كتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام
المؤلف : محمد بن فراموز الشهير بمنلا خسرو

اشْتِرَاطُهَا أَيْ النِّيَّةِ دُونَ اشْتِرَاطِ النَّفْسِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : إذْ الِاخْتِيَارُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ هُوَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ ) أَيْ فَتَعَيَّنَ لَهُ وَاخْتِيَارُ الزَّوْجِ لَا يَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ تَكْرِيرِ اعْتَدِّي لِاحْتِمَالِهِ نِعَمُ اللَّهِ وَهِيَ لَا تُحْصَى .

( لَوْ قَالَتْ ) فِي جَوَابِ اخْتَارِي ثَلَاثًا ( طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت ) نَفْسِي ( بِتَطْلِيقَةٍ فَبَائِنَةٌ ) أَيْ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ تَخْيِيرُ الزَّوْجِ لَا إيقَاعُهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالزِّيَادَاتِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ وَلِذَا اُعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِ الْهِدَايَةِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَنَّهُ غَلَطٌ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ وَالصَّوَابُ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تَتَصَرَّفُ حُكْمًا لِلتَّفْوِيضِ وَالتَّفْوِيضُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِكَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَاتِ فَتَمْلِكُ الْإِبَانَةَ لَا غَيْرُ فَقِيلَ فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ رَجْعِيَّةٍ لِأَنَّ لَفْظَهَا صَرِيحٌ ذَكَرَهَا صَدْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْأُخْرَى وُقُوعُ الْبَائِنَةِ وَهَذَا أَصَحُّ ( وَبِأَمْرِكِ بِيَدِكِ ) الْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي يَقَعُ ( فِي تَطْلِيقَةٍ ، أَوْ اخْتَارِي تَطْلِيقَةً فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا يَقَعُ رَجْعِيَّةٌ ) لِأَنَّهُ جَعَلَ الِاخْتِيَارَ إلَيْهَا لَكِنَّهُ بِتَطْلِيقَةٍ وَهِيَ مُعَقِّبَةٌ لِلرَّجْعَةِ .
فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ أَمْرُكِ بِيَدِكِ ، أَوْ اخْتَارِي يُفِيدُ الْبَيْنُونَةَ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا قَرَنَهُ بِالصَّرِيحِ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الرَّجْعِيَّ كَمَا لَوْ قَرَنَ الصَّرِيحَ بِالْبَائِنِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ حَيْثُ يَقَعُ الْبَائِنُ ( وَبِأَمْرِكِ بِيَدِكِ ) الْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي يَقَعْنَ ( وَنَوَى الثَّلَاثَ فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ ، أَوْ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ يَقَعْنَ ) أَيْ الثَّلَاثُ ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَصْلُحُ لِجَوَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا كَالتَّخْيِيرِ وَالْوَاحِدَةُ صِفَةُ الِاخْتِيَارَةِ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَبِهِ يَقَعُ الثَّلَاثُ ( أَوْ ) قَالَتْ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ ( طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً ، أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ يَقَعُ

بَائِنَةٌ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَفْوِيضُ الزَّوْجِ لَا إيقَاعُهَا فَتَكُونُ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي التَّفْوِيضِ مَذْكُورَةً فِي الْجَوَابِ ضَرُورَةَ الْمُوَافَقَةِ .
( قَوْلُهُ : فَقِيلَ فِيهِ رِوَايَتَانِ ) لَيْسَ مُسَبَّبًا عَمَّا قَبْلَهُ فَيَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ ( قَوْلُهُ : وَبِأَمْرِكِ بِيَدِكِ وَنَوَى الثَّلَاثَ فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي ) ذِكْرُ النَّفْسِ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ حَتَّى لَوْ لَمْ تَذْكُرْهَا لَا يَقَعُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ قَالَتْ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ أَمْرُك
إلَخْ ) ذِكْرُ النَّفْسِ فِي قَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي شَرْطٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ عَنْ الْمُحِيطِ .

( وَلَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ فِي : أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ اللَّيْلُ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْيَوْمَيْنِ ذُكِرَ مُفْرَدًا ، وَالْيَوْمُ الْمُفْرَدُ لَا يَتَنَاوَلُ اللَّيْلَ ( وَبِرَدِّهَا أَمْرَ الْيَوْمِ ) بِاخْتِيَارِهَا الزَّوْجَ ( رُدَّ ) أَمْرُ الْيَوْمِ ( لَا الْأَمْرُ بَعْدَ غَدٍ ) يَعْنِي إنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي يَوْمِهَا بَطَلَ الْأَمْرُ فِيهِ وَكَانَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا بَعْدَ غَدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُمَا أَمْرَانِ لِانْفِصَالِ وَقْتِهِمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَقْتَيْنِ عَلَى حِدَةٍ فَبِرَدِّ أَحَدِهِمَا لَا يَرْتَدُّ الْآخَرُ ( وَيَدْخُلُ ) أَيْ اللَّيْلُ ( فِي ) قَوْلِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ ( الْيَوْمَ وَغَدًا ) إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ مِنْ جِنْسِهِمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْأَمْرُ فَكَانَ أَمْرًا وَاحِدًا ، وَتَخَلُّلُ اللَّيْلَةِ لَا يَفْصِلُهُمَا لِأَنَّ الْقَوْمَ قَدْ يَجْلِسُونَ لِلْمَشُورَةِ فَيَهْجُمُ اللَّيْلُ وَلَا يَنْقَطِعُ مَشُورَتُهُمْ وَمَجْلِسُهُمْ ( وَبِرَدِّهَا أَمْرَ الْيَوْمِ ) بِاخْتِيَارِهَا الزَّوْجَ ( رُدَّ أَمْرُ غَدٍ ) حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْغَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ فَلَا يَبْقَى لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الرَّدِّ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا : أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْيَوْمَ فَرَدَّتْهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لَا يَبْقَى لَهَا الْخِيَارُ فِي آخِرِهِ .

( قَوْلُهُ : وَيَدْخُلُ اللَّيْلُ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْيَوْمَ وَغَدًا ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ لَفْظَ الْأَمْرِ مَعَ ذِكْرِ الْغَدِ كَانَ أَمْرًا مُبْتَدَأً لِأَنَّهُمَا جُمْلَتَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلَّةٌ بِذَاتِهَا وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا لَيْلًا فَلَا يُغْفَلُ عَنْهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْقَوْمَ قَدْ يَجْلِسُونَ
إلَخْ ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ تَعْلِيلًا لِدُخُولِ اللَّيْلِ فِي التَّمْلِيكِ الْمُضَافِ إلَى الْيَوْمِ وَغْدِهِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ اللَّيْلِ فِي الْيَوْمِ الْمُفْرَدِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَهُوَ هُجُومُ اللَّيْلِ ، وَمَجْلِسُ الْمَشُورَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

( قَالَ طَلِّقِي نَفْسَكِ فَطَلَّقَتْهَا ثَلَاثًا إنْ نَوَاهَا ) أَيْ الزَّوْجُ الثَّلَاثَ ( وَقَعَتْ ، وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ثَلَاثًا ، سَوَاءٌ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا أَوْ نَوَى وَاحِدَةً ( فَرَجْعِيَّةٌ وَلَغَا نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ ) لِأَنَّ قَوْلَهُ : طَلِّقِي مَعْنَاهُ افْعَلِي طَلَاقًا وَالطَّلَاقُ لَفْظٌ فَرْدٌ يَحْتَمِلُ الْوَاحِدَ الِاعْتِبَارِيَّ وَهُوَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ تَمَامُ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ لَا الْعَدَدُ الْمَحْضُ وَهُوَ الثِّنْتَانِ ( كَذَا ) أَيْ كَمَا يَلْغُو نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ يَلْغُو أَيْضًا قَوْلُهَا ( اخْتَرْت نَفْسِي ) فِي جَوَابِ طَلِّقِي نَفْسَكِ حَيْثُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِهِ .
( وَ ) يَقَعُ ( بِأَبَنْتُ نَفْسِي رَجْعِيَّةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْهُ فِي جَوَابِ طَلِّقِي نَفْسَك وَلَيْسَ لَهَا إيقَاعُ الْبَائِنِ بَلْ مُطْلَقُ الطَّلَاقِ فَبَطَلَتْ الْإِبَانَةُ فِي قَوْلِهَا أَبَنْت نَفْسِي وَبَقِيَ مُطْلَقُ الطَّلَاقِ وَهُوَ رَجْعِيٌّ .
( أُمِرَتْ بِالثَّلَاثِ ) أَيْ قَالَ الزَّوْجُ لَهَا : طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا ( فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ ) لِأَنَّهَا مَلَكَتْ إيقَاعَ الثَّلَاثِ فَتَمْلِكُ إيقَاعَ الْوَاحِدَةِ ضَرُورَةً لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ .

( قَوْلُهُ : قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إلَى قَوْلِهِ وَلَغَا نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ فِيهِ ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا ذُكِرَ أَوَّلَ الْبَابِ .
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ثَلَاثًا سَوَاءٌ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا ، أَوْ نَوَى وَاحِدَةً فَرَجْعِيَّةٌ ) لَيْسَ قَوْلَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ بِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْوَاحِدَةِ ، وَنِيَّتَهَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ وُقُوعِ شَيْءٍ بِتَطْلِيقِهَا ثَلَاثًا فِي جَوَابِ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَصَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : طَلِّقِي نَفْسَكِ وَلَمْ يَنْوِ الْعَدَدَ فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ ا هـ .
وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ مَفْهُومِ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَ الْكَنْزِ الَّتِي هِيَ : وَإِنْ طَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَنَوَاهُ وَقَعْنَ .
ا هـ .
لِأَنَّ مُوجَبَ طَلِّقِي هُوَ الْفَرْدُ الْحَقِيقِيُّ فَيَثْبُتُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ، وَالْفَرْدُ الِاعْتِبَارِيُّ - أَعْنِي الثَّلَاثَ - مُحْتَمَلَةٌ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِنِيَّتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِابْنِ الْمَلِكِ فَإِتْيَانُهَا بِالثَّلَاثِ حِينَئِذٍ اشْتِغَالٌ بِغَيْرِ مَا فُوِّضَ إلَيْهَا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْعِنَايَةِ لِسَائِرِ هَذَا الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَقَدْ عَلِمْته فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
( قَوْلُهُ : وَلَغَا نِيَّتُهُ الثِّنْتَيْنِ ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا كَقَوْلِهِ بَعْدَهُ كَذَا اخْتَرْت بَلْ يَقَعُ بِنِيَّةِ الثِّنْتَيْنِ وَاحِدَةٌ بِتَطْلِيقِهَا وَيَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً لِكَوْنِهِمَا جَمِيعَ الْجِنْسِ فِي حَقِّهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَبِأَبَنْت نَفْسِي رَجْعِيَّةٌ ) ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ بِجَوَابِهَا أَبَنْت نَفْسِي كَمَا فِي الْفَتْحِ .

( وَلَغَا عَكْسُهُ ) أَيْ إذَا قَالَ طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً .
( أُمِرَتْ بِالْبَائِنِ ) أَوْ ( الرَّجْعِيِّ فَعَكَسَتْ ) أَيْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً بَائِنًا فَقَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَاحِدًا رَجْعِيًّا أَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدًا رَجْعِيًّا فَقَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَاحِدًا بَائِنًا ( وَقَعَ مَا أَمَرَ بِهِ ) الزَّوْجُ وَيَلْغُو مَا وَصَفَتْ لِأَنَّ الزَّوْجَ فَوَّضَ إلَيْهَا ذَاتَ الطَّلَاقِ مَعَ الْوَصْفِ ، وَإِنَّهَا أَتَتْ بِذَاتِ مَا فَوَّضَ بِهِ إلَيْهَا وَخَالَفَتْ فِي الْوَصْفِ فَصَارَتْ مُخَالِفَةً فِي الْوَصْفِ مُوَافِقَةً فِي الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ الْأَصْلِ بِالْوَصْفِ فَيَقَعُ الْأَصْلُ وَيُسْتَتْبَعُ الْوَصْفُ الَّذِي ذَكَرَهُ الزَّوْجُ .
( قَوْلُهُ : وَلَغَا عَكْسُهُ
إلَخْ ) هَذَا إذَا طَلَّقَتْ ثَلَاثًا دَفْعَةً أَمَّا لَوْ فَرَّقَتْ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِالْأَوْلَى اتِّفَاقًا ، ثُمَّ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ قَوْلُهُ : فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدًا بَائِنًا ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا قَالَ الشَّيْخُ الشَّلَبِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا قَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي بَائِنَةٌ أَمَّا إذَا قَالَتْ أَبَنْتُ نَفْسِي لَا يَقَعُ شَيْءٌ فَاغْتَنِمْ هَذَا الْقَيْدَ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي شَرْحٍ مِنْ الشُّرُوحِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا وَهَبَ .
ا هـ .
كَلَامُهُ .

( وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِطَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا إنْ شِئْتِ لَوْ طَلَّقَتْ وَاحِدَةً وَلَا ) يَقَعُ ( بِعَكْسِهِ أَيْضًا ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ : طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً إنْ شِئْتِ فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ شِئْتِ الثَّلَاثَ فَصَارَتْ مَشِيئَةُ الثَّلَاثِ شَرْطًا لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يُفْهَمُ مِنْهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا سَبَقَ ، وَإِذَا بُنِيَ عَلَيْهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّرْطَ مَشِيئَةُ الثَّلَاثِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا مَشِيئَةُ الْوَاحِدَةِ ، وَأَجْزَاءُ الشَّرْطِ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْمُرْسَلَةِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا الثَّلَاثَ هُنَاكَ وَلَمْ يُعَلِّقْ وُقُوعَهَا بِمَشِيئَةِ الثَّلَاثِ فَلَهَا أَنْ تُوقِعَ بَعْضَ مَا مَلَكَتْ وَلَوْ قَالَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شِئْتُ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مُتَّصِلًا بِبَعْضٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا ، أَوْ لَا لِأَنَّ مَشِيئَةَ الثَّلَاثِ قَدْ وُجِدَتْ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ إلَّا بِمَشِيئَةِ الثَّلَاثِ وَمَشِيئَتُهَا لَا تُوجَدُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكُلِّ فَوُجِدَتْ مَشِيئَةُ الثَّلَاثِ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ فَبَانَتْ بِثَلَاثٍ جُمْلَةً ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مُنْفَصِلًا عَنْ بَعْضٍ بِأَنْ سَكَتَتْ عِنْدَ الْأُولَى ، أَوْ الثَّانِيَةِ ، ثُمَّ شَاءَتْ الْبَاقِيَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ ؛ إذْ لَمْ تُوجَدْ مَشِيئَةُ ثَلَاثٍ لِكَوْنِ السُّكُوتِ فَاصِلًا ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ إيقَاعٌ لِلْوَاحِدَةِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا .
( قَوْلُهُ : وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ إلَّا بِمَشِيئَةِ الثَّلَاثِ ، وَمَشِيئَتُهَا ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الثَّلَاثِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الثَّلَاثُ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الثَّانِي ) يَعْنِي : بِهِ قَوْلَهُ لَا بِعَكْسِهِ .

( وَلَا ) يَقَعُ أَيْضًا ( بِأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ : شِئْتُ إنْ شِئْتَ فَقَالَ : شِئْتُ يَنْوِي الطَّلَاقَ ) حَيْثُ يَبْطُلُ الْأَمْرُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْمَشِيئَةِ الْمُرْسَلَةِ وَهِيَ أَتَتْ بِالْمُعَلَّقَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ ، وَإِيتَاؤُهَا بِالْمُعَلَّقَةِ اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يَعْنِيهَا فَيُوجِبُ خُرُوجَ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهَا وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ شِئْتُ ، وَإِنْ نَوَاهُ ؛ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمَرْأَةِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ لِيَكُونَ الزَّوْجُ شَائِيًا طَلَاقَهَا ، وَالنِّيَّةُ لَا تَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْمَذْكُورِ حَتَّى لَوْ قَالَ : شِئْتُ طَلَاقَكِ يَقَعُ إنْ نَوَى لِأَنَّهُ إيقَاعٌ مُبْتَدَأٌ ؛ إذْ الْمَشِيئَةُ تُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ : أَرَدْتُ طَلَاقَكِ حَيْثُ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ ( كَذَا كُلُّ تَعْلِيقٍ بِمَعْدُومٍ ) كَمَا إذَا قَالَتْ شِئْتُ إنْ شَاءَ أَبِي ، أَوْ شِئْتُ إنْ كَانَ كَذَا لِأَمْرٍ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ مَشِيئَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَبْطُلُ الْأَمْرُ ( بِخِلَافِ الْمَوْجُودِ ) فَإِنَّهَا لَوْ قَالَتْ قَدْ شِئْت إنْ كَانَ كَذَا لِأَمْرٍ قَدْ مَضَى طَلُقَتْ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَرَدْت طَلَاقَك حَيْثُ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ ) قَالَ الْكَمَالُ بَلْ هِيَ أَيْ الْإِرَادَةُ طَلَبُ النَّفْسِ الْوُجُودَ عَنْ مَيْلٍ ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَشِيئَةَ وَالْإِرَادَةَ فِي صِفَةِ الْعِبَادِ مُخْتَلِفَانِ ، وَفِي صِفَةِ اللَّهِ مُتَرَادِفَانِ كَمَا هُوَ اللُّغَةُ فِيهِمَا مُطْلَقًا وَتَمَامُهُ فِيهِ .

( بَابُ التَّعْلِيقِ ) ( شَرْطُ صِحَّتِهِ الْمِلْكُ كَقَوْلِ الزَّوْجِ ) لِزَوْجَتِهِ ( إنْ ذَهَبْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ ) أَيْ التَّعْلِيقِ بِالْمِلْكِ ( كَإِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ) فَإِنَّ التَّزَوُّجَ لَيْسَ بِمِلْكٍ لَكِنَّهُ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْمِلْكِ أُقِيمَ مَقَامَهُ ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ الْجَزَاءَ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَخْفِيًّا لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ التَّقَوِّي بِهِ عَلَى مَنْعِ النَّفْسِ وَلَوْلَا الْمِلْكُ فِي الْحَالِ ، أَوْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ لَمَا حَصَلَ الْفَائِدَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ الْيَمِينِ ؛ إذْ لَا جَزَاءَ فِي مِلْكِهِ فِي الْحَالِ حَتَّى يَتَحَرَّزَ عَنْ الشَّرْطِ وَلَا إضَافَةَ إلَى الْمِلْكِ حَتَّى يَتَحَرَّزَ عَنْ تَحْصِيلِ الْمِلْكِ فَإِذَا لَمْ يُفِدْ الْيَمِينُ فَائِدَتَهَا لَمْ تَنْعَقِدْ أَصْلًا ، وَفِي الثَّانِي خِلَافُ الشَّافِعِيِّ ( فَلَا تَطْلُقُ أَجْنَبِيَّةٌ قَالَ لَهَا : إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فَكَلَّمَهَا ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَتَطْلُقُ بَعْدَ الشَّرْطِ إنْ قَالَهُ لِزَوْجَتِهِ ، ثُمَّ كَلَّمَهَا لِوُجُودِ الْمِلْكِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ ، أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ : إنْ نَكَحْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا لِوُجُودِ الْإِضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ .

( بَابُ التَّعْلِيقِ ) التَّعْلِيقُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ مِنْ عَلَّقَهُ تَعْلِيقًا جَعَلَهُ مُعَلَّقًا ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى .
وَشَرْطُ صِحَّتِهِ كَوْنُ الشَّرْطِ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَخَرَجَ مَا كَانَ مُحَقَّقًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ السَّمَاءُ فَوْقَنَا فَهُوَ تَنْجِيزٌ وَخَرَجَ مَا كَانَ مُسْتَحِيلًا كَإِنْ دَخَلَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ أَصْلًا لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ تَحْقِيقُ الْمَنْفِيِّ حَيْثُ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ مُحَالٍ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمَا : إمْكَانُ الْبِرِّ شَرْطُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ لِلْغَزِّيِّ .
( قَوْلُهُ : شَرْطُ صِحَّتِهِ الْمِلْكُ
إلَخْ ) هَذَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِصَرِيحِ الشُّرُوطِ ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً كَقَوْلِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ إذَا تَزَوَّجَهَا لِأَنَّهُ عَرَّفَهَا بِالْإِشَارَةِ فَلَا يُرَاعَى فِيهَا الصِّفَةُ فَبَقِيَ قَوْلُهُ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ طَالِقٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَنَقَلَ فِي فَتْحٍ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَجْتَمِعُ مَعَهَا فِي فِرَاشِي فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا تَطْلُقُ وَكَذَا كُلُّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا حُرَّةٌ فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا لَا تَعْتِقُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يُضَفْ إلَى الْمِلْكِ قَوْلُهُ : وَفِي الثَّانِي خِلَافُ الشَّافِعِيِّ ) أَيْ فِي إضَافَةِ التَّعْلِيقِ إلَى الْمِلْكِ .
( قَوْلُهُ : فَلَا تَطْلُقُ أَجْنَبِيَّةٌ ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ ، أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ لَا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

( وَيُبْطِلُهُ ) أَيْ التَّعْلِيقَ ( زَوَالُ الْحِلِّ لَا زَوَالُ الْمِلْكِ فَتَنْجِيزُ الثَّلَاثِ يُبْطِلُ تَعْلِيقَهَا لَا تَنْجِيزُ مَا دُونَهَا ) يَعْنِي إذَا قَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا ، ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّ الْجَزَاءَ طَلَقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَانِعَةُ ؛ إذْ الظَّاهِرُ عَدَمُ مَا يَحْدُثُ وَالْيَمِينُ تُعْقَدُ لِلْمَنْعِ أَوْ الْحَمْلِ ، وَإِذَا كَانَ الْجَزَاءُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ فَاتَ بِتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ الْمُبْطِلِ لِلْمَحَلِّيَّةِ فَلَا يَبْقَى الْيَمِينُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَهَا لِأَنَّ الْجَزَاءَ بَاقٍ لِبَقَاءِ مَحَلِّهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْوِقَايَةِ : وَالتَّنْجِيزُ يُبْطِلُ التَّعْلِيقَ
إلَخْ عَلَى إطْلَاقِهِ لَا يَخْلُو عَنْ مُسَامَحَةٍ .
( قَوْلُهُ : وَيُبْطِلُهُ - أَيْ التَّعْلِيقَ - زَوَالُ الْحِلِّ ) أَيْ الْحِلِّ الْكَامِلِ بِالطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ .
( قَوْلُهُ : وَيَعْنِي إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ) أَتَى بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ لِأَنَّ الْجَوَابَ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ الشَّرْطِ يَكُونُ بِالْفَاءِ إنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الشَّرْطُ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى ، وَإِنْ حَذَفَ الْفَاءَ إنْ نَوَى تَعْلِيقَهُ دُيِّنَ وَنَظَمَ الْكَمَالُ مَوَاضِعَ الْفَاءِ بِقَوْلِهِ : تَعَلَّمْ جَوَابَ الشَّرْطِ حَتْمَ قِرَانِهِ بِفَاءٍ إذَا مَا فِعْلُهُ طَلَبًا أَتَى كَذَا جَامِدًا أَوْ مُقْسَمًا كَانَ أَوْ بِقَدْ وَرُبَّ وَسِينٍ أَوْ بِسَوْفَ ادْرِ يَا فَتَى أَوْ اسْمِيَّةً أَوْ كَانَ مَنْفِيَّ مَا وَإِنْ وَلَنْ مَنْ يَحِدْ عَمَّا حَدَّدْنَاهُ قَدْ عَتَى .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَهَا ) أَيْ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ .
( قَوْلُهُ : إنْ ) أَيْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَلَوْ بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ لِلْحَالِ وَكَذَا إنْ دَخَلَتْ فِي الْقَضَاءِ ، وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ دُيِّنَ كَمَا فِي السِّرَاجِ .

( وَأَلْفَاظُ الشَّرْطِ : إنْ ، وَإِذَا ، وَإِذَا مَا ، وَكُلُّ ) وَهَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ حَقِيقَةً لِأَنَّ مَا يَلِيهَا اسْمٌ وَالشَّرْطُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَزَاءُ ، وَالْأَجْزِيَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ لَكِنَّهُ الْحَقُّ بِالشَّرْطِ لِتَعَلُّقِ الْفِعْلِ بِالِاسْمِ الَّذِي يَلِيهَا كَقَوْلِك : كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَكَذَا ( وَكُلَّمَا ، وَمَتَى ، وَمَتَى مَا ، وَفِي كُلَّمَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ ) أَيْ تَبْطُلُ الْيَمِينُ بِبُطْلَانِ التَّعْلِيقِ ( بَعْدَ ) وُقُوعِ الطَّلَقَاتِ ( الثَّلَاثِ ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِلْمَوْطُوءَةِ كُلَّمَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ( فَلَا يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( إنْ نَكَحَهَا بَعْدَ ) زَوْجٍ ( آخَرَ ) فَدَخَلَتْ الدَّارَ لِبُطْلَانِ الْيَمِينِ ( إلَّا إذَا دَخَلَتْ ) أَيْ كُلَّمَا ( فِي التَّزَوُّجِ ) بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا إذَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ تَطْلُقُ فَإِنَّ " كُلَّمَا " يُفِيدُ عُمُومَ الْأَفْعَالِ كَمَا أَنَّ كُلَّ يُفِيدُ عُمُومَ الْأَسْمَاءِ ( وَفِيمَا سِوَاهَا ) أَيْ سِوَى كُلَّمَا مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ

( قَوْلُهُ : وَأَلْفَاظُ الشَّرْطِ إنْ
إلَخْ ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلِمَةَ إنْ صَرْفُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْوَقْتِ وَمَا وَرَاءَهَا مُلْحَقٌ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ عَلَمٌ عَلَيْهِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَلْفَاظِ لَوْ وَمَنْ وَأَيُّ وَأَيَّانَ وَأَيْنَ وَأَنَّى كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَكُلُّ وَهَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ ) الْإِشَارَةُ إلَى كُلِّ وَهِيَ مِنْ الْعَامِّ الْمَعْنَوِيِّ فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْمُنْكَرِ أَوْجَبَتْ عُمُومَ أَفْرَادِهِ ، وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْمُعَرَّفِ أَوْجَبَتْ عُمُومَ أَجْزَائِهِ .
( قَوْلُهُ : بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ) كَذَا إذَا قَالَ تَزَوَّجْت امْرَأَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ ( فَرْعٌ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ ) قَالَ فِي السِّرَاجِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَكُلَّمَا حَلَّتْ حَرُمَتْ فَتَزَوَّجَهَا فَبَانَتْ بِثَلَاثٍ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ قَالَ يَجُوزُ قَالَ فَإِنْ عَنَى بِقَوْلِهِ " كُلَّمَا حَلَّتْ حَرُمَتْ " الطَّلَاقَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا فَهُوَ يَمِينٌ .

( إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمِلْكِ يَنْحَلُّ ) أَيْ الْيَمِينُ ( إلَى جَزَاءٍ ) أَيْ تَبْطُلُ الْيَمِينُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ ( وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ الْمِلْكِ ( يَنْحَلُّ ) الْيَمِينُ ( لَا إلَيْهِ ) أَيْ لَا إلَى جَزَاءٍ أَيْ يَبْطُلُ الْيَمِينُ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَزَاءٌ فَإِنْ قَالَ : إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَرَادَ أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ وَلَا يَقَعَ الثَّلَاثُ فَحِيلَتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَتَدْخُلَ الدَّارَ حَتَّى يَبْطُلَ الْيَمِينُ وَلَا يَقَعَ الثَّلَاثُ ، ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِبُطْلَانِ الْيَمِينِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا وَتَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ؛ لِأَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ يَقَعُ الثَّلَاثُ .

( اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا أَنْ تُبَرْهِنَ ) أَيْ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهُ يَتَمَسَّكُ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَلِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَزَوَالَ الْمِلْكِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِيهِ .
( قَوْلُهُ : اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ ) أَيْ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا فِي الْغَايَةِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ

( وَفِي شَرْطٍ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا كَإِنْ حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ صُدِّقَتْ فِي حَقِّهَا ) إذَا قَالَتْ حِضْتُ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي حَقِّ ضَرَّتِهَا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُصَدَّقَ فِي حَقِّ نَفْسِهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ كَمَا فِي الدُّخُولِ .
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا إذْ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا كَمَا فِي حَقِّ الْعِدَّةِ وَالْوَطْءِ ، لَكِنَّهَا شَاهِدَةٌ فِي حَقِّ ضَرَّتِهَا بَلْ هِيَ مُتَّهَمَةٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي حَقِّهَا ، نُقِلَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُجْرًى عَلَى عُمُومِهِ بَلْ هَذَا فِيمَا إذَا كَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي قَوْلِهَا حِضْتُ ، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ( فَيُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدَّمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِهَا ) يَعْنِي إذَا رَأَتْ الدَّمَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ حَتَّى تَسْتَمِرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ مَا يَنْقَطِعُ دُونَهَا لَا يَكُونُ حَيْضًا فَإِذَا تَمَّتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِالطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ لِأَنَّهُ بِالِامْتِدَادِ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ فَكَانَ حَيْضًا مِنْ الِابْتِدَاءِ ( وَبِإِنْ حِضْت ) أَيْ إذَا قَالَ إنْ حِضْت ( حَيْضَةً ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( تَطْلُقُ إذَا طَهُرَتْ ) لِأَنَّ الْحَيْضَةَ بِالْهَاءِ هِيَ الْكَامِلَةُ مِنْهَا وَكَمَالُهَا بِانْتِهَائِهَا وَذَلِكَ بِالطُّهْرِ .

قَوْلُهُ : كَإِنْ حِضْت
إلَخْ ) مِثْلُهُ التَّعْلِيقُ بِمَحَبَّتِهَا وَبُغْضِهَا قَالَ الْكَمَالُ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ إنَّمَا يُفَارِقُ التَّعْلِيقَ بِالْحَيْضِ فِي أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَخْيِيرًا وَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَاذِبَةً تَطْلُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَفِي الْحَيْضِ لَا يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ وَلَا تَطْلُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ تَكُونَ صَادِقَةً ا هـ .
( قَوْلُهُ : صُدِّقَتْ فِي حَقِّهَا إذَا قَالَتْ حِضْت ) وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إذَا أَخْبَرَتْ وَالْحَيْضُ قَائِمٌ فَإِذَا انْقَطَعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ قِيَامُ الشَّرْطِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي السِّرَاجِ لَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ هُوَ مَرِيضٌ إذَا مَرِضْتُ فَهُوَ عَلَى حَيْضٍ وَمَرَضٍ مُسْتَقْبَلٍ فَإِذَا عَنَى بِهِ مَا يَحْدُثُ مِنْ هَذَا الْحَيْضِ ، أَوْ مَا يَزِيدُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَهُوَ كَمَا نَوَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ صَحِيحًا إنْ صَحَحْتُ ، أَوْ بَصِيرًا إنْ أَبْصَرْتُ ، أَوْ سَمِيعًا إنْ سَمِعْتُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ حِينَ سَكَتَ .
ا هـ
( قَوْلُهُ : فَيُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدَّمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِهَا ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ وَيَكُونُ بِدْعِيًّا .
( قَوْلُهُ : تَطْلُقُ إذَا طَهُرَتْ ) قَالَ فِي السِّرَاجِ وَكَانَ سُنِّيًّا ا هـ .
وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ فَلَا يُقْبَلُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .

( وَبِإِنْ صُمْت ) يَعْنِي إذَا قَالَ إنْ صُمْتِ ( يَوْمًا ) فَأَنْتِ طَالِقٌ تَطْلُقُ ( إذَا غَرَبَتْ ) الشَّمْسُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَصُومُ فِيهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ يُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ ( بِخِلَافِ ) مَا إذَا قِيلَ ( إنْ صُمْتِ ) وَلَمْ يَقُلْ يَوْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْ بِمِعْيَارٍ وَقَدْ وُجِدَ الصَّوْمُ بِرُكْنِهِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ وَبِشَرْطِهِ وَهُوَ النَّهَارُ وَالنِّيَّةُ .

( عَلَّقَ طَلْقَةً بِوِلَادَةِ ذَكَرٍ وَطَلْقَتَيْنِ بِأُنْثَى ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا وَلَدْتِ غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ، وَإِذَا وَلَدْتِ جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ( فَوَلَدَتْهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً قَضَاءً وَثِنْتَيْنِ تَنَزُّهًا ) أَيْ احْتِيَاطًا ( وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَخِيرِ ) مِنْ الْوَلَدَيْنِ فَإِنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْجَارِيَةِ ، ثُمَّ لَا يَقَعُ بِهِ أُخْرَى لِأَنَّهُ حَالُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْغُلَامِ ، ثُمَّ لَا يَقَعُ شَيْءٌ آخَرُ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حَالُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِذًا يَقَعُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٌ ، وَفِي حَالٍ ثِنْتَانِ فَلَا يَقَعُ الثَّانِيَةُ بِالشَّكِّ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالثِّنْتَيْنِ احْتِيَاطًا حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَبْلَ الْيَمِينِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ فَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وِلَادَةُ الْجَارِيَةِ أَوَّلًا .
( عَلَّقَ الثَّلَاثَ بِشَيْئَيْنِ يَقَعُ ) الثَّلَاثُ ( إنْ وُجِدَ الثَّانِي فِي الْمِلْكِ ) يَشْمَلُ مَا إذَا وُجِدَا فِي الْمِلْكِ ، أَوْ وُجِدَ الثَّانِي فِيهِ فَقَطْ ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا وَبَكْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَبَانَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَكَلَّمَتْ زَيْدًا ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَكَلَّمَتْ بَكْرًا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( وَإِلَّا فَلَا ) يَشْمَلُ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي الْمِلْكِ ، أَوْ وُجِدَ الْأَوَّلُ فِيهِ لَا الثَّانِي وَذَلِكَ لِأَنَّ صِحَّةَ الْكَلَامِ بِأَهْلِيَّةِ الْمُتَكَلِّمِ لَكِنَّ الْمِلْكَ يُشْتَرَطُ حَالَ التَّعْلِيقِ لِيَصِيرَ الْجَزَاءُ غَالِبَ الْوُجُودِ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فَيَصِحُّ الْيَمِينُ وَيُشْتَرَطُ عِنْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ أَيْضًا لِيَنْزِلَ الْجَزَاءُ لِأَنَّهُ لَا يَنْزِلُ إلَّا فِي الْمِلْكِ ، وَالْحَالُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ حَالُ بَقَاءِ الْيَمِينِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ

قِيَامِ الْمِلْكِ ؛ إذْ بَقَاؤُهُ بِمَحَلِّهِ وَهُوَ الذِّمَّةُ .

( قَوْلُهُ : فَوَلَدَتْهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ .
( قَوْلُهُ : عَلَّقَ الثَّلَاثَ بِشَيْئَيْنِ ) عَدَلَ بِهِ عَنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالْمِلْكُ يُشْتَرَطُ لِآخِرِ الشَّرْطَيْنِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ وَجَعْلُهُ فِي الْكَنْزِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ مِنْ تَعَدُّدِ الشَّرْطِ لَيْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الشَّرْطِ بِتَعَدُّدِ فِعْلِ الشَّرْطِ وَلَا تَعَدُّدَ فِي الْفِعْلِ هُنَا بَلْ فِي مُتَعَلَّقِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ تَعَدُّدُ الْمُتَعَلَّقِ تَعَدُّدَ الْفِعْلِ فَإِنَّهَا لَوْ كَلَّمَتْهُمَا مَعًا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَغَايَتُهُ تَعَدُّدٌ بِالْقُوَّةِ ا هـ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ اعْتِرَاضُ الْكَمَالِ عَلَى الشَّارِحِ فِي جَعْلِهِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ مِنْ تَعَدُّدِ الشَّرْطِ سَهْوٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى وَصْفَيْنِ وَعَلَيْهِ حَمْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْ قَبِيلِ تَعَدُّدِ الشَّرْطِ ا هـ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ رَدَّهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ بِقَوْلِهِ أَقُولُ كَيْفَ يُقَالُ فِي حَقِّهِ - أَيْ الْكَمَالِ - ذَلِكَ - أَيْ نِسْبَتُهُ إلَى السَّهْوِ - مَعَ أَنَّهُ حَقَّقَ الْكَلَامَ وَبَيَّنَ الْمُرَادَ فَقَالَ : وَأَمَّا الشَّرْطَانِ فَتَحَقُّقُهُمَا حَقِيقَةٌ بِتَكْرَارِ أَدَاتِهِمَا وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ بِوَاوٍ وَبِغَيْرِهِ
إلَخْ وَلَا شَكَّ أَنَّ صَاحِبَ الْكَنْزِ قَالَ الشَّرْطَيْنِ فَسَّرَهُ الشَّارِحُ وَجَعَلَ مِنْهُ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا تَكْرَارَ فِي أَدَاتِهَا فَلَا يَكُونُ مِنْ تَعَدُّدِ الشَّرْطَيْنِ حَقِيقَةً فَلَا سَهْوَ فِي كَلَامِ الْمُحَقِّقِ أَصْلًا فَقَدْ أَقَرَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَى الْكَنْزِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْهِدَايَةِ فَيَكُونُ وَارِدًا عَلَيْهَا أَيْضًا وَنَفْيُ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ فِي أَصْلِهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ فَرَضَ الْخِلَافِيَّةَ فِيمَا إذَا أَبَانَهَا بَعْدَ كَلَامِ أَحَدِهِمَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رَدَّهَا فَكَلَّمَتْ الثَّانِيَ عِنْدَنَا يَقَعُ لَا عِنْدَ زُفَرَ وَكَلَامُهَا لِلثَّانِي غَيْرُ

كَلَامِهَا لِلْأَوَّلِ فَقَدْ تَعَدَّدَ الْفِعْلُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لِلْحِنْثِ لِوُجُودِهِ بِكَلَامِهِمَا مَعًا فَلْيُحَرَّرْ وَقَدْ حَرَّرْته بِرِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا بُغْيَةَ أَعْيَانِ الْفَرِيقَيْنِ .
قَوْلُهُ : لَكِنَّ الْمِلْكَ يُشْتَرَطُ حَالَ التَّعْلِيقِ ) خَاصٌّ بِنَحْوِ هَذَا الْمِثَالِ ، وَإِلَّا فَالتَّعْلِيقُ بِنَحْوِ طَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا الْمِلْكُ فِيهِ مُنْعَدِمٌ مَعَ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ لِإِضَافَتِهِ إلَى الْمِلْكِ .

( عَلَّقَهَا هُوَ ) أَيْ الزَّوْجُ الثَّلَاثَ ( أَوْ مَوْلَى الْأَمَةِ الْعِتْقَ بِالْوَطْءِ ) فَقَالَ الزَّوْجُ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ الْمَوْلَى لِأَمَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ( فَأَوْلَجَ ) أَيْ أَدْخَلَ الْحَشَفَةَ حَتَّى الْتَقَى الْخِتَانَانِ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَعَتَقَتْ الْأَمَةُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ ( وَلَبِثَ ) بَعْدَ الْإِيلَاجِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ ( فَلَا عُقْرَ ) وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقِيلَ هُوَ مِقْدَارُ أُجْرَةِ الْوَطْءِ لَوْ كَانَ الزِّنَا حَلَالًا ( بِهِ ) أَيْ بِاللَّبْثِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى ( وَلَمْ يَصِرْ بِهِ ) أَيْ بِاللَّبْثِ ( مُرَاجِعًا فِي ) الطَّلَاقِ ( الرَّجْعِيِّ ) لِأَنَّ الْجِمَاعَ إدْخَالُ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لِأَنَّ الْإِدْخَالَ لَا دَوَامَ لَهُ حَتَّى يَكُونَ لِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُدْخِلُ دَابَّتَهُ الْإِصْطَبْلَ وَهِيَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ بِإِمْسَاكِهَا فِيهِ ( بَلْ ) يَجِبُ الْعُقْرُ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا فِي الثَّانِي ( بِإِيلَاجِهِ ثَانِيًا ) لِوُجُودِ الْجِمَاعِ فِيهِ حَقِيقَةً بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ ، لَكِنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَالْمَقْصُودِ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَجَبَ الْمَهْرُ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ .

( قَوْلُهُ : فَلَا عُقْرَ ) أَيْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَهُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ دِيَةُ الْفَرْجِ الْمَغْصُوبِ وَصَدَاقُ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ ، وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ دِيَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إذَا غُصِبَ ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَهْرِ وَبِفَتْحِهَا الْجُرْحُ كَذَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : بِاللَّبْثِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُكْثُ مِنْ لَبِثَ كَسَمِعَ وَهُوَ نَادِرٌ ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ مِنْ فَعِلَ بِالْكَسْرِ قِيَاسُهُ بِالتَّحْرِيكِ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْقَامُوسِ ( قَوْلُهُ : بَلْ بِإِيلَاجِهِ ثَانِيًا ) قَالَ فِي النَّهْرِ حَقِيقَةً ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ حَرَّكَ نَفْسَهُ

( قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا ، أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ ذِكْرِ الشَّرْطِ لَمْ يَقَعْ ) الطَّلَاقُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِشَرْطٍ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ مُغَيِّرٌ لِصَدْرِ الْكَلَامِ وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ اتِّصَالُهُ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَنْ أَنْ يَكُونَ إيجَابًا ، وَالْمَوْتُ يُنَافِي الْمُوجِبَ لَا الْمُبْطِلَ ( وَإِنْ مَاتَ ) الزَّوْجُ قَبْلَ الشَّرْطِ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ؛ إذْ لَمْ يَتَّصِلْ بِكَلَامِهِ الشَّرْطُ .

( قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَحُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ ) الْمَرْأَةُ ( ثَلَاثًا وَعَتَقَ ) الْعَبْدُ وَقَالَا : لَا تَطْلُقُ وَلَا يَعْتِقُ لِأَنَّ التَّكْرَارَ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ فَلَا يَبْطُلُ اتِّصَالُ الشَّرْطِ وَلَهُ أَنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ لَغْوٌ ؛ إذْ لَا يُفِيدُ فَوْقَ مَا يُفِيدُهُ الْأَوَّلُ وَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ تَأْكِيدًا لِلْفَصْلِ بِالْوَاوِ فَيُمْنَعُ الْمَعْطُوفُ عَنْ اتِّصَالِ الشَّرْطِ بِهِ فَيَقَعُ .
( كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ ) فَإِنَّهُ تَطْلِيقٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَتَعْلِيقٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنَّ الْمُبْطِلَ مُتَّصِلٌ بِالْإِيجَابِ فَيَبْطُلُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ أُخِّرَ وَلَهُمَا أَنَّ الْمَوْضُوعَ لِارْتِبَاطِ الْجُمْلَتَيْنِ هُوَ الْفَاءُ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَى الِارْتِبَاطُ فَيَبْقَى قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مُنَجَّزًا بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مُغَيِّرًا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صَدْرُ الْكَلَامِ ( وَبِأَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ ، أَوْ بِإِرَادَتِهِ ، أَوْ بِمَحَبَّتِهِ ، أَوْ بِرِضَاهُ لَا ) أَيْ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ ؛ إذْ الْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ ، وَفِي التَّعْلِيقِ إلْصَاقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ ( وَإِضَافَتُهَا ) أَيْ إضَافَةُ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْمَشِيئَةِ وَغَيْرِهَا ( إلَى الْعَبْدِ تَمْلِيكٌ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ ( كَإِنْ شَاءَ فُلَانٌ ) ، أَوْ أَرَادَ ، أَوْ أَحَبَّ ، أَوْ رَضِيَ فَيُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَإِنْ عَلِمَهُ الْعَبْدُ فِي الْمَجْلِسِ وَشَاءَ وَقَعَ الطَّلَاقُ .

( قَوْلُهُ : أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَحُرٌّ ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ عَطَفَ بِمُرَادِفِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَعَتِيقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْعَلُ فَاصِلًا وَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ ا هـ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الشَّرْطِ الِاتِّصَالُ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَعُرُوضُ اللَّغْوِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَزَاءِ فَاصِلٌ يُبْطِلُ التَّعْلِيقَ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ وَيَجْعَلُ أَبُو يُوسُفَ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " لِلتَّعْلِيقِ وَهُمَا لِلْإِبْطَالِ وَبِهِ يُفْتَى وَقِيلَ الْخِلَافُ بِالْعَكْسِ فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ كَذَا بِلَا فَاءٍ يَقَعُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَلْغُو عَلَى الثَّانِي وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ صَاحِبُ النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ ) مُفِيدٌ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ إنْ شَاءَ الْجِنُّ ، أَوْ الْحَائِطُ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ : فَإِنْ عَلِمَهُ الْعَبْدُ فِي الْمَجْلِسِ وَشَاءَ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ شِئْت مَا جَعَلَهُ إلَى فُلَانٍ وَقَعَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ أَوَّلًا كَذَا فِي النَّهْرِ .

( وَ ) قَوْلُهُ ( أَنْتِ طَالِقٌ بِأَمْرِهِ ، أَوْ حُكْمِهِ ، أَوْ قَضَائِهِ ، أَوْ إذْنِهِ أَوْ عِلْمِهِ ، أَوْ قُدْرَتِهِ تَنْجِيزٌ ) يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ ( سَوَاءٌ أُضِيفَ إلَيْهِ تَعَالَى ، أَوْ إلَى الْعَبْدِ ) إذْ يُرَادُ بِمِثْلِهِ التَّنْجِيزُ عُرْفًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِحُكْمِ الْقَاضِي .

.
( وَ ) إنْ قَالَ ( بِاللَّامِ ) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ لِأَمْرِهِ ، أَوْ لِحُكْمِهِ
إلَخْ ( يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( فِي الْكُلِّ ) أَيْ فِي الْوُجُوهِ الْعَشَرَةِ كُلِّهَا ، سَوَاءٌ أَضَافَ إلَى اللَّهِ ، أَوْ إلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ وَعَلَّلَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِدُخُولِكِ الدَّارَ .
( وَ ) إنْ قَالَ ( بَقِيَ ) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ
إلَخْ ( فَإِنْ أَضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقَعُ ) الطَّلَاقُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّ فِي بِمَعْنَى الشَّرْطِ فَيَكُونُ تَعْلِيقًا بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ ( إلَّا فِي الْعِلْمِ ) لِأَنَّهُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومُ وَهُوَ وَاقِعٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ عَنْهُ تَعَالَى بِحَالٍ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا لَمْ يَكُنْ فَيَكُونُ تَعْلِيقًا بِأَمْرٍ مَوْجُودٍ وَلَا يَلْزَمُ الْقُدْرَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا التَّقْدِيرُ وَقَدْ يُقَدِّرُ شَيْئًا وَلَا يُقَدِّرُ شَيْئًا حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِهِ صِفَةً تُؤَثِّرُ عَلَى وَفْقِ الْإِرَادَةِ يَقَعُ فِي الْحَالِ .
( وَ ) إنْ أَضَافَ ( إلَى الْعَبْدِ صَحَّ تَمْلِيكًا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ ) فَيُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَمَا مَرَّ تَعْلِيقًا فِي غَيْرِهَا وَهِيَ السِّتَّةُ الْبَاقِيَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ عَشَرَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ الْمَشِيئَةُ وَأَخَوَاتُهَا وَسِتٌّ لَيْسَتْ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ الْأَمْرُ وَأَخَوَاتُهُ وَالْكُلُّ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ إلَى الْعَبْدِ ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ : إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْبَاءِ ، أَوْ بِاللَّامِ ، أَوْ بِفِي ( بِأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَبِإِلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ وَبِإِلَّا ثَلَاثًا ) يَقَعُ ( ثَلَاثٌ ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا فَشَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ يَبْقَى وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ لِيَصِيرَ مُتَكَلِّمًا بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى

جَمِيعَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ شَيْءٌ لِيَتَكَلَّمَ بِهِ ( لَا بِإِنْ نَكَحْتُهَا عَلَيْكِ فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ ) أَيْ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْجَدِيدَةُ فِيمَا إذَا قَالَ لِلَّتِي تَحْتَهُ إنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ امْرَأَةً فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَطَلَّقَ الَّتِي مَعَهُ ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ عَلَيْهَا أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا مَنْ يُنَازِعُهَا فِي الْفِرَاشِ وَيُزَاحِمُهَا فِي الْقَسْمِ وَلَمْ يُوجَدْ ( سَأَلَتْ ) الْمَرْأَةُ ( الطَّلَاقَ فَقَالَ ) الزَّوْجُ ( أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسِينَ تَطْلِيقَةً فَقَالَتْ ثَلَاثٌ يَكْفِينِي فَقَالَ ) الزَّوْجُ ( ثَلَاثٌ لَك وَالْبَاقِي لِصَوَاحِبِكِ وَلَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ غَيْرِهَا تَطْلُقُ الْمُخَاطَبَةُ ثَلَاثًا لَا غَيْرُهَا أَصْلًا ) كَذَا فِي وَاقِعَاتِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ

( قَوْلُهُ : فِي الْوُجُوهِ الْعَشَرَةِ ) أَوَّلُهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا فِي الْعِلْمِ
إلَخْ ) كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْكَافِي ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُرَادَ الْعِلْمُ عَلَى مَفْهُومِهِ ، وَإِذَا كَانَ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى أَنَّهَا طَالِقٌ فَهُوَ فَرْعُ تَحَقُّقِ طَلَاقِهَا وَكَذَا نَقُولُ الْقُدْرَةُ عَلَى مَفْهُومِهَا فَلَا يَقَعُ لِأَنَّ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ فِي قُدْرَتِهِ تَعَالَى وُقُوعَهُ وَلَا يَسْتَلْزِمُ سَبْقُ تَحَقُّقِهِ يُقَالُ لِلْفَاسِدِ الْحَالِ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى صَلَاحُهُ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِهِ فِي الْحَالِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَبِإِلَّا ثَلَاثًا يَقَعُ ثَلَاثٌ ) كَذَا نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي أَمَّا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَنِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَهِنْدَ وَبَكْرَةَ وَعَمْرَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : فَطَلَّقَ الَّتِي مَعَهُ ) يَعْنِي طَلَاقًا بَائِنًا لِأَنَّ الْمُبَانَةَ لَا قَسْمَ لَهَا بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا ، إذْ لَهَا الْقَسْمُ فَمَتْنُهُ خَيْرٌ مِنْ شَرْحِهِ .

( بَابُ طَلَاقِ الْفَارِّ ) ( مَنْ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكُ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فَارٌّ بِالطَّلَاقِ ( كَمَرِيضٍ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ مَصَالِحِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ ) فَمَنْ يَقْضِيهَا فِي خَارِجِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَشْتَكِي لَا يَكُونُ فَارًّا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْهُ هُوَ الصَّحِيحُ ( وَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا ) فِي الْمُحَارَبَةِ ( أَوْ قَدِمَ لِيُقْتَلَ بِقِصَاصٍ ، أَوْ رَجْمٍ ) وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ : إذَا قَدِمَ لِلْقِصَاصِ لَا يَكُونُ فَارًّا لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّجْمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الِاعْتِمَادُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( أَوْ رَكِبَ سَفِينَةً فَانْكَسَرَتْ وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ افْتَرَشَهُ السَّبُعُ وَبَقِيَ فِي فِيهِ ) وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ مَا دَامَ يَزْدَادُ مَا بِهِ كَالْمَرِيضِ فَإِنْ صَارَ قَدِيمًا وَلَمْ يَزْدَدْ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ ( وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَالرَّجُلِ ) حَتَّى لَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفُرْقَةِ كَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ ابْنِ الزَّوْجِ وَالِارْتِدَادِ بَعْدَمَا حَصَلَ لَهَا مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ يَرِثُهَا الزَّوْجُ لِكَوْنِهَا فَارَّةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( وَالْحَامِلُ كَالصَّحِيحَةِ ) فَإِنْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ فَهِيَ كَالْمَرِيضَةِ لِأَنَّ هَلَاكَهَا لَا يَغْلِبُ مَا لَمْ يَأْخُذْهَا الطَّلْقُ كَذَا فِي الْكَافِي ( فَارٌّ بِالطَّلَاقِ وَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ إلَّا مِنْ الثَّالِثِ فَلَوْ أَبَانَهَا بِلَا رِضَاهَا ) حَتَّى لَوْ رَضِيَتْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ فَارًّا ( وَمَاتَ ) الزَّوْجُ ( وَلَوْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ ) مِنْ الْمَرَضِ وَالْمُبَارَزَةِ وَنَحْوِهِمَا بِأَنْ يُقْتَلَ الْمَرِيضُ أَوْ يَمُوتَ بِمَرَضٍ آخَرَ ( وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُ ) هَذَا فِي الْبَائِنِ ، وَأَمَّا فِي الرَّجْعِيِّ فَتَرِثُ مِنْهُ مُطْلَقًا إذَا مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ السَّبَبُ لِإِرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ قَصَدَ إبْطَالَهُ فَرُدَّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ بِتَأْخِيرِ عَمَلِهِ إلَى زَمَانِ

انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا وَلِهَذَا يَرِثُهَا هُوَ إذَا مَاتَتْ بِخِلَافِ الْبَائِنِ لِأَنَّ السَّبَبَ - وَهُوَ النِّكَاحُ - قَدْ زَالَ .

( بَابُ طَلَاقِ الْفَارِّ ) ( قَوْلُهُ : كَمَرِيضٍ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ مَصَالِحِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ ا هـ .
وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ الْكَمَالُ إذَا أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِهَا فِي الْبَيْتِ لَا فِي خَارِجِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ صَحِيحٌ .
ا هـ
وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ ، وَأَمَّا فِي الْمَرْأَةِ فَقَالَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فَبِأَنْ تَعْجِزَ عَنْ الْمَصَالِحِ الدَّاخِلَةِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا الصُّعُودُ إلَى السَّطْحِ فَهِيَ مَرِيضَةٌ ا هـ .
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الذَّخِيرَةِ وَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَى نَحْوِ الطَّبْخِ دُونَ صُعُودِ السَّطْحِ لَمْ تَكُنْ مَرِيضَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ .
ا هـ
( فَرْعٌ ) الشَّخْصُ الصَّحِيحُ فِي فَشْوِ الطَّاعُونِ كَالْمَرِيضِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَفِي الْفَتْحِ لَمْ أَرَهُ لِمَشَايِخِنَا ا هـ لَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِي أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ بَذْلُ الْمَاعُونِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ لِي جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ ، وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ كَاَلَّذِي طَلَّقَ وَهُوَ فِي صَفِّ الْقِتَالِ فَلَا يَكُونُ فَارًّا ا هـ .
وَلَيْسَ مُسَلَّمًا إذْ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ مَنْ هُوَ مَعَ قَوْمٍ يَدْفَعُونَ عَنْهُ فِي الصَّفِّ وَبَيْنَ مَنْ هُوَ مَعَ قَوْمٍ هُمْ مِثْلُهُ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةُ الدَّفْعِ عَنْ أَحَدٍ حَالَ فَشْوِ الطَّاعُونِ فَتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : وَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا ) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُبَارَزَ لَيْسَ مِنْ أَقْرَانِهِ بَلْ أَقْوَى مِنْهُ كَذَا فِي النَّهْرِ قَوْلُهُ : أَوْ رَكِبَ سَفِينَةً فَانْكَسَرَتْ ) لَيْسَ كَسْرُهَا شَرْطًا بَلْ كَذَلِكَ لَوْ تَلَاطَمَتْ الْأَمْوَاجُ وَخِيفَ الْغَرَقُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْبَدَائِعِ وَقَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِأَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ أَمَّا لَوْ سَكَنَ ، ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ .
ا هـ
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا شَرْطُ كَوْنِهِ فَارًّا فَلَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ .
( قَوْلُهُ :

وَالْمَفْلُوجُ
إلَخْ ) اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَحَدُ خَمْسَةِ أَقْوَالٍ فِيهِ لِأَنَّهُ أَفْتَى بِهِ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالرَّجُلِ ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِي اشْتِرَاطِ عَجْزِهَا عَنْ الْمَصَالِحِ خَارِجَ الْبَيْتِ ، وَعُلِمَتْ مُخَالَفَتُهَا لَهُ فِيهِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ
إلَخْ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْ بَعْدَ مَا تَمَّ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ ا هـ .
( قُلْتُ ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَادَةَ صُعُوبَةُ طَلْقِ السِّقْطِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ فِي تَمَامِ الْمُدَّةِ ا هـ .
وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ فَقِيلَ هُوَ الْوَجَعُ الَّذِي لَا يَسْكُنُ حَتَّى الْمَوْتِ أَوْ تَلِدَ وَقِيلَ : وَإِنْ سَكَنَ لِأَنَّ الْوَجَعَ يَسْكُنُ تَارَةً وَيَهِيجُ أُخْرَى وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ هَلَاكَهَا لَا يَغْلِبُ مَا لَمْ يَأْخُذْهَا الطَّلْقُ ) فِي مَفْهُومِهِ تَأَمُّلٌ ، إذْ الْمَعْلُومُ أَنَّهُ لَا يَغْلِبُ الْهَلَاكُ بِالطَّلْقِ ، وَالْفَارُّ مَنْ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكُ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ أَبَانَهَا بِلَا رِضَاهَا ) أَيْ وَهُوَ طَائِعٌ لَا مُكْرَهٌ وَكَذَا يَكُونُ فَارًّا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَرَضِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ ، أَوْ وَكَّلَ بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ فَأَوْقَعَهُ وَكِيلُهُ حَالَ مَرَضِهِ قَادِرًا عَلَى عَزْلِهِ لَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ مَاتَ وَلَوْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ ) هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ .
( قَوْلُهُ : هَذَا فِي الْبَائِنِ ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فَارٌّ بِالطَّلَاقِ لِيَخْرُجَ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ ظَاهِرٌ فِي الرَّجْعِيِّ فَقَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِيَخْرُجَ الرَّجْعِيُّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ أَيْ كَمَا ذُكِرَ إذْ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ مَتْنًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ تَرِثُ فِيهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً كَانَ صَحِيحًا ، أَوْ مَرِيضًا

وَقْتَ التَّطْلِيقِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنَّهَا السَّبَبُ لِإِرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ) غَيْرُ جَيِّدٍ لِأَنَّهَا - أَيْ الزَّوْجِيَّةَ - سَبَبُ إرْثِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ عَنْ مَرَضٍ ، أَوْ فَجْأَةٍ ، وَالْوَجْهُ أَنْ نَقُولَ الزَّوْجِيَّةُ سَبَبُ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالزَّوْجُ قَصَدَ
إلَخْ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ هَذَا فِي الْبَائِنِ يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ : فَإِنَّ الزَّوْجَ قَصَدَ إبْطَالَهُ .
( قَوْلُهُ : فَإِنَّ الزَّوْجَ قَصَدَ إبْطَالَهُ
إلَخْ ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَصْدَ الْإِبْطَالِ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ اَ هـ .
وَيُشْتَرَطُ لِكَوْنِهِ فَارًّا أَهْلِيَّتُهَا لِلْإِرْثِ فِي الْبَائِنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى الْمَوْتِ ، وَفِي الرَّجْعِيِّ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا وَقْتَ الْمَوْتِ وَلَوْ كَذَّبَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَادَّعَتْ الْعِتْقَ - قَبْلَ مَوْتِهِ - وَالْوَرَثَةُ بَعْدَهُ ؛ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُمْ كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا يَرِثُهَا ) هُوَ إذَا مَاتَتْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَدَمُ ذِكْرِهِ هُنَا لِإِيهَامِ ذِكْرِهِ تَعَلُّقَهُ بِالْبَائِنِ وَلَيْسَ صَحِيحًا بَلْ بِالرَّجْعِيِّ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَيَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ : وَلِهَذَا يَرِثُهَا هُوَ إذَا مَاتَتْ يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ : عَقِبَهُ بِخِلَافِ الْبَائِنِ لِأَنَّ السَّبَبَ وَهُوَ النِّكَاحُ قَدْ زَالَ يَعْنِي بِالنَّظَرِ إلَيْهِ لِقَصْدِهِ الَّذِي رُدَّ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِ عَمَلِهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ هِيَ فِي الْعِدَّةِ حَيْثُ لَا يَرِثُهَا هُوَ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِإِرْثِهِ مِنْهَا مُؤَاخِذَةً لَهُ بِقَصْدِهِ وَرِضَاهُ بِهِ هَكَذَا يَجِبُ حَلُّ هَذَا الْمَحَلِّ لِدَفْعِ الِاشْتِبَاهِ الْحَاصِلِ فِيهِ وَلَعَلَّهُ مِنْ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ بِوَضْعِ الشَّيْءِ فِي

غَيْرِ مَحَلِّهِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ السَّبَبَ - وَهُوَ النِّكَاحُ - قَدْ زَالَ ) فِيهِ قُصُورٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ : لَكِنْ لَمَّا صَارَ فَارًّا رُدَّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ فَوَرِثَتْ مِنْهُ .

( كَذَا ) تَرِثُ ( طَالِبَةُ رَجْعِيٍّ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ وَلِهَذَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا إيَّاهُ رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً .
( قَوْلُهُ : كَذَا تَرِثُ طَالِبَةُ رَجْعِيٍّ ) سَوَاءٌ فِيهِ مَا لَوْ صَرَّحَتْ بِهِ ، أَوْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي وَلَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ .

.
( وَ ) كَذَا تَرِثُ ( مُبَانَةٌ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا ) يَعْنِي : أَبَانَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ فَقَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا لَا يَمْنَعُ تَقْبِيلُهَا الْإِرْثَ إذْ الْبَيْنُونَةُ وَقَعَتْ بِإِبَانَتِهِ لَا بِتَقْبِيلِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ بِالتَّقْبِيلِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ .
( قَوْلُهُ : كَذَا تَرِثُ مُبَانَةٌ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا ) خَرَجَ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا كَاَلَّتِي فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ لِكَوْنِهَا بَانَتْ بِالتَّقْبِيلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ طَائِعَةً ، أَوْ مُكْرَهَةً لِرِضَاهَا بِإِبْطَالِ حَقِّهَا فِي الطَّوْعِ وَلِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِفِعْلِ غَيْرِ الزَّوْجِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إبْطَالُ حَقِّهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ .

.
( وَ ) كَذَا تَرِثُ ( مَنْ لَاعَنَهَا ، أَوْ آلَى مِنْهَا فِيهِ ) أَيْ فِي الْمَرَضِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ ، ثُمَّ لَاعَنَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَرِثُ وَكَذَا إذَا قَذَفَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّ هَذَا مُلْحَقٌ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِفِعْلٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي ؛ إذْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْخُصُومَةِ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهَا ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ إذَا حَلَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ وَوَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ ، ثُمَّ مَاتَ تَرِثُ الْمَرْأَةُ ( وَلَوْ آلَى فِي صِحَّتِهِ وَبَانَتْ بِهِ ) أَيْ بِالْإِيلَاءِ ( فِي مَرَضِهِ لَا ) أَيْ لَا تَرِثُ امْرَأَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ أَيْضًا فِي الْمَرَضِ تَرِثُ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ فِي مَعْنَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمَعْنَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ خَالِيَةٍ عَنْ الْوِقَاعِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِالتَّعَلُّقِ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ( بِخِلَافِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كَمَرِيضٍ عَجَزَ إلَى آخِرِهِ ( مَنْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ ، أَوْ حُمَّ ، أَوْ حُبِسَ لِقِصَاصٍ ، أَوْ رَجْمٍ ، أَوْ حُصِرَ فَإِنَّ الْمُطَلَّقَةَ حِينَئِذٍ لَا تَرِثُ ) لِأَنَّ الْهَلَاكَ لَيْسَ بِغَالِبٍ فِيهَا
( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ أَيْضًا
إلَخْ ) مُسْتَدْرَكٌ بِدُونِ سَطْرٍ .

( كَذَا ) لَا تَرِثُ ( الْمُخْتَلِعَةُ فِي مَرَضِهِ وَمُخَيَّرَةٌ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِيهِ وَمَنْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِأَمْرِهَا ، ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ ) لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا وَالتَّأْخِيرُ كَانَ لِحَقِّهَا ( أَوْ لَا بِهِ ) أَيْ وَكَذَا لَا تَرِثُ مَنْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا لَا بِأَمْرِهَا ( ثُمَّ صَحَّ ) الزَّوْجُ مِنْ مَرَضِهِ ، ثُمَّ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فَارًّا لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ تَبَرُّعَاتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَلِذَا إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ .
( تَصَادَقَا عَلَى ثَلَاثٍ فِي الصِّحَّةِ وَمَضَى الْعِدَّةُ أَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا فَأَقَرَّ لَهَا بِمَالٍ أَوْصَى فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ الْإِرْثِ ) أَيْ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ كُنْت طَلَّقْتُكِ وَأَنَا صَحِيحٌ فَانْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَصَدَّقَتْهُ ، ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِمَالٍ ، أَوْ أَوْصَى لَهَا بِهِ ، أَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا فِي مَرَضِهِ فَأَقَرَّ لَهَا ، أَوْ أَوْصَى ، ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ .

( قَوْلُهُ : فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ الْإِرْثِ ) هَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا أَمَّا إذَا انْقَضَتْ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ ، ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ لَهَا بِهِ ، أَوْ أَوْصَى كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ فُصُولِ الْعِمَادِيِّ .
ا هـ
وَلَيْسَتْ " مِنْ " فِيهِمَا صِلَةً لِأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لِاقْتِضَائِهِ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ لِلْبَيَانِ ، وَأَفْعَلُ اُسْتُعْمِلَ بِاللَّامِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ : أَوْ مِنْ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَقَلَّ بَيَّنَهُ بِأَحَدِهِمَا وَصِلَةُ الْأَقَلِّ مَحْذُوفٌ وَهُوَ مِنْ الْأُخْرَى أَيْ فَلَهَا أَحَدُهُمَا الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الْآخَرِ فَتَكُونُ الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " ، أَوْ تَكُونُ عَلَى مَعْنَاهَا لَكِنْ لَا يُرَادُ بِهِمَا الْمَجْمُوعُ بَلْ الْأَقَلُّ الَّذِي هُوَ الْإِرْثُ تَارَةً وَالْمُوصَى بِهِ أُخْرَى فَتَكُونُ الْوَاوُ لِلْجَمْعِ لِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ ثَابِتَةٌ لَكِنْ بِحَسَبِ زَمَانَيْنِ قَالَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَاعْتَرَضَهُ يَعْقُوبُ بَاشَا بِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِلْجَمْعِ فِي أَفْعَلَ بِحَسَبِ زَمَانَيْنِ لَا يَجِبُ إذَا كَانَتْ صِلَةَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ أَقَلُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهَا أَحَدَهُمَا لَا غَيْرُ ، نَعَمْ لَا يَجْتَمِعُ " مِنْ " وَاللَّامُ ، وَجَعَلَهَا فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ مُتَعَلِّقَةً بِالظَّرْفِ أَيْ ثَبَتَ لَهَا دَائِمًا مِنْ الْمُوصَى بِهِ وَمِنْ الْإِرْثِ مَا هُوَ أَقَلُّ .
ا هـ .
( تَنْبِيهٌ ) : عِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَا تَأْخُذُهُ لَهُ شَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ فَمَا نَوَى كَانَ عَلَى الْكُلِّ وَشُبِّهَ بِالدَّيْنِ حَتَّى كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهَا مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ كَمَا فِي النَّهْرِ .

( إذَا عَلَّقَ ) الْمَرِيضُ ( طَلَاقَهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ ، أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ - وَالتَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا ( فِي مَرَضِهِ - ، أَوْ ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا ( بِفِعْلِ نَفْسِهِ - وَهُمَا ) أَيْ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ ( فِي الْمَرَضِ ، أَوْ الشَّرْطُ فَقَطْ ) فِيهِ ( - ، أَوْ ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا ( بِفِعْلِهَا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ ) كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَلَامِ الْأَبَوَيْنِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَائِهِ ( - وَهُمَا فِي الْمَرَضِ ، أَوْ الشَّرْطُ - ) فَقَطْ فِيهِ وَجَوَابُ إذَا قَوْلُهُ ( وَرِثَتْ ) الْمَرْأَةُ لِكَوْنِ الزَّوْجِ فَارًّا ( وَفِي غَيْرِهَا ) أَيْ غَيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ ( لَا ) أَيْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الصِّحَّةِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا ، أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ ، أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ ، أَوْ كَيْفَمَا كَانَ إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ ، أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ ، أَوْ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ ، أَوْ كَانَ فِي الْمَرَضِ : أَمَّا الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ أَعْنِي مَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ ، أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ لِلْفِرَارِ ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ ، وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَتَرِثُ كَيْفَمَا كَانَ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ ، سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَكَانَ الْفِعْلُ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَارَ قَاصِدًا إبْطَالَ حَقِّهَا بِالتَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ ، أَوْ بِالشَّرْطِ وَحْدَهُ لِأَنَّ لِلشَّرْطِ شَبَهًا

بِالْعِلَّةِ لِأَنَّ الْوُجُودَ عِنْدَهُ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا مِنْ وَجْهٍ صِيَانَةً لِحَقِّهَا ، وَاضْطِرَارُهُ لَا يُبْطِلُ حَقَّ غَيْرِهِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ حَالَ الِاضْطِرَارِ ، أَوْ النَّوْمِ ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ لَمْ تَرِثْ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ ، أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ ، وَالشَّرْطُ وَالْمَرَضِ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالشَّرْطِ ، وَالرِّضَاءُ بِهِ يَكُونُ رِضًا بِالْمَشْرُوطِ .
( قَوْلُهُ : إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ ) أَيْ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ وَسَوَاءٌ كَانَ فِعْلُ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ
إلَخْ ) قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مُطْلَقًا حَتَّى بِفِعْلِهَا الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ) قَالَ فِي النَّهْرِ : إنَّهَا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إمَّا بِمَجِيءِ الْوَقْتِ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ ، أَوْ بِفِعْلِهِ ، أَوْ فِعْلِهَا ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ إمَّا أَنْ يُوجَدَا فِي الصِّحَّةِ ، وَفِي الْمَرَضِ ، أَوْ يُوجَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ ا هـ .

( أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ) وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَصَحَّ ( فَمَاتَ ، أَوْ أَبَانَهَا فَارْتَدَّتْ فَأَسْلَمَتْ فَمَاتَ ) الزَّوْجُ ( لَمْ تَرِثْ ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الصِّحَّةَ لَمَّا تَخَلَّلَتْ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَارٍّ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ بِارْتِدَادِهَا أَبْطَلَتْ أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ أَحَدًا فَإِذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُ السَّبَبِ ( قَالَ لَهَا إنْ مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا ) حَتَّى إذَا مَرِضَ وَمَاتَ فِيهِ تَرِثُ ( قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمَرِيضِ : طَلِّقْنِي فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَرِثَتْ ) لِأَنَّ مَدْلُولَ طَلِّقْنِي طَلَبُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الرِّضَا بِهِ الرِّضَا بِالثَّلَاثِ فَإِذَا أَتَى بِهَا الزَّوْجُ كَانَ فَارًّا وَوَرِثَتْ الْمَرْأَةُ .
قَوْلُهُ : قَالَ لَهَا : إنْ مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا ) هُوَ الصَّحِيحُ فَتَرِثُ بِمَوْتِهِ فِي عِدَّتِهَا وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ : لَا تَرِثُ وَكَذَا يَكُونُ فَارًّا إذَا عَلَّقَ الْمَرِيضُ الثَّلَاثَ بِعِتْقِهَا ، أَوْ إسْلَامِهَا ، أَوْ قَالَ سَيِّدُ الْأَمَةِ : أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا ، وَقَالَ زَوْجُهَا : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ إنْ عَلِمَ بِكَلَامِ الْمَوْلَى يَكُونُ فَارًّا ، وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهَا وَطَلَاقَهَا ثَلَاثًا بِالْغَدِ فَجَاءَ وَقَعَا ، وَلَا تَرِثُ بِمَوْتِهِ فِي عِدَّتِهَا كَذَا فِي قَاضِي خَانْ وَقَدَّمْنَا عَنْ التَّحْرِيرِ مَسْأَلَةَ تَعْلِيقِهِ بِمَا قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرَيْنِ ، وَالْكَلَامَ عَلَى عِدَّتِهَا ، وَبَيَّنَّا أَنَّهُ صَارَ فَارًّا وَتُزَادُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ عَلَى السِّتَّةَ عَشَرَ مَسْأَلَةً فِي تَعْلِيقِ الْفَارِّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهَا .
( قَوْلُهُ : قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمَرِيضِ
إلَخْ ) فِيمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ : كَذَا تَرِثُ طَالِبَةُ رَجْعِيٍّ طَلُقَتْ ثَلَاثًا غَنِيَّةً عَنْ هَذَا .

( قَالَ : آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ، ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ طَلُقَتْ ) الْمَرْأَةُ الْأُخْرَى ( عِنْدَ التَّزَوُّجِ فَلَا يَصِيرُ ) الزَّوْجُ ( فَارًّا فَلَا تَرِثُ ) الْمَرْأَةُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا طَلُقَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَصِيرُ فَارًّا وَتَرِثُ الْمَرْأَةُ ؛ لِأَنَّ الْآخِرِيَّةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِعَدَمِ تَزَوُّجِ غَيْرِهَا بَعْدَهَا وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالْمَوْتِ فَكَانَ الشَّرْطُ مُتَحَقِّقًا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنَّ الْمَوْتَ مُعَرَّفٌ وَاتِّصَافُهُ بِالْآخِرِيَّةِ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ فَيَثْبُتُ مُسْتَنِدًا .
( قَوْلُهُ : آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَلَا تَرِثُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرٌ وَنِصْفٌ وَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ .

( بَابُ الرَّجْعَةِ ) ( هِيَ اسْتِدَامَةُ الْقَائِمِ فِي الْعِدَّةِ ) أَيْ إبْقَاءُ النِّكَاحِ عَلَى مَا كَانَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } فَإِنَّ الْإِمْسَاكَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ الْقَائِمِ لَا عَنْ إعَادَةِ الزَّائِلِ فَيَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّةِ الرَّجْعَةِ ، وَشَرْطِيَّةِ بَقَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّ الِاسْتِدَامَةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً ؛ إذْ الْمِلْكُ بَاقٍ فِي الْعِدَّةِ زَائِلٌ بَعْدَ انْقِضَائِهَا ( بِنَحْوِ رَاجَعْتُك وَبِمَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ ) مِنْ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ عِنْدَهُ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ الرَّجْعَةِ بِالْقَوْلِ ( وَتَصِحُّ ) أَيْ الرَّجْعَةُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ طَلْقَةٍ وَطَلْقَتَيْنِ وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ ، وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ فِي الْحُرَّةِ وَقَدْ مَرَّ مِرَارًا ( وَإِنْ أَبَتْ ) الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجْعَةِ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْإِمْسَاكِ مُطْلَقٌ فَيَشْمَلُ التَّقَادِيرَ .

( بَابُ الرَّجْعَةِ ) الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْفَتْحَ فِيهَا أَفْصَحُ مِنْ الْكَسْرِ خِلَافًا لِلْأَزْهَرِيِّ فِي دَعْوَى أَكْثَرِيَّةِ الْكَسْرِ ، وَلِمَكِّيٍّ تَبَعًا لِابْنِ دُرَيْدٍ فِي إنْكَارِ الْكَسْرِ عَلَى الْفُقَهَاءِ تَتَعَدَّى وَلَا تَتَعَدَّى يُقَالُ : رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَرَجَعْتُهُ إلَيْهِمْ رَدَدْتُهُ رَجْعًا وَرُجُوعًا وَمَرْجِعًا كَذَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : بِنَحْوِ رَاجَعْتُكِ ) يُرِيدُ بِهِ رَاجَعْت امْرَأَتِي وَارْتَجَعْتُكِ وَرَجَعْتُكِ وَرَدَدْتُكِ وَأَمْسَكْتُكِ وَمَسَكْتُكِ وَهَذَا صَرِيحٌ وَاشْتُرِطَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فِي رَدَدْتُكِ الصِّلَةُ كَإِلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي ، أَوْ إلَى عِصْمَتِي وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الصِّلَةِ فِي الِارْتِجَاعِ وَالْمُرَاجَعَةِ قَالَ الْكَمَالُ : وَهُوَ حَسَنٌ ، إذْ مُطْلَقُهُ يُسْتَعْمَلُ فِي ضِدِّ الْقَبُولِ وَمِنْ الصَّرِيحِ النِّكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الرَّاوِيَةِ ، .
وَفِي الْيَنَابِيعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا رُكْنُ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهُ إمَّا قَوْلٌ ، أَوْ فِعْلٌ وَالْقَوْلُ الصَّرِيحُ مَا تَقَدَّمَ وَالْكِنَايَةُ أَنْتِ عِنْدِي كَمَا كُنْتِ وَأَنْتِ امْرَأَتِي فَلَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ .
( قَوْلُهُ : وَبِمَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ ) بَيَانٌ لِلرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ وَنُقِلَ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ إذَا رَاجَعَهَا بِقُبْلَةٍ ، أَوْ لَمْسٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُرَاجِعَهَا بِالْإِشْهَادِ ثَانِيًا .
ا هـ .
لِأَنَّ السُّنَّةَ الرَّجْعَةُ بِالْقَوْلِ وَالْإِشْهَادِ وَإِعْلَامِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ .
( قَوْلُهُ : مِنْ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ ) يَعْنِي بِهِ اللَّمْسَ وَالْقُبْلَةَ عَلَى أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهَا وَالنَّظَرَ إلَى فَرْجِهَا الدَّاخِلِ بِشَهْوَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُرَاجَعَةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ مِنْهُ ، أَوْ مِنْهَا بَعْدَ كَوْنِهِ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا اتِّفَاقًا قَالَ فِي الْفَتْحِ : بِشَرْطِ أَنْ

يُصَدِّقَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَاسًا مِنْهَا كَأَنْ كَانَ نَائِمًا ، أَوْ فَعَلَتْهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ ، أَوْ مَعْتُوهٌ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا بِإِدْخَالِهَا فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ نَائِمٌ ، أَوْ مَجْنُونٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ : وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ رَجْعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَرَجْعَةُ الْمَجْنُونِ بِالْفِعْلِ ، وَلَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ بِهِمَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ ) بَيَانُ شَرْطِ الرَّجْعَةِ وَلَهَا شُرُوطٌ خَمْسٌ تُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَبَتْ ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ وَكَذَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا وَمَا فِي الْعِنَايَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ إعْلَامِ الْغَائِبَةِ بِهَا فَسَهْوٌ كَذَا فِي النَّهْرِ .

( وَنُدِبَ إعْلَامُهَا ) أَيْ إعْلَامُ الزَّوْجِ إيَّاهَا بِالرَّجْعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا لَرُبَّمَا تَقَعُ الْمَرْأَةُ فِي الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَزَوَّجُ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهَا أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُرَاجِعْهَا وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَيَطَؤُهَا الزَّوْجُ الثَّانِي فَكَانَتْ عَاصِيَةً وَزَوْجُهَا الَّذِي أَوْقَعَهَا فِيهِ مُسِيئًا بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ لِلْقَائِمِ وَلَيْسَتْ بِإِنْشَاءٍ فَكَانَ الزَّوْجُ بِرَجْعَتِهِ مُتَصَرِّفًا فِي خَالِصِ حَقِّهِ ، وَتَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ فِي خَالِصِ حَقِّهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْغَيْرِ .
فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ تَكُونُ عَاصِيَةً بِغَيْرِ عِلْمٍ .
أُجِيبَ بِأَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ سُؤَالٍ فَقَدْ تَرَكَتْ التَّثَبُّتَ فَوَقَعَتْ فِي الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا .
( وَ ) نُدِبَ ( الْإِشْهَادُ ) أَيْضًا احْتِرَازًا عَنْ التَّجَاحُدِ وَعَنْ الْوُقُوعِ فِي مَوَاقِعِ التُّهَمِ لِأَنَّ النَّاسَ عَرَفُوهُ مُطْلَقًا فَيُتَّهَمُ بِالْقُعُودِ مَعَهَا ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ صَحَّتْ .
( قَوْلُهُ : أُجِيبَ بِأَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ سُؤَالٍ
إلَخْ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذَا مُشْكِلٌ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهَا السُّؤَالُ ، وَالْمَعْصِيَةُ بِالْعَمَلِ بِمَا ظَهَرَ عِنْدَهَا ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : وَلَيْسَ السُّؤَالُ إلَّا لِدَفْعِ مَا هُوَ مُتَوَهَّمُ الْوُجُودِ بَعْدَ تَحَقُّقِ عَدَمِهِ فَهُوَ وِزَانُ إعْلَامِهِ إيَّاهَا ، إذْ هُوَ أَيْضًا لِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذًا كَانَ مُسْتَحَبًّا .

.
( وَ ) نُدِبَ أَيْضًا ( عَدَمُ دُخُولِهِ عَلَيْهَا بِلَا إذْنِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّجْعَةَ ) أَيْ يُعْلِمُهَا بِدُخُولِهِ عَلَيْهَا بِالنِّدَاءِ ، أَوْ التَّنَحْنُحِ ، أَوْ صَوْتِ النَّعْلِ لِتَتَأَهَّبَ لِدُخُولِهِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ فِيهَا لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِي الْجُمْلَةِ .
( قَوْلُهُ : إنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّجْعَةَ ) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْمُرَاجَعَةُ بِالنَّظَرِ لِدَاخِلِ فَرْجِهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا وَلَوْ قَصَدَ الرَّجْعَةَ دَفْعًا لِوُقُوعِ الرَّجْعَةِ بِالْمَكْرُوهِ وَصَرَّحَ الْوَلْوَالِجِيُّ بِالْإِطْلَاقِ كَذَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : لِئَلَّا يَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ ) فِيهِ تَأَمُّلٌ ، إذْ الْكَلَامُ فِي الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا وَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فَالنَّظَرُ لَهُ مِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ إنَّمَا نُدِبَ إعْلَامُهَا بِدُخُولِهِ لِخَوْفِ أَنْ يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَوْضِعٍ يَصِيرُ بِهِ مُرَاجِعًا وَهُوَ لَا يُرِيدُهَا فَيَحْتَاجَ إلَى طَلَاقِهَا فَتَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَيَلْزَمَهَا الضَّرَرُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ .

( ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ الرَّجْعَةَ فِيهَا إنْ صَدَّقَتْهُ فَرَجْعَةٌ ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِتَصَادُقِ الزَّوْجَيْنِ فَالرَّجْعَةُ أَوْلَى ( وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا ) أَيْ لَا يَكُونُ رَجْعَةً لِأَنَّهُ مُدَّعٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَلَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ( وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا ) لِمَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الرَّجْعَةَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَمِينَ فِيهَا ( كَمَا فِي رَاجَعْتُكِ ) أَيْ كَمَا لَا يَكُونُ رَجْعَةً إذَا قَالَ رَاجَعْتُكِ يُرِيدُ بِهِ الْإِنْشَاءَ ( فَقَالَتْ - مُجِيبَةً لَهُ - : مَضَتْ عِدَّتِي ) لِأَنَّ هَذِهِ الرَّجْعَةَ صَادَفَتْ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ ، وَهَذَا لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ فَوَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهَا فَإِذَا أَخْبَرَتْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ الِانْقِضَاءِ ، وَأَقْرَبُ أَحْوَالِهِ حَالُ قَوْلِ الزَّوْجِ رَاجَعْتُك فَيَكُونُ مُقَارِنًا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَتْ ، ثُمَّ أَخْبَرَتْ بِالِانْقِضَاءِ لِأَنَّ أَقْرَبَ الْأَحْوَالِ فِيهَا حَالُ السَّكْتَةِ فَيُصَارُ إلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا لِمَا يَأْتِي ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ : وَتُحَلَّفُ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
( قَوْلُهُ : كَمَا فِي رَاجَعْتُكِ ) لَيْسَ هُوَ مِثْلَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا تُحَلَّفُ هُنَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَوَقَعَ فِي التَّبْيِينِ - وَتَبِعَهُ فِي الْفَتْحِ - أَنَّهَا تُحَلَّفُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ صَحَّتْ عِنْدَهُمَا فَعَلَامَ تُسْتَحْلَفُ وَاَلَّذِي فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَجَابَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا لَوْ قَالَا : كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ فَرَاجِعْهَا ا هـ .
وَبَعْدُهُ لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَذَا فِي النَّهْرِ .

.
( وَ ) كَمَا ( فِي زَوْجِ أَمَةٍ أَخْبَرَ بَعْدَهَا ) أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ ( بِالرَّجْعَةِ وَصَدَّقَهُ سَيِّدُهَا وَكَذَّبَتْهُ ) الْأَمَةُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا فَإِنَّ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ بِنَاءٌ عَلَى قِيَامِ الْعِدَّةِ ، وَالْقَوْلُ فِي الْعِدَّةِ قَوْلُهَا بَقَاءً وَانْقِضَاءً فَكَذَا فِيمَا بُنِيَ عَلَيْهِ ( أَوْ قَالَتْ ) الْأَمَةُ ( مَضَتْ ) عِدَّتِي ( وَأَنْكَرَا ) أَيْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ مُضِيَّ الْعِدَّةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِشَأْنِهَا ( تَنْقَطِعُ ) أَيْ الْعِدَّةُ ( إذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ الْأَخِيرِ لِعَشَرَةٍ ) وَهُوَ الْحَيْضُ الثَّالِثُ مِنْ الْعِدَّةِ ( وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ ) حَتَّى لَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ مَا تَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الِاغْتِسَالِ وَتُحْرِمُ لِلصَّلَاةِ فَذَهَبَ ذَلِكَ الْقَدْرُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ فَتَيَقَّنَّا بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ فَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَانْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ .
( وَ ) إذَا طَهُرَتْ مِنْهُ ( لِأَقَلَّ ) مِنْ الْعَشَرَةِ ( لَا ) أَيْ لَا تَنْقَطِعُ الْعِدَّةُ ( حَتَّى تَغْتَسِلَ ، أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ ، أَوْ تَتَيَمَّمَ وَتُصَلِّيَ ) مَكْتُوبَةً ، أَوْ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ إذَا انْقَطَعَ فِيمَا دُونَهَا يَحْتَمِلُ عَوْدَ الدَّمِ فَلَمْ يُتَيَقَّنْ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَيْضًا لِأَنَّ مُدَّةَ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ إذَا كَانَ أَيَّامُهَا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَالِاغْتِسَالُ مُؤَكِّدٌ لِلِانْقِطَاعِ ، وَكَذَا مُضِيُّ وَقْتِ الصَّلَاةِ ؛ إذْ بِمُضِيِّ وَقْتِهَا صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا عَلَى الطَّاهِرَةِ عَنْ الْحَيْضِ ، وَإِذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَمَا طَهُرَتْ ، وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَتَيَمَّمَتْ وَصَلَّتْ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهَا حَيْثُ جَوَّزْنَا صَلَاتَهَا بِالتَّيَمُّمِ .
( نَسِيَتْ غَسْلَ عُضْوٍ رَاجَعَ ) الزَّوْجُ ( وَ ) نَسِيَتْ ( مَا دُونَهُ ) أَيْ

دُونَ عُضْوٍ ( لَا ) أَيْ لَا يُرَاجِعُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ فِي الْعُضْوِ الْكَامِلِ أَنْ لَا تَبْقَى الرَّجْعَةُ لِأَنَّهَا غَسَلَتْ أَكْثَرَ الْبَدَنِ وَالْقِيَاسُ فِيمَا دُونَهُ أَنْ تَبْقَى لِأَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ الْفَرْقُ أَنَّ مَا دُونَ الْعُضْوِ يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ لِقِلَّتِهِ فَلَا يُتَيَقَّنُ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَقُلْنَا بِأَنَّهُ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ وَلَا يَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي الرَّجْعَةِ وَالتَّزَوُّجِ بِخِلَافِ الْعُضْوِ الْكَامِلِ ؛ إذْ لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ وَلَا يُغْفَلُ عَنْهُ عَادَةً فَافْتَرَقَا .

( قَوْلُهُ : وَصَدَّقَهُ سَيِّدُهَا وَكَذَّبَتْهُ ) أَيْ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لَهَا ، وَفِي قَلْبِهِ الْقَوْلُ لِسَيِّدِهَا فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ ، وَفِي النَّهْرِ هُوَ الْأَصَحُّ .
( قَوْلُهُ : أَوْ قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي وَأَنْكَرَ
إلَخْ ) أَيْ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ ، إذْ لَوْ أَخْبَرَتْ بِأَنَّهُ كَانَ كَذَّابًا لَهُ الرَّجْعَةُ وَلَوْ قَالَتْ : انْقَضَتْ بِالْوِلَادَةِ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَتْ أَسْقَطْتُ سِقْطًا مُسْتَبِينَ بَعْضِ الْخَلْقِ فَلَهُ طَلَبُ يَمِينِهَا عَلَى أَنَّ صِفَتَهُ كَذَلِكَ ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ الْحَيْضُ الثَّالِثُ ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ الْأَخِيرِ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ الْأَمَةَ .
( قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ إلَى قَوْلِهِ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا ) يَعْنِي لِلُزُومِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ طَهَارَتَهَا بِالنَّظَرِ لِحِلِّ الْوَطْءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذَا ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِدُونِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ مِنْ حَيْثِيَّةِ لُزُومِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَكَانَ الْأَنْسَبُ حَذْفَ هَذَا الْمُفَرَّعِ مِنْ ذَا الْمَحَلِّ وَاقْتِصَارَهُ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَهُ : لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ
إلَخْ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ .
( قَوْلُهُ : حَتَّى تَغْتَسِلَ ) هَذَا إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً وَلَوْ كَانَ غُسْلُهَا بِسُؤْرِ حِمَارٍ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ ، وَالْكِتَابِيَّةُ تَنْقَطِعُ رَجْعَتُهَا بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ لِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ لِعَدَمِ خِطَابِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَجْنُونَةُ وَالْمَعْتُوهَةُ كَذَلِكَ فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ تَتَيَمَّمَ وَتُصَلِّيَ مَكْتُوبَةً ، أَوْ تَطَوُّعًا ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ ، .
وَفِي الْجَوْهَرَةِ تَصْحِيحُ خِلَافِ هَذَا

وَنَصُّهُ صَحَّحَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهَا تَنْقَطِعُ بِالشُّرُوعِ ا هـ .
وَلَوْ مَسَّتْ الْمُصْحَفَ ، أَوْ قَرَأَتْ الْقُرْآنَ أَوْ دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ قَالَ الْكَرْخِيُّ تَنْقَطِعُ وَقَالَ الرَّازِيّ لَا تَنْقَطِعُ بِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : نَسِيَتْ غَسْلَ عُضْوٍ ) الْمُرَادُ بِهِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ لَا مَا دُونَهُ كَالْأُصْبُعِ وَبَعْضِ السَّاعِدِ وَلَوْ بَقِيَ أَحَدُ الْمَنْخَرَيْنِ لَمْ تَنْقَطِعْ قَالَهُ الْكَمَالُ وَقَيَّدَ بِالنِّسْيَانِ لِأَنَّهَا لَوْ تَعَمَّدَتْ إبْقَاءَ مَا دُونَ عُضْوٍ لَا تَنْقَطِعُ كَمَا فِي الْبَحْرِ .

( طَلَّقَ حَامِلًا مُنْكِرًا وَطْئَهَا فَرَاجَعَهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ ) فَصَاعِدًا ( صَحَّتْ الرَّجْعَةُ ) يَعْنِي : لَهُ امْرَأَةٌ حَامِلٌ طَلَّقَهَا وَأَنْكَرَ وَطْئَهَا ، ثُمَّ رَاجَعَهَا ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ لِلْوَطْءِ لِأَنَّ الشَّرْعَ كَذَّبَهُ بِجَعْلِ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ لِأَنَّهَا خَالِيَةٌ عَنْ مُسَامَحَةٍ ذَكَرَهَا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ ( وَ ) طَلَّقَ ( مَنْ وَلَدَتْ ) لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ فَصَاعِدًا ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ ( مُنْكِرًا وَطْئَهَا فَلَهُ الرَّجْعَةُ ) يَعْنِي لَهُ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَ وَطْئَهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الشَّرْعَ كَذَّبَهُ ( وَإِنْ خَلَا بِهَا ) خَلْوَةً صَحِيحَةً ( فَأَنْكَرَ ) الْوَطْءَ ( فَلَا ) أَيْ لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْوَطْءَ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الشَّرْعُ فَيَكُونُ إنْكَارُهُ حُجَّةً عَلَيْهِ ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أَيْ بَعْدَمَا خَلَا بِهَا وَأَنْكَرَ وَطْئَهَا إنْ طَلَّقَهَا ( فَرَاجَعَهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ صَحَّتْ ) الرَّجْعَةُ فَإِنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ ثَبَتَ نَسَبُ هَذَا الْوَلَدِ لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْوَلَدُ يَبْقَى فِي الْبَطْنِ هَذِهِ الْمُدَّةَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُجْعَلَ الزَّوْجُ وَاطِئًا قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطَأْ قَبْلَهُ يَزُولُ الْمِلْكُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ الْوَطْءُ بَعْدَ الطَّلَاقِ حَرَامًا فَيَجِبُ صِيَانَةُ فِعْلِ الْمُسْلِمِ عَنْهُ فَإِذَا جُعِلَ وَاطِئًا قَبْلَ الطَّلَاقِ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ .
( قَوْلُهُ : وَطَلَّقَ مَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ ) يَعْنِي مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ

( قَالَ : إذَا وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ، ثُمَّ ) وَلَدَتْ وَلَدًا ( آخَرَ بِبَطْنَيْنِ فَهُوَ رَجْعَةٌ ) الْمُرَادُ بِبَطْنَيْنِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، أَوْ أَكْثَرُ أَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ يَكُونُ بِبَطْنٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ بِالْوِلَادَةِ الْأُولَى ثُمَّ الْوِلَادَةُ الثَّانِيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ الْأُولَى لِيَكُونَ الْوَطْءُ حَلَالًا أَمَّا إذَا كَانَتْ الْوِلَادَتَانِ بِبَطْنٍ وَاحِدٍ فَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ عُلُوقَ الْوَلَدِ الثَّانِي كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ الْأُولَى .

.
( وَ ) لَوْ قَالَ ( كُلَّمَا وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً بِبُطُونٍ يَقَعُ ) طَلَقَاتٌ ( ثَلَاثٌ ، وَ ) الْوَلَدُ ( الثَّانِي وَالثَّالِثُ رَجْعَةٌ ) فَإِنَّهَا طَلُقَتْ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَصَارَتْ مُعْتَدَّةً وَبِالْوَلَدِ الثَّانِي صَارَ مُرَاجِعًا فِي الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ ؛ إذْ يُجْعَلُ الْعُلُوقُ بِوَطْءٍ حَادِثٍ فِي الْعِدَّةِ حَمْلًا لِأَمْرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الصَّلَاحِ وَطَلُقَتْ ثَانِيًا بِالْوَلَدِ الثَّانِي لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ بِكُلَّمَا وَبِالْوَلَدِ الثَّالِثِ صَارَ مُرَاجِعًا فِي الطَّلَاقِ الثَّانِي لِمَا مَرَّ وَطَلُقَتْ ثَالِثًا بِالْوَلَدِ الثَّالِثِ ( فَتَعْتَدُّ بِالْحَيْضِ ) ؛ لِأَنَّهَا حَائِلٌ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ حِينَ وَقَعَ الطَّلَاقُ .
( الرَّجْعِيُّ ) مِنْ الطَّلَاقِ ( لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ ) لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ حَتَّى لَوْ وَطِئَ لَا يَغْرَمُ الْعُقْرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحَرِّمُهُ حَتَّى يَغْرَمَ الْعُقْرَ ( وَمُطَلَّقَتُهُ ) أَيْ مُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيِّ ( تَتَزَيَّنُ ) لِيَرْغَبَ الزَّوْجُ فِي رَجْعَتِهَا ( وَلَا يُسَافِرُ بِهَا بِلَا إشْهَادٍ عَلَى رَجْعَتِهَا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُعْتَدَّاتِ مِنْ الرَّجْعِيِّ لِسِيَاقِ قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ } وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ رَجْعِيٌّ بِالْإِجْمَاعِ .

قَوْلُهُ : وَالْوَلَدُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ رَجْعَةٌ ) الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْوَلَدِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ رَجْعَةً أَنَّهُ ظَهَرَ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ السَّابِقَةِ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ ا هـ .
وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ حَرَامًا إذْ قَدْ لَا تَرَى النِّفَاسَ أَصْلًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيِّ تَتَزَيَّنُ ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ حَاضِرٌ وَقَيَّدَهُ مُلَّا مِسْكِينٍ بِكَوْنِ الرَّجْعَةِ مَرْجُوَّةً فَإِنْ كَانَتْ لَا تَرْجُوهَا لِشِدَّةِ بُغْضِهِ لَهَا فَإِنَّهَا لَا تَفْعَلُ .
( قَوْلُهُ : لِسِيَاقِ قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ } ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالْفَاءِ ، وَالتِّلَاوَةُ { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا } الْآيَةَ .

( يَنْكِحُ ) الزَّوْجُ ( مُبَانَتَهُ بِلَا ثَلَاثٍ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا ) لِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ بَاقٍ لِأَنَّ زَوَالَهُ مُعَلَّقٌ بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ فَيَنْعَدِمُ قَبْلَهَا وَمُنِعَ الْغَيْرُ فِي الْعِدَّةِ لِاشْتِبَاهِ النَّسَبِ وَلَا اشْتِبَاهَ فِي حَقِّهِ ( لَا مُطَلَّقَتَهُ بِهَا ) أَيْ بِالثَّلَاثِ ( لَوْ حُرَّةً وَبِالثِّنْتَيْنِ لَوْ أَمَةً حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } وَالْمُرَادُ مِنْهُ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ ، وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ فِي الْحُرَّةِ لِأَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ لِحِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ عَلَى مَا عُرِفَ وَالنِّكَاحُ فِي الْآيَةِ حُمِلَ عَلَى الْعَقْدِ ، وَلُزُومُ الْوَطْءِ ثَبَتَ بِحَدِيثٍ مَشْهُورٍ يَجُوزُ بِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ وَهُوَ حَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ وَقَدْ حُقِّقَ هَذَا الْبَحْثُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَأَوْضَحْنَاهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ فِي شَرْحِ الْمِرْقَاةِ وَحَوَاشِي التَّلْوِيحِ بِمَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ ( وَلَوْ ) كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ ( مُرَاهِقًا ) غَيْرَ بَالِغٍ ؛ لِأَنَّهُ فِي التَّحْلِيلِ كَالْبَالِغِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْإِيلَاجُ دُونَ الْإِنْزَالِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِ ( بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " يَطَأَهَا " ( وَتَمْضِيَ ) عَطْفٌ عَلَى " يَطَأَهَا " ( عِدَّتُهُ ) أَيْ عِدَّةُ الزَّوْجِ الثَّانِي ( لَا سَيِّدُهَا ) عَطْفٌ عَلَى " غَيْرُهُ " يَعْنِي أَنَّ وَطْءَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ لَا يَكُونُ مُحَلِّلًا لِتَعَيُّنِ مِلْكِ النِّكَاحِ لِلتَّحْلِيلِ بِالنَّصِّ .

( قَوْلُهُ : لِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ بَاقٍ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ : هَذَا تَرْكِيبٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ : لِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّ بَاقٍ ، أَوْ لِأَنَّ الْمَحَلِّيَّةَ بَاقِيَةٌ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَحَلِّيَّةَ هِيَ كَوْنُ الشَّيْءِ مَحَلًّا وَلَا مَعْنَى لِنِسْبَةِ الْحِلِّ إلَيْهَا ، إذْ لَا مَعْنَى لِحِلِّ كَوْنِهَا مَحَلًّا ا هـ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَمُنِعَ الْغَيْرُ ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ .
( قَوْلُهُ : حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ ) يَعْنِي لَوْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا ، وَإِنْ أَفْضَاهَا ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لَا يُحِلُّهَا ، وَالشَّرْطُ الْإِيلَاجُ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ فَلَا يُحِلُّهَا الشَّيْخُ بِإِيلَاجِهِ بِمُسَاعَدَةِ يَدِهِ إلَّا إذَا انْتَعَشَ ، وَعَمِلَ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُحِلُّهَا كَذَا فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ .
( قَوْلُهُ : وَلُزُومُ الْوَطْءِ ثَبَتَ بِحَدِيثٍ مَشْهُورٍ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بِإِشَارَةِ الْكِتَابِ ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ ا هـ ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى رُجُوعِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِهِ بِأَنَّ الدُّخُولَ لَيْسَ شَرْطًا لِحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ نَصَّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْهُ فِي الْقُنْيَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ وَمُرَادُ الزَّيْلَعِيِّ الْإِجْمَاعُ الْعَالِي فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَالشِّيعَةِ قَائِلِينَ بِمَا رَجَعَ عَنْهُ سَعِيدٌ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ أَفْتَى بِهَذَا الْقَوْلِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ كَذَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ مُرَاهِقًا غَيْرَ بَالِغٍ ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ : الْمُرَاهِقُ مَنْ قَرُبَ مِنْ الْبُلُوغَ وَتَحَرَّكَ آلَتُهُ وَاشْتَهَى قَيَّدَ بِالْمُرَاهِقِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَرَطَ اللَّذَّةَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ ا هـ ، .
وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِعَشْرِ سِنِينَ كَذَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : بِنِكَاحٍ

صَحِيحٍ ) يَخْرُجُ الْفَاسِدُ وَنِكَاحُ غَيْرِ الْكُفْءِ إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالنِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ .
( قَوْلُهُ : وَتَمْضِي عِدَّتُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فَلَوْ قَالَ أَيْ عِدَّةُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَكَانَ أَوْلَى قَالَ الْعَيْنِيُّ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ .

( وَكُرِهَ نِكَاحُ الزَّوْجِ الثَّانِي بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ ، وَإِنْ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ ) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنْ أُحِلّكِ ، أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ أَوْ وَكِيلُهَا أَمَّا لَوْ أَضْمَرَا ذَلِكَ فِي قَلْبِهِمَا فَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ( وَيَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي مَا دُونَ الثَّلَاثِ ) أَيْ حُكْمَهُ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا يَهْدِمُ حُكْمَ الثَّلَاثِ يَعْنِي إذَا طَلَّقَ الْحُرَّةَ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَمَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ، ثُمَّ عَادَتْ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ عَادَتْ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَهَدَمَ الزَّوْجُ الثَّانِي حُكْمَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْحُرْمَةِ الْخَفِيفَةِ كَمَا يَهْدِمُ حُكْمَ الثَّلَاثِ مِنْ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَهَذَا الْبَحْثُ أَيْضًا ذُكِرَ مُسْتَوْفًى فِي الْكِتَابَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ .
( مُطَلَّقَةُ الثَّلَاثِ أُخْبِرَتْ بِمُضِيِّ الْعِدَّتَيْنِ ) عِدَّةٍ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَعِدَّةٍ مِنْ الثَّانِي ( وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُهُ ) أَيْ مُضِيَّهُمَا وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّ مُضِيَّهَا إنْ كَانَ بِحَيْضٍ : فَأَقَلُّ مَا تُصَدَّقُ فِيهِ عِنْدَهُ شَهْرَانِ وَعِنْدَهُمَا تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا ( لَهُ ) أَيْ جَازَ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ ( تَصْدِيقُهَا إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا ) لِأَنَّهُ إمَّا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ - لِكَوْنِ الْبُضْعِ مُقَوَّمًا عِنْدَ الدُّخُولِ - ، أَوْ الدِّيَانَاتِ - لِتَعَلُّقِ الْحِلِّ بِهِ - ، وَقَوْلُ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فِيهِمَا .

( قَوْلُهُ : وَكُرِهَ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ ) أَيْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ يَعْنِي عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ حَتَّى إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا بَعْدَ مَا جَامَعَهَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ : هَذَا الْإِجْبَارُ مِمَّا لَمْ يُعْرَفْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَلَا يُحْكَمَ بِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ كَوْنِهِ ضَعِيفَ الثُّبُوتِ تَنْبُو عَنْهُ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ ، وَإِذَا خِيفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا الْمُحَلِّلُ تَقُولُ زَوَّجْتُك نَفْسِي عَلَى أَنَّ أَمْرِي بِيَدِي ، أَوْ يَدِ فُلَانٍ أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا أُرِيدُ فَإِذَا قَبِلَ جَازَ النِّكَاحُ وَصَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا ، أَوْ يَدِ مَنْ شُرِطَ لَهُ ا هـ .
( قَوْلُهُ : أَمَّا إذَا أَضْمَرَا ذَلِكَ فِي قَلْبِهِمَا فَلَا يُكْرَهُ ) أَقُولُ بَلْ يَكُونُ مَأْجُورًا لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَقِيلَ الْمُحَلِّلُ مَأْجُورٌ ، وَتَأْوِيلُ اللَّعْنِ إذَا شَرَطَ الْأَجْرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : وَيَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي مَا دُونَ الثَّلَاثِ ) هَذَا إذَا دَخَلَ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَا يَهْدِمُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَهْدِمُ ) انْتَصَرَ الْكَمَالُ لِمُحَمَّدٍ بِمَا يَطُولُ ، ثُمَّ قَالَ - أَيْ بَحْثًا - : فَظَهَرَ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ .
( قَوْلُهُ : مُطَلَّقَةُ الثَّلَاثِ أَخْبَرَتْ بِمُضِيِّ الْعِدَّتَيْنِ ) أَيْ قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْتُ وَدَخَلَ بِي الزَّوْجُ الثَّانِي وَطَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي النِّهَايَةِ إنَّمَا ذَكَرَ إخْبَارَهَا هَكَذَا مَبْسُوطًا لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ : حَلَلْت لَكَ فَتَزَوَّجَهَا ، ثُمَّ قَالَتْ لَمْ يَكُنْ الثَّانِي دَخَلَ بِي إنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِشَرَائِطِ الْحِلِّ لَمْ تُصَدَّقْ ، وَإِلَّا تُصَدَّقُ ، وَفِيمَا ذَكَرَتْهُ مَبْسُوطًا لَا تُصَدَّقُ فِي كُلِّ حَالٍ وَعَنْ السَّرَخْسِيِّ لَا

يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حَتَّى يَسْتَفْسِرَهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي حِلِّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْعِدَّةِ ) يَعْنِي فِي آخِرِ فَصْلِ الْإِحْدَادِ .

( بَابُ الْإِيلَاءِ ) ( هُوَ ) لُغَةً الْحَلِفُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا ( حَلِفٌ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا مُدَّةً ) وَحُكْمُهُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ إنْ بَرَّ وَالْكَفَّارَةُ وَالْجَزَاءُ إنْ حَنِثَ ( وَأَقَلُّهَا لِلْحُرَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلِلْأَمَةِ شَهْرَانِ ) وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا فَلَا إيلَاءَ لَوْ حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْأَقَلَّيْنِ بِأَنْ قَالَ لِلْحُرَّةِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ شَهْرَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ( فَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ، أَوْ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) الْأَوَّلُ مُؤَبَّدٌ وَالثَّانِي مُؤَقَّتٌ ( أَوْ إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ حَجٌّ ، أَوْ نَحْوُهُ ، أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ فَإِنْ قَرِبَهَا فِي الْمُدَّةِ حَنِثَ ) وَإِذَا حَنِثَ ( فَفِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ ) وَجَبَتْ ( الْكَفَّارَةُ وَفِي غَيْرِهِ ) وَجَبَ الْجَزَاءُ وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا ( بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ وَسَقَطَ الْحَلِفُ الْمُؤَقَّتُ ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مُوَقَّتًا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهَا بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ وَسَقَطَ الْحَلِفُ حَتَّى لَوْ نَكَحَهَا فَلَمْ يَقْرَبْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَبِينُ ( لَا ) أَيْ لَا يَسْقُطُ الْحَلِفُ ( الْمُؤَبَّدُ ) وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( فَلَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَمَضَتْ الْمُدَّتَانِ بِلَا فَيْءٍ ) أَيْ بِلَا قُرْبَانٍ .
( بَانَتْ بِأُخْرَيَيْنِ ) يَعْنِي إنْ نَكَحَهَا وَلَمْ يَقْرَبْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ تَبِينُ ثَانِيًا ، ثُمَّ إنْ نَكَحَهَا وَلَمْ يَقْرَبْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ تَبِينُ ثَالِثًا ( فَإِنْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لَمْ تَطْلُقْ ) إذْ لَمْ يَبْقَ الْإِيلَاءُ ( وَإِنْ وَطِئَهَا كَفَّرَ ) لِبَقَاءِ الْيَمِينِ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ طَلَاقِهَا ، وَإِنْ كَانَ بِهِ لَا يَبْقَى لِمَا عَرَفْت أَنَّ تَنْجِيزَ الثَّلَاثِ يُبْطِلُ تَعْلِيقَهَا .

( بَابُ الْإِيلَاءِ ) ( قَوْلُهُ : وَشَرْعًا حَلِفٌ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا مُدَّةً ) تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ قِسْمَيْ الْإِيلَاءِ وَهُوَ الْحَقِيقِيُّ لَا لِمَا فِي مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِمَا يَشُقُّ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ ، أَوْ تَعْلِيقٌ بِمَا يَسْتَشِقُّهُ .
( قَوْلُهُ : وَحُكْمُهُ
إلَخْ ) لَمْ يُبَيِّنْ رُكْنَهُ نَصًّا وَهُوَ الْحَلِفُ ، أَوْ التَّعْلِيقُ بِمَا يَسْتَشِقُّهُ وَشَرْطُهُ وَهُوَ مَحَلِّيَّةُ الْمَرْأَةِ وَسَبَبُهُ وَهُوَ قِيَامُ الْمُشَاجَرَةِ وَعَدَمُ الْمُوَافَقَةِ كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ ) هَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ حَائِضًا كَمَا فِي النَّهْرِ .
( وَأَقُولُ ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهَا عَالِمًا بِحَيْضِهَا لِيَنْصَرِفَ يَمِينُهُ إلَى مَا هُوَ مَمْنُوعٌ عَنْهُ شَرْعًا فَتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : أَوْ لَا أَقْرَبُك
إلَخْ ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَائِضِ وَغَيْرِهَا .
( قَوْلُهُ : فَعَلَيَّ حَجٌّ ، أَوْ نَحْوُهُ ) يُرِيدُ بِنَحْوِهِ صَوْمَ يَوْمٍ ، أَوْ شَهْرٍ ، أَوْ صَدَقَةً وَهَذَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا لِأَنَّ إيلَاءَ الذِّمِّيِّ بِاَللَّهِ مُنْعَقِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ دُونَ الْكَفَّارَةِ وَقَالَا لَا يَكُونُ إيلَاءً وَبِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَبِصَوْمٍ ، أَوْ صَدَقَةٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَا بِقَوْلِهِ فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ وَلَا بِقَوْلِهِ فِي رَجَبٍ : وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَصُومَ شَعْبَانَ وَكَذَا بِقَوْلِهِ فَعَلَيَّ صَلَاةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَقَالَ الْكَمَالُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِنَحْوِ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَغْزُوَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَى النَّفْسِ وَإِنْ تَعَلَّقَ إشْقَاقُهُ بِعَارِضٍ ذَمِيمٍ فِي النَّفْسِ مِنْ الْجُبْنِ وَالْكَسَلِ وَيَجِبُ صِحَّةُ الْإِيلَاءِ فِيمَا لَوْ قَالَ : فَعَلَيَّ مِائَةُ رَكْعَةٍ ، وَنَحْوَهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ ) هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ فِي مِلْكِهِ لَا إنْ مَاتَ أَوْ بَاعَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ ،

أَوْ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَ وَطْئِهَا وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ قَبْلَ وَطْئِهَا ، أَوْ مَلَكَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ قَبْلَ الْوَطْءِ عَادَ الْإِيلَاءُ مِنْ وَقْتِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ قَرِبَهَا
إلَخْ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ فِي الْحِنْثِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا وَبَقِيَتْ عِدَّتُهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ لَا تَبِينُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَمَضَتْ الْمُدَّتَانِ ) اُخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِ ابْتِدَائِهَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : ذَكَرَ فِي الْكَافِي وَالْهِدَايَةِ أَنَّ مُدَّةَ هَذَا الْإِيلَاءِ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ أَيْ فَقَدْ أَطْلَقَا فِي ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْغَايَةِ إنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الثَّانِيَةِ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الطَّلَاقَ يَتَكَرَّرُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَقَدْ بَيَّنَّا ضَعْفَهُ .
ا هـ
قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِهِ : فَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ .

( قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ إيلَاءٌ ) لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَرْفِ الْجَمْعِ فَصَارَ كَجَمْعِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَيَتَحَقَّقُ الْمُدَّةُ ( لَا قَوْلُهُ بَعْدَ يَوْمٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ) لِأَنَّهُ لَمَّا فَصَلَ بَيْنَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَالشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ بِيَوْمٍ لَمْ تَتَكَامَلْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ( وَكَذَا قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا ) لَا يَكُونُ إيلَاءً لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى يَوْمٌ مُنَكَّرٌ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ أَيَّ يَوْمٍ شَاءَ فَلَا يَمُرُّ عَلَيْهِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ إلَّا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ الْمُسْتَثْنَى وَكَذَا إذَا قَالَ إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُك فِيهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى كُلَّ يَوْمٍ يَقْرَبُهَا فِيهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا أَبَدًا وَلَوْ قَرِبَهَا يَوْمًا وَالْبَاقِي أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، أَوْ أَكْثَرُ صَارَ مُولِيًا لِسُقُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْيَوْمَ الْمُسْتَثْنَى لَمَّا مَضَى لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا إلَّا بِكَفَّارَةٍ .

( قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ ) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا قَالَ فِي النَّهْرِ لَوْ ذَكَرَ مَعَ الْمَعْطُوفِ حَرْفَ النَّفْيِ أَوْ الْقَسَمِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا .
( قَوْلُهُ : لَا قَوْلُهُ بَعْدَ يَوْمٍ ) يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ ، أَوْ أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ .
( قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ) مَقُولُ الْقَوْلِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ مِثَالًا لِلْمَنْفِيِّ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِحَرْفِ الْجَمْعِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَصَارَ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِهِ وَبِهِ يَصِيرُ مُولِيًا لِمَنْعِهِ عَنْ وَطْئِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُ الْإِيلَاءِ عَنْهُ فَالصَّوَابُ أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ هَكَذَا : لَا قَوْلُهُ بَعْدَ يَوْمٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِتَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : لِأَنَّهُ لَمَّا فَصَلَ بَيْنَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَالشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ بِيَوْمٍ لَمْ تَتَكَامَلْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ا هـ فَهَذَا يُعَيِّنُ مَا ذَكَرْنَاهُ صَوَابًا .

.
( وَ ) كَذَا قَوْلُهُ ( بِالْبَصْرَةِ : وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ الْكُوفَةَ وَامْرَأَتُهُ بِهَا ) لَا يَكُونُ إيلَاءً لِإِمْكَانِ قُرْبَانِهَا بِلَا لُزُومِ شَيْءٍ بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْكُوفَةِ .
( الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فِيهِ ) أَيْ فِي حَقِّ الْإِيلَاءِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ ( لَا الْمُبَانَةُ وَلَا أَجْنَبِيَّةٌ نَكَحَهَا بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِمَا لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَنْ تَكُونُ مِنْ نِسَائِهِ بِالنَّصِّ وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْهَا فَلَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِلطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ ، أَوْ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ كَمَا سَبَقَ بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَلَمْ يُوجَدْ وَلَوْ وَطِئَهَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا قَوْلُهُ : بِالْبَصْرَةِ ) نَفْيُ الْإِيلَاءِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ عَلَى مَا فَرَّعَ قَاضِي خان والمرغيناني فَفَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ لِلْبُعْدِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إمْكَانُ الِاجْتِمَاعِ بِخُرُوجِهِمَا فَيَلْتَقِيَانِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْتِقَاؤُهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَلَا يَصِيرُ مُولِيًا إلَّا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ فَمَا فَوْقَهَا ، فَإِذَا كَانَ يَصِيرُ الْفَيْءُ بِاللِّسَانِ ا هـ .
وَعُلِمَ مِنْ الْبَحْرِ بِفَتْحِ الْقَدِيرِ حُسْنُ هَذَا التَّقْدِيرِ .

( عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ لِمَرَضٍ بِأَحَدِهِمَا ، أَوْ صِغَرِهَا ، أَوْ رَتَقِهَا ، أَوْ لِمَسَافَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَيْنَهُمَا فَفَيْؤُهُ قَوْلُهُ فِئْت إلَيْهَا ) فَلَا تَطْلُقُ بَعْدَهُ إنْ مَضَتْ مُدَّتُهُ وَهُوَ عَاجِزٌ ( وَإِنْ قَدَرَ ) عَلَى الْجِمَاعِ ( فِي الْمُدَّةِ فَفَيْؤُهُ الْوَطْءُ ) ؛ لِأَنَّ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ خَلَفٌ عَنْ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ بَطَلَ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ .
( قَوْلُهُ : عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ
إلَخْ ) هَذَا إذَا كَانَ عَاجِزًا مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ آلَى قَادِرًا ، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ ، أَوْ عَاجِزًا ، ثُمَّ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَصِحَّ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ وَلَوْ آلَى مَرِيضًا إيلَاءً مُؤَبَّدًا وَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ، ثُمَّ صَحَّ وَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمَا وَصَحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ ، وَقَوْلُهُمَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ا هـ .
وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ حُبِسَ هَلْ يَفِيءُ بِلِسَانِهِ ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْفِعْلِ ؟ صَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ الْأَوَّلَ ، .
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ وَهُوَ جَوَابُ الرِّوَايَةِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْإِمْكَانِ وَعَدَمِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : فَفَيْؤُهُ قَوْلُهُ فِئْت إلَيْهَا ) لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ هَذَا اللَّفْظِ بَلْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَرَجَعْتُ عَمَّا قُلْت ، أَوْ رَجَعْتُهَا ، أَوْ أَبْطَلْتُ إيلَاءَهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ .

( قَوْلُهُ ) لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ) فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُجْمَلٌ فَكَانَ بَيَانُهُ إلَى الْمُجْمَلِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ التَّحْرِيمَ ، أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا كَانَ يَمِينًا وَيَصِيرُ بِهِ مُولِيًا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ ( وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ ) ؛ لِأَنَّ فِي الظِّهَارِ حُرْمَةً فَإِذَا نَوَاهُ صَحَّ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ ظِهَارًا لِعَدَمِ رُكْنِهِ وَهُوَ تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ ( وَهَدَرٌ إنْ نَوَى الْكَذِبَ ) لِأَنَّهُ وَصَفَ الْمُحَلَّلَةَ بِالْمُحَرَّمَةِ فَكَانَ كَذِبًا حَقِيقَةً فَإِذَا نَوَاهُ صُدِّقَ .
( وَ ) تَطْلِيقَةٌ ( بَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهَا ) وَقَدْ مَرَّ فِي الْكِنَايَاتِ ( وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ ) وَجُعِلَ نَاوِيًا عُرْفًا وَلِهَذَا لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ وَعَنْ هَذَا قَالُوا لَوْ نَوَى غَيْرَهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا تَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ ، وَقِيلَ : تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ، وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( كَذَا كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ " وَهَرْجه بدست راسث كيرم بروي حرام " ) أَيْ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ " وَلَوْ قَالَ بدست جب كيرم " لَا يَكُونُ طَلَاقًا لِعَدَمِ الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ " هرجه بدست كيرم " كَانَ طَلَاقًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ .

( قَوْلُهُ : وَهَدَرٌ إنْ نَوَى الْكَذِبَ ) قَالَ السَّرَخْسِيُّ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ الْكَذِبِ دِيَانَةً لِأَنَّ هَذَا يَمِينٌ ظَاهِرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ فِي نِيَّتِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْعُرْفِ الْحَادِثِ ا هـ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ فِي انْصِرَافِهِ إلَى الطَّلَاقِ لَا فِي كَوْنِهِ يَمِينًا كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا
إلَخْ ) لَا يَتِمُّ هَذَا عَلَى مَا فِي الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَةَ مُفْرَدَةٌ بِهِ فَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَيْهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي ، ثُمَّ رَأَيْت مُوَافَقَتَهُ فِي النَّهْرِ مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَعْنِي فِي التَّحْرِيمِ لَا بِقَيْدِ " أَنْتِ " كَمَا لَا يَخْفَى .
ا هـ
( قُلْتُ ) : يَعْنِي أَنَّهُ قَالَ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدَةً وَلَهُ نِسْوَةٌ لَا أَنَّهُ قَالَ مُخَاطِبًا لِمُعَيَّنَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا أَنَّهُ عَمَّمَ فَقَالَ نِسَائِي عَلَيَّ حَرَامٌ .

( بَابُ الْخُلْعِ ) وَمَا صَلُحَ مَهْرًا صَلُحَ بَدَلَ الْخُلْعِ ، الْخُلْعُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِهَا لُغَةً الْإِزَالَةُ مُطْلَقًا وَبِضَمِّهَا شَرْعًا الْإِزَالَةُ الْمَخْصُوصَةُ ( هُوَ فَصْلٌ مِنْ نِكَاحٍ بِمَالٍ بِلَفْظِ الْخُلْعِ غَالِبًا ) إنَّمَا قَالَ غَالِبًا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } ( بِمَا يَصْلُحُ لِلْمَهْرِ ) لِأَنَّ مَا يَكُونُ عِوَضًا لِلْمُتَقَوِّمِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ عِوَضًا لِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ لَكِنْ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا يَصْلُحُ لِبَدَلِ الْخُلْعِ مَهْرًا فِي النِّكَاحِ كَمَا دُونَ الْعَشَرَةِ ( وَيَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ ( وَهُوَ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ يَمِينٌ ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِشَرْطِ قَبُولِهَا الْمَالَ ( حَتَّى لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ قَبْلَ قَبُولِهَا ) كَمَا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْيَمِينِ ( وَلَمْ يَبْطُلْ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبُولِهَا ) كَمَا لَا يَبْطُلُ الْيَمِينُ بِهِ بَلْ يَصِحُّ إنْ قَبِلَتْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ ( وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى حُضُورِهَا فِيهِ ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا لَا يَتَوَقَّفُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ ( بَلْ ) يَتَوَقَّفُ ( عَلَى عِلْمِهَا ) فَإِذَا بَلَغَهَا فَلَهَا الْقَبُولُ فِي مَجْلِسِهَا ( وَجَازَ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ ، أَوْ وَقْتٍ ) كَمَا جَازَ فِي الْيَمِينِ ( لَا ) أَيْ لَمْ يَجُزْ ( بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ) أَيْ لِلزَّوْجِ كَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْيَمِينِ .
( وَ ) هُوَ ( فِي جَانِبِهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ ، عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي جَانِبِهِ ( كَبَيْعٍ ) يَعْنِي مُعَاوَضَةً لِأَنَّهَا تَبْذُلُ مَالًا لِتُسَلَّمَ لَهَا نَفْسُهَا ( حَتَّى انْعَكَسَ الْأَحْكَامُ ) أَيْ جَازَ رُجُوعُهَا قَبْلَ قَبُولِهِ وَبَطَلَ بِقِيَامِهَا عَنْ مَجْلِسِ عِلْمِهَا وَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ ، أَوْ وَقْتٍ وَجَازَ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهَا كَمَا هِيَ أَحْكَامُ الْمُعَاوَضَةِ ( وَطَرَفُ الْعَبْدِ فِي الْعَتَاقِ كَطَرَفِهَا فِي الطَّلَاقِ ) فَيَكُونُ مِنْ طَرَفِ

الْعَبْدِ مُعَاوَضَةً وَمِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى يَمِينًا وَهِيَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِشَرْطِ قَبُولِ الْعَبْدِ فَيَتَرَتَّبُ أَحْكَامُ الْمُعَاوَضَةِ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ لَا الْمَوْلَى .
( بَابُ الْخُلْعِ ) ( قَوْلُهُ : هُوَ فَصْلٌ مِنْ نِكَاحٍ ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّحِيحُ فَخَرَجَ الْفَاسِدُ وَمَا بَعْدَهُ الرِّدَّةُ فَإِنَّهُ لَغْوٌ لَا مِلْكَ فِيهِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْفُصُولِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا بَأْسَ بِهِ ) بَلْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ .
( قَوْلُهُ : بِمَا يَصْلُحُ لِلْمَهْرِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِمَالٍ وَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ بِمَا مِنْ " بِمَا يَصْلُحُ " وَتَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْكَنْزِ وَمَا صَلَحَ مَهْرًا صَلَحَ بَدَلَ الْخُلْعِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ : ظَاهِرٌ أَنَّ الْقَضِيَّةَ الْمُوجَبَةَ تَنْعَكِسُ جُزْئِيَّةً وَانْعِكَاسُهَا كُلِّيَّةً قَضِيَّةٌ كَاذِبَةٌ قَالَ : وَجَوَّزَ الْأَتْقَانِيُّ انْعِكَاسَهَا كُلِّيَّةً صَادِقَةً وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَيْنِيُّ وَمَنَعَ الْمُحَقِّقُونَ انْعِكَاسَهَا كُلِّيَّةً .
( قَوْلُهُ : وَيَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ ) يَعْنِي إنْ شُرِطَ فِيهِ الْمَالُ .
( قَوْلُهُ : أَيْ جَازَ رُجُوعُهَا قَبْلَ قَبُولِهِ ) الضَّمِيرُ لِلْخُلْعِ .
( قَوْلُهُ : وَبَطَلَ بِقِيَامِهَا عَنْ مَجْلِسِ عِلْمِهَا ) وَكَذَا بِتَبَدُّلِهِ حُكْمًا .
( قَوْلُهُ : وَجَازَ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهَا ) هُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالثَّلَاثِ ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ ، وَالْفَرْقُ فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : كَمَا هِيَ أَحْكَامُ الْمُعَاوَضَةِ ) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهَا

( وَ ) الْخُلْعُ ( قَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْمُبَارَأَةِ ) بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ، أَوْ بِعْتُك نَفْسَكِ ، أَوْ طَلَاقَكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ، أَوْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ اشْتَرَيْتُ نَفْسِي ، أَوْ طَلَاقِي مِنْكَ بِأَلْفٍ ، أَوْ يَقُولَ الزَّوْجُ : طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفٍ ، أَوْ بَارَأْتُكِ أَيْ فَارَقْتُكِ فَقَبِلَتْ الْمَرْأَةُ .
( وَ ) قَدْ يَكُونُ ( بِالْفَارِسِيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ ) رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ ( " خويشتن زَمَن خريدي " فَقَالَتْ " خريدم " فَقَالَ ) الزَّوْجُ ( فرختم بَانَتْ ) أَيْ يَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
( قَوْلُهُ : بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ خَالَعْتُكِ ) لَيْسَ هُوَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ .

( وَالْوَاقِعُ بِهِ ) أَيْ بِالْخُلْعِ ( وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ ) - وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ : طَلَّقْتُكِ ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ ، أَوْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ : طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا وَيَقُولَ الزَّوْجُ : طَلَّقْتُكِ عَلَيْهِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ بِمَنْزِلَةِ الْخُلْعِ فِي الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ إذَا بَطَلَ بَقِيَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعِوَضَ الطَّلَاقِ إنْ بَطَلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ - ( طَلَاقٌ بَائِنٌ ) لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ الْمَالَ إلَّا لِتُسَلَّمَ لَهَا نَفْسُهَا وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْخُلْعُ ( مِنْ الْكِنَايَاتِ ) لِاحْتِمَالِهِ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ ( فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا ) مِنْ قَرَائِنَ تُرَجِّحُ جَانِبَ الطَّلَاقِ ( وَإِنْ قَالَ : لَمْ أَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنْ ذَكَرَ بَدَلًا لَمْ يُصَدَّقْ ) فِي نَفْيِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الطَّلَاقِ وَيَكُونُ ذِكْرُ الْبَدَلِ مُغْنِيًا عَنْ النِّيَّةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا ( صُدِّقَ فِي الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ ) أَيْ فِيمَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ ، أَوْ الْمُبَارَأَةِ لِأَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ ذِكْرُ الْبَدَلِ وَقَدْ انْتَفَيَا وَلَا يُصَدَّقُ فِي لَفْظِ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ لِكَوْنِهِمَا صَرِيحَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ غَيْرُ صَرِيحٍ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
أَقُولُ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ صَرِيحًا فِيهِ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ قَطْعًا بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ أَصْلًا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ يُوجِبُ زَوَالَ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيَلْزَمُهُ قَطْعًا زَوَالُ مِلْكِ الْمُتْعَةِ وَلِهَذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْعِتْقِ لَا الْعِتْقُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَبِالْقَبُولِ حَقِيقٌ .

( قَوْلُهُ : عَلَى مَالٍ ) شَامِلٌ لِلْمَبْذُولِ وَلِلْمُبْرَأِ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ أَصَالَةً ، أَوْ كَفَالَةً كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ بِمَنْزِلَةِ الْخُلْعِ فِي الْأَحْكَامِ ) لَيْسَ هُوَ الْفَرْقَ بَلْ الْجَمْعُ وَمَا الْفَرْقُ إلَّا قَوْلُهُ : إلَّا أَنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ
إلَخْ .
( قَوْلُهُ : طَلَاقٌ بَائِنٌ ) لَوْ قُضِيَ بِكَوْنِهِ فَسْخًا فَفِي نَفَاذِهِ قَوْلَانِ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قُضَاةَ هَذَا الزَّمَانِ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْقَضَاءُ بِالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَائِنًا .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ
إلَخْ ) كَذَا لَوْ ادَّعَى فِيهِ شَرْطًا ، أَوْ اسْتِثْنَاءً ، إذْ الْفَتْوَى عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ إلَّا إذَا وُجِدَ الْتِزَامُ الْبَدَلِ أَوْ قَبَضَهُ كَمَا فِي النَّهْرِ .

( وَكُرِهَ أَخْذُهُ ) أَيْ أَخْذُ الزَّوْجِ الْبَدَلَ ( إنْ نَشَزَ ) أَيْ الزَّوْجُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } وَلِأَنَّهُ أَوْحَشَهَا بِالِاسْتِبْدَالِ فَلَا يَزِيدُ فِي وَحْشَتِهَا بِأَخْذِ الْمَالِ .
( قَوْلُهُ : وَكُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ إنْ نَشَزَ ) يَعْنِي كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ ، وَالْحَرَامُ يُسَمَّى مَكْرُوهًا لِأَنَّ الْأَخْذَ حَرَامٌ قَطْعًا كَذَا فِي الْبَحْرِ وَيُلْحَقُ بِهِ الْإِبْرَاءُ مِنْ صَدَاقِهَا كَمَا فِي النَّهْرِ .

.
( وَ ) كُرِهَ ( أَخْذُ الْفَضْلِ ) أَيْ الزَّائِدِ عَلَى مَا دَفَعَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ ( إنْ نَشَزَتْ ) وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يُكْرَهُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } .
( أَكْرَهَهَا ) أَيْ أَكْرَهَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْخُلْعِ ( تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ ) لِأَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَاقِعٌ ( بِلَا مَالٍ ) أَيْ بِلَا لُزُومِ مَالٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ مَالٌ بَلْ الْتَزَمَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ مَالًا لِتَتَخَلَّصَ ، أَوْ بِلَا سُقُوطِ مَالٍ إنْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مَالٌ كَالْمَهْرِ وَنَحْوِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْمَالِ وَسُقُوطِهِ ، وَالْإِكْرَاهُ يَعْدَمُ الرِّضَا .
( هَلَكَ بَدَلُهُ فِي يَدِهَا يَعْنِي ) خَالَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ فَقَبْلَ أَنْ تَدْفَعَهُ إلَيْهِ هَلَكَ الْمَالُ ( أَوْ اُسْتُحِقَّ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ ) إنْ كَانَ قِيَمِيًّا ( أَوْ مِثْلُهُ ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَلَا يَبْطُلُ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ بَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهَا تَحْقِيقًا لِلْمُعَاوَضَةِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يُكْرَهُ ) هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمَوَاهِبِ .
( قَوْلُهُ : أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْخُلْعِ تَطْلُقُ ) أَيْ بَائِنًا إنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَاقِعٌ ) فِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُطَلِّقَ هُوَ الزَّوْجُ وَلَيْسَ بِمُكْرَهٍ بَلْ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ ، .
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْكُرْهِ وَالطَّوْعِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ .

( خَلَعَ أَوْ طَلَّقَ بِخَمْرٍ ، أَوْ خِنْزِيرٍ ، أَوْ مَيْتَةٍ ) وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ ( وَقَعَ ) طَلَاقٌ ( بَائِنٌ فِي الْخُلْعِ ، رَجْعِيٌّ فِي غَيْرِهِ مَجَّانًا ) أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ مُعَلَّقٌ بِالْقَبُولِ وَقَدْ وُجِدَ فَيَقَعُ فِي الْخُلْعِ الْبَائِنِ ، وَفِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَقَدْ نَقَلْنَاهُ مِنْ الْمُحِيطِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُسَمِّ مَالًا مُتَقَوِّمًا لِتَصِيرَ غَارَّةً لَهُ وَأَيْضًا لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْمُسَمَّى لِلْإِسْلَامِ وَلَا إيجَابِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ ( كَخَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا ) أَيْ كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَجَّانًا إذَا قَالَتْ : خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي وَلَيْسَ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَإِنَّهَا لَمْ تُسَمِّ مَالًا مُتَقَوِّمًا فَلَمْ تَصِرْ غَارَّةً لَهُ وَالرُّجُوعُ بِالْغُرُورِ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ هَهُنَا الْيَدُ الْحِسِّيُّ ( وَإِنْ زَادَتْ ) عَلَى قَوْلِهَا " خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي " قَوْلَهَا ( مِنْ مَالٍ ، أَوْ دَرَاهِمَ ) وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ ( رَدَّتْ ) عَلَيْهِ فِي الْأُولَى ( مَهْرَهَا ) الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ ( أَوْ ) دَفَعَتْ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ ( ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ) وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا دِرْهَمَانِ تُؤْمَرُ بِإِتْمَامِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ أَمَّا رَدُّ مَا أَخَذَتْهُ فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا لَمَّا سَمَّتْ مَالًا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ رَاضِيًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ إلَّا بِعِوَضٍ وَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْمُسَمَّى ، وَقِيمَتِهِ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا وَلَا لِإِيجَابِ قِيمَةِ الْبُضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ حَالَ الْخُرُوجِ فَتَعَيَّنَ إيجَابُ مَا قَامَ بِهِ الْبُضْعُ عَلَى الزَّوْجِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ ، وَأَمَّا دَفْعُ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا سَمَّتْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَتَجِبُ عَلَيْهَا لِلتَّيَقُّنِ بِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَرَأَ ، أَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ

( قَوْلُهُ : وَأَيْضًا لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْمُسَمَّى لِلْإِسْلَامِ ) أَيْ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَانِعٌ عَنْ تَمَلُّكِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَتَمْلِيكِهَا أَيْضًا .
( قَوْلُهُ : وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا ) قَيَّدَ بِهِ إذْ لَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ كَانَ لَهُ وَلَوْ قَلِيلًا فِيمَا إذَا قَالَتْ مِنْ مَالٍ ( قَوْلُهُ : أَوْ دَرَاهِمَ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا ذَكَرَتْهَا مُنَكَّرَةً أَوْ مُعَرَّفَةً فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : رَدَّتْ مَهْرَهَا ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ مَقْبُوضٌ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُسَمًّى ، أَوْ مَهْرَ الْمِثْلِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ .

( خَالَعَتْ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ لَهَا عَلَى بَرَاءَتِهَا مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ ) بَلْ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَيَبْطُلُ هُوَ لَا الْخُلْعُ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ( طَلَبَتْ ) طَلَقَاتٍ ( ثَلَاثًا ) أَيْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا ( بِأَلْفٍ ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَقَعُ فِي الْأُولَى بَائِنَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ ، وَفِي الثَّانِيَةِ رَجْعِيَّةٌ مَجَّانًا ) فَإِنَّهَا إذَا قَالَتْ : طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ جُعِلَ الْأَلْفُ عِوَضًا لِلثَّلَاثِ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَجَبَ ثُلُثُ الْأَلْفِ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْعِوَضِ تَنْقَسِمُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُعَوَّضِ أَمَّا إذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَجُعِلَ عَلَى لِلشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالطَّلَاقُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَأَجْزَاءُ الشَّرْطِ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَشْرُوطِ فَيَقَعُ رَجْعِيَّةٌ بِلَا شَيْءٍ وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ بَائِنٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ لِأَنَّهُمَا حَمَلَاهُ عَلَى الْعِوَضِ بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا فِي بِعْت عَبْدًا بِأَلْفٍ ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ وَلَهُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْعِوَضِ ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي الطَّلَاقِ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ .

( قَوْلُهُ : خَالَعَتْ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ لَهَا عَلَى بِرَاءَتِهَا مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ ) يُخَالِفُ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَيْبِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً
إلَخْ ) هَذَا إذَا طَلَّقَ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَامَ فَطَلَّقَهَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَدَأَ هُوَ فَقَالَ : خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَجْلِسُهَا فِي الْقَبُولِ لَا مَجْلِسُهُ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَبِلَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ صَحَّ قَبُولُهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ : يَقَعُ فِي الْأُولَى بَائِنَةٌ بِثُلُثٍ ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثِنْتَيْنِ فَإِنْ كَانَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً كَانَ لَهُ كُلُّ الْأَلْفِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا دَفْعَةً ، أَوْ مُتَفَرِّقَةً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ .

( وَإِنْ قَالَ : طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْبَيْنُونَةِ إلَّا بِسَلَامَةِ الْأَلْفِ كُلِّهَا لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهَا لَهُ : طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا رَضِيَتْ بِالْبَيْنُونَةِ بِأَلْفٍ كَانَتْ بِبَعْضِهَا أَوْلَى أَنْ تَرْضَى .

( وَبَانَتْ ) أَيْ إذَا قَالَ أَنْتِ ( طَالِقٌ بِأَلْفٍ ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ بَانَتْ ) الْمَرْأَةُ ( وَلَزِمَ الْأَلْفُ ) لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ ، أَوْ تَعْلِيقٌ فَيَقْتَضِي سَلَامَةَ الْبَدَلَيْنِ ، أَوْ وُجُودَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا .
( قَوْلُهُ : فَقَبِلَتْ بَانَتْ الْمَرْأَةُ وَلَزِمَ ) يَعْنِي إذَا قَبِلَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ : الْوَاقِعُ بِهِ وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ .

( وَبِأَنْتِ طَالِقٌ ) أَيْ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( وَعَلَيْكِ أَلْفٌ ، أَوْ ) قَالَ لِعَبْدِهِ ( أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ أَلْفٌ طَلُقَتْ ) الْمَرْأَةُ ( وَعَتَقَ ) الْعَبْدُ ( مَجَّانًا ) سَوَاءٌ قَبِلَا ، أَوْ لَا عِنْدَهُ وَقَالَا : عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْأَلْفُ إذَا قَبِلَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ بِلَا قَبُولٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُسْتَعْمَلُ لِلْمُعَاوَضَةِ فَيُقَالُ احْمِلْ هَذَا الْمَتَاعَ ، وَلَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ بِدِرْهَمٍ وَلَهُ أَنَّهُ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ فَلَا تَرْتَبِطُ بِمَا قَبْلَهُ إلَّا بِدَلَالَةِ الْحَالِ ؛ إذْ الْأَصْلُ فِيهَا الِاسْتِقْلَالُ وَلَا دَلَالَةَ هُنَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ يَنْفَكَّانِ عَنْ الْمَالِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَإِنَّهُمَا لَا يُوجَدَانِ بِدُونِهِ .

( قَالَ طَلَّقْتُكِ أَمْسِ عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلِي وَقَالَتْ قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَفِي الْبَيْعِ ) الْقَوْلُ ( لِلْمُشْتَرِي ) يَعْنِي مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِمَالٍ يَمِينٌ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ، وَالْقَبُولُ شَرْطُ الْحِنْثِ ، فَيَتِمُّ الْيَمِينُ بِلَا قَبُولِهَا فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْيَمِينِ إقْرَارًا بِشَرْطِ الْحِنْثِ لِصِحَّتِهَا بِدُونِهِ فَصَارَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ فَأَمَّا الْبَيْعُ فَإِيجَابٌ وَقَبُولٌ وَلَا صِحَّةَ لِأَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ فَصَارَ الْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ إقْرَارًا بِمَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ فَإِذَا أَنْكَرَهُ فَقَدْ رَجَعَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يُصَدَّقُ ( وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا بَرِيئًا لِلْآخَرِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ ( كُلَّ حَقٍّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ ) كَالْمَهْرِ مَقْبُوضًا - أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ، أَوْ بَعْدَهُ - وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِالذِّكْرِ قَيَّدَ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ مَا اشْتَرَتْ مِنْ الزَّوْجِ وَنَحْوِهِمَا .

( قَوْلُهُ : وَقَالَتْ قَبِلْت فَالْقَوْلُ لَهُ ) أَيْ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ، .
وَفِي الْقُنْيَةِ : أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى خُلْعِ زَوْجِهَا الْمَجْنُونِ فِي صِحَّتِهِ وَأَقَامَ وَلِيُّهُ ، أَوْ هُوَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ أَنَّهُ فِي جُنُونِهِ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى كَمَا فِي النَّهْرِ ( قَوْلُهُ : وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ كُلَّ حَقٍّ
إلَخْ ) الْمُرَادُ الْخُلْعُ الصَّادِرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ خَلَعَهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِمَا لَهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُهَا ، وَالسُّقُوطُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخُلْعُ بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ ، .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَهَا خَلَعْتُكِ فَقَالَتْ : قَبِلْت لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِقَوْلِهِ إذَا نَوَى وَلَا دَخْلَ لِقَبُولِهَا حَتَّى إذَا نَوَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ يَقَعُ الْبَائِنُ ، وَإِنْ قَالَ : لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ وَيُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ : خَالَعْتُكِ فَقَالَتْ : قَبِلْتُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْبَرَاءَةُ ا هـ .
( قُلْتُ ) وَتَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عَلَيْهِ مَهْرًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ يَجِبُ رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا .
ا هـ
وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ تَفْسِيرُ الْمُبَارَأَةِ وَالْخُلْعِ بِمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ : بَارِئْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ : بَارَأْتُكِ أَوْ قَالَتْ : خَالِعْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ خَالَعْتُكِ ، أَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ : قَبِلْتُ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُبَارَأَةُ بِالْهَمْزَةِ ، وَتَرْكُهَا خَطَأٌ وَهِيَ أَنْ تَقُولَ لِلزَّوْجِ : بَرِئْتُ مِنْ نِكَاحِكَ بِكَذَا ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ ، وَلَا يَخْفَى وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَدْ صَوَّرَهَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَقُولَ أَبْرَأْتُكِ عَلَى أَلْفٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ

الطَّلَاقِ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ قَالَ فِيهَا : نِيَّةُ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ شَرْطُ الصِّحَّةِ إلَّا أَنَّ الْمَشَايِخَ لَمْ يَشْرِطُوهُ فِي الْخُلْعِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الْخُلْعِ بَعْدَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُبَارَأَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكِنَايَاتِ عَلَى الْأَصْلِ .
ا هـ
( قَوْلُهُ : كَالْمَهْرِ ) الْمُرَادُ بِهِ مَهْرُ النِّكَاحِ الْمُخْتَلَعِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ آخَرَ فَاخْتُلِعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا بَرِئَ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُتْعَةِ كَالْمَهْرِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : قَيَّدَ بِالنِّكَاحِ
إلَخْ ) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَعَنْ دَيْنٍ آخَرَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ .

( خَلَعَ الْأَبُ صَغِيرَتَهُ بِمَالِهَا أَوْ مَهْرِهَا طَلُقَتْ وَلَمْ يَلْزَمْ ) أَيْ الْمَالُ عَلَيْهَا ( وَلَمْ يَسْقُطْ ) أَيْ الْمَهْرُ أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِقَبُولِ الْأَبِ فَيَكُونُ كَتَعْلِيقِهِ بِسَائِرِ أَفْعَالِهِ ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهَا فَلِأَنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ تَبَرُّعٌ وَمَالُ الصَّبِيِّ لَا يَقْبَلُ التَّبَرُّعَ ( فَإِنْ خَلَعَهَا ) أَيْ الْأَبُ صَغِيرَتَهُ ( ضَامِنًا لَهُ ) أَيْ لِبَدَلِ الْخُلْعِ لَمْ يُرِدْ بِالضَّمَانِ الْكَفَالَةَ عَنْ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَلْزَمُهَا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْتِزَامُ الْمَالِ ابْتِدَاءً .
( صَحَّ ) الْخُلْعُ ( وَالْمَالُ عَلَيْهِ ) أَيْ الْأَبِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ صَحِيحٌ فَعَلَى الْأَبِ أَوْلَى ( بِلَا سُقُوطِ الْمَهْرِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ ( وَإِنْ شَرَطَ ) الزَّوْجُ ( الضَّمَانَ عَلَيْهَا ) أَيْ الصَّغِيرَةِ ( فَإِنْ قَبِلَتْ وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ ) أَيْ أَهْلِ الْقَبُولِ بِأَنْ كَانَتْ تَعْقِلُ أَنَّ الْخُلْعَ سَالِبٌ وَالنِّكَاحَ جَالِبٌ ( طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ ( بِلَا شَيْءٍ ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْغَرَامَةِ ( قَالَ ) الزَّوْجُ ( خَالَعْتُكِ ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا ( فَقَبِلَتْ ) الْمَرْأَةُ ( طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ( وَبَرِئَ عَنْ الْمَهْرِ ) الْمُؤَجَّلِ ( لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ شَيْءٌ ( رَدَّتْ ) عَلَى الزَّوْجِ ( مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ ) الْمُعَجَّلِ فَإِنَّهَا إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فِي حَقِّهَا فَقَدْ الْتَزَمَتْ الْعِوَضَ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ .
( خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ ) لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ حَالَ الْخُرُوجِ .

( قَوْلُهُ : خَلَعَ الْأَبُ صَغِيرَتَهُ ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَيَّدَ بِالْأَبِ لِأَنَّ الْأُمَّ لَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ أَضَافَتْ الْبَدَلَ إلَى مَالِ نَفْسِهَا ، أَوْ قَبِلَتْ ثَمَّ الْخُلْعَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ تُضِفْ وَلَمْ تَضْمَنْ لَا رِوَايَةَ فِيهِ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ الْأَبِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ قَبِلَتْ ) قَيَّدَ بِهِ ، إذْ لَوْ قَبِلَ عَنْهَا الْأَبُ لَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّوْجُ خَالَعْتُكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا
إلَخْ ) كَذَا فِي قَاضِي خَانْ وَعِبَارَتُهُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : خَالَعْتُكِ فَقَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْمُخْتَصَرِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ ، وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِعِوَضٍ ا هـ عِبَارَةُ قَاضِي خَانْ : وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَفِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ : إحْدَاهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ فَتَأْخُذُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا ظَاهِرُ جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ لَا غَيْرُ فَلَا يُطَالِبُ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ ، أَوْ بَعْدَهُ مَقْبُوضًا ، أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ الثَّالِثَةُ بَرَاءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ وَعَنْ دَيْنٍ آخَرَ كَذَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ ا هـ ، وَفِي تَقْيِيدِ قَاضِي خَانْ بِقَبُولِ الْمَرْأَةِ إشَارَةٌ إلَى مُغَايَرَةِ الْحُكْمِ لِمَا إذَا لَمْ تَقْبَلْ وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي فَصْلِ الْخُلْعِ

بِالْفَارِسِيَّةِ : رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : خَالَعْتُكِ ، وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ قَوْلَهُ خَالَعْتُكِ مِنْ الْكِنَايَاتِ ، وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا .
ا هـ .
( تَنْبِيهٌ ) : فِي الطَّلَاقِ عَلَى مَالِ رِوَايَتَانِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفُصُولِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ عِنْدَهُمَا كَالْخُلْعِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ كَقَوْلِهَا كَذَا فِي النَّهْرِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي النَّفَقَةِ أَيْضًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( بَابُ الظِّهَارِ ) ( هُوَ ) لُغَةً مُقَابَلَةُ الظَّهْرِ بِالظَّهْرِ فَإِنَّ الشَّخْصَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ يَجْعَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ الْآخَرِ وَشَرْعًا ( تَشْبِيهُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ الطَّلَاقُ ) وَهُوَ كُلُّهَا ، أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ ، أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا ( مِنْ الْمَنْكُوحَةِ ) فَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ أَمَتِهِ وَلَا مِمَّنْ نَكَحَهَا بِلَا أَمْرِهَا ، ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا ، ثُمَّ أَجَازَتْ ( بِمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّشْبِيهِ ( مِنْ عُضْوِ مَحْرَمِهِ ) بَيَانٌ لِمَا ( نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا ) تَمْيِيزٌ مِنْ " مَحْرَمِهِ " ( وَحُكْمُهُ حُرْمَةُ وَطْئِهَا وَدَوَاعِيهِ ) كَالْمَسِّ وَالْقُبْلَةِ ( حَتَّى يُكَفِّرَ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ، ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } الْآيَةَ ( لِلظِّهَارِ وَالْعَوْدِ ) الْمُفَسَّرِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ هُوَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعُقُوبَةِ وَالْعِبَادَةِ وَسَبَبُهَا أَيْضًا دَائِرٌ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ حَتَّى تَتَعَلَّقَ الْعُقُوبَةُ بِالْمَحْظُورِ وَالْعِبَادَةُ بِالْمُبَاحِ ، وَإِنَّمَا جَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْعَوْدِ ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِرَفْعِ الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ فِي الذَّاتِ فَيَجُوزُ بَعْدَ ثُبُوتِ تِلْكَ الْحُرْمَةِ لِتُرْفَعَ بِهَا كَمَا قُلْنَا فِي الطَّهَارَةِ إنَّهَا تَجُوزُ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُهَا لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ فَتَجُوزُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَلِهَذَا جَازَتْ الْكَفَّارَةُ بَعْدَمَا أَبَانَهَا ، أَوْ بَعْدَمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِالِارْتِدَادِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ لَا تَزُولُ بِغَيْرِ التَّكْفِيرِ مِنْ أَسْبَابِ الْحِلِّ كَمِلْكِ الْيَمِينِ ، وَإِصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْوَطْءِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى التَّكْفِيرِ

دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( وَلَوْ وَطِئَ قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ التَّكْفِيرِ ( اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَكَفَّرَ لِلظِّهَارِ فَقَطْ ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ

( بَابُ الظِّهَارِ ) ( قَوْلُهُ : مِنْ عُضْوِ مَحْرَمِهِ نَسَبًا ، أَوْ رَضَاعًا ) يُرِيدُ بِهِ الْمُجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهَا مُؤَبَّدًا لِيَخْرُجَ أُمُّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتُهَا فَإِنَّهُ لَوْ شَبَّهَهَا بِهَا لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرَجَّحَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَكُونُ مُظَاهِرًا قِيلَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ كَذَا فِي النَّهْرِ وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ : لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا فِي تَشْبِيهِهَا بِأُمِّ ، أَوْ بِنْتِ مَنْ مَسَّهَا ، أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْوَطْءَ .
( قَوْلُهُ : وَدَوَاعِيهِ كَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ ) يُرِيدُ بِهِ النَّظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِخِلَافِ النَّظَرِ إلَى شَعْرِهَا وَظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا حَيْثُ يَجُوزُ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا كَمَا فِي السِّرَاجِ مِنْ الْحَظْرِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ هُوَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ ) عَلَيْهِ الْعَامَّةُ وَقِيلَ الظِّهَارُ هُوَ السَّبَبُ وَالْعَوْدُ شَرْطٌ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ لَا تَزُولُ بِغَيْرِ التَّكْفِيرِ ) يَعْنِي إذَا كَانَ الظِّهَارُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ أَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ كَشَهْرٍ ، أَوْ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الظِّهَارُ بِمُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ النِّهَايَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) : لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَطَلَ وَلَوْ بِمَشِيئَةِ فُلَانٍ ، أَوْ بِمَشِيئَتِهَا كَانَ عَلَى الْمَشِيئَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
إلَخْ ) هَذَا وَقَالَ النَّخَعِيُّ : ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .

( وَذَا ) أَيْ الظِّهَارُ ( كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، أَوْ رَأْسُكِ وَنَحْوُهُ ) يَعْنِي : رَقَبَتُكِ وَعُنُقُكِ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ ( أَوْ نِصْفُكِ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَحْوِهِ ) مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ ( أَوْ كَبَطْنِهَا أَوْ كَفَخِذِهَا ، أَوْ كَظَهْرِ أُخْتِي ، أَوْ عَمَّتِي وَهِيَ ) أَيْ الصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ وَنَظَائِرُهَا ( ظِهَارٌ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ فِيهَا إمَّا كُلُّهَا ، أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهُ ، أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا وَهُوَ الشَّرْطُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ ) وَالشَّرْطُ فِي جَانِبِ الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ بِهِ عُضْوًا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ ، وَقَدْ وُجِدَا ( لَا طَلَاقٌ ، وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا إيلَاءٌ ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُهُمَا ( وَفِي ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي ، أَوْ مِثْلُ أُمِّي مَا نَوَاهُ مِنْ الْكَرَامَةِ ، أَوْ الظِّهَارِ ، أَوْ الطَّلَاقِ ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْهَا فَمَا تَرَجَّحَ بِالنِّيَّةِ تَعَيَّنَ ( وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَغَا ) لِتَعَارُضِ الْمَعَانِي وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ .
( قَوْلُهُ : وَذَا أَيْ الظِّهَارُ
إلَخْ ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أَنَا عَلَيْكَ كَظَهْرِ أُمِّكَ لَا يَكُونُ ظِهَارًا قَالُوا : وَلَا يَمِينًا أَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، .
وَفِي الْجَوْهَرَةِ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي ، أَوْ مِثْلُ أُمِّي مَا نَوَاهُ مِنْ الْكَرَامَةِ ، أَوْ الظِّهَارِ ، أَوْ الطَّلَاقِ ) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ وَالْخَانِيَّةِ : وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمًا كَانَ ظِهَارًا فِي الصَّحِيحِ ا هـ .
وَلَا بُدَّ مِنْ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ ، إذْ لَوْ تَجَرَّدَ الْكَلَامُ عَنْهَا فَقَالَ : أَنْتِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَيُكْرَهُ لِقُرْبِهِ مِنْ التَّشْبِيهِ وَمِثْلُهُ يَا بِنْتِي وَيَا أُخْتِي وَنَحْوِهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ .

( وَفِي ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي مَا نَوَاهُ مِنْ الظِّهَارِ أَوْ الطَّلَاقِ ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُمَا وَمَا تَرَجَّحَ بِالنِّيَّةِ تَعَيَّنَ ( وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ ، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا ، أَوْ إيلَاءً ) لِأَنَّ ذِكْرَ الظَّهْرِ رَجَّحَ جَانِبَ الظِّهَارِ ( وَبِأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِنِسَائِهِ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ جَمِيعًا ) لِأَنَّهُ أَضَافَ الظِّهَارَ إلَيْهِنَّ فَصَارَ كَمَا إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ ( فَحِينَئِذٍ يَجِبُ لِكُلٍّ ) مِنْهُنَّ عَلَيْهِ ( كَفَّارَةٌ ) وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِلنَّصِّ الْوَارِدِ فِيهِ وَفَصَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ( وَهِيَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) مُؤْمِنَةً كَانَتْ ، أَوْ كَافِرَةً ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى صَغِيرَةً كَانَتْ ، أَوْ كَبِيرَةً ( لَمْ تَكُنْ فَائِتَةَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ ) وَهُوَ الْمَانِعُ أَمَّا إذَا اخْتَلَّتْ الْمَنْفَعَةُ فَلَا يَمْنَعُ حَتَّى جَازَ الْعَوْرَاءُ وَنَحْوُهَا وَجَازَ الْأَصَمُّ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ الْفَائِتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا الْجَوَازَ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَنْفَعَةِ بَاقٍ فَإِنَّهُ إذَا صِيحَ عَلَيْهِ يَسْمَعُ ، حَتَّى لَوْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَسْمَعُ بِأَنْ وُلِدَ أَصَمَّ مَثَلًا وَهُوَ الْأَخْرَسُ لَا يَجُوزُ ( وَلَوْ ) كَانَ ذَلِكَ التَّحْرِيرُ ( بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ بِنِيَّتِهَا ) أَيْ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَبَيَّنَ فَوْتَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ بِقَوْلِهِ ( كَالْأَعْمَى ) بِخِلَافِ الْأَعْوَرِ ( وَمَجْنُونٍ لَا يَعْقِلُ ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْجَوَارِحِ لَيْسَ إلَّا بِالْعَقْلِ فَكَانَ فَائِتَ الْمَنْفَعَةِ وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الِاخْتِلَالَ غَيْرُ مَانِعٍ ( وَالْمَقْطُوعِ يَدَاهُ ) فَإِنَّهُ فَائِتُ مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ ( أَوْ إبْهَامَاهُ ) لِأَنَّ قُوَّةَ الْبَطْشِ بِهِمَا فَبِفَوَاتِهِمَا يَفُوتُ مَنْفَعَةُ الْبَطْشِ ( أَوْ رِجْلَاهُ ) فَإِنَّهُ فَائِتُ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ ( أَوْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ جَانِبٍ ) فَإِنَّهُ

أَيْضًا فَائِتُ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَذَّرٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَتَا مِنْ خِلَافٍ ؛ إذْ لَمْ يَفُتْ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ ( وَلَا مُدَبَّرًا ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَكُنْ فَائِتَةَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ ( أَوْ أُمَّ وَلَدٍ ) لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحُرِّيَّةَ بِجِهَةٍ فَكَانَ الرِّقُّ فِيهِمَا نَاقِصًا ( أَوْ مُكَاتَبًا أَدَّى بَعْضَ بَدَلِهِ ) لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ بِعِوَضٍ وَبِهِ لَا تَتَأَدَّى الْكَفَّارَةُ ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ خَالِصَةً لِلَّهِ ، وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا لِأَنَّهُ يَكُونُ تِجَارَةً فَإِنْ أَعْتَقَ مُكَاتَبًا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا جَازَ ( أَوْ عَبْدًا مُشْتَرَكًا أَعْتَقَ ) الْمُكَفِّرُ عَنْ ظِهَارِهِ ( نِصْفَهُ ) وَهُوَ مُوسِرٌ ( ثُمَّ ) أَعْتَقَ عَنْهُ ( بَاقِيَهُ بَعْدَ ضَمَانِهِ ) لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَالنُّقْصَانُ تَمَكَّنَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِتَعَذُّرِ اسْتِدَامَةِ الرِّقِّ فِيهِ وَهَذَا النُّقْصَانُ حَصَلَ فِي مِلْكِ شَرِيكِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالضَّمَانِ نَاقِصًا فَلَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ ( أَوْ عَبْدًا أَعْتَقَ نِصْفَهُ عَنْ تَكْفِيرِهِ ، ثُمَّ بَاقِيَهُ بَعْدَ وَطْءِ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا ) لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَرَّأُ عِنْدَهُ وَالْمَأْمُورُ بِهِ الْعِتْقُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ النِّصْفَ وَقَعَ بَعْدَهُ ( وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ صَامَ شَهْرَيْنِ وِلَاءً لَيْسَ فِيهِمَا رَمَضَانُ وَلَا الْأَيَّامُ الْمَنْهِيَّةُ ) الْوِلَاءُ التَّتَابُعُ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ لَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهِ وَالصَّوْمُ فِي الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَيَكُونُ نَاقِصًا فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ الْكَامِلُ ( وَإِنْ أَفْطَرَ ) الْمُظَاهِرُ ( يَوْمًا وَلَوْ بِعُذْرٍ ) كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ ( أَوْ وَطِئَهَا ) أَيْ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا ( فِي الشَّهْرَيْنِ ) مُتَعَلِّقٌ بِأَفْطَرَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ( لَيْلًا عَمْدًا ، أَوْ يَوْمًا سَهْوًا اسْتَأْنَفَهُ ) أَيْ الصَّوْمَ أَمَّا فِي الْإِفْطَارِ فَلِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ

بِالْفِطْرِ وَهُوَ عُذْرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ شَهْرَيْنِ لَا عُذْرَ فِيهِمَا ، وَأَمَّا فِي الْوَطْءِ فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَبْلَ التَّمَاسِّ وَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِمَا قَبْلَهُ إخْلَاؤُهُمَا عَنْهُ أَمَّا لَوْ وَطِئَ غَيْرَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا نَاسِيًا فَلَا يَضُرُّهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( لَا الْإِطْعَامُ إنْ وَطِئَ فِي خِلَالِهِ ) أَيْ إنْ وَطِئَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فِي خِلَالِ الْإِطْعَامِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ لِأَنَّ النَّصَّ فِي الْإِطْعَامِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِمَا قَبْلَ التَّمَاسِّ وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ .

( قَوْلُهُ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي مَا نَوَاهُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ ظِهَارٌ .
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إيلَاءٌ ا هـ .
وَكَوْنُهُ ظِهَارًا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ إيلَاءٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ ، أَوْ الدَّمِ ، أَوْ الْخِنْزِيرِ .
رِوَايَاتٌ أَصَحُّهَا أَنَّهُ إيلَاءٌ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَطَلَاقٌ إنْ نَوَاهُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ نَوَى ظِهَارًا لَا يَكُونُ ظِهَارًا ا هـ .
( قَوْلُهُ : يَجِبُ لِكُلٍّ كَفَّارَةٌ ) كَذَا لَوْ ظَاهَرَ مِرَارًا وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ مِنْ امْرَأَةٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمَوَاهِبِ وَلَوْ أَرَادَ التَّكْرَارَ صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ ، إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ لَا مَجَالِسَ كَمَا فِي السِّرَاجِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ بِنِيَّتِهَا ) لَوْ قَالَ بِتَمَلُّكِ قَرِيبِهِ بِنِيَّتِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْوَصِيَّةَ ، وَفِي قَوْلِنَا بِتَمَلُّكِ إشَارَةٌ إلَى إخْرَاجِ الْإِرْثِ كَمَا لَا يَخْفَى .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْأَعْوَرِ ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا شَرْحًا كَمَا هُنَا .
( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ يُجْزِيهِ ) يَعْنِي إذَا أَعْتَقَهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْخُلَاصَةِ .
( قَوْلُهُ : وَالْمَقْطُوعِ يَدَاهُ ) كَذَا قَطْعُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ كُلِّ يَدٍ غَيْرِ الْإِبْهَامَيْنِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ إبْهَامَاهُ ) يَعْنِي إبْهَامَيْ الْيَدَيْنِ فَلَوْ قَالَ أَوْ إبْهَامَاهُمَا لَكَانَ أَوْلَى لِيُخْرِجَ إبْهَامَيْ الرِّجْلَيْنِ إذْ لَا يُمْنَعُ قَطْعُهُمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ مُكَاتَبًا أَدَّى بَعْضَ بَدَلِهِ ) هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مُطْلَقًا يَجُوزُ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ ) عَجْزُهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ثَمَنِهَا وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَوْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لَزِمَهُ الْعِتْقُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ

فِي الْخِزَانَةِ : بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي السِّرَاجِ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَمِنًا ا هـ يَعْنِي الْعَبْدَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْمَوْلَى لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ ، كَذَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : لَيْلًا عَمْدًا ، أَوْ يَوْمًا سَهْوًا ) الْعَمْدُ لَيْسَ بِقَيْدٍ مُخْرِجٍ لِلسَّهْوِ بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَمْدِ اتِّفَاقِيٌّ ، أَوْ خَطَأٌ فَاجْتَنِبْهُ .
ا هـ
وَالسَّهْوُ يَوْمًا مُفِيدٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ الِاسْتِئْنَافَ بِالْعَمْدِ فِيهِ ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ وَطْئَهَا مُطْلَقًا عَمْدًا ، أَوْ سَهْوًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ ، وَوَطْءَ غَيْرِهَا لَا يُوجِبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُفَرِّطًا .
( قَوْلُهُ : أَوْ يَوْمًا ) لَمْ يَقُلْ نَهَارًا لِيَدْخُلَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ كَأَنَّهُ عَنَى الْعُرْفِيَّ ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ .

( وَلَوْ قَدَرَ ) الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ ( عَلَى الْإِعْتَاقِ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ ) أَيْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي ( لَزِمَهُ ) أَيْ الْإِعْتَاقُ وَلَمْ يَصِحَّ تَكْفِيرُهُ بِالصَّوْمِ وَكَانَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ ، وَإِنْ أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( وَإِنْ عَجَزَ ) أَيْ الْمُكَفِّرُ ( عَنْهُ ) أَيْ الْإِعْتَاقِ ( أَطْعَمَ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الظِّهَارِ ( هُوَ ) أَيْ الْمُظَاهِرُ ( أَوْ نَائِبُهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) يَعْنِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ عَنْ ظِهَارِهِ فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ .
اعْلَمْ أَنَّ مَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِطْعَامِ ، أَوْ الطَّعَامِ يَجُوزُ فِيهِ التَّمْلِيكُ وَالْإِبَاحَةُ وَمَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِيتَاءِ وَالْآرَاءِ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمْلِيكُ فَذَكَرَ صُورَةَ التَّمْلِيكِ بِقَوْلِهِ أَطْعَمَ عَنْهُ هُوَ ، أَوْ نَائِبُهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ( كُلًّا قَدْرَ الْفِطْرَةِ ، أَوْ قِيمَتَهُ ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ ( مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصَةِ ) الْأَشْيَاءُ الْمَنْصُوصَةُ كَالْبُرِّ وَدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهَا كَالْأَرُزِّ وَالْعَدَسِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ رُبُعَ صَاعٍ مِنْ التَّمْرِ إذَا سَاوَى نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ ، أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ قِيمَةً لَمْ يُجْزِ دَفْعُهُ بِخِلَافِ الْأَرُزِّ مَثَلًا فَإِنَّ رُبُعَ صَاعٍ مِنْهُ إذَا سَاوَى نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ ، أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ قِيمَةً جَازَ دَفْعُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُقَرَّرٍ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لَا يَنُوبُ أَخَاهُ ( أَوْ ) أَطْعَمَ ( وَاحِدًا شَهْرَيْنِ ) أَيْ أَعْطَى الطَّعَامَ كُلَّهُ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا جَازَ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خَلَّةِ الْمِسْكِينِ وَرَدُّ جَوْعَتِهِ ، وَذَا يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْأَيَّامِ فَكَانَ هُوَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَمِسْكِينٍ آخَرَ لِتَجَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ ( لَا فِي يَوْمٍ قَدْرَ الشَّهْرَيْنِ إلَّا عَنْ يَوْمِهِ ) سَوَاءٌ كَانَ

بِدَفْعَةٍ ، أَوْ دَفَعَاتٍ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَسْتَوْفِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَلَمْ يُوجَدْ الْعَدَدُ الْمَفْرُوضُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْحَاجَةِ وَذَكَرَ صُورَةَ الْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ ( وَإِذَا أَشْبَعَهُمْ ) أَيْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، وَإِنْ قَلَّ مَا أَكَلُوا ( بِالْغَدَاءِ ) وَهُوَ الطَّعَامُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ ( وَالْعَشَاءِ ) وَهُوَ الطَّعَامُ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ ( أَوْ غَدَاءَيْنِ ) أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ ( أَوْ عَشَاءَيْنِ ) أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ عَشَاءٍ وَسَحُورٍ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ : طَعَامُ الْإِبَاحَةِ أَكْلَتَانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَالْغَدَاءَانِ يُجْزِئُهُ وَالْعَشَاءَانِ كَذَلِكَ وَالْعَشَاءُ وَالسَّحُورُ كَذَلِكَ ، وَأَوْفَقُهَا وَأَعْدَلُهَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الشِّبَعُ لَا الْمِقْدَارُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّمْلِيكِ الْمِقْدَارُ لَا الشِّبَعُ وَالسَّحُورُ قَدْ يَصْلُحُ لِلِاسْتِيفَاءِ فَأُقِيمَ مَقَامَ الْغَدَاءِ ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْأَكْلَتَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْوَسَطُ وَهُوَ أَكْلَتَانِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ فِي الْعَادَةِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ ، وَالْأَقَلَّ مَرَّةٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ ( بِخُبْزِ بُرٍّ فَقَطْ ، أَوْ خُبْزِ شَعِيرٍ بِالْإِدَامِ ) فَإِنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَاجَتَهُ إلَّا بِالْإِدَامِ بِخِلَافِ خُبْزِ الْبُرِّ ( أَوْ أَعْطَى ) عَطْفٌ عَلَى أَشْبَعَهُمْ ( كُلًّا رُبُعَ صَاعِ بُرٍّ وَنِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ ، أَوْ تَمْرٍ ، أَوْ مِنْ بُرٍّ ، أَوْ مَنَوَيْ تَمْرٍ ، أَوْ شَعِيرٍ جَازَ ) جَزَاءٌ لِقَوْلِهِ إذَا أَشْبَعَهُمْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ رُبُعَ صَاعِ بُرٍّ وَنِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ ، أَوْ تَمْرٍ يَبْلُغُ بِالْكَيْلِ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ ، أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ ، أَوْ تَمْرٍ وَكَذَا مَنُّ بُرٍّ وَمَنَوَا شَعِيرٍ ، أَوْ تَمْرٍ يَبْلُغُ بِالْوَزْنِ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ ، أَوْ تَمْرٍ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مُتَّحِدَةَ

الْجِنْسِ لِأَنَّ الْكُلَّ مِنْ حَيْثُ الطَّعَامُ جِنْسٌ وَاحِدٌ جَازَ تَكْمِيلُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَلَا كَذَلِكَ الْقِيمَةُ كَمَا عَرَفْت ( بِخِلَافِ إعْتَاقِ نِصْفِ رَقَبَةٍ وَصِيَامِ شَهْرٍ ) لِتَعَذُّرِ تَكْمِيلِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِاخْتِلَافِهِمَا مَعْنًى فَإِنَّ الْعِتْقَ شُرِعَ لِتَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ وَالصَّوْمَ لِتَجْوِيعِ النَّفْسِ .
( وَ ) بِخِلَافِ ( إطْعَامِ نِصْفِ صَاعِ تَمْرٍ قِيمَتُهُ نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ ) لِمَا عَرَفْت مِنْ عَدَمِ جَوَازِ أَدَاءِ مَا هُوَ مِنْ الْأَعْدَادِ الْمَنْصُوصَةِ قِيمَةً إذَا كَانَ أَقَلَّ قَدْرًا مِمَّا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ أَوْ مِثْلَهُ قِيمَةً ( أَطْعَمَهُمْ ) أَيْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ( كُلًّا مِنْهُمْ صَاعَ بُرٍّ عَنْ ظِهَارَيْنِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا عَنْ أَحَدِهِمَا وَعَنْ إفْطَارٍ وَظِهَارٍ صَحَّ عَنْهُمَا ) لِأَنَّ النِّيَّةَ تَعْمَلُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسَيْنِ كَالْإِفْطَارِ وَالظِّهَارِ لَا عِنْدَ اتِّحَادِهِمَا فَإِذًا لَغَتْ النِّيَّةُ ، وَالصَّاعُ يَصْلُحُ لِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ نِصْفَ الصَّاعِ مِنْ أَدْنَى الْمَقَادِيرِ فَالْمُؤَدَّى وَهُوَ الصَّاعُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلظِّهَارَيْنِ بَلْ لِظِهَارٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّقَ فِي الدَّفْعِ لِأَنَّهُ فِي الدَّفْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي حُكْمِ مِسْكِينٍ آخَرَ ( كَصَوْمِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، أَوْ إطْعَامِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا ، أَوْ إعْتَاقِ عَبْدَيْنِ عَنْ ظِهَارَيْنِ ) فَإِنَّهُ صَحِيحٌ ( وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا لِوَاحِدٍ ) لِأَنَّ الْجِنْسَ فِي الظِّهَارَيْنِ مُتَّحِدٌ فَلَا يَجِبُ التَّعْيِينُ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُظَاهِرِ ( فِي إعْتَاقِ عَبْدٍ عَنْهُمَا ، أَوْ صَوْمِ شَهْرَيْنِ أَنْ يُعَيِّنَ لِأَيٍّ ) مِنْهُمَا ( شَاءَ ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ قَتْلٍ وَظِهَارٍ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ ) لِأَنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ فِي الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ لَغْوٌ ، وَفِي الْمُخْتَلِفِ مُفِيدٌ فَإِذَا لَغَتْ بَقِيَ مُطْلَقُ النِّيَّةِ فَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ كَمَا لَوْ أَطْلَقَهُ فِي الِابْتِدَاءِ يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى قَضَاءَ يَوْمَيْنِ مِنْ

رَمَضَانَ يُجْزِئُهُ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ نَوَى مِنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ ، أَوْ عَنْ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا .
( عَبْدٌ ظَاهَرَ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَقَطْ ) أَيْ صَوْمِ شَهْرَيْنِ ؛ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ وَقَالَ النَّخَعِيُّ كَفَّرَ بِصَوْمِ شَهْرٍ اعْتِبَارًا بِالْعُقُوبَةِ لِأَنَّهُ شُرِعَ زَاجِرًا كَالْحُدُودِ ( لَا سَيِّدُهُ عَنْهُ بِالْمَالِ ) بِأَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ ، أَوْ أَطْعَمَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَلَا يَصِيرُ مَالِكًا بِتَمْلِيكِهِ .

( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَدَرَ الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ عَلَى الْإِعْتَاقِ
إلَخْ ) كَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي آخِرِ الْإِطْعَامِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَانْقَلَبَ الْإِطْعَامُ نَفْلًا .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَفِّرُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْإِعْتَاقِ أَطْعَمَ ) الصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلصِّيَامِ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الصِّيَامُ إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْإِعْتَاقِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ : وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَيْ عَنْ الصِّيَامِ أَطْعَمَ
إلَخْ .
( قَوْلُهُ : سِتِّينَ مِسْكِينًا ) لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَائِعًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا بَلْ مُرَاهِقًا فَالشَّبْعَانُ وَغَيْرُ الْمُرَاهِقِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ ا هـ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ فَطِيمًا لَمْ يُجْزِهِ ا هـ .
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ مَا يُخَالِفُ الْبَدَائِعَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا ا هـ ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمِسْكِينِ لِمُطَابَقَةِ لَفْظِ النَّصِّ وَإِلَّا فَالْفَقِيرُ مِثْلُهُ .
( قَوْلُهُ : يَعْنِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ
إلَخْ ) قَيَّدَ بِالْأَمْرِ ، إذْ بِغَيْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَبِالْإِطْعَامِ ، لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْعِتْقِ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي وَلَوْ بِجُعْلٍ سَمَّاهُ جَازَ اتِّفَاقًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الرُّجُوعِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ إلَّا إنْ قَالَ لَهُ الْآمِرُ : عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ ، وَإِنْ سَكَتَ لَمْ يَرْجِعْ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِلثَّانِي وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَسْتَوْفِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) هَذَا بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ ثَوْبًا جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ مُضِيُّ زَمَانٍ تَتَجَدَّدُ فِيهِ

الْحَاجَةُ إلَى الْكِسْوَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَإِذَا أَشْبَعَهُمْ بِالْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ
إلَخْ ) يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْفُقَرَاءِ فِيهِمَا ، إذْ لَوْ غَدَّى سِتِّينَ وَعَشَّى سِتِّينَ آخَرِينَ لَمْ يُجْزِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ عَلَى أَحَدِ السِّتِّينَ غَدَاءً ، أَوْ عَشَاءً كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُمْ فِي الْغَدَاءَيْنِ أَوْ الْعَشَاءَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَأَرْفَقُهُمَا وَأَعْدَلُهُمَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ ) أَيْ إذَا كَانَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ .
( وَأَقُولُ ) كَذَلِكَ الْعَشَاءُ وَالسَّحُورُ فِي الرِّفْقِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنَّ رُبُعَ صَاعِ بُرٍّ وَنِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ ، أَوْ تَمْرٍ يَبْلُغُ بِالْكَيْلِ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ ) فِيهِ تَسَامُحٌ فَلَوْ قِيلَ يَبْلُغُ بِالتَّقْدِيرِ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ لَكَانَ أَوْلَى وَكَذَا فِيمَا بَعْدُ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ قَتْلٍ وَظِهَارٍ وَلَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ ) هَذَا إذَا كَانَتْ مُؤْمِنَةً ، وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً جَازَ عَنْ الظِّهَارِ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
ا هـ .
.

( بَابُ اللِّعَانِ ) ( هُوَ ) لُغَةً مِنْ اللَّعْنِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ سُمِّيَ بِهِ لِمَا فِي الْخَامِسَةِ مِنْ لَعْنِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ وَمِنْ قَوْلِ الْمَرْأَةِ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا الْمُسْتَلْزِمِ لِلَّعْنِ وَشَرْعًا ( شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِالْأَيْمَانِ مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ قَائِمَةٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي حَقِّهِ ) بِمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا تَلَاعَنَا سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ .
( وَ ) مَقَامَ ( حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّهَا ) بِمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا تَلَاعَنَا سَقَطَ عَنْهَا حَدُّ الزِّنَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي حَقِّهِ أَنَّ { هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غِبْتُ عَنْ امْرَأَتِي سَنَتَيْنِ فَلَمَّا رَجَعْتُ وَجَدْتُ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِي الشَّرِيكَ يَزْنِي بِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ ، وَإِلَّا تُجْلَدُ عَلَى ظَهْرِكَ فَقَالَ هِلَالٌ : رَأَيْت بِعَيْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَعَادَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ ، ثُمَّ قَالَ ، وَإِنِّي لَأَرْجُو مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لِي مَخْرَجًا } فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَاتِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ حَيْثُ لَمْ يُجْلَدْ هِلَالٌ بِقَذْفِهِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ أَنَّ هِلَالًا لَمَّا رَمَاهَا بِالشَّرِيكِ ابْنِ السَّحْمَاءِ حَيْثُ قَالَ : وَجَدْتُ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِي الشَّرِيكَ يَزْنِي بِهَا { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَهُوَ لِهِلَالٍ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا جُمَالِيًّا فَهُوَ لِلشَّرِيكِ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ سَبَقَتْ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ } وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اللِّعَانَ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ( وَحُكْمُهُ حُرْمَةُ

الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ ) بَعْدَ التَّلَاعُنِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ التَّامَّةِ ( وَشَرْطُهُ قِيَامُ الزَّوْجِيَّةِ ) حَتَّى إذَا طَلَّقَهَا بَائِنًا ، أَوْ ثَلَاثًا سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ الْحَدُّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَكَوْنُ النِّكَاحِ صَحِيحًا فَمَنْ قَذَفَ بِالزِّنَا زَوْجَتَهُ الْعَفِيفَةَ ) أَيْ الْبَرِيَّةَ عَنْ الزِّنَا غَيْرَ مُتَّهَمَةٍ بِهِ كَمَنْ يَكُونُ مَعَهَا وَلَدٌ لَا يَكُونُ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ ( وَصَلُحَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ ) حَتَّى لَا يَجْرِيَ اللِّعَانُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ وَلَا بَيْنَ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ ، وَإِنْ صَلُحَ شَاهِدًا عَلَى مِثْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي ( أَوْ نَفَى ) عَطْفٌ عَلَى قَذَفَ ( وَلَدَهَا ) احْتِرَازٌ عَنْ نَفْيِ الْحَمْلِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَطَالَبَتْ بِهِ ) أَيْ بِمُوجَبِ الْقَذْفِ وَهُوَ الْحَدُّ فَإِنَّهُ حَقُّهَا فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا كَسَائِرِ حُقُوقِهَا وَلِأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ اللِّعَانِ ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً لَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْعِفَّةُ ( لَاعَنَ ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ فَمَنْ قَذَفَ

( بَابُ اللِّعَانِ ) ( قَوْلُهُ : سُمِّيَ بِهِ لِمَا فِي الْخَامِسَةِ مِنْ لَعْنِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ وَهِيَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ كَالتَّشَهُّدِ ا هـ ، وَفِي النَّهْرِ وَلَمْ يُسَمَّ بِالْغَضَبِ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ لِمَا فِي جَانِبِهَا لِأَنَّ لَعْنَهُ أَسْبَقُ ، وَالسَّبْقُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ .
( قَوْلُهُ : وَشَرْعًا شَهَادَاتٌ
إلَخْ ) رُكْنُهُ وَسَبَبُهُ الْقَذْفُ .
( قَوْلُهُ : مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ ) أَيْ وَالْغَضَبِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ .
( قَوْلُهُ : قَائِمَةٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي حَقِّهِ ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَتِهِ أَبَدًا وَبِهِ جَزَمَ الْعَيْنِيُّ هُنَا تَبَعًا لِلِاخْتِيَارِ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي حَدِّ الْقَذْفِ أَنَّهَا تُقْبَلُ ا هـ .
وَالْمُرَادُ مِنْ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي حَقِّهِ إذَا كَانَ كَاذِبًا وَمِنْ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّهَا إذَا كَانَتْ كَاذِبَةً وَهُوَ صَادِقٌ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْفَتْحِ كَذَا فِي النَّهْرِ ( قَوْلُهُ : وَحُكْمُهُ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ التَّلَاعُنِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ التَّامَّةِ ) فِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْبَيْنُونَةِ ، فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ وَالِاسْتِمْتَاعُ بَعْدَ التَّلَاعُنِ وَلَوْ قَبْلَ التَّفْرِيقِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّنْوِيرِ عَنْ الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَشَرْطُهُ
إلَخْ ) لَمْ يَذْكُرْ بَقِيَّةَ الشَّرْطِ صَرِيحًا وَكَانَ يَنْبَغِي التَّصْرِيحُ بِهَا لِيَحْسُنَ التَّفْرِيعُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهِيَ عَدَمُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِدْقِهِ ، وَإِنْكَارُهَا ، وَطَلَبُهَا اللِّعَانَ ، وَعِفَّتُهَا ، وَالْعَقْلُ ، وَالْإِسْلَامُ ، وَالْبُلُوغُ ، وَالْحُرِّيَّةُ ، وَالنُّطْقُ ، وَعَدَمُ الْحَدِّ فِي قَذْفٍ ، وَكَوْنُهُمَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : فَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا ) قَيَّدَ بِهِ ، إذْ لَوْ رَمَاهَا بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ لَمْ يَجِبْ اللِّعَانُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ

الْبَدَائِعِ .
( قَوْلُهُ : كَمَنْ يَكُونُ مَعَهَا وَلَدٌ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ ) يُتَأَمَّلُ فِي الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ .
( قَوْلُهُ : حَتَّى لَا يَجْرِيَ اللِّعَانُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ
إلَخْ ) كَذَا بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ وَالْمَجْنُونَيْنِ وَمَنْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : أَوْ نَفَى وَلَدَهَا ) أَضَافَ الْوَلَدَ إلَيْهَا لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ مِنْهُ ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَيْسَ مِنِّي ، أَوْ مِنْ الزِّنَا كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : لَاعَنَ ) أَيْ إنْ اعْتَرَفَ بِالْقَذْفِ ، أَوْ أَقَامَتْ عَدْلَيْنِ مَعَ إنْكَارِهِ وَإِنْ أَقَامَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ لَا يُقْبَلُ ، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَيِّنَةً لَا يُحَلَّفُ فِي الْحَدِّ وَاللِّعَانِ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي الدَّعْوَى .

( فَإِنْ أَبَى ) أَيْ الزَّوْجُ عَنْ اللِّعَانِ ( حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ ، أَوْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ فَيُحَدَّ ) لِأَنَّ اللِّعَانَ خَلَفٌ عَنْ الْحَدِّ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِالْخَلَفِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ لَاعَنَ ) الزَّوْجُ ( لَاعَنَتْ ) الْمَرْأَةُ بِالنَّصِّ لَكِنْ يُبْدَأُ بِالزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ الْمُدَّعِي فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْحُجَّةُ أَوَّلًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنْ ( حُبِسَتْ حَتَّى تُلَاعِنَ ، أَوْ تُصَدِّقَهُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ " أَوْ تُصَدِّقَهُ فَتُحَدَّ " وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً فَكَيْفَ يَجِبُ بِالتَّصْدِيقِ مَرَّةً وَهُوَ لَا يَجِبُ بِالتَّصْدِيقِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ قَصْدًا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْحَدِّ وَيُعْتَبَرُ فِي دَرْئِهِ فَيَنْدَفِعُ بِهِ اللِّعَانُ وَلَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَهُوَ وَلَدُهُمَا لِأَنَّ النَّسَبَ إنَّمَا يَنْقَطِعُ حُكْمًا بِاللِّعَانِ فَلَمْ يُوجَدْ وَهُوَ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي إبْطَالِهِ وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فَيُنْفَى نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ .

( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ ) قَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ هَاهُنَا غَايَةٌ أُخْرَى يَنْتَهِي الْحَبْسُ عِنْدَهَا وَهِيَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ بِطَلَاقٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ ا هـ .
وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَشَرْطُهُ قِيَامُ الزَّوْجِيَّةِ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ آخِرَ الْبَابِ وَإِذَا امْتَنَعَا جَمِيعًا مِنْ اللِّعَانِ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ : يُحْبَسَانِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَعْفُ الْمَرْأَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ لَا لِصِحَّةِ الْعَفْوِ بَلْ لِتَرْكِ طَلَبِهِ حَتَّى لَوْ عَادَ وَطَلَبَ يُحَدُّ ا هـ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ لَاعَنَ لَاعَنَتْ ) لَوْ خَطِئَ الْقَاضِي فَبَدَأَ بِالْمَرْأَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَهُ وَلَوْ فَرَّقَ قَبْلَ الْإِعَادَةِ جَازَ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَفِي الْغَايَةِ وَلَوْ بَدَأَ بِلِعَانِهَا فَقَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ وَلَا يَجِبُ إعَادَتُهُ قَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ صَدَّقَتْهُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَهُوَ وَلَدُهُمَا ) أَقُولُ يُفِيدُ هَذَا بِمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّهْنِئَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ نَفْيَهُ فِي مُدَّةِ التَّهْنِئَةِ صَحِيحٌ فَتَأَمَّلْ .

( فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ ) الزَّوْجُ ( لِلشَّهَادَةِ ) بِأَنْ كَانَ كَافِرًا ، أَوْ عَبْدًا ، أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ ( حُدَّ لَوْ هِيَ مِنْ أَهْلِهَا ) لِأَنَّ اللِّعَانَ تَعَذَّرَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ فَيُصَارُ إلَى الْمُوجَبِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الثَّابِتُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } الْآيَةَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ كَافِرًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ إلَّا إذَا كَانَا كَافِرَيْنِ فَأَسْلَمَتْ ، ثُمَّ قَذَفَهَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ ( وَإِنْ صَلُحَ لَهَا ) أَيْ الزَّوْجُ لِلشَّهَادَةِ ( وَهِيَ لَا تَصْلُحُ ) لَهَا بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً ، أَوْ كَافِرَةً ، أَوْ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ ، أَوْ صَبِيَّةً ، أَوْ مَجْنُونَةً ( أَوْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا ) بِأَنْ كَانَتْ زَانِيَةً ( فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ ) كَمَا إذَا قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ ( وَلَا لِعَانَ ) لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْهُ .
( قَوْلُهُ : فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ ) يَعْنِي بِهِ الزَّانِيَةَ وَنَحْوَهَا كَالْأَمَةِ دُونَ الْمَحْدُودَةِ فِي قَذْفٍ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَفِيفَةً وَقَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ حُدَّ .
( قَوْلُهُ : وَحَاصِلُهُ
إلَخْ ) يُتَأَمَّلُ فِي عُدُولِهِ عَنْ مَعْنَى مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ مِنْ حَذْفِ بَعْضِ الْمُؤَكِّدَاتِ إلَى مَا تَرَى فَلَيْسَ صَوَابًا ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا : فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْخِطَابُ هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ أَقْطَعُ لِلِاحْتِمَالِ ، وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ ضَمِيرَ الْغَائِبِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِشَارَةُ يَنْقَطِعُ الِاحْتِمَالُ أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ

( وَصُورَتُهُ ) أَيْ صُورَةُ اللِّعَانِ ( مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ ) يَعْنِي الْقُرْآنَ وَحَاصِلُهُ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ أَوَّلًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي صَادِقٌ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا ، وَفِي الْخَامِسَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا مُشِيرًا إلَيْهَا فِي كُلِّهِ ، ثُمَّ تَقُولَ هِيَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ كَاذِبٌ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا ، وَفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّهُنَّ يَسْتَعْمِلْنَ اللَّعْنَ فِي كَلَامِهِنَّ كَثِيرًا كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ : إنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَسَقَطَتْ حُرْمَةُ اللَّعْنِ فِي أَعْيُنِهِنَّ فَعَسَاهُنَّ يَخْتَرْنَ اللَّعْنَ بِخِلَافِ الْغَضَبِ ( فَإِنْ الْتَعَنَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ) وَلَا تَبِينُ قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ وَرِثَهُ الْآخَرُ وَلَوْ زَالَتْ أَهْلِيَّةُ اللِّعَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ ، أَوْ قَذَفَ إنْسَانًا فَحُدَّ لَهُ ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا ( وَنُفِيَ نَسَبُ الْوَلَدِ إنْ قَذَفَهَا بِهِ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ ) وَبَانَتْ بِطَلْقَةٍ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ حَالَ جَرَيَانِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ عَلِقَتْ أَمَةٌ ، أَوْ كَافِرَةٌ ، ثُمَّ أُعْتِقَتْ ، أَوْ أَسْلَمَتْ لَا يَنْفِي وَلَا يُلَاعِنُ لِأَنَّ نَسَبَهُ كَانَ ثَابِتًا عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهُ ( فَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ حُدَّ ) لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ( فَلَهُ ) أَيْ بَعْدَمَا حُدَّ جَازَ لَهُ ( أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ) وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا } أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ مَا دَامَا مُتَلَاعِنَيْنِ كَمَا يُقَالُ : الْمُصَلِّي لَا يَتَكَلَّمُ أَيْ مَا دَامَ مُصَلِّيًا ( كَذَا إنْ قَذَفَ غَيْرَهَا بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ التَّلَاعُنِ ( فَحُدَّتْ ، أَوْ زَنَتْ ) فَإِنَّهُ إذًا بِحَدِّ الْقَذْفِ لَمْ

يَبْقَ أَهْلًا لِلِّعَانِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ بَعْدَ الزِّنَا لَمْ تَبْقَ أَهْلًا لَهُ فَجَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ ، أَوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ كَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ زِنَاهَا يُسْقِطُ إحْصَانَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْحَدِّ بِخِلَافِ الْقَذْفِ ؛ إذْ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْإِحْصَانُ حَتَّى تُحَدَّ رُوِيَ عَنْ الْفَقِيهِ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ كَانَ : يَقُولُ زَنَّتْ بِتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ نَسَبَتْ غَيْرَهَا إلَى الزِّنَا وَهُوَ الْقَذْفُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذِكْرُ الْحَدِّ فِيهِ شَرْطًا كَمَا ذُكِرَ وَلَا يَبْقَى الْإِشْكَالُ .

( قَوْلُهُ : فَإِنْ الْتَعَنَا فَرَّقَ الْقَاضِي ) يَعْنِي وُجُوبًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْدَ وُجُودِ أَكْثَرِ اللِّعَانِ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّقْ حَتَّى مَاتَ ، أَوْ عُزِلَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يُعِيدُهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا عِنْدَهُ كَذَلِكَ كَذَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا تَبِينُ قَبْلَهُ ) لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ) يَعْنِي الْخَرَسَ وَالْوَطْءَ الْحَرَامَ لَا مَا إذَا جُنَّ أَحَدُهُمَا .
( قَوْلُهُ : وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ حَالَ جَرَيَانِ اللِّعَانِ ) لَوْ قَالَ فِي حَالٍ يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِيهِ اللِّعَانُ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ ) أَيْ إذَا أَكْذَبَهَا بَعْدَ التَّلَاعُنِ ، وَإِنْ كَذَّبَ قَبْلَهُ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْإِكْذَابِ فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ : وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِكْذَابُ بِاعْتِرَافِهِ ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ ، أَوْ دَلَالَةٍ بِأَنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ عَنْ مَالٍ فَادَّعَى نَسَبَهُ ا هـ .
ثُمَّ قَوْلُهُ : فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَيْسَ تَكْرَارًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ ، أَوْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ فَيُحَدَّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا قَبْلَ اللِّعَانِ وَهَذَا فِيمَا بَعْدَهُ .
( قَوْلُهُ : فَلَهُ أَيْ بَعْدَمَا حُدَّ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ) الْحَدُّ لَيْسَ قَيْدًا لِحِلِّ تَزَوُّجِهِ بِهَا قَالَ فِي النَّهْرِ : وَكَذَا إذَا لَمْ يُحَدَّ أَوْ صَدَّقَتْهُ .
( قَوْلُهُ : فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذِكْرُ الْحَدِّ فِيهِ شَرْطًا ) هُوَ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظَةُ الْقَذْفِ بَعْدَ الْحَدِّ وَهُوَ سَهْوٌ .

( لَا لِعَانَ بِقَذْفِ الْأَخْرَسِ ) لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ وَقَذْفُهُ لَا يُعَرَّى عَنْ شُبْهَةٍ وَالْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِهَا .
( وَ ) لَا ( بِنَفْيِ الْحَمْلِ ) لِأَنَّ قِيَامَهُ عِنْدَ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ انْتِفَاخًا ( وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ ) وَقَالَا : يَجِبُ بِنَفْيِهِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّهَا ( وَتَلَاعَنَا بِزَنَيْتِ وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْهُ ) لِوُجُودِ الْقَذْفِ مِنْهُ صَرِيحًا بِقَوْلِهِ زَنَيْتِ ( وَلَا يَنْفِي الْقَاضِي الْحَمْلَ ) أَيْ نَسَبُ الْحَمْلِ مِنْ الْقَاذِفِ ؛ لِأَنَّ تَلَاعُنَهُمَا كَانَ بِسَبَبِ قَوْلِهِ زَنَيْتِ لَا بِنَفْيِ الْحَمْلِ ( نَفْيُ الْوَلَدِ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ ) وَمُدَّتُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( أَوْ شِرَاءُ آلَةِ الْوِلَادَةِ صَحَّ وَبَعْدَهُ لَا ) لِأَنَّ قَبُولَهُ التَّهْنِئَةَ ، أَوْ سُكُوتَهُ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ أَوْ شِرَاءَ آلَةِ الْوِلَادَةِ ، أَوْ سُكُوتَهُ عَنْ النَّفْيِ عِنْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ إقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ السُّكُوتُ عَنْ نَفْيِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ وُجِدَ الْإِقْرَارُ صَرِيحًا ( وَلَاعَنَ فِيهِمَا ) أَيْ فِيمَا إذَا صَحَّ نَفْيُهُ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَصِحَّ لِوُجُودِ الْقَذْفِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ ( نَفَى أَوَّلَ التَّوْأَمَيْنِ ) وَهُمَا اللَّذَانِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ( وَأَقَرَّ بِالثَّانِي حُدَّ ) لِأَنَّهُ كَذَّبَ نَفْسَهُ بِدَعْوَى الثَّانِي ( وَإِنْ عَكَسَ ) بِأَنْ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ ( لَاعَنَ ) لِأَنَّهُ قَاذِفٌ بِنَفْيِ الثَّانِي وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وَالْإِقْرَارُ بِالْعِفَّةِ سَابِقٌ عَلَى الْقَذْفِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِعِفَّتِهَا ، ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا ( وَصَحَّ نَسَبُهُمَا ) أَيْ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَبِثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا يَلْزَمُ ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ .

( قَوْلُهُ : لَا لِعَانَ بِقَذْفِ الْأَخْرَسِ ) كَذَا لَا حَدَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا يَنْفِي الْحَمْلَ لِأَنَّ قِيَامَهُ عِنْدَ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ ) الضَّمِيرُ فِي قِيَامِهِ لِلْحَمْلِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : لِأَنَّ قِيَامَ الْحَمْلِ عِنْدَ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ : لِأَنَّ قِيَامَ الْحَمْلِ عِنْدَ الْقَذْفِ
إلَخْ كَمَا فَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : نَفْيُ الْوَلَدِ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ ) فِيهِ إشْعَارٌ بِكَوْنِ الْوَلَدِ حَيًّا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَمَتَى بَلَغَهُ الْخَبَرُ يَكُونُ كَوَقْتِ الْوِلَادَةِ فَتُجْعَلُ كَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ الْآنَ فَلَهُ النَّفْيُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ مَا يَقْبَلُ فِيهِ التَّهْنِئَةَ وَعِنْدَهُمَا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ النِّفَاسِ بَعْدَ الْقُدُومِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَعِنْدَهُمَا إنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ فَكَذَلِكَ أَيْ هُوَ كَوَقْتِ الْوِلَادَةِ ، وَإِنْ بَلَغَهُ بَعْدَهَا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ إلَى سَنَتَيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَمُدَّتُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُقَدَّرْ زَمَنُهَا بِشَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ الْإِمَامِ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بِسَبْعَةٍ وَضَعَّفَهُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ سُكُوتَهُ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ وَلَدَ الْمَمْلُوكَةِ إذَا هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ قَبُولًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
( قَوْلُهُ : وَأَقَرَّ بِالثَّانِي حُدَّ ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْفَتْحِ عَلَى هَذَا لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَنَفَى الثَّانِيَ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُمَا ابْنَايَ ، أَوْ لَيْسَا بِابْنَيَّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ .
ا هـ .

( اجْتَمَعَ شَرَائِطُ اللِّعَانِ فِيهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ ( ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ، أَوْ ثَلَاثًا سَقَطَ ) أَيْ اللِّعَانُ ( وَلَمْ يَجِبْ الْحَدُّ ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ شَرْطَهُ قِيَامُ الزَّوْجِيَّةِ فَإِذَا انْتَفَتْ انْتَفَى ( كَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ) لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ ( وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا لَا يَسْقُطُ ) لِمَا عَرَفْت مِنْ بَقَاءِ أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ

( بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ ) كَالْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ ( هُوَ ) أَيْ الْعِنِّينُ ( مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ ) مُطْلَقًا ( أَوْ يَصِلُ إلَى الثَّيِّبِ لَا الْأَبْكَارِ ، أَوْ لَا يَصِلُ إلَى ) امْرَأَةٍ ( وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا ) مِنْ عُنَّ إذَا حُبِسَ فِي الْعُنَّةِ وَهِيَ حَظِيرَةُ الْإِبِلِ .
( وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا ) وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ ( فُرِّقَ ) بَيْنَهُمَا ( فِي الْحَالِ إنْ طَلَبَتْ ) التَّفْرِيقَ لِأَنَّهُ حَقُّهَا وَلَا فَائِدَةَ فِي التَّأْجِيلِ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ جُبَّ بَعْدَمَا وَصَلَ إلَيْهَا لَا خِيَارَ لَهَا كَمَا إذَا صَارَ عِنِّينًا بَعْدَهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَرِيضًا ، أَوْ صَغِيرًا لِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ حَيْثُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ أَوْ بُرْؤُهُ لِاحْتِمَالِ الزَّوَالِ كَمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً وَهُوَ مَجْبُوبٌ ، أَوْ عِنِّينٌ حَيْثُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَرْضَى بِهِ ( أَوْ ) وَجَدَتْ زَوْجَهَا ( عِنِّينًا ، أَوْ خَصِيًّا ) هُوَ مَقْطُوعُ الْخُصْيَتَيْنِ فَقَطْ ( فَإِنْ أَقَرَّ ) أَيْ بَعْدَ مَا وَجَدَتْهُ عِنِّينًا ، أَوْ خَصِيًّا إنْ أَقَرَّ ( أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أُجِّلَ ) أَيْ الزَّوْجُ يَعْنِي أَجَّلَهُ الْقَاضِي بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ( سَنَةً قَمَرِيَّةً ) فِي الصَّحِيحِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا وَمُدَّتُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَثُلُثُ يَوْمٍ وَثُلُثُ عُشْرِ يَوْمٍ ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ سَنَةً شَمْسِيَّةً وَهِيَ مُدَّةُ وُصُولِ الشَّمْسِ إلَى النُّقْطَةِ الَّتِي فَارَقَتْهَا مِنْ ذَلِكَ الْبُرْجِ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَرُبُعِ يَوْمٍ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزُولُ غَالِبًا فِيهَا لِأَنَّهُ يَكُونُ لِغَلَبَةِ الْبُرُودَةِ ، أَوْ الْحَرَارَةِ ، أَوْ الْيُبُوسَةِ أَوْ الرُّطُوبَةِ ، وَفُصُولُ السَّنَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا فَالرَّبِيعُ حَارٌّ رَطْبٌ وَالصَّيْفُ حَارٌّ يَابِسٌ وَالْخَرِيفُ بَارِدٌ يَابِسٌ وَالشِّتَاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ

فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَزُلْ الْمَرَضُ ظَهَرَ أَنَّهُ خِلْقِيٌّ ( سِوَى مُدَّةِ مَرَضِهِ وَمَرَضِهَا ) بِخِلَافِ رَمَضَانَ وَأَيَّامِ حَيْضِهَا فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي السَّنَةِ ( إنْ لَمْ تَكُنْ رَتْقَاءَ ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أُجِّلَ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ رَتْقَاءَ لَمْ يُفِدْ التَّأْجِيلُ كَمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا ( فَإِنْ وَطِئَ ) فَبِهَا وَنِعْمَتْ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ ( بَانَتْ بِالتَّفْرِيقِ ) أَيْ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَكَانَ تَفْرِيقُهُ طَلَاقًا بَائِنًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ - وَهُوَ دَفْعُ الظُّلْمِ عَنْهَا - لَا يَحْصُلُ بِالرَّجْعِيِّ ( إنْ طَلَبَتْ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حَقُّهَا ( وَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ إنْ خَلَا بِهَا ) لِأَنَّ خَلْوَةَ الْعِنِّينِ صَحِيحَةٌ ( وَتَجِبُ الْعِدَّةُ ) لِلِاحْتِيَاطِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَقَرَّ أَيْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَدَمَ الْوُصُولِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ( وَكَانَتْ ثَيِّبًا ، أَوْ بِكْرًا فَنَظَرَتْ النِّسَاءُ فَقُلْنَ ثَيِّبٌ حَلَفَ ) أَيْ الزَّوْجُ لِأَنَّ الثِّيَابَةَ ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِنَّ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الثِّيَابَةِ الْوُصُولُ إلَيْهَا لِاحْتِمَالِ زَوَالِهَا بِشَيْءٍ آخَرَ فَيَحْلِفُ بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ فَإِنَّ ثُبُوتَهَا يَنْفِي الْوُصُولَ إلَيْهَا ضَرُورَةً فَتُخَيَّرُ بِقَوْلِهِنَّ ( فَإِنْ حَلَفَ ) الزَّوْجُ ( بَطَلَ حَقُّهَا ) فَتَكُونُ امْرَأَتُهُ ( كَمَا لَوْ اخْتَارَتْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ ، أَوْ بَعْدَهُ ) فَإِنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا بَطَلَ حَقُّهَا فِي طَلَبِ التَّفْرِيقِ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا أَحَدُهُمَا ( وَإِنْ نَكَلَ ) الزَّوْجُ ( أَوْ قُلْنَ : إنَّهَا بِكْرٌ أُجِّلَ ) الزَّوْجُ سَنَةً ( فَإِنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ سَنَةً إنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَدَمَ الْوُصُولِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ( فَالْحُكْمُ كَالْأَوَّلِ ) أَيْ إنْ صَدَّقَهَا خُيِّرَتْ ، وَإِنْ أَنْكَرَ نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ : بِكْرٌ خُيِّرَتْ ، وَإِنْ قُلْنَ : ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ

امْرَأَتُهُ ( لَكِنَّهَا خُيِّرَتْ هَهُنَا حَيْثُ أُجِّلَ الزَّوْجُ ثَمَّةَ ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّأْجِيلِ ثَمَّةَ حُصُولُ الْعِلْمِ بِالْعُنَّةِ لِتَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ وَقَدْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِهَا هَهُنَا فَخُيِّرَتْ ، ثُمَّ إذَا قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا ، أَوْ أَقَامَهَا أَعْوَانُ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ شَيْئًا بَطَلَ خِيَارُهَا لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَخْيِيرِ الزَّوْجِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ بَلْ يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ ، وَإِذَا اخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ أَمَرَ الْقَاضِي الزَّوْجَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً بَائِنَةً فَإِنْ أَبَى فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقِيلَ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ لِرِضَاهَا بِحَالِهِ ، وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى وَهِيَ عَالِمَةٌ بِحَالِهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا لَا خِيَارَ لَهَا لِعِلْمِهَا بِالْعَيْبِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ وَطْءِ امْرَأَةٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ غَيْرِهَا وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ ( وَلَا يَتَخَيَّرُ أَحَدُهُمَا بِعَيْبِ الْآخَرِ ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي الْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ ، وَهِيَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْقَرْنُ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ سُلُوكَ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ وَهُوَ إمَّا غُدَّةٌ غَلِيظَةٌ ، أَوْ لَحْمَةٌ مُرْتَقِيَةٌ ، أَوْ عَظْمٌ وَالرَّتَقُ وَهُوَ التَّلَاحُمُ .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ ، أَوْ جُذَامٌ ، أَوْ بَرَصٌ فَالْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَرْأَةِ ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ الزَّوْجَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِالطَّلَاقِ .
( ظَهَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ عِنِّينًا فَالْخِيَارُ لِلْمَوْلَى ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ كَمَا فِي الْعَزْلِ .

( بَابُ الْعِنِّينِ وَغَيْرِهِ ) ( قَوْلُهُ : هُوَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ مُطْلَقًا ) أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِ الثَّيِّبِ وَلَا جِمَاعِ الْبِكْرِ فِي الْقُبُلِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ إذْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ عِنِّينًا كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ .
( قَوْلُهُ : وَجَدَتْ زَوْجَهَا ) الْمُرَادُ بِهَا مَنْ لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً بِحَالِهِ وَلَا رَتْقَاءَ وَلَا أَمَةً كَمَا سَيَذْكُرُهُ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَمْ يَذْكُرُوا مَقْطُوعَ الذَّكَرِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى هَذَا الْحُكْمَ أَيْضًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ إنْ طَلَبَتْ ) أَيْ فُرِّقَ فِي حَالِ طَلَبِهَا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَلَى فَوْرِ عِلْمِهَا بِهِ حَتَّى لَوْ أَقَامَتْ مَعَهُ زَمَانًا وَهُوَ يُضَاجِعُهَا كَانَتْ عَلَى خِيَارِهَا مَا لَمْ تَعْلَمْ بِحَالِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ ، أَوْ عَلِمَتْ بِهِ وَلَمْ تَرْضَ كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : يَعْنِي أَجَّلَهُ الْقَاضِي ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِتَأْجِيلِ غَيْرِهِ وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِعَدَمِ تَأْجِيلِهِ لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : قَمَرِيَّةً فِي الصَّحِيحِ ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَرَجَّحَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَهِيَ بِالْأَهِلَّةِ ، وَالشَّمْسِيَّةُ بِالْأَيَّامِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَالتَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
إلَخْ ) اخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَزَادَ الْكَمَالُ فِي الْفَتْحِ وَقَاضِي خَانْ وَظَهِيرُ الدِّينِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى : لَا خِلَافَ فِي الِاعْتِبَارِ بِالْأُمِّ إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ خَلْوَةً بِهِ ، وَلَوْ لَمْ تَقْبِضْ مَهْرَهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَرَضَهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
وَفِي

الْمُلْتَقَطَاتِ : عَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَفِي الْمُحِيطِ : هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ .
وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ هُوَ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ مَرِضَ فِي السَّنَةِ يُؤَجَّلُ مِقْدَارَ مَرَضِهِ قِيلَ : وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ رَتْقَاءَ لَمْ يُفِدْ التَّأْجِيلُ ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُفْسَخُ لِلْحَالِ لِقَوْلِهِ كَمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا بَلْ إنَّهُ لَا خِيَارَ لِلرَّتْقَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : أَيْ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي ) يَعْنِي إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ تَطْلِيقِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ فِي الْمَوَاهِبِ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا ، وَإِلَّا فَالتَّفْرِيقُ لِلْحَاكِمِ بِطَلَبِهَا لَوْ حُرَّةً ، أَوْ لَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَبِهَا قَالَا .
( قَوْلُهُ : أَوْ قُلْنَ : إنَّهَا بِكْرٌ ) الْجَمْعُ فِي الْمُخْبِرَاتِ لِبَيَانِ الْأَوْلَى وَيُكْتَفَى بِقَوْلِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَقَوْلُ امْرَأَتَيْنِ أَحْوَطُ ، .
وَفِي الْبَدَائِعِ أَوْثَقُ ، وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ أَفْضَلُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ .
( قَوْلُهُ : ثُمَّ إذَا قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا
إلَخْ ) هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْوَاقِعَاتِ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ : هَذَا التَّخْيِيرُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَقْتَصِرُ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ ) وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُنَّتِهِ اخْتَلَفَ الرِّوَايَاتُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهَا الْمُخَاصَمَةَ .
( قَوْلُهُ : وَالْقَرْنُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا ، وَالرَّتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ كَذَا فِي النَّهْرِ .

( بَابُ الْعِدَّةِ ) ( هِيَ ) لُغَةً الْإِحْصَاءُ يُقَالُ عَدَدْت الشَّيْءَ أَيْ أَحْصَيْته وَشَرْعًا ( تَرَبُّصٌ ) أَيْ انْتِظَارٌ وَتَوَقُّفٌ ( يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ مُدَّةً مَعْلُومَةً ) سَيَأْتِي بَيَانُهَا ( بِزَوَالِ ) مُتَعَلِّقٌ بِيَلْزَمُ ( مِلْكِ نِكَاحٍ مُتَأَكِّدٍ ) صِفَةُ " مِلْكِ " ( بِالْمَوْتِ ، أَوْ الدُّخُولِ وَلَوْ حُكْمًا ) أَرَادَ بِهِ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ ( أَوْ ) زَوَالِ ( فِرَاشٍ مُعْتَبَرٍ ) احْتِرَازٌ عَنْ فِرَاشِ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ ؛ إذْ لَا عِدَّةَ لَهَا بِخِلَافِ أُمِّ وَلَدٍ مَاتَ مَوْلَاهَا ، أَوْ أَعْتَقَهَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ ، وَالْقَوْمُ لَمْ يَذْكُرُوهُ ( وَبِوَطْءٍ ) عَطْفٌ عَلَى " بِزَوَالِ " ( بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ ) سَيَأْتِي بَيَانُهُ ( فَلَا عِدَّةَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ مِلْكِ النِّكَاحِ ( وَمِنْ حُكْمِهَا مَنْعُ جَوَازِ تَزَوُّجِ غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ زَوْجِهَا .
( وَ ) مَنْعُ جَوَازِ ( نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا ) لِمَا مَرَّ مِنْ بَقَاءِ أَصْلِ النِّكَاحِ ( وَصِحَّةُ الطَّلَاقِ فِيهَا ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى " مَنْعُ جَوَازِ " وَوَجْهُهُ مَا مَرَّ أَيْضًا .

( بَابُ الْعِدَّةِ ) .
( قَوْلُهُ : هِيَ تَرَبُّصٌ يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ ) غَيْرُ شَامِلٍ لِعِدَّةِ الصَّغِيرَةِ ، إذْ لَا يَلْزَمُهَا التَّرَبُّصُ ، وَإِنْ كَانَ الْوُجُوبُ عَلَى وَلِيِّهَا بِأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَلَوْ عَرَّفَهَا بِمَا عَرَّفَهَا فِي الْبَدَائِعِ بِالْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِانْقِضَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ لَشَمِلَ كَذَا فِي النَّهْرِ .
( قُلْتُ ) : لَكِنْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِالْوُجُوبِ عَلَى الصَّغِيرَةِ فِي مَقَامِ الِاسْتِشْهَادِ بِهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَوْ طَلَّقَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً لَمْ تَعْتَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مُعْتَقَدِهِمْ وَقَالَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا حَقُّ الشَّرْعِ وَلِهَذَا تَجِبُ عَلَى الصَّغِيرَةِ ا هـ .
وَتَرَبُّصُ الرَّجُلِ اللَّازِمُ عَلَيْهِ بِمَنْعِهِ مِنْ التَّزَوُّجِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا ذَكَرَهَا الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي خِزَانَتِهِ وَنَقَلَهَا عَنْهُ فِي الْبَحْرِ لَا يُسَمَّى عِدَّةً اصْطِلَاحًا ، وَإِنْ وُجِدَ مَعْنَى الْعِدَّةِ فِيهِ وَجَازَ إطْلَاقُ الْعِدَّةِ عَلَيْهِ شَرْعًا .
ا هـ
( قَوْلُهُ : أَرَادَ بِهِ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ ) فِي اقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ لِشَرْحِ مَتْنِهِ قُصُورٌ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَنْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِنَّ نِكَاحَهَا مُتَأَكِّدٌ حُكْمًا .
( قَوْلُهُ : وَمِنْ حُكْمِهَا مَنْعُ جَوَازِ تَزَوُّجِ غَيْرِهِ ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ قُلْتُ : حُرْمَةُ نِكَاحِ غَيْرِهِ عَلَيْهَا مِنْ رُكْنِهَا فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ حُكْمِهَا .
؟ ا هـ فَلْيُتَأَمَّلْ .

( وَهِيَ ) أَيْ الْعِدَّةُ ( فِي ) حَقِّ ( حُرَّةٍ تَحِيضُ لِلطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ ) كَالْفَسْخِ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَتَقْبِيلِهَا ابْنَ الزَّوْجِ بِشَهْوَةٍ وَارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا ( ثَلَاثُ حِيَضٍ كَوَامِلَ ) حَتَّى إذَا طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ وَجَبَ تَكْمِيلُ تِلْكَ الْحَيْضَةِ بِبَعْضِ الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَتَجَزَّأْ اُعْتُبِرَ تَمَامُهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } وَالْفَسْخُ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ لِلتَّعَرُّفِ عَنْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فِي الْفُرْقَةِ الطَّارِئَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِيهِمَا ( كَذَا أُمُّ وَلَدٍ مَاتَ مَوْلَاهَا أَوْ أَعْتَقَهَا ) فَإِنَّ عِدَّتَهَا أَيْضًا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ ثَلَاثُ حِيَضٍ كَوَامِلَ .
( وَ ) كَذَا ( مَوْطُوءَةٌ بِشُبْهَةٍ ) كَمَا إذَا زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَوَطِئَهَا ( أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ ) كَالنِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ ( فِي الْمَوْتِ وَالْفُرْقَةِ ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ فِيهِمَا أَيْضًا ثَلَاثُ حِيَضٍ ، سَوَاءٌ مَاتَ الزَّوْجُ ، أَوْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ ( وَفِيمَنْ ) عَطْفٌ عَلَى فِي حُرَّةٍ أَيْ الْعِدَّةُ فِي حَقِّ حُرَّةٍ ( لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ ، أَوْ كِبَرٍ أَوْ بَلَغَتْ بِسِنٍّ وَلَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ } الْآيَةَ ( إنْ وُطِئَتْ ) لِمَا مَرَّ أَنْ لَا عِدَّةَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَلِلْمَوْتِ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ ( أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٌ ) أَيْ عَشَرَةُ أَيَّامٍ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءً وُطِئَتْ ، أَوْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } الْآيَةَ .
( وَفِي ) حَقِّ ( أَمَةٍ تَحِيضُ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي حُرَّةٍ تَحِيضُ يَعْنِي أَنَّ عِدَّةَ أَمَةٍ تَحِيضُ لِلطَّلَاقِ

وَالْفَسْخِ ( حَيْضَتَانِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ } وَلِأَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ وَالْحَيْضَةُ لَا تَتَجَزَّأُ فَكَمَلَتْ فَصَارَتْ حَيْضَتَيْنِ ( وَفِي ) حَقِّ ( أَمَةٍ لَمْ تَحِضْ ، أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا نِصْفُ مَا لِلْحُرَّةِ ) أَيْ عِدَّتُهَا لِلطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ شَهْرٌ وَنِصْفُ شَهْرٍ وَلِلْمَوْتِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ .
( وَفِي ) حَقِّ ( الْحَامِلِ الْحُرَّةِ ، أَوْ الْأَمَةِ ، وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا صَبِيٌّ ) أَيْ ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الْمَيِّتُ صَبِيًّا ( وَضْعُ حَمْلِهَا ) لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } .

( قَوْلُهُ : وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ فِيمَا إذَا مَلَكَتْهُ لَا فِيمَا إذَا مَلَكَهَا ا هـ .
وَقَالَ فِي إصْلَاحِ الْإِيضَاحِ : هَذَا - أَيْ مِلْكُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ - وَتَقْبِيلُهَا ابْنَ الزَّوْجِ رَفْعٌ وَلَيْسَ بِفَسْخٍ .
( قَوْلُهُ : حَتَّى إذَا طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ وَجَبَ تَكْمِيلُ تِلْكَ الْحَيْضَةِ بِبَعْضِ الرَّابِعَةِ لَكِنَّهَا
إلَخْ ) الضَّمِيرُ فِي " لَكِنَّهَا " رَاجِعٌ لِلْحَيْضَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا لِلرَّابِعَةِ .
( قَوْلُهُ : كَذَا أُمُّ وَلَدٍ
إلَخْ ) يَعْنِي بِهَا مَنْ لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً وَلَا مُعْتَدَّةً مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَلَا بِالْعِتْقِ لِعَدَمِ ظُهُورِ فِرَاشِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ ا هـ
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُدَبَّرَةَ ، أَوْ الْأَمَةَ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا ، أَوْ أَعْتَقَهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ا هـ ، .
وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ يَطَؤُهَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ وُطِئَتْ ، أَوْ لَا مُسْلِمَةً كَانَتْ ، أَوْ كِتَابِيَّةً صَغِيرَةً ، أَوْ كَبِيرَةً حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا ، أَوْ عَبْدًا .
( قَوْلُهُ : وَفِي حَقِّ أَمَةٍ تَحِيضُ ) الْمُرَادُ الَّتِي بِهَا رِقٌّ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَمُعْتَقَةِ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِوُجُودِ الرِّقِّ فِي الْكُلِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَضْعُ حَمْلِهَا ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْهَارُونِيَّاتِ : لَوْ خَرَجَ أَكْثَرُ الْوَلَدِ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَقَالَ مَشَايِخُنَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ أَيْضًا احْتِيَاطًا ، وَفِي قَاضِي خَانْ : فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا أَكْثَرُ الْوَلَدِ قَالُوا : إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا يَنْقَطِعُ حَقُّ الرَّجْعَةِ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ احْتِيَاطًا ا هـ .
وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَدَتْ بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَوْ طَلَبَ يَمِينَهَا بِاَللَّهِ لَقَدْ أَسْقَطْتُ سِقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ حُلِّفَتْ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .

( وَفِيمَنْ حَبِلَتْ بَعْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ عِدَّةُ الْمَوْتِ ) لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَقْتَ مَوْتِ الصَّبِيِّ تَعَيَّنَ عِدَّةُ الْمَوْتِ ( وَلَا نَسَبَ فِيهِمَا ) أَيْ فِيمَا حَبِلَتْ قَبْلَ مَوْتِ الصَّبِيِّ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَاءَ لَهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْعُلُوقُ وَالنِّكَاحُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي مَوْضِعِ التَّصَوُّرِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا نَسَبَ فِيهِمَا
إلَخْ ) الْمُرَادُ بِالصَّبِيِّ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَاهِقًا وَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ مِنْهُ كَمَا فِي النَّهْرِ وَيُعْلَمُ وَقْتُ الْحَمْلِ بِالْوَضْعِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ قَبْلَ الْمَوْتِ ، وَإِلَّا فَبَعْدَهُ .

( وَفِي ) حَقِّ ( امْرَأَةِ الْفَارِّ لِلْبَائِنٍ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ ) مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَهِيَ ثَلَاثُ حِيَضٍ مَثَلًا وَلَمْ يَنْقَضِ عِدَّةُ الْمَوْتِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَتَرَبَّصَ انْقِضَاءَ عِدَّةِ الْمَوْتِ ، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمَوْتِ دُونَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ تَتَرَبَّصُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ ( وَلِلرَّجْعِيِّ مَا لِلْمَوْتِ ) لِأَنَّهَا لَمَّا وَرِثَتْ جُعِلَ النِّكَاحُ قَائِمًا حُكْمًا إلَى الْوَفَاةِ ؛ إذْ لَا إرْثَ لَهَا إلَّا بِهِ فَكَذَا فِي حَقِّ الْعِدَّةِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ الشَّكِّ دُونَ الْإِرْثِ فَصَارَتْ كَالْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا .

( قَوْلُهُ : وَلِلرَّجْعِيِّ مَا لِلْمَوْتِ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْبَائِنِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِامْرَأَةِ الْفَارِّ وَلَا يَصِحُّ هُنَا إطْلَاقُ الْفَارِّ عَلَى الْمُطَلِّقِ رَجْعِيًّا وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ صَحِيحًا حُكْمًا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ رَجْعِيًّا - وَزَوْجُهَا مَرِيضٌ - فَانْقَضَى لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَهُوَ حَيٌّ لَا تَرِثُهُ مَعَ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ حَيْضِهَا وَهَذَا خَطَأٌ بَاطِلٌ لِبَقَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ وَقَدْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا فَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ لَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهَا إذَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَهُوَ حَيٌّ وَلَمْ تَمْضِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ تَرِثُ مِنْهُ وَقَدْ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَهُوَ غَيْرُ فَارٍّ وَهَذَا خَطَأٌ أَيْضًا ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ عِدَّتِهَا بِالْحَيْضِ شَيْءٌ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ يَمُوتُ زَوْجُهَا الْفَارُّ فِي عِدَّتِهَا ، وَالْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا لَيْسَ زَوْجُهَا فَارًّا وَعِدَّتُهَا بِحَسَبِ حَالِهَا إنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَبِثَلَاثِ حِيَضٍ ، وَإِلَّا فَبِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ، وَلِلْحَامِلِ وَضْعُهُ ، وَقَدْ وَقَعَ الْإِيهَامُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ كَالْكَافِي وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْأَكْمَلِ فَاجْتَنِبْهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ : فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَيَّدْنَا طَلَاقَهَا بِالْبَيْنُونَةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ رَجْعِيًّا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ اتِّفَاقًا ا هـ .
وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ مُحَقِّقٌ بِمِثْلِ مَا قُلْنَا فَقَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا إذَا مَاتَ وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ بَاقِيَةٌ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَوْجَةٌ وَعَلَى الزَّوْجَةِ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُنْقَضِيَةً فَلَمْ تَكُنْ زَوْجَةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِمَوْتِهِ شَيْءٌ وَلَا تَرِثُ ا هـ فَاغْتَنِمْهُ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَمَّا وَرِثَتْ جُعِلَ النِّكَاحُ قَائِمًا حُكْمًا
إلَخْ ) لَيْسَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ وَلِلرَّجْعِيِّ مَا لِلْمَوْتِ بَلْ لِقَوْلِهِ

لِلْبَائِنِ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ وَهُوَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : تُعَدَّدُ يَعْنِي مَنْ أَبَانَهَا عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَذَكَرَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا لَمَّا وَرِثَتْ جُعِلَ النِّكَاحُ قَائِمًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَمَّا وَرِثَتْ جُعِلَ النِّكَاحُ قَائِمًا حُكْمًا إلَى الْمَوْتِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الرَّجْعِيِّ قَائِمٌ حَقِيقَةً إلَيْهِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَيُرْشِدُ إلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ : فَصَارَتْ كَالْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا حَيْثُ شَبَّهَ الْمُبَانَةَ بِهَا فَتَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ انْقِضَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ حَيْضِهَا فِيهَا ، وَإِلَّا فَلَا انْقِضَاءَ لِعِدَّتِهَا حَتَّى تَحِيضَ مَا بَقِيَ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّةِ الْوَفَاةِ .

( وَفِيمَنْ ) أَيْ الْعِدَّةُ فِي حَقِّ أَمَةٍ ( أُعْتِقَتْ فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ كَعِدَّةِ حُرَّةٍ ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ فِي الرَّجْعِيِّ فَوَجَبَ انْتِقَالُ عِدَّتِهَا إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ .
( وَ ) الْعِدَّةُ فِي حَقِّ أَمَةٍ أُعْتِقَتْ ( فِي عِدَّةِ بَائِنٌ ، أَوْ مَوْتٍ كَأَمَةٍ ) أَيْ كَعِدَّةِ أَمَةٍ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْمِلْكِ النَّاقِصِ لَا يُوجِبُ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ فَلَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا .
( آيِسَةٌ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ عِدَّةِ الْأَشْهُرِ تَسْتَأْنِفُ بِالْحَيْضِ ) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ آيِسَةً فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ عَلَى عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ انْتَقَضَ مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ لِأَنَّ عَوْدَهَا يُبْطِلُ الْإِيَاسَ هُوَ الصَّحِيحُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلَفًا ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخَلَفِيَّةِ تَحَقُّقُ الْإِيَاسِ وَذَلِكَ بِاسْتِدَامَةِ الْعَجْزِ إلَى الْمَمَاتِ كَالْفِدْيَةِ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْفَانِي فَعُلِمَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَبْلَ انْقِضَائِهَا بِهَا كَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ وَالصَّوَابُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا بِهَا ( كَمَا تَسْتَأْنِفُ بِالشُّهُورِ مَنْ حَاضَتْ حَيْضَةً ، ثُمَّ أَيِسَتْ ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَاضَتْ حَيْضَةً ، أَوْ حَيْضَتَيْنِ ، ثُمَّ أَيِسَتْ أَيْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَهِيَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ احْتِرَازًا عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ بَدَلٌ مِنْ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ فَلَوْ جَعَلَ الْحَيْضَةَ الَّتِي رَأَتْ قَبْلَ الْإِيَاسِ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْوَقْتِ لِيَكُونَ مَحْسُوبًا مِنْ الْعِدَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَقْتٌ لَزِمَ الْجَمْعُ الْمَمْنُوعُ وَالْعَجَبُ مِنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ بَعْدَمَا وَقَعَتْ كَمَا نَقَلْنَا كَيْفَ قَالَ أَقُولُ الِاسْتِئْنَافُ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ عِدَّتَهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَالْحَيْضَةُ الَّتِي رَأَتْ قَبْلَ الْإِيَاسِ

مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْوَقْتِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْسُوبًا مِنْ الْعِدَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَقْتٌ .
( مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ ( عَلَيْهَا عِدَّةٌ أُخْرَى ) لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ ( وَتَدَاخَلَتَا ) أَيْ الْعِدَّتَانِ ( فَمَا تَرَاهُ ) أَيْ إذَا تَدَاخَلَتَا يَكُونُ مَا تَرَاهُ مِنْ الْحَيْضِ بَعْدَ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ ( مِنْهُمَا ) أَيْ الْعِدَّتَيْنِ ( وَإِذَا تَمَّتْ ) الْعِدَّةُ ( الْأُولَى ) وَلَمْ تَكْمُلْ الثَّانِيَةُ ( انْقَضَى بَعْضُ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهَا إتْمَامُهَا ) إذَا وَجَبَتْ عَلَى الْمَرْأَةِ عِدَّتَانِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ رَجُلَيْنِ ، أَوْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي ، أَوْ طَلَّقَهَا بِأَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْعِدَّتَيْنِ تَدَاخَلَتَا ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَكَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَمَا سَيَأْتِي ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْمُطَلَّقَةِ إذَا تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَوَطِئَهَا الثَّانِي وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا تَدَاخَلَتَا عِنْدَنَا وَيَكُونُ مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنْ الْحَيْضِ مُحْتَسَبًا مِنْهُمَا جَمِيعًا ، وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى وَلَمْ تَكْمُلْ الثَّانِيَةُ فَعَلَيْهَا إتْمَامُ الْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ وَصُورَتُهُ أَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ بَعْدَمَا رَأَتْ حَيْضَةً يَجِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْوَطْءِ الثَّانِي ثَلَاثُ حِيَضٍ أَيْضًا ، فَالْحَيْضَةُ الْأُولَى مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى ، وَحَيْضَتَانِ بَعْدَهَا مِنْ الْعِدَّتَيْنِ فَتَتِمُّ الْعِدَّةُ الْأُولَى وَتَجِبُ حَيْضَةٌ رَابِعَةٌ لِتَتِمَّ الْعِدَّةُ الثَّانِيَةُ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ مَا رَأَتْ حَيْضَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا إلَّا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَهِيَ تَنُوبُ عَنْ سِتِّ حِيَضٍ .

( قَوْلُهُ : ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ عَلَى عَادَتِهَا ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ وَالْبَزَّازِيَّةِ : لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الدَّمُ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ فَلَوْ كَانَ أَصْفَرَ ، أَوْ أَخْضَرَ ، أَوْ تُرَابِيَّةً لَا يَكُونُ حَيْضًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ عَوْدَهَا يُبْطِلُ الْإِيَاسَ هُوَ الصَّحِيحُ ) وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ بِالِانْتِقَاضِ مُطْلَقًا أَيْ فِيمَا مَضَى ، وَفِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَصَحَّحَ فِي النَّوَازِلِ عَدَمَ الِانْتِقَاضِ فِيمَا مَضَى فَلَا تَفِدُ الْأَنْكِحَةُ الْمُبَاشَرَةُ بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ قَضَى الْقَاضِي بِهَا ، أَوْ لَمْ يَقْضِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ فِيهَا مُصَحَّحَةً فَلْتُرَاجَعْ .
( قَوْلُهُ : فَعُلِمَ مِنْ التَّقْرِيرِ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَبْلَ انْقِضَائِهَا بِهَا كَأَنَّهُ سَهْوٌ ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّهَا إذَا رَأَتْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ الْحَيْضَ تَسْتَأْنِفُهَا كَمَا تَسْتَأْنِفُ بِالشُّهُورِ مَنْ حَاضَتْ حَيْضَةً ، ثُمَّ أَيِسَتْ غَايَتُهُ لُزُومُ السُّكُوتِ عَنْ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا رَأَتْهُ بَعْدَ تَمَامِ الِاعْتِدَادِ وَلَا يَضُرُّ .
( قَوْلُهُ : كَمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ شُبْهَةِ الْفِعْلِ ، وَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا بِالْوَطْءِ - وَلَوْ ادَّعَى ظَنَّ الْحِلِّ - ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ كَذَا فِي النَّهْرِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ : كُلُّ مَنْ حَبِلَتْ فِي عِدَّتِهَا فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا إذَا حَبِلَتْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ فَعِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ا هـ .

( وَمُعْتَدَّةُ وَفَاةٍ وُطِئَتْ بِهَا ) أَيْ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ وَتَحْتَسِبُ بِمَا تَرَاهُ مِنْ الْحَيْضِ ( فِيهَا ) أَيْ فِي الشُّهُورِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ تَمَامُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ لِلْآخَرِ وَتَحْتَسِبُ بِمَا حَاضَتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَيْضًا تَحْقِيقًا لِلتَّدَاخُلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَهَذَا الشِّقُّ مِنْ الْعِدَّةِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ .

( وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ تَنْقَضِي ، وَإِنْ جَهِلَتْ الْمَرْأَةُ بِهِمَا ) أَيْ بِالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ حَتَّى إنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهَا وَبَلَغَهَا خَبَرُ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا - بَعْدَمَا رَأَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ - ، أَوْ مَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ كَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً ( وَابْتِدَاؤُهَا ) أَيْ ابْتِدَاءُ عِدَّتِهَا ( عَقِيبَهُمَا ) أَيْ عَقِيبَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ لَا عَقِيبَ عِلْمِهَا بِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَهَا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهُمَا يَتَّصِفَانِ بِهَا عَقِيبَهُمَا .
( وَ ) ابْتِدَاؤُهَا ( فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ عَقِيبَ تَفْرِيقِهِ ) أَيْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي ( أَوْ عَزْمِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ) بِأَنْ يَقُولَ تَرَكْتُكِ ، أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَكِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَابْتِدَاؤُهَا عَقِيبَهُمَا أَيْ عَقِيبَ الطَّلَاقِ ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ بَيَّنَ طَلَاقَهَا فَإِنَّ عِدَّتَهَا مِنْ وَقْتِ الْبَيَانِ لَا مِنْ وَقْتِ قَوْلِهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ تَسْتَكْمِلُ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ا هـ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ مُنْذُ سِنِينَ فَكَذَّبَتْهُ ، أَوْ قَالَتْ لَا : أَدْرِي تَعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ اعْتَدَّتْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ وَقِيلَ الْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ بِلَا نَفَقَةٍ كَذَا فِي الْمَوَاهِبِ .
( قَوْلُهُ : أَيْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي ) الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِنَايَةِ .
( قَوْلُهُ : بِأَنْ يَقُولَ : تَرَكْتُكِ
إلَخْ ) هَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِمَا فِي السِّرَاجِ أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَيَكْفِي تَفَرُّقُ الْأَبْدَانِ وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَهَا عَلَى قَصْدِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا .

( قَالَتْ : مَضَتْ عِدَّتِي وَكَذَّبَهَا ) الزَّوْجُ ( حَلَفَتْ ) فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِيمَا تُخْبِرُ وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ ( نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ مِنْ بَائِنٌ ) أَيْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ( وَطَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ وَجَبَ ) عَلَيْهِ ( مَهْرٌ تَامٌّ وَ ) عَلَيْهَا ( عِدَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ ) لِأَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ فِي يَدِهِ بالوطءة الْأُولَى وَبَقِيَ أَثَرُهُ وَهُوَ الْعِدَّةُ فَإِذَا جَدَّدَ النِّكَاحَ وَهِيَ مَقْبُوضَةٌ نَابَ ذَلِكَ الْقَبْضُ عَنْ الْقَبْضِ الْوَاجِبِ فِي هَذَا النِّكَاحِ كَالْغَاصِبِ يَشْتَرِي مَغْصُوبًا فِي يَدِهِ فَيَصِيرُ قَابِضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ طَلَاقًا بَعْدَ الدُّخُولِ .
( قَوْلُهُ : وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ ) هُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ مَشَى فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ وَأَحَالَ عَلَى كِتَابِ الدَّعْوَى ( قَوْلُهُ : فَيَكُونُ طَلَاقًا بَعْدَ الدُّخُولِ ) لَا يُقَالُ عَلَى هَذَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ ، لِأَنَّا نَقُولُ : تَكْمِيلُ الْمَهْرِ وَوُجُوبُ اسْتِئْنَافِ الْعِدَّةِ لِلِاحْتِيَاطِ ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي انْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ .

( لَا عِدَّةَ عَلَى مَسْبِيَّةٍ افْتَرَقَتْ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ ) لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَيْثُ وَجَبَتْ إنَّمَا وَجَبَتْ حَقًّا لِلْعَبْدِ وَالْحَرْبِيُّ مُلْحَقٌ بِالْجَمَادِ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى صَارَ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ فَلَا حُرْمَةَ لِفِرَاشِهِ ( إلَّا الْحَامِلَ ) لِأَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ ( وَلَا ) عَلَى ( ذِمِّيَّةٍ طَلَّقَهَا ذِمِّيٌّ إذَا اعْتَقَدُوا عَدَمَهَا ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الشَّرْعِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِحُقُوقِ الشَّرْعِ وَلَا لِحَقِّ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُعْتَقَدِهِ وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ ( وَلَا ) عَلَى ( حَرْبِيَّةٍ خَرَجَتْ إلَيْنَا مُسْلِمَةً ، أَوْ ذِمِّيَّةٍ أَوْ مُسْتَأْمَنَةٍ ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ ، أَوْ صَارَتْ ذِمِّيَّةً ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } مُطْلَقًا بِلَا قَيْدٍ وَلِمَا عَرَفْت أَنَّ الْحَرْبِيَّ مُلْحَقٌ بِالْجَمَادِ وَالْبَهَائِمِ فَلَا حُرْمَةَ لِفِرَاشِهِ ( إلَّا الْحَامِلَ ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا عَلَى ذِمِّيَّةٍ طَلَّقَهَا ذِمِّيٌّ ) كَذَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا عَلَى حَرْبِيَّةٍ خَرَجَتْ إلَيْنَا مُسْلِمَةً إلَى آخِرِ الْبَابِ ) تَقَدَّمَ فِي آخِرِ نِكَاحِ الْكَافِرِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ .

( فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ ) وَهُوَ تَرْكُ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ ، وَالْحَدُّ الْمَنْعُ ( تُحِدُّ مُعْتَدَّةُ الْبَائِنِ وَالْمَوْتِ ) إظْهَارًا لِلتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِصَوْنِهَا وَكِفَايَةِ مُؤْنَتِهَا وَلِهَذَا لَا تُحِدُّ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةَ لِأَنَّ نِعْمَةَ النِّكَاحِ لَمْ تَفُتْهَا لِبَقَاءِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا وَتَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الزَّوْجَاتِ حَالَ كَوْنِهَا ( كَبِيرَةً مُسْلِمَةً ) فَإِنَّ الصَّغِيرَةَ وَالْكَافِرَةَ غَيْرُ مُخَاطَبَتَيْنِ بِالْفُرُوعِ ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْكَبِيرَةُ الْمُسْلِمَةُ ( أَمَةً ) لِأَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ فَإِنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْمَوْلَى ، وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ ( بِتَرْكِ الزِّينَةِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تُحِدُّ .
( وَ ) تَرْكِ ( لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ ) أَيْ الْمَصْبُوغِ بِالزَّعْفَرَانِ ( وَالْمُعَصْفَرِ ) أَيْ الْمَصْبُوغِ بِالْعُصْفُرِ إذْ يَفُوحُ مِنْهُمَا رَائِحَةُ الطِّيبِ ( وَالْحِنَّاءِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْكُحْلِ إلَّا بِعُذْرٍ ) فَإِنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ ( لَا ) أَيْ لَا تُحِدُّ ( مُعْتَدَّةُ عِتْقٍ ) وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا ( وَ ) مُعْتَدَّةُ ( نِكَاحٍ فَاسِدٍ ) لِأَنَّ الْحِدَادَ لِإِظْهَارِ التَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَفُتْهُمَا ذَلِكَ .
( لَا تُخْطَبُ مُعْتَدَّةٌ إلَّا تَعْرِيضًا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ } إلَى أَنْ قَالَ { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالُوا التَّعْرِيضُ أَنْ يَقُولَ : إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ إنَّك لَجَمِيلَةٌ ، وَإِنَّك لَصَالِحَةٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ التَّزَوُّجِ بِهَا وَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ إنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ إنِّي أُرِيدُ أَنْ نَجْتَمِعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ ( وَلَا تَخْرُجُ مُعْتَدَّةُ الطَّلَاقِ ) رَجْعِيًّا كَانَ ، أَوْ بَائِنًا ( مِنْ بَيْتِهَا )

لَيْلًا وَلَا نَهَارًا .

( فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ ) ( قَوْلُهُ : تُحِدُّ ) يَعْنِي وُجُوبًا هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ وَمِنْ الثَّانِي يُقَالُ : أَحَدَّتْ تُحِدُّ إحْدَادًا فَهِيَ مُحِدٌّ كَذَا فِي الْفَتْحِ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيُرْوَى بِالْجِيمِ مِنْ جَدَدْت الشَّيْءَ قَطَعْته .
( قَوْلُهُ : إظْهَارًا لِلتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُحِدَّ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ كَالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ لِفَقْدِ الْعِدَّةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ الْكَمَالُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ : لَا يَحِلُّ الْإِحْدَادُ إنْ مَاتَ أَبُوهَا أَوْ ابْنُهَا ، أَوْ عَمُّهَا ، أَوْ أَخُوهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الزَّوْجِ خَاصَّةً قِيلَ أَرَادَ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ ا هـ .
وَالْحَدِيثُ نَصُّهُ قَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ } .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً ) كَذَا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَمُعْتَقَةُ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ
إلَخْ ) هَذَا إذَا لَمْ يُبَوِّئْهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُبَوَّأَةً لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا الْمَوْلَى وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ لَهَا الْخُرُوجَ لِعَدَمِ وُجُوبِ حَقِّ الشَّرْعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : بِتَرْكِ الزِّينَةِ ) يَخْرُجُ بِهِ الثَّوْبُ الْحَرِيرُ الْخَلَقُ الَّذِي لَا يَقَعُ بِهِ الزِّينَةُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَلُبْسِ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ ) قَالَ قَاضِي خَانْ : إلَّا إذَا كَانَ غَسِيلًا لَا يُنْقَضُ ا هـ ، وَإِلَّا إذَا لَمْ تَجِدْ غَيْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاهُ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِقَدْرِ مَا تَسْتَحْدِثُ ثَوْبًا غَيْرَهُ إمَّا بِبَيْعِهِ وَالِاسْتِحْدَاثِ

بِثَمَنِهِ ، أَوْ مِنْ مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَالطِّيبِ ) أَيْ لَا تَتَطَيَّبُ وَلَا تَحْضُرُ عَمَلَهُ وَلَا تَتَّجِرُ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ إلَّا فِيهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْمُرَادُ مِنْ مَنْعِهَا مِنْ التِّجَارَةِ فِيهِ إذَا تَعَاطَتْهَا بِنَفْسِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ : وَالدُّهْنِ ) بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ دَهَنَ اسْمُ مَعْنًى ، وَبِالضَّمِّ اسْمُ عَيْنٍ يَعْنِي تَتْرُكُ اسْتِعْمَالَ الدُّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ مُطَيَّبًا ، أَوْ بَحْتًا وَكَذَا تَتْرُكُ الِامْتِشَاطَ بِالْأَسْنَانِ الضَّيِّقَةِ لَا الْوَاسِعَةِ الْمُتَبَايِنَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا بِعُذْرٍ ) يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ .
( قَوْلُهُ : لَا تُخْطَبُ مُعْتَدَّةٌ إلَّا تَعْرِيضًا ) هَذَا إذَا كَانَتْ عَنْ وَفَاةٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ عَنْ طَلَاقٍ فَلَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ وَلَوْ كَانَ بَائِنًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا تَخْرُجُ مُعْتَدَّةُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا كَانَ أَوْ بَائِنًا ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ بَالِغَةً أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَتَخْرُجُ فِي الْبَائِنِ وَكَذَا تَخْرُجُ الْكِتَابِيَّةُ وَالْمَعْتُوهَةُ فِي الْبَائِنِ إلَّا أَنَّهُ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ الْخُرُوجِ صِيَانَةً لِمَائِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ ، وَمُعْتَدَّةُ الْفُرْقَةِ بِفَسْخٍ كَالْبَائِنِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ .

( وَتَخْرُجُ مُعْتَدَّةُ الْمَوْتِ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ وَتَبِيتُ فِيهِ ) أَيْ فِي بَيْتِهَا فَإِنَّ نَفَقَةَ مُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ عَلَيْهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ نَهَارًا لِلْكَسْبِ وَقَدْ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَهْجُمَ اللَّيْلُ وَالْمُطَلَّقَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِدَوْرِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا ( وَتَعْتَدَّانِ ) أَيْ مُعْتَدَّةُ الطَّلَاقِ وَمُعْتَدَّةُ الْمَوْتِ ( فِي بَيْتٍ وَجَبَتْ ) أَيْ الْعِدَّةُ ( فِيهِ ) أَيْ فِي بَيْتٍ يُضَافُ إلَيْهَا السُّكْنَى حَالَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } أَيْ بُيُوتِ السُّكْنَى ( إلَّا أَنْ يَظْهَرَ عُذْرٌ ) بِأَنْ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ دَارِ الْمَيِّتِ لَا يَكْفِيهَا وَأَخْرَجَهَا الْوَرَثَةُ مِنْ نَصِيبِهِمْ ، أَوْ خَافَتْ تَلَفَ مَالِهَا ، أَوْ الِانْهِدَامَ أَوْ لَمْ تَجِدْ كِرَاءَ الْبَيْتِ ( لَا بُدَّ مِنْ سُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا فِي ) الطَّلَاقِ ( الْبَائِنِ ) حَتَّى لَا تَقَعَ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَبَعْدَهَا لَا بَأْسَ فِي أَنْ يَكُونَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالْحُرْمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهَا لَا يُبَاشِرُ الْحَرَامَ ( وَإِنْ ضَاقَ الْمَنْزِلُ عَلَيْهِمَا ، أَوْ كَانَ ) الزَّوْجُ ( فَاسِقًا فَالْأَوْلَى خُرُوجُهُ ) ، وَإِنْ جَازَ خُرُوجُهَا ( وَنُدِبَ أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَهُمَا ) امْرَأَةٌ ثِقَةٌ ( قَادِرَةٌ عَلَى الْحَيْلُولَةِ ) احْتِيَاطًا .
( بَانَتْ ، أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فِي سَفَرٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ رَجَعَتْ ) إلَى مِصْرِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْتِدَاءِ الْخُرُوجِ بَلْ هُوَ بِنَاءٌ ( وَلَوْ ) بَيْنَهُمَا ( ثَلَاثَةٌ خُيِّرَتْ ) بَيْنَ الْمُضِيِّ وَالرُّجُوعِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا وَلِيٌّ ، أَوْ لَا ( وَنُدِبَ الرُّجُوعُ ) لِيَكُونَ الِاعْتِدَادُ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ هَذَا إذَا كَانَ إلَى الْمَقْصِدِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مَضَتْ إلَى مَقْصِدِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الشِّقَّ اعْتِمَادًا عَلَى انْفِهَامِهِ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي صُورَةِ التَّسَاوِي الْخِيَارُ ، وَفِي

صُورَةِ أَقَلِّيَّةِ أَحَدِهِمَا التَّعْيِينُ ( وَلَوْ فِي مِصْرٍ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي سَفَرٍ أَيْ لَوْ بَانَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فِي مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ لَا تَخْرُجُ بَلْ ( تَعْتَدُّ فِيهِ فَتَخْرُجُ بِمَحْرَمٍ ) إنْ كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ ( مَنْ لَمْ تَحِضْ قَطُّ ) تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَذَا مَنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا فَانْقَطَعَ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْأُولَى ( وَاعْتِبَارُ الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ لَا الْأَهِلَّةِ ) كَذَا فِي الصَّغِيرِيِّ .
( طَلَّقَهَا فَصَالَحَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ لَوْ بِالشُّهُورِ جَازَ ) الصُّلْحُ لِتَعَيُّنِ الشُّهُورِ ( وَلَوْ بِالْحَيْضِ لَا ) لِكَوْنِهَا مَجْهُولَةً .
( أَخْبَرَتْ ) الْمَرْأَةُ ( بِمُضِيِّ عِدَّتِهِ ) أَيْ عِدَّةِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ .
( وَ ) عِدَّةِ ( الْمُحَلِّلِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ) أَيْ ظَنِّ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ ( صِدْقُهَا وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ ) مَا أَخْبَرَتْ بِهِ ( نَكَحَهَا ) أَيْ جَازَ أَنْ يَنْكِحَهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ ( بِمُضِيِّهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ ( لَوْ ) كَانَتْ ( تَحِيضُ ، فَأَقَلُّ مَا ) أَيْ مُدَّةٍ ( تُصَدَّقُ ) الْمَرْأَةُ ( فِيهِ شَهْرَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ أَوَّلِ حَيْضَةٍ فَتَكُونُ مُدَّتُهَا ثَلَاثَةً وَتَطْهُرُ بَعْدَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، ثُمَّ تَحِيضُ ثَلَاثَةً وَتَطْهُرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، ثُمَّ تَحِيضُ ثَلَاثَةً وَتُكْمِلُ الْعِدَّةَ ، وَزَادَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : ثَلَاثَ سَاعَاتٍ لِلِاغْتِسَالِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ زَمَنِ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ وَلَهُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا هَكَذَا نَادِرَةٌ فَلَا يُبْنَى عَلَيْهَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بَلْ الْأَعَمُّ الْأَغْلَبُ فَتُعْتَبَرُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الطُّهْرِ لِيَعْتَدِلَا فَيَكُونُ ثَلَاثُ حِيَضٍ شَهْرًا وَالطُّهْرَانِ بَيْنَهَا شَهْرًا .

( قَوْلُهُ : وَبَعْضَ اللَّيْلِ ) الْمُرَادُ بِهِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَالْمُطَلَّقَةُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ لِدَوْرِ النَّفَقَةِ ) حَتَّى لَوْ اُخْتُلِعَتْ عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا تَخْرُجُ نَهَارًا لِمَعَاشِهَا وَقِيلَ لَا تَخْرُجُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَسْقَطَتْ حَقَّهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَقَالَ الْكَمَالُ : وَالْحَقُّ أَنَّ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَنْظُرَ فِي خُصُوصِ الْوَقَائِعِ فَإِنْ عَلِمَ فِي وَاقِعَةٍ عَجْزَ هَذِهِ الْمُخْتَلِعَةِ عَنْ الْمَعِيشَةِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ أَفْتَاهَا بِالْحِلِّ ، وَإِنْ عَلِمَ قُدْرَتَهَا أَفْتَاهَا بِالْحُرْمَةِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَتَعْتَدَّانِ فِي بَيْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ ) شَامِلٌ لِبُيُوتِ الْأَخْبِيَةِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا أَنْ يَظْهَرَ عُذْرٌ ) مِنْهُ الْفَزَعُ الشَّدِيدُ مِنْ أَمْرِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ ذَهَابِ الْعَقْلِ ، أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ قَلِيلِ الْخَوْفِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ ضَاقَ الْمَنْزِلُ عَلَيْهِمَا أَوْ كَانَ الزَّوْجُ
إلَخْ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لِلْعَيْنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت مَا نَصُّهُ : وَإِنْ كَانَ مَاجِنًا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ وَيَسْكُنُ مَنْزِلًا آخَرَ تَحَرُّزًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَنُدِبَ أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَهُمَا امْرَأَةٌ ثِقَةٌ
إلَخْ ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ ، وَإِنْ جَعَلَا بَيْنَهُمَا امْرَأَةً ثِقَةً تَقْدِرُ عَلَى الْحَيْلُولَةِ فَحَسَنٌ ا هـ .
وَنَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ .
( قَوْلُهُ : مَنْ لَمْ تَحِضْ قَطُّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ
إلَخْ ) مُكَرَّرٌ بِمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ مِنْ قَوْلِهِ ، أَوْ بَلَغَتْ بِسِنٍّ وَلَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ كَذَا مَنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا فَانْقَطَعَ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ يَعْنِي ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ السَّنَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ا هـ .
وَلَمْ أَرَ

تَوْجِيهَ الْمَسْأَلَةِ ، وَهَلْ السَّنَةُ شَرْط أَوْ وَقَعَ اتِّفَاقًا ؟ فَلْيُنْظَرْ .
( قَوْلُهُ : وَاعْتِبَارُ الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ لَا الْأَهِلَّةِ ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا فِي قَاضِي خَانْ وَاَلَّتِي لَمْ تَحِضْ قَطُّ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرَةِ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ فَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بِالْأَهِلَّةِ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي خِلَالِ الشَّهْرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بِالْأَيَّامِ ، كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَقَالَ صَاحِبَاهُ : تَعْتَدُّ بَعْدَمَا مَضَى بَقِيَّةُ الشَّهْرِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ شَهْرَيْنِ بِأَهِلَّةٍ وَلَا تُكْمِلُ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِالشَّهْرِ الْأَخِيرِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : طَلَّقَهَا فَصَالَحَتْهُ
إلَخْ ) كَذَا فِي قَاضِي خَانْ ، وَفِيهِ لَوْ صَالَحَتْهُ مِنْ السُّكْنَى عَلَى دَرَاهِمَ لَا تَجُوزُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : أَخْبَرَتْ بِمُضِيِّ عِدَّتِهِ
إلَخْ ) مُكَرَّرٌ بِمَا قَدَّمَهُ آخِرَ بَابِ الرَّجْعَةِ .
( قَوْلُهُ : بِمُضِيِّهَا لَوْ بِحَيْضٍ
إلَخْ ) هَذَا فِي حَقِّ الْحُرَّةِ .

( بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ ) ( أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا الْوَلَدُ لَا يَنْبَغِي فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلَوْ بِفَلْكَةِ مِغْزَلٍ ( وَأَقَلُّهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } فَبَقِيَ لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ( فَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ مُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيِّ ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مَا لَمْ تُقِرَّ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ ) لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ حَالَ الْعِدَّةِ لِجَوَازِ كَوْنِهَا مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ ( وَبَانَتْ فِي الْأَقَلِّ ) يَعْنِي إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَثَبَتَ نَسَبُهُ لِوُجُودِ الْعُلُوقِ فِي النِّكَاحِ ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَيَحْتَمِلُ بَعْدَهُ فَلَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالشَّكِّ ( وَكَانَ مُرَاجِعًا فِي الْأَكْثَرِ ) يَعْنِي إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ كَانَ مُرَاجِعًا لِأَنَّ الْعُلُوقَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا مِنْهَا فَيَكُونُ مُرَاجِعًا ( كَذَا مَبْتُوتَةٌ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا ) يَعْنِي يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ مَبْتُوتَةٍ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِلَا دَعْوَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْوَلَدِ قَائِمًا وَقْتَ الطَّلَاقِ فَلَا يُتَيَقَّنُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ احْتِيَاطًا ( وَلَوْ لِتَمَامِهِمَا لَا ) أَيْ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفُرْقَةِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لِأَنَّ الْحَمْلَ حَادِثٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا يَكُونُ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ ( إلَّا بِدَعْوَةٍ ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَأَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَطَأَهَا بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ ( وَ ) وَكَذَا ( مُرَاهِقَةٌ ) أَيْ صَبِيَّةٌ سِنُّهَا تِسْعٌ فَصَاعِدًا لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا أَمَارَاتُ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا .

( بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ ) ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِظِلِّ مِغْزَلٍ ) ظِلُّ الْمِغْزَلِ مَثَلٌ لِقِلَّتِهِ لِأَنَّ ظِلَّهُ حَالَةَ الدَّوَرَانِ أَسْرَعُ زَوَالًا مِنْ سَائِرِ الظِّلَالِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ وَلَوْ بِقَدْرِ مِغْزَلٍ وَيُرْوَى وَلَوْ بِفَلْكَةِ مِغْزَلٍ أَيْ وَلَوْ بِقَدْرِ دَوَرَانِ فَلْكَةِ مِغْزَلٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ : لِوُجُودِ الْعُلُوقِ فِي النِّكَاحِ ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ ) فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ يُوطَأُ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْحَوَادِثَ تُحْمَلُ عَلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ ، وَفِيهِ إثْبَاتُ الرَّجْعَةِ أَيْضًا احْتِيَاطًا فَكَانَ أَوْلَى .
قُلْنَا : الْحَوَادِثُ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهَا إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمُقْتَضِي بِخِلَافِ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا وُجِدَ فَلَا وَهُنَا وُجِدَ الْمُقْتَضِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَالْقَوْلُ بِثُبُوتِ الرَّجْعَةِ إبْطَالٌ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَمْلِ الْمُسْلِمِ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ وَهُوَ الْمُرَاجَعَةُ بِالْفِعْلِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ بِالشَّكِّ وَهُوَ أَيْضًا لَا يَجُوزُ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا مِنْهَا ) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ حَمْلُ حَالِهِ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ وَهُوَ الْمُرَاجَعَةُ بِالْفِعْلِ وَتَقَدَّمَ صَوْنُ الْمُسْلِمِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِالْفِعْلِ بَلْ بِالْقَوْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ نَلْتَزِمَ كَوْنَهَا بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الزِّنَا .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ لِتَمَامِهَا لَا ) قَالَ فِي الْبَحْرِ : هَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ وَأَلْحَقُوا السَّنَتَيْنِ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا حَتَّى إنَّهُمْ أَثْبَتُوا النَّسَبَ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ ، وَجَوَابُهُ بِالْفَرْقِ فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَبْتُوتَةِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَوْ أَثْبَتْنَا النَّسَبَ

مِنْهُ لِلُزُومِ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ سَابِقًا عَلَى الطَّلَاقِ حَتَّى يَحِلَّ الْوَطْءُ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ كَوْنُ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَبْتُوتَةِ لِحِلِّ الْوَطْءِ بَعْدَ الطَّلَاقِ .
ا هـ
وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَقْرِيرِ قَاضِي خَانْ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْعُلُوقُ فِي حَالِ الطَّلَاقِ بِأَنْ طَلَّقَهَا حَالَ جِمَاعِهَا وَصَادَفَ الْإِنْزَالُ الطَّلَاقَ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْإِمْكَانُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ ا هـ .
وَانْتِفَاءُ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوِلَادَةِ لِتَمَامِ السَّنَتَيْنِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ تَوْأَمًا أَمَّا إذَا كَانَ بِأَنْ وَلَدَتْ الثَّانِيَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْأَوَّلَ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا بِدَعْوَةٍ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَفِي اشْتِرَاطِ تَصْدِيقِ الْمَرْأَةِ رِوَايَتَانِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ا هـ .
وَاسْتَشْكَلَ الزَّيْلَعِيُّ ثُبُوتَ النَّسَبِ هُنَا بِأَنَّ وَطْءَ الْمَبْتُوتَةِ بِالثَّلَاثِ مِنْ قَبِيلِ شُبْهَةِ الْفِعْلِ ، وَفِيهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِنْ ادَّعَاهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ لَوْ تَمَحَّضَتْ الشُّبْهَةُ لِلْفِعْلِ وَهُنَا لَمْ تَتَمَحَّضْ بَلْ هِيَ شُبْهَةُ عَقْدٍ أَيْضًا ، وَأَلْزَمَ عَلَى الْجَوَابِ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ إبْطَالَ إطْلَاقِ عَامَّةِ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْصِلُوا فِيهَا بَيْنَ الْمَحْضَةِ وَمَا فِيهِ شُبْهَةُ عَقْدٍ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَفْصِلُوا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ : ذِكْرُ ذَلِكَ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ أَغْنَاهُمْ عَنْ التَّفْصِيلِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَأَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَطَأَهَا بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَطْءُ الْمُبَانَةِ فِي الْعِدَّةِ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ ا هـ فَهَذَا لَيْسَ وَجْهًا لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ إلَّا بِالدَّعْوَةِ فَلَمْ يُفِدْ مُجَرَّدًا

عَنْهَا فَلَا فَائِدَةَ بِذِكْرِهِ قَوْلُهُ : لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا أَمَارَاتُ الْبُلُوغِ ) أَيْ وَلَمْ تَدَّعِ حَبَلًا وَلَمْ تُقِرَّ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا إنْ أَقَرَّتْ بِالِانْقِضَاءِ ، ثُمَّ وَلَدَتْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُقِرَّةِ ، وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِالِانْقِضَاءِ وَادَّعَتْ حَبَلًا فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا يَثْبُتُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَبْعٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا ، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ الْحَبَلَ وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ : هَذَا وَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : هَذَا وَمَا لَوْ ادَّعَتْ الْحَبَلَ سَوَاءٌ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ .

( إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ ) مُنْذُ طَلَّقَهَا بَائِنًا كَانَ ، أَوْ رَجْعِيًّا لِأَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِدَّةِ ( وَلِتِسْعَةٍ لَا ) أَيْ لَوْ وَلَدَتْ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا لِأَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَارِجَ الْعِدَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالِاحْتِمَالِ وَالصِّغَرُ مُنَافٍ لِلْحَمْلِ فَإِذَا بَقِيَ فِيهَا صِفَةُ الصِّغَرِ حُكِمَ بِمُضِيِّ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَحُمِلَ الْحَمْلُ عَلَى أَنَّهُ حَادِثٌ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لِوُجُودِ دَلِيلِ الِانْقِضَاءِ وَهُوَ إقْرَارُهَا فَكَذَا هُنَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ إقْرَارَهَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ وَحُكْمُ الشَّرْعِ بِالِانْقِضَاءِ لَا تَرَدُّدَ فِيهِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِدَّةِ ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهَا مَدْخُولٌ بِهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِهِ ، إذْ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونٍ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا مُعْتَدَّةٌ ) أَيْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ إبْقَاءُ مَتْنِهِ عَلَى عُمُومِهِ بِتَرْكِ هَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّ مُعْتَدَّةَ الْوَفَاةِ مِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ : أَقَرَّتْ ) شَامِلٌ لِإِقْرَارِ الْمُرَاهِقَةِ وَالْبَالِغَةِ .

( وَكَذَا مُعْتَدَّةٌ ) أَيْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ ( أَقَرَّتْ بِالْمُضِيِّ ) أَيْ مُضِيِّ عِدَّتِهَا ( وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ ) مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ هَذَا هُوَ الْمَسْطُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلتَّعْلِيلِ وَقَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ الطَّلَاقُ مَكَانَ الْإِقْرَارِ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِدَّةِ لِظُهُورِ كَذِبِهَا بِيَقِينٍ حَيْثُ أَقَرَّتْ بِالِانْقِضَاءِ وَرَحِمُهَا مَشْغُولٌ بِالْمَاءِ ( وَلِنِصْفِهَا لَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَارِجَهَا ) ( أَوْ ظَهَرَ ) عَطْفٌ عَلَى أَقَرَّتْ أَيْ كَذَا مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ ظَهَرَ ( حَبَلُهَا ، أَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِهِ ) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ مُعْتَدَّةٍ ادَّعَتْ وِلَادَتَهُ وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ حَبَلٌ ظَاهِرٌ ، أَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْحَبَلِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَبَلُهَا وَلَمْ يُقِرَّ الزَّوْجُ بِهِ ( فَيَثْبُتُ ) أَيْ النَّسَبُ ( إذَا ثَبَتَتْ وِلَادَتُهَا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ ) أَيْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِأَنْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ بَيْتًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ وَلَا فِي الْبَيْتِ ، وَالرَّجُلَانِ عَلَى الْبَابِ حَتَّى وَلَدَتْ فَعَلِمَا الْوِلَادَةَ بِرُؤْيَةِ الْوَلَدِ ، أَوْ سَمَاعِ صَوْتِهِ قَيَّدَ الْحُجَّةَ بِالتَّامَّةِ ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ خِلَافًا لَهُمَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِوِلَادَتِهَا رَجُلَانِ ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حَبَلٌ ظَاهِرٌ ، أَوْ اعْتِرَافٌ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِلَا شَهَادَةٍ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ فِي الْجَمِيعِ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ عَدْلَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي .

( قَوْلُهُ : وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ ) أَيْ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ أَيْضًا مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ بِالْمَوْتِ ، أَوْ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : لِظُهُورِ كَذِبِهَا بِيَقِينٍ
إلَخْ ) هَذَا إذَا قَالَتْ : انْقَضَتْ عِدَّتِي السَّاعَةَ ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَإِلَّا فَلَا يُعْلَمُ الْيَقِينُ لَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَلَمْ تَقُلْ السَّاعَةَ ، ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ لَأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ ، إذْ يُمْكِنُ صِدْقُهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ نَسَبُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ ظَهَرَ حَبَلُهَا ) يَعْنِي وَقَدْ جَحَدَتْ وِلَادَتَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَنْزِ ، وَظُهُورُ الْحَبَلِ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ : الْمُرَادُ بِظُهُورِ الْحَبَلِ أَنْ تَكُونَ أَمَارَاتُ حَمْلِهَا بَالِغَةً مَبْلَغًا يُوجِبُ غَلَبَةَ ظَنِّ كَوْنِهَا حَامِلًا لِكُلِّ مَنْ شَاهَدَهَا ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَيَثْبُتُ إذَا ثَبَتَتْ وِلَادَتُهَا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ ) شَامِلٌ لِلْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا ، وَفِيهِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَيْسَ بِمُنْقَضٍ فِي حَقِّهَا لِأَنَّهَا تَكُونُ مُرَاجَعَةً لِكَوْنِ الْعُلُوقِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُ وَلَدِهَا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ شَيْءٍ آخَرَ كَمَا فِي الْمَنْكُوحَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ : وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَفَاةٍ وَطَلَاقٍ بَائِنٍ ، أَوْ رَجْعِيٍّ فَيُوَافِقُ تَصْرِيحَ قَاضِي خَانْ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الرَّجْعِيِّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ قَيَّدَ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَائِنِ ، وَنَحْوَهُ فَعَلَ صَاحِبُ الْمُخْتَلِفِ ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ النِّكَاحَ

بَعْدَ الرَّجْعِيِّ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُ الْخِلَافِ بِالْبَائِنِ كَمَا نَقَلَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَيَكُونُ الرَّجْعِيُّ كَالْعِصْمَةِ الْقَائِمَةِ حَتَّى حَلَّ الْوَطْءُ وَدَوَاعِيهِ ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ ا هـ فَاتَّضَحَ إشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ .
( قَوْلُهُ : فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
إلَخْ ) يَعْنِي فِي صُورَةِ جُحُودِ الْوِلَادَةِ ، وَالْحَاصِلُ الْمَذْكُورُ نَاقِصٌ صُورَةَ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ الَّتِي سَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ عَقِبَ هَذَا فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهَا فِي هَذَا الْحَاصِلِ .

.
( وَ ) كَذَا ( مُعْتَدَّةُ وَفَاةٍ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ ذُكِرَتْ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا
إلَخْ أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ يَكُونُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَوِلَادَتِهِ أَقَلُّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَقَالَ زُفَرُ : إذَا جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالشُّهُورِ لِتَعَيُّنِ الْجِهَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّتْ بِالِانْقِضَاءِ كَمَا بَيَّنَ فِي الصَّغِيرَةِ وَلَنَا أَنَّ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا جِهَةً أُخْرَى وَهُوَ وَضْعُ الْحَمْلِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا عَدَمُ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ ، وَفِي الْبُلُوغِ شَكٌّ وَالصِّغَرُ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ ( أَوْ وَلَدَتْ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذُكِرَتْ فِي الْهِدَايَةِ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ : وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ وَصَدَّقَهَا
إلَخْ أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَلَدَتْ ( فِي الْعِدَّةِ وَأَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِالْوِلَادَةِ ) وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوِلَادَةِ أَحَدٌ فَهُوَ ابْنُهُ اتِّفَاقًا وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِرْثِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِمْ فَيُقْبَلُ فِيهِ تَصْدِيقُهُمْ أَمَّا فِي حَقِّ النَّسَبِ فَهَلْ يَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُصَدَّقْ قَالُوا : إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ صَدَّقَهَا رَجُلَانِ ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ يَثْبُتُ بِقِيَامِ الْحُجَّةِ وَلِذَا قِيلَ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الثُّبُوتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ تَبَعٌ لِلثُّبُوتِ فِي حَقِّهِمْ بِإِقْرَارِهِمْ وَمَا ثَبَتَ تَبَعًا لَا يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الْأَصْلِ كَالْعَبْدِ مَعَ الْمَوْلَى وَالْجُنْدِيِّ مَعَ السُّلْطَانِ فِي حَقِّ الْإِقَامَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي .

قَوْلُهُ : هَذِهِ مَسْأَلَةٌ ذُكِرَتْ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا
إلَخْ ) تَمَامُ قَوْلِ الْهِدَايَةِ مَا بَيْنَ الْوَفَاةِ وَبَيْنَ السَّنَتَيْنِ وَقَالَ زُفَرُ
إلَخْ وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ ، أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ : هَذِهِ مَسْأَلَةٌ ذُكِرَتْ فِي الْهِدَايَةِ ثَانِيًا
إلَخْ ) نَعَمْ ذُكِرَتْ ثَانِيًا فِيهَا لَكِنْ لَا عَلَى هَذَا الْوَضْعِ الْمُوهِمِ عَدَمَ فَائِدَةِ ذِكْرِ الثَّانِيَةِ بِتَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ بَلْ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ذُكِرَتْ لِبَيَانِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا نَسَبُ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ذُكِرَتْ لِبَيَانِ شَرْطِ ثُبُوتِ نَسَبِ ذَلِكَ الْوَلَدِ ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ الْمَوْتِ بِشَرْطِ ظُهُورِ حَبَلِهَا ، أَوْ اعْتِرَافِ الزَّوْجِ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ ، أَوْ حُجَّةٍ تَامَّةٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَدَرَّبَ الْهِدَايَةَ بِفَتْحِ الْقَدِيرِ .

.
( وَ ) كَذَا ( مَنْكُوحَةٌ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ) يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ ، سَوَاءٌ ( أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ ، أَوْ سَكَتَ ) لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَائِمٌ وَالْمُدَّةَ تَامَّةٌ ( وَإِنْ أَنْكَرَ ) الزَّوْجُ ( وِلَادَتَهَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ ) وَاحِدَةٍ ( فَإِنْ نَفَاهُ تَلَاعَنَا ) لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ الْقَائِمِ ، وَاللِّعَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِالْقَذْفِ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا لِأَنَّ قَوْلَهُ : لَيْسَ مِنِّي قَذْفٌ لَهَا بِالزِّنَا وَالْقَذْفُ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْوَلَدِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ الْوَلَدُ الثَّابِتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ لِيَلْزَمَ كَوْنُ اللِّعَانِ ثَابِتًا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ بَلْ أُضِيفَ اللِّعَانُ إلَى الْقَذْفِ مُجَرَّدًا عَنْهُ .
أَقُولُ : يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَذْفَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْوَلَدِ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَذْفَ بِالْوَلَدِ لَا يَقْتَضِي وُجُودَهُ ، وَالْكَلَامُ فِيهِ وَدَفْعُهُ أَنَّ مُرَادَ الْقَوْمِ بِالْوُجُودِ الْوُجُودُ الْخَارِجِيُّ وَالْقَذْفُ بِالْوَلَدِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْوُجُودَ فِي الْعِبَارَةِ دُونَ الْخَارِجِ مَثَلًا إذَا سَمِعَ الزَّوْجُ أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ وَلَدًا فَقَالَ ذَلِكَ الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي كَانَ قَذْفًا لَهَا بِالزِّنَا ؛ إذْ كَأَنَّهُ قَالَ زَنَيْتِ فَحَصَلَ الْوَلَدُ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ وِلَادَتَهَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ ) وَكَذَا بِرَجُلٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25