كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير

قوله {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك}
قال : تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم : إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق - يريدون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم : بل اقتلوه وقال بعضهم : بل أخرجوه ، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فبات علي رضي الله عنه على فراش النَّبِيّ وخرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا رضي الله عنه يحسبونه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوه عليا رضي الله عنه رد الله مكرهم فقالوا : أين صاحبك هذا قال : لا أدري ، فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم فصعدوا في الجبل فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا : لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاث ليال.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة واعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل فلما رأوه قالوا : من أنت قال : شيخ من أهل نجد سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح ، قالوا :

أجل فادخل فدخل معهم فقال : انظروا في شأن هذا الرجل - فوالله - ليوشكن أن يواتيكم في أمركم بأمره ، فقال قائل : احبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء : زهير ونابغة فإنما هو كأحدهم فقال عدو الله الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي والله ليخرجن رائد من محبسه لأصحابه فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم ثم يمنعوه منكم فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم فانظروا في غير هذا الرأي ، فقال قائل : فأخرجوه من بين أظهركم فاستريحوا منه فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وأين وقع وإذا غاب عنكم أذاه استرحتم منه فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وكان أمره في غيركم ، فقال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذه القلوب بما تستمع من حديث والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب لتجتمعن

إليه ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم ، قالوا : صدق - والله - فانظروا رايا غير هذا ، فقال أبو جهل : والله لأشيرن عليكم برأي ما أرى غيره ، قالوا : وما هذا قال : تأخذوا من كل قبيلة غلاما وسطا شابا مهدا ثم يعطى كل غلام منهم سيفا
صارما ثم يضربوه به - يعني ضربة رجل واحد - فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلهم وإنهم إذا أرادوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه ، فقال الشيخ النجدي : هذا - والله - هو الرأي القول ما قال الفتى لا أرى غيره فتفرقوا على ذلك وهم مجتمعون له ، فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبره بمكر القوم فلم يبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته تلك الليلة وأذن الله له عند ذلك في الخروج وأمرهم بالهجرة وافترض عليهم القتال فأنزل الله (أذن للذين يقاتلون) (الحج الآية 39) فكانت هاتان الآيتان أول ما نزل في الحرب

وأنزل بعد قدومه المدينة يذكره نعمته عليه {وإذ يمكر بك الذين كفروا} الآية.
وأخرج سنيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال لما ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه قال له عمه أبو طالب : هل تدري ما ائتمروا بك قال : يريدون أن يسجنوني أو يقتلوني أو يخرجوني ، قال : من حدثك بهذا قال : ربي ، قال : نعم الرب ربك استوص به خيرا ، قال : أنا أستوصي به بل هو يستوصي بي.
وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن عمير رضي الله عنه عن المطلب بن أبي وداعة أنا أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما يأتمر بك قومك قال : يريدون أن يجسنوني أو يقتلوني أو يخرجوني ، قال : من حدثك بهذا قال : ربي ، قال : نعم الرب ربك فاستوص به خيرا ، قال : أنا أستوصي به بل هو يستوصي بي : فنزلت {وإذ يمكر بك الذين كفروا}.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه {وإذ يمكر بك الذين

كفروا} قال : هي مكية.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الأيام سئل عن يوم السبت فقال هو يوم مكر وخديعة ، قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله قال : فيه مكرت قريش في دار الندوة إذ قال الله {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ليثبتوك} يعني ليوثقوك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : دخلوا دار الندوة يأتمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : لا يدخل عليكم أحد ليس منكم فدخل معهم الشيطان في صورة شيخ من أهل نجد فتشاوروا فقال أحدهم : نخرجه : فقال الشيطان : بئسما رأى هذا هو قد كاد أن

يفسد فيما بينكم وهو بين أظهركم فكيف إذا أخرجتموه فافسد الناس ثم حملهم عليكم يقاتلونكم ، قالوا : نعم ما رأى هذا ، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فخرج هو وأبو بكر رضي الله عنه إلى غار في جبل يقال ثور وقام علي بن أبي طالب على فراش النَّبِيّ وباتوا يحرسونه يحسبون أنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه فإذا هم بعلي رضي الله عنه ، فقالوا : أين صاحبك فقال : لا أدري ، فاقتصوا أثره حتى بلغوا الغار ثم رجعوا ومكث فيه هو وأبو بكر رضي الله عنه ثلاث ليال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه ، أن قريشا اجتمعت في بيت وقالوا : لا يدخل معكم اليوم إلا من هو منكم فجاء إبليس فقال له : من أنت قال : شيخ من أهل نجد وأنا ابن أختكم ، فقالوا : ابن أخت القوم منهم

فقال بعضهم : أوثقوه ، فقال : أيرضى بنو هاشم بذلك فقال بعضهم : أخرجوه ، فقال : يؤويه غيركم ، فقال أبو جهل : ليجتمع من كل بني أب رجل فيقتلوه ، فقال إبليس : هذا الأمر الذي قال الفتى ، فأنزل الله تعالى هذه الآية {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك} إلى آخر الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك} قال : كفار قريش أرادوا ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج من مكة.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : شرى علي رضي الله عنه نفسه ولبس ثوب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه وكان المشركون يحسبون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت قريش تريد أن تقتل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجعلوا يرمقون عليا ويرونه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجعل علي رضي الله يتصور فإذا هو علي رضي الله عنه فقالوا : إنك للئيم إنك لتتصور وكان صاحبك لا يتصورك ولقد استنكرناه منك

وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن الحسين رضي الله عنه وقال في ذلك : وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق والحجر رسول الله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الإله من المكر وبات رسول الله في الغار آمنا * وفي حفظ من الله وفي ستر وبت أراعيه وما يتهمونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر.
الآية 31.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال قتل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبرا عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وكان المقداد أسر النضر فلما أمر بقتله قال المقداد : يا رسول الله أسيري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول : وفيه أنزلت هذه الآية {وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السيد رضي الله عنه قال : كان النضر بن الحارث يختلف إلى الحيرة فيسمع سجع أهلها وكلامهم فلما قدم إلى مكة سمع كلام

النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن فقال : {قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين}.
الآيات 32 - 34
أخرج البخاري ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال أبو جهل بن هشام {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} فنزلت {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذكر لنا أنها أنزلت في أبي جهل بن هشام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} قال : نزلت في النضر بن الحارث.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (إن كان هذا هو الحق من عندك): قول النضر بن الحارث بن كلدة .

وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : نزلت في النضر {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب} ص الآية 16 ، (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) (الأنعام الآية 94) و(سأل سائل بعذاب واقع) (المعارج الآية 1) قال عطاء رضي الله عنه : لقد نزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله.
وأخرج ابن مروديه عن بريدة رضي الله عنه قال : رأيت عمرو بن العاص واقفا على فرس يوم أحد وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فاخسف بي وبفرسي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون : لبيك لا شريك لك لبيك ، فيقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قد قد ، ويقولون : لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك ويقولون : غفرانك غفرانك ، فأنزل الله تعالى {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} الآية ، فقال ابن عباس رضي الله عنه : كان فيهم أمانان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والاستغفار فذهب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار {وما لهم ألا يعذبهم الله} قال : هو عذاب الآخرة وذلك عذاب الدنيا.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قالا : قالت قريش

بعضها
لبعض : محمد صلى الله عليه وسلم أكرمه الله من بيننا {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} الآية ، فلما أمسوا ندموا على ما قالوا فقالوا : غفرانك اللهم ، فأنزل الله {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} إلى قوله {لا يعلمون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن أبزي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأنزل الله {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأنزل الله {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} فلما خرجوا أنزل الله {وما لهم ألا يعذبهم الله} الآية فأذن في فتح مكة فهو العذاب الذي وعدهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطية رضي الله عنه في قوله {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} يعني المشركين حتى يخرجك منهم {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} قال : يعني المؤمنين ثم أعاد المشركين فقال {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما كان الله معذبهم وهم

يستغفرون} يقول : لو استغفروا وأقروا بالذنوب لكانوا مؤمنين ، وفي قوله {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} يقول : وكيف لا أعذبهم وهم لا يستغفرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} قال : بين أظهرهم {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} يقول : وما كان الله معذبهم وهو لا يزال الرجل منهم يدخل في الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} قال : وهم يدخلون في الإسلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار رضي الله عنه قال : سئل سعيد بن جبير رضي الله عنه عن الاستغفار فقال : قال الله {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} يقول : يعملون على الغفران وعلمت أن ناسا سيدخلون جهنم ممن

يستغفرون بألسنتهم ممن يدعي الإسلام وسائر الملل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة والحسن رضي الله عنهما في قوله {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} قالا : نسختها الآية التي تليها {وما لهم ألا يعذبهم الله} فقوتلوا بمكة فأصابهم فيها الجوع والحصر.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي مالك رضي الله عنه {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} يعني أهل مكة {وما كان الله معذبهم} وفيهم المؤمنون يستغفرون ، وأخرحج البيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه قال : إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم أما داءكم فذنوبكم وأما دواؤكم فالاستغفار.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : إن العبد ليذنب الذنب الصغير فيحتقره ولا يندم عليه ولا يستغفر منه فيعظم عند الله حتى يكون مثل

الطود ويذنب الذنب فيندم عليه ويستغفر منه فيصغر عند الله عز وجل حتى يعفو له.
وأخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الله علي أمانين لأمتي {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة.
وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان فيكم أمانان مضى أحدهما وبقي الآخر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم فأمان قبضه الله تعالى إليه وأمان بقي فيكم قوله {وما كان الله ليعذبهم} الآية

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم ، وَابن عساكر عن أبي موسى رضي الله عنه قال : إنه قد كان فيكم أمانان مضى أحدهما وبقي الآخر {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مضى بسبيله وأما الاستغفار فهو كائن إلى يوم القيامة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان في
هذه الأمة أمانان : رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار فذهب أمان - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - وبقي أمان يعني الاستغفار.
وأخرج أحمد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله.
وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله : إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، قال الرب : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني

وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ قال : من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي ، وَابن ماجة عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن استطعتم أن تكثروا من الاستغفار فافعلوا فإنه ليس شيء أنجح عند الله ولا أحب إليه منه.
وأخرج أحمد في الزهد عن مغيث بن أسماء رضي الله عنه قال : كان رجل ممن كان

قبلكم يعمل بالمعاصي فبينما هو ذات يوم يسير إذ تفكر فيما سلف منه فقال : اللهم غفرانك ، فأدركه الموت على تلك الحال فغفر له.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : طوبى لمن وجد في صحيفته بندا من الاستغفار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : من قال : أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه خمس مرات غفر له وإن كان عليه مثل زبد البحر.
وأخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله فصلى رسول الله فقام فلم
يكد يركع ثم ركع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك ثم نفخ في آخر سجوده ثم قال : رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك ، ففرغ رسول الله من صلاته وقد

انمخصت الشمس.
وأخرج الديلمي عن عثمان بن أبي العاص قال : قال رسول الله في الأرض أمانا : أنا أمان والاستغفار أمان وأنا مذهوب بي ويبقى أمان الاستغفار فعليكم بالاستغفار عند كل حدث وذنب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} قال : ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} يقول : وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان : وهو الاستغفار ، وقال للكافر {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب}) (آل عمران الآية 179) فيميز الله أهل السعادة من أهل الشقاوة {وما لهم ألا يعذبهم الله} فعذبهم يوم بدر بالسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {وما كان الله معذبهم وهم

يستغفرون} ثم استثنى أهل الشرك فقال {وما لهم ألا يعذبهم الله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والنحاس وأبو الشيخ عن الضحاك {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} قال : المشركين الذين بمكة {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} قال : المؤمنين بمكة {وما لهم ألا يعذبهم الله} قال : كفار مكة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وما لهم ألا يعذبهم الله} قال : عذابهم فتح مكة.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي اله عنه {وما لهم ألا يعذبهم الله} وهم يجحدون آيات الله ويكذبون رسله وإن كان فيهم ما يدعون.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله
{وهم يصدون عن المسجد الحرام} أي من آمن بالله وعبده أنت ومن اتبعك ، {وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون} الذين يخرجون منه ويقيمون الصلاة عنده أي أنت ومن آمن بك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن أولياؤه إلا المتقون} قال : من كانوا حيث كانوا.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه : اجمع لي قومك فجمعهم فلما حضروا باب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل عمر رضي الله عنه عليه فقال : قد جمعت لك قومي ، فسمع ذلك الأنصار فقالوا : قد نزل في قريش وحي ، فجاء المستمع والناظر ما يقال لهم فخرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقام بين أظهرهم فقال : هل فيكم من غيركم قالوا : نعم فينا حليفنا ، وَابن أختنا وموالينا ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : حليفنا منا ، وَابن أختنا منا ومولانا منا أنتم تسمعون أن أوليائي منكم إلا المتقون فإن كنتم أولئك فذلك وإلا فانظروا ألا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالأثقال فيعرض عنكم.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أوليائي يوم القيامة المتقون وإن كان نسب أقرب من نسب فلا يأتيني الناس بالأعمال وتأتوني بالدنيا تحملونها على رقابكم فأقول هكذا وهكذا إلا وأعرض في كل

عطفيه.
وأخرج ابن مردويه والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من آلك فقال : كل تقي وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن أولياؤه إلا المتقون}.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن آل فلان ليسوا لي بأولياء وإنما وليي الله وصالح المؤمنين.
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا.
الآية 35.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كانت قريش يعارضون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الطواف يستهزءون ويصفرون ويصفقون فنزلت {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية}.
وأخرج أبو الشيخ عن نبيط - وكان من الصحابة رضي الله عنه - في قوله {وما كان صلاتهم عند البيت} الآية ، قال : كانوا يطوفون بالبيت الحرام وهم

يصفرون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانوا يطوفون بالبيت عراة تصفر وتصفق فأنزل الله {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} قال : والمكاء الصفير وإنما شبهوا بصفير الطير وتصدية التصفيق وأنزل فيهم (قل من حرم زينة الله) (الأعراف الآية 32) الآية.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {إلا مكاء وتصدية} قال : المكاء صوت القنبرة ، والتصدية صوت العصافير وهو التصفيق ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة وهو بمكة كان يصلي قائما بين الحجر والركن اليماني فيجيء رجلان من بني سهم يقوم أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ويصيح أحدهما كما يصيح المكاء والآخر يصفق بيديه تصدية العصافير ليفسد عليه صلاته ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ققال : نعم أما سمعت حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه يقول :

نقوم إلى الصلاة إذا دعينا * وهمتك التصدي والمكاء وقال آخر من الشعراء في التصدية : حتى تنبهنا سحيرا * قبل تصدية العصافير.
وَأخرَج ابن المنذر من طريق عطية عن ابن عباس رضي الله عنه قال : المكاء الصفير ، كان أحدهما يضع يده على الأخرى ثم يصفر.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا مكاء وتصدية} قال : المكاء الصفير والتصدية التصفيق.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : المكاء الصفير والتصدية التصفيق.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : المكاء إدخال أصابعهم في أفواههم ، والتصدية

الصفير يخلطون بذلك كله على محمد صلى الله عليه وسلم صلاته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : المكاء الصفير على نحو طير أبيض يقال له المكاء يكون بأرض الحجاز والتصدية التصفيق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إلا مكاء} قال : كانوا يشبكون أصابعهم ويصفرون فيهن {وتصدية} قال : صدهم الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان المشركون يطوفون بالبيت على الشمال وهو قوله {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} فالمكاء مثل نفخ البوق ، والتصدية طوافهم على الشمال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} قال : يعني أهل بدر عذبهم الله بالقتل والأسر.
الآيات 36 - 37
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في

الدلائل كلهم من طريقه قال : حدثني الزهري ومحمد بن يحيى بن حيان وعاصم بن عمرو بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمر قالوا : لما أصيبت قريش يوم بدر ورجع فلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بعيره مشى عبد الله بن ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش إلى من كان معه تجارة ، فقالوا : يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا أن ندرك منه ثأرا ، ففعلوا ، ففيهم كما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنزل الله {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله} إلى قوله {والذين كفروا إلى جهنم يحشرون}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله} قال : نزلت في أبي سفيان بن حرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم} إلى قوله {أولئك هم

الخاسرون} قال : في نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل} الآية ، قال : نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش من بني كنانة يقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى من استجاش من العرب فأنزل الله هذه الآية وهم الذين قال فيهم كعب بن مالك رضي الله عنه : وجئنا إلى موج من البحر وسطه * أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن نصية * ثلاث مئين إن كثرن فأربع.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحكم بن عتيبة في قوله {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله} قال : نزلت في أبي سفيان أنفق على مشركي قريش يوم أحد أربعين أوقية من ذهب وكانت الأوقية يومئذ اثنين وأربعين مثقالا من ذهب

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله
{إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله} وهو محمد صلى الله عليه وسلم {فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة} يقول : ندامة يوم القيامة.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في قوله {والذين كفروا إلى جهنم يحشرون} يعني النفر الذين مشوا إلى أبي سفيان وإلى من كان له مال من قريش في تلك التجارة فسألوهم أن يقووهم بها على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن شهر بن عطية رضي الله عنه {ليميز الله الخبيث من الطيب} قال : يميز يوم القيامة ما كان لله من عمل صالح في الدنيا ثم تؤخذ الدنيا بأسرها فتلقى في جهنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {فيركمه جميعا} قال : يجمعه جميعا.
الآيات 38 - 40.
وَأخرَج ابن أحمد ومسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال لما جعل الله الإسلام

في قلبي أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقلت : ابسط يدك فلأبايعك ، فبسط يمينه فقبضت يدي ، قال : مالك ، قلت : أردت أن أشترط ، قال : أتشترط ماذا قلت : أن يغفر لي ، قال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : لا يؤخذ الكافر بشيء صنعه في كفره إذا أسلم وذلك أن الله تعالى يقول {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فقد مضت سنة الأولين} قال : في قريش وغيرها يوم بدر والأمم قبل ذلك.
الآية 41.
أَخْرَج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : ثم وضع مقاسم الفيء واعلمه ، قال {واعلموا أنما غنمتم من شيء} بعد الذي مضى من بدر {فأن لله خمسه وللرسول} إلى آخر الآية

وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} قال : المخيط من شيء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه قال : إنما المال ثلاثة : مغنم أو فيء أو صدقة ، فليس فيه درهم إلا بين الله موضعه ، قال في المغنم {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ، وَابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله} تحرجا عليهم وقال في الفيء (كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم) (الحشر الآية 7) وقال في الصدقة (فريضة من الله والله عليم حكيم) (التوبة الآية 60).
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم عن قيس بن مسلم الجدلي قال : سألت الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية عن قول الله {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} قال : هذا مفتاح كلام لله الدنيا والآخرة {وللرسول ولذي القربى} فاختلفوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين السهمين ، قال قائل : سهم ذوي القربى لقرابة الخليفة وقال قائل : سهم النَّبِيّ للخليفة من

بعده ، واجتمع رأي أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله تعالى فكان كذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسة ثم قرأ {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} قال : قوله {فأن لله خمسه} مفتاح كلام (لله ما في السموات وما في الأرض) (البقرة الآية 284) فجعل الله سهم الله والرسول واحدا {ولذي القربى} فجعل هذين السهمين قوة في ال خيل والسلاح وجعل سهم اليتامى والمساكين ، وَابن السبيل لا يعطيه غيره وجعل الأربعة أسهم الباقية للفرس سهمين ولراكبه سهم وللراجل سهم.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأن لله خمسه} يقول : هو لله ثم قسم الخمس خمسة أخماس {وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ، وَابن السبيل}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس ، فأربعة منها بين من قاتل عليها وخمس

واحد يقسم على أربعة أخماس فربع لله ولرسوله ولذي القربى - يعني قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النَّبِيّ ولم يأخذ النَّبِيّ من الخمس شيئا والربع الثاني لليتامى والربع الثالث للمساكين والربع الرابع لابن السبيل وهو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} الآية ، قال : كان يجاء بالغنيمة فتوضع فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم فيعزل سهما منه ويقسم أربعة أسهم بين الناس - يعني لمن شهد الوقعة - ثم يضرب بيده في جميع السهم الذي عزله فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة فهو الذي سمى لله تعالى : لا تجعلوا لله نصيبا فإن لله الدنيا والآخرة ثم يعمد إلى بقية السهم فيقسمه على خمسة أسهم ، سهم للنبي صلى الله عليه وسلم وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وذو قرابته لا يأكلون من الصدقات شيئا لا يحل لهم فللنبي خمس الخمس ولذي قراباته خمس الخمس ولليتامى مثل ذلك وللمساكين مثل ذلك ولابن السبيل مثل ذلك

وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال : كان سهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يدعى الصفى إن شاء عبدا وإن شاء فرسا يختاره قبل الخمس ويضرب له بسهمه إن شهد وإن غاب وكانت صفية بنة حيي من الصفى.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في الآية قال : خمس الله والرسول واحد إن كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يحمل فيه ويصنع فيه ما شاء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله تناول شيئا من الأرض أو وبرة من بعير فقال : والذي نفسي بيده مالي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي مالك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ما افتتح على خمسة أخماس ، فأربعة منها لمن شهده ويأخذ الخمس خمس الله فيقسمه على ستة أسهم ، فسهم لله وسهم للرسول وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل

وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يجعل سهم الله في السلاح والكراع وفي سبيل الله وفي كسوة الكعبة وطيبها وما تحتاج إليه الكعبة ويجعل سهم الرسول في الكراع والسلاح ونفقة أهله وسهم لذي القربى لقرابته يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم مع سهمهم مع البأس ولليتامى والمساكين ، وَابن السبيل ثلاثة أسهم يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن شاء وحيث شاء ليس لبني عبد المطلب في هذه الثلاثة إلا سهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم سهمه مع سهام الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين المعلم قال : سألت عبد الله بن بريدة رضي الله عنه في قوله {فأن لله خمسه وللرسول} قال : الذي لله لنبيه والذي للرسول لأزواجه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن السدي رضي الله عنه {ولذي القربى} قال : هم بنو عبد المطلب.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نجدة كتب إليه يسأله عن ذوي القربى الذين ذكر الله فكتب إليه : إنا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا : قريش كلها ذوو قربى

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نجدة الحروري أرسل إليه يسأله عن سهم ذي القربى الذي ذكر الله فكتب إليه : إنا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا : ويقول : لمن تراه ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان عمر رضي الله عنه عرض علينا من ذلك عرضا رأينا دون حقنا ، فرددناه عليه وأبينا أن نقبله وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم وأن يعطي فقيرهم وأبى أن يزيدهم على ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : سألت عليا رضي الله عنه فقلت : يا أمير المؤمنين أخبرني كيف كان صنع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الخمس نصيبكم فقال : أما أبو بكر رضي الله عنه فلم تكن في ولايته أخماس وأما عمر رضي الله عنه فلم يزل يدفعه إلي في كل خمس حتى كان خمس السوس وجند نيسابور ، فقال وأنا عنده : هذا نصيبكم أهل البيت من الخمس وقد أحل ببعض المسلمين واشتدت حاجتهم فقلت : نعم ، فوثب العباس بن عبد المطلب فقال : لا تعرض في الذي لنا ، فقلت : ألسنا أحق من المسلمين وشفع أمير المؤمنين فقبضه فوالله ما قبضناه ولا صدرت عليه في ولاية عثمان رضي الله عنه ثم أنشأ علي رضي الله عنه يحدث فقال : إن الله حرم الصدقة على رسول صلى الله عليه وسلم فعوضه سهما من الخمس عوضا عما حرم عليه وحرمها على أهل بيته خاصة دون أمته فضرب لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهما عوضا مما حرم عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبت

لكم عن غسالة الأيدي لأن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قسم سهم ذي القربى من خيبر على بني هاشم وبني عبد المطلب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال قسم رسول الله سهم ذي القربى على بني هاشم وبني عبد المطلب قال : فمشيت أنا وعثمان بن عفان حتى دخلنا عليه فقلنا : يا رسول الله هؤلاء إخوانك من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم دوننا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة في النسب فقال : إنهم لم يفارقونا في الجاهلية والإسلام.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : آل محمد صلى الله عليه وسلم الذين أعطوا الخمس ، آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان آل محمد لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} يعني من المشركين {فأن لله خمسه وللرسول ولذي ا

لقربى} يعين قرابة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {واليتامى والمساكين ، وَابن السبيل} يعني الضيف وكان المسلمون إذا غنموا في عهد النَّبِيّ أخرجوا خمسه فيجعلون ذلك الخمس الواحد أربعة أرباع فربعه لله وللرسول ولقرابة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فما كان لله فهو للرسول القرابة وكان للنبي نصيب رجل من القرابة والربع الثاني للنبي صلى الله عليه وسلم والربع الثالث للمساكين والربع الرابع لابن السبيل ويعمدون إلى التي بقيت فيقسمونها على سهمانهم فلما توفي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رد أبو بكر رضي الله تعالى عنه نصيب القرابة فجعل يحمل به في سبيل الله تعالى وبقي نصيب اليتامى والمساكين ، وَابن السبيل.
وأخرج ابن أبي شيبة والبغوي ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن رجل من بلقين عن ابن عم له قال : قلت : يا رسول الله ما تقول في هذا المال قال لله خمسه وأربعة أخماسه لهؤلاء - يعني المسلمين - قلت : فهل أحد أحق به من أحد قال : لا ولو انتزعت سهما من جنبك لم تكن بأحق به من أخيك المسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ ، وَابن مردوبه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان ينفل قبل أن تنزل فريضة الخمس في المغنم فلما نزلت {واعلموا أنما غنمتم من شيء} الآية ، ترك التنفل وجعل ذلك في خمس الخمس وهو سهم الله

وسهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مالك بن عبد الله الحنفي رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند عثمان رضي الله عنه قال : من ههنا من أهل الشام فقمت فقال : ابلغ معاوية إذا غنم غنيمة أن يأخذ خمسة أسهم فيكتب على كل سهم منها : لله ثم ليقرع فحيثما خرج منها فليأخذه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} قال : سهم الله وسهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم واحد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : في المغنم خسم لله وسهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالصفى كان يصطفى له في المغنم خير رأس من السبي إن سبي وإلا غيره ثم يخرج الخمس ثم يضرب له بسهمه شهد أو غاب مع المسلمين بعد الصفى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن السائب رضي الله عنه ، أنه سئل عن قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} وقوله (ما أفاء الله على رسوله) (الحشر الآية 7) ما الفيء وما الغنيمة قال : إذا ظهر المسلمون على المشركين وعلى أرضهم

فأخذوهم عنوة فما أخذوا من مال ظهروا عليه فهو غنيمة وأما الأرض : فهو فيء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سفيان قال : الغنيمة ما أصاب المسلمون عنوة فهو لمن سمى الله وأربعة أخماس لمن شهدها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه أنه سئل : كيف كان رسول الله يصنع في الخمس قال : كان يحمل الرجل سهما في سبيل الله ثم الرجل ثم الرجل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم شيء واحد في المغنم يصطفيه لنفسه أما خادم وأما فرس ثم نصيبه بعد ذلك من الخمس.
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : سلمنا الأنفال لله ورسوله ولم يخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ونزلت بعد {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين الخمس فيما كان من كل غنيمة بعد بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ألا توليني ما خصنا الله به من الخمس فولانيه

وأخرج الحاكم وصححه عن علي رضي الله عنه قال : ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مكحول رضي الله عنه رفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا سهم من الخيل إلا لفرسين وإن كان معه ألف فرس إذا دخل بها أرض العدو قال : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر للفارس سهمين وللراجل سهم.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفارس سهمين وللراجل سهما.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه ، أوصى بالخمس وقال : أوصي بما رضي الله به لنفسه ثم قال {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل رضي الله عنه في قوله {إن كنتم آمنتم بالله} يقول : أقروا بحكمي {وما أنزلنا على عبدنا} يقول : وما أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم في القسمة {يوم الفرقان} يوم بدر {يوم التقى

الجمعان} جمع المسلمين وجمع المشركين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يوم الفرقان} قال : هو يوم بدر وبدر : ماء بين مكة والمدينة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يوم الفرقان} قال : هو يوم بدر فرق الله بين الحق والباطل.
وأخرج سعيد بن منصور ومحمد بن نصر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه
في قوله {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} قال : كانت بدر لسبع عشرة مضت من شهر رمضان

وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان في صبيحتها ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان.
وأخرج ابن جرير عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان لسبع عشرة مضت من رمضان.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل في آي من القرآن فكان أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وكان رئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فالتقوا يوم الجمعة لسبع أو ست عشرة ليلة مضت من رمضان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثمائة وبضعة عشر رجلا والمشركون بين الألف والتسعمائة وكان ذلك يوم الفرقان : يوم فرق الله بين الحق والباطل فكان أول قتيل قتل يومئذ مهجع مولى عمر ورجل من الأنصار وهزم الله يومئذ المشركين فقتل منهم زيادة على سبعين رجلا وأسر منهم مثل ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال : كانت بدر لسبع عشرة من رمضان في يوم جمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أنه

سئل أي ليلة كانت ليلة بدر فقال : هي ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة بقيت من رمضان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن ربيعة البدري قال : كان يوم بدر يوم الإثنين لسبع عشرة من رمضان.
الآية 42.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إذ أنتم بالعدوة الدنيا}
قال : شاطئ الوادي {والركب أسفل منكم} قال : أبو سفيان.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {إذ أنتم بالعدوة الدنيا} الآية ، قال : العدوة الدنيا : شفير الوادي الأدنى والعدوة القصوى : شفير الوادي الأقصى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله {والركب أسفل منكم} قال : كان أبو سفيان أسفل الوادي في سبعين راكبا ، ونفرت قريش وكانت تسعمائة وخمسين فبعث أبو سفيان إلى قريش وهم بالجحفة : إني قد جاوزت القوم فارجعوا ، قالوا : والله لا نرجع حتى نأتي ماء بدر.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {والركب أسفل منكم} قال : أبو سفيان وأصحابه مقبلين من الشام تجارا لم يشعروا بأصحاب بدر ولم يشعر أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بكفار قريش ولا كفار قريش بهم حتى التقوا على ماء بدر فاقتتلوا فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأسروهم.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في قوله {وهم بالعدوة القصوى} من الوادي إلى مكة {والركب أسفل منكم} يعني أبا سفيان وغيره وهي أسفل من ذلك نحو الساحل {ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد} أي ولو كان على ميعاد منكم ومنهم ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم ما التقيتم {ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا} أي ليقضي ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الكفر وأهله من غير ملأ منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه فأخرجه الله ومن معه إلى العير لا يريد غيرها.
وَأخرَج قريشا من مكة لا يريدون إلا الدفع عن عيرهم ثم ألف بين القوم على الحرب وكانوا لا يريدون إلا العير فقال في ذلك {ليقضي الله أمرا كان مفعولا} ليفصل بين الحق

والباطل {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآيات والعبر يؤمن من آمن على مثل ذلك.
الآية 43
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إذ يريكهم الله في منامك قليلا} قال : أراه الله إياهم في منامه قليلا فأخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك وكان تثبيتا لهم.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر عن حيان بن واسع بن حيان عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ورجع إلى العريش فدخله ومعنا أبو بكر رضي الله عنه وقد خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال : أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله ، هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر} قال : لاختلفتم

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولكن الله سلم} أي أتم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولكن الله سلم} يقول : سلم بهم أمرهم حتى أظهرهم على عدوهم.
الاية 44.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي : تراهم سبعين قال : لا بل مائة حتى أخذنا رجلا منهم فسألناه قال : كنا ألفا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم} قال : حضض بعضهم على بعض.
الآية 45

أخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتمنوا لقاء العدو وأسالوا الله العافية فإن لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله كثيرا فإذا جلبوا وصيحوا فعليكم بالصمت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : ما من شيء أحب إلى الله من قراءة القرآن والذكر ولولا ذلك ما أمر الله الناس بالصلاة والقتال : ألا ترون أنه قد أمر الناس بالذكر عند القتال فقال {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : افترض الله ذكره عند أشغل ما تكونون عند الضراب بالسيوف.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي حعفر رضي الله عنه قال : أشد الأعمال ثلاثة ، ذكر الله على كل حال وإنصافك من نفسك ومواساة الأخ في المال.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن عبدالله بن أبي أوفى

وأخرج عبد الرزاق عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه أن النَّبِيّ قال : لا تتمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون لعلكم ستبلون بهم وسلوا الله العافية فإذا جاءكم يبرقون ويرجفون ويصيحون بالأرض الأرض جلوسا ثم قولوا : اللهم ربنا وربهم نواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت فإذا دنو منكم فثوروا إليهم واعلموا أن الجنة تحت البارقة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء رضي الله عنه قال : وجب الإنصات والذكر عند الرجف ثم تلا {واذكروا الله كثيرا}.
وأخرج ابن عساكر عن عطاء بن أبي مسلم رضي الله عنه قال : لما ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال ابن رواحة : يا رسول الله مرني بشيء أحفظه عنك قال إنك قادم غدا بلدا السجود به قليل فأكثر السجود ، قال : زدني ، قال : اذكر الله فإنه عون لك على ما تطلب ، قال : زدني ، قال : يا ابن رواحة فلا تعجزن إن أسأت عشرا أن تحسن واحدة ، فقال ابن رواحة رضي الله عنه : لا أسالك عن شيء بعدها.
وأخرج الحاكم وصححه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنيتان لا تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره الصوت عند القتال.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن قيس بن عباد رضي الله عنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن قيس بن عباد رضي الله عنه قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يستحبون خفض الصوت عند ثلاث ، عند القتال وعند القرآن وعند الجنائز.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يكره رفع الصوت عند ثلاث ، عند الجنازة وإذا التقى الزحفان وعند قراءة القرآن.
الآية 46.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} قال : يقول : لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتذهب ريحكم} قال : نصركم وقد

ذهب ريح أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين نازعوه يوم أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وتذهب ريحكم} قال : الريح النصر لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله تضرب وجوه العدو وإذا كان كذلك لم يكن لهم قوام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن مقرن رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عند القتال لم يقاتل أول النهار وآخره إلى أن تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر.
الآية 47
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس} يعني المشركين الذين قاتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : لما خرجت قريش من مكة إلى بدر خرجوا بالقيان والدفوف فأنزل الله تعالى {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا تكونوا

كالذين خرجوا من ديارهم بطرا} قال : أبو جهل وأصحابه يوم بدر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال كان مشركو قريش الذين قاتلوا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر خرجوا ولهم بغي وفخر وقد قيل لهم يومئذ : ارجعوا فقد انطلقت عيركم وقد ظفرتم فقالوا : لا والله حتى يتحدث أهل الحجاز بمسيرنا وعددنا وذكر لنا أن نبي اللهقال يومئذ : اللهم إن قريشا قد أقبلت بفخرها وخيلائها لتجادل رسولك وذكر لنا أنه قال يومئذ :.
الآية 48 - 49.
أَخْرَج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم} قال : قريش يوم بدر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في صورة رجال من بني مدلج في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان
{لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم} وأقبل جبريل عليه السلام على إبليس وكانت يده في يد رجل من المشركين فلما رأى جبريل انتزع يد وولى مدبرا هو وشيعته فقال الرجل : يا سراقة إنك جار لنا فقال {إني أرى ما لا ترون} وذلك حين

رأى الملائكة {إني أخاف الله والله شديد العقاب} قال : ولما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين فقال المشركون : وما هؤلاء {غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم}.
وأخرج الواقدي ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما تواقف الناس أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم سري عنه فبشر الناس بجبريل عليه السلام في جند من الملائكة ميمنة الناس وميكائيل في جند آخر ميسرة وإسرافيل في جند آخر ألف وإبليس قد تصور في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يجير المشركين ويخبرهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس فلما أبصر عدو الله الملائكة {نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون} فتثبت به الحارث وانطلق إبليس لا يرى حتى سقط في البحر ورفع يديه وقال : يا رب موعدك الذي وعدتني

وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الدلائل عن رفاعة بن رافع الأنصار رضي الله عنه قال : لما رأى إبليس ما يفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة بن مالك فوكز في صدر الحارث فألقاه ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر فرفع يديه فقال : اللهم إني أسألك نظرتك إياي.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (القمر الآية 45) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أي جمع يهزم - وذلك قبل بدر - فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف ويقول : (سيهزم الجمع ويولون الدبر) فكانت بيوم بدر فأنزل الله فيهم (حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب) (المؤمنون الآية 24)
الآية ، وأنزل الله (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) (إبراهيم الآية 28) الآية ، ورماهم رسول الله فوسعهم الرمية وملأت أعينهم وأفواههم حتى أن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه وفاه فأنزل الله (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) (الأنفال الآية 17) وأنزل الله في إبليس {فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون} وقال عتبة بن ربيعة وناس معه

من المشركين يوم بدر {غر هؤلاء دينهم} فأنزل الله {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إني أرى ما لا ترون} قال : أرى جبريل عليه السلام معتجرا بردائه يقود الفرس بين يدي أصحابه ما ركبه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إني أرى ما لا ترون} قال : ذكر لنا أنه رأى جبريل تنزل معه الملائكة فعلم عدو الله أنه لا يدان له بالملائكة وقال {إني أخاف الله} وكذب عدو الله ما به مخافة الله ولكن علم أنه لا قوة له به ولا منعة له.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن معمر قال : ذكروا أنهم أقبلوا على سراقة بن مالك بعد ذلك فأنكر أن يكون شيء من ذلك.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال : كان الذي رآه نكص حين نكص الحارث بن هشام أو عمرو بن وهب الجمحي

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إذ يقول المنافقون} قال : وهم يومئذ في المسلمين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض} قال : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر فسموا منافقين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : هم قوم كانوا أقروا بالإسلام وهم بمكة ثم خرجوا مع المشركين يوم بدر فلما رأوا المسلمين قالوا {غر هؤلاء دينهم}.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه في الآية قال : كان أناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام فخرجوا مع المشركين يوم بدر فلما رأوا وفد المسلمين قالوا {غر هؤلاء دينهم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحاق رضي الله عنه في قوله {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض} قال : هم الفئة الذين خرجوا مع قريش احتبسهم آباؤهم فخرجوا وهم على الارتياب فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا {غر هؤلاء دينهم} حين قدموا على ما قدموا عليه من قلة

عددهم وكثرة عدوهم وهم فئة من قريش مسمون خمسة قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان والحارث بن زمعة وعلي بن أمية بن خلف والعاص بن منبه.
الآيات 50 - 54.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة} قال : الذين قتلهم الله ببدر من المشركين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : آيتان يبشر بهما الكافر عند موته {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأدبارهم} قال : وأشباههم ولكن الله كريم يكني.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} قال : نعمة الله : محمد صلى الله عليه وسلم أنعم الله بها على قريش فكفروا فنقله إلى الأنصار

الآيات 55 - 58.
أَخرَج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : نزلت {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون} في ستة رهط من اليهود منهم ابن تابوت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم} قال : قريظة يوم الخندق مالؤا على محمد صلى الله عليه وسلم أعداءه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال : نكل بهم من بعدهم.
وأخرج ابن جريرعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال : نكل بهم من وراءهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال : نكل بهم الذين خلفهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال : أنذرهم

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال : اصنع بهم كما تصنع بهؤلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لعلهم يذكرون} يقول : لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : دخل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قد وضعت السلاح وما زلنا في طلب القوم فاخرج فإن الله قد أذن لك في قريظة وأنزل فيهم {وإما تخافن من قوم خيانة} الآية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإما تخافن من قوم خيانة} قال : قريظة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وإما تخافن من قوم خيانة} الآية

قال : من عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خفت أن يختانوك ويغدروا فتأتيهم فانبذ إليهم على سواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال : لا تقاتل عدوك حتى تنبذ إليهم على سواء {إن الله لا يحب المعتدين}.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن سليم بن عامر رضي الله عنه قال : كان بين معاوية وبين الروم عهد وكان يسير حتى يكون قريبا من أرضهم فإذا انقضت المدة أغار عليهم فجاءه عمرو بن عبسة فقال : الله أكبر وفاء لا غدر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمرها أو ينبذ إليهم على سواء قال : فرجع معاوية بالجيوش.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : ثلاثة المسلم والكافر فيهن سواء ، من عاهدته فوفى بعهده مسلما كان أو كافرا فإنما العهد لله ومن كانت بينك وبينه رحم فصلها مسلما كان أو كافرا ومن ائتمنك على أمانة فأدها إليه مسلما كان أو كافرا

الآية 59.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنهم لا يعجزون} يقول : لا يفوتونا.
الآية 60.
أَخرَج أحمد ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب في كتاب فضل الرمي ، والبيهقي في شعب الإيمان عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي قالها ثلاثا.
وأخرج ابن المنذر عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} ألا إن القوة الرمي ثلاثا إن الأرض ستفتح لكم وتكفون المؤنة فلا يعجزن أحدكم أن يلهو بأسهمه.
وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أنه تلا هذه الآية {وأعدوا لهم ما

استطعتم من قوة} قال : ألا إن القوة الرمي.
وأخرج ابن المنذر عن مكحول رضي الله عنه قال : ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة فتعلموا الرمي فإني سمعت الله تعالى يقول {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} قال : فالرمي من القوة.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} قال : الرمي والسيوف والسلاح.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في قوله {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} قال : أمرهم بإعداد الخيل.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} قال : القوة ذكور الخيل والرباط الإناث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} قال : القوة ذكور الخيل ورباط الخيل الإناث

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه في الآية قال : القوة الفرس إلى السهم فما دونه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {ترهبون به عدو الله وعدوكم} قال : تخزون به عدو الله وعدوكم.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ مر بقوم وهم يرمون فقال : رميا بني إسمعيل لقد كان أبوكم راميا.
وأخرج أبو داود والترمذي ، وَابن ماجة والحاكم صححه والبيهقي عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة ، صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير والذي

يجهز به في سبيل الله والذي يرمي به في سبيل الله ، وقال : ارموا واركبوا وإن ترموا خير من أن تركبوا وقال : كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثة رمية عن قوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن من الحق ومن علم الرمي ثم تركه فهي نعمة كفرها.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان عن حرام بن معاوية قال : كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي اله عنه أن لا يجاورنكم خنزير ولا يرفع فيكم صليب ولا تأكلوا على مائدة يشرب عليها الخمر وأدبوا الخيل وامشوا بين الفرقتين.
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خرج النَّبِيّ وقوم من أسلم يرمون فقال ارموا بني إسمعيل فإن أباكم كان راميا ارموا وأنا مع ابن الأدرع ، فأمسك القوم فسألهم فقالوا : يا رسول الله من كنت معه غلب ، قال : ارموا وأنا معكم كلكم.
وأخرج أحمد والبخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من أسلم يتناضلون في السوق فقال ارموا يا بني إسمعيل فإن أباكم كان راميا ارموا وأنا مع بني فلان - لأحد الفريقين -

فأمسكوا بأيديهم فقال :
ارموا ، قالوا : يا رسول الله كيف نرمي وأنت مع بني فلان قال : ارموا وأنا معكم كلكم.
وأخرج الحاكم وصححه عن محمد بن إياس بن سلمة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على ناس ينتضلون فقال : حسن اللهم مرتين أو ثلاثا ارموا وأنا مع ابن الأدرع ، فأمسك القوم قال : ارموا وأنا معكم جميعا فلقد رموا عامة يومهم ذلك ثم تفرقوا على السواء ما نضل بعضهم بعضا.
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم والقراب في فضل الرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل شيء من لهو الدنيا باطل إلا ثلاثة ، انتضالك بقوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فإنها من الحق وقال عليه السلام : انتضلوا واركبوا وأن تنتضلوا أحب إلي إن الله ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة ، صانعه محتسبا والمعين به والرامي به في سبيل الله تعالى.
وأخرج الحاكم وصححه والقراب عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال :

حاصرنا قصر الطائف فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رمى بسهم في سبيل الله فله عدل محرر قال : فبلغت يومئذ ستة عشر سهما.
وأخرج ابن ماجة والحاكم والقراب عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رمى العدو بسهم فبلغ سهمه أو أخطأ أو أصاب فعدل رقبة.
وأخرج الحاكم عن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه قال : لما كان يوم بدر قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكثبوكم فارموا بالنبل واستبقوا نبلكم.
وأخرج الحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد : أنبلوا سعد ارم يا سعد رمى الله لك فداك أبي وأمي.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة بنت سعد رضي الله عنها عن أبيها أنه قال :

ألا هل أتى رسول الله أني * حميت صحابتي بصدور نبلي.
وَأخرَج الثقفي في فوائده عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تحضر الملائكة من اللهو شيئا إلا ثلاثة ، لهو الرجل مع امرأته وإجراء الخيل والنضال.
وأخرج ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله الملائكة تشهد ثلاثا ، الرمي والرهان وملاعبة الرجل أهله.
وأخرج أبو عبيدة في كتاب الخيل عن أبي الشعثاء جابر بن يزيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ارموا واركبوا الخيل وأن ترموا أحب إلي كل لهو لها بة المؤمن باطل إلا ثلاث خلال ، رميك عن قوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فإنهن من الحق.
وأخرج النسائي والبزار والبغوي والبارودي والطبراني والقراب وأبو نعيم والبيهقي والضياء عن عطاء بن أبي رباح قال : رايت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاري يرتميان فمل أحدهما فجلس فقال الآخر : كسلت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل شيء ليس من ذكر الله فهو لغو وسهو إلا أربع خصال ، مشي الرجل بين الغرضين وتأديب فرسه وملاعبته أهله وتعليم السباحة

وأخرج القراب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة ، الرامي والممد به والمحتسب له.
وأخرج القراب عن حذيفة رضي الله عنه قال : كتب عمر رضي الله عنه إلى الشام : أيها الناس ارموا واركبوا والرمي أحب إلي من الركوب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة من عمله في سبيله ومن قوي به في سبيل الله عز وجل.
وأخرج القراب عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال نعم لهو المؤمن الرمي ومن ترك الرمي بعدما علمه فهو نعمة تركها.
وأخرج القراب عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : لا أترك الرمي أبدا ولو كانت يدي مقطوعة بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني.
وأخرج القراب عن مكحول يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال كل لهو باطل إلا ركوب الخيل والرمي ولهو الرجل مع امرأته فعليكم بركوب الخيل والرمي والرمي أحبهما إلي.
وأخرج القراب من طريق مكحول عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

قال اللهو في ثلاث ، تأديبك فرسك ورميك بقوسك وملاعبتك أهلك.
وأخرج القراب من طريق مكحول ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أهل الشام : أن علموا أولادكم السباحة والفروسية.
وأخرج القراب عن سليمان التيمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يكون الرجل سابحا راميا.
وأخرج القراب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رمى بسهم في سبيل الله فأصاب أو أخطأ أو قصر فكأنما أعتق رقبة كانت فكاكا له من النار.
وأخرج القراب عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال : حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الطائف فسمعته يقول من رمى بسهم في سبيل الله قصر أو بلغ كانت له درجة في الجنة.
وأخرج القراب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا

أهل الصقع فمن بلغ منهم فله درجة في الجنة ، قالوا : يا رسول الله ما الدرجة قال : ما بين الدرجتين خمسمائة عام.
وأخرج الطبراني والقراب عن أبي عمرة الأنصاري رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رمى بسهم في سبيل الله فبلغ أو قصر كان السهم نورا يوم القيامة.
وأخرج ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب اللهو إلى الله إجراء الخيل والرمي بالنبل ولعبكم مع أزواجكم.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن سعد رضي الله عنه قال : عليكم بالرمي فإنه خير أو من خير لهوكم.
وأخرج أبو عوانة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : تعلموا الرمي فإنه خير لعبكم.
وأخرج البزار ، عَن جَابر رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مر على قوم وهم يرمون فقال : ارموا بني إسمعيل فإن أباكم كان راميا

وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من تعلم الرمي ثم نسيه فهي نعمة جحدها.
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تحضر الملائكة من لهوكم إلا الرهان والنضال.
وأخرج البزار بسند حسن عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من رمى رمية في سبيل الله قصر أو بلغ كان له مثل أجر أربعة أناس من ولد إسمعيل اليوم.
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رمى بسهم في سبيل الله كان له نور يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل لهو يكره إلا ملاعبة الرجل امرأته ومشيه بين الهدفين وتعليمه فرسه

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الرمي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي رافع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي.
وأخرج ابن أبي الدنيا والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا الرمي فإن ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة.
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشى بين العرضين كان له بكل خطوة حسنة.
وأخرج الطبراني في الصغير عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على أحدكم إذا ألح به همه أن يتقلد قوسه فينفي بها همه.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علموا أبناءكم السباحة والرمي والمرأة المغزل.
وأخرج ابن منده في المعرفة عن بكر بن عبد الله بن الربيع الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علموا أبناءكم السباحة والرمي والمرأة المغزل

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة ومن رمى بسهم في سبيل الله كان له عدل رقبة.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي أمامة رضي الله عنه ، أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : من شاب شيبة في الإسلام كان له نورا يوم القيامة ومن رمى بسهم في سبيل الله أخطأ أو أصاب كان له عدل رقبة من ولد إسمعيل.
وأخرج أحمد عن مرة بن كعب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من بلغ
العدو بسهم رفعه الله به درجة بين الدرجتين مائة عام ومن رمى بسهم في سبيل الله كان كمن أعتق رقبة.
وأخرج الخطيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة صانعه محسبا صنعته والرامي به والمقوي به.
وأخرج الواقدي عن مسلم بن جندب رضي الله عنه قال : أول من ركب الخيل إسمعيل بن إبراهيم عليهما السلام وإنما كانت وحشا لا تطاق حتى سخرت له

وأخرج الزبير بن بكار في الأنساب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الخيل وحشا لا تطاق حتى سخرت له.
وأخرج الزبير بن بكار في الأنساب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الخيل وحشا لا تركب فأول من ركبها إسمعيل عليه السلام فبذلك سميت العراب.
وأخرج أحمد بن سليمان والنجاد في جزئه المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الخيل وحشا كسائر الوحوش فلما أذن الله تعالى لإبراهيم وإسمعيل برفع القواعد من البيت قال الله عز وجل : إني معطيكما كنزا ادخرته لكما ثم أوحى الله إلى إسمعيل عليه السلام : أن اخرج فادع بذلك الكنز فخرج إسمعيل عليه السلام إلى أجناد وكان موطنا منه وما يدري ما الدعاء ولا الكنز فألهمه الله الدعاء فلم يبق على وجه الأرض فرس إلا أجابته فأمكنته من نواصيها وذللها له فاركبوها وأعدوها فإنها ميامين وإنها ميراث أبيكم إسمعيل عليه السلام.
وأخرج الثعلبي عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الله أن يخلق الخيل قال للريح الجنوب : إني خالق منك خلقا فأجعله عزا لأوليائي ومذلة على أعدائي وجمالا لأهل طاعتي فقالت الريح : اخلق فقبض منها

قبضة فخلق فرسا فقال له : خلقتك عربيا وجعلت الخير معقودا بناصيتك والغنائم مجموعة على ظهرك عطفت عليك صاحبك وجعلتك تطير بلا جناح فأنت للطلب وأنت للهرب وسأجعل على ظهرك رجالا يسبحوني ويحمدوني ويهللوني تسبحن إذا سبحوا وتهللن إذا هللوا وتكبرن إذا كبروا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من تسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة يكبرها صاحبها فتسمعه إلا تجيبه بمثلها ثم قال : سمعت الملائكة
صنعة الفرس وعاينوا خلقها قالت : رب نحن ملائكتك نسبحك ونحمدك فماذا لنا فخلق الله لها خيلا بلقا أعناقها كأعناق البخت فلما أرسل الله الفرس إلى الأرض واستوت قدماه على الأرض صهل فقيل : بوركت من دابة أذل بصهيلك المشركين أذل به أعناقهم وإملاء به آذانهم وأرعب به قلوبهم فلما عرض الله على آدم من كل شيء قال له : اختر من خلقي ما شئت فاختار الفرس قال له : اخترت لعزك وعز ولدك خالدا ما خلدوا وباقيا ما بقوا بركتي عليك وعليهم ما خلقت خلقا أحب إلي منك ومنهم.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ، مثله سواء.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر ، فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في

مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كان له حسنات ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له فهي لذلك أجر ورجل ربطها تغنيا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة والخيل ثلاثة خيل أجر وخيل وزر وخيل ستر ، فأما خيل ستر فمن اتخذها تعففا وتكرما وتجملا ولم ينس حق بطونها وظهورها في عسره ويسره وأما خيل الأجر فمن ارتبطها في سبيل الله فإنها لا تغيب في بطونها شيئا إلا كان له أجر حتى ذكر أرواثها وأبوالها ولا تعدو في واد شوطا أو شوطين إلا كان

في ميزانه وأما خيل الوزر فمن ارتبطها تبذخا على الناس فإنها لا تغيب في بطونها شيئا إلا كان وزر عليه حتى ذكر أرواثها وأبوالها ولا تعدو في واد شوطا أو شوطين إلا كان عليه وزر.
وأخرج مالك وأحمد بن حنبل والطيالسي ، وَابن شيبة والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن حبان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة عن عروة البارقي رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، قيل : يا رسول الله وما ذاك قال : الأجر والغنيمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يلوي ناصية فرسه بإصبعه ويقول : الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة

وأخرج النسائي وأبو مسلم الكشي في "سُنَنِه" عن سلمة بن نفيل رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة قيل : يا رسول الله وما ذاك قال : الأجر والغنيمة.
وأخرج الطبراني والآجري في كتاب النصيحة عن أبي كبشة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة.
وأخرج الطبراني عن سوادة بن الربيع الجرمي رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني بذود وقال عليك بالخيل فإن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل في نواصيها الخير والمغنم إلى يوم القيامة ونواصيها أذناها وأذنابها

مذابها.
وأخرج ابن سعد في الطبقات ، وَابن منده في الصحابة عن يزيد بن عبد الله بن غريب المليكي عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها والمنفق عليها كباسط كفيه في الصدقة لا يقبضها وأبوالها وأرواثها عند الله يوم القيامة كذكي المسك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير أبدا إلى يوم القيامة فمن ربطها عدة في سبيل الله وأنفق عليها احتسابا في سبيل الله فإن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأبوالها وأرواثها فلاح في موازينه يوم القيامة ومن ربطها رياء وسمعة وفخرا ومرحا فإن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأرواثها وأبوالها خسران في موازينه يوم القيامة

وأخرج أبو بكر بن عاصم في الجهاد والقاضي عمر بن الحسن الأشناني في بعض
تاريخه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها فخذوا بنواصيها وادعوا بالبركة وقلدوها ولا تقلدوها إلا وتار.
وأخرج أبو عبيدة في كتاب الخيل عن زياد بن مسلم الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : الخيل ثلاثة فمن ارتبطها في سبيل الله وجهاد عدوه

كان شبعها وجوعها وريها وعطشها وجريها وعرقها وأرواثها وأبوالها أجرا في ميزانه يوم القيامة ومن ارتبطها للجمال فليس له إلا ذاك ومن ارتبطها فخرا ورياء كان مثل نص في الأول وزرا في ميزانه يوم القيامة.
وأخرج الطبراني والآجري في الشريعة والنصيحة عن خباب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل ثلاثة : ففرس للرحمن وفرس للإنسان وفرس للشيطان ، فأما فرس الرحمن فما أعد في سبيل الله وقوتل عليه أعداء الله وأما فرس الإنسان فما استبطن ويحمل عليه وأما فرس الشيطان فما قومر عليه ، وأخرجه ابن أبي شيبة عن خباب موقوفا.
وأخرج أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الخيل ثلاثة : فرس للرحمن وفرس للإنسان وفرس للشيطان ، فأما فرس الرحمن فالذي يرتبط في سبيل الله فعلفه وروثه وبوله وذكر ما شاء الله وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أي يراهن عليه وأما فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان

يلتمس بطنها ستر من فقر.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد من طريق أبي عمر والشيباني رضي الله عنه عن رجل من الأنصار عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الخيل ثلاثة : فرس يربطه الرجل في سبيل الله فثمنه أجر وعاريته أجر وعلفه أجر وفرس يعالق فيه الرجل ويراهن فثمنه وزر وعلفه وزر وفرس للبطنة فعسى أن يكون سددا من الفقر إن شاء الله تعالى.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البركة في نواصي الخيل.
وأخرج النسائي عن أنس رضي الله عنه قال لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل.
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال

ما كان شي أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل ، ثم قال : اللهم غفرا إلا النساء.
وأخرج الدمياطي في كتاب الخيل عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حبس فرسا في سبيل الله كان سترة من النار.
وأخرج ابن أبي عاصم في الجهاد عن يزيد بن عبد الله بن غريب المليكي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيل وأبوالها وأرواثها كف من مسك الجنة.
وأخرج ابن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنفق على الخيل كباسط يده بالصدقة لا يقبضها وأبوالها وأرواثها عند الله يوم القيامة كذكي المسك.
وأخرج ابن ماجة ، وَابن أبي عاصم عن تميم الداري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من ارتبط فرسا في سبيل الله ثم عالج علفه بيده كان له

بكل حبة حسنة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي عاصم عن تميم رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من إمرى ء مسلم ينقي لفرسه الشعير ثم يعلفه عليه إلا كتب الله تعالى له بكل حبة حسنة.
وأخرج ابن ماجة ، وَابن أبي عاصم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة سيء الملكة ، قالوا : يا رسول الله أليس أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين وأيامى قال : بلى فأكرموهم بكرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون ، قالوا : فما ينفعنا في الدنيا قال : فرس تربطه تقاتل عليه في سبيل الله ومملوك يكفيك فإذا كفاك فهو أخوك.
وأخرج أبو عبد الله الحسين بن إسمعيل المحاملي عن سلمان رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من رجل مسلم إلا حق عليه أن يرتبط فرسا إذا أطاق ذلك.
وأخرج ابن أبي عاصم عن سوادة بن الربيع رضي الله عنه قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتبطوا الخيل فإن الخيل في نواصيها الخير.
وأخرج ابن أبي عاصم عن ابن الحنظلية رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : من ارتبط فرسا في سبيل الله كانت النفقة عليه كالماد يده بصدقة لا يقطعها.
وأخرج أبو طاهر المخلص عن ابن الحنظلية رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وصاحبها يعان عليها والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن أبي عاصم والحاكم عن ابن الحنظلية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المنفق على الخيل في سبيل الله كباسط يده بالصدقة لا يقبضها.
وأخرج البخاري والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديق موعود الله كان شبعه وريه وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة

وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من فرس عربي إلا يؤذن له عند كل سحر بدعوتين يقول : اللهم كما خولتني من خولتني من بني آدم فاجعلني من أحب ماله وأهله إليه.
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يسمي الأنثى من الخيل فرسا.
وأخرج الطبراني عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أطرق مسلما فرسا فأعقب له الفرس كتب الله له أجر سبعين فرسا يحمل عليها في سبيل الله وإن لم تعقب له كان له كأجر سبعين فرسا يحمل عليه في سبيل الله.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما تعاطى الناس بينهم شيئا قط أفضل من الطرق يطرق الرجل فرسه فيجري له أجره ويطرق الرجل فحله فيجري له أجره ويطرق الرجل كبشه فيجري له أجره

وأخرج أبو عبيدة في كتاب الخيل عن معاوية بن خديج رضي الله عنه ، أنه لما افتتحت مصر كان لكل قوم مراغة يمرغون فيها خيولهم فمر معاوية بأبي ذر رضي الله عنه وهو يمرغ فرسا له فسلم عليه ووقف ثم قال : يا أبا ذر ما هذا الفرس قال : فرس لي لا أراه إلا مستجابا ، قال : وهل تدعو الخيل وتجاب قال : نعم ليس من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ربه فيقول : رب إنك سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي
في يده : اللهم فاجعلني أحب إليه من أهله وولده فمنها المستجاب ومنها غير المستجاب ولا أرى فرسي هذا إلا مستجابا.
وأخرج أبو عبيدة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم فرسا من جدس حي من اليمن فأعطاه رجلا من الأنصار وقال : إذا نزلت فانزل قريبا مني فإني أسار إلى صهيله ففقده ليلة فسأل عنه فقال : يا رسول الله إنا خصيناه ، فقال : مثلت به يقولها ثلاثا الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة أعرافها أدفاؤها وأذنابها مذابها التمسوا نسلها وباهوا بصهيلها المشركين.
وأخرج أبو عبيدة عن مكحول رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جز أذناب الخيل وأعرافها ونواصيها وقال أما أذنابها فمذابها وأما أعرافها فأدفاؤها

وأما نواصيها ففيها الخير.
وأخرج أبو نعيم عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تهلبوا أذناب الخيل ولا تجزوا أعرافها ونواصيها فإن البركة في نواصيها ودفاؤها في أعرافها وأذنابها مذابها.
وأخرج أبو داود عن عتبة بن عبد الله السلمي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقصوا نواصي الخيل ولا معارفها ولا أذنابها فأما أذنابها مذابها ومعارفها أدفاؤها ونواصيها معقود فيها الخير.
وأخرج ابن سعد عن أبي واقد أنه بلغه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قام إلى فرسه فمسح وجهه بكم قميصه فقالوا : يا رسول الله أبقميصك قال : إن جبريل عاتبني في الخيل.
وَأخرَج أبو داود في "المراسيل" عن نعيم بن أبي هند أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

"أتى بفرس فقام إليه يمسح وجهه وعينيه ومنخريه بكم قميصة . فقيل : يا رسول الله تمسح قميصك قال : إن جبريل عاتبني في الخيل " ..
وأخرج أبو عبيدة من طريق يحيى بن سعيد عن شيخ من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح بطرف ردائه وجه فرسه وقال : إني عتبت الليلة في أذلة الخيل.
وأخرج أبو عبيدة عن عبد الله بن دينار رضي الله عنه قال مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه فرسه بثوبه وقال : إن جبريل بات الليلة يعاتبني في أذلة الخيل.
وأخرج أبو داود في المراسيل عن الوضين بن عطاء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقودوا الخيل بنواصيها فتذلوها.
وأخرج أبو داود في المراسيل عن مكحول رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرموا الخيل وجللوها

وأخرج الحسن بن عرفة عن مجاهد رضي الله عنه قال : أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسانا ضرب وجه فرسه ولعنه فقال هذه مع تلك إلا أن تقاتل عليه في سبيل الله فجعل الرجل يقاتل عليه ويحمل إلى أن كبر وضعف وجعل يقول : اشهدوا اشهدوا.
وأخرج أبو نصر يوسف بن عمر القاضي في "سُنَنِه" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في عين الفرس ربع ثمنه.
وأخرج محمد بن يعقوب الخلي في كتاب الفروسية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ما من ليلة إلا ينزل ملك من السماء يحبس عن دواب الغزاة الكلال إلا دابة في عنقها جرس.
وأخرج ابن سعد وأبو داود والنسائي عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكنافها وقلدوها ولا

تقلدوها الاوتار وعليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يمن الخيل في شقرها.
وأخرج الواقدي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الخيل الشقر وإلا فالأدهم أغر محجل ثلاث طليق اليمنى.
وأخرج أبو عبيدة عن الشعبي رضي الله عنه في حديث رفعه أنه قال التمسوا الحوائج على الفرس الكميت الأرثم المحجل الثلاث المطلق اليد اليمنى.
وأخرج الحسن بن عرفة عن موسى بن علي بن رباح اللخمي عن أبيه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أريد أن أبتاع فرسا ، فقال له رسول الله : عليك به كميتا وأدهم أقراح أرثم محجل ثلاث طليق اليمنى.
وَأخرَج أبو عبيدة عن الشعبي في حديث رفعه أنه قال : التمسوا الحائج على الفرس الكميت الأرثم المحجل الثلاث المطلق اليد اليمنى .
وأخرج الحسن بن عرفة عن موسى بن علي بن رباح اللخمي عن أبيه قال :

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أريد أن ابتاع فرسا . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليك به كميتا أو أدهم أفرح أرثم محجل ثلاث طليق اليمنى " ..
وأخرج أبو عبيدة ، وَابن أبي شيبة عن عطاء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خير الخيل الحو.
وأخرج ابن عرفة عن نافع بن جبير رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اليمن في الخيل في كل أحوى أحم.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، وَابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خير الخيل الأدهم الأقرح المحجل الأرثم طلق اليد اليمنى فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه

النسبة.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أردت أن تغتزي فاشتري فرسا أدهم أغر محجلا مطلق اليمنى فإنك تغنم وتسلم.
وأخرج سعد والحرث بن أبي أسامة وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن قانع في معجمه والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن منده والروياني في مسنده ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : في قوله {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} قال : هم الجن ولا يخبل الشيطان إنسانا في داره فرس عتيق.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الهدى عن أبيه عمن حدثه عن

النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم} قال : هم الجن فمن ارتبط حصانا من الخيل لم يتخلل منزله شيطان.
وأخرج ابن المنذر عن سليمان بن موسى رضي الله عنه في قوله {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} ولن يخبل الشيطان إنسانا في داره فرس عتيق.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وآخرين من دونهم} يعني الشيطان لا يستطيع ناصية فرس لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الخيل معقود في نواصيها الخير فلا يستطيعه شيطان أبدا.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وآخرين من دونهم} قال : قريظة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم} قال : يعني المنافقين {الله يعلمهم} يقول : الله يعلم ما في قلوب المنافقين من النفاق الذي يسرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} قال : هؤلاء المنافقون لا تعلمونهم لأنهم معكم

يقولون : لا إله إلا الله ويغزون معكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وآخرين من دونهم} قال : أهل فارس.
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ عن سفيان رضي الله عنه في قوله {وآخرين من دونهم} قال : قال ابن اليمان رضي الله عنه : هم الشياطين التي في الدور.
الآية 61.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن جنحوا للسلم} قال : قريظة.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} قال : نزلت في بني قريظة نسختها (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم) (محمد الآية 35) إلى آخر الآية.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه أن النَّبِيّ كان يقرأ {وإن جنحوا للسلم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن جنحوا للسلم} قال : الطاعة

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} قال : إن رضوا فارض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} يقول : إذا أرادوا الصلح فأرده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قرأ وإن جنحوا للسلم يعني بالخفض وهو الصلح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد رضي الله عنهما أنه قرأ وإن جنحوا للسلم يعني بفتح السين يعني الصلح.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} قال : نسختها هذه الآية (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) (التوبة الآية 29) إلى قوله (صاغرون).
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإن جنحوا للسلم} أي الصلح {فاجنح لها} قال : كانت قبل براءة وكان النَّبِيّ يوادع الناس إلى أجل فإما أن

يسلموا وإما أن يقاتلهم ثم نسخ ذلك في براءة فقال (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5) وقال : (قاتلوا المشركين كافة) (التوبة الآية 36) نبذ إلى كل ذي عهد عهده وأمره أن يقاتلهم حتى يقولوا لا إله إلا الله ويسلموا وأن لا يقبلوا منهم إلا ذلك وكل عهد كان في هذه السورة وغيرها وكل صلح يصالح به المسلمون المشركين يتواعدون به فإن براءة جاءت بنسخ ذلك فأمر بقتالهم قبلها على كل حال حتى يقولوا لا إله إلا الله.
الآيات 62 - 63.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن يريدوا أن يخدعوك} قال : قريظة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} قال : الأنصار.
وأخرج ابن مردويه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه في قوله {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} الآية قال : نزلت في الأنصار.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} قال : هم الأنصار.
وأخرج ابن عساكرعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : مكتوب على العرش : لا إله

إلا أنا وحدي لا شريك لي محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي وذلك قوله {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين}.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان والنسائي والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن هذه الآية نزلت في المتحابين {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب واللفظ له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قرابة الرحم تقطع ومنة المنعم تكفر ولم نر مثل تقارب القلوب ، يقول الله {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} وذلك موجود في الشعر قال الشاعر : إذا مت ذو القربى إليك برحمه * فغشك واستغنى فليس بذي رحم ولكن ذا القربى الذي إن دعوته * أجاب : ومن يرمي العدو الذي ترمي ومن ذلك قول القائل :

ولقد صحبت الناس ثم خبرتهم * وبلوت ما وصلوا من الأسباب فإذا القرابة لا تقرب قاطعا * وإذ المودة أقرب الأسباب قال البيهقي : هكذا وجدته موصولا بقول ابن عباس رضي الله عنهما ولا أدري قوله وذلك موجود في الشعر من قوله أو من قبل من قبله من الرواة.
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : النعمة تكفر والرحم يقطع وإن الله تعالى إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء ثم تلا {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : إذا لقي الرجل أخاه فصافحه تحاتت الذنوب بينهما كما ينثر الريح الورق ، فقال رجل : إن هذا من العمل اليسير ، فقال : ألم تسمع الله قال {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف

بينهم}.
وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي قال : كتب إلي قتادة : إن يكن الدهر فرق بيننا فإن ألفة الله الذي ألف بين المسلمين قريب.
الآية 64.
وَأخرَج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أسلم عمر رضي الله عنه قال المشركون : قد انتصف القوم منا اليوم وأنزل الله {يا أيها النَّبِيّ حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين}.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أسلم مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلا وامرأة ثم إن عمر رضي الله عنه أسلم فصاروا أربعين فنزل {يا أيها النَّبِيّ حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي اله عنه قال : لما أسلم مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ثم أسلم مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عمرنزلت {يا أيها النَّبِيّ حسبك الله} الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : لما أسلم عمر رضي الله عنه أنزل الله في إسلامه {يا أيها النَّبِيّ حسبك الله}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن الزهري رضي الله عنه في قوله {يا أيها النبي

حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} قال : فقال : نزلت في الأنصار.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {يا أيها النَّبِيّ حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} قال : حسبك الله وحسبك من اتبعك.
وأخرج أبو محمد إسمعيل بن علي الحطبي في الأول من تحديثه من طريق طارق عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : أسلمت رابع أربعين فنزلت {يا أيها النَّبِيّ حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين}.
وأخرج عن مجاهد رضي اله عنه في الآية قال : يقول : حسبك الله والمؤمنون.
الآيات 65 - 66
أخرج البخاري ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق سفيان بن عمرو بن دينارعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا} فكتب عليهم أن لا يفر واحد من عشرة وأن لا يفر عشرون من مائتين ثم نزلت {الآن خفف الله عنكم} الآية ، فكتب أن لا يفر مائة من مائتين قال سفيان : وقال ابن شبرمة رضي الله عنه : وأرى الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر مثل هذا إن كانا رجلين أمرهما وإن كانا ثلاثة فهو في سعة من تركهم.
وأخرج البخاري والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم أن لا يفر واحد من عشرة فجاء التخفيف {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : افترض أن يقاتل كل رجل عشرة فثقل ذلك عليهم وشق عليهم فوضع عنهم ورد عنهم إلى أن يقاتل الرجل الرجلين فأنزل الله في ذلك {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} إلى آخر الآيات.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : افترض عليهم أن يقاتل كل رجل عشرة فثقل ذلك عليهم وشق عليهم فوضع عنهم ورد عنهم إلى أن يقاتل الرجل الرجلين فأنزل الله في ذلك {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} إلى آخر الآيات.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية !

{يا أيها النَّبِيّ حرض المؤمنين على القتال} ثقلت على المسلمين فأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ومائة ألفا فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى فقال {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} الآية ، قال : فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا منهم وإن كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم وجاز لهم أن يتحرزوا عنهم ثم عاتبهم في الأسارى وأخذ المغانم ولم يكن أحد قبله من الأنبياء عليهم السلام يأكل مغنما من عدو هو لله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن يكن منكم عشرون صابرون} الآية ، قال : ففرض عليهم أن لا يفر رجل من عشرة ولا قوم من عشرة أمثالهم فجهد الناس ذلك وشق عليهم فنزلت الآية {الآن خفف الله عنكم} إلى قوله {ألفين} ففرض عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثليهم ونقص من الصبر بقدر ما تخفف عنهم من العدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إن يكن منكم عشرون} الآية ، قال : كان يوم بدر جعل الله على المسلمين أن يقاتل الرجل الواحد منهم عشرة من المشركين لقطع دابرهم فلما هزم الله المشركين وقطع دابرهم خفف على المسلمين بعد ذلك فنزلت {الآن خفف الله عنكم}

يعني بعد قتال بدر.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} قال : نزلت في أهل بدر شدد عليهم فجاءت الرخصة بعد.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : هذا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر جعل الله كل رجل منهم يقاتل عشرة من الكفار فضجوا من ذلك فجعل على كل رجل منهم قتال رجلين تخفيف من الله عز وجل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمير رضي الله عنهما في قوله {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} قال : نزلت فينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الشيرازي في الألقاب ، وَابن عدي والحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} رفع.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ ، أنه قرأ {وعلم أن فيكم ضعفا}.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {وعلم أن فيكم

ضعفا} وقرأ كل شيء في القرآن ضعف.
الآيات 67 - 69.
وَأخرَج الحاكم وصححه عن أنس رضي اله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {أن يكون له أسرى}.
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : استشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال : إن الله أمكنكم منهم فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس ، فقام عمر رضي الله عنه فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم عاد فقال مثل ذلك فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال : يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء ، فعفا عنهم وقبل منهم الفداء فنزل (لولا كتاب من الله سبق) (الأنفال الآية 68) الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في الآية قال استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فقال : يا رسول الله قد أعطاك الظفر ونصرك عليهم ففادهم فيكون عونا لأصحابك واستشار عمر رضي الله عنه فقال : يا رسول اللهأضرب أعناقهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحمكما الله ، ما

أشبهكما باثنين مضيا قبلكما : نوح وإبراهيم أما نوح فقال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين
ديارا) (نوح الآية 26) وأما إبراهيم فإنه يقول (رب من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (إبراهيم الآية 36).
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر جيء بالأسارى فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم ، وقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله كذبوك وأخرجوك وقاتلوك قدمهم فأضرب أعناقهم ، وقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه : أنظروا واديا كثير الحطب فأضرمه عليهم نارا ، فقال العباس رضي الله عنه وهو يسمع ما يقول : قطعت رحمك ، فدخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم شيئا فقال أناس : يأخذ بقول أبي بكر رضي الله عنه وقال أناس : يأخذ بقول عمر رضي الله عنه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم عليه السلام قال (رب من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (إبراهيم الآية 36) ومثلك يا أبا بكر مثل

عيسى عليه السلام قال (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) ومثلك يا عمر كمثل نوح عليه السلام إذ قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) (نوح الآية 26) ومثلك يا عمر كمثل موسى عليه السلام إذ قال (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) (يونس الآية 88) أنتم عالة فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق ، فقال عبد الله رضي الله عنه : يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع علي الحجارة مني في ذلك اليوم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا سهيل بن بيضاء فأنزل الله تعالى {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} إلى آخر الآيتين.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : فضل عمر رضي الله عنه عن الناس بأربع : بذكره الأسارى يوم بدر فأمر بقتلهم فأنزل الله {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم}
وبذكره الحجاب أمر نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت زينب رضي الله عنها : وإنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا فأنزل الله (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب) (الأحزاب الآية 53) ودعوة نبي الله اللهم أيد الإسلام بعمر ورأيه في أبي بكر رضي عنه كان أول الناس بايعه

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال استشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في أسارى بدر فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله استبق قومك وخذ الفداء ، وقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله اقتلهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو اجتمعتما ما عصيتكما فأنزل الله {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} الآية.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأسارى يوم بدر إن شئتم فاقتلوهم وإن شئتم فأديتم واستمتعتم بالفداء واستشهد منكم بعدتهم فكان آخر السبعين ثابت بن قيس رضي الله عنه استشهد يوم اليمامة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة عن أبي عبيدة رضي الله عنه قال نزل جبريل عليه السلام على النَّبِيّ يوم بدر فقال : إن ربك يخبرك إن شئت أن تقتل هؤلاء الأسارى وإن شئت أن تفادي بهم ويقتل من أصحابك مثلهم فاستشار أصحابه فقالوا : نفاديهم فنقوى بهم ويكرم الله بالشهادة من يشاء.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما استشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الناس من أسارى بدر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملكان من الملائكة أحدهما أحلى من الشهد والآخر أمر من الصبر ونبيان من الأنبياء أحدهما أحلى على قومه من الشهد

والآخر أمر على قومه من الصبر فأما النبيان فنوح قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) (نوح الآية 26) وأما الآخر فإبراهيم إذ قال (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (إبراهيم الآية 36) وأما الملكان فجبريل وميكائيل هذا صاحب الشدة وهذا صاحب اللين ، ومثلهما في أمتي أبو بكر وعمر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما : ألا أخبركما بمثيلكما في الملائكة ومثليكما في الأنبياء مثلك يا أبا بكر في الملائكة كمثل ميكائيل ينزل بالرحمة ومثلك في الأنبياء مثل إبراهيم قال (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (إبراهيم الآية 36) ومثلك يا عمر في الملائكة مثل جبريل ينزل بالشدة والبأس والنقمة على أعداء الله ومثلك في الأنبياء مثل نوح قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) (نوح الآية 26).
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما أشار أبو بكر رضي الله عنه فقال : قومك وعشيرتك فخل سبيلهم فاستشار عمر رضي الله عنه فقال : اقتلهم ، ففاداهم رسول الله فأنزل الله {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} الآية ، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه فقال : كاد أن يصيبنا في خلافك شرا

وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لما أسر الأسارى يوم بدر أسر العباس فيمن أسر أسره رجل من الأنصار وقد وعدته الأنصار أن يقتلوه فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : لم أنم الليلة من أجل عمي العباس وقد زعمت الأنصار أنهم قاتلوه فقال له عمر : فآتيهم قال : نعم ، فأتى عمر رضي الله عنه الأنصار فقال لهم : أرسلوا العباس ، فقالوا : لا والله لا نرسله ، فقال لهم عمر رضي الله عنه : فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضا قالوا : فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضا فخذه ، فأخذه عمر رضي الله عنه فلما صار في يده قال له : يا عباس أسلم فوالله لأن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسلامك ، قال : فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فقال أبو بكر رضي الله عنه : عشيرتك فأرسلهم فاستشار عمر رضي الله عنه فقال : أقتلهم ، ففاداهم رسول الله فأنزل الله {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يقتل يوم بدر صبرا إلا ثلاثة ، عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحرث وطعمة بن عدي وكان النضر أسره المقداد.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال اختلف الناس في أسارى بدر فاستشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقال أبو بكر رضي الله عنه : فادهم ، وقال عمر رضي الله عنه : اقتلهم ، قال قائل : أرادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهدم الإسلام ويأمره أبو بكر بالفداء ، وقال قائل : لو كان فيهم أبو عمر أو أخوه ما أمره بقتلهم ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر ففاداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كاد ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم ولو نزل العذاب ما أفلت إلا عمر.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر تعجل الناس إلى الغنائم فأصابوها قبل أن تحل لهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الغنيمة لا تحل لأحد سود الرؤوس قبلكم كان النَّبِيّ وأصحابه إذا غنموا جمعوها ونزلت نار من السماء فأهلكتها فأنزل الله هذه الآية {لولا كتاب من الله سبق} إلى آخر الآيتين.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {لولا كتاب من الله سبق} قال : يقول لولا أنه سبق في علمي أني سأحل المغانم {لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} قال : وكان العباس بن عبد المطلب يقول : أعطاني الله هذه الآية (يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسارى) (الأنفال الآية 70) وأعطاني

بما أخذ مني أربعين أوقية أربعين عبدا.
وأخرج إسحاق بن راهويه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} يعني غنائم بدر قبل أن يحلها لهم يقول : لولا أني أعذب من عصاني حتى أتقدم إليه لمسكم عذاب عظيم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} قال : ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله تعالى
بعد هذا في الأسارى (فإما منا وإما فداء) (محمد الآية 4) فجعل الله النَّبِيّ والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار إن شاءوا قتلوهم وإن شاءوا استعبدوهم وإن شاءوا فادوهم وفي قوله {لولا كتاب من الله سبق} يعني في الكتاب الأول أن المغانم والأسارى حلال لكم {لمسكم فيما أخذتم} من الأسارى {عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا} قال : وكان الله تعالى قد كتب في أم الكتاب المغانم والأسارى حلالا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته ولم يكن أحله لأمة قبلهم وأخذوا المغانم وأسروا الأسارى قبل أن ينزل إليهم في ذلك

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حتى يثخن في الأرض} يقول : حتى يظهروا على الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : الإثخان هو القتل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} قال : نزلت الرخصة بعد إن شئت فمن وإن شئت ففاد.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {تريدون عرض الدنيا} قال : أراد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر الفداء ففادوهم بأربعة آلاف أربعة آلاف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {تريدون عرض الدنيا} يعني الخراج.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر بن زيد رضي الله عنه قال : ليس أحد يعمل عملا يريد به وجه الله يأخذ عليه شيئا من عرض الدنيا إلا كان حظه منه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لو لم يكن لنا ذنوب نخاف على أنفسنا منها إلا حبنا للدنيا لخشينا على أنفسنا إن الله يقول {تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة} أريدوا ما أراد الله

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لولا كتاب من الله سبق} قال : سبق لهم المغفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {لولا كتاب من الله سبق} قال : سبق لأهل بدر من السعادة {لمسكم فيما أخذتم} قال : من الفداء {عذاب عظيم}.
وأخرج النسائي ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {لولا كتاب من الله سبق} قال : سبقت لهم من الله الرحمة قبل أن يعملوا بالمعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان سعد رضي الله عنه جالسا ذات يوم وعنده نفر من أصحابه إذ ذكر رجلا فنالوا منه فقال : مهلا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا أذنبنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنبا فأنزل الله {لولا كتاب من الله سبق} قال : فكنا نرى أنها رحمة من الله سبقت لنا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لولا كتاب من الله سبق} قال : في أنه لا يعذب أحدا حتى يبين له ويتقدم إليه.
وأخرج مسلم والترمذي ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الأنبياء

بست : أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم يعطهم أحد قبلي : بعثت إلى الأحمر والأسود وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي ونصرت بالرعب فيرعب العدو وهو مني مسيرة شهر وقال لي : سل تعطه ، فاختبأت دعوتي شفاعة لأمتي وهي نائلة منكم إن شاء الله من لقي الله لا يشرك به شيئا وأحلت لأمتي الغنائم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم تكن الغنائم تحل لأحد كان قبلنا فطيبها الله لنا لما علم الله من ضعفنا فأنزل الله فيما سبق من كتابه احلال الغنائم {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} فقالوا : والله يا رسول الله لا نأخذ لهم قليلا ولا كثيرا حتى نعلم أحلال هو أم حرام فطيبه الله لهم فأنزل الله تعالى {فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم}
فلما أحل الله لهم فداهم وأموالهم ، قال الأسارى : ما لنا عند الله من خير قد قتلنا وأسرنا فأنزل الله يبشرهم (يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسارى) (الأنفال الآية 70) إلى قوله (والله

عليم حكيم).
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كانت الغنائم قبل أن يبعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الأمم إذا أصابوا منه جعلوه في القربان وحرم الله عليهم أن يأكلوا منها قليلا أو كثيرا حرم على كل نبي وعلى أمته فكانوا لا يأكلون منه ولا يغلون منه ولا يأخذون منه قليلا ولا كثيرا إلا عذبهم الله عليه وكان الله حرمه عليهم تحريما شديدا فلم يحله لنبي إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم قد كان سبق من الله في قضائه أن المغنم له ولأمته حلال فذلك قوله يوم بدر في أخذه الفداء من الأسارى {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم}.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عباس رضي الله عنهما لما رغبوا في الفداء أنزلت {ما كان لنبي} إلى قوله {لولا كتاب من الله سبق} الآية ، قال : سبق من الله رحمته لمن شهد بدرا فتجاوز الله عنهم وأحلها لهم.
الآية 70.
وَأخرَج الحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة رضي الله عنها قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم ، بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلادة لها في فداء زوجها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق رقة شديدة وقال :

إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وقال العباس رضي الله عنه : إني كنت مسلما يا رسول الله ، قال : الله أعلم بإسلامك فإن تكن كما تقول فالله يجزيك فافد نفسك وابني أخويك نوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب وحليفك عتبة بن عمر وقال : ما ذاك عندي يا رسول الله ، قال : فأين الذي دفعت أنت وأم الفضل فقلت لها : إن أصبت فإن هذا المال لبني ، فقال : والله يا رسول الله إن هذا لشيء ما علمه غيري وغيرها فاحسب لي ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال : أفعل ، ففدي نفسه
وابني أخويه وحليفه ونزلت {قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم} فأعطاني مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال نصرت به مع ما أرجو من مغفرة الله.
وأخرج ابن سعد والحاكم وصححه عن أبي موسى أن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أكثر منه فنثر على حصير جاء الناس فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم وما كان يومئذ عدد ولا وزن فجاء العباس فقال : يا رسول الله إني أعطيت فدائي وفداء عقيل يوم بدر أعطني من هذا المال فقال : خذ فحثى في قميصه ثم ذهب ينصرف فلم يستطع فرفع رأسه وقال : يا رسول الله أرفع علي ، فتبسم رسول الله وهو يقول : أما

أخذ ما وعد الله فقد نجز ولا أدري الأخرى {قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم} هذا خير مما أخذ مني ولا أدري ما يصنع في المغفرة.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سبعين من قريش منهم العباس وعقيل فجعل عليهم الفداء أربعين أوقية من ذهب وجعل على العباس مائة أوقية وعلى عقيل ثمانين أوقية فقال العباس رضي الله عنه : لقد تركتني فقير قريش ما بقيت فأنزل الله {يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى > قال العباس حين نزلت : لو ددت أنك كنت أخذت مني أضعافها فأتاني الله خيرا منها.
وَأخرَج إسحاق بن راهويه في مسنده " ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط " وأبو الشيخ وأبو نعيم في " الدلائل " ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت : (يأيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسارى) . وكان العباس يقول : في نزلت هذه الآية حين أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامي فسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي أخذت مني يوم بدر فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني الله بالعشرين أوقية عشرين عبدا

كلهم يضرب بمالي مع ما أرجو من مغفرة الله ورحمته.
وَأخرَج ابن إسحاق وأبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، عَن جَابر بن عبدالله بن رئاب قال : قال العباس في نزلت هذه الآية : (يأيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى) . حين ذكرت لرسول الله إسلامي وسألته أن يقاسمني بالعشرين أوقية التي أخذت مني فعوضني الله منها عشرين عبدا كلهم تاجر يضرب بمالي مع ما أرجو من رحمة الله ومغفرته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان العباس رضي الله عنه قد أسر يوم بدر فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب فقال حين نزلت {يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى} لقد أعطاني خصلتين ما أحب إن لي بهما الدنيا إني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية فأعطاني الله أربعين عبدا وإني أرجو المغفرة التي وعدنا الله.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {قل لمن في أيديكم من

الأسرى} قال : عباس وأصحابه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : آمنا بما جئت به ونشهد أنك رسول الله فنزل {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا} أي إيمانا وتصديقا يخلف لكم
خيرا مما أصبت منكم ويغفر لكم الشرك الذي كنتم عليه فكان عباس يقول : ما أحب أن هذه الآية لم تنزل فينا وأن لي ما في الدنيا من شيء فلقد أعطاني الله خيرا مما أخذ مني مائة ضعف وأرجو أن يكون غفر لي.
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكرعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى} الآية ، قال : نزلت في الأسارى يوم بدر منهم العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحرث وعقيل بن أبي طالب رضي الله عنهم.
الآية 71.
أَخْرَج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن يريدوا خيانتك} إن كان قولهم كذبا {فقد خانوا الله من قبل} فقد كفروا وقاتلوك فأمنك منهم.
الآية 72.
أَخْرَج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} قال : إن المؤمنين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاث منازل ، منهم المؤمن والمهاجر المباين لقومه في الهجرة خرج إلى قوم مؤمنين في ديارهم وعقارهم وأموالهم وفي

قوله {والذين آووا ونصروا} وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة وشهروا السيوف على من كذب وجحد فهذان مؤمنان جعل الله بعضهم أولياء بعض وفي قوله {والذين آمنوا ولم يهاجروا}
قال : كانوا يتوارثون بينهم إذا توفي المؤمن المهاجر بالولاية في الدين وكان الذي آمن ولم يهاجر لا يرث من أجل أنه لم يهاجر ولم ينصر فبؤأ الله المؤمنين المهاجرين من ميراثهم وهي الولاية التي قال الله {ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} وكان حقا على المؤمنين الذين آووا ونصروا إذا استنصروهم في الدين أن ينصروهم إن قوتلوا إلا أن يستنصروا على قوم بينهم وبين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ميثاق ولا نصر لهم عليهم إلا على العدو الذي لا ميثاق لهم ثم أنزل الله تعالى بعد ذلك : إن ألحق كل ذي رحم برحمه من المؤمنين الذين آمنوا ولم يهاجروا فجعل لكل إنسان من المؤمنين نصيبا مفروضا لقوله {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم} الأنفال الآية 75.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار فآخى بين حمزة بن عبد المطلب وبين زيد بن حارثة وبين عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء وبين الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وبين أبي بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله وبين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع ، وقال لسائر أصحابه : تآخوا وهذا أخي - يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه - قال : فأقام المسلمون على ذلك حتى نزلت سورة الأنفال وكان مما شدد الله به عقد نبيه صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى {إن الذين آمنوا

وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا} إلى قوله {لهم مغفرة ورزق كريم} فأحكم الله تعالى بهذه الآيات العقد الذي عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار يتوارث الذين تآخوا دون من كان مقيما بمكة من ذوي الأرحام والقرابات فمكث الناس على ذلك العقد ما شاء الله ثم أنزل الله الآية الآخرى فنسخت ما كان قبلها فقال {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام} والقرابات ورجع كل رجل إلى نسبه ورحمه وانقطعت تلك الوراثة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض} يعني في الميراث جعل الله الميراث للمهاجرين
والأنصار دون الأرحام {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء} ما لكم من ميراثهم شيء {حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين} يعني إن استنصر الأعراب المسلمون المهاجرين والأنصار على عدو لهم فعليهم أن ينصروهم {إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} فكانوا يعملون على ذلك حتى أنزل الله تعالى هذه الآية {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} فنسخت التي قبلها وصارت

المواريث لذوي الأرحام.
وأخرج أبو عبيدة وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} قال : كان المهاجر لا يتولى الأعرابي ولا يرثه وهو مؤمن ولا يرث الأعرابي المهاجر فنسختها هذه الآية {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {والذين آمنوا ولم يهاجروا} قال : كان الأعرابي لا يرث المهاجر ولا المهاجر يرث الأعرابي حتى فتحت مكة ودخل الناس في الدين أفواجا فأنزل الله {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} قال : نزلت هذه الآية فتوارثت المسلمون بالهجرة فكان لا يرث الأعرابي المسلم من المهاجر المسلم

شيئا حتى نسخ ذلك بعد في سورة الأحزاب (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) فخلط الله بعضهم ببعض وصارت المواريث بالملل.
وأخرج أحمد ومسلم عن بريدة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا وقال : اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، ادعهم
إلى الإسلام فإن أجابوك فأقبل منهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن آتوا فأقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله ثم قاتلهم.
وأخرج أحمد وابو داود والنسائي والحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه قال أن

النبي صلى الله عليه وسلم قال : جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : نهى المسلمون عن أهل ميثاقهم فوالله لأخوك المسلم أعظم عليك حرمة وحقا والله أعلم.
الآيات 73 - 74.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق أبي مالك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل من المسلمين لنورثن ذوي القربى منا من المشركين فنزلت {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} قال : نزلت في مواريث مشركي أهل العرب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} يعني في المواريث {إلا

تفعلوه} يقول : إن لا تأخذوا في المواريث بما أمرتكم به.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة
والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يتوارث أهل ملتين ولا يرث مسلم كافرا ولا كافر مسلما ثم قرأ {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم من ترضون أمانته وخلقه فأنكحوه كائنا ما

كان فإن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
الآية 75.
أَخْرَج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم توفي على أربعة منازل ، مؤمن مهاجر والأنصار وأعرابي مؤمن لم يهاجر إن استنصره النَّبِيّ نصره وإن تركه فهو إذن له وإن استنصر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان حقا عليه أن ينصره وذلك (استنصروكم في الدين فعليكم النصر) (الأنفال الآية 72) والرابعة التابعين بإحسان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن الزبير بن العوام قال : أنزل الله فينا خاصة معشر قريش والأنصار {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض} وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا المدينة قدمنا ولا أموال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم وتوارثنا فآخى أبو بكر رضي الله عنه خارجة بن زيد وآخى عمر رضي الله عنه فلانا وآخى عثمان رضي الله عنه رجلا من بني زريق بن سعد الزرقي ، قال الزبير : وواخيت أنا كعب بن مالك ووارثونا

ووارثناهم فلما كان يوم أحد قيل لي قتل أخوك كعب بن مالك فجئته فانتقلته فوجدت السلاح قد ثقله فيما نرى فوالله يا بني لو مات يومئذ عن الدنيا ما ورثه غيري حتى أنزل الله هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار خاصة فرجعنا إلى مواريثنا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن الزبير أنه كتب إلى شريح القاضي : إنما نزلت هذه الآية أن الرجل كان يعاقد الرجل يقول : ترثني وأرثك فنزلت {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} فلما نزلت ترك ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قيل له : إن ابن مسعود رضي الله عنه لا يورث الموالي دون الأرحام ويقول : إن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هيهات هيهات ، أين ذهب إنما كان المهاجرون يتوارثون دون الأعراب فنزلت {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} يعني أنه يورث المولى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} قال : نسخت هذه الآية ما كان قبلها من مواريث العقد والحلف والمواريث بالهجرة وصارت لذوي الأرحام قال : والابن

أولى من الأخ والأخ أولى من الأخت والأخت أولى من ابن الأخ ، وَابن الأخ أولى من العم والعم أولى من ابن العم ، وَابن العم أولى من الخال وليس للخال ولا العمة ولا الخالة من الميراث نصيب في قول زيد وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطي ثلثي المال للعمة والثلث للخالة إذا لم يكن له وارث وكان علي ، وَابن مسعود يردان ما فضل من الميراث على ذوي الأرحام على قدر سهمانهم غير الزوج والمرأة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان لا يرث الأعرابي المهاجر حتى أنزل الله {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : توارثت المسلمون لما قدموا المدينة بالهجرة ثم نسخ ذلك فقال {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
وأخرج الطيالسي والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنما قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وورث بعضهم من بعض حتى نزلت هذه الآية {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} فتركوا ذلك وتوارثوا بالنسب

(9)- سورة التوبة.
(مدنية وآياتها تسع وعشرون ومائة) * مقدمة سورة التوبة.
أَخرَج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت براءة بعد فتح مكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة التوبة بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال : أنزل بالمدينة سورة براءة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : مما نزل في المدينة براءة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن المنذر والنحاس في ناسخه ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه : ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك فقال عثمان رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة

بقصتها فظنت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بيهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتهما في السبع الطوال.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي ، وَابن الضريس ، وَابن المنذر والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال : آخر آية نزلت (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) (النساء الآية 176) وآخر سورة نزلت تامة براءة.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي رجاء قال : سألت الحسن رضي الله عنه عن الأنفال وبراءة أسورتان أو سورة قال : سورتان.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال : الأنفال وبراءة سورة واحدة.
وأخرج النحاس في ناسخه عن عثمان رضي الله عنه قال : كانت الأنفال وبراءة يدعيان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم القرينتين فلذلك جعلتهما في

السبع الطوال.
وأخرج الدارقطني في الأفراد عن عسعس بن سلامة رضي الله عنه قال : قلت لعثمان رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين ما بال الأنفال وبراءة ليس بينهما بسم الله الرحمن الرحيم قال : كانت تنزل السورة فلا تزال تكتب حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فإذا جاءت بسم الله الرحمن الرحيم كتبت سورة أخرى فنزلت الأنفال ولم تكتب بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافق لا يحفظ سورة هود وبراءة ويس والدخان وعم يتسألون.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن أبي عطية الهمداني قال : كتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : تعلموا سورة براءة وعلموا نساءكم سورة النور.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم ، وَابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه قال : التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب

والله ما تركت أحدا إلا نالت منه ولا تقرأون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه في براءة يسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه في براءة يسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما : سورة التوبة قال : التوبة بل هي الفاضحة ما زالت تنزل ومنهم حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا ذكر فيها.
وأخرج أبو عوانة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن عمر رضي الله عنه قيل له : سورة التوبة قال : هي إلى العذاب أقرب ما أقلعت عن الناس حتى ما كادت تدع منهم أحدا.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال عمر رضي الله عنه : ما فرغ من تنزيل براءة حتى ظننا أنه لم يبق منا أحد إلا سينزل فيه وكانت تسمى الفاضحة.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن زيد بن أسلم رضي الله عنه ، أن رجلا قال لعبد الله : سورة التوبة فقال ابن عمر رضي الله عنه : وأيتهن سورة التوبة فقال : براءة ، فقال ابن عمر : وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي ما كنا ندعوها إلا المقشقشة

وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : كانت براءة تسمى المنقرة نقرت عما في قلوب المشركين.
وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة رضي الله عنه قال : ما تقرأون ثلثها يعني سورة التوبة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يسمونها سورة التوبة وإنها لسورة عذاب يعني براءة.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال : كانت براءة تسمى في زمان النَّبِيّ المعبرة لما كشفت من سرائر الناس.
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي ذر رضي الله عنه قال دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلست قريبا من أبي بن كعب رضي الله عنه فقرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سورة براءة فقلت لأبي : متى نزلت هذه السورة فلم يكلمني قضى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلاته قلت لأبي رضي الله عنه : سألتك فتجهمتني ولم تكلمني فقال أبي : مالك من صلاتك إلا ما لغوت ، فذهبت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : صدق أبي

وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه أن أبا ذر والزبير بن العوام رضي الله عنهما سمع أحدهما من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم آية يقرأها وهو على المنبر يوم الجمعة فقال لصاحبه : متى أنزلت هذه الآية فلما قضى صلاته قال له عمر بن الخطاب :
لا جمعة لك ، فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال : صدق عمر.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وضعفه ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : لما نزلت سورة براءة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بمداراة الناس.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم لم تكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم قال : لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان وبراءة نزلت بالسيف.
الآيات 1 - 2.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} إلى أهل العهد خزاعة ومدلج ومن كان له عهد وغيرهم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حين فرغ منها فأراد الحج ثم قال إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك فأرسل أبا بكر رضي الله عنه وعليا رضي الله عنه فطافا في الناس بذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يبيعون بها وبالموسم كله فآذانوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهر وهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات

عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر تخلو من ربيع الأول ثم عهد لهم وآذن الناس كلهم بالقتال إلى أن يموتوا.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال لما نزلت عشر آيات من براءة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر رضي الله عنه ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني فقال لي : أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه ورجع أبو بكر رضي الله عنه فقال : يا رسول الله نزل في شيء قال : لا ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أنس
رضي الله عنه قال بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ببراءة مع أبي بكر رضي الله عنه ثم دعاه فقال : لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي فدعا عليا فأعطاه إياه.
وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى أهل مكة ثم بعث عليا رضي الله عنه على أثره فأخذها منه فكأن أبا بكر رضي الله عنه وجد في نفسه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا رضي الله عنه بأربع لا يطوفن بالبيت عريان ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى عهده وإن الله ورسوله بريء من المشركين.
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا رضي الله عنه بأربع ، لا يطوف بالبيت عريان ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى عهده وأن الله ورسوله بريء من المشركين.
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة فكنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أمره أو أجله إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة أشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله ولا يحج هذا البيت بعد العام مشرك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه أمره أن يؤذن ببراءة في حجة أبي بكر فقال أبو هريرة : ثم اتبعنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه أمره أن يؤذن ببراءة وأبو بكر رضي الله عنه على الموسم كما هو أو قال : على هيئته

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا بكر رضي الله عنه على الحج ثم أرسل عليا رضي الله عنه ببراءة على أثره ثم حج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المقبل ثم خرج فتوفي فولي أبو بكر رضي الله عنه فاستعمل عمر رضي الله عنه على الحج ثم حج أبو بكر رضي الله عنه من قابل ثم مات ثم ولي عمر
رضي الله عنه فاستعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج ثم كان يحج بعد ذلك هو حتى مات ثم ولي عثمان رضي الله عنه فاستعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج ثم كان يحج حتى قتل.
وأخرج ابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه يؤدي عنه براءة فلما أرسله بعث إلى علي رضي الله عنه فقال : يا علي إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت فحمله على ناقته العضباء فسار حتى لحق بأبي بكر رضي الله عنه فأخذ منه براءة فأتى أبو بكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد دخله من ذلك مخافة أن يكون قد أنزل فيه شيء فلما أتاه قال : ما لي يا رسول الله قال خير أنت أخي وصاحبي في الغار وأنت معي على الحوض غير أنه لا يبلغ عني غيري أو رجل مني

وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى الموسم فأتى جبريل عليه السلام فقال : إنه لن يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك فبعث عليا رضي الله عنه على أثره حتى لحقه بين مكة والمدينة فأخذها فقرأها على الناس في الموسم.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى : أن لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ثم أردف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمره أن يؤذن ببراءة فأذن معنا علي رضي الله عنه في أهل منى يوم النحر ببراءة : أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه عليا رضي الله عنه وأمره أن ينادي بها فانطلقا فحجا فقام علي رضي الله عنه في أيام التشريق فنادى ? {إن الله بريء من المشركين ورسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر > ? ولا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، فكان علي رضي الله عنه

ينادي بها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه ، وَابن المنذر والنحاس والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن زيد بن تبيع رضي الله عنه قال : سألنا عليا رضي الله عنه بأي شيء بعثت مع أبي بكر رضي الله عنه في الحج قال : بعثت بأربع ، لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ولا يجتمع مؤمن وكافر بالمسجد الحرام بعد عامه هذا ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر.
وأخرج إسحاق بن راهويه والدارمي والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عَن جَابر رضي الله عنه أن النَّبِيّ بعث أبا بكر على الحج ثم أرسل عليا رضي الله عنه ببراءة ، فقرأها على الناس في موقف الحج حتى ختمها

وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الناس سنة تسع وكتب له سنن الحج وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بآيات من براءة فأمره أن يؤذن بمكة وبمنى وعرفة والمشاعر كلها : بأنه برئت ذمة رسول من كل مشرك حج هذا العام أو طاف بالبيت عريان وأجل من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد أربعة أشهر وسار علي رضي الله عنه على راحلته في الناس كلهم يقرأ عليهم القرآن {براءة من الله ورسوله} وقرأ عليهم (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) (الأعراف الآية 31) الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ببراءة فقلت : يا رسول الله تبعثني وأنا غلام حديث السن وأسأل عن القضاء ولا أدري ما أجيب قال : ما بد من أن تذهب بها أو أذهب بها ، قلت : إن كان لا بد فأنا أذهب ، قال : انطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك ثم قال : انطلق فاقرأها على الناس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {براءة من الله ورسوله} الآية ، قال : حد الله للذين عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر يسيحون فيها حيث شاؤوا وحد أجل من ليس له عهد انسلاخ الأربعة الأشهر

الحرم من يوم النحر إلى إنسلاخ الحرم خمسين ليلة فإذا انسلخ الأشهر الحرم أمره أن يضع السيف فيمن عاهد إن لم يدخلوا في الإسلام ونقض ما سمى لهم من العهد والميثاق وإن ذهب الشرط الأول (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) (التوبة الآية 4) يعني أهل مكة.
وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان لقوم عهود فأمر الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يؤجلهم أربعة أشهر يسيحون فيها ولا عهد لهم بعدها وأبطل ما بعدها وكان قوم لا عهود لهم فأجلهم خمسين يوما عشرين من ذي الحجة والمحرم كله فذلك قوله (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5) قال : ولم يعاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحدا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {براءة من الله ورسوله} قال : برئ إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عهودهم كما ذكر الله عز وجل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والنحاس عن الزهري رضي الله عنه {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} قال : نزلت في شوال فهي الأربعة أشهر شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم

الآية 3.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وأذان من الله ورسوله} قال : هو إعلام من الله ورسوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حكيم بن حميد رضي الله عنه قال : قال لي علي بن الحسين : إن لعلي في كتاب الله اسما ولكن لا يعرفونه ، قلت : ما هو قال : ألم تسمع قول الله {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر} هو والله الأذان.
وأخرج الترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر فقال يوم النحر.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال : يوم الحج الأكبر يوم النحر.
وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن علي رضي الله عنه قال أربع حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن الصلاة الوسطى العصر وإن الحج الأكبر يوم النحر وإن أدبار السجود الركعتان بعد المغرب وإن أدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر

وأخرج الترمذي ، وَابن مردويه عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه ، أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ قال أي يوم أحرم أي يوم حرم أي يوم حرم فقال الناس : يوم الحج الأكبر يا رسول الله.
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن قرط قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الأيام عند الله أيام النحر يوم القر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن قال يوم الأضحى هذا يوم الحج الأكبر.
وأخرج البخاري تعليقا وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حجها فقال : أي يوم هذا قالوا : يوم النحر ، قال : هذا يوم الحج الأكبر.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي

هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ويوم الحج الأكبر يوم النحر والحج الأكبر الحج وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس الحج الأصغر فنبذ أبو بكر رضي الله عنه إلى الناس في ذلك العام فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرك وأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) (التوبة الآية 28) الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : الحج الأكبر يوم النحر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن المغيرة بن شعبة ، أنه خطب يوم الأضحى فقال : اليوم النحر واليوم الحج الأكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : الحج الأكبر : يوم النحر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الحجر الأكبر : يوم النحر.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير وأبو

الشيخ عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : الحج الأكبر : يوم النحر يوضع فيه الشعر ويراق فيه الدم وتحل فيه الحرم.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن سمرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يوم الحج الأكبر يوم حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس.
وأخرج ابن مردويه عن سمرة رضي الله عنه في قوله {يوم الحج الأكبر} قال : كان عام حج فيه المسلمون والمشركون في ثلاثة أيام واليهود والنصارى في ثلاثة أيام فاتفق حج المسلمين والمشركين واليهود والنصارى في ستة أيام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عون رضي الله عنه قال : سألت محمد عن يوم الحج الأكبر قال : كان يوم وافق فيه حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحج أهل الملل.
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زمن الفتح : إنه عام الحج الأكبر ، قال : اجتمع حج المسلمين وحج المشركين في ثلاثة أيام متتابعات فاجتمع حج المسلمين والمشركين والنصارى واليهود في ثلاثة أيام

متتابعات ولم يجتمع منذ خلق الله السموات والأرض كذلك قبل العام ولا يجتمع بعد العام حتى تقوم الساعة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه ، أنه سئل عن الحج الأكبر فقال : ما لكم وللحج الأكبر ذاك عام حج فيه أبو بكر رضي الله عنه استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج بالناس فاجتمع فيه المسلمون والمشركون فلذلك سمي الحج الأكبر ووافق عيد اليهود والنصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : الحج الأكبر اليوم الثاني من يوم النحر ألم تر أن الإمام يخطب فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم عرفة : هذا يوم الحج الأكبر.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : الحج الأكبر يوم عرفة.
وأخرج ابن جرير عن أبي الصهباء البكري قال : سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن يوم الحج الأكبر فقال : يوم عرفة.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما

قال : إن يوم عرفة يوم الحج الأكبر يوم المباهاة يباهي الله ملائكته في السماء بأهل الأرض يقول جاؤوني شعثا غبرا آمنوا بي ولم يروني وعزتي لأغفرن لهم.
وأخرج ابن جرير عن معقل بن داود قال سمعت ابن الزبير يقول يوم عرفة هذا يوم الحج الأكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي ، أنه سئل هذا الحج الأكبر فما الحج الأصغر قال : عمرة في رمضان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي إسحاق رضي الله عنه قال : سألت عبد الله بن شداد رضي الله عنه عن الحج الأكبر فقال : الحج الأكبر يوم النحر والحج الأصغر العمرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان يقال : العمرة هي الحجة الصغرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبو خيوة رضي الله عنه في قوله {أن الله بريء من المشركين ورسوله} قال : برى ء رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتاب الوقف والابتداء

وابن عساكر في تاريخه عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال : قدم أعرابي في زمان عمر رضي الله عنه فقال : من يقرئني ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم فاقرأه رجل فقال {أن الله بريء من المشركين ورسوله} بالجر فقال الأعرابي : أقد برئ الله من رسوله إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه ، فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال : يا أعرابي أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة
ولا علم لي بالقرآن فسألت من يقرئني فأقرأني هذا سورة براءة ، فقال {أن الله بريء من المشركين ورسوله} فقلت : إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه ، فقال عمر رضي الله عنه : ليس هكذا يا أعرابي ، قال : فكيف هي يا أمير المؤمنين فقال {أن الله بريء من المشركين ورسوله} فقال الأعرابي : وأنا والله أبرأ مما ما برئ الله ورسوله منه ، فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يقرئ الناس إلا عالم باللغة وأمر أبا الأسود رضي الله عنه فوضع النحو.
وأخرج ابن الأنباري عن عباد المهلبي قال : سمع أبو الأسود الدؤلي رجلا يقرأ {أن الله بريء من المشركين ورسوله} بالجر فقال : لا أظنني يسعني إلا أن أن أضع شيئا يصلح به لحن هذا أو كلاما هذا معناه ، أما قوله تعالى : {وبشر الذين كفروا بعذاب أليم}

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن مسهر قال : سئل سفيان بن عينية عن البشارة أتكون في المكروه قال : ألم تسمع قوله تعالى {وبشر الذين كفروا بعذاب أليم}.
الآية 4.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا الذين عاهدتم من المشركين} قال : هم مشركو قريش الذين عاهدهم نبي الله زمن الحديبية وكان بقي من مدتهم أربعة اشهر بعد يوم النحر فأمر الله نبيه أن يوفي لهم بعهدهم هذا إلى مدتهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن عباد بن جعفر في قوله {إلا الذين عاهدتم من المشركين} قال : هم بنو خزيمة بن عامر من بني بكر بن كنانة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ثم لم ينقصوكم شيئا} الآية ، قال : فإن نقض المشركون عهدهم وظاهروا عدوا فلا عهد لهم وإن أوفوا بعهدهم الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يظاهروا عليه

فقد أمر أن يؤدي إليهم عهدهم ويفي به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم} قال : كان لبني مدلج وخزاعة عهد فهو الذي قال الله {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}.
وأخرج أبو الشيخ عن اسدي رضي الله عنه في قوله {إلا الذين عاهدتم من المشركين} قال : هؤلاء بنو ضمرة وبنو مدلج حيان من بني كنانة كانوا حلفاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة العسرة من بني تبيع {ثم لم ينقصوكم شيئا} ثم لم ينقضوا عهدكم بغدر {ولم يظاهروا} عدوكم عليكم {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم} يقول : أجلهم الذي شرطتم لهم {إن الله يحب المتقين} يقول : الذين يتقون الله تعالى فيما حرم عليهم فيفون بالعهد : قال : فلم يعاهد النَّبِيّ بعد هؤلاء الآيات أحد.
الآية 5.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فإذا انسلخ الأشهر الحرم}

قال : هي الأربعة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرون من شهر ربيع الآخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} قال : عشر من ذي القعدة وذي الحجة والمحرم سبعون ليلة.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} قال : هي الأربعة التي قال (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) (براءة الآية 2).
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} الآية ، قال : كان عهد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش أربعة أشهر بعد يوم النحر كانت تلك بقية مدتهم ومن لا عهد له إلى إنسلاخ المحرم فأمر الله نبيه
صلى الله عليه وسلم إذا مضى هذه الأجل أن يقاتلهم في الحل والحرم وعند البيت حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : كل آية في كتاب الله تعالى فيها ميثاق بين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين وكل عهد ومدة نسخها سورة براءة {وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {واحصروهم} قال : ضيقوا عليهم {واقعدوا لهم كل مرصد} قال : لا تتركوهم يضربون في البلاد ولا يخرجون التجارة

وأخرج ابن ابي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : الرباط في كتاب الله تعالى {واقعدوا لهم كل مرصد}.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس في قوله {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ثم نسخ واستثنى فقال {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} وقال (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) (التوبة الآية 6) ، أما قوله تعالى : {فإن تابوا} الآية.
أَخرَج ابن ماجة ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق الربيع بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته وحده لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فارقها والله عنه راض قال أنس رضي الله عنه : وهو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم من قبل هوج الأحاديث وإختلاف الأهواء ، قال أنس : وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى في آخر ما أنزل {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} قال : توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} قال : حرمت هذه دماء أهل القبلة.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم} قال : فإنما الناس ثلاثة نفر ، مسلم عليه الزكاة ومشرك عليه الجزية وصاحب حرب يأتمن بتجارته إذا أعطى عشر ماله.
وأخرج الحاكم وصححه عن مصعب بن عبد الرحمن عن أبيه رضي الله عنه قال : افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ثم انصرف إلى الطائف فحاصرهم ثمانية أو سبعة ثم ارتحل غدوة وروحة ثم نزل ثم هجر ثم قال أيها الناس إني لكم فرط وإني أوصيكم بعترتي خيرا موعدكم الحوض والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتلهم وليسبين ذراريهم فرأى الناس أنه يعني أبا بكر أو عمر رضي الله عنهما فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : هذا

وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن الربيع الظفري رضي الله عنه - وكانت له صحبة - قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من أشجع تؤخذ صدقته فجاءه الرسول فرده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب فإن لم يعط صدقته فاضرب عنقه.
الآيات 6 - 7.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم أبلغه مأمنه} قال : إن لم يوافقه ما يقضي عليه 7 ويجتريه فأبلغه مأمنه وليس هذا بمنسوخ.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} قال : أمر من أراد ذلك أن يأمنه فإن قبل فذاك وإلا خلى عنه حتى يأتي مأمنه وأمر أن ينفق عليهم على حالهم ذلك

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {حتى يسمع كلام الله} أي كتاب الله.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه قال : ثم استثنى فنسخ منها فقال
{وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} وهو كلامك بالقرآن فأمنه {ثم أبلغه مأمنه} يقول : حتى يبلغ مأمنه من بلاده.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي عروبة رضي الله عنه قال : كان الرجل يجيء إذا سمع كلام الله وأقر به وأسلم ، فذاك الذي دعي إليه وإن أنكر ولم يقر به فرد إلى مأمنه ثم نسخ ذلك فقال (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) (التوبة الآية 5).
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام} قال : قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنهما في قوله {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام} قال : هؤلاء قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد عاهده الناس من المشركين وعاهد أيضا أناسا من بني ضمرة بن بكر وكنانة خاصة عاهدهم عند المسجد الحرام وجعل مدتهم أربعة أشهر وهم الذين ذكر الله {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا

لكم فاستقيموا لهم} يقول : ما وفوا لكم بالعهد فوفوا لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام} قال : هم بنو خزيمة بن فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام} قال : هو يوم الحديبية {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} قال : فلم يستقيموا ونقضوا عهدكم أعانوا بني بكر حلفاء قريش على خزاعة حلفاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
الآية 8.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال الأل الله عز وجل.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة قال : الأل : الله.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : الإل الحلف والذمة العهد .

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {إلا ولا ذمة} قال : الأل القرابة والذمة العهد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : جزى الله إلا كان بيني وبينهم * جزاء ظلوم لا يؤخر عاجلا.
وَأخرَج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء عن ميمون بن مهران رضي الله عنه ، أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس رضي الله عنهما : أخبرني عن قول الله تعالى {لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة} قال : الرحم وقال فيه حسان بن ثابت : لعمرك إن غلك من قريش * كال السقب من رال النعام.
وَأخرَج الن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأكثرهم فاسقون} قال : ذم الله تعالى أكثر الناس.
الآيات 9 - 10.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا} قال : أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه وترك حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم.
الآية 11.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فإن تابوا وأقاموا

الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} يقول : إن تركوا اللات والعزى وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإخوانكم في الدين.
الآية 12.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن نكثوا أيمانهم} قال : عهدهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم فقاتلوهم إنهم أئمة الكفر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أئمة الكفر} قال : أبو سفيان بن حرب وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وسهيل بن عمرو وهم الذين نكثوا عهد الله تعالى وهموا بإخراج الرسول من مكة

وأخرج ابن عساكر عن مالك بن أنس رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فقاتلوا أئمة الكفر} قال : أبو سفيان.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {فقاتلوا أئمة الكفر} قال : رؤوس قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {فقاتلوا أئمة الكفر} قال : أبو سفيان بن حرب منهم.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه {فقاتلوا أئمة الكفر} قال : الديلم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه أنهم ذكروا عنده هذه الآية فقال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن مردويه عن زيد بن وهب رضي الله عنه في قوله {فقاتلوا أئمة الكفر} قال : كنا عند حذيفة رضي الله عنه فقال : ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة ولا من المنافقين إلا أربعة ، فقال أعرابي : إنكم
أصحاب صلى الله عليه وسلم محمد تخبروننا بأمور لا ندري ما هي فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا قال : أولئك الفساق أجل لم يبق منهم إلا أربعة أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه ، أنه كان في عهد أبي بكر رضي الله عنه في الناس حين وجههم إلى الشام فقال : إنكم ستجدون قوما محلوقة رؤوسهم فاضربوا مقاعد الشيطان منهم بالسيوف فوالله لئن أقتل رجلا منهم أحب إلي من أن أقتل سبعين من غيرهم وذلك بأن الله تعالى يقول {فقاتلوا أئمة الكفر}.
وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة رضي الله عنه {لا أيمان لهم} قال : لا عهود لهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمار رضي الله عنه {لا أيمان لهم} لا عهود لهم.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : والله ما قوتل أهل هذه الآية منذ أنزلت {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن مصعب بن سعد قال : مر سعد رضي الله عنه برجل من الخوارج فقال الخارجي لسعد : هذا من أئمة الكفر ، فقال سعد رضي الله عنه : كذبت أنا قاتلت أئمته.
الآيات 13 - 15.
وَأخرَج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ألا تقاتلون قوما

نكثوا أيمانهم} قال : قتال قريش حلفاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهمهم بإخراج الرسول
زعموا أن ذلك عام عمرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في العام السابع للحديبية وجعلوا في أنفسهم إذا دخلوا مكة أن يخرجوه منها فذلك همهم بإخراجه فلم تتابعهم خزاعة على ذلك فلما خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قالت قريش لخزاعة : عميتمونا عن إخراجه فقاتلوهم فقتلوا منهم رجالا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : نزلت في خزاعة {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} من خزاعة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويشف صدور قوم مؤمنين} قال : خزاعة حلفاء رسول صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ويشف صدور قوم مؤمنين} قال : هم خزاعة يشفي صدورهم من بني بكر {ويذهب غيظ قلوبهم} قال : هذا حين قتلهم بنو بكر وأعانهم قريش.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ويذهب غيظ قلوبهم} قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في خزاعة حين جعلوا يقتلون بني بكر بمكة.
وأخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن مروان بن الحكم

والمسور بن خرمة قالا كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش : أن من شاء أن يدخل في عقد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه ومن شاء أن يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة فقالوا : ندخل في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا : ندخل في عقد قريش وعهدهم فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهرا ثم إن بني بكر الذي كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ليلا بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة فقالت قريش : ما يعلم بنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الليل وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب عمرو بن سالم عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة على رسول الله بأبيات أنشده إياها : اللهم إني ناشد محمدا * خلف أبينا وأبيه إلا تلدا

كنا والدا وكنت ولدا * ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر رسول الله نصرا عندا * وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا * إن شئتم حسنا فوجهه بدر بدا في فيلق كالبحر يجري مزبدا * إن قريشا أخلفوك موعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا * وزعموا أن ليس تدعو أحدا فهم أذل وأقل عددا * قد جعلوا لي بكداء رصدا هم بيوتنا بالهجير هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نصرت يا عمرو بن سالم فما برح حتى مرت غمامة في السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذه السحابة لتشهد بنصر بني كعب وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاد وكتمهم مخرجه وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم.
الآية 16

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} قال : أبى أن يدعهم دون التمحيص.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الوليجة : البطانة من غير دينهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وليجة} أي حنانة.
الآيات 17 – 18
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله} وقال {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله} فنفي المشركين من المسجد يقول : من وحد الله وآمن بما أنزل الله {وأقام الصلاة} يعني الصلوات الخمس {ولم يخش إلا الله} يقول : لم يعبد إلا الله {فعسى أولئك} يقول : أولئك هم المهتدون كقوله لنبيه (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (الإسراء الآية 79) يقول : إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشفاعة وكل عسى في القرآن فهي واجبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ ما كان للمشركين أن يعمروا

مسجد الله قال : إنما هو مسجد واحد.
وأخرج ابن المنذر عن حماد قال : سمعت عبد الله بن كثير يقرأ هذا الحروف ما كان للمشركين أن يعمروا مسجد الله ، إنما يعمر مسجد الله.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والدارمي والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان قال الله {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ويأتي المسجد ويصلي فلا صلاة له وقد عصى الله ورسوله ، قال الله {إنما يعمر مساجد الله} الآية

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله سبحانه يقول : إني لأهم بأهل الأرض عذابا فإذا نظرت إلى عمار بيوتي والمتحابين في والمستغفرين بالأسحار صرفت عنهم.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن معمر عن رجل من قريش يرفع الحديث قال : يقول الله تبارك وتعالى إن أحب عبادي إلي الذين يتحابون في والذين يعمرون مساجدي والذين يستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا أردت بخلقي عذابا ذكرتهم فصرفت عذابي عن خلقي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبزار وحسنه والطبراني والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كتب إلى سلمان : يا أخي ليكن المسجد بيتك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المسجد بيت كل تقي وقد ضمن الله لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والراحة والجواز إلى الصراط إلى رضوان الرب

وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه قال : كان يقال : ما زي المسلم إلا في ثلاث : في مسجد يعمره أو بيت يكنه أو ابتغاء رزق من فضل ربه.
وأخرج أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج الهاشمي في جزئه المشهور بنسخة أبي مسهر عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه قال : المساجد مجالس الكرام.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن للمساجد أوتاد الملائكة جلساؤهم إن غابوا يفتقدونهم وإن مرضوا عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم ثم قال : جليس المسجد على ثلاث خصال أخ مستفاد أو كلمة محكمة أو رحمة منتظرة.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بيوت الله في الأرض المساجد وإن حقا على الله أن يكرم الزائر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن ميمون الأودي رضي الله عنه قال : أخبرنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن المساجد بيوت الله

في الأرض وأنه لحق على الله أن يكرم من زاره فيها.
وأخرج البزار وأبو يعلى والطبراني في الأوسط والبيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاهة من السماء أنزلت صرفت عن عمار المساجد.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : إن للمساجد أوتادا هم عمارها وإن لهم جلساء من الملائكة تفتقدهم الملائكة إذا غابوا فإن كانوا مرضى عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن عدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألف المسجد ألفه الله.
وأخرج الطبراني عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : سمعت جدي رسول
الله صلى الله عليه وسلم

يقول من أدمن الاختلاف إلى المسجد أصاب أخا مستفادا في الله وعلما مستظرفا وكلمة تدعوه إلى الهدى وكلمة تصرفه عن الردي ويترك الذنوب حياء وخشية أو نعمة أو رحمة منتظرة.
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن سلمان رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من توضأ في بيته ثم أتى المسجد فهو زائر الله وحق على المزور أن يكرم الزائر ، وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان موقوفا.
وأخرج البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبِيّ قال بشر المشائين في ظلم الليالي بالنور التام يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد آتاه الله نورا يوم القيامة

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال بشر المدلجين إلى المساجد في الظلم بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغدو والرواح إلى المسجد من الجهاد في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مغفل رضي الله عنه قال : كنا نتحدث أن المسجد حصن حصين من الشيطان.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا أوسع منه في الجنة

وأخرج أحمد والطبراني عن بشر بن حيان قال : جاء واثلة بن الأسقع رضي الله عنه ونحن نبني مسجدنا فوقف علينا فسلم ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى مسجدا يصلي فيه بنى الله له بيتا في الجنة أفضل منه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبزار عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من بنى مسجدا لا يريد به رياء ولا سمعة بنى الله له بيتا في الجنة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى بيتا يعبد الله فيه من مال حلال بنى الله له بيتا في الجنة من در وياقوت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي ذر رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من بنى مسجدا ولو

كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من بنى مسجدا يذكر اسم الله فيه بنى الله له بيتا في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنوا المساجد واتخذوها حمى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أمرنا أن نبني المساجد جما والمدائن شرفا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نهينا أن نصلي في مسجد مشرف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن شقيق رضي الله عنه قال : إنما كانت المساجد جما وإنما شرف الناس حديثا من الدهر

وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان يقال : ليلأتين على الناس زمان يبنون المساجد يتباهون بها ولا يعرفونها إلا قليلا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن الأصم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمرت بتشييد المساجد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لتزخرفن مساجدكم كما زخرفت اليهود والنصارى مساجدهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي رضي الله عنه قال : إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم.
وأخرج الطبراني في مسند الشاميين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من علق قنديلا في مسجد صلى عليه سبعون ألف ملك

واستغفر له ما دام ذلك القنديل يقد.
وأخرج سليم الرازي في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوؤه.
وأخرج أبو بكر الشافعي رضي الله عنه في رباعياته والطبراني عن أبي قرصاصة رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها ، وسمعته يقول : اخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين وسمعته يقول : من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ، فقالوا : يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطرق فقال : وهذه المساجد التي تبى في الطرق.
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال مررت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة فرأى فيه قبة من لبن فقال : لمن هذه قلت : لفلان ، فقال : إن كل بناء كل على صاحبه يوم القيامة إلا ما كان من مسجد ثم مر فلم

يرها قال : ما فعلت القبة قلت : بلغ صاحبها ما قلت فهدمها فقال : رحمه الله.
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : يقول الله إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى جلساء القرآن وعمار المساجد وولدان الإسلام سكن غضبي.
الآية 20.
وَأخرَج مسلم وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال رجل منهم ما أبالي أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج ، وقال آخر : بل عمارة المسجد الحرام ، وقال آخر : بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم ، فزجرهم عمر رضي الله عنه وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صليتم الجمعة
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستفتيه فيما اختلفتم فيه فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} إلى قوله {والله لا يهدي القوم الظالمين}

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية ، وذلك أن المشركين قالوا : عمارة بيت الله وقيام على السقاية خير ممن آمن وجاهد ، فكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره فذكر الله استكبارهم وإعراضهم فقال لأهل الحرم من المشركين (قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ، مستكبرين به سامرا تهجرون) (المؤمنون الآية 67) ، يعني أنهم كانوا يستكبرون بالحرم ، وقال (به سامرا) كانوا به يسمرون ويهجون بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم فخير الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله صلى الله عليه وسلم على عمران المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن ينفعهم عند الله تعالى مع الشرك به وإن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه قال الله {لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين} يعني الذين زعموا أنهم أهل العمارة فسماهم الله ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئا ، وأخرح ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال العباس رضي الله عنه حين أسر يوم بدر : إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنت نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية ، يعني أن ذلك كان في الشرك فلا أقبل ما كان في الشرك

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام} الآية ، قال : نزلت في علي بن أبي طالب والعباس رضي الله عنه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية {أجعلتم سقاية الحاج} في العباس وعلي رضي الله عنهما تكلما في ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن الشعبي رضي الله عنه قال : كانت بين علي والعباس
رضي الله عنهما منازعة فقال العباس لعلي رضي الله عنه : أنا عم النَّبِيّ وأنت ابن عمه وإلي سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : نزلت في علي والعباس وعثمان وشيبة تكلموا في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عبيدة رضي الله عنه

قال : قال علي رضي الله عنه للعباس : لو هاجرت إلى المدينة ، قال : أولست في أفضل من الهجرة ألست أسقي الحاج وأعمر المسجد الحرام فنزلت هذه الآية يعني قوله {أعظم درجة عند الله} قال : فجعل الله للمدينة فضل درجة على مكة.
وأخرج الفريابي عن ابن سيرين قال : قدم علي بن أبي طالبي رضي الله عنه مكة فقال للعباس رضي الله عنه : أي عم ألا تهاجر ألا تلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أعمر المسجد الحرام وأحجب البيت ، فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام} الآية ، وقال لقوم قد سماهم : ألا تهاجرون ألا تلحقون برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا فأنزل الله تعالى (قل إن كان آباؤكم) (التوبة الآية 24) الآية كلها.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : افتخر طلحة بن شيبة والعباس وعلي بن أبي طالب فقال طلحة : أنا صاحب البيت معي مفتاحه ، وقال العباس رضي الله عنه : أنا صاحب السقاية والقائم عليها : فقال علي رضي الله عنه : ما أدري ما تقولون : لقد صليت إلى القبلة قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية كلها.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال : أقبل المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسروا يوم بدر يعيرونهم بالشرك فقال العباس : أما - والله -

لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونفك العاني ونحجب البيت ونسقي الحاج فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية.
وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة ، وَابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال :
قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران فقال له العباس رضي الله عنه : أنا أشرف منك أنا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصي أبيه وساقي الحجيج ، فقال شيبة : أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني فاطلع عليهما علي رضي الله عنه فأخبراه بما قالا ، فقال علي رضي الله عنه : أنا أشرف منكما أنا أول من آمن وهاجر : فانطلقوا ثلاثتهم إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فما أجابهم بشيء فانصرفوا فنزل عليه الوحي بعد أيام فأرسل إليهم فقرأ عليهم {أجعلتم سقاية الحاج} إلى آخر العشر.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي حمزة السعدي أنه قرأ {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام}.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أجعلتم سقاية الحاج}

قال : أرادوا أن يدعوا السقاية والحجابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدعوها فإن لكم فيها خيرا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال : اشرب من سقاية العباس فإنها من السنة ، وفي لفظ ابن أبي شيبة : فإنه من تمام الحج.
وأخرج البخاري والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى فقال للعباس : يا فضل اذهب إلى أمك فائت رسول الله بشراب من عندها فقال : اسقني ، فقال : يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه ، فقال : اسقني ، فشرب منه ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال : اعملوا فإنكم على عمل صالح لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه وأشار إلى عاتقه.
وأخرج أحمد عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان لنا ولموالينا والسقاية لنبي هاشم والحجابة لبني عبد الدار.
وأخرج ابن سعد عن علي رضي الله عنه قال قلت للعباس رضي الله عنه : سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحجابة . فسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيكم ما هو خير لكم منها السقاية ترزؤكم ولا ترزءونها .
وأخرج ابن سعد والبخاري ومسلم والأزرقي عن ابن عمر قال : استأذن العباس النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يبيت ليالي منى بمكة من أجل سقايته فأذن له.
وَأخرَج ابن سعد عن مجاهد قال : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته بالبيت معه محجن يستلم به الحجر كلما مر عليه ثم آتى السقاية يستسقي فقال العباس : يارسول الله ، ألا نأتيك بماء لم تمسه الأيدي قال : بلى فاسقوني فسقوه ثم أتى زمزم فقال : استقوا لي منها دلوا فأخرجوا منها دلوا فمضمض منه ثم مجه فيه ثم قال : أعيدوه ثم قال : إنكم على عمل صالح ثم قال : لولا أن تغلبوا عليه لنزلت فنزعت معكم.
وأخرج ابن سعد عن جعفر بن تمام قال : جاء جل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال : أرأيت ما تسقون الناس من نبيذ هذا الزبيب أسنة تبغونها أم تجدون هذا أهون عليكم من البن والعسل قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى العباس وهو يسقي الناس فقال اسقني ، فدعا العباس بعساس من نبيذ فتناول

رسول الله صلى الله عليه وسلم عسا منها فشرب ثم قال : أحسنتم هكذا فاصنعوا ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فما يسرني أن سقايتها جرت علي لبنا وعسلا مكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحسنتم هكذا فافعلوا.
وأخرج ابن سعد عن مجاهد رضي الله عنه قال : اشرب من سقاية آل العباس فإنها من السنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه في قوله {أجعلتم سقاية الحاج} قال : زمزم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والأزرقي في تاريخ مكة والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال : أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن قريشا خرجت من الحرم فارة من أصحاب الفيل وهو غلام شاب فقال : والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره ، فجلس عند البيت وأجلت عنه قريش فقال : اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك * لا يغلبن صليبهم وضلالهم عدو محالك فلم يزل ثابتا في الحرم حتى أهلك الله الفيل وأصحابه فرجعت قريش وقد

عظم فيها لصبره وتعظيمه محارم الله فبينما هو في ذلك وقد ولد له أكبر بنيه فأدرك - وهو الحارث بن عبد المطلب - فأتي عبد المطلب في المنام فقيل له : احفر زمزم خبيئة الشيخ الأعظم فاستيقظ فقال : اللهم بين لي ، فأتي في النام مرة أخرى فقيل : احفرتكم بين الفرث والدم في مبحث الغراب في قرية النمل مستقبل الأنصاب الحمر ، فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمي له من الآيات فنحرت بقرة بالجزورة فانفلتت من جازرها تحمي نفسها حتى غلب عليها الموت في المسجد في موضع زمزم فجزرت تلك البقرة من مكانها حتى احتمل لحمها فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث فبحث عن قرية النمل فقام عبد المطلب فحفر هناك فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب : ما هذا الصنيع إنما لم
نكن نرميك بالجهل لم تحفر في مسجدنا فقال عبد المطلب : إني لحافر هذا البئر ومجاهد من صدني عنها ، فطفق هو وولده الحارث وليس له ولد يومئذ غيره فسفه عليهما يومئذ ناس من قريش فنازعوهما وقاتلوهما وتناهى عنه

ناس من قريش لما يعلمون من عتق نسبه وصدقه واجتهاده في دينهم ، حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى نذر أن وفي له عشرة من الولدان ينحر أحدهم ثم حفر حتى أدرك سيوفا دفنت في زمزم حين دفنت فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا : يا عبد المطلب أجدنا مما وجدت ، فقال عبد المطلب : هذه السيوف لبيت الله ، فحفر حتى أنبط الماء في التراب وفجرها حتى لا تنزف وبنى عليها حوضا فطفق هو وابنه ينزعان فيملآن ذلك الحوض فيشربه الحاج فيكسره أناس حسدة من قريش فيصلحه عبد المطلب حين يصبح ، فلما أكثروا فساده دعا عبد المطلب ربه فأري في المنام فقيل له : قل اللهم لا أحلها المغتسل ولكن هي للشاربين حل وبل ثم كفيتهم ، فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد فنادى بالذي أري ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه ذلك عليه أحد من قريش إلا رمي في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته ثم تزوج عبد المطلب النساء فولد له عشرة رهط ، فقال : اللهم إني كنت نذرت لك نحر أحدهم وإني أقرع بينهم فأصيب بذلك من شئت ، فأقرع بينهم فطارت القرعة على عبد الله وكان أحب ولده إليه فقال عبد المطلب : اللهم هو أحب إليك أم مائة من الإبل ثم أقرع بينه وبين المائة من الإبل فطارت

القرعة على المائة من الإبل فنحرها عبد المطلب.
وأخرج الأزرقي والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال عبد المطلب : إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال : احفر طيبة ، قلت : وما طيبة فذهب عني فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت به فجاءني فقال : احفر زمزم ، فقلت : وما زمزم قال : لا تنزف ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم عند قرية النمل ، قال : فلما أبان له شأنها ودل على موضعها وعرف أن قد صدق غدا بمعول ومعه ابنه الحارث ليس له يومئذ غيره فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا : يا عبد المطلب إنها بئر إسمعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها فقال : ما أنا بفاعل إن هذا
الأمر خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم ، قالوا : فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نحاكمك ، قال : فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم ، قالوا : كاهنة من سعد هذيل ، قال : نعم - وكانت بأشراف الشام -

فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني عبد مناف وركب من كل ركب من قريش نفر - والأرض إذ ذاك مفاوز - فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوز بين الحجاز والشام فنى ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا ممن معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا : إنا في مفازة نخشى فيها على أنفسنا مثل ما أصابكم ، فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال : ماذا ترون قالوا : ما رأينا إلا تبع لرأيك فمرنا ما شئت ، قال : فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم لنفسه لما بكم الآن من القوة كلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخركم رجلا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا ، قالوا : سمعنا ما أردت ، فقام كل رجل منهم يحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه : والله إن ألقاءنا بأيدينا لعجز ما نبتغي لأنفسنا حيلة عسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارحلوا فارتحلوا حتى فرغوا ومن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون فقام عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت انفجرت من تحت خفها عين من ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشربوا واستقوا حتى ملأوا سقيتهم ثم دعا القبائل التي معه من قريش فقال : هلم الماء قد سقانا الله تعالى فاشربوا واستقوا ، فقالت القبائل التي نازعته : قد - والله - قضى الله لك يا عبد

المطلب علينا والله لا نخاصمك في زمزم ، فارجع إلى سقايتك راشدا ، فرجع ورجعوا معه ولم يمضوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبين زمزم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن ماجة وعمر بن شبة والفاكهاني في تاريخ مكة والطبراني في الأوسط ، وَابن عدي والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق أبي الزبير ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ماء زمزم لما شرب له.
وأخرج المستغفري في الطب ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له من شربه لمرض شفاه الله أو جوع أشبعه الله أو لحاجة قضاها الله.
وأخرج الدينوري في المجالسة عن الحميدي - وهو شيخ البخاري رضي الله عنهما - قال : كنا عند ابن عينية فحدثنا بحديث ماء زمزم لما شرب له فقام رجل من

المجلس ثم عاد فقال : يا أبا محمد ليس الحديث الذي قد حدثتنا في زمزم صحيحا ، فقال : بلى ، فقال الرجل : فإني شربت الآن دلوا من زمزم على أن تحدثني بمائة حديث ، فقال سفيان رضي الله عنه : اقعد فقعد ، فحدثه بمائة حديث.
وأخرج الفاكهاني في تاريخ مكة عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : حج معاوية رضي الله عنه وحججنا معه فلما طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتين ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا فقال : يا غلام انزع لي منها دلوا ، فنزع له دلوا يشرب وصب على وجهه وخرج وهو يقول : ماء زمزم لما شرب له.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له.
وأخرج الحافظ أبو الوليد بن الدباغ رضي الله عنه في فوائده والبيهقي والخطيب في تاريخه عن سويد بن سعيد رضي الله عنه قال : رأيت ابن المبارك رضي الله عنه أتى زمزم فملأ إناء ثم استقبل الكعبة فقال : اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن ابن المنكدر ، عَن جَابر رضي الله عنه : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ماء زمزم لما شرب له ، وهو ذا أشرب هذا لعطش يوم القيامة ، ثم شربه

وأخرج الحكيم الترمذي من طريق أبي الزبير ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له قال الحكيم : وحدثني أبي قال : دخلت الطواف في ليلة ظلماء فأخذني من البول ما شغلني فجعلت أعتصر حتى آذاني وخفت إن خرجت من المسجد أم أطأ بعض تلك الأقذار وذلك أيام الحج فذكرت هذا الحديث فدخلت زمزم فتضلعت منه فذهب عني إلى الصباح.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ماء على وجه الأرض زمزم فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم.
وأخرج ابن أبي شيبة والفاكهاني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زمزم خير ماء يعلم وطعام يطعم وشفاء سقم.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها أنه كانت تحمل ماء زمزم في القوارير وتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل

ذلك وكان يصب على المرضى ويسقيهم.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن صفية رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ماء زمزم شفاء من كل داء.
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له فإن شربته تشتفي به شفاك الله وإن شربته مستعيذا أعاذك الله وإن شربته ليقطع ظمؤك قطعه الله وإن شربته لشبعك أشبعك الله وهي عزيمة جبريل وسقيا إسمعيل عليهما السلام ، قال : وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شرب ماء زمزم قال : اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن ماجة والطبراني والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عثمان بن الأسود رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال : من أين جئت قال : شربت من زمزم فقال : اشرب منها كما

ينبغي ، قال : وكيف ذاك يا أبا عباس قال : إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر اسم الله واشرب وتنفس ثلاثا وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة زمز فأمر بدلو انتزع له من البئر فوضعها على شفة البئر ثم وضع يده من تحت عراقي الدلو ثم قال : بسم الله ، ثم كرع فيها فأطال فرفع رأسه فقال : الحمد لله ، ثم دعا فقال : بسم الله ، ثم كرع فيها فأطال وهو دون الأول ثم رفع رأسه فقال : الحمد لله ، ثم دعا فقال : بسم الله ، ثم كرع فيها وهو دون الثاني ثم رفع فقال : الحمد لله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علامة ما بيننا وبين المنافقين لم يشربوا منها قط حتى يتضلعوا.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق

وأخرج الأزرقي عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : علامة ما بيننا وبين المنافقين أن يدلوا دلوا من ماء زمزم فيتضلعوا منها ما استطاع منافق قط أن يتضلع منها.
وأخرج الأزرقي عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال : بلغني أن التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق وأن ماءها مذهب بالصداع وأن الإطلاع فيها يجلو البصر وأنه سيأتي عليها زمان تكون أعذب من النيل والفرات.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي والفاكهاني عن كعب رضي الله عنه قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل أن زمزم طعام طعم وشفاء سقم.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والأزرقي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم رضي الله عنه قال : قدم علينا وهب بن منبه مكة فاشتكى فجئنا نعوده فإذا عنده من ماء زمزم فقلنا : لو استعذبت فإن هذا ماء فيه غلظ ، قال : ما أريد أن أشرب حتى أخرج منها غيره والذي نفس وهب بيده إنها لفي كتاب الله مضنونة وإنها لفي كتاب الله طعام طعم وشفاء سقم والذي نفس وهب بيده لا يعمد إليها أحد فيشرب منها حتى يتضلع إلا نزعت

داء وأحدثت له شفاء.
وأخرج الأزرقي عن كعب رضي الله عنه ، أنه قال : لزمزم إنا نجده مضنونة ضن بها لكم وأول من سقي ماءها إسمعيل عليه السلام طعام طهم وشفاء سقم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور والأزرقي والحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال : ماء زمزم لما شرب له إن شربته تريد الشفاء شفاك الله وإن شربته لظمأ رواك الله وإن شربته لجوع أشبعك الله وهي هزمة جبريل عليه السلام بعقبه وسقيا الله لإسمعيل عليه السلام.
وأخرج بقية عن علي بن أبي طالبي رضي الله عنه قال : خير واد في الناس وادي مكة ووادي الهند الذي هبط به آدم عليه السلام ومنه يؤتى بهذا الطيب الذي تطيبون به ، وشر واد الناس واد بالأحقاف ووادي حضر موت يقال له برهوت وخير بئر في الناس بئر زمزم وشر بئر في الناس بئر برهوت وإليها تجتمع أرواح الكفار.
وأخرج الأزرقي من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنمها قال : صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار ، قيل لابن عباس : ما مصلى الأخيار قال :

تحت الميزاب ، قيل : وما شراب الأبرار قال : ماء زمزم.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج رضي الله عنه قال : سمعت أنه يقال : خير ماء في الأرض ماء زمزم وشر ماء في الأرض ماء برهوت شعب من شعب حضر موت.
وأخرج الأزرقي عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : إن إيليا وزمزم ليتعارفان.
وأخرج الأزرقي عن عكرمة بن خالد رضي الله عنه قال : بينما أنا ليلة في جوف الليل عند زمزم جالس إذا نفر يطوفون عليهم ثياب بيض لم أر بياض ثيابهم بشيء قط فلما فرغوا صلوا قريبا منا فالتفت بعضهم فقال لأصحابه اذهبوا بنا نشرب من شراب الأبرار ، فقاموا فدخلوا زمزم فقلت : والله لو دخلت على القوم فسألتهم ، فقمت فدخلت فإذا ليس فيها أحد من البشر.
وأخرج الأزرقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : تنافس الناس في زمزم في الجاهلية حتى أن كان أهل العيال يغدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحا لهم وقد كنا نعدها عونا على العيال.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت زمزم تسمى

في الجاهلية شباعة وتزعم أنها نعم العون على العيال.
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والأزرقي والبزار وأبو عوانة والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قدمت مكة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم متى كنت ههنا قلت : أربع عشرة ، وفي لفظ : قلت ثلاثين من بين يوم وليلة ، قال : من كان يطعمك قلت : ما كان لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم فما أجد على كيدي سحقة جوع ولقد تكسرت عكن بطني ، قال : إنها مباركة إنها طعام طعم زاد الطيالسي وشفاء سقم.
وأخرج الأزرقي عن رباح بن الأسود رضي الله عنه قال : كنت مع أهلي بالبادية فابتعت بمكة فأعتقت فمكثت ثلاثة أيام لا أجد شيئا آكله فكنت أشرب من ماء زمزم فشربت يوما فإذا أنا بصريف اللبن من بين ثناياي فقلت : لعلي ناعس ، فانطلقت وأنا أجد قوة اللبن وشبعه

وأخرج الأزرقي عن عبد العزيز بن أبي رواد رضي الله عنه ، أن راعيا كان يرعى وكان من العباد فكان إذا ظمئ وجد فيها لبنا وإذا أراد أن يتوضأ وجد فيها ماء.
وأخرج الأزرقي عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال : إن الله يرفع المياه
قبل يوم القيامة غير زمزم فتغور المياه غير زمزم وتلقي الأرض ما في بطنها من ذهب وفضة ويجيء الرجل بالجراب فيه الذهب والفضة فيقول : من يقبل هذا مني فيقول : لو أتيتني به أمس قبلته.
وأخرج الأزرقي عن زر بن حبيش قال : رأيت عباس بن عبد المطلب في المسجد الحرام وهو يطوف حول زمزم يقول : لا أحلها لمغتسل وهي لمتوضئ وشارب حل وبل.
وأخرج الأزرقي عن ابن أبي حسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى سهيل بن عمرو يستهديه من ماء زمزم فبعث له براويتين.
وأخرج عبد الرزاق والأزرقي عن ابن جريج عن ابن أبي حسين واسمه عبد الله بن أبي عبد الرحمن قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سهيل بن عمرو إن جاءك كتابي ليلا فلا تصبحن وإن جاءك نهار فلا

تمسين حتى تبعث إلي بماء من زمزم فملأ له مزادتين وبعث بهما على بعير.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استهدى سهيل بن عمرو رضي الله عنه من ماء زمزم.
وأخرج ابن سعد عن أم أيمن رضي الله عنهما قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا صغيرا ولا كبيرا جوعا ولا عطشا كان يغدو فيشرب من ماء زمزم فأعرض عليه الغداء فيقول : لا أريده أنا شبعان.
وأخرج الدارقطني عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : خمس من العبادة : النظر إلى المصحف والنظر إلى الكعبة والنظر إلى الوالدين والنظر في زمزم وهي تحط الخطايا والنظر في وجه العالم.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه ، أنه كان إذا شرب من زمزم قال : هي لما شربت له.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما من رجل يشرب من

ماء زمزم حتى يتضلع إلا حط الله به داء من جوفه ومن شربه لعطش روي ومن شربه لجوع شبع.
وأخرج عبد الرزاق ، عَن طاووس رضي الله عنه قال : ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم.
وأخرج الفاكهاني عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عينا له إلى مكة فأقام بها ليالي يشرب من ماء زمزم فلما رجع قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عيشك فأخبره أنه كان يأتي زمزم فيشرب من مائها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها شفاء من سقم وطعام من طعم.
وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة سقاه من ماء زمزم.
وأخرج الفاكهاني عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما إذا نزل به ضيف أتحفه من ماء زمزم ولا أطعم قوما طعاما إلا سقاهم من ماء زمزم.
وأخرج أبو ذر الهروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت أهل مكة لا يسابقهم أحد إلا سبقوه ولا يصارعهم أحد إلا صرعوه حتى رغبوا عن ماء زمزم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانوا يستحبون إذا ودعوا

البيت أن يأتوا زمزم فيشربوا منها.
وأخرج السلفي في الطيوريات عن ابن حبيب رضي الله عنه قال : زمزم شراب الأبرار والحجر مصلى الأخيار.
الآية 21 - 22.
أَخرَج أبو الشيخ عن طلحة بن مصرف رضي الله عنه أنه قرأ {يبشرهم ربهم}.
الآيات 23 - 24
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : أمروا بالهجرة فقال العباس بن عبد المطلب : أنا أسقي الحاج ، وقال طلحة أخو بني عبد الدار أنا أحجب الكعبة فلا نهاجر فأنزلت {لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في هذه الآية قال : هي في الهجرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأموال اقترفتموها} قال : أصبتموها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {وتجارة تخشون

كسادها} يقول : تخشون أن تكسد فتبيعونها {ومساكن ترضونها} قال : هي القصور والمنازل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره} قال : بالفتح في أمره بالهجرة هذا كله قبل فتح مكة.
وأخرج أحمد والبخاري عن عبد الله بن هشام رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : والله لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه والله أعلم.
الآيات 25 – 27
وأخرج الفريابي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} قال : هي أول ما أنزل الله تعالى من سورة براءة.
وأخرج ابن أبي شيبة وسنيد ، وَابن حرب ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : أول ما نزل من براءة {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} يعرفهم نصره ويوطنهم لغزوة تبوك

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} قال : هذا مما يمن الله به عليهم من نصره إياهم في مواطن كثيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال {حنين} ماء بين مكة والطائف قاتل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هوازن وثقيف وعلى هوازن مالك بن عوف وعلى ثقيف عبد يا ليل بن عمرو الثقفي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح نصف شهر ولم يزد على ذلك حتى جاءته هوازن وثقيف فنزلوا بحنين وحنين واد إلى جنب ذي المجاز.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال لما اجتمع أهل مكة وأهل المدينة قالوا : الآن والله نقاتل حين اجتمعنا فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم فالتقوا فهزمهم الله حتى ما يقوم منهم أحد على أحد حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي أحياء العرب إلي فوالله ما يعرج إليه أحد حتى أعرى موضعه فالتفت إلى الأنصار وهم ناحية ناحية فناداهم : يا أنصار الله وأنصار رسوله إلى عباد الله أنا رسول الله فعطفوا وقالوا : يا رسول الله ورب الكعبة إليك والله فنكسوا رؤوسهم يبكون وقدموا

أسيافهم يضربون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليهم.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع رضي الله عنه أن رجلا قال يوم حنين : لن نغلب من قلة ، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}
قال الربيع : وكانوا اثني عشر ألفا منهم ألفان من أهل مكة.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد البغوي في معجمه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته قد حان الرواح يا رسول الله ، قال أجل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال ، فثار من تحت سمرة كان ظله ظل طائر فقال : لبيك وسعديك وأنا فداؤك ، ثم قال : أسرج لي فرسي ، فأتاه بدفتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر قال : فركب فرسه ثم سرنا يومنا فلقينا العدو وتشامت الخيلان فقاتلناهم فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله فاقتحم

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه وحدثني من كان أقرب إليه مني : أنه أخذ حفنة من تراب فحثاها في وجوه القوم وقال : شاهت الوجوه ، قال يعلى بن عطاء رضي الله عنه : فأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا : ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست الحديد فهزمهم الله عز وجل.
وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى الناس عنه وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار فكنا على أقدامنا نحو من ثمانين قدما ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته فمضى قدما فقال ناولني كفا من تراب ، فناولته فضرب وجوههم فامتلأت أعينهم ترابا وولى المشركون أدبارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه ، أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان

والإبل والغنم فجعلوهم صفوفا ليكثروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتقى المسلمون والمشركون فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله ثم قال : يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد وأحمد ومسلم والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلقد رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه وهو على بلغته الشهباء التي أهداها له فروة بن معاوية الجذامي فلما التقى المسلمون والمشركون ولي المسلمون مدبرين وطفق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة أن لا تسرع وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عباس نادي أصحاب السمرة يا أصحاب سورة

البقرة فوالله لكأني عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ينادون يا لبيك يا لبيك فأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار وارتفعت الأصوات وهم يقولون : يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ، ثم قصرت الدعوة على بني الحرث بن الخزرج فتطاول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته فقال : هذا حين حمى الوطيس ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال : انهزموا ورب الكعبة ، فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى فما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصيات فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا حتى هزمهم الله عز وجل.
وأخرج الحاكم وصححه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين الأنصار فقال : يا معشر الأنصار ، فأجابوه لبيك - بأبينا أنت وأمنا - يا رسول الله ، قال أقبلوا بوجوهكم إلى الله ورسوله يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ، فأقبلوا ولهم حنين حتى أحدقوا به كبكبة تحاك مناكبهم يقاتلون حتى هزم الله المشركين

وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم فقال القوم : اليوم والله نقاتل فلما التقوا واشتد القتال ولوا مدبرين فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال : يا معشر المسلمين إلي عباد الله أنا رسول الله ، فقالوا : إليك - والله - جئنا فنكسوا رؤوسهم ثم قاتلوا حتى فتح الله عليهم.
وأخرج الحاكم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من بعير ثم قال : أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر
هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار على أهله يوم القيامة وعليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الأنفال ويقول : ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : رأيتنا يوم حنين وإن الفئتين لموليتان وعن عكرمة قال : لما كان يوم حنين ولى المسلمون وولى المشركون وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنا محمد رسول الله ثلاث مرات - وإلى جنبه عمه العباس - فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعمه : يا عباس أذن يا أهل

الشجرة فأجابوه من كل مكان لبيك لبيك حتى أظلوه برماحهم ثم مضى فوهب الله له الظفر فأنزل الله {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن عبيد الله بن عمير الليثي رضي الله عنه قال كان مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف من الأنصار وألف من جهينة وألف من مزينة وألف من أسلم وألف من غفار وألف من أشجع وألف من المهاجرين وغيرهم فكان معه عشرة آلاف ، وخرج باثني عشر ألفا وفيها قال الله تعالى في كتابه {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا}.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه ، أنه قيل له : هل كنتم وليتم يوم حنين قال : والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح فلقوا جمعا رماة هوازن وبني النضر ما يكاد يسقط لهم سهم فرشقوهم رشقا ما كادوا يخطئون فأقبلوا هنالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته البيضاء ، وَابن عمه أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يقود به فنزل

ودعا واستنصر ثم قال : أنا النَّبِيّ لا كذب * أنا ابن عبد المطلب ثم صف أصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا} قال : قتلهم بالسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : في يوم حنين أمد
الله رسوله صلى الله عليه وسلم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ويومئذ سمى الله تعالى الأنصار مؤمنين قال {ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : رأيت قبل هزيمة القوم - والناس يقتتلون - مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بين القوم فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي لم أشك أنها الملائكة عليهم السلام ولم يكن إلا هزيمة القوم ،.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد

بن جبير رضي الله عنه في قوله {وعذب الذين كفروا} قال : بالهزيمة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبزي رضي الله عنه في قوله {وعذب الذين كفروا} قال : بالهزيمة والقتل ، وفي قوله {ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء} قال : على الذين انهزموا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم حنين.
وأخرج ابن سعد والبخاري في التاريخ والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن عياض بن الحرث عن أبيه ، قال : أن رسول صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثني عشر ألفا فقتل من الطائف يوم حنين مثل قتلى يوم بدر وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصباء فرمى بها وجوهنا فانهزمنا.
وأخرج أحمد ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فلما واجهنا العدو وتقدمت فأعلو ثنية فاستقبلني رجل من العدو فأرميته بسهم فتوارى عني فما دريت ما صنع فنظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى فالتقوا هم وأصحاب والنبي صلى الله عليه وسلم وأنا متزر وأرجع منهزما وعلي بردتان متزرا بإحدهما مرتديا بالأخرى فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا ومررت على

رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأى ابن الأكوع فزعا فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال : شاهت الوجوه ، فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله تعالى وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين.
وأخرج البخاري في التاريخ والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن سفيان الثقفي رضي
الله عنه قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبضة من الحصى فرمى بها في وجوهنا فانهزمنا فما خيل إلينا إلا أن كل حجر أو شجر فارس يطلبنا.
وأخرج البخاري في التاريخ ، وَابن مردويه والبيهقي عن يزيد بن عامر السوائي - وكان شهد حنينا مع المشركين ثم أسلم - قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبضة من الأرض فرمى بها في وجوه المشركين وقال : ارجعوا شاهت الوجوه فما أحد يلقاه أخوه إلا وهو يشكو قذى في عينيه ويمسح

عينيه.
وأخرج مسدد في مسنده والبيهقي ، وَابن عساكر عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال : حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقوموا لنا حلب شاة إلا كفيناهم فبينا نحن نسوقهم في أدبارهم إذ التقينا إلى صاحب البغلة البيضاء فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقتنا عنده رجال بيض حسان الوجوه قالوا لنا : شاهت الوجوه ارجعوا ، فرجعنا وركبوا أكتافنا وكانت إياها.
وأخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق حدثنا أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أنه حدث أن مالك بن عوف رضي الله عنه بعث عيونا فأتوه وقد تقطعت أوصالهم فقال : ويلكم ما شأنكم فقالوا : أتانا رجال بيض على خيل بلق فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي ، وَابن عساكر عن مصعب بن شيبة بن عثمان الحجبي عن أبيه قال خرجت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم حنين والله ما خرجت إسلاما ولكن خرجت اتقاء أن تظهر هوازن على قريش فوالله إني

لواقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قلت : يا نبي الله إني لأرى خيلا بلقا ، قال : يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر ، فضرب بيده عند صدري حتى ما أجد من خلق الله تعالى أحب إلي منه فقال : فالتقى المسلمون فقتل من قتل ثم أقبل النَّبِيّ وعمر رضي الله عنه آخذ باللجام والعباس آخذ بالغرز فنادى العباس رضي الله عنه : أين المهاجرون أين أصحاب سورة البقرة - بصوت عال - هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : أنا النَّبِيّ غير كذب * أنا ابن عبد المطلب فأقبل المسلمون فاصطكوا بالسيوف فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الآن حمي الوطيس.
الآية 28.
وَأخرَج أحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد عامي هذا أبدا إلا أهل العهد وخدمكم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ

وابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه في قوله {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنما المشركون نجس} أي أخباث {فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} وهو العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه ، نادى علي رضي الله عنه بالأذان وذلك لتسع سنين من الهجرة وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل حجة الوداع لم يحج قبلها ولا بعدها منذ هاجر فلما نفى الله تعالى المشركين عن المسجد الحرام شق ذلك على المسلمين فأنزل الله {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} فأغناهم الله تعالى بهذا الخراج : الجزية الجارية عليهم يأخذونها شهرا شهرا وعاما عاما فليس لأحد من المشركين أن يقرب المسجد الحرام بعد عامهم ذلك إلا صاحب الجزية أو عبد رجل من المسلمين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام يتجرون فيه فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون : فمن أين لنا الطعام فأنزل الله {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} قال : فأنزل الله

عليهم المطر وكثر خيرهم حين ذهب المشركون عنهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما نزلت {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} شق على أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : من يأتينا بطعامنا وبالمتاع فنزلت {وإن خفتم عيلة} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نفى الله تعالى إلى المشركين عن المسجد الحرام ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين فقال : من أين تأكلون وقد نفى المشركون وانقطعت عنكم العير قال الله تعالى {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} فأمرهم بقتال أهل الكفر وأغناهم من فضله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : قال المؤمنون : قد كنا نصيب من متاجر المشركين ، فوعدهم الله تعالى أن يغنيهم من فضله عوضا لهم بأن لا يقربوا المسجد الحرام فهذه الآية من أول براءة في القراءة وفي آخرها التأويل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : لا يدخل الحرم كله مشرك وتلا هذه

الآية.
وأخرج عبد الرزاق والنحاس في ناسخه عن عطاء عن عطاء رضي الله عنه في قوله {فلا يقربوا المسجد الحرام} قال : يريد الحرم كله ، وفي لفظ : لا يدخل الحرم كله مشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وإن خفتم عيلة} قال : الفاقة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {فسوف يغنيكم الله من فضله} قال : أغناهم الله تعالى بالجزية الجارية.
وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي رضي الله عنه قال : كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن يمنع أن

يدخل اليهود والنصارى المساجد واتبع نهيه {إنما المشركون نجس}.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه {إنما المشركون نجس} فمن صافحهم فليتوضأ.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صافح مشركا فليتوضأ أو ليغسل كفيه.
وأخرج ابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده قال استقبل رسول
الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام فناوله يده فأبى أن يتناولها فقال : يا جبريل ما منعك أن تأخذ بيدي فقال : إنك أخذت بيد يهودي فكرهت أن تمس يدي يدا قد مستها يد كافر فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ فناوله يده فتناولها.
وأخرج ابن مردويه وسمويه في فوائده عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ولا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا ومن كان بينه وبين رسول صلى الله عليه وسلم الله أجل فأجله مدته.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح :

لا يدخل المسجد الحرام مشرك ولا يؤدي مسلم جزية.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمر بن العزيز قال : آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقى بأرض العرب دينان.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج رضي الله عنه قال بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بأن لا يترك يهودي ولا نصراني بأرض الحجاز وأن يمضي جيش أسامة إلى الشام وأوصى بالقبط خيرا فإن لهم قرابة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال : إن آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال أخرجوا اليهود من أرض الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيت لأخرجن المشركين من جزيرة العرب فلما ولي عمر رضي الله عنه أخرجهم.
الآية 29.
أَخْرَج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أنزل الله تعالى في العام

الذي نبذ فيه أبو بكر رضي الله عنه إلى المشركين {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس} فكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون فلما حرم الله تعالى على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها فأنزل الله تعالى {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} فأجل في الآية الأخرى التي تتبعها الجزية ولم تكن تؤخذ قبل ذلك فجعلها عوضا مما منعهم من موافاة المشركين بتجاراتهم فقال {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله {صاغرون} فلما أحق ذلك للمسلمين عرفوا أنه قد عوضهم أفضل ما كانوا وجدوا عليه مما كان المشركين يوافون به من التجارة.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القتال قتالان : قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله فإذا فاءت أعطيت العدل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} الآية ، قال : نزلت هذه حين أمر محمد صلى الله عليه وسلم

وأصحابه بغزوة تبوك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : أنزلت في كفار قريش والعرب (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله) (البقرة الآية 193) وأنزلت في أهل الكتاب {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله {حتى يعطوا الجزية} فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجزية عن يد قال جزية الأرض والرقبة جزية الأرض والرقبة.
وأخرج النحاس في ناسخه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} قال : نسخ بهذا العفو عن المشركين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اله عنه في الآية قال : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال من يليه من العرب أمره بجهاد أهل الكتاب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} يعني الذين لا يصدقون بتوحيد الله {ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله} يعني الخمر والخنزير {ولا يدينون دين

الحق} يعني دين الإسلام {من الذين أوتوا الكتاب} يعني من اليهود والنصارى أوتوا الكتاب من قبل المسلمين أمة محمد صلى الله عليه وسلم {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} يعني يذلون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {عن يد} قال : عن قهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه في قوله {عن يد} قال : من يده ولا يبعث بها مع غيره.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سنان رضي الله عنه في قوله {عن يد} قال : عن قدرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عن يد وهم صاغرون} قال : ولا يلكزون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه في قوله !

{وهم صاغرون} قال : غير محمودين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن المغيرة رضي الله عنه ، أنه بعث إلى رستم فقال له رستم : إلام تدعو فقال له : أدعوك إلى الإسلام فإن أسلمت فلك ما لنا وعليك ما علينا ، قال : فإن أبيت قال : فتعطي الجزية عن يد وأنت صاغر ، فقال : لترجمانه : قل له أما إعطاء الجزية فقد عرفتها فما قولك وأنت صاغر قال : تعطيها وأنت قائم وأنا جالس والسوط على رأسك.
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه أنه قال لأهل حصن حاصرهم الإسلام : أو الجزية وأنتم صاغرون قالوا : وما الجزية قال : نأخذ منكم الدراهم والتراب على رؤوسكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن سلمان رضي الله عنه ، أنه انتهى إلى حصن
فقال : إن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا وإن أنتم أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون فإن أبيتم فأنبذناكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : أحب لأهل الذمة أن يتعبوا في أداء الجزية لقول الله تعالى {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسروق رضي الله عنه قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى

اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري رضي الله عنه قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس أهل هجر ومن يهود اليمن ونصاراهم من كل حالم دينار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن بجالة قال : لم يأخذ عمر رضي الله عنه الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن بن محمد بن علي رضي الله عنهم قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام فمن أسلم قبل منه ومن أبى ضربت عليهم الجزية حتى أن لا تؤكل لهم ذبيحة ولا ينكح منهم امرأة.
وأخرج مالك والشافعي وأبو عبيد في كتاب الأموال ، وَابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار الناس في المجوس في

الجزية فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب.
وأخرج ابن المنذر عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : لولا أني رأيت أصحابي أخذوا من المجوس ما أخذت منهم وتلا {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} الآية.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه سئل عن أخذ الجزية من المجوس فقال : والله ما على الأرض أحد أعلم بذلك مني إن المجوس كانوا أهل كتاب يعرفونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فسكر فوقع على أخته فرآه نفر من المسلمين فلما أصبح قالت أخته : إنك قد صنعت بي كذا وكذا وقد رآك نفر لا يسترون عليك ، فدعا أهل الطمع فأعطاهم ثم قال لهم : قد
علمتم أن آدم عليه السلام قد أنكح بنيه بناته فجاء أولئك الذين رأوه فقالوا : ويل للأبعد إن في ظهرك حد الله فقتلهم أولئك الذين كانوا عنده ثم جاءة امرأة فقالت له : بلى قد رأيتك ، فقال لها : ويحا لبغي بني فلان ، قالت : أجل والله لقد كانت بغية ثم تابت فقتلها ثم أسرى على ما في قلوبهم وعلى كتبهم فلم يصبح عندهم شيء.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذه الجزيرة من العرب على الإسلام لم يقبل منهم غيره وكان أفضل

الجهاد وكان بعد جهاد آخر على هذه الأمة في شأن أهل الكتاب {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد رضي الله قال : يقاتل أهل الأوثان على الإسلام ويقاتل أهل الكتاب على الجزية.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نساء أهل الكتاب من يحل لنا ومنهم من لا يحل لنا وتلا {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤوه ولفظ ابن مردويه : لا يحل نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حربا ثم تلا هذه الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال له : آخذ الأرض فأتقبلها أرضا خربة فأعمرها وأؤدي خراجها فنهاه ثم قال : لا تعمدوا إلى ما ولاه الله هذا الكافر فتخلعه من عنقه وتجعله في عنقك ثم تلا {قاتلوا الذين لا يؤمنون} إلى {صاغرون}.
الآية 30.
وَأخرَج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن

مردويه عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى وأبو أنس وشاس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله وإنما قالوا : هو ابن الله من أجل أن عزيرا كان في أهل الكتاب وكانت التوراة عندهم يعملون بها ما شاء الله تعالى أن يعملوا ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق وكان التابوت فيهم فلما رأى الله تعالى أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء رفع الله عنهم التابوت وأنساهم التوراة ونسخها من صدورهم وأرسل عليهم مرضا فاستطلقت بطونهم منهم حتى جعل الرجل يمشي كبده حتى نسوا التوراة ونسخت من صدورهم وفيهم عزير كان من علمائهم فدعا عزير الله عز وجل وابتهل إليه أن يرد إليه الذي نسخ من صدره فبينما هو يصلي مبتهلا إلى الله تعالى نزل نور من الله فدخل جوفه فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من التوراة فأذن في قومه فقال : يا قوم قد آتاني الله التوراة ردها إلي

فعلق يعلمهم فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا وهو يعلمهم ثم إن التابوت نزل عليهم بعد ذلك وبعد ذهابه منهم فلما رأوا التابوت عرضوا ما كانوا فيه على الذي كان عزير يعلمهم فوجده مثله فقالوا : والله ما أوتي عزير هذا إلا أنه ابن الله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اله عنه في قوله {وقالت اليهود عزير ابن الله} قال : قالها رجل وأحد اسمه فنحاص.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كن نساء بني إسرائيل يجتمعن بالليل فيصلين ويعتزلن ويذكرن ما فضل الله تعالى به على بني إسرائيل وما أعطاهم ثم سلط عليهم شر خلقه بختنصر فحرق التوراة وخرب بيت المقدس وعزير يومئذ غلام فقال عزير : أو كان هذا فلحق الجبال والوحش فجعل يتعبد فيها وجعل لا يخالط الناس فإذا هو ذات يوم بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال : يا أمة الله اتقي الله واحتسبي واصبري أما تعلمين أن سبيل الناس إلى الموت فقالت : يا عزير أتنهاني أن أبكي وأنت خلفت بني إسرائيل ولحقت بالجبال والوحش قالت : إني لست بامرأة ولكني الدنيا وأنه سينبع في مصلاك عين وتنبت شجرة فاشرب من العين وكل من ثمرة الشجرة فإنه سيأتيك ملكان فاتركهما يصنعان ما أرادا ، فلما كان من الغد نبعت العين ونبتت الشجرة فشرب من ماء العين وأكل من ثمرة الشجرة وجاء ملكان ومعهما قارورة فيها نور فأوجراه ما فيها

فألهمه الله التوراة فجاء فأملاه على الناس فقالوا عند ذلك : عزير بن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وأخرج أبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه قال : دعا عزير ربه عز وجل أن يلقي التوراة كما أنزل على موسى عليه السلام في قلبه فأنزلها الله تعالى عليه فبعد ذلك قالوا : عزير بن الله.
وأخرج أبو الشيخ عن حميد الخراط رضي الله عنه ، أن عزيرا كان يكتبها بعشرة أقلام في كل أصبع قلم.
وأخرج أبو الشيخ عن الزهري رضي الله عنه قال : كان عزير يقرأ التوراة ظاهرا وكان قد أعطي من القوة ما أن كان ينظر في شرف السحاب فعند ذلك قالت اليهود : عزير بن الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : إنما قالت اليهود عزير بن الله لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم وأخذوا التوراة وهرب علمائهم الذين بقوا فدفنوا كتب التوراة في الجبال وكان عزير يتعبد في رؤوس الجبال لا ينزل إلا في يوم عيد فجعل الغلام يبكي يقول : رب تركت بني اسرائيل بغير عالم فلم يزل يبكيهم حتى سقط أشفار عينيه فنزل مرة إلى العيد فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلت له عند قبر من تلك القبور تبكي تقول : يا مطعماه يا كاسياه ، فقال لها : ويحك من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك قبل هذا الرجل قالت : الله ، قال : فإن الله حي لم يمت ، قالت : يا عزير فمن كان يعلم العلماء قبل بني اسرائيل قال : الله ، قالت : فلم تبكي عليهم

فلما عرف أنه قد خصم ولى مدبرا ، فدعته فقالت : يا عزير إذا أصبحت غدا فائت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه ثم أخرج فصل ركعتين فإنه يأتيك شيخ فما أعطاك فخذه ، فلما أصبح انطلق عزير إلى ذلك النهر فاغتسل فيه ثم خرج فصلى ركعتين فأتاه شيخ فقال : افتح فمك ، ففتح فمه فألقمه فيه شيئا كهيئة الجمرة العظيمة مجتمع كهيئة القوارير ثلاث مرات فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة فقال : يا بني إسرائيل إني قد جئتكم بالتوراة ، فقالوا له : ما كنت كذابا فعمد فربط على كل أصبع له قلما ثم كتب بأصابعه كلها فكتب التوراة فلما رجع العلماء أخبروا بشأن عزير واستخرج أولئك العلماء كتبهم التي كانوا رفعوها من التوراة
في الجبال وكانت في خواب مدفونة فعرضوها بتوراة عزيز فوجدوها مثلها فقالوا : ما أعطاك الله إلا وأنت ابنه.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث أشك فيهن ، فلا أدري أعزير كان نبيا أم لا ولا أدري ألعن تبعا أم لا قال : ونسيت الثالثة.
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما كان يوم أحد شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته فقام

رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ رافعا يديه يقول إن الله عز وجل اشتد غضبه على اليهود أن قالوا عزير ابن الله واشتد غضبه على النصارى أن قالوا أن المسيح ابن الله وأن الله اشتد غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي.
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال عزير : يا رب ما علامة من صافيته من خلقك فأوحى الله إليه : أن أقنعه باليسير وأدخر له في الآخرة الكثير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل} قال : قالوا مثل ما قال أهل الأديان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل} يقول : ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم فقالت النصارى : المسيح بن الله ، كما قالت اليهود : عزير بن الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قاتلهم الله} قال : لعنهم الله وكل شيء في القرآن قتل فهو لعن

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {قاتلهم الله} قال : كلمة من كلام العرب.
الآية 31
أخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في سورة براءة {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} فقال : أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي البختري رضي الله عنه قال : سأل رجل حذيفة رضي الله عنه فقال : أرأيت قوله تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} أكانوا يعبدونهم قال : لا ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن حذيفة رضي الله عنه {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم} قال : أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم

ولكنهم أطاعوهم في معصية الله.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {اتخذوا أحبارهم} اليهود {ورهبانهم} النصارى {وما أمروا} في الكتاب الذي أتاهم وعهد إليهم {إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} سبح نفسه أن يقال عليه البهتان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال {أحبارهم} قراؤهم {ورهبانهم} علماؤهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال : الأحبار العلماء والرهبان العباد.
الآية 32
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} قال : الإسلام بكلامهم

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {يريدون أن يطفئوا نور الله} يقول : يريدون أن يهلك محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن لا يعبدوا الله بالإسلام في الأرض يعني بها كفار العرب وأهل الكتاب من حارب منهم النب صلى الله عليه وسلم ي وكفر بآياته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} قال : هم اليهود والنصارى.
الآية 33.
أَخرَج أحمد ومسلم والحاكم ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ، فقالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله إني كنت أظن حين أنزل الله {ليظهره على الدين كله} أن ذلك سيكون تاما فقال : إنه سيكون من ذلك إن شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فيتوفى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير فيبقى من لا خير فيه يرجعون إلى دين آبائهم.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {هو الذي أرسل رسوله بالهدى} يعني بالتوحيد والقرآن والإسلام.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} قال : يظهر الله

نبيه صلى الله عليه وسلم على أمر الدين كله فيعطيه إياه كله ولا يخفى عليه شيء منه وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم ليظهره على الدين كله فديننا فوق الملل ورجالنا فوق نسائهم ولا يكونون رجالهم فوق نسائنا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" ، عَن جَابر رضي الله عنه في قوله {ليظهره على الدين كله} قال : لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني صاحب ملة إلا الإسلام حتى تأمن الشاة الذئب والبقرة الأسد والإنسان الحية وحتى لا تقرض فأرة جرابا وحتى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير وذلك إذا نزل عيسى بن مريم عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله في قوله {ليظهره على الدين كله} قال : الأديان ستة ، الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين

والنصارى والمجوس والذين أشركوا فالأديان كلها تدخل في دين الإسلام والإسلام لا يدخل في شيء منها فإن الله قضى فيما حكم وأنزل أن يظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {ليظهره على الدين كله} قال : خروج عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام.
الآية 34.
أَخرَج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار} يعني علماء اليهود {والرهبان} علماء النصارى {ليأكلون أموال الناس بالباطل} والباطل كتب كتبوها لم ينزلها الله تعالى فأكلوا بها الناس وذلك قول الله تعالى (الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله وما هو من عند الله) (البقرة الآية 79).
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : أما الأحبار فمن اليهود وأما الرهبان فمن النصارى وأما سبيل الله فمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ عن الفضيل بن عباس رضي الله عنه قال : اتبعوا عالم الآخرة واحذروا عالم الدنيا لا يضركم بشكره ثم تلا هذه الآية {إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله}

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والذين يكنزون الذهب والفضة} الآية ، قال : هم الذين لا يؤدون زكاة أموالهم وكل مال لا تؤدى زكاته كان على ظهر الأرض أو في بطنها فهو كنز وكل مال أدي زكاته فليس بكنز كان على ظهر الأرض أو في بطنها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما أدي زكاته فليس بكنز.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما أدي زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين وما لم تؤد زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا ، مثله.
وأخرج ابن عدي والخطيب ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مال أديت زكاته فليس كنز وأخرجه ابن أبي شيبة ، عَن جَابر رضي الله عنه موقوفا.
وأخرج أحمد في الزهد والبخاري ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه

والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عمر رضي الله عنهما في الآية قال : إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهرة للأموال ثم قال : ما أبالي لو كان عندي مثل أحد ذهبا أعلم عدده أزكيه وأعمل فيه بطاعة الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن سعد بن أبي سعيد رضي الله عنه ، أن رجلا باع دارا على عهد عمر رضي الله عنه فقال له عمر : احرز ثمنها احفر تحت فراش امرأتك ، فقال : يا أمير المؤمنين أو ليس كنز قال : ليس بكنز ما أدي زكاته.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله إن لي أوضاحا من ذهب أو فضة أفكنز هو قال : كل شيء تؤدى زكاته فليس بكنز.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن شاهين في الترغيب في الذكر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ثوبان رضي الله عنه قال : لما نزلت {والذين يكنزون الذهب والفضة} كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال له أصحابه : لو علمنا أي المال خير فنتخذه ، فقال أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر

وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه ، وفي لفظ : تعينه على أمر الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده وأبو داود وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية {والذين يكنزون الذهب والفضة} كبر ذلك على المسلمين وقالوا : ما يستطيع أحد منا لولده مالا يبقى بعده ، فقال عمر رضي الله عنه : أنا أفرج عنكم ، فانطلق عمر رضي الله عنه واتبعه ثوبان رضي الله عنه فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إنه قد كبر على أصحابك هذه الآية ، فقال إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم ، فكبر عمر رضي الله عنه ثم قال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته.
وأخرج الدارقطني في الأفراد ، وَابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال : الصالحة التي إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته.
وأخرج الدارقطني في الأفراد ، وَابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال : لما نزلت {والذين يكنزون الذهب والفضة} الآية ، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل اليوم في الكنز ما نزل ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ماذا نكنز اليوم قال لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة صالحة تعين أحدكم على إيمانه .

وأخرج أحمد عن عبدالله بن أبي الهذيل قال : حدثني صاحب لي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : تبا للذهب والفضة " . قال عمر : يارسول الله فما ندخر ؟ قال : لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة تعين على الآخرة .
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : من أدى زكاة ماله أدى الحق الذي عليه ومن زاد فهو خير له "..
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : إذا أخرجت صدقة كنزك فقد أذهبت شره وليس بكنز.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {والذين يكنزون الذهب والفضة} قال : هم أهل الكتاب وقال : هي خاصة وعامة

وأخرج ابن الضريس عن علباء بن أحمر ، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه
قال : لما أراد أن يكتب المصاحف أرادوا أن يلغوا الواو التي في براءة {والذين يكنزون الذهب والفضة} قال لهم أبي رضي الله عنه : لتلحقنها أو لأضعن سيفي على عاتقي ، فألحقوها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أربعة آلاف فما دونها نفقة وما فوقها كنز.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {والذين يكنزون الذهب والفضة} قال : هؤلاء أهل القبلة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عراك بن مالك وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما ، أنهما قالا : في قول الله {والذين يكنزون الذهب والفضة} قالا : نسختها الآية الأخرى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) (الآية).
الآية 35.
أَخرَج البخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وابن

مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح ثم أحمي عليها في نار جهنم ثم يكوى بها جبينه وجبهته وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين الناس فيرى سبيله إما إلى الجنة أو إلى النار.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يوضع الدينار على الدينار ولا الدرهم على الدرهم ولكن يوسع الله جلده {فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {يوم يحمى عليها في نار جهنم} قال : لا يعذب رجل بكنز يكنزه فيمس درهم
درهما ولا دينار دينارا ولكن يوسع جلده حتى يوضع كل دينار ودرهم على حدته ولا يمس درهم درهما ولا دينار دينارا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فتكوى بها} الآية ، قال : يوسع بها جلده.
وأخرج أبو الشيخ رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يوم يحمى عليها} الآية ، قال : حية تنطوي على جنبيه وجبهته فتقول : أنا مالك الذي بخلت بي

وأخرج ابن أبي حاتم عن ثوبان رضي الله قال : ما من رجل يموت وعنده أحمر وأبيض إلا جعل الله له بكل قيراط صفحة من نار تكوى بها قدمه إلى ذقنه مغفورا له بعد أو معذبا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعا ، نحوه.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي ذر رضي الله عنه قال : بشر أصحاب الكنوز بكي في الجباه وفي الجنوب وفي الظهور.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن زيد بن وهب رضي الله عنه قال : مررت على أبي ذر رضي الله عنه بالربذة فقلت : ما أنزلك بهذه الأرض قال : كتابا لشام فقرأت {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} فقال معاوية : ما هذا فينا هذه في أهل الكتاب ، قلت أنا : إنها لفينا وفيهم.
وأخرج مسلم ، وَابن مردويه عن الأحنف بن قيس رضي الله عنه قال : جاء أبو ذر رضي الله عنه فقال : بشر الكانزين بكي من قبل ظهورهم يخرج من جنوبهم وكي من جباهم يخرج من أقفائهم ، فقلت : ماذا ، قال : ما قلت إلا ما سمعت من نبيهم صلى الله عليه وسلم

وأخرج ابن سعد وأحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن خليلي عهد إلي أن أي مال ذهب أو فضة أوكئ عليه فهو جمر على صاحبه حتى يفرغه في سبيل الله وكان إذا أخذ عطاءه دعا خادمه فسأله عما يكفيه لسنة فاشتراه ثم اشترى فلوسا بما بقي.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته فمن رفع دينار أو درهما أو تبرا أو فضة لا يعده لغريمه ولا ينفقه في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا ، مثله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، أنه قال الدينار كنز والدرهم كنز والقيراط كنز.
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم ، وَابن مردويه عن ثوبان رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من مات وهو برىء من ثلاث من الغول والكنز والدين دخل الجنة.

وأخرج ابن مردويه عن أبي مجيب الشامي قال : كان نصل سيف أبي هريرة رضي الله عنه من فضة فقال له أبو ذر رضي الله عنه : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل ترك صفراء ولا بيضاء إلا كوي بها.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من أحد يموت فيترك صفراء أو بيضاء إلا كوي بها يوم القيامة مغفورا له بعد أو معذبا.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ذي كنز لا يؤدي حقه إلا جيء به يوم القيامة يكوى به جبينه وجبهته وقيل له : هذا كنزك الذي بخلت به.
وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم القدر الذي يسع فقراءهم ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا أو عروا إلا بما يمنع أغنياؤهم ألا وإن الله يحاسبهم حسابا شديدا أو يعذبهم عذابا أليما.
وأخرج الطبراني في الصغير عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

مانع الزكاة يوم القيامة في النار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : مانع الزكاة ليس بمسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه قال : لا صلاة إلا بزكاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال لاوي الصدقة - يعني مانعها – ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن بلال قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال ألق الله فقيرا ولا تلقه غنيا ، قلت : وكيف لي بذلك قال : إذا رزقت فلا تخبأ وإذا سئلت فلا تمنع ، قلت : وكيف لي بذلك قال : هو ذاك وإلا فالنار.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي بكر بن المنكدر قال : بعث حبيب بن سلمة إلى أبي ذر وهو أمير الشام بثلاثمة دينار وقال : استعن بها على حاجتك ، فقال أبو ذر : ارجع بها إليه أما وجد أحدا أغر بالله منا ما لنا إلا الظل نتوارى به وثلاثة من غنم تروح علينا ومولاة لنا تصدق علينا بخدمتها

ثم إني لأنا أتخوف الفضل.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ذو الدرهمين أشد حبسا من ذي الدرهم.
وأخرج البخاري ومسلم عن الأحنف بن قيس قال : جلست إلى ملأ من قريش فجاء رجل خشن الشعر والثياب والهيئة حتى قام عليهم فسلم ثم قال : بشر الكانزين برضف يحمي عليه في نار جهنم ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه فيتدلدل ، ثم ولى وجلس إلى سارية وتبعته وجلست إليه وأنا لا أدري من هو ، فقلت : لا أرى القوم إلا قد كرهوا ما قلت ، قال : إنهم لا يعقلون شيئا ، قال لي خليلي ، قلت : من خليلك قال : النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتبصر أحدا قلت : نعم ، قال : ما أحب أن يكون لي مثل أحد ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير وإن هؤلاء لا يعقلون إنما يجمعون للدنيا والله لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله عز وجل.
وأخرج أحمد والطبراني عن شداد بن أوس قال : كان أبو ذر رضي الله عنه يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر فيه الشدة ثم يخرج إلى باديته ثم يرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فيحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر الرخصة

فلا يسمعها أبو ذر فيأخذ أبو ذر بالأمر الأول الذي سمع قبل ذلك.
الآية 36
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال : ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا : منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو العقدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ورجب مضر بين جمادى وشعبان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى في أوسط أيام التشريق فقال أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله

السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم أولهن رجب مضر بين جمادى وشعبان وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال : أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض منها أربعة حرم ثلاث متواليات رجب مضر حرام إلا وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا.
وأخرج أحمد والبارودي ، وَابن مردويه عن أبي حمزة الرقاشي عن عمه - وكانت له صحبة - قال : كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق أذود الناس عنه فقال يا أيها الناس هل تدرون في أي شهر أنتم وفي أي يوم أنتم وفي أي بلد أنتم قالوا : في يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام قال : فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه ثم قال : اسمعوا مني تعيشوا ألا لا
تتظالموا ألا لا تتظالموا إنه لا يحل مال امرى ء إلا بطيب نفس منه ألا إن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة وإن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتله هذيل ألا وإن كل ربا كان في الجاهلية موضوع وإن الله قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون

ولا تظلمون ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ألا وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق الله السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض إلا إن الشيطان قد آيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكنه في التحريش بينهم واتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم لا يملكن لأنفسهن شيئا وإن لهن عليكم حقا ولكم عليهن حقا أن لا يطئن فرشكم أحدا غيركم ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف وإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وبسط يديه ، وقال : اللهم قد بلغت ألا هل بلغت ثم قال : ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {منها أربعة حرم} قال : المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال : إنما سمين حرما لئلا يكون فيهن حرب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {ذلك الدين

القيم} قال : القضاء القيم.
وأخرج أبو داود والبيهقي في شعب الإيمان عن محببة الباهلي عن أبيه أو عمه ، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته فقال : يا رسول الله وما تعرفني قال : ومن أنت قال : أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول ، قال : فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة قال : ما أكلت طعاما منذ فارقتك إلا قليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم عذبت نفسك ثم قال : صم شهر
الصبر ويوما من كل شهر ، قال : زدني فإن لي قوة ، قال : صم يومين ، قال : زدني ، قال : صم ثلاثة أيام ، قال : زدني ، قال : صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب الله له عبادة سنتين.
وأخرج مسلم وأبو داود عن عثمان بن حكيم رضي الله عنه قال : سألت سعيد بن جبير رضي الله عنه عن صيام رجب فقال : أخبرني ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم

وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما من رجب كان كصيام سنة ومن صام سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم ومن صام ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة ومن صام عشرة أيام لم يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه ومن صام خمسة عشر يوما نادى مناد من السماء قد غفرت لك ما سلف فاستأنف العمل قد بدلت سيئاتكم حسنات من زاد زاده الله ، وفي رجب حمل نوح عليه السلام في السفينة فصام نوح عليه السلام وأمر من معه أن يصوموا وجرت بهم السفينة ستة أشهر إلى آخر ذلك لعشر خلون من المحرم.
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن أبي قلابة رضي الله عنه قال : في الجنة قصر لصوام رجب قال البيهقي : موقوف على أبي قلابة وهو من التابعين فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم بعد رمضان إلا رجب وشعبان.
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رجب شهر الله ويدعى الأصم وكان أهل الجاهلية إذا دخل رجب يعطلون أسلحتهم ويضعونها فكان الناس ينامون ويأمن السبيل ولا يخافون بعضهم بعضا حتى ينقضي

وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال : كن نسمي رجب الأصم في الجاهلية من شدة حرمته في أنفسنا.
وأخرج البخاري والبيهقي عن أبي رجاء العطاردي رضي الله عنه قال : كنا في
الجاهلية إذا دخل رجب نقول : جاء منصل الأسنة لا ندع حديدة في سهم ولا حديدة في رمح إلا انتزعناها فألقيناها.
وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال : كنا نسمي رجب الأصم في الجاهلية من شدة حرمته.
وأخرج البيهقي وضعفه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب يوم وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك اليلة كان كمن صام من الدهر مائة سنة وقام مائة سنة وهو لثلاث بقين من رجب وفيه بعث الله محمدا.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أنس رضي الله عنه مرفوعا في رجب ليلة يكتب للعامل فيها حسنة مائة سنة وذلك لثلاث بقين من رجب فمن صلى فيها اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة من القرآن يتشهد في كل ركعتين ويسلم في آخرهن ثم يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مائة مرة ويستغفر الله مائة مرة ويصلي على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مائة مرة ويدعو لنفسه ما شاء من أمر دنياه وآخرته ويصبح صائما فإن الله يستجيب دعاءه كله إلا أن يدعو في المعصية ، قال البيهقي : هذا أضعف من الذي قبله

وأخرج البيهقي وقال : إنه منكن بمرة عن أنس رضي الله عنه مرفوعا خيرة الله من الشهور شهر رجب وهو شهر الله من عظم شهر رجب فقد عظم أمر الله ومن عظم أمر الله أدخله جنات النعيم وأوجب له رضوانه الأكبر وشعبان شهري فمن عظم شهر شعبان فقد عظم أمري ومن عظم أمري كنت له فرطا وذخرا يوم القيامة وشهر رمضان شهر أمتي فمن عظم شهر رمضان وعظم حرمته ولم ينتهكه وصام نهاره وقام ليلة وحفظ جوارحه خرج من رمضان وليس عليه ذنب يطلبه الله به.
وأخرج ابن ماجة والبيهقي وضعفه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم رجب كله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله} قال : يقرب بها شر النسيء ما نقص من السنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله} ثم

اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرم وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال : في كلهن {وقاتلوا المشركين كافة} يقول : جميعا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال : إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواه وإن كان الظلم على كل حال عظيما ولكن الله يعظم من أمره ما شاء وقال : إن الله اصطفى صفايا من خلقه اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذكره واصطفى من الأرض المساجد واصطفى من الشهور رمضان واصطفى من الأيام يوم الجمعة واصطفى من الليالي لية القدر فعظموا ما عظم الله فإنما تعظم الأمور لما عظمها الله تعالى به عند أهل الفهم والعقل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال : في الشهور كلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال : الظلم العمل لمعاصي الله والترك لطاعته

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله {وقاتلوا المشركين كافة} قال : نسخت هذه الآية كل آية فيها رخصة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن كعب قال : اختار الله البلدان فأحب البلدان إلى الله البلد الحرام واختار الله الزمان فأحب الزمان إلى الله الأشهر الحرم وأحب الأشهر إلى الله ذو الحجة وأحب ذو الحجة إلى الله العشر الأول منه واختار الله الأيام فأحب الأيام إلى الله يوم الجمعة وأحب الليالي إلى الله ليلة القدر واختار الله ساعات والليل والنهار فأحب الساعات إلى الله ساعات الصلوات المكتوبات واختار الله الكلام فأحب الكلام إلى الله لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله.
الآية 37
أخرج الطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كانت العرب يحلون عاما شهرا وعاما شهرين ولا يصيبون الحج إلا في كل ستة وعشرين سنة مرة وهو النسيء الذي ذكر الله تعالى في كتابه فلما كان عام

حج أبو بكر بالناس وافق ذلك العام الحج فسماه الله الحج الأكبر ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام المقبل فاستقبل الناس الأهلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عمر قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة فقال : إن النسيء من الشيطان {زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما} فكانوا يحرمون المحرم عاما ويحرمون صفرا عاما ويستحلون المحرم وهو النسيء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : كان جنادة بن عوف الكناني يوفي الموسم كل عام وكان يكنى أبا ثمادة فينادي : ألا إن أبا ثمادة لا يخاف ولا يعاب ألا وإن صفر الأول العام حلال فيحله للناس فيحرم صفر عاما ويحرم المحرم عاما فذلك قوله تعالى (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا) ، (ليواطئوا) : ليشهدوا.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : (إنما النسيء زيادة في الكفر) قال : المحرم كانوا يسمونه صفر ، وصفر يقولون : صفران ، الول والآخر يحل لهم مرة الأول ومرة الآخر.
وَأخرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن أبي مالك قال : كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا فيجعلون المحرم صفرا فيستحلون فيه الحرمات فأنزل الله : (إنما النسيء زيادة في الكفر).
وَأخرَج أبو الشيخ ، عَن طاووس قال : الشهر الذي نزعه الله من الشيطان المحرم.
وَأخرَج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله : (إنما النسيء زيادة في الكفر) : وهو جنادة بن عوف بن أمية الكناني ، ويكنى أبا ثمامة كان يوافى الماسم كل عام فينادى : ألا إن أبا ثمامة لا يحاب ولا يعاب . فيقول : إلا أن صفر الأول حلال وكان طوائف من العرب إذا أرادوا أن يغيروا على

بعض عدوهم أتوه فقالوا : أحل لنا هذا الشهر - يعنون صفر - وكانت العرب لا تقاتل في الأشهر الحرم فيحله لهم عاما ويحرمه عليهم في العام الآخر ويحرم المحرم في قابل {ليواطئوا عدة ما حرم الله} يقول : ليجعلوا الحرم أربعة غير أنهم جعلوا صفرا عاما حلالا وعاما حراما.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت النساة حيا من بني مالك من كنانة من بني تميم فكان أخراهم رجلا يقال له القلمس وهو الذي أنسأ المحرم وكان ملكا كان يحل المحرم عاما ويحرمه عاما فإذا حرمه كانت ثلاثة أشهر متوالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وهي العدة التي حرم الله في عهد إبراهيم عليه السلام فإذا أحله دخل مكانه صفر في المحرم ليواطئ العدة يقول : قد أكملت الأربعة كما كانت لأني لم أحل شهرا إلا وقد حرمت مكانه شهرا فكانت على ذلك العرب من يدين للقلمس بملكه حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فأكمل الحرم ثلاثة أشهر متوالية ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي وائل رضي الله عنه في قوله {إنما النسيء زيادة في الكفر} قال : نزلت في رجل من بني كنانة يقال له نسي

كان يجعل المحرم صفرا ليستحل فيه المغانم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي وائل رضي الله عنه قال : كان الناسي رجلا من كنانة ذا رأي يأخذون من رأيه رأسا فيهم فكان عاما يجعل المحرم صفرا فيغيرون فيه ويستحلونه فيصيبون فيغنمون وكان عاما يحرمه.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنما النسيء زيادة في الكفر} الآية ، قال : عمد أناس من أهل الضلالة فزادوا صفر في أشهر الحرم وكان يقوم قائلهم في الموسم فيقول : إن آلهتكم قد حرمت صفر فيحرمونه ذلك العام وكان يقال لهما الصفران وكان أول من نسأ النسيء بنو مالك من كنانة وكانوا ثلاثة أبو ثمامة صفوان بن أمية أحد بني تميم بن الحرث ثم أحد بني كنانة

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنما النسيء زيادة في الكفر} قال : فرض الله الحج في ذي الحجة وكان المشركون يسمون الأشهر ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع وربيع وجمادى وجمادى ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذو القعدة وذو الحجة ثم يحجون فيه ثم يسكتون عن المحرم فلا يذكرونه ثم يعودون فيسمون صفر صفر ثم يسمون رجب جمادى الآخر ثم يسمون شعبان رمضان ورمضان شوال ويسمون ذا القعدة شوال ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة ثم يسمون المحرم ذا الحجة ثم يحجون فيه واسمه عندهم ذو الحجة ثم عادوا مثل هذه القصة فكانوا يحجون في كل شهر عاما حتى وافق حجة أبي بكر رضي الله عنه الآخرة من العام في ذي القعدة ثم حج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حجته التي حج فيها فوافق ذو الحجة فذلك حين يقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في خطبته إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كان رجل من بني كنانة يقال له جنادة بن عوف يكنى أبا أمامة ينسئ الشهور وكانت

العرب يشتد عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر لا يغيروا بعضهم على بعض فإذا أراد أن يغير على أحد قام يوما بمنى فخطب فقال : إني قد أحللت المحرم وحرمت صفر مكانه فيقاتل الناس في المحرم فإذا كان صفر عمدوا ووضعوا الأسنة ثم يقوم في قابل فيقول : إني قد أحللت صفر وحرمت المحرم فيواطئوا أربعة أشهر فيحلوا المحرم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يحلونه عاما ويحرمونه عاما} قال : هو صفر كانت هوازن وغطفان يحلونه سنة ويحرمونه سنة.
الآية 38.
أَخرَج سنيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا} الآية ، قال : هذا حين أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح وحنين أمرهم بالنفير في الصيف حين خرقت الأرض فطابت الثمار واشتهوا الظلال وشق عليهم المخرج فأنزل الله سبحانه وتعالى (انفروا خفافا وثقالا) (التوبة الآية 41) ، قوله تعالى : {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}

وأخرج الحاكم وصححه عن المستور رضي الله عنه قال : كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فتذاكروا الدنيا والآخرة فقال بعضهم : إنما الدنيا بلاغ للآخرة فيها العمل وفيها الصلاة وفيها الزكاة وقالت طائفة منهم : الآخرة فيها الجنة ، وقالوا ما شاء الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل أصبعه فيه فما خرج منه فهي الدنيا ، وأخرجه أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة عن المستور بن شداد رضي الله عنه قال : كنت في ركب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر بسخلة ميتة فقال أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها قالوا : من هوانها ألقوها يا رسول الله قال : فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جعل الدنيا قليلا وما بقي منها إلا القليل كالثعلب في الغدير شرب صفوه وبقي كدره.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دخل عمر رضي الله عنه على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال : يا رسول الله لو اتخذت فرشا أوثر من هذا فقال ما لي وللدنيا وما للدنيا وما لي والذي نفسي بيده

ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة ثم راح وتركها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه ، وَابن ماجة والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نام على حصير فقام وقد أثر في جنبه فقلنا يا رسول الله : لو اتخذنا لك فقال : ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها.
وأخرج الحاكم وصححه عن سهل رضي الله عنه قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة فرأى شاة شائلة برجلها فقال أترون هذه الشاة هينة على صاحبها قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها ولو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقي الكافر منها شربة ماء.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أحب دنياه أضر بآخرته ومن

أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن أبي الدنيا في كتاب المنامات والحاكم وصححه والبيهقي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور في جوها فالله الله في إخوانكم من أهل القبور فإن أعمالكم تعرض عليهم.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله عبدا حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه الماء.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حلوة الدنيا مرة الآخرة ومرة الدنيا حلوة الآخرة.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي جحيفة قال : أكلت لحما

كثيرا وثريدا ثم جئت فقعدت قبال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ فقال اقصر من جشائك فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا في الآخرة.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب ولا تستخلفي ثوبا حتى ترقعيه وإياك ومجالسة الأغنياء.
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن سعد بن طارق رضي الله عنه عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمت الدار الدنيا لمن تزود منها لآخرته حتى يرضي ربه وبئست الدار لمن صدته عن آخرته وقصرت به عن رضا ربه وإذا قال العبد : قبح الله الدنيا ، قالت الدنيا : قبح الله أعصانا لربه.
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعظ فقال : ازهد الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس

وأخرج أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وسننه فإذا خرج من الدنيا فارق السجن والسنة.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن الأعمش عن أبي سفيان رضي الله عنه عن أشياخه قال : دخل سعد رضي الله عنه على سلمان يعوده فبكى فقال سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك ، قال : ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهدا ، قال ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب ، وحولي هذه الأساودة وإنما حوله

أجانة وجفنة ومطهرة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همهم إلا الدنيا ليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم.
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعدا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سفيان قال : كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري قال : لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح ذبابة ما سقى منها كافرا شربة ماء

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن المستور قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ثم يرفعها فلينظر ثم يرجع.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي عثمان النهدي قال : قلت يا أبا هريرة : سمعت إخواني بالبصرة يزعمون أنك تقول : سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة فقال أبو هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة ثم تلا هذه الآية {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} فالدنيا ما مضى منها إلى ما بقي منها عند الله قليل وقال (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) (البقرة الآية 245) فكيف الكثير عند الله تعالى إذا كانت الدنيا ما مضى منها وما بقي عند الله قليل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} كزاد الراعي

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حازم قال : لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال : ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال : أمالي كثير ما أخلف من الدنيا إلا هذا ثم ولى ظهره وبكى وقال : أف لك من دار إن كان كثيرك القليل وإن كان قليلك الكثير وإن كنا منك لفي غرور.
الآية 39.
وَأخرَج أبو داود ، وَابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} قال : إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم استنفر حيا من أحياء العرب فتثاقلوا عنه فأنزل الله هذه الآية فأمسك عنهم المطر فكان ذلك عذابهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما نزلت {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} وقد كان تخلف عنه ناس في البدو يفقهون قومهم فقال المنافقون : قد بقي ناس في البوادي ، وقالوا : هلك أصحاب البوادي فنزلت (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) (التوبة الآية 122)

وأخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} قال : نسختها (وما كان المؤمنون لينفروا كافة).
الآية 40.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إلا تنصروه فقد نصره الله} قال : ذكر ما كان من أول شأنه حتى بعث يقول الله : فأنا فاعل ذلك به وناصره كما نصرته إذ ذاك وهو ثاني اثنين.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن أبي حاتم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رجلا بثلاثة عشر درهما فقال لعازب : مر البراء فليحمله إلى منزلي ، فقال : لا حتى تحدثنا كيف صنعت حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت معه فقال أبو بكر رضي الله
عنه : خرجنا فأدلجنا فاحثثنا يوما وليلة حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فضربت ببصري هل أرى ظلا فآوي إليه فإذا أنا بصخرة فأهويت إليها فإذا بقية ظلها فسويته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرشت له فروة وقلت

اضطجع يا رسول الله فاضطجع ثم خرجت أنظر هل أرى أحدا من الطلب فإذا أنا براعي غنم فقلت : لمن أنت يا غلام فقال : لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت : هل في غنمك من لبن قال : نعم ، فقلت : وهل أنت حالب لي قال : نعم ، قال : فأمرته فاعتقل لي شاة منها ثم أمرته فنفض ضرعها من الغبار ثم أمرته فنفض كفيه ومعي إداوة على فمها خرقة فحلب لي كثبة من اللبن فصببت على القدح من الماء حتى برد أسفله ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ فقلت : اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت ثم قلت : هل آن الرحيل قال : فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا منهم إلا سراقة على فرس له فقلت : يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال : لا تحزن إن الله معنا حتى إذا دنا فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة فقلت : يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبكيت ، قال : لم تبك ، فقلت : أما والله لا أبكي على نفسي ولكني أبكي عليك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اللهم اكفناه بما شئت فساخت فرسه إلى بطنها في أرض صلد ووثب عنها وقال : يا محمد إن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها

سهما فإنك ستمر بإبلي وغنمي في موضع كذا وكذا فخذ منها حاجتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لي فيها ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق ورجع إلى أصحابه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة فتلقاه الناس فخرجوا على الطرق وعلى الأجاجير واشتد الخدم والصبيان في الطرق الله أكبر جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد تنازع القوم أيهم ينزل عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب لأكرمهم بذلك ، فلما أصبح غدا حيث أمر.
وأخرج البخاري عن سراقة بن مالك رضي الله عنه قال : خرجت أطلب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه حتى إذا دنوت منهما عثرت بي فرسي فقمت فركبت حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر رضي الله عنه يكثر التلفت ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم
زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عنان ساطع في السماء مثل الدخان فناديتهما بالأمان : فوقفا لي ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من

الحبس عنهما أنه سيظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل لحق بغار ثور قال : وتبعه أبو بكر رضي الله عنه فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسه خلفه خاف أن يكون الطلب فلما رأى ذلك أبو بكر رضي الله عنه تنحنح فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفه فقام له حتى تبعه فأتيا الغار فأصبحت قريش في طلبه فبعثوا إلى رجل من قافة بني مدلج فتبع الأثر حتى انتهى إلى الغار وعلى بابه شجرة فبال في أصلها القائف ثم قال : ما جاز صاحبكم الذي تطلبون هذا المكان ، قال : فعند ذلك حزن أبو بكر رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا قال : فمكث هو وأبو بكر رضي الله عنه في الغار ثلاثة أيام يختلف إليهم بالطعام عامر بن فهيرة وعلي يجهزهم فاشتروا ثلاثة أباعر من إبل البحرين واستأجر لهم دليلا فلما كان بعض الليل من الليلة الثالثة أتاهم علي رضي الله عنه بالإبل والدليل فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته وركب أبو بكر أخرى فتوجهوا نحو المدينة وقد بعثت قريش في طلبه.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس وعلي وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم وعائشة بنت قدامة وسراقة بن جعشم دخل حديث بعضهم في بعض قالوا : خرج

رسول الله صلى الله عليه وسلم والقوم جلوس على بابه فأخذ حفنة من البطحاء فجعل يدرها على رؤوسهم ويتلو (يس ، والقرآن الحكيم) (يس الآية 1 - 2) الآيات ومضى فقال لهم قائل ما تنتظرون قالوا : محمدا ، قال : قد - والله - مر بكم ، قالوا : والله ما أبصرناه وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه إلى غار ثور فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعشاش بعضها على بعض وطلبته قريش أشد الطلب حتى انتهت إلى باب الغار فقال بعضهم : إن عليه لعنكبوتا قبل ميلاد محمد.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عائشة بنت قدامة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لقد خرجت من الخوخة متنكرا فكان أول من لقيني أبو جهل فعمى الله بصره عني وعن أبي بكر حتى مضينا.
وأخرج أبو نعيم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه رأى رجلا مواجه الغار فقال : يا رسول الله إنه لرائينا ، قال : كلا إن الملائكة تستره الآن بأجنحتها فلم ينشب الرجل أن قعد يبول مستقبلهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر لو كان يراك ما فعل هذا.
وأخرج أبو نعيم عن محمد بن إبراهيم التيمي رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حين دخل الغار ضربت العنكبوت على بابه بعشاش بعضها على بعض فلما انتهوا إلى فم

الغار قال قائل منهم : ادخلوا الغار فقال أمية بن خلف : وما أربكم إلى الغار إن عليه لعنكبوتا كان قبل ميلاد محمد فنهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل العنكبوت قال : إنها جند من جنود الله.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عطاء بن أبي ميسرة رضي الله عنه قال : نسجت العنكبوت مرتين ، مرة على داود عليه السلام حين كان طالوت يطلبه ومرة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الغار.
وأخرج ابن سعد وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : لما خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه التفت أبو بكر رضي الله عنه فإذا هو بفارس قد لحقهم فقال : يا نبي الله هذا فارس قد لحقنا ، فقال اللهم اصرعه ، فصرع عن فرسه فقال : يا نبي الله مرني بما شئت ، قال : تقف مكانك لا تتركن أحدا يلحق بنا ، فكان أول النهار جاهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي آخر النهار مسلحة له وفي ذلك يقول سراقة مخاطبا لأبي جهل : أبا حكم لو كنت والله شاهدا * لأمر جوادي أن تسيخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا * رسول ببرهان فمن ذا يقاومه

وأخرج البيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر عن ضبة بن محصن العبري قال : قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنت خير من أبي بكر فبكى وقال : والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر هل لك أن أحدثك بليلته ويومه قال : قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : أما ليلته فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هاربا من أهل مكة
خرج ليلا فتبعه أبو بكر رضي الله عنه فجعل يمشي مرة أمامه ومرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن يساره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك قال : يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون من خلفك ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك لا آمن عليك ، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه أنها قد حفيت حمله على كاهله وجعل يشد به حتى أتى فم الغار فأنزله ثم قال : والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك فدخل فلم ير شيئا فحمله فأدخله وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاعي فخشي أبو بكر رضي الله عنه أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقمه قدمه فجعلن يضربنه وتلسعه الأفاعي والحيات وجعلت دموعه تتحدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له : يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته أي طمأنينته لأبي بكر رضي الله عنه فهذه ليلته.
وَأَمَّا يومه فلما توفي

رسول الله وارتدت العرب فقال بعضهم : نصلي ولا نزكي ، وقال بعضهم : لا نصلي ولا نزكي فأتيته ولا آلوه نصحا فقلت : يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم ، فقال : جبار في الجاهلية خوار في الإسلام بماذا تألفهم أبشعر مفتعل أو بشعر مفتري قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتفع الوحي فوالله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ، قال : فقاتلنا معه فكان - والله - رشيد الأمر فهذا يومه.
وأخرج أبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه وعروة رضي الله عنه ، أنهم ركبوا في كل وجه يطلبون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم ويجعلون له الجعل العظيم وأتوا على ثور الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى طلعوا فوقه وسمع أبو بكر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم أصواتهم وأشفق أبو بكر وأقبل عليه الهم والخوف فعند ذلك يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه سكينة من الله فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين {وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم}

وأخرج ابن شاهين ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن حبشي بن جنادة قال : قال
أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله لو أن أحدا من المشركين رفع قدمه لأبصرنا ، قال يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الذين طلبوهم صعدوا الجبل فلم يبق أن يدخلوا ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أتينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا وانقطع الأثر فذهبوا يمينا وشمالا.
وأخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : خرج رسول الله وخرج أبو بكر رضي الله عنه معه لم يأمن على نفسه غيره حتى دخلا الغار.
وأخرج ابن شاهين والدارقطني ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أنت صاحبي في الغار وأنت معي على الحوض.
وأخرج ابن عساكر من حديث ابن عباس عن أبي هريرة ، مثله.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر من طريق الزهري عن أنس رضي الله عنه أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان رضي الله عنه : هل قلت في أبي بكر شيئا قال : نعم ، قال : قل وأنا أسمع ، فقال : وثاني اثنين في الغار المنيف وقد * طاف العدو به إذ صاعد الجبلا وكان حب رسول الله قد علموا * من البرية لم يعدل به رجلا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال : صدقت يا حسان هو كما قلت.
وأخرج خيثمة بن سليمان الإطرابلسي في فضائل الصحابة ، وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن الله ذم الناس كلهم ومدح أبا بكر رضي الله عنه فقال {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}.
وأخرج ابن عساكر عن أبي بكر رضي الله عنه أن قال : ما دخلني إشفاق من شيء ولا دخلني في الدين وحشة إلى أحد بعد ليلة الغار فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى إشفاقي عليه وعلى الدين قال لي هون عليك فإن الله قد قضى لهذا الأمر بالنصر والتمام.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : عاتب الله
المسلمين جميعا في نبيه صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر رضي الله عنه وحده فإنه خرج من المعاتبة ثم قرأ {إلا تنصروه فقد

نصره الله} الآية.
وأخرج الحكيم الترمذي عن الحسن رضي الله عنه قال : لقد عاتب الله جميع أهل الأرض فقال {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين}.
وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن يحيى قال : أخبرني بعض أصحابنا قال : قال شاب من أبناء الصحابة في مجلس فيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق : والله ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من موطن إلا وأبي فيه معه ، قال : يا ابن أخي لا تحلف ، قال : هلم ، قال : بلى ما لا ترده قال الله {ثاني اثنين إذ هما في الغار}.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وأبو عوانة ، وَابن حبان ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : حدثني أبو بكر رضي الله عنه قال كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الغار فرأيت آثار المشركين فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا تحت قدمه ، فقال : يا أبا بكر ما

ظنك باثنين الله ثالثهما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ وأبو نعيم في الدلائل عن أبي بكر رضي الله عنه ، أنهما لما انتهيا إلى الغار إذا جحر فألقمه أبو بكر رضي الله عنه رجليه قال : يا رسول الله إن كانت لدغة أو لسعة كانت في.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لما كانت ليلة الغار قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا رسول الله دعني فلأدخل قبلك فإن كانت حية أو شيء كانت في قبلك ، قال ادخل ، فدخل أبو بكر رضي الله عنه فجعل يلمس بيديه فكلما رأى جحرا قال بثوبه فشقه ثم ألقمه الجحر حتى فعل ذلك بثوبه أجمع وبقي جحر فوضع عليه عقبه وقال : ادخل ، فلما أصبح قال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فأين ثوبك فأخبره بالذي صنع فرفع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يديه وقال : اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي يوم القيامة ، فأوحى الله إليه أن الله قد استجاب لك.
وأخرج ابن مردويه عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال : لما انطلق أبو بكر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار قال له أبو بكر رضي الله عنه : لا تدخل يا رسول الله حتى استبرئه

فدخل أبو بكر رضي الله عنه الغار ، فأصاب يده شيء فحعل يمسح الدم عن أصبعه وهو يقول :
هل أنت إلا أصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت.
وَأخرَج ابن مردويه عن جعدة بن هبيرة رضي الله عنه قال : قالت عائشة رضي الله عنها : قال أبو بكر رضي الله عنه : لو رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ صعدنا الغار فأما قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفطرتا دما وأما قدماي فعادتا كأنهما صفوان ، قالت عائشة رضي الله عنها : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتعود الحفية.
وأخرج ابن سعد ، وَابن مردويه عن ابن مصعب قال : أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله شجرة فنبتت في وجه النَّبِيّ فسترته وأمر الله العنكبوت فنسجت في وجه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسترته وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وأسيافهم وهراويهم حتى إذا كانوا من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قدر أربعين ذراعا فنزل بعضهم فنظر في الغار فرجع إلى أصحابه فقالوا : ما لك لم تنظر في الغار فقال : رأيت حمامتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد ، فسمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما قال فعرف

أن الله درأ عنه بهما فسمت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عليهن وفرض جزاءهن وانحدرن في الحرم فأخرج ذلك الزوج كل شيء في الحرم.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار فعطش فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب إلى صدر الغار فاشرب ، فانطلق أبو بكر رضي الله عنه إلى صدر الغار فشرب منه ماء أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأزكى رائحة من المسك ثم عاد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمر الملك الموكل بأنهار الجنة أن خرق نهرا من جنة الفردوس إلى صدر الغار لتشرب.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال : والذي لا إله غيره لقد عوتب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في نصرته إلا أبا بكر رضي الله عنه فإن الله تعالى {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار} خرج أبو بكر رضي الله عنه والله من المعتبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سالم بن عبيد الله رضي الله عنه - وكان من أهل الصفة - قال : أخذ عمر بيد أبي بكر رضي الله عنهما فقال : من له هذه الثلاث ، (إذ يقول لصاحبه) من صاحبه (إذ هما في الغار) من هما (لا تحزن إن الله

معنا).
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن الحارث عن أبيه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : أيكم يقرأ سورة التوبة قال : رجل : أنا ، قال : اقرأ ، فلما بلغ {إذ يقول لصاحبه لا تحزن} بكى وقال : والله أنا صاحبه.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : كان صاحبه أبا بكر رضي الله عنه والغار جبل بمكة يقال له ثور.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر أخي وصاحبي في الغار فاعرفوا ذلك له فلو كنت متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا سدوا كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو اتخذت خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخي وصاحبي في الغار.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الزهري رضي الله عنه في قوله {إذ هما في الغار} قال : الغار الذي في الجبل الذي يسمى ثورا.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : رأيت قوما يصعدون حراء فقلت : ما يلتمس هؤلاء في حراء فقالوا : الغار الذي اختبأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه ، قالت عائشة رضي الله عنها : ما اختبأ في حراء إنما اختبأ في ثور وما كان أحد يعلم مكان ذلك الغار إلا عبد الرحمن بن أبي بكر وأسماء بنت أبي بكر فإنهما كانا يختلفان إليهما وعامر

بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه فإنه كان إذا سرح غنمه مر بهما فحلب لهما.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : مكث أبو بكر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت : لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية ولما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا قبل أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وسيد القارة فقال ابن الدغنة : أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر رضي الله عنه : أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي ، قال ابن الدغنة : فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدوم
وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار ، فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة

وأمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره وليصل فيها ما شاء وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا ولا يشتغلن بالصلاة والقراءة في غير داره ، ففعل ثم بدا لأبي بكر رضي الله عنه فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رضي الله رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا : إنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وإنا خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فإن أحب أن يقتصر أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان ، فأتى ابن الدغنة أبا بكر رضي الله عنه فقال : يا أبا بكر قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني خفرت في عقد رجل عقدت له ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين قد أريت دار هِجْرتكم رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين وتجهز أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي ، فقال أبو بكر رضي الله عنه :

وترجو ذلك بأبي أنت قال : نعم ، فحبس أبو بكر رضي الله عنه نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر ، فبينما نحن جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر رضي الله عنه : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر رضي الله عنه : فداه أبي وأمي إن جاء به في هذه الساعة إلا أمر فجاء رسول الله فاستأذن صلى الله عليه وسلم فأذن له فدخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل لأبي بكر رضي الله عنه أخرج من عندك ، فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فإنه قد أذن لي بالخروج ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : فالصحابة بأبي أنت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بالثمن ، فقالت عائشة رضي الله عنها : فجهزناهما أحسن الجهاز فصنعنا لهما سفرة من جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر من نطاقها فأوكت به الجراب - فلذلك كانت تسمى ذات النطاقين - ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب لقن ثقف فيخرج من عندهما سحرا فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمر يكاد أن به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35