كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

قال : إخلاصا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وربطنا على قلوبهم} قال : بالإيمان ، وفي قوله : {لقد قلنا إذا شططا} قال : كذبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {لقد قلنا إذا شططا} قال : جورا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : الشطط الخطأ من القول.
الآية 16.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله : {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله} قال : كان قوم الفتية يعبدون الله ويعبدون معه آلهة شتى فاعتزلت الفتية عبادة تلك الآلهة ولم تعتزل عبادة الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله} قال : هي في مصحف ابن مسعود : وما يعبدون من دون الله فهذا تفسيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فأووا إلى الكهف} قال :

كان كهفهم بين جبلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} يقول : عذاء.
الآيه 17 - 20.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {تزاور} قال : تميل ، وفي قوله : {تقرضهم} قال : تذرهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {تقرضهم} قال : تتركهم {وهم في فجوة منه} قال : المكان الداخل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وهم في فجوة منه} قال : يعني بالفجوة الخلوة من الأرض ، ويعني بالخلوة الناحية من الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن ابي مالك في قوله : {وهم في فجوة منه} قال : في ناحية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وتحسبهم} يا محمد {أيقاظا وهم رقود}
يقول : في رقدتهم الأولى {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : وهذا التقليب في رقدتهم الأولى كانوا يقلبون في كل عام مرة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : !

{ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : ستة أشهر على ذي الجنب وستة أشهر على ذي الجنب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عياض في قوله : {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : في كل عام مرتين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ونقلبهم} قال : في التسع سنين ليس فيما سواه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : كي لا تأكل الأرض لحومهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وكلبهم} قال : اسم كلبهم قطمور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اسم كلب أصحاب الكهف قطمير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لرجل من أهل العلم : زعموا أن

كلبهم كان أسدا قال : لعمر الله ما كان أسدا ولكنه كان كلبا أحمر خرجوا به من بيوتهم يقال له قطمور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير النواء قال : كان كلب أصحاب الكهف أصفر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان قال : قال رجل بالكوفة يقال له : عبيد وكان لا يتهم بكذب قال : رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء انبجاني.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن عبيد السواق قال : رأيت كلب أصحاب الكهف صغيرا باسطا ذراعيه بفناء باب الكهف وهو يقول : هكذا يضرب بأذنيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حميد المكي في قوله : {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} قال : جعل رزقه في لحس ذراعيه.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : {بالوصيد} قال : بالفناء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {بالوصيد} قال : بالباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {بالوصيد} قال : بفناء باب الكهف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {بالوصيد} قال : بالصعيد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} قال : ممسك عليهم باب الكهف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان لي صاحب شديد النفس فمر بجانب كهفهم فقال : لا أنتهي حتى أنظر إليهم فقيل له : لا تفعل ، أما تقرأ {لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا} فأبى إلا أن ينظر فأشرف عليهم فابيضت عيناه وتغير شعره وكان يخبر الناس بعد يقول : عدتهم سبعة.

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أزكى طعاما} قال : أحل ذبيحة وكانوا يذبحون للطواغيت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {أزكى طعاما} يعني أطهر لأنهم كانوا يذبحون الخنازير.
الآية 21.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وكذلك أعثرنا عليهم} قال : أطلعنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : دعا الملك شيوخا من قومه فسألهم عن أمرهم فقالوا : كان ملك يدعى دقيوس وإن فتية فقدوا في زمانه وأنه كتب أسماءهم في
الصخرة التي كانت عند باب بالمدينة ، فدعا بالصخرة فقرأها فإذا فيها أسماءهم ففرح الملك فرحا شديدا وقال : هؤلاء قوم كانوا قد ماتوا فبعثوا ففشا فيهم أن الله يبعث الموتى ، فذلك قوله : {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها} فقال الملك : لأتخذن عند هؤلاء القوم الصالحين مسجدا فلأعبدن الله فيه حتى أموت ، فذلك قوله : {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم

مسجدا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {قال الذين غلبوا على أمرهم} قال : هم الأمراء أو قال : السلاطين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بنى عليهم الملك بيعة فكتب في أعلاها أبناء الأراكنة أبناء الدهاقين.
الآية 22.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {سيقولون ثلاثة} قال : اليهود {ويقولون خمسة} قال : النصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن قتادة في قوله : {رجما بالغيب} قال : قذفا بالظن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مسعود رضي الله عنه في قوله {ما يعلمهم إلا قليل} قال : إنا من القليل كانوا سبعة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في
قوله : {ما يعلمهم إلا قليل} قال : إنا من القليل كانوا سبعة.

وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ما يعلمهم إلا قليل} قال : أنا من القليل مكسلمينا وتمليخا وهو المبعوث بالورق إلى المدينة ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفواسيسوس وهو الراعي ، والكلب اسمه قطمير دون الكردي وفوق القبطي الألطم فوق القبطي ، قال أبو عبد الرحمن : بلغني أن من كتب هذه الأسماء في شيء وطرحه في حريق سكن الحريق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : كل شي في القرآن قليل وإلا قليل فهو دون العشرة.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {فلا تمار فيهم} يقول : حسبك ما قصصت عليك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا} قال : يقول : إلا ما أظهرنا لك من أمرهم {ولا تستفت فيهم منهم أحدا} قال : يقول لا تسأل اليهود عن أصحاب الكهف إلا ما قد أخبرناك من أمرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فلا تمار فيهم} الآية ، قال : حسبك ما قصصنا عليك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله : {ولا تستفت فيهم منهم أحدا} قال : اليهود ، والله أعلم.
الآية 23 - 24.
أَخْرَج ابن المنذرعن مجاهد أن قريشا اجتمعت فقالوا : يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا فما هذا الدين الذي جئت به قال : هذا دين جئت به من الرحمن ، فقالوا : إنا لا نعرف الرحمن إلا رحمن

اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - ثم كاتبوا اليهود فقالوا : قد نبغ فينا رجل يزعم أنه نبي وقد رغب عن ديننا ودين آبائنا ويزعم أن الذي جاء به من الرحمن ، قلنا : لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة وهو أمين لا يخون ، وفي لا يغدر ، صدوق لا يكذب وهو في
حسب وثروة من قومه فاكتبوا إلينا بأشياء نسأله عنها ، فاجتمعت يهود فقالوا : إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه ، فكتبوا إلى قريش : أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن يكن الذي أتاكم به من الرحمن فإن الرحمن هو الله عز وجل وإن يكن من رحمن اليمامة فينقطع ، فلما أتى ذلك قريشا أتى الظفر في أنفسها فقالوا : يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا ، فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ، قال : ائتوني غدا ، ولم يستثن فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه ثم أتاه فقال : سألوني عن أشياء لم يكن عندي بها علم فأجيب

حتى شق ذلك علي ، قال : ألم ترنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة - وكان في البيت جرو كلب - ونزلت {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا} من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد ونزل ما ذكر من أصحاب الكهف ونزل (ويسألونك عن الروح) (الإسراء 85) الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حلف على يمين فمضى له أربعون ليلة فأنزل الله {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} واستثنى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد أربعين ليلة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة ثم قرأ {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا ذكرت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في هذه الآية قال : إذا نسيت أن تقول لشيء ، إني أفعله فنسيت أن تقول إن شاء الله فقل إذا ذكرت : إن شاء الله.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي العالية في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : تستثني إذا ذكرت.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني قال له : ثنياه إلى شهر وقرأ {واذكر ربك إذا نسيت}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عطاء أنه قال : من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة ، وكان طاووس يقول : ما دام في مجلسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : يستثني مادام في كلامه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت ، قال : هي خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة يمينه.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر قال : كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه وإذا كان غير موصول فهو حانث.

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف فقال : إن شاء الله ، فإن شاء مضى وإن شاء رجع غير حانث.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوقن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله ، فقال له الملك : قل إن شاء الله فلم يقل ، فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسأن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عكرمة في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا غضبت.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الحسن في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا لم تقل إن شاء الله.

وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبا الحارث عن رجل من أهل الكوفة كان يقرأ القرآن في الآية قال : إذا نسي الإنسان أن يقول إن شاء الله فتوبته من ذلك أن يقول : {عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا}.
الآية 25 - 26.
أَخرَج الخطيب في تاريخه عن حكيم بن عقال قال : سمعت عثمان بن عفان يقرأ : {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين} منونة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : إن الرجل ليفسر الآية يرى أنها كذلك فيهوي أبعد ما بين السماء والأرض ثم تلا {ولبثوا في كهفهم} الآية ، ثم قال : كم لبث القوم قالوا : ثلاثمائة وتسع سنين ، قال : لو كانوا لبثوا كذلك لم يقل الله : {قل الله أعلم بما لبثوا} ولكنه حكى مقالة القوم فقال : {سيقولون ثلاثة} إلى قوله : {رجما بالغيب} وأخبر أنهم لا يعلمون قال : سيقولون {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة

في حرف ابن مسعود وقالوا لبثوا في كهفهم الآية ، يعني إنما قاله الناس ، ألا ترى أنه قال : {قل الله أعلم بما لبثوا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} قال : هذا قول أهل الكتاب فرد الله عليهم {قل الله أعلم بما لبثوا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما نزلت هذه الآية {في كهفهم ثلاث مائة} قيل : يا رسول الله أياما أم شهورا أم سنين فأنزل الله {سنين وازدادوا تسعا}.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن الضحاك عن ابن عباس موصولا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} يقول : عدد ما لبثوا.

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {أبصر به وأسمع} قال : الله يقوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أبصر به وأسمع} قال : لا أحد أبصر من الله ولا أسمع تبارك وتعالى ، والله أعلم بالصواب والحمد لله وحده.
الآية 27 - 29.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ملتحدا} قال : ملجأ.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {ولن تجد من دونه ملتحدا} ما الملتحد قال : المدخل في الأرض قال فيه خصيب الضمري : يا لهف نفسي ولهف غير محدثه * علي وما عن قضاء الله ملتحد.
وَأخرَج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن سلمان قال : جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : عيينة بن بدر والأقرع بن حابس فقالوا : يا رسول الله لو جلست في صدر المجلس وتغيبت عن هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان وأبا ذر وفقراء

المسلمين وكانت عليهم جباب الصفوف - جالسناك أو حادثناك وأخذنا عنك فأنزل الله {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك} إلى قوله : {أعتدنا للظالمين نارا} يهددهم بالنار.
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسهم حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي معكم المحيا والممات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سلمان قال : نزلت هذه الآية في وفي رجل دخل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - ومعي شن خوص - فوضع مرفقه في صدري فقال : تنح ، حتى ألقاني على البساط ثم قال : يا محمد إنا ليمنعنا كثيرا من أمرك هذا وضرباؤه أن ترى
لي قدما وسوادا فلو نحيتهم إذا دخلنا عليك فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت ، فلما خرج أنزل الله {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} إلى قوله : {وكان أمره فرطا}.
وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بعض أبياته {واصبر نفسك

مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله فيهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد فلما رآهم جلس معهم وقال : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمري أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج البزار عن بي هريرة وأبي سعيد قالا : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقرأ سورة الحجر وسورة الكهف فسكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر من طريق عمر بن ذر عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفر من أصحابه - منهم عبد الله بن رواحة - يذكرهم بالله فلما رآه عبد الله سكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذكر أصحابك ، فقال : يا رسول الله أنت أحق ، فقال : أما إنكم الملأ الذين أمرني أن أصبر نفسي معهم ثم تلا {واصبر نفسك} الآية.

وأخرج الطبراني في الصغير ، وَابن مردويه من طريق عمر بن ذر : حدثني مجاهد عن ابن عباس قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن رواحة وهو يذكر أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنكم للملأ الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معهم ، ثم تلا {واصبر نفسك} الآية ، قال : إنه ما جلس عدتكم إلا جلس معه عدتهم جليسهم من الملائكة إن سبحوا الله سبحوه وإن حمدوا الله حمدوه وإن كبروا الله كبروه ، يصعدون إلى الرب وهو أعلم فيقولون : ربنا إن عبادك سبحوك فسبحنا وكبروك فكبرنا وحمدوك فحمدنا ، فيقول ربنا : يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم ، فيقولون : فيهم فلان الخطاء ، فيقول : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قاص يقص
فأمسك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قص فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب.

وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي سعيد قال : أتى علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ناس من ضعفة المسلمين ورجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم ثم قال : بشر فقراء المسلمين بالنور التام يوم القيامة يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم مقدار خمسمائة عام ، هؤلاء في الجنة ينتعمون وهؤلاء يحاسبون.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت قال : كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر النَّبِيّ فكفوا فقال : ما كنتم تقولون قلنا : نذكر الله ، قال : فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها ، ثم قال الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج أحمد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن : قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن نافع قال : أخبرني عبد الله بن عمر في هذه الآية {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قوله : {واصبر نفسك} الآية ، قال : نزلت في صلاة الصبح وصلاة العصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن عدي بن الخيار في هذه الآية قال : هم الذين يقرأون القرآن.
وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} قال : نزلت في أمية بن خلف وذلك أنه دعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة
فأنزل الله {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} يعني من ختمنا على قلبه يعني التوحيد {واتبع هواه} يعني الشرك {وكان أمره

فرطا} يعني فرطا في أمر الله وجهالة بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال : دخل عيينة بن حصن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعنده سلمان عليه جبة من صوف فثار منه ريح العرق في الصوف فقال عيينة : يا محمد إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وضرباءه من عندك لا يؤذونا فإذا خرجنا فأنت وهم أعلم ، فأنزل الله {ولا تطع من أغفلنا قلبه} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : حدثنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له فأنزل الله {ولا تطع من أغفلنا قلبه} الآية ، فرجع إلى اصحابه وخلى عن أمية فوجد سلمان يذكرهم فقال : الحمد لله الذي لم أفارق الدنيا حتى أراني أقواما من أمتي أمرني أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مغيرة عن إبراهيم في قوله : {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال : هم أهل الذكر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر من طريق منصور عن إبراهيم في قوله : {واصبر نفسك} الآية ، قال : لا تطردهم عن الذكر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي جعفر في الآية قال : أمر أن يصبر نفسه مع أصحابه يعلمهم القرآن.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {مع الذين يدعون ربهم} قال : يعبدون ربهم ، قوله : {ولا تعد عيناك عنهم} يقول : لا تتعداهم إلى غيرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هاشم في الآية قال : كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد بن جبير في قوله : {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال : المفاضلة في الحلال والحرام.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن إبراهيم ومجاهد {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال : الصلوات الخمس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : نزلت {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} في عيينة بن حصن ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد آذاني ريح سلمان الفارسي فاجعل لنا مجلسا معك لا يجامعنا فيه واجعل لهم مجلسا منك لا نجامعهم فيه ، فنزلت.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكان أمره فرطا} قال : ضياعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وقل الحق من ربكم} قال : الحق هو القرآن.
وأخرج حنيش في الاستقامة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} يقول : من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء الله له الكفر كفر وهو قوله : {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} التكوير آية 29.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال : هذا تهديد ووعيد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زياد قال : سألت عمر بن حبيب عن قوله : {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال : حدثني داود بن نافع أن مجاهدا كان يقول : فليس بمعجزي وعيد من الله.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {أحاط بهم سرادقها} قال : حائط من نار.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار ، وَابن جَرِير وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : السرادق النار أربعة جدر كافة كل جدار منها أربعون سنة.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن يعلى بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن البحر من جهنم ثم تلا {نارا أحاط بهم سرادقها}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق ويقول : لم يذكر السرادق إلا لأهل النار.

وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {بماء كالمهل} قال : كعكر الزيت فإذا أقرب إليه سقطت فروة وجهه فيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {كالمهل} يقول : أسود كعكر الزيت.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية قال : سئل ابن عباس عن المهل قال : ماء غليظ كدردي الزيت.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في قوله : {كالمهل} قال : كدردي الزيت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : المهل دردي الزيت.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك في قوله : {كالمهل} قال : المهل دردي الزيت.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بهذب وفضة فإذا به قلما ذاب ، قال : هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ولونه لون السماء غير أن شراب أهل النار أشدا حرا من هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {كالمهل} قال : القيح والدم أسود كعكر الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {كالمهل} قال : أسود وهي سوداء وأهلها سود.
وأخرج ابن المنذر عن خصيف قال : المهل النحاس إذا أذيب فهو أشد حرا من النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحكم في قوله : {كالمهل} قال : مثل الفضة إذا أذيبت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير في قوله : {كالمهل} قال : أشد ما يكون حرا.

وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : هل تدرون ما المهل مهل الزيت : يعني آخره.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وساءت مرتفقا} قال : مجتمعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وساءت مرتفقا} قال : منزلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وساءت مرتفقا} قال : عليها مرتفقون على الحميم حين يشربون والإرتفاق هو المتكأ.
الآية 31.
أَخْرَج ابن المبارك ، وَابن أبي حاتم عن المقبري قال : بلغني أن عيسى ابن مريم كان يقول : يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها ، ثم تل ا {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينيك.
وأخرج ابن مردويه عن سعد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشمس كما يطمس ضوء النجوم.

وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا لكان ما يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب الأحبار قال : إن لله ملكا - وفي لفظ - : في الجنة ملك لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ حلى أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا منها أخرج لرد شعاع الشمس ، وإن لأهل الجنة أكاليل من در لو أن إكليلا منها دلي من السماء الدنيا لذهب بضوء الشمس كما تذهب الشمس بضوء القمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ وفضة هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {أساور من ذهب} قال : الأساور المسك.

وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء.
وأخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول : إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا.
وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والنسائي والبزار ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو قال : قال رجل : يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة ، أخلقا تخلق أم نسجا تنسج قال : بل يشقق عنها ثمر الجنة.

وأخرج ابن مردويه من حديث جابر نحوه.
وأخرج البيهقي عن أبي الخير مرثد بن عبد الله قال : في الجنة شجرة تنبت السندس منه يكون ثياب أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الاستبرق الديباج الغليظ وهو بلغة العجم استبره.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : الاستبرق الديباج الغليظ.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : الاستبرق الغليظ من الديباج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن سابط قال : يبعث الله إلى العبد من أهل الجنة بالكسوة فتعجبه فيقول : لقد رأيت الجنان فما رأيت مثل هذه الكسوة قط فيقول الرسول الذي جاء بالكسوة : إن ربك يأمر أن تهيئ لهذا العبد مثل هذه الكسوة ما شاء.

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليم بن عامر قال : إن الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من حلل أهل الجنة فيضعها بين أصبعيه فما يرى منها شيء وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي قدميه يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبا ، إن أدناها مثل شقيق النعمان وإنه يلبس سبعين ثوبا يكاد أن يتوارى وما يستطيع أحد في الدنيا أن يلبس سبعة أثواب ما يسعه عنقه.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي رافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كفن ميتا كساه الله من سندس واستبرق الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال : بلغنا أن الرجل يتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن يراهن من قبل ذلك فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرائك السرر في جوف الحجال ، عليها الفرش منضود في السماء فرسخ.
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تكون أريكة
حتى يكون السرير في الحجلة فإن كان بغير حجلة لم يكن أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة فإذا اجتمعتا كانت أريكة.

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {على الأرائك} قال : السرر عليها الحجال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأرائك من لؤلؤ وياقوت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري في الوقف والابتداء عن الحسن رضي الله عنه قال : لم نكن ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلا من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة إذا كان فيها سرير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي رجاء قال : سئل الحسن رضي الله عنه عن الأرائك فقال : هي الحجال أهل اليمن يقولون أريكة فلان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه أن سئل عن الأرائك فقال : هي الحجال على السرر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : الأرائك الحجال فيها السرر.

الآية 32 - 37
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب} قال : إن الجنة هي البستان فكان له بستان واحد وجدار واحد وكان بينهما نهر وذلك كان جنتين فلذلك سماه جنة من قبل الجدار الذي يليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال : نهر أبي فرطس نهر الجنتين ، قال ابن أبي حاتم : وهو نهر مشهور بالرملة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا} قال : لم تنقص كل شجر الجنة أطعم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {وفجرنا خلالهما نهرا} يقول : وسطهما.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وكان له ثمر} يقول : مال.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة رضي الله عنه قال : قرأها ابن عباس {وكان له ثمر} بالضم يعني أنواع المال.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وكان له ثمر} قال : ذهب وفضة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشير بن عبيد أنه كان قرأ {وكان له ثمر} برفع الثاء وقال : الثمر المال والولدان والرقيق ، والثمر : الفاكهة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي يزيد المدني أنه كان يقرؤها {وكان له ثمر} قال : الأصل والثمر الثمرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه} يقول كفور لنعمة ربه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا} يقول : تهلك {وما أظن الساعة قائمة ولئن} كانت قائمة ثم {رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا}.

الآية 38 - 39
أخرج ابن أبي حاتم عن أسماء بنت عميس قالت : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب : الله الله ربي لا أشرك به شيئا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عروة أنه كان إذا رأى من ماله شيئا يعجبه أو دخل حائطا من حيطانه قال : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} ويتأول قول الله : {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زياد بن سعد قال : كان ابن شهاب إذا دخل أمواله قال : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} ويتأول قوله : {ولولا إذ دخلت جنتك} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف قال : كان مالك إذا دخل بيته قال : {ما شاء الله} قلت لمالك لم تقول هذا قال : ألا تسمع الله يقول : {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم حفص بن ميسرة قال : رأيت على باب وهب بن

منبه مكتوبا {ما شاء الله} وذلك قول الله : {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن مرة قال : إن من أفضل الدعاء قول الرجل : {ما شاء الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم بن أدهم قال : ما سأل رجل مسألة أنجح من أن يقول : {ما شاء الله}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن يحيى بن سليم الطائفي عمن ذكره قال : طلب موسى عليه السلام من ربه حاجة فأبطأت عليه فقال : {ما شاء الله} فإذا حاجته بين يديه فقال : يا رب أنا أطلب حاجتي منذ كذا وكذا أعطيتنيها الآن فأوحى الله إليه يا موسى أما علمت أن قولك : {ما شاء الله} أنجح ما طلبت به الحوائج.
وَأخرَج أبو يعلى ابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول :

ما شاء الله لا قوة إلا بالله. إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته " وقرأ: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لاقوة إلا بالله) ..

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن معاذ بن جبل : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ألا أدلك على باب من أبواب الجنة قال : ما هو قال : لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي عن قيس بن سعد بن عبادة أن أباه دفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخدمه قال : فخرج علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - وقد صليت ركعتين واضطجعت فضربني برجله وقال : ألا أدلك على باب من أبواب الجنة قلت : بلى ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر : يا أبا ذر ألا أعلمك كلمة من كنز الجنة قال : بلى ، قال : قل لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا

أدلك على كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه كنز من كنوز الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ألا أدلكم على كنز من كنوز الجنة تكثرون من لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة.

وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته وقرأ {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال : من رأى شيئا من ماله فأعجبه فقال : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} لم يصب ذلك المال آفة أبدا وقرأ {ولولا إذ دخلت جنتك} الآية ، وأخرجه البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه مرفوعا.
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}.
وأخرج أحمد عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش قلت : نعم ، قال : أن تقول : {لا قوة إلا بالله}
قال عمرو بن ميمون : قلت لأبي هريرة - رضي الله عنه - لا حول ولا قوة إلا بالله فقال : لا إنها في سورة الكهف {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله

لا قوة إلا بالله}.
وأخرج ابن منده في الصحابة من طريق حماد بن سلمة عن سماك عن جرير قال : خرجت إلى فارس فقلت : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} فسمعني رجل فقال : ما هذا الكلام الذي لم أسمعه من أحد منذ سمعته من السماء فقلت : ما أنت وخبر السماء قال : إني كنت مع كسرى فأرسلني في بعض أموره فخرجت ثم قدمت فإذا شيطان خلفني في أهلي عي صورتي فبدأ لي فقال : شارطني على أن يكون لي يوم ولك يوم وإلا أهلكتك فرضيت بذلك فصار جليسي يحادثني وأحادثه فقال لي ذات يوم : إني مما يسترق السمع والليلة نوبتي قلت : فهل لك أن أختبئ معك قال : نعم ، فتهيأ ثم أتاني فقال : خذ بمعرفتي وإياك أن تتركها فتهلك فأخذت بمعرفته فعرج بي حتى لمست السماء فإذا قائل يقول : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فسقطوا على وجوههم وسقطت فرجعت إلى أهلي فإذا أنا به يدخل بعد أيام فجعلت أقول : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا

بالله قال : فيذوب لذلك حتى يصير مثل الذباب ، ثم قال لي : قد حفظته فانقطع عنا.
وأخرج أحمد في الزهد عن يحيى بن سليم الثقفي عن شيخ له قال : الكلمة التي تزجر بها الملائكة الشياطين حتى يسترقون السمع {ما شاء الله}.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن صفوان بن سليم قال : ما نهض ملك من الأرض حتى يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حول ولا قوة إلا بالله دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم.
وأخرج ابن مردويه والخطيب والديلمي من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال : أخبرني جبريل أن تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله أنه لا

حول عن معصية الله إلا بقوة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنها في لا حول ولا قوة إلا بالله قال : لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد أنه سئل عن تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله قال : لا تأخذ ما تحب إلا بالله ولا تمتنع مما تكره إلا بعون الله.
الآية 40 - 45.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الحسبان العذاب.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {حسبانا من السماء} قال : نارا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : بقية معشر صبت عليهم * شآبيب من الحسبان شهب.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {حسبانا من السماء} قال : نارا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فتصبح صعيدا زلقا} قال : مثل الجزر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {حسبانا من السماء} قال : عذابا {فتصبح صعيدا زلقا} أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء {أو يصبح ماؤها غورا} أي ذاهبا قد غار

في الأرض
{وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه} قال يصفق {على ما أنفق فيها} متلهفا على ما فاته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {صعيدا زلقا} قال : الصعيد الأملس والزلق التي ليس فيها نبات {وأحيط بثمره} قال : بثمر الجنتين فأهلكت {فأصبح يقلب كفيه} يقول : ندامة عليها {وهي خاوية على عروشها} قال : قلب أسفلها أعلاها.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : {وأحيط بثمره} قال : أحاط به أمر الله فهلك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ولم تكن له فئة} قال : عشيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم تكن له فئة} قال : عشيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم تكن له فئة} أي جند

يعينونه {من دون الله وما كان منتصرا} أي ممتنعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد قال : {الولاية} الدين والولاية ما أتولى.
وأخرج الحاكم وصححه عن صهيب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها : اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها.
الآية 46 – 48
أخرج ابن أبي حاتم والخطيب عن سفيان الثوري قال : كان يقال إنما سمي المال لأنه يميل بالناس وإنما سميت الدنيا لأنها دنت.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عياض بن عقبة أنه مات له ابن يقال له يحيى فلما نزل في قبره قال له رجل : والله إن كان لسيد الجيش فأحتسبه ، فقال : وما يمنعني أن أحتسبه وكان أمس من زينة الدنيا وهو اليوم من الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : {المال والبنون} حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {والباقيات الصالحات} قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : استكثروا من الباقيات الصالحات قيل : وما هن يا رسول الله قال : التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وَابن مردويه عن النعمان بن بشير : أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر من الباقيات الصالحات.
وأخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الصغير والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا جنتكم قيل : يا رسول الله أمن عدو قد حضر قال : لا ، بل جنتكم من النار قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات معقبات محسنات وهن الباقيات الصالحات.
وأخرج الطبراني ، وَابن شاهين في الترغيب في الذكر ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا

بالله هن الباقيات الصالحات وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها وهن من كنوز الجنة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشجرة يابسة فتناول عودا من أعوادها فتناثر كل ورق عليها فقال : والذي نفسي بيده إن قائلا يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لتتناثر الذنوب عن قائلها كما يتناثر الورق عن هذه الشجرة قال الله في كتابه : هن {والباقيات الصالحات}.
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن سمرة بن جندب : ما من الكلام شيء

أحب إلى الله من الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر هن أربع فلا تكثر علي لا يضرك بأيهن بدأت.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه والعدو أن تجاهدوه فلا تعجزوا عن قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن المقدمات وإنهن المؤخرات وهن المنجيات وهن الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عائشة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه خذوا جنتكم مرتين أو ثلاثا قالوا : من عدو حضر قال : بل من النار ، قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله

والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن يجئن يوم القيامة مقدمات ومحسنات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن مردويه عن علي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الباقيات الصالحات من قال : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يثبطكم الليل فلم تقوموه وعجزتم عن النهار فلم تصوموه وبخلتم بالمال فلم تعطوه وجبنتم عن العدو فلم تقاتلوه ، فأكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات الصالحات.
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأسلمت

وعلمني (قل هو الله أحد) و(وإذا زلزلت) و(قل يا أيها الكافرون) وعلمني هؤلاء الكلمات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وقال : هن الباقيات الصالحات.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عثمان بن عفان أنه سئل عن {والباقيات الصالحات} قال : هي لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير عن ابن عمر أنه سئل عن {والباقيات الصالحات} قال : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : {والباقيات الصالحات} قال : هي ذكر الله لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله وتبارك الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله وصلى الله على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة والصيام والحج والصدقة

والعتق والجهاد والصلة وجميع أعمال الحسنات وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سعيد بن المسيب قال : كنا عند سعد بن أبي وقاص فسكت سكتة فقال : لقد قلت في سكتتي هذه خيرا مما سقى النيل والفرات ، قلنا له : وما قلت قال : قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {والباقيات الصالحات} قال : الكلام الطيب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذين يذكرون من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن أو لا يحب أحدكم أن لا يزال عند الرحمن شيء يذكر به.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن أبي أوفى قال : أتى رجل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

فذكر أنه لا يستطيع أن يأخذ من القرآن شيئا وسأله شيئا يجزئ من القرآن فقال له : قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن موسى بن طلحة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلمات إذا قالهن العبد وضعهن ملك في ناحيه ثم عرج بهن فلا يمر على ملأ من الملائكة إلا صلوا عليهن وعلى قائلهن حتى يوضعن بين يدي الرحمن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وسبحان الله أبرئه عن السوء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال : رأى رجل في المنام أن مناديا نادى في السماء أيها الناس خذوا سلاح فزعكم فعمد الناس وأخذوا السلاح حتى أن الرجل وما معه عصا فنادى مناد من السماء ليس هذا سلاح فزعكم فقال رجل من الأرض ما سلاح فزعنا فقال :

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أتصدق بعددها دنانير.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أن أحمل على عدتها من خيل بأرسانها.
وأخرج عبد الرحمن بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي هريرة قال : من قال من قبل نفسه الحمد لله رب العالمين كتب الله له ثلاثين حسنة ومحا

عنه ثلاثين سيئة ومن قال : الله أكبر كتب الله له بها عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة ومن قال : لا إله إلا الله كتب الله له عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : في قوله : {والباقيات الصالحات} {الحسنات يذهبن السيئات} الصلوات الخمس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {والباقيات الصالحات} قال : كل شيء من طاعة الله فهو من الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن قتادة أنه سئل عن {والباقيات الصالحات} فقال : كل ما أريد به وجه الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {خير عند ربك ثوابا} قال : خير جزاء من جزاء المشركين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وخير أملا} قال : إن لكل عامل أملا يؤمله وإن المؤمن من خير الناس أملا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وترى الأرض بارزة} قال : لا عمران فيها ولا علامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وترى الأرض بارزة} قال : ليس عليها بناء ولا شجرة.
وأخرج ابن منده في التوحيد عن معاذ بن جبل : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ينادي يوم القيامة يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جوابا فإنكم

مسؤولون محاسبون يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب.
الآية 49.
أَخرَج البزار عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين : ديوان العمل الصالح وديوان فيه ذنوبه وديوان فيه النعم من الله عليه.
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزو حنين نزلنا قفرا من الأرض ليس فيه شيء فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اجمعوا من وجد عودا فليأت ومن وجد عظما أو شيئا فليأت به قال : فما كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاما ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أترون هذا فكذلك تجتمع الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا

فليتق الله رجل لا يذنب صغيرة ولا كبيرة فإنها محصاة عليه.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالبا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة} قال : الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين والكبيرة القهقهة بذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ويقولون يا ويلتنا} الآية ، قال : يشتكي القوم كما تسمعون ، الاحصاء ولم يشتك أحد ظلما فإياكم والمحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في الآية ، قال : سئلوا حتى عن التبسم فقيل فيم تبسمت يوم كذا وكذا.
الآية 50

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : إن من الملائكة قبيلة يقال لهم الجن فكان إبليس منهم وكان يوسوس ما بين السماء والأرض فعصى فسخط الله عليه فمسخه الله شيطانا رجيما.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : كان خازن الجنان فسمي بالجن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك قال : اختلف ابن عباس ، وَابن مسعود في إبليس فقال أحدهما : كان من سبط من الملائكة يقال لهم الجن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان السماء الدنيا وكان له مجمع البحرين بحر الروم وفارس أحدهما قبل المشرق والآخر قبل المغرب وسلطان الأرض وكان مما سولت نفسه مع قضاء الله أنه يرى أن له بذلك عظمة وشرفا على أهل السماء فوقع

في نفسه من ذلك كبر لم يعلم ذلك أحد إلا الله فلما كان السجود لآدم حين أمره الله أن يسجد لآدم استخرج الله كبره عند السجود فلعنه إلى يوم القيامة {كان من الجن} قال ابن عباس : إنما سمي بالجنان لأنه كان خازنا عليها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن وكان ابن عباس يقول : لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود وكان على خزانة السماء الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : قاتل الله أقواما

يزعمون أن إبليس كان من ملائكة الله والله تعالى يقول : {كان من الجن}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله : {كان من الجن} قال : من خزنة الجنان.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن الأنباري في الأضداد من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله : {كان من الجن} قال : هم حي من الملائكة لم يزالوا يصوغون حلي أهل الجنة حتى تقوم الساعة.
وأخرج البيهقي في الشعب عن سعيد بن جبير في قوله : {كان من الجن} قال : من الجنانين الذين يعملون في الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن ابن شهاب في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس وآدم من
الإنس وهو أبوهم ، وإبليس من الجن وهو أبوهم وقد تبين للناس ذلك حين قال الله : {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان إبليس رئيسا من الملائكة في سماء الدنيا.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن منصور قال : كانت الملائكة تقاتل الجن

فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملائكة فتعبد معها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : أجن من طاعة الله.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة فجزع لذلك فرن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة من رنته.
وأخرج أبو الشيخ عن نوف قال كان إبليس رئيس سماء الدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ففسق عن أمر ربه} قال : في السجود لآدم.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي أنه سئل عن إبليس هل له زوجة فقال : إن ذلك العرس ما سمعت به.

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أفتتخذونه وذريته} قال : ولد إبليس خمسة : ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم فمسوط صاحب الصخب والأعور وداسم لا أدري ما يفعلان والثبر صاحب المصائب وزلنبور الذي يفرق بين الناس ويبصر الرجل عيوب أهله.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : {أفتتخذونه وذريته} قال : باض إبليس خمس بيضات : زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور فأما الأعور فصاحب الزنا وأما ثبر فصاحب المصائب وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا وأما داسم فهو صاحب البيوت إذا دخل بيته ولم يسلم دخل معه وإذا أكل معه ويريه من
متاع البيت ما لا يحصى موضعه وأما زلنبور فهو صاحب الأسواق ويضع راسه في كل سوق بين السماء والأرض.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : {أفتتخذونه وذريته} قال : هم أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عددا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : باض إبليس خمس بيضات : وذريته من ذلك ، قال : وبلغني أنه يجتمع على مؤمن واحد أكثر من ربيعة ومضر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {بئس للظالمين بدلا} قال بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تعالى.
الآية 51 - 52.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} قال : يقول ما أشهدت الشياطين الذين اتخذتم معي هذا {وما كنت متخذ المضلين} قال : الشياطين {عضدا} قال : ولا اتخذتهم عضدا على شيء عضدوني عليه فأعانوني.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما كنت متخذ المضلين عضدا} قال : أعوانا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وما كنت متخذ المضلين عضدا} قال : أعوانا ..

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : {وجعلنا بينهم موبقا} يقول : مهلكا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {موبقا} يقول : مهلكا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {موبقا} قال : واد في جهنم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن أنس في قوله : {وجعلنا بينهم موبقا} قال : واد في جهنم من قيح ودم.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر في قوله : {وجعلنا بينهم موبقا} قال : هو واد عميق في النار فرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى والضلالة.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عمرو البكالي قال : الموبق الذي ذكر الله واد في النار بعيد القعر يفرق به يوم القيامة بين أهل الإسلام وبين من سواهم من الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {موبقا} قال : هو نهر في النار يسيل نارا على حافتيه حيات أمثال البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالإقتحام في النار منها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : إن في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها : غليظ وموبق وأثام وغي.
الآية 53 - 54.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فظنوا أنهم مواقعوها} قال : علموا.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان والحاكم وصلى الله عليه وسلمححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينصب الكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة والله أعلم.

وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلا فقال : ألا تصليان فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا ، وانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته بضرب فخذه ويقول : {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} قال : الجدل الخصومة خصومة القوم لآنبيائهم وردهم عليهم ما جاؤوا به وكل شيء في القرآن من ذكر الجدل فهو من ذلك الوجه فيما يخاصمونهم من دينهم يردون عليهم ما جاؤوا به والله أعلم.
الآية 55 - 59.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إلا أن تأتيهم سنة الأولين} قال : عقوبة الأولين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قرأ {أو يأتيهم العذاب قبلا} قال : قبائل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أو يأتيهم العذاب قبلا} قال : فجأة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ {أو يأتيهم العذاب قبلا} أي

عيانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله : {قبلا} قال : جهارا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أو يأتيهم العذاب قبلا} قال : مقابلهم فينظرون إليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ونسي ما قدمت يداه} أي نسي ما سلف من الذنوب الكثيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {بما كسبوا} يقول : بما علموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {بل لهم موعد} قال : الموعد يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : {لن يجدوا من دونه موئلا} قال : ملجأ.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لن يجدوا من دونه موئلا} قال : مجوزا ، وفي قوله : {وجعلنا لمهلكهم موعدا} قال : أجلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العباس بن عزوان أسنده في قوله : {وتلك

القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا} قال : قضى الله العقوبة حين عصي ثم أخرها حتى جاء أجلها ثم أرسلها.
الآية 60 – 82
أخرج ابن عساكر من طريق ابن سمعان عن مجاهد قال : كان ابن عباس يقول في هذه الآية {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح} يقول : لا أنفك ولا أزال {حتى أبلغ مجمع البحرين} يقول : ملتقى البحرين {أو أمضي حقبا} يقول : أو أمضي سبعين خريفا {فلما بلغا مجمع بينهما} يقول : بين البحرين {نسيا حوتهما} يقول : ذهب منهما وأخطأهما وكان حوتا مليحا معهما يحملانه فوثب من المكتل إلى الماء فكان {سبيله في البحر سربا} فأنسى الشيطان فتى موسى أن يذكره وكان فتى موسى يوشع بن نون {واتخذ سبيله في البحر عجبا} يقول : موسى عجب من أثر الحوت ودوراته التي غار فيها {قال ذلك ما كنا نبغ} قول موسى : فذاك حيث أخبرت أني أجد الخضر حيث يفارقني الحوت {فارتدا على آثارهما قصصا} يقول : اتبع موسى ويوشع أثر الحوت في البحر وهم راجعان على ساحل البحر {فوجدا عبدا من عبادنا} يقول :

فوجدا خضرا {آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما} قال الله تعالى : (وفوق كل ذي علم عليم) (يوسف آية 76) فصحب موسى الخضر وكان من شأنهما ما قص الله في كتابه.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس أن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل : قال ابن عباس : كذب عدو الله ، حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم فقال : أنا ، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه : أن لي عبدا بمجمع البحرين وهو أعلم منك ، قال موسى : يا رب كيف لي به قال : تأخذ معك حوتا تجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر {فاتخذ سبيله في البحر سربا} وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبرهه بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد
قال موسى {لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به فقال له فتاه : {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره

واتخذ سبيله في البحر عجبا} قال : فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا ، فقال موسى {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} قال سفيان : يزعم ناس أن تلك الصخرة عندها عين الحياة ولا يصيب ماؤها ميتا إلا عاش ، قال : وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش ، قال : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام قال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل قال : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله علمك الله لا أعلمه ، فقال موسى {ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} فقال له الخضر {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا} يمشيان على ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول فلما ركبوا في السفينة فلم يفجأه إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم فقال له موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ، {لقد جئت شيئا إمرا} فقال : {ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كانت الأولى من موسى نسيانا قال : وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له

الخضر : ما علمني وما علمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله فقال له موسى : {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا} قال : وهذه أشد من الأولى {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} قال : مائل فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه فقال موسى : قوم
أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {لو شئت لاتخذت عليه أجرا} فقال : {هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما ، قال سعيد بن جبير : وكان ابن عباس يقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وكان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق آخر عن سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال : سلوني ، قلت : أي أبا عباس جعلني الله فداءك بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل ، قال : كذب عدو الله حدثني أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موسى عليه السلام ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى فأدركه رجل فقال : أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك قال : لا ، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى ، قيل : بلى ، قال : أي رب فأين قال : بمجمع البحرين ، قال : أي رب اجعل لي علما أعلم به ذلك ، قال : خذ حوتا ميتا حيث ينفخ فيه الروح ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت ، قال : ما كلفت كثيرا ، قال : فبينا هو في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه : لا أوقظه ، حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره.

وتضرب الحوت حتى دخل البحر فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كان أثره في حجر ، قال موسى {لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى ثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه فسلم عليه موسى فكسف عن وجهه وقال : هل بأرض من سلام ، من أنت قال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل قال : نعم ، قال : فما شأنك قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا ، قال : أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك يا موسى إن لي علما لا ينبغي أن تعلمه وإن لك علما لا ينبغي لي أعلمه ، فأخذ طائر بمنقاره من البحر فقال : والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره من
البحر ، حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل الساحل إلى أهل هذا الساحل الآخر فعرفوه فقالوا : عبد الله الصالح لا نحمله بأجر فخرقها ووتد فيها وتدا ، قال موسى {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا} كانت الأولى نسيانا والوسطة والثالثة عمدا {لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله} ووجد غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا ظريفا

فأضجعه ثم ذبحه بالسكين فقال : {أقتلت نفسا زكية} لم تعمل الحنث ، قال ابن عباس قرأها : {زكية} زاكية مسلمة كقولك : غلاما زكيا ، {فانطلقا} {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} قال : بيده هكذا ورفع يده فاستقام {قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا} قال : أجر تأكله {وكان وراءهم ملك} قرأها ابن عباس وكان أمامهم ملك يزعمون مدد بن ندد والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور {ملك يأخذ كل سفينة} صالحة {غصبا} فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها ومنهم من يقول سدوها بالقار (فكان أبواه مؤمنين) وكان كافرا {فخشينا أن

يرهقهما طغيانا وكفرا} أي يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر ، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن مردويه من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكنا عنده فقال القوم : إن نوفا الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني إسرائيل فكان ابن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال : كذب نوف حدثني أبي بن كعب أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل واستحيا وأخذته دمامة من صاحبه فقال له : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني لرأى من صاحبه عجبا ، قال : وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا ذكر نبيا من الأنبياء بدأ بنفسه فقال : رحمة الله علينا وعلى صالح ورحمة الله علينا وعلى أخي عاد ثم قال : إن موسى بينا هو يخطب قومه ذات يوم إذ قال لهم : ما في الأرض أحد أعلم مني ، فأوحى الله إليه : أن في الأرض من هو أعلم منك وآية ذلك أن تزود حوتا مالحا فإذا فقدته فهو حيت تفقده ، فتزود حوتا مالحا فانطلق هو وفتاه حتى إذا بلغا المكان الذي أمروا به
فلما انتهوا

إلى الصخرة انطلق موسى يطلب ووضع فتاه الحوت على الصخرة فاضطرب {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال فتاه : إذا جاء نبي الله حدثته ، فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابه ما يصيب المسافر من النصب والكلال حين جاوز ما أمر به فقال موسى : {لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال فتاه : يا نبي الله {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت} أن أحدثك {وما أنسانيه إلا الشيطان} {فاتخذ سبيله في البحر سربا} {قال ذلك ما كنا نبغ} [ نبغي ] فرجعا {على آثارهما قصصا} يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة فأطاف فإذا هو برجل مسجى بثوب فسلم عليه فرفع رأسه فقال له : من أنت قال : موسى ، قال : من موسى قال : موسى بني إسرائيل ، قال : فما لك قال : أخبرت أن عندك علما فأردت أن أصحبك {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} {قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} قال : {وكيف تصبر على ما لم تحط به

خبرا} قال : قد أمرت أن أفعله {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة} فخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها فقال له موسى : تخرقها {لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} فانطلقا حتى إذا أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام ليس في الغلمان أحسن ولا ألطف منه فأخذه فقتله فنفر موسى عند ذلك وقال {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا} قال : فأخذته دمامة من صاحبه واستحيا فقال {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية} وقد أصاب موسى جهد شديد فلم يضيفوهما {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} قال له موسى مما نزل به من الجهد : {لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} فأخذ موسى بطرف ثوبه فقال حدثني {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} {وكان وراءهم

ملك يأخذ كل سفينة غصبا} فإذا مر عليها فرآها منخرقة تركها ورقعها أهلها بقطعة من خشب فانتفعوا بها.
وأما الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه ولو عصياه شيئا لأرهقهما طغيانا وكفرا فأراد ربك أن يبدلهما {خيرا منه زكاة وأقرب رحما} فوقع أبوه على أمه فعلقت خيرا منه زكاة وأقرب رحما.
وأخرج من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن عباس - وعنده نفر من أهل الكتاب - فقال بعضهم : إن نوفا يزعم عن أبي بن كعب أن موسى النَّبِيّ الذي طلب العلم إنما هو موسى بن ميشا فقال ابن عباس : كذب نوف ، حدثني أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن موسى بني إسرائيل سأل ربه فقال : أي رب إن كان في عبادك أحد أعلم مني فدلني ، قال : نعم في عبادي من هو أعلم منك فنعت له مكانه فأذن له في لقيه فخرج موسى ومعه فتاه ومعه حوت مليح قد قيل : إذا حيي هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك وقد أدركت حاجتك ، فخرج موسى ومعه فتاه ومعه

ذلك الحوت يحملانه فسار حتى جهده السير وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء ماء الحياة من شرب منه خلد ولا يقاربه شيء ميت إلا حيي ، فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي {فاتخذ سبيله في البحر سربا} فانطلقا {فلما جاوزا قال} موسى {لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال الفتى وذكر {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} قال ابن عباس : فظهر موسى على الصخرة حين انتهيا إليها فإذا رجل ملتف في كسائه فسلم موسى عليه فرد عليه ثم قال له : ما جاء بك إن كان لك في قومك لشغل قال له موسى : جئتك لتعلمني مما علمت رشدا ، {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} وكان رجلا يعلم علم الغيب قد علم ذلك فقال موسى : بلى ، قال : {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} أي أن ما تعرف ظاهرا ما ترى من العدل ولم تحط من علم الغيب بما أعلم {قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} وإن رأيت ما يخالفني {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان

الناس يلتمسان من يحملهما حتى مرت بهما سفينة جديدة وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن منها ولا أجمل ولا أوثق منها فسألا أهلها أن يحملوهما فحملوهما فلما اطمأنا فيها ولجت بهما مع أهلها أخرج منقارا له ومطرقة ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى
خرقها ثم أخذ لوحا فطبقه عليها ثم جلس عليها يرقعها فقال له موسى - ورأى أمرا أفظع به - {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت} أي بما تركت من عهدك {ولا ترهقني من أمري عسرا} ثم خرجا من السفينة فانطلقا حتى أتيا قرية فإذا غلمان يلعبون ، فيهم غلام ليس في الغلمان غلام أظرف منه ولا أوضأ منه فأخذ بيده وأخذ حجرا فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله فرآى موسى عليه السلام أمرا فظيعا لا صبر عليه صبي صغير قتله لا ذنب له ، {قال أقتلت نفسا

زكية بغير نفس} أي صغيرة {لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا} أي قد عذرت في شأني {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} فهدمه ثم قعد يبنيه فضجر موسى مما يراه يصنع من التكليف وما ليس عليه صبر فقال {لو شئت لاتخذت عليه أجرا} أي قد استطعمناهم فلم يطعمونا واستضفناهم فلم يضيفوهما ثم قعدت تعمل في غير صنيعة ولو شئت لأعطيت عليه أجرا في عملك ، {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة} صالحة {غصبا} - في قراءة أبي بن كعب كل سفينة صالحة وإنما عيبها لطرده عنها فسلمت

منه حين رأى العيب الذي صنعت بها {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري} أي ما فعلته عن نفسي {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} فكان ابن عباس يقول : ما كان الكنز إلا علما.
وأخرج ابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قام موسى خطيبا لنبي إسرائيل فأبلغ في الخطبة وعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتي وعلم الله الذي حدث نفسه من ذلك فقال له : يا موسى إن من عبادي من قد آتيته من العلم ما لم أوتك ، قال : فادللني عليه
حتى أتعلم منه ، قال : يدلك عليه بعض زادك ، فقال لفتاه يوشع {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا} قال : فكان فيما تزوداه حوت مملوح وكانا يصيبان منه عند العشاء والغداء فلما انتهيا إلى الصخرة على ساحل البحر وضع فتاه المكتل على ساحل البحر فأصاب الحوت ندى الماء فتحرك في المكتل فقلب المكتل وأسرب في البحر فلما جاوز أحضر الغداء

فقال : {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} فذكر الفتى {قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} فذكر موسى ما كان عهد إليه إنه يدلك عليه بعض زادك ، {قال ذلك ما كنا نبغ} أي هذه حاجتنا {فارتدا على آثارهما قصصا} يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة التي فعل فيها الحوت ما فعل فأبصر موسى أثر الحوت فأخذا أثر الحوت يمشيان على الماء حتى انتهيا إلى جزيرة من جزائر العرب {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا} فأقر له بالعلم {قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} يقول : حتى أكون أنا أحدث ذلك لك {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها} إلى قوله : {فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما} على ساحل البحر في غلمان يلعبون فعهد إلى أجودهم وأصبحهم {فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا} ، قال ابن عباس : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاستحى نبي الله موسى عند ذلك فقال : {إن سألتك عن

شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها} إلى قوله : {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} قال : وهي في قراءة أبي بن كعب يأخذ كل سفينة صالحة غصبا فأردت أن أعيبها حتى لا يأخذها الملك فإذا جاوزوا الملك رقعوها فانتفعوا بها وبقيت لهم {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين} إلى قوله : {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} قال : فجاء طائر هذه الحمرة فبلغ فجعل بغمس منقاره في
البحر فقال له : يا موسى ما يوق هذا الطائر قال : لا أدري ، قال : هذا يقول : ما علمكما الذي تعلمان في علم الله إلا كما أنقص بمنقاري من جميع ما في هذا البحر.
وأخرج الروياني ، وَابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : بينما موسى عليه السلام يذكر بني إسرائيل إذ حدث نفسه أنه ليس أحد من الناس أعلم منه فأوحى الله إليه : أني قد علمت ما حدثت به نفسك فإن من عبادي رجلا أعلم منك ، يكون على ساحل البحر فأته فتعلم منه

واعلم أن الآية الدالة لك على مكانه زادك الذي تزود به فأينما فقدته فهناك مكانه ، ثم خرج موسى وفتاه قد حملا حوتا مالحا في مكتل وخرجا يمشيان لا يجدان لغوبا ولا عنتا حتى انتهيا إلى العين التي كان يشرب منها الخضر فمضى موسى وجلس فتاه فشرب منها فوثب الحوت من المكتل حتى وقع في الطين ثم جرى حتى وقع في البحر ، فذلك قوله تعالى : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} فانطلق حتى لحق موسى فلما لحقه أدركه العياء فجلس وقال لفتاه {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال : ففقد الحوت فقال : {فإني نسيت الحوت} الآية ، يعني فتى موسى {واتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغ} إلى {قصصا} فانتهيا إلى الصخرة فأطاف بها موسى فلم ير شيئا ثم صعد فإذا على ظهرها رجل متلفف بكسائه نائم فسلم عليه موسى فرفع رأسه فقال : أنى السلام بهذا المكان ، من أنت قال : موسى بني إسرائيل ، قال : فما كان لك في قومك شغل عني قال : أني أمرت بك ، فقال الخضر : {إنك لن تستطيع معي صبرا} {قال ستجدني إن شاء الله صابرا} الآية ، {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}

فخرجا يمشيان حتى انتهيا إلى ساحل البحر فإذا قوم قد ركبوا في سفينة يريدون أن يقطعوا البحر ركبوا معهم فلما كانوا في ناحية البحر أخذ الخضر حديدة كانت معه فخرق بها السفينة {قال أخرقتها لتغرق أهلها} الآية ، {قال ألم أقل} الآية ، {قال لا تؤاخذني} الآية ، {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية} فوجدا صبيانا يلعبون يريدون القرية فأخذ الخضر غلاما منهم وهو أحسنهم وألطفهم فقتله قال له موسى : {أقتلت نفسا زكية} الآية ، {قال ألم أقل لك} الآية ، {قال إن سألتك} الآية ، فانطلقا حتى انتهيا إلى قرية لئام
وبهما جهد فاستطعموهم فلم يطعموهم فرأى الجدار مائلا فمسحه الخضر بيده فاستوى فقال : {لو شئت لاتخذت عليه أجرا} قال له موسى : قد ترى جهدنا وحاجتنا لو سألتهم عليه أجرا أعطوك فنتعشى به {قال هذا فراق بيني وبينك} ، قال : فأخذ موسى بثوبه فقال : أنشدك الصحبة إلا أخبرتني عن تأويل ما رأيت قال : {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} الآية ، خرقتها لأعيبها فلم تؤخذ فأصلحها

أهلها فامتنعوا بها وأما الغلام فإن الله جعله كافرا وكان أبواه مؤمنين فلو عاش لأرهقهما {طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : لما ظهر موسى وقومه على مصر أنزل قومه بمصر فلما استقرت بهم الدار أنزل الله (وذكرهم بأيام الله) (إبراهيم آية 5) فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعيم وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض وقال كلم الله موسى نبيكم تكليما واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه وآتاكم من كل شيء سألتموه فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرون اليوم ، فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا عرفهم إياها فقال له رجل من بني إسرائيل : فهل على الأرض أعلم منك يا نبي الله قال : لا ، فبعث الله جبريل إلى موسى فقال : إن الله يقول : وما يدريك أين أضع علمي ، بلى على ساحل البحر رجل أعلم ، قال ابن عباس : هو الخضر ، فسأل موسى ربه أن يريه إياه فأوحى الله إليه : أن ائت البحر فإنك

تجد على ساحل البحر حوتا ميتا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شط البحر فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب ، فلما طال صعود موسى ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت : {قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} لك ، قال الفتى ، لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا فأعجب ذلك فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم
عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة فجعل نبي الله يعجب من ذلك حتى انتهى الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر فلقي الخضر بها فسلم عليه فقال الخضر : وعليك السلام ، وأنى يكون هذا السلام بهذا الأرض ، ومن أنت قال : أنا موسى ، فقال له الخضر : أصاحب بني إسرائيل فرحب به وقال : ما جاء بك قال : جئتك {على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا} يقول : لا تطيق ذلك ، قال موسى : {ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} فانطلق به وقال له : لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه ، فذلك قوله : {حتى أحدث لك منه ذكرا}.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخطيب ، وَابن عساكر من طريق هرون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس قال : سأل موسى ربه فقال : رب أي عبادك أحب إليك قال : الذي يذكرني ولا ينساني ، قال : فأي عبادك أقضى قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى ، قال : فأي عبادك أعلم قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى ، قال : وقد كان حدث موسى نفسه أنه ليس أحد أعلم منه ، قال : رب فهل أحد أعلم مني قال : نعم ، قال : فأين هو قيل له : عند الصخرة التي عندها العين ، فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله وانتهى موسى إليه عند الصخرة فسلم كل واحد منهما على صاحبه فقال له موسى : إني أريد أن تصحبني ، قال : إنك لن تطيق صحبتي ، قال : بلى ، قال : فإن صحبتني {فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} فسار به في البحر حتى انتهى إلى محمع البحرين وليس في البحر مكان أكثر ماء منه ، قال : وبعث الله الخطاف فجعل يستقي منه بمنقاره فقال لموسى : كم ترى هذا الخطاف رزأ بمنقاره من الماء قال : ما أقل ما رزأ ، قال : فإن علمي وعلمك

في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء ، وذكر تمام الحديث في خرق السفينة وقتل الغلام وإصلاح الجدار فكان قول موسى في الجدار لنفسه شيئا من الدنيا وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز وجل.
وأخرج الدارقطني في الأفراد ، وَابن عساكر من طريق مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الخضر ابن آدم لصلبه ونسئ له في أجله حتى يكذب الدجال.
وأخرج البخاري وأحمد والترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إنما سمي الخضر خضرا لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن مجاهد قال : إنما سمي الخضر لأنه إذا صلى اخضر ما حوله.
وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحاق قال : حدثنا أصحابنا أن آدم عليه السلام

لما حضره الموت جمع بنيه فقال : يا بني إن الله سينزل على أهل الأرض عذابا فليكن جسدي معكم في المغارة حتى إذا هبطتم فابعثوني وادفنوني بأرض الشام ، فكان جسده معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد وأرسل الله الطوفان على الأرض فغرقت الأرض زمانا فجاء نوح حتى نزل بابل وأوصى بنيه الثلاثة - وهم سام وحام ويافث - أن يذهبوا بجسده إلى الغار الذي أمرهم أن يدفنوه به ، فقالوا : الأرض وحشية لا أنيس بها ولا نهتدي لطريق ولكن كف حتى يعظم الناس ويكثروا ، فقال لهم نوح : إن آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة ، فلم يزل جسد آدم حتى جاء الخضر عليه السلام هو الذي تولى دفنه فأنجز الله له ما وعده فهو يحيا ما شاء الله أن يحيا.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب : أن الخضر عليه السلام أمه رومية وأبوه فارسي.

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما لقي موسى الخضر جاء طير فألقى منقاره في الماء فقال الخضر لموسى : تدري ما يقول هذا الطائر قال : وما يقول قال : يقول : ما علمك وعلم موسى في علم الله إلا كما أخذ منقاري من الماء.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والبزار وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي الدرداء في قوله : {وكان تحته كنز لهما}
قال : أحلت لهم الكنوز وحرمت عليهم الغنائم وأحلت لنا الغنائم وحرمت علينا الكنوز.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبزار عن أبي ذر رفعه قال : إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح من ذهب مضمن عجبت لمن أيقن بالقدر ثم نصب وعجبت لمن ذكر النار ثم ضحك وعجبت لمن ذكر الموت ثم غفل ، لا إله

إلا الله ، محمد رسول الله.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : كان اللوح الذي ذكر الله تعالى في كتابه {وكان تحته كنز لهما} حجر منقورا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم عجبا لمن يعلم أن القدر حق كيف يحزن ، وعجبا لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ، وعجبا لمن يرى الدنيا وغرورها وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخرج الخرائطي في قمع الحرص ، وَابن عساكر من طريق أبي حازم عن ابن عباس في قوله تعالى : {وكان تحته كنز لهما} قال : لوح من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم عجبا لمن يعرف الموت كيف يفرح ، وعجبا لمن يعرف النار كيف يضحك ، وعجبا لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ، وعجبا لمن أيقن بالقضاء والقدر كيف ينصب في طلب الرزق ، وعجبا لمن يؤمن بالحساب كيف

يعمل الخطايا ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخرج ابن مردويه عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وكان تحته كنز لهما} قال : لوح من ذهب مكتوب فيه : شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا رسول الله عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ، عجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح ، عجبت لمن تفكر في تقلب الليل والنهار ويأمن فجأتهما حالا فحالا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وكان تحته كنز لهما} قال : ما كان ذهبا ولا فضة كان صحفا عليها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب في قول الله عز وجل : {وكان تحته كنز لهما} قال : كان لوح من ذهب مكتوب فيه : لا إله الله إلا الله محمد رسول الله ، عجبا لمن يذكر الموت حق كيف يفرح ،.

وعجبا لمن يذكر أن النار حق كيف يضحك ، وعجبا لمن يذكر أن القدر حق كيف يحزن ، وعجبا لمن يرى الدنيا وتصرفها بأهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها ،.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وكان أبوهما صالحا} قال : كان يؤدي الأمانات والودائع إلى أهلها.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {وكان أبوهما صالحا} قال :

حفظ الصلاح لأبيهما وما ذكر عنهما صلاحا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده ويحفظه في ذريته والدويرات حوله فما يزالون في ستر من الله وعافية.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وأهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر موقوفا.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب قال : إن الله يخلف العبد المؤمن في ولده ثمانين عاما.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : بينما موسى يخاطب الخضر يقول : ألست نبي بني إسرائيل فقد أوتيت من

العلم ما تكتفي به وموسى يقول له : إني قد أمرت باتباعك ، والخضر يقول : {إنك لن تستطيع معي صبرا} فبينما هو يخاطبه إذ جاء عصفور فوقع على شاطئ البحر ، فنقر منه نقرة ثم طار فذهب فقال الخضر لموسى : يا موسى هل رأيت الطير أصاب من البحر قال : نعم ، قال : ما أصبت أنا وأنت من العلم في علم الله إلا بمنزلة ما أصاب هذا الطير من هذا البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} قال : حتى أنتهي.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {مجمع البحرين} قال : بحر فارس والروم هما بحر المشرق والمغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس مثله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله : {مجمع البحرين} قال : أفريقية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : {مجمع البحرين} قال : طنجة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {مجمع البحرين} قال :

الكر والرس حيث يصبان في البحر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أو أمضي حقبا} قال : دهرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أو أمضي حقبا} قال : سبعين خريفا ، وفي قوله : {فلما بلغا مجمع بينهما} قال : بين البحرين {نسيا حوتهما} قال : أضلاه في البحر {واتخذ سبيله في البحر عجبا} قال : موسى يعجب من أثر الحوت ودوراته التي غاب فيها {فارتدا على آثارهما قصصا} قال : اتباع موسى وفتاه أثر الحوت حيث يشق البحر راجعين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {نسيا حوتهما} قال : كان مملوحا مشقوق البطن.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال : أثره يابس في البحر كأنه حجر.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : ما أنجاب ماء منذ كان الناس غير بيت ماء الحوت دخل منه صار منجابا كالكرة حتى رجع إليه موسى فرأى أمساكه قال : {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} أي يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى مدخل البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال : جاء فرأى جناحيه في الطين حين وقع في الماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال : دخل الحوت في البطحاء بعد موته حين أحياه الله ثم اتخذ فيها سربا حتى وصل إلى البحر ، والسرب طريق حتى وصل إلى الماء وهي بطحاء يابسة في البر بعدما أكل منه دهرا طويلا وهو زاده ثم أحياه الله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أن موسى عليه السلام شق الحوت وملحه وتغدى منه وتعشى فلما كان من الغد {قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال في قراءة أبي وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكر له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : أتى الحوت على عين في البحر يقال لها عين الحياة فلما أصاب تلك العين رد الله إليه روحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فارتدا على آثارهما قصصا} قال : عودهما على بدئهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فوجدا عبدا من عبادنا} قال : لقيا رجلا عالما يقال له خضر.
وأخرج ابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : شممت ليلة أسري بي رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة قال : ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل وكان ممره براهب في صومعته فيطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام وأخذ عليه أن لا يعلمه أحدا ، ثم إن أباه زوجه امرأة فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا وكان لا يقرب النساء ثم زوجه أخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا ثم طلقها فأفشت عليه إحداهما وكتمت الأخرى فخرج هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فرآه رجلان فأفشى عليه أحدهما وكتم الآخر ، فقيل له : ومن رآه معك قال : فلان ، وكان في

دينهم أن من كذب قتل فسئل فكتم فقتل الذي أفشى عليه ثم تزوج الكاتم عليه المرأة الماشطة فبينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها فقالت : تعس فرعون ، فأخبرت الجارية أباها فأرسل إلى المرأة وابنيها وزوجها فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم فأبوا فقال : إني قاتلكم ، قال : أحببنا منك إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد ، فقتلهم وجعلهم في قبر واحد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شممت رائحة أطيب منها وقد دخلت الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إنما سمي الخضر لأنه كان إذا جلس في مكان اخضر ما حوله وكانت ثيابه خضرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {آتيناه رحمة من عندنا} قال : أعطيناه الهدى والنبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : إنما سمي الخضر لأنه إذا قام في مكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطي قدميه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ركبا في السفينة} قال : إنما كانت معبرا في ماء الكر فرسخ في فرسخ.

وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ليغرق أهلها بالياء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {لقد جئت شيئا إمرا} يقول : منكرا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {شيئا إمرا} يقول : منكرا.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {شيئا إمرا} قال : عجبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر في قوله : {شيئا إمرا} قال : عظيما.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب في قوله : {لا تؤاخذني بما نسيت} قال : لم ينس ولكنها من معاريض الكلام .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لا تؤاخذني بما نسيت) . قال : هذا من معاريض الكلام ..
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية ومن طريق حماد بن يزيد عن شعيب بن الحجاب قالا : كان الخضر عبدا لا تراه الأعين إلا من أراد الله أن يريه إياه فلم يريه من القوم إلا موسى ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل الغلام ، قال حماد : وكانوا يرون أن موت الفجأة من ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز في قوله : {لقيا غلاما} قال : كان غلاما ابن عشرين سنة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : لما قتل الخضر الغلام ذعر موسى ذعرة منكرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {نفسا زكية} قال : تائبة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ [ قتلت نفسا زكية ] قال سعيد : زكية مسلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {نفسا زكية} قال : لم تبلغ الخطايا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية أنه كان يقرأ {زكية} يقول : تائبة.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله : {نفسا زكية} قال : تائبة ، يعني صبيا لم يبلغ.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لقد جئت شيئا نكرا} قال : النكر أنكر من العجب.
وأخرج أحمد عن عطاء قال : كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان فكتب إليه : إن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن جرير قال : كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن قتل الولدان ويقول في كتابه : إن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد ، قال يزيد : أنا كتبت كتاب ابن عباس بيدي إلى نجدة أنك كتبت تسأل عن قتل الولدان وتقول في كتابك أن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد ولو كنت تعلم من الولدان ما علم ذلك العالم من ذلك الوليد قتلته ولكنك لا تعلم ، قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلهم فاعتزلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن أبي مليكة قال : سئل ابن عباس عن الولدان في الجنة قال : حسبك ما اختصم فيه موسى

والخضر.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا.
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا.
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {إن سألتك عن شيء بعدها} مهموزتين.
وأخرج أبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {من لدني عذرا} مثقلة.

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن السدي في قوله : {أتيا أهل قرية} قال : كانت القرية تسمى باجروان كان أهلها لئاما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : أتيا الإبلة وهي أبعد أرض الله من السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن ابن عباس في قوله : {أتيا أهل قرية} : قال : هي أبرة ، قال : وحدثني رجل أنها أنطاكية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى قال : بلغني أن المسألة للمحتاج حسنة ألا تسمع أن موسى وصاحبه استطعما أهلها.
وَأخرَج النسائي ، وَابن مردويه عن أبي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {فأبوا أن يضيفوهما} مشددة.
وأخرج الديلمي عن أبي بن كعب رفعه في قوله : {فأبوا أن يضيفوهما} قال : كانوا أهل قرية لئاما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {يريد أن ينقض} قال : يسقط.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قرأ {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} فهدمه ثم قعد يبنيه.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {فأقامه} قال : رفع الجدار بيده فاستقام.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون قال : في حروف عبد الله لو شئت لتخذت عليه أجرا.
وأخرج البغوي في معجمه ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ لو شئت لتخذت عليه أجرا مخففة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب القرظي قال : قال عمر بن
الخطاب ورسول الله يحدثهم بهذا الحديث حتى فرغ من القصة : يرحم الله موسى وددنا أنه لو صبر حتى يقص علينا من حديثهما.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : رحمة الله علينا وعلى موسى - فبدأ بنفسه - لو كان صبر لقص علينا من خبره ولكن قال : {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فأردت أن أعيبها} قال : أخرقها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ : وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت تقرأ في الحرف الأول كل سفينة صالحة غصبا قال : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن أبي الزاهرية قال : كتب عثمان وكان

وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الغلام الذي قتله الخضر جيسور.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن ابن عباس أنه كان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة قال : في حرف أبي وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فخشينا} قال : فأشفقنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي في مصحف عبد الله فخاف ربك أن يرهقهما طغيانا وكفرا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا} قال : خشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر في الآية قال : لو بقي كان فيه بوارهما واستئصالهما.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : قال مطرف بن الشخير : إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد وحزنا عليه يوم قتل ولو عاش لكان فيه هلاكهما ، فرضي رجل بما قسم الله له فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {خيرا منه زكاة} قال : إسلاما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {خيرا منه زكاة} قال : دينا {وأقرب رحما} قال : مودة ، فأبدلا جارية ولدت نبيا.

وأخرج ابن المنذر من طريق بسطام بن جميل عن عمر بن يوسف في الآية قال : أبدلهما جارية مكان الغلام ولدت نبيين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وكان تحته كنز لهما} قال : كان الكنز لمن قبلنا وحرم علينا وحرمت الغنيمة على ما كان قبلنا وأحلت لنا فلا تعجبن للرجل يقول : ما شأن الكنز أحل لمن قبلنا وحرم علينا فإن الله يحل من أمره ما يشاء ويحرم ما يشاء وهي السنن والفرائض ، تحل لأمة وتحرم على أخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم عن خيثمة قال : قال عيسى ابن مريم عليه السلام : طوبى لذرية مؤمن ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده ، وتلا خيثمة {وكان أبوهما صالحا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن وهب قال : إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق شيبة عن سليمان بن سليم بن سلمة

قال : مكتوب في التوراة إن الله ليحفظ القرن إلى القرن إلى سبعة قرون وإن الله يهلك القرن إلى القرن إلى سبعة قرون.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما
يقول لنبي إسرائيل : إني إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي ناهية وإذا عصيت غضبت ولعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد.
وأخرج أحمد عن وهب قال : يقول الله : اتقوا غضبي فإن غضبي يدرك إلى ثلاثة آباء وأحبوا رضاي فإن رضاي يدرك في الأمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما فعلته عن أمري} قال : كان عبدا مأمورا مضى لأمر الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : قال موسى لفتاه يوشع بن نون {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} فاصطادا حوتا فاتخذاه زادا وسارا حتى انتهيا إلى الصخرة التي أرادها فهاجت ريح فاشتبه عليه المكان ونسيا عليه الحوت ثم ذهبا فسارا حتى اشتهيا الطعام فقال لفتاه : {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} يعني جهدا في السير ، فقال الفتى لموسى : {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت

الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} ، قال : فسمعنا عن ابن عباس أنه حدث عن رجال من علماء أهل الكتاب أن موسى دعا ربه على أثره ومعه ماء عذب في سقاء فصب من ذلك الماء في البحر وانصب على أثره فصار حجرا أبيض أجوف فأخذ فيه حتى انتهى إلى الصخرة التي أراد فصعدها وهو متشوف : هل يرى ذلك الرجل حتى كاد يسيء الظن ثم رآه فقال : السلام عليك يا خضر ، قال : عليك السلام يا موسى ، قال : من حدثك أني أنا موسى ، قال : حدثني الذي حدثك أني أنا الخضر ، قال : إني أريد أن أصحبك {على أن تعلمن مما علمت رشدا} وأنه تقدم إليه فنصحه فقال : {إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} وذلك بأن أحدهم لو رأى شيئا لم يكن رآه قط ولم يكن شهده ما كان يصبر حتى يسأل ما هذا فلما أبى عليه موسى إلا أن يصحبه {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} إن عجلت علي في ثلاث فذلك حين أفارقك ، فهم قيام ينظرون إذ مرت سفينة ذاهبة إلى أبلة فناداهم خضر : يا أصحاب السفينة هلم إلينا فاحملونا في سفينتكم وإن أصحاب السفينة قالوا لصاحبهم : إنا نرى رجالا في مكان مخوف إنما يكون هؤلاء لصوصا فلا تحملهم ، فقال صاحب السفينة : إني أرى رجالا

على وجوههم النور لأحملنهم ، فقال الخضر : بكم
حملت هؤلاء كل رجل حملت في سفينتك فلك لكل رجل منا الضعف ، فحملهم فساروا حتى إذا شارفوا على الأرض - وقد أمر صاحب القرية : إن أبصرتم كل سفينة صالحة ليس فيها عيب فائتوني بها - وإن الخضر أمر أن يجعل فيها عيبا لكي لا يسخروها فخرقها فنبع فيها الماء وإن موسى امتلأ غضبا {قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} وإن موسى عليه السلام شد عليه ثيابه وأراد أن يقذف الخضر في البحر فقال : أردت هلاكهم فتعلم أنك أول هالك : فجعل موسى كلما ازداد غضبا استقر البحر وكلما سكن كان البحر كالدهر وإن يوشع بن نون قال لموسى عليه السلام : ألا تذكر العهد والميثاق الذي جعلت على نفسك وإن الخضر أقبل عليه {قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا} وإن موسى أدركه عند ذلك الحلم فقال : {لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} فلما انتهوا إلى القرية قال خضر : ما خلصوا إليكم حتى خشوا الغرق وإن الخضر أقبل على صاحب السفينة فقال : إنما أردت الذي هو خير لك فحمدوا رأيه في آخر الحديث وأصلحها الله كما كانت ، ثم إنهم خرجوا حتى انتهوا إلى غلام شاب عهد إلى الخضر أن أقتله فقتله {قال أقتلت نفسا

زكية بغير نفس} إلى قوله : {قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا} وإن خضرا أقبل عليه فقال : قد وفيت لك بما جعلت على نفسي {هذا فراق بيني وبينك} {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين} فكان لا يغضب أحدا إلا دعا عليه وعلى أبويه فطهر الله أبويه أن يدعو عليهما أحد وأيد لهما مكان الغلام آخر خيرا منه وأبر بوالديه {وأقرب رحما} ، {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما} فسمعنا أن ذلك الكنز كان علما فورثا ذلك العلم.
وأخرج ابن جرير من طريق الحسن بن عمارة عن أبيه قال : قيل لابن عباس : لم نسمع - يعني موسى - يذكر من حديث فتاه وقد كان معه ، فقال ابن عباس : فيما يذكر من حديث الفتى قال : شرب الفتى من الماء فخلد فأخذه العالم فطابق به سفينة ثم أرسله في البحر فإنها لتموج به إلى يوم القيامة ، وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه ، قال ابن كثير الحسن متروك وأبوه غير معروف.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن يوسف بن أسباط قال : بلغني أن الخضر
قال لموسى لما أراد أن يفارقه : يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به ، وبلغني أن موسى قال للخضر : ادع لي ، فقال الخضر : يسر الله عليك طاعته.

وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : قال الخضر لموسى حين لقيه : يا موسى انزع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب والزم بيتك وابك على خطيئتك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر عن أبي عبد الله - أظنه الملطي - قال : أراد موسى أن يفارق الخضر فقال له موسى : أوصني ، قال : كن نفاعا ولا تكن ضرارا كن بشاشا ولا تكن غضبانا ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تعير امرأ بخطيئته وابك على خطيئتك يا ابن عمران.
وأخرج ابن عساكر عن وهب أن الخضر قال لموسى : يا موسى إن الناس يعذبون في الدنيا على قدر همومهم بها.
وأخرج العقيلي عن كعب قال : الخضر على منبر بين البحر الأعلى والبحر الأسفل وقد أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية.

وأخرج ابن شاهين عن خصيف قال : أربعة من الأنبياء أحياء : اثنان في السماء عيسى وإدريس ، وإثنان في الأرض الخضر وإلياس ، فأما الخضر فإنه في البحر.
وَأَمَّا صاحبه فإنه في البر.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال : بينا أنا أطوف إذا أنا برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قلت : يا عبد الله أعد الكلام ، قال : وسمعته قلت : نعم ، قال : والذي نفس الخضر بيده : - وكان هو الخضر - لا يقولهن عبد دبر الصلاة المكتوبة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية عن كعب الأحبار قال : إن الخضر بن عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ الهند - وهو بحر الصين -
فقال لأصحابه : يا أصحابي أدلوني ، فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد فقالوا له : يا خضر ما رأيت فلقد أكرمك الله

وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر ، فقال : استقبلني ملك من الملائكة فقال لي : أيها الآدمي الخطاء إلى أين ومن أين فقلت : إني أردت أن أنظر عمق هذا البحر ، فقال لي : كيف وقد أهوى رجل من زمان داود عليه السلام لم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة وذلك منذ ثلثمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بقية قال : حدثني أبو سعيد قال : سمعت أن آخر كلمة أوصى بها الخضر موسى حين فارقه : إياك أن تعير مسيئا بإساءته فتبتلى.
أخرج الطبراني ، وَابن عساكر عن أبي أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : ألا أحدثكم عن الخضر قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال : تصدق علي بارك الله فيك ، فقال الخضر : آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون ما عندي شيء أعطيكه ، فقال المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت علي فإني نظرت السماحة في وجهك ووجدت البركة عندك ، فقال الخضر : آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني ، فقال المسكين : وهل يستقيم هذا قال : نعم ، الحق أقول لقد سألتني بأمر عظيم : أما أني لا أخيبك بوجه ربي تعالى ، فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم فمكث عند

المشتري زمانا لا يستعمله في شيء ، فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي فأوصني أعمل بعمل ، قال : أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف ، قال : ليس يشق علي قال : فقم فانقل هذه الحجارة ، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة فقال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه ثم عرض للرجل سفرة فقال : إني احتسبتك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة ، قال : فأوصني بعمل ، قال : إني أكره أن أشق عليك ، قال : ليس يشق علي قال : فاضرب من اللبن لنبني حتى أقدم عليك فمر الرجل لسفره فرجع وقد شيد بناؤه فقال : أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك فقال : سألتني بوجه الله ووجه الله أوقعني في العبودية أنا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شيء أعطيه فسألني بوجه الله فأمكنته من نفسي فباعني ، فأخبرك
أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة جلدة ولا لحم له ولا عظم ليتقصع ، فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم ، فقال : لا بأس أحسنت وأتقنت ، فقال الرجل : بأبي

أنت وأمي يا نبي الله احكم في أهلي ومالي بما أراك الله أو أخيرك فأخلي سبيلك ، فقال : أحب أن تخلي سبيلي أعبد ربي ، فخلى سبيله فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها.
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحجاج بن فرافصة أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فبينما هو كذلك إذ مر عليهما رجل فقام عليهما فقال للذي يكثر الحلف : مه يا عبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف ، قال : امض لما يعنيك ، قال : ذا مما يعنيني - قالها ثلاث مرات ورد عليه قوله - فلما أراد أن ينصرف قال : اعلم أن من آية الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ولا يكن في قولك فضل على فضلك ، ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر : الحقه فاستكتبه هذه الكلمات ، فقال : يا عبد الله اكتبني هذه الكلمات يرحمك الله ، فقال الرجل : ما يقدر الله من أمر يكن فأعادهن

عليه حتى حفظهن ثم شهده حتى وضع إحدى رجليه في المسجد فما أدري أرض لفظته أو سماء اقتلعته قال : كأنهم يرونه الخضر أو إلياس عليه السلام.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند واه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الخضر في البحر وإليسع في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل.
وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي رواد قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل.
وأخرج العقيلي والدارقطني في الأفراد ، وَابن عساكر عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم فيحلق

كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاك الكلمات : بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله
ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات أمنه الله من الغرق والحرق والسرق ومن الشياطين والسلطان والحية والعقرب.
الآية 83.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين أنك سمعت ذكرهم منا فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد ، قال : ومن هو قالوا : ذو القرنين ، قال : ما بلغني عنه شيء ، فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال : دخل بعض أهل الكتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فقالوا : يا أبا القاسم كيف تقول في رجل كان يسيح في الأرض قال : لا علم لي به ، فبينما

هم على ذلك إذ سمعوا نقيضا فب السقف ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غمة الوحي ثم سري عنه فتلا {ويسألونك عن ذي القرنين} الآية ، فلما ذكر السد قالوا : أتاك خبره يا أبا القاسم حسبك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أدري أتبع كان لعينا أم لا وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا.
وأخرج ابن مردويه عن سالم بن أبي الجعد قال : سئل علي عن ذي القرنين : أنبي هو فقال : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : هو عبد ناصح الله فنصحه.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن مردويه من طريق أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل علي بن أبي طالب عن ذي القرنين : أنبيا كان أم ملكا قال : لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن
كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه

ونصح لله فنصحه ، بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه فمات ثم أحياه الله لجهادهم ، ثم بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر فمات فأحياه الله لجهادهم ، فلذلك سمي ذا القرنين وإن فيكم مثله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ذو القرنين نبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحوص بن حكيم عن أبيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : سئل عن ذي القرنين فقال : هو ملك مسح الأرض بالإحسان.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان الكلاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال : ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب.

وأخرج ابن عبد الحكم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ عن عمر أنه سمع رجلا ينادي بمنى : يا ذا القرنين فقال له عمر رضي الله عنه : ها أنتم قد سميتم بأسماء الأنبياء فما بالكم وأسماء الملائكة.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير أن ذا القرنين ملك من الملائكة أهبطه الله إلى الأرض وآتاه من كل شيء سببا.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن جبير بن نفير أن أحبارا من اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : حدثنا عن ذي القرنين إن كنت نبيا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو ملك مسح الأرض بالأسباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان نذير واحد بلغ ما بين المشرق والمغرب ذو القرنين بلغ السدين وكان نذيرا ولم أسمع بحق أنه كان نبيا.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الورقاء قال : قلت لعلي بن أبي طالب : ذو القرنين ما كان قرناه قال : لعلك تحسب أن قرنيه ذهب أو فضة كان نبيا فبعثه الله إلى أناس فدعاهم إلى الله تعالى فقام رجل فضرب قرنه الأيسر فمات ثم بعثه الله فأحياه ثم بعثه إلى ناس فقام رجل فضرب قرنه الأيمن

فمات فسماه الله ذا القرنين.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر قال : إنما سمي ذو القرنين ذا القرنين لشجتين شجهما على قرنيه في الله وكان أسود.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه أن ذا القرنين أول من لبس العمامة
وذاك أنه كان في رأسه قرنان كالظلفين متحركان فلبس العمامة من أجل ذلك وأنه دخل الحمام ودخل كاتبه معه فوضع ذو القرنين العمامة فقال لكاتبه : هذا أمر لم يطلع عليه خلق غيرك فإن سمعت به من أحد قتلتك ، فخرج الكاتب من الحمام فأخذه كهيئة الموت فأتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى : ألا إن للملك قرنين ، فأنبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فأعجب بهما فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان إذا زمر خرج من القصبتين : ألا إن للملك قرنين ، فانتشر ذلك

في المدينة فأرسل ذو القرنين إلى الكاتب فقال : لتصدقني أو لأقتلنك ، فقص عليه الكاتب القصة فقال ذو القرنين : هذا أمر أرد الله أن يبديه ، فوضع العمامة عن رأسه.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر الجهني قال : كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا : من يستأذن لنا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فدخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : ما لي ولهم سألوني عما لا أدري إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما أعلمني ربي عز وجل ، ثم قال : ابغني وضوءا فأتيته بوضوء فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم انصرف فقال - وأنا أرى السرور والبشر في وجهه - أدخل القوم علي ومن كان من أصحابي فأدخله أيضا علي فأذنت لهم فدخلوا فقال : إن شئتم أخبرتكم بما جئتم تسألوني عنه من قبل أن تكلموا وإن شئتم فتكلموا قبل أن أقول ، قالوا : بل فأخبرنا ، قال : جئتم

تسألوني عن ذي القرنين إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا فسار حتى أتى ساحل أرض مصر فابتنى مدينة يقال لها اسكندرية فلما فرغ من شأنها بعث الله عز وجل إليه ملكا فعرج به فاستعلى بين السماء ثم قال له : انظر ما تحتك ، فقال : أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال : انظر ، فقال : قد اختلطت مع المدائن فلا أعرفها ثم زاد فقال انظر : قال : أرى مدينتي وحدها ولا أرى غيرها ، قال له الملك : إنها تلك الأرض كلها والذي ترى يحيط بها هو البحر وإنما أراد ربك أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها فسر فيها فعلم الجاهل وثبت العالم فسار حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء فبنى السد ثم اجتاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج
ومأجوج ثم قطعهم فوجد أمة قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب ووجد أمة من الغرانيق يقاتلون القوم القصار ثم مضى فوجد أمة من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة ثم مضى إلى البحر الدائر بالأرض فقالوا : نشهد أن أمره هكذا

كما ذكرت وإنا نجده هكذا في كتابنا.
وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن الأشج صاحب كعب الأحبار أن ذا القرنين كان رجلا طوافا صالحا فلما وقف على جبل آدم الذي هبط عليه ونظر إلى أثره هاله فقال له الخضر : - وكان صاحب لوائه الأكبر - مالك أيها الملك قال : هذا أثر الآدميين ، أرى موضع الكفين والقدمين وهذه القرحة وأرى هذه الأشجار حوله قائمة يابسة يسيل منها ماء أحمر إن لها لشأنا ، فقال له الخضر : - وكان قد أعطي العلم والفهم - أيها الملك ألا ترى الورقة المعلقة من النخلة الكبيرة قال : بلى ، قال : فهي تخبرك بشأن هذا الموضع ، - وكان الخضر يقرأ كل كتاب - فقال : أيها الملك أرى كتابا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من آدم أبي البشر أوصيكم ذريتي وبناتي أن تحذروا عدوي وعدوكم إبليس الذي كان يلين كلامه وفجور أمنيته أنزلني من الفردوس إلى تربة الدنيا وألقيت على موضعي هذا لا يلتفت إلي مائتي سنة بخطيئة واحدة حتى درست في الأرض وهذا أثري وهذه الأشجار من دموع عيني فعلي في هذه التربة أنزلت التوبة فتوبوا من قبل أن تندموا وباردوا من قبل أن يبادر بكم وقدموا من قبل أن يقدم بكم ، فنزل ذو القرنين فمسح

موضع جلوس آدم فإذا هو ثمانون ومائة ميل ثم أحصى الأشجار فإذا هي تسعمائة شجرة كلها من دموع آدم نبتت فلما قتل قابيل هابيل تحولت يابسة وهي تبكي دما أحمر فقال ذو القرنين للخضر : ارجع بنا فلا طلبت الدنيا بعدها.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن السدي قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع.
وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع.
وأخرج ابن عبد الحكم ، وَابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب عن عبيد بن يعلى قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه أنه سئل عن ذي القرنين فقال : لم يوح إليه وكان

ملكا ، قيل : فلم سمي ذا القرنين فقال : اختلف فيه أهل الكتاب فقال بعضهم : ملك الروم وفارس وقال بعضهم : إنه كان في رأسه شبه القرنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن مضر أن هشام بن عبد الملك سأله عن ذي القرنين : أكان نبيا فقال : لا ولكنه إنما أعطي ما أعطي بأربع خصال كان فيه : كان إذا قدر عفا وإذا وعد وفى وإذا حدث صدق ولا يجمع اليوم لغد.
وأخرج ابن عبد الحكم عن يونس بن عبيد قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له غديرتان من رأسه من شعر يطأ فيهما.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه قرن ما بين مطلع الشمس ومغربها.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن شهاب قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها.
وأخرج عن قتادة قال : الإسكندر هو ذو القرنين.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن إسحاق عمن يسوق أحاديث الأعاجم من أهل الكتاب ممن قد أسلم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا صالحا من أهل مصر اسمه مرزيا بن مرزية اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عبيد بن عمير أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به إبراهيم فتلقاه.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن قتادة قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له عقيصتان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أن ذا القرنين كان من سواس الروم يسوس أمرهم فخير بين ذلال السحاب وصعابها فاختار ذلالها

فكان يركب عليها.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب وأبو الشيخ عن وهب بن منبه اليماني - وكان له علم الأحاديث الأولى - أنه كان يقول : كان ذو القرنين رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان اسمه الإسكندر وإنما سمي ذا القرنين لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس فلما
بلغ وكان عبدا صالحا قال الله له : يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض منهم أمتان بينهما طول الأرض كلها ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كلها في وسط الأرض منهم الإنس والجن ويأجوج ومأجوج فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك وأما الأخرى ، فعند مطلعها يقال لها منسك وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر فأمة يقال لها تاويل ، فلما قال الله له ذلك قال له ذو القرنين : يا إلهي أنت قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره إلا أنت فأخبرني عن هذه الأمم التي تبعثني إليها بأي قوة أكابرهم وبأي جمع أكاثرهم وبأي حيلة أكايدهم

وبأي لسان أناطقهم وكيف لي بأن أحاربهم وبأي سمع أعي قولهم وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة أخاصمهم وبأي قلب أعقل عنهم وبأي حكمة أدبر أمرهم وبأي قسط أعدل بينهم وبأي حلم أصابرهم وبأي معرفة أفصل بينهم وبأي علم أتقن أمرهم وبأي يد اسطو عليهم وبأي رجل أطؤهم وبأي طاقة أخصمهم وبأي جند أقاتلهم وبأي رفق أستألفهم ، وإنه ليس عندي يا إلهي شيء مما ذكرت يقرن لهم ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم وأنت الرب الرحيم الذي لا يكلف نفسا ولا يحملها إلا طاقتها ولا يعنتها ولا يفدحها بل يرأفها ويرحمها ، فقال له الله عز وجل : إني سأطوقك ما حملتك أشرح لك صدرك فيتسع لكل شيء وأشرح لك فهمك فتفقه كل شيء وأبسط لك لسانك فتنطق بكل شيء وأفتح لك سمعك فتعي كل شيء وأمد لك بصرك فتنفذ كل شيء

وأدبر لك أمرك فتتقن كل شيء وأحصر لك فلا يفوتك شيء وأحفظ عليك فلا يغرب عنك شيء وأشد ظهرك فلا يهدك شيء وأشد لك ركبك فلا يغلبك شيء وأشد لك قلبك فلا يروعك شيء وأشد لك عقلك فلا يهولك شيء وأبسط لك يديك فيسطوان فوق كل شيء وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء ، وأسخر لك النور والظلمة فأجعلهما جندا من جنودك يهديك النور من أمامك وتحوطك الظلمة من ورائك ، فلما قيل له ذلك انطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس فلما بلغهم وجد جمعا وعددا لا يحصيه إلا الله تعالى وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله وألسنة مختلفة وأمورا مشتبهة وأهواء مشتتة وقلوبا متفرقة فلما رأى ذلك كابرهم بالظلمة وضرب
حولهم ثلاثة عساكر منها وأحاطت بهم من كل جانب وحاشدهم حتى جمعهم في مكان واحد ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم إلى الله وعبادته ، فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه

فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم ودخلت في بيوتهم ودورهم وغشيتهم من فوقهم ومن تحتهم ومن كل جانب منهم فماجوا فيها وتحيروا فلما أشفقوا أن يهلكوا فيها عجوا إليه بصوت واحد فكشف عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من حولهم والنور من أمامه يقوده ويدله وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى وهو يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل ، وسخر الله يده وقلبه ورأيه ونظره وائتماره فلا يخطئ إذا ائتمر وإذا عمل عملا أتقنه فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه ، فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة واحدة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذا قطع الأنهار والبحار فتقها ثم دفع إلى كل إنسان لوحا فلا يكربه حمله فلم يزل

ذلك دأبه حتى انتهى إلى هاويل فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأمتين اللتين قبلهما ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى وهو يريد تاويل - وهي الأمة اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلها - فلما بلغها عمل فيها وجند منها كفعله فيما قبلها فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن وسائر الإنس ويأجوج ومأجوج ، فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع أرض الترك نحو المشرق قال له أمة من الإنس صالحة : يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله ، كثيرا فيهم مشابهة من الأنس وهم أشباه البهائم وهم يأكلون العشب ويفترسون الدواب والوحش كما يفترسها السباع ويأكلون خشاش الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم

فإن كانت لهم كثرة على ما يرى من نمائهم وزيادتهم فلا شك أنهم سيملأون الأرض ويجلون أهلها ويظهرون عليها فيفسدون فيها وليست تمر بنا سنة منذ جاورناهم ورأيناهم إلا ونحن
نتوقعهم وننظر أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين ، فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال : ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما اغدو إلى الصخور والحديد والنحاس حتى أرتاد بلادهم وأعلم علمهم وأقيس ما بين جبليهم ، ثم انطلق يؤمهم حتى دفع إليهم وتوسط بلادهم فإذا هم على مقدار واحد ، أنثاهم وذكرهم مبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا لهم مخاليب في مواضع الأظفار من أيدينا ولهم أنياب وأضراس كأضراس السباع وأنيابها وأحناك كأحناك الإبل قوة يسمع له حركة إذا أكل كحركة الجرة من الإبل أو كقضم الفحل المسن أو الفرس

القوي وهم صلب عليهم من الشعر في أجسادهم ما يواريهم وما يتقون به من الحر والبرد إذا أصابهم ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان إحداهما وبرة ظهرها وبطنها والأخرى زغبة ظهرها وبطنها ، تسعانه إذا لبسهما يلبس إحداهما ويفترش الأخرى ويصيف في إحداهما ويشتو في الأخرى وليس منهم ذكر ولا أنثى إلا وقد عرف أجله الذي يموت فيه ومنقطع عمره وذلك أنه لا يموت ميت من ذكورهم حتى يخرج من صلبه ألف ولد ولا تموت الأنثى حتى يخرج من رحمها ألف ولد فإذا كان ذلك أيقن بالموت وتهيأ له ، وهم يرزقون التنين في زمان الربيع ويستمطرونه إذا تحينوه كما يستمطر الغيث لحينه فيقذفون منه كل سنة بواحد فيأكلونه عامهم كله إلى مثلها من قابل فيعينهم على كثرتهم وما هم فيه فإذا أمطروا أخصبوا وعاشوا وسهئوا ورؤي أثره عليهم فدرت عليهم الإناث وشبقت منهم الذكور وإذا

أخطأهم هزلوا وأحدثوا وجفلت منهم الذكور وأحالت الإناث وتبين أثر ذلك عليهم وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عوي الذئاب ويتسافدون حيثما التقوا تسافد البهائم ، ثم لما عاين ذلك منهم ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما - وهي في منقطع أرض الترك مما يلي الشمس - فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في عمله حفر له أساسا حتى بلغ الماء ثم جعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس يذاب ثم يصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض ثم علا وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنه محبر من صفرة النحاس وحمرته وسواد
الحديد فلما فرغ منه وأحكم انطلق عامدا إلى جماعة الإنس والجن فبينما هو يسير إذ رفع إلى أمة صالحة يهدون بالحق وبه يعدلون فوجد أمة مقسطة يقتسمون بالسوية ويحكمون بالعدل ويتأسون ويتراحمون.

حالهم واحدة وكلمتهم واحدة وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مستقيمة وقلوبهم مؤتلفة وسيرتهم مستوية وقبورهم بأبواب بيوتهم وليس على بيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء وليس بينهم قضاة وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ولا يقحطون ولا يحردون ولا تصيبهم الآفات التي تصيب الناس وهم أطول الناس أعمارا وليس فيهم مسكين ولا فقير ولا فظ ولا غليظ ، فلما رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم أعجب منهم وقال لهم : أخبروني أيها القوم خبركم فإني قد أحصيت الأرض كلها ، برها وبحرها وشرقها وغربها ونورها وظلمتها ، فلم أجد فيها أحدا مثلكم ، فأخبروني خبركم ، قالوا : نعم سلنا عما تريد ، قال : أخبروني ما بال قبوركم على أبواب بيوتكم قال : عمدا فعلنا ذلك لئلا ننسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا ، قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب قالوا : ليس فينا متهم وليس فينا إلا أمين مؤتمن ، قال : فما بالكم ليس عليكم أمراء قالوا : ليس فينا مظالم ، قال : فما بالكم ليس بينكم حكام قالوا : لا نختصم ، قال : فما بالكم ليس فيكم أغنياء قال : لا نتكاثر ، قال : فما بالكم ليس فيكم أشراف قالوا : لا نتنافس ، قال : فما بالكم لا تتفاوتون ولا تتفاضلون قالوا : من قبل أنا متواصلون متراحمون ، قال : فما بالكم لا تتنازعون

ولا تختلفون قالوا : من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا ، قال : فما بالكم لا تقتتلون ولا تستبون قالوا : من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم وسسنا أنفسنا بالحلم ، قال : فما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة قالوا : من قبل أنا لا نتكاذب ولا نتخادع فلا يغتاب بعضنا بعضا ، قال : فأخبروني من أيي تشابهت قلوبكم واعتدلت سيرتكم قالوا : صحت صدورنا فنزع الله بذلك الغل والحسد من قلوبنا ، قال : فما بالكم ليس فيكم مسكين ولا فقير قالوا : من قبل أنا نقسم بالسوية ، قال : فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ قالوا : من قبل الذل والتواضع ، قال : فما بالكم جعلتم أطول الناس أعمارا قالوا : من قبل أنا نتعاطى الحق ونحكم بالعدل ، قال : فما بالكم لا تقحطون قالوا : لا نغفل عن الاستغفار.
قال : فما بالكم لا تحردون قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا للبلاء منذ كنا وأحببناه وحرصنا عليه فعرينا منه ، قال : فما بالكم لا تصيبكم الآفات كما تصيب الناس قالوا : لا نتوكل على غير الله ولا نعمل بأنواء النجوم ، قال : حدثوني ، أهكذا وجدتم آبائكم يفعلون قالوا : نعم وجدنا آبائنا يرحمون مساكينهم ويواسون فقراءهم ويعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويحلمون على من جهل عليهم ويستغفرون لم سبهم ويصلون أرحامهم ويردون أماناتهم ويحفظون وقتهم لصلاتهم ويوفون بعهودهم ويصدقون في مواعيدهم

ولا يرغبون عن أكفائهم ولا يستنكفون عن أقاربهم فأصلح الله بذلك أمرهم وحفظهم به ما كانوا أحياء وكان حقا عليه أن يخلفهم في تركتهم ، فقال لهم ذو القرنين : لو كنت مقيما لأقمت فيكم ولكني لم أؤمر بالإقامة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال : كان لذي القرنين صديق من الملائكة يقال له زرافيل وكان لا يزال يتعاهده بالسلام فقال له ذو القرنين : يا زرافيل هل تعلم شيئا يزيد في طول العمر لنزداد شكرا وعبادة قال : ما لي بذلك علم ولكن سأسأل لك عن ذلك في السماء ، فعرج زرافيل إلى السماء فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم هبط فقال : إني سألت عما سألتني عنه فأخبرت أن لله عينا في ظلمة هي أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت ، قال : فجمع ذو القرنين علماء الأرض إليه فقال : هل تعلمون أن لله عينا في ظلمة فقالوا : ما نعلم ذلك ، فقام إليه رجل شاب فقال : وما حاجتك إليها أيها الملك قال : لي بها حاجة ، قال : فإني أعلم مكانها ، قال : ومن أين علمت مكانها قال : قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيها : إن لله عينا خلف مطلع الشمس في

ظلمة ماؤها أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت ، فسار ذو القرنين من موضعه الذي كان فيه اثنتي عشرة سنة حتى انتهى إلى مطلع الشمس عسكر وجمع العلماء فقال : إني أريد أن أسلك هذه الظلمة بكم فقالوا : إنا نعيذك بالله أن تسلك مسلكا لم يسلكه أحدا من بني آدم قط قبلك ، قال : لا بد أن أسلكها ، قالوا : إنا نعيذك أن تسلك بنا هذه الظلمة فإنا لا
نأمن أن ينفتق علينا بها أمر يكون فيه فساد الأرض ، قال : لا بد أن أسلكها ، قالوا : فشأنك ، فسألهم أي الدواب أبصر قالوا : الخيل ، قال : فأي الخيل أبصر قالوا : الإناث ، قال : فأي الإناث أبصر قالوا : الأبكار ، فانتقى ستة آلاف فرس أنثى بكر ثم انتخب من عسكره ستى آلاف رجل فدفع إلى كل رجل منهم فرسا وولى الخضر منها على ألفي فارس ثم جعله على مقدمته ثم قال : سر أمامي ، فقال له الخضر : أيها الملك إني لست آمن هذه الأمة الضلال فيتفرق الناس مني فدفع إليه خرزة حمراء فقال : إذا تفرق الناس فارم هذه الخرزة فإنها ستضيء لك وتصوت

حتى تجمع إليك أهل الضلال واستخلف على الناس خليفة وأمره أن يقيم في عسكره اثنتي عشرة سنة فإن هو رجع إلى ذلك وإلا أمر الناس أن يتفرقوا في بلدانهم ، ثم أمر الخضر فسار أمامه فكان الخضر إذا أتاه ذو القرنين رحل من منزله ونزل ذو القرنين في منزل الخضر الذي كان فيه فبينا الخضر يسير في تلك الظلمة إذ تفرق الناس عنه فطرح الخرزة من يده فإذا هي على شفير العين والعين في واد فأضاء له ما حول البئر فنزل الخضر ونزع ثيابه ودخل العين فشرب منها واغتسل ثم خرج فجمع عليه ثيابه ثم أخذ الخرزة وركب وخالفه ذو القرنين في غير الطريق الذي أخذ فيه الخضرز فساروا في تلك الظلمة في مقدار ست ليال وأيامهن ولم تكن ظلمة كظلمة الليل إنما كانت ظلمة كهيئة ضباب حتى خرجوا إلى أرض ذات نور ليس فيها شمس ولا قمر ولا نجم فعسكر ثم نزل الناس ثم ركب ذو القرنين وحده فسار حتى انتهى إلى قصر طوله فرسخ في فرسخ فدخل القصر فإذا هو بعمود على حافتي القصر وإذا طائر مذموم ، بأنفه سلسلة معلقة في ذلك العود شبه الخطاف أو قريب من الخطاف فقال له الطير : من أنت قال أنا ذو القرنين ، قال له الطير : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى تناولت الظلمة انبئني يا ذا

القرنين ، قال : سل ، قال : هل كثر بنيان من الجص والآجر في الناس قال : نعم ، فانتفخ الطير حتى سد ثلث ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل كثرت المعازف في الناس قال : نعم ، فانتفخ حتى سد ثلثي ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل كثرت شهادة الزور في الناس قال : نعم ، فانتفخ حتى سد ما بين الحائطين واجث ذو القرنين منه فرقا قال له الطير : يا ذا القرنين لا تخف ، أنبئني ، قال : سل.
قال : هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله قال : لا ، قال : هل ترك الناس الغسل من الجنابة قال : لا ، قال : فانضم ثلثاه ، قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس المكتوبة قال : لا ، فانضم الطير حتى عاد كما كان ثم قال : يا ذا القرنين انطلق إلى تلك الدرجة فاصعدها فإنك ستلقى من تسأله ويخبرك ، فسار حتى انتهى إلى درجة مدرجة فصعد عليها فإذا هو بسطح ممدود لا يرى طرفاه وإذا رجل شاب قائم شاخص ببصره إلى السماء واضع يده على فمه قد قدم رجلا وأخر أخرى فسلم عليه ذو القرنين فرد عليه السلام ثم قال له : من أنت قال : أنا ذو القرنين ، قال : يا ذا القرنين أما كفاك

ما وراءك حتى قطعت الظلمة ووصلت إلي قال : ومن أنت قال : أنا صاحب الصور قد قدمت رجلا وأخرت أخرى ووضعت الصور على فمي وأنا شاخص ببصري إلى السماء أنتظر أمر ربي ثم تناول حجرا فدفعه فقال : انصرف فإن هذا الحجر سيخبرك بتأويل ما أردت ، فتصرف [ فانصرف ] ذو القرنين حتى أتى عسكره فنزل وجمع إله العلماء فحدثهم بحديث القصر وحديث العمود والطير وما قال له وما رد عليه حديث صاحب الصور وأنه قد دفع إليه هذا الحجر وقال : إنه سيخبرني بتأويل ما جئت به فأخبروني عن هذا الحجر ما هو وأي شيء أراد بهذا قال : فدعوا بميزان ووضع حجر صاحب الصور في أحدى الكفتين ووضع حجر مثله في الكفة الأخرى فرجح به ثم وضع معه حجر آخر رجح به ثم وضع مائة حجر فرجح بها حتى وضع ألف حجر فرجح بها فقال ذو القرنين : هل عند أحد منكم في هذا الحجر من علم قال - والخضر قاعد بحاله لا يتكلم - فقال له : يا خضر هل عندك في هذا الحجر من علم قال : نعم ، قال : وما هو قال الخضر : أيها الملك إن الله ابتلى العالم بالعالم وابتلى الناس بعضهم ببعض وإن الله ابتلاك بي وابتلاني بك ، فقال له ذو القرنين : ما أراك

إلا قد ظفرت بالأمر الذي جئت أطلبه ، قال له الخضر : قد كان ذلك ، قال : فائتني ، فأخذ الميزان ووضع حجر صاحب الصور في إحدى الكفتين ووضع في الكفة الأخرى حجرا وأخذ قبضة من تراب فوضعها مع الحجر ثم رفع الميزان فرجح الحجر الذي معه التراب على حجر صاحب الصور فقالت العلماء : سبحان الله ربنا ، وضعنا مع ألف حجر فمال لها ووضع الخضر معه حجرا واحدا وقبضة من تراب فمال له ،.
فقال له ذو القرنين :
أخبرني بتأويل هذا ، قال : أخبرك ، إنك مكنت من مشرق الأرض ومغربها فلم يكفك ذلك حتى تناولت الظلمة حتى وصلت إلى صاحب الصور وإنه لا يملأ عينك إلا التراب ، قال : صدقت ، ورحل ذو القرنين فرجع في الظلمة راجعا فجعلوا يسمعون خشخشة تحت سنابك خيلهم فقالوا : أيها الملك ما هذه الخشخشة التي نسمع تحت سنابك خيلنا قال : من أخذ منه ندم ومن تركه ندم فأخذت منه طائفة وتركت طائفة فلما برزوا به إلى الضوء نظروا فإذا هو بالزبرجد فندم الآخذ

أن لا يكون ازداد وندم التارك أن لا يكون أخذ ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : رحم الله أخي ذا القرنين دخل الظلمة وخرج منها زاهدا ، أما إنه لو خرج منها راغبا لما ترك منها حجرا إلا أخرجه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأقام بدومة الجندل فعبد الله فيها حتى مات ، ولفظ أبي الشيخ : قال أبو جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبداه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى الناس لأنه كان راغبا في الدنيا ولكنه ظفر به وهو زاهد في الدنيا لا حاجة له فيها.
وأخرج ابن إسحاق والفريابي ، وَابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سئل عن ذي القرنين فقال : كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه فبعثه إلى قوم يدعوهم إلى الله فدعاهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه ، فأرسله إلى أمة أخرى يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه فسخر له السحاب وخيره فيه فاختار صعبه على ذلوله - وصعبه الذي لا يمطر - وبسط له النور ومد له الأسباب وجعل الليل والنهار عليه

سواء فبذلك بلغ مشارق الأرض ومغاربها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن ذا القرنين لما بلغ الجبل الذي يقال له قاف ناداه ملك من الجبل : أيها الخاطئ ابن الخاطئ جئت حيث لم يجئ أحد من قبلك ولا يجيء أحد بعدك ، فأجابه ذو القرنين : وأين أنا قال له الملك : أنت في الأرض السابعة ، فقال ذو القرنين : ما ينجيني فقال : ينجيك اليقين ، فقال ذو القرنين : اللهم ارزقني يقينا ، فأنجاه الله ، قال له الملك : إنه ستأتي إلى قوم فتبني لهم سدا فإذا أنت بنيته وفرغت منه فلا تحدث نفسك أنك
بنيته بحول منك أو قوة فيسلط الله على بنيانك أضعف خلقه فيهدمه ، ثم قال له ذو القرنين : ما هذا الجبل قال : هذا الجبل الذي يقال له قاف وهو أخضر والسماء بيضاء وإنما خضرتها من هذا الجبل وهذا الجبل أم الجبال والجبال كلها من عروقه فإذا أراد الله أن يزلزل قرية حرك منه عرقا ، ثم إن الملك ناوله عنقودا من عنب وقال له : حبة ترويك وحبة تشبعك وكلما أخذت منه حبة عادت مكانها حبة ، ثم خرج من عنده فجاء البنيان الذي أراد الله فقالوا اه : {يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} إلى قوله : {أجعل بينكم وبينهم ردما}.

قال عكرمة رضي الله عنه : هم منسك وناسك وتاويل وراحيل ، وقال أبو سعيد رضي الله عنه : هم خمسة وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج.
وأخرج الحاكم عن معاوية رضي الله عنه قال : ملك الأرض أربعة : سليمان وذو القرنين ورجل من أهل حلوان ورجل آخر ، فقيل له : الخضر قال : لا.
وأخرج ابن ابي حاتم ، وَابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن ذا القرنين ملك الأرض كلها إلا بلقيس صاحبة مأرب فإذا ذا القرنين كلن يلبس ثياب المساكين ثم يدخل المدائن فينظر من عورتها قبل أن يقتل أهلها فأخبرت بذلك بلقيس فبعثت رسولا ينظر إليه فيصور لها صورته في ملكه حين يقعد وصورته في ثياب المساكين ، ثم جعلت كل يوم تطعم المساكين وتجمعهم فجاءها رسولها في صورته فجعلت إحدى صورتيه تليها والأخرى على باب الاسطوانة فكانت تطعم المساكين كل يوم فإذا فرغوا عرضتهم واحدا واحدا فيخرجون حتى جاء ذو القرنين في ثياب المساكين فدخل مدينتها ثم جلس مع المساكين إلى طعامها فقربت إليهم الطعام فلما فرغوا أخرجتهم واحدا واحدا وهي تنظر إلى صورته في ثياب المساكين حتى

مر ذو القرنين فنظرت إلى صورته فقالت : أجلسوا هذا وأخرجوا من بقي من المساكين فقال لها : لم أجلستني وإنما أنا مسكين ، قالت : لا ، أنت ذو القرنين هذه صورتك في ثياب المساكين والله لا تفارقني حتى تكتب لي أمانا بملكي أو أضرب عنقك ، فلما رأى ذلك كتب لها أمانا فلم ينج أحد منه غيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : ملك ذو القرنين اثنتي عشرة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخفي العظمة عن عبيد الله بن أبي جعفر
رضي الله عنه قال : كان ذو القرنين في بعض مسيره فمر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم وإذا ثيابهم لون واحد وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجلا منهم فقال له : لقد رأيت شيئا ما رأيت في شيء من مسري ، قال : وما هو فوصف له ما رأى منهم ، قالوا : أما هذه القبور على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أحدنا فيخرج فيرى القبور

ويرجع إلى نفسه فيقول : إلى هذا المصير وإليها صار من كان قبلي.
وَأَمَّا هذه الثياب فإنه لا يكاد الرجل منا يلبس ثيابا أحسن من صاحبه إلا رأى له بذلك فضلا على جليسه.
وَأَمَّا قولك : رجال كلكم ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا القلب لا يشغل بشيء إلا شغل به فجعلنا نسائنا وذريتنا في قرية قريبة وإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها فكان معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما ههنا لأنا خلونا ههنا للعبادة ، فقال : ما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت ، قال : من أنت قال أنا ذو القرنين ، قال : ما أسألك وأنت لا تملك لي شيئا قال : وكيف وقد آتاني الله من كل شيء سببا قال : أتقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي.
وَأخرَج البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملكها : يا ذا القرنين صف لي الناس ، قال : إن محادثتك من لا يعقل

بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور ومحادثتك من يعقل بمنزلة من يبل الصخرة حتى تبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ونقل الحجارة من رؤوس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل.
الآية 84 - 85.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : علما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فأتبع سببا} قال : المنزل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : علما ، من ذلك تعليم الألسنة كان لا يعرف قوما إلا كلمهم بلسانهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار : تقول أن ذا القرنين كان يربط خيله بالثنايا قال له كعب رضي الله عنه : إن كنت قلت ذاك فإن الله قال : {وآتيناه من كل شيء سببا}.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : منازل الأرض وأعلامها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فأتبع سببا} قال : منزلا وطرفا من المشرق إلى المغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {فأتبع سببا} قال : هذه لأن الطريق كما قال فرعون لهامان (ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب) (غافر آية 36) أسباب السموات طريق السموات ، قال : والشيء يكون اسمه واحدا وهو متفرق في المعنى ، وقرأ (وتقطعت بهم الأسباب) (البقرة آية 166) قال : أسباب الأعمال.
الآية 86.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية في سورة الكهف تغرب في عين حامية قال ابن

عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه : ما نقرؤها إلا {حمئة} فسأل معاوية عبد الله بن عمرو : كيف تقرؤها فقال عبد الله : كما قرأتها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب فقال له :
أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال له كعب رضي الله عنه : سل أهل العربية فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين - وأشار بيده إلى المغرب - ، قال ابن أبي حاضر رضي الله عنه : لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في {حمئة} ، قال ابن عباس : وما هو قلت : فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم وإتباعه إياه : قد كان ذو القرنين عمرو مسلما * ملكا تدين له الملوك وتحسد فأتى المشارق والمغارب يبتغي * أسباب ملك من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها * في عين ذي خلب وثاط حرمد

فقال ابن عباس : ما الخلب قلت : الطين بكلامهم ، قال : فما الثاط قلت : الحمأة ، قال : فما الحرمد قلت : الأسود ، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما غلاما فقال له : اكتب ما يقول هذا الرجل.
وأخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي كعب رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {في عين حمئة}.
وأخرج الحاكم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {في عين حمئة}.
وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد رضي الله عنه في إيضاح الأشكال من طريق مصداع بن يحيى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم {تغرب في عين حمئة} مخففة.
وأخرج ابن جرير من طريق الأعوج قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها !

{في عين حمئة} ثم قرأها / {ذات حمئة > /.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {في عين حمئة} قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحدا يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة تغرب في حمئة سوداء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في {حمئة} وحامية قرأتها
{في عين حمئة} فقال عمرو : حامية فسألنا كعبا فقال : إنها في كتاب الله المنزل تغرب في طينة سوداء.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن حاضر عن ابن عباس قال : كنا عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت له : ما نقرؤها إلا {في عين حمئة} فأرسل معاوية إلى كعب فقال : أين تجد الشمس في التوراة تغرب قال : أما العربية فلا علم لي بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين.

وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله أنه كان يقرأ في عين حامية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في عين حامية يقول : حارة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع وابو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال : نار الله الحامية لو ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ذر قال : كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار فرأى الشمس حين غربت فقال : أتدري أين تغرب قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنها تغرب في عين حامية غير مهموزة.

وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال : بلغني أن الشمس تغرب في عين تقذفها العين إلى المشرق.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن ابن جريج في قوله : {ووجد عندها قوما} قال : مدينة لها اثنا عشر ألفا باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي صالح قال : كان يقال : لولا لغط أهل الرومية سمع الناس وجبة الشمس حين تقع.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : لولا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشمس حين تقع عند غروبها.

الآية 87 - 100.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله : {قال أما من ظلم} قال : من أشرك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فسوف نعذبه} قال : القتل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ثم توقد تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله : {فله جزاء الحسنى} قال : الحسنى له جزاء.
وأخرج ابن ابي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وسنقول له من أمرنا يسرا} قال : معروفا ، والله تعالى أعلم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن جريج في قوله : {حتى إذا بلغ مطلع الشمس} الآية ، قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب ، قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : {لم نجعل لهم من دونها سترا}

أنها لم يبن فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس.
وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : {تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا} قال : أرضهم لا تحتمل البناء فإذا طلعت الشمس تغور في المياه فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم ، ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم فيها شيء فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال : ليست لهم أكناف إذا طلعت الشمس طلعت عليهم لأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وجدها تطلع على

قوم} الآية ، قال : يقال لهم الزنج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم الغيران فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {بما لديه خبرا} قال : علما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {حتى إذا بلغ بين السدين} قال : الجبلين أرمينية وأذربيجان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {قوما لا يكادون يفقهون قولا} قال : الترك.
وأخرج سعيد بن منصور عن تميم بن جذيم أنه كان يقرأ {لا يكادون يفقهون قولا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : أتينا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو

في قبة آدم له فخرج إلينا فحمد الله ثم قال : أبشركم أنكم ربع أهل الجنة ، فقلنا : نعم يا رسول الله فقال : أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة ، فقلنا : نعم يا نبي الله قال : والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض إن بعدكم يأجوج ومأجوج إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفا فما زاد وإن وراءكم ثلاث أمم : منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق البكالي عن عبد الله بن عمر قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء تسعة أجزاء منهم الملائكة وجزء واحد الجن والإنس ، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا يفترون وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره ، وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ، وجزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك ، قال : السماء السابعة والحرم بحيالة العرش.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين وإن الجن يزيدون على الإنس الضعفين وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمها يأجوج ومأجوج.
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : صورت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب فالمدينة ومكة واليمن الرأس والصدر مصر والعراق والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها واق وخلف واق أمة يقال وقواق وخلف
ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمة يقال لها ناسك وخلف ذلك أمة يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة أن الدنيا سبعة أقاليم : فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد.

وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال : سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج ومأجوج : أمن آدم هم قال : نعم ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله تاويل وتاريس ومنسك.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما شاؤوا ونساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان في كل أمة أربعمائة أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف صنف أجسامهم كالأرز وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى يأكلون

مشائم نسائهم.
وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث : فثلثان بنو إبليس وثلث بنو آدم وبنو آدم ثلاثة أثلاث : ثلثان يأجوج ومأجوج وثلث سائر الناس ، والناس بعد ثلاث أثلاث : ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر الناس العرب والعجم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة فسد ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة وهم الأتراك.
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس لهم أصل هم من يأجوج ومأجوج لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين فسد بينهم وبين قومهم فذهبوا سيارة في الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن حسان بن عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة ليس منها أمة تشبه الأخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل

من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعدا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا وإن من وراءهم ثلاث أمم : تاويل وتاريس ومنسك.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء واحد سائر الناس.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا.

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عدي ، وَابن عساكر ، وَابن النجار عن حذيفة قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج فقال : يأجوج أمة ومأجوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة ، لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السلاح ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا ، قال : هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز ، قلت : وما الأرز قال : شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد وصنف منهم
يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن ، وَابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أبي بكر النسفي أن رجلا قال : يا رسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال : انعته لي ، قال : كالبرد

المحبر طريقة سوداء وطريقة سوداء ، قال : قد رأيته.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه غدا ولا يستثني ، فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان فإذا أراد الله بخروجهم على الناس قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من السماء قسوة وعلوا ، فيبعث الله عليهم نغفا في أعناقهم فيهلكون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوالذي نفس

محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم.
وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم إذا كثر الخبث.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله : {إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} قال : كان فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فهل نجعل لك خرجا} قال : أجرا عظيما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ما صنع الله فهو السد وما صنع السد الناس فهو السد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ما مكني فيه ربي خير} قال : الذي أعطاني ربي هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أجعل بينكم وبينهم ردما} قال : هو كأشد الحجاب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زبر الحديد} قال : قطع الحديد.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال : أخبرني عن قوله {زبر الحديد} قال : قطع الحديد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول : تلظى عليهم حين شد حميمها * بزبر الحديد والحجارة شاجر.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {بين الصدفين} قال : الجبلين.

وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بفتحتين قال : يعني بين الجبلين.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بضمتين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {بين الصدفين} قال : رأس الجبلين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {قطرا} قال : النحاس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {قطرا} قال : نحاسا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال : نحاسا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال : نحاسا ليلزم بعضه بعضا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال : ما استطاعوا أن يرتقوه.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} يقول : أن يعلوه {وما استطاعوا له نقبا} قال : من أسفله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال : من فوقه {وما استطاعوا له نقبا} قال : من أسفله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال : جعله طريقا كما كان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال : لا أدري الجبلين يعني به أم ما بينهما.
وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم أنه كان يقرأ {جعله دكاء} ممدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب إن يأجوج ومأجوج خلف السد لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض فيقولون : نرجع غدا ونفتحه فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم فإذا غدوا يلحسون قال لهم :

قولوا بسم الله فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون فيقولون : نرجع غدا فنفتحه ، فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول : قولوا إن شاء الله ، فيقولون : إن شاء الله ، فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس فيخرج أول من
يخرج منهم سبعون ألفا عليهم التيجان ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجا فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة وذلك قول الله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} والدك التراب {وكان وعد ربي حقا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : إن يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع إليه غدا فنفرغ منه فيرجعون إليه وقد عاد كما كان فيرجعون فهم كذلك وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غدا فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه فيخرجون فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من الطين ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء ، فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول : اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد

فاكفناهم بما شئت فاكفناهم بما شئت ، فيبعث الله عليهم دودا يقال له النغف فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض من ريحهم ثم يبعث الله عليهم طيرا فتنقل أبدانهم إلى البحر ويرسل الله إليهم السماء أربعين يوما فينبت الأرض حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت.
وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون ذراعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثنا عشر ذراعا تحفيها أسنة رماحهم.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج كان عيسى ابن مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل الله مطرا فيسيل منهم إلى البحر ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة
ماء ولا يموت رجل إلا ترك ألفا من ذريته فصاعدا ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا الله : تاريس وتاويل وناسك أو منسك.

وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن عساكر عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في السد قال : يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم : ارجعوا ، فستخرقونه غدا ، قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة وعلوا فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكهم ، قال : والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم.
وأخرج الحاكم وصحه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه والآخر ماء أبيض فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه نارا فإنه ماء بارد وإياكم والآخر فإنه الفتنة واعلموا أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من يكتب ومن لا يكتب وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على ثنية أفيق وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث

ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم من كان عنده فضل طعام فليغد به على أخيه وصلوا حتى ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم أقبلوا على عدوكم ، فلما قاموا يصلون نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم فلما انصرف قال : هكذا فرجوا بيني وبين عدو الله فيذوب وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم حتى أن الشجر والحجر لينادي : يا عبد الله يا عبد الرحمن ، يا مسلم هذا يهودي فاقتله ، فيقتلهم الله وينصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية فبينما هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على
أعدائنا قد كان ههنا أثر ماء ، فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها لد فيقولون : ظهرنا على من في الأرض فتعالوا نقاتل من في السماء فيدعو الله نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر

فيؤذي ريحهم المسلمين فيدعو عيسى فيرسل الله عليهم ريحا فتقذفهم في البحر أجمعين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مقفل المسلمين من الملاحم دمشق ومقفلهم من الدجال بيت المقدس ومقفلهم من يأجوج ومأجوج بيت الطور والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : ذلك حين يخرجون على الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : هذا أول يوم القيامة ثم ينفخ في الصور على أثر ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق هارون بن عنترة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : الجن والإنس يموج بعضهم في بعض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن هرون بن عنترة عن شيخ من بني فزارة في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : إذا ماج الجن والإنس

بعضهم في بعض قال إبليس : أنا أعلم لكم علم هذا الأمر فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن يمينا وشمالا حتى ينتهي إلى أقصى الأرض فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض فيقول : ما من محيص فبينما هو كذلك إذ عرض له طريق كأنه شواظ فأخذ عليه هو وذريته ، فبينما هو كذلك إذ هجم على النار فخرج إليه خازن من خزان النار فقال : يا إبليس ألم تكن لك المنزلة عند ربك ألم تكن في الجنان فيقول : ليس هذا يوم عتاب لو أن الله افترض علي عبادة لعبدته عبادة لم يعبده أحد من خلقه ، فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة ، فيقول : ما هي
فيقول : يأمرك أن تدخل النار ، فيتلكأ عليه فيقول به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النار فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه.
الآية 101.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا} قال : كانوا عميا عن الحق فلا يبصرونه صما عنه فلا يسمعونه.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يستطيعون سمعا} قال : لا يعقلون سمعا ، والله أعلم.
الآية 102.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال : ظن كفرة بني آدم أن يتخذوا الملائكة من دونه أولياء.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه قرأ {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال أبو عبيد : بجزم السين وضم الباء.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قرأ {أفحسب الذين كفروا} يقول : أفحسبهم ذلك.
الآية 103 - 108
أخرج عبد الرزاق والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه من طريق مصعب بن سعد قال : سألت أبي {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} أهم الحرورية قال : لا هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وَأَمَّا النصارى فكذبوا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب ، والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد

ميثاقه ، وكان سعد يسميهم الفاسقين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن مصعب قال : قلت لأبي {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} الحرورية هم قال : لا ولكن أصحاب الصوامع والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي خميصة عبد الله بن قيس قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول في هذه الآية {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} إنهم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في السواري.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب وسأله ابن الكواء فقال : من {هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} قال : فجرة قريش.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق عن علي أنه سئل عن هذه الآية {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} قال : لا أظن إلا أن الخوارج منهم.

وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ، وقال : اقرأوا إن شئتم {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله تبارك تعالى جناح بعوضة اقرؤوا إن شئتم {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجها أحسنه وأطيبه ريحا فيقوم بجنب صاحبه فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله فيقول له : جزاك الله خيرا من صاحب فما أحسن صورتك ، وأطيب ريحك فيقول له : أما تعرفني تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا أنا عملك ، إن عملك كان حسنا فترى صورتي حسنة وكان طيبا فترى ريحي طيبة ، فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى فيقول : يا رب هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد شغلته في أيام حياته في الدنيا طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني

فيه ، فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب قد كنت أرغب له عن هذا وأرجو له منك أفضل من هذا ، فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله فيقول : يا رب إن كل تاجر قد دخل على أهله من تجارته ، فيشفع في أقاربه ، وإذا كان كافرا مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه فكلما جاءه روع زاده روعا فيقول : قبحك الله من صاحب فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك ، فيقول : من أنت قال : أما تعرفني أنا عملك إن عملك كان قبيحا فترى صورتي قبيحة وكان منتنا فترى ريحي منتنة ، فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا ، فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ثم تلا {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} ، قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة ثم يوزن فلا يزن شعيرة ثم يوزن فلا يزن جناح بعوضة ، ثم قرأ {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} يقول : ليس لهم وزن.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن جَرِير والحاكم والبيهقي في البعث ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة ومن فوقها يكون العرش ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه

والبيهقي في البعث عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الجنة مائة درجة كل منها ما بين السماء والأرض وأعلاها الفردوس وعليها يكون العرش وهي أوسط شيء في الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جنة الفردوس هي ربوة الجنة العليا التي هي أوسطها وأحسنها.
وأخرج البزار عن العرباض بن سارية : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة.

وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الفردوس أعلى درجة في الجنة وفيها يكون عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ، وجنة عدن قصبة الجنة وفيها مقصورة الرحمن ومنها يسمع أطيط العرش فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأنهار والأثمار.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الفردوس بستان بالرومية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفردوس هو الكرم بالنبطية وأصله فرداسا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن الفردوس قال : هي جنات الأعناب بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير : الفردوس يعني الجنة ، قال : والجنة بلسان الرومية الفردوس.

وأخرج النجاد في جزء التزاحم عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلى الجنة فإذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يبغون عنها حولا} قال : متحولا.
الآية 109.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} يقول : علم ربي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} يقول : ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام الله وحكمته.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي البختري قال : صحب سلمان رجل ليتعلم منه فانتهى إلى دجلة وهي تطفح فقال له سلمان : انزل فاشرب ، فشرب قال له : ازدد فازداد ، قال : كم نقصت منها قال : ما عسى أن أنقص من هذه قال سلمان : فكذلك العلم تأخذ منه ولا تنقصه.

الآية 110.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية ، قال : نزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله إلها غيره وليست هذه في المؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي الدنيا في الإخلاص ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، عَن طاووس قال : قال رجل : يا نبي الله إني أقف مواقف أبتغي وجه الله وأحب أن يرى موطني ، فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي موصولا ، عَن طاووس عن ابن عباس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان من المسلمين من يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه فأنزل الله {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في الصحابة ، وَابن عساكر من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان جندب

بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح فزاد في ذلك لمقالة الناس فلامه الله فنزل في ذلك {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج هناد في الزهد عن مجاهد قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أتصدق بالصدقة وألتمس بها ما عند الله وأحب أن يقال لي خيرا : فنزلت {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج هناد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} قال : ثواب ربه ، {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك} قال : لا يرائي {بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} قال : من كان يخشى البعث في الآخرة {فليعمل عملا

صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} من خلقه.
قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن ربكم يقول : أنا خير شريك فمن أشرك معي في عمله أحدا من خلقي تركت العمل كله له ولم أقبل إلا ما كان لي خالصا ، ثم قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن زياد قال : قلت للحسن قول الله : {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} قال : في المؤمن نزلت ، قلت : أشرك بالله قال : لا ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد الله به والناس فذلك يرد عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الواحد بن زيد قال : قلت للحسن : أخبرني عن الرياء أشرك هو قال : نعم يا بني وما تقرأ {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وَأخرَج الطبراني عن شداد بن أوس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إذا جمع الله الأولين والآخريين ببقيع واحد ينفدهم البصر ويسمعهم الداعي قال : أنا

خير شريك كل عمل عمل لي في دار الدنيا كان لي فيه شريك فأنا أدعه اليوم ولا أقبل اليوم إلا خالصا ، ثم قرأ (إلا عباد الله المخلصين) (الصافات آية 40) {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي ، وَابن ماجة والبيهقي عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري - وكان من الصحابة - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد : من كان أشرك في عمل عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة أن رجلا قال : يا رسول الله الرجل يجاهد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من الدنيا قال : لا أجر له ، فأعظم الناس هذه فعاد الرجل فقال : لا أجر له.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص ، وَابن مردويه والحالكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس

قال : كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك ، ثم قرأ {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وَابن مردويه عن شداد بن أوس رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنا خير قسيم لمن أشرك بي من أشرك بي شيئا فإن عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني.
وأخرج البزار ، وَابن منده والبيهقي ، وَابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل له : أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صام رياء

فقد أشرك ومن صلى رياء فقد أشرك ومن تصدق رياء فقد أشرك فقال : بلى ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} فشق ذلك على القوم واشتد عليهم فقال : ألا أفرجها عنكم قالوا : بلى يا رسول الله فقال : هي مثل الآية في الروم (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) (الروم آية 39) فمن عمل رياء لم يكتب لا له ولا عليه.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي لمكان رجل.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية ، قلت : أتشرك أمتك من بعدك قال : نعم أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجر ولا وثنا ولكن يراؤون الناس

بأعمالهم ، قلت : يا رسول الله فالشهوة الخفية قال : يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته.
وأخرج أحمد ومسلم ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مدرويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه قال : أنا خير الشركاء فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه وهو الذي أشرك.
وأخرج أحمد والبيهقي عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال : الرياء يقول الله يوم القيامة : إذا جزي الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء.
وأخرج البزار والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله عز وجل يوم القيامة في صحف مختتمة فيقول الله : ألقوا هذا واقبلوا هذا ، فتقول الملائكة : يا رب والله ما رأينا منه إلا خيرا ، فيقول : إن عمله كان لغير وجهي ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به

وجهي.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه والبيهقي بسند لا بأس به عن الضحاك بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله : أنا خير شريك فمن أشرك معي أحدا فهو لشريكي ، يا أيها الناس أخلصوا الأعمال لله فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا تقولوا هذا لله وللرحم فإنه للرحم وليس لله منه شيء.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو أنه قال : يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو قال : يا عبد الله : إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا وإن قاتلت مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال.
وأخرج أحمد والدارمي والنسائي والروياني ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن يحيى بن الوليد بن عبادة عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

قال : من غزا وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى.
وأخرج الحاكم عن يعلى بن منبه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبعثني في سراياه فبعثني ذات يوم وكان رجل يركب فقلت له : إرحل ، قال : ما أنا بخارج معك ، قلت : لم قال : حتى تجعل لي ثلاثة دنانير ، قلت : الآن حين ودعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما أنا براجع إليه إرحل ولك ثلاثة دنانير ، فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي فقال : أعطها إياه فإنها حظه من غزاته.
وأخرج أبو داود والنسائي والطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له ، فأعادها ثلاث مرات يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا شيء له ، ثم قال : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه.
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة

والبيهقي في الأسماء والصفات عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يرائي الله به.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الله بن عمر : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة أوقفه الله عز وجل يوم القيامة في موقف رياء وسمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمود بن

لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياكم وشرك السرائر ، قالوا : وما شرك السرائر قال : أن يقوم أحدكم يريد صلاته جاهدا لينظر الناس إليه فذلك شرك السرائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من صلى صلاة والناس يرونه فليصل إذا خلا مثلها وإلا فإنما هي استهانة يستهين بها ربه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة مثله.
وأخرج البيهقي عن عمرو بن عبسة قال : إذا كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز منها ما كان لله وما كان لغير الله رمي به في نار جهنم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل ، فقالوا : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله قال : قولوا : اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفر لما لا نعلم.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عبادة بن الصامت قال : يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال : ميزوا ما كان لله فيميز ثم يقول : ألقوا سائرها في النار.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن يسيرا من الرياء شرك وإن من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة وإن الله يحب الأبرار الأخفياء الأتقياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء مظلمة.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الاتقاء على العمل أشد من العمل إن الرجل ليعمل فيكتب له عمل صالح معمول به في السر يضعف أجره سبعين ضعفا فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس فيكتب علانية ويمحى تضعيف أجره كله ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ثانية ويحب أن يذكر ويحمد عليه فيمحى من العلانية ويكتب رياء فاتقى الله امرؤ صان دينه فإن الرياء

شرك.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن أحسن أوليائي عندي منزلة رجل ذو حظ من صلاة ، أحسن عبادة ربه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع عجلت منيته وقل تراثه وقلت بواكيه.
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن أبي هند الداري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قام مقام رياء أو سمعة رايا الله به يوم القيامة وسمع به.
وأخرج البيهقي عن عمر بن النضر قال : بلغني أن في جهنم واديا تعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة أعد ذلك للمرائين من القراء.

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : تعوذ بالله من جب الحزن قيل من يسكنه قال : المراؤون بأعمالهم.
وأخرج البيهقي ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : كل من عمل عملا أراد به غيري فأنا منه بريء.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر قال : الرياء يوم يجازي الله العباد بأعمالهم يقول : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا انظروا ، هل تصيبون عندهم جزاء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن الحنفية قال : كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي العالية قال : قال لي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : يا أبا العالية لا تعمل لغير الله فيكلك الله عز وجل إلى عملت له.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيع بن خثيم قال : ما لم يرد به وجه الله عز وجل يضمحل.
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن إسماعيل بن أبي رافع قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض شيعها سبعون ألف ملك سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له بها إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من بعدها وأعطي نورا يبلغ السماء ووقي من فتنة الدجال ، ومن قرأ الخمس آيات من خاتمتها حين يأخذ مضجعه من فراشه حفظ وبعث من أي الليل شاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية ، قال : إنها آخر آية نزلت من القرآن.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أبي حكيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم.

وأخرج ابن راهويه والبزار ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والشيرازي في الألقاب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ في ليلة {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة.
وأخرج ابن الضريس عن أبي الدرداء قال : من حفظ خاتمة الكهف كان له نور يوم القيامة من لدن قرنه إلى قدمه ، والله أعلم بالصواب.
*

المجلد العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
19 -- سورة مريم.
مكية وآياتها ثمان وتسعون.
مقدمة سورة مريم.
أَخرَج النحاس ، وَابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة مريم بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة مريم بمكة.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والديلمي من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن أبيه عن جده قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ولدت لي الليلة جارية ، فقال : والليلة أنزلت علي سورة مريم سمها مريم.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة : أن النجاشي قال لجعفر بن أبي طالب : هل معك مما جاء به - يعني رسول الله - من الله من شيء قال : نعم ، فقرأ عليه صدرا من {كهيعص} فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي

عليهم ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مورق العجلي قال : صليت خلف ابن عمر الظهر فقرأ بسورة مريم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : سمعت عبد الله بن عمر يقرأ في الظهر بكهيعص.
وأخرج ابن سعد عن هاشم بن عاصم الأسلمي عن أبيه قال : لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم أتاه بريدة بن الخصيب فأسلم.
قال هاشم : فحدثني المنذر بن جهضم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم بريدة ليلتئذ صدرا من سورة مريم.
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال : قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فوجدت رجلا من غفار يؤم الناس في صلاة الفجر فسمعته يقرأ في الركعة

الأولى سورة مريم وفي الثانية ويل للمطففين.
الآية 1 - 11.
أَخرَج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {كهيعص} قال : كبير هاد أمين عزيز صادق ، وفي لفظ : كاف بدل كبير.
وأخرج عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وعثمان بن سعيد الدارمي في التوحيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {كهيعص} قال : كاف من كريم وهاء من هاد وياء من حكيم وعين من عليم وصاد من صادق.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة {كهيعص}

هو الهجاء المقطع الكاف من الملك والهاء من الله والياء والعين من العزيز والصاد من المصور.
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن {كهيعص} فحدث عن أبي صالح عن أم هانئ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كاف هاد عالم صادق.
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير عن فاطمة بنت علي قالت : كان ابن عباس يقول في {كهيعص} و(حم) و(يس) وأشباه هذا هو اسم الله الأعظم.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله : {كهيعص} قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {كهيعص} قال : يقول : أنا الكبير الهادي علي أمين صادق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : {كهيعص} قال : الكاف من الملك والهاء من الله والعين من العزيز والصاد من الصمد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس في قوله : {كهيعص} قال : الكاف مفتاح اسمه كافي والهاء مفتاح اسمه هادي والعين مفتاح اسمه عالم والصاد مفتاح اسمه صادق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : {كهيعص} قال : يا من يجير ولا يجار عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {كهيعص} قال : اسم من أسماء القرآن ، والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} بنقل يقول : لما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ، فقال : {ذكر رحمة ربك}.

وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان زكريا نجارا.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : إن زكريا بن دان أبا يحيى كان من أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إذ نادى ربه نداء خفيا} قال : لا يريد رياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إذ نادى ربه نداء خفيا} أي بقلبه سرا ، قال قتادة : إن الله يحب الصوت الخفي والقلب النقي.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : كان آخر أنبياء بني إسرائيل زكريا بن إدريس من ذرية يعقوب دعا ربه سرا قال : {رب إني

وهن العظم مني} إلى قوله : {خفت الموالي من ورائي} وهم العصبة {يرثني ويرث} نبوة (آل يعقوب {فنادته الملائكة} وهو جبريل {إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} فلما سمع النداء جاءه الشيطان فقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت ليس من الله إنما هو من الشيطان يسخر بك فشك وقال : {أنى يكون لي غلام} يقول : من أين يكون {وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر} قال الله : {وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وهن العظم مني} يقول : ضعف.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وهن العظم مني} قال : نحول العظم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم أكن بدعائك رب شقيا} قال : قد كنت تعودني الإجابة فيما مضى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عيينة في قوله : {ولم أكن بدعائك رب شقيا} يقول : سعدت بدعائك وإن لم تعطني.

وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن العاص قال : أملى علي عثمان بن عفان من فيه {وإني خفت الموالي} بنقلها يعني بنصب الخاء والفاء وكسر التاء يقول قلت : {الموالي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإني خفت الموالي من ورائي} قال : الورثة وهم عصبة الرجل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وإني خفت الموالي من ورائي} قال : العصبة من آل يعقوب وكان من ورائه غلام وكان زكريا من ذرية يعقوب وفي لفظ : أيوب.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس قال : كان زكريا لا يولد له فسأل ربه فقال : {فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} قال : يرثني مالي ويرث منءال يعقوب النبوة.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد وعكرمة في قوله : (يرثني ويرث منءال يعقوب) . قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح في قوله : (إني خفت الموالي من وراءي) . قال : خاف موالي الكلالة وقوله : (يرثني ويرث من ءال يعقوب) . قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {يرثني ويرث من آل يعقوب} قال : نبوته وعلمه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أخي زكريا ما كان عليه من ورثة ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {يرثني ويرث من آل يعقوب} فيقول : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن صالح في قوله : {ويرث من آل يعقوب} قال : السنة والعلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها : {وإني خفت الموالي من ورائي} مشددة بنصب الخاء وكسر التاء وقرأها : {يرثني ويرث من آل يعقوب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه كان يقرأ {يرثني ويرث من آل يعقوب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {يرثني} مثقل مرفوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : قال داود عليه السلام : يا رب هب لي ابنا فولد له ابن خرج عليه فبعث إليه داود جيشا فقال : إن أخذتموه سليما فابعثوا إلي رجلا أعرف السرور في وجهه وإن قتلتموه فابعثوا إلي رجلا أعرف الشر في وجهه فقتلوه فبعثوا إليه رجلا أسود فلما رآه علم أنه قتل فقال : رب سألت أن تهب لي ابنا فخرج علي فقال : إنك لم تستثن ، قال محمد بن

كعب : لم يقل كما قال زكريا : {واجعله رب رضيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما دعا زكريا ربه أن يهب له غلاما هبط جبريل عليه السلام - فبشره بيحيى ، فقال زكريا عندها : {أنى يكون لي غلام} وأخبر بكبر سنه وعلة زوجته فأخذ جبريل عودا يابسا فجعله بين كفي زكريا فقال : ادرجه بين كفيك ففعل فإذا في رأسه عود بين ورقتين يقطر منهما الماء ، فقال جبريل : إن الذي أخرج هذا الورق من هذا العمود قادر أن يخرج من صلبك ومن امرأتك العاقر غلاما.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج أحمد في الزهد عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم تلد العواقر مثله ولدا.

وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : مثلا.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : شبيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء مثله.
وأخرج البخاري في تاريخه عن يحيى بن خلاد الزرقي أنه لما ولد أتي به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فحنكه وقال : لأسمينه اسما لم يسم بعد يحيى بن زكريا فسماه يحيى.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لا أدري كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف {عتيا} أو عييا.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والحاكم عن ميمون بن مهران : أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس فقال : أخبرني عن قول الله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} ما العتي قال : البؤس من الكبر قال

الشاعر : إنما يعذر الوليد ولا يعذر * من كان في الزمان عتيا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : نحول العظم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} يقول : هرما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {وقد بلغت من الكبر عتيا}

قال : العتي الذي عتا من الولد فيما يرى في نفسه لا ولادة فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن الثوري قال : بلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن المبارك {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : ستين سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الإسناد عن وهب بن منبه {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : هذه المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ عتيا برفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن وثاب أنه قرأها {عتيا} وصليا بكسر العين والصاد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عقيل أنه قرأ وقد بلغت من الكبر عسيا بالسين ورفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكم عن نوف في قوله : {قال رب اجعل لي آية} قال : أعطني آية أنك قد استجبت لي ، فقال : {آيتك

ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} قال ختم على لسانه وهو صحيح سوي ليس به من مرض فلم يتكلم ثلاثة أيام.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} قال : اعتقل لسانه من غير مرض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ثلاث ليال سويا} قال : من غير خرس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة والضحاك مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {ثلاث ليال سويا} قال : صحيحا لا يمنعك الكلام مرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم أحدا وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {فخرج على قومه من المحراب} قال : المحراب مصلاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فأوحى إليهم} قال : كتب لهم.

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (فأوحى إليهم أن سبحوا).
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الحكم {فأوحى إليهم} قال : كتب لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فأوحى إليهم} قال فأشار زكريا.
أخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {فأوحى إليهم أن سبحوا} قال : أشار إليهم إشارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير {فأوحى إليهم} قال : أومأ إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {فأوحى إليهم أن سبحوا} قال : صلوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : {بكرة وعشيا} قال : أمرهم بالصلاة

بكرة وعشيا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا} قال : البكرة صلاة الفجر وعشيا صلاة العصر.
الآية 12 - 15.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} قال : بجد {وآتيناه الحكم صبيا} قال : الفهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {خذ الكتاب بقوة} يقول : اعمل بما فيه من فرائضه.
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال : سألنا عكرمة عن قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : اللب.
وأخرج أبو نعيم ، وَابن مردويه والديلمي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : وهو ابن ثلاث سنين.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخرائطي ، وَابن عساكر عن معمر بن راشد في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : بلغني أن الصبيان قالوا
ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب قال : ما للعب خلقت ، فهو قوله : {وآتيناه الحكم صبيا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد من طريق معمر عن قتادة قال : جاء الغلمان إلى يحيى بن زكريا فقال : ما للعب خلقت ، قال : فأنزل الله {وآتيناه الحكم صبيا} ، وأخرجه ابن عساكر عن معاذ بن جبل مرفوعا.
وأخرج الحاكم في تاريخه من طريق سهل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الغلمان ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب فقال يحيى : ما للعب خلقنا اذهبوا نصلي ، فهو قول الله : {وآتيناه الحكم صبيا}.

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صبيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : {وحنانا} قال : لا أدري ما هو إلا أني أظنه تعطف الله على خلقه بالرحمة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله : {وحنانا} فلم يجر فيها شيئا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن

عباس في قوله : {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله : {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت طرفة بن العبد البكري وهو يقول : أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا * حنانيك بعض لشر أهون من بعض.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وحنانا من لدنا} قال : تعطفا من ربه عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {وحنانا من لدنا} قال : الرحمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع {وحنانا من لدنا} قال : {رحمة من عندنا} لا يملك عطاءها أحد غيرنا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد الجهني في قوله : {وحنانا من لدنا} قال : الحنان المحبب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا {وزكاة} قال صدقة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وزكاة} قال : بركة ، وفي قوله : {وكان تقيا} قال : طهر فلم يعمل بذنب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله : {وكان تقيا} قال : لم يعصه ولم يهم بها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم يكن جبارا عصيا} قال : كان سعيد بن المسيب يقول : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا قال قتادة : وقال الحسن : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما أذنب يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله : {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال : ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفيا} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه ، فقال : {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيبا} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى

فتخيبني فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك ، {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك وليا} يعني من عندك وليا {يرثني} يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوة {واجعله رب رضيا} يعني مرضيا عندك زاكيا بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في
السن هو وامرأته ، فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال : {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من اسماء الله اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال : وكان اسمه حيا فلما وهب الله لسارة إسحاق فكان اسمها يسارة ويسارة من النساء التي لا تلد وسارة من النساء : الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى فقال : {رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا} خاف أنها لا تلد ، قال : {كذلك قال ربك} يا زكريا {هو علي هين وقد خلقتك من قبل} أن

أهب لك يحيى {ولم تك شيئا} وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر ، وذلك أن إبليس أتاه فقال : يا زكريا دعاؤك كان خفيا فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال ذلك صوت من الشيطان ليس من جبريل ولا من ربك ، {قال رب اجعل لي آية} حتى أعرف أن هذه البشرى منك ، {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال} يعني صحيحا من غير خرس ، فحاضت زوجته فلما طهرت طاف عليها فاستحملت فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس أعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال : {أنى يكون لي غلام} فخاف أن يكون الصوت من غير الله {فخرج على قومه من المحراب} يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه ، فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده {أن سبحوا بكرة وعشيا} يعني صلوا صلاة الغداة والعصر فولد له يحيى على ما بشره الله نبيا تقيا صالحا {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه {وآتيناه الحكم} يعني الفهم {صبيا} صغيرا وذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء فقالوا : يا يحيى تعال حتى نلعب فقال : سبحان الله أو للعب خلقنا {وحنانا} يعني ورحمة {منا} وعطفا {وزكاة} يعني وصدقة على زكريا {وكان تقيا} يعني مطهرا مطيعا لله {وبرا بوالديه} كان لا يعصيهما {ولم يكن جبارا} يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها {عصيا} يعني عاصيا لربه ، {وسلام عليه} يعني حين سلم الله عليه {يوم ولد ويوم يموت

ويوم يبعث حيا}
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن القاسم قال : قال مالك : بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة وكان حملهما جميعا معا فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك ، قال مالك : أرى ذلك لتفضيل الله عيسى لأن الله جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ولم يكن ليحيى إلا عشب الأرض وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان على خذه القار لأذابه ولقد كان الدمع اتخذ في وجهه مجرى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن خزيمة والدارقطني في الأفراد وأبو نصر السجزي في الإبانة والطبراني عن ابن عباس قال : كنا في حلقة في مسجد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نتذاكر فضائل الأنبياء فذكرنا نوحا وطول عبادته وذكرنا إبراهيم وموسى وعيسى فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تذاكرون بينكم فذكرنا له فقال : أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيرا من يحيى بن زكريا أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} إلى قوله : {وكان

تقيا} لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما وهم يتذاكرون فضل الأنبياء فقال قائل : موسى كلمه الله تكليما وقال قائل : عيسى روح الله وكلمته وقال قائل : إبراهيم خليل الله فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : وأين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب يحيى بن زكريا.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى بن زكريا لم يهم بخطيئة ولم يعملها.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن يحيى بن جعدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يحيى بن زكريا ما هم

بخطيئة ولا حاكت في صدره امرأة.
وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن حبيب قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما بعلت النساء عن ولد ينبغي له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها.
وأخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طلحة رفعه قال : ما ارتكض في النساء من جنين ينبغي له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا لأنه لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : إن عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى : استغفر لي أنت خير مني فقال له عيسى : بل أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت أنا على نفسي فعرف والله فضلها.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني والحاكم والضياء عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل

الجنة - إلا ابني الخالة - عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا.
وأخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان يحيى لا يقرب النساء ولا يشتهين وكان شابا حسن الوجه لين الجناح قليل الشعر قصير الأصابع طويل الأنف أقرن الحاجبين رقيق الصوت كثير العبادة قويا في الطاعة.
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه ، وَابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة.
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن الزبير قال : من أنكر البلاء فإني لا أنكره لقد ذكر لي أنما قتل يحيى بن زكريا في زانية.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريقه : أنا يعقوب الكوفي عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به

رأى زكريا في السماء فسلم عليه فقال له : يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان ولم قتلك بنو إسرائيل قال : يا محمد إن يحيى كان خير أهل زمانه وأجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله : {وسيدا وحصورا} وكان لا يحتاج إلى النساء فهويته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها وأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام وكانت
سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب فخرج الملك للعيد فقامت امرأته فشيعته وكان بها معجبا ولم تكن تسأله فيما مضى فلما أن شيعته قال الملك : سليني فما تسأليني شيئا إلا أعطيتك قالت : أريد دم يحيى بن زكريا ، قال لها : سليني غيره ، قالت : هو ذاك ، قال : هو لك فبعث جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي وأنا إلى جانبه أصلي فذبح في طست وحمل رأسه ودمه إليها ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فما بلغ من صبرك قال : ما انفتلت من صلاتي فلما حمل رأسه إليها ووضع بين يديها - فلما أمسوا - خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل : لقد غضب إله زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا فخرجوا في طلبي ليقتلوني فجاءني النذير فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم علي : فلما أن تخوفت أن لا أعجزهم عرضت لي شجرة فنادتني فقالت : إلي إلي وانصدعت لي

فدخلت فيها وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجا من الشجرة وجاء بنو إسرائيل فقال إبليس : أما رأيتموه دخل هذه الشجرة هذا طرف ردائه دخل به الشجرة فقالوا : نحرق هذه الشجرة فقال إبليس : شقوه بالمنشار شقا ، قال : فشققت مع الشجرة بالمنشار ، فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا زكريا هل وجدت له مسا أو وجعا قال : لا إنما وجدت تلك الشجرة جعل الله روحي فيها.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه أن زكريا هرب ودخل جوف شجرة فوضع على الشجرة المنشار وقطع بنصفين فلما وقع المنشار على ظهره أن فأوحى الله يا زكريا إما أن تكف عن أنينك أو أقلب الأرض ومن عليها فسكت حتى قطع نصفين.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر وكان يقول : من أنعم منك يا يحيى طعامك الجراد وقلوب الشجر.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني قال : كان يحيي بن زكريا إنما يأكل مع الوحش كراهة أن يخالط

الناس في معايشهم.
وَأخرَج مالك ، وَابن المبارك وأحمد في الزهد وأبو نعيم عن مجاهد قال : كان طعم يحيى بن زكريا العشب وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينه لأحرقه ولقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه.
وأخرج ابن عساكر عن يونس بن ميسرة قال : مر يحيى بن زكريا على دينار فقال : قبح هذا الوجه يا دينار يا عبد العبيد ومعبد الأحرار.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : سأل يحيى بن زكريا ربه قال : رب اجعلني أسلم على ألسنة الناس ولا يقولون في إلا خيرا ، فأوحى الله إليه : يا يحيى لم أجعل هذا لي فكيف أجعله لك.
وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب ، وَابن عساكر عن ثابت البناني قال : بلغنا أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا فرأى عليه معاليق من كل شيء

فقال له يحيى : ما هذه قال : هذه الشهوات التي أصيب بها بنو آدم ، قال له يحيى : هل لي فيها شيء قال : لا ، قال : فهل تصيب مني شيئا قال : ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر ، قال : هل غيره قال : لا ، قال : لا جرم لا أشبع أبدا.
وأخرج ابن عساكر من طريق علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي قال : كان ملك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه فأراد أن يتزوج امرأة أخيه فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك وكانت الملوك في ذلك الزمان يعلمون بأمر الأنبياء فقال له : لا تتزوجها فإنها بغي فبلغ المرأة ذلك فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه ، فعمدت إلى ابنتها فصيغتها ثم قالت اذهبي إلى عمك عند الملأ فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره ويقول : سليني ما شئت فإنك لن تسأليني شيئا إلا أعطيتك فإذا قال لك قولي : فقولي لا أسألك شيئا إلا رأس يحيى وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رؤوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه ، ففعلت ذلك فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه فاختار ملكه فقتله فساخت بأمها الأرض ، قال ابن جدعان : فحدثت بهذا الحديث ابن المسيب فقال : أما أخبرك كيف كان قتل زكريا قلت : لا ، قال : إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق فدعته إليها فانطوت عليه وبقيت من ثوبه هدبة

تلعبها الريح فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره عندها فنظروا تلك الهدبة فدعوا المنشار فقطعوا الشجرة فقطعوه فيها.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمرو قال : التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة
ورثت الملك عن آبائها فأتيت برأس يحيى وهي على سريرها فقال للأرض خذيها فأخذتها وسريرها فذهب بها.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن عبد الله بن الزبير : أن ملكا أراد أن يتزوج ابنة أخيه فاستفتى يحيى بن زكريا قال : لا تحل لك ، فسألت قتله فبعث إليه - وهو في محرابه يصلي - فذبحوه ثم حزوا رأسه وأتوا به الملك فجعل الرأس يقول : لا يحل لك ما تريد.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب قال : قال يحيى بن زكريا للذي جاء يحز رأسه : أما تعلم أني نبي قال : بلى ولكني مأمور.
وأخرج الحاكم ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبيعن ألفا وسبعين ألفا.

وأخرج ابن عساكر عن شمر بن عطية قال : قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبيا منهم يحيى بن زكريا.
وأخرج ابن عساكر عن قرة قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي وحمرتها بكاؤها.
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد بن ثابت الربعي قال : لما قتل فجرة بني إسرائيل - يحيى بن زكريا أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم : أن قل لبني إسرائيل إلى متى تجترئون على أن تعصوا أمري وتقتلوا رسلي وحتى متى أضمكم في كنفي كما تضم الدجاجة أولادها في كنفها فتجترئون علي اتقوا لا أؤخذاكم بكل دم كان بين ابني آدم ويحيى بن زكريا واتقوا أن أصرف عنكم وجهي فإني إن صرفت عنكم وجهي لا أقبل عليكم إلى يوم القيامة.
وأخرج أحمد عن سعيد بن جبير قال : لما قتل يحيى عليه السلام قال : بعض أصحابه لصاحب له : ابعث إلي بقميص نبي الله يحيى أشمه فبعث به إليه فإذا سداه ولحمته ليف.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن يونس بن عبيد قال : بلغنا أنه كان رجل يجور على مملكته ويعدي عليهم فائتمروا بقتله فقالوا : نبي الله زكريا بين أظهرنا فلو أتيناه فأتوا منزله فإذا فتاة جميلة رائعة قد أشرق لها البيت حسنا
فقالوا : من أنت قالت : امرأة زكريا ، فقالوا فيما بينهم : كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا فإذا هو عنده امرأة من أجمل النساء ثم إنهم رأوه في عمل عند قوم ويعمل لهم حتى إذا حضر غداؤه قرب رغيفين فأكل ولم يدعهم ثم قام فعمل بقية عمله ثم علق خفيه على عنقه والمسحاة والكساء قال : ما حاجتكم قالوا : قد جئنا لأمر ولقد كاد يغلبنا ما رأينا على ما جئنا له ، قال : فهاتوا قالوا : أتينا منزلك فإذا امرأة جميلة رائعة وكنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا فقال : إني إنما تزوجت امرأة جميلة رائعة لأكف بها بصري وأحفظ بها فرجي فخرج نبي الله مما قالوا ، قالوا : ورأيناك قدمت رغيفين فأكلت ولم تدعنا قال : إن القوم استأجروني على عمل فخشيت أن أضعف عن عملهم ولو أكلتم معي لم يكفني ولم يكفكم فخرج نبي الله مما قالوا ، قالوا : ورأيناك وضعت خفيك على عنقك والمسحاة والكساء ، فقال : إن هذه الأرض جديدة وكرهت أن أنقل تراب هذه في هذه فخرج نبي الله مما قالوا ، قالوا : إن هذا الملك يجور علينا ويظلمنا وقد ائتمرنا لقتاله ، قال : أي قوم لا

تفعلوا فإن إزالة جبل من أصله أهون من إزالة ملك مؤجل ، والله أعلم.
الآية 16 – 24
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إذ انتبذت} أي انفردت {من أهلها مكانا شرقيا} قال : قبل المشرق شاسعا متنحيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} قال : مكانا أظلتها الشمس أن يراها أحد منهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما اتخذت النصارى المشرق قبلة لأن مريم اتخذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذا ميلاده قبلة وإنما سجدت اليهود على حرف حين نتق فوقهم الجبل فجعلوا يتخوفون وهم ينظرون إليه يتخوفون أن يقع عليهم فسجدوا سجدة رضيها الله فاتخذوها سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت والحج إليه وما صرفهم عنه إلا قول ربك : {إذ انتبذت من

أهلها مكانا شرقيا} قال : خرجت منهم مكانا شرقيا فصلوا قبل مطلع الشمس.
وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال : {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} قالت : {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} قال : {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول : {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت : إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به فلم تر إلا جذع النخلة فقال : أستتر بهذا الجذع من الناس ، وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه ، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره ، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها
غلام قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها

وبالنخلة فقال : ههنا حدث الأمر فمال إليهم فقال : أي شيء هذا الذي حدث فكلمته الملائكة فقالوا : نبي ولد بغير ذكر ، قال : أما والله لأضلن به أكثر العالمين ، أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا : هو ابن الله ، قال : وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سريا} قال إبليس : ما حملت أنثى إلا بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم به حين وضعته.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس وعن مرة بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا : خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها فلما طهرت إذ هي برجل معها {فتمثل لها بشرا} ففزعت وقال : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} فخرجت وعليها جلبابها فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها - وكان مشقوقا من قدامها - فدخلت النفخة صدرها فحملت فأتتها أختها امرأة ليلة تزورها فلما فتحت لها الباب التزمتها فقالت امرأة زكريا : يا مريم أشعرت أني حبلى ، قالت مريم : اشعرت أيضا أني حبلى فقالت امرأة زكريا : فإني وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك ، فذاك قوله : {مصدقا بكلمة من الله} فولدت امرأة زكريا يحيى ، ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا} الآية {فناداها} جبريل {من تحتها ألا تحزني} فلما

ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل : إن مريم ولدت فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى فتكلم فقال : {إني عبد الله آتاني الكتاب} الآيات ، فلما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خر لوجهه.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {واذكر في الكتاب مريم} يقول : قص ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب {إذ انتبذت} يعني خرجت {من أهلها مكانا شرقيا} قال : كانت خرجت من بيت المقدس مما يلي المشرق {فاتخذت من دونهم حجابا} وذلك أن الله لما أراد أن يبتدئها بالكرامة
ويبشرها بعيسى وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت وجعلت بينها وبين قومها {حجابا} يعني جبلا فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس {فأرسلنا إليها روحنا} يعني جبريل {فتمثل لها بشرا} في صورة الآدميين {سويا} يعني معتدلا شابا أبيض الوجه جعدا قططا حين اخضر شاربه فلما نظرت إليه قائما بين يديها ، {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها يقال

له يوسف من بني إسرائيل وكان من خدم بيت المقدس فخافت أن يكون الشيطان قد استزه فمن ثم قالت : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} يعني إن كنت تخاف الله ، قال جبريل : وتبسم {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} يعني لله مطيعا من غير بشر ، {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} يعني زوجا {ولم أك بغيا} أي مومسة ، قال جبريل : {كذلك} يعني هكذا {قال ربك هو علي هين} يعني خلقه من غير بشر ، {ولنجعله آية للناس} يعني عبرة والناس هنا للمؤمنين خاصة ورحمة لكمن صدق بأنه رسول الله ، {وكان أمرا مقضيا} يعني كائنا أن يكون من غير بشر ، فدنا جبريل فنفخ في جيبها فدخلت النفخة جوفها فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة ووضعته كما تضع النساء فأصابها العطش فأجرى الله لها جدولا من الأردن فذلك قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} والسري الجدول ، وحمل الجذع من ساعته {رطبا جنيا} فناداها من تحتها جبريل {وهزي إليك بجذع النخلة} لم يكن على رأسها سقف وكانت قد يبست منذ دهر طويل فأحياها الله لها وحملت فذلك قوله : {تساقط عليك رطبا جنيا} يعني طريا بغباره {فكلي} من الرطب {واشربي} من الجدول {وقري عينا} بولدك ، فقال : فكيف بي إذا سألوني من أين هذا ، ، قال لها جبريل : {فإما ترين} يعني فإذا رأيت {من البشر أحدا} فأعنتك في أمرك {فقولي إني نذرت للرحمن صوما} يعني صمتا في أمر عيسى {فلن أكلم اليوم إنسيا} في أمره ، حتى يكون هو الذي يعبر

عني وعن نفسه ، قال : ففقدوا مريم من محرابها فسألوا يوسف فقال : لا علم لي بها وإن مفتاح محرابها مع زكريا ، فطلبوا زكريا وفتحوا الباب وليست فيه فاتهموه فأخذوه ووبخوه فقال رجل : إني رأيتها في موضع كذا فخرجوا في طلبها فسمعوا صوت عقيق في رأس الجذع الذي مريم من تحته فانطلقوا إليه فذلك قول
الله : {فأتت به قومها تحمله} قال ابن عباس : لما رأت بأن قومها قد اقبلوا إليها احتملت الولد إليهم حتى تلقتهم به فذلك قوله : {فأتت به قومها تحمله} أي لا تخاف ريبة ولا تهمة فلما نظروا إليها شق أبوها مدرعته وجعل التراب على رأسه وأخوتها وآل زكريا {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} يعني عظيما {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} يعني زانية ، فأنى أتيت هذا الأمر مع هذا الأخ الصالح والأب الصالح والأم الصالح {فأشارت إليه} تقول لهم : أن كلموه فإنه سيخبركم {إني نذرت للرحمن صوما} أن لا أكلمكم في أمره فإنه سيعبر عني فيكون لكم آية وعبرة {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} يعني من هو في الخرق طفلا لا ينطق فأنطقه الله فعبر عن أمه

وكان عبرة لهم فقال : {إني عبد الله} فلما أن قالها ابتدأ يحيى وهو ابن ثلاث سنين فكان أول من صدق به فقال : إني أشهد أنك عبد الله ورسوله ، لتصديق قول الله : {مصدقا بكلمة من الله} فقال عيسى : {آتاني الكتاب وجعلني نبيا} إليكم {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال ابن عباس رضي الله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البركة التي جعلها الله لعيسى أنه كان معلما مؤدبا حيثما توجه {وأوصاني بالصلاة والزكاة} يعني وأمرني {وبرا بوالدتي} فلا أعقها ، قال ابن عباس حين قال : {وبرا بوالدتي} قال : زكريا : الله أكبر فأخذه فضمه إلى صدره فعلموا أنه خلق من غير بشر {ولم يجعلني جبارا شقيا} يعني متعظما سفاكا للدم ، {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} يقول الله : {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} يعني يشكون بقوله لليهود ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ مبلغ الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حاتم وأبو نعيم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قالت مريم : كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني وإذا كنت مع الناس سبح في بطني وكبر وأنا أسمع.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حين حملت وضعت.

وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : بلغني أن مريم حملت لسبع أو تسع ساعات ووضعته من يومها.
وأخرج ابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس قال : وضعت مريم لثمانية أشهر ولذلك لا يولد مولود لثمانية أشهر إلا مات لئلا تسب مريم بعيسى.
وأخرج الحاكم عن زيد العمى قال : ولد عيسى يوما عاشوراء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن نوف قال : كانت مريم عليها السلام فتاة بتولا وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه فكان يدخل عليه يسلم عليها فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فدخل عليها زكريا مرة فقربت إليه بعض ما كانت تقرب (قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه) (آل عمران آية 38 - 39) إلى قوله : (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمرا) (آل عمران آية 42) {سويا} صحيحا ، {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم} كتب لهم {أن سبحوا بكرة وعشيا} قال : فبينما هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب فلما أن رأته

قالت : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال : {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} إلى قوله : {وكان أمرا مقضيا} فنفخ في جيبها جبريل فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وأخذ قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا فلا يخبرهم أحد ، وأخذها {المخاض إلى جذع النخلة} فتساندت إلى النخلة قالت : {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} قال : حيضة من حيضة {فناداها من تحتها} قال : جبريل من أقصى الوادي {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} قال : جدولا {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} فلما قال لها جبريل : اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها ، قالوا : يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا قال : لا وكن رأيت الليلة من بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا قال : رأيتها باتت سجدا نحو هذا

الوادي فانطلقوا حيث
وصف لهم فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى فجاؤوا حتى وقفوا عليها {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} قال : أمرا عظيما : {فأشارت إليه} أن كلموه فعجبوا منها : قالوا : {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} والمهد حجرها فلما قالوا ذلك : ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا} {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} قال : واختلف الناس فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر بن الخطاب لم أستحب النصارى الحجب على مذابحهم قال : إنما يستحب النصارى الحجب على مذابحهم ومناسكهم لقول الله سبحانه وتعالى : {فاتخذت من دونهم حجابا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : {فأرسلنا إليها روحنا} قال : بعث الله إليها ملكا فنفخ في جيبها فدخل في الفرج.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فأرسلنا إليها روحنا} قال : جبريل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : {فأرسلنا إليها روحنا} الآية قال : نفخ جبريل في درعها فبلغت حيث شاء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن يسار : إن جبريل أتاها في صورة رجل فكشف الحجاب فلما رأته تعوذت منه فنفخ في جيب درعها فبلغت فذكر ذلك في المدينة فهجر زكريا وترك وكان قبل ذلك يستفتى ويأتيه الناس حتى إن كان ليسلم على الرجل فما يكلمه.
وأخرج ابن أبي حاتم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب في قوله : {فتمثل لها بشرا سويا} قال : تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته ، قال : حملت الذي خاطبها دخل في فيها.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي وائل في قوله : {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال : لقد علمت مريم أن التقي ذو نهية.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال : إنما خشيت أن يكون إنما يريدها عن نفسه ، {قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} زعموا أنه نفخ في جيب درعها وكمها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {لأهب لك} مهموزة بالألف وفي قراءة عبد الله ليهب لك بالياء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {غلاما زكيا} قال : صالحا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {ولم أك بغيا} قال زانية.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {مكانا قصيا} قال نائيا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {مكانا قصيا} قال : قاصيا وفي قوله : {فأجاءها المخاض} قال : ألجأها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {فأجاءها المخاض} قال : ألجأها قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : إذا شددنا شدة صادقة * فأجأناكم إلى سفح الجبل.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فأجاءها المخاض} قال : اضطرها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {فأجاءها المخاض} قال فأداها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} قال : كان جذعا يابسا.

وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق هلال بن خباب عن أبي عبيد الله
{فأجاءها المخاض إلى جذع} نخلة يابسة قد جيء به ليبنى به بيت يقال له بيت لحم فحركته فإذا هو نخلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قدامة قال : أنبت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة بالمرأة عند الولادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : لم أخلق ولم أك شيئا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : حيضة ملقاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : حيضة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن نوف البكالي عن الضحاك في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال حيضة ملقاة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : تقول لا أعرف ولا أدري من أنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : هو السقط والله تعالى أعلم بالصواب.
وأخرج أبو عبيد بن حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علقمة أنه قرأ فخاطبها من تحتها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {فناداها من تحتها} قال : جبريل ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال الذي ناداها هو جبريل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك وعمرو بن ميمون مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن البراء {فناداها من تحتها} قال : ملك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {فناداها من تحتها} قال : جبريل من أسفل الوادي.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فناداها من تحتها} قال : عيسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {فناداها من تحتها} قال : هو عيسى ، واخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب قال الذي خاطبها : هو الذي حملته في جوفها دخل من فيها.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن زر بن حبيش أنه قرأ {فناداها من تحتها}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فناداها من تحتها} أي الملك من تحت النخلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : من قرأ من تحتها فهو جبريل ومن قرأ من تحتها فهو عيسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي بكر بن عياش قال : قرأ عاصم بن أبي النجود {فناداها من تحتها} بالنصب قال : وقال عاصم : من قرأ بالنصب فهو عيسى ومن قرأها بالخفض فهو جبريل.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {جعل ربك تحتك سريا} قال : نبيا وهو عيسى.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن جرير بن حازم قال : سألني محمد بن عباد بن جعفر ما يقول أصحابكم في قوله {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : فقلت له : سمعت قتادة يقول : الجدول ، قال : فأخبر قتادة عني فإنما نزل القرآن بلغتنا إنه الرجل السري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} يريد نفسه أي سرى أسرى منه قيل فالذين يقولون السري البحر قال : ليس كذلك لو كان كذلك لكان يكون إلى جنبها ولا يكون النهر تحتها.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه ، وَابن النجار عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن السري الذي قال الله لمريم : {قد جعل ربك تحتك سريا} نهر أخرجه الله لها لتشرب منه.
وأخرج الطبراني في الصغير ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : النهر.

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن البراء في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : هو الجدول وهو النهر الصغير.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : نهر عيسى.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عثمان بن محصن قال : سئل ابن عباس عن قوله : {سريا} قال : الجدول ، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : سلم تر الدالي منه أزورا * إذا يعج في السري هرهرا.
وَأخرَج ابن الأنباري في الوقف والطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {تحتك سريا} قال : السري النهر الصغير وهو الجدول ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : سهل الخليقة ماجد ذو نائل * مثل السري تمده الأنهار

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله : {سريا} قال : الجدول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن ميمون وإبراهيم النخعي مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أن الحسن تلا هذه الآية وإلى جنبه حميد بن عبد الرحمن الحميري {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : إن كان لسريا وإن كان لكريما فقال حميد : يا أبا سعيد إنه الجدول فقال له : لم تزل تعجبنا مجالستك ولكن غلبتنا عليك الأمراء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : السري الماء.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {سريا} قال : نهرا بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {سريا} قال نهرا بالقبطية.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان بن حسين في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : تلاها الحسن فقال : كان والله {سريا} يعني عيسى عليه
السلام فقال له خالد بن صفوان : يا أبا سعيد إن العرب تسمي الجدول السري

فقال : صدقت.
الآية 25.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وهزي إليك بجذع النخلة} قال : حركيها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد {وهزي إليك بجذع النخلة} قال : كانت عجوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن البراء أنه قرأ يساقط عليك بالياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ يساقط عليك بالياء يعني الجذع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق أنه قرأ {تساقط عليك رطبا جنيا} بالتاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {تساقط} مثقلة بالتاء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن طلحة الإيابي أنه قرأ !

{تساقط عليك رطبا} مثقلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ تسقط عليك رطبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {رطبا جنيا} قال : طريا.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس في قوله : {تساقط عليك رطبا جنيا} قال : بغباره.
وأخرج ابن الأنباري والخطيب عن أبي حباب مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق قال : انتهت مريم إلى جذع ليس له رأس فأنبت الله له رأسا وأنبت فيه رطبا وبسرا ومدببا وموزا فلما هزت النخلة سقط عليها من جميع ما فيها.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي قدام قال : أنبتت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة عند الولادة.

وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن السني وأبو نعيم معا في الطب النبوي والعقيلي ، وَابن عدي ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكرموا
عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها ، وقال صلى الله عليه وسلم : أطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر فليس من الشجر شجرة أكرم من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مماذا خلقت النخلة قال : خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر : خرج ولدها ولدا حليما فإنه كان طعام مريم حيث ولدت عيسى ولو علم الله طعاما هو خير لها من التمر لأطعمها إياه.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن شقيق قال : لو علم الله أن شيئا للنفساء خير من الرطب لأمر مريم به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن ميمون قال ليس للنفساء خير من الرطب أو التمر وقال : إن الله قال : {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الربيع بن خيثم قال : ليس للنفساء عندي دواء مثل الرطب ولا للمريض مثل العسل.
وأخرج ابن عساكر عن الشعبي قال : كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب أن رسلا أتتني من قبلك فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير تخرج مثل أذان الحمير ثم تشقق عن مثل اللؤلؤ الأبيض ثم تصير مثل الزمرد الأخضر ثم تصير مثل الياقوت الأحمر ثم تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر فإن لم تكن رسلي صدقتني فلا أرى

هذه الشجرة إلا من شجر الجنة فكتب إليه عمر أن رسلك قد صدقتك هذه الشجرة عندنا : وهي التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى.
الآية 26
أخرج ابن مردويه ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله : {إني نذرت للرحمن صوما} قال : صمتا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي مثله.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن مردويه عن أنس بن مالك أنه كان يقرأ {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا وقال : ليس إلا أن حملت فوضعت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {إني نذرت للرحمن صوما} قال : كان من بني إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام إلا من ذكر الله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن حارثة بن مضرب قال : كنت عند ابن مسعود فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر ثم جلسا ، فقال القوم : ما لصاحبك لم يسلم قال : إنه نذر صوما لا يكلم اليوم إنسيا ، فقال عبد الله : بئس ما قلت إنما كانت تلك المرأة فقالت ذلك ليكون عذرا لها إذا سئلت - وكانوا ينكرون أن يكون ولد من غير زوج إلا زنا - فتكلم وأمر بالمعروف وإنه عن المنكر فإنه خير لك.
وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي قال : في قراءة أبي بن كعب {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا.
الآية 27 - 28.
أَخرَج سعيد ين منصور ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله : {فأتت به قومها تحمله} قال : بعد أربعين يوما بعد ما تعافت من نفاسها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لقد جئت شيئا فريا} قال : عظيما.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن قتادة في قوله : {لقد جئت شيئا فريا} قال : عظيما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز قال : كان في زمان بني

إسرائيل في بيت المقدس عند عين سلوان عين فكانت المرأة إذا قارفت أتوها بها فشربت منها فإن كانت بريئة لم تضرها وإلا ماتت ، فلما حملت مريم أتوها بها على بغلة فعثرت بها فدعت الله أن يعقم رحمها فعقم من يومئذ فلما أتتها شربت منها فلم تزدد إلا خيرا ثم دعت الله أن لا يفضح بها امرأة مؤمنة فغارت العين.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران فقالوا : أرأيت ما تقرأون يا أخت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا : قال : فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم.

وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن مجاهد في قوله : {يا أخت هارون} الآية قال : كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح ولا يعرفون بالفساد في الناس وفي الناس من يعرف بالصلاح ويتوالدون به وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به وكان هارون مصلحا محببا في عشيرته وليس بهرون أخي موسى ولكن هرون آخر ، ذكر لنا أنه تبع جنازته يوم مات أربعون ألفا من بني إسرائيل كلهم يسمون هرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : {يا أخت هارون} قال : سمعنا أنه اسم وافق اسما ، واخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : نبئت أن كعبا قال : إن قوله : !

{يا أخت هارون} ليس بهرون أخي موسى فقالت له عائشة : كذبت ، فقال : يا أم المؤمنين إن كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قاله : فهو أعلم وأخبر وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة فسكتت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة في قوله : {يا أخت هارون}
قال : نسبت إلى هرون بن عمران لأنها كانت من سبطه كقولك يا أخا الأنصار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كانت من سبط هرون فقيل لها : {يا أخت هارون} فدعيت إلى سبطه كالرجل يقول للرجل : يا أخا بني ليث يا أخا بني فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {يا أخت هارون} قال : كان هرون من قوم سوء زناة فنسبوها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عيش قال : في قراءة أبي قالوا : يا ذا المهد.
الآية 29

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {فأشارت إليه} أن كلموه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فأشارت إليه} قال : أمرتهم بكلامه ، وفي قوله : {في المهد} قال في الحجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن ميمون قال : إن مريم لما ولدت أتت به قومها فأخذوا لها الحجارة ليرموها فأشارت إليه فتكلم فتركوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : {المهد} المرباة ، قال إبراهيم : المرباة المرجحة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن هلال بن يساف قال : لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : صاحب جريج وعيسى وصاحب الحبشية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : تكلم في المهد أربعة عيسى وصاحب يوسف وصاحب جريج ، وَابن ماشطة ابنة فرعون.
الآية 30 – 33
أخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} الآية ، قال :

قضى فيما قضى أن أكون كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال : كان عيسى قد درس الإنجيل وأحكمه في بطن أمه ، فذلك قوله : {إني عبد الله آتاني الكتاب}.
وأخرج الإسماعيلي في معجمه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن لال في مكارم الأخلاق ، وَابن مردويه ، وَابن النجار في تاريخه عن أبي هريرة قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قول عيسى عليه السلام {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال : جعلني نفاعا للناس أين اتجهت.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال : معلما ومؤدبا.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال : معلما للخير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : الذي يعلم الناس الخير يستغفر له كل دابة حتى الحوت في البحر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وجعلني مباركا} قال : هاديا

مهديا.
وأخرج البيهقي في الشعب ، وَابن عساكر عن مجاهد {وجعلني مباركا} قال : نفاعا للناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نوف (وبرا بوالدتي) أي ليس لي أب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولم يجعلني جبارا شقيا} يقول : عصيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : الجبار الشقي الذي يقبل على الغضب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العوام بن حوشب قال : إنك لا تكاد تجد عاقا إلا تجده جبارا ثم قرأ {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : فقرات ابن آدم ثلاث : يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث وهي التي ذكر عيسى في قوله : {والسلام علي} الآية.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر من طريق مجاهد عن ابن
عباس قال : ما تكلم عيسى بعد الآيات التي تكلم بها حتى بلغ مبلغ الصبيان.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة أن الله أطلق لسان عيسى مرة أخرى في صباه فتكلم ثلاث مرات حتى بلغ ما بلغ الصبيان يتكلمون فتكلم محمدا بتحميد لم تسمع الآذان مثله حيث أنطقه طفلا فقال : اللهم أنت القريب في علوك المتعالي في دنوك الرفيع على كل شيء من خلقك أنت الذي نفذ بصرك في خلقك وحارت الأبصار دون النظر إليك أنت الذي أشرقت بضوء نورك دجى الظلام وتلألأت بعظمتك أركان العرش نورا فلم يبلغ أحد بصفته صفتك فتباركت اللهم خالق الخلق بعزتك مقدر الأمور بحكمتك مبتدئ الخلق بعظمتك ثم أمسك الله لسانه حتى بلغ.

الآية 34 - 37.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق} قال : الله عز وجل الحق.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {الذي فيه يمترون} قال : اجتمع بنو إسرائيل فأخرجوا منهم أربعة نفر أخرج من كل قوم عالمهم فتشاوروا في عيسى حين رفع فقال أحدهم : هو الله هبط إلى الأرض فأحيى من أحيى وأمات من أمات ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية فقالت الثلاثة : كذبت ، ثم قال اثنان منهم للثالث : قل فيه ، فقال : هو ابن الله وهم النسطورية ، فقال اثنان : كذبت ، ثم قال أحد الاثنين للآخر : قل فيه ، قال : هو ثالث ثلاثة : الله إله وعيسى إله وأمه إله ، وهم الإسرائيلية وهم ملوك النصارى ، فقال الرابع : كذبت ، هو عبد الله ورسوله وروحه من كلمته وهم المسلمون فكان لكل رجل منهم أتباع على ما قال فاقتتلوا فظهر على المسلمين ، فذلك قول الله :
(ويقتلون الذين يأمرون بالقسط بين الناس) (آل عمران آية 21) قال قتادة : وهم الذين قال الله : {فاختلف الأحزاب من بينهم} قال : اختلفوا فيه فصاروا أحزابا فاختلف القوم فقال المر يسلم : أنشدكم ، هل تعلمون أن عيسى كان يطعم الطعام وأن الله لا يطعم الطعام قالوا : اللهم نعم ، قال : فهل تعلمون أن عيسى كان

ينام وأن الله لا ينام قالوا : اللهم نعم ، فخصمهم المسلمون فانسل القوم فذكر لنا أن اليعقوبية ظهرت يومئذ وأصيب المسلمون فأنزل الله في ذلك القرآن (فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم) (آل عمران آية 21).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فاختلف الأحزاب من بينهم} قال : هم أهل الكتاب.
الآية 38 - 40.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {أسمع بهم وأبصر} يقول الكفار يومئذ : أسمع شيء وأبصره وهم اليوم لا يسمعون ولا يبصرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {أسمع بهم وأبصر} قال : أسمع قوم وأبصر قوم {يوم يأتوننا} قال : ذلك والله يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم في قوله : {أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا} قال : والله ذلك يوم القيامة سمعوا حين لم ينفعهم السمع وأبصروا حين لم ينفعهم البصر.

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل
النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا فيشرفون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم يقال : يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرفون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيؤمر به فيذبح فيقال : يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة} وأشار بيده وقال : أهل الدنيا في غفلة.
وأخرج النسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة} قال : ينادى يا أهل الجنة فيشرفون وينادى يا أهل النار فيشرفون وينظرون فيقال :

ما تعرفون هذا فيقولون : نعم فيجاء بالموت في صورة كبش أملح فيقال : هذا الموت فيقرب ويذبح ثم يقال : يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود ولا موت ثم قرأ {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة} قال : يصور الله الموت في صورة كبش أملح فيذبح فييأس أهل النار من الموت فيما يرجونه فتأخذهم الحسرة من أجل الخلود في النار.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر} قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يأتي الموت بصورة كبش أملح حتى يوقف بين الجنة والنار ثم ينادي مناد يا أهل الجنة هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا ولا يبقى أحد في عليين ولا في أسفل درجة من الجنة إلا نظر إليه ثم ينادي يا أهل النار هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا فلا يبقى أحد في ضحضاح من النار ولا أسفل درك من جهنم إلا نظر

إليه ثم يذبح بين الجنة والنار ثم ينادي يا أهل الجنة هو الخلود أبد الآبدين ، ويا أهل النار هو الخلود أبد الآبدين فيفرح أهل الجنة فرحة لو كان أحد ميتا من فرحة ماتوا ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحدا ميتا من شهقة ماتوا فذلك قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر} يقول : إذا ذبح الموت.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس يوم الحسرة هو من أسماء
يوم القيامة ، وقرأ (أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله) (الزمر آية 56).
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز : أنه كتب إلى عامله بالكوفة أما بعد : فإن الله كتب على خلقه حين خلقهم الموت فجعل مصيرهم إليه فقال : فيما أنزل في كتابه الصادق الذي أنزله بعلمه وأشهد ملائكته على خلقه أنه يرث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون.
الآية 41 - 50.
أَخرَج أبو نعيم والديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حق الوالد على ولده أن لا يسميه إلا بما سمى إبراهيم أباه يا أبت ولا يسميه

باسمه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لأرجمنك} قال : لأشتمنك {واهجرني مليا} قال : حينا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {واهجرني مليا} قال : اجتنبني سالما قبل أن يصيبك مني عقوبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {واهجرني مليا} قال : سالما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن مثله.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {واهجرني مليا} قال : حينا.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {واهجرني مليا} ما الملي قال : طويلا قال فيه المهلهل : وتصدعت شم الجبال لموته * وبكت عليه المرملات مليا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إنه كان بي حفيا} قال : لطفيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {إنه كان بي حفيا} قال : عوده الإجابة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} قال : يقول وهبنا له إسحاق ولدا ويعقوب ابن ابنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} قال الثناء الحسن.
الآية 51 - 53.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {إنه كان مخلصا} بنصب اللام.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وكان رسولا نبيا} قال : النَّبِيّ وحده الذي تكلم وينزل عليه ولا يرسل ولفظ ابن
أبي حاتم الأنبياء الذين ليسوا برسل يوحى إلى أحدهم ولا يرسل إلى أحدهم والرسل الأنبياء الذين يوحى إليهم ويرسلون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {جانب الطور الأيمن} قال : جانب الجبل الأيمن {وقربناه نجيا} قال : نجا بصدقه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية في قوله : {وقربناه نجيا} قال : قربه حتى سمع صرير القلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ميسرة {وقربناه نجيا} قال : أدني حتى سمع صرير القلم في الألواح وهو يكتب التوراة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وقربناه نجيا} قال : أردفه جبريل حتى سمع صرير القلم والتوراة

تكتب له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وقربناه نجيا} قال : ادخل في السماء فكلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله : {وقربناه نجيا} قال بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب حجاب نور وحجاب ظلمة حجاب نور وحجاب ظلمة حجاب نور وحجاب ظلمة فما زال موسى يقرب حتى كان بينه وبينه حجاب فلما رأى مكانه وسمع صريف القلم (قال : رب أرني أنظر إليك) (الأعراف الآية 143).
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة في المصنف وهناد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس {وقربناه نجيا} حتى سمع صريف القلم يكتب في اللوح.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن معد يكرب قال : لما قرب الله موسى نجيا بطور سينا قال : يا موسى إذا خلقت لك قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة تعين على الخير فلم أخزن عنك من الخير شيئا ومن أخزن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا} قال : كان هرون أكبر من موسى ولكن إنما وهب له نبوته.
الآية 54 - 55.
أَخرَج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان إسماعيل نبي الله الذي سماه صادق الوعد وكان رجلا فيه حدة مجاهدا أعداء الله ويعطيه الله النصر عليهم والظفر وكان شديد الحرب على الكفار لا يخاف في الله لومة لائم صغير الرأس غليظ العنق طويل اليدين والرجلين يضرب بيديه ركبتيه وهو قائم صغير العينين طويل الأنف عريض الكتف طويل الأصابع بارز الخلق قوي شديد عنيف على الكفار وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكانت زكاته القربات إلى الله من أموالهم وكان لا

يعد أحدا شيئا إلا أنجزه فسماه الله (صادق الوعد).
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {إنه كان صادق الوعد} قال : لم يعد ربه عدة قط إلا أنفذها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري قال : بلغني أن إسماعيل وصاحبا له أتيا قرية فقال له صاحبه : إما أن أجلس وتدخل فتشتري طعاما زادنا وإما أن أدخل فأكفيك ذلك فقال له إسماعيل : بل ادخل أنت وأنا أجلس أنتظرك فدخل ثم نسي فخرج فأقام مكانه حتى كان الحول من ذلك اليوم فمر به الرجل فقال له : أنت ههنا حتى الساعة قال : قلت لك لا أبرح حتى تجيء فقال تعالى : {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد}.
وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال : أن إسماعيل عليه السلام وعد رجلا أن يأتيه فجاء ونسي الرجل فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد فقال : ما برحت من ههنا قال : لا قال : إني نسيت قال : لم أكن لأبرح حتى تأتيني ، ولذلك {كان صادق الوعد}.
وأخرج مسلم عن واثلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله اصطفى

من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل كنانة.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا سيد الخلائق يوم القيامة في اثني عشر نبيا منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : أول من نطق بالعربية ووضع الكتاب على لفظه ومنطقه ثم جعله كتابا واحدا - مثل بسم الله الرحمن الرحيم - الوصول - حتى فرق بينه ولده إسماعيل ، واخرج ابن سعد عن عقبة بن بشير أنه سأل محمد بن علي من أول من تكلم بالعربية قال : إسماعيل بن إبراهيم وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، قلت : فما كان كلام الناس قبل ذلك قال العبرانية.
وأخرج ابن سعد عن الواقدي عن غير واحد من أهل العلم أن إسماعيل ألهم من يوم ولد لسان العرب وولد إبراهيم أجمعون على لسان إبراهيم.
وأخرج ابن سعد عن علي بن رباح اللخمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل العرب من ولد إسماعيل.

وأخرج ابن سعد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال : قبر أم إسماعيل تحت الميزاب بين الركن والبيت.
الآية 57 - 56.
أَخرَج الحكم عن سمرة قال : كان إدريس أبيض طويلا ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى وكانت في صدره نكتة بيضاء من غير برص فلما رأى الله من أهل الأرض ما رأى من جورهم وإعتدائهم في أمر الله رفعه الله إلى السماء السادسة فهو حيث يقول {ورفعناه مكانا عليا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أن إدريس أقدم من نوح بعثه الله إلى قومه فأمرهم الله أن يقولوا لا إله إلا الله ويعملوا بما شاء فأبوا فأهلكهم الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ورفعناه مكانا عليا} قال : كان إدريس خياطا ، وكان لا يغرز إلا قال : سبحان الله ، فكان يمسي حين يمسي

وليس في الأرض أحد أفضل منه عملا فاستأذن ملك من الملائكة ربه فقال يا رب ائذن لي فأهبط إلى إدريس ، فأذن له فأتى إدريس فسلم عليه وقال : إني جئتك لأحدثك فقال : كيف تحدثني وأنت ملك وأنا إنسان ثم قال إدريس
هل بينك وبين ملك الموت شيء قال الملك : ذاك أخي من الملائكة فقال : هل يستطيع أن ينسئني عند الموت قال : أما أن يؤخر شيئا أو يقدمه فلا ولكن سأكلمه لك فيرفق بك عند الموت فقال : اركب على جناحي فركب إدريس فصعد إلى السماء العليا فلقي ملك الموت إدريس بين جناحيه فقال له الملك إن لي إليك حاجة قال : علمت حاجتك تكلمني في إدريس وقد محي اسمه من الصحيفة ولم يبق من أجله إلا نصف طرفة عين فمات إدريس بين جناحي الملك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : سألت كعبا عن رفع إدريس {مكانا عليا} فقال : كان عبدا تقيا رفع له من العمل الصالح ما رفع لأهل الأرض في زمانه فعجب الملك

الذي كان يصعد عليه عمله فاستأذن ربه قال : رب ائذن لي آتي عبدك هذا فأزوره فأذن له فنزل قال : يا إدريس أبشر فإنه رفع لك من العمل الصالح ما لا رفع لأهل الأرض قال : وما علمك قال إني ملك ، قال : وإن كنت ملكا قال : فإني على الباب الذي يصعد عليه عملك ، قال : أفلا تشفع إلى ملك الموت فيؤخر من أجلي لأزداد شكرا وعبادة قال الملك : (لن يؤخر الله نفسا غذا جاء أجلها) (المنافقون آية 11) قال : قد علمت ولكنه أطيب لنفسي فحمله الملك على جناحيه فصعد به إلى السماء فقال : يا ملك الموت هذا عبد تقي نبي رفع له من العمل الصالح ما لا يرفع لأهل الأرض وإني أعجبني ذلك فاستأذنت ربي عليه فلما بشرته بذلك سألني لأشفع له إليك لتؤخر له من أجله ليزداد شكرا وعبادة ، قال : ومن هذا قال : إدريس فنظر في كتاب معه حتى مر باسمه فقال : والله ما بقي من أجل إدريس شيء فمحاه فمات مكانه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {ورفعناه مكانا عليا} قال : رفع إلى السماء السادسة فمات فيها.

وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن قتادة في قوله : {ورفعناه مكانا عليا} قال : حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : لما عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ورفعناه مكانا عليا} قال : في السماء الرابعة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه والربيع مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت.
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إدريس هو إلياس.
وأخرج ابن المنذر عن عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن إدريس كان نبيا تقيا زكيا وكان يقسم دهره على نصفين : ثلاثة ايام يعلم الناس الخير وأربعة أيام يسيح في الأرض ويعبد الله مجتهدا ، وكان يصعد من عمله وحده إلى السماء من الخير مثل ما يصعد من جميع أعمال بني آدم وإن ملك الموت أحبه في الله فأتاه حين خرج للسياحة فقال له : يا نبي الله إني

أريد أن تأذن لي في صحبتك ، فقال له إدريس - وهو لا يعرفه - : إنك لن تقوى على صحبتي ، قال : بلى إني أرجو أن يقويني الله على ذلك ، فخرج معه يومه ذلك حتى إذا كان من آخر النهار مر براعي غنم فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله إنا لا ندري حيث نمسي فلو أخذنا جفرة من هذه الغنم فأفطرنا عليها فقال له إدريس : لا تعد إلى مثل هذا تدعوني إلى أخذ ما ليس لنا من حيث نمسي يأتي الله برزق فلما أمسى أتاه الله بالرزق الذي كان يأتيه فقال لملك الموت : تقدم فكل ، فقال ملك الموت : لا والذي أكرمك بالنبوة ما أشتهي ، فأكل ادريس وقاما جميعا إلى الصلاة ففتر إدريس وكل ومل ونعس وملك الموت لا يفتر ولا يمل ولا ينعس فعجب منه وقال : قد كنت أظن أني أقوى الناس على العبادة فهذا أقوى مني فصغرت عنده عبادته عندما رأى منه ، ثم أصبحا فساحا فلما كان آخر النهار مرا بحديقة عنب فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله لو أخذنا قطفا من هذا العنب لأنا لا ندري حيث نمسي ، فقال إدريس : ألم أنهك عن هذا وأنت حيث تمسي يأتينا الله برزق فلما أمسى أتاه الله الرزق الذي كان يأتيه فأكل إدريس فقال لملك

الموت هلم فكل ، فقال : لا والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله لا أشتهي ، فعجب ثم قاما إلى الصلاة ففتر
إدريس أيضا وكل ومل وملك الموت لا يكل ولا يفتر ولا ينعس ، فقال له عند ذلك إدريس : لا والذي نفسي بيده ما أنت من بني آدم فقال له ملك الموت عنده ذلك : أجل لست من بني آدم ، فقال له إدريس : فمن أنت قال : أنا ملك الموت ، فقال له إدريس : أمرت في بأمر فقال له : لو أمرت فيك بأمر ما ناظرتك [ نظرتك ] ولكني أحبك في الله وصحبتك له ، فقال له إدريس : يا ملك الموت إنك معي ثلاثة أيام بلياليها لم تقبض روح أحد من الخلق قال : بلى والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله إني معك من حين رأيت وإني أقبض نفس من أمرت بقبض نفسه في مشارق الأرض ومغاربها وما الدنيا عندي إلا بمنزلة المائدة بين يدي الرجل يمد يده ليتناول منها ما شاء ، فقال له إدريس : يا ملك الموت أسألك بالذي أحببتني له وفيه ألا [ إلا ] قضيت لي حاجة أسألكها فقال له ملك الموت : سلني ما أحببت يا نبي الله ، فقال : أحب أن تذيقني الموت وتفرق بين روحي وجسدي حتى أجد طعم الموت ثم ترد إلي روحي ، فقال له ملك الموت - عليه السلام - : ما أقدر على ذلك إلا أن استأذن فيه ربي ، فقال له إدريس عليه السلام : فاستأذنه في ذلك ، فعرج ملك الموت إلى ربه فأذن له فقبض نفسه وفرق بين روحه وجسده فلما سقط إدريس عليه السلام ميتا رد إليه روحه وطفق يمسح وجهه وهو يقول : يا نبي الله ما كنت أريد أن

يكون هذا حظك من صحبتي فلما أفاق قال له ملك الموت : يا نبي الله كيف وجدت قال : يا ملك الموت قد كنت أحدث وأسمع فإذا هو أعظم مما كنت أحدث وأسمع ثم قال : يا ملك الموت أريد منك حاجة أخرى قال : وما هي قال : تريني النار حتى أنظر إلى لمحة منها ، فقال له ملك الموت : وما لك والنار إني لأرجو أن لا تراها ولا تكون من أهلها قال : بلى أريد ذلك ليكون أشد لرهبتني وخوفي منها فانطلق إلى باب من أبواب جهنم فنادى بعض خزنتها فأجابوه وقالوا : من هذا قال : أنا ملك الموت ، فارتعدت فرائصهم - قالوا : أمرت فينا بأمر فقال : لو أمرت فيكم بأمر ما ناظرتكم ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سألني أن تروه لمحة من النار ، ففتحوا له قدر ثقب المخيط فأصابه من حرها ولهبها وزفيرها ما صعق [ ه ] فقال ملك الموت : أغلقوا فأغلقوا فمسح ملك الموت وجهه وهو يقول : يا نبي الله ما كنت أحب أن يكون هذا حظك من صحبتي ، فلما أفاق
قال له ملك الموت : يا نبي الله كيف رأيت قال : يا ملك الموت كنت أحدث وأسمع فإذا هو أعظم مما كنت أحدث وأسمع فقال له : يا ملك الموت قد بقيت لي حاجة أخرى لم يبق غيرها ، قال : وما هي قال : تريني لمحة من الجنة ، قال له ملك الموت - عليه السلام : يا نبي الله أبشر فإنك إن شاء الله من خيار أهلها وإنها إن شاء الله مقيلك ومصيرك ، فقال : يا ملك الموت إني أحب أن أنظر إليها ولعل ذلك أن يكون أشد لشوقي وحرصي وطلبي فذهب به إلى باب من أبواب الجنة فنادى بعض خزنتها فأجابوه فقالوا : من هذا قال : ملك الموت ، فارتعدت فرائصهم

وقالوا : أمرت فينا بشيء فقال : لو أمرت فيكم بشيء ما ناظرتكم ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سأل أن ينظر إلى لمحة من الجنة فافتحوا ، فلما فتح أصابه من بردها وطيبها وريحانها ما أخذ بقلبه فقال : يا ملك الموت إني أحب أن أدخل الجنة فآكل أكلة من ثمارها وأشرب شربة من مائها فلعل ذلك أن يكون أشد لطلبتي ورغبتي وحرصي ، فقال : ادخل ، فدخل فأكل من ثمارها وشرب من مائها ، فقال له ملك الموت : اخرج يا نبي الله قد أصبت حاجتك حتى يردك الله مع الأنبياء يوم القيامة ، فاحتضن بساق شجرة من شجر الجنة وقال : ما أنا بخارج منها وإن شئت أن أخاصمك خاصمتك ، فأوحى الله إلى ملك الموت : قاضه الخصومة ، فقال له ملك الموت : ما الذي تخاصمني به يا نبي الله فقال إدريس : قال الله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) (آل عمران الآية 185) فقد ذقت الموت الذي كتبه الله على خلقه مرة واحدة ، وقال الله : {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا} (مريم آية 76) وقد وردتها أفأردها مرة بعد مرة وإنما كتب الله ورودها على خلقه مرة واحدة وقال لأهل الجنة : (وما هم منها بمخرجين) (الحجر آية 48) أفأخرج من شيء ساقه الله إلي فأوحى الله إلى ملك الموت : خصمك عبدي إدريس وعزتي وجلالي : إن

في سابق علمي قبل أن أخلقه أنه لا موت عليه إلا الموتة التي ماتها وإنه لا يرى جهنم غلا [ خلا ] الورد الذي وردها وأنه يدخل الجنة في الساعة التي دخلها وأنه ليس بخارج منها فدعه يا ملك الموت
فقد خصمك وإنه احتج عليك بحجة قوية ، فلما قر قرار إدريس في الجنة وألزمه الله دخولها قبل الخلائق عجت الملائكة إلى ربهم فقالوا : ربنا خلقت [ خلقتنا قبل ] إدريس بكذا وكذا ألف سنة - ولم نعصك طرفة عين وإنما خلقت إدريس منذ أيام قلائل فأدخلته الجنة قبلنا فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي إنما خلقتكم لعبادتي وتسبيحي وذكري وجعلت فيها لذتكم ولم أجعل لكم لذة في مطعم ولا مشرب ولا في شيء سواها وقويتكم عليها وجعلت في الأرض الزينة والشهوات واللذات والمعاصي والمحارم وإنه اجتنب ذلك كله من أجلي وآثر هواي على هواه ورضاي ومحبتي على رضاه ومحبته فمن أراد منكم أن يدخل مدخل إدريس فليهبط إلى الأرض فليعبدني بعبادة إدريس ويعمل بعمل إدريس فإن عمل مثل إدريس أدخله مدخل إدريس وإن غير أو بدل استوجب مدخل الظالمين ، فقالت الملائكة : ربنا لا نطلب ثوابا ولا تصيبنا بعقاب رضينا بمكاننا منك يا رب وفضيلتك إيانا.

وانتدب ثلاثة من الملائكة : هاروت وماروت وملك آخر رضوا به فأوحى الله إليهم : أما إذا اجتمعتم على هذا فاحذروا إن نفعكم الحذر فإني أنذركم اعلموا أن أكبر الكبائر عندي أربع : - فما عملتم سواها غفرته لكم وإن عملتموها لم أغفر لكم ، قالوا وما هي قال : أن لا تعبدوا صنما ولا تسفكوا دما ولا تشربوا خمرا ولا تطؤوا محرما ، فهبطوا إلى الأرض على ذلك فكانوا في الأرض على مثل ما كان عليه إدريس : يقيمون أربعة ايام في سياحتهم وثلاثة أيام يعلمون الناس الخير ويدعونهم إلى عبادة الله تعالى وطاعته ، حتى ابتلاهم الله بالزهرة وكانت من أجمل النساء فلما نظروا إليها افتتنوا بها - [ لما ] أراد الله ولما سبق عليهم في علمه مع خذلان الله إياهم - فنسوا ما تقدم إليهم فسألوها نفسها ، قالت لهم : نعم ولكن لي زوج لا أقدر على ما تريدون مني إلا أن تقتلوه وأكون لكم ، فقال بعضهم لبعض : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكن نفعل هذا مع هذا ثم نتوب من هذا كله ، فلما أحس الثالث بالفتنة عصمه الله من ذلك كله بالسماء فدخلها فنجا وأقام هاروت وماروت لما كتب عليهما فنشدا على زوجها فقتلاه ، فلما أراداها قال [ قالت ] : لي صنم أعبده وأنا أكره معصيته وخلافه فإن أردتما فاسجدا له سجدة واحدة ، فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما

لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ حرما ولكنا نفعله ثم نتوب من
جميعه فسجدوا لذلك الصنم ، فلما أراداها قالت لهما : قد بقيت لي حاجة أخرى ، قالا : وما هي قالت : لي شراب لا يطيب لي من العيش إلا به ، قالا : وما هو قالت : الخمر ، فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نشرب خمرا فقال الآخر : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكنا نفعله ثم نتوب من جميعه ، فشربا الخمر ، فلما أراداها قالت : قد بقيت لي حاجة أخرى ، قالا : وما هي قالت : تعلماني الكلام الذي تعرجان به إلى السماء ، فعلماها إياه فلما تكلمت به عرجت إلى السماء فلما انتهت إلى السماء مسخت نجما فلما ابتليا بما ابتليا به عرجا إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونهما وقيل لهما أن السماء لا يدخلها خطاء فلما منعا من دخول السماء وعلما أنهما قد افتتنا وابتليا عجا إلى الله بالدعاء والتضرع والإبتهال فأوحى الله إليهما : حل عليكما سخطي ووجبت فيما تعرضتما واستوجبتما وقد كنتما مع ملائكتي في طاعتي وعبادتي حتى عصيتما فصرتما بذلك إلى ما صرتما إليه من معصيتي وخلاف أمري فاختارا إن شئتما عذاب الدنيا وإن شئتما عذاب الآخرة ، فعلما أن عذاب الدنيا وإن طال فمصيره إلى زوال وأن عذاب الآخرة ليس له زوال ولا إنقطاع فاختارا عذاب الدنيا فهما ببابل معلقين منكوسين مقرنين إلى يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند عن بعض أصحابه قال : كان ملك الموت صديقا لإدريس عليه السلام فقال له إدريس يوما : يا ملك الموت قال : لبيك ، قال : أمتني فأرني كيف الموت قال له ملك الموت : سبحان الله يا إدريس إنما يفر أهل السموات والأرض من الموت وتسألني أن أريك كيف الموت قال : إني أحب أن أراه فلما ألح عليه قال له : يا إدريس أنا عبد مملوك مثلك وليس إلي من الأمر شيء ، قال : فصعد ملك الموت فقال : رب إن عبدك سألني أن أريه الموت كيف هو قال الله له : فأمته ، فقال له ملك الموت : يا إدريس إنما يفر الخلق من الموت قال : فأرني ، فلما مات بقي ملك الموت لا يستطيع أن يرد نفسه إليه فقال : يا رب قد ترى ما إدريس فيه فرد الله إليه روحه فمكث ما شاء حيا ثم قال يا ملك الموت : أدخلني الجنة فأنظر إليها قال له : يا إدريس إنما أنا عبد مملوك مثلك ليس إلي من الأمر شيء فألح عليه فقال ملك الموت : يا رب إن عبد إدريس قد ألح علي فسألني أن أدخله الجنة فيراها وقد قلت له : إنما أنا عبد مثلك وليس إلي من الأمر شيء ، قال الله : فأدخله الجنة قال : إن الله علم من إدريس ما لا أعلم أنا فاحتمله ملك الموت فأدخله الجنة فكان فيها ما شاء الله فقال له ملك الموت : اخرج بنا ، قال :

لا ، قال الله : (أفما نحن بميتين إلا موتنا الأولى) (الصافات آية 58) وقال الله : (وما هم منها بمخرجين) (الحجرات آية 48) وما أنا بخارج منها قال ملك الموت : يا رب قد تسمع ما يقول عبدك إدريس ، قال الله له : صدق عبدي هو أعلم منك فاخرج منها ودعه فيها ، فقال الله : {ورفعناه مكانا عليا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا} مريم آية 57 - 58 قال : كان إدريس أول نبي بعثه الله في الأرض وإنه كان يعمل فيرفع عمله مثل نصف أعمال الناس ثم إن ملكا من الملائكة أحبه فسأل الله أن يأذن له فيأتيه فأذن له فأتاه فحدثته بكرامته على الله فقال : يا أيها الملك أخبرني كم بقي من أجلي لعلي أجتهد لله في العمل ، قال : يا إدريس لا يعلم هذا إلا الله ، قال : فهل تستطيع أن تصعد بي إلى السماء فأنظر في ملك الله فأجتهد لله في العمل ، قال : لا إلا أن تشفع ، فتشفع فأمر به ، فحمله تحت جناحيه فصعد به حتى إذا بلغ السماء السادسة استقبل ملك الموت نازلا من عند الله فقال : يا ملك الموت أين تريد قال : أقبض نفس إدريس ، قال : وأين أمرت أن تقبض نفسه قال : في السماء السادسة ، فذهب الملك ينظر إلى إدريس فإذا هو برجليه يخفقان قد مات فوضعه في السماء السادسة.

الآية 58
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين} قال : هذه تسمية الأنبياء الذين ذكرهم ، أما من ذرية آدم : فإدريس ونوح وأما من حمل مع نوح : فإبراهيم - وأما ذرية إبراهيم : فإسماعيل وإسحاق ويعقوب.
وَأَمَّا بني اسرئيل : فموسى هارون وزكريا ويحيى وعيسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {واجتبينا} قال خلصنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قيس بن سعد قال : جاء ابن عباس حتى قام على عبيد بن عمير وهو يقص فقال : {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا} مريم آية 42 {واذكر في الكتاب إسماعيل} مريم آية 54 {واذكر في الكتاب إدريس} الآية ، حتى بلغ {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين} قال ابن عباس : (ذكرهم بأيام الله) (إبراهيم آية 6) وأثن على من أثنى الله عليه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في البكاء ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب : أنه قرأ سورة مريم فسجد ثم قال : هذا السجود فأين البكاء.

الآية 59 - 65
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فخلف من بعدهم خلف} قال : هم اليهود والنصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {فخلف من بعدهم خلف} قال : من هذه الأمة يتراكبون في الطرق كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس ولا يخافون من الله في السماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} قال : عند قيام الساعة - ذهاب صالح أمة محمد - ينزو بعضهم إلى بعض في الآزقة زناة.
وأخرج ابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {أضاعوا الصلاة} يقول : تركوا الصلاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود في قوله : {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} قال : ليس إضاعتها تركها قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه ولكن إضاعتها إذا لم يصلها لوقتها.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم في قوله : {أضاعوا الصلاة} قال : صلوها لغير وقتها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن القاسم بن مخيمرة في قوله : {أضاعوا الصلاة} قال : أخروا الصلاة عن ميقاتها ولو تركوها كفروا.
وأخرج ابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عن عمر بن

عبد العزيز في قوله : {أضاعوا الصلاة} قال : لم يكن إضاعتها تركها ولكن أضاعوا المواقيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : والله إني لأجد صفة المنافقين في التوراة : شرابين للقهوات : تباعين للشهوات لعانين للكعبات رقادين عن العتمات مفرطين في الغدوات تراكين للصلوات تراكين للجمعات ثم تلا هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن الأشعث قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : أن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عني محجوبة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : اغتسلت أنا وآخر فرآنا عمر بن الخطاب وأحدنا ينظر إلى صاحبه فقال : إني لأخشى
أن تكونا من الخلف الذين قال الله فيهم : {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم

وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف} فقال : يكون خلف من عبد ستين سنة {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} ثم يكون خلف : يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ومنافق وفاجر.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللين قلت يا رسول الله : ما أهل الكتاب قال : قوم يتعلمون الكتاب يجادلون به الذين آمنوا فقلت : ما أهل اللين قال : قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحكم وصححه عن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول : لا تعطوا منها بربريا ولا بربرية فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هم الخلف الذين قال الله : {فخلف من بعدهم خلف}.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي من يقتل على الغضب ويرتشي في الحكم ويضيع الصلوات ويتبع الشهوات ولا ترد له راية قيل : يا رسول الله أمؤمنون هم قال : بالإيمان يقرؤون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فسوف يلقون غيا} قال : خسرا.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث من طرق عن ابن مسعود في قوله : {فسوف يلقون غيا} قال : الغي نهر أو واد من جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في الآية قال : الغي واد في جهنم بعيد القعر منتن الريح.

وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي أمامة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن صخرة زنة عشرة أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفا ثم تنتهي إلى غي وأثام قلت : ما غي وأثام قال : نهران في أسفل جهنم يسيل فيها صديد أهل النار وهم اللذان ذكر الله في كتابه {فسوف يلقون غيا} {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} الفرقان آية 68.
وأخرج ابن مردويه من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الغي واد في جهنم.
وأخرج البخاري في تاريخه عن عائشة في قوله : {غيا} قالت : نهر في جهنم.
وأخرج ابن المنذر عن شقي بن ماتع قال : إن في جهنم واديا يسمى {غيا} يسيل دما وقيحا فهو لمن خلق له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {يلقون غيا} قال : سوءا {إلا من تاب} قال : من ذنبه {وآمن} قال : بربه {وعمل

صالحا} قال : بينه وبين الله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا يسمعون فيها لغوا} قال باطلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وهناد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يسمعون فيها لغوا} قال : لا يستبون ، وفي قوله : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} قال : ليس فيها بكرة ولا عشي يؤتون به على النحو الذي يحبون من البكرة والعشي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} قال : يؤتون به في الآخرة على مقدار ما كانوا يؤتون به في الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن محمد عن قوله : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} قال : ليس في الجنة ليل ولا شمس ولا قمر هم في نور أبدا ولهم مقدار الليل والنهار يعرفون مقدار
الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق أبان عن

الحسن وأبي قلابة قالا : قال رجل : يا رسول الله هل في الجنة من ليل قال : وما هيجك على هذا قال : سمعت الله يذكر في الكتاب {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} فقلت الليل من البكرة والعشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هناك ليل وإنما هو ضوء نور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتأتيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلوات التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة.
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : كانت العرب في زمانها إنما لها أكلة واحدة فمن أصاب اثنتين سمي فلانا الناعم ، فأنزل الله تعالى يرغب عباده فيما عنده {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كانوا يعدون النعيم أن يتغدى الرجل ثم يتعشى ، قال الله لأهل الجنة : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من غداة من غدوات الجنة كل الجنة غدوات إلا أن يزف إلى ولي الله تعالى فيها زوجة من الحور العين أدناهن التي خلقت من زعفران.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {تلك الجنة التي نورث} بالنون مخففة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شودب في قوله : {تلك الجنة التي نورث

من عبادنا} قال : ليس من أحد إلا وله في الجنة منزل وأزواج فإذا كان يوم القيامة ورث الله المؤمن كذا وكذا منزلا من منازل الكفار ، فذلك قوله : {من عبادنا}.
وأخرج ابن ابي حاتم عن داود بن أبي هند في قوله : {من كان تقيا} قال : موحدا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزات : {وما نتنزل إلا بأمر ربك} إلى آخر الآية ، زاد ابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم فكان ذلك الجواب لمحمد.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - أي البقاع أحب إلى الله وأيها أبغضها إلى الله قال : ما أدري حتى أسأل جبريل وكان قد أبطأ عليه فقال : لقد أبطأت علي حتى ظننت أن بربي

علي موجدة ، فقال : {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن ابي حاتم عن عكرمة قال : أبطأ جبريل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ثم نزل فقال له النَّبِيّ صلى الله عليهه وسلم : ما نزلت حتى اشتقت إليك فقال له جبريل : أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور فأوحى الله إلى جبريل أن قل له : {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : احتبس جبريل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمكة حتى حزن واشتد عليه فشكا إلى خديجة فقالت خديجة : لعل ربك قد ودعك أو قلاك فنزل جبريل بهذه الآية : (ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى آية 2) قال : يا جبريل احتبست عني حتى ساء ظني فقال جبريل : {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لبث جبريل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة فلما جاءه قال : لقد رثت حتى ظن المشركون كل ظن فنزلت الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : أبطأت الرسل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه جبريل فقال :

ما حبسك عني قال : كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تنقون براجمكم ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون وقرأ {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : احتبس جبريل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وحزن فأتاه جبريل وقال : يا محمد : {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا} يعني من الدنيا {وما خلفنا} يعني من الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {له ما بين أيدينا} قال : الدنيا {وما خلفنا} قال : الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {له ما بين أيدينا} قال : من أمر الآخرة {وما خلفنا} من أمر الدنيا {وما بين ذلك} ما بين الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما بين ذلك} قال : ما بين النفختين.
وأخرج هناد ، وَابن المنذر عن أبي العالية {وما بين ذلك} قال :

ما بين النفختين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وما كان ربك نسيا} قال : {وما كان ربك} لينساك يا محمد.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبزار والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" والحاكم وصححه عن أبي الدرداء رفع الحديث قال : ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فأقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا ، ثم تلا {وما كان ربك نسيا}.
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله.
وأخرج الحاكم عن سلمان سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال : الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {هل تعلم له سميا} قال : هل تعلم للرب مثلا أو شبها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما {هل تعلم له سميا} قال : ليس أحد يسمى الرحمن غيره.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {هل تعلم له سميا} يا محمد هل تعلم لإلهك من ولد
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {هل تعلم له سميا} قال : هل تعلم له ولد قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : أما السمي فأنت منه مكثر * والمال مال يغتدي ويروح.
الآية 66 - 79.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ويقول الإنسان} الآية قال : قالها العاصي بن وائل.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {لسوف أخرج} برفع الألف {أولا يذكر الإنسان} خفيفة بنصب الياء ورفع الكاف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {جثيا} قال : قعودا ، وفي قوله {عتيا} قال : معصية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {عتيا} قال : عصيا.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : لا أدري كيف قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {عتيا} أو {جثيا} فإنهما جميعا بالضم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في البعث عن عبد الله بن باباه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {جثيا} برفع الجيم و{عتيا} برفع العين وصليا برفع الصاد.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {حول جهنم جثيا} قال : قياما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ثم لننزعن} قال لنبدأن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ثم لننزعن} الآية : قال : {لننزعن من كل} أهل دين قادتهم ورؤوسهم في الشر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {أيهم أشد على الرحمن عتيا} قال : في الدنيا.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي الأحوص {ثم لننزعن من كل شيعة} الآية ، قال : يبدأ بالأكابر فالأكابر جرما.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يحشر الأول على الآخر حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعا ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرما ثم قرأ {فوربك لنحشرنهم} إلى قوله : {عتيا}.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله : {لننزعن من كل شيعة} قال : من كل أمة أشد على الرحمن {عتيا} قال : كفرا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى

بها صليا} يقول : إنهم أولى بالخلود في جهنم.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة ، وَابن جَرِير بسند حسن عن ابن عباس قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا وجمع الخلائق بصعيد واحد جنهم وإنسهم فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف فإذا نثروا على وجه الأرض فزعوا إليهم فيقولون : أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا ليس فينا وهو آت ، ثم تقاض السماء الثانية ولأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض بضعف جنهم وإنسهم فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون : أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا ليس فينا وهو آت ثم تقاض السموات : سماء سماء كلما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعف فإذا نثروا على أهل الأرض يفزع إليهم أهل الأرض فيقولون لهم مثل ذلك فيرجعون إليهم مثل ذلك حتى تقاض السماء السابعة فلأهل السماء السابعة أكثر من أهل ست سموات ومن جميع أهل الأرض بضعف فيجيء الله فيهم والأمم جثي صفوف فينادي مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الحمادون لله

على كل حال فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثانية : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين كانت (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) (السجدة آية 16) فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثالثة ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين (لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) (النور آية 37) فيقومون فيسرحون إلى الجنة ، فإذا أخذ كل من هؤلاء ثلاثة خرج عنق من النار فأشرف
على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح فيقول : إني وكلت منكم بثلاثة : بكل جبار عنيد فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثانية فتقول : إني وكلت منكم بمن آذى الله تعالى ورسوله فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثالثة فتقول : إني وكلت بأصحاب التصاوير فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة : نشرت الصحف ووضعت الموازين ودعي الخلائق للحساب.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سمية قال : اختلفنا في الورود فقال بعضنا : لا يدخلها مؤمن وقال بعضهم :

يدخلونها جميعا {ثم ننجي الذين اتقوا} فلقيت جابر بن عبد الله فذكرت له فقال : وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار ضجيجا من بردهم {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا}.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن مجاهد قال : خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال ابن عباس : الورود الدخول : وقال نافع : لا ، فقرأ ابن عباس (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) (الأنبياء آية 98) وقال : وردوا أم لا وقرأ (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار) (هود آية 98) أوردوا أم لا أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج منها أم لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإن منكم إلا واردها} قال : يردها البر والفاجر ، ألم تسمع قوله : (فأوردهم النار وبئس الورد المورود) (هود آية 98) وقوله : {ونسوق المجرمين إلى

جهنم وردا} مريم آية 86 ، 

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس : أن رجالا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل بدين فأتوه يقايضونه فقال : ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ومن كل الثمرات قالوا : بلى ، قال : فإن موعدكم الآخرة ، والله لأوتين مالا وولدا ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به ، فقال الله : {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} الآيات.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : كان لرجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دين على رجل من المشركين فأتاه يتقاضاه فقال ألست مع هذا الرجل قال : نعم ، قال أليس يزعم أن لكم جنة ونارا وأموالا وبنين قال : بلى ، قال : اذهب فلست بقاضيك إلا ثمة ، فأنزلت {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} إلى قوله : {ويأتينا فردا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اله عنه في قوله : {أطلع الغيب} يقول : أطلعه الله الغيب يقول : ماله فيه {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} بعمل صالح قدمه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : لا إله إلا الله يرجو بها ، والله أعلم.
الآية 80 - 82.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ونرثه ما يقول} قال : ماله وولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ونرثه ما يقول} قال : ماله وولده وذاك الذي قال العاص بن وائل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ونرثه ما يقول} قال : ما عنده ، وهو قوله : {لأوتين مالا وولدا} في حرف ابن مسعود / {ونرثه ما عنده ويأتينا فردا > / لا مال له ولا ولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ {كلا سيكفرون بعبادتهم} برفع الكاف ، قال : يعني الآلهة كلها إنهم {سيكفرون بعبادتهم}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ويكونون عليهم

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35