كتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام
المؤلف : محمد بن فراموز الشهير بمنلا خسرو

( وَصَحَّ طَلَاقُ الْعَبْدِ ) لِأَنَّهُ أَهْلٌ ، وَيَعْرِفُ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ ، وَلَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ مِلْكِ الْمَوْلَى وَلَا تَفْوِيتُ مَنَافِعِهِ فَيَنْفُذُ ( وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ) لِقِيَامِ أَهْلِيَّتِهِ ( لَا ) فِي حَقِّ ( مَوْلَاهُ ) رِعَايَةً لِجَانِبِهِ ؛ لِأَنَّ نَفَاذَهُ لَا يَعْرَى عَنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ أَوْ كَسْبِهِ ، وَكِلَاهُمَا إتْلَافُ مَالِهِ ( فَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ آخَرَ إلَى عِتْقِهِ ) لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ وَزَوَالِ الْمَانِعِ ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْحَالِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ هَذَا إذَا أَقَرَّ لِغَيْرِ الْمَوْلَى بِمَالٍ ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ مَالًا ( وَلَوْ ) أَقَرَّ ( بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ عَجَّلَ ) وَلَمْ يُؤَخِّرْ إلَى عِتْقِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الدَّمِ ، ( وَ ) لِهَذَا ( لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فِيهِمَا ) أَيْ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ ( إذَا عَقَدَ مِنْهُمْ ) أَيْ مِنْ الْمَحْجُورِينَ ( مَنْ يَعْقِلُهُ ) أَيْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ بِأَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمِلْكِ وَالشِّرَاءُ جَالِبٌ لَهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ ( خُيِّرَ وَلِيُّهُ ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ ، وَأَرَادَ بِالْعَقْدِ مَا دَارَ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرِّ بِخِلَافِ الِاتِّهَابِ حَيْثُ يَصِحُّ بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ وَبِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ حَيْثُ لَا يَصِحَّانِ ، وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ ( وَإِنْ أَتْلَفُوا ) أَيْ الْمَحْجُورُونَ سَوَاءً عَلَّقُوا أَوْ لَا ( شَيْئًا ضَمِنُوا ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا حَجْرَ فِي أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْفِعْلِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ فَإِنَّ النَّائِمَ إذَا انْقَلَبَ عَلَى مَالِ إنْسَانٍ وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ وَإِنْ عَدِمَ الْقَصْدَ لَكِنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَدَاءِ إلَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ كَالْمُعْسِرِ لَا يُطَالَبُ بِالدَّيْنِ إلَّا إذَا أَيْسَرَ وَكَالنَّائِمِ لَا يُؤْمَرُ بِالْأَدَاءِ إلَّا إذَا اسْتَيْقَظَ .

قَوْلُهُ أَيْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ بِأَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمِلْكِ وَالشِّرَاءُ جَالِبٌ لَهُ ) .
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَيَعْلَمُ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ مِنْ الْيَسِيرِ وَيَقْصِدُ بِالْعَقْدِ تَحْصِيلَ الرِّبْحِ وَالزِّيَادَةِ ( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَدَاءِ ) أَيْ لَكِنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا يُخَاطَبُ بِأَدَاءِ ضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ إلَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ كَالْمُعْسِرِ لَا يُطَالَبُ بِالدَّيْنِ إلَّا إذَا أَيْسَرَ وَكَالنَّائِمِ لَا يُطَالَبُ بِالْأَدَاءِ إلَّا إذَا اسْتَيْقَظَ

( لَا يُحْجَرُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِسَفَهٍ ) هُوَ خِفَّةٌ تَعْتَرِي الْإِنْسَانَ فَتَحْمِلُهُ عَلَى الْعَمَلِ بِخِلَافِ مُوجَبِ الشَّرْعِ أَوْ الْعَقْلِ مَعَ قِيَامِ الْعَقْلِ وَقَدْ غَلَبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَبْذِيرِ الْمَالِ وَإِسْرَافِهِ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ أَوْ الْعَقْلِ ( وَفِسْقٍ وَدَيْنٍ ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ ، وَإِذَا طَلَبَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ حَجَرَهُ الْقَاضِي ، وَمَنَعَهُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ وَعِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُحْجَرُ عَلَى الْفَاسِقِ زَجْرًا لَهُ ( بَلْ مُفْتٍ مَاجِنٌ ) هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ ( وَمُتَطَبِّبٌ جَاهِلٌ وَمُكَارٍ مُفْلِسٌ ) هُوَ الَّذِي يُكَارِي الدَّابَّةَ وَيَأْخُذُ الْكِرَاءَ فَإِذَا جَاءَ أَوَانُ السَّفَرَ لَا دَابَّةَ لَهُ فَانْقَطَعَ الْمُكْتَرِي عَنْ الرُّفْقَةِ فَإِنَّ فِي حَجْرِ كُلٍّ مِنْهَا دَفْعَ ضَرَرِ الْعَامَّةِ ، فَالْمُفْتِي الْمَاجِنُ يُفْسِدُ عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ وَالْمُتَطَبِّبُ الْجَاهِلُ أَبْدَانَهُمْ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ يُتْلِفُ أَمْوَالَهُمْ ، فَإِنَّ دَابَّتَهُ إذَا مَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ ، وَلَيْسَ لَهُ أُخْرَى وَلَا يُمْكِنُهُ شِرَاءُ أُخْرَى وَلَا الِاسْتِئْجَارُ فَيُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ ( بِمَعْنَى الْمَنْعِ عَنْ التَّصَرُّفِ حِسًّا ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَةَ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَمْنَعُ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ ، أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُفْتِيَ لَوْ أَفْتَى بَعْدَ الْحَجْرِ ، وَأَصَابَ فِي الْفَتْوَى جَازَ وَلَوْ أَفْتَى قَبْلَ الْحَجْرِ وَأَخْطَأَ لَمْ يَجُزْ ، وَكَذَا الطَّبِيبُ لَوْ بَاعَ الْأَدْوِيَةَ بَعْدَ الْحَجْرِ نَفَذَ بَيْعُهُ فَدَلَّ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ الْحَجْرَ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَنْعَ الْحِسِّيَّ أَيْ يَمْنَعُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ عَنْ عَمَلِهِمْ حِسًّا ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ .

( قَوْلُهُ لَا يُحْجَرُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِسَفَهٍ ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُوقَفُ حَجْرُهُ عَلَى حَجْرِ الْقَاضِي .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِمُجَرَّدِ سَفَهِهِ صَارَ مَحْجُورًا ، وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ
إلَخْ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ ) أَيْ الْبَاطِلَةَ الَّتِي لَا تَحِلُّ كَتَعْلِيمِ الِارْتِدَادِ لِتَبِينَ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ تَسْقُطُ عَنْهَا الزَّكَاةُ ، وَلَا يُبَالِي بِمَا يَفْعَلُ مِنْ تَحْلِيلِ الْحَرَامِ أَوْ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ .
وَفِي الْخَانِيَّةِ أَوْ يُفْتِي عَنْ جَهْلٍ .

( بَلَغَ ) الصَّبِيُّ ( غَيْرَ رَشِيدٍ ) الرَّشِيدُ عِنْدَنَا هُوَ الرَّشِيدُ فِي الْمَالِ ، فَإِذَا بَلَغَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ فَاسِقًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا ( لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ) لِمَا رَوَى عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَنْتَهِي لُبُّ الرَّجُلِ إذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ( وَلَوْ ) وَصْلِيَّةً ( صَحَّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَهُ ) أَيْ لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَذَ ( وَبَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ( يُسَلَّمُ ) مَالُهُ إلَيْهِ ، ( وَلَوْ بِلَا رُشْدٍ ) وَقَالَا لَا يَدْفَعُ حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهُ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ ( يَحْبِسُ الْقَاضِي الْمَدْيُونَ لِيَبِيعَ مَالَهُ لِدَيْنِهِ ) ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَالْمُمَاطَلَةَ ظُلْمٌ فَيَحْبِسُهُ الْحَاكِمُ دَفْعًا لِظُلْمِهِ وَإِيصَالًا لِلْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ ، ( وَقَضَى ) أَيْ الْقَاضِي ( بِلَا أَمْرِهِ ) أَيْ أَمْرِ الْمَدْيُونِ ( دَرَاهِمَ دَيْنِهِ مِنْ دَرَاهِمِهِ ) ؛ لِأَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِيَدِهِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ بِلَا رِضَا الْمَدْيُونِ فَكَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعِينَهُ ، ( وَبَاعَ دَنَانِيرَهُ لِدَرَاهِمَ دَيْنِهِ وَبِالْعَكْسِ ) ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ مُخْتَلِفَانِ ، وَجَازَ اسْتِحْسَانًا وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ جِنْسًا فِي التَّنْمِيَةِ وَالْمَالِيَّةِ حَتَّى يَضُمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ مُخْتَلِفَانِ فِي الصُّورَةِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِعَدَمِ جَرَيَانِ رِبَا الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فَبِالنَّظَرِ إلَى الِاتِّحَادِ يَثْبُتُ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الِاخْتِلَافِ يَسْلُبُ عَنْ الدَّائِنِ وِلَايَةَ الْأَخْذِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ ( لَا ) أَيْ لَا يَبِيعُ الْقَاضِي ( عَرَضَهُ وَعَقَارَهُ ) لِدَرَاهِمَ دَيْنِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ تَتَعَلَّقُ بِصُوَرِهِمَا وَأَعْيَانِهِمَا

وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ لِغُرَمَائِهِ عَلَى وَجْهٍ يَلْحَقُ بِهِ الضَّرَرُ ، وَأَمَّا النُّقُودُ فَوَسَائِلُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الْمَالِيَّةُ لَا الْعَيْنُ فَافْتَرَقَا .

( أَفْلَسَ وَمَعَهُ عَرَضٌ شَرَاهُ فَقَبَضَ بِالْإِذْنِ ) أَيْ إذْنِ بَائِعِهِ ( فَبَائِعُهُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ ) وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَتَاعَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ ، وَكَذَا إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيَحْبِسَهُ بِالثَّمَنِ ( حَجَرَ قَاضٍ وَرَفَعَ إلَى قَاضٍ ) آخَرَ ( فَأَطْلَقَهُ ) الثَّانِي ، ( جَازَ ) إطْلَاقُهُ وَمَا صَنَعَ الْمَحْجُورُ فِي مَالِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ قَبْلَ إطْلَاقِ الثَّانِي وَبَعْدَهُ كَانَ جَائِزًا ؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْأَوَّلِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
قَوْلُهُ فَأَطْلَقَهُ الثَّانِي جَازَ إطْلَاقُهُ ) وَمَا صَنَعَ الْمَحْجُورُ فِي مَالِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ قَبْلَ إطْلَاقِ الثَّانِي وَبَعْدَهُ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَطْلَقَهُ ، وَأَجَازَ مَا صَنَعَ الْمَحْجُورُ ا هـ فَقَدْ شَرَطَ مَعَ الْإِطْلَاقِ إجَازَةَ صُنْعِهِ

( فَصْلٌ ) ( بُلُوغُ الصَّبِيِّ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ ، وَ ) بُلُوغُ ( الصَّبِيَّةِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْحَيْضِ وَالْحَبَلِ ) الْأَصْلُ أَنَّ الْبُلُوغَ يَكُونُ بِالْإِنْزَالِ حَقِيقَةً ، وَلَكِنَّ غَيْرَهُ مِمَّا ذَكَرَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْإِنْزَالِ فَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا ( فَحَتَّى ) أَيْ لَا يَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ حَتَّى ( يَتِمَّ لَهُ ) أَيْ الصَّبِيِّ ( ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةً وَلَهَا ) أَيْ لِلصَّبِيَّةِ ( سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } وَأَشُدُّ الصَّبِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَتَبِعَهُ الْقُتَيْبِيُّ ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةً وَقِيلَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ، وَأَقَلُّ مَا قَالُوا هُوَ الْأَوَّلُ ، فَوَجَبَ أَنْ يُدَارَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لِلِاحْتِيَاطِ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ أَسْرَعُ إدْرَاكًا مِنْ الْغُلَامِ فَنَقَصَ سَنَةً مِنْهُنَّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي تُوَافِقُ الْمِزَاجَ ، ( وَقَالَا فِيهِمَا بِتَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ) وَهُوَ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ ( وَبِهِ يُفْتِي ) لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ ، إذْ الْعَلَامَاتُ تَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا فَجَعَلُوا الْمُدَّةَ عَلَامَةً فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ الْعَلَامَةُ ، ( وَأَدْنَى مُدَّتِهِ ) أَيْ الْبُلُوغِ ( لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً ، وَلَهَا تِسْعُ سِنِينَ ) إذْ قَدْ يَحْصُلُ لَهُمَا فِي هَذَا السِّنِّ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ ( فَإِنْ رَاهَقَا ) أَيْ قَرُبَا إلَى الْبُلُوغِ بِأَنْ يَبْلُغَا هَذَا السِّنَّ ( وَأَقَرَّا بِالْبُلُوغِ كَانَا كَالْبَالِغِ حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَمَّا كَانَ حَاصِلًا فِي هَذَا السِّنِّ وَلَوْ نَادِرًا فَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ مِنْهُمَا كَالْحَيْضِ قَبْلَ إقْرَارِهِمَا بِهِ ضَرُورَةً .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ فَإِنْ رَاهَقَا وَأَقَرَّا بِالْبُلُوغِ كَانَا كَالْبَالِغِ حُكْمًا ) يَعْنِي وَقَدْ فَسَّرَا مَا بِهِ عُلِمَا بُلُوغُهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ .

( كِتَابُ الْمَأْذُونِ ) الْإِذْنُ لُغَةً الْإِعْلَامُ ، وَشَرْعًا فَكُّ الْحَجْرِ مُطْلَقًا ، وَهُوَ نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا ( إذْنُ الْعَبْدِ ) وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ بِالرِّقِّ الثَّابِتِ شَرْعًا عَلَى الْعَبْدِ ( وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ ) أَيْ حَقِّ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ كَوْنُهُ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفَاتِ فَتَعَلُّقُ حَقِّ الْمَوْلَى بِعُرُوضِ الرِّقِّ صَارَ مَانِعًا لِمَالِكِيَّتِهِ لَهَا ، فَإِذَا أَسْقَطَ الْمَوْلَى حَقَّهُ يَعُودُ الْمَمْنُوعُ ( فَيَتَصَرَّفُ ) أَيْ إذَا كَانَ إذْنُ الْعَبْدِ فَكَّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطَ الْحَقِّ فَيَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ ( لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ ، فَلَا يَرْجِعُ بِالْعُهْدَةِ عَلَى مَوْلَاهُ ) فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لَا يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ يَطْلُبُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ ( وَلَا يَتَوَقَّفُ ) يَعْنِي إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا كَانَ مَأْذُونًا أَبَدًا إلَى أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّفُ ( وَلَا يَتَخَصَّصُ ) بِنَوْعِ فَإِذَا أَذِنَ بِنَوْعٍ عَمَّ إذْنُهُ الْأَنْوَاعَ ، فَكَذَا إذَا قَالَ اُقْعُدْ صَبَّاغًا فَإِنَّهُ إذْنٌ بِشِرَاءِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي هَذَا الْعَمَلِ ، وَكَذَا إذَا قِيلَ أَدِّ إلَيَّ الْغَلَّةَ كُلَّ شَهْرٍ ، كَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ لَا إذْنٌ .

( كِتَابُ الْمَأْذُونِ ) ( قَوْلُهُ الْإِذْنُ لُغَةً الْإِعْلَامُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْهُ الْأَذَانُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ ا هـ .
وَفِي النِّهَايَةِ أَمَّا اللُّغَةُ فَالْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ رَفْعُ الْمَانِعِ لِمَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَنْهُ وَإِعْلَامٌ بِإِطْلَاقِهِ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ إذْنًا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَشَرْعًا فَكُّ الْحَجْرِ مُطْلَقًا ) يَعْنِي فَلَا يَتَوَقَّتُ وَلَا يَتَخَصَّصُ ، وَأَمَّا حُكْمُهُ فَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ التَّفْسِيرُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ الثَّابِتِ بِالرِّقِّ شَرْعًا عَمَّا يَتَنَاوَلُهُ الْإِذْنُ لَا الْإِنَابَةُ وَالتَّوْكِيلُ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ مَا يَثْبُتُ بِهِ وَالثَّابِتُ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْ التِّجَارَةِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْإِيضَاحِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهَا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا إذْنُ الْعَبْدِ ) وَالثَّانِي إذْنُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ ، وَسَيَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ ( قَوْلُهُ فَيَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ ) لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ لِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ بِجُمْلَتِهِ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى فَإِذَا تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ يَخْلُفُهُ الْمَوْلَى فِي الْمِلْكِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ) يَعْنِي كَطَعَامِ الْأَكْلِ وَثِيَابِ الْكِسْوَةِ وَدَابَّةِ الرُّكُوبِ وَعَبْدِ الِاسْتِخْدَامِ ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ هُوَ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .

( وَيَثْبُتُ ) أَيْ الْإِذْنُ ( دَلَالَةً إذَا رَأَى الْمَوْلَى يَبِيعُ عَبْدُهُ مِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ ) احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ مِلْكًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا لَهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ( وَيَشْتَرِي ) مَا أَرَادَهُ ، ( وَسَكَتَ ) أَيْ الْمَوْلَى يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَلَا يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي بَيْعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ شِرَائِهِ كَذَا فِي الأسروشنية أَقُولُ سَرَّهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ إنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا صَدَرَ عَنْهُ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا مَرَّ آنِفًا بِمَحْضَرٍ مِنْ مَوْلَاهُ فَفِيمَا إذَا بَاعَ الْمَحْجُورُ بِمَحْضَرٍ مِنْ مَوْلَاهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ مَأْذُونًا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا وَهُوَ ظَاهِرُ اللُّزُومِ وَالْبُطْلَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ ( وَ ) يَثْبُتُ أَيْضًا ( صَرِيحًا فَلَوْ أَذِنَ ) الْعَبْدَ ( مُطْلَقًا ) بِأَنْ يَقُولَ مَوْلَاهُ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ صَحَّ كُلُّ تِجَارَةٍ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ اسْمٌ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ الْأَنْوَاعَ ( فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ) خِلَافًا لَهُمَا وَبِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ جَازَ اتِّفَاقًا لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لَهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْإِذْنُ ، وَلَهُ أَنَّهُ تِجَارَةٌ وَالْعَبْدُ مُتَصَرِّفٌ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ فَصَارَ كَالْحُرِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ ( وَيُوَكَّلُ بِهِمَا ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَفَرَّغُ بِنَفْسِهِ ( وَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ وَيَتَقَبَّلُ الْأَرْضَ ) أَيْ يَأْخُذُهَا قُبَالَةً بِالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُسَاقَاةِ ( وَيَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَشْتَرِي بِزْرًا يَزْرَعُهُ وَيَسْتَأْجِرُ أَجِيرًا ) مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً ( وَيُؤَجِّرُ نَفْسَهُ ، وَيُضَارِبُ ) أَيْ يَدْفَعُ الْمَالَ مُضَارَبَةً ، وَيَأْخُذُهُ ( وَيُشَارِكُ عِنَانًا ) لِأَنَّهَا مِنْ

صَنِيعِ التُّجَّارِ أَيْ الْمَذْكُورَاتِ ( وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ إذْ لَوْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يُعَامِلْهُ أَحَدٌ ( لِغَيْرِ زَوْجٍ وَوَلَدٍ وَوَالِدٍ ) فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَهُمْ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، وَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ مِنْهُمْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( وَ ) يُقِرُّ أَيْضًا ( بِغَصْبٍ الْوَدِيعَةٍ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِمَا أَيْضًا مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ ، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ ضَمَانُ مُعَاوَضَةٍ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِالضَّمَانِ ( وَيُهْدِي طَعَامًا يَسِيرًا ) تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْإِذْنِ ، ( وَيُضَيِّفُ مَنْ يُطْعِمُهُ ) لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ اسْتِجْلَابًا لِقُلُوبِ أَهْلِ حِرْفَتِهِ ( وَيَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ بِعَيْبٍ ) مِثْلُ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِهِمْ وَرُبَّمَا يَكُونُ الْحَطُّ أَنْظَرَ لَهُ مِنْ قَبُولِ الْمَعِيبِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْحَطِّ بِلَا عَيْبٍ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ ، ( وَيَأْذَنُ لِعَبْدِهِ ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتِّجَارَةِ لَيْسَ إذْنًا بِهِ ( وَلَا يَتَسَرَّى وَإِنْ أَذِنَ لَهُ ) كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ .
وَفِي التَّلْوِيحِ فِي بَيَانِ الْعَوَارِضِ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ ( وَلَا يُزَوِّجُ رَقِيقَهُ وَلَا يُكَاتِبُهُ ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ التِّجَارَةِ ( وَلَا يُعْتِقُ ) لِأَنَّهُ فَوْقَ الْكِتَابَةِ ( مُطْلَقًا ) أَيْ عَلَى مَالٍ أَوْ لَا ، ( وَلَا يُقْرِضُ ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً ( وَلَا يَهَبُ ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ ( مُطْلَقًا ) أَيْ بِعِوَضٍ أَوْ لَا ( وَلَا يُبْرِئُ ) لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ ( وَلَا يَكْفُلُ ) لِكَوْنِهِ ضَرَرًا مَحْضًا ( مُطْلَقًا ) أَيْ لَا بِالنَّفْسِ وَلَا بِالْمَالِ ( دَيْنٌ وَجَبَ بِتِجَارَتِهِ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ( أَوْ بِمَا هُوَ بِمَعْنَاهَا ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَغُرْمٍ الْوَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ

وَأَمَانَةٍ جَحَدَهَا وَعُقْرٍ وَجَبَ بِوَطْءِ مُشْتَرِيَتِهِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ ( يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ، ( يُبَاعُ فِيهِ إنْ حَضَرَ مَوْلَاهُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى ، وَقَالَ شُرَّاحُهُ هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْفِدَاءِ مِنْ الْغَائِبِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ هُوَ الْمَوْلَى فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِحَضْرَةِ نَائِبِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْكَسْبِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ خَصْمٌ فِيهِ ( وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بِالْحِصَصِ ) ، وَيَتَعَلَّقُ ( بِكَسْبِهِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ ، ( وَ ) يَتَعَلَّقُ ( بِمَا اتَّهَبَ ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ) أَيْ مَوْلَاهُ هَذَا قَيْدٌ لِلْكَسْبِ وَالِاتِّهَابِ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ تَعَلُّقِهِ بِالْكَسْبِ وَتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَلَكِنْ يَبْدَأُ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْكَسْبِ لِإِمْكَانِ تَوْفِيرِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ مَعَ تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْكَسْبُ يُسْتَوْفَى مِنْ الرَّقَبَةِ كَذَا فِي الْكَافِي ( لَا ) أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ ( بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ مَوْلَاهُ قَبْلَ الدَّيْنِ ) لِوُجُودِ شَرْطِ الْخُلُوصِ لَهُ ، ( وَيُطَالَبُ بِبَاقِيهِ بَعْدَ عِتْقِهِ ) لِتَقَرُّرِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَعَدَمِ وَفَاءِ الرَّقَبَةِ ، وَلَا يُبَاعُ ثَانِيًا ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ عَنْ شِرَائِهِ فَيُؤَدِّي إلَى امْتِنَاعِ الْبَيْعِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَتَضَرَّرُ الْغُرَمَاءُ ، ( وَلِمَوْلَاهُ أَخْذُ غَلَّةِ مِثْلِهِ بِوُجُودِ دَيْنِهِ وَمَا زَادَ لِلْغُرَمَاءِ ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمَوْلَى يَأْخُذُ مِنْ الْعَبْدِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بَعْدَ لُحُوقِهِ اسْتِحْسَانًا

، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْخُذَ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْلَى فِي الْكَسْبِ ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فِي ذَلِكَ نَفْعَ الْغُرَمَاءِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ يَتَعَلَّقُ بِمَكَاسِبِهِ ، وَلَا تَحْصُلُ الْمَكَاسِبُ إلَّا بِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ وَلَوْ مُنِعَ مِنْ أَخْذِ الْغَلَّةِ بِحَجْرٍ عَلَيْهِ فَيَنْسَدُّ بَابُ الِاكْتِسَابِ وَلَوْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ غَلَّةِ مِثْلِهِ رَدَّ الْفَضْلَ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِمْ وَلَا ضَرُورَةَ فِيهَا ( وَيَنْحَجِرُ بِحَجْرِهِ ) أَيْ بِقَوْلِ الْمَوْلَى لَهُ حَجَرْتُك عَنْ التَّصَرُّفِ أَوْ إيصَالِ خَبَرِ حَجْرِهِ إلَيْهِ ( إنْ عَلِمَ أَكْثَرُ أَهْلِ سُوقِهِ ) حَتَّى لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السُّوقِ ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ لَا يَنْحَجِرُ إذْ الْمُعْتَبَرُ اشْتِهَارُ الْحَجْرِ وَشُيُوعُهُ فَيُقَامُ ذَلِكَ مُقَامَ الظُّهُورِ عِنْدَ الْكُلِّ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا الْعَبْدُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ بِمَعْرِفَتِهِ يَنْحَجِرُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ ( وَ ) يَنْحَجِرُ أَيْضًا ( بِإِبَاقِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَرْضَى بِتَصَرُّفِ عَبْدِهِ الْخَارِجِ عَنْ طَاعَتِهِ عَادَةً ، فَكَانَ حَجْرًا عَلَيْهِ دَلَالَةً ( وَمَوْتِ مَوْلَاهُ وَجُنُونِهِ مُطْبَقًا وَلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا ) عَلِمَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ أَمْرًا لَازِمًا وَمَا لَا يَكُونُ لَازِمًا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ يَكُونُ لِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ كَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ ابْتِدَاءً فِي كُلِّ سَاعَةٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ فَتَرَكَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ كَإِنْشَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ ، فَيُشْتَرَطُ قِيَامُ الْأَهْلِيَّةِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الِابْتِدَاءِ ، وَقَدْ زَالَتْ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ وَبِاللَّحَاقِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمًا حَتَّى يَعْتِقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ ، وَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي ضِمْنِ بُطْلَانِ الْأَهْلِيَّةِ وَاسْتِيلَادِهَا ) ، أَيْ تُحْجَرُ

الْأَمَةُ الْمَأْذُونَةُ بِاسْتِيلَادِهَا فَإِنَّهُ يُحْسِنُهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَيَكُونُ الِاسْتِيلَادُ دَلَالَةَ الْحَجْرِ عَادَةً ( لَا بِالتَّدْبِيرِ ) أَيْ إذَا اسْتَدَانَتْ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَدَبَّرَهَا الْمَوْلَى فَهِيَ مَأْذُونٌ لَهَا عَلَى حَالِهَا لِعَدَمِ دَلَالَةِ الْحَجْرِ إذْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِتَحْصِينِ الْمُدَبَّرَةِ ( وَضَمِنَ ) أَيْ الْمَوْلَى ( بِهِمَا ) بِالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ ( قِيمَتَهُمَا ) لِلْغُرَمَاءِ لِإِتْلَافِهِ مَحَلًّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمْ إذْ بِهِمَا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ ، وَبِهِ كَانَ يَقْضِي حُقُوقَهُمْ .

( قَوْلُهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ مِلْكًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا لَهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ) أَقُولُ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ وَأَثْبَتْنَا الْإِذْنَ بِالسُّكُوتِ إنْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي صَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ فَاسِدًا وَلَوْ لِغَيْرِ مَوْلَاهُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ وَلَمْ يُثْبِتْهُ زُفَرُ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ ا هـ .
وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا .
هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا ، وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا رَأَى الرَّاهِنَ يَبِيعُ الرَّهْنَ فَسَكَتَ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَرُوِيَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ رِضًا وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ ا هـ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا ، وَنَحْفَظُ عَنْ مَشَايِخِنَا تَقْدِيمَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى .
( قَوْلُهُ فَفِيمَا إذَا بَاعَ الْمَحْجُورُ بِمَحْضَرٍ مِنْ مَوْلَاهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ وَصَارَ مَأْذُونًا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا وَهُوَ ظَاهِرُ اللُّزُوم وَالْبُطْلَانِ ) أَقُول هَذَا سَاقِط فِي بَعْض النَّسْخ وَثَابِت وَفِي غَيْرهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اللُّزُومُ وَالْمَذْكُورُ إلَّا لَوْ قُلْنَا بِتَعَلُّقِ الْإِذْنِ بِمَا بَاعَهُ بِمَحْضَرِ مَوْلَاهُ ، بَلْ لَا يَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ إلَّا فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَسَقَطَ الْإِلْزَامُ لِقَوْلِهِ عَقِبَهُ : وَلَا يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي بَيْعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ شِرَائِهِ ا هـ .
فَهَذَا رَدٌّ لِمَا ظَنَّهُ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الأسروشنية وَتَوْضِيحُهُ مَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَأَى قِنَّهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي ، وَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ لَا فِي تِلْكَ الْعَيْنِ ثُمَّ قَالَ قِنٌّ بَاعَ

بِحَضْرَةِ مَوْلَاهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى أَنَّهُ لَهُ فَلَوْ كَانَ الْقِنُّ مَأْذُونًا لَمْ يَصِحَّ دَعْوَاهُ ، وَيَصِحُّ لَوْ مَحْجُورًا فَإِنْ قِيلَ أَلَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا بِسُكُوتِ مَوْلَاهُ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنَّ أَثَرَ الْإِذْنِ يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ ا هـ .
قَوْلُهُ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا حَابَى فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ فَمِنْ جَمِيعِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الدَّيْنِ ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِمَا فِي يَدِهِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي أَدِّ جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا فَرُدَّ الْمَبِيعَ كَمَا فِي الْحُرِّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لَا تَصِحُّ مُحَابَاةُ الْعَبْدِ إلَّا مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى سَوَاءٌ الْفَاحِشُ وَغَيْرُ الْفَاحِشِ مِنْ الْمُحَابَاةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ ، .
وَفِي النِّهَايَةِ بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا ( قَوْلُهُ وَيَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَشْتَرِي بَذْرًا يَزْرَعُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لَهَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ أَنْفَعُ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ هُنَاكَ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْخَارِجُ ، وَهَهُنَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَحْصُلْ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَلَوْ بِبَذْرٍ مِنْ قِبَلِهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ ( قَوْلُهُ وَيُشَارِكُ عِنَانًا لِأَنَّهَا مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ مُفَاوَضَةً ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا ا هـ .
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ شَرِكَةُ الْعِنَانِ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْهُ إذَا اشْتَرَكَ الشَّرِيكَانِ مُطْلَقًا عَنْ ذِكْرِ الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَكَ الْعَبْدَانِ الْمَأْذُونَانِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ النَّسِيئَةُ وَجَازَ النَّقْدُ ؛ لِأَنَّ فِي النَّسِيئَةِ مَعْنَى الْكَفَالَةِ عَنْ

صَاحِبِهِ ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُمَا الْمَوْلَيَانِ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَاهُ بِالْكَفَالَةِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَلَا تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْمَوْلَى بِالْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ فِي التِّجَارَاتِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ ، وَإِنْ فِي مَرَضِهِ قُدِّمَ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْحُرِّ ( قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ) لَكِنَّهُ لَمْ يَخُصَّهُ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ وَغَصْبٍ الْوَدِيعَةٍ ، ثُمَّ قَالَ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ لِلزَّوْجِ وَالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَيُهْدِي طَعَامًا يَسِيرًا ) احْتِرَازٌ بِهِ عَمَّا سِوَى الْمَأْكُولَاتِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالثِّيَابِ إلَّا أَنْ يَهَبَ مَا لَا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى هِبَتَهُ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَمْلِكُ التَّصَدُّقَ بِالْفَلْسِ وَالرَّغِيفِ وَبِالْفِضَّةِ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ ( قَوْلُهُ وَيُضَيِّفُ مَنْ يُطْعِمُهُ ) الْمُرَادُ ضِيَافَةً يَسِيرَةً اسْتِحْسَانًا ، وَالضِّيَافَةُ الْعَظِيمَةُ مُبْقَاةٌ عَلَى الْقِيَاسِ ، وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا مَا رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ عَلَى قَدْرِ مَالِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَ عَشَرَةً فَاِتَّخَذَ ضِيَافَةً بِمِقْدَارِ دَانَقٍ فَذَاكَ كَثِيرٌ عُرْفًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ ( قَوْلُهُ وَيَأْذَنُ لِعَبْدِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ) لَمْ أَرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ صَرِيحًا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَا يُكَاتِبُ وَالشَّيْءُ لَا يَتَضَمَّنُ مَا هُوَ فَوْقَهُ
ا هـ .
وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي قَاضِي خَانْ ( قَوْلُهُ لَيْسَ إذْنًا لَهُ ) يَعْنِي بِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا

يُكَاتِبُهُ ) أَيْ لَا يُكَاتِبُ رَقِيقَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَأَجَازَهُ الْمَوْلَى صَارَ مُكَاتِبًا لَهُ ، وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَسْبًا لِعَبْدِهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُعْتِقُ مُطْلَقًا ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ أُعْتَقَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ الْمَوْلَى نَفَذَ وَيَكُونُ قَبْضُ الْبَدَلِ إلَيْهِ لَوْ كَانَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ .
ا هـ .
وَلَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْعِتْقَ جَازَ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِغُرَمَاءِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ يُبَاعُ فِيهِ إنْ حَضَرَ مَوْلَاهُ ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهُ .
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي بِدَيْنِهِمْ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا الْإِطْلَاقُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْحُرَّ الْعَاقِلَ لَا يُحْجَرُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ حَتَّى لَا يَبِيعَ الْقَاضِي مَا لَهُ بِدُونِ رِضَاهُ ، وَقَيَّدُوا هَهُنَا فِي حَوَاشِي الْكِتَابِ الْمَقْرُوءِ عَلَى الْأَسَاتِذَةِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ أَيْ يُجْبَرُ الْقَاضِي الْمَوْلَى عَلَى الْبَيْعِ هَلْ لِهَذَا الْقَيْدِ وَجْهُ صِحَّةٍ أَمْ لَا .
قُلْت لَيْسَ لِهَذَا الْقَيْدِ وَجْهُ صِحَّةٍ أَصْلًا بَلْ يَبِيعُ الْقَاضِي الْعَبْدَ هَهُنَا بِدُونِ رِضَا الْمَوْلَى بِالِاتِّفَاقِ ، وَإِنَّمَا يَقَعُ مِثْلُ هَذِهِ الْقُيُودِ لِلتَّسَاهُلِ وَقِلَّةِ الْمُطَالَعَةِ فِي كُتُبِ السَّلَفِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كِتَابِي هَذَا إلَّا لِمَعْرِفَةِ بُطْلَانِ هَذَا الْقُيُودِ لَكَفَى بِهِ مَغْنَمًا ، وَعُدَّ لِطَرِيقِ الصَّوَابِ مَعْلَمًا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهَا : وَلَيْسَ فِي بَيْعِ الْمَأْذُونِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَوْلَى حَجْرٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَبْلَ ذَلِكَ مَحْجُورٌ عَنْ بَيْعِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ يَبِيعُهَا الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ الْوَرَثَةُ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِمْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ .
ا هـ قُلْت فَإِطْلَاقُ بَيْعِ الْقَاضِي أَوَّلًا مُقَيَّدٌ بِمَا لَمْ يَبِعْ

الْمَوْلَى حِينَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ بِمَنْزِلَةِ التَّرِكَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ بِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ سُوقِهِ ) هَذَا فِي الْحَجْرِ الْقَصْدِيِّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَيْ بِقَوْلِ الْمَوْلَى لَهُ حَجَرْتُك
إلَخْ ، وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ بِالْحَجْرِ ضِمْنًا فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ وَلَا عِلْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا فِي النِّهَايَةِ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السُّوقِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ لَا يَنْحَجِرُ ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ وَيَبْقَى مَأْذُونًا وَلَوْ فِي حَقِّ مَنْ سَمِعَ مِنْ الْأَقَلِّ حَجْرَهُ أَيْضًا ( قَوْلُهُ وَبِإِبَاقِهِ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِذْنَ لَا يَعُودُ ( قَوْلُهُ وَجُنُونِهِ مُطْبَقًا ) قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا كَانَ الْجُنُونُ دُونَ السَّنَةِ فَلَيْسَ بِمُطْبَقٍ وَالسَّنَةُ وَمَا فَوْقَهَا مُطْبَقٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ أَكْثَرَ السَّنَةِ فَصَاعِدًا مُطْبَقٌ وَمَا دُونَهُ فَلَيْسَ بِمُطْبَقٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ ( قَوْلُهُ عَلِمَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ) كَذَا حُكْمُ أَهْلِ سُوقِهِ قَوْلُهُ أَيْ تُحْجَرُ الْأَمَةُ الْمَأْذُونَةُ بِالِاسْتِيلَادِ ) هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِيهِمَا إذَا اسْتَوْلَدَهَا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالْإِذْنِ ، أَمَّا إذَا اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ قَالَ لَا أُرِيدُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا بَقِيَتْ عَلَى إذْنِهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ( قَوْلُهُ أَيْ إذَا اسْتَدَانَتْ الْأَمَةُ الْمَأْذُونَةُ
إلَخْ ) إنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي أَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهَا لِتَظْهَرَ الْفَائِدَةُ فِي أَنَّ الْمَوْلَى يَضْمَنُ قِيمَتَهَا دُونَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ .

( أَقَرَّ ) أَيْ الْمَأْذُونُ ( بَعْدَ حَجْرِهِ أَنَّ مَا مَعَهُ أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ صَحَّ ) إقْرَارُهُ ، وَيَقْضِي مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَقَالَا لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ مُصَحِّحَ إقْرَارِهِ إنْ كَانَ الْإِذْنُ فَقَدْ زَالَ بِالْحَجْرِ ، وَإِنْ كَانَ الْيَدُ فَالْحَجْرُ أَبْطَلَهَا ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَلَهُ أَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ الْيَدُ ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ فِيمَا أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنْ يَدِهِ ، وَالْيَدُ بَاقِيَةٌ حَقِيقَةً ، وَشَرْطُ بُطْلَانِهَا بِالْحَجْرِ حُكْمًا فَرَاغُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْإِكْسَابِ عَنْ حَاجَتِهِ ، وَإِقْرَارُهُ دَلِيلُ تَحَقُّقِهَا ( أَحَاطَ دَيْنَهُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ لَمْ يَمْلِكْ مَوْلَاهُ مَا مَعَهُ ، فَلَمْ يُعْتَقْ عَبْدٌ كَسَبَهُ بِإِعْتَاقِ مَوْلَاهُ ) ، وَقَالَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِوُجُودِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي كَسْبِهِ ، وَهُوَ مِلْكُ رَقَبَتِهِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ وَوَطْءَ الْمَأْذُونِ لَهَا ، وَهُوَ دَلِيلُ كَمَالِ الْمِلْكِ ، وَلَهُ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْلَى إنَّمَا يَثْبُتُ خِلَافُهُ عَنْ الْعَبْدِ عِنْدَ فَرَاغِهِ عَنْ حَاجَتِهِ ، وَالْمُحِيطُ بِهِ الدَّيْنُ مَشْغُولٌ بِهَا فَلَا يَخْلُفُهُ فِيهِ ، وَالْعِتْقُ وَعَدَمُهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ ( وَعَتَقَ إنْ لَمْ يُحِطْ ) أَيْ دَيْنُهُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ بِلَا خِلَافٍ .
أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ قَلِيلِ دَيْنٍ فَلَوْ جَعَلَ مَانِعًا لَانْسَدَّ بَابُ الِانْتِفَاعِ بِكَسْبِهِ فَيَخْتَلُّ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِذْنِ ( وَيَبِيعُ مِنْ مَوْلَاهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ كَسْبِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، وَلَا يَبِيعُ مِنْهُ بِنُقْصَانٍ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِ لِكَوْنِهِ مَوْلَاهُ ، ( وَ ) يَبِيعُ ( مَوْلَاهُ ) مِنْهُ ( بِهِ ) أَيْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ( وَبِالْأَقَلِّ ) ؛ لِأَنَّ مَوْلَاهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ كَسْبِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا مَرَّ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ ، ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمَوْلَى ( حَبْسُهُ )

أَيْ الْمَبِيعِ ( بِالثَّمَنِ ) أَيْ بِمُقَابَلَةِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ مِنْ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُزِيلُ مِلْكَ الْيَدِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ إلَيْهِ الثَّمَنُ فَيَبْقَى مِلْكُ الْيَدِ لِلْمَوْلَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ ، وَلِهَذَا كَانَ أَخَصَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ ( وَلَوْ بَاعَ ) الْمَوْلَى مِنْهُ بِالْأَكْثَرِ ( حَطَّ الزَّائِدَ أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ ) أَيْ يُؤْمَرُ مَوْلَاهُ بِإِزَالَةِ الْمُخَابَأَةِ أَوْ فَسْخِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ ، ( وَيَبْطُلُ ) أَيْ الثَّمَنُ ( لَوْ سَلَّمَ ) أَيْ مَوْلَاهُ ( الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ فَلَا يُطَالَبُ الْعَبْدُ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ الْمَبِيعَ سَقَطَ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ ، وَلَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَخَرَجَ مَجَّانًا ( صَحَّ إعْتَاقُهُ ) أَيْ إعْتَاقُ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ ( مَدْيُونًا ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ ( وَضَمِنَ ) الْمَوْلَى لِلْغُرَمَاءِ ( الْأَقَلَّ مِنْ دَيْنِهِ وَقِيمَتِهِ ) أَيْ إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ يَضْمَنُ الدَّيْنَ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ إلَّا فِي الدَّيْنِ ، وَإِنْ عَكَسَ ضَمِنَ الْقِيمَةَ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِالرَّقَبَةِ ، وَهُوَ أَتْلَفَهَا ( وَذَا ) أَيْ الْمَأْذُونُ ضَمِنَ ( فَضْلَ دَيْنِهِ عَلَى قِيمَتِهِ ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ وَمَا لَزِمَ الْمَوْلَى إلَّا بِقَدْرِ مَا أَتْلَفَ ضَمَانًا فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَيْهِ كَمَا كَانَ .

( قَوْلُهُ أَقَرَّ بَعْدَ حَجْرِهِ أَنَّ مَا مَعَهُ أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَا مَعَهُ حَصَلَ بِمِثْلِ احْتِطَابٍ لِمَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ حَصَلَ لَهُ بِالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ ( قَوْلُهُ أَوْ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ صَحَّ إقْرَارُهُ ، وَيَقْضِي مِمَّا فِي يَدِهِ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى إقْرَارُهُ إلَى رَقَبَتِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَفِ مَا فِي يَدِهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارٍ لَا تُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِيهِ إجْمَاعًا وَمَحَلُّ صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْحَجْرِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِالْإِذْنِ يَسْتَغْرِقُ مَا فِي يَدِهِ إذْ لَوْ كَانَ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ وَأَنْ لَا يَكُونَ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ بَعْدَ أَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يُصَدَّقُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ ( قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يَصِحُّ ) يَعْنِي حَالًا ، وَهُوَ الْقِيَاسُ ( قَوْلُهُ فَلَمْ يُعْتَقْ عَبْدٌ كَسَبَهُ بِإِعْتَاقِ مَوْلَاهُ
إلَخْ ) كَذَا الْخِلَافُ لَوْ ادَّعَى نَسَبَ عَبْدِ مَأْذُونِهِ فَيَثْبُتُ مِنْهُ كَمَا يُعْتَقُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ عِنْدَهُمَا لِلْغُرَمَاءِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ حَطَّ الزَّائِدَ أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ ) هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِحِصَّةِ الْعَقْدِ ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ فَلَا تَخْيِيرَ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ إنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْمَوْلَى مِنْهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ يَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُمَا خَيَّرَاهُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَرَفْعِ الْغَبْنِ ا هـ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنْ بَاعَهُ مِنْ الْمَوْلَى جَازَ الْبَيْعُ فَاحِشًا كَانَ الْغَبْنُ أَوْ يَسِيرًا ، وَلَكِنْ يُخَيَّرُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِهِمَا وَالْغَبْنُ الْفَاحِشُ وَالْيَسِيرُ سَوَاءٌ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِمَا ( قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ أَيْ الثَّمَنُ ) أَشَارَ بِهِ

إلَى مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الثَّمَنِ إذْ لَوْ كَانَ عَرَضًا يَكُونُ الْمَوْلَى أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبُرْهَانِ ( قَوْلُهُ صَحَّ إعْتَاقُهُ مَدْيُونًا ) أَطْلَقَ الدَّيْنَ فَشَمَلَ مَا كَانَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ وَالْغَصْبِ وَجُحُودِ الْوَدِيعَةِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمَوْلَى بِالدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ عَكَسَ ضَمِنَ الْقِيمَةَ ) يَعْنِي بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ ، وَإِنْ كَانَتْ عِشْرِينَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ قِنًّا ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِمَا اسْتِيفَاءً بِالْبَيْعِ فَصَارَتْ مَسْأَلَةُ الْمَدْيُونِ مُخَالِفَةً لِإِعْتَاقِ الْجَانِي مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ وَمِقْدَارُ الضَّمَانِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ .

( بَيْعُ عَبْدٍ مَأْذُونٍ ) لَهُ ( مُحِيطٍ دَيْنُهُ بِرَقَبَتِهِ وَغَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي ) بَعْدَ أَنْ قَبَضَ ، ( أَجَازَ الْغَرِيمُ ) أَيْ خُيِّرَ الْغَرِيمُ إنْ شَاءَ أَخَذَ ( بَيْعَهُ وَلَهُ ثَمَنُهُ ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ كَالْإِذْنِ السَّابِقِ ، ( أَوْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ قِيمَتَهُ ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْعَبْدِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُ ، وَالْبَائِعُ مُتْلِفٌ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالتَّغْيِيبِ فَيُخَيَّرُ فِي التَّضْمِينِ ( فَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْهُ كَأَخْذِ الْعَيْنِ ( وَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ سَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي وَتَمَّ الْبَيْعُ ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ ، ( ثُمَّ ) أَيْ بَعْدَ مَا ضَمِنَ الْبَائِعُ ( إنْ رَدَّ ) أَيْ الْعَبْدَ ( عَلَى مَوْلَاهُ بِعَيْبٍ رَجَعَ ) أَيْ مَوْلَاهُ ( عَلَى الْغَرِيمِ بِقِيمَتِهِ ، وَعَادَ حَقُّهُ ) أَيْ حَقُّ الْغَرِيمِ ( فِي الْعَبْدِ ) لِارْتِفَاعِ سَبَبِ الضَّمَانِ ، وَهُوَ الْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ فَصَارَ كَالْغَاصِبِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ وَضَمِنَ بِالْقِيمَةِ ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمَالِكِ وَيَسْتَرِدَّ الْقِيمَةَ .
كَذَا هُنَا كَذَا فِي الْكَافِي ( وَأَيُّهُمَا اخْتَارَ تَضْمِينَهُ بَرِئَ الْآخَرُ ) حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ نُوِيَتْ الْقِيمَةُ عِنْدَ الَّذِي اخْتَارَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَيْنِ شَيْئَانِ إذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْآخَرَ ، ( وَلَوْ ظَهَرَ ) أَيْ عَبْدُ الْمُغَيَّبِ ( بَعْدَ التَّضْمِينِ ) أَيْ بَعْدَمَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا ( لَا سَبِيلَ لَهُ ) أَيْ لِلْغَرِيمِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْعَبْدِ ( إنْ قُضِيَ لَهُ ) بِالْقِيمَةِ ( بَيِّنَةٌ أَوْ نُكُولٌ ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَحَوَّلَ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ ، ( لَوْ ) قُضِيَ لَهُ بِالْقِيمَةِ ( يَقُولُ الْخَصْمُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَقَدْ ادَّعَى الْغَرِيمُ أَكْثَرَ مِنْهُ ) فَهُوَ

بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ( رَضِيَ بِالْقِيمَةِ أَوْ رَدَّهَا وَأَخَذَ الْعَبْدَ ) فَبِيعَ لَهُ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ تَمَامُ حَقِّهِ بِزَعْمِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ، ( وَإِنْ بَاعَهُ مُعْلِمًا دَيْنَهُ فَلِلْغَرِيمِ رَدُّ بَيْعِهِ إنْ لَمْ يَفِ بِدَيْنِهِ ثَمَنَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفِ بِهِ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ كَيْفَ كَانَ ، ( وَإِنْ وَفَّى ) ثَمَنَهُ بِدَيْنِهِ ( وَلَا مُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ لَا ) أَيْ لَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ ( وَلَا يُخَاصِمُ الْغَرِيمُ مُشْتَرِيًا يُنْكِرُ دَيْنَهُ إنْ غَابَ بَائِعُهُ ) يَعْنِي لَوْ بَاعَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَدْيُونَ ، وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لِلْغَرِيمِ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الدَّيْنَ ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْعَقْدِ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ، فَيَكُونُ الْفَسْخُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرُ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْهُ .

( قَوْلُهُ بَيْعُ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ
إلَخْ ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى إلَى أَنْ قَالَ فَإِنْ شَاءَ الْغُرَمَاءُ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِثَمَنٍ لَا يَفِي بِدُيُونِهِمْ بِدُونِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ ، وَالدَّيْنُ حَالٌّ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ أَيْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ بَلْ بِمَا أَدَّاهُ لِلْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ أَيْ بَعْدَ مَا ضَمِنَ الْبَائِعُ إنْ رَدَّ عَلَى مَوْلَاهُ بِعَيْبٍ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِقِيمَتِهِ ) .
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَكَذَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الشَّرْطِ وَإِنْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا لِلْمَوْلَى عَلَى الْقِيمَةِ .
ا هـ .
قُلْت هَذَا مَعَ حُسْنِهِ لَا يَخْفَى مَا فِي لَفْظِهِ إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا غَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا لِيُقَابِلَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ .
( قَوْلُهُ وَأَيُّهُمَا ) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي اخْتَارَ الْغَرِيمُ تَضْمِينَهُ مِنْهُمَا بَرِئَ الْآخَرُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ الْعَبْدُ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ) قَالَ فِيهَا عَقِبَهُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَغْصُوبِ فِي ذَلِكَ .
ا هـ .
وَحَكَاهُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا عَنْهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ : الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَغْصُوبِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ تَظْهَرَ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِمَّا ضَمِنَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ هُنَا ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا شَرَطَ

أَنْ يَدَّعِيَ الْغُرَمَاءُ أَكْثَرَ مِمَّا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ حَقُّهُمْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ بِزَعْمِهِمْ ، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُطَابِقَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِثْلَ مَا ضَمِنَ أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ فِيهِ ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ إذَا ظَهَرَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ فَلَا يَكُونُ الْمَذْكُورُ هُنَا مُخَلِّصًا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ مُعْلِمًا دَيْنَهُ ) فَائِدَةُ الْإِعْلَامِ بِالدَّيْنِ سُقُوطُ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ بِعَيْبِ الدَّيْنِ حَتَّى يَلْزَمَ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ .
( قَوْلُهُ فَلِلْغَرِيمِ رَدُّ بَيْعِهِ إنْ لَمْ يَفِ بِدَيْنِهِ ) يَعْنِي لَوْ كَانَ حَالًّا فَأَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَرِيمِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِطَلَبِهِمْ ( قَوْلُهُ وَإِنْ وَفَّى ثَمَنَهُ بِدَيْنِهِ وَلَا مُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ لَا ) قَيَّدَ عَدَمَ رَدِّ الْغَرِيمِ بِقَيْدَيْنِ وَالثَّانِي مِنْهُمَا فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ لَا اعْتِرَاضَ لِلْغَرِيمِ سَوَاءٌ حَابَى الْمَوْلَى أَوْ لَا .

( اشْتَرَى عَبْدٌ وَبَاعَ سَاكِتًا عَنْ إذْنِهِ وَحَجْرِهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ ) يَعْنِي أَنَّ عَبْدًا إذَا قَدِمَ مِصْرًا فَبَاعَ وَاشْتَرَى فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فَيُصَدَّقُ اسْتِحْسَانًا عَدْلًا كَانَ أَوْ لَا ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى مِنْهُ ، وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي } .
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النَّاسَ تَعَامَلُوا ذَلِكَ ، وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ حُجَّةٌ يَخُصُّ بِهَا الْأَثَرَ وَيَتْرُكُ الْقِيَاسَ فِيهِ وَالنَّظَرَ .
وَثَانِيهِمَا أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ وَلَا يُخْبِرُ بِشَيْءٍ وَالْقِيَاسُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا يَثْبُتَ الْإِذْنُ ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مُحْتَمَلٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ ؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصَّلَاحِ مَا أَمْكَنَ ، وَلَا يَثْبُتُ الْجَوَازُ إلَّا بِالْإِذْنِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ ، وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ ( وَلَا يُبَاعُ لِدَيْنِهِ إلَّا إذَا أَقَرَّ مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتِّجَارَةِ رِضًا بِبَيْعِ رَقَبَةِ الْمَأْذُونِ بِالدَّيْنِ ( أَوْ أَثْبَتَهُ ) أَيْ الْإِذْنَ ( الْغَرِيمُ ) يَعْنِي إنْ قَالَ الْمَوْلَى هُوَ مَحْجُورٌ ، فَالْقَوْلُ لَهُ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ فَلَا يُبَاعُ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الْغَرِيمُ إذْنَهُ فَحِينَئِذٍ يُبَاعُ .

.
( وَ ) النَّوْعُ الثَّانِي ( إذْنُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ ) الْعَتَهُ اخْتِلَالٌ فِي الْعَقْلِ بِحَيْثُ يَخْتَلِطُ كَلَامُهُ فَيَشْتَبِهُ تَارَةً بِكَلَامِ الْعُقَلَاءِ وَالْأُخْرَى بِكَلَامِ الْمَجَانِينِ ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ مَعَ الْعَقْلِ ( وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَةِ لَهُمَا ، وَتَصَرُّفُهُمَا إنْ نَفَعَ كَالْإِسْلَامِ وَالِاتِّهَابِ صَحَّ بِدُونِهِ ) أَيْ بِدُونِ الْإِذْنِ ، ( وَإِنْ ضَرَّ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا وَإِنْ ) وَصْلِيَّةً ( إذْنًا بِهِ وَمَا نَفَعَ ) تَارَةً ( وَضَرَّ ) أُخْرَى ( كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ صَحَّ بِهِ ) أَيْ بِالْإِذْنِ ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ يُشْبِهُ الْبَالِغَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ ، وَيُشْبِهُ طِفْلًا لَا عَقْلَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الْخِطَابُ وَفِي عَقْلِهِ قُصُورٌ وَلِلْغَيْرِ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ ، فَأُلْحِقَ بِالْبَالِغِ فِي النَّافِعِ الْمَحْضِ وَبِالطِّفْلِ فِي الضَّارِّ الْمَحْضِ وَفِي الدَّائِرِ بَيْنَهُمَا بِالطِّفْلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ ، وَبِالْبَالِغِ عِنْدَ الْإِذْنِ لِرُجْحَانِ جِهَةِ النَّفْعِ عَلَى الضَّرَرِ بِدَلَالَةِ الْإِذْنِ ، وَلَكِنْ قَبْلَ الْإِذْنِ يَكُونُ مُنْعَقِدًا مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِصَيْرُورَتِهِ مُهْتَدِيًا إلَى وُجُوهِ التِّجَارَاتِ حَتَّى وَلَوْ بَلَغَ فَأَجَازَهُ نَفَذَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ ؛ لِأَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ ، وَقَدْ صَارَ وَلِيًّا بِنَفْسِهِ ( وَشَرَطَ لِصِحَّتِهِ ) أَيْ الْإِذْنِ ( أَنْ يَعْقِلَا الْبَيْعَ سَالِبًا لِلْمِلْكِ ) عَنْ الْبَائِعِ ( وَالشِّرَاءَ جَالِبًا لَهُ ) أَيْ لِلْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي ( الْوَلِيُّ الْأَبُ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْجَدُّ ) أَبُو الْأَبِ ( ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْقَاضِي أَوْ وَصِيُّهُ ) دُونَ الْأُمِّ أَوْ وَصِيِّهَا ، وَقَدْ سَبَقَ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ الْوَلِيِّ ( وَلَوْ أَقَرَّا ) أَيْ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ ( لِإِنْسَانٍ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ الْكَسْبِ وَالْإِرْثِ ) يَعْنِي أَقَرَّا أَنَّ مَا وَرِثَاهُ مِنْ أَبِيهِمَا لِفُلَانٍ ( صَحَّ ) فِي

ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا وَرِثَهُ ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ إقْرَارِهِ فِي كَسْبِهِ لِحَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ فِي التِّجَارَاتِ وَلَا حَاجَةَ فِي الْمَوْرُوثِ ، وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ بِانْضِمَامِ رَأْيِ الْوَلِيِّ الْتَحَقَ بِالْبَالِغِ وَكُلٌّ مِنْ الْمَالَيْنِ مِلْكُهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فِيهِمَا .
قَوْلُهُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْقَاضِي ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ وَصِيُّ جَدِّهِ ثُمَّ الْمَوَالِي ثُمَّ الْقَاضِي .
ا هـ .

( كِتَابُ الْوَكَالَةِ ) وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْإِذْنِ مَعْنَى الرِّضَا بِتَصَرُّفِ الْغَيْرِ وَهِيَ لُغَةً الْحِفْظُ وَمِنْهُ الْوَكِيلُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَنْ قَالَ : وَكَّلْتُك فِي مَالِي يَمْلِكُ الْحِفْظَ فَقَطْ ، وَقِيلَ التَّرْكِيبُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّفْوِيضِ وَالِاعْتِمَادِ ، وَمِنْهُ التَّوَكُّلُ يُقَالُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا أَيْ فَوَّضْنَا أُمُورَنَا وَسَلَّمْنَا ، وَعَلَى هَذَا ( التَّوْكِيلُ ) لُغَةً تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى الْغَيْرِ وَشَرْعًا ( تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ ) فِي أَمْرِهِ ( إلَى غَيْرِهِ ) وَإِقَامَتِهِ مُقَامَهُ ( وَالرِّسَالَةُ تَبْلِيغُ الْكَلَامِ إلَى الْغَيْرِ ) بِلَا دَخْلٍ فِي التَّصَرُّفِ ، ( وَشَرْطُ جَوَازِهِ كَوْنُ الْمُوَكِّلِ أَهْلَ تَصَرُّفٍ ) لَمْ يَقُلْ أَهْلَ التَّصَرُّفِ لِئَلَّا يُفْهَمَ إرَادَةُ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ لِاسْتِلْزَامِهَا بُطْلَانَ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِبَيْعِ الْخَمْرِ ، ( وَ ) كَوْنُ ( الْوَكِيلِ يَعْقِلُهُ ) أَيْ يَعْقِلُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ وَالْفَاحِشَ ( وَيَقْصِدُهُ ) حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ هَازِلًا لَا يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ ، فَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ كَوْنُ الْمُوَكِّلِ أَهْلَ تَصَرُّفٍ بِقَوْلِهِ ( فَصَحَّ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِبَيْعِ الْخَمْرِ ) ، وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْوَكِيلُ يَعْقِلُهُ وَيَقْصِدُهُ بِقَوْلِهِ ( وَالْحُرُّ ) أَيْ وَيَصِحُّ أَيْضًا تَوْكِيلُ الْحُرِّ ( الْبَالِغِ وَالْمَأْذُونِ ) عَبْدًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا ( مِثْلَهُمَا ) ، فَيَتَنَاوَلُ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ ( وَصَبِيًّا يَعْقِلُهُ وَعَبْدًا ) حَالَ كَوْنِهِمَا ( مَحْجُورَيْنِ ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي كُلٍّ مِمَّا ذَكَرَ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ هَاهُنَا وَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى مُوَكِّلِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَا بَعْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا ( وَالتَّوْكِيلُ ) عُطِفَ عَلَى تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ ( بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ ) فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ

بِنَفْسِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْكِيلِ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَازِهِ دَفْعًا لِحَاجَتِهِ ( لِنَفْسِهِ ) احْتِرَازٌ عَنْ الْوَكِيلِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا أُمِرَ بِهِ حَتَّى لَوْ صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا جَازَ ( وَبِالْخُصُومَةِ ) عُطِفَ عَلَى بِكُلٍّ ( فِي كُلِّ حَقٍّ ) إذْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَهْتَدِي إلَى وُجُوهِ الْخُصُومَاتِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْكِيلِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ ، ( وَلَمْ يَلْزَمْ ) أَيْ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ اتِّفَاقِيٌّ وَالْخِلَافُ فِي اللُّزُومِ ( بِلَا رِضَا خَصْمِهِ ) الْمُتَأَخِّرُونَ اخْتَارُوا لِلْفَتْوَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ مِنْ الْخَصْمِ التَّعَنُّتَ فِي إبَاءِ الْوَكِيلِ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَيَقْبَلُ التَّوْكِيلَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ الْمُوَكِّلِ الْقَصْدَ إلَى الْإِضْرَارِ بِصَاحِبِهِ فِي التَّوْكِيلِ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي ( إلَّا الْمُوَكِّلُ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ ) أَيْ غَائِبٌ مَسَافَةَ ثَلَاثِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا ( أَوْ مُرِيدٌ لِلسَّفَرِ ) بِأَنْ يَنْظُرَ لِلْقَاضِي فِي حَالِهِ وَفِي عُدَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَخْفَى هَيْئَةُ مَنْ يُسَافِرُ ، وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ ( أَوْ مُخَدَّرَةٌ ) لَمْ تَجْرِ عَادَتُهَا بِالْبُرُوزِ وَحُضُورِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ .

.
( كِتَابُ الْوَكَالَةِ ) قَوْلُهُ لَمْ يَقُلْ
إلَخْ ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً تَكُونُ عَيْنًا فَيَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ ( قَوْلُهُ وَالْحُرِّ الْبَالِغِ ) مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِبَيْعِ الْخَمْرِ غَنِيَّةً عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِكَوْنِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ بَالِغًا ، وَإِذَا كَانَ لَا يَخْتَصُّ وَصَحَّ تَوْكِيلُ الْبَالِغِ كَافِرًا فَكَذَا غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَيَتَنَاوَلُ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ ) لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا انْحِصَارُ الصُّوَرِ فِيمَا ذَكَرَ لِصِحَّةِ تَوْكِيلِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ حُرًّا وَبَالِغًا ( قَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يُقْعِدُهُ بِنَفْسِهِ ) يَرُدُّ عَلَيْهِ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ الْمُسْلِمَ بِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ، وَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ حَتَّى أَنَّهُ يَقَعُ الْقَرْضُ لِلْوَكِيلِ لَكِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُ التَّوْكِيلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ .
( قَوْلُهُ أَوْ مُخَدَّرَةٌ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْحَيْضُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالْحَبْسُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي تَرَافَعُوا إلَيْهِ ا هـ فَامْتَنَعَ الْحَصْرُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ .

( وَصَحَّ ) أَيْضًا التَّوْكِيلُ ( بِإِيفَائِهِ ) أَيْ بِإِيفَاءِ كُلِّ حَقٍّ ( وَاسْتِيفَائِهِ إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ( بِغَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ ) عَنْ الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِالشُّبُهَاتِ فَلَا يُسْتَوْفَى بِمَا يَقُومُ مَقَامَ الْغَيْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ شُبْهَةٍ ( قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ وَكِيلًا فِي الْحِفْظِ فَقَطْ ، وَلَوْ زَادَ جَائِزٌ أَمْرُهُ كَانَ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ زَادَ جَائِزٌ أَمْرُهُ فَهُوَ وَكِيلٌ فِي الْحِفْظِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَتَقَاضِي دُيُونِهِ وَحُقُوقِهِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفَ عَامًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَيَمْلِكُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى لَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَ صَنِيعَهُ وَهَذَا مِنْ صَنِيعِهِ ثُمَّ ، قَالَ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ جَازَ فَيُفْتَى بِهَذَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ ( حُقُوقُ عَقْدٍ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي تَتَعَلَّقُ بِهِ ( يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ ) فِي عُرْفِ أَهْلِ الْمُعَامَلَةِ ( كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ إقْرَارٍ ) أَمْثِلَةٌ لِلْعَقْدِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ يَقُولُ بِعْت هَذَا مِنْك وَلَا يَقُولُ بِعْت هَذَا مِنْك مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَقُولُ اشْتَرَيْت هَذَا مِنْك وَلَا يَقُولُ لِأَجْلِ فُلَانٍ ( تَتَعَلَّقُ ) أَيْ تِلْكَ الْحُقُوقُ ( بِهِ ) أَيْ بِالْوَكِيلِ ( إنْ لَمْ يَكُنْ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( مَحْجُورًا ) احْتِرَازٌ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ فَإِنَّ تَوْكِيلَهُمَا جَائِزٌ لَكِنَّ حُقُوقَ عَقْدِهِمَا تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَمَثَّلَ حُقُوقَ الْعَقْدِ بِقَوْلِهِ ( كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ ) إنْ وُكِّلَ بِالْبَيْعِ ( وَقَبْضِهِ ) إنْ وُكِّلَ بِالشِّرَاءِ ( وَقَبْضِ ثَمَنِهِ ) أَيْ ثَمَنِ مَبِيعِهِ ( وَالْمُطَالَبَةِ بِثَمَنِ مُشْتَرِيهِ ) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ

بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ ( وَالرُّجُوعِ بِهِ ) أَيْ بِالثَّمَنِ ( عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ ) أَيْ اسْتِحْقَاقِ مَا بَاعَ أَوْ رُجُوعِهِ هُوَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ مَا اشْتَرَى ( وَالْمُخَاصِمَةِ ) أَيْ يُخَاصِمُ ، وَيُخَاصَمُ ( فِي شُفْعَةِ مَا بِيعَ وَفِي الْعَيْبِ فَيَرُدُّهُ ) أَيْ الْمَعِيبَ إلَى الْبَائِعِ ( لَوْ ) كَانَ ( بِيَدِهِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ ) يَرُدُّهُ ( بِإِذْنِهِ ) أَيْ إذْنِ الْمُوَكِّلِ ( وَلِلْمُشْتَرِي مَنْعُ الثَّمَنِ مِنْ مُوَكِّلِ بَائِعِهِ ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ الْمُوَكِّلُ طَلَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَهُ مَنْعُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ كَمَا بَيَّنَّا ( وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلُ ( صَحَّ وَلَا يُطَالِبُهُ بَائِعُهُ ) ، يَعْنِي الْوَكِيلَ ثَانِيًا ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ حَقُّهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَزْعِهِ مِنْهُ ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي لِوُصُولِ الثَّمَنِ إلَى مُسْتَحِقِّيهِ ( وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً لَكِنَّ خِلَافَهُ عَنْ الْوَكِيلِ ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْحُقُوقُ رَاجِعَةً إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمِلْكِ فَأَجَابَ عَنْهُ بِهَذَا ، وَقَالَ نَعَمْ الْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ خِلَافُهُ عَنْ الْوَكِيلِ ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ خَلَفٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ اسْتِفَادَةِ التَّصَرُّفِ ، وَالْمُوَكِّلُ خَلَفٌ عَنْ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ الْمِلْكِ كَالْعَبْدِ إذَا قَبِلَ الْهِبَةَ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمَوْلَى ابْتِدَاءً ، ( وَقِيلَ ) الْمِلْكُ يَثْبُتُ ( لِلْوَكِيلِ لَكِنْ لَا يَتَقَرَّرُ ) بَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِلَا مُهْلَةٍ ( وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يُعْتَقُ قَرِيبٌ شَرَاهُ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( وَلَوْ كَانَ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( عُرْسَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ ) أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ

الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّ الْعِتْقَ وَفَسَادَ النِّكَاحِ يَقْتَضِيَانِ تَقَرُّرَ الْمُلَّكِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدَا لَمْ يَحْصُلَا وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ } وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ ، وَهُوَ الْمِلْكُ الْمُقَرَّرُ وَالْمُجْتَهِدُ غَيْرُ غَافِلٍ ، وَإِنَّمَا فَرَّعَهُمَا الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ ( وَحُقُوقُ عَقْدٍ يُضِيفُهُ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( إلَى الْمُوَكِّلِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ دَمٍ عَمْدٍ وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ وَكِتَابَةٍ وَهِبَةٍ وَتَصَدُّقٍ وَإِعَارَةٍ وَإِيدَاعٍ وَرَهْنٍ وَإِقْرَاضٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ ) وَسَرُّهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ السَّبَبِ ، لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ وَالْوَكِيلُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ لِيَكُونَ الْحُكْمُ مُقَارِنًا لِلسَّبَبِ أَمَّا النِّكَاحُ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبُضْعِ الْحُرْمَةُ فَكَانَ النِّكَاحُ إسْقَاطًا لَهَا ، وَالسَّاقِطُ لَا يَتَلَاشَى فَلَا يُتَصَوَّرُ صُدُورُ السَّبَبِ عَنْ شَخْصٍ عَلَى سَبِيلِ الْأَصَالَةِ وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِغَيْرِهِ فَجَعَلَ سَفِيرًا لِيَقْتَرِنَ الْحُكْمُ بِالسَّبَبِ حَتَّى لَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ لَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ السَّبَبِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِيَارٍ فَجَازَ صُدُورُ السَّبَبِ عَنْ شَخْصٍ أَصَالَةً وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِغَيْرِهِ خِلَافُهُ ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَلِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلنِّكَاحِ وَالنَّاكِحُ الْمَرْءُ وَالْمَنْكُوحَةُ الْمَرْأَةُ وَالْوَكِيلُ إمَّا مِنْهُ أَوْ مِنْهَا ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ سَفِيرًا مَحْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ ، وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَإِنَّهُ أَيْضًا إسْقَاطٌ مَحْضٌ لَا تَشُوبُهُ مُعَاوَضَةٌ بَلْ فِدَاءُ يَمِينٍ فِي حَقِّ

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ ، وَالْوَكِيلُ أَجْنَبِيٌّ سَفِيرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ ، وَكَذَا الْحَالُ فِي الْبَوَاقِي هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَيَضْمَحِلُّ بِهِ مَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ ، وَأَمَّا الصُّلْحُ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ فِي الْإِضَافَةِ فَإِنَّ زَيْدًا إذَا ادَّعَى دَارًا عَلَى عَمْرٍو فَوَكَّلَ عَمْرُو وَكِيلًا عَلَى أَنْ يُصَالِحَ عَلَى الْمِائَةِ ، فَيَقُولُ زَيْدٌ صَالَحْت عَنْ دَعْوَى الدَّارِ عَلَى عَمْرٍو بِالْمِائَةِ ، وَيَقْبَلُ الْوَكِيلُ هَذَا الصُّلْحَ يَتِمُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَنْ إقْرَارٍ يَكُونُ كَالْبَيْعِ فَتُرَجَّحُ الْحُقُوقُ إلَى الْوَكِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَتَسْلِيمُ بَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَإِذَا كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ فِدَاءُ يَمِينٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَتِمُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ تَمَامُهُ بِلَا اعْتِبَارِ إضَافَتِهِ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ إلَى الْوَكِيلِ وَفِي صُورَةِ الْإِنْكَارِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَيْنُ مَحَلِّ النِّزَاعِ ، وَإِنْ أَرَادَ تَمَامَهُ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْإِضَافَةِ كَانَ اعْتِرَافًا بِصِحَّةِ كَلَامِ الْقَوْمِ فَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِ الْفَرْقِ وَالْقَوْلِ بِالتَّسْوِيَةِ ، وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ سَفِيرًا مَحْضًا بِقَوْلِهِ ( فَلَا يُطَالَبُ ) مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ ( وَكِيلُهُ ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ ( بِالْمَهْرِ وَوَكِيلُهَا بِتَسْلِيمِهَا وَبِبَدَلِ الْخُلْعِ ) لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ سَفِيرًا مَحْضًا .

( قَوْلُهُ كَانَ وَكِيلًا فِي الْحِفْظِ فَقَطْ ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ثُمَّ قَالَ .
وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُك مُقَامَ نَفْسِي لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَامَّةً ، وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً تَتَنَاوَلُ الْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةَ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرَّجُلُ يَخْتَلِفُ لَيْسَ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا تِجَارَةً مَعْرُوفَةً تَنْصَرِفُ إلَيْهَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ جَائِزٌ أَمْرُهُ كَانَ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ) أَقُولُ هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ كَلَامِ الصُّغْرَى الَّذِي غَيَّاهُ بِظُهُورِ غَيْرِهِ ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي غَيْرُهُ وَهُوَ مَا قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُك يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّعْمِيمِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقَةِ الْكَلَامِ وَنَحْوُهُ بِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ صُنْعُك رَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَا فِي الْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ قَالَ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْوَكِيلُ إنْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ وَوَقْفَ الْبَيْتِ وَقَدْ كَتَبْنَا فِيهَا رِسَالَةً ا هـ .
( قَوْلُهُ احْتِرَازٌ عَنْ

الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ ) يُفِيدُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَأْذُونَيْنِ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا الْحُقُوقُ مُطْلَقًا .
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ تَلْزَمُهُ الْعِدَّةُ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا بَلْ الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ فِي الْإِيضَاحِ إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ فَفَعَلَ جَازَ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَجَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ نَسِيئَةً كَانَ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ دُونَ الْآمِرِ وَذَكَرَ وَجْهَ كُلٍّ فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ لَكِنَّ حُقُوقَ عَقْدِهِمَا تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ ) يَعْنِي مَا لَمْ يُعْتَقْ فَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ لَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ لَا تَلْزَمُهُ ( قَوْلُهُ وَالرُّجُوعُ بِهِ ) أَيْ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَعْنِي عَلَى الْوَكِيلِ ( قَوْلُهُ وَالْمُخَاصَمَةُ فِي شُفْعَةِ مَا بِيعَ ) ذَكَرَهُ فِي الشُّفْعَةِ أَيْضًا بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ كَمَا بَيَّنَّا ) لَعَلَّ صَوَابَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَجْنَبِيٌّ إذْ الْمُشْتَرِي نَفْسُهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَبَائِعُهُ الْوَكِيلُ فَالْعَقْدُ مُتَعَلِّقٌ بِحُقُوقِهِ بِهِمَا أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ ، وَأَمَّا الْمُوَكِّلُ فَأَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ ) حَتَّى لَا يَثْبُتَ بِهِ الْمِلْكُ ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ وَنُقِضَ بِالتَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ ، وَهُوَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِعِوَضٍ وَفِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ عِوَضٌ فَافْتَرَقَا ( لَا الرِّسَالَةِ ) فَإِنَّهَا غَيْرُ بَاطِلَةٍ لِانْتِفَاءِ التَّصَرُّفِ فِيهَا ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ سَفِيرٌ مَحْضٌ ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ .

( بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ) ( إنْ عُمِّمَتْ ) أَيْ الْوَكَالَةُ جَزَاءُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ الْآتِي صَحَّتْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مَنْ وُكِّلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَمَبْلَغِ ثَمَنِهِ لِيَصِيرَ الْفِعْلُ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا لِيُمْكِنَهُ الِائْتِمَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَكَالَةً عَامَّةً ، فَيَقُولُ ابْتَعْ مَا رَأَيْت لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يَشْتَرِيهِ يَكُونُ مُمْتَثِلًا ( أَوْ عُلِمَ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يَكُونُ مَعْلُومًا بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ ( مَا وُكِّلَ بِشِرَائِهِ أَوْ جَهِلَ جَهَالَةً يَسِيرَةً ) وَهِيَ جَهَالَةُ النَّوْعِ صَحَّتْ ) أَيْ الْوَكَالَةُ ( وَإِنْ ) وَصْلِيَّةً ( لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ ( وَإِنْ ) شَرْطِيَّةً ( جُهِلَ ) أَيْ مَا وُكِّلَ بِهِ ( جَهَالَةً فَاحِشَةً ) وَهِيَ جَهَالَةُ الْجِنْسِ ( لَا ) أَيْ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ ( وَإِنْ ) وَصْلِيَّةً ( بَيَّنَ الثَّمَنَ ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ ( وَإِنْ ) شَرْطِيَّةً ( جُهِلَ ) أَيْ مَا وُكِّلَ بِهِ ( جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً ) وَهِيَ مَا بَيْنَ النَّوْعِ وَالْجِنْسِ ، ( فَإِنْ بُيِّنَ النَّوْعُ أَوْ ثَمَنٌ عَيَّنَ نَوْعًا صَحَّتْ ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ حِينَئِذٍ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ لِكَوْنِ الْجَهَالَةِ يَسِيرَةً ( وَإِلَّا فَلَا ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَاهُنَا أَيْضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ لِكَوْنِ الْجَهَالَةِ فَاحِشَةً ، ( الْأَوَّلُ ) وَهُوَ مَا جُهِلَ جَهَالَةً يَسِيرَةً ( كَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوْ الْمَرْوِيِّ وَالثَّانِي ) وَهُوَ مَا جُهِلَ جَهَالَةً فَاحِشَةً ( كَالثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ ، وَالثَّالِثُ ) وَهُوَ مَا جُهِلَ جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً ( كَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالدَّارِ فَإِذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ فَرَسٍ وَنَحْوِهِ ) مِمَّا ذَكَرَ ( صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ .
( وَ ) إذَا وُكِّلَ ( بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ إنْ بُيِّنَ

النَّوْعُ ) كَالتُّرْكِيِّ ( أَوْ ثَمَنٌ عَيَّنَ نَوْعًا ) مِنْ أَنْوَاعِ الْعَبِيدِ وَجُعِلَ مُلْحَقًا بِجَهَالَةِ النَّوْعِ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ وَأُلْحِقَ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِامْتِثَالَ .
( وَ ) إذَا وُكِّلَ ( بِشِرَاءِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ لَا ) أَيْ لَا يَصِحُّ ( وَإِنْ بَيَّنَهُ ) أَيْ الثَّمَنَ إذْ بِمُجَرَّدِ بَيَانِهِ لَا تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ .

( بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ) قَوْلُهُ فَإِنْ بُيِّنَ النَّوْعُ ) بُيِّنَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ بُيِّنَ النَّوْعُ الْمُسْتَلْزِمُ لِبَيَانِ الْجِنْسِ كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ تُرْكِيٍّ ( قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٌ عَيَّنَ نَوْعًا ) أَقُولُ عَيَّنَ فِعْلٌ وَفَاعِلُهُ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى ثَمَنٍ وَنَوْعًا مَفْعُولُهُ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا ) أَيْ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْجِنْسَ مَعَ النَّوْعِ وَلَا الثَّمَنَ مَعَ الْجِنْسِ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ ، لَكِنَّهُ قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي حِمَارًا أَوْ فَرَسًا صَحَّ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ وَيَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ قَالَ ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي دَارًا بِبَغْدَادَ فِي مَحَلَّةِ كَذَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ فَرَسٍ ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمَجْهُولِ جَهَالَةً يَسِيرَةً ( قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ مِمَّا ذَكَرَ ) يَعْنِي كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ وَالْمَرْوِيِّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ ( قَوْلُهُ وَإِذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ ) مِنْ مَدْخُولِ فَاءَ التَّفْرِيعِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ الْمَجْهُولِ جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً ، وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمَجْهُولِ جَهَالَةً فَاحِشَةً عَقِبَ الْأَوَّلِ لِمُنَاسَبَةِ التَّرْتِيبِ كَمَا كَرَّ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَهُ وَنَحْوِهِ يَعْنِي الْأَمَةَ وَالدَّارَ ( قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٌ ) عُطِفَ عَلَى نَائِبِ الْفَاعِلِ وَالْعَامِلُ فِيهِ بُيِّنَ أَيْ بُيِّنَ ثَمَنٌ وَبَيَانُهُ بِذِكْرِ قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَوَصْفِهِ ، وَقَوْلُهُ عَيَّنَ فِعْلٌ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلثَّمَنِ وَنَوْعًا مَفْعُولُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ بَيَانَ الثَّمَنِ مَعَ الْجِنْسِ كَبَيَانِ الْجِنْسِ مَعَ النَّوْعِ ، فَإِنَّ جَهَالَةَ نَوْعِهِ تَنْدَفِعُ بِذِكْرِ مَبْلَغِ ثَمَنِهِ لِكَوْنِهَا يَسِيرَةً فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمِائَةٍ هِيَ ثَمَنُ التُّرْكِيِّ مِنْ أَنْوَاعِهِ .

( التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ طَعَامٍ يَقَعُ عَلَى الْبُرِّ وَدَقِيقِهِ ) يَعْنِي دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ ، وَقَالَ اشْتَرِ لِي طَعَامًا يَشْتَرِي الْبُرَّ وَدَقِيقَهُ ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَشْتَرِيَ كُلَّ مَطْعُومٍ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْيَمِينِ عَلَى الْأَكْلِ إذْ الطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُطْعَمُ .
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الطَّعَامَ إذَا قُرِنَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عُرْفًا وَلَا عُرْفَ فِي الْأَكْلِ فَبَقِيَ عَلَى الْوَضْعِ ( وَقِيلَ ) يَقَعُ ( عَلَى الْبُرِّ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ وَالْخُبْزِ فِي قَلِيلِهِ وَالدَّقِيقِ فِي مُتَوَسِّطِهِ ) رِعَايَةً لِلتَّنَاسُبِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ ( وَفِي مُتَّخِذِ الْوَلِيمَةِ ) يَقَعُ ( عَلَى الْخَبَرِ مُطْلَقًا ) يَعْنِي قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ كَثُرَتْ لِدَلَالَةِ الْحَالِ .

( قَوْلُهُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الطَّعَامِ
إلَخْ ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْفَارِقُ بَيْنَ ذَلِكَ الْعُرْفُ وَيُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ حَتَّى إذَا عُرِفَ أَنَّهُ بِالْكَثِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ يُرِيدُ بِهِ الْخُبْزَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَلِيمَةً جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْخُبْزَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ الطَّعَامُ فِي عُرْفِنَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ يَعْنِي الْمُهَيَّأَ لِلْأَكْلِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ وَنَحْوِهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ .
وَقَالَ قَاضِي خَانْ بَعْدَ ذِكْرِهِ التَّفْصِيلَ عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا هَذَا فِي عُرْفِهِمْ فَإِنَّ عُرْفَهُمْ اسْمُ الطَّعَامِ إنْ كَانَ مَقْرُونًا بِالشِّرَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ أَمَّا فِي عُرْفِنَا اسْمُ الطَّعَامِ إنْ كَانَ مَقْرُونًا بِالشِّرَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَطْبُوخِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالشِّوَاءِ ، وَمَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ أَوْ وَحْدَهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَالدَّقِيقِ فِي مُتَوَسِّطِهِ ) لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَتْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَهُوَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ .

( وُكِّلَ بِشِرَاءِ هَذَا الْعَبْدِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ صَحَّ ) يَعْنِي إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا هَذَا الْعَبْدَ فَاشْتَرَاهُ صَحَّ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ حَتَّى لَوْ مَاتَ مَاتَ عَلَيْهِ ( وَإِنْ أُطْلِقَ ) يَعْنِي وُكِّلَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِالْأَلْفِ عَبْدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ ( فَاشْتَرَى عَبْدًا كَانَ ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ ( لِلْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُوَكِّلُ ) حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ مَاتَ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَلَوْ بَعْدَهُ مَاتَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَقَالَا هُوَ لِلْمُوَكِّلِ فِي الْوَجْهَيْنِ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ لَهُمَا أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ دَيْنًا كَانَتْ أَوْ عَيْنًا حَتَّى لَوْ تَبَايَعَا عَيْنًا بِدَيْنٍ ، ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ فَصَارَ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ فِي الدَّيْنِ سَوَاءً فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ ، وَلَهُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْوَكَالَاتِ حَتَّى وَلَوْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِالْعَيْنِ مِنْهَا أَوْ بِالدَّيْنِ مِنْهَا ثُمَّ اسْتَهْلَكَ الْعَيْنَ أَوْ أَسْقَطَ الدَّيْنَ بِإِسْقَاطِ رَبِّ الدَّيْنِ عَنْ الْمَدْيُونِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ ، وَإِذَا تَعَيَّنَتْ كَانَ هَذَا تَمْلِيكَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِلَا تَوْكِيلٍ بِقَبْضِهِ أَوْ كَانَ أَمْرًا بِدَفْعِ شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ إلَّا بِالْقَبْضِ ، وَهُوَ الدَّيْنُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَكِيلِ فَيَهْلِكُ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْوَكِيلِ فَيَصِيرُ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي فَيَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ .

( قَوْلُهُ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِثْلَ مَا اشْتَرَى بِهِ ( قَوْلُهُ فَصَارَ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ فِي الدَّيْنِ سَوَاءً ) يَعْنِي فِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَهْلَكَ الْعَيْنَ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ هَلَكَ الْعَيْنُ ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْوَكَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا بَعْدَهُ عِنْدَ عَامَّتِهِنَّ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ وَسِيلَةٌ إلَى الشِّرَاءِ فَتُعْتَبَرُ بِالشِّرَاءِ وَعَزَاهُ إلَى الزِّيَادَاتِ وَالذَّخِيرَةِ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُمَا مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَتَمَامُهُ فِيهِ .

( وَكَّلَ عَبْدًا بِشِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ لَهُ ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ ( فَإِنْ قَالَ لَهُ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَبَاعَ صَحَّ ) ، فَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصِحُّ لَأَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا عَنْ مَالِيَّتِهِ ، وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتُهُ فِي يَدِهِ ، فَإِذَا أَضَافَهُ إلَى الْآمِرِ صَحَّ فِعْلُهُ لِلِامْتِثَالِ فَيَقَعُ الْعَقْدُ لِلْآمِرِ ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ ) بَلْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي لِنَفْسِي ، أَوْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ لِي أَوْ لِفُلَانٍ ( عَتَقَ ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِمَا مَرَّ أَنَّهَا يَصْلُحُ لِشِرَاءِ نَفْسِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقَعُ الِامْتِثَالُ بِالِاحْتِمَالِ فَيَصِيرُ التَّصَرُّفُ وَاقِعًا لِنَفْسِهِ ( وَالثَّمَنُ عَلَى الْعَبْدِ فِيهِمَا ) أَيْ فِي الْوَجْهَيْنِ لَا عَلَى الْآمِرِ ، أَمَّا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ لِلْآمِرِ فَلِأَنَّ الْمُبَاشِرَ هُوَ الْعَبْدُ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِالثَّمَنِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ قِيلَ الْعَبْدُ هُنَا مَحْجُورٌ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ قُلْنَا زَالَ الْحَجْرُ هُنَا بِالْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَ مُقْتَرِنًا بِإِذْنِ الْمَوْلَى .
( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَبَاعَ صَحَّ ) يَعْنِي إذَا قَبِلَ الْعَبْدُ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ ( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْآمِرِ الْآمِرُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا خُصُوصَ الْأَمْرِ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ صَارَ سَيِّدًا وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنًا فَلْيُتَأَمَّلْ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ عَتَقَ ) يَعْنِي بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَوْلَى .

( وَكَّلَ عَبْدٌ مَنْ يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ لَهُ ) أَيْ لِلْعَبْدِ ( بِأَلْفٍ دَفَعَ ) إلَى وَكِيلِهِ ( فَإِنْ قَالَ ) أَيْ وَكِيلُهُ ( لَهُ ) أَيْ لِمَوْلَاهُ ( اشْتَرَيْته لِنَفْسِهِ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَشِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ قَبُولُ الْإِعْتَاقِ بِبَدَلٍ ، وَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ عَنْهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ فَلَزِمَ ، وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ) وَكِيلُهُ اشْتَرَيْته ( لِنَفْسِهِ كَانَ ) أَيْ الْعَبْدُ ( لِوَكِيلِهِ ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ لِلْمُعَاوَضَةِ ، وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فَيُرَاعَى ذَلِكَ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ فِيهِ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ ( ثَمَنُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ ( وَالْأَلْفُ ) الَّذِي دَفَعَهُ الْعَبْدُ ( لِلْمَوْلَى ) لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ .
( قَوْلُهُ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَلَى الْعَبْدِ أَلْفٌ عَلَى الصَّحِيحِ غَيْرُ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِ الْوَكِيلِ لِسَلَامَةِ تِلْكَ لِلْمَوْلَى لِكَوْنِهَا كَسْبَ عَبْدِهِ

( قَالَ ) أَيْ الْمَأْمُورُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ ( شَرَيْت عَبْدًا لِلْآمِرِ فَمَاتَ ) أَيْ الْعَبْدُ ، ( وَقَالَ ) أَيْ الْآمِرُ ( بَلْ ) شَرَيْت ( لِنَفْسِك فَإِنْ كَانَ ) أَيْ الْعَبْدُ ( مُعَيَّنًا فَلَوْ ) كَانَ حَيًّا ( فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ لَا ، ( وَلَوْ ) كَانَ ( مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَكَذَا ) أَيْ الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُودًا ( فَلِلْآمِرِ ) أَيْ الْقَوْلُ لَهُ ( وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ ) أَيْ إنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ ( فَكَذَا ) أَيْ الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ ( إنْ كَانَ ) أَيْ الثَّمَنُ ( مَنْقُودًا ) ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَنْقُودًا ( فَلِلْآمِرِ ) سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا .
قَالَ فِي الْكَافِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ لَا وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ حَيًّا حِينَ أَخْبَرَ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ أَوْ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ شِرَائِهِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ بِالْإِجْمَاعِ مَنْقُودًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ غَيْرَ مَنْقُودٍ ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَالْمُخَيَّرُ بِهِ فِي التَّحَقُّقِ وَالثُّبُوتِ يَسْتَغْنِي عَنْ الْإِشْهَادِ فَيُصَدَّقُ ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا حِينَ أَخْبَرَ فَقَالَ هَلَكَ عِنْدِي بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَغَرَضُهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ ، وَالْآمِرُ مُنْكِرٌ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ ، وَقَدْ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ مِنْ

الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَقَالَ الْمَأْمُورُ اشْتَرَيْته لَك فَقَالَ الْآمِرُ لَا بَلْ هُوَ عَبْدُك فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا ، فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَمَّا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَغَرَضُهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَالْآمِرُ مُنْكِرٌ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ .
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ قَدْ فَعَلْت ، وَمَاتَ عِنْدِي وَقَالَ لِلْآمِرِ اشْتَرَيْته لِنَفْسِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ ، وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكَرِ وَفِي الثَّانِي هُوَ أَمِينٌ يَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ .
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ شَامِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ فَلَا يَتِمُّ بِهِ الْفَرْقُ أَقُولُ الْأَمْرُ لَيْسَ كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ لَا يَجْرِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمَأْمُورُ أَمِينٌ يَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَمِينًا إذَا كَانَ قَابِضًا لِلثَّمَنِ ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ ( لَهُ ) أَيْ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ ( الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى آمِرِهِ ) إذَا فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ سَوَاءٌ ( دَفَعَهُ ) أَيْ الثَّمَنَ ( إلَى بَائِعِهِ أَوْ لَا وَ ) لَهُ أَيْضًا ( حَبْسُ الْمَبِيعِ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ آمِرِهِ ( لِقَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ )

أَيْ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ انْعِقَادِ مُبَادَلَةٍ حُكْمِيَّةٍ بَيْنَهُمَا ، وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ ( فَإِنْ هَلَكَ ) أَيْ الْمَبِيعُ ( فِي يَدِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( قَبْلَ الْحَبْسِ فَعَلَى الْآمِرِ ) أَيْ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ ، ( وَلَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا لَمْ يَحْبِسْ يَصِيرَ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا بِيَدِهِ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ لِمَا ذُكِرَ ، ( وَبَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ حَبْسِهِ ( فَعَلَيْهِ ) أَيْ الْمَأْمُورِ ( وَسَقَطَ ) أَيْ الثَّمَنُ ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ كَالْبَائِعِ مِنْهُ فَكَانَ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَيَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَغْرِيرِ الْآمِرِ حَيْثُ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ ( إلَّا إذَا شَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى أَوْ بِغَيْرِ النُّقُودِ أَوْ ) شَرَى ( غَيْرَهُ بِأَمْرِهِ بِغَيْبَتِهِ ) فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُشْتَرِي لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ فَنَفَذَ عَلَيْهِ ( فَإِنْ حَضَرَ ) أَيْ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ ( فَلِآمِرِهِ ) أَيْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ لِحُصُولِ رَأْيِ وَكِيلِهِ وَعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ ، ( وَفِي غَيْرِ عَيْنٍ ) أَيْ إذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ( هُوَ لَهُ ) أَيْ مَا شَرَاهُ لِلْوَكِيلِ ( إلَّا إذَا أَطْلَقَ وَنَوَاهُ ) أَيْ كَوْنُ الْمَبِيعِ ( لِآمِرِهِ ) أَيْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ مُطْلَقٍ بِلَا تَقْيِيدٍ كَوْنُهُ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ لَكِنْ نَوَى الشِّرَاءَ لَهُ فَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ ( أَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مَالِهِ ) أَيْ مَالِ آمِرِهِ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت بِهَذَا الْأَلْفِ ، وَهُوَ مَالُ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ الثَّمَنُ مِنْهُ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَالِ نَفْسِهِ كَانَ حَمْلًا لِحَالِهِ عَلَى مَا يَحِلُّ شَرْعًا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ عَادَةً إذْ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى مَالِ غَيْرِهِ مُسْتَنْكَرٌ شَرْعًا

وَعَادَةً .
( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَيْ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا فَلَوْ كَانَ حَيًّا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ ) فِيهِ تَأَمُّلٌ ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ يَدَّعِي مَوْتَهُ فَكَيْفَ يُقَالُ فَإِنْ كَانَ حَيًّا ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ لَفْظَةِ فَمَاتَ مِنْ دَعْوَى الْوَكِيلِ فَلْيُحَرَّرْ .
( قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ شِرَاؤُهُ ) أَيْ لَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ مُتَصَوَّرًا حَتَّى لَوْ تَلَفَّظَ بِشِرَائِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ نَوَاهُ يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا ، وَصَرَّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَهُ لِمِلْكِهِ عَزْلَ نَفْسِهِ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ دُونَ غَيْبَتِهِ .
( قَوْلُهُ إلَّا إذَا شَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى ) كَشِرَائِهِ بِدَنَانِيرَ وَوَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ .

( صَحَّ ) التَّوْكِيلُ ( بِعَقْدِ التَّصَرُّفِ وَالْإِسْلَامِ ) الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كُتُبِ الْقُدَمَاءِ عَقْدُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ .
قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَسَائِرُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ أَيْ شِرَاءُ شَيْءٍ بِعَقْدِ السَّلَمِ ( لَا ) أَيْ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ ( بِقَبُولِ السَّلَمِ ) ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِبَيْعِ الْكُرِّ بِعَقْدِ السَّلَمِ ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إذْ الْوَكِيلُ يَبِيعُ طَعَامًا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِغَيْرِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ ( الْعِبْرَةُ لِمُفَارَقَةِ الْوَكِيلِ فِيهِمَا ) أَيْ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ ( لَا مُفَارَقَةِ الْآمِرِ ) يَعْنِي إنْ فَارَقَ الْوَكِيلُ صَاحِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْعَقْدَيْنِ بَطَلَا لِوُجُودِ الِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا عِبْرَةَ لِمُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَالْمُعْتَبَرُ قَبْضُ الْعَاقِدِ وَهُوَ الْوَكِيلُ فَيَصِحُّ قَبْضُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ الْحُقُوقُ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ ؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ فِي الْعَقْدِ لَا الْقَبْضِ .

( قَوْلُهُ وَالْإِسْلَامُ ) إنَّمَا عَدَلَ بِهِ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالسَّلَمِ ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ التَّوْكِيلَ بِقَبُولِ السَّلَمِ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَ فَعَبَّرَ بِالْإِسْلَامِ لِيَخْتَصَّ بِخِلَافِ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِقَبُولِهِ قَوْلُهُ لَا بِقَبُولِ السَّلَمِ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ كَانَ الْوَكِيلُ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ فَيَجِبُ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي ذِمَّتِهِ ، وَرَأْسُ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لَهُ وَإِذَا سَلَّمَهُ إلَى الْآمِرِ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ مِنْهُ كَانَ قَرْضًا ا هـ .
( قَوْلُهُ الْعِبْرَةُ بِمُفَارَقَةِ الْوَكِيلِ فِيهِمَا ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِهِ فَلَا تَضُرُّهُ مُفَارَقَتُهُ الْوَكِيلَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى خُوَاهَرْ زَادَهْ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْوَكِيلَ أَصِيلٌ فِي بَابِ الْبَيْعِ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ الْعَقْدَ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ .

( قَالَ بِعْنِي هَذَا لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ أَمْرَ زَيْدٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَوْلِهِ لِزَيْدٍ ( فَإِنْ كَذَّبَهُ ) أَيْ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ ( زَيْدٌ ) فِي إنْكَارِهِ ، وَقَالَ أَنَا أَمَرْته ( أَخَذَهُ ) أَيْ زَيْدٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي لِزَيْدٍ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْوَكَالَةِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْآمِرُ بَعْدَهُ صَارَ مُنَاقِضًا ، وَالْمُنَاقِضُ لَا قَوْلَ لَهُ فَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ ( وَإِنْ صَدَّقَهُ ) أَيْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ فِي إنْكَارِهِ ( لَا ) أَيْ لَا يَأْخُذُهُ زَيْدٌ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي ارْتَدَّ بِرَدِّهِ ( إلَّا بِرِضَاهُ ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ لَمَّا جَحَدَ الْآمِرُ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَطَلَ إقْرَارُ الْمُقِرِّ ، وَلَزِمَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا سَلَّمَهُ وَأَخَذَهُ صَارَ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي ( أَمَرَ بِشِرَاءٍ مِنْ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَشَرَى مَنَوَيْنِ بِهِ مِمَّا يُبَاعُ مَنٌّ بِهِ لَزِمَ الْآمِرَ مَنٌّ بِنِصْفِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ مَنٍّ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشِرَاءِ الزِّيَادَةِ فَيَنْفُذُ شِرَاءُ الْمَنِّ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَكِيلِ ( أَوْ ) أَمَرَ ( بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ بِلَا ذِكْرِ ثَمَنٍ فَشَرَى أَحَدَهُمَا أَوْ أَمَرَ بِشِرَائِهِمَا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا سَوَاءٌ فَشَرَى أَحَدَهُمَا بِنِصْفِهِ أَوْ أَقَلَّ وَقَعَ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْآمِرِ فِي الصُّورَتَيْنِ ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ قَابَلَ الْأَلْفَ بِهِمَا ، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَيَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ دَلَالَةً فَكَانَ آمِرًا بِشِرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ الشِّرَاءُ بِهَا مُوَافَقَةً وَبِأَقَلَّ مِنْهَا مُخَالَفَةً إلَى خَيْرٍ وَبِالْأَكْثَرِ مُخَالَفَةً إلَى شَرٍّ فَيَقَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا شَرَى الْبَاقِيَ بِالْبَاقِي قَبْلَ الْخُصُومَةِ ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْأَوَّلَ بَاقٍ ، وَقَدْ حَصَلَ غَرَضُهُ الْمُصَرَّحُ بِهِ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتْ الِانْقِسَامُ إلَّا دَلَالَةً وَالصَّرِيحُ يَفُوتُهَا .

( قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ قَابَلَ الْأَلْفَ بِهِمَا
إلَخْ ) فِيهِ تَأَمُّلٌ ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَيْسَ الثَّمَنُ مَذْكُورًا فِيهَا وَلَا الْقِيمَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اتِّحَادِ الْقِيمَةِ وَاخْتِلَافِهَا فِيهِمَا ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ كَوْنُ هَذَا تَعْلِيلًا لِلثَّانِيَةِ فِي كَلَامِهِ ، وَوَجْهُ الْأُولَى أَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِثَمَنٍ فَلَهُ شِرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ وَبِزِيَادَةٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا ، ( قَوْلُهُ وَبِالْأَكْثَرِ مُخَالَفَةً إلَى شَرٍّ فَيَقَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى النِّصْفِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْأَلْفِ بِمَا يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ مَا يَشْتَرِي بِمِثْلِهِ الْعَبْدَ الْبَاقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .

( قَالَ الْوَكِيلُ شَرَيْته بِأَلْفٍ ، وَقَالَ الْآمِرُ بِنِصْفِهِ فَإِنْ كَانَ ) أَيْ الْآمِرُ ( أَلَّفَهُ ) أَيْ أَعْطَاهُ الْأَلْفَ ( صُدِّقَ الْمَأْمُورُ إنْ سَاوَاهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْأَلْفَ يَعْنِي إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ آخَرَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ ، وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْته بِنِصْفِهِ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ أَعْطَاهُ الْأَلْفَ وَهُوَ يُسَاوِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ ، وَقَدْ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ وَالْآمِرُ يَدَّعِي عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ ، وَهُوَ مُنْكِرٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ بَلْ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ ( فَالْآمِرُ ) أَيْ صُدِّقَ الْآمِرُ بِلَا يَمِينٍ ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ وَالْمَأْمُورُ اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَيَقَعُ فَيَضْمَنُ خَمْسَمِائَةٍ ( وَإِنْ لَمْ يُؤَلِّفْهُ وَسَاوَى نِصْفَهُ ) أَيْ خَمْسَمِائَةٍ ( صُدِّقَ ) أَيْ الْآمِرُ بِلَا يَمِينٍ ( وَإِنْ سَاوَاهُ تَحَالَفَا ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ وَالْوَكِيلَ هُنَا كَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ، وَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ فَيَجِبُ التَّحَالُفُ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ فَيُلْزِمُ الْمُشْتَرِي الْوَكِيلَ ( كَذَا مُعَيَّنٌ لَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا فَشَرَاهُ ، وَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِهِ ) يَعْنِي إذَا قَالَ لَهُ اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ لِي ، وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَاهُ فَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْته بِخَمْسِمِائَةٍ ، وَقَالَ الْمَأْمُورُ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ تَحَالَفَا لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ ، وَلَيْسَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى التَّحَالُفِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى .

( قَوْلُهُ بَلْ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ ) مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَاحِشَ ضِعْفُ الْقِيمَةِ ( قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ خَمْسَمِائَةٍ ) صَوَابُهُ فَيَضْمَنُ الْأَلْفَ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ ( قَوْلُهُ تَحَالَفَا ) يُنْظَرُ بِمَنْ يَبْدَأُ بِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْمَأْمُورُ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ تَحَالَفَا ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ .
قِيلَ لَا يَتَحَالَفَانِ هُنَا لِأَنَّ الْخِلَافَ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ إذْ هُوَ حَاضِرٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هُوَ غَائِبٌ فَاعْتُبِرَ الِاخْتِلَافُ ، وَإِلَى هَذَا مَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ أَصَحُّ وَمَالَ أَبُو نَصْرٍ إلَى الْأَوَّلِ أَعْنِي التَّحَالُفَ وَقَوْلُ الْبَائِعِ لَا يُعْتَبَرُ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآمِرِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَالَ فِي الْكَافِي هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ .

( الْوَكِيلُ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الْآمِرِ إنْ كَانَ خِلَافًا إلَى خَيْرٍ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ يَنْفُذُ وَلَوْ ) وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ كَذَلِكَ فَبَاعَهُ ( بِمِائَةِ دِينَارٍ لَا ) أَيْ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ ( وَإِنْ كَانَ خَيْرًا ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ .

( فَصْلٌ ) ( الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ ) كَأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ وَزَوْجٍ وَعُرْسِ وَسَيِّدٍ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَشَرِيكِهِ فِيمَا يَشْتَرِكَانِهِ لِأَنَّ مَوَاضِعَ التُّهَمِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ الْوَكَالَاتِ وَهَذَا مَوْضِعُ التُّهْمَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُطْلِقْ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ مِمَّنْ شِئْت فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ يُتَّهَمُ إنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا ، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ
فَصْلٌ ( قَوْلُهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَجَازَهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا فِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ

( وَصَحَّ بَيْعُ الْوَكِيلِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَالْعَرْضِ وَالنَّسِيئَةِ ) لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ ( وَ ) صَحَّ أَيْضًا ( أَخْذُهُ ) أَيْ أَخْذُ الْوَكِيلِ ( رَهْنًا وَكَفِيلًا بِالثَّمَنِ فَلَا يَضْمَنُ إنْ ضَاعَ ) أَيْ الرَّهْنُ ( فِي يَدِهِ أَوْ تَوَى مَا عَلَى الْكَفِيلِ ) لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ يُنَافِي الضَّمَانَ ( وَيُقَيَّدُ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَغَبْنٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ مُقَوِّمٌ ) مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا التَّحْدِيدُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِمَا فَأَمَّا مَا لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي الْبَلْدَةِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِمَا فَزَادَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ شَيْئًا قَلِيلًا كَالْفَلْسِ وَنَحْوِهِ ( وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ ) لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ عَنْ قَيْدِ الِاجْتِمَاعِ .
( وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي ) فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ لِأَنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً فَيَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ ( إلَّا إذَا رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ بِبَيِّنَتِهِ أَوْ نُكُولِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( أَوْ إقْرَارِهِ فِيمَا لَا يَحْدُثُ رَدَّهُ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( عَلَى الْآمِرِ ، وَ ) بِإِقْرَارِهِ ( فِيمَا يَحْدُثُ لَا ) أَيْ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْآمِرِ بَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِبَيْعِ شَيْئًا إذَا بَاعَهُ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ إذْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَرُدُّهُ عَلَى الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ أَوْ الْإِقْرَارِ فِي عَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ .

( قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُ الْوَكِيلِ
إلَخْ ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةً وَغَبَنٍ فَاحِشٍ وَعَرْضٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ كَبِعْهُ وَاقْضِ بِهِ دَيْنِي أَوْ لِلنَّفَقَةِ ، وَقَالَا كَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ ( قَوْلُهُ وَصَحَّ أَخْذُهُ رَهْنًا وَكَفِيلًا بِالثَّمَنِ فَلَا يَضْمَنُ إنْ ضَاعَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ أَوْ تَوَى مَا عَلَى الْكَفِيلِ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ .
وَفِي النِّهَايَةِ الْمُرَادُ بِالْكَفَالَةِ هُنَا الْحَوَالَةُ لِأَنَّ التَّوَى لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْكَفَالَةِ وَقِيلَ الْكَفَالَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا فَإِنَّ التَّوَى يَتَحَقَّقُ فِيهَا بِأَنْ مَاتَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ مُفْلِسَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَوًى يُضَافُ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا لَمْ يَتْوِ دَيْنُهُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالتَّوَى الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا أَيْضًا لَتَوِيَ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَحَمْلُهُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَاسِدٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتْوِي فِيهَا بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنَّمَا يَتْوِي بِمَوْتِهِمَا مُفْلِسَيْنِ فَصَارَ كَالْكَفَالَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّوَى تَوًى يُضَافُ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْمُرَافَعَةِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ عَنْ الدَّيْنِ بِالْكَفَالَةِ وَلَا يَرَى الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مَالِكِيًّا وَيَحْكُمُ بِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الْكَفِيلُ مُفْلِسًا .
ا هـ .
قُلْت وَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ نَصَّ عَلَيْهِ النَّسَفِيُّ فِي الْكَافِي بِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ

كَفِيلًا فَتْوَى الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ بِأَنْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ بِنَفْسِ الْكَفَالَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَيَحْكُمُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَيَتْوِي الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ا هـ .
( قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالْإِجْمَاعِ ) الْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ فِي الشِّرَاءِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً نَسَبَهَا إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُتَّهَمُ ا هـ .
وَتَفْسِيرُ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَالْفَاحِشِ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ حَدُّ الْفَاحِشِ فِي الْعُرُوضِ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ وَفِي الْحَيَوَانِ عُشْرُ الْقِيمَةِ وَفِي الْعَقَارِ خَمْسُ الْقِيمَةِ وَفِي الدَّرَاهِمِ رُبُعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ ( قَوْلُهُ وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي ) شَامِلٌ لِمَا كَانَ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ ( قَوْلُهُ وَإِذَا رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ ) اُشْتُرِطَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الْقَاضِي بِأَنْ لَا يَعْرِفَ تَارِيخَ الْبَيْعِ فَاحْتَاجَ إلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ لِيُظْهِرَ التَّارِيخَ أَوْ كَانَ عَيْبٌ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ أَوْ النِّسَاءُ ، وَقَوْلُهُنَّ وَقَوْلُ الطَّبِيبِ حُجَّةٌ فِي تَوْجِيهِ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فَيُفْتَقَرُ إلَيْهَا لِلرَّدِّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَاضِي عَايَنَ الْمَبِيعَ وَكَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَمَا فِي الْكَافِي قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارٌ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ رَدُّهُ عَلَى الْآمِرِ ) كَذَا فِي الْكَنْزِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ لِأَنَّ الرَّدَّ ثَبَتَ بِالتَّرَاضِي فَصَارَ كَالْبَيْعِ الْجَدِيدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ لِأَنَّ فِيهِ

نُزُولًا مِنْ اللُّزُومِ إلَى أَنْ لَا يُخَاصَمَ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَانَ الْأَقْرَبُ أَنْ لَا يُقَالَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ ا هـ .
وَكَذَا قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِإِقْرَارٍ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلُزُومُ الْمُوَكِّلِ رِوَايَةٌ .
ا هـ .

( الْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ الْخُصُوصُ ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْتُك وَكِيلًا فِي مَالِي يَصِيرُ حَافِظًا لِمَالِهِ فَقَطْ .
( وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْعُمُومُ ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْتُك مُضَارِبًا كَانَ مُضَارِبًا فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ ( فَإِنْ بَاعَ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( نَسَأَ فَقَالَ آمِرُهُ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ أَطْلَقْتَ صُدِّقَ الْآمِرُ ) بِنَاءً عَلَى كَوْنِ التَّقْيِيدِ أَصْلًا فِي الْوَكَالَةِ .
( وَفِي الْمُضَارَبَةِ ) يَعْنِي إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ نَسْئًا فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ أَطْلَقْتَ ( صُدِّقَ الْمُضَارِبُ ) بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْإِطْلَاقِ أَصْلًا فِيهَا وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( لَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مُقَدَّرًا لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَفِي اخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا فِي تَصَرُّفٍ لَا مَانِعَ فِيهِ عَنْ الِاجْتِمَاعِ وَيَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ ( إلَّا فِي خُصُومَةٍ ) فَإِنَّ الِاجْتِمَاعَ فِيهَا مُتَعَذِّرٌ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشَّغَبِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ ( وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَمْ يُعَوَّضَا ) إذْ لَا يُحْتَاجُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَى الرَّأْيِ بَلْ هُوَ تَعْبِيرٌ مَحْضٌ وَعِبَارَةُ الْوَاحِدِ وَالْمُثَنَّى سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُمَا طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا أَوْ قَالَ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ إلَى مَشِيئَتِهِمَا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى الرَّأْيِ وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ ( وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ ) بَلْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَقْتَ تَوْكِيلِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا وَالْآخَرُ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا وَقْتَ تَوْكِيلِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ فَإِنْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَ لَمْ يَجُزْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

( قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ) هَذَا مِنْ مَدْخُولِ قَيْدِ عَدَمِ انْفِرَادِ أَحَدِ الْوَكِيلِينَ وَلَيْسَ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ لِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَعَلَّ صَوَابَهُ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ( قَوْلُهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي خُصُومَةٍ ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا لَا يَمْتَنِعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْخُصُومَةِ مُمْتَنِعٌ كَمَا ذَكَرَهُ وَكَذَلِكَ يَتَأَتَّى الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا هُوَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا فِي تَصَرُّفٍ يَمْتَنِعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ
إلَخْ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ) عِبَارَتُهُ وَهَذَا فِي تَصَرُّفٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا فِيهِ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ا هـ فَجُعِلَ إمْكَانُ الِاجْتِمَاعِ مُرَاعًى فِي قَيْدِ تَوْكِيلِهِمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ

( الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا بَلْ وَعَدَ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ ضَمِينٌ ( لَا يُوَكِّلُ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( إلَّا بِإِذْنِ آمِرِهِ أَوْ بِاعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَنَحْوِهِ ) كَاصْنَعْ مَا شِئْت مَثَلًا ( فَإِنْ وَكَّلَ بِهِ ) أَيْ بِإِذْنِ الْآمِرِ ( كَانَ وَكِيلَ الْآمِرِ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ ) وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَكَّلَ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( بِلَا إذْنِهِ ) أَيْ إذْنِ الْمُوَكِّلِ ( فَعَقَدَ ) أَيْ وَكِيلُهُ ( عِنْدَهُ ) أَيْ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الثَّانِي ( أَوْ ) عَقَدَ ( بِغَيْبَتِهِ ) فَبَلَغَهُ ( وَأَجَازَهُ ) أَيْ عَقْدَهُ ( أَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدَّرَ الثَّمَنَ صَحَّ ) أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ حُضُورُ رَأْيِهِ قَدْ حَصَلَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ لِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ ظَاهِرًا وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ إلَيْهِمَا مَعَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ ظَهَرَ أَنَّ غَرَضَهُ اجْتِمَاعَ رَأْيِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ .
( قَوْلُهُ وَكَّلَ بِلَا إذْنِهِ
إلَخْ ) هَذَا فِي وَكِيلٍ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَطَلَّقَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فَكَأَنَّ الْمُوَكِّلَ عَلَّقَهُ بِلَفْظِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ

( قَالَ فَوَّضْت إلَيْك أَمْرَ امْرَأَتِي صَارَ وَكِيلًا بِالطَّلَاقِ وَتَقَيَّدَ بِالْمَجْلِسِ ) فَإِنْ طَلَّقَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ( بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَكَّلْتُك فِي أَمْرِ امْرَأَتِي ) حَيْثُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ صَحَّ ( مَنْ لَا يَلِي غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّهِ ) لِأَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوِلَايَةِ فَإِذَا انْتَفَتْ الثَّانِيَةُ انْتَفَتْ الْأُولَى ( فَإِذَا بَاعَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مَالَ صَغِيرِهِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَوْ شَرَى ) وَاحِدٌ مِنْهُمْ ( بِهِ ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَالِ ( لَمْ يَجُزْ ) لِانْتِفَاءٍ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ ( كَذَا تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَذَلِكَ ) أَيْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ
قَوْلُهُ مَنْ لَا يَلِي غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّهِ ) النَّفْيُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى لَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ التَّصَرُّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

( بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ الْخُصُومَةِ وَقَدْ رَضِيَ بِهَا دُونَهُ ، وَلَهُمْ أَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ إتْمَامَهُ وَتَمَامُ الْخُصُومَةِ وَانْتِهَاؤُهَا بِالْقَبْضِ وَقَالُوا الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلِهَذَا قُلْت ( الْوَكِيلُ بِهَا وَبِالتَّقَاضِي لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ وَبِهِ يُفْتَى ) لِظُهُورِ الْخِيَانَةِ فِي الْوُكَلَاءِ وَقَدْ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْخُصُومَةِ مَنْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الْمَالِ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَضْعًا يُقَالُ اقْتَضَيْت حَقِّي أَيْ قَبَضْته فَإِنَّهُ مُطَاوِعُ قَضَى لَكِنَّ الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ وَهُوَ قَاضٍ عَلَى الْوَضْعِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا لَا يَمْلِكُهُ .
بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

( وَ ) الْوَكِيلُ ( بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُهَا ) أَيْ الْخُصُومَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّائِنَ اسْتَوْفَاهُ مِنْهُ أَوْ أَبْرَأَهُ يُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ .
( وَ ) الْوَكِيلُ بِقَبْضِ ( الْعَيْنِ لَا ) أَيْ لَا يَمْلِكُهَا ( فَلَوْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَبْضِ عَبْدٍ أَنَّ الْمُوَكِّلَ بَاعَهُ وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَالِبُ ) .
صُورَتُهُ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ عَبْدٍ لَهُ وَغَابَ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ وَكَّلَهُ بِالْقَبْضِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِي إثْبَاتِ الشِّرَاءِ وَتُقْبَلُ فِي دَفْعِ الْخُصُومَةِ فَتَتَوَقَّفُ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَيُعِيدَ الْبَيِّنَةَ ( كَذَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ ) يَعْنِي إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَلَى الْعَتَاقِ عَلَى الْوَكِيلِ بِنَقْلِهِمْ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إثْبَاتِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَتُقْبَلُ فِي قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ
( قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُهَا أَيْ الْخُصُومَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) أَيْ خِلَافًا لَهُمَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ الدَّائِنُ وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ دَيْنِ الْغَائِبِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْخَانِيَّةِ .

( الْوَكِيلُ بِهَا ) أَيْ الْخُصُومَةِ ( إذَا أَبَى ) أَيْ امْتَنَعَ عَنْ الْخُصُومَةِ ( لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا ) لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا بَلْ وَعَدَ أَنْ يَتَبَرَّعَ ( بِخِلَافِ الْكَفِيلِ ) حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ ضَمِينٌ كَمَا مَرَّ ( إذَا وَكَّلَ بِخُصُومَاتِهِ وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمُوَكِّلِ جَازَ فَلَوْ أَثْبَتَ الْمَالَ لَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ ) كَذَا فِي الصُّغْرَى .
( قَوْلُهُ الْوَكِيلُ بِهَا أَيْ الْخُصُومَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا ) يَعْنِي مَا لَمْ يَغِبْ مُوَكِّلُهُ وَإِذَا غَابَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَابِ رَهْنٍ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ ( قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا تُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ ) أَيْ وَيُحْكَمُ بِالْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُتْبَعُ الدَّائِنُ بِدَفْعِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ( قَوْلُهُ كَذَا فِي الصُّغْرَى ) وَقَدْ أَسْنَدَهُ فِيهَا مُصَنِّفُهَا إلَى وَالِدِهِ بِقَوْلِهِ هَكَذَا قَالَهُ الْوَالِدُ بُرْهَانُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ

( صَحَّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ ) يَعْنِي إذَا ثَبَتَ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَأَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُوَكِّلُهُ الْمُدَّعِي فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ( عِنْدَ الْقَاضِي ) صَحَّ ( دُونَ غَيْرِهِ ) أَيْ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَشَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ ( وَإِنْ انْعَزَلَ بِهِ ) حَتَّى لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْوَكَالَةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ ( كَذَا إذَا اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ وَأَقَرَّ عِنْدَهُ ) يَعْنِي إذَا اسْتَثْنَى الْمُوَكِّلُ الْإِقْرَارَ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُك غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ وَأَقَرَّ الْوَكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَلَا تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ .

( قَوْلُهُ صَحَّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ ) هَذَا فِي غَيْرِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْخُصُومَةِ جُعِلَ تَوْكِيلًا بِالْجَوَابِ مَجَازًا فَتَمَكَّنَتْ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ فَيُورِثُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ مَا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَيَّدَ بِالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ إنَّمَا مَلَكَ الْإِقْرَارَ لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْجَوَابِ وَالصُّلْحُ مُسَالَمَةٌ لَا مُخَاصَمَةٌ وَلِهَذَا قُلْنَا الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِعَقْدٍ لَا يُبَاشِرُ عَقْدًا آخَرَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ( قَوْلُهُ كَذَا إذَا اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ ) مِثْلُهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الْإِنْكَارِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ الْإِنْكَارُ مِنْهُمَا ا هـ .
وَجَعَلَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَوْلَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَعَلَّلَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الْإِنْكَارَ قَدْ يَضُرُّ الْمُوَكِّلَ بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى وَدِيعَةً أَوْ بِضَاعَةً فَلَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ وَتُسْمَعُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ اسْتَثْنَى إنْكَارَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَكَذَا إنْكَارُهُ ا هـ .
( قُلْت ) يَعْنِي وَكَذَا إذَا اسْتَثْنَى إقْرَارَهُ لَا إنْكَارَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِحُّ إنْكَارُهُ مَعَ اسْتِثْنَائِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْإِنْكَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَا يَصِيرُ الْمُوَكِّلُ مُقِرًّا بِالتَّوْكِيلِ بِالْإِقْرَارِ ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَائِلًا وَقَالَ عَلِيٌّ الطَّوَاوِيسِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ بِالْخُصُومَةِ وَيَقُولُ خَاصِمْ فَإِذَا رَأَيْت لُحُوقَ مُؤْنَةٍ أَوْ خَوْفَ عَارٍ عَلَيَّ فَأَقِرَّ بِالْمُدَّعَى ا هـ .

وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ لَوْ وَكَّلَهُ غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ قِيلَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِعَدَمِ بَقَاءِ فَرْدٍ تَحْتَهُ وَقِيلَ يَصِحُّ لِبَقَاءِ السُّكُوتِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ

( لَا ) أَيْ لَا يَصِحُّ ( تَوْكِيلُ كَفِيلٍ بِمَالٍ يَقْبِضُهُ ) صُورَتُهُ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ فَوَكَّلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِقَبْضِهِ مِنْ الْغَرِيمِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فِي إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنُ ( بِخِلَافِ الرَّسُولِ وَوَكِيلِ الْإِمَامِ بِبَيْعِ الْغَنَائِمِ ، وَ ) الْوَكِيلِ ( بِالتَّزْوِيجِ ) حَيْثُ يَصِحُّ ضَمَانُهُمْ بِالثَّمَنِ وَالْمَهْرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ .
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا كَفَلَ صَحَّ وَبَطَلَتْ الْوَكَالَةُ ) لِأَنَّ الْكَفَالَةَ أَقْوَى مِنْ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا لَازِمَةً فَتَصْلُحُ نَاسِخَةً لَهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ ( وَ ) الْوَكِيلُ ( بِالْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ عَنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ رَجَعَ ) لِبُطْلَانِهِ ( وَبِدُونِهِ ) أَيْ بِدُونِ حُكْمِ الضَّمَانِ ( لَا ) أَيْ لَا يَرْجِعُ لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّسُولِ إلَى قَوْلِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ) أَيْ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ ( قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ
إلَخْ ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَكِيلُ الْإِمَامِ بِبَيْعِ الْغَنَائِمِ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ يَرْجِعُ ) أَيْ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْبَيْعِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ التَّبَرُّعُ حَاصِلٌ فِي أَدَائِهِ إلَيْهِ بِجِهَةِ الضَّمَانِ كَأَدَائِهِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِدُونِ أَمْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

( مُصَدِّقُ التَّوْكِيلِ بِقَبْضٍ لَوْ غَرِيمًا أُمِرَ بِدَفْعِ دَيْنِهِ إلَى الْوَكِيلِ ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَا يَدْفَعُهُ خَالِصُ حَقِّهِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَى الدَّيْنَ إلَى الدَّائِنِ لَا يُصَدَّقُ إذْ لَزِمَهُ الدَّفْعُ إلَى الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ ( فَإِنْ ) حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ تَمَّ الْأَمْرُ وَإِنْ ( كَذَّبَهُ الْغَائِبُ دَفَعَ ) أَيْ الْمُصَدِّقُ ( إلَيْهِ ) أَيْ الْغَائِبُ ( ثَانِيًا ) إذْ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ لِإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَيَفْسُدُ الْأَدَاءُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الدَّفْعِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فَلَمْ تَحْصُلْ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَهُ ( وَإِنْ ضَاعَ لَا ) أَيْ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ مُحِقٌّ بِالْقَبْضِ وَهُوَ مَظْلُومٌ فِي هَذَا الْأَخْذِ وَالْمَظْلُومُ لَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ ( إلَّا إذَا ضَمَّنَهُ ) أَيْ شَرَطَ عَلَى مُدَّعِي الْوَكَالَةِ الضَّمَانَ ( عِنْدَ الدَّفْعِ ) أَيْ دَفْعِ مَا ادَّعَاهُ ( أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ التَّوْكِيلَ ( وَدَفَعَ ) إلَيْهِ ( عَلَى رَجَاءِ الْإِجَازَةِ ) أَيْ إجَازَةِ الْغَائِبِ فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) دَفَعَ إلَيْهِ ( مُكَذِّبًا لَهُ ) فِي دَعْوَاهُ التَّوْكِيلَ ( وَلَوْ ) لَمْ يَكُنْ مُصَدِّقُ التَّوْكِيلِ غَرِيمًا بَلْ ( مُودَعًا لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَالِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمِثْلِهِ كَمَا مَرَّ ( كَذَا لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ وَصَدَّقَهُ ) يَعْنِي لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْوَدِيعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا وَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ( وَأُمِرَ بِهِ ) أَيْ بِالدَّفْعِ ( لَوْ قَالَ ) أَيْ الْمُدَّعِي ( تَرَكَهَا ) أَيْ

الْوَدِيعَةَ ( الْمُودِعُ مِيرَاثًا فَصَدَّقَهُ ) أَيْ الْمُودَعُ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ بِمَوْتِهِ وَاتَّفَقَا أَنَّهُ مَالُ الْوَارِثِ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ

( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ إلَى الدَّائِنِ لَا يُصَدَّقُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَهُ أَنْ يَتَّبِعَ رَبَّ الدَّيْنِ وَيَسْتَحْلِفَهُ وَلَا يَسْتَحْلِفُ الْوَكِيلَ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الطَّالِبَ قَدْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَجْرِي فِي الْأَيْمَانِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ حَيْثُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ لَهُ فَكَانَ حَلِفُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ ا هـ وَإِنْ أَرَادَ الْغَرِيمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَيْ الدَّائِنَ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلْته لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ سُكُوتٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ بِالْوَكَالَةِ وَلَا نَفْيِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الدَّائِنَ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ تَكْذِيبٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ وَإِنْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَظْلُومُ ) أَيْ الْمَدْيُونُ الْمُصَدِّقُ عَلَى الْوَكَالَةِ ( قَوْلُهُ أَيْ شَرَطَ عَلَى مُدَّعِي الْوَكَالَةِ الضَّمَانَ ) يَعْنِي ضَمَانَ مَا يَأْخُذُهُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ ثَانِيًا لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ صُورَةُ هَذَا الضَّمَانِ أَنْ يَقُولَ الْغَرِيمُ لِلْوَكِيلِ نَعَمْ أَنْتَ وَكِيلُهُ لَكِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَجْحَدَ الْوَكَالَةَ وَيَأْخُذَ مِنِّي ثَانِيًا وَيَصِيرَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنِّي ظُلْمًا فَهَلْ أَنْتَ كَفِيلٌ عَنْهُ بِمَا أَخَذَهُ مِنِّي ثَانِيًا فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمَأْخُوذَ فَيَكُونُ صَحِيحًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الطَّالِبُ ثَانِيًا غَصْبٌ وَأَمَّا مَا أَخَذَهُ الْوَكِيلُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهَا ( قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَيْ فِي دَعْوَاهُ ) أَرَادَ بِعَدَمِ التَّصْدِيقِ السُّكُوتَ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ دَفَعَ مُكَذِّبًا لَهُ لِأَنَّ عَدَمَ التَّصْدِيقِ يَشْمَلُ السُّكُوتَ وَالتَّكْذِيبَ صَرِيحًا قَوْلُهُ وَأُمِرَ

بِهِ أَيْ بِالدَّفْعِ لَوْ قَالَ تَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَصَدَّقَهُ ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَى لِي بِهَا وَصَدَّقَهُ حَيْثُ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْمَالِ بِالْقَبْضِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يَصِحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

( وَكَّلَ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ جَعَلَ رَجُلٌ وَكِيلًا ( بِقَبْضِ مَالٍ وَادَّعَى الْغَرِيمُ قَبْضَ دَائِنِهِ دَفَعَ ) أَيْ الْغَرِيمُ ( إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الْوَكِيلِ يَعْنِي يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِ أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يُنْكِرْ الْوَكَالَةَ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ وَفِي ضِمْنِ دَعْوَاهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ وَبِالْوَكَالَةِ وَإِذَا كَانَ إقْرَارًا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ فِي زَعْمِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ ( وَاسْتَخْلَفَ ) أَيْ الْغَرِيمُ ( دَائِنَهُ عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ ) لِأَنَّ قَبْضَهُ يُوجِبُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَسْتَحْلِفُهُ ( لَا الْوَكِيلَ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ ) إذْ لَا تَجْرِيَ النِّيَابَةُ فِي الْيَمِينِ

( وَكَّلَهُ بِعَيْبٍ ) أَيْ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ عَيْبٍ ( فَادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَرُدَّ ) أَيْ الْوَكِيلُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ ( حَتَّى يُحَلِّفَ ) أَيْ الْبَائِعُ ( الْمُشْتَرِيَ ) بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ التَّدَارُكَ مُمْكِنٌ هُنَاكَ بِاسْتِرْدَادِ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ نُكُولِهِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْعَيْبِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْفَسْخِ نَافِذٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَصِحُّ الْقَضَاءُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ الْمُشْتَرِي بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إذْ لَا يَجُوزُ فَسْخُ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ قَضَاءٌ بَلْ أَمْرٌ بِالتَّسْلِيمِ فَإِذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ فِيهِ أَمْكَنَ نَزْعُهُ مِنْهُ وَدَفْعُهُ إلَى الْغَرِيمِ بِلَا نَقْضِ الْقَضَاءِ

( دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ عَشَرَةً يُنْفِقُهَا عَلَى أَهْلِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً أُخْرَى فَهِيَ بِهَا اسْتِحْسَانًا ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ فَيَرُدُّ الْعَشَرَةَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ لَا يَكُونُ بِدُونِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ التَّوْكِيلُ بِهِ تَوْكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ الْعَقْدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ

( الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ ) قَالَ فِي الصُّغْرَى الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا أَحْضَرَ خَصْمًا فَأَقَرَّ بِالتَّوْكِيلِ فَأَنْكَرَ الدَّيْنَ لَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْوَكِيلُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ لَا تُقْبَلُ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَبِقَبْضِهِ وَالْخُصُومَةِ فِيهِ وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَلَمْ يُحْضِرْ الْوَكِيلُ أَحَدًا لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ حَتَّى يُحْضِرَ خَصْمًا جَاحِدًا ذَلِكَ أَوْ مُقِرًّا بِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْمَعُ وَيُقَرِّرُ الْوَكَالَةَ فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ غَرِيمًا يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَلَوْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ جَاءَ بِخَصْمٍ آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ مَرَّةً أُخْرَى
( قَوْلُهُ الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ ) يَعْنِي الْمُجَرَّدَةَ عَنْ إحْضَارِ خَصْمٍ يَلْزَمُ بِمُوجَبِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى
إلَخْ ) قَالَ فِيهَا بَعْدَهُ لَوْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ بَيِّنَةً شَهِدَتْ دَفْعَةً عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُقْبَلُ عَلَى الْوَكَالَةِ لَا غَيْرُ فَإِذَا قَضَى بِهَا يُؤْمَرُ الْوَكِيلُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَيُقْضَى بِالْوَكَالَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْمَالِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي دَعْوَى الْوِصَايَةِ أَوْ الْوِرَاثَةِ مَعَ الْمَالِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

( بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ ) ( يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ .
( وَ ) بِعَزْلِ ( نَفْسِهِ ) بِأَنْ يَقُولَ عَزَلْت نَفْسِي ( بِشَرْطِ عِلْمِ الْآخَرِ فِيهِمَا ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي إذَا عَزَلَ الْمُوَكِّلُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِهِ وَإِنْ عَزَلَ نَفْسَهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ بِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْعَزْلُ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ وَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ حَتَّى يَعْلَمَ ( بِإِخْبَارِ ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعِلْمِ ( عَدْلٍ أَوْ اثْنَيْنِ وَلَوْ غَيْرِ عَدْلَيْنِ ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً صَبِيًّا كَانَ أَوْ بَالِغًا وَكَذَا الْعَزْلُ عِنْدَهُمَا .
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَثْبُتُ الْعَزْلُ إلَّا بِالْعَدَدِ أَوْ الْعَدَالَةِ ( وَ ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا ( بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ ) هَكَذَا وَقَعَتْ عِبَارَةُ الْقُدُورِيِّ وَوَقَعَتْ فِي الْكَافِي وَالْوِقَايَةِ هَكَذَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْوَكِيلِ هَاهُنَا فَائِدَةٌ تَرَكْته ( وَ ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا ( بِجُنُونِ أَحَدِهِمَا ) مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ جُنُونًا ( مُطْبِقًا ) لِأَنَّ قَلِيلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ وَهُوَ شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَحَوْلٌ كَامِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ ( وَالْحُكْمِ بِلُحُوقِهِ ) أَيْ لُحُوقِ أَحَدِهِمَا ( بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا ) فَإِنَّ لُحُوقَهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِذَا حَكَمَ بِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَمَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنَّمَا يَنْعَزِلُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَكَانَ لِبَقَائِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ فَيُشْتَرَطُ لِقِيَامِ الْأَمْرِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مَا يُشْتَرَطُ لِلِابْتِدَاءِ ( وَذَا ) أَيْ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ فِي صُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ ( إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ ) أَيْ بِالتَّوْكِيلِ ( حَقُّ الْغَيْرِ ) وَأَمَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ فَلَا يَنْعَزِلُ كَمَا إذَا شُرِطَتْ

الْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ كَمَا مَرَّ أَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ فِي يَدِهَا ثُمَّ جُنَّ الزَّوْجُ ( وَ ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا ( بِتَصَرُّفِهِ بِنَفْسِهِ ) أَيْ تَصَرُّفِ الْمُوَكِّلِ ( بِحَيْثُ يَعْجِزُ الْوَكِيلُ عَنْ الِامْتِثَالِ بِهِ ) كَمَا إذَا وَكَّلَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ بَيْعِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ زَوَّجَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَمَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ خَالَعَهَا أَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَوْ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا بِنَفْسِهِ عَجَزَ الْوَكِيلُ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ ضَرُورَةً حَتَّى إنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَالْعِدَّةُ قَائِمَةٌ بَقِيَتْ الْوَكَالَةُ لِإِمْكَانِ تَنْفِيذِ مَا وَكَّلَ بِهِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ وَأَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ لِزَوَالِ حَاجَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَأَبَانَهَا حَيْثُ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ بَاقِيَةٌ

بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ ( قَوْلُهُ بِشَرْطِ عِلْمِ الْآخَرِ فِيهِمَا ) أَيْ صُورَتَيْ الْعَزْلِ الْقَصْدِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ ) يَشْمَلُ الْفَاسِقَيْنِ وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ وَهِيَ وَيُشْتَرَطُ لِعَزْلِهِ خَبَرُ عَدْلَيْنِ أَوْ مَسْتُورَيْنِ ا هـ فَأَخْرَجَ الْفَاسِقَيْنِ ( قَوْلُهُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْوَكِيلِ هُنَا فَائِدَةٌ تَرَكَتْهُ ) يُقَالُ إنَّ لَهُ فَائِدَةً وَهِيَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ لَتُوُهِّمَ انْتِقَالُ مَا كَانَ لَهُ إلَى وَرَثَتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ فَمَاتَ فَحَقُّ قَبْضِ الثَّمَنِ لِوَرَثَتِهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَقِيلَ لِمُوَكِّلِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذِكْرِ جُنُونِ الْمُوَكِّلِ وَالْحُكْمِ بِلُحُوقِهِ مُرْتَدًّا دُونَ الْوَكِيلِ إذْ هُمَا كَالْمَوْتِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَذْكُرَ مَوْتَ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ فِيمَا سَيَأْتِي وَقَدْ ذَكَرَهُ ( قَوْلُهُ وَيَنْعَزِلُ أَيْضًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوْ غَابَ أَوْ ارْتَدَّ قِيلَ تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَقِيلَ لَا ( قَوْلُهُ وَهُوَ شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ) قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَبِهِ يُفْتَى .
وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ لِأَنَّ مَا دُونَهُ فِي حُكْمِ الْعَاجِلِ فَكَانَ قَصِيرًا وَالشَّهْرُ فَصَاعِدًا فِي حُكْمِ الْآجِلِ فَكَانَ طَوِيلًا ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي الْغَايَةِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ ( قَوْلُهُ وَذَا أَيْ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ
إلَخْ ) صُورَةُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالتَّوْكِيلِ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ مِنْ الْمَطْلُوبِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهَذَا إذَا عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ عَزْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ

كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ( قَوْلُهُ كَمَا إذَا شَرَطَ الْوَكَالَةَ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ ) لَعَلَّ صَوَابَهُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ

( وَتَعُودُ الْوَكَالَةُ إذَا عَادَ إلَيْهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ ( قَدِيمُ مِلْكِهِ ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ رَجُلَيْنِ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَهُ ثَانِيًا كَذَا فِي الصُّغْرَى ( أَوْ بَقِيَ أَثَرُهُ ) أَيْ أَثَرُ مِلْكِهِ كَمَا إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ بِأَنْ يُوقِعَ الْبَاقِي ( وَ ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا ( بِافْتِرَاقِ الشَّرِيكَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ ) هَذَا يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الِافْتِرَاقُ بِهَلَاكِ الْمَالَيْنِ أَوْ مَالِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَبْطُلُ بِهِ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ الَّتِي فِي ضِمْنِهَا عَلِمَا بِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ مُصَرَّحًا بِهَا عِنْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ جَازَ فَلَوْ افْتَرَقَا انْعَزَلَ هَذَا الْوَكِيلُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحَا بِالْإِذْنِ فِي التَّوْكِيلِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا الْوَجْهَيْنِ إذْ لَوْ بَقِيَ الِافْتِرَاقُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِفَسْخِ الشَّرِكَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْوَكَالَةِ بِلَا عِلْمِ صَاحِبِهِ ( وَ ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا ( بِعَجْزِ مُوَكِّلِهِ لَوْ ) كَانَ الْمُوَكِّلُ ( مُكَاتَبًا وَحَجْرِهِ لَوْ ) كَانَ ( مَأْذُونًا ) لِمَا مَرَّ أَنَّ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ مُعْتَبَرٌ بِابْتِدَائِهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ لَازِمَةٍ فَيُشْتَرَطُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ قِيَامُ الْأَمْرِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَقَدْ بَطَلَ بِالْعَجْزِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ عَلِمَ الْوَكِيلُ أَوْ لَا لِأَنَّ الْبُطْلَانَ حُكْمِيٌّ كَمَا مَرَّ ( إذَا وَكَّلَ ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ انْعِزَالِ وَكِيلِ

الْمُكَاتَبِ بِعَجْزِهِ ، وَوَكِيلِ الْمَأْذُونِ بِحَجْرِهِ إذَا وَكَّلَ ذَلِكَ الْوَكِيلَ ( فِي الْعُقُودِ وَالْخُصُومَاتِ لِإِقْضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ اقْتِضَائِهِ ) لِأَنَّ الْعَبْدَ مُطَالَبٌ بِإِيفَاءِ مَا وَلِيَهُ وَلَهُ مُطَالَبَةُ اسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ كَأَنَّهُ بِعَقْدِهِ فَإِذَا بَقِيَ حَقُّهُ بَقِيَ وَكِيلُهُ عَلَى الْوَكَالَةِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْحَجْرِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ بِمُبَاشَرَتِهِ ( لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمَوْلَى وَكِيلَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ ) لِأَنَّهُ حَجْرٌ خَاصٌّ وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَكُونُ إلَّا عَامًّا فَكَانَ الْعَزْلُ بَاطِلًا أَلَا يُرَى أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ نَهْيَهُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ الْإِذْنِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ رَجُلَيْنِ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَهُ ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبِعْ وَأَمَّا الَّذِي بَاعَهُ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ ثَانِيًا لِانْتِهَاءِ التَّوْكِيلِ بِبَيْعِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ غَرَضَ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَحْصُلْ فَلْيُحَرَّرْ ( قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ أَثَرُهُ ) أَيْ أَثَرُ مِلْكِهِ كَمَا إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ بِأَنْ يُوقِعَ الْبَاقِي كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالْمُرَادُ بِالْبَاقِي الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ الْبَاقِيَةُ لَا أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ كَمَا إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مُفِيدٌ إيقَاعَ الْوَاحِدَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلْقَةٍ سَابِقَةٍ وَلِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالتَّطْلِيقِ لَا يَقْتَضِي إيقَاعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

( قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي ) فَإِنَّهُ إذَا عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بَلْ كَانَ وَكِيلًا لَهُ وَهَذَا يُسَمَّى وَكِيلًا دَوْرِيًّا وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَهُ بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ ( يَقُولُ فِي عَزْلِهِ عَزَلْتُك ثُمَّ عَزَلْتُك ) فَإِنَّهُ إذَا قَالَ عَزَلْتُك كَانَ مَعْزُولًا نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَمَنْصُوبًا بِوُجُودِ الشَّرْطِ حَيْثُ قَالَ مَتَى عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي وَإِذَا قَالَ ثُمَّ عَزَلْتُك يَنْعَزِلُ عَنْ الْوَكَالَةِ الثَّانِيَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّ مَتَى يُفِيدُ عُمُومَ الْأَوْقَاتِ لَا عُمُومَ الْأَفْعَالِ ( وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي ) لَا يَكُونُ مَعْزُولًا بَلْ كُلَّمَا عُزِلَ كَانَ وَكِيلًا لِأَنَّ كُلَّمَا يُفِيدُ عُمُومَ الْأَفْعَالِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَهُ ( يَقُولُ ) فِي عَزْلِهِ ( رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ ) فَإِذَا رَجَعَ عَنْهَا لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ فِيمَا يَقُولُ بَعْدَهَا ( وَعَزَلْتُك عَنْ ) الْوَكَالَةِ ( الْمُنْجَزَةِ ) الْحَاصِلَةِ مِنْ لَفْظِ كُلَّمَا فَحِينَئِذٍ يَنْعَزِلُ

( كِتَابُ الْكَفَالَةِ ) ( هِيَ ) لُغَةً الضَّمُّ مُطْلَقًا وَشَرْعًا ( ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي مُطَالَبَةِ النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ أَوْ التَّسْلِيمِ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا هِيَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ وَقِيلَ فِي الدَّيْنِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ أَقُولُ لَا صِحَّةَ لِلْأَوَّلِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَصَحَّ لِخُرُوجِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُمْ قَسَمُوهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ إلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ ثُمَّ إنَّ تَقْسِيمَهُمْ الْكَفَالَةَ إلَى الْقِسْمَيْنِ يُشْعِرُ بِانْحِصَارِهَا فِيهِمَا مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ قِسْمٍ ثَالِثٍ وَهُوَ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي وَلِهَذَا اخْتَرْت تَعْرِيفًا صَحِيحًا مُتَنَاوِلًا لِجَمِيعِ الْأَقْسَامِ صَرِيحًا ( وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ ) أَيْ إيجَابُ الْكَفِيلِ بِقَوْلِهِ كَفَلْت عَنْ فُلَانٍ لِفُلَانٍ بِكَذَا ( وَالْقَبُولُ ) أَيْ قَبُولُ الطَّالِبِ وَهُوَ الْمَكْفُولُ لَهُ ( وَشَرْطُهَا ) مُطْلَقًا ( كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ ) نَفْسًا كَانَ أَوْ مَالًا ( مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ ) مِنْ الْكَفِيلِ حَتَّى لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَمَا سَيَأْتِي .
( وَفِي الدَّيْنِ كَوْنُهُ صَحِيحًا ) حَتَّى لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَحُكْمُهَا لُزُومُ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْكَفِيلِ ) بِمَا هُوَ عَلَى الْأَصِيلِ نَفْسًا كَانَ أَوْ مَالًا ( وَأَهْلُهَا أَهْلُ التَّبَرُّعِ ) بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُكَلَّفًا فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَكِنَّ الْعَبْدَ يُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ( فَالْمُدَّعِي مَكْفُولٌ لَهُ ) إذْ فَائِدَةُ الْكَفَالَةِ تَرْجِعُ إلَيْهِ ( وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَكْفُولٌ عَنْهُ ) وَيُسَمَّى الْأَصِيلُ أَيْضًا ( وَالنَّفْسُ ) فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ ( أَوْ الْمَالُ ) فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ ( مَكْفُولٌ بِهِ ) فَالْمَكْفُولُ عَنْهُ وَالْمَكْفُولُ بِهِ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَاحِدٌ ( وَمَنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ كَفِيلٌ

فَالْكَفَالَةُ إمَّا بِالنَّفْسِ وَإِنْ تَعَدَّدَتَا ) أَيْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَالنَّفْسِ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا ثُمَّ كَفِيلًا وَالثَّانِي أَنْ تَتَعَدَّدَ النُّفُوسُ الْمَكْفُولُ بِهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا تَجُوزُ بِالدُّيُونِ الْكَثِيرَةِ ( أَوْ بِالْمَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ) وَهُوَ التَّسْلِيمُ

كِتَابُ الْكَفَالَةِ ) ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا هِيَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ وَقِيلَ فِي الدَّيْنِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ أَقُولُ لَا صِحَّةَ لِلْأَوَّلِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَصَحَّ لِخُرُوجِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ عَنْهُ ) قُلْت نَفْيُ صِحَّةِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَاهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ شُمُولِهِ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ وَالشُّمُولُ مُسْتَفَادٌ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُطْلَقَةٌ عَنْ الْقَيْدِ فَتَكُونُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ يَكُونُ لِلْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَالتَّسْلِيمِ وَلِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ بِالنَّفْسِ ضَمَّ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ فِي الْمُطَالَبَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَلَمْ تَكُنْ خَارِجَةً عَنْ التَّعْرِيفِ ا هـ .
وَمَنْ قَيَّدَ الْمُطَالَبَةَ بِالدَّيْنِ كَشَارِحِ الْمَجْمَعِ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ( قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ تَقْسِيمَهُمْ الْكَفَالَةَ إلَى الْقِسْمَيْنِ يُشْعِرُ بِانْحِصَارِهَا فِيهِمَا
إلَخْ ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ إلَى هَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ فَلَيْسَ الثَّالِثُ خَارِجًا عَنْهُ يُوَضِّحُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَالزَّيْلَعِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَأَنْوَاعُهَا فِي الْأَصْلِ نَوْعَانِ كَفَالَةٌ بِالنَّفْسِ وَكَفَالَةٌ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ نَوْعَانِ كَفَالَةٌ بِالدُّيُونِ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً وَكَفَالَةٌ بِالْأَعْيَانِ وَهِيَ نَوْعَانِ كَفَالَةٌ بِأَعْيَانٍ مَضْمُونَةٍ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا وَذَلِكَ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَفَالَةٌ بِأَعْيَانٍ هِيَ أَمَانَةُ غَيْرِ وَاجِبِ التَّسْلِيمِ كَالْوَدَائِعِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالشَّرِكَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ التَّسْلِيمِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا أَصْلًا ، وَكَفَالَةٌ بِأَعْيَانٍ هِيَ أَمَانَةُ وَاجِبِ التَّسْلِيمِ كَالْعَارِيَّةِ وَالْمُسْتَأْجَرَة ، أَوْ بِعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ بِغَيْرِهِ كَالْمَبِيعِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ بِهَا لَا تَصِحُّ وَبِتَسْلِيمِهَا تَصِحُّ

.
( تَنْبِيهٌ ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ سَبَبِهَا وَهُوَ مُطَالَبَةُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ لِلتَّوْثِيقِ بِتَكْثِيرِ مَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ أَوْ تَيْسِيرِ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ قَوْلُهُ حَتَّى لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ كَذَلِكَ لِسُقُوطِهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِبْرَاءٍ وَهُوَ الْمَوْتُ

( أَمَّا الْأُولَى ) أَيْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ ( فَتَصِحُّ بِكَفَلْتُ بِنَفْسِهِ وَبِمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا ) أَيْ عَنْ النَّفْسِ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالرَّقَبَةِ وَالْعُنُقِ وَالْجَسَدِ وَالْبَدَنِ كَكَفَلْتُ بِرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ إلَى آخِرِهِ ( وَبِجُزْءٍ شَائِعٍ ) كَكَفَلْتُ بِنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ .
( وَ ) تَصِحُّ أَيْضًا ( بِضَمِنْتُهُ وَبِعَلَيَّ ) فَإِنَّ عَلَى لِلْإِلْزَامِ فَمَعْنَاهُ أَنَا مُلْتَزِمٌ تَسْلِيمَهُ ( وَإِلَيَّ ) فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى عَلَى ( وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) فَإِنَّ الزَّعَامَةَ هِيَ الْكَفَالَةُ ( أَوْ قَبِيلٌ ) هُوَ بِمَعْنَى الزَّعِيمِ ( لَا بِأَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَتِهِ ) لِأَنَّ مُوجَبَ الْكَفَالَةِ الْتِزَامُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ ضَمِنَ الْمَعْرِفَةَ لَا التَّسْلِيمَ ( وَاخْتُلِفَ فِي أَنَا ضَامِنٌ لِتَعْرِيفِهِ أَوْ عَلَى تَعْرِيفِهِ ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ .
( فَإِنْ عَيَّنَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَحْضَرَهُ فِيهِ إذَا طُلِبَ ) رِعَايَةً لِمَا الْتَزَمَهُ ( كَذَا ) أَيْ أَحْضَرَهُ أَيْضًا ( إذَا أَطْلَقَ ) بِأَنْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إذَا طَلَبْته أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَوْ إنْ طَلَبْته وَنَحْوِ ذَلِكَ ( أَوْ عَمَّمَ ) بِأَنْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ كُلَّمَا طَلَبْته أَوْ مَتَى مَا طَلَبْته أُسَلِّمُهُ إلَيْك .
( وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ ) لِامْتِنَاعِهِ عَنْ إيفَاءِ حَقٍّ لَازِمٍ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَا يُدْعَى لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لِمَاذَا دُعِيَ ( وَإِنْ غَابَ ) أَيْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ( وَعَلِمَ مَكَانَهُ أَمْهَلَهُ ) أَيْ الْحَاكِمُ الْكَفِيلَ ( مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ) أَيْ مَكَانَهُ ( لَمْ يُطَالَبْ ) أَيْ الْكَفِيلُ ( بِهِ ) أَيْ بِالْمَكْفُولِ بِهِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ وَقَدْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فَصَارَ كَالْمَدْيُونِ إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ وَقَالَ الطَّالِبُ تَعْرِفُهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لَهُ خَرْجَةٌ مَعْرُوفَةٌ يَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لِلتِّجَارَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ

الطَّالِبِ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلطَّالِبِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْجَهْلُ وَمُنْكِرٌ لُزُومَ الْمُطَالَبَةِ ( وَإِنْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي سَلَّمَهُ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ يُفْتَى ) فِي زَمَانِنَا لِتَهَاوُنِ النَّاسِ فِي إقَامَةِ الْحَقِّ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ

( قَوْلُهُ لَا بِأَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَتِهِ ) كَذَا أَنَا كَفِيلٌ لِمَعْرِفَةِ فُلَانٍ وَلَوْ قَالَ مَعْرِفَةُ فُلَانٍ عَلَيَّ قَالُوا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدُلَّهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي التَّبْيِينِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْعُرْفِ أَيْ بِقَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَتِهِ ا هـ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ هَذَا عَلَى مُعَامَلَاتِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ ) كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ كَمَا فَصَّلَ فِي الْحَبْسِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ هُنَاكَ قِيلَ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارِهِ لَا يُعَجِّلُ بِحَبْسِهِ وَأَمَرَهُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الْمُمَاطَلَةِ فَلَمْ يَظْهَرْ بِأَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حَبَسَهُ كَمَا وَجَبَ لِظُهُورِ مَطْلِهِ بِالْإِنْكَارِ فَكَذَا هُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِيضَاحِ هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ عَجْزُهُ وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ عَجْزُهُ فَلَا مَعْنًى لِحَبْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفِيلِ فَيُلَازِمُهُ وَيُطَالِبُهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ جَعَلَهُ كَالْمُفْلِسِ بِالدَّيْنِ إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ وَعَلِمَ مَكَانَهُ
إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا ارْتَدَّ الْمَكْفُولُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ إنْ لَمْ يَمْنَعُوهُ وَلَا تَسْقُطُ كَفَالَتُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ مَيِّتًا فِي حَقِّ قِسْمَةِ مَالِهِ وَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَهُوَ حَيٌّ ا هـ .
وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ ا هـ .
وَفِيهِ نَوْعُ إشْكَالٍ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ مَيِّتًا فِي حَقِّ قِسْمَةِ مَالِهِ بِالْحُكْمِ بِلِحَاقِهِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ وَالْكَفِيلُ إنَّمَا يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ لِيَتَمَكَّنَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ وَهُوَ وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا حَلَّ

بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ حُكْمًا فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ( قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا
إلَخْ ) .
أَيْ وَلَا بَيِّنَةَ لِلطَّالِبِ أَمَّا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَإِنَّ الْكَفِيلَ يُؤْمَرُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِحْضَارِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

( كَفَلَ بِالنَّفْسِ إلَى شَهْرٍ يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَهُ ) يَعْنِي لَوْ قَالَ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَيُطَالِبُهُ بِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَظُنُّهُ الْعَوَامُّ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ بِالْفَارِسِيَّةِ لِآخَرَ " مِنْ فَلَا نرا يذير فتم تراتايك سَالَ " أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي السَّنَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَا يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ قَالَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَظُنُّونَ بَلْ الْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَزِيدُوا فِي الْكَفَالَةِ فَيَقُولُوا " هركاه كه بخواهي بتوسبارمش " فَحِينَئِذٍ يُطَالِبُهُ فِي السَّنَةِ وَبَعْدَهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِيهِ أَيْضًا وَالْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ أَنْ يَزِيدَ الْكَفِيلُ فِي كَفَالَتِهِ فَيَقُولُ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى كَذَا مِنْ الْأَجَلِ ثُمَّ لَا كَفَالَةَ لَك بِهِ عَلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَا بَرِيءٌ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ ( بَرِئَ بِمَوْتِهِ ) أَيْ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ لِحُصُولِ الْعَجْزِ الْكُلِّيِّ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْكَفِيلِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَوَرَثَتُهُ لَمْ يَكْفُلُوا لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا يَخْلُفُونَهُ فِيمَا لَهُ لَا فِيمَا عَلَيْهِ وَلَا تَبْقَى الْكَفَالَةُ بِاعْتِبَارِ تَرِكَتِهِ لِامْتِنَاعِ اسْتِيفَاءِ النَّفْسِ مِنْ الْمَالِ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ ( وَ ) بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ أَيْضًا ( بِمَوْتِهَا ) أَيْ النَّفْسِ الْمَطْلُوبَةِ لِامْتِنَاعِ التَّسْلِيمِ ( وَلَوْ ) كَانَ النَّفْسُ الْمَكْفُولُ بِهَا ( عَبْدَ الْكَفِيلِ ) وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فَإِذَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ فَإِنَّ هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ مَالٌ مُطَالَبٌ وَكَفَلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُطَالَبُ رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَأَثْبَتَ الْخَصْمُ دَعْوَاهُ

ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ ( لَا ) أَيْ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ ( بِمَوْتِ الطَّالِبِ ) بَلْ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ يُطَالِبُ الْكَفِيلَ .
( وَ ) بَرِئَ الْكَفِيلُ أَيْضًا ( بِتَسْلِيمِ الْكَفِيلِ أَوْ مَأْمُورِهِ ) وَكِيلًا كَانَ أَوْ رَسُولًا ( الْمَطْلُوبَ أَوْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ ) أَيْ الْمَطْلُوبِ ( نَفْسَهُ إلَى الطَّالِبِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبِتَسْلِيمِ ( حَيْثُ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ ) مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا يَعْنِي إذَا سَلَّمَ الْكَفِيلُ مَنْ كَفَلَ بِهِ إلَى الطَّالِبِ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إذَا سَلَّمْته إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ سِجْنٍ حَبَسَهُ فِيهِ غَيْرُ الطَّالِبِ لَمْ يَبْرَأْ ( قَائِلًا سَلَّمْته إلَيْك عَنْ ) طَرَفِ ( الْكَفِيلِ ) فِي صُورَةِ تَسْلِيمِ الْمَأْمُورِ ( أَوْ سَلَّمْت نَفْسِي عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْكَفِيلِ فِي صُورَةِ تَسْلِيمِ الْمَأْمُورِ نَفْسَهُ قَالَ قَاضِي خَانْ الْمَكْفُولُ بِالنَّفْسِ إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَقَالَ سَلَّمْت نَفْسِي إلَيْك عَنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْكَفِيلِ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْكَفِيلُ رَجُلًا أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الطَّالِبِ إنْ قَالَ الْمَأْمُورُ لِلطَّالِبِ سَلَّمْت إلَيْك نَفْسَهُ عَنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ ( وَفِي تَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ شَرْطٌ مَعَهُ ) أَيْ مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ الْكَفِيلِ ( قَبُولُ الطَّالِبِ ) قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا لَيْسَ بِمَأْمُورٍ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الطَّالِبِ وَقَالَ سَلَّمْت عَنْ الْكَفِيلِ إنْ قَبِلَ الطَّالِبُ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَإِنْ سَكَتَ الطَّالِبُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ

( قَوْلُهُ كَفَلَ بِالنَّفْسِ إلَى شَهْرٍ يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَهُ ) أَقُولُ وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ كَفِيلًا قَبْلَهُ وَفِي عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَهُ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ قَالَ وَفِي الطَّلَاقِ يَقَعُ فِي الْحَالِ أَيْضًا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ قَالَ وَذِكْرُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ إلَيْهَا لَا تَأْخِيرِ الْكَفَالَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَهَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا إذَا عَجَّلَ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِهِ وَمَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَصِيرَ كَفِيلًا مُطَالَبًا بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَقَالُوا لَا يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَتْ الْأَيَّامُ قَبْلَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ يَصِيرُ كَفِيلًا أَبَدًا وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّهُ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُطَالَبُ بَعْدَهَا أَشْبَهُ بِعُرْفِ النَّاسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إذَا قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ وَإِذَا مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ لَا يَبْقَى كَفِيلًا وَلَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ كَمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ كَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُعْجِبُهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ ثُمَّ قَالَ قَاضِي خَانْ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ

أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا يَكُونُ كَفِيلًا أَبَدًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا يَكُونُ طَلَاقًا أَبَدًا ا هـ .
وَهَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ إذَا قَالَ الْكَفِيلُ لِلطَّالِبِ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا فَإِنَّهُ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ إلَيْهِ مِنْ حِينِ كَفَلَ إلَى أَنْ يَمْضِيَ شَهْرٌ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ أَمَّا لَوْ قَالَ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَيُطَالِبُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَظُنُّهُ الْعَوَامُّ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ تَعْلَمُ وَجْهَ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا جَعَلَهُ مَتْنًا وَأَشَارَ بِحَذْفِ ذِكْرِ الْمُبْتَدَأِ وَاقْتِصَارِهِ عَلَى الْغَايَةِ إلَى مَا قَالَ قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ الْيَوْمِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ وَإِذَا مَضَتْ الْعَشَرَةُ لَا يَبْقَى كَفِيلًا فِي قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ وَقَّتَ الْكَفَالَةِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالْكَفَالَةُ مِمَّا يَقْبَلُ التَّوْقِيتَ .
ا هـ .

( كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ غَدًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ ) مِنْ الْمَالِ ( وَلَمْ يُسَلِّمْهُ غَدًا صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ ) أَيْ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ يَعْنِي رَجُلٌ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَكَفَلَ آخَرُ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ وَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ صَحِيحٌ لِتَعَامُلِ النَّاسِ إيَّاهُ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَأْبَاهُ وَبِالتَّعَامُلِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ فِي الْبَيْعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى نَعْلًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ الْبَائِعُ مَعَ أَنَّ بَابَهُ أَضْيَقُ مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَأَنْ يُتْرَكَ هُنَا وَبَابُهَا أَوْسَعُ لِأَنَّهَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ أَوْلَى وَإِذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ حَتَّى لَزِمَهُ الْمَالُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إذْ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْكَفَالَتَيْنِ .
( فَإِنْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ الْمَالَ ) بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ ( أَوْ ) مَاتَ ( الْكَفِيلُ فَوَارِثُهُ ) أَيْ ضَمِنَ وَارِثُهُ ( أَوْ ) مَاتَ ( الطَّالِبُ فَكَذَا ) أَيْ طَلَبَ وَارِثُهُ
قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ الطَّالِبُ فَكَذَا ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ إلَى التَّضْمِينِ وَلَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ إلَى وَارِثِ الطَّالِبِ وَلِذَا عَدَلَ عَنْهُ إلَى قَوْلِهِ أَيْ طَلَبَ وَارِثُهُ وَلَا يُسَاعِدُ صَنِيعُ مَتْنِهِ

( ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِينَارٍ لَمْ يُبَيِّنْهَا ) بِأَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ أَوْ أَشَرَفِيَّةٌ أَوْ إفْرِنْجِيَّةٌ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى ( فَكَفَلَ بِنَفْسِهِ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ صَحَّتَا ) أَيْ الْكَفَالَتَانِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَمْ تَصِحَّا إذْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى بِلَا بَيَانٍ فَلَمْ يَجِبْ إحْضَارُ النَّفْسِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِهَا فَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ لِابْتِنَائِهَا عَلَيْهَا ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمَالَ ذُكِرَ مُعَرَّفًا فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى اعْتِبَارِ الْبَيَانِ فَإِذَا بَيَّنَ الْتَحَقَ بِأَصْلِ الدَّعْوَى فَظَهَرَ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ الْأُولَى فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ ( وَالْقَوْلُ لَهُ ) أَيْ لِلْكَفِيلِ ( فِي الْبَيَانِ ) إذَا اخْتَلَفَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ
( قَوْلُهُ صَحَّتَا ) أَيْ الْكَفَالَتَانِ عِنْدَهُمَا أَيْ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَمْ يَصِحَّا إذْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى أَيْ دَعْوَى الطَّالِبِ فَلَمْ يَجِبُ إحْضَارُ النَّفْسِ أَيْ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَوْجِيهِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ هُوَ مَا وَجَّهَهُ بِهِ الْكَرْخِيُّ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا الْوَجْهُ يُوجِبُ أَنْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ إذَا بَيَّنَ الْمَالَ عِنْدَ الدَّعْوَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ أَنَّ الْكَفِيلَ عَلَّقَ مَالًا مُطْلَقًا بِحَظْرٍ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ الَّتِي لَك عَلَيْهِ فَكَانَتْ هَذِهِ رِشْوَةً الْتَزَمَهَا الْكَفِيلُ لَهُ عِنْدَ الْمُوَافَاةِ بِهِ فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ لَا تَصِحَّ وَإِنْ بَيَّنَهَا الْمُدَّعِي لِأَنَّ عَدَمَ النِّسْبَةِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ الْبُطْلَانَ .
ا هـ .

( لَا جَبْرَ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ ) مُطْلَقًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُجْبَرُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ وَفِي الْقَوَدِ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَلَهُ أَنَّ مَبْنِيَّ الْكُلِّ عَلَى الدَّرْءِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا الِاسْتِيثَاقُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهَا لَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فَيَلِيقُ بِهَا الِاسْتِيثَاقُ ( وَلَوْ أَعْطَى جَازَ ) لِإِمْكَانِ تَرَتُّبِ مُوجَبِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالنَّفْسِ ( وَلَا حَبْسَ فِيهِمَا ) أَيْ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ ( حَتَّى يَشْهَدَ مَسْتُورَانِ أَوْ عَدْلٌ ) لِأَنَّ الْحَبْسَ هَاهُنَا لِلتُّهْمَةِ وَهِيَ تَثْبُتُ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ إمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ بِخِلَافِ الْحَبْسِ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُ غَايَةُ عُقُوبَةٍ فِيهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَامِلَةٍ
( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يُجْبَرُ ) لَيْسَ الْمُرَادُ جَبْرَهُ بِالْحَبْسِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ بَلْ أَمْرَهُ بِالْمُلَازَمَةِ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ وَإِنْ أَرَادَ دُخُولَ دَارِهِ اسْتَأْذَنَهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ دَخَلَ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مَنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ وَأَجْلَسَهُ فِي بَابِ الدَّارِ كَيْ لَا يَغِيبَ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْطَى جَازَ ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ ( قَوْلُهُ وَلَا حَبْسَ فِيهِمَا ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لِحُصُولِ الِاسْتِيثَاقِ بِالْكَفَالَةِ

( وَأَمَّا الثَّانِيَةُ ) أَيْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ ( فَتَصِحُّ وَلَوْ جُهِلَ الْمَكْفُولُ بِهِ إذَا صَحَّ دَيْنًا ) الدَّيْنُ الصَّحِيحُ دَيْنٌ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَسَيَأْتِي ( بِكَفَلْتُ عَنْهُ بِأَلْفٍ وَبِمَا لَك عَلَيْهِ وَبِمَا يُدْرِكُك فِي هَذَا الْبَيْعِ ) وَهَذَا يُسَمَّى ضَمَانُ الدَّرْكِ وَهُوَ ضَمَانُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ ( وَبِمَا بَايَعْت فُلَانًا ) أَيْ بَايَعْت مِنْهُ فَإِنِّي ضَامِنٌ لِثَمَنِهِ لَا مَا اشْتَرَيْته مِنْهُ فَإِنِّي ضَامِنٌ لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَبِيعِ لَا تَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ مَرَّ تَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ .
( أَوْ مَا ذَابَ ) أَيْ وَجَبَ ( لَكَ عَلَيْهِ ) وَمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ شَرْطِيَّةٌ مَعْنَاهُ إنْ بَايَعْت فُلَانًا فَيَكُونُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ ( أَوْ عُلِّقَتْ ) عَطْفٌ عَلَى صَحَّ دَيْنًا ( بِشَرْطٍ ) يَعْنِي صَرِيحَ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَفِي الْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ مَعْنَى الشَّرْطِ ( مُلَائِمٍ ) أَيْ مُنَاسِبٍ لِلْكَفَالَةِ بِأَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ ( نَحْوُ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ ) لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ نَحْوُ ( إنْ قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ أَوْ ) لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ نَحْوُ ( إنْ غَابَ زَيْدٌ ) الْمَكْفُولُ عَنْهُ ( عَنْ الْمِصْرِ ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنَاسِبٌ لِلْكَفَالَةِ كَالشُّرُوطِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا أَسْبَابٌ لِوُجُوبِ الْمَالِ فَتَنَاسَبَ ضَمُّ الذِّمَّةِ إلَى الذِّمَّةِ ( لَا ) أَيْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إنْ عُلِّقَتْ ( بِنَحْوِ ) أَيْ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ نَحْوُ ( إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ

الْكَافِي وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا سَهْوٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ لِأَنَّ الشَّرْطَ غَيْرُ مُلَائِمٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُلَائِمٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ أَقُولُ قَوْلُهُ سَهْوٌ خَطَأٌ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّة أَنَّ الْكَفَالَةَ مِمَّا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الصَّدْرَ الشَّهِيدَ يَنْقُلُ مَسْأَلَةً هِيَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ وَخَافَ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يُعْتِقَهُ الْمَوْلَى فَقَالَ رَجُلٌ لِصَاحِبِ الْمَالِ إنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فَأَنَا ضَامِنٌ لِدَيْنِك عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ ثُمَّ يَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ جَائِزٌ

( قَوْلُهُ أَيْ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ ) الْمُشْتَرِي فَاعِلُ يَضْمَنُ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الْكَفِيلَ وَلَكِنَّ الْكَفِيلَ كَفَالَةَ الدَّرَكِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ لَمْ يُؤَاخَذْ حَتَّى يُقْضَى بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ يُؤَاخِذُهُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ( قَوْلُهُ وَمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ شَرْطِيَّةٌ ) مَعْنَاهُ إنْ بَايَعْت فُلَانًا فَتَكُونُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ أَقُولُ لَكِنْ لَيْسَتْ مَا كَمِثْلِ إنْ فِي عَدَمِ الْعُمُومِ لِمَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَكَلِمَةُ مَا فِي مَا بَايَعْت فُلَانًا عَامَّةٌ لِأَنَّ حَرْفَ مَا يُوجِبُ الْعُمُومَ فَإِذَا لَمْ يُؤَقِّتْ فَذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْعُمُرِ وَمَا بَايَعْت مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْكَفِيلِ مَا لَمْ يُخْرِجْ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ لِوُجُودِ الْحَرْفِ الْمُوجِبِ لِلتَّعْمِيمِ فِي كَلَامِهِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ إنْ إذْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأَوَّلُ وَكُلَّمَا بِمَنْزِلَةِ مَا ا هـ مُلَخَّصًا وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ فِي الْحَالِ لِمَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَأَنَا ضَامِنٌ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْحَالِ ا هـ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ
إلَخْ ) مَا قَالَهُ لَيْسَ عِبَارَتُهَا فَإِنَّهَا وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ مَا بَايَعْت فُلَانًا أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَمَا غَصَبَك فَعَلَيَّ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى { وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلُ قَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلُ

قَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلَدِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الشُّرُوطِ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَأَمَّا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَجَلًا إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ .
لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ا هـ فَقَوْلُ الْهِدَايَةِ فَأَمَّا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ صَرَّحَ فِيهَا بِنَفْيِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِهُبُوبِ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ جَوَازِ الْكَفَالَةِ وَفَصَلَ مَسْأَلَةَ جَعْلِ هُبُوبِ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ أَجَلًا عَنْ مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِهِمَا بِقَوْلِهِ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَجَلًا إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا ا هـ يَعْنِي وَكَذَا لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ أَوْ الْمُرَادُ وَكَذَا لَا يَتَحَقَّقُ الصِّحَّةُ أَوْ الْمَعْنَى وَكَذَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّأْجِيلَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِخْدَامِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاشْتِبَاهُ الْحَاصِلُ فِي مَعْرِفَةِ فَاعِلِ لَا يَصِحُّ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ رَاجِعًا إلَّا إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَجَلًا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْغَيْرَ الْمُلَائِمَ لَا تَصِحُّ مَعَهُ الْكَفَالَةُ أَصْلًا وَمَعَ الْأَجَلِ الْغَيْرِ الْمُلَائِمِ تَصِحُّ حَالَّةً وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ لَكِنَّ تَعْلِيلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ يَقْتَضِي أَنَّ فِي التَّعْلِيقِ بِغَيْرِ الْمُلَائِمِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ حَالَّةً وَإِنَّمَا يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بَاطِلَةٌ فَتَصْحِيحُهُ بِحَمْلِ لَفْظِ تَعْلِيقِهَا عَلَى مَعْنَى

تَأْجِيلِهَا بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَدَمَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ ( قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْكَافِي ) لَيْسَ كَمَا قِيلَ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَيْ الشَّرْطُ مُلَائِمًا كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ إنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ لَا تَصِحُّ وَكَذَا إذَا كَفَلَ بِهِ إلَى مَجِيءِ الْمَطَرِ أَوْ هُبُوبِ الرِّيحِ بَطَلَ الْأَجَلُ وَصَحَّتْ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْآجَالِ الْمَعْرُوفَةِ بَيْنَ التُّجَّارِ ا هـ .
وَكَيْفَ يَتَأَتَّى نِسْبَةُ مَا ذُكِرَ إلَى الْكَافِي وَقَدْ قَالَ صَاحِبُهُ فِي الْكَنْزِ مُخْتَصَرِ مَتْنِ الْكَافِي أَعْنِي الْوَافِيَ وَلَا يَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ فَإِنْ جُعِلَ أَجَلًا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا ا هـ .
وَالْكَلَامُ عَلَى عِبَارَةِ الْكَافِي كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ ) هَذَا سَهْوٌ مَنْشَأُ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ اخْتِلَافُ نُسْخَةٍ مِنْ الْكَنْزِ وَعَلَيْهَا شَرَحَ الزَّيْلَعِيِّ بِقَوْلِهِ قَالَ وَلَا تَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا ا هـ .
وَلَا سَهْوَ فِي عِبَارَةِ الْكَنْزِ كَمَا لَا سَهْوَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي فَلَا يَرِدُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى صَحِيحِ نُسَخِ الْكَنْزِ ( قَوْلُهُ أَقُولُ قَوْلُهُ سَهْوٌ خَطَأٌ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّة أَنَّ الْكَفَالَةَ مِمَّا لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ) قُلْت يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ هَذَا مَتْنًا لَا تَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ خَطَأً لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَيْسَ خَطَأً بَلْ عَيْنُ الصَّوَابِ وَهَذَا لَيْسَ وَجْهًا لِلتَّخْطِئَةِ لِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ يَقُولُ أَيْضًا بِأَنَّ الْكَفَالَةَ مِمَّا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ فِي مَحَلِّهِ وَتَبِعْته أَنْتَ أَيْضًا وَلَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِيمَا إذَا كَفَلَ بِشَرْطٍ مَا أَيِّ شَرْطٍ كَانَ بَلْ فِي شَرْطٍ لَا تَعَلُّقَ

لِلْحَقِّ بِهِ وَلَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ لَكِنْ يُقَالُ فِيهِ نَظَرٌ بِمَا أَنَّ مَا قَالَهُ لَيْسَ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ نَقْلًا بِالْمَعْنَى التَّامِّ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْ صَاحِبِ الدُّرَرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَذْكُرَ عِبَارَةَ الْكِتَابَيْنِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ ( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ ) لَيْسَ بِظَاهِرٍ إذْ لَا اخْتِلَافَ رِوَايَةٍ فِي ذَلِكَ ( قَوْلُهُ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الصَّدْرَ الشَّهِيدَ
إلَخْ ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ مَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مِمَّا شَرْطُهُ مُتَعَارَفٌ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ غَابَ عَنْ الْمِصْرِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ بِالْعِتْقِ كَالْغِيبَةِ عَنْ الْمِصْرِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ جَائِزٌ ) غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَا دَلِيلَ بِمَا ظَهَرَ لَك أَنَّهَا مِمَّا شَرْطُهُ مُتَعَارَفٌ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ فِي رِسَالَةٍ مُسَمَّاةٍ بِبَسْطِ الْمَقَالَةِ وَرَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ مُوَافَقَتَهُ لِلْعَلَّامَةِ الْمَرْحُومِ جَوِي زَادَهْ مَكْتُوبًا بِحَاشِيَةِ بَعْضِ النُّسَخِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ

( وَلَا ) تَصِحُّ أَيْضًا ( بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ ، وَ ) بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ ( لَهُ ) الْأَوَّلِ ( نَحْوُ مَا ذَابَ لَك عَلَى النَّاسِ أَوْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَعَلَيَّ ، وَ ) الثَّانِي ( نَحْوُ مَا ذَابَ لِلنَّاسِ أَوْ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَيْك فَعَلَيَّ ) كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ .
( وَ ) لَا ( بِنَفْسِ حَدٍّ وَقِصَاصٍ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ شَرْطَهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ مِنْ الْكَفِيلِ وَهَذَانِ لَيْسَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ بِنَفْسِ حَدٍّ وَقِصَاصٍ احْتِرَازًا عَنْ الْكَفَالَةِ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ فَإِنَّهَا تَجُوزُ كَمَا مَرَّ ( وَ ) لَا ( بِحَمْلِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ وَخِدْمَةَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ مُسْتَأْجَرٍ لَهَا ) لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْحَمْلَ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَالْكَفِيلُ لَوْ أَعْطَى دَابَّةً مِنْ عِنْدِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فَصَارَ عَاجِزًا ضَرُورَةً وَكَذَا الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْحَمْلُ مُطْلَقًا وَالْكَفِيلُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ ( وَ ) لَا ( بِالثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ وَرَبِّ الْمَالِ ) أَيْ إذَا بَاعَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ ثَوْبًا بِأَمْرِهِ ثُمَّ ضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي لِلْآمِرِ أَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِرَبِّ الْمَالِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَوْ مَاتَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ حَالَ حَيَاتِهِ لَا يُعْمَلُ بِنَهْيِهِ فَلَوْ صَحَّ الضَّمَانُ صَارَ ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ

( قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ أَيْضًا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ ) فِيمَا ذَكَرَ آخِرَ الْبَابِ خِلَافٌ لِهَذَا وَهُوَ لَوْ قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنْ أَخَذُوا مَالَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأُخِذَ مَالُهُ ضَمِنَ وَتَصِحُّ مَعَ جَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ يَسِيرَةً مِثْلُ أَنْ يَقُولَ كَفَلْت لَك بِمَالِك عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ وَالتَّعْيِينُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا ثَبَتَ لَك عَلَى هَؤُلَاءِ أَوْ عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ تَصِحُّ ( قَوْلُهُ وَلَا بِحِمْلِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ ) قَيَّدَ بِالْحِمْلِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِتَسْلِيمِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ صَحِيحٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

( وَلِلشَّرِيكِ إذَا بِيعَ عَبْدٌ صَفْقَةً ) يَعْنِي بَاعَ رَجُلَانِ عَبْدَ الرَّجُلِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ بَطَلَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا اتَّحَدَتْ فَالثَّمَنُ يَجِبُ لَهُمَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ، فَلَوْ صَحَّ ضَمَانُ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ شَائِعًا صَارَ ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ ، وَلَوْ صَحَّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ خَاصَّةً يُؤَدِّي إلَى قِسْمَةِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حَقُّ كُلٍّ مِنْهُمَا مُفْرَزًا فِي حَيِّزٍ عَلَى حِدَةٍ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الدَّيْنِ ، وَإِنْ بَاعَا الْعَبْدَ صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ فَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا تَعَدَّدَتْ فِيمَا يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِعَقْدِهِ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً ( وَ ) لَا ( بِالْعُهْدَةِ ) لِأَنَّهَا اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يَقَعُ عَلَى الصَّكِّ الْقَدِيمِ وَالْعَقْدِ وَحُقُوقِ الْعَقْدِ وَالدَّرْكِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهَا قَبْلَ الْبَيَانِ وَلِذَلِكَ بَطَلَ الضَّمَانُ .
( وَ ) لَا ( بِالْخَلَاصِ ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ وَصَحَّ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمَا ضَمَانُ الثَّمَنِ إنْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ بِوُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَكُونُ كَالدَّرْكِ .
( وَ ) لَا ( بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ) لِأَنَّهُ فِي مَعْرِضِ الزَّوَالِ بِالْعَجْزِ فَلَا يَكُونُ دَيْنًا صَحِيحًا .
( وَ ) لَا ( عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ ) يَعْنِي إذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَكَفَلَ عَنْهُ لِلْغُرَمَاءِ رَجُلٌ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ عَنْ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ لِأَنَّ الدَّيْنَ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِدَيْنٍ يَجِبُ أَدَاؤُهُ لَكِنَّهُ فِي الْحُكْمِ مَالٌ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَيْهِ فِي الْمَالِ وَقَدْ عَجَزَ بِنَفْسِهِ

وَبِخَلَفِهِ فَفَاتَ عَاقِبَةُ الِاسْتِيفَاءِ فَسَقَطَ ضَرُورَةً .
( قَوْلُهُ وَلَا بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ) كَذَا مَالُ السِّعَايَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ كَذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ

( وَ ) لَا ( بِقَبُولِ الطَّالِبِ فِي الْمَجْلِسِ ) أَيْ مَجْلِسِ عَقْدِ الْكَفَالَةِ ( إلَّا ) فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ ( أَنْ يَكْفُلَ وَارِثُ الْمَرِيضِ عَنْهُ بِغَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَرِيضُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ بَعْضِهِمْ تَكَفَّلُوا عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ لِغُرَمَائِي فَضَمِنُوا بِهِ مَعَ غَيْبَتِهِمْ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ الطَّالِبَ غَائِبٌ وَلَا يَتِمُّ الضَّمَانُ إلَّا بِقَبُولِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ مِنْهُ لِوَرَثَتِهِ بِأَنْ يَقْضُوا دَيْنَهُ وَلِهَذَا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَرِيضُ الدَّيْنَ وَغُرَمَاءَهُ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا تَرَكَ مَالًا ( وَصَحَّتْ ) أَيْ الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ ( عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ) مُطْلَقًا فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ وَأَجَازَ ( وَبِهِ يُفْتَى ) كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ .
وَفِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ ( وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ ) أَيْ الْكَفِيلَ ( إذَا قَالَ بِطَرِيقِ الْإِخْبَارِ ) بِأَنْ يَقُولَ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ ( جَازَ ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ( وَ ) لَا ( بِالْأَمَانَاتِ ) كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ ( وَ ) لَا ( بِالْمَبِيعِ ) قَبْلَ الْقَبْضِ ( وَالْمَرْهُونِ ) بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ إلَّا بِدَفْعِهِ أَوْ دَفْعِ بَدَلِهِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الضَّمِّ فَيَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْأَمَانَاتُ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ وَالْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا الرَّهْنُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ بِنَفْسِهِ بَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ إذَا هَلَكَ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْكَفِيلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْأَصِيلِ ( وَتَجُوزُ ) أَيْ الْكَفَالَةُ (

بِتَسْلِيمِهَا ) أَيْ تَسْلِيمِ الْأَمَانَاتِ وَالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَجَبَ تَسْلِيمُهَا وَإِنْ هَلَكَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ كَالْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ ( وَقِيلَ إنْ وَجَبَ ) أَيْ تَسْلِيمُهَا ( عَلَى الْأَصِيلِ ) كَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ ( جَازَتْ ) أَيْ الْكَفَالَةُ ( بِهِ ) أَيْ بِتَسْلِيمِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهَا عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ ( فَلَا ) أَيْ لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِهَا
قَوْلُهُ وَصَحَّتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ أَفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رِفْقًا بِالنَّاسِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ وَجَبَ أَيْ تَسْلِيمُهَا
إلَخْ ) كَذَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِصِيغَةِ قِيلَ الْمُشْعِرَةِ بِالتَّمْرِيضِ وَقَدْ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ التُّحْفَةِ بِغَيْرِ تِلْكَ الصِّيغَةِ فَقَالَ .
وَفِي التُّحْفَةِ الْكَفَالَةُ بِأَمَانَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةِ التَّسْلِيمِ كَالْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ لَا تَصِحُّ أَصْلًا وَالْكَفَالَةُ بِأَمَانَةٍ وَاجِبَةِ التَّسْلِيمِ كَالْعَارِيَّةِ جَائِزَةٌ وَعَلَى الْكَفِيلِ تَسْلِيمُهَا فَإِنْ هَلَكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فَإِنْ ضَمِنَ تَسْلِيمَهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ جَازَ .
ا هـ .

( وَتَصِحُّ ) أَيْ الْكَفَالَةُ ( بِالثَّمَنِ ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ صَحِيحٌ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي ( وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَبِيعِ ) بَيْعًا ( فَاسِدًا ) فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ حَتَّى إذَا هَلَكَتْ عِنْدَهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فَأَمْكَنَ إيجَابُهُ عَلَى الْكَفِيلِ .
( وَ ) تَصِحُّ ( بِالْخَرَاجِ ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ مُطَالَبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَصَارَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا فِعْلٌ هُوَ عِبَادَةٌ وَالْمَالُ مَحَلُّهُ وَلِهَذَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا بِوَصِيَّةٍ ( وَالنَّوَائِبِ ) قِيلَ هِيَ مَا يَكُونُ بِحَقٍّ كَأُجْرَةِ الْحَارِسِ وَكَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَالِ الْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ وَفِدَاءِ الْأَسْرَى وَقِيلَ هِيَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ الَّتِي فِي زَمَانِنَا يَأْخُذُ الظَّلَمَةُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ جَازَ الْكَفَالَةُ بِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مَضْمُونٌ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ ( وَالْقِسْمَةِ ) هِيَ النَّوَائِبُ إلَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ مَا يَكُونُ رَاتِبًا وَالنَّوَائِبُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُوَظِّفُهَا الْإِمَامُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ وَقِيلَ هِيَ أَنْ يَمْتَنِعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ فَيَضْمَنُهُ شَخْصٌ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ ( وَالدَّرْكِ ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ ( وَالشَّجَّةِ ) وَهِيَ الْجِرَاحَةُ وَالْكَفَالَةُ بِهَا أَنْ يَقُولَ كَفَلْت بِمُوجَبِهَا وَهُوَ الْأَرْشُ ( وَقَطْعِ الْأَطْرَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجَبَهُ الْقِصَاصُ ) بَلْ الدِّيَةُ إذْ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ مَالٌ وَاجِبُ الْأَدَاءِ ( قَالَ أَدْفَعُهُ إلَيْك أَوْ أَقْضِيهِ لَا يَكُونُ كَفَالَةً إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ أَوْ عَلَّقَ ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ .
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ لَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك أَوْ أَقْضِيهِ ؛ لَا يَكُونُ

كَفَالَةً مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بِأَنْ يَقُولَ كَفَلْت أَوْ ضَمِنْت أَوْ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ أَمَّا لَوْ قَالَ تَعْلِيقًا يَكُونُ كَفَالَةً نَحْوُ إنْ قَالَ إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ فَأَنَا أُؤَدِّي تَصِحُّ
( قَوْلُهُ وَتَصِحُّ بِالْخَرَاجِ ) قِيلَ الْمُرَادُ بِالْخَرَاجِ الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ بِالذِّمَّةِ بِأَنْ يُوَظِّفَ الْإِمَامُ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى مَا يَرَاهُ لِإِخْرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ وَهُوَ مَا يَقْسِمُهُ الْإِمَامُ مِنْ غَلَّةِ الْأَرْضِ كَالرُّبُعِ أَوْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ

( لِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ مَعَ الْكَفِيلِ ) لِأَنَّ مَفْهُومَ الْكَفَالَةِ وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ يَقْتَضِي قِيَامَ الذِّمَّةِ الْأُولَى لَا الْبَرَاءَةَ عَنْهَا ( إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَتَكُونُ ) أَيْ الْكَفَالَةُ حِينَئِذٍ ( حَوَالَةً ) اعْتِبَارًا لِلْمَعْنَى ( كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ عَدَمِ الْبَرَاءَةِ ) أَيْ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ ( كَفَالَةٌ وَلَهُ ) أَيْضًا ( مُطَالَبَةُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْآخَرِ ) لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا الضَّمُّ لَا التَّمْلِيكُ بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا اخْتَارَ أَحَدَ الْقَاضِيَيْنِ حَيْثُ يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ مِنْهُ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْلِيكُ مِنْ الثَّانِي ( كُفِلَ بِمَا لَك عَلَيْهِ ) أَيْ قَالَ كَفَلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ ( فَإِنْ بَرْهَنَ ) أَيْ الطَّالِبُ ( عَلَى أَلْفٍ لَزِمَهُ ) أَيْ الْأَلْفُ لِلْكَفِيلِ فَإِنَّ الثَّابِتَ بِالْبُرْهَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ ( صُدِّقَ الْكَفِيلُ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ ( لَا الْأَصِيلُ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ ) فِي حَقِّ الْكَفِيلِ يَعْنِي إنْ اعْتَرَفَ الْأَصِيلُ بِالزَّائِدِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْكَفِيلُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى كَفِيلِهِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ بَلْ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ( كَفَلَ بِأَمْرِهِ ) يَعْنِي تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِلَا أَمَرَهُ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الزَّعِيمُ غَارِمٌ } فَإِذَا كَفَلَ بِأَمْرِهِ وَأَدَّى ( رَجَعَ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ( بِمَا أَدَّى إذَا أَدَّى مَا ضَمِنَهُ ) لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِذَا أَدَّى خِلَافَهُ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ لَا بِمَا أَدَّى حَتَّى لَوْ كَفَلَ بِالْجِيَادِ وَأَدَّى الزُّيُوفَ وَتَجَوَّزَ مَنْ لَهُ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ رَجَعَ بِالْجِيَادِ وَلَوْ كَفَلَ بِالزُّيُوفِ وَادَّعَى الْجِيَادَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالزُّيُوفِ لِأَنَّ رُجُوعَ الْكَفِيلِ بِحُكْمِ

الْكَفَالَةِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَفَالَةِ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمْلِكَهُ بِالْأَدَاءِ بَلْ كَانَ مُقْرِضًا فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى ( وَلَا يُطَالِبُهُ ) أَيْ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ بِالْمَالِ ( قَبْلَ الْأَدَاءِ ) الْمَكْفُولِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَيَمْلِكُهُ بَعْدَهُ فَيَرْجِعُ ( وَبِدُونِهِ ) أَيْ بِدُونِ أَمْرِهِ ( لَمْ يَرْجِعْ ) بِمَا أَدَّى لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِيهِ ( وَإِنْ ) وَصْلِيَّةٌ ( أَجَازَ ) أَيْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ( بَعْدَ الْعِلْمِ ) لِأَنَّ كُلَّ كَفَالَةٍ تَنْعَقِدُ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلرَّدِّ لَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً أَبَدًا كَذَا فِي الْعِنَايَةِ

( قَوْلُهُ وَلَهُ أَيْضًا مُطَالَبَةُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْآخَرِ ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ مَعَ الْأَصِيلِ
إلَخْ قَوْلُهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الرُّجُوعِ ذِكْرُ الضَّمَانِ وَلَا اشْتِرَاطُ الرُّجُوعِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ قَدْ طُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ وَمَا إذَا قَالَ أَدِّ عَنِّي زَكَاةَ مَالِي أَوْ أَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْكَفَالَةِ يَتَضَمَّنُ طَلَبَ الْقَرْضِ إذَا ذَكَرَ لَفْظَةَ عَنِّي وَفِي قَضَاءِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ طَلَبُ اتِّهَابٍ وَلَوْ ذَكَرَ لَفْظَةَ عَنِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ إذَا قَالَ عَنِّي أَوْ عَلَيَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ خَلِيطًا رَجَعَ وَإِلَّا لَا ا هـ .
وَقَالَ قَاضِي خَانْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَمَرَ صَيْرَفِيًّا لَهُ فِي الْمُصَارَفَةِ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً عَنْهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ قَضَاءً عَنْهُ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَيْرَفِيًّا لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنِّي وَلَوْ أَمَرَهُ أَسِيرٌ بِشِرَائِهِ أَوْ بِدَفْعِ الْفِدَاءِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْفِقْ مِنْ مَالِك عَلَى عِيَالِي أَوْ فِي بِنَاءِ دَارِي رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ وَكَذَا لَوْ قَالَ اقْضِ دَيْنِي يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ا هـ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى ) أَيْ مِنْ الزُّيُوفِ فَيَأْخُذُ زُيُوفًا مِثْلَهَا وَلَوْ تَجَوَّزَ بِهَا رَبُّ الدَّيْنِ عَنْ الْجِيَادِ وَإِنْ أَدَّى أَجْوَدَ رَجَعَ بِمِثْلِ الدَّيْنِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ أَعْطَاهُ بِهَا أَيْ بِالْجِيَادِ الَّتِي كَفَلَهَا دَنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا

مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ مَا ضَمِنَ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ الْعِلْمِ
إلَخْ ) هَذَا إذَا أَجَازَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ أَمَّا إذَا أَجَازَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ

( قَالَ اضْمَنْ أَلْفًا لِفُلَانٍ عَلَيَّ ) فَضَمِنَ ( فَأَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَالَ عَنِّي ) كَمَا مَرَّ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ ( فَإِنْ لُوزِمَ ) أَيْ لَازَمَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ لِطَلَبِ الْمَالِ ( لَازَمَهُ ) أَيْ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ ( وَإِنْ حُبِسَ ) أَيْ صَارَ الْكَفِيلُ مَحْبُوسًا ( حُبِسَ هُوَ ) الْمَكْفُولُ عَنْهُ إذْ لَمْ يَلْحَقْهُ مَا لَحِقَهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيُجَازَى بِمِثْلِهِ ( أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إنْ قَبِلَ ) أَيْ الْأَصِيلُ الْإِبْرَاءَ ( بَرِئَا ) أَيْ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مَعًا ( أَوْ أَخَّرَهُ ) أَيْ الطَّالِبُ الطَّلَبَ ( عَنْهُ ) أَيْ الْأَصِيلِ ( تَأَخَّرَ عَنْهُمَا ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْكَفِيلُ تَابِعٌ ( بِلَا عَكْسٍ فِيهِمَا ) لِاسْتِلْزَامِهِ تَبَعِيَّةِ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ ( وَلَوْ أَبْرَأَ ) أَيْ الطَّالِبُ ( الْكَفِيلَ ) فَقَطْ ( بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ) إذْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِيَحْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ بَلْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ ( وَلَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ ) أَيْ لِلْكَفِيلِ إنْ كَانَ غَنِيًّا ( أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ ) إنْ كَانَ فَقِيرًا ( يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ تَصِحُّ إذَا سُلِّطَ عَلَيْهِ وَالْكَفِيلُ مُسَلَّطٌ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْجُمْلَةِ كَذَا فِي الْكَافِي ( وَبَعْدَهُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ ) كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

( قَوْلُهُ قَالَ اضْمَنْ أَلْفًا لِفُلَانٍ عَلَيَّ
إلَخْ ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِحُكْمِ مَا إذَا أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ عَنْهُ لِأَنَّ صِيغَةَ عَلَيَّ كَقَوْلِهِ عَنِّي وَإِحْدَى الصِّيغَتَيْنِ كَافٍ لِلرُّجُوعِ وَإِذَا تَجَرَّدَ الْكَلَامُ عَنْهَا جَمِيعًا لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا لِلْآمِرِ أَوْ فِي عِيَالِهِ أَوْ صَيْرَفِيًّا لَهُ فَيَرْجِعُ مُطْلَقًا لِمَا نَذْكُرُ فَلَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَيْ الصِّيغَتَيْنِ لِاشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ وَلَعَلَّ لَفَظَّةَ عَلَيَّ زَائِدَةٌ لِتَكُونَ بَيَانًا لِمَا يَكُونُ بِهِ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ وَمَا لَا يَكُونُ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ فِي هَذَا سَهْوًا بِزِيَادَةِ لَفَظَّةِ عَلَيَّ بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ خَلِيطٍ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَلَا هُوَ فِي عِيَالِهِ اقْضِ فُلَانًا أَلْفًا وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي فَأَدَّى الْمَأْمُورُ أَلْفًا يَحْكُمُ لَهُ أَيْ أَبُو يُوسُفَ لِلْمَأْمُورِ بِالرُّجُوعِ وَقَالَا لَا يَرْجِعُ قَيَّدَ بِغَيْرِ خَلِيطٍ إذْ لَوْ كَانَ خَلِيطًا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا لِقِيَامِ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لِلْآمِرِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ اقْضِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَدِّ لَا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي إذْ لَوْ قَالَ عَنِّي يَرْجِعُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا وَلَا هُوَ فِي عِيَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ الْآمِرُ فِي عِيَالِ الْمَأْمُورِ يَرْجِعُ اتِّفَاقًا مِنْ الْحَقَائِقِ ، لَهُ أَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَأْمُرُ بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ اقْضِ عَنِّي وَلَهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ أَلْفًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِلْمَأْمُورِ وَأَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِلْآمِرِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا رَأَى غَيْرَهُ يُمَاطِلُ فِي دَيْنِهِ يَأْمُرُهُ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَرْجِعُ بِالشَّكِّ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ إنَّ الرُّجُوعَ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ

يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْأَمْرُ فَيَخْرُجُ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ وَثَانِيهِمَا أَنْ يَشْتَمِلَ كَلَامُهُ عَلَى لَفَظَّةِ عَنِّي كَأَنْ يَقُولَ اُكْفُلْ عَنِّي اضْمَنْ عَنِّي لِفُلَانٍ أَوْ عَلَيَّ ا هـ .
وَقَالَ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اُكْفُلْ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنِّي أَوْ قَالَ اُنْقُدْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَيَّ أَوْ قَالَ اضْمَنْ لَهُ عَنِّي أَوْ قَالَ اضْمَنْ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيَّ أَوْ قَالَ اقْضِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ أَوْ قَالَ اقْضِهِ عَنِّي أَوْ قَالَ أَعْطِهِ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ أَوْ قَالَ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَوْفِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمَا دَفَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُجَرَّدِ إذَا قَالَ لِآخَرَ اضْمَنْ لِفُلَانٍ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ فَضَمِنَهَا وَادَّعَى إلَيْهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فِي الضَّمَانِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا لِلْآمِرِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ اقْضِهِ وَالْخَلِيطُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي عِيَالِهِ كَالْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَابْنِ الْأَخِ فِي عِيَالِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ شَرِيكِهِ شَرِكَةَ عِنَانٍ كَذَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ الْخَلِيطُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الرَّجُلُ وَيُعْطِيهِ وَيُؤْتِيهِ وَيَضَعُ عِنْدَهُ الْمَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ ا هـ .
( قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ ) لَمْ يَذْكُرْهُ ثَمَّةَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ فَإِنْ لُوزِمَ لَازَمَهُ
إلَخْ ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أُصُولِ الدَّائِنِ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ أَصْلًا لَا يُحْبَسُ كَفِيلُهُ وَلَا يُلَازَمُ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِهِ ذَلِكَ بِالْأَصِيلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ ( قَوْلُهُ أَبْرَأَ الطَّالِبَ الْأَصِيلُ
إلَخْ ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْكَفِيلَ حُكْمُ إبْرَائِهِ وَالْهِبَةِ يَخْتَلِفُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ وَفِي الْهِبَةِ

وَالصَّدَقَةِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ وَفِي الْأَصِيلِ يَتَّفِقُ حُكْمُ إبْرَائِهِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْكُلِّ ا هـ .
وَمَوْتُ الْأَصِيلِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبُولِ وَلَوْ رَدَّهُ ارْتَدَّ وَدُيِّنَ الطَّالِبُ عَلَى حَالِهِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَعُودُ إلَى الْكَفِيلِ أَمْ لَا فَبَعْضُهُمْ يَعُودُ وَبَعْضُهُمْ لَا كَمَا فِي الْفَتْحِ

( صَالَحَ أَحَدُهُمَا ) مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ ( الطَّالِبَ عَنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ بَرِئَا ) أَيْ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ لِأَنَّهُ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى الْأَلْفِ الدَّيْنِ وَهُوَ عَلَى الْأَصِيلِ فَيَبْرَأُ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ وَبَرَاءَتُهُ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ .
( وَ ) وَإِنْ أَدَّاهَا الْكَفِيلُ ( رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِهَا ) أَيْ بِخَمْسِمِائَةٍ أَدَّاهَا ( إنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ ) إذْ بِالْأَدَاءِ يَمْلِكُ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ فَاسْتَوْجَبَ الرُّجُوعَ ( وَلَوْ ) صَالَحَ ( عَلَى جِنْسٍ آخَرَ رَجَعَ بِالْأَلْفِ ) لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ فَمَلَكَ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ فَرَجَعَ بِكُلِّهِ عَلَيْهِ ( صَالَحَ ) أَيْ الْكَفِيلُ ( عَنْ مُوجَبِ الْكَفَالَةِ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ ) لِأَنَّ مُوجَبَهَا الْمُطَالَبَةُ وَإِبْرَاءُ الْكَفِيلِ عَنْهَا لَا يُوجِبُ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ ( قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ بَرِئْتَ إلَيَّ مِنْ الْمَالِ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِقَبْضِ الْمَالِ مِنْ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ أَسْنَدَ الْبَرَاءَةَ إلَى الْكَفِيلِ وَغَيَّاهَا إلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ إلَيَّ وَالْبَرَاءَةُ الَّتِي ابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْكَفِيلِ وَانْتِهَاؤُهَا إلَى الطَّالِبِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْإِيفَاءِ فَكَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالْقَبْضِ مِنْهُ فَيَرْجِعُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ ( وَفِي أَبْرَأْتُك لَا ) أَيْ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ لَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْقَبْضِ مِنْ الْكَفِيلِ ( وَاخْتَلَفَتْ فِي بُرِّئْت ) يَعْنِي إذَا قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ بُرِّئْت وَلَمْ يَقُلْ إلَيَّ فَهُوَ إبْرَاءٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا غَابَ الطَّالِبُ ( وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي الْبَيَانِ ) لِصُدُورِ الْإِجْمَاعِ عَنْهُ

( قَوْلُهُ بُرِّئَا أَيْ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ لِأَنَّهُ أَضَافَ الصُّلْحَ
إلَخْ ) الضَّمِيرُ فِي لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْكَفِيلِ وَلَمْ يُعَلِّلْ لِمَا إذَا صَالَحَ الْأَصِيلُ لِظُهُورِهِ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَقِيلَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ فَأَخَّرَهُ وَهُوَ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَيْنِ فَالْمَصِيرُ إلَيْهِ أَوْلَى ا هـ .
( قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ

( لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْكَفَالَةِ ( بِالشَّرْطِ ) مِثْلُ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهَا لِأَنَّ فِي الْإِبْرَاءِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ عَلَى الْكَفِيلِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ فَلِأَنَّ فِيهَا تَمْلِيكَ الْمُطَالَبَةِ وَهِيَ كَالدَّيْنِ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَيْهِ وَالتَّمْلِيكُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَقِيلَ يَصِحُّ لِأَنَّ الثَّابِتَ فِيهَا عَلَى الْكَفِيلِ الْمُطَالَبَةُ لَا الدَّيْنُ فِي الصَّحِيحِ فَكَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَقِيلَ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلطَّالِبِ أَصْلًا نَحْوُ إذَا جَاءَ غَدٌ لَا يَجُوزُ وَإِذَا كَانَ مُلَائِمًا مُتَعَارَفًا فِيهِ نَفْعٌ لِلطَّالِبِ يَجُوزُ كَمَا إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ وَالنَّفْسِ وَقَالَ إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَقَبِلَ الطَّالِبُ فَوَافَاهُ الْكَفِيلُ فِي الْغَدِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ
( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَصِحُّ ) أَيْ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ أَوْجَهُ لَانَ الْمَنْعَ لِمَعْنَى التَّمْلِيكِ وَذَا يَتَحَقَّقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَطْلُوبِ أَمَّا الْكَفِيلُ فَالْمُتَحَقِّقُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ فَكَانَ إبْرَاؤُهُ إسْقَاطًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ مِنْ الْكَفِيلِ بِخِلَافِ الْأَصِيلِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ ) لَعَلَّ صَوَابَهُ النِّهَايَةُ

( مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ ) أَيْ الدَّيْنُ ( عَلَيْهِ فَإِنْ أَدَّى وَارِثُهُ لَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ حُلُولِهِ ) لِأَنَّ الْكَفِيلَ الْتَزَمَ الدَّيْنَ مُؤَجَّلًا فَلَوْ رَجَعُوا بِالْمُعَجَّلِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فِي الْمَالِيَّةِ يَكُونُ رِبًا ( وَإِنْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ عَلَيْهِ الْأَجَلُ فَقَطْ وَإِنْ مَاتَا ) أَيْ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ ( فَالطَّالِبُ يَأْخُذُهُ مِنْ أَيِّ التَّرِكَتَيْنِ شَاءَ ) لِأَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ ( لَا يَسْتَرِدُّ أَصِيلٌ مَا أَدَّى إلَى كَفِيلِهِ ) لِيَدْفَعَهُ إلَى طَالِبِهِ ( وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ طَالِبُهُ ) إذْ تَعَلَّقَ حَقٌّ بِهِ عَلَى احْتِمَالِ قَضَائِهِ الدَّيْنَ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِرْدَادُ مَا بَقِيَ هَذَا الِاحْتِمَالُ كَمَنْ عَجَّلَ زَكَاتَهُ وَدَفَعَهَا إلَى السَّاعِي ( وَإِنْ رَبِحَ ) أَيْ الْكَفِيلُ ( بِهِ ) أَيْ بِالْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ الطَّالِبَ ( طَابَ لَهُ ) أَيْ لِلْكَفِيلِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ وَكَانَ الرِّبْحُ بَدَلَ مِلْكِهِ ( وَنُدِبَ رَدُّهُ ) أَيْ الرِّبْحِ ( عَلَى قَاضِيهِ ) وَهُوَ الْأَصِيلُ ( فِيمَا يَتَعَيَّنُ ) بِالتَّعْيِينِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ هَذَا إذَا قَضَى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقَالَا لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ

( قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّى وَارِثُهُ لَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ حُلُولِهِ ) وَقَالَ زُفَرُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ عَلَيْهِ الْأَجَلُ فَقَطْ ) أَيْ لَا عَلَى الْكَفِيلِ فَالطَّالِبُ إنْ شَاءَ طَالَبَ فِي تَرِكَةِ الْمَطْلُوبِ الْآنَ لِحُلُولِ الْأَجَلِ بِالْمَوْتِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ فَطَالَبَ الْكَفِيلَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّ بِمَوْتِهِمَا حَلَّ الْأَجَلُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ا هـ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إنَّمَا هُوَ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ ( قَوْلُهُ وَإِنْ رَبِحَ الْكَفِيلُ بِهِ ) أَيْ بِالْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الطَّالِبَ طَلَبَ لَهُ هَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَقَدْ قَضَى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَا خَبَثَ فِي الرِّبْحِ أَصْلًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا قَضَاهُ الْأَصِيلُ فَفِي الرِّبْحِ نَوْعُ خَبَثٍ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَأَصْلُهُ الْخِلَافُ فِي الرِّبْحِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالنِّهَايَةِ وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ وَلَمْ يَقُلْ قَضَاءً وَلَا بِجِهَةِ الرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْقَضَاءِ ا هـ فَعَلَيْهِ يَكُونُ لِلْكَفِيلِ مَا رَبِحَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( قَوْلُهُ وَنُدِبَ رَدُّهُ عَلَى قَاضِيهِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ ) هَذَا رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالْأَصْلِ عَنْهُ الرِّبْحُ لَهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ عَلَى الْأَصِيلِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَوَجْهُ كُلٍّ فِي

الْعِنَايَةِ ثُمَّ إذَا رَدَّهُ عَلَى قَاضِيهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا طَابَ لَهُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْإِمَامَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَطِيبَ لَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْأَوْجَهُ طِيبُهُ لَهُ ( قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا قَضَى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يَعْنِي الْخِلَافَ إذَا أَعْطَاهُ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ لِدَيْنِهِ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ بِالِاتِّفَاقِ

( أَمَرَ كَفِيلَهُ بِبَيْعِ الْعِينَةِ فَفَعَلَ فَالْمَبِيعُ لِلْكَفِيلِ وَالرِّبْحُ ) الَّذِي حَصَلَ لِلْبَائِعِ يَكُونُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْكَفِيلِ لَا الْآمِرِ بَيَانُهُ أَنَّ الْأَصِيلَ أَمَرَ الْكَفِيلَ بِبَيْعِ الْعِينَةِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ النَّاسِ نَوْعًا مِنْ الْأَقْمِشَةِ ثُمَّ بِعْهُ فَمَا رَبِحَهُ الْبَائِعُ مِنْك وَخَسِرْته أَنْتَ فَعَلَيَّ وَهُوَ يَأْتِي إلَى تَاجِرٍ فَيَطْلُبَ مِنْهُ الْقَرْضَ وَيَطْلُبُ التَّاجِرُ مِنْهُ الرِّبْحَ وَيَخَافُ مِنْ الرِّبَا فَيَبِيعُهُ التَّاجِرُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً مَثَلًا بِخَمْسَةَ عَشْرَ نَسِيئَةً فَيَبِيعُهُ هُوَ فِي السُّوقِ بِعَشَرَةٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الْعَشَرَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ أَوْ يُقْرِضُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَبِيعُهُ الْمُقْرِضُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَقْرَضَهُ عَلَى أَنَّهَا ثَمَنُ الثَّوْبِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَرْضًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَفَذَ عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ الَّذِي رَبِحَهُ التَّاجِرُ يَلْزَمُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إمَّا ضَامِنٌ لِمَا يَخْسَرُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا لِلْوُجُوبِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ بَائِعٍ فِي السُّوقِ فَمَا خَسِرْت فَعَلَيَّ وَإِمَّا تَوْكِيلٌ بِالشِّرَاءِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ نَظَرًا إلَى الْأَمْرِ بِهِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا لِجَهَالَةِ نَوْعِ الثَّوْبِ فِي ثَمَنِهِ وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْبَيْعِ عِينَةً لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ يُقَالُ بَاعَهُ بِعِينَةٍ أَيْ نَسِيئَةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ) وَذَكَرَ وُجُوهًا أُخَرَ لِتَسْمِيَتِهِ ثُمَّ قَالُوا هَذَا النَّوْعُ مَذْمُومٌ شَرْعًا اخْتَرَعَهُ أَكْلَةُ الرِّبَا وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ذَلَلْتُمْ وَظَهَرَ عَلَيْكُمْ عَدُوُّكُمْ } ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا الْبَيْعُ مَكْرُوهٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُكْرَهُ هَذَا الْبَيْعُ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَحَمِدُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَعُدُّوهُ مِنْ الرِّبَا حَتَّى لَوْ بَاعَ كَاغِدَةً بِأَلْفٍ يَجُوزُ وَلَا يُكْرَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْبَيْعُ فِي قَلْبِي كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ اخْتَرَعَهُ أَكْلَةُ الرِّبَا وَقَدْ ذَمَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ { إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ذَلَلْتُمْ فَظَهَرَ عَلَيْكُمْ عَدُوُّكُمْ } أَيْ اشْتَغَلْتُمْ بِالْحَرْثِ عَنْ الْجِهَادِ وَفِي رِوَايَةٍ سُلِّطَ عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ وَقِيلَ إيَّاكَ وَالْعِينَةُ فَإِنَّهَا لَعِينَةٌ وَأَشَدُّ مِنْ بَيْعِ الْعِينَةِ الْبِيَاعَاتُ الْكَائِنَةُ الْآنَ كَمَبِيعِ الْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ الْحَالُ عَلَى وَزْنِهَا مَظْرُوفَةً ثُمَّ إسْقَاطُ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الظَّرْفِ وَبِهِ يَصِيرُ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ الْمُحَرَّمِ فَأَيْنَ هُوَ مِنْ بَيْعِ الْعِينَةِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَلَفِ فِي كَرَاهَتِهِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي فِي قَلْبِي أَنَّهُ إذَا أَخَذَ ثَوْبًا بِثَمَنٍ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَاضٍ وَرَدَّ بَعْضًا مِنْ الثَّمَنِ وَيَبِيعُهَا لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ

( كَفَلَ بِمَا ذَابَ لَهُ أَوْ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ بِمَا لَزِمَهُ لَهُ ) أَيْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ لِرَجُلٍ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَيْهِ ( فَغَابَ الْأَصِيلُ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا رُدَّ ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ بُرْهَانُهُ عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيَقْضِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ الْقَضَاءُ بِالْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ لِكَوْنِهِ غَائِبًا ( بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ ) الْغَائِبِ ( كَذَا وَهَذَا كَفِيلُهُ قُضِيَ عَلَى الْوَكِيلِ ) لِأَنَّ الْمُدَّعَى هَاهُنَا مَالٌ مُطْلَقٌ فَأَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْمَالِ مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ ( وَلَوْ زَادَ بِأَمْرِهِ قُضِيَ عَلَيْهِمَا ) لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِأَمْرِهِ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَمُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَالْقَضَاءُ بِأَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ قَضَاءً بِالْآخَرِ فَإِذَا قَضَى بِهَا الْآمِرُ ثَبَتَ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْمَالِ فَيَصِيرُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَالْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَمَسُّ جَانِبَهُ لِأَنَّ صِحَّتَهَا تَعْتَمِدُ قِيَامَ الدَّيْنِ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ فَلَا يَتَعَدَّى عَنْهُ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ بِأَمْرِهِ قَضَى عَلَيْهِمَا ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَشَارِحُ الْمَجْمَعِ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا قَضَى بِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ كَانَ أَنْكَرَهُ خِلَافًا لِزُفَرَ

( كَفَالَتُهُ بِالدَّرَكِ تَسْلِيمٌ ) لِلْمَبِيعِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ حَتَّى لَا تَجُوزُ لَهُ بَعْدَهَا دَعْوَى مَلَكِيَّتِهِ ( كَكَتْبِ شَهَادَتِهِ فِي صَكٍّ كَتَبَ فِيهِ بَاعَ مِلْكَهُ أَوْ ) بَاعَ ( بَيْعًا نَافِذًا بَاتًّا ) فَإِنَّهُ أَيْضًا تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ ( لَا كَتْبِ شَهَادَتِهِ فِي صَكِّ بَيْعٍ مُطْلَقٍ ) عَنْ قَيْدِ الْمِلْكِيَّةِ وَكَوْنِهِ نَافِذًا بَاتًّا ( فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا ) بَلْ يُسْمَعُ بَعْدَهُ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ يَصْدُرُ عَنْ غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَعَلَّهُ كَتَبَ الشَّهَادَةَ لِيَحْفَظَ الْوَاقِعَةَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا ذُكِرَ ( كَكَتْبِ شَهَادَتِهِ عَلَى إقْرَارِ الْعَاقِدَيْنِ ) فَإِنَّهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ إخْبَارٍ وَلَوْ أَخْبَرَ بِأَنَّ فُلَانًا بَاعَ شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ

( قَالَ ضَمِنْته لَك إلَى شَهْرٍ وَقَالَ الطَّالِبُ حَالًّا فَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ ) يَعْنِي إذَا قَالَ الْكَفِيلُ لِلطَّالِبِ ضَمِنْت لَك عَنْ فُلَانٍ أَلْفًا إلَى شَهْرٍ فَلَا تُطَالِبْنِي الْآنَ وَقَالَ الطَّالِبُ هُوَ حَالٌّ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ ( وَعُكِسَ فِي لَك عَلَيَّ مِائَةٌ إلَى شَهْرٍ إذَا قَالَ الْآخَرُ حَالَّةٌ ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يُقِرَّ بِالدَّيْنِ إذْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا بَلْ أَقَرَّ بِمُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ الشَّهْرِ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ لَهُ وَالْمُقِرُّ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى حَقًّا لِنَفْسِهِ وَهُوَ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ إلَى شَهْرٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ ( لَا يُؤَاخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ) لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ يُقْضَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ

( قَالَ لِآخَرَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَ وَأَخَذُوا مَالَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَا إنْ كَانَ مَخُوفًا وَأُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ ) وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا ( ضَمِنَ ) وَصَارَ غَارًّا الْأَصْلُ أَنَّ الْمَغْرُورَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ إذَا حَصَلَ الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ ضَمِنَ الْغَارُ صِفَةَ السَّلَامَةِ لِلْمَغْرُورِ نَصًّا حَتَّى لَوْ قَالَ الطَّحَّانُ لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ اجْعَلْ الْحِنْطَةَ فِي الدَّلْوِ فَجَعَلَهَا فِي الدَّلْوِ فَذَهَبَ مِنْ ثُقْبَةِ مَا كَانَ فِيهِ إلَى الْمَاءِ وَالطَّحَّانُ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ صَارَ غَارًّا فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ ثَمَّةَ مَا ضَمِنَ السَّلَامَةَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَهَاهُنَا الْعَقْدُ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَخُوفًا
إلَخْ ) وَارِدٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ

فَصْلٌ ( لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ لَمْ يَجُزْ ) يَعْنِي إذَا كَفَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَوْ انْصَرَفَ إلَى نَصِيبِهِ يَكُونُ قِسْمَةَ الدَّيْنِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ انْصَرَفَ إلَى الشَّائِعِ يَكُونُ ضَامِنًا لِنَفْسِهِ فَلَوْ قَضَى بِحُكْمِ الضَّمَانِ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ لِلْأَدَاءِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَدَّى مُتَبَرِّعًا جَازَ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ وَبِهِ يَصِيرُ عَيْنًا وَتَمَيُّزُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِصَيْرُورَتِهِ عَيْنًا بِفِعْلِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ( وَعَلَيْهِمَا دَيْنٌ لِآخَرَ ) بِأَنْ اشْتَرَيَا عَبْدًا بِأَلْفٍ ( وَكَفَلَ كُلٌّ عَنْ الْآخَرِ جَازَ ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ ( وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى شَرِيكِهِ إلَّا بِمَا أَدَّى زَائِدًا عَلَى النِّصْفِ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصِيلٌ فِي النِّصْفِ وَكَفِيلٌ فِي النِّصْفِ فَمَا يُؤَدِّيهِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ أَصَالَةً إذْ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا عَلَيْهِ أَصَالَةً وَبَيْنَ مَا عَلَيْهِ كَفَالَةً لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَيْنٌ وَمُطَالَبَةٌ وَالثَّانِي مُطَالَبَةٌ فَقَطْ وَأَمَّا الزَّائِدُ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ كَفَالَةً وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي النِّصْفِ عَنْ صَاحِبِهِ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُجْعَلَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لِأَنَّ الْمُؤَدِّي نَائِبُهُ وَأَدَاءُ نَائِبِهِ كَأَدَائِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ
فَصْلٌ ( قَوْلُهُ لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلِلشَّرِيكِ إذَا بِيعَ عَبْدٌ صَفْقَةً مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى هَذَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْهِدَايَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فَلَوْ قَضَى بِحُكْمِ الضَّمَانِ
إلَخْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ

( كَفَلَا بِشَيْءٍ عَنْ رَجُلٍ بِالتَّعَاقُبِ وَكَفَلَ كُلٌّ بِهِ ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ ( عَنْ الْآخَرِ بِأَمْرِهِ ) يَعْنِي إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَكَفَلَ عَنْهُ رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ ثُمَّ كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِمَا لَزِمَهُ بِالْكَفَالَةِ إذَا الْكَفَالَةُ بِالْكَفِيلِ جَائِزَةٌ ( فَمَا أَدَّى ) أَيْ أَحَدُهُمَا ( يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ عَلَى شَرِيكِهِ ) ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ ( أَوْ ) رَجَعَ هُوَ ( بِالْكُلِّ عَلَى الْأَصِيلِ ) لِأَنَّ مَا عَلَيْهِمَا مُسْتَوِيَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ إذْ الْكُلُّ كَفَالَةٌ فَيَكُونُ الْمُؤَدَّى شَائِعًا بَيْنَهُمَا فَيَرْجِعُ بِنِصْفِهِ عَلَى شَرِيكِهِ إذْ لَا يُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ هَذَا إذَا كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِالْجَمِيعِ ( وَأَمَّا إذَا كَفَلَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بِالنِّصْفِ ثُمَّ ) كَفَلَ ( كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ فَهِيَ كَمَا قُبَيْلَهَا ) أَيْ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ( فِي الصَّحِيحِ ) حَتَّى لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا أَدَّى مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ ( كَذَا لَوْ كَفَلَا ) عَنْ الْأَصِيلِ ( بِالْجَمِيعِ مَعًا ثُمَّ ) كَفَلَ ( كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ ) لِأَنَّ الدَّيْنَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا عَنْ الْأَصِيلِ بِالْجَمِيعِ ( أَوْ كَفَلَ كُلٌّ بِهِ ) أَيْ بِالْجَمِيعِ ( مُتَعَاقِبًا ثُمَّ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ بِالنِّصْفِ ) لِمَا ذُكِرَ ( وَإِنْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ أَحَدَهُمَا أُخِذَ الْآخَرُ بِكُلِّهِ ) لِأَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ لَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَبَقِيَ الْمَالُ كُلُّهُ عَلَى الْأَصِيلِ وَالْآخَرُ كَفِيلٌ عَنْهُ بِكُلِّهِ فَيَأْخُذُهُ
قَوْلُهُ أَيْ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ) يَعْنِي أَنَّهَا أُولَى بِاعْتِبَارِ هَذِهِ وَإِلَّا فَهِيَ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ الْفَصْلِ ثَانِيَةٌ ( قَوْلُهُ وَالْآخَرُ كَفِيلٌ عَنْهُ فَيَأْخُذُهُ ) أَيْ بِالْمَالِ

( افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ) أَيْ الشَّرِيكَانِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ ( أَخَذَ الْغَرِيمُ أَيًّا شَاءَ بِكُلِّ دَيْنٍ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ ( وَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ) لِمَا ذُكِرَ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ
( قَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ ) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ

( كَاتَبَ عَبْدَيْهِ بِعَقْدٍ ) إنْ قَالَ كَاتَبْتُكُمَا بِأَلْفٍ إلَى سَنَةٍ مَثَلًا ( وَكَفَلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ جَازَ ) اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ فِيهِ كَفَالَةَ الْمُكَاتَبِ وَالْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ بَاطِلٌ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ أَوْلَى فَصَارَ كَمَا إذَا تَعَاقَبَتْ كِتَابَتُهُمَا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَلِهَذَا قَالَ بِعَقْدٍ .
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْإِنْسَانِ يَجِبُ تَصْحِيحُهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَقَدْ أَمْكَنَ هَاهُنَا بِأَنْ يُجْعَلَ كُلُّ الْمَالِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَحَقِّ نَفْسِهِ وَعِتْقُ الْآخَرِ مُعَلَّقًا بِأَدَائِهِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَاتَبْتُكُمَا بِأَلْفٍ إنْ أَدَّيْتُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ أَدَّيْت الْأَلْفَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَيَكُونُ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعَلَّقًا بِأَدَاءِ الْأَلْفِ وَلَا يَحْصُلُ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ نِصْفِهِ إذْ الشَّرْطُ يُقَابِلُ الْمَشْرُوطَ جُمْلَةً وَلَا يُقَابِلُهُ أَجْزَاءً فَيُطَالِبُ الْمَوْلَى كُلًّا مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ بِحُكْمِ الْأَصَالَةِ لَا الْكَفَالَةِ فَأَيُّهُمَا أَدَّى عَتَقَ وَعَتَقَ الْآخَرُ تَبَعًا لَهُ كَمَا فِي وَلَدِهِ الْمَكَاتِب ( فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا رَجَعَ ) عَلَى الْآخَرِ ( بِنِصْفِهِ ) لِاسْتِوَائِهِمَا وَلَوْ رَجَعَ بِالْكُلِّ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ انْتَفَى الْمُسَاوَاةُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا ) قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا ( جَازَ ) لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ وَبَرِئَ الْمُعْتَقُ عَنْ النِّصْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْمَالِ إلَّا لِيَكُونَ وَسِيلَةً إلَى الْعِتْقِ وَلَمْ يَبْقَ وَسِيلَةٌ فَيَسْقُطُ النِّصْفُ وَيَبْقَى النِّصْفُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الْحَقِيقَةِ مُقَابَلٌ بِرَقَبَتِهِمَا حَتَّى يَكُونَ مُوَزَّعًا مُنْقَسِمًا عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا جُعِلَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَصْحِيحِ الضَّمَانِ فَكَانَ ضَرُورِيًّا لَا يَتَعَدَّى غَيْرَ مَوْضِعِهِمَا وَإِذَا أَعْتَقَ اسْتَغْنَى عَنْهُ وَانْتَفَى الضَّرُورَةُ فَاعْتُبِرَ مُقَابَلًا بِرَقَبَتِهِمَا فَلِهَذَا

يَنْتَصِفُ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا ( أَخَذَ أَيًّا شَاءَ بِحِصَّةِ مَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ ) أَمَّا أَخْذُ الْمُعْتَقِ فَبِالْكَفَالَةِ وَأَمَّا أَخْذُ صَاحِبِهِ فَبِالْأَصَالَةِ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ أَخْذَ الْمُعْتَقِ بِالْكَفَالَةِ تَصْحِيحٌ لِلْكَفَالَةِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مُطَالَبًا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ وَالْبَاقِي بَعْضُ ذَلِكَ فَيَبْقَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِأَنَّ الْبَقَاءَ يَكُونُ عَلَى وَصْفِ الثُّبُوتِ ( فَإِنْ أَخَذَ الْمُعْتَقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ ) أَيْ بِمَا أَدَّى لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ ( وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَا ) أَيْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ ( مَا لَا يَجِبُ عَلَى عَبْدٍ حَتَّى يَعْتِقَ ) وَهُوَ دَيْنٌ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَمَا إذَا لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ اسْتِقْرَاضِهِ أَوْ وَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِهِ وَدِيعَةً فَإِنَّهَا لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى بَلْ يُؤْخَذُ بِهَا الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ ( حَالٌّ عَلَى مَنْ كَفَلَ بِهِ ) كَفَالَةً ( مُطْلَقَةً ) عَنْ قَيْدِ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ لِأَنَّ الْمَالَ حَالٌّ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ السَّبَبِ وَقَبُولِ الذِّمَّةِ لَكِنَّهُ لَا يُطَالَبُ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ وَلَمْ يَرْضَ بِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَالْكَفِيلُ غَيْرُ مُعْسِرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ حَالًّا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ ( وَإِنْ أَدَّى رَجَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لَوْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ ) لِأَنَّ الْكَفِيلَ بِالْأَدَاءِ مَلَكَ الدَّيْنَ وَقَامَ مَقَامَ الطَّالِبِ فَلَا يُطَالِبُهُ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ الْمُعْتَقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا ادَّعَى لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَشَرْحِهِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ

( ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ مَالًا وَكَفَلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ فَمَاتَ الْعَبْدُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ ) لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ بِمَوْتِهِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ حُرًّا ( مَاتَ عَبْدٌ مَكْفُولٌ بِرَقَبَتِهِ فَبَرْهَنَ أَنَّهُ لِمُدَّعِيهِ ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ ) يَعْنِي أَدَّى رَجُلٌ رَقَبَةَ عَبْدٍ فَكَفَلَ بِهِ آخَرُ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى رَدَّهُ عَلَى وَجْهٍ يَخْلُفُهُ قِيمَتُهُ وَقَدْ الْتَزَمَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَبْقَى الْقِيمَةُ عَلَى الْأَصِيلِ فَكَذَا الْكَفِيلُ ( كَفَلَ عَبْدٌ عَنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ فَعَتَقَ فَأَدَّاهُ أَوْ عَكَسَ ) أَيْ كَفَلَ مَوْلَى عَبْدٍ عَنْهُ وَأَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ ( لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ ) مِنْهُمَا ( عَلَى الْآخَرِ ) مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِتَكْفِيلِهِ يَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَإِنْ كَانَ فَلَا يَصِحُّ لِتَضَمُّنِهِ إبْطَالَ حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا كَفَالَةُ الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ فَتَصِحُّ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَقَعَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلرُّجُوعِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْآخَرِ دَيْنًا فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجَبَةً بَعْدَهُ كَمَا إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَأَجَازَ فَإِنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ فَكَذَا هَذَا ثُمَّ فَائِدَةُ كَفَالَةِ الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ وُجُوبُ مُطَالَبَتِهِ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ عَنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَفَائِدَةُ الْعَكْسِ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ

( كِتَابُ الْحَوَالَةِ ) ( هِيَ ) لُغَةً اسْمٌ بِمَعْنَى الْإِحَالَةِ وَهِيَ النَّقْلُ مُطْلَقًا ، وَشَرْعًا ( نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ ) أَيْ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهَا نَقْلٌ شَرْعِيٌّ وَالدَّيْنُ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْمُطَالَبَةِ فَالنَّقْلُ الشَّرْعِيُّ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْوَصْفِ الشَّرْعِيِّ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الشَّرْعِيَّ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَيَتْبَعُهُ نَقْلُ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ الْمَبِيعُ ( الْمَدْيُونُ مُحِيلٌ وَالدَّائِنُ مُحْتَالٌ وَمُحْتَالٌ لَهُ وَمُحَالٌ وَمُحَالٌ لَهُ ) يَعْنِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ ( وَمَنْ يَقْبَلُهَا ) أَيْ الْحَوَالَةَ ( مُحْتَالٌ عَلَيْهِ وَمُحَالٌ عَلَيْهِ ) يَعْنِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَانِ اللَّفْظَانِ ( وَالْمَالُ مُحَالٌ بِهِ ) وَشُرِطَ ( لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ رِضَا الْكُلِّ ) أَمَّا رِضَا الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ ذَوِي الْمُرُوءَاتِ قَدْ يَأْنَفُونَ بِتَحَمُّلِ غَيْرِهِمْ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ وَأَمَّا رِضَا الثَّانِي وَهُوَ الْمُحْتَالُ فَلِأَنَّ فِيهَا انْتِقَالَ حَقِّهِ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى وَالذِّمَمُ مُتَفَاوِتَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ وَأَمَّا رِضَا الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَلِأَنَّهَا إلْزَامُ الدَّيْنِ وَلَا لُزُومَ بِلَا الْتِزَامٍ ( بِلَا خِلَافٍ إلَّا فِي الْأَوَّلِ ) حَيْثُ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ الْحَوَالَةُ تَصِحُّ بِلَا رِضَا الْمُحِيلِ لِأَنَّ الْتِزَامَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْمُحِيلُ لَا يَتَضَرَّرُ بَلْ فِيهِ نَفْعُهُ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ .
( وَ ) شُرِطَ ( حُضُورِ الثَّانِي ) يَعْنِي لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ فِي غَيْبَةِ الْمُحْتَالِ لَهُ ( إلَّا أَنْ يَقْبَلَ ) أَيْ الْحَوَالَةَ ( فُضُولِيٌّ لَهُ ) أَيْ لِأَجْلِ الْغَائِبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ( لَا حُضُورِ الْبَاقِينَ ) أَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْأَوَّلِ وَهُوَ

الْمُحِيلُ فَبِأَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِلدَّائِنِ لَك عَلَى فُلَانٍ ابْنِ فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاحْتَلْ بِهَا عَلَيَّ ، فَرَضِيَ الدَّائِنُ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَبِأَنْ يُحِيلَ الدَّائِنُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ ثُمَّ عَلِمَ الْغَائِبُ فَقَبِلَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ( وَإِذَا تَمَّتْ ) الْحَوَالَةُ ( بَرِئَ الْمُحِيلُ ) عَنْ الدَّيْنِ بِقَبُولِ الْمُحْتَالِ وَالْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعْنَى الْحَوَالَةِ النَّقْلُ كَمَا مَرَّ وَهُوَ يَقْتَضِي فَرَاغَ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ لِأَنَّ مِنْ الْمُحَالِ بَقَاءَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي مَحَلَّيْنِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ ( وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحْتَالُ إلَّا بِالتَّوَى ) لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِسَلَامَةِ حَقِّهِ لَهُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فَيَرْجِعُ عِنْدَ عَدَمِ السَّلَامَةِ وَبَيَّنَ التَّوَى بِقَوْلِهِ ( بِمَوْتِ الْمُحِيلِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَوْ حَلِفِهِ ) حَالَ كَوْنِهِ ( مُنْكِرَ الْحَوَالَةِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا ) لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ يَتَحَقَّقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ التَّوَى حَقِيقَةً وَعِنْدَهُمَا هَذَانِ وَثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِإِفْلَاسِهِ فِي حَيَاتِهِ

كِتَابُ الْحَوَالَةِ قَوْلُهُ هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّهَا تَصِحُّ بِالدَّرَاهِمِ الْوَدِيعَةِ إذْ لَيْسَ فِيهَا نَقْلُ الدَّيْنِ وَكَذَا الْغَصْبُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةُ مُخَلِّصٌ وَدَفْعُ الْإِيرَادِ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ الْوَدِيعَةِ وَكَالَةٌ حَقِيقَةً ( قَوْلُهُ وَالدَّائِنُ مُحَالٌ وَمُحْتَالٌ لَهُ وَمُحَالٌ لَهُ ) قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ قَوْلُهُمْ لِلْمُحْتَالِ الْمُحْتَالُ لَهُ لُغَةً لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الصِّلَةِ ا هـ .
( قَوْلُهُ يَعْنِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ ) بَيَانُ ذَلِكَ الثَّلَاثَةُ الَّتِي مِنْ مَادَّةِ الِاشْتِقَاقِ وَالْأَصْلُ أَعْنِي الدَّائِنَ وَيُزَادُ خَامِسًا قَالَهُ سَعْدِيٌّ حَلَبِيٌّ وَهُوَ حَوِيلٌ ( قَوْلُهُ وَشُرِطَ رِضَا الْكُلِّ بِلَا خِلَافٍ إلَّا فِي الْأَوَّلِ ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا فَإِنْ أَرَادَ خِلَافًا مَذْهَبِيًّا أَوْ أَعَمَّ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا اخْتَارَهُ الْجُرْجَانِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ عَنْ مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ إنَّ رِضَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ إنْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْ شَرَائِطِهَا الْقَبُولُ وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ ( قَوْلُهُ حَيْثُ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ الْحَوَالَةُ تَصِحُّ بِلَا رِضَى الْمُحِيلِ ) هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ ( قَوْلُهُ وَإِذَا تَمَّتْ أَيْ حَوَالَةٌ ) أَيْ بِرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا بَرِئَ الْمُحِيلُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَا يَبْرَأُ إلَّا مِنْ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَيْضًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي التَّبْيِينِ ( قَوْلُهُ إلَّا بِالتَّوَى ) التَّوَى التَّلَفُ يُقَالُ مِنْهُ تَوِيَ بِوَزْنِ عَلِمَ وَهُوَ تَوٌّ وَتَاوٍ كَذَا فِي

الْفَتْحِ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ يُتْوَى تَوًّا إذَا تَلِفَ مَقْصُورٌ غَيْرُ مَهْمُوزٍ ( قَوْلُهُ وَبَيَّنَ التَّوَى بِقَوْلِهِ بِمَوْتِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا عَيْنًا وَلَا دَيْنًا وَلَا كَفِيلًا وَهَذَا إذَا ثَبَتَ مَوْتُهُ مُفْلِسًا بِتَصَادُقِهِمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُحْتَالِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعِنَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالشَّافِي وَقَالَ الْكَمَالُ .
وَفِي شَرْحِ النَّاصِحِيِّ الْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ مَعَ الْيَمِينِ لِإِنْكَارِهِ عَوْدَ الدَّيْنِ ا هـ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَفِيلٌ وَلَكِنْ رَجُلٌ تَبَرَّعَ بِهِ وَرَهَنَ بِهِ رَهْنًا ثُمَّ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَالثَّمَنُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ ا هـ .
وَمِثْلُ حُكْمِ التَّبَرُّعِ بِالرَّهْنِ مَا لَوْ اسْتَعَارَ الْمَطْلُوبُ شَيْئًا وَرَهَنَهُ عِنْدَ الطَّالِبِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

( تَصِحُّ ) أَيْ الْحَوَالَةُ ( بِالدَّرَاهِمِ الْمُودَعَةِ ) يَعْنِي إذَا أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَحَالَ بِهِ عَلَيْهِ آخَرُ صَحَّ لِأَنَّهُ أُقْدَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْجَوَازِ .
( وَ ) تَصِحُّ أَيْضًا بِالدَّرَاهِمِ ( الْمَغْصُوبَةِ ) أَيْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي غَصَبَهَا الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحِيلِ ( وَبِالدِّينِ ) الْكَائِنِ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ

( وَتَبْطُلُ ) أَيْ الْحَوَالَةُ ( بِهَلَاكِ الْأُولَى ) أَيْ الْوَدِيعَةِ لِتَقْيِيدِ الْكَفَالَةِ بِهَا لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ الْأَدَاءَ إلَّا مِنْهَا ( أَوْ اسْتِحْقَاقِهَا ) لِأَنَّهُ كَهَلَاكِهَا ( وَيَبْرَأُ الْمُودَعُ ) وَيَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ ( وَ ) تَبْطُلُ أَيْضًا ( بِاسْتِحْقَاقِ الثَّانِيَةِ ) أَيْ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ ( لِعَدَمِ مَا يَخْلُفُهَا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ ) وَيَعُودُ الدَّيْنُ ( لَا بِهَلَاكِهَا ) أَيْ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَلَاكِ الثَّانِيَةِ ( إذَا كَانَ فِيهِ ) أَيْ فِي هَلَاكِهِ ( وَفَاءٌ ) أَيْ مَا بَقِيَ بِمَالِ الْحَوَالَةِ وَيَكُونُ الضَّمَانُ قَائِمًا مَقَامَ الْمَغْصُوبَةِ ( وَفِيهَا ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْمَعْدُودَةِ ( لَا يُطَالِبُ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ ) بِالْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ اللَّذَيْنِ قُيِّدَتْ الْحَوَالَةُ بِهِمَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُحْتَالِ لَهُ بِهِمَا ( وَلَا يَقْدِرُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الْمُحِيلِ ) يَعْنِي كَمَا لَا يَمْلِكُ الْمُحِيلُ مُطَالَبَةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الْمُحِيلِ حَتَّى لَوْ دَفَعَ صَارَ ضَامِنًا لِلْمُحْتَالِ لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُحْتَالِ لَهُ ( مَعَ أَنَّ الْمُحْتَالَ أُسْوَةٌ لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ بَعْدَ مَوْتِهِ ) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمُحْتَالِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمُحْتَالُ أُسْوَةً لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ مَعَ أَنَّهُ أُسْوَةٌ لَهُمْ لِأَنَّ الْعَيْنَ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحِيلِ وَالدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِرْ مَمْلُوكًا لِلْمُحَالِ بِعَقْدِ الْحَوَالَةِ لَا يَدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا رَقَبَةً لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مَا وُضِعَتْ لِلتَّمْلِيكِ بَلْ لِلنَّقْلِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَمَلَكَ الْمَرْهُونَ يَدًا وَجِنْسًا فَيَثْبُتُ لَهُ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ بِالْمَرْهُونِ شَرْعًا لَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ ( بِخِلَافِ ) الْحَوَالَةِ

( الْمُطْلَقَةِ ) اعْلَمْ أَنَّ الْحَوَالَةَ إمَّا مُطْلَقَةٌ أَوْ مُقَيَّدَةٌ ، أَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَهِيَ أَنْ يُرْسِلَهَا إرْسَالًا لَا يُقَيِّدُهَا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا بِعَيْنٍ لَهُ فِي يَدِهِ أَوْ يُحِيلَهُ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا فِي يَدِهِ عَيْنٌ لَهُ ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَهِيَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُحِيلِ مَالٌ عِنْدَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ أَحَلْت الطَّالِبَ عَلَيْك بِالْأَلْفِ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي لِي عَلَيْك وَقَبِلَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ الْمُقَيَّدَةِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ حُكْمَ الْمُطْلَقَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ حَيْثُ يُطَالِبُ فِيهَا الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ ( وَيَقْدِرُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الْمُحِيلِ ) إذْ لَا تَعَلُّقَ لِحَقِّ الْمُحَالِ بِمَا عِنْدَهُ أَوْ عَلَيْهِ بَلْ حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ سَعَةٌ ( لَا تَبْطُلُ بِأَخْذِ مَا عِنْدَهُ ) مَعَ الْعَيْنِ كَالْمَغْصُوبِ الْوَدِيعَةِ ( أَوْ عَلَيْهِ ) مِنْ الدَّيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُنَافِي تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِخُصُوصِيَّاتِ مَا عِنْدَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَالْمُبْطِلُ تَعَلُّقُهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُحِيلَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ مِنْ الْمُحْتَالِ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَقَدْ دَفَعَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُحْتَالِ فَيَضْمَنُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ لِتَقْيِيدِ الْكَفَالَةِ بِهَا ) صَوَابُهُ الْحَوَالَةُ ( قَوْلُهُ لَا بِهَلَاكِهَا أَيْ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَلَاكِ الثَّانِيَةِ إذَا كَانَ فِيهِ أَيْ فِي هَلَاكِهِ وَفَاءٌ ) فِي التَّقْيِيدِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مَضْمُونٌ بِمِثْلِهِ إذَا هَلَكَ مِثْلِيًّا وَالدَّرَاهِمُ مِثْلِيَّةٌ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا وَالصُّورَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا أَحَالَ بِمَا غَصَبَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِذَا هَلَكَتْ الْمِثْلُ مَوْجُودٌ وَبِهِ وَفَاءٌ بِمَالِ الْحَوَالَةِ ( قَوْلُهُ وَفِيهَا لَا يُطَالِبُ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ ) أَيْ مَا دَامَتْ الْحَوَالَةُ وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ أَخَذَ الْمُحِيلُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ كَالْمُرْتَهِنِ إذَا أَبْرَأَ الرَّاهِنَ يَرْجِعُ بِرَهْنِهِ وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدَيْنِهِ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ وَكَذَا إذَا وَرِثَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَتْحِ ( قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ الَّذِي لَهُ ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْمُحِيلِ ( قَوْلُهُ عَلَى الْمُحِيلِ ) صَوَابُهُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَعَ أَنَّ الْمُحْتَالَ أُسْوَةٌ لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ الْمُحْتَالَ فِي الَّذِي أُحِيلَ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ كَوْنِهِ مُقَيَّدًا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ أَوْ يُحِيلُهُ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ ) صَوَابُهُ بِأَنْ يُحِيلَهُ لِأَنَّهُ بَيَانَ لِصُورَةِ الْمُرَاسَلَةِ لَا قِسْمٌ آخَرُ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مُبَايِنًا لِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يُرْسِلَهَا إرْسَالًا لَا يُقَيِّدُهَا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَا يُعَيِّنُ لَهُ فِي يَدِهِ ( قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ بِأَخْذِهِ مَا عِنْدَهُ
إلَخْ ) حُكْمٌ مُبْتَدَأٌ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ

( لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ أَحَلْت بِدَيْنٍ لِي عَلَيْك لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ مِثْلَ مَا أَحَالَ ) يَعْنِي رَجُلٌ أَحَالَ رَجُلًا عَلَى آخَرَ بِأَلْفٍ فَدَفَعَهُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحْتَالِ ثُمَّ طَلَبَ الدَّافِعُ الْأَلْفَ مِنْ الْمُحِيلِ فَقَالَ الْمُحِيلُ أَحَلْت بِأَلْفٍ كَانَ لِي عَلَيْك وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ لَا لِلْمُحِيلِ وَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِالْحَوَالَةِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ وَلَا قَبُولُهُ الْحَوَالَةَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ .
( وَ ) لَا ( قَوْلُ الْمُحْتَالِ لِلْمُحِيلِ ) إذَا طَلَبَهُ ( أَحَلْتنِي بِدَيْنٍ لِي عَلَيْك ) يَعْنِي إذَا قَالَ الْمُحِيلُ لِلْمُحْتَالِ أَعْطِنِي مَا قَبَضْته مِنْ فُلَانٍ فَإِنِّي أَحَلْتُك لِتَقْبِضَهُ لِي وَكُنْت وَكِيلِي فِي قَبْضِهِ فَقَالَ الْمُحْتَالُ أَحَلْتنِي بِدَيْنٍ لِي عَلَيْك فَالْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمُحِيلِ بِالْحَوَالَةِ وَإِقْدَامُهُ عَلَيْهَا إقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا لِلْمُحْتَالِ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَوَالَةِ قَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَكَالَةِ ( يُجْبَرُ الْمُحْتَالُ إذَا أَدَّى الْمُحِيلُ فَلَمْ يَقْبَلْ ) لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْمُطَالَبَةِ إلَى الْمُحِيلِ بِالتَّوَى
قَوْلُهُ يُجْبَرُ الْمُحْتَالُ إذَا أَدَّى الْمُحِيلُ فَلَمْ يُقْبَلْ ) فَرَضَهَا قَاضِي خَانْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً فَقَالَ وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً ثُمَّ إنَّ الْمُحِيلَ قَضَى دَيْنَ الْمُحْتَالِ لَهُ يُجْبَرُ لَهُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يَكُونُ الْمُحِيلُ مُتَبَرِّعًا .
ا هـ .

( أَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ ) أَيْ دَارِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ ( فَقَبِلَ صَحَّتْ ) الْحَوَالَةُ لِأَنَّهُ أَحَالَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَى إيفَائِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهَا ( وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ ) لِعَدَمِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ ( وَلَوْ بَاعَ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ ) لِتَحَقُّقِ الْوُجُوبِ ( وَلَوْ أَحَالَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ لَا ) أَيْ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا ( إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ ) فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ لِوُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَالْأَدَاءِ

( بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ غَرِيمًا لَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ ( بَطَلَ ) الْبَيْعُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ ( وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَحْتَالَ بِالثَّمَنِ صَحَّ ) لِأَنَّهُ يُؤَكِّدُ مُوجَبَ الْعَقْدِ إذْ الْحَوَالَةُ فِي الْعَادَةِ تَكُونُ عَلَى الْإِمْلَاءِ وَالْأَحْسَنِ قَضَاءً فَصَارَ كَشَرْطِ الْجَوْدَةِ ( كُرِهَ السَّفْتَجَةُ ) هِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ التَّاءِ وَاحِدَةُ السَّفَاتِجِ تَعْرِيبُ سَفْتَهَ وَهِيَ شَيْءٌ مُحْكَمٌ وَيُسَمَّى هَذَا الْقَرْضُ بِهِ لِإِحْكَامِ أَمْرِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى تَاجِرٍ مَبْلَغًا قَرْضًا لِيَدْفَعَهُ إلَى صَدِيقِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَفِيدَ بِهِ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ
( قَوْلُهُ وَصُورَتُهُ
إلَخْ ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُقْرِضَ إنْسَانًا مَالًا لِيَقْضِيَهُ الْمُسْتَقْرِضُ فِي بَلَدٍ يُرِيدُهُ الْمُقْرِضُ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ لِيَسْتَفِيدَ بِهِ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ وَهُوَ نَوْعُ نَفْعٍ اُسْتُفِيدَ بِالْقَرْضِ وَقَدْ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا } وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ .
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَغَيْرِهَا إنْ كَانَ السَّفْتَجُ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ فَهُوَ حَرَامٌ وَالْقَرْضُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا جَازَ وَصُورَةُ الشَّرْطِ مَا فِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِهَا إلَى بَلَدٍ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَقْرَضَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَكَتَبَ جَازَ ثُمَّ قَالُوا إنَّمَا يُحِلُّ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ أَنَّ ذَلِكَ يُفْعَلُ كَذَلِكَ فَلَا .
ا هـ .

( كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ ) وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ وُجُودُ مَعْنَى نَقْلِ الْمَالِ فِي الْحَوَالَةِ وَالْمُضَارَبَةِ فِي الْجُمْلَةِ ( هِيَ ) لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ السَّيْرُ فِيهَا سُمِّيَ هَذَا الْعَقْدُ بِهَا لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَسِيرُ فِي الْأَرْضِ غَالِبًا لِطَلَبِ الرِّبْحِ ، وَشَرْعًا ( عَقْدُ شَرِكَةٍ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ رَجُلٍ وَعَمَلٍ مِنْ آخَرَ وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ ) بِأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْت هَذَا الْمَالَ إلَيْك مُضَارَبَةً أَوْ مُعَامَلَةً أَوْ خُذْ هَذَا الْمَالَ إلَيْك وَاعْمَلْ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَنَا نِصْفَانِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظٍ تَثْبُتُ بِهَا الْمُضَارَبَةُ ( وَالْقَبُولُ ) بِأَنْ يَقُولَ الْمُضَارِبُ قَبِلْت وَنَحْوَهُ ( وَحُكْمُهَا أَنْوَاعٌ ) الْأَوَّلُ أَنَّهَا ( إيدَاعٌ أَوَّلًا ) لِأَنَّهُ قَبْضُ الْمَالِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ وَالْوَثِيقَةِ بِخِلَافِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ قَبْضُهُ بَدَلًا وَبِخِلَافِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ قَبْضُهُ وَثِيقَةً ( وَتَوْكِيلٌ عِنْدَ عَمَلِهِ ) لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لَهُ بِأَمْرِهِ حَتَّى يَرْجِعُ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ( وَشَرِكَةٌ إنْ رَبِحَ ) لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْمَالِ وَالْعَمَلِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ ( وَغَصْبٌ إنْ خَالَفَ ) لِتَعَدِّيهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ ضَامِنًا ( وَلَوْ ) وَصْلِيَّةٌ ( أَجَازَ بَعْدَهُ ) أَيْ الْمُضَارِبُ إذَا اشْتَرَى مَا نُهِيَ عَنْهُ ثُمَّ بَاعَهُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَبْضِعُ ( وَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ إنْ فَسَدَتْ ) فَإِنَّ الْوَاجِبَ لِلْمُضَارِبِ فِيهَا أَجْرُ الْمِثْلِ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَهُوَ بَدَلُ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى لِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَلَمْ يَرْضَ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ ( فَلَا رِبْحَ حِينَئِذٍ ) لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ وَلَمَّا فَسَدَتْ صَارَتْ إجَارَةً ( بَلْ أَجْرُ عَمَلِهِ ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25