كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير

وأخرج عبد الرزاق عن خالد بن المهاجر قال : أرخص ابن عباس للناس في المتعة فقال له ابن عمرة الأنصاري : ما هذا يا ابن عباس ، فقال ابن عباس : فعلت مع إمام المتقين فقال ابن أبي عمرة : اللهم غفرا ، إنما كانت المتعة رخصة كالضرورة إلى الميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : والله ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ما كانت قبل ذلك ولا بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : نهى عمر عن متعتين : متعة النساء ومتعة الحج.
وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع أن عمر سئل عن المتعة فقال : حرام ، فقيل له : إن ابن عباس يفتي بها قال : فهلا ترمرم بها في زمان عمر.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : لا يحل لرجل أن ينكح امرأة إلا نكاح الإسلام بمهرها ويرثها وترثه ولا يقاضيها على أجل إنها امرأته فإن مات أحدهما لم يتوارثا

وأخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : ماذا صنعت ذهب الركاب بفتياك وقالت فيه الشعراء قال : وما قالوا قلت : قالوا : أقول للشيخ لما طال مجلسه * يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك رخصة الأطراف آنسة * تكون مثواك حتى مصدر الناس ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون لا والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللتها إلا للمضطر ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال : يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي قال : وهي التي في سورة النساء {فما استمتعتم به منهن} إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا ، قال : وليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم وإن تفرقا فنعم ، وليس بينهما نكاح ، وأخبر أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا.
وأخرج ابن المنذر من طريق عمار مولى الشريد قال : سألت ابن عباس عن المتعة
أسفاح هي أم نكاح فقال : لا سفاح ولا نكاح ، قلت : فما هي قال :

هي المتعة كما قال الله ، قلت هل لها من عدة قال : نعم ، عدتها حيضة ، قلت : هل يتوارثان قال : لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فآتوهن أجورهن فريضة} قال : ما تراضوا عليه من قليل أو كثير.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن رجالا كانوا يفرضون المهر ثم عسى أن يدرك أحدهم العسرة فقال الله {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} قال : التراضي أن يوفي لها صداقها ثم يخيرها.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن شهاب في الآية قال : نزل ذلك في النكاح فإذا فرض الصداق فلا جناح عليهما فيما تراضيا به من بعد الفريضة من إنجاز صداقها قليل أو كثير.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم عن ربيعة في الآية قال : إن

أعطت زوجها من بعد الفريضة أو وضعت إليه فذلك الذي قال.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : إن وضعت لك منه شيئا فهو سائغ.
وأخرج عن السدي في الآية قال : إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى التي تمتع بها فقال : أتمتع منك أيضا بكذا وكذا ، قبل أن يستبرى ء رحمها والله أعلم.
الآية 25
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {ومن لم يستطع منكم طولا} يقول : من لم يكن له سعة أن ينكح المحصنات يقول : الحرائر {فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} فلينكح من إماء المؤمنين {محصنات غير مسافحات} يعني عفائف غير زوان في سر ولا علانية {ولا متخذات أخدان} يعني أخلاء {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة} يعني إذا تزوجت حرا ثم زنت {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} قال : من

الجلد {ذلك لمن خشي العنت} هو الزنا فليس لأحد من الأحرار أن ينكح أمة إلا أن لا يقدر على حرة وهو يخشى العنت {وإن تصبروا} عن نكاح الإماء {فهو خير لكم}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة ومن وجد طولا لحرة فلا ينكح أمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {ومن لم يستطع منكم طولا} يعني من لم يجد منكم غنى {أن ينكح المحصنات} يعني الحرائر فلينكح الأمة المؤمنة {وإن تصبروا} عن نكاح الإماء {خير لكم} وهو حلال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن عبد الله أنه سئل عن الحر يتزوج الأمة فقال إذا كان ذا طول فلا ، قيل إن وقع حب الأمة في نفسه قال : إن خشي العنت فليتزوجها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : إنما أحل الله نكاح الإماء إن لم

يستطع طولا وخشي العنت على نفسه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : مما وسع الله به على هذه الأمة نكاح اليهودية والنصرانية وإن كان موسرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي {من فتياتكم} قال : من إمائكم.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال : لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب إن الله يقول {من فتياتكم المؤمنات}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن الحسن قال : إنما رخص في الأمة المسلمة لمن لم يجد طولا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : إنما رخص لهذه الأمة في نكاح نساء أهل الكتاب ولم يرخص لهم في الإماء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس قال : لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة

وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة قال : إنما أحل الله واحدة لمن خشي العنت على نفسه ولا يجد طولا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان ثم قال في التقديم : {والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي {فانكحوهن بإذن أهلهن} قال : بإذن مواليهن {وآتوهن أجورهن} قال : مهورهن.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : المسافحات : المعلنات بالزنا والمتخذات أخدان ذات الخليل الواحد قال : كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي يقولون : أما ما ظهر منه فهو لؤم وأما ما خفي فلا بأس بذلك ، فأنزل الله (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (الأنعام الآية 151).
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فإذا

أحصن} قال : إحصانها إسلامها ، وقال علي : اجلدوهن ، قال ابن أبي حاتم حديث منكر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن أمة زنت وليس لها زوج فقال : اجلدوها خمسين جلدة قال : إنها لم تحصن ، قال : إسلامها إحصانها.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر قال : في الأمة إذا كانت ليست بذات زوج فزنت جلدت {نصف ما على المحصنات من العذاب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود قرأ {فإذا أحصن} بفتح الألف وقال : إحصانها إسلامها.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم {فإذا أحصن} قال : إذا أسلمن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن إبراهيم أنه كان يقرأ {فإذا أحصن} قال : إذا أسلمن وكان مجاهد يقرأ {فإذا أحصن} يقول : إذا تزوجن ما لم تزوج فلا حد عليها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس

أنه قرأها {فإذا أحصن} يعني برفع الألف يقول : أحصن بالازواج ، يقول : لا تجلد أمة حتى تزوج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : إنما قال الله {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن} فليس يكون عليها حد حتى تحصن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن خزيمة والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس على الأمة حد حتى تحصن بزوج فإذا أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات ، قال ابن خزيمة والبيهقي : رفعه خطأ ، والصواب وقفه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عباس أنه كان يقرأ {فإذا أحصن} يقول : فإذا تزوجن.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان لا يرى على الأمة حدا حتى تزوج زوجا حرا.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني أن

النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال اجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كان يضرب إماءه الحد إذا زنين تزوجن أو لم يتزوجن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : في بعض القراءة فإن أتوا أو أتين بفاحشة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} قال : خمسون جلدة ولا نفي ولا رجم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : حد العبد يفتري على الحر أربعون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : العنت الزنا.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن العنت قال : الإثم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :

رأيتك تبتغي عنتي وتسعى * على الساعي علي بغير دخل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {وأن تصبروا خير لكم} قال : عن نكاح الإماء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود {وأن تصبروا خير لكم} قال : عن نكاح الإماء.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {وإن تصبروا} عن نكاح الأمة خير وهو حل لكم إسترقاق أولادهن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : إن تصبر ولا تنكح الأمة فيكون أولادك مملوكين فهو خير لك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : ما تزحف ناكح الإماء عن الزنا إلا قليلا.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة وعن سعيد بن جبير ، مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال : إذا نكح

العبد الحرة فقد أعتق نصفه وإذا نكح الحر الأمة فقد أرق نصفه ، وأخرد ابن أبي شيبة عن مجاهد قال نكاح الأمة كالميتة والدم ولحم الخنزير لا يحل إلا للمضطر.
الآيات 26 - 28
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : ثماني آيات نزلت في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت أولهن {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم} والثانية {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما} والثالثة {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} والرابعة (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) (النساء الآية 31) والخامسة (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) (النساء الآية 40) الآية ، والسادسة (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله) (النساء الآية 110) الآية ، والسابعة (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر) (النساء الآية 48) الآية ، والثامنة (والذين آمنوا بالله

ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤيتهم أجورهم وكان الله) للذين عملوا من الذنوب (غفورا رحيما) (النساء الآية 152).
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم} من تحريم الأمهات والبنات كذلك كان سنة الذين من قبلكم وفي قوله {أن تميلوا ميلا عظيما} قال : الميل العظيم أن اليهود يزعمون أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ويريد الذين يتبعون الشهوات} قال : هم اليهود والنصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ويريد الذين يتبعون الشهوات} قال : الزنا {أن تميلوا ميلا عظيما} قال : يريدون أن تكونوا مثلهم تزنون كما يزنون.
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس {ويريد الذين يتبعون الشهوات} قال : الزنا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {يريد الله أن يخفف عنكم} يقول : في نكاح الأمة وفي كل شيء فيه يسر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس {وخلق الإنسان ضعيفا} قال : في أمر النساء ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في النساء ، قال وكيع : يذهب عقله عندهن.
وأخرج الخرائطي في اعتلال القلوب ، عَن طاووس في قوله {وخلق الإنسان ضعيفا} قال : إذا نظر إلى النساء لم يصبر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {يريد الله أن يخفف عنكم} قال : رخص لكم في نكاح الإماء حين تضطرون إليهن {وخلق الإنسان ضعيفا} قال : لو لم يرخص له فيها لم يكن إلا الأمر الأول إذا لم يجد حرة.
الآيتان 29 - 30

أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} قال : إنها محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما أكلهم أموالهم بينهم بالباطل فالزنا والقمار والبخس والظلم {إلا أن تكون تجارة} فليرب الدرهم ألفا إن استطاع.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن في الآية قال : كان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية فنسخ ذلك بالآية التي في النور (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم) (النورالآية 61) الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) قال : عن تراض في تجارة بيع أو عطاء يعطيه أحد أحدا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن قتادة في الآية قال : التجارة رزق من رزق الله وحلال من حلال الله لمن طلبها بصدقها وبرها وقد كنا نحدث أن التاجر الأمين الصدوق مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة.
وأخرج الترمذي وحسنه الحاكم عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء.
وأخرج ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا قال : التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة.
وأخرج الحاكم عن رافع بن خديج قال : قيل : يا رسول الله أي الكسب أطيب قال : كسب الرجل بيده وكل بيع مبرور.
وأخرج الحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي بردة قال : سئل رسول الله

صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب أوأفضل قال : عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور.
وأخرج سعيد بن منصور عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشي.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن صفوان بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعلم أن عون الله مع صالحي التجار.
وأخرج الأصبهاني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التاجر الصدوق في ظل العرش يوم القيامة.
وأخرج الأصبهاني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا اشتروا لم يذموا وإذا باعوا لم يمدحوا وإذا كان

عليهم لم يمطلوا وإذا كان لهم لم يعسروا.
وأخرج الأصبهاني عن أبي أمامة مرفوعا أن التاجر إذا كان فيه أربع خصال طاب كسبه : إذا اشترى لم يذم وإذا باع لم يمدح ولم يدلس في البيع ولم يحلف فيما بين ذلك.
وأخرج الحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن
التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن شبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن التجار هم الفجار ، قالوا : يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال : بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون.
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن تغلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن يفيض المال ويكثر الجهل وتظهر كان

الفتن وتفشو التجارة.
أخرج ابن ماجه ، وَابن المنذر عن ابن سعيد في قوله تعالى {عن تراض منكم} قال : قال رسول الله : إنما البيع عن تراض.
وأخرج ابن جرير عن ميمون بن مهران قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البيع عن تراض والخيار بعد الصفقة ولا يحل لمسلم أن يغش مسلما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي زرعة أنه باع فرسا له فقال لصاحبه : اختر فخيره ثلاثا ثم قال له : خيرني ، فخيره ثلاثا ثم قال : سمعت أبا هريرة يقول : هذا البيع عن تراض.
وأخرج ابن ماجه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب حمل خبط فلما وجب البيع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اختر ، فقال الأعرابي : عمرك الله بيعا كان

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم باع رجلا ثم قال له : اختر ، فقال : قد اخترت ، فقال : هكذا البيع.
وأخرج ابن جرير عن أبي زرعة أنه كان إذا بايع رجلا يقول له : خيرني ، ثم يقول : قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يفترق اثنان إلا عن رضا.
وأخرج ابن جرير عن أبي قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أهل البقيع لا يتفرقن بيعان إلا عن رضا.
وأخرج البخاري والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما للآخر : اختر ،.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح وعكرمة {ولا تقتلوا أنفسكم} قالا : نهاهم عن قتل بعضهم بعضا كان

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {ولا تقتلوا أنفسكم} لا يقتل بعضكم قال : بعضا.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي {ولا تقتلوا أنفسكم} قال : أهل دينكم.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عمرو بن العاص قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت به ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب قلت : نعم يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغستلت أن أهلك وذكرت قول الله {ولا تقتلوا أنفسكم} فتيممت ثم صليت ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا كان

وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فدعاه فسأله عن ذلك فقال : يا رسول الله خشيت أن يقتلني البرد وقد قال الله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن المنذر عن عاصم بن بهدلة أن مسروقا أتى صفين فقام بين الصفين فقال : يا أيها الناس أنصتوا أرأيتم لو أن مناديا ناداكم من السماء فرأيتموه وسمعتم كلامه فقال : إن الله ينهاكم عما أنتم فيه أكنتم منتهين قالوا : سبحان الله ، ، قال : فوالله لقد نزل بذلك جبريل على محمد وما ذاك بأبين عندي منه إن الله قال {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} ثم رجع إلى الكوفة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ومن يفعل ذلك} يعني الأموال والدماء جميعا {عدوانا وظلما} يعني متعمدا إعتداء بغير حق {وكان ذلك على الله يسيرا} يقول : كان عذابه على الله هينا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أرأيت كان

قوله تعالى {ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا} في كل ذلك أم في قوله تعالى.
الآية 31
{ولا تقتلوا أنفسكم} قال : بل في قوله {ولا تقتلوا أنفسكم}.
أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور في فضائله ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن في سورة النساء خمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها ولقد علمت أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها قوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} الآية ، وقوله (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) (النساء الآية 40) الآية ، وقوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (النساء الآية 48) الآية ، وقوله (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك) (النساء الآية 64) الآية ، وقوله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) (النساء الآية 110) الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أنس بن مالك قال : لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا عز وجل ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر فما لنا ولها ، يقول الله {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كان

كريما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أنس بن مالك قال : هان ما سألكم ربكم {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أنس سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : ألا إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ثم تلا هذه الآية {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} الآية.
وأخرج النسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة وأبي سعيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ثم قال : والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدي الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصطفق ثم تلا {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : ما لكم والكبائر وقد وعدتم المغفرة فيما دون الكبائر.
وأخرج ابن جرير بسند حسن عن الحسن أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر
فقالوا : نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها فأردنا أن كان

نلقى أمير المؤمنين في ذلك فقدم وقدموا معه فلقي عمر فقال : يا أمير المؤمنين إن ناسا لقوني بمصر فقالوا : إنا نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها فأحبوا أن يلقوك في ذلك فقال : اجمعهم لي ، فجمعهم له فأخذ أدناهم رجلا فقال : أنشدك بالله وبحق الإسلام عليك أقرأت القرآن كله قال : نعم ، قال : فهل أحصيته في نفسك قال : لا ، قال : فهل أحصيته في بصرك هل أحصيته في لفظك هل أحصيته في أثرك ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم قال : فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أن يقيم الناس على كتاب الله قد علم ربنا أنه ستكون لنا سيئات وتلا {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} هل علم أهل المدينة فيما قدمتم قال : لا ، قال : لو علموا لوعظت بكم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر وذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا الكبائر وسددوا وأبشروا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس قال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة وقد ذكرت الطرفة يعني النظرة.
وأخرج ابن جرير عن أبي الوليد قال : سألت ابن عباس عن الكبائر فقال : كان

كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل ما وعد الله عليه النار كبيرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار فهو من الكبائر.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الكبائر كل موجبة أوجب الله لأهلها النار وكل عمل يقام به الحد فهو من الكبائر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن الكبائر أسبع هي قال : هي إلى السبعين أقرب كان

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير أن رجلا سأل ابن عباس كم الكبائر سبع هي قال إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن سعد قال : قال ابن عباس : كل ذنب أصر عليه العبد كبير وليس بكبير ما تاب منه العبد.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : وما هن يا رسول الله قال : الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والسحر وأكل الربا ومال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
وأخرج البزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الكبائر سبع : أولها الإشراك بالله ثم قتل النفس بغير حقها وأكل الربا وأكل مال اليتيم إلى أن يكبر والفرار من الزحف ورمي المحصنات كان

والإنقلاب على الأعراب بعد الهجرة.
وأخرج علي بن الجعد في الجعديات عن طيسلة قال : سألت ابن عمر عن الكبائر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هن تسع : الإشراك بالله وقذف المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار من الزحف والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا.
وأخرج ابن راهويه والبخاري في الأدب المفرد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والقاضي إسماعيل في أحكام القرآن ، وَابن المنذر بسند حسن من طريق طيسلة عن ابن عمر قال : الكبائر تسع : الإشراك بالله وقتل النسمة يعني بغير حق وقذف المحصنة والفرار من الزحف وأكل الربا وأكل مال اليتيم والذي يستسحر والحاد في المسجد الحرام وإنكاء الوالدين من العقوق

وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه عن عمير الليثي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أولياء الله المصلون ومن يقيم الصلوات الخمس التي كتبها الله على عباده ومن يؤدي زكاة ماله طيبة بها نفسه ومن يصوم رمضان يحتسب صومه ويجتنب الكبائر ، فقال رجل من الصحابة : يا رسول الله وكم الكبائر قال : هن تسع : أعظمهن الإشراك بالله وقتل المؤمن بغير
الحق والفرار يوم الزحف وقذف المحصنة والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا.
وأخرج ابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من صلى الصلوات الخمس واجتنب الكبائر السبع نودي من أبواب الجنة ادخل بسلام ، قيل أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهن قال : نعم عقوق الوالدين والإشراك بالله وقتل النفس وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف وأكل الربا.
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والحاكم

وصححه عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عبد الله لا يشرك به شيئا وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان واجتنب الكبائر فله الجنة ، فسأله رجل ما الكبائر قال : الشرك بالله وقتل نفس مسلمة والفرار يوم الزحف.
وأخرج ابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم قال : وكان في الكتاب : إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار يوم الزحف وعقوق الوالدين ورمي المحصنة وتعلم السحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أنس قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال : الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقال : ألا أنبئكم بأكبرالكبائر قول الزور أو شهادة الزور

وأخرج الشيخان والترمذي ، وَابن المنذر عن أبي بكرة قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو أنه سئل عن الخمر فقال : سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هي أكبر الكبائر وأم الفواحش من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يعد الخمر أكبر الكبائر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في كتاب الإيمان عن شعبة مولى ابن عباس قال : قلت لابن عباس : إن الحسن بن علي سئل عن الخمر أمن الكبائر هي فقال : لا ، فقال ابن عباس : قد قالها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إذا شرب سكر وزنى وترك الصلاة فهي من الكبائر.
وأخرج أحمد والبخاري الترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الكبائر : الإشراك بالله وعقوق الوالدين أو قتل

النفس - شك شعبة - واليمين الغموس.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي عن عبد الله بن أنيس الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ، قالوا : وكيف يلعن الرجل والديه قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه.
وأخرج أو داود ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي

صلى الله عليه وسلم قال : من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ومن الكبائر السبتان بالسبة.
وأخرج الترمذي والحاكم ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قتادة العدوي قال : قرى ء علينا كتاب عمر من الكبائر جمع بين الصلاتين ، يعني بغير عذر والفرار من الزحف والنميمة

وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن أبي حاتم بسند حسن
عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الكبائر فقال : الشرك بالله واليأس من روح الله والآمن من مكر الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن أبي الدنيا في التوبة عن ابن مسعود قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله.
وأخرج ابن المنذر عن علي أنه سئل ما أكبر الكبائر فقال : الأمن لمكر الله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله.
وأخرج ابن جرير بسند حسن عن أبي أمامة أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا الكبائر وهو متكى ء فقالوا : الشرك بالله وأكل مال اليتيم وفرار يوم الزحف وقذف المحصنة وعقوق الوالدين وقول الزور والغلول

والسحر وأكل الربا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين تجعلون (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) (آل عمران الآية 77) إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعا الضرار في الوصية من الكبائر.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : الكبائر : الشرك بالله وقتل النفس وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة والسحر وعقوق الوالدين وأكل الربا وفراق الجماعة ونكث الصفقة.
وأخرج البزار ، وَابن المنذر بسند ضعيف عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين ومنع فضل الماء ومنع الفحل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة قال : إن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين ومنع فضول الماء بعد الري ومنع طروق الفحل إلا بجعل

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : ما أخذ على النساء فمن الكبائر ، يعني قوله (أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين) (المتحنة الآية 12) الآية.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والبيهقي عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيتم الزاني والسارق وشارب الخمر ما تقولون فيهم قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هن فواحش وفيهن عقوبة ألا أنبئكم
بأكبر الكبائر الإشراك بالله ثم قرأ (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) (النساء الآية 48) وعقوق الوالدين ثم قرأ (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان الآية 14) وكان متكئا فاحتفز فقال : ألا وقول الزور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود قال : إن من أكبر الذنب عند الله أن يقول لصاحبه اتق الله فيقول : عليك نفسك من أنت تأمرني.
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله التمار عن أبيه أن أبا بكر وعمر وأناسا من الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا أعظم الكبائر فلم يكن

عندهم فيها علم ينتهون إليه فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أسأله عن ذلك فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر فأتيتهم فأخبرتهم فأنكروا ذلك وتواثبوا إليه جميعا حتى أتوه في داره فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره أن يشرب الخمر أو يقتل نفسا أو يزني أو يأكل لحم خنزير أو يقتله إن أبى ، فاختار شرب الخمر وإنه لما شربها لم يمتنع من شيء أراده منه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما أحد يشربها فيقبل الله له صلاة أربعين ليلة ولا يموت وفي مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة وإن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : الكبائر الإشراك بالله لأن الله يقول (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (يوسف الآية 87) والأمن لمكر الله لأن الله يقول (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) (الأعراف الآية 99) وعقوق الوالدين لأن الله جعل العاق جبارا عصيا وقتل النفس التي حرم الله لأن الله يقول (فجزاؤه جهنم) (النساء الآية 93) إلى آخر الآية وقذف المحصنات لأن الله يقول (لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم) (النور الآية 23) وأكل
مال اليتيم لأن الله يقول (إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) (النساء الآية 10) والفرار من الزحف لأن الله يقول (ومن يولهم يومئذ دبره) إلى قوله (وبئس

المصير) (الأنفال الآية 16) وأكل الربا لأن الله يقول (الذين يأكلون الربا لا يقومون) (البقرة الآية 275) الآية والسحر لأن الله يقول (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) (البقرة الآية 102) والزنا لأن الله يقول (يلق أثاما) (الفرقان الآية 68) الآية واليمين الغموس الفاجرة لأن الله يقول (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم) (آل عمران الآية 77) الآية والغلول لأن الله يقول (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) (آل عمران الآية 161) ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول (فتكوى بها جباههم) (التوبة الآية 35) الآية وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) (البقرة الآية 283) وشرب الخمر لأن الله عدل بها الأوثان وترك الصلاة متعمدا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ترك الصلاة متعمدا فقد برى ء من ذمة الله ورسوله ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول (لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (الرعد الآية 25) ، وأخرد عَبد بن حُمَيد والبزار والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر قال : ما بين أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : الكبائر من أول سورة النساء إلى قوله {إن تجتنبوا

كبائر ما تنهون عنه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر فقال : افتتحوا سورة النساء فكل شيء نهى الله عنه حتى تأتوا ثلاثين آية فهو كبيرة ثم قرأ مصداق ذلك {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس انه قرأ من النساء حتى بلغ ثلاثين آية منها ثم قرأ {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} مما في أول السورة إلى حيث بلغ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة سورة النساء إلى هذه الموضع {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه}.
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن الكبائر فقال : الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها وفرار يوم الزحف وأكل مال اليتيم بغير حقه وأكل الربا والبهتان ويقولون اعرابية بعد الهجرة ، قيل لابن سيرين : فالسحر ، قال : إن البهتان يجمع شرا كثيرا

وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيرة قال : كان يقال : شتم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر.
وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن الأوزاعي قال : كان يقال : من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس ، أنه قرأ تكفر بالتاء ونصب الفاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} قال : إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {نكفر عنكم سيئاتكم} قال : الصغار {وندخلكم مدخلا كريما} قال : الكريم : هو الحسن في الجنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة أنه كان يقول : المدخل الكريم ، هو الجنة

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه قرأ {مدخلا} بضم الميم.
الآية 32
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والحاكم وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن أم سلمة أنها قالت : يا رسول الله تغزو الرجال ولا نغزو ولا نقاتل فنستشهد وإنما لنا نصف الميراث ، فأنزل الله {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} وأنزل فيها (إن المسلمين والمسلمات) (الأحزاب الآية 35).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أتت امرأة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين برجل أفنحن في العمل هكذا إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة فأنزل الله {ولا تتمنوا} فإنه عدل مني وإن صنعته.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : إن النساء سألن الجهاد فقلن وددنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب ا

لرجال ، فأنزل الله {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعكرمة في الآية قالا : نزلت في أم سلمة بنت أبي أمية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي أن الرجال قالوا : نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء كما لنا في السهام سهمان فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران ، وقالت النساء : نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال الشهداء فإنا لا نستطيع أن نقاتل ولو كتب علينا القتال لقاتلنا ، فأنزل الله الآية وقال لهم سلوا الله من فضله يرزقكم الأعمال وهو خير لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} يقول : لا يتمن الرجل فيقول ليت لي مال فلان وأهله ، فنهى الله سبحانه عن ذلك ولكن ليسأل الله من فضله {للرجال نصيب مما اكتسبوا} يعني مما ترك الوالدان والأقربون للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لا تتمن مال فلان ولا مال فلان وما

يدريك لعل هلاكه في ذلك المال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا ولا الصبي شيئا وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع ، فلما لحق للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال ، وقال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسنات في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث ، فأنزل الله {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} يقول : المرأة تجزى بحسنتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل.
وأخرج ابن جرير عن أبي حريز قال : لما نزل (للذكر مثل حظ الأنثيين) (النساء الآية 11) قالت النساء : كذلك عليهم نصيبان من الذنوب كما لهم نصيبان من الميراث ، فأنزل الله {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} يعني الذنوب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {للرجال نصيب مما اكتسبوا}

قال : من الإثم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سمع الرجل يتمنى في الدنيا قال : قد نهاكم الله عن هذا {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} ودلكم على خير منه {واسألوا الله من فضله}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {واسألوا الله من فضله} قال : ليس بعرض الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {واسألوا الله من فضله} قال : العبادة ليس من أمر الدنيا.
وأخرج الترمذي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل.
وأخرج ابن جرير من طريق حكيم بن جبير عن رجل لم يسمه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج

وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما سأل رجل مسلم الله
الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة : اللهم أدخله ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثا إلا قالت النار : اللهم أجره.
الآية 33.
أخرج البخاري وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {ولكل جعلنا موالي} قال : ورثة {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهم فلما نزلت {ولكل جعلنا موالي} نسخت ثم قال {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصي له.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه عن ابن عباس {ولكل جعلنا موالي} قال : عصبة {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه

الآخر فأنزل الله (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) (الأحزاب الآية 6) يقول : إلا أن يوصوا إلى أوليائهم الذين عقدوا وصية فهو لهم جائز من ثلث مال الميت وهو المعروف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {ولكل جعلنا موالي} قال : الموالي ، العصبة هم كانوا في الجاهلية الموالي فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسما ، فقال الله (فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) (الأحزاب الآية 5) فسموا الموالي.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان الرجل قبل الإسلام يعاقد الرجل يقول : ترثني وأرثك
وكان الأحياء يتحالفون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل حلف كان في الجاهلية أو عقد أدركه الإسلام فلا يزيده الإسلام إلا شدة ولا عقد ولا حلف في الإسلام نسختها هذه الآية (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) (الأحزاب الآية 6).
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان الرجل يعاقد الرجل فيرث كل واحد منهما صاحبه

وكان أبو يكر عاقد رجلا فورثه.
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس في قوله {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ في ذلك في الأنفال فقال : (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (الأحزاب الآية 6).
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك ، فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم ، فنسخ ذلك بعد في سورة الأنفال فقال : (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) فقذف ما كان من عهد يتوارث به وصارت المواريث لذوي الأرحام.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه فإذا مات الرجل صار

لأهله وأقاربه الميراث وبقي تابعا ليس له شيء ، فأنزل الله {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} فكان يعطي من ميراثه فأنزل الله بعد ذلك (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله).
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {والذين عقدت أيمانكم} الذين عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم {فآتوهم نصيبهم} إذا لم يأت رحم يحول بينهم ، قال : وهو لا يكون
اليوم إنما كان نفر آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وانقطع ذلك وهذا لا يكون لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بين المهاجرين والأنصار واليوم لا يؤاخى بين أحد ، واخرج ابن جرير والنحاس عن سعيد بن المسيب قال : إنما أنزلت هذه الآية في الحلفاء والذين كانوا يتبنون رجالا غير أبنائهم ويورثونهم ، فأنزل الله فيهم فجعل لهم نصيبا في الوصية ورد الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والنحاس عن مجاهد {ولكل جعلنا موالي} قال : العصبة {والذين عقدت أيمانكم} قال : الحلفاء {فآتوهم نصيبهم} قال : من العقل والنصر والرفادة

واخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم عن داود بن الحصين قال : كنت أقرأ على أم سعد ابنة الربيع وكانت يتيمة في حجر أبي فقرأت عليها {والذين عقدت أيمانكم} فقالت : لا ولكن {والذين عقدت أيمانكم} إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن حين أبى أن يسلم فحلف أبو بكر أن لا يورثه فلما أسلم أمره الله أن يورثه نصيبه.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ عقدت أيمانكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم ، أنه قرأ {والذين عقدت} خفيفة بغير ألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كان الرجل في الجاهلية يأتي القوم فيعقدون له أنه منهم إن كان ضرا أو نفعا أو دما فإنه فيهم مثلهم ويأخذون له من أنفسهم مثل الذي يأخذون منه فكانوا إذا كان قتال قالوا : يا فلان أنت منا فانصرنا وإن كانت منفعة قالوا : أعطنا أنت منا ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضا إن اسنتصر وإن نزل به أمر أعطاه بعضهم ومنعه بعضهم ولم يعطوه مثل الذين يأخذون منه ، فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسألوه وتحرجوا من ذلك وقالوا : قد عاقدناهم في الجاهلية ، فأنزل الله {والذين

عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} قال : أعطوهم مثل الذي تأخذون منهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي مالك {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} قال : هو حليف القوم يقول : أشهدوه أمركم ومشورتكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد الفتح : فوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة ولا تحدثوا حلفا في الإسلام.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن جَرِير والنحاس عن جبير بن مطعم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الزهري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حلف في الإسلام وتمسكوا بحلف الجاهلية

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رفعه كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا جدة وشدة.
الآية 34.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال : جاءت امرأة إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تستعدي على زوجها أنه لطمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القصاص ، فأنزل الله {الرجال قوامون على النساء} الآية ، فرجعت بغير قصاص.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق قتادة عن الحسن أن رجلا لطم امرأته فأتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأراد أن يقصها منه ، فنزلت {الرجال قوامون على النساء} فدعاه فتلاها عليه وقال أردت أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وابن
مردويه من طريق جرير بن حازم عن الحسن أن رجلا من الأنصار لطم امرأته فجاءت تلتمس القصاص فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص ، فنزلت (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) (طه الآية 114) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن {الرجال قوامون على النساء} إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أردنا أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار بامرأة

له فقالت : يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري وأنه ضربها فأثر في وجهها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ذلك له ، فأنزل الله {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} أي قوامون على النساء في الأدب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أردت أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : لطم رجل امرأته فأراد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم القصاص فبينما هم كذلك نزلت الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي ، نحوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {الرجال قوامون على النساء} قال : بالتأديب والتعليم {وبما أنفقوا من أموالهم} قال : بالمهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الزهري قال : لا تقص المرأة من زوجها إلا في النفس.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال : نحن نقص منه إلا في الأدب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {الرجال قوامون على النساء} يعني أمراء عليهن أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله {بما فضل الله} وفضله عليها

بنفقته وسعيه {فالصالحات قانتات} قال : مطعيات {حافظات للغيب} يعني إذا كن كذا فأحسنوا إليهن.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة الله فإن أبت فله أن يضربها ضربا غير مبرح وله عليها الفضل بنفقته وسعيه.
وأخرج عن السدي {الرجال قوامون على النساء} يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن.
وأخرج عن سفيان {بما فضل الله بعضهم على بعض} قال : بتفضيل الله الرجال على النساء {وبما أنفقوا من أموالهم} بما ساقوا من المهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي {وبما أنفقوا من أموالهم} قال : الصداق الذي أعطاها ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها ولو قذفته جلدت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {فالصالحات قانتات} أي مطيعات لله ولأزواجهن {حافظات للغيب} قال : حافظات لما استودعهن الله من حقه وحافظات لغيب أزواجهن

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {حافظات للغيب} للأزواج ، وأخرح ابن جرير عن السدي {حافظات للغيب بما حفظ الله} يقول تحفظ على زوجها ماله وفرجها حتى يرجع كما أمرها الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : حافظات لأزواجهن في أنفسهن بما استحفظهن الله.
وأخرج عن مقاتل قال : حافظات لفروجهن لغيب أزواجهن حافظات بحفظ الله لا يخن أزواجهن بالغيب.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : حافظات للأزواج بما حفظ الله يقول : حفظهن الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {حافظات للغيب} قال : يحفظن على أزواجهن ما غابوا عنهن من شأنهن {بما حفظ الله} قال : بحفظ الله إياها أن يجعلها كذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك

ونفسها ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {الرجال قوامون على النساء} إلى قوله {قانتات حافظات للغيب}.
وأخرج ابن جرير عن طلحة بن مصرف قال : في قراءة عبد الله فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون.
وأخرج عن السدي {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} فأحسنوا إليهن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : خير فائدة أفادها المسلم بعد الإسلام امرأة جميلة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب في ماله ونفسها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : ما استفاد رجل بعد إيمان بالله خيرا من امرأة حسنة الخلق ودود ولود وما استفاد رجل بعد الكفر بالله شرا من امرأة سيئة الخلق حديدة السان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبزي قال : مثل المراة الصالحة عند الرجل الصالح مثل التاج المخوص بالذهب على رأس الملك ومثل المرأة السوء عند الرجل الصالح مثل الحمل الثقيل على الرجل الكبير

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : ألا أخبركم بالثلاث الفواقر قيل : وما هن قال : إمام جائر إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر وجار سوء إن رأى حسنة غطاها وإن رأى سيئة أفشاها وامرأة السوء إن شهدتها غاظتك وإن غبت عنها خانتك.
وأخرج الحاكم عن سعد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من السعادة : المرأة تراها فتعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون وطيئة فلتحقك بأصحابك والدار تكون واسعة كثيرة المرافق ، وثلاث من الشقاء : المرأة تراها فتسوءك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك والدار تكون ضيقة قليلة المرافق.
وَأخرَج البزار والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال :جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة ؟ قال : من حق الزوج على الزوجة أن لو سال منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ماأدت حقه لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله عليها .

وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي من طريق حصين بن محصن قال : حدثتني عمتي قالت : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال : أي هذه أذات بعل أنت قلت : نعم ، قال : كيف أنت له قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه ، قال : انظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك.
وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة قال : من
حق الزوج على الزوجة أن لو سال منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ما أدت حقه لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر أمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله عليها.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره ولا تخرج وهو كاره ولا تطيع فيه أحدا ولا تخشن بصدره ولا تعتزل فراشه ولا تضر به فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبل الله عذرها وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله عذرها.
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه

وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن شبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الفساق أهل النار ، قيل : يا رسول الله ومن الفساق قال : النساء ، قال رجل : يا رسول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا قال : بلى ، ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا ابتلين لم يصبرن.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه.
وأخرج عبد الرزاق والبزار والطبراني عن ابن عباس قال : جاءت امرأة إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافها بحقه تعدل ذلك وقليل منكن من يفعله.
وأخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت الجنة

وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن ابن عباس أن امرأة من خثعم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأة أيم فإن استطعت وإلا جلست أيما قال : فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على ظهر بعير أن لا تمنعه نفسها ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعا إلا
بإذنه فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة قال : زوجها ، قلت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل قال : أمه.
وأخرج البزار عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر النساء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فإن المرأة لو تعلم ما حق زوجها لم تزل قائمة ما حضر غداؤه وعشاؤه.
وأخرج البزار عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تعلم المرأة حق لزوج ما قعدت ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا تقبل لهم صلاة ولا تصعد لهم حسنة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه والمرأة الساخط عليها زوجها والسكران حتى يصحو.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة ، النَّبِيّ في الجنة والصديق في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة ورجل زار أخاه في ناحية المصر يزوره الله في الجنة ونساؤكم من أهل الجنة الودود العدود على زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يده ثم تقول : لا أذوق غمضا حتى ترضى.
وأخرج البيهقي عن زيد بن ثابت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لابنته : إني أبغض أن تكون المرأة تشكو زوجها.
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة عثمان : أي بنية إنه لا امرأة لرجل لم تأت ما يهوى وذمته في وجهه وإن أمرها أن تنتقل من

جبل أسود إلى جبل أحمر أو من جبل أحمر إلى جبل أسود فاستصلحي زوجك.
وأخرج البيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : النساء على ثلاثة
أصناف : صنف كالوعاء تحمل وتضع وصنف كالبعير الجرب وصنف ودود ولود تعين زوجها على إيمانه خير له من الكنز.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : النساء ثلاث : امرأة عفيفة مسلمة هينة لينة ودود ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها وقليل ما تجدها وامرأة وعاء لم تزد على أن تلد الولد وثالثة غل قمل يجعلها الله في عنق من يشاء وإذا أراد أن ينزعه نزعه.
وأخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها أتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت : بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك وأعلم نفسي - لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء

فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أموالكم فما نشارككم في الأجر يا رسول الله فالتفت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال : هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسساءلتها في أمر دينها من هذه فقالوا يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا فالتفت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها : انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله ، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا.
وأخرج البيهقي عن أنس قال : جاء النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهنة إحداكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أم سلمة قالت :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة باتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة.
وأخرج أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت : مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة
فسلم علينا فقال : إياكن وكفران المنعمين ، قلنا يا رسول الله وما كفران المنعمين قال : لعل إحداكن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس فيرزقها الله زوجا ويزرقها منه مالا وولدا فتغضب الغضبة فتقول : ما رأيت منه خيرا قط.
وأخرج البيهقي بسند منقطع عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أف للحمام حجاب لا يستر وماء لا يطهر ولا يحل لرجل أن يدخله إلا بمنديل مر المسلمين لا يفتنوا نساءهم {الرجال قوامون على النساء} علموهن ومروهن بالتسبيح.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجه والبيهقي عن أبي أمامة قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابن لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حاملات والدات رحيمات لولا ما يأتين إلى أزواجهن لدخل مصلياتهن الجنة.

وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قالت امرأة : يا رسول الله ما جزاء غزوة المرأة قال : طاعة الزوج واعتراف بحقه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي النساء خير قال : التي تسره إذا نظر ولا تعصيه إذا أمر ولا تخالفه بما يكره في نفسها وماله.
وأخرج الحاكم وصححه عن معاذ أنه أتى الشام فرأى النصارى يسجدون لأساقفتهم ورهبانهم ورأى اليهود يسجدون لأحبارهم وربانهم فقال : لأي شيء تفعلون هذا قالوا : هذا تحية الأنبياء ، قلت : فنحن أحق أن نصنع بنبينا فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : إنهم كذبوا على أنبيائهم كما حرفوا كتابهم لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على ظهر قتب

وأخرج الحاكم وصححه عن بريدة أن رجلا قال : يا رسول الله علمني شيئا أزداد به يقينا فقال : ادع تلك الشجرة فدعا بها فجاءت حتى سلمت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال لها : ارجعي فرجعت ، قال : ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه وقال : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما : عبد آبق من مواليه حتى يرجع وامرأة عصت زوجها حتى ترجع.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه عن أبي أمامة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عنها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون.
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل أنه قدم اليمن فسألته امرأة ما حق المرء على زوجته فإني تركته في البيت شيخا كبيرا فقال : والذي نفس معاذ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت إليه فوجدت الجذام قد خرق لحمه وخرق منخريه فوجدت منخريه يسيلان قيحا ودما ثم ألقمتيهما فاك لكيما تبلغي

حقه ما بلغت ذاك أبدا.
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس أن رجلا انطلق غازيا وأوصى امرأته لا تنزل من فوق البيت فكان والدها في أسفل البيت فاشتكى أبوها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبره وتستأمره فأرسل إليها إتقي الله وأطيعي زوجك ، ثم إن والدها توفي فأرسل إليه تستأمره فأرسل إليها مثل ذلك ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى عليه فأرسل إليها أن الله قد غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال : كان يقال أشد الناس عذابا اثنان : امرأة تعصي زوجها وإمام قوم وهم له

كارهون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى بابنته إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج فقال لها : أطيعي أباك ، فقالت : لا ، حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته ، فقال : حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها أو ابتدر منخراه صديدا ودما ثم لحسته ما أدت حقه ، فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدا ، فقال : لا تنكحوهن إلا بإذنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ولو كان ذلك لكان النساء يسجدن لأزواجهن ، واخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجه عن عائشة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كنت آمرا أحدا لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر
امرأته أن تنتقل من جبل أحمر إلى جبل أسود أو من جبل أسود إلى جبل أحمر كان نولها أن تفعل.
وأخرج ابن شيبة عن عائشة قالت : يا معشر النساء لو تعلمن حق

أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن وجهه بحر وجهها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : لو أن امرأة مصت أنف زوجها من الجذام حتى تموت ما أدت حقه.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {واللاتي تخافون نشوزهن} قال : تلك المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره فأمره الله أن يعظها ويذكرها بالله ويعظم حقه عليها فإن قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها وذلك عليها شديد ، فإن رجعت وإلا ضربها ضربا غير مبرح ولا يكسر لها عظما ولا يجرح بها جرحا {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} يقول : إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل.
وأخرج ابن جرير عن السدي نشوزهم قال : بغضهن.
وأخرج عن ابن زيد قال : النشوز : معصيته وخلافه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {واللاتي

تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن} قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها : اتقي الله وارجعي إلى فراشك فإن أطاعته فلا سبيل له عليها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {واللاتي تخافون نشوزهن} قال : العصيان {فعظوهن} قال : باللسان {واهجروهن في المضاجع} قال : لا يكلمها {واضربوهن} ضربا غير مبرح {فإن أطعنكم} قال : إن جاءت إلى الفراش {فلا تبغوا عليهن سبيلا} قال : لا تلمها ببغضها إياك فإن البغض أنا جعلته في قلبها ، واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فعظوهن} قال : باللسان.
وأخرج البيهقي عن لقيط بن صبرة قال : قلت يا رسول الله إن لي امرأة في لسانها شيء - يعني البذاء - قال طلقها ، قلت : إن لي منها ولدا ولها صحبة ، قال : فمرها - يقول عظها - فإن يك فيها خير فستقبل ولا تضربن ظعينتك ضربك أمتك.
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عن أبي حرة الرقاشي عن عمه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع - قال حماد : يعني النكاح

واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال : لا يجامعها.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} يعني بالهجران أن يكون الرجل والمرأة على فراش واحد لا يجامعها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {واهجروهن في المضاجع} قال : لا يقربها.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال : لا تضاجعها في فراشك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير من طريق أبي صالح عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال : يهجرها بلسانه ويغلظ لها بالقول ولا يدع جماعها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة {واهجروهن في المضاجع} قال : الكلام والحديث وليس بالجماع

وأخرج ابن جرير عن السدي قال : يرقد عندها ويوليها ظهره ويطؤها ولا يكلمها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير من طريق أبي الضحى عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع واضربوهن} قال : يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع فإن أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : الهجران حتى تضاجعه فإذا فعلت فلا يكلفها أن تحبه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قوله {واضربوهن} قال : ضربا غير مبرح.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح.
وأخرج ابن جرير عن حجاج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تهجروا النساء إلا في المضاجع واضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح ، يقول : غير مؤثر

وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح قال : بالسواك ونحوه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي عن إياس بن عبد الله ابن أبي ذئاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تضربوا إماء الله ، فقال عمر : ذئر النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن ، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكين أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس أولئك خياركم.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت : كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلى بينهم وبين ضربهن ثم قال : ولن يضرب خياركم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن زمعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم

وأخرج عبد الرزاق عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يضاجعها آخره.
وأخرج الترمذي وصححه النسائي ، وَابن ماجه عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : أي يوم أحرم أي يوم أحرم أي يوم أحرم ، فقال الناس : يوم الحج الأكبر يا رسول الله ، قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ألا لا يجني جان إلا على نفسه ألا ولا يجني والد على ولده ولا ولد على والده إلا ان المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله وإن كل دم في الجاهلية موضوع وأول دم أضع من دم الجاهلية دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} ألا وإن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا ، فأما حقكم على
نسائكم فلا

يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون وإن من حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فلا تبغوا عليهن سبيلا} قال : لا تلمها ببغضها إياك فإن البغض أنا جعلته في قلبها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن سفيان {فإن أطعنكم} قال : إن أتت الفراش وهي تبغضه {فلا تبغوا عليهن سبيلا} لا يكلفها أن تحبه لأن قلبها ليس في يديها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه النسائي والبيهقي عن طلق بن علي سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتجبه وإن كانت على التنور

وأخرج ابن سعد عن طلق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمنع امرأة زوجها ولو كانت على ظهر قتب.
الآية 35.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {وإن خفتم شقاق بينهما} هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما أمر الله أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ورجلا مثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ثم مات أحدهما فإن الذي رضي يرث الذي كره ولا يرث الكاره الراضي
{إن يريدا إصلاحا} قال : هما الحكمان {يوفق الله بينهما} وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق والصواب

وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبيدة السلماني في هذه الآية قال : جاء رجل وامرأة إلى علي ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم علي فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين : تدريان ما عليكما عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا ، قالت المرأة : رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي ، وقال الرجل : أما الفرقة فلا ، فقال علي : كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير قال : يعظها فإن انتهت وإلا هجرها فإن انتهت وإلا ضربها فإن انتهت وإلا رفع أمرها إلى السلطان فيبعث حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم الذي من أهلها : تفعل بها كذا ، ويقول الحكم الذي من أهله : تفعل به كذا ، فأيهما كان الظالم رده السلطان وأخذ فوق يديه وإن كانت المرأة أمره أن يخلع.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمرو بن مرة قال : سألت سعيد بن جبير عن الحكمين اللذين في القرآن فقال : يبعث حكما من أهله وحكما من أهلها

يكلمون أحدهما ويعظونه فإن رجع وإلا كلموا الآخر ووعظوه فإن رجع وإلا حكما فما حكما من شيء فهو جائز.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : بعثت أنا ومعاوية حكمين فقيل لنا : إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما ، والذي بعثهما عثمان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن الحسن قال : إنما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظالم بظلمه وأما الفرقة فليست بأيديهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة ، نحوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {واللاتي تخافون نشوزهن} قال : هي المرأة التي تنشز على زوجها فلزوجها أن يخلعها حين
يأمر الحكمان بذلك وهو بعدما تقول لزوجها : والله لا أبر لك قسما ولا أدبر في بيتك بغير أمرك ، ويقول السلطان : لا نجيز لك خلعا حتى تقول المرأة لزوجها : والله لا أغتسل لك من جنابة ولا أقيم لله صلاة فعند ذلك

يجيز السلطان خلع المرأة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : كان علي بن أبي طالب يبعث الحكمين حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم من أهلها : يا فلان ما تنقم من زوجتك فيقول أنقم منها كذا وكذا ، فيقول أرأيت إن نزعت عما تكره إلى ما تحب هل أنت متقي الله فيها ومعاشرها بالذي يحق عليك في نفقتها وكسوتها فإذا قال : نعم ، قال الحكم من أهله : يا فلانة ما تنقمين من زوجك فتقول مثل ذلك ، فإن قالت : نعم ، جمع بينهما ، وقال علي : الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق.
وأخرج البيهقي ، عَن عَلِي ، قال : إذا حكم أحد الحكمين ولم يحكم الآخر فليس حكمه بشيء حتى يجتمعا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} قال : هما الحكمان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {إن يريدا إصلاحا} قال : أما أنه ليس بالرجل والمرأة ولكنه الحكمان {يوفق الله بينهما} قال : بين الحكمين

وأخرج ابن جرير عن الضحاك {إن يريدا إصلاحا} قال : هما الحكمان إذا نصحا المرأة والرجل جميعا ، واخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {إن الله كان عليما خبيرا} قال : بمكانهما.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن امرأة أتته فقالت : ما حق الزوج على امرأته فقال : لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ولا تعطي من بيته شيئا إلا بإذنه فإن فعلت ذلك كان له الأجر وعليها الوزر ، ولا تصوم يوما تطوعا إلا بإذنه فإن فعلت أثمت ولم تؤجر ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى تتوب أو تراجع ، قيل فإن كان ظالما قال : وإن كان ظالما.
وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن عباس قال : لما اعتزلت الحرورية فكانوا في واد على حدتهم قلت

لعلي : يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم فأتيتهم ولبست أحسن ما يكون من الحلل فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس فما هذه الحلة قال : ما تعيبون علي ، لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الحلل ونزل (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) (الأعراف الآية 32) قالوا فما جاء بك قلت : أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالوا : ننقم عليه ثلاثا : قلت ما هن قالوا أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى (إن الحكم إلا لله) (الأنعام الآية 57) قلت : وماذا قالوا : وقاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دمائهم ، قلت : وماذا قالوا : ومحا اسمه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تشكون أترجعون قالوا : نعم ، قلت : أما قولكم أنه حكم للرجال في دين الله فإن الله تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) إلى قوله (يحكم به ذوا عدل منكم) (المائدة الآية 95) وقال في المرأة وزوجها {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم

وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب فيها ربع درهم قالوا اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم ، قال : أخرجت من هذه قالوا : اللهم
نعم.
وَأَمَّا قولكم أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام إن الله تعالى يقول (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (الأحزاب الآية 6) وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيتهما شئتم أخرجت من هذه قالوا : اللهم نعم.
وَأَمَّا قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال : اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي محمد بن عبد الله ورسول الله كان أفضل من علي أخرجت من هذه قالوا : اللهم نعم ، فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا.
الآية 36.
أخرج أحمد والبخاري عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى

وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ، وقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى.
وأخرج ابن سعد وأحمد عن عمرو بن مالك القشيري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار مكان كل عظم محرره بعظم من عظامه ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله ومن ضم يتيما من أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ، وقرن بين أصبعيه.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أم سعد بنت مرة الفهرية عن أبيها قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنا وكافل اليتيم له أو لغيره إذا اتقى الله في الجنة كهاتين أو كهذه من هذه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب

الإيمان من طرق عن ابن عباس في قوله {والجار ذي القربى} يعني الذي بينك وبينه قرابة {والجار الجنب} يعني الذي ليس بينك وبينه قرابة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن نوف الشامي في قوله {والجار ذي القربى} قال : المسلم {والجار الجنب} قال : اليهودي والنصراني.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي شريح الخزاعي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره.
وأخرج ابن أبي شيبة واحمد والبخاري ومسلم عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وَأخرَج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد" عن عبدالله بن عمرو أنه ذبحت له شاة يقول : أهديت لجارنا اليهودي؟

أهديت لجارنا اليهودي ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج البخاري في الأدب" وأبو يعلى والحاكم وصححه عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع " ..
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عمر : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول : يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خير

فيها هي من أهل النار ، قالوا : وفلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتصدق بأثوار ولا تؤذي أحدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي من أهل الجنة.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال : إلى أقربهما منك بابا.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : لا يبدأ بجاره الأقصى قبل الأدنى ولكن يبدأ بالأدنى قبل الأقصى.
وأخرج البخاري في الأدب عن الحسن أنه سئل عن الجار فقال : أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله إن لي جارا يؤذيني ، فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق ، فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا : ما شأنك قال : لي
جار يؤذيني ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون : اللهم العنه اللهم اخزه فبلغه فأتاه

فقال : ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك أبدا.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي عن أبي جحيفة قال : شكا رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جاره فقال : احمل متاعك فضعه على الطريق فمن مر به يلعنه ، فجعل كل من يمر به يلعنه فجاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما لقيت من لعنة الناس فقال : إن لعنة الله فوق لعنتهم وقال للذي شكا : كفيت أو نحوه.
وأخرج البخاري في الأدب عن ثوبان قال : ما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك على أن يخرج من منزله إلا هلك.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قالوا : وما ذاك يا رسول الله قال : جار لا يأمن جاره بوائقه ، قالوا فما بوائقه قال : شره.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس بؤمن من لا يأمن جاره غوائله

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود مرفوعا إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب فمن أعطاه الإيمان فقد أحبه والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه.
وأخرج أحمد والحاكم عن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يشبع الرجل دون جاره.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج أحمد من طريق أبي العالية عن رجل من الأنصار قال : خرجت من أهلي أريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإذا به قائم ورجل معه مقبل عليه فظننت أن لهما حاجة ، فلما انصرف قلت : يا رسول الله لقد قام بك هذه الرجل حتى جعلت

أرثي لك من طول القيام ، قال : أوقد رأيته قلت : نعم ، قال : أتدري من هو قلت : لا ، قال :
ذاك جبريل ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ثم قال : أما إنك لو سلمت رد عليك السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أوصاني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ بك من جار سوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي لبابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا قليل من أذى جاره

وأخرج أحمد والبخاري في الأدب والبيهقي عن المقداد بن الأسود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ما تقولون في الزنا قالوا : حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره وقال ما تقولون في السرقة قالوا : حرمها الله ورسوله فهي حرام ، قال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله {والصاحب بالجنب} قال : الرفيق في السفر.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ومجاهد ، مثله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {والصاحب بالجنب} قال : هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر وامرأتك التي تضاجعك.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن أبي فديك عن فلان بن عبد الله عن الثقة عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين

فدخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غيضة طرفاء فقطع نصلين أحدهما معوج والآخر معتدل فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوج فقال الرجل : يا رسول الله أنت
أحق بالمعتدل مني فقال : كلا يا فلان إن كل صاحب يصحب صاحبا مسؤول عن صحابته ولو ساعة من نهار.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والترمذي ، وَابن جَرِير والحاكم عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : خير الأصحاب عند الله خير هم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي في قوله {والصاحب بالجنب} قال : المرأة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود ، مثله

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما ملكت أيمانكم} قال : مما خولك الله فأحسن صحبته كل هذا أوصى الله به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {وما ملكت أيمانكم} يعني من عبيدكم وإمائكم يوصي الله بهم خيرا أن تؤدوا إليهم حقوقهم التي جعل الله لهم.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ، واخرج البخاري في الأدب ، عَن جَابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالمملوكين خيرا ويقول : أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم من لبوسكم ولا

تعذبوا خلق الله.
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء أنه رؤي عليه برد وثوب أبيض وعلى غلامه برد وثوب أبيض ، فقيل له ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تأكلون ، واخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والبيهقي في الشعب ، عَن عَلِي ، قال : كان آخر كلام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم.
وأخرج البزار عن أبي رافع قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الله الله وما
ملكت أيمانكم والصلاة ، فكان ذلك آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أم سلمة قالت : كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه

وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت : الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغرها في صدره وما يفيض بها لسانه.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق.
وأخرج البيهقي عن أبي ذر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الفقير عند الغني فتنة وإن الضعيف عند القوي فتنة وإن المملوك عند المليك فتنة فليتق الله وليكلفه ما يستطيع فإن أمره أن يعمل بما لا يستطيع فليعنه عليه فإن لم يفعل فلا يعذبه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لاءمكم من خدمكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ومن لا يلائمكم منهم فبيعوهم ولا تعذبوا خلق الله

وأخرج الطبراني والبيهقي عن رافع بن مكيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سوء الخلق شؤم وحسن الملكة نماء والبر زيادة في العمر والصدقة تدفع ميتة السوء.
وأخرج البيهقي عن أبي بكر الصديق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة سيء الملكة.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه البيهقي عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كم نعفو عن العبد في اليوم قال : سبعين مرة.
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فليمسك.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تضربوا الرقيق فإنكم لا تدرون ما توافقون

وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما حق
امرأتي علي قال : تطعمها مما تأكل وتكسوها مما تكتسي قال : فما حق جاري علي قال : تنوسه معروفك وتكف عنه أذاك ، قال : فما حق خادمي علي قال : هو أشد الثلاثة عليك يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن سعد وأحمد عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم كذا قال ابن سعد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وقال عبد الرزاق وأحمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
وأخرج عبد الرزاق عن داود بن أبي عاصم قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : صه أطت السماء وحق لها أن تئط ما في السماء موضع كف - أو

قال شبر - إلا عليه ملك ساجد فاتقوا الله وأحسنوا إلى ما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإن جاؤوا بشيء من أخلاقهم يخالف شيئا من أخلاقكم فولوا شرهم غيركم ولا تعذبوا عباد الله.
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأبي مسعود الأنصاري وهو يضرب خادمه فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والله لله أقدر عليك منك على هذا ، قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمثل الرجل بعبده فيعور أو يجدع ، قال : أشبعوهم ولا تجيعوهم واكسوهم ولا تعروهم ، ولا ولا تكثروا ضربهم فإنكم مسؤولون عنهم ولا تعذبوهم بالعمل فمن كره عبده فليبعه ولا يجعل رزق الله عليه عناء.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم عن زاذان قال : كنت جالسا عند ابن عمر فدعا بعبد له فأعتقه ثم قال : ما لي من أجره ما يزن هذا - وأخذ شيئا بيده - إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من ضرب عبدا له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن سويد بن مقرن قال : كنا بني مقرن سبعة على عهد

رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا خادمة ليس لنا غيرها فلطمها أحدنا فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أعتقوها ، فقلنا : ليس لنا خادم غيرها يا رسول الله ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : تخدمكم حتى تستغنواعنها ثم خلوا سبيلها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن عمار بن ياسر قال : لا يضرب أحد عبدا له وهو ظالم له إلا أقيد منه يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة قال : أشد الناس على الرجل يوم القيامة مملوكه.
وأخرج عبد الرزاق والترمذي وصححه عن أبي مسعود الأنصاري قال : بينا أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتا من ورائي فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : والله لله أقدر عليك منك على هذا ، فحلفت أن لا أضرب مملوكا لي أبدا.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : بينا رجل يضرب غلاما له وهو

يقول : أعوذ بالله وهو يضرب إذ بصر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أعوذ برسول الله ، فألقى ما كان في يده وخلى عن العبد ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أما والله لله أحق أن يعاذ من استعاذ به مني فقال الرجل : يا رسول الله فهو لوجه الله ، قال : والذي نفسي بيده لو لم تفعل لدافع وجهك سفع النار.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن التيمي قال : حلفت أن أضرب مملوكة لي فقال لي أبي : إنه قد بلغني أن النفس تدور في البدن فربما كان قرارها الرأس وربما كان قرارها في موضع كذا وكذا - حتى عدد مواضع - فتقع الضربة عليها فتتلف فلا تفعل.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي المتوكل الناجي أن أبا الدرداء كانت لهم وليدة فلطمها ابنه يوما لطمة فأقعده لها وقال : اقتصي ، فقالت : قد عفوت ، فقال : إن كنت عفوت فاذهبي فادعي من هناك من حرام

فأشهديهم أنك قد عفوت ، فذهبت فدعتهم فأشهدتهم أنها قد عفت ، فقال : اذهبي فأنت لله وليت آل أبي الدرداء ينقلبون كفافا.
وأخرج أحمد عن أبي قلابة قال : دخلنا على سلمان وهو يعجن قلنا : ما هذا قال : بعثنا الخادم في عمل فكرهنا أن نجمع عليها عملين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {إن الله لا يحب من كان مختالا} قال : متكبرا {فخورا} قال : بعدما أعطي وهو لا يشكر الله.
وأخرج أبو يعلى والضياء المقدسي في المختارة عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جمع الله الناس في صعيد واحد يوم القيامة أقبلت النار يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول : وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا ، فيقولون :

ومن أزواجك
فتقول كل متكبر جبار فتخرج لسانها فتلقطهم به من بين ظهراني الناس فتقذفهم في جوفها ثم تستأخر ثم تقبل يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول : وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا ، فيقولون ومن أزواجك فتقول كل مختال فخور فلتقطهم بلسانها من بين ظهراني الناس فتقذفهم في جوفها ثم تستأخر ويقضي الله بين العباد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر بن عتيك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله وإن من الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله ، فأما الغيرة التي يجب الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير ريبة.
وَأَمَّا الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة والخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل بنفسه في

الفخر والبغي.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن سليم الهجيمي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة قلت : عليك السلام يا رسول الله فقال : عليك السلام تحية الميت سلام عليكم سلام عليكم سلام عليكم أي هكذا فقل ، قال فسألته عن الإزار فأقنع ظهره وأخذ بمعظم ساقه فقال : ههنا ائتزر فإن أبيت فههنا أسفل من ذلك فإن أبيت فههنا فوق الكعبين فإن أبيت فإن الله لا يحب كل مختال فخور ، فسألته عن المعروف فقال : لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض وإن سبك رجل بشيء يعلمه فيك وأنت تعلم فيه نحوه فلا تسبه فيكون أجره لك ووزره عليه وما سر أذنك أن تسمعه فاعمل به وما ساء أذنك أن تسمعه فاجتنبه

وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن مطرف بن عبد الله قال : قلت لأبي ذر : بلغني أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثكم أن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة ، قال : أجل ، قلت : من الثلاثة الذين يحبهم الله قال : رجل غزا في سبيل الله صابرا محتسبا مجاهدا فلقي العدو فقاتل حتى
قتل وأنتم تجدونه عندكم في كتاب الله المنزل ، ثم قرأ هذه الآية (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان مرصوص) (الصف الآية 4) ورجل له جار سوء يؤذيه فصبر على آذاه حتى يكفيه الله إما بحياة وإما بموت ورجل سافر مع قوم فأدلجوا حتى إذا كانوا من آخر الليل وقع عليهم الكرى فضربوا رؤوسهم ثم قام فتطهر رهبة لله ورغبة فيما عنده ، قلت : فمن الثلاثة الذين يبغضهم الله قال : المختال الفخور وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل ثم تلا {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} قلت : ومن قال : البخيل المنان ، قلت : ومن قال : البائع الحلاف.
وأخرج ابن جرير عن أبي رجاء الهروي قال : لا تجد سيء الملكة إلا

وجدته مختالا فخورا وتلا {وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا وتلا (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) (مريم الآية 32).
وأخرج ابن ابي حاتم عن العوام بن حوشب ، مثله.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والبغوي والباوردي والطبراني ، وَابن أبي حاتم عن رجل من بلجيم قال : قلت : يا رسول الله أوصني ، قال : إياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة.
وأخرج البغوي ، وَابن قانع في معجم الصحابة والطبراني ، وَابن مردويه عن ثابت بن قيس بن شماس قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الآية {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} فذكر الكبر فعظمه فبكى ثابت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك فقال : يا رسول الله إني لأحب الجمال حتى إنه ليعجبني أن يحسن شراك نعلي ، قال : فأنت من أهل الجنة إنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك ولكن الكبر من سفه

الحق وغمص الناس.
وأخرج أحمد عن سمرة بن فاتك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : نعم الفتى سمرة لو أخذ من لمنة وشمر من مئزره.
الآيات 37 - 39
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان كردم بن يزيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم فيقولون لهم : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون ، فأنزل الله فيهم {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} إلى قوله {وكان الله بهم عليما}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {الذين يبخلون} قال : هي في

أهل الكتاب يقول : يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي في الآية قال : هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم وكتموا ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {الذين يبخلون} الآية ، قال : نزلت في يهود.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {الذين يبخلون} الآية ، قال هؤلاء يهود يبخلون بما آتاهم الله من الرزق ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب إذا سئلوا عن الشيء.
وأخرج ابن أبي سعيد بن جبير قال : كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئا فعيرهم الله بذلك فأنزل الله {الذين يبخلون} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} قال : هذا في العلم ليس للدنيا منه شيء

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية
قال : هم أعداء الله أهل الكتاب بخلوا بحق الله عليهم وكتموا الإسلام ومحمدا وهم (يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) (الأعراف الآية 157) ، واخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس قال : البخل ، أن يبخل الإنسان بما في يديه والشح ، أن يشح على ما في أيدي الناس يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحل والحرام لا يقنع.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن عبيد أنه قرأ {ويأمرون الناس بالبخل}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن دينار أن ابن الزبير كان يقرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {والذين ينفقون أموالهم

رئاء الناس} قال : نزلت في اليهود.
الآية 40.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} قال : رأس نملة خضراء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {مثقال ذرة} قال : نملة.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق عطاء عن عبد الله أنه قرأ إن الله لا يظلم مثقال نملة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} قال : وزن ذرة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآية في الأعراب من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، فقال
رجل : وما للمهاجرين قال {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة أنه تلا هذه الآية فقال : لأن تفضل حسناتي على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إلي من الدنيا وما فيها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ومسلم ، وَابن جَرِير عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ، قال أبو سعيد : فمن شك فليقرأ {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : يؤتى بالعبد يوم القيامة فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين : هذا فلان بن فلان من كان له حق فليأت إلى حقه ، فيفرح والله المرء أن يدور له الحق على والده أو ولده أو زوجته فيأخذه منه وإن كان صغيرا ومصداق ذلك في

كتاب الله (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسألون) (المؤمنون الآية 101) فيقال له : ائت هؤلاء حقوقهم فيقول : أي رب ومن أين وقد ذهبت الدنيا فيقول الله لملائكته : انظروا أعماله الصالحة وأعطوهم منها ، فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة : يا ربنا أعطينا كل ذي حق حقه وبقي له مثقال ذرة من حسنة ، فيقول للملائكة : ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة ومصداق ذلك في كتاب الله {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} أي الجنة يعطيها ، وإن فنيت حسناته وبقيت سيئاته قالت الملائكة : إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون كثير ، فيقول الله : ضعوا عليه من أوزارهم واكتبوا له كتابا إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وإن تك حسنة} وزن ذرة زادت على سيئاته {يضاعفها} فأما المشرك فيخفف به عنه العذاب ولا يخرج من النار أبدا.
واخرج ابن المنذر عن أبي رجاء أنه قرأ : وإن تك حسنة يضاعفها بتثقيل العين

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال : بلغني عن أبي هريرة أنه قال : إن الله يجزي المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة ، فأتيته فسألته ، قال : نعم ، وألفي ألف حسنة وفي القرآن من ذلك {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} فمن يدري ما ذلك الإضعاف.
وأخرج ابن جرير عن أبي عثمان النهدي قال : لقيت أبا هريرة فقلت له : بلغني أنك تقول أن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة قال : وما أعجبك من ذلك فوالله لقد سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة {ويؤت من لدنه أجرا عظيما} قال : الجنة.
الآية 41.
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طرق ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي قلت : يا رسول الله أقرأ

عليك وعليك أنزل قال : نعم ، إني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} فقال : حسبك الآن ، فإذا عيناه تذرفان.
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن حريث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود : اقرأ ، قال : أقرأ وعليك أنزل قال : إني أحب أن أسمعه من غيري ، فافتتح سورة النساء حتى بلغ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} الآية ، فاستعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكف عبد الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والبغوي في معجمه والطبراني بسند حسن عن محمد بن فضالة الأنصاري - وكان ممن صحب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في نبي ظفر ومعه ابن مسعود ومعاذ بن جبل وناس من أصحابه فأمر قارئا فقرأ
فأتى على هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} فبكى حتى اضطرب لحياه وجنباه وقال : يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره

وأخرج الطبراني عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} قال : رسولها يشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم {وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا أتى عليها فاضت عيناه.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شهيدا عليهم ما دمت فيهم فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم والله تعالى أعلم.
الآية 42.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {لو تسوى بهم الأرض} يعني أن تستوي الأرض

الجبال عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية يقول : ودوا لو انخرقت بهم الأرض فساخوا فيها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {لو تسوى بهم الأرض} تنشق لهم فيدخلون فيها فتسوي عليهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : أرأيت أشياء تختلف على من في القرآن فقال ابن عباس : ما هو أشك في القرآن قال : ليس شك ولكنه
اختلاف ، قال : هات ما اختلف عليك من ذلك ، قال : أسمع الله يقول (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) وقال {ولا يكتمون الله حديثا} فقد كتموا وأسمعه يقول (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) (المؤمنون الآية 101) ثم قال (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الآية 27) وقال (أئنكم لتكفرون

بالذي خلق الأرض في يومين) (فصلت الآية 9) حتى بلغ (طائعين) فبدأ بخلق الأرض في هذه الآية قبل خلق السماء ثم قال في الآية الأخرى (أم السماء بناها) (النازعات الآية 27) ثم قال (والأرض بعد ذلك دحاها) (النازعات الآية 30) فبدأ بخلق السماء في هذه الآية قبل خلق الأرض وأسمعه يقول (وكان الله عزيزا حكيما) (وكان الله غفورا رحيما) (وكان الله سميعا بصيرا) فكأنه كان ثم مضى ، وفي لفظ ما شأنه يقول (وكان الله) ، فقال ابن عباس : أما قوله (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) فإنهم لما رأوا يوم القيامة وأن الله يغفر لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم فقالوا : والله ربنا ما كنا مشركين فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا.
وَأَمَّا قوله (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) (المؤمنون الآية 101) فهذا في النفخة الأولى (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله) (الزمر الآية 68) فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) (الزمر الآية 68) (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الآية 27).
وَأَمَّا قوله (خلق الأرض في يومين) (فصلت الآية 9) فإن الأرض خلقت قبل
السماء وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض.
وَأَمَّا قوله (والأرض بعد ذلك دحاها) (النازعات الآية 6) يقول : جعل فيها جبلا جعل فيها نهرا جعل فيها شجرا وجعل فيها بحورا.
وَأَمَّا قوله (وكان الله) فإن الله كان ولم يزل كذلك وهو كذلك (عزيز حكيم) (عليم قدير) ثم لم يزل كذلك فما

اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك وإن الله لم ينزل شيئا إلا وقد أصاب به الذي أراد ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال : يا ابن عباس قول الله {يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا} وقوله (والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) فقال له ابن عباس : إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت : ألقي على ابن عباس متشابه القرآن فإذا رجعت إليهم فأخبرهم أن الله جامع الناس يوم القيامة في بقيع واحد ، فيقول المشركون : إن الله لا يقبل من أحد شيئا إلا ممن وحده ، فيقولون : تعالوا نقل ، فيسألهم فيقولون (والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) فيختم على أفواههم وتستنطق به جوارحهم فتشهد عليهم أنهم كانوا مشركين فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سويت بهم ولا يكتمون الله حدثيا.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن حذيفة قال : أتي بعبد آتاه الله مالا فقال له : ماذا عملت في الدنيا - ولا يكتمون الله حديثا - فقال : ما عملت من شيء يا رب إلا أنك آتيتني مالا فكنت أبايع الناس وكان من خلقي أن أنظر

المعسر قال الله : أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي ، فقال أبو مسعود الأنصاري : هكذا سمعت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا يكتمون الله حديثا} قال : بجوارحهم.
الآية 43.
أخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن علي أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل

آخر شربوا الخمر فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ (قل يا أيها الكافرون) (الكافرون الآية 1) فخلط فيها فنزلت {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد صنع علي لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا ثم صلى علي بهم المغرب فقرأ (قل يا أيها الكافرون) (الكافرون الآية 1) حتى خاتمتها فقال : ليس لي دين وليس لكم دين ، فنزلت {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والنسائي والنحاس والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نسخها (إنما الخمر والميسر) (المائدة الآية 90) الآية.
واخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان قبل أن تحرم الخمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : نهوا أن

يصلوا وهم سكارى ثم نسخها تحريم الخمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والنحاس عن ابن عباس في قوله {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نسختها (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) (المائة الآية 6).
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نسخها (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) (المائدة الآية 6).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نشاوى من الشراب {حتى تعلموا ما تقولون} يعني ما تقرؤون في صلاتكم.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : لم يعن بها الخمر إنما عني بها سكر النوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {وأنتم سكارى} قال : النعاس.
وأخرج البخاري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف فلينم حتى يعلم ما يقول

وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن علي في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : نزلت هذه الآية في المسافر تصيبه الجنابة فيتيمم ويصلي ، وفي لفظ قال : لا يقرب الصلاة إلا أن يكون مسافرا تصيبه الجنابة فلا يجد الماء فيتيمم ويصلي حتى يجد الماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طرق عن ابن عباس في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} يقول : لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب إذا وجدتم الماء فإن لم تجدوا الماء فقد أحللت لكم أن تمسحوا بالأرض.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن عباس {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : هو المسافر الذي لا يجد ماء فيتيمم ويصلي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : لا يمر الجنب ولا الحائض في المسجد إنما نزلت {ولا جنبا إلا عابري سبيل} للمسافر يتيمم ثم يصلي ، واخرج عبد الرزاق عن مجاهد في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : مسافرين لا تجدون ماء

وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده والقاضي إسماعيل في الأحكام والطحاوي في مشكل الآثار والباوردي في الصحابة والدارقطني والطبراني وأبو نعيم في المعرفة ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" والضياء المقدسي في المختارة عن الأسلع بن شريك قال : كنت أرحل ناقة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها ثم رضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت به ، فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل} إلى {إن الله كان عفوا غفورا}.
وأخرج ابن سعد وعبد بن جبير ، وَابن جَرِير والطبراني

في سننه من وجه آخر عن الأسلع قال : كنت أخدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأرحل له فقال لي ذات ليلة : يا أسلع قم فارحل لي ، قلت : يا رسول الله أصابتني جنابة ، فسكت عني ساعة حتى جاء جبريل بآية الصعيد فقال : قم يا أسلع فتيمم ثم أراني الأسلع كيف علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التيمم قال : ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض فمسح وجهه ثم ثم ضرب فدلك إحداهما بالأخرى ثم نفضهما ثم مسح بهما ذراعيه ظاهرهما وباطنهما.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس {لا تقربوا الصلاة} قال : المساجد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عطاء بن يسار عن ابن عباس {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا عابري سبيل ، قال : تمر به مرا ولا تجلس.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : إن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون ممرا إلا في المسجد

فأنزل الله هذه الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : هو الممر في المسجد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لا بأس للحائض والجنب أن يمرا في المسجد ما لم يجلسا فيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة قال : الجنب يمر في المسجد ولا يجلس فيه ثم قرأ {ولا جنبا إلا عابري سبيل}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : الجنب يمر في المسجد.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود أنه كان يرخص للجنب أن يمر في المسجد مجتازا وقال {ولا جنبا إلا عابري سبيل}.
وأخرج البيهقي عن أنس في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : يجتاز ولا يجلس

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والبيهقي ، عَن جَابر قال : كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : نزلت في رجل من الأنصار كان مريضا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ ولم يكن له خادم فينا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله هذه الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : هو الرجل المجدور أو به الجراح أو القرح يجنب فيخاف إن اغتسل أن يموت فيتيمم.
وأخرج الحاكم والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس رفعه في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح أوالجدري فيجنب فيخاف إن اغتسل أن يموت فليتيمم.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : هي للمريض تصيبه الجنابة إذا خاف على نفسه الرخصة في التيمم مثل المسافر إذا لم يجد الماء

وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد أنه قال : للمريض المجدور وشبهه رخصة في أن لا يتوضأ وتلا {وإن كنتم مرضى أو على سفر} ثم يقول : هي مما خفي من تأويل القرآن.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال : نال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت {وإن كنتم مرضى} الآية كلها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : المريض الذي قد أرخص له في التيمم هو الكسير والجريح فإذا أصابت الجنابة لا يحل جراحته إلا جراحة لا يخشى عليها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير ومجاهد قالا في المريض تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه : هو بمنزلة المسافر الذي لا يجد الماء يتيمم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : المريض الذي لا يجد أحدا يأتيه بالماء ولا يقدر عليه وليس له خادم ولا عون يتيمم ويصلي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أو جاء أحد

منكم من الغائط} قال : الغائط الوادي.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد ، وَابن أبي شيبة في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي من طرق عن ابن مسعود في قوله {أو لامستم النساء} قال : اللمس ، ما دون الجماع والقبلة منه وفيها الوضوء.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود ، أنه كان يقول في هذه الآية {أو لامستم النساء} هو الغمز.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عمر أنه كان يتوضأ من قبلة المرأة ويقول : هي اللماس.
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر قال : قبلة
الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء

وأخرج الحاكم والبيهقي عن عمر قال : إن القبلة من اللمس فتوضأ منها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : اللمس هو الجماع ولكن الله كنى عنه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {أو لامستم النساء} قال : هو الجماع.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كنا في حجرة ابن عباس ومعنا عطاء بن أبي رباح ونفر من الموالي وعبيد بن عمير ونفر من العرب فتذاكرنا اللماس فقلت أنا وعطاء والموالي : اللمس باليد ، وقال عبيد بن عمير والعرب : هو الجماع ، فدخلت على ابن عباس فأخبرته فقال : غلبت الموالي وأصابت العرب ، ثم قال : إن اللمس والمس والمباشرة إلى الجماع ما هو ولكن الله يكني بما شاء

واخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {أو لامستم النساء} قال : أو جامعتم النساء وهذيل تقول : اللمس باليد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، قال أما سمعت لبيد بن ربيعة حيث يقول : يلمس الاحلاس في منزله * بيديه كاليهودي المصل ، وقال الأعشى : ورادعة صفراء بالطيب عندنا * للمس الندامى من يد الدرع مفتق.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ ((أو لمستم النساء)) قال : يعني ما دون الجماع ، واخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة عن قوله {أو لامستم النساء} فأشار بيده وضم أصابعه كأنه يتناول شيئا يقبض عليه ، قال محمد : ونبئت عن ابن عمر أنه كان إذا مس مخرجه توضأ فظننت أن قول ابن عمر وعبيدة شيئا واحدا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال : اللمس باليد

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة قال : ما دون الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : الملامسة دون الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : الملامسة الجماع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {فتيمموا صعيدا طيبا} قال : تحروا تعمدوا صعيدا طيبا.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {صعيدا طيبا} قال : التي ليس فيها شجر ولا نبات.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس الملائي قال : الصعيد التراب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن بشير في الآية قال : الطيب : ما أتت عليه الأمطار وطهرته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {صعيدا طيبا} قال : حلالا لكم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : إن أطيب الصعيد أرض الحرث.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حماد قال : كل شيء وضعت يدك عليه فهو صعيد حتى غبار لبدك فتيمم به.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل أي الصعيد أطيب قال : أرض الحرث.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي هريرة قال : لما نزلت آية التيمم لم أدر كيف أصنع فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم أجده فانطلقت أطلبه فاستقبلته فلما رآني عرف الذي جئت له فبال ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه.
وأخرج ابن عدي عن عائشة قالت : لما نزلت آية التيمم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على الأرض فمسح بهما وجهه وضرب بيده الأخرى ضربة فمسح بهما كفيه

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن عمار بن ياسر قال : كنت في سفر فأجنبت فتمعكت فصليت ثم ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنما كان يكفيك أن تقول هكذا ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بها وجهه وكفيه
وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : التيمم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال : تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب ثم نفضنا أيدينا فمحسنا بها وجوهنا ثم ضربنا ضربة أخرى ثم نفضنا أيدينا فمحسنا بأيدينا من المرافق إلى الأكف على منابت الشعر من ظاهر وباطن.
وأخرج ابن جرير عن أبي مالك قال : تيمم عمار فمسح وجهه ويديه ولم يمسح الذراع.
وأخرج عن مكحول قال : التيمم ضربة للوجه والكفين إلى الكوع فإن الله قال في الوضوء (وأيديكم إلى المرافق) (المائدة الآية 6) وقال في التيمم {وأيديكم} ولم يستثن فيه كما استثنى في الوضوء إلى المرافق وقال الله (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) (المائدة الآية 38) فإنما تقطع يد السارق من مفصل الكوع.
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال : التيمم إلى الآباط.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمار بن ياسر قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلك عقد لعائشة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضاء الصبح فتغيظ أبو بكر على عائشة فنزلت عليه رخصة المسح بالصعيد فدخل أبو بكر فقال لها : إنك لمباركة نزل فيك رخصة ، فضربنا بأيدينا ضربة لوجهنا وضربة بأيدينا إلى المناكب والآباط ، قال الشافعي : هذا منسوخ لأنه أول تيمم كان حين نزلت آية التيمم فكل تيمم جاء بعده يخالفه فهو له ناسخ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم والبيهقي عن أبي ذر قال : اجتمعت غنيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا ذر ابد فيها فبدوت فيها إلى الربذة وكانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمسة والستة فأتيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقال : الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء ، واخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان الهندي قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : تمسحوا بها فإنها بكم برة يعني الأرض.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال : من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : يتيمم لكل صلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن العاص قال : يتيمم لكل صلاة.
الآيات 44 - 46.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء

اليهود إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال : ارعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام وعابه ، فأنزل الله فيه {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة} إلى قوله {فلا يؤمنون إلا قليلا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} إلى قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال : نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت اليهودي والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وهيب بن الورد قال : قال الله يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك فيمن أمحق وإذا ظلمت فاصبر وارض بنصرتي فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} يعني يحرفون حدود الله في التوراة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

مجاهد في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال : تبديل اليهود التوراة {ويقولون سمعنا وعصينا} قالوا : سمعنا ما تقول ولا نطعيك {واسمع غير مسمع} قال : غير مقبول ما تقول {ليا بألسنتهم} قال : خلافا يلوون به ألسنتهم {واسمع وانظرنا} قال : أفهمنا لا تعجل علينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال : لا يضعونه على ما أنزله الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله {واسمع غير مسمع} يقولون : اسمع لا سمعت ، وفي قوله {وراعنا} قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا سمعك وإنما راعنا كقولك عاطنا ، وفي قوله {ليا بألسنتهم} قال : تحريفا بالكذب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : كان ناس منهم يقولون : اسمع غير مسمع كقولك : اسمع غير صاغر ، وفي قوله {ليا بألسنتهم} قال : بالكلام شبه الاستهزاء {وطعنا في الدين}

قال : في دين محمد عليه السلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك.
الآية 47
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جريروابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد فقال لهم : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق ، فقالوا : ما نعرف ذلك يا محمد ، فأنزل الله فيهم {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا أيها الذين أوتوا الكتاب} الآية ، قال : نزلت في مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {من قبل أن نطمس وجوها} قال : طمسها أن تعمى {فنردها على

أدبارها} يقول : نجعل وجوههم من قبل أقفيتهم فيمشون القهقرى ويجعل لأحدهم عينين في قفاه.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله عز وجل {من قبل أن نطمس وجوها} قال : من قبل أن نمسخها على غير خلقها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول : من يطمس الله عينيه فليس له * نور يبين به شمسا ولا قمرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي إدريس الخولاني قال : كان أبو مسلم الخليلي معلم كعب وكان يلومه في إبطائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثه لينظر أهو هو قال كعب : حتى أتيت المدينة فإذا تال يقرأ القرآن {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها} فبادرت الماء أغتسل وإني لأمس وجهي مخافة أن أطمس ثم أسلمت.
وأخرج ابن جرير عن عيسى بن المغيرة قال : تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب فقال : أسلم كعب في زمان عمر أقبل وهو يريد بيت المقدس فمر على المدينة فخرج إليه عمر فقال : يا كعب أسلم ، قال : ألستم تقرأون في كتابكم (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل

أسفارا) (الجمعة الآية 5) وأنا قد حملت التوراة.
فتركه ثم خرج حتى انتهى إلى حمص فسمع رجلا من أهلها يقرأ هذه الآية {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها} قال كعب : يا رب آمنت يا رب أسلمت مخافة أن تصيبه هذه الآية ، ثم رجع فأتى أهله باليمن ثم جاء بهم مسلمين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {من قبل أن نطمس وجوها} يقول : عن صراط الحق {فنردها على أدبارها} قال : في الضلالة.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : الطمس : أن يرتدوا كفارا فلا يهتدوا أبدا {أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت} أن نجعلهم قردة وخنازير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {فنردها على أدبارها} قال : كان أبي يقول إلى الشام أي رجعت إلى الشام من حيث جاءت ردوا إليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : نطمسها عن الحق {فنردها على أدبارها} على ضلالتها {أو نلعنهم}

يقول سبحانه وتعالى : أو نجعلهم قردة.
الآية 48.
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أيوب الأنصاري قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام قال : وما دينه قال : يصلي ويوحد الله ، قال : استوهب منه دينه فإن أبى فابتعه منه ، فطلب الرجل ذلك منه فأبى عليه فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : وجدته شحيحا على دينه ، فنزلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبزار من طرق عن ابن عمر قال : كنا معشر أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل النفس وآكل مال اليتيم وشاهد الزور وقاطع الرحم حتى نزلت هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأمسكنا عن الشهادة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعنا هذا كففنا عن الشهادة وأرجأنا

الأمور إلى الله.
وأخرج ابن الضريس وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن عدي بسند صحيح عن ابن عمر قال : كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من نبينا صلى الله عليه وسلم {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقال : إني ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا ثم نطقنا بعد ورجونا.
وأخرج ابن المنذر من طريق المعتمر بن سليمان عن سليمان بن عتبة البارقي قال : حدثنا إسماعيل بن ثوبان قال : شهدت في المسجد قبل الداء الأعظم فسمعتهم يقولون (من قتل مؤمنا) (المائدة الآية 32) إلى آخر الآية فقال المهاجرون والأنصار : قد أوجب له النار ، فلما نزلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} قالوا : ما شاء الله يصنع الله ما يشاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : لما نزلت (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ، الزمر الآية 53 الآية ، فقام رجل فقال : والشرك يا نبي الله فكره ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال {إن الله لا يغفر أن يشرك به} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن أبي مجلز قال : لما نزلت هذه الآية (يا عبادي الذين أسرفوا على) (الزمر الآية 53) الآية ، قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على المنبر فتلاها على الناس فقام إليه رجل

قال : والشرك بالله فسكت مرتين أو ثلاثا فنزلت هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأثبتت هذه في الزمر وأثبتت هذه في النساء.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال في هذه الآية : إن الله حرم المغفرة على من مات وهو كافر وأرجأ أهل التوحيد إلى مشئيته فلم يؤيسهم من المغفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن عبد الله المزني {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} قال : ثنيا من ربنا على جميع القرآن.
وأخرج الفريابي والترمذي وحسنه ، عَن عَلِي ، قال : أحب آية إلي في القرآن {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وأخرج ابن جرير عن أبي الجوزاء قال : اختلفت إلى ابن عباس ثلاث عشرة سنة فما من شيء من القرآن إلا سألته عنه ورسولي يختلف إلى عائشة فما سمعته ولا سمعت أحدا من العلماء يقول : إن الله يقول لذنب لا أغفره.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يموت لا يشرك بالله شيئا إلا حلت له المغفرة إن شاء غفر له وإن شاء عذبه إن الله استثنى فقال {إن الله لا يغفر أن يشرك به

ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وأخرج أبو يعلى عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ومن وعده على عمل عقابا فهو بالخيار.
وأخرج الطبراني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذنب لا يغفر وذنب لا يترك وذنب يغفر ، فأما الذي لا يغفر فالشرك بالله وأما الذي يغفر فذنب بينه وبين الله عز وجل وأما الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدواوين عند الله ثلاثة : ديوان لا يعبأ الله به شيئا وديوان لا يترك الله منه شيئا وديوان لا يغفره الله ، فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك قال الله (ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة) (المائدة الآية 72) وقال الله {إن الله لا يغفر أن يشرك به} وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به

فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم تركه أو صلاة تركها فإن الله يغفر ذلك ويتجاوز عنه إن شاء وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فظلم العباد بعضهم بعضا القصاص لا محالة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي ذر قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك
إلا دخل الجنة ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ثلاثا ثم قال في الرابعة : على رغم أنف أبي ذر.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يقول : يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ويا عبدي لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ما لم تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مات لا يعدل بالله شيئا ثم كانت عليه من الذنوب مثل الرمال غفر له.
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات

لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.
وأخرج الطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئا.
وأخرج أحمد عن سلمة بن نعيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء ، قال فخرجت لأنادي بها في الناس فلقيني عمر فقال : ارجع فإن الناس إن علموا بهذه اتكلوا عليها ، فرجعت فأخبرته صلى الله عليه وسلم فقال : صدق عمر.
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : أربع آيات في كتاب الله عز وجل أحب إلي من حمر النعم وسودها في سورة النساء قوله (إن الله لا يظلم مثقال

ذرة) (النساء الآية 40) الآية ، وقوله {إن الله لا يغفر أن يشرك به} الآية ، وقوله (ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم جاؤوك) (النساء الآية 64) الآية وقوله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) (النساء الآية 110) الآية.
الآيتان 49 - 50.
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : إن اليهود قالوا : إن أبناءنا قد توفوا وهم لنا قربة عند الله وسيشفعون لنا ويزكوننا فقال الله لمحمد {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب وكذبوا قال الله : إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له ثم أنزل الله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : يعني يهود كانوا يقدمون صبيانا لهم أمامهم في الصلاة فيؤمونهم يزعمون أنهم لا ذنوب لهم قال :

فتلك التزكية.
وأخرج ابن جرير عن أبي مالك في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : نزلت في اليهود كانوا يقدمون صبيانهم يقولون : ليست لهم ذنوب.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان أهل الكتاب يقدمون الغلمان الذين لم يبلغوا الحنث يصلون بهم يقولون : ليس لهم ذنوب ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : هم اليهود والنصارى (قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه) (المائدة الآية 18) ، (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) (البقرة الآية 111).
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : نزلت في اليهود قالوا : إنا نعلم أبناءنا التوراة صغارا فلا يكون لهم ذنوب وذنوبنا مثل ذنوب أبناءنا ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : إن الرجل ليغدر بدينه ثم يرجع وما

معه منه شيء يلقى الرجل ليس يملك له نفعا ولا ضرا فيقول : والله إنك لذيت وذيت ولعله أن يرجع ولم يجد من حاجته بشيء وقد أسخط الله عليه ثم قرأ {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {ولا يظلمون فتيلا} قال : الفتيل : ما خرج من بين الأصبعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طرق عن ابن عباس قال : الفتيل ، هم أن تدلك بين أصبعيك فما خرج منهما فهو ذلك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : النقير : النقرة تكون في النواة التي تنبت منها النخلة والفتيل : الذي يكون على شق النواة والقطمير : القشر الذي يكون على النواة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الفتيل : الذي في

الشق الذي في بطن النواة.
وأخرج الطستي ، وَابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {ولا يظلمون فتيلا} قال : لا ينقصون من الخير والشر مثل الفتيل هو الذي يكون في شق النواة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول : يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو * ثم لا يرزأ الأعادي فتيلا وقال الأول أيضا : أعاذل بعض لومك لا تلحي * فإن اللوم لا يغني فتيلا.
وَأخرَج ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير : الذي يكون في وسط النواة في ظهرها والفتيل : الذي يكون في جوف النواة ويقولون : ما يدلك فيخرج من وسخها والقطمير : لفافة النواة أو سحاة البيضة أو سحاة القصبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية الجدلي : هي ثلاث في النواة : القطمير وهي قشرة النواة والنقير الذي غابت في وسطها والفتيل الذي

رأيت في وسطها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : قالت يهود : ليس لنا ذنوب إلا كذنوب أولادنا يوم يولدون فإن كانت لهم ذنوب فإن لنا ذنوبا فإنما نحن مثلهم ، قال الله {انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا}.
الآيات 51 - 53.
أخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : قدم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم : أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب فأخبرونا عنا وعن محمد قالوا : ما أنتم وما محمد قالوا : ننحر الكوماء ونسقس اللبن على الماء ونفك العناة ونسقي الحجيج ونصل الأرحام ، قالوا : فما محمد قالوا صنبور قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار ، قالوا : لا بل أنتم خير منهم وأهدى سبيلا ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} إلى آخر الآية

وأخرجه سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة مرسلا.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش : أنت خير أهل المدينة وسيدهم قال : نعم ، قالوا : ألا ترى إلى هذا المنصبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية قال : أنتم خير منه ، فأنزلت (إن شائنك هو الأبتر) (الكوثر الآية 3) وأنزلت {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} إلى قوله {نصيرا}.
واخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن عكرمة أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش فاستجاشهم على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يغزوه وقال : إنا معكم نقاتله ، فقالوا : إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم فإن أردت أن تخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل ، ثم قالوا : نحن أهدى أم محمد فنحن ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء ونصل الرحم ونقري الضيف ونطوف بهذا البيت ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده ، قال : بل أنتم خير

وأهدى ، فنزلت فيه {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : أنزلت في كعب بن الأشرف قال : كفار قريش أهدى من محمد عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن السدي عن أبي مالك قال : لما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود من النضير ما كان حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين فهموا به وبأصحابه فاطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة فعاهدهم على محمد فقال له أبو سفيان : يا أبا سعيد إنكم قوم تقرأون الكتاب وتعلمون ونحن قوم لا نعلم فأخبرنا ديننا خير أم دين محمد قال كعب : اعرضوا علي دينكم ، فقال أبو سفيان : نحن قوم ننحر الكوماء ونسقي الحجيج الماء ونقري الضيف ونحمي بيت ربنا ونعبد آلهتنا التي كان يعبد أباؤنا ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه ، قال : دينكم خير من دين محمد فاثبتوا عليه ألا ترون أن محمدا يزعم أنه بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء وما نعلم ملكا أعظم من ملك النساء ، فذلك حين يقول {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا} الآية

وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق وأبو رافع والربيع بن أبي الحقيق وعمارة ووحوح بن عارم وهودة بن قيس ، فأما وحوح بن عامر وهودة فمن بني وائل وكان سائرهم من بني النضير فلما قدموا على قريش قالوا : هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد فسألوهم فقالوا : بل دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه ومن
اتبعه ، فأنزل الله فيهم {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} إلى قوله {ملكا عظيما}.
وأخرج البيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر في تاريخه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : لما كان من أن أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما كان اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان بها وقال : لا أعين عليه ولا أقاتله ، فقيل له بمكة : يا كعب أديننا خير أم دين محمد وأصحابه قال : دينكم خير وأقدم ودين محمد حديث ، فنزلت فيه {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في كعب بن الأشرف وحيي بن

أخطب رجلين من اليهود من بني النضير أتيا قريشا بالموسم فقال لهم المشركون : أنحن أهدى أم محمد وأصحابه فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم فقالا : بل أنتم أهدى من محمد وأصحابه وهما يعلمان أنهما كاذبان إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : الجبت والطاغوت : صنمان.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ورستة في الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : الجبت الساحر والطاغوت الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طرق عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت حيي بن أخطب والطاغوت كعب بن الأشرف

وأخرج ابن جرير عن الضحاك ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت الأصنام والطاغوت الذي يكون بين يدي الأصنام يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت اسم الشيطان بالحبشية والطاغوت كهان العرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : الجبت الشيطان بلسان الحبش والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : الجبت الساحر بلسان الحبشة والطاغوت الكاهن ، واخرج عن أبي العالية قال : الطاغوت الساحر والجبت الكاهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : كنا نحدث أن الجبت شيطان والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق ليث عن مجاهد قال :

الجبت كعب بن الأشرف والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان ، واخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والنسائي ، وَابن أبي حاتم عن قبيصة بن مخارق أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت.
وأخرج رستة في الإيمان عن مجاهد في قوله {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا} قال : اليهود تقول ذاك يقولون : قريش أهدى من محمد وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أم لهم نصيب من الملك} قال : فليس لهم نصيب ولو كان لهم نصيب لم يؤتوا الناس نقيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : لو كان

لهم نصيب من ملك إذن لم يؤتوا محمدا نقيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق خمسة عن ابن عباس قال : النقير : النقطة التي في ظهر النواة.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن النقير قال : ما في شق ظهر النواة ومنه تنبت النخلة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : وليس الناس بعدك في نقير * وليسوا غير أصداء وهام.
وَأخرَج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله {فإذا لا يؤتون الناس نقيرا} ما النقير قال : ما في ظهر النواة قال فيه الشاعر : لقد رزحت كلاب بني زبير * فما يعطون سائلهم نقيرا
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال : هذا النقير ووضع طرف الإبهام على باطن السبابة ثم نقرها.
الآيتان 54 - 55.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد

في قوله {أم يحسدون الناس} قال : هم يهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل الكتاب : زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح فأي ملك أفضل من هذا ، فأنزل الله هذه الآية {أم يحسدون الناس} إلى قوله {ملكا عظيما} يعني ملك سليمان.
وأخرج ابن المنذر عن عطية قال : قالت اليهود للمسلمين : تزعمون أن محمدا أوتي الدين في تواضع وعنده تسع نسوة أي ملك أعظم من هذا فأنزل الله {أم يحسدون الناس} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ، نحوه.
وأخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله {أم يحسدون الناس} قال : نحن الناس دون الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {أم يحسدون الناس} قال : الناس في هذا الموضع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خاصة ، واخرج ابن جرير عن مجاهد {أم يحسدون الناس} قال :

محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : أعطى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بضع وسبعين شابا فحسدته اليهود فقال الله {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال : يحسدون محمدا حين لم يكن منهم وكفروا به.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية {أم يحسدون الناس} قال : أولئك اليهود حسدوا هذا الحي من العرب {على ما آتاهم الله من فضله} بعث الله منهم نبيا فحسدوهم على ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {على ما آتاهم الله من فضله} قال : النبوة.
وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب

وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فقد آتينا آل إبراهيم} سليمان وداود {الكتاب والحكمة} يعني النبوة {وآتيناهم ملكا عظيما} في النساء فما باله حل لأولئك الأنبياء وهم أنبياء أن ينكح داود تسعا وتسعين امرأة وينكح سليمان مائة امرأة لا يحل لمحمد أن ينكح كما نكحوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان في ظهر سليمان مئة رجل وكان له ثلثمائة امرأة وثلثمائة سرية.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد بن كعب قال : بلغني أنه كان لسيلمان ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن همام بن الحارث {وآتيناهم ملكا عظيما} قال : أيدوا بالملائكة والجنود.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {وآتيناهم ملكا

عظيما} قال : النبوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {وآتيناهم ملكا عظيما} قال : النبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد فمنهم من آمن به قال بما أنزل على محمد من يهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فمنهم من آمن به} اتبعه {ومنهم من صد عنه} يقول : تركه فلم يتبعه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : زرع إبراهيم خليل الرحمن وزرع الناس في تلك السنة فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم واحتاج الناس
إليه فكان الناس يأتون إبراهيم فيسألونه منه فقال لهم : من آمن أعطيته ومن أبى منعته ، فمنهم من آمن به فأعطاه من الزرع ومنهم من أبى فلم يأخذ منه ، فذلك قوله {فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة} ومحمد من آل إبراهيم.
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال :

يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة ولا يجتمعان لأحد وتزعمون أن لكم ملكا ، فقال له ابن عباس : أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوة فإن لم نستحقها بالنبوة فبم نستحقها وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما} فالكتاب النبوة والحكمة السنة والملك الخلافة نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد والسنة لنا ولهم جارية وأما قولك زعمنا أن لنا ملكا فالزعم في كتاب الله شك وكل يشهد أن لنا ملكا لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين ولا شهرا إلا ملكنا شهرين ولا حولا إلا ملكنا حولين ، والله أعلم.
الآيتان 56 - 57.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق ثوبر عن ابن عمر في قوله {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} قال : إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودا بيضاء أمثال القراطيس.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند ضعيف من طريق نافع عن ابن عمر قال : قرى ء عند عمر {كلما نضجت

جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب}
فقال معاذ : عندي تفسيرها تبدل في ساعة مائة مرة ، فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال : تلا رجل عند عمر {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} فقال كعب عندي تفسير هذه الآية قرأتها قبل الإسلام ، فقال : هاتها يا كعب فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقناك ، قال : إني قرأتها قبل الإسلام {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة ، فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة {كلما نضجت} وأكلت لحومهم قيل لهم عودوا فعادوا

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن اللحم حتى تفضي النار إلى العظام ويبدلون جلودا غيرها يذيقهم الله شديد العذاب فذلك دائم لهم أبدا بتكذيبهم رسول الله وكفرهم بآيات الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يزيد الحضرمي أنه بلغه في قول الله {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} قال : يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من العذاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأول : أن جلد أحدهم أربعون ذراعا وسنه سبعون ذراعا وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودا غيرها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة بن اليمان قال : أسر إلي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا حذيفة إن في جهنم لسباعا من نار وكلابا من نار وكلاليب من نار وسيوفا من نار وأنه تبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك

الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب كلما قطعوا عضوا عاد مكانه غضا جديدا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : قال أبو مسعود لأبي هريرة : أتدري كم غلظ جلد الكافر قال : لا ، قال : غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : غلظ جلد الكافر أربعون ذراعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن أهل النار يعظمون في النار حتى يصير أحدهم مسيرة كذا وكذا ، وإن ضرس أحدهم لمثل أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {وندخلهم ظلا ظليلا} قال : هو ظل العرش الذي لا يزول.
الآية 58.
أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : لما فتح رسول الله

صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن أبي طلحة فلما أتاه قال : أرني المفتاح ، فأتاه به فلما بسط يده إليه قدم العباس فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجعله لي مع السقاية ، فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرني المفتاح يا عثمان ، فبسط يده يعطيه فقال العباس مثل كلمته الأولى ، فكف عثمان يده ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح ، فقال : هناك بأمانة الله ، فقام ففتح باب الكعبة فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما للمشركين - قاتلهم الله - وما شأن إبراهيم وشأن القداح ثم دعا بجفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه ثم غمس بها تلك التماثيل.
وَأخرَج مقام إبراهيم وكان في الكعبة ثم قال : يا أيها الناس هذه القبلة ثم خرج فطاف بالبيت ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} النساء الآية 58 حتى فرغ من الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة ودخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع
إليه المفتاح قال : وقال عمر بن الخطاب : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة وهو يتلو هذه الآية - فداؤه

أبي وأمي - ما سمعته يتلوها قبل ذلك.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ، يعني حجابة الكعبة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} الآية ، قال : أنزلت هذه الآية في ولاة الأمر وفيمن ولي من أمور الناس شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : نزلت في الأمراء خاصة {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وأن

يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : يعني السلطان يعطون الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : هي مسجلة للبر والفاجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : هذه الأمانات فيما بينك وبين الناس في المال وغيره.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : إن القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة يجاء بالرجل يوم القيامة وإن كان قتل في سبيل الله فيقال له : أد أمانتك ، فيقول : من أين وقد ذهبت الدينا فيقال : انطلقوا به إلى الهاوية فينطلق فتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه في

قعر جهنم فيحملها فيصعد بها حتى إذا ظن أنه خارج بها فهزلت من عاتقه فهوت وهوى معها أبد الآبدين ، قال زاذان : فأتيت البراء بن عازب فقلت : أما سمعت ما قال أخوك ابن مسعود قال : صدق إن الله يقول {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} والأمانة في
الصلاة والأمانة في الغسل من الجنابة والأمانة في الحديث والأمانة في الكيل والوزن والأمانة في الدين وأشد ذلك في الودائع.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : إنه لم يرخص لموسر ولا لمعسر.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية عن الحسن أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول : أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.
وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي صالح عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك

وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم : من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اتئمن خان.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا وضوء له.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة طعمة.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة فسلوهما الله عز وجل.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمر قال : لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا صيامه وانظروا إلى صدق حديثه إذا حدث وإلى أمانته إذا ائتمن وإلى

ورعه إذا أشفى.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب ، مثله.
وأخرج عن ميمون بن مهران قال : ثلاثة تؤدين إلى البر والفاجر : الرحم توصل كانت برة أو فاجرة والأمانى تؤدى إلى البر والفاجر والعهد يوفى به للبر والفاجر.
وأخرج عن سفيان بن عيينة قال : من لم يكن له رأس مال فليتخذ الأمانة رأس ماله.
وأخرج عن أنس قال : البيت الذي تكون فيه خيانة لا تكون فيه البركة.
وأخرج أبو داود ، وَابن حبان ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن أبي يونس قال : سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات} إلى قوله {كان سميعا بصيرا} ويضع إبهاميه على أذنيه والتي تليها على عينه ويقول : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها ويضع أصبعيه

وأخرج ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقترى ء هذه الآية {سميعا بصيرا} يقول : بكل شيء بصير.
الآية 59.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} قال : طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة {وأولي الأمر منكم} قال : أولي الفقه والعلم.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} قال : نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في سرية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية وفيها عمار بن ياسر فساروا قبل القوم الذين يريدون فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا وأتاهم ذو العبينتين فأخبرهم فأصبحوا قد

هربوا غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد يسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال : يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا
الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن قومي لما سمعوا بكم هربوا وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدا وإلا هربت فقال عمار : بل هو ينفعك فأقم ، فأقام فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدا غير الرجل فأخذه وأخذ ماله فبلغ عمارا الخبر فأتى خالدا فقال : خل عن الرجل فإنه قد أسلم وهو في أمان مني ، قال : خالد وفيم أنت تجير فاستبا وارتفعا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير ، فاستبا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال خالد : يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا خالد لا تسب عمارا فإنه من سب عمارا سبه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله ومن لعن عمارا لعنه الله ، فغضب عمار فقام فتبعه خالد ختى أخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي ، فأنزل الله الآية وأخرجه ابن عساكر من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس.
وأخرج ابن جرير عن ابن ميمون بن مهران في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : أصحاب السرايا على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

وابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : هم الأمراء منكم ، وفي لفظ : هم أمراء السرايا.
وأخرج ابن جرير عن مكحول في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : هم أهل الآية التي قبلها {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : قال أبي : هم السلاطين قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطاعة الطاعة وفي الطاعة بلاء ، وقال : لو شاء الله لجعل الأمر في الأنبياء ، يعني لقد جعل إليهم والأنبياء معهم ألا ترى حين حكموا في قتل يحيى بن زكريا.
وأخرج البخاري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسمعوا وأطيعوا وإن

استعمل عليكم حبشي كان رأسه زبيبة.
وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال : اعبدوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله {وأولي الأمر منكم} يعني أهل الفقه والدين وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فأوجب الله طاعتهم على العباد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن عبد الله في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : أولي الفقه وأولي الخير.
وأخرج ابن عدي في الكامل عن ابن عباس في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : أهل العلم

وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وأولي الأمر} قال : هم الفقهاء والعلماء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وأولي الأمر} قال : أصحاب محمد أهل العلم والفقه والدين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن أبي العالية في قوله {وأولي الأمر} قال : هم أهل العلم ألا ترى أنه يقول (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلم الذين يستنبطونه منهم) (النساء الآية 83).
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وأولي الأمر} قال : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الدعاة الرواة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن عكرمة في قوله {وأولي الأمر} قال : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي {وأولي الأمر} قال : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وَابن مسعود

وأخرج سعيد بن منصور عن عكرمة أنه سئل عن أمهات الأولاد فقال : هن أحرار ، فقيل له بأي شيء تقوله قال : بالقرآن ، قالوا بماذا من القرآن قال : قول الله {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وكان عمر من أولي الأمر قال : أعتقت كانت مسقطا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فمن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سيليكم بعدي ولاة فيليكم البر ببره والفاجر بفجره فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلهم ولكم وإن أساءوا فلكم وعليهم.
وأخرج أحمد عن أنس أن معاذا قال : يا رسول الله أرأيت إن كانت علينا

أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمر في أمرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمن لم يطع الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو يعلى ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم عن أبي سعيد الخدري قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن بجزر على بعث أنا فيهم فلما كنا ببعض الطرق أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي - وكان من أصحاب بدر وكان به دعابة - فنزلنا ببعض الطريق وأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم فقال لهم : أليس لي عليكم السمع والطاعة قالوا : بلى ، قال : فما أنا آمركم بشيء إلا صنعتموه قالوا : بلى ، قال : أعزم بحقي وطاعتي لما تواثبتم في هذه النار ، فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واثبون قال : احبسوا أنفسكم إنما كنت أضحك معهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدموا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أمركم بمعصية فلا تطيعوه.
وأخرج ابن الضريس عن الربيع بن أنس قال : مكتوب في الكتاب

الأول : من رأى لأحد عليه طاعة في معصية الله فلن يقبل الله عمله ما دام كذلك ومن رضي أن يعصي الله فلن يقبل الله عمله ما دام كذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا طاعة في معصية الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : كان عمر إذا استعمل رجلا كتب في عهده : اسمعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : اسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدع ، إن ضرك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن أراد أمرا ينتقص

دينك فقل : دمي دون ديني.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سفيان قال : خطبنا ابن الزبير فقال : إنا قد ابتلينا بما قد ترون فما أمرناكم بأمر لله فيه طاعة فلنا عليكم فيه السمع والطاعة وما أمرناكم من أمر ليس لله فيه طاعة فليس لنا عليكم فيه طاعة ولا نعمة عين.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن أم الحصين الأحمسية قالت : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يخطب وعليه برد متلفعا به وهو يقول : إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : حق على المسلمين أن يسمعوا ويطيعوا ويجيبوا إذا دعوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال : لا طاعة لبشر في معصية الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لبشر

في معصية الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، قال : فأغضبوه في شيء فقال : اجمعوا لي حطبا ، فجمعوا له حطبا ، قال : أوقدوا نارا ، فأوقدوا نارا ، قال : ألم يأمركم أن تسمعوا له وتطيعوا قالوا : بلى ، قال : فادخلوها ، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فسكن غضبه وطفئت النار فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف.
وأخرج الطبراني عن الحسن أن زياد استعمل الحكم بن عمرو الغفاري على جيش فلقيه عمران بن الحصين فقال : هل تدري فيم جئتك أما تذكر أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لما بلغه الذي قال له أميره : قم فقع في النار فقام الرجل ليقع فيها فادلك فأمسك فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لو وقع فيها لدخل النار لا طاعة في معصية الله قال : بلى ، قال : فإنما أردت أن أذكرك هذا الحديث

وأخرج البخاري في تاريخه والنسائي والبيهقي في الشعب عن الحارث الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آمركم بخمس أمرني الله بهن : الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله ، فمن فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع.
وأخرج البيهقي عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أطيعوا أمراءكم فإن أمروكم بما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم وإن أمروكم بما لم آتكم به فهو عليهم وأنتم برآء من ذلك إذا لقيتم الله قلتم : ربنا لا ظلم ، فيقول : لا ظلم ، فتقولون : ربنا أرسلت إلينا رسولا فأطعناه بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك فيقول : صدقتم هو عليهم وأنتم منه برآء.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود ، فقال رجل : أنقاتلهم يا رسول الله قال : لا ، ما أقاموا الصلاة

وأخرج البيهقي عن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها ، قلنا : فما تأمرنا يا رسول الله قال : أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم.
وأخرج أحمد عن أبي ذر قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وليس بمقبول منه حتى يسد ثلمته التي ثلم : وليس بفاعل ثم يعود فيكون فيمن يعزه ، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تغلب على ثلاث : أن نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر ونعلم الناس السنن.
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله ولا وجه له عنده.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي عبيدة بن الجراح قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تسبوا السطان فإنهم فيء الله في أرضه.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أنس بن مالك قال : أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نسب أمراءنا ولا نغشهم ولا نعصيهم وأن نتقي الله ونصبر فإن الأمر قريب

وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال : لا يصلح اللناس إلا أمير بر أو فاجر ، قالوا : هذا البر فكيف بالفاجر قال : إن الفاجر يؤمن الله به السبل ويجاهد به العدو ويجيء به الفيء ويقام به الحدود ويحج به البيت ويعبد الله فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد فيقوله {فإن تنازعتم في شيء} قال : فإن تنازع العلماء {فردوه إلى الله والرسول} قال : يقول : فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله ، ثم قرأ (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء الآية 82).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ميمون بن مهران في الآية قال : الرد إلى الله الرد إلى كتابه ، والرد إلى رسوله ما دام حيا فإذا قبض فإلى سنته.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والسدي ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ذلك خير وأحسن تأويلا} يقول : ذلك أحسن ثوابا وخير عاقبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

مجاهد في قوله {وأحسن تأويلا} قال : أحسن جزاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وأحسن تأويلا} قال : عاقبة.
الآيات 60 – 63
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناس من المسلمين ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} إلى قوله {إحسانا وتوفيقا}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الجلاس بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية ، فأنزل الله فيهم {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي قال : كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة - وفي لفظ : ورجل ممن زعم أنه مسلم - فجعل

اليهودي يدعوه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم ثم اتفقا على أن يتحاكما إلى كاهن في جهينة ، فنزلت {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية ، إلى قوله {ويسلموا تسليما}.
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال : زعم حضرمي أن رجلا من اليهود كان قد أسلم فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق ، فقال اليهودي له : انطلق إلى نبي الله ، فعرف أنه سيقضي عليه فأبى فانطلقا إلى رجل من الكهان فتحاكما إليه ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار ورجل من اليهود في مدارأة كانت بينهما في حق تدارآ فيه فتحاكما إلى كاهن كان بالمدينة وتركا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب الله ذلك عليهما وقد حدثنا أن اليهودي كان يدعوه إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يعلم أنه لا يجوز عليه وكان يأبى عليه الأنصاري الذي زعم أنه مسلم ، فأنزل الله فيهما ما تسمعون عاب ذلك على الذي زعم أنه مسلم وعلى صاحب الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني النضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم فإذا قتل رجل من بني

قريظة قتلته النضير أعطوا ديته ستين وسقا من تمر فلما أسلم أناس من قريظة والنضير قتل رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة فتحاكموا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النضيري : يا رسول الله إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم الدية فقالت قريظة : لا ولكنا إخوانكم في النسب والدين ودماؤنا مثل دمائكم ولكنكم كنتم تغلبونا في الجاهلية فقد جاء الإسلام فأنزل الله تعالى يعيرهم بما فعلوا فقال (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) يعيرهم ثم ذكر قول النضيري : كنا نعطيهم في الجاهلية ستين وسقا ونقتل منهم ولا يقتلون منا فقال (أفحكم الجاهلية يبغون) (المائدة الآية 50) فأخذ النضيري فقتله بصاحبه ، فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير : نحن أقرب منكم ، وقالت قريظة : نحن أكرم منكم ، فدخلوا المدينة إلى أبي برزة الكاهن الأسلمي فقال المنافقون من قريظة والنضير : انطلقوا بنا إلى أبي برزة ينفر بيننا فتعالوا إليه فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي برزة وسألوه فقال : أعظموا اللقمة ، يقول : أعظموا الخطر ، فقالوا لك عشرة أوساق قال : لا بل مائة وسق ديتي فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني قريظة أو أنفر قريظة فتقتلني النضير ، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} إلى قوله {ويسلموا تسليما}

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال : الطاغوت ، رجل من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليحكم بينهم قالوا : بل نحاكمهم إلى كعب ، فذلك قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال المنافق : اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف وقال اليهودي : اذهب بنا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية ، واخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : كان رجلان من أصاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهما خصومة أحدهما مؤمن والآخر منافق فدعاه المؤمن إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ، فأنزل الله {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا}.
وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية قال : نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف

ثم إنهما احتكما إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق ، وقال : تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب ، فقال اليهودي لعمر : قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه ، فقال للمنافق : أكذلك قال : نعم ، فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما ، فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال : هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله : فنزلت.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال : هو كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : الطاغوت والشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت التي كانوا يتحاكون إليها قال : إن في جهينة واحدا وفي أسلم
واحدا وفي هلال واحدا وفي كل حي واحدا وهم كهان تنزل عليهم الشياطين ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول} قال : دعا المسلم المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم

وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله {يصدون عنك صدودا} قال : الصدود : الإعراض.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {فكيف إذا أصابتهم مصيبة} في أنفسهم وبين ذلك ما بينهما من القرآن هذا من تقديم القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {أصابتهم مصيبة} يقول : بما قدمت أيديهم في أنفسهم وبين ذلك ما بين ذلك قل لهم قولا بليغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم} قال : عقوبة لهم بنفاقهم وكرههم حكم الله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فأعرض عنهم} ذلك لقوله {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا}.
الآية 64.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} قال : واجب لهم أن يطيعهم من شاء الله لا يطيعهم أحد إلا بإذن الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله !

{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم} الآية قال : هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الاستغفار على نحوين : أحدهما في القول والآخر في العمل ، فأما استغفار القول فإن الله يقول {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول} وأما
استغفار العمل فإن الله يقول (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (الأنفال الآية 33) فعنى بذلك أن يعملوا عمل الغفران ولقد علمت أن أناسا سيدخلون النار وهم يستغفرون الله بألسنتهم ممن يدعي بالإسلام ومن سائر الملل.
الآية 65.
أخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والبيهقي من طريق الزهري أن عروة بن الزبير حدث عن الزبير بن العوام : أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة كانا

يسقيان به كلاهما النخل ، فقال الأنصاري : سرح الماء يمر ، فأبى عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ، فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله إن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك ، واسترعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصاري فلما أحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم فقال الزبير : ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} الآية.
وأخرج الحميدي في مسنده وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت : خاصم الزبير رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى للزبير ، فقال الرجل : إنما قضى له لأنه ابن عمته ، فأنزل الله {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} الآية

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {فلا وربك لا يؤمنون} الآية ، قال : أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء فقضى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {فلا وربك لا يؤمنون} قال : نزلت في اليهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {فلا وربك} الآية ، قال : هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي مثله إلا أنه قال : إلى الكاهن.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود قال : اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما فقال الذي قضي عليه : ردنا إلى عمر بن الخطاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم انطلقا إلى عمر ، فلما أتيا عمر قال الرجل : يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا فقال : ردنا إلى عمر فردنا إليك ، فقال : أكذلك قال : نعم ، فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال : ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر فارا إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قتل عمر - والله - صاحبي ولولا أني أعجزته لقتلني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كنت اظن أن يجترى ء عمر على قتل مؤمنين فأنزل الله {فلا وربك لا يؤمنون} الآية ، فهدر دم ذلك الرجل وبرأ عمر من قتله فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم) (النساء الآية 66) إلى قوله (وأشد تثبيتا).
وأخرج الحافظ دحيم في تفسيره عن عتبة بن ضمرة عن أبيه أن رجلين اختصما إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقضى للمحق على المبطل ، فقال المقضي عليه : لا أرضى ، فقال صاحبه : فما تريد قال : أن تذهب إلى أبي بكر الصديق ، فذهبا إليه فقال : أنتما على ما قضى به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأبى أن يرضى قال : نأتي عمر ، فأتياه فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله وأنزل الله {فلا وربك} الآية.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن مكحول قال : كان بين رجل من المنافقين ورجل من المسلمين منازعة في شيء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى على المنافق فانطلقا إلى أبي بكر فقال : ما كنت لأقضي بين من

يرغب عن قضاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقا إلى عمر فقصا عليه فقال عمر : لا تعجلا حتى أخرج إليكما فدخل فاشتمل على السيف وخرج فقتل المنافق ثم قال : هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله ، فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عمر قد قتل الرجل وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر ، فسمي الفاروق.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {فيما شجر بينهم} قال : فيما أشكل عليهم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت زهيرا وهو يقول : متى تشتجر قوم تقل سراتهم * هم بيننا فهم رضا وهو عدل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حرجا} قال : شكا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر في قوله {حرجا} قال : إثما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت هذه الآية قال الرجل الذي خاصم الزبير وكان من الأنصار : سلمت

وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد الخدري أنه نازع الأنصار في الماء من الماء فقال لهم : أرأيت لو أني علمت أن ما تقولون كما تقولون وأغتسل أنا فقالوا له : لا والله حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم.
الآيات 66 - 68.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} هم يهود يعني والعرب كما أمر أصحاب موسى عليه السلام أن يقتل بعضهم بعضا بالخناجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان في قوله {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم}
قال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وفيه أيضا {وآتوا حقه يوم حصاده}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من اليهود فقال اليهودي : والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا أنفسنا فقال ثابت : والله لو كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا

فأنزل الله في هذا {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن إسحاق السبيعي قال : لما نزلت {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} الآية ، قال رجل : لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي.
وأخرج ابن المنذر من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن الحسن قال لما نزلت هذه الآية {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} قال ناس من الأنصار : والله لو كتبه الله علينا لقبلنا الحمد لله الذي عافانا ثم الحمد لله الذي عافانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإيمان أثبت في قلوب رجال من الأنصار من الجبال الرواسي.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} قال أناس من الصحابة : لو فعل ربنا ، فبلغ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : للإيمان أثبت في قلوب أهله من الجبال الرواسي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : نزلت {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} قال أبو بكر : يا رسول الله - والله - لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت ، قال : صدقت يا أبا بكر

وأخرج ابن أبي حاتم عن شريح بن عبيد قال لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم} أشار بيده إلى عبد الله بن رواحة فقال : لو أن الله كتب ذلك لكان هذا من أولئك القليل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في الآية قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لو نزلت كان ابن أم عبد منهم.
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان في الآية قال : كان عبد الله بن مسعود من القليل الذي يقتل نفسه.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر : يعني من أولئك القليل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وأشد تثبيتا} قال : تصديقا.
الآيتان 69 - 70.
أخرج الطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والضياء المقدسي في صفة الجنة وحسنه عن عائشة قالت : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال :

يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وإنك لأحب إلي من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت انك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ، فلم يرد عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} الآية.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه من طريق الشعبي عن ابن عباس أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أحبك حتى أذكرك فلولا أني أجيء فأنظر إليك ظننت أن نفسي تخرج وأذكر أني إن دخلت الجنة صرت دونك في المنزلة فيشق علي وأحب أن أكون معك في الدرجة ، فلم يرد عليه شيئا فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} الآية ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الشعبي أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من نفسي وولدي وأهلي ومالي ولولا أني آتيك فأراك لظننت أني سأموت ، وبكى الأنصاري فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : ما أبكاك فقال : ذكرت أنك ستموت ونموت فترفع مع النبيين ونحن إذا دخلنا الجنة كنا دونك ، فلم يخبره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بشيء فأنزل الله على رسوله {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} إلى قوله {عليما} فقال : أبشر يا أبا فلان.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل من الأنصار إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو محزون فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا فلان ما لي أراك محزونا قال : يا نبي الله شيء فكرت فيه فقال : ما هو قال : نحن نغدو عليك ونروح ننظر في وجهك ونجالسك غدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك ، فلم يرد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيئا فأتاه جبريل بهذه الآية {ومن يطع الله والرسول} إلى قوله {رفيقا} قال : فبعث إليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فبشره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدينا فإنك لو قدمت رفعت فوقنا فلم نرك ، فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : أتى فتى

النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله : إن لنا فيك نظرة في الدينا ويوم القيامة لا نراك لأنك في الجنة في الدرجات العلى ، فأنزل الله {ومن يطع الله} الآية ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت معي في الجنة إن شاء الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجالا قالوا : هذا نبي الله نراه في الدينا فأما في الآخرة فيرفع بفضله فلا نراه ، فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} إلى قوله {رفيقا}.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : قال ناس من الأنصار : يا رسول الله إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الربيع أن أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالوا : قد علمنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم له فضل على من آمن به في درجات الجنة ممن تبعه وصدقه فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا فأنزل الله هذه الآية في ذلك فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم : إن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه

وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : كنت أبيت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي : سل ، فقلت : يا رسول الله أسالك مرافقتك في الجنة ، قال : أو غير ذلك قلت : هو ذاك ، قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود.
وأخرج أحمد عن عمرو بن مرة الجهني قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق والديه.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ ألف آية في سبيل الله كتب يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا إن شاء الله.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن ماجه عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبي يمرض إلا خير بين الدينا والآخرة وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة فسمعته يقول {مع الذين أنعم الله عليهم من

النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} فعلمت أنه خير.
وأخرج ابن جرير عن المقداد قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم قلت في أزواجك : إني لأرجو لهن من بعدي الصديقين ، قال : من تعنون الصديقين قلت : أولادنا الذين هلكوا صغارا ، قال : لا ولكن الصديقين هم المصدقون.
الآيات 71 – 76
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله {خذوا حذركم} قال : عدتكم من السلاح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {فانفروا ثبات} قال : عصبا يعني سرايا متفرقين {أو انفروا جميعا} يعني كلكم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {فانفروا ثبات} قال : عشرة فما فوق ذلك ، قال وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت عمرو بن كلثوم التغلبي وهو يقول :

فأما يوم خشيتنا عليهم * فتصبح خلينا عصبا ثباتا.
وَأخرَج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عطاء عن ابن عباس قي سورة النساء {خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا} عصبا وفرقا ، قال : نسخها (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) (الأنعام الآية 141) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ثبات} قال : فرقا قليلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {فانفروا ثبات} قال : هي العصبة وهي الثبة {أو انفروا جميعا} مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {أو انفروا جميعا} أي إذا نفر نبي الله صلى الله عليه وسلم فليس لأحد أن يتخلف عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإن منكم لمن ليبطئن} إلى قوله {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} ما بين ذلك في المنافق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وإن منكم لمن

ليبطئن} قال : هو فيما بلغنا عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين {ليبطئن} قال : ليتخلفن عن الجهاد {فإن أصابتكم مصيبة} من العدو وجهد من العيش {قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا} فيصيبني مثل الذي أصابهم من البلاء والشدة {ولئن أصابكم فضل من الله} يعني فتحا وغنيمة وسعة في الرزق {ليقولن} المنافق وهو نادم في التخلف {كأن لم تكن بينكم وبينه مودة} يقول : كأنه ليس من أهل دينكم في المودة فهذا من التقديم {يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما} يعني آخذ من الغنيمة نصيبا وافرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وإن منكم لمن ليبطئن} عن الجهاد وعن الغزو في سبيل الله {فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا} قال : هذا قول مكذب {ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن} الآية ، قال : هذا قول حاسد ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وإن منكم لمن ليبطئن} قال : المنافق يبطى ء المسلمين عن الجهاد في سبيل الله {فإن أصابتكم مصيبة} قال : بقتل العدو من المسلمين {قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا} قال : هذا قول الشامت {ولئن أصابكم فضل من

الله} ظهر المسلمون على عدوهم وأصابوا منهم غنيمة {ليقولن} الآية ، قال : قول الحاسد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة} يقول : يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فليقاتل} يعني يقاتل المشركين {في سبيل الله} قال : في طاعة الله {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل}
يعني يقتله العدو {أو يغلب} يعني يغلب العدو من المشركين {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} يعني جزاءا وافرا في الجنة فجعل القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين شريكين في الأجر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين} قال : وسبيل المستضعفين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : المستضعفون : أناس مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا منها.
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : أمر المؤمنون أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في قوله {ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} قال : مكة ، واخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة {واجعل لنا من لدنك نصيرا} قالا : حجة ثابتة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة {والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت} يقول في سبيل الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : إذا رأيتم الشيطان فلا تخافوه واحملوا عليه {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} قال مجاهد : كان الشيطان يتراءى لي في الصلاة ، فكنت أذكر قول ابن عباس فأحمل عليه فيذهب عني.
الآية 77

أخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عكرمة عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة ، فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم ، فلما حوله الله إلى المدينة أمره الله بالقتال فكفوا ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : كان أناس من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - وهم يومئذ بمكة قبل الهجرة - يسارعون إلى القتال فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ذرنا نتخذ معاول نقاتل بها المشركين ، وذكر لنا أن عبد الرحمن بن عوف كان فيمن قال ذلك فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال : لم أومر بذلك ، فلما كانت الهجرة وأمروا بالقتال كره القوم ذلك وصنعوا فيه ما تسمعون قال الله تعالى {قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : هم قوم أسلموا قبل أن يفرض عليهم القتال ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم} إلى قوله {لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} ما بين ذلك في يهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم} الآية ، قال : نهى الله هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إلى أجل قريب} قال : هو الموت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {إلى أجل قريب} أي إلى أن يموت موتا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن هشام قال : قرأ الحسن {قل متاع الدنيا قليل} قال : رحم الله عبدا صحبها على ذلك ما الدينا كلها من أولها إلى آخرها إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه فلم ير شيئا

وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : الدنيا قليل وقد مضى أكثر القليل وبقي قليل من قليل.
الآيتان 78 - 79.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أينما تكونوا} قال : من الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {ولو كنتم في بروج مشيدة} يقول في قصور محصنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة {في بروج مشيدة} قال : المجصصة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {في بروج مشيدة} قال : هي قصور بيض في سماء الدنيا مبينة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية {في بروج مشيدة} قال : قصور في السماء ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان في الآية قال : يرون أن

هذه البروج في السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان قبل أن يبعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم امرأة وكان لها أجير فولدت المرأة فقالت لأجيرها : انطلق فاقتبس لي نارا فانطلق الأجير فإذا هو برجلين قائمين على الباب فقال أحدهما لصاحبه : وما ولدت فقال : ولدت جارية ، فقال أحدهما لصاحبه لا تموت هذه الجارية حتى تزني بمائة ويتزوجها الأجير ويكون موتها بعنكبوت ، فقال الأجير : أما والله لأكذبن حديثهما فرمى بما في يده وأخذ السكين فشحذها وقال :
ألا تراني أتزوجها بعدما تزني بمائة ففرى كبدها ورمى بالسكين وظن أنه قد قتلها فصاحت الصبية فقامت أمها فرأت بطنها قد شق فخاطته وداوته حتى برئت ، وركب الأجير رأسه فلبث ما شاء الله أن يلبث وأصاب الأجير مالا فأراد أن يطلع أرضه فينظر من مات منهم ومن بقي فأقبل حتى نزل على عجوز وقال للعجوز : أبغي لي أحسن امرأة في البلد أصيب منها وأعطيها فانطلقت العجوز إلى تلك المرأة وهي أحسن جارية في البلد فدعتها إلى الرجل وقالت : تصيبين منه معروفا فأبت عليها وقالت : إنه قد كان ذاك مني فيما مضى فأما اليوم فقد بدا لي أن لا أفعل ، فرجعت إلى الرجل فأخبرته فقال : فاخطيبها لي ، فخطبها وتزوجهت فأعجب بها ، فلما أنس إليها حدثها حديثه فقالت : والله لئن كنت صادقا لقد حدثتني أمي حديثك وإني لتلك الجارية ، قال : أنت قالت : أنا ، قال :

والله لئن كنت أنت إن بك لعلامة لا تخفى ، فكشف بطنها فإذا هو بأثر السكين فقال : صدقني والله الرجلان والله لقد زنيت بمائة وإني أنا الأجير وقد تزوجتك ولتكونن الثالثة وليكونن موتك بعنكبوت ، فقالت : والله لقد كان ذاك مني ولكن لا أدري مائة أو أقل أو أكثر ، فقال : والله ما نقص واحدا ولا زاد واحدا ثم انطلق إلى ناحية القرية فبنى فيه مخافة العنكبوت فلبث ما شاء الله أن يلبث حتى إذا جاء الأجل ذهب ينظر فإذا هو بعنكبوت في سقف البيت وهي إلى جانبه فقال : والله إني لأرى العنكبوت في سقف البيت ، فقالت : هذه التي تزعمون أنها تقتلني والله لأقتلنها قبل أن تقتلني ، فقام الرجل فزاولها وألقاها فقالت : والله لا يقتلها أحد غيري فوضعت أصبعها عليها فشدختها فطار السم حتى وقع بين الظفر واللحم فاسودت رجلها فماتت وأنزل الله على نبيه حين بعث {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وإن تصبهم حسنة} يقول : نعمة {وإن تصبهم سيئة} قال : مصيبة {قل كل من عند الله} قال : النعم والمصائب ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك} قال : هذه

في السراء والضراء ، وفي قوله {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : هذه في الحسنات والسيئات.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وإن تصبهم حسنة} الآية ، قال : إن هذه الآيات نزلت في شأن الحرب {قل كل من عند الله} قال : النصر والهزيمة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {قل كل من عند الله} يقول : الحسنة والسيئة من عند الله أما الحسنة فأنعم بها عليك وأما السيئة فابتلاك الله بها ، وفي قوله {ما أصابك من حسنة فمن الله} قال : ما فتح الله عليه يوم بدر وما أصاب من الغنيمة والفتح {وما أصابك من سيئة} قال : ما أصابه يوم أحد أن شج في وجهه وكسرت رباعيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف بن عبد الله قال : ما تريدون من القدر ما يكفيكم الآية التي في سورة النساء {وإن تصبهم حسنة} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : هذا يوم أحد يقول : ما كانت من

نكبة فبذنبك وأنا قدرت ذلك عليك.
وأخرج سعيد ين منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} وأنا قدرتها عليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : عقوبة بذنبك يا ابن آدم ، قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : لا يصيب رجلا خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : بذنبك كما قال لأهل أحد (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) (التوبة الآية 122) بذنوبكم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد قال : هي في قراءة أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك

واخرج ابن المنذر من طريق مجاهد أن ابن عباس كان يقرأ وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك قال مجاهد : وكذلك في قراءة أبي ، وَابن مسعود.
الآية 80.
أخرج ابن المنذر والخطيب عن ابن عمر قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال : يا هؤلاء ألستم تعلمون أني رسول الله إليكم قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن الله أنزل في كتابه أنه من أطاعني فقد أطاع الله قالوا : بلى نشهد أنه من أطاعك فقد أطاع الله وإن من طاعته طاعتك ، قال : فإن من طاعة الله أن تطيعوني وإن من طاعتي أن تطيعوا أئمتكم وإن صلوا قعودا فصلوا قعودا أجمعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن المنذر عن ربيع بن خثيم قال : حرف وأيما حرف {من يطع الرسول فقد أطاع الله} فوض إليه فلا يأمر إلا بخير.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه سئل عن قوله {فما أرسلناك عليهم حفيظا} قال : هذا أول ما بعثه قال : إن عليك إلا البلاغ ثم جاء بعد هذا يأمره بجهادهم والغلظة عليهم حتى يسلموا.
الآية 81

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {ويقولون طاعة} الآية ، قال : هم أناس كانوا يقولون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم :
آمنا بالله ورسوله ليأمنوا على دمائهم وأموالهم {فإذا برزوا} من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم {بيت طائفة منهم} يقول : خالفوهم إلى غير ما قالوا عنك فعابهم الله فقال {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال : يغيرون ما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ويقولون طاعة} قال : هؤلاء المنافقون الذين يقولون إذا حضروا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأمر قالوا : طاعة فإذا خرجوا غيرت طائفة منهم ما يقول النَّبِيّ {والله يكتب ما يبيتون} يقول : ما يقولون.
وأخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال : غير أولئك ما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} يغيرون ما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {والله

يكتب ما يبيتون} يغيرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {بيت طائفة منهم} قال : هم أهل النفاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال : يغيرون ما عهدوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه {والله يكتب ما يبيتون} قال : يغيرون ما يقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
الآية 82.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {أفلا يتدبرون القرآن} قال : يتدبرون النظر فيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} يقول : إن قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل وإن قول الناس يختلف.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : سمعت

ابن
المنكدر يقول وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} فقال : إنما يأتي الاختلاف من قلوب العباد فأما من جاء من عند الله فليس فيه اختلاف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : إن القرآن لا يكذب بعضه بعضا ولا ينقض بعضه بعضا ما جهل الناس من أمره فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} قال : فحق على المؤمن أن يقول : كل من عند الله يؤمن بالمتشابه ولا يضرب بعضه ببعض إذا جهل أمرا ولم يعرفه أن يقول : الذي قال الله حق ويعرف أن الله لم يقل قولا وينقص ينبغي أن يؤمن بحقيقة ما جاء من عند الله.
الآية 83.
أخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال : لما اعتزل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصا ويقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق نساءه ، ونزلت هذه الآية في {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي

الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر ، وأحرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} يقول : أفشوه وسعوا به {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} يقول : لعلمه الذين يتجسسونه منهم.
وأخرج ابن جريج ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} قال : هذا في الإخبار إذا غزت سرية من المسلمين خبر الناس عنها فقالوا : أصاب المسلمين من عدوهم كذا
وكذا وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا فأفشوه بينهم من غير أن يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هو يخبرهم به ، قال ابن جريج : قال ابن عباس : {أذاعوا به} أعلنوه وأفشوه {ولو ردوه إلى الرسول} حتى يكون هو الذي يخبرهم به {وإلى أولي الأمر منهم} أولي الفقه في الدين والعقل.
وأخرج ابن جريج ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وإذا جاءهم أمر من

الأمن أو الخوف} يقول : إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم أو أنهم خائفون منه أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوهم أمرهم {ولو ردوه إلى الرسول} يقول : ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وإلى أولي الأمر منهم} يقول : إلى أميرهم حتى يتكلم به {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} يعني عن الأخبار وهم الذين ينقرون عن الأخبار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وإذا جاءهم أمر} قال : هم أهل النفاق.
وأخرج ابن جرير عن أبي معاذ مثله.
وأخرج عن ابن زيد في قوله {أذاعوا به} قال : نشروه ، قال : والذين أذاعوا به قوم إما منافقون وإما آخرون ضعفاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم} يقول : إلى علمائهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : الولاة الذين يكونون في

الحرب عليهم يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر أصدق أم كذب.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال : الذين يتبعونه ويتجسسونه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال : الذين يسألون عنه ويتجسسونه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال : قولهم ماذا كان وما سمعتم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طريق سعيد عن قتادة قال : إنما هو {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك إلا قليلا منهم {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان}

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة في قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} يقول : لاتبعتم الشيطان كلكم.
وَأَمَّا قوله {إلا قليلا} فهو لقوله {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} إلا قليلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان} قال : فانقطع الكلام ، وقوله {إلا قليلا} فهو في أول الآية يخبر عن المنافقين قال {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} إلا قليلا ، يعني بالقليل المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : هذه الآية مقدمة ومؤخرة إنما هي ? {أذاعوا به إلا قليلا منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير > ?.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} قال : هم أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانوا حدثوا أنفسهم بأمر من أمور الشيطان إلا طائقة منهم.
الآية 84

أخرج ابن سعد عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثت إلى الناس كافة فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم فإن لم يستجيبوا لي فإلي وحدي.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم عن أبي إسحاق قال : قلت للبراء : الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة قال : لا إن الله بعث رسوله وقال {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} إنما ذلك في النفقة.
وأخرج ابن مردويه عن البراء قال : لما نزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين}
قال لأصحابه : قد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي سنان في قوله {وحرض المؤمنين} قال : عظهم.
وأخرج ابن المنذر عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات

يوم : ألا هل مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور تلألأ وريحانه تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة كثيرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة في مقام أبدا في خير ونضرة ونعمة في دار عالية سليمة بهية ، قالوا : يا رسول الله نحن المشمرون لها ، قال : قولوا : إن شاء الله ثم ذكر الجهاد وحض عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عبد البر في التمهيد عن سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة سمعته يقرؤها {عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا} قال سفيان : وهي قراءة ابن مسعود هكذا {عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والله أشد بأسا وأشد تنكيلا} يقول : عقوبة.
الآية 85.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {من يشفع شفاعة حسنة} الآية ، قالشفاعة بعض الناس لبعض

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : من يشفع شفاعة حسنة كان له أجرها وإن لم يشفع لأن الله يقول {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها} ولم يقل يشفع.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : من يشفع شفاعة حسنة كتب له أجره ما جرت منفعتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{يكن له نصيب منها} قال : حظا منها ، وفي قوله {كفل منها} قال : الكفل هو الإثم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي والربيع في قوله {كفل منها} قالا : الحظ.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : الكفل والنصيب واحد وقرأ {يؤتكم كفلين من رحمته}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {وكان الله على كل شيء مقيتا} قال :

حفيظا.
وأخرج أبو بكر ابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني في الكبير والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق ساله عن قوله {مقيتا} قال : قادرا مقتدرا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول أحيحة بن ألأنصاري : وذي ضغن كففت النفس عنه * وكنت على مساءته مقيتا.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل عن عبد الله بن رواحة أنه سأله رجل عن قول الله {وكان الله على كل شيء مقيتا} قال : يقيت كل إنسان بقدر عمله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مقيتا} قال : شهيدا .

وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد : (مقيتا) . قال : شهيدا، حسيبا ، حفيظا . حسيبا حفيظا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {مقيتا} قال : قادرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : المقيت القدير.
وأخرج عن ابن زيد مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : المقيت الرزاق.
الآيتان 86 – 87
أخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه بسند حسن عن سلمان الفارسي قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله فقال : وعليك ورحمة الله ثم أتى آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، فقال : وعليك ورحمة الله وبركاته ثم جاء آخر فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فقال له : وعليك ، فقال له الرجل : يا نبي الله - بأبي أنت وأمي - أتاك فلان

وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال : إنك لم تدع لنا شيئا قال الله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} فرددناها عليك.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال : سلام عليكم ، فقال : عشر حسنات ، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال : عشرون حسنة ، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : ثلاثون حسنة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : جاء رجل فسلم فقال : السلام عليكم ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : عشر ، فجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : عشرون ، فجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : ثلاثون.
وأخرج البيهقي عن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال : السلام عليكم كتب الله له عشر حسنات فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله

كتب الله له عشرين حسنة فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثين حسنة.
وأخرج أحمد والدرامي وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن عمران بن حصين أن رجلا جاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم ، فرد عليه وقال : عشر ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فرد عليه ثم جلس فقال : عشرون ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد عليه ثم جلس فقال : ثلاثون.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني قال : جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم بمعناه زاد ثم أتى آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ورحمته وبركاته ومغفرته ، فقال : أربعون ، قال : هكذا تكون الفضائل.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} يقول : إذا سلم عليك أحد فقل أنت : وعليك السلام ورحمة الله أو تقطع إلى السلام عليك كما قال لك

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطاء في قوله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} قال : ذلك كله في أهل الإسلام.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان إذا سلم عليه إنسان رد كما يسلم عليه يقول : السلام عليكم ، فيقول عبد الله : السلام عليكم.
وأخرج البيهقي أيضا عن عروة بن الزبير أن رجلا سلم عليه فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال عروة ما ترك لنا فضل إن السلام انتهى إلى وبركاته.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن سالم مولى عبد الله بن عمر قال : كان ابن عمر إذا سلم عليه فرد زاد فأتيته فقلت : السلام عليكم ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله ثم أتيته مرة أخرى فقلت : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم أتيته مرة أخرى فقلت : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطيب صلواته

وأخرج البيهقي من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله {فحيوا بأحسن منها} قال : تقول إذا سلم عليك أخوك المسلم فقال : السلام عليك ، فقل : السلام عليكم ورحمة الله {أو ردوها} يقول : إن لم تقل له السلام عليك ورحمة الله فرد عليه كما قال : السلام عليكم كما سلم ولا تقل وعليك.
وأخرج ابن المنذر من طريق يونس بن عبيد عن الحسن في الآية قال {بأحسن منها} للمسلمين {أو ردوها} على أهل الكتاب قال : وقال الحسن : كل ذلك للمسلم ، وأخرح ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله يقول {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}

وأخرج البخاري في الأدب ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : لو أن فرعون قال لي : بارك الله فيك ، لقلت : وفيك بارك الله.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد ، وَابن جَرِير عن الحسن قال : السلام تطوع والرد فريضة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض : فأفشوه بينكم وإذا مر رجل بالقوم فسلم عليهم فردوا كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأفضل.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن مسعود ، موقوفا.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أنس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوا السلام بينكم.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن السلام اسم

من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : السلام اسم من أسماء الله فإذا أنت أكثرت منه أكثرت من ذكر الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن السلام اسم من أسماء الله جعله بين خلقه فإذا سلم المسلم على المسلم قفد حرم عليه أن يذكره إلا بخير.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفشوا السلام بينكم فإنها تحية أهل الجنة فإذا مر رجل على ملأ فسلم عليهم كان له عليهم درجة وإن ردوا عليه فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم الملائكة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي بكر الصديق قال : السلام أمان الله في الأرض.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بدأ بالسلام فهو أولى بالله ورسوله

وأخرج البخاري في الأدب ، وَابن مردويه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين ، ولفظ ابن مردويه قال : إن اليهود قوم حسد وإنهم لن يحسدوا أهل الإسلام على أفضل من السلام أعطانا الله في الدينا وهو تحية أهل الجنة يوم القيامة وقولنا وراء الإمام آمين.
وأخرج البيهقي عن الحارث بن شريح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المسلم أخو المسلم إذا لقيه رد عليه من السلام بمثل ما حياه به أو أحسن من ذلك وإذا استأمره نصح له وإذا استنصره على الأعداء نصره وإذا استنعته قصد السبيل يسره ونعت له وإذا استغاره أحد على العدو أغاره وإذا استعاره الحد على المسلم لم يعره وإذا استعاره الجنة أعاره لا يمنعه الماعون ، قالوا : يا رسول الله وما الماعون قال : الماعون في الحجر والماء والحديد ، قالوا : وأي الحديد قال : قدر النحاس وحديد الفاس الذي تمتهنون به ، قالوا : فما هذا الحجر قال : القدر من الحجارة.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا التقى المؤمنان فسلم كل واحد منهما على صاحبه وتصافحا كان أحبهما إلى

الله أحسنهما بشرا لصاحبه ونزلت بينهما مائة رحمة للبادي تسعون وللمصافح عشر.
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت منطلق الوجه.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل ذمتنا.
وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير وإذا مر بالقوم فسلم منهم واحدا أجزأ عنهم وإذا رد من الآخرين واحد أجزأ عنهم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمرو قال : مر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البيهقي عن سعيد بن أبي هلال الليثي قال : سلام الرجل يجزي عن القوم ورد السلام يجزي عن القوم

وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : إني لأرى جواب الكتاب حقا كما أرى حق السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها} قال : ترون هذا في السلام وحده هذا في كل شيء من أحسن إليك فأحسن إليه وكافئه فإن لم تجد فادع له أو أثن عليه عند إخوانه.
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله {إن الله كان على كل شيء} يعني من التحية وغيرها {حسيبا} يعني شهيدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {حسيبا} قال : حفيظا.
الآيتان 88 - 89.
أخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين : فرقة تقول : نقتلهم ، وفرقة تقول : لا ، فأنزل الله {فما لكم في

المنافقين فئتين} الآية كلها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن ابن سعد بن معاذ الأنصاري أن هذه الآية أنزلت فينا {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : من لي بمن يؤذيني ويجمع لي في بيته من يؤذيني فقام سعد بن معاذ فقال : إن كان منا يا رسول الله قتلناه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فأطعناك ، فقام سعد بن عبادة فقال : ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن عرفت ما هو منك ، فقام أسيد بن حضير فقال : إنك يا ابن عبادة منافق تحب المنافقين ، فقام محمد بن مسلمة فقال : استكوا أيها الناس فإن فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأمرنا فننفذ لأمره ، فأنزل الله {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال :

إن قوما كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام وكانوا يظاهرون المشركين فخرجوا من مكة يطلبون
حاجة لهم فقالوا : إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا فيهم بأس وإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة قالت فئة من المؤمنين : اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم وقالت فئة أخرى من المؤمينن : سبحان الله ، تقتلون قوما قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم تستحل دماؤهم وأموالهم فكانوا كذلك فئتين والرسول عندهم لا ينهى واحد من الفريقين عن شيء ، فنزلت {فما لكم في المنافقين فئتين} إلى قوله {حتى يهاجروا في سبيل الله} يقول : حتى يصنعوا كما صنعتم {فإن تولوا} قال : عن الهجرة.
وأخرج أحمد بسند فيه انقطاع عن عبد الرحمن بن عوف أن قوما من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة حماها فأركسوا خرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة فقالوا لهم : ما لكم رجعتم قالوا : أصابنا وباء المدينة فقالوا : ما لكم في رسول الله أسوة حسنة ، فقال بعضهم : نافقوا ، وقال بعضهم : لم ينافقوا إنهم مسلمون ، فأنزل الله {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سلمة عن عبد الرحمن أن نفرا

من طوائف العرب هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثوا معه ما شاء الله أن يمكثوا ثم ارتكسوا فرجعوا إلى قومهم فلقوا سرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفوهم فسألوهم : ما ردكم فاعتلوا لهم فقال بعض القوم لهم : نافقتم فلم يزل بعض ذلك حتى فشا فيهم القول فنزلت هذه الآية {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فما لكم في المنافقين فئتين} قال : قوم خرجوا من مكة حتى جاؤوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ثم ارتدوا بعد ذلك فاستأذنوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها فاختلف فيهم المؤمنون فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون فبين الله نفاقهم فأمر بقتلهم فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين محمد عليه السلام حلف وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين أو يقاتل قومه فدفع عنهم بأنهم يؤمون هلالا وبينه وبين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عهد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فما لكم في المنافقين فئتين}
قال : ذكر لنا أنهما كانا رجلين من قريش كانا مع المشركين بمكة وكانا قد تكلما بالإسلام ولم يهاجرا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلقيهما ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما مقبلان إلى مكة فقال بعضهم : إن دماءهما وأموالهما حلال ، وقال بعضهم : لا يحل ذلك لكم ، فتشاجروا فيهما

فأنزل الله {فما لكم في المنافقين فئتين} حتى بلغ {ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم}.
وأخرج ابن جرير عن معمر بن راشد قال : بلغني أن ناسا من أهل مكة كتبوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنهم قد أسلموا أو كان ذلك منهم كذبا فلقوهم فاختلف فيهم المسلمون فقالت طائفة : دماءهم حلال ، وطائفة قالت : دماءهم حرام ، فأنزل اله {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : هم ناس تخلفوا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأقاموا بمكة وأعلنوا الإيمان ولم يهاجروا فاختلف فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ من ولايتهم آخرون وقالوا : تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يهاجروا فسماهم الله منافقين وبرأ المؤمنين من ولايتهم وأمرهم أن لا يتولوهم حتى يهاجروا.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة فقالوا للمؤمنين : إنا قد أصابنا أوجاع في المدينة واتخمناها فلعلنا أن نخرج إلى الظهر حتى نتماثل ثم نرجع فإنا كنا أصحاب برية ، فانطلقوا واختلف فيهم أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت طائفة : أعداء الله منافقون وددنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا فقاتلناهم ، وقالت طائفة : لا بل إخواننا تخمتهم المدينة

فاتخموها فخرجوا إلى الظهر يتنزهون فإذا برئوا رجعوا ، فأنزل الله في ذلك {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : أخذ ناس من المسلمين أموالا من المشركين فانطلقوا بها تجارا إلى اليمامة فاختلف المسلمون فيهم فقالت طائفة : لو لقيناهم قتلناهم وأخذنا ما في أيديهم ، وقال بعضهم : لا يصلح لكم ذلك إخوانكم انطلقوا تجارا ، فنزلت هذه الآية {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد في قوله {فما لكم في المنافقين فئتين}
قال : هذا في شأن ابن أبي حين تكلم في عائشة ما تكلم فنزلت إلى قوله {فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله} فقال سعد بن معاذ : فإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله منه ، يريد عبد الله بن أبي بن سلول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال : كيف ترون في الرجل يخاذل

بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسيء القول لأهل رسول الله وقد برأها الله ثم قرأ ما أنزل الله في براءة عائشة فنزل القرآن في ذلك {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية ، فلم يكن بعد هذه الآية ينطق ولا يتكلم فيه أحد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {والله أركسهم} يقول : أوقعهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس {أركسهم} قال : ردهم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قول {أركسهم} قال : حبسهم في جهنم بما عملوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول أمية بن الصلت في شعره : أركسوا في جهنم أنهم كانوا عتاة * يقولوا مينا وكذبا وزورا [ البيت مكسور وفيه خطأ ]

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {أركسهم بما كسبوا} قال : أهلكهم بما عملوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {أركسهم} قال : أضلهم.
الآية 90
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال : لما ظهر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج فأتيته فقلت : أنشدك النعمة ، فقالوا : مه ، فقال : دعوه ما تريد قلت : بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام وإن لم يسلموا لم تخشن لقلوب قومك عليهم ، فأخذ

رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد فقال : اذهب معه فافعل ما يريد فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسلموا معهم ومن وصل إليهم من الناس كانوا على مثل عهدهم ، فأنزل الله {ودوا لو تكفرون} حتى بلغ {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} فكان من وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} يقول : إذا أظهروا كفرهم فاقتلوهم حيث وجدتموهم فإن أحد منهم دخل في قوم بينكم وبينهم ميثاق فأجروا عليه مثل ما تجرون على أهل الذمة.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس

والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {إلا الذين يصلون إلى قوم} الآية ، قال : نسختها براءة (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {حصرت صدورهم} قال : عن هؤلاء وعن هؤلاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي {أو جاؤوكم} يقول : رجعوا فدخلوا فيكم {حصرت صدورهم} يقول : ضاقت صدورهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ {حصرت صدورهم} أي كارهة صدورهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع {وألقوا إليكم السلم} قال : الصلح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس

عن قتادة في
قوله {فإن اعتزلوكم} الآية ، قال : نسختها (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5).
وأخرج ابن جرير عن الحسن وعكرمة في هذه الآية قالا : نسخها في براءة.
الآية 91.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ستجدون آخرين} الآية ، قال : ناس من أهل مكة كانوا يأتون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصالحوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} يقول : كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنة أركسوا فيها وذلك أن الرجل كان يوجد قد تكلم بالإسلام فيتقرب إلى العود والحجر وإلى العقرب والخنفساء فيقول المشركون لذلك المتكلم بالإسلام : قل هذا ربي

للخنفساء والعقرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ستجدون آخرين} الآية ، قال : حي كانوا بتهامة قالوا : يا نبي الله لا نقاتلك ولا نقاتل قومنا وأرادوا أن يأمنوا نبي الله ويأمنوا قومهم فأبى الله ذلك عليهم فقال {كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} يقول : كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : ثم ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمن في المسلمين والمشركين بنقل الحديث بين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
والمشركين فقال {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة} يقول : إلى الشرك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} قال : كلما ابتلوا بها عموا فيها.
الآية 92.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} يقول : ما كان له ذلك فيما آتاه

من ربه من عهد الله الذي عهد إليه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} قال : المؤمن لا يقتل مؤمنا.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان الحرث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج مهاجرا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فنزلت {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} الآية ، فقرأها عليه ثم قال له قم فحرر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} قال : عياش بن أبي ربيعة : قتل رجلا
مؤمنا كان يعذبه هو وأبو جهل وهو أخوه لأمه في اتباع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعياش يحسب أن ذلك الرجل كافر كما هو وكان عياش هاجر إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مؤمنا فجاءه أبو جهل وهو أخوه لأمه

فقال : إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها - وهي أميمة بنت مخرمة - فأقبل معه فربطه أبو جهل حتى قدم به مكة فلما رآه الكفار زادهم كفرا وافتتانا فقالوا : إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء ويأخذ أصحابه فيربطهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي في قوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} الآية ، قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان قد أسلم وهاجر إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكان عياش أخا أبي جهل والحارث بن هشام لأمهما وكان أحب ولدها إليها فلما لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم شق ذلك عليها فحلفت أن لا يظلها سقف بيت حتى تراه فأقبل أبو جهل والحارث حتى قدما المدينة فأخبرا عياشا بما لقيت أمه وسألاه أن يرجع معهما فتنظر إليه ولا يمنعاه أن يرجع وأعطياه موثقا أن يخليا سبيله بعد أن تراه أمه ، فانطلق معهما حتى إذا خرجا من المدينة عمدا إليه فشداه وثاقا وجلداه نحو من مائة جلدة وأعانهما على ذلك رجل من بني كنانة فحلف عياش ليقتلن الكناني إن قدر عليه فقدما به مكة فلم يزل محبوسا حتى فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فخرج عياش فلقي الكناني وقد أسلم وعياش لا يعلم بإسلام الكناني فضربه عياش حتى قتله ، فأنزل الله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ}

يقول : وهو لا يعلم أنه مؤمن {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا} فيتركوا الدية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه وكان الحارث يومئذ مشركا وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش فلقيه بالمدينة فقتله وكان قتله ذلك خطأ.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن الحارث بن زيد كان شديدا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجاء وهو يريد الإسلام وعياش لا يشعر فلقيه عياش بن أبي ربيعة فحمل عليه فقتله فأنزل الله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ}.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : نزلت في رجل قتله أبو الدرادء كانوا في سرية فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له فوجد رجلا من القوم في غنم له فحمل عليه السيف فقال : لا إله إلا الله ، فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم ثم وجد في نفسه شيئا فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا شققت عن قلبه فقال : ما عسيت أجد ، هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء فقال : فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه ، قال : كيف

بي يا رسول الله قال : فكيف بلا إله إلا الله قال : فكيف بي يا رسول الله قال : فكيف بلا إله إلا الله حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي ، قال : ونزل القرآن {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} حتى بلغ {إلا أن يصدقوا} قال : إلا أن يضعوها.
وأخرج الروياني ، وَابن منده وأبو نعيم معا في المعرفة عن بكر بن حارثة الجهني قال : كنت في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتتلنا نحن والمشركون وحملت على رجل من المشركين فتعوذ مني بالإسلام فقتلته فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فغضب وأقصاني فأوحى الله إليه {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} الآية ، فرضي عني وأدناني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {فتحرير رقبة مؤمنة} قال : يعني بالمؤمنة من قد عقل الإيمان وصام وصلى وكل رقبة في القرآن لم تسم مؤمنة فإنه يجوز المولود فما فوقه ممن ليس به زمانة وفي قوله {ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا} قال : عليه الدية مسلمة إلا أن يتصدق بها عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : في حرف أبي !

{فتحرير رقبة مؤمنة} لا يجري فيها صبي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال : يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة ، فقال لها : أين الله فأشارت إلى السماء بأصبعها فقال لها : من أنا فأشارت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء أي أنت رسول الله فقال : اعتقها فإنها مؤمنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إن
علي رقبة مؤمنة وعندي أمة سوداء ، فقال : ائتني بها فقال : أتشهدين أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قالت : نعم ، قال : أعتقها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له سوداء فقال : يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت : نعم ، قال : أتشهدين أني رسول الله قالت : نعم ، قال : تؤمنين بالبعث بعد الموت قالت : نعم ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة.
وأخرج الطيالسي ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء

والصفات عن معاوية بت الحكم الأسلمي أنه لطم جارية له فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك قال : فقلت : يا رسول الله أفلا أعتقها قال : بلى ائتني بها ، قال : فجئت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : أين الله قالت : في السماء ، قال : فمن أنا قالت : أنت رسول الله ، قال : إنها مؤمنة فأعتقها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله {ودية مسلمة} قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضها مائة من الإبل.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن المنذر عن ابن مسعود قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم دية الخطأ عشرين بنت مخاض وعشرين بني مخاض ذكورا وعشرين بنت لبون وعشرين جذعة وعشرين حقة.
وأخرج أبو داود ، وَابن المنذر عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جعل الدية اثني عشر ألفا.
وأخرج ابن المنذر عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به

مع عمرو بن حزم وفيه وعلى أهل الذهب ألف دينار يعني في الدية.
وأخرج أبو داود ، عَن جَابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وعلى أهل القمح شيئا لم يحفظه محمد بن إسحاق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {ودية مسلمة} قال : موفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {مسلمة إلى أهله} قال : المسلمة التامة.
وأخرج ابن المنذر عن السدي {مسلمة إلى أهله} قال : تدفع {إلا أن يصدقوا} إلا أن يدعوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {مسلمة إلى أهله} أي إلى أهل القتيل {إلا أن يصدقوا} إلا أن يصدق أهل القتيل فيعفوا ويتجاوزوا عن الدية

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ودية مسلمة} يعني يسلمها عاقلة القاتل إلى أهله إلى أولياء المقتول {إلا أن يصدقوا} يعني إلا أن يصدق أولياء المقتول بالدية على القاتل فهو خير لهم فأما عتق رقبة فإنه واجب على القاتل في ماله.
وأخرج ابن جرير عن بكر بن الشرود قال : في حرف أبي إلا أن يتصدقوا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله {ودية مسلمة إلى أهله} قال : هذا المسلم الذي ورثته مسلمون {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : هذا الرجل المسلم وقومه مشركون وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد فيقتل فيكون ميراثه للمسلمين وتكون ديته لقومهم لأنهم يعقلون عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله !

{فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} يقول : فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن فقتله خطأ فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة أو صيام شهرين متتابعين ولا دية عليه وفي قوله {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} يقول : إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : هو المؤمن يكون في العدو من المشركين يسمعون بالسرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفرون ويثبت المؤمن فيقتل ففيه تحرير رقبة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عكرمة عن ابن عباس {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن}
قال : يكون الرجل مؤمنا وقومه كفار فلا دية له ولكن تحرير رقبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طريق عطاء بن السائب عن أبي عياض قال : كان الرجل يجيء فيسلم ثم يأتي قومه وهم مشركون فيقيم فيهم فتغزوهم جيوش النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيقتل الرجل فيمن يقتل ، فأنزلت هذه الآية {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير

رقبة مؤمنة} وليست له دية ، واخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس في قوله {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : كان الرجل يأتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يرجع إلى قومه فيكون فيهم وهم مشركون فيصيبه المسلمون خطأ في سرية أو غارة فيعتق الذي يصيبه رقبة وفي قوله {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : كان الرجل يكون معاهدا وقومه أهل عهد فيسلم إليهم ديته ويعتق الذي أصابه رقبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : نزلت في مرداس بن عمرو وكان أسلم وقومه كفار من أهل الحرب فقتله أسامة بن زيد خطأ {فتحرير رقبة مؤمنة} ولا دية لهم لأنهم أهل الحرب.
وأخرج ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الشعبي في قوله {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : من أهل العهد وليس بمؤمن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن زيد {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : وهو مؤمن.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : هو كافر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : عهد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله} قال : بلغنا أن دية المعاهد

كانت كدية المسلم ثم نقصت بعد في آخر الزمان فجعلت مثل نصف دية المسلم وإن الله أمر بتسليم دية المعاهد إلى أهله وجعل معها تحرير رقبة مؤمنة.
وأخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال : إن الإبل قد غلت ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه عن أبي بكرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام وما من عبد يقتل نفسا معاهدة إلا حرم الله عليه الجنة ورائحتها أن يجدها

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن ماجه والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ألا من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد خفر ذمة الله ولا يرح ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن سعيد بن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : دية أهل الكتاب أربعة آلاف درهم ودية المجوس ثمانمائة.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم قال : الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين} قال : من لم يجد عتقا في

قتل مؤمن خطأ ، قال : وأنزلت في عياش بن أبي ربيعة قتل مؤمنا خطأ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فمن لم يجد} قال : فمن لم يجد رقبة فصيام شهرين.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {فمن لم يجد فصيام شهرين} قال : الصيام لمن لا يجد رقبة وأما الدية فواجبة لا يبطلها شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق أنه سئل عن الآية التي في سورة النساء {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين} صيام الشهرين عن الرقبة وحدها أو عن الدية والرقبة قال : من لم يجد فهو عن الدية والرقبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه سئل عن صيام شهرين متتابعين قال : لا يفطر فيها ولا يقطع صيامها فإن فعل من غير مرض ولا عذر استقبل صيامها جميعا فإن عرض له مرض أو عذر صام ما بقي

منهما فإن مات ولم يصم أطعم عنه ستون مسكينا لكل مسكين مد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فصيام شهرين متتابعين} تغليظا وتشديدا من الله قال : هذا في الخطأ تشديد من الله.
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله {توبة من الله} يعني تجاوزا من الله لهذه الأمة حين جعل في قتل الخطأ كفارة ودية {وكان الله عليما حكيما} يعني حكم الكفارة لمن قتل خطأ ثم صارت دية العهد والموادعة لمشركي العرب منسوخة نسختها الآية التي في براءة (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5) وقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا يتوراث أهل ملتين.
الآية 93.
أخرج ابن جريج ، وَابن المنذرمن طريق ابن جريج عن عكرمة أن رجلا من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة فأعطاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها ثم وثب

على قاتل أخيه فقتله ، قال ابن جريج وقال غيره : ضرب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ديته على بني النجار ثم بعث مقيسا وبعث معه رجلا من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم فاحتمل مقيس الفهري - وكان رجلا شديدا - فضرب به الأرض ورضخ رأسه بين حجرين ثم ألقى يتغنى :
قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب قارع فأخبر به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أظنه قد أحدث حدثا أما والله لئن كان فعل لا أومنه في حل ولا حرم ولا سلم ولا حرب فقتل يوم الفتح ، قال ابن جريج : وفيه نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} قال : نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني وذلك أنه أسلم وأخوه هشام بن ضبابة وكانا بالمدينة فوجد مقيس أخاه هشاما ذات يوم قتيلا في الأنصار في بني النجار فانطلق إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من قريش من بني فهر ومعه مقيس إلى بني النجار - ومنازلهم يومئذ بقباء - أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك وإلا فادفعوا إليه الدية ، فلما جاءهم الرسول قالوا : السمع والطاعة لله وللرسول والله ما نعلم له قاتلا ولكن نؤدي إليه الدية فدفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه فلما انصرف مقيس والفهري راجعين من

قباء إلى المدينة وبينهما ساعة عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله وارتد عن الإسلام وركب جملا منها وساق معه البقية ولحق بمكة وهو يقول في شعر له : قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب قارع وأدركت ثأري واضطجعت موسدا * وكنت إلى الأوثان أول راجع فنزلت فيه بعد قتل النفس وأخذ الدية وارتد عن الإسلام ولحق بمكة كافرا {ومن يقتل مؤمنا متعمدا}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، مثله سواء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير والطبراني من طريق سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال : نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} هي آخر ما نزل وما نسخها شيء.
وأخرج أحمد وسعيد بن منصور

والنسائي ، وَابن ماجه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والطبراني من طريق سالم بن أبي
الجعد عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال : أرأيت رجلا قتل رجلا متعمدا قال {فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} قال : لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى قال : وأنى له بالتوبة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ثكلته أمه رجل قتل رجلا متعمدا يجيء يوم القيامة آخذا قاتله بيمينه أو بيساره وآخذا رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في قبل العرش يقول : يا رب سل عبدك فيم قتلني.
وأخرج الترمذي وحسنه من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما يقول : يا رب قتلني هذا حتى يدنيه من العرش قال : فذكروا لابن عباس التوبة فتلا هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} قال : ما نسخت هذه الآية ولا بدلت وأنى له التوبة

وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جري عن سعيد بن جبير قال : قال لي عبد الرحمن بن أبزي : سل ابن عباس عن قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} فقال : لم ينسخها شيء وقال في هذه الآية (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) الآية ، قال : نزلت في أهل الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير والحاكم ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير أن عبد الرحمن بن أبزي سأله : أن يسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين التي في النساء {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} إلى آخر الآية والتي في الفرقان (ومن يفعل ذلك يلق أثاما) (الفرقان الآية 68) الآية ، قال : فسألته فقال : إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم لا توبة له وأما التي في الفرقان فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة : فقد عدلنا بالله وقتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق وأتينا الفواحش فما نفعنا الإسلام فنزلت (إلا من تاب) (الفرقان الآية 70) الآية ، فهي لأولئك

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : سمعت ابن عباس يقول : نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} بعد قوله (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا) (الفرقان الآية 70) بسنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نزلت هذه الاية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} بعد التي في سورة الفرقان بثماني سنين وهي قوله (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) إلى قوله (غفورا رحيما) (الفرقان الآية 70).
وأخرج ابن جرير والنحاس والطبراني عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة قال : لا ، فقرأت عليه الآية التي في الفرقان (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) فقال هذه الآية مكية نسختها آية مدينة {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن زيد بن ثابت قال : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر يعني {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} بعد

(إن الله لا يغفر أن يشرك به) (النساء الآية 48).
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} بعد قوله (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) إلى آخر الآية.
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير والنحاس والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي عن زيد بن ثابت قال : نزلت الآية التي في سورة النساء بعد الآيات التي في سورة الفرقان بستة أشهر.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : لما نزلت هذه الآية في الفرقان (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 78) الآية ، عجبنا للينها فلبثنا سبعة أشهر ثم نزلت التي في النساء {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك قال : بينهما ثماني سنين التي في النساء بعد التي في الفرقان

وأخرج سمويه في فوائده عن زيد بن ثابت قال : نزلت هذه التي في النساء بعد قوله (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء الآية 48) بأربعة أشهر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله لأن الله يقول {فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : هما المبهمتان : الشرك والقتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن مسعود في قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} قال : هي محكمة ولا تزداد إلا شدة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن كردم أن أبا هريرة ، وَابن عباس ، وَابن عمر سئلوا عن الرجل يقتل مؤمنا متعمدا فقالوا : هل تستطيع أن لا تموت هل تستطيع أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء أو تحييه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن ميناء

قال : كنت جالسا بجنب أبي هريرة إذ أتاه رجل فسأله عن قاتل المؤمن هل له من توبة فقال : والذي لا إله إلا هو لا يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي رزين عن ابن عباس قال : هي مبهمة لا يعلم له توبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك قال : ليس لمن قتل مؤمنا توبة لم ينسخها شيء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن ميناء قال : كان بين صاحب لي وبين رجل من أهل السوق لجاجة فأخذ صاحبي كرسيا فضرب به رأس الرجل فقتله وندم وقال : إني سأخرج من مالي ثم أنطلق فأجعل نفسي حبيسا في سبيل الله ، قلت : انطلق بنا إلى ابن عمر نسأله هل لك من توبة فانطلقا حتى دخلنا عليه فقصصت عليه القصة على ما كانت قلت : هل ترى له من توبة قال : كل
واشرب أف قم عني ، قلت : يزعم أنه لم يرد قتله قال : كذب يعمد أحدكم إلى الخشبة فيضرب بها رأس الرجل المسلم ثم يقول : لم أرد قتله كذب كل واشرب ما استطعت أف قم عني ، فلم يزدنا

على ذلك حتى قمنا.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال : قتل المؤمن معقلة.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما.
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن المنذر عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا.
وأخرج ابن المنذر عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو من قتل مؤمنا متعمدا.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعان في قتل مسلم بشطر كلمة يلقى الله يوم يلقاه مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في البعث عن ابن عمر قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعان على دم امرى ء مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة : آيس من رحمة الله.
وأخرج ابن المنذر عن أبي عون قال : إذا سمعت في القرآن خلودا فلا توبة له ، واخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نازلت ربي في قاتل المؤمن في أن يجعل له توبة فأبى علي.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو القاسم بن بشران في أماليه بسند ضعيف عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} قال : هو جزاؤه إن جازاه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقول : جزاؤه جهنم إن جازاه يعني للمؤمن وليس للكافر فإن شاء عفا عن المؤمن وإن شاء عاقب.
وأخرج ابن المنذر من طريق عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس في قوله {فجزاؤه جهنم} قال : هي جزاؤه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

والبيهقي في البعث عن أبي مجلز في قوله {فجزاؤه جهنم} قال : هي جزاؤه فإن شاء الله أن يتجاوز عن جزائه فعل.
وأخرج ابن المنذر عن عون بن عبد الله في قوله {فجزاؤه جهنم} قال : إن هو جازاه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي صالح ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل بن ثوبان قال : جالست الناس قبل الداء الأعظم في المسجد الأكبر فسمعتهم يقولون {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} إلى {عذابا عظيما} قال المهاجرون والأنصار : وجبت لمن فعل هذا النار حتى نزلت (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء الآية 48) فقال المهاجرون والأنصار : ما شاء يصنع الله ما شاء فسكت عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن هشام بن حسان قال : كنا عند محمد بن سيرين فقال له رجل (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) حتى ختم الآية فغضب محمد وقال : أين أنت عن هذه الآية (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) قم عني اخرج عني قال : فأخرج

وأخرج القتبي والبيهقي في البعث عن قريش بن أنس قال : سمعت عمرو بن عبيد يقول : يؤتى بي يوم القيامة فأقام بين يدي الله قيقول لي لم قلت إن القاتل في النار فأقول أنت قلته ثم تلا هذه الآية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) قلت له : وما في البيت أصغر مني أرأيت إن قال لك فإني قد قلت (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) من أين علمت أني لا أشاء أن أغفر قال : فما استطاع أن يرد علي شيئا ، واخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي إسحاق قال أتى رجل عمر فقال لقاتل المؤمن توبة قال : نعم ثم قرأ (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قاتل المؤمن قال : كان يقال : له توبة إذا ندم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة ، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن كردم عن ابن عباس قال : أتاه رجل فقال : ملأت حوضي أنتطر طميتي ترد علي فلم أستيقظ إلا ورجل أشرع ناقته فتلم الحوض وسال الماء

فقمت فزعا فضربته بالسيف فقتلته فقال : ليس هذا مثل الذي قال فأمره بالتوبة ، قال سفيان : كان أهل العلم إذا سئلوا قالوا : لا توبة له ، فإذا ابتلى به رجل قالوا : كذبت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن جعفر قال : كفارة القتل القتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنحاس عن سعد بن عبيدة أن ابن عباس كان يقول : لمن قتل مؤمنا توبة ، قال : فجاءه رجل فسأله ألمن قتل مؤمنا توبة قال : لا إلا النار ، فلما قام الرجل قال له جلساؤه : ما كنت هكذا تفتينا كنت تفتينا أن لمن قتل مؤمنا توبة مقبولة فما شأن هذا اليوم قال : إني أظنه رجل يغضب يريد أن يقتل مؤمنا فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك.
وأخرج النحاس عن نافع وسالم أن رجلا سأل عبد الله بن عمر كيف ترى في رجل قتل قتل رجلا عمدا قال : أنت قتلته قال : نعم ، قال : تب إلى الله يتب عليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم قال : ليس للقاتل توبة إلا أن يقاد منه أو يعفى عنه أو تؤخذ منه الدية

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سفيان قال : بلغنا أن الذي يقتل متعمدا فكفارته أن يقيد من نفسه أو أن يعفى عنه أو تؤخذ منه الدية فإن فعل به ذلك رجونا أن تكون كفارته ويستغفر ربه فإن لم يفعل من ذلك شيئا فهو في مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء لم يغفر له فقال سفيان : فإذا جاءك من لم يقتل فشدد عليه ولا ترخص له لكي يفرض وإن كان ممن قتل فسألك فأخبره لعله يتوب ولا تؤيسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك قال : لأن أتوب من الشرك أحب إلي من أتوب من قتل المؤمن.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لقي الله لا يشرك به شيئا وأدى زكاة ماله طيبة بها نفسه محتبسا وسمع وأطاع فله الجنة ، وخمس ليس لهن كفارة : الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وبهت مؤمن والفرار من الزحف ويمين صابرة تقتطع بها مالا بغير حق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : إن الرجل ليقتل يوم القيامة ألف قتلة ، قال أبو زرعة : بضروب ما قتل.
وأخرج ابن شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " :أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" .

وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله للدينا وما فيها أهون على الله من قتل مسلم بغير حق.
وأخرج النسائي والنحاس عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لزوال الدينا أهون على الله من قتل رجل مسلم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال : قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدينا.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدينا.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن بريدة عن النَّبِيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال : لا يزل الرجل في فسحة من دينه ما نقيت كفه من الدم فإذا أغمس يده في الدم الحرام نزع حياؤه

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب هذا قتلني ، قال : لم قتلته فيقول لتكون العزة لك ، فيقول : فإنها لي ، ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب قتلني هذا ، فيقول الله : لم قتلت هذا فيقول : قتلته لتكون العزة لفلان ، فيقول : إنها ليست له بؤ بإثمه ، وأخرجه ابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل ، موقوفا.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : يجلس المقتول يوم القيامة فإذا مر الذي قتله قام فأخذه فينطلق فيقول : يا رب سله لم قتلني فيقول : فيم قتلته فيقول : أمرني فلان فيعذب القاتل والآمر.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله جميعا في النار.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن البراء ابن
عازب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لزوال الدينا وما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في

دم مؤمن لأدخلهم الله النار.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قتل بالمدينة قتيل على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يعلم من قتله فصعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : أيها الناس قتل قتيل وأنا فيكم ولا نعلم من قتله ولو اجتمع أهل السماء والأرض على قتل امرى ء لعذبهم الله إلا أن يفعل ما يشاء.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن جندب البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم امرى ء مسلم أن يهرقه كلما تعرض لباب من أبواب الجنة حال بينه وبينه.
وأخرج الأصبهاني عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما فإذا أصاب دما حراما بلح.
وأخرج الأصبهاني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن الثقلين

اجتمعوا على قتل مؤمن لأكبهم الله على مناخرهم في النار وإن الله حرم الجنة على القاتل والآمر.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن رجل من الصحابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قسمت النار سبعين جزءا ، للآمر تسعة وستين وللقاتل جزءا.
وأخرج البيهقي عن محمد بن عجلان قال : كنت بالإسكندرية فحضرت رجلا الوفاة لم نر من خلق الله أحدا كان أخشى لله منه فكنا نلقنه فيقبل كلما لقناه من سبحان الله والحمد لله فإذا جاءت لا إله إلا الله أبى فقلنا له : ما رأينا من خلق الله أحدا كان أخشى لله منك فنلقنك فتلقن حتى إذا جاءت لا إله إلا الله أبيت قال : إنه حيل بيني وبينها وذلك أني قتلت نفسا في شبيبتي.
وأخرج ابن ماحه ، وَابن مردويه والبيهقي عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يلقى الله لا يشرك به شيئا لم يتند بدم حرام إلا أدخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري قال : كنت جالسا عند سالم بن عبد الله في نفر من أهل المدينة فقال رجل : ضرب الأمير آنفا رجلا

أسواطا فمات ، فقال سالم : عاب الله على موسى عليه السلام في نفس كافر قتلها.
وأخرج البيهقي عن شهر بن حوشب أن أعرابيا أتى أبا ذر فقال : إنه قتل حاج بيت الله ظالما فهل له من مخرج فقال له أبو ذر : ويحك ، أحي والداك قال : لا ، قال : فأحدهما قال : لا ، قال : لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك وما أجد لك مخرجا إلا في إحدى ثلاث قال : وما هن قال : هل تستطيع أن تحييه كما قتلته قال : لا والله قال : فهل تستطيع أن لا تموت قال : لا والله ما من الموت بد فما الثالثة قال : هل تستطيع أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فقام الرجل وله صراخ فلقيه أبو هريرة فسأله فقال : ويحك ، حيان والداك قال : لا ، قال : لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك ولكن اغز في سبيل الله وتعرض للشهادة فعسى.
الآية 94.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لحق ناس من المسلمين رجلا معه غنيمة له فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله

فتبينوا} إلى قوله {عرض الحياة الدنيا} قال : تلك الغنيمة ، قال : قرأ ابن عباس {السلام}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والترمذي وحسنه ، وعَبد بن حُمَيد وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يسوق غنما له فسلم عليهم فقالوا : ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا له فقتلوه وأتوا بغنمه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم} الآية.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أضم فخرجت في نفر من المسلمين فيهم

الحرث بن ربعي أبو قتادة ومحلم بن جثامة بن قيس الليثي فخرجنا حتى إذا كنا ببطن أضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه متيع له وقطب من لبن فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه فقتله وأخذ بعيره ومتاعه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} الآية.
وأخرج ابن إسحاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبغوي في معجمه من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي حدرد الأسلمي عن أبيه نحوه وفيه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أقتلته بعدما قال : آمنت بالله فنزل القرآن.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة

مبعثا فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام وكانت بينهم إحنة في الجاهلية فرماه محلم بسهم فقتله فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليستغفر له فقال : لا غفر الله لك ، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه فما مضت به ساعة حتى مات ودفنوه فلفظته الأرض فجاؤوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال : إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله أراد أن يعظكم ثم طرحوه في جبل وألقوا عليه الحجارة فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم} الآية ، واخرج البزار والدارقطني في الإفراد والطبراني عن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير لم يبرح فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فأهوى إليه المقداد فقتله ، فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله والله لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد ، فقال : ادعوا إلي المقداد فقال : يا مقداد أقتلت
رجلا يقول لا إله إلا الله فكيف لك بلا إله إلا الله غدا فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله} إلى قوله {كذلك كنتم من قبل} قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد : كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته

وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر قال : أنزلت هذه الآية {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} في مرداس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الرجل يتكلم بالإسلام ويؤمن بالله والرسول ويكون في قومه فإذا جاءت سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بها حيه - يعني قومه - وأقام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل أنه على دينهم حتى يلقاهم فيلقي إليهم السلام فيقولون : لست مؤمنا وقد ألقى السلم فيقتلونه فقال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} إلى {تبتغون عرض الحياة الدنيا} يعني تقتلونه إرادة أن يحل لكم ماله الذي وجدتم معه وذلك عرض الحياة الدينا فإن عندي مغانم كثيرة والتمسوا من فضل الله ، وهو رجل اسمه مرداس خلى قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها رجل من بني ليث اسمه قليب حتى إذا وصلت الخيل سلم عليهم فقتلوه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله بديته ورد إليهم ماله ونهى المؤمنين عن مثل ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {يا أيها الذين

آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} قال : هذا الحديث في شأن مرداس رجل من غطفان ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك وبه ناس من غطفان وكان مرداس منهم ، ففر أصحابه فقال مرداس : إني مؤمن وعلى متبعكم ، فصبحته الخيل غدوة فلما لقوه سلم عليهم مرداس فتلقاه أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقتلوه وأخذوا ما كان معه من متاع فأنزل الله في شأنه {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} لأن تحية المسلمين السلام بها يتعارفون وبها يحيي بعضهم بعضا.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله} الآية ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها أسامة بن زيد إلى بني ضمرة فلقوا رجلا منهم يدعى مرداس بن نهيك معه غنم له وجمل أحمر فلما
رآهم أوى إلى كهف جبل واتبعه أسامة فلما بلغ مرداس الكهف وضع فيه غنمه ثم أقبل إليهم فقال : السلام عليكم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فشد عليه أسامة فقتله من أجل جمله وغنيمته وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا بعث أسامة أحب أن يثني عليه خير ويسأل عنه أصحابه فلما رجعوا لم يسألهم عنه فجعل القوم يحدثون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويقولون : يا رسول الله لو رأيت أسامة ولقيه رجل فقال الرجل : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشد عليه فقتله وهو معرض عنهم فلما أكثروا عليه رفع رأسه إلى أسامة فقال :

كيف أنت ولا إله إلا الله فقال : يا رسول الله إنما قالها متعوذا تعوذ بها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلا شققت عن قلبه فنظرت إليه ، فأنزل الله خبر هذا وأخبر إنما قتله من أجل جمله وغنمه فذلك حين يقول {تبتغون عرض الحياة الدنيا} فلما بلغ {فمن الله عليكم} يقول : فتاب الله عليكم فحلف أسامة أن لا يقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله بعد ذلك الرجل وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن الحسن أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبوا يتطرقون فلقوا أناسا من العدو فحملوا عليهم فهزموهم فشد رجل منهم فتبعه رجل يريد متاعه فلما غشيه بالسنان قال : إني مسلم إني مسلم ، فأوجره السنان فقتله وأخذ متيعه فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاتل : أقتلته بعد أن قال إني مسلم قال : يا رسول الله إنما قالها متعوذا ، قال : أفلا شققت عن قلبه قال : لم يا رسول الله قال : لتعلم أصادق هو أو كاذب قال : وكنت عالم ذلك يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما كان يعبر عنه لسانه إنما كان يعبر عنه لسانه ، قال : فما لبث القاتل أن مات فحفر له أصحابه

فأصبح وقد وضعته الأرض ثم عادوا فحفروا له فأصبح وقد وضعته الأرض إلى جنب قبره ، قال الحسن : فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كم دفناه مرتين أو ثلاثة كل ذلك لا تقبله الأرض فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا برجليه فألقيناه في بعض تلك الشعاب فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} أهل الإسلام إلى آخر الآية ، قال الحسن : أما والله ما ذاك أن تكون الأرض تجن من هو شر منه ولكن وعظ الله القوم أن لا يعودوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير من طريق معمر عن قتادة في قوله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}
قال : بلغني أن رجلا من المسلمين أغار على رجل من المشركين فحمل عليه فقال له المشرك : إني مسلم أشهد أن لا إله إلا الله فقتله المسلم بعد أن قالها فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال للذي قتله : أقتلته وقد قال لا إله إلا الله فقال وهو يعتذر : يا نبي الله إنما قال متعوذا وليس كذلك ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فهلا شققت عن قلبه ثم مات قاتل الرجل فقبر فلفظته الأرض فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يقبروه ثم لفظته حتى فعل ذلك به ثلاث مرات فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الأرض أبت أن تقبله فألقوه في غار من الغيران ، قال معمر : وقال بعضهم : إن الأرض تقبل من هو شر منه ولكن الله جعله لكم عبرة

وأخرج ابن جرير من طريق أبي الضحى عن مسروق أن قوما من المسلمين لقوا رجلا من المشركين ومعه غنيمة له فقال : السلام عليكم إني مؤمن ، فظنواأنه يتعوذ بذلك فقتلوه وأخذوا عنيمته فأنزل الله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} تلك الغنيمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير قال : خرج المقداد بن الأسود في سرية بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمروا برجل فيه غنيمة له فقال : إني مسالم ، فقتله ابن الأسود فلما قدموا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} قال : الغنيمة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : نزل ذلك في رجل قتله أبو الدرداء فذكر من قصة أبي الدرداء نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد ونزل القرآن {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} فقرأ ، حتى بلغ إلى قوله {إن الله كان بما تعملون خبيرا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} قال : راعي غنم لقيه نفر من المؤمنين فقتلوه وأخذوا ما معه ولم يقبلوا منه السلام عليكم إني مؤمن

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} قال : حرم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد
أن لا إله إلا الله لست مؤمنا كما حرم عليهم الميتة فهو آمن على ماله ودمه فلا تردوا عليه قوله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي رجاء والحسن أنهما كانا يقرآن ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم بكسر السين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد وأبي عبد الرحمن السلمي أنهما كانا يقرآن {لمن ألقى إليكم السلام}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {كذلك كنتم من قبل} قال : تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا الراعي بإيمانه ، وفي لفظ : تكتمون إيمانكم من المشركين {فمن الله عليكم} فأظهر الإسلام فأعلنتم إيمانكم {فتبينوا} قال : وعيد من الله مرتين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {كذلك كنتم من قبل} قال :

كنتم كفارا حتى من الله عليكم بالإسلام وهداكم له.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق {كذلك كنتم من قبل} لم تكونوا مؤمنين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن النعمان بن سالم أنه كان يقول : نزلت في رجل من هذيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {فتبينوا} بالياء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أسامة قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال : لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا إله إلا الله وقتلته قلت : يا رسول الله إنما قالها فرقا من السلاح ، قال : ألا شققت عن قلبه حتى تعلم قالها أم لا ، فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يؤمئذ.
وأخرج ابن سعد عن جعفر بن برقان قال : حدثنا الحضرمي رجل من أهل

اليمامة قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أسامة بن زيد على جيش ، قال أسامة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أحدثه فقلت : فلما انهزم القوم أدركت رجلا
فأهويت إليه بالرمح فقال : لا إله إلا الله فطعنته فقتلته ، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ويحك يا أسامة ، فكيف لك بلا إله إلا الله ويحك يا أسامة ، فكيف لك بلا إله إلا الله فلم يزل يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته واستقبلت الإسلام يومئذ جديدا فلا والله أقاتل أحدا قال لا إله إلا الله بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قال أسامة بن زيد : لا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا ، فقال سعد بن مالك : وأنا - والله - لا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا ، فقال لهما رجل : ألم يقل الله (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (البقرة الآية 193) فقالا : قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن عقبة بن مالك الليثي قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغارت على وقم فأتبعه رجل من السرية شاهرا فقال الشاذ من القوم : إني مسلم فلم ينظر فيما قال فضربه فقتله فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال فيه قولا شديدا فبلغ القاتل ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال القاتل : والله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم قال أيضا : يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأعرض عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم لم يصبر فقال الثالثة : والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه فقال : إن الله أبى علي لمن قتل مؤمنا ثلاث مرارا.
وأخرج الشافعي ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن المقداد بن الأسود قال : قلت : يا رسول الله أرأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين بضربتين فقطع يدي فلما علوته بالسيف قال : لا إله إلا الله أضربه أم أدعه قال : بل دعه ، قلت : قطع يدي قال : إن ضربته بعد أن قالها فهو مثلك قبل أن تقتله وأنت مثله قبل أن يقولها.
وأخرج الطبراني عن جندب البجلي قال : إني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه بشير من سريته فأخبره بالنصر الذي نصر الله سريته وبفتح الله الذي فتح

لهم ، قال : يا رسول الله بينا نحن نطلب القوم وقد هزمهم الله تعالى إذ لحقت رجلا بالسيف فلما خشي أن السيف واقعه وهو يسعى ويقول : إني مسلم إني مسلم ، قال : فقتلته ، فقال : يا رسول الله إنما تعوذ ، فقال : فهلا شققت عن قلبه فنظرت أصادق هو أم كاذب فقال : لو شققت عن قلبه ما كان علمي هل قلبه إلا مضغة من لحم قال : لا ما في قلبه تعلم ولا لسانه صدقت قال : يا رسول الله استغفر لي ، قال : لا أستغفر لك ، فمات ذلك الرجل فدفنوه فأصبح على وجه الأرض ثم دفنوه فأصبح على وجه الأرض ثلاث مرات فلما رأوا ذلك استحيوا وخزوا مما لقي فاحتملوه فألقوه في شعب من تلك الشعاب.
وأخرج أبو نعيم في المعرفة عن جزء بن الحدرجان قال : وفد أخي قداد بن الحدرجان بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بإيمانه وإيمان من أعطى الطاعة من أهل بيته فخرج مهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه في بعض الطريق سرية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال قداد : أنا مؤمن فلم يقبلوه وقتلوه في جوف الليل فبلغنا ذلك فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته وطلبت ثأري فنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ياأيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) الآية فأعطاني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دية أخي ..
الآيتان 95 - 96

أخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه والبيهقي في "سُنَنِه" عن البراء بن عازب قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ادع فلانا ، وفي لفظ : ادع زيدا فجاء ومعه الدواة واللوح والكتف فقال : اكتب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} وخلف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله إني ضرير فنزلت مكانها {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله}.
وأخرج ابن سعد وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي من طريق ابن شهاب قال : حدثني سهل بن سعد الساعدي أن مروان بن الحكم أخبره : أن زيد بن ثابت أخبره : أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها علي فقال : يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى - فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ثم سري عنه فأنزل الله {غير أولي الضرر}

قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح قال : وفي هذا الحديث رواية رجل من الصحابة وهو سهل بن سعد عن رجل من التابعين وهو مروان بن الحكم لم يسمع من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد وأحمد وأبو داوود ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري والطبراني والحاكم وصححه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت قال : كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه : فقال : اكتب ، فكتبت في كتف {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} إلى آخر الآية ، فقال ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - لما سمع فضل المجاهدين : يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اقرأ يا زيد ، فقرأت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتب {غير أولي الضرر} الآية ، قال زيد : أنزلها الله وحدها فألحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف

وأخرج ابن فهر في كتاب الفضائل مالك ، وَابن عساكر من طريق عبد الله بن رافع قال : قدم هارون الرشيد المدينة فوجه البرمكي إلى مالك وقال له : احمل إلي الكتاب الذي صنفته حتى أسمعه منك ، فقال للبرمكي : أقرئه السلام وقل له : إن العلم يزار ولا يزور وإن العلم يؤتى ولا يأتي ، فرجع البرمكي إلى هارون فقال له : يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك فخالفك اعزم عليه حتى يأتيك فإذا بمالك قد دخل وليس معه كتاب وأتاه مسلما فقال : يا أمير المؤمنين إن الله جعلك في هذا الموضع لعلمك فلا تكن أنت أول من يضع العلم فيضعك الله ولقد رأيت من ليس في حسبك ولا بيتك يعز هذا العلم ويجله فأنت أحرى أن تعز وتجل علم ابن عمك ولم يزل يعدد عليه من ذلك حتى بكى هارون ثم قال أخبرني الزهري عن خارجة بن زيد قال : قال زيد بن ثابت : كنت أكتب بيد يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في كتف {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير} ، وَابن أم مكتوم عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قد أنزل الله في فضل الجهاد ما أنزل وأنا رجل ضرير فهل لي من رخصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أدري ، قال زيد بن ثابت : وقلمي رطب ما جف حتى غشي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الوحي ووقع فخذه على فخذي حتى كادت تدق من ثقل الوحي ثم جلى عنه فقال لي : اكتب يا زيد {غير أولي الضرر} فيا أمير المؤمنين حرف واحد بعث به جبريل والملائكة عليهم السلام من مسيرة خمسين ألف عام حتى أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي لي أن أعزه وأجله ،.
وأخرج الترمذي وحسنه النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي

في سننه من طريق مقسم عن ابن عباس أنه قال {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} عن بدر والخارجين إلى بدر لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش ، وَابن أم مكتوم : إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة فنزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهولاء القاعدون غير أولي الضرر {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين} درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مقسم عن ابن عباس أنه قال {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر والخارجين إليها.
وأخرج ابن جرير والطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات عن زيد بن أرقم قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في

سبيل الله} جاء ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله أما لي من رخصة قال : لا ، قال : اللهم إني ضرير فرخص لي ، فأنزل الله {غير أولي الضرر} فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبزار وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني عن الفلتان ابن عاصم قال : كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه وكان إذا أنزل عليه دام بصره مفتوحة عيناه وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من الله قال : فكنا نعرف ذلك منه.
فقال للكاتب : اكتب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فقام الأعمى فقال : يا رسول الله ما ذنبنا فأنزل الله فقلنا للأعمى : إنه ينزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخاف أن يكون ينزل عليه شيء في أمره فبقي قائما يقول : أعوذ بغضب رسول الله فقال للكاتب : اكتب {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فسمع بذلك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قد أنزل الله في الجهاد ما قد

علمت وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أمرت في شأنك بشيء وما أدري هل يكون لك ولأصحابك من رخصة ، فقال ابن أم مكتوم : اللهم إني أنشدك بصري ، فأنزل الله {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني والبيهقي من طريق أبي نضرة عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في قوم كانت تشغلهم أمراض وأوجاع فأنزل الله عذرهم من السماء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن أنس بن مالك قال : نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم {غير أولي الضرر} لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عبد الله بن شداد قال : لما نزلت هذه الآية {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قام ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله إني ضرير كما ترى فأنزل الله {غير أولي الضرر}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية قال عبد الله

بن أم مكتوم : يا نبي الله عذري فأنزل الله {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فقال رجل أعمى : يا نبي الله فإني أحب الجهاد ولا أستطيع أن أجاهد ، فنزلت {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما نزلت هذه الآية قال ابن أم مكتوم : يا رسول الله إني أعمى ولا أطيق الجهاد ، فأنزل الله فيه {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق زياد بن فياض عن أبي عبد الرحمن قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون} قال عمرو بن أم مكتوم : يا رب ابتليتني فكيف أصنع فنزلت {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن سعد ، وَابن المنذر من طريق ثابت عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} قال ابن أم مكتوم : أي رب أين عذري أي رب أين عذري فنزلت {غير أولي الضرر} فوضعت بينها وبين الأخرى فكان بعد ذلك يغزو ويقول : ادفعوا إلي اللواء وأقيموني بين الصفين فإني لن أفر.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزلت في ابن أم مكتوم أربع آيات {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} ونزل فيه (ليس على الأعمى

حرج) (النور الآية 61) ونزل فيه (فإنها لا تعمى الأبصار) (الحج الآية 16) الآية ، ونزل فيه (عبس وتولى) (عبس الآية 1) فدعا به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأدناه وقربه وقال : أنت الذي عاتبني فيك ربي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : لا يستوي في الفضل القاعد عن العدو والمجاهد درجة يعني فضيلة {وكلا} يعني المجاهد والقاعد المعذور {وفضل الله المجاهدين على القاعدين} الذين لا عذر لهم {أجرا عظيما درجات} يعني فضائل {وكان الله غفورا رحيما} بفضل سبعين درجة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {غير أولي الضرر} قال : أهل العذر ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} قال : على أهل الضرر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {وكلا وعد الله الحسنى} أي الجنة والله يؤتي كل ذي فضل فضله.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا

عظيما درجات منه ومغفرة} قال على القاعدين من المؤمنين {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {درجات منه ومغفرة ورحمة} قال : كان يقال : الإسلام درجة والهجرة درجة في الإسلام والجهاد في الهجرة درجة والقتل في الجهاد درجة.
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قول الله تعالى {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه} الدرجات هي السبع لتي ذكرها في سورة براءة (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب) فقرأ حتى بلغ (أحسن ما كانوا يعملون) (التوبة الآية 120 - 121) قال : هذه السبع درجات قال : كان أول شيء فكانت درجة الجهاد مجملة فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه فلما جاءت هذه الدرجات بالتفضيل أخرج منها ولم يكن له منها إلا النفقة فقرأ (لا يصيبهم ظمأ ولا نصب) (التوبة الآية 120) وقال : ليس هذا لصاحب النفقة ثم قرأ (ولا ينفقون نفقة) قال : وهذه نفقة القاعد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن محيريز في قوله {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما

درجات} قال : الدرجات سبعون درجة ما بين الدرجتين عدو الجواد المضمر سبعون سنة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي محلز في قوله {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات} قال : بلغني أنها سبعون درجة بين كل درجتين سبعون عاما للجواد المضمر.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله {درجات منه ومغفرة ورحمة} قال : ذكر لنا أن معاذ بن جبل كان يقول : إن للقتيل في سبيل الله ست خصال من خير : أول دفعة من دمه يكفر بها عنه ذنوبه ويحلى عليه حلة الإيمان ثم يفوز من العذاب ثم يأمن من الفزع الأكبر ثم يسكن الجنة ويزوج من الحور العين.
وأخرج البخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين
الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35