كتاب :الذخيرة 12

كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي

البحث الرابع في أحكامه وأصله الندب وقد يجب عند الضرورة المسغبة ونحوها وهو أعظم يقبله الأحرار الممتنون من تحمل المنن وقد قال بعض السلف كان أحدنا لا يعد لنفسه مالا ثم ذهب وبقي الإيثار ثم ذهب وبقي القرض تنبيه وقعت في باب القرض نادرة وهي ان القاعدة أن ثواب الواجب أعظم من ثواب المندوب وانظار المعسر بالدين واجب لقوله تعالى ( وأن تصدقوا خير لكم ) ولأن الإبرار متضمن لمصلحة الإنظار وزيادة فلذلك كان أعظم ثواباً منه ولأن الأصل في كثرة الثواب والعقاب كثرة المصالح والمفاسد وقلتها
فرع في الجواهر : يجوز اشتراط الأجل في القرض قال صاحب ( القبس ) : انفرد مالك دون سائر العلماء باشتراط الأجل في القرض ويجوز التأخير من غير شرط أجماعا لقوله : ( إن رجلاً كان فيمن كان قبلكم استسلف من رجل ألف دينار إلى أجل فلما حلَّ الأجل طلب مركباً فخرج إليه فيه فلم يجده فأخذ قرطاساً وكتب فيه إليه ونقر خشبة فجعل فيها القرطاس والألف ورمى بها في البحر وقال : اللهم إنه قال حين دفعها إليَّ : أشهد لي فقلت : كفى بالله شاهداً وقال ائتني بكفيل فقلت : كفى بالله كفيلاً اللهم أنت الكفيل بإبلاغها فخرج صاحب الألف دينار إلى ساحل البحر ليحتطب فدفع البحر له العود فأخذه فلما فلقه وجد المال والقرطاس ثم إن ذلك الرجل وجد مركباً فأخذ المال وركب وحمله إليه فلما عرضه عليه قال له : قد أدى الله أمانتك ) وذكر هذا في سياق المدح يدل على مشروعيته وشرع من قبلنا شرع لنا حتى ينسخ
فرع في الجواهر : يخير المقترض يبين ردّ العين أو المثل فإن أراد الرجوع في العين لم يكن له ذلك بعد الانتهاء للمدة المحددة بالشرط أو العادة لأنه الأصل ويمتنع تعجيل الأدنى قبل الأجل لأنه : ضع وتعجل بخلاف الأجود لأنه حسن قضاء
فرع قال : ولا تمتنع الزيادة بعد الأجل في الصفة وتمتنع في العدد على المشهور للتهمة في السلف بزيادة والحديث المتقدم ورد في الجمل الخيار وهو أجود صفة والفرق : أن الصفة والموصوف كالشيء الواحد بخلاف العدد قال صاحب البيان : أجاز ابن القاسم إذا اقترض مائة قمحاً أن يأخذ تسعين وعشرة شعيراً أو دقيقاً بعد الأجل لأن بيع القرض قبل قبضه جائز إذا كان المقبوض مثل حقه لا أجود ولا أدنى وإلا امتنع عند مالك وابن القاسم لإشعار ذلك بالمكايسة وبيع القرض إنما أجيز معروفاً هذا إذا كان في المجلس وبعده يجوز لبعد التهمة على نفي المعروف
فرع في البيان إذا قرض وبيه له أخذ نصف ويبة قمحاً وبالنصف الآخر شعيراً أو دقيقاً أو تمراً لأن الويبة متجزئة كالدينارين يجوز أن يأخذ بأحدهما ذلك وليس كالدينار يمتنع أن يأخذ بنصفه غير ذهب لأنه لا يتبعض وقال أشهب : الويبة كالدينار واتفقا أن الويبتين كالدينارين لأن التعدد في اللفظ والمعنى ويمتنع أن يأخذ في ويبة محمولة نصف ويبة سمراء ونصف ويبة شعيراً لأن السمراء أفضل والشعير أدنى فيقع التفاضل بين السمراء والمحمولة وبين المحمولة والشعير ولو كانت سمراء فأخذ بنصفها شعيراً أو كانت شعيراً فأخذ بنصفها نصف ويبة سمراء وبنصفها محمولة جاز على أحد قولي ابن القاسم في المدونة خلافاً لأشهب
فرع قال : قال ابن القاسم : إذا كانوا يقتسمون الماء بالقلل وهو قدر نحاس فيسلف الرجل صاحبه أعداداً فيتأخر للصيف حتى يغلو الماء : ليس عليه الإعطاء إلا في الشتاء لأن اختلاف الفصول يوجب اختلاف المياه في المقاصد وقال أصبغ : عليه الدفع في أي وقت طلبه إذا كان السلف حالاً لا وقت له لأن المياه متماثلة البحث الخامس : فيا يقتضي في الدين من عين ومقاصة وقد تقدم من الضوابط والفروع في بيوع الآجال ما يناسب ذلك ونذكر هاهنا بقية الفروع المتيسرة قاعدة : معنى قول الأصحاب : ضع وتعجل : أن التعجيل لما لم يجب عليه بسلف له فهو حينئذ قد أسلف ليسقط عنه بعض الدين ويأخذ من نفسه لنفسه دينه فهو سلف للنفع دون المعروف فيمتنع قاعدة : إذا شرف الشيء وعظم في نظر الشرع كثر شروطه وشدد في حصوله تعظيماً له لأن شأن كل عظيم القدر أن لا يحصل بالطرق السهلة : ( حُفت الحنةُ بالمكاره ) ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) : أي الصابرين على آلام المجاهدات فمن هذه القاعدة : النكاح لما شرف قدره بكونه سبب الإعفاف ومن أعظم مغايظ الشيطان ووسيلة لتكثير العباد وحاسماً لمواد الفساد شدد الشرع فيه باشتراط الصداق والولي والبينة بخلاف البيع والنقدان لما عظم خطرهما بكونهما مناط الأعراض ورؤوس الأموال وقيم المتلفات ونظام العالم شدد الشرع فيهما بحيث لا يباع واحد بأكثر منه ولا بنسيئة بخلاف العروض وكذلك الطعام لما كان حافظاً لجنس الحيوان وبه قوام بنية الإنسان والمعونة على العبادة وأسباب السيادة والسعادة شدد الشرع فيه بحيث لا يباع قبل قبضه فعلى هذين القاعدتين تخرج أكثر مسائل المقاصة في الديون تمهيد : في الجواهر : المعتبر في المقاصة جنس الدينين وتساويهما واختلافهما وسببهما في كونهما من سلم أو قرض أو أحدهما أجلهما في الإتفاق والاختلاف والحلول في أحدهما أو كليهما أو عدمه وأيضاً المؤجل إذا وقعت المقاصة عنه هل بعد كالحال أو يجعل من هو في ذمته كالمسلف ليأخذ من نفسه إذا حل الأجل وأيضاً إذا اجتمع المبيح والمانع وقصد المبيح هل يغلب المبيح أو المانع ؟ وعليه اختلاف ابن القاسم وأشهب إذا كان الطعامان من سلم واتفق الأجلان ورؤوس الأموال : هل تجوز المقاصة وتعد إقالة ؟ قال أشهب أو يمنع لأنه بيع الطعام قبل قبضه ؟ قاله ابن القاسم تنبيه : قال في الجواهر : جمعت المقاصة المتاركة والمعارضة والحوالة فالجواز تغليباً للمتاركة والمنع تغليباً للمعاوضة والحوالة ومتى قويت التهمة وقع المنع ومتى فقدت فالجواز وإن ضعفت فقولان مراعاة للتهم البعيدة فتورد الآن الفروع على هذه الأصول
فرع في الجواهر : الدينان عين من بيع تساويا صفةً ومقداراً وحل الأجلان أو كالمحالين جازت المقاصة اتفاقاً لعدم ما يتوهم من الفساد فإن اختلف الصفة والوزن أو اختلف الوزن امتنع لأنه بدل العين بأكثر منه وإن اختلفت الصفة والنوع واحد أو مختلف وحلّ الأجلان أو كانا حالَّين جاز إلا على القول يمنع صرف ما في الذمة وإن لم يحل الأجلان منع على المشهور أو يقدر المعجل سلفاً فيصير صرفاً متأخراً ويجوز على رأي القاضي أبي إسحاق ويقدر ذلك بالحلول وإن اتفقا صفة ومقداراً ولم يحل أحدهما أو حل أحدهما ( والأجلان مختلفان أو متفقان بأن . . . ابن نافع إذا حملا أو أحدهما ) ومنع إذا لم يحلا : اتفق الأجلان أو اختلفا وعن مالك : المنع إذا اختلف الأجل ووقف إذا اتفق وقول ابن نافع أجرى على المشهور إذا عقد المؤجل على حالته لكن إذا حل أحدهما عُد حوالة إذ يجوز بما حلّ فيما لم يحل ولاحظ ابن القاسم تساوي الديون وعدم الضمان في العين وكل واحد منها له التعجيل والتفت إلى بعد التهمة فأجاز قال اللخمي : إذا كان أحدهما أجود في العين وحلا أو حلّ الأجود أو لم يحلا وكان الأجود أولهما حلولاً جاز وإن حل الأدنى أو هو أولهما حلولاً امتنع ودخله : ضع وتعجل وكذلك إذا كان أحدهما أكثر عدداً فتشاركا على أن لا يترك صاحب الفضل جاز كما تقدم في الأجود قال : وهذا الذي ذكره في الجودة إن بناه على رأي القاضي أبي إسحاق فصحيح ومشهور المذهب ما قدمناه وما ذكر من اختلاف العدد فإنما ينبغي أن يختلف في منعه لأنه مبادلة بتفاضل مع ما يدخله ذلك على المشهور من التراخي إذا لم يحل الأجلان أو أحدهما وإن كانا من قرض واتفاقا صفة ومقدارا وحلا أو أحدهما جاز وكذلك إن لم يحلا على المنصوص وقد يجري على رأي ابن نافع المنع وإن اختلفت صفتهما واتحد الوزن واختلف نوعهما فعلى ما قدمناه وإن حل أجلهما أو كانا حالين جاز وإن لم يحلا لم يجز قاله ابن القاسم وابن محرز ويجري على المشهور وكذلك إذا كان أحدهما من قرض والآخر من بيع فإن اختلف الوزن يسيراً جاز لأنه زيادة من أحدهما وهي في القرض جائزة وإن كثرت جرت على الخلاف في الزيادة في الوزن أو العدد إذا كثرت وجوّزه اللخمي إذا كان أكثرهما أولهما قرضاً ومنع ابن القاسم إن كان الأكثر آخرهما لأنه يتهم على سلف بزيادة وأجازه ابن حبيب وإن حل الأول أو لم يحلا لكن كان أقلها حلولاً امتنع وإن حلّ الأكثر أو هو أولهما حلولاً وأولهما قرضاً جاز ما لم يكن الأكثر آخرهما قرضاً على ما تقدم إذا كانا من بيع قال اللخمي إن كان أحدهما دنانير والآخر دراهم جاز إن حلّ الأجلان وإن لم يحلا أو أحدهما فعلى الخلاف في حكم المؤجل
فرع قال : إن كانا طعاماً من بيع واختلفا أو رؤوس الأموال امتنع وإن اتفقا جنساً أو رؤوس أموالهم فإن اختلف الأجلان امتنع أو اتفقا منع ابن القاسم وأجاز أشهب نظراً للمبايعة أو الإقالة وإن كانا من قرض واتفقا جاز حلَّت الآجال أو لم تحل وإن كان أحدهما من قرض والآخر من بيع وحلا جاز وإن لم يحلاّ أو أحدهما : فثلاثة أقوال : المنع لابن القاسم والجواز لأشهب والتفرقة إلى أجل السلم جاز أو حل القرض وحده امتنع نظراً إلى صورة المبايعة في الطعام أو الإقالة والإقالة أولى لأن الأجل في السلم يستحق دون القرض وله حصة من الثمن
فرع قال : إذا كانا عرضين واستويا في الجنس والصفة جاز مطلقاً وألغي تفاوت الآجال والآمال لعدم التهمة في العروض وإن اتفقا جنساً لا صفة واتفقت الآجال جاز لأن اتفاق الأجل يضعف التهمة على المكايسة وإن اختلف الآجال ولم يحلا وهما من مبايعة امتنع إذا كان أحدهما أجود لأن تعجيل الأدنى : ضع وتعجَّل والأجود معاوضة على طرح الضمان وكذلك إذا كانا من قرضين فإن كان أحدهما قرضاً والآخر بيعاً وحل اقرض أو هو ألهما حلولاً امتنع لأن الحال أو الأقرب إن كان الأجود فهو حط للضمان والواجب في المسلم بما بذله من زيادة القرض إن كان القرض الذي حل هو الأدنى فقد وضع من السلم الذي له على أن عجل له وضابط هذا الباب : أن ما حلّ أو اقرب حلولاً كالمقترض المدفوع عن الدين الأخير فيتقي أحد الفسادين فيمنع أو لا يقع في أحدهما وقد علمت أن العرض سلماً يمتنع تعجيل الأجود منه أو الأدنى وكذلك القرض في الأدنى ل : ضع وتعجل بخلاف الأجود لأن له التعجيل في القرض وإن كره ربه لإفضائه لبراءة الذمم ويعتبر أيضاً في القرض زيادة العدد فيمتنع على المشهور
فرع في الكتاب : تجوز الحوالة بطعام السلم على طعام القرض وبالعكس وبطعام القرض على القرض بصفة واحدة حالين أو مؤجلين اختلفت الآجال أم لا أو أجل أحدهما فقط إلا أن يكون أحدهما سمراء والآخر محمولة فيمتنع إلا أن يحلا ليلا يكون فسخ الدين في الدين ويمتنع سلم من سلم حلت الآجال أم لا لأنه بيع الطعام قبل قبض فإن كان أحدهما من سلم والآخر من قرض وحلا والصفة والمقدار متفق جاز لأن القرض موضع المعروف وإن لا يحلا أو أحدهما امتنع لأن التعجيل يشعر بالمكايسة فيكون بيع الطعام قبل قبضه
فرع قال : لا تأخذ في الدين الحال أو المؤجل منافع دار أو أرض روية أو ثمرة أزهت لأنها يتأخر قبضها فهو كفسخ الدين في الدين ووافقنا ( ش ) و ( ح ) في دين السلم دون دين القرض قال سند : وعن مالك : الجواز لأن تسليم الرقاب تسليم للمنافع ولأنها لو كانت صداقاً فسلمها وجب على المرأة تسليم نفسها ولكن كراء الدار بالدين جائز فلو كانت ديناً لامتنع لنهيه - - عن بيع الكالئ بالكالئ وعنه : إذا كان هذا يستوفى قبل أجل الدين جاز وإلا امتنع ليلا يكون ربا الجاهلية وهذا إذا كانت الدار ونحوها معينة وإلا فلا
فرع قال اللخمي : فسخ الدين في الدين جائز إذا فسخ دنانير حالة أو مؤجلة في مثلها جودةً ومقدارً أو في أدنى لأنه معروف ويمتنع في المعجل والأجود لأنه سلف بزيادة أو في دراهم لأنه صرف مستأخر ولا في عرض لانه ربا الجاهلية في قولهم : إما أن تقضي أو تربي وكذلك العرض في العين أو قبل الأجل ليؤخره لأبعد منه لأنه لا يفعل إلا بزيادة وفسخه قبل الأجل ليأخذه عند الأجل أو بعد ذلك قبل الأجل ممنوع نقداً ويمتنع فسخه في أقل منه قيمة
فرع في الكتاب : لا تبع بالدين سلعة بخيار أو أمة تتواضع أو سلعة غائبة على الصفة لأنها يتأخر قبضها قال ابن يونس : وأجازه أشهب لأنهما معينان لا في الذمة ديناً قال اللخمي : إذا أخذ طعاماً فكثر كيله فيتأخر اليومين لأجل المحمولة أجازه مالك قال محمد : وكذلك إذا شرع في الكيل وهو يقيم شهراً لعدم التهمة في دفع ثمن التأخير
فرع قال مالك في كتاب المديان : إذا أمرته بدفع دراهم لك عليه لمن استقرضكما فأعطاه بها دنانير برضاه جاز وليس لك منعه واستحب لك اتباع الأخذ بدراهم وأختلف فيه قول مالك ولو قبض فيها عرضاً لم تتبعه إلا بدراهم لأنك إنما أسلفته ذلك فله بيعه قبل قبضه بما شاء من ذهب وعرض ولو أمرت له بدنانير لك دين وللمأمور عليه دراهم فله مقاصته إن حلّ الأجلان وإن أمرته يقضي عنك دنانير فدفع دراهم فيها عرضاً أو طعاماً اتبعته بما أمرته به لا غيره من تصرفه معه وفيه خلاف عن مالك وأنه لا يربح في السلف قال ابن يونس : إذا أمرته بدنانير فدفع دراهم : لمالك ثلاثة أقوال : يرجع بما دفع المأمور وهو بالخيار ثم رجع فقال : ترجع بما أمرته وعلى قوله : لا يربح في السلف إذا كان المدفوع عرضاً : ينبغي أن يرجع المأمور بالأقل من قيمة العرض أو الدراهم المأمور بها وقاله جماعة من شيوخنا قال محمد : وأما في اقل من دينار لو أمرته بنصف دينار فدفع دراهم فيها ترجع لأن أمرك إنما كان بالورق وعن مالك : يخير أن يدفع لك ما دفع من الدراهم أو نصف دينار يوم الدفع فيعطيك الأقل ورجع عنه مالك إلى ما تقدم فلو دفع طعاماً أو عرضاً تعين نصف دينار ما بلغ لأنه عقد أجنبي عنك بينه وبين الأخذ وكذلك لو دفع ديناراً فصرفه الطالب فأخذ نصفه ورد نصفه إلى المأمور
فرع قال صاحب البيان : قال ابن القاسم : يمتنع وضع المرأة صداقها لزوجها على أن يُحجها لأنه فسخ دين في دين وإن قالت له : إن حملتني إلى أهلي فلك صداقي صدقة عليك فامتنع فخرجت مبادرة إلى أهلها لتقطع الصدقة سقط عنه الصداق وإن لم تخرج كذلك فلا
فرع قال اللخمي : إذا سلمت المقاصة من الفساد الآن اعتبر ما تقدم فإن كانا متساويين : ثمن قمح وثمن تمر امتنع على أصل ابن القاسم لاتهامهما في بيع القمح بالتمر وفي الكتاب : إلا أن يكون العقدان نقداً والأول مؤجلاً والثاني نقداً وأخذ عن المبيع أولاً مثل ما يباع به نقداً فيجوز وإن كان الثاني أكثر عيناً امتنع وكذلك لو كانا عرضين أسلم بعضهم لبعض فيها فإن اتفق رأس المال أو الأول أكثر جاز أو الأول أقل امتنع لاتهامهما على سلف بزيادة وإن كان رأس مال أحدهما دراهم والآخر دنانير امتنع على قول ابن القاسم لأنه صرف مستأجر وقيل : يجوز إن كان رأس مال الأول أقل فيما يكون الصرف دون سلم الأول
فرع قال : اختلف إذا تضمنت الصرف المستأجر أو بيع الطعام قبل قبضه هل نفسخ المقاصة خاصة لأنها المتضمنة للفساد أو المتضمنة المبيع الأخير ؟ ويصح الأول قولان قال : والأول أحسن لأن سبب التهمة ليس محققاً إلا أن تجري بينهما عادة فينفسخ البيع الأول والثاني تمهيد : نذكر قواعد شرعية تتبنى عليها المقاصة وبيوع الآجال وما يدخل فيه سد الذرائع لأن مالكاً رحمه الله يقدر الأسباب المبيحة معدومة والمقتضي للفساد موجود والتقدير من الأمور العامة في الشرع فأبسط القول فيه فأقول : التقدير إعطاء الموجود حكم المعدوم حكم الموجود فإعطاء المعدوم حكم الموجود كإيمان الصبيان قبل تعلمهم وكذلك البالغون حالة الغفلة وكفر أطفال الكفار وعدالة الشهود حالة الغفلة وكذلك فسق الفساق والإخلاص والرياء فيمن مات على شيء من هذه الصفات فالشرع يحكم عليهم بهذه الصفات حالة عدمها وتجري عليهم أحكامها ويبعثهم عليها بعد الموت وكذلك النيات في العبادات حالة الغفلة في أثناء العبادة فهو في حكم الناوي وإن لم يكن متصفاً بالنية حينئذ فالثابت في حقه النية الحُكمية دون الفعلية وكذلك من تقدم وكذلك العلم في العلماء والفقه والشعر والطب والصداقة والعدارة والحسد حالة الغفلة عن هذه الصفات وكذلك خصص الله تعالى الحاسد بقوله : ( ومن شر حاسد إذا حسد ) ففائدة التخصيص بقوله : إذا حسد ليتقي الحسد الفعلي لأنه الباعث على أذية الحسود بخلاف الحكمي وكذلك إذا باع عبداً سارقاً فيقطع يقدر قطعة عند البائع ويرد عليه وكذلك كل عيب نشأ في المبيع بسبب التدليس لا يمنع الرد ويقدر تقدمه على ما تقدم تقريره في الرد بالعيب والديون تقدر في الذمم والنقدان في عروض التجارة ويقدر الملك في المملوكات والرق والحرية والزوجية في محالها وإعطاء الموجود حكم المعدوم كالماء مع المحتاج له لتعطيشه والرقبة عند المكفر المحتاج إليه ومن النقدين إعطاء المتقدم حُكم المتأخر والمتأخر حكم المتقدم فالأول كمن رمى سهماً أو حجراً فأصاب بعد موته شيئاً فأفسده فإنه يضمنه ويقدر تقدمه ( في حال حياته كالدية في القتل متأخرة الاستحقاق عن الموت لأنه سببها ويقدر تقدمه ) قبل الموت حتى يصح أن يورث عنه والثاني كتقدير الحروف السابقة على الحرف الأخير من لفظ الطلاق والبيع وسائر صيغ العقود مع الحرف الأخير فحينئذ يقضى عليه بأنه متكلم بتلك الصيغ ولو لم يقدر أول الكلام عند آخره لما اعتبر الحرف الأخير لأنه ليس سبباً شرعياً وكذلك تقدر النية في آخر العبادات وإن كانت متقدمة في أولها فنعده ناوياً في آخرها وإن كان غافلاً عن النية حينئذ بل كانت النية سابقة فر أول العبادات : ولا يكاد ينفك شيء من العقود عن التقدير وإيراده على المعدوم أما البيع فقد يقابل الدين بالدين إجماعاً كبيع درهم بدرهم إلا أنه لا يتأخر والإجارة إن قوبلت بمنفعة كانا معدومين أو بعين كانت المنافع معدومة والسلم والقرض يقتضي عوضه معدوماً والوكالة إذن في معدوم والقراض والمساقاة والمزارعة والجعالة والوقف تمليك لمعدوم تارة لموجود وتارة لمعدوم والرهن في دين معدوم وقد يكون ديناً بنفسه والوصية تصح بالدين المعدوم والعواري تمليك لمعدوم وتمليك اللقطة مقابلة موجود بمعدوم وحفظ الوديعة الواجب معدوم يوجد يقينا مساو كذلك منافع النكاح والنفقة والسكنى والكفالة التزام المعدوم والحوالة بيع معدوم بمعلوم والصلح لا يخرج عن البيع والإجارة والإبراء والهبة والعجب ممن يعتقد أن المعاوضة على المعدوم على خلاف الأصل مع أنه عماد الشريعة ومعظمها والأوامر والنواهي والإباحات والأدعية والوعد والوعيد والبشارة والنذرة والشروط وأجوبتها لا تتعلق جميع هذه إلا بمعدوم فهذا التمهيد وهذه القواعد وإن كانت تتعلق بالديون فهي عظيمة النفع في أبواب الفقه يحتاج إليها الفقيه حاجة شديدة إن أراد أن يكون من فحول العلماء وبسبب الإحاطة بهذه القواعد تتضح المدارك ويتميز الصواب في المذاهب من الخطأ وتنشأ الفروق والتراجيح وفي مثل هذه المواطن يتميز الجذع من القارح والصالح لضبط الفقه من الطالح القسم السادس من الكتاب : في معاملة العبيد والعبد - عندنا - يملك ملكاً غير مستقر دون ملك الحر وإذا ملكه سيده مالاً ملك وقال ( ش ) و ( ح ) : لا يملك مطلقاً وإذا ملكه جارية جاز له وطوُّها عندنا خلافاً لهما احتجا بقوله تعالى : ( ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ) فسلبه القدرة على العموم فلا يملك وإلا لكانت له قدرة وبقوله تعالى ( ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم ) فجعل حكم عبيدنا في الملك معنا كحكم عبيده معه سبحانه وتعالى وليس لأحد مع الله تعالى ملك وكذلك عبيدنا معنا ولأنه مملوك فلا يملك كالبهيمة ولأن الحربي يملك فإذا رق زال ملكه والذمي يملك فإذا ذهب لدار الحرب ثم سُبي فرق زال ملكه فإذا كان طريان الرق يزيل الملك ويمنع استدامته فأولى إذا قارنه ولأن القول بالملك يقتضي التناقض كأن يأذن السيد للعبد في التجارة وشراء الرقيق والإذن لهم فيشتري ويأذن فيشتري العبد الأسفل الأعلى من السيد فيكون كل واحد رقيقاً لصاحبه فيكون القاهر مقهوراً والأعلى أسفل ولأن الحر لا يملك مثله فالعبد لا يملك مثله تسوية بين البابين والجواب عن الأول : القول بالموجب لوجهين : أحدهما : أن ( عبداً ) ليس صيغة عموم فيقتضي أن عبداً من العبيد ليس له ملك ونحن نقول به بل بعض الأحرار كذلك وثانيهما : أنه وصفه بعدم القدرة فلو كان العبد لا يقدر لزم التكرار وعن الثاني : القول بالموجب فإن الله تعالى نفى المساواة وهو صحيح فإن ملك العبد لا يساوي ملك الحر أو نقول وجه التنظير يقتضي ملك العبد إذا ملك فإنا إذا ملّكنا الله تعالى مَلَكنا وعن الثالث : الفرق فإن العبد تعلقت به أكثر أحكام الحرية من التكاليف وغيرها فتعلق به الملك بخلاف البهيمة وعن الرابع : أن العبد إنما يملك إذا ملَّكه السيد وفي الاسترقاق المذكور لم يملكه السيد شيئاً ثم نقول : لا يمنع ابتداء النكاح ويمنع دوامه إذا طرأ عليه فإن سبي الزوج يمنع استدامة النكاح وهو رق والرق لا يمنع ابتداء النكاح وكذلك السبي يسقط الدين عن المسبي مع أن الرق لا يمنع ابتداء الدين وعن الخامس : أن بيع السيد العبد الأعلى للأسفل يقتضي بقاء ماله للحر ومن ماله العبد الأسفل فيصير الأسفل أعلا والأعلى أسفل وهذا لا يقتضي بطلان الملك كمن استأجر من استأجره فإن كل واحد منهما مطالب لصاحبه بحقه وعن السادس : الفرق بين البابين : إن أحدهما فيه الشبهان بالأموال من جهة أنه يباع وبالمالك من جهة أنه مكلف فأمكن أن يكون يملك مثله مثله لشبه الأموال بخلاف الحر فثم ينتقض ما ذكرتم بالمنافع فإن كل واحد من الحرين يجوز أن يملك منافع صاحبه بالإجارة ويتأكد مذهبنا بوجوه : أحدهما : قوله تعالى ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) فوصفهم بالفقر يدل على قبولهم للغنى فإنه لا يقال للجماد : أعمى ولا أصم لعدم قبوله للبصر والسماع ثم إنهم إما أن يكونوا فقراء أو لا يكونوا فقد اتصفوا بالغنى وهو فرع الملك فثبت أنهم يملكون وإن كانوا فقراء فقد قال الله تعالى : إنه يغنيهم وخبره تعالى صدق فلا بد أن يتصفوا بالغنى وهو فرع الملك فصار الملك لازما للنقيضين فيكون واقعا قطعا لأنه لا بد من وقوع أحد النقيضين بالضرورة وثانيها : قوله ( من أعتق عبداً وله مال فماله له إلا أن يستثنيه السيد ) وثالثها : قوله : ( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ) وجه قوله : ( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ) وجه الدليل من وجوه : أحدها : أن اللام للملك عند إضافة المال لقابل له وهو قابل له لأنه مكلف لدوران قبول الملك مع التكليف وجوداً وعدماً أما وجوداً ففي الحر وأما عدماً ففي البهيمة وثانيها : انه اشترط في ملك البائع له أن يبيع العبد ولو كان له قبل البيع لسقط التعليق وثالثها : لو كان العبد لا يملك لم يختص لتخصيص البائع بالملك في حالة مخصوصة بل يكون له مطلقاً الرابع : على أصل المسألة أن نقول : آدمي قابل للتكليف فيملك قياساً على الحر وخامسها : أن الدين سبب لإتلاف أموال الناس فتعلق بالمأذون والدين لا يثبت إلا حيث يتصور الملك وإلا فلا فائدة في الدين وسادسها : أنه يملك الأبضاع وهي أعظم من الأموال فوجب أن يملكها قياساً على الحر وسابعها : أنه يصح مخالعته على الأعواض فوجب أن يملكها في الخُلع وغيره قياساً على الحر إذا تقرر أن العبد يملك فهو محجور عليه لتعلق حق السيد بماليته وماله يزيد فيها فليس له التصرف فيه إلا بإذن السيد
فرع في الكتاب : إذا أذن له في التجارة تجر فيما شاء في الكتاب : إذا أذن له في التجارة تجر فيما شاء لأن الإذن مطلق ولزم ذمته ما داين الناس به من جميع أنواع التجارات لأن الناس يغترون بتصرفه والإذن في الصنعة كالقصارة ليس إذناً في التجارة ولا في المداينة قال صاحب النكت : إذا أذن له في نوع مخصوص واشتهر ذلك وأعلنه لم يلزم ( ماله الدين في غير ذلك النوع كما إذا حجر عليه واشتهر ذلك لم يلزم ) ما داين بعد الحجر ولا يعذر من جهل الحجر وعن ابن القاسم إذا أذن له بالتجارة في مال وأمره أن لا يعامل إلا بالنقد فداين تلعق الدين بمال وإن لم يكن غيره المشتري ثم أذن له أن لا يتجر إلا في البز فتجر في غيره : قال ابن القاسم : فإن قصر ما في يديه عن الدين : استحسن أن يكون في الذمة قال : وفيه ضعف قال سحنون : إذا شرط لا يجوز على سيده تعديه قال : يحتمل أن يكون هذا الخلاف إذا لم يشتهر ذلك وإذا أفسد المأذون في الصنعة لا يكون ذلك في أجرته لأنها خراج للسيد وكذلك لا يلزمه السيد في آلة القصارة إن كان السيد أعطاه ذلك يستعين به فإنها عارية قال الشيخ أبو الحسن : معنى قوله في الكتاب : الدين في مال المأذون أي إذا وهب له مال ليوفى ذلك منه وأما إن وهب له لغير ذلك فهو بمنزلة ما اكتسبه من غير التجارة وقال أبو محمد : سواء وهب بشرط أم لا يتعلق به الدين لأنه ليس من مال السيد ولا من كسب عبده
فرع في الكتاب : يجوز تأخير الغريم بالدين والحطيطة لاستئلاف القلوب لاندراجه في الإذن للتجارة ويمتنع غير ذلك لأنه ضياع مال السيد وليس للعبد الكثير المال الإنفاق على ولده إلا بإذن سيده ويجوز إطعامه لاسئلاف وتمتنع عاريته قال ابن يونس : وقيل تجوز العارية للمكان القريب وإعطاء السائل الكسرة لأنه مأذون فيه عرفاً قال اللخمي : فإن وهب أو أخذ الثمن أكثر من العادة رد الجميع وإذا رد السيد الهبة أو الصدقة وهي معينة بطل العقد قبضت أم لا وتكون له إذا عتق كانت في يديه أو بيد المتصدق عليه أو قيمتها وإن استهلكت وغير المعينة كقوله : لك عندي كذا أو في مالي أو ذمتي للسيد ردها عند ابن القاسم لأنها تنقصه وخالفه أشهب لعدم التعيين لأنه لا يؤاخذ بها إلا بعد العتق فلا ضرر وللسيد بعد القبض الرد اتفاقاً لتعينها بالقبض
فرع قال اللخمي : إذا تعدى على وديعة عنده ولا مال له هل تكون في ذمته أو رقبته ؟ وإذا كانت في ذمته فهل للسيد إسقاطها ؟ قال ابن القاسم : ذلك له في المحجور عليه دون المأذون وقال أشهب : إذا كان يستودع مثله فلا شيء عليه حتى يملك نفسه بالعتق وقال يحيى بن عمر : هي من ضمانه وقال مالك : هي جناية قال : وأما الوديعة إن كانت عيناً وهو مؤتمن فهي في ذمته لأن له تسلفها على أحد الأقوال فإن كان معسراً أو هي عرض حسن الاختلاف وكونها في الذمة أحسن لأن المالك وضع يد العبد مختاراً بخلاف المدعي إرسال سيده له ولو قال : أرسلني فلان لم تكن في رقبته لإمكان صدقه
فرع في الكتاب : غير المأذون لا يتبع بدين إلا في ذمته بعد العتق لأن الأصل عصمة مال السيد فيه إلا أن يسقطه عنه السيد أو السلطان لأن ذلك يعيبه وليس لأحد أن يعيب مال غيره
فرع قال : كل ما استهلك المأذون مما أخذه بإذن ربه من وديعة أو غيرها ففي ذمته لا في رقبته وليس للسيد فسخه عنه لأنه أذن له
فرع قال : للمأذون بيع أم ولده إن أذن له السيد وتباع فيما عليه من دين لأنها ماله ( ولا حرية فيها ولأنها قد تكون حبلى وحملها للسيد والدين محقق والولد موهوم ولا يباع ولده منها لأنه ليس على ماله ) قال صاحب النكت : إذا بيعت في الدين فظهرت حاملاً : قيل : للسيد فسخ البيع لحقه في الحمل وقيل لا لأن البيع وقع صحيحاً والفرق بين بيع هذه والمكاتب يبيع أم ولده إذا خاف العجز وقد تكون حاملاً وحملها مكاتب لا يشترط إذن السيد : إن خوف العجز كالدين على المأذون لأن كليهما حق عليه والأمة التي يطأها المأذون بخلاف الولد لأن أم الولد دفعت للإيلاد
فرع في الكتاب : إذا اشترى المأذون وعليه دين : بيع في دينه لأنه أتلف مال غرمائه
فرع قال : للسيد ردُّ ما وهب العبد والمكاتب أو أم الولد أو تصدقوا به فإن استهلك فالقيمة لهم إلا أن يكون انتزاعاً من غير المكاتب فيقبضها هو
فرع قال : إذا أذن في التجارة في مال دفعه له فالدين فيه دون مال العبد وبقيته في ذمته لا في رقبته ولا في ذمة السيد لأن الإذن يوجب التعليق بالمال والذمة لا في رقبته ولا في ذمة السيد لأن الإذن يوجب التعليق بالمال أو الذمة وإنما يتعلق برقبة الجنايات وقال ( ح ) : يباع في الدين لأنه حق كالجناية لنا : أنه - - لم يزد في غُرماء معاذ على أن خلع لهم ماله ولأنه إنما عومل على ماله دون رقبته فلا يباع لأنه إضرار بالسيد ولم يدخل عليه
فرع قال : لا يحاص السيد غرماء عبده بما دفع إليه من المال لأنه لم يدخل على أن ذلك المال دين عليه بخلاف الغرماء إلا أن يعامله بعد ذلك فيسلفه أو يبايعه بغير محاباة فيحاص بذلك فيما دفع إليه ن المال للتجارة وفي مال العبد لأنه دخل على المداينة كالغرماء فإن رهنه العبد رهناً فهو أحق به وإن باعه سلعة بما لايشبه كثرة فالغرماء أحق منه قال ابن يونس : قال يحيى ابن عمر : ويضرب معهم بقيمة السلعة وتسقط المحاباة وإن فلس وفي يده مال للسيد لم يتجر فيه فالسيد أحق به بخلاف ما اتجر به لأنه غير ماله كالبائع يجد سلعته وما وهب للمأذون وقد اغترقه الدين فللغرماء دون السيد لأن إذنه في التجارة يتسلط على ما لا يكون ملكاً له والسيد أحق بكسبه وعمل يديه وأرش جراحه وقيمته إن قتل لأنه ناشئ من عين ماله وإنما يكون الدين فيما وهب له أو تصدق به عليه أو أوصى له به فيقبله العبد وقد تقدم خلاف عبد الحق في الهبة
فرع في الكتاب : إذا باعه سلعة معينة ففلس العبد فسيده أحق بها إلا أن يدفع الغرماء ماله على قاعدة التفليس فإن أسلم له أو لأجنبي دنانير في طعام ثم فلس فهو أحق بعينها من الغرماء إن شهد بعينها بينة لم تفارقه قال صاحب النكت : قيل : اشتراط هاهنا عدم مفارة البينة فلو فارقت ثم شهدت بأعيانها لا يحكم بأعيانها بخلاف من استحق دنانير تقبل شهادتهم وإن غاب عليها لأنه غير راض بالدفع بخلاف الأول
فرع في الكتاب : إقرار المأذون في صحته أو مرضه لمن لا يتهم عليه قبل قيام غرمائه جائز لأن من صح إنشاؤه صح إقراره ويجوز إقراره بالدين على ما بيده من المال وإن حجر عليه سيده فيه ما لم يفلس لأن الإذن في المتجر إذن في الدين ( قال صاحب النكت ) : قيل : يريد إذا كان بقرب الحجر وإلا فلا وإن دفع غريم له دينه بعد الحجر جاهلاً بالتحجير لا يعذر على قول ابن القاسم كالدافع للوكيل بعد العزل جاهلاً بالعزل وهذا إذا قبض ماله إذا حجر وترك المال بيده برئ من قضائه جاهلاً لأن بقاء المال غرور للناس فيعذر الدافع بالجهل وفي الجواهر : قال ابن وهب : لا يقبل إقراره بعد الحِجر مطلقاً
فرع قال صاحب النكت : إذا عجز المكاتب وبيده مال وهو قبل الكتابة مأذون له في التجارة بقي على ذلك حتى يحجر عليه أو محجوراً عليه رجع إلى ما كان عليه وقيل : لا يرجع الإذن لأن الكتابة أسقطت حكمة
فرع قال : إذا ادعى السيد الثوب الذي أقر به المحجور عليه لفلان يحلف على إن هذا مال لعبدي إن علم براءه أو ملكه إياه وأما إن قال : هو بيد عبدي حلف : ما أعلم فيه لفلان حقاً قال ابن يونس في كتاب محمد : إذا أعلن الحجر عند الحاكم وفي سوقه وسائر الأسواق لم يلزمه الإقرار لامستأنفاً ولا قديماً إلا أن تقوم بينة بقدمه وقال النعمان : يغرم فيما في يديه دون رقبته لأنه مضطر لبراءة ذمته
فرع في الكتاب : لا يلزم السيد عهدة ما اشتراه المأذون لأن الأصل براءة ذمته من العهد إلا أن يقول : أنا ضامن فيلزم ذمة العبد أيضاً ويباع العبد في ذلك إن لم يوفه السيد لأنه أعظم من الجناية لأنه لم يلتزمها
فرع قال : لا أرى الإذن للعبد النصراني في البيع لقوله تعالى ( وأخذهم الربا )
فرع قال : لا يجوز لأحد الشريكين في العبد الإذن للتجارة دون صاحبه ولا قسمة ماله إلا أن يرضى الآخر لأنه ينقص العبد ومن دعى إلى بيعه منهما فذلك له نفياً للضرر إلا أن يتقاوياه بينهما لأنه أقرب لبقاء الملك مع نفي الضرر قال اللخمي : منع مالك استقلال أحد الشريكين بقسمة المال إذا كان بقاء المال يزيد في ثمنه أكثر من ذلك المال فإن زاد مثله قدم طالب القسمة لأن الأصل التصرف في الملك ما لم يضر بالشريك
فرع قال : إذا أحاط الدين بمال المأذون فادعى السيد أن ما بيده له وقال العبد : لي صدق العبد تشبيهاً بالحر بسبب الإذن ويصدق السيد في غير المأذون لقوة الملك والقدرة على الانتزاع
فرع قال : لا يحجر على عبد إلا عند السلطان فيوقفه السلطان للناس ويشهره في مجلسه ويشهد على ذلك فيحذر الناس معاملته وكذلك غير العبد وإذا اغترق الدين مال المأذون فللسيد الحجر عليه ( ولاشيء للعبد في ماله إلا أن يفضل عن دينه كالحر وليس للغرماء الحجر عليه بل يقوموا عليه فيقاسموه كالحر ) وفي الجواهر : وقيل : يكفي في الحجر السيد كما يكفي في الإذن قال اللخمي : إذا لم تطل إقامته فيما أذن له فيه كفى السيد ويذكر ذلك عند من يخالطه وإلا فلا بد من السلطان فإنه الحاسم لضرر الناس
فرع قال ابن يونس : قال في كتاب الشركة : للمأذون أن يدفع مالاً قراضاً لأنه من باب التنمية وقال سحنون : لا يدفع قراضاً ولا يأخذه لأنه إجارة ولم يؤذن له إلا في التجارة
فرع في الجواهر : لا ينبغي الإذن لغير المأذون ومتعاطي الربا فإن فعل وكان يعمل بالربا تصدق السيد بالربح وإن جهل ما يدخل عليه من الفساد في البيع استحب التصدق بالربح لعدم تعين الفساد وكذلك العبد والذمي إذا اتجر مع المسلمين فإن تجر مع أهل دينه فأربى وتجر في الخمر فعلى القول بأنهم مخاطبون بالفروع فكالأول والأسوغ للسيد ذلك إن تجر بنفسه وإن تجر للسيد فكتولي السيد لذلك لأن يد الوكيل كيد الموكل
فرع في الجواهر : إذا باع غير المأذون انعقد ووقفت إجازته على إذن السيد لأنه أهل للمعاملة وإنما منع لحق السيد ويجوز قبوله للوصية والهبة دون إذن سيده لعدم الضرر ويخالع امرأته قال اللخمي : والمدبر وأم الولد على الحجر والمعتق بعضه في يوم سيده كذلك وفي يومه كالحر وله البيع إلى أجل بالمال الذي حصل له بالمقاسمة وهو في الهبة والنكاح والسفر على الحجر والمكاتب على الإطلاق إلا في الهبات والصدقة والنكاح لأنها تؤدي إلى التعجيز وفي السفر قولان نظراً للحجر أو لأنه قد ينمي ماله فيستعين به عن الكتابة قال : وأرى أن ينظر إلى المكاتب في الوثوق بغيبته ورجوعه قبل حلول نجم فيجوز وإلا منع
فرع قال اللخمي : إذا أذن السيد للعبد حرم عليه تجاوز إذنه فإن أذن في البَز فاشترى غيره لم يتعلق بالمال فإن أشكل هل أذن له في هذا أم لا ؟ ففي كونه يتعلق بالمال الذي بيده قولان مع الفوات ومع القيام للسيد رده وألزمه في الكتاب إذا أذن في نوع سائر الأنواع لأنه أقعده للناس وقال أيضاً : ذلك ليس بعذر وقال أيضاً إذا أذن في النقد فباع بالنسيئة لا يلزمه وقال سحنون : يلزمه وأرى إن كان ذلك العبد لا يقف عند المأذون فيه أن يلزمه لأنه غر الناس فإن هلك المبيع بغير سبب العبد أو نقص لم يلزمه أو بسببه ولم يصون به ماله لم يتعلق بما في يده وإن صون كان فيه الأقل من الثمن أو القيمة فإن باعه والثمن موجود فعليه الأقل من الثمن الأول أو الثاني لأن الأصل براءته وإن ضاع الثمن لم يلزمه الغرم من ذلك المال وإن باع بالنسيئة فتغير السوق يُخير في الإجازة والرد وإن نقص بأكل أو لبس فللسيد الإجازة والأخذ بالقيمة وإن لم ينظر فيه حتى حل الأجل فله أخذ الثمن ويختلف هل يغرم العبد البعض أو يكون في ر قبته ؟ وللسيد قبول المبيع نسيئة بالأقل من الثمن أو القيمة إلا أن يرضى البائع بأخذه بعينه القسم السابع من الكتاب : في اختلاف المتبايعين ويتضح بالنظر فيما يقع فيه الاختلاف وفيما يترتب على الاختلاف من مخالف وغيره النظر الأول : فيما يقع فيه الاختلاف وهو أحد عشر قسماً : القسم الأول : في الاختلاف في وقوع العقد فيصدق منكره مع يمينه إجماعاً القسم الثاني : الاختلاف في صحته وفساده ففي الجواهر : مذهب الكتاب : يصدق مدعي الصحة لأنها الأصل في تصرفات المسلمين وقال المتأخرون : ما لم يؤد ذلك للاختلاف في الزيادة في الثمن أو نقصانه فيرجع الحكم إلى الاختلاف في قدر الثمن قال عبد الحميد وغيره : لو غلب الفساد صدق مدعيه القسم الثالث : الاختلاف في تعجيل العقد وتأجيله قال سند : إذا اختلفا في تأجيل الثمن قبل قبض السلعة فثلاثة أقوال : يتحالفان ويتفاسخان عند جمهور الأصحاب و ( ش ) كالاختلاف في جنس الثمن لأن الأجل يوجب اختلاف الرغبة في الثمن كما يوجبه اختلاف الجنس ويصدق المشتري فيما لا يتهم على مثله عند ابن القاسم لعدم التهمة والأصل عدم استحقاق الحال ويصدق البائع لابن القاسم أيضاً و ( ح ) وابن حنبل لأن الأصل استمرار ملكه على سلعته إلا بما أقر بالرضا به فإن اختلفا بعد قبض السلعة فثلاثة أقوال : يتحالفان ويتفاسخان ويصدق البائع وإن ادعى المبتاع أجلاً قريباً صدق كلها لابن القاسم فإن فاتت السلعة فثلاثة أقوال : يصدق البائع عند ابن القاسم يصدق المشتري عند مالك لأن البائع أئتمنه والأصل براءة ذمته من الحال ويتحالفان ويتفاسخان فثلاثة أقوال في جميع المسألة يقدم البائع مطلقاً وقاله ( ح ) وابن حنبل ويقدم المبتاع قاله ( ش ) والتفصيل إن اتفقا على الأجل واختلفا في قدرة قبل التفرق تحالفا وتفاسخا ويجري على الاختلاف في قدر الثمن قبل التفرق وفي الكتاب : إذا اتفقا على الأجل دون قدره ولم تفت حلفا وردت وإن فاتت بيد المبتاع صدق مع يمينه لأن البائع ائمته مع يمينه فيما يشبه في الموضعين فإن اتفقا على قدر الأجل وتنازعا في حلوله : صدق المبتاع مع يمينه وكذلك رب الدار والأجير لأن الأصل عدم الحلول وفي الجواهر : الاختلاف في الأجل كالاختلاف في مقدار الثمن غير أنه اعتيد الشراء بالنقد في بعض السلع فصار عُرفاً فيرجع إليه ونزل بعض المتأجرين اختلاف الأصحاب على العوائد وقيل : التفرقة بين قريب الأجل فيتحالفان ويتفاسخان كالاختلاف في قدر الثمن وبين بعيده فيصدق البائع القسم الرابع : الاختلاف في جنس الثمن ففي الجواهر : إذا اختلفا في جنس الثمن كالثوب والشعير تحالفا ويتفاسخا إذا ليس أحدهما أولى من الآخر القسم الخامس : الاختلاف في النوع كالقمح والشعير ففي الجواهر : قيل : كالجنس وقيل كالقدر لاتحاد الجنس القسم السادس : الاختلاف في مقدار الثمن ففي الجواهر أربع روايات : يتحالفان ويتفاسخان إلا أن يقبض المشتري المبيع فيصدق ويتحالفان ويتفاسخان بعد القبض ما لم يبن بالمبيع فيصدق لأنه ائتمنه ويتحالفان ويتفاسخان ما لم تفت بتغير السوق أو بدن فيصدق وهي رواية الكتاب لأنه غارم ويتحالفان ويتفاسخان وإن فاتت لأن القيمة تقوم مقام العين ولذلك سميت قيمة وبمذهب الكتاب قال ( ح ) وبالأخير قال ( ش ) وفي النسائي قال - - ( إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة ) وفيه أنه - - أمر البائع بالحلف ثم يختار المبتاع الأخذ أو الترك وفي الترمذي قال - - : ( إذا اختلف المتبايعان في البيع والسلعة كما هي لم تستهلك فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع ) والاول مقطوع والثاني مرسل والثالث ضعيف ولان كل واحد منهما مدعٍ ومدعى عليه لأن البائع يدعي عقداً بألف ويُدعى عليه عقدٌ بمائة والمشتري يدعي عقداً بمائة ويدعى عليه عقد بألف فيتحالفان كما لو ادعى رجل ثوباً وادعى عليه فرساً أو لأن البائع معترف للمشتري بالملك ويدعي عليه زيادة الثمن والأصل عدمها
فرع قال المازري : كل ما يؤدي للاختلاف في الثمن كالأجل والحميل واشترط الخيار فكالاختلاف في الثمن ثم ينظر في مدعي الخيار هل يمضي العقد فلا يفتقر إلى يمين أو يرد فيختلف من يصدق منهما ؟
فرع في الجواهر : دعوى الأشبه مع القرب معتبر اتفاقاً ومع قيام السلعة فقولان المشهور : عدم الاعتبار للقدرة على رد السلعة ودفع التغابن قال أبو الطاهر : وهذا ينبغي أن يكون اختلافاً في حال يعتبر الاشبه إن أبعد الآخر ولا يعبر إن ادعى الآخر ما هوممكن وما يتغابن الناس بمثله وفي الكتاب : إن أتيا مع الفوات بما لا يشبه فالقيمة يوم الشراء لأنه ليس أحدهما أولى من الآخر بسقوط العقد وتجب القيمة
فرع في الكتاب : الفوات حوالة الأسواق فأعلا والمنع
فرع قال : إذا اختلفا في كثرة رأس المال المسلم بعد العقد أو عند حلول الأجل ولم يتغير سوق الثوب الذي هو الثمن ولا تغير تحالفا وتفاسخا لأن ثبوت السلم فرع ثبوت الثمن فإن تغير سوقه أو بدنه صدق البائع لأنه بالتغيير صار ديناً عليه فهو غارم
فرع قال : إذا قال : أسلمت هذا الثوب في أردب وقال الآخر : بل هذين الثوبين لثوبين غيرهما وشهدت البينة بالجميع أخذ الثوبين في أردبين لأنهما صفقتان ولو قال : بل هذا العبد مع الثوب قضى بالبينة الزائدة ويلزمه أردب بهما ولو قال : العبد والثوب في شعير وشهدت بذلك البينة وشهدت بينة الآخر بالثوب في قمح قضى بأعدلهما لأنه تعارض فإن تكافأتا تحالفا وتفاسخا ( لاختلافهما في الجنس ) قال صاحب التنبيهات : قال ابن عبدوس : مسألة الثوب في أردب والثوبين في أردب ذلك إذا كانا في مجلسين وإلا فهو تكاذب وجوز غيره اتحاد المجلس قال سند : إذا تقاررا على اتحاد العقد فالعبد للمبتاع ببينة وإن كان الثوب بيد المبتاع فلا يأخذه البائع لأنه ملك المبتاع وإن كان بيد البائع لم يجبر المبتاع على أخذه لأنه كذب البينة والبائع فيه وهو لا يدعيه وحيث يتحالفان يحلف كل واحد منهما على إثبات دعواه ونفي دعوى خصمه القسم السابع : الاختلاف في قبض الثمن ففي الجواهر : الأصل عدم القبض في الثمن والمثمن حتى يثبت الانتقال إما بالبينة أو بعادة مستقرة كاللحم ونحوه مما يشتري من أصحاب الحوانيت فإذا قبضه المشتري وبان به صدق في دفع الثمن وفي تصديقه إذا قيض ولم يبين خلاف سببه شهادة العوائد وفي الكتاب إذا اختلفا في دفع الثمن بعد قبض المبيع والغيبة عليه صدق البائع مع يمينه إلا فيما يباع بالنقد كالصرف والخضر والحنطة فيصدق المشتري لأنه العادة قال سند لو كان عرف فاسد في تأخير ثمن الصرف يخرج على الخلاف في دعوى الفساد والصحة إن كانا مسلمين ويرجع في الرهنين إلى العادة
فرع فإن كان بين المتبايعين مكتوب لا يصدق على الدفع إلا ببينة لأن العادة أن المشهود به لا يدفع إلا ببينة
فرع قال سند إذا اختلفا في قبض ( المبيع قبل قبض ) الثمن صدق ( المبتاع مع يمينه لأن الأصل عدم القبض أو بعد القبض للثمن صدق ) من شهدت له العادة مع يمينه وإلا صدق المبتاع لأن الأصل عدم القبض فإن أشهد المبتاع على نفسه بالثمن قال ابن القاسم لا يضدق لأن الإشهاد يتضمن قبض المبيع وقال ابن عبد الحكم الإشهاد بالثمن لا يتضمن قبض المبيع
فرع قال : إذا أشهد على إقرار البائع أنه قبض الثمن فقال : أشهدت لك ولم توفني : قال مالك : لا يمين على المبتاع حتى يأتي بسبب يدل على دعواه
فرع قال اللخمي : إذا كانت العادة أن الدنانير وازنة ( يحسن ) وقال البائع : لم أعلم العادة فإن كان من أهل البلد لم يصدق أو طارئاً صَدق أو شُك فيه أُحلف : أنه لا يعلم ذلك وخُير المشتري بين القبول على الوازنة أو يرد وكذلك إذا كانت العادة للقنطار عشرة أرطال أو مختلف الوزن القسم الثامن : الإختلاف في صفة البيع ففي الكتاب : إذا قال : شرطت نخلات يختارها بغير عينها وقال المبتاع : بل شرطت اختيارها بعينها تحالفا وتفاسخا لأنه ليس أحدهما أولى من الآخر القسم التاسع : الاختلاف في مقدار المبيع قال سند : جوز في الكتاب : السلم بذراع رجل معين فإن مات قبل أن يأخذ قياسه واختلفا فيه فهو كما إذا اختلفا في مقدار السلم ولو أسلم على عدد من غير تعيين ولم يكن ثم ذراع معلوم قضى بالوسط وإن قال البائع : بذراعي وقال المشتري : بل بذراعي قضي بالوسط قال أصبغ : القياس : الفسخ لعدم الانضباط وجوابه : إن أهل العرف لا يعدون إطلاق الذراع غرراً بل يعتمد على الوسط
فرع في الكتاب : إذا اختلفا في العدد أو الوزن أو الصفة : صُدق البائع مع يمينه إن ادعى ما يشبه لأن الأصل عدم انتقال ملكه في الزائد وإلا فالمشتري فيما يشبه لأن البائع يدعي عليه شغل ذمته بغير ما اعترف به والأصل : براءتها فإن اختلفا في النوع كالفرس والحمار أو الشعير والبُر تحالفا وتفاسخا لعدم اتفاقهما على ما ينضبط وليس أحدهما أولى من الآخر قال صاحب التنبيهات : قوله : فيما يشبه إنما هو فيما فات عند ابن القاسم لقوله - - في الموطأ : ( إذا اختلف المُتبايعان فالقول ما يقول رب السلعة ) قال سند : إذا اختلفا في المقدار دون الجنس والصفة في السلم قبل افتراقهما عند العقد ولم يقبض البائع الثمن تحالفا وتفاسخا لأن البائع يدعي الثمن والمبتاع يدعي المقدار فكلاهما مدعٍ وعن مالك : إذا قبض الثمن وقرب قبضه تحالفا وتفاسخا وإن تباعدا صُدق المسلَم إلي مع يمينه فيما يشبه فراعى زماناً يذهب فيه الثمن وألحق التونسي الطول بالقصر لأن نقص الدراهم فوت قال أبو الطاهر : إذا كان رأس المال عيناً واختلفا في المقدار فهل يُصدق المسلم إليه إذا قبض المثمن أو غاب عليه أو بعد أن يطول طولاً أو بعد الطول الكثير ؟ ثلاثة أقوال وإن اختلفا في المقدار وأتيا بما لا يشبه والثمن عرض ونحوه تحالفا وتفاسخا أو عيناً فقولان : الرجوع إلى الوسط من سلم الناس لأنه معتاد في العين بخلاف العرض ويتحالفان ويتفاسخان قياساً على العروض وهل يكون الفوات بحوالة الأسواق أو التغير في العين أم لا ؟ قولان قياساً على البيع الفاسد أو يلاحظ صحة العقد هاهنا القسم العاشر : الاختلاف في المكان ففي الكتاب : إذا اختلفا في مكان قبض المسلم صُدق مدعي موضع العقد مع يمينه إن ادعى لأنه العادة وإلا صُدق البائع لأن المواضع كالآجال فإن أتيا بما لا يشبه تحالفا وتفاسخا لاستوائهما القسم الحادي عشر : الاختلاف في دعوى الخيار والبت ففي الجواهر : قال ابن القاسم : يصدق مدعى البت لأنه الأصل في العقود وعن أشهب : مدعي الخيار لأن الأصل عدم انتقال الملك وبنى المتأخرون هذا الخلاف على تبعيض الدعوى تنبيه : قال صاحب الجواهر : تقسيم الاختلاف إلى هذه الأقسام هو طريق المتأخرين أما غيرهم : فقال القاضي أبو الحسن : إذا اختلفا في مقدار الثمن أو المثمن أو التأجيل أو النقد أو الخيار فقال : لي وقال الآخر : بل لي أو اشترط الرهن أو الحميل ففي ذلك كله ثلاث روايات وحكى الروايات المتقدمة في اختلاف الثمن إلا رواية البينونة مع القبض ووافقه الأستاذ أبو بكر وجعلا لأن هذه الأقسام واحدة قواعد : يقع التعارض بين الدليلين والبينتين والأصلين والظاهرين والأصل والظاهر ويختلف العلماء في جميع ذلك بالترجيح والتسوية فالدليلان : كقوله تعالى : ( إلا ما ملكت أيمانكم ) يتناول الجمع بين الأختين في الملك وقوله تعالى ( وأن تجمعوا بين الأختين ) يقتضي المنع والبنتان ظاهر والأصلان : نحو العبد الآبق هل تجب زكاة فطره أولا ؟ لأن الأصل حيازته ولأن الأصل براءة الذمة والظاهر : أن كان اختلاف الزوجين في متاع البيت ولكل واحد منهما يد ظاهرة في الملك وكشهادة عدلين على رؤية الهلال في الصحو فالظاهر : صدقُهما للعدالة ( والظاهر : كذبهما لعدم رؤية أهل المصر له ) والأصل والظاهر كالمقبرة القديمة الظاهر تنجيسها فتحرم الصلاة فيها للنجاسة والأصل : عدم النجاسة وكاختلاف الزوجين في النفقة والكسوة وقد تقدم بسط هذه القواعد في مقدمة الكتاب وعليها يتخرج اختلاف المتبايعين فإذا اختلفا في جنس المثمن تعارض أصلان وإن أتيا بما لا يشبه تعارض ظاهران : دعوى الخيار والبث تعارض أصل وظاهر وترد الفروع في الاختلاف على هذه القواعد قاعدة : في ضبط المدعي والمدعى عليه حتى يتعين المدعى عليه فيصدق مع يمينه والمدعي فلا يصدق إلا ببينة لقوله - - في الموطأ : ( لو أُعطي الناس بدعواهم لادعى قومٌ على قوم دماءهم وأموالهم لكن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ) وليس المدعي هو المطلوب اتفاقاً بك كل من عضد قوله عرف أو أصل فهو مدعى عليه وكل من خالف قوله عرف أو أصل فهو مدعٍ فالمودع يقبض ببينة فلا يقبل قوله في الرد إلا ببينة فإن ادعى الرد بغيرها فهو مدع وإن كان مطلوباً منه لا طالباً وكذلك دعوى الوصي في إنفاق المال على خلاف العرف والأصل نحو دعاوي الديون والإتلافات فإن الأصل براءة الذمم وهذا معنى قول الأصحاب : المدَّعى عليه أقوى المتداعيين سبباً فعلى هذه القاعدة أيضاً يتعين من يصدق مع يمينه ممن لا يصدق النظر الثاني : فيما يترتب على الاختلاف من تحالف وغيره قال سند : معنى قوله في الكتاب : يصدق البائع بعد أن يتحالفا أي يبدأ باليمين لأن جانبه أقوى لأن المبيع يعود إليه فهو كصاحب اليد وعن ابن القاسم : يبدأ المبتاع لان الثمن من جهته وهو في جانب الثمن أقوى ولاعتراف البائع بالعقد الناقل للملك وقيل : يتقارعان لأنهما سواء وكلاهما يحامي عما تقرر ملكه عليه من الثمن والمثمن فالبائع يقول : لا أخرج السلعة إلا بكذا والمشتري يقول : لا أخرج الثمن قال : ولو قيل : يقدم المبتاع في القرب في اختلافهما في جنس الثمن لأنه غارم لكان حسناً وقاله ( ح ) ومنع قيامها قول البائع لأن المبتاع يدعي عليه استحقاق سلعة بما لم يرضه والأصل بقاء ملكه وفي الجواهر في تقدم البائع هل هو أولى أو واجب ؟ خلاف ينبني عليه إذا تناكلا فعلى الأول يثبت الفسخ كما إذا تحالفا قاله ابن القاسم وعلى الثاني : يمضي العقد بما قاله البائع قاله ابن حبيب وإذا فرعنا على قول ابن القاسم : فهل لأحدهما الإمضاء وإن كره صاحبه ؟ قولان وعلى قول ابن حبيب : هل على المانع يمين ؟ قولان وبالأول قال القاضي أبو الوليد وعلى الثاني أكثر الأشياخ قال سند : إذا نكلا يتخرج فيه قول بالرد إلى الوسط كما قيل : إذا أتيا بالأشبه وهاهنا لم يأتيا بحجة
فرع قال : إذا حلف أحدهما يميناً واحدة على النفي والإثبات فيحلف البائع : ما باع إلا كذا والمبتاع ما ابتاع إلا كذا فتثبت دعواه وتبطل دعوى خصمه بصيغة الحصر لأن المتنازع فيه واحد فيكتفي بيمين واحدة كيمين الزوج في اللعان ينفي عنه ويثبت الحد على المرأة وقاله الشافعية وقالوا أيضاً يمينين يبدأ بالنفي ثم بالأثبات لأن يمين الإثبات لا تكون إلا بعد النكول ويبدأ عندنا بالنفي كما تقدم وقاله معظم الشافعية وقيل بالإثبات لأنه مقدم على النفي في آية اللعان فيقول في الخامسة : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين وجوابه : أن الأصل الأيمان النفي فيقدم وإن كان من الكاذبين إثباتاً للصدق وفي الجواهر : هذا كالحلف باليمين على بطلان دعوى خصمه وهل يقتصر على حده لأن موضوع اليمين الدفع أو يضم إلأى ذلك تحقيق دعواه لأن أحد الأصلين يتضمن الآخر لأنه على تقدير نكول خصمه يحتاج إلى يمين أخرى فله الجمع في يمين واحدة يخيره اللخمي في ذلك
فرع قال : وظاهر الكتاب عدم الفسخ بمجرد التحالف لقوله : إلا أن يرضي المبتاع قبل بت الحكم وقاله ( ش ) و ( ح ) لأن العقد وقع صحيحاً فلا يفسخ إلا بحكم الحاكم وقال سحنون : ينفسخ بالتحالف لأنه تحقق الجهالة في الثمن والصحة لا تثبت معها وجوابه : ما وقع الثمن إلا صحيحاً لكن خفي ذلك على الحاكم وإنما يبطل العقد بالجهالة في نفس العقد في نفس الأمر وقيل : إن ترافعا للحاكم تعين الحكم وإلا كفى التحالف فإن تراضيا على الفسخ من غير حكم صحة فإنهما تقايلا وكذلك إن تراضيا بقول أحدهما بعد التحالف وكأنه بيع ثان على قول سحنون فإن رضي أحدهما بعد التحالف بما قال الآخر : ففي الكتاب إلا أن يشاء المبتاع بقول البائع وقال ابن عبد الحكم : للبائع إلزامهما بما قال المشتري وله الفسخ فجعل الباجي هذا وغيره اختلافاً في أيهما له الإمضاء بقول الآخر وجعله اللخمي وغيره اتفاقاً لأن البيع قائم بينهما فمن شاء أمضاه قبل الفسخ وقاله الشافعية فإن يمينهما ما كالبينتين ولو أقاما بينتين فلكليهما الإمضاء ووجه ظاهر الكتاب قوله - - في الحديث والخيار للمبتاع بعد قول البائع
فرع قال سند : إذا فسخ الحاكم العقد بينها انفسخ الإعلان باطناً كما لو تقايلا وظاهراً فقط في حق المظلوم وله إقامة البينة بعد ذلك لأن الأصل صحة العقد ولم يرض بانتهاكه وفي الجواهر : هل ينفذ الفسخ ظاهراً أو باطناً أو ظاهراً لا باطناً خلاف وفائدته : هل البيع والوطء على الأول دون الثاني ؟ ولم يحك تفصيلاً بين الظالم والمظلوم ثم قال : وليس له أخذها عوضاً مما له عليه من الثمن إذ لا بد من المنع ذلك
فرع قال سند : إذا فسح الحاكم ثم اعترف أحدهما بصدق الآخر ليس له مطالبته لأنه طلب الفسخ ورضي به وإذا لم يفترقا والبائع ظالم حرم عليه التصرف في المبيع ويرده إلى المبتاع بالثمن الحق وإن كان المبتاع ظالماً فقد ظفر البائع بغير جنس حقه فله بيعه باستيفاء حقه من الثمن فإن نقص شيء كان في ذمة المبتاع أو زاد رده وقال ( ش ) : للبائع حبسه لأن المبتاع رضي بتركه له بالثمن الذي عليه وأما القضاء بنكول أحدهما في اختلافهما في كثرة الثمن لأن من قضي له يقول : أخذت حقي وإن كان اختلافهما في المبيع وقضي على البائع حل له الثمن لان المبتاع بذله فيما أخذه برضاه أو على المبتاع حل له المبيع عند أشهب لان البائع رضي بتركه له وقيل : ببيعه ويشتري بثمنه ما ادعاه لأنه يعتقد أنه غير المبيع فإن زاد عنه وقفت الزيادة قال : وينبغي على هذا أن تعرض الزيادة على البائع قال التونسي : لو قال المبتاع : شعيراً وقال البائع : عدساً لم يجز له أخذ العدس لأنه بيع للطعام قبل قبضه لكن يباع فيشتري بثمنه شعيراً فإن فضل شيء وقف إن ادعاه البائع أخذه وإلا تصدق به عمن هو له
فرع قال اللخمي : إذا حبس المبيع بالثمن : فعلى القول بأن المصيبة من البائع يشرع التحالف وإن تغير سوقه فإن حدث عيب رده من غير يمين إلا أن يرضى المشتري بالعيب فيقع التحالف كما تقدم وعلى القول أن المصيبة من المشتري يرد ما تقدم من الثمن على ما أقر به
فرع في الكتاب : روثة المتبايعين بعد موتهما مكانهما إن ادعوا معرفة الثمن فإن تجاهلوا الثمن وتصادقوا البيع حلف ورثة المبتاع : لا يعلمون الثمن ثم ورثة البائع : لا يعلمونه وترد السلعة فإن فاتت بحوالة سوق أو تغير بدن لزمت ورثة المبتاع قيمتها في ماله وإن ادعى ورثة أحدهما علم الثمن وجهله الآخرون : صدق المدعي فيا يشبه قال ابن يونس : جهل الثمن منها كالفوت وكذلك إذا جهل المتبايعان الثمن قاعدة : الحقوق قسمان : ما لا ينتقل بالموت كالنكاح والتمليك والتخيير والوكالة وما ينتقل كالشفعة والرد بالعيب والرهن وضابط البابين : أن المنتقل الأموال وحقوقها ( لأنهم يؤدون الأموال ويرثون ما يتبعها والخاصة بيديه وأرى أنه لا تنتقل ) لأنهم لا يرثون بدنه ولا عقله فائدة : القاعدة ورثوا الخالف في البيع لأنه من حقوق المال وفي الصحاح :

كتاب الصلح
هو اسم لا مصدر يذكّر ويؤنث والمصدر : الصلاح ضد الفساد والمصالحة أيضاً وقد اصطلحا وتصالحا وأصَّالحا مشدد الصاد وصلح الشيء يصلح صلوحاً مثل دخل دُخولاً وصلح أيضاً بضم اللام وصلاح بمثل فطام : اسم مكة والصلاح والإصلاح ضد الفسد والإفساد وأصله في الشرع : قوله تعالى ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) وفي البخاري : ( أن كعب بن مالك كان له على عبد الله بن أبي حدرد دين فلزمه فيه حتى ارتفعت أصواتهما فأمر النبي - - أن يضع الشطر ففعل ) ( وأتت امرأة ثابت ابن شماس النبي تسأله في فراق زوجها على أن ترد ما أخذت فأصلح - - بينهما على ذلك وأخذ الصداق وأوقع الطلاق ) فالآية والأحاديث تجوز الصلح في الدماء والفروج والأموال ولأن أحد المتنازعين على منكر وإزالة المنكر واجبة إجماعاً تمهيد : قال اللخمي : إن تعيين الحق على أحدهما كان الحكم عليه لتعيّن الحق وهو المقصود وإن أشلك حملهما على الصلح إن قدر على ذلك وإلا وعظهما لقول عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري : ( واجتهد في الصلح ما لم يتبين لك وجه القضاء ) وهو ينقسم إلى الصلح في الدماء والصلح في الأموال ونحوهما القسم الأول : في الصلح على الدماء
فرع في الكتاب : إذا ادعيت الصلح على دم عمد أو جراح قصاص على ما قال فأنكر الصلح امتنع القصاص لإقرارك وصدق مع يمينه لأن الأصل : عدم الصلح قال سحنون : ما أعرف اليمني فيه قال ابن يونس : لو ادعى القاتل أو الجارح على الولي العفو على مال أم لا ألزمه ابن القاسم اليمين ولم يلزمه أشهب كدعوى المرأة الطلاق والفرق : أن المرأة لو مكنت من ذلك لتكررت دعواها على زوجا فيتضرر بخلاف الدم لا يتكرر
فرع في الكتاب : إذا صالح قاتل الخطأ بمال منجم فدفع نجماً ثم قال : ظننت أن الدية تلزمني فذلك له وتوضع ويرد ما أخذ منه إن كان يجهل ذلك ك لأن العاقلة هي الأصل في حمل الدية قال ابن يونس قال جماعة : عليه اليمين وإن كان المدفوع قائما أخذه , إن فات وهو الطلب للصلح فلا شيء له كمن عوض من صدقة وقال : ظننت ذلك يلزمني وإن كان مطلوباً بالصلح رجع بالقيمة أو المثل في المثلي
فرع في الكتاب : لو أقر بقتل الخطأ بلا بينة فصالح على مال قبل لزوم الدية للعاقلة بالقسامة وظن لزوم ذلك جاز لأن دفع مثل هذا ليس عوضاً للعقلاء مع أن مالكاً اختلف قوله في الإقرار بقتل الخطأ هل الدية في ماله أو على العاقلة بالقسامة ؟ وهي رواية ابن القاسم وأشهب قال صاحب التنبيهات : وهل له الرجوع ؟ قال ابن محرز : يلزمه ما دفع دون ما لم يدفع والفرق بين المصالح على دم الخطأ بالبينة يرجع كما تقدم وبين هذا : الاتفاق هناك على أن الدية على العاقلة والخلاف هاهنا كما فرق في البيع والنكاح بين المتفق عليه والمختلف فيه ولو كان عالماً في المسألتين ففيها يمضى الصلحان قبل ذلك أم لا لأنه قصد الحمل من عاقلته وينظر فيما دفع من ذلك إن كان لا يجوز له بيع ما على العاقلة أم لا قال ابن يونس : في كتاب الديات : إذا أقر بالقتل خطأ لمن يتهم في إغناء ولده كالأخ والصديق لم يصدق
فرع في الكتاب : الصلح في قتل العمد والجراحة مع المجروح أو أوليائه بعد موته لازم كان أكثر من الدية أو أقل لان دم العمد لا دية فيه وفي النوادر : قال ابن القاسم : إذا قتل رجل رجلين عمداً وثبت ذلك فصالح أولياء أحدهما على الدية فللآخرين القود فإن استقاد وإلا رجع المال إلى ورثته
فرع قال في الكتاب : تجوز مصالحة المريض على جراحة العمد على أقل من الدية وأرش الجراحة ويلزم بعد موته إذ للمقتول عمداً العفو في مرضه قال صاحب التنبيهات عن ابن القاسم : لا يصالح على الجراح والموت إن كان لكن يصالح بشيء معلوم لا يدفع فإن عاش أخذه وإلا فالقسامة والدية في الخطأ والقتل العمد لان المصالحة على الموت خطأ وعنه : يمتنع الصلح إلا بعد البرء خشية السريان إلى النفس والقولان في الجراح وفي الكتاب : إذا صالح من دم عمد أو جراح عمد يخاف منها الموت على مال وثبت الصلح ثم أسقطه : امتنع إذا أحاط الدين بماله وإن لم يكن عليه دين فمن ثلثه
فرع في الكتاب : إذا صالح قاتل العمد أحد الوليين على عوض أو عرض فللآخر مشاركته لاشتراكهما في المصالح عليه وقال غيره : إن صالح من حصته على أكثر من الدية أو على عوض قل أو كثر وليس للآخر على القاتل إلا بحساب الدية ولا يدخل على الآخر لأن دم العمد ليس بمال بل كعبد باع أحدهما نصيبه بما شاء قال ابن يونس : الفرض هاهنا العين والفرق عند ابن القاسم بين العبد وهذا : ان العبد لم تتعين فيه حصة الشريك وهاهنا تعين بسبب الانتقال من القتل إلى المال بالمصالحة
فرع في الكتاب : إذا عفا أحد الابنين على الدية فالتزمها على جميع الدم ولهما أخت : قال أشهب : لها خمس المأخوذ لأنه حصتها في الإرث ولو صالح على حصته فقط فللأخ الذي لم يصالح وللأخت على القاتل ثلاثة أخماس الدية يضم إلى المصالح به ويقسم الجميع كما تقدم إن كان صالح على حصته بخمسي الدية وإلا فليس له غيره ويختص الآخران بثلاثة أخماس الدية لأنه التزم الخمس فيختص به ولو صالح على الدم كله بأعقل من الدية فله الخمسان من ذلك ويسق ما بقي عن القاتل وللآخرين ثلاثة أخماس الدية في مال القاتل لأن نجمه لا يصل إليهما والمأخوذ في صلح دم العمد للزوجة وجملة الورثة على فرائض الله تعالى لأنه مال من مال جهة موروثهم قال ابن يونس : وإذا قلنا برجوع الأخ والأخت على القاتل فوجد عديماً : قيل : يشارك المصالح في المأخوذ حتى يؤخذ من القاتل فيرد عله ويقضي دين الميت من ديته لأنه بدل عن نفسه كماله فإن كان دينه مائة ولم يترك مالاً وترك آخرين فعفا أحدهما بغير شيء جاز من نصيبه ويرجع الآخر على القاتل بأربع مائة والقاتل بمائة لأن المعفو عنه سقط فلوترك مائة أخذ الدين منها ومن الخمسمائة بالحصص عدلاً بين صاحب الدين وبين الورثة وكذلك لو ترك مدبراً قيمة مائة : عتق من جملة الستمائة بالحصص وورثا بقية المال وأخذ الذي لم يعف بقية الحصص بمائة هذا على مذهب عبد الملك الذي يرى بدخوله فيما علم وما لم يعلم فإن عجز عن ذلك تمَّ من ماله ما لم يعلم به فيعتق ثلث المدبر في المائة المعلومة وتورث البقية ويعتق ثلثاه في الخمسمائة ويأخذ غير العافي بقيتها قال وفيه نظر بل ينبغي أن يعتق بالمائة المعلومة ثلثاه لأنه كأنه ترك المدبر قيمتة مائة ومائة فيعتق ثلثا المدبر وهو ما يحمله الثلث ويعتق الباقي من الخمس مائة ويورث ثلث المائة المتروكة عيناً قاعدة : هذه الفروع يحتاج فيها إلى قاعدة التقدير وهو إعطاء الموجود حكم المعدوم والمعدوم حكم الموجود فمن الأول : النجاسات المستثنيات والغرر والجهالات المغتفرات في البياعات يقدر وجودها كعدمها ومن الثاني : إذا اعتق عبده عن الغير في كفارته فإن التكفير والولاء يحصلان للمعتق عنه وذلك فرع ملكه للعبد يقدر ملكه للعبد قبل العتق بالزمن الفرد وكذلك الديات وأموال الدماء في المصالحات يقدر غرمها قبل زهوق الروح تثبت على ملكه حتى تورث عنه وإلا فما لا يملكه الموروث كيف يورث عنه ؟
فرع في الكتاب : إذا قطع جماعة يد رجل عمداً أو جرحوه عمداً فله صلح أحدهم وكذلك الأولياء في النفس لان كل واحد يجب عليه قصاص يخصه
فرع في الكتاب : إذا صالح على قطع يده عمداً ثم برئ ومات : فلأوليائه القسامة والقتل ورد المصالح به وكذلك لو كانت موضحة خطأ فلهم القسامة والدية من العاقلة ويردع الجاني في ماله لو نكل الأولياء في الأولى فقال الجاني : قد عادت الجناية نفساً فاقتلوني وردوا المال امتنع لأن النفوس لا تباح إلا بسبب شرعي ولا يكفي فيها رضاه ولو لم يكن صالح فقال لهم ذلك وأراد الأولياء قطع اليد ولا يقسمون : فذلك لهم لثبوتها بغير قسامة ولهم القسامة والقتل قاعدة : الحقوق ثلاثة أقسام : حق لله فقط وهو ما لا يتمكن العبد من إسقاطه وحق للعبد وهو ما يتمكن من إسقاطه وحق مختلف فيه هل هو حق لله أو للعبد ؟ كحد القذف وعليه ينبني قبول العفو فيه وحقوق الله تعالى أوامره ونواهيه وحقوق العبد مصالحه وما من حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى وهو أمر الله تعالى بإيصال ذلك الحق إلى مستحقه ثم حقوق العباد قد يحجر الله تعالى على العبد فيها لنفساستها فتصير حقاً لله كبيع الربا فإن الزيادة من مال المرابى وهو محجور عليه فيها وكذلك السرف وإفساد النفوس والأعضاء من هذا القبيل
فرع في الكتاب : يمتنع الصلح في جناية العمد على ثمرة لم يبد صلاحها لأنه غرر فلا يُجعل عوضاً للدماء مع شرفها فإن وقع ارتفع القصاص وقضي بالدية كالنكاح إذا فات بالبناء يقضى بصداق المثل وقال غيره : يمضى إذا وقع لقوة شبهه بالخلع لأن كليهما فداء وتخليص من الضرر
فرع تجوز المصالحة على دم العبد والخلع على عبد فإن وجد عيباً يرد به في البيع رده ورجع بقيمة العبد إذ ليس للدماء والابضاع قيمة يرجع بها
فرع في الكتاب : لغرماء جاني العبد رد مصالحته إذا أحاط الدين بماله لاستحقاقهم إياه بالدين سؤال : ضرورات الجسد مقدمة على الغرماء في القوت والكسوة وهاهنا قدمت الغرماء على بقاء الجسد جوابه : أنه هاهنا ظالم بالجناية فلا يضر الغرماء بظلمه وثم معذور فقدم البدن على مال الغير كالضرر بالمجاعة
فرع في الكتاب : تمتنع المصالحة على أرطال لحم من شاة حية لأنها مجهولة قبل السلخ قال أشهب : أكرهه فإن ( حبسها وعرفها ) وشرع في الذبح جاز
فرع في الكتاب : تجوز المصالحة بشقص دار على موضحتين عمداً وخطأ وفيه الشفعة بدية الخطأ وبنصف قيمة الشقص ( لأن العمد لا مالية فيه ) وقال المخزومي : إن كان دية الخطأ - وهي خمسون ديناراً - ثلث مجموع الخمسين وقيمة الشقص فليشفع بالخمسين وبثلث قيمة الشقص وهكذا الجواب فيما فقل من الأجزاء قال صاحب التنبيهات : قيل في تأويل ابن القاسم في قسمة الشقص عليهما : أن نصف الشقص للخطأ ونصفه للعمد كيف كان الجرح أو الجناية اتفقا أو اختلفا وقاله ابن عبد الحكم وقيل : بل يعتبر المجروحون وإنما يكون نصفين إذا استويا كالموضحتين أو قطع يدين ويقسم في اليد والنفس مثلاً على قدر دياتهما وعليه أكثر القرويين قال عبد الحق : قيل على قول ابن القاسم في موضحتي العمد والخطأ : لا تكون موضحة العمد نصف الشقص بل يأخذ بخمسي وبثلثي قيمة الشقص وقيل : ان المجهول كله يجعل له نصف الشقص كان موضحة عمداً أو أكثر قال ابن : بل يعتبر المجروحون وإنما يكون نصفين إذا استويا كالموضحتين او قطع يدين ويقسم في اليد والنفس مثلاً على قدر دياتهما وعليه أكثر القرويين قال عبد الحق : قيل على قول ابن القاسم في موضحتي العمد والخطأ : لا تكون موضحة العمد نصف الشقص بل يأخذ بخمسين وبثلثي قيمة الشقص وقيل : إن المجهول كله يجعل له نصف الشقص كان موضحة عمداً أو أكثر قال ابن يونس عن ابن نافع : يأخذ بقيمة الشقص إلا أن يكون أقل من خمسين دية الخطأ فلا ينقص لأنها محققة للمشتري فإن كانت قيمته أزيد فالزائد للعمد المجهول ومستند المخزومي : أن الصلح لو وقع على موضحة العمد فقط كان الاخذ بقيمة الشقص فصارت قيمة الشقص كأنها دية موضحة عمد ولو دفعه في موضحة خطأ كانت الشفعة بخمسين : فلما دفعه عنهما اعتبر المجموع كمن أوصى بمعلوم ومجهول يتخاصان في الثلث المعلوم بقدره وللمجهول بالثلث قال يحيى ابن عمر : على أصل ابن القاسم لو صالحه بعشرة دنانير والشقص عنها بالعشرة من الخطأ يبقى منها أربعون فيأخذه بأربعين وبخمسة أرباع قيمة الشقص وإن صالح منها على شقص وعرض قُسمت عليهما قال أبو محمد : لو قيل : يجري قول ابن القاسم أن يقسم الجميع عليهما فيكون لكل موضحة نصف الشقص وخمسة دنانير فيأخذ نصفه بخمسة وأربعين بقيمة دية الخطأ ونصف الآخر بنصف قيمة الشقص عن العمد لأنه أخذ من العمد خمسة ونصف الشقص وقيمته مجهولة فيأخذ هذا النصف الآخر بنصف قيمة الشقص كان صواباً وعلى قول يحيى : لو دفع مع الشقص خمسين كان قد استوفى موضحة الخطأ وتعين الشقص للعمد فيأخذه بقيمته أو أكثر من خمسين أخذه بقيمته أيضاً لأن الزائد للعمد فإن صالح عليهما بشقص وعبد قيمتهما سواء فالعبد موزع عليها بنصف دية الخطأ وبنصف قيمة الشقص لأنه دفع الشقص على ثلاثة أرباع دية الخطأ وثلاثة أرباع دية العمد ولو كان المجروح دافع العبد وهما خطأ أخذ الشقص بديتهما وقيمة العبد أو عمداً اجتهد في ذلك فإن كان العبد ثلث ذلك أخذ بقيمة العبد وثلثي قيمة الشقص وعلى هذا أن كان أقل أو أكثر وعلى قول المخزومي : تحلم قيمة العبد على قيمة الشقص فإن كانت قيمة العبد من الجميع الثلث أخذ بقيمة العبد وبثلثي قيمة الشقص ثم يعمل على هذا وعلى ابن نافع : يأخذ بقيمة الشقص ما لم تنقص عن قيمة العبد وإن كانت إحدهما عمداً والأخرى خطأ : فعلى قول المخزومي : عمل دية الخطأ وقيمة الشقص ويعمل على ما تقدم وعلى قول ابن نافع : يأخذ بقيمة الشقص ما لم ينقص عن خُمسي دية الخطأ وعن قيمة العبد القسم الثاني : الصلح على الأموال ونحوها تمهيد : الصلح فيها دائر بين خمسة أمور : البيع إن كانت المعوضة فيه عن أعيان والصرف إن كان أحد النقدين عن الآخر والإجارة إن كانت عن منافع ودفع الخصومة إن لم يتعين شيء من ذلك والإحسان وهو ما يعطيه المصالح من غير الجاني فمتى تعين أحد هذه الأبواب وروعيت فيه شروطه لقوله - - : ( الصلح جائزٌ بين المسلمين إلا صُلحاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً )
فرع في الكتاب : تجوز المصالحة على عدم رد العبد القائم المعيب ورد بعض الثمن لأن العبد يبقى بباقيه ويجوز تأخير بقية الثمن بغير شرط وإلا امتنع لأنه بيع وسلف فإن صالحك على دفع دراهم إلى أجل والثمن دنانير امتنع لأنه عبد نقد ودراهم مؤجلة بدنانير معجلة فهو صرف مستأخر ويجوز على دراهم نقداً ان كانت أقل صرف دينار لأنه صرف وبيع يجوز في مثل هذا فقط وجوزه أشهب في أكثر فإن فات العبد جاز بالنقدين والعروض نقداً بعد معرفتكما بقيمة العيب لتقرر البيع في الهالك وعلى دنانير مؤجلة مثل حصة العيب من الثمن أو أقل وإلا امتنع لأنه تأخير بزيادة وعلى دراهم أو عرض مؤجلة والثمن دنانير يمتنع لأنه فسخ حصة العيب في ذلك قال صاحب التنبيهات : وعن مالك : الجواز بالعروض والنقد وإن جهلا قيمة العيب لأن المصالحة على المجهول جائزة ويجوز - إذا علما - بدنانير من غير سكة الثمن لأنه مبادلة وتجويز أشهب في أكثر من صرف دينار هو على تجويزه الصرف والبيع وهذا الصلح لدفع الخصومة لا معاوضة محققة وقيل هذا الخلاف ما لم يقل رددت وإلا امتنع على قولهما لتحقق المعاوضة قال صاحب النكت تجويزه في أول المسألة الصلح على رد البعض محمول على أن المردود من سكة الثمن وإلا امتنع لأنه عرض وذهب بذهب قال وينبغي إذا منعنا التأجيل بشرط فأسقط الأقل قبل اقترافهما جاز ويمتنع بعد هذا الافتراق لأن المؤجل كسلف غيب عليه والسلف إذا غيب لم يُفد إسقاطه لأن الربا قد تمَّ قال ابن يونس : ويجوز على العرض نقداً نقدت الدنانير أم لا وإلى أجل وإن لم ينقده ولا يؤخره إلا مثل ما يؤخر ثمن السلَم وإن نقدت الدنانير امتنع لأن وجود العيب يوجب الرد ويصير الثمن ديناً فهو دين بدين قال أصبغ : إن لم يقبض الثمن حتى فات العيب : جاز إسقاط أي شيء اتفقا عليه من الثمن عُلم العيب أم لا قال : والصواب : المنع إذا جهلت القيمة لأنه بيع فيه غرر فإن علمت جاز لأن الأقل مسامحة والأكثر منه والمساوي حق ويجوز دفع دراهم على أن يرد له الدنانيربعد معرفة قيمة البيع قلت الدراهم أو كثرت لأنه صرف ما في الذمة وإن جهلت القيمة امتنع للغرر قال اللخمي : إذا هلكت وجهلت قيمة العيب جاز على ما يرى أنه أقل بكثير أو أكثر بكثير للخروج عن حيز المكايسة وعلى غير المسكة يمتنع لذريعة الفساد إلا أن يكون أقل أو أدنى سكة أو أجود مثل الوزن إذا كثر بخلاف الأدنى سكة والأكثر وزناً أو أجود أو أدنى وزناً لظهور سبب المكايسة وعلى دنانير والثمن دنانير قبل معرفة العيب واستواء السكة والوزن أو المؤخر أدنى سكة أو وزناً لأنه معروف بتأخير الأدنى أو أجود امتنع استوى الوزن أم لا لأن التأخير للجودة
فرع قال ابن يونس : يمتنع في الصلح ما يمتنع في البيع كمصالحة منكر المال على سكنى أو خدمة لأنه فسخ دين في دين أو قمح من شعير مؤجل لأنه نسأ في الطعام فإن فات فالقيمة أو المثل كالبيع وينفذ إن وقع بالمكروه ولو أدرك بحدثانه قاله مطرف قال عبد الملك : يفسخ بالحدثان وينفذ مع الطول ونفذ أصبغ الحرام ولو بالحدثان لأنه كالهبة وكذلك لو صاغ بشقص لا شفعة فيه كالهبة وهذا في ظاهر الحكم وبينه وبين الله تعالى يحرم ما يحرم في البيع وقال غير أصبغ : في الشقص الشفعة
فرع قال صاحب التنبيهات : الصلح معاوضة على دعوى ويجوز على الإقرار والإنكار والسكوت وقيل : يمتنع في الإنكار فأما الإقرار وحده أو الإقرار والإنكار كمن اعترف ببعض الحق وكالبيع في جميع أحواله وأما الإنكار المحض فأصل ملك : اعتبار ثلاثة أشياء : ما يجوز على دعوى المدعي ومع إنكار المنكر وعلى ظاهر الحكم فيما اصطلحا وأصل ابن القاسم : اعتبار الصلح في حق كل واحد منهما على انفراده ولا عبرة بما يوجبه الحكم والسكوت كالإقرار عندهما فإن توقع الفساد في حق أحدهما كمن يدعي عشرة دراهم فينكره فيصالحه بمائة إلى أجل : ففي حق الطالب يمتنع والمطلوب يقول : افتديت بالمائة من اليمين فيفسخه مالك وأصحابه لتضمنه الفساد من حيث الجملة ويمضيه أصبغ لأن الحرام في العقود لا بد من الشركة فيه
فرع في الكتاب : طوق ذهب بألف درهم محمدية نقداً يصالح على عيبه بدنانير نقداً أو مائة درهم محمدية من سكة الثمن نقداً يجوز كان البيع وقع بما دون المدفوع ويمتنع إلى أجل لأنه بيع وسلف من المشتري للبائع ويمتنع على يزيدية أو تبر وفضة لأنه بيع ذهب وفضة بفضة قال صاحب التنبيهات : عارض بعضهم الطوق بمسألة الخلخالين في كتاب الصرف لاشتراطه هناك حضور الخلخالين ولم يشترط ذلك في الطوق وفرق بأن الدنانير لا تتعين فكأنه باعه منه بما يترتب له في ذمته حين عقد الصرف من دينار سالم والطوق الحضور صرف مستأخر كصرف المودوع من المودع والطوق في ضمان مشتريه فتقدير صرفهما الآن كصرف المغصوب أو الدين قال ابن يونس : : جوز أشهب المصالحة على غير سكة الثمن لأن المقصود منع الرد بالعيب لا أصل العقد وقال سحنون : هي مسألة سوء لا يجوز الصلح فيها بشيء كدينار صرفه فوجده معيباً فإما يرضاه أو يرده لأن الطوق عين مستجدة كالدنيار
فرع في الكتاب : التركة دنانير ودراهم حاضرة وعروض حاضرة وغائبة فصالح أحد الورثة الآخر على دراهم من التركة جاز إن كانت قدر إرثهما من الدراهم بأقل وإلا امتنع لأنه بيع عروض حاضرة وغائبة ودنانير بدراهم نقداً فإن صالح على دنانير ودراهم من غير التركة امتنع قلَّت أم كثرت لأنه صرف وبيع أو على عروض من غير التركة نقداً جاز بعد معرفتهما بتفاصيل التركة لأنه بيع فإن كانت التركة كلها حاضرة دراهم ودنانير أو عروض ليس فيها دين ولا غائب جاز على دنانير من التركة إذا كانت الدراهم قليلة لا يلاحظ فيها الصرف فيجتمع الصرف والبيع وإن ترك دراهم وعروضاً جاز على دنانير من مائة إن كانت الدراهم أقل من صرف دينار وليس في التركة دين التركة لأنه ذهب وسلعة بذهب متى كان فيها دين من أحد النقدين امتنع بأحدهما من غير التركة نقداً لأنه نسيئة في أحدهما وإن كان الدين حيواناً أو عروضاً من بيع أو قرض أو طعام من قرض لا من سلَم جاز من ذلك على أحد النقدين يعجلها من عنده إذا كان الغرماء حضراً مقرين ووصف ذلك كله وإن ترك دنانير حاضرة وعروضاً وديناً من أحد النقدين أو طعام من سلم جاز على دنانير من التركة نقداً إن كان قدر ميراث الأخذ من الدنانير فأقل وإلا امتنع لأنه أخذ غير ما استحق والأكثر يدخله البيع والصرف ويمتنع من غير التركة مطلقاً لأنه صرف وبيع قال صاحب التنبيهات : قوله : إذا كانت دنانير ودراهم وعروضاً بغير دين جاز على دنانير في من الميراث إذا كانت الدراهم قليلة معناه : أن الذهب المأخوذ أكثر من ميراث الأخذ من الذهب نحو كون الذهب ثمانين فصالح الولد الزوجة على عشرين فهاهنا يشترط قلة الدراهم فلو أعطى عشرة لم يُبال قلّت الدراهم أم لا كان في التركة دين أم لا لأنها أخذت ما تستحقه من الذهب ووهبت غيره وسواء كانت العشرون جملة ذهب التركة أم لا هذا تأويل ابن أبي زيد وغيره وفي كتاب محمد : إنما ذلك إذا لم يبق من التركة سوى الذي صولحت عليه قال ابن يونس : إذا صالحها بعرض لابد أن يكون مخالفاً لعرض الدين وأجاز أشهب بدنانير قدر حصتها من عين التركة لأنه يأخذ عوضها من التركة وهو ضعيف لأنه فسخ دين النصيب من الدراهم والدنانير والعروض بدنانير قال محمد : لو ترك دراهم وعروضاً جاز على دنانير من غير التركة إن كانت حصة الأخذ من الدراهم أقل من صرف دينار إن لم يكن في التركة دين قال اللخمي : يجوز على عروض التركة دراهم وعروض إذا لم يكن شيء غائباً لأنه بيع لحصة الأخذ بالقض وكذلك قريب الغيبة حيث يجوز النقد في الغائب وإن كان بعيد الغيبة وقدم ما ينوب الحاضر خاصة ووقف حصة الغائب جاز فإن كان الغائب أقل الصفقة : قيل : يجوز ويقبض جميع العروض وإن هلك الغائب قبض ما ينوبه من العرض وقيل : يمتنع لأن الغائب يضمن بالقيمة فإن كان الغائب جل الصفقة امتنع نقد العرض وما ينوب الحاضر منه لأن الشركة عيب واستحقاق الجل عيب فإن ترك ديوناً حالة أو مؤجلة فصولح بغيرها بمثل ما ينوب الآخذ من الديون سافاً على أنهم إن لم يأخذوا من الغرماء شيئاً رجعوا على الآخذ جاز وإن كان ليحيلهم على الغرماء امتنع على قول ابن القاسم في الحوالة : إنها بيع وأجازه أشهب وجعل الحوالة معروفاً
فرع في الكتاب : تمتنع مصالحة الشريك شريكه بدنانير على ( دنانير ) ودراهم وفلوس وعروض بينهما لأنه صرف ما في الذمة وبيع قال صاحب التنبيهات : قيل : معناه : أن الدراهم أكثر من صرف الدنانير ولو كانت أقل جاز قال محمد : ليس فيها دنانير سوى لا ذلك وتأولها أبو محمد على أنه أخذ من الدنانير أكثر من ( حظه وفيها من الدراهم أكثر من ) صرف دينار كمسألة الورثة وقيل : معناه : أن الدنانير من مال المعطى دون الشركة سواء حينئذ كانت الدراهم قليلة أو كثيرة
فرع قال ابن يونس : إذا صالح أحد الورثة ثم قدم وارث آخر فالصلح ماض ويأخذ حقه منهم أجمع فإن كان السدس أخذ سدس ما بيد كل واحد قاله ابن القاسم : قال اللخمي : يريد ابن القاسم : يمضي الصلح إذا أجازه القادم وإلا نقض وأخذت الزوجة ثمنها إن كانت المصالحة وأخذ القادم ربع الباقي وعلى قول أشهب : يأخذ القادم ربع ما بيد الزوجة إلا ثُمن ربع وهو ما ينوبها مما يأخذه منها ويأخذ من إخوته ربع ما في أيديهم بعد ثمن الزوجة منه وترجع على الذين صالحوها بتمام ثُمنها إن كانوا معترفين بأنها زوجة إلا أن أجاز القادم الصلح رجع على إخوته بربع جميع ما في أيديهم إن كان رابعاً ولا شيء عليها فإن أنكر مثلهم : فإن ثبت عدم زوجيتها أخذ ربعا كاملاً من يدها ( وأيديهم وهذا إذا قالوا : طلقك أو نكاحك فاسد فإن قال : لم تكوني امرأتي : انتزع ما في يدها ) من نصيبه إلا أن تثبت الزوجية أو يكون سماعاً فاشياً
فرع قال ابن يونس : قال ابن القاسم : من ترك جارية حاملاً وامرأة تمتنع مصالحة المرأة لأنها لا تدري ألها الربع أو الثمن إذا وضعت الجارية ؟
فرع في الكتاب : يجوز الصلح على الإنكار وقاله ( ح ) ومنعه ( ش ) لأنه أكل المال بالباطل لأنه ليس عن مال لعدم ثبوته ولا عن اليمين وإلا لجازت إقامة البينة وبعد ولجاز أخذ العقار بالشفعة لأنه انتقل بغير مال ولا عن الخصومة وإلا جاز في النكاح والقذف لأنه عاوض عن ملكه فيمتنع كشراء ماله من وكيله ولأنها معاوضة فلا تصح مع الجهل كالبيع والجواب عن الأول : أنه أخذ المال بحق ولا يلزم من عدم ثبوته عدمه نعم من علم أنه على باطل حرم عليه وأما إقامة البينة بعده قال أبو الوليد : يتخرج على الخلاف فيمن حلف خصمه وله بينة فله إقامتها عند ابن القاسم من العذر وعند أشهب مطلقاً وأما القذف : فلا مدخل للمال فيه ولا يجوز فيه الصلح مع الإقرار فكذلك الإنكار ويلتزم الجواز في النكاح نقله أبو الوليد : عن أصحابنا إذا أنكرت المرأة الزوجية لأن من الناس من يوجب عليها اليمين فتفتدي يمينها وتلتزم الشفعة وعن الثاني : أن الفرق بأنه مع وكيله متمكن من ماله بخلاف صورة النزاع يقع الصلح لدرء مفسدة الخصومة وعن الثالث : أن الضرورة تدعو للجهل هاهنا قال أبو الوليد : لو ادعي عليه من جهة موروث الصلح فيه مع الجهل والعجب أن الشافعي رضي الله عنه وافقنا أن للمدعي أن يدخل دار المدعي عليه بالليل ويأخذ قدر حقه فكيف يُمنع مع الموافقة من الخصم على الأخذ ثم يتأكد قولنا بقوله تعالى : ( وأصلحوا ذات بينكم ) وغيره من الكتاب والسنة لأنا اجمعنا على بذل المال بغير حق في فداء الاسارى والمخالعة والظلمة والمحاربين والشعراء فكذلك هاهنا لدرء الخصومة ولأنه قاطع للمطالبة فيكون مع الإنكار كالإبراء أو يجوز مع عدم المال من الجهتين كالصلح على دم العمد أو لأنه تصح هبته مع الإنكار فيصح الصلح عليه قياساً عليها في الكتاب : تجوز المصالحة على مائة درهم حالة على مائة درهم حالة على خمسين إلى أجل لأنك حططته وأخذته وعلى ذهب وعرض في الحال وإن كان مقراً قال ابن القاسم وكذلك إذا كان منكراً قال صاحب التنبيهات : اشترط مالك الإقرار حتى يتعين المعروف بالتأخير إذ مع الإنكار يكون التأخير سلفاً ليلاً يحلف المنكر فيذهب الحق وترد اليمين عليه وابن القاسم ينظر إلى كل واحد منهما ولا يلتفت إلى ما يوجبه الحكم فالمنكر يقول : افتديت من اليمين والطالب يقول : أخذت بعض حقي وقال عبد الملك : يفسخ بالقرب فمالك يراعي الشروط الثلاثة المتقدمة وابن القاسم : لا يعتبر إلا اثنين ويلغى ما يوجبه الحكم قال ابن يونس : وعن ابن القاسم : لو قال : اخزن سنة وأقر لك امتنع لأنه سلف للنفع وقيل : إن وقع بطل التأخير وثبت الحق وقيل : يسقط التأخير والحق وترجع الخصومة لأنه لم يقر بل وعد بالإقرار وعن مالك : إذا قام شاهد فقال : أسقط عني اليمين وأؤخرك سنة يمتنع لأنه سلف للنفع قال اللخمي : قال ابن القاسم : إذا صالحه على ثوب بشرط أن يصبغه أو عبد فيكون الخيار في ثلاثة أيام يمتنع لأنه كفسخ دين في دين وقيل : يجوز
فرع في الكتاب : إذا صالح على إنكار ثم أقر أو وجد بينة : أن كان عالماً ببينة لا قيام له بها وكذلك إن كانت غائبة فخاف فوتها أو عدم الغريم لأنه اسقط حقه منها قال ان يونس : قال سحنون : إذا أقر بعد الصلح خير الطالب في المسك بالصلح أورده وأخذ المقر به قال : ولهذا تفسير لقول ابن القاسم وعن ابن القسم : إذا كانت بينة بعيدة الغيبة وأشهد أنه إنما يصالح نقداً ويمتنع التأخير لما تقدم ويدخله في العرض الدين بالدين فإن زاد البائع عرضاً أو عبداً نقداً ولم يفت العبد جاز لأنهما في نفقة واستغنى فزاده وتمتنع زيارة البائع دراهم نقداً لأنه سلف منه أو دنانير امتنع لأنه عبد وذهب بفضة إلى اجل وكذلك كان المبيع بدنانير مؤجلة ثم يزيده دراهم نقداً فإن العبد بعتق أو تدبيراً أو موت والثمن دراهم امتنع زيارة البائع دراهم نقداً لأنها سلف يرده المبتاع عند الأجل بل يضع عنه حصة العيب قال صاحب التنبيهات : قوله : دنانير ودراهم مشكل لوقوع الدنانير على الكثير فهو صرف وبيع أن كان رأس المال ذهباً فذهب وعبد بذهب فقيل مغنى ذلك أن كان البيع بذهب يكون الصلح بذهب على أن يسقط عنه من الذهب ذلك ويقتاصه وإن كان دراهم فتكون أقل من صرف دينار وقيل : بل الكلام على التفصيل إن كان ذهباً فيرد ذهباً أو دراهم فدراهم ويحتمل أن أراد بذكر الدنانير الذهب من غير كثرة فإن كان في المسألة المردود ذهباً أقل من دينار جاز وإن كان رأس المال فضة فإن رد الدراهم فعلى المقاصة وإن كانت كثيرة وإن كان رأس المال ذهباً فإن رد ذهباً فعلى المقاصة وإن كانت كثيرة دراهم فعلى أنا دون صرف نصف دينار قال ابن يونس قال أبو محمد إذا فات العبد لا أدري معنى قوله تمتنع زيارة البائع دراهم نقداً لأنها سلف للمبتاع لأن العبد فأت فلا يمنع السلف إلا أن يعطيه دراهم أقل من حصة العيب البائع في دفع قليل كثر وقال ابن القاسم إنما يمنع لهذا لأنه دفع بها خصومة العيب فهو سلف لمنفعة وعلى هذا التعليل تمنع وإن كان أقل من حصة العيب وهو أحسن مما تقدم لأبي محمد لذلك فله القيام قال : وينبغي أن لا يختلف إذا أعلن بالإشهاد كما لو قال للحاكم : لي بينة بعيدة الغيبة فأحلفه لي فإذا قدمت قمت بها فإنه يحلفه له ويقوم بالبينة وأما إن لم يشهد على الغريم بل أشهد سراً أنه إنما يصالحه لذلك أو صالح عالماً بالبينة فالخلاف فيهما أو كان يقر سراً ويجحده في العلانية فصالحه على تأخير سنة وأشهد أنه إنما يصالحه لغيبة بينته فإذا قدمت قام بها ففي قيامه بها قولان ولم يختلف فيمن صالح على الإنكار ثم إن أقر أن صكة ضاع ثم وجده أن له القيام فيهما لأن وجود الصك كوجود بينة لم يعلم بها لو قال الغريم : حقك حق فات بالصك ( وخذ حقك فقال : ضاع صكي وأنا أصالحك فيفعل لا اقيام له بالصك بخلاف الأول لدخوله على إسقاط موجب الصك ) ولو أشهد إنما صالحه على إنكاره وهو على حقه لم ينفعه ذلك وتمتنع الشهادة على شرط يخالف الصلح ولو قال : أخرني سنة , اقر لك فأشهد سراً إنما أؤخره لأنه جحدني وإن وجدت بينة قمت بها فذلك له لأنه ألجأه لذلك وعن مالك : إذا صالحه على خمسة دراهم كل شهر على أنه إن ادعى عليه بدفع شيء فأنكره فلا يمضي عليه سقط الشرط وعليه اليمين قال ابن يونس : وينبغي أن يبطل التأخير لأنه إنما أخره لإسقاط اليمين وعن ابن القاسم : إذا اصطلحا على اليمين وطرح البينات أو على أن الناكل يغرم بلا رد يمين أو بعد ردها ذلك لازم قال : وهو أحسن من الأول والمؤمنون عند شروطهم
فرع في الكتاب : إذا صالح أحد الولدين غريم الأب على حصته فأخوه شريكه وكذلك الشركاء في كل ما بينهم من حق بكتاب أم لا من بيع بعين أو شيء غير الطعام وإلا دام لأن القسمة بيع وبيع الطعام قبل قبضه ممنوع وكل ما قبض أحدهم كان الآخر شريكه فيه لأنه مقتضى الشركة إلا أن يلتزموا له قبل الشروع في المطالبة عدم المشاركة وللطالب رفعهم للإمام فيوكلوا أو يطالبوا وإلا خصصه بما اقتضى وقيل : لهم المشاركة فيما أخذوا ويسلموا له ويتبعون الغريم لان الأصل بقاء حقهم وشركتهم فإن اختاروا اتباع الغريم لم يشاركوه بعد ذلك لأن ذلك مقاسمة والقسمة لازمة ( وإن ثوى على الغريم ) وإن كان الحق بكتابين اختص كل واحد بمقبوضه وإن كان أصل الكتابين مشتركاً لأن تعدد الكتب كالقسمة فائدة : قال صاحب التنبيهات : ثوى بكسر الواو وفتحها : هلك والكسر أفصح وعن مالك : الجواز في الطعام وغيره وهو على الخلاف في القسمة هل هي بيع أو لا ؟ قال ابن يونس : قال أبو محمد : إذا باعا سلعتين من رجل وكتبا بثمنها كتاباً واحداً لا تكون بينها شركة في الحق قال : وفيه نظر لأن تعدد الكتب لما أوجب تعدد الحقوق فاتحادها يوجب اتحادها وهو ظاهر الكتاب : وهذا إذا جمعا السلعتين في عقد حتى لو استحق وجه الصفقة للمشتري الرد على القول يجوز الجمع بين السلعتين وقيل : لا ينفع مجرد الإشهاد في الإختصاص دون الرضا بالخروج فإن امتنع من الخروج معه ألزمه الإمام بالمقاسمة وإذا التزم القاعد اختصاص القابض اختص كان الغريم مليّاً أو معدماً إلا بالمقبوض بخلاف الكفيل لا يوجد معه إلا مقدار حق الحاضر فيقضي به ثم يعدم للآخر مشاركته لان القضاء بذلك خطأ وهاهنا قسمة صحيحة قال اللخمي : إذا أذن الإمام له عند غيبة شريكه اختص كإذن الشريك لقي الغريم موسراً أم لا ان اقتضى بغير إذن شريكه بعد أعلامه بذلك وسأله أن يقتضي معه امتنع اختص أيضاً لأنه لو رفعه حينئذ إلى الحاكم لقضى عليه بالاختصاص قال ابن القاسم قال : وفيه نظر لأنه إنما امتنع من الخروج ولم يرض بالاختصاص واختلف إذا كان الغريم حاضراً فاقتضى بغير علمه فلم يخصصه مالك وقيل : يختص قال : وبه أقول لان الدين إن قدر كالعين كان له الاختصاص وكذلك اختلف في العين بين الشريكين يقسم أحدهما لنفسه منع ابن القاسم الاختصاص وجوزه أشهب ويتخرج على هذا بيع نصيبه فيختصر بالمبيع على الخلاف وفي كتاب القسم : له بيع نصيبه من العبد ويختص بالثمن بخلاف الطعام لا فيه المقاسمة قبل البيع فلما لم يقاسمه بقي الثمن مشتركاً والعبد لا يقسم ولو باع الطعام على أنه لا يبيعه له بل يبقى شريكه كان كالعبد وكذلك لو باع الدين من غريم أو أجنبي يتخرج على هذا
فرع في النوادر : قال عبد الملك : لولي اليتيم المصالحة عنه فيما يخصه بإسقاط البعض وأخذ البعض على وجه المصالحة وأما ما يكون فيه مطلوباً هو وأبوه فيما ورثه : فلا يجوز حتى تثبت الدعوى فيجوز على القيمة من ذلك لأن له عن ذلك مندوحة قبل الثبوت قال أصبغ : ولو ماتت وتركت أبوين وولداً صغيراً وصالح الأبوان الزوجة على أن يأخذا ما ساقت المرأة ويأخذ ما ساق إليها ولم يذكر الابن فميراثه فيما أخذا إن كان يقارب وإلا انتقض الصلح وورث من الجميع ويختص النقص بها ) فإن صالح أجنبي ليس بولي ولا وصي عنه وعن أطفال في حق له ولهم أو عليه وعليهم : قال سحنون : لزمه حصته وينظر الحاكم للأطفال فيمضي إن كان نظرا
فرع قال : قال ابن القاسم : إذا استحقت الدار بعد الصلح عليها رجع بالمال أو نصفها رجع بنصفه
فرع قال : قال عبد الملك : إذا قضى القاضي بحق فصالحت عليه ثم رجع القاضي رجعت بمالك كما لو دفعت الحق وقال مطرف : لا يرجع بخلاف لو دفعت الحق لأن الحق مبني على القضاء وقد انتقض والصلح لا يتوقف على ثبوت الحق بل يصح مع الإنكار
فرع قال : إذا استحق مال الصلح على الإنكار : قال سحنون : يرجع بمثله في المثلي أو قيمته في غير المثلي إن كان الاستحقاق من يد المدعي وإن كان من المدعى عليه لم يرجع شيء لأنه إنما دفع عن نفسه خصومة بما أعطى لا بشيء ثابت وقيل : يرجع
فرع قال : قال مُطرف : إذا رضي أكابر الأولاد بشهادة زيد أنه يعلم محاسبة موروثهم فشهد بالبراءة فللأصاغر عدم الرضا بالشهادة ويحلف الغريم فإن نكل وحلفوا غرم حصته ( للأصاغر فقط ولو كان نكوله كالإقرار لدخلوا كلهم ولو وجدت بينة لم يغرم إلا الأصاغر لأن الأكابر صدقوا الشاهد الأول ولو كان الأكابر أوصياء للأصاغر لزمهم صلحهم
فرع قال : قال مالك : على الميت ثلاثة آلاف وترك ألفاً واحداً ووارثاً واحداً فقال : أخروا الألف عندي سنة وأنا ضامن لدينكم جاز لأنها معاوضة على براءة الميت فإن كان معه وارث غيره وربح الألف بعد الوفاء على فرائض الله تعالى جاز وإن انفرد به امتنع لأنه ضمان بجعل وكذلك إن ترك عرضاً ويمتنع : أضمن لكم نصف ما بقي وتحاللوا إلي بخلاف إقرار المال بيده ويجوز أن يصالح على إعطاء النصف والأداء من الباقي وإن أسلم إليه المال وتحمل ثم طرأ دين آخر غرم الجميع
فرع قال : إذا طلب المصالح أخذ الوثيقة التي صالح عليها فللآخر منعه لأنه يشهد له بمال الصلح لثبوت أصل الحق ويكتب الآخر وثيقة بتاريخ متأخر ليشهد له بصلحه قاله مطرف
فرع في الكتاب : لهما مائة دينار عن شيء أصله بينها فصالح أحدهما عن حقه بعشرة ولم يعذر من شريكه فشريكه مخير في تسليم ذلك ويتبع الغريم بخمسين أو يأخذ من شريكه خمسة ويتبع الغريم بخمسة وأربعين ويرجع صاحبه بخمسة وعن ابن القاسم : لغير المصالح أخذ خمسة من المصالح لأنه صالح بغير إذنه في الاختصاص ثم يرجع على الغريم بخمسة لأنه لم يرض بالمصالحة فإذا قبضها رد الخمسة للمصالح وقال غيره : إن اختيار الدخول مع المصالح جعل دينهما ستين فيكون له خمسة أسداس العشرة ويرجع بها المصالح على الغريم ويرجع الآخر عليه بالباقي وهو أحد وأربعون وثلثان وكذلك لو قبض العشرة للقضاء وحط أربعين لشريكه كما تقدم ولو قام عليه شريكه قبل الحطيطة فقاسمه العشرة ثم حط الأربعين لا يرجع الشريك لأنه قاسمه وحقه كامل ثم يتبعان الغريم : هذا بخسمة وهذا بخمسة وأربعين
فرع في الكتاب : لو باع أحدهما حقه وصالح منه على قمح فلشريكه رده واتباع الغريم لأنه لم يأذن أو أخذ نصف القمح لأنه عوض عن الحق قال سحنون : ويكون بقية الدين بينهما وعن ابن القاسم : للذي لم يصالح أخذ نصف العوض المصالح به إن صالح على عوض ثم إذا قبض جميع حقه رد المصالح قيمة العوض الذي أخذ مه يوم الصلح قال ابن يونس : يرد القيمة وإن كان مكيلاً أو موزوناً لان السعر قد يختلف في المثلي فيظلمه بدفع المثل قاله بعض شيوخنا قال : وكذلك إذا وهبه مثلياً للثواب ففات في يد الموهوب وكذلك فداء الأسير بالمثلي وقال غيره : بل يرجع بالمثل في مسألة الشريكين قال : وهو الصواب لأنه القاعدة في الغضب وغيره
فرع في الكتاب : إذا كان بينها عروض مثلية أو غير مثلية غير الطعام والإدام فصالح أو باع بعشرة لشريكه نصفها وما بقي على الغريم بينهما لأن الجميع مشترك والعوض عن المشترك مشترك فإن سلم له ذلك وامتنع الغريم لا يرجع عليه كالمقاسة
فرع قال اللخمي : إذا باع نصيبه من الدين دخل من لم بيع عليه قوله في الكتاب : فيقاسمه نصفين اتفاقاً ولو كان بينهما مائة فاقتضى نصيبه رجع عليه بخمسة وعشرين على القول بالرجوع وفيه خلاف واختلف أيضاً كيف يكون رجوعهما ؟ فقال مرة : يرجع الذي لم يقبض على الغريم فإذا استوفي ذلك أخذ شريكه نصيبه وهو خمسة وعشرون وإن أخذ خمسة وعشرين أخذ منها شريكه نصفها وكذلك في جميع ما يأخذ
فرع قال لو فلس الشريك كان المقتضي أحق بنصيبه الذي يستحقه من غرمائه لأن حقه متعلق بذلك الدين وإن هلك ما على الغريم لم يكن له شيء
فرع في الكتاب : يمتنع إذا استهلك لك بعيراً أن يصالحه على مثله إلى أجل لأنه فسخ دين في دين بخلاف الدنانير المؤجلة إن كانت القيمة فأدنى وإلا امتنع النسأ في النقدين والقمية التي وجبت لك من النقدين والتأخير في غير ذلك معروف إن كان المستهلك يباع في البلد بالدنانير ويجوز على دراهم نقداً او عرضاً نقداً بعد معرفتكما بقيمة المستهلك حذراً من المعاوضة بالمجهول وإن كان يباع بالدراهم جاز على دراهم مؤجلة مثل القيمة فأدنى ويمتنع بدنانير أو عرض إلا نقداً بعد معرفتكما بقيمة المستهلك من الدنانير وإلى أجل يمتنع لأنه فسخ الدين في الدين فإن تعجله بعد الشرط لم يجز لوقوع العقد فاسداً وإن غصبك عبداً فأبق فكالاستهلاك قال ابن يونس : وقيل : له ترك القيمة وطلب العبد ( لان كليهما حقه وقيل : ليس له ترك القيمة وطلب العبد ) وكأنه اشترى بها عبداً آبقاً وعن ابن القاسم : إذا ذبح لك شاة يمتنع أخذك بالقيمة حيواناً مأكولاً إن كان لحمها لم يفت لأنه لحم بحيوان وإلا جاز نقداً بعد معرفة قيمة الشاة ويجوز أن يأخذ في الصُبرة القمح المستهلك ما شئت نقداً وتمتنع مكيلتها من القمح أو الشعير أو السَّلت على التحري لأنه بيع الطعام غير معلوم التماثل ويجوز كيل أدنى من كيل الصُبرة لأنه أخذ بعض الحق
فرع في الكتاب : من أوصى بما في بطن أمته لم يجز للورثة مصالحة الموصى له ( لأنه بيع للجنين وهو بيع الغرر بخلاف خدمة العبد وثمرة النخل وسكنى الدار ولبن الغنم وسمنها لأنها يجوز بيعها ) قال ابن يونس : قيل : إنما جاز شراء السكنى وحوها لتخليص الرقاب وإن كانت السكنى مدة العمر مجهولة فاستثني الجواز هاهنا لتخليص الأمة كضرورة البيع وغيره
فرع في الكتاب : إذا ادَّعيت شقصاً فصالحك المدعى عليه ففيه الشفعة إن كان عن إقرار لأنه بيع وإلا فلا
فرع في الكتاب : إذا أنكر عيب العبد المعيب جاز الصلح عليه فإن كان الثمن إلى اجل فصالحته قبل الأجل على الرد إليه مع عبدٍ آخر أو عرض نقداً جاز كجواز الاستقالة منه قبل الأجل على عرض نقداً وإنما يكره أن ترد دراهم أو دنانير قبل الأجل نقداً لأنه بيعٌ وسلف من المشتري ليأخذ من نفسه لنفسه عند الأجل وفي الدراهم صرف مستأخر فإن امتنع من الزيادة في الصلح حط من الثمن بقدر العيب لأنه كجزء المبيع يبقى عند البائع فإذا حل الأجل كان النقدان والعرض نقداً ويمتنع التأخير لما تقدم ويدخله في العرض : الدين بالدين فإن زاده البائع عرضاً أو عبداً نقداً ولم يفت العبد جاز لأنهما في صفقة واستغلى فزاده وتمنع زيادة البائع دراهم نقداً لأنه سلف منه أو دنانير امتنع لأنه عبد وذهب بفضة إلى أجل وكذلك إن كان المبيع بدنانير مؤجلة ثم يزيده دراهم نقداً فإن فات العبد بعتق أو تدبير أو موت والثمن دراهم : امتنع زيادة البائع دراهم نقداً لأنها سلف يرده المبتاع عند الأجل بل يضع عنه حصة العيب قال صاحب التنبيهات : قوله : دراهم ودنانير مشكل لوقوع الدنانير على الكثير فهو صرف وبيع وإن كان رأس المال ذهباً بذهب وعبد بذهب قيل : معنى ذلك : إن كان البيع بذهب يكون الصلح بذهب على أن يُسقط عنه من الذهب ذلك ويقاصه به وإن كان دراهم فيكون أقل من صرف دينار وقيل : بل الكلام على التفصيل : إن كان ذهباً فيرد ذهباً أو دراهم فدراهم ويحتمل أنه إن أراد بذكر الدنانير الذهب من غير كثرة فإن كان في المسألة المردود ذهباً أقل من دينار جاز وإن كان رأس المال فضة : فإن رد دراهم فعلى المقاصة وإن كانت كثيرة وإن كان رأس المال ذهباً : فإن رد ذهباً فعلى المقاصة وإن كانت كثيرة وإن رد دراهم فعلى أنها دون صرف نصف دينار قال ابن يونس : قال أبو محمد : إذا فات العبد لا أدري معنى قوله : تمنع زيادة البائع دراهم نقداً لأنها سلف للمبتاع لأن العبد فات فلا يمنع السلف إلا أن يعطيه دراهم أقل من حصة العيب فيتهم البائع في دفع قليل في كثير وقال ابن القابسي : إنما يمنع لهذا لأنه دفع بها خصومة العيب فهو سلف لمنفعة وعلى هذا التعليل يمنع وإن كان أقل من حصة العيب وهو أحسن مما تقدم لأبي محمد
فرع في الكتاب : يُمتنع الصلح على البراءة من عيوب العبد بعد العقد بدراهم لأن البائع لا يبرأ حتى يوقف المشتري على العيب قال ابن يونس : لهذا على قول مالك : لا تنفع البراءة مما علمه حتى يبينه وعلى قوله في إجازة البراءة مما لا يعلمه : تجوز البراءة بعد العقد
فرع في الكتاب : صلح الأجنبي على دينك يلزمك وإن لم يقل : أنا ضامن لأنه إنما قضى على الذي عليه الحق قال صاحب التنبيهات : معناه : أن الأجنبي ضامن لما صالح به قاعدة مذهبية : إذا فعل الإنسان عن غيره ما شأنه أن يفعله مضى فعله عليه وكان له الرجوع عليه كان واجباً كدفع الدين أو غير واجب كغسل الثوب خلافاً ل ( ش ) تنزيلاً للإذن الشرعي في الواجب أو في العادي في غير الواجب منزلة الإذن القولي فإن العوائد تقوم مقام الأقوال إجماعاً في النقود وغيرها فكذلك هاهنا
فرع في الكتاب : إذا صالحت على ألف درهم نقداً بمائة لا يضر الافتراق قبل القبض لأنها بعض دينك وقد كان لك تأخير الجميع ويمنع في العروض والطعام من سلم إذا صالح على رأس ماله لأنه فسخ دين في دين وبيع الطعام قبل قبضه
فرع كره ملك المصالح على الدراهم الجياد بالمخلوطة بالنحاس أو البهرجة والتعامل بها وإن بين لما فيه من تكثير الغش بين الناس وتقطع قال ابن القاسم : يجوز الصلح إن لم يغر بها أحداً إن كان يأخذها ليقطعها
فرع في الكتاب : تجوز المصالحة على طعام قرض وعشرة دراهم بأحد عشر درهماً نقداً ويمتنع من بيع لأنه الطعام قبل قبضه قال ابن يونس : يريد : إذا كانت دراهم الطعام حالة ويمتنع في المؤجلة حل أجل الطعام أم لا لأنك بعته ليجعل الدراهم فهو بيع وسلف
فرع في الكتاب : لك مائة دينار ومائة درهم حالة يجوز الصلح على مائة دينار ودراهم لأن الدنانير قضاء عن الدنانير والدراهم عن الدراهم وأسقط الباقي وتمتنع على مائة مؤجلة وعشرة نقداً لأن للمتأخر حصة من الذهب والفضة فهو صرف وبيع وسلف قال ابن يونس : سواء نقد الدراهم في المسألة الأولى أم لا وكذلك المائة دينار لأنها قضاء وحطيطة ولو أخذ منه مائة دينار وديناراً نقداً جاز لأن المائة قضاء والدينار بيع بالمائة درهم ولو تأخر الدينار لم يجز لأنه صرف مستأجر ولو نقد الدينار وأخر المائة امتنع لأنه بيع وسلف
فرع في الكتاب : إذا ادعيت مائة دينار فصالحت عليها بألف درهم يتأخر بعضها امتنع لأنه صرف مستأجر وأن سميتُما مبلغ الدنانير جاز الصلح بذهب أو فضة أو عرض نقداً ويتحالان ويمتنع التأخير لأنه دين بدين قال ابن يونس : قيل : إذا صالحه على ما يشك أنه مثل السكة أو أقل من الوزن إلى أجل جاز في الموازنة : إذا قضى مثل عينيها وجودتها نقداً جاز قل أو كثر ويمتنع أكثر إلى أجل لأنه تأخير بزيادة وقال أشهب : إذا جهلا وزنها جاز كل شيء لأنهما لا يتعمدان الفساد إذا كان ذلك نقداً ويمتنع إلى أجل إذ قد يعطيه أكثر من حقه فإن اصطلحا على شيء امتنعت الإقالة في ذلك الصلح لأنهما يخرجان من معلوم إلى مجهول وكذلك كل متصالحين على لاإنكار
فرع في الكتاب يمتنع على ثوب بشرط صبغة أو على أنك فيه بالخيار ثلاثاً لأنه دي في دين
فرع في الكتاب : يمتنع على ثوب بشرط صبغة أو على أنك فيه بالخيار ثلاثاً لأنه دين في دين
فرع في الكتاب : إذا أشهدت : إذا أعطاك من الألف الحالة مائة سقط الباقي لزمكما ذلك لأنه يدخل في تصرف المال فإن أعطاك سقط الباقي والألف باقية لعدم الشرط قال ابن يونس عن مالك : إن علجت حقي اليوم أو إلى شهر فلك وضيعة كذا فعجل إلا درهماً أوبعد الوقت باليسير لزمتك الوضيعة لأن ما قارب الشيء له حكمه ومنع الشرط بعدم جزئه قاعدة : الوعد غير لازم إلا أن يدخل الموعود في خطر أو يترتب عليه تعليق كما في هذه المسألة فيلزم نفياً للضرر وفاء بالشرط ولو لزم مطلقاً لأدى ذلك لحسم مادة الوعد بالمعروف وقوله : ( وعدُ الكريم دين ) خيرٌ معناه : الأمر للندب أي ليكون الكريم إذا وعد يلزم نفسه الوفاء كما يلزمه الوفاء بالدين ويدل على الندبية كونه قرنه وخصصه بوصف الكرم الحاث على مكارم الأخلاق والوجوب لا يختص
فرع ي النوادر : إن لم أوفك عند القاضي لأجلٍ يذكره : فدعواي باطلة أو يقول المدعي عليه : إن لم أوفك فدعواك حق مع يمينك قال مطرف وعبد الملك : شرط ساقط لأنه التزم للكذب في الظاهر بخلاف قوله : دعني أسافر فإذا قدمت فأنت مصدق مع يمينك لأنه عدة برد اليمين عليه فيلزم
فرع قال : قال مطرف : إذا صالح من شقعه على أنه متى أدى المشتري ولده رجع فيها لا يلزمه وله القيام متى شاء وللمشتري مطالبته بالأخذ متى شاء ما لم يطل الزمان شهوراً كثيرة قال أصبغ : الشرط لازم حتى يؤدي ولده توفية الشرط وللمشتري رفض الصلح ويوقف له الشفيع لأنه كمعروف أخذه على أن له الرجوع فيه إن أداه فيلزم كما لو شرط أن يترك الشفعة إلا أن يدخل عليه ضرر بالبيع فمن باع من غيره فهو على شفعته
فرع قال مطرف : صولح على سرقة وهو منكر فأقر غيره أنه سرقها فإن تمادى على أقراره قُطع وأخذ المدعي عليه مال الصلح والمسروق منه تمام قيمة سرقته وإن كان عديماً لزم الصلح الأول ولو رجع سقط القطع لأن الرجوع شبهة فيسقط الحد ويثبت العدم المتقدم وإن كان معدماً لأن الإعدام إنما يسقط السرقة المحققة ولو صالحه على سرقة عبد فوجد فهو له دون السيد لأنه صار في ضمانه ويدفع المال وليس له رده لسيده وارتد المال لأن الصلح وقع بأمر جائز ولو قال للبينة : إنما أدفع خوفاً من السلطان وضرب السياط وما أخذت شيئاً لا ينفعه وما يتدافع الناس إلا للسلطان إلا أن يكون قريباً من السلطان ويعلم أن السلطان يطاوعه فيجتهد فيه الحاكم
فرع قال : ولو ذكر عند الصلح ضياع الصك فوجده له القيام به بخلاف من وجد البينة ولو قال : حقك حق فات بالصك فامحه وخذ حقك فقال : قد ضاع وأنا أصالحك فلا قيام له بالصك لأنهما دخلا على سقوطه بخلاف الأول
فرع قال : قال أصبغ : قال لرجل عليه مائة دينار لغائب : هلُمَّ خمسين وأحط عنك خمسين على أن أضمن ذلك صح إن كان الغائب قريب الغيبة بحيث لا يطول لُبث المال في يديه ( فيكون ) وإلا فلا لأنه معروف يفسد به بتوقع النفع
فرع قال : قال مطرف : إذا صالح الوكيل حيث لا يجوز له الصلح على الموكل وقال : إن لم يجزه الطالب فما أعطيت رد إليك صح ولا يكون الطلب أحق بما اقتضى وكيله من غرماء المطلوب إن قاموا ولولا الشرط لم يرد المال ولم يدخل فيه الغرماء ويتبع بما بقي ولو قطع الوكيل ذكر الحق وأفاته ضمن
فرع قال : قال مطرف : ادعى ولدٌ أن أباه الغائب وكلٌّ هـ على المصالحة فصالح ثم وجد الأب ميتاً فرجع أحدهما عن الصلح فإن كانت الوكالة بينة لزم جميع الورثة وإلا فلا إلا أن يشاؤا ولا خيار للخصم لأنه رضي بالوكالة فإن ردوا لزم المصالح في حصته لأنه رضي بالصلح إن شاء الخصم ذلك وإلا فلا ولو انفرد المصالح بالميراث لم يكن لأحدهما الرجوع لرضاهما
فرع في الجواهر إذا اطلع على عيب فصالح على عدم القيام بمال فأصل ابن القاسم في المدفوع الأخذ بالأحوط وجعل هذا الصلح مبايعة ثانية بعد انفساخ الأول فيعتبر فيها ما يحل ويحرم من بيع وسلف وفسخ دين في دين وأصل أشهب أنها ليست فسخا للأول وإنما في بترك المنازعة فيعتبر ما يجوز أخذه عن الإسقاط والخلاف مبني على أصل مختلف فيه هل من خير بين شيئين يعد كأنه مالك لما حازه قبل اختيار ( أو منتقلا عن الأخذ فإن المتمسك بالعيب ملك أن يتمسك به وإن يرد فهو يفيد أنه ملك الرد قبل اختياره ) فيكون الصلح على ما ملك في هذا العين أولا يكون مالكا إلا لما اختاره وهو المتمسك ومثاله عبد بمائة دينار قبضها فتحوز المصالحة بكل شيء معجلا ويشترط في العين أن تكون من سكة الثمن على أصل ابن القاسم لأن المائة وجب ردها بدفع البائع عوضا عنها العبد وما دفعه عن المعيب بغير السكة ليس بالمبادلة للمكايسة ولو دفع دراهم أكثر من صرف دينار نقدا امتنع عنده لأنه بيع وصرف فيمتنع إلا في القليل ويجيزه أشهب لأنه يجيز البيع والصرف في عقد أو لأنه لا يرى هذا معاوضة عن الثمن وعلى دنانير مؤجلة تمتنع عند ابن القاسم لأن المائة وجب ردها عنده أخذ المشتري العبد بتسعين على أن يؤخره بالعشرة فهو بيع وسلف فيجري على أحكام البيع والسلف ويجوز عند أشهب وكذلك الدراهم المؤجله يمنعها ابن القاسم لأنها صرف مستأخر ولو صالحه قبل نقد المائة معجلة امتنع لأنه عبد ودنانير في دنانير يأخذها من المشتري إلا ان يشترط المقاصة من الثمن فكأنه أسقط بعضه للعيب ولو صالحه البائع على تسعين يأخذها منه ويؤخر عشرة لانعكس التفريع على المذهبين فيجوز عند ابن القاسم لأنه عقد ثان على العبد بتسعين نقدا وعشرة مؤجلة ويمتنع عند أشهب لبقاء العقد الأول على حاله فأخذ من ثمنه عشرة سلفا حتى لا يقوم بالعيب فهو سلف للنفع ولو صالحه على دراهم أو عرض مؤخر جاز عند ابن القاسم ويمتنع عند أشهب لأنه فسخ الثمن الأول في دين ( فهو دين في دين )
فرع قال الوضيعة في الصلح لازمة لان ذمة الغريم برئت منها
فرع قال الافتداء من اليمين بالمال جائز ويحرم أخذه على المبطل
كتاب الإجارة
قال صاحب التنبيهات هي بيع المنافع ويقال أجر بالمد والقصر وأنكر بعضهم المد وهو منقول وأصل هذا كله الثواب وفي الصحاح الأجرة الكراء قلت ولما كان أصل هذه المادة الثواب على الاعمال وهي منافع خصصت الإجارة ببيع المنافع على قاعدة العرب في تخصيص كل نوع تحت جنس باسم لتحصيل التعارف عند الخطاب كما منعت في السلم والصرف وغيرهما مع اندراجها تحت المعاوضة والإنسان والفرس مع اندراجهما تحت الحيوان وقد غلب وضع الفعالة بالكسر للصنائع نحو : الصناعة والخياطة والنجارة والفعالة بالفتح لأخلاق النفوس الجبلية نحو : السماحة والشجاعة والفصاحة والفعالة بالضم لما يطرح من المحتقرات نحو : الكناسة والقلامة والنخالة والفضالة وأصل مشروعيتها : قوله تعالى ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) وقوله تعالى حكاية عن ابنة شعيب عليه السلام : ( قالت إحداهما يا أبت استأجره ) فقال لموسى عليه السلام : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ) وشرع من قبلنا شرع لنا وقاله الأئمة ومنعها بعض العلماء لأنه بيع ما لم يقدر على تسليمه عند العقد وليس سلما في الذمة وجوابه : هذه النصوص ولأن تسليم الرقاب تسليم منافعها وقبض الأوائل كقبض الأواخر وفي الكتاب ثلاثة أبواب : الباب الأول : في أركانه وهي أربعة : الركن الأول والثاني : المتعاقدان ويشترط أهلية المعاملة وفي النواد : قال مطرف وعبد الملك : يجوز لك إجارة غير البالغ من نفسه إذا عقل وكان نظراً ويدفع لا الأجرة ويبرأ بذلك ما لم يكن شيئاً له بال فإن كان محاباة فعليك تمامها وكذلك قلنا في المبيع ووافقنا ( ح ) وقال ( ش ) : ليس للصبي أهلية تعاطي الأسباب القولية ولا تنعقد منه بخلاف الفعلية كالاحتطاب ونحوه فإنه يملك بها وفرق بان القولية يتعلق بها إلزام التسليم وهو تكليف يأباه طوره بخلاف الفعلية . قاعدة : الأحكام قسمان : أحكام تكليف تتوقف على علم المكلف وقدرته وبلوغه كالصلاة والزكاة وأحكام وضع وهي نصب الأسباب والشروط والموانع لا تتوقف على ذلك كالتوريث بالأنساب والطلاق بالإعسار والإضرار وترتيب الضمان على إتلاف المجانين والعاقلين ونحو ذلك والبيع والإجارة سببان فمقتضى هذه القاعدة صحتهما مع الصبي في ذي البال وغيره غير أن الشرع راعى في ذلك مصلحة صون الأموال عن الضياع بسبب قصور النظر فيكون الحق ما قلناه
فرع في الكتاب : كره للوصي الشراء من مال اليتيم أو يؤاجره من نفسه للتهمة فإن فعل أمضى الإمام الصواب ورد الضرر وكذلك الأب في ابنه الصغير قال اللخمي : إذا كانت إجارة الوصي فيها حيف وفاتت كان له الأقل من المسمى أو أجرة المثل لوجود السببين فإن أجر يتيمه ( من نفسه ) مضى إن كان خيراً له والأرد فإن فات بالعمل فلليتيم الأكثر من المسمى أو المثل وكذلك إجارة الأب نفسه من ولده إلا أن يكون الأب فقيراً تلزمه نفقته فله المسمى وإن كان أكثر من أجرة المثل إذا كان المسمى يقتضي له به في النفقة وإلا سقط الزائد وإن أجر الوالد الولد من نفسه ومثله لا يؤاجر فسخت الإجارة لمخالفة العادة وله إجارة الولد الموسر إذا كان خيراً له لأنه تنمية لماله وفي الكتاب : إن اشترى الوصي من مال اليتيم أعيد للسوق فإن زيد عليه بيع وإلا لزمه ما سمى وكذلك كراء البهيمة إلا أن يكون الكراء قد فات فيسأل أهل المعرفة عنه فإن كان فيه فضل غرمه وإلا فما سمي قال ابن يونس : يعني بالسوق : قبل أن يحول وإلا أن كان الشراء بالقيمة مضى وبأقل غرم الزائد فإن كان مكيلاً أو موزوناً لا تُفيته حوالة الأسواق وقد زاد سوقه : فالأشبه امضاؤه ولا يرد للسوق لأنه ضرر بالوصي وهو لم يضر باليتيم
فرع في الكتاب : إذا استأجر صبياً أو مجنوناً بغير إذن وليه امتنع فإن وقع فالأكثر من المسمى أو أجرة المثل لوجود السببين كالتعدي في الدابة والغصب فإن عطبا في عمل يعطب في مثله : خيّر السيد بين الكراء وقيمة العبد لوجود السببين كذلك وفي الصبي الأكثر من المسمى والأجرة والدية على العاقلة وإذا أنكر السيد أذنه لعبده غب الإجارة لم يضمن مستعملة بأجر لأن الأصل براءته من الضمان إلا أن يؤاجره في غرر كالبئر ذات الحمأة تحت الجدرات وإن أذن السيد لأنه لم يؤذن له في التغرير بنفسه وإن سافر به بغير إذن سيده ضمنه قال صاحب التنبيهات : سواء هاهنا وفي كتاب الاستحقاق بين الغصب والتعدي وفرق بينهما في كتاب الغصب والآبق إذا استعملة بغير إذن سيده ضمنه في العمل الذي لا يعطب في مثله لوضع يده عليه كالغاصب وإذا استعانه في الخياطة فعطب حتف أنفه ففي تضمينه قولان فإن كان العمل يهلك غالباً ضمن اتفاقاً إذا هلك بسببه وإلا فخلاف ويضمن بالسفر اتفاقاً هلك أم لا ويخير سيده بين القيمة والأجرة وله الأجرة إلى يوم السفر ولا يضمن في السفر القريب الذي لا يحبسه عن أسواقه وعن مالك : يضمن العبد في الاستعانة فيما مثله الإجارة بخلاف الإجارة فيه فقيل : هذا خلاف ابن القاسم لأنه لا يضمن في الإجازة إلا فيما يعطب في مثله ويضمن في الاستعانة فيما يستأجر على مثله وإن لم يعطب فيه لأن العبد لم يؤذن له في هبة منافع نفسه وهما سواء عند مالك يضمن فيما في مثله الإجازة وإن كان لا يعطب في مثله وقيل أنه وفاق في الاستعانة وقيل لا ضمان فيها إلا فيما يعطب في مثله وعليه حمل التونسي مذهب الكتاب قال اللخمي : إذا استؤجر الصبي بغير إذن وليه أمضاه وليه إن كان نظراً وإلا رده وفي الكتاب : إذا استعان غير بالغ فيما في مثله الإجارة ضمنه وما لا إجارة فيه كمناولة النعل ونحوه فلا عقل فيه في حر ولا عبد قاعدة : أسباب الضمان ثلاثة : الإتلاف كإحراق الثوب وقتل الدابة والتسبب للإتلاف كحفر البئر ليقع فيه معصوم الدم أو الاستعمال في الغرر ووضع اليد غير المؤمنة كالغاصب وقابض المبيع بالعقد الفاسد فعلى هذه القاعدة تتخرج هذه الفروع المتقدمة
فرع في الكتاب : إذا بلغ اليتيم في أثناء المدة لا يلزمه الباقي وقاله ( ش ) و ( ح ) لأن الأقل عدم نفوذ تصرف الإنسان على غيره وكالأمة تعتق تحت العبد إلا في اليسير كالشهر لأنه تبع وألزمه أحمد مطلقاً لأن تصرف الولي صحيح والصحيح لا يبطل وجوابه : إن كشف الغيب على أن الصحة مخصوصة ببعض المدة فإن ادعى الصحة مطلقاً فهي مصادرة ولا يؤاجره وصي ولا أب بعد احتلامه لزوال الحِجر وأما كراء ربعه ودوابه سنين فاحتلم بعد سنة ولم يظن به ذلك لزمه الباقي لأن الولي معذور ولولا ذلك لتزلزلت قواعد تصرفه وقال غيره لايلزمه إلا فيما قل كالنفس وإن ظن به بعد البلوغ قبل العمدة لم يلزمه في نفسه ولا في ملكه لعدم العذر في التصرف وأما السفينة البالغ يعقد عليه وليّه أو السلطان ربعه أو رقيقه فتلتزمه العمدة إذاانتقل حاله لأن انتقاله غير منضبط بخلاف البلوغ وقال غيره : إنما يؤاجر على مثل هذا هذه الأشياء نحو السنة لأنه غالب كراء الناس وله فسخ ما كثر قال صاحب التنبيهات : ظاهر كلامه يقتضي الخروج من الإيصاء ولا خلاف أن هذا لا يكون في الوصي واختلف في الأب والمشهور التسوية بل يحمل على أنه بلغ رشيداً
فرع في الكتاب : ليس لك كراء ربع امرأتك إلا بإذنها لأنها مطلقة التصرف الركن الثالث : الأجرة وكل ما صح أن يكون ثمناً في البياعات صح أجرة لأنها معاوضة مكايسة وقاله الأئمة وفي الكتاب : يصح طحن أردب بدرهم وقفيز من دقيقه ومنعه ( ح ) و ( ش ) لأن الدقيق معدوم ليس في الذمة والمعدوم لا يصح إلا في الذمة كالسلم وجوابه : لا نسلم إنه معدوم بل هو أجزاء هذا القمح تفرقت وكذلك الزيتون وعصره بنصفه لأنهما لا يختلفان بعد العصر ولجواز بيع نصفها كذلك فإن كان يختلف امتنع وتمتنع الإجارة على سلَم الشاة بشيء من لحمها لأنه مجهول قبل السلخ قال صاحب النكت : إن هلك القمح قبل الطحن انفسخت الإجارة لنعذر طحنه أو بعده وقبل القبض للطعام وكانت قيمة الويبة أربعة دراهم كان الدرهم خمس الأجرة يأخذه أو أجرة المثل في الأربعة أخماس وعن أبي الحسن : إذا دبغ جلوداً بنصفها قبل الدباغ على أن يدفعها كلها فإن فاتت بالدباغ فعلى الدباغ نصف قيمتها يوم قبضها وله أجرة المثل في النصف الآخر لحصول العمل وإن دبغها بنصفها بعد الدباغ فدبغت فهي كلها لربها لفساد العقد بسبب الجهالة بحالا المدبوغ وللدبّاغ أجرة مثله وإن فاتت لأنها يومئذٍ على ملك ربها وله أجرة مثله في الجلود كلها لأنه دبغها على ملك ربها قال اللخمي : منع محمد مسألة الطحن لاختلاف خروج الدقيق فإن لم يعلم ضياع القمح إلا من قوله : فهل يغرمه ويطحنه ويأخذ ويبته لأنه غاب عليه أو يصدق مع يمنيه أو لا يطحن إلا ما قابل الدراهم ؟ قولان لابن القاسم فإن طحنه ثم ادّعى ضياعه غرمه مطحوناً واستوفي ويبته لأنه متهم فإن شهدت البينة بضياعه فلا ضمان ولا أجرة عند ابن القاسم لعدم تسليم العمل وقيل : يأتي ربه بطعام ويطحن ما ينوب الدرهم لأن العقد أوجب له الدرهم في ذمة ربه وقيل : له الأجرة فيأخذ الدرهم وأجرة المثل فيما ينوب الويبة ويجوز على قول أشهب الإجارة على الذبح او السلخ برطل لحم لأنه يجوز بيع ذلك اعتماداً على الحبس والجزر لصفة اللحم قال ابن يونس : منع ابن حبيب طحن القمح بنصف دقيقه والفرق بينه وبين الويبة : اختلاف الربع
فرع في الكتاب : يمتنع : إن خطتّه اليوم فبدرهم أو غداً فبنصف درهم أو خياطة رومية فبدرهم أو عربية فنصف درهم وقاله الأئمة لأنه كبيعتين في بيعه فإن خاط فله أجره مثله لفساد العقد وقال غيره في المسألة الأولى إلا أن تزيد على الدرهم أو تنتقص من نصف درهم فلا يزاد ولا ينقص لأنه رضي بذلك قال ابن يونس : والأول أصوب كالبيع الفاسد وعلى قول ابن القاسم : له تعجيل الخياطة وله اجرة المثل على أنه تعجل وأن أخرها فعلى أنه مؤخر وعن مالك في أجراء يخيطون مشاهرة فيدفع لأحدهم الثوب على إن خاطه اليوم فله بقية يومه وإلا عليه تمامه في يوم آخر ولا يحسب له في الشهر : يجوز في اليسير الذي لو اجتهد فيه لأتمه ويمتنع في الكثير ولو استأجره على تبليغ كتابه إلى بلده ثم قال بعد الإجارة : إن بلغته في يوم كذا فلك زيادة كذا فكرهه واستحسنه في الخياطه بعد العقد قال ابن مسعدة : هما سواء وقد أجازهما سحنون وكرههما غيره
فرع قال ابن يونس : قال مالك : يجوز دفع الثوب للخياط وتراضيه بعد الفراغ على الأجرة لذهاب الغبن وعنه : المنع في الجعالة والإجارة بغير تسميته للجهالة عند العمل بما يتراضيان به بعده
فرع قال : إذا قلت : أخيطه بدرهم وقال : بدرهمين فخاطه فليس له إلا درهم قال ابن القاسم : لأنك أعلمته بما ترضى به وكذلك يلزم قول ساكن الدار
فرع قال : قال مالك : إذا القيت متاعك بفلاة للعجز فحمله رجل بنفسه فلك أخذه وإعطاء أجرة المثل وكذلك الدابة لربها أخذها وأعطاه النفقة ولا شيء عليه في قيامه عليها لأنه قام لنفسه
فرع في الكتاب : يجوز كراء الدابة على أن عليك رحلها أو نقلها أو علفها وطعام ربها أو على أن عليه طعامك ذاهباً وراجعاً وإن لم توصف النفقة لأنه معلوم عادة أو كذلك إجارته بكسوته أجلاً معلوماً قال ابن يونس : لو وجده أكولا له فسخ الإجارة لأنه عيب إلا أن يرضى الأجير بالوسط وليس لك إطعامه الوسط إذا لم يرض لأن ذلك مهلكة وقيل : يطعمه الوسط لأنه العادة كمن أجر على حمل رَجلين فأتاه بقارحين يردها أو يحمل الوسط والفرق : أن المحمول لا يتعين لأنه لومات لم يفسخ الكراء ولو تزوجها فوجدها أكولة لم يفسخ النكاح لأن المرأة لا ترد بغير العيوب الأربعة من العيوب والكراء بطعام مضمون لايعين له أجل ولا موضع قبض ولا عادة فاسد ومنع ( ش ) الأجرة بالمؤنة والكسوة وبعمارة الدار قياساً على البيع وجوزه أحمد وخص ( ح ) الجواز بالظئر الحاقاً بالزوجات
فرع في الكتاب : يمتنع الكراء بمثل ما يتكارى الناس للجهالة فلعله لو اطلع لم يرض
فرع 379 قال اللخمي : إذا دفع خمسين قال اللخمي : إذا دفع خمسين جلداً لتدبغ بخمسين أخرى جاز إن شرط تعجيلها وإن شرط تأخيرها حتى تدبغ امتنع لأنه معين يتأخر قبضه وإن سكت منعه ابن القاسم لان الأجرة لا تستحق إلا بعد العمل وعلى قول ابن حبيب : يجوز ويتعجل القبض نفياً للغرر ويحوز نصف هذه المائة بنصفها ويتعجل النصف إن كانت مستوية في القيمة وإلا امتنع للجهل بما يدفع من العدد لا للجهل بالأجرة لأن بيع نصفها جائز على الشياع فإن قاسمه ودفع جميعها فله ما أخذه بقيمته يوم قبضه بعد القسمة وله أجرة المثل في البعض الآخر أو دبغ هذه المائة بنصفها يمنع اتفاقاً لان الجميع يدبغ على ملك المؤاجر وله النصف بعد الدباغ فإن شرع في العمل مكن من التمادي فإن نزعها مضرة وكذلك نسج البرد بنصفه فإن فاتت في يديه بعد الدباغ بحوالة سوق فما فوقه وقد دبغت على أنه شريك فيها : ضمن نصف قيمتها يوم الفراغ ويختلف إذا قال : لك نصفها من اليوم على أن تدبغ جميعها فشرع في الدباغ : هل يكون ذلك فوتاً ويضمن نصف قيمتها أو ليس بفوت لأنه غير متمكن من ذلك النصف لما ألزمه أن يدبغه ؟ قال : والأول أبين
فرع في الكتاب : أكر هذه الدابة ولك نصف الكراء يمتنع للجهالة والكراء لك وله أجرة مثله إذا عمل عليها وما حصل بيننا فالمتحصل له وعليه كراء المثل لأنه هاهنا مستأجر وفي الأول أجير قال صاحب التنبيهات : اعمل عليها فما كان بيننا أصله : إن كل ما يتنقل ويتولى هو النظر فيه فكما تقدم وما لا ينتقل وينظر فيه كالدباغ فهو أجير والمكسب لربه ويستوي فيه قوله : اعمل فيه أو آجره فإن قال : اعمل لي عليها بزيادة قوله : ( لي ) : فعن ابن القاسم في رواية المدونة : كسبها للعامل وزيادتها كعدمها وفي الجلاب : زيادتها توجب الكسب لربها لأنه أضاف العمل لنفسه قال اللخمي : إذا قال : اعمل عليها فأكراها قال ابن القاسم : الكسب للمستأجر ولصاحبها اجرة المثل وفي كتاب الشفعة : الكراء لصاحبها لا ضمان المنافع منه بخلاف البيع الفاسد فإن قال : أكراها ولك نصف كرائها فأكراها للسفر وخرج معها أسواقاً فله حصة السوق مع الكراء وأجرة المثل في تولي العقد إن كان تولي حفظها بعد انفصال الكراء وردها فله أجر آخر وقوله في الشفعة يعمل عليها سواء الكراء لربها وله أجرة المثل لأنه إنما يتولى الفعل ولو سافر بها بمتاعه فاكترى له ولصاحبها أجرة المثل وأما الحمام والفرن : فإن لم يكن فيهما دواب ولا آلات الطحن فالأجرة للعامل وعليه أجرة المثل وإن كانا بدوابهما وصاحبهما يشتري الحطب أو هما فالأجرة لصاحبها وللعامل أجرة المثل لأنه قيم فيهما وكذلك الفندق هو قيم فيه وقوله : أكره واعمل عليه سواء قال ابن يونس : إذا قال : اعمل على الدابة وما حصل بيننا فعمل ولم يجد شيئاً فعليه كراء المثل لاستيفائه العمل قال محمد : إن لم يسلم الدابة له بل عمل معه فالكسب لربها وعليه أجرة المثل لأنه أجير معه ويمتنع : إحتطب على الدابة ولي نصف الحطب بخلاف : لي نقلة ولك نقلة لأن مقدار النقلة معلوم عاجة ومقدار الحطب يختلف بكثرة النقلات وقلتها وأجازهما يحيى بن سعيد لأن احتطاب الدابة في اليوم معلوم عادة وجوز ابن القاسم : اعمل عليها اليوم لي ولك غداً فإن علم لنفسه اليوم ثم تعقب قبل العمل لربها فعليه كراء ذلك اليوم وإن بدأ بالعمل لربها ثم تعقب دفع أجرة عمله لذلك اليوم وقيل : إن بدأ بيوم الأجير أتاه بدابة أخرى توفية للعقد قال محمد : وإنما يجوز مثل هذا خمسة أيام بخلاف الشهر لأن الأجرة تتعجل بشرط تأخير القبض مدة طويلة وهو ممنوع ويجوز : استأجرك أو دابتك : اليوم تنقل كذا بدابتي وأنقل لك غداً بخلاف : أعني بكسب دابتك اليوم وأعطيك ما تكسب دابتي غداً وكذلك لو كانت بينكما أو العبد قال مالك ويجوز استخدمك أنت اليوم وأنا غداً أو شهراً بشهر ومنع محمد إلا في خمسة الأيام ونحوها لأنه أجرة بشرط التأخير في المعنى وفي النوادر : قال مالك : لايدفع دابته بنصف ما يحطب قال محمد : يريد بنصف الثمن وأما الحطب فيجوز لأن الحطب ينضبط المحصل منه عادة والأسعار تختلف
فرع في الكتب : احمل طعاماًَ إلى موضع كذا ولك نصفه : يمتنع لأنه بيع معينٍٍ ( يتأخر قبضه ) قال ابن يونس : أجازه أشهب حتى يشترط التأخير لعدم تعين الفساد فإن نزل : قيل : للحمال نصفه وعليه مثله في الموضع الذي حمله منه وله أجرة المثل في النصف الآخر مابلغ وأعيب هذا لأنه يلزم إذاهلك الطعام إن يضمن نصفه لأنه بالقبض في ذمته بل الطعام كله لربه وعليه الأجرة قال : وهوالصواب كمسألة الجلود وغيرها الجلود لربها وعليه الأجرة فإن ادعيت أن المعاملة وقعت بشرط التعجيل لنصيبه وادعى أنها وقعت بشرط التأخير صدقت لأن الأصل الصحة وتضمنه مثل مكيله الآخر في موضع الحمل ولا كراء له لأنه البلاغ فإن كانت عادة صدق مدَّعيها وإن كانت فاسدة
فرع في الكتاب : يجوز إجارتك على بناء دراك هذه والجص والآخر من عنده لأن مقدار العمل والمؤن معلوم عادة وقال غيره : يجوز ذلك قبالة إذا لم يشترط عمل يديه ويقدم النقد حذراً من الدين بالدين قال ابن يونس هذه إجارة وبيع الآجر والجص في عقد وقول الغير خلاف لابن القاسم وابن القاسم يجيز عمل رجل بعينه لأنه شرع في العمل وقيل : إنما يصح قول ابن القاسم يجيز عمل رجل بعينه لأنه شرع في العمل وقيل : إنما يصح قول ابن القاسم على أحد وجهين : إما على أن يعمل الجص والآجر بيده فيصح كما يأخذ من الخباز والجزار كل يوم مقداراً ويؤخر الثمن فيجوز تقديم النقد وتأخيره إذا شرع في العمل أو يكون المعجل من الآجر والجص يسيراً ويتأخر الأكثر مثل أجل السلم لأنه جعله في عمل رجل بعينه فامتنع تأخير إجارته لأنه عقد مع عمله سلماً فإن تأخر عمله لأجل سلم الآجر والجص وانتقد الأجرة امتنع لأنه رجل بعينه قال ابن حبيبك كل ما استعمل فيه الصناع فهو عمل مضمون حتى يشترط عمل أيديهم وإلا فلهم استعمال غيرهم إلا من العادة قصده لجودة عمله قال اللخمي : تجوز مسألة الكتاب إذا شرع في العمل أو بعد الأيام اليسيرة ويجوز فيها الثمن نقداً أو مؤجلاً وإن لم يشترط شيئاً نقد ما ينوب المدة وما ينوب العمل انتقد منه كل ما مضى يوم بقدر عمله فإن كان الصانع والمؤن مضمونين جاز على أحكام السلم إلى أجل معلوم ويقدم رأس المال وإن كان للبناء عندهم زمن معلوم حملاً عليه إن سكتا وإن شرط الابتداء بعد يوم جاز على قول مالك في المسلم إلى ذلك وإن كان الفراغ من العمل في اليومين جاز تأخير رأس المال الأمد البعيد ويكون المعجل ديناً للمؤجل وإن تأخر البناء المدة البعيدة وجب تقديم رأس المال الأجل المضمون لأن الغالب تراخي البناء إلى أجل السلم سواء كان المتأخر المؤن أو البناء وهذا كان المعين أو المضمون سواء أو المضمون الأكثر وإلا جاز تأخير جميع الثمن عند أشهب واختلف في المتساويين ويشترط تقديم ما ينوب المضمون وتأخير ما ينونب المعين هل يجوز كما لو اشترطا أو يفسد لأنه لم ينقد جميع ما ينوب المؤجل ؟ وكل هذا إنما يجوز إذا وصف البناء بعدد المساكن وسعتها وعرض الحوائط وارتفاعها وإن كان المصنوع منه غير معين وصف أيضاً
فرع في الكتاب : يمتنع إجارة بيت الرحا من رجل والرَّحا من آخر ودابتها من آخر في كل شهر بكذا في عقد واحد للجهل بحصتها من الأجرة إلا بالتقويم وكذلك في الاستحقاق وإجارة غيره كجمع الرجلين سلعتيهما في عقد قال ابن يونس : فإن نزل على مذهب ابن القاسم على كل واحد أجرة مثله لفساد العقد وقيل : تقسم الأجرة المسماة على قدر أحد هذه الأشياء قال ابن يونس : إن دفع له موضعاً يني فيه رحا بغلة يوم في الشهر : الغلة للعامل وعليه أجرة المثل لجهالة الاجرة ويخير بين قلع البناء واعطائه قيمته مقلوعاً قاله ابن القاسم لأنه استحق الهدم وقال يحيى بن يحيى : بل قائماً لأنه وضعه بإذنه بخلاف الاستحقاق وقيل : للباني قيمة ما دخل من خشب وآجر وجص يوم وضعه فيها لأن وضعه كتسليم رب الأرض له وله أجرة عمله في ذلك والغلة لرب الأصل ويرد في الطعام مثل كيله فإن جهل الكيل فقيمة ذلك المقدار دون قدره حذراً من الطعام متفاضلاً
فرع في الكتاب : يمتنع تعليم العبد الكتابة سنةً بنصفه لعجزه عن قبض نصيبه قبل السنة وقد يموت فيذهب العمل باطلاً ويجوز على تعليمه الخياطة بما يخيطه مدة التعليم لأنه متعارف عادة قال صاحب النكت : إذا نزل الأول فله أجرة مثله والعبد لسيده إن جعله له بصفته بعد السنة وإن جعله له الآن امتنع أيضاً وإن فات العبد منهما وعلى المعلم نصف قيمته للآخر وعلى الآخر نصف قيمة تعليمه قال بعض الشيوخ : إذا دفعه له يلعمله سنة فمات في نصف السنة فربما كان أجر التعليم في النصف الأول الثلثين لأن تعليمه أشق وأجر عمله الثلث لضعف صنعته في النصف الأول وفي النصف الثاني الثلثين لقوتهما فحينئذ يسقط من أجرة المثل نصفها ويكمل له الثاني وعلى هذا التقدير يعمل وإن استأجر العبد على حمل الطعام إلى بلد بنصفه ولم يشترط قبضه الآن ولا في البلد : فعلى مذهب ابن القاسم : هو على الفساد حتى يشترط القبض الآن ويُجيزه غيره حتى يشترط تأخيره للبلد فإن شرط تأخيره للبلد وحمل الطعام : قيل : يكون للحمال نصفه وعليه مثله في الموضع المحمول منه وله كراؤه في النصف الآخر وقيل : يلزم على هذا لو هلك الطعام أن يضمن نصفه لأنه بالقبض حصل في ذمته وهو بعيد لأنه إنما جعله له بعد الوصول قال ابن يونس : قال أبو محمد في المسألة الأولى : إذا عثر عليه بعد السنة له أجرة المثل فإن فات بيد المعلم بع السنة فالعبد بينهما وعلى المعلم نصف قيمته يوم تمام السنة معلماً وله أجرة مثله ولو شرط القبض الآن ففات بيد المعلم قبل تمام السنة فله نصف قيمة تعليمه وعليه نصف قيمة العبد الآن يوم قبضه ويكون بينهما
فرع قال ابن يونس : أجاز مالك إجارة شهرين : شهر بخمسة وشهر بثلاثة لأن كل شهر بأربعة إلا أن يريد لكل شهر ما سمى لتقع عليه المحاسبة عند المرض أو الموت لأنه يتعين في بيعه
فرع في الكتاب : إذا أراد الصُّناع أو الأجراء تعجيل الأجرة وخالفتهم حملتها على العادة فإن فقدت لم يقض بها إلا بعد العمل لأنها أحد العوضين كثمن البيع لا يستحق إلا بعد تسليم المبيع وأما في الدار والراحلة وبيع السلع فيقدر ما مضى لأن المدد والرواحل والسلع في حكم المبيع المتعددة وليس للخياط بقدر ما خاط من القميص : لأنه لم يأخذه على ذلك قال اللخمي إذا ضاع بعد تمام الخياطة قال ابن القاسم : لأ اجرة له فعلى هذا لا يستحق بخياطة بعضه شيئاً لعدم التسليم وقال مالك : له الأجرة فيكون له من الأجر بقدر العمل إلا أن تكون مقاطعة لأنه لو هلك بعد العمل لم يكن له شيء قال ابن يونس : كره مالك نقد الكراء في السفن لأنها لا تجب إلا بعد البلاغ وجوزه ابن نافع وقال : له من الكراء بحساب ما بلغ فإن عطب قبل الإقلاع وادعيت النقد صدق عليك لأن الأصل عدمه ولا يشهد بعضهم لبعض للتهمة وقيل : يجوز كما في الطريق وفي الجواهر : لا يتعين تعجيل الأجرة بالعقد لكن بالشرط أو العادة أو يقارن العقد ما يوجب التقديم أو يستلزم التأخير محذوراً في العرض المعين والطعم الرطب ونحوها وإلا فلا يستحق إلا بالتمكين من استيفاء ما يقابل ذلك الجزء قال الشيخ أبو الحسن : كلما استوفى منفعة يوم وجب عليه أجرته ووافقنا ( ح ) وقال ( ش ) وأحمد : تملك بالعقد لا لثمن في المبيع ولأن العقد سبب لملك العوضين والأصل : ترتب المسيبات على أسبابها لنا : ما رواه ابن ماجه قال ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) فدل على أن الاستحقاق بعد العمل ولقوله تعالى ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) والفاء للتعقيب ولأن تسليم المنفعة شيئاً فشيئاً فتكون الأجرة كذلك تسوية بين العوضين وبه يظهر الفرق بين الإجارة والبيع والنكاح بل ينقلب قياسهم فتقول : لم يسلم أحد لعوضين فلا يجب عليه تسليم الآخر كالبيع وينبني على هذا المدرك فرعان : أحدهما : أن المنفعة هل تحدث على ملك الأجير وقاله ( ح ) وهو مقتضى أصولنا أو على ملك الآخذ وقاله ( ش ) وأحمد وثانيهما كما قال ( ح ) : أن الأجير لا يستحق الأجرة إلا بأحد ثلاثة أشياء : الاستيفاء أو الشرط أو التعجيل قال : إذا أعتق رب الدار العبد المستأجر به لم ينفذ عتقه لعدم ملكه بالعقد فإن عجله له نُفذ العتق ولو لم يقبض العبد حتى سكن شهراً من المدة عتق على رب الدار حصة الشهر وعلى المؤجر الباقي قال صاحب الجواهر : أن استأجر بعرض معين والعرف التأخير فسد العقد عند ابن القاسم إلا أن يشترط التقديم وصح عند ابن حبيب : لأن العرف الفاسد لا يعتبره الشرع وهو أصل مختلف فيه بين ابن القاسم والمدنيين ويكفي في الاستيفاء التمكن وإن لم يستوف وقاله الأئمة كما لو سلم له المبيع فتلف عنده
فرع وفي الكتاب : يجوز النقد في الكراء للركوب اليومين ونحوهما ويمتنع في الشهر ليلاً يكون تارة بيعاً وتارة سلفاً ومنع غيره كراء كراؤها ذلك والفرق والفرق عند ابن القاسم : أن في البيع ضمانها من المشتري فهو غرر في الكراء ضمانها من المكري ويمتنع النقد في كراء الخيار إلا أن يشترط الخيار في مجلسه لأنه في حكم البت ويصير في الأول إذا اختار الإمضاء أخذ من الدين الذي له كراء راحلة قال ابن يونس وأجازه أشهب قال مالك في الكراء المضمون للحج في غير إبانة : لا يؤخذ النقد كله بل ينقد الدينارين ونحوهما وكان يقول : ينقد ثلثي الكراء وفي المضمون إلى أجل : نحو هذا ولو كان مضموناً لغير أجل وشرع في القبض جاز غير هذا لأن قبض الأوائل كقبض الأواخر بالجملة وامتنع في الأول تأخير الجميع لأنه كرأس مال السلم وإنما جار تأخير القبض ليلاً يذهب الأكرياء بأموال الناس وفي الكتاب : إذا كانت الأجرة حيواناً فتشاحّا في النقد ولم يشترطا شيئاً وسنة البلد : النقد جاز قبضها وكذلك كل معين من الطعام والعروض فإن لم تكن سنتهم النقد امتنع الكراء وإن تعجلت هذه الأشياء إلا أن يشترطا النقد لأنه معين يتأخر قبضه فإن كانت دنانير معينة وتشاحّا في النقد وهو العادة قضي به وإلا امتنع الكراء إلا أن يُعجلها كبيع سلعة بدنانير ببلد آخر عند قاض أو غيره إن شرط ضمانها إن تلفت جاز وإلا فلا وكذلك هاهنا لا يجوز إلا أن اشترط في الدنانير إن تلفت فعليه مثلها ويمنع اشتراط هذا في الطعام والعرض في بيع ولا كراء لأنه لا يدري أي الصفقتين ابتاع وجوزه غيره في الدنانير وإن تلفت ضمنها وإن أكريته لمكة بعرض أو طعام أو دنانير معينة والعادة التأخير ففات المحل ولا فسخ فلا بد من الفسخ لفساد العقد وقاله غيره ( إلا على الجائز حتى يصرحوا بالفساد إلا في الدنانير لأن تعيينها غير مقصود وإن شرط في المعينات أن لا ينقد إلا بعد يومين لا يعجبني إلا لعذر كالتوثق للإشهاد ونحوه ( ولا يفسخ لقوله على الأصل في تصرف المسلمين ) الصحة لقرب المدة قال صاحب التنبيهات : قوله بالفساد إذا تعود والتأخير هو على أصله في حمل السكوت على العادة الفاسدة حتى يصرحوا بالجائز وابن حبيب ( يحمل على الجائز حتى يصرحوا بالفساد لأن الأصل في تصرف المسلمين الصحة ) في الكتاب : إذا طلب إكمال الكراء قبل الركوب أو بسير قريب حملتها على العادة فإن عدمت فكالسكنى لا يعطى إلا بقدر ما سكن وإن عجلت بغير شرط فلا رجوع لك
فرع قال في الجواهر : يمتنع السلخ بالجلد وقال الأئمة : للجهل بصفته بعد السلخ هي رقيق أم لا ؟ سالم من القطع أم لا ؟
فرع قال : قال ابن حبيب : احصد زرعي كله أو طحن قمحي كله ولك نصفه يمتنع وهو كله لربه وعليه أجرة المثل وإن تلف فلا أجر له وإن شرط إن يترك متى شاء لأنها جعالة تبقى للجاعل بعد الترك فائدة ولو قال أحصده أو أطحنه ولك نصفه جاز لأن الأول اشترط الجميع وقد يعجز عنه بخلاف الثاني ولو قال فما خرج فلك نصفه امتنع للجهل بصفة الخروج والأول ملكه النصف الآن فإن استأجره على الطحن بصاع من الدقيق فأجيز كبيعه ومنع محمد لأنه قد يهلك بعد العمل فيذهب عمله مجانا وفي الكتاب يجوز طحن قمحك هذا بفقيز منه ودرهم وفي النكت : قال بعض الشيوخ : إن هلك القمح قبل الطحن انفسخت الإجارة أو بعده وقبل قبض ربه له فإن كانت قيمة القفيز أربعة دراهم علمنا أن الدراهم خمس الأجرة فيدفع إليه الدرهم وإجارة مثله في طحين أربعة أخماس القمح لأن القفيز ليس في الذمة فهلاكه يوجب الفسخ فيما يقابله فيبقى بغير عقدٍ تجب أجرة المثل وفي النوادر : قال ابن القاسم : احصد زرعي ولك نصفه فيحصده أو بعضه فيحترق فضمانه منهما وعله حصاد مثله أو ما بقي لأنه شريك بأجرته وعنه أيضاً : عليه نصف قيمة الزرع وليس عليه حصاد نصفه لأن الزرع يختلف ولو قال : ما حصدت فلك نصفه فالمحصود منهما وما لم يحصد من ربه لعدم تناول العقد إياه لقوله : فما حصدت فلك نصفه واحصده كله وادرسه وصفِّه ولك نصفه فكله من ربه وللأجير أجرة لفساد الإجارة
فرع في الجواهر : تمنع الرضاعة بجزء من الرضيع بعد الفطام وقاله الأئمة للجهل بصفته حينئذٍ
فرع في الكتاب : تجوز سكنى دار بسكنى دار أخرى وكل ما جاز إجارته جاز أجره وقاله أحمد و ( ش ) قياساً للمنافع على الأعيان وجوزه ( ح ) في اختلاف الجنس كالسكنى بالخدمة ومنعه مع اتحاده حذراً من الدين بالدين إذا لا يتصور إلا مع الاتحاد وجوابه : لا يتحقق الدين إلا أن يكون في الذمة ويتأخر وهذه المنافع في أعيان أو في للذمم وقد شرع فيما ليست ديناً
فرع في الكتاب : إذا كانت الأجرة عبداً بعينه فمات قبل قبضك له فهو منك كالبيع ويلزمك الكراء ولو كان في بيته فوصفه لك فهو منه لأنه بيع غائب على الصفة وانتقص الكراء لتعذر الأجرة ولك فيما سكن أجرة المثل وكذلك لو استحق أورد بعيب ولو اطلعت على العيب بعد هلاكه رجعت بحصة العيب وانتقص من الكراء بقدرها قال ابن يونس : قال أبو اسحق البرقي : أجرة المثل فيما سكن وما لم يسكن وكذلك استحقاق خدمته قال ابن حبيب : إن كان العيب كثيراً يضر بالمشتري إذا رجع بالسكنى خير بين السكنى والرد ويرجع بقيمة ثوبه معيباً
فرع قال اللخمي : يجوز كراء الأرض بالأرض : المأمونة بالمأمونة كان العمل في عام واحد أم لا وتمتنع المأمونة بغير المأمونة إذا قدمت المأمونة لأنه نقد في غير مأمون ويجوز العكس فإن سلم زرعها تم وإلا بقيت المأمونة لربها ويمتنع في غير المأمونتين وإن عملا في عام واحد فقد سلم أحدهما دون الآخر إلا ان تكونا من أرض المطر وهما متقاربتان وعملا في عام
فرع في الكتاب : إذا اكترى بدنانير لم يصفها والنقد مختلف : فسخ للجهالة إلا أن يكون عادة
فرع في الكتاب : يمنع كراؤها على أن يغرسها شجراً والثمرة للمكتري أو الشجر لك للجهالة والغرر قال ابن يونس : جوزه أشهب إذا سمى مقدارها كالبنيان لا يدري كيف يكون وقيل يمتنع فيهما إذا كان البناء يتغير في تلك المدة وقيل : يجوز في البناء وحده لأنه ينضبط في العادة أكثر من الشجر وقيل : يمتنع فيهما
فرع في الكتاب : إذا تشاحّا في النقد في الأرض وثم عادة قضى بها وإلا فإن كانت تروى مدة لزوم النقد إذا رويت لتيقن حصول المنفعة أو تروى بالسقي والمطر بعد الزراعة فلا ينقد إلا بعد تمام ذلك لتوقع التعذر وقال غيره : إن أمكن السقي تعين النقد فإن كانت تزرع بطوناً كالبقول نقد كل بطن حصته بعد سلامة منفعته وقال غيره : ينقد أول بطن لأنه مأمون والفرق بين الدور والرواحل وبين الأرضين غير المأمونة : أنه ليس بحساب ما مضى في الأرض إذا عطش الزرع وفيهما كل وقت يمضي يجب كراؤه وتحصل منفعته
فرع في الكتاب : يمتنع كراء الأرض بما تنبته كان طعاماً أم لا كالكتان والقطن تنبته ) أم لا كاللبن والسمن والصبر والأشربة والأنبذة وجوزه ( ش ) و ( ح ) بالطعام قياساً على الدور وغيرها لنا : ما في مسلم من نهيه عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة فائدة : في الكتاب : المحاقلة شراء الزرع بالحنطة وكراء الأرض بالحنطة وهو من الحقول وهي المزارع والمزابنة : بيع المعلوم بالمجهول من جنسه والمعاومة بيع الثمار أعواماً والمخابرة : قال في الكتاب : كراء الأرض بما يخرج منها وفي المقدمات : الخبز حرث الأرض ومنه المخابزة أيضاً وهي كراء الأرض بما يخرج منها ( قلت ) : قد ذكر بعض العلماء الفرق بين العليم والخبير : أن الخبرة هي إدراك الأشياء الخفية والعلم عام في الخفية والجلية والحرث إظهار ما خفي من الأرض فأمكن أن تكون المخابرة والخبرة من معنى واحد إما بالحقيقة أو بالاستعارة في الأصل ثم اشتهرت في الحرث فصارت حقيقة عرفية عامة قال : وكما يخاف بكرائها ببعض ما تنبت من الطعام طعام بمثله إلى أجل يخاف من طعام لا تنبته طعام بطعام إلى أجل قال : ويمتنع بالفلفل وزيت زريعة الكتان والزعفران أو عصفر لا تنبته ويجوز بالعود والصندل والخشب والعين قال ابن يونس : قال سحنون : إنما جاز العود ونحوه لأنها أمور يطول في الأرض مكثها وقيل : يجوز كراؤها شهرين بما لا تنتبه إلا في سنة قياساً على الخشب وفي كتاب محمد : جواز كرائها بالحشيش لأنه لا يزرع ولهذا التعليل إشارة إلى غلة أخرى في العود ونحوه وهو إنما ينبت من الأرض بالعلاج يمتنع أو بغير علاج غالباً كالعود يجوز وأجاز ابن نافع كراءها بسائر الطعام إلا الحنطة وعن ابن كنانة : يمتنع بكل شيء إذا أعيد فيها ينبت ويجوز غيره من الطعام وغيره لتعذر التعامل في الطعام قال سحنون : كراؤها بجزء ما يخرج منها جرحة كان ذلك مذهبة أو قلد فيه غيره إذا علم التجريح لتظافر النصوص بالمنع في ذلك فيمتنع التقليد وإن وقع فكراؤها من الدراهم وحكم جميع قضاة المغرب بقيمة ذلك الجزء لأن الأرض لا قيمة لها بالمغرب من النقدين ويجوز كراؤها بالماء لأنه ليس طعاماً وفي النوادر : أجاز ابن نافع بالطعام إلا الحنطة وأخواتها إذا كان ما يكرى به خلاف ما يزرع فيها
فرع في الكتاب : يجوز كراء الأرض بشجر بأصولها إن لم يكن فيها يومئذ ثمر وإلا امتنع كما يمتنع شراء شجر فيها ثمر بطعام لأنها معاملة بالطعام ويجوز بيع الأرض بذلك كما تباع بذلك بالطعام قال ابن يونس : يريد بالمنع : إذا كان فيها ثمر لم يؤبر ولو أبر لجاز لأنها تبع
فرع يجوز كراء الأرض يقبضها قابلاً بألف درهم إلى عشر سنين وليس ديناً بدين لأن الأرض ليست في الذمة
فرع في الكتاب : إذا أكرى بخمر ودراهم في صفقة فسد الجميع وإن رضي بترك الخمر وليس كالبيع والسلف والفرق : أن الخمر جزء الثمن فهو ركن العقد فيكون الفساد متمكناً والفساد في السلف انتفاعه وقد أسقطه فبطلت المفسدة
فرع إذا حل كراؤها لا يفسخه في ثياب يتأخر قبضها إلى ثلاثة أيام لأنه دين بدين
فرع يمنع : إذا زرعت شعيراً فبكذا أو قمحاً فبكذا أو إما بهذا الثوب أو بهذا العبد لأن الثمن معيناً أو مضموناً على اللزوم لأنه بيعتان في بيعة ويجوز على عدم اللزوم لكل واحد منكما لتجرد اللزوم عند التعين على معلوم حينئذ
فرع في الكتاب : يمتنع كراؤها بنصف ما تنبته من قمح ونحوه للجهالة بخلاف : اغرسها نخلاً أو شجراً فإذا بلغت كذا وكذا سعفة أو الشجر قدر كذا فالأرض والشجر بينهما نصفين أو على أن البُنيان والأرض بينهما لأن كراء الأرض بذلك جائز ابتداء وإن قلت : فالأصول بيننا فقط مع مواضعها من الأرض جاز وإن اشترط المواضع وشرطت بقاءها في أرضك حتى تبلغ امتنع للجهالة قال ابن يونس : إذا اكتراها بنصف ما يخرج منها فالزرع للزرع وعليه كراء المثل لأن العمل والزرع من عنده فأشبه الشركة الفاسدة إذا أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر والعمل قال : ولا يبعد أن يقال : نصف الزرع أفاته العامل في نصف الأرض بإذنه فعلى رب الأرض نصف البذر وأجرة العامل فيه ويترقب نصف العامل الذي زرع لنفسه إن تم أدى الكراء وإلا سقط عنه ما زرعه لنفسه وأما إجارته في نصف رب الأرض فثابته تم الزرع أم لا ومقتضى قوله : إن الأرض بيني وبينك نصفين : أن يكون زرع نصف الزريعة لرب الأرض فيكون عليه مثلها لأن أرضه قبضته وللعامل إجارته في زرع نصف الأرض وينتظر الذي زرعه العامل لنفسه فعليه كراء المثل إن حكم بالفسخ في إبان الزراعة وتم زرعه وإلا فلا وإن لم يحكم بالفسخ حتى تم الزرع فلا كراء عليه
فرع في الكتاب : يمتنع دفع أرضك ليزرع لك فيها حنطة من عندك ببعض أرضك يزرعه لنفسه لأنه كراؤها بما تنبته بخلاف : تزرعها بحبك على أن له بعضاً من أرض أخرى غير مزروعة لأن الأرض قبالة العمل دون البذر كما يجوز غرسه لك نخلاً بأرض أخرى
فرع قال الأبهري : إذا تكارى للحج في غير إبانه لا يؤخر النقد لأنه دين بدين
فرع قال : يمتنع حمل الزرع على أن له في كل مائة أردب يخرج عشرة أرادب لأنه لا يدري كم أردب يخرج ويجوز بالقتة لأنها تحرز الركن الرابع : المنفعة ولها ثمانية شروط : أن تكون مباحة جائزة الدفع للعبد متقومة مملوكة غير متضمنة استيفاء عين بالأصالة مقدوراً على تسليمها حاصلة للمستأجر معلومة فتذكر هذه الشروط بمداركها وفروعها مبسوطة إن شاء الله تعالى الشرط الأول : الإباحة احترازاً من الغناء وآلات الطرب ونحوهما لأن ثبوت الملك على العوض فرع ثبوته على المعوض ولقوله ( إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ) ولقوله ( لعن الله اليهود حُرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها ) قال سند في كتاب الصرف : بيع أواني الذهب جائز إذا اشتراها لبيعها من الذمة أو ممن يتجر فيها كثياب الحرير المخيطة للرجال أو ليدخرها للزمان لتباع عند الحاجة من غير انتفاع لأن النهي إنما ورد في الانتفاع والاستصناع يتخرج على هذا التفصيل وفي الجواهر : قال ابن الجلاب وعبد الوهاب : اقتناؤها من غير استعمال مُحرم قال أبو الوليد : لو لم يجز اتخاذها لفسخ بيعها وقد أجازه في الكتاب : قال ابن شاس : هذا غير صحيح لأن تملكها يجوز إجماعاً بخلاف اتخاذها بل فائدة الخلاف في منع الإجارة عليها وعدم الضمان على مُتلفها من غير جوهرها فالمخالف يجيز الإجارة ويوجب الضمان وفي الكتاب : يكره للأعزب إجارة الحرة ليس بينه ليس بينه وبينها محرم أو أمة يخلو معها أو يزاملها في المحمل قال اللخمي : يحرم في الأعزب كان مأموناً أم لا لقوله ( لا يخلو رجل بامرأة ليس بينه وبينها محرم ) ويجوز في المأمون ذي الأهل وتمتنع في غير المأمون ذي الأهل إلا أن تكون متجالة لا رغبة للرجال فيها أو شابة وهو شيخ فان
فرع قال اللخمي : إجارة الحمَّامات للرجال جائزة إذا كانوا يدخلون مستترين وللنساء إذا كن يستترن في جميع أجسادهن وممنوعة إذا كن يتركن السترة جملة ومختلف فيها إذا كن يدخلن بالمئزر بناء على أن المرأة بالنسبة للمرأة كالرجل بالنسبة للرجل أم لا وفي الترمذي ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام ) وأطلق ( ش ) و ( ح ) جواز الإجارة للحمام وكرهها أحمد لأنها موضع النجاسات والقاذورات ومأوى الشياطين وما ذكرنا من التفصيل أليق فإن حاجة أكثر الناس تدعو إلى دخولها لطهر الحيض والجنابة وإزالة الأوساخ ومداواة الأمراض مع أن صاحب الجواهر قد نقل الإجماع على امتنع دخولها مع من لا يستر عورته
فرع قال اللخمي : ويمتنع إجارة الحوانيت والدور إذا كان يفعل فيها المحرمات كبيع الخمور والمغصوب وآلات الحروب لأن الغالب اليوم أن لا يقاتل بها إلا المسلمون فإن تصدق بالكراء فإن أجره من يهودي يرابي فيه لم يتعرض له لأن ذلك من دينهم إن عمله هو والذمة وإلا لم يؤاجر ويمتنع من ذمي يبيع الخمر فيه لأنهم لم يعطوا العهد على إعلان الخمر ولا يؤاجر داره ممن يعملها كنيسة فإن نزل فسخ من القيام وتصدق بالأجرة إن فات وقيل : إذا أجره للخمر ففات لم يفسخ أو دابته للرواح إلى الكنيسة لأنه باع منافع يجوز له بيعها إنما المنتفع فعل ما يحرم عليه فلو أجر الذمي ليبيع خلا فباع خمراً لا يختلف لمساواة الخمر والخل في الضرر فلو أكراه ليسكن فباع الخمر ولم يعلم بذلك الكري قومت الدار ثلاث قيم : للسكنى وقيمة ما يضر كمضرة الخمر وقيمته مع الخمر وتصدق بما يزاد لأجل الخمر فإن علم بذلك تصدق بالجميع كأنه فسخ الأول في الثاني لما علم بالثاني وقيل : لا يتصدق فلو أكره لبيع الخمر فصرف ذلك للسكنى كان الكراء للمكري لأن الأول غير منعقد وإقرار الثاني عقد آخر إلا أن يكون كراء الثاني أقل فيحط عنه ما بين الكرائين قاله ابن حبيب فإن تعدى على الحانوت فباع فيها الخمر تعديا أخذ كراءها إن كان المتعدي ذمياً ولا شيء له إن كان مسلماً قاله ابن القاسم لان المنفعة معدومة شرعاً وله الأجرة عند ابن حبيب إلا أن يكون لا يكسب إلا بثمن الخمر وفي الكتاب : لا يكري دابته لتركيب لعيدهم وشاته لتذبح لذلك قال صاحب النكت : تقوم الدار بغير شرط كونها كنيسة ويتصدق بما بين الثمنين إن باع وبالكراء كله إن أجر لأن المنافع المحرمة لا تقابل بالأعواض وإجارة المسلم نفسه ثلاثة أقسام : لرعاية الخنازير وحمل الخمر تفسخ أبداً فإن فات تصدق بالأجرة وعلى الخدمة والمهنة تفسخ أبداً فإن فاتا لم يتصدق لأنها قبالة منفعة مباحة وإنما مُنعت لوصف خارج وهو إهانة الإسلام وعلى شيء لا يكون فيه تحت يد الذمي ولا مهنة كالقراض والحراسة فإذا نزل مضى المسمى ويكره في الكتاب : أن يكون عامل قراض للذمي وكره ابن القاسم إجارته للحراسة له والحرث والبناء لقوله : السلام ( الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه ) قال اللخمي في العتبية إذا وقع كراء العبد أو الشاة لا يرد لأن المعصية خارجة من أركان العقد كالبيع عند أذان الجمعة وككراء الحانوت لبيع الخمر والعنب يعصر خمراً يفسخ والفرق : أن منافع الدابة تنقضي قبل المعصبة والشاة بعد الذبح ذكية يجوز أكلها والمنافع تستوفي على ملك المؤجر في دار الكنيسة ونحوها فتباشر المعصية المنفعة ولو أجره على زق زيت فإذا هو خمر فله الأجرة ويتصدق بما تزيد الأجرة لكونه خمراً والعقد بينها باق في زق ثان فإن قال : خمراً فوجده زيتاً فأجره المثل لفساد العقد
فرع في الكتاب : يجوز على طرح الميتة والدم والعذرة لأن الغرض إبعادها لا هي ويمتنع على الميتة بجلدها لامتناع بيعه وإن دُبغ
فرع في الكتاب : يكره للمسلم كراء أرض الجزية ذات الخراج لما فيها من الذلة فإن أكريتها فأخذ السلطان منك الخراج : فإن لم يكن الذمي أداه رجعت عليه به وإلا فلا لأنها مظلمة عليك
فرع في الجواهر : تمتنع على قلع الضرس الصحيحة وقطع اليد السالمة لتحريم إفساد الأعضاء شرعاً
فرع كره مالك في النوادر : نقط المصاحف بالحُمرة والصفر ومقتضاه كراهة الإجارة عليها الشرط الثاني : قبول المنفعة احترازاً من النكاح فإنه مباح يتعذر بدله شرعاً وما تعذر بدله امتنع أخذ العوض عليه لأن أخذ العوض فرع انتقال المعوض الشرط الثالث : كون المنفعة متقومة احترازاً من التافه الحقير الذي لا تجوز مقابلته بالمال في نظر الشرع قال في الجواهر : واختلف في استئجار الأشجار لتجفيف الثياب ومنع ابن القاسم استئجار الدراهم والدنانير لتزيين الحوانيت وكل ما لا يرف خشية السلف بزيادة الأجرة وأجاز ذلك القاضي أبو بكر وغيره إذا كان ربها حاضراً معها وجوزه الأئمة مطلقاً إلا ( ش ) منعه لعدم التقويم ومنع الطعام للزينة والتفاحة للشم بخلاف التفاح الكبار ومنع الأشجار للتجفيف كل ذلك لعدم التقويم
فرع قال اللخمي : إجارة الثياب والحلي للشيء اليسير أجازها مالك مرة وكرهه أخرى لأن أخذ الأجرة على ذلك ليس من مكارم الأخلاق والقولان في الكتاب
فرع في الكتاب : يجوز كراء المصحف كبيعه وعلى كتابته وعلى تعليمه كل سنة بكذا وعلى الحذاق أو تعليمه كله أو جزئه بكذا لأنه متقارب عرفاً وقاله ( ش ) غير أنه اشتراط التحديد بالسور أو بالزمان لتكون المنفعة معلومة لقوله في الصحيحين : ( أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) ومنح ( ح ) وأحمد أجرة التعليم وكل ما فيه قربة تختص بالمسلم كالأذان والصلاة والحج لما في الترمذي قال عثمان بن أبي العاص : ( آخر ما عهد إلي النبي أن أتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً ) ولأنها قُرب يعود نفعها على آخذ الأجرة والعوض والمعوض لا يجتمعان لشخص والجواب عن الأول : أن ترك الأخذ أفضل إجماعاً فالأمر به لا يدل على تحريم الأخذ أو قبالة تعيين ما لم يتعين على أخذ الأجرة وليست قبالة أصل القُربة فهذه الأشياء وإن كانت قُرباً لكن لا يتعين على المسلم فعلها بالأجرة للتعيين وجوز الإجارة على الخط والحساب وبناء المساجد وكتابة المصاحف لأن فعل هذه لا يتوقف وقوعه على أهلية التقرب من الإسلام وغيره ومنع ( ش ) الإجارة في الصلاة وكل عبادة تمتنع النيابة فيها بخلاف تفرقة الزكاة والحج وغسل الميت لدخول النيابة فيها والأجير نائب فحيث جاز النائب جاز الأجير قال في الكتاب : وتجوز على الكتابة فقط وعليها مع القرآن مشاهرة وله اشتراط شيء معلوم مع أجرته كل فطر وأضحى قال : وأكره على تعليم الفقه والفرائض كما أكره بيع كتبها قال ابن يونس : منع ابن حبيب إجارة المصحف بخلاف بيعه وقاله ( ح ) فيه وفي الكتاب : لأن القراءة والنظر فيها فعله فلا يعطى على فعل نفسه أجراً والثمن في البيع للورق والخط وفي الإجارة لنفس القرآن وهو ليس متقوماً قاعدة : الإجارة مبنية على البيع فكل ما جاز بيعه جازت إجارته والأعيان على ثلاثة أقسام : ما اتُفق على جواز بيعه وقبوله للملك والمالية كالدار والعبد وما اتفق على منع بيعه وقبوله للمالية إما لعدم اعتباره شرعاً كالمحرمات من الميتة وغيرها أو لعدم القيمة فيه عرفاً كالنظر إلى السماء والتوجه تلقاء الهواء أو التفرج على الرياض وغير ذلك وما اختلف فيه هل هو من القسم الأول أو من الثاني وهو نحو هذه المسائل قال ابن يونس : وقد بيعت المصاحف أيام عثمان رضي الله عنه ولم ينكر الصحابة ذلك فكان ذلك إجماعاً قال ابن يونس : وإجازة ابن حبيب الإجارة على تعليم القرآن يبطل منع إجارة المصحف لأن المصحف كالمعلم واستعمال بدن المعلم كاستعمال المصحف عن صاحبه وثمره وورقه وجلده لكن المعلم ينتفع بزيادة حفظه بالتعليم بخلاف المصحف ويجوز عند مالك وأصحابه : اشتراط السنة والسنتين وليس لأب الصبي إخراجه حتى يتم الشرط إلا أن يدفع إليه جميع الأجرة والشرط لازم للمعلم أيضاً فإن قال : كل شهر بكذا فلكل واحد منهما الترك قال سحنون : ويحمل الناس في الحٍ ذاق وغيرها على العوائد إلا أن يشترطوا شرطاً والحِذاق على قدر حال الأب قال سحنون : وإذا بلغ ثلاثة أرباع القرآن فقد وجبت له الختمة وتوقف في الثلثين لأن الباقي تبع وقياساً على منع السيد من نزع مال المعتق إلى أجل إذا قرب ولأبيه إخراجه إذا بلغ الربع ولا شيء للمعلم من أجرة الختمة وإنما له إذا قاربها لشبهها بالجُعالة قال ابن حبيب : ويقضى بالحذاق على حفظ القرآن قال أصبغ : ولا يضر الغلط اليسير بخلاف إن يكن مستمراً في القراءة ولا يحسن الهجاء وإذا شرط المعلم أن له في الحذقة كذا فأخرجه الأب فعليه الحذقة بقدر ما مضى منها وإذا لم يبق من الحذقة إلا السور اليسيرة فأخرجه فله الحذقة لأن اليسير تبع قال : ولا يلزم الأب حق الأعياد لأنها مكارمة في أعياد المسلمين مكروهة في أعياد النصارى قال ابن يونس : إن كان عرفاً كالشرط وكره مالك تعليم المشركين الخط لأنهم يستعينون به على إلقاء الشبه إذا كبروا وكره تعليم المسلم عند الكفار كتابهم لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه وأجاز غير مالك بيع الفقه والإجارة على تعليمه لأنه اشغال للمعلم وأخذ منافعه وإنما كره ابن القاسم لأن العمل عندهم ليس عليه بخلاف القرآن قال اللخمي : إنما تجوز الإجارة على تعليم القرآن إذا عين مدة دون ما يتعلم فيها أو ما يتعلم من حذقة وشيء معلوم كربع ونصف أو الجميع دون تحديد مدة والجمع بينهما ممنوع للغرر فإن فعل وكان يجهل تعلم ذلك في تلك المدة فسدت الإجارة أو الغالب التعليم فيها فأجيز ومنع فإن انقضى الأجل ولم يتعلم فيه ذلك الجزء : فله أجرة مثله ما لم تزد على المسمى وفي الجلاب : منع الإجارة إلا مدة معلومة لأن أفهام الصبيان تختلف فقد لا يتعلم الجزء إلا في مدة بعيدة
فرع في الكتاب : تكره إجارة قُسام القاضي وحُسابهم وكان خارجة ومجاهد لا يأخذان أجراً قال ابن يونس : قال سحنون : إنما كرهه لأنهم كانت لهم أرزاق من أموال اليتامى قال اللخمي : أجرته جائزة من بيت المال إذا نصبوا أنفسهم لذلك ويمنع إذا كان من أموال وهل هي بين الشركاء على قدر الأنصباء أو العدد ؟ قولان قال : وأرى في القاسم والكاتب والسمسار أنها على الأنصباء لأنه العادة اليوم
فرع في الكتاب : لا يصلح أن يبني مسجداً أو بيتاً فيكريه ممن يصلي فيه فإن نزل قضي له بالثمن وأجازه غيره في البيت لأن منفعة البيت متقومة ويجوز كراء داره على أن تتخذ مسجداً عشر سنين والنقض بعد ذلك للباني وترجع الأرض لربها قال صاحب التنبيهات : إن أباح المسجد بعد بنائه صار حبُساً لا حق فيه لأحد وإن لم يبحه بل فعل ذلك ليكريه فليس من مكارم الأخلاق وهو معنى منعه كإجازة المصحف ولا كراهة في الأرض لأن للمكتري أن يفعل ما يشاء ولو سلم البيت لمكتريه لكان كالأرض وإنما يكره كراؤه لأنه ليس من مكارم الأخلاق وعلى هذا يحتمل أن يكون قول الغير وفاقاً أو يكونان تكلما على وجهين أو يكون الغير تكلم على الفعل بعد الوقوع وابن القاسم فيه ابتداء قال ابن يونس : قال سحنون : إنما منع في المسجد لأنه حبسه والحبس لا يؤاجر وإذا أخذ باني نقض المسجد جعلها في غيره قال أبو محمد : وقول ابن القاسم أصوب لأن هذه ليست كاستحقاق أرض بعد بنائها مسجداً لأن البناء خرج هناك لله على التأبيد وهنا مدة معينة كمن دفع فرسه لمن يغزو عليه غزوة فإنه يرجع إليه وليس لصاحب الأرض دفع قيمة البناء مقلوعاً لأنه لا ينتفع ببقائه على صورة المسجد وإذا لم ينفع إلا بعد النقض فصاحبه أولى بخلاف الاستحقاق إلا أن يقول : أنا أُبقيه مسجداً مؤبداً فله أخذه فتجب تبقيته مسجداً قال اللخمي إذا بنى مسجداً فحيز عنه أو صلى الناس فيه زال ملكه فيه وإن بناه ليكريه جاز وله بيعه ولو صلى الناس فيه وإن بنى ليصلى فيه ولم يُجز عنه ولا صلى الناس فيه وامتنع من إخراجه من يده لم يجبر فإن مات قبل إجباره أو كان على العادة حبساً فهل يمضى حبساً أو ميراثاً قياساً على الصدقات إذا لم يفرط في خروجها حتى مات ؟ قولان وإذا أكرى الأرض لتتخذ مسجداً مدة فانقضت فللباني نقض مالا يصلح للسكنى ولا يوافق بناء الديار وما يصلح للسكنى ولم يحبسه : كان لصاحب الدار أخذه بقيمته منقوضاً واختلف إذا حبسه هل يأخذه بالقيمة وهو أحسن
فرع في الكتاب تكره على تعلم الشعر والنحو وكتابتهما وإجارة كتبهما كما يكره بيع كتبهما وهي أولى بالكراهة من كتب الفقه قال ابن يونس أجازها ابن حبيب في الشعر والنحو وأيام العرب والرسائل ونحوها مما يليق بذوي المروآت بخلاق شعر الهجاء والخمر والخنا
فرع تكره على الحج والإمامة في الفرض والنفل بخلاف الأذان والإقامة والإمامة لأنها على الإقامة بالمسجد ولزوم موضع مخصوص ومنع ابن حبيب في الأذان والإقامة والإمامة لحديث الترمذي المتقدم قال ابن يونس أجاز ابن عبد الحكم الإجارة على الإمامة لالتزامه موضعا مخصوصا وإذا جوزنا في الأذان فأخل ببعض الصلوات هل يسقط حصة ذلك أم لا قال اللخمي وأجاز مالك في الكتاب الإجارة على الإمامة إذا جمعت مع الأذان في عقد هو كالغرر تبعا لا مستقلا
فرع تكره إجارة الدف والمعازف لأنه ليس من عمل الخير وكان يضعفه قال صاحب التنبيهات ضرب التنبيهات ضرب الدف في العرس مباح لكن ليس كل مباح تصح إجازته قال ابن يونس ينبغي الجواز في الدف المباح ومعنى يضعفه أي يضعف قول غيره الشرط الرابع أن تكون المنفعة مملوكة احترازا من الأوقاف والربط ومواضع الجلوس من المساجد والطرقات والمدارس وغير ذلك وهذا الشرط لم يذكره صاحب الجواهر بل اقتصر على سبعة شروط وغيره ذكر فروعه ولم يذكره فأردت أن أنبه عليه قاعدة فرق أصحابنا وغيرهم من العلماء بين ملك المنفعة وبين ملك أن ينتفع فهذه الأمور كلها ملك فيها ان ينتفع ولم يملك المنفقة حتى يعاوض عليها فلا يجوز لأحد أن يؤاجر بيت المدرسة أو موضع الجلوس في المسجد لان الشرع أو الواقف إنما جعل له الانتفاع بنفسه فقط وغير ذلك فغير مأذون فيه فاعلم هذا الفرق
فرع في المقدمات عن مالك في كراء دور مكة أربع روايات المنع وقاله ( ح ) لأنها فتحت عنوة والجواز وقاله ( ش ) لأنها فتحت عنده صلحاً أو من بها على أهلها عندنا على هذه الرواية ولا خلاف عن مالك , أصحابه أنها فتحت عنوة والكراهة لتعارض الأدلة وتخصيصها بالموسم لكثرة الناس واحتياجهم للوقف لأن العنوة عندنا وقف تمهيد : اتفق مالك والشافعي وغيره أنه دخل مكة مجاهراً بالأسلحة ناشراً للأولوية باذلاً للأمان لمن دخل دار أبي سفيان وهذا لا يكون إلا في العنوة قعاً وإنما روي أن خالد بن الوليد قتل قوماً فوداهم وهو دليل الصلح وجوابه : يجب أن يعتقد أنه أمن تلك الطائفة وعصم دماءهم جمعاً بين الأدلة تنبيه : مقتضى هذه المباحث والنقول أن يحرم كراء دور مصر وأراضيها لأن مالكا قد صرح في الكتاب وغيره أنها فتحت عنوة ويلزم على ذلك تخطئة القضاة في إثبات الأملاك وعقود الإجارات غير أن أرض العنوة اختلف العلماء فيها : هل تصير وقفاً لمجرد الاستيلاء أو للإمام قسمتُها كسائر الغنائم أو هو مخير في ذلك والقاعدة المتفق عليها : أن وسائل الخلاف إذا اتصل ببعض أقوالها قضاء الحاكم تعين ذلك القول وارتفع الخلاف فإذا قضى حاكم بثبوت ملك في أرض العنوة ثبت الملك وارتفع الخلاف وتعين ما حكم به الحاكم هذا التقرير يطَّرد في مكة ومصر وغيرها تنبيه : الليث بن سعد مصري وهو يقول : فتحت مصر صلحاً ووافقه المؤرخون فكيف يستقيم قول مالك مع أنه حجازي والليث أخبره ببلده لا سيما والتواريخ تعضده ؟ الجواب : قيل : إنها فتحت صلحاً ثم نافقت ففتحت عنوة بعد ذلك وهذا مشهور في الإسكندرية أن عمرو بن العاص قاتلها مرتين وأنها نافقت بعد الفتح فأمر غيرها كذلك وكان تبعاً لها الشرط الخامس : كون المنفعة غير متضمنة استيفاء عين وقاله الأئمة قال في الجواهر : احتراز من إجارة الأشجار لثمرها أو الغنم لنتاجها ولبنها وصوفها لأنه بيع للمعدوم وليس سلماً ويستثنى من ذلك الشجرة تكون في الدار ثلث الكراء لأنها تبع والمرأة للرضاع والحضانة مع تضمنه لأعيان اللبن للضرورة وفي الكتاب : تجوز إجارة الظئر على الرضاع وقاله الأئمة ونص الشافعية على إجارة البئر للاستقاء والدار فيها بئر وفي الكتاب : تجوز إجارة الظئر حولين ولها اشتراط طعامها وكسوتها لأنه منضبط عادة ويمنع زوجها من وطئها إن أذن في الإجارة لأن الوطء يقطع اللبن بالحمل أو يقله أو يفسده لما بين الثدي والرحم من المشاركة عند الأطباء وإلا فله فسخ الإجارة لحقه في الوطء وترضع حيث اشترطوا وإلا فعند الأبوين لأنه العادة إلا من لا ترضع مثلها عند الناس أو أب خسيس لا يؤتى إليه ويحمل كلف الصبي في دهنه وغيره على العادة وإذا حملت وخيف على الصبي فلهم فسخ الإجارة للضرر ولا يلزمها أن تأتي بغيرها لذهاب المنفعة المعينة وتنفسخ الإجارة بموت الصبي قياساً عليها ولأن خلق الصبيان تختلف ولها بحساب ما أرضعت نظائر : في المقدمات : المستوفى به المنفعة لا يحصل الفسخ إلا في أربع مسائل : صبيان ودابتان : صبي الرضاع وصبي المكتب ودابة الرياضة والتي يُنزى عليها وقاله الأئمة في صبي الرضاع وفي الكتاب : إن سافر الأبوان فليس لهما أخذ الصبي إلا أن يدفعا لها جميع الأجرة لان العقد لازم لهم فائدة : قال صاحب التنبيهات : الظئر : المرضع بكسر الظاء مهموزاً وقد سُهل وجمعه : ظُؤرة بضم الظاء وسكون الهمزة مثل غُرفة ووقع في المدونة بضم الهمزة والأول الصواب ويجمع على ظُؤار أيضاً بالضم وأصله من الظآر بالكسر وهو عطف الناقة على ولدها قال صاحب النكت : إذا مات زوج الظئر وقد اشترط المقام عند الصبي رجعت لبيتها تعتد فيه لأن العدة أقوى من الشرط لكونها لٍ حفظ النسب وهو مهم في نظر الشرع والفرق بين الظئر تخرج وبين المعتكفة لا تخرج : إن المعتكفة يمنعها من الفساد المسجد والاعتكاف فأمكن الجمع بين مصلحة العدة والعبادة قال ابن يونس : إذا شرطت الظئر مؤنتها لا يدخله طعام بطعام إلى أجل لأن النهي إنما ورد في الطعام المعتاد والرضاع لا يفهم عند إطلاق لفظ الحديث وقال أصبغ : لا يمنع الزوج الوطء إذا أذن إلا أن يشترطوا عليه أو تتبين ضرورة وقاله ( ش ) لان الحمل موهوم لقوله ( لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ) ولم ينه عنها وقول ابن القاسم أصلح لأن الزوج لا يكون مولياً بترك الوطئ لمصلحة الولد وقاله ( ش ) وليس للزوج السفر بها إن أذن لها وإلا فله وينفسخ العقد قاله ابن عبد الحكم وإذا مات زوجها : قال ابن عبد الحكم لهم فسخ الإجارة لفوات المبيت عندهم وقال ابن حبيب : إن لم تكن العادة في حمل كلف الصبي لم يلزمها إلا الرضاع إلا أن يشترط غيره قال اللخمي : تجوز الإجارة على الصبي الحاضر والغائب إن ذُكر سنة لأن الرضاع يختلف باختلاف السن والأحسن تجريب رضاعه في قوته في الرضاع لأنه متقارب ومنع سحنون إلا بعد معرفته وليس لذات الزوج إجارة نفسها إلا بإذنه لاشتغالها بذلك عنه وألزم مالك إجارة الرضاع لذات الشرف قال : وأرى إن دخلت معرَّة على غيرها أن يفسخ وإذا مرضت الظئر انفسخت الإجارة إن لم يُرج برؤها عن قرب وإن تبين خلافه : هل يمضى الفسخ لأنه حكم مضى أو يرد لتبين الخطأ ؟ كما اختلف في أخذ دية العين لنزول الماء ثم يذهب أو أخطأ الخارص فإن سجنت بكفالة في حق فكالمرض ينظر فيه إن تكفَّلت قبل الإجارة وإلا لم تسجن لأن الكفالة تطوع وليس لها التطوع بما يبطل الإجارة وفي كتاب ابن سحنون : لا يفسخ بموت الصبي ويؤتى بخلفه قياساً على غيره وإذا مات الأب قبل نقد الأجرة فسخ العقد مات موسراً أم لا لخراب ذمته بالموت وانتقال التركة للورثة فإن كان نقد : ففي الكتاب : ما بقي ( من الرضاع بين الورثة وقال أيضاً : ما بقي ) مما قدم بينهم وليس بمنزلة الهبة بل بمنزلة النفقة تُقدَّم وتبين عدم الاستحقاق وقال أشهب : ذلك للصبي دون الروثة كأن وهبه له فقبضه وكذلك أجرة معلم الكتاب : قال : وارى إن مات الأب بعد سنتين يكون الباقي للصبي لأنه هبة أو في أول العقد كانت السنتان الأوليان ميراثاُ لأن الأب كان يظن أنها واجبة عليه فتبين خلافه وإن استأجر الأب ظئراً ثم ماتت الأم فحصل للصبي مال ميراثا : فالقياس : استئناف العقد لأنه بيسره سقط عن الأب رضاعه والاستحسان إمضاء ذلك ويأخذ الأب ما قدمه من مال الصبي إلا أن تكون في الأجرة محاباة فيسقط الغبن عن الابن
فرع في الكتاب : إن مات الأب قبل النقد معسراً : فلها فسخ الإجارة للضرر ولو تطوع أحد بأدائها لم يفسخ لانتفاء الضرر وما وجب فيما مضى ففي ذمة الأب ولو أرضعته باقي المدة لم تتبعه بشيء وكذلك لو قالت : أرضعته على أن أبتعه فهي متبرعة لظاهر حال الصبي كمن انفق عل يتيم لا مال له وأشهد أنه يتبعه قال صاحب النكت : لا يكون ما قدمه الأب لمعلم الصبي ميراثاً بخلاف الظئر والفرق : أن التعليم لا يجب عليه بخلاف الرضاع فلم يقصد الهبة إلا أن يعلم أنه قدمه خوف الموت فيكون هبة للصبي لا ميراثاً وتستوي المسألتان قاله محمد
فرع في الكتاب : تجوز إجارة العبد الصانع على أن يأتيك بالغلة ما لم تضمنه أ وتشترطه عليه في أصل الإجارة خراجاً معلوماً لأنه قد يعجز عنه ووضعه عليه بعد العقد من غير ضمان جائز لأنها منفعة ملكها بالعقد الصحيح قال اللخمي : عن مالك منع استئجاره على أن يأتيه بالخراج وهو أصله فيمن اشترى شيئاً على أن يعمل له ينظر إلى ما يصير إليه ذلك المشتري : إن كان مجهولاً امتنع كالزرع على أن على البائع حصاده ودراسه والزيتون على أن عليه عصره فيمنع للجهل بصفته بعد الخروج ومقداره وهذا يدفع دنانير لا يدري ما يتحصل له بها في مدة الإجارة ويجوز أن يجعل عليه خراجا مضمونا إن كان الثمن عرضاً ويأتيه بأحد النقدين وبالعكس حذراً من بيع النقد بالنقد وفي الكتاب : تمنع إجارة الأجير سنة بدنانير ليعمل لك في السوق على أن يأتيك بثلاثة دراهم كل يوم لأنه صرف مستأجر وإن كان على أن يعطيك به طعاماً كان سلماً بغير سعر معلوم وقد يكثر ويقل بالغلاء والرخص وقال ابن يونس : فإن اشترط عليه كل يوم مكيلة معلومة موصوفة : أجازه محمد وكرهه ابن القاسم لتخيل السلم الحال الشرط السادس : كون المنفعة مقدوراً على تسليمها وفي الجواهر : احترزا من استئجار الأخرس للكلام و الأعمى للإبصار أو أرض للزراعة لا ماء لها قطعاً ولا غالباً وقال الأئمة وفي الكتاب : يجوز كراء المشاع كنصف عبد أو دابة ويأخذه يوماً بيوم ولمن اكترى نصف دار كراء حصته ولا شفعة له بخلاف البيع لأن الضرر في الرقاب أعظم لأنه يدوم والإجارة محدودة ووافقنا ( ش ) وأحمد في كراء المشاع ومنع ( ح ) لعدم القدرة على التسليم بسبب اختلاط المكري بغيره لنا : القياس على شراء المشاع ويُمنع امتناع التسليم بل يسلم الجميع له فيحصل تسليم المكرى ضمناً كالبيع قال اللخمي : إن كانت صنعة العبد لا يمكن تبعيضها ترك نصيبه واقتسما خراجه وإن قبلت الدار القسمة قسمت منافعها وسكن المكتري فيما يصير إليه أو أكراه وإلا أكريت واقتسما كراءها إلا أن يريدها أحدهما بما تقف عليه فإن أكرى أحد الشريكين بإذن شريكه : فالجواب ما تقدم أو بغير إذنه ولم يجز ودعا للبيع أجيب في العبد والدابة والدار إذا لم تنقسم وإن قبلت القسمة ودعا إليها قُسمت المنافع بالقُرعة وإن أراد المكري القسم بالقرعة فللأبهري منعه فإن اقتسما الرقاب وصار للمكري أقل من النصف بما لا ضرر فيه على المكتري حط من الكراء بقدرة أو أكثر وأمكن تمييز الزائد مُيز وانتفع به المكري وإن لم يتميز ولم يضر فيه سكن بانفراده مع المكتري بغير شيء لأنه يقول لا حاجة لي به فإن أجره نصفاً معيناً : خيّر الشريك بين الإجازة وله نصف الأجرة وبين مقاسمة المنافع فإن صار النصف المكري للمكتري أخذه أو للآخر خير بين الإجازة وله الكراء أو يرد واختلف قول مالك إذا كان الكراء في نصف شائع في الأخذ بالشفعة إذا كانت الدار تحمل القسمة وأراد الأخذ ليسكن وإن أراده ليكريه فلا كالأخذ بها في البيع ليبيع فإن أكرى نصيباً معيناً فلا شفعة
فرع في الكتاب : إن لم يفعله في يوم كذا وكذا فلا أجرة : يمتنع للغرر في تسليم المنفعة في ذلك الأجل وفي الكتاب : يجوز كراؤها قابلاً وفيها زرع الآن لربها أو لغيره وكراء الدار على أن لا يقبضها إلا بعد سنة ولا يشترط في مدة الإجارة أن يلي العقد وقاله ( ح ) وأحمد واشترطه ( ش ) حتى يتمكن من التسليم في الحال ونحن نقول : تكفي القدرة على التسليم في الجملة وإنما منعناه في المعيّن الذي يتأخر قبضه خشية هلاكه فلا يحصل مقصود العقد وهذه أعيان مأمونة ووافقنا على إجارتها السنة القابلة ممن هو مستأجرها الآن وفي الكتاب : ويجوز تعجيل النقد في مثل السنة ويكره في الزمان الطويل
فرع في الكتاب : تجوز إجارة الفحل للإنزاء أكواماً معروفة أو شهراً بكذا لأنها منفعة مقصودة مضبوطة وتمتنع على نزوه حتى يكل الإنزاء للغرر ومنعه الأئمة مطلقاً لنهيه عن عسب الفحل أو لأنه يُعجز عن تسليمه لأنه باختيار الفحل أو لأنه تافه لا يقابل بالأعواض أو لأن فيه استيفاء عين وكلها مبطلات والجواب عن الأول : أن النهي محمول على ما فيه غرر من اشتراط الحمل جمعاً بين الأدلة وعن الثاني أن تنهيض الفخل لذلك معلوم عادة من طبعه فهو مقدور على تسليمه وعن الثالث : أن حركة الفحل مقصودة عادة عند جميع العقلاء ولولا ذلك لبطل النسل وعن الرابع : أن تلك العين كاللبن في الرضاع للضرورة قال ابن يونس : قال ابن حبيب : تُعيق الرمكة بضم التاء وكسر العين أي تحمل والأكوام جمع كوم وهو الضراب والنزو ويقال : كامها يكومها إذا فعل ذلك وإذا سمى شهراً امتنع تسمية المرّات قال اللخمي : وعن مالك : كراهة بيع عسيب الفحل لأنه ليس من مكارم الأخلاق قال سحنون : إذا استأجر الفحل مرتين فعطبت الدابة بعد مرة انفسخت الإجارة كالصبي في الرضاع
فرع ويجوز عندنا كراء الأرض التي تروى غالباً اكتفاء بالغلبة وقال ( ش ) : لا تكفي الغلبة بل لا بد من القطع بالري حتى يقطع بالتسليم وفي الكتاب : يجوز كراء الأرض الغارقة إن انكشف ذلك عنها وإلا فلا كراء بينكما إن لم ينقد ليلاً يكون تارة بيعاً وتارة سلفاً فإن تيقن الانكشاف جاز النقد وقال غيره : يمتنع العقد إن خيف عدم الانكشاف لأنه غرر
فرع في الكتاب : يجوز كراء الأرض الغائبة بإفريقية بمصر إذا عرف الدار وموضعها وإلا فلا ويجوز فيها لأنها مأمونة ومنع أحمد الكراء على الصفة لعدم الانضباط ( وافقنا ( ح ) قياساً على البيع ) الشرط السابع : أن تكون المنفعة حاصلة للمستأجر ففي الجواهر : احترازاً من العبادات التي تمتنع النيابة فيها ليلاً يحصل العوض والمعوض لواحد وقاله الأئمة : ( قال ابن يونس : قال عبد الملك : يمنع إعطاء الأجرة على طلوع موضع في الجبل بعينه لأنه أكل المال بالباطل ولا يجوز إلا على ما ينتفع به المعطى ) الشرط الثامن : كون المنفعة معلومة وقاله الأئمة لأن الإجارة معاوضة مكايسة فتمتنع فيها الجهالة والغرر ( لنهيه عن بيع المجهول ) ولقوله تعالى ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) وفي الكتاب : باع بمائة على أن يتجر بها سنة : هو بيع وإجارة يجوز إن شرط خلف المال إن تلف كمن استأجر على رعاية غنم بعينها سنة إن شرط الخلف جاز وإلا فلا فإن شرط فهلك بعضه فامتنع من إخلافه ووفى الأجير المدة له كمال الأجرة لأن الأجير أسقط حقه ولو كانت بمائة غير معينة جاز وإن لم يشترط الخلف لعدم التعيين ويجوز اجتماع البيع والإجارة دون الجعل لان الجّعل عقد غرر ويصير البيع غرراً بخلاف الإجارة ولا يجتمع الجعل مع الإجارة ومنع ( ش ) و ( ح ) الجمع في الكل لتباين العقود قال صاحب التنبيهات : اشتراط الخلف في المال دليل على عدم تضمين الأجير ما في يديه فيما يبيع به أو يشتري وجوز سحنون وغيره عدم اشتراط الخلف في الدنانير والغنم لأن الحكم يوجبه وإن لم يشترط قال صاحب النكت : إنما يصح اشتراط التجر بالمائة إذا أخرجها المشتري في ذمته إلى الأمانة أو يسمي الأنواع من التجارات ليلاً ليكون سلفاُ للنفع وغرراً الشرط ولا يلزمه أن ينزعها لعدم دخوله في الشرط وإن شرط ذلك امتنع لعدم انضباطه فيكون عمل الإجارة مجهولاً بخلاف الراعي يشرط عليه رعاية مائة من الغنم لانضباطه عادة ولو لم يحضر الثمن وتجر سنة فالربح والخسارة له وعليه لفساد العقد ويرتجع البائع من سلعته بقدر الإجارة لأن السلعة بذلت في الثمن والإجارة ويأخذ ذلك من عينها إن كانت قائمة وقيل : لا يرجع في عينها لضرر الشركة وحيث صحت الإجارة فمات في نصف السنة جرى الخلف المتقدم هل يرجع في عينها لأنها عين ماله أو قيمتها ؟ وإذا كمل السنة والمائة عروض لم يلزمه بيعها بخلاف المقارض لأنه لا يستحق إلا بعد النضوض ورد عين المال وهذا استحق السلعة بمجرد العمل وإذا مضت المائة في خلال السنة فللبائع تمامها : ولا مقال للمشتري لأن العقد اقتضى التجر بالمائة فإن استحقت السلعة بالبينة بعد التجر فله أجرة المثل والرجوع بالثمن والربح والخسارة للبائع وعليه لبطلان العقد بالاستحقاق وإن ظهر له عيبها في السنة وقد فاتت فقيمة العيب من الثمن وحصة الإجارة في نصف السنة الماضي ويتجر في النصف الباقي بما بقي من الثمن فقط بعد إسقاط حصة العيب لتبين عدم قبضه لجملة ما يوجب كمال العمل وكذلك لو اطلع على العيب قبل العمل لتبين عدم قبضه لجملة ما يوجب كمال العمل وكذلك لو اطلع على العيب قبل العمل وقد فاتت السلعة عمل السنة بما بقي بعد الإسقاط قال اللخمي : قيل : يمتنع جمع البيع والإجارة لأن الإجارة غرر ببيع ما ليس عندك وهي بصدد الفسخ لا سيما إجارة العمل تقل وتكثر وجيد ورديء وقد منع مالك ضم الجزاف المكيل وهو أقل غرراً من الإجارة وقيل : يجوز البيع والجُعل في عقد والخلاف راجع إلى بيع سلعتين : أحدهما بالخيار والأخرى على البت وحيث أجزنا فحيث كانت تبعاً للبيع وإن اشتراط في المائة عدم الخلف إن ضاعت والمحاسبة بقدر العمل : جاز عند ابن القاسم على قوله فيمن باع نصف ثوب على أن يبيع له النصف الآخر ويشهد المشتري على إخراج المائة في ذمته وجلوسه في الحوانيت يبيع ويشتري يقوم مقام الإشهاد ويصدق في الخسارة كعامل القراض وإن أشكل تجره لنفسه أو للبائع صدق لأنه أمين على ذلك وإن قال : أخرجت الثمن وضاع قبل الشراء لم يصدق لأنه متهم في إبراء ذمته ولما يتجر فيه ثلاثة شروط : تعين الصنف ووجوده في الشتاء والصيف وإن يديره متصل التجر فإن اشترط تأخيره لتعسر الأسواق امتنع لعدم انضباط العمل ولو شرط التجارة في السنة مرتين امتنع لأنه لا يشترط منافع معين يتأخر قبضها ولو استأجر أجيراً على عمل يعمل بعضه الآن وبعضه بعد أشهر امتنع لأن الشروع في القبض كقبض الجملة ويجوز اشتراط دخول الربح في التجر إن كان قدره في مثل ما جلس فيه للإدارة متقارباً وإن كان متبايناً امتنع وكذلك اشتراطهم جبر الخسارة وهي قدر يسير جاز وإلا امتنع وإن مات العامل قبل العمل وقيمة الإجارة مائة فأكثر والسعلة قائمة فهو شريك بقدر الإجارة ويخير المشتري بين الرضا بعيب الشركة أو الرد وإن كانت الإجارة الثلث فأقل رجع بقيمة ذلك عند ابن القاسم وشريك عند أشهب ويخير الورثة لدخول الشركة فإن فاتت السلعة اشترى القليل والكثير ويرجع عليهم فيما ينوب الإجارة فإن مات بعد عمل نصف السنة كان قدر صار للبائع جل الثمن المائة بنصف العمل فيختلف هل يرجع شريكاً في الباقي أو القيمة على ما تقدم ؟ وتختلف قيمة الشهور لأنها اكتريت بالنقد الذي ينوب الأول أرخص والأخير أغلا كسلعة أسلم فيها وكذلك الجواب إذا مرض قبل العمل أو بعد بعضه وللبائع أخذ ماله إذا مضى بعض السنة وكان لا يرجى برؤه إلا بعد طول أو ضرر فإن برئ بعد رجوع المال عن قريب والبائع موسر أتى بمائة أخرى فإن عجز عن خلفها فسخت الإجارة قال ابن يونس : لو باع ثوباً بمائة على التجر في سنة فاستُحق أحد الثوبين وهما متكافئان أو الأدنى لم ينتقض البيع وعليه التجر في ثمن الباقي في سنة لسلامة نصف الصفقة أو أكثرها وكذلك لو رد أحدهما بعيب
فرع في الكتاب : يجوز أن يبيع نصف سلعة لرجل على أن يبيعك نصفها الآخر بالبلد إن ضربت للبيع أجلاً لأنها إجارة منك لذلك النصف إلا الطعام لأنه قد يستهلك فتكون إجارة وسلفاً فإن باعك في نصف الأجل فله نصف الأجرة وإن وجد البيع بعد الأجل فله الأجرة كاملة لاستيفاء المنفعة وإن بيعت نصف هذه السلع على أن يبيع لك النصف ببلد آخر أو بهذا البلد ولم يضرب أجلاً امتنع لأنها إجارة مجهولة مع بيع فإن الوصول إلى ذلك البلد قد يتعذر ويختلف والأجل يطول وينقص وعن مالك في الأول : المنع وإن ضرب أجلاً لأنه تحجير ولأنه إن لم يبع رجع عليه في النصف المبيع بما ينوب الإجارة فصار ثمن النصف مجهولاً وكذلك إن باعه في نصف الأجل قال صاحب التنبيهات : ومنعه سحنون في كل ما يكال أو يوزن كالطعام لأنه إن باعه دون الأجل رجع في بعض ما باع فصار بيعاً وسلفاً وإجارة أيضاً لأن هذا المحذور ما تعين وقيل : يمتنع فيه وفيما لا ينقسم لأن المشاع يتعذر عليه التصرف في المبيع وما ينقسم ويعرف بعينه يأخذ نصيبه منه متى شاء يجوز إذا ضرب أجلاً وأجازه ابن حبيب فيما لا ينقسم وإن لم يضرب أجلاً ومنعه فيما ينقسم لأنه كأنه اشترى منه نصف ذلك وجوزه ابن كنانة في سائر الأشياء إلا في الطعام لأن السلف يكثر فيه وفي الموطأ : يجوز بيع نصف ثوب على أن يبيع لك النصف الآخر قال ابن كنانة : أحسبه يريد : ضرب أجلاً أم لا في البلد أو غيره ويضرب له من الأجل قدر ما يباع إليه وعلى المذهب إذا ضرب أجلاً للطعام وشيط عليه أن يباع لهذا النصف قبل الأجل جاءه بطعام آخر يبيعه إلى الأجل يجوز قال ابن يونس : قال ابن القاسم : باعه نصف ثوب بعشرة على أن بيع له النصف الآخر شهراً فباعه في نصف الشهر : ينظر : كم قيمة بيعه شهراً وهو درهمان مثلاً فقد باعه باثني عشر درهماً فله سُدس الصفقة فإذا انفسخ نصف الإجازة انفسخ نصف السدس من الصفقة فيرجع به هو ربع السدس من قيمة الثوب كله فيأخذه ثمناً نفياً لضرر الشركة إلا في المكيل والموزون فيرجع به في عينه لتيسير القسمة قال محمد : يمتنع البيع في المكيل والموزون للرجوع تارة بالثمن وتارة بغيره وعن ابن القاسم : إذا أجره شهراً بدرهم على أن يبيع له كل ما جاءه به فإن لم يجئه بشيء فله الدرهم : يمتنع الغرر وإن أجره على بيع دابته في إفريقية فإن هلكت انفسخت الإجارة : امتنع فإن شرط أن سافر في مثل ذلك بدابة أخرى إذا كان الأجل معلوماً قال اللخمي : أبيعك نصف العبد على أن تبيع جميعه : يمتنع وإن ضرب أجلاً لأنه تحجير على المشتري في البيع وأجازه ابن حبيب فيما لا ينقسم إذا ضربا أجلاً ويمنع في المنقسم لأنه اشترى ثمن نصف ذلك حيث اشترط بيع جميعه قال ابن القاسم : أبيعك هذه السلعة وهي كثيرة إلى أجل كذا بكذا على أني متى شئت تركت : يجوز إذا لم ينقد لامتناع النقد في الخيار وهي إجارة لازمة لصاحب الثياب والخيار للعامل وله كلما مضى يوم بحسابه
فرع في النكت : بينكما مائة شاة استأجرته على رعايتها فعند ابن القاسم أجرته على خمسين فإن اقتسما فحصل لك أكثر من خمسين لم تلزمه رعاية الزائد أو أقل فلك إتمامها قال اللخمي : إذا شهدت العادة بصفة عمل أو مقدار ثمن جاز اعتماداً على العادة
فرع قال اللخمي : إن عين في الخياطة عدد الثياب امتنع الأجل أو الأجل امتنع العدد فإن جمع بينهما وهو يجهل الفراغ من ذلك العدد في ذلك الأجل امتنع للغرر لأنه قد يفرغ قبل الأجل ( فيخيط بقية الأجل ) فيزداد العمل أو يفضل العمل ويسبق الأجل فيقل العمل أو يقول : الأجل يقتضي استحقاق منفعة الأجير وامتناع العمل للغير وتعيين العمل يقتضي تعلق العقد بصفة الفعل فقط دون منافع الأجير له العمل للغير فالجميع بينهما متناقض ووافقنا الأئمة فإن كان الغالب فراغه في الأجل : فقيل : يجوز لعدم الغرر وقيل : يمتنع لأن الفراغ في نصف الأجل يسقط باقيه وهو خلاف الشرط فإن خاطه بعد الأجل سقط من المسمى ما يسقطه التأخير وقال عبد الملك : له أجرة المثل لأن هذا العمل غير معقود عليه
فرع في الكتاب : يمتنع استئجاره على طعام بينكما إلى بلد يبيعه به إن شرطت أن لا تميز حصتك قبل البلد لأن هذا الشرط يشعر بأن الأجرة للحمل وليقاسمك فيما يعرض للطعام من هلاك أو غيره فيكون المستأجر عليه غير معلوم وله أجرة المثل وإن كان له المقاسمة متى أحب جاز إن ضرب للبيع أجلاً وإن أجرته على طحنه بشرط عدم القسمة قبل الطحن امتنع وإلا جاز وكذلك على رعاية الغنم المشتركة بينكما يمتنع الشرط ويجوز مع عدمه إذا شرط الإخلاف من حصتك قال غيره : إذا اعتدلت في القسم حتى يتعين عدد الحصة ويمتنع استئجاره على نسج غزل بينكما لعجزه عن بيع حصته قبل النسج قال اللخمي : اشتراطه ذكر الخلف في الغنم هو على أحد قوليه أن المستأجر له يتعين وعلى القول بعدم التعين الحكم للإخلاف وإن لم يشترط قال : وأرى إذا سكتا عن القسمة وبقاء الشركة : الجواز لعدم تعين المفسدة قال ابن يونس : يريد بضرب الأجل للبيع أي بعد الوصول للبلد ولا ينقده إجارة البيع وحمل ابن القاسم أمرهما في الغنم على الاعتدال في القسم وإنما واجره على نصف عددها فإن كانت مائة ووقع له في القسم أكثر من خمسين لم يلزم رعاية الزائد أو أقل فله الإتمام
فرع في الكتاب : يجوز استئجار نصب مرحاض بخلاف مسيل ميزاب لأن المطر يقل ويكثر وفي النكت : جوابه لافتراق السؤال وهما سواء وإنما يمنع مسيل الماء إذا اشترى من جاره ما ينزل من ميزابه بخلاف أن يقول : لك كذا على أن يسيل الماء من داري إلى دراك يجوز كالمرحاض بخلاف الأول لأنه بيع مجهول وقيل بالفرق بين الأمر اليسير فيمتنع والكثير فيجوز لأن الغالب نزول المطر فيه
فرع في الكتاب : تجوز على القتل والقصاص كإجارة الطبيب للقطع والبط وأما لغير التأديب فلا لأن المنفعة محرمة وإن أجره على قتل رجل ظلماً فقتله فلا أجرة له لأن المحرم لا قيمة له شرعاً وعليه القصاص ويؤدب المستأجر على المحرم ووافقنا الأئمة في ذلك إلا ( ح ) في قصاص النفس لأن زهوق الروح غير منضبط الضربات في العدد فهو مجهول بخلاف الأعضاء لنا : قوله تعالى ( كتب عليكم القصاص ) ومن لا يحسن لا يتعين على الناس التبرع له فتتعين الإجارة وقياساً على ذبح الشاة وعلى الأطراف قال عبد الوهاب في الإشراف : والأجرة على المقتص لأن المنفعة له والواجب على الجاني إنما هو التكمين قال ابن يونس : يُريد بالقصاص : إذا ثبت بحكم حاكم عدل وفي كتاب محمد : على المستأجر لقتل الظلم ضرب مائة وحبسه سنة ولو قال : اقتلني ولك ألف درهم فقتله : قال سحنون : اختلف فيه والأحسن ضربه مائة وحبسه سنة ويبطل الجعل لتحريم المنفعة وقال محمد بن عمرو : للأولياء قتله لأنه حق لهم دون المقتول ولو قال : اقتل عبدي ولك كذا أو بغير شيء يضرب القاتل مائة ويحبس سنة والصواب : عدم القيمة لوجود الإذن وقيل : هي للسيد عليه قال اللخمي : لا يستأجر للقتل والجراح إلا من يأتي بذلك على وجهه من غير عيب ولا تمثيل
فرع في الكتاب : استئجار الطبيب على العلاج هو على البرء إن برئ له الأجرة وإلا فلا إلا أن يشترطوا ما يجوز كالكحال الشهر أو كل يوم بدرهم فيجوز إن لم ينقده لأن البرء قد يتعجل فيكون تارة بيعاً وتارة سلفاً فإن برئ قبل الأجل أخذ بحسابه واشترط ( ش ) في الكحال : الزمان المحدود لتكون المنفعة معلومة فإن استأجره وهو صحيح يكحله كل شهر بدينار فله النقد لأنه لا يتوقع فيه الرد ويلزمهما تمامه قال ابن يونس : قال سحنون : اصل إجارة الطبيب : الجُعالة فذالك لا يضرب أجلاً قبل ويكون الدواء من عند العليل كاللبن والجص في بناء الدار وإلا فهو غرران لم يذهب داؤه باطل ويدخله بيع وجُعل وهو ممنوع وجوز ابن حنبل الأمرين لضرورة الناس لذلك بالعجز عن عمل الأمراض والأكحال قال ابن القاسم : إن شرط إن لم يبرأ دفع ثمن الأدوية امتنع وفي الجلاب : قيل : لا يجوز على البرء والقرآن على الحِذاق إلا مدة معلومة كقول ( ش ) وهو قول ابن حبيب قال اللخمي : يجوز اشتراط الطبيب من الأجرة ما الغالب أن البرء لا يحصل قبله واختلف في عمله على الجعالة وحيث جوزناه فترك قبل البرء فجعل لأخر جُعلاً على البرء فهل يكون للأول بقدر ما انتفع أم لا قياساً على المساقاة إذا عجز قبل العمل ؟ وعن مالك : إجازة أن يكون الدواء من عند الطبيب
فرع في الكتاب : يمتنع للخدمة شهراً بعينه على أنه إن مرض قضاه عملاً في غيره لاختلاف أيام الشتاء والصيف
فرع في الكتاب : تجوز إجارة العبد خمس عشر سنة وهو في الدور أبين للوثوق ببقائها وقاله ( ح ) وأحمد وقال ( ش ) : لا يزاد على سنة أو ثلاثين سنة في العقار قولان له ومنشأ الخلاف : النظر إلى الوثوق وعدمه ولنا : قوله تعالى ( إني أُريد أن أنكحك إحدى انبتي هاتين على أن تأجرني ثماني حِجج فإن أتممت عشراً فمن عندك ) وفي الكتاب : تجوز في الدور والرقيق عشرين سنة والموصى له بخدمة العبد له إجارة ذلك وقال غيره : تمتنع إجارة العبد السنين الكثيرة لسرعة تغير الحيوان فيكون في الدواب أشد قال ابن يونس : وفي الكتاب : للموصى له بخدمة عمره أن يؤخره عشر سنين بالنقد وإلا جاز لأنه كلما عمل أخذ بحسابه قال اللخمي : الإجارة تختلف باختلافها بالأمن فآمنها : الأرض ثم الدور ثم العبيد ثم الدواب ثم الثياب فيجوز في الدور أربعين سنة بغير نقد وبالنقد إن كانت جديدة وكذلك الأرض المأمونة الشرب ويجوز في القديمة بحسب ما يظن سلامتها وأجاز في كتاب محمد في العبد عشرين سنة بالنقد قال : وأرى أن ينظر لسن العبد فيجوز في سن العشرين : عشرون ويمتنع في الصبي لأنه لا يعلم حاله عند البلوغ وكذلك الكبير لأن حال الهرم تختلف وكذلك يختلف في الحيوان معمرة كالبغال أكثرها أجلاً ثم الحمير ثم الإبل وكذلك الملابس يجوز في الجميع المأمون
فرع في الكتاب : إذا أجر للخدمة ليستعمله على عُرف الناس جاز ولا يجوز أن يشترط : إن سافر أو زرع استعمله للجهالة قال ابن يونس عن ابن القاسم : يجوز أن يشترط : إن احتاج إلى سفر شهرين في السنة سافر معه لخفة ذلك وعنه : المنع للجهالة ولا يشترط عليه عملين متباعدين كحراسة الكرم وخدمة البيت لأنه في معنى تحويل دين في دين وجوز محمد أن يشترط في شهر من السنة معين عملاً آخر يسميه وجوز ابن حبيب إجارة شهرين كل شهر بعمل يسميه أو يؤجره شهراً أو عاماً قيل أمره على عمل آخر خلافه في الشهر الثاني بناء على تقارب العمل كأنها إجارة ويمتنع ما يتباعد كمن استأجر على عمل لا يشرع فيه إلا بعد شهر
فرع في الكتاب : المستأجر على بناء الدار عليه الآلة والماء على مقتضى العادة وعلى حافر القبر ردمه وكذلك نقش الرحا ونحوه وقاله الأئمة فإن فقدت العادة فعلى رب الدار لان اللفظ لا يقتضي إلا العمل
فرع في الكتاب : يجوز على حفر بئر يصف موضعها وعمقها إن كانت الأرض معلومة الحال وإلا فلا لأن باطنها قد يكون صلباً وكذلك فُقر النخل على ان يبلغ الماء ويجوز على إخراج الماء في الأرض المتقاربة وإلا فالمزارعة فائدة : قال صاحب التنبيهات : فُقر النخل : إبارها بضم الفاء وأحدها فقير وهو أيضاً حفير يعمل حول النخل يجتمع فيه الماء
فرع في الكتاب : يجوز كراء الدابة ليركبها أو يطحن عليها وإن لم يذكر ما يطحن ويحمل ذلك على العادة فإن لم تكن عادة فسد وكذلك دواب الحمل ويحمل بقدر القوة إن كانت لمالك واحد وإن كانت لملاك وحملها يختلف امتنع كجمع السلع في البيع للجهل بما ينوب كل واحد من الأجرة قال صاحب التنبيهات : إذا لم يسم ما يحمل على الدابة جوز إذا كانت عادة وقال غيره : إن سمى طعاماً أو بزاً جاز وإن قال : أحمل عليها ما شئت امتنع ويحمل على الوفاق أي عادتهم معرفة الجنس فلا يضر جهل المقدار وهو ظاهر الكتاب : وقيل خلاف والعادة إنما هي في المقدار ووافقنا الأئمة في الإطلاق والحمل على العادة في الدار والدابة
فرع في الكتاب : يمتنع كراء الدابة للتشييع حتى يبين منتهاه قال غيره إلا أن تكون فيه عادة ويمتنع كراؤها لإفريقية والأخرى لبرقة حتى يبين التي لبرقة
فرع في الكتاب : يمتنع كراؤهم لأزوادهم على أن كل من مرض حمل
فرع قال ابن يونس : قال مالك : يجوز إن تقدمت عن البلد فبحساب ما تكاريت إذا سمي موضع التقدم أو عرف وإلا امتنع للجهالة قال محمد : ولا ينقده إلا كراء الغاية الأولى حذراً من البيع والسلف ويجوز : إن وجدت صاحبي دون الغاية فعلي بحسابه إن لم ينقد قال ابن القاسم : إلى مكة بعشرة وإلى اليمن بخمسة عشر يمتنع لأنه بيعتان في بيعة إلا أن يقول : بحساب ذلك إلا أن ينقص من الحمولة أو يزيد فيها قال عبد الملك : يجوز إل مكة بدينار وإلى الطائف بأربعة لأنها صفقة للطائف بخمسة ويمتنع : إن بلغت الطائف إلا أن تكون الوجهة الأولى أرخص فيمتنع لأنه يرخصه بإطماعه في الثانية
فرع قال : يمنع : دابتك المكتراة إلى مكة إذا بلغت بي إلى الطائف فبحساب ما اكتريت لان كراء الدابة المعينة لا بد فيه من الشروع ليلاً يكون المبيع المعين يتأخر قبضه وإنما جاز ذلك في الأول لأنه شرع
فرع في الكتاب : يجوز الكراء إلى مصر وإن كانت اسم الإقليم لان العادة الفسطاط بخلاف الشام وخرسان لعدم الانضباط
فرع في الكتاب : يجوز على حمل رجلين أو امرأتين لم يرهما لتقارب الأجسام فإن أتاه بفادحين لم يلزمه والفادح : العظيم الثقيل من الرجال وغيرها قال ابن يونس : والكراء باق بالوسط
فرع في الكتاب : يجوز الكراء على زاملة لا يخبره بما فيها ويحمل على المعتاد وله من التعاليق المعتاد وإن شرط هدايا مكة وهي معلومة عادة جاز وإلا فلا فائدة : قال صاحب التنبيهات : الزاملة : ما يحمل فيه كالخرج ونحوه
فرع في الكتاب : يجوز اشتراط عقبة الأجير لأنه معروف
فرع قال ابن يونس : أجاز مالك إجارته على أن يخيط له ولأهله ما يحتاجون إليه في السنة والفران على أن يخبز سنة أو شهراً إذا عرف عيال الرجل وما يحتاجون إليه
فرع قال : قيل إذا كانت الأعمال يتفاوت ضررها بالحانوت لم يجزه حتى يعين العمل وإلا جاز قال الأئمة وقيل : إذا كان الحانوت بسوق عُرف يعمل فعليه دخل
فرع في الكتاب : يجوز كراء أرض المطر عشر سنين إن لم ينقد فإن شرط النقد فسد العقد لتوقعه سلفاً وكذلك لو قرب الكراء وقرب الحرث إلا أن يتمكن من الحرث فحينئذ ينقد تلك الشربة لتحقق الأمان فيها قال غيره : لا تكرى أرض المطر التي تروي مرة وتعطش أخرى إلا قرب الحرث وتوقع الغيث وإن لم ينقد للغرر في المنفعة ويمنع كراؤها بالنقد حتى تروى رياً مأموناً عاماً واحداً إلا أن تكون مأمونة كما في النيل فيجوز بالنقد وبغيره قال صاحب النكت : لا يلزم النقد في أرض المطر حتى يتم الزرع وينقد في أرض النيل والمأمونة من غيره إذا رويت وأرض السقي التي تزرع بطوناً ينقد عند ابن القاسم كل بطن إذا سلم حصته وعند غيره إذا روى أول كل بطن فإن أكرى ثلاث سنين بمائة : قال ابن القاسم : ينقده السنة الأولى الثلث ولا ينظر إلى تشاح الناس إنما ذلك في الدور وليست العادة في الأرض المشاحة في ذلك وكذلك نخلات أرض السقي وكذلك قال : إذا هارت البئر بعد سنة أعطي بحسابها على تشاح الناس
فرع في الكتاب : يجوز كراء مائة ذراع من أرضه الغائبة إذا كانت مستوية كشراء آصُع من صُبرة ويمتنع في المختلفة كالبيع حتى يسمي أي موضع منها وقال غيره : يمنع في المستوية حتى يعين الموضع قال صاحب النكت : إنما منع الغير لان من قول أصحاب مالك منع ثوب من ثوبين مستويين على أن يضربا القُرعة عليهما لما في الصورتين من غرر القُرعة لغير التساوي قال ابن يونس : ألزم عليه عدم جواز الشائع لوقوع القرعة فيه وهو جائز اتفاقاً وتوقع القرعة لتوقع الاستحقاق
فرع في الكتاب : إذا اشتريت الزرع على الحصاد ثم أذن لك رب الأرض في بقائه بأجر أم لا يمتنع لأنه معرض للجوائح فهو بيع غرر ومنفعة الأرض مدة بقاء الزرع مجهولة وإنما جاز تبعاً لأصل الزرع وأما المفرد فلا فإن اشتريت الأرض صحت التبقية
فرع قال في الجواهر : يصح كراء الأرض من غير تعيين المنفعة من زراعة أو غيرها ويفعل من ذلك ما يشبه واشترط ( ش ) تعيين الزراعة أو غيرها وجوز على أن يزرع ما شاء حملاً له على الأعلى فإن أشبه الجميع وبعضها أضر فسد العقد ولو قال : انتفع بها ما شئت جاز وله زراعة غير ما أجر له من جنسه وقاله الأئمة ولو شرط عليه أن لا يزرع إلا صنفاً عينه امتنع لتوقع تعذره فإن فعل فله كراء المثل وإذا اكترى للبناء لا يشترط معرفة مقدار البناء ولا صفته بخلاف البناء على الجدار لأن حمل الأرض لا يختلف
فرع قال : يشترط في دواب الركوب : الرؤية والصفة الجامعة للأعراض من الجنس والنوع والذكورة والأنوثة إلا أن يعلم ذلك بالعادة ولا يحتاج إلى وصف الراكب بل لو تعين بالركوب أو بالرؤية لم تتعين وله أن يجعل مكانه مثله وقال الأئمة في الدار والأرض والدابة لأن المستوفى للمنفعة لا يتعين لأنه مالك والمالك له سلطان التمليك لغيره بخلاف المستوفى منه لأنه أحد العوضين فيبقى فيه الغرر والمستوفى به لا يتعين أيضاً لأنه آلة لا تقابل بالعوض إلا في أربعة مواضع تقدم بيانها في الصبيين والدابتين وحيث كان الكراء في الذمة لا يشترط وصف الدابة إلا أن تكون الحمولة تحتاج لذلك كالدجاج ونحوه كما لا يحتاج إلى تعيين ما يعطى منه السلم
فرع قال : إن استأجر لزراعة القمح شهرين بشرط القلع جاز لأن المقصود الفضل وإن شرط البقاء امتنع لمناقضة شرطه التاقيت وإن أطلق فسد إن كان العرف الإبقاء قال : إذا زرع ما هو أضر فعليه الكراء الأول وما بين الكراءين تمهيد : إنما قال ذلك ولم يقل : عليه كراء الزرع الثاني مع أنه هو الواقع غالباً فإن الشعير إذا كان في العرف بدينار والقمح بدينارين فإنه إنما يستأجر للشعير بدينار في الغالب فإذا زرع القمح يكون عليه دينار وهو الكراء الأول وما بين الكرائين وهو الدينار الذي امتاز به كراء القمح فيكون المتحصل له ديناران فلو قال : الكراء الثاني صح ولا حاجة إلى التطويل لكن عدل عنه لحكمه وهو أن الكراء الأول قد يكون فيه نزول عن كراء المثل بسبب حاجة رب الأرض أو غيره ذلك فتضيع تلك الرخص المستفادة من العقد ويبطل موجبه وكذلك لو وقع بأغلى لحاجة المكتري أو غير ذلك من الأسباب ومثاله : كراء الشعير سبعة وكراء القمح عشرة في العرف اكترى الشعير بدينار لضرورة رب الأرض أو لصداقته له ثم زرع قمحا فعلى قوله يعطي خمسة وعلى ما يتخيله السائل يعطى عشرة فيذهب عليه ما حصله من الغبطة بالعقد وعكسه لو اكترى الشعير بعشرة لسبب غرض فزرع قمحاً فعلى قوله : يعطى ثلاثة عشر فلا يفوت على رب الأرض ما حصله من الغبطة بالعقد وعلى قول السائل : لا يعطي إلا عشرة فيذهب عدوانه لا أثر له فهذا سر قول العلماء : يعطى الكراء الأول وما بين الكرائين
فرع في النوادر : قال مالك : إذا أُسكن داراً حياته جازت إجارته لها ثلاث سنين فأقل ولا يجوز أن يؤاجر نفسه ذلك
فرع قال : منع مالك كراءها إلى ( الإسكندرية ) وبعد رجوعك تبقى عليها زرعك شهراً لأنك لا تدري كيف ترجع
فرع قال الأبهري : يمنع : إن ماتت الدابة انفسخ الكراء لأنه كراء إلى موتها وهو مجهول
فرع قال : تجوز إجارتها ليسقي دواب القرية إن كانت الدابة معلومة وإلا فلا
فرع في النوادر : قال ابن حبيب : إذا اكترى دابة معينة وشرط : إن ماتت فالأخرى مكانها إلى منتهى السفر أو شرط أن يأتي كراءه مضمون يمتنع للغرر وإن نقده وهلكت الدابة المعينة لا يأخذ في نقده دابة أخرى معينة لأنه فسخ دين فيما يتأخر قبضه فيشبه الدين بالدين إلا أن يكون موضع ضرورة كالفلاة
فرع في النوادر : قال ابن القاسم : يجوز دفع الشبكة يصيد بها يوماً لنفسه ويوماً لك وفي الشهرين كثير لتظافر الجهالة ويجوز إجارة الصياد ويجتهد في إلقاء الشبكة حسب الإمكان
فرع قال : إذا ضرب أجلاً للدابة وسمى موضعاً أو عين عملاً يمتنع لأنه بيعتان في بيعة فيفسخ وقيل : يصح ويكون له المسمى إن بلغ الموضع في ذلك الأجل وكراء مثله إن لم يبلغ اليه فيه ولهذا كان الأجل واسعا يدرك فيه الموضع وإلا امتنع اتفاقاً وكذلك : إن بلغت في أجل كذا وكذا فلك كذا كذا ( الباب الثاني في أحكام الإجارة ) وفيه فصلان الفصل الأول في مقتضياً الألفاظ وعوارض العقد من شرط وإقالة ويتحالف وغير ذلك وفي الجواهر الخيط في الخياطة على المالك إلا أن يكون عادة وقاله ( ش ) لأنه عين لازم منفعة وعلى الحضانة لا يستتبع الإرضاع وعلى الإرضاع لا يستتبعها وفي الكتاب الإجارة لازمة وليس لأحدهما الترك وقاله الأئمة لأنه عقد شرع لرفع الضرورة في المنافع فيلزم بالعقد كالبيع ولأن الأصل ترتب المسببات على أسبابها قال صاحب المقدمات الإجارة ثلاثة أقسام جائزة كخياطة الثوب ومكروهة في الحج و الصلاة والمسلم يؤجر نفسه من الذمي فيرد ما لم يفت فيمضى بالمسمى ومختلف في كراهتها وتحريمها كحفر العين ألف ذراع وما فيه من الصفا ( فعلى ربه شقة فكان الصفا ) مائة ذراع فشقها وطلب بدل عملها بموضع أضعف من الأول قال مالك يرد بقدره من الأجرة قال ابن القاسم له أجرة مثله لأنها فاسدة لعدم انضباط الصفاء وصحح مالك العقد وأبطل الشرط تمهيد قال الأعمال ثلاثة أقسام ما تصح فيه الإجارة والعل كبيع الثوب وحفر البئر وقضاء الديون والمخاصمة في الحقوق وعن مالك منع الجعل في الخصومة وبمتنعان فيه وهو ما يحرم فعله أو يجب وفيه الإجارة فقط كخياطة الثوب وخدمة الشهر وبيع السلع الكثيرة والسلعة الواحدة التي يعلم وجود ثمنها في الحال ونحوه مما تبقى للجاعل منفعته ويمتنع اجتماع الجعالة والإجارة لتضاد أحكامها ويفسدان جميعا وعن سحنون اجتماع المغارسة والبيع وهو من هذا القبيل
فرع في الكتاب الإجارة على البيع يجب فيها ضرب الأجل ويمتنع النقد لتوقع عدم البيع في جملة الأجل فيرد بعض الأجرة فيكون تارة بيعا وتارة سلفا وانا لم ينقد ومضى من الأجل بعضه فللأجير حصته لأنه في مقتضاها
فرع قال يجوز على بيع سلع كثيرة شهرا على أنه متى شاء ترك لأنها إجارة فيها خيار ويمتنع النقد كما تقدم قال صاحب الإشراف يجوز - عندنا - شرط الخيار في الإجارة المعينة والمضمونة خلافا للشافعية قياسا على البيع قال ابن يونس ويمتنع التطوع بالأجرة بعد العقد لأنه لما كان له الترك متى شاء كأنه فسخها في العمل فهو كفسخ دين في دين وكذلك لو أجره على أنه بالخيار ثلاثة أيام وهو كالتطوع بالنقد في السلم بالخيار قال سحنون لا أعرف هذا الخيار وإنما يكون الخيار يومين أو ثلاثة ما لم يعمل قال حمديس لو صح قول ابن القاسم لفسدت الإجارة لأنه إنما يجوز الخيار في الإجارة مما يجوز في البيع قال محمد إنما يمتنع النقد إذا ضرب أجلاً إذ كان المتاع معيناً وإلا فيجوز ويعمل له جملة الأجل سؤال : أي محذور في قولنا : تارة بيعاً وتارة سلفاً قاعدة : السلف شرعه الله تعالى معروفاً وإحساناً بين الخلق وما شُرع لحكمةٍ يمتنع إيقاعه غير متضمن تلك الحكمة فلا تجوز الملاعنة في حق المجبوب لدرء النسب لكونه منتفياُ عنه بغير لعان ولا تجوز إقامة الحدود على السكارى حالة السكر لعد مشاهدتهم لتفاصيل المؤلمات حينئذٍ ولا تشرع عقود المعاوضات مع الغرر والجهالات لذهابها بانضباط مظان تنمية المال فكذلك لا يجوز السلف على غير وجه المعروف والسلف بشرط البيع أوقعه للمكايسة لا للمعروف فيمتنع والدافع الثمن أو الأجرة لم يدفعها للمعروف فتوقع ردها بعد الانتفاع توقع لسلف لم يقصد به المعروف فيمتنع لكنه أخف من السلف بشرط النفع لكونه لم يتعين كونه سلفاً بخلاف ذلك
فرع في الكتاب : يمتنع النسج على أن يسلفك غزلاً لأنه سلف للنفع قال صاحب النكت : إن وقع رددت مثل السلف والثوب لك وعليك أجرة المثل لفساد العقد وقد انتفعت بلا بالربا وليس كمن دفعت له خمسين على أن يسلفك خمسين ويعمل الجميع سوارين وتعطيه أجرته لأن عين الذهب قائمة والغزل استهلك بل هو كمن موه لجاماً على أن يزيده الصانع من عنده لأن ما جعل في اللجام مستهلك وقيل : الثوب بينهما على قدر غزلهما وله أجرة مثله في حصتك كالسوارين قال : والأول أصوب قال اللخمي : على القول بأن الثوب مشترك بينهما فعليه الأقل من المسمى فيما ينوب الغزل أو اجارة المثل
فرع في الكتاب : إذا استأجر ثوباً أو خمية شهراً فحسبه للزمته الأجرة وإن لم يلبسه لأن بذل الأجرة على التمكين ولأن المنفعة هلكت تحت يده فتجب الأجرة كالثمن في البيع إذا هلك المبيع عنده ولو حبسه بعد المدة فالأجرة عليه للحبس من غير لبس مع أجرة العقد لأنها منفعة لم يعاقد عليها وقال غيره : بحساب ما استأجر إن كان ربه حاضراً لأن حبسه بعد العقد رضا بمقتضاه ولو ضاع في نصف الأجل وأصابه بعده لم يلزمه أجرة الضياع بل حصة النصف الأول وكذلك الدابة قال ابن يونس : قيل : معنى أجرته بعد المدة من غير لبس : أن يكون كراؤه ملبوساً في الشهر عشرة وإبلاء اللبس في الشهر خمسة فيكون عليه خمسة وكذلك الدابة قال : وفيه تطويل ( بل يقال كم اجرتها غير مركوبة وملبوس مع أنه حبسهما عن ربهما وفوته منافعهما وإلا يلزم إذا كان اللبس لا ينقصه أن يعطى مثل كراء الشهر وهو خلاف قوله
فرع في الكتاب : يمتنع دفعك الثوب المكرى لغيرك يلبسه لاختلاف الناس في اللبس والأمانة ويضمن إن فعل لاختلاف الناس في اللبس ويكره في الدابة المركوبة وإن كان مثله أو أخف لأن الأخف قد يعقر الدابة بقلة معرفته للركوب فأمره غير منضبط غير أن الدابة فيها تحمل بخلاف الثوب ولا يفسخ ولا يضمن إذا كان مثله في الخفة والحلة والحالة ولو بدأ له في السفر أو مات أكتريت من مثله وكذلك الثياب خلافاً ل ( ش ) بخلاف الكراء للسفن والدور والفسطاط فلك كراؤه في مثل حالك في لبسك وأمانتك قال ابن يونس : لم يضمنه سحنون في كراء الثوب كالفسطاط والمذهب في الدابة والثوب : الكراهة وهو مراده في الكتاب وفي الكتاب : تجوز إجارة العبد فيما استأجره له فإن أجره له في غير فعطب ضمنه إن كان عملاً يعطب في مثله ولأنه متعد قال ابن يونس : له أن يحوله من العمل إلى نوعه مثل الحصاد والحزر والفصد فإن قال : لا أحسنه فلك فسخ الإجارة إلا أن يكن يسيراً لا ضرر عليك فيه
فرع في الكتاب : يجوز بيع البعد المستأجر مع قرب الإجارة كاليومين وإلا لزم تأخير القبض في البيع المعين قال صاحب التنبيهات : يجوز في نحو اليومين فإن رضي المشتري وإلا فله القيام بهذا العيب فإن علم بعد انقضائها فهل له الأجرة في دينك اليومين ؟ خلاف وقيل : للمبتاع الرد ويمنع في البيعدة وله الأجرة وقيل : هو كعيب ذهب فيلزم وله الأجرة رضي البائع أو كره لأنها منفعة ملكه وقيل : يرجع المبتاع بالثمن ما بين قيمته على القبض إلى أجل الإجارة واختلف في مراده في الكتاب في الإمضاء في القريب ويفسخ في البعيد حمله ابن أبي زيد قبل انقضاء الأجل وقيل : بعد الأجل
فرع في الكتاب : إذا وجد العبد سارقاً فله الرد كالبيع إن كان للخدمة لعسر التحفظ منه بخلاف إجارته للمساقاة لإمكان التحفظ ولأنه شريك ولأن لك المساقاة عليه
فرع قال : إذا لم يقدر الأجير على أكثر من الغنم لا يرعى معها غيرها إلا أن يدخل معه راع يقوي به فله ذلك في الغنم اليسير إلا أن يشترط عليه عدم ذلك فيجوز ويلزم كسائر الشروط فإن رعى غيرها فالأجرة لك أنك استحققت منفعة في الرعي وكذلك أجير الخدمة إذا أجر نفسه يوماً : لك الأجرة وقال غيره : إن لم توجب الرعاية الثانية تقصيراً في الأولى فلا أجرة له قال صاحب النكت : إذا كان مضمونا تحت يدك فليس عليك تسمية ما يرعى لك بخلاف المنفرد بنفسه والمشترك لجميع الناس لا بد من التسمية وإذا اشترط عليه أن لا يرعى غيرها فرعى فالأجرة لك ولك تخييره كما خيرت في أجير الخدمة يؤاجر نفسه : بين الأجرة وإسقاط ذلك من المسمى قال ابن يونس : تخييرك في أجير الخدمة إنما ذلك فيما يشبه أجرته وأما إن استأجرته شهراً بدينار فيؤاجر نفسه في أمر مخوف بدينار أو يقاتل فيدفع له في قسمة عشرة دنانير لا يكون لك إلا أجر ما عطلك من عملك قال اللخمي : يجوز استئجارك للرعي لك وإن لم تسم ذلك ويحمل ذلك على جميع منافعه ولك أن تأتيه بما يقدر عليه إذا كان المستأجر يعلم قدر رعاية مثله ولا يكون له أن يرعى معها غيرها فإن فعل فالأجرة لك قال وأرى إذا اشترط عليه أن لا يرعى فرعى أن يخير بين الفسخ عن نفسه ما زاد لمكان الشرط وأخذ قيمة الزيادة إلا الأجرة لوجود الأسباب الثلاثة : عاقد على وفور المنفعة ففاتت وباع بعض منافعه المستحقة له فله إمضاء العقد وله اخذ القيمة بالتفويت وكذلك إذا ترك رعاية الأولى ورعى غيرها يخير بين الثلاث وإذا قلت : استأجرتك على هذه الغنم : قيل : يجوز والإشارة كالصفة فيخلف غيرها إن أصيبت وقيل تعين والإجارة فاسدة للتحجير عليك فلا تقدر على بيعها وقيل تتعين وهي جائزة وقاله ( ح ) وأحمد وقلا : ينفسخ العقد في الذاهب منها وفائدة التعيين عندنا : أن لا يكلف الخلف قيل : إن قرب الأجل جاز وإلا فلا وكذلك الأحمال إذا قال : تحمل هذه الأحمال قال في كتاب الرواحل : لا تتعين وعلى قوله هاهنا في الغنم : يتعين ثم يختلف هل تكون جائزة أم لا أو يفرق بين القريب والبعيد قال : وأرى الجواز فيما قرب لخفة التحجير وفيما بعد إذ كان الشرط منك لأن غرضك : عدم تكلف الخلف وإن كان من الراعي فسدت
فرع في الكتاب : ليس للراعي أن يأتي بغيره يرعى مكانه ولو رضيت بذلك لأنه فسخ دين في دين ويحرم على الراعي سقي لبن الغنم لعدم الإذن في ذلك ويحمل في رعاية الولد على عرف الناس فإن لم تكن عادة لم يلزمه لعدم تناول العقد لها قال اللخمي : سقي اللبن مكروه ولا يحرم لأن الغالب الإباحة وإن كانوا يبيعونه وأكثرهم حرم أو يبيحونه لم يكره
فرع في الكتاب : للصُّناع منع ما عملوا حتى يقبضوا أجرهم كالبائع في البيع لأنهم بائعون لمنافعهم وهم أحق به في الموت والفلس وكذلك حامل المتاع أو الطعام على رأسه أو دابته أو سفينته لأن المنفعة المستأجرة عليها إنما تحصل بتسليم العين فكأنها سلعتهم بأيديهم وهو مورد الحديث في الفلس
فرع في الكتاب : إذا استأجرته على بناء حائط وصفته له فبنى نصفه ثم انهدم فله بحساب ما بنى لأنك قبضته وليس عليه إعادة العمل لمزيد الضرر عليه كان الأجر من عندك أو من عنده قال غيره : لهذا في عمل رجل بعينه وعليه في المضمون تمام العمل توفيه بالعقد وحفر البئر كبناء الحائط إلا أن يكون جُعالة فلا شيء له إذا انهدت قبل إسلامها إليك وإسلامها إليك فراغه من الحفر والبناء قال مالك : والأجير على حفر البئر إذا انهدم قبل فراغه لا شيء له أو بعد فراغه فله الأجرة قال ابن القاسم : وذلك فيما يملك من الأرضين قال صاحب التنبيهات : إن استأجره على بناء حائط فبنى نصفه ثم انهد وقال الغير : ذلك في رجل بعينه قيل : وفاق وقيل : خلاف قال : وأرى أن قول الغير راجع إلى اشتراط الآجر والطين أجازه مالك وابن القاسم ( وقال الغير ) : إذا كان على وجه الضمان لم يشترط رجلاً بعينه جاز إذا قدم نقده فجعله الغير كالسلم يلزم فيها شروطه وإن لم يذكر فيها ضرب الأجل لأن المقبوض تبع ما لم يقبض وابن القاسم : كان الرجل معيناً أم لا واعتمد في تقدير العمل والبيع من الأجر على العادة ومنع عبد الملك المسألة للجهالة ووقع في الأسدية : إن تشاحا بنى ما بقي من العمل فما يشبه جميع الأجرة إلا أن يكون ذلك الذي سقط شق البناء فعليه الإعادة وأصل حفر البئر وغيره : أن الجعالة تُمنع فيه إلا فيما يملك ولا تجوز في المملوك إلا الإجارة قال ابن يونس : قال محمد : لا يجوز فيما لا يملك إلا الإجارة لأن المجاعل له الترك متى شاء فلا يترك له شيئاً ينتفع به فلو بنى البعض وحفر وترك وعامل المجاعل غيره فأتم كان للأول بقدر ما انتفع به الآخر بالاجتهاد قاله ابن القاسم وقد يصادف الأول أرضاً رخوة أو صلبة وعن ابن القاسم : يُعطى الثاني جعله كاملاً وعلى المجاعل قيمة ما انتفع به كان أقل من جعله أو أكثر قال اللخمي : يجوز في حفر البئر ثلاثة أوجه : الإجارة والجعالة والمقاطعة وتلزم إلا الجعالة وتجوز الجعالة فيما لا يملك واختلف في جوازها فيما يملك في الحراسة والحفر مثله
فرع قال صاح النكت : أجيران على حفر بئر مرض أحدهما بعد حفر بعضها قيل : يلزم صاحبه الإتمام والأجرة بينهما ويرجع على المريض بحصته من الكل إلا أن يكون يسيراً إن كان شريكين في هذه الصناعة وإلا فإن شرطا عمل أيديهما أو أن يكون العمل مضموناً عل كل واحد منهما فالمكمل متبرع عن المريض قال اللخمي : إذا حفر الصحيح له نصف الأجرة والنصف الآخر للمريض قاله ابن القاسم يريد : أن الإجارة كانت على الذمة لأن الصحيح متطوع وقال سحنون : النصف الآخر لصاحب البئر فإن حفر بعد طول المرض رجع على صاحبه بالأقل من أجرة مثله أو أجرة غيره ممن كان يعمل معه ( لأن أجرة الصحيح إذا كانت أكثر : يقول المريض : كان لي أن أبنى لمن يعمل ) دون صنعتك لأنه بدل مبنى ولا مقال لرب الأرض عليها قرب المرض أو طال لأنه عمل مضمون وإن كانت الإجارة على أعيانها لم يستحق المريض على صاحب البئر عن حفر صاحبه أجرة حفر في أول المرض أو آخره ولا شيء له على الصحيح عند سحنون لأنه استأجره على كمال البئر وقال أصبغ : لأنه قام عنه بعمل يستأجر عليه ثم المريض إن كان يمكنه إخلاف موضع خر يحفر له مثله أخلفه لأن المستأجر له لا يتعين وإلا انفسخت الإجارة في حقه
فرع في الكتاب : إذا حفر قبراً شقاً فقلت له : أردته لحداً حملتهما على العادة
فرع في الكتاب : قلت : عملته بغير أجر وقال : بأجر صدق فيما يشبه من الأجر وإلا رد إلى أجر مثله لأن الأصل : عدم التبرع وقال غيره : يحلف ويأخذ الأقل مما ادعى أو أجرة مثله مؤاخذه له بإقراره وقال ( ح ) : تصدق أنت لأنه ادعى عليك الدين إلا أن يعمل ذلك من عنده قال صاحب النكت : إذا ادعى الصانع ما لا يشبه حلفت لتسقط الزائد على أجرة المثل وقول الغير في أخذ الأقل يريد : وتحلف أنت أيضاً إن كانت التسمية أكثر من أجرة المثل لتسقط الزائد وإن ادعى أجرة المثل فأقل حلف وحده قال اللخمي : إن كان المسمى أقل حلف الصانع ( وحده واستحق المسمى أو أجرة المثل أقل حلف الصانع ) : أنه لم يعمل باطلاً وحلفت : ما استأجرته بتلك التسمية وغرمت أجرة المثل إن كان يشبه : أن العمل باطل وإلا أخذ المسمى إن كان أقل بغير يمين إذ لا بد منه وإن كانت إجارة المثل أقل : حلفت وحدك ودفعت أجرة المثل فإن نكلت حلف وحده وأخذ التسمية وذلك إذ اختلفتما بعد للتسليم فإن لم يسلمه حلف المصانع وحده على التسمية وأخذها قولاً واحداً إذا أتى بما يشبه لأنك لو قلت : استأجرتك بثمانية وقال : بعشرة صدق إن كان الثوب في يده فإذا قلت باطلاً فهو أبين
فرع في الكتاب : إذا قلت : أودعتك وقال : استأجرتني على صبغة صدق لأنهم يشهدون في العادة ولو جوز هذا لذهبت أعمالهم وقال غيره : بل الصانع مدَّع قال اللخمي : أصل سحنون : تصديق الصانع في طرح العداء وتصديق الآخر في طرح التسمية ويكونان شريكين والأول أظهر لأن الغالب : الاستصناع والإيداع نادر وكذلك الاختلاف إذا أراد التضمين بالتعدي وإلا إن كانت أجرة المثل مثل المدعى فأكثر دفعها دفعتها بغير يمين وإن كانت أقل : فعند مالك : يحلف الصانع ويأخذ المسمى لأنه أدعى ما يشبه وعلى قول الغير : تحلف أنت وتدفع أجرة المثل
فرع في الكتاب : إذا قلت سرق مني وقال : استعملتني تحالفتما وتدفع أجرة العمل وتأخذ لحصوله لك فإن أبيت دفع قيمة الثوب غير معمول لحصوله له فإن أبيتما كنتما شريكين بقيمة الثوب غير معمول وقيمة العمل إذ ليس أحدكما أولى من الآخر وكل واحد منكما مدع وقال غيره : العامل مدع ولا يكونان شريكين لأن الأصل : بقاء سلعتك لك سالمة من الشركة قال ابن القاسم : وكذلك إن ادعيت أنه سرقه إلا أنه هاهنا إن كان لا يشار إليه بذلك عوقبت وإلا فلا قال صاحب النكت : إذا قلت : سرق مني واخترت أخذه وإعطاء قيمة الصبغ وهي مثل دعواه أو أكثر لا يمين عليك أو أقل حلفت : ما دفعته إليه لتسقط الزائد ويؤدي القيمة وإن اخترت التضمين واختار إعطاءك قيمته بغير صبغ فلا يمين عليكما وإن أبى تحالفتما وكنتما شريكين هذا على مذهب ابن القاسم وعل قول الغير في جعله مدعياً : تحلف أنت وتلزمه قيمة الثوب قال ابن يونس : إذا قلت : سرق مني وقال استعملتني يقال له : ما تريد ؟ فأن أردت تضمينه حلفت : ما استعملته يحلف : لقد استعملتني ويبرأ من الضمان ثم يدفع قيمة الصبغ لأنك برئت من المسمى بيمينك فإن أبيت دفع إليك قيمة الثوب فإن أبى كنتما شريكين وإن قلت أولاً : لا أريد أخذ ثوبي وقيمة الثوب مثل دعوى الصانع فأكثر فلا أيمان بينكما لأن الصبغ لا بد منه وإن كانت أقل حلفت وحدك لتحط الزائد فهذا جواب : سرق مني : وأما : سرقته فأنت مدعي التعدي فتخلفان ليتعين الضمان ويبرأ منه الآخر
فرع في الكتاب : إذا اختلفا قبل السير أو بعد سير لا ضرر فيه فقلت : إلى إفريقية بمائة وقال إلى برقة بمائة تحالفتما وتفاسختما كالبيع نقدت الكراء أم لا وقال غيره : إذا انتقد وكان قوله يشبه صدق مع يمينه لأنه مدَّعى عليه وإن اختلفا في المسافة فقط فقال : إلى برقة وقد بلغتها وقلت : إلى إفريقية وقد انتقد فهو مصدق لأنك تدعي عليه غرم بقية الكراء إن أشبه أن يكون الكراء لبرقة ذلك وإن لم يشبه إلا قولك فله حصة مسافة برقة على دعواك بعد تحالفكما ولا يلزمه التمادي وأيكما لم يحلف قضي لمن حلف ويقضى بأعدل البينتين فإن تكافأتا : قيل للمشتري : افسخ الكراء وقال غيره : يقضى بما زاده أحدهما وليس بساقط قال ابن يونس : اختلافهما كاختلاف المتبايعين كما تقدم في البيوع قال محمد : يبدأ صاحب الدابة باليمين فإن اختلفتما بعد طول السفر في لمعينة أو بعد طول المدة في المضمون صدقت في الأجرة إن لم تنقد وقلت ما يشبه ويغرم حصة ما مضى وصدق المكري في المسافة وكانت في القرب سلعتاكما بأيديكما لم تفت ومع البعد كفوت السلعة بعد القبض وعلى أصل ابن القاسم : إن أشبه قول المكتري صدق انتقد أم لا وإن لم يشبه قول أجدهما : تحالفا وله كراء المثل فيما مضى وأيكما نكل قضي لمن حلف قيل : ولو اختلفا بعد سير نصف الطريق من برقة وبعد النقد صدق المشتري إذ أشبه وتبلعه برقة لأن التفاسخ هناك ضرر بخلاف سكنى الدور ولو لم ينقده لأتم له أيضاً المسافة بما اقر به المكتري أنه الكراء إلى إفريقية قال محمد : إذا قال : للمدينة بمائة وقلت : إلى مكة وقد نقدته مائة وبلغتما المدينة تحالفتما وفسخ ما بقي ولا يكون له غير ما قبض إلا أن يكون في الحج فعليه التمادي لأن العادة فيه الكراء كذلك قال مالك : كان المحمول رجلاً أو أحمالاً وعن ابن القاسم : يصدق المكتري في الحج في الحمولة والزوامل ويصدق المكري في الأعكام مع يمينه إذا انتقد وإن اختلفا بعد تعين الضرر في الرجوع قبل المدينة فقال : للمدينة بمائتين وقلت : إلى مكة بمائة وقد نفدت وهو في غير الحج وأشبه ما قلتماه : نُضت المائتان على قول المكري فإن وقع لما سار بمائة فأكثر لم يكن للجمال غير المائة لأنه قبضها فيصدق في حصتها ويتحالفان ويتفاسخان فإن وقع لما سار أقل الزم الجمّال التمادي إلى ما ينوب المائة استحباباً ويتحالفان ويتفاسخان ( وإن لم ينقده وأشبه ما قال لزم الأول التمادي إلى المدينة لأنه اعترف أن الكراء إليها وله حصة ذلك من الكراء على دعوى المكتري ويتحالفان ويتفاسخان ) في البقية وهو ظاهر قول أبي محمد وقول غير ابن القاسم في المدونة وعن ابن القاسم : يتحالفان ويتفاسخان بالموضع الذي يدعيان إليه وله حصة ذلك على دعوى المكتري لأن سلعة الجمّال الذي بقي من المسافة بيده إلا أن لا يجد كراء هناك فيلزم التمادي على القولين وإن نقده خمسين وأختلفا بعد بلوغ المدينة نضت المائة على دعوى المكتري فما وقع للمدينة أكثر من خمسين أو أقل لم تنقص من خمسين ويتحالفان قال صاحب النكت : إنما ينفع النقد المكري إذا اختلفا في الكراء والمسافة جميعاً دون الاختلاف في الكراء فقط لأنه إذا بلغ المسافة فالكري مدع للزيادة فعليه البيان وغير ابن القاسم يفرق بين المضمون فيتفاسخان وعند ابن القاسم : لا يتفاسخان حتى يبلغا المدينة التي اتفقا عليها وشبه المضمون إذا قبض بالمعين ولو هلكت في المضمون اتفق القولان في التفاسخ لعدم الحوز بالهلاك
فرع في الكتاب : إذا قلت : دفعت الكراء إذا قلت : دفعت الكراء وقد بلغت الغاية صدق وإن كانت الحمولة بيده أو أسلمها بقرب اليومين لأن القرب يُشعر بعدم القبض عادة فإن بعد صدقت مع يمينك وكذلك الصناع في رد المتاع ودعوى الأجرة
فرع في الكتاب : إذا اكترى من مصر إلى مكة فاختلفا في الكراء بمكة صدق المكتري إذا أشبه قوله في كراء مضمون أو معين
فرع في النوادر : إذا ادعيت أن الأجير مرض شهراً من السنة أو أبعد أو غاب وهو عبدك أو صدقت لأنك ائتمنت حيث سلما إليك وإلا صدق السيد لأن الأصل : عدم الإخلال بالعقد ويصدق الحر مطلقاً قال ابن القاسم : والحر والعبد إن كانا يأويان إليك وإلا صدقت فسوى بين الحر والعبد قال ابن يونس : إذا ماتت الدابة في بعض الطريق فقلت : اكتريت مضموناً وقال : معيناً صدق لأنك مدعي الزيادة
فرع في الكتاب : إذا قال : وصلت الكتاب المستأجر على إيصاله صدق في أمد مثله لأنك أئتمنته وعليك الكراء وقال غيره : عليه البينة لأن الأصل : عدم الإصال
فرع في الكتاب : إذا ثبت أن قميصه كان ملحفة لك لم يأخذه إلا بقيمة الخياطة وإلا قضى بما تقدم في السرقة لأن الأصل : أن لا يذهب العمل مجاناً وكذلك يتيم باع ملحفة وتداولتها الأملاك فصبغها أحدهم : يترادون الربح بينهم لفساد أصل العقد ولا شيء على اليتيم من الثمن إلا أن يكون قائماً بيده لأن المشتري سلطه واليتيم والذي صبغ شريكان بقيمة الصبغ وقيمة الملحفة بيضاء صوناً للحالين
فرع في الكتاب : قلع الضرس فقلت : أمرتُك بغيره فلا شيء عليه لأنك علمت بقلعه وله الأجرة لتقريرك عمله عند المباشرة فإن صدقك فلا أجرة لعدم الإذن وقال غيره : هو مدع لأن الأصل عدم الاستحقاق قال اللخمي : موضع الخلاف إذا كانا معتلين حتى يكون كل واحد منهما أتى بما يشبه فإن كانت الباقية سالمة صدق الحجام لإتيانه بما يُشبه أو المقلوعة سالمة والباقية معتلة صدقت وحلفت لإمكان غلطك فيها لمشاركتهما في الألم وتستحق دواء ضرسك ويقلع الأخرى إلا أن يكون في الباقية دليل الفساد لسوادها وصفاء الأخرى فلا يمين عليك قال ابن يونس : قوله : لا تكون له أجرة بريد : وعليه عقل الخطأ والقصاص في العمد قال سحنون : كلاهما مدع على صاحبه يتحالفان وللحجام أجرة مثله ما لم يتجاوز التسمية وتحالفهما إذا كانت التسمية ( فيمين الحجام تزيل الضمان وتوجب من الآخر وتدفع الزائد على أجرة المثل إن كان التسمية ) كراء المثل أو أقل لا يحلف إلا أن ينكر الحجام فتحلف ليسقط عنه الأجر قال صاحب النكت : قيل : إذا تحالفا برئ الحجام لأنه بائع منافعه
فرع قال في الكتاب : أمرتني بلت سويقك بعشرة دراهم وأنكرت أمرك له بذلك لك غرم ما قال وأخذه ملتوتاً لإقراره ولك تغريمه مثل سويقك غير ملتوت أو تسلمه بغير شيء لأن الأصل : عدم الإذن وإلاذن وإلا كنتما شريكين في الطعام وقال غيره : إذا امتنعت أن تعطيه ما لتَّه به قضي عليه بمثل سويقك غير ملتوت لاعترافه بملكية السويق لك فإن قال : أمرتني بعشرة وفعلت بخمسة وبها لتت صدق مع يمينه إن أشبه أن يكون فيه سمن بعشرة لاعترافك بالإذن وإدعائك الضمان عليه وكذلك الصباغ في العصفر فإن أتى بما لا يشبه : صدق رب الثوب وإن أتيتما بما لا يشبه فله أجر مثله وللاتِّ مثله ولو قلت : كان لي في السويق لتات متقدم وفي الثوب صباغ متقدم لأنه أمين وهذا إذا أسلم إليه السويق أو الثوب فأما أن لم يغب عليه صدقت لأنك لم تأتمنه فهو كالبائع يدعي زيادة الثمن فإن قال أهل النظر : فيه سمن أو عصفر بعشرة ولم تدع تقدم سمن في السويق ولا عصفر في الثوب صُدق وإن ادعيت تقدم ذلك صدقت لأنك لم تأتمنه قال صاحب النكت : ولو قلت : أودعته لك وقال : أمرتني بلتاته صدق عند ابن القاسم لأنه مدعى عليه يغرم مثل التسويق ويصدق في الأجر إن أتى بما يشبه وإلا حلفتما وغرمت قيمة اللتات فتحلف لتسقط الأجر عنك ويحلف ليسقط التعدي وعلى قول الغير : إن الصانع مدع يريد في الأجر وتحلف أنت أن كانت القيمة أقل وتغرم القيمة وليس لك تضمينه لإقرارك بإيداعه قال ابن يونس : قال أبو محمد : يحسن أن يكون معنى قول ابن القاسم إنه لم يقر بدفعه إيداعا ولا بصبغه ففارق الصانع الذي أقر بإيداعه فيصدق الصانع لأن الغالب الإستصناع فينبغي على هذا أن يخير بين دفع الأجرة وأخذ السويق ويحلف أنه لم يستعمله فإن نحلف خير الأجير بين دفع مثل السويق أو إسلامه ملتوتاً قال ابن يونس : على تأويل أبي محمد يكون قول الغير وفاقاً لأنه لا بد من يمينك ويقضى لك بمثل سويقك فإن دفع إليك ملتوتاً لم يجبر على أخذه إلا أن تشاء قال محمد : ولهذا غلط بل اللات مصدق ويحلف إن كان أسلم إليه السويق فإن نكل حلف ربه وأخذ مثل سويقه وليس له أخذه بعينه إلا بدفع ثمن السمن أو يرضى الآخر وهذا أيضاً على تأويل أبي محمد لا يخالفه ابن القاسم لاشتراط محمد إسلامه إليه فيصير القولان واحداً قال اللخمي : محمل مسألة الكتاب : على أن رب السويق قال : سرق مني فجعل ابن القاسم الاختلاف شبهة تنفي التعدي وجعله غيره متعدياً قال : وأرى إن أخذه ودفع الأجرة أن يباع ويشتري بثمنه مثل سويقة فإن بقي مثل الأجرة أو أقل أمسكه أو أكثر وقف الفاضل للأجير ولا يجوز الإمساك فيكون على قوله سلَّم سويقاً غير ملتوت ودراهم وهي الأجرة بسويق ملتوت فيكون ربا وكذلك ولو حلف صاحبه ونكل اللاتِّ يباع ويشتري من ثمنه سويقاً فإن فضل مثل الأجرة كان له أو أكثر وقف الزائد إلا أن يقال : السمن صنعة كالإبراز في اللحم والزيت في الإسفنجية فلا يتعين البيع
فرع قال ابن يونس : قال ابن القاسم : من خدم رجلاً فمات فطلب الخادم أجر مثله لتلك المدة وهو ممن يخدمه الرجال يحلف ما دفع له شيئاً ويأخذ
فرع قال صاحب المقدمات : إذا ادعى عليه أنه حرثها بغير علمه وهو في الإبان وصدقة قلع زرعه إن كانت له فيه منفعة وإلا تركه لرب الأرض ( ولا يجوز لرب الأرض ) أخذه بقيمته مقلوعاً كالبيان لأنه بيع الزرع قبل بدو صلاحه وقيل : يجوز لأنه في أرض مبتاعة , يدخل في ضمانه بالعقد فيرتفع الغرر قال التونسي : وإن ادعى أنه علم بحرثه حلف وأخذ أرضه وحكم الزرع ما تقدم فإن نكل حلف الآخر وعليه كراء المثل وكذلك إن قامت بينة على علمه فإن ادعى أنه أكراها صدق صاحب الأرض مع يمينه وحكم الزرع ما تقدم فإن نكل حلف الآخر وإن كان مدعاه من الكراء لا يشبه لأن رب يالأرض مكنه من اليمن بنكوله وإذا حلف خير بين الكراء الذي أقر به وبين أرضه وحكم الزرع ما تقدم فإن نكل عن اليمين أخذ رب الأرض أرضه وإن قامت بينة أنه حرث بعلمه ولم يشبه بالكراء صدق مع يمينه في الكراء إذا أتى بما يشبه لترجح حجته بكونه علم بحرثه وإن لم يأت بما يشبه : صدق رب الأرض وكان له كراء المثل فإن نكل حلف الآخر وإن أتى بما يشبه : فإن كان أقر بكراء المثل فأكثر لم يحلف عند ابن القاسم وصدق بغير يمين ( فغن قام في غير الإبان وصدقه على عدم الكراء فله كراء المثل بغير يمين ) ادعى عليه أنه حرثها بعلمه أم لا فإن ادعى أنه أكراها ولم يدع علمه بالحرث حلف وأخذ كراء المثل فإن نكل حلف الآخر ودفع ما ادعى وإن ادعى أنه حرثها بعلمه وأكراها حلف رب الأرض على الوجهين وأخذ كراء المثل فإن نكل على الوجهين حلف الآخر ودفع ما أدعى فإن كان الذي أقر به أكثر من كراء المثل : فلا يمين على واحد منهما فإن نكل رب الأرض عن اليمين على أنه حرث بعلمه : حلف الآخر عند ابن القاسم على العقد والعلم بالحرث إن أشبه الكراء وإلا حلف رب الأرض على عدم العقد وأخذ كراء المثل
فرع قال سحنون : شال ثوبك من البئر وطلب أجرة فأبيت فرده فيه : إن أخرجه وإلا ضمنه لأن فساده الآن منه وكل من عمل لك عملاً شأنك الإجارة عليه فله أجرة وإن كانت غلمانك تعمله أو أنت فلا شيء له لأنك لم تشهد له عادتك بشيء وقيل : إن فعل ذلك متعمداً فلا شيء له مطلقاً كالغصب والغالط يعذر بغلطه قال محمد : ولو استأجرته على حرث أرضك فحرث أرض جارك وشأنه حرثها بعبيده وبقره فلا شيء له وعلى الأجير حرث أرضك توفيه بالعقد وقال أحمد ابن ميسر : له استعمال دواب جار له في مثل ما عمل لأنه وفرها : قال ابن القاسم : إن زرع الحرث فعليه ذلك وإن قال : أردت أكريها فلا شي عليه فائدة : في الجواهر : كل من غسل ثوب غيره أو حلق رأسه أو أدى دَينه من غير استدعاء وكل عمل يوصل للغير نفع مال أو غيره بأمره أو بغير أمره فعليه رد مثل ذلك المال في القيام بالمال ودفع أجرة المثل في العمل إن كان لا بد من الاستئجار عليه أو لا بد من إنفاق ذلك المال لحصول الإذن العادي وإن كان يفعل ذلك بنفسه أو غيره أو مال سقط مثله عنه فلا شيء عليه والقول للعامل والمنفق في عدم التبرع لأن الأصل : بقا الملك على المال والشفعة وبدلهما ونقل هذه القاعدة صاحب النوادر وقد أشار إليها ابن يونس هاهنا و ( ش ) ينازعنا فيها لأن القول عنده شرط في الحمالة والكفالة والإجارة والبيع ونحن نعتمد على العوائد فإن لسان الحال يقوم مقام لسان المقال ووافقنا على القاعدة في تفاصيل الإجارة وتعيين النقود إذا اطلقت في العقود وتقييد الأقارير المطلقة فنقيس على هذه الصورة ونمنع اعتبار ما ذكره من التوقف بل المعهود في حالة السلف عدم هذا التضييق
فرع في الجواهر : إذا قال : سرقته وقال الصانع : استأجرني عليه قال ابن القاسم : يتحالفان ثم يدفع الصانع قيمة المتاع بغير عمل فإن أبى كانا شريكين بقيمة المتاع وقيمة العمل وقال غيره : العامل مدع ولا يشتركان فإن صاغ سوارين وقلت : خلخالان صدق لأنك تدعي عليه الضمان وله أجرة المثل إلا أن يزيد على ما سمى فلا يزاد لرضاه بالمسمى وإذا قال : عملت الخلخال بخمسة وقلت : بثلاثة أو القميص بأربعة وقلت بدرهمين صدق بخلاف بناء البيت يصدق ربه لأنه جائز لذلك إلا أن يدعي ما لا يشبه والصانع حائز لعمله فيقدم قوله كدعوى الأعيان
فرع قال : القول قول الصانع في عدم أخذ المتاع للعمل وقولك في عدم الرد إذا ثبت الأخذ عمل بأجر أم لا قبض ببينة أم لا لقوله : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) وقال عبد الملك : يصدق الصانع في الرد لأنه أمين إلا أن يقبض ببينة فيكون الرد بغيرها على خلاف العادة فيصدق في المالك قال صاحب المقدمات في الرد مع الإشهاد أربعة أقوال : يصدق في القراض والوديع والإجارة رواية أصبغ عكسه قول ابن القاسم الفرق بين القراض والوديعة فلا يصدق وبين الإجارة فيصدق والفرق بين الوديعة فلا يصدق وبينهما فيصدق وحيث صدق حلف وأما في الضياع فلا يحلف إلا المتهم على مذهب ابن القاسم وعن مالك : يحلف المتهم وغيره لأنها دعوى توجهت عليه ولا يفرق في الضياع بين القبض ببينة أم لا القبض ببينة إنما أثره حث القابض على الدفع ببينة وكل موضع لا يصدق في الضياع لا يصدق في الرد إلا في الصُّناع فإن عبد الملك يصدقهم في الرد إلا أن يشهد عليهم بالدفع وإن كانوا لا يصدقون في الضياع قول مالك وجميع أصحابه : لا يصدقون فيهما وحيث ضمنا الصانع فالقيمة يوم القبض إلا أن يعترف أن قيمة يوم الضياع أكثر أو يظهر عنده بعد الدفع إليه بمدة فالقيمة يوم الظهور وإن كانت أقل من يوم الدفع وكذلك الرهن والعارية
فرع في الكتاب : إذا قلت : أمرتك بأسود وقال بأحمر صُدق إلا أن يكون صبغ مثله لأنه مدعى عليه الضمان قال ابن يونس : إذا صدق رب المتاع خير بين أخذه مصبوغاً ودفع أجره وبين إسلامه له وأخذ قيمة ثوبه أبيض إلا أن يريد الصباغ إسلام صبغة بغير ثمن فذلك له فإن أبى أشرك بينهما بقيمة الثوب أبيض وقيمته الصبغ قال صاحب النوادر : الاختلاف في الصيغ مثله في الحائك إذا اختلفتما في العرض والطول بخلاف البناء يبني لك عرضه يتحالفان ويُفسخ ذلك ويقلع بنيانه إلا أن يعطى قيمته مقلوعاً والفرق : أن البناء غير ضامن لعمله بخلاف الصابغ قال محمد : والتحالف والتفاسخ قبل العمل في جملة الصناع وإنما يصدقون بعد العمل ولا يصدق البناء في الأجرة بخلاف غيره
فرع في الكتاب : إذا قلت اكريتك بدينار وقال : بثوب تحالفتما وتفاسختما كالبيع وكذلك لو اختلفتما بعد السكنى أكثر المدة وتبدأ أنت باليمين لأنك بائع المنفعة كما يبدأ البائع ولك فيما مضى من السكنى أجرة المثل وكذلك لو قلت : بدينار وقال : بعشرة دراهم وأتيتما بما يشبه قال صاحب التنبيهات : تعقبت هذه المسألة فإن اختلاف الدنانير والدراهم اختلاف في جنس فيتحالفان ويفاسخان أتيا بما يشبه أم لا وأسقط أكثرهم لفظة الدراهم منهم ابن أبي زيد وروى عشرة دنانير وأراها إصلاحاً قال صاحب المقدمات : التحالف في الإجارات كالتحالف في البيوع فإذا حلفا جميعاً فهل يفسخ الكراء والبيع بمجرد التحالف ؟ قاله سحنون وهو ظاهر الكتاب في الشفعة من المدونة أو لا يقع بذلك وهو قول ابن القاسم غي المسلم منها أو يقع إن كان يحكم وإلا فتراضيهما ولا يقع حتى يحكم به الحاكم إن كان التحالف بحكم حاكم وإلا فبمجرد أيمانهما لأن الرضا بالتحالف رضا بالفسخ أربعة أقوال ونكولهما كحلفهما عند ابن القاسم لأنهما سببان من جهتهما وعند ابن حبيب : القول قول البائع لأن يده أقوى والنكول أضعف من اليمين هذا إذا اختلفا في جملة المسافة أو نوع الكراء فإن اختلفا في عدد الكراء أو صفته بعد سير في الرجوع بعده ضرر صدق المكتري نقد أم لا أشبه ما قال أم لا فإن نكل : فقول المكري أشبه أم لا فإن لم يشبه ما قال المكتري وأشبه ما قال المكري صدق وإن ادعيا ما لا يشبه تحالفا ووجب كراء المثل ولم يفسخ نفياً للضرر وكذلك إن نكلا جميعاً فإن نكل أحدهما قدم الحالف مع يمينه وإن اختلفا في غاية السير بعد السير الكثير وادعيا ما يشبه أو الكتري دون المكتري تحالفا وفسخ الكراء في الزائد المختلف فيه وفض الكراء عل الجميع : فللمكري حصة الغاية المتفق عليها وكذلك نكولهما وإن ادعيا ما لا يشبه تحالفا وتفاسخا الزائد والمكري في المسافة المتفق عليها كراء المثل وكذلك إن نكلا فإن نكل أحدهما قدم الحالف وإن ادعى ما لا يشبه لأنه مكنه من اليمين فإن ادعى المكري ما يشبه دون المكترى صدق مع يمينه فإن نكل حلف الآخر وركب إلى حيث ادعى هذا إذا لم ينقد وادعيا ما لا يشبه تحالفا وتفاسخا في الزائد وفي المتفق عليه كراء المثل وكذلك نكولهما فإن أشبه قول المكتري وحده تحالفا عند ابن القاسم فض المنقود على المسافتين وللكري ما ناب المنفق عليها وصرف الباقي للمكتري وكذلك إن نكلا فإن نكل أحدهما قدم غير الناكل
فرع قال ابن يونس : إذا اختلفا في كثرة الكراء يتحالفان ويتفاسخان وعليه فيما سكن بحساب ما أقربه الساكن قال ابن القاسم وهو خلاف قوله في المدونة بل فيما سكن كراء المثل للتفاسخ وقاله ( ش ) وأحمد وقال ( ح ) : يصدق الأجير بعد العمل فيما بينه وبين أجر المثل لنا القياس وعلى اختلافها في ثمن البيع بعد التلف ولو نقد ديناراً وقال : هو كراء السنة وقلت أنت كراؤها ديناران وقد سكن نصف المدة تحالفتما وتفاسختما ويقسم الدينار على السنة ويرد الباقي ويصدق فيما مضى مع يمينه ولو انقضت السنة صدق لأنه قبضها فهو مدعي عليه كراء المثل ولو تحالفا وتفاسخا وقد نقد كراء نصف السنة والدار تنقسم بغير ضرر في السكنى أخذ نصفها بالنصف الذي انتقده فإن كان عليه ضرر فسخ ما لم يسكن ويقسم ما انتقد على قول رب الدار وما لم ينقد على قول الساكن قال اللخمي : فإن قلت : مشاهرة وقال : مسانهة صُدق من شهدت له العادة فإن اختلفت : صدقت لأنه أقر بالمعاوضة
فرع في الكتاب : إن ادعى أنه سكنى بغير كراء صدقت فيما يشبه مع يمينك لأن الأصل : عدم التبرع وقال غيره : عليه الأقل من دعواك أو كراء المثل بعد التحالف قال اللخمي : إن كان على الهبة قرائن صُدق مدعيها مع يمنيه وإن أشكل الأمر صدقت وتصدق على المسمى فإن تقدم ما يقتضي الهبة من قرابة أو صداقة إن ادعيت ما يشبه تحلف وحدك عند ابن القاسم لأنه اعترف بالكراء وتتم التسمية وعلى قول غيره يخلف هو وحده انه لم يكتر بما قلت ويغرم كراء المثل فإن ادعيت ما لا يشبه حلف هو على القولين وغرم كراء المثل وإن وجدت شبهه تقتضي سكناه باطلاً وادعيت كراء المثل فأقل : حلفت وحدك وأخذت ما ادعيت أو أكثر ويشبه الكراء به حلفتما جميعاً وغرم كراء المثل وإن طالت السنون بغير أجرة وخرج من السكن وطالت السنون بغير طلب : سقطت دعواك
فرع في الكتاب : ما ادعى أنه جدده صدقت في تكذيبه لأنه خلاف الأصل ويصدق فيما هو ملقى في الأرض من باب وغيره لان الأصل : عدم دخوله في ملكك ويده عليه ظاهرة في الملك قال اللخمي : الأمر كذلك في الفصلين ما لم تدل قرائن على خلاف ذلك فتتبع القرائن
فرع في الكتاب : إذا أذنت في العمارة من الكراء فزعم أنه عمر وأكذبته صدق لأنه أمين إن تبين العمل بقرائن الأحوال وإن تبين كذبه لم يصدق وقال غيره : عليه البينة لأن الأجرة دين عليه فعليه البينة قاعدة : المدعي : كل من خالف قوله أصلاً أو عرفاً والمدَّعى عليه كل من وافق قوله عرفاً أو أصلاً فالأصل براءة الذمم من الحقوق وبقاء ما كان على ما كان وأن لا يُخوًّن من جعل أميناً والعرف : نحو القبض بابينة فإن العادة أن من شدد عليه بالإشهاد أنه لا يرد إلا بالإشهاد لا ستيحاش باطنه فإذا ادعى الرد بغير بينة فدعواه على خلاف العادة وكذلك القرائن العادية إذا خولفت فعلى هذه القاعدة تتخرج الفروع المتقدمة ويتعين المدعى عليه وإلا فليس كل طالب مدعيا ولا كل مطلوب مدعى عليه بل ربما انعكس الحال لأجل ما تقدم من القاعدة
فرع في الكتاب : وكلته يؤجرك دارك فأجرها بمحاباة أو وهب سكناها وفاتت بالسكنى وهو ملئ غرم الكراء ولم يرجع به على الساكن لأنه وهبه للساكن أو فقير أغرم الساكن لاستيفائه المنفعة ولا يرجع على الوكيل
فرع قال لك : أمره ينقص ما جدده من غير الكراء بأمرك ويغير أمرك لأنك تقول : أمرتك أن تفعل لنفسك ولك دفع قيمته منقوضاً إن كانت له قيمة بعد النقض وإلا فلا
فرع قال ابن يونس : قال مالك : تصدق بعد المدة في عدم قبض الأجرة مع يمينك إلا أن تقوم بعد طول ذلك فيصدق مع يمينه سواء خرج من الدار أو أقام لأن قرينة الطول تصدقه قال ابن حبيب : ويصدق في كراء المشاهرة والمسانهة في دفع أجرة ما مضى من الشهور إلا في الشهر الأخير والسنة الأخيرة إلا أن يتطاول فيصدق في الجميع لأن العادة القبض بالقرب والطول : الشهر في الشهور والسنة في السنين فلو أكريته عشر سنين في جملة صُدقت في جملة كرائها بعد المدة بقربها مع يمينك لأنها في معنى السنة الواحدة
فرع في الكتاب : إذا قلت : سنتين بدينار وقال : بأقل وهو بحضرة الكراء : تحالفتما وتفاسختما لتقابل الدعاوي فإن كان زرع سنة ولم ينقد فلك ما أقربه فيما مضى إن أشبه مع يمينه لأنه غارم وإلا فعليه قولك : إن أشبه مع يمينك وإلا فلك كراء المثل لخروج دعواكما عما يشبه ويفسخ الثاني على كل حال وهذا إذا لم ينقد قال مالك : ورب الدار والدابة والأرض مصدق في الغاية فيما يشبه وإن لم ينفذ وقال غيره ذلك إذا انتقد فإن لم يأت بما يشبه وأتى المكتري بما يشبه صدق فيما سكن على ما أقر به بغير يمينه على ما ادعى عليه ويمين المكتري فيما ادعى عليه من طول المدة وإن لم يشبه قول واحد منهما تحافا وفسخ الكراء وعلى المكتري كراء ما سكن فإن أتيا بما يشبه صدق رب الدار مع يمينه لأنه انتقد ولم يسكن المكتري إلا ما أقر به المكري قال ابن يونس : قول الغير موافق لقول ابن القاسم إلا أن قوله : إذا أشبه قوله وأشبه ما قالاه أن المكتري يلزمه أن يسكن ما أقربه المكري لأن ابن القاسم يقول : يتحالفان ويتفاسخان في بقية المدة كسلعة قائمة لم تقبض وفيها ثلاثة أقوال : يتحالفان ويتفاسخان في بقية المدة في الدار وغيرها يلزمه التمادي إلى الغاية التي أقر بها المكري وهو قول الغير ويلزمه التمادي في الدواب إن سار كثيراً ويتفاسخان في الدور قاله محمد وهو استحسان وقيل : يتحالفان ويتفاسخان على قول ابن القاسم نقد أم لا لأنه لم يجعل النقد فوتاً وعلى مذهب من يجعله فوتا وأشبه ما قال المكري والأرض لا ضرر في قسمها على المكتري دفع رب الأرض نصفها يزرعها سنة لأنه يصدق فيما حاز من النقد نصف ما أدعى فيدفع نصف الأرض فيها وإن كان عليه ضرر تحالفا وتفاسخا ولم يكن النقد فوتا لضرر الشركة وإن اتفقا في الأجرة دون المدة فعلى قول ابن القاسم يتحالفان ويتفاسخان وينبغي على ما في كتاب السلم إذا طال انتفاع المكتري بالنقد أنه فوت ويصدق المكري ويسكن المكتري ما قاله المكري فرع في الكتاب إذا قال أكريتها وأنكرت العقد صدقت لأن الأصل عدمه إلا أن تعلم حين الزرع ولم ينكر فليس لك إلا ما أقريه قام على ذالك بينة أو حلفت فنكلت إلا أن تأتي بما يشبه قال غيره لك الأكثر من كراء المثل أو ما أقر به لاستيفائه المنفعة وإقراره علمت به أم لا بعد يمينه على دعوى المكتري إن كان كراء المثل أكثر قال ابن القاسم وإن لم يعلم ومضى إبان الزراعة فلك كراء المثل ولا يقلعه لعدم تعين التعدي وإن لم يفت الإبان ولم تقم بينةٌ بعلمك وعدم الإنكار ولا أنه أكرى وحلفت على ذلك وخيّرت بين ما أقر به : قال غيره : أو كراء المثل قالا : فإن أتى بما لا يشبه فلك قلع زرعه وإذا لم يكن له فيه نفع بعد القلع لم يكن له قلعه لأنه فساد لغير فائدة وبقي لك إلا أن تأباه فتأمره بقلعه قال ابن يونس : قال محمد : قول الغير : أو كراء المثل خلاف لابن القاسم وإذا حلفت أنك لم تأذن وجب قلع الزرع ولا تأخذه بقيمته مقلوعاً خيفة بيعه قبل بدو صلاحه ولو رضي بالكراء وبقاء الزرع جاز إن لو قلع انتفع به الزارع وإلا امتنع رضاه لأن الحكم يوجب بقاءه له فيكون بائعاً للزرع قبل بدو صلاحه على البقاء وكذلك المغصوب منه قال ابن يونس : قال سحنون : الأجرة في حراسة الأعدال والمقاثي والكروم على عدد الرجال دون عدد الأعدال والمساحات لأن تعب الحارس في القليل كتعبه في الكثير بخلاف ثمرة الكروم والمقاثي فإنها على العمل وأجازه أشهب وهو فاسد عند ابن القاسم كجمع الرجلين السلعتين فلا تعرف الأجرة هاهنا والثمن إلا بعد التقويم نظائر : تعتبر الرؤوس دون السهام في تسع مسائل قال أبو عمران : أجرة القاسم وكنس المراحيض وحراسة الأعدال وبيوت الغلات وإجارة السقي على المشهور وحراسة الدابة والصيد لا يعتبر فيه كثرة الكلاب وعند ( ش ) : أجرة القاسم على الأنصباء وزاد العبدي : كنس السواقي وتقدم لابن يونس : حراسة المقاثي قال ابو عمران وثلاث لا تعتبر فيها الرؤوس بل السهام : الشفعة وفطرة العبد المشترك والتقويم في العتق
فرع قال ابن يونس : إذا ركب في كراء فاسد أو سكن فعليه كراء المثل ( وكذلك الأرض وإن لم يقبض فلا شيء عليه قاله في الكتاب ) وقاله ( ش ) وقال ( ح ) : إن لم ينتفع فلا شيء عليه وإن انتفع فالأقل من المسمى وأجرة المثل لنا : أن المنافع كالأعيان فلو قبض المبيع بيعاً فاسداً ففات عنده وجبت القيمة فكذلك هاهنا وهو يقول : المنافع لا تقبض إلا بالاستيفاء وغير المقبوض في الفاسد لا شيء فيه ونحن نقول : قبض الرقبة نزله الشرع منزلة قبض المنفعة وكذلك لو قبض الدابة أو الدار ولم يحمل ولم يسكن حتى انقضت المدة لأنه فوت وعيه كراؤها مستعملة وقيل : معطلة كمن حبسها بعد المدة عند ابن القاسم قال : الفرق : أن الحبس بعد المدة مستند إلى العقد الأول وفي النوادر : قال ابن حبيب إذا أكراها كراء فاسداً فحرثها وكربها وقطع الشعراء عنها فذلك فوت لتلك السنة
فرع في الكتاب : إذا دخلت بامرأة في دار قد أكرتها فلا كراء عليك في المسكن إلا أن تقول : إما أديت أو خرجت أكملها وقال غيره : عليه الأقل من كراء مثله أو ما أكرت به قال ابن يونس : وقيل : الأقل من كراء مثل الدار ومثل ما ينبغي أن يكون على مثله لمثلها أو ما أكثرت به وعن ابن القاسم : إذا ادعيت الدخول في دارها أو دار أكترتها وسكتت عن الكراء لا يلزمك شيء لأنها باذلة للمنفعة من دارها وإلا لزمك كراء الدار وفي الكتاب : العدة إذا كانت المعتدة في دار بالكراء فطالبته بعد انقضاء العدة بالكراء : إن كان موسراً حين سكتت فلها قال ابن أبي زمنين : معنى هذه المسألة : أنها اكترت بعد ما بينت أنها تسكن بالكراء وإلا تناقض قوله وقيل : لو كانت الدار لها لكان لها القيام بعد العدة لأنها إنما وهبت الماضي وليست كالأمة لا يجب لها السكنى قبل الطلاق إذا طلقت واعتقت وزوجها فلا يوجبها الطلاق بخلاف الحرة والفرق بين مسألة العدة : أن الطلاق جدد وجوب السكنى وبين هذه المسألة : أنها زوجة قال اللخمي : مسالة الإجارة مشكلة إذا لم ينقد لأنها تقول : أسكنته لينقد قال : وأرى أن تحلف وحيث قلنا : لا شيء عليه في ذات العصمة فإذا زالت زالت المكارمة وطالبته بكراء العدة وإذا كان سكناها في مسكن أبيها وأمها لا شيء عليه في مدة العصمة لأنه العادة وفي الأخ والعم أشكال فيحلف ويستحق إلا ان يطول السكن وهو ساكت فلا شيء له
فرع في الكتاب : إذا فلس فأنت أحق ببقية السكنى إلا أن يدفع الغرماء حصته من الكراء ويخير بين ذلك وبين المحاصصة قال ابن يونس : قال محمد : لو أكراها ست سنين ونقد ثلاثة وسكن النصف قسطت الثلاثة على السنة ويرد حصة ما لم يسكن إن رد السكنى وإلا حاصصهم بما بقي له مما سكن وهو نصف المنقود إلا أن يعطيه الغرماء حصة بقية الستة وبقية النقد ويأخذ بقية السكنى قال اللخمي : ولو دفع أحد الغرماء ذلك من ماله فهو أحق بما يباع به ذلك من السكنى حتى يستوفي ما دفع وفي الكتاب : إذا فلست فالجمال أولى بالمتاع حتى يقبض كراءه لأنه كالرهن في القبض وللغرماء كراء الإبل في مثل كرائك سرت قليلاً أو كثيراً ركبت أم لا وقد قبض المتاع وكذلك الصناع قال ابن يونس : فإن لم يقبض المتاع لم يكن للغرماء كراء الإبل إذا دفعت الكراء وإلا أجبر الجمَّال في فسخ الكراء ( ومحاصصتهم كالصناع فإن فلس الجمال وقد قبضت الإبل فأنت أحق وإن لم تقبض شيئاً في غير المعينة فأنت أسوة الغرماء تحاصص بقيمة كرائك يوم الحصاص ) ولا على ما أكريت قال محمد : وسواء نقدت أم لا غير أنك إذا نقدت اتبعته ببقية الحملة بعد الحصاص إن حصل لك نصف الكراء اتبعته بالنصف
فرع في الكتاب : إذا اكتراها ثلاث سنين فهارت بئرها بعد أن زرعها سنة قومت تلك السنة بقدر الرغبة فيها وكذلك الدار في الهدم لا يحسب على عدد الشهور
فرع قال ابن يونس : إذا سكن بعد انقضاء المدة فهل عليه كراء المثل في الزائد واختاره ابن القاسم أو مثل الكراء الأول ؟ قولان وقال عبد الملك : إن كنت عالماً وتركته يسكن ويزرع فبحسات الأول لأنك رضيت به وإلا فالأكثر من الكراء الأول أوالقيمة
فرع قال صاحب النوادر : إذا سكن زائداً على المدة : قال عبد الملك : ما كان لربه مرجعه وغلقه وفتحه كالحانوت والدار ففي الزائد بحساب الكراء الأول وما كان يبقى بعد المدة فضاء بغير جدار : فكراء المثل إلا أن يكون أقل من المسمى فلا ينقص لرضاه به
فرع قال : قال ابن القاسم : تمنع الإقالة في كراء الدور بعد النقد وسكنى بعض المدة بخلاف الإقالة في الحمولة بعد بعض الطريق لأنهما لا يتهمان على الحمولة في البيع والسلف بخلاف الدور وقال التونسي : إذا غاب في الحمولة على النقد جاز أن يحسب من الذي في الإقالة ويمتنع دفع الدراهم وما وجب له من الحمولة أو يأخذ دنانير فإن سار من الطريق ما ينفي التهمة جازت الزيادة منه إذا نقدها ليلا يكون ديناً في دين ولا تجوز الزيادة بعد الغيبة على النقد ليلا يكون سلفاً بريادة ويجوز قبل النقد زيادة الدراهم والدنانير والعروض نقداً لأنه اشترى الركوب الذي وجب للمكتري بالدنانير التي وجبت له وبالزيادة وتمنع إلى أجل لأن المنافع دين عليه للمكتري فيفسخها في دين إلى أجل فإن زاد المكتري دنانير أو عروضاً جاز لأن عليه حمولة أعطى بعضها دنانير وبقيتها الزيادة ويمتنع تأخير الزيادة لأنه أعطى ببعض ما عليه نقداً بحمولة على أن يؤخر بقية ما عليه فهو بيع وسلف وفسخ دين في دين إن أعطى عروضاً إلى أجل أو نقد الكراء ولم يغب عليه فزاد رب الدابة دنانير مع دنانيره أو عروضاً جاز لأنه اشترى الحمولة بجميع ذلك وتمتنع زيادته إلى أجل وأما الكراء المعين إذا زاد المكري نفي جوازه قولان لعدم تعلقه بالذمة فيجوز أو يشبه بالمضمون لما كان في ضمان المكري قال صاحب المقدمات : الإقالة في المضمون كالإقالة في العروض المسلم فيها تفسد إما لاشتمالها على ما لا يجوز أو بضمها إلى الصفقة الأولى فيتهمان والإقالة في المعين : قيل : كالسلم الثابت في الذمة يعتبر فيه الوجهان المتقدمان وقيل : كالإقالة من العروض المعينة لا تعتبر فيها لانعقادها في نفسها على المحرم فإن استقال المكري في المضمون قبل النقد بزيادة مؤجلة امتنع اتفاقاً لأنه تحول مما وجب له على المكتري إلى الركوب الذي عليه وإلى الزيادة المؤجلة فهو فسخ دين في دين إن كانت الزيادة عروضاً وإن كانت دنانير : دخله عرض وذهب بذهب إلى أجل وإن كانت دراهم دخله الصرف المستأخر فإن كانت الزيادة دراهم معجلة والكراء دنانير : امتنع على مذهب ابن القاسم إلا أن يكون أقل من صرف دينار وقيل : يجوز أكثر من صرف دينار وهو على جواز جمع البيع والصرف وقيل : يمتنع وإن كان أقل من صرف دينار وقال ابن كنانة تمتنع الإقالة في المضمون مطلقاً قبل النقد كالإقالة من السلعة الغائبة قبل النقد وإن استقاله بزيادة بعد النقد بعد أن تغيب عليه والزيادة درهم بالثلاثة الأقوال المتقدمة أو عروضاً جاز التعجيل والتأجيل لأن المكتري باع الركوب الذي وجب له والعروض بالكراء الذي يسترجعه وإن استقال المكتري بزيادة ولم ينقد أو نقد ولم يغب على النقد : فذلك جائز في الزيادة المعجلة دنانير أو دراهم أو عروضاً لأن المكتري باع الركوب بالزيادة المعجلة والكراء المسترجع فلا مكروه مع النقد حينئذ وتمتنع استقالة المكري بعد النقد والغيبة عليه بزيادة كيف كانت خشية السلف بزيادة إلا أني يسير من الطريق ما يرفع التهمة فيجوز في الزيادة المعجلة فهذا تقدير اثنتي عشرة مسألة في إقالة المكري وهي : أن الزيادة إما قبل النقد أو بعده وبعده إما قبل الغيبة عليه أو بعدها ثم هي إما ذهب أو ورق أو عروض وإما معجلة أم لا وكذلك مسائل المكتري اثنتا عشرة على هذا التقدير كلها في الكراء المضمون وفي المعين أربعة وعشرون مسألة أيضاً على ما تقدم فإن استقال المكري بزيادة نقداً عرضاً جاز ويمتنع المؤجل وتمنع الزيادة ذهباً والكراء ذهباً إلا إلى محل أجل الكراء على المقاصة وتمتنع نقداً لأنه : ضع وتعجل وإلى أجل غير أجل الكراء امتنع أيضاً وزيادة الدراهم تمتنع مطلقاً لنه صرف مستأخر على مذهب ابن القاسم لأنه يرى انحلال الذمم بخلاف انعقادها وعلى مذهب أشهب الذي يرى انحلال الذمم كانعقادها غير أنه يجوز التحول من الدين في كراء شيء بعينه وعلى من يرى رأي أشهب ويمتنع التحول من الذين في الركوب فيمتنع لأن المكري تحول من الكراء الواجب له على المكتري في ركوب لا ينتجز قبضه فهو فسخ الدين في الدين وإن استقال بزيادة عرض معجل جاز وإلا امتنع لأنه فسخ دين في دين وكذلك الذهب ويلاحظ هاهنا التخريج على المذاهب الثلاثة المتقدمة هذا إذا كان الكراء مؤجلاً فإن كان نقداً بشرط أو عرف : فإما أن ينقد أم لا وإذا نقد : فإما أن يغاب عليه أم لا وتقسم هذه الأربعة إلى الأربعة والعشرين مسألة المتقدمة في المضمون ثمت في المضمون يفسخ الكراء في زيادة مؤجلة ( يزيدها المكتري هاهنا وما امتنع يفسخ الركوب المضمون . . . من المكري . . ) امتنع في المعينة فتتخرج هذه على تلك والإقالة في الدور كالرواحل المعينة إلا في مسألة واحدة وهي أن يمضي بعض المدة لا أثر له بخلاف سير بعض المسافة لضعف التهمة في المسافة والإقالة في الأرضين كالدور إلا أن تكون غير مأمونة فإن الزيادة من المكري في الموضع الذي تصح فيه الإقالة على أن الزيادة منه لم يجز أن تنقد الزيادة وتكون موقوفة لاحتمال عدم الري فيسفخ الكراء
فرع في الكتاب : إذا اكتراها عشر سنين ليزرعها فغرسها شجراً : امتنع إن كان أضر بها وإلا جاز فإن انقضت المدة وفيها الشجر جاز كراؤها سنين أخرى لسقي الشجر وكذلك لو كان الشجر لمن أراه المكتري فإن أرضاك الغارس وإلا قلع غرسه وقال غيره : لا ينبغي ذلك حتى يتعامل الغارس ورب الأرض ثم يكري أرضه إن شاء إلا أن يكري على أن يقلع عنك الشجر قال ابن القاسم : لو كان الباقي زرعاً أخضر لم يكن له كراء أرضه ما دام زرعُك فيها لأن الزرع إذا انقضت إجارته لم يكن له قلعه لأن له غاية بخلاف الشجر قال ابن يونس : له أن يزرع في الأرض ما أكرى له فأدنى لملك المنفعة دون الأعلا لعدم تناول العقد له فلو رضي ربها بذلك فهل يؤثر رضاه أو يمتنع كمن أكرى إلى طريق فأراد سلوك خلافها لأنه فسخ الدين في الدين في ذلك نظر ومنع الغير الفارس الثاني إلا من الأول لأن لرب الأرض دفع قيمة غرسه مقلوعاً فإذا اكترى من الأول قبل قبل محاكمة ربها فكأنه أكراه على أن يأخذ قيمة الغرس قضاء عن رب الأرض ثم يعطيه رب الأرض إذا انقضى الكري فكأنه سلف أسلفه إياه على أن يكريه وهذا يقتضى منع كرا ء الأول إن كان الغرس له قبل المحاكمة في الغرس
فرع في الكتاب : إذا انقضت السنون وفيها زرع لم يبد صلاحه حرم على رب الأرض شراؤه لنهيه عليه السلام عن بيع السنبل حتى يبيض وإنما يجوز مع الأرض في صفقة وكذلك الأصول بثمرها قال ابن يونس : قيل يجوز لأن الزرع حينئذ من ضمان رب الأرض وإنما ورد النهي حيث هو من البائع
فرع في الكتاب : تمتنع مصالحتك رب الأرض على الشجر بعد انقضاء المدة بنصفها عشر سنين لأن الأجرة معين يتأجر قبضه عشر سنين ولو قيل : له الآن ( نصفها جاز ومنع غيره لأنه فسخ دين في دين لأنه كان له إعطاء قيمة مقلوعاً فأخذ ) نصف الشجر عن القيمة
فرع في الكتاب : يجوز كل سنة بكذا وإن لم يسمَّ عدد ولكل واحد الترك إلا أن يزرع فتلزمها تلك السنة خاصة ووافقنا ( ح ) وأحمد ومنع ( ش ) للجهالة بالنهاية لنا : أن الأجرة مقسطة على المنفعة فكلما انقضى جزء من المنفعة استحق مثله من الأجرة فلا غرر وليس له قلع الزرع ودفع حصة ما مضى لأنه لما زرع رضي بذلك
فرع في الكتاب : إذا اكتراها سنة فحصد زرعه فهي سنة أرض المطر لا يزاد على الحصاد وسنة السقي سنة فرقت بينهما العادة فإن تمت وفيها زرع صغير فعلى رب الأرض بقاؤه إلى تمامه بكراء مثله على نسبة الكراء الأول قال غيره : إن بقي بعد الحصاد ما لا يتم فيه زرع لا يزرع فإن فعل فعليه الأكثر من الكراء الأول لأنه رضي به أو كراء المثل لأنه استوفي المنفعة بغير عقد وقال ( ش ) وأحمد : يجب كراء المثل إن بقي الزرع بغير تقصير وإلا فله فلعله للتعدي قال صاحب النكت : معنى كراء المثل على نسبة الكراء الأول : أن قال : كم كراؤها في السنة الثانية ؟ فإن كان أمد البقاء الربع : فله ربع المسمى قال ابن يونس : يقوم كراء الزيادة فإن كانت ربع السنة ضم لكراء السنة كما لو تعطل من السنة بعضها بغرق فشبهت الزيادة بالنقص ولما دخل رب الأرض على توقع تأخير الزرع وتقديمه لحر الأرض وبردها : لم يجعل ابن القاسم : الزراع متعدياً ولذلك اعتبر الكراء الأول وعلى قول الغير : لو علم به رب الأرض لما زرع ما لا يحصد في بقية السنة فله بحساب الكراء الأول لأنه رضي بذلك وقال الغير في الدأبة يكتيريها مدة فيتجاوزها قال ابن حبيب إذا لم يبق إلا نحو الشهرين وما لا ينتفع به في الزرع امتنع أحداث الزرع إلا بالإجارة ولا يحط شيء وربها أحق بها ولا يمنعه لأنه مضار بالمنع فإن جدد زرعاً عالماً ببقائه المدة الكثيرة خيرت بين إفساد زرعه لأنه معتمد وإقراره بالأكثر من كراء المثل لأنه متعد أو الكراء المتقدم
فرع في الكتاب : إذا اكريت أرضك بدنانير مؤجلة فحلت فلا تأخذ بها طعام إلا ما يجوز أن يبدأ كراء الأرض به سداً للذريعة
فرع قال : يجوز الكراء بالخيار لأحدكما ولكما كالبيع وإن لم يؤجلاه جاز وأجله الإمام إلا أن يمضي مقداره فيوقف الآن من له الخيار ومنع ( ش ) خيار الشرط وأوجب خيار المجلس لنا : القياس على البيع فإن كتما بالخيار واختلفتما في الأخذ والرد : فالقول قول الرد كالبيع لأنه مقتضى الخيار أما اللزوم : فمن العقد
فرع في الكتاب : يجوز كراؤها على أن يكريها ثلاث مرات ويزرعها في الرابعة وعلى أن تزبلها إن كان التزبيل متعارفا وعلى أن يحرثها لك ربها فائدة : قال صاحب التنبيهات : تكريب آخره باء بواحدة من تحتها تطيبها وأنزرتها للحرث والزراعة وهو الكراب بفتح الكاف للمصدر قال ابن يونس : على أن يزرعها في الرابعة إن كانت مأمونة لأن الحرث والتكريب منفعة تبقى إن لم يتم الزرع فهو اشتراط نقدٍ في غير المأمونة وإن زرع فعليه كراء المثل بشرط أن يحرث ثلاث مرات
فرع في الكتاب : إذا افتشر من المكتري حب من حصاده في الأرض فنبت فهو لربها لأن الأول أعرض عنه عادة وكذلك من حمل السيل زرعه إلى أرض غيره قال ابن يونس : وقيل في جر السيل هو للباذر وعليه كراء الأرض لأن السيل كالمكره له والإكراه لا يسقط الأملاك قال سحنون : إن كان رب الأرض مكترياً فعليه كراء الأرض في الأولى بالعقد والثانية باستيفاء المنفعة وعن سحنون : إذا جره السيل بعد نباته فهو لربه وعنه : هو لصاحب الأرض وعليه قيمته مقلوعاً كما جره السيل ولو كان شجراً فنبت في الأرض الثانية وأمكن رده للأولى رده وإلا فله القيمة لأنه حطب فقلعه مضارة ويخير بين دفع القيمة وبين أمره بقلعه أو يعطيه قيمته مقلوعاً ولو نقل السيل تراب أرض إلى أخرى فلربه تحويله ولا يلزمه لأنه لم يجره وكذلك لو رجع على أشجار جاره فأضر بها ولو زرع كموناً فأيس من نباته فأكرى الأرض للمقاثي فنبت الكمون معه فهو لرب الأرض قاله أصبغ لأنه كضال أيس منه ثم وجده ويسقط من الكراء حصة المؤن وإن أضر بالمقثاة فليس له قلعة لكن ينقص من الكراء بقدر ما نقصت المقثاة لأنه عيب في الأرض وكذلك لو أبطلها رجع بجميع الكراء ومصيبة المقثاة منه كما لو لم ينبت وفي النوادر : قال مالك : إذا انقطعت المقثاة منه ثم أخلفت فللمكتري دون رب الأرض ما دام لها أصل قائم فإن ذهبت مدة الإجارة وبقيت المقثاة وفيها طمع خير المكتري بين أخذها ودفع الكراء ما دامت المقثاة وإن كان قبل وقت انقطاعها للمعروف وقد أسلمها إياساً منها لموتها ثم حييت بعد ذلك بالسقي لانقطاع الملك الأول ولو أعار أرضه لزراعة القطن فبقيت أصوله فرمت في عام قابل : قال ابن القاسم : إن كانت تزرع كل عام كالزرع فلرب الأرض لأنه لم يهبه إلا سنة واحدة ثم رجع إلى أنه للزراع وعليه كراء ما شغل الأرض لأنه من غير ملكه إلا أن يكون الكراء أكثر من القطن فلا يلزمه أكثر منه وإن كانت تنبت كثيرة كما تنبت في السواحل فلربه ولا يخرجه إلا ببينة أنه إنما أعاره سنة واحدة
فرع في الكتاب : إذا أكريت بثوب بعينه ( أو عبد فاستحق بعد الحرث فعليه كراء المثل لبطلان ما سمى وكذلك بحديد ورصاص بعينه ) وقد عرف وزنه قال ابن يونس : قيل للمستحق العبد إجازة بيعه بالكراء فإن حرث الأرض دفع أجرة الحرث كبيع الفضولي فإن امتنع دفع له المكتري كراء سنة فإن امتنع أسلمها بحرثها فإن استحق بعد الزراعة فله الأجرة وكراء الأرض
فرع في الكتاب : إذا أفلس المكتري أو مات بعد الزرع أو قبل النقد فربها أحق بالزرع في الفلس دون الموت وفي الدار : أحق بالسكنى إن لم يسكن وإن فلس الجمّال فالمكتري أحق بالإبل حتى يتم حمله إلا أن يضمن الغرماء الحملة : تنزيلاً للمنافع في جميع هذه الصور منزلة السعل في التفليس وقال غيره : لا يضمنوا إذا كان الكراء غير مضمون لأن الحمالة بالمعين لا تجوز وجوزه ابن القاسم لضرورة الفلس قال صاحب التنبيهات : قيل : الخلاف في المعين وأما المضمون لا خلاف فيه وقيل : إنما الخلاف في المضمون للاختلاف : هل هو أحق به ؟ وأما المضمون فلا يختف أنه أحق به قال ابن يونس : وقيل : هو أحق بالزرع في الفلس والموت جعلاً لأرضه منزلة يده وفي الكتاب : إذا فلس المكتري فالجمال أولى بالمتاع حتى يقبض كرءاه ويكري الغرماء الإبل في مثل كرائه وجميع الصناع أحق بما في أيديهم في الموت والفلس
فرع في الكتاب : أبتاع عبداً واكترى راحلة بعينها في صفقة جاز إن لم يشترط خلف الراحلة إن هلكت وإلا امتنع إلا أن يكون الكراء مضمون قال ابن يونس : يفسخ الكراء بموت المعينة وليس كراءية الغنم المعينة لا يجوز إلا بشرط الخلف لأنها مستأجر عليها والدابة هاهنا كالراعي لا يجوز اشتراط خلفه قال محمد : يمنع ضمان عمل المعينات : من راع وراحلة ومركب ومسكن وغيرها ولا في طعام ولا في عرض فإن شأن المعين تعلق الرضا بعينه وينفسخ العقد بهلاكه بخلاف ما استؤجر على عمله أو حمله أو رعايته لا بد من الاشتراط حتى لا يحجر على المكتري في بيعه والإتيان بغيره وإذا هلكت الراحلة المعينة وهي وجه الصفقة انفسخ العقد , إلا لزممه العبد بحصته ولو اشترى عبداً بكراء راحلة معينة ودينار فهلكت قبل الركوب أو بعد يسير منه وهي وجه الصفقة رد الدينار وقيمة ركوبه وأخذ عبده إن لم يفت فإن فات وكراها جملة الطريق إن لم يركب أو بقيتها إن ركب ثلثا الصفقة رجع بحصته ذلك في قيمة العبد لا في عينه قال : والصواب : إن لا يراعى فوات العبد وينفسخ إن كانت وجه الصفقة لأن معها دنانير لا فوت فيها فلو كان عرضا لا يكال ولا يوزن روعي فوات العبد إن هلكت وقد سار أكثر الطريق أو لم يسر شيئاً وليست وجه الصفقة والعبد لم يفت رجع بقيمة ذلك في حصة العبد لا في عينه لضرر الشركة عند ابن القاسم وعلى مذهب أشهب يرجع في قيمة العبد وقيل معنى المسألة أنه اشترط نقد المائة أو سنتهم النقد وأما إن كان متأخراً ولا سنة لهم حتى لا يلزم من النقد إلا بقدر ما سار فتكون رخصة العبد من النقد لا تعلم فلا يجوز إلا عند من يجيز جمع السلعين لرجلين وهذا أشد لأن فيه نقداً ومؤخراً مجهولين
فرع في النوادر : قال ابن حبيب : اكترى داراً بثوب فوجده معيباً يفسخ الكراء وفيما سكن أجرة المثل لأن الرد بالعيب فسخ للعقد من أصله وإن فات ببيع لا يرجع بشيء أو يلبس أو بهبة أو صدقة فقيمة العيب في السكنى إن كان العين الخُمس فيشاركه رب الدار بخمس السكنى ولهما القسمة بالتراضي أو المقاومة وإن كان العيب كثيراً يضر الرجوع به بالمكتري في السكنى خير بين السكنى على ذلك أورده والرجوع بقيمة ثوبه معيناً وإن قام بذلك بعد سكنى نصف السنة والمعيب الخُمس : رجع بخُمس ما بقي من السكنى وخمس كراء الأشهر الماضية وإن كان العيب كثيراً خير بين السكنى فيما بقي مع المكتري أو يرد على المكري للساكن قيمة ثوبه معيباً يوم قبضه وبأخذ كراء الأشهر الماضية وإن أطلع بعد المدة رجع بقيمة العيب قلت أو كثرت وأخذ قيمة ما يقابله من قيمة سكنى الدار قال : وقول ابن حبيب كله حسن إلا قوله : إذا سكن نصف السنة والعيب يضر بكثرته فقوله : إن اختار رد بقيمة السكنى أنه يغرم قيمة ما وقع لنصف العيب في المدة التي سكن
فرع في الكتاب : هلاك الدابة المعينة يوجب الفسخ كشراء المعين ولا يجوز اشتراط الخلف كشراء المعين وله الخلف في الكراء على البلاغ وهو المضمون كاستحقاق ما يعطيه في السلم وإنما تفسخ الإجارة بموت الأجير المستأجر عليه وفي الجواهر : إن هلك الثوب المستأجر على خياطته كان له إبداله على ظاهر المذهب قال القاضي أبو محمد : مذهب أصحابنا أن محل الاستيفاء لا يتعين وإن عين فذلك الوصف بخلاف العين المستأجر قال صاحب المقدمات : هذه الدابة أو دابتك الفلانية تعين ودابة أو دابتك مضمون عند مالك لأن الإضافة أعم من التعيين فإن اختلفا في التعيين تحالفا وتفاسخا إن لم يقبض لأن كل منهما مدعٍ ومدعى عليه وبعد القبض يصدق مدعي التعيين مع يمينه إن ماتت الدابة لأن الأصل عدم تناول العقد لغير هذه المعينة فإن كانت قائمة فلا معنى لدعوى التعيين لأن المضمون يتعين بالقبض
فرع في الكتاب : تمتنع هبة الدابة المعينة وبيعها لأن المكتري أحق بها في الموت والفلس وبقية المدة ولو هرب مشتريها بها فلم توجد فُسخت الإجارة وإن وجدتها فلك فسخ البيع وللمبتاع الرضا بالتأخير إلى تمام المدة إن قربت ( وإلا فلا لأنه معين يتأخر قبضه المدة ) الكثيرة قال ابن يونس : قال بعض القرويين : ولو لم يفطن لها إلا بعد المدة وكانت كثيرة فالأشبه : رجوع المشتري بعيب حبسها تلك المدة ولا ينقض البيع
فرع في الكتاب : إذا شرط حبس العرض المعين الذي اكترى به للتوثق أو المنفعة فكأنه من المكري لأنه يعرف هلاكه ولو حبسه المكتري للتوثق ضمنه إن لم يعرف هلاكه وانتقض الكراء كهلاك المبيع المعين قبل القبض وكذلك إن استحق قال ابن يونس : ويحلف على هلاكه وتلفه فإن نكل غرم قيمته ويثبت الكراء لاتهامه على فسخه وليس فيه رد يمين لانه من أيمان التهم
فرع في الكتاب : يمتنع اشتراط ضمان ما يتأخر قبضه ليومين لأنه ضمان بجعل إلا في العين لأنها لا تتعين وجوزه غيره في الجميع إذا حُبس لركوب أو خدمة لقرب الأجل أو لأنه لما اشترط الركوب فهو كالمكتري لذلك ومقتضى هذا : الجواز في القليل والكثير غير أن التهمة يقوى القصد إليها في البعيد في الضمان بجُعل قاعدة : المعين الذي يتأخر قبضه يمتنع لتوقع الغرر بهلاكه قبل القبض فلا يكون المعقود عليه معلوم الحصول فلا يحرم فإن العقد يترتب عليه أثر فهو كبيع السمك في الماء والطير في الهواء وأيضاً اشتراط التأخير يُشعر بأن العوض بدل الضمان قاعدة : الأعيان والمنافع ثلاثة أقسام منها ما يقبل العوض كالبر وكراء الدار ومنها ما لا يقبلها إما لمنع الشرع كالخمر والغناء أو لأنه غير متقوم عادة كالبرة الواحدة ومناولة النعل أو لعدم اشتماله على مقصود البتة كالذرة من التراب وتحريك الأصبغ ومنها ما اختلف فيه هل يقبل المعاوضة أو لا ؟ كالأزبال والفصاد والحجامة فمالك يجيزها و ( ح ) يمنع الآخرين لأنهما عنده لأنهما مجرد آلام بغيرها فائدة لأن خروج الدم ليس من فعل الأجير بل من طبيعة الدم ومن القسم الثاني : الضمان فإنه وإن كان مقصوداً للعقلاء لكنه غير متقوم عادة فلا يجوز أن يقابل الأغواض وكذلك لا يجب على من قبل أو باشر امرأة غصباً شيء بخلاف الوطء لأن الوطء تقدر قيمته في بذل الصدقات بخلاف القُبل ونحوها قاعدة : لا يعتبر الشرع من المقاصد إلا ما تعلق به غرض صحيح محصِّل لمصلحة أو دارئ لمفسدة وكذلك لا يسمع الحاكم الدعوى في الأشياء التافهة الحقيرة ولا يقبل قول المستأجر وغيره في قلع البناء والأشجار التي لا قيمة لها بعد القلع وإن كانت عظيمة المالية بعده فلهذه القاعدة أجمع الناس على أن العروض تتعين بالتعيين وكذلك الحيوان والطعام لأن لهذه الأشياء من خصوصيات الأوصاف ما تتعلق به الأغراض الصحيحة وتميل إليه العقول الصحيحة والنفوس السليمة لما في تلك التعيينات من الملاذ الخاصة بتلك الأعيان ومقتضى هذا القاعدة أنه إذا عين صاعاً من صُبرة وباعه أنه لا يتعين لأن الأغراض الصحيحة مستوية في أجزاء الصُبرة غير أني لا أعلم أحداً قال بعدم التعيين واختلفوا في الدنانير والدراهم إذا عينت هل تتعين أم لا ؟ على أقوال : ثالثهما : أن عينها لدافع تعينت وإلا فلا أثر لتعيينه القابض فإن اختصت بصفة حرمة أو حل أو غيرهما تعينت على ما لا يشاركها في ذلك اتفاقاً والأقوال الثلاثة عندنا وبالتعيين قال ( ش ) وقد تقدم تقريره في كتاب الصرف
فرع في الكتاب : إذا اكترى دابة لغرض فتعذر أو لم يفعله لزمته الأجرة لهلاك المنفعة تحت يده كالمبيع إذا قبض وهلك وله كراؤها في مثل ما اكترى لملكه المنفعة بالعقد قال ابن يونس : وليس له أن يحمل عليها الحجارة لأنها مضارة ليس فيها غرض صحيح لما تقدم في القاعدة إلا أن ينتفع بتلك الحجارة ولو شرط عليه في العقد : إن ماتت قاصه بما ركب امتنع لأنه شرط مناقض للعقد قال ابن القاسم : إذا تكارى إلى موضع فبلغه ما يمنعه من دخوله : انفسخ الكراء لتعذر المنفعة بخلاف أن يعوقه ضياع المتاع أو لصوص
فرع قال صاحب الإشراف : إذا اكترى دابة إلى مكان معين وسلمها إليه ومضت مدة لو أراد الانتفاع بها أمكنه استقرت الأجرة عليه وقاله ( ش ) وأحمد لوجود التمكين كما لو مشى وهو يقودها فإن الأجرة تجب اتفاقاً وقال ( ح ) : لا تجب الأجرة لعدم الاستيفاء
فرع قال ابن يونس : قال ابن حبيب : إذا أصاب المرأة طلقٌ لم يُجبر الكري على الإقامة معها في غير الحج وتقيم إن أحبت وتكري ويجبر في الحج كأن المكتري دخل إلى تمام حجها في العادة
فرع قال : إذا سار المتكاريان بعض الطريق فبلغهما انغلاق الطريق انغلاقاً لا ينكشف إلا في أيام يتضرر فها أحدهما فله فسخ الكراء وإذا كان في موضع غير مستعتب ودّاه إلى مستعتب خلفه أو أمامه فإن كان بين يديه فبحسابه قاله أصبغ
فرع في الكتاب : إذا اكتريت ثوراً يطحن لك أردبين كل يوم بدرهم فوجدته لا يطحن إلا اردباً فلك رده بالعيب كالبيع وعليك في الأردب نصف درهم وترد الدابة المعينة الجحاح والدبرة الفاحشة قال ابن القاسم : يمنع إن يتحول إلى دابة أوطأ من دابته زاد شيئاً أم لا لأنه فسخ دين فيما يتأخر قبضه فإن فعل فعليه كراء المثل وكراء الأولى باق ويجوز على قول من يجيز أخذه من دين له كراء دار بعينها قال مالك : ولو هلكت المكرية في بعض الطريق لا يأخذ دابة أخرى فيما بقي له لأنه كفسخ دين في دين إلا أن يكون بمنقطعة فيجوز للمستعتب كان الثاني مضموناً أو معيناً إذا كان الأول معيناً وكذلك لو شرطه في أصل العقد قاله ابن القاسم : ويجوز التحول من المحمل إلى الزاملة بزيادة أو نقص لأنه تحول من صفة ركوب لا من دابة إلى أخرى ولا يزيده الجمّال شيئاً إلا أن يكون سار بعض الطريق لتهمة السلف وتجوز زيادة الراكب ركب أم لا وإن تكارى على الحمل امتنع التحول إلى محمل بزيادة لتباعدهما بخلاف الزاملة والمحمل
فرع في الكتاب : إذا اكترى من مصر إلى الحج ولم يشترط الممر على المدينة ثم أراد = ذلك خير الكري إلا أن يخاف فوات الحج
فرع في الكتاب : إذا اكتريت دابة معينة فليس لك الإرداف خلفك ولا حمل متاعه معك لأنك ملكت ظهرها وكذلك السفينة فإن فعل فلك كراؤه إلا أن يكاريك على حمل شيء بعينه أو معلوم فله الحمل لأنه مضمون قال أشهب : إن اكتراه ليحمله وحده أو مع متاعه : فكراء الزيادة للمكري لأنه على دابتة حمل وقد كان لك منعه من الزيادة قال ابن يونس : قول أشهب وفاق لقول ابن القاسم
فرع في الكتاب : ليس لك الذهاب إلى غير البلد الذي اكتريت إليه وإن كان مثله في السهولة والمسافة إلا أن يأذن لك كاختيارك صُبرة أخرى تكتال منها ومنعه غيره وإن أذن لك لأنه فسخ دين في دين إلا بعد صحة الإقالة قال ابن يونس عن ابن القاسم : لك الذهاب إلى مثل البلد كحلمك غير ما اكتريت عليه مثله
فرع في الكتاب : إذا كان الكراء دراهم ولم يشترط نقدها وكراء الناس مؤخراً وغير مؤجر وشرطت التأخير امتنع إعطاؤك عوضها دنانير نقداً حتى تحل الدراهم ببلاغ الغاية لأن من شرط صرف ما في الذمم الحلول فلو شرطتما النقد وهو العرف جاز كان الكرء معيناً أو مضموناً فإن هلكت ببعض الطريق رجعت بحصة ما بقي مما نقدت ولو دفعت عن الدراهم عرضاً لرجعت بالدراهم فيما عقدت عليه نفياً لضرر الشركة
فرع قال : إذا أردت تعجيل الخروج من مكة وأبى الجمّال وفي الزمان بقية لم يجبر حتى يخرج الناس لأنه العرف
فرع قال : إذا نقضت زاملة الحاج فأراد إتمامها حملاً على العرف : قال غيره فإن فقد العرف فلك الوزن للمشترط إلى آخر المسافة لا أنه مقتضى العقد
فرع قال : إذا اكتريت لبلد فلك النزول بنزلك لأنه العادة
فرع قال : إذا ولدت المكترية جُبر على حمل ولدها لأنه العادة قال : إذا هرب فأنفقت على دابته أو اكتريت من يرحلها فلك الرجوع عليه لأنك قمت عنه بواجب ولو هرب بالدابة اكترى لك الإمام عليه ورجعت بذلك عليه كالشرط وإن تغيّب يوم خروجك ثم لقيته فليس لك إلا الركوب أو الحمل في كل كراء مضمون لأنه في ذمته إلا الحج يفسخ لأن إبانة كالشرط قال غيره : ولو رفع غير الحج الإمام فسخ ما فيه ضرر قال ابن يونس : إذا هرب بدابته إنما يكري عليه الإمام إذا كان له مال وفي الكتاب : إن هربت أنت أكرى لك الإمام وأخذ الجمّال من ذلك أجرته وإلا اتبعك بالكراء وكذلك إن أكرى على متاع عبد وكيلك ببلد ولم يجد الوكيل انتظر بغير ضرر فإن جاء وإلا أكرى الدابة فإن تعذر فله الكراء لأن التعذر من قبلك فإن رجع ولم يرفع ذلك للسلطان وفي البلد سلطان رجع ثانية لأنه متهم وإن لم يكن في البلد سلطان انتظر أياماً وأشهد فإن وجد الكراء وانصرف ولم يكر ولم يرفع للإمام فلا شيء له إذا كان الكراء ممكناً إلى البلد الذي أكرى إليه وإن تعذر الكراء وجهل إعلام الإمام لا يبطل عمله قال ابن يونس لا يقبل عدم الكراء ثمت إلا بسبب قال محمد : ولو أكراها بغير إعلام الإمام ورضيت بذلك وقد نقدته لم يجز لأنه في معنى سلف بزيادة وإن لم ينقده جاز وإن لم يرض إلا بالكراء الأول فإن أكراها لنفسه ولم يرفع للإمام وثم إمام فلك أخذ الفضل
فرع إذا أقبضك في المضمون دابة ليس له نزعُها إلا بإذنك لأنها تعينت بالقبض وأنت أحق بها في الفلس وفرق غيره بين المضمون والمعين قال ابن يونس : اختلف في تأويل قول الغير قال ابن حبيب : يتحالفان ويتفاسخان في المغين في بقية المسافة وقيل : المضمون يتحالفان فيه لأن حقه في ذمة المكري كسلعة لم تقبض وإذا كانت معينة فحقه فيها وقد حازها وفات بعضها كفوات بعض السلعة فهو المدعى عليه في زيادة الثمن ولو هلكت المضمونة على هذا اتفق ابن القاسم والغير في التحالف والتفاسخ
فرع قال ابن يونس : قال سحنون : إذا أراد الجمّال إدارة الجمال بينكم أو الجامل منع إلا برضاكم لأن التعيين ضرر قال : يمنع كراء السفن في وقت الخطر ويفسخ للغرر ويجوز اشتراط التأخير إلى وقت السلامة إذا لم ينقد إلا في القريب نحو الشهر فيجوز النقد ولو كان الكراء مضموناً جاز النقد ولو بعد لكونه مأموناً بكونه في الذمة فإن اكتريت في وقت السلامة ثم تعذر حتى جاء وقت الخطر بالشتاء : فلك وله الفسخ لضرر التأخير وكذلك لو حدث لصوص بخلاف الربح
فرع قال : قال في المدونة : كراء السفن على البلاغ لا يستحق شيئاً إذا غرق لأن ذلك هو الذي يقصد وينتفع به وقال ابن نافع : له بحسابه وقال يحيى بن عمر الأندلسي : إن كان لتعديه البحر فعلى البلاغ لعدم حصول المصلحة دون تلك الغاية وإلا فبحساب ما مضى لأن البعض ينقص كراء المسافة وفي الجواهر : قال أصبغ : إن لم يزل ملججاً حتى عطب لم يدرك مكاناً يمكنه النزول فيه آمناً على نفسه وماله ويمكنه التقدم منه إلى موضع الكراء فعلى البلاغ وإلا فبحسابه
فرع قال ابن يونس : قال يحيى بن عمر الاسكندراني : إذا وصلت السفينة وامتنع التفريغ للهول وذهب ما فيها سقط الكراء لعدم تسليم المنفعة فإن أمكنك التفريغ ففرطت حتى جاء الهول لزمك الكراء فإن فرغ بعضهم وتعذر على الآخرين للهول فعلى ما تقدم فلو ظن أن الحمولة تلزمه بعد عطب السفينة فحمل المتاع في سفينة أخرى : قال ابن القاسم : لاشيء له إلا أن يكون موضع العطب يخشى على المتاع فيه
فرع قال : قال ابن القاسم : إذا أنبل بعض الحمولة قوم غير مبلول ومبلولاً ويطرح من الكراء بقدر نقص القيمة قال أبو سعيد : فإن كان البلل بتعزير أو تفريط من صاحب المركب ضمن والنداوة القليلة لا تنقص الكراء
فرع قال ابن القاسم : إذا طرح بعض الحمل للهول شارك أهل المطروح من لم يطرح لهم شيئاً من متاعهم كان ما طرح وسلم لجميعهم في نمائه ونقصه بثمنه بموضع الشراء وإن اشتروا من موضع واحد بغير محاباة لأنهم صونوا بالمطروح مالهم والعدل : عدم اختصاص أحدهم بالمطروح إذ ليس أحدهم أولى من الآخر فاشترك الجميع فإن اشتروا من مواضع أو اشترى بعضهم دون بعض أو طال زمن الشراء حتى حال السوق اشتركوا بالقيم يوم الركوب دون يوم الشراء لأنه وقت الاختلاط وسواء طرح الرجل متاعه أو متاع غيره بإذنه أم لا ولملك في التقويم بموضع الحمل أو موضع المحمول إليه لأنه المقصود بالحمل أو موضع الطرح لأنه موضع الإتلاف : ثلاثة أقوال قال ابن أبي زيد : ولا يشارك من لم يرم بعضهم بعضاً لأنه لم يطرأ سبب يوجب ذلك بخلاف المطروح له مع غيره فإن رمى له نصف متاعه أخذه ممن لم يرم نصف متاعه ويكون شريكاً لمن لم يطرح له في النصف الآخر بقيمة متاعه ويكون شريكاً لمن لم يطرح له في النصف الآخر بقيمة متاعه من قيمة متاعهم ولو رمي جميع متاعه ثم أُخرج بعد ذهاب نصف قيمته شاركهم في نصف متاعهم كما لو رمي نصف متاعه وعليه من كراء السالم بقدر ما صار إليه وإذا أخرج نصف متاعه ناقصاً فكراء حصة ما نقص على ثمن نقصه وأخرجه عليه وإذا رمي متاعه وابتل متاعهم بللا ينقص الثمن شاركهم بقيمة متاعهم ومتاعهم سالماً بموضع الحمل فإن حدث بمتاعهم عيب قبل الحاجة للطرح : فقيمته معيباً بموضع الحمل ويحسب المطروح على كل ما يراد به التجارة وإن خف حمله كالجوهر قال ابن حبيب : وليس على صاحب المركب ولا على النواتيه كانوا أحراراً أو عبيداً إلا أن يكونوا للتجارة فتحسب قيمتهم ولا على من لا متاع له لأن هذه كلها وسائل والمقصود بركوب البحر إنما هو مال التجارة ويرجع بالمقاصد في المقاصد ومن معه دنانير كثيرة يريد بها التجارة فكالتجارة بخلاف النفقة وما لا يراد به التجارة كما تقدم وقال ابن ميسر : لا يلزم في العين شيء من المطروح وقال سحنون : يدخل المركب في قيمة المطروح لانه مما سلم بسبب الطرح قال أبو محمد : إن خيف عليه أن يصدم قاع البحر فرمي لذلك دخل في القيمة وقال أهل العراق : يحسب المركب وما فيه للقُنية أو للتجارة من عبيد وغيرهم لأنه سلم بسبب الطرح وجوابهم : أن المركب شأنه أن يصل برجاله سالماً إلى البر وإنما يغرقه ما فيه من التجارة وإزالة السبب المُهلك لا توجب شركة بل فعل السبب المنجي وهو فرق حسن فتأمله قال : ولا يختلف قول مالك وأصحابه أن ما للقُينة كالعبيد والجواهر والمصاحف لا تدخل في حساب ما طرح وما طرح منه فمن صاحبه دون غيره قال ابن القاسم : ويصدق صاحب المطروح في ثمنه مع يمينه ما لم يُستكر لأنه أمر لا يعلم إلا من قبله وقال سحنون يقبل بغير يمين إلا أن يتهم فإن ادعى أنه طرح له امتعه كثيرة و أنكر الرايس ذلك رجع إلى الشرط لجري أموال الناس عليه ويصدق
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29