عليه السلام موكل بالفيافي ، والخضر عليه السلام بالجبال وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى وإنهما يجتمعان

كل عام بالموسم.
وأخرج الحاكم عن كعب رضي الله عنه قال : كان إلياس عليه السلام صاحب جبال وبرية يخلو فيها يعبد ربه عز وجل وكان ضخم الرأس خميص البطن دقيق الساقين في صدره شامة حمراء وإنما رفعه الله تعالى إلى أرض الشام لم يصعد به إلى السماء وهو الذي سماه الله ذا النون.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخضر هو إلياس.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وضعفه عن أنس رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفورة المثاب لها فأشرفت على الوادي فإذا طوله ثلثمائة ذراع وأكثر ، فقال : من أنت قلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أين هو قلت : هو ذا يسمع كلامك قال : فأته وأقره مني السلام وقل له أخوك إلياس يقرئك السلام ، فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فجاء حتى عانقه وقعدا يتحدثان فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كل سنة

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35