كتاب :الذخيرة 4

كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي

يسجد معه في سهوه فلو سلم على الإمام قبل تسليم التحلل سجد بعد السلام وجوز في الكتاب الرد بالسلام عليكم وبعليكم السلام ورجح الأول وجوز أشهب في العتبية سلام عليكم لأنه ليس من نفس الصلاة وإنما هو رد تحية ولما كان متعلقا بالصلاة من حيث الجملة ترجح أن يكون من جنس سلام الصلاة واستحب في الكتاب أن لا يجهر بتسليمة اليسار مثل تسليمة اليمين لأنها لا يطلب لها جواب فكانت كأذكار الصلاة والأولى كتكبيرة الإمام يطلب لها الجواب فيجهر بها الرابع قال في الكتاب يجهر الإمام ومن خلفه بالسجود بالسلام من السجود للسهو بعد السلام قال صاحب المعونة فيه روايتان التسوية بينه وبين الأول والإخفاء كصلاة الجنازة لاشتراكهما في عدم الركوع الخامس قال في الواضحة لا يمد سلامة وليحذفه وفي أبي داود أنه عليه السلام كان يفعل ذلك ولأن الإمام إذا طول سلامه سلم المأموم قبل سلامه إلا أنه لا يبالغ في الحذف لئلا يسقط الألف السادس قال في الكتاب إذا سلم إمام مسجد القبائل فلا يقعد في مصلاه بخلاف إمام السفر ونحوه لما روى سحنون في الكتاب أنها السنة وأن ابن مسعود قال الجلوس على الحجارة المحماة خير من ذلك وفي البخاري كان عليه السلام إذا سلم مكث قليلا فكانوا يرون ذلك كما ينفر النساء قبل الرجال واختلف في تعليله فقيل لئلا يغتربه الداخل فيحرم معه وقيل لئلا يشك هل سلم أم لا أو يشك من خلفه الركن العاشر الطمأنينة قال في الكتاب إذا أمكن يديه من ركبتيه في ركوعه وجبهته من الأرض في سجوده وتمكن مطمئنا فقد تمكن ركوعه وسجوده وهي عند مالك واجبة خلافا ح فإنه لا يشترط إلا أصل الأركان حتى لو سجد على شيء فزهقت جبهته إلى الأرض كانت سجدتين محتجا بأن الله تعالى أمر بالأركان ولم يأمر بالطمأنينة والزيادة عنده على النص نسخ ونسخ القرآن بخير الواحد لا يجوز وفي الجواهر أنها فضيلة لنا ما في الصحيحين أن رجلا دخل المسجد فصلى ثم جاء فسلم على النبي عليه السلام فرد عليه السلام فقال ارجع فصل فإنك لم تصل فصلى ثم جاء فعل ذلك ثلاثا فقال والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني فقال إذا قمت إلى الصلاة وساق الحديث إلى أن قال ثم أركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا الحديث والأمر للوجوب وفعله عليه السلام كان على ذلك وفي الحديث سؤال للحنفية وهو أنهم قالوا إن هذا الحديث حجة لنا لأن إيقاع الصلاة بدون شرائطها حرام إجماعا فلو كانت الطمأنينة واجبة لكان المصلي حينئذ مرتكبا لمنكر والنهي عن المنكر واجب على الفور ولما لم يفعل ذلك عليه السلام دل على عدم وجوب الطمأنينة قال المازري والطمأنينة الواجبة أدنى لبث فإن زاد عليها ففي اتصاف الزائد بالوجوب قولان نظرا إلى جواز الترك والقياس على فروض الكفاية إذا لحق بهم من لم يجب عليه الفعل فإن فعله يقع واجبا

الباب الخامس في سنن الصلاة
والسنة في اللغة لها ثلاثة معان السيرة وصورة الوجه وتمر بالمدينة والسنن الطريقة ويقال بالفتح في السين والنون وضمهما وضم السين فقط والسنة في الشرع لها خمسة معان ما يلفى شرعه من النبي عليه السلام من غير القرآن فيقال هذا ثابت بالكتاب والسنة قولا كانت السنة أو فعلا وعلى فعله دون قوله وعلى فعله الذي هو واجب عليه نحو الوتر وقيام الليل وعلى ما تأكد من المندوبات مطلقا وعلى ما يقتضي تركه سجود السهو في الصلاة عند بعض المالكية نحو صاحب الجلاب وجماعة معه والكلام ههنا على القسمين الأخيرين في الصلاة مجملا ومفصلا فنقول سنن الصلاة اثنتان وعشرون سنة السنة الأولى والثانية الجهر فيما يجهر فيه وهو الأوليان من المغرب والعشاء وجملة الصبح والوتر والجمعة والعيدان والاستسقاء والسر فيما يسر فيه وهو ما عدا ذلك قال في الكتاب والجهر أن يسمع نفسه وفوق ذلك قليلا والمرأة دون الرجل في ذلك قال صاحب الطراز السر ما لا يسمع بإذن أصلا والجهر ضده وأقله إسماع من يلي المصلي إذا أنصت إليه والإمام يرفع صوته ما أمكنه ليسمع الجماعة والمنفرد بين ذلك لما في الموطأ
خرج عليه السلام على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال إن المصلي يناجي ربه فلينظر ما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض في القراءة وفي البيان لا يجوز أن يفرط المسبوق في الجمعة إذا كان بجنبه مثله لئلا يخلط عليه ولا ان يرفع صوته في النافلة إذا كان بجنبه من يصلي والمرأة تأتي بأقل مراتب الجهر لأن صوتها عورة
فائدة قال صاحب الطراز كان عليه السلام يجهر في صلاته بالنهار فكان المنافقون يجدون بذلك وسيلة فيصفرون ويكثرون اللغط فشرع الأسرار حسما لمادتهم السنة الثالثة والرابعة سورة مع أم القرآن والقيام لها في الركعتين الأوليين والمنفردتين قال في الكتاب إن تركها صحت صلاته وهو مذهب الجمهور لقوله عليه السلام لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب قال المازري وأوجب عمر رضي الله عنه زيادة على الفاتحة وحده غيره بثلاث آيات وقيل ما تيسر وخرج اللخمي قولا بالوجوب وفيه نظر وروي عن مالك أنها فضيلة لا توجب سجودا والأفضل الاقتصار على صورة العمل ويجوز الجمع بين سور لقول ابن مسعود رضي الله عنه لقد عرفت النظائر التي كان عليه السلام يقرن بينها وذكر عشرين سورة ويمكن حمله على النوافل وإذا قرأ سورة قرأ ما بعدها اتباعا لترتيب المصحف فلو قرأ ما قبلها جاز ولو اقتصر على بعض سورة قال صاحب الطراز قال مالك لا يفعل فإن فعل أجزأه وهو المشهور وروى الواقدي لا بأس بذلك حجة المشهور أنه الغالب من فعله عليه السلام وفعل الصحابة رضوان الله عليهم بعده وفي أبي داود أنه عليه السلام صلى الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنون حتى جاء ذكر موسى وهارون وعيسى عليهم السلام أخذته عليه السلام سعلة فركع وفي الموطأ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قرأ في ركعتي الصبح بالبقرة قال في الكتاب ولا يقضي ما نسبه من ركعة في ركعة أخرى وقال ح يقرأ في الأوليين من الظهر فإذا نسى قرأ في الأخريين لنا أنها لو قضيت لقضيت الأركان بطريق الأولى وليس يباين حجتنا على عدم قراءتها في الركعتين الأخيرتين خلافا ش ما في الصحيحين أنه عليه السلام كان يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحيانا وكان يطول في الركعة الأولى من الظهر ويقصرالثانية وكذلك في الصبح ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب احتج ش بما في مسلم عن أبي سعيد الخدري قال كنا نحزر قيامه الركعتين الأوليين من الظهر قدر ألَم تنزيل السجدة وحزرنا قيامه في الأخيرتين قدر النصف من ذلك وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخيرتين من الظهر وفي الأخيرتين من العصر على النصف من ذلك وفي الموطأ أن عبد الله ابن عمر كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع في كل ركعة بأم القرآن وسورة وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من الفريضة والجواب عن الأول أن ما ذكرناه أرجح لأنه مبين وما ذكرتموه حزر وعن الثاني أنه محمول على النافذة بدليل ذكر الفريضة بعده ولأنه يعارض بعمل المدينة السنة الخامسة التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام قال اللخمي وقيل هو فضيلة وقال صاحب المقدمات وقيل التكبيرة الواحدة سنة وقد تقدم البحث في معناه في تكبيرة الإحرام في الأركان وهو عندنا مشروع في كل خفض ورفع خلافا لعمر بن عبد العزيز وجماعته لما أطبق عليه المسلمون في سائر الأمصار ولأن أبا هريرة صلى وكبر للرفع والخفض وقال إني لأشبهكم بصلاة النبي قال المازري وقد رأى بعض المتأخرين أن مقتضى الروايات وجوبه لقوله في تاركه إن لم يسجد وطال بطلت صلاته وقال بوجوبه ابن حنبل لنا حديث الأعرابي المسيء لصلاته قال في الكتاب يكبر للركوع والسجود إذا شرع فيه ولا يكبر بعد التشهد حتى يستوي قائما ووافقه ح وخالفه ش لنا ما في أبي داود أنه عليه السلام كان إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما يكبر عند افتتاح الصلاة ولأن التكبير شرع في الصلاة متصلا بما ينتقل منه وإليه فلا يخرج من ركن إلا ذاكرا ولا يدخل في ركن إلا ذاكرا وكذلك لا يدخل في الصلاة إلا ذاكرا بتكبيرة الإحرام ولا يخرج منها إلا ذاكرا بالتسليم والجلوس ليس بركن لصحة الصلاة بدونه إجماعا فكان التكبير بعده للقيام فيكون في أوله كقيام أول الصلاة ولأن الصلاة فرضت مثنى مثنى ثم زيد في صلاة الحضر كما في الموطأ فقد كان التشهد قبل بغير تكبير فتكون التكبيرة للزيادة في ابتدائها أول القيام السنة السادسة والسابعة الجلسة الوسطى والمقدار الزائد بعد جلوسه الواجب للسلام دليل عدم وجوبها أنه عليه السلام لما تركها سجد قبل السلام قال في الكتاب الجلوس كله سواء يفضي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى وظاهر إبهامها مما يلي الأرض ويثني رجله اليسرى وقال ح يفرش اليسرى فيقعد عليها وينصب اليمنى ويوجه أصابعه للقبلة ووافقه ش إلا في الجلسة الأخيرة فقال يخرج رجله من الجانب الأيمن ويفضي بإليته إلى الأرض وقول ح في البخاري عنه عليه السلام وقول ش في أبي داود عنه عليه السلام ويترجح قول مالك بالعمل فقد نقله في الموطأ عن جماعة من الصحابة وقال ابن عمر هو السنة فرعان الأول سنة الجلوس أن يرفع يديه على فخديه فإن لم يفعل ففي النوادر عن بعض أصحابنا يعيد الصلاة لما في أبي داود عنه عليه السلام أنه قال اليدان تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفع فليرفعهما قال صاحب الطراز والأصح عدم الإعادة لأنها تبع الثاني قال صاحب الطراز المعروف من المذهب قبض اليمنى إلا المسبحة يبسطها وهو قول الجمهور وقال في المبسوط لا يبسطها وهو في البخاري عنه عليه السلام والأول في الموطأ عنه عليه السلام وفي السبابة ثلاثة أقوال فروي عنه أنه كان يحركها من تحت البرنس وقال ابن القاسم تمد من غير تحريك وكان يحيى بن عمر يحركها عند الشهادة فقط فالسكون إشارة إلى الوحدانية والتحريك في مسلم عنه عليه السلام وهو مقمعة للشيطان بمعنى أنه يذكر الصلاة وأحوالها فلا يوقعه الشيطان في سهو ويكون جنبها الأيسر إلى جنب الخنصر إلى أسفل وهو قول الشافعي إلا أنه قال أول ما يضع كفه على صدرها ثم يقلبها بعد ذلك ثم يقبض الخنصر والبنصر والوسطى ويبسط السبابة والإبهام وهو في أبي داود وقال أيضا يبسط الوسطى معهما وهو في أبي داود وقال أيضا يقبض الجميع إلا المسبحة وهو قول مالك الذي رواه عن ابن عمر في صفة صلاته عليه السلام وإذا قبض الإبهام جعله تحت الثلاثة قال مالك وكله واسع السنة الثامنة والتاسعة التشهدان قال المازري روي عن مالك و ش وجوب الأخير وعن أحمد وجوبهما ووافق المشهور ح لنا قوله عليه السلام للأعرابي ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم اجلس حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك ولم يذكر التشهد وفي الصحاح أنه عليه السلام ترك الجلسة الوسطى فسجد قبل السلام وفي الترمذي أنه سبح به فلم يرجع وهذا شأن السنن ونقيس الأخير على الأول حجة وجوبهما فعله عليه السلام وقوله في أبي داود إذا جلس أحدكم فليقل التحيات لله والأمر للوجوب وجوابه أنه محمول على الندب جمعا بين الأدلة واختار مالك فيه تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ففي الموطأ كان يقول على المنبر للناس قولوا التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وفي بعض روايات الموطأ لم يذكر وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله واختار ش رواية ابن عباس عنه عليه السلام وهي التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وساق التشهد مرجحا له بقول ابن عباس كان عليه السلام يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ولأنه عليه السلام توفي وابن عباس صغير فيكون آخر الأمر منه عليه السلام فيكون أرجح لأن فيه زيادة المباركات والسلام فيه منكرا وهو أكثر سلام القرآن واختار ح واية ابن مسعود عنه عليه السلام أنه كان يعلمهم التشهد التحيات لله والصلوات والطيبات لله السلام عليك أيها النبي وساق التشهد مرجحا له بقول ابن مسعود رضي الله عنه أخذ النبي عليه السلام بيدي فعلمني التشهد وقال عليه السلام أخذ جبريل عليه السلام بيدي فعلمني التشهد وهذا يقتضي العناية والضبط حتى ان الحنفية اليوم يرونه في معنى اخذ بيدي اخذ في جملة الروايات إلى جبريل عليه السلام فإن كلهم فعل ذلك كما فعله عليه السلام مع ابن مسعود ولأنه بزيادة الواو وهي التشهد بالتعدد كما حصل الترجيح في ربنا ولك الحمد بالواو على إسقاطها وكذلك في قولنا في رد التحية وعليكم السلام أرجح من عليكم السلام ترجيحنا ان عمر رضي الله عنه كان يقوله على المنبر من غير نكير فجرى مجرى التواتر والإجماع لأن فيه زيادة الزاكيات والتسليم بالتعريف أبلغ لإفادة العموم
فوائد التحيات جمع تحية والتحية السلام لقوله تعالى ( وإذا حييتم بتحية ) والتحية الملك لقوله ( من كل ما نال الفتى ** قد نلته إلا التحية ) أي الملك والتحية البقاء وقيل هو المراد بالبيت والملك هو المشهور وأصله أن الملك كان يحبى فيقال له أبيت اللعن ولا يقال لغيره ذلك والزاكيات قال ابن حبيب صالح الأعمال ومنه قوله تعالى ( قد أفلح من تزكى ) والطيبات الأقوال الحسنة كقوله تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب ) وقد تقدم معنى الطيب في التيمم وقال ابن عبدوس الأعمال الصالحة لأنها تطيب العبد كما قال تعالى ( الطيبات للطيبين ) والصلوات ان جعلنا الالف واللام فيها للعهد كانت الصلوات الخمس والجنس شملت سائر الصلوات الشرعيات هذا إذا اعتبرنا الحقيقة الشرعية وهو الظاهر وإن اعتبرنا اللغوية وهي الدعاء كانت للعموم في سائر الدعوات واللام في قولنا لله للاختصاص أي هذه الأمور مختصة بالله إلى الإخلاص فهي عبادات منا للرب سبحانه وتعالى بأن لا يعبد بهذه الأمور إلا الله كما نعبد في الفاتحة بقولنا ( إياك نعبد وإياك نستعين ) أي لا نعبد إلا إياه ولا نستعين إلا به وقولنا السلام عليك إن جعلنا السلام اسما لله تعالى فيكون معناه الله عليك حفيظ أو راض وقيل هو مصدر تقدير الكلام سلم الله عليك سلاما ثم نقلناه من الدعاء إلى الخبر كما قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام ( فقالوا سلاما قال سلام ) فسلامه أبلغ من سلامهم لأجل النقل وكذلك قال في الحمد لله في أول الفاتحة وتقرير جميع ذلك في علم النحو وقيل جمع سلامة فيكون دعاء بالسلامة من الشرور كلها والرحمة قال الشيخ أبو الحسن الأشعري هي إرادة الإحسان فتكون صفة ذاتية قديمة واجبة الوجود يعضده قوله تعالى ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) أي تعلقت إرادتك وعلمك بسائر الموجودات وقال القاضي أبو بكر هي الإحسان كله يعضده قوله تعالى ( ورحمتي وسعت كل شيء ) أي الجنة لقوله ( فسأكتبها للذين يتقون ) فتكون رحمة الله عنده محدثة ليست صفة ذاتية والرحمة اللغوية هي رقة الطبع تستحيل عليه تعالى فيتعين العدول إلى أحد هذين المجازين اللازمين للحقيقة عادة وعلى التقريرين فهو دعاء له عليه السلام
فرع قال في الكتاب لا يتبسمل أول التشهد وإن كان روى ذلك في الموطأ عن ابن عمر رضي الله عنهما وعلى الأول فقهاء الأمصار لأن رواية عمر وابن مسعود وابن عباس رضوان الله عليهم ليس فيها بسملة ولا في خبر ثابت وكان ابن عباس ينكرها وفي الحديث ليكن أول قولكم التحيات لله السنة العاشرة قول سمع الله لمن حمده في الموطأ أنه عليه السلام قال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ومضى العمل في سائر الأمصار قال صاحب المنتقى وروى اللهم ربنا لك الحمد بزيادة اللهم ونقصان الواو واختاره أشهب ورواه عن مالك واختاره ش وبزيادة الواو فقط وبزيادتهما وهو اختيار مالك وابن القاسم وبنقصانهما وهو اختيار ح ومعنى اللهم النداء ومعنى الواو تقدير معطوف عليه أي لك الحمد ولك الحمد فيصير الكلام في معنى جملتين ومعنى سمع الله لمن حمده قال صاحب القبس يحتمل أن يكون خبرا عن فضل الله تعالى أو دعاء بلفظ الخبر وهو الأظهر تقديره اللهم اسمع لمن حمدك وعبر بالسماع عن المكافأة كما قال الله تعالى ( قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ) أي قد يجازيهم لأن علم الله تعالى لا يعلق على حرف قد لوجوب تعلقه ومعنى موافقة الملائكة فيه خمسة أقوال النية والإخلاص كأنه يقول من أخلص في الإجابة كأنه يقول من استجيب له في الوقت في الكيفية بأن يدعو لنفسه وللمسلمين كما تفعل الملائكة أو بكونه دعاء في طاعة لا يشاركها شيء من الدنيا قال صاحب المنتقى ولا يقل الإمام اللهم ربنا ولك الحمد وهو في الكتاب خلافا ش وعيسى بن دينار وابن نافع لاقتضاء الحديث اختصاص الإمام بلفظ غيره ويقولها المنفرد خلافا ح لأنهما من سنة الصلاة ولم يوجد خلفه من يقول فيقولهما وكره مالك للمأموم الزيادة على ربنا ولك الحمد وإن كان في الموطأ عن رفاعة بن نافع قال كنا نصلي يوما وراء النبي عليه السلام فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف النبي عليه السلام قال من المتكلم آنفا ؟ قال الرجل أنا يا رسول الله فقال عليه السلام لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أولا قال لأن العمل على خلافه السنة الحادية عشرة الصلاة على النبي وقال ش واجبه في التشهد الأخير ووافقه ابن المواز في الوجوب لنا قوله عليه السلام في حديث ابن مسعود في التشهد فإذا قلت هذا فقد تمت صلاتك ولم يذكر الصلاة حجة ش قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) والصلاة عليه لا تجب في غير الصلاة فتجنب في الصلاة وبقوله عليه السلام لا يقبل الله الصلاة إلا بطهور وبالصلاة علي والجواب عن الأول أن الوجوب فيما هو أعم من الحالتين وهو مطلق الزمان فلا تتعين الصلاة وعن الثاني أنه محمول على الندب جمعا بين الأدلة السنة الثانية عشرة الاعتدال في الفصل بين الأركان على أحد القولين فهذه اثنتا عشرة سنة في الجواهر وأضاف صاحب المقدمات عشرا إليها الثالثة عشرة إقامتها في المساجد لقوله عليه السلام هل أنبئكم بما يرفع الله به الدرجات ويمحو به السيئات إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد قال صاحب البيان ولا يختلف في خروج المتجالة في الجنائز والعيدين والاستسقاء ولا تخرج الشابة إلا في جنازة أهلها والمسجد على الندرة السنة الرابعة عشرة الأذان لها سنة في مساجد الجماعات والايمة حيث كانوا وفرض في جملة المصر السنة الخامسة عشرة الإقامة وقد تقدمت السنة السادسة عشرة رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام وفي الجواهر والتلقين هي فضيلة قال في الكتاب لا أعرفه إلا في تكبيرة الإحرام وهو قول ح قال صاحب الطراز وروى ابن القاسم تركه مطلقا وروى عنه فعله في الإحرام والرفع من الركوع وفي سماع ابن وهب الإحرام والركوع والرفع منه وهو قول ش وابن حنبل وقال ابن وهب يفعله مع ذلك إذا قام من اثنتين فهذه خمسة أقوال وجه الأول ما في أبي داود عن عبد الله بن مسعود أنه قال ألا أصلي لكم صلاته عليه السلام ولم يرفع يديه إلا مرة واحدة وكل من قال بالرفع مرة واحدة جعلها في الإحرام ولأن التكبير شرع في الصلاة مقرونا بحركات الأركان دخولا وخروجا ولما لم يكن مع تكبيرة الإحرام ركن شرع معها حركة اليدين ولأن الرفع يشغل النفس عن الخشوع فهو خلاف الأصل فيقتصر على الأول وجه الثاني أن الرفع منسوخ بما يروى عن جابر بن سمرة قال كنا نرفع أيدينا في الصلاة فمر بنا عليه السلام فقال ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة وجه الثالث أن حالة الرفع ابتداء حالة قيام فأشبه الأول وجه الرابع ما في الصحيح عن ابن عمر أنه رواه عنه عليه السلام إذا قام في الصلاة يرفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك إذا رفع رأسه منه ويقول سمع الله لمن حمده ولا يفعل ذلك في السجود وجه الخامس ما في البخاري أن ابن عمر كان يفعله ورفعه أبو داود وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أن يكون الأول الأصل وبقية الأحاديث تدل على الجواز وكذلك أشار إليه مالك في النوادر ويحقق ذلك عمل أهل المدينة قال صاحب الطراز وأما حد الرفع فثلاثة أقوال إلى المنكبين وهو المشهور وقول ش وابن حنبل وإلى الأذنين وهو قول ح وإلى الصدر عند سحنون وجه الأول حديث ابن عمر السابق والثاني في مسلم عنه عليه السلام والثالث في أبي داود عنه عليه السلام وأما صفة الرفع فالذي عليه العراقيون والباجي ش أن تكون اليدان قائمتين يحاذى كفاه منكبيه وأصابعه أذنيه وهي صفة الراغب فإن الراغب للشيء يبسط له يديه وعند سحنون ظهورهما إلى السماء وبطونهما إلى الأرض وهي صفة الراهب فإن الخائف من الشيء ينقبض عنه وقد فسر بهما قوله تعالى ( ويدعوننا رغبا ورهبا ) وقيل رجاء الخير وخوفا من الشر وفي الترمذي أنه عليه السلام كان إذا كبر نشر أصابعه مدا وجه الثاني الحديث الوارد في الرفع إلى الصدر فإن ذلك لا يتصور غالبا إلا كذلك قال وأما إرسالهما فلم أر لأصحابنا فيه شيئا وقال ش يثنيهما مرفوعتين حتى يفرغ من التكبير قال والظاهر إرسالهما حالة التكبير ليكون مقارنا للحركة كالخفض والرفع مقارنا للحركة ويرسلهما بوقار ولا يدفع بهما إلى قدام ولا يقبضهما عند الإرسال ولا يخبط بهما لمنافاة ذلك للوقار ويستحب كشفهما عند الإحرام وفي أبي داود كان عليه السلام إذا كبر رفع يديه ثم التحف ثم أخذ شماله بيمينه وأدخل يديه في ثوبه السنة السابعة عشرة الانصات للإمام فيما يجهر فيه لقوله تعالى ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ) السنة الثامنة عشرة رد السلام على الإمام وقد تقدم في الأركان السنة التاسعة عشرة تأمين المأموم عند قول الإمام ( ولا الضالين ) وهي في الجواهر والتلقين فضيلة وفيه ثلاث لغات القصر والمد والقصر مع تشديد الميم وقيل هو عبراني عربته العرب وبنته على الفتح وقيل عربته اسما لله تعالى ونونه مضمومة على النداء تقديره يا آمين استجب لنا دعاءنا وقيل عربي مبني على الفتح اسم لطلب الإجابة كسائر أسماء الأفعال واشتقاقه من الأمان بمعنى استجابة دعائنا والمد هو المشهور في السنة واللغة شاهد القصر ( تباعد مني فطحلا إذ سألته ** أمين فزاد الله في بيننا بعدا ) شاهد المد ( ويرحم الله عبدا قال آمينا ** ) والأول محمول على القصر للضرورة قال في الكتاب لا يقل آمين وليقل من خلفه قال صاحب الطراز يريد في الجهر وكذلك قال ابن القاسم في النوادر ولا يقوله الإمام إلا في السر وقال مالك في الواضحة يقوله مطلقا وهو قول ش ح وابن حنبل وفي التبصرة لابن بكير هو مخير فهذه ثلاثة أقوال وجه الأول ما في الموطأ قال عليه السلام إذا قال الإمام ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فقولوا آمين فإنه من وافق تأمينه الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وفي الموافقة ما تقدم في سمع الله لمن حمده ولأن الإمام داع فيكون المأموم هو المؤمن على سنة الدعاء وجه الثاني ما في الصحاح إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وفي أبي داود عنه عليه السلام يقول آمين حتى يسمع من في الصف الأ , ل ولأنه تابع للقراءة والإمام قارئ وجه الثالث تعارض الأدلة تفريع قال صاحب الطراز ولا خلاف أن الفذ يؤمن قال وإذا قلنا يؤمن قال وإذا قلنا يؤمن المأمون قال مالك فمن لا يسمع الإمام لا يؤمن لأنه إجابة والإجابة فرع السماع وفي البيان قال مالك ليس على من لم يسمع أن يؤمن وظاهره له ذلك قال ويتحرى الوقت كما يتحرى المريض لرمي الجملد فيكبر وذهب محمد بن عبدوس الى ان ذلك عليه وذهب يحيى بن عمر الى انه لا ينبغي له ان يفعل ذلك قال وهو اظهر لأن المصلي ممنوع من الكلام والتأمين كلام اقيم في موضعه وعند التحري قد يخطئ قال فهذه ثلاثة أقوال وإذا قلنا يؤمن الإمام قال الباجي لا يجهر به قال وهو الأرجح لأنه دعاء والأصل في الدعاء الخفية لقوله تعالى ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ) وقال ش وابن حنبل يجهر ليقتدى به لظاهر الخبر ونحن نحمله على بيان الجواز لا لمشروعية ذلك على وجه التقدير السنة العشرون قول المأموم ربنا ولك الحمد وهي في الجواهر والتلقين فضيلة وقد تقدم الكلام عليها السنة الحادية والعشرون للمرأة وقد تقدم ذكره في شروط الصلاة النافلة السنة الثانية والعشرون التسبيح في الركوع والسجود وهي في الجواهر والتلقين فضيلة وقال في الكتاب ليس بواجب ولا موقت وأنكر التحديد وهو قول ش و ح وأوجبه ابن حنبل في الركوع والسجود كما أوجب التكبير في الركوع والسجود ورب اغفر لي بين السجدتين لقوله تعالى ( فسبح باسم ربك العظيم ) والأمر للوجوب وفي أبي داود لما نزلت قال عليه السلام اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت ( سبح اسم ربك الأعلى ) قال عليه السلام اجعلوها في سجودكم لنا حديث الأعرابي المسئ لصلاته علمه عليه السلام الواجبات فلو كان التسبيح واجبا لذكره وأما إنكاره مالك للتحديد فقد حدده ابن حنبل سبحان ربي العظيم ثلاثا وسبحان ربي الأعلى ثلاثا واستحب ش ذلك ثلاثا وقال سفيان الثوري يقول الإمام خمسا حتى يلحق المأموم ثلاثا لما في أبي داود قال عليه السلام إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وذلك أدناه وإذا سجد فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات وذلك أدناه وهو معارض لما في الصحيحين أنه عليه السلام كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ووردت أذكار مختلفة غير هذا وذلك يمنع التحديد والوجوب قال صاحب المقدمات بعد عده ثماني عشرة سنة وأسقط بعض ما عده غيره فمن هذه ثمان سنن مؤكدات يسجد لسهوهن وتعاد الصلاة لتركهن عمدا ابدا على الخلاف في ترك السنن عمدا وهي السورة والجهر والإسرار والتكبير وسمع الله لمن حمده والتشهد الأول والجلوس له والتشهد الأخير وما عدا هذه الثمانية فلا فرق بينها وبين الفضائل إلا في تأكيد الطلب الشرعي إلا القناع للمرأة فإن الصلاة تعاد لتركه في الوقت
الباب السادس في فضائل الصلاة
قال صاحب المقدمات وهي سبع عشرة جعل الرداء على المنكب والتيامن في السلام وقراءة المأموم مع الإمام في السر وإطالة القراءة في صلاة الصبح والظهر وفي الجلاب إذا ابتدأ قصيرة قطعها وشرع في طويلة وفي الموطأ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قرأ البقرة في صلاة الصبح وأن عمر رضي الله عنه قرأ يوسف والحج في ركعتي الصبح وأن القرافصة بن عمير قال ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها ذكر هذا مالك ليدل أن العمل يقتضي ذلك مع أن في مسلم أنه عليه السلام قرأ ( إذا زلزلت ) في ركعتي الصبح وفي رواية بالمعوذتين وفي الجواهر يقرأ في الصبح بطوال المفصل وما زاد عليها بقدر ما يحمله التغليس ولا يبلغ بها الإسفار والظهر دونها ويخفف في المغرب والعصر تليها والعشاء بين المنزلتين وقال ش ح وأشهب يسوي الظهر بالصبح والمدرك في ذلك العمل ومن جهة المعنى أن الصبح ركعتان فقط وتدرك الناس أكثرهم نيام فيمد فيها حتى يدركها المسبوق ففي الحديث من شهد صلاة الصبح فكأنما قام ليلة بالتطويل يحصل للمسبوق هذه الفضيلة والظهر يدرك الناس مستيقظين وعددها اربع فهذا يقتضي عدم الإطالة وكونه في وقت فراغ من الأعمال للتخلي للقائلة والأغذية يقتضي التطويل فكانت دون الصبح وأما العصر فتأتي في وقت شغل والمغرب وقتها ضيق بخلاف غيرها قال صاحب الطراز وهما يستويان في القراءة عند مالك مع أنه قد ورد في الصحيحين أنه عليه السلام كان يقرأ بالطور في المغرب ثم ما صلى بعدها حتى قبضه الله وفي أبي داود بالأعراف وروى ابن وهب عن عمرو بن العاص قال ما من القرآن شيء إلا وقد سمعته عليه السلام يؤم الناس به فكان عليه السلام يخالف عادته ليعلم الناس ذلك وقد أنكر العلماء ومالك على من يقتصر على بعض القرآن ولو كان أفضل من غيره فإن الله تعالى أنزل القرآن ليخاف من وعيده ويرجى وعده ويتأدب بقصصه فينبغي أن يتلى جميعه قال صاحب البيان كره مالك تكرار قراءة ( قل هو الله أحد ) في ركعة واحدة للذي يحفظ القرآن لئلا يعتقد أن أجر قرائتها ثلاث مرات مثل أجر جملة القرآن متأولا لقوله عليه السلام إنها تعدل ثلث القرآن فقال إذ ليس ذلك معنى الحديث عند العلماء بل له معان كثيرة عندهم أحسنها أن أجرها مضاعف يعدل أجر ثلث القرآن غير مضاعف
فائدة قال صاحب الطراز المفصل كله مكي وأوله قيل الحجرات وقيل ق وهو الصحيح لأن الحجرات مدنية وقيل الرحمان قال وكره مالك إظهار الهمزة في قراءة الصلاة واستحب التسهيل على رواية ورش لأنه لغته عليه السلام قال وكذلك الترقيق والتفخيم والروم والإشمام وغير ذلك من معاني القراءة قال وتقصير الجلسة الأولى والتأمين بعد الفاتحة للفذ والإمام فيما يسر فيه وقول الفذ ربنا ولك الحمد وصفة الجلوس والإشارة فيه بالأصبع وقيام الإمام من موضعه ساعة يسلم والسترة وينبغي أن يحمل قوله على موضع الأمن من المرور بوجوبها في غيره قال واعتدال الصفوف وترك البسملة ووضع اليدين إحداهما على الأخرى حالة القيام وقد كرهه في المدونة قال كراهة أن يعد من الواجبات وقال في الكتاب أكرهه في الفريضة بخلاف طول القيام في النوافل وفي الجواهر قال أبو محمد وأبو الوليد رواية ابن القاسم محمولة على الاعتماد قال صاحب الطراز فيه ثلاث روايات الكراهة في الفرض رواية ابن القاسم والإباحة في الفرض والنفل رواية أشهب والاستحباب فيهما رواية مطرف وهو مذهب ش ح وابن حنبل وهو في الصحاح عنه عليه السلام وفي الموطأ عنه عليه السلام أنه قال من كلام النبوة إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة قال واختلف القائلون به فقال الباجي يقبض يمناه على المعصم والكوع من اليسرى ولا يعتمد عليها وقال الحنفية يقبض على أصابع اليسرى وقال بعض الشافعية لا يقبض على شيء بل يضع كفه اليسرى مبسوطة وكفه اليمنى عليها وهو مروي عنه عليه السلام وقال بعضهم يقبض بكفه اليمنى كفه اليسرى وقال بعضهم يضع كفه على كفه ويقبض بالخنصر والبنصر والإبهام على رسغه ويمد الوسطى والسبابة على ذراعه اليسرى واختلف في موضعهما قال ابن حبيب غير محدود وقال عبد الوهاب تحت الصدر وفوق السرة وهو ظاهر حديث الموطأ وقال الحنفية يضعهما تحت السرة وهو في أبي داود عنه عليه السلام وروي عن ش فوق النحر لما روي عن علي رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى ( فصل لربك وانحر ) أنه ذلك قال والصلاة على الأرض أو ما تنبته والصلاة في جماعة للرجل في نفسه وهي سنة في المساجد وفريضة في الجملة وأما النساء فقال صاحب البيان أما المتجالات فلا خلاف في خروجهن للمساجد والأعياد وغيرها وأما الشابة فلا تخرج إلا في الندرة وفي جنائز أهلها وعلى الإمام منعهن وفي الحديث عنه عليه السلام
ما تركت بعدي قتنة أضر على الرجال من النساء وقالت عائشة رضي الله عنها لو أدرك عليه السلام ما أحدثه النساء لمنعهن المساجد كما منع نساء بني إسرائيل قال والنساء أربع فانية فهي كالرجل ومتجالة فلا تكثر التردد وشابة تخرج على الندرة وفائقة لا خمار لها لا تخرج البتة والقنوت وأصله في اللغة الطاعة ومنه قوله تعالى ( والقانتين والقانتات ) ويطلق على طول القيام في الصلاة وفي الحديث
أفضل الصلاة طول القنوت وعلى الصمت ومنه قوله تعالى ( وقوموا لله قانتين ) وعلى الدعاء ومنه قنوت الصبح وهو عندنا وعند ش ح مشروع خلافا لابن حنبل وفي الصبح عندنا وعند ش خلافا ح في تخصيصه إياه بالوتر وفي الجلاب لمالك في القنوت في النصف الأخير من رمضان روايتان لنا ما سنذكره من الأحاديث أجاب ابن حنبل فحملها على نوازل كانت تنزل بالمسلمين والحكم ينتفي لانتفاء سببه جوابه منع التعليل بخصوص تلك الوقائع بل لمطلق الحاجة لدرء الشرور وجلب الخيور وهو أولى لعمومه فيجب المصير إليه وهذه العلة باقية فيدوم الحكم قال في الكتاب إذا قنت قبل الركوع لا يكبر خلافا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال وقبل الركوع وبعده واسع والذي آخذ به في نفسي قبل خلافا ش وكان علي رضي الله عنه يقنت قبل وعمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يقنتان بعد وفي الصحيحين سئل عليه السلام أهو قبل أم بعد فقال محل القنوت قبل زاد البخاري قيل لانس إن فلانا يحدث عنك أن النبي عليه السلام قنت بعد الركوع قال كذب فلان وفي رواية أنه قنت بعد الركوع شهرا ووافق ش في الوتر أن قنوته قبل ولأنه قبل يحصل للمسبوق فضيلة الجماعة وقال في الكتاب لا توقيت فيه ولا يجهر أما عدم التحديد فلأنه ورد بألفاظ مختلفة وأما عدم الجهر فقياسا على سائر الأدعية وروى ابن وهب أن جبريل علم النبي عليهما السلام اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق وإن هذا بعد ما كان يدعو على مضر إذ جاءه جبريل عليه السلام فأومأ إليه أن اسكت فسكت فقال إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا إنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) ثم علمه القنوت وفي أبي داود أنه عليه السلام علم الحسن بن علي في القنوت اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقنى شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وأنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ويروى أنه عليه السلام كان يقنت في الوتر اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
فوائد نخنع معناه نتواضع ومنه قوله عليه السلام إن اخنع الأسماء عند الله رجل يسمى بشاه ونخلع معناه من ذنوبنا ونحفد معناه نعاضد على طاعتك ومنه حفدة الأمير أي أعوانه وابناء الأبناء يسمون حفدة لذلك وقوله قنى شر ما قضيت مع أن القضاء لا يمكن أن يقع غيره معناه أن الله تعالى يقدر المكروه بشرط عدم دعاء العبد المستجاب فإذا استجاب دعاءه لم يقع المفضي لفوات شرطه وليس هو رد للقضاء المبرم ومن هذا الباب صلة الرحم تزيد في العمر والرزق وقوله أعوذ برضاك يتعين أن يكون المستعاذ به قديما لامتناع الاستجارة بالحوادث ورضى الله تعالى إما إرادة الإحسان على ما تقدم في الرحمة على رأي الأشعري أو الإحسان نفسه على رأي القاضي والأول متعين لقدمه وكذلك قوله بمعافاتك من عقوبتك وقوله أعوذ بك منك كيف تصح الاستعاذة من القديم مع أنه لا يصح إلا من حادث وجوابه أن قوله منك على حذف مضاف تقديره من مكروهاتك ليعم ما ذكره أولا وما لم يعلمه وقوله أنت كما أثنيت على نفسك مشكل من جهة العربية والمعنى من جهة تشبيه الذات بالثناء وجوابه أن ثم مضافا محذوفا في الأول تقديره ثناؤك اللائق ثناؤك على نفسك
فرع قد ألحق في الكتاب الدعاء بالقنوت وكرهه في الركوع بخلاف السجود والقيام والجلوس بحوائج الدنيا والآخرة وأجاز الذكر في الركوع والسجود قال صاحب الطراز أجاز مالك وش الدعاء بجميع الحوائج وقال ح لا يدعى إلا بما في القرآن أو ما في معناه مما لا يسئل به الناس فإن قال أطعمني أو زوجني فسدت صلاته لأنه من جنس الكلام كرد السلام وتشميت العاطس والشعر المنظوم دعاء أو ثناء فإن ذلك كله يفسد الصلاة لنا ما في الصحيحين أنه عليه السلام علمهم التشهد إلى قوله أشهد ألا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله قال ثم ليختر من المسائل ما شاء وهذا عام والجواب عما ذكروه أن تلك الأمور يعد الإنسان بها في العرف غير مصل لمباينتها لنظام الصلاة بخلاف الدعاء ولأنه من فعل السلف قال عروة إني لأدعو الله في حوائجي كلها حتى في الملح قال صاحب الطراز قال مالك إلا أنه يستحب التأدب فلا يقل اللهم ارزقني وهو كثير الدراهم وليدع بدعاء الصالحين وبما في القرآن قيل له فيدعو قال صاحب الطراز ولا يدعو في القيام قبل القراءة ولا في أثناء الفاتحة في المكتوبة بخلاف النافلة فإنها مشتملة على الدعاء فهي أولى ويدعو بعد فراغها إن أحب وقد دعا الصديق رضي الله عنه بعدها بقوله ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) الآية ويدعو بعد الرفع من الركوع بين السجدتين إن أحب وأوجب ابن حنبل الدعاء بين السجدتين بقوله رب أغفر لي ذنبي ويدعو بعد التشهد ويكره قبله وأما غير الدعاء من الثناء والذكر الحسن فالقرآن أولى منه تلاوة وسماعا وقد كره مالك للمأموم سبحان الله بكرة وأصيلا فإن فعل فلا إعادة عليه وأجاز في الكتاب الدعاء على الظالم لما في مسلم أنه عليه السلام قال حين رفع من الركوع غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله وعصية عصت الله ورسوله اللهم العن بني لحيان والعن رعلا وذكوان ثم سجد وفي النوادر إن قال يا فلان اللهم افعل به كذا قال ابن شعبان بطلت صلاته بل يقول افعل بفلان وقال ابن أبي زيد وما علمت أحدا من أصحابنا قاله غيره وقد بقي من المندوبات آداب القلوب فمنها الخشوع وهو اتصاف القلب بالذلة والاستكانة والرهب بين يدي الرب قال الله تعالى ( وقد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) والخشوع أفضل أوصاف الصلاة ولذلك أمرنا بالمشي إليها بالسكينة والوقار مع تفويت الاقتداء والمبادرة إلى الطاعة وحضور الأشغال المانعة منه وما تؤخر جملة الصلاة له إلا وهو من أفضل صفاتها ومنها الفكرة في معاني الأذكار والقراءة فإن كانت دالة على توكل توكل عليه أو على الحياء استحيا منه أو على التعظيم عظمه أو المحبة أحبه أو الإجابة أجابه أو زجر عزم على ترك المخالفة ولا يشتغل عن الفكرة في آية بالفكر في آية أخرى وإن كانت أفضل لما فيه من سوء أدب المناجاة والإعراض عن الرب بالقلب الذي هو أفضل أجزاء الإنسان ولذلك هو أقبح من الإعراض عنه بالجسد ولذلك قال معاذ بن جبل إن الشيطان ليشغلني عن القراءة بذكر الجنة والنار فجعله من الشيطان وإن كان قربة عظيمة فهذه هي الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر وتكون اللام فيها للكمال كما هي في صفات الله تعالى كما قال سيبويه وهي مناسبة لذلك فإن القلب إذا اتصف بهذه الصفات في الصلاة كان إذا تخلل منها قريب العهد بذكر الزواجر عن القبائح فلا يلابسها والمرغوبات في المدائح فلا يفارقها
فرع قال صاحب الطراز وقد ورد الترغيب في الذكر بعد السلام لقوله تعالى ( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ) قيل انصب في الدعاء وارغب إليه في الحاجات وفي الصحيحين قال عليه السلام من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين فذلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر
الباب السابع في الإمامة
والإمامة في اللغة الاقتداء والإمام المقتدى به والإمام خشبة البناء التي يتبعها في استقامة أعماله وقيل أصل إمام الاقتداء منها تشبيها بها والمأموم المقتدي والمأموم من شج في رأسه فوصلت إلى أم دماغه وفي الباب تسعة فصول
الفصل الأول في شروط الإمامة
وهي سبعة الشرط الأول الإسلام لقوله عليه السلام أيمتكم شفعاؤكم فاختاروا بمن تستشفعون وهذا يدل ثلاثة أوجه الأول وصفه بالشفاعة والشفيع لا بد أن يكون مقبولا عند المشفوع عنده والكافر ليس كذلك الثاني حصره الأيمة في الشفعاء لوجوب حصر المبتدأ في الخبر فمن ليس بشفيع لا يكون إماما الثالث أنه أوجب اختياره والكافر ليس بمختار
فرع فلو صلى بالمسلمين ولم يعلموا به قال مالك في العتبية يعيدون أبدا خلافا لبعض الشفعوية قال صاحب الطراز ولا يحكم بإسلامه عند مالك وش وقال ح إن كان في مسجد حكم بإسلامه لأن ذلك من شعائر الإسلام وإلا فلا وقال مطرف وابن الماجشون إن تاب وإلا قتل كالمرتد وقال سحنون إن عمله خوفا على نفسه وماله فلا شيء عليه وإلا عرض عليه الإسلام فإن أسلم فلا إعادة على المأمومين وإلا قتل وأعادوا قال صاحب الطراز ويلزم إذا حكمنا بإسلامه بمجرد الصلاة أن لا يعيد القوم لأنها وقعت خلف مسلم لكن إسلامه غير محقق وجه إسلامه قوله عليه السلام من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فله ما لنا وعليه ما علينا ولان الشعائر دليل الإيمان الباطن كالشهادتين وجه عدم إسلامه أن إمامته إنما تدل على اعتقاده حسن فعل هذه الصلاة في جماعة وهو لو صرح بذلك قبل وجوبه لم يكن مسلما الشرط الثاني العدالة قال صاحب الطراز لا يشترط ظهورها بل تكفي السترة عند جماعة الفقهاء غير أن المعروف خير من المجهول قال مالك لا يصلي خلف المجهول إلا أن يكون إماما راتبا وأما الفاسق بجوارحه فظاهر المذهب منعه خلافا ش وابن حنبل لنا ما تقدم في الكافر ولأنه أسوأ حالا من المرأة بقبول شهادتها دونه احتجوا بما في أبي داود قال عليه السلام صلوا خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر ولأن كل مصل يصلي لنفسه وجواب الأول أنه محمول على الصلاة عليه إذا مات بعضده أن الأمر للوجوب ولا تجب الصلاة خلف الفاسق إجماعا وتجب عليه ميتا وعن الثاني أنه منقوض بالكافر والمرأة وإن لم يعلم بهما المأموم وقد سلم هذا ش وبإجماع الأمة على صحة صلاة من أدرك الإمام راكعا لو كان منفردا لم تصح وبجلوس من أدرك الثانية وبسجوده لسهو الإمام ولو فعل ذلك المنفرد بطلت صلاته ومنها يدل على أن الصلاتين واحدة وأن صلاة الإمام صلاة المأموم وليست صلاة المأموم صلاة الإمام قال وأوجب مالك الإعادة أبدا على من ائتم بمن يشرب الخمر وإن لم يسكر ولهذا فرق الأبهري بين الفاسق بإجماع وبين الفاسق بالتأويل فإنه معتقد التقرب فهو أخف من القادم على ما يعتقده معصية قال أبو طاهر في إمامة الفاسق بجوارحه قولان والبطلان مبني على أنه يتوقع منه ترك فروض الصلاة فينبغي أن يعتبر حاله فإن كان فسقه لا يحمله على ذلك ائتم به وإلا فلا وفي الجواهر قال ابن حبيب من صلى خلف شارب الخمر يعيد أبدا إلا أن يكون الوالي الذي إليه الطاعة إلا أن يكون حينئذ سكرانا قاله من لقيه من أصحاب مالك وقيل تستحب الإعادة في الوقت
فرع قال في الكتاب من صلى خلف السكران أعاد قال صاحب الطراز إن ذهب عقله انتقضت طهارته فهو كالمجنون وإن لم يغب عقله فيعيد أبدا أيضا قال ومن الأصحاب من علله بأنه متحمل للنجاسة في جوفه من غير ضرورة قال ويلزمه ألا تصح صلاته في نفسه قال وله أن يقول لما تعذر عليه دفع النجاسة صار كمن تضمخ ثم عدم الماء وكمن أراق الماء ثم صلى بالتيمم فإنهما آثمان مع صحة صلاتهما قال وعلى هذا النظر يجب عليه أن يتقيأ وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم لا يتقيأ لأن معدته تبقى نجسة قال ومن أصحابنا من فرق بين الجمعة وغيرها لأجل الخروج على السلطان وهو مفسدة عظيمة ومنهم من سوى قال وأما الخوارج فمنع مالك إمامتهم لأنهم أشد الفساق واختلف في كفرهم لاعتقادهم إباحة ما خالف فيه جماعة السنة وأن ما عليه جماعة السنة ليس من الدين قال وأما أهل البدع والأهواء فلا فرق بينهم على اختلاف طبقاتهم ولو جوزنا إمامة الفاسق لمنعناها خلفهم لما فيه من تكثير البدع بشهرة الإمامة وتوقف في الكتاب في إعادة الصلاة خلف المبتدع قال ابن القاسم واراها في الوقت وقال سحنون لا إعادة مطلقا وهذا يقتضي عدم تكفيرهم عند الثلاثة وقال ابن عبد الحكم يعيد مطلقا وفي الجواهر من صلى خلف قدري الجمعة أعاد أربعا واشترط ابن حبيب في الإعادة أن لا يكون واليا وفي البيان تؤول ما في الكتاب لمالك على عكس تفرقة ابن حبيب لقوله وأرى إن كنت تتقيه وتخافه على نفسك أن تصلي معه وتعيد ظهرا أربعا قال والخلاف في البدع والأهواء المحتملة قوله الكفر أما الكفر الصريح فلا يصح الاختلاف في الإعادة والخفيف الذي لا يؤول إلى الكفر فلا يصح الاختلاف في أن الإعادة غير واجبة قال وإن كانت الروايات وردت مجملة
فرع قال في الكتاب إذا قطع صلاته متعمدا أو صلى بالحدث عمدا فسدت على من خلفه قال صاحب الطراز وقال أشهب لا تفسد عليهم إلا أن يستمر بهم وأشار إليه ابن القاسم وقال أشهب أيضا إذا أمهم محدثا أجزأتهم وهو قول ش وقال ابن عبد الحكم لا يبني احد إذا فسدت صلاة إمامه إلا في الحدث قال صاحب الطراز وينبغي أن يفصل فإن قطع لشبهة مثل أن تكون عادته أن يذكر الله تعالى قبل الإحرام فنسي حتى أحرم وأحرموا فقطع لذلك أو توقفت عليه القراءة فقطع لذلك فالأظهر ههنا الصحة ويتمون لأنفسهم بخلاف المتمرد في القطع الشرط الثالث الذكورة قال في الكتاب لا تؤم المرأة قال صاحب الطراز المشهور حمله على العموم في الفرض والنفل للرجال والنساء وهو قول وعن مالك الإعادة أبدأ وروى عنه تؤم النساء وهو قول ش لنا أنها أسوأ حالا من الصبي للأمر بتأخيرها في الصفوف بخلافه ومن العبد بصحة صلاته في الجمعة بخلافها ويروى أخروهن حيث أخرهن الله فلا يجوز تقديمها للإمامة
فرع قال صاحب الطراز الخنثى إن حكم لها بالذكورية صحت الصلاة أو بالأنوثة أعاد أبدا قال أبو الطاهر والمشكل لا تصح إمامته بالرجال ولا بالنساء على المشهور وفي الجواهر لا يلحق العنين بالخصي لبعده من الأنوثة الشرط الرابع البلوغ في الكتاب لا يؤم الصبي في النافلة الرجال ولا النساء وهو قول ح في الفرض والنفل قال صاحب الطراز قال ابن حبيب يعيد المأموم أبدا وروى ابن القاسم يؤم في النافلة وأجاز ش إمامته في المكتوبة إلا في الجمعة وهو مذهب أبي مصعب منا وفي الجواهر المميز لا تجوز إمامته في المكتوبة ولا تصح وقال أبو مصعب تصح وإن لم تجز وفي النافلة تصح وإن لم تجز وقيل تصح وتجوز وأما غير المميز فلا تصح ولا تجوز والخلاف يرجع إلى إمامة المتنفل بالمفترض فنحن نمنعه وش يجيزه لنا ما في أبي داود قال عليه السلام الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن فحصر الإمام في وصف الضمان فلا يوجد في غيره وضمانه لا يتصور في الذمة لأنه لا يبرأ أحد بصلاة غيره بل معناه أن صلاة الإمام تتضمن صلاة المأموم ولن يتأتى ذلك حتى يشتمل على أوصاف صلاة المأموم لكن من جملة أوصافها الوجوب وهو متعذر في صلاة الصبي وبهذا التقرير ظهر امتناع إيقاع الظهر خلف من يصلي العصر والقاضي خلف المؤدي والمفترض خلف المتنفل حجة ش ما في البخاري عن عمرو بن سلمة أنه عليه السلام قال لأبيه ليؤمكم أكثركم قرآنا فلم يكن فيهم أكثر قرآنا مني فقدموني وأنا ابن ست سنين وفيه عن معاذ بن جبل أنه كان يصلي مع النبي عليه السلام ثم يرجع فيؤم قومه والجواب عن الأول أنه اجتهاد من قومه فليس بحجة وعن الثاني أنها واقعة عين فلعله كان يصلي مع النبي عليه السلام النفل ويؤيد ذلك أنه كان من خيار فقهاء الصحابة رضوان الله عليهم وكان عليه السلام أمره بالصلاة بأهله وكان يحضر معه عليه السلام لاحتمال طريان فقه في الصلاة فيقتبسه ويؤيد ذا كونه عليه السلام قسم الناس في صلاة الخوف طائفتين فصلى بكل طائفة ركعتين وهو على خلاف القواعد من جهة انتظاره لإتمام الطائفة الأولى وهو زيادة في الصلاة ومن جهة استقلال المأموم بنفسه من غير استخلاف ومن جهة سلام المأموم قبل إمامه فلو صح ما قالوه لصلى عليه السلام بكل طائفة الصلاة تامة دفعا لهذه المحذورات وأما صلاة المتنفل خلف المفترض ففي الجلاب جوازها والفرق أن صفة النفل كونه قربه وهو حاصل في الفرض ولهذا من أحرم قبل الزوال بالظهر ثم تبين له وقع نفلا ولأن إعادة الصلاة في جماعة مشروع لتحصيل فضيلة الجماعة ولأن الأدنى يتبع الأعلى من غير عكس الشرط الخامس قدرته على الأركان وفيه فروع ثلاثة الأول قال في الكتاب إذا صلى القارئ خلف الأمي هو أشد من إمام ترك القراءة عمدا والإعادة في ذلك كله أبدا لأن صلاة الإمام صلاة المأموم على ما تقدم فهو مصل بغير قراءة وخالفنا ش ههنا وفي الراكع خلف المومئ والفاسق بناء على أن كل مصل يصلي لنفسه وقد تقدم بطلانه ويؤيده قوله عليه السلام يؤم القوم أقرأهم فجعل القراءة من أوصافه وقوله عليه السلام الإمام ضامن وإنما يتحقق الضمان إذا حمل القراءة عن المأموم بقراءته قال صاحب الطراز وإذا بطلت صلاة المأموم فصلاة الأمي باطلة إذا كان المأموم صالحا للإمامة ووافق ح وخالف أشهب وجه الأول أنه ترك الاقتداء بحامل القراءة عنه وصلى بغير قراءة في حالة تجب عليه وجه الثاني أن الجمع لا يجب إلا في الجمعة والواجب على كل أحد ما يقدر عليه
فرع إن افتتح الأمي ثم أتى القارئ قال فعلى قول ابن القاسم إن كان لم يركع قطع وإن ركع شفعها نافلة فإن كان في ثلاث قطع فإن أخره القارئ وتقدم قال يحتمل عدم الإجزاء لبطلان الإحرام والإجزاء لانتفاء المبطل وهو عدم القراءة قال وظاهر قول ابن القاسم الا يأتم الأمي بالأمي لفوات شرط الإمامة خلافا لسحنون وش وح وهو معروف من قول أهل العلم لأن الأمي إن لم تزد حالة بالإتمام لا تنقص عن الأفراد قال ولا يأتم الأمي بالقارئ المسخوط الحال الثاني اللاحن قال ابن القصار والقاضي عبد الوهاب إن غير المعنى نحو ( إياك نعبد ) و ( أنعمت عليهم ) بكسر الكاف وبضم التاء لم تجز إمامته وإلا جازت وأمر أبو بكر بن محمد بالإعادة من غير تفصيل وفي البيان قال بعض المتأخرين لا تجوز وإن كان لحنه في غير الفاتحة حملا لما في الكتاب لابن القاسم في الذي لا يحسن القراءة على ظاهره وقال لم يفرق بين فاتحة ولا غيرها قال وهو بعيد وفي الجواهر من كان يلحن في الفاتحة لا تصح الصلاة خلفه وقال الإمام لا تصح صلاته أيضا وحكى اللخمي الصحة على الإطلاق وفي البيان هي مكروهة ابتداء وهو الصحيح لأن اللحان لا يقصد اللحن بل يقصد ما يقصده القارئ وإليه ذهب ابن حبيب ومنشأ الخلاف هل اللحن يخرج القرآن عن كونه قرآنا أم لا وفي الحديث من قرأ القرآن وأعربه كان له بكل حرف عشر حسنات فإن لم يعربه كان له بكل حرف حسنة فأثبت القرآن مع اللحن ولا تصح إمامة من لا يقدر على إخراج الحروف من مخارجها بسبب الجهل وتجوز إمامة الألكن للسالم منها وقال ابن القاسم إذا كان يقيم الفاتحة ولا تجوز إمامة من لا يفرق بين الضاد والظاء ومن لا يحسن أداء الصلاة قراءة وفقها قال أبو الطاهر من كان يعجز عن النطق بالحروف خلقة وهو الألكن تصح إمامته لسقوط الفرض عنه بسبب العجز بخلاف العاجز بسبب الجهل وقيل في العاجز بسبب الخلقة لا تصح إمامته وفي البيان الألكن الذي لا يبين قراءته والألثغ الذي لا يتأتى له النطق ببعض الحروف والأعجمي الذي لا يفرق بين الظاء والضاد والسين والصاد ونحوه لا خلاف في صحة من ائتم بهم وإن كان الائتمام بهم مكروها إلا أن لا يوجد من يرضى قال الأصمعي الفأفاء الذي يكرر الفاء والتمتام الذي يكرر التاء والأرث الذي يدغم الحروف بعضها في بعض ولكنه يجمع ذلك كله قال ابن بشير لا يفتح على من ليس معه في صلاة وأن طلب منه الفتح فإن فعل فعل فهل صلاة الفاتح قولان على الخلاف في القرآن يقصد به إفهام الغير وأما من في الصلاة فإن أخطأ الإمام في غير أم القرآن يفتح عليه إلا أن يغير المعنى أو بطلب منه الفتح وأخطأ في أم القرآن فإنه يفتح عليه لأن الصلاة لا تجزئ إلا بها فإن ترك الإنسان آية من الفاتحة فهل يسجد لسهوه أم لا سجود عليه لأن الأقل تبع للأكثر قولان ويتخرج على مراعاة الاتباع في أنفسها فإن الصلاة تبطل الثالث العاجز عن القيام قال في الكتاب إذا عجز يستخلف ويرجع إلى الصف مأموما وفي الجلاب في إمامة الجالس بالقائم روايتان وبالجواز قال ش و ح لنا أن صلاة الإمام هي صلاة المأموم بدليل القراءة فيكون تاركا للقيام مع القدرة فلا تصح صلاته وفي الدارقطني عنه عليه السلام لا يؤمن أحد بعدي جالسا وهو ضعيف لا تقوم به حجة قاله عبد الحق في الأحكام حجة الجواز ما في الصحاح أن أبا بكر رضي الله عنه أم بالناس فجاء عليه السلام فجلس عن يساره فكان عليه السلام يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي بصلاته عليه السلام ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر رضي الله عنه قال صاحب الطراز وجلوس المأموم قادرا على القيام ممنوع عند مالك و ش ح خلافا لابن حنبل محتجا بما في الصحاح أنه عليه السلام سقط عن فرس فجحش شقه الأيمن قال أنس فدخلنا نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا فصلينا وراءه قعودا فلما قضى الصلاة قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا الحديث إلى أن قال وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون وهو عندنا منسوخ بقضية أبي بكر المتقدمة ويعضده أن الأركان واجبة فلا تترك الاقتداء المندوب قال وتجوز إمامة الجالس للجالس عند مالك ومطرف وابن عبد الحكم وعن ابن القاسم المنع والجواز وهو أحسن لاستواء الحالة ومنع ابن القاسم إمامة المومئ بالومئ وأجازها ش قال وهو ظاهر لما في الترمذي أنه عليه السلام صلى بهم في راحلته للمطر والبلة إيماء حجة المنع قوله عليه السلام إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا الحديث فجعل من صفته الركوع والسجود والمومي ليس كذلك وأما صلاته خلف الصحيح فجائزة اتفاقا وفي الجواهر لا تصح إمامة المنضجع بمنضجع ولا غيره الشرط السادس موافقة مذهب المأموم في الواجبات قال ابن القاسم في العتبية لو علمت أن أحدا يترك القراءة في الأخيرتين لم أصل خلفه وقال أشهب عند ابن سحنون من صلى خلف من لا يرى الوضوء من الذكر لا شيء عليه بخلاف القبلة يعيد أبدا وقال سحنون يعيد فيهما في الوقت قال صاحب الطراز وتحقيق ذلك أنه متى تحقق فعله للشرائط جاز الائتمام به وأن كان لا يعتقد وجوبها وإلا لم تجز فالشافعي يمسح جميع رأسه سنة فلا يضر اعتقاده بخلاف ما لو أم في الفريضة بنية النافلة أو يمسح رجليه قال المازري قد حكى الإجماع في الصلاة خلف المخالف في المذهب وإنما يمتنع فيما علم خطؤه كنقض قضاء القاضي قال ويدل على ذلك تفرقة أشهب بين القبلة ومس الذكر الشرط السابع اتفاقهما في المقتدى فيه ودليل هذا الشرط ما تقدم في البلوغ وفيه فروع خمسة الأول قال في الكتاب إذا ظنه في العصر وهو في الظهر فسدت صلاة المأموم وهو قول ح وأحد قولي ابن حنبل خلافا ش قال ابن القاسم في العتبية إذا علم في أثناء الصلاة في ركعة شفعها أو اثنتين سلم أو ثلاث كملها وأعاد الثاني قال صاحب الطراز لا يجوز أن يؤم به في قضاء من يومين ومن يوم يجوز وقال قال عيسى تصح مطلقا لأن الفوائت وقتها واحد وظهر اليوم مساو لظهر أمس وإنما وقع الخلاف في الأوقات الثالث قال في الكتاب من أحرم بالجمعة ظانا يوم الجمعة والإمام في الظهر أجزأت قال ابن القاسم والعكس يعيد لافتقار الجمعة إلى نية تخصها خلافا ش وقال أشهب في المجموعة يعيد فيهما وحكى اللخمي عن مالك لا يعيد فيها والفرق للمذهب من وجوه أحدها أنها تجزئ عن الظهر لمن لا تجب عليه الجمعة وثانيها أن من أحرم بنية الجمعة في سجود الأخيرة صلى به الظهر وثالثها أن للجمعة شعارا عظيما لا يعذر الإنسان بسببها إذا ادعى جهلها بخلاف غيرها الرابع إذا أحرم بما أحرم به إمامه قال صاحب الطراز قال أشهب تجزيه وللشافعية قولان ومعتمد الجواز ما جاء عن علي رضي الله عنه في الحج أنه أحرم بما أحرم به عليه السلام وصححه النبي عليه السلام وهو مشكل فإن الحج لا يفتقر إلى تعيين نية بل إذا أطلق انصرف إلى المفروض إجماعا ولا يجزي ذلك في الصلاة إجماعا والحج باب ضرورة الخامس في الجواهر لا يقتدي مسافر بمقيم فإن اقتدى به وقلنا القصر فرض فلا يجوز وقيل يجوز وإن قلنا سنة فروى ابن القاسم المنع وأبو إسحاق الجواز تسوية بين فضيلة الجماعة وفضيلة القصر وإن قلنا بالتخيير فالإتمام مع المقيم أولى من القصر منفردا وحكم الصلاة بعد الاقتداء يتنزل على الخلاف المتقدم فإن قلنا القصر فرض قال القاضي أبو محمد وبعض المتأخرين تبطل وقال بعضهم لا تبطل لاحتمال الانتقال كالعيد في الجمعة وقيل يقتدى به في الركعتين خاصة واختلف هل يسلم أو ينتظره ويسلم معه وإن قلنا سنة لم يعد عند ابن القاسم وروى أشهب ومطرف الإعادة في الوقت إلا أن يكون في الحي أو مساجد الأمصار الكبار هذا إذا علم أنه مقيم فإن جهل ذلك ثم علم قال سحنون تجزيه وأما ائتمام المقيم بالمسافر قال ابن حبيب هو أخف في الكراهة من الأولى واتفقت الروايات عن مالك أن أحد الفريقين لا يؤم بالآخر إلا في مساجد الجماعات والأمراء
الفصل الثاني فيما يكره في الإمام
وفيه فروع سبعة الأول كره في الكتاب إمامة الأعرابي بالمسافرين والحاضرين وإن كان أقرأهم وهو قول ش وعلله ابن حبيب بجهله للسنة والباجي بتركه للجمعة والجماعات قال صاحب الطراز والأول أبين فإن الجمعة لا تجب عليه والمنفرد في رؤوس الجبال لا تكره إمامته إذا كان عالما بالسنة
فائدة الأعرابي بفتح الهمزة البدوي سواء كان عربيا أو أعجميا الثاني كره في الكتاب إمامة العبد في مساجد العشائر والجماعات والأعياد بخلاف غيرها قال صاحب الطراز وأجازها ابن الماجشون وأثبته في غير الجمعة وش وابن حنبل لنا أن الرق ونقص لمنع الشهادة فيكره في الإمامة ولأنه يؤدي للطعن على الجماعة فإنه أفضلهم ومنع في الكتاب إمامته في الجمعة قال ابن القاسم فإن فعل أعاد وأعادوا لأن العبد لا جمعة عليه وفي الجلاب عن أشهب تجزئهم لأنها بالإحرام وجبت عليه فساواهم ويرد عليه أن النوافل كذلك مع بطلان الإمامة فيها وأن تكبيرة الإحرام ليست بواجبة عليه في الجمعة
تفريع قال صاحب الطراز إذا قلنا بالإعادة قال ابن القاسم يعيدون في الوقت جمعة بخطبة وبعده ظهرا وفي امتداد الوقت إلى الضروري قولان وفي البيان قال ابن القاسم إلى قبل الغروب بركعة مثل ظاهر الكتاب وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب وروى مطرف ما لم تغرب الشمس مثل رواية في الكتاب باسقاط بعض وقال سحنون إلى قبل الغروب بمقدار العصر وقيل ما لم تصفر وقال أبو بكر الأبهري إذا أدرك ركعة بسجدتيها قبل وقت العصر أتمها جمعة وإلا ظهرا وفي إعادة الإمام المسافر ثالثها يعيد في الوقت بناء على الخلاف فيمن جهر متعمدا وأما البعد فيعيد أبدا وقيل لا إعادة عليه ولو اجتمع في القرية جماعة عبيد تتقرى بهم القرية فأقاموا الجمعة لم تجزهم على المذهب وبه قال ش خلافا ح قال والتسوية بين العيد والجمعة فيه نظر لأن العيد من النوافل ولو فاته مع الجماعة صلاة وحده وما له أن يفعله وحده فله الإمامة فيه قال صاحب البيان وأجاز ابن حبيب إمامة العبد في العيد لوجوبها عليه عنده بخلاف الجمعة وحكاه مطرف وابن الماجشون وسوى المشهور بينهما لأنهما لا يجبان عليه وفي الجواهر روى علي لا يؤم الأحرار إلا أن يكون تقرأ وهم لا يقرأون وأجاز ابن القاسم أن يكون إماما راتبا في التراويح
تمهيد الواجب على العبد والمرأة والمسافر أحد الصلاتين لا بعينها والخيرة لهم في التعيين وعلى المسافر أحد الشهرين إما رمضان أو شهر القضاء فهذه الصور كلها كخصال الكفارة ففيها نصف خصال الكفارة بالوجوب بناء على وجوب أحدها ويكون موقعا للواجب إذا فعل أحدها فكذلك ههنا وليس هذا من باب إجزاء النفل عن الفرض ومعنى قوله عليه السلام وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة أي تعيين الصوم وتعيين الإتمام فالعبد متطوع بالتعيين فقط والحر مفترض فيه فهذا منشأ الخلاف هل يلاحظ أصل الوجوب أو يلاحظ التعيين وبهذا يظهر أن قول الأصحاب إنه متطوع بتكبيرة الإحرام ليس على ظاهره بل بتعينها فقط لأن الواجب عليه إحدى التكبيرتين إما في الجمعة أو الظهر وهذا التقرير يجب اعتقاده فإن خلافه يؤدي إلى خلاف الإجماع من إجزاء النفل عن الفرض الثالث كره في الكتاب ولد الزنا إماما راتبا قال صاحب الطراز والعتيق المجهول الأب لئلا يؤديا لظن في النسب قال فإن قيل كانت الصحابة رضوان الله عليهم يصلون خلف الموالي ومن أسلم من غير استفصال قلنا أولاد الجاهلية تلحق بآبائها من نكاح أو سفاح الرابع كره في الكتاب الخصي لشبهه بالمرأة وفي الجواهر لا يكره الخامس كره ابن وهب في العتبية إمامة الأقطع والأشل إذا عجزا عن وضع أيديهما في الأرض قال صاحب الطراز وخالف فيه ابن الماجشون وفي كل عيوب البدن ولم يراع إلا نقص اليدين أو ما يؤثر في ركن كقطع اللسان السادس كره ابن القاسم في المجموعة إمامة المحدود وترتبه وإن صلحت حاله وقال ابن الجلاب لا باس بإمامة الأعمى والأقطع والمحدود إذا كان عدلا وتكره إمامة المتيمم للمتوضئ وصاحب السلس والجراح للأصحاء والأغلف وفي الواضحة لا تجوز إمامة القاتل عمدا وإن تاب بخلاف المحدود وفي الجواهر كراهة إمامة المأبون وترتبه وقيل لا تكره إذا كان صالحا السابع من الجواهر لا يأتم مسافر بمقيم ولا مقيم بمسافر قال ابن حبيب والثاني أخف كراهة من الأول واتفقت الروايات عن مالك أن أحد الفريقين لا يؤم بالآخر إلا في مساجد الجماعات والأمراء
الفصل الثالث في الترجيح بين الأيمة إذا اجتمعوا
في الجواهر من أفرد بالعلم والورع فهو أولى إذ بهما تؤدى الصلاة وتحصل الشفاعة فإن تعدد من جمعها رجح بالفضائل الشرعية والخلقية والمكانية كشرف النسب فإنه يبعث على صيانة المتصف به عما ينافي دينه ويوجب له أنفه عن ذلك والسن لقوله عليه السلام البركة في أكابركم ولأنه أطاع الله قبل الأصاغر فيتميز بذلك وكمال الصورة لأن جمال الخلق يدل على جمال الأخلاق غالبا وحسن اللباس فإنه يدل على شرف النفس والعبد عن النجاسات لكونها مستقذرات وكمال البنية فإنه يدل على وفور العقل وحسن الخلق فإنه من أعظم صفات الشرف وتقدم الأمير على الرعية لئلا تنقص حرمته في النفوس بتقديم غيره عليه فتختل المصالح العامة والفقيه على الصالح لأن الفقه مقصود لصون الأركان والشروط عن المفسدات والصلاح من التتمات فإن تساووا وتشاحوا أقرع بينهم إن طلبوا الفضيلة لا الرياسة وفي مسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه وقال ابن حنبل القارئ أولى من العالم لظاهر الحديث وجوابه أن أقرأهم حينئذ كان أعلمهم وليس ذلك محل النزاع ورجح مالك بالقرابة في العتبية فقال لا يؤم عمه وإن كان أصغر منه ووافقه ح
تنبيه قال صاحب الطراز وقع في التهذيب غلط وهو قوله يؤم الأعلم إذا كان أحسنهم حالا وإنما في الكتاب إذا كانت حاله حسنة والفرق ظاهر بين حسن وأحسن
فرع قال في الكتاب صاحب المنزل أولى ممن حضره قال صاحب الطراز وكذلك تمنع الإمامة في مسجد الإمام الراتب إلا بإذنه لاندراج جميع ذلك تحت الحديث المتقدم وينبغي لرب المنزل أن يأذن لمن هو أفضل منه وأهل كل المسجد أولى بإمامته إلا أن يحضرهم الوالي ولا يتقدم رب الدار على من يكره إمامته لما في الترمذي لعن عليه السلام ثلاثة رجلا أم قوما وهم له كارهون وأمرأة بات زوجها عليها ساخطا ورجلا سمع حي على فلاح فلم يجب قال ولا فرق بين كراهة جميعهم أو أكثرهم وأهل الفضل منهم وإن قلوا ولو كان صاحب الدار عبدا قال مالك هو أولى فلو كانت امرأة قال بعض الأصحاب تولى رجلا لأنه منزلها لا يتصرف فيه إلا بإذنها وفي الجواهر يستوي مالك الدار ومنفعتها
قاعدة يتقدم في كل ولاية من هو أقوم بمصالحها فيتقدم للقضاء من هو أكثر يقظة بوجوه الحجاج والأحكام وفي الحروب من هو أعلم بمكايدها وأشد إقداما عليها واعرف بسياسة خبرها وفي الزكاة من هو أعلم بنصبها وأحكامها وفي إمامة الحكم من هو أعلم بتدبير الأيتام وتنمية الأموال وقد يكون الشخص الواحد ناقصا في باب كاملا في غيره كالمرأة ناقصة في ولاية الحروب كاملة باعتبار الحضانة لأن فيها من الصبر على الطفل وتحصيل مصالحه ما ليس في الرجال فعلى هذه القاعدة قدم الفقيه على القارئ لأنه أعلم بإقامة أركانها ودرء مفسداتها وكذلك سائر الأوصاف التي قدمناها لها مدخل في تحصيل مصلحة الصلاة إلا الإمارة فإنا قدمنا المصلحة العامة فيها على الخاصة واستشكل على ذلك التقديم بالمكان نحو رب الدار والمسجد فإن المكان لا مدخل له في مصلحة الصلاة وليس فيه مصلحة تترك له مصلحة الصلاة وقد كتب عمر رضي الله عنه إلى عماله إن أهم أمركم عندي الصلاة وهي أفضل الأعمال بعد الإيمان فكانت رعايتها أولى من رعاية صاحب المنزل
الفصل الرابع في تبعية الإمام في المكان
وفيه فروع أربعة الأول قال في الكتاب إذا صلى بقوم على ظهر المسجد وهم أسفل من ذلك لا يعجبني قال صاحب الطراز ظاهر المذهب لا فرق بين أن يكون معه جماعة أم لا وفي الجلاب إذا كان معه طائفة فلا بأس لأن المقصود اتباع الإمام في المكان وكذلك كره مالك صلاتهم فوقه أو في دور محجور عليها بإمام في المسجد وفي أبي داود قال عليه السلام إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم قال والمذهب صحة الصلاة وقال صاحب الإشراف إذا كان الإمام فوق السطح لا تصح صلاة المأموم لأنه محتاج إلى عمل في الصلاة بالنظر لضبط أحوال الإمام قال وهو ينتقض بمن كان إمامه على يمينه أو يساره والكراهة مع عدم الضرورة وإعادة المأموم في الوقت عند ابن حبيب ولا كراهة في الكدى لأنها في العرف أرض واحدة قال في الكتاب وعليهم الإعادة بعد الوقت إذا صلى إمامهم على دكان في المحراب إلا أن تكون يسيرة الارتفاع فصلاتهم تامة قال صاحب النوادر قال بعض اصحابنا مثل الشبر وعظم الذراع قال صاحب الطراز وقد أسقط أبو سعيد المسئلة الأولى اكتفاء بهذه وليست في معناها فإن هذه أشار فيها مالك لفعل بني أمية فإنهم كانوا يفعلون ذلك كبرياء وهو ينافي الصلاة لكونها مبنية على الخشوع والخضوع وفي الجواهر إذا كان الارتفاع كثيرا ففي بطلان صلاة المرتفع ثلاثة أقوال البطلان ونفيه واشترط التكبير في حق المأموم والبطلان في حق الإمام مطلقا وكل من قصد التكبر منهما بطلت صلاته وصلاة من خلفه إذا كان إماما ولا خلاف في المذهب ان القصد إلى ذلك محرم وأنه متى حصل بطلت الصلاة وإذا كان مع الإمام طائفة قصدوا التكبر على بقية الجماعة بطلت صلاتهم وإن لم يقصدوا ففي الإعادة قولان الثاني كره في الكتاب الصلاة بين يدي الإمام قال وهي تامة وقال ش وح فاسدة ولو كانوا في المسجد ومنع ش في الدور إلا أن تتصل الصفوف لنا ما رواه مالك في الكتاب أن دارا لآل عمر بن الخطاب أمام القبلة كانوا يصلون فيها بصلاة الإمام ولم ينكر عليهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين نعم يكره لعدم علمهم سهو الإمام قال صاحب الطراز فإن سها الإمام يقطع المأموم ولا يبني لنفسه مع وجود الإمام بخلاف السفن إذا فرقها الريح لأنه بغير تفريط كالرعاف فإن تمادى معه فركع قبله وسجد بعده وقد قال مالك في الأعمى يفعل ذلك ولا يشعر يعيد الصلاة
فرع قال يكتفي بتكبير من خلف الإمام ولو كان في المسجد مبلغ جاز لأن إمام الكل واحد وفي أبي داود اشتكى النبي فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس الحديث وأجازه ابن عبد الحكم والشافعية في الفرض والنفل وابن حبيب في النفل وفي الجواهر في صلاة المسمع والصلاة به ثلاثة أقوال ثالثها التفرقة بين إذن الإمام فتصح وبين عدمه فتبطل الثالث أجاز في الكتاب صلاة أهل السفن المتقاربة بإمام واحد في واحدها فلو فرقتهم الريح ففي النوادر لابن عبد الحكم يستخلفون قال أبو طاهر وإن صلوا أفذاذا جاز فإن اجتمعوا بعد التفرق لا يرجعون إلى الإمام بخلاف المسبوق يظن أن إمامه أكمل فيقوم للقضاء ثم يتبين له فإنه يرجع ولا يعتد بما فعله والفرق أن تفرقة السفن اضطرارية الرابع أجاز في الكتاب أن يكون بينهما نهر صغير وقاله ش ومنعه ح وجعل كل فاصل بينهما يقطع التبعية لنا أن أزواجه عليه السلام كن يصلين في حجرهن بصلاته عليه السلام وحد ش النهر بثلاثمائة ذراع بينه وبين الصفوف والإمام وقال صاحب الإشراف إن كان الطريق أو النهر لا يمنع سماع التكبير جائز
الفصل الخامس في مقام المأموم مع الإمام
وفي الجواهر هو مستحب وفي الكتاب يقوم الرجل عن يمين الإمام فإن قام عن يساره رده عن يمينه لأنه عليه السلام رد ابن عباس من يساره إلى يمينه من خلفه ولأن اليمين أفضل والمصلي مأمور بأفضل الهيآت والجهات والمرأة خلفه لأنها تشوش الفكر فتشغل عن النظر والرجلان خلفه لأن التصفيف مطلوب لقوله عليه السلام في الصحيحين أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري والصبي مع الرجل بمنزلة الرجلين لما في الموطأ أن مليكة دعته عليه السلام لطعام صنعته فأكل منه ثم قال قوموا فأصلي لكم قال انس فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء فقام عليه السلام عليه وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين وانصرف والرجل والمرأة الرجل عن يمينه والمرأة خلفه لما في الصحيحين عن أنس انه عليه السلام صلى به وبأمه أو خالته قال فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفنا
الفصل السادس في تسوية الصفوف
قال اللخمي يبتدأ بالصفوف من خلف الإمام ثم من على يمينه وشماله حتى يتم الصف ولا يبتدأ بالثاني حتى يكمل الأول ولا بالثالث قبل الثاني والصف الأول ما يلي الإمام فإن كان ثم مقصورة محجرة فالصف الأول الخارج عنها للوضوء بها فروع خمسة الأول قال في الكتاب من صلى خلف الصفوف فصلاته تامة فإن جبذ إليه أحدا فهو خطأ منهما والإجزاء قول ح وش خلافا لابن حنبل وبالغ فقال من افتتح صلاته منفردا خلف الإمام فلم يأت أحد حتى رفع رأسه من الركوع فصلاته وصلاة من تلاحق به بعد ذلك باطلة لما في أبي داود أنه عليه السلام رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره بالإعادة لنا ما في البخاري عن أبي بكرة أنه دخل المسجد وهو عليه السلام راكع فركع دون الصف فقال عليه السلام زادك الله حرصا ولا تعد وأما خطأ الموافق له فلأن الصف الأول أفضل وقال ش فيستحب له ذلك وفي أبي داود وسطوا الإمام وسدوا الخلل الثاني قال صاحب الطراز من تأخر عن الصف لعذر وصلى منفردا فلا شيء عليه وأعاد عند مالك خلافا لابن حبيب الثالث قال في الكتاب من دخل وقد قامت الصفوف قام حيث شاء وكان يتعجب ممن يقول يقوم حذو الإمام حجة المخالف أن ابتداء الصفوف من خلف الإمام وهذا مبتدئ صف وعند مالك ذلك خاص بالصف الأول فإنه الموازي وقال صاحب الطراز قال مالك إن رأى خللا في الصف سده إن لم يضيق على غيره فرب خلل بين قائمين يسترانه إذا جلسا ويخرق ثلاثة صفوف للفرجة فإن كانت الفرج كثيرة مشى إلى آخرها عند مالك وإلى أقربها إلى الإمام عند ابن حبيب فإن كانت الفرجة عن يمينه أو يساره قال ابن حبيب يتركها قال والذي قاله صحيح فيمن هو في الصلاة أما من ليس في الصلاة فإنه يخرق الصفوف إلى الفرجة في الصف الأول كما فعله عليه السلام لما جاء من عند بني عمرو بن عوف فوجد أبا بكر يصلي بالناس الرابع قال في الكتاب إذا كانت طائفة عن يمين الإمام فلا بأس أن تقف طائفة عن يساره ولا تلتصق بالطائفة التي عن يمينه وكره تفريق الصفوف وكذلك في البخاري قال أنس كان أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه وفي الموطأ أن عثمان رضي الله عنه كان لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أن قد استوت فيكبر وكذلك عمر قال صاحب الطراز فإن رأى رجلا خارجا من الصف يشير إليه ويجوز تقطيع الصف الموغر في الموضع وأرخص مالك للعالم يصلي في آخر المسجد في موضعه مع أصحابه وإن بعدت الصفوف عنهم ويسدون فرجهم وأرخص في اعتدال الصف لطلب الشمس أو الظل وأجاز في الكتاب الصلاة بين الأساطين إذا ضاق المسجد وكراهيته إما لتقطيع الصفوف أو لأنه مظنة النجاسة من الأحذية قال قال مالك إذا كانت المقصورة لا تدخل إلا بإذن فالصف الأول ما خرج عنها وإلا فلا الخامس قال في الكتاب إذا صلت النساء بين الرجال صحت صلاتهم وقاله ش وقال ح محاذاة المرأة تفسد الصلاة لقوله عليه السلام أخروهن حيث أخرهن الله فمن لم يؤخرهن فهو قائم مقاما منهيا عنه فتفسد صلاته وجوابه أنه محمول على الندب مع أن الحديث يحتمل غير الضرورة في الشهادات أو غيرها مع أنه يقول لا تثبت فروض الصلاة إلا بطريق معلوم فقد نقض أصله قال صاحب الطراز وقد غير أبو سعيد هذه المسئلة باشتراط ضيق المسجد وليس شرطا قال فلو قام مقام الإمام عند البيت وخلفه الرجال وصف النساء من الجهة الأخرى قال أشهب لا بأس به قال والأحسن أن يكن خلف الرجال سؤال شرف الصف الأول معلل بسماع القراءة وإرشاد الإمام وتوقع الاستخلاف ومقتضى ذلك أن يكون ما يلي الإمام من الثاني والثالث أفضل من آخر الأول إذا طال جوابه أن ذلك معارض بكون الواقف في الصف الأول متصفا بكونه من السابقين ولذلك حكى أبو عمر في التمهيد الخلاف بين العلماء هل الصف الأول الذي يلي الإمام أو السابق حيث كان
الفصل السابع في الإعادة في جماعة
وفي الموطأ عنه عليه السلام صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وعنه فيه صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وقيل في الجمع بينهما إن الجزء أكبر من الدرجة والتفاوت بحسب الجماعات والأيمة وفي مسلم صلاة مع إمام خير من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده قال صاحب المنتقى والاستذكار والإكمال وغيرهم صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين صلاة فتكون صلاة الجماعة ثمانية وعشرين صلاة واحدة بصلاة الفذ وسبعة وعشرين لفضيلة الجماعة على رواية سبع وعشرين وعلى ذلك تتخرج بقية الأعداد الواردة في الروايات وجعلوا الأعداد الواردة كلها أعداد صلوات لأجزاء ثواب صلاة الفذ فإن هذه الفضيلة قيدت في بعضها بالصلوات وأطلقت في بعضها وسميت أجزاء ودرجات فيحمل المطلق على القيد ويكون الجزء الوارد في بعضها جزء ثواب الجماعات لا جزء ثواب الفذ واستقامت الروايات كلها وعظمت المنة على العباد وعظم الترغيب في صلاة الجماعات لم يحكوا في ذلك خلافا وفي الجواهر الجماعة سنة مؤكدة لا تجب إلا في الجمعة وحكي عن بعض أصحابنا وجوبها على الكفاية ولا تترك الجماعة إلا لعذر عام كالمطر والريح العاصف بالليل أو الخاص كالتمريض وخوف السلطان أو الغريم مع الإعسار أو القصاص مع رجاء العفو والمشهور استواء الجماعات وقال ابن حبيب تفضل الجماعة بالكثرة وفضيلة الائتمام
تمهيد لا نزاع أن الصلاة مع الصلحاء والعلماء والكثير من أهل الخير أفضل من غيرهم لشمول الدعاء وسرعة الإجابة وكثرة الرحمة وقبول الشفاعة وإنما الخلاف في زيادة الفضيلة التي شرع الله تعالى الإعادة لأجلها فالمذهب أن تلك الفضيلة لا تزيد وإن حصلت فضائل أخر لكن لم يدل دليل على جعلها سببا للإعادة وابن حبيب يرى ذلك قال ولا تحصل فضيلة الجماعة بأقل من ركعة يدركها مع الإمام وهذا مما تقدم لانزاع ان مدرك التشهد له أجر وانه مأمور بذلك وإنما تلك الدرجات لا تحصل إلا بركعة لأن الشرع أضافها لجملة الصلاة ومدرك أقل من ركعة ليس مدركا للصلاة بقوله عليه السلام من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة قال ولا يعيد مع الواحد إلا أن يكون إماما سؤال الاثنان إذا كانا جماعة وجب أن يعيدا مع الواحد وإلا فيعيد من صلى مع الواحد جوابه هما جماعة إذا كانا مفترضين والمعيد ليس بمفترض قال وإذا أعاد لا يتعرض لتخصيص نية أو ينوي الفرض أو النفل أو إكمال الفضيلة أربعة أقوال تتخرج عليها ثلاثة فروع الأول إذا ذكر عدم الطهارة في الأولى أجزأته الثانية عند ابن القاسم خلافا لابن الماجشون وقال أشهب إن ذكر الأولى حين دخوله في الثانية فلا تجزئه وإلا أجزأته الثاني إذا أعاد لفضل الجماعة ثم تبين له أنه لم يصل قال ابن القاسم تجزيه خلافا لأشهب الثالث إذا أحدث في أثناء الثانية روى المصريون عدم الإعادة وقال أشهب إن قصد بالثانية رفض الأولى فلا إعادة وروي عنه الإعادة وبه قال ابن كنانة وسحنون واختلف في التعليل قال ابن كنانة لأنه لا يدري أيتهما فرضه وقال سحنون لأنها وجبت بدخوله فيها وفائدة الخلاف إذا كان الحدث علته وقال ابن الماجشون إن أحدث بعد ركعة أعاد لأنه أدرك صلاة الإمام والا فلا وفي كتاب ابن سحنون إن أراد الثانية فرضه الأولى نافلة أو أراد أن يكون الأمر إلى الله تعالى فليعد الثانية فروع اثنا عشر الأول قال في الكتاب إذا جاء المسجد وقد صلى وحده فليصل مع الناس إلا المغرب فليخرج لما في الموطأ قال عليه السلام لمحجن وكان قد صلى في أهله ولم يصل معهم إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت وتعاد الصلوات كلها إلا المغرب وإلا الصبح والمغرب عند ابن عمر وإلا الصبح والعصر عند ح وكلها عند ش نظرا لعموم الحديث ورأى ح أن الأولى فرضه والصبح والعصر لا يتنفل بعدهما والمغرب وتر وفي أبي داود لا وتران في ليلة وعندنا أن الثانية لم تتعين للنافلة وفي أبي داود لا تصلوا صلاة في يوم مرتين فيجمع بين العمومين فيحمل النهي على المغرب وفي جماعتين أو حالة الانفراد والأمر بالإعادة على ما عدا ذلك وأما خروجه من المسجد فلأن ابن عمر كان يفعل ذلك ولأن فيه صورة القعود عن طاعة الله تعالى حالة النهوض لها تفريع فإن أعاد المغرب قال في الكتاب شفع الآخره وتكون الأولى صلاته وفي النوادر عن ابن وهب يسلم مع الإمام ويعيدها لأنها تقع فرضا على رأي فلا تفسد برابعة فلو دخل في المغرب مع الجماعة ناسيا فذكر قبل ركعة قال صاحب الطراز قال ابن حبيب يقطع لأنه دخل في نافلة ممنوعة فأشبه القيام في النافلة لثالثة فانه يرجع عنها قال ويتخرج فيها قول بالإتمام على الخلاف فيمن أقيمت عليه الصلاة بعد إحرامه بها فإن ذكر بعد الركوع قال ابن حبيب يتمادى ويسلم من اثنتين قال وقال الباجي ومقتضى أصل ابن القاسم القطع فإن أراد التخريج على ما إذا أحرم بالمغرب فأقيمت عليه بعد ركعة فإنه يقطع فإن الفرق أن الذي أقيمت عليه إن لم يقطع فعل المكروه لأنه قد نهى عن صلاتين معا وإن شفع تنفل قبل المغرب بخلاف هذه الصورة قال وإن أتم المغرب مع الإمام ساهيا عن الإشفاع فعلى قول ابن القاسم إن ذكر بالقرب رجع واتى بركعة وسجد للسهو فإن تطاول فلا شيء عليه الثاني قال في الكتاب إذا سمع الإقامة في المسجد وقد صلى في بيته لا يجب عليه الدخول معهم وقال ابن حنبل الجماعة فرض على الأعيان وليست شرطا في صحة الصلاة وقال بعض الشفعوية فرض كفاية لما في الصحاح أنه عليه السلام فقد ناسا في بعض الصلوات فقال لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فآمر رجالا فيحرقون عليهم بحزم الحطب بيوتهم وهو محمول على صدر الإسلام حيث كان النفاق والتقاعد عن الدين كثيرا وأيضا فالحديث لنا فإنه عليه السلام أخبر أنه هم بترك الجماعة وهو لا يهم بترك الواجب فإذا صلى وحده ثم أتى المسجد فوجدهم في تلك الصلاة المشهور الندب للدخول معهم وروي عنه الكراهة فلو وجدهم في التشهد فلا يدخل لأنه يصير معيدا فذا فإن اعتقدهم في الأول فسلموا قال ابن القاسم يسلم ولا شيء عليه قال والأمر بالجماعة لم يأت على العموم وإنما جاء فيمن حضر الجماعة الثالث قال صاحب الطراز من صلى العشاء في بيته وأوتر فالمذهب أنه لا يعيدها لأجل الوتر فإن أعادها قال سحنون يعيد الوتر وقال يحى بن عمر لا يعيد لأنه لا وتران في ليلة الرابع إذا أمرناه بإعادة الصبح والعصر قال ليس له أن يتنفل بينهما قبل أن يعيد لأن التنفل بعدهما مكروه الخامس قال في الكتاب من صلى مع الواحد لا يعيد في جماعة وقاله الحنفية وقال ابن حنبل يعيد وللشافعية ثلاثة أقوال مثل قولنا يعيد ما عدا الصبح والعصر يعيد الجميع لنا قوله عليه السلام لا تصل صلاة في يوم مرتين قال أبو الطاهر واختلف الاشياخ في صورتين إذا صلى مع صبي أو مع أهله هل يعيد أم لا نظرا إلى تنفل الأول ؟ ولعموم قوله عليه السلام صل وإن صليت في أهلك في الثانية فرع قال صاحب الطراز قال ابن حبيب يعيد من صلى مع الواحد في المسجد الحرام ومسجد المدينة والمقدس لفضل تلك البقاع وظاهر المذهب خلافه وإنما الصلاة بها فرادى أفضل من الجماعة في غيرها وألزمه اللخمي الإعادة منفردا السادس لو أقيمت عليه تلك الصلاة بعد أن صلى ركعة منها قال في الكتاب يضيف إليها ركعة ويسلم ويعيد مع الإمام قال صاحب الطراز إلا أن يخاف أن تفوته ركعة مع الإمام فيقطع بسلام فإن أقيمت عليه بعد ثلاث قال في الكتاب يكملها ويدخل معه ولا يجعل الأولى نافلة فإن أقيمت قبل الركوع قطع ودخل معه وقال ش يدخل من غير قطع ويرد عليه أنه احرم قبل إمامه قال صاحب الطراز بخلاف من أحرم بنافلة فإنه يتمها والفرق أنه في الأولى قطعها ليكملها وههنا القطع لغيرها فكان الجمع بينهما أولى وأيضا فإن النافلة إذا قطعها لا يعود إليها بخلاف الفريضة فإن أقيمت عليه المغرب قال في الكتاب يقطع وإن صلى ركعة وقال ابن القاسم في المجموعة يضيف إليها أخرى وجه الأول عدم التنفيل قبل المغرب وجه الثاني انعقاد الصلاة قال صاحب الطراز وكذلك لو أقيمت بعد ركعة قطع على مذهب الكتاب فإن أقيمت بعد ثلاث اتمها ولا يدخل معهم وانعقاد الثالثة بتمكن اليدين من الركعتين عند ابن القاسم وبالرفع عند أشهب السابع قال في الكتاب من صلى وحده فأم غيره فيها أعاد المأموم لأنه لا يدري أيتهما فرضه وقال ح وش وابن حنبل الثانية نافلة وهو القياس لبراءة الذمة بالأولى لنا ما في الموطأ أن رجلا سأل ابن عمر عن ذلك فقال أو ذلك إليك ؟ إنما ذلك إلى الله فرع مرتب قال صاحب الطراز ان أمهم وقلنا يعيد المأموم أبدا ففي الكتاب لا ينبغي أن يعيدوا في جماعة لأن الأولى قد تكون فرضهم ولا جماعتان في يوم وهذا الفرع يشكل على ما في الجواهر أنه لا يعيد مع الواحد فإن الواحد ههنا متنفل وقد حصلت الجماعة وإن وجبت الإعادة وثم المعيد متنفل ولا إعادة فكانت أقرب بحصول الجماعة الثامن لو ذكر المأموم سجدة من إحدى الصلاتين قال صاحب الطراز لا يعيد وقال عبد الملك يعيد لأن اعتقاده لم يخلص للفرض التاسع قال في الكتاب إذا صلى الإمام وحده صلى أهل المسجد بعده أفذاذا قال ابن القاسم ولا يعيد في جماعة وجهه أن المسجد له حق إقامة الصلاة فيه لقوله تعالى ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) وهذا الحق بيد الإمام وليس لغيره اقامته فإذا أذن وأقام الصلاة فقد أدى ذلك الحق فهو حينئذ في حكم الجماعة قال صاحب الطراز فلو أذن القوم قبله وصلوا كان له أن يؤذن بعدهم ويصلي لأنه صاحب الحق وهم معتدون ولو غاب إمامهم فجمع بهم غيره قال قال مالك إن كان بإذن الإمام لا تعاد فيه جماعة وإلا أعيدت وأما كونهم يصلون أفذاذا فقال به ح وش وأجازه ابن حنبل محتجا بما روى عنه عليه السلام أنه رأى رجلا يصلي وحده فقال ألا رجلا يتصدق على هذا فيصلي معه ؟ وجوابه لعله كان لا يحسن الصلاة فأمر من يعلمه كيف يصلي أو كان في نفل أو خارج المسجد ويروى عن الحسن البصري كان أصحابه عليه السلام إذا فاتتهم الجماعة صلوا في المسجد فرادى قال صاحب الطراز ويتنزل المكان الذي جرت العادة بالجمع فيه وإن لم يكن مسجدا منزلة المسجد وقاله مالك في العتبية ورخص في المساجد التي يجمع فيها بعض الصلوات العاشر في الجواهر ليس للمأموم أن يصلي فذا ولا بالعكس فإن اضطر كمريض اقتدى بمريض فصح قال سحنون يتم لنفسه كما يصير الإمام بالعذر مأموما وقال يحيى بن عمر يتمادى لأنه دخل بما يجوز له الحادي عشر قال أبو الطاهر لا يجلس أحد والإمام يصلي ولا يركع ركعتي الفجر بعد الإقامة في المسجد ولا في رحابه ولا في أفنيته المتصلة به الثاني عشر قال لا يجوز تعدي المسجد إلى غيره إلا أن يكون امامه لا يصح الاقتداء به فان فعل فلا تبطل صلاته عندنا
الفصل الثامن في سبق الإمام المأموم وبالعكس
وفيه فروع تسعة الأول قال في الكتاب إذا جاء والإمام راكع فليركع إن كان قريبا وخشي رفع رأسه من الركوع ويدب إلى الصف وقال في العتبية القرب نحو ثلاثة صفوف وقال الشافعي إن دب ثلاث خطوات بطلت صلاته قال صاحب الطراز وظاهر قوله إن كان قريبا أنه ان بعد لا يركع وإن خشي فوات الركعة حتى يأتي الصف وقد نص عليه في المجموعة وروى عنه خلافه قال ويحتمل أن يكون خلافا أو يحمل الأول على أول الصلاة لأن ادراك فضيلة الجماعة ممكن والثاني على آخر ركعة قال أبو الطاهر وقيل لا يركع مطلقا حتى يدخل الصف وإذا قلنا يدب فهل وهو راكع حتى يرفع وهو في الصف أو حتى يرفع لأن فعله ذلك في الركوع فشاق قولان وفي البخاري عن أبي بكرة أنه انتهى إليه عليه السلام وهو راكع فركع قبل أن يصل الصف فذكر ذلك للنبي عليه السلام فقال زادك الله حرصا ولا تعد الثاني قال في المجموعة إدراك الركعة قبل رفع الإمام قال صاحب الطراز فإن شك في ذلك لا يحرم فإن أحرم وركع ثم شك فلا يعتد بها عند مالك ويتمادى ويعيد عند ابن الماجشون احتياطا والأول أصوب قياسا على الشك في عدد الركعات وغيرها الثالث إذا أحس الإمام بداخل لا ينتظره عند مالك وح قال المازري وقال سحنون ينتظره ول ش قولان لنا لو كان ذلك مشروعا لصرف نفوس المصلين إلى انتظار الداخلين فيذهب إقبالهم على صلاتهم وأدبهم مع ربهم وقياسا على الفذ إذا أحس بمن يعيد فضيلة الجماعة وقد سلمه ش احتجوا بالقياس على صلاة الخوف بأنها إعانة على قربة فتكون قربة كتعليم العلم واقراء القرآن وتبليغ الشرائع وليس هذا من باب الاشراك في الأعمال لأن ذلك لأغراض دنيوية ورد عليهم أنه تفويت لقربتين القيام والفاتحة في الركعة التي يقضيها المسبوق أجابوا بأنه معارض بأن السجود والجلوس حينئذ يكون نفلا وعلى ما ذكرناه يكون فرضا والفرض أفضل من النفل قلنا بل يأتي بهما بعد سلام الإمام فرضا ومعه نفلا فيكون الجميع الرابع قال في الكتاب إذا أدركه في السجدة الأخيرة يدخل معه ولا يسجد ما فاته ولا يقضيه لما في أبي داود قال عليه السلام إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة وقال في العتبية يرفق في مشيه حتى يرفع ملاحظه ليقي الزيادة في الصلاة الخامس قال صاحب الطراز يستحب للمأموم ألا يشرع فيما عدا الاحرام والسلام حتى يشرع الإمام وقبله منهي عنه فإن رفع قبل أن يظهر الإمام راكعا أو ساجدا فسدت صلاته وإلا أجزأه لحصول الارتباط بذلك الجزء وفي مسلم عنه عليه السلام أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار ولم يذكر إعادة ويرجع ولا ينتظر رفع الإمام قاله مالك وقال أيضا هو وأشهب لا يرجع لأن الركوع والسجود وقد انعقد فتكراره زيادة في الصلاة وقال سحنون يرجع ويبقى بعد السلام بقدر ما تقدمه الإمام وروى ابن حبيب له أن يفعل مع الإمام ما عدا الإحرام والسلام والقيام من اثنتين وإن لم يرجع إلى الإمام فصلاته صحيحة على المشهور السادس قال ابن القاسم في الكتاب إذا نعس خلف الإمام عن ركوع الأولى فإن طمع في السجود سجد ويلغيها وإنما يتبع الإمام فيما عدا الأولى وقاله ح و ش قال صاحب الطراز وقاله مالك في الغافل والمضغوط وقال أشهب وابن وهب يركع ويتبعه في الأولى وغيرها ما لم يرفع من السجود قال أبو الطاهر وقيل يتبعه ما لم يعقد الثانية وسبب الخلاف هل القيام فرض على المأمور لا يسقطه إلا عذر السبق فيكون الشروع فيه مانعا من الاتباع أو ليس بفرض قياسا على المسبوق فلا يكون مانعا وإذا قلنا بالسجود فقيل السجدتان وقيل الواحدة مانعة لأنها فرض صحيح وإذا قلنا ما لم يعقد الركعة فهل عقدها بوضع اليدين أو الرفع قولان وقيل لا يتلافى في الأولى ولا في غيرها لأن المشروع عقيبه وهذا قد فات ووجه الأول قوله عليه السلام ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا وقد فاته الركوع فيجب عليه قضاؤه لأنه يترك متابعة الإمام في واجب وقياسا على المسبوق ووجه الثاني ما في مسلم أنه عليه السلام صفهم في صلاة الخوف صفين فصلى بالذين يلونه ركعة ثم قام فلم يزل قائما حتى صلى الذين خلفه ركعة ثم تقدموا وتأخر الذين كانوا قدامهم فصلى بهم ركعة ثم قعد حتى صلى الذين تخلفوا ركعة ثم سلم وهذا أصل فيمن أحرم مع الإمام وعاقه عذر عن الركوع حتى ركع فإنه يركع ويتبعه قال فلو ركع في الأولى ونعس عن سجودها فعن مالك وش أنه كالركوع وعن مالك أيضا وأشهب وح الفرق وجه الأول أنها إنما تكمل بسجودها وجه الثاني ما في مسلم أنه عليه السلام صلى بعسفان صلاة الخوف والعدو تجاههم فأحرم بالصفين فلما ركعوا سجد بأحدهما ولم يسجد الثاني حتى قام عليه السلام إلى الثانية وهو أصل في كل من عاقه عذر بعد الركوع عن السجود قال صاحب الطراز وفرق ابن عبد الحكم بين الجمعة وغيرها لتأكد الجماعة في الجمعة قال فلو نعس في الرابعة عن الركوع لا يكون السلام مانعا عند ابن القاسم وأشهب وقال ابن القاسم في الكتاب إذا زوحم يوم الجمعة عن السجود في الأولى حتى ركع الإمام في الثانية وعنه في الثانية حتى سلم يصلي ظهرا أربعا وقال ابن حبيب يتبعه ولو أدرك الأولى وزوحم عن سجود الثانية حتى سلم الإمام فقيل يستأنف الركعة بناء على أن السلام بمنزلة الركعة قال وحيث قلنا يبني الناعس فسوى ابن القاسم بن المزاحم وح وش ولابن القاسم أيضا لا يبني في المزاحم لأنه صنع للآدمي السابع قال في الكتاب إذا أدرك مع الإمام ثلاثا قام بغير تكبير لأن الإمام حبسه وليس له بجلوس بخلاف ما لو أدرك اثنتين وصابط ذلك أن من أدرك فردا قام بغير تكبير أو زوجا قام بتكبير قال صاحب الطراز قال ابن حبيب إذا أدرك وترا قام بتكبير لأنه متنفل وجه المذهب أنه زيادة على تكبير الصلاة فيفتقر إلى نص قال وقال مالك في العتبية يقوم بغير تكبير في الشفع بناء على أنه قاض للماضيتين والذي شرع في أولهما تكبيرة الإحرام وقد تقدمت فإن أدركه في الجلوس الأخير قال في الكتاب يقوم بتكبير خلافا للشافعية محتجين بأنه قد كبر قائما ولم يشرع في أول الصلاة غير تكبيرة جوابهم أنه الآن كما شرع في أول صلاته ولم يكبر فيكبر قال صاحب الطراز ويتخرج على قول مالك في العتبية أنه لا يكبر إذا أدرك شفعا أنه لا يكبر ههنا وقال مالك في المختصر ان وجده جالسا كبر للإحرام فقط أو راكعا أو ساجدا كبر للإحرام والركوع والسجود وقاله ش في الجلوس واختلف أصحابنا في الركوع والسجود والفرق أن التكبير مشروع للوصول في الركوع والسجود والخروج منهما فمن دخل مع الإمام فيهما كبر لهما وأما القيام والجلوس فليس لهما تكبير فالداخل فيهما لا يكبر وإذا جلس معه يتشهد قاله صاحب الطراز خلافا لبعض الشافعية لقوله عليه السلام ما أدركتم فصلوا قال فلو وجده في جلوس الصبح يحرم ويجلس إلا أن يكون لم يركع الفجر فيجلس ولا يحرم فإذا سلم ركع الفجر وأحرم الثامن قال في الكتاب إذا أدرك الأخيرة من الرباعية قرأ فيها بأم القرآن وحدها وفي التي بعد سلام الإمام بالحمد وسورة ويجلس ثم بالحمد وسورة ثم بالحمد وحدها ويقضي ما فاته جهرا إن كان جهرا واتفق أرباب المذهب على أن من فاته ركعتان قضاهما بالحمد وسورة وقال صاحب النوادر ولا خلاف بين مالك وأصحابه أن القاضي إنما يفارق الباني في القراءة فقط وفي الجواهر اختلف المتأخرون في مقتضى المذهب على ثلاث طرق طريقة أبي محمد وجل المتأخرين ان المذهب على قول واحد في البناء في الأفعال والقضاء في الأقوال وطريقة القرويين ان المذهب على قولين في القراءة خاصة وعلى قول واحد في الجلوس وطريقة اللخمي ان المذهب على ثلاثة أقوال بان في الأفعال والأقوال وقاض فيهما وقاض في القراءة فقط
تنبيه يقال أفعال الصلاة كلها واجبة إلا ثلاثة رفع اليدين مع تكبير الإحرام والجلسة الوسطى والتيامن في السلام وأقوال الصلاة كلها ليست بواجبة إلا ثلاثة تكبيرة الإحرام وقراءة الحمد والسلام ولما اختلفت روايات الحديث في القضاء والبناء جمع بين الروايتين بتخصيص القضاء بالأقوال لضعفها بكثرة عدم الوجوب فيها قال صاحب الطراز ولا يقنت المسبوق في قضاء الصبح على ما في الكتاب لأنه قاض لما فاته وعلى القول الآخر يقنت قال وقد قال في الكتاب إذا أدرك ركعة من ركعات المغرب صارت صلاته جلوسا كلها وهذا لا خلاف فيه وبه استدل أصحابنا والشافعية على الحنفية حيث جعلوه إذا أدرك الرابعة جعلها آخر صلاته ويبتدئ بالثالثة القضاء بغير قراءة لأن القراءة لا تجب عنده في الآخرتين ثم بالأولى بالقراءة وأما الرباعية فلا تصير جلوسا كلها إذا فاتته الأولى أدرك الثانية وفاته الباقي برعاف أو أدرك المقيم خلف المسافر ركعة قال ابن حبيب وابن المواز يأتي بالثانية ويجلس وبالثالثة يجلس لأن منها يقوم إلى قضاء الأولى عندهما وعند سحنون لا يجلس التاسع قال ابن القاسم في العتبية إذا استفهم الإمام بركعتين فأفهم بعضهم فيهما بعد سلامه أحب إلي أن يعيدوا بعد الوقت وكذلك إذا كانوا مقيمين ومسافرين فقدم المقيمون أحدهم
الفصل التاسع في الاستخلاف
وهو جائز عندنا وعند ابن حنبل وللشافعي قولان وفرق ح بين طرو الحدث عليه فيستخلف وبين تذكره فقال إنما يستخلف من أحرم ظاهرا لنا ما رواه مالك أنه عليه السلام ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فجاءت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال أتصلي بالناس فأقيم ؟ قال نعم فصلى أبو بكر فجاء النبي عليه السلام والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف وساق الحديث إلى أن قال ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم عليه السلام فصلى الحديث فقد رجع عليه السلام إماما بعد أبي بكر وقياسا على ولاية القضاء وغيرها بجامع تحصيل المصلحة ورفع المنازعة حجة المنع ما في الموطأ أنه عليه السلام صلى بأصحابه فلما أحرم بالصلاة ذكر أنه جنب فقال لأصحابه كما انتم ومضى ورجع ورأسه يقطر ماء ولم يستخلف جوابه أنه دليل الجواز ونحن نقول به وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة في أن تقدم الجنابة لم يمنع الاقتداء به وإذا صح الاقتداء في الحالتين صح الاستخلاف فيهما قياسا لإحداهما على الأخرى والنظر في محله وصفته وصفة المستخلف وفعله فهي أربعة الأول محله ففي الجواهر هو إذا طرأ على الإمام ما يمنعه الإمامة ويبطل الصلاة فالأول كتقصيره عن فرض فانه يصلي مأموما خلف النائب قال المازري ولو حصر عن بعض السورة بعد الحمد لم يكن له عندي الاستخلاف لصحة الصلاة والثاني كغلبة الحدث أو تذكره أو الرعاف الذي يقطع لأجله قال صاحب الطراز وأحوال الرعاف ثلاثة إن كان غير قاطر ولا سائل فخرج أفسد عليهم وإن كثر الدم فتمادى افسد عليهم وإن سأل ولم يكثر جاز الخروج والبناء الثاني صفة الاستخلاف ففي الجواهر الأولى أن يستخلف بالإشارة فإن استخلف بالكلام فلا شيء عليه لأنه بالخروج خرج عن كونه إماما وكذلك قال في الكتاب إن تكلم فيما لا يبني عليه كالحدث فلا يضرهم أو فيما يبني عليه أبطل على نفسه قال صاحب الطراز يريد ولا يضرهم قال وقال ابن حبيب ان استخلف بالكلام جهلا أو عمدا أبطل عليه وعليهم فان كان ساهيا فعليه فقط وبهذا قال من لقيته من أصحاب مالك وقال اللخمي للمأمومين استخلاف غير من استخلفه الإمام لأنهم انما التزموا اتباعه ولذلك لا يجب القبول على المستخلف قال في الكتاب ان لم يستخلف يقدموا رجلا يصلي بهم فإن قدمت كل طائفة إماما قال أشهب في العتبية يجزيهم وقد أخطأت الثانية كقوم دخلوا على قوم يصلون فصلوا بإمام اساؤوا ويجزنهم قال ابن القاسم في الكتاب فإن صلوا وحدانا جاز ولا يعجبني قال صاحب الطراز قال ابن عبد الحكم من ابتدأ الصلاة بإمام فأتمها فذا أو افذاذا فأتمها بإمام أعاد والأول بين فان الجماعة فضيلة لا شرط وألحقها ابن عبد الحكم بالنافلة فتعين بالشروع وجوابه أن الفضيلة التي التزموها فاتت بفوات سببها كالنافلة إذا فاتت بغير تفريط قال فلو أشار اليهم عند الخروج أن امكثوا فظاهر المذهب جواز الاستخلاف لهم وقال ابن نافع ليس لهم ذلك للحديث الوارد في خروجه عليه السلام لما ذكر الجنابة والحديث غير متفق عليه فروى مالك أنه عليه السلام كبر وكبروا وغيره لم يذكر ذلك وروى أبو داود أنه عليه السلام قام في مصلاه فانتظر أن يكبر فانصرف ثم قال كما انتم قال مالك وهذا الحديث خاص به عليه السلام لأنه عليه السلام أوجب تقدم تكبيرة الإمام وهي ههنا متأخرة وفي الجواهر إن صلوا وحدانا في الجمعة بطلت على المشهور سواء عقدوا معه ركعة أم لا قال صاحب الطراز وينبغي له إذا أحدث أن يضع يده على أنفه ويخرج ولا يتكلم يوهم أنه رعف وتنقطع عنه الظنون وهو مروي عنه عليه السلام في مسلم يستخلف من الصف الذي يليه لقربه من التقدم إلى مقام الإمام ولذلك قال عليه السلام ليلني منكم أولو الأحلام والنهى فان قال تقدم يا فلان قال نعم ساهيا قال ابن حبيب سجد بعد السلام قال فإن قيل ينبغي الا يسجدوا معه لأنه سهو قبل الاقتداء قلنا إذا وقع الاقتداء اتصل بالأول كالمسبوق في سهو المتقدم عليه فإن تقدم غيرالمستخلف فصلى المقدم خلفه قال سحنون يجزيهم لأن المقدم لا يكون إماما حتى يشرع في عمل الصلاة ويتبع ولو قال تقدم يا فلان وهو اسم لاثنين فتقدم غير المراد أو تقدما بطائفتين أجزأ على قول سحنون إلا في الجمعة إذا تقدما لأنه لا جمعتان في موضع ويتعين أسبقهما فإن استويا لم يجز واحدا منهما فإن استخلف ثم عاد بعد زوال العذر لم يتبع وله إخراجه فإن أخرجه قبل أن يحرم لم يجز وتفسد صلاتهم ان اتبعوه وصلاته إن أدى دخوله إلى الجلوس بعد ركعة ونحوه مما لم يجز للمنفرد وإن أخرجه بعد الإحرام فكرهه ابن القاسم وينبغي إذا تمت صلاته أن يشير إليهم حتى يقضى لنفسه ثم يسلم ويعضده حديث أبي بكر رضي الله عنه وأما لو احدث الثاني فقدم الأول جاز وقال يحيى ابن عمر لا يجوز وفعله عليه السلام مع أبي بكر خاص به قال صاحب الطراز يجوز لأنه لا بد أن يجدد نية الإمامة فهو كسائر الجماعة ولهذا يلحقه سهو خليفته الكائن قبل رجوعه ولو اخرج خليفته على الكراهة في ذلك فله رده وان يخرج لترك المكروه كما فعل الصديق رضي الله عنه ولو أخرجه وبنى على صلاة نفسه دون صلاة خليفته قال ابن القاسم عليهم الاعادة اتبعوه أم لا لأنهم تركوا اتباع إمامهم من غير استخلاف الثالث صفة المستخلف وفي الجواهر لا بد أن يكون تصح إمامته وانسحب عليه حكم الإمام قبل طرو العذر وما يفعله بعد الأول يعتدبه من صلاة نفسه فأما من أحرم بعد العذر إن استخلفه على ركعة أو ثلاث بطلت صلاته لجلوسه في غير موضع الجلوس وهو أحرم بالصلاة لنفسه وإن استخلفه على ركعتين فصلاته تامة وقال ابن حبيب إن قدمه في أول ركعة فصلاته صحيحة وتبطل صلاتهم وإن كان بعد ركعة فأكثر يعمل على بناء صلاة الأول بطلت صلاته وصلاتهم قال صاحب الطراز وظاهر المذهب أنه لا يصير خليفة حتى يتبع فلو أحدث عامدا أو تكلم عامدا بعد قوله يا فلان صل بالناس وقبل الاتباع لم تفسد عليهم لأن الحاصل قبل ذلك إنما هو اعتقاد الاتباع فليس بإمام قال ابن القاسم في العتبية إذا سأل بعد الاستخلاف كيف يصنع بطلت صلاته وصلاتهم ومن دخل معه بعد الرفع تبطل صلاتهم إن استخلف واتبعوه عند ابن القاسم لأنه متنفل وقال يحيى بن عمر تجزيهم لأنها تعينت عليه حتى لو تركها فسدت صلاته وفي الجواهر إذا أم مسافر بالفريقين فليستخلف مسافرا لأن صلاة المقيم خلف المسافر أخف من المسافر خلف المقيم فإن قدم مقيما لم يقبل وقدم مسافرا فإن قبل جاهلا وأتم صلاة الإمام سلم المسافرون أنفسهم وقيل يستخلفون مسافرا يسلم بهم وقيل يثبتون حتى يسلموا بسلامه قال ابن القاسم في العتبية إذا صلى برجل وامرأتين فأحدث ولم يستخلف فنوى الرجل الإمامة بالمرأتين صحت صلاتهم الرابع في فعل المستخلف وفيه فروع أربعة الأول قال في الكتاب إذا قدم من فاتته ركعة فصلاها جلس لأنها ثانية الإمام ويجتزئ بما قرأ الإمام قال صاحب الطراز هذا حقيقة التبعية ولأنه بإحرامه خلفه وجب عليه اتباع ما ادرك من غير استخلاف فكيف إذا استخلف حتى لو أحدث الإمام فخرج وليس معه غيره جرى على ترتيب ما كان دخل عليه وأخر قضاء ما فاته حتى يفرغ مما أدركه وفي بنائه على القراءة ثلاثة أقوال ثالثها يفرق بين أن يستخلف فلا يبني وبين أن يتقدم بنفسه فيبني والمدرك أن القراءة هل يجوز أن يكون فيها إماما ومأموما أم لا ؟ وأنه إذا استخلف انتفى التناقض لطريان السبب فإن ابتدأ الصلاة بإحرام عمدا قال سحنون بطلت صلاته وصلاتهم لتعديه في إبطال العمل واتباعهم له فإنه بمجرد رفضه خرج عن كونه إماما وإن كانا سهوا وكثرت الزيادة فكذلك وإن قلت سجد للسهو وصحت فإن قطع بسلام أو كلام وابتدأ فإن اتبعوه بطلت عليهم وفي الكتاب إذا أتم صلاة الأول يثبتون حتى تكمل صلاته ويسلم بهم وقال الشافعي يسلمون قال ويتخرج على مسألة المسافرين مع الخليفة المقيم أن هؤلاء يسلمون وفي الجواهر وقيل يستخلفون من يسلم بهم منهم فإن كان فيهم مسبوق قال أبو الحسن اللخمي هو مخير بين أربعة أحوال يصلي وينصرف قياسا على الطائفة الأولى في صلاة الخوف أو يستخلف من يسلم بهم أو ينتظر الإمام فيسلم معه لأن كليهما قاض والسلامان واحد أو ينتظر فراغ الإمام من قضائه ثم يقضي الثاني في الكتاب إذا أحدث وهو راكع يرفع بهم الثاني وقال في المجموعة في السجود مثله وقال ابن القاسم في العتبية يدب الثاني راكعا وقال يرفع فيها رأسه ويستخلف لأن بقاءه على تلك الحال يؤدي إلى الاستدامة في الفاسد وهو أهون له في الاستخلاف وفي الجواهر لا يكبر لئلا يوهم فإن اقتدوا به في الرفع قال أبو الطاهر يتخرج ذلك على الخلاف في الحركة إلى الأركان هل هي مقصودة فتبطل أو غير مقصودة فلا تبطل وقال بعض المتأخرين بل هم كالرافعين قبل إمامهم فيرجعون إلى الركوع مع الثاني وفي النوادر يستخلف قبل الرفع ليتصل الاستخلاف بالفعل الصحيح الثالث قال صاحب الطراز لو استخلفه على ركعتين فصلاهما فأخبره بترك سجدة من إحدى الأوليين قال سحنون يقوم الثاني بالقوم ان كانوا على شك يصلي بهم ركعة بالحمد فقط لأنها بناء ثم يجلس ويأتي بركعة قضاء بالحمد وسورة ويسجدون قبل السلام معه وقيل يسجد بهم قبل ركعة القضاء فإن تيقن القوم الإتمام قال ابن عبدوس لا يتبعونه في الأولى وعلى مذهب ابن وهب يأتي بركعة بالحمد وسورة ويسجد بهم بعد السلام على قاعدته فيمن ذكر في آخر صلاته خللا في أولها ولو شك الأول في السجدة قال سحنون يقرأ بالحمد وسورة لاحتمال الصحة فتكون هذه الركعة قضاء وكذلك الثانية ويتشهد في الأولى لاحتمال كونها بناء ورابعة الأول ويصلونها معه إن شكوا ويسجدون قبل السلام قال والقياس فيما قاله أن يبني المستخلف إذا شك الأول على ان الفائت ركعة لأن الأول لو كان باقيا حينئذ احتسب بركعة فقط فلو لم يخبره بالركعة حتى فرغ قال سحنون صلاة المستخلف تامة ويسجد بهم قبل السلام لأنه قام في موضع الجلوس وترك السورة فإن ثالثته ثانية الأول فإن سلموا أتوا بركعة بالحمد فقط وسجدوا للسهو خوفا من زيادتها وان تيقنوا ترك السجدة لم يسجدوا فلو انه معه من أول الصلاة فاستخلفه على اثنتين ثم ذكر السجدة فإن شك معهم صلى بهم ركعة بالحمد فقط وسجد بهم قبل السلام وإن لم يشكوا صحت صلاتهم فلو ذكر الثاني سجدة لا يدري هل هي مما صلى مع الأول أو مما قضي قال سحنون سجد سجدة وتشهد واتى بركعتين بالحمد فقط وسجد قبل السلام لأنه نقص وزاد ويعيد الصلاة لكثرة السهو وكذلك قال مالك فيمن شك في آخر صلاته في سجدتين من ركعتين ولو أحرم معه في التشهد فلما قضى ركعة ذكر الأول سجدة من الأولى فإن رجع في وقت يجوز فيه البناء بطلت ركعته ويصلي بالقوم ركعة بالحمد فقط ويقضى لنفسه ثلاث ركعات ويسجد بهم قبل السلام وان لم يجز فيه البناء الثاني لم يركع فبنى على ركعته وسجد قبل السلام وان استخلفه على ركعتين فلما صلاهما قال الأول تركت سجدتين لا أدري من ركعة أو ركعتين فانه يصلي ركعتين ولا يقوموا في الرابعة معه لاحتمال كونهما من ركعة فيصير في الرابعة قاضيا لا يؤتم به ولا يرجع الثاني إلى الجلوس ويسجد بهم قبل السلام ثم يأتون بركعة بعد سلامه ويسلمون ويسأل الأول فان ذكر أنهما من ركعة أجزتهم فان كانتا من ركعتين أعادوا لتركهم اتباع الثاني ولو اتبعوه واعادوا الصلاة لكان حسنا ولو لم يرجع الأول حتى يجلس في آخر ركعتي القضاء سجد بهم قبل السلام واتى بعدهب ركعتين بالحمد فقط ولو رجع بعد أن صلى بهم ركعة وقام فذكر له سجدة من إحدى ركعتيه صارت الثالثة ثانية وهو يجلس فيها فيأتي بركعة بناء ثم يتشهد ويسجد بهم قبل السلام ثم يأتي بركعة قضاء بالحمد وسورة ولو قال له ذلك حين قدمه سجد بهم سجدة ثم بنى على ركعة ثم يعيد من خلفه لاحتمال إصابة السجدة موضعها الرابع في الجواهر لو لم يذكر كم صلى الأول ومن خلفه يعلم ذلك اشار إليهم فيجيبوه بالإشارة فإن لم يفهم ومضى في صلاته سبحوا به حتى يفهم فإن لم يجد بدا من الكلام تكلم وقال سحنون ينبغي أن يقدم من يعلم فإن تمادى وصلى ركعة فليوهم القيام فإن سبحوا به وجلس وتشهد ويوهم القيام فإن سبحوا به قام واعتقدها ثالثة
الباب الثامن في السهو
وفيه مقدمة وستة فصول أما المقدمة ففيها عشر قواعد ينبني عليها فصول هذا الباب القاعدة الأولى للصلاة فرائض وسنن وفضائل كما تقدم فالفرائض لا بد منها والسنن ينوب السجود عنها إن سها عنها والفضائل لا يسجد لسهوها ولا تعاد الصلاة لها تنبيه قال صاحب الجواهر يجب السجود للسنن التي أحصيناها فيما تقدم ومن جملة ما أحصي الزيادة على مقدار الواجب من الجلوس الأخير والاعتدال في الفصل بين الأركان والصلاة على النبي عليه السلام وهذه لا خلاف في المذهب أنه لا يسجد لها وإنما يسجد كما قال صاحب المقدمات لترك ثمان السورة والجهر والإسرار والتكبير وسمع الله لمن حمده والتشهد الأول والجلوس له والتشهد الأخير القاعدة الثانية يسجد عندنا لنقص الأقوال المحدودة المتعلقة بالله تعالى ولنقص الأفعال على تفصيل يأتي وقولنا المحدودة احتراز من القنوت والتسبيح وقولنا المتعلقة بالله تعالى احتراز من الصلاة على النبي عليه السلام والأدعية وقال ش لا يسجد لشيء من الأقوال إلا التشهد والقنوت والصلاة على النبي عليه السلام ويسجد للأفعال ووافقه أشهب في التكبير وقال ح يسجد للأقوال الواجبة فإذا أتى بالفاتحة فقد أتى بالواجب فلا يسجد وفرق بين الواجب والركن فالواجب ما له جابر والركن ما لا جابر له كما نقوله نحن في الحج وقال بالسجود لترك تكبيرات العيدين واعتبرها بالتشهد لتكررها في محل واحد لنا قوله عليه السلام لكل سهو سجدتان احتجوا بأن التكبير كلمتان فهو خفيف بالقياس على التسبيح والجواب عن الأول أن تكبيرة الاحرام كلمتان وكذلك السلام وهما ركنان وعن الثاني أن محل النزاع في القول المحدود والتسبيح ليس بمحدود القاعدة الثالثة قال صاحب الطراز الزيادة التي يبطل الصلاة عمدها موجبة للسجود خلافا لعلقمة والاسود في تخصيصهم السجود بالنقصان وقولنا يبطل عمدها كالركعة والسجدة مثلا احتراز من التطويل في القراءة والركوع والسجود لنا قوله عليه السلام إذا شك أحدكم في صلاته الحديث وسيأتي القاعدة الرابعة أن السهو إذا تكرر من جنس واحد ومن جنسين أجزأت فيه سجدتان وقال عبد العزيز بن أبي سلمة إذا اجتمع الزيادة والنقصان سجد قبل وبعد وقال الأوزاعي إن كان من جنس واحد تداخل كجمرات الحج وإلا فلا ولقوله عليه السلام لكل سهو سجدتان والجواب عن الأول ان السجود وجب لوصف السهو لقوله عليه السلام إذا سها أحدكم فليسجد سجدتين وترتيب الحكم على الوصف يوجب عليه ذلك الوصف لذلك الحكم وإذا كان وصف السهو هو العلة اندرجت سائر أفراده تحت سجدتين كما أنه لما وجبت الفدية في الحج لوصف الطيب اندرج أفراده في الفدية الواحدة وعن الثاني أن المراد لكل سهو سجدتان فيه سائر أفراد السهو بدليل أنه عليه السلام سلم من اثنتين وهو سهو وقام وهو سهو وقام وتكلم وهو سهو ورجع إلى الصلاة وهو سهو وسجد لجميع ذلك سجدتين لأن الأصل ترتيب الأحكام على أسبابها فلولا ذلك لسجد عقيب كل سهو كسجود التلاوة فرعان الأول لو تيقن السجود وشك هل هو قبل أو بعد ؟ قال في العتبية سجد قبل ويبنى على النقصان دون الزيادة كالشك في الركعات الثاني لوكثر سهوه واستنكحه قال صاحب المنتقى لمالك ترك السجود للاستنكاح والسجود لما في الصحاح قال عليه السلام إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى ؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس القاعدة الخامسة سجود السهو عند المالك للنقصان قبل وللزيادة على سبيل الأولى وقال ش كلاهما قبل وقال ح كلاهما بعد ورواه عن علي وابن مسعود وعمار وابن أبي وقاص رضوان الله عليهم أجمعين وقال ابن حبيب كلاهما قبل الأمورد النص لنا ما في مسلم أنه عليه السلام قام من اثنتين فسجد قبل وسلم من اثنتين ومن ثلاث فسجد بعد ولأن النقصان بدل مما هو قبل السلام فيكون قبل السلام والزيادة زجر للشيطان عن الوسوسة في الصلاة لما فيه من ترغيمه فإن الإنسان إذا سجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار الحديث فيكون بعد السلام حذرا من الزيادة احتج ش بما في مسلم قال عليه السلام إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا ؟ فليطرح الشك وليبن على ما يتيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان قد صلى خمسا شفعن له ما قد صلى وإن كان قد صلى إتماما لأربع كانتا له ترغيما للشيطان وهو مضطرب الطرق وأكثر الحفاظ يرونه مرسلا ويحتمل أنه غير بالسجود عن سجدتي الركعة المكملة جمعا بين الأخبار فرع في الجواهر قال أشهب إن تعمد التقديم فيما بعد السلام فسدت صلاته وقال ابن القاسم يعيدها بعد وتصح القاعدة السادسة في الكتاب السهو في النافلة كالفريضة وقال ش في أحد قوليه وابن سيرين لا سجود في النافلة لنا قوله عليه السلام لكل سهو سجدتان ولأنه جائز لما اختل من موجب الإحرام وهو مشترك بين البابين فرعان الأول لو سها عن السورة في النافلة قال صاحب الطراز قال مالك ان شاء زاد في النافلة على الفاتحة وإن شاء اقتصر عليها بخلاف الفريضة فإنهما محدودة فيها فكما كان من المحدودات كالتكبير وعدد الركعات استويا فيه وإلا فلا الثاني لو سها عن السلام في النافلة قال قال ابن القاسم احب إلي أن يعيد وإن لم يعتمد فسادها فلا تجب الإعادة وقال سحنون أحب إلي أن يسجد متى ما ذكر لأن السجود ثبت عليه بالترك ولا نأمره بالسلام لأن الطول أوجب الخروج من الصلاة القاعدة السابعة ان الأصل في التكاليف أن تقع بالعلم لقوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) ولما تعذر في أكثر الصور أقام الشرع الظن مقامه لغلبة اصابته وندرة خطئه تقديما للمصلحة الغالبة على المفسدة النادرة وبقي الشك ملغى إجماعا فكل ما شككنا في وجوده من سبب أو شرط أو مانع استصحبنا عدمه ان كان معدوما قبل الشك أو شككنا في عدمه استصحبنا وجوده إن كان موجودا قبل الشك فعلى هذه القاعدة إذا شك في إكمال صلاته فقد شك في وجود السبب المبرئ للذمة فيستصحب عدمه ويلغى المشكوك فيه للحديث المتقدم وكذلك إن شك في طريان الحدث بعد الطهارة فقد حصل الشك في حصول الشرط حالة اداء العبادة فيستصحب عدم الشرط حتى يتطهر وإذا شك هل طلق أم لا فقد شك في طريان السبب الواقع فيستصحب عدمه فتثبت العصمة وإذا طلق وشك هل واحدة أو ثلاثا ؟ فقد شك في بقاء العصمة وهي شرط في الرجعة فلا تثبت الرجعة وعلى هذه القاعدة تتخرج هذه الفروع ولا يبقى فيها تناقض البتة سؤالان الأول مقتضى هذه القاعدة استصحاب وجود الطهارة لتقدمه على الشك فلم يستصحب الثاني إذا شك في الإكمال أكمل وسجد وقد ثبت السجود مع الشك في سببه الذي هو الزيادة أو النقص فقد اعتبر المشكوك والجواب عن الأول أن الشك في الشرط مستلزم للشك في المشروط فيقع الشك في صدور السبب المبرئ للذمة من المكلف وهذا السبب كان معدوما فيستصحب عدمه وعن الثاني أن الشك ههنا هو السبب وهو مقطوع بوجوده وللشرع أن ينصب أي شيء شاء سببا وشرطا ومانعا فرع المعتبر عندنا في عدد الركعات اليقين دون الظن وعند ش لإمكان تحصيله وقال ح إن لم يكن موسوسا وشك بطلت صلاته وإلا بنى على غالب ظنه وقال ابن حنبل المنفرد يبني على اليقين والإمام على غالب الظن القاعدة الثامنة إن نية الصلاة إنما يتناولها على الوجه المشروع من الترتيب والنظام المخصوص فإن غير ذلك لا يصح القصد إلى إيقاعه قربة لكونه غير مشروع فعلى هذا يفتقر التلفيق إلى نية تخصه ولا تكفي صورة الفعل فلا يضم سجود الثانية إلى ركوع الأولى وهذا المشهور خلافا ل ش واشهب وابن الماجشون القاعدة التاسعة الإمام يحمل عن المأموم سجود السهو لقوله عليه السلام الإمام ضامن وضمانه ليس بالذمة لانعقاد الإجماع على أن صلاة زيد لا تنوب عن عمرو وإنما الضمان يحمل القراءة والسجود أو من التضمن فتكون صلاة الإمام متضمنه لصفات صلاة المأموم من فرض واداء وقضاء وقراءة وسجود وهو مطلوب القاعدة العاشرة التقرب إلى الله تعالى بالصلاة المرقعة المجبورة إذا عرض فيها الشك أولى من الإعراض عن ترقيعها أو الشروع في غيرها والاقتصار عليها ايضا بعد الترقيع أولى من إعادتها فانه مناهجه عليه السلام ومنهاج أصحابه والسلف الصالح بعدهم والخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع وقد قال عليه السلام لا صلاتين في يوم فلا ينبغي لأحد الاستظهار على النبي عليه السلام فلو كان في ذلك خير لنبه عليه وقرره في الشرع والله سبحانه وتعالى لا يتقرب إليه بمناسبات العقول وإنما يتقرب إليه بالشرع المنقول
الفصل الأول في نقصان الأفعال
وفيه ثلاثة عشر فرعا الأول قال صاحب الطراز إن سها عن سجود الأولى وذكر قبل ركوع الثانية يسجد ويبتدئ القراءة أو بعد ركوعها ألغى الأولى وجعل الثانية أولى وفي الجواهر يرجع إلى الركوع والسجود ما لم يعقد الركعة التي بعدها بالرفع منها وقيل بوضع اليدين على الركبتين ويستحب له إذا رجع إلى القيام أن يقرأ قبل أن يركع وقال ابن حنبل إن فرغ من القراءة بطلت الأولى ووافقنا ح لنا أنها انعقدت بالركوع فمراعاتها أولى من غيرها وقال ح وش يرجع إليها ولو ركع الثانية لأن فعل الثانية وقع سهوا فمراعاة الأولى المشروعية أولى لنا أن إلغاء الأولى يفضي إلى تتابع البناء بخلاف العكس وقياسا على ذكرها آخر الصلاة ولو سجد من الثانية سجدة لم يرجع وفاقا إلا أن ش يضم سجدة الثانية للأولى وقال ح ان كان الباقي من الأولى سجدتين بطلت أو سجدة اتى بسجدة في آخر صلاته فإن الحكم في البناء الأكثر كما لو ركع المسبوق مع الإمام ولأن السجود لما كان يتكرر لم يشترط فيه الترتيب كصيام رمضان جوابه أن السجدة فرض يترتب كالسجود مع الركوع والإمام ناب عن المسبوق في القراءة ولنا على ش أن الترقيع يفتقر إلى نية قبل الفعل وقد وافقنا في الرجوح عن سجود الأولى حتى ركع الإمام في الجمعة فإنه يتبعه في الثانية ولا ينصرف للأولى وكذلك ههنا تفريع قال ان ذكر سجدتين في قراءة الثانية ولم يطل سجدهما فإن طالت القراءة يتخرج سجوده على الخلاف فيمن نسي الحمد فأعادها بعد السورة وأعاد السورة فإنه يسجد عند سحنون بخلاف ابن حبيب وان ذكر في انحطاطه للركوع سجد للسهو وفاقا وهل يرفع قبل السجود أم لا ؟ يتخرج على أن الفعل إذا صادف محله ونوى به غيره هل يعتد به أم لا وقد قال مالك إذا قرأ سجدة فلما قصد السجود لها ركع ثم ذكر تجزيه عن ركعته وقال ابن القاسم لا تجزيه فإن قلنا ينحط فلا سجود وان قلنا يرفع وكان بلغ حد الركوع عليه السجود للسهو وان ذكر حين اطمأن راكعا فثلاثة اقوال روى ابن القاسم الرجوع إلى الأولى وروى أشهب عدمه وأن تمكن اليدين من الركبتين فوت وابن القاسم يرى ان الركوع انما ينعقد بالرفع قال اللخمي والثاني أظهر لان المقصود من الركوع التواضع وقد حصل بالتمكن وخيره ابن المواز وجه الأول ان المسبوق يدرك في حالة الرفع الركعة فيكون منها ولم يوجد فيستدرك لان المانع من الاستدراك انعقاد ركن وان ذكر بعد الرفع جعل الثانية الاولى عند ابن القاسم وثانية عند مالك وفائدة الخلاف الاختلاف في القراءة هل يقرأ فيما بعدها بالحمد وسورة أم بالحمد فقط ؟ قال والسجدة مثل السجدتين إلا في موضعين الاول إذا ذكر في قيامه أو ركوعه وقلنا يسجد فروى أشهب يخر ساجدا وقاله ابن القاسم وابن وهب لانه إنما ترك الركوع لأجل السجود فلا يشتغل بغيره ولان الجلسة إنما تراد للفعل وقد حصل وقال عبد الملك يجلس ثم يسجد ليرجع الى أول الخلل فيبنى على الصحة ويرجع بلا تكبير وعلى الاول يرجع بتكبير الثاني ان في السجدتين اذا ذكر رافعا يرفع ثم يهبط وفي السجدة لا حاجة الى الرفع لأنها كانت يؤتى بها من غير قيام الثاني قال لو ركع وسها عن الرفع وتمادى فثلاثة أقوال قال مالك يجزيه وقال ابن القاسم لا يعتد بتلك الركعة وقال ايضا يرجع ما لم يعقد الركوع في ركعة أخرى فان ذكر في سجوده قال ابن المواز يرجع إلى الركوع محدوبا ثم يرفع ويسجد بعد السلام وان رجع إلى القيام أعاد صلاته وقال ابن حبيب يرجع الى القيام معتدلا لئلا يحصل ركوعان وهذا الفرع يلاحظ فيه وجوب الرفع من الركوع فلو ركع ورفع ولم يعتدل قال فعلى القول بأن الاعتدال سنة يسجد قبل السلام وعلى القول بوجوبه يعيد الركعة وكذلك لو ترك الاعتدال بين السجدتين ولو جلس بينهما ولم يرفع يديه فالمشهور يجزيه وعلى القول بوجوبه يرجع اليه ما لم يعقد ركعة وهل يرجع فيضع يديه بالأرض ثم يرفعهما أو يضعهما على فخديه فقط يتخرج على الخلاف في الرفع من الركوع اذا ترك الثالث في الجواهر لو أخل بالسجود من الأولى وبالركوع من الثانية لم يجزه سجود الثانية عن الأولى وكذلك لو أخل بالركوع من الاولى والسجود من الثانية لافتقار الترقيع الى نية تقارن الفعل قال صاحب الطراز وقال أشهب وابن الماجشون يجزئ سجود الثانية ويلغي الركوع وركوع الثانية عن ركوع الاولى اكتفاء بصورة الفعل الرابع في الكتاب اذا لم يجلس بعد اثنتين واستقل قائما لا يرجع ويسجد قبل السلام قال صاحب الطراز ان ذكر وهو يتزحزح للقيام جلس وسجد ولا شيء عليه وان ارتفع عن الأرض ولم يعتدل روى ابن القاسم لا يرجع وهو ظاهر الكتاب لان السجود وجب فلا يسقط بالرجوع فلا فائدة فيه وروى ابن حبيب يرجع لانه لم يتلبس بركن وفي أبي داود قال عليه السلام اذا قام الامام في الركعتين فان ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس وان استوى قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو فان اعتدل قائما فلا يرجع عندنا وعند ش وقال ابن حنبل الأولى الرجوع وقال الحسن ما لم يركع تفريع إن رجع بعد النهوض وقبل الاستواء قال ابن القاسم يسجد بعد السلام لإنجاز الخلل ولحصول الزيادة وان رجع بعد الاعتدال جاهلا قال سحنون تبطل صلاته وقال ابن القاسم يسجد وتصح قال ولا خلاف في الصحة إذا رجع ساهيا وفي الفساد اذا رجع عامدا مع العلم والمتأول يجزيه واذا قلنا لا تفسد قال ابن القاسم يتم جلوسه ويسجد بعد السلام ويعتد بجلوسه وقال أشهب قيل ولا يعتد به واذا كان إماما فاعتدل فليتبعه المأموم وان رجع فعلى قول ابن القاسم يبقى جالسا معه لانه عنده يعتد بجلوسه قال وعلى قول أشهب يحتمل ان يقال لا يقوم بقيامه لان المأموم على حكم جلوسه في الأرض أو يقوم لان بقيام الامام وجب قيام الماموم فاذا أخطأ لم يتبعه كما لو جلس من ركعة قال وهو قياس فلو قاما معا ورجع الإمام لا يتبعه على قول أشهب ويتبعه على قول ابن القاسم لانه يعتد به فلو جلس ونسي التشهد حتى اعتدل ففي الجلاب لا شيء عليه وفي المقدمات يسجد وبه قال ح و ش لنا انه غير متعين فلا يسجد كالتسبيح وقياسا على السورة والتكبير عندهما فلو رجع للتشهد بعد النهوض وقد كان جلس يخرج على الرجوع الى الجلوس الخامس في الكتاب إذا ظن المسبوق سلام الإمام فقام للقضاء ثم تبين له فان رجع قبل سلام الامام فلا سجود عليه لانه مع الامام ولا يعتد بما صلى قبل سلامه فان سلم عليه قائما أو راكعا ابتدأ القراءة ويسجد قبل السلام قال صاحب الطراز وقال في المختصر إذا رجع قبل السلام سجد بعد السلام لان الفعل الذي سها فيه هو ما سبق والإمام لا يحمل السهو فيه أما إذا سلم عليه قائما فلا يرجع اتفاقا كما لو سها عن الجلسة الوسطى فذكرها قائما ويسجد قبل لنقصه النهوض بعد سلام الامام ولمالك يسجد بعد احتياطا لترك الزيادة في الصلاة بسجود السهو وقال عبد الملك لا سجود عليه لان سهوه مع الامام ويرجع من القيام قبل سلام الامام بغير تكبير كالرجوع من الخامسة ولو تكلم غير المسبوق عقب سلام إمامه ساهيا قال مالك يسجد لبطلان الإمامة بالسلام وفيه خلاف ولو سلم وانصرف فرجع قبل سلامه قال مالك لا سجود عليه قال ويتخرج فيها على قول ابن كنانة أن عليه السجود فان لم يعلم حتى سلم رجع وجلس وسلم وسجد قبل السلام لنقصان الجلوس للسلام السادس قال صاحب الطراز لو سها الامام عن سجدة في الأولى قال سحنون يسبحون به ما لم يعقد الركعة فيتبعونه وكل حالة لو ذكر فيها رجع لا يتبعونه فيها فاذا عقد الثانية كانت أولاهم فاذا جلس قاموا ويقومون معه في الثالثة كإمام قام من اثنتين ويقومون في رابعته كإمام قعد في ثالثة ويأتون بركعة يؤمهم أحدهم أو أفذاذا ويسجدون قبل السلام ولو دخل يؤم في الثانية فذكر في تشهدها سجدة لا يدري من ايتهما ؟ قال سحنون يسجد سجدة ويتشهد ويجعلها أولى فان تيقنوا خلافه لم يسجدوا معه ويقومون بثالثة ويسجدون معه للسهو وإن شكوا اتبعوه الا في الجلسة ويثبتون قياما وقال مالك أيضا جلوسا وهو احسن ثم رجع الى اتباعهم في الخامسة لاحتمال أن تكون رابعة فلا يخالفونه بالشك ويقضونها لاحتمال كونها خامسة في حقه قال ابن سحنون ويسجد بعد السلام قال صاحب الطراز يتخرج على الخلاف بين ابن القاسم وأشهب فيمن ذكر سجدة في آخر صلاته لا يدري من أيها ؟ قال ابن القاسم يسجد الآن لتصح الرابعة ويأتي بركعة وقال اشهب يأتي بركعة فقط فعلى مذهب اشهب يحتسب بركعة ولا يسجد سجدة خلاف ما قال سحنون وقال ابن القاسم في ذاكر السجدة في آخر صلاته لا يدري من أيها ؟ يسجد بعد السلام لان الزيادة معلومة والنقص مشكوك فيه وقال سحنون قبل السلام تغليبا للنقص ولو ذكر سجدة في الثانية لا يدري من ايتهما يسجد الآن ويجلس ويتشهد عند عبد الملك تتميما للثانية ما امكن وقال ابن المواز لا يجلس لأنه كمن قال لا أدري أصليت واحدة أو اثنتين وهو أبين على قولنا يأتي بثانية بالحمد وسورة ولو ترك سجدة من الأولى وقام فسجدها واتبعه ساهون عامدون فذكر قبل الركوع فسجدها فلا يعيدها من سجدها وان لم يذكر حتى ركع مضى مع الساجدين فاذا قام يأتي بركعة بدلا من الأولى لا يتبعه الساجدون ويتبعه الساهون ويسجد بعد السلام هو والساجدون وغيرهم وتبطل صلاة العامدين والاحسن إعادة الساجدين قال ابن حبيب فان تمادى على اسقاط تلك الركعة وبنى على ذلك صحت الصلاة له وللساهين وبطلت على العامدين والساجدين لاختلاف النيات بينهم وبين إمامهم السابع قال صاحب الطراز ولو أدرك معه ركعتين فذكر سجدة لا يدري من أي ركعة ؟ وذكر المأموم سجدة لا يدري من أي ركعتين ؟ فليسجد مع الامام سجدة ويتبعه في ركعة بالفاتحة ويسجد معه قبل السلام ويقضى بعد ركعة قال ابن المواز وقيل يتبعه في سجدته وركعته وسجد معه السهو وسلم بسلامه ويبتدئ الصلاة للاختلاف في الابتداء الثامن قال لو ذكر في آخر الصلاة سجدتين لا يدري مجتمعتين أو مفترقتين ؟ سجد سجدتين وتشهد ثم أتى بركعتين بالحمد فقط ويسجد قبل السلام لاحتمال كونهما من الأوليين فتنتقص القراءة ويتخرج فيها قول بالسجود بعد السلام فلو كان مأموما سجد سجدتين واتى بعد الامام بركعتين بالحمد وسورة ويسجد بعد السلام لانهما ان كانتا من الأوليين فقد فاته أول صلاة الامام بخلاف الفذ وكذلك لو ذكر أن إمامه ترك ذلك دونه والأحسن أن يعيد الصلاة في المسئلتين لزيادة مثل النصف التاسع في الجواهر لو سها عن أربع سجدات من أربع ركعات أو عن الثمان سجدات اصلح الأخيرة وخرجت المسئلة على كثرة السهو هل تبطل الصلاة أم لا ؟ العاشر قال صاحب الطراز لو سبح المأموم بالإمام فلم يرجع حتى سلم فلا يسلم معه فان فاوضه الإمام لم يضره على اصل ابن القاسم فلو سلم معه على يقين النقص أو شك بطلت صلاته فان ذكر بعد ذلك الإتمام فقولان الحادي عشر في الكتاب اذا قال قوم للفذ لم تصل إلا ثلاثا لم يرجع اليهم ولا سهو عليه ان تيقن الاتمام وفي الجلاب قال أشهب إن أخبره عدلان رجع اليهما فان سأل عن ذلك ففي الكتاب يعيد الصلاة قال صاحب الطراز ان كان لم يسلم فظاهر وان كان سلم فهو محمول على أنه تشكك وان الشك بعد السلام يؤثر الثاني عشر قال سحنون في كتاب نوازله لو ذكر سجدة في آخر وتره لا يدري هل هي منه أو من الشفع ؟ سجد الآن وتشهد وسلم وسجد بعد السلام وأجزأه ان كان صلى شفعا وإلا شفع وتره بركعة بعد السجود وأعاده فلو ذكره من الشفع وتره ويعيده إن لم يتقدم له إشفاع وإلا كمله فقط الثالث عشر قال اللخمي لو ذكر سجدة من الرابعة وصلى خامسة ساهيا قيل يسجد الرابعة لان الخامسة ملغاة شرعا فلا تحول وقيل تحول وتبطل الرابعة وتنوب عنها الخامسة وقيل لا تنوب ويأتي بها فان شك هل من الرابعة أو الخامسة ؟ فعلى الأول يأتي بسجدة لاحتمال كونها من الرابعة ويسلم ويسجد بعد السلام وعلى الثاني يأتي بركعة لاحتمال كونها من الرابعة وقد بطلت بحيلولة الخامسة وعلى القول الآخر يسلم ويسجد للسهو لنيابة الخامسة عنها واحدى الركعتين صحيحة ضرورة فإن شك هل هي سجدة أو سجدتان مجتمعتان أو مفترقتان ؟ يأتي بسجدتين ينوي بهما الرابعة لاحتمال كونهما مجتمعتين وعلى الثاني يأتي بركعة وعلى القول الآخر يأتي بسجدة ينوي بها الخامسة لامكان افتراقهما والرابعة بطلت بالخامسة ونابت الخامسة عنها بعد ترقيعها
الفصل الثاني في زيادة الفعل
ففي الجواهر ان كان من جنس الصلاة وزاد في الرباعية ركعة صحت أو ركعتين ففي الصحة قولان أو اربعا فالمشهور البطلان ورويت الصحة وان زاد في الصبح مثلها فان قلنا بالبطلان في الرباعية في الركعتين فههنا أولى لتفاوت النسبة والا ففي البطلان قولان وان زاد فيها ركعة فقولان نظرا الى يساره الزيادة أو عظم النسبة وفي إلحاق الثلاثية بالرباعية أو الثنائية قولان وحيث صححنا سجد بعد السلام وتبطل بزيادة العمد ولو بسجدة وفي إلحاق الجهل بالعمد أو بالنسيان قولان وان كانت من غير جنسها قال صاحب المقدمات إن كثر جدا أبطلها وان قل فثلاثة أقسام جائز كحية تريده فيقتلها ويبني أنه في صلاة فلا سجود ومكروه كحية أو عقرب يقتلها إذا مرت بين يديه ففي السجود قولان ومحرم كالأكل والشرب فقيل يسجد وقيل تبطل وفي الفصل ستة فروع الأول إذا اعتقد ثلاثا فاتم ثم تبين أنها أربع رجع حين ذكره ويجلس ويسلم ويسجد وقاله ش وقال ح يرجع من لم يسجد في الخامسة فتبطل صلاته إلا أن يكون جلس بعد الرابعة قدر التشهد فتكون الخامسة تطوعا يضيف اليها أخرى ويسلم لنا ما في الصحيحين أنه عليه السلام صلى الظهر خمسا فلما سلم قيل له أزيد في الصلاة ؟ قال وما ذاك ؟ قالوا صليت خمسا فسجد سجدتين ثم سلم ثم قال انما انا بشر مثلكم انسى كما تنسون فاذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين الثاني قال ابن القاسم في الكتاب اذا قام الى خامسة سهوا واتبعه ساه ومتعمد وجلس آخر صحت صلاتهم إلا العامد لقصده لزيادة وقاله ش وقال ح ان قام قبل التشهد بطلت صلاته وإلا صحت ويجوز عنده ان يتنفل بإحرام الفرض بعد تمامه لأن السلام عنده ليس من الصلاة وإنما هو مناف لها ونحن نمنعه ذلك وان سلمنا انه ليس من الصلاة فهو شرط التحليل ومفارقة العبادة الأولى قال صاحب التنبيهات قال سحنون معناه في الكتاب أن الجالس يسبح به فان لم يسبح أعاد أبدا قال صاحب الطراز فلو قال كنت أسقطت سجدة من الأولى ولم أنبه قال ابن المواز تبطل على من لم يتبعه وتصح لمن اتبعه مطلقا قال يريد إذا شكوا أو تيقنوا النقصان وقال سحنون صلاة الساهين تامة والعامدين باطلة إن تيقنوا الزيادة إلا أن يتأولوا وجوب الاتباع لان الفعل تبع للاعتقاد قال ويتخرج على هذا إذا تعمد خمسا فتبين أنها أربع قال ابن الماجشون لا يضره وقال ابن القاسم إذا صلى خمسا سهوا ثم ذكر سجدة من الأولى يأتي بركعة قال ابن المواز والصواب الاكتفاء بالخامسة واذا لم يعتد بها سهوا فأولى عمدا قال ويتخرج فرع الخلاف إذا احرم بفريضة ثم اعتقد أنه أحرم بنافلة وتمادى ففي الإجزاء قولان فلو أن معه مسبوقا بركعة فجلس وقال الامام اسقطت سجدة من الأولى قال ابن المواز إن صدقه كل من خلفه أعاد هذا صلاته وإن لم يصدقه أحد لم يعد فلو قام للخامسة سهوا فدخل معه فيها مسبوق لم يجزه وقاله ح خلافا ش لأنها غير معتد بها وقد سلم ش اذا رجع الإمام فدخل معه ثم سها فركع ورفع الداخل معه ان ذلك لا يجزيه وكلاهما سواء فلو قام معه فيها مسبوق لم يجزه وقاله ابن المواز وقال إن علم انها خامسة بطلت صلاته إلا أن يقول كنت أسقطت سجدة من الأولى إلا أن يخالفه من خلفه فرع مرتب إذا قام الى خامسة بعد التشهد بعد الرابعة رجع وتشهد والا يتخرج على الروايتين في التشهد لسجود السهو قبل السلام قال ويمكن الفرق بأن السهو يلغي ويتصل الجلوس بالتشهد بخلاف سجود السهو فانه مشروع وهو الظاهر عند الشافعية الثالث لو صلى المغرب أربعا سهوا أجزأت ويسجد بعد السلام وعند قتادة والاوزاعي يضيف اليها أخرى ويسجد لنا أنه عليه السلام صلى الظهر خمسا الحديث المتقدم فلو صلاها خمسا سهوا أجزته عند أشهب ويسجد وقال ابن نافع عليه الإعادة وقال ابن الماجشون لا أقول يبطلها مثل نصفها سهوا كما قيل بل ركعتان يبطلانها لان كثير الفساد يبطل كالغرر في البيع الرابع قال ابن القاسم في الكتاب إذا أكل أو شرب ساهيا سجد وقد تقدم ابطالهما للصلاة لشدة منافاتهما للصلاة الخامس اذا تفكر في اتمام صلاته ثم يتيقن فلا سهو عليه قال صاحب الطراز إن تفكر قائما أو جالسا أو ساجدا فلا سجود اتفاقا لان زيادة اللبث في هذه المواطن لا يبطل عمده وأما بين السجدتين ان طال قال ابن القاسم لا سجود وقال اشهب يسجد كان جالسا بينهما مستوفرا على قدميه أو ركبيته السادس قال في الكتاب إذا صلى النافلة ثلاثا شفعها وسجد قبل السلام قال صاحب الطراز ان حمل على انه لم يجلس بعد اثنتين فلنقصان الجلسة وقيل لنقص السلام وعلى هذا لا فرق بين الجلوس وعدمه ويرد على هذا التعليل ان قام الى خامسة فقد اخل بالسلام من موضعه ساهيا مع انه يسجد بعد السلام قال ابن القاسم ولو قام الى خامسة في النافلة رجع ولا يكملها سادسة ويسجد بعد السلام لان الذي عليه الجادة من العلماء في النافلة عدم الزيادة على أربع فلو صلى الفجر ثلاثا قال اختلف في بطلانه والفرق ان الفجر محدود بالاتفاق فزيادة نصفه تبطله واذا قلنا لا تبطله فصلاته أربعا استحب مالك الإعادة خلافا لمطرف قال اللخمي إذا قام في النافلة إلى ثالثة ساهيا رجع فجلس وكذلك ان ذكر وهو راكع وبه أخد ابن القاسم وقال ايضا يتمها أربعا
الفصل الثالث في نقصان الأقوال
وفيه ثمانية فروع الأول تكبيرة الإحرام وقد تقدم الكلام عليها في الأركان الثاني قال صاحب الطراز لو ذكر قبل الركوع انه سها عن الفاتحة قرأها ويعيد السورة على مذهب الكتاب و ش وقال في المجموعة لا يعيدها لحصولها قبل والترتيب من باب الفضيلة وأما المستنكح فلا يعيدها وحيث قلنا بالاعادة فلا يسجد عند مالك و ش لان زيادة القراءة مشروعة لا يبطل الصلاة عمدها خلافا لسحنون فإن لم يذكر حتى ركع ورفع أو سجد سجدة فأربعة أقوال روى ابن القاسم يرفع فيقرأ ويسجد بعد السلام بناء على إلغاء الركعة ويفعل ذلك ويعيد الصلاة عند سحنون احتياطا لأن من يقول لا يجزيه سجود السهو يبطل الصلاة ويقطع بسلام قاله ابن القاسم يبني على الصحة ويتمادى ويسجد قبل السلام قاله ابن الماجشون فان ذكر بعد السجدتين فأربعة أقوال يضيف لهذه الركعة أخرى ويسلم بعد أن يسجد قبل السلام قاله ابن القاسم ويتمادى ويسجد قبل السلام ويفعل ذلك ثم يعيد ويلغي الركعة ويجعل الثالثة ثانية في القراءة والجلوس ويسجد بعد السلام وكذلك الحكم إن ذكر في الثانية فان ذكر وهو راكع في الثالثة أنه أسقطها من إحدى الأوليين فخمسة أقوال يتمادى ويسجد قبل السلام ويفعل ذلك ويعيد الصلاة ويجعل الثالثة ثانية ويجلس ويكمل ويسجد قبل السلام لترك السورة من هذه الثانية ويتمادى على صلاته ويقضي ركعة بالحمد وسورة ويسجد بعد السلام ويرجع الى الجلوس ويسجد ويسلم يجعلها نافلة قاله ابن القاسم فان لم يذكر حتى رفع من الثالثة أو في الرابعة أو التشهد فأربعة أقوال يسجد قبل السلام قاله ابن القاسم قال ابن حبيب ولم يختلف في ذلك أصحاب مالك ويفعل ذلك ويعيد الصلاة قال وهو ظاهر المذهب وقد قال ابن القاسم في الكتاب كان مالك يحب أن يعيد إذا ترك القراءة من ركعة واحدة في خاصة نفسه من أي الصلوات كانت ثم قال أرجو أن يجزئه سجود السهو وما هو بالبين ويأتي بركعة بالحمد فقط بناء على الالغاء وجعل الثالثة ثانية ويسجد قبل السلام لترك الجلوس وهو المعروف من المذهب على القول بالإلغاء ويأتي بركعة بالحمد وسورة ويسجد بعد السلام بناء على القضاء في الركعة ولو ترك القراءة في الثانية ولم يذكر حتى ركع ففيها الأقوال التي في الاولى إلا قول ابن القاسم فإنه قال ههنا يتمادى بخلاف الأولى لقوله العمل ههنا بالكثرة ولا فرق عنده في الثانية بين أن يذكر ذلك في ركوعها أو سجودها أو قبل ركوع الثالثة فانه يتشهد ويجعلها نافلة فلو ترك القراءة من الأخيرتين كان كالترك من الأوليين ولو ترك في ركعة من الأخيرة فثلاثة أقوال يسجد ويعيد يسجد فقط يأتي بركعة ويسجد بعد السلام سؤال قال ابن القاسم في القراءة لا يتمادى وفيمن نسي تكبيرة الإحرام وكبر للركوع يتمادى مع الامام والكل مختلف فيه جوابه انه احتياط في الصورتين أما في القراءة فلأن البناء على الصحة أحوط فان كل قائل يقول ببطلان الصلاة باعتبار السجود أو باعتبار زيادة ركعة أو باعتبار ترك المجموع بخلاف الاحرام فرع لو ترك آية من الفاتحة ففي الجواهر قال القاضي اسماعيل على المذهب يسجد قبل السلام وقيل لا يسجد الثالث قال ابن القاسم في الكتاب اذا تعمد ترك السورة في الاوليين يستغفر الله ولا سجود عليه وهو قول ( ح ش ) لما في مسلم من قرأ أم القرآن أجزت عنه ومن زاد فهو أفضل وفي الجلاب يسجد قبل السلام ويجزيه ويعيد الصلاة أبدا وهو قول عيسى في العمد والجهل فرأى ابن القاسم أن السجود إنما شرع لوصف السهو لقوله عليه السلام لكل سهو سجدتان فلا يسجد للعمد ورأى غيره أنه يشرع لجبر الخلل وهو مشروع في الحالتين قال صاحب الطراز فلو ترك بعض السورة فلا سجود اتفاقا وفي الكتاب لا يقضي قراءة ركعة في ركعة الرابع في الكتاب إذا سها عن التشهد أو التشهدين سجد إن ذكر وإلا فلا شيء عليه قال صاحب الطراز إن ذكر قبل السلام تشهدا أو بعده وهو قريب رجع إلى الصلاة بإحرام قولان ويسجد بعد السلام والتشهد عند مالك أخف من غيره فإن كان مأموما وذكر قبل سلامه وبعد سلام إمامه وقيامه قال ابن القاسم يتشهد ويسلم فإن قام إمامه فلا يتشهد ولا شيء عليه
تنبيه كيف يقول في الكتاب إن سها عن التشهدين سجد قبل السلام مع أنه إنما يتحقق سهوه عن التشهد الأخير إذا سلم فإن قيل السلام كله مكمل للتشهد فتصوره مشكل جدا وكذلك قول صاحب الجلاب ووجوب سجود السهو عن فعل كترك الجلسة الوسطى وما أشبهها وليس في الصلاة شيء يشبه الجلسة الوسطى من الأفعال في إيجاب السجود والجواب يتصور ذلك في ثلاث مسائل في الراعف المسبوق بركعة خلف الإمام والمقيم المسبوق يصلي خلف مسافر والمقيم يصلي صلاة الخوف خلف امام مسافر فيجتمع لهؤلاء المسبوقين القضاء وهو ما فاتهم قبل الإحرام والبناء وهو ما فاتهم بالرعاف ومذهب ابن القاسم تقديم البناء فيأتون بركعة ويجلسون لأنها ثانيتهم وبأخرى ويجلسون لأنها رابعة إمامهم وبأخرى ويجلسون لأنها آخر صلاتهم فإذا سهوا عن جلستين من هذه الجلسات تصورت هذه المسائل في السهو الخامس في الكتاب إذا سها عن أكثر من تكبيرتين سجد وإلا فلا وفي الجلاب عن ابن القاسم يسجد ومنشأ الخلاف النظر إلى أن التكبير كلمتان فتخف الواحدة منهما أو إلى كونها مشروعة محدودة فيسجد السادس قال في الكتاب إذا أبدل سمع الله لمن حمده بالتكبير أو بالعكس يرجع إلى المشروع وإلا سجد قبل السلام وإن نسي واحدة منهما فذلك خفيف قال صاحب الطراز معناه ترك موضعين وأبدلهما فلم يثبت البدل لعدم مشروعيته فإن أبدل موضعا واحدا فالمروي لا شيء عليه ويتخرج على القول بالسجود للتكبيرة الواحدة السجود ولو رجع إلى التحميد والتكبير فظاهر الكتاب لا شيء عليه وقيل يسجد بعد الزيادة وهو يظهر على قول ابن الماجشون أن الذكر في غير محله زيادة فيراعى زيادة اثنتين كما يراعى نقصانهما قال ومن يراعي نقصان تكبيرة أمكن أن يراعي زيادتها بطريق الأولى لإنفصال سجود الزيادة عن الصلاة قال والمذهب لا سجود لزيادة التكبير والتحميد لأنه لا تبطل الصلاة عنده فإن فات المحل قال بعض الشيوخ إن حمد لإنحطاطه وكبر لرفعه يأتي بتكبير ينوي به الخفض وتحميد ينوي به الرفع وخالفه كثير من الشيوخ لأجل الفوت وأما قوله يسجد قبل السلام فقال ابن عبد الحكم يعيد خوف الزيادة في الصلاة بالسجود قبل السابع قال صاحب الطراز لو أسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام إلا أن تكون الآية ونحوها خلافا ( ح ش ) لنا قوله عليه السلام لكل سهو سجدتان فلو كثر ذلك فأعاد القراءة جهرا فروى أشهب لا سجود عليه وروي عن ابن القاسم قبل لترتب السجود عليه أولا وروي عن مالك أنه يسجد إذا اسر بعد جهر من الزيادة في الصلاة فالسجود لقوة الاختلاف في ذلك الثامن قال ابن القاسم في الكتاب إذا شك هل سلم أم لا يسلم ولا سجود عليه قال صاحب الطراز فلو سها عن السلام ولم يعتقد أنه سلم وطال الجلوس جدا ثم ذكر فسلم فظاهر المذهب لا سجود وفي كتاب ابن سحنون يسجد لزيادة الطول فإن اعتقد أنه سلم ثم ذكر وهو باق في موضعه لم ينحرف عن القبلة ولم يحدث ما ينافي الصلاة سلم ولا شيء عليه فإن تحول عن القبلة وهو قريب استقبلها بغير إحرام وسلم من غير تشهد ويسجد بعد لزيادة التحول وأن تباعدا أو أحدث ابتدأ صلاته ويختلف في السجود إذا تغير عن هيئته وفي الإحرام كما إذا قام وإذا قلنا يكبر إذا قام قال مالك يكبر ثم يجلس لأن مشروعيه الإحرام في القيام وقال ابن القاسم يجلس ويكبر ويتشهد ويسلم ويسجد بعد السلام ليتصل التكبير بالحالة التي فارق فيها فإن أحرم بنافلة رجع إن لم يركع على المشهور كما يرجع للسجود قبل أن يركع ولمالك تبطل صلاته لأن إحرام النافلة يبطل إلا بسلام وهو مبطل للفريضة فإذا قلنا يرجع فلم يذكر حتى ركع قال ابن القاسم يرجع وقال سحنون لا يرجع والمشهور الرجوع إذا خرج من المكتوبة إلى النافلة ولو صلى ركعتين
الفصل الرابع في زيادة الأقوال
وفيه فروع أربعة الأول في الكتاب من قرأ السورة في الأخيرتين لا سجود عليه لأن الخلاف في مشروعيتها في الأخيرتين لابن عمر وابن عبد الحكم و ( ش ) وفي الجلاب عن أشهب يسجد الثاني في الكتاب من تكلم ناسيا سجد بعد وقاله ( ش ) وقال ( ح ) الكلام سهو يبطل ومسلم أن السلام في أثنائها سهوا لا يبطل لنا القياس عليه وحديث ذي اليدين ولأن كل ما يبطل عمده يوجب السجود سهوه الثالث إذا جهر فيما يسر فيه سجد بعد في البيان ولا خلاف أحفظه في أنه سجد بعد السلام والفرق بين هذا والعكس إن فعل ما تركه سنة أشد من ترك ما فعله سنة لفعله عليه السلام
إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه وإن أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم إلا أن تكون الآية ونحوها خلافا ( ح ش ) لنا قوله عليه السلام
لكل سهو سجدتان وفي الصحيحين كان عليه السلام يسمعنا الآية أحيانا قال صاحب الطراز وقيل يسجد قبل السلام لنقصه السنة فلو تعمد ترك الأسرار أو الجهر فأربعة أقوال لا سجود عند ابن القاسم لفقدان سببه الذي هو السهو عنده والسجود لوجود الخلل والسجود جائز وتبطل الصلاة للاستهزاء وهذه جارية في كل سنة تعمد تركها وتبطل الصلاة بالجهر كزيادة الكلام ولا تبطل بالسر لأنه نقص وما زاد الرابع قال في الكتاب إذا سلم من اثنتين ساهيا فسبحوا به فلم يفقه فقال له أحد المأمومين سهوت فسألهم فقالوا نعم فإنه يتمم بهم لما في الصحيحين أنه عليه السلام صلى إحدى صلاتي العشاء إما الظهر أو العصر فسلم من ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليه كهيئة الغضبان وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يتكلما فخرج سرعان الناس فقالوا أقصرت الصلاة فقام ذو اليدين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فنظر النبي عليه السلام يمينا وشمالا فقال احقاما يقول ذو اليدين فقالوا صدق ولم تصل إلا ركعيتن فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد والمشهور التسوية بين الاثنتين وغيرهما وقال سحنون ذلك خاص بالاثنتين قصرا للحديث على مورده لمخالفة الأصول وجوابه أنه معلل باصلاح الصلاة فيتعدى وحيث قلنا بالكلام ففي الجواهر ما لم يكثر وقيل يبنى وإن كثر قال صاحب المنتقى وكراهة الكلام للمأموم في هذا عن ابن وهب وابن نافع فإن فعل فلا إعادة والإعادة أبدا عن ابن كنانة وجعل الحديث خاصا بصدر الإسلام وقاله ( ح ش ) وليس كذلك لأن إباحة الكلام في الصلاة نسخت قبل خروج ابن مسعود من الحبشة وراوي هذا الحديث أبو هريرة وهو متأخر الإسلام
سؤالان الأول كان عليه السلام يعتقد إتمام الصلاة والقوم يعتقدون النسخ ويجوزونه فلذلك تكلموا بخلاف صورة النزاع الثاني روى في الحديث ما قصرت الصلاة ولا نسيت ويروى كل ذلك لم يكن والخلف منه عليه السلام محال والجواب عن الأول أنهم تكلموا بعد العلم بعدم النسخ بقوله كل ذلك لم يكن وعن الثاني أنه فعل ذلك عليه السلام قصدا اذن له فيه للتعليم فالكلام صدق وقوله عليه السلام احقا ما يقول للتثبت على القضية أو هو إخبار عن اعتقاد وهو كذلك فلا خلاف
فرع فلو كان الإمام يعتقد الإتمام قال صاحب الطراز لمالك قولان يرجع وقيل يرجع إن كثروا وفي الاثنتين والثلاث لا يرجع وجه الأول إن يقينه يضطرب وجه الثاني ترجيح اليقين على غيره وحيث قلنا يرجع ففي الجواهر يرجع بإحرام ثم يكبر تكبيرة القيام للثالثة وقال بعض المتأخرين ليس ذلك عليه إن كان جالسا في مقامه وإنما يفتقر للإحرام لو قام بعد سلامه أو فعل ما يوجب حاجته للإحرام واعترضه أبو الوليد بأن الموجب للإحرام هو السلام وغيره وإذا قلنا يحرم منها قائما كالإحرام الأول قاله بعض المتقدمين أو جالسا لأنها الحالة التي فارق فيها الصلاة قاله ابن شبلون وإذا قلنا يحرم قائما جلس بعد ذلك عند ابن القاسم ليأتي بالنهضة وروى ابن نافع لا يجلس لأن النهضة غير مقصودة وقد فات محلها قال صاحب المقدمات إن سلم ساهيا قبل إتمام صلاته لم يخرج من صلاته بذلك إجماعا ويتمها ويسجد إن كان فذا أو إماما وإن سلم شاكا في إتمام صلاته لم يصح رجوعه إلى تمامها فإن تيقن بعد سلامة تمامها أجزأته عند ابن حبيب لبيان الصحة وقيل فاسدة وهو الأظهر وان سلم قاصدا للتحليل معتقدا تمامها ثم شك أو تيقن بعد سلامه رجع لاصلاحها وهل يرجع بإحرام قولان مبنيان على أن السلام سهوا هل يخرج من الصلاة فلا يدخل إلا بإحرام قاله ابن القاسم ومالك أو لا يخرج من الصلاة فلا يحتاج إلى إحرام قاله أشهب وعبد الملك ومحمد وعلى الأول قال ابن القاسم يكبر ثم يجلس ثم يبني قال والصواب يجلس ثم يكبر ثم يبني لئلا يزيد الانحطاط بين القيام وعلى القول بأن السلام يخرج يرجع إلى موضع المفارقة فإن سلم من اثنتين رجع للجلوس أو من غيرها فذكر قائما رجع إلى حال رفع رأسه من السجود ولا يجلس لأنه ليس موضع جلوس
الفصل الخامس في الشك
وفيه فروع خمسة الأول في الجواهر لو شك في ركن وجب عليه الإتيان به إلا أن يكون موسوسا الثاني قال صاحب الطراز لو شك الإمام بعد سلامه قال ابن حبيب يبني على يقينه فإن سأل من خلفه فأخبروه فقد أحسن ويتم بهم فلو شك في التشهد فالمذهب يبني على يقينه ولا يسألهم قال ابن حبيب فإن سأل استأنف الصلاة وكذلك لو سلم على شك وسألهم قاله ابن القاسم وأشهب وقال ابن الماجشون يجزيه وقال ابن عبد الحكم يسألهم وان لم يسلم وجه الأول أن الشاك مأمور بالبناء على اليقين فتعمد الكلام يبطل وجه الثاني أنه سلام لو قارنه اعتقاد الإتمام كملت الصلاة وأولى الشك الثالث قال لو شك المأموم في التشهد الأخير في ركوع الأولى قال ابن القاسم يسلم معه ولا يأتي بركعة حذرا من الخامسة ويعيد الصلاة وقال مالك يتم على اليقين ويسجد بعد السلام الرابع قال اللخمي لو شك الإمام ومن خلفه فأخبرهم عدلان رجعوا إليهما وفي العدل قولان مبنيان على أن هذا من باب الخبر أو الشهادة
سؤال لنا ما يكفي فيه الخبر اتفاقا كالفتيا والرواية وما لا يكفي فيه الخبر اتفاقا كالحدود والدعاوي ولنا ما اختلف فيه بما ضابط الأولين حتى ترد إليهما فروعهما ويقضى على الخلاف بالوفاق جوابه ذكر المازري في شرح البرهان أن الأحكام منها عام للبشر فهو موطن الخبر إذ لا باعث على عداوة الجميع فيستظهر بالعدد وخاص بمعين كالدعاوي فهو موطن الشهادة لاحتمال العداوة ومتردد بين الخصوص والعموم كاثبات هلال رمضان فإنه عام بالقياس إلى البلد وخاص بالقياس إلى أنه لا يتناول غيرهم ولا زمانا آخر فاختلف الناس أي الثنائيتين تغلب وكذلك ههنا لا اثر للعداوة على تقدير التقليد فإن الذمة تبرأ فيقبل الخبر أو يلاحظ الخصوص فيحتاج إلى الشهادة الخامس قال صاحب المقدمات لا يفارق الشك اليقين في الصلاة إلا في موضعين إذا شك في الزيادة الكثيرة أجزأه السجود اتفاقا بخلاف تيقنها وإذا كثر الشك لهي عنه ولمالك في السجود قولان وقال ابن المواز ليس ذلك باختلاف بل السجود على من أعرض عن الشك وعدمه عمن أصلح والأظهر أنه اختلاف
الفصل السادس في سجدتي السهو
وفيه فروع سبعة الأول قال في الكتاب إذا سها عن السجود الذي قبل السلام سجد إن كان قريبا وإلا استأنف الصلاة قال صاحب الإشراف مقتضى المذهب وجوب السجود للنقصان قال صاحب الطراز قال عبد الملك و ( ش ) لا تفسد الصلاة بتركها وقال ( ح ) هما واجبتان وليستا شرطا في الصلاة لنا ما في مسلم قال ابن مسعود صلينا مع النبي فإما زاد أو نقص فقلنا يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء فقال وما ذاك فقلنا له الذي صدر فقال إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين والأمر للوجوب وكل ما يجب داخل الصلاة بطلت لأجل عدمه حجة ( ش ) أنه فرع عن ترك السنة والفرع لا يزيد على الأصل جوابه أنه ليس من شرط سبب الوجوب أن يكون مشروعا فضلا عن الوجوب بل يكون حراما كالجنايات مع العقوبات ومباحا كشراء الرقيق مع النفقات ومندوبا كالنكاح مع سد الخلات من الزوجات
تفريع إذا قلنا إن الصلاة تجزيء بدونه وذكره بالقرب سجد تكلم أو لم يتكلم قاله ( ش ) وقال ( ح ) إن تكلم بعد السلام لم يسجد وقال الحسن وابن سيرين إن صرف وجهه عن القبلة لم يسجد لنا الأحاديث المتقدمة وإن ذكره بعد الطول ففي الكتاب إن كان عن ثلاث أو أكثر من سمع الله لمن حمده أو التكبير حتى إذا طال كلامه أو قام فأكثر بطلت صلاته قال صاحب الطراز إذا طال ستة أقوال الأول ما في الكتاب لأن الخلل إذا كثر أفسد كالغرر في البيع فيستحب السجود لاثنتين ويجب لثلاث ولا تبطل مطلقا لعبد الملك بناء على أنه سنة وتبطل مطلقا في الأقوال والأفعال والقليل والكثير لمالك لمشروعيته قبل السلام ووجوبه فتبطل الصلاة للطول كالأركان ويسجد إلا أن ينتقض وضوؤه فتبطل لأشهب لمشابهة الصلاة الطهارة في إبطال الحدث لهما فلا تجب الموالاة فيهما مع السهو ويمنع الحدث البناء فيهما ويسجد مطلقا كسجود الزيادة وتبطل إن وجب عن الأفعال إن طال أو احدث بخلاف الأقوال وهل يسقط السجود إن طال مع الأقوال أم لا قولان لأن الفعل متفق على السجود له ولا يحمل الإمام مفروضه فيتأكد وقول سابع في الجواهر تبطل الصلاة إن كان عن الجلسة الوسطى أو الفاتحة وركعة
فرع قال مالك في الموازية إن ذكرهما بالقرب يحرم لهما ويسجدهما في موضع ذكره إلا في الجمعة لا يسجدهما إلا في المسجد وكذلك السلام وغيره فإن فعل ذلك في غير المسجد لا تجزيه الجمعة وقد تقدم في الرعاف خلاف ابن شعبان في ذلك الثاني في الكتاب يأتي بالسجود الذي بعد السلام ولو بعد شهر لأن الصلاة قد تمت وهو قربة منفصلة عنها وظاهر كلامه جواز على ذلك عند طلوع الشمس وعند غروبها وقد قال في الموازية فإن كان عن نافلة قال صاحب النكت عن بعض الشيوخ لا يأتي به في وقت تمنع فيه النافلة قال صاحب الطراز وظاهر الكتاب التسوية لأنه واجب مفارق للنوافل الثالث في الجواهر الإمام يحمل عن المأموم سجود السهو لما في الدارقطني قال عليه السلام ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه ويلزم المسبوق أن يسجد مع الإمام إن كان قبل السلام وعقد معه ركعة كما يتبعه في سجود التلاوة فإن لم يعقد ركعة لم يتبعه عن ابن القاسم لأنه لم يدرك صلاته وقال سحنون يتبعه كالتشهد وفي الكتاب لا يسجد معه قبل ولا بعد ولا يقضيه قال صاحب الطراز فلو سها المأموم قبل سلام الإمام حمله لأنه مأموم حينئذ فلو سها الإمام في الجلسة الأخيرة لم يسجد معه ولو سهيا جميعا فيها فيحتمل عدم سجود المأموم لكونه في غير صلاة نفسه والسجود لكونه سهوا وقع في إحرامه مضافا لموافقة الإمام فإن أدرك ولم يسجد الإمام سجد المأموم وقاله ( ش ) كما لو سلم الإمام من ثلاث فإن المأموم يكمل وخالف ( ح ) محتجا بأنه لم يسه وإنما كان يسجد تبعا لا متبوعا فلا سجود وجوابه منع الحصر وإذا قلنا يسجد فقد خيره مالك واستحب له ابن القاسم الانتظار وحتمه عليه ابن الماجشون فلو سجد معه لم يجزه ويعيده بعد السلام عند ابن القاسم استحبابا جاهلا كان أو عامدا فلو أخر السجود فسها هو في قضاء زيادة أجزأه سجدتان اتفاقا أو نقصانا سجدتان عند ابن القاسم قبل السلام تغليبا للنقص وبعده عند ابن الماجشون تغليبا لحكم الإمام فلو استخلف الإمام هذا المسبوق فسها في القضاء نقصا فالقولان ولو سها فيما استخلفه نقصا فسجدتان قبل السلام عند ابن القاسم وقال أيضا بعد تغليبا لحكم الإمام الأول وفي الجواهر إن ترك الإمام سجودا بعد السلام سجده المأموم وإن كان قبل قال في الكتاب يسجد معه ويجزيه وقال أشهب لا يسجد حتى يقضي فإن سجد معه ثم سها في قضائه سجد عند ابن القاسم أيضا وقال ابن الماجشون لا يسجد لو استخلف سجد بهم عند ابن القاسم قبل القضاء وعند أشهب بعده فإن آخر الإمام السجود قبل السلام بعده ففي الكتاب سجد المأموم معه سؤال السجود واجب فيكون السلام قبله سلاما في أثناء الصلاة فيمتنع موافقة الإمام فيه كالمقيم إذا ائتم بمسافر وكالمسبوق فكان ينبغي أن يسجد معه بغير سلام جوابه مخالفة الإمام ممنوعة والمقيم المسبوق لم يخالف الإمام فإنه لما سلم خرج من الإمامة معهم بفعلهم وتركهم حالة الانفراد وههنا لو ترك السلام مع أنه متبع له في السجود كان مخالفا له مع بقاء حكمه
تفريع لو لم يسلم معه وسجد قال صاحب الطراز الظاهر الإجزاء لأن الإمام هو المخطن في تأخير السجود ولو شرع في السجود حالة سلام الإمام ولم يتبعه فيه فقد أساء ويجزيه لأن سجود الإمام لم يقع في الصلاة فلم يخالفه الرابع في الكتاب إن أحدث فيهما أعادهما خلافا ( ح ) قال صاحب الطراز وقال أشهب إن توضأ وكملهما أجزأه فلو أحدث الإمام بعد سجدة قال أشهب لمن خلفه أن يكملهما وابتداؤهما أحسن الخامس في الكتاب إذا لم يدر أسجد اثنتين أم لا سجد أخرى ولا يسجد لسهوه لأنه إذا لم يكمل سجوده تداخل السهو على القاعدة قال صاحب الطراز فلو سجد قبل السلام وسها فتكلم قبل أن يسلم قال ابن حبيب يسجد لسهوه بعد السلام وعلى قول ابن الماجشون يسجد ثم يسهو ألا يسجد فلا يسجد ههنا فلو ذكر أنه نقص من صلاته فسجد واحدة ثم تذكر فلا يسجد الأخرى ويسجد بعد السلام وكذلك لو سجدهما فلو شك هل سجدهما لفرضه أو لسهوه ففي الموازية عليه أربع سجدات السادس في الكتاب إذا ذكر سجودا بعد السلام في نافلة أو مكتوبة لا يفسدها بخلاف ما قبل السلام لشدة تعلقه بالصلاة قال صاحب الطراز وعلى القول بأنهما لا يبطلان الصلاة مع الطول لا يقطع وعلى الأول يرجع إلى السهو من غير قطع ما هو فيه بسلام أو كلام عند ابن القاسم كما لو ذكر السجود خارج الصلاة يرجع لحينه من غير كلام فإن طالت القراءة في الحاضرة بطلت الأولى وكذلك إذا لم تطل القراءة وركع مراعاة للطول وهل يعتبر في الركوع الرفع بخلاف المعروف وإذا بطلت الأولى وهو في نافلة كملها أو في فريضة ففي الكتاب إن صلى ركعة شفعها عند مالك فإن ذكر سجود سهو نافلة في نافلة ففي الكتاب إن كان سجود بعد السلام تمادى أو قبله والوقت قريب لم يقطع إلا أن يكون لم يركع فيرجع للسجود ثم لنافلته إن شاء قال صاحب الطراز لا يقضى الحاضرة لأنها فسدت بغير قصده ولو ذكره في مكتوبة قال مالك يتمادى ركع أو لم يركع خلافا لابن عبد الحكم لان الفرض لا يترك للنفل وابن عبد الحكم يلاحظ وجوب النافلة بالشروع السابع كان مالك يقول يكبر للتين بعد السلام قياسا على سجود التلاوة ورجع للإحرام قياسا على الصلوات وتكفى تكبيرة واحدة للإحرام والدخول وفي الجواهر يكبر للابتداء والرفع ويتشهد للتين بعد السلام وفي اللتين قبله روايتان قال صاحب الطراز من اشترط الإحرام اشترط السلام لأن الإحرام لابد له منه ومن لا فلا والكل مروي في الأحاديث وهل يجهر به كالصلوات أو يسره كالجنازة روايتان والله أعلم
الباب التاسع في الجمعة
وهي مشتقة من الجمع للاجتماع الناس فيها وكان اسمه في الجاهلية عروبة من الإعراب الذي هو التحسين لمكان تزين الناس فيه ومنه وقوله تعالى ( عربا أترابا ) أي محسنات لبعولتهن وقد جمع أسماء الأسبوع في الجاهلية الأولى على الترتيب مبتدئا بالأحد قول القائل ( اؤمل أن أعيش وإن يومي ** بأول أو بأهون أو جبار ) ( أو التالي دبار فإن يفتني ** فمؤنس أو عروبة أو شبار ) وهذا اليوم الذي أمرت الأمم بتعظيمه فعدلوا عنه إلى السبت والأحد وفي الموطأ قال عليه السلام خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق الله آدم وفيه اهبط وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين يصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه وفيه قال كعب الأحبار وعبد الله بن سلام هذه الساعة مذكورة في التوراة
فوائد ذكر هذه الكائنات فيه في سياق تعظيمه يدل على عظمها وعظمه أما عظمها فخلق آدم عليه السلام وهو المفضل على الملائكة ومبدأ نوع الإنسان والأنبياء والرسل عليهم السلام وإن كانت أكثر ذريته من أهل الكفران ووقود النيران إلا أن ذرة من الإيمان لا يعدلها شيء من الكفران ولحظة من القرب يغتفر لها هجران الدهر وأما التوبة عليه فسبب السعادة ومبدأ السيادة وأما قيام الساعة فهو المقصود بالرسائل ونصب الوسائل وفيه إكرام الأبرار وخزي الفجار وأما إصاخة الدواب وإشفاقها فدليل إدراكها وهو مختلف فيه يحرر في غير هذا الموضع وأما ساعة الإجابة ففيها أربعة أقوال قال صاحب القبس الصحيح أنها من حين جلوس الإمام إلى حين تقضي الصلاة وهو في مسلم وفي أبي داوود وحين تقام الصلاة إلى انصراف منها وفي الترمذي التمسوها بعد العصر إلى غيوبة الشمس وقال عبد الله بن سلام هي آخر ساعة في النهار وقيل غير مختصة وبه يمكن الجمع بين الأقوال وفي القبس هي الساعة التي تيب على آدم فيها وقوله وهو قائم يصلي مع امتناع الصلاة على الأقوال الأول إما من مجاز التشبيه لأن السامع للخطبة أو الجالس المنتظر لصلاة المغرب بمنزلة المصلي أو من باب إطلاق لفظ المسبب على السبب فإن انتظار الصلاة سبب لإيقاعها ولذلك قال عليه السلام من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي
تنبيه لما كانت القلوب تصدأ بالغفلات والخطيئات كما يصدأ الحديد اقتضت الحكمة الإلهية جلاءها في كل أسبوع بمواعظ الخطباء وأمر بالاجتماع ليتعظ الغني بالفقير والقوي بالضعيف والصالح بالطالح ولذلك أمر باجتماع أهل الآفاق في الحجيج مرة في العمر لئلا يشق عليهم بخلاف أهل البلد
فرع وفي الكتاب كره تخصيصه بترك العمل تشبيها بأهل الكتاب في السبت والأحد وفي الجواهر صلاة الجمعة فرض على الأعيان لقوله تعالى ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) والأمر للوجوب وقال بعض أهل العلم على الكفاية ومنشأ الخلاف هل المقصود إصلاح القلوب بالمواعظ والخشوع فيعم أو إظهار الشعائر وهو حاصل بالبعض فيخص
تمهيد يحكي جماعة من الأصحاب الخلاف هل الجمعة بدل من الظهر أم لا وأنت تعلم أن البدل لا يفعل إلا عند تعذر المبدل والجمعة يتعين فعلها مع إمكان الظهر فهو مشكل والحق أن يقال إنها بدل من الظهر في المشروعية والظهر بدل منها في الفعل والمذهب أنها واجب مستقل بناء على ما ذكرناه وقال الحنفية الواجب الظهر ويجب إسقاطه بالجمعة وهو كلام غير معقول فإن الواجب ما لا يجوز تركه وهذا يجب تركه فالجمع بينهما متناقض
قاعدة البدل في الشرع خمسة أقسام بدل من المشروعية كالجمعة بدل الظهر والكعبة بدل من المقدس وبدل من الفعل كالخفين بدل من الغسل ومسح الجبيرة بدل الغسل وبدل في بعض الأحكام دون الفعل والمشروعية كالتيمم مع الوضوء ومن كل الأحكام كالصوم من العتق في كفارة الظهار وبدل من حالة من أحوال الفعل دون المشروعية والفعل والأحكام كالعزم بدل عن تعجيل العبادة في أول الوقت والتعجيل والتأخير والتوسط أحوال عارضة للفعل ولكل واحد أحكام تخصه فخاصية الأول أن يكون البدل أفضل وأن لا يفعل المبدل عنه إلا عند تعذر البدل عكسه غيره أو قد لا يفعل ألبتة كالصلاة للمقدس وخاصية الثاني المساواة في المحل وقد يستوى الحكم كالجبيرة وقد يختلف كالخف لوجوب الأعلى دون الأسفل وخاصية الثالث أن لا ينوب عن المبدل في غير ذلك الحكم بل يختص المبدل منه بأحكام وخاصية الرابع استواء البدل والمبدل في الأحكام بسببهما وخاصية الخامس إن الفعل بجملة أحكامه باق وإنما الساقط بالبدل حالة من الأحوال دون شيء من الأحكام وهذه القاعدة تظهر بطلان قول القائل البدل يقوم مقام المبدل مطلقا وإن يفعل إلا عند تعذر المبدل بل ذلك يختلف في الشرع كما ترى وفي الباب ثلاثة فصول
الفصل الأول في شروطها
وهي على قسمين شروط وجوب لا يجب على المكلف تحصيلها وهو شأن شرط الوجوب حيث وقع في الشرع وشروط أداء يجب على المكلف تحصيلها وشروط الوجوب على قسمين شروط في الصحة وفي الوجوب فقط فهذه ثلاثة أقسام الشرط الأول العلم بدخول وقتها وهو الزوال وقال بعض الحنابلة أولها وقت صلاة العيدين وقال بعضهم أو السادسة لقوله عليه السلام من راح في الساعة الأولى الحديث وجعل خروج الإمام عقيب الخامسة لنا ما في البخاري كان عليه السلام يصلي الجمعة حين تميل الشمس وأن الجمعة هي الظهر وإنما سقطت الركعتان لتعذر الخطبة كما سقطت لعذر السفر وقد سلم الخصم آخر الوقت فتعين أوله عليه قال سند فلو خطب قبل الزوال وصلى بعده روى مطرف لا تجزيهم لبطلان الشرط ويعيدون جمعه قال ابن القاسم في الكتاب ما لم تغب الشمس ولو كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب وعند ابن الماجشون آخر وقتها أول العصر فيصلون أربعا حينئذ وعند سحنون قبل الغروب بقدر الخطبة والجمعة وجملة العصر وفي الجواهر اصفرار الشمس وقيل قبل الغروب بأربع ركعات وقال مطرف إذا صليت بغير خطبة أعيدت إلى المغرب ولو صلى العصر بعد الغروب وقيل قبل الغروب بخمس ركعات سوى زمان الخطبة المتوسطة فلو خرج عليه وقتها وهو فيها فروي يتمها جمعة ولو بعد الغروب وقال الشيخ أبو بكر أن عقد منها ركعة بسجدتيها أتمها وإلا فظهرا الشرط الثاني الجماعة ففي الجواهر غير محدودة ولا تجزي الأربعة وما في معناها بل لا بد ممن تتقرى بهم قرية والشاذ أنها محدودة في رواية ابن حبيب بثلاثين بيتا والبيت مسكن الرجل الواحد وعند ش بأربعين وعند ربيعة ثلاثة عشر وعند ح بأربعة بالإمام لأنه عدد يزيد على أقل الجمع وما عداه من مراتب الأعداد مشكوك فيه واحتج ( ش ) بما يروى السنة أن في كل أربعين فما فوقها جمعة ونقل المازري عشرة أقوال عدم التحديد واثنان وثلاثة وأربعة وتسعة واثنا عشر وما قارب الثلاثين وأربعون وخمسون ومائتان لنا أن من شرطها الإقامة والأربعة ونحوها لا تمكنهم الإقامة ولا يشترط الأربعون لما في الصحيحين أقبلت عير بتجارة يوم الجمعة فانصرف الناس ينظرون وما بقى معه عليه السلام غير اثني عشر رجلا فنزلت ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا ) قال ابن القاسم في الكتاب إذا لم يكن معه بعد الخطبة أو فيها جماعة صلى الجمعة أربعا إذا لم يرجعوا قال سند قال عبد الوهاب قال الأشياخ مقتضى المذهب أن حضورهم الخطبة شرط وقال الباجي قول أصحابنا إن السعي يجب بالأذان أنه ليس شرطا لأن البعيد لا يأتي حتى تفرغ الخطبة قال سند والأول أظهر وهو ظاهر الكتاب وهو قول ش و ح قولان لأن المقصود منها الموعظة ولا تحصل إلا بالجماعة ولأنه العمل قال وإذا ثبت وجوب حضورهم فلا يخطب حتى يحضروا ما بقي الوقت المختار وإلا صلى أربعا فإن خرجوا قبل تمامها تمادى وحده فإن أتوا صلى بهم على ظاهر الكتاب لقوله إذا لم يرجعوا والأحسن أن يقال أن حضروا ما له بال أجزأ وإلا فلا فإن انفضوا بعد الخطبة وأيس منهم صلى أربعا وإلا انتظرهم إلى الوقت المختار فإن عادوا بالقرب إجتزاوا بالخطبة لأن الفصل اليسير لا يمنع وإن بعد الوقت فظاهر المذهب إعادة الخطبة لارتباطها بالصلاة ولهذا يعيدها الوالي الثاني إذا قدم وقيل ذلك مستحب فإن انفضوا بعد الإحرام فالمذهب أن يئس بنى على إحرامه أربعا وإلا جعله نافلة وانتظرهم وإن انفضوا بعد ركعة قال سحنون كما تقدم ولو انفضوا في التشهد فقال أشهب وعبد الوهاب لا يتمها جمعة لأن بركعة تدرك الصلاة ورأى سحنون أن شرط الابتداء شرط الانتهاء فإن انفض من تلزمه الجمعة وبقي من لا تلزمه وهم جماعة قال سحنون لا يجمع خلافا لأشهب لأنهم تبع فلا يستقلون الشرط الثالث الإمام قال صاحب المقدمات هو شرط في الوجوب والصحة وفي الجواهر لا يشترط حضور السلطان ولا إذنه وقاله ش وقال ابن مسلمة يشترط أو رجل يجتمع عليه وقال يحيى بن عمر لا بد ممن تخاف مخالفته وقال ح لا بد من السلطان لانه العمل وقياسا على الجهاد وجوابه منع الاول العمل لأن عليا رضي الله عنه صلى بالناس وعثمان محصور وكان قادرا على الاستئذان وكان سعيد بن العاصي أمير المدينة فأخرج منها وصلى بهم أبو موسى الأشعري وذلك كثير وعن الثاني القياس على الصلوات الخمس قال سند واذا لم يشترط فلو تولاها لم يجزأن تقام دونه إلا إذا ضيعها قال مالك لو تقدم رجل بغير إذنه لم تجزهم لانه محل اجتهاد فإذا رتب الحاكم فيه شيئا ارتفع الخلاف أما اذا ضيعها سقط اتباعه فلو لم يتولها السلطان استحب استئذانه مراعاة للخلاف في إذنه قال ابن القاسم في الكتاب اذا استنكر تأخير الامام جمعوا لأنفسهم إن قدروا وإلا صلوا أربعا يتنفلون معه لما في أبي داود قال عليه السلام يا أبا ذر كيف بك اذا كان عليك أمراء يميتون الصلاة أو قال يؤخرون الصلاة قال قلت يا رسول الله فما تأمرني ؟ قال صلى الصلاة لوقتها فإذا أدركتها معهم فصلها فانها لك نافلة قال سند يريد بالتأخير الى العصر فإذا صلوا الظهر قال بعض أصحابنا يصلون أفذاذا تشبيها بمن فاتته ولو دخل وقت العصر وقد صلى ركعة قال الأبهري يتمها بهم جمعة وإلا أتمها أربعا وقال ش إن خرج الوقت قبل فراغها أتمها أربعا وقال ابن حنبل ان أحرم في وقتها أتمها جمعة وقال ح لا يبني ويستأنف أربعا والمشهور اتمامها جمعة واذا صلوا ظهرا ثم أتى الامام في الوقت لزمهم الإعادة والا فلا وعليه يحمل قوله يتنفلون معه وعلى قول ابن القصار يجوز تأخير الجمعة الى الغروب تلزمهم الإعادة واذا قلنا لا تلزمهم فيعيدون بنية الجمعة كإعادة الصلاة في جماعة فإن تأخر معه جماعة غيرهم أجزائهم والا فلا الشرط الرابع المسجد قال صاحب المقدمات هو شرط في الوجوب والصحة على رأي من يشترط فيه البنيان وأما على رأي من لا يشترطه بل يكتفي بالفضاء اذا حبس وعين للصلاة وحكم له بالمسجد يكون شرطا في الصحة فقط فان مثل هذا لا يتعذر وافتى الباجي اذا انهدم سقف المسجد لا تقام فيه الجمعة قال وهو يعيد بل تقام فيه لانه يسمى مسجدا حينئذ وحكمه في التعظيم الشرعي حكم المسجد وقال الباجي لا تقام إلا في الجامع فلو منع مانع لم تقم في المساجد حتى يحكم الامام لواحد منهما بكونه جامعا قال وهو بعيد بل تقام فيه من غير نقل حكم إليه قال فإن قيل لو جاز ذلك لجاز للراعف أن يتم بقية الجمعة في بعض المساجد قال قلت قد جوزه بعض الأصحاب وان منعنا فلأنه التزم الصلاة في الجامع ابتداء وفي الجواهر يشترط في ذلك البنيان المعتاد للمساجد وأن يتفق على الاجتماع فيه على التأبيد فكل جامع مسجد وليس كل مسجد جامعا واستقرأ الصالحي عدم وجوبه استقراء باطلا ودليل وجوبه قوله تعالى ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) والنداء انما يكون عادة في المساجد للعمل قال سند ولا يكون عند مالك إلا داخل المصر وجوز ح مصلى العيد لشبه الجمعة بالعيد لنا انه مكان تقصر فيه الصلاة فيكون منافيا لوجوب الجمعة قاعدة متى كان فعله عليه السلام بيانا لمجمل كان حكمه حكم ذلك المجمل إن واجبا فواجب وإن مباحا فمباح لأن البيان مراد للمتكلم حالة التخاطب فهو موجود في الكلام الأول وآية الجمعة مجملة لم تدل على خصوص صلاة فيحتمل الصبح والظهر والعصر والسر والجهر وغير ذلك فبين عليه السلام جميع ذلك فجميع بيانه يكون واجبا إلا ما دل الدليل على خلافه فبهذه القاعدة يستدل على وجوب المسجد والخطبة وسائر الفروض فروع ثلاثة الأول في الكتاب لا يصلى في المواضع المحجور عليها حول المسجد وان أذن أهلها في ذلك قال سند قال ابن القاسم ويعيدون وان ذهب الوقت لأن عدم الحجر من خواص المسجد فإذا عدم افقد الشرط ولان السعي واجب وتجوز ذلك يبطله بخلاف الطرق فإنها لا تبطل السعي وقال ابن نافع يكره فان اتصلت الصفوف صح اعتبارا بحجر أزواجه عليه السلام وأجيب بأن الحجر كن في المسجد من جريد ومسوح الشعر ولم يفت الشرط أو بانها كانت تدخل بغير إذن وقال مالك ليست من المسجد بل أبوابها شارعة في المسجد وكان المسجد يضيق على أهله فيتسع الناس بها وهذا هو الذي يتجه لأنها لو كانت في المسجد لامتنع الوطء واللبث في زمن الحيض والجنابة الثاني في الجلاب لا يصلى في بيت القناديل ولا على سطح المسجد وفي الكتاب يعيد بعد الوقت أربعا قال سند وروى مطرف وعبد الملك الجواز وقاله اشهب واصبغ لأنه أولى من الأفنية فان اهوية الاوقاف أوقاف سؤال قد حنثه مالك إذا حلف لا يدخل المسجد فصعد السطح جوابه أنه احتياط في الصورتين والحنث لا يتوقف على الصلاة بدليل التحنيث بأكل اللبابة من الرغيف المحلوف عليه وهي ليست رغيفا عرفا ولا لغة الثالث جوز في الكتاب الصلاة في الأفنية المباحة وان لم تتصل بها الصفوف إذا ضاق المسجد لان المسجد لما تعذر لم يعتبر الصف وفي الطرق ذات الارواث إذا ضاق المسجد وحكى اللخمي عن سحنون منعه القسم الثاني شروط الوجوب دون الصحة وهي ستة الشرط الأول والثاني والثالث والرابع في الجواهر البلوغ والإقامة والحرية والذكورية ونقل ابن شعبان عن مالك الوجوب في العبد لنا قوله عليه السلام في ابي داود الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة الا أربعة عبد مملوك وامرأة أو صبي أو مريض وأنه عليه السلام كان مسافرا في حجة الوداع فلم يصل الجمعة قال سند وفي الكتاب يغتسل من حضر منهم ويكره للشابة الحضور ويستحب للعبد إن أذن له السيد وفي الجلاب يستحب للمكاتب بخلاف المدبر تمهيد الواجب عليهم إحدى الصلاتين إما الظهر أو الجمعة فمتعلق الوجوب القدر المشترك الذي هو مفهوم إحداهما ولا تخيير فيه والخصوص متعلق التخيير ولا إيجاب فيهما كما قلنا في خصال الكفارة فكما يتصف كل واحد من خصال الكفارة بالوجوب وتبرأ الذمة به فكذلك ههنا وليست ذلك من باب اجزاء ما ليس بواجب عن الواجب وكذلك المسافر يجب عليه أحد الشهرين رمضان أو شهر القضاء واحدى الصلاتين القصر أو الاتمام الشرط الخامس الاستيطان قال صاحب المقدمات الأظهر انه شرط في الوجوب دون الصحة وفي الكتاب يجمع في القرية ذات الأسواق كان لها وال أو لم يكن ومرة لم يذكر الأسواق لنا أن قبائل العرب كانت حول المدينة ولم يأمرهم عليه السلام بإقامتها واشترط ح ان يكون مصرا وفيه من ينفذ الاحكام محتجا بما يروى انه عليه السلام قال لا جمعة ولا تشريف الا في مصر جامع وجوابه منع الصحة وفي أبي داود أول جمعة جمعت في الاسلام بعد جمعة جمعت في مسجده عليه السلام لجمعة جمعت بجواثاء قرية من قرى البحرين قال سند مقتضى المذهب اشتراط السوق في القرية لتوقف الاستيطان عليه عادة قال فلو مرت جماعة بقرية خالية ينزلونها شهرين قال ابن القاسم إن اقاموا ستة أشهر جمعوا والا فلا قال الباجي ان عللنا بالاستيطان لم يجمعوا أو بالاقامة جمعوا والأول الأظهر فان أهل العمود مقيمون ولا يجمعون قال في الكتاب يجمع أهل الاخصاص ومنع في غير الكتاب ورأى ان البنيان من شعار الأمصار واذا جوزنا في الأخصاص فقد منع مالك في الخيم وجوزه ابن وهب والفرق بينهما على المذهب ان الخص أشبه بالبنيان وكان مسجده عليه السلام عريشا كالخص والخيام اشبه بالسفن لانتقالها وفي الكتاب اذا مر الامير مسافرا بقرية من قرى عمله تجمع في مثلها الجمعة جمع بهم وان كانت لا تجمع في مثلها أعادوا هم وهو اما الأولى فلان عمر رضي الله عنه جمع باهل مكة وهو مسافر من غير نكير فكان اجماعا ولأنها كانت تجب على نائبه في المكان وتصح منه فإذا حضر الأصل فهو أوفق بذلك أو تقديما لمصلحة حرمة الامامة بعد تقدم الغير كما قلنا في سائر الصلوات مع الاعلم منه ومع الأبلغ دعاء من القرابة في الجنائز وأما الثاني فلأن الجمعة لا تجزئ عن الظهر قال سند وقال ابن عبد الحكم تجزيء الإمام والمسافرين لان ظهرهم ركعتان والجهر وقع منه بالتأويل والفرق بينه وبين العبد والمرأة اذا شهدا الجمعة انها تصح مع فقدان بعض الشروط في حق هذا وهو المكان الذي يستوطن فيه وبينه وبين غيره من المسافرين أنهم اذا استخلفوا لا تجزيهم ان فعله يجري مجرى حكم الحاكم في اسقاط الشروط بخلافهم الشرط السادس الكون في مسافة سماع النداء في الكتاب يشهدها من على ثلاثة أميال أو أزيد يسيرا من المدينة لانه الذي يسمع منه النداء غالبا مع انتفاء الموانع وقاله ابن حنبل وقال ش الاعتبار بسماع النداء وقال ح لا تجب على الخارج عن المدينة ألبتة محتجا بان عثمان رضي الله عنه أذن يوم العيد لما كان يوم الجمعة لاهل العوالي أن ينصرفوا لنا قوله تعالى ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا ) من غير تخصيص وفي ابي داود الجمعة على من سمع النداء وفي الترمذي أمرهم عليه السلام ان يشهدوا الجمعة من قباء قال سند وأجمعت الامة على الوجوب على من حواه المصر سواء سمع أو لم يسمع واعتبر ابن عبد الحكم الثلاثة الأميال من خارج المصر والقاضي عبد الوهاب من الجامع لئلا تجب من خمسة أميال فأكثر وفي الجواهر المراعى في ذلك مكانه وقت وجوب السعي عليه دون مكان منزله وليس لمن هو على ثلاثة اميال إقامتها لوجوب السعي عليهم وقاله ابن حبيب وقال يحيى بن عمر لا يقيمونها الا بعد ستة أميال لان أقل من ذلك يوجب السعي على من دونهم اليهم والي المدينة فيلزم عصيانهم بأحدهما فيمنعون لنفي التشويش عن المتوسطين وقال الباجي يقيمونها بعد ثلاثة اميال فمن لا يجب عليه السعي يجب عليه اقامتها ولا يقيمونها إلا بعد بريد لتعلقهم بالمدينة في سوقها ومشاهدة بيدائها قال سند فلو صلى أهل القرية القريبة في جامع هذه القرية البعيدة الظاهر عدم الإجزاء لان جمعتهم بالمصر بالجامع العتيق ويحتمل الإجزاء لصلاتهم خلف من صحت جمعته وانما يعتبر العتيق في حق اهل المصر القسم الثالث شرط الصحة فقط قال صاحب المقدمات وهو الخطبة وفيه فروع تسعة الاول في الكتاب الخطب كلها سواء في الجمعة وغيرها لا يسلم على الناس إذا صعد ويجلس في خطبة العيدين قبلها وفي الجمعة حتى يؤذن المؤذن وفي الجميع يخطب خطبتين يجلس بينهما لما في أبي داود كان عليه السلام يخطب خطبتين وكان يجلس اذا صعد على المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم حتى يقوم فيخطب قال سند قال القاضي عبد الوهاب الجلسة ليست واجبة وروي عن ابن القاسم وجوبها ومقدارها جلسة بين السجدتين وأما عدم السلام فلمالك و ح خلافا ش محتجا بما يروى عنه عليه السلام كان إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عند منبره من الجلوس واذا صعد استقبل بوجهه وسلم وقال ابن حبيب ان كان معهم لا يسلم وإن خرج عليهم سلم اذا صعد واستقبلهم لنا عمل المدينة قال اللخمي اذا خرج سلم على من خرج عليهم وحكى الخلاف فيما عدا حالة الخروج قال سند فاذا فرغ المؤذن وثم من تنعقد بهم الجمعة خطب والا فلا والقيام من سنتها وقال ش شرط وقال ح وابن حنبل يجوز أن يخطب قاعدا لنا أنها السنة وأبلغ في الاسماع ولنا على ش القياس على ترك المنبر الثاني في الكتاب يجوز الامر بالمعروف والنهي عن المنكر للخطيب ولا يكون لاغيا بذلك ولا من يجاوبه لما في الموطأ قال دخل رجل من اصحابه عليه السلام يوم الجمعة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم يخطب فقال عمر أية ساعة هذه ؟ فقال يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت فقال عمر الوضوء أيضا ؟ وقيل الرجل عثمان الثالث في الكتاب يستحب لإمام المنبر الاتكاء على العصا لانه عليه السلام كان يتوكأ على العصا وأبو بكر وعمر وعثمان قال سند وحكمتها منع اليد من العبث ومسك اللحية وغير ذلك والقوس عند مالك مثل العصا وروي عنه لا يتوكأ على قوس إلا في السفر لان العصا السنة وليس له سنة فيما يصنع بيديه يرسلهما أو يقبض اليسرى باليمنى واستحب بين تحريك جسده ويديه ولم يحدد ذلك مالك وفي الجواهر يبدأ بالحمد ويختم بقوله يغفر الله لي ولكم فان قال اذكروا الله يذكركم فحسن ويؤمر بالطهارة في الخطبة وهل ذلك على الندب أو على الوجوب ؟ عند القاضي ابي بكر قولان ويؤمر برفع الصوت ولذلك اتخذ المنبر الرابع في الكتاب اذا أحدث في الخطبة استخلف من يتم بهم الخطبة والصلاة وكذلك إذا أحدث بعد الخطبة فان لم يستخلف قال سند أجاز ابن القاسم الوضوء في صحن الجامع وكرهه مالك ولو في طست فإذا توضأ قال ابن المواز يبتدئ الخطبة وقال اشهب يبني إن قرب فان عاد بعد الاستخلاف فالخليفة أولى بالخطبة والصلاة لثبوت حكم الإمامة له ولو تقدم الاول لجاز ويختلف اذا اخرجه بعد الإحرام وقد تقدم ذلك في الاستخلاف وكره في الكتاب أن يستخلف على الصلاة من لم يشهد الخطبة فان فعل جاز خلافا للشافعية واذا صححنا فالاحسن ان يعيد الخطبة فلو استمر على الخطبة بعد الحدث فكرهه في الكتاب والمذهب أن الطهارة ليست شرطا في الخطبة وقال سحنون ان خطب جنبا اعاد الصلاة ابدا والمدرك انه ذكر في الصلاة متردد بين الأذان والتكبير فان استخلف من لم يدرك الاحرام معه بل احرم بعد من خلفه وكان قد دخل معه طائفة فللأصحاب عدم الإجزاء للجميع لان احرام الأولين قبل إمامهم وصلاة الآخرين بغير خطبة والإجزاء أيضا والاول أظهر ولو استخلف من دخل خلفه فشك بعد الصلاة في الاحرام اعادوا كلهم الجمعة وفي الجلاب إذا أحدث الامام استخلف عليهم فإن لم يستخلف استخلفوا فإن لم يفعلوا وصلوا افذاذا ظهرا أربعا اجزأهم قال سند قوله اجزأهم لا يصح لأن فرض الوقت الجمعة فلا يجزيهم الظهر ما أمكنهم الجمعة الخامس في الكتاب اذا قدم وال بعد الخطبة يبتدئها لان الجمعة من الأحكام الاجتهادية لاختلاف العلماء هل تفتقر للسلطان أم لا ؟ فاذا وليها السلطان فقد ارتفع الخلاف كحكم الحاكم اذا اتصل بالقضايا فلا تصح الا منه ويليه وكيله والوكيل اذا عزل في اثناء تصرفه المرتبط بعضه ببعض سقط اعتبار ما مضى منه قال سند فان صلى بخطبة الأول قال ابن المواز وسحنون لا تجزيهم خلافا لابن حبيب لان أبا عبيدة قدم على خالد بن الوليد فعزله وهو يخطب فلما فرغ صلى أبو عبيدة وكما لو أحدث فتقدم غيره بغير اذنه ولو تمادى الاول بعد علمه بالثاني حتى صلى فرضي بذلك الثاني قال ابن القاسم يعيدون أبدا فلو اذن الثاني للأول اجزأتهم عند ابن القاسم ان اعادوا الخطبة لانه استخلاف من الثاني فيما كان يفعله فلو قدم الثاني بعد ركعة قال ابن المواز يعيدون الخطبة والصلاة فإن قدم بعد الصلاة في الوقت قال بعض القرويين يعيدون وهذا يتخرج على ان العلم بالعزل ليس بشرط وعلى القول بشرطيته لا يعيدون السادس قال ابن القاسم في الكتاب اذا خطب بماله بال أجزأ والا اعادوا الخطبة والصلاة قال سند وقال مالك اذا سبح أو هلل ولم يخطب أعادوا ما لم يصل فاذا صلى فلا وقال مطرف يكفي ادنى شيء وقال ح يكفي تسبيحه أو تهليله ووافق ش ابن القاسم مراعاة للاسم والعمل وجه قول مطرف قوله تعالى ( فاسعوا إلى ذكر الله ) من غير تفصيل قال واتفق الجميع على استحسان قصر الخطبة وفي مسلم طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة قال غيره والثانية أقصر من الاولى قال ويستحب أن يقرأ في الخطبة ولا يجب خلافا للشافعية محتجين بقياس الخطبتين على الركعتين قال ابن حبيب وكان عليه السلام لا يترك في خطبته ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا إلى قوله عظيما ) قال وينبغي أن يقرأ في الخطبة الأولى سورة تامة من قصار المفصل وكان عمر ابن عبد العزيز يقرأ ب ( ألهاكم التكاثر ) وتارة بالعصر فاستحباب الإكمال قياسا على الصلاة والقصر لاستحباب قصر الخطبة قال مالك ولا يقرأ بسورة فيها سجدة فان فعل فلا ينزل للسجدة وفي الموطأ ان عمر رضي الله عنه قرأ سجدة على المنبر فنزل فسجد قال مالك وليس العمل على النزول خلافا لاشهب وح وش لان عمر انما فعل ذلك للتعليم فان ارتج عليه قال ابن حبيب يفتح عليه في القراءة دون الخطبة لإرشاد بعض القراءة لبعضها بخلاف الخطبة قال سند إلا أن تكون الخطبة واحدة يكررها كل جمعة وتستحب الصلاة على النبي عليه السلام واوجبها ش والحمد والوصية بالتقوى السابع قال ابن القاسم في الكتاب اذا جهل فصلى ثم خطب يعيد الصلاة وتجزئ الخطبة لأن الشرط يتقدم المشروط قال سند فلو خرج الوقت صلوا اربعا الا عند عبد الملك لعدم ايجابه الخطبة الثامن في الكتاب من خرج عليه الامام في صلاة أتمها ولا يبتدئ صلاة بعد خروجه وقاله ح وقال ش وابن حنبل يحيى المسجد بعد خروجه محتجين بما في الصحيحين قال جابر بينما النبي عليه السلام يخطب يوم الجمعة اذ جاء رجل فقال له النبي عليه السلام أصليت يا فلان ؟ قال لا قال قم فاركع ويروى إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما وجوابه أنها قضية عين فيحتمل أنه عليه السلام ترك الخطابة حين الصلاة أو كان ذا فاقة فقصد عليه السلام أن يشاهده الناس أو أنه منسوخ بما يروى من النهي عن الصلاة حينئذ ويعضد ذلك قوله عليه السلام اذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب فقد لغوت فنهى عن النهي عن المنكر الذي هو واجب فأولى المندوب قال سند ولهذا ترك الخطباء الركوع اذا خرجوا اشتغالا بالخطبة التي هي أهم قال وقال مالك أيضا له التنقل بعد الخروج حتى يرقى المنبر فان أحرم بعد الجلوس عند الأذان فلمالك يقطع لعدم المشروعية ولا يقطع لانه لم يفوت واجبا ولو دخل فأحرم والامام يخطب فقولان اذ لا فرق بين المسئلتين قال صاحب البيان هذا الخلاف في الداخل اما الجالس في المسجد فيقطع قولا واحدا اذ لا خلاف فيه التاسع في الكتاب لا يذكر الا الشيء الخفيف في نفسه وينصت من بعد كمن قرب خلافا لابن حنبل لان عثمان رضي الله عنه كان اذا خطب يقول اذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا فان للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع من غير نكير فكان اجماعا قال سند قال مالك ولا يشمت العاطس سرا ولا جهرا ولا يرد سلاما ولا يشرب الماء لوجوب الانصات ويسكت الناس بالتسبيح لانه أبيح في الصلاة وبالاشارة ولا يحصبهم لما في مسلم قال عليه السلام من حرك الحصباء لغا قال ابن رشد والامر في التحصيب واسع ففي الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنهما رأى متحدثين والامام يخطب فحصبهما الى ان صمتا قال المازري ويجب الانصات بين الخطبتين قال ومقتضى تعليل المذهب إيقاع الصبح المنسية والامام يخطب وقد قاله بعض البغداديين لانه يترك الواجب لما هو أوجب منه قال سند فلو لغا الامام بلغو احد قال مالك ينصتون ولا يتكلمون لاحتمال عوده الى الخطبة قال أشهب ولا يقطع ذلك خطبته وقال ابن حبيب لا ينصتون ولا يتحولون عنه فلو اشتغل بقراءة كتاب ونحوه قال مالك ليس عليهم أن ينصتوا وفي الكتاب اذا اخذ في الخطبة استقبله الناس لان الاستماع بالاذن والقلب والعين لقوله عليه السلام حدث الناس ما حدثوك بابصارهم قال سند وهو مندوب وسوى ابن حبيب فيه بين السامع وغيره
الفصل الثاني في كيفية أدائها
وفيه فروع عشرة الأول الغسل وهو مندوب اليه وحكى اللخمي الوجوب لما في الصحيحين قال عليه السلام اذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل وفي أبي داود من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل فائدة الهاء في بها عائدة على فعلة الوضوء متعلقة بفعل محذوف تقديره فبها خذوا وفي الكتاب لا ينتقض الغسل بناقض الوضوء لانه مشروع للنظافة لا لرفع الحدث فناقضة الأوساخ دون الحدث كما قلنا في وضوء الجنب عند النوم لا ينقضه الحدث الأصغر لانه لم يشرع له قال سند والظاهر افتقاره الى النية خلافا لأشهب محتجا بأنه مشروع للنظافة فلا تشترط النية كإزالة النجاسة وجوابه أن ذلك وان كان مطلوبا إلا أن فيه شائبة التعبد بدليل توجهه على التنظيف قال أبو الطاهر المشهور عدم اجزائه بماء المضاف كماء الرياحين وقيل يجزي وفي الكتاب يكون متصلا بالرواح وقال ابن وهب في العتبية وح وش ان اغتسل بعد الفجر اجزأه لنا الحديث السابق والشرط لا يتأخر عن المشروط وقد جعل الرواح فيه شرطا ولان المقصود أن يصلي على أكمل هيآت النظافة قال سند ان تراخى يسيرا فلا شيء عليه وإن دام متعمدا استأنفه عند ابن القاسم وان غلبه النوم فان نسي الغسل وذكره في المسجد والوقت يتسع رجع فاغتسل والا فلا الثاني القراءة فيها جهرا بخلاف صلاة النهار لان المقصود اظهار الشعائر ولذلك شرع فيها الخطبة والجمع في المكان الواحد والزينة وفي الجواهر يقرأ فيها بالجمعة في الأولى وبالمنافقين أو بسبح أو هل اتاك حديث الغاشية في الثانية وقاله ش خلافا ح لما في الموطأ انه عليه السلام كان يقرأ على أثر سورة الجمعة هل أتاك حديث الغاشية الثالث قال سند قال ابن حبيب يؤمر لها بالطيب والزينة وقص الشارب والظفر ونتف الابط والاستحداد والسواك لما في الصحيحين قال عليه السلام الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وان يستن وان يمس من الطيب ما قدر عليه ولو من طيب المرأة ومعنى الوجوب في هذا الحديث تأكد السنة وقيل يستعمل في معناه اللغوي وهو السقوط ومنه قوله تعالى ( فإذا وجبت جنوبها ) أي سقطت ويدل على ذلك عطف ما ليس بواجب عليه من الطيب والزينة الرابع في الجلاب التهجير افضل من التبكير خلافا لابن حبيب و ش واختلف الشافعية هل أوله الفجر أو الشمس محتجين بقوله عليه السلام في الموطأ من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر فحملوا الساعات على العادية وقسم مالك الساعة السادسة خمسة أقسام فحمل الحديث على هذه الأقسام حجته ان الرواح لا يكون لغة الا بعد الزوال ومنه قوله تعالى ( غدوها شهر ورواحها شهر ) فالمجاز لازم على المذهبين ومذهبنا أقربهما للحقيقة فيكون أولى ولانه عقب الخامسة بخروج الامام وهو لا يخرج بعد الخامسة من ساعات النهار والا لوقعت الصلاة قبل الزوال واذا بطل احد المذهبين تعين الآخر اذ لا قائل بالفرق وبتقسيم السادسة قال صاحب المنتقى وصاحب الاستذكار والعيسى في شرح الرسالة وصاحب الطراز وقال اللخمي وابن بشير وصاحب المعلم وابن يونس وجماعة التقسيم في السابعة والموجود لمالك انما هو قوله أرى هذه الساعات في ساعة واحدة ولم يعين فاختلف أصحابه في تفسير قوله على هذين القولين والاول هو الصحيح لان حديث مسلم كان ينصرف من صلاة الجمعة والجدران ليس لها فيء واذا كان عليه السلام يخرج في أول السابعة وقد قال في الحديث فاذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر فاذا كان الامام يخرج في أول السابعة بطل الحديث بالكلية ولا يمكن أن يقال أن تلك الأزمان أزمنة في غاية الصغر فإن الحديث يأباه والقواعد لأن البدنة والبيضة لا بد أن يكون بينهما من التعجيل والتأخير وتحمل المكلف من المشقة ما يقتضي هذا التفصيل وإلا فلا معنى للحديث ولا هذا الترغيب في المبادرة إلى طاعة الله تعالى الخامس في الجلاب الأذان الثاني آكد من الأول وهو الذي يحرم عنده البيع ويروى أن مؤذني رسول الله كانوا ثلاثة يؤذنون على المنابر واحدا بعد واحد فإذا فرغ الثالث قام عليه السلام فخطب إلى زمن عثمان كثر الناس أمر بأذان بالزوراء وهي موضع السوق ليرتفع الناس منه عند الزوال فإذا جلس اذن على العادة إلى زمن هشام بن عبد الملك نقل اذان الزوراء إلى المسجد وجعله مؤذنا واحدا فإذا جلس اذن الجميع قدامه قال ابن حبيب والسنة أولى بالإتباع وفي الكتاب يكره البيع عند الاذان والجلوس على المنبر فإن فعل فسخ ويكره ممن لا تجب عليهم الجمعة من المسلمين ولا يفسخ إلا أن يبايعهم من تجب عليه قال سند إنما الخلاف إذا اذن ولم يقعد فظاهر الكتاب الجواز وروى ابن القاسم المنع والمذهب وجوب الرواح للخطبة لظاهر القرآن وقيل للصلاة فعلى الأول يجب السعي بمقدار ما يدرك من الخطبة قال ابن حبيب ويؤمر بإقامة الناس من الأسواق والمعتبر من الأذان أوله ووافق ابن حنبل في فسخ البيع ممن تجب عليهم الجمعه وروي عن مالك امضاؤه وقاله ح و ش لنا أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه وجه الثاني أن البيع سالم في نفسه من المفاسد وإنما منع صونا للصلاة عن الفوات فعلى القول الأول بالفسخ ففات مضى بالقيمة عند ابن القاسم وأشهب وبالثمن عند سحنون والمغيرة نظرا للنهي أو لسلامة العقد في نفسه والقيمة حين القبض عند ابن القاسم وبعد الجمعة عند أشهب مراعاة لوقت جواز البيع وإذا حصل ربح لم يحرم عند مالك لملك المبيع بالقيمة ويتصدق به عند ابن القاسم قال ولا خلاف في منع كل ما يشغل عن السعي واختلف في فسخ النكاح على القول بفسخ البيع فأجازه ابن القاسم وفسخه أصبغ واختلف في إلحاق الإجارة والفرق بين البيع وبينهما كثرته بخلافهما فتكون مفسدته أعظم والشركة والإقامة والتولية والأخذ بالشفعة ألحقها ابن عبد الحكم بالبيع قال والحق أنها أخف وألحق عبد الوهاب الهبات والصدقات بالبيع قال وعندي أنها تبرعات عبادات يتقرب بها وعادة الناس التصدق يوم الجمعة
فرع فإن اضطر لشراء الماء للطهارة قال ابن أبي زيد يشتريه لأنه إعانة على الجمعة لا صارف عنها قال أما إن كان البائع من أهل الجمعة ففيه نظر لاشتغاله عنها السادس قال ابن القاسم في الكتاب من وجبت عليه الجمعة فصلى ظهرا في بيته لا يجزيه قال سند قال ابن نافع يجزيه لأنه لو أعاد لأعاد أربعا مثل الأولى ومنشأ الخلاف هل فرض الوقت الجمعة لا يجب اسقاطها فلا يجزيء أو الظهر ويجب اسقاطه بالجمعة وقد فات ما يجب به الاسقاط فيجزيء السابع في الكتاب يتنفل الأمام بعد الجمعة في بيته دون المسجد لما في الصحيحين كان عليه السلام لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته ولعموم قوله تعالى ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) قال وكذلك من خلفه فإن ركعوا فواسع الثامن في الكتاب يصلي الظهر من لا تجب عليه الجمعة بإمام بخلاف من تجب عليه ووافق ش في الأولين وخالف ح بالكراهة لأن زمانه عليه السلام لا يخلو عن المعذورين ولم يأمرهم بذلك عليه السلام لنا أدلة فضل الجماعة قال سند وفي الواضحة يستحب تأخيرهم حتى تفوت الجمعة وقاله ش وظاهر الكتاب خلافه ويستحب لهم اخفاء صلاتهم لئلا يتهموا ولا يؤذنون لأن الآذان يومئذ من سنة الجامع قال المازري قال ابن القاسم لا يجمع الخائف ولا المتخلف لعذر المطر الذي هو غير عام لإمكان الأمن في الأول وتحمل المشقة في الثاني وإن كان لا يجب أما إذا كان عاما قال اللخمي الاحسن جمع أرباب الأعذار كلهم أما من تجب عليهم الجمعة فروى أشهب يجمعون واستحبه ش وجه المذهب سد ذريعة البدع وإذا قلنا لا يجمعون فجمعوا أجزأهم التاسع في الكتاب يتخطى إلى الفرج برفق قبل جلوس الإمام فإذا جلس فلا لما في أبي داود أن رجلا تخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي عليه السلام يخطب فقال له النبي اجلس فقد آذيت الناس ولأنه يمنع الانصات وكرهه ش مطلقا لعموم الأداء ومرعاة الفرج أولى مم تخلف عن سدها ومن قام لحاجة على وجه العود فهو أحق بموضعه العاشر قال سند لا يقام عند مالك وش في جامعين وقال ابن عبد الحكم إذا كبر المصر واحتاجوا إلى ذلك يجوز وقال ابن القصار إن كانت المصر ذات جانبين جاز وجوزه محمد بن الحسن مطلقا في مسجدين وداود في سائر المساجد لنا أن وجوب السعي يأبى الإقامة مطلقا إلا ما خصه الدليل ولأنه عليه السلام فعله والخلفاء بعده فلو جاز ذلك لم تعطل المساجد في زمانهم فهو إجماع فلو صليت في مسجدين فقال مالك الجمعة لأهل المسجد العتيق وقال بعض الشافعية للسابقين وهل بالإحرام أو بالسلام قولان لنا أن الثاني لم يتفق عليه جامعا فلا تصح الجمعة فيه لفقدان شرطه ولأنه لو جاز ذلك لأمكن كل جماعة إفساد جمعة المصر فلو أنشئت قرية يصلي فيها جمعتان فإن كانت إحداهما بتولية السلطان فالجمعة له وإلا فمن سبق بالاحرام لوجوب متابعته حينئذ وان جهل السبق فسدتا وقال المزني تصحان لأن البناء على الصحة فلا يبطل بالشك لنا أن الذمة مشغولة وشككنا في السبق المبرئ فتبقى مشغولة وإذا حكمنا بالفساد وسبقت احداهما أو جهل سبقهما اعادوا جميعا أربعا لقطعنا بتأدي الجمعة فلا يجزئ احدا بعد ذلك جمعة ان علمت المقارنة وان جهل الحال فالأحوط يصلون جمعة ويعيدون ظهرا أفذاذا
الفصل الثالث في مسقطاتها
وهي ثلاثة التغرير بالنفس أو العرض أو المال واختلف في خروج العروس قال سند قال مالك لا يتخلف عن الجمعة والجماعات وقيل يتخلف قال ابن رشد وهي جهالة عظيمة كما قال مالك وغلطة غير خافية وقال مالك يتخلف لتمريض من يتعلق به وتجهيز جنازته وخوف الغريم مع الاعسار والمطر العظيم وقال ابن حبيب يتخلف الأعمى إذا لم يجد من يقوده بخلاف المجذم وليس للسلطان منعه في الجمعة خاصة ولا يخالط الناس في بقية الصلوات وقال ابن سحنون لا يخالطوهم في الجمعة ولا تسقط بشدة الحر والبرد ولا بصلاة العيد إذا كانا في يوم خلافا لابن حنبل محتجا بما في أبي داود أنه عليه السلام قال قد اجتمع في يومكم عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وانا مجمعون لنا آية وجوب السعي ولأنه عمل الانصار في سائر الاقطار وأما الخارج عن المصر ففي الكتاب لا يتخلفون وروى عنه يتخلفون لاذن عثمان رضي الله عنه لاهل العوالي ولما في انتظارهم رجوعهم من المشقة قال المازري قال مالك ليس على الشيخ الفاني ولا المريض جمعة قال اللخمي الذين تسقط عنهم الجمعة إذا حضروها ثلاثة أقسام قسم تجب عليهم وبهم على غيرهم وهم أرباب الأعذار الرجال الأحرار فتكمل بهم الجملة وقسم لا تجب عليهم ولا بهم وهم الصبيان وقسم لا تجب عليهم وقال ابن القاسم وسحنون لا تجب بهم على غيرهم خلافا لأشهب وهم المسافرون والعبيد ونقل أبو الطاهر قولا بعدم إجزائها للمسافرين
فروع ثلاثة الأول في الكتاب اسقاطها عمن بعرفة ومنى وعلل بأن الحال في تلك المواطن مسافر واهلها نزر يسير ولا تعقد بهم الجمعة وناظر أبو يوسف مالكا عند الرشيد فقال صلى النبي يوم عرفة ركعتين والجمعة ركعتان فقال مالك هل جهر أم أسر فسكت أبو يوسف الثاني يجوز إنشاء عذر السفر إجماعا قال سند وروى ابن القاسم كراهته قبل الزوال وقاله ( ش ) وابن حنبل الا أن يكون جهادا وروي عن مالك لا بأس به وقاله ( ح ) ويحرم بعد الزوال عند مالك و ( ش ) وقال ابن حنبل الا أن يكون في الجهاد وجوزه ( ح ) قياسا على سائر الصلوات فإن خرج قبل الزوال ولم يؤذن حتى تجاوز ثلاثة أميال تمادى وإلا فظاهر المذهب الرجوع الثالث إذا ورد إلى بلده وطمع في إدراك الجمعة فلا يصلي الظهر فإن صلاها في مسافة لا يجب فيها السعي أجزأه وإن كانت تجب منها فإن لم يدرك الجمعة فالظاهر الإجزاء نظرا إلى حالة الايقاع وهي حالة سفر وان ادرك قال الباجي إن كان عالما بذلك لم يجزه فإن صلى على قرب من مصر معتقدا أنه لا يدرك الجمعة ثم أدركها قال مالك يصليها وقال أشهب الأولى صحيحة ويعيد جمعة ويكل أمرها إلى الله تعالى وإذا قلنا بصحة الأولى فعند عبد الملك تجب عليه الجمعة وعند سحنون تكره وعند أشهب إن كان صلى فذا استحب له وإلا كره
الباب العاشر في صلاة السفر
السفر في اللغة قطع المسافة وهو مأخوذ من قولهم سفرت المرأة عن وجهها إذا أظهرته وأسفر الصبح إذا ظهر لأنه سفر عن أخلاق الرجال بسبب مشاقه والكلام في السبب والشروط والحكم ومحله فهذه أربعة فصول
الفصل الأول في السبب
وهو في الكتاب سفر ثمانية وأربعين ميلا أربعة برد كل بريد أربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال وترك قوله يوما وليلة قال سند معناه ترك التحديد قاله بعض الأصحاب وإلا فهما سواء وقاله ( ش ) وقاله ( ح ) أربعة وعشرون فرسخا وروي عن مالك خمسة وأربعون ميلا وقال ابن حبيب أربعون ميلا وروي عن ابن القاسم من صلى في ستة وثلاثين ميلا لا يعيد وقال ابن عبد الحكم يعيد في الوقت وفي الجواهر وروي عن مالك اثنان وأربعون ميلا لنا ما في البخاري كان ابن عباس وابن عمر يقصران ويفطران في أربعة برد ويروى عنه عليه السلام
لاتقصروا في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان فوائد الفرسخ فارسي عرب والميل يشبه أن يكون من الميل بفتح الميم لأن البصر يميل فيه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه وفيه سبعة مذاهب قال صاحب التنبيهات هو عشرة غلى والغلوة طلق الفرس وهو مائتا ذراع فيكون الميل ألفي ذراع قاله ابن حبيب وقال ابن عبد البر أصح ما قيل فيه ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع ونقل صاحب البيان ثلاثة آلاف ذراع وقيل أربعة آلاف ذراع كل ذراع ستة وثلاثون أصبعا كل أصبع ست شعيرات بطن إحداها إلى ظهر الأخرى كل شعيرة ست شعرات شعر البرذون وقيل أمد البصر قاله صاحب الصحاح وقيل ألف خطوة بخطوة الجمل وقيل أن ينظر الشخص فلا يعلم أهو آت أم ذاهب أو رجل أو امرأة قال سند والبحر عند مالك مثل البر في اعتبار المساحة وروي عنه أيضا اعتبار يوم وليلة لأن الريح قد تقطع تلك المساحة في نصف نهار قال ولا فرق بين المساحة المستقيمة أو الشديدة لحصول المشقة واشترط ابن الجلاب واللخمي الاستقامة قال فإن اجتمع البر والبحر فإن راعينا المساحة فلا كلام وإلا وجب التلفيق فإن كانت البداية بالبر وهو لا يسافر في البحر إلا بالريح ففي الجواهر قال ابن المواز ولابد أن يكون في مسافة البر أربعة برد لأن الريح قد يتعذر فلو كان للبلد طريقان قريب وبعيد فعدل عن القريب الناقص عن مسافة القصر لحاجة قصر عند مالك و ( ش ) و ( ح ) وإن لم يقصد إلا للترخص فقال ( ح ) يقصر وللشافعي قولان ويتخرج لمالك قولان من قوليه في لابس الخف للترخص
قاعدة الأصل اعتبار الأوصاف المشتملة على الحكم فإذا تعذر اعتبارها أما لعدم انضباطها أو لخفائها أقيمت مظنتها مقامها فكان الأصل إناطة الأحكام بالعقل حالة وجوده لكنه لما لم ينضبط زمانه أقيم البلوغ مقامه لكونه مظنة له وموجب انتقال الأملاك الرضى ولما لم يعلم أقيم الإيجاب والقبول مقامه والمشقة سبب الترخص بالقصر فلما لم تنضبط أقيمت المساحة مقامها لكونها مظنة لها
فروع أحد عشرة الأول قال في الكتاب إذا واعد من يمر به أو ينتظر فيه رفقة تأتيه وبينه وبين ذلك الموضع الذي يمر به أو ينتظر فيه ما لا تقصر فيه الصلاة إن كان عازما على السفر على كل حال قصر وإن كان لا يسافر إلا بهم أتم حتى يبرز عن الموضع الآخر الثاني في الكتاب متى نوى المسافر إقامة أربعة أيام أتم وقاله ( ش ) وقال ربيعة يوما وليلة قياسا على مدة السفر وقال ( ح ) خمسة عشر يوما لقول ابن عباس ذلك وقال الليث ستة عشر وإسحاق تسعة عشر لما في الصحيحين أقام عليه السلام عام الفتح تسعة عشر يقصر الصلاة فنحن إذا أقمنا تسعة عشر قصرنا وإذا زدنا أتممنا لنا قوله عليه السلام يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا مع تحريم الإقامة عليهم بمكة لأنهم تركوها لله فيكون الزائد اقامة وفي مسلم الضيافة ثلاثة أيام والمقيم لا يضيف ولأن ظاهر القرآن يقتضي أنه إذا لم يكن ضاربا في الأرض لا يقصر خالفناه في الثلاث لأن المسافر تنعقر دابته ويقضي في بعض المناهل حوائجه فلابد من اللبث اليسير فيبقى ما عداه على مقتضى الدليل والجواب على ما نقلوه أن اللبث ليس مانعا من القصر بل لابد من نية الإقامة فلا بد على وجودها من دليل وعن القياس الفرق بأن أكثر الإقامة أكثر من أكثر السفر عادة فيكون أقلها أكثر من أقله عملا بالمناسبة
تفريع قال سند اعتبر ابن القاسم أربعة أيام غير يوم دخوله لتناول لفظ خبر الأيام ويلزم على قوله عدم اعتبار يوم خروجه وقاله ( ش ) وقال ابن المواز وسحنون عشرون صلاة وقاله ابن حنبل لأن الحكم إنما تعلق بالأيام لأجل الصلوات فلو عزم على السفر بعد الأربعة قال سحنون لا يقصر حتى يظعن كابتداء السفر وقال ابن حبيب يقصر في موضعه دفعا للنية بالنية ولو نوى الاستيطان إلا أنه عزم على الحركة قبل الأربع ثم رجع أتم عند مالك وقصر عند ابن مسلمة ولو عزم بعد الأربعة على إتمام سفره اشترط في الثاني مسافة القصر وهو أرجح قولي مالك وبه أخذ ابن القاسم وابن المواز الثالث في الكتاب إذا عزم على الإقامة بعد ركعة يضيف إليها أخرى ويجعلها نافلة ثم يبتديء أربعا قال سند ولابن القاسم في بطلانها قولان لاختلاف النية وإذا قلنا بالصحة ففي الكتاب يجعلها نافلة وعند ابن الماجشون يتمها سفرية وتجزيه خلافا ( ح ش ) نظرا للإحرام كالمتيمم يطرأ عليه الماء فلو نوي الإقامة قبل الركوع قال مالك يجعلها نافلة وقال ابن الماجشون يتمها أربعا بخلاف ما بعد الركوع لحصول ما يبني عليه كمن أدرك من الجمعة ركعة ولو أدرك في الجمعة دون الركعة صلى أربعا فلو نسي العصر فأحرم به قبل الغروب بركعة ثم نوى الإقامة بركعة بعد ركعة قال سحنون يتمادى لأنها نية بعد خروج الوقت وقد ترتبت في ذمته سفرية وقال أصبغ يقطع لأن وقتها إلى الغروب ما لم يحرم قبل الغروب كما لو غربت الشمس بعد ركعة من الجمعة فإنه يستأنف قضاء الظهر ثم إذا قطع المسافر قال أصبغ يبتدئها سفرية لوقوع النية بعد الوقت وقال ابن المواز تجزيه ثم رجع إلي قول أصبغ فلو لم يحرم بالعصر حتى غابت الشمس ثم نوى الإقامة صلاها سفرية ولو بقي من النهار ثلاث ركعات وعليه الصلاتان فلما صلى ركعة من الظهر نوى الإقامة قال سحنون يصليها سفرية والعصر حضرية لأنه أقام بعد خروج وقت الظهر فلو نوى بعد الصلاة ففي الجلاب لا يعيد كالمريض يصح بعد الصلاة وقيل يعيدها استحبابا لبقاء الوقت والفرق أن سبب الترخيص للمريض مقارن للصلاة وللمسافر مفارق لأن حالة الصلاة لا يسر فيها
تمهيد لا يصير مسافرا بمجرد النية لأن السفر على خلاف الأصل فلا تكفي فيه النية ويصير مقيما بها لأن الأصل الإقامة كما قلنا في العروض تصير للقنية بعد التجارة بمجرد النية لأن الأصل فيها ولا تصير للتجارة بعد القنية إلا بالبيع مع النية الرابع في الكتاب النواتية يقصرون وإن كان معهم الأهل والولد في السفينة وقاله ( ش ) وقال ابن حنبل لا يقصرون لأنهم بمنزلة المقيمين الخامس في الكتاب لو نوى إقامة يوم وليلة في قرية وليس فيها أهله وفيها جواريه وولده وماله قصر فإن كان فيها أهله أتم ولو صلى واحدة لأن العادة تقوم مقام القصد كالأثمان في البيع والكون في هذا المكان إقامة في العادة فلا حاجة إلى النية وقال ( ش ) حتى ينوي إقامة أربعة أيام لأن المهاجرين كانوا في مكة عند أهليهم وكانون يقصرون ونحن نمنع ذلك وتقدير التسليم يكون خاصا بهم لأنهم تركوا وطنهم لله فلم يبق لنفوسهم إليه سكون قال سند فلو نزل بقرية كان أهله بها وماتوا ففي الموازية يتم مالم يرفض سكناها ولو تزوج بقرية ليست مسكنه ففي الموازية لا يتم حتى يبنى بأهله ثم يلزمه السكنى وكذلك قال ابن القاسم في المجموعة في الفرعين وفي الكتاب لو نوى الإقامة بقرية ثم سافر ثم رجع إليها أتم لأنها وطنه ورجع إلى أنه يقصر نظرا إلى الأصل فيها لأنها ليست موضع أهله السادس قال سند إن نوى غاية ما يسافر إليه لكنه إن وجد حاجته دون ذلك رجع أتم السابع في الكتاب إذا سافر ثلاثة فراسخ ثم رجع أتم إذا رجع لأنه سفر ثان دون مسافة القصر بخلاف من ترده الريح غلبة لأنه لم يعزم على الرجوع وقال ابن الماجشون في المجموعة يقصر كمن ترده الريح الثامن في الكتاب يتم الأسير بدار الحرب إلى أن يسافر لأنه وإن لم يعزم فهو مسجون قال سند وكذلك لو سافر به الشهرين قصر وإن كان لو وجد يهرب ورجع التاسع يقصر الجيش بدار الحرب ولو أقام شهرا لأنه عليه السلام أقام بتبوك عشرين يوما يقصر قال سند فلو عزموا على الإقامة أربعة أيام قصروا العاشر في الكتاب إذا ردته الريح أتم في المكان الذي خرج منه قال سند إن ردته الريح إلى وطنه أتم وإلا فقولان لمالك فلو ردته إلى وطنه وهو محرم بالصلاة قال سحنون تبطل كما لو نوى الإقامة فيها الحادي عشر في الكتاب من دخل مكة فأقام بضع عشرة ليلة فأوطنها ثم أراد الخروج إلى الجحفة ليعتمر منها ثم يقدم مكة فيقيم بها اليومين ثم يخرج يتم ورجع إلى القصر قال في الجواهر يتخرج على تلفيق الإقامة الإتمام بضم اليومين إلى ما قبلهما والقصر على ترك التلفيق وأضاف اليومين إلى ما بعدهما من السفر ويخرج على التلفيق من سافر في البحر ثم ردته الريح إليه هل يقصر فيه أو يتم ولا شك أنه يتم إذا كان موضع وطنه وإن لم يكن وطنه ولا نوى دوام الإقامة ففي قصره قولان ولا تحسب المسافة بالعودة إلى وطنه وإن لم يبلغه إقامة أصلا والإقامة المعتبرة أربعة أيام فإن رجع لأخذ شيء نسيه ثم يقصر في رجوعه فقال عبد الملك يقصر وإن رجع إلى غير وطنه وكان يقصر فيه قصر الآن وإن كان يتم فقيل يتم في رجوعه وقيل يقصر ثم منتهى سفره منتهى قصره إلا أن ينوي إقامة في أضعاف سفره يكون مكان الإقامة هو المعتبر وقيل يلفق المسافة بما قبل الإقامة وما بعدها فيجري الخلاف في تلفيق الإقامة وفي تلفيق السفر
الفصل الثاني في الشروط
وهي أربعة الشرط الأول العزم على قطع المسافة المتقدمة فلو قطع المسافة ولم يعزم لم يجز القصر الشرط الثاني في الكتاب لا يقصر حتى يبرز عن بيوت القرية وإذا رجع أتم إذا دخلها أو قاربها لقوله تعالى ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) فرتب القصر علي الضرب والكائن في البيوت ليس بضارب في الأرض فلا يقصر
فائدة نقل ابن عطية في تفسيره ضرب في الأرض إذا سافر للتجارة وضرب الأرض إذا سافر للحج أو الغزو فكأن الأول لما كان طالبا لمتاع الدنيا كان ملتبسا بها وفيها والثاني عابرها إلى الآخرة فليس فيها وإنما هو في الآخرة قال سند ظاهر الكتاب يقتضي ألا يحاذيه من البيوت عن يمينه وشماله شيء وروي عنه لا بد من ثلاثة أميال وروى تخصيصها بقرية تقام فيها الجمعة لوجوب السعي من تلك المسافة بخلاف غيرها وفي الكتاب إذا كانت البساتين متصلة لم يقصر حتى يفارقها قاله ابن القاسم خلافا للشافعية لأنها من توابعها وأهل البلد يقيمون فيها قال سند ولو كان في البلد نهر كبغداد لم يقصر حتى يتجاوز الجانب الآخر فإن اتصل بنيان قرية بقرية فحتى يتجاوزهما وان كان بينهما فضاء فلا ولا يقصر البدوي حتى يجاوز جميع بيوت الحي
فرع قال ولو نوى الرجعة بعد بروزه ثم نوى السفر قال مالك لا يقصر حتى يبرز عن موضعه الشرط الثالث إباحة السفر في الكتاب لا يقصر الصائد للتلذذ قال سند السفر خمسة واجب ومندوب ويقصر فيهما ومباح ويقصر فيه خلافا لابن مسعود في تخصيصه بالواجب معللا بأن الواجب لا يترك للواجب ولعطاء في تخصيصه بالعبادات لنا ما في الصحاح أنه عليه السلام كان إذا قفل من حجة أو غزوة قصر في رجوعه إلى بيته وهو مباح ومحرم والمشهور المنع لأن المعصية لا تكون سبب الرخصة كما أن زوال العقل يسقط التكاليف بخلاف السكر والخوف يبيح الإيماء في الصلاة والمحارب الخائف من الإمام لا يومئ وقيل يترخص لعموم النص والمكروه إن قلنا بالمنع في المحرم كره وإلا جاز والعاصي في سفره مخالف للعاصي بسفره الشرط الرابع ألا يقتدي بمقيم قال ابن القاسم في الكتاب يتم وراءه أن أدرك ركعة وقاله ( ح و ش ) وابن حنبل لنا ما في الموطأ كان ابن عمر إذا صلى وراء الإمام صلى أربعا وإذا وجده صلى ركعتين قال سند وقال أشهب ينتظره بعد اثنتين حتى يسلم فإن أدرك أقل من ركعة قال مالك لا يتم خلافا ل ( ح و ش ) كمن أدرك أقل من ركعة من الجمعة فإنه لا يلتزمها
الفصل الثالث في الحكم
ففي الجواهر روى ابن وهب أنه سنة وقاله ( ش ) وروى أشهب انه فرض وقاله ( ح ) وقال الأبهري وجماعة مباح ولم يختلف مالك وأصحابه أن المقيم إنما يعيد في الوقت وحكى صاحب المقدمات عن بعض العلماء المنع وجه الندب ما في أبي داود عن ابن عمر قال صحبت النبي عليه السلام في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى وصحبت أبا بكر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى وصحبت عمر رضي الله عنه فلم يزد على 0 ركعتين حتى قبضه الله تعالى وصحبت عثمان رضي الله عنه فلم يزد علي ركعتين حتى قبضه الله تعالى وجه الفرض قول عائشة رضي الله عنها فرضت الصلاة مثنى مثنى فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر وقد تقدم الكلام عليه أول الصلاة وجه الإباحة قوله تعالى ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) ونفي الجناح يقتضي الإباحة
قاعدة الأصل في كثرة الثواب والعقاب وقلتهما كثرة المصلحة أو المفسدة وقلتهما في الفعل وقد يستوي الفعلان في المصلحة من كل وجه ويوجب الرب سبحانه وتعالى أحدهما دون الآخر ويثيب عليه أكثر كالفاتحة في الصلاة مع الفاتحة في غيرها وتكبيرة الإحرام مع غيرها من التكبيرات وقد يفضل القليل على الكثير كتفضيل الصبح على سائر الصلوات لأنها الوسطى عندنا وركعة الوتر على ركعتي الفجر والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فعلى هذا التقدير لا عجب أن يكون القصر على قلة مشقته وأذكاره افضل من الإتمام فرق ملابسة الرخصة في قصر الصلاة أفضل وتركها في الصوم أفضل لجمعها بين الترخص وبراءة الذمة في الصلاة بخلاف الصوم
فائدة للعلماء في صفة القصر الوارد في الآية ستة أقوال من طول الأركان دون إسقاط عند الخوف فلو اقتصر على الواجبات أتم ولم تجب الإعادة فإن لم يعتدل في الرفع من الركوع والسجود ففي إعادته قولان ومن شروطها فيصلي للقبلة وغيرها عند الخوف أو الاقتصار على ركعتين عند الخوف أو ركعة عند الخوف وعليه يحمل ما في الحديث أنه عليه السلام صلى بكل طائفة ركعة ولم يقضوا أو الاقتصار على ركعتين من غير خوف ويكون قوله تعالى ( إن خفتم ) متعلقا بما بعده تقديره ( يا أيها الذين آمنوا إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم وكنت فيهم يا محمد فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) الآية فهذه الفاء جواب الشرط لا نفي الحرج أو صلاة الخوف فيكون القصر في الهيئة
فروع ثلاثة الأول في الكتاب إذا أتم أعاد في الوقت ركعتين قال ابن القاسم ولو دخل الحضر أعاد أربعا لأن فعلها في الحضر أربعا أفضل من السفر لوقوع الخلاف في فساد السفرية والاتفاق على فرضية الحضرية الثاني في الكتاب إذا أحرم بنية الإتمام ثم بدا له بعد ركعتين فسلم لا يجزيه وقاله ش لأن إحرامه إن كان فاسدا لا يجزيه أو صحيحا فقد أفسده بالأبطال فلو أحرم بالاتمام ساهيا قال ابن القاسم في الموازية يسجد بعد السلام ثم رجع إلى الإعادة في الوقت قال سند ولو شك هل نوى القصر والإتمام لأعاد في الوقت لاحتمال الإتمام فلو أحرم بالظهر مطلقا ولم يخصص أتم لأنه الأصل والقصر يحتاج إلى تخصيص وفي الجواهر عن بعض الشيوخ يصح أن يحرم علي أنه بالخيار بين القصر والإتمام لأن نيته عدد الركعات لا تلزم الثالث إذا أم المسافرين أحدهم فسبحوا به بعد ركعتين فلم يرجع يقعدون حتى يسلموا بسلامة قال سند وفيه أربعة أقوال ما مر وقال أيضا يسلمون وينصرفون وقال يتمادون ويعيدون وقال سحنون لا يتبعونه ويعيدون معه قال وإنما أمرهم بالانتظار لاختلاف الناس في السفر فأمالوا تمادى حضري وانتظروه حتى صلى ركعتين بطلت صلاتهم فلو نوى المأموم الإتمام وانكشف إن الإمام أتم اتبعه وأعاد في الوقت وإن قصر الإمام لم يسلم معه كما لا يسلم المقيم ويعيد صلاته في الوقت فلو أتم الإمام صلاته ساهيا وخلفه مقيم لا يعتد بركعتي السهو قال ابن حبيب فإن اعتدا أعاد أبدا ولو أتم عامدا قال ابن حبيب يعيد في الوقت والمقيمون أبدا للاختلاف في ركعتي الزيادة هل هما فرض على الإمام أم لا وروي عن مالك يعيدون في الوقت وفي الجواهر إن أحرم بالقصر فأتم ساهيا سجد للسهو كما في المدونة فيمن شفع الوتر ناسيا وكما في العتبية فيمن صلى الوتر خمسا والفجر أربعا وأعاد أبدا في العمد وقيل في الوقت فيهما أما في العمد فلأن فعله صادف فعلا صحيحا كمن صلى خامسة سهوا ثم ذكر سجدة من الأولى وأما في السهو فلأن القصر غير واجب قال سحنون يعيد أبدا لكثرة السهو وقال ابن المواز ليس بسهو مجتمع عليه
الفصل الرابع في المحل
وهو في الكتاب كل صلاة رباعية سافر في آخر وقتها الضروري قصرها وأن قدم فيه أتمها وأن ذكر صلاة حضر أو سفر قضاهما كما وجبتا عليه وقاله ( ح ) وقال ( ش ) يقصر الحضرية في السفر كما يقصر المريض صلاة الصحة على حسب حاله والفرق أن حالة المريض بدل والبدل لا يؤتى به إلا عند العجز عن المبدل والقصر ليس بدلا عن الإتمام قال سند قال عبد الوهاب الأولى قصر السفرية ولو أتم جاز ومن قال فرض المسافر التخيير في السفر خير في القضاء قال ابن المواز إذا بقي من النهار ركعتان وسافر فذكر سجدتين لا يدري من الظهر أو العصر يصليهما سفريتين يبدأ بأيتهما شاء نظرا للاشتراك فإن ذكر سجدتين لا يدري مجتمعتين من صلاة أو مفترقتين من صلاتين صلى ظهرين وعصرا يبدأ بظهر حضري ثم سفري قبل العصر أو بعده ثم عصر سفري لأنهما إن كانتا من الظهر فعصره صحيح وسافر في وقت الظهر فيكون سفريا أو من العصر فهو سفري وإن افترقتا بطل الصلاتان وسافر في وقت العصر والظهر عليه حضرية
الباب الحادي عشر في الجمع بين الصلاتين والنظر في أسبابه وشروطه وحكمه ومحله
فهذه خمسة فصول
الفصل الأول في أسبابه
وهي ستة السبب الأول السفر في الكتاب إذا جد به المسير جمع آخر الوقت الظهر وأول العصر ويؤخر المغرب إلى مغيب الشفق لما في الصحيحين كان عليه السلام إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم ينزل فيجمع بينهما وفيهما أيضا إذا عجل به السير في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء وأسرع السير وفي الجواهر قال أشهب مبادرة ما يخاف فواته وجوزه ابن حبيب لمجرد قطع المسافة قال الباجي أقوال أصحابنا تدل على جواز المنع لحدة السير وإن كان السفر لا تقصر فيه الصلاة السبب الثاني في الجواهر مهما اجتمع المطر والطين والظلمة أو اثنان منهما أو انفرد المطر جاز الجمع بخلاف انفراد الظلام والمشهور عدم اعتبار انفراد الطين وظاهر المستخرجة جوازه وقال ( ش ) يجمع في المطر بخلاف الطين والظلمة ويجمع في سائر المساجد لعموم العذر وروي عن مالك تخصيصه بمسجده عليه السلام لمزيد الفضيلة ويخصص بالمغرب والعشاء على ما في الكتاب واستقرأ الباجي اعتباره في الظهر والعصر من قول مالك في الموطأ أرى ذلك في المطر السبب الثالث المرض في الكتاب إذا خاف الغلبة على عقله يصلي الظهر والعصر إذا زالت الشمس والمغرب والعشاء عند الغروب وقاله ابن حنبل خلافا ( ش ) لنا أنه ورد في الحديث أنه عليه السلام جمع من غير خوف ولا سفر وروي من غير خوف ولا مطر فلم يبق إلا المرض ولأن مشقة المرض أعظم من مشقة السفر قال سند وقال سحنون لا يجمع إلا بتأخير الظهر إلى أول العصر وإذا فرعنا على المشهور فجمع ولم يذهب عقله قال عيسى يعيد في الوقت كواجد الماء بعد الصلاة بالتيمم سؤال إن وقعت الغلبة على العقل سقط التكليف فلا يفعل ما لم يؤمر به لكونه غير مشروع كصلاة الفذ وإن لم يقع فلا يقدم الواجب عن وقته لغير ضرورة جوابه إن الوقت مشترك وهو سبب الصلاتين فتعلق الخطاب بالثانية لوجود سببها بخلاف صلاة الفذ وفي الكتاب يجمع صاحب البطن ونحوه في وسط وقت الظهر والمغرب والعشاء عند الشفق قال سند قال ابن شعبان يجمع أول وقت الظهر وأول وقت المغرب قياسا على المسافر قال وقوله وسط الظهر ظاهره ربع القامة وقد وقع في مواضع تفسيرها بآخر القامة ويؤيده قوله عند مغيب الشفق وبه فسر الباجي قال وهذا كله فيمن يقدر على الأركان لكن تشق عليه الحركة أما لو كان يعتريه ما يعجزه عن ركن ولو أنه القيام جمع أول الوقت وقال مالك في الكتاب لو خاف الميد في البحر جمع أول الوقت ولا يصليهما في البحر قاعدا
قاعدة السبب الرابع في الجواهر الخوف في جواز الجمع به قولان لابن القاسم السبب الخامس الوقوف بعرفة السبب السادس الإفاضة بمزدلفة
فرع هل يجوز الجمع بغير سبب حكى المازري المنع لابن القاسم والجواز لأشهب بناء على الاشتراك في الوقت ويعضده حديث ابن عباس جمع رسول الله بين الصلاتين من غير خوف ولا سفر ويروى من غير خوف ولا مطر قال ابن عباس أراد ألا يحرج أمته
الفصل الثاني في الشروط
وهي ثلاثة الشرط الأول في الجواهر تقدم الأولى منهما وينوي الجمع فيهما ولا يجزئ أن ينوي أول الثانية وقيل يجزيه وفي الكتاب إن صلى المغرب في بيته فلا يصلي العشاء بعدهم قال ابن القاسم ويصليهما معهم قال سند قال مالك إلا أن يكون في مسجد المدينة أو مكة فيصليها بعدهم لفضيلة المسجد وأما الصلاة معهم فلأن الرخصة لا تتعلق بالمغرب لوقوعها في وقتها وإنما تتعلق بالعشاء وهو مبنى على أن نية الجمع لا تشترط في الأولي خلافا ل ( ش ) وهذا كله على خلاف ما في الجواهر الشرط الثاني قال سند الجماعة فلا يجمع المنفرد في بيته ولا في المسجد خلافا ل ( ش ) لأن الجمع إنما شرع لمشقة الاجتماع قال مالك ويجمع قريب الدار من المسجد والمعتكف فيه قال يحيى ابن عمر وفي الجواهر وفي جمع الشيخ الضعيف والمرأة بالمسمع خلاف الشرط الثالث في الجواهر الموالاة فلا يفرق بينهما بأكثر من الأذان والإقامة ومهما نوى الإقامة في جمع السفر في إحدى الصلاتين بطل الجمع وبعدهما لا يضر ولو انقطع المطر قبل الثانية أو في أثنائها جاز التمادي على الجمع أو لا يؤمن عوده
الفصل الثالث في الحكم
وهو عندنا جائز وفي العتبية عن مالك الكراهة في السفر وقال ( ش ) بالجواز ومنع ( ح ) إلا بعرفة ومزدلفة محتجا بأن المواقيت ثبتت بالتواتر فلا تبطل بالآحاد وأجاز أن يؤخر الأولى إلى آخر وقتها وتقدم الثانية في أول وقتها وقد جنح ابن القاسم إلى قوله في المجموعة فقال من جمع بين المغرب والعشاء من غير مرض أعاد أبدا لنا ما في الموطأ أنه عليه السلام صلى الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر قال مالك أرى ذلك في المطر وخرج مسلم ولا مطر
الفصل الرابع في المحل
وهو الظهر والعصر والمغرب والعشاء لوقوع الاشتراك بين كل صلاتين منهما على خلاف
الفصل الخامس في صفة الجمع
وفي الكتاب يؤخر المغرب قليلا ويصليان قبل الشفق لينصرف الناس في النور وقال مالك في النوادر يجمع عند مغيب الشمس لأن الضرورة إنما دعت لتقديم العشاء قال مالك ولا يتنفل بينهما وقاله ( ش ) قال سند وقال ابن حبيب يتنفل عند أذان العشاء لزيادة القربة وإذا قلنا لا يتنفل فتنفل فلا يمنع ذلك الجمع قياسا على الإقامة خلافا ل ( ش ) ولا يتنفل بعد العشاء في المسجد لينصرف الناس بضوء ولا يوترون حتى يغيب الشفق وفي الكتاب إذا ارتحل بعد الزوال جمع ذلك الوقت لما في مسلم كان عليه السلام بتبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر فيجمع بينهما وفي المغرب مثل ذلك وفي الجواهر قال سحنون في المغرب مثل ذلك فقيل تفسير وقيل خلاف قال سند فإن جمع في المنهل قال مالك يعيد الآخرة ما دام في الوقت ولو جمع أول الوقت لشدة السير ثم بدا له فأقام أو عرض له ما يوجب ذلك قال ابن كنانة لا إعادة عليه كما لو ذهب المطر بعد الجمع وفي الجواهر لو كان الرحيل عقيب الزوال عازما على النزول قبل تصرم وقت الثانية صلى قبل الرحيل الأولى والثانية عند نزوله ولو كان لا ينزل من قبل الزوال إلى بعد الغروب صلى كل صلاة في أول وقتها وكذلك المغرب والعشاء ولو زالت عليه الشمس في المنهل وإذا رحل نزل بعد الاصفرار فقال بعض المتأخرين إن شاء جمع في المنهل أو بعد النزول إذ في كلتا الحالتين خروج إحدى الصلاتين عن وقتها المختار ولو زالت الشمس وهو راكب لا ينزل إلا بعد الاصفرار وجوز ابن مسلمة الجمع إذا نزل
الباب الثاني عشر في قضاء الصلوات وترتيبها
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في القضاء
وهو واجب في كل مفروضة لم تفعل عند مالك ( ح ش ) قال سند وعلى مذهب ابن حبيب وابن حنبل لا يقضي المتعمد لأنه مرتد بذلك فإذا تاب لا يقضى لنا ما في مسلم عليه السلام إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول ( وأقم الصلاة لذكري ) فهو يدل بذاته وتنبيهه على معنى الآية
فائدتان الأولى أن معنى الآية أقم الصلاة لذكر صلاتي فيكون من مجاز الحذف أو من مجاز الملازمة لأنه إذا أقام الصلاة فقد ذكر الله تعالى فيها الثانية أن الشرع إنما خصص النائم والغافل بالذكر لذهاب الإثم في حقهما الذي هو من لوازم الوجوب فتوهم المتوهم انتفاء قضاء لانتفاء الوجوب فأمر الشرع بالقضاء من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى الذي هو المتعمد قال اللخمي القضاء على الفور لا يؤخر إلا لمشقة وقال سند تعجيل قضاء الفوائت كتعجيل الصلاة أول الوقت يستحب ولا يجب وفي الكتاب يقضى على قدر طاقته ولا يمنعه عن حوائجه
فرعان الأول في الكتاب يقضى في سائر الأوقات حتى عند طلوع الشمس وعند غروبها ولا يؤخرها ويجهر فيما كان يجهر فيه ويسر فيما كان يسر فيه ووافقنا ( ش ) في غروب الشمس وطلوعها وخالف في الأجهار بالنهار لفواته عنده لفوات زمانه كتكبير أيام التشريق والليل عنده يحتمل الجهر والسر وخيره الأوزاعي في السر والجهر مطلقا ووافقنا أبو حنيفة في السر والجهر وخالفنا في طلوع الشمس وغروبها وأبطل صبح اليوم بطلوع الشمس عليه فيه بخلاف غروب الشمس عليه في عصر يومه محتجا بنهيه عليه السلام عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها مفرقا بين الصبح والعصر فإن الطلوع يتعقبه وقت المنع والغروب يتعقبه وقت الإباحة وجوابه أن نصه عام في الفرائض والنوافل وقوله عليه السلام فليصلها إذا ذكرها خاص بالفرائض فيقدم الخاص على العام قالوا ما ذكرتموه عام في الأزمان دون الصلوات وما ذكرناه عام في الصلوات دون الأزمان فليس أحدهما بحمله على الآخر أولى من العكس لأن كل واحد منهما أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه قلنا لا نسلم إذ ما ذكرناه عام في الأزمان بل أي زمان ثبت فيه الحكم سقط عن غيره كالمطلقات سلمناه لكن ما ذكرناه مؤكد بقوله عليه السلام فإن ذلك وقت لها والمؤكد أولى من غيره لنا على ( ش ) أنها صفة للقراءة فلا تسقط كصفة الركوع والسجود ولأن قوله عليه السلام فليصلها إذا ذكرها إشارة إلى المنسية بجملة صفاتها الثاني قال سند من ترك الصلاة كفرا ثم اسلم لا قضاء لما تركه في ردته ولا قبلها عند مالك و ( ح ) خلافا ( ش ) ولابن حنبل قولان لنا قوله عليه السلام الإسلام يجب ما قبله
الفصل الثاني في ترتيب الفوائت
وفي الجواهر هو واجب لما في مسلم أن عمر بن الخطاب يوم الخندق جعل يسب كفار قريش وقال يا رسول الله ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب فقال النبي عليه السلام فوالله ما صليتها فنزلنا إلى بطحان فتوضأ النبي عليه السلام وتوضأنا فصلى رسول الله العصر بعد ما غربت الشمس وصلى بعدها المغرب وقياسا على ترتيب الأركان لأنه ترتيب متعلق بالصلاة فإن علم اعيان الصلوات ولم يشك صلاها وإن شك أوقع من الصلوات أعدادا تحيط بعدد تلك الشكوك
فروع ستة الأول في الجواهر لو نسي صلاة من خمس لا يدري عينها صلى خمسا وقاله ( ح وش ) وقال المزني القياس عندي أن تجزيه أربع ركعات ينوي بها ما عليه يجهر في الأوليين لأن الغالب على الصلوات الجهر ويجلس بعد الثالثة لاحتمال أن تكون المغرب وإن كانت الصبح فقد صلاها وزاد لأجل الشك ركعتين فلا يضره كمن صلى الصبح أربعا سهوا وجوابه منع الصحة بكثرة السهو على تقدير كونها الصبح سلمناه لكن الساهي يعتقد أنه في الصبح وهذا يعتقد الزيادة عليها وكذلك زيادة الجلوس بعد الثالثة على تقدير كونها أربعة مفسد أيضا وكذلك زيادة الرابعة على تقدير كونها ثلاثية الثاني قال في الجواهر لو نسي ظهرا وعصرا لا يدري أيتهما قبل صاحبتها فالمشهور يصلي ظهرا بين عصرين أو عصرا بين ظهرين وقيل يصلي ظهرا للسبت ثم عصرا للأحد ثم عصرا للسبت ثم ظهرا للأحد مراعاة أعيان الأيام فلو علم أن إحداهما سفرية وشك في تقديمها فالذي رجع إليه ابن القاسم أن يصلي ستا ظهرا حضريا ثم يعيده سفريا ثم عصرا حضريا ثم يعيده سفريا قال وضابط هذا الباب أن يضرب المنسيات في أقل منها بواحدة ويزيد على المتحصل واحدة ويصلي الجميع على حسبما تقدم فإن شك في السفر أعاد كل صلاة يصليها سفرية فلو ذكر صبحا وظهرا وعصرا صلى سبعا مبتدئا من الصبح إلى العصر ثم الصبح فإن شك في السفر أعاد كل رباعية بعد فعلها سفرية فتبلغ إحدى عشرة وعلى هذا القانون وعلى غير المشهور في مراعاة الأيام يضاعف العدد الذي ينتهي إليه الحساب الثالث في الجواهر لو علم عين الصلاة وجهل يومها صلاها غير ملتفت إلى تعيين الأيام لأن التقرب بالصلاة لا باليوم قال سند هذا إذا شك في جملة الأيام أما إن شك في يومين قال سحنون الحكم واحد وقال ابن حبيب يصليها مرتين ليومين نظرا لاعتبار الأيام قال ومقتضى مذهبه لو انحصرت له جمعة معينة صلى سبعا وإنما سقط في عموم الجهل لكثرة المشقة وفي الجواهر لو شك في كونها سفرية صلاها سفرية ثم حضرية الرابع في الجواهر لو نسى صلاة وثانيتها ولا يدري ما هما صلى الخمس على ترتيبها وأعاد ما بدأ به ولو كانت ثالثها فستا أيضا لكن يصلي كل صلاة وثالثها ثم ثالثة الثالثة كذلك حتى يكمل ستا وكمالها بإعادة الأولى ولو كانت رابعتها أعقب كل صلاة برابعتها أو خامستها أعقب كل صلاة بخامستها ولو كانت سادستها أو حادية عشرها أو سادسة عشرها فإنها عين الأولى فليصل ظهرين وعصرين ومغربين وعشاءين وصبحين الخامس في الجلاب إذا نسي صلاتين مرتبتين من يوم وليلة لا يدري الليل قبل النهار أو النهار قبل الليل صلى ست صلوات مبتدئا بالظهر استحبابا لأنها أول صلاة بدأ بها جبريل عليه السلام وأي صلاة بدأ بها أعادها قال أبو الطاهر وقيل يبدأ بالصبح لأنها أول النهار ومنشأ الخلاف هل هي من النهار فتكون أوله أو لا فتكون الظهر أول النهار فإن كن ثلاثا قضى سبعا أو أربعا قضى ثماني أو خمسا قضى تسعا على الشرط المتقدم قال سند وهذا محمول على المتجاورات أما لو كانت الصلاتان مفترقتين ففي كتاب ابن سحنون يصلي سبع صلوات يبدأ بصلاتي الليل ثم بصلاتي النهار ولا يبدأ بصلوات النهار لئلا يصلي ثماني قال سند فلو كن ثلاثا وبدأ بالمغرب صلى سبعا ولو بدأ بالصبح صلى ثماني لأنه إذا أكمل بالعشاء احتمل أن تكون هي الأولى فيعيد الظهر والعصر وإن بدأ بالظهر صلى سبع صلوات لأنه إذا أكمل بالصبح فقد تكون هي الأولى وبعدها صلاتان من الأربع فيعيد الأربع وإن بدأ بالعصر صلى ثماني أو بالعشاء صلى تسعا السادس قال سند لو نسي صلاتين لا يدري أهما من يوم أو يومين صلى عشر صلوات ليومين الا أن يتيقن أنهما متغايران فيصلي سبعا لأنه إذا بدأ بصلاة يوم يجوز أن تكون الخامسة الأولى وما بعدها إلى ما يضاهيها من الخمس ويجوز أن تكون هي الثانية
الفصل الثالث في ترتيب القضاء مع الأداء
قال ابن الجلاب في الترتيب كله أنه واجب مع الذكر ساقط مع النسيان في المتروكات في الوقت وبعده وفي المفعولات يستحب في الوقت وصلاة الجنازة لا يجب الترتيب معها فهي مستثناة نقله في الجواهر عن ابن القاسم وجماعة نظائر الترتيب والتسمية في الذبيحة وموالاة الطهارة وإزالة النجاسة والوجوب فيها عند مالك رحمه الله مع الذكر دون النسيان على خلاف قاعدة الواجبات لضعف مدرك الوجوب فيها فسقط مع النسيان وفي الجواهر هو واجب في اليسير فيقدم على الحاضرة ولو فات وقت ادائها وقال ابن وهب و ( ش ) و ( ح ) يبدأ بالوقتية وروى أشهب التخيير بينهما لنا الحديث المتقدم قدم فيه عليه السلام العصر على المغرب وعين الوقت للمنسية في الحديث الآخر بقوله فليصلها إذا ذكرها ويروى فإن ذلك وقتها وهو لا يتسع لغيرها فوجب تأخيرها وهو المطلوب واتفقت الأمة على أن من نسي الظهر يوم عرفة وأحرم بالعصر ثم ذكر الظهر فإنها تفسد عليه فيجب تقديم ما تقدم وجوبه إلا ما استثني حجة ( ش ) القياس على ترتيب الخمس مع الجنازة والقليل على الكثير والمذكور على المنسي فإنه لو نسي فبدأ بالحاضرة ولم يذكر حتى خرج وقت الحاضرة صحت
وفي الباب فروع خمسة الأول في الكتاب من ذكر منسية في مكتوبة قطع وإن صلى ركعة شفعها أو ركعتين سلم أو ثلاثا أتمها قال ابن القاسم ويقطع بعد ثلاث احب الي وإن كان مأموما فلا يقطع وإن كانت المغرب تمادى مع الإمام واعادها وإذا سلم صلى ما نسي وأعاد ما صلى مع الإمام وإن صلى قبلها صلاة وأدرك وقتها ووقت التي صلى مع الإمام فليعدهما جميعا بعد الفائتة ووقت المغرب والعشاء في هذا الليل كله قال سند مذهب ابن القاسم وسحنون إن الترتيب غير واجب ولا شرط وظاهر الكتاب يقضى الوجوب والشرطية لقضائه بفساد الحاضرة وقوله يتمادى المأموم ويكمل الذاكر بعد ثلاث يشهد لابن القاسم وإذا قلنا لا يقضى فثلاثة أقوال في الكتاب يقطع وفي العتبية يجعلها نافلة وفرق ابن حبيب بين ما خرج وقته فلا يقطع وقال إن ذكر ظهر يومه في العصر أو مغرب ليلته في العشاء يقطع وأما ما خرج وقته في آخر وقت الحاضرة فاستدراكه لبقية الواجب أولى من نافلة لا تجزيه حجة ما في الكتاب القياس على من أقيمت عليه صلاة في المسجد بعد إحرامه بها منفردا وجه اتمامها نافلة القياس على من أقيمت عليه فريضة في نافلة وأما قوله يضيف إليها أخرى فنقول إن كان الوقت الاختياري قائما يسع المنسية والنافلة فكما قال وان لم يسع كذاكر الظهر في آخر وقت الاشتراك فإن اتم نافلة خرج الوقت فلا يحل له أن يشتغل بما لا يجب عليه أصله قال وهو مقتضى قول أصحابنا ان من أخر عن الاختياري اثم وعلى القول بعدم التأثيم يحتمل التمادي وان خرج الاختياري والضروري فأتم يتمها على المذهب نافلة ما لم يمنع ذلك من أداء المذكور فيها وعند ابن حبيب يقطع على شفع أو وتر فإن كان يمنع قطع الا أن يمتنع أداء المذكور فيها بكل وجه وأما قول ابن القاسم في الذاكر بعد ثلاث يقطع أحب إلي فلا يظهر للذكر اثر قال ويتخرج على قوله وعلى قول مالك ان ذكر بعد ركعة من الصبح فعنده يقطع وعند مالك يتمادى واما قوله لا يقطع خلف الإمام فقاله ( ش وح ) إما لأن الإمام يحمل الترتيب كالقراءة أو لأن المتابعة متفق على وجوبها بخلافه ويعيد الحاضرة بعد المنسية بعد مفارقة الإمام ما دام وقتها عند ابن القاسم وسحنون وأبدا عند ابن حبيب فإن الذكر عنده يؤثر في ابطال الفرضية فتبقى نافلة وأما قوله يتمادى المأموم في صلاة المغرب فقد حكى اللخمي رواية بانه يضيف إليها اخرى ويجعلها رابعة والأولى مبنية على أن الذكر لا يفسدها والثانية مبنية على أنه يفسدها وقوله يعيدها قال سند استحبابا والفرق بين هذا وبين من دخل مع الإمام فذكر أنه صلى وحده المغرب ان هذا اختلف في صحة صلاته وذاك اتفق على صحة صلاته فتعين إعادة المغرب مرتين الثاني في الكتاب إذا ذكر منسية بعد إيقاعه للظهر والعصر قبل الغروب مقدار يسع الثلاث صلى المنسية ثم أعادها على الترتيب وان اتسع للمنسية مع احداهما صلى المنسية واعاد العصر وكذلك المغرب والعشاء مع الصبح وقال في النوادر الوقت إلى اصفرار الشمس فقط
ملاحظة إن ترتيب المفعولات مستحب وهذا وقت نهي وقياسا على من نسي النجاسة أو أخطأ القبلة والفرق على الوجه الأول إن الشرع سامح فيهما في مواضع مع الذكر ولم يسامح في الترتيب مع الذكر وحكى في الجواهر في الوقت هل هو الضروري أو الاختياري قولين مطلقا قال سند فلو صلى المنسية ونسي إعادة ما صلى قبلها حتى خرج الوقت قال ابن القاسم لا يعيدها خلافا لمطرف لوقوع الصلاة صحيحة وراعى مطرف أن الترتيب واجب فيستدرك مع الذكر ابتداء ولو ذكرها بعد إيقاع الجمعة قال مالك وابن القاسم يعيد ظهرا وقال أشهب لا يعيد لأن الفراغ من الجمعة كخروج الوقت وان ذكر في الجمعة ففي الجواهر قال أشهب ان علم أنه يدرك ركعة بعد المنسية فأحب إلي أن يقطع ويقضي ثم يعود إلى الجمعة وإلا تمادى ولا إعادة عليه في الجمعة إلا احتياطا وقال الشيخ أبو الحسن مذهب مالك اتباع الإمام وإعادة الجمعة ظهرا فلو صلى صلوات ذاكرا للمنسية قال ابن القاسم في الكتاب يصلي المنسية وما بقى وقته من المفعولات وهو يؤكد قول ابن القاسم أن الترتيب ليس بشرط قال سند وعلى القول بشرطيته يعيد المفعولات بعد الوقت وقاله ابن حبيب ولو ذكرها آخر النهار فصلاها وقد بقي ما يسع صلاته فصلى العصر فبقي بقية قال مالك يعيد الظهر والعصر وقال سحنون الظهر فقط ولو ذكرها بعد ما ركع الفجر قبل الصبح فصلاها قال سحنون يعيد الفجر لأنه متعلق بوقت مخصوص فيجب الترتيب كالمفروضة ولو صلى المذكورة بعد الحاضرة وبقي ما يسع الحاضرة وشك في فائتة صلى الفائتة ولا يعيد الحاضرة لخروج الوقت الثالث في الكتاب إن ذكرها في نافلة وكان صلى منها ركعة أضاف إليها أخرى وإلا قطع وكان يقول يقطع بقدر ركعة أما عدم القطع بعد ركعة فقياسا على الفريضة والوقت مستحق للنافلة لقوله عليه السلام من ادرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وأما القطع بعد ركعة فلأنه لولا ذلك لم يظهر للذكر اثر بخلاف الفريضة فإنه انصرف عما عزم عليه والفرق عند مالك في كونه يقطع ثلاثا في الفرض ولا يقطع بعد ركعة في النافلة إن الثلاث الأكثر من العبادة بخلاف ركعة من النافلة وإنما وزانها ركعتان في الفرض وهو يقطع فيهما وإذا قطع النافلة فلا يعيدها كمن أقيمت عليه الفريضة في نافلة لعدم تعمده الإبطال الرابع في الكتاب إذا ذكر الإمام منسية يقطع ويعلمهم يقطعون فإن لم يذكرها حتى فرغ لا يعيدون ويعيد هو بعد قضاء المنسية وكان يقول يعيدون في الوقت فجعله يقطع بخلاف الفذ فإنه يجعل صلاته نافلة على التفصيل المتقدم ولو اتم الإمام نافلة لأفسد عليهم بتماديه قال سند وعلى قوله يقطعون اجمعون فإنه ان ركع اتى بثانية وسلم بهم وروى ابن القاسم انه يستخلف كالحدث وجه الأول إن الإمام قطع لخلل في صفة صلاته فإن الترتيب صفة كالإحرام والقراءة والنية يقطع المأموم مع الإمام فيه كما يقطع فيهما والحدث شرط مفارق ولهذه الإشارة قال أصحابنا كلما بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم إلا في نسيان الحدث وسبقه الخامس في الكتاب إن ذكر ثلاثا وما قرب منهن قدمهن على الحاضرة وإن فاتت وإن كثرت بدأ بالحاضرة ثم المنسيات ثم الحاضرة إن بقى من وقتها شيء وإلا فلا قال سند ظاهر الكتاب يقتضي أن الأربع غاية الكثرة وأن الخمس تقدم الحاضرة عليهن وقاله سحنون وروي عن مالك تقدم الخمس على الحاضرة وحكى صاحب التنبيهات القولين في ظاهر الكتاب وقال ابن الحاجب إذا كان عليه منسيات كثيرة فقضاهن وبقى عليه خمس كن كالخمس المنفردات يجب ترتيبها في نفسها ومع الحاضرة وعبر عن ذلك بقوله يجب الترتيب في الخمس اصلا او بناء قال سند وقال ابن مسلمة تقدم المنسيات وإن كثرن إذا أتي بجميعها في فورة وان خرج وقت الحاضرة وجعل اجماعهما في فور واحد كصلاة واحدة كما قلنا في النوافل الكثيرة بعد الفريضة بالتيمم حجة التقديم على الحاضرة من حيث الجملة إن الترتيب واجب لما تقدم والواجب يترك للواجب وإن قلنا بأنه سنة كما قاله ابن القاسم فنقول هذا الوقت بين الحاضرة والمنسية لقوله عليه السلام فإن ذلك وقتها والمنسية أولى لتقدم وجوبها اما الاقتصار على الأربع فلما روى ابن مسعود قال كنا مع النبي فحبسنا عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فاشتد ذلك علي فقلت نحن مع رسول الله وفي سبيل الله فأمر النبي عليه السلام بلالا فأقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء ثم طاف علينا فقال ما على الأرض قوم يذكرون الله غيركم احتج به الباجي وليس فيه حجة لأنه ليس فيه أنهن قدمن على الصبح حجة الخمس قوله عليه السلام من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها وهو عام في القليل والكثير وخالفناه في الكثير الذي يتكرر وهو السادسة فما فوقها لحصول المشقة فبقي ما عداه على مقتضى الدليل
الباب الثالث عشر في الوتر
وهو الفرد واحدا أو أكثر وهو بفتح الواو عند أهل الحجاز وبكسرها الرجل ولغة أهل العالية على العكس وتميم تكسر فيهما وهو بالتاء المثناة وأما المثلثة مع الكسر فهو الفراش الوطئ ومع الفتح ماء الفحل يجمع في رحم الناقة إذا أكثر الفحل ضرابها ولم تلقح وهو عندنا سنة مؤكدة وحكى المازري عن سحنون وجوبه وبه قال ( ح ) محتجا بما يروى عنه عليه السلام ان الله زادكم صلاة إلى صلواتكم الخمس ألا وهي الوتر والزيادة على الشيء تقتضي أن تكون من جنسه وهو غير ثابت لنا ما في مسلم أنه عليه السلام قال للسائل لما سأله عن الصلوات الخمس فقال هل علي غيرهن قال لا إلا ان تطوع فقال والله لا ازيد عليهن ولا انقص منهن فقال افلح والله ان صدق ولفعله عليه السلام اياه على الراحلة وهو من شعار النوافل سؤال قيام الليل والوتر واجبان على النبي فكيف يستقيم الاستدلال جوابه أن ذلك ليس بواجب عليه في السفر وفي الجواهر آكد الصلوات بعد الخمس العيدان ثم الكسوف ثم الوتر ثم الفجر ثم ركعتان بعد المغرب واختلف في ركعتي الاحرام هل هما سنة أو نافلة وفي ركعتي الطواف هل سنة أو حكمها حكم الطواف وفي الكتاب هو واحد وقاله ( ش ) وقال ( ح ) بثلاث بتسليمة لنا ما في الصحاح أن رجلا سأل النبي عليه السلام عن صلاة الليل فقال عليه السلام مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة يوتر له ما قد صلى قال سند فلو أوتر خلف من يوتر بثلاث قال مالك يوافقه ولو أراد أن يشفع وتره بعد ذلك فروى ابن القاسم المنع وروى غيره الكراهة والجواز ومن أحرم بشفع لا يحوله وترا قاله ابن القاسم وهو ظاهر الكتاب وروي الجواز وهو مبنى على نية الركعات ونقل اللخمي عن مالك افتقاره إلى النية لتمييز رتبته وعن أصبغ عدم افتقاره لقوله عليه السلام
فإذا خشى أحدكم الصبح صلى ركعة يوتر له ما قد صلى وظاهره أنه إذا أحرم بشفع جعله وترا إذا خشى الصبح وأما الركعتان قبله ففي الجواهر قيل هما شرط في تمام الفضيلة وقيل في الصحة وسبب الخلاف هل هو وتر للفرض أو للنفل وفي اختصاص الركعتين به أو تكفي كل ركعتين قولان وهل يشترط اتصالهما به قولان وفي الكتاب لا يوتر بواحدة ليس قبلها شيء في سفر ولا حضر خلافا ( ش ) أما الحديث السابق على أنه وتر النفل فلا بد من تقدمه قال سند ظاهر الكتاب لا يوتر بواحدة لعذر المرض خلافا لسحنون في المرض والسفر فإن فعل من غير عذر قال أشهب يعيد وتره بإثر شفع ما لم يصل الصبح وقال سحنون ان كان بقرب شفعه وأوتر وإلا فلا شيء عليه وروى ابن القاسم اتصاله بالشفع في المجلس وروى ابن نافع غير ذلك والأول هو المنقول عن السلف وفي الكتاب الذي آخذ به في نفسي القراءة فيه بالحمد والإخلاص والمعوذتين قال ابن القاسم وكان لا يفتي به وإنما يفعله وروى سحنون ذلك عنه عليه السلام وهو في أبي داود وهو قول جماعة من أصحاب ( ش ) قال سند وقال ابن حبيب ( ح ) بترك المعوذتين فإن اقتصر على الحمد ففي العتبية لا سجود عليه ولو سها عن جملة القراءة قال مالك أحب إلي أن يشفعه ويسجد للسهو ثم يوتر فلو لم يدر هل ترك القراءة من الشفع أو من الوتر قال سحنون يسجد قبل السلام ويعيد شفعه ووتره وهذا يتجه فيمن جمع شفعه ووتره في سلام أما لو سلم بينهما فقال مالك يشفع وتره ثم يوتر فإن ذكر سجدة ولم يدر من وتره أو شفعه قال سحنون ان تقدم له اشفاع سجد سجدة وسلم وسجد بعد السلام وتجزيه وإلا اصلح هذه بسجدة وشفعها وسجد بعد السلام وأوتر وقال ابو الطاهر يجهر في الوتر فإن سها عن الجهر سجد قبل السلام أو بعده ففي بطلان وتره قولان لأن ابن عباس رضي الله عنه وغيره ممن وصف وتره عليه السلام ذكره جهرا وأما الشفع فقال مالك في المجموعة لا يختص بقراءة وخصصه القاضي في المعونة بسبح في الأولى وقل يأيها الكافرون في الثانية وقاله ( ح وش ) وابن حنبل
فروع خمسة الأول في الكتاب يصلي الوتر بعد الفجر وقاله ( ش وح ) خلافا لابن حنبل وأبي مصعب واللخمي منا فعندنا له وقتان اختياري إلى الفجر واضطراري بعده إلى الشمس وعندهم اختياري فقط لنا ما في الترمذي من نام عن وتره فليصله إذا أصبح قال مالك في الموطأ ولا يتعمد تأخيره بعد الفجر قال سند فإن أصبح والوقت متسع وقد تنفل بعد العشاء قال ابن القاسم يوتر الآن بواحدة وإلا صلى قبله ركعتين لأن الشفع قبله من الرواتب فإن لم يتسع الوقت للشفع والوتر وركعتي الفجر قال أصبغ يسقط قال سند وفيه نظر لأنه اعلق بالوقت من الشفع لأن الصبح يقدم على الوتر عند ضيق الوقت فيقدم تابعه وفي الكتاب إذا ضاق الوقت إلا عن الصبح والوتر صلاهما وترك الفجر للاختلاف في وجوب الوتر لانه يستدرك نهارا بخلاف الوتر وإن لم يسع إلا الصبح صلاه ولا يقضي بعد الشمس إلا الفجر إن شاء فإن بقي أربع ركعات قال أصبغ في الموازية يوتر بثلاث ويدرك الصبح بركعة وقال ابن المواز يوتر بواحدة ويكمل الصبح في الوقت وهو ظاهر الكتاب واما القضاء فقال ( ح ) يجب قضاء الوتر بعد الشمس لأنه واجب عنده و ( ش ) قولان في سائر السنن المؤقتة الثاني في الكتاب يوتر على الراحلة في السفر حيث توجهت وقاله ( ش ) خلافا ( ح ) قال واجب أن يصلي ركعتين ويوتر على الأرض ثم ينتقل على الراحلة ولا يعيد وتره بعد التنفل خلافا ( ش ) وفي مسلم اوتر عليه السلام أول الليل ووسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر قال وإن اوتر قبل العشاء ناسيا أعاده بعدها وقاله ( ش ) خلافا ( ح ) لنا العمل الثالث في الكتاب إذا دخل في الصبح ناسيا وتر ليلته ان يقطعه ويوتر وإن كان مأموما وقد كان يرخص في التمادي للمأموم حجة القطع قوله عليه السلام في أبي داود
من نام عن وتره فليصله إذا ذكره قال صاحب الاستذكار ما قال أحد بقطع الصبح الا ابن القاسم والصحيح عن مالك عدم القطع قال سند قال المغيرة والباجي لا يقطع منفرد ولا غيره لأن الفرض لا يقطع الا للفرض وروى في المأموم التخير فيكون فيه ثلاثة اقوال قال وإذا قلنا لا يقطع المأموم فيجوز ألا يقطع الإمام مراعاة للجماعة في حقهما ويجوز أن يفرق بوجوب الاتباع الرابع قال في الكتاب لا يقضي الوتر بعد الصبح لقوله عليه السلام لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس الخامس في الكتاب إذا شك في تشهده هل هو في الشفع أو الوتر سلم وسجد لسهوه ثم أوتر لأن الأصل بقاء الوتر قال سند اختار عبد الحق عدم السجود وحمل مسئلة الكتاب على من يجوز اضافة الوتر إلى الشفع وروي السجود قبل السلام لاحتمال كونه في الوتر فيشفعه بالسجود
الباب الرابع عشر في ركعتي الفجر
والفجر أصله من تفجر العيون أي انشقاقها فشبه طلوع الفجر بالضوء من الأفق بطلوع الماء من العيون وكذلك سمي الصديع من الصدع الذي هو الشق وتقول فجر العين فجرا وفجر فجورا إذا انشق وأفجرنا إذا دخلنا في الفجر مثل أصبحنا وأمسينا إذا دخلنا في الصباح والمساء وفيه فروع ستة الأول في الكتاب وقتهما بعد الفجر ويتحراهما إذا كان غيما فإن أخطأ أعادهما لما في الموطأ كان عليه السلام إذا سكت المؤذن عن الأذان لصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة قال سند قال ابن حبيب لا يعيدهما إذا أخطأ لأن المطلوب التحري وقد فعله فإن احرم قبل الفجر وأتم بعده قال مالك لا يجزيه الثاني في الكتاب اما انا فاقرأ فيهما بام القرآن وحدها لقول عائشة رضي الله عنها إن كان عليه السلام ليخفف ركعتي الفجر حتى اني لأقول قرأ فيهما بام القرآن ام لا وحكى اللخمي رواية بقراءة السورة وقاله ( ش ) وفي مسلم انه عليه السلام قرأ فيهما ( قل يا أيها الكافرون ) ( وقل هو الله احد ) ويعضد الأول أن الفجر مع الصبح كالرباعية فركعتان بالحمد وسورة وركعتان بالحمد وحدها ولذلك شرع فيه الاسرار على المشهور وحكى اللخمي فيه روايتين وفي الكتاب تشترط النية بهما زيادة على نية الصلاة الثالث في الكتاب إذا دخل المسجد وقد اقيمت الصلاة فلا يركعهما ويدخل في الصلاة وان أحب ركعهما بعد الشمس لقوله عليه السلام
إذا أقيمت الصلاة لا صلاة إلا المكتوبة وقاله ( ش ) وفي الجلاب يخرج من المسجد فيصليهما ثم يعود وقاله ( ح ) واستحب أشهب في الموازية أن يركعهما حالة الإقامة في المسجد الحرام لأنهم يطلبونها فيه وأما قضاؤهما بعد الشمس فقاله ( ش ) وابن حنبل قال سند ووقت القضاء إلى الزوال لأنهما تبع لصلاة أول النهار والنصف الأول ينقضي بالزوال وفي الترمذي قال عليه السلام من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس فلو نام عن الصبح قال مالك لا يصليهما مع الصبح بعد الشمس وما بلغني أنه عليه السلام قضاهما يوم الوادي وقال أشهب بلغني ويقضيهما وهو في مسلم ويعضد الأول قوله عليه السلام من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها وذلك يمنع من الاشتغال بغيرها وفي الجواهر عن البهري ان لفظ القضاء فيهما تجوز بل هما ركعتان ينوب ثوابهما له عن ثواب الفائت الرابع في الكتاب ان سمع الاقامة قبل دخول المسجد ان لم يخف فوات ركعة صلاهما خارج المسجد في شيء من الأفنية التي تصلي فيها الجمعة اللاصقة به وقاله ( ح ) وقال ( ش ) وابن حنبل يقدم الدخول في الصبح لعموم الحديث لنا ما في أبي داود قال عليه السلام لأبي هريرة لا تدعهما ولو طردتك الخيل وروى ابن القاسم في العتبية يركعهما إلا أن تفوته الصلاة فرأى في الكتاب أن فضيلة ركعة أعظم منهما ومنع في الأفنية خلافا ( ح ) لأدائه إلى الطعن على الإمام قال سند إذا اقيمت عليه في الفناء قال مالك يدخل معهم ولا يركعهما كما لو كان في المسجد قال وللامام تسكيت المؤذن حتى يركع فإن لم يخرج لا يخرج ولا يسكته ويركع مكانه الخامس في الجواهر لو ركع في بيته ثم أتى المسجد ففي ركوعه روايتان وإذا قلنا يركع فهل ذلك إعادة للفجر أو تحية للمسجد قولان للمتأخرين نظرا لتعارض النهي عن الصلاة حينئذ إلا ركعتي الفجر والأمر بتحية المسجد وقد جوز في الكتاب لمن يفوته حزبه أن يصليه قبل الصبح وبعد الفجر وسجود التلاوة قال وان دخل المسجد بعد الفجر وقبل الصبح فلا يصلي إلا ركعتي الفجر وانفرد الشيخ أبو الحسن بأنه يحيى المسجد ثم يركع للفجر وضعفه أبو عمران السادس يكره الكلام بعد الصبح بخلاف ما قبله وبعد الفجر لأنه وقت ذكر
الباب الخامس عشر في صلاة النافلة
وفيه فروع ثمانية الأول في الكتاب صلاة الليل والنهار مثنى مثنى وجوزها ( ح ) الى الثمان بتسليمه بالليل والاول عنده أحسن والى الاربع بالنهار على وجه الاستحباب ولو صلى ما شاء جاز وجوز ( ش ) ان يصلي بغير عدد والافضل السلام من ركعتين محتجا بما في مسلم كان عليه السلام يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن الا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض لا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة لنا ما في الصحاح قال عليه السلام صلاة الليل مثنى مثنى فاذا خشي احدكم الصبح فليصل ركعة توتر له ما قد صلى وخصص الليل لكون غالب التنفل فيه فلا مفهوم له لخروجه مخرج الغالب فيعم الليل والنهار الثاني في الكتاب يصلي النافلة جماعة ليلا او نهارا لان الناس قاموا معه عليه السلام في قيام رمضان ليلتين او ثلاثا وأجمع عليه في قيام رمضان والعيدين والاستسقاء والخوف وقال ابن ابي زمنين مراده الجمع القليل خفية كالثلاثة لئلا تظنه العامة من جملة الفرائض وكذلك اشار ابو الطاهر وقال ولا يختلف المذهب في كراهة الجمع ليلة نصف شعبان وليلة عاشوراء وينبغي للأيمة المنع منه قال سند ويجوز الجهر فيها والاسرار في الليل والنهار قال ابن حبيب والجهر بالليل افضل وقال ابن أبي زيد الإسرار بالنهار افضل لقوله عليه السلام صلاة النهار عجماء وكره مالك طول السجود في النافلة في المسجد وقال اكره الشهرة الثالث في الكتاب اذا قطع النافلة عمدا قضاها وقاله ( ح ) خلافا ( ش ) ووافق في الحج والعمرة لنا القياس عليهما وقوله تعالى ( ولا تبطلوا أعمالكم ) واذا حرم الابطال ووجب الإتمام فيجب القضاء قياسا على الواجبات ولقوله عليه السلام للسائل الا ان تطوع مفهومه ان التطوع يقتضي الوجوب قاعدة الأحكام على قسمين منها ما اوجبه الله تعالى في اصل شرعه كالصلاة والصوم ومنها ما وكله الى ارادة خلقه كالمنذورات فلا يجب الا بالنذر وخصصه بنقل المندوبات الى الواجبات واسباب الاحكام على قسمين منها ما قرره في أصل شرعه كالزوال ورؤية الهلال ومنها ما وكله الى إرادة خلقه كالتعليقات في المنذورات والطلاق وغيره فدخول الدار ليس سببا لطلاق امرأة أحد ولا عتق عبده الا ان يجعله المكلف سببا لذلك بالتعليق وعمم الشرع ذلك في المندوبات وغيرها من الاحكام فلا غرو حينئذ ان ينصب الله تعالى الشروع سببا للوجوب وتشهد له هذه القاعدة بالاعتبار وقد فعل ذلك بالنسكين اجماعا تنبيه لا يوجد ذلك عندنا الا في سبع مسائل النسكين والصلاة والصوم والاعتكاف والائتمام والطواف أما الشروع في تجديد الوضوء فنص أصحابنا على أن قطعه لا يوجب قضاء وكذلك الشروع في الصدقة والقراءة والأذكار وغير ذلك من القربات وللخصم القياس على جميع ذلك ولنا الفرق ان امكن الرابع في الكتاب لم يؤقت قبل المكتوبة ولا بعدها ركوعا لعمل المدينة قال سند وقول ابن الجلاب ركعتان بعد المغرب من آكد المسنونات غير معروف في المذهب وليس بعد المغرب سنة وقال ( ش ) ركعتان قبل الصبح وركعتان قبل الظهر وركعتان بعده وركعتان بعد المغرب وقال اهل العراق قبل الظهر أربع وقال ابن حنبل ركعتان قبل المغرب وركعتان بعد المغرب وفي الجواهر عد القاضي ابو محمد من الرواتب الركوع قبل العصر وبعد المغرب الخامس في الكتاب اذا اقيمت الصلاة قبل الركوع في النافلة ان امكنه ادراك ركوع الركعة الاولى بالاقتصار على الحمد فعل والا قطع بسلام ولا يقضي النافلة فان قطع بغير سلام اعاد المكتوبة لان قوله عليه السلام لا صلاتان معا يعارضه ( ولا تبطلوا أعمالكم ) فمهما امكن الجمع فعل قال سند واذا بطلت الفريضة بسبب الدخول بغير سلام فهو باق على حكم النافلة لانه يكفي فيها مطلق الصلاة السادس في الكتاب يكره التنفل عند الشروع في الإقامة والامام في موضعه وبعد الجمعة وفي ابي داود قال عليه السلام لا يصلي الامام في الموضع الذي صلي فيه حتى يتحول السابع في الجلاب يستحب لمن اراد الجلوس في المسجد او جلس ولم يصل ان يصلي ركعتين الا ان يكون مجتازا او محدثا او في وقت نهي او تكرر بالدخول منه بعد ان يحيى وهي تسمى تحية ماخوذة من التحية الذي هو السلام ويسمى السلام تحية من الحياة لان السلامة بسببها غالبا والسلام دعاء بالسلامة واصلها ما في الصحاح قال عليه السلام اذا دخل احدكم المسجد فليركع ركعتين قبل ان يجلس ومفهومه ان المجتاز لا يؤمر بذلك قال سند ان صلى فرضا اداء وقضاء دخل فيه التحية كالاعتكاف في رمضان قال مالك يبدأ في المسجد الحرام بالطواف قبل الركوع لأنه الصلاة المختصة به وفي مسجد المدينة بالركوع قبل السلام على النبي عليه السلام لأنه حق لله وهو مقدم على حق الرسل عليهم السلام
قاعدة الله سبحانه وتعالى غني عن الخلق لا تزيده طاعتهم ولا تنقصه معصيتهم والأدب معه سبحانه وتعالى اللائق لجلاله متعذر منا فأمرنا سبحانه أن نتأدب معه كما نتأدب مع اكابرنا لأنه وسعنا ولذلك أمرنا بالركوع والسجود والمدح له واكرام خاصته وعبيده ولما كان الداخل على بيوت الأكابر يسلم عليهم والسلام في حقه تعالى متعذر لكونه سالما لذاته من سائر النقائض بل ورد بأن يقال أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام حينا ربنا بالسلام أي أنت السالم لذاتك ومنك تصدر السلامة لعبادك وإليك يرجع طلبها فأعطنا إياها ولما استحال السلام أقيمت الصلاة مقامه ليتميز بيت الرب عن غيره ولذلك نابت الفريضة عن النافلة لحصول التمييز الثامن في الكتاب يؤمر الصبيان بالصلاة إذا أثغروا لما في أبي داود قال عليه السلام
مروا الصبيان بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع وحكمة ذلك التدريب عليها حتى يأتي وقت التكليف فلا تشق عليهم قال مالك في العتبية يؤدبون عند الاثغار قال ابن القاسم ويفرق بينهم حينئذ قال سند معنى التأديب عنده في السبع بغير ضرب ويضربون عليها عند العشر ويكون قوله ويفرق بينهم في المضاجع عطفا على مروهم وهو أحوط لا سيما الذكور مع الإناث وأما الصوم فقال مالك يؤمرون به عند البلوغ لأنه ليس مما يتكرر بخلاف الصلاة وقال ابن الماجشون عند اطاقتهم لذلك وإن لم يبلغوا
فائدة يقال ثغر إذا سقطت رابعته واثغر إذا ثبتت
فصل في الجواهر
الذي استمر العمل عليه من العدد في قيام رمضان ست وثلاثون ركعة ثلاث وتر وتستحب الجماعة فيه تأسيا بعمر رضي الله عنه واستمرارا العمل قال سند واختار مالك في مختصر ما ليس في المختصر إحدى عشرة ركعة وهي صلاته عليه السلام والذي جمع عليها الناس عمر رضي الله عنه وروي أن الناس كانوا يقومون في زمن عمر ثلاثا وعشرين ركعة واختاره ( ح ) وابن حنبل وكانوا يصلون إلى قريب الفجر وكره مالك إحياء الليل كله اتباعا للسنة وهو محمول على من يواظبه قال ابن رشد لا إختلاف في أن الكثير من الصلاة أفضل من القليل مع الإبتداء في الطول واختلف العلماء هل الأفضل طول القيام أو كثرة الركوع والسجود مع استواء الزمان لقوله عليه السلام
من ركع ركعة وسجد سجدة رفعه الله بها درجة وحطت عنه بها خطيئة وجاء أن الذنوب تتساقط كلما ركع وسجد وهما يدان على الفضل لا على الأفضلية وروي عنه عليه السلام لما سئل أي الصلاة أفضل قال طول القنوت وروي طول القيام وهو الأطهر وكره الدعاء والخطب والقصص ليلة الختم لترك السلف إياه والصلاة في رمضان أفضل من مذاكرة العلم لأنه عمل السلف وروي عن مالك العلم أفضل لأنه فرض على الكفاية وفي الكتاب يكره إذا دخل إمام آخر أن يقرأ إلا من حيث وقف الأول ليتسنى نظم المصحف قال وليس ختم القرآن من سنة القيام قال سند فلو أتم الختمة في ركعة وأراد ابتداءها في تلك الركعة قال ابن القاسم لا يقرأ الفاتحة ويبتدئ بالبقرة لأن الركن لا يكرر والترتيل أفضل من الإسراع وفي الكتاب إذا شك في حرف فلا ينظره في مصحف بين يديه حتى يسلم ويجوز أن يؤم من المصحف في النافلة ويكره في الفريضة وقاله ( ش ) وابطل ( ح ) الصلاة بالنظر في المصحف وفي البخاري كان خيارنا يقرأ في المصحف في رمضان وانفراد الواحد لطلب السلامة من الرياء أفضل على المشهور مالم يؤد إلى تعطيل المساجد لقوله عليه السلام في الصحيح
خير صلاة احدكم في بيته إلا المكتوبة وفي الجلاب يقرأ في كل ركعة بالحمد وعشر من الآيات الطوال ويزيد في القصار ويقرأ القرآن على نظمه في المصحف ولا يقرأ احزابا ولا بأس بالصلاة بين الأشفاع في رمضان إذا كان الإمام يجلس بينها وإلا فلا ومن فاته العشاء مع الإمام فليبدأ بها وحده وإن فاتته ركعة من الإشفاع قضاها مع الإمام في الشفع الثاني يركع بركوعه ويسجد بسجوده يفعل ذلك إلى آخر صلاته مؤتما به فيها رواه ابن حبيب عن ابن القاسم وهو بعيد لإحرامه قبله وسلامة أيضا قبله أو يتواطأ فعله من غير ائتمام فيها رواه أشهب وهو أصح فإذا فرغ الإمام قضى المأموم ما بقي عليه من ذلك وكذلك إن فاتته ركعة من ركعات الوتر معه خشية المخالفة وحكى صاحب الوجيز من أصحابنا أنه يقضي وحده تلك الركعة الأولى لئلا يخالفه في جملة الصلاة في الأداء والقضاء قاله سحنون وابن عبد الحكم وهو أولى الأقوال
الباب السادس عشر في سجود القرآن
وفي الجواهر قال القاضي أبو محمد هو فضيلة واستقرأ ابن محرز من قوله في الكتاب ليسجدها بعد الصبح ما لم يسفر أنه سنة وقاله ( ش ) وابن حنبل وقال ( ح ) واجب على القارئ والمستمع محتجا بقوله تعالى ( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) والذم دليل الوجوب ولأنه يترك له فعل الصلاة الواجبة وما يترك الواجب له فهو واجب والجواب عن الأول ليس المراد القرآن كيف كان إجماعا وإذا كان مخصوصا بحمل كتاب الله تعالى على السجود المجمع عليه في الخمس أولى من المختلف فيه وعن الثاني أن المتروك هو القيام في غير الفاتحة وهو غير واجب وفي الموطأ أن عمر رضي الله عنه قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل وسجد وسجدنا معه ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال على رسلكم ان الله لم يكتبها علينا إلا إن نشاء ولم ينكره عليه أحد فكان إجماعا
فروع سبعة الأول في الكتاب سجود القرآن إحدى عشر سجدة ليس في المفصل منها شيء المص والرعد والنحل وبنو إسرائيل ومريم والأولى من الحج والفرقان والهدهد وآلم تنزيل وص وحم تنزيل قال القاضي في الإشراف وروى عنه أربع عشرة باقيها في المفصل وقاله ( ش ) و ( ح ) وخمس عشرة ثانية الحج مكملتها وفي الجواهر جمهور المتأخرين يعدون ذلك اختلافا والقاضي أبو محمد يقول السجود في الجميع مأمور به وإنما الإحدى عشرة هي العزائم قال صاحب البيان المفصل كله مكي قيل أوله الحجرات وقيل ( ق ) وقيل الرحمن سمى بذلك لكثرة تفصيله ببسم الله الرحمن الرحيم بين السورتين وفي الصحيحين أنه عليه السلام سجد في النجم وسجد من كان معه وفي إذا السماء انشقت وفي اقرأ بسم ربك وفي أبي داود عن عقبة بن عامرقال قلنا يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين قال نعم من لم يسجدهما فلا يقرأهما والثانية عند قوله ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم ) وذلك عند مالك محمول على النسخ لإجماع قراء المدينة وفقهائها على ترك ذلك مع تكرر القراءة ليلا ونهارا ولا يجمعون على ترك السنة وفي أبي داود أن عليه السلام لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة قال سند قال مالك و ( ح ) سجد عند قوله تعالى ( رب العرش العظيم ) وقال ( ش ) عند قوله تعالى ( ويعلم ما يخفون وما يعلنون ) لنا أنه كلام متصل فيسجد عند آخره والمذهب أنه في ( ص ) عند قوله تعالى ( وخر راكعا وأناب ) وروى عنه عند قوله ( وحسن مآب ) وفي الكتاب هو في تنزيل عند قوله تعالى ( إن كنتم إياه تعبدون ) وقاله ( ح و ش ) عند قوله تعالى ( وهم لا يسئمون ) المدرك في ذلك أن السجود شرع عند أربعة أشياء عند الأمر به أو مدح الساجدين أو ذم المستكبرين أو الشكر كما في ( ص ) والأمر ههنا عندما ذكرناه وفي الجواهر قال ابن حبيب يسجد في الإنشقاق في آخر السورة وقال القاضي عند قوله تعالى ( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) الثاني في الجواهر يشترط فيها شرائط الصلاة إلا السلام والإحرام ويكبر للخفض والرفع إن كان في صلاة وإلا ففي التكبير في الكتاب ثلاثة أقوال رجع عن عدم التكبير إليه وخيره ابن القاسم وفي أبي داود كان عليه السلام يقرأ القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه وقال ابن حنبل يسلم لنا القياس على الطواف وعمل السلف والفرق بينه وبين سجود السهو أنه من توابع الصلاة فأعطي حكمها وهي من توابع القراءة والقراءة ليس لها إحرام ولا سلام الثالث في الكتاب يسجد من قرأ السجدة في الصلاة وغيرها وإن كان في غير إبان صلاة وغير متطهر فلا يقرأها ويتعداها لما تقدم من قوله عليه السلام
من لم يسجدهما فلا يقرأهما ومن جهة القواعد أن ملابسة السبب توجب توجه الأمر فتركه حينئذ يقبح أما من لم يلابس السبب لا يكون تاركا للمأمور به ويعوض عن القراءة قراءة أخرى قال صاحب النكت يترك ذكر السجود خاصة وقال سند يترك ما لا يغير المعنى ولا نظام اللفظ وإذا تركها لعدم الطهارة فالمذهب لا شيء عليه وقال ابن الجلاب يقرؤها إذا تطهر أو خرج وقت النهي ويسجد لها والأظهر المذهب فإن القضاء من شعار الفرائض وفي الكتاب يقرؤها بعد الصبح إلى الأسفار وبعد العصر ما لم تتغير الشمس وقاله ( ش و ح ) وقاس في الكتاب على صلاة الجنازة ومنع في الموطأ من ذلك للنهي عن الصلاة حينئذ وحكى سند الفرق عن مطرف بين الصبح فيسجد قياسا على ركوع الطائف وبين العصر فلا يسجد والفرق للمذهب بينه وبين النوافل الإختلاف في وجوبه ويفعل في الصلاة وتترك له ولأن النفل تبع للفرض وهو تبع للقراءة وهي جائزة حينئذ
تنبيه فيه شبه الصلاة بالطهارة والسترة والقبلة والتكبير وشبه القراءة من جهة عدم الإحرام والسلام ولهذا الشبه جاز الطواف حينئذ لحصول فيه قال في الجواهر فإن لم يذكر حتى ركع في الأولى مضى على ركوعه وقال أشهب ينحط للسجود وسبب الخلاف هل تنعقد الركعة دون الرفع أم لا وإن قصد بالركوع السجدة لم تحصل له لأنه غير هيئتها واشار ابن حبيب إلى جواز ذلك وان قصد السجود فركع ففي اعتداده به قولان وإن ذكر وهو منحن خر لسجدته وإن لم يذكر حتى رفع لم يعتد بركعته عند ابن القاسم بخلاف مالك وإن ذكر منحنيا رفع متمما للركعة وإن ذكر بعد رفعه تمت ركعته ويقرأ السجدة فيما بعد وسبب الخلاف المتقدم أن نيته كانت للسجود وهو نفل والركوع فرض وفي إجزاء النفل إذا خرج من الفرض إليه خلاف وإذا أعادها في الركعة الثانية فهل قبل قراءة أم القرآن أو بعدها قولان للمتأخرين وقال أشهب يسجدها وإن سلم وان قصد السجود فركع وذكر وهو منحن فخر ساجدا قال ابن حبيب ان طال الركوع بالطمأنينة سجد بعد السلام هذا إذا قلنا لا يعتد بالركعة أما إذا قلنا يعتد فيقرأ السجدة فيما بقي من صلاته ويسجد بعد السلام وقال المغيرة لا سجود عليه ورجحه المازري لعدم الزيادة ههنا قال سند فإن لم يذكر السجدة حتى ركع في الثانية أتم نافلته فإن شرع في غيرها قرأ السجدة وسجدها ولا سجود عليه للاخلال بها في الأولى وهو في التلقين لأن السجود فضيلة وفي الجلاب يسجد لأنه سنة الرابع في الكتاب لا يقرؤها في الفريضة منفرد ولا إمام لأنها زيادة في الصلاة فإن قرأها الإمام سجد بهم قال سند قال ابن حبيب يقرؤها في الفرض ويسجد ويعيدها في الثانية إذا نسيها في الأولى وحيث سجد فأعاد القراءة في الركعة الثانية سجد وإن أعادها خارج الصلاة لا يسجد إلا في مجالس أما المجلس الواحد فلا ولو قرأ سجدات مختلفة في مجلس سجد لجميعها فالركعات كالمجالس وروى ابن وهب يقرؤها الإمام في الفريضة وقاله ( ش ) وروى أشهب لا يقرؤها إلا أن يكون الجمع قليلا لا يخلط عليهم وقال ابن حبيب لا يقرؤها في السر بخلاف الجهر وقاله ( ح ) وابن حنبل لأن الجهر لا تخليط فيه وفي الصحيحين أنه عليه السلام كان يقرأ في صبح الجمعة بتنزيل السجدة ( هل أتى على الإنسان ) ونحن نقول بموجبه فإن من قرأها سجدها وإنما الخلاف هل يقصدها أم لا وفي الجواهر يسجد الإمام في النافلة وإن لم يأمن التخليط على المنصوص لفعل السلف ذلك في قيام رمضان ثم إذا قرأ السجدة في الفريضة وإن كان ممنوعا فليجهر بها للإعلام فإن لم يفعل فهل يتبع لوجوب متابعة الإمام أو لا يتبع لجواز أن يكون ساهيا قولان للمتأخرين الخامس كره في الكتاب قراءة السجدة وحدها قال صاحب النكت إلا أن يضيف إليها جميع آياتها قال المازري المراد جملة آياتها لأنها مقصودة للسجدة لا للتلاوة وهو خلاف العمل السادس في الكتاب إذا لم يسجد القاريء يسجد المستمع ويكره الجلوس للسجود خاصة قال المازري واللخمي يسجد السامع مع القاريء بخمسة شروط بلوغ القاريء وطهارته وسجوده وقراءته لا ليسمع الناس وقصد الاستماع من السامع وقال مالك في الموطأ لا يتبع الرجل المرأة في السجود وفي الجواهر لا بد أن يكون أهلا للإمامة قال سند فإن سجدها المعلم والمتعلم قال مالك يسجد الآخر أول مرة فقط وقال أصبغ لا يسجد مطلقا نظرا لأن هذا باب مشقة فيترك ولو سها القاريء عن السجود فإن كان قريبا سجد وإلا رجع إلى قراءة السجدة وإذا لم يسجد الإمام ففي المستمع ثلاثة أقوال يسجد عند ابن القاسم قياسا على سجود السهو ولا يسجد عند ابن حبيب لأنه تبع ولم يوجد الأصل وخيره أشهب السابع في الواضحة يسجد الماشي وينزل لها الراكب إلا في سفر القصر فيومئ على دابته فصل في الجواهر سجدة الشكر مكروهة على المشهور عند بشارة أو مسرة وروي الجواز وقال به ابن حبيب وقال ( ش و ح ) سنة لنا أن النعم كانت متجددة على النبي عليه السلام والسلف وأعظمها الهداية والإيمان ولو كانت سنة لواظب عليها فكانت تكون متواترة احتجوا بأنه عليه السلام سجد لفتح مكة ولمجيء رأس أبي جهل إليه ولوصول كتاب علي رضي الله عنه إليه باسلام همدان وفي البخاري سجد كعب بن مالك لما بشر بتوبة الله تعالى عليه
الباب السابع عشر في صلاة العيدين
والعيد مأخوذ من العود لتكرره في كل سنة وهو عندنا سنة مؤكدة وعند ( ح ) واجب على الأعيان وعند ابن حنبل فرض على الكفاية قال الله تعالى ( فصل لربك وانحر ) جمهور المفسرين على أنها صلاة العيد وظاهره الوجوب وظاهر قوله عليه السلام للسائل خمس صلوات فقال هل علي غيرهن قال لا إلا إن تطوع يقتضى عدم الوجوب وفي الكتاب لا يؤمر بها العبيد ولا الإماء ولا النساء لإنشغال الأولين بالسادات وكشف النساء بالنسبة للجمع قال فإن شهدوها فلا ينصرفون إلا مع الإمام كمن فعل بعض النافلة وإذا لم يشهدها إلا النساء صلينها أفذاذا خلافا ل ( ح ) لاعتقاده أنها لا تصلى إلا جماعة في موضع الجمعة لنا القياس على الكسوف قال سند ويتخرج تحريهن لوقت صلاة الإمام على الخلاف في الجمعة وجمع الرجل بهن على الخلاف فيمن فاتته الجمعة هل يجمع أم لا وفي الجواهر إذا قلنا لا يؤمر بها من لا يؤمر بالجمعة ففي كراهة فعله لها أقوال ثالثها التفرقة بين الفذ فتكره والجماعة فلا وهي على أهل الآفاق وقال سند المشهور أن أهل القرى دون غيرهم في ذلك وفي البيان كره مالك السفر بعد الفجر يوم العيد إلا لعذر قال فلو طلعت الشمس لم يجز السفر كالجمعة يكره قبل الزوال ويحرم بعده وقال مالك في كتاب الضحايا إنما يجمع للعيدين من تلزمهم الجمعة لأنه عليه السلام لم يصل العيدين بمنى كما لم يصل الجمعة وإذا قلنا بشرط الإستيطان في البلد إن جمعوا بإمام فلا خطبة عليهم وإن خطب فحسن وعلى هذا يخرج قوله في المختصر يوتى للعيدين من ثلاثة أميال وعلى القول الآخر يصلون مكانهم بخلاف الجمعة ووقتها من حين تحل النافلة إلى الزوال وفي الكتاب يخرج الناس إليها عند طلوع الشمس لأن ما قبل ذلك زمن ذكر وقياسا على الإمام وقال ( ش ) بعد صلاة الصبح ليسبق الناس إلى المجالس وفي الكتاب يكبرون إذا خرجوا في الطريق إلى المصلى إلى خروج الإمام تكبيرا يسمعه من يليه ولا يكبر إذا رجع وقال ابن حنبل يكبر بعد الصبح وعلقه باليوم وقال ( ش ) من الليل قال الله تعالى ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) والعدة قد كملت بالغروب أو الفجر أول الأيام المتجددة أو يلاحظ عمل المدينة النبوية وهو من الشمس فمن راح قبل ذلك فروى ابن القاسم في العتبية لا يكبر ولا يؤتى به قبل وقته كالأذان وفي الجواهر قيل يكبر وقيل يختصر التكبير بما بعد الأسفار ولم يحدده مالك لأن الأمر ورد به مطلقا واستحب ابن حبيب الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد على ما هدانا اللهم إجعلنا لك من الشاكرين لقوله تعالى ( ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) وكان أصبغ يزيد الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ولا حول ولا قوة إلا بالله واختلف المتأخرون هل يقطع التكبير بخروج الإمام في محمل العيد ماضيا إلى المصلى أو بعد حلوله في محمل الصلاة وفي تكبيرة بتكبير الإمام في أثناء خطبته قولان وفي البيان يكبرون معه سرا في أنفسهم وذلك حسن غير واجب وقاله في الكتاب في الحج الأول وفي الكتاب يخرج الإمام بقدر ما إذا بلغ المصلى حلت الصلاة والفطر والأضحى سواء وقال ( ش ) يؤخر الفطر قليلا لأجل إخراج الفطرة ويعجل في الأضحى ليتسع الوقت للذبح وعمل المدينة على ما ذكرناه وفي المعونة غد والإمام بحسب قرب منزله وبعده فيتقدمه الناس وهو إذا وصل صلى وفي الجلاب المشي إليها أفضل من الركوب لما في الترمذي قال علي رضي الله عنه السنة أن يأتي لعيده ماشيا وفي الكتاب غسل العيدين مطلوب دون غسل الجمعة لما روى مالك قال عليه السلام في جمعة من الجمع
يا معشر المسلمين إن هذا اليوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك فأمر بالغسل لأنه عيد ولولا أن العيد يغتسل له لما صح هذا التعليل ولما كان العيد منخفضا عن الجمعة في الوجوب وهو في وقت البرودة وعدم إنتشار روائح الأعراق انحط غسله عن غسلها وفي الجواهر يغتسل بعد الفجر فإن فعل قبله أجزأ ويستحب الطيب والتزين للخارج للصلاة والقاعدين من الرجال بخلاف الجمعة لأن الزينة لها فمن بعد فلا وفي العيد لليوم فيشترك فيه القاعد والخارج وأما العجائز ففي بذلة الثياب وإقامتها بالصحراء أفضل إلا في المسجد بمكة لفضل المسجد الحرام وقال ( ش ) المسجد أفضل لنا ما في أبي داود قال بكر بن ميسر كنت أغدو من المسجد مع أصحاب النبي عليه السلام إلى المصلى يوم الفطر ويوم الأضحى وفي الكتاب ولا يصلى في المصر في موضعين خلافا ( ش ) قياسا على الجمعة ويقرأ فيها بسبح ونحوها وفي الجواهر استحب ابن حبيب ( ق ) واقتربت الساعة في الثانية وقاله ( ش ) وكلاهما في الصحاح ويترجح المشهور بالتخفيف على الجمع ويكبر في الأولى سبعا بتكبيرة الإحرام وفي الثانية ستا بتكبيرة القيام فالزوائد عند مالك وابن حنبل وأهل المدينة إحدى عشرة وعند ( ش ) اثنتا عشرة سبع في الأولى وخمس في الثانية محتجا بما يروي عن عائشة رضي الله عنها كان عليه السلام يكبر في العيدين اثنتى عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الإفتتاح وتكبيرة الدخول في الركوع وهو إن صح معارض بعمل المدينة وعند ( ح ) ست ثلاث في الأولى وثلاث في الثانية وهو في أبي داود عنه عليه السلام لنا ما في أبي داود كان عليه السلام يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات قال ويفصل بين التكبيرات بقدر ما يكبر الناس وقاله ( ح ) وقال ( ش ) يفصل بين كل تكبيرتين بقدر سورة وسط بالتهليل والتحميد محتجا بأنه مروي عن ابن مسعود ولأنه تكبير تكرر حالة القيام فلا يوالى كتكبير الجنازات لنا عمل المدينة فلو كان عليه السلام يفعله لنقل كما نقل فطره قبل الفطر ورجوعه من غير الطريق وغير ذلك وبالقياس على التسبيح في الركوع والسجود ولا يرفع يديه إلا في الأولى قال سند وروى عنه الرفع في الجميع وقاله ( ش وح ) وابن حنبل وقد تقدم الكلام في هذا الفصل قال المازري والقراءة بعد التكبير خلافا ( ح ) في الأولى محتجا بما في الحديث أنه عليه السلام وإلى بين القراءتين والجواب منع الصحة لنا ما روي عنه عليه السلام
كبر يوم الفطر سبعا في الأولى ثم قرأ ثم كبر في الآخرة خمسا ثم قرأ وفي الكتاب يخطب بعد الصلاة لما في الموطأ أنه عليه السلام كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة والفرق بينها وبين الجمعة من ثلاثة أوجه الأول أن خطبة الجمعة شرط فيها وشأن الشرط التقديم بخلاف العيد الثاني أن فوات الجمعة عظيم فقدمت الخطبة حتى يتكامل الناس الثالث أن العيد لا يجب فلو قدمت فربما سئم بعض الناس فيترك الصلاة فعجلت ووجوب الجمعة يمنع ذلك والفرق بينها وبين عرفة أن خطبة عرفة لتعليم المناسك والتعليم يتقدم العمل وفي الجواهر أن بدأ بها قبل الصلاة أعادها بعد الصلاة فإن لم يفعل أجزأه لعدم شرطيتها قال المازري ويكبر في الخطبة بغير حد والثانية أكثر من الأولى وقال ابن حبيب يفتتحها بسبع إتباعا ويختمها بثلاث وكذلك الثانية قال ويذكر في خطبة الفطر الفطرة وسننها وفي الأضحى الأضحية وسننها وذكاتها ويحضهم عليها وفي الكتاب إن سها في خطبة استخلف من يتمها
فائدة كل صلاة فيها خطبة يجهر فيها لأن الجهر والخطبة كلاهما إظهار للشعائر فتلازما إلا صلاة عرفة لأن خطبتها للتعليم لا للشعائر فكانت الصلاة فيها سرا
فروع ستة الأول في الكتاب يستحب الأكل قبل الغدو للفطر بخلاف الأضحى وفي الترمذي كان عليه السلام لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي والفرق أن الفطر يتقدمه الصوم فشرع الأكل فيه لإظهار التمييز ولأن صدقة الفطر قبل الصلاة وصدقة الأضحية بعد الصلاة فسوى الشرع بين الأغنياء والفقراء في الحالة وليكون الفطر في الأضحى على لحم القربة قال سند واستحب الباجي و ( ش ) أن يكون بتمر ويروى أنه عليه السلام كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل أو أكثر الثاني في الكتاب الأحسن الخروج من طريق والرجوع من غيره لما في الصحيحين كان عليه السلام إذا خرج يوم عيد من طريق يرجع من غيره وهو معلل بكثرة الزحام في الطريق الأعظم أو الغبار أو ليشهد له الطريقان أو ليسوي بين أهل الطريقين في التبرك والاستفتاء أو لتعم الصدقة مساكين الطريقين أو لإظهار كثرة أهل الإسلام وانتشارهم الثالث في الكتاب يستحب لمن فاتته مع الإمام أن يصليها على هيئتها قال سند فإن أدرك الخطبة قال مالك يسمعها كمن أدرك شيئا من الصلاة فإن فاتت جماعة قال سحنون لا يجمعون لأن العيد يجري مجرى الجمعة بدليل الإجتماع والخطبة فيهما وسدا لذريعة إنقطاع المبتدعة عن السنة وقال ابن حبيب يجمعون كصلاة الخسوف وإذا قلنا يجمعون فبغير خطبة فإن فاتته الأولى فالمشهور يقضيها بتكبيرها وقال ابن الماجشون لا يقضي التكبير إلا في الجنازة لأنه بدل الركعات ووافق فيمن فاته الركعتان بسبب أنه غير قاض وإذا قلنا يكبر فإنه يقوم بغير تكبير عند ابن القاسم خلافا لعبد الملك فإن قلنا أن الذي يأتي به آخر صلاته كبر خمسا وإن قلنا قضاء فستا فإن لم يفته إلا بعض التكبير قال مالك وابن حنبل و ( ح ) يقضيه خلافا لعبد الملك و ( ش ) لأن التكبير يأتي به المأموم مع جهر الإمام فلا يحمله عنه بخلاف القراءة وفي الجواهر لو نسي تكبير ركعة فلا يتدارك في الركوع ولا بعده لأن القيام محله قياسا على القراءة ويسجد قبل السلام وقيل يتداركه ما لم يرفع رأسه وقال ( ح ) لأنه على تكبير العيد لأن تكبير الركوع منه ويدرك به العيد عنده فإن تذكر قبل الركوع كبر وأعاد القراءة ويسجد بعد السلام وقيل لا يعيدها ولو أدرك المسبوق القراءة قال ابن القاسم و ( ح ) يدخل معه ويكبر سبعا وإن وجده راكعا دخل معه وكبر واحدة وإن وجده قائما في الثانية كبر خمسا وقال ابن وهب واحدة قال ابن حبيب إن أدركه في قراءة الثانية كبر خمسا غير الإحرام وإذا قضى كبر ستا والسابعة قد كبرها للاحرام وإذا فاتته صلاة العيدين فلا تقضى بالزوال خلافا ( ح و ش ) محتجين بما في النسائي أن قوما رأوا الهلال نهارا فأمرهم عليه السلام أن يفطروا ويخرجوا من الغد وجوابه يحمل الخروج لمجرد الزينة ولو كانت تقضى لقضيت بعد الزوال في يومها لقربه وفي الثالث والرابع كسائر المقضيات والقياس على الجمعة بجامع الخطبة أو إظهار الشعائر الرابع في الجواهر لا يتنفل قبلها ولا بعدها في المصلى وقاله ( ح ) ولم يكرهه ( ش ) لغير الإمام ويتنفل قبلها وبعدها في المسجد قال سند واستحب ابن
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29