كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} الآية ، قال : كنا نحدث أنهم أهل مكة أبو جهل وأصحابه الذين قتلهم الله يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا}
قال : هو جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأحلوا قومهم دار البوار} قال : أحلوا من أطاعهم من قومهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {دار البوار} قال : النار ، قال : وقد بين الله ذلك وأخبرك به فقال : {جهنم يصلونها وبئس القرار}.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {جهنم يصلونها} قال : هي دارهم في الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وجعلوا لله أندادا} قال : أشركوا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله : {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} قال : تمتعوا إلى أجلكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال} قال : إن الله تعالى قد علم أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالون بها في الدنيا فلينظر رجل من يخالل وعلام يصاحب فإن كان لله فليداوم وإن كان لغير الله فليعلم أن كل خلة ستصير على أهلها عداوة يوم القيامة إلا خلة المتقين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : !

{وسخر لكم الأنهار} قال : بكل بلدة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} قال : دؤوبهما في طاعة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها فإذا غربت جرت الليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها وكذلك القمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {وآتاكم من كل ما سألتموه} قال : من كل شيء رغبتم إليه فيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {وآتاكم من كل ما سألتموه} قال : من كل الذي سألتموني

وأخرج ابن جرير عن الضحاك ، أنه كان يقرأ : (وأتاكم من كل ما سألتموه) تفسيره أعطاكم أشياء ما سألتموها ولم تلتمسوها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والبيهقي في الشعب عن طلق بن حبيب رضي الله عنه قال : إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد وإن نعم الله أكثر من أن تحصيها العباد ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بكر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ما قال عبد قط الحمد لله إلا وجبت عليه نعمة بقول الحمد لله فقيل : فما جزاء تلك النعمة قال : جزاؤها أن يقول الحمد لله فجاءت نعمة أخرى فلا تنفد نعم الله

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن سليمان التميمي رضي الله عنه قال : إن الله أنعم على العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بكر بن عبد الله المزني رضي الله عنه قال : يا ابن آدم إذا أردت أن تعرف قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قل علمه وحضر عذابه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : ما أنعم الله على العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله وإن لا إله إلا الله لهم في الآخرة كالماء في الدنيا.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن لله على أهل النار منة فلو شاء أن يعذبهم بأشد من النار لعذبهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن صالح قال : كان بعض العلماء إذا تلا {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} قال : سبحان من لم يجعل من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من أدراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه فجعل معرفة نعمه بالتقصير عن معرفتها شكرا كما شكر علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله

إيمانا علما منه أن العباد لا يجاوزون ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي أيوب القرشي مولى بني هاشم قال :
قال داود عليه السلام : رب أخبرني ما أدنى نعمتك علي ، فأوحى الله : يا داود تنفس ، فتنفس فقال : هذا أدنى نعمتي عليك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : عبد الله عابد خمسين عاما فأوحى الله إليه أني قد غفرت لك ، قال : يا رب وما تغفر لي ، ولم أذنب ، فأذن الله تعالى لعرق في عنقه فضرب عليه فلم ينم ولم يصل ثم سكن فنام تلك الليلة فشكا إليه فقال : ما لقيت من ضربان العرق ، قال الملك : إن ربك يقول إن عبادتك خمسين سنة تعدل سكون ذلك العرق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : اللهم أغفر لي ظلمي وكفري ، قال قائل : يا أمير المؤمنين هذا الظلم ، فما بال الكفر ، ، قال : {إن الإنسان لظلوم كفار}.
آية 35 - 36

أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} قال : فاستجاب الله تعالى لإبراهيم عليه السلام دعوته في ولده فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته وجعل هذا البلد آمنا ورزق أهله من الثمرات وجعله إماما وجعل من ذريته من يقيم الصلاة وتقبل دعاءه وأراه مناسكه وتاب عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} قال : الأصنام {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} قال : اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم عليه السلام لا والله ما كانوا لعانين ولا طعانين ، قال : وكان يقال : إن من أشرار عباد الله كل لعان ، قال : وقال نبي الله ابن مريم عليه السلام (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) (المائدة آية 118).
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني دعوت للعرب فقلت : اللهم من لقيك منهم مؤمنا موقنا بك مصدقا بلقائك فاغفر له أيام حياته ، وهي دعوة أبينا إبراهيم ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ومن أقرب الناس إلى لوائي يومئذ العرب.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عقيل بن أبي طالب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما

أ تاه الستة نفر من الأنصار جلس إليهم عند جمرة العقبة فدعاهم إلى الله وإلى عبادته والمؤازرة على دينه فسألوه أن يعرض عليهم ما أوحى إليه فقرأ من سورة إبراهيم {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} إلى آخر السورة ، فرق القوم وأخبتوا حين سمعوا منه ما سمعوا وأجابوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي قال : من يأمن البلاء بعد قول إبراهيم {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام}.
وأخرج عن سفيان بن عيينة قال : لم يعبد أحد من ولد إسماعيل الأصنام لقوله : {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} قيل : فكيف لم يدخل ولد إسحاق وسائر ولد إبراهيم قال : لأنه دعا لأهل هذا البلد أن لا يعبدوا الأصنام ودعا لهم بالأمن ، فقال : {اجعل هذا البلد آمنا} ولم يدع لجميع البلدان بذلك ، وقال : {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} فيه وقد خص أهله وقال : {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة}.
آية - 37.
أخرج الواقدي ، وَابن عساكر من طريق عامر بن سعد عن أبيه قال : كانت سارة عليها السلام تحت إبراهيم عليه السلام فمكثت معه دهرا لا ترزق منه ولدا فلما رأت ذلك وهبت له هاجر أمة قبطية ، فولدت له إسماعيل عليه السلام فغارت من ذلك

سارة رضي الله عنها فوجدت في نفسها وعتبت على هاجر فحلفت أن تقطع منها ثلاثة أشراف فقال لها إبراهيم عليه السلام : هل لك أن تبري
يمينك فقالت : كيف أصنع قال : اثقبي أذنيها واخفضيها والخفض هو الختان ، ففعلت ذلك بها فوضعت هاجر رضي الله عنها في أذنيها قرطين فازدادت بهما بحسنا ، فقالت سارة رضي الله عنها : أراني إنما زدتها جمالا فلم تقاره على كونه معها ووجد بها إبراهيم عليه السلام وجدا شديدا فنقلها إلى مكة فكان يزورها في كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع} قال : أسكن إسماعيل وأمه مكة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن إبراهيم عليه السلام قال : {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} لو قال : فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لغلبتكم عليه الترك والروم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} قال : لو قال

أفئدة الناس تهوي إليهم لازدحمت عليه فارس والروم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحكم قال : سألت عكرمة وطاوسا وعطاء بن أبي رباح عن هذه الآية فقالوا : البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه ، وفي لفظ قالوا : هواهم إلى مكة أن يحجوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} قال : تنزع إليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم الطائفي ، أن إبراهيم عليه السلام لما دعا للحرم وأرزق أهله من الثمرات نقل الله الطائف من فلسطين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الزهري رضي الله عنه قال : إن الله تعالى نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه السلام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {بواد غير ذي زرع} قال : مكة ، لم يكن بها زرع يومئذ

وأحرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} وأنه بيت طهره الله من السوء وجعله قبلة وجعله حرمه اختاره نبي الله إبراهيم عليه السلام لولده ، وقد
ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في خطبته : إن هذا البيت أول من وليه ناس من (طسم) فعصوا فيه واستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله ثم وليه ناس من جرهم فعصوا فيه واستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله ثم وليتموه معاشر قريش ، فلا تعصوا ولا تستخفوا بحقه ولا تستحلوا حرمته وصلاة فيه أفضل من مائة صلاة بغيره والمعاصي فيه على قدر ذلك.
وأخرج ابن ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} قال : إن إبراهيم سأل الله أن يجعل أناسا من الناس يهوون سكنى مكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} يقول : خذ بقلوب الناس إليهم فإنه حيث يهوى القلب يذهب الجسد فلذلك ليس من مؤمن إلا وقلبه معلق بحب الكعبة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لو أن إبراهيم عليه السلام حين دعا قال : اجعل أفئدة الناس تهوي

إليهم ، لازدحمت عليه اليهود والنصارى ، ولكنه خص حين قال : {أفئدة من الناس} فجعل ذلك أفئدة المؤمنين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال : لو كان إبراهيم عليه السلام قال : فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لحجه اليهود والنصارى والناس كلهم ولكنه قال : {أفئدة من الناس} فخص به المؤمنين.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة : اللهم بارك لهم في صاعهم ومدهم واجعل أفئدة الناس تهوي إليهم.
آية 38 - 43
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ربنا إنك تعلم ما نخفي} من حب إسماعيل وأمه {وما نعلن} قال : وما نظهر من الجفاء لهما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : !

{الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق} قال : هذا بعد ذاك بحين.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومائة سنة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} قال : فلن يزال من ذرية إبراهيم عليه السلام ناس على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى تقوم الساعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه قال : ما يسرني بنصيبي من دعوة نوح وإبراهيم للمؤمنين والمؤمنات حمر النعم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله : {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} قال : هي تعزية للمظلوم ووعيد للظالم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كان في بني اسرائيل رجل عقيم لا يولد له ولد فكان يخرج ، فإذا رأى غلاما من غلمان بني

إسرائيل عليه حلى يخدعه حتى يدخله فيقتله ويلقيه في مطمورة له ، فبينما هو كذلك إذا لقي غلامين أخوين عليهما حلى لهما فأدخلهما فقتلهما وطرحهما في مطمورة له ، وكانت له امرأة مسلمة تنهاه عن ذلك فتقول له : إني أحذرك النقمة من الله تعالى ، وكان يقول : لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا ، فتقول إن صاعك لم يمتلئ بعد ولو قد امتلأ صاعك أخذت ، فلما قتل الغلامين
الأخوين خرج أبوهما يطلبهما فلم يجد أحدا يخبره عنهما فأتى نبيا من أنبياء بني إسرائيل فذكر ذلك له فقال له النَّبِيّ عليه السلام : هل كانت لهما لعبة يلعبان بها قال : نعم ، كان لهما جرو فأتى بالجرو فوضع النَّبِيّ عليه السلام خاتمه بين عينيه ثم خلى سبيله وقال له : أول دار يدخلها من بني إسرائيل فيها تبيان فأقبل الجرو يتخلل الدور به حتى دخل دارا فدخلوا خلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مع غلام قد قتله وطرحهم في المطمورة فانطلقوا به إلى النَّبِيّ عليه السلام فأمر به أن يصلب ، فلما وضع على خشبته أتته امرأته فقالت : يا فلان قد كنت أحذرك هذا اليوم وأخبرك أن الله تعالى غير تاركك وأنت تقول : لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا فأخبرتك أن صاعك بعد لم يمتلئ ، ألا وإن صاعك هذا ، ألا وأن امتلأ

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} قال : شخصت فيه والله أبصارهم فلا ترتد إليهم.
وأخرج ابن جريروابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {مهطعين} قال : يعني بالإهطاع النظر من غير أن تطرف {مقنعي رؤوسهم} قال : الإقناع رفع رؤوسهم {لا يرتد إليهم طرفهم} قال : شاخصة أبصارهم {وأفئدتهم هواء} ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {مهطعين} قال : مديمي النظر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {مهطعين} قال : مسرعين.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {مهطعين} ما المهطع قال : الناظر ، قال فيه الشاعر : إذا دعانا فأهطعنا لدعوته * داع سميع فلفونا وساقونا

قال : فأخبرني عن قوله : {مقنعي رؤوسهم} ما المقنع قال : الرافع رأسه ، قال فيه كعب بن زهير :
هجان وحمر مقنعات رؤوسها * وأصفر مشمول من الزهر فاقع.
وَأخرَج ابن الأنباري عن تميم بن حذام رضي الله عنه في قوله : {مهطعين} قال : هو التجميح والعرب تقول للرجل إذا قبض مابين عينيه : لقد جمح.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {مقنعي رؤوسهم} قال : رافعي رؤوسهم يجيئون وهم ينظرون {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} تمور في أجوافهم إلى حلوقهم ليس لها مكان تستقر فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وأفئدتهم هواء} قال : ليس فيها شيء خرجت من صدورهم فشبت في حلوقهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مرة رضي الله عنه !

{وأفئدتهم هواء} قال : متخرقة لا تعي شيئا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال : يحشر الناس هكذا ووضع رأسه وأمسك بيمينه على شماله عند صدره.
آية 44 – 49
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} يقول : أنذرهم في الدنيا من قبل أن يأتيهم العذاب.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} قال : يوم القيامة {فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب} قال : مدة يعملون فيها من الدنيا {أولم تكونوا أقسمتم من قبل} لقوله : (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) {ما لكم من زوال} قال : الإنتقال من الدنيا إلى الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : بلغني أن أهل النار ينادون {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} فرد

عليهم {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} إلى قوله : {لتزول منه الجبال}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {ما لكم من زوال} عما أنتم فيه إلى ما تقولون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ما لكم من زوال} قال : بعث بعد الموت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال : سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود ، وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم {وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} قال : قد والله بعث الله رسله وأنزل كتبه وضرب لكم الأمثال فلا يصم فيها إلا الأصم ولا يخيب إلا الخائب فاعقلوا عن الله أمره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال : عملتم بمثل أعمالهم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وضربنا لكم الأمثال} قال : الأشباه

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {وإن كان مكرهم} يقول : ما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنباري في المصاحف عن الحسن رضي الله عنه قال : أربعة أحرف في القرآن {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ما كان مكرهم وقوله : (لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين) ما كنا فاعلين ، وقوله : (إن كان للرحمن ولد) ما كان للرحمن من ولد وقوله : (ولقد مكناهم في ما إن مكناهم فيه) ما مكناكم فيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وإن كان مكرهم} يقول شركهم ، كقوله : (تكاد السموات يتفطرن منه).
وأَخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال : هو كقوله : (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا)

وأخرج ابن الأنباري عن الأعمش أنه كان يقرأ : (وإن كان مكرهم) بالنون (لتزول) برفع اللام الثانية وفتح الأولى.
وَأخرَج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ : (وإن كان مكرهم لتزول) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية ، ويقول : فإن مكرهم أهون وأضعف من ذلك ..
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أن الحسن كان يقول : كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال يصفهم بذلك ، قال قتادة رضي الله عنه : وفي مصحف عبد الله بن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وكان قتادة رضي الله عنه يقول عند ذلك (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) أي لكلامهم ذلك.
وأخرج ابن حميد وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر : كان يقرأ {وإن كان مكرهم} بالنون {لتزول} برفع اللام الثانية وفتح الأولى.
وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ {وإن كان مكرهم لتزول} بكسر اللام الأولى وفتح الثانية ، ويقول : فإن مكرهم أهون وأضعف من ذلك.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمر بن الخطاب أنه قرأ وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال يعني بالدال.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن الأنباري عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ !

{وإن كان مكرهم}.
وأخرج ابن الأنباري عن أ بي بن كعب أنه قرأ {وإن كان مكرهم}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ وإن كاد مكرهم ، قال : وتفسيره عنده (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال) (هذا أن دعوا للرحمن ولدا).
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه كان يقرأ {لتزول} بفتح اللام الأولى ورفع الثانية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ثم فسرها فقال : إن جبارا من الجبابرة قال : لا أنتهي حتى أنظر إلى ما في السماء فأمر بفراخ النسور تعلف اللحم حتى شبت وغلظت وأمر بتابوت فنجر يسع رجلين ثم جعل في وسطه خشبة ثم ربط أرجلهن بأوتاد ثم جوعهن ثم جعل على رأس الخشبة لحما ثم دخل هو وصاحبه في

التابوت ثم ربطهن إلى قوائم التابوت ثم خلى عنهن يردن اللحم فذهبن به ما شاء الله تعالى ، ثم قال لصاحبه : افتح فانظر ماذا ترى ، ففتح فقال : أنظر إلى الجبال ، كأنها الذباب ، ، قال : أغلق ، فأغلق فطرن به ما شاء الله ثم قال : افتح ، ففتح ، فقال : انظر ماذا ترى ، فقال : ما أرى إلا السماء وما أراها تزداد إلا بعدا ، قال : صوب الخشبة ، فصوبها فانقضت تريد اللحم فسمع الجبال هدتها فكادت تزول عن مراتبها.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أخذ الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه نسرين صغيرين فرباهما حتى استغلظا واستعلجا وشبا فأوثق رجل كل واحد منهما بوتر إلى تابوت ، وجوعهما وقعد هو ورجل آخر في التابوت ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم فطارا وجعل يقول لصاحبه : انظر ماذا ترى قال : أرى كذا وكذا ، حتى قال : أرى الدنيا كأنها ذباب ، قال : صوب العصا ، فصوبها فهبطا ، قال : فهو قول الله تعالى : {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
وكذلك هي في قراءة ابن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه أن بخت نصر جوع نسورا ثم

جعل عليهن تابوتا ثم دخله وجعل رماحا في أطرافها واللحم فوقها فعلت تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها فنودي : أيها الطاغية أين تريد ففرق ثم سمع الصوت فوقه فصوب الرماح فقوضت النسور ففزعت الجبال من هدتها وكادت الجبال أن تزول من حس ذلك ، فذلك قوله : {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} كذا قرأها مجاهد.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال : إن نمرود صاحب النسور لعنه الله أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلا ثم أمر بالنسور فاحتمل فلما صعد قال لصاحبه : أي شيء ترى قال : أرى الماء وجزيرة - يعني الدنيا - ثم صعد فقال لصاحبه : أي شيء ترى قال : ما نزداد من السماء إلا بعدا ، قال : اهبط.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة أن جبارا من الجبابرة قال : لا أنتهي حتى أنظر إلى من في السماء ، فسلط عليه أضعف خلقه فدخلت بعوضة في أنفه فأخذه الموت فقال : اضربوا رأسي ، فضربوه حتى نثروا دماغه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله : {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال : انطلق ناس وأخذوا هذه النسور

فعلقوا عليها كهيئة التوابيت ثم أرسلوها في السماء فرأتها الجبال فظنت أنه شيء نزل من السماء فتحركت لذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : أمر الذي حاج إبراهيم في ربه بإبراهيم فأخرج من مدينته فلقي لوطا على باب المدينة وهو ابن أخيه فدعاه فآمن به وقال : إني مهاجر إلى ربي ، وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم فأخذ أربعة فراخ من فراخ النسور فرباهن بالخبز واللحم ، حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن قرنهن بتابوت وقعد في ذلك التابوت ثم رفع رجلا من لحم لهن فطرن حتى إذا دهم في السماء أشرف فنظر إلى الأرض وإلى الجبال تدب كدبيب النمل ثم رفع لهن اللحم ثم نظر فرأى الأرض محيطا بها بحر كأنها فلكة في ماء ثم
رفع طويلا في ظلمة فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته فألقى اللحم فأتبعته منقضات فلما نظرت الجبال إليهن قد أقبلن منقضات وسمعن حفيفهن فزعت الجبال وكادت أن تزول من أمكنتها ولم يفعلن ، فذلك قوله : {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وهي في قراءة عبد الله بن مسعود وإن كاد مكرهم فكان طيورهن به من بيت المقدس ووقوعهن في جبال الدخان ، فلما رأى

أنه لا يطيق شيئا أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم فأحدث ولم يكن يحدث وأخذ الله بنيانه من القواعد (فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) (النحل آية 26) يقول : من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح فانتقض بهم ، سقط فتبلبت ألسنة الناس يومئذ من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {إن الله عزيز ذو انتقام} قال : عزيز والله في أمره يملي وكيده متين ثم إذا انتقم انتقم بقدره.
وأخرج مسلم ، وَابن جَرِير والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ثوبان رضي الله عنه قال : جاء حبر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض فقال رسول الله صاى الله عليه وسلم : هم في الظلمة دون الجسر.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت : أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {يوم تبدل الأرض غير الأرض}

قلت : أين الناس يومئذ قال على الصراط.
وأخرج البراز ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال : أرض بيضاء كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود في قوله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال : تبدل الأرض أرضا بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة ، قال البيهقي : الموقوف أصح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أتى اليهود النبي

صلى الله عليه وسلم يسألونه فقال : جاؤوني ، سأخبرهم قبل أن يسألوني {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال : أرض بيضاء كالفضة فسألهم فقالوا : أرض بيضاء كالنقي.
وأخرج ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال : أرض بيضاء لم يعمل عليها خطيئة ولم يسفك عليها دم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أنس بن مالك أنه تلا هذه الآية {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال : يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة لم يعمل عليها الخطايا ثم ينزل الجبار عز وجل عليها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في الآية قال : تبدل الأرض من فضة والسماء من ذهب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} زعم أنها تكون فضة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يوم

تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال : أرض كأنها فضة والسماوات كذلك.
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال : يزاد فيها وينقص منها وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وما فيها وتمد مد الأديم العكاظي أرض بيضاء مثل الفضة لم يسفك فيها دم ولم يعمل عليها خطيئة والسموات تذهب شمسها وقمرها وننجومها.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة نقي ليس فيها معلم لأحد.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار

بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفرة نزلا لأهل الجنة ، قال : فأتاه رجل من اليهود فقال : بارك الله عليك أبا القاسم ، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة قال : تكون الأرض خبزة واحدة يوم القيامة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا أخبرك بإدامهم قال : بلى ، قال : إدامهم ثور ، قالوا : ماهذا قال هذا ثور بالأم يأكل من زيادة كبدها سبعون ألفا.
وأخرج ابن مردويه عن أفلح مولى أبي أيوب رضي الله عنه أن رجلا من يهود سأل النبي

صلى الله عليه وسلم {يوم تبدل الأرض غير الأرض} ما الذي تبدل به فقال : خبزة ، فقال اليهودي : درمكة بأبي أنت ، قال : فضحك ثم قال : قاتل الله يهود هل تدرون ما الدرمكة لباب الخبز.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال : تبدل الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن ومن تحت قدميه.
وأخرج.
وَأخرَج البيهقي في البعث عن عكرمة رضي الله عنه قال : تبدل الأرض بيضاء مثل الخبزة يأكل منها أهل الإسلا م حتى يفرغوا من الحساب.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال : خبز يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن أبي أيوب الأنصاري قال : أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود وقال : أرأيت إذ يقول الله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} فأين الخلق عند ذلك قال : أضياف الله لن يعجزهم ما لديه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية ، قال : بلغنا أن هذه الأرض تطوى

وإلى جنبها أخرى يحشر الناس منها إليها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في الآية قال : تغير السموات جنانا ويصير مكان البحر نارا وتبدل الأرض غيرها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : الأرض كلها نار يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} الآية ، قال : هذا يوم القيامة خلق سوى الخلق الأول.
وأَخرج البخاري في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها : أنها سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أين الأرض يوم القيامة قال : هي رخام من الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {مقرنين في الأصفاد} قال : الكبول.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {مقرنين في الأصفاد} قال : في القيود والأغلال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {في الأصفاد} قال :

في السلاسل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {في الأصفاد} يقول : في وثاق.
آية 50 - 52.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {سرابيلهم} قال : قمصهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال : السرابيل القمص.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {من قطران} قال : قطران الإبل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {من قطران} قال : هذا القطران يطلى به حتى يشتعل نارا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من قطران} قال : هو النحاس المذاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : سرابيلهم من قطرآن قال : من نحاس آن قال : قد أنى لهم أن يعذبوا به

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ من قطر آن قال : القطر الصفر والآن الحار.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه كان يقرؤها من قطر قال : من صفر يحمي عليه آن ، قال : قد انتهى حره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {وتغشى وجوههم النار} قال تلفحهم فتحرقهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من حرب.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة إذ لم تتب قبل موتها توقف في طريق بين الجنة والنار سرابيلها من قطران وتغشى وجهها النار

أما قوله تعالى : {هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {هذا بلاغ للناس} قال القرآن (ولينذروا به) قال بالقرآن
(15)

- سورة الحجر.
مكية وأياتها تسع وتسعون.
مقدمة سورة الحجر.
أَخرَج النحاس في ناسخه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الحجر بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه قال : نزلت سورة الحجر بمكة.
آية 1 - 2.
أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {الر} و{الم} قال : فواتح يفتتح بها كلامه {تلك آيات الكتاب} قال التوراة والإنجيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {الر تلك آيات الكتاب} قال : الكتب التي كانت قبل القرآن {وقرآن مبين} قال : مبين والله هداه ورشده وخيره ، قوله تعالى : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قالوا : ود المشركون يوم بدر حين

ضربت أعناقهم حين عرضوا على النار أنهم كانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : {ربما يود الذين كفروا} قال : ذلك يوم القيامة يتمنى الذين كفروا {لو كانوا مسلمين} قال : موحدين.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال : هذا في الجهنميين ، إذا رأوهم يخرجون من النار.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد بن السرى في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم في صححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما زال الله يشفع ويدخل الجنة ويشفع ويرحم حتى يقول : من كان مسلما فليدخل الجنة ، فذلك قوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس وأنس رضي الله عنهما أنهما تذاكرا هذه الآية {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} فقالا : هذا حيث يجمع الله بين أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار فيقول المشركون : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، فيغضب الله لهم فيخرجهم بفضل رحمته

وأخرج سعيد بن منصور وهناد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال : إذا خرج من النار من قال : لا إله إلا الله.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه بسند صحيح ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صاى الله عليه وسلم : إن ناسا من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون : ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم ، فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله تعالى من النار ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة قال الكفار للمسلمين : ألم تكونوا مسلمين قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم الإسلام وقد صرتم معنا في النار قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها ، فسمع الله ما قالوا فأمر بكل من كان في النار من أهل القبلة
فأخرجوا فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا : يا

ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
وأخرج إسحاق بن راهويه ، وَابن حبان والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أنه سئل : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية شيئا {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال : نعم سمعته يقول : يخرج الله أناسا من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال لهم المشركون : ألستم كنتم تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله فإذا رأى المشركون ذلك قالوا : يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم ، فذلك قول الله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال : فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم فيقولون : يا ربنا أذهب عنا هذا الاسم فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم.
وأخرج هناد بن السرى والطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار

بذنوبهم فيقول لهم أهل اللات والعزى : ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار فيغضب الله لهم فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه فيدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أول من يأذن الله عز وجل له يوم القيامة في الكلام والشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيقال له : قل تسمع وسل تعطه ، قال : فيخر ساجدا
فيثني على الله ثناء لم يثن عليه أحد فيقال : ارفع رأسك ، فيرفع رأسه فيقول : أي رب أمتي ، أمتي ، فيخرج له ثلث من في النار من أمته ثم يقال : قل تسمع وسل تعط ، فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد ، فيقال : ارفع رأسك ، فيرفع رأسه ويقول : أي رب أمتي ، أمتي ، فيخرج له ثلث آخر من أمته ثم يقال له : قل تسمع وسل تعط ، فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد ، فيقال : ارفع رأسك ، فيرفع رأسه ويقول : رب أمتي ، أمتي ، فيخرج له الثلث الباقي ، فقيل للحسن : إن أبا حمزة يحدث بكذا وكذا ، فقال : يرحم الله أبا حمزة نسي الرابعة ، قيل وما الرابعة قال : من ليست له حسنة إلا لا إله إلا الله ، فيقول : رب أمتي ، أمتي ، فيقال له : يا محمد هؤلاء ينجيهم الله برحمته حتى

لا يبقى أحد ممن قال لا إله إلا الله فعند ذلك يقول أهل جهنم (ما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين) وقوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يقوم نبيكم رابع أربعة فيشفع فلا يبقى في النار إلا ما شاء الله من المشركين فذلك قوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن شاهين في السنة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين من دخل منهم جهنم لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ولا يقرنون بالشياطين ولا يغلون بالسلاسل ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد وصورهم على النار من أجل السجود فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه على قدر ذنوبهم وأعمالهم ومنهم منن يمكث فيها شهرا ثم يخرج منها ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى فإذا أراد الله أن يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد : آمنتم بالله وكتبه

ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء ، فيغضب الله لهم غضبا لم يغضبه لشيء فيما مضى فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في حميل السيل ثم يدخلون الجنة ، مكتوب في جباههم : هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمن ، فيمكثون في الجنة ما شاء الله أن يمكثوا ثم يسألون الله تعالى أن يمحو ذلك الاسم عنهم فيبعث الله ملكا فيمحوه ثم يبعث الله ملائكة
معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقي فيها يسمرونها بتلك المسامير فينساهم الله على عرشه ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم ، وذلك قوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن زكريا بن يحيى صاحب القضيب قال : سألت أبا غالب رضي الله عنه عن هذه الآية {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} فقال : حدثني أبو أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها نزلت في الخوارج حين رأوا تجاوز الله عن المسلمين وعن هذه الأمة والجماعة قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين.
وأخرج الحاكم في الكنى عن حماد رضي الله عنه قال : سألت إبراهيم عن هذه الآية {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال : حدثت أن أهل الشرك

قالوا لمن دخل النار من أهل الإسلام : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين : اشفعوا لهم ، فيشفعون لهم فيخرجون حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يدخل معهم فعند ذلك {يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}.
آية - 3.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} الآية ، قال : هؤلاء الكفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله : {ذرهم} قال : خل عنهم.
وأخرج أحمد في الزهد والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لا أعلمه إلا رفعه ، قال : صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين ويهلك آخرها بالبخل والأمل.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس عودا بين يديه وآخر إلى جنبه وآخر بعده ، قال : أتدرون ما هذا قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن هذا الإنسان وهذا أجله وهذا أمله

فيتعاطى الأمل فيختلجه الأجل دون ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الأمل ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : مثل الإنسان والأمل والأجل فمثل الأجل إلى جانبه والأمل أمامه فبينما هو يطلب الأمل إذ أتاه الأجل فاختلجه.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خط خطوطا وخط خطا منها ناحية فقال : أتدرون ماهذا ، هذا مثل ابن آدم وذاك الخط الأمل فبينما هو يؤمل إذ جاءه الموت.
آية 4 - 5.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} قال : أجل معلوم وفي قوله : {ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} قال : لا مستأخر بعده.
وأخرج ابن جرير عن الزهري رضي الله عنه في قوله : {ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} قال : نرى أنه إذا حضر أجله فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدم.
وَأَمَّا ما لم يحضر أجله فإن الله يؤخر ما شاء ويقدم ما شاء.
آية 6 - 9.
أخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر} قال : القرآن.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {لو ما تأتينا بالملائكة} قال : ما بين ذلك إلى قوله : {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء} قال وهذا من التقديم والتأخير {فظلوا فيه يعرجون} أي فظلت الملائكة تعرج فنظروا إليه {لقالوا إنما سكرت أبصارنا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ما ننزل الملائكة إلا بالحق} قال : بالرسالة والعذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وما كانوا إذا منظرين} قال : وما كانوا لو تنزلت الملائكة بمنظرين من أن يعذبوا.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وإنا له لحافظون} قال : عندنا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وقال في آية أخرى : (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) (فصلت آية 42) والباطل إبليس ، قال : فأنزله الله ثم حفظه فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقا حفظه الله من ذلك والله أعلم بالصواب.
آية 10 - 13.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} قال : أمم الأولين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله : {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} قال : الشرك نسلكه في قلوب المشركين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {كذلك نسلكه} قال : الشرك نسلكه في قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} قال : إذا

كذبوا سلك الله في
قلوبهم أن لا يؤمنوا به {وقد خلت سنة الأولين} قال : وقائع الله فيمن خلا من الأمم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {كذلك نسلكه} قال : هم كما قال الله : هو أضلهم ومنعهم الإيمان.
آية 14 - 15.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون} يقول : ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلت الملائكة تعرج فيه يختلفون فيه ذاهبين وجائين لقال أهل الشرك : إنما أخذت أبصارنا وشبه علينا وسحرنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون} قال : رجع إلى قوله : {لو ما تأتينا بالملائكة} ما بين ذلك قال ابن جريج : قال ابن عباس : فظلت الملائكة تعرج فنظروا إليهم {لقالوا إنما سكرت} سدت {أبصارنا} قال : قريش تقوله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : !

{سكرت أبصارنا} قال : سدت.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد إنه قرأ {سكرت أبصارنا} خفيفة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : من قرأ {سكرت} مشددة يعني سدت ومن قرأ {سكرت} مخففة فإنه يعني سحرت.
آية 16 - 23
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {ولقد جعلنا في السماء بروجا} قال : كواكب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {ولقد جعلنا في السماء بروجا} قال : الكواكب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أ بي صالح في قوله : {ولقد جعلنا في السماء بروجا} قال : الكواكب العظام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية {ولقد جعلنا في السماء بروجا} قال : قصورا في السماء فيها الحرس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : !

{وحفظناها من كل شيطان رجيم} قال : الرجيم الملعون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إلا من استرق السمع} فأراد أن يخطف السمع كقوله : (إلا من خطف الخطفة) (الصافات آية 10).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {إلا من استرق السمع} قال : هو كقوله : (إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب مبين) قال : كان ابن عباس يقول : إن الشهب لا تقتل ولكن تحرق وتخبل وتجرح من غير أن تقتل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال جرير بن عبد الله حدثني يا رسول الله عن السماء الدنيا والأرض السفلى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما السماء الدنيا فإن الله خلقها من دخان ثم رفعها وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وزينها بمصابيح النجوم وجعلها رجوما للشياطين وحفظها من كل شيطان رجيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {والأرض مددناها} قال : قال عز وجل في آية أخرى (والأرض
بعد ذلك دحاها) قال : ذكر لنا أن أم القرى مكة ومنها دحيت

الأرض ، قال قتادة رضي الله عنه وكان الحسن يقول : أخذ طينة فقال لها انبسطي ، وفي قوله : {وألقينا فيها رواسي} قال : رواسيها جبالها {وأنبتنا فيها من كل شيء موزون} يقول : معلوم مقسوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأنبتنا فيها من كل شيء موزون} قال : معلوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {من كل شيء موزون} قال : مقدر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {من كل شيء موزون} قال : مقدر بقدر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {من كل شيء موزون} قال : الأشياء التي توزن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {من كل شيء موزون} قال : ما أنبتت الجبال مثل الكحل وشبهه.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ومن لستم له برازقين} قال : الدواب والأنعام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن منصور في قوله : {ومن لستم له برازقين} قال : الوحش.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه في العظمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خزائن الله الكلام فإذا أراد شيئا قال له كن فكان.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} قال : المطر خاصة.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وما ننزله إلا بقدر معلوم} قال : المطر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن الحكم بن عتيبة رضي الله عنه في قوله : {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} قال : ما من عام بأكثر مطر من عام ولا أقل ولكنه يمطر قوم

ويحرم آخرون وربما كان في البحر ، قال : وبلغنا أنه ينزل مع القطر من الملائكة أكثر من عدد ولد إبليس وولد آدم يحصون كل قطرة حيث تقع وما تنبت ومن يرزق ذلك النبات.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما نقص المطر منذ أنزله الله ولكن تمطر أرض أكثر مما تمطر الأخرى ثم قرأ {وما ننزله إلا بقدر معلوم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما من عام بأمطر من من عام ولكن الله يصرفه حيث شاء ثم قرأ {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رصي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ليس أحد بأكسب من أحد ولا عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه حيث شاء.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء من البلدان وما نزلت قطرة من السماء ولا خرجت من ريح إلا بمكيال أو بميزان

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ما نزل قطر إلا بميزان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن معاويه رضي الله عنه أنه قال : ألستم تعلمون أن كتاب الله حق قالوا : بلى ، قال : فاقرؤوا هذه الآية {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} ألستم تؤمنون بهذا وتعلمون أنه حق قالوا : بلى ، ، قال : فكيف تلومونني بعد هذا فقام الأحنف فقال : يا معاوية والله ما نلومك على ما في خزائن الله ولكن إنما نلومك على ما أنزله الله من خزائنه فجعلته أنت في خزائنك وأغلقت عليه بابك ، فسكت معاويه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ريح الجنوب من الجنة وهي الريح اللواقح التي ذكر الله في كتابه وفيها منافع للناس ، والشمال من النار تخرج فتمر بالجنة فيصيبها نفحة منها فبردها هذا من ذلك

وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور والجنوب من الجنة وهي الريح اللواقح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : {وأرسلنا الرياح لواقح} قال : يرسل الله الريح فتحمل الماء فتلقح به السحاب فيدر كما تدر اللقحة ثم تمطر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يرسل الله الريح فتحمل الماء من السحاب فتمر به السحاب فيدر كما تدر اللقحة.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {وأرسلنا الرياح لواقح} قال : تلقح الشجر وتمري السحاب.
وأخرج أبوعبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ

عن أبي رجاء رضي الله عنه قال : قلت للحسن رضي الله عنه {وأرسلنا الرياح لواقح} قال : لواقح للشجر قلت : أو للسحاب قال : وللسحاب تمر به حتى تمطر.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : {وأرسلنا الرياح لواقح} قال : تلقح الماء في السحاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {وأرسلنا الرياح لواقح} قال : الرياح يبعثها الله على السحاب فتلحقه فيمتلئ ماء.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء الخراساني قال : الرياح اللواقح تخرج من تحت صخرة بيت المقدس.
وأخرج ابن حبان ، وَابن السني في عمل يوم وليلة والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن سلمة بن الأكوع قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح يقول : اللهم لقحا لا عقيما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبيد بن عمير قال : يبعث الله المبشرة

فتعم الأرض بماء ثم يبعث المثيرة فتثير السحاب فيجعله كسفا ثم يبعث المؤلفة فتؤلف بينه فيجعله ركاما ثم يبعث اللواقح فتلحقه فتمطر.
وأخرج ابن المنذر عن عبيد بن عمير قال : الأوراح أربعة : ريح تعم وريح تثير تجعله كسفا وريح تجعله ركاما وريح تمطر.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم في قوله : {لواقح} قال : تلقح السحاب تجمعه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : {وما أنتم له بخازنين} قال : بمانعين ، وفي قوله : {ونحن الوارثون} قال : الوارث الباقي.
آية 24 - 25.
أخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد والترمذي والنسائي

وابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت ابطيه فأنزل الله {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن أبي الجوزاء في قوله : {ولقد علمنا المستقدمين منكم} قال : في الصفوف في الصلاة ، قال الترمذي : هذا أشبه أن يكون أصح.
وأخرج ابن مردويه والحاكم عن ابن عباس في الآية قال : {المستقدمين} الصفوف المتقدمة والمستأخرين الصفوف المؤخرة

وأخرج ابن جرير عن مروان بن الحكم قال : كان أناس يستأخرون في الصفوف من أجل النساء فأنزل الله {ولقد علمنا المستقدمين منكم} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن داود بن صالح قال : قال سهل بن حنيف الأنصاري : أتدرون فيم أنزلت {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} قلت : في سبيل الله ، قال : لا ولكنها في صفوف الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها وشر صفوف الرجال آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشر صفوف النساء أولها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن ماجة وأبو يعلى ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال مقدمها وشرها مؤخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها مقدمها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : خير صفوف الرجال المقدم وشرها المؤخر ، وخير صفوف النساء المؤخر

وشرها المقدم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الصف الأول لعلى مثل صف الملائكة ولو تعلمون لابتدرتموه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن خزيمة والحاكم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول ، وفي لفظ على الصفوف الأول.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف المقدم رقة فقال : إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول ، فازدحم الناس عليه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال : كان يقال : إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون في الصفوف المتقدمة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن مسعود القرشي رضي الله عنه قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو يعلم الناس ما في الصف الأول ما صفوا إلا بقرعة.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي ، وَابن ماجة عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الصف المقدم ثلاثا وعلى الثاني واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله : {ولقد علمنا المستقدمين منكم}
الآية ، قال : في صفوف الصلاة والقتال.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق معتمر بن سليمان عن شعيب بن عبد الملك عن مقاتل بن سليمان رضي الله عنه في قوله : {ولقد علمنا المستقدمين منكم} الآية ، قال : بلغنا أنه في القتال ، قال معتمر : فحدثت أبي فقال : لقد نزلت هذه الآية قبل أن يفرض القتال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} قال : المتقدمون في

طاعة الله والمستأخرون في معصية الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : المتقدمين في الخير من الأمم ، والمستأخرين المبطئين فيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} قال : يعني بالمستقدمين من مات ، وبالمستأخرين من هو حي لم يمت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : {المستقدمين} آدم عليه السلام ومن مضى من ذريته ، و{المستأخرين} من في أصلاب الرجال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : {المستقدمين} آدم ومن معه ، حين نزلت هذه الأية و{المستأخرين} من كان ذرية

الخلق بعد وهو كل مخلوق كل أولئك قد علمهم عز وجل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عون بن عبد الله رضي الله عنه أنه سأل محمد بن كعب رضي الله عنه عن هذه الآية : أهي في صفوف الصلاة قال : لا {المستقدمين} الميت والمقتول و{المستأخرين} من يلحق بهم من بعد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ومجاهد رضي الله عنه في قوله : {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} قالا : من مات ومن بقي.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : قدم خلقا وأخر خلقا فعلم ما قدم وعلم ما أخر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : المستقدمون ما مضى من الأمم ، والمستأخرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وإن ربك هو يحشرهم} قال : الأول والآخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {وإن ربك هو يحشرهم} قال :

يحشر هؤلاء وهؤلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وإن ربك هو يحشرهم} قال : يحشر المستقدمين والمستأخرين.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله : {وإن ربك هو يحشرهم} قال : يجمعهم يوم القيامة جميعا.
آية 26.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق الله الإنسان من ثلاث : من طين لازب وصلصال وحمأ مسنون ، فالطين اللازب اللازم الجيد ، والصلصال المرقق الذي يصنع منه الفخار ، والحمأ المسنون الطين فيه الحمأة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {من صلصال} قال : الصلصال الماء يقع على الأرض الطيبة ثم يحسر عنها فتيبس ثم تصير مثل الخزف الرقاق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :

الصلصال هو التراب اليابس الذي يبل بعد يبسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصلصال طين خلط برمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصلصال الذي إذا ضربته صلصل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : الصلصال التراب اليابس الذي يسمع له صلصلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصلصال الطين تعصره بيدك فيخرج الماء من بين أصابعك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {من حمإ مسنون} قال : من طين رطب.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {من حمإ مسنون} قال : من طين منتن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول

الله {من حمإ مسنون} قال : الحمأة السوداء وهي الثاط أيضا ، والمسنون المصور ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب وهو يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أغر كأن البدر مسنة وجهه * جلا الغيم عنه ضوءه فتبددا.
وَأخرَج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق آدم من أديم الأرض فألقي على الأرض حتى صار طينا لازبا وهو الطين الملتزق ثم ترك حتى صار حمأ مسنونا وهو المنتن ثم خلقه الله بيده فكان أربعين يوما مصورا حتى يبس فصار صلصالا كالفخار إذا ضرب عليه صلصل ، فذلك الصلصال والفخار مثل ذلك والله أعلم.
آية 27 - 35.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الجان مسيخ الجن كما القردة والخنازير مسيخ الإنس
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة رضي الله عنه في قوله : {والجان خلقناه من قبل} وهو إبليس خلق من قبل آدم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة قال : وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {والجان خلقناه من قبل من نار السموم} قال : من أحسن الناس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {من نار السموم} الحارة التي تقتل.
وأخرج الطيالسي والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : {السموم} التي خلق منها الجان جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ثم قرأ {والجان خلقناه من قبل من نار السموم}

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : رؤيا المؤمن جزء من سبعين جزءا من النبوة وهذه النار جزء من سبعين جزءا من نار السموم التي خلق منها الجان وتلا هذه الآية {والجان خلقناه من قبل من نار السموم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال : خلق الجان والشياطين من نار الشمس.
آية 36 – 48
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون} قال : أراد إبليس أن لا يذوق الموت فقيل : {فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم} قال : النفخة الأولى يموت فيها إبليس وبين النفخة والنفخة أربعون سنة ، قال : فيموت إبليس أربعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {قال فإنك من المنظرين} قال : فلم ينظره إلى يوم البعث ولكن أنظره إلى الوقت المعلوم

وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {إلا عبادك منهم المخلصين} يعني المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {إلا عبادك منهم المخلصين} قال : هذه ثنية الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {هذا صراط علي مستقيم} قال : الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه لا يعرج على شيء.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {هذا صراط علي مستقيم} يقول : إلي مستقيم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن زياد بن أبي مريم وعبد الله بن كثير أنهما قرآ هذا صراط مستقيم وقالا : {على} هي إلي وبمنزلتها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه أنه قرأ {هذا صراط علي مستقيم} أي رفيع مستقيم

وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن سيرين أنه كان يقرأ {هذا صراط علي مستقيم} يعني رفيع.
وأخرج ابن جرير عن قيس بن عباد أنه قرأ {هذا صراط علي مستقيم} يقول : رفيع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}
قال : عبادي الذين قضيت لهم الجنة {ليس لك عليهم} أن يذنبوا ذنبا إلا أغفره لهم ، واخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة فجزع لذلك فرن رنة ، فكل رنة في الدنيا إلى يوم القامة منها.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن قسيط قال : كانت الأنبياء تكون لهم مساجد خارجة من قراها فإذا أراد النَّبِيّ أن يستنبئ ربه عن شيء خرج إلى مسجد فصلى ما كتب له ثم سأل ما بدا له ، فبينا نبي في مسجده إذ جاء إبليس حتى جلس بينه وبين القبلة فقال النَّبِيّ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ثلاثا ، فقال إبليس : أخبرني بأي شيء تنجو مني قال النَّبِيّ : بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم فأخذ كل واحد منهما على صاحبه فقال النَّبِيّ : إن الله يقول : {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} قال : إبليس : قد سمعت هذا قبل أن تولد ، قال النَّبِيّ : ويقول الله (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) (الأعراف آية 200) وإني والله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك ، قال إبليس صدقت ، بهذا تنجو مني ، فقال النَّبِيّ : فأخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم قال : آخذه عند الغضب وعند الهوى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لها سبعة أبواب} قال : جهنم والسعير ولظى والحطمة وسقر والجحيم والهاوية وهي أسفلها.
وأخرج ابن المبارك وهناد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث من طرق ، عَن عَلِي ، قال : أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض ، فتملأ الأول ثم الثاني ثم الثالث حتى تملأ كلها

وأخرج أحمد في الزهد عن خطاب بن عبد الله قال : قال علي : أتدرون كيف أبواب جهنم قلنا : كنحو هذه الأبواب ، قال : لا ولكنها هكذا ، ووضع يده فوق وبسط يده على يده.
وأخرج البيهقي في البعث عن الخليل بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ (تبارك) و(حم) السجدة ، وقال : الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع : جهنم والحطمة ولظى وسعير وسقر الهاوية والجحيم ، تجيء كل حاميم منها يوم القيامة تقف على باب من الأبواب فتقول : اللهم لا تدخل هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرأني مرسل.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل السيف على أمتي

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبزار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للنار باب لا يدخله إلا من شفى غيظه بسخط الله.
وأخرج أبو نعيم عن عطاء الخرساني قال : لجهنم سبعة أبواب أشدها غما وكربا وحرا وأنتنها ريحا للزناة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لجهنم باب لا يدخل منه إلا من أخفرني في أهل بيتي وأراق دماءهم من بعدي.
وأخرج أحمد ، وَابن حبان والطبري ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن عتبة بن عبد الله رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : للجنة ثمانية أبواب وللنار سبعة أبوب وبعضها أفضل من بعض.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : تطلع

الشمس من جهنم بين قرني شيطان فما ترفع من السماء قصبة إلا فتح لها باب من أبواب النار حتى إذا كانت الظهيرة فتحت أبواب النار كلها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {لها سبعة أبواب} قال : لها سبعة أطباق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {لها سبعة أبواب} قال : أولها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية ، والجحيم فيها أبو جهل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم} قال : فهي والله منازل بأعمالهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه قال : أسماء أبواب جهنم : الحطمة والهاوية ولظى وسقر والجحيم والسعير وجهنم والنار هي جماع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {جزء مقسوم} قال : فريق مقسوم

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم} قال : باب لليهود وباب للنصارى وباب للصائبين وباب للمجوس وباب للذين أشركوا - وهم كفار العرب - وباب للمنافقين وباب لأهل التوحيد فأهل التوحيد يرجى لهم ولا يرجى للآخرين أبدا.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود قال : تطلع الشمس من جهنم بين قرني شيطان فما تترفع من السماء قصة إلا فتح لها باب من أبواب النار حتى إذا كانت الظهيرة فتحت أبواب النار كلها.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الصراط بين ظهري جهنم دحض مزلة والأنبياء عليه يقولون : اللهم سلم سلم ، والمار كلمع البرق وكطرف العين وكأجاويد الخيل والبغال والركاب ، وشد على الأقدم فناج مسلم ومخدوش مرسل ومطروح فيها و{لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سمرة بن جندب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {لكل باب منهم جزء مقسوم} قال : إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى تراقيه منازل بأعمالهم فذلك قوله : {لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم}

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : (لها سبعة أبواب . قال : على كل باب منها سبعون ألف سرادق من نار في كل سرادق سبعون ألف قبة من نار في كل قبة سبعون ألف تنور من نار لكل تنور منها سبعون ألف كوة من نار في كل كوة سبعون ألف صخرة من نار على كل صخرة منها سبعون ألف حجر من النار في كل حجر منها سبعون ألف عقرب من النار لكل عقرب منها سبعون ألف ذنب من نار لكل ذنب منها سبعون ألف فقارة من نار في كل فقارة منها سبعون ألف قلة من سم وسبعون ألف موقد من نار يوقدون تلك النار وقال : إن أول من دخل من
أهل النار وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم وسود وجوههم كالحة أنيابهم قد نزع الله الرحمة من قلوبهم ليس في قلب منهم مثقال ذرة من الرحمة.
وأخرج أبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن جهنم لتسعر كل يوم وتفتح أبوابها إلا يوم الجمعة فإنها لا تفتح أبوابها ولا

تسعر.
وأخرج سعيد بن منصور عن مسروق رضي الله عنه قال : إن أحق ما استعيذ من جهنم في الساعة التي تفتح فيها أبوابها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك رضي الله عنه قال : جهنم سبعة نيران ليس منها نار إلا وهي تنظر إلى النار التي تحتها تخاف أن تأكلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال : إن في النار سجنا لا يدخله إلا شر الأشرار قراره نار وسقفه نار وجدرانه نار وتلفح فيه النار.
وأخرج عبد الرزاق والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن كعب رضي الله عنه قال : للشهيد نور ولمن قاتل الحرورية عشرة أنوار وكان يقول : لجهنم سبعة أبواب باب منها للحرورية ، قال : ولقد خرجوا في زمان داود عليه السلام.
وأخرج ابن مردويه والخطيب في تاريخه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : {لكل باب منهم جزء مقسوم} قال : جزء أشركوا بالله وجزء شكوا في الله وجزء غفلوا عن الله

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه فجئته لأنظر في وجهه فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعت منه أن قال : يا أيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {آمنين} قال : أمنوا الموت فلا يموتون ولا يكبرون ولا يسقمون ولا يعرون ولا يجوعون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طريق لقمان بن عامر عن أبي أمامة قال : لا يدخل الجنة أحد حتى ينزع الله ما في صدورهم من غل وحتى إنه لينزع من صدر الرجل بمنزلة السبع الضاري.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق القاسم عن أبي أمامة قال : يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء

والضغائن حتى إذا نزلوا وتقابلوا على السرر نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل.
وأخرج ابن جرير عن علي {ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال : العداوة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن قتادة في قوله : {ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال : حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة : فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة من منزله الذي كان في الدنيا ، قال قتادة : وكان يقال : ما يشبه بهم إلا أهل جمعة حين انصرفوا من جمعتهم

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يحبس أهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا ويدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الكريم بن رشيد قال : ينتهي أهل الجنة إلى باب الجنة وهم يتلاحظون تلاحظ الغيران فإذا دخلوها نزع الله ما في صدورهم من غل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن الحسن البصري قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : فينا والله أهل بدر نزلت {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين}.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الله بن مليل عن علي في قوله : {ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال : نزلت في ثلاثة أحياء من العرب : في بني هاشم

وبني تيم وبني عدي ، وفي أبي بكر وفي عمر.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن كثير النواء قال : قلت لأبي جعفر إن فلانا حدثني عن علي بن الحسين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي {ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال : والله إنها لفيهم أنزلت ، وفيمن تنزل إلا فيهم قلت : وأي غل هو قال : غل الجاهلية ، إن بني تيم وبني عدي وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية ، فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا وأخذت أبا بكر الخاصرة فجعل علي يسخن يده فيكوي بها خاصرة أبي بكر ، فنزلت هذه الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم من طرق عن علي أنه قال لابن طلحة : إني أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله فيهم {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين} فقال رجل من همدان : إن الله أعدل من ذلك ، فصاح علي صيحة تداعى لها القصر وقال : فمن أذن إن لم نكن نحن أولئك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان والزبير وطلحة ممن قال الله : {ونزعنا ما في

صدورهم من غل}.
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله : {ونزعنا ما في صدورهم من غل} الآية ، قال : نزلت في علي وطلحة والزبير.
وأخرج الشيرازي في الألقاب ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال : نزلت في عشرة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح موقوفا عليه

وأخرج ابن مردويه من طريق النعمان بن بشير عن علي {ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال : ذاك عثمان وطلحة والزبير وأنا.
وأخرج هناد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {على سرر متقابلين} قال : لا يرى بعضهم قفا بعض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : أهل الجنة لا ينظر بعضهم في قفا بعض ثم قرأ (متكئين عليها متقابلين).
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو القاسم البغوي ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن زيد بن أبي أوفى قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية {إخوانا على سرر متقابلين} المتحابين في الله في الجنة ينظر بعضهم إلى بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {لا يمسهم فيها نصب}

قال : المشقة والأذى.
الآية 49 - 50.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال : ألا أراكم تضحكون ثم أدبر حتى إذا كان الحجر رجع إلينا القهقرى فقال : إني لما خرجت جاء جبريل فقال : يا محمد إن الله يقول : لم تقنط عبادي {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مصعب بن ثابت قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على ناس من أصحابه يضحكون فقال : اذكروا الجنة واذكروا النار ، فنزلت {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم}.
وأخرج البراز والطبراني ، وَابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه وقد عرض لهم شيء يضحكهم فقال : أتضحكون وذكر الجنة والنار بين أيديكم ونزلت هذه الآية {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب

الأليم}.
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، فقال : هذا الملك ينادي لا تقنط عبادي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم} قال : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ، ولو يعلم قدر عذابه لجمع نفسه.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة ، فلو يعلم الكافر كل الذي عند الله من رحمته لم ييأس من الرحمة ، فلو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خرج على

رهط من الصحابة وهم يتحدثون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، فلما انصرفنا أوحى الله إليه أن يا محمد لم تقنط عبادي ، فرجع إليهم فقال : ابشروا وقاربوا وسددوا.
آية 51 – 77
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {قالوا لا توجل} قالوا لا تخف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فبم تبشرون} قال : عجب من كبره وكبر امرأته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {من القانطين} قال : الآيسين.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر من طريق الأعمش عن يحيى أنه قرأها فلا تكن من القنطين بغير ألف ، قال : وقرأ {ومن يقنط من رحمة ربه} مفتوحة النون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال : من ذهب يقنط الناس من

رحمة الله أو يقنط نفسه قفد أخطأ ثم نزع بهذه الآية {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ومن يقنط من رحمة ربه} قال : من ييأس من رحمة ربه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأحمد في الزهد عن موسى بن علي عن أبيه قال : بلغني أن نوحا عليه السلام قال لابنه سام : يا بني لا تدخلن القبر وفي قلبك مثقال ذرة من الشرك بالله فإنه من يأت الله عز وجل مشركا فلا حجة له ، ويا بني لا تدخل القبر وفي قلبك مثقال ذرة من الكبر فإن الكبر رداء الله فمن ينازع الله رداءه يغضب الله عليه ، ويا بني لا تدخلن القبر وفي قلبك مثقال ذرة من القنوط فإنه لا يقنط من رحمة الله إلا ضال.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفاجر الراجي لرحمة الله أقرب من العابد القنط

وأخرج ابن ابي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : بيني وبين القدرية هذه الآية {إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {إنكم قوم منكرون} قال : أنكرهم لوط ، وفي قوله : {بما كانوا فيه يمترون} قال : بعذاب قوم لوط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {بما كانوا فيه يمترون} قال : يشكون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {واتبع أدبارهم} قال : أمر أن يكون خلف أهله يتبع أدبارهم في آخرهم إذا مشوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وامضوا حيث تؤمرون} قال : أخرجهم إلى الشام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {وقضينا إليه ذلك

الأمر} قال : أوحينا إليه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {أن دابر هؤلاء مقطوع} يعني استئصالهم وهلاكهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وجاء أهل المدينة يستبشرون} قال : استبشروا بأضياف نبي الله لوط حين نزلوا به لما أرادوا أن يأتوا إليهم من المنكر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أو لم ننهك عن العالمين} قال : يقولون أن تضيف أحدا أو تؤويه {قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين} قال : أمرهم لوط بتزويج النساء وأراد أن يقي أضيافه ببنانه والله أعلم.
وأخرج ابن أبي شيبة والحرث بن أبي أسامة وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أ بي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل

عن ابن عباس قال : ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره ، قال : {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} يقول : وحياتك يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لعمرك} قال : لعيشك.
وأخرح ابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما حلف الله بحياة أحد إلا بحياة محمد قال : {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} وحياتك يا محمد.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يكرهون أن يقول الرجل : لعمري يرونه كقوله وحياتي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إنهم لفي سكرتهم يعمهون} قال : لفي ضلالهم يلعبون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الأعمش أنه سئل عن قوله تعالى : !

{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} قال : لفي غفلتهم يترددون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {فأخذتهم الصيحة} قال : {الصيحة} مثل الصاعقة كل شيء أهلك به قوم فهو صاعقة وصيحة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : {مشرقين} قال : حين أشرقت الشمس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله : {إن في ذلك لآيات} قال : علامة ، أما ترى الرجل يرسل بخاتمه إلى أهله فيقول هاتوا كذا وكذا فإذا رأوه عرفوا أنه حق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لآيات للمتوسمين} قال : للناظرين ، واخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله : {لآيات للمتوسمين} قال : للمعتبرين

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {لآيات للمتوسمين} قال : هم المتفرسون.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد في قوله : {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} قال : هم المتفرسون.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن السني وأبو نعيم معا في الطب ، وَابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ، ثم قرأ {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} قال : المتفرسين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا فراسة المؤمن فإن المؤمن ينظر بنور الله.
وأخرج ابن جرير عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله

وأخرج الحكيم الترمذي والبزار ، وَابن السني وأبو نعيم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإنها لبسبيل مقيم} يقول : لبهلاك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وإنها لبسبيل مقيم} يقول : لبطريق واضح.
آية 78 - 87.
أَخْرَج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عمرو قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : إن مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهما شعيبا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وإن كان أصحاب الأيكة} قال : قوم شعيب و{الأيكة} ذات آجام وشجر كانوا فيها.
وأخرج ابن جرير عن خصيف في قوله : {أصحاب الأيكة} قال : الشجر ، وكانوا يأكلون في الصيف الفاكهة الرطبة وفي الشتاء اليابسة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين} ذكر لنا أنهم كانوا أهل غيضة وكان عامة شجرهم هذا الدوم وكان رسولهم فيما بلغنا شعيب أرسل إليهم وإلى أهل مدين أرسل إلى أمتين من الناس وعذبتا بعذابين شتى ، أما أهل مدين فأخذتهم الصيحة.
وَأَمَّا {أصحاب الأيكة} فكانوا أهل شجر متكاوش ، ذكر لنا أنه سلط عليهم الحر سبعة أيام لا يظلهم منه ظل ولا يمنعهم منه شيء فبعث الله عليهم سحابة فجعلوا يلتمسون الروح منها فجعلها الله عليهم عذابا

بعث عليهم نارا فاضطرمت عليهم فأكلتهم ، فذلك (عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم) (الشعراء آية 189).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أصحاب الأيكة} قال : الغيضة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير {أصحاب الأيكة} قال : أصحاب غيضة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : {الأيكة} الشجر الملتف.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {أصحاب الأيكة} أهل مدين و{الأيكة} الملتفة من الشجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {الأيكة} مجمع الشجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : إن أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب : أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا منها فلما خرجوا منها أصابهم فزع شديد ففرقوا أن يدخلوا البيوت أن تسقط عليهم

فأرسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل فقال : ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا أبرد ،.
هلموا أيها الناس ، فدخلوا جميعا تحت الظلة فصاح فيهم صيحة واحدة فماتوا جميعا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإنهما لبإمام مبين} يقول : على الطريق.
وأخرج ابن جريرعن ابن عباس في قوله : {لبإمام مبين} قال : طريق ظاهر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وإنهما لبإمام مبين} قال : بطريق معلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لبإمام مبين} قال : طريق واضح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {لبإمام مبين} قال : بطريق مستبين

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أصحاب الحجر} قال : أصحاب الوادي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان {أصحاب الحجر} ثمود قوم صالح.
وأخرج البخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجر : لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك بالحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من مياه الآبار التي كانت تشرب منها ثمود وعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم فأمرهم بإهراق القدور ، وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال : إني أخشى أن يصبكم مثل الذي أصابهم فلا تدخلوا عليهم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر : أن الناس لما نزلوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود استقوا من أبيارها وعجنوا به العجين ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت ترد الناقة

وأخرج ابن مردويه عن سبرة بن معبد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال بالحجر لاصحابه : من عمل من هذا الماء شيئا فليلقه ، قال : ومنهم من عجن العجين ومنهم من حاس الحيس.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن النجار عن علي بن أبي طالب في قوله : {فاصفح الصفح الجميل} قال : الرضا بغير عتاب.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله : {فاصفح الصفح الجميل} قال : هو الرضا بغير عتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {فاصفح الصفح الجميل} قال : هذا الصفح الجميل كان قبل القتال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : السبع المثاني فاتحة الكتاب.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير وابن

المنذر ، وَابن أبي حاتم والدارقطني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن علي بن أبي طالب في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : هي فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن مسعود في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : فاتحة الكتاب {والقرآن العظيم} قال : سائر القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس : أنه سئل عن السبع المثاني قال : فاتحة الكتاب استثناها الله لأمة محمد فرفعها في أم الكتاب فدخرها لهم حتى أخرجها ولم يعطها أحدا قبله ، قيل : فأين الآية السابعة قال : بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني}

قال : دخرت لنبيكم صلى الله عليه وسلم لم تدخر لنبي سواه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : هي أم القرآن تثنى في كل صلاة.
وأخرج ابن الضريس وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : السبع المثاني فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن جريرعن أبي بن كعب قال : السبع المثاني الحمد لله رب العالمين.
وأخرج ابن الضريس عن يحيى بن يعمر وأبي فاختة في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} قالا : فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن الضريس عن مجاهد في قوله : {سبعا من المثاني} قال : هي أم الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن مثله.
وأخرج ابن الضريس ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة مكتوبة وتطوع

وأخرج ابن الضريس عن أبي صالح في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : هي فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طرق الربيع عن أبي العالية في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : فاتحة الكتاب سبع آيات ، وإنما سميت {المثاني} لإنه ثنى بها كلما قرأ القرآن قرأها ، قيل للربيع : إنهم يقولون السبع الطول ، قال : لقد أنزلت هذه الآية ، وما نزل من الطول شيء.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : السبع الطوال.
وأخرج الفريابي وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال : هي السبع الطول ، ولم يعطهن أحد إلا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأعطي موسى منهن اثنتين.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم {سبعا من المثاني} الطول ، وأوتي موسى ستا فلما ألقى الألوح ذهب اثنتان وبقي أربعة.
وأخرج الدارمي ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس في قوله : {سبعا من المثاني} قال : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعرف ويونس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير في قوله : {سبعا من المثاني} قال : السبع الطول : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس ، فقيل لابن جبير : ما قوله : {المثاني} قال : ثنى فيها القضاء والقصص

وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس في قوله : {سبعا من المثاني} قال : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والكهف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان {المثاني} المئين : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام وبراءة والأنفال سورة واحدة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : {سبعا من المثاني} قال : السبع الطول ، قلت : لم سميت {المثاني} قال : يتردد فيهن الخبر والأمثال والعبر.
وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس في قوله : {سبعا من المثاني} فاتحة الكتاب والسبع الطول منهن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زياد بن أبي مريم في قوله : {سبعا من المثاني} قال : أعطيتك سبعا أخر أؤمر وإنه وبشر وأنذر واضرب الأمثال وأعدد النعم واتل نبأ القرون.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك قال : القرآن كله مثاني.
وأخرج آدم بن أبي إياس ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي عن

مجاهد في قوله : {سبعا من المثاني} قال : هي السبع الطول الأول {والقرآن العظيم} سائره.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : {المثاني} ما ثنى من
القرآن ، ألم تسمع لقول الله (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني) (الواقعة 16).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : {المثاني} القرآن يذكر الله القصة الواحدة مرارا.
آية 88 - 96.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا تمدن عينيك} الآية ، قال : نهى الرجل أن يتمنى مال صاحبه.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن يحيى بن ابي كثير : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بإبل حي يقال لهم بنو الملوح أو بنو المصطلق قد عنست في أبوالها من السمن ، فتقنع بثوبه ومر ولم ينظر إليها لقوله : {لا تمدن عينيك} الآية

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {أزواجا منهم} قال : الأغنياء الأمثال الأشباه.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة قال : من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء منها فقد صغر القرآن ، ألم تسمع قوله : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} إلى قوله : {ورزق ربك خير وأبقى} قال : يعني القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {واخفض جناحك} قال : اخضع.
وأخرج البخاري وسعيد بن منصور والحاكم والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله : {كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين} قال : هم أهل الكتاب جزأوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس {عضين} فرقا.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أرأيت قول الله {كما أنزلنا على المقتسمين} قال : اليهود

والنصارى ، قال : {الذين جعلوا القرآن عضين} قال : آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم والبيهقي وأبو نعيم معا في الدلائل عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش - وكان ذا سن فيهم - وقد حضر الموسم فقال لهم : يامعشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فاجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، فقالوا أنت فقل وأتم لنا به رأيا نقول به ، قال : لا بل أنتم قولوا لأسمع ، قالوا نقول كاهن ، قال : ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكهان ولا بسجعهم ، قالوا فنقول مجنون ، قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا بحائحه ولا وسوسته ، قالوا : فنقول شاعر ، قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر ، قالوا : فنقول ساحر ، قال : ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا بعقده ، قالوا فماذا نقول قال : والله إن لقوله حلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أصله

لعذق وإن فرعه لجناء فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول أن تقولوا هو ساحر يفرق بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عنه بذلك ، فأنزل الله في الوليد وذلك من قوله : (ذرني ومن خلقت وحيدا) إلى قوله (سأصليه سقر) (المدثر آية 11 - 16) وأنزل الله في أولئك النفر الذين كانوا معه {الذين جعلوا القرآن عضين} أي أصنافا {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {الذين جعلوا القرآن عضين} قال : هم رهط من قريش عضهوا كتاب الله فزعم بعضهم أنه سحر وزعم بعضهم أنه كهانة وزعم بعضهم أنه

أساطير الأولين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير عن عكرمة يقول : العضه السحر بلسان قريش ، يقولون للساحرة : إنها العاضهة.
وأخرج الترمذي ، وَابن جَرِير وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) قال : عن قول : لاإه إلا الله " . وأخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في "تاريخه " والترمذي من وجه آخر عن أنس موقوفا.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمر في قوله :

(لنسئلنهم أجمعين، عما كانوا يعملون) قال : لا إله إلا الله.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : (لنسئلنهم أجمعين ، عما كانوا يعملون) قال : يسأل العباد كلهم يوم القيامة عن خلتين : عما كانوا يعبدون وعما أجابوا به المرسلين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما {فوربك لنسألنهم أجمعين} وقال : (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) (الرحمن آية 39) قال : لا يسألهم هل عملهم كذا وكذا لأنه أعلم منهم بذلك ولكن يقول : لم عملتم كذا وكذا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما {فاصدع بما تؤمر} فامضه.
وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ما زال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزل {فاصدع بما تؤمر} فخرج هو وأصحابه

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأعرض عن المشركين} قال : نسخه قوله : (اقتلوا المشركين) (التوبة آية 5).
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فاصدع بما تؤمر} قال : هذا أمر من الله لنبيه بتبليغ رسالته قومه وجميع من أرسل إليه.
وأخرج ابن شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فاصدع بما تؤمر} قال : اجهر بالقرآن في الصلاة.
وأخرج عن ابن زيد في قوله : {فاصدع بما تؤمر} قال : بالقرآن الذي أوحى إليه أن يبلغهم إياه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {فاصدع بما تؤمر} قال : أعلن بما تؤمر.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا سنين لا يظهر شيئا مما أنزل الله حتى نزلت {فاصدع بما تؤمر} يعني : أظهر أمرك بمكة فقد أهلك الله المستهزئين بك وبالقرآن وهم خمسة رهط ، فأتاه جبريل بهذه الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أراهم أحياء بعد كلهم ، فأهلكوا في يوم واحد

وليلة ، منهم العاص ابن وائل السهمي خرج في يومه ذلك في يوم مطير فخرج على راحلته يسير ، وَابن له يتنزه ويتغدى فنزل شعبا من تلك الشعاب ، فلما وضع قدمه على الأرض قال : لدغت ، فطلبوا فلم يجدوا شيئا وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير فمات مكانه ، ومنهم الحارث بن قيس السهمي أكل حوتا مالحا فأصابه غلبة عطش فلم يزل يشرب عليه من الماء حتى أنقد بطنه فمات وهو يقول : قتلني رب محمد ، ومنهم الأسود بن المطلب وكان له زمعة بالشام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا على الاب أن يعمى بصره وأن يتكل ولده فأتاه جبريل بورقة خضراء فرماه بها فذهب بصره ، وخرج يلاقي ابنه ومعه غلام له فأتاه جبريل وهو قاعد في أصل شجرة فجعل ينطح رأسه ويضرب وجهه بالشوك فاستغاث بغلامه فقال له غلامه : لا أرى أحدا يصنع بك شيئا غير نفسك ، حتى مات وهو يقول : قتلني رب محمد ، ومنهم الوليد بن المغيرة مر على نبل لرجل من خزاعة قد راشها وجعاها في الشمس فربطها فانكسرت فتعلق به سهم منها فأصاب أكحله فقتله ، ومنهم الأسود بن عبد يغوث خرج من أهله فأصابه السموم فاسود حتى عاد حبشيا فأتى أهله فلم يعرفوه فأغلقوا دونه الباب حتى مات ، وهو يقول : قتلني رب محمد ، فقتلهم الله جميعا فأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره وأعلنه بمكة.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل بسندين ضعيفين عن ابن عباس في قوله : !

{إنا كفيناك المستهزئين} قال : قد سلط عليهم جبريل وأمرته بقيلهم فعرض للوليد بن المغيرة فعثر به فعصره عن نصل في رجله حتى خرج رجيعه من أنفه ، وعرض للأسود بن عبد العزى وهو يشرب ماء فنفخ في ذلك حتى انتفخ جوفه فانشق واعترض للعاص بن وائل وهو متوجه إلى الطائف فنخسه بشبرقة فجرى سمها إلى
رأسه وقتل الحارث بن قيس بلكزة فما زال يفوق حتى مات ، وقتل الأسود بن عبد يغوث الزهري.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل ، وَابن مردويه بسند حسن والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله : {إنا كفيناك المستهزئين} قال : المستهزئون الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرني إياهم فأراه الوليد ، فأومأ جبريل إلى أكحله فقال : ما صنعت شيئا ، قال : كفيتكه ، ثم أراه الأسود بن المطلب فأومأ إلى عينه فقال : ما صنعت شيئا ، قال : كفيتكه ، ثم أراه

الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى رأسه فقاب : ما صنعت شيئا " فقال : كفيتكه . ثم أراه الحرث فاومأ إلى بطنه فقال : ما صنعت شيئا ، فقال : كفيتكه ، ثم أراه العاص بن وائل فأومأ إلى أخمصه فقال : ما صنعت شيئا ، فقال كفيتكه ، فأما الوليد فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا فأصاب أكحله فقطعها.
وَأَمَّا الأسود بن المطلب فنزل تحت سمرة فجعل يقول : يا بني ألا تدفعون عني قد هلكت وطعنت بالشوك في عيني ، فجعلوا يقولون : ما نرى شيئا ، فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه.
وَأَمَّا الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها.
وَأَمَّا الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه.
وَأَمَّا العاص فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتله.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة قال : إن محمدا كاهن يخبر بما يكون قبل أن يكون وقال أبو جهل : محمد ساحر يفرق بين الأب والابن ، وقال عقبة بن أبي معيط : محمد مجنون يهذي في جنونه ، وقال أبي بن خلف : محمد كذاب ، فأنزل الله {إنا كفيناك المستهزئين} فهلكوا قبل بدر.
وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس أن المستهزئين

ثمانية : الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والعاص بن وائل والحارث بن عدي بن سهم وعبد العزى بن قصي ، وهو أبو زمعة وكلهم هلك قبل بدر بموت أو مرض ، والحارث بن قيس من العياطل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : {المستهزئين} منهم : الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والحارث بن قيس والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث وأبو هبار بن الأسود.
وأخرج ابن مردويه عن علي {إنا كفيناك المستهزئين} قال : خمسة من قريش كانوا يستهزئون برسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الحارث بن عيطلة والعاص بن وائل والأسود بن عبد يغوث والوليد بن المغيرة.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنس قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل ، فغمز جبريل بأصبعه فوقع مثل الظفر في أجسادهم فصارت قروحا نتنة ، فلم يستطع أحد أن يدنوا منهم ، وأنزل الله {إنا كفيناك المستهزئين}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عكرمة قال : مكث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة منها أربع أو خمس يدعوا إلى الإسلام سرا وهو خائف حتى بعث الله على الرجال الذين أنزل فيهم {إنا كفيناك المستهزئين} {الذين

جعلوا القرآن عضين} والعضين بلسان قريش السحر ، وأمر بعدوانهم فقال : {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} ثم أمر بالخروج إلى المدينة فقدم في ثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول ثم كانت وقعة بدر ففيهم أنزل الله (وإن يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) (الأنفال آية 5) وفيهم نزلت (سيهزم الجمع) (القمر آية 45) وفيهم نزلت : (حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب) وفيهم نزلت (ليقطع طرفا من الذين كفروا) (آل عمران آية 127) وفيهم نزلت (ليس لك من الأمر شيء) أراد الله القوم وأراد رسول الله العير وفيهم نزلت (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) (إبراهيم آية 28) الآية ، وفيهم نزلت (قد كان لكم آية في فئتين التقتا) (آل عمران أية 13) في شأن العير (والركب أسفل منكم) (الأنفال آية 42) أخذوا أسفل الوادي ، فهذا كله في أهل بدر وكانت قبل بدر بشهرين سرية يوم قتل ابن الحضرمي ثم كانت أحد ثم يوم الأحزاب بعد أحد بسنتين ثم كانت الحديبية - وهو يوم
الشجرة - فصالحهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ على أن يعتمر في عام قابل في هذا الشهر ، ففيها أنزلت (الشهر الحرام بالشهر الحرام) (البقرة آية 149) فشهر العام الأول بشهر العام فكانت (الحرمات قصاص) ثم كان الفتح بعد العمرة ففيها نزلت (حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد) (المؤمنون آية 77) الآية ، وذلك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غزاهم ولم يكونوا عدوا له أهبة القتال ولقد قتل من قريش يومئذ

أربعة رهط من حلفائهم ومن بني بكر خمسين أو زيادة ، وفيهم نزلت - لما دخلوا في دين الله (هو الذي أنشألكم السمع والابصار) (المؤمنون آية 78) ثم خرج إلى حنين بعد عشرين ليلة ثم إلى المدينة ثم أمر أبا بكر على الحج ، ولما رجع أبو بكر من الحج غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم العام المقبل ثم ودع الناس ثم رجع فتوفي لليلتين خلتا من شهر ربيع الاول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله : {إنا كفيناك المستهزئين} قال : هؤلاء فيما سمعنا خمسة رهط استهزأوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أراد صاحب اليمن أن يرى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتاه الوليد بن المغيرة فزعم أن محمدا ساحر ، وأتاه العاص بن وائل وأخبره أن محمدا يعلم أساطير الأولين فجاءه آخر فزعم أنه كاهن وجاءه آخر فزعم أنه شاعر وجاء آخر فزعم أنه مجنون فكفى الله محمدا أولئك

الرهط في ليلة واحدة فأهلكهم بألوان من العذاب ، كل رجل منهم أصابه عذاب ، فأما الوليد فأتى على رجل من خزاعة وهو يريش نبلا له فمر به وهو يتبختر فأصابه منها سهم فقطع أكحله فأهلكه الله.
وَأَمَّا العاص بن وائل فإنه دخل في شعب فنزل في حاجة له فخرجت إليه حية مثل العمود فلدغته فأهلكه الله.
وَأَمَّا الآخر فكان رجلا أبيض حسن اللون خرج عشاء في تلك الليلة فأصابه سموم شديدة الحر فرجع إلى أهله وهو مثل حبشي فقالوا : لست بصاحبنا ، فقال : أنا صاحبكم ، فقتلوه.
وَأَمَّا الآخر فدخل في بئر له فأتاه جبريل فعمه فيها فقال : إني قتلت فأعينوني : فقالوا : والله ما نرى أحدا ، فكان كذلك حتى أهلكه الله.
وَأَمَّا الآخر فذهب إلى إبله ينظر فيها فأتاه جبريل بشوك القتاد فضربه فقال : أعينوني فإني قد هلكت ، قالوا : والله ما نرى أحدا ، فأهلكه الله فكان لهم في ذلك عبرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فحنى ظهر الأسود بن عبد يغوث حتى احقوقف صدره ، فقال : النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خالي خالي فقال جبريل : دعه عنك فقد كفيته فهو من المستهزئين ، قال : وكانوا يقولون سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزئون بها.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن قتادة قال : هؤلاء رهط من قريش منهم الأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة والعاص بن

وائل وعدي بن قيس.
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم عن أبي بكر الهذلي قال : قيل للزهري إن سعيد بن جبير وعكرمة اختلفا في رجل من المستهزئين فقال سعيد : الحارث بن عيطلة ، وقال عكرمة : الحارث بن قيس : فقال : صدقا جميعا ، كانت أمه تسمى عيطلة وكان أبوه قيسا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير وأبو نعيم عن الشعبي رضي الله عنه قال : المستهزئون سبعة فسمى منهم العاص بن وائل والوليد بن المغيرة وهبار بن الأسود وعبد يغوث بن وهب والحرث بن عيطلة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نعيم عن قتادة ومقسم مولى ابن عباس {إنا كفيناك المستهزئين} قال : هم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب مروا رجلا رجلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل فإذا مر به رجل منهم قال له جبريل : كيف محمد هذا فيقول : بئس عبد الله فيقول جبريل : كفيناكه ، فأما الوليد فتردى فتعلق سهم بردائه فذهب يجلس فقطع أكحله فنزف حتى مات.
وَأَمَّا الأسود بن عبد يغوث فأتى بغصن فيه شوك فضرب به وجهه فسالت حدقتاه على وجهه فمات.
وَأَمَّا العاص فوطئ على شوكة فتساقط لحمه عن عظامه حتى هلك.
وَأَمَّا الأسود بن المطلب وعدي بن قيس

فأحدهما قام من الليل وهو ظمآن ليشرب من جرة فلم يزل يشرب حتى انفتق بطنه فمات.
وَأَمَّا الآخر فلدغته حية فمات.
آية 97 - 99.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والحاكم في التارخ ، وَابن مردويه والديلمي عن أبي مسلم الخولاني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أوحي لي أن أجمع المال وأكون من التاجرين ولكن أوحي إلي أن {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين ولكن أوحي إلي أن {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أوحي إلي أن أكون تاجرا ولا أجمع المال متكاثران ولكن أوحي إلي أن {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {حتى يأتيك اليقين} قال : الموت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} قال : الموت.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} قال : الموت.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {واعبد ربك حتى يأتيك

اليقين} قال : الموت ، إذا جاءه الموت جاءه تصديق ما قال الله له وحدثه من أمر الآخرة.
وأخرج البخاري ، وَابن جَرِير عن أم العلاء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وقد مات فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله ، فقال : وما يدريك أن الله أكرمه ، أما هو فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير ما عاين الناس له رجل يمسك بعنان فرسه فالتمس القتل في مظانه ، ورجل في شعب من هذه الشعاب أو في بطن واد من هذه الأوديه في غنيمة أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد الله حتى ياتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله والأرض فراشه لم يهتم بشيء من أمر الدنيا فهو لا يزرع الزرع وهو يأكل الخبز وهو لا يغرس الشجر ويأكل الثمار توكلا على الله وطلب مرضاته فضمن الله السموات السبع والأرضين السبع رزقه فهم يتعبأون به ويأتون به حلالا واستوفى هو رزقه بغير حساب عبد الله حتى أتاه اليقين.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله ومن كانت راحته في لقاء الله فكان قد كفي ، والله أعلم بالصواب
(16)

المجلد التاسع
- سورة النحل.
مكية وآياتها ثمان وعشرون ومائة.
آية 1 - 4.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة النحل بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
وأخرج النحاس من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : سورة النحل نزلت بمكة سوى ثلاث آيات من آخرها فإنهن نزلن بين مكة والمدينة في منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت {أتى أمر الله} ذعر أصحاب الرسول حتى نزلت {فلا تستعجلوه} فسكنوا.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص قال : لما نزلت {أتى أمر الله} قاموا فنزلت {فلا تستعجلوه}.

وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس {أتى أمر الله} قال : خروج محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال : دخلت المسجد فصليت فقرأت سورة النحل وجاء رجلان فقرآ خلاف قراءتنا فأخذت بأيدهما فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله استقرئ هذين فقرأ أحدهما فقال : أصبت ، ثم استقرأ الآخر فقال : أصبت ، فدخل قلبي أشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري فقال : أعاذك الله من الشك والشيطان ، فتصببت عرقا قال : أتاني جبريل فقال : اقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : إن أمتي لا تستطيع ذلك حتى قال : سبع مرات ، فقال لي : اقرأ على سبعة أحرف بكل ردة رددتها مسألة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت هذه الآية {أتى أمر الله فلا تستعجلوه} قال رجال من المنافقين بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن أمر الله قد أتى فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو

كائن فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نراه نزل ، فنزلت {اقترب للناس حسابهم} الآية ، فقالوا : إن هذا يزعم مثلها أيضا فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نراه نزل شيء فنزلت (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) (هود آية 8) الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب مثل الترس فما تزال ترتفع في السماء حتى تملأ السماء ثم ينادي مناد : ياأيها الناس فيقبل الناس بعضهم على بعض : هل سمعتم فمنهم من يقول : نعم ، ومنهم من يشك ، ثم ينادي الثانية : ياأيها الناس هل سمعتم فيقولون : نعم ، ثم ينادي : أيها الناس {أتى أمر الله فلا تستعجلوه} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوالذي نفسي بيده إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه وإن الرجل ليملأ حوضه فما يسقى فيه شيئا وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه ويشغل الناس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : !

{أتى أمر الله فلا تستعجلوه} قال : الأحكام والحدود والفرائض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ينزل الملائكة بالروح} قال : بالوحي.
وأخرج آدم بن أبي أياس وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : {الروح} أمر من أمر الله وخلق من خلق الله وصورهم على صورة بني آدم ، وما ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح ثم تلا (يوم يقوم الروح والملائكة صفا) (النبأ آية 38).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله : {ينزل الملائكة بالروح من أمره} قال : إنه لا ينزل ملك إلا ومعه روح كالحفيظ عليه لا يتكلم ولا يراه ملك ولا شيء مما خلق الله.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ينزل الملائكة بالروح من أمره} قال : بالوحي والرحمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {ينزل الملائكة بالروح} قال : بالنبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك في قوله : {ينزل الملائكة بالروح} قال : القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله : {ينزل الملائكة بالروح} قال : كل شيء تكلم به ربنا فهو روح {من أمره} قال : بالرحمة والوحي على من يشاء من عباده فيصطفي منهم رسلا ، {أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون} قال : بها بعث الله المرسلين أن يوحد الله وجده ويطاع أمره ويجتنب سخطه.

وأخرج ابن سعد وأحمد ، وَابن ماجه والحاكم وصححه عن يسر بن جحاش قال : بصق رسول الله في كفه ثم قال : يقول الله أنى تعجزني وقد خلقتك من
مثل هذه حتى إذا سويتك فعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد ، فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : أتصدق وأنى أوان الصدقة.
آية 6 - 8.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لكم فيها دفء} قال : الثياب {ومنافع} قال : ما تنتفعون به من الأطعمة والأشربة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لكم فيها دفء ومنافع} قال : نسل كل دابة.

وأخرج الديلمي عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : البركة في الغنم والجمال في الإبل.
وأخرج ابن ماجه عن عروة البارقي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الإبل عز لأهلها والغنم بركة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {ولكم فيها جمال حين تريحون} قال : إذا راحت كأعظم ما يكون أسنمة وأحسن ما تكون ضروعا {وحين تسرحون} قال : إذا سرحت لرعيها ، قال قتادة : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الإبل فقال : هي عز لأهلها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {وتحمل أثقالكم إلى بلد} قال يعني مكة {لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس} قال : لو تكلفتموه لم تطيقوا إلا بجهد شديد.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {إلا بشق الأنفس} قال : مشقة عليكم.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله تعالى إنما سخرها لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم.
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس عن أبيه : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل فقال لهم : اركبوا هذه الدواب سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكرا لله تعالى منه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن دينار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا

تتخذوا ظهور الدواب كراسي لأحاديثكم فرب راكب مركوبة هي خير من راكبها وأكثر ذكرا لله تعالى منه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن دينار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي لأحاديثكم فرب راكب مركوبة هي خير منه وأطوع لله منه وأكثر ذكرا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب قال : كان يكره طول الوقوف على الدابة وأن تضرب وهي محسنة.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم كثير.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لتركبوها وزينة} قال : جعلها لتركبوها وجعلها زينة لكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة : أن أبا عياض كان يقرؤها {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} يقول : جعلها زينة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت الخيل وحشية فذللها الله لإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : بلغني أن الله أراد أن يخلق الفرس قال لريح الجنوب : إني خالق منك خلقا

أجعله
عزا لأوليائي ومذلة لأعدائي وحمى لأهل طاعتي فقبض من الريح قبضة فخلق منها فرسا فقال : سميتك فرسا وجعلتك عربيا الخير معقود بناصيتك والغنائم محازة على ظهرك والغنى معك حيث كنت أرعاك لسعة الرزق على غيرك من الدواب وجعلتك لها سيدا وجعلتك تطير بلا جناحين فأنت للطلب وأنت للهرب وسأحمل عليك رجالا يسبحوني فتسبحني معهم إذا سبحوا ويهللوني فتهللني معهم إذا هللوا ويكبروني فتكبرني معهم إذا كبروا فلما صهل الفرس قال : باركت عليك أرهب بصهيلك المشركين أملأ منه آذانهم وأرعب منه قلوبهم وأذل أعناقهم فلما عرض الخلق على آدم وسماهم قال الله تعالى : يا آدم اختر من خلقي من أحببت فاختار الفرس فقال الله : اخترت عزك وعز ولدك باق فيهم ما بقوا وينتج منه أولادك أولادا فبركتي عليك وعليهم فما من تسبيحة ولا تهليلة ولا تكبيرة تكون من راكب الفرس إلا والفرس تسمعها وتجيبه مثل قوله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : سأل رجل ابن عباس عن أكل لحوم الخيل فكرهها وقرأ {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه

كان يكره لحوم الخيل ويقول : قال الله : {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} فهذه للأكل {والخيل والبغال والحمير لتركبوها} فهذه للركوب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد أنه سئل عن لحوم الخيل فقال : {والخيل والبغال والحمير لتركبوها}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحكم في قوله : {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} فجعل منه الأكل ثم قرأ {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} قال : لم يجعل لكم فيها أكلا وكان الحكم يقول : الخيل والبغال والحمير حرام في كتاب الله.
وأخرج أبو عبيد وأبو داود والنسائي ، وَابن المنذر عن خالد بن الوليد قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن لحوم الخيل والبغال والحمير.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار ، عَن جَابر بن عبد الله قال : طعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر الأهلية.

وأخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم من طريق أبي الزبير ، عَن جَابر بن عبد الله أنهم ذبحوا يوم خيبر الحمير والبغال والخيل فنهاهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الحمير والبغال ولم ينههم عن الخيل.
وأخرج ابن أبي شبية والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه من طريق عطاء ، عَن جَابر قال : كنا نأكل لحم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : والبغال قال : أما البغال فلا.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن المنذر عن أسماء قالت : نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه.
وأخرج أحمد عن دحية الكلبي قال : قلت يا رسول الله أحمل لك حمارا على فرس فينتج لك بغلا وتركبها قال : إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون.
وأخرج الخطيب في تاريخه ، وَابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : {ويخلق ما لا تعلمون} قال البراذين.

وأخرج ابن عساكر عن مجاهد في قوله : {ويخلق ما لا تعلمون} قال : السوس في الثياب.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مما خلق الله لأرضا من لؤلؤة بيضاء مسيرة ألف عام عليها جبل من ياقوتة حمراء محدق بها في تلك الأرض ملك قد ملأ شرقها وغربها له ستمائة رأس في كل رأس ستمائة وجه في كل وجه ستون ألف فم ، في كل فم ستون ألف لسان يثني على الله ويقدسه ويهلله ويكبره بكل لسان ستمائة ألف وستين ألف مرة فإذا كان يوم القيامة نظر إلى عظمة الله فيقول : وعزتك ما عبدتك حق عبادتك ، فذلك قوله : {ويخلق ما لا تعلمون}.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن الشعبي قال : إن لله عبادا من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس ما يرون أن الله عصاه
مخلوق رضراضهم الدر والياقوت وجبالهم الذهب والفضة لا يحرثون ولا يزرعون ولا يعملون عملا لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب أنه قيل له : أخبرنا من أتى سعالة الريح وإنه رأى بها أربع نجوم كانها أربعة أقمار فقال وهب : {ويخلق ما لا تعلمون}.
آية 9 - 13.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وعلى الله قصد السبيل} يقول البيان {ومنها جائر} قال الأهواء المختلفة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وعلى الله قصد السبيل} يقول : على الله أن يبين الهدى والضلالة {ومنها جائر} قال السبيل المتفرقة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وعلى الله قصد السبيل} قال طريق الحق على الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وعلى الله قصد السبيل} قال : على الله بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته {ومنها جائر} قال : على السبيل ناكب عن الحق وفي

قراءة ابن مسعود ومنكم جائر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف عن علي أنه كان يقرأ هذه الآية فمنكم جائر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {وعلى الله قصد السبيل} قال : طريق الهدى {ومنها جائر} قال : من السبل جائر عن الحق وقرأ (ولا تتبعوا السبل فتقرق بكم عن سبيله) (الأنعام آية 153) {ولو شاء لهداكم أجمعين} لقصد السبيل الذي هو الحق وقرأ (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) (يونس آية 99) وقرأ (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) (السجدة آية 13) والله أعلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فيه تسيمون} قال : ترعون فيه أنعامكم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {فيه تسيمون} قال : فيه ترعون ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول :

ومشى القوم بالعماد إلى الدو * حاء أعماد المسيم بن المساق.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما ذرأ لكم في الأرض} قال : ما خلق لكم في الأرض مختلفا : من الدواب والشجر والثمار ، نعم من الله متظاهرة فاشكروها لله عز وجل والله أعلم بالصواب.
آية 14.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن مطر إنه كان لا يرى بركوب البحر بأسا وقال : ما ذكره الله في القرآن إلا بخير.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر : إنه كان يكره ركوب البحر إلا لثلاث : غاز أو حاج أو معتمر.
وأخرج عبد الرزاق عن علقمة بن شهاب القرشي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يدرك الغزو معي فليغزو في البحر فإن أجر يوم في البحر كأجر

يوم في البر وإن القتل في البحر كالقتلتين في البر وإن المائد في السفينة كالمتشحط في دمه وإن خيار شهداء أمتي أصحاب الكف قالوا : وما أصحاب الكف يارسول الله قال : قوم تتكفأ بهم مراكبهم في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص عن كعب الأحبار : إن الله قال للبحر الغربي حين خلقه : قد خلقتك فأحسنت خلقك وأكثرت فيك من الماء وإني حامل فيك عبادا لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني فكيف تعمل بهم قال : أغرقهم قال الله : إني أحملهم على كفي وأجعل بأسك في نواحيك ثم قال للبحر الشرقي : قد خلقتك فأحسنت خلقك وأكثرت فيك من الماء وإني حامل فيك عبادا لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني فكيف أنت فاعل بهم قال أكبرك معهم وأحملهم بين ظهري وبطني فأعطاه الله الحلية والصيد الطيب.

وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : كلم الله البحر الغربي وكلم البحر الشرقي فقال للبحرالغربي : إني حامل فيك عبادا من عبادي فما أنت صانع بهم قال : أغرقهم ، قال : بأسك في نواحيك وحرمة الحلية والصيد وكلم هذا البحر الشرقي فقال : إني حامل فيك عبادا من عبادي فما أنت صانع بهم قال : أحملهم على يدي وأكون لهم كالوالدة لولدها فأثابه الحلية والصيد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا} يعني حيتان البحر {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} قال : هذا اللؤلؤ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {لتأكلوا منه لحما طريا} قال : هو السمك وما فيه من الدواب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة : أنه سئل عن رجل قال لأمرأته : إن أكلت لحما فأنت طالق فأكلت سمكا قال : هي طالق ، قال الله : {لتأكلوا منه

لحما طريا}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : يحنث قال الله : {لتأكلوا منه لحما طريا}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال : ليس في الحلي زكاة ثم قرأ {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وترى الفلك مواخر} قال : جواري.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وترى الفلك مواخر فيه} قال : تمخر السفن الرياح ولا تمخر الريح السفن إلا الفلك العظام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة {وترى الفلك مواخر فيه} قال : تشق الماء بصدرها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {وترى

الفلك مواخر فيه} قال : السفينتان تجريان بريح واحدة كل واحدة مستقبلة الأخرى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : {وترى الفلك مواخر فيه} قال : تجري بريح واحدة مقبلة ومدبرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ولتبتغوا من فضله} قال : هو التجارة والله أعلم بالصواب.
آية 15 - 23
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طريق قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد قال : إن الله لما خلق الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة : ما هذه بمقرة على ظهرها أحد فأصبحت صبحان وفيها رواسيها فلم يدروا من أين خلقت فقالوا ربنا هل من خلقك شيء أشد من هذا قال : نعم الحديد فقالوا : هل من خلقك شيء أشد من الحديد قال : نعم النار ، قالوا : ربنا هل من خلقك شيء أشد من النار قال : نعم الماء ، قالوا : ربنا هل من خلقك شيء هو أشد من الماء قال : نعم الريح ، قالوا : ربنا هل من خلقك شيء هوأشد من الريح قال : نعم الرجل ، قالوا : ربنا هل من خلقك شيء هو أشد من الرجل قال : نعم المرأة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في

قوله : {رواسي} قال : الجبال {أن تميد بكم} قال : أثبتها بالجبال ولولا ذلك ما أقرت عليها خلقا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {رواسي أن تميد بكم} قال : حتى لا تميد بكم ، كانوا على الأرض تمور بهم لا يستقر بها فأصبحوا صبحا وقد جعل الله الجبال وهي الرواسي أوتادا في الأرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أن تميد بكم} قال : أن تكفأ بكم وفي قوله : وأنهارا قال : بكل بلدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وسبلا} قال : السبل هي الطرق بين الجبال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخطيب في كتاب في كتاب النجوم عن قتادة في قوله : {وسبلا} قال : طرقا {وعلامات} قال : هي النجوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وعلامات} قال : أنهار الجبال.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الكلبي في قوله : {وعلامات} قال : الجبال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {وعلامات} يعني معالم الطرق بالنهار {وبالنجم هم يهتدون} يعني بالليل.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن إبراهيم {وعلامات} قال : هي الأعلام التي في السماء {وبالنجم هم يهتدون} قال : يهتدون به في البحر في أسفارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} قال : منها ما يكون علامة ومنها ما يهتدى به.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه كان لا يرى بأسا أن يتعلم الرجل منازل القمر.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم إنه كان لا يرى بأسا أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفمن يخلق كمن لا يخلق} قال : الله هو الخالق الرازق وهذه الأوثان التي تعبد من دون الله تخلق ولا تخلق شيئا ولا تملك لأهلها ضرا ولا نفعا ، قال الله : {أفلا تذكرون} وفي قوله : {والذين يدعون من دون الله} الآية ، قال : هذه الأوثان التي تعبد من دون الله أموات لا أرواح فيها ولا تملك لأهلها خيرا ولا نفعا {إلهكم إله واحد} قال : الله إلهنا ومولانا وخالقنا ورازقنا ولا نعبد ولا ندعو غيره ، {فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة} يقول منكرة لهذا الحديث {وهم مستكبرون} قال : مستكبرون عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : {لا جرم} يقول : بلى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : {لا جرم} يعني الحق.
وأخرج ابن أبي حاتم الضحاك في قوله : {لا جرم} قال : لا كذب.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إنه لا يحب المستكبرين} قال : هذا قضاء الله الذي قضى {إنه لا يحب المستكبرين} وذكر لنا أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يانبي الله إنه ليعجبني الجمال حتى أود أن علاقة سوطي وقبالة نعلي حسن فهل ترهب علي الكبر فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : كيف تجد قلبك قال : أجده عارفا للحق مطمئنا إليه ، قال : فليس ذاك
بالكبر ولكن الكبر أن تبطر الحق وتغمص الناس فلا ترى أحدا أفضل منك وتغمص الحق فتجاوزه إلى غيره.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسين بن علي إنه كان يجلس إلى المساكين ثم يقول : {إنه لا يحب المستكبرين}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : ثلاث من فعلهن لم يكتب مستكبرا : من ركب الحمار ولم يسنكف ومن أعتقل الشاة واحتلبها وأوسع للمسكين وأحسن مجالسته.
وأخرج مسلم والبيهقي في الشعب عن عياض بن حمار

المجاشعي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : في خطبته إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب رفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله : من تواضع لي هكذا - وأشار بباطن كفه إلى الأرض وأدناه من الأرض - رفعته هكذا - وأشار بباطن كفه إلى السماء - ورفعها نحو السماء.
وأخرج الخطيب والبيهقي عن عمر أنه قال على المنبر : يا أيها الناس تواضعوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من تواضع لله رفعه الله وقال : انتعش رفعك الله فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم ومن تكبر وضعه الله وقال : اخسأ خفضك الله فهو في أعين الناس صغير وفي نفسه كبير حتى لهو أهون عليهم من كلب أو خنزير.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من آدمي إلا وفي رأسه سلسلتان - سلسلة في السماء وسلسلة في الأرض - وإذا تواضع العبد رفعه الملك الذي بيده السلسلة من السماء وإذا تجبر جذبته السلسلة التي في الأرض.

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من آدمي إلا وفي رأسه حكمة - الحكمة بيد ملك - فإن تواضع قيل للملك : ارفع حكمته وإن ارتفع قيل للملك : ضع حكمته.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تكبر تعظما وضعه الله ومن تواضع لله تخشعا رفعه الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فقال رجل : يارسول الله الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فقال : إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمص الناس.

وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن أبي ريحانة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يدخل شيء من الكبر الجنة قال قائل : يا رسول الله إني أحب أن أتجمل بعلاقة سوطي وشسع نعلي فقال : إن ذلك ليس بالكبر إن الله جميل يحب الجمال إنما الكبر من سفه الحق وغمص الناس بعينيه ، وأخرجه البغوي في معجمه والطبراني عن سوار بن عمرو الأنصاري قال : قلت يارسول الله إني رجل حبب إلي الجمال وأعطيت ما ترى فما أحب أن يفوقني أحد في شسع افمن الكبر ذاك قال : لا ، قلت : فما الكبر يا رسول الله قال : من سفه الحق وغمص الناس.
وأخرج البغوي والطبراني عن سوار بن عمرو الأنصاري قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني رجل حبب إلي الجمال حتى

إني لا أحب أحدا يفوقني بشراك أفمن الكبر ذاك قال : لا ، ولكن الكبر من غمص الناس وبطر الحق.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر عن أبي ريحانة قال : يا رسول الله إني لأحب الجمال حتى في نعلي وعلاقة سوطي أفمن الكبر ذلك قال : إن الله جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده الكبر من سفه الحق وغمص الناس أعمالهم.
وأخرج ابن عساكر عن خريم بن فاتك أنه قال : يا رسول الله إني لأحب الجمال حتى إني لأحبه في شراك نعلي وجلاد سوطي وإن قومي يزعمون أنه من الكبر فقال : ليس الكبر أن يحب أحدكم الجمال ولكن الكبر أن يسفه الحق ويغمص الناس.
وأخرج سمويه في فوائده والباوردي ، وَابن قانع والطبراني عن ثابت بن قيس بن شماس قال : ذكر الكبر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله لا يحب من
كان مختالا فخورا فقال رجل من القوم : والله يارسول الله إن

ثيابي لتغسل فيعجبني بياضها ويعجبني علاقة سوطي وشراك نعلي فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ليس ذاك من الكبر إنما الكبر : أن تسفه الحق وتغمص الناس.
وأخرج الطبراني عن أسامة قال : أقبل رجل من بني عامر فقال : يا رسول الله بلغنا أنك شددت في لبس الحرير والذهب وإني لأحب الجمال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جميل يحب الجمال إنما الكبر من جهل الحق وغمص الناس بعينه.

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى رجل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إني رجل حبب إلي الجمال وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يقوقني أحد بشراك أو شسع أفمن الكبر هذا قال : لا ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه مثله وفيه : أن الرجل مالك الرهاوي وقال البغي بدل الكبر.
وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوصى نوح ابنه فقال : إني موصيك بوصية وقاصرها عليك حتى لا تنسى أوصيك بأثنتين وأنهاك عن اثنتين فأما اللتان أوصيك بهما فإني رأيتهما يكثران الولوج على الله عز وجل ورأيت الله تبارك وتعالى يستبشر بهما وصالح خلقه قل سبحان الله وبحمده فإنها صلاة الخلق وبها يرزق الخلق وقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له فإن السموات والأرض لو كن حلقة لقصمتها ولو كن في كفة لرجحت بهن وأما اللتان أنهاك عنهما فالشرك والكبر فقال عبد الله بن عمرو : يا رسول الله الكبر أن يكون لي حلة حسنة ألبسها قال : لا إن الله جميل يحب الجمال قال : فالكبر أن يكون لي دابة صالحة أركبها قال : لا قال : فالكبر أن يكون لي أصحاب يتبعوني وأطعمهم قال : لا قال : فأيما الكبر يا رسول الله قال : أن تسفه الحق وتغمص الناس.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : لا يدخل حظيرة القدس متكبر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : المتكبرون يجعلون يوم القيامة في توابيت من نار فتطبق عليهم.
وأخرج أحمد والدارمي والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه وأبو يعلى ، وَابن حبان والحاكم عن ثوبان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من فارق الروح جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة الكبر والدين والغلول قال : ابن الجوزي : في جامع المسانيد كذا وكذا روى لنا الكبر وقال الدارقطني إنما هو الكنز بالنون والزاي.
وأخرج الطبراني عن السائب بن يزيد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قالوا : يا رسول الله هلكنا وكيف لنا

إن نعلم ما في قلوبنا من دأب الكبر وأين هو فقال : من لبس الصوف أو حلب الشاة أو أكل مع من ملكت يمينه فليس في قلبه إن شاء الله الكبر.
وأخرج تمام في فوائده ، وَابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لبس الصوف وانتعل المخصوف وركب حماره وحلب شاته وأكل مع عياله فقد نحى الله عنه الكبر ، أنا عبد ابن عبد أجلس جلسة العبد وآكل أكلة العبد إني أوحي إلي أن تواضعوا ولا يبغ أحد على أحد إن يد الله مبسوطة في خلقه فمن رفع نفسه وضعه الله ومن وضع نفسه رفعه الله ولا يمشي امرؤ على الأرض شبرا يبتغي سلطان الله إلا أكبه الله.
وأخرج أحمد في الزهد عن يزيد بن ميسرة قال : قال عيسى عليه السلام : ما لي لا أرى فيكم أفضل عبادة قالوا : وما أفضل عبادة يا روح الله قال : التواضع لله.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : إنكم لتدعون

أفضل العبادة : التواضع.
وأخرج البيهقي عن يحيى بن أبي كثير قال : أفضل العمل الورع وخير العبادة التواضع.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر كبه الله على وجهه في النار.
وأخرج البيهقي عن النعمان بن بشير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن للشيطان مصالي وفخوخا وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم اللله والفخر بعطاء الله والكبر على
عباد الله واتباع الهوى في غير ذات الله تعالى.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ألا أنبئكم بأهل

النار كل فظ غليظ مستكبر ، ألا أنبئكم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره.
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي عن جبير بن مطعم قال : يقولون في التيه : وقد ركبت الحمار ولبست الشملة وحلبت الشاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء.
وَأخرَج أحمد في الزهد عن عبد الله بن شداد رفع الحديث قال : من لبس الصوف واعتقل الشاة وركب الحمار وأجاب دعوة الرجل الدون أو العبد لم يكتب عليه من الكبر شيء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن سلام أنه رؤي في السوق على رأسه حزمة حطب فقيل له : أليس قد أوسع الله عليك قال : بلى ولكني أردت أن أدفع الكبر وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال

حبة من خردل من كبر.
وَأخرَج البيهقي ، عَن جَابر قال : كنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأقبل رجل فلما رآه القوم أثنوا عليه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إني أرى على وجهه سفعة من النار ، فلما جاء وجلس قال : أنشدك بالله أجئت وأنت ترى أنك أفضل القوم قال : نعم.
وأخرج البيهقي عن ابن المبارك أنه سئل عن التواضع فقال : التكبر على الأغنياء.
وأخرج البيهقي عن ابن المبارك قال : من التواضع أن تضع نفسك عند من هو دونك في نعمة الدنيا حتى تعلمه أنه ليس لك فضل عليه لدنياك وأن ترفع نفسك عند من هو فوقك في دنياه حتى تعلمه أنه ليس لدنياه فضل عليك ، واخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : من خضع لغني ووضع له نفسه إعظاما له وطمعا فيما قبله ذهب ثلثا مروءته وشطر دينه.
وأخرج أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله قال : قال عبد الله بن مسعود : لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته ولا يحل بذروته حتى

يكون الفقر أحب إليه من الغنى والتواضع أحب إليه من الشرف وحتى يكون حامده وذامه سواء.
قال : ففسرها أصحاب عبد الله قالوا : حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام ، وحتى يكون التواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله وحتى يكون يكون حامده وذامه في الحق سواء.
الآية 24.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي قال : اجتمعت قريش فقالوا : إن محمدا رجل حلو اللسان إذا كلمه الرجل ذهب بعقله فانظروا أناسا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس كل ليلة أو ليلتين فمن جاء يريده فردوه عنه ، فخرج ناس منهم في كل طريق فكان إذا أقبل الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد فينزل بهم ، قالوا له : أنا فلان ابن فلان ، فيعرفه بنسبه ويقول : أنا أخبرك عن محمد فلا يريد أن يعني إليه وهو رجل كذاب لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه.
وَأَمَّا شيوخ قومه وخيارهم فمفارقون له فيرجع أحدهم ، فذلك قوله : {وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين} فإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشاد فقالوا له مثل ذلك في محمد قال : بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت حتى إذا بلغت إلا مسيرة يوم رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل.

وأنظر ما يقول : وآتي قومي ببيان أمره فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم : ماذا يقول محمد فيقولون : (خيرا ، للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) (سورة النحل 30) ، يقول : مال (ولدار الآخرة خير) (سورة النحل 30) وهي الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية أن أناسا من مشركي العرب يقعدون بطريق من أتى نبي الله فإذا مروا سألوهم فأخبروهم بما سمعوا من النَّبِيّ فقالوا إنما هو أساطير الأولين.
الآية 25
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} يقول : يحملون من ذنوبهم ذنوب الذين يضلونهم بغير علم وذلك مثل قوله : (وأثقالا مع أثقالهم).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة} الآية ، قال : حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : {ليحملوا أوزارهم كاملة} الآية ، قال : قال النَّبِيّ : أيما داع دعا إلى

ضلالة فاتبع كان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ، وأيما داع إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أنه بلغه أنه يتمثل للكافر عمله في صورة أقبح ما خلق الله وجها وأنتنه ريحا فيجلس إلى جنبه ، كلما أفزعه شيء زاده وكلما تخوف شيئا زاده خوفا فيقول : بئس الصاحب أنت ومن أنت فيقول : وما تعرفني فيقول : لا ، فيقول : أنا عملك ، كان قبيحا فلذلك تراني قبيحا وكان منتنا فلذلك تراني منتنا ، طأطئ إلي أركبك فطالما ركبتني في الدنيا ، فيركبه ، وهو قوله : {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة} والله أعلم.
الآية 26 - 29
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {قد مكر الذين من قبلهم} قال : هو نمرود بن كنعان حين بنى الصرح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن زيد بن أسلم قال : أول جبار كان في الأرض نمرود فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق ، وأرحم الناس به من جمع يديه فضرب بهما رأسه وكان جبارا أربعمائة سنة فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ثم أماته الله ، وهو

الذي بنى صرحا إلى السماء الذي قال الله : {فأتى الله بنيانهم من القواعد}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {قد مكر الذين من قبلهم} قال : مكر نمرود بن كنعان الذي حاج إبراهيم في ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد} قال : أتاها أمر الله من أصلها {فخر عليهم السقف من فوقهم} و{السقف} عالي البيوت فائتكفت بهم بيوتهم فأهلكهم الله ودرمرهم {وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : {تشاقون فيهم} يقول : تخالفوني.
الآية 30 - 31.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في

قوله : {وقيل للذين اتقوا} قال : هؤلاء المؤمنون يقال لهم : {ماذا أنزل ربكم} فيقولون {خيرا للذين أحسنوا} أي آمنوا بالله وكتبه وأمروا بطاعته وحثوا عباد الله على الخير ودعوهم إليه.
الآية 32.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين} قال : أحياء وأمواتا قدر الله ذلك لهم.
وأخرج ابن مالك ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وأبو القاسم بن منده في كتاب الأحوال والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا استقافت نفس العبد المؤمن جاءه الملك فقال : السلام عليك يا ولي الله الله يقرأ عليك السلام ، ثم نزع بهذه الآية {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم}.
الآية 33 - 36

أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} قال : بالموت ، وقال في آية آخرى (ولو ترى
إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة) (الأنفال آية 50) وهو ملك الموت وله رسل {أو يأتي أمر ربك} وذاك يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} يقول : عند الموت حين تتوفاهم {أو يأتي أمر ربك} قال : ذلك يوم القيامة.
الآية 37.
أَخرَج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن مسعود أنه قرأ {فإن الله لا يهدي} بفتح الياء {من يضل} بضم الياء.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن الأعمش قال : قال لي الشعبي : يا سليمان كيف تقرأ هذا الحرف قلت : {لا يهدي من يضل} فقال : كذلك سمعت علقمة يقرؤها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن علقمة أنه كان يقرأ {لا يهدي من يضل}.

وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم أنه قرأ {لا يهدي من يضل}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه كان يقرأ هذا الحرف {فإن الله لا يهدي من يضل} قال : من يضله الله لا يهديه أحد.
الآية 38 - 39
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به والذي أرجوه بعد الموت أنه لكذا وكذا ، فقال له المشرك : إنك لتزعم أنك تبعث من بعد الموت ، فأقسم بالله جهد يمينه : لا يبعث الله من يموت ، فأنزل الله : {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن علي في قوله : {وأقسموا بالله

جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} قال : نزلت في [ ].
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال الله : سبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يسبني وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني ، فأما تكذيبه إياي فقال : {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} وقلت : {بلى وعدا عليه حقا} وأما سبه إياي فقال : (إن الله ثالث ثلاثة وقلت : (هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) (الصمد).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ليبين لهم الذي يختلفون فيه} قال : للناس عامة والله أعلم.
الآية 40 - 42.
أَخرَج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان - واللفظ له - عن أبي ذر عن رسول الله قال : يقول الله : يا ابن آدم كلكم مذنب إلا من عافيت ، فاستغفروني أغفر لكم ، وكلكم فقراء إلا من أغنيت فسلوني أعطيكم ، وكلكم ضال إلا من هديت فسلوني الهدى أهدكم ، ومن استغفرني وهو يعلم أني ذو قدرة على

أن أغفر له غفرت له ولا أبالي.
ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب أشقى واحد منكم ما نقص ذلك من سلطاني مثل جناح بعوضة ، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب أتقى واحد منكم ما زادوا في سلطاني مثل جناح بعوضة ، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم سألوني حتى تنتهي مسألة كل واحد منكم فأعطيتهم ما سألوني ما نقص ذلك مما عندي كغرز إبرة غمسها أحدكم في البحر وذلك أني جواد ماجد واجد عطائي كلام وعذابي كلام إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له {كن فيكون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} قال : إنهم قوم من أهل مكة هاجروا إلى رسول الله بعد ظلمهم ظلمهم المشركون.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن داود بن أبي هند قال : نزلت {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} إلى قوله : {وعلى ربهم يتوكلون} في أبي جندل بن سهيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} قال : هؤلاء أصحاب محمد ظلمهم أهل مكة فأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هِجرة وجعل لهم أنصارا من المؤمنين {ولأجر الآخرة أكبر} قال : أي والله لما يثيبهم عليه من جنته ونعمته {أكبر لو كانوا يعلمون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي في قوله : {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال : المدينة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال : لنرزقنهم في الدنيا رزقا حسنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبان بن تغلب قال : كان الربيع بن خيثم يقرأ هذا

الحرف في النحل {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة}
ويقرأ في العنكبوت (لنثوينهم من الجنة غرفا) (العنكبوت آية 58) ويقول : التنبؤ في الدنيا والثواء في الآخرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب : أنه كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاء يقول : خذ ، بارك الله لك هذا ما وعدك الله في الدنيا وما ادخر لك في الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
الآية 43 - 48.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما بعث الله محمدا رسولا أنكرت العرب ذلك ومن أنكر منهم قالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد ، فأنزل الله : (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) (يونس آية 2) وقال : {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم

فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} يعني فاسألوا أهل الذكر والكتب الماضية : أبشر كانت الرسل الذين أتتهم أم ملائكة فإن كانوا ملائكة أتتكم وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكون رسولا ، ثم قال : (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم من أهل القرى) (يوسف آية 109) أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا}
قال : قالت العرب (لولا أنزل علينا الملائكة) (المائدة آية 73) قال الله : ما أرسلت الرسل إلا بشرا {فاسألوا} يا معشر العرب {أهل الذكر} وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين جاءتهم قبلكم {إن كنتم لا تعلمون} أن الرسل الذين كانوا من قبل محمد كانوا بشرا مثله فإنهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشرا مثله ، وأخر الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس {فاسألوا أهل الذكر} يعني مشركي قريش أن محمدا رسول الله في التوراة والإنجيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {فاسألوا أهل الذكر} قال : نزلت في عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة وكانوا أهل كتب

يقول : فاسألوهم {إن كنتم لا تعلمون} أن الرجل ليصلي ويصوم ويحج ويعتمر وأنه لمنافق ، قيل : يا رسول الله بماذا دخل عليه النفاق قال : يطعن على إمامه وإمامه من قال الله في كتابه : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله : لا ينبغي للعالم أن يسكت عن علمه ولا ينبغي للجاهل أن يسكت عن جهله ، وقد قال الله {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فينبغي للمؤمن أن يعرف عمله على هدى أم على خلافه.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {بالبينات} قال : الآيات {والزبر} قال : الكتب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله : {بالبينات والزبر} قال : {البينات} الحلال والحرام الذي كانت تجيء به الأنبياء {والزبر} كتب الأنبياء {وأنزلنا إليك الذكر} قال : هو القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لتبين للناس ما نزل إليهم} قال : ما أحل لهم وما حرم عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لتبين للناس ما نزل إليهم} قال : أرسله الله إليهم ليتخذ بذلك الحجة عليهم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : {لعلهم يتفكرون} قال : يطيعون.
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قام فينا رسول الله مقاما أخبرنا بما يكون إلى قيام الساعة عقله منا من عقله ونسيه من نسيه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {أفأمن

الذين مكروا السيئات} قال : نمرود بن كنعان وقومه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفأمن الذين مكروا السيئات} أي الشرك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {أفأمن الذين مكروا السيئات} قال : تكذيبهم الرسل وأعمالهم بالمعاصي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أو يأخذهم في تقلبهم} قال : في إختلافهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أو يأخذهم في تقلبهم} قال : إن شئت أخذته في سفره ، وفي قوله : {أو يأخذهم على تخوف} يقول : إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه ، وتخوف بذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أو يأخذهم في تقلبهم} قال : في أسفارهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {أو يأخذهم في تقلبهم} يعني على أي حال كانوا بالليل والنهار {أو يأخذهم على تخوف}

يعني أن يأخذ بعضا بالعذاب ويترك بعضا وذلك أنه كان يعذب القرية فيهلكها ويترك الأخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أو يأخذهم على تخوف} قال : ينقص من أعمالهم.
وأخرج ابن جرير من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله : {أو يأخذهم على تخوف} قالوا : ما نرى إلا أنه عند تنقص ما نردده من الآيات فقال عمر : ما أرى إلا أنه على ما تنتقصون من معاصي الله ، فخرج رجل ممن كان عند عمر فلقي أعرابيا فقال : يا فلان ما فعل ربك ، فقال : قد تخيفته ، يعني تنقصه ، فرجع إلى عمر فأخبره فقال : قدر الله ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {أو يأخذهم على تخوف} قال : يأخذهم بنقص بعضهم بعضا.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {أو يأخذهم على تخوف} قال : كان يقال : التخوف هو التنقص ، تنقصهم من البلد والأطراف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله} قال : ظل كل شيء فيه وظل كل شيء سجوده ، {اليمين} أول النهار {والشمائل} آخر النهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله} قال : إذا فاء الفيء توجه كل شيء ساجدا لله قبل القبلة من بيت أو شجر ، قال : فكانوا يستحبون الصلاة عند ذلك.
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك في الآية قال : إذا فاء الفيء لم يبق شيء من دابة ولا طائر إلا خر لله ساجدا.

وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله : أربع قبل الظهر بعد الزوال تحسب بمثلين من صلاة السحر ، قال رسول الله : وليس من شيء إلا وهو يسبح الله تلك الساعة ثم قرأ {يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله} الآية كلها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن إبراهيم قال : صلوا صلاة الآصال حتى يفيء الفيء قبل النداء بالظهر من صلاها فكأنما تهجد بالليل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : فيء كل شيء ظله وسجود كل شيء فيه سجود الخيال فيها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية في قوله : {يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل} قال : الغدو والآصال إذا فاء ظل كل شيء ، أما الظل بالغداة فعن اليمين وأما بالعشي فعن الشمائل ، إذا كان بالغداة سجدت

لله وإذا كان بالعشي سجدت له.
وأخرج ابن ابي حاتم عن أبي غالب الشيباني قال : أمواج البحر صلاته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {داخرون} قال : صاغرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وهم داخرون} قال : صاغرون.
الآية 49 - 56.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة} قال : لم يدع شيئا من خلقه إلا عبده له طائعا أو كارها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : يسجد من في السموات طوعا ومن في الأرض طوعا وكرها.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس في قوله : {يخافون ربهم من فوقهم} قال : مخافة الإجلال.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : مر النَّبِيّ بسعد وهو يدعو بأصبعيه فقال له : يا سعد أحد أحد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : كانوا إذا رأوا إنسانا يدعو بأصبعيه ضربوا إحداهما وقالوا : {إنما هو إله واحد}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : إن الله يحب أن يدعى هكذا وأشارت بأصبع واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : الإخلاص يعني الدعاء بالأصبع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الدعاءهكذا - وأشار بأصبع واحدة - مقمعة الشيطان.

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : الإخلاص هكذا ، وأشار بأصبعيه والدعاء هكذا يعني ببطون كفيه ، وللإستخارة هكذا ورفع يديه وولى ظهرهما وجهه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وله الدين واصبا} قال : {الدين} الإخلاص {واصبا} دائما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : {وله الدين واصبا} قال : لا إله إلا الله.

واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وله الدين واصبا} قال : دائما.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله : {وله الدين واصبا} قال : واجبا.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قولهك {وله الدين واصبا} ما الواصب قال : الدائم ، قال فيه أمية بن أبي الصلت : وله الدين واصبا وله * الملك وحمد له على كل حال.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إن هذا الدين دين واصب ، شغل الناس وحال بينهم وبين كثير من شهواتهم فما يستطيعه من إلا من عرف فضله ورجا عاقبته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فإليه تجأرون} قال : تتضرعون دعاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فإليه تجأرون} يقول :

تضجون بالدعاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ثم إذا كشف الضر عنكم} الآية قال : الخلق كلهم يقرون لله أنه ربهم ثم يشركون بعد ذلك.
وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن في قوله : {فتمتعوا فسوف تعلمون} قال : هو وعيد.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} قال : يعلمون أن الله خلقهم ويضرهم وينفعهم ثم يجعلون لما يعلمون أنه يضرهم ولا ينفعهم نصيبا مما رزقناهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا} قال : هم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيبا مما رزقهم الله وجزأوا من أموالهم جزءا فجعلوه لأوثانهم وشياطينهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ويجعلون لما لا يعلمون

نصيبا مما رزقناهم} هو قولهم هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا.
الآية 57 - 60.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {ويجعلون لله البنات} الآيات ، يقول : يجعلون له البنات يرضونهن له ولا يرضونهن لأنفسهم ، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا ولد للرجل منهم جارية أمسكها على هون أو دسها في التراب وهي حية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {ولهم ما يشتهون} قال : يعني به البنين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم} قال : هذا صنيع مشركي العرب أخبرهم الله بخبث صنيعهم ، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له وقضاء الله خير من قضاء المرء لنفسه ، ولعمري ما ندري أنه لخير لرب جارية خير لأهلها من غلام وإنما أخبركم الله بصنيعهم

لتجتنبوه وتنتهوا عنه فكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كانت العرب يقتلون ما ولد لهم من جارية فيدسونها في التراب وهي حية حتى تموت.
وأخرج ابن ابي حاتم عن قتادة في قوله : {على هون} أي هوان بلغة قريش.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {أم يدسه في التراب} قال : يئد ابنته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ألا ساء ما يحكمون} قال : بئس ما حكموا ، يقول : شيء لا يرضونه لأنفسهم فكيف يرضونه لي ،.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولله المثل الأعلى} قال : شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {ولله المثل الأعلى} قال : يقول ليس كمثله شيء.
الآية 61 - 67

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة} قال : ما سقاهم المطر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : إذا قحط المطر لم يبق في الأرض دابة إلا ماتت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة} قال : قد فعل الله ذلك في زمان نوح أهلك الله ما على ظهر الأرض من دابة إلا ما حملت سفينة نوح.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود قال : ذنوب ابن آدم قتلت الجعل في جحره ثم قال : أي والله ، ومن غرق قوم نوح عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : كاد الجعل أن يعذب

في جحره بذنب ابن آدم ثم قرأ / {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة > /.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات عن أنس بن مالك قال : كاد الضب أن يموت في جحره هولا من ظلم ابن آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أنه سمع رجلا يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه ، فقال أبو هريرة : بلى ، والله إن الحبارى لتموت هزلا وكرها من ظلم الظالم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : لو أن الله يؤاخذني وعيسى ابن مريم بذنونبا وفي لفظ : بما جنت هاتان - الإبهام والتي تليها - لعذبنا ما يظلمنا شيئا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {ويجعلون لله ما يكرهون} قال : يقول : تجعلون لي البنات وتكرهون ذلك لأنفسكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ويجعلون لله ما يكرهون} قال : وهن الجواري.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى} قال : قول كفار قريش لنا البنون ولله البنات.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وتصف ألسنتهم الكذب} أي يتكلمون بأن {لهم الحسنى} الغلمان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وأنهم مفرطون} قال : مسيئون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وأنهم مفرطون} قال : متروكون في النار

ينسون فيها أبدا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {وأنهم مفرطون} قال : قد فرطوا في النار أي معجلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {وأنهم مفرطون} قال : معجل بهم إلى النار.
وأخرج ابن مردويه عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي كبشة عن أبيه عن جده أن رسول الله قال : ما شرب أحد لبنا فشرق أن الله يقول : {لبنا خالصا سائغا للشاربين}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن ابن سيرين ، أن ابن عباس لبنا فقال له مطرف : ألا تمضمضت فقال : ما أباليه بالة اسمح يسمح لك ، فقال قائل : إنه يخرج من بين فرث ودم ، فقال ابن عباس : قد قال الله {لبنا خالصا سائغا للشاربين}.

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} قال : السكر ما حرم من ثمرتها والرزق الحسن ما حل من ثمرتها.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : السكر الحرام منه والرزق الحسن زبيبه وخله وعنبه ومنافعه.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : السكر النبيذ والرزق الحسن فنسختها هذه الآية (إنما الخمر والميسر) (المائدة آية 90).
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير عن أبي رزين في الآية قال : نزل هذا وهم يشربون الخمر قبل أن ينزل تحريمها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : السكر الخل والنبيذ وما أشبهه ، والرزق الحسن : الثمر والزبيب وما أشبهه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله : {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} قال : فحرم الله بعد ذلك السكر مع تحريم الخمر لأنه منه ثم قال : {ورزقا حسنا} فهو الحلال من الخل والزبيب والنبيذ وأشباه ذلك فأقره الله وجعله حلالا للمسلمين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} قال : إن الناس يسمون الخمر سكرا وكانوا يشربونها ثم سماها الله بعد ذلك الخمر حين حرمت وكان ابن عباس يزعم أن الحبشة يسمون الخل السكر ، وقوله : {ورزقا حسنا} يعني بذلك الحلال التمر والزبيب وكان حلالا لا يسكر.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن عمر أنه سئل عن السكر فقال : الخمر بعينها .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن مسعود قال : السكر خمر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير والحسن والشعبي وإبراهيم وأبي رزين مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن الأنباري في المصاحف والنحاس عن قتادة في قوله : {تتخذون منه سكرا} قال : خمور الأعاجم ونسخت في سورة المائدة.
وأخرج النسائي عن سعيد بن جبير قال : السكر الحرام والرزق الحسن الحلال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله : {تتخذون منه سكرا} قال : ذكر الله نعمته عليهم في الخمر قبل أن يحرمها عليهم.
وأخرج ابن الأنباري والبيهقي عن إبراهيم والشعبي في قوله : {تتخذون منه سكرا} قالا : هي منسوخة.
وأخرج الخطيب عن أبي هريرة قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : لكم في العنب

أشياء تأكلونه عنبا وتشربونه عصيرا ما لم ييبس وتتخذون منه زبيبا وربا والله أعلم.
الآية 68 - 70.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وأوحى ربك إلى النحل} قال : ألهمها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : النحل دابة أصغر من الجندب ووحيه إليها قذف في قلوبها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وأوحى ربك إلى النحل} قال : ألهمها إلهاما ولم يرسل إليها رسولا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : {وأوحى ربك إلى النحل} قال : أمرها أن تأكل من كل الثمرات وأمرها

أن تتبع سبل ربها ذللا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فاسلكي سبل ربك ذللا} قال : طرقا لا يتوعر عليها مكان سلكته.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {فاسلكي سبل ربك ذللا} قال : مطيعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : الذلول الذي يقاد ويذهب به حيث أراد صاحبه ، قال : فهم يخرجون بالنحل وينتجعون بها ، ويذهبون وهي تتبعهم ، وقرأ {أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم} يس آية 71 - 72 الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {فاسلكي سبل ربك ذللا} قال : ذليلة لذلك ، وفي قوله : {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه} قال : هذا العسل {فيه شفاء للناس} يقول : فيه شفاء الأوجاع التي شفاؤها فيه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يخرج من بطونها شراب مختلف

ألوانه فيه شفاء للناس} يعني العسل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} قال : هو العسل فيه الشفاء وفي القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن العسل فيه شفاء من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مسعود قال : عليكم بالشفاءين : العسل والقرآن.
وأخرج ابن ماجه ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالشفاءين العسل والقرآن.
وأخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ قال : الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنا أنهي

أمتي عن الكي.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أخي استطلق بطنه فقال : اسقه عسلا : فسقاه عسلا ثم جاء فقال : ما زاده إلا استطلاقا : قال : اذهب فاسقه عسلا فسقاه عسلا ثم جاء فقال : ما زاده إلا استطلاقا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق الله وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلا فذهب فسقاه فبرأ.
وأخرج ابن ماجه ، وَابن السني والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عامر بن مالك قال : بعثت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من وعك كان بي ألتمس منه دواء وشفاء فبعث إلى بعكة من عسل.
وأخرج حميد بن زنجويه عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان لا يشكو قرحة ولا شيئا إلا جعل عليه عسلا حتى الدمل إذا كان به طلاه عسلا فقلنا له :

تداوي الدمل بالعسل فقال أليس يقول الله : {فيه شفاء للناس}.
وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كان في شيء شاء ففي شرطة من محجم أو شربة من عسل أو كية بنار تصيب ألما وما أحب أن أكتوى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حشرم المجمري : أن ملاعب الأسنة عامر بن مالك بعث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسأله الدواء والشفاء من داء نزل به فبعث إليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعسل أو بعكة من عسل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر وقال : مثل المؤمن كمثل النحلة تأكل طيبا وتضع طيبا.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري قال : نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل النمل والنحل.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل بلال كمثل النحلة غدت تأكل من الحلو والمر ثم هو حلو كله.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش وسوء الجوار وقطيعة الرحم ثم قال : إنما مثل المؤمن كمثل النحلة رتعت فأكلت طيبا ثم سقطت فلم تؤذ ولم تكسر.
وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد الساعدي : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع.

وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب : النملة والنحلة والهدهد والصرد.
وأخرج أبو يعلى عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمر الذباب أربعون يوما والذباب كله في النار إلا النحل.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير أو ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل الذباب في النار إلا النحل وكان ينهى عن قتلها.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الذباب كلها في النار إلا النحل.
وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في قوله : {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} قال :

خمس وسبعون سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} الآية ، أرذل العمر هو الخوف.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر ثم قرأ {لكي لا يعلم بعد علم شيئا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن طاووس قال : إن العالم لا يخرف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن عمير قال : كان يقال أن أبقى الناس عقولا قراء القرآن.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا وفتنة الممات.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كان دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

أعوذ بالله من دعاء لا يسمع ومن قلب لا يخشع ومن علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، ومن الخيانة فإنها بئست البطانة ، وأعوذ بك من الكسل والهرم والبخل والجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدجال وعذاب القبر.
وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المولود حتى يبلغ الحنث ما يعمل من حسنة أثبت لوالده أو لوالديه وإن عمل سيئة لم تكتب عليه ولا على والديه فإذا بلغ الحنث وجرى عليه القلم أمر الملكان اللذان معه فحفظاه وسددا فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام آمنه الله من البلايا الثلاثة : من الجنون والجذام والبرص فإذا بلغ الخمسين ضاعف الله حسناته فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه فيما يحب فإذا بلغ سبعين أحبه أهل السماء فإذا بلغ

تسعين سنة غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفعه في أهل بيته وكان اسمه عنده أسير الله في أرضه فإذا بلغ إلى أرذل العمر {لكي لا يعلم بعد علم شيئا} كتب الله له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير وإن عمل سيئة لم تكتب عليه.
الآية 71.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} الآية ، يقول : لم يكونوا يشركون عبيدهم في أموالهم ونسائهم وكيف تشركون عبيدي معي في سلطاني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : هذا مثل الآلهة الباطل مع الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} الآية ، قال : هذا مثل ضربه الله فهل منكم من أحد يشارك مملوكه في زوجته وفي فراشه أفتعدلون بالله خلقه وعباده فإن لم ترض لنفسك هذا فالله أحق أن تبرئه من ذلك ولا تعدل بالله

أحدا من عباده وخلقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في الآية ، قال : هذا مثل ضربه الله في شأن الآلهة فقال كيف تعدلون بي عبادي ولا تعدلون عبيدكم بأنفسكم وتردون ما فضلتم به عليهم فتكونون أنتم وهم في الرزق سواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن البصري قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري اقنع برزقك في الدنيا فإن الرحمن فضل بعض عباده على بعض في الرزق بلاء يبتلى به كلا فيبتلى به من بسط له كيف شكره فيه وشكره لله أداؤه الحق الذي افترض عليه مما رزقه وخوله.
الآية 72.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال : خلق آدم ثم خلق زوجته منه.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور والبخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود في قوله : {بنين وحفدة} قال الحفدة الأختان.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحفدة الأصهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحفدة الولد وولد الولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحفدة بنو البنين.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {وحفدة} قال : ولد الولد وهم الأعوان قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال.
وَأخرَج ابن جرير عن أبي حمزة قال : سئل ابن عباس عن قوله : {بنين وحفدة} قال : من أعانك فقد حفدك أما سمعت قول الشاعر : حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قالك الحفدة بنو امرأة الرجل ليسوا منه.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : الحفدة الأعوان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الحفدة الخدم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : الحفدة البنون وبنو البنون ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفبالباطل يؤمنون} قال : الشرك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {أفبالباطل يؤمنون} قال : الشيطان {وبنعمة الله} قال : محمد.
الآية 73 - 77
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض} قال : هذه الأوثان التي تعبد من دون الله لا تملك لمن يعبدها رزقا ولا ضرا ولا نفعا ولا حياة ولا نشورا {فلا تضربوا لله الأمثال} فإنه أحد صمد (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) (الصمدية : 3 الآية).

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فلا تضربوا لله الأمثال} يعني اتخاذهم الأصنام ، يقول : لا تجعلوا معي إلها غيري فإنه لا إله غيري.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} يعني الكافر أنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله {ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا} يعني المؤمن وهو المثل في النفقة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وضرب الله مثلا عبدا مملوكا) قال : هذا مثل ضربه الله للكافر رزقه الله مالا فلم يقدم فيه خيرا ولم يعمل فيه بطاعة الله ، {ومن رزقناه منا رزقا حسنا} قال : هو المؤمن أعطاه الله مالا رزقا حلالا فعمل فيه بطاعة الله وأخذه بشكر ومعرفة حق الله فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة ، قال الله : {هل يستويان مثلا} قال : لا والله لا يستويان.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا} و{رجلين أحدهما أبكم} {ومن يأمر بالعدل} قال : كل هذا مثل إله الحق وما يدعون من دونه الباطل.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله : {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} قال : يعني بذلك الآلهة التي لا تملك ضرا ولا نفعا ولا تقدر على شيء ، ينفعها ومن رزقنا منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا قال علانية المؤمن الذي ينفق سرا وجهرا لله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} قال الصنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : إن الله ضرب الأمثال على حسب الأعمال فليس عمل صالح إلا له المثل الصالح وليس عمل سوء إلا له مثل سوء وقال : إن مثل العالم المتفهم كطريق بين شجر وجبل فهو مستقيم لا يعوجه شيء فذلك مثل العبد المؤمن الذي قرأ القرآن وعمل به.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} في رجل من قريش وعبده في هشام بن عمر وهو الذي ينفق ماله سرا وجهرا وفي عبد أبي الجوزاء الذي كان ينهاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ليس للعبد طلاق إلا بإذن سيده ، وقرأ {عبدا مملوكا لا يقدر على شيء}.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" ، عن ابن عباس أنه سئل عن المملوك يتصدق بشيء قال : {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} لا يتصدق بشيء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم} إلى آخر الآية ، يعني بالأبكم الذي {وهو كل على مولاه} الكافر ، وبقوله : {ومن يأمر بالعدل} المؤمن ، وهذا المثل في الأعمال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وابن

عساكر عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم} في رجلين أحدهما عثمان بن عفان ومولى له كافر وهو أسيد بن أبي العيص كان يكره الإسلام وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤنة وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف فنزلت فيهما.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله : {ومن يأمر بالعدل} قال : عثمان بن عفان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : هذا مثل ضربه الله للآلهة أيضا ، أما الأبكم فالصنم فإنه أبكم لا ينطق {وهو كل على مولاه} ينفقون عليه وعلى من يأتيه ولا ينفق عليهم ولا يرزقهم {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} وهو الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {أحدهما أبكم} قال : هو الوثن {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} قال : الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {كل} قال : الكل العيال ، كانوا إذا ارتحلوا حملوه على بعير ذلول وجعلوا معه نفرا

يمسكونه خشية أن يسقط فهو عناء وعذاب وعيال عليهم {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} يعني نفسه.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه قرأ خبر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر} هو أن يقول : كن أو أقرب فالساعة {كلمح البصر أو هو أقرب}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {كلمح البصر} يقول : كلمح ببصر العين من السرعة ، أو {أقرب} من ذلك إذا أردنا.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب} قال : هو أقرب وكل شيء في القرآن أو فهو هكذا (مائة ألف أو يزيدون) والله أعلم.
الآية 78.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم} قال : من الرحم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} قال : كرامة أكرمكم الله بها فاشكروا نعمه.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجه ، وَابن حبان والطبراني ، وَابن مردويه عن حبة وسواء ابني خالد أنهما أتيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : وهو يعالج بناء فقال لهما : هلم فعالجا معه فعالجا فلما فرغ أمر لهم بشيء وقال لهما : لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما ، فإنه ليس من مولود يولد من أمة إلا أحمر ليس عليه قشرة ثم يرزقه الله ، $

الآية 79.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {في جو السماء} في كبد السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {في جو السماء} قال : جوف السماء {ما يمسكهن إلا الله} قال : يمسكه الله على كل ذلك والله أعلم بالصواب.
الآية 80.
أَخْرَج ابن ابي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا} قال : تسكنون فيها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {جعل لكم من بيوتكم سكنا} قال : تسكنون وتقرون فيها {وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا} وهي خيام الأعراب {تستخفونها} يقول في الحمل {ومتاعا إلى حين} قال : إلى الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {تستخفونها يوم ظعنكم} قال بعض : بيوت السيارة في ساعة وفي قوله : {وأوبارها} قال :

الإبل {وأشعارها} قال : الغنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {أثاثا} قال : الأثاث المال {ومتاعا إلى حين} يقول تنتفعون به إلى حين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطاء قال : إنما أنزل القرآن على قدر معرفة العرب ، ألا ترى إلى قوله : {ومن أصوافها وأوبارها} وما جعل الله لهم من غير ذلك أعظم منه وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر ، ألا ترى إلى قوله : {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا} وما جعل من السهل أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب جبال ، إلا ترى إلى قوله : {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر} وما يقي البرد أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب حر ، ألا ترى إلى قوله : (من جبال فيها من برد) يعجبهم بذلك وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر ولكنهم كانوا لا يعرفونه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ومتاعا إلى حين} قال : إلى أجل وبلغة.

الآية 81 - 83.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {والله جعل لكم مما خلق ظلالا} قال : من الشجر ومن غيرها
{وجعل لكم من الجبال أكنانا} قال : غارات يسكن فيها ، {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر} من القطن والكتان والصوف {وسرابيل تقيكم بأسكم} من الحديد {كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} ولذلك هذه السورة تسمى سورة النعم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الكسائي عن حمزة عن الأعمش وأبي بكر وعاصم أنهم قرأوا {لعلكم تسلمون} برفع التاء من أسلمت.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {سرابيل تقيكم الحر} قال : يعني الثياب {وسرابيل تقيكم بأسكم} قال : يعني الدروع والسلاح {كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} يعني من الجراحات ، وكان ابن عباس يقرؤها {تسلمون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه : أن أعرابيا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسأله فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا} قال الأعرابي :

نعم قال : {وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها} قال الأعرابي : نعم ثم قرأ عليه كل ذلك يقول نعم حتى بلغ {كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} فولى الأعرابي فأنزل الله {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} قال : هي المساكن والأنعام وما ترزقون منها وسرابيل من الحديد والثياب تعرف هذا كفار قريش ثم تنكره بأن تقول : هذا كان لآبائنا فورثونا إياه.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في الآية قال : يعلمون أن خلقهم وأعطاهم بعدما أعطاهم يكفرون فهو معرفهم نعمته ثم إنكارهم إياها كفرهم بعد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عون بن عبد الله في قوله : {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} قال : إنكارهم إياها أن يقول الرجل : لولا فلان أصابني كذا وكذا ولولا فلان لم أصب كذا وكذا.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي في
قوله : {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} قال محمد : ولفظ ابن أبي حاتم قال : هذا في حديث أبي جهل والأخنس حين سأل الأخنس أبا جهل عن محمد : فقال : هو نبي.
الآية 84 - 90.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ويوم نبعث من كل أمة شهيدا} قال : شهيدها نبيها على أنه قد بلغ رسالات ربه ، قال الله : {وجئنا بك شهيدا على هؤلاء} قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية فاضت عيناه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العالية في قوله : {وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون} قال : هذا كقوله : (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فألقوا إليهم القول} قال : حدثوهم.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {وألقوا إلى الله يومئذ السلم} قال : استسلموا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وألقوا إلى الله يومئذ السلم} يقول : ذلوا واستسلموا يومئذ.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وهناد بن السري وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن مسعود في قوله : {زدناهم عذابا فوق العذاب} قال : زيدوا عقارب لها أنياب كالنخل الطوال.
وأخرج ابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص عن البراء أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله : {زدناهم عذابا فوق العذاب} قال : عقارب أمثال النخل الطوال ينهشونهم في جهنم.
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : أفاعي في النار.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية : إن أهل النار إذا جزعوا من حرها استغاثوا بضحضاح في النار فإذا أتوه تلقاهم عقارب كأنهن البغال الدهم وأفاع كأنهن البخاتي فضربنهم فذلك الزيادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : إن في جهنم لجبابا فيها حيات أمثال البخت وعقارب أمثال البغال يستغيث أهل النار من تلك الجباب إلى الساحل فتثبت إليهم فتأخذ جباههم وشفارهم فكشطت لحومهم إلى أقدامهم فسيتغيثون منها إلى النار فتتبعهم حتى تجد حرها فترجع وهي في أسراب.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : إن لجهنم سواحل فيها

حيات وعقارب أعناقها كأعناق البخت.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن مالك بن الحارث قال : إذا طرح الرجل في النار هوى فيها فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل : مكانك حتى تتحف فيسقى كأسا من سم الأساود والعقارب فيتميز الجلد على حدة والشعر على حدة والعصب على حدة والعروق على حدة.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {زدناهم عذابا فوق العذاب} قال : خمسة أنهار من نار صبها الله عليهم يعذبون ببعضها بالليل وببعضها بالنهار.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الزيادة خمسة أنهار تجري من تحت العرش على رؤوس أهل النار ثلاثة أنهار على مقدار الليل ونهران على مقدار النهار فذلك قوله : {زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون}.
وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال : قال ابن عباس : أتدري ما سعة جهنم قلت : لا ، قال : إن ما بين شحمة أذن أحدهم وبين عاتقه مسيرة سبعين

خريفا تجري أودية القيح والدم ، قلت له : الأنهار قال : لا ، بل الأودية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن الله أنزل في هذا الكتاب تبيانا لكل شيء ولقد عملنا بعضا مما بين لنا في القرآن ، ثم تلا {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في كتاب الله والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : من أراد العلم فليتنور القرآن فإنه فيه علم الأولين والآخرين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لا تهذوا القرآن كهذا الشعر ولا تنثروه نثر الدقل وقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : إن هذا القرآن مأدبة الله فمن

دخل فيه فهو آمن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : إن هذه القلوب أوعية فأشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {تبيانا لكل شيء} قال : مما أمروا به ونهوا عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي رضي الله عنه في قوله : {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} قال : بالسنة.
وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال : كنت عند رسول الله جالسا إذ شخص بصره فقال : أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} إلى قوله : {تذكرون}.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بينما رسول الله بفناء بيته جالسا إذ مر به عثمان بن مظعون رضي الله عنه فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو يحدثه إذ شخص

بصره إلى السماء فنظر ساعة إلى السماء فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض فتحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جليسه عثمان إلى حيث وضع رأسه فأخذ ينفض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له فلما قضى حاجته شخص بصر رسول الله إلى السماء كما شخص أول مرة فاتبعه بصره حتى توارى في السماء فأقبل إلى عثمان كجلسته الأولى فسأله عثمان رضي الله عنه فقال : أتاني جبريل آنفا ، قال : فما قال لك قال : {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} إلى قوله : {تذكرون} قال عثمان رضي الله عنه : فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمدا.
وأخرج الباوردي ، وَابن السكن ، وَابن منده وأبو نعيم في معرفة الصحابة عن عبد الملك بن عمير رضي الله عنه قال : بلغ أكثم بن صيفي مخرج رسول الله فأراد أن يأتيه ، فأتى قومه فانتدب رجلين فأتيا رسول الله فقالا : نحن رسل أكثم يسألك من أنت وما جئت به فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله ثم تلا عليهما هذه الآية {إن الله يأمر بالعدل

والإحسان} إلى قوله : {تذكرون} قالا : ردد علينا هذا القول ، فردده عليهما حتى حفظاه فأتيا أكثم فأخبراه ، فلما سمع الآية قال : إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها فكونوا في هذا الأمر رؤوساء ولا تكونوا فيه أذنابا ، ورواه الأموي في مغازيه وزاد فركب متوجها إلى النَّبِيّ فمات في الطريق : قال : ويقال نزلت فيه هذه الآية (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت) (النساء آية 100) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إن الله يأمر بالعدل} قال : شهادة أن لا إله إلا الله {والإحسان} قال : أداء الفرائض {وإيتاء ذي القربى} قال : إعطاء ذوي الرحم الحق الذي أوجبه الله عليك بسبب القرابة والرحم {وينهى عن الفحشاء} قال : الزنا {والمنكر} قال : الشرك {والبغي} قال : الكبر والظلم : {يعظكم} يوصيكم {لعلكم تذكرون}.

وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب ومحمد بن نصر في الصلاة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أعظم آية في كتاب الله تعالى {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} آل عمران 2 وأجمع آية في كتاب الله للخير والشر - الآية التي في النحل - {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} وأكثر آية في كتاب الله تفويضا {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} الطلاق 2 - 3 وأشد آية في كتاب الله رجاء {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} الزمر 53 الآية.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} إلى آخرها ثم قال : إن الله عز وجل جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئا إلا جمعه ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئا إلا جمعه.
وأخرج ابن النجار في تاريخه من طريق العكلي عن أبيه قال : مر

علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوم يتحدثون فقال : فيم أنتم فقالوا : نتذاكر المروءة فقال : أو ما كفاكم الله عز وجل ذاك في كتابه إذ يقول الله : {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} فالعدل الإنصاف ، والإحسان التفضل فما بقي بعد هذا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية ، قال : ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به
ويعظمونه ويخشونه إلا أمر الله به وليس من خلق سيء كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدم فيه وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : دعاني عمر بن عبد العزيز فقال : صف لي العدل فقلت : بخ ، سألت عن أمر جسيم كن لصغير الناس أبا ولكبيرهم ابنا وللمثل منهم أخا وللنساء كذلك وعاقب الناس على قدر ذنوبهم وعلى قدر أجسادهم ولا تضربن بغضبك سوطا واحدا متعديا فتكون من العادين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : قال عيسى ابن مريم إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك والله أعلم.
الآية 91

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مزيدة بن جابر في قوله : {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} قال : نزلت هذه الآية في بيعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان من أسلم بايع على الإسلام فقال : {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} فلا تحملنكم قلة محمد وأصحابه وكثرة المشركين أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} قال : تغليظها في الحلف : {وقد جعلتم الله عليكم كفيلا} قال : وكيلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} يقول : بعد تشديدها وتغليظها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} يعني بعد وتغليظها وتشديدها {وقد جعلتم الله عليكم كفيلا} يعني في العهد شهيدا والله أعلم بالصواب.
الآية 92 - 96

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص قال : كانت سعيدة الأسدية مجنونة تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها} الآية.
وأخرج ابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس : يا عطاء ألا أريك امرأة من أهل الجنة فأراني حبشية صفراء فقال : هذه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن بي هذه الموتة - يعني الجنون - فادع الله أن يعافيني ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شئت دعوت الله فعافاك وإن شئت صبرت واحتسبت ولك الجنة فاختارت الصبر والجنة قال : وهذه المجنونة سعيدة الأسدية وكانت تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها} الآية.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في قوله : {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها} قال : خرقاء كانت بمكة تنقضه بعدما تبرمه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها} قال : كانت امرأة بمكة كانت تسمى خرقاء مكة كانت

تغزل فإذا أبرمت غزلها تنقضه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها} قال : نقضت حبلها بعد إبرامها إياه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية : لو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم : ما أحمق هذه ، وهذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده ، وفي قوله : {تتخذون أيمانكم دخلا بينكم} قال : خيانة وغدرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {أن تكون أمة هي أربى من أمة} قال : ناس أكثر من ناس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أن تكون أمة هي أربى من أمة} قال : كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز فينقضون حلف هؤلاء ويحالفون هؤلاء الذين هم أعز فنهوا عن ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال : ولا تكونوا في

نقض العهد بمنزلة التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا يعني بعد ما أبرمته {تتخذون أيمانكم} يعني العهد {دخلا بينكم} يعني بين أهل العهد يعني مكرا أو خديعة ليدخل العلة فيستحل به نقض العهد {أن تكون أمة هي أربى من أمة} يعني أكثر {إنما يبلوكم الله به} يعني بالكثرة {وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة} يعني المسلمة والمشركة {أمة واحدة} يعني ملة الإسلام وحدها {ولكن يضل من يشاء} يعني عن دينه وهم المشركون {ويهدي من يشاء} يعني المسلمين {ولتسألن} يوم القيامة {عما كنتم تعملون} ثم ضرب مثلا آخر للناقض العهد فقال : {ولا تتخذوا أيمانكم} يعني العهد {دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها} يقول : إن ناقض العهد يزل في دينه كما يزل قدم الرجل بعد الاستقامة {وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله} يعني العقوبة {ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا} يعني عرضا من الدنيا يسيرا {إنما عند الله} يعني الثواب {هو خير لكم} يعني أفضل لكم من العاجل {ما عندكم ينفد} يعني ما عندكم من الأموال يفنى {وما عند الله باق} يعني وما عند الله في الآخرة من الثواب دائم لا يزول

عن أهله وليجزين {الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} في الدنيا ويعفو عن سيئاتهم.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود قال : إياكم وأرأيت فإنما هلك من كان قبلكم بأرأيت ولا تقيسوا الشيء بالشيء {فتزل قدم بعد ثبوتها} وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم فليقل : لا أعلم فإنه ثلث العلم.
الآية 97.
أَخرَج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن هذه الآية {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} قال : الحياة الطيبة الرزق الحلال في هذه الحياة الدنيا ، وإذا صار إلى ربه جازاه بأحسن ما كان يعمل.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : {فلنحيينه حياة طيبة} قال : الحياة الطيبة الرزق الحلال في هذه الحياة الدنيا وإذا صار إلى ربه جازاه بأحسن ما كان يعمل.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {فلنحيينه حياة طيبة} قال : يأكل حلالا ويشرب حلالا ويلبس حلالا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {حياة طيبة} قال : الكسب الطيب والعمل الصالح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {حياة طيبة} قال : السعادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فلنحيينه حياة طيبة} قال : القنوع ، قال : وكان رسول الله يدعو : اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير.
وأخرج وكيع في الغرر عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {فلنحيينه حياة طيبة} قال : القناعة.
وأخرج وكيع ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله : القناعة مال لا ينفد وكنز لا يفنى " .

وأخرج ابن عساكر عن الحسن في قوله : (فلنحيينه حياة طيبة) . قال : لنرزقنه قناعة يجد لذتها في قلبه ..
وأخرج مسلم عن ابن عمرو أن رسول الله قال : قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه.
وأخرج الترمذي والنسائي عن فضاة بن عبيد أنه سمع رسول الله يقول : قد أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به.
وأخرج وكيع في الغرر ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله : القناعة مال لا ينفد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {حياة طيبة} قال : ما تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة.
وأخرج العسكري في الأمثال عن سعيد بن جبير : (فلنحيينه حياة طيبة) . قال : لا تحوجه إلى أحد .

الآية 98.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} قال : هذا دليل من الله دل عليه عباده.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن المنذر عن عطاء قال : الاستعاذة واجبة لكل قراءة في الصلاة أو غيرها من أجل قوله : {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في "سُنَنِه" عن جبير بن مطعم : أن النَّبِيّ لما دخل في الصلاة كبر ثم قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يتعوذ يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن أبي سعيد قال : كان رسول الله إذا قام من الليل فاستفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله إلا غيرك ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

وأخرج أبو داود والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها في ذكر الأفك قالت :
جلس رسول الله وكشف عن وجهه وقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (إن الذين جاؤوا بالأفك عصبة منكم) (النور آية 11) الآيات.
الآية 99 - 100.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله : {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا} قال : ليس له سلطان على أن يحملهم على ذنب لا يغفر لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {إنما سلطانه على الذين يتولونه} قال : حجته على الذين يتولونه {والذين هم به مشركون} قال : يعدلونه برب العالمين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إنما سلطانه على الذين يتولونه} يقول : سلطان الشيطان على من تولى الشيطان وعمل بمعصية الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : إن

عدو الله إبليس حين غلبت عليه الشقاوة قال : (لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) (ص آية 82 - 83) فهؤلاء الذين لم يجعل للشيطان عليهم سبيل وإنما سلطانه على قوم اتخذوه وليا فأشركوه في أعمالهم.
الآية 101 - 102.
أَخرَج أبو داود في ناسخه ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {وإذا بدلنا آية مكان آية} وقوله : (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدما
فتنوا) (النحل 110) قال : عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار ، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاره.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وإذا بدلنا آية مكان آية} قال : هو كقوله (ما ننسخ من آية أو ننسها) (البقرة آية 106).

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وإذا بدلنا آية مكان آية} قال : هذا في الناسخ والمنسوخ ، قال : إذا نسخنا آية وجئنا بغيرها ، قالوا ما بالك قلت : كذا وكذا ثم نقضته أنت تفتري ، قال الله : {والله أعلم بما ينزل}.
الآية 103 - 105.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم قينا بمكة اسمه بلعام وكان عجمي اللسان ، فكان المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليه ويخرج من عنده فقالوا : إنما يعلمه بلعام فأنزل الله {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر} الآية.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {إنما يعلمه بشر} قال : قالوا إنما يعلم محمدا عبدة بن الحضرمي - وهو صاحب الكتب - فقال الله : {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين}.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرئ غلاما لبني المغيرة

أعجميا يقال له مقيس ، وأنزل الله {ولقد نعلم أنهم يقولون} الآية.
وأخرج آدم بن أبي إياس ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر}
قال : قول قريش : إنما يعلم محمدا بن الحضرمي وهو صاحب كتب {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي} يتكلم بالرومية {وهذا لسان عربي مبين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يقولون إنما يعلم محمدا عبدة بن الحضرمي كان يسمى مقيس.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : كانوا يقولون : إنما يعلمه سلمان الفارسي وأنزل الله {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن شهاب عن سعيد بن المسيب : إن الذي ذكر الله في كتابه أنه قال : {إنما يعلمه بشر} إنما افتتن من أنه كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يملي عليه سميع عليم أو عزيز حكيم أو نحو ذلك من خواتيم الآية ثم يشتغل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : يا رسول الله أعزيز حكيم أو سميع عليم فيقول : أي ذلك كتبت فهو كذلك فافتتن وقال : إن محمدا ليكل ذلك إلي فأكتب ما شئت ، فهذا الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آذاه أهل مكة دخل على عبد لبني الحضرمي يقال له : أبو يسر كان نصرانيا وكان قد قرأ التوراة والإنجيل فساءله وحدثه ، فلما رآه المشركون يدخل عليه قالوا : يعلمه أبو اليسر ، قال الله : {وهذا لسان عربي مبين} ولسان أبي اليسر أعجمي.

وأخرج ابن أبي حاتم عن معاوية بن صالح قال : ذكر الكذب عند أبي أمامة فقال : اللهم عفوا أما تسمعون الله يقول : {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون}.
وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق ، وَابن عساكر في تاريخه عن عبد الله بن جراد أنه سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : هل يزني المؤمن قال : قد يكون ذلك ، قال : هل يسرق المؤمن قال : قد يكون ذلك ، قال : هل يكذب المؤمن قال : لا ، ثم أتبعها نبي الله صلى الله عليه وسلم {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون}.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عبد الله بن جراد قال : قال أبو الدرداء يا
رسول الله هل يكذب المؤمن قال : لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر من إذا حدث كذب.
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أخوف ما أخاف عليكم ثلاثا : رجل آتاه الله القرآن حتى إذا رأى بهجته وتردى الإسلام أعاره الله ما شاء اخترط سيفه وضرب جاره ورماه بالكفر.

قالوا : يا رسول الله أيهما أولى بالكفر الرامي أو المرمي به قال : الرامي وذو خليفة قبلكم آتاه الله سلطانه فقال : من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله وكذب ما جعل الله خليفة حبه دون الخالق ورجل استهوته الأحاديث كلما كذب كذبة وصلها بأطول منها فذاك الذي يدرك الدجال فيتبعه.
الآية 106 - 110.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه : تفرقوا عني فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض فالحقوا بي ، فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت أصبحوا بمكة فأخذهم المشركون وأبو جهل فعرضوا
على بلال أن يكفر فأبى فجعلوا يضعون درعا من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه فإذا ألبسوها إياه قال : أحد ، أحد.
وَأَمَّا خباب فيجعلوا يجرونه في الشوك وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقيه وأما الجارية فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحربة في قبلها حتى قتلها ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار فلحقوا

برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بالذي كان من أمرهم واشتد على عمار الذي كان تكلم به ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت : أكان منشرحا بالذي قلت أم لا قال : لا ، قال : وأنزل الله {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه قال : أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النَّبِيّ وذكر آلهتهم ، بخير ثم تركوه فلما أتى النَّبِيّ قال : ما وراءك شيء قال : شر ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال : كيف تجد قلبك قال : مطمئن بالإيمان ، قال : إن عادوا فعد ، فنزلت {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين : أن النَّبِيّ لقي عمارا وهو

يبكي فجعل يمسح عن عينيه ويقول : أخذك الكفار فغطوك في الماء فقلت كذا وكذا ، فإن عادوا فقل ذلك لهم.
وأخرج ابن سعد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله : {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال : ذلك عمار بن ياسر وفي قوله : {ولكن من شرح بالكفر صدرا} قال : ذاك عبد الله بن أبي سرح.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك في قوله : {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال : نزلت في عمار بن ياسر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال : نزلت في عمار.
وأخرج ابن جرير عن السدي أن عبد الله بن أبي سرح أسلم ثم ارتد فلحق بالمشركين ووشى بعمار وخباب عند ابن الحضرمي أو ابن عبد الدار فأخذوهما وعذبوهما حتى كفرا فنزلت {إلا من أكره وقلبه مطمئن

بالإيمان}.
وأخرج مسدد في مسنده ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أبي المتوكل الناجي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر إلى بئر للمشركين يستقي منها وحولها ثلاث صفوف يحرسونها فاستقى في قربة ثم أقبل فأخذوه فأرادوه على أن يتكلم بكلمة الكفر فأنزلت هذه الآية فيه {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن عساكر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} نزلت في عمار بن ياسر أخذه بنو المغيرة فغطوه في بئر وقالوا : اكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأتبعهم على ذلك وقلبه كاره فنزلت ،.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : نزلت هذه الآية {إلا من أكره} في عياش بن أبي ربيعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة : أن هاجروا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا إلينا فخرجوا يريدون

المدينة فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم فكفروا مكرهين ففيهم نزلت هذه الآية.
وأخرج ابن سعد عن عمر بن الحكم قال : كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان أبو فكهية يعذب حتى لا يدري ما يقول وبلال وعامر ، وَابن فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق علي عن ابن عباس في قوله : {من كفر بالله} الآية قال : أخبر الله سبحانه أن {من كفر بالله من بعد إيمانه} فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم فأما من أكره فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه لأن الله سبحانه إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا في سورة النحل {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان

ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} ثم نسخ واستثنى من ذلك فقال : {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان
فلحق بالكفار فأمر به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم فتح مكة فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان فأجاره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} الآية قال : ذكر لنا أنه لما أنزل الله أن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة فخرجوا فأدركهم المشركون فردوهم فأنزل الله (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (العنكبوت 1 - 2) فكتب بهذا أهل المدينة إلى أهل مكة فلما جاءهم ذلك تبايعوا على أن يخرجوا فإن لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا ، فأنزل الله {ثم إن ربك للذين هاجروا} الآية.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي مثله.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فنزلت فيهم {ثم إن ربك للذين هاجروا} الآية فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا ، فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما فقال لأحدهما : أتشهد أن محمدا رسول الله قال : نعم ، قال : أتشهد أني رسول الله فأهوى إلى أذنيه فقال : إني أصم ، فأمر به فقتل ، وقال للآخر : أتشهد أن محمدا رسول الله قال : نعم ، قال : أتشهد أني رسول الله قال : نعم ، فأرسله ، فأتى النَّبِيّ فأخبره فقال : أما صاحبك فمضى على إيمانه وأما أنت فأخذت الرخصة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة أحد بني مخزوم وكان أخا أبي جهل لأمه وكان يضربه سوطا وراحلته سوطا.

وأخرج ابن جرير عن أبي إسحاق في قوله : {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} قال : نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد رضي الله عنهم.
الآية 111.
أَخْرَج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : خوفنا يا كعب فقلت : يا أمير المؤمنين أوليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله قال : بلى ولكن خوفنا قلت : يا أمير المؤمنين لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبيا لازدريت عملك مما ترى ، قال : زدنا ، قلت : يا أمير المؤمنين لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب لغلا دماغه حتى يسيل من حرها ، قال : زدنا ، قلت : يا أمير المؤمنين إن جهنم لتزفر زفرة يوم القيامة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبيته حتى أن إبراهيم خليله ليخر جاثيا على ركبتيه فيقول : رب نفسي ، نفسي ، لا أسألك اليوم إلا نفسي فأطرق عمر مليا ، قلت : يا أمير المؤمنين أوليس تجدون هذا في

كتاب الله قال : كيف قلت : قول الله في هذه الآية {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون}.
الآية 112 – 114
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة} الآية ، قال : يعني مكة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في قوله : {وضرب الله مثلا قرية} قال : هي مكة ألا ترى أنه قال : {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {قرية كانت آمنة} قال : مكة ، ألا ترى إلى قوله : {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب} قال : أخذهم الله بالجوع والخوف والقتل الشديد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فأذاقها الله لباس الجوع والخوف} قال : فأخذهم الله بالجوع والخوف والقتل ، وفي قوله : {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه} قال : أي والله يعرفون نسبه

وأمره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سليم بن عمر قال : صحبت حفصة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهي خارجة من مكة إلى المدينة فأخبرت أن عثمان قد قتل فرجعت ، وقالت : ارجعوا بي فوالذي نفسي بيده إنها للقرية التي قال الله : {قرية كانت آمنة مطمئنة} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب ، قال : القرية التي قال الله : {كانت آمنة مطمئنة} هي يثرب.
ألاية 115.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {إنما حرم عليكم الميتة} قال : إن الإسلام دين مطهر طهره الله من كل سوء وجعل لك فيه يا ابن آدم سعة إذا اضطررت إلى شيء من ذلك.
الآية 116 - 117.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام}

قال : هي البحيرة والسائبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال : قرأت هذه الآية في سورة النحل {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} إلى آخر الآية فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : عسى رجل أن يقول إن الله أمر بكذا ونهى عن كذا فيقول الله عز وجل له : كذبت ، ويقول : إن الله حرم كذا وأحل كذا فيقول الله عز وجل له : كذبت.
الآية 118 - 119.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال : في سورة الأنعام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال : ما قص الله ذكره في سورة الأنعام حيث يقول : (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) إلى قوله : (وإنا لصادقون) (الأنعام آية 146).

الآية 120 - 123.
أَخرَج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن مسعود أنه سئل : ما الأمة قال : الذي يعلم الناس الخير ، قالوا : فما القانت قال : الذي يطيع الله ورسوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إن إبراهيم كان أمة قانتا} قال : كان على الإسلام ولم يكن في زمانه من قومه أحد على الإسلام غيره فلذلك قال الله : {كان أمة قانتا}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {إن إبراهيم كان أمة} قال : إماما في الخير {قانتا} قال : مطيعا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {إن إبراهيم كان أمة} قال : كان مؤمنا وحده والناس كفار كلهم.
وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : بم يبق في الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض ويخرج بركتها إلا زمن إبراهيم فإنه كان وحده.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من

عبد يشهد له أمة إلا قبل الله شهادتهم ، والأمة الرجل فما فوقه إن الله يقول : {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إن إبراهيم كان أمة} قال : إمام هدى يقتدى به وتتبع سنته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وآتيناه في الدنيا حسنة} قال : لسان صدق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وآتيناه في الدنيا حسنة} قال : فليس من أهل دين إلا يرضاه ويتولاه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة معا في المصنف ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو قال : صل إبراهيم الظهر والعصر والمغرب بعرفات ثم وقف حتى إذا غابت الشمس دفع ، ثم صلى المغرب والعشاء بجمع ثم صلى الفجر كأسرع ما يصلي أحد من المسلمين ثم وقف به حتى إذا كان كأبطأ ما يصلي أحد من المسلمين دفع ثم رمى الجمرة ثم ذبح وحلق ثم أفاض به إلى البيت فطاف به فقال الله لنبيه : {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} والله تعالى أعلم.

الآية 124.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال : أراد الجمعة فأخذوا السبت مكانه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال : إن الله فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا : يا موسى إنه لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعل لنا السبت فلما جعل عليهم السبت استحلوا فيه ما حرم عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله : {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال : بإستحلالهم إياه رأى موسى عليه السلام رجلا يحمل حطبا يوم السبت فضرب عنقه.
وأخرج الشافعي في الأم والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يوم الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد.

وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة وحذيفة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أضل
الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نخن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق والله أعلم.
الآية 125.
أَخْرَج ابن مردويه عن أبي ليلى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تمسكوا بطاعة أئمتكم ولا تخالفوهم فإن طاعتهم طاعة الله معصيتهم معصية الله فإن الله إنما بعثني أدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة فمن خالفني في ذلك فهو من الهالكين وقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله ومن ولي من أمركم شيئا فعمل بغير ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم

عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وجادلهم بالتي هي أحسن} قال : أعرض عن أذاهم إياك.
الآية 126 - 128.
أَخرَج الترمذي وحسنه وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله : {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نصبر ولا نعاقب ، كفوا عن القوم إلا أربعة.
وأخرج ابن سعد والبزار ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل

عن أبي هريرة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد فنظر إلى منظر لم ير شيئا قط كان أوجع لقلبه منه ونظر إليه قد مثل به فقال : رحمة الله عليك فإنك كنت ما علمت وصولا للرحم فعولا للخيرات ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من أرواح شتى أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك ، فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بخواتيم النحل {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم} الآية ، فكفر النَّبِيّ عن يمينه وأمسك عن الذي أراد وصبر.
وأخرج ابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قتل حمزة ومثل به : لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم ، فأنزل الله {وإن عاقبتم} الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل نصبر يا رب : فصبر ونهى عن المثلة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير عن الشعبي قال : لما كان يوم أحد وانصرف المشركون فرأى المسلمون بإخوانهم مثلة جعلوا يقطعون آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن

أنالنا الله منهم لنفعلن ولنفعلن ، فأنزل الله {وإن عاقبتم} الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نصبر.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن عطاء بن يسار قال : نزلت سورة النحل كلها بمكة إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة يوم أحد حيث قتل حمزة ومثل به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلا منهم فلما سمع المسلمون ذلك قالوا : والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط ، فأنزل الله {وإن عاقبتم فعاقبوا} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} قال : هذا حين أمر الله نبيه أن يقاتل من قاتله ثم نزلت براءة وإنسلاخ الأشهر الحرم ، قال : فهذا من المنسوخ.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كانوا قد أمروا بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذو منعنة فقالوا : يا رسول الله صلى الله وسلم لو أذن الله لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب ، فنزلت هذه الآية ثم نسخ ذلك بالجهاد .

وأخرج ابن شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) . قال : لا تعتدوا.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين في قوله : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) . قال : إن أخذ منك رجل شيئا فخذ منه مثله . قوله تعالى : (إن الله مع الذين اتقوا) الآية ..
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} قال : اتقوا فيما حرم الله عليهم وأحسنوا فيما افترض عليهم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن هرم بن حيان أنه لما أنزل به الموت قالوا له : أوص ، قال : أوصيكم بآخر سورة النحل {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} قال : لا تعتدوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين في قوله : {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} قال : إن أخذ منك رجل شيئا فخذ منه مثله.

* بسم الله الرحمن الرحيم * (17)- سورة الإسراء.
مكية وآياتها إحدى عشرة ومائة.
مقدمة سورة الإسراء.
أَخرَج النحاس ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة بني إسرائيل بمكة.
وأخرج البخاري ، وَابن الضريس ، وَابن مردويه عن ابن مسعود أنه قال في بني إسرائيل والكهف ومريم : أنهن من العتاق الأول وهن من تلادي.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي والحاكم ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر.

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عمر الشيباني قال : صلى بنا عبد الله الفجر فقرأ بسورتين الآخرة منهما بنو إسرائيل.
الآية 1 - 8
أخرج ابن جرير عن حذيفة أنه قرأ سبحان الذي أسرى بعبده من الليل من المسجد الرحام إلى المسجد الأقصى.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى : {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} قال : {سبحان} تنزيه الله تعالى {الذي أسرى} بمحمد صلى الله عليه وسلم {من المسجد الحرام} إلى بيت المقدس ثم رده إلى المسجد الحرام ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول : قلت له لما علا فخره * سبحان من علقمة الفاخر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه من طريق ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه ، فركبته حتى أتيت بيت المقدس

فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل : اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا إلى سماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل : من أنت قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل : من أنت قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا فرحبا بي ودعوا إلي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل : من هذا قال :

جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها فيها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها فأوحى إلي ما أوحى وفرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك قلت : خمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني

قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم ، فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب خفف عن أمتي ، فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت : حط عني خمسا فقال : إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، قال : فلم أزل أرجع بين ربي وموسى حتى قال : يا محمد إنهن خمس صلوات لكل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، فنزلت حتى انتهيت إلى
موسى فأخبرته فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحيت منه.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس قال : ليلة برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم : أيهم هو فقال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال أحدهم : خذوا ، فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عيناه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فلم يكلموه حتى احتملوه فوصعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته

حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه ثم أتى بطست من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده - يعني عروق حلقه - ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : نعم ، قالوا : مرحبا به وأهلا ، ووجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل : هذا أبوك آدم فسلمه عليه فسلم عليه ورد عليه آدم وقال : مرحبا وأهلا بابني ، نعم الابن أنت ، فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال : ما هذان النهرين يا جبريل قال : هذا النيل والفرات عنصرهما ، ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر ، قال : ما هذا يا جبريل قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ، ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد قيل : وقد بعث إليه قال : نعم ، قالوا : مرحبا به وأهلا.

ثم عرج به إلى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية ، ثم عرج به إلى السماء الرابعة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى الخامسة فقالوا مثل ذلك ثم عرج به إلى السادسة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السابعة فقالوا له مثل ذلك كل سماء فيها أنبياء قد سماهم منهم إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة ولم أحفظ اسمه وإبراهيم في السادسة
وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله فقال موسى : رب لم أظن أن ترفع علي أحدا ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله فيما يوحي إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال : يا محمد ماذا عهد إليك ربك قال : عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة ، قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك ارجع فليخفف عنك ربك وعنهم ، فالتفت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كأنه يستشيره فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت فعلا به إلى الجبار تبارك وتعالى فقال وهو مكانه :

يا رب خفف عنا ، فإن أمتي لا تستطيع ذلك ، فوضع عنه عشرات صلوات ، ثم رجع إلى موسى واحتبسه قلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال : يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فضعفوا وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارنا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك ، يلتفت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل فرفعه عند الخامسة فقال : يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم فخفف عنا ، فقال الجبار : يا محمد قال : لبيك وسعديك ، قال : إنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب وكل حسنة بعشر أمثالها ، فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك ، فرجع إلى موسى فقال : كيف فعلت فقال : خفف عنا أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها ، فقال موسى : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ارجع إلى ربك فليخفف عنك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا موسى قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه ، قال : فاهبط بسم الله ، واستيقظ وهو في المسجد الحرام.

وأخرج النسائي ، وَابن مردويه من طريق يزيد بن أبي مالك عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت ليلة أسرى بي بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوها عند منتهى طرفها ، كانت تسخر للأنبياء قبلي فركبته معي جبريل فسرت فقال : انزل فصل ، ففعلت ، فقال : أتدري أين صليت صليت بطيبة وإليها المهاجر إن شاء الله ، ثم قال : انزل فصل ، ففعلت فقال : أتدري أين صليت صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى ثم قال : انزل فصل ، فصليت
فقال أتدري أين صليت صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى ، ثم دخلت بيت المقدس فجمع لي الأنبياء عليهم السلام فقدمني جبريل فصليت بهم ، ثم صعد بي إلى السماء الدنيا فإذا فيها آدم فقال لي : سلم عليه فقال : مرحبا بابني والنبي الصالح ، ثم صعد بي إلى السماء الثانية فإذا فيها ابنا الخالة عيسى ويحيى ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فإذا فيها يوسف ، ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فإذا فيها هارون ، ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فإذا فيها إدريس ، ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها موسى ثم صعد بي إلى السماء السابعة فإذا فيها إبراهيم ثم صعد بي إلى فوق السبع سموات وأتيت سدرة المنتهى فغشيتني

ضبابة ، فخررت ساجدا فقيل لي : إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فقم بها أنت وأمتك فمررت على إبراهيم فلم يسألني شيئا ثم مررت على موسى فقال لي : كم فرض عليك وعلى أمتك قلت : خمسين صلاة ، قال : إنك لن تستطيع أن تقوم بها أنت ولا أمتك فاسأل ربك التخفيف ، فرجعت فأتيت سدرة المنتهى فخررت ساجدا ، فقلت : يا رب فرضت علي وعلى أمتي خمسين صلاة فلن أستطيع أن أقوم بها أنا ولا أمتي ، فخفف عني عشرا ، فمررت على موسى فسألني فقلت : خفف عني عشرا ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فخفف عني عشرا ثم عشرا حتى قال : هن خمس بخمسين فقم بها أنت وأمتك ، فعلمت أنها من الله صرى ، فمررت على موسى فقال لي : كم فرض عليك فقلت : خمس صلوات فقال : فرض على بني إسرائيل صلاتان فما قاموا بهما فقلت : إنها من الله فلم أرجع.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن يزيد بن أبي مالك عن أنس رضي الله عنه قال : لما كان ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام بدابة فوق الحمار ودون البغل ، حمله جبريل عليها ينتهي خفها حيث ينتهي طرفها.

فلما بلغ بيت المقدس أتى إلى الحجر الذي ثمة فغمزه جبريل عليه السلام بأصبعه فثقبه ثم ربطها ثم صعد ، فلما استويا في صرحة المسجد قال جبريل : يا محمد هل سألت ربك أن يريك الحور العين قال : نعم ، قال : فانطلق إلى أولئك النسوة فسلم عليهن وهن جلوس عن يسار الصخرة ، فأتيتهن فسلمت عليهن فرددن علي
السلام فقلت : من أنتن فقلن : خيرات حسان ، نساء قوم أبرار نقوا فلم يدرنوا وأقاموا فلم يظعنوا وخلدوا فلم يموتوا ، ثم انصرفت فلم ألبث إلا يسيرا حتى اجتمع ناس كثير ثم أذن مؤذن وأقيمت الصلاة فقمنا صفوفنا فانتظرنا من يؤمنا فأخذ جبريل بيدي فقدمني ، فصليت بهم فلما انصرفت قال جبريل : يا محمد أتدري من صلى خلفك قلت : لا ، قال : صلى خلفك كل نبي بعثه الله ، ثم أخذ بيدي فصعد بي إلى السماء فلما انتهينا إلى الباب استفتح قالوا : من أنت قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قالوا : وقد بعث إليه قال : نعم ، ففتحوا له وقالوا : مرحبا بك وبمن معك ، فلما استوى على ظهرها إذا فيها آدم ، فقال لي جبريل : ألا تسلم على أبيك آدم قلت : بلى ، فأتيته فسلمت عليه فرد علي وقال لي : مرحبا بابني والنبي الصالح ، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فإذا فيها عيسى

ويحيى ، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فإذا فيها يوسف ، ثم عرج بي إلى السماء الرابعة فاستفتح قالوا له مثل ذلك فإذا فيها إدريس ، ثم عرج بي إلى السماء الخامسة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فإذا فيها هارون ، ثم عرج بي إلى السماء السادسة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فإذا فيها موسى ، ثم عرج بي إلى السماء السابعة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فإذا فيها إبراهيم ، ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى بي إلى نهر عليه خيام الياقوت واللؤلؤ والزبرجد وعليه طير خضر أنعم طير رأيت ، فقلت : يا جبريل إن هذا الطير لناعم ، قال : يا محمد آكله أنعم منه ، ثم قال : أتدري أي نهر هذا قلت : لا ، قال : الكوثر الذي أعطاك الله إياه فإذا فيه آنية الذهب والفضة تجري على رضراض من الياقوت والزمرد ماؤه أشد بياضا من اللبن فأخذت من آنية فاغترفت من ذلك الماء فشربت فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك ، ثم انطلق بي حتى انتهى إلى الشجرة فغشيتني سحابة فيها من كل لون فرفضني جبريل وخررت ساجدا لله.

فقال الله لي : يا محمد إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فقم بها أنت وأمتك ، ثم انجلت عني السحابة وأخذ بيدي جبريل فانصرفت سريعا فأتيت على إبراهيم فلم يقل لي شيئا ثم أتيت على موسى فقال : ما صنعت يا محمد قلت :
فرض علي وعلى أمتي خمسين صلاة ، قال : فلن تستطيعها أنت ولا أمتك ، فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك ، فرجعت سريعا حتى انتهيت إلى الشجرة فغشيتني السحابة وخررت ساجدا وقلت : ربي خفف عنا ، قال : قد وضعت عنكم عشرا ، ثم انجلت عني السحابة فرجعت إلى موسى فقلت : وضع عني عشرا ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنكم ، فوضع عشرا إلى أن قال : هن خمس بخمسين ثم انحدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : ما لي لم آت على أهل سماء إلا رحبوا بي وضحكوا إلي غير رجل واحد سلمت عليه فرد علي السلام ورحب بي ولم يضحك إلي قال : ذاك مالك خازن النار لم يضحك منذ خلق ولو ضحك لأحد لضحك إليك ، قال : ثم ركبت منصرفا فبينما هو في بعض طريقه مر بعير من قريش تحمل طعاما منها جمل عليه غرارتان غرارة سوداء وغرارة بيضاء فلما حاذى العير نفرت منه واستدارت وصرع ذلك البعير وانكسر ثم إنه مضى فأصبح فأخبر عما كان فلما سمع المشركون قوله أتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا : يا أبا بكر هل لك في

صاحبك يخبر أنه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ثم رجع من ليلته ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : إن كان قاله فقد صدق وإنا لنصدقنه فيما هو أبعد من هذا نصدقه على خبر السماء ، فقال المشركون لرسول الله ما علامة ما تقول قال : مررت بعير لقريش وهي في مكان كذا وكذا فنفرت العير منا واستدارت ، وفيها بعير عليه غرارتان : غرارة بيضاء وغرارة سوداء ، فصرع فانكسر فلما قدمت العير سألوهم فأخبروهم الخبر على مثل ما حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك سمي أبو بكر (الصديق) وسألوه : هل كان فيمن حضر معك موسى وعيسى قال : نعم ، قالوا : فصفهما ، قال : أما موسى فرجل آدم كأنه من رجال أزدعمان.
وَأَمَّا عيسى فرجل ربعة سبط تعلوه حمرة كأنه يتحادر من لحيته الجمان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة عن أنس رضي الله عنه قال : لما جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

بالبراق فكأنها هزت أذنيها فقال جبريل : يا براق فوالله ما ركبك مثله ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو بعجوز على جانب الطريق فقال : ما هذه يا جبريل قال : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير فإذا شيء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول : هلم يا محمد فقال له جبريل : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير فلقيه خلق من خلق الله فقالوا : السلام عليك يا أول ، السلام عليك يا آخر ، السلام عليك يا حاشر ، فقال له جبريل عليه السلام : اردد السلام ، فرد السلام ثم لقيه الثانية فقال له مثل ذلك ثم الثالثة كذلك حتى انتهى إلى بيت المقدس فعرض عليه الماء والخمر واللبن فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن ، فقال له جبريل عليه السلام : أصبت الفطرة ولو شربت الماء لغرقت أمتك ولو شربت الخمر لغوت أمتك ثم بعث له آدم عليه السلام فمن دونه من الأنبياء فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ثم قال جبريل : أما العجوز التي رأيت على جانب الطريق فلم يبق من الدنيا إلا ما بقي من عمر تلك العجوز وأما الذي أراد أن تميل إليه فذاك عدو الله إبليس أراد أن تميل إليه.
وَأَمَّا الذين سلموا عليك فإبراهيم وموسى وعيسى.

وأخرج ابن مردويه من طريق كثير بن خنيس عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينما أنا مضطجع في المسجد ليلة نائما إذ رأيت ثلاثة نفر أقبلوا نحوي فقال الأول : هو ، هو ، قال الأوسط : نعم ، قال الآخر : خذوا سيد القوم فرجعوا عني ثم رأيتهم الليلة الثانية فقال الأول : هو ، هو ، قال الأوسط : نعم ، قال الآخر : خذوا سيد القوم فرجعوا عني حتى إذا كانت الليلة الثالثة رأيتهم فقال الأول هو هو ، وقال الأوسط : نعم ، وقال الآخر : خذوا سيد القوم حتى جاؤوا بي زمزم فاستلقوني على ظهري ثم غسلوا حشوة بطني ثم قال بعضهم لبعض : أنقوا ، ثم أتى بطست من ذهب مملوءة حكمة وإيمانا فأفرغ في جوفي ، ثم عرج بي إلى السماء فاستفتح فقالوا : من هذا قال : جبريل ، قالوا : ومن معك قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، ففتح ، فإذا آدم إذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى ، قلت : ياجبريل من هذا ، قال : هذا أبوك آدم إذا نظر على يمينه رأى من في الجنة من ذريته ضحك وإذا نظر عن يساره رأى من في النار من ذريته بكى ، ثم قال أنس بن مالك : يا ابن أخي إنه يطول علي الحديث ، ثم عرج بي

حتى جاء السماء السادسة فاستفتح ، فقال : من هذا قال : جبريل ، قال : ومن معك قال : محمد ، قال : وقد أرسل إليه قال : نعم ، ففتح فإذا موسى ، ثم
عرج بي إلى السماء السابعة فاستفتح ، قيل من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قال : وقد أرسل إليه قال : نعم ، ففتح فإذا إبراهيم قال مرحبا بالابن والرسول ، ثم مضى حتى جاء الجنة فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قال : وقد أرسل إليه قال : نعم ، ففتح الباب ، قال : فدخلت الجنة فأعطيت الكوثر فإذا نهر في الجنة عضادتاه بيوت مجوفة من لؤلؤ ثم مضى حتى جاء سدرة المنتهى (فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى) (النجم آية 9) ، ففرض علي وعلى أمتي خمسين صلاة فرجعت حتى أمر موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك قلت : خمسين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك ، فرجعت إليه فوضع عني عشرا فمررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك قلت : أربعين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك ، فرجعت إليه فوضع عني عشرا فمررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك قلت : ثلاثين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك ، فرجعت إليه فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال : كم فرض عليك

وعلى أمتك قلت : عشرين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ثم مررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك قلت : عشر صلوات ، قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك ، فرجعت فوضع عني خمسا ، ثم قال : إنه لا يبدل قولي ولا ينسخ كتابي تخفيفها عنكم كتخفيف خمس صلوات وإنها لكم كأجر خمسين صلاة ، فمررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك قلت : خمس صلوات ، قال : فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك ، فإن بني إسرائيل قد أمروا بأيسر من هذا فلم يطيقوه ، قال : لقد رجعت إلى ربي حتى إني لأستحي منه.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل وصححه عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله كيف أسري
بك فقال : صليت بأصحابي العتمة بمكة معتما فأتاني جبريل بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل وقال : اركب فاستصعبت علي فأدارها بأذنها ثم حملني عليها فانطلقت تهوي بنا ، يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا ذات نخل فقال : انزل ، فنزلت فقال : صل ، فصليت ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت قلت : الله أعلم ، قال : صليت بيثرب ،.

صليت بطيبة ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ثم بلغنا أرضا فقال : انزل ، فنزلت ، فقال : صل فصليت ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت قلت : الله أعلم ، قال : صليت بمدين صليت عند شجرة موسى ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ثم بلغنا أرضا بدت لنا قصورها فقال : انزل فنزلت ثم قال : صل فصليت ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت فقلت : الله أعلم ، فقال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني فأتى قبلة المسجد فربط فيه الدابة ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر فصليت من المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشد ما أخذني فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل أرسل إلي بهما جمعيا فعدلت بينهما فهداني الله فأخذت اللبن فشربت حتى فرغت منه وكان إلى جانبي شيخ يبكي متكئ على منبره فقال : أخذ صاحبك الفطرة وإنه لمهدي ، ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي في المدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي فقلنا : يا رسول الله كيف وجدتها قال : مثل الحمة

السخنة ، ثم انصرف بي فمررنا بعير قريش بمكان كذا وكذا وقد أضلوا بعير لهم قد جمعه فلان فسلمت عليهم فقال بعضهم : هذا صوت محمد ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر فقال : يا رسول الله أين كنت الليلة قد التمستك في مكانك ، فقلت : أعلمت أني أتيت بيت المقدس الليلة فقال : يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي ، قال : ففتح لي صراط كأني أنظر إليه لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم عنه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أشهد أنك رسول الله ، وقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة زعم أنه أتى بيت المقدس الليلة فقال : إن من آية ما أقول لكم : أني مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا وقد أضلوا بعير لهم فجمعه فلان وإن مسيرهم ينزلون بكذا وكذا ويأتونكم يوم كذا وكذا ويقدمهم جمل آدم عليه شيخ أسود
وغراراتن سوداوان فلما كان ذلك اليوم أشرف القوم ينظرون حتى كان قريبا من نصف النهار قدمت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن

جرير ، وَابن مردويه من طريق قتادة رضي الله عنه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن مالك بن صعصعة حدثه أن رسول الله حدثهم عن ليلة أسري به قال : بينما أنا في الحطيم - وربما قال قتادة رضي الله عنه - في الحجر مضطجعا إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه : الأوسط بين الثلاثة فأتاني فشق ما بين هذه إلى هذه - يعني من ثغر نحره إلى شعرته - فاستخرج قلبي فأوتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا وحكمة فغسل قلبي بماء زمزم ثم حشى ثم أعيد مكانه ، ثم أوتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يقع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى بي السماء فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه قال : نعم ، قيل : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ففتح لنا فلما خلصت فإذا فيها آدم فقلت : يا جبريل من هذا قال : هذا أبوك آدم عليه السلام فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد علي السلام ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثانية فاستفتحفقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه قال : نعم ، قيل : مرحبا

به ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة فقلت : يا جبريل من هذان قال : هذان يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت عليهما فردا السلام ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثالثة فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قيل : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا فلما خلصت إذا يوسف عليه السلام فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى إلى السماء الرابعة فاستفتح قيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قيل : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا فلما خلصت إذا إدريس عليه السلام فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى إلى السماء الخامسة فاستفتح
فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قيل : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، فلما خلصت إذا هارون فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى إلى السماء السادسة فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قيل : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا فلما خلصت إذا أنا بموسى

فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت بكى ، قيل له : ما يبكيك قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ، ثم صعد حتى أتى إلى السماء السابعة فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قيل : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا فلما خلصت إذا إبراهيم قلت : من هذا يا جبريل قال : هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا أربعة أنهار يخرجن من أصلها : نهران باطنان : ونهران ظاهران فقلت : يا جبريل ما هذه الأنهار ، فقال : أما الباطنان فنهران في الجنة.
وَأَمَّا الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع إلي البيت المعمور قلت : يا جبريل ما هذا قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم ، ثم أتيت بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن فعرضا علي فقيل : خذ

أيهما شئت فأخذت اللبن فقيل لي : أصبت الفطرة أنت عليها وأمتك ، ثم فرضت علي الصلاة خمسون صلاة كل يوم فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك قلت : خمسين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فرجعت إلى ربي فحط عني خمسا فأقبلت حتى أتيت على موسى فأنبأته بما حط فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك ، قال : فما زلت بين موى وبين ربي يحط عني خمسا خمسا حتى أقبلت بخمس صلوات فأتيت على موسى فقال : بم أمرت قلت : بخمس صلوات كل يوم.
قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك ، إني بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فقلت : لقد رجعت إلى ربي حتى لقد استحيت ولكني أرضى وأسلم فنوديت أن يا محمد إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي الحسنة بعشرة أمثالها.

وأخرج البخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه من طريق يونس عن ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه قال : كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله قال : فرج سقف بيني وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج عن صدري ثم غسله بما زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل عليه السلام لخازن السماء : افتح ، قال : من هذا قال : جبريل ، قال : هل معك أحد قال : نعم معي محمد ، قال : أرسل إليه قال : نعم ، ففتح فلما علونا السماء الدنيا إذا رجل قاعد عن يمينه أسودة وعلى يساره أسودة فإذا نظر قبل يمينه تبسم وإذا نظر قبل شماله بكى فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبريل : من هذا قال : هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة ، والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى ثم عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها افتح ، فقال له خازنها مثل ما قال الأول ففتح ، قال أنس رضي الله عنه : فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وابراهيم ولم يثبت كيف منازلهم ، قال ابن شهاب : وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا

يقولان : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام ، قال ابن حزم وأنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ففرض الله على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال : ما فرض الله على أمتك قلت : فرض خمسين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فراجعت ربي فقال : هي خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال : ارجع إلى ربك ، قلت : قد
استحيت من ربي ، ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيتها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها مسك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله بالمدينة عن ليلة أسري به من مكة إلى المسجد الأقصى قال : بينا أنا نائم عشاء بالمسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا وإذا أنا

بكهيئة خيال فأتبعه بصري حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى شبهة بدوابكم هذه بغالكم غير أن مضطرب الأذنين يقال له البراق وكانت الأنبياء تركبه قبلي ، يقع حافره عند مد بصره فركبته فبينا أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد انظرني أسألك ، فلم أجبه ثم دعاني داع عن شمالي يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه فبينا أنا سائر إذا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله فقالت : يا محمد أنظرني أسألك ، فلما ألتفت إليها حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء عليهم السلام توثقها بها ثم أتاني جبريل عليه السلام بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن فشربت اللبن وتركت الخمر فقال جبريل : أصبت الفطرة أما أنك لو أخذت الخمر غوت أمتك ، فقلت : الله أكبر ، الله أكبر ، فقال جبريل : ما رأيت في وجهك هذا قلت : بينا أنا اسير إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ، قال : ذاك داعي اليهود أما لو أنك لو أجبته لتهودت أمتك ، قلت : وبينا أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري : يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ، قال : ذاك داعي النصارى أما أنك لو أجبته لتنصرت أمتك فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة تقول : يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبها ، قال : تلك الدنيا أما أنك

لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ، ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم فلم تر الخلائق أحسن من المعراج ، أما رأيت الميت حين رمى بصره طامحا إلى السماء عجبه المعراج ، فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف ، فاستفتح جبريل باب السماء قيل : من
هذا قال : جبريل ، قيل : ومن معك قال : محمد ، قيل : قد بعث إليه قال : نعم فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته لم يتغير منه شيء وإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول : روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين ، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الكفار الفجار فيقول : روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين ، فقلت : يا جبريل من هذا قال : هذا أبوك آدم فسلم علي ورحب بي فقال : مرحبا بالابن الصالح ، ثم مصيت هنيهة فإذا أنا بأخونة عليها لحم قد أروح وأنتن عندها أناس يأكلون منها ، قلت : يا جبريل من هؤلاء قال : هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام ، وفي لفظ : فإذا أنا بقوم على مائدة عليها لحم

مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم وإذا حوله جيف فجعلوا يقبلون على الجيف يأكلون منها ويدعون اللحم فقلت : من هؤلاء يا جبريل قال : هؤلاء الزناة ، عمدوا إلى ما حرم الله عليهم وتركوا ما أحل الله لهم ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بقوم بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول : الله لا تقم الساعة وهم على سابلة آل فرعون فتجيء السابلة فتطؤهم فسمعتهم يضجون إلى الله قلت : من هؤلاء يا جبريل قال : هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل قد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار ثم يخرج من أسافلهم فسمعتهم يضجون إلى الله ، قلت : يا جبريل من هؤلاء قال : هؤلاء من أمتك (الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن ونساء منكسات بأرجلهن فسمعتهن يضججن إلى الله قلت يا جبريل من هؤلاء النساء قال : هؤلاء اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم ثم يدس في

أفواههم ويقول : كلوا مما أكلتم فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك ، قلت : يا جبريل من هؤلاء قال : هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون الذين يأكلون لحوم الناس ، ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب قلت : يا جبريل من هذا قال : هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ، ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا أنا
بابني الخالة يحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما فسلمت عليهما وسلما علي ورحبا بي ، ثم صعدنا إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ، ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها قلت : يا جبريل من هذا قال : هذا المحبب في قومه ، هذا هرون بن عمران ومعه نفر كثير من قومه فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ، ثم صعدنا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما وإذا

هو يقول : يزعم الناس أني أكرم الخلق على الله وهذا أكرم على الله مني ولو كان وحده لم أبال ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته ، قلت : يا جبريل من هذا قال : هذا أخوك موسى بن عمران ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي ورحب بي ، ثم صعدنا إلى السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم وإذا هو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي وقال : مرحبا بالابن الصالح فقيل لي : هذا مكانك ومكان أمتك ثم تلا (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النَّبِيّ والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) (آل عمران آية 68) وإذا بأمتي شطرين : شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمد ، ثم دخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد وهم على خير ، فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور ثم خرجت أنا ومن معي قال : والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة ، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة وغذا في أصلها عين تجري يقال لها سلسبيل فيشق منها نهران فقلت : ما هذا يا جبريل فقال : أما هذه فهو نهر الرحمة وأما هذا فهو

نهر الكوثر الذي أعطاكه الله ، فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي من ذنبي ما تقدم وما تأخر ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة فإذا فيها ما لا عين رأت وما لا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن وأنها من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة
للشاربين وأنهار من عسل مصفى ، وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقتبة وإذا فيها طير كأنها البخت ، قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله إن تلك الطير لناعمة قال : آكلها أنعم منها يا أبا بكر وإني لأرجو أن تأكل منها ، قال : ورأيت فيها جارية لعساء فسألتها لمن أنت فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا ، ثم عرضت علي النار فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته ولو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم غلقت دوني ، ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاها فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة ثم إن الله أمرني بأمره وفرض

علي خمسين صلاة وقال : لك بكل حسنة عشر وإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء فإن عملتها كتبت عليك سيئة ، ثم دفعت إلى موسى فقال : بم أمرك ربك قلت : بخمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك ، فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم ، فوضع عني عشرا ، فما زلت أختلف بين موسى وبين ربي حتى جعلها خمسا فناداني ملك : عندها تمت فريضتي وخففت عن عبادي فأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها ، ثم رجعت إلى موسى فقال : بم أمرت قلت : بخمس صلوات : قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييته ، ثم أصبح بمكة يخبرهم العجائب : إني رأيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء ثم رأيت كذا وكذا فقال أبو جهل : ألا تعجبون مما

يقول محمد قال : فأخبرته بعير لقريش لما كانت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وإنها نفرت فلما رجعت رأيتها عند العقبة وأخبرتهم بكل رجل وبعيره كذا ومتاعه كذا ، فقال رجل : أنا أعلم الناس ببيت المقدس ، فكيف بناؤه وكيف هيئته وكيف قربه من الجبل فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس فنظر إليه فقال : بناؤه كذا وهيئته كذا وقربه من الجبل كذا ، فقال : صدقت.
وأخرج البزار وابو يعلى ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى : {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}
قال : جاء جبريل عليه السلام إلى النَّبِيّ ومعه ميكائيل فقال جبريل لميكائيل عليهما السلام : ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه وأشرح صدره ، فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات واختلف إليه

ميكائيل عليه السلام بثلاث طساس من ماء زمزم فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل وملأه حلما وعلما وإيمانا ويقينا وإسلاما وختم بين كتفيه بخاتم النبوة ثم أتاه بفرس فحمل عليه ، كل خطوة منه منتهى بصره ، فسار وسار معه جبريل فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ما هذا ، ، قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه ، ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء فقال : ما هؤلاء يا جبريل فقال : هؤلاء الذين تثتاقل رؤوسهم عن الصلاة ، ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع ، يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها قال : ما هؤلاء يا جبريل ، قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله شيئا ، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم آخر نيء خبيث

فجعلوا يأكلون من النيء الخبيث ويتركون النضيج الطيب ، قلت : ما هؤلاء يا جبريل قال : هذا الرجل من أمتك ، تكون عنده المرأة الحلال فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتي رجلا خبيثا تبيت معه حتى تصبح ، ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شي إلا خرقته قال : ما هذا يا جبريل ،.
قال : هذا مثل أوقام من أمتك ، يقعدون على الطريق فيقطعونه ، ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال : ما هذا يا جبريل قال : هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها ، ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم بمقاريض من نار ، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء قال : ما هؤلاء يا جبريل ، قال : هؤلاء خطباء الفتنة ، ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، قال : ما
هذا يا جبريل قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها.

ثم أتى على واد فوجد ريحا طيبة باردة وريح مسك وسمع صوتا فقال : يا جبريل ما هذا قال : هذا صوت الجنة ، تقول : يا رب ائتني بما وعدتني فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري فائتني ما وعدتني فقال : لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ، قالت : رضيت ، ثم أتى على واد فسمع شكوى ووجد ريحا منتنة فقال : ما هذا يا جبريل قال : هذا صوت جهنم تقول : رب ائتني بما وعدتني فلقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي وقد بعد قعري واشتد حري فائتني ما وعدتني قال : لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت ، ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة ثم دخل فصلى مع الملائكة عليهم السلام ، فلما قضيت الصلاة قالوا : يا جبريل من هذا معك قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : وقد بعث إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ، ثم لقي أرواح الأنبياء عليهم السلام فأثنوا على ربهم فقال إبراهيم عليه السلام : الحمد لله الذي

اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما وجعلني أمة قانتا يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها علي بردا وسلاما ، ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل فقال : الحمد لله الذي كلمني تكليما وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي وجعل من أمتي (قوما يهدون بالحق وبه يعدلون) (الأعراف الآية 159 ، ونص الآية (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) ، ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملك عظيما وعلمني الزبور وألان لي الحديد وسخر لي الجبال يسبحن والطير وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب ، ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي سخر لي الرياح وسخر لي الشياطين يعملون ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شيء فضلا وسخر لي جنود الشياطين والإنس والطير وفضلني على كثير من عباده المؤمنين وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدي وجعل ملكي
ملكا طيبا ليس فيه حساب ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ثم قال له : كن فيكون وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ورفعني وطهرني وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان علينا سبيل ، ثم إن محمد صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فقال : كلكم أثنى على ربه وإني مثن

على ربي فقال : الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا وأنزل علي الفرقان فيه تبيان لكل شيء وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس وجعل أمتي أمة وسطا وجعل أمتي هم الأولون والآخرون وشرح لي صدري ووضع عني وزري ورفع لي ذكري وجعلني فاتحا وخاتما ، فقال إبراهيم عليه السلام : بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم : أتي بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها فأتي بإناء منها فيه ماء فقيل : اشرب فشرب منه يسيرا ثم رفع إليه إناء آخر فيه لبن فقيل : اشرب فشرب منه حتى روي ثم رفع إليه إناء آخر فيه خمر فقيل له : اشرب فقال : لا أريده قد رويت ، فقال له جبريل : - عليه السلام - أما أنها ستحرم على أمتك ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل ، ثم صعدوا بي إلى السماء فاستفتح فقيل : من هذا يا جبريل قال : هذا محمد قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من خلق الناس على يمينه باب يخرج منه ريح طيبة

وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه فرح وضحك وإذا نظر إلى الباب الذي عن يساره بكى وحزن فقلت يا جبريل من هذا قال : هذا أبوك آدم وهذا الباب الذي يمينه باب الجنة إذا نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر والباب الذي عن شماله باب جهنم إذا نظر من يدخله بكى وحزن ، ثم صعد بي جبريل عليه السلام إلى السماء الثانية فاستفتح قيل : من هذا معك قال : محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء فإذا هو بشابين قال : يا جبريل من هذان قال : عيسى ابن مريم ويحيى بن
زكريا ، فصعد به إلى السماء الثالثة فاستفتح فقالوا : من هذا قال : جبريل

قالوا : ومن معك قال : محمد قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس كما فضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب قال : من هذا يا جبريل قال : هذا أخوك يوسف عليه السلام ، ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل قالوا : ومن معك قال : محمد قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء فدخل فإذا هو برجل قال : من هذا يا جبريل قال : هذا إدريس رفعه الله مكان عليا ، ثم صعد إلى السماء الخامسة فاستفتح فقيل : من هذا قال : جبريل قيل : ومن معك قال : محمد قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : مرحبا به حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم قال : من هذا يا جبريل ومن هؤلاء حوله قال :

هذا هرون المحبب وهؤلاء بنو إسرائيل ، ثم صعد به إلى السماء السادسة فاستفتح فقيل له : من هذا قال : جبريل قيل : ومن معك قال : محمد قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء فإذا هو برجل جالس فجاوزه فبكى الرجل قال : يا جبريل من هذا قال : موسى قال : فما له يبكي قال : زعم بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على الله وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا وأنا في أخرى فلو أنه بنفسه لم أبال ولكن مع كل نبي أمته ، ثم صعد به إلى السماء السابعة فاستفتح فقيل من هذا قال : جبريل قيل : ومن معك قال : محمد قالوا : وقد أرسل إليه قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس وقوم في ألوانهم شيء فقام هؤلاء الذين في ألوانها شيء فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص ولم يكن في أبدانهم شيء ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم فصارت مثل

ألوان أصحابهم فجاؤوا فجلسوا إلى أصحابهم فقال :
يا جبريل من هذا الأشمط ومن هؤلاء بيض الوجوه ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء وما هذه الأنهار التي دخلوا قال : هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الأرض.
وَأَمَّا هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا فتاب الله عليهم وأما الأنهار فأولها رحمة الله والثاني نعمة الله والثالث سقاهم ربهم شرابا طهورا ، ثم انتهى إلى السدرة قيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل واحد خلا من أمتك على نسك فإذا هي شجرة يخرج من اصلها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمرة لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها الورقة منها مغطية للأمة كلها فغشيها نور الخلاق عز وجل وغشيتها الملائكة عليهم السلام أمثال الغربان حين تقع على الشجرة ، فكلمه الله تعالى عند ذلك فقال له : سل فقال : اتخذت إبراهيم خليلا وأعطيته ملكا عظيما وكلمت موسى تكليما وأعطيت داود ملكا عظيما وألنت له الحديد وسخرت له الجبال وأعطيت سليمان ملكا عظيما وسخرت له الجن والإنس والشياطين وسخرت له الرياح وأعطيته ملكا لا

ينبغي لأحد من بعده وعلمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان عليهما سبيل ، فقال له ربه عز وجل : وقد اتخذتك خليلا وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك فلا أذكر إلا وذكرت معي وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم يقضى له وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبيا قبلك وأعطيتك الكوثر وأعطيتك ثمانية أسهم : الإسلام والهجرة والجهاد والصلاة والصدقة وصوم رمضان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلتك فاتحا وخاتما ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فضلني ربي وأرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا وألقى في قلب عدوي الرعب من مسيرة شهر وأحل لي الغنائم ولم

تحل لأحد قبلي وجعلت لي
الأرض كلها مسجدا وطهورا وأعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه وعرضت علي أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع ورأيتهم أتوا على قوم ينتعلون الشعر ورأيتهم أتوا على قوم عراض الوجوه صغار الأعين كأنما خرمت أعينهم بالمخيط فلم يخف علي ما هم لاقون من بعدي وأمرت بخمسين صلاة ، فلما رجع إلى موسى عليه السلام قال : بم أمرت قال : بخمسين صلاة قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك أضعف الأمم فقد لقيت من بني إسرائيل شدة فرجع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله التخفيف فوضع عنه عشرا ثم رجع إلى موسى فقال : بكم أمرت قال : بأربعين : قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فرجع فوضع عنه عشرا إلى أن جعلها خمسا ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف قال : قد رجعت إلى ربي حتى استحيت منه فما أنا براجع إليه ، قيل له : أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة وإن كل حسنة بعشر أمثالها فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا ، قال : وكان موسى عليه السلام من أشدهم عليه حين مر به وخيرهم له حين رجع إليه.

وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه عبد الرحمن عن أبيه أبي ليلى : أن جبريل عليه السلام أتى النَّبِيّ بالبراق فحمله بين يديه ثم جعل يسير به فإذا بلغ مكانا مطأطئا طالت يداه وقصرت رجلاه حتى يستوي به ثم عرض له رجل عن يمين الطريق فجعل يناديه يا محمد إلى الطريق مرتين فقال له جبريل عليه السلام : امض ولا تكلم أحدا ثم عرض له رجل عن يسار الطريق فقال له إلى الطريق يا محمد فقال له جبريل عليه السلام : امض ولا تكلم أحدا ثم عرضت له امرأة حسناء جميلة ثم قال له جبريل السلام : تدري من الرجل الذي دعاك عن يمين الطريق قال : لا قال : تلك اليهود دعتك إلى دينهم ، ثم قال : تدري من الرجل الذي دعاك عن يسار الطريق قال : لا قال : تلك النصارى

دعتك إلى دينهم ، ثم قال : تدري من المرأة الحسناء الجميلة قال : لا قال : تلك الدنيا تدعوك إلى نفسها ثم انطلقا حتى أتيا بيت المقدس فإذا هم بنفر جلوس فقالوا مرحبا بالنبي الأمي وإذا في النفر
شيخ قال : ومن هذا يا جبريل قال : هذا أبوك إبراهيم وهذا موسى وهذا عيسى ثم أقيمت الصلاة فتدافعوا ، حتى قدموا محمدا صلى الله عليه وسلم ثم أتوا بأشربة فاختار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اللبن فقال له جبريل عليه السلام أصبت الفطرة ثم قيل له : قم إلى ربك فقام فدخل ثم جاء فقيل له : ماذا صنعت قال : فرضت على أمتي خمسون صلاة فقال له موسى عليه السلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق هذا فرجع ثم جاء فقال له موسى عليه السلام : ماذا صنعت فقال : ردها إلى خمسين وعشرين فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فرجع ثم جاء فقال : ردها إلى اثنتي عشرة فقال موسى عليه السلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فرجع ثم جاء فقال : ردها إلى خمس فقال موسى عليه السلام : ارجع فاسأله التخفيف قال : قد استحيت من ربي فما أراجعه وقد قال لي ربي أن لك بكل ردة رددتها مسألة أعطيتكها.

وأخرج ابن عرفة في جزئه المشهور وأبو نعيم في الدلائل ، وَابن عساكر في تاريخه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاني جبريل عليه السلام بدابة دون البغل وفوق الحمار فحملني عليه ثم انطلق يهوي بنا كلما صعد عقبة استوت رجلاه كذلك مع يديه وإذا هبط استوت يداه مع رجليه حتى مررنا برجل طوال سبط آدم كأنه من رجال شنوأة وهو يقول : ويرفع صوته أكرمته وفضلته فدفعنا إليه فسلمنا فرد السلام فقال : من هذا معك يا جبريل قال : هذا أحمد قال : مرحبا بالنبي الأمي العربي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته ثم اندفعنا فقلت : من هذا يا جبريل قال : هذا موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام قلت : ومن يعاتب قال : يعاتب ربه فيك قلت : ويرفع صوته على ربه قال : إن الله قد عرف له حديثه ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السراح تحتها شيخ وعياله فقال لي جبريل عليه السلام : اعمد إلى أبيك إبراهيم فدفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام فقال إبراهيم : من معك يا جبريل قال : هذا ابنك أحمد فقال : مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته يا بني إنك لاق

ربك الليلة وإن أمتك آخر الأمم وأضعفها فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك فافعل ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى فنزلت
فربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء عليهم السلام تربط بها ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع وساجد ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن فأخذت اللبن فشربت فضرب جبريل عليه السلام منكبي وقال أصبت الفطرة ثم أقيمت الصلاة فأممتهم ثم انصرفنا فأقبلنا.
وأخرج الحارث بن ابي أسامة والبزار والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل ، وَابن عساكر من طريق علقمة رضي الله عنه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتيت بالبراق فركبته إذا أتى على جبل ارتفعت رجلاه وإذا هبط ارتفعت يداه فسار بنا في أرض غمة منتنة ثم أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة فسألت جبريل عليه السلام قال : تلك أرض النار وهذه أرض الجنة فأتيت على رجل قائم يصلي فقلت : من هذا يا جبريل فقال : هذا أخوك عيسى عليه السلام فسرنا فسمعنا صوتا وتذمرا فأتينا على رجل فقال : من هذا معك قال : هذا أخوك محمد صلى الله عليه وسلم فسلم ودعا بالبركة وقال : سل لأمتك اليسر فقلت من هذا يا جبريل قال : هذا أخوك موسى عليه السلام قلت على من كان

تذمره قال : على ربه عز وجل قلت : على ربه قال : نعم ، قد عرف حدته ثم سرنا فرأيت مصابيح وضوءا فقلت : ما هذا يا جبريل قال : هذه شجرة أبيك إبراهيم عليه السلام ادن منها فدنوت منها فرحب بي ودعا لي بالبركة ثم مضينا حتى أتينا بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي تربط بها الأنبياء عليهم السلام ثم دخلت المسجد فنشرت لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من سمى منهم ومن لم يسم فصليت بهم إلا هؤلاء الثلاث : إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام.
وأخرج ابن مردويه من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد ثم دخلت إلى الصخرة فإذا ملك قائم معه آنية ثلاث فتناولت العسل فشربت منه قليلا ثم تناولت الآخر فشربت منه حتى رويت فإذا هو لبن فقال اشرب من الآخر فإذا هو خمر قلت قد رويت ، قال : أما أنك لو شربت من هذا لم تجتمع أمتك على الفطرة أبدا ثم انطلق بي إلى السماء ففرضت علي الصلاة ثم رجعت إلى خديجة رضي الله عنها وما تحولت عن جانبها الآخر.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : بات رسول الله صلى الله عليه وسلم

ليلة أسري به في بيتي ففقدته من الليل فامتنع عني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبريل عليه السلام أتاني فأخذ بيدي فأخرجني فإذا على الباب دابة دون البغل وفوق الحمار فحملني عليها ثم انطلق حتى أتى بي إلى بيت المقدس فأراني إبراهيم يشبه خلقه خلقي ويشبه خلقي خلقه وأرأني موسى آدم طوالا سبط الشعر أشبهه برجال أزد شنوأة وأراني عيسى ابن مريم ربعة أبيض يضرب إلى الحمرة شبهته بعروة بن مسعود الثقفي وأراني الدجال ممسوح العين اليمنى شبهته بقطن بن عبد العزى قال : وأنا أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم ما رأيت فأخذت بثوبه فقلت إني أذكرك الله إنك تأتي قوما يكذبونك وينكرون مقالتك فأخاف أن يسطوا بك قالت : فضرب ثوبه من يدي ثم خرج إليهم فأتاهم وهم جلوس فأخبرهم فقام مطعم بن عدي فقال : يا محمد لو كنت شابا كما كنت ما تكلمت بما تكلمت به وأنت بين ظهرانينا ، فقال رجل من القوم : يا محمد هل مررت بإبل لنا في مكان كذا وكذا قال : نعم والله وجدتهم قد أضلوا بعير لهم فهم في طلبه قال : هل مررت بإبل لبني فلان قال : نعم وجدتهم

في مكان كذا وكذا قد انكسرت لهم ناقة حمراء فوجدتهم وعندهم قصعة من ماء فشربت ما فيها قالوا : فأخبرنا عن عدتها وما فيها من الرعاء ، قال : قد كنت عن عدتها مشغولا فقام وأتى بالإبل فعدها وعلم ما فيها من الرعاء ، ثم أتى قريشا فقال له : سألتموني عن إبل بني فلان فهي كذا وكذا وفيها من الرعاء فلان وفلان وسألتموني عن إبل بني فلان فهي كذا وكذا وفيها من الرعاء ابن أبي قحافة وفلان وفلان وهي مصبحتكم الغداة الثنية فقعدوا إلى الثنية ينظرون أصدقهم ما قال فاستقبلوا الإبل فسألوا هل ضل لكم بعير قالوا : نعم ، فسألوا الآخر هل انكسر لكم ناقة حمراء قالوا : نعم ، قال : فهل كان عندكم قصعة من ماء قال أبو بكر رضي الله عنه : والله أنا وضعتها فما شربها أحد منا ولا أهريقت في الأرض فصدقه أبو بكر رضي الله عنه وآمن به فسمي يومئذ الصديق.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن عساكر عن أم هانئ رضي الله عنها قال : دخل علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بغلس وأنا على فراشي فقال : شعرت أني نمت الليلة في المسجد
الحرام فأتاني جبريل فذهب بي إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل مضطرب الأذنين فركبته فكان يضع حافره في مد بصره إذا أخذ بي في هبوط طالت يداه وقصرت رجلاه وإذا أخذ بي في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه وجبريل لا يفوتني حتى انتهينا إلى بيت المقدس فأوثقته بالحلقة التي

كانت الأنبياء توثق بها فنشر لي رهط من الأنبياء عليهم السلام منهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم وأتيت بإناءين أحمر وأبيض فشربت الأبيض فقال لي جبريل عليه السلام : شربت اللبن وتركت الخمر لو شربت الخمر لارتدت أمتك ثم ركبته فأتيت المسجد الحرام فصليت به الغداة فتعلقت بردائه وقلت : أنشدك الله يا ابن عم أن تحدث بها قريشا فيكذبك من صدقك فضربت بيدي على ردائه فانتزعته من يدي فارتفع عن بطنه فنظرت إلى عكنه فوق إزاره كأنها طي القراطيس وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد أن يختطف بصري فخررت ساجدة فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج فقلت لجاريتي : ويحك اتبعيه وانظري ماذا يقول وماذا يقال له فلما رجعت أخبرتني أنه انتهى إلى نفر من قريش فيهم المطعم بن عدي وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة ، فقال : إني صليت الليلة العشاء في هذه المسجد وصليت به الغداة وأتيت فيما بين ذلك ببيت المقدس فنشر لي رهط من الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم فقال عمرو

بن هشام - كالمستهزئ - : صفهم لي ، فقال : أما عيسى ففوق الربعة ودون الطويل عريض الصدر جعد الشعر يعلوه صهبة كأنه عروة بن مسعود الثقفي وأما موسى فضخم آدم طوال كأنه من رجال شنوأة كثير الشعر غائر العينين متراكب الأسنان مقلص الشفة خارج اللثة عابس وأما إبراهيم فوالله لأنا أشبه الناس به خلقا فضجوا وأعظموا ذاك فقال المطعم : كل أمرك قبل اليوم كان أمما غير قولك اليوم أنا أشهد أنك كاذب نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا تزعم أنك أتيته في ليلة واللات والعزى لا أصدقك ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا مطعم بئس ما قلت لابن أخيك جبهته وكذبته أنا أشهد أنه صادق فقالوا : يا محمد صف لنا بيت المقدس قال : دخلته ليلا وخرجت منه ليلا فأتاه جبريل عليه السلام فصوره في جناحه فجعل يقول باب منه كذا في موضع كذا وباب منه
كذا في موضع كذا وأبو بكر رضي الله عنه يقول : صدقت صدقت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : يا أبا بكر إن الله قد سماك الصديق قالوا يا محمد أخبرنا عن عيرنا قال : أتيت على عير بني فلان بالروحاء قد أضلوا

ناقة لهم فانطلقوا في طلبها فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد وإذا قدح ماء فشربت منه ثم انتهيت إلى عير بني فلان فنفرت مني الإبل وبرك منها جمل أحمر عليه جوالق مخطط ببياض لا أدري أكسر البعير أم لا ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم يقدمها جمل أورق وها هي ذه تطلع عليكم من الثنية فقال الوليد بن المغيرة : ساحر فانطلقوا فنظروا فوجدوا كما قال فرموه بالسحر وقالوا : صدق الوليد ، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (الإسراء آية 60).
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : ما أسري برسول الله إلا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة فصلى العشاء الآخرة ثم نام ونمنا فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى الصبح وصلينا معه قال صلى الله عليه وسلم : يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ثم صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين.

وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر عن عبد الله بن عمر وأم سلمة وعائشة وأم هانئ ، وَابن عباس رضي الله عنهما دخل حديث بعضهم في بعض قالوا : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة من شعب أبي طالب إلى بيت المقدس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حملت على دابة بيضاء بين الحمار وبين البغل في فخذها جناحان تحفز بهما رجليها فلما دنوت لأركبها شمست فوضع جبريل عليه السلام يده على معرفتها ثم قال : ألا تستحتين يا براق مما تصنعين والله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه فاستحيت حتى ارفضت عرقا ثم قرت حتى ركبتها فعلت بأذنيها وقبضت الأرض حتى كان منتهى وقع حافرها طرفها وكانت طويلة الظهر طويلة الأذنين ، وخرج معي جبريل لا يفوتني ولا أفوته حتى أتى بيت المقدس فأتى البراق إلى موقفه الذي كان يقف فربطه فيه وكان مربط الأنبياء عليهم السلام رأيت الأنبياء جمعوا لي فرأيت إبراهيم وموسى وعيسى فظننت أنه

لا بد أن يكون لهم
إمام فقدمني جبريل عليه السلام حتى صليت بين أيديهم وسألتهم فقالوا : بعثنا بالتوحيد ، وقال بعضهم : فقد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فتفرقت بنو عبد المطلب يطلبونه يلتمسونه وخرج العباس رضي الله عنه حتى إذا بلغ ذا طوى فجعل يصرخ يا محمد يا محمد فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك لبيك فقال : ابن أخي أعييت قومك منذ الليلة فأين كنت قال : أتيت من بيت المقدس قال : في ليلتك قال : نعم ، قال : هل أصابك إلا خير قال : ما أصابني إلا خير ، وقالت أم هانئ رضي الله عنها : ما أسري به إلا من بيتنا بينا هو نائم عندنا تلك الليلة صلى العشاء ثم نام فلما كان قبل الفجر أنبهناه للصبح فقام فصلى الصبح ، قال : يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء كما رأيت بهذا الوادي ثم قد جئت بيت المقدس فصليت به ثم صليت الغداة معكم ثم قام ليخرج فقت لا تحدث هذا الناس فيكذبوك ويؤذوك ، فقال : والله لأحدثنهم فأخبرهم فتعجبوا وقالوا لم نسمع بمثل هذا قط ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام : يا جبريل إن قومي لا يصدقوني قال : يصدقك أبو بكر وهو الصديق ، وافتتن ناس كثير وضلوا كانوا قد أسلموا وقمت في

الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه فقال بعضهم : كم للمسجد من باب - ولم أكن عددت أبوابه - فجعلت أنظر إليها وأعدها بابا وأعلمهم وأخبرتهم عن عير لهم في الطريق وعلامات فيها فوجدوا ذلك كما أخبرتهم ، وأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) قال : كانت رؤيا عين رآها بعينه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن أنس - رضي الله عنه - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجا ملجما ليركبه فاستصعب عليه فقال له جبريل عليه السلام : أبمحمد صلى الله عليه وسلم تفعل هذا فوالله ما ركبك خلق أكرم على الله منه ، قال : فأرفض عرقا.
وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة.

وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بستة عشر شهرا.
وأخرج البيهقي عن عروة مثله.
وأخرج البيهقي عن السدي رضي الله عنه قال : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قبل مهاجره بستة عشر شهرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي ، وَابن مردويه والبيهقي في كتاب حياة الأنبياء عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام قائما يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه والبيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : حدثني بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على موسى وهو يصلي في قبره ، قال : وذكر لي أنه حمل على البراق ، قال : فأوثقت الفرس ، أو قال : الدابة بالحلقة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه صفها لي يا رسول الله قال : كذه وذه ، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد رآها.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أسري بي إلى السماء رأيت موسى يصلي في قبره.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مر على موسى وهو قائم

يصلي في قبره.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أسري بالنبي جعل يمر بالنبي والنبيين معهم الرهط والنبيين معهم القوم والنبي والنبيين ليس معهم أحد حتى مر بسواد عظيم فقلت : من هؤلاء فقيل موسى وقومه ولكن ارفع رأسك وانظر فإذا سواد عظيم قد سد الأفق من ذا الجانب وذا الجانب فقيل لي : هؤلاء وسوى هؤلاء من أمتك سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب قال : فدخل ولم يسألوه بأنفسهم ولم يفسر لهم ، فقال قائلون : نحن هم ، وقال قائلون هم أبناؤنا الذين ولدوا في الإسلام فخرج فقال : هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ، فقام عكاشة بن محصن فقال : أنا منهم يا رسول الله فقال : أنت منهم فقام رجل آخر فقال : أنا منهم قال : سبقك بها عكاشة.

وأخرج أحمد والنسائي والبزار والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة قال : ماشطة بنت فرعون وأولادها كانت تمشطها فسقط المشط من يدها فقالت بسم الله فقالت ابنة فرعون أبي قالت : بل ربي وربك ورب أبيك ، قالت : أولك رب غير أبي قالت : ألك رب غيري قال : نعم ربي وربك الله الذي في السماء ، فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أمر بها لتلقى فيها وأولادها ، قالت : إن لي إليك حاجة قال : وما هي قالت : تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنه جميعا ، قال : ذلك لك لما لك علينا من الحق فألقوا واحدا واحدا حتى بلغ رضيعا فيهم قال : أسرعي يا أمه ولا تقاعسي فإنك على الحق فألقيت هي وولدها ، قال ابن عباس رضي الله عنه وتكلم أربعة وهم صغار : هذا وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى ابن مريم.
وأخرج ابن ماجه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35