كتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام
المؤلف : محمد بن فراموز الشهير بمنلا خسرو

الْمُصَنِّفِ .
( قَوْلُهُ وَفِي الضَّرُورَةِ بِقَدْرِ الْحَالِ ) قَسِيمٌ لِمَا قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ وَأَطْلَقَ مَا يَقْرَأُ فَشَمِلَ الْفَاتِحَةَ وَغَيْرَهَا لَكِنْ مَثَّلَ فِي الْكَافِي الضَّرُورَةَ لِلْمُسَافِرِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ عَلَى عَجَلَةٍ مِنْ السَّيْرِ أَوْ خَائِفًا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ لِصٍّ وَمَثَّلَ لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ كَانَ فِي السَّفَرِ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَأَيَّ سُورَةٍ شَاءَ وَفِي الْحَضَرِ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ يَقْرَأُ بِقُدْرَةِ مَا لَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ ا هـ قُلْت وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَخْتَصُّ التَّخْفِيفُ لِلضَّرُورَةِ بِالسُّورَةِ فَقَطْ بَلْ كَذَلِكَ الْفَاتِحَةُ كَمَا إذَا اشْتَدَّ خَوْفُهُ مِنْ عَدُوٍّ فَقَرَأَ آيَةً مَثَلًا وَلَا يَكُونُ مُسِيئًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ مِنْ الْحُجُرَاتِ طِوَالٌ ) أَقُولُ هَذَا عَلَى مَا قِيلَ هُوَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنْ الْحُجُرَاتِ ، وَقِيلَ مِنْ سُورَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ الْفَتْحِ أَوْ مِنْ ( ق ) كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ إلَى الْبُرُوجِ ) أَقُولُ ، وَقِيلَ إلَى عَبَسَ ( قَوْلُهُ وَأَوْسَاطُهُ إلَى لَمْ يَكُنْ ) أَقُولُ ، وَقِيلَ أَوْسَاطُهُ مِنْ كُوِّرَتْ إلَى الضُّحَى وَالْبَاقِي قِصَارُهُ ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ .
( تَنْبِيهٌ ) : الْغَايَةُ لَيْسَتْ مِمَّا قَبْلَهَا فَالْبُرُوجُ مِنْ الْأَوْسَاطِ لَا الطِّوَالِ لِمَا قَالَ فِي الْكَافِي وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ { ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَرَأَ فِي الْعَصْرِ فِي الْأُولَى الْبُرُوجَ وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ الطَّارِقِ } .
ا هـ .

( وَمِنْهَا ) أَيْ الْفَرَائِضِ ( الرُّكُوعُ يُكَبِّرُ لَهُ خَافِضًا ) أَيْ مُنْحَطًّا ؛ لِأَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ } ( وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُفْرِجًا أَصَابِعَهُ ) لَا يُنْدَبُ التَّفْرِيجُ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ( بَاسِطًا ظَهْرَهُ ) حَتَّى لَوْ صُبَّ الْمَاءُ عَلَى ظَهْرِهِ لَاسْتَقَرَّ ( لَا رَافِعًا رَأْسَهُ وَلَا مُنَكِّسًا وَيُطَمْئِنُ فِيهِ ) أَيْ الرُّكُوعِ ( مُسَبِّحًا ) أَيْ قَائِلًا سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ مَرَّاتٍ ( ثَلَاثًا هِيَ أَدْنَاهُ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ قَالَ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ وَمَنْ قَالَ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا فَقَدْ تَمَّ سُجُودُهُ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ } وَيُكْرَهُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْهَا ، وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي ثَلَاثًا أَتَمَّهَا فِي رِوَايَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ وَكُلُّ مَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَتْمُ عَلَى وِتْرٍ .
وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يَزِيدُ عَلَى وَجْهٍ يُمِلُّ الْقَوْمَ بِهِ ( ثُمَّ يُسَمِّعُ ) أَيْ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ( رَافِعًا رَأْسَهُ ) مِنْ الرُّكُوعِ ( وَالْإِمَامُ يَكْتَفِي بِهِ ) أَيْ بِالتَّسْمِيعِ ( وَالْمُقْتَدِي ) يَكْتَفِي ( بِالتَّحْمِيدِ ) يَعْنِي رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ .
وَفِي الْمُحِيطِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ أَفْضَلُ لِزِيَادَةِ الثَّنَاءِ ( وَالْمُنْفَرِدُ قِيلَ كَالْمُقْتَدِي ) يَعْنِي يَكْتَفِي بِالتَّحْمِيدِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ هُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيعَ حَثٌّ لِمَنْ مَعَهُ عَلَى التَّحْمِيدِ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ لِيَحُثَّهُ عَلَيْهِ ( وَقِيلَ )

الْمُنْفَرِدُ ( يَجْمَعُهُمَا ) أَيْ التَّسْمِيعَ وَالتَّحْمِيدَ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ هُوَ الْأَصَحُّ ( وَيَقُومُ مُسْتَوِيًا ) بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ ( وَمَا سِوَى الِاطْمِئْنَانِ ) وَهُوَ تَسْكِينُ الْجَوَارِحِ فِي الرُّكُوعِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ، وَمَا سِوَاهُ تَكْبِيرُ الرُّكُوعِ وَتَفْرِيجُ الْأَصَابِعِ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّسْمِيعُ وَالْقِيَامُ مُسْتَوِيًا ( سُنَنٌ وَهُوَ ) أَيْ الِاطْمِئْنَانُ فِي الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ ( وَاجِبٌ ) ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِتَكْمِيلِ رُكْنٍ مَقْصُودٍ بِخِلَافِ الْقَوْمَةِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّ الِاطْمِئْنَانَ فِيهَا سُنَّةٌ ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مُكَمِّلَ الْفَرْضِ وَاجِبٌ وَمُكَمِّلَ الْوَاجِبِ سُنَّةٌ .

( قَوْلُهُ وَمِنْهَا الرُّكُوعُ ) أَقُولُ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الرُّكُوعِ وَأَكْثَرُ الْكُتُبِ الْقَدْرُ الْمَفْرُوضُ مِنْ الرُّكُوعِ أَصْلُ الِانْحِنَاءِ وَالْمَيْلِ .
وَفِي الْحَاوِي فَرْضُ الرُّكُوعِ انْحِنَاءُ الظَّهْرِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي طَأْطَأَةُ الرَّأْسِ وَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَحْنِ ظَهْرَهُ أَصْلًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ فَرْضِ الرُّكُوعِ وَهُوَ حَسَنٌ وَإِذَا بَلَغَتْ حُدُوبَتُهُ إلَى الرُّكُوعِ يَخْفِضُ رَأْسَهُ فِي الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ الْقَدْرُ الْمُمْكِنُ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ( قَوْلُهُ يُكَبِّرُ لَهُ خَافِضًا ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْوِقَايَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَالْمُرَادُ أَنْ يُقَارِنَ التَّكْبِيرَ ابْتِدَاءُ الِانْحِطَاطِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ مُقَارِنٌ لِلِانْحِطَاطِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَذَا ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرَ ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ الْقُدُورِيَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْوَاوِ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ وَكَبَّرَ بِلَا مَدٍّ وَرَكَعَ الْمُحْتَمِلُ لِلْمُقَارَنَةِ وَضِدِّهَا وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَهْوِي وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُكَبِّرُ مَعَ الِانْحِطَاطِ قَالُوا وَهُوَ الْأَصَحُّ لِئَلَّا تَخْلُوَ حَالَةُ الِانْحِنَاءِ عَنْ الذِّكْرِ وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ .
( قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ) أَقُولُ وَيَكُونُ نَاصِبًا سَاقَيْهِ ، وَإِحْنَاؤُهُمَا شِبْهَ الْقَوْسِ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ مَكْرُوهٌ .
( قَوْلُهُ مُفْرِجًا أَصَابِعَهُ ) هَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَفْرِجُ أَصَابِعَهَا فِي الرُّكُوعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَالَ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ } ) أَقُولُ أَيْ أَدْنَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ كَمَالُهُ الْمَعْنَوِيُّ وَهُوَ الْجَمْعُ الْمُحْمَلُ لِلسُّنَّةِ لَا

اللُّغَوِيُّ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَلَمَّا كَانَ الرُّكُوعُ تَوَاضُعًا وَتَذَلُّلًا نَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُقَابِلَهُ الْعَظَمَةُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَمَّا كَانَ السُّجُودُ غَايَةَ التَّسَفُّلِ نَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُقَابِلَهُ الْعُلُوُّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْقَهْرُ وَالِاقْتِدَارُ لَا الْعُلُوُّ فِي الْمَكَانِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا .
( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثِ وَالْمُرَادُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمُسْتَحَبِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ ) أَقُولُ وَهَذَا بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ لَوْ أَتَمَّهُ الْإِمَامُ فَسَلَّمَ قَبْلَ الْمُقْتَدِي لَا يُتَابِعُهُ بَلْ يُتِمُّهُ ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ وَاجِبَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ قَاضِي خَانْ .
( قَوْلُهُ أَيْ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِسَمِعَ قِيلَ يُقَالُ سَمِعَ الْأَمِيرُ كَلَامَ زَيْدٍ أَيْ قَبِلَهُ فَهُوَ دُعَاءٌ بِقَبُولِ الْحَمْدِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَاللَّامُ فِي لِمَنْ لِلْمَنْفَعَةِ وَالْهَاءُ فِي حَمِدَهُ لِلْكِنَايَةِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى .
وَفِي الْفَوَائِدِ أَنَّهَا لِلسَّكْتَةِ وَالِاسْتِرَاحَةِ ، كَذَا نَقَلَ الثِّقَاتُ ا هـ .
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَكَانَ النُّونِ اللَّامَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَغْوًا ، وَإِنْ كَانَ لِسَانُهُ لَا يُطَاوِعُهُ يَتْرُكُ ا هـ .
( قَوْلُهُ رَافِعًا رَأْسَهُ ) الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ التَّسْمِيعُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ .
( قَوْلُهُ وَالْإِمَامُ يَكْتَفِي بِهِ ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا يَضُمُّ إلَيْهِ التَّحْمِيدَ .
( قَوْلُهُ وَالْمُقْتَدِي يَكْتَفِي بِالتَّحْمِيدِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي الْمُحِيطِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ أَفْضَلُ ) أَقُولُ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ " رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " وَمِنْ " رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ " ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَهُ أَرْبَعَةٌ وَأَفْضَلُهَا " اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " ؛ لِأَنَّ

زِيَادَةَ الْوَاوِ تُوجِبُ الْأَفْضَلِيَّةَ وَاخْتَلَفُوا فِيهَا فَقِيلَ زَائِدَةٌ ، وَقِيلَ عَاطِفَةٌ تَقْدِيرُهُ رَبَّنَا حَمِدْنَاك وَلَك الْحَمْدُ وَيَلِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ وَيَلِيهِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَالْمُنْفَرِدُ
إلَخْ ) أَقُولُ حَكَى كُلًّا مِنْ التَّصْحِيحَيْنِ لِلْقَوْلَيْنِ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ وَحَيْثُ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا رَأَيْت فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْجِيحِ فَالْمُرَجَّحُ مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ مَا فِي الْمَتْنِ يَعْنِي مَتْنَ الْكَنْزِ وَاكْتَفَى الْمُنْفَرِدُ بِالتَّحْمِيدِ ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ وَالْمُرَجَّحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
ا هـ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُنْفَرِدِ أَنَّهُ يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ لَا غَيْرُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَيْهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهَا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَيَقُومُ مُسْتَوِيًا ) لَوْ قَالَ وَالْقِيَامُ وَالِاسْتِوَاءُ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَرْضٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَوْمَةِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّ الِاطْمِئْنَانَ فِيهَا سُنَّةٌ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ أَيْ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي الْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ وَوُجُوبُ نَفْسِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَلِلْأَمْرِ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ وَلِمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ لُزُومِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَرْكِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ سَاهِيًا ، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَيَكُونُ حُكْمُ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْكُلِّ هُوَ

مُخْتَارُ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ وَتِلْمِيذِهِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ حَتَّى قَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَمُكَمِّلَ الْوَاجِبِ سُنَّةٌ ) أَقُولُ وَمُكَمِّلُ السُّنَّةِ أَدَبٌ .

( وَمِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْفَرَائِضِ ( السُّجُودُ يُكَبِّرُ لَهُ ) ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ } إلَّا عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ ( وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ ) عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَقُلْ وَاضِعًا كَمَا قَالَ فِي الرُّكُوعِ خَافِضًا ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ يُقَارِنُ الْخَفْضَ هُنَاكَ وَلَا يُقَارِنُ الْوَضْعَ هُنَا ( ثُمَّ ) يَضَعُ ( يَدَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رَاحَتَيْهِ ) ؛ { لِأَنَّ وَائِلًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَجَدَ وَاتَّكَأَ عَلَى رَاحَتَيْهِ وَرَفَعَ مَا بَيْنَ وَرِكَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ يَسْجُدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ( ثُمَّ ) يَضَعُ ( وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ وَيَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ ) لِمَا قَالَ وَائِلٌ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ } وَمَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ } مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْعُذْرِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ ( ضَامًّا أَصَابِعَهُ ) لَا يُنْدَبُ الضَّمُّ إلَّا هَاهُنَا ( مُبْدِيًا ) أَيْ مُظْهِرًا ( عَضُدَيْهِ مُبْعِدًا بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ ) لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ هَكَذَا ، وَقِيلَ لَا يَفْعَلُهُ إنْ كَانَ فِي الصَّفِّ حَذَرًا عَنْ إضْرَارِ الْجَارِ ( وَاضِعًا رِجْلَيْهِ ) عَلَى الْأَرْضِ ( مُوَجِّهًا أَصَابِعَهُمَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا سَجَدَ الْعَبْدُ سَجَدَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ فَلْيُوَجِّهْ مِنْ أَعْضَائِهِ الْقِبْلَةَ مَا اسْتَطَاعَ } ( وَالْمَرْأَةُ تَنْخَفِضُ وَتُلْزِقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا ( فَيَسْجُدُ ) عَطْفٌ عَلَى يُكَبِّرُ ( بِأَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ ) لِمُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ قَدَّمَ الْأَنْفَ عَلَى الْجَبْهَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَقْوَى مِنْهُ فِي السُّجُودِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا سَجَدَ ( عَلَى مَا يَجِدُ حَجْمَهُ وَتَسْتَقِرُّ فِيهِ جَبْهَتُهُ ) وَحَدُّ

الِاسْتِقْرَارِ أَنَّ السَّاجِدَ إذَا بَالَغَ لَا يُنْزِلُ رَأْسَهُ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْقُطْنِ الْمَحْلُوجِ وَالتِّبْنِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يَجِدَ حَجْمَ الْأَرْضِ ( فَجَازَ ) السُّجُودُ ( عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ ) أَيْ دَوْرِهَا ( وَفَاضِلِ ثَوْبِهِ ) كَكُمِّهِ وَذَيْلِهِ ( إذَا وَجَدَ حَجْمَ الْأَرْضِ وَجَازَ عَلَى ظَهْرِ مَنْ يُصَلِّي صَلَاتَهُ ) بِأَنْ يُصَلِّيَا الظُّهْرَ مَثَلًا حَتَّى إذَا لَمْ يُصَلِّيَا أَوْ صَلَّى الْمَسْجُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ صَلَاةِ السَّاجِدِ لَمْ يَجُزْ ( فِي الزِّحَامِ ) لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَجُوزُ فِي السَّعَةِ ( وَإِنْ كُرِهَ الْأَوَّلَانِ ) أَيْ السُّجُودُ عَلَى الْكَوْرِ وَفَاضِلِ الثَّوْبِ ( كَالِاكْتِفَاءِ بِالْأَنْفِ ) فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ الْكَرَاهَةِ ( بِخِلَافِ الْجَبْهَةِ ) فَإِنَّ السُّجُودَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِلَا كَرَاهَةٍ ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ فَقَوْلُ صَاحِبِ الْكَنْزِ وَكُرِهَ بِأَحَدِهِمَا مَنْظُورٌ فِيهِ ( وَيَطْمَئِنُّ ) فِي السُّجُودِ ( مُسَبِّحًا ) أَيْ قَائِلًا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى مَرَّاتٍ ( ثَلَاثًا هِيَ أَدْنَاهُ ) لِمَا رَوَيْنَا فِي الرُّكُوعِ وَنُدِبَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيَخْتِمَ بِالْوِتْرِ كَالْخَمْسِ وَالسَّبْعِ ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْتِمُ بِالْوِتْرِ } ، وَإِنْ أَمَّ لَا يُطَوِّلُ عَلَى وَجْهٍ يُمِلُّ الْقَوْمَ ، وَقَالُوا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ خَمْسًا لِيَتَمَكَّنَ الْقَوْمُ مِنْ الثَّلَاثِ ( وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا ) لِمَا مَرَّ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ } قِيلَ فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ إلَى السُّجُودِ أَقْرَبَ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاجِدًا إذْ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ ، وَإِنْ كَانَ إلَى الْجُلُوسِ أَقْرَبَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ جَالِسًا فَتَحَقَّقُ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةِ ، وَقِيلَ إذَا أُزِيلَتْ جَبْهَتُهُ عَنْ الْأَرْضِ بِحَيْثُ يَجْرِي

الرِّيحُ بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَبَيْنَ الْأَرْضِ جَازَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ ( وَيَجْلِسُ مُطْمَئِنًّا ) قَدْرَ تَسْبِيحَةٍ ( وَيُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ مُطْمَئِنًّا ) فَإِنْ قِيلَ فَرْضِيَّةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } وَالْأَمْرُ لَا يُوجِبُ التَّكْرَارَ وَلِذَا لَمْ يَجِبْ تَكْرَارُ الرُّكُوعِ فَبِمَاذَا ثَبَتَ فَرْضِيَّةُ تَكْرَارِ السُّجُودِ وَلِمَا إذَا تَكَرَّرَ قُلْنَا قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ آيَةَ الصَّلَاةِ مُجْمَلَةٌ وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ قَدْ يَكُونُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ يَكُونُ بِقَوْلِهِ وَفَرْضِيَّةُ تَكْرَارِهِ ثَبَتَتْ بِفِعْلِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ تَوَاتُرًا إذْ كُلُّ مَنْ نَقَلَ صَلَاةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقَلَ تَكْرَارَ سُجُودِهِ .
وَأَمَّا وَجْهُ تَكْرَارِهِ فَقِيلَ إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُطْلَبُ فِيهِ الْمَعْنَى كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ ، وَقِيلَ إنَّ الشَّيْطَانَ أُمِرَ بِسَجْدَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ فَنَسْجُدُ مَرَّتَيْنِ تَرْغِيمًا لَهُ ، وَقِيلَ الْأُولَى إشَارَةٌ إلَى أَنَّا خُلِقْنَا مِنْ الْأَرْضِ وَالثَّانِيَةُ إلَى أَنَّا نُعَادُ إلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ الْآيَةَ ( ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ ) عَلَى عَكْسِ السُّجُودِ ( وَيَقُومُ مُسْتَوِيًا بِلَا اعْتِمَادٍ ) عَلَى الْأَرْضِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ( وَلَا قُعُودٍ ) قَبْلَ الْقِيَامِ يُسَمَّى جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ .
( وَ ) الرَّكْعَةُ ( الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى لَكِنْ لَا ثَنَاءَ وَلَا تَعَوُّذَ وَلَا رَفْعَ يَدٍ فِيهَا ) أَيْ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَكِنْ لَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَتَعَوَّذُ ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُشْرَعَا إلَّا مَرَّةً وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ كَمَا رَفَعَ فِي الْأُولَى وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِالتَّسْمِيَةِ ( تَرَكَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ فَتَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّكَلُّمِ قَضَاهَا فِي الصَّلَاةِ ) يَعْنِي

إذَا تَرَكَ سَجْدَةً ثُمَّ تَذَكَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ بَعْدَ مَا سَلَّمَ وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ سَجَدَهَا سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهَا فَاتَتْ عَنْ مَحِلِّهَا الْأَصْلِيِّ وَلَمْ تَفْسُدْ الصَّلَاةُ بِفَوَاتِهَا عَنْهُ لِوُجُودِ الْمَحِلِّ فِي الْجُمْلَةِ لِقِيَامِ التَّحْرِيمَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا ؛ لِأَنَّهَا رُكْنٌ ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِ حَتَّى خَرَجَ عَنْ الصَّلَاةِ فَسَدَتْ ، وَيَتَشَهَّدُ عَقِيبَ السَّجْدَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى السَّجْدَةِ الْأَصْلِيَّةِ يَرْفَعُ تَشَهُّدَهُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّشَهُّدِ ، وَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ فَرْضٌ فَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ( وَبَعْدَ سَجْدَتَيْهَا يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا نَاصِبًا يُمْنَاهُ وَاضِعًا يَدَيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ عَلَى فَخِذَيْهِ مُوَجِّهًا أَصَابِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَقْعُدُ الْقَعْدَتَيْنِ عَلَى هَذَا } ( وَيَتَشَهَّدُ كَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ) وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ التَّحِيَّاتُ جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَهِيَ الْمُلْكُ ، وَقِيلَ الْبَقَاءُ الدَّائِمُ ، وَقِيلَ الْعَظَمَةُ ، وَقِيلَ السَّلَامَةُ أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَجَمِيعِ وُجُوهِ النَّقْصِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ إنَّمَا جُمِعَتْ التَّحِيَّاتُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ كَانَ لَهُ تَحِيَّةٌ يُحَيَّا بِهَا فَقِيلَ لَنَا قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ أَيْ الْأَلْفَاظُ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُلْكِ مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَوَاتُ

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ، وَقِيلَ كُلُّ الصَّلَوَاتِ ، وَقِيلَ الرَّحْمَةُ ، وَقِيلَ الْأَدْعِيَةُ .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ الْعِبَادَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ قَالَ الْأَكْثَرُونَ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَهِيَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا وَالَاهُ ، وَقِيلَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ ( وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ هُنَا ) أَيْ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى يَعْنِي لَا يَأْتِي بِالصَّلَاةِ ( وَيَكْتَفِي بِالْفَاتِحَةِ فِيمَا بَعْدَ الْأَوَّلَيْنِ ) عَبَّرَ بِهِ لِيَتَنَاوَلَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ( وَإِنْ سَبَّحَ فِيهِ أَوْ سَكَتَ جَازَ ) لَكِنَّهُ إنْ سَكَتَ عَمْدًا أَسَاءَ ، وَإِنْ سَهْوًا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَتْرُكَهَا ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ ( وَمَا سِوَى وَضْعِ الرِّجْلَيْنِ وَتَعْيِينِ الْأُولَيَيْنِ لِلْقِرَاءَةِ وَالِاطْمِئْنَانِ فِي السُّجُودِ وَالْقَعْدَةِ الْأُولَى وَالتَّشَهُّدِ فِيهِمَا ) أَيْ الْقَعْدَتَيْنِ ( وَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى ) أَيْ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( سُنَنٌ ) أَرَادَ بِمَا سِوَى الْمَذْكُورَاتِ تَكْبِيرَ السُّجُودِ وَتَسْبِيحَهُ ثَلَاثًا وَوَضْعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَافْتِرَاشَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبَ الْيُمْنَى وَالْقَوْمَةَ وَالْجِلْسَةَ فَإِنَّهَا سُنَنٌ ( وَالْأَوَّلُ ) أَيْ وَضْعُ الرِّجْلَيْنِ ( فَرْضٌ فِي رِوَايَةٍ ) وَهِيَ رِوَايَةُ الْقُدُورِيِّ حَتَّى إذَا سَجَدَ وَرَفَعَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ ، كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالْجَصَّاصُ ، وَلَوْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا جَازَ قَالَ قَاضِي خَانْ وَيُكْرَهُ ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ الْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ وَهُوَ الْحَقُّ ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ ( وَالْبَوَاقِي وَاجِبَةٌ ) وَهِيَ تَعْيِينُ الْأُولَيَيْنِ
إلَخْ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ الْقِيَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى التَّشَهُّدِ قَدْرَ مَا

يُؤَدَّى فِيهِ رُكْنٌ ، وَقِيلَ حَرَّفَ عَمْدًا أَثِمَ أَوْ سَهْوًا سَجَدَ .

( قَوْلُهُ وَمِنْهَا السُّجُودُ ) أَقُولُ وَحَقِيقَتُهُ وَضْعُ بَعْضِ الْوَجْهِ عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا لَا سُخْرِيَةَ فِيهِ فَدَخَلَ الْأَنْفُ وَخَرَجَ الْخَدُّ وَالذَّقَنُ وَالصُّدْغُ وَمُقَدَّمُ الرَّأْسِ فَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عُذْرٍ بَلْ مَعَهُ يَجِبُ الْإِيمَاءُ بِالرَّأْسِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ مِمَّا لَا سُخْرِيَةَ فِيهِ مَا إذَا رَفَعَ قَدَمَيْهِ فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ مَعَ رَفْعِهِمَا بِالتَّلَاعُبِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَيَكْفِيهِ وَضْعُ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ فَلَوْ لَمْ يَضَعْ الْأَصَابِعَ أَصْلًا وَوَضَعَ ظَهْرَ الْقَدَمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَرَفْعُ قَدَمٍ وَوَضْعُ آخَرَ جَائِزٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَى أَنَّ وَضْعَهُمَا سُنَّةٌ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةً .
وَالْأَوْجَهُ عَلَى مِنْوَالِ مَا سَبَقَ هُوَ الْوُجُوبُ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةً ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ وَضْعَهُمَا فَرْضٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ مِثْلَ هَذَا .
( قَوْلُهُ إلَّا عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ ) أَقُولُ أَيْ فَلَا يُكَبِّرُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَمِّعُ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ ( قَوْلُهُ وَيَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ ) هَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَالْمَرْأَةُ تَضَعُ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهَا .
( قَوْلُهُ وَمَا رُوِيَ
إلَخْ ) قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَفْعَلَ أَيَّهُمَا تَيَسَّرَ جَمْعًا لِلْمَرْوِيَّاتِ بِنَاءً أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا أَحْيَانَا وَهَذَا أَحْيَانَا إلَّا أَنَّ بَيْنَ الْكَفَّيْنِ أَفْضَلُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ الْمُجَافَاةِ الْمَسْنُونَةِ مَا لَيْسَ فِي الْآخَرِ كَانَ حَسَنًا ا هـ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ ضَامًّا أَصَابِعَهُ ) قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي السُّجُودِ فَبِالضَّمِّ يَنَالُ أَكْثَرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ لَا يَفْعَلُهُ إنْ كَانَ فِي

الصَّفِّ ) أَقُولُ ، كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ الضَّعْفَ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمْ قَدْ جَزَمَ فِيهَا بِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي الصَّفِّ حِذَارًا عَنْ الْحَرَامِ وَإِضْرَارِ الْجَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَةٌ .
( قَوْلُهُ فَيَسْجُدُ بِأَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْأَنْفِ مَا صَلُبَ مِنْهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَالْجَبْهَةُ مَا فَوْقَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى قِصَاصِ الشَّعْرِ وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا اكْتَنَفَهُ الْجَبِينَانِ .
وَأَمَّا مِقْدَارُ اللَّازِمِ مِنْهَا فَقَالَ فِي التَّجْنِيسِ ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى حَجَرٍ صَغِيرٍ إنْ كَانَ أَكْثَرُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا وَهَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ مَعْزِيًّا إلَى نَصِيرٍ وَفِيهِ بَحْثٌ ؛ لِأَنَّ اسْمَ السُّجُودِ يَصْدُقُ بِوَضْعِ شَيْءٍ مِنْ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ أَكْثَرِهَا كَمَا قَالُوا فِي الْقَدَمَيْنِ يَكْفِي وَضْعُ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى سَجَدَ عَلَى طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ جَبْهَتِهِ جَازَ وَنَقَلَ كَلَامَ نَصِيرٍ فَدَلَّ عَلَى تَضْعِيفِهِ نَعَمْ وَضْعُ أَكْثَرِهَا وَاجِبٌ لِلْمُوَاظَبَةِ عَلَى تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ مِنْ الْأَرْضِ ، كَذَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ فَجَازَ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ أَيْ دَوْرِهَا ) أَقُولُ أَيَّ دَوْرٍ مِنْ أَدْوَارِهَا نَزَلَ عَلَى جَبْهَتِهِ لَا جُمْلَتِهَا كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَيُقَالُ كَارَ الْعِمَامَةَ وَكَوَّرَهَا أَدَارَهَا عَلَى رَأْسِهِ وَهَذِهِ الْعِمَامَةُ عَشَرَةُ أَكْوَارٍ وَعِشْرُونَ كَوْرًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَنَبَّهْنَا بِمَا ذَكَرْنَا كَمَا نَبَّهَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ تَنْبِيهًا حَسَنًا وَهُوَ أَنَّ صِحَّةَ السُّجُودِ عَلَى الْكَوْرِ إذَا كَانَ عَلَى الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا ، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الرَّأْسِ فَقَطْ وَسَجَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ تُصِبْ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ عَلَى الْقَوْلِ تَعْيِينِهَا وَلَا عَلَى أَنْفِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَعْيِينِهَا لَا يَصِحُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ يَتَسَاهَلُ فِي ذَلِكَ فَيَظُنُّ الْجَوَازَ

كَذَلِكَ فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَفَاضِلِ ثَوْبِهِ ) هَذَا إذَا كَانَ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْغِينَانِيُّ يُصِحُّ الْجَوَازَ كَمَا فِي الْفَتْحِ ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى كَفِّهِ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَوْ عَلَى فَخِذِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَلَوْ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لَكِنَّ الْإِيمَاءَ يَكْفِيهِ إذَا كَانَ بِهِ عُذْرٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ وَجَازَ عَلَى ظَهْرِ مِنْ يُصَلِّي صَلَاتَهُ ) أَقُولُ قَيَّدَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنْ يَكُونَ الْمَسْجُودُ عَلَى ظَهْرِهِ سَاجِدًا عَلَى الْأَرْضِ فَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ مُصَلٍّ سَاجِدٍ عَلَى ظَهْرِ مُصَلٍّ لَا يَجُوزُ فَالشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ قُلْت وَيَجُوزُ السُّجُودُ ، وَلَوْ زَادَ الظَّهْرَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ لِلضَّرُورَةِ وَيُحْمَلُ مَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لَوْ أَنَّ مَوْضِعَ السُّجُودِ أَرْفَعُ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ مِقْدَارَ لَبِنَتَيْنِ مَنْصُوبَتَيْنِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ أَرَادَ لَبِنَةَ بُخَارَى وَهِيَ رُبْعُ ذِرَاعٍ ا هـ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ هَذِهِ لَكِنْ هَلْ التَّقْيِيدُ بِالظَّهْرِ اتِّفَاقِيٌّ أَوْ احْتِرَازِيٌّ فَلْيُنْظَرْ .
( قَوْلُهُ حَتَّى إذَا لَمْ يُصَلِّيَا أَوْ صَلَّى الْمَسْجُودُ عَلَيْهِ
إلَخْ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ لَا عُمُومِ السَّلْبِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ كُرِهَ الْأَوَّلَانِ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ لِنَقْلِ { فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ السُّجُودَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ } تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ فَلَمْ تَكُنْ تَحْرِيمِيَّةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ ، كَذَا فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ كَالِاكْتِفَاءِ بِالْأَنْفِ فِي السُّجُودِ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا وَالْأَصَحُّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمَا بِعَدَمِ جَوَازِ الِاقْتِصَارِ فِي السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ بِلَا عُذْرٍ فِي الْجَبْهَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْمُرَادُ بِهِ

مَا صَلُبَ مِنْ الْأَنْفِ .
وَأَمَّا مَا لَانَ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ بِإِجْمَاعِهِمْ .
( قَوْلُهُ فَقَوْلُ صَاحِبِ الْكَنْزِ وَكُرِهَ بِأَحَدِهِمَا مَنْظُورٌ فِيهِ ) أَقُولُ لَا يَتَّجِهُ التَّنْظِيرُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا قَالَهُ رِوَايَةٌ ، وَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ السُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَنْفِ عُذْرٌ وَعَلَيْهِ رِوَايَةُ الْكَنْزِ وَكُرِهَ بِأَحَدِهِمَا ا هـ .
وَمَا قَالَهُ فِي الْكَنْزِ حَكَاهُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا عَنْ الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ ثُمَّ حَكَى قَوْلَ الْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ وَلَمْ يَنْظُرْ فِي كَلَامِ الْكَنْزِ وَلَا فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ ا هـ .
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَيْ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ قِيلَ فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ إلَى السُّجُودِ أَقْرَبَ لَمْ يَجُزْ
إلَخْ ) أَقُولُ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَيُفْتَرَضُ الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ إلَى قُرْبِ الْقُعُودِ فِي الْأَصَحِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ إذَا زَالَتْ جَبْهَتُهُ مِنْ الْأَرْضِ ) أَقُولُ هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهَا وَرِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِمِقْدَارِ مَا يُسَمَّى رَافِعًا جَازَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ هُوَ الْأَصَحُّ .
( قَوْلُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ
إلَخْ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ النُّهُوضِ وَيُسْتَحَبُّ الْهُبُوطُ بِالْيَمِينِ وَالنُّهُوضُ بِالشِّمَالِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَيَقُومُ مُسْتَوِيًا بِلَا اعْتِمَادٍ ) أَقُولُ سَيَذْكُرُ أَنَّ تَرْكَ الِاعْتِمَادِ سُنَّةً أَيْ لِمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ فَإِنْ اعْتَمَدَ قَالَ الْوَبَرِيُّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْتَمِدَ بِرَاحَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ عِنْدَ النُّهُوضِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْعُذْرِ وَعَدَمِهِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ

عَنْ الطَّحَاوِيِّ سَوَاءٌ كَانَ شَيْخًا أَوْ شَابًّا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ا هـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً فَتَرْكُهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَلَا قُعُودَ قَبْلَ الْقِيَامِ إلَخْ ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ حَتَّى لَوْ فُعِلَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا ا هـ لَكِنْ وَجَّهَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ سِيَاقِهِ مِثْلَ الْأَوْجَهِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى السَّجْدَةِ الْأَصْلِيَّةِ يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ ) فِيهِ تَسَامُحٌ وَالْمُرَادُ رَفْعُ الْقُعُودِ .
( قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّشَهُّدِ ، وَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ ) فِيهِ تَسَامُحٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْقُعُودِ قُدْرَةُ التَّشَهُّدِ لَا حَقِيقَةُ التَّشَهُّدِ ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ فَرْضٌ وَتَرْكَهُ مُفْسِدٌ وَالتَّشَهُّدُ وَاجِبٌ وَتَرْكُهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ فَرْضٌ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ ) أَيْ التَّشَهُّدُ سُمِّيَ تَشَهُّدًا بِاسْمِ جُزْئِهِ الْأَشْرَفِ .
( قَوْلُهُ وَهِيَ الْمُلْكُ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي تَفْسِيرِهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ أَحْسَنُهَا أَنَّ التَّحِيَّاتِ الْعِبَادَاتُ الْقَوْلِيَّةُ وَالصَّلَوَاتِ الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ وَالطَّيِّبَاتِ الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةِ فَجَمِيعُ الْعِبَادَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ وَلَا يُتَقَرَّبُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَى مَا سِوَاهُ ثُمَّ هُوَ عَلَى مِثَالِ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى الْمُلُوكِ فَيُقَدِّمُ الثَّنَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ الْخِدْمَةَ ثَانِيًا ثُمَّ بَذْلَ الْمَالِ ثَالِثًا .
( تَنْبِيهٌ ) : اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذِكْرِ بَعْضِ مَعَانِي التَّشَهُّدِ لِلِاتِّكَالِ عَلَى الطَّالِبِ فِي بَاقِيهَا وَيَنْبَغِي لَنَا ذِكْرُهَا مُخْتَصَرًا ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَقْصِدُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَعَانِيَهَا مُرَادَةً لَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ

بِأَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ مَعَانِيَهَا الَّتِي وُضِعَتْ لَهَا مِنْ عِنْدِهِ كَأَنَّهُ يُحَيِّي اللَّهَ وَيُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِهَذَا يَضْعُفُ مَا فِي السِّرَاجِ أَنَّ قَوْلَهُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ حِكَايَةُ سَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ لَا ابْتِدَاءُ سَلَامٍ مِنْ الْمُصَلِّي ا هـ .
وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهِيَ مَا أَثْنَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ .
وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَهِيَ سَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ بِمُقَابَلَةِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي أَثْنَى بِهَا ، وَالسَّلَامُ تَسْلِيمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ أَوْ تَسْلِيمُهُ مِنْ الْآفَاتِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الرَّحْمَةَ هُنَا الْمُرَادُ بِهَا نَفْسُ الْإِحْسَانِ وَالْبَرَكَةُ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الْخَيْرِ وَيُقَالُ الْبَرَكَةُ جِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ .
وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَهُوَ إعْطَاءُ نَصِيبٍ مِنْ هَذِهِ الْكَرَامَةِ الْعَظِيمَةِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَرُّمًا لِإِخْوَانِهِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، وَالْعِبَادُ جَمْعُ عَبْدٍ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ شَيْءٌ أَشْرَفَ مِنْ الْعُبُودِيَّةِ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَالصَّالِحُ هُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَلِهَذَا قَالُوا لَا يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ فِي حَقِّ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةِ الشَّارِعِ لَهُ بِهِ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ هُوَ صَالِحٌ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِي ظَنِّي خَوْفًا مِنْ الشَّهَادَةِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ .
وَأَمَّا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَمَعْنَاهُ أَعْلَمُ وَأَتَيَقَّنُ أُلُوهِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَعُبُودِيَّةَ مُحَمَّدٍ وَرِسَالَتَهُ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُدِّمَتْ الْعُبُودِيَّةُ عَلَى الرِّسَالَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ صِفَاتِهِ وَلِذَا وَصَفَهُ سُبْحَانَهُ بِهَا فِي مَقَامِ الِامْتِنَانِ بِقَوْلِهِ { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } { فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ } .
( قَوْلُهُ وَيَكْتَفِي بِالْفَاتِحَةِ فِيمَا بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا مُبَاحَةٌ وَلِهَذَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ تَبَعًا لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ إنَّ السُّورَةَ مَشْرُوعَةٌ نَفْلًا فِي الْأُخْرَيَيْنِ حَتَّى لَوْ قَرَأَهَا فِيهِمَا سَاهِيًا لَمْ يَلْزَمْ السُّجُودُ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ .
وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الِاكْتِفَاءَ بِهَا أَيْ الْفَاتِحَةِ وَيُحْمَلُ مَا فِي السِّرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الِاخْتِيَارِ مِنْ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ الَّتِي مَرْجِعُهَا إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ سَبَّحَ فِيهِ أَوْ سَكَتَ ) لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ مِقْدَارًا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ ثَلَاثًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالذَّخِيرَةِ ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ إنْ شَاءَ سَكَتَ .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ سَكَتَ أَيْ قَدْرَ تَسْبِيحَةٍ ، وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ نَقَلَهُ فِي النِّهَايَةِ .
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إنْ شَاءَ سَبَّحَ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ ، وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ قَدْرَهَا وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ بِالْأُصُولِ ا هـ ( قَوْلُهُ جَازَ ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْحِلُّ بِلَا كَرَاهَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ لَا الْجَوَازُ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ الْمُجَامِعِ لِلْكَرَاهَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، وَإِنْ سَبَّحَ فِيهِمَا أَوْ سَكَتَ جَازَ لِعَدَمِ فَرْضِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا لَكِنْ لَوْ سَكَتَ عَمْدًا يَكُونُ مُسِيئًا ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ السُّنَّةَ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ا هـ .
وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْكَافِي قَالَ وَيَقْرَأُ فِيمَا بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ وَهُوَ بَيَانُ الْأَفْضَلِ

فِي الصَّحِيحِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَاجِبَةٌ رَوَاهُ الْحَسَنُ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا عَامِدًا كَانَ مُسِيئًا ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالسُّكُوتِ ا هـ .
( قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَكِنَّهُ
إلَخْ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي .
( قَوْلُهُ وَالْقَوْمَةَ ) أَيْ إتْمَامَهَا حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الرَّفْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ .
( قَوْلُهُ وَالْجِلْسَةَ ) كَذَا نَصَّ فِي الْكَنْزِ عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُهَا وَالْمَذْهَبُ السُّنِّيَّةُ وَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ وُجُوبُهَا إنْ كَانَ بِالنَّظَرِ إلَى الدِّرَايَةِ فَمُسَلَّمٌ لِمَا عَمِلْت مِنْ الْمُوَاظَبَةِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُونَ بِالسُّنِّيَّةِ فَيُتَّبَعُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ .
( قَوْلُهُ وَالْبَوَاقِي وَاجِبَةٌ وَهِيَ تَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ
إلَخْ ) شَامِلٌ لِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ وَهُوَ صَرِيحُ مَا نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِي الْبُرْهَانِ أَنَّهُ يُفْتَرَضُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَتْ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ } ثُمَّ قَالَ ، وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَضَعْ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ السَّجْدَةِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَلَا نَأْخُذُ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ .
وَمَا ذَكَرَهُ شَمِلَ إطْلَاقُهُ أَيْضًا الْقُعُودَ الْأَوَّلَ وَتَشَهُّدَهُ أَيْ وُجُوبَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقِيلَ بِسُنِّيَّتِهِمَا أَوْ بِسُنِّيَّةِ التَّشَهُّدِ وَحْدَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) : لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْإِشَارَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالْمُسَبِّحَةِ وَحْدَهَا فَيَرْفَعُهَا عِنْدَ

قَوْلِهِ لَا إلَهَ وَيَضَعُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ لِيَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ فِي الرَّفْعِ وَالْوَضْعِ وَاحْتَرَزْنَا بِالصَّحِيحِ عَنْ قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ أَصْلًا ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الدِّرَايَةِ وَالرِّوَايَةِ وَبِقَوْلِنَا بِالْمُسَبِّحَةِ عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَعْقِدُ يُمْنَاهُ عِنْدَ الْإِشَارَةِ ، ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ حُكْمَ الْيَدَيْنِ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ هَلْ يُسَنُّ أَوْ يَجِبُ رَفْعُهُمَا وَوَضْعُهُمَا عَلَى الْفَخِذَيْنِ فَلْيُنْظَرْ .

( وَمِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْفَرَائِضِ ( الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ فِيهِ التَّشَهُّدَ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ ) { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ إذَا قُلْت هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك } عَلَّقَ التَّمَامَ بِالْفِعْلِ قَرَأَ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا قُلْت هَذَا أَيْ قَرَأَتْ التَّشَهُّدَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ لَمْ تُشْرَعْ إلَّا فِي الْقُعُودِ .
وَقَوْلُهُ أَوْ فَعَلَتْ هَذَا أَيْ قَعَدَتْ وَلَمْ تَقْرَأْ شَيْئًا فَصَارَ التَّخْيِيرُ فِي الْقَوْلِ لَا الْفِعْلِ ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الْحَالَيْنِ كَمَا بَيَّنَّا وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عَدَمٌ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ مُتَنَاهِيَةٌ وَالتَّنَاهِي لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّمَامِ وَالتَّمَامُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِتْمَامِ وَذَا إنَّمَا يُعْلَمُ بِبَيَانِ الشَّارِعِ ، وَقَدْ بَيَّنَ فِيهِ فَيَكُونُ فَرْضًا فَإِنْ قِيلَ لَا تَثْبُتُ الْفَرْضِيَّةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ قُلْنَا نَعَمْ لَا تَثْبُتُ بِهِ ابْتِدَاءً أَمَّا إذَا بَيَّنَ الْمُجْمَلَ بِهِ فَتَثْبُتُ كَمَا مَرَّ ثُمَّ قِيلَ الْقَدْرُ الْمَفْرُوضُ مِنْ الْقَعْدَةِ مَا يَأْتِي فِيهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ مَا اُخْتِيرَ فِي الْكَافِي ، وَذَكَرَ هَاهُنَا أَنَّ التَّشَهُّدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ ( وَهِيَ ) أَيْ الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ ( كَالْأُولَى ) فِي افْتِرَاشِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبِ الْيُمْنَى ( لَكِنَّهُ يَزِيدُ هَاهُنَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا وَفَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكَتْ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّدًا إلَى آخِرِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ تَقْصِيرَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ

السَّلَامُ إذْ الرَّحْمَةُ تَكُونُ بِإِتْيَانِ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ( وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قِيلَ وَدَعَا لِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ ( بِمَا يُشْبِهُ الْقُرْآنَ ) أَيْ بِمَا يُشْبِهُهُ لَفْظًا وَمَعْنًى كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدِيَّ أَوْ يَقُولَ اغْفِرْ لِأَبِي ( أَوْ الْمَأْثُورَ ) عَطْفٌ عَلَى مَا يُشْبِهُ الْقُرْآنَ أَيْ بِالْمَرْوِيِّ .
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ { اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا ، وَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاعْفَرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ( لَا كَلَامَ النَّاسِ ) أَيْ لَا يَدْعُو بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ فَهُوَ كَلَامُهُمْ وَمَا يَسْتَحِيلُ فَلَيْسَ بِكَلَامِهِمْ ، ثُمَّ الْمُفْسِدُ إنَّمَا يُفْسِدُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ .
وَأَمَّا إذَا قَعَدَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ كَمَا سَيَأْتِي .
( وَ ) لَكِنَّ ( الْمَرْأَةَ تَتَوَرَّكُ ) أَيْ تُخْرِجُ رِجْلَيْهَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَتُمَكِّنُ وَرْكَيْهَا مِنْ الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهَا أَسْتَرُ لَهَا وَمَبْنَى حَالِهَا عَلَى السَّتْرِ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْقَعْدَتَيْنِ ( وَالصَّلَاةُ وَالدُّعَاءُ سُنَّتَانِ ) الْأَوَّلُ فَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

( قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ ) أَقُولُ ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى فَرْضِيَّتِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي رُكْنِيَّتِهَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَيْسَتْ رُكْنًا .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ أَصْلِيٍّ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهَا شَرْعًا ؛ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي يَحْنَثُ بِالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَعْدَةِ فَعُلِمَ أَنَّهَا شُرِعَتْ لِلْخُرُوجِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِثَمَرَةِ هَذَا الِاخْتِلَافِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَصَارَ التَّخْيِيرُ فِي الْقَوْلِ ) لَيْسَ فِي لَفْظِ النُّبُوَّةِ هَذَا مَا يُفِيدُ التَّخْيِيرَ بَلْ بَيَانُ مَا بِهِ الصِّحَّةُ ؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ لَا لَوْمَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ ، وَتَرْكُ التَّشَهُّدِ لَا يَجُوزُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فَصَارَ الْفِعْلُ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ دُونَ الْقَوْلِ لَكِنْ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ وَنَصِّهِ ثُمَّ قَالَ { إذَا فَعَلْت هَذَا أَوْ قُلْت هَذَا فَقَدْ قَضَيْت صَلَاتَك إنْ شِئْت أَنْ تَقُومَ فَقُمْ ، وَإِنْ شِئْت أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ } ( قَوْلُهُ ثُمَّ قِيلَ الْقَدْرُ الْمَفْرُوضُ مِنْ الْقَعْدَةِ
إلَخْ ) ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِصِيغَةِ زَعَمَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْقَدْرَ
إلَخْ .
( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَزِيدُ فِيهَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَقُولُ وَالْمَسْبُوقُ يَزِيدُهُ أَيْضًا كَالْإِمَامِ تَبَعًا لَهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ إنَّمَا لَا يَشْتَغِلُ بِالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْأَرْكَانِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ خُصُوصًا إذَا كَانَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ ( قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا
إلَخْ ) أَقُولُ إلَّا أَنَّهَا تُقْتَرَضُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً إذْ لَا يَقْتَضِي الْأَمْرُ صَلُّوا التَّكْرَارَ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَوْ كُلَّمَا ذُكِرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ لَا ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي

التَّكْرَارَ بَلْ ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ وُجُوبُهَا بِسَبَبٍ مُتَكَرِّرٍ وَهُوَ الذِّكْرُ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَصَحَّحَ فِي التُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ مَا اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَتَدَاخَلُ الْوُجُوبُ فَيَكْفِيهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ يَتَكَرَّرُ مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ صَحَّحَ فِي الْكَافِي مِنْ بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ الْأَوَّلَ وَأَنَّ الزَّائِدَ نَدْبٌ ، وَكَذَا التَّشْمِيتُ وَصَحَّحَ فِي الْمُجْتَبَى الثَّانِيَ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْبُرْهَانِ الِافْتِرَاضُ كُلَّمَا ذُكِرَ عَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ .
وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ إنَّمَا قَالَ بِالْوُجُوبِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ا هـ قُلْت وَبَقِيَ تَصْحِيحٌ آخَرُ ذَكَرُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ كُلَّمَا ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ صَرَّحَ بِهَا ضَابِطُ الْمَذْهَبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَمَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ تَكْرَارِ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِي إفْصَاحِ ابْنِ هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ذَكَرَ الصَّلَاةَ الْمَنْقُولَةَ عَنْهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْعَالَمِينَ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ مَالِكٍ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمْ فَمَا فِي السِّرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى مُنْيَةِ الْمُصَلِّي مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ ضَعِيفٌ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ) أَعَادَ حَرْفَ الْجَرِّ فِي الْآلِ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَرَاخِي رُتْبَةِ آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِمْ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُمْ قَرَابَتُهُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُمْ

جَمِيعُ الْأُمَّةِ وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا صَلَّيْت إمَّا رَاجِعٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَإِمَّا ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْ الْمُشَبَّهِ ، وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ وَالدِّرَايَةِ أَجْوِبَةً جَمَّةً فَلْتُرَاجَعْ .
( قَوْلُهُ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ
إلَخْ ) أَقُولُ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِيمَا يُقَالُ مَضْمُومًا إلَى الصَّلَاةِ أَوْ السَّلَامِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ ( قَوْلُهُ وَيَدْعُو
إلَخْ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَقَالَ وَيَدْعُو بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَدَّمَهَا عَلَى دُعَائِهِ ؛ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بَابَ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ التُّحْفَةِ لِخَاصَّتِهِ وَأَخَصُّ خَوَاصِّهِ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحْفَتُهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهِ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجَابَةٌ وَالدُّعَاءُ بَعْدَ الْمُسْتَجَابِ يُرْجَى أَنْ يُسْتَجَابَ ؛ لِأَنَّ الْكَرِيمَ بَعْدَ إجَابَتِهِ أَوَّلَ الْمَسْئُولَاتِ لَا يَرُدُّ بَاقِيَهَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدِيَّ
إلَخْ ) أَقُولُ قَدَّمَ الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ .
وَقَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَيَسْتَغْفِرُ لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ إنْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ وَلِجَمْعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُنْيَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعَ ذُنُوبِهِمْ ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَرَافِيُّ بِتَحْرِيمِهِ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُصَرِّحَةِ

بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْذِيبِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّارِ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْهَا بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَفَاعَةٍ وَدُخُولُهُمْ النَّارَ إنَّمَا هُوَ بِذُنُوبِهِمْ وَلَا يُوجِبُ الْكُفْرَ كَالدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِ بِهَا لِلْفَرْقِ بَيْنَ تَكْذِيبِ الْآحَادِ وَالْقَطْعِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا بِالدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ غَيْرُ عَاصٍ بِالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْعَفْوِ عَنْ الشِّرْكِ عَقْلًا قِيلَ بِالْجَوَازِ ؛ لِأَنَّ الْخُلْفَ فِي الْوَعِيدِ كَرَمٌ فَيَجُوزُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا ذَكَرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ .
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الْعَرَبِ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ لَيْسَ بِحَتْمٍ عِنْدَنَا أَيْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ بَلْ الْعَفْوُ عَنْ الْجَمِيعِ مَرْجُوٌّ لِمُوجَبِ قَوْله تَعَالَى { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } وقَوْله تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } ا هـ فَيَجُوزُ أَنْ يَطْلُبَ لِلْمُؤْمِنِينَ لِفَرْطِ شَفَقَتِهِ عَلَى إخْوَانِهِ الْأَمْرَ الْجَائِزَ الْوُقُوعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا ا هـ .
( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ) مُسْتَدْرَكٌ .

( وَمِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْفَرَائِضِ ( تَرْتِيبُ الْقِيَامِ ) أَيْ تَقْدِيمُهُ بِقَصْدِ التَّرْتِيبِ ( عَلَى الرُّكُوعِ وَالرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ ) حَتَّى لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْقِيَامِ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُوجَدُ إلَّا بِذَلِكَ ، كَذَا فِي الْكَافِي وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَهَا مَاهِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ شَرْعًا مِنْ أَجْزَاءٍ مَادِّيَّةٍ هِيَ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَجُزْءٌ صُورِيٌّ هِيَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ تَقْدِيمِ الْقِيَامِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِرَاءَةَ مَعَ أَنَّهَا مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَادِّيَّةِ أَيْضًا إذْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي حُصُولِ الْجُزْءِ الصُّورِيِّ ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَحَلًّا مَخْصُوصًا بِطَرِيقِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا عَيَّنَ لِبَاقِي الْأَرْكَانِ بَلْ جَعَلَهَا فَرْضًا فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ تُرِكَتْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَوُجِدَتْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ ، وَإِنَّمَا لَا تَصِحُّ لَوْ تُرِكَتْ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِهَذَا السِّرِّ الدَّقِيقِ جَعَلُوا مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ لَا الْفَرَائِضِ وَاقْتَصَرُوا فِي التَّمْثِيلِ لِوُجُوبِ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ فِي الْأَرْكَانِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي فِي آخِرِ بَابِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ مَا اتَّحَدَتْ شَرْعِيَّتُهُ يُرَاعَى وُجُودُهُ صُورَةً وَمَعْنًى فِي مَحِلِّهِ ؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ شُرِعَ فَإِذَا غَيَّرَهُ فَقَدْ قَلَبَ الْفِعْلَ وَعَكَسَهُ وَقَلْبُ الْمَشْرُوعِ بَاطِلٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ تَحْقِيقُ مَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عِنْدَ عَدِّ الْوَاجِبَاتِ وَمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِيمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا مِنْ الْأَفْعَالِ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا مَا شُرِعَ مُكَرَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ كَالسَّجْدَةِ فَإِنْ تَرَكَ الثَّانِيَةَ سَاهِيًا وَقَامَ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ فَتَذَكَّرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الْمَتْرُوكَةَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ كَمَا مَرَّ

وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا شُرِعَ غَيْرَ مُكَرَّرٍ فِيهَا كَالرُّكُوعِ فَإِنَّهُ إذَا وَقَعَ بَعْدَ السُّجُودِ لَا تَقَعُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ مُعْتَدًّا بِهَا بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ حَتَّى قَالَ فِي الْجَلَّالِيَّةِ التَّرْتِيبُ فَرْضٌ فِيمَا اتَّحَدَتْ شَرْعِيَّتُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ فِيمَا تَعَدَّدَتْ شَرْعِيَّتُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالسَّجْدَةِ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَانْحَطَّ عَنْ رُكُوعِهِ فَسَجَدَهَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرُّكُوعِ فَإِنْ قِيلَ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ فَرْضٌ كَالْأُولَى وَمِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَادِّيَّةِ فَأَيُّ سِرٍّ فِي جَعْلِ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا وَاجِبًا لَا فَرْضًا قُلْنَا السِّرُّ فِيهِ أَنَّ أَصْلَ السَّجْدَةِ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْجُدُوا وَتَكْرَارُهَا بِفِعْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَبَقَ فَإِذَا وُجِدَتْ الْأُولَى فِي مَحَلِّهَا فَقَدْ حَصَلَ التَّرْتِيبُ الْمَفْرُوضُ لِوُجُودِ مُقْتَضَى النَّصِّ ، وَلَوْ فُرِضَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَزِمَ مُسَاوَاةُ مَا ثَبَتَ بِالْفِعْلِ لِمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الثَّانِي وَيُعْلَمُ أَيْضًا تَحْقِيقُ مَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ أَمَّا تَقْدِيمُ الرُّكْنِ نَحْوُ أَنْ يَرْكَعَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فَلِأَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خَاصَّةً وَاجِبَةٌ عِنْدَهُمْ وَفَرْضٌ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَقِيسُهُ عَلَى أَرْكَانِ الْمَرْتَبَةِ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ تِلْكَ الْأَرْكَانِ بِمَا ذَكَرْنَا وَيُعْلَمُ مِنْ جَمِيع مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّ كَلَامَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ هَاهُنَا مُخْتَلٌّ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَكَرَّرَ لَيْسَ قَيْدًا
إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ احْتَرَزَ

عَمَّا شُرِعَ غَيْرَ مُكَرَّرٍ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ كَالرُّكُوعِ فَإِنَّهُ إذَا وَقَعَ بَعْدَ السُّجُودِ لَا يَقَعُ مُعْتَدًّا بِهِ .
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ إيرَادَهُمْ لِنَظِيرِ تَقْدِيمِ الرُّكْنِ الرُّكُوعَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَرْكَانِ الَّتِي لَهَا مَدْخَلٌ فِي التَّرْتِيبِ .
وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ فَعُلِمَ أَنَّ رِعَايَةَ التَّرْتِيبِ وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ فِي صُورَةٍ بِخُصُوصِهَا وُجُوبُ رِعَايَتِهِ فِي صُورَةٍ خَالِيَةٍ عَنْ ذَلِكَ الْخُصُوصِ .
وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ وَيَخْطُرُ بِبَالِي
إلَخْ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْطُرَ بِالْبَالِ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ نَفْسُهُ فِي مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِي الْأَرْكَانِ وَتَكْبِيرُ الِافْتِتَاحِ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ بَلْ هُوَ شَرْطٌ وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ ، وَلَوْ سُلِّمَ فَمُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إنَّمَا يَكُونُ فَرْضًا إذَا أَمْكَنَ فَكُّ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا لِيَكُونَ مَقْدُورًا فَيَكُونَ فَرْضًا وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَخِيرَةٌ وَتَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ مِنْ حَيْثُ هِيَ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ لَا تَقْبَلُ فَكَّ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ تَوْجِيهًا لِكَلَامِ الْهِدَايَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِي لِكَشْفِ أَسْرَارِ هَذَا الْمَقَامِ وَتَحْقِيقِهِ ، وَقَدْ وَقَعَ هَاهُنَا مِنْ بَعْضِ أَهْلِ السَّلَفِ وَمَنْ حَالُهُ حِرْصٌ عَلَى رَدِّ كَلَامِ الْمُجْتَهِدِينَ وَشَغَفٌ مَا يَتَعَجَّبُ النَّاظِرُ فِيهِ مِنْ حَالِهِ وَيَقِيسُ عَلَيْهِ سَائِرَ مَا صَدَرَ عَنْهُ مِنْ مَقَالِهِ .

( قَوْلُهُ وَمِنْهَا أَيْ مِنْ الْفُرُوضِ تَرْتِيبُ الْقِيَامِ
إلَخْ ) أَقُولُ وَمِنْهَا تَرْتِيبُ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ عَلَى غَيْرِهِ كَالسُّجُودِ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْقُعُودِ سَجْدَةً أَوْ نَحْوَهَا بَطَلَ الْقُعُودُ ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ فَرْضٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ أَيْ تَقْدِيمُهُ بِقَصْدِ التَّرْتِيبِ ) فِيهِ تَأَمُّلٌ ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْأَرْكَانِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا فِي مَحَالِّهَا وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ تَحْصِيلُهُ .
( قَوْلُهُ وَجُزْءٌ صُورِيٌّ هِيَ الْهَيْئَةُ ) أَنَّثَ الْعَائِدَ ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْجِعُ مُذَكَّرًا رِعَايَةً لِلْخَبَرِ الْهَيْئَةُ ( قَوْلُهُ .
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ إيرَادَهُمْ ) أَقُولُ إنْ أَرَادَ نَحْوَ عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ فَقَدْ بَيَّنَ وَجْهَهَا وَأَنَّ الْمُرَادَ لَازِمُ التَّقْدِيمِ وَهُوَ تَأْخِيرُ الْقِرَاءَةِ عَنْ الرُّكُوعِ فَصَدَقَ قَوْلُهُمْ الرُّكُوعُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ يُوجِبُ السَّهْوَ ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ مَعَ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ صَحِيحٌ لِابْتِنَائِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ تَقْدِيمِ الْمُتَّحِدِ شَرْعِيَّةً عَلَى مِثْلِهِ .
( قَوْلُهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ ) يَعْنِي مِنْ بَيَانِ فَرْضِ التَّرْتِيبِ فِيمَا اتَّحَدَتْ شَرْعِيَّتُهُ وَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّهُمْ أَوْرَدُوهُ لِبَيَانِ مَا يُفْتَرَضُ تَرْتِيبُهُ وَلَيْسَ إلَّا لِبَيَانِ مَا يَجِبُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الذَّخِيرَةِ ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الرُّكُوعِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَاجِبٌ لَا فَرْضٌ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَمَّا الثُّنَائِيَّةُ وَبَاقِي الْمَغْرِبِ إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَى مِنْهَا فَيُفْتَرَضُ تَقْدِيمُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الرُّكُوعِ فِيهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ تَدَارُكِهِ بِتَرْكِهِ فِيهَا فَقَوْلُهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ هُنَا فَاعْلَمْهُ .
( قَوْلُهُ إذْ لَا يَلْزَمُ
إلَخْ ) يَعْنِي فَيَكُونُ التَّرْتِيبُ فِي صُورَةٍ خَالِيَةٍ عَنْ ذَلِكَ الْخُصُوصِ إمَّا فَرْضًا أَوْ سُنَّةً .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا ) إنْ أَرَادَ

الْإِشَارَةَ لِكَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فِي مَتْنِهِ فَالْمُرَادُ الْأَرْكَانُ الْمُتَكَرِّرَةُ فِي الرَّكْعَةِ وَإِلَّا فَالْمُتَّحِدَةُ .
( قَوْلُهُ وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ ) أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بَلْ قَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا يُفِيدُ الشَّرْطِيَّةَ بِقَوْلِهِ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عَدَمٌ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّهُ الْقُعُودُ الْأَخِيرُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ سُلِّمَ ) أَيْ مَا خَطَرَ لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ .
( قَوْلُهُ فَمُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إنَّمَا يَكُونُ فَرْضًا إذَا أَمْكَنَ فَكُّ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا ) أَقُولُ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّوَابُ نَفْيُ الْفَرْضِيَّةِ مَعَ إمْكَانِ فَكِّ التَّرْتِيبِ فَيُقَالُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إنَّمَا لَا يَكُونُ فَرْضًا إذَا أَمْكَنَ فَكُّ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا .
( قَوْلُهُ لِيَكُونَ مَقْدُورًا فَيَكُونَ فَرْضًا ) ضَمِيرُهُ يَرْجِعُ لِلتَّرْتِيبِ فَالْمَعْنَى إذَا أَمْكَنَ فَكُّ التَّرْتِيبِ كَانَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا مَقْدُورًا فَرْضًا وَهَذَا بَاطِلٌ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَتَى أَمْكَنَ فَكُّ التَّرْتِيبِ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا .
( قَوْلُهُ وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ
إلَخْ ) حَاصِلُهُ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا بَلْ وَاجِبَةً فِيمَا بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُمْكِنُ فَكُّ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا لِلْقُدْرَةِ عَلَى تَدَارُكِ الْمَتْرُوكِ وَصِحَّةِ الْفِعْلِ الْمَقْدُومِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ فِيمَا لَا يَقْبَلُ فَكَّ التَّرْتِيبِ فَرْضٌ كَالسُّجُودِ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَا يَصِحُّ بِتَدَارُكِ الرُّكُوعِ وَحْدَهُ بَعْدَهُ .
( قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِي
إلَخْ ) قَدْ ذَكَرَ مِثْلَهُ مَنْ حَشَّى عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ ، وَكَذَا صَاحِبُ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ وَأَجَابَ عَنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مُحَشِّي هَذَا الْكِتَابِ فَمَنْ أَرَادَهُ فَلْيُرَاجِعْهُ .

( وَمِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْفَرَائِضِ ( الْخُرُوجُ ) مِنْ الصَّلَاةِ ( بِصُنْعِهِ ) أَيْ فِعْلِهِ الِاخْتِيَارِيِّ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَإِنَّهُ فَرْضٌ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا لَهُمَا مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ يُضَادُّ الصَّلَاةَ فَلَا يَكُونُ مِنْ جُمْلَتِهَا وَلَهُ أَنَّ لِلصَّلَاةِ تَحْرِيمًا وَتَحْلِيلًا فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِصَنْعَةٍ كَالْحَجِّ ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَدَاءُ صَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ هَذِهِ وَكُلُّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا مِثْلَهُ ، كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَقُولُ فِي قَوْلِهِ ، وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ
إلَخْ بَحْثٌ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ الرُّكْنِيَّةِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْفَرِيضَةَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَالتَّحْرِيمَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ اسْتِدْلَالُ الْإِمَامِ بِقَوْلِهِ إنَّ لِلصَّلَاةِ تَحْرِيمًا وَتَحْلِيلًا .
وَبَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْخُرُوجِ بِقَوْلِهِ ( يُسَلِّمُ ) الْمُصَلِّي ( مَعَ الْإِمَامِ ) أَيْ مُقَارِنًا سَلَامَهُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ كَمَا فِي التَّحْرِيمَةِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بَعْدَ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ وَعِنْدَهُمَا يُسَلِّمُ بَعْدَهُ كَمَا يُكَبِّرُ لِلتَّحْرِيمَةِ بَعْدَهُ ( عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ ) فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ إلَى جَانِبَيْهِ { ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْسَرِ } ( نَاوِيًا ) بِخِطَابِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ( الْقَوْمَ وَالْحَفَظَةَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ ) أَيْ يَنْوِي بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْحَفَظَةِ ، وَقِيلَ لَا يَنْوِي النِّسَاءَ فِي زَمَانِنَا ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَحْضُرْنَ الْمَسْجِدَ غَالِبًا ، وَبِالثَّانِيَةِ مَنْ عَنْ يَسَارِهِ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهُمْ بِوَجْهِهِ وَيُخَاطِبُهُمْ بِلِسَانِهِ فَيَنْوِيهِمْ بِجَنَانِهِ إذْ السَّلَامُ قُرْبَةٌ وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ .
( وَ

) نَاوِيًا ( الْإِمَامَ فِي جَانِبِهِ وَفِيهِمَا إنْ حَاذَاهُ ) يَعْنِي يَنْوِي إمَامَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَهُوَ أَحَقُّ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنَ إلَيْهِمْ بِالْتِزَامِ صَلَاتِهِمْ صِحَّةً وَفَسَادًا ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ نَوَاهُ فِيهِمْ ، وَلَوْ فِي الْأَيْسَرِ نَوَاهُ فِيهِمْ ، وَلَوْ بِحِذَائِهِ نَوَاهُ بِالْأَوْلَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذْ تَعَارَضَ الْجَانِبَانِ فَرَجَّحَ الْيَمِينَ .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْوِي فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ عِنْدَ التَّعَارُضِ مُمْكِنٌ فَلَا يُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ ( وَ ) يُسَلِّمُ ( الْإِمَامُ ) نَاوِيًا ( بِهِمَا ) أَيْ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ وَالْمُرَادُ خِطَابُهُمَا ( الْقَوْمَ وَالْحَفَظَةَ ، وَ ) يُسَلِّمُ ( الْمُنْفَرِدُ ) نَاوِيًا بِهِمَا ( الْحَفَظَةَ فَقَطْ ) إذْ لَيْسَ مَعَهُ سِوَاهُمْ وَلَا يَصِحُّ خِطَابُ الْغَائِبِ ( وَهُوَ ) أَيْ لَفْظُ السَّلَامِ ( وَاجِبٌ وَالْبَوَاقِي سُنَنٌ ) وَهِيَ ظَاهِرَةٌ ( وَلَهَا ) أَيْ لِلصَّلَاةِ ( وَاجِبَاتٌ أُخَرُ كَرِعَايَةِ التَّرْتِيبِ فِيمَا تَكَرَّرَ فِي الرَّكْعَةِ كَالسَّجْدَةِ ) ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ ( وَتَرْكِ التَّكْرِيرِ فِيمَا فُرِضَ غَيْرَ مُكَرَّرٍ كَالرُّكُوعِ ) حَتَّى لَوْ كَرَّرَهُ عَمْدًا أَثِمَ أَوْ سَهْوًا وَجَبَ السَّجْدَةُ ( وَقُنُوتِ الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَالْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ فِيمَا يُجْهَرُ وَيُسَرُّ ) بِقَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ ، وَقِيلَ هُمَا سُنَّتَانِ حَتَّى لَا يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهِمَا ( وَلَهَا آدَابٌ هِيَ نَظَرُهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ ) حَالَ الْقِيَامِ وَإِلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ حَالَ الرُّكُوعِ وَإِلَى أَرْنَبَتِهِ حَالَ السُّجُودِ وَإِلَى حِجْرِهِ فِي قُعُودِهِ وَإِلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ حَالَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَإِلَى الْأَيْسَرِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخُشُوعُ وَتَرْكُ التَّكَلُّفِ فَإِذَا تَرَكَهُ وَقَعَ بَصَرُهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ ، كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ( وَكَظْمُ فَمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ ) أَيْ سَتْرُهُ

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ } ( وَإِخْرَاجُ كَفَّيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ وَأَبْعَدُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْجَبَابِرَةِ ( وَدَفْعُ السُّعَالِ مَا اسْتَطَاعَ ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يُفْسِدُهَا فَيَجْتَنِبُهُ مَا أَمْكَنَ ( وَالْقِيَامُ عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ الْأُولَى ) يَعْنِي حِينَ يُقَالُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِهِ إذْ مَعْنَاهُ هَلُمَّ وَأَقْبِلْ فَيُسْتَحَبُّ الْمُسَارَعَةُ إلَيْهِ ( وَالشُّرُوعُ عِنْدَ قَامَتْ الصَّلَاةُ ) ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ أَمِينٌ ، وَقَدْ أَخْبَرَ بِقِيَامِ الصَّلَاةِ فَيُشْرَعُ عِنْدَهُ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الْكَذِبِ .

( قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا ) أَقُولُ هَذَا عَلَى تَخْرِيجِ الْبَرْدَعِيِّ أَخَذَهُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ فَقَالَ لَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ فَرْضٌ لَمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهَا وَعَلَى تَخَرُّجِ الْكَرْخِيِّ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَسَنَذْكُرُهُ ثُمَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قَوْلُهُ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ) يَعْنِي فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ .
( قَوْلُهُ أَقُولُ فِي قَوْلِهِ ، وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ
إلَخْ ) الِاعْتِرَاضُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِجُلَّتِهَا حَقِيقَتُهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُمْلَةِ مَا تَتِمُّ بِهِ الصَّلَاةُ .
( قَوْلُهُ يُسَلِّمُ الْمُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ ) أَقُولُ أَيْ إنْ كَانَ فَرَغَ الْمُصَلِّي مِنْ التَّشَهُّدِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
( تَنْبِيهٌ ) : يُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الْفَرَائِضِ فِي الْيَقِظَةِ فَلَوْ أَتَى بِأَحَدِهَا نَائِمًا لَا يَحْتَسِبُ بِهِ بَلْ يُعِيدُهُ وَنَوْمُهُ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ لَا يُبْطِلُهُ لِتَحَقُّقِهِ قَبْلَ النَّوْمِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِتْيَانِ بِهَا يَقَظَةً أَنَّ النَّائِمَ إذَا أَتَى بِرَكْعَةٍ تَامَّةٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَعِنْدَهَا يُسَلِّمُ بَعْدَهُ ) الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ لَا الْجَوَازِ عَلَى الصَّحِيحِ .
( قَوْلُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ ) هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَيَمِيلُ قَلِيلًا إلَى الْيَمِينِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا قَوْلُ الْعَامَّةِ وَبِمُجَرَّدِ لَفْظِ السَّلَامِ يَخْرُجُ مِنْهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَلَيْكُمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيَمِينِ فَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ
إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى .
وَقَالَ الْكَمَالُ ، وَلَوْ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ أَوَّلًا يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا يُعِيدُ عَنْ

يَسَارِهِ ، وَلَوْ سَلَّمَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ أُخْرَى ا هـ .
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَنَسِيَ يَسَارَهُ حَتَّى قَامَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَقْعُدُ وَيُسَلِّمُ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ .
( قَوْلُهُ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ
إلَخْ ) هُوَ السُّنَّةُ فَإِنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَجْزَأَهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ وَصَرَّحَ فِي السِّرَاجِ بِكَرَاهَةِ الْأَخِيرِ وَأَنَّهُ لَا يَقُولُ وَبَرَكَاتُهُ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ثَابِتٌ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ بِأَنَّهَا جَاءَتْ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد ا هـ .
وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ أَخْفَضَ مِنْ الْأُولَى كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ) أَقُولُ وَمُؤْمِنِي الْجِنِّ أَيْضًا وَيُزَادُ عَلَيْهِ نِيَّةُ مَنْ كَأَنَّهُ أَمَامَهُ أَوْ وَرَاءَهُ بِالدَّلَالَةِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِ سَلَامِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَنْوِي جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَالْحَفَظَةَ ) أَخَّرَهُ لِلْإِشْعَارِ بِالتَّفْضِيلِ بَيْنَ الْبَشَرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالتَّفْصِيلُ فِي ذَلِكَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ .
( قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ الْإِمَامُ
إلَخْ ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَقِيلَ لَا يَنْوِيهِمْ ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ إلَيْهِمْ بِالسَّلَامِ ، وَقِيلَ يَنْوِي بِالْأُولَى لَا غَيْرُ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ لَفْظُ السَّلَامِ وَاجِبٌ ) أَقُولُ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ، وَقِيلَ الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْوَاجِبُ لَفْظُ السَّلَامِ دُونَ عَلَيْكُمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَالْبَوَاقِي سُنَنٌ ) أَقُولُ حَتَّى الِالْتِفَاتُ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ يَمِينًا وَيَسَارًا وَالْبُدَاءَةُ بِالْيَمِينِ فِيهِمَا قَوْلُهُ وَإِخْرَاجُ كَفَّيْهِ ) أَقُولُ يَعْنِي إنْ

كَانَ رَجُلًا .
( قَوْلُهُ وَالْقِيَامُ عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ الْأُولَى ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ حَاضِرًا بِقُرْبٍ مِنْ الْمِحْرَابِ وَإِلَّا فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ حِينَ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْإِمَامُ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَإِنْ دَخَلَ مِنْ قُدَّامَ وَقَفُوا حِينَ يَقَعُ بَصَرُهُمْ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ وَالشُّرُوعُ ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَشْرَعُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْإِقَامَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ ، وَلَوْ أَخَّرَ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ لَا بَأْسَ بِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( تَتِمَّةٌ ) : سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ ا هـ .
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِلْجُلُوسِ لِلْإِتْيَانِ بِالدُّعَاءِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ لَكِنْ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَرْضَ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ ذَلِكَ .
وَرَوَى أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ حَتَّى يَتَشَوَّشَ الصُّفُوفَ ، كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ ا هـ .
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَوْرَادِ الَّتِي وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا لَكِنَّهُ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مِمَّا بَعْدَهَا سُنَّةً فَالسُّنَّةُ وَصْلُهَا بِالْفَرْضِ وَرَجَّحَ كَرَاهَةَ الْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ بِالْأَذْكَارِ وَالْأَوْرَادِ وَالْأَدْعِيَةِ وَمُقَابِلُ مَا رَجَّحَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ بَيْنَهُمَا الْأَوْرَادَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ ا هـ .
وَالْمُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَيَسْتَغْفِرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَأَنْ يَقْرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَكَذَلِكَ يَقْرَأَ الْمُصَلِّي لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ لَمْ

يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إلَّا الْمَوْتُ وَمَنْ قَرَأَهَا حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ آمَنَهُ اللَّهُ عَلَى دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ وَأَهْلِ دُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ إلَّا أَنَّهُ ضَعَّفَ إسْنَادَهُ وَيَقْرَأُ الْمُعَوِّذَاتِ وَيُسَبِّحُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً وَيَحْمَدُ كَذَلِكَ وَيُكَبِّرُ كَذَلِكَ ثُمَّ يُهَلِّلُ مَرَّةً لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ سَبَّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ .
وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ } كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَوَرَدَ فِي فَضْلِهَا غَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ مِنْ الْأَدْعِيَةِ الْجَامِعَةِ الْمَأْثُورَةِ لِقَوْلِ أَبِي أُمَامَةَ { قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفَ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ رَافِعًا يَدَيْهِ حِذَاءَ صَدْرِهِ جَاعِلًا بُطُونَ يَدَيْهِ مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ بِخُشُوعٍ وَسُكُونٍ ثُمَّ يَخْتِمُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { سُبْحَانَ رَبِّكَ } الْآيَةَ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى مِنْ الْأَجْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلْيَكُنْ آخِرُ كَلَامِهِ إذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ سُبْحَانَ رَبِّك الْآيَةَ وَيَمْسَحُ يَدَيْهِ ، وَوَجْهَهُ فِي آخِرِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا دَعَوْت اللَّهَ فَادْعُ بِبَاطِنِ كَفَّيْك وَلَا تَدْعُ بِظُهُورِهِمَا فَإِذَا فَرَغْت فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَك } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .

فَصْلٌ ( الْإِمَامُ يَجْهَرُ فِي الْفَجْرِ وَأُولَى الْعِشَاءَيْنِ أَدَاءً وَقَضَاءً وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّرَاوِيحِ وَوِتْرٍ بَعْدَهَا ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ الْمُتَوَارَثُ مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا ( إلَّا فِي قُنُوتِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا كَذَلِكَ ( وَالْمُنْفَرِدُ يُخَيَّرُ فِي ) الصَّلَاةِ ( الْجَهْرِيَّةِ إنْ أَدَّى ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْمُنْفَرِدُ الْأَدَاءَ خُيِّرَ إنْ شَاءَ جَهَرَ لِكَوْنِهِ إمَامَ نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ لِيَكُونَ الْأَدَاءُ عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ وَيُرْوَى إنْ صَلَّى عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ صَلَّتْ بِصَلَاتِهِ صُفُوفٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ ، وَإِنْ شَاءَ خَافَتَ إذْ لَيْسَ خَلْفَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ قَيَّدَ بِالْجَهْرِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ فِي غَيْرِهَا بَلْ يُخَافِتُ فِيهِ حَتْمًا هُوَ الصَّحِيحُ ( كَمُتَنَفِّلٍ بِاللَّيْلِ ) فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ ( وَقِيلَ يُخَافِتُ ) الْمُنْفَرِدُ ( إنْ قَضَى الْجَهْرِيَّةَ كَمُتَنَفِّلٍ بِالنَّهَارِ ) فِي الْهِدَايَةِ مَنْ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ فَقَضَاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إنْ أَمَّ فِيهَا جَهَرَ ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ خَافَتَ حَتْمًا وَلَا يَتَخَيَّرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ الْجَهْرَ مُخْتَصٌّ إمَّا بِالْجَمَاعَةِ حَتْمًا أَوْ بِالْوَقْتِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا ( وَقِيلَ يُخَيَّرُ ) فِي الْكَافِي مَنْ قَضَى الْعِشَاءَ نَهَارًا إنْ أَمَّ جَهَرَ وَإِذَا كَانَ وَحْدَهُ خُيِّرَ وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الصَّحِيحُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ وَالْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ فِي شُرُوحِهِمْ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ سَبَبَيْ الْجَهْرِ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ ، وَقَدْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْهُمَا فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ .
وَأَمَّا مُوَافَقَةُ الْقَضَاءِ الْأَدَاءَ

فَلَيْسَ عَلَى سَبَبِيَّتِهَا إجْمَاعٌ وَلَا نَصٌّ فَجَعْلُهَا سَبَبًا يَكُونُ إثْبَاتَ سَبَبٍ بِالرَّأْيِ ابْتِدَاءً وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَعَلَّ هَذَا حَمَلَ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ عَلَى حَصْرِ الصِّحَّةِ فِيهِ فَيَكُونُ مُرَادُهُ الصِّحَّةَ دِرَايَةً لَا رِوَايَةً أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَنْتَفِي إذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى حَصْرِ السَّبَبِيَّةِ فِي الْمَذْكُورَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَيْفَ ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْحَصْرِ إجْمَاعٌ لَمَا حَصَلَ الذُّهُولُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْفُحُولِ بَلْ الْإِجْمَاعُ عَلَى كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا سَبَبًا لِلْجَهْرِ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ يَجُوزُ تَعْلِيلُهُ وَإِلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ وَجَوَازُ الْجَهْرِ فِي الْوَقْتِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ بَلْ أَفْضَلِيَّتُهُ مُعَلَّلٌ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ كَمَا هِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْأَدَاءِ مَشْرُوعَةٌ أَيْضًا فِي الْقَضَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ فِي قَضَاءِ الْمُنْفَرِدِ الْجَهْرِيَّةَ أَيْضًا أَفْضَلَ بِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ دِرَايَةً أَيْضًا وَلِذَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْكَافِي ( الْجَهْرُ إسْمَاعُ غَيْرِهِ وَالْمُخَافَتَةُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ ) هَذَا مُخْتَارُ الْهِنْدُوَانِيِّ .
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ الْجَهْرُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ وَالْمُخَافَتَةُ تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلُ اللِّسَانِ لَا الصِّمَاخِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ حَرَكَةِ اللِّسَانِ لَا تُسَمَّى قِرَاءَةً بِلَا صَوْتٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنُّطْقِ كَالتَّسْمِيَةِ فِي الذَّبِيحَةِ وَوُجُوبِ السَّجْدَةِ فِي التِّلَاوَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ .

( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ الْإِمَامُ يَجْهَرُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ فِي الْجَهْرِ ا هـ .
وَإِذَا جَهَرَ فَوْقَ حَاجَةِ النَّاسِ فَقَدْ أَسَاءَ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ إلَّا فِي قُنُوتِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا كَذَلِكَ ) أَيْ لَا يَجْهَرُ فِي قُنُوتِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَأْثُورَ فِيهِ الْإِخْفَاءُ وَهَذَا كَمَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَيُسِرُّ بِهِ كَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ وَالْمُقْتَدِي وَمَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ الْجَهْرُ بِالْقُنُوتِ كَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فِي حَقِّ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ صَلَّى
إلَخْ ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَكِنْ لَا يُبَالِغُ أَيْ الْمُنْفَرِدُ فِي الْجَهْرِ مِثْلَ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْمِعُ غَيْرَهُ .
( قَوْلُهُ قَيَّدَ بِالْجَهْرِيَّةِ
إلَخْ ) ، كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ ، وَذَكَرَ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُخَيَّرُ فِيمَا يُخَافَتُ أَيْضًا اسْتِدْلَالًا بِعَدَمِ وُجُوبِ سُجُودِ السَّهْوِ عَلَيْهِ إذَا جَهَرَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ أَعْظَمُ ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ الْجَهْرَ وَالْإِسْمَاعَ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ فِيمَا دَفَعَ بِهِ شَارِحُ الْكَنْزِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا نُنْكِرُ أَنَّ وَاجِبًا قَدْ يَكُونُ آكَدًا مِنْ وَاجِبٍ لَكِنْ لَمْ يُنَطْ وُجُوبُ السُّجُودِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ لَا بِآكَدِ الْوَاجِبَاتِ أَوْ بِرُتْبَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْهُ فَحَيْثُ كَانَتْ الْمُخَافَتَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْمُنْفَرِدِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ بِتَرْكِهَا السُّجُودُ ا هـ قُلْت وَمَا ذَكَرَهُ عِصَامٌ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ أَيْ وُجُوبُ الْمُخَافَتَةِ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ يُخَافِتُ الْمُنْفَرِدُ إنْ قَضَى الْجَهْرِيَّةَ
إلَخْ ) أَقُولُ جَعَلَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْهِدَايَةِ سَنَدًا لِقَوْلِهِ قِيلَ يُخَافِتُ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ

الْكَافِي سَنَدًا لِقَوْلِهِ ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَالْأَكْثَرُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْكَافِي فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا كَيْفَ ، وَقَدْ ذَكَرَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ فِي قَضَاءِ الْمُنْفَرِدِ الْجَهْرِيَّةَ أَيْضًا أَفْضَلَ بِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ ) أَقُولُ الْحَدِيثُ هُوَ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ
إلَخْ ، وَقَدْ نَظَرَ الْكَمَالُ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ الْمُخَافَتَةُ فِي الْجَهْرِيَّةِ إذَا قَضَاهَا نَهَارًا فَقَالَ : وَقَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْجَهْرَ
إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ يَنْتَفِي بِنَفْيِ الْمُدْرَكِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَعْلُومُ مِنْ الشَّرْعِيِّ كَوْنُ الْجَهْرِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ تَخْيِيرًا فِي الْوَقْتِ وَحَتْمًا عَلَى الْإِمَامِ مُطْلَقًا ، وَلَوْلَا الْأَثَرُ الْمَذْكُورُ لَقُلْنَا بِتَقْيِيدِهِ بِالْوَقْتِ فِي الْإِمَامِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ فِي الْمُنْفَرِدِ مَعْدُومٌ فَيَبْقَى الْجَهْرُ فِي حَقِّهِ عَلَى الِانْتِفَاءِ الْأَصْلِيِّ وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ شَرْعِيَّةُ الْإِخْفَاءِ وَالْجَهْرُ بِعَارِضِ دَلِيلٍ آخَرَ فَعِنْدَ فَقْدِهِ يُرْجَعُ إلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ نَقْلِهِمْ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْهَرُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فَشَرَعَ الْكُفَّارُ يُغَلِّطُونَهُ فَأَخْفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ } فَإِنَّهُمْ كَانُوا غُيَّبًا نَائِمِينَ وَبِالطَّعَامِ مَشْغُولِينَ فَاسْتَقَرَّ كَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَصْلَ الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاءُ بِعَارِضٍ وَأَيْضًا نَفْيُ الْمُدْرَكِ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى أَدَائِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا الْإِعْلَامَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ ، وَقَدْ سُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَنْ يُعْلِمُهُ بِهِمَا فَعُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مُرَاعَاةُ هَيْئَةِ

الْجَمَاعَةِ ، وَقَدْ رُوِيَ مَنْ صَلَّى عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ صَلَّتْ بِصَلَاتِهِ صُفُوفٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ ا هـ .
وَرَأَيْت بِهَامِشِ فَتْحِ الْقَدِيرِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا صُورَتُهُ هَذَا الْقِيَاسُ لَمْ أَرَهُ إلَّا لِشَيْخِنَا وَاسْتَقَرَّ كَلَامُ الشَّيْخِ أَكْمَلِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا سَمْعَ فِيهَا وَعِنْدِي أَنَّ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا ، وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ فَزِعَ إلَيْهَا فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا } دَلِيلٌ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ .
وَقَوْلُهُ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا يَعُمُّ الْإِمَامَ وَيَعُمُّ الْجَهْرَ وَغَيْرَهُ ، وَكَذَا مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَدَاةِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ افْعَلُوا مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ قَالَ فَفَعَلْنَا ، وَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا مَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ } فَإِنَّ مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ يَعُمُّ الْجَهْرَ وَمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ يَعُمُّ الْمُنْفَرِدَ وَغَيْرَهُ ا هـ .
وَكَذَا تَعَقَّبَ الْهِدَايَةِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحُكْمَ يَجُوزُ أَنْ مَعْلُولًا بِعِلَلٍ شَتَّى وَعِلَّةُ الْجَهْرِ هُنَا أَنَّ الْقَضَاءَ يُحَاكِي الْأَدَاءَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلْقَضَاءِ كَالْأَدَاءِ ا هـ فَبِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَوَّلَ إلَّا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْكَافِي كَغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ وَلِذَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْكَافِي ) أَيْ اخْتَارَ التَّخْيِيرَ لِمَنْ قَضَى الْعِشَاءَ نَهَارًا وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ كَمَا قَدَّمَهُ .
( قَوْلُهُ الْجَهْرُ إسْمَاعُ غَيْرِهِ ) أَطْلَقَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ الْإِمَامُ إذَا

قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ لَا يَكُونُ جَهْرًا وَالْجَهْرُ أَنْ يَسْمَعَ الْكُلُّ .
( قَوْلُهُ وَالْمُخَافَتَةُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ ) قَالَ فِي الْكَافِي إلَّا لِمَانِعٍ أَيْ فَيَكْفِي مَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ لَسَمَّعَ نَفْسَهُ .
( قَوْلُهُ هَذَا مُخْتَارُ الْهِنْدُوَانِيِّ ) أَقُولُ ، وَكَذَا قَالَ الْفَضْلِيُّ أَدْنَى الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعُ غَيْرَهُ وَأَدْنَى الْمُخَافَتَةِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ .
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَصَحُّ أَنْ لَا يَجْزِيهِ مَا لَمْ يَسْمَعْ أُذُنَاهُ وَيَسْمَعْ مَنْ بِقُرْبِهِ كَمَا فِي الْكَافِي وَمُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لِلْعَيْنِيِّ ( قَوْلُهُ كَالتَّسْمِيَةِ
إلَخْ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ، وَكَذَا الْإِيلَاءُ وَالْبَيْعُ عَلَى الْخِلَافِ ، وَقِيلَ الصَّحِيحُ فِي الْبَيْع أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ الْمُشْتَرِيَ ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ فِي شَرْحِ مُخْتَلَفَاتِهِ أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدِي أَنَّ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ يُكْتَفَى بِسَمَاعِهِ وَفِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ يُشْتَرَطُ سَمَاعُ غَيْرِهِ مَثَلًا فِي الْبَيْعِ لَوْ أَدْنَى الْمُشْتَرِي صِمَاخَهُ إلَى فَمِ الْبَائِعِ وَسَمِعَ يَكْفِي ، وَلَوْ سَمَّعَ الْبَائِعُ نَفْسَهُ وَلَمْ يُسْمِعْهُ الْمُشْتَرِيَ لَا يَكْفِي وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَنَادَاهُ مِنْ بُعْدٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ لَا يَحْنَثُ ا هـ قُلْت قَدْ ضَعَّفَهُ فِي الْكَافِي حَيْثُ قَالَ ، وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ يُكْتَفَى بِسَمَاعِهِ
إلَخْ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ الْأَصَحُّ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ ا هـ .
وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ الشَّرْطُ سَمَاعُ نَفْسِهِ ، وَكَذَا يُضَعِّفُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ .

( تَرَكَ سُورَةَ أُولَيَيْ الْعِشَاءِ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ قَرَأَهَا ) أَيْ السُّورَةَ ( مَعَ الْفَاتِحَةِ جَهْرًا فِي الْأُخْرَيَيْنِ ، وَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ ) فِي الْأُولَيَيْنِ ( لَا ) أَيْ لَا يَقْضِيهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْأُخْرَيَيْنِ فَلَوْ قَضَى فِيهِمَا فَاتِحَةَ الْأُولَيَيْنِ لَزِمَ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ .

( قَوْلُهُ قَرَأَهَا أَيْ السُّورَةَ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَضَاءِ السُّورَةِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ وَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ الْمُجْتَهِدِ فَجَرَى مَجْرَى إخْبَارِ صَاحِبِ الشَّرْعِ فِي اقْتِضَاءِ الْوُجُوبِ ، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ مَا يَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابَ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ ا هـ .
كَذَا فِي الْكَافِي .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ أَيْ مَا فِي الْأَصْلِ أَصْرَحُ فَيَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ الْأَصَحُّ مَا قَالَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ التَّصْنِيفَيْنِ .
( قَوْلُهُ مَعَ الْفَاتِحَةِ ) أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ تَرْتِيبِهِمَا ، وَقَالَ الْكَمَالُ قِيلَ يُقَدِّمُ السُّورَةَ ، وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْفَاتِحَةَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ إذْ تَقْدِيمُ السُّورَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمَعْهُودِ ا هـ .
وَاخْتُلِفَ فِي الْفَاتِحَةِ هَلْ تَصِيرُ وَاجِبَةً كَالسُّورَةِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ جَهْرًا ) قَيْدٌ فِي الْقِرَاءَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ فِي رَكْعَةٍ شَنِيعٌ وَتَغْيِيرُ النَّفْلِ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ أَوْلَى وَصَحَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالسُّورَةِ فَقَطْ وَجَعَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَ مِنْ الْجَوَابِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ الصَّوَابَ قَوْلًا بَعْدَ التَّخْيِيرِ وَلَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ فِي رَكْعَةٍ ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ تَلْتَحِقُ بِمَوْضِعِهَا تَقْدِيرًا كَمَا فِي الْبَحْرِ قُلْت فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْقِرَاءَةُ فِي مَحَلِّهَا مَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ يَعْقُوبُ بَاشَا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَنْ شَرَعَ

فِي صَلَاةٍ يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْتَدِي بِهِ وَاخْتَارَ الْمُخَافَتَةَ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ دَخَلَ فِي صَلَاةِ جَمَاعَةٍ يَجْهَرُ بِالسُّورَةِ إنْ قَصَدَ الْإِمَامَةَ ا هـ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَمْعَ هُنَا بِاعْتِبَارَيْنِ فَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا
إلَخْ ) أَقُولُ يَرِدُ عَلَى مَا عَلَّلَ بِهِ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ كَمَا أَوْرَدَهُ أَبُو يُوسُفَ لِنَفْيِهِ قَضَاءَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ كَالْفَاتِحَةِ وَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَهُمَا وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي مَشْرُوعَةٌ فَإِذَا قَرَأَهَا مَرَّةً وَقَعَتْ عَنْ الْأَدَاءِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا فِي مَحِلِّهَا ، وَلَوْ كَرَّرَهَا خَالَفَ الْمَشْرُوعَ بِخِلَافِ السُّورَةِ فَإِنَّ الشَّفْعَ الثَّانِيَ لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا أَدَاءً فَجَازَ أَنْ تَقَعَ قَضَاءً ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْقَضَاءِ ا هـ قُلْت فَظَاهِرُهُ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ السُّورَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مَشْرُوعَةٌ لَهُ نَفْلًا وَالْقَضَاءُ صَرْفُ مَا شُرِعَ لَهُ لِمَا عَلَيْهِ فَقَضَاءُ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مَشْرُوعٌ وَبِالْإِتْيَانِ بِهِ يَحْصُلُ قَضَاءُ مَا عَلَيْهِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ مُورِدًا عَلَى مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ ، وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ إيقَاعُ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ يُخْلِيهِمَا عَنْهَا حُكْمًا كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ثَانِيًا لِلْقَضَاءِ يَجِبُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْأُولَيَيْنِ فَيَخْلُوَ الثَّانِي عَنْ تَكْرَارِهَا حُكْمًا ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ الْمُتَحَقِّقُ عَدَمُ الْمَحَلِّيَّةِ فَلَزِمَ كَوْنُهَا قَضَاءً .
ا هـ .

( وَتُطَالُ أُولَى الْفَجْرِ ) عَلَى الثَّانِيَةِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا أُولَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْفَجْرِ إجْمَاعًا لِيُدْرِكَ النَّاسُ الْجَمَاعَةَ وَسُنَّةَ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ غَفْلَةٍ بِخِلَافِ سَائِرِهَا وَالتَّطْوِيلُ مُعْتَبَرٌ مِنْ حَيْثُ الْآيُ إنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَاوِتَةً اعْتَبَرَ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفَ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ الثُّلُثَانِ فِي الْأُولَى وَالثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَهَذَا بَيَانُ الِاسْتِحْبَابِ أَمَّا بَيَانُ الْحُكْمِ فَالتَّفَاوُتُ ، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا لَا بَأْسَ بِهِ لِوُرُودِ الْأَثَرِ وَإِطَالَةُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى تُكْرَهُ إجْمَاعًا ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ التَّفَاوُتُ بِثَلَاثِ آيَاتٍ ، وَإِنْ كَانَ آيَةً وَآيَتَيْنِ لَا يُكْرَهُ ؛ { لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ } وَأُخْرَاهُمَا أَطْوَلُ مِنْ الْأُولَى بِآيَةٍ ، كَذَا فِي الْكَافِي .

( قَوْلُهُ أَيْ لَا أُولَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ ) أَيْ الْمَفْرُوضَاتِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ كَالْفَجْرِ وَاخْتُلِفَ فِي السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ صَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِكَرَاهَةِ تَطْوِيلِ رَكْعَةٍ مِنْ التَّطَوُّعِ وَنَقْصِ أُخْرَى وَأَطْلَقَ فِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فِي السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ ؛ لِأَنَّ أَمْرَهَا أَسْهَلُ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْيُسْرِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى فَكَانَ الظَّاهِرُ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ غَفْلَةٍ ) أَقُولُ يَعْنِي بِالنَّوْمِ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الْغَفْلَةِ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَلِهَذَا أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ السُّنَّةَ فِي الْجَمِيعِ وَهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ الْغَفْلَةِ بِسَبَبِ الْكَسْبِ وَالْغَفْلَةِ بِالنَّوْمِ بِأَنَّ الْأُولَى مُضَافَةٌ إلَيْهِ حَتَّى اسْتَحَقَّ عَلَيْهَا الْعِقَابَ بِخِلَافِ النَّوْمِ كَمَا فِي الْكَافِي ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ وَفِي نَظْمِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ تَسْتَوِي الرَّكْعَتَانِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَحَبُّ .
وَفِي الْمِعْرَاجِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ مَا يَظْهَرُ بِهِ قُوَّةُ دَلِيلِهِمَا ثُمَّ قَالَ وَحَيْثُ ظَهَرَ قُوَّةُ دَلِيلِهِمَا كَانَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فَمَا فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ أَمَّا بَيَانُ الْحُكْمِ فَالتَّفَاوُتُ ، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا لَا بَأْسَ بِهِ ) أَقُولُ يَعْنِي بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ إطَالَةَ الثَّانِيَةِ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ كَمَا يَذْكُرُهُ ا هـ .
وَعَدَمُ الْبَأْسِ إذَا لَمْ يُثْقِلْ عَلَى الْقَوْمِ وَإِلَّا فَفِيهِ بَأْسٌ بِمَعْنَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا يُكْرَهُ التَّفَاوُتُ بِثَلَاثِ آيَاتٍ
إلَخْ ) أَقُولُ ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَافِي ثُمَّ قَالَ وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ مَا ثَبَتَ فِي

الصَّحِيحَيْنِ مِنْ { قِرَاءَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى بِسَبِّحْ اسْمِ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَةِ بِهَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ } مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَطْوَلُ مِنْ الْأُولَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ فَإِنَّ الْأُولَى تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً وَالثَّانِيَةَ سِتٌّ وَعِشْرُونَ آيَةً ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَأَمَّا مَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلَا أَوْ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةٌ وَفِعْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ لَا يُوصَفُ بِهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِاسْتِنَانِ قِرَاءَةِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ا هـ قُلْت الْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا لَا يَرِدُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّ التَّطْوِيلَ مُعْتَبَرٌ مِنْ حَيْثُ الْآيُ إنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَاوِتَةً اعْتَبَرَ الْكَلِمَاتِ وَالْأَحْرُفَ ا هـ إذْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْكَلِمَاتُ لِتَفَاوُتِ آيَاتِهِمَا فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ مِنْ غَيْرِ تَقَارُبٍ فَتَفَاوُتُهُمَا فِي الْكَلِمَاتِ يَسِيرٌ .

( وَلَمْ تَتَعَيَّنْ سُورَةٌ لِجَوَازِ الصَّلَاةِ ) يَعْنِي لَمْ يَجُزْ تَعْيِينُهَا لِجَوَازِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ تُقْرَأْ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ مُتَعَيِّنَةٌ لِلْجَوَازِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ } قُلْنَا النَّصُّ مُطْلَقٌ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُقَيِّدُهُ ؛ لِأَنَّهُ نَسْخٌ ( وَكُرِهَ تَعْيِينُهَا ) أَيْ سُورَةٍ ( لَهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ مِثْلُ أَنْ يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَهَلْ أَتَى فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَسُورَةَ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَجْرِ الْبَاقِي قَالُوا هَذَا إذَا رَآهُ حَتْمًا بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهَا أَوْ رَأَى غَيْرَهَا مَكْرُوهًا أَمَّا لَوْ قَرَأَهَا لِكَوْنِهَا أَيْسَرَ عَلَيْهِ أَوْ تَبَرُّكًا بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْرَأَ غَيْرَهَا أَحْيَانَا لِئَلَّا يَظُنَّ الْجَاهِلُ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يَجُوزُ ( سِوَى الْفَاتِحَةِ ) فَإِنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ لِلْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ بِلَا كَرَاهَةٍ ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِجَوَازِهَا .
( قَوْلُهُ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ
إلَخْ ) أَقُولُ وَتَمَامُهُ وَلَكِنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ فَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ } .
( قَوْلُهُ سِوَى الْفَاتِحَةِ ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَعْيِينُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ .

( الْمُؤْتَمُّ لَا يَقْرَأُ ) خَلْفَ الْإِمَامِ ( بَلْ يَسْتَمِعُ وَيُنْصِتُ .
وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ تَرْغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا } فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُقْتَدِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى حَالَةِ الْخُطْبَةِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّمَا أُمِرُوا بِهِمَا فِيهَا لِمَا فِيهَا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ( ، كَذَا الْخُطْبَةُ ) أَيْ الْمُؤْتَمُّ يَسْتَمِعُ الْخُطْبَةَ وَيُنْصِتُ ( وَإِنْ صَلَّى ) الْخَطِيبُ ( عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا إذَا قَرَأَ صَلُّوا عَلَيْهِ فَيُصَلِّي ) الْمُسْتَمِعُ ( سِرًّا ) وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ هَكَذَا لَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ بَلْ يَسْتَمِعُ وَيُنْصِتُ ، وَإِنْ قَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ تَرْغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ أَوْ خَطَبَ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ أَوْ خَطَبَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَرَأَ فَلَا يَسْتَقِيمُ فِي الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِنْصَاتُ وَاجِبًا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مُمْكِنُ الدَّفْعِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُؤْتَمُّ بِمَعْنَى مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَأْتَمَّ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ أَوْ خَطَبَ عَطْفًا عَلَى قَرَأَ الْمَحْذُوفُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ فَالْمَعْنَى لَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ إذَا قَرَأَ إمَامُهُ بَلْ يَسْتَمِعُ وَيُنْصِتُ ، وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ تَرْغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ وَلَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ إذَا خَطَبَ إمَامُهُ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ يَسْتَمِعُ وَيُنْصِتُ لَكِنْ غَيَّرْتُ الْعِبَارَةَ فَقُلْتُ ، كَذَا الْخُطْبَةُ
إلَخْ لِئَلَّا يُرَدَّ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ( وَالْبَعِيدُ ) عَنْ الْخَطِيبِ ( كَالْقَرِيبِ ) فِي وُجُوبِ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِنْصَاتِ .

( قَوْلُهُ الْمُؤْتَمُّ لَا يَقْرَأُ ) أَقُولُ فَإِنْ قَرَأَ كُرِهَ تَحْرِيمًا وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ خَلْفَ الْإِمَامِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُطْلِقُوا اسْمَ الْحُرْمَةِ عَلَيْهَا لِمَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّلِيلُ قَطْعِيًّا وَمَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُسْتَحْسَنُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ فَضَعِيفٌ وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِهِمَا وَصَرَّحَ مُحَمَّدٌ فِي كُتُبِهِ بِعَدَمِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَمَا لَا يُجْهَرُ فَإِنَّهُ فِي كِتَابِ الْآثَارِ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعْدَ مَا أَسْنَدَ إلَى عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ مَا قَرَأَ قَطُّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَلَا فِيمَا لَا يُجْهَرُ فِيهِ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ لَا نَرَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ يُجْهَرُ فِيهِ أَوْ لَا يُجْهَرُ .
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ أَيْ بِالْقِرَاءَةِ فِي قَوْلِ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي وَمَنْعُ الْمُقْتَدِي عَنْ الْقِرَاءَةِ مَأْثُورٌ عَنْ ثَمَانِينَ نَفَرًا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ الْمُرْتَضَى وَالْعَبَادِلَةُ الْأَرْبَعَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَقَدْ دَوَّنَ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَسَامِيَهُمْ ا هـ وَقَالَ الْكَمَالُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي عَدَمِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُوَ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ وَلَيْسَ مُقْتَضَى أَقْوَاهُمَا الْقِرَاءَةَ بَلْ الْمَنْعَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ تَرْغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ ) أَقُولُ ، وَكَذَا الْإِمَامُ لَا يَشْتَغِلُ بِالدُّعَاءِ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ وَمَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إلَّا سَأَلَهَا وَآيَةِ عَذَابٍ إلَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ } مَحْمُولٌ عَلَى النَّوَافِلِ مُنْفَرِدًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مُمْكِنُ الدَّفْعِ
إلَخْ ) أَقُولُ لَكِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِعْمَالُ الْمُؤْتَمِّ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ

، وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ التَّرْغِيبِ أَوْ التَّرْهِيبِ وَمَجَازِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ ا هـ قُلْت وَبَقِيَ مِنْ اعْتِرَاضِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ كَلَامَ الْكَنْزِ يَقْتَضِي أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِعَتَيْنِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَأَجَابَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا بِقَوْلِهِ أَوْ خَطَبَ عَطْفٌ عَلَى قَرَأَ لَمَّا كَانَتْ الْخُطْبَةُ قَائِمَةً مُقَامَ رَكْعَتَيْ الظُّهْرِ نَزَلَ مَنْ حَضَرَهَا مَنْزِلَةَ الْمُؤْتَمِّ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَفِي قَوْلِهِ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ أَوْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِعَتَيْنِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَلَا اتِّجَاهَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِنْصَاتُ وَاجِبًا قَبْلَ الْخُطْبَةِ لِانْعِدَامِ التَّنْزِيلِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ فَتَدَبَّرْ ا هـ .
وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ .
( قَوْلُهُ لَكِنْ غَيَّرْتُ الْعِبَارَةَ فَقُلْتُ ، كَذَا الْخُطْبَةُ ) أَقُولُ ، وَكَذَا غَيَّرَهَا فِي النُّقَايَةِ بِقَوْلِهِ ، وَكَذَا فِي الْخُطْبَةِ .

( الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ) ، وَقِيلَ فَرْضٌ ( لِلرِّجَالِ ) وَسَيَأْتِي أَنَّ جَمَاعَةَ النِّسَاءِ مَكْرُوهَةٌ .

( قَوْلُهُ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ هُوَ الْأَصَحُّ ) وَفِي شَرْحِ بَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهَا مُؤَكَّدَةٌ غَايَةَ التَّأْكِيدِ .
وَفِي الْغَايَةِ لَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ نَاحِيَةٍ أَثِمُوا وَوَجَبَ قِتَالُهُمْ بِالسِّلَاحِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَتُوبُوا .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ نَضْرِبُهُمْ وَلَا نُقَاتِلُهُمْ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ ا هـ .
وَالْجَمَاعَةُ مَا زَادَتْ عَلَى الْوَاحِدِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَسَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا ، كَذَا فِي الْبَحْرِ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ بِنَحْوِ صَفْحَةٍ وَإِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي الْمَسَاجِدِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا بَلْ إنْ أَتَى مَسْجِدًا آخَرَ لِلْجَمَاعَةِ فَحَسَنٌ ، وَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مُنْفَرِدًا فَحَسَنٌ ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ يَجْمَعُ بِأَهْلِهِ وَيُصَلِّي بِهِمْ يَعْنِي وَيَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ .
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي زَمَانِنَا يَتَّبِعُهَا وَسُئِلَ الْحَلْوَانِيُّ عَمَّنْ يَجْمَعُ بِأَهْلِهِ أَحْيَانَا هَلْ يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ قَالَ لَا وَيَكُونُ بِدْعَةً وَمَكْرُوهًا بِلَا عُذْرٍ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ فَرْضٌ ) أَقُولُ فَقِيلَ فَرْضُ عَيْنٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ ، وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ ا هـ وَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَذْهَبِ ا هـ .
وَالْقَائِلُ بِالْفَرْضِيَّةِ لَا يَشْتَرِطُهَا لِلصِّحَّةِ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِمُصَنِّفِهَا ابْنِ وَهْبَانَ وَبَقِيَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ عَنْ الْغَايَةِ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ .
وَفِي التُّحْفَةِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ ، وَقَدْ سَمَّاهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ ا هـ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَفِي الْمُفِيدِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّة

لِوُجُوبِهَا بِالسُّنَّةِ ا هـ .
وَبَقِيَ قَوْلٌ خَامِسٌ هُوَ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ قَالَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ بِصِيغَةِ ، وَقِيلَ الْجَمَاعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إلَّا بِعُذْرٍ ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ .
( قَوْلُهُ لِلرِّجَالِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إنَّهَا تَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ الْقَادِرِينَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ الْمَنْظُومَةِ قُلْت هَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فَيَكُونُ كَذَلِكَ شَرْطًا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا ، وَقَدْ نَظَمَ الْعَلَّامَةُ دَادَهْ زاده فِي مَنْظُومَتِهِ الَّتِي عَلَى مِنْوَالِ نَظْمِ ابْنِ وَهْبَانَ الْأَعْذَارَ الْمُسْقِطَةَ لِلْجَمَاعَةِ فَقَالَ وَذَا مَطَرٌ بَرْدٌ وَخَوْفٌ وَظُلْمَةٌ وَحَبْسٌ عَمًى فَلْجٌ وَقَطْعٌ وَيُذْكَرُ سِقَامٌ وَإِقْعَادٌ وَوَحْلٌ زَمَانَةٌ وَشَيْخُوخَةٌ تَكْرَارُ فِقْهٍ يُسْطَرُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَكْرَارُ جَمْعٍ بِهَيْئَةٍ مَضَتْ فِي صَحِيحِ الْقَوْلِ فَالْكُرْهُ يُنْكَرُ ا هـ قُلْت وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ إذْ بَقِيَ مِنْهَا مُدَافَعَةُ أَحَدِ الْأَخْبَثِينَ وَإِرَادَةُ السَّفَرِ وَقِيَامُهُ بِمَرِيضٍ وَحُضُورُ طَعَامٍ تَتُوقُهُ نَفْسُهُ وَشِدَّةُ رِيحٍ لَيْلًا لَا نَهَارًا ذَكَرَ هَذِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ .

( وَلَا تُكَرَّرُ ) الْجَمَاعَةُ ( فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ) يَعْنِي إذَا كَانَ لِمَسْجِدٍ إمَامٌ وَجَمَاعَةٌ مَعْلُومَانِ فَصَلَّى بَعْضُهُمْ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لَا يُبَاحُ لِبَاقِيهِمْ تَكْرَارُهَا بِهِمَا لَكِنْ لَوْ كَانَ مَسْجِدَ الطَّرِيقِيِّ يُبَاحُ تَكْرَارُهَا بِهِمَا ، وَلَوْ كَرَّرَ أَهْلُهُ بِدُونِهِمَا جَازَ ( إلَّا إذَا صَلَّى بِهِمَا ) أَيْ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ( فِيهِ أَوَّلًا غَيْرُ أَهْلِهِ ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِهِمْ ( أَوْ صَلَّى ) بِهِمَا فِيهِ أَوَّلًا ( أَهْلُهُ ) لَكِنْ ( بِمُخَافَتَةِ الْأَذَانِ ) ؛ لِأَنَّ مُخَافَتَتَهُمْ تَكُونُ عُذْرًا لِبَاقِيهِمْ .
( قَوْلُهُ وَلَا تُكَرَّرُ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ لَا بَأْسَ بِهَا فِي مَسْجِدٍ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ .
وَفِي أَمَالِي قَاضِي خَانْ مَسْجِدٌ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ وَلَا مُؤَذِّنٌ وَيُصَلِّي النَّاسُ فِيهِ فَوْجًا فَوْجًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلُّ فَرِيقٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ عَلَى حِدَةٍ .
ا هـ
( قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا كَانَ لِمَسْجِدٍ
إلَخْ ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ عَدَمُ إبَاحَةِ تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ لِلْبَاقِينَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ الْمُعَيَّنُ صَلَّى بِالْبَعْضِ أَوَّلًا .

( وَالْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ ) بَيْنَ الْحَاضِرِينَ ( الْأَعْلَمُ ) أَيْ أَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ صِحَّةً وَفَسَادًا بَعْدَ مَا يُحْسِنُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْعِلْمِ أَكْثَرُ بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ ( فَالْأَقْرَأُ ) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِي الْعِلْمِ فَالْأَحَقُّ بِهَا أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا وَتَجْوِيدًا لِقِرَاءَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ ( فَالْأَوْرَعُ ) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَالْأَحَقُّ أَشَدُّهُمْ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابًا مِنْ الشُّبُهَاتِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَالِمٍ تَقِيٍّ فَكَأَنَّمَا صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ } ( فَالْأَسَنُّ ) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَالْأَحَقُّ بِهَا أَكْثَرُهُمْ سِنًّا لِمَا رُوِيَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا } ( فَالْأَحْسَنُ خُلُقًا ) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَالْأَحَقُّ أَحْسَنُهُمْ مَعَاشًا بِالنَّاسِ ( فَالْأَحْسَنُ وَجْهًا ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً بِاللَّيْلِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ كَثَّرَ صَلَاةً بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ } ( فَالْأَشْرَفُ نَسَبًا فَالْأَنْظَفُ ثَوْبًا ) ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ ، وَإِنْ اسْتَوَوْا يُقْرَعُ أَوْ الْخِيَارُ إلَى الْقَوْمِ ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ .

( قَوْلُهُ وَالْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ الْأَعْلَمُ ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ رَاتِبٌ .
وَأَمَّا الرَّاتِبُ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ ، وَكَذَا إمَامُ الْحَيِّ إلَّا إذَا كَانَ الضَّعِيفُ ذَا سُلْطَانٍ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ بَعْدَ مَا يُحْسِنُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْبُرْهَانِ أَنْ يُحْسِنَ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَقُومُ بِهِ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ ( قَوْلُهُ فَالْأَوْرَعُ
إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى أَنَّ الْوَرَعَ اجْتِنَابُ الشَّهَوَاتِ وَالتَّقْوَى اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ .
( قَوْلُهُ فَالْأَسَنُّ ) هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ .
وَفِي الْمُحِيطِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ وَالْآخَرُ أَوَرَعَ فَالْأَكْبَرُ أَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فِسْقٌ ظَاهِرٌ ، كَذَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ فَالْأَحْسَنُ وَجْهًا أَيْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً بِاللَّيْلِ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ بَلْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ ؛ لِأَنَّ سَمَاحَةَ الْوَجْهِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ .
( قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ
إلَخْ ) قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ لَمْ يَجِدْهُ الْمُخَرِّجُونَ نَعَمْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مَرْفُوعًا { إنْ سَرَّكُمْ أَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ صَلَاتَكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ } كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ فَالْأَشْرَفُ نَسَبًا ) أَقُولُ قَدَّمَ فِي الْفَتْحِ الْحَسَبَ عَلَى صَبَاحَةِ الْوَجْهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْحُسْنِ فَأَشْرَفُهُمْ نَسَبًا وَفِي الْبُرْهَانِ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي النَّسَبِ فَأَحْسَنُهُمْ صَوْتًا ، وَذَكَرَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ زِيَادَةَ أَوْصَافٍ فِي الْأَحَقِّ فَلْتُرَاجَعْ .

( قَوْلُهُ أَوْ الْخِيَارُ لِلْقَوْمِ ) أَقُولُ لَوْ اخْتَارَ الْبَعْضُ وَاحِدًا وَالْبَعْضُ آخَرَ فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ ، وَلَوْ قَدَّمُوا غَيْرَ الْأَوْلَى أَسَاءُوا ذَكَرَهُ فِي زَادِ الْفَقِيرِ لِابْنِ الْهُمَامِ .

( وَكُرِهَ إمَامَةُ عَبْدٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِلتَّعَلُّمِ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ ( وَأَعْرَابِيٍّ ) وَهُوَ الَّذِي يَسْكُنُ الْبَادِيَةَ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ عَجَمِيًّا ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الْجَهْلُ ( وَفَاسِقٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ دِينِهِ ( وَأَعْمَى ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ وَلَا يَهْتَدِي إلَى الْقِبْلَةِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيعَابِ الْوُضُوءِ غَالِبًا ( وَمُبْتَدِعٍ ) أَيْ صَاحِبِ هَوًى لَا يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ حَتَّى إذَا كَفَرَ بِهِ لَمْ تَجُزْ أَصْلًا ( وَوَلَدِ زَنَى ) إذْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ يُؤَدِّبُهُ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ ، وَإِنْ تَقَدَّمُوا جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ } .

( قَوْلُهُ وَكُرِهَ إمَامَةُ عَبْدٍ وَأَعْرَابِيٍّ ) عَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْبُرْهَانِ نُدْرَةَ التَّقْوَى فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ عَالِمًا مُتَّقِيًا صَارَ كَغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ وَفَاسِقٍ ) أَقُولُ فَإِنْ تَعَذَّرَ مَنْعُهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَهُ وَيَنْتَقِلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ حَتَّى فِي الْجُمُعَةِ إنْ أُقِيمَتْ فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِ وَإِلَّا اقْتَدَى بِهِ فِيهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَأَعْمَى ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ لَوْ لَمْ يُوجَدْ بَصِيرٌ أَفْضَلُ مِنْهُ يَكُونُ هُوَ أَوْلَى { لِاسْتِخْلَافِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ حِينَ خَرَجَ إلَى تَبُوكَ وَكَانَ أَعْمَى } .
( قَوْلُهُ وَمُبْتَدِعٍ ) أَيْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ وَهِيَ مَا أُحْدِثَ عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ الْمُتَلَقَّى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ حَالٍ بِنَوْعِ شُبْهَةٍ أَوْ اسْتِحْسَانٍ وَجَعْلِهِ دِينًا قَوِيمًا وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ، كَذَا قَالَ الشُّمُنِّيُّ وَفِي الْمُغْرِبِ هِيَ أَمْرُ مَنْ ابْتَدَعَ الْأَمْرَ إذَا ابْتَدَأَهُ وَأَحْدَثَهُ ثُمَّ غَلَبَتْ عَلَى مَنْ بِهِ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ أَوْ نُقْصَانٌ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَقَدَّمُوا جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلَخْ ) أَقُولُ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدَّمَ وُجْهَةَ الْكَرَاهَةِ فَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ مُسْتَقِلًّا وَلَئِنْ سُلِّمَ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ وَجْهُ كَرَاهَةِ إمَامَةِ الْمُبْتَدِعِ ، وَوَجْهُهَا أَنَّ فِي تَقْدِيمِهِ تَعْظِيمًا لَهُ ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِإِهَانَتِهِ كَالْفَاسِقِ .
( تَتِمَّةٌ ) : لَوْ قَالَ وَكُرِهَ إمَامَةُ الْجَاهِلِ لَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا .
ا هـ .
وَالِاقْتِدَاءُ بِالْفَاسِقِ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ .
وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الِانْفِرَادُ أَوْلَى لِجَهْلِهِمْ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قِيَاسِ الصَّلَاةِ

خَلْفَ الْفَاسِقِ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعِلَّةَ قَاصِرَةٌ لِانْتِفَائِهَا فِي الْأَعْمَى وَالْمُبْتَدِعِ ا هـ .
وَأَمَّا الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فَإِنْ كَانَ مُرَاعِيًا لِلشَّرَائِطِ وَالْأَرْكَانِ عِنْدَنَا فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ صَحِيحٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ أَصْلًا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ ا هـ .
وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْكِفَايَةِ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيِّ مَكْرُوهٌ لَكِنَّهُ إنْ عَلِمَ مِنْهُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَالْفَصْدِ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ شَاهَدَهُ يَمَسُّ امْرَأَةً وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قِيلَ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَالْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا فِي زَعْمِ الْإِمَامِ أَنَّ صَلَاتَهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ ا هـ قُلْت يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كُرِهَ أَنَّ مَحِلَّ الْكَرَاهَةِ إذَا جَهِلَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ لَكِنَّهُ إنْ عَلِمَ مِنْهُ مَا يُفْسِدُ
إلَخْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْوِتْرِ ا هـ .
وَيُفِيدُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِمَا لَا يُخِلُّ بِالشَّرَائِطِ لَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ ا هـ .
وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا حَكَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ مِنْ كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مَعَ مُرَاعَاتِهِ لِلشَّرَائِطِ ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ عَنْ النِّهَايَةِ إذَا عَلِمَ مِنْهُ أَيْ الشَّافِعِيِّ مَرَّةً عَدَمَ الْوُضُوءِ مِنْ الْحِجَامَةِ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ رَآهُ يُصَلِّي فَالصَّحِيحُ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ثُمَّ قَالَهُ إنْ عَلِمَ مِنْهُ الِاحْتِيَاطَ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَلَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَتَمَامُ تَفْرِيعِهِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ .

( وَكُرِهَ تَطْوِيلُهُ ) أَيْ الْإِمَامِ ( الصَّلَاةَ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيُصَلِّ بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ فَإِنَّ فِيهِمْ الْمَرِيضَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ } .
( قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ ) ظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لِلْأَمْرِ بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ إلَّا لِصَارِفٍ وَلِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَقَدْ بَحَثْنَا أَنَّ التَّطْوِيلَ هُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَسْنُونَةِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ وَكَانَتْ قِرَاءَتُهُ هِيَ الْمَسْنُونَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ مَا نَهَى عَنْهُ غَيْرَ مَا كَانَ دَأْبَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ ا هـ قُلْت فِي إطْلَاقِ الْبَحْثِ تَأَمُّلٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيُصَلِّ بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ } فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى صَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَصَلَاةُ أَضْعَفِهِمْ لَا تَبْلُغُ الْمَسْنُونَ لِغَيْرِهِ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ مَعَ مُرَاعَاةِ حَالَةٍ مَسْنُونَةٍ لِلْحَدِيثِ وَلِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الْفَجْرِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالُوا لَهُ أَوْجَزْت قَالَ سَمِعْت بُكَاءَ صَبِيٍّ فَخَشِيت أَنْ تَفُتْنَ أُمُّهُ } ا هـ .
وَلَا يَخْرُجُ مَا قُلْنَاهُ عَنْ كَلَامِ الْمُحَقِّقِ لِقَوْلِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ .

( وَكُرِهَ جَمَاعَةُ النِّسَاءِ ) وَحْدَهُنَّ ( إذْ يَلْزَمُهُنَّ أَحَدُ الْمَحْظُورَيْنِ ) قِيَامِ الْإِمَامِ وَسْطَ الصَّفِّ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ تَقَدُّمُ الْإِمَامِ وَهُوَ أَيْضًا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِنَّ ( وَلَوْ فَعَلْنَ لَمْ يَتَقَدَّمْ الْإِمَامُ ) بَلْ يَقِفُ وَسْطَهُنَّ إذْ بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضٍ ( كَالْعُرَاةِ ) جَمْعُ عَارٍ فَإِنَّهُمْ إذَا صَلَّوْا لَمْ يَتَقَدَّمْ إمَامُهُمْ .
( قَوْلُهُ وَكُرِهَ جَمَاعَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ ) أَيْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهَذَا فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ لِلْبَاقِيَاتِ بِأَدَاءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَلِيُصَلِّيَنهَا جَمَاعَةً كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ إذَا أَمَّهُنَّ رَجُلٌ فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُنَّ مَحْرَمٌ لَهُ أَوْ زَوْجَةٌ لَا فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَيْضًا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِنَّ ) أَيْ كَمَا كُرِهَ لِإِمَامِ الرِّجَالِ الْقِيَامُ وَسْطَ الصَّفِّ كَذَلِكَ كُرِهَ لِإِمَامِ النِّسَاءِ الْقِيَامُ أَمَامَهُنَّ .
( قَوْلُهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ الْإِمَامُ ) أَقُولُ لَمْ يَقُلْ الْإِمَامَةَ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْمُفْرَدُ وَالْجَمْعُ .
( قَوْلُهُ بَلْ يَقِفُ وَسْطَهُنَّ ) أَقُولُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَقِبُهَا عَنْ عَقِبِ مَنْ خَلْفَهَا لِيَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ ا هـ .
وَالْوَسْطُ بِسُكُونِ السِّينِ لِمَا كَانَ يَبِينُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ كَالصَّفِّ وَالْقِلَادَةِ وَبِفَتْحِهَا لِمَا لَا يَبِينُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ كَالدَّارِ وَالسَّاحَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ .
( قَوْلُهُ كَالْعُرَاةِ جَمْعُ عَارٍ ) أَقُولُ التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلْحُكْمِ وَالْكَيْفِيَّةِ فَتُكْرَهُ جَمَاعَةُ الْعُرَاةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبُرْهَانِ .

( وَكُرِهَ حُضُورُ الشَّابَّةِ كُلَّ جَمَاعَةٍ ) فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ ( وَ ) حُضُورُ ( الْعَجُوزِ الظُّهْرَيْنِ ) أَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ( وَالْجُمُعَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْفَسَقَةَ يَجْتَمِعُونَ فِي أَوْقَاتِهَا وَفَرْطُ شَبَقِهِمْ قَدْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى رَغْبَةِ الْعَجَائِزِ وَفِي الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ يَنَامُونَ وَفِي الْمَغْرِبِ بِالطَّعَامِ مَشْغُولُونَ وَالْجَبَّانَةُ مُتَّسِعَةٌ فَيُمْكِنُهَا الِاعْتِزَالُ عَنْ الرِّجَالِ فَلَا يُكْرَهُ فِي الْكَافِي الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ لِظُهُورِ الْفَسَادِ .
( قَوْلُهُ وَفِي الْكَافِي الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ غَيْرُهُ وَأَفْتَى الْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ بِمَنْعِ الْعَجُوزِ مِنْ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ كُلِّهَا ا هـ .
وَهُوَ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى .
وَقَالَ فِي الْكَافِي وَمَتَى كُرِهَ حُضُورُ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ لَأَنْ يُكْرَهَ حُضُورُ مَجَالِسِ الْوَعْظِ خُصُوصًا عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ الَّذِينَ تَحَلَّوْا بِحِلْيَةِ الْعُلَمَاءِ أَوْلَى ، ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُ الْكُلِّ فِي الْكُلِّ إلَّا الْعَجَائِزَ الْمُتَفَانِيَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي دُونَ الْعَجَائِزِ الْمُتَبَرِّحَاتِ وَذَوَاتِ الرَّمَقِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
ا هـ .
وَسَنَذْكُرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِخُرُوجِهِنَّ فِي النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ ) أَيْ يَمِينِ الْإِمَامِ ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ } وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضَعُ أَصَابِعَهُ عِنْدَ عَقِبِ الْإِمَامِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَدِي أَطْوَلَ فَوَقَعَ سُجُودُهُ أَمَامَ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّهُ ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِوَضْعِ الْوُقُوفِ لَا لِمَكَانِ السُّجُودِ ، وَإِنْ صَلَّى فِي يَسَارِهِ أَوْ فِي خَلْفِهِ جَازَ وَأَسَاءَ فِيهِمَا فِي الْأَصَحِّ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ .
( وَ ) يَقِفُ ( الِاثْنَانِ خَلْفَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَذَلِكَ .
قَوْلُهُ وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ ) أَقُولُ أَيْ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَأَطْلَقَ فِي الْوَاحِدِ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَوْ لَا وَالْمَرْأَةُ لَا تَكُونُ إلَّا خَلْفَهُ أَوْ خَلْفَ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الذُّكُورِ .
( قَوْلُهُ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ) أَيْ فَيَكُونُ مُحَاذِيًا لِيَمِينِ الْإِمَامِ مُسَاوِيًا لَهُ لَا كَمَا رَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَدِي أَطْوَلَ
إلَخْ ) اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ شَرْطِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ .
( قَوْلُهُ وَالِاثْنَانِ خَلْفَهُ ) أَقُولُ وَعَنْ أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ يَقُومُ وَسْطَهُمَا ، وَلَوْ قَالَ كَالنُّقَايَةِ وَالزَّائِدُ خَلْفَهُ لَكَانَ أَوْلَى .

( وَيَقْتَدِي مُتَوَضِّئٌ بِمُتَيَمِّمٍ ) ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ مُطْلَقَةٌ عِنْدَنَا كَالْوُضُوءِ وَلِهَذَا لَا يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ .
( وَ ) يَقْتَدِي ( غَاسِلٌ بِمَاسِحٍ ) ؛ لِأَنَّ الْخُلْفَ مَانِعٌ سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ وَمَا حَلَّ بِالْخُفَّيْنِ يُزِيلُهُ الْمَسْحُ ( وَقَائِمٌ بِقَاعِدٍ ) ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى آخِرَ صَلَاتِهِ قَاعِدًا وَالْقَوْمُ خَلْفَهُ قِيَامٌ } ( وَمُومِئٌ بِمُومِئٍ ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَالِ إلَّا أَنْ يُومِئَ الْمُؤْتَمُّ قَاعِدًا وَالْإِمَامُ مُضْطَجِعًا ( وَمُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِي حَقِّهِ إلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَيَتَحَقَّقُ الْبِنَاءُ ( وَبِمُتَنَفِّلٍ ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَالِ ( وَحَالِفٌ بِحَالِفٍ ) يَعْنِي حَلَفَ رَجُلَانِ أَنْ يُصَلِّيَ كُلٌّ مِنْهُمَا رَكْعَتَيْنِ فَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ صَحَّ كَاقْتِدَاءِ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُتَنَفِّلِ .
( وَ ) حَالِفٌ ( بِنَاذِرٍ ) يَعْنِي نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَآخَرُ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَأُصَلِّيَنَّ رَكْعَتَيْنِ وَاقْتَدَى الْحَالِفُ بِالنَّاذِرِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ كَاقْتِدَاءِ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ ( بِلَا عَكْسٍ ) أَيْ لَا يَقْتَدِي نَاذِرٌ بِحَالِفٍ ؛ لِأَنَّهُ كَاقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ ( لَا نَاذِرٌ بِنَاذِرٍ ) يَعْنِي نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَآخَرُ كَذَلِكَ فَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَمُفْتَرِضٍ فَرْضًا آخَرَ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تِلْكَ الْمَنْذُورَةَ ) بِأَنْ نَذَرَ رَجُلٌ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، وَقَالَ آخَرُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ تِلْكَ الْمَنْذُورَةِ ثُمَّ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ جَازَ لِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ ( وَلَا رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ ) أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ } فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا .
وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِهِ ( وَلَا طَاهِرٌ

بِمَعْذُورٍ وَلَا قَارِئٌ بِأُمِّيٍّ وَلَابِسٌ بِعَارٍ وَغَيْرُ مُومِئٍ بِمُومِئٍ وَمُفْتَرِضٌ بِمُتَنَفِّلٍ ) ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهَا بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَذَا لَا يَجُوزُ ( وَبِمُفْتَرِضٍ فَرْضًا آخَرَ ) لِانْتِفَاءِ الِاشْتِرَاكِ ( وَلَا مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ بَعْدَ الْوَقْتِ فِيمَا يَتَغَيَّرُ ) بِالسَّفَرِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ تَحْرِيمَةُ الْمُقِيمِ أَيْضًا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ كَانَتْ فِي الْوَقْتِ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَاقْتَدَى الْمُسَافِرُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ تَحْرِيمَتُهُمَا فِي الْوَقْتِ فَخَرَجَ وَهُمَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ كَالْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا ذُكِرَ ؛ لِأَنَّ فِيهِ بِنَاءَ الْفَرْضِ عَلَى غَيْرِ الْفَرْضِ حُكْمًا أَمَّا فِي الْقَعْدَةِ إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ إذْ الْقَعْدَةُ فَرْضٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْإِمَامِ أَوْ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهِ نَفْلٌ عَلَى الْإِمَامِ فَرْضٌ عَلَى الْمُقْتَدِي ( بَلْ فِي الْوَقْتِ ) أَيْ يَقْتَدِي الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ فِيمَا يَتَغَيَّرُ فِي الْوَقْتِ لِاتِّحَادِ حَالِهِمَا فِي الِافْتِرَاضِ وَالتَّنَفُّلِ إذْ يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ تَكْمِيلُ صَلَاتِهِ الرُّبَاعِيَّةِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُقِيمِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا فِي حَقِّ هَذِهِ الصَّلَاةِ تَبَعًا لِإِمَامِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِغَيْرِ الْمُفْتَرِضِ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَفِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ إذْ الْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَسَيَأْتِي لِهَذَا زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( قَوْلُهُ وَيَقْتَدِي مُتَوَضِّئٌ بِمُتَيَمِّمٍ ) قَيَّدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَ الْمُتَوَضِّئِينَ مَاءٌ خِلَافًا لِزُفَرَ وَأَصْلِهِ .
( فَرْعٌ إذَا رَأَى ) الْمُتَوَضِّئُ الْمُقْتَدِي بِالْمُتَيَمِّمِ مَاءً فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِزُفَرَ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ لِوُجُودِ الْمَاءِ وَمَنَعَهُ زُفَرُ بِأَنْ وُجُودَهُ غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ لِعِلْمِهِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِأَنْ يُحْمَلُ الْفَسَادُ عِنْدَهُمْ إذَا ظَنَّ عِلْمَ إمَامِهِ بِهِ ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ بِذَلِكَ ، كَذَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ مُطْلَقَةٌ عِنْدَنَا كَالْوُضُوءِ ) أَشَارَ بِهِ إلَى الْخِلَافِ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَشَيْخَيْهِ فِي صِحَّةِ اقْتِدَاء الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ فَأَجَازَاهُ وَمَنَعَهُ وَحَاصِلُ الْخِلَافِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْخَلَفِيَّةَ بَيْنَ التُّرَابِ وَالْمَاءِ عِنْدَهُمَا وَظَاهِرُ النَّصِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَاسْتَوَتْ الطَّهَارَتَانِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ فَيَصِيرُ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِيهَا بِالْمُتَيَمِّمِ لَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَغَاسِلٌ بِمَاسِحٍ
إلَخْ ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ خَصَّهُ بِمَاسِحِ الْخُفَّيْنِ وَالْمَتْنُ يَحْتَمِلُ أَعَمَّ مِنْهُ لِشُمُولِهِ مَسْحَ الْجَبَائِرِ .
( قَوْلُهُ وَقَائِمٌ بِقَاعِدٍ ) هَذَا عِنْدَهُمَا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
إلَخْ ) هَذَا دَلِيلُهُمَا وَادَّعَى مُحَمَّدٌ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ ا هـ قُلْت وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ النَّفْلِ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ فِي التَّرَاوِيحِ جَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ صَلَّى آخِرَ صَلَاتِهِ ) هِيَ الظُّهْرُ

قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَامًا ا هـ .
( تَنْبِيهٌ ) : لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ كَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ لِإِمَامَةِ الْأَحْدَبِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَبُهُ حَدَّ الرُّكُوعِ وَإِذَا بَلَغَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ .
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْأَحْدَبِ لِلْقَائِمِ هَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ ، وَقِيلَ تَجُوزُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ انْتَهَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ بَاحِثًا وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْقَاعِدِ ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ اسْتِوَاءُ النِّصْفِ الْأَعْلَى وَفِي الْحَدَبِ اسْتِوَاءُ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ ا هـ قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ جَعَلَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ سَنَدًا لِلْخِلَافِ وَهُوَ فِي مُطْلَقِ الْأَحْدَبِ وَالْخِلَافُ فِي بَالِغِ حَدَبُهُ الرُّكُوعَ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ .
وَأَمَّا إمَامَةُ الْأَحْدَبِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا ، وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ حَدَبَهُ إذَا بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ فَعَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ الْأَقْيَسُ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ اسْتِوَاءُ النِّصْفَيْنِ ، وَقَدْ وُجِدَ اسْتِوَاءُ الْأَسْفَلِ فَيَجُوزُ عِنْدَهَا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الْقَاعِدُ الْقَائِمَ لِوُجُودِ اسْتِوَاءِ نِصْفِهِ الْأَعْلَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ .
وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْأَحْدَبِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ ، وَقَدْ قِيلَ يَجُوزُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ا هـ .
وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ .
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُومِئَ الْمُؤْتَمُّ قَاعِدًا وَالْإِمَامُ مُضْطَجِعًا ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَقِيلَ يَجُوزُ كَمَا التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ وَمُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ ) أَقُولُ وَيَصِحُّ ، وَلَوْ أَفْسَدَ وَاقْتَدَى بِهِ فِيهِ كَمَا فِي

الْكَافِي وَالْقِرَاءَةُ ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِلَةً لِلْإِمَامِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَفَرْضًا عَلَى الْمُقْتَدِي لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ أَخَذَتْ حُكْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالِاقْتِدَاءِ وَلِذَا لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ مِنْ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ ، وَلَوْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ لَزِمَهُ أَرْبَعٌ فِي اقْتِدَائِهِ بِمُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةِ وَكَانَ تَبَعًا لِإِمَامِهِ فَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي نَفْلًا فِي حَقِّهِ كَإِمَامِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ أَمَّا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَالْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَطْلَقَهُ أَيْ اقْتِدَاءَ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ فَشَمِلَ مَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ بِالْمَكْتُوبَةِ ، وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ اخْتِلَافًا وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْجَوَازِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ بِنَاءُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ ا هـ قُلْت لَيْسَ فِي عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ نَفْيُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ مَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ بِالْمَكْتُوبَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فَعَلَى هَذَا أَيْ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ إذَا صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً غَيْرَ التَّرَاوِيحِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ وَلَمْ يَنْوِ التَّرَاوِيحَ وَلَا صَلَاةَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِرَجُلٍ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَلَمْ يَنْوِ الْمَكْتُوبَةَ وَلَا صَلَاةَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ .
ا هـ
وَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِصِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَعَلَى الْقَلْبِ يَجُوزُ ا هـ نَعَمْ مَا نَسَبَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ لِقَاضِي خَانْ صَرَّحَ بِهِ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ فَقَالَ لَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ أَوْ بِمَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً غَيْرَ التَّرَاوِيحِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ

لَا يَجُوزُ ا هـ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِنَفْيِ الْجَوَازِ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِهَا عَنْ التَّرَاوِيحِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ لِمَا سَنَذْكُرُ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَى كُلِّ شَفْعٍ يُكْرَهُ فَتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ وَحَالِفٌ بِنَاذِرٍ بِلَا عَكْسٍ ) قَدْ جَعَلَ الْحَالِفَ كَالْمُتَنَفِّلِ وَالنَّاذِرَ كَالْمُفْتَرِضِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِمَا نَذَرَهُ أَوْ حَلَفَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَالْفَرْقُ مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمَنْذُورَةَ أَقْوَى مِنْ الْمَحْلُوفِ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ قَصْدًا وَوُجُوبُ الْمَحْلُوفِ بِهَا عَارِضًا لِتَحْقِيقِ الْبِرِّ وَلِهَذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالْحَالِفِ وَبِالنَّاذِرِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ جَوَازَ اقْتِدَاءِ الْحَالِفِ بِالْمُتَطَوِّعِ بِخِلَافِ النَّاذِرِ بِالْمُتَطَوِّعِ وَبَحَثَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْمَحْلُوفُ بِهَا خَلْفَ النَّافِلَةِ لِكَوْنِهَا وَاجِبَةً لِتَحْقِيقِ الْبِرِّ .
( قَوْلُهُ وَبِمُتَنَفِّلٍ ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الِاقْتِدَاءَ بِمُصَلِّي سُنَّةٍ أُخْرَى كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ أَوْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ خَلْفَ مُصَلِّي الْقَبْلِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ .
( قَوْلُهُ لَا نَاذِرٌ بِنَاذِرٍ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَمُصَلِّيًا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَالنَّاذِرِينَ ؛ لِأَنَّ طَوَافَ هَذَا غَيْرُ طَوَافِ الْآخَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَفْلِيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَمَا لَا يَخْفَى .
ا هـ .
قُلْت يُعَارِضُ مَا نَقَلَهُ وَيُوَافِقُ مَا بَحَثَهُ قَوْلُ قَاضِي خَانْ ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ طَافَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُسْبُوعًا فَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ صَحَّ بِمَنْزِلَةِ اقْتِدَاءِ الْمُتَطَوِّعِ بِالْمُتَطَوِّعِ .
ا هـ
( قَوْلُهُ وَلَا صَبِيٍّ ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ النَّافِلَةَ خَلْفَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ؛ لِأَنَّ نَفْلَ الْبَالِغِ مَضْمُونٌ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَلَا يَرِدُ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضًا ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ ؛

لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الظَّانِّ مُجْتَهَدٌ فِيهِ لِوُجُوبِهِ عِنْدَ زُفَرَ ، وَمَشَايِخُ بَلْخِي جَوَّزُوا اقْتِدَاءَ الْبَالِغِ بِالصَّبِيِّ فِي غَيْرِ الْفَرْضِ قِيَاسًا عَلَى الظَّانِّ وَالِاخْتِلَافُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ هَلْ هِيَ صَلَاةٌ أَمْ لَا ؟ قِيلَ لَيْسَتْ صَلَاةً ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا تَخَلُّقًا وَلِهَذَا لَوْ صَلَّتْ الْمُرَاهِقَةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ، وَقِيلَ هِيَ صَلَاةٌ وَلِهَذَا لَوْ قَهْقَهَ الْمُرَاهِقُ فِي الصَّلَاةِ يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ ا هـ فَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَلَا طَاهِرٌ بِمَعْذُورٍ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمَعْذُورِ بِمِثْلِهِ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ إمَامَةَ الْإِنْسَانِ لِمُمَاثِلِهِ صَحِيحَةٌ إلَّا الْمُسْتَحَاضَةَ وَالضَّالَّةَ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلَ بِمِثْلِهِ وَلِمَنْ دُونَهُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا وَلِمَنْ فَوْقَهُ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا .
ا هـ
( قَوْلُهُ وَلَا قَارِئٌ بِأُمِّيٍّ ) أَشَارَ بِهِ إلَى جَوَازِ اقْتِدَائِهِ بِأُمِّيٍّ مِثْلِهِ بِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الْأُمِّيِّ بِالْأَخْرَسِ لِكَوْنِهِ أَقْوَى مِنْهُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّحْرِيمَةِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لِلْعَيْنِيِّ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي إمَامَةِ الْأَخْرَسِ بِالْأُمِّيِّ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ قَوْلُهُ إذْ الْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ ) يَعْنِي فِيمَا إذَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ وَحْدَهُ وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فَرْضًا عَلَيْهِ فِي تَنَفُّلِهِ بِالْأُخْرَيَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ لِصَيْرُورَةِ رَكَعَاتِهِ فَرْضًا فَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ لِاتِّحَادِ صِفَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إذْ الْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ فِيمَا لَوْ كَانَ وَلَا رَكَعَاتِ نَفْلٍ حَالَ الِاقْتِدَاءِ لِيَخْتَلِفَ بِهَا الْحَالُ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَكَانَ حَالُهُمَا وَاحِدًا فِي صِفَةِ الرَّكَعَاتِ

وَقِرَاءَتِهَا فَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ ا هـ .
وَمَعَ هَذَا لَا يَخْفَى عَدَمُ مُنَاسَبَةِ تَعْلِيلِهِ لِلْمَقَامِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إذْ صِفَةُ الْقِرَاءَةِ مُتَّحِدَةٌ فِي حَقِّهِمَا .
( قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي لِهَذَا زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ
إلَخْ ) أَقُولُ لَمْ يَرِدْ ثَمَّ عَلَى مَا هُنَا بَلْ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ وَأَحَالَ عَلَى شُرُوحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ .

( ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ ) أَيْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ الْمُقْتَدِي صَلَاتَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ جَنَابَةً أَعَادَ وَأَعَادُوا } .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ ) الْمُرَادُ بِالْإِعَادَةِ الْإِتْيَانُ بِالْفَرْضِ لَا الْإِعَادَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ أَيْ اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ الْجَابِرَةِ لِلنَّقْصِ فِي الْمُؤَدَّى فَلَوْ قَالَ بَطَلَتْ لَكَانَ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرْ بِمَاذَا ظَهَرَ حَدَثُ الْإِمَامِ وَلَا مِقْدَارَ مَا يَلْزَمُ إعَادَتُهُ إذَا أُخْبِرَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِمُشَاهَدَةِ الْمُقْتَدِي الْمُنَافِيَ فَلَا كَلَامَ ، وَإِنْ كَانَ بِإِخْبَارِ الْإِمَامِ فَقَالَ فِي الْمُجْتَبَى أَخْبَرَهُمْ الْإِمَامُ أَنَّهُ أَمَّهُمْ شَهْرًا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ لَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُ الْفَاسِقِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ فَكَيْفَ قَوْلُ الْكَافِرِ ا هـ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ إذَا صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ عَمْدًا لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ إزَالَتِهَا لِقَوْلِ مَالِكٍ بِسُنِّيَّتِهَا .
ا هـ .
قُلْت فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَمِّدًا الصَّلَاةَ مَعَ الْمُنَافِي وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ بِقَوْلِهِ لَوْ قَالَ كُنْت مُحْدِثًا أَوْ كَانَ عَلَى ثَوْبِي نَجَاسَةٌ فَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَيُعِيدُوا الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي أُمُورِ الدِّينِ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَاجِنًا فَلَا يُصَدِّقُوهُ وَالْمَاجِنُ الْفَاسِقُ وَهُوَ أَنْ لَا يُبَالِيَ بِمَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ وَتَكُونُ أَعْمَالُهُ عَلَى نَهْجِ أَعْمَالِ الْفُسَّاقِ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يُعْلِمَ الْجَمَاعَةَ بِحَالِهِ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ .
وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ لَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ الْإِعْلَامُ إذَا كَانُوا قَوْمًا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ .
وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا أَمَّ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ بِلِسَانِهِ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَنْ

الْوَبَرِيِّ يُخْبِرُهُمْ ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَنَظِيرُهُ إذَا رَأَى غَيْرَهُ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ .
ا هـ .

( اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ ) أَمَّا صَلَاةُ الْقَارِئِ فَلِأَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا .
وَأَمَّا صَلَاةُ الْأُمِّيَيْنِ فَلِأَنَّهُمَا لَمَّا رَغِبَا فِي الْجَمَاعَةِ وَجَبَ أَنْ يَقْتَدِيَا بِالْقَارِئِ لِتَكُونَ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُمَا فَتَرَكَا الْقِرَاءَةَ التَّقْدِيرِيَّةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَارِئُ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ لِلْكُلِّ ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَجَبَتْ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا وَلَمْ تُوجَدْ ، خَصَّ الْأُخْرَيَيْنِ بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يَصْلُحَ الْأُمِّيُّ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِلِاسْتِخْلَافِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا .

( قَوْلُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ ) أَقُولُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْأُمِّيُّ حَالَ مَنْ خَلْفَهُ أَوْ لَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَارِئَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ مُنْفَرِدًا وَصَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ بِالْقَهْقَهَةِ ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرُهُ صَحَّحَ فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ ، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا قَالَ بَعْدَهُ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمَذْهَبَ تَصْحِيحُ الْمُحِيطِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الشُّرُوعِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَأَمَّا صَلَاةُ الْأُمِّيَيْنِ
إلَخْ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِفَسَادِ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ اقْتِدَاؤُهُ بِالْقَارِئِ وَلَا تَفْسُدُ إنْ صَلَّى وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ الْقَارِئِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ .
وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ ثُمَّ حَضَرَ الْقَارِئُ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَلَوْ حَضَرَ الْأُمِّيُّ بَعْدَ افْتِتَاحِ الْقَارِئِ فَلَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَصَلَّى مُنْفَرِدًا الْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ ا هـ فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّصْحِيحِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَارِئُ
إلَخْ ) أَقُولُ فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَأَجْمَعُوا عَلَى الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ ، وَقِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مَسَائِلِ الْأُمِّيِّ قُدْرَةَ الْغَيْرِ مَعَ أَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْقَادِرَ بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ لَيْسَ بِقَادِرٍ ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَا كَذَلِكَ هَاهُنَا إذْ لَوْ أَحْرَمَ نَاوِيًا أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَائْتَمَّ بِهِ رَجُلٌ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ .

( وَيُصَفُّ الرِّجَالُ ) خَلْفَ الْإِمَامِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى } أَيْ لِيَقْرُبْ مِنِّي الْبَالِغُونَ ( فَالصِّبْيَانُ فَالْخَنَاثَى ) بِفَتْحِ الْخَاءِ جَمْعُ الْخُنْثَى كَالْحَبَالَى جَمْعُ الْحُبْلَى قَدَّمَ الصِّبْيَانَ لِتَمَحُّضِهِمْ فِي الذُّكُورَةِ ( فَالنِّسَاءُ لَوْ حَاذَتْهُ قَدْرَ رُكْنٍ ) اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ مُحَاذَاةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ مُفْسِدَةً لِلصَّلَاةِ مَشْرُوطٌ بِأُمُورٍ الْأَوَّلُ الْمُكْثُ فِي مَكَانِ الْمُحَاذَاةِ قَدْرَ أَدَاءِ رُكْنٍ حَتَّى لَا يُفْسِدَهَا مَا دُونَهُ .
الثَّانِي كَوْنُ الْمُحَاذِيَةِ مُشْتَهَاةً بِأَنْ كَانَتْ ضَخْمَةً قَابِلَةً لِلْجِمَاعِ هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُرَادُ كَوْنُهَا مِنْ أَهْلِ الشَّهْوَةِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى لَا يُفْسِدُهَا ، وَلَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا أَوْ عَجُوزًا تَنْفِرُ عَنْهَا الطِّبَاعُ تُفْسِدُ .
الثَّالِثُ كَوْنُ صَلَاتِهِمَا ذَاتَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ ، وَإِنْ كَانَا يُصَلِّيَانِ بِالْإِيمَاءِ حَتَّى إنَّ الْمُحَاذَاةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَا تُفْسِدُ .
الرَّابِعُ كَوْنُ الصَّلَاةِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا تَأْدِيَةً بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا إمَامًا لِلْآخَرِ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ أَوْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ فَيَشْمَلُ الشَّرِكَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَبَيْنَ الْمَأْمُومِينَ ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الصَّلَاةِ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً كَمَا فِي الْمُدْرِكِ ، وَقَدْ يَكُونُ حُكْمًا كَمَا فِي اللَّاحِقِ ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا يَقْتَضِي كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَيْضًا إنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالتَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ الْمُحَاذَاةَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُفْسِدَةٌ .
الْخَامِسُ كَوْنُهُمَا فِي مَكَان وَاحِدٍ بِلَا حَائِلٍ ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْمُحَاذَاةَ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ؛ لِأَنَّ أَدْنَى الْأَحْوَالِ الْقُعُودُ فَقُدِّرَ أَدْنَاهُ بِهِ وَغِلَظُهُ كَغِلَظِ الْإِصْبَعِ وَالْفُرْجَةُ تَقُومُ

مَقَامَ الْحَائِلِ وَلِهَذَا لَمْ يُفْرِدْهَا بِالذِّكْرِ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ مَا يَقُومُ فِيهِ الرَّجُلُ ، كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ .
السَّادِسُ كَوْنُ جِهَتِهِمَا مُتَّحِدَةً حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ لَا تُفْسِدُ وَلَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ إلَّا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَصَلَّى كُلٌّ بِالتَّحَرِّي كَذَا قَالَ السُّرُوجِيُّ فِي الْغَايَةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ .
السَّابِعُ أَنْ يَنْوِيَ إمَامَتَهَا وَإِمَامَةَ النِّسَاءِ وَقْتَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُحَاذَاةَ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ بَلْ يَكْفِي كَوْنُهَا بِبَعْضِهَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ حَدُّ الْمُحَاذَاةِ أَنْ يُحَاذِيَ عُضْوٌ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الظُّلَّةِ وَالرَّجُلُ بِحِذَائِهَا أَسْفَلُ مِنْهَا إنْ كَانَ يُحَاذِي الرَّجُلُ شَيْئًا مِنْهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَاذَاةِ السَّاقُ وَالْكَعْبُ عَلَى الصَّحِيحِ وَبَعْضُهُمْ اعْتَبَرَ الْقَدَمَ إذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ مُشْتَهَاةٌ فَاعِلُ حَاذَتْهُ أَيْ حَاذَتْ مُشْتَهَاةٌ رَجُلًا مِقْدَارَ مَا يُؤَدَّى فِيهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ ( وَلَوْ ) كَانَتْ تِلْكَ الْمُحَاذَاةُ ( بِعُضْوٍ ) وَاحِدٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ قَدْرَ رُكْنٍ إشَارَةً إلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ .
وَقَوْلُهُ ( مُشْتَهَاةً ، وَلَوْ مَحْرَمًا لَهُ ) بِأَنْ تَكُونَ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَه أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي .
وَقَوْلُهُ ( فِي صَلَاتِهِمَا الْكَامِلَةِ ) إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الثَّالِثِ .
وَقَوْلُهُ ( الْمُشْتَرَكَةُ تَأْدِيَةً ) إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَلَمْ يَقُلْ أَدَاءً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مُقَابِلُ الْقَضَاءِ .
وَقَوْلُهُ ( فِي مَكَان بِلَا حَائِلٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَاذَتْهُ وَإِشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الْخَامِسِ .
وَقَوْلُهُ ( وَاتَّحَدَتْ جِهَتُهُمَا ) إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ السَّادِسِ .
وَقَوْلُهُ ( فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ) جَزَاءً لِقَوْلِهِ لَوْ حَاذَتْهُ .
وَقَوْلُهُ ( إنْ نَوَى إمَامَتَهَا وَإِلَّا صَلَاتَهَا ) إشَارَةٌ إلَى

الشَّرْطِ السَّابِعِ .

( قَوْلُهُ وَيُصَفُّ الرِّجَالُ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ قِيلَ الْأَقْسَامُ الْمُمْكِنَةُ تَنْتَهِي إلَى اثْنَيْ عَشَرَ صَفًّا وَالتَّرْتِيبُ الْحَاضِرُ لَهَا أَنْ يُقَدَّمَ الْأَحْرَارُ الْبَالِغُونَ ثُمَّ الْأَحْرَارُ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْعَبِيدُ الْبَالِغُونَ ثُمَّ الْعَبِيدُ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْأَحْرَارُ الْخَنَاثَى الْكِبَارُ ثُمَّ الْأَحْرَارُ الْخَنَاثَى الصِّغَارُ ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ الْخَنَاثَى الْكِبَارُ ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ الْخَنَاثَى الصِّغَارُ ثُمَّ الْحَرَائِرُ الْكِبَارُ ثُمَّ الْحَرَائِرُ الصِّغَارُ ثُمَّ الْإِمَاءُ الْكِبَارُ ثُمَّ الْإِمَاءُ الصِّغَارُ ا هـ قُلْت لَاحَ لِي اشْتِبَاهٌ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْخُنْثَى ، وَقَدْ صَارَ خَلْفَ صَفِّ مِثْلِهِ أَوْ مُحَاذِيًا لَهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ فَتَفْسُدُ بِالْمُحَاذَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إمْكَانِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ صِحَّةُ صَلَاةِ أَصْحَابِهَا وَذَلِكَ لِمُعَامَلَةِ الْخُنْثَى بِالْأَضَرِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ ا هـ .
وَأَجَابَ شَيْخُنَا أَمْتَعَ اللَّهُ بِحَيَاتِهِ بِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ فِيمَا إذَا وُجِدَ مَعَهُ مَنْ حَالُهُ وَاضِحَةٌ وَهِيَ مُنْعَدِمَةٌ فِي الِاصْطِفَافِ وَالْقِيَامِ مُحَاذِيًا لِمِثْلِهِ ا هـ لَكِنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إمَامَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالضَّالَّةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لِمِثْلِهِ ا هـ .
وَبِهِ يَظْهَرُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِمُحَاذَاتِهِ لِمِثْلِهِ وَاصْطِفَافِهِ خَلْفَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَنْبَغِي لِلْقَوْمِ إذَا قَامُوا إلَى صَلَاةٍ أَنْ يَتَرَاصُّوا وَيَسُدُّوا الْخَلَلَ وَيُسَوُّوا بَيْنَ مَنَاكِبِهِمْ فِي الصُّفُوفِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ } وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ } وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى اخْتِلَافِ الْقُلُوبِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ بِإِزَاءِ الْوَسْطِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ

أَسَاءَ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْمَلَ مَا يَلِي الْإِمَامَ مِنْ الصُّفُوفِ حَتَّى إنْ وَجَدَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فُرْجَةً دُونَ الثَّانِي لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الثَّانِيَ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَسُدُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ مَا يُكْمِلُوا مَا يَلِيهِ وَهَلُمَّ جَرًّا ، وَإِنْ وَجَدَ فِي الصَّفِّ فُرْجَةً سَدَّهَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أُقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إخْوَانِكُمْ لَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ مَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ } .
وَرَوَى الْبَزَّارُ وَبِإِسْنَادِ حَسَنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ سَدَّ فُرْجَةً مِنْ الصَّفِّ غُفِرَ لَهُ } وَفِي أَبِي دَاوُد عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { خِيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ فِي الصَّلَاةِ } وَبِهَذَا يُعْلَمُ جَهْلُ مَنْ يَسْتَمْسِكُ عِنْدَ دُخُولِ دَاخِلٍ بِجَنْبِهِ فِي الصَّفِّ وَيَظُنُّ أَنَّ فَسْحَهُ لَهُ رِيَاءٌ بِسَبَبِ تَحَرُّكِهِ لِأَجْلِهِ بَلْ ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى إدْرَاكِ الْفَضِيلَةِ وَإِقَامَةِ سَدِّ الْفُرُجَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الصَّفِّ ، وَالْقِيَامُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ وَثُمَّ لِمَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ { أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْزَلَ الرَّحْمَةَ عَلَى الْجَمَاعَةِ يُنْزِلُهَا أَوَّلًا عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ تَتَجَاوَزُ عَنْهُ إلَى مَنْ يُحَاذِيهِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ إلَى الْمَيَامِنِ ثُمَّ إلَى الْمَيَاسِرِ ثُمَّ إلَى الصَّفِّ الثَّانِي } وَرُوِيَ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْتَبُ لِلَّذِي خَلْفَ الْإِمَامِ بِحِذَائِهِ مِائَةُ صَلَاةٍ وَلِلَّذِي فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ صَلَاةً وَلِلَّذِي فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ خَمْسُونَ صَلَاةً وَلِلَّذِي فِي سَائِرِ الصُّفُوفِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً } كَذَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ حَاذَتْهُ ) الضَّمِيرُ لِلْمُصَلِّي الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَالْخِطَابِ بِتَأْخِيرِهِنَّ مُتَعَلِّقٌ

بِالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الصَّبِيِّ بِالْمُحَاذَاةِ عَلَى هَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ .
( قَوْلُهُ قَدْرَ رُكْنٍ ) هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَا تَفْسُدُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَّا بِأَدَائِهِ ا هـ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ الْخَامِسُ أَيْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تَكُونَ الْمُحَاذَاةُ فِي رُكْنٍ كَامِلٍ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَتْ فِي صَفٍّ وَرَكَعَتْ فِي آخَرَ وَسَجَدَتْ فِي ثَالِثٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ عَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا وَخَلْفَهَا مِنْ كُلِّ صَفٍّ قِيلَ هَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَوْ وَقَفَتْ قَدْرَهُ فَسَدَتْ ، وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ ، وَقِيلَ لَوْ حَاذَتْهُ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِهِ فَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا إلَّا فِي قَدْرِهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ كَوْنُهَا مِنْ أَهْلِ الشَّهْوَةِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً
إلَخْ ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَجْنُونَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّهْوَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَتْ كَالصَّغِيرَةِ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ عَدَمُ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِمُحَاذَاةِ الْمَجْنُونَةِ بِعَدَمِ جَوَازِ صَلَاتِهَا كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَكُونُ خَارِجَةً بِقَيْدِ الِاشْتِرَاكِ تَأْدِيَةً .
( قَوْلُهُ الرَّابِعُ كَوْنُ الصَّلَاةِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا تَأْدِيَةً
إلَخْ ) أَقُولُ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ مُشْتَرَكَةً تَأْدِيَةً عَمَّا قِيلَ مُشْتَرَكَةً تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً إذْ يَلْزَمُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ تَأْدِيَةً اشْتِرَاكُ تَحْرِيمَةٍ وَيَعُمُّ الِاشْتِرَاكَيْنِ كَمَا فُسِّرَ بِهِ وَلِذَا قَالَ الْكَمَالُ لَوْ قِيلَ بَدَلَ مُشْتَرَكَةً تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً مُشْتَرَكَةً أَدَاءً وَيُفَسَّرُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ حَالَةَ الْمُحَاذَاةِ أَوْ أَحَدُهُمَا إمَامٌ لِلْآخَرِ لَعَمَّ الِاشْتِرَاكَيْنِ ا هـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ ذَكَرُوهُمَا لِمَا يَلْزَمُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ أَدَاءً الِاشْتِرَاكُ تَحْرِيمَةً ا هـ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ

كَمَالٍ بَاشَا أَنَّهُمْ أَفْرَدُوا بِالذِّكْرِ كُلًّا مِنْ الِاشْتِرَاكِ تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَدَاءِ مُغْنِيًا تَفْصِيلًا لِمَحِلِّ الْخِلَافِ عَنْ مَحِلِّ الْوِفَاقِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ تَحْرِيمَةً شَرْطٌ اتِّفَاقًا وَالِاشْتِرَاكُ أَدَاءً شَرْطٌ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَقَدْ يَكُونُ حُكْمًا كَمَا فِي اللَّاحِقِ فَإِنَّهُ فِيمَا يَقْتَضِي
إلَخْ ) أَقُولُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَاذَتْهُ فِي الطَّرِيقِ وَهُمَا لَاحِقَانِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُمَا مُشْتَغِلَانِ بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا بِحَقِيقَتِهَا فَانْعَدَمَتْ الشَّرِكَةُ أَدَاءً وَإِنْ وُجِدَتْ تَحْرِيمَةً وَلَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ وَأَيْضًا إنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ ) أَقُولُ وَأَعَمُّ مِنْ اتِّحَادِ الصَّلَاةِ إذْ يَشْمَلُ مَا لَوْ اخْتَلَفَ صَلَاتُهُمَا حَتَّى لَوْ نَوَتْ الظُّهْرَ خَلْفَ مُصَلِّي الْعَصْرِ وَحَاذَتْهُ أَبْطَلَتْ صَلَاتَهُ عَلَى الصَّحِيحِ ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَرْضًا يَصِحُّ نَفْلًا عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ هُوَ مُتَفَرِّعٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي بَقَاءِ أَصْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ فَسَادِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ الْخَامِسُ كَوْنُهُمَا فِي مَكَان وَاحِدٍ
إلَخْ ) أَقُولُ وَالْإِشَارَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَائِلِ فِي عَدَمِ الْفَسَادِ لِمَا قَالَهُ الْكَمَالُ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ إذَا حَاذَتْهُ بَعْدَ مَا شَرَعَ وَنَوَى إمَامَتَهَا فَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّأْخِيرُ بِالتَّقَدُّمِ خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ لِلْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ فِي تَأْخِيرِهَا بِالْإِشَارَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِذَا فَعَلَ فَقَدْ أَخَّرَ فَيَلْزَمُهَا التَّأَخُّرَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَرَكَتْ حِينَئِذٍ فَرْضَ الْمُقَامِ فَتَسْفُدُ صَلَاتُهَا دُونَهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الْعَرِيضَةُ الَّتِي تُحَاذِي رَأْسَ الرَّاكِبِ وَتَشْدِيدُ

الْخَاءِ خَطَأٌ قَالَهُ الْحَدَّادِيُّ .
( قَوْلُهُ السَّابِعُ
إلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَيْدِ الِاشْتِرَاكِ ؛ لِأَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ إلَّا بِنِيَّةِ إمَامَتِهَا إذْ لَوْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهَا .
( قَوْلُهُ مُشْتَهَاةً ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إخْرَاجِ مُحَاذَاةِ الْأَمْرَدِ فَقَدْ صَرَّحَ الْكُلُّ بِعَدَمِ إفْسَادِهَا إلَّا مَنْ شَذَّ وَلَا مُتَمَسَّكَ لَهُ فِي الدِّرَايَةِ وَالرِّوَايَةِ قَالَهُ الْكَمَالُ .

( قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْتَهُمْ قُدَّامَهُمْ نِسَاءٌ أَوْ طَرِيقٌ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُمْ ) ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ وَصَفَّ النِّسَاءِ مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ( وَلَوْ بِحِذَائِهِمْ مِنْ تَحْتِهِمْ نِسَاءٌ جَازَتْ ) صَلَاةُ مَنْ كَانَ عَلَى الظُّلَّةِ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ نِسَاءٌ فَلَا مُحَاذَاةَ هَاهُنَا لِمَكَانِ الْحَائِلِ فَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ كَرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ صَلَّيَا صَلَاةً وَاحِدَةً وَبَيْنَهُمَا حَائِطٌ .
( قَوْلُهُ قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ
إلَخْ ) أَقُولُ عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ ، وَكَذَا مُخْتَصَرُ الظَّهِيرِيَّةِ قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْتَ أَقْدَامِهِمْ نِسَاءٌ أَوْ طَرِيقٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِحِذَائِهِمْ ) يَعْنِي عَنْ يَمِينِهِمْ أَوْ يَسَارِهِمْ فَتَغَايُرُ مَسْأَلَةَ مَا لَوْ كُنَّ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ وَقُدَّامَهُمْ .

( الْمُصَلِّي عَلَى رُفُوفِ الْمَسْجِدِ إنْ وَجَدَ فِي صَحْنِهِ مَكَانًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا )
( قَوْلُهُ الْمُصَلِّي عَلَى رُفُوفِ الْمَسْجِدِ ) كَذَا مِثْلُهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ قَالَ وَلِهَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا إنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مَكْرُوهَةٌ .

( وَيَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ ) بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي وَهُوَ الَّذِي تَجْرِي فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ ( وَالنَّهْرُ الْكَبِيرُ ) وَهُوَ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الزَّوْرَقُ ( فِي الْمَسْجِدِ ) حَالٌ مِنْ الطَّرِيقِ وَالنَّهْرِ ( لَا ) أَيْ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ ( الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ فِيهِ ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ، وَقِيلَ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ أَيْضًا ( ، وَقَدْرُ مَا يُمْكِنُ الِاصْطِفَافُ فِيهِ ) حَالَ كَوْنِهِ ( فِي الصَّحْرَاءِ ، وَقِيلَ ) يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ ( فُرْجَةٌ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ ) فِي الصَّحْرَاءِ .
( قَوْلُهُ النَّهْرُ الْكَبِيرُ
إلَخْ ) اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَحَدُّ الْكَبِيرِ مَا لَا يُحْصَى شُرَكَاؤُهُ ، وَقِيلَ مَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ ا هـ .
وَقِيلَ مَا يَجْتَازُهُ الرَّجُلُ الْقَوِيُّ بِوَثْبَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ .

( وَالْجَبَّانَةُ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ كَالْمَسْجِدِ ) قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ بِالْجَبَّانَةِ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الصُّفُوفِ فَضَاءٌ وَاتِّسَاعٌ ؛ لِأَنَّ الْجَبَّانَةَ عِنْدَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ ( الْحَائِلُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي لَوْ كَانَ ( بِحَيْثُ يَشْتَبِهُ بِهِ ) أَيْ بِسَبَبِهِ ( حَالُ الْإِمَامِ يَمْنَعُهُ ) أَيْ الِاقْتِدَاءَ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَبِهْ ( فَلَا ) يَمْنَعُهُ ( إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْمَكَانُ ) قَالَ قَاضِي خَانْ إنْ قَامَ عَلَى الْجِدَارِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ دَارِهِ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ ، وَإِنْ قَامَ عَلَى سَطْحِ دَارِهِ ، وَدَارُهُ مُتَّصِلَةٌ بِالْمَسْجِدِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَبِهْ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَ سَطْحِ دَارِهِ كَثِيرُ التَّخَلُّلِ فَصَارَ الْمَكَانُ مُخْتَلِفًا ، أَمَّا فِي الْبَيْتِ مَعَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَتَخَلَّلْ إلَّا الْحَائِطُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ وَعِنْدَ اتِّحَادِ الْمَكَانِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ إلَّا إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ .
وَقَالَ أَيْضًا الْإِمَامُ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيَمِينُ الْقِبْلَةِ مَا يَكُونُ حِذَاءَ يَسَارِ الْمُسْتَقْبِلِ وَيَسَارُ الْقِبْلَةِ مَا يَكُونُ بِحِذَاءِ يَمِينِ الْمُسْتَقْبِلِ .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الصُّفُوفِ فَضَاءٌ أَوْ اتِّسَاعٌ ) عِبَارَةُ قَاضِي خَانْ عَطَفَهَا بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ فَتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَشْتَبِهْ فَلَا يَمْنَعُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْمَكَانُ ) أَقُولُ هَذَا عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ لِمَا سَنَذْكُرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلِاشْتِبَاهِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَامَ عَلَى سَطْحِ دَارِهِ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْحَدَثِ .
ا هـ .
قُلْتُ فَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِيمَا لَوْ قَامَ عَلَى سَطْحِ دَارِهِ فَلَوْ اقْتَدَى مَنْ بِالْخَلَاوِي الْعُلْوِيَّةِ مِنْ خَانِقَاهُ الشَّيْخُونِيَّةِ بِإِمَامِهَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ حَتَّى مَنْ بِالْخَلْوَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فَوْقَ الْإِيوَانِ الصَّغِيرِ ، وَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا ؛ لِأَنَّ أَبْوَابَهَا خَارِجَةٌ عَنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ اشْتَبَهَ حَالُ الْإِمَامِ أَوْ لَا كَالِاقْتِدَاءِ مِنْ سَطْحِ دَارِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ ا هـ إنَّمَا هُوَ عَلَى غَيْرِ الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِمَا قَالَهُ فِي الْبُرْهَانِ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ كَبِيرٌ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ مِنْهُ إلَى الْإِمَامِ وَلَكِنْ لَا يَشْتَبِهُ حَالُهُ عَلَيْهِ بِسَمَاعٍ أَوْ رُؤْيَةٍ لِانْتِقَالَاتِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ فِي الصَّحِيحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ ا هـ .
وَعَلَى الصَّحِيحِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْمَحَالِّ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَبْوَابُهَا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ .
( قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْبَيْتِ مَعَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَتَخَلَّلْ إلَّا الْحَائِطُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ ) أَقُولُ إطْلَاقُ التَّخَلُّلِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَامَ عَلَى الْحَائِطِ وَلِذَا قَالَ وَلَمْ

يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ ، وَلَوْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ مُتَّحِدًا مَعَ قَوْلِهِ ، وَإِنْ قَامَ عَلَى سَطْحِ دَارِهِ ، وَقَدْ حَكَمَ فِيهِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ .
( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَيْضًا الْإِمَامُ
إلَخْ ) قَدَّمْنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ .

( تَكْمِلَةٌ ) لِمَبَاحِثِ الِاقْتِدَاءِ ( الْمُدْرِكُ ) فِي الِاصْطِلَاحِ ( مَنْ صَلَّى الرَّكَعَاتِ مَعَ الْإِمَامِ وَالْمَسْبُوقُ مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهَا ) أَيْ بِالرَّكَعَاتِ ( كُلِّهَا ) بِأَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ الْأَخِيرِ أَوْ فِي التَّشَهُّدِ ( أَوْ بِبَعْضِهَا ) بِأَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الثُّنَائِيَّةِ أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ .
( وَاللَّاحِقُ مَنْ فَاتَهُ كُلُّهَا ) أَيْ كُلُّ الرَّكَعَاتِ ( أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ ) بِأَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَسَبَقَهُ الْحَدَثُ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ وَجَاءَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَشَرَعَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِالتَّمَامِ أَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ بَعْدَ أَدَاءِ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَشَرَعَ يُصَلِّي مَا فَاتَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهِ الْمَسْبُوقُ ( فِيمَا يَقْضِي ) لَهُ جِهَتَانِ جِهَةُ الِانْفِرَادِ حَقِيقَةً فَإِنَّ مَا يُصَلِّي لَيْسَ مِمَّا الْتَزَمَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَجِهَةُ الِاقْتِدَاءِ صُورَةً حَيْثُ بَنَى تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ فَبِالنَّظَرِ إلَى الْجِهَةِ الْأُولَى كَانَ ( كَالْمُنْفَرِدِ حَتَّى يُثْنِيَ ) أَيْ يَأْتِي بِالثَّنَاءِ إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ الَّتِي يَجْهَرُ بِهَا ( وَيَتَعَوَّذُ وَيَقْرَأُ وَيَفْسُدُ مَا يَقْضِي بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا بِالْمُحَاذَاةِ وَيَتَغَيَّرُ ) إلَى الْأَرْبَعِ مَا يَقْضِي ( بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَتَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ بِالسَّهْوِ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا يَقْضِي وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْمُنْفَرِدِ .
( وَ ) بِالنَّظَرِ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ ( كَالْمُقْتَدِي حَتَّى لَا يُؤْتَمَّ ) أَيْ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ بَانٍ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ ( وَإِنْ صَلَحَ لِلْخِلَافَةِ ) أَيْ ؛ لَأَنْ يَجْعَلَهُ إمَامُهُ خَلِيفَةً لَهُ إذَا أَحْدَثَ ( وَيَقْطَعُ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ تَحْرِيمَتُهُ ) أَيْ لَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا اسْتِئْنَافَ صَلَاةٍ وَقَطَعَهَا يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا

وَقَاطِعًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ ( وَيَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ بِسَهْوِ إمَامِهِ ) يَعْنِي لَوْ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ سَجْدَتَا سَهْوٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ السُّجُودُ بِسَهْوِ غَيْرِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ) الْمَسْبُوقُ ( فِي سَهْوِهِ ) أَيْ سَهْوِ إمَامِهِ ( وَيَأْتِي ) الْمَسْبُوقُ ( بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ ) بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ ( وَاللَّاحِقُ ) لَيْسَ لَهُ الْجِهَتَانِ بَلْ هُوَ ( كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى لَا يَتَغَيَّرَ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَلَا يَأْتِي بِقِرَاءَةٍ وَلَا سَهْوٍ ) أَيْ سَجْدَةِ سَهْوٍ إذَا سَهَا ( وَلَا بِمَا ) أَيْ لَا يَأْتِي بِمَا ( تَرَكَهُ إمَامُهُ بِالسَّهْوِ وَيَفْسُدُ مَا يَقْضِي بِالْمُحَاذَاةِ وَعِلْمِهِ بِخَطَأِ الْقِبْلَةِ مِنْ إمَامِهِ ) وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْمُقْتَدِي ( الْمَسْبُوقُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَآخِرَهَا فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ ) مَعَ الْإِمَامِ ( قَضَى بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ وَفَصَلَ بِقَعْدَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَضَى رَكْعَةً فَكَأَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى التَّشَهُّدِ ( وَقَرَأَ فِي كُلٍّ ) مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ ( الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً ) ؛ لِأَنَّ مَا يَقْضِي كَأَنَّهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ ، وَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَحَدِهِمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ( وَلَوْ أَدْرَكَهَا ) أَيْ رَكْعَةً ( مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ صَلَّى رَكْعَةً ) أُخْرَى ( وَقَرَأَهُمَا ) أَيْ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً ( وَتَشَهَّدَ ) ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى التَّشَهُّدِ ( ثُمَّ صَلَّى ) رَكْعَةً ( أُخْرَى وَقَرَأَهُمَا ) أَيْ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً ؛ لِأَنَّ مَا يَقْضِي أَوَّلُ صَلَاتِهِ بِالنَّظَرِ إلَى الْقِرَاءَةِ ( وَلَا يَتَشَهَّدُ ) ؛ لِأَنَّ مَا يَقْضِي آخِرُ صَلَاتِهِ بِالنَّظَرِ إلَى التَّشَهُّدِ ( وَخُيِّرَ فِي الثَّالِثَةِ ) بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّرْكِ ( وَالْأَفْضَلُ الْقِرَاءَةُ ) .

( قَوْلُهُ بِأَنَّ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَسَبَقَهُ الْحَدَثُ
إلَخْ ) أَقُولُ لَا يَخْتَصُّ اللَّاحِقُ بِهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَاتَهُ بَعْدَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى شَيْءٌ بِسَبَبِ نَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ زَحْمَةٍ أَوْ كَانَ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَهُوَ لَاحِقٌ وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ اللَّاحِقُ الْمَسْبُوقُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَنْ سُبِقَ بِأَوَّلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ اقْتَدَى وَفَاتَهُ أَيْضًا بَعْضُهَا بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَغَفْلَةٍ وَعِبَارَةُ مَتْنِهِ تَشْمَلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ اللَّاحِقَ هُوَ مَنْ فَاتَهُ بَعْدَ مَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَشْمَلَ اللَّاحِقَ الْمَسْبُوقَ وَتَعْرِيفُهُمْ اللَّاحِقَ بِأَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَفَاتَهُ شَيْءٌ مِنْهَا بِعُذْرٍ تَسَاهُلٌ ا هـ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخُصَّ الْمُصَنِّفُ مَتْنَهُ بِمَا صَوَّرَهُ بِهِ لِيَشْمَلَ هَذَا الْقِسْمَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا زَالَ عُذْرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا فَاتَهُ بِالْعُذْرِ ثُمَّ يَقْضِيَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ الَّذِي سُبِقَ بِهِ ، وَلَوْ لَمْ يُرَتِّبْ هَكَذَا أَجَزْنَاهُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَصَوَّرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فِي خَمْسِ صُوَرٍ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ حَتَّى لَا يُؤْتَمَّ ) أَقُولُ ، وَكَذَا لَا يَأْتَمُّ فِيمَا يَقْضِيهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ صَلَحَ لِلْخِلَافَةِ ) أَقُولُ يَعْنِي فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا خُصُوصِ هَذَا الْمَحِلِّ ؛ لِأَنَّ الْمَسْبُوقَ فِيمَا يَقْضِيهِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ فِي حَالَةِ اقْتِدَائِهِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ إمَامِهِ .
( قَوْلُهُ وَيَفْسُدُ مَا يَقْضِي بِالْمُحَاذَاةِ ) أَيْ بِمُحَاذَاةِ لَاحِقَةِ مِثْلِهِ .
( قَوْلُهُ وَعِلْمِهِ بِخَطَأِ الْقِبْلَةِ مِنْ إمَامِهِ ) أَقُولُ ، وَكَذَا بِتَبَدُّلِ اجْتِهَادِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ ) أَيْ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ .
( تَنْبِيهٌ ) : لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ

اللَّهُ جَمِيعَ أَحْكَامِ الْمَسْبُوقِ إذْ لَهُ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا لَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَهْوًا فَسَجَدَ لَهُ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ ثُمَّ عَلِمَ أَنْ لَا سَهْوَ فَالْأَشْهُرُ فَسَادُ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَفْسُدْ فِي قَوْلِهِمْ ، وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ الْخَامِسَةَ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ إنْ قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِسَجْدَةٍ ، وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ سَاهِيًا أَوْ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ سَلَامُ عَمْدٍ فَتَفْسُدُ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ فَوْرًا بَلْ يَنْتَظِرُ فَرَاغَ الْإِمَامِ بَعْدَهُمَا لِاحْتِمَالِ سَهْوٍ عَلَى الْإِمَامِ فَيَصْبِرُ حَتَّى يَفْهَمَ أَنَّهُ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَقَيَّدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِلَّا فَلَا ، وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ مَا مُحَصِّلُهُ الْإِطْلَاقُ ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فَرُبَّمَا اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ الْعَمَلَ بِالْجَائِزِ ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَقُومَ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ الْجُلُوسِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ إذَا خَافَ تَمَامَ مُدَّةِ مَسْحِهِ لَوْ انْتَظَرَ سَلَامَ الْإِمَامِ أَوْ خُرُوجَ الْوَقْتِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْفَجْرِ أَوْ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَهُوَ مَعْذُورٌ أَوْ خَافَ أَنْ يَبْتَدِرَهُ الْحَدَثُ أَوْ خَافَ مُرُورَ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَلَوْ قَامَ فِي غَيْرِهَا ، وَقَدْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ صَحَّ وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا ، وَمِنْهَا لَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وَعَادَ إلَيْهَا يُتَابِعُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَسَدَتْ ، وَإِنْ كَانَ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِسَجْدَةٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَادَ أَوْ لَمْ يَعُدْ وَتَمَامُهُ

فِي الْبَحْرِ ( قَوْلُهُ وَاللَّاحِقُ لَيْسَ الْجِهَتَانِ
إلَخْ ) هَذَا بَيَانُ أَحْكَامِهِ كَمَا وَعَدَ بِهِ وَلَمْ يُوفِ بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَوَّلًا فَالْأَوَّلُ وَاضِحٌ وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا فَاتَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يُتَابِعَ الْإِمَامَ إلَى أَنْ يَفْرُغَ ، فَلَوْ تَابَعَ الْإِمَامَ أَوَّلًا ثُمَّ أَتَى بِمَا فَاتَهُ صَحَّ وَلَكِنْ يَأْثَمُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ .
وَقَالَ زُفَرُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِمَا فَاتَهُ أَوَّلًا ، وَمِنْ أَحْكَامِهِ لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَدَخَلَ مِصْرَهُ لِلْوُضُوءِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا تَنْقَلِبُ صَلَاتُهُ أَرْبَعًا ، وَمِنْهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِقَهْقَهَةِ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعِ السَّلَامِ ، وَقَدْ جَعَلَ الْأُصُولِيُّونَ فِعْلَهُ أَدَاءً شَبِيهًا بِالْقَضَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ تَغَيُّرِ فَرْضِهِ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقَضَاءِ .
( قَوْلُهُ وَالْمَسْبُوقُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ
إلَخْ ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِمَّا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ فَلَوْ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ إحْرَامِهِ مَا فَاتَهُ قَبْلَ مُشَارَكَتِهِ لِإِمَامِهِ فِيمَا أَدْرَكَهُ قَالُوا يُكْرَهُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَقِيلَ تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِالْمَنْسُوخِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَصَحَّحَ فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ عَدَمَ فَسَادِ صَلَاتِهِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ وَاخْتَارَ فِي الْبَدَائِعِ مَا صَحَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْفَسَادِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْأَظْهَرُ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ لِمُوَافَقَتِهِ الْقَاعِدَةَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَدْرَكَهَا ) أَيْ رَكْعَةً مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ
إلَخْ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فِيهِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْمَذْهَبَ لَكِنْ ذَكَرَ فِي

الْفَيْضِ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُمَا فَقَالَ نَاقِلًا عَنْ الْمُسْتَصْفَى لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ ثُمَّ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَأْتِي بِالثَّالِثَةِ بِفَاتِحَةٍ خَاصَّةٍ ، وَقَالَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ أُولَاهُمَا بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَثَانِيَتُهُمَا بِفَاتِحَةٍ خَاصَّةٍ .

( بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ ) ( إمَامٌ سَبَقَهُ حَدَثٌ غَيْرُ مَانِعٍ لِلْبِنَاءِ ) لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ كَمَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا سَيَظْهَرُ .
( وَلَوْ ) أَيْ ، وَلَوْ كَانَ سَبْقُ الْحَدَثِ ( بَعْدَ التَّشَهُّدِ ) قَبْلَ السَّلَامِ إذْ حِينَئِذٍ لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْخُرُوجَ بِصُنْعِهِ فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُوجَدْ ( يَسْتَخْلِفُ ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ إمَامٌ أَيْ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ إذْ خُلُوُّ مَكَانِ الْإِمَامِ عَنْ الْإِمَامِ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَلَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ ، كَذَا فِي الْكَافِي صُورَةُ الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَتَأَخَّرَ مُحْدَوْدِبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ رَعَفَ فَيَنْقَطِعُ عَنْهُ الظُّنُونُ وَيُقَدِّمُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ بِالْإِشَارَةِ ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ فِي الصَّحْرَاءِ وَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ حَتَّى جَاوَزَ هَذَا الْحَدَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ ( كَمَا إذَا حَصِرَ ) الْإِمَامُ ( عَنْ الْقِرَاءَةِ ) أَيْ قِرَاءَةِ قَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ حِينَئِذٍ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ، وَلَوْ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِخْلَافُ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ( فَيَتَوَضَّأُ ) الْإِمَامُ ( وَيَبْنِي ) بَاقِيَهَا عَلَى مَا مَضَى ( وَيُتِمُّ ) صَلَاتَهُ ( ثَمَّةَ ) أَيْ مَكَانَ التَّوَضُّؤِ ( أَوْ يَعُودُ ) إلَى مَكَانِهِ ( إنْ فَرَغَ إمَامُهُ ) أَيْ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ يُتِمُّ ثَمَّةَ أَوْ يَعُودُ ( كَالْمُنْفَرِدِ ) فَإِنَّهُ أَيْضًا مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِتْمَامِ ثَمَّةَ وَبَيْنَ الْعَوْدِ ، وَوَجْهُ التَّخْيِيرِ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ قِلَّةَ الْمَشْيِ ، وَفِي الثَّانِي أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَيَخْتَارُ أَيًّا شَاءَ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ

إمَامُهُ ( عَادَ ) إلَى مَكَانِهِ قَطْعًا ( كَذَا ) أَيْ كَالْإِمَامِ ( الْمُقْتَدِي ) إذَا سَبَقَهُ حَدَثٌ ( وَالْأَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ وَمُقْتَدٍ فَرَغَ إمَامُهُ الِاسْتِئْنَافُ ) لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ فَيَتَحَقَّقُ الْأَدَاءُ بِلَا خَلَلٍ وَيَبْنِي الْإِمَامُ وَالْمُقْتَدِي إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ .

( بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ ) .
( قَوْلُهُ سَبَقَهُ حَدَثٌ
إلَخْ ) أَقُولُ ، وَلَوْ مِنْ تَنَحْنُحِهِ أَوْ عُطَاسِهِ لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَصَحَّحُوا الْبِنَاءَ فِيمَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ عُطَاسِهِ أَوْ تَنَحْنُحِهِ ا هـ ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ عَطَسَ فَسَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ عُطَاسِهِ أَوْ تَنَحْنَحَ فَخَرَجَ مِنْ قُوَّتِهِ رِيحٌ قِيلَ لَا يَبْنِي هُوَ الصَّحِيحُ ا هـ فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ .
( قَوْلُهُ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْخُرُوجَ بِصُنْعِهِ فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) أَقُولُ يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ وَالْبِنَاءُ ، وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ غَيْرَ فَرْضٍ بَلْ وَاجِبٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَخْتَصُّ بِمَا عَلَّلَهُ بِهِ .
( قَوْلُهُ يَسْتَخْلِفُ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ إمَامٌ أَيْ اسْتِخْلَافُهُ
إلَخْ ) أَقُولُ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ عَامِلًا كَمَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتُهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَكَذَا أَيْ جَازَ اسْتِخْلَافُهُ وَلَا يُقَدَّرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى اللُّزُومِ كَوَجَبَ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ لِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ الْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي الْبِنَاءُ صِيَانَةً لِلْجَمَاعَةِ وَلِلْمُنْفَرِدِ الِاسْتِئْنَافُ تَحَرُّزًا عَنْ الْخِلَافِ وَصَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتُونِ أَنَّ الِاسْتِئْنَافَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الِاسْتِخْلَافُ صِيَانَةً لِصَلَاةِ الْقَوْمِ فِيهِ نَظَرٌ ا هـ قُلْت عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي كَمَا لَوْ كَانَ إمَامًا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ اتِّفَاقًا قَالُوا بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ صِيَانَةً لِصَلَاةِ الْقَوْمِ ا هـ فَلَا اتِّفَاقَ عَلَى وُجُوبِ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ قَالُوا إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ ا هـ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ اللَّازِمَ مِنْ حَيْثِيَّةِ بَقَاءِ صِحَّةِ صَلَاةِ

الْقَوْمِ لَا مِنْ حَيْثِيَّةِ تَرَتُّبِ الْعِقَابِ بِتَرْكِ الِاسْتِخْلَافِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الِاسْتِخْلَافِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ .
( قَوْلُهُ إذْ خُلُوُّ مَكَانِ الْإِمَامِ عَنْ الْإِمَامِ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي ) أَيْ ، وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ وَقَفَ فِيهِ بَعْدَ الْحَدَثِ قَدْرَ أَدَاءِ رُكْنٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ .
( قَوْلُهُ : كَذَا فِي الْكَافِي ) أَقُولُ لَيْسَ جُمْلَتُهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ مِنْهُ بَلْ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرَ الْبَابِ .
( قَوْلُهُ صُورَةُ الِاسْتِخْلَافِ
إلَخْ ) هَذَا عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ .
( قَوْلُهُ وَيُقَدِّمُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ بِالْإِشَارَةِ ) أَقُولُ أَوْ يَأْخُذُ ثَوْبَ مَنْ يُقَدِّمُهُ إلَى الْمِحْرَابِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ ) أَقُولُ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ ثُمَّ خَرَجَ فَحُكْمُهُ هُوَ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ لَوْ اسْتَحْلَفَ مِنْ آخِرِ الصُّفُوفِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ إمَامًا فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ كَانَ مُتَقَدِّمَهُ دُونَ صَلَاتِهِ وَصَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَمَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فِي صَفِّهِ وَمَنْ خَلْفَهُ ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ إمَامًا إذَا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ ، وَشَرْطُ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ ا هـ .
( قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ حَتَّى جَاوَزَ هَذَا الْحَدَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ سَوَاءٌ كَانَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً إلَى خَارِجِ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا وَسَيُصَرِّحُ بِهِ فِيمَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَهُوَ صَرِيحُ قَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ اسْتَخْلَفَ رَجُلًا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ بِصُفُوفِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ا هـ .

وَمَفْهُومُهُ صِحَّةُ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ خَارِجٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ وَغَيْرُهُ وَقَلَبَ الْخِلَافَ صَاحِبُ الظَّهِيرِيَّةِ فَجَعَلَ جَوَازَ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ خَارِجٍ قَوْلَهُمَا لَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ إنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ مَا دَامَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَإِنْ اسْتَخْلَفَ رَجُلًا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ جَازَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ ) أَقُولُ صُحِّحَ كُلٌّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِأَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْفَسَادُ ا هـ .
وَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَمْ يُبَيِّنْ مُحَمَّدٌ حَالَ الْإِمَامِ ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا ، وَذَكَرَ أَبُو عِصْمَةَ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ا هـ .
وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنَّهُ كَالْمُنْفَرِدِ لِفَسَادِ اسْتِخْلَافِهِ ا هـ .
( قَوْلُهُ كَمَا إذَا حَصِرَ ) بِوَزْنِ تَعِبَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا الْعَيُّ وَضِيقُ الصَّدْرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
وَفِي النِّهَايَةِ ضَمُّ الْحَاءِ فِيهِ خَطَأٌ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ ، وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُصِرَ عَلَى فُعِلَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ حَصَرَهُ إذَا حَبَسَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَمَعْنَاهُ حُبِسَ وَمُنِعَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِسَبَبِ خَجَلٍ أَوْ خَوْفٍ بِالْوَجْهَيْنِ حَصَلَ لِي السَّمَاعُ وَبِهِمَا صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَقَدْ وَرَدَتْ اللُّغَتَانِ أَيْضًا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ كَالصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا إنْكَارُ الْمُطَرِّزِيِّ ضَمَّ الْحَاءِ فَهُوَ فِي مَكْسُورِ الْعَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَجِيءُ لَهُ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إلَّا فِي مَفْتُوحِ الْعَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ يَجُوزُ بِنَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ فَافْهَمْ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ حِينَئِذٍ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ) أَقُولُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا الْحُكْمُ عِنْدَهُمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ هَلْ تَبْطُلُ أَوْ يُتِمُّهَا بِلَا قِرَاءَةٍ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ

جَازَ أَيْ الِاسْتِخْلَافُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا لَا يُجْزِيهِمْ ا هـ .
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ بَلْ يُتِمُّهَا بِدُونِ الْقِرَاءَةِ كَالْأُمِّيِّ إذَا أَمَّ أُمِّيِّينَ وَنَسَبَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ إلَى السَّهْوِ ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ا هـ قُلْت وَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يُتِمُّهَا بِلَا قِرَاءَةٍ عِنْدَهُمَا تَبِعَهُ فِيهِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا عَنْ شَيْخِهِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَدَائِعِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِخْلَافُ بِلَا خِلَافٍ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ بِصِيغَةِ قِيلَ ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِمَا أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي فَتْحِ الْمُصَلِّي عَلَى إمَامِهِ بِأَنَّهَا لَا تَفْسُدُ عَلَى الصَّحِيحِ سَوَاءٌ قَرَأَ الْإِمَامُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ لَا فَكَذَلِكَ هُنَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ مُطْلَقًا ا هـ قُلْت يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى كَتَبْت فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا حُصِرَ فَاسْتَخْلَفَ بَعْدَ مَا قَرَأَ مَا تَجُوزُ بِهِ صَلَاتُهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَمْ أَذْكُرْ أَنَّهُ هَلْ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ ؛ لِأَنِّي كَتَبْت فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّيِّ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ عَمَلٌ كَثِيرٌ يُفْسِدُ فَيُفْسِدُ هَذَا أَيْضًا فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ نَفْسَ الْفَتْحِ لَا يُفْسِدُ فَلَا يُفْسِدُ أَيْضًا هُنَا ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَيْسَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ فَلَوْ أَفْسَدَ إنَّمَا يُفْسِدُ لَا ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَكِنْ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَهُنَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَلَا تَفْسُدُ ا هـ .
( قُلْت ) وَلِلِاحْتِيَاجِ

لِلْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ أَوْ الْمَسْنُونِ مِنْ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقِرَاءَةِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الْحَصْرُ فِي رَكْعَةٍ بَعْدَ الْأُولَى ، وَقَدْ قَرَأَ فِيهِمَا مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ مَا تَجُوزُ بِهِ ثُمَّ حُصِرَ فِيهَا جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ بِلَا خِلَافٍ فَتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ فَيَتَوَضَّأُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَيَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَأْتِي بِسَائِرِ سُنَنِ الْوُضُوءِ ، وَقِيلَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً ، وَإِنْ زَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ .
ا هـ .
وَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ فِي كَشْفِ الْعَوْرَةِ لِلْوُضُوءِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ الْمَاءَ مِنْ الْبِئْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَاءٌ ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ أَنَّ الِاسْتِقَاءَ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ .
( قَوْلُهُ وَيَبْنِي ) أَقُولُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاتِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ .
( قَوْلُهُ كَالْمُنْفَرِدِ فَإِنَّهُ أَيْضًا مُخَيَّرٌ
إلَخْ ) أَقُولُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْأَفْضَلَ لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمُقْتَدِي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ الْعَوْدُ أَفْضَلُ لِيَكُونَ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَالْفَضْلِيِّ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ ، وَقِيلَ فِي مَنْزِلِهِ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْمَشْيِ قَالَ الْأَكْمَلُ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا ، وَذَكَرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ الْعَوْدَ يُفْسِدُ ؛ لِأَنَّهُ مَشَى بِلَا حَاجَةٍ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَالصَّحِيحُ عَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ الْفَسَادِ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ لَمْ يَفْرُغْ إمَامُهُ عَادَ إلَى مَكَانِهِ قَطْعًا ) أَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ عَيْنِ مَكَانِهِ بَلْ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا فِيهِ حَتَّى لَوْ أَتَمَّ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ فِي مَوْضِعِ وُضُوئِهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِيمَا هُوَ

حُكْمُ الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ جَازَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْعَوْدُ إلَى مُصَلَّاهُ وَإِذَا عَادَ قَالَ الْأَكْمَلُ فِي الْعِنَايَةِ فَإِنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْضِيَ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ فِي حَالِ اشْتِغَالِهِ بِالْوُضُوءِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ثُمَّ يَقْضِيَ آخِرَ صَلَاتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُتَابِعَ الْإِمَامَ ثُمَّ يَقْضِيَ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ خِلَافًا لِزُفَرَ ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ قُلْت وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي اللَّاحِقِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا فَاتَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يُتَابِعَ الْإِمَامَ وَإِلَّا أَثِمَ فَلَا يُخَيَّرُ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ التَّخْيِيرُ هُنَا عَلَى الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ وَمُقْتَدٍ فَرَغَ إمَامُهُ الِاسْتِئْنَافُ
إلَخْ ) فِيهِ تَأَمُّلٌ ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ لِمُقْتَدٍ فَرَغَ إمَامُهُ الِاسْتِئْنَافُ مُدَافِعٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَالْمُقْتَدِي يَبْنِي إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَرَاغِ إمَامِ الْمُقْتَدِي وَعَدَمِهِ وَحَاصِلُ الْحُكْمِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ الِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا أَوْ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّبْيِينِ وَالْكَافِي وَالْبُرْهَانِ إنَّ الِاسْتِئْنَافَ أَفْضَلُ لِلْجَمِيعِ تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ ، وَقِيلَ إنَّ الْمُنْفَرِدَ يَسْتَقْبِلُ وَالْإِمَامَ وَالْمُقْتَدِيَ يَبْنِي صِيَانَةً لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ ا هـ .
وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّفْصِيلِ بِصِيغَةِ قِيلَ مُقَابِلًا لِإِطْلَاقِ أَفْضَلِيَّةِ الِاسْتِئْنَافِ صَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ا هـ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ الِاسْتِئْنَافَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ .
ا هـ .
فَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى خِلَافِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ

مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُدَافَعَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَشْرَعُ بَعْدَ الْوُضُوءِ ذَكَرَهُ الْكَافِي .

( وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مَسْبُوقًا ) جَازَ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي التَّحْرِيمَةِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مُدْرِكًا ؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ وَيَنْبَغِي لِهَذَا الْمَسْبُوقِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ ، وَلَوْ تَقَدَّمَ ( أَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَوَّلًا ) بِأَنْ ابْتَدَأَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى إلَيْهِ الْإِمَامُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ( وَإِذَا انْتَهَى ) إلَى السَّلَامِ ( قَدَّمَ مُدْرِكًا يُسَلِّمُ بِهِمْ وَحِينَ أَتَمَّهَا ) أَيْ الْمَسْبُوقُ صَلَاةَ الْإِمَامِ بِأَنْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ( يَضُرُّهُ ) أَيْ الْمَسْبُوقَ وَالْمُرَادُ صَلَاتُهُ ( الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ ) كَالْقَهْقَهَةِ وَالْكَلَامِ وَنَحْوِهِمَا .
( وَ ) يَضُرُّ الْإِمَامَ ( الْأَوَّلَ ) ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ أَثْنَاءَ صَلَاتِهِمَا ( إلَّا عِنْدَ فَرَاغِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ بِأَنْ تَوَضَّأَ وَأَدْرَكَ خَلِيفَتَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَسْبِقْهُ شَيْءٌ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ خَلْفَ خَلِيفَتِهِ ( لَا الْقَوْمَ ) أَيْ لَا يَضُرُّ الْمُنَافِي الْقَوْمَ إذْ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ ( وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ ) أَيْ الْإِمَامَ الْأَوَّلَ حَدَثٌ ( وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ عَمْدًا ) فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ لِوُجُودِ الْمُنَافِي خِلَالَهَا ( وَإِنْ تَكَلَّمَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا ) أَيْ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ ؛ لِأَنَّ الْقَهْقَهَةَ مُفْسِدَةٌ لِلْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِيهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَتُفْسِدُ مِثْلَهُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبِنَاءِ وَالْمَسْبُوقَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ بِخِلَافِ الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَامِ فَإِنَّهُ مِنْهُ لَا مُنَافٍ وَلِهَذَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَرْطُ الصَّلَاةِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ فَإِذَا صَادَفَ جُزْءًا لَمْ يُفْسِدْهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ وَلَكِنَّهُ يَقْطَعُ فِي أَوَانِهِ لَا فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَالْكَلَامُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُبْطِلُ شَرْطَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ بِخِلَافِ الْقَهْقَهَةِ

وَالْحَدَثِ الْعَمْدِ ، وَكَذَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ قَاطِعٌ لَا مُفْسِدٌ .

( قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مُدْرِكًا ) إلَيْهِ أَشَارَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَلَّدَ إنْسَانًا عَمَلًا وَفِي رَعِيَّتِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُؤْمِنِينَ } ذَكَرَهُ الْكَافِي .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ ) ، كَذَا عَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ أَفَادَ التَّعْلِيلُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُقَدِّمَ مُقِيمًا إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَلَا لَاحِقًا ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْدِرَانِ عَلَى الْإِتْمَامِ وَحِينَئِذٍ فَكَمَا لَا يَنْبَغِي لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَتَقَدَّمَ ، كَذَا هَذَا وَكَمَا يُقَدِّمُ مُدْرِكًا لِلسَّلَامِ لَوْ تَقَدَّمَ ، كَذَا الْآخَرَانِ أَمَّا الْمُقِيمُ فَلِأَنَّ الْمُسَافِرِينَ خَلْفَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ الْإِتْمَامُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُمْ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ بِنِيَّةِ الْخَلِيفَةِ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فِي الْأَصْلِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَنْقَلِبُ فَرْضُهُمْ أَرْبَعًا لِلِاقْتِدَاءِ بِالْمُقِيمِ قُلْنَا لَيْسَ هُوَ إمَامًا إلَّا ضَرُورَةً فَيَصِيرُ قَائِمًا مَقَامَهُ فِيمَا هُوَ قَدْرُ صَلَاتِهِ فَكَانُوا مُقْتَدِينَ بِالْمُسَافِرِ مَعْنًى وَصَارَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى فَرْضًا عَلَى الْخَلِيفَةِ وَيُقَدِّمُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ مُسَافِرًا يُسَلِّمُ بِهِمْ ثُمَّ يَقْضِي الْمُقِيمُونَ رَكْعَتَيْنِ مُنْفَرِدِينَ ، وَلَوْ اقْتَدَوْا بِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ دُونَ الْمُسَافِرِينَ ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَهُمْ إنَّمَا يُوجِبُ الْمُتَابَعَةَ إلَى هُنَا ا هـ قُلْت وَهَذَا لَيْسَ تَعْلِيلًا لِفَسَادِ الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إنَّمَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقِيمِينَ صَلَاةً بِمُتَابَعَتِهِمْ خَلِيفَةَ الْمُسَافِرِ بَعْدَ تَمَامِ صَلَاةِ الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَرِدًا فِيمَا بَعْدُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا فِيمَا هُوَ قَدْرُ صَلَاةِ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ حُكْمِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ .

وَأَمَّا الْمُسَافِرُونَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ فَاقْتِدَاؤُهُمْ فِيمَا بَعْدُ لَا يَضُرُّهُمْ .
( قَوْلُهُ وَيَضُرُّ الْإِمَامُ الْأَوَّلَ ) أَقُولُ هُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِفَسَادِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَنْزِلِهِ قَبْلَ فَرَاغِ هَذَا الْمُسْتَخْلَفِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ ، وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ قَصْدًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا الْقِيلُ رِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ قَالُوا وَكَأَنَّهَا غَلَطٌ ، وَذَكَرَ الْكَمَالُ وَجْهَهُ ، وَكَذَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ وَالْخَلِيفَةِ بِتَذَكُّرِ الْخَلِيفَةِ فَائِتَةً ، وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ ، وَإِنْ تَذَكَّرَهَا بَعْدَ الْخُرُوجِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَقَطْ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ أَيْ الْإِمَامَ الْأَوَّلَ حَدَثٌ ) أَقُولُ لَفْظُ الْأَوَّلِ وَقَعَ مِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ لَفْظُ الْأَوَّلِ هُنَا تَسَاهُلٌ إذْ لَيْسَ فِي صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إمَامٌ ثَانٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا اسْتِخْلَافٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ ) أَقُولُ هَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْبُوقُ بِالسَّجْدَةِ فَإِنْ كَانَ بَانٍ قَعَدَ مَعَهُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَامَ لِلْقَضَاءِ وَقَيَّدَ بِالسَّجْدَةِ قَبْلَ حَدَثِ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ انْفِرَادُهُ حَتَّى لَا يُتَابِعَ إمَامَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنْ تَابَعَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالسَّجْدَةِ وَتَابَعَهُ لَا تَفْسُدُ لِعَدَمِ تَأَكُّدِ الِانْفِرَادِ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَافِي وَاللَّاحِقُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا قَيَّدَ مَا فَاتَهُ بِالسَّجْدَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَيَّدَ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُدْرِكِ لَا تَفْسُدُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي صَلَاةِ اللَّاحِقِ رِوَايَتَانِ .
ا هـ .
صَحَّحَ فِي

السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْفَسَادَ وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ عَدَمَهُ مُعَلِّلًا بِأَنَّ النَّائِمَ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ فَكَذَلِكَ صَلَاةُ النَّائِمِ تَقْدِيرًا ا هـ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِخِلَافِ اللَّاحِقِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ كَانَ فِي الْقَوْمِ لَاحِقٌ إنْ فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَامَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ وَإِلَّا تَفْسُدُ عِنْدَهُ انْتَهَى مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَالضَّمِيرُ فِي عِنْدِهِ رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ قُلْت ، كَذَا أَطْلَقَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَدَمَ الْفَسَادِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ ذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ اللَّاحِقِ لِلْقَضَاءِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالتَّقْيِيدِ بِالسُّجُودِ كَمَا فِي الْمَسْبُوقِ وَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ اتِّكَالًا ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَكَلَّمَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ
إلَخْ ) أَيْ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَكُنْ سَلَّمَ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْقَهْقَهَةَ مُفْسِدَةٌ لِلْجُزْءِ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ أَوْ الْحَدَثِ عَمْدًا وَبَيْنَ التَّكَلُّمِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ ؛ لِأَنَّ الْقَهْقَهَةَ إذَا أَفْسَدَتْ الْجُزْءَ الَّذِي لَاقَتْهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ يَلْزَمُ بِالضَّرُورَةِ فَسَادُ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِعَدَمِ فَسَادِ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ .

( وَمَانِعُهُ ) أَيْ مَانِعُ الْبِنَاءِ ( الْحَدَثُ الْعَمْدُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْإِمْنَاءُ بِاحْتِلَامٍ ) بِأَنْ نَامَ فِي صَلَاتِهِ نَوْمًا لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ فَاحْتَلَمَ ( أَوْ غَيْرُهُ ) كَتَذَكُّرٍ أَوْ مَسٍّ بِشَهْوَةٍ ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ( وَالْقَهْقَهَةُ وَإِصَابَةُ بَوْلٍ كَثِيرٍ ) جَاوَزَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ ( وَسَيَلَانُ شَجَّةٍ وَظُهُورُ الْعَوْرَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ ، كَذَا الْمَرْأَةُ ) أَيْ ظُهُورُ عَوْرَتِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ إلَّا أَنْ تُضْطَرَّ أَيْضًا ( وَالْقِرَاءَةُ ذَاهِبًا وَجَائِيًا ) قِيلَ لَوْ قَرَأَ ذَاهِبًا تَفْسُدُ وَآتِيًا لَا ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَالصَّحِيحُ الْفَسَادُ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الْحَدَثِ وَفِي الثَّانِي مَعَ الْمَشْيِ ( بِخِلَافِ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ فِي الْأَصَحِّ ) إذْ لَيْسَ فِيهِمَا أَدَاءُ رُكْنٍ ( وَطَلَبُ الْمَاءِ بِالْإِشَارَةِ ) عَطْفٌ عَلَى الْحَدَثِ الْعَمْدِ أَوْ الْقِرَاءَةِ ( وَشِرَاؤُهُ بِالتَّعَاطِي ) قَيَّدَ بِهِ لِظُهُورِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِصَرِيحِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ( وَالْمُكْثُ قَدْرَ ) أَدَاءِ ( رُكْنٍ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ إلَّا إذَا كَانَا ) أَيْ الْحَدَثُ وَالْمُكْثُ ( نَائِمًا ) أَيْ فِي حَالِ نَوْمِ الْمُحْدِثِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ ( وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَ ) تَجَاوُزُ ( الصُّفُوفِ فِي غَيْرِهِ ) كَالصَّحْرَاءِ ( بَعْدَ مَا ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ ثُمَّ ظَهَرَ طُهْرُهُ ، وَلَوْ عَمِلَ ) عَمْدًا ( بَعْدَ التَّشَهُّدِ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ تَمَّتْ ) الصَّلَاةُ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ ( وَلَوْ وُجِدَ ) مُنَافِي الصَّلَاةِ بَعْدَهُ ( بِلَا صُنْعِهِ بَطَلَتْ ) الصَّلَاةُ لِوُجُودِ الْمُنَافِي قَبْلَ تَمَامِهَا خِلَافًا لَهُمَا ( فَتَبْطُلُ ) الصَّلَاةُ ( بِقُدْرَةِ الْمُتَيَمِّمِ ) فِي الصَّلَاةِ ( عَلَى ) اسْتِعْمَالِ ( الْمَاءِ وَرُؤْيَةِ ) أَيْ وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِرُؤْيَةِ ( الْمُتَوَضِّئِ الْمُقْتَدِي بِالْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ ) قَالَ فِي الْكَنْزِ وَبَطَلَتْ إنْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ مَاءً قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ

الْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى لَوْ رَآهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لَا تَبْطُلُ ، وَلَوْ قَدَرَ بِلَا رُؤْيَةٍ بَطَلَتْ فَمَدَارُ الْأَمْرِ عَلَى الْقُدْرَةِ لَا غَيْرُ ، وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُتَيَمِّمِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ غَيْرُ مُفِيدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَوَضِّئٌ يُصَلِّي خَلْفَ مُتَيَمِّمٍ فَرَأَى الْمُقْتَدِي الْمَاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْإِمَامَ قَادِرٌ عَلَى الْمَاءِ بِإِخْبَارِهِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ وَلِهَذَا غَيَّرْتُ تِلْكَ الْعِبَارَةَ إلَى مَا تَرَى ( وَنَزْعِ الْمَاسِحِ خُفَّهُ بِفِعْلٍ يَسِيرٍ ) بِأَنْ كَانَ وَاسِعًا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُعَالَجَةِ فِي النَّزْعِ ، وَإِنْ كَانَ النَّزْعُ بِفِعْلٍ عَنِيفٍ تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ ( وَمُضِيِّ مُدَّةِ مَسْحِهِ إنْ وَجَدَ الْمَاءَ ، وَقِيلَ مُطْلَقًا وَتَعَلُّمِ الْأُمِّيِّ آيَةً ) أَيْ تَذَكُّرِهِ أَوْ حِفْظِهِ بِالسَّمَاعِ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا اشْتِغَالٍ بِالتَّعَلُّمِ وَإِلَّا تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْمُتُونِ الْمَشْهُورَةِ لَفْظُ سُورَةٍ مَكَانَ آيَةٍ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى قَوْلِهِمَا ( وَنَيْلِ الْعَارِي ثَوْبًا ) أَيْ ثَوْبًا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ ( وَقُدْرَةِ الْمُومِئِ عَلَى الْأَرْكَانِ ) فَإِنَّ آخِرَ صَلَاتِهِ قَوِيَ فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ ( وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ ) عَلَيْهِ وَهُوَ صَاحِبُ التَّرْتِيبِ ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ فَائِتَةٌ عَلَى الْإِمَامِ فَتَذَكَّرَهَا الْمُؤْتَمُّ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ وَحْدَهُ ، كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ .
( وَتَقْدِيمِ الْقَارِئِ أُمِّيًّا وَطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ وَدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ وَزَوَالِ عُذْرِ الْمَعْذُورِ وَسُقُوطِ الْجَبْرِيَّةِ عَنْ بُرْءٍ وَوُجْدَانِ الْمُصَلِّي بِالنَّجِسِ مَا يُزِيلُهُ وَدُخُولِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ عَلَى مُصَلِّي الْقَضَاءِ وَعَدَمِ سَتْرِ الْجَارِيَةِ عَوْرَتَهَا إذَا كَانَتْ تُصَلِّي بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأُعْتِقَتْ ) فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ بِلَا صُنْعِهِ عِنْدَهُ

خِلَافًا لَهُمَا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ بِصُنْعِهِ فَرْضٌ عِنْدَهُ لَا عِنْدَ هُمَا كَمَا مَرَّ .

( قَوْلُهُ وَإِصَابَةُ بَوْلٍ كَثِيرٍ ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِهِ مِمَّا لَمْ يَسْبِقْهُ وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِجَوَازِ الْبِنَاءِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا سَبَقَهُ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا سَبَقَهُ بَنَى اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ فِي ذَلِكَ غَسْلَ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ ابْتِدَاءً وَفِي هَذَا تَبَعًا لِلْوُضُوءِ ، وَلَوْ أَصَابَتْهُ مِنْ حَدَثِهِ وَغَيْرِهِ لَا يَبْنِي ، وَلَوْ اتَّحَدَ مَحَلُّهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ وَسَيَلَانُ شَجَّةٍ ) أَقُولُ أَيْ بِصُنْعِ أَحَدٍ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ طُوبَةٌ مِنْ سَطْحٍ إنْ كَانَ بِمُرُورٍ اسْتَقْبَلَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ الْخِلَافُ بَيْنَ مَشَايِخِنَا مِثْلُ وُقُوعِ الثَّمَرَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ .
( قَوْلُهُ وَظُهُورُ الْعَوْرَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ كَذَا الْمَرْأَةُ ) أَقُولُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ .
وَقَالَ قَاضِي خَانْ هُوَ الصَّحِيحُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كُشِفَتْ الْعَوْرَةُ فِي الصَّلَاةِ ابْتِدَاءً وَيُخَالِفُهُ مَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ لَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ لِلِاسْتِنْجَاءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَكَذَا إذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا لِلْوُضُوءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْهُ بُدًّا لَمْ تَفْسُدْ ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا احْتَاجَتْ إلَى الْبُنَاةِ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ عَوْرَتَهَا وَأَعْضَاءَهَا فِي الْوُضُوءِ وَتَغْسِلَ إذَا لَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ تَصْحِيحٍ لِقَوْلِ أَبِي عَلِيٍّ وَعَلِمْت تَصْحِيحَ قَاضِي خَانْ لَهُ .
( قَوْلُهُ وَطَلَبُ الْمَاءِ بِالْإِشَارَةِ ) أَقُولُ هَذَا مُشْكِلٌ بِمَسْأَلَةِ دَرْءِ الْمَارِّ بِالْإِشَارَةِ ، وَكَذَا بِمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْغَايَةِ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لَوْ طُلِبَ مِنْ الْمُصَلِّي شَيْءٌ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ أَوْ بِلَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَفِي الْبَحْرِ مِثْلُهُ

عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ السَّلَامَ بِيَدِهِ فَسَدَتْ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ أَنَّهُ قَالَ إنَّ بَعْضَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَدْ عَزَا إلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَفْسُدُ بِالرَّدِّ بِالْيَدِ وَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ نَقَلَ الْفَسَادَ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِالْيَدِ ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ عَدَمَ الْفَسَادِ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ فِيهِ بَلْ صَرِيحُ كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ الْفَسَادِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَكَانَ هَذَا الْقَائِلَ فَهِمَ مِنْ الرَّدِّ بِالْإِشَارَةِ الْفَسَادَ عَلَى تَقْدِيرِهِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي النُّطْقِ لَكِنَّ الثَّابِتَ مَا ذَكَرْنَا ا هـ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الْمَذْهَبِ ، وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِنْ فَرْعٍ نَقَلَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَوْ صَافَحَ الْمُصَلِّي إنْسَانًا بِنِيَّةِ السَّلَامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَنَقَلَ الزَّاهِدِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ حُسَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ قَالَ فَعَلَى هَذَا تَفْسُدُ أَيْضًا إذَا رَدَّ بِالْإِشَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّسْلِيمِ بِالْيَدِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِإِشَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّدِّ بِيَدِهِ لَكِنَّهُ نَاقَشَ ابْنَ أَمِيرِ حَاجٍّ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَجْمَعِ نَقَلَ الْفَرْعَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ا هـ قُلْت فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِطَلَبِ الْمَاءِ بِالْإِشَارَةِ كَرَدِّ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ بِالْإِشَارَةِ وَعَلِمْت مَا فِيهِ .
( قَوْلُهُ وَشِرَاؤُهُ بِالتَّعَاطِي ) أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى أَحَدِ تَفْسِيرَيْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ ا هـ .
وَمُجَاوَزَتُهُ مَاءً وَلَا عُذْرَ لَهُ تُفْسِدُ أَمَّا لَوْ جَاوَزَ مَاءً يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ

لِضِيقِ الْمَكَانِ أَوْ لِعَدَمِ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ أَوْ كَانَ بِئْرًا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِقَاءِ مِنْهُ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ أَوْ كَانَ بِبَيْتِهِ فَجَاوَزَهُ نَاسِيًا لِاعْتِيَادِهِ الْوُضُوءَ مِنْ الْحَوْضِ لَا تَفْسُدُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
( قَوْلُهُ قَيَّدَ بِهِ لِظُهُورِ فَسَادِ الصَّلَاةِ
إلَخْ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صَرِيحُ إيجَابٍ وَقَبُولٍ ، وَقَدْ فَسَدَتْ فَمَعَهُمَا أَظْهَرُ .
( قَوْلُهُ وَالصُّفُوفُ فِي غَيْرِهِ كَالصَّحْرَاءِ ) أَقُولُ كَالصَّحْرَاءِ مِثَالٌ لِلْغَيْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغَيْرَ شَامِلٌ لِلْجَبَّانَةِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ ، كَذَا رَوَى أَبِي يُوسُفَ ا هـ .
وَمَكَانُ الصُّفُوفِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ ، وَلَوْ تَقَدَّمَ مِنْ قُدَّامِهِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ سُتْرَةٌ يَعْتَبِرُ قَدْرَ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَالْحَدُّ السُّتْرَةُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهِ قَدْرَ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ سُتْرَةٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْجَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سُتْرَةٌ أَنْ يَعْتَبِرَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحُكْمُ الْمُنْفَرِدِ ذَلِكَ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَالصَّحِيحُ هُوَ التَّقْدِيرُ بِمَوْضِعِ السُّجُودِ أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِنَاءٌ أَوْ سُتْرَةٌ فَإِنَّهُ يَبْنِي مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ ذَلِكَ ا هـ .
وَإِنْ اسْتَخْلَفَ هَذَا الظَّانُّ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي نَصْرٍ ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فِي الصَّحْرَاءِ فَحَدُّهُ مَوْضِعُ سُجُودِهِ ، وَقِيلَ مِقْدَارُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْمَرْأَةُ إنْ نَزَلَتْ عَنْ مُصَلَّاهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلِهَذَا تَعْتَكِفُ فِيهِ .
( قَوْلُهُ بَعْدَ مَا ظَنَّ


إلَخْ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِانْصِرَافَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَرَادَ إصْلَاحَ صَلَاتِهِ لِسَبْقِ الْحَدَثِ عَلَى مَا ظَنَّهُ فَلَا تَفْسُدُ حَتَّى يَخْرُجَ أَمَّا لَوْ انْصَرَفَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْضِ فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ أَنْ مُدَّةَ مَسْحِهِ انْقَضَتْ أَوْ ظَنَّ سَرَابًا مَاءً أَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً وَهُوَ صَاحِبُ تَرْتِيبٍ أَوْ رَأَى حُمْرَةً فِي ثَوْبِهِ فَظَنَّهَا نَجَاسَةً فَانْصَرَفَ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ نَقَلَ الْكَاكِيُّ عَنْ جَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ وَالنَّازِلِيِّ أَنَّ الْغَازِيَ لَوْ ظَنَّ حُضُورَ الْعَدُوِّ فَانْصَرَفَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ لَمْ تَفْسُدْ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ ا هـ .
وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الظَّانَّ يُتِمُّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْقِيَاسُ الِاسْتِقْبَالُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ الْكَمَالُ عَنْ النِّهَايَةِ هِيَ أَيْ الرِّوَايَةُ فِيمَا إذَا كَانَ بَابُ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ كَانَ وَهُوَ يَمْشِي مُتَوَجِّهًا لَا تَفْسُدُ بِالِاتِّفَاقِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ عَمِلَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ تَمَّتْ ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْجُلُوسُ قَدْرَهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ الْإِتْيَانُ بِالتَّشَهُّدِ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَامِ الصِّحَّةُ إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهَا نَاقِصَةٌ لِتَرْكِهِ وَاجِبًا مِنْهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ تَمَّتْ صَحَّتْ لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَّتْ صَلَاتُك أَيْ قَارَبَتْ التَّمَامَ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يُسَمَّى بِاسْمِ مَا قَرُبَ إلَيْهِ قَالَ تَعَالَى { إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا } وَأَمْثَالُهُ قُلْت وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ إعَادَتِهَا .
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ تَجِبُ إعَادَتُهَا لِنَقْصِهَا بِتَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ وَحْدَهُ ا هـ .
وَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ تَجِبُ إعَادَتُهَا ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ كُلِّ

صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ ا هـ لَكِنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا إنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْكَانِ .
ا هـ .
قُلْت وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ لَهُ مَا قَالَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَالْبَحْرِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ نَفْيِهَا الْإِعَادَةَ عَلَى الْإِعَادَةِ الْمَفْرُوضَةِ يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْكَانِ فَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إعَادَتِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْأَكْمَلُ وَالْكَمَالُ لِحَلِّ هَذَا الْمَحَلِّ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ مِنْ الْحَمْلِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بَعْدَ هَذَا فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَتُعَادُ أَيْ الصَّلَاةُ الْمَكْرُوهَةُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ ا هـ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ كَمَا إذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ ا هـ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ .
( قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ ) أَيْ ، وَقَدْ وُجِدَتْ أَرْكَانُهَا ( قَوْلُهُ : وَلَوْ وُجِدَ مُنَافِي الصَّلَاةَ بَعْدَهُ بِلَا صُنْعِهِ بَطَلَتْ
إلَخْ ) أَقُولُ فِي الْبُرْهَانِ الْأَظْهَرُ قَوْلُ الصَّاحِبَيْنِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ وَالْقَوْلُ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ بِالصُّنْعِ فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ تَخْرِيجُ الْبَرْدَعِيِّ وَرَدَّهُ الْكَرْخِيُّ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ بِفِعْلِهِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ إنَّمَا هُوَ حَمْلٌ مِنْ الْبَرْدَعِيِّ لَمَّا رَأَى خِلَافَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ غَلَطٌ ذَكَرَ وَجْهَهُ الْكَمَالُ وَالْبُرْهَانُ وَغَيْرُهُمَا .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ ثُمَّ بَيَّنْتُ

فِي رِسَالَتِي الْمُسَمَّاةِ بِالْمَسَائِلِ الْبَهِيَّةِ الزَّاكِيَةِ عَلَى الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةِ تَحْقِيقَ افْتِرَاضِ الْخُرُوجِ بِالصُّنْعِ عَلَى تَخْرِيجِ الْبَرْدَعِيِّ فَالتَّرَاجُعَ .
( قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ بِقُدْرَةِ الْمُتَيَمِّمِ فِي الصَّلَاةِ يَعْنِي فِي آخِرِ الصَّلَاةِ ) وَذَلِكَ بَعْدَ الْجُلُوسِ آخِرَهَا قَدْرَ التَّشَهُّدِ إذْ لَوْ كَانَ قَبْلَهُ لَا خِلَافَ فِي الْبُطْلَانِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ
إلَخْ ) أَقُولُ قَدْ أَقَرَّ الْكَمَالُ وَالزَّيْلَعِيُّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى مَاءً لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي لَمْ تَبْطُلْ أَصْلًا ، وَإِنَّمَا بَطَلَ وَصْفُهَا وَهُوَ الْفَرْضِيَّةُ وَكَلَامُهُ أَيْ الزَّيْلَعِيِّ فِي بُطْلَانِ أَصْلِهَا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ بِمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ خَلْفَ الْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ فَقَهْقَهَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرِيضَةَ مَتَى فَسَدَتْ لَا تَنْقَطِعُ التَّحْرِيمَةُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ .
ا هـ .
قُلْت لَا يَخْفَى أَنَّ مُدَّعَى صَاحِبِ الْبَحْرِ عَدَمُ بُطْلَانِ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَانْقِلَابُهَا نَفْلًا بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَإِذَا بَقِيَتْ تَحْرِيمَتُهَا وَرَأَى الْمُقْتَدِي الْمَاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَاسْتَقَامَ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ بِحَمْلِ الْبُطْلَانِ فِي كَلَامِهِ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصْفِ وَمَنْعِ إرَادَتِهِ بُطْلَانَ أَصْلٍ ا هـ .
وَتُزَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ هَذَا مَعْزِيًّا إلَى السِّرَاجِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا بَطَلَتْ لَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ تَذَكُّرُهُ الْفَائِتَةَ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ وَخُرُوجُ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْجُمُعَةِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَمُضِيِّ مُدَّةِ مَسْحِهِ إنْ وَجَدَ الْمَاءَ ) أَقُولُ ، كَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ إذَا لَمْ

يَجِدْ الْمَاءَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي النَّزْعِ ؛ لِأَنَّهُ لِلْغُسْلِ وَلَا مَاءَ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ مُطْلَقًا ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَاخْتَارَ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ا هـ قُلْت وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَمَّا قِيلَ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي النَّزْعِ ؛ لِأَنَّهُ لِلْغُسْلِ وَلَا مَاءَ بِأَنَّ الْفَائِدَةَ مَوْجُودَةٌ بِالتَّيَمُّمِ اللَّازِمِ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ نَزْعُ الْخُفِّ فِي التَّيَمُّمِ كَمَنْ فَنَى الْمَاءُ مِنْهُ وَلَمْ يَتِمَّ وُضُوءُهُ يَتَيَمَّمُ فَيَتَرَجَّحُ بِهِ مَا ضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ، وَقِيلَ مُطْلَقًا ا هـ .
وَلِهَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ، وَقَدْ قَالُوا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ أَشْبَهُ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الرِّجْلِ ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُهُ السِّرَايَةُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لَهُ وَيُصَلِّي كَمَا لَوْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ لُمْعَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ ، وَكَذَا هَذَا ا هـ .
وَتَبِعَهُ أَيْ الزَّيْلَعِيُّ .
الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، كَذَا فِي الْبَحْرِ ا هـ .
وَسَوَاءٌ تَمَّتْ مُدَّتُهُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ مَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَذَهَبَ لِلْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا سَبَقَهَا الْحَدَثُ ثُمَّ ذَهَبَ الْوَقْتُ تَتَوَضَّأُ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ وَتَعَلُّمِ الْأُمِّيِّ آيَةً ) أَقُولُ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِيًا بِقَارِئٍ ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَسَادِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ .
( تَنْبِيهٌ ) : هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ قَدْ بَيَّنَّا بَعْدَ هَذَا تَحْقِيقَ الْخِلَافِ وَصِحَّةَ قَوْلِ الْبَرْدَعِيِّ .
( قَوْلُهُ وَزَوَالِ عُذْرِ الْمَعْذُورِ ) أَقُولُ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَجِدَ عُذْرَهُ

وَقْتًا كَلَا مَاءَ ، وَقَدْ تَوَضَّأَ مَعَ مُلَابَسَةِ الْعُذْرِ حَتَّى لَوْ انْقَطَعَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ لَا يَحْكُمُ بِزَوَالِهِ إلَّا إذَا خَرَجَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَلَمْ يَرَهُ .
( قَوْلُهُ وَوُجْدَانِ الْمُصَلِّي بِالنَّجَسِ مَا يُزِيلُهُ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ التَّحْقِيقُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَسَائِلِ لَا تَخْرُجُ عَنْهَا فَمَسْأَلَةُ التَّطْهِيرِ وَعِتْقُ الْأَمَةِ يَرْجِعَانِ إلَى وُجْدَانِ الْعَارِي ثَوْبًا وَمَسْأَلَةُ دُخُولِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ يَرْجِعُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ أَوْ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْجُمُعَةِ ا هـ كَلَامُهُ ثُمَّ إنَّنِي بَعْدَ نَحْوِ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَتَحَ اللَّهُ عَلَيَّ بِرِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا الْمَسَائِلَ الْبَهِيَّةَ الزَّاكِيَةَ عَلَى الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةِ زِدْت عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَسْأَلَةٍ وَقُلْت هُنَا إنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ زَيْنٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ نَجِسَةٌ وَرُبْعُهُ طَاهِرٌ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ لِلرُّبْعِ حُكْمَ الْكُلِّ فَلَزِمَ السَّتْرُ بِهِ وَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ عِنْدَ السَّلَامِ كَانَ الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ إزَالَةِ النَّجَسِ حِينَئِذٍ لَا لِتَرْكِ السَّتْرِ فَإِنَّ السَّاتِرَ كَانَ الْمُصَلِّي مُسْتَتِرًا بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ مَا بِهِ مِنْ النَّجَسِ ثُمَّ لَزِمَ إزَالَتُهُ عَنْهُ بِوُجُودِ الْمَاءِ فَيُمْنَعُ رُجُوعُهَا إلَى وُجُودِ الْعَارِي ثَوْبًا ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ إنَّ السَّتْرَ لِلرَّأْسِ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ عَلَيْهَا مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ فَلَمَّا أُعْتِقَتْ وَهُوَ مَعَهَا لَزِمَهَا السَّتْرُ بِوُجُودِ الْعِتْقِ لِزَوَالِ الرِّقِّ لَا لِوُجُودِ مَا كَانَ مُنْعَدِمًا وَهُوَ السَّاتِرُ ا هـ .
وَكَذَا حَقَّقْتُ فِيهَا افْتِرَاضَ الْخُرُوجِ بِالصُّنْعِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَبَيَّنْت وَجْهَ رَدِّ مَا يُخَالِفُهُ فَعَلَيْك بِهَا .

( رَكَعَ أَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً فَأَحْدَثَ أَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً فَسَجَدَهَا فَإِنْ بَنَى أَعَادَ مَا أَحْدَثَ فِيهِ قَطْعًا وَمَا ذَكَرَ فِيهِ نَدْبًا ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ وَتَوَضَّأَ وَبَنَى فَلَا بُدَّ أَنْ يُعِيدَ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ إتْمَامَ الرُّكْنِ إنَّمَا هُوَ بِالِانْتِقَالِ وَهُوَ مَعَ الْحَدَثِ لَا يَتَحَقَّقُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ ، وَلَوْ كَانَ إمَامًا فَقَدَّمَ غَيْرَهُ دَامَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِإِمْكَانِ الْإِتْمَامِ بِالِاسْتِدَامَةِ ، وَإِنْ تَذَكَّرَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَضَاهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَلَكِنْ إنْ أَعَادَ يَكُونُ مَنْدُوبًا لِتَقَعَ الصَّلَاةُ مُرَتَّبَةً بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ .
( قَوْلُهُ أَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً ) أَطْلَقَ السَّجْدَةَ فَشَمِلَتْ التِّلَاوَةَ وَالصَّلَاتِيَّةَ وَقَيَّدَ بِالذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ صُلْبِيَّةً فِي الْقُعُودِ الْأَخِيرِ فَسَجَدَهَا ارْتَفَضَ كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ فَعَادَ لِقِرَاءَتِهَا ارْتَفَضَ مَا كَانَ فِيهِ ا هـ وَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ السَّجْدَةَ الْمَتْرُوكَةَ عِنْدَ التَّذَكُّرِ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ فَيَقْضِيَهَا ثَمَّةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ
إلَخْ ) أَقُولُ وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْفَعَ رَأْسَهُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ لِمَا قَالَ فِي الْكَافِي لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ ، وَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ .
وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرِيدًا بِهِ أَدَاءَ رُكْنٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَدَاءَ الرُّكْنِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ .
ا هـ .

( أَمَّ وَاحِدًا فَأَحْدَثَ ) الْإِمَامُ ( فَلَوْ ) كَانَ الْمُقْتَدِي ( رَجُلًا فَإِمَامٌ ) أَيْ فَذَلِكَ الْمُقْتَدِي إمَامٌ ( بِلَا نِيَّةٍ ) أَيْ مُتَعَيِّنٌ لِخِلَافَةِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَتَعْيِينُ الْإِمَامِ لِقَطْعِ الْمُزَاحِمَةِ عِنْدَ الْكَثْرَةِ وَلَا مُزَاحِمَ هَاهُنَا وَيُتِمُّ الْأَوَّلُ صَلَاتَهُ مُقْتَدِيًا بِهِ كَمَا إذَا اسْتَخْلَفَهُ حَقِيقَةً ( وَإِلَّا ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَاحِدُ رَجُلًا بَلْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى ( فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي رِوَايَةٍ ) لِاسْتِخْلَافِهِ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ ، وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الِاسْتِخْلَافُ قَصْدًا ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ أُمِّيًّا أَوْ مُتَنَفِّلًا خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ أَوْ مُقِيمًا خَلْفَ الْمُسَافِرِ فِي الْقَضَاءِ .
( قَوْلُهُ أَمَّ وَاحِدٌ فَأَحْدَثَ فَلَوْ رَجُلًا فَإِمَامٌ ) أَقُولُ يَعْنِي إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى إمَامَتِهِ حَتَّى يَجُوزَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ، وَكَذَلِكَ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ يَتِمُّ عَلَى إمَامَتِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي رِوَايَةٍ ) ، وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ أَقُولُ وَالْأَصَحُّ فَسَادُ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي دُونَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ .

( أَخَذَهُ رُعَافٌ مَكَثَ إلَى انْقِطَاعِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَبَنَى ) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِينَافُ .

( بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا ) ( يُفْسِدُهَا السَّلَامُ عَمْدًا ) قَيَّدَ بِالْعَمْدِ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ سَهْوًا غَيْرُ مُفْسِدٍ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَذْكَارِ فَفِي غَيْرِ الْعَمْدِ يُجْعَلُ ذِكْرًا وَفِي الْعَمْدِ كَلَامًا ( وَرَدُّهُ ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْعَمْدِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَذْكَارِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ وَتَخَاطُبٌ .

( بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا ) هَذَا الْبَابُ لِبَيَانِ الْعَوَارِضِ الَّتِي تَعْرِضُ فِي الصَّلَاةِ بِاخْتِيَارِ الْمُصَلِّي فَكَانَتْ مُكْتَسَبَةً فَأَخَّرَهُ عَمَّا تَقَدَّمَ لِكَوْنِهَا سَمَاوِيَّةً كَمَا فِي النِّهَايَةِ .
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا أَعْرَقُ فِي الْعَارِضِيَّةِ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَى رَفْعِهَا لَا يُقَالُ النِّسْيَانُ مِنْ قَبِيلِ السَّمَاوِيَّةِ فَكَيْفَ عَدَّ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ النَّاسِي فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَبِيلِ الْمُكْتَسَبَةِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عُدَّ مِنْ الْمُكْتَسَبَةِ ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْبَابِ لِمُنَاسِبَةٍ بَيْنَ كَلَامِ النَّاسِي وَالْعَامِدِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ قَدَّمَ سَبْقَ الْحَدَثِ عَلَى هَذَا الْبَابِ لِوُجُودِهَا أَيْ الصَّلَاةِ مَعَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ .
( قَوْلُهُ يُفْسِدُهَا السَّلَامُ عَمْدًا ) أَقُولُ أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ بِالْعَمْدِ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِمُخَاطَبٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالَ الْكَاكِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْكَلَامَ نَائِمًا وَالسَّلَامَ عَمْدًا مُفْسِدٌ ، وَقِيلَ السَّلَامُ عَمْدًا إنَّمَا يُفْسِدُ إذَا خَاطَبَ بِهِ إنْسَانًا ا هـ .
ثُمَّ الْمُصَنِّفُ قَيَّدَ بِالْعَمْدِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِمَا وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي وَالْكَنْزِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إنَّهُ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلسَّهْوِ وَالْعَمْدِ وَحَكَمَ بِالْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَذْكُرَ تَوْفِيقًا قَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِهِ .
ا هـ .
قُلْت وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ إنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ ؛ لِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ كَالْكَنْزِ فَشَمِلَ كَلَامُهُ السَّلَامَ سَهْوًا أَوْ صَرَّحَ بِهِ كَصَاحِبِ الْخُلَاصَةِ مُرَادُهُ السَّلَامُ عَلَى إنْسَانٍ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ لَا التَّحْلِيلِ سَاهِيًا أَوْ السَّلَامُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقُعُودِ وَإِلَّا فَيَتَدَافَعُ كَلَامُ كُلٍّ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُ لَوْ

سَلَّمَ سَاهِيًا لِلتَّحْلِيلِ قَبْلَ أَوَانِهِ لَا يَضُرُّهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَمَنْ قَيَّدَ بِالْعَمْدِ فَأَخْرَجَ السَّلَامَ سَهْوًا فَالْمُرَادُ بِهِ السَّلَامُ مِنْ الصَّلَاةِ لِلتَّحْلِيلِ لَا السَّلَامُ عَلَى إنْسَانٍ ا هـ لِمَا قَالَهُ الْكَمَالُ فِي زَادِ الْفَقِيرِ وَتَفْسُدُ بِالسَّلَامِ سَاهِيًا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ السَّلَامَ عَلَى إنْسَانٍ إذْ صَرَّحُوا أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ سَاهِيًا فَقَالَ السَّلَامُ ثُمَّ عَلِمَ فَسَكَتَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بَلْ الْمُرَادُ السَّلَامُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ سَاهِيًا قَبْلَ إتْمَامِهَا وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ أَكْمَلَ أَمَّا إذَا سَلَّمَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا سَاهِيًا بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنَّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَلْيُحْفَظْ هَذَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ قَيَّدَ بِالْعَمْدِ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ غَيْرُ مُفْسِدٍ ) يَعْنِي إذَا كَانَ سَهْوًا فِي حَالَةِ الْقُعُودِ لَا الْقِيَامِ لِلتَّحَلُّلِ .

.
( وَ ) يُفْسِدُهَا ( الْكَلَامُ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ( وَالدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا ) نَحْوُ اللَّهُمَّ أَلْبَسَنِي ثَوْبَ كَذَا اللَّهُمَّ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُفْسِدُ .
( وَالْأَنِينُ ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ آهْ فِي الْكَافِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ آهْ لَا تُفْسِدُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ ذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ ( وَالتَّأَوُّهُ ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَوْهِ فِي الْكَافِي أَوْهِ يُفْسِدُ فِيهِمَا .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا يَقْطَعُ .
وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ قَالُوا الْأَخْذُ بِهَذَا أَحْسَنُ لِلْفَتْوَى ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمَرِيضُ إذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ ( وَالتَّأْفِيفُ ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أُفٍّ ( وَبُكَاءٌ بِصَوْتٍ لِوَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ لَا لِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَنِينَ وَنَحْوَهُ إذَا كَانَ مِنْ ذِكْرِهِمَا صَارَ كَأَنَّهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتَهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ صَارَ كَأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا مُصَابٌ فَعَزُّونِي ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ تَفْسُدُ ، كَذَا فِي الْكَافِي .

( قَوْلُهُ نَحْوُ اللَّهُمَّ أَلْبِسْنِي ثَوْبَ ، كَذَا ) أَقُولُ أَشَارَ بِهِ إلَى ضَابِطٍ ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّ مَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ مِنْ الْعِبَادِ فَطَلَبُهُ مُفْسِدٌ وَمَا لَا فَلَا كَطَلَبِ الْعَافِيَةِ وَالرِّزْقِ ، وَلَوْ طَلَبَ الْمَغْفِرَةَ لِأَخِيهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَخِي حَكَى فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ خِلَافًا .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ وَلَوْ قَالَ اغْفِرْ لِعَمِّي أَوْ خَالِي تَفْسُدُ اتِّفَاقًا وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ .
( قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَفْسُدُ ) هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إفْرَادِ الدُّعَاءِ بِالذِّكْرِ وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْكَلَامِ .
( قَوْلُهُ وَالْأَنِينُ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ آهْ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْكَافِي .
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ الْأَنِينُ صَوْتُ الْمُتَوَجِّعِ ، وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَقُولَ آهْ وَهُوَ بِسُكُونِ الْهَاءِ مَقْصُورٌ عَلَى وَزْنِ دَعْ وَهُوَ تَوَجُّعُ الْعَجَمِ ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ .
( قَوْلُهُ فِي الْكَافِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ
إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ إذَا كَانَ الْمَرِيضُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْهُ لَا تَفْسُدُ كَالْجُشَاءِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَنِينِ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ .
( قَوْلُهُ وَالتَّأَوُّهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَوْهِ ) أَقُولُ هُوَ بِسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ كَمَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ .
وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ هُوَ عَلَى وَزْنِ أَوْحِ أَمْرٌ مِنْ الْإِنْحَاءِ وَفِيهَا ثَلَاثُ عَشْرَةَ لُغَةً ذَكَرَهَا الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ .
( قَوْلُهُ يَفْسُدُ فِيهِمَا ) أَقُولُ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ إلَى الْوَجَعِ وَذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا نَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ لَكِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَيَكُونَ تَتْمِيمًا لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ آهْ لَمْ يُفْسِدْ فِي الْحَالَيْنِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ

ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أَوْ مِنْ وَجَعٍ وَمُصِيبَةٍ وَأَوْهِ تُفْسِدُ أَيْ فِي الْحَالَيْنِ ، وَقِيلَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْكَلِمَةَ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى حَرْفَيْنِ وَهُمَا زَائِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَا تَفْسُدُ ، وَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ تَفْسُدُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ
إلَخْ ) يَظْهَرُ مِمَّا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ عَدَمَ الْفَسَادِ خَاصٌّ بِالْمَرِيضِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُصَابُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ ( قَوْلُهُ وَالتَّأْفِيفُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أُفٍّ ) أَقُولُ نَقَلَ الْكَاكِيُّ عَنْ الْمُجْتَبَى نَفَخَ فِي التُّرَابِ فَقَالَ أُفٍّ أَوْ تُفٍّ فَسَدَتْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُخَفَّفِ وَفِي الْمُشَدَّدِ تَفْسُدُ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ نَفَخَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا تَبْطُلُ وَإِلَّا فَلَا وَالْمَسْمُوعُ مَالَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ نَحْوُ أُفٍّ وَتُفٍّ وَغَيْرُ الْمَسْمُوعِ بِخِلَافِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَبَعْضُهُمْ لَا يَشْتَرِطُ لِلنَّفْخِ الْمَسْمُوعِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهْ ا هـ .
وَقَالَ الْكَاكِيُّ إنَّ دَلِيلَ قَوْلِهِمَا { قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبَاحٍ وَهُوَ يَنْفَخُ فِي صَلَاتِهِ أَمَا عَلِمْت أَنَّ مَنْ نَفَخَ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ تَكَلَّمَ } ، وَلِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ وَلَهُ مَعْنًى مَفْهُومٌ يَذْكُرُ الْمَقْصُودَ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ جَوَابًا عَمَّا يُضْجَرُ مِنْهُ وَلِكُلِّ مَا يُسْتَقْذَرُ ، وَقِيلَ أُفٌّ اسْمٌ لِوَسَخِ الْأَظَافِرِ وَتُفٌّ لِوَسَخِ الْبَرَاجِمِ ، وَقِيلَ إنَّ أُفٌّ اسْمٌ لِوَسَخِ الْأُذُنِ وَتُفٌّ لِوَسَخِ الظُّفْرِ وَفِيهَا لُغَاتٌ قُرِئَ بِهَا فِي الشَّوَاذِّ وَغَيْرِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } فَجَعَلَهُ مِنْ الْقَوْلِ .
وَقَالَ الشَّاعِرُ أُفًّا وَتُفًّا لِمَنْ مَوَدَّتُهُ إنْ غِبْت عَنْهُ سُوَيْعَةٌ زَالَتْ إنْ مَالَتْ الرِّيحُ هَكَذَا وَكَذَا مَالَ مَعَ الرِّيحِ أَيْنَمَا

مَالَتْ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَبُكَاءٌ بِصَوْتٍ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجْدَانُهُمَا لِمَا قَالَ الْكَاكِيُّ لَوْ سَاقَ حِمَارًا أَوْ اسْتَعْطَفَ كَلْبًا أَوْ هِرَّةً بِمَا يَعْتَادُهُ الرُّسْتَاقِيُّونَ مِنْ مُجَرَّدِ صَوْتٍ لَيْسَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ لَا تَفْسُدُ بِالِاتِّفَاقِ .
ا هـ .
قُلْت يُشْكِلُ بِمَا فَسَّرَ بِهِ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ مِنْ ظَنِّ فَاعِلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ خُوَاهَرْ زَادَهْ مِنْ الْقَوْلِ بِإِفْسَادِ النَّفْخِ الْمَسْمُوعِ بِلَا حُرُوفٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَنِينَ وَنَحْوَهُ
إلَخْ ) أَقُولُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْقَيْدَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُهُ .

( وَتَنَحْنُحٌ بِلَا عُذْرٍ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ أَيْ مُضْطَرًّا بَلْ كَانَ لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ إنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفٌ نَحْوُ أَحُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ يُفْسِدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا لِاجْتِمَاعِ الْبُزَاقِ فِي حَلْقِهِ لَا يُفْسِدُهَا كَالْعُطَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ ، وَإِنْ حَصَلَ تَكَلُّمٌ ؛ لِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ إلَيْهِ طَبْعًا .
وَأَمَّا الْجُشَاءُ فَإِنَّهُ حَصَلَ بِهِ حُرُوفٌ وَلَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ يَقْطَعُ عِنْدَهُمَا ، وَإِنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ لَا يَقْطَعُ ، كَذَا فِي الْكَافِي .

قَوْلُهُ وَتَنَحْنُحٌ بِلَا عُذْرٍ
إلَخْ ) أَقُولُ جَعَلَ تَحْسِينَ الصَّوْتِ غَيْرَ عُذْرٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي ، وَهَذَا عِنْدَ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلِ الزَّاهِدِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْزِمْ بِالْفَسَادِ فِي الْهِدَايَةِ بَلْ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ عِنْدَهُمَا .
وَقَالَ الْكَمَالُ إنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِالْجَوَابِ لِثُبُوتِ الْخِلَافِ فَعِنْدَ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلِ الزَّاهِدِ تَفْسُدُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ تَنَحْنَحَ لِإِصْلَاحِ صَوْتِهِ وَتَحْسِينِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَكَذَا لَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَتَنَحْنَحَ الْمُقْتَدِي لِيَهْتَدِيَ الْإِمَامُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُ ا هـ .
وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ لَوْ تَنَحْنَحَ يُرِيدُ بِهِ إعْلَامَهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ تَعَمَّدَ وَسُمِعَتْ حُرُوفُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَحْنَحَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ مُتَعَمِّدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ كَلَامِ النَّاسِ ا هـ .
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ التَّصْحِيحَ لِعَدَمِ الْفَسَادِ فِي الْبُرْهَانِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَكِنْ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَتَحْسِينِ صَوْتِهِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِيَهْتَدِيَ إمَامُهُ فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَسَادِ .
ا هـ .
قُلْت فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ التَّنَحْنُحُ لِلتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرُ لِلِانْتِقَالَاتِ وَهِيَ حَادِثَةٌ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالتَّنَحْنُحِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَثَاوَبَ أَوْ عَطَسَ فَحَصَلَ مِنْهُ صَوْتٌ مَعَ الْحُرُوفِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .
ا هـ .

( وَتَشْمِيتُ عَاطِسٍ ) بِالسِّينِ وَالشَّيْنِ وَالثَّانِي أَفْصَحُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ يَرْحَمُك اللَّهُ وَجْهُ إفْسَادِهِ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إذْ يَقَعُ بِهِ التَّخَاطُبُ بَيْنَهُمْ ، وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ أَوْ السَّامِعُ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جَوَابًا عُرْفًا ، وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ يَرْحَمُنِي اللَّهُ وَبِهِ لَا تَفْسُدُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ .

( قَوْلُهُ وَتَشْمِيتُ عَاطِسٍ ) يُقَالُ عَطَسَ بِالْفَتْحِ يَعْطِسُ وَيَعْطُسُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ كَمَا فِي الصِّحَاحِ .
( قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَفْصَحُ ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي بِالْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعْجَمَةِ كَمَا ضَبَطَهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ .
وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ قَالَ ثَعْلَبٌ الِاخْتِيَارُ بِالسِّينِ أَيْ الْمُهْمَلَةِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ السَّمْتِ وَهُوَ الْقَصْدُ وَالْمَحَجَّةُ .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الشِّينُ أَيْ الْمُعْجَمَةُ أَعْلَى فِي كَلَامِهِمْ وَأَكْثَرُ ا هـ .
وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ أَفْصَحُ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ يَرْحَمُك اللَّهُ ) هَذَا تَفْسِيرُ التَّشْمِيتِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ ، وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْخَيْرِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ أَوْ السَّامِعُ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَفْسُدُ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ بِصِيغَةِ عَلَى مَا قَالُوا .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالُوا إشَارَةٌ إلَى ثُبُوتِ الْخِلَافِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَمَحَلُّهُ أَيْ الْخِلَافِ عِنْدَ إرَادَةِ الْجَوَابِ أَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْهُ بَلْ قَالَهُ رَجَاءَ الثَّوَابِ لَا تَفْسُدُ بِالِاتِّفَاقِ ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ لَا تَفْسُدُ
إلَخْ ) ، وَكَذَا عَزَاهُ فِي الْعِنَايَةِ إلَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ ا هـ .
وَقَالَ الْكَاكِيُّ .
وَفِي الْمُحِيطِ أَسْنَدَ مَا قَالَهُ فِي الْفَوَائِدِ إلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ .
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ذَكَرَ الْفَسَادَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ كَمَا لَوْ دَعَا بِدُعَاءٍ آخَرَ وَالْأَحْسَنُ السُّكُوتُ ا هـ قُلْت وَعِبَارَةُ قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ أَيْ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ كَمَا لَوْ دَعَا بِدُعَاءٍ آخَرَ ا هـ .
وَقَالَ أَيْضًا لَوْ عَطَسَ الْمُصَلِّي فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَ الْمُصَلِّي آمِينَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ

أَجَابَهُ ، وَلَوْ قَالَ مَنْ بِجَنْبِهِ أَيْضًا مَعَهُ آمِينَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ تَأْمِينَهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ .
ا هـ .

( وَجَوَابُ خَبَرِ سَوْءٍ بِالِاسْتِرْجَاعِ ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّا لِلَّهِ ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ ( وَسَارٍّ بِالْحَمْدَلَةِ ) بِأَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ( وَعَجَبٌ بِالسَّبْحَلَةِ ) بِأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ ( وَالْهَيْلَلَةِ ) بِأَنْ يَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ذَكَرَ الْجَوَابَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ بِالتَّحْمِيدِ وَنَحْوِهِ الْجَوَابَ بَلْ إعْلَامَهُ بِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ جَازَتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَهُ بِالتَّحْمِيدِ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ بِمَا لَيْسَ بِثَنَاءٍ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا .

( قَوْلُهُ ذَكَرَ الْجَوَابَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ
إلَخْ ) أَقُولُ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ إنَّمَا تَحْسُنُ لَوْ ذَكَرَ الْخِلَافَ قَبْلَهَا فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِمَا ذَكَرَ وَأَيْضًا لَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْفَسَادِ قُلْت وَهُوَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَرَى الْفَسَادَ بِمَا أَجَابَ بِهِ مِنْ ذِكْرٍ ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ بِصِيغَتِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ وَهِيَ عَقْدُ الْقَلْبِ عَلَى مَا أَنْتَ فَاعِلُهُ كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ عِنْدَ قَصْدِ إعْلَامِهِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ ا هـ .
وَقَالَ فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ مَنْ اسْتَأْذَنَ عَلَى الْمُصَلِّي فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ بِهِ الْإِعْلَامَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا مَرَّ فِي التَّسْبِيحِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ { عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كُنْت آتِي حُجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْتَأْذِنُ فَيُنَادِي لِي اُدْخُلْ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ يُسَبِّحُ لِي } وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُنَادِيَ فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ لِإِعْلَامِ الْقَوْمِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا أُخْبِرَ بِخَبَرٍ يَسُرُّهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَوَابٌ ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمُجْتَبَى ، وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ فِي قَوْلِهِمْ أَيْ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْجَوَابَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الْمَنْقُولِ مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَوْ أَجَابَ بِالْقَوْلِ بِأَنْ أُخْبِرَ بِخَبَرٍ يَسُرُّهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ بِخَبَرٍ يَسُوءُهُ فَقَالَ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25