كتاب :الذخيرة 5

كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي

حبيب ألا يتنفل ذلك اليوم الى الظهر وهو مردود بالإجماع وروى أشهب لا يتنفل قبلها في المسجد كالمصلى ويتنفل بعدها لان قبلها وقت شرع للذكر فلا يتنفل فيه كوقت الخطبة لنا ما في الصحيحين انه عليه السلام خرج يوم الاضحى فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما زاد أبو داود يوم الفطر وقياسا على الامام وعلى صلاة الجنازة واذا قلنا بالتنفل في المسجد قبلها فيلغى للإمام بل اول ما يقدم يبدأ بالصلاة الخامس في الكتاب يكبر ايام التشريق الرجال والنساء والمنفرد والمسافر وغيره خلف الصلوات المكتوبات ويكبر المسبوق بعد القضاء كسجود السهو ومن نسيه اتى به ان كان قريبا والا فلا وقاله ( ح ) وقال ( ش ) يكبر وان بعد ورأى ان التكبير من شعائر الايام وهي باقية وعندنا من شعائر الصلوات في الايام قال مالك في المختصر الكبير الطول مفارقة المجلس وفي الكتاب ان لم يكبر الامام كبر الناس كسجود السهو والاصل فيه قوله تعالى ( واذكروا الله في أيام معدودات ) قال سند لا يكبر اذا قضى صلاة في ايام التشريق ولا اذا قضى صلاة ايام التشريق فيها خلافا ( ش ) فيهما ولا اذا قضاها هي في غيرها فائدة سميت أيام التشريق من شروق الشمس في اول يوم يقوم من باب مجاز تسمية الكل باسم الجزء وقيل من تشريق اللحم وهو نشره ليجف بالشمس وفي الكتاب اول التكبير صلاة الظهر من يوم النحر الى الصبح من آخر ايام التشريق وقاله ( ش ) وقال ( ح ) يبدأ بعد الصبح من يوم عرفة لنا قوله تعالى ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله ) ويوم عرفة لم تقض فيه المناسك وانما تقضى بعد صبح العيد وفي الجواهر لا يكبر دبر الصلوات النافلة وروى عن مالك يكبر وقيل يكبر دبر الظهر من اليوم الرابع ونقل ابو الطاهر قولا بالتكبير في سائر الاوقات قياسا على اهل منى السادس قال سند سئل مالك عن قول الرجل لأخيه يوم العيد تقبل الله منا ومنك فقال لا اعرفه ولا انكره وكرهه غيره وروى عنه عليه السلام انه فعل اليهود ولا ينكر في العيد لعب الغلمان بالسلاح والصبية بالدفوف لما في الصحيحين بينما الحبشة يلعبون عند النبي بحرابهم دخل عمر رضي الله عنه فأهوى الى الحصباء فحصبهم بها قال له عليه السلام دعهم يا عمر وكره مالك لعبهم في المسجد ويحمل الحديث انهم كانوا يرون من المسجد وفيهما عن عائشة رضي الله عنها ان ابا بكر دخل عليها في أيام منى وعندها جاريتان تضربان بالدف والنبي عليه السلام مسجى عليه بثوب فانتهرهما فكشف عليه السلام وجهه فقال دعهما يا ابا بكر فإنها ايام عيد

الباب الثامن عشر في صلاة الكسوف
الأجود كسفت الشمس وخسف القمر وقيل بالعكس وقيل هما في ذلك سواء وقيل الكسوف تغير لونهما والخسوف ومغيبها في السواد وقيل الخسوف في الكل والكسوف في البعض ويقال خسف بالفتح وبالضم على ما لم يسم فاعله وانكسفت الشمس وأنكره بعضهم بالألف وأصل الكسوف التغير ومنه كاسف البال أي متغير الحال والخسف الذهاب بالكلية ومنه قوله تعالى ( فخسفنا به وبداره الأرض ) والخسف النقص ومنه رضي بخطة خسف ولما كان القمر يذهب جملة ضوؤه كان أولى بالخسوف من الكسوف وفي الجواهر صلاة الكسوف سنة على الرجال والنساء والعبيد ومن عقل الصلاة من الصبيان وتصليها المرأة في بيتها وقال ( ح ) واجبة وفي الجلاب روى ابن القاسم وقتها وقت العيدين قياسا عليها وعلى الاستسقاء بجامع ان هذا وقت ليس بشيء من الفرائض فجعل السنن المستقلة تمييزا لها عن النوافل التابعة وروي الى غروب الشمس وقاله ( ش ) لعموم قوله عليه السلام فإذا رايتم ذلك فافزعوا الى الصلاة وقياسا على الجنازة وروي الى العصر لقوله عليه السلام لا صلاة بعد العصر قال سند فإن طلعت مكسوفة لم يصل حتى تحل النافلة خلافا ( ش ) للنهي عن الصلاة حينئذ ولمالك في كونهم يقفون ويذكرون قولان فلو كسفت عند الغروب وغربت الشمس كذلك لم تصل اجماعا والفرق ذهاب رجاء نقصها لذهاب النهار وحكمة الصلاة ان يعود اليها ضوؤها ومنفعتها وفي الجواهر تفعل في المسجد دون المصلى وقاله ( ش ) وخير أصبغ بينه وبين صحته وبين القضاء وقاله ( ح ) لنا ما رواه ابن وهب قالت عائشة رضي الله عنهاخسفت الشمس على عهد رسول الله فخرح إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس خلفه الحديث والفرق بينها وبين العيدين والاستسقاء إن وقتها ضيق لا يجتمع له أهل القرى والمصر فلا يضيق المسجد عليهم ولأن الخروج إلى المصلى قد يفوتها بتجلي الشمس وفي الكتاب لا يجهر بقراءتها وقاله ( ش و ح ) خلافا لابن جنبل لنا ما في الموطأ قال ابن عباس خسفت الشمس على عهد رسول الله فصلى والناس معه فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله فقوله نحوا من سورة البقرة يدل على السر وإلا فلا حاجة إلى التقدير وفي الجلاب يقرأ في الركوع الأول بسورة نحوا من البقرة وفي الثاني بنجو آل عمران وفي الثالث بنحو النساء وفي الرابع بنحو المائدة وفي الجواهر هي ركعتان في كل ركعة ركوعان وقيامان يقرأ في كل ركوع الفاتحة وقاله ( ش ) وقال ( ح ) ركعتان طويلتان كصلاة الصبح وهو مروي في أبي داود وجه الجمع بينه وبين الحديث الموطأ أنه يحتمل أنه فعل ذلك بعد انقضاء الصلاة وقال ابن مسلمة لا تكون الفاتحة في الركوع الثاني ولا في الرابع لأن الركعتين ركعة واحدة لنا القياس على كل قراءة بعد ركوع قال فإن تجلت الشمس في أضعاف الصلاة قال سحنون يتمون مثل سائر النوافل لزوال السبب وقال أصبغ كما ابتدأوا نظرا للشروع
فروع ستة الأول في الكتاب إذا فرغ منها والشمس على حالها لا تعاد ولكن الذكر والتنفل لأن الكسوف سبب له سبب واحد وقد فعل فيسقط حكمه وفي أبي داود أنه عليه السلام جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلت الشمس ولا خطبة لها عندنا خلافا ل ( ش ) لنا حديث ابن عباس المتقدم ولم يذكر الخطبة الثاني في الكتاب لا تفوت الركعة بفوات ركوعها الأول خلافا ( ش ) ومن فاتته ركعة قضاها بركوعين وسجدتين احتج ( ش ) بان الإمام إنما يحمل القراءة دون الركوع جوابه أن الركوع الثاني هو الركن لتوسطه بين القراءة والسجود وتوسط الأول بين القراءة فله حكمها أو الركوعان كالركوع الواحد والمدرك لبعض الركوع مدرك إجماعا قال سند فإن سها عن الركوع الأول وركع الثاني بنية الثاني سجد قبل السلام وإن ركعه بنية الأول وترك الثاني فإن ذكر قبل عقد الثانية رجع إلى الأولى وإلا بنى وجعل الثانية أولى وسجد بعد السلام الثالث قال ابن القاسم في الكتاب أحب إلي أن يطول السجود وقاله ( ش ) قياسا على الركوع قال سند قال مالك لا يطول لأن الحديث السابق لم يذكر فيه التطويل بل قال فسجد ولأنه لم يكرر فلا يطول واذا قلنا بالطول فلم يفعل سجد قبل السلام لترك سنة الرابع في الكتاب صلاة خسوف القمر كسائر النوافل ويدعون ولا يجتمعون وقاله ( ح ) وقال ( ش ) يستحب لها الجمع والخطبة مثل صلاة الكسوف لنا عمل المدينة وقد خسف القمر مرات على عهده ولم ينقل عن الجمع وحكى اللخمي عن ابن الماجشون انهاكصلاة الخسوف وتصلى افذاذا والمشهور انها تصلى في البيوت وروي عن مالك انها تصلى في المسجد افذاذا قال سند ووقتها الليل كله فان طلع مكسوفا بدأ بالمغرب وظاهر قول مالك عدم افتقارها الى نية تخصها بخلاف الكسوف فان انكشفت عن الفجر لم يصلوا خلافا ( ش ) لقوله عليه السلام اذا طلع الفجر فلا صلاة الا ركعتي الفجر ولان المقصود من الصلاة رد ضوئه ليلا لتحصل مصلحته وقد فات ذلك ولو كسف فلم يصلوا حتى غاب بليل لم يصلو خلافا ( ش ) لان منفعته لا تعود الخامس في الجواهر لا يصلى للزلازل وغيرها من الآيات وحكى اللخمي عن اشهب الصلاة واختاره السادس في الجواهر اذا اجتمع عيد وكسوف قدم الكسوف وفيه سؤالان الاول ان اجتماعهما محال عادة فان كسوف الشمس انما يكسف بالقمر اذا حال بيننا وبينها في درجتها يوم تسع وعشرين وعيد الفطر يكون بينهما نحو ثلاثة عشرة درجة منزلة والأضحى يكون بينهما نحو مائة وثلاثين درجة وعشر منازل نعم يمكن عقلا أن يذهب ضوء الشمس بغير سبب أو بسبب غير القمر كحياة انسان بعد قطع رأسه أو إخلاء جوفه الكلام على مثل هذا منكر بين الفقهاء مع أن الشافعي وجماعة من العلماء تحدثوا فيه السؤال الثاني انه ذكر في باب التطوع أن العيدين آكد من الكسوف وهو مناقض لتقديمه وجوابه ان الكسوف يخشى ذهاب سببه بخلاف العيدين كما نقدم جواب الأذان على قراءة القرآن خشية الفوات فإن اجتمع كسوف وجمعة قدمت الجمعة عند خوف فواتها وإن آمن قدم الكسوف وتقدم الجنازة على الكسوف والجمعة إلا أن يضيق وقتها قال أبو الطاهر ويقدم العيدان على الاستسقاء لأن وقتهما يفوت والمطلوب فيهما الزينة وفيه الخمول والجمع بينهما متناقض
الباب التاسع عشر في صلاة الاستسقاء
والاستفعال غالبا لطلب الفعل نحو الاستفهام لطلب الفهم والاسترشاد لطلب الرشد والاستسقاء طلب السقي وهي عندنا سنة خلافا ( ح ) لنا ما في ابي داود قالت عائشة رضي الله عنها شكا الناس الى النبي عليه السلام قحط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه فخرج عليه السلام حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله ثم قال انكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن ابان زمانه عنكم وقد أمركم الله ان تدعوه ووعدكم ان يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمان الرحيم مالك يوم الدين الذي لا إله الا هو يفعل ما يريد اللهم انت الله لا اله الا انت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما انزلت علينا قوة وبلاغا الى حين ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض ابطيه ثم حول الى الناس ظهره وقلب او حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله سبحانه سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى فلم يأت مسجده حتى سالت السيول وفي الكتاب صلى ضحوة فقط قال سند قال ابن حبيب وقتها وقت صلاة العيدين فيحتمل ان يكون تفسيرا لقول مالك وقال ش تفعل بعد الزوال لنا الحديث المتقدم والقياس على العيدين ونقل ابو الطاهر ايقاعها بعد الزوال وبعد المغرب قولان في المذهب وفي البيان قال مالك لا باس بالاستسقاء بعد المغرب والصبح قال يريد به الدعاء لا البروز الى المصلى لان السنة فيه الضحى وفي الجواهر يستحب ان يأمر الامام قبلها بالتوبة ورد المظالم وتحلل الناس بعضهم بعضا لان الذنوب سبب المصائب لقوله تعالى ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) وسبب منع الاجابة كما جاء في الحديث ويأمرهم بالصدقة والإحسان للفقراء فالعبد يجازى من جنس عمله فمن أطعم أطعم ومن أحسن أحسن اليه ولا يزال الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه قال سند واختلف قول مالك في تقديم الصوم قبل الاستسقاء قال ابن حبيب ويصبحون صياما وقد فعله عمر واستحبه ش ثلاثا لما روي ان دعوة الصائم لا ترد ويخرجون مع الإمام في ثياب البذلة والمهنة عليهم السكينة والوقار شعارهم الخشوع والخوف قال ابو الطاهر والمشهور ان الإمام لا يكبر عند خروجه اليها وقيل يكبر قياسا على صلاة العيدين وفي الكتاب لا يخرج بمنبر ولكن يتوكأ الامام على عصا واول من احدث المنبر من طين في المصلى للعيدين عثمان بن عفان وقال اشهب في المجموعة ذاك واسع للحديث السابق وفي الجواهر المشهور إخراج الصبيان والبهائم والنساء التي لا تخشى فتنتهن غير مشروع وقيل مشروع لتكثير اسباب الرحمة ولا خلاف في منع من تخشى فتنته من النساء ومنع في الكتاب الحيض وجوز اهل الذمة لانهم يرزقون كما نرزق وفي الجواهر منعه اشهب دفعا للفتنة عن ضعفاء الاسلام ولانه لا يتقرب الى الله تعالى بأعدائه وجوز القاضي عبد الوهاب و ( ش ) خروجهم منفردين بيوم اخفاء لشعائرهم ومنعه ابن حبيب لئلا يحصل السقي في يومهم فيفتن الناس ويستسقى للجدب وحياة الزرع ولشرب الناس او شرب البهائم او لتكامل الكفاية بالماء او لمجئ النيل ولتكرير الاستسقاء ان احتيج اليه لحصول الحاجة في الجميع وفي الموطأ كان عليه السلام يقول اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت وجوز اللخمي و ش استسقاء المخصب للمجدب وتوقف فيه المازري دون الدعاء المجرد لكونه بدعة وفي الكتاب يقرأ فيهما بسبح والشمس وضحاها ونحوهما وقاله ابن حنبل وقال ( ش ) ب ( ق ) وفي الثانية ب ( اقتربت الساعة ) لنا المقصود الدعاء والاستغفار فيوجد في الصلاة ولا يكبر فيها عندنا خلافا ( ش ) لانه لم يرو ويبدل التكبير بالاستغفار قاله في الجواهر لقوله تعالى ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ) فجعل الاستغفار سبب الإمطار وفي الكتاب يخطب بعد الصلاة خطبتين كالعيدين قال صاحب المنتقى وكان يقول يخطب قبل الصلاة وكلاهما مروي في الحديث والاشهر الا يطول لأن التقرب قبل المسئلة أنسب والفرق بين الجمعة وبين الاستسقاء والعيدين انها شرط فيها بخلافهما والشرط يتقدم وفي الكتاب ان أحدث في الخطبة تمادى لعدم اشتراط الطهارة في الخطبة ولا تتصل بصلاة بخلاف الجمعة واذا فرغ من خطبته استقبل القبلة مكانه وحول رداءه فيجعل الذي على اليمين على اليسار والذي على اليسار على اليمين خلافا ( ح ) ولا يقلبه فيجعل الاسفل اعلى وقال في المجموعة يحول بين الخطبتين وقاله ( ش ) لان الدعاء بعد الخطبة الاولى خطبة ونقل ابو الطاهر التحويل بعد الخطبتين لئلا تفصل الخطبة بعمل ليس منها وفي الكتاب يحول الناس أرديتهم وهم جلوس اذا حول الامام للتفاؤل بتحويل الحال قال سند قال ابن الماجشون ولا يحول النساء وصفة التحويل ان يأخذ بيمينه ما على عاتقه الأيسر ويمره من ورائه فيضعه على الايمن وما على الايمن على الايسر وفي الكتاب ثم يدعو قائما ويدعون وهم قعود قال اللخمي ولا يدعى للأمير بل يخلص الامر لله قال سند ويستحب لمن قرب منه ان يؤمن على دعائه وروي عن مالك أنه يرفع يديه وبطونهما الى الأرض وروي عنه بطونهما الى السماء ويفعل الناس مثله جلوسا ويجهر بالدعاء لأن دعاءه عليه السلام سمع فنقل ويكون الدعاء بين الطول والقصر وفي الكتاب يتنفل قبلها وبعدها قال سند كره ابن حبيب ذلك قياسا على العيدين والفرق ان الاستسقاء طلب للغفران فإن الجدب بسبب الذنوب فحسن فيه القربات ومن ادرك الخطبة وفاتته الصلاة جلس لها ولا يصلي وهو بالخيار بعد ذلك في الصلاة لانها بقية نافلة مطلقة
الباب العشرون في صلاة الخوف
قال سند وهي عندنا رخصة لا سنة ويجوز فعل الثلاثة لها خلافا ش محتجا بأن أقل الطائفة ثلاثة والقرآن دل على طائفتين وجوابه انه خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له والعلة موجودة في الثلاثة فيحرس واحد ويصلي اثنان والقتال ثلاثة واجب كقتال أهل الشرك والبغي ومن يريد الدم على الخلاف ومباح كمريد المال وحرام كقتال الإمام العادل والحرابة فالواجب والمباح سواء في هذه الرخصة ولا يترخص في الحرام وفي الجواهر في جواز إقامتها في إتباع الكفار منهزمين اقوال ثالثها التفرقة بين خوف عودتهم وامنها والمشهور استواء المسافرين والمقيمين في رخصتها لضرورة الاحتراس من العدو في الحالتين وقال ابن الماجشون لا يقيمها الحضري لانه عليه السلام يوم الخندق اخر الصلاة ولم يصل صلاة الخوف وكان في غزواته يصليها جوابه أن آية الخوف إنما نزلت بعد ذلك وضابطها ان الخوف المبيح اذا حصل قسم الامام الناس طائفتين احداهما تحرس والاخرى يصلى بها شطر الصلاة إن كانت رباعية في الحضر أو ثنائية في السفر وفي الصبح والثلاثية في المغرب على ما يأتي بيانه قال المازري ويجوز أن يصلي البعض بإمام والبعض الآخر افذاذا وأخذ الباجي من هذا جواز طائفتين بإمامين لأنه اذا جاز ان يخالف الإمام فيصلي ومنه جاز ان يجمع والاصل فيها قوله تعالى ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) الآية وفي القبس صلاها عليه السلام أربعة وعشرين مرة
فروع سبعة الاول في الكتاب يصلي بالطائفة الاولى من المغرب ركعتين ويتشهد ويتمون لانفسهم وهو قائم لان صلاة الخوف مبنية على التخفيف فلو صلى بالاولى ركعة لاحتاجت الثانية الى ثلاث تشهدات ولان الاصل في هذه الرخصة التشطير بين الطائفتين فكانت الاولى أولى بتكميل الركعة الوسطى لسبقها ولانها اعطيت حكم الركعة الاولى لا الثانية بدليل القراءة والجهر قال ويصلي بالثانية ركعة ويسلم ويقضون بالحمد وسورة قال سند فلو صلى المغرب بكل طائفة ركعة جهلا او عمدا قال سحنون بطلت صلاته وصلاتهم لتركه سنتها وقال ابن حبيب تصح لان طول القيام مشروع واذا قلنا تصح قال ابن حبيب تبطل صلاة الاولى لمفارقتها الامام في غير موضع المفارقة وتصح صلاة الثانية والثالثة لمفارقتهم في موضع المفارقة وفي الجواهر اذا صححنا صلاة الاخيرة فيجتمع عليها البناء والقضاء فتبدأ بالبناء عند ابن القاسم وبالقضاء عند اشهب واما انتظاره قائما اذا صلى بالاولى ركعتين فلان الجلوس الاول يستحب فيه التخفيف بخلاف القيام وقد كان يقول ينتظرهم جالسا لتدرك الطائفة الثانية اول الركعة الثانية واذا فرعنا على الاول ففي الجواهر يخير بين ان يدعو او يسكت ما بينه وبين احرام الثانية وألا يقرأ لان قراءته بالحمد وحده فلو كان انتظاره في الثانية كما في الصبح او صلاة السفر خير بين السكوت والدعاء والقراءة التي لا تتم حتى تدركها الطائفة الثانية قال سند فلو ركع قبل ان ياتوه لاجزأه لان صلاة الخوف رخصة فله تركها ولا تبطل صلاة الطائفة الاولى وان وقع الخلاف في كونه صلى صلاة امن وصلوا صلاة خوف لمفارقتهم قبل المخالفة قال والطائفة الاولى يصلون بعد مفارقته افذاذا فلو امهم احدهم قال ابن حبيب صلاتهم فاسدة بخلاف من امهم وهو على ما مر في المسبوق فان فات بعض الطائفة الاولى الركعة الاولى من المغرب فلا تقضى الركعة الا بعد سلام الامام وتقف حتى يفرغ قاله ابن القاسم لانه لم يعقد معه نصف الصلاة والمخالفة انما شرعت بعد ذلك ورجع سحنون الى هذا بعد قوله لا ينتظره لانه من الطائفة الاولى وركعتا الإمام في حكم صلاة تامة بالنسبة اليهم وقال مالك وجميع اصحابه و ( ش ) وابن حنبل يثبت الامام حتى يتموا صلاتهم الا اشهب قال ينصرفون الى وجه العدو وهم في الصلاة وتأتي الثانية فيصلي بها بقية الصلاة وترجع الى العدو وهم في الصلاة ثم تأتي الاولى الى موضع الامام فتتم صلاتها منفردة ثم تنصرف الى العدو وتأتي الأخرى الى موضع الامام فيتم وقاله ( ح ) وهو في ابي داود عنه عليه السلام قال الحنفية وهذا أولى ، لأن المأموم لا يفارق إمامه قبل فراغه ؛ والمشي معهود في الرعاف 0 وجوابهم ان امامته انقضت في حكم هذه الصلاة 0 وما ذكرناه في الموطأ ومسلم عنه عليه السلام وهو على ظاهر قوله تعالى ( فلتقم طائفة منهم معك ) وهو يبطل قول الشافعي في احرامه بالجميع اذا كان العدو من جهة القبلة والمسلمون فيهم كثرة ولا مانع من النظر الى الكفار وقوله ( ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) يقتضى كمال الصلاة معه حتى يسلموا بسلامه وهو أحوط للصلاة ؛ فان على قولهم يدخل فعل كثير في الصلاة ويستدبر القبلة وهو أحوط للحرب فان الحرس اذا لم يكونوا في صلاة تمكنوا من القتال التام قال ابن القاسم لو زال الخوف اتم بالطائفة الاولى صلاة أمن وتصلى الطائفة الأخرى بإمام آخر لانه احرم بنية صلاة الخوف وهو لا يحرم بنية صلاة الامن كالمريض يحرم جالسا ثم يصح فيقوم فلا يحرم احد معه ثم رجع فجوز الدخول معه لأن الصلاة أولا انعقدت في حق الجميع وهذا الامن عارض فان قام ينتظر الطائفة الثانية فوالى الخوف قال ابن مسلمة من أتم وانصرف أجزته ومن لم يتم لم يفارق الإمام ولا ينتظر الامام احدا قال اللخمي ان ذهب الخوف بعد ركعتين وهي رباعية وبعضهم لم يصل شيئا وبعضهم صلى ركعة وبعضهم صلى ركعتين اتبعه من لم يصل ركعتين ويمهل من صلى ركعة حتى يصليها الإمام ثم يتبعه في الرابعة ويمهل من صلى ركعتين حتى يسلم بسلام الامام قال وهذا معنى قول ابن مسلمة واذا صلى بالثانية ففي الكتاب يتمون بعد سلامه وقاله ابن حنبل قياسا على المسبوق وروى عنه يتمون قبل سلامه وسلم بهم اجمعين لتجوز التحليل كما جازت الاولى للإحرام وفي الباب أحاديث صحيحة متعارضة تدل على جميع ما ذكرناه وانما النظر في الترجيح واذا قلنا بغير المشهور قال مالك يقومون باشارته بعد التشهد الثاني في الجواهر اذا اختلف الإمام والمأموم في السفر والإقامة صلى بالأولى ركعة إن كان مسافرا لانها شطر صلاته واثنتين في غير الثانية ان كان حضريا لان الإمام هو المتبوع واتم المسافر والمقيم ما بقي من صلاة نفسه الثالث اذا لم تمكن التفرقة وخافوا ان اشتغلوا بالصلاة دهمهم العدو وانهزموا صلوا على ما يمكنهم رجالا وركبانا الى القبلة وغيرها على الدواب وعلى الارض وايماء ان لم يقدروا على الركوع والسجود ويكون السجود اخفض من الركوع وقاله ( ش ) ومنعهم مشاة وفي حالة المسايفة لبطلان الصلاة بكثرة العمل ولانصراف النفوس عن الصلاة لنا قوله تعالى ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) معضودا بقول ابن عمر في الموطأ فان كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة او غير مستقبليها قال نافع لا أراه حدثه الا عنه عليه السلام وقياسا على من لازمته النجاسة او المرض واشترط في الجواهر صلاة المسايفة خوف فوات الوقت وأباح كل ما يحتاج اليه من قول او فعل او حمل سلاح متلطخ بالدم الا عند الغني عنه قال سند فان صلى على الدابة ركعة ثم أمن نزل وأتم الصلاة كالمريض يقوى في اثنائها فان صلى ركعة بالارض ثم اشتد الخوف ركب وبنى خلافا ( ش ) محتجا بأنه عمل كثير ونحن نقيس الركوب على المشي قال اشهب ولهم أن يجمعوا على الدواب بطائفتين إن أحوجوا لذلك وقاله ش وقال ح لا يجمعون وان اتاهم العدو في الصلاة فرموه بالنبل وانهزموا لم تبطل الرابع قال لو ظنوا سوادا عدوا فصلوا صلاة الخوف ثم تبين خلافه قال أشهب أجزتهم واستحب ابن المواز الإعادة في الوقت لان الخوف سبب الرخصة وهو موجود وقال ( ح و ش ) تجب كظان الطهارة وهو محدث والفرق ان الطهارة شرط وهي مفقودة والخوف سبب وهو موجود ولو تحققوا العدو فصلوا ثم تبين في الصلاة أن بينهم نهرا يمنعهم من الوصول أجزتهم على قول أشهب لوجود الخلاف ولا تجزيهم على الآخر لانهم مفرطون في تعرف النهر الخامس قال لو انهزموا من العدو وكان العدو منهزما من اثنين كانوا عصاة فلا يترخصون بصلاة الخوف الا ان يكون متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة والا جاز الترخص ولو وقعت المسايفة وحضرت الصلاة فانهزم العدو قال مالك ان كانوا طالبين صلوا إيماء لانهم لم يأمنوا يقينا وقال ابن عبد الحكم و ( ش ) يصلون على الارض لانهم طالبون والخلاف في تحقيق مناط السادس قال فإن حضر الخوف في البحر وهم في مركب واحد فهم كأهل البر أو في مركبين صلت واحدة بعد واحدة وقسم امام كل واحدة اهلها طائفتين فان أمنوا اذا صلوا بإمام واحد جاز ويقسم أهل كل قطعة طائفتين فان كانت عدة قطائع جاز ان يقسمهم ويصلي نصف القطائع ويحرس الآخر وأما القطعة التي مع الامام فتقسم طائفتين وان قسموا كل قطعة طائفتين فهو أحسن السابع في الكتاب اذا سها الإمام في اول صلاة الخوف سجدت الطائفة الاولى بعد إتمامها كان قبل السلام او بعده واذا أتم بالثانية جلس حتى يتموا فسجد بهم ثم يسلم قال سند فلو كان السجود مما يخفى اشار الى الاولى فلو سها في انتظار الثانية او تكلم او احدث لم يلزم الاولى شيء لكمال صلاتهم بخلاف الثانية فإنها تسجد مطلقا كالمسبوق
تنبيه شرعية صلاة الخوف تدل على ان مصلحة الوقت الاختياري أعظم من مصالح استيفاء الأركان وحصول الخشوع واستقبال القبلة والا لجوز الشرع التأخير للأمن مع أنا لم نشعر بمصلحة الوقت ألبتة وتحقق شرف هذه المصالح ونظيره الصلاة بالتيمم تدل على ان مصلحة الوقت اعظم من مصلحة طهارة الماء
الباب الحادي والعشرون في صلاة الجنازة
قال في الجواهر الجنازة بكسر الجيم الميت على السرير واذا لم يكن عليه ميت فهو سرير ونعش والعامة بفتح الجيم قال عياض الفتح والكسر معا للميت بالفتح والسرير بالكسر فالحركة العليا للأعلى والسفلى للأسفل وفي الكتاب ستة فصول وانا ذاكرها على الترتيب من الاحتضار الى التعزية
الفصل الأول في الاحتضار
قال سند يستحب حينئذ حسن الظن بالله لقوله عليه السلام في أبي داود لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ويستعين على ذلك بالتفكير في سعة رحمة الله ويجتهد في الدعاء لقوله عليه السلام في الموطأ عند موته اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق وفي رواية الرفيق الأعلى يعني اعلا مرتفق الجنة ولا يتمنى الموت لقوله عليه السلام في الصحيحين لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ولكن يقول اللهم أحيني ما دامت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي وروى ابن القاسم عن مالك التوجه الى القبلة لانها أفضل الجهات وقاله الجمهور وروى ابن القاسم عنه كراهته لانه عليه السلام لم يوجبه وحضر احتضاره جماعة ولم يأمر به وانكر ابن المسيب على من فعل به ذلك في مرضه وعلى الاول يكون على شقه الأيمن ان امكن والا فعلى ظهره ورجلاه الى القبلة وفي الجواهر قال ابن حبيب ولا يفعل اهله ذلك حتى يتيقن الموت بإشخاص بصره قال سند وكره مالك القراءة عنده وقال ابن حبيب لا بأس بقراءة ( يَس ) لقوله عليه السلام في أبي داود اقرأوا يَس على موتاكم ويلقن عند الموت لا إله إلا الله لقوله عليه السلام في مسلم من كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة واذا قضى اول ما يبدأ بتغميضه لما في مسلم انه عليه السلام دخل على ابي مسلمة وقد شق بصره فأغمضه قال ابن حبيب ويقال عند تغميضه بسم الله وعلى وفاة رسول الله اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه موته وأسعده بلقائك واجعل ما خرج اليه خيرا مما خرج عنه ولا يجلس عنده الا أحسن أهله قولا وفعلا ويتجنبه الجنب والحائض لاجل الملائكة ثم يشد لحيه الأسفل بعصابة ويربط فوق رأسه لئلا يدخل الهوام الى فمه قال ابن حبيب وابيح البكاء قبل الموت وبعده بغير صوت في الوحدة والاجتماع وفي البخاري اشتكى سعد بن عبادة فأتاه عليه السلام يعوده فلما دخل عليه وجده في غاشيته فقال قد قضى قالوا لا يا رسول الله فبكاه النبي عليه السلام فلما رأى القوم بكاءه بكوا فقال الا تسمعون ان الله لا يعذب بدمع العين وحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار الى لسانه قاله ابن حبيب والنوح ممنوع في سائر الأحوال لانه استغاثة على الله تعالى واظهار انه جار وفعل غير ما ينبغي غير انه قد رثى ابن عمر اخاه عاصما بقوله ( فإن تك أحزان وفائض دمعة ** جرين وما من داخل الجوف منفعا ) ( تجرعتها في عاصم واحتسبتها ** فاعظم منها ما احتسبنني وتجرعا ) ( فليت المنايا كن خلفن عاصما ** فعشنا جميعا او ذهبن بنا معا ) ( دفعنا بك الأيام حتى إذا أتت ** تريدك لم نسطع لها عنك مدفعا ) وهذا يدل على اباحة مثله من المراثي وأما ما فيه التشنيع على الله تعالى فلا وفي ابي داود لعن الله النائحة والمستمعة قال سند هي التي تتخذ النوح صنعة والا فالمرة مكروهة لما في البخاري انه عليه السلام ترك نساء جعفر لم يسكتهن وفيه عن جابر جي بأبي يوم احد وقد مثل به وساق الحديث الى ان قال فسمع صوت صائحة فقال من هذه ؟ فقالوا ابنة عمرو فقال فلتبك او لا تبكى فما زالت الملائكة تظله باجنحتها حتى رفع وفيه عن ام عطية قالت اخذ علينا النبي عليه السلام الا ننوح فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة سمتهن
فائدة قوله عليه السلام ان الميت ليعذب ببكاء الحي عليه في الموطأ مشكل من جهة ان الانسان لا يواخذ بفعل غيره وجوابه من وجوه الاول يحمل على انه اوصى بالنياحة كما قال طرفة ( إذا مت فانعيني بما أنا أهله ** وشقي علي الجيب يا ابنة معبد ) أو انهم يذكرون في نواحهم مفاخر هي فخار عند الشرع كالغضب والفسوق فيعذب بها أو ما قالته عائشة رضي الله عنها يغفر الله لأبي عبد الرحمان اما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر على عهد رسول الله يهودية يبكي عليها أهلها فقال عليه السلام انكم لتبكون عليها وإنها لتعذب
الفصل الثاني في الغسل
وحكمته التأهب للقاء الملكين وهو واجب وقيل سنة وفي مسلم قال عليه السلام في ابنته ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها واغسلنها ثلاثا أو خمسا ان رأيتن واجعلن في الأخير شيئا من كافور فان أعدنا الشرط على الجميع فقد وقف جملة الغسل على إرادتهن فلا يكون واجبا او نقصره على العدد وهو الظاهر فيجب لان الأمر للوجوب او يقال هذا خرج مخرج التعليم فلا يكون حجة الا في الكيفية فقط وهو أيضا قاعدة صحيحة لان الكلام إذا خرج في سياق الاستدلال به في غيره وفي الفصل ثلاثة انظار النظر الاول في الغسل في الجواهر اقله امرارا الماء على جملة الجسد مع الدلك وكما له حمله الى موضع خال للسترة ويوضع على سرير ليبعد عن فساد العفن ويتمكن من غسله وينزع قميصه ليعبر الهوى اليه فيبعد عن الفساد وقاله ( ح ) خلافا ( ش ) محتجا بانه عليه السلام غسل في قميصه جوابه الاتفاق على طهارته فشابه من يحمل القميص لنجاسته بخلاف غيره فانه نجس على رأى وتستر عورته قال المازري قال مالك في المدونة السوءة فقط قال ابن حبيب الى الركبة وظاهر المذهب ان المرأة تستر من المرأة ما يستر الرجل من الرجل وعلى قول سحنون جميع جسدها ولا يراعى الماء القراح لأن المقصود لقاء الملكين وانما كره ماء الورد والقرنفل للسرف بل هو أفضل وكره الغسل وازالة النجاسة بماء زمزم احتراما له من نجاسة قال ابن ابي زيد ولا وجه له عند مالك واصحابه وهو محمول عند بعض اشياخي على القول بنجاسة الميت أما على القول بطهارته فهو أولى لبركته وأما المسخن فكرهه الشافعية لإرخائه واستحبه ( ح ) لإنقائه وفي الجواهر مخير بينهما ويبدأ بغسل يديه لقوله عليه السلام ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها ثم ينظف ليصادف الماء الطهور الاعضاء نظيفة طاهرة فلا يفسد ولا يفضى بيده الى عورته الا وعليها خرقة قال في المختصر الا لامر لابد منه ومنعه ابن حبيب مطلقا ويعصر بطنه ان احتاج اليه ويتعهد اسنانه ومنخره بخرقة مبلولة ثم يوضأ على المشهور قال المازري قيل في الاولى لانها هي الفرض فيكون الوضوء معها وقيل في الثانية لان الاولى تنظيف وفي الجواهر ثم يضجع على جنبه الأيسر ليبدأ بغسل الأيمن ثم على الايمن وذلك غسلة واحدة ثم يفعل ذلك ثلاثا وفي تكرير الوضوء في كل واحدة خلاف قال المازري قال بعض على القول بالتكرار يكون الوضوء غسلة واحدة حتى لا يصل إلى الرابعة المحرمة وفي الجواهر فان حصل الإنقاء والا فخمس او سبع ثم ينشف قال ابن عبد الحكم وينجس الثوب الذي ينشف به وقال التونسي لا يصلى فيه حتى يغسل وكذلك كل ما اصابه ماؤه وقال سحنون طاهر ويستعمل السدر ولا يسقط الفرض اذا قلنا الغسل للعبادة فيغسل بالقراح ثم يضاف السدر بعد ذلك فان تعذر السدر فما ينقي والسدر افضل لتنقيته مع شدة الأعضاء ثم الكافور في الأخير لجمعه بين العطرية ومضادة العفن وشدة الأعضاء خلافا ( ح ) فيه لقوله عليه السلام في ابنته اغسلنها بماء وسدر واجعلن في الأخير شيئا من كافور والا فغيره من الطيب فان خرجت نجاسة بعد الغسل أزيلت ولم يعد الغسل قال المازري وقال أشهب يعاد الوضوء وقال ابن حنبل يعاد الغسل ليحصل آخر أمره طاهرة كاملة وفي الجواهر قال ابن حبيب اذا كثر الأموات يكتفى بصب الماء ويدفن بغير غسل من لا أهل له ويجمع النفر في قبر واحد وفي الكتاب المجروح والمجدور الذي يخاف عليه أن يتزلع يصب عليه الماء ولا يتيمم وفي الجلاب يؤخذ عزر القروح ولا تنكأ قال المازري قال مالك يغتسل من غسل الميت أحب إلي خلافا لابن حبيب لانه إذا وطن نفسه على الغسل بالغ في انقائه قال صاحب المقدمات ولا يفتقر إلى نية لأنه غسل يفعل في الغير وكل غسل يفعل في الغير لا يفتقر إلى نية كغسل الاناء من ولوغ الكلب ولو قيل بالنية ولم يبعد قال سند فإن عدم الماء يمم عند مالك و ( ح وش ) كما يتيمم الحي ولو كان الماء يكفي أحدهما وهو جنب والآخر ميت فالميت أولى عند ابن القاسم وقال ابن وهب الحي الجنب أولى النظر الثاني في الغاسل قال المازري قال مالك لا أحب للجنب غسل الميت بخلاف الحائض واختاره ابن عبد الحكم وفي الجواهر يغسل الرجل الرجل والمرأة المرأة والمرأة الصبي ابن سبع والرجل الصغيرة جدا دون السبع والفرق أن الصبية تشتهى للرجال في سن لا يشتهى الصبي فيه للنساء ومنع ابن القاسم في الصغيرة مطلقا والكبيرة لا يغسلها الاجنبي ولا تغسله بل ييممها إلى الكوعين لانه مباح لذوي المحارم من المرأة وتيممه إلى المرفقين لما في أبي داود قال عليه السلام إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس معهم امرأة غيرها أو الرجل مع النساء ليس معهن رجل غيره فإنهما ييممان ويدفنان ومباحة الوطء إلى حين الموت بملك يمين أو بنكاح صحيح أو فاسد لا يقتضى فساده الفسخ إلى حين الموت أو فيه خيار عيب أو فيه لتزويج الابعد مع الأقرب يغسلها وتغسله ويمنع في الفاسد الذي يفسخ إلى حين الموت والذي عقده غير الولي على ذات القدر مع وجوده والرجعية على ما في الكتاب واجازه ابن القاسم وقال يحدث في إباحة الرؤية بالموت ما ليس قبله بسبب تجدد الميراث ولو تزوج أخت زوجته فأجاز ابن القاسم أن يغسلها ثم كرهه قال ابن حبيب وإذا انقضت عدتها بوضع الحمل غسلته ووافقنا ( ش ) ومنع ( ح ) أن يغسل الزوج امرأته والسيد أمته وأجاز في الزوجة محتجا بأنها فرقة تبيح أختها فيحرم النظر اليها كالطلاق قبل الدخول جوابه منع الحكم في الأصل على رأي أشهب ولئن سلمناه فالفرق أن الفرقة قبل الدخول تمنع الميراث والموت لا يمنعه فلا يمنع النظر لنا ما في الموطأ ان أسماء بنت عميس زوج أبي بكر الصديق رضي الله عنه غسلته وقالت عائشة رضي الله عنها لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله إلا ازواجه ويروى أن عليا رضي الله عنه غسل فاطمة رضي الله عنها قال المازري وإذا غسلت المرأة قال ابن الماجشون لها أن تكفنه ولا تحنطه لمنع الاحداد من الطيب وفي الجواهر يستر احدهما عورة الآخر واجاز ابن حبيب كشفها قياسا على الحياة ويغسل ذو المحرم من فوق ثوب قال ابن حبيب ويصب الماء عليها من تحت الثوب ويجافيه لئلا يلصق بجسدها فيصفه وتغسله من فوق ثوب عند ابن القاسم وفي الكتاب يغسلنه ويسترنه قال التونسي وظاهره التجريد وروي استحباب التيمم فيهما ولو حضر كافر من جنس الميت فقال مالك يعلمه من حضر من النساء ويعلمها من حضر من الرجال ومنع أشهب ولاية الكافر والكافرة للغسل لعدم الأمانة وجوزه سحنون مع الاحتياط بالتيمم قال مالك ولا يغسل المسلم زوجته النصرانية ولا تغسله هي إلا بحضرة المسلمين وإذا اجتمع من يصلح للغسل بدئ بالزوج فإن عدم أو امتنع فالأولياء على مراتبهم وتقدم البنت وبنت الابن في حق المرأة كالابن وابن الابن في حق الرجل ثم على الترتيب ويقضى للزوجين به إن طلباه وقال سحنون لا يقضى للزوجة والفرق أن الزوج يجوز لأوليائه رؤيته مجردا بخلافها والرقيق كالأحرار في الزوجية ويتوقف استيفاء الحق على السادات النظر الثالث في المغسول وهو ميت ليس بشهيد ولا فقد أكثره وفي الكتاب كره تقليم أظفار الميت وحلق عانته واتباعه بالجمر خلافا لبعض الشافعية واختلف في حلق الرأس قال مالك و ( ح ) بدعة خلافا ( ش ) وابن حنبل واتفق الجميع على أنه لا يختن لنا أن هذه لم تشتهر في السلف فتكون بدعة وقياسا على الختان قال سند فلو أخطأ الغاسل ففعل ذلك ضم في الكفن ما زال مع الميت قاله ابن حبيب وأشهب قال سحنون إن فعل المريض ذلك لتخفيف المرض فلا بأس وإن كان ليتهيأ للموت فلا قال سند ينبغي ألا يكره للموت ففي أبي داود أن خبيبا لما اجتمع المشركون على قتله استعار موسى واستحد بها وموته على أحسن الهيآت أفضل قال ابن القاسم ولا يظفر شعر المرأة لئلا ينثر بعضه وقاله ( ح ) خلافا لابن حبيب و ( ش ) وابن حنبل قالت أم عطية في الصحيح ظفرنا شعر بنت النبي عليه السلام ثلاث ظفائر ناصيتها وقرنيها والتي من خلفها قال أشهب وينقى ما بين الأظفار من الوسخ وأما التجمير فله أربعة مواضع عند خروج الروح كرهه مالك واستحسنه ابن حبيب وعند الغسل يستحب لقطع الروائح ولتجمير الثياب وهو متفق عليه وخلف الجنازة متفق على كراهته قال عليه السلام في أبي داود لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ولانه تفاؤل بالنار
الفصل الثالث في الكفن
قال اللخمي الكفن والدفن واجبان قولا واحدا والخلاف في الغسل والصلاة وفي الجواهر المستحب فيه البياض لما في الترمذي قال عليه السلام البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم وفي المعصفر خلاف لمالك وكرهه في الكتاب وأما جنسه فكل ما يجوز لبسه للحي ومنع في الكتاب الحرير للرجال والنساء قال في المختصر إلا أن يضطر إليه لانه إنما أبيح للنساء حالة الحياة للتجمل وقد ذهب وروى جوازه للرجال والنساء لان المنع كان للكبرياء وقد بطل وجوزه ابن حبيب للنساء دون حاجة كحالة الحياة وكره في الكتاب الخز لان سداه حرير وأما عدده فاقله ثوب ساتر لجميع الجسد والثلاثة حق للميت في التركة يجبر عليها الورثة والغرماء وتنفذ وصيته بإسقاطها لأنها حقه وقال سيحنون إذا أوصى بإسقاطها فزاد بعض الورثة ثانيا فلا ضمان عليه وليس للغرماء والورثة منعه وان استغرق الدين ماله قال أبو الطاهر وهذا يشعر بأن الواحد منهي عنه وفي مسلم كفن عليه السلام في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة والكرسف القطن والزيادة إلى الخمسة مستحبة للرجال وللنساء آكد وإلي السبعة مباحة وما زاد فسرف فلو أوصى بسرف في العدد أو الجنس أو الحنوط أو غيره كان السداد من رأس المال وفي كون الزيادة تلزم من الثلث أو تسقط روايتان والخمسة عمامة وقميص ومئزر ولفافتان سابغتان وللمرأة أزار وخمار ودرع ولفافتان ويستحب الشد على المئزر بعصائب من حقوبها إلى ركبتيها قال المازري واستحب مالك في الصغير الوتر وقال سحنون يلف بخرقة وكره مالك وابن القاسم و ( ش ) القميص لانه عليه السلام لم يكفن فيه واستحبه ( ح ) وابن القاسم أيضا لانه روى في الحديث وفي الجواهر الثلاثة كلها لفائف قاله ابن القاسم وقال بعض المتأخرين يجيء على قول مالك قميص وعمامة ولفافة والمرأة كالرجل ثم يذر على اللفافة حنوط ويوضع الميت عليه ويجعل قطن عليه كافور على المنافذ ثم يلف الكفن عليه بعد أن يبخر بالعود ويشد من عند رأسه ورجليه وقيل يخاط ثم يحل ذلك عند الدفن قال المازري مواضع الحنوط خمسة ظاهر الجسد وبين الأكفان وعلى مساجده السبع الجبهة والأنف والركبتين وأطراف أصابع الرجلين والمنافذ بين الفخذين والعينين والأذنين والمنخرين والمغابن وهو مجتمع الوسخ كالإبطين ومراجع الركبتين فإن ضاق الطيب فالبداية عند ابن القاسم بالمساجد السبع وفي الجواهر لو سرق كفنه بعد دفنه قال ابن القاسم على ورثته تكفينه لبقاء الحاجة وإن أحاط الدين بالتركة وقال أصبغ لا يلزمهم لاستقرار حقهم بعد دفع حقه وقال سحنون إن قسمت التركة فلا وإن أوصى بثلثه فلا يكفن من ثلث ولا غيره إلا أن يكون بقرب دفنه ولم يقسم المال ومن لا مال له كفن من بيت المال وكفنه على طائفة المسلمين كسد خلته في حياته وأوجب ابن القاسم الكفن على من تجب عليه النفقة في الحياة كالعبد مع السيد والولد مع أبيه والأب معه طردا للأسباب الموجبة للنفقات ونفاه أصبغ لانتفاء المنافع لاقتضاء تلك الأسباب النفقات واستحبه سحنون للولد على الوالد دون الوالد لأن النفقة للولد متأصلة وللوالد عارضة قال مالك وهو على الزوج لزوجته إن كانت معسرة وإلا فلا وروى عنه يقضى عليه به مطلقا ونفاه ابن القاسم مطلقا وفي الجلاب من كفنه رهن فالمرتهن أحق به لتقدم حقه حالة الحياة ولا يكفن في نجس إلا أن تتعذر إزالة النجاسة عنه قال المازري ينقطع الإحرام بالموت عند مالك و ( ح ) خلافا ( ش ) فيعطى رأس المحرم ويطيب لقوله عليه السلام إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ولانه لو بقى لطيف به وكملت مناسكه عملا بالموجب وليس كذلك حجته ما في مسلم إن رجلا وقصته راحلته وهو محرم فمات فقال عليه السلام اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ومن طريق ولا تمسوه بطيب وقياسا على الأعيان والجواب عن الأول أنه ليس عاما بلفظه لانه في شخص ولا بمعناه لانه لم يقل يبعث يوم القيامة ملبيا لانه محرم فيكون من باب ترتيب الحكم على الوصف فيعم فلا يتعدى حكمه لغيره إلا بدليل وهو عليه السلام يطلع من خواص الخلق على ما لم يعلمه فيختص حكمه به وعن الثاني لو صح القياس لكملت المناسك وإلا فلا
الفصل الرابع في الصلاة
وفي الجواهر تشرع على كل ميت مسلم حاضر ليس بشهيد ولا صلي عليه ولا فقد أكثره وهي فرض على الكفاية وقال أصبغ سنة وقاله ابن القاسم في المجموعة قال سند وهو المشهور بل قال مالك هي أخفض من السنة وأن الجلوس في المسجد وصلاة النافلة أفضل منها إلا جنازة من ترجى بركته أوله حق من قرابة أو غيرها وجه الأول فعله عليه السلام وهو واجب الاتباع وقوله صلوا على من قال لا إله إلا الله ومن الأصحاب من يستدل بقوله تعالى في المنافقين ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) فيلزم من تحريم الصلاة عليهم وجوبها علينا بالمفهوم وهو غير لازم لأن مفهوم النهي إثبات نقيضه وهو أعم من ثبوت الأمر فلا يدل عليه لجواز ثبوته مباحا وجه الثاني أنه عليه السلام لما بين فرضية الخمس صلوات قال له السائل هل علي غيرهن قال لا إلا أن تطوع ولاشتغاله عليه السلام بصلاة الكسوف عن الصلاة على ولده ولو كانت واجبة لتقدمت قال صاحب التلخيص روى في الصحيح لما توفي آدم عليه السلام اتى ولده شئت بكفن وحنوط من الجنة ونزلت الملائكة فغسلته ثم كفنته بذلك الكفن وحنطته بذلك الحنوط وكان ذلك الكفن وترا من ثياب بيض وتقدم ملك منهم فجعله بين يديه وصفت الملائكة خلفه وصلوا عليه ثم ألحدوه في القبر ونصبوا عليه اللبن فلما فرغوا قالوا لابنه شئت هكذا فاصنع بولدك وإخوتك فإنها سنتكم قال سند وكره مالك النداء لها على أبواب المساجد والصياح خلفها واستحب الإعلام بها في الحي من غير صياح وقد نعى النبي عليه السلام النجاشي للناس ويستحب تعجيل إخراج الميت لقوله عليه السلام اسرعوا بجنائزكم خرجه أبو داود ولذلك قال الباجي وابن حبيب يستحب سرعة المشي بها وفي الكتاب تتبع الشابة جنازة ولدها ووالدها وزوجها وأخيها إن كانت تخرج على مثله عرفا ويكره لها على غيرهم وكره ابن حبيب مطلقا قال ويمنعهن الإمام من ذلك كما ردهن عليه السلام فقال ارجعن مأزورات غير مأجورات وقال عمر رضي الله عنه ليس للنساء في الجنائز نصيب ثم البحث عن الشروط والأركان والمصلي والمصلى عليه فهذه أربعة أبحاث البحث الأول في الشروط وفي الجواهر هي كسائر الصلوات ويدلنا على اشتراط الطهارة فيها خلافا لقوم قوله عليه السلام
لايقبل الله صلاة بغير طهور وفيه نظر لأن الصلاة لفظ مشترك لوضعه في الشرع للمتباينات والمشترك لا يستعمل في كل مسمياته عند الخصم فلا يتعين اندراجها في اللفظ ولو سلم جوازه لكنه لا يجب فلا يحصل المقصود وفي الجواهر لا يصلي بالتيمم إلا كسائر الصلوات وقال ابن حبيب إن كانت تفوت بالتماس الماء فالأمر واسع وما علمت أحدا من الماضين كرهه إلا مالك واشترط حضور الميت وقال ابن حبيب لا يشترط لانه عليه السلام صلى على النجاشي وهو غائب جوابه أنه لو لم يكن خاصا به لصلى على الغائبين واشتهر ذلك بين الأمة في المدينة وغيرها ولا يشترط فيها الجماعة قال اللخمي يكفي الواحد والجماعة سنتها قال صاحب المقدمات وشرط صحتها الإمامة فإن فعلت بغير إمام أعيدت ما لم تفت وهو مناقض لما تقدم من النفل وفي الجواهر إن ذكر منسية فيها لم يقطع ولم يعد قاله ابن القاسم لان الجنازة لا تقضى والترتيب إنما يدخل في المؤقتات وهي آكد من النوافل فلا يقطع وإن ذكر الجنازة فيها استخلف أو بعد الفراغ لم يعد وإن لم ترفع الجنازة البحث الثاني في الأركان وهي خمسة الركن الأول القيام قال أشهب و ( ش ) و ( ح ) ان صلوا قعودا لا يجزى إلا من عذر وهو مبني على وجوبها وعلى القول بأنها من الرغائب ساغ أن تجزئهم الركن الثاني والثالث التحريم والسلام وهما فيه كسائر الصلوات الركن الرابع الدعاء وفي الكتاب يدعو ولا يقرأ وقاله ( ح ) وقال ( ش ) وابن جنبل يقرأ في الأولى خاصة وحكاه في الجواهر عن أشهب محتجا بقوله عليه السلام في البخاري
كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج جوابه أنه منصرف إلى الصلاة المطلقة التي لا تضاف وهذه لا تستعمل إلا مضافة للجنازة فلا تندرج في العموم كما لم يندرج الماء المضاف في الماء المطلق الوارد في القرآن سلمناه لكن لفظ الصلاة مشترك لذات الركوع والسجود وما ليس كذلك كالجنازة وما ليس فيها تكبير كصلاة الأخرس وما ليس فيها قيام كالمريض وليس بينها قدر مشترك فيكون اللفظ مشتركا وان جوزنا استعماله في جميع مسمياته لكن لا يجب فلا تندرج صورة النزاع لنا القياس على سجود السهو والتلاوة بجامع ان كلا جزء للمكتوبة وفي الموطأ سئل أبو هريرة فكيف تصلي على الجنازة فقال لعمر الله اخبرك اتبعها من اهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه ثم أقول اللهم أنه عبدك وابن عبدك وابن امتك كان يشهد الا اله إلا انت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك وانت اعلم به اللهم ان كان محسنا فزد في إحسانه وان كان مسيئا فتجاوز عن سيآته اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده ولم يذكر القراءة ولانه عمل المدينة فلو كان يفعل مع تكرار الأموات لكان معلوما عندهم وفي الجواهر لا يجهر بالدعاء ليلا ولا نهارا قال سند ويبدأ بحمد الله ثم الصلاة على النبي عليه السلام ثم يدعو كما تقدم في الحديث لان القاعدة عند العظماء تقديم الثناء على طلب العطاء وتقدم الصلاة لتقدم حقه عليه السلام على كل أحد ولا تكون الصلاة والتحميد في التكبير قال ابن حبيب الثناء والصلاة في الأولى والدعاء للميت في الثانية ويقول اللهم اغفر لحينا وميتنا إلى آخر الدعاء في الثالثة ثم يكبر الرابعة ويسلم وهو قول الجمهور وقال ( ش ) الفاتحة في الأولى والصلاة على النبي عليه السلام والدعاء للمؤمنين والمؤمنات في الثانية والدعاء للميت في الثالثة ثم يكبر ويسلم والمقصود الاجتهاد في الدعاء للميت فقد يكرر الدعاء فلا يكرر وقد يقل فيكرر وهو غير متعين والمذهب وجوبه فتعاد الصلاة لعدمه واستحب مالك دعاء أبي هريرة السابق واختلف في الدعاء بعد الرابعة فأثبته سحنون قياسا على سائر التكبيرات وخالفه سائر الأصحاب قياسا على عدم القراءة بعد الركعة الرابعة لأن التكبيرات الأربع أقيمت مقام الركعات الأربع وفي الرسالة من مستحسن ما قيل بعد التكبير الحمد لله الذي أمات وأحيا والحمد لله الذي يحيي الموتى له العظمة والكبرياء والملك والقدرة والنساء وهو على كل شيء قدير اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمدا وآل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت ورحمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن امتك أنت خلقته ورزقته وانت امته وانت تحييه وأنت أعلم بسره وعلانيته جئنا شفعاء له فشفعنا فيه اللهم قه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله وزوجا خيرا من زوجه اللهم ان كان محسنا فزد في إحسانه وان كان مسيئا فتجاوز عنه اللهم انه قد نزل بك وانت خير منزول به فقيرا إلى رحمتك وانت غني عن عذابه اللهم ثبت عند المسئلة منطقه ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده قال تقول هذا بعد كل تكبيرة وتقول بعد الرابعة اللهم اغفر لحينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنال وذكرنا وانثانا اللهم انك تعلم متقلبنا ومثوانا ولوالدينا ولمن سبقنا بالإيمان والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم من احييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام وأسعدنا بلقائك وطيبنا للموت واجعل فيه راحتنا ثم تسلم فإن كانت امرأة قلت اللهم إنها امتك وابنة أمتك وترتب ما بقي ولا تقل وابدلها زوجا خيرا من زوجها لأنها قد تكون لزوجها في الجنة فإن نساء الجنة مقصورات على أزواجهن وللرجال زوجات كثيرة ويقول في دعاء الطفل بعد قوله أنت تحييه اللهم اجعله لوالديه سلفا وذخرا وفرطا وأجرا وثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما ولا تحرمنا وإياهما اجره ولا تفتنا واياهما بعده اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين وكفالة إبراهيم وأبدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله وعافه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم تقول ذلك في كل تكبيرة وبعد الرابعة اللهم اغفر لأسلافنا وافراطنا ومن سبقنا بالإيمان اللهم من احييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام واغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ويسلم
تنبيه الدعاء بكفاية عذاب جهنم روي عن مالك أيضا وهو إنما يجوز مع من يجوز العذاب عليهم سمعا وإلا فيحرم وقد أوضحت ذلك في كتاب المنجيات والموبقات في الأدعية وذكرت فيه ستة عشر نوعا محرمة وفيه الدعاء وآدابه قال المازري حكى عبد الوهاب الإجماع على أن أطفال المؤمنين والكفار في الجنة وروي في أطفال الكفار والله أعلم بما كانوا به عاملين وروى أنهم خدم لأهل الجنة وروي أنهم مع آبائهم وتوقف القاضي أبو بكر وغيره في الإجماع في أطفال المؤمنين وقال أمرهم إلى الله تعالى قال فعلى هذا يحسن الدعاء بكفايتهم وإلا فلا وأما أولاد الأنبياء فلا شك في انعقاد الإجماع أنهم في الجنة
فائدة الفرط في اللغة السابق ومنه قوله عليه السلام وأنا فرطكم على الحوض أي سابقكم ومن المعلوم سبقه إن مات قبلهما أو عدم سبقه إن مات بعدهما والدعاء بالواجب والمستحيل محرم لكن المراد جعله سابق خير
فروع في الجواهر موقف الإمام وراء الجنازة عند وسط الرجل ومنكب المرأة حفظا للإمام من التذكر فإنه الأصل المتبوع وفيه عند وسطها ستر لها عن المؤمنين وقاله ( ش ) الركن الخامس التكبير في الجواهر هو أربع وقاله ( ش وح ) وابن حنبل لما في الصحيح أنه عليه السلام نعى النجاشي للناس في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات ولأنها كالركعات فلا يزيد على الأربع فلو زاد الإمام خامسة صحت الصلاة لأنها مروية في غير هذا الحديث ومختلف فيها ومع ذلك فروى ابن القاسم عنه لا يتبع فيها لأنها من شعار الشيعة وقال ابن القاسم يسلمون بسلامة فلو فاتت بعضهم تكبيرة قال سند قال أشهب لا تجزيه الخامسة ويقضي لأن القضاء إنما يكون بعد السلام وقال أصبغ تجزئه لأنهم لم يسلموا فهو محل القضاء وفي الكتاب لا ترفع الأيدي إلا مع التكبيرة الأولى وقاله ( ح ) قياسا على المكتوبة وفي الجواهر روى عنه الرفع في الجميع وقاله ( ش ) قياسا على الأولى والفرق في الأولى أن التكبيرات في الصلوات شرعت للإنتقالات وتكبيرة الإحرام لا إنتقال معها فشرعت معها حركة الرفع والجنازة ليس فيها إنتقال فأشبهت كلها الإحرام وروي عن ابن القاسم المنع في الجميع تنزيلا للتكبيرات منزلة الركعات والركعات لا يرفع لها وروى أشهب التخيير لتعارض الأدلة
فروع سبعة الأول كره مالك في الكتاب وضعها في المسجد و ( ح ) وجمهور العلماء خلافا ( ش ) وابن حنبل محتجين بما رواه مالك أن عائشة رضي الله عنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد حين مات لتدعو له فأنكر ذلك الناس عليها فقالت ما اسرع ما نسي الناس ما صلى النبي عليه السلام على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد وقياسا على سائر الصلوات والجواب عن الأول لعله لعذر مطر أو غيره ويعضده إنكار الكافة وعن الثاني الفرق بإحتمال خروج النجاسة أو أن الميت ينجس في نسفه لنا حديث النجاشي المتقدم ولولا أنه السنة ما أخرجوه من المسجد إلى المصلى وفي أبي داود من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له وحكى اللخمي المنع والكراهة والجواز الثاني في الكتاب البداية بيمين السرير بدعة قال سند قال أشهب و ( ح ) وابن حنبل والشافعية بذلك لفضل اليمين قال اشهب فيبدأ بالمقدم الأيمن من الجانب الأيمن ثم بالمؤخر الأيمن ثم بالمقدم الأيسر ثم بالمؤخر الأيسر تقديما للأيمن كله على الأيسر كله وقال ( ح ) وجماعة من الأصحاب حملها من الجوانب الأربع من خارج النعش أفضل من حملها بين العمودين لقول ابن مسعود هي السنة وقال ( ش ) بين العمودين أفضل لحمله عليه السلام سعد بن معاذ كذلك وكره ابن القاسم حملها على غير وضوء لما في أبي داود قال عليه السلام من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وينبغي تمييز الميت فلا يحمل على دابة ولا عجلة إلا من ضرورة قال أشهب وحمل الصبي على الأيدي أحب إلي من الدابة والنعش الثالث في الكتاب السنة المشي أمامها وقاله ( ش ) وابن حنبل لما في أبي داود قال ابن عمر رأيته عليه السلام وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة ولأنهم شفعاء فيتقدمون كما يتقدم الإمام في الخمس ويتأخر عنها في الصلاة لأن رؤيته لها أوفر في بذل الجهد في الدعاء وفي الجواهر الراكب وراءها أفضل ليخفف عن الناس وفي أبي داود قال عليه السلام الراكب يسير خلف الجنازة وقيل هو كالماشي وقيل بتأخيرهما وقاله ( ح ) لأنه مروي عن علي رضي الله عنه ولأنه أقرب لإعتبار الجميع بموعظة الموت والشفاعة إنما تكون في الصلاة قال سند وخير أبو مصعب في الجهات كلها وهو في البخاري ويستحب للنساء التأخير وراءها خلف الراكب للسترة الرابع في الكتاب لا بأس بالجلوس عند القبر قبل وضع الجنازة وقاله ( ش ) وكرهه ( ح ) حتى توضع محتجا بما في الصحيحين قال عليه السلام
إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع لنا ما في مسلم كان عليه السلام يقوم للجنازة ثم جلس بعد وهو دليل نسخ ما ذكروه قال سند والقيام تعظيم لمن معه من الملائكة قال ابن شعبان ولا ينزل الراكب حتى توضع وظاهر المذهب التسوية وفي الجلاب من صحب جنازة فلا ينصرف حتى توارى ويأذن له أهل الميت في الإنصراف إلا أن يطول ذلك وفي الرسالة في الصلاة على الميت قيراط من الأجر وقيراط في حضور دفنه وذلك في التمنيل مثل جبل أحد وروي عنه عليه السلام قال مالك إنما نهى عن القعود على القبور لمن يريد التغوط وقد كان علي رضي الله عنه يتوسد القبر ويضجع عليه قال ابن حبيب ويمشي على القبر إذا عفا بخلاف المسنم الخامس في الكتاب من فاته بعض التكبير ينتظر الإمام حتى يكبر وقاله ( ح ) وابن حنبل خلافا ( ش ) لأن التكبيرات كالركعات فلا يقضى قبل سلام الإمام قال اللخمي وقال مالك أيضا يكبر تكبيرة واحدة ولا يقضى ما عداها حتى يسلم وقال أيضا يدخل بالنية وقال القابسي إن مضى ايسر الدعاء كبر وإلا فلا فإذا سلم الإمام قضى التكبير متواليا على القول بالصلاة على الغائب يدعو بينها وإن غابت الجنازة عنه قال سند ولو فرعنا على الأول إن شاء سكت أو دعا فإذا كبر الإمام الثانية كبر معه وقضى بعد سلام الإمام على المشهور وقال ابن حبيب يكتفي بالثانية لأنه بها أحرم فلا يقضي تكبيرة الإحرام ولو سها الإمام عن بعض التكبير سبحوا به ولا يكبرون إلا إن مضى وتركهم ولو رفعت فذكر باقي التكبير قال مالك يتم ما لم يدفن وقال ابن حبيب إن تطاول ذلك ابتدأها قال الباجي وللناس أن يوكلوا عليه وإن دفن كمن لم يصل عليه السادس قال سند ويجوز الجمع بين الجنائز وقال ( ش ) إذا اجتمع رجل وصبي وخنثى وامرأة المستحب افراد كل واحد منهم بالصلاة لنا ما في الموطأ أن عثمان وعبد الله بن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهم كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة الرجال والنساء يجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة السابع في الكتاب لا يدخل بالثانية في صلاة الأولى لأنها لم تنو ولو أتى بالثانية قبل إحرام الأولى ومن خلفه ينويهما قال في العتبية تعاد الصلاة التي لم ينوها ذهبت أم لا لأن الإمام الأصل البحث الثالث فيمن يصلي وفي الجواهر أولى الناس بالصلاة الوصي إن قصد به الرغبة في صلاحه ثم والي المصر وصاحب الشرط والقاضي إن كان يليها لأن التقدم على ولاة الأمور يخلي بأبهتهم عند الرعية فتقدم المصلحة العامة على الخاصة وقال ابن حبيب الوالي الذي تؤدى إليه الطاعة دون غيره وقد كان ابن القاسم يقول هي لمن كانت الخطبة له ويتقدم من الأولياء العصبة على مراتبهم الإبن ثم إبنه ثم الأب ثم الأخ الشقيق ثم الأخ للأب ثم إبن الأخ الشقيق ثم إبن الأخ للأب ثم الجد ثم العم ثم إبنه ثم الأقرب فالأقرب ثم موالى النعمة قياسا على المواريث وقالت الشافعية المطلوب ههنا من هو أبلغ في الدعاء فيقدم الولي على الوالي والأب على الأبن والجد على الأخ لنا أنه لما مات الحسن قدم الحسين سعيد بن العاصي أمير المدينة فدفع في قفاه وقال لولا السنة ما قدمتك ثم صالح المؤمنين والفقيه أولى من المسن لأنه أقوم بمصالح الصلاة قال سند إذا اختلف الأولياء في الايمة قدم أفضل الأيمة وقال عبد الملك يقدم أولياء الرجل على أولياء المرأة لفضل الرجل البحث الرابع في المصلى عليه ويصلى على كل ميت مسلم حاضر تقدم استقرار حياته ليس بشهيد ولا صلى عليه ولا فقد أكثره
فروع اثنا عشر الأول في الكتاب يصلى على قاتل نفسه ومن حده القتل فقتله الإمام أو إقتص منه في النفس يصلي عليه الناس دون الإمام وقال ابن عبد الحكم والشافعي يصلي عليه الإمام لأنه عليه السلام صلى على ماعز والغامدية قال ومن حده الجلد فمات صلى عليه الإمام والفرق أن الإمام أمر بزهوق روح الأول وهي عقوبة تتعلق بالروح والصلاة رحمة تتعلق بزهوق الروح فلا يسعى في رحمتها من سعى في عقوبتها لتناقض المناسبة وأمر في الثاني بعقوبة جسمه فلا تناقض الثاني قال ومن وقع في سهمه من المغنم صبي يعقل أو اجاب بما ظهر منه ما يعرف بمثله الإسلام صلى عليه وإلا فلا قال سند ان كان معه أبواه فهو على دينهما حتى يكبر ولو كانا في ملكين وإلا فقال ابن عبدوس له أحكام الإسلام في الصلاة والدفن والميراث والعتق والقود والمعاقلة بمجرد السبي تنزيلا للسيادة منزلة الأبوة وقال مطرف الأمر كذلك إن طالت التربية وإلا فلا ورواه عن مالك وقاله ابن القاسم في صغار المجوس الثالث في الكتاب لا يجبر السيد ولد عبده من امته على الإسلام إذا كانا كافرين لقوله عليه السلام
كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه والفرق بينه وبين الأول حرمة الأبوين والسبي كالصيد من حازه تصرف فيه وقال أبو مصعب في التبصرة يتبع السيد تغليبا للإسلام الرابع في الكتاب لا يصلى على الصبي ولا يغسل ولا يحنط حتى يستهل صارخا وقاله ( ح وش ) وقال ابن حبيب لا يصلى عليه قبل البلوغ لطهارته من الذنوب ولانه عليه السلام لم يصل على ولده إبراهيم والجواب عن الأول أنه عليه السلام أغنى عن الصبي من الصلاة وقد صلي عليه وعن الثاني أنه روي أنه صلى والإثبات أولى من النفي لما في الترمذي قال عليه السلام
الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل صارخا قال سند لا يعتبر عند مالك الرضاع ولا العطاس ولا الحركة ألبتة قال ابن حبيب ولو أقام يوما يتحرك ويتنفس ويفتح عينيه حتى يسمع صوته وإن كان خفيفا لأن الحركة تكون عن الرياح والميت يتحرك طويلا وخالف ( ح وش ) في الحركة والإختلاج وقال ابن حنبل يصلى على ابن أربعة أشهر لنفخ الروح فيه حينئذ
تمهيد لا خلاف ان الجنين في بطن أمه حي بعد الأربعة أشهر ويدل على ذلك اعتقاده ونماؤه والحديث الصحيح الوارد في نفخ الروح فيه وإنما هذه الحياة وإن كانت محققة فإن الشرع لم يعتبرها حتى يستقر بعد الوضع قلنا حياة شرعية بعد الوضع وحقيقية قبله وأما ترك غسله فلأنه إنما شرع للصلاة ولا صلاة قال مالك ويغسل عند الدم ويلف في خرقة وكره مالك دفنه في الدار لئلا ينبش وأجازه ابن حبيب لدفنه عليه السلام في منزله الخامس في الكتاب من ارتد قبل البلوغ لا يصلى عليه ولا تؤكل ذبيحته قال سند معظم أصحابنا اعتبار ردته في سائر الأحكام إلا في القتل وقال ( ش ) لا تصح ردته ولا إسلامه ووافقه ( ح ) في ردته والفرق ان الإسلام يغلب في الشرع لتبع الولد أباه في الإسلام دون الردة لنا أن الكفر سبب الأحكام في الشرع والأصل ترتيب الأحكام على أسبابها وأما القتل فلا يكون إلا المكلف لأنه عقوبة واختلف أصحابنا إذا بلغ على ردته فقيل يقتل لأنها حالة يجب فيها الرجوع إلى الإسلام وقيل لا يقتل لأنه لم يرجع عن إسلام بعد البلوغ السادس في الكتاب يصلى على أكثر الجسد بخلاف الرأس واليد إلحاقا للأقل بالأكثر وقياسا على الأصابع والأسنان والشعر والظفر فإنها لا يصلى عليها قال سند إن كان البعض مجهولا يفرع على الميت المجهول وإن كان بعض مسلم يعلم موته تجب الصلاة فإن كان أيسره فلا يصلى عليه عند مالك و ( ح ) وقال ( ش ) وابن حنبل وابن حبيب ينوى بالصلاة عليه الجملة وإن غابت الجملة صلى عليها لصلاته عليه السلام على النجاشي سواء كان في مسافة القصر أم لا إلا أن يكون في طرف البلد فلا بد من حضوره ويروى أن عمر رضي الله عنه صلى على عظام بالشام بمحضر الصحابة ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا ولو صلى عليه ثم وجد الأكثر صلى عليه وفاقا وان كان الموجود أكثره مجمعا أو مقطعا صلى عليه أو نصفه لا يصلى عليه في رواية ابن القاسم ولو وجدت الأطراف كلها لم يصل عليها عند مالك و ( ح ) لتبعيتها للجسد وفي الجواهر لا يصلى على النصف ولا الأكثر المقطع لتعذر غسله السابع قال سند إذا كان الميت مجهولا فإن كان بمكان لا يدخله الكفار غالبا كمدينته عليه السلام قال ابن القاسم يصلى عليه وإن كان في مدائن المسلمين وهو صغير قال ابن حبيب يصلى عليه ولو وجد في كنيسة وعليه زي النصارى إذا كان في نادي المسلمين وجماعتهم وقال ابن القاسم في الصغير المنبوذ وفي البلد أهل كتاب له حكم الإسلام في الصلاة والحرمة والعقل وإن كان كبيرا قال ابن حبيب لا يصلى عليه وإن كان مختونا وعليه زي الإسلام حتى يعلم إسلامه والفرق أن الصغير المنبوذ يجبر على الإسلام إذا كبر وإن وجده كتابي لا يقر بيده قال ويوارى ولا يستقبل به قبلتنا ولا قبلة غيرها وقاله ابن القاسم للجهل بالشرط وهو الإسلام وقال سحنون و ( ح ) والحنفية ان كان عليه زي الإسلام صلى عليه تغليبا للدار قال سحنون ولو وجد في فلوات المسلمين أو غالب المسافر فيه المسلمون صلى عليه بخلاف فلوات الكفار فلو كان لقظه فإن كان عليه زي الإسلام صلى عليه وإلا فلا فلو اختلط موتى المسلمين بالكفار فإن كان عدد المسلمين أكثر أو تساووا صلى عليهم ويروى عندنا وعند ( ش وح ) وابن حنبل وإن كان أقل قال سحنون و ( ش ) وابن حنبل يصلى وينوى الاسلام وقاله ( ح ) لأن المقصود المسلم وليس تبعا لغيره بخلاف بعض الجسد الثامن في الكتاب لا يصلى على من صلى عليه وقاله ( ح ) قياسا للصلاة على الغسل والحنوط والكفن فإنها لا تعاد ولذلك لم تعد الصلاة عليه قال اللخمي إلا ان يكون صلى عليها واحد فتعاد لفضل الجماعة قال سند وروى عنه يصلى عليها وقاله ( ش ) وقال ابن حنبل إلى شهر وفي الموطأ أن مسكينة مرضت فأخبر النبي عليه السلام بمرضها وكان عليه السلام يعود المساكين فقال عليه السلام إذا ماتت فآذنوني بها فخرجوا بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوه عليه السلام فلما أصبح أخبر بالذي كان من شأنها فقال ألم آمركم أن تؤذنوني فقالوا كرهنا أن نخرجك ليلا ونوقظك فخرج عليه السلام حتى صف بالناس على قبرها وكبر اربع تكبيرات وصلى على البراء بعد شهر والجواب عن الأول أن عمل المدينة أرجح من الخبر على ما علم أو ذلك لفضله عليه السلام أو ان حق الميت في زمانه عليه السلام لقوله
لا يموتن فيكم ميت ما دمت بين أظهركم إلا آذنتموني أو لعلها دفنت بغير صلاة وليس في الحديث أنها صلي عليها وفي أبي داود أنه عليه السلام قام خطيبا وزجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك وظاهره أنهم إذا دفنوا ليلا لا يصلون التاسع قال سند جمهورنا والحنفية على الصلاة على قبر من لم يصل عليه توفية لحقه وقال سحنون لا يصلى سدا لذريعة الصلاة على القبور وهذا إذا فات إخراجه بالتغير عند مالك أو بوضع اللبن قبل التراب عند أشهب أو التراب عند سحنون للعنه عليه السلام نباش القبور ولأن جماعة وجدوا بعضهم حول عن القبلة وبعضهم تجرد من الكفن نسأل الله العافية وإذا قلنا يصلى على القبر فما لم يتحقق تمزقه وذهابه كما لو كان على وجه الأرض وإذا صلى عليه إلى غير القبلة ثم ذكروا بعد دفنه لم يعيدوا الصلاة عند جماعة أصحابنا فإن ذكروا قبل الدفن استحب ابن القاسم والإعادة بخلاف سحنون وكذلك إذا وضعوا رأسه موضع رجليه العاشر في الجواهر إذا كانت الجنائز جنسا واحدا خير بين جعلهم صفا واحدا أفضلهم بين يديه ويليه من الجانبين من يليه في الفضل وبين جعلهم كمختلفي الأجناس فإن اختلفوا فالرجل مما يليه ثم الصبي ثم العبد ثم الخنثى ثم المرأة ثم الصغير ثم الأمة وافضل الرجال مما يليه والتقدم بالخصال الدينية التي ترغب في الصلاة عليه فإن استووا قدم بالسن فإن استووا فالقرعة أو التراضي الحادي عشر في الكتاب لا يصلى على موتى القدرية والإباضية ولا تتبع جنائزهم ولا تعاد مرضاهم وأولى إذا قتلوا قال سند إن تولاهم أهل مذهبهم تركهم الناس زجرا لهم وإلا فاستحب ابن القاسم مباشرتهم وأوجبها سحنون قال المازري حمل كلام مالك على ظاهره ممكن وقد أفتى في غير موضع بكفرهم وإذا فرعنا على كفرهم فلا يصلى عليهم قال سند فإن قاتلونا فقتلهم الإمام العادل قال مالك و ( ش ) وابن حنبل يصلى عليهم وقال ( ح ) لا يغسلون ولا يصلى عليهم لقوة شبههم بأهل الحرب الثاني عشر في الكتاب لا يغسل الشهيد في المعترك ولا يكفن ولا يصلى عليه ويدفن في ثيابه وخفافه وقلنسوته وقاله ( ش ) وابن حنبل و ( ح ) وقال لا يغسل ويصلى عليهم محتجا بأنه عليه السلام صلى على قتلى أحد تسعة وحمزة عاشرهم وقياسا على سائر الأموات والجواب عن الأول منع الصحة ويؤكد البطلان أنه روى فيه أنه صلى على حمزة سبعين مرة وهذا من حساب سبعمائة ولم يكونوا سوى سبعين ولو سلمناه حملناه على الدعاء جمعا بين الروايتين وعن الثاني أن الشهيد مطلوب التمييز بالاستغناء عن الشفاعة ترغيبا في الشهادة ولانه إذا حضر إلى السيد عبده محمولا بدمائه وهيآت جراحه وهيئة التي لاقى بها أعداءه فنظر إليه السيد على تلك الحال كان أبلغ في عطفه عليه وميله إليه ومغنيا له عن شفاعة الشافعين عنده وفي البخاري أنه عليه السلام لم يصل عليهم وفي أبي داود لم يصل على قتلى بدر قال سند فلو استشهد جنبا فلا فرق عند أشهب وقال سحنون يغسل وأما الروث وشبهه فيزال عنه بخلاف دمه لما تقدم وقال أشهب و ( ح و ش ) تنزع عنه الجلود والفراء والمحشو لأمره عليه السلام في أبي داود أن ينزع عن قتلى أحد الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم وهو محمول عندنا على ما يختص بالقتال من الخود وقرب السلاح ولذلك خصه بالحديد والجلود وقال مالك في الكتاب ينزع السيف والدرع وان كان لابسا له وإن كان قد قال في مختصر ما ليس في المختصر لا ينزع الثوب الجديد الذي يلبسه الشاب وهو سنة الصحابة في الدرع وقد وجدوا بمصر كذلك مدفونين قال مطرف ولا ينزع المنطقة ولا الخاتم إلا أن يكثر ثمنها وليس للوالي أن ينزع ثيابه ويكفنه في غيرها وقاله ( ح وش ) وابن حنبل لظاهر الأمر وغير البالغ كالبالغ خلافا ( ح ) محتجا بأن ترك الغسل إظهار للطهارة من الذنوب ولا ذنوب وعندنا ترك الغسل علم على الشهادة وبذل النفس في طاعة الرب وهو موجود في الصبي وإذا لم يكن على الشهيد ما يواريه ووري بثوب فإن كان مستورا قال في الكتاب لا يزاد عليه شيء خلافا لأشهب وفي الجواهر الشهيد من مات بسبب القتال مع الكفار حالة القتال فإن رفع حيا فالمشهور أنه يغسل ويصلي عليه إلا أن يكون في غمرة الموت ولم يأكل ولم يشرب وقاله الحنفية وراعى ( ش ) وابن حنبل زمان المعترك فقط وقال سحنون ان كان بحيث يقتل قاتله بغير قسامة فهو كحالة المعترك وإلا فلا قال أشهب يستوي في الحكم غزو المسلمين وخصه ابن القاسم بالأول والمشركون غزوا المسلمين غزوة أحد ولم يصل عليهم أو يقال أن المسلمين خرجوا إليهم من ديارهم ولقوهم فهم الغازون وعمر رضي الله عنه كان شهيدا وهو المشهور قال سند وسواء قتل بسبب المشركين أو تردى في بئر أو سقط من شاهق أو من فرسه أو رجع سيفه أو سهمه ولو وجد في المعترك رجل ميت ليس فيه أثر القتل فكذلك إذ لعله ركله فرس وقال ( ح ) وابن حنبل يغسل ويصلى عليه لعدم الأثر الدال على الشهادة وفي الجواهر المقتول ظلما أو قصاصا والمبطون وسائر الشهداء وتارك الصلاة والمحارب إذا قتلوا يغسلون ويصلى عليهم وقاله ( ش ) وابن حنبل وقال ( ح ) من قتل عمدا مظلوما بحديدة لم يغسل أو بمثقل غسل ولا يغسل من قتلته البغاة لان عليا رضي الله عنه لم يغسل من قتل معه ولأنهم في نصرة الدين كقتال المشركين واختلف فيه قول ( ش ) وابن حنبل وجوابنا إجماعنا على الصلاة عليهم وكما لم ينقل الغسل لم تنقل الصلاة فجوابهم جوابنا وقال ( ح ) لا يصلى على المحارب لأن قتله خزي فلا يكون سببا للرحمة لنا قوله عليه السلام
صلوا على من قال لا إله إلا الله ولا يصلى على الكافر ويدفن الذمي وفاء بذمته إن خشي عليه الضياع ولم يوجد أحد من أهل دينه وإن كان له قريب مسلم حيل بينه وبينهم وإن لم يجد من يكفنه كفن في شيء قال ابن حبيب إلا أن يكون من يلزمه أمره مثل الأم والأب والأخ فيلي كفنه ويتولاه أهل دينه وإن دفنوه فلا يتبعه وإلا تقدم أمام جنازته فسبق إلى قبره
فوائد شهد في اللغة بمعنى علم ومنه ( والله على كل شيء شهيد ) وبمعنى أخبر ومنه شهد عند الحاكم وبمعنى حضر ومنه شهد بدرا وشهد صلاة العيد وشهيد وزنه فعيل ويكون بمعنى فاعل نحو عليم بمعنى عالم وبمعنى مفعول نحو قتيل بمعنى مقتول والشهيد يحتمل المعنيين إما فاعل فقيل هو يشهد حضيرة القدس بمعنى يحضرها وإما مفعول فلأنه أخبر عن استحقاقه الجنة فهو مشهود له بها لقوله تعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) وأما غير المجاهدين من المبطون ومن معه من السبعة ويروى ما ترك القاتل على المقتول من ذنب لا سيما من قتل دون ماله ولا يصيب المؤمن وصب ولا نصب ولا تعب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها من ذنوبه وإذا كفرت السيئات دخل الجنة فيكون من باب فعيل بمعنى مفعول أي مشهود لهم
الفصل الخامس في الدفن
والمقصود منه ستر سوآت الأموات بالتراب وإليه أشار الله تعالى بقوله ( ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ) والكفت الضم أي تضم الأحياء وتسترهم ببنائها والأموات بترابها قال اللخمي وهو واجب قولا واحدا وفي الجواهر قال ابن حبيب عمقه مثل عظم الذراع وقال عمر بن عبد العزيز احفروا لي ولا تعمقوا فإن خير الأرض أعلاها وشرها أسفلها قال مالك ليس بمحدود ولكن الوسط واللحد أفضل من الشق وفضل ( ش ) الشق لأنه عليه السلام ألحد وصاحباه واحتج بعمل المدينة جوابه أنها سبخة تنهار فلذلك لا يلحدون وليكن في جهة القبلة قال ابن حبيب وإدخال الميت قبره من ناحية القبلة أفضل ويضعه في قبره الرجال ويضع المرأة زوجها من أسفل ومحارمها من أعلى وإن تعذر فصالح المؤمنين إلا أن يوجد من قواعد النساء من يطيق ذلك من غير كلفة ويستر عليها بثوب حتى توارى في لحدها وليس لعدد المباشر للميت حد من شفع أو وتر ويوضع في اللحد على يمين مستقبل القبلة وتمد يده اليمنى على جسده ويحل العقد من رأسه ورجليه حتى تنصرف عنه المواد ويسند رأسه بالتراب وكذلك رجلاه لئلا يتصوب ويرفق به كالحي واستحب أشهب أن يقال عند وضعه في اللحد بسم الله وعلى ملة رسول الله اللهم تقبله بأحسن قبول ثم ينضد اللبن على فتح اللحد وتسد الفرج بما يمنع التراب قال ابن حبيب أفضل ما يسد به اللبن ثم اللوح ثم القراميد ثم الآجر ثم الحجارة ثم القصب فكل ذلك أفضل من التراب والتراب أفضل من التابوت ثم يحثى كل من أربع حثيات وروى سحنون أنه غير مستحب ثم يهال التراب عليه ولا يرفع إلا بقدر شبر ولا يجصص ولا يطين ولا بأس بالحصباء ووضع الحجر على رأس القبر قال المازري وتكره الكتابة على القبر وقد وضع عليه السلام على قبر ابن مظعون حجرا وقال هذا أعرف به قبر أخي وأجاز ( ح ) البنيان نحو التربة اليوم وخصص ابن القصار الكراهة بما يضيق على الناس وفي الجواهر قال أشهب وتسنيم القبر أحب إلي وإن رفع فلا بأس وقبره عليه السلام وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مسنمة وقاله ( ح ) وفي الجلاب يسطح ولا يسنم وقاله ( ش ) ويرفع من الأرض قليلا بقدر ما يعرف به لأنه عليه السلام سطح قبر ابنه إبراهيم وقبور المهاجرين والأنصار مسطوحة وفي الجواهر ولا يدفن في قبر واحد ميتان إلا لحاجة ويرتبون في اللحد بالفضيلة الأفضل للقبلة والأفضل للمشيع ألا ينصرف إلا بإذن أهل الميت والقبر محترم لا يمشى عليه إذا كان مسنما والطريق دونه وإن عفا فواسع ولا تنبش عظام الموتى عند حفر القبور ومن صادف قبرا رد عليه ترابه ولا يزاد من قبر على غيره وينبش إذا كان القبر أو الكفن مغصوبا أو يشح به ربه أو نسي معه مال في القبر أو دفن بغير غسل اخرج ان كان قريبا وقيل لا يخرج قال ابن حبيب ولو وضع على شقه الايسر أو ألحد إلى غير القبلة أو رجلاه موضع رأسه أصلح ان أمن التغير وإلا فلا قال ابن القاسم ولا يبقر على جنين الميتة وإن اضطرب وأجازه سحنون ان طمع في حياته فقيل هو تفسير وقيل هو خلاف وكذلك الدنانير في بطن الميت وقال مالك ان استطاع النساء علاجه من مخرجه فعلن ولم يبلغني البقر عن أحد قال ابن عبد الحكم رأيت بمصر رجلا مبقورا على رمكة مبقورة قال سند وإذا أبقرت فمن خاصرتها اليسرى لأنها أقرب للولد ويلي ذلك أخص أقاربها والزواج أحسن فإن كانت الأم نصرانية حاملا بجنين مسلم قال مالك تدفن في مقابر النصارى لأنه لا حرمة للجنين قبل وضعه وقال بعض الشافعية في مقابر المسلمين وقيل يجعل ظهرها إلى القبلة لأن وجه الجنين إلى ظهرها ولو بلع الميت من ماله جوهرة صغيرة نفيسة أو وديعة خوف اللصوص قال ابن القاسم يشق ومنع ابن حبيب وفرق ابن القاسم بأن الوديعة محققة بخلاف الجنين ومن مات في البحر غسل وكفن وصلى عليه وانتظر به البر أن أمن التغير وإلا رمي به في البحر مستقبلا محرفا على شقه الأيمن قال ابن حبيب وتشد عليه أكفانه ولا تثقل رجلاه وخالفه سحنون فالأول ليصل البر فيدفن والثاني ليسلم من أكل الطيور قال المازري وظاهر مذهبنا جواز نقل الميت من بلد إلى بلد وقد مات سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بالعقيق ودفنا بالمدينة قال سند ولو تشاح الورثة فقال بعضهم يدفن في ملكي وقال بعضهم يدفن في المقابر المسبلة دفن في المسبلة وليس له ابطال حقه من الأرض المسبلة ويحمل الورثة اثمانه ولانه كان في نفسه قبل موته فكأنه وصى به وكذلك لو قال أنا أكفنه من مالي لم يلزمهم بذلك العدول عن التركة فلو حفر له قبر فدفن فيه قوم ميتهم فقال بعض العلماء عليهم مثله وقال أبو بكر قيمة الحفر قال وهو أبين لأن المضمون منفعة الحفرة لا عين القبر والمنفعة من ذوات القيم وإلا كان يجب نبشه وفي الجلاب لا بأس بزيارة القبور لقوله عليه السلام
كنت نهيتكم عن زيارة القبور والآن فزوروها فإنها تذكر بالآخرة
الفصل السادس في التعزية
قال سند يجوز أن يجلس الرجل للتعزية لما في أبي داود أنه عليه السلام
جلس لها في المسجد حين قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحة ويكره عند القبر بخلاف المنزل وكان عليه السلام إذا عزى يقول
بارك الله لك في الباقي وآجرك في الفاني وكره عمر بن عبد العزيز التعزية في النساء وقال مالك إن كان فبالام ووسع ذلك غيره ويجوز قبل الدفن وبعده ويعزى في الكبير والصغير ومن يفهم الخطاب والمتجالة بخلاف الشابة قال مالك لا يعزى مسلم بأبنه الكافر لقوله تعالى ( ما لكم من ولايتهم من شيء ) وقال ( ش ) يعزى به كما يعزى الذمي بالذمي وبالمسلم قال سحنون يعزى الذمي في وليه بقوله اخلف الله لك المصيبة وجزاك أفضل ما جزى به أحدا من أهل دينك وفي الجواهر هي سنة وهي الحمل على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب ويستحب إعداد طعام لأهل الميت ما لم يكن إجتماعهن للنياحة وغيرها لقوله عليه السلام في أبي داود
اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم ما شغلهم
الباب الثاني والعشرون في تارك الصلاة
قال سند من حجد وجوب صلاة من الخمس أو ركوعها أو سجودها كفر لأنه معلوم من الدين بالضرورة وكل من جحد ما علم من الدين بالضرورة فهو كافر في الصلاة أو غيرها وإن اعترف بالوجوب ولم يصل فليس بكافر خلافا لابن حنبل وقال ابن حبيب يكفر بترك الصلاة والزكاة والصوم والحج محتجا بقوله عليه السلام في مسلم بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة ويروى وبين الكفر جوابه أن معناه وبين حكم الكفر على حذف مضاف وحكم الكفر القتل فظن بقتله ويعضده قوله عليه السلام في الموطأ
خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة وهو نص في جواز دخول تاركها الجنة فلا يكون كافرا ولانه لا يكفر بفعل ما علم تحريمه بالضرورة إجماعا فلا يكفر بترك فعل ما علم وجوبه بجامع مخالفة ضرورى في الدين ويروى أن الشافعي قال لأحمد إذا كفرته بترك الصلاة وهو يقول لا إله إلا الله بأي شيء يرجع إلى الإسلام فقال بفعل الصلاة فقال له إن كان إسلامه يترتب عليها فتكون واقعة في زمن الكفر فلا تصح وإن لم يترتب عليها لم يدخل بها فسكت أحمد رضي الله عنهما وإذا لم يكفر فيقتل عند مالك و ( ش ) حدا خلافا ( ح ) وبعض أصحابنا لقوله تعالى ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم إلى قوله فإن تابوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) فاشترط في ترك القتل بعد التوبة إقامة الصلاة ولم يقمها فيقتل وللحديث السابق وإجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة مع أبي بكر رضي الله عنهم حجة أبي حنيفة قوله عليه السلام لا يحل دم إمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس وجوابه أنه عام وما ذكرناه خاص فيقدم عليه وإذا قلنا يقتل فقال التونسي يؤخر حتى يبقى من النهار قدر الظهر والعصر قال سند ينبغي أن يراعى ركعة من العصر لاجملتها على أقل الركوع والسجود احتياطا للدماء قال اللخمي بل قدر الإحرام والركوع دون السجود والقراءة لإدراك السجود بالركوع عند أشهب للخلاف في القراءة وقال ابن شهاب حتى يخرج الوقت لتحقق السبب بارتكاب المعصية وفي الجواهر ثلاثة أقوال إذا بقي ركعة من الوقت الضروري أو جملة الصلاة أو فوات الإختياري قال القاضي أبو بكر وجماعة المتأخرين ينخس بالحديد حتى يموت أو يصلي قال سند قيل تضرب عنقه ويقتل عند مالك بترك الصلاة والصوم وقال ( ش ) والعراقيون منا لا يقتل بترك الزكاة لدخول النيابة فيها فيمكن أخذها منه قهرا فهي بخلاف الصلاة قال اللخمي ولو قال أصلي ولم يفعل قال ابن حبيب يبالغ في عقوبته حتى تظهر توبته ولا يقتل لعدم جزمنا بتصميمه على المخالفة وقيل يقتل لكونه لم يقم الصلاة والله تعالى اشترط الإقامة وإذا قلنا يقتل فاختلف في استتابته ثلاثة أيام على روايتين وفي كونها على الوجوب أو الندب قال وأرى الوجوب لمن يجهل قبول توبته والاستحباب لمن يعلمه وقد استتاب عليه السلام ثمامة الأسير ثلاثة أيام المازري فإن امتنع من فعل المنسيات من الأصحاب من قال يقتل لأن الشرع عين وقت الذكر للمنسية كوقت الأداء للحاضرة ومنهم من أباه لوقوع الخلاف في قضاء الفوائت وعلى القول بالقضاء فيجوز التأخير على المختار
كتاب الصيام
قال عياض وهو في اللغة الإمساك قال الله تعالى ( إني نذرت للرحمان صوما ) أي إمساكا قال النابغة ( خيل صيام وخيل غير صائمة ** تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما ) وقال الجوهري الصوم الإمساك عن الطعام وصام الفرس أي أقام على غير علف وهو البيت المتقدم عنده وفسره عياض بمطلق الإمساك والصوم ذرق النعامة والصوم شجر في لغة هذيل وهو في الشرع الإمساك عن شهوتي الفم والفرج أو ما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار بنية قبل الفجر أو معه إن أمكن فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد واختلف في أول صوم وجب في الإسلام فقيل عاشوراء وقيل ثلاثة أيام من كل شهر وأول ما فرض من رمضان خير بينه وبين الطعام ثم نسخ الجميع بقوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) وأوجب الصيام إلى الليل وأبيح الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء أو ينام فيحرم جميع ذلك إلى الفجر فاختان عمر رضي الله عنه امرأته في أنها نامت ووطئها فنزل قوله تعالى ( علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) واشتقت الشهور من بعض عوارضها التي تعرض فيها فرمضان من الرمضاء التي هي الحجارة الحارة لأنه قد يأتي في الحر وشوال من شيل الإبل أذنا بها لذباب يعرض لها وذو القعدة أول الأشهر الحرم فيقعد فيه عن القتال وذو الحجة لوقوع الحج فيه ويقال ذو قعدة وذو حجة بالتنكير والتعريف والمحرم من تحريم القتال فيه وصفر من الصفر بالكسر الذي هو الخلو فإن الطرقات يقل سالكها بسبب ذهاب الأمن لانسلاخ الأشهر الحرم والربيعان من ربيع العشب لأنه قد يأتي فيهما والجماديان من جماد الماء لأنهما قد يأتيان في البرد ورجب شهر حرام والترجيب التعظيم وشعبان من التشعب لأن العرب كانت تختلف فيه وتظهر القتال لخروج الشهر الحرام ويروى أنه قال
لا تقولوا جاء رمضان فإن رمضان من أسماء الله تعالى ولكن قولوا جاء شهر رمضان والثابت عنه
من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فجعله اسما للشهر قال الفراء ويجمع على رمضانين وقال الجوهري يجمع على أرمضاء ورمضانات ويقال رمض يومنا بكسر الميم يرمض بفتحها إذا كثر حره قال أبو الطاهر فمن جحد وجوبه كفر لأنه معلوم من الدين بالضرورة وإن اعترف بوجوبه ولم يصمه خرج على الخلاف في تارك الصلاة وفي الكتاب عشرة أبواب
الباب الأول في أسباب الوجوب والطرق
أما الأسباب فستة النذر وقتل الخطإ والظهار والحنث وإختلال النسك وستاتي وظهور الهلال وأما الطرق المثبتة للهلال قال صاحب التلخيص هي ستة رؤية الإنسان لنفسه والرؤية العامة والخاصة عند الحاكم وخبر الواحد في موضع ليس فيه إمام أو فيه لكن لا يعني بأمور الناس أو تنقل إلى بلد عما ثبت في بلد آخر على المشهور
فروع سبعة الأول في الكتاب لا تقبل شهادة الواحد ويصوم وحده فإن أفطر فعليه الكفارة ويجب أن يعلم الإمام لعل غيره يوافقه قال سند إلا أن يكون عبدا أو فاسقا أو امرأة أو مجهولا لانعدام الفائدة وفي الجواهر قيل يرفعه وإن كان لا يرجى قبول شهادته رجاء الاستفاضة ويثبت بشهادة عدلين ومنع سحنون إن كانت السماء مصحية والمصر كبير ولا يثبت شوال إلا بإثنين ونقل صاحب التلخيص ثبوته بالواحد وقال ( ش ) وابن حنبل يثبت رمضان بالواحد وخصصه ( ح ) بالغيم قال اللخمي جوز ابن الماجشون الصوم والفطر بخبر الواحد عن رؤية نفسه أو رؤية غيره لقوله
إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فأجاز الصوم بخبر الواحد وقال أبو الحسن وعلى هذا يجوز الفطر آخر النهار بخبر الواحد فإن قيل المؤذن كالوكيل للناس يخبرهم قلنا يلزم إذا وكلوا من يترصد لهم الهلال أن يقبل وحده وفي أبي داود قال ابن عمر ترا آى الناس الهلال فأخبرت رسول الله أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه جوابه ليس فيه ما يمنع تقدم شهادة غيره فجاز تقدمه ويعضده ما في الصحيحين
صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين وإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا وقياسا على شوال وأما المؤذن فإنما قبل قوله في تعيين أول النهار وإلا فالصوم معلوم الوجوب لابد منه بخلاف اليوم الأول فإن الصوم منوط بالشاهد قال سند فلو حكم الإمام بالصوم بالواحد لم يخالف وفيه نظر لأنه فتوى لا حكم
تمهيد الأحكام على ثلاثة أقسام منها ما لا يثبت إلا بالشهادة كوجوب تنفيذ الدعاوى عند الحكام وما يكفي فيه الواحد كالفتاوي من المجتهدين وما اختلف في لحوقه بأحدهما كمخبر المصلي بعدد الركعات ورمضان وغيرهما فما حكم الأول والثاني حتى يظهر الصواب في إلحاق الثالث بأيهما قال المازري في شرح البرهان الحقوق منها عام في الأشخاص والأزمان كالفتيا فيقبل فيه الواحد لعدم التهمة في معاداة جملة الأئمة وخاص لمعين كالدعوى عند الحاكم فيشترط العدد لدفع التهمة بعداوة الشاهد باطنا ورمضان لا يعم الأزمان وإن عم البلدان فاجتمع فيه الشبهان فوقع الخلاف في أيهما يغلب وقوي انتفاء التهمة بمشاركة الشاهد في الحكم وكذلك ضعفت التهمة في الصلاة لعدم تصور المصلي لكونه ساعيا في قربة فأشبه الفتوى في عدم التهمة الثاني في الجلاب إذا ثبت رمضان في بلد من البلدان لزم الصوم لكل بلد نقل إليهم وقال عبد الملك إن كان ثبوته بالاستفاضة حتى لا يكون من باب الحكم وإلا فلا يلزم إلا أن يكون ثبوته عند الإمام لعموم حكمه وفي أبي داود عن كريب أن ابن عباس سأله لما قدم من الشام عن هلال رمضان متى رأيتم الهلال قال قلت رأيته يوم الجمعة قال أنت رأيته قلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاويه قال ابن عباس لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصومه حتى نكمل الثلاثين أو نراه فقلت له أفلا نكتفي برؤية معاوية فقال لا هكذا أمرنا رسول الله وأجاب المشهور عن هذا أن المدينة كانت مصحية ولم ير فيها فقدمت المشاهدة على الخبر خبر كريب ويكون ذلك معنى قوله هكذا أمرنا رسوله الله أن لا نرجع عن اليقين إلى الظن مع أن المشهور لا فرق بين أن يرصد مع الصحو أم لا بل قضى بالثبوت مطلقا فيشكل الحديث
قاعدة نصب الله تعالى الأوقات أسبابا للأحكام كالفجر والزوال ورؤية الهلال كما نصب الأفعال أسبابا نحو السرقة والزنا والأوقات تختلف بحسب الأقطار فما من زوال لقوم إلا وهو فجر لقوم وعصر لقوم ومغرب لقوم ونصف الليل لقوم بل كلما تحركت الشمس درجة فتلك الدرجة بعينها هي فجر وطلوع شمس وزوال وغروب ونصف ليل ونصف نهار وسائر أسماء الزمان ينسب إليها بحسب أقطار مختلفة وخاطب الله تعالى كل قوم بما يتحقق في قطرهم لا في قطر غيرهم فلا يخاطب أحد بزوال غير بلدة ولا يفجره وهذا مجمع عليه وكذلك الهلال مطالعة مختلفة فيظهر في المغرب ولا يظهر في المشرق إلا في الليلة الثانية بحسب احتباسه في الشعاع وهذا معلوم بالضرورة لمن ينظر فيه ومقتضى القاعدة أن يخاطب كل أحد بهلال قطره ولا يلزمه حكم غيره ولو ثبت بالطرق القاطعة كما لا يلزمنا الصبح وإن قطعنا بأن الفجر قد طلع على من شرق عنا كما قاله ( ح ) , إلى هذا أشار البخاري في هذا الحديث بقوله بأن لأهل كل بلد رؤيتهم ولو كان ذلك لم ينقل عن عمر بن الخطاب ولا غيره من الخلفاء أنه كان يكتب إلى الأقطار ويبعث البريد إني قد رأيت الهلال فصوموا بل كانوا يتركون الناس مع مرئيهم فيصير حدا مجمعا عليه ويشكل على هذا المشهور وقول عبد الملك أيضا في قصره اللزوم على محل الولاية في الحكم دون الاستفاضة وكذلك إذا ثبت عند الإمام الأعظم وحكم به بالشاهدين إن حكم به على أهل قطره لا يتعداهم أو على غيرهم فينبغي ألا ينفذ حكمه لأنه حكم بغير سبب وكل حكم بغير سبب لا يلزم ولا ينفذ الثالث في الكتاب لا يقبل في ذي الحجة إلا عدلان قال سند إن رأى شوالا واحدا قال مالك لا يفطر سدا لذريعة المتهاونين وقال عبد الملك في الفطر بقلبه وقال ابن القاسم يأكل بحيث لا يرى وقال أشهب إن ظهر عليه في ولم يذكره قبل ذلك عوقب إن اتهم وقال ابن جنبل لا يفطر لعدم ثبوته واحتياطا للصوم لنا قوله
وأفطروا لرؤيته وقد رئي قال ابو الطاهر إن لم يخف اتفاقا وإن كان مسافرا أو له عذر فالمذهب الفطر وان لم يكن له عذر وأمن من الاطلاع فالمهشور لا يفطر سدا لذريعة المتهاونين الفطر لوجود السبب فإن شهد على رمضان شاهدان ولم مع الصحو فكمال العدة قال مالك يكمل عدة شعبان خلافا ل ( ش ) لو شهد واحد برمضان وآخر بشوال قال يحيى بن عمر لا يفطر بشهادتهما لوجوب إكمال شعبان ورمضان بالبينة قال أبو الطاهر إن كانت شهادة الثاني بعد تسعة وعشرين من شهادة الأول لا تلفق لعدم إجتماعهما أو بعد ثلاثين جرى تلفيقهما على الخلاف في تلفيق الشهادة على الأفعال الرابع في الجلاب لو رئي الهلال بعد الزوال فلليلة المستقبلة اتفاقا أو قبله فللمستقبلة عند مالك و ( ح وش ) وللماضية عند ابن حبيب ووافق ابن حنبل في أول رمضان وخالف في آخره احتياط للصوم لنا أن في الحديث المتقدم رواية زيد فيها بعد وأفطروا لرؤيته فإنه يتم الهلال أول النهار فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس سبب عدم رؤيته حصوله في شعاع الشمس فربما تخلص منه في العصر فهو الهلال الصغير وربما تخلص في الظهر أو قبله وهو الهلال الكبير فإنه كلما بعد زمان التخلص نقص الهلال من الشمس ولما كانت الأهلة تكبر وتصغر ويختلف زمان خروجها من الشعاع ترجح البقاء على ما تقدم من صوم أو فطر عملا بالأصل ولما كان الغالب تخلصه لليلة الآتية بعد الزوال كانت رؤيته متخلصة قبله ليشعر تخليصه من الليلة الماضية لا سيما أنه بعيد من الشمس جدا فهذا سبب الخلاف قبل الزوال وبعده الخامس في الجلاب إذا أشهد عليه وجب الكف والقضاء وعلى شوال وجب الفطر والصلاة فإن كان بعد الزوال فلا يصلوا السادس قال سند لو توالى الغيم شهورا قال مالك يكملون عدة الجميع حتى يظهر خلافه اتباعا للحديث ويقضون إن تيقن لهم خلاف إثبات الهلال بالحساب خلافا للداودي وبعض الشافعية وأما قوله
فإن غم عليكم فاقدروا له فليس المراد تقدير سير القمر في المنازل لقوله في مسلم
فاقدروا له ثلاثين والمطلق يحمل على المقيد ولأن معناه اقدروا له قدره أي مقداره وهو ثلاثون لذلك لا يجئ شهر تسعة وعشرين إلا ناقصا
فائدة غم معناه خفي بغيم أو غيره ومنه الغيم لإخفائه السماء والغم لأنه ساتر للقلب والأغم مستور الجبه لا أعلم خلافا في إثبات أوقات الصلاة بالحساب في الالآت بالماء والرمل وغيرهما وعلى ذلك أهل الأمصار في سائر الأعصار زمن الشتاء عند الأمطار والغيوم فما الفرق جوابه أن للإثبات أسبابا منصوبة فإن علم السبب لزمه حكمه من غير شرع يتوقف عليه بل يكفي الحس والعقل وحصول الهلال خارج الشعاع ليس بسبب بل ظهوره للحس فمن تسبب له بغير البصر معتمدا على الحساب لم يوجد في حقه السبب فلا يرتب عليه حكم ويدل على ذلك قوله تعالى في الصلاة ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) وما قال صوموا للهلال بل قال ( من شهد منكم الشهر فليصمه ) فجعل السبب المشاهدة له دونه قال سند فلو كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه
الباب الثاني في شروطه
وهي تسعة وهي كلها للوجوب إلا النية الشرط الأول البلوغ وسيأتي صوم الصبيان في باب التطوع إن شاء الله تعالى الشرط الثاني العقل وفي الجواهر الجنون يمنع الصحة بخلاف استتاره بالنوم مطلقا أو بالإغماء على تفصيل يأتي وفي الكتاب إن أغمي عليه جملة النهار أو أكثره لم يجزه صومه وإن مضى أكثره قبل الإغماء أو أغمي عليه بعد الفجر إلى نصفه أو نام جميعه أجزأه قال سند إن أغمي عليه قبل الفجر حتى طلع فالمشهور عدم الإجزاء قال ابن حبيب ولا يلزمه الكف وقال أشهب يجزئه وقال ( ح ) يجزئه مطلقا ولو أغمي عليه جملة الشهر لأن ما لا يبطل الصوم قليله لا يبطله كثيره كالسفر والنوم عكسه الحيض وقال القاضي إسماعيل يسيره يفسده ولو في وسط النهار كالحيض وقال ( ش ) وابن حنبل تكفي إفاقته في جزء من النهار لتحصل النية
تمهيد الإغماء يشبه النوم من جهة عدم العقل ويشبه الحيض لأن كلا منهما مناف للصلاة فمن غلب شبه النوم لم يبطل مطلقا أو شبه الحيض أبطل مطلقا ومن سوى رجح بأمر خارج وهو أكثرية النهار وأن لا يصادف أول أجزاء العبادة فإن عدمه شرط وشأن الشرط التقدم على أول الاجزاء ومنهم من لاحظ وجود النية فقط مع تجويز إيقاعها عنده في النهار قال اللخمي والحكم في الجنون قبل الفجر أو بعده أيسر النهار أو أكثره مثل الإغماء وفاقا وخلافا وهذا خلاف ما في الجواهر والجلاب والتنبيه لأبي الطاهر فإنهم قسموا الإغماء ولم يقسموا الجنون ووافقهما صاحب التلقين فقال الجنون والإغماء يمنعان من ابتداء الصوم وقد يمنعان من استصحابه على وجهه قال ابن القاسم لا يعتبر في الإغماء المرض وقال ابن الماجشون إن كان مرض أجزأه ولو طلع الفجر عليه كذلك قال اللخمي ولو طلع الفجر على من أذهب عقله السكر لم يجزه صوم ذلك اليوم ولا يجوز له فطر بقيته وفي الكتاب لو بلغ مطبقا سنين قضى الصوم دون الصلاة ولا يقضي عند ( ح وش ) كالصبا لنا أنه مرض فيندرج في قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) قال سند وكذلك لو بلغ عاقلا ثم جن وفي الجلاب قال عبد الملك فيما أظنه إن بلغ مجنونا فلا قضاء عليه لاستقرار عدم التكليف عليه وإذا قلنا بالقضاء قال مالك إنما يقضي مثل الخمس سنين فأما العشرة فلا لكثرة المشقة قال أبو الطاهر إن بلغ غير مطبق وقلت السنون وجب القضاء بلا خلاف وإن كثرت السنون ففي المذهب ثلاثة أقوال القضاء مطلقا وهو المشهور ونفيه مطلقا ونفيه مع كثرة السنين نحو العشرة الشرط الثالث الإسلام وكونه شرطا في الوجوب يتخرج على كونهم مخاطبين بالفروع وفي الكتاب من أسلم في رمضان فليس عليه قضاء ما مضى منه والأحسن قضاء يوم إسلامه لقوله
الإسلام يجب ما قبله الشرط الرابع الطهارة من الحيض بخلاف الجنابة لقوله تعالى ( فالآن باشروهن ) إلى قوله تعالى ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) ولولا ذلك لوجب الإمساك قبل الفجر للغسل وفي الموطأ كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم وفي الكتاب إن رأت الطهر قبل الفجر اغتسلت بعده وأجزأها الصوم وإلا أكلت ذلك اليوم قال سند قال ابن مسلمة إن أخرته بتفريط لم يجزها وقيل لا يجزيها بحال تسوية بين الصلاة والصوم وقال مالك أيضا إن أمكنها الغسل فلم تفعل وإن كان الوقت ضيقا لا يسع فلا لأن التمكن من الطهارة شرط في الصلاة فيكون شرطا في الصوم وقيل تصوم وتقضي احتياطا وفي الكتاب إن شكت في تقدم الطهر قبل الفجر صامت وقضت قال قال الباجي من الأصحاب من قال هذه رواية بأن الحيض لا تقطع النية السابقة ومنهم من قال بل رواية في جواز الصوم بنية من النهار قال سند وليس كذلك فإن مالكا لم يعين ذلك وسط الشهر فيصح الأول ولا قال يجزيها الصوم فيصح الثاني بل يحتمل أن يريد بالصوم الإمساك فلم يخالف أصله الشرط الخامس القدرة قال اللخمي المرض أربعة أقسام خفيف لا يشق معه الصوم وشاق لا يتزيد بالصوم وشاق يتزيد أو تنزل علة أخرى وشاق يخشى طوله بالصوم فحكم الأول كالصحيح والثاني التخيير بين الصوم والفطر والثالث والرابع ليس لهما الصوم فإن صاما أجزأهما والضعيف البنية إن لم يجهده الصوم لزمه وإن أجهده فقط كان مخيرا أو خاف حدوث علة لم يكن له الصوم ولا قضاء إن أفطر ما دام كذلك فإن تغيرت حالته قضى وكذلك الشيخ الكبير قال صاحب المقدمات إن قدر على الصيام من غير جهد إلا أنه يخشى التزيد بالصوم فقال ابن القاسم يجوز له الفطر وقيل لا يجوز لقدرته على الصوم قال والأول أصح الشرط السادس الزمن القابل للصوم قال اللخمي الأيام المنهي عن صيامها ثمانية الفطر والنحر وأيام منى وأيام الشك والجمعة والسبت أن يخص أحدهما بصيام أما العيدان فبالإجماع وأما أيام منى فيجوز مالك صيامها لما في الصحيحين نهى عن صيام يوم الفطر والأضحى ومفهومه جواز ما عداهما ولإجماع المذهب على صومهما للمتمتع بخلاف يوم العيد وأجاز في المدونة الرابع فقط لأن للمتعجل أن يسقطه وقال أشهب يفطر جميعها وإن وفي الترمذي
لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وفي الصحيح
النهي عن تخصيص الجمعة بصيام
تنبيه الصوم يوم العيد لا ينعقد قربة والصلاة تنعقد قربة في الدار المغصوبة والجميع محرم ومنهي عنه فالفرق أن المنهي عنه تارة تكون العبادة الموصوفة بكونها في المكان أو الزمان أو في حالة من الحالات فيفسد لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه وتارة يكون المنهي عنه هو الصفة المقارنة للعبادة فلا يفسد والعبادة يتعلق النهي بوصف خارج عن العبادة والمباشر بالنهي في صوم العيد هو الصوم الموصوف بكونه في اليوم ولفظ الحديث يشهد لذلك والمباشر للنهي في الصلاة في الدار المغصوبة إنما هو الغاصب ولم يرد نهي في الصلاة المقارنة للوصف بل في الغصب فقط والقضاء على الصفة لا ينتقل للموصوف ولا بالعكس كما يصح أن يقال شرب الخمر مفسدة ولا يصح أن يقال شارب الخمر مفسدة كما لا يصح أن يقال شارب الخمر ساقط العدالة فظهر أن أحكام الصفات لا تنتقل إلى الموصوفات وظهر أن النهي في الصوم عن الموصوف وفي الصلاة عن الصفة وظهر الفرق وهذه قاعدة يتجه بها كثير من الفروع في أبواب الفقه وموارد الشرع الشرط السابع النية وفي الجواهر يشترط فيها أن تكون معينة لخصوص الصوم الذي شرع فيه مبيتة من الليل جازمة من غير تردد وفي هذه القيود فروع ستة الأول في الكتاب إن اعتقد أول رمضان من شعبان يكف ويقضى وإن أكل بعد علمه لم يكفر إلا أن يفعله منتهكا وهو يعلم ما يلزم المنتهك أما الإمساك فلقوله ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فإنه يدل على وجوب الإمساك صوما شرعيا ولما بطل كونه شرعيا أيضا بقي الأصل الإمساك وفي أبي داود أن أسلم أتوه فقال
أصمتم يومكم هذا فقالوا لا فقال أتموا بقية يومكم واقضوا وأما القضاء فعليه إن أكل أو لم يأكل قال عبد الملك في المبسوط و ( ح ) يكف ويجزئه لأن شهود الهلال سبب الصوم الواجب ولم يتأت له فيجب عليه قضاؤه توقيتا بالسبب الثاني أن النية واجبة لرمضان ويمنع إذا تعين الصوم وكان مقيما صحيحا لنا قوله في النسائي
لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل وقوله
الأعمال بالنيات المسافر والمريض والقاضي قال سند ولا تصح عند مالك و ( ش ) إلا من ليلته لا قبلها ولا بعدها وقال ( ح ) تجزيء قبل الزوال في كل معين كرمضان والنذر وشبهه وقال ابن الماجشون وابن . . . إذا لم يأكل ولم يشرب بعد الصباح ثم تحقق رمضان أمسك وأجزأه ولا يقضي لأنه
بعث إلى أهل العوالي يوم عاشوراء أن من أكل منكم فيمسك بقية نهاره ومن لم يأكل فليصم وجوابه منع وجوب اليوم وليس فيه عدم تقدم النية لنا أن النية شرط لما تقدم وتقدم بعض المشروط على الشرط محال وقال ( ح ) يكفي مطلق النية في رمضان في الحضر وفي كل صوم معين حتى لو نوى التطوع وقع فرضا لحصول التعيين بالزمن وقياسا على طواف الإفاضة وجوابه أن الحج صعب صح فيه ولذلك لم يشرع في العمر إلا مرة والمعارضة بالقياس على الصلاة
تمهيد قد تقدمت في الطهارة مباحث وأنها إنما شرعت لتمييز العبادات عن العادات أو لتميز مراتب العبادات في نفسها فمتى حصل التمييز استغني عنها وهذا الشرط هو الذي لاحظ التمييز حاصل لهذه العبادة بزمانها ولا تقع إلا على وجه واحد يتعين زمانه فلذلك حصل الإتفاق على تعيين النية والأظهر استمرار إبقاء زمانها إلى الفجر لأن الأصل مقارنة النية لأول أجزاء المنوي وقيل تتقدم قبل الفجر وتجزئ لقوله
لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ولا تعاد بالنوم والأكل بعدها خلافا لبعض الشافعية لقوله تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) ويكفي في رمضان نية واحدة عند مالك وابن حنبل خلافا ل ( ح وش ) لأن قوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) يقتضي صومه ليلا ونهارا وأنه عبادة واحدة تجزي بنية واحدة خصص الليل وبقي ما عداه على الأصل ولقوله
لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ومقتضاه إجزاء رمضان بنية واحدة لعموم الألف واللام خصص ما عدا الشهر بالإجماع فيبقى الشهر
تمهيد المنوي ثلاثة عبادة متحدة لا يتخللها شيء تكفي فيها نية واحدة إجماعا وعبادة يمكن أن يتخللها غيرها من جنسها وغير جنسها فتتعدد نياتها اتفاقا وعبادة يمكن أن يتخللها غير جنسها فقط كأيام رمضان فإنه يتخللها الصلاة والذكر دون الصوم فأشبهت العبادة الواحدة من جهة عدم تخلل الجنس والعبادات من جهة تخلل غير الجنس فالشبهان منشأ الخلاف بين العلماء وألحق مالك الصوم المتتابع برمضان بجامع التتابع وفي الجواهر وكذلك من شأنه سرد الصوم قال الأبهري ذلك استحسان والقياس التجديد وقال اللخمي فيما لا تجب متابعته كصوم المسافر وما لا تجب متابعته كصوم الاثنين والخميس ثلاثة أقوال ثالثها يجزيء في الأول دون الثاني قال سند وإذا سافر في رمضان ففي احتياجه لتبييت النية في كل ليلة قولان وفي التلقين لا تنقطع نيته بطرو السفر لأنها وقعت وقت التحتم وتنقطع إذا وقعت في السفر وطرأت الإقامة لوقوعها حالة عدم التحتم وإذا سها عن الصوم المتتابع وأصبح ينوي الفطر قال ابن الماجشون صح وقال أشهب لا تجزيه كمن خرج من فرض الصلاة إلى نفلها والحيض يوجب تجديد النية لأنها تبطل الفعلية فأولى الحكمية الثالث في الكتاب قال ابن القاسم إذا نوى برمضان أداء الحاضر وقضاء الخارج أجزأه وعليه قضاء الآخر وقاله ( ح وش ) ولو نوى بحجته نذره وفرضه أجزأه لنذره وقضاء فرضه لأنه أوجبها عند الله تعالى قال صاحب النكت اختلف في كسر الخاء من الآخر وفتحها والفتح الصواب والفرق أن رمضان شهر وقد عينه الشرع للحاضر فيكون القصد للآخر قصدا للمحال المستحيل والحج على التراخي ويكون عليه الإطعام لتأخير القضاء وعلى القول الآخر لا إطعام عليه لأنه لم يحل بينه وبين القضاء صوم وإذا صام رمضان وشعبان عن ظهاره لا يجزئه رمضان لفرضه ولا لظهاره والفرق أنه ههنا صامه عن جنسه وأجزأه لتقاربهما بخلاف الظهار قال سند حجة الإجزاء عن الخارج أن الصومين في الذمة والمكلف هو المعين كالديون إلا أن أحدهما عين له الزمان ومع ذلك فهو قابل لهما كوقت الصلاة إذا ضاق فانه يتعين لها ويصح فيه غيرها من الصلاة واذا قبلهما فأولاهما بالقضاء أوجبهما وقال اشهب لا يجزيء عن واحد منها لأنه لا يجزيء عليهما إجماعا وليس أحدهما أولى من الآخر فقياسا على ما إذا أحرم لحاضرة وفائتة عن نذره وفرضه لم يجزه عن واحد منهما لأن رمضاان لا يقبل غيره وهو لم يبق وقاله ( ش ) وحيث قلنا لا يجزيه عن فرضه فالظاهر أنه لا كفارة عليه في فرضه وقال ابن المواز يكفر كفارة المتعمد الرابع قال صاحب النكت من رفض صيامه أو صلاته كان رافضا بخلاف رفض الإحرام والوضوء بعد كماله أو في خلاله والفرق أن النية مرادة للتمييز والحج والوضوء مميزان بمكانيهما المتعبد بهما والصلاة والصيام لم يعين لهما مكان فكان احتياجهما إلى النية أقوى وأثر الرفض فيهما الخامس في الكتاب النهي عن صوم يوم الشك اول رمضان وقاله ( ح و ش ) خلافا لابن حنبل للتردد في النية وكان ابن عمر يصومه احتياطا لنا قوله
فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين يوما إشكالان الأول من شك في الفجر لا يأكل ومن شك في رمضان لا يصوم فما الفرق ؟ الثاني أن القاعدة أن الفعل إذا دار بين الوجوب والندب فعل كما أنه إذا دار بين التحريم والكراهة ترك وهذا دار بين الوجوب والندب لأنه إن كان من رمضان فواجب أو إن كان من شعبان فمندوب والجواب عن الأول أن رمضان عبادة واحدة وانما الأكل بالليل رخصة لقوله تعالى ( من شهد منكم الشهر فليصمه ) والضمير عائد على الجميع والأصل في الليل الصوم وفي شعبان الفطر وعن الثاني أنه دائر بين التحريم والندب فيتعين الترك إجماعا لأن النية الجازمة شرط وهي ههنا متعذرة وكل قربة بدون شرطها ففعلها حرام فإن كان صومه من رمضان فهو حرام لعدم شرطه أو من شعبان فهو مندوب قال سند الظاهر أنه لا يكره الأكل فيه وكرهه عبد الوهاب مع الغيم وإن صامه احتياطا ووافق رمضان لم يجزه عند مالك لعدم تعيين النية خلافا ل ح على أصله في النية ولا يكره صومه إذا وافق عادته خلافا لبعض الشافعية لقوله في ابي داوود لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا بيومين إلا أن يكون صوما يصومه رجل فليصم ذلك ولا يكره صومه تطوعا خلافا لمحمد ابن مسلمة لجزم النية والنهي إنما ورد أن يكون من رمضان لعدم الجزم وقال أبو الطاهر صومه تطوعا مكروه لموافقة أهل البدع وصومه احتياطا منهي عنه على نصوص المذهب واستقرأ اللخمي وجوبه من أحد القولين في وجوب الإمساك على من شك في طلوع الفجر وفي أحد الأقوال في الحائض تتجاوز عادتها تصوم وتقضي قال وفيه نظر السادس في الكتاب اذا التبست الشهور على الأسير فصام شهرا يظنه رمضان إن صادف قبله لم يجزه لكونه قبل سبب الوجوب كالظهر قبل الزوال أو بعده أجزأه لكونه قضاء كالظهر بعد الغروب قال سند قال الباجي يتخرج الصوم بعده على القولين في إجزاء الأداء عن القضاء كما لو مضت له شهور فكان صومه في شعبان قال سحنون يقضي شهرا واحدا وقيل الشهور كلها لاختلاف الأئمة قال والتخريج باطل ولا يعرف خلاف في إجزاء الأداء عن القضاء وإنما منع الإجزاء أنه لم ينو بالثاني قضاء الأول ولا أداءه فلم ترتبط به النية فلا يجزيء كما لو صلى الأعمى الظهر قبل الزوال أياما لم يكن الثاني قضاء عن الأول لعدم ارتباطه به قضاء ولا أداء وإنما قيل لمشقة الصوم وفي الجواهر لو استمر الأسير سنين متوالية يصوم قبل قضى الجميع على المشهور قال سند فلو صادف شوالا أو ذا الحجة فإن كان رمضان ثلاثين وشوال ثلاثين قضى يوما أو تسعة وعشرين قضى يومين وان كان رمضان تسعة وعشرين وشوال ثلاثين لم يقض شيئا ولا يعيد في النحر ليوم النحر وأيام التشريق ويعمل على ما تقدم وألزمه بعض الشافعية قضاء يومين من شوال إن كان قضاء أو يوما إن كان أداء ولم يعتبر رمضان وكذلك في النحر وروي عن مالك من أفطر رمضان كله لعذر قضى شهرا تاما والشهر الأول لقوله تعالى ( فعدة من أيام أخر ) بخلاف من عليه نذر مطلق تناول لفظ الشهر من الهلال إلى الهلال ولو لم يترجح عند الأسير شيء قيل يصوم السنة كمن نذر يوما ونسيه فقيل يصوم الجمعة وقيل ومن خفي عليه جهة القبلة صلى أربع صلوات والحق ألا يلزمه شيء لعدم تحقق السبب والفرق أن رمضان يجوز فطره للعذر وهذا معذور حتى يطلع والنذر لا يجوز فطره مع القدرة وكذلك التوجه للبيت ولو تحرى شهرا فلما قدم نسيه قال ابن القاسم يعيد كل حتى يتيقن قال ابن الماجشون لا شيء عليه لانه فعل ما يقدر عليه
الباب الثالث في حقيقته
وهي الإمساك عن دخول كل ( ما ) يمكن الاحتراز منه غالبا من المنافذ المحسوسة كالفم والأنف والأذن إلى المعدة والإخراج كالجماع والاستمتاع والاستسقاء على الخلاف وما يجري في ذلك يكون في أحد عشر فرعا الأول في الكتاب القبلة والمباشرة وفي الصحيح كان يقبل وهو صائم ثم تقول ( وأيكم أملك ) لنفسه من رسول الله ويروى أربه بفتح الالف وبكسر الألف وسكون الراء وقال الخطابي وكلاهما حاجة النفس قال سند وخصص ( ح و ش ) والقاضي الحرمة بمن تحرك القبلة شهوته والمذهب التسوية كالاعتكاف والإحرام والكراهة تحريم ( عند ) القاضي وتنزيه عند غيره فإن أنزل ففي الكتاب عليه القضاء والكفارة وأسقط الكفارة ( ش و ح ) لقصوره عن الجماع على قصد الافساد وفي الكتاب لو باشر فأمذى أو أنعظ أو التذ فعليه القضاء وإلا فلا وأسقط ( ح و ش ) القضاء في المذي لكونه كالبول لايجاب الوضوء والإجماع على عدم إيجابة الكفارة وجوابه القياس على المني بجامع اللذة وأما عدم الكفارة فلأن سنتها قصد الإفساد ولم يوجد قال سند ظاهر المذهب وجوب القضاء وقيل يستحب لأنه لا يعلم خلاف في عدم تحريم المباشرة للانسان امرأته بعد الفجر فلو نظر بلذة فأنزل قال مالك عليه القضاء دون الكفارة قال ابن القاسم إلا أن يديم النظر بلذة فعليه الكفارة وقال اللخمي عليه الكفارة بالانزال وإن لم يتابع كالقبلة وأسقط ( ح و ش ) القضاء والكفارة فلو نظر من غير قصد فأمذى قال مالك عليه القضاء وأسقطه ابن حبيب إذا التذ وأوجبه إذا أمذى ولو تذكر فأمذى فعليه القضاء عند ابن القاسم وفي الجواهر إذا لم يدم الفكر والنظر فلا شيء عليه ويكره الإقدام عليه الثاني في الكتاب إن احتقن فعليه القضاء فقط وقاله الأئمة وقال القاضي في الإشراف لا يفطر كما أن اللبن إذا وضع في الدبر لا يحرم لنا أن الحقنة في الأمعاء والكبد تجذب من الأمعاء كما تجذب من المعدة فتفطر وأما الإرضاع فلأن الحكم متعلق بوصفه نية لأن اللبن لو استهلك بطعام لا يحرم مع إغذائه الثالث كره في الكتاب السعوط وقال إذا وصل الكحل في العين أو الدهن في الأذن الى الحلق فعليه القضاء فقط وإلا فلا شيء عليه وفي الجواهر اذا وجد طعم الدهن الموضوع على رأسه في حلقه أفطر وقال أبو مصعب لا يفطر بالكحل وكرهه ابن القاسم من غير تفصيل قال سند يكره كل ما لا يؤمن وصوله إلى الجوف ولا يفطر ما وصل إلى الدماغ خلافا للأئمة محتجين بقوله وبالغ في الاستنشاق ما لم تكن صائما وجوابه حذر الوصول إلى الجوف ويعضده أن التحريم إنما يتناول شهوتي الفم والفرج لقوله تعالى ( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض ) بقي ما عدا ذلك على الاصل وإلا فالجسد يتغذى من خارجه بالدهن وغيره ولا يفطر إجماعا الرابع من تبخر للدواء فوجد طعم الدخان في حلقه يقضي الصوم بمنزلة وجد ان الكحل في العين في الحلق وقال محمد بن لبابة يكره استنشاق البخور فإن فعل لم يفطر وفي التلقين يجب الإمساك عن الشموم ولم يفصل قال سند ولو حك الحنظل تحت قدميه فوجد طعمه في حلقه أو قبض على الثلج فوجد بردا في جوفه لم يفطر وأباح مطرف الكحل وابن الماجشون الإثمد وإذا قلنا بالقضاء فسوى أشهب بين الواجب بالنذر وغيره وبين التطوع وخصصه ابن حبيب بالواجب والمنع في جميع هذه الأشياء إنما هو بالنهار أما إذا جعلت بالليل فلا يضر هبوطها بالنهار اعتبارا بما يقطر من الرأس من البلغم الخامس قال ابن القاسم في الكتاب لا أرى في الإحليل شيئا ولا ووافقه ( ح ) وابن حنبل خلافا ل ( ش ) لنا ان الكبد لا يجذب من الذكر ولا من بخلاف الحقنة وكذلك ذو الجائفة لا يصل الى الكبد السادس كره في الكتاب الحجامة فإن فعل وسلم فلا شيء عليه وقاله ( ح و ش ) وقال ابن حنبل يفطر الحاجم والمحجوم لقوله أفطر الحاجم والمحجوم وما في الصحيحين أنه احتجم وهو صائم يحتمل الأول أنهما كانا يغتابان فسماهما مفطرين بذهاب الأجر أو أن الحاجم وجد طعم الدم والمحجوم عجز عن الصوم أو مر بهما آخر النهار فكأنه عذرهما أو دعا عليهما السابع كره في الكتاب ذوق الأطعمة ووضع الدواء في الفم ووضع العلك والطعام للصبي أو غيره قال سند فإن وجد طعمه في حلقه ولم يتيقن الازدراد فظاهر المذهب إفطاره خلافا للشافعية وقاسوا الطعم على الرائحة والفرق ان الرائحة لا تستصحب من الجسم شيئا بخلاف الطعم السابع في الكتاب إذا بلع فلقة حبة بين أسنانه أو عبر حلقه ذباب لا يضره لتعذر الاحتراز من ذلك وقاله ( ش و ح ) قال سند وفطره سحنون بالذباب وأشهب بالفلقة وفي كتاب ابن مصعب إن كان ساهيا فعليه القضاء وإلا فالقضاء والكفارة ولا فرق بين السهو والعمد على المذهب لأن الفم قد استهلك ما فيه فصار كالريق وفطره ( ش ) وابن حنبل واما الخبز المتميز واللحم فيفسد الصوم عنده الثامن قال سند فان ابتلع ما لا يغذي كالحصاة قال سحنون عليه الكفارة إن تعمده والا فالقضاء فقط لأنه يثقل المعدة ويكسر سورة الجوع وقال ابن القاسم لا شيء في سهوه وفي عمده الكفارة وقال الحسن بن صالح لا يفطر مطلقا لأنه ليس طعاما ولا شرابا وقال مالك يفطر ولا يكفر مطلقا فهذه أربعة أقوال وغبار الطريق لا يفطر لضرورة الملابسة واختلف في غبار الدقيق لأهل صنعته فاعتبره أشهب وألغاه ابن الماجشون وهو الأظهر وفي الجواهر اختلف في غبار الجباسين أولى بعدم الافطار 0 التاسع في الكتاب إن سبقه القيء فلا شيء عليه وان تقيأ فعليه القضاء وقاله الأئمة لقوله في أبي داوود من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء وان استقاء فليقض والفرق أن الاستقاء يتعلق باللهوات ثم يرجع فيصير كالاكل مختارا وفي الجلاب القضاء مستحب لانه لو كان في لاستوى مختاره وغالبه كالأكل والجماع إذا أكره عليهما والفرق ما للنفس فيهما من الحظ بخلافه بشهوتي الفم والفرج قال سند وأوجب ابن الماجشون في عمده الكفارة وهذا الخلاف إذا لم يزدرد منه شيئا أما لو ازدرد متعمدا قال سحنون عليه الكفارة كان بلغما أو طعاما والخلاف ههنا مثل الخلاف في العلقة يبتلعها وفي الجواهر روى أبو أويس عليه القضاء وإن لم يزدرد شيئا قال سند والفرق بين ذرع القيء من علة أو امتلاء قليله أو كثيره تغير أم لا والقلس كالقيء وهو ما يصعد من فم المعدة عند امتلائها فإن بلغ إلى فيه فأمكن طرحه ولم يفعل قال مالك لا قضاء عليه وقال ابن حبيب عليه القضاء في سهوه والكفارة في جهله وعمده ورجع مالك إلى القضاء فإن خرج البلغم من الصدر أو الرأس بالتنخم من طرف لسانه قال سحنون عليه في سهوه القضاء وأسقطه ابن حبيب إلحاقا بالريق ولو جمع ريقه في فمه ثم بلعه قال بعض الشافعية لا يفطر كقول ابن حبيب وقال بعضهم يفطر كقول سحنون وفي الجواهر لو ابتلع دما خرج من سنه قيل لا يفطر العاشر إذا سبقه الماء من المضمضة يقضي في الواجب دون التطوع قال سند لا تكره المضمضة للحر والعطش ولا لغير ذلك وإنما تكره المبالغة والفرق بينها وبين مداواة الحفر أن الماء لا يعلق بخلاف الدواء وكره مالك غمس الرأس في الماء للتغرير بالدخول في الأنف أو الفم فإن غلبة قال أشهب يقضي في الواجب الحادي عشر في الكتاب يستاك في جملة النهار إلا بالأخضر وقاله ( ح ) وقال ( ش ) وابن حنبل يكره بعد الزوال لقوله يقول الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والخلوف بضم الخاء تغير رائحة الفم بعد الاكل فلا يزال ما مدحه الله بالسواك وقياس بجامع أثر العبادة والجواب عن الأول أن مدحه يدل على فضيلته لا على أفضليته على غيره ولأن الوتر أفضل من الفجر مع قوله ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها وكم من عبادة أثنى الشرع عليها مع فضل غيرها عليها وهذه المسألة من قاعدة ازدحام المصالح التي يتعذر الجمع بينها فالسواك لإجلاب الرب تعالى حالة خطابه في الصلاة لأن تطهير الأفواه لمخاطبة العظماء تعظيما لهم والخلوف مناف لذلك فيقدم السواك لقوله
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة معناه لأوجبته وهو يدل على أن مصلحته تصلح للايجاب وانتفاء الإيجاب للمشقة وهو عام في الصلوات وليس في حديث الخلوف ما يخصصه لما تقدم وقد قيل إن حديث الخلوف إنما كان نهيا عن عدم محادثه الصائم لأجله وعن الثاني الفرق بأن الشهيد غير مناج لربه ولأنه جرحه أشد من الدم فلا يوثر زواله بل بقاؤه يوجب من ربه الرحمة له كما تقدم في الجنائز سؤال الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه فيعلم الخلوف منتنا فكيف يكون عنده أطيب من المسك جوابه ليس المراد أن الخلفة طيبة بل تشبيه الحسن الشرعي بالعرفي أي هذا المنتن في نظر الشرع أفضل من ريح المسك عند الطبع إما لصبر الصائم عليه والصبر عمل صالح أو للسبب فيه بالصوم الذي هو عمل صالح وإلا فالخلوف ليس من كسبه حتى يمدح عليه أو يمدح في نفسه
الباب الرابع في آدابه
في الجواهر تعجيل الفطر عند الغروب لقوله في مسلم لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر فلو أراد الوصال حكى اللخمي المنع والجواز واختاره الى السحر وكراهيته الى الليلة القابلة قال في البخاري
ولا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل إلى السحر قالوا إنك تواصل قال إني لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني وتأخير السحور لما روي أنس أنه وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما قام إلى الصلاة قيل لأنس كم كان فيها ؟ قال قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية وكف اللسان عن الهذيان لقوله
إذا أصبح أحدكم يوما صائما فلا يرفث ولا يجهل فان أحد شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم الرفث مباشرة النساء سؤال كيف يقول إني صائم مع تحريم الرياء والتمدح بالطاعات ؟ جوابه قيل معناه يقول بلسان الحال لا بالمقال أي يعرض عنه إعراض الصائمين ولا يفهمه شيئا وسمي ذلك قولا كما قالت العرب واشتكى إلي طول السرى قال سند وقال الشافعي يستحب الفطر على رطب لما في أبي داوود أنه كان يفطر على رطبات فان لم تكن حسا حسوات من الماء وكره مالك ان يعمل لاهل المسجد طعاما وكره إجابتهم له لتحمل المنن والتوسل الى المباهاة
الباب الخامس في مبيحات الفطر
وهي ستة الأول السفر وفي الجواهر يشترط فيه مسافة القصر فلو عزم على إقامة أربعة ايام ففي الجلاب يجب الصوم وفي الكتاب الصوم في السفر أفضل وقاله ( ح و ش ) لقوله تعالى ( وأن تصوموا خير لكم ) والفرق بينه وبين القصر وجهان أحدهما أن الذمة تبقى مشغولة بالقضاء بخلاف القصر الثاني أن الترخيص لرفاهية العيد وهي كما تحصل بالفطر تحصل بالصوم مع الناس وروي عن مالك التخيير واستحب ابن الماجشون وابن حنبل الإفطار لقوله في أبي داوود ليس من البر الصيام في السفر وجوابه أنه رأى رجلا يظلل عليه والزحام عليه فقال ما هذا إشارة لهذه الحالة فإن قالوا النظر الى عموم اللفظ لا الى خصوص السبب قلنا العام في الأشخاص مطلق في الأحوال ونحن نحمل الحالة المطلقة على حالة الضرر
تمهيد الواجب على المسافر والمريض أحد الشهرين شهر الأداء أو شهر القضاء وهو مخير في خصوصيتهما كما أوجبته إحدى الخصال في الكفارة وخير في الخصوصيات فكل ما ما يجزيء كل واحد من الخصال وتوصف بالوجوب إذا فعلت تبرأ الذمة بها فكذلك ههنا لأن أحد الأشياء قدر مشترك بينها وأعم من كل واحد منها وكل واحد أخص وكل من فعل الأخص فعل الأعم فروع ثلاثة الأول في الكتاب إذا أصبح صائما في الحضر ثم سافر لا أحب له الفطر فان فعل فالقضاء فقط وقاله ( ح و ش ) لقوله تعالى ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) والأمر للوجوب قال سند قال القاضي أبو الحسن يحمل على الكراهة لأنه عام الفتح خرج صائما فلما بلغ كراع الغميم أفطر ولأنه عذر يبيح الفطر في أول اليوم فيبيح في آخره كالمرض وقال المغيرة يكفر لوجوب أوله في الحضر فإن أفطر قبل الخروج إلى السفر قال مالك عليه الكفارة وأسقطها ابن القاسم لأن أنسا رضي الله عنه كان يفعل ذلك وأوجبها ابن الماجشون إن لم يسافر وأسقطها اشهب مطلقا لعدم انتهاك صوم معصوم إجماعا الثاني في الكتاب من صام في السفر فافطر متعمدا من غير عذر فعليه الكفارة لأن الله تعالى خير العبد بين الفطر والصوم فأيهما اختار لزمه أحكامه ومن أحكام الصوم الكفارة على الإفساد وفي الجواهر روي عن مالك عدم الكفارة لأن وصف السفر مبيح للإفطار فيكون شبهة عند طرو المانع في عدم الكفارة كالذمي كان مباح الدم لا يقتل به المسلم والأمة مباحة الوطء فإذا وطئها السيد بعد زواجها لاحد وأوجبها ابن الماجشون في الجماع دون غيره لأن الإفطار شرع للتقوية على السفر والجماع يضعف قال سند وقال مطرف هو مخير بعد الشروع لما في الموطأ أنه أمر الناس بالإفطار عام الفتح ليتقووا على عدوهم وصام هو قيل له إن طائفة من الناس قد صاموا حين صمت قال فلما كان رسول الله بالكديد دعا بقدح فشرب فأفطر الناس واذا قلنا يكفر فروي ابن القاسم ولو كان متأولا ولم يره أشهب وإن أفطر لعذر فأكل وشرب فلا شيء عليه وان جامع بعد ذلك وان جامع أولا قال مالك يكفر لأنه يزيده ضعفا وأورده على صوم محترم وقال مطرف فلا يكفر نظرا للتخير فلو شرب لعذر لم يكره له التمادي على أنواع المفطرات عند سحنون كالمريض ومنع ابن حبيب كالمضطر إلى الميتة الثالث في الكتاب إذا أصبح صائما في السفر فأتى أهله فأفطر فعليه القضاء والكفارة ولو تطوع فسافر فأفطر قضى إلا أن يضطر إليه لقوله تعالى ( ولا تبطلوا أعمالكم ) وفي الجلاب عن مالك لا قضاء عليه وطرو السفر كطرو المرض المبيح الثاني الإكراه وفي الكتاب من أكره على الشرب عليه القضاء فقط وقاله ( ح ) وأسقطه ( ش ) وفعل به ذلك قياسا على ذرع القيء واختلف قوله اذا باشره وأسقطه ابن حنبل إلا بالجماع قال سند قال مالك إن جامعها نائمة قضت قال ابن حبيب في جميع ذلك الكفارة لأنه أفسد صومين فيجب عليه كفارتان فإن أكره رجل على وطء امرأته قال أكثر الأصحاب و ( ح و ش ) لا كفارة عليه وقال ابن الماجشون وابن حنبل عليه لأن الانتشار دليل الاختيار وجوابه أن الانتشار قد يكون بالطبع لا بالاختيار المبيح الثالث خوف المرضع على ولدها في الكتاب إن لم يقبل غيرها أو قبله وعجزت عن إجارته أفطرت وأطعمت لكل يوم مسكينا مدا وقاله ( ش ) وابن حنبل قال سند قال ابن عبد الحكم لا إطعام عليها قياسا على المريض بجامع الإباحة لنا قوله تعالى ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين ) قيل المراد بها المرضع والحامل والشيخ وقيل تستحب لقوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) وإن خافت على نفسها خاصة لم تطعم وإن استأجرت فمن مالها دون الأب لأن إرضاعه عليها وقيل على الأب وهذا اذا لم يطق وإن كان للصبي مال فمن ماله والاطعام خاص بصوم رمضان رواه ابن القاسم في النذر المبيح الرابع الخوف على الحمل في الكتاب إن خافت على ولدها فأفطرت لا تطعم وتقضي لانها مريضة وقاله ح وقال ابن حنبل تطعم وقال أشهب تطعم استحبابا وقال ابن الماجشون تطعم في الخوف على النفس دون الولد قال اللخمي للحامل ثلاث حالات إن كانت أول الحمل ولا يجهدها الصوم لزمها الصيام وإن كانت تخاف على ولدها من الصوم لزمها الفطر وإن خافت على نفسها فقط فهي مخيرة وحيث كان لها الفطر فأفطرت فعليها القضاء وفي الإطعام أربعة أقوال الثلاثة السابقة وقال أبو مصعب إن خافت على ولدها قبل ستة أشهر أطعمت وإلا فلا لأنها مريضة المبيح الخامس المرض وقد تقدم تفصيله في الشروط قال سند قال ابن القاسم إذا أجهده الصداع من الخواء أفطر وأجاز مالك من العطش الشديد من غير إطعام المبيح السادس الكبير العاجز عند مالك و ( ش ) لأنه غير مطيق ويطعم عند ( ح ) لأنه بدل من الصوم
الباب السادس في سبب الكفارة
وفي التلقين الكفارة كفارتان صغرى لتأخير القضاء عن زمنه وكبرى وهي لا تجب إلا لرمضان بتعمد إفطاره على وجه الهتك من غير عذر من جماع أو أكل أو غيرهما أو رفض أو إمساك بعد الشروع أو عزم على تركه فلم يشرع فيه وعلى كل معتقد لوجوبه من رجل أو امرأة لكل يوم كفارة ولا يسقطها طرو العذر بعد ذلك ولا يقدم التكفير في يوم عن يوم والأصل في ذلك ما في مسلم جاء رجل إلى النبي فقال هلكت يا رسول الله قال وما أهلكك ؟ قال وقعت على أهلي في رمضان قال هل تجد ما تعتق به رقبة ؟ قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ . قال لا ثم جلس فأتي النبي بعرق فيه تمر قال تصدق بهذا فقال افقر منا فما بين لابتيها أحوج إليه منا فضحك النبي حتى بدت أنيابه ثم قال اذهب وأطعمه أهلك زاد أبو داوود بعرق فيه تمر قدره خمسة عشر صاعا وقال صم واستغفر الله والعرق بفتح الراء الزنبيل ويروى بسكونها وخالف الأصمعي فقال بل ذلك العظم عليه لحم واللابة الحجارة السود فهو يشير الى الجبال المحدقة بالمدينة وليس في قوله أطعمه أهلك ما يوجب عدم وجوب الكفارة خلافا للشافعي والنخعي لأن الوجوب مستفاد من قوله تصدق بهذا ولما كان سد خلة الجوع مقدما على الكفارات أذن له في أكله وتبقى الكفارة في ذمته وليس في الحديث ما يبرئه البتة
قاعدة إذا رتب الحكم عقب أوصاف مناسبة جعل مجموعها علة له وان كان بعضها ليس بمناسب اعتبر المناسب وقد رتبت الكفارة عقب أوصاف غير مناسبة نحو كونه أعرابيا ومناسبة وهو افساد الصوم بالجماع واعتبره الشافعي على القاعدة ولم يوجب الكفارة بالأكل ونحوه لقصوره على الجماع لكونه لزم إفساد صومين في الواطئ وفي الموطوءة بخلاف الأكل واعتبرنا نحن وصف الافساد الذي هو في الجماع وغيره لأن التعليل بالعلة العامة أولى من الخاصة لكثرة فروعها وبقي وصف مناسب لم يعتبره أحد فيما علمت هو كونه جماعا في الزوجة وهو مناسب من جهة أنه الأكثر في الوجود فيكون العقاب الزجري عنه أولى فروع ثمانية الأول في الكتاب تجب الكفارة والقضاء بمغيب الحشفة خلافا ل ش في القضاء محتجا بأنه لم يأمره بالقضاء في رواية مسلم وجوابه أنه أمره في رواية الموطأ بالقضاء قال سند وكذلك لو وطئ امرأته في دبرها أو فرج ميتة أو بهيمة وقاله ( ش ) خلافا ل ح لأنه يوجب الغسل فيوجب الكفارة
تنبيه قد تقدم في الطهارة إيجاب التقاء الختانين حكما الثاني في الكتاب إذا وطئها في يوم مرتين فكفارة واحدة وقاله ( ح و ش ) لان الوطء الثاني لم يصادف صوما صحيحا فلا يوجب كفارة لقصوره عن مورد الإجماع قال ابن حنبل وبعض القرويين إن كفر عن الوطء الأول ثم وطئ فكفارة أخرى قياسا على كفارة الفدية في الحج فإنه إذا تطيب بعد أن تطيب وكان كفر عن الأول جدد الكفارة وإلا فكفارة واحدة وقياسه على الوطء الأول بجامع التحريم الثالث في الكتاب إن أكره امرأته على الوطء في رمضان عليه كفارتان عنه وعنها وكذلك يهدي عنها في الحج لأنه أفسد صومين وحجين وعلى كل واحد منهما القضاء عن نفسه قال سند وروي عن مالك عليه كفارة واحدة عنه وقاله الأئمة لأن الوجوب عليه فرع الوجوب عليها ولا يجب عليها فلا يجب عليه وجوابه انه لم يكفر بطريق النيابة بل بفعله سبب الكفارتين وهذا مختلف فيه عندنا وإذا قلنا بطريق النيابة فكل ما لا يصح كفارة عنها لا يكفر عنها نحو الأمة لا يكفر عنها بالعتق قال صاحب النكت بل بالاطعام لأن الولاء لا يثبت والصوم لا يدخله النيابة ولو أطاعت الأمة السيد كفر عنها لان السيادة كالاكراه وكذلك وطء السيد وإن اطاعته قال بعض القرويين وإذا أكره زوجته وعجز عن التكفير فكفرت من مالها بالإطعام رجعت عليه بالاقل من مكيلة أو الثمن الذي اشترى به الطعام أو قيمة العتق لأن الواجب عليه أحدها بخلاف الحميل بالطعام فيما تحمل به يرجع بالثمن فقط لأنهما دخلا على ذلك ولو كان مكان الحميل أجنبي رجع بالأقل من الثمن او القيمة أو المثل إن كان طعاما كالزوجة الرابع قال سند لو طلع الفجر عليه مولجا فنزع قال ابن القاسم و ( ح وش ) لا شيء عليه لأن النزع ترك للجماع وليس بجماع كما لو حلف ألا يدخل الدار وهو فيها فخرج أو لا يركب الدابة فنزل فلا حنث عليه وقال ابن الماجشون وابن حنبل يقضى لما فيه من اللذة فلو تمادى قال عبد الوهاب و ( ح ) بالقضاء فقط وقال ابن القصار و ( ش ) بالقضاء والكفارة وكذلك لو ابتدأ الإيلاج حال طلوع الفجر فلا تجب الكفارة لأنه لم يدخل في الصوم فلم يطرأ الجماع على صوم وانما منع انعقاده وقيل يجب لأن حديث الأعرابي لا تفصيل فيه فلو لم يعلم بالفجر حين طلوعه وهو يولج ثم تبين له فلم ينزع فإن قلنا لا كفارة على الناسي لا كفارة ههنا إلا أن يفعله منتهكا الخامس في الكتاب إذا نوى الفطر نهار رمضان عليه القضاء والكفارة ولو نوى قبل الشمس قال سند قال ابن الماجشون إن سها عن الصوم وسط الشهر لا شيء عليه بخلاف أوله لاستصحاب النية بخلاف العمد والمذهب التسوية لاندفاع النية الحكمية بضدها وخالف أشهب و ح وش في الكفارة لأنه لم يعقد صوما فيفسد كمن لم يحرم بالحج أو الصلاة وجامع والفرق تعيين الزمان له بخلافها فإن نوى الفطر في أثناء النهار فمذهب الكتاب عليه القضاء وأسقطه ابن حبيب واستحبه سحنون بخلاف من بيت الفطر لأن النية لغير فعل ملغاة كالحج والعمرة قال صاحب النكت من رفض صيامه أو صلاته بطلت بخلاف من رفض وضوءه أو حجه بعد كما لها أو في خلالهما والفرق أن النية مرادة للتمييز والحج والوضوء متميزان بمكانيهما المعينين لهما والصلاة والصوم لم يعين لهما مكان فكان احتياجهما للنية أقوى فأثر الرفض السادس في الكتاب من توقع في نهاره السفر أو المرض او الجنون فأفطر فعليه القضاء والكفارة وان طرأت المبيحات في ذلك النهار وقاله ابن حنبل خلافا ل ش لأنه انتهك حرمة الصوم قبل المبيح وقيل تنتقض الكفارة عند طرو المبيحات السابع في الكتاب إذا أكل ناسيا في رمضان أو غير عالم بالفجر فعليه القضاء خلافا ل ( ح و ش ) في الأول وسلم ( ش ) في الثاني و ( ح ) في سبق الاستنشاق بالماء لنا القياس على هذين الفرعين وأما قوله في مسلم من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه فظاهر تخصيص ذلك بالله تعالى يقتضي أن العمد لا مدخل لله فيه وهذا يقتضي نفي الإثم لا نفي القضاء فإن أفطر بعد ذلك متأولا قال عبد الوهاب لا كفارة عليه قال سند قال ابن حبيب عليه الكفارة لان الجهل ليس بنافع فلو أكل بعد ذلك أو جامع كفر عندنا وقيل لا يكفر لأنه لم يفسد معصوما فلو طهرت قبل الفجر ولم تغتسل حتى طلع الفجر فأكلت لاعتقاد الجواز لم تكفر لأنه شبه إباحة وكذلك من أصبح جنبا فظن بطلان صومه وكذلك الذي يقدم من السفر ليلا فيظن أن صومه لا يجزيه وكذلك من سافر ميلين فظن أن سفره يبيح الفطر ومن رأى هلال شوال نصف النهار فظن أنه يبيح الفطر الثامن في الجلاب تتعدد الكفارة بتعدد فساد الأيام عند مالك و ( ش ) وقال ( ح ) إذا لم يكفر عن اليوم الأول فكفارة للجميع واختلف قوله في التداخل إذا كفر عن الأول وفي تداخل الرمضانين إذا لم يكفر عن الاول لنا القياس على سائر الكفارات وهو أولى من قياسه على الحدود
تمهيد التداخل في الشرع يقع في الطهارة مع الغسل وفي العبادات كتحية المسجد مع الفرض وصوم الاعتكاف مع رمضان والعمرة مع الحج وفي الحدود المماثلة في العدد على تفصيل يأتي وفي الاموال كدخول دية الأطراف في دية النفس والأخير في الاول كالفدية في الحج اذا اتحد السبب والعارفان في الوسط كالوطء بالشبهة إذ استمرواتحدت الشبهة وكان حال المرأة في الوسط أفضل من المبدا والمنتهى فيجب لها صداق المثل باعتبار الوسط ولكن ظاهر المذهب يقتضي اعتبار الحالة الاولى مطلقا وصرح الشافعية بتنقل الصداق بتنقل الحالات والقليل في الكثير مثل الطرف مع النفس والكثير في القليل كالاطراف اذا اجتمعت مع السراية إلى النفس واختلف في تداخل الكفارات كما تقدم
الباب السابع في المترتبات على الإفطار
وهي سبعة أحكام الحكم الأول الإمساك تشبيها بالصائمين وفي الجواهر هو واجب على كل متعمد بالإفطار في شهر رمضان أو ظان الإباحة مع عدمها وغير واجب على من أبيح له إباحة حقيقة كالمريض يصح والمسافر يقدم والحائض تطهر في بقية النهار وقاله ( ش ) وقال ( ح ) يجب قياسا على قيام البينة على رؤية الهلال وجوابه أن الأداء ههنا معلوم في البعض وتعلق الوجوب بالبعض الآخر محال والخطاب ثمة متعلق بالكل فيشترط الثبوت وقد ثبت فيجب ومن أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أمسك ولم يحك خلافا وفي الجلاب إذا شهد على رمضان نهارا وجب الكف والقضاء وظاهر التلقين متعارض غير أن نقل الخلاف أصر ح ثم قال في الجواهر أما الصبا والجنون والكفر إذا زالت لا يجب الإمساك وقيل يجب في الكفر وظاهر المدونة ما نقله ابن الجلاب قال سند فلو أسلم الكافر قال مالك يمسك لكونه مخاطبا بفروع الشرع خلافا لاشهب ولو بلغ الصيب بقي على حاله صائما أو مفطرا ولو أفطر البالغ لعطش أباح له سحنون الأكل ومنع ابن حبيب وفرق بأن عذره يقتضي إفطاره ساعة بخلاف غيره ومنع بعض اصحابنا من وطء المسافر امرأته الطاهره النصرانيه لأنها مخاطبة بالصوم الحكم الثاني القضاء وفي الجواهر يجب قضاء رمضان على كل مفسد للصوم أو تارك له بسفر أو مرض أو حيض أو إغماء أو سهو أو جنون وقيل في الجنون ما لم تكثر السنون وقيل ما لم يبلغ مجنونا ولا يجب بالصبا أو الكفر أو عجز من الكبر ولا يجب التتابع فيه ويستحب إذا شرع في قضاء يوم وجب عليه إتمامه وإن لم يكن على فإن أفطر متعمدا وجب قضاء الأصل وفي قضاء القضاء قولان والأصل في هذا قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) أو يقال فرؤية الهلال سبب للوجوب والاصل عدم الخروج عن عهدته إلا ما دل عليه الدليل ويجب القضاء بالنذر بالإفطار عمدا أو نسيانا ومع العذر إن كان غير معين وإن كان معينا فقيل كذلك وقيل لا يجب مع العذر دون النسيان وقيل يجب إن كان المقصود اليوم لمعنى فيه وعليه يخرج الخلاف في ناذر صوم يوم يقدم فلان فقدم نهارا ففي الكتاب سقوطه خلافا لأشهب وفي الكتاب يقضي في عشر ذي الحجة قال سند جملة السنة وقت له إلا الفطر والنحر وأيام التشريق واستحب عمر رضي الله عنه قضاء من العشر وفي أبي داوود قال
ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله في هذه الأيام يعني أيام العشر فإن قضى في يوم النحر لم يجزه لأن النهي دليل الفساد وكذلك أيام النحر الثلاثة وفيها الخلاف المتقدم في الشروط ولا يبتدئ القضاء في الرابع وفيه خلاف وهو أخف من الثلاثة ويجوز تأخيره إلى شعبان ويحرم بعده لقول عائشة رضي الله عنها إن كانت إحدانا لتفطر في زمن رسول الله فما تقدر أن تقضيه مع الشغل به حتى ياتي شعبان قال اللخمي إذا لم يبق من شعبان إلا ما يسع التمتع وقضاء رمضان صام القضاء تغليبا لأصله فإن وسعهما بدأ بالتمتع عند مالك في الكتاب وخيره أشهب ويكره التطوع قبله عند مالك ووسع فيه ابن حبيب وان مات وعليه صيام لم يصم عنه أحد وصى به أم لا عند مالك و ( ح ) ومشهور ( ش ) خلافا لابن حنبل في النذر وفي مسلم قال
من مات وعليه صوم صام عنه وليه وجوابه صرفه عن ظاهره لقوله تعالى ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) فيحمل على أن يفعل ما ينوب مناب الصوم من الصدقة والدعاء وفي الموطأ كان ابن عمر رضي الله عنه يقول لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد وقياسا على الجهاد والصلاة في حالة الحياة قال ابن القاسم إن شرع في قضاء يوم ثم تبين له أنه قضاه لا يجوز له فطره لأن أقل أحواله أن يكون نفلا وقال أشهب لا أحبه فإن فعل فلا شيء عليه وفي الكتاب إن أكل في يوم القضاء أحب إلي إتمامه ويجوز فطره قال سند وإن أكل فيه عامدا لم يستحب له الإمساك وكذلك النذر المطلق لأن الإمساك لحرمة الوقت الحكم الثالث الإطعام وفي الجواهر لوجوبه ثلاثة أسباب فوات فضيلة الوقت كالحامل والمرضع وبدل من الصوم كالشيخ والعاجز وتأخير القضاء عن وقته مع الإمكان وفي الكتاب من فرط في القضاء وأوصى أن يطعم عنه مد لكل يوم مقدم عن الوصايا لوجوبه مؤخر عن الزكاة لأنها مجمع عليها ولم يقف وجوبها على تبيين من المكلف قال سند إن مات قبل التمكن من القضاء أو تمكن ومات في السنة فلا إطعام خلافا ( ل ش ) في القسم الثاني محتجا بقوله تعالى ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين ) وهذا مطيق وجوابه أنه في صوم رمضان لا في قضائه سلمناه لكن الإطعام كفارة لترك الواجب ولا يتعين إلا بخروج جملة الوقت قال فإن مضى من شعبان يوم ترتب إطعام يوم فان مرض في بقية شعبان لم يجب عليه غير ذلك فإن صح أياما وجب عليه بعددها وقاله ( ش ) وابن حنبل وقال ( ح ) لا يجب لقوله تعالى ( فعدة من أيام أخر ) من غير تقييد فيعم العمر لا تقييده بالسنة لكن خروجها يقتضي بقاء صيامه في الذمة كالصلاة بعد الوقت لا غير وجوابه أن ابن عمر وابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهم كانوا يقولون بذلك من غير نكير فكان إجماعا وقياسا على المرضع والشيخ عندنا إذا أخره سنين لم تجب إلا كفارة واحدة خلافا لبعض الشافعية قياسا على كفارة الإفساد ويقدم الإطعام على النذر لأن سببه مقدم في الشرع ويؤخر عن كفارة لأنه مسبب عن القضاء وهي عن الأداء و افطارا بموضع مقدم عليه لذلك وهو وهادي المتعة سواء فإن لم يوص به لا يلزم الورثة خلافا ( ل ش ) وإحدى الروايتين عن مالك وأنكرها ابن أبي زيد لأنه قد يخرجه ولا يعلمون أو يحمله أحد عنه لأنه مفتقر الى النية ولم ينو والإطعام مد ومد العيش كسائر الكفارات وقال أشهب يخرج في غير المدونة مدا قال الباجي هو استحباب ويطعم عند ابن القاسم في الكتاب مع القضاء كالهدي مع حج القضاء وقال أشهب لا تقييد لتحقق سببه واذا فرعنا على الثاني وأطعم لليوم الاول مسكينا ثم فرط الثاني من شعبان فلم يصمه جاز له أن يطعم المسكين الأول لأنه سبب طرأ بعد الفراغ من الأول فإن لم يكفر عن الأول لم يجز الدفع له على الاختلاف في اجتماع الكفارات فلو عزم على التأخير فأطعم قبله لم يجزه عند أشهب لعدم السبب الحكم الرابع في الكفارة وفي الجواهر اختلف الأصحاب هل هي متنوعة وهو الصحيح أو مختصة بالإطعام لقوله في الكتاب لا يعرف مالك غير الإطعام قال صاحب التنبيهات وهذا التأويل خلاف الإجماع بل ذلك محمول على الأفضل النوع الأول عتق رقبة مؤمنة كاملة غير ملفقة سليمة من الاستحقاق بوجه النوع الثاني صوم شهرين متتابعين لأن التتابع وقع في بعض روايات الحديث وقياسا على كفارة القتل النوع الثالث إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد بمده وخير أشهب بينه وبين الغداء والعشاء وإذا فرعنا على المشهور فالإطعام يعمها للحديث السابق في خبرها وقيل يختص بغير الجماع لأن العتق والصيام وردا في الجماع فيختص بهما والإطعام إنما ورد في المطيق للآية والإطعام أفضل على المشهور لعموم نفعه لا سيما في الشدائد وقيل العتق أفضل وقال المتأخرون يختلف ذلك باختلاف الأحوال وتستقر الكفارة في الذمة عند العجز وقال مالك هي على التخيير لأن الحديث رواه أبو هريرة بصيغة أو وهي للتخيير وقياسا على كفارة اليمين وقالت الأئمة على الترتيب وهو أحد القولين عندنا لأنه في مسلم لم يوجب عليه خصلة إلا بعد أن وقياسا على كفارة القتل والظهار وجوابه أن الذي في الحديث استفهام وليس بشرط وفي الجلاب
إذا أطعم ثلاثين مسكينا مدين مدين في يوم عن كفارة جاز أن يطعمهم في يوم آخر عن كفارة أخرى سؤال المقصود من الإطعام هو أحد الجانبين وسد خلة المساكين وهما حاصلان بإطعام مسكين ذلك الطعام في ستين يوما لسد ستين خلة فما الفرق جوابه أن الجماعة يمكن أن يكون فيهم ولي أو أولياء لله تعالى فيكون إطعامهم أفضل ولأنه يرجى من دعائهم ما لا يرجى من دعاء الواحد أصله الصلاة على الجنازة ولذلك أوجب ( ش ) في الزكاة الدفع للأصناف وقال اللخمي يقتضي المذهب الإجبار على الكفارة ولا توكل إلى الأمانة فمن ادعى إسقاطها لجهل أو تأويل لا يصدق إلا أن يأتي بما يشبه وقال القياس هي موكولة إلى الأمانة الحكم الخامس قال سند قال مالك العقوبة لمن تعمد الإفساد إن ظهر عليه ولم يأت مستفتيا لأنه لم يعاقب السائل وكيلا يمتنع الناس عن الاستفتاء الحكم السادس في الجواهر قطع التتابع فيما يشترط فيه فإن أفطر فيه لغير عذر أو عذر يمكنه دفعه كالسفر فأما ما لا يمكنه من سهو أو مرض أو عدة أو حيض فلا وفي الجلاب إن تعمد صيام ذي الحجة مع علمه بأيام التشريق لم يجزه وإن جهل أفطر وبنى ويستحب له الابتداء ولو صام شعبان ورمضان لكفارته وفرضه قضى ثلاثة أشهر الحكم السابع قطع النية الحكمية وفي الجواهر تنقطع بإفساد الصوم أو تركه على الإطلاق ولعذر أو لغير عذر أو بزوال التحتم كالسفر والمرض
الباب الثامن في صيام التطوع
وهو من أفضل الأعمال وهو عندنا يجب إتمامه بعد الشروع فيه وفي الكتاب إن تسحر بعد الفجر ولم يعلم بطلوعه مضى فيه ولا شيء عليه فإن أفطر فعليه القضاء وفي مسلم قال
من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه قال سند القضاء استحسان لأنه مأمور بالإمساك بعد الإفساد وواجب إذا أفسد لغير عذر عند مالك وأوجبه ( ح ) مع القدرة ونفاه ( ش ) مطلقا بل جوز الفطر له وفي مسلم قالت عائشة رضي الله عنها دخل علينا النبي ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلنا لا قال إني إذا صائم ثم أتى يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدي إلينا حيس فقال أرينيه فلقد أصبحت صائما فأكل زاد النسائي وأصوم يوما مكانه وقياسا على الشروع في تجديد الوضوء والصدقة والجواب عن الأول أنها قضية عين فلعلها مختصة ويؤكده أنه لا يقدم شهوة بطنه على طاعة ربه وعن الثاني المعارضة بالقياس على الحج والعمرة إذا شرع فيها متطوعا فإنه يجب الإتمام اتفاقا وأما قوله تعالى ( ولا تبطلوا أعمالكم ) والنهي عن الإبطال يوجب الأداء فيجب القضاء قياسا على النذر وتوفية وفي الموطأ عن عائشة وحفصة رضي الله عنهما أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي إليهما طعام فأفطرتا عليه فدخل النبي قالت عائشة فبدرتني حفصة وكانت بنت أبيها فسألت عن ذلك فقال
اقضيا يوما مكانه ولما قال السائل له هل علي غير ذلك قال لا إلا أن تطوع فأثبت الوجوب مع التطوع وهو المطلوب
تنبيه لايوجد لنا أن الشروع ملزم إلا في ست عبادات الصلاة والصوم والحج والعمرة والاعتكاف والائتمام وطواف التطوع بخلاف الوضوء والصدقة والرفد والسفر للجهاد وغير ذلك فإن صوم عاشوراء عند مالك مستحب وعند الشافعي سنة وفي أبي داود عنه أنه قال
وصوم عاشوراء إني أحتسب على الله تعالى أن يكفر السنة التي قبله قال ابن حبيب يقال فيه تاب الله على آدم عليه السلام واستوت السفينة على الجودي وفلق البحر لموسى عليه السلام وغرق فرعون وولد عيسى عليه السلام وخرج يونس عليه السلام من الحوت ويوسف عليه السلام من الجب وتاب الله تعالى على قوم يونس وفيه تكسى الكعبة كل عام ومن أصبح غير ناو ولصومه أجزأه صومه أو باقية إن أكل وهو مروي عنه ويستحب فيه التوسعة على العيال وهو عاشر المحرم وقال ( ش ) التاسع وفي مسلم عن الحكم بن الأعرج قال أنتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت أخبرني عن صوم عاشوراء ؟ فقال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما قلت هكذا كان رسول الله يصومه قال نعم ولأنه مأخوذ من أظماء الإبل وعادتهم تسمية الخامس ربعا والجواب عن الأول أنا نقول بموجبه وليس فيها الاقتصار على التاسع وعن الثاني أنه معارض بأن الأصل في الاشتقاق الموافقة في المعني والعاشوراء من العشر وصوم عرفة مستحب وقالت الشافعية مسنون ويستحب إفطاره للحاج ليقوى على الدعاء خلافا ( ح ) وفي أبي داود وقال
صيام عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وفي أبي داود نهي عن صيام يوم عرفة بعرفة سؤال قال العلماء المراد بالتكفير الصغائر وفي الكتاب العزيز ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم ) فجعل اجتناب الكبائر مكفرا وروي أن الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن وأن الجمعة كذلك وأن رمضان كذلك وإذا حصل التكفير بإحدى هذه لا تكون الأخرى مكفرة وإلا يلزم تحصيل الحاصل وهو محال جوابه معناه أن كل واحد منها شأنه التكفير فإن فعل شيئا كفر وإلا فلا ينتفي كونه من شأنه ذلك وفي الجواهر يستحب صوم تاسوعاء ويوم التروية وقد ورد صوم يوم التروية كصيام سنة وصوم الأشهر الحرم وشعبان وعشر ذي الحجة وقد روي أن صيام كل يوم منها يعدل سنة وفي مسلم
من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كأنما صام الدهر كله واستحب مالك صيامها في غيره خوفا من إلحاقها برمضان عند الجهال وإنما عينها الشرع من شوال للخفة على المكلف بسبب قربة من الصوم وإلا فالمقصود حاصل في غيره فيشرع التأخير جمعا بين مصلحتين ومعنى قوله فكأنما صام الدهر أن الحسنة بعشرة فالشهر بعشرة أشهر والستة بستين كمال السنة فإذا تكرر ذلك في السنين فأنكا صام الدهر سؤال يشترط في التشبيه المساواة أو المقاربة وههنا ليس كذلك لأن هذا الصوم عشر صوم الدهر والأجر على قدر العمل ولا مقاربة بين عشر الشيء كله جوابه معناه فكأنما صام الدهر ان لو كان من غير هذه الأمة فإن شهرنا بعشرة أشهر لمن كان قبلنا والستة بشهرين لمن كان قبلنا فقد حصلت المساواة من كل وجه
تنبيه هذا الأجر مختلف الأجر فخمسة أسداسه أعظم أجرا لكونه من باب الواجب وسدسه ثواب النفل
فائدة إنما قال بست بالتذكير ولم يقل بستة رعيا للأصل فوجب تأنيث المذكر في العدد لأن العرب تغلب الليالي على الأيام لسبقها فتقول لعشر مضين من الشهر واستحب مالك ثلاثة أيام من كل شهر فكان يصومها أوله وعاشره والعشرين وهي الأيام البيض واختار أبو الحسن تعجيلها أول الشهر وهي صيام الدهر لأن الثلاثة بثلاثين كما تقدم
فائدة قال ابن الجواليقي في إصلاح ما تغلط فيه العامة تقول الأيام البيض فيجعلون البيض وصفا للأيام والصواب أيام البيض أي أيام الليالي البيض بحذف الموصوف وإقامة الوصف مقامه وإلا فالأيام كلها بيض والليالي البيض ليلة الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لأنها بيض بالقمر وأسماء ليالي الشهر عشرة لكل ثلاث اسم الثلاث الأول غرر لأن غرة كل شيء أوله والثانية نفل مثل زحل لأنها زيادة على الغرر والنفل الزيادة وثلاث تسع لأن آخرها تاسع وثلاث عشر لأن أولها عاشر ووزنها مثل زحل أيضا وثلاث تبع وثلاث درع كزحل أيضا لاسوداد أوائلها وابيضاض سائرها وثلاث ظلم كزحل أيضا لأن كلا منها مظلم وثلاث حنادس لسوادها . . . لأنها بقايا وثلاث محاق لامحاق القمر أو الشمس وكره مالك صوم الدهر لئلا يصادف نذرا أو غيره واستحبه أبو الطاهر قال سند أجازه مالك إذا أفطر الأيام المنهي عنها وقاله ( ش وح ) لما في أبي داود أن حمزة الأسلمي قال له إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر فقال صم إن شئت فيحمل قوله
من صام الدهر لا صام على من لا يفطر ما نهي عنه فإن نذره فأفطر ناسيا قال عبد الملك لا شيء عليه لتعذر القضاء فإن تعمد الفطر فعليه كفارة المفطر يوما في رمضان وقال سحنون إطعام مسكين وقياس المذهب الإثم فقط وكره مالك تخصيص وسط الشهر بصوم واستحب ابو حنيفة صوم الخامس عشر ويومين قبله ورويت عنه
أنها الأيام البيض والغر واستحب السابع والعشرين من رجب فيه بعث الله محمدا وخمسة وعشرين من ذي القعدة فيه أنزلت الكعبة على آدم عليه السلام ومعها الرحمة وثالث المحرم فيه دعا زكريا ربه واستجاب له وصوم شعبان لأنه كان أكثر صومه فيه وفيه ترفع الأعمال وصيام يوم نصفه وقيام ليلته وفي الكتاب لا أحب للمرأة التي تعلم حاجة زوجها إليها أن تصوم إلا بإذنه لما في أبي داود قال
لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه قال سند فلو أذن لها لم يكن له إبطاله وله إن لم يأذن وأم الولد والسرية كذلك قاله مالك وقال ابن حبيب
لا إذن له على إمائه ولا ذكور عبيده إلا أن يضعفهم عن الخدمة وليس للزوج تفطير زوجته الذمية في صومها الواجب في دينها قاله ابن القاسم وفي الكتاب إنما يؤمر الصبيان بالصوم بعد البلوغ بخلاف الصلاة خلافا للشافعية قال سند وروى أشهب يؤمرون عند القدرة وصومهم شرعي عندنا وقال ( ح ) امساك للتمرين وقاله في الصلاة لنا قوله حين سألته المرأة عن الصغير ألهذا حج ؟ قال نعم ولك أجر وقياسا على صوم البالغ وإذا قلنا يصوم عند القدرة فأفطر وهو يقدر أمر بالقضاء عند ابن الماجشون وعلى قول سحنون في الصبية تجامع فتصلي بغير غسل لا تقضي ما خرج وقته من الصلاة ولا تقضي الصوم فإن أفطر عجزا أمر بالقضاء عند عبد الملك وأن لا يقضي أحسن
الباب التاسع في الاعتكاف
وأصله الاحتباس والعكف الحبس ومنه قوله تعالى ( والهدي معكوفا ) ( وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ) ( وأنتم عاكفون في المساجد ) وعكف يعكف بضم الكاف وكسرها وهو في الشرع الاحتباس في المساجد للعبادة على وجه مخصوص وفيه خمسة فصول
الفصل الأول في شروطه
وهي ثلاثة الشرط الأول اللبث في المسجد خلافا لابن لبابة لما في أبي داود قالت عائشة رضي الله عنها السنة على المعتكف ألا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما بذمته ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع وفي الكتاب يخرج لغسل الجمعة وغسل الجنابة ولا يغسل ثوبه إذا خرج ويخرج لشراء الطعام ثم يرجع عنه لأنه يمكنه إعداد ذلك والاستنابة فيه قال سند وإذا قلنا يخرج فلا يتحدث مع أحد فإن فعل وطال قطع التتابع وإن تحدث من غير وقوف لم يضر قال ابن القاسم في الكتاب إن خرج لدين له أو غلبه أحد فسد اعتكافه لإعراضه عن ملازمة العبادة التي هي رفيقة الاعتكاف قال سند وروى ابن نافع إن أكرهه القاضي أحب إلي أن يستأنف فإن بنى أجزأه لعجزه عن دفع الإكراه كقضاء حاجة الإنسان قال مالك ( . . . ) الإمام أطلقه حتى يخرج إذا لم يعتكف فرارا فإن نفذ صبر صاحب الدين أو طالت المدة أحضره أو وكيله ويؤخره في الحد لأنه يسقط بالشبهة فإن أخرجه جاز لوجوبه قال مالك ويؤدي الشهادة في المسجد ولا يخرج وفي الكتاب ليس له أن يشترط ما يغير سنة الاعتكاف ولا أنه متى شاء خرج ولا تعتكف المرأة في مسجد بيتها وقاله ابن حنبل خلافا ( ل ح وش ) محتجين بما في الموطأ أنه أراد أن يعتكف فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه وجد أخببة خباء عائشة وخباء حفصة وخباء زينب فلما رآها سأل عنها فقيل له هذا خباء عائشة وحفصة وزينب فقال ألبر تقولون بهن ثم انصرف فلم يعتكف حتى اعتكف عشرا من شوال وجوابه أنه حجة لنا من جهة فعلهن لذلك فدل على أنه معلوم عندهم وإنكاره لم يصرح فيه بأنه للمسجد بل لكونهن قصدن القرب منه غيرة عليها فخشي عليهن ذهاب الأجر ولأنه شرط للرجال فيكون للنساء كالجمعة وفي الكتاب من تلزمه الجمعة لا يعتكف إلا في المسجد الجامع وإلا ففي أي مسجد شاء قال ابن حنبل و ( ح ) لا يعتكف إلا في مسجد تقام فيه الجماعة لوجوبها عند ابن حنبل وترك فضيلتها عند ( ح ) لنا عموم قوله تعالى ( وأنتم عاكفون في المساجد ) قال سند فإن اعتكف في غير الجامع فأتت الجمعة خرج اتفاقا ويبطل على المشهور لأنه أدخله على نفسه بغير ضرورة وقاله ( ش ) وروي عن مالك الصحة وقاله ( ح ) لأن الخروج إليها مستثنى شرعا كما استثنى للغائط طبعا فإن لم يخرج يختلف في بطلان اعتكافه بالمعصية الصغيرة أو لا يبطل إلا بالكبيرة وإذا خرج قال مالك يتم اعتكافه بالجامع وقال عبد الملك يعود إلى مسجده لتعينه باعتكافه ولأنه لو خرج إلى البول لا يدخل مسجدا هو أقرب من الأول ولو كانت الأيام لا تأتي فيها الجمعة فمرض فخرج ثم رجع لتكميل الاعتكاف فأتت الجمعة فيه بينه وبين الأول لذهاب المتابعة وفرق عبد الملك ولو كانت الأيام تأتي فيها الجمعة فحدث له عذر يسقطها صح اعتكافه وفي الكتاب يعتكف في عجز المسجد ورحابه واختلف قوله في صعود المؤذن السطح والمنار بالكراهة والإباحة والأول المشهور قال سند الرحبة ما كان مضافا إلى المسجد وإن كان خارجه ويكون لها حكم المسجد وقال الباجي معناه داخل المسجد ولا يصح خارجه وظاهر قول مالك خلافه وأجاز مالك لمن اعتكف بمكة دخول الكعبة لأنها في حكم المسجد الشرط الثاني الصوم وقاله ( ح ) خلافا ( ل ش ) محتجا بما في الموطأ أنه اعتكف العشر الأول من شوال ويوم الفطر لا صوم فيه وقال عمر رضي الله عنه له
إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية فقال له أوف بنذرك والليل لا صوم فيه ولأنه ليس شرطا في اعتكاف الليل فلا يكون بالنهار إذ لا أثناء العبادة ولأنه لبث في مكان مخصوص فلا يشترط فيه الصوم قياسا على الوقوف بعرفة والجواب عن الأول أن خروج يوم الفطر من العشر لا يعد بإطلاق لفظ العشر عليه وعن الثاني أن الدارقطني روى
أوف بنذرك وصم أو أن الصوم كان أول الإسلام بالليل ولعل ذلك قبل نسخه وعن الثالث أن كالنية الفعلية وعن الرابع قلبه عليهم بأنه لبث في مكان مخصوص فلا يستدل به قياسا على الوقوف بعرفة لنا حديث عائشة المتقدم وأجمعنا لو نذر الاعتكاف صائما لزمه الصوم ولو لم يكن شرطا لما لزم كما لو نذر الاعتكاف متصدقا لأن الجمع بينهما ليس قربة بالشرع وكل واحد قربة على حدته وأما نذره الحج ماشيا فإن المشي مكمل الحج بالتواضع فيه وإلا فالأصل أن هذه الأحوال لا تلزم في النذور قال ابن يونس وسواء كان الصوم له أو لغيره كالطهارة شرط في الصلاة وقد تفعل لغيرها قال عبد الملك وله أن يعتكف في قضاء رمضان وكل صوم واجب وإن نذر الاعتكاف فلا يعتكفه في صوم واجب لإيجاب النذر الصوم وقال ابن عبد الحكم له أن يجعله في صيام النذر قال اللخمي ولو اعتقد أنه يجعله في صوم واجب أو كان يجهل أن الصوم شرط جاز أن يجعله في أي صوم شاء قال صاحب المنتقى أجاز مالك جعله في أي صوم شاء خلافا لعبد الملك لأنه لو نذر صلاة لا يجب عليه أن يتطهر لها بل يكتفي بطهارة غيرها وفي الكتاب إن أفطر متعمدا انتقض اعتكافه أو ناسيا اعتكف يوما مكانه ووصله باعتكاف فإن لم يصله ابتدأ قال ابن يونس قال ابن حبيب ذلك في النذر أما التطوع فلا قضاء مع النسيان قال يحتمل أن يكون خلافا لقول مالك أو وفاقا وحكاه سند خلافا عن عبد الملك قال والفرق لمالك بينه وبين التطوع بالصوم أنه يتعين بنية الدخول كما يتعين بالنذر وقال ابن القاسم في الكتاب إن عجز عن الصوم لمرض خرج فإذا صح بنى فإن فرط في البناء ابتدأ فإن صح في بعض النهار وقوي عن الصوم دخل حينئذ ولا يؤخر ذلك قال مالك وإذا طهرت الحائض رجعت حينئذ فإن كان يوم الفطر في مدة اعتكافه وصح قبله بيوم يرجع ولا يبيت ليلة يوم الفطر في معتكفه فإذا قضى يوم الفطر عاد وروى ابن نافع يرجع بعد صلاة العيد ولا يعتد بذلك اليوم قال سند إن كان مرضه لا يلزمه الخروج من المسجد وجبت الإقامة ليأتي من العبادة بالممكن وروي عن مالك يخرج حتى يقدر على الصوم فلا اعتكاف إلا بصوم وقد خرج بعض المتأخرين على هذا أنه إذا صح أو طهرت في بعض النهار لا يرجعان لعدم الصوم والفرق أن طرو العذر ممكن الدوام فيبقى مدة معتكفا بغير صوم بخلاف ارتفاعه فإنه يتعقبه الصوم من الغد فلا يمنع كما لو زال العذر بالليل والفرق بين ليل الفطر وغيره أن سائر الليالي وقت لابتداء الاعتكاف فيكون وقتا لاستدامته وأن سائر الليالي قابل لنية الصوم بخلاف الفطر وإذا قلنا لا يخرج ليلة العيد على رواية ابن نافع فقد خالف سحنون في الخروج إلى الصلاة وهو مبني على الخلاف في الخروج إلى الجمعة وظاهر قوله فيمن اعتكف العشر فمرض أنه يقضي أيام المرض بعد العيد أن الاعتكاف المعين بخلاف الصيام المعين والفرق أن الاعتكاف أشبه بالحج والعمرة لتعلقه بالمسجد وبقائه مع المرض كبقاء الإحرام مع فوات الحج وفساده ولأنه يلزم متابعته بالنية كما يلزم بالبدن بخلاف الصوم وقد قال سحنون يقضى اعتكاف رمضان لوجوب قضاء صومه وصيرورة الاعتكاف معه كالعبادة الواحدة بخلاف غيره فلو استغرق المرض أو الحيض جميع العشر الذي نواه أو نذره فلا قضاء عليه عند سحنون في رمضان ولا في غيره لأن الحج والعمرة إذا نذرهما في سنة معينة فمرض لا يقضيهما وعند ابن عبدوس يقضي في الموضعين توفية بالسبب وعلى أصل عبد الملك إن قصد بنذر الأيام أمرا يختص بها لم يقض وإلا قضى قال الباجي ظاهر المذهب لا يقضي في غير رمضان وإذا رجعت الحائض والمريض في بعض النهار روى ابن القاسم لا يعتد بذلك اليوم لعدم الصوم فإن طهرت قبل الفجر اغتسلت ونوت ودخلت المعتكف حين تصبح ويجزيها عند مالك وقال سحنون لا يجزيها حتى تدخل أول الليل كابتداء الاعتكاف وهو مبني على الخلاف في الابتداء فعند سحنون لا يجزيه إلا من أول الليل وعند مالك وغيره يجزيه وإذا قلنا بالإجزاء ففرطت استأنفت الاعتكاف الشرط الثالث الاقتصار على العبادة اللائقة بالاعتكاف قال صاحب المقدمات مذهب ابن القاسم الاقتصار على الصلاة وقراءة القرآن والذكر ومذهب ابن وهب جملة الأعمال المختصة بالآخرة كمدارسة العلم وعيادة المرضى وصلاة الجنازة إذا انتهى إليها الزحام بخلاف الحكم بين الناس والإصلاح بينهم سؤال منعه في الكتاب من الجنازة وجوز للمتنفل في الصلاة الرد على المؤذن كلاهما أدخل في العبادة ما ليس منها جوابه أن المسجد لم يوضع للجنازة والصلاة وضعت للذكر والرد على المؤذن ذكر وفي الكتاب لا يصلي على الجنازة وان انتهى إليه المصلون ولا يعود مريضا في المسجد ولا يعزي ولا يهنئ ولا يعقد نكاحا في المسجد إلا أن يغشاه في مجلسه لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم ولأن الاعتكاف يقتضي عبادة مخصوصة فلا يدخل فيه غيرها قياسا على الصلاة وله أن يأمر بمصلحته ومصلحة أهله ويبيع ماله إذا كان خفيفا ويكره خروجه لحاجة الإنسان في بيته سدا للذريعة ويتخذ موضعا بقربه وفي الجواهر إذا خرج لما يتعين عليه من جهاد أو حق أو دين أو إكراه ففي بطلان اعتكافه قولان قال سند فإن خرج للجنازة أو عيادة مريض بطل اعتكافه وان صلى عليها في المسجد كره ولا يبطل كما لو دعا لأحد أو تحدث معه فإن مات معه أحد في المسجد وليس معه من يجهزه تعين عليه الخروج ويتخرج بطلان اعتكافه على من نزل عليه العدو فخرج للجهاد رجع مالك إلى أنه يبني بعد قوله يبتدئ قال مالك ويجوز ذهاب بعض المعتكفين إلى بعض للعشاء ونحوه ويشتري له طعامه إذا اشترى طعام نفسه وإذا منعنا عيادة المرضى فمرض أحد أبويه قال ابن القاسم يخرج لعيادته لوجوب بره ويبتدئ اعتكافه قال مالك ولا يخرج مع جنازته والفرق أن عدم العيادة يسخطهما بخلاف التشييع وفي الكتاب له أن يتزوج ويتطيب بخلاف الحج والفرق بينهما في العقد من وجوه أحدهما طول زمان الحج فيخشى من العقد الوطء الثاني أن إفساده أعظم حرجا الثالث أنه منع في الحج من الطيب والنظافة والزينة فمنع من العقد لفرط التشديد بخلاف الاعتكاف وفي الكتاب لا يجلس مجالس العلم ولا يكتب قال ابن نافع إلا الشيء الخفيف لأنها عبادة شرع لها المسجد فلا يشرع فيها كالصلاة والطواف وفي الكتاب لا يأخذ من شعره وأظفاره وإن جمعه ألقاه لحرمة المسجد قال سند فإن فعل لا يبطل اعتكافه فإن كان له حاجز عن الناس فقد خفف له ابن حبيب في ذلك ويجوز أن يخرج يده أو رأسه من المسجد لذلك وإذا خرج لغسل الجمعة فله في بيته نتف الإبط وتقليم الأظفار وحلق العانة للجمعة ولا تجوز له الحجامة والفصادة والبول والغائط في المسجد فإن فعل يختلف في بطلان اعتكافه نظرا لكونه كبيرة أم لا ويكره له السواك من أجل ما يلقيه من فيه في المسجد وكره مالك للمؤذن إقامة الصلاة لأنها غير فعل الاعتكاف
الفصل الثاني في المعتكف
وهو كل من تصح منه العبادة وفي الكتاب إن أذن لرقيقه أو زوجته في الاعتكاف فليس له قطعة فإن نذره العبد فمنعه سيده فهو عليه إذا اعتق وكذلك الصدقة والمشي قال ابن القاسم فإن نذره المكاتب وهو يسير لا يضر لا يمنعه وان أضر بالسعي منعه قال سند إن لم يأذن للرقيق فهو مجبر في قطعه وإن أذن في النذر المطلق فله المنع لأنه ليس على الفور وإن نذر معينا بغير إذنه فمنعه فعلى قول مالك يقضيه وعلى قول ابن الماجشون وان نذر الأيام لمعنى فيها لم يقض وإلا قضى وأسقطه سحنون مطلقا والزوجة كالعبد وإذا أذن للمكاتب فأخرجه الحاكم عند حلول الأجل والعجز فللسيد منعه
الفصل الثالث في حكمه
وفي الكتاب لم يبلغني عن أحد من السلف أنه اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن وليس بحرام وإنما تركوه لشدته لاستواء ليله ونهاره قال سند قال مالك في المجموعة تركوه لأنه مكروه في حقهم لأنه كالوصال المنهي عنه وفي الكتاب قال ابن القاسم بلغني عن مالك أنه قال الاعتكاف يوم وليلة فسألته فأنكره وقال أقله عشرة ايام وبه أقول قال سند ظاهر قوله أن أقل من العشرة لا يكون مشروعا ويحتمل أن يريد أن ذلك الأحسن والعشرة هي عادته ولا ينبغي مجاوزتها للسنة وإن كان في أبي داود أنه اعتكف العام الذي قبض فيه عشرين يوما وقال ابن القاسم في العتبية لا بأس باليوم واليومين وفي الجلاب أقله يوم والاختيار عشرة وفي الكتاب من اعتكف أواخر رمضان دخل غروب الشمس ولا يرجع إلى أهله حتى يشهد العيد لأنه مروي عنه وعن أبي بكر بن عبد الرحمن وان اعتكف وسطه رجع إليهم آخر أيام الاعتكاف وقال ابن يونس فإن خرج ليلة الفطر أو فعل فيها ما يبطل الاعتكاف بطل اعتكافه لا تصالها به كركعتي الطواف بالطواف وقاله عبد الملك وقال سحنون هذا خلاف قول ابن القاسم بل ذلك مستحب قال سند الدخول من الغروب لمالك و ( ش ) و ( ح ) خلافا لابن حنبل لأن الليلة أول اليوم فيدخل قبل الغروب ليتمكن من جملة الليلة فإن لم يدخل إلى الفجر قال عبد الوهاب أجزأه عند مالك وأصحابه وإن كان نذرا لأن الصوم إنما يكون بالنهار وقال عبد الملك لا يحتسب به ويستأنف عشرة بعده لاستواء الليل والنهار في الاعتكاف وفي الجلاب إذا كان يوم الفطر في اعتكافه خرج يوم الفطر إلى أهله وعليه حرمة الاعتكاف وعاد قبل الغروب وقال عبد الملك لا يخرج ويكون يومه كليل أيام الاعتكاف وفي الكتاب لا يعتكف أهل الثغور إلا مع الأمن لأن حفظ المسلمين أولى فإن اعتكف ونزل خوف خرج فإن أمن ابتدأ ثم رجع إلا أنه يبني كالمريض والجوار كالاعتكاف إلا من جاور نهارا بمكة دون الليل فلا يلزمه الصوم ولا يلزم بالدخول والنية إلا اليوم الأول والجوار بمكة وسائر المساجد قربة تلزم بالنذر قال سند يريد أن من قال لله علي أن أجاور ليلا ونهارا عدة أيام فهو اعتكاف بلفظ الجوار ولو نوى جوار يوم كان له الترك بعد الدخول فيه لأن جواره عبادة وليس فيه صوم وفي الكتاب إذا طلقت أو توفي عنها زوجها وهي معتكفه أتمت اعتكافها وقال ( ش ) تخرج ليلتها لنا أنها عبادة سبقت فلا تقطع بالعدة كالحج والعمرة قال سند فإن خرجت بطل اعتكافها وإن تقدمت العدة وتركت بيتها واعتكفت صح اعتكافها كالصلاة في الدار المغصوبة ومن أبطل الاعتكاف بكل ذنب أبطله ههنا ولو اعتكفت فحاضت فخرجت وطلقت قبل الرجوع روى ابن القاسم ترجع فتعتد في المسجد لتقدم حق العبادة وفي الكتاب يجب الاعتكاف بدخول المعتكف المعتكف بنية فيلزمه المنوي من الأيام خلافا ل ( ش ) أو بالنذر لأنه أشبه الحج والعمرة من جهة تحريم المباشرة واشتراط المسجد واللبث في مكان مخصوص فيجب بالشروع قياسا عليها ولأن الاعتكاف معناه لغة الملازمة واللازم هو الذي لا يفارق فمن نوى الاعتكاف فقد نوى ما لا يجوز تفريقه فيكون متتابعا وهو المطلوب قال ابن يونس فإن تركه قبل الدخول وبعد النية جاز قال ابن الماجشون فإن نوى عدة منقطعة لم يلزمه إلا الذي شرع فيه
الفصل الرابع في مبطلاته
وهي ستة الأول مباشرة النساء وفي الكتاب إذا جامع أو قبل أو باشر ليلا أو نهارا ناسيا أو متعمدا فسد اعتكافه ويبتدئه وقاله ( ح ) وابن حنبل وخالف ( ش ) في الوطء ساهيا لأنه على أصله لا يبطل الصوم لنا قوله تعالى ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) فنهى عن مطلق المباشرة فيعم قال سند إن وقع اللمس لغير شهوة فلا شيء عليه إجماعا وفي الموطأ عن عائشة رضي الله عنها كان النبي يدني إلي رأسه فأرجله ولو مرض المعتكف فباشر بطل اعتكافه وكذلك لو حاضت المرأة فخرجت فوطئها زوجها قاله ابن الماجشون فيهما لأنه لم يوجد مبيح للمباشرة قال صاحب النكت ولو كانت مكرهة كما يبطل الصوم مع الأكراه قاله ابن القاسم ولها أن تتصرف في حوائجها وتصنع ما أرادت إلا المباشرة لأن المنع من ذلك كان للاشتغال بالمسجد وقد فاتت ومنعها سحنون لبقاء حرمة الاعتكاف وفي الكتاب تأكل امرأته معه في المسجد وتحدثه وتصلح شأنه ما لم يلتذ ليلا أو نهارا وفي الجواهر الثاني والثالث الردة والسكر قارنا الابتداء أو طريا ويجب الاستئناف الرابع والخامس الجنون والإغماء يوجبان البناء دون الاستئناف وقال سند إن كان في عقله عند الفجر أو أكثر النهار أجزأه على ما مر في الصوم السادس في الجواهر الكبيرة مبطلة عند العراقيين وإن صح الصوم كالقذف وشرب الخمر قبل الفجر قاله في الكتاب لأن الاعتكاف غاية التبتل للعبادة فتنا فيه المعصية كما قلنا إن المطلوب من الصلاة الخشوع والتذلل لله تعالى فتبطل بالتكبر المنافي لها بخلاف غيره قال سند وسواء سكر أم لا ولو شرب لبنا أو دواء مخدرا فسكر كذلك زعم بعض المتأخرين تخريجه على الخمر وليس كذلك لعدم العصيان قال أبو الطاهر ورأى المغاربة أن الكبائر لا تبطله قياسا على الصوم خلافا للبغداديين
الفصل الخامس في نذر الاعتكاف
وفي الكتاب من نذر اعتكاف يوم وليلة لزمه ذلك أو عكوف ليلة أو يوم لزمه يوم وليلة خلافا ل ( ش ) في الثاني أو عكوف شهر لا يفرقه وليعتكف ليله ونهاره واستتباع الليل وللنهار لقوله
من صام رمضان وأتبعه بست من شوال ولم يقل بستة فأعرض عن الأيام وذكر الليالي لاندراج الليلة في لفظ اليوم قال سند فلو اقتصر على النهار لا يجزيه عند سحنون خلافا لعبد الوهاب وروي الإجزاء عن مالك ولو نذر عكوف بعض يوم لا يصح عندنا وعند ابن حنبل خلافا ( ش ) على أصله في عدم اشتراط الصوم ونحن على أصلنا في اشتراطه وكان بعض السلف إذا جلس في المسجد ساعة يأمر جلساءه بنية الاعتكاف ليحصل أجره على رأي من يعتقده وأما وجوب المتابعة في أيامه فللسنة ولأن الاعتكاف معناه الملازمة والملازم لا يفارق فقد تناول لفظه عدم التفريق قال ابن القاسم في الكتاب من نذر اعتكاف شهر بعينه فمرض فلا شيء عليه وإن أفطره فعليه القضاء فإن حاضت المرأة وصلت القضاء باعتكافها قبل ذلك فإن لم تصل ابتدأت قال سند إن حاضت أول الشهر فلا قضاء إلا يوم حيضها على المشهور وعلى القول بالقضاء فبإنها لا تقضي عند سحنون إلا في رمضان فلو مرضت في أول الشهر ثم حاضت قضت المفرط فيه فإن مرضت في وسطه فكالحيض قال ابن القاسم في الكتاب وناذر أيام التشريق كناذر الصوم فيها يلزمه الرابع فقط قال سند قال أبو الفرج تلزمه كلها ويتخرج اليوم الرابع على جواز صومه وناذر الاعتكاف بمسجد الفسطاط إذا اعتكف بمكة أجزأه ولا يجب الخروج إلا إلى مكة والمدينة وبيت المقدس فلو نذره بمسجد المدينة لم يجزه بالفسطاط لقوله
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ولو نذره بالمدينة وجب عليه السعي ولو كان بمكة أو بيت المقدس وفي الكتاب إذا نذر صوما بموضع يتقرب بإتيانه إلى الله تعالى لزمه ذلك ولو كان بمكة والمدينة قال ابن يونس ومن نذر اعتكافا بساحل من السواحل اعتكف في موضعه بخلاف الصوم لأن الصوم لا يمنعه من الحرس قال سند والفرق بين نذر الصوم بموضع إتيانه قربة وبين نذر الاعتكاف بالفسطاط أن المساجد في حرمة الصلوات سواء إلا الثلاثة التي في الحديث وسد الثغور في الرباط يختص فضله ببعض المواضع وفي الجواهر إذا قال اعتكف في هذا الشهر فسد أوله بتعمد إفساد آخره واستأنفه متتابعا والشروع كالنذر وفي الكتاب من نذره ثم مات وأوصى بالإطعام عنه أطعم عنه عدد الأيام مدا مدا لكل مسكين ولو نذره مريضا لا يستطيع الصوم ثم مات قبل صحته وأوصى بالإطعام إن لزمه فلا شيء عليه قال سند ولا إطعام في الاعتكاف لكن لما أوصى انصرف إلى عرف الشرع في الإطعام
الباب العاشر في ليلة القدر
اختلف في معنى هذا القدر فقيل الشرف فهي شريفة وقيل من التقدير لأنها تقدر فيها الأرزاق والكائنات على أحد القولين في قوله تعالى ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) قيل ليلة النصف من شعبان وقيل ليلة القدر ومعنى ذلك عند الملائكة الموكلة بها وإلا فكل شيء قد قدر في الأزل ومعنى قوله تعالى ( خير من ألف شهر ) أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر فتكون الركعة فيها خيرا من ثلاثين ألف ركعة وكذلك سائر أنواع البر وشهود مغربها وعشائها وخصت به هذه الأمة لقصر أعمارها ليحصل فيها لهم ما يحصل في الأعمار الطويلة لطفا بها
قاعدة الأصل في كثرة الثواب والعقاب وقلتهما كثرة المصالح أو المفاسد أو قلتها وقد يفضل الله تعالى أحد المستويين من كل الوجوه على الآخر كالأنبياء عليهم السلام خصوا بالنبوة والدرجات العليا بمجرد تفضيله تعالى وإلا فهم قبل ذلك كسائر البشر ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) جرده من كل شيء وحصره في العبودية المحضة بقوله ( إن هو إلا عبد ) ثم أفاض عليه نعمه بقوله ( أنعمنا عليه ) وكمكة والمدينة مع سائر البقاع وكذلك الأزمنة مستوية وخص الله تعالى ما شاء بما شاء لا لأمر رجح فيها بل بمجرد الفضل نسأل الله تعالى من عظيم فضله الذي لا يعطيه غيره ولا يملكه سواه واختلف الناس في زمانها على خمسة عشر قولا قال صاحب القبس الأول لابن مسعود السنة كلها وقيل رمضان كله لقوله تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) الثالث لابن الزبير ليلة سبع عشرة منه وهو مروي عنه لقوله تعالى ( وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان ) وكان ذلك فيها الرابع لأبي سعيد إحدى وعشرون لرؤيا النبي
أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين وكان فيها الخامس لعبد الله بن أويس ثلاثة وعشرون وهو مروي عنه عليه السلام السادس خمس وعشرون السابع لأبي سبع وعشرون وقال أخبرنا
أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها كأن أنوار الخلق في تلك الليلة تغلبها وكان ابن عباس يحلف على أنها في هذه الليلة وكان يقول السورة ثلاثون كلمة فإذا وصلت إلى قوله تعالى ( هي ) فهي سبعة وعشرون منها وكان يقول خلق الإنسان من سبع لقوله تعالى ( من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) ويأكل في سبع لقوله تعالى ( وأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ) فالأب للأنعام والسبع للإنسان ويسجد على سبع والأرضون سبع والسماوات سبع والطواف سبع والجمار سبع الثامن تسع وعشرون التاسع للأنصار أنها في أشفاع هذه الأفراد وأصله عندهم قوله
اطلبوها في تاسعة تبقى قالوا هي ليلة اثنتين وعشرين ونحن أعلم بالعدد منكم قال سند ومذهب مالك في الكتاب و ( ش ) أنها في جملة العشر لما في أبي داود قال
التموسها في التاسعة والسابعة والخامسة قال مالك في الكتاب معناه ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وهذا محمول على نقصان الشهر وأما مع تمامه فليلة اثنتين وعشرين وأربع وعشرين وست وعشرين قال صاحب المقدمات وقيل لتسع مضت وسبع مضت وخمس مضت عدت القول الثاني عشر الثالث عشر ليلة النصف قال سند ليلة النصف من شعبان ويبطله قوله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وقوله تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) الرابع عشر قال صاحب المقدمات هي في العشر الوسط من رمضان الخامس عشر قال سند قيل ارتفعت بعده بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزكاة
ومعناها في اللغة الزيادة من زكا يزكو زكاء بالمد إذا زاد بذاته كالزكاة بصفاته كالإنسان وما يقصر معناه الزوج من العدد والفرد سمي المأخوذ من المال زكاة وإن كان ينقص لأنه يزكو في نفسه من الله تعالى لقوله عليه السلام
من تصدق بكسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً كأنما يضعها في كف الرحمان يربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيلة حتى تكون مثل الجبل أو لأنه يزكي المال فحذف من صفته لما في أبي داود قال عليه السلام
ما فرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم فإذا لم يخرج كان خبيثاً ولذلك سميت أوساخ الناس وفي ذاته بالبركة أو لأنه يزكي المأخوذ منه في صفته لقوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ( التوبة : 103 ) والمال المصروف للدار الآخرة فإنه يضاف إليه فيزيد فيه وهو المال المعتبر في الحقيقة لقوله تعالى ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ) ( النحل : 96 ) وكان بعض السلف يقول للسائل مرحباً بمن يوفر مالنا لدارنا أو لأنه يؤخذ من الأموال التامة الزاكية بذاتها كالحرث والماشية أو بغيرها كالنقدين فالأول من مجاز التشبيه والثاني من مجاز إعطاء المسبب المادي والثالث من مجاز إعطاء المسبب حكم السبب الغامض والرابع من مجاز التشبيه إن جعلنا الزيادة حقيقة في الأجسام دون المعاني والا فهو حقيقة والخامس من مجاز إعطاء المسبب حكم السبب المادي عن حقيقتة خلاف ما تقدم في الثاني قال في الجواهر من الزكاة معروف المال فعلى هذا هي حقيقة ويكون اللفظ يشترك بين الزيادة والمعروف وتسمى صدقة في قوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ( التوبة : 103 ) من التصديق حقا في قوله تعالى ( وآتو حقه يوم حصاده ) ( الأنعام : 141 ) لأن هو الثابت وهو الثابت بوجوبها وسميت عفوا في قوله تعالى ( خذ العفو ) ( الأعراف : 199 ) لأن العفو في اللغة الزيادة أي الزيادة على الغنى قاعدة الأصل في كثرة الثواب والعقاب أو قلتهما وقد تستوي مصلحة الفعلين من كل وجه ويوجب الله تعالى أو عليه ويجعل ثوابه أتم أجراً فإن درهما من الزكاة مساو في المصلحة لدرهم من تعالى أن لم يوجبه لتقاعد الأغنياء عن بر الفقراء فيه فيهلكوا وعظم أجره ترغيباً في إكرامه ودفعه ومن تفضيل التساوي بين الحج والعمرة والصوم في رمضان فان كان أياما من غيره وأن القراءة والأذكار في الفرض أفضل من مثلها في النفل وتكبيرة الإحرام مع سائر التكبيرات والأذكار في القرآن إذا قصد بها غير القرآن جازت بغير طهارة بل قد يكون النفل أعظم مصلحة من الواجب كالتصدق بشاة سمينة والتزكية بدونها والتصدق بحقه والتزكية ببنت مخاض مع القطع بأن ثواب الواجب أتم لقوله تعالى
ولن يتقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه وهذا الحديث معمول به إذا تساوى الفرض والنفل أما إذا تفاوتا بالقلة والكثرة مثل التزكية بشاة والتصدق بعشرة الاوساة فيحمل أن يكون الفرض أفضل ويحتمل العكس وفيه مخالفة ظاهر الحديث وليس في التزام وبعد كثير كما فضل الله تعالى هذه الأمة مع قلة عملها على اليهود والنصارى وسائر الأمم والصلاة في المسجدين على الصلاة الكثيرة في سائر المساجد تنبيه أوجب الله تعالى الزكاة شكراً للنعمة على الأغنياء وسداً لخلة الفقراء وكمل هذه الحكمة بتشريكه بين الأغنياء والفقراء في أعيان الأموال بحسب الإمكان حتى لا تنكسر قلوب الفقراء باختصاص الأغنياء بتلك الأموال ومتعلقاتها في الشرع ستة النقدان والماشية والحرث والتجارة والمعادن والفطر ولم يوجبها في غير هذا من نفائس على الأموال ركوبه فاكتفى بتزكية ما يخرج منها فان الغالب الرفع من النقدين في الأخذ ومن الحرث في الأراضي وأما الجواهر فلا يملكها إلا قليل من الناس تمهيد قال صاحب التلقين كل عين جاز بيعها جاز تعلق الزكاة بها قالوا يشكل بالدور والجواهر وغيرها فإنها يجوز بيعها ولا يجوز تعلق الزكاة بها والجواب أن نقول كل ما جاز بيعه جاز أن يكون تجارة وكل ما جاز أن يكون تجارة جاز تعلق الزكاة به ينتج كل ما جاز بيعه جاز تعلق الزكاة به بالضرورة ولم يقل رحمه الله وجبت الزكاة فيه وإنما قال جاز تعلق الزكاة به قال صاحب المقدمات من جحد وجوبها كثير كفر ومن أقر ومنعها ضرب أخذت منه كرها فإن امتنع في جماعة وقوة قوتلوا حتى تؤخذ كما فعل الصديق رضي الله عنه وقال ابن حبيب من اعتراف بالوجوب وامتنع كفر كما قاله في الصلاة وفي الكتاب أبواب تسعة .
الباب الأول في زكاة النقدين
والنظر في سبب الوجوب وشروطه وموانعه والجزء الواجب والواجب عليه فهذه خمسة أنظار النظر الأول في التسبب وهو أن يملك نصابا من الذهب وهو عشرون ديناراً مسكوكة أو غير مسكوكة أو من الورق وهو مائتا درهم مسكوكة أو غير مسكوكة وفي التنبيهات النصاب في اللغة الأصل ومنه قول السموأل ( ونحن كماء المزن لا في نصابنا ** كهام ولا منا يعد بخيل ) وأصله المنار وهو العلم ومنه الأنصاب حجارة نصبت علما للعبادة وأخذت من الارتفاع لأن نصائب الحوض حجارة ترفع حوله والنصاب أصل الوجوب وعلم عليه ومرتفع عن القلة فاجتمعت المعانني كها فيه وفي النسائي قال عليه السلام
المكيال على مكيال آهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة وفي الجواهر قال ابن حنبل أخبرني كل من أثق به أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنان وثمانون حبة وثلاثة أعشار الحبة من حب الشعير المطلق والدرهم سبعة أعشار المثقال فالدرهم المكي سبع وخمسون حبه وستة أعشار الحبة وعشر عشر حبة قال سند كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل وكانت الدراهم بغلية ثمانية دوانق وطبرية أربعة دوانق فجمعت في الإسلام وكل جعل كل درهم ستة دوانق وقال غيره والبغلية كبرت لرداءتها وكان الاجتماع على ذلك في زمن عبد الملك بن مروان والظاهر من الاجتماع إنما كان لاذهاب تلك الرداءة التي هي من آثار الكفر وإن الدرهم كان معلوما في زمنه عليه السلام ولذلك رتب الزكاة عليه وكانت الأوقية في زمنه أربعين والسن نصف أوقية والنواة خمسة دراهم والدنانير في الأحكام خمسة ثلاثة اثنا عشر في الدية والنكاح والسرقة ويجمعها انها في الذمة واثنان عشرة عشرة في الزكاة والجزية لأن تقسيط المقدر من الدراهم على المقدر من الدنانير يقتضيه تنبيه الدرهم المصري أربعة وستون حبة فهو أكثر من درهم الزكاة فإذا أسقطت الزائد كان النصاب من دراهم مصر مائة وثمانين درهما وحبتين فقط والنقدان ثلاثة أقسام أعيان موجودة وقيم المتاجر وديون في الذمة القسم الأول النقود الموجودة وهي الذهب والفضة وفي الكتاب إذا كان عنده فلوس قيمتها مايتا درهم لا زكاة إلا ان يكون مديراً فتجري مجرى العرض وكره أعدت للمعاملة وجبت في قيمتها الزكاة ولا يعتبر وزنها اتفاقا والفرق بين الزكاة والربا أن الربا فيها وقال ش ح إذا الربا اشد لأن البين عند الجميع والمطعومات عند ش والمكيالات عند ح ربويات وليست كلها زكوية مع أن مالكا لم يحرم وإنما كره الربا فيها
فروع خمسة
الأول ما زاد على النصاب أخذ منه بحسابه عند مالك و ش وابن حنبل وقال طاوس لا شيء فيه حتى يبلغ مائتين أخرى وقال ح لا شيء فيه حتى تصير الدراهم مائتين وأربعين والدنانير أربعة وعشرين محتجاً بما في أبي داود قال عليه السلام
عفوت لكم عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم ولأنه نصاب مزكي فيكون له وقص كالمائية والجواب عن الأول أنه معارض بما في أبي داود قال عليه السلام لعلي رضي الله عنه
إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا ) فإذا كان لك عشرون دينارا ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك وفي سنده وهن ولأن الاستدلال بما ذكرتموه انما هو من جهة مفهوم العدد وهو معارض بالمنطوق وهو أقوى منه اجماعا بما في قوله عليه السلام
في الرقة ربع العشر وعن الثاني الفرق بان التجزئة في المواشي عشرة بخلاف النقدين والمعارضة بالقياس على الحبوب وهو اولى من القياس على المواشي لاجل تيسير التجزيء وعدم اختلاف النصاب فائدة الرقة بكسر الراء وفتح القاف وتخفيفها الدراهم المسكوكة لا يقال في غيرها والورق المسكوك وغيره قاله في التنبيهات الثاني لو كانت المائتان ناقصة تجوز بجواز الوازنة قال الأبهري ومعنى النقصان أن تكون في ميزان دون آخر فان نقصت في الجميع فلا زكاة وقال عبد الوهاب بل فيها الزكاة اذا تسامح الناس بذلك وعليه جمهور الأصحاب وقال محمد
ان نقصت كل دينار ثلاث حبات وهي تغتفر وجبت الزكاة وفي الموطأ كتب عمر بن عبد العزيز الى عامله بمصر أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يريدون من التجارة من كل اربعين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى تبلغ عشرين دينارا فان نقصت ثلث دينار فلا تأخذ منها شيئا قال صاحب تهذيب الطالب قال عبد الملك اذا جازت بجواز الوازنة وجبت الزكاة كان النقص ما كان بحصول المقصود هذا في المسكوكة واما غيرها فقال عبد المالك اذا نقص غير المسكوك درهما من المائتين او ثلث دينار لم تجب الزكاة قال وتعارض الموازين كتعارض البينتين والخبرين والقياسين والمثبت أولى من النافي قال صاحب المقدمات قال ابن حبيب تجب الزكاة في مائتي درهم بوزن زماننا ويزكي اهل كل بلد بوزنهم وان كان اقل من الكيل قال وهو بعيد جدا وقال ابن حبيب بقول مالك وقال ش و ح اذا نقص النصاب حبة لا تجب الزكاة ورواه صاحب الجواهر عن مالك الثالث اذا كان النقد مغشوشا يسيرا جدا كالدانق في العشرة فلا حكم له والا فالمعتبر بما فيه حق النقد قل او كثر وقاله ش وابن حنبل وقال الحنفي وابن النجار منا الحكم للأغلب وظواهر النصوص تمنع الاعتداد بغير النقدين الرابع في الكتاب يضم الذهب الى الورق بالأجزاء لا بالقيمة ويخرج من كل صنف ربع عشره وقاله ح و ش وابن حنبل وقال هما جنسان لا يمتع التفاضل بينهما فيمتنع الضم كالابل مع البقر والفرق أنهما رؤوس الأموال وقيم المتلفات والواجب في الجميع ربع العشر بخلاف غيرها وقال ح يكمل النصاب بالورق أوالقيمة لحصول المقصود وجوابه لو ملك عشرة قيمتها مائتا درهم لم تجب الزكاة اجماعا واما الإخراج من كل صنف فلأنه اعدل للفقراء والأغنياء مع علة الاختلاف بخلاف الحبوب لما عظم الخلاف فيها اعتبر الوسط عدلا بين الفريقين فائدة هندسية فقهية يعلم بها النقد المغشوش هل هو مغشوش أم لا وإن كان مغشوشا فما مقدار غشه وهل الغش من النقد الزكوي فيضم بعد العلم بمقداره او من غيره فيطرح من غير حما بالنار ولا برد بالمبرد ولا حك بالميلق بل يعلم ذلك والذهب والفضة على حاليهما من سكة أو صياغة او ترصيع فصوص مع بقائه على منحته وهي فائدة يحتاجها الفقهاء والقضاة في أموال الأيتام والملوك وأرباب الأموال النفيسة وهي من عجائب المعقولات مما تعب الأقدمون التعب الكثير حتى فتح الله عليهم بها وصورة ذلك أن يتخذ ميزانا تتحرك علاقة كفته من طرف العمود الى وسطه ويعمل على طرف العمود علامة متقاربة متناسبة البعد محررة التساوي ثم تأخذ ذهبا أو فضة خالصين وتسوى زنتهما في الهواء ولتكن كفتا الميزان من جسم يغوص في الماء متساويتي الزنة والمساحة ثم نزلهما في مائع متساوي الأجزاء سهل الحركة كالماء الصافي ونحوه فيحصل في كفة الذهب من الماء أكثر مما في كفة الفضة ليتلزز الذهب فتحرك علاقة كفته على العمود حتى يساوي الفضة في الماء كما ساواها في الهواء وتحفظ عدد تلك العلامات التي قطعتها علاقة كفته ولتكن ستة مثلا فيعلم ان ذلك فضل الذهب الخالص على الفضة الخالصة ونفرض ان الجرم الممتحن ذهب فتزنه بفضة خالصة في الهواء ثم تضعها في الماء فترجح كفة الممتحن لتلزز الذهب فتسوي بينهما في الماء بتحريك العلاقة على الرد فان قطعت العلاقة تلك العلامات الست فهو خالص لا غش فيه وان حصلت المساواة دون ذلك ولتكن حصلت بالحركة على أربع فقط فقد بقي الثلث فثلثه فضة وعلى هذه النسبة أو يعمل جرمين متساويي العظم أحدهما ذهب خالص والآخر فضة خالصة وتحرر وزنهما ولتكن الفضة أربعة والذهب خمسة ويعمل جرما آخر مساويا عظمه لعظم الممتحن فضة خالصة ولتعرف وزنه ولتكن سبعة ووزن الممتحن ثمانية بزيادة الممتحن واحد ونسبته الى السبعة نسبة السبع ونسبة الواحد في الذهب الخالص الى الفضة الخالصة نسبة الربع ففي الممتحن من الغش بقدر ما بين الربع والسبع فلو كان الممتحن ثمانية ونصفا وربعا حتى يكون لزائد مثل ربع الفضة التي تقابله كان خالصا فان عسر علينا وجود فضة متساوية للمختلط عملنا جرمين من شمع أو غيره أحدهما مساو عظمه لعظم المختلظ والآخر يساوي عظمه عظم فضة مساوية للمختلطة أعددناها ثم تعرف زنة الشمعين فان كانت نسبة زنة شمع الممتحن اليه كنسبة زنة شمع الفضة إليها فالممتحن فضة خالصة وان كان ذهبا فاجعل مكان الفضة ذهبا فإن عسر اتخاذ جرم يساوي عظمه عظم المختلط فتزنه بصنج في الهواء في ميزان محكم ثم تزيله من الميزان وتملأ كفتيه بالماء ثم تضع الممتحن في الكفة فيطلع بعض الماء وترجح الكفة فتقابله بالصنج في الكفة الأخرى فتكون هذه الصنج أكثر من صنج الهواء إن كان جوهرها أخف من جوهر الذهب لأن الخالص حينئذ من الماء معها أقل ومع الممتحن أكثر فإن كانت أثقل من جوهر الذهب كانت اقل من صنج الهواء أو مساوية له كانت مساوية لصنج الهواء ثم تحفظ نسبة ما بين الهواء والماء من زيادة الصنج وقلتها وتفعل مثل ذلك بجسم خالص من الذهب إن كان الممتحن ذهبا أو فضة ان كانت فضة فان استوت النسبتان فهو خالص أو اختلفتا فهو مغشوش بقدر الاختلاف وبهذه الطريق يمتحن سائر المعادن الخامس حلي التجارة المفصل بالياقوت ونحوه يزكى عليه غير المدير وزنه كل عام والحجارة بعد البيع والمدير يقوم الحجارة في شهر زكاته ويزكي وزن الحلي وفي المقدمات إن كان مربوطا بالحجارة ربط صياغة روي ابن القاسم لا تأثير للربط فإن كان الذهب تبعا للحجارة ووزنه زكى الذهب تحريا كل عام وإذا باع زكى ما ينوب الحجارة بعد حول من يوم البيع وان اشتراه للتجارة وهو مدير قوم الحجارة وزكى وزنه تحريا وهو ظاهر المدونة وقال التونسي تقوم الصياغة وان كان محتكرا زكى الذهب كل عام تحريا وثمن الحجارة بعد البيع لعام واحد فعلى ظاهر المدونة يفض الثمن على الحلي مصوغا وقيمة الحجارة وعلى قول التونسي لا يحتاج الى الفض بل يسقط عدد ما زكى تحريا ويزكي الباقي وفي الجواهر اذا لم يمكن النزع فهل يعطي كل نوع حكمه بالتحري أو يغلب الحجارة فيكون الجميع عرضا أو يكون الحكم للأكثر القسم الثاني من النقدين ما يكون قيما في المتاجر والتاجر إما أن يباشر بنفسه أو بغيره والمباشر بنفسه إما أن ينتظر حوالة الأسواق وهو المحتكر أولا وهو المدير والمباشر لغيره هو المقارض فهذه ثلاث حالات الحاله الأولى المحتكر فتجب الزكاه عليه عند مالك والأئمة لقوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ( التوبة : 103 ) وفي ابي داود
كان عليه السلام يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع وفي هذه الحالة
فروع ستة
الأول قال سند فإن اشترى بعض كان للتجارة ولم تخل نيته فعليه الزكاة اذا باع فان اشترى بعرض مقتنى تنزل المشتري منزلة اصله ولا تؤثر فيه نية التجارة تغليبا للأصل قاله مالك خلافا للأئمة ولأنه لم يملكه بعين زكاته ولا ما تضمنها فهو كالهبه والميراث والغنيمة اذا نوى بها التجارة فلا زكاة عند الجميع ولأن زكاة القيم تابعة لزكاة العين ولا عين فلا زكاة فان اشتراه لعين بناه علي حولها فان لم يبعه بعد حول العين قال مالك لا يزكي حتى يبيع خلافا ل ( ش ) و ( ح ) وخيراه بين إخراج ربع عشر قيمته لنا أن وجود العين في يده معتبر في الابتداء فكذلك في الانتهاء فان زكى قبل البيع لم تجزه عند ابن القاسم لعدم الوجوب خلافا لأشهب لأنه يرى الوجوب متحققا وانما ترتب الاخراج على البيع وهو مذهبه في الدين الثاني في الكتاب اذا استهلك عرض التجارة فأخذ قيمة بناها علي حوله كالثمن لأنه ثمن بالعقد والقيمة ثمن بالشرع ولأن القيمة قائمة مقام المقوم ولذلك سميت قيمة فإن أخذ بالقيمة سلعة للتجارة فهي للتجارة أو للقنية فهي للقنية لا تزكى بعد البيع قال سند إذا أخذ من المتعدي عروضا فلا زكاة ولو حال عليها الحول قبل التعدي وكذلك لو باع بثمن فلم يقبضه حتى أخذ عنه عرضا لعدم وجود العين الثالث في الكتاب اذا باع سلعة للتجارة بعد الحول فإنه يزكي حينئذ بعد القبض فان أخذ في المائة ثوبا فباعه بعشرة فلا يزكي إلا أن يكون عنده ما يكمل به النصاب أو يبيع بنصاب لأن القيم أمور متوهمة وانما يحققها البيع الرابع قال ابن القاسم في الكتاب اذا ابتاع عبدا للتجارة فكاتبه فعجز أو ارتجع من مفلس سلعته او أخذ من غريمه عبدا في دينه أو دارا فأجرها سنين رجع جميع ذلك لحكم اصله من التجارة فإن ما كان للتجارة لا يبطل الا بنية القنية والعبد المأخوذ يتنزل منزلة أصله قال سند فلو ابتاع الدار أو غيرها بقصد الغلة ففي استئناف الحول بعد البيع لمالك روايتان وأجاز ابن القاسم الاستئناف ولو ابتاعها للتجارة والسكنى فلمالك قولان مراعاة لقصد الثمنية بالغلة والتجارة وتغليبا لنية القنية علي نية الثمنية لأنها الأصل في العروض فان اشترى ولا نية له فهي للقنية لأنه الأصل فيها قاعدة كل ما له ظاهر فهو منصرف لظاهره الا عند قيام المعارض الراجح وكل ما ليس له ظاهر لا يترجح الا بمرجح ولذلك انصرفت العقود الى النقود الغالبة لأنها ظاهرة فيها وإلى تصرف الإنسان لنفسه دون مواليه لأنه الغالب عليه والى الحل دون الحرمة لأنه ظاهر حال المسلم والى المنفعة المقصودة من العين عرفا لأنه ظاهر فيها ولا يحتاج الى التصريح بها واحتاجت العبادات الى النيات لتردد ما بينها وبين العادات وترددها بين مراتبها من الفرض والنفل وغيره والكائنات الى المميزات لترددها بين المقاصد وهي قاعدة يتخرج عليها كثير من أبواب الفقه الخامس في الكتاب اذا اكتري أرضا فابتاع طعاما فزرعه فيها للتجارة اخرج زكاته يوم حصاده ان كان خمسة أوسق ثم ابتدأ حولا وقومه بعده ان كان مديرا وله عين سواه وإلا زكاة بعد البيع بعد حول فان باع قبله انتظر الحول ان كان نصابا لأنه لا يزكى مال في حول مرتين فإن زرعها بطعامه او كانت له فزرعها للتجارة زكاة يوم حصاده ان كان خمسة أو سق فان باعه فالثمن فائدة والفرق انه متولد عن الارض والبذر كتولد السخال عن الماشية فلما كان احدهما ليس للتجارة سقط حكمها تغليبا للأصل في القنية وفي الجواهر وقيل في حكم الزرع انه للأرض كما غلبت الأم في لحوق الولد في الزنا على الأب وقيل للبذر والعمل نظرا للكثرة وقال عبد الحميد يفض على الثلاثة فما ناب ما للتجارة زكى ولو كان مال التجارة ماشية وجبت زكاة العين دون التجارة قال سند وأسقط اشهب الزكاة في وجهي الزراعة لأن التجارة انما تكون بالبيع والشراء غالبا بل هذا كمبتاع الغنم للبنها والعبد لغلته وعند ابن القاسم لو كان مديرا وحل شهره والزرع بقل قومه بقلا وان حل بعد تعلق زكاة الزرع به لا يقومه ولا تبنه لأنه تابع للحب قبل الانفصال والمال لا يزكى في عام مرتين وكذلك لو اشترى غنما فزكاها زكاة الماشية فلا يزكى ثمنها الا بعد حول من حينئذ فإن حل حوله بعد زكاة الحب زكى ناضه وعروضه وتبن الحب ولا يزكى الحب الا بعد حول من يوم زكاته وكذلك ثمنه ان باعه السادس في الكتاب من اشترى عرضا للتجارة ثم نوى القنية سقطت الزكاة وقال ( ش ) و ( ح ) وفي الجلاب لو اشترى عرضا للقنية فنوى به التجارة لا يكون للتجارة بل يستقبل حولا بعد البيع وقاله مالك والأئمة والفرق من وجهين الأول أن الأصل في العروض القنية فيرجع الى اصلها بالنية ولا يخرج عنه كما لا يرجع المقيم مسافرا لأن الأصل الاقامة حتى ينضاف اليها فعل الخروج ويصير مقيما بها لسلامتها عن معارضة الأصل الثاني أن حقيقة القنية الامساك وقد وجد حقيقة البيع للربح ولم يوجد وقال اشعب لا تبطل التجارة بالنية فإن الفعل السابق وهو الشراء للتجاره أقوى من النية فانه مقصد وهي وسيلة والمقاصد مقدمة على الوسائل الحالة الثانية الادارة كالخياط والزيات ومن ينقل القماش الى البلاد فيجعل لنفسه شهرا يقوم فيه عروض التجارة فيزكي قيمتها مع عينه ودينه الا ما لا يرتجيه منه فكذلك لو تأخر بيعها وقبض دينه عاما آخر والفرق بينه وبين المحتكر أن ضبط حول كل سلعة مع تكرر ذلك مع مرور الأيام عسر فان ألزمناه بذلك اضررنا به او اسقطنا الزكاة اضررنا بالفقراء فكانت المصلحة الجامعة كما ذكرناه وسوى ش وح بينهما وقال سند ومبدأ الحول اليوم الذي يزكى فيه المال قبل إدارته او يوم افادته ان كانت الادارة قبل تزكيته فيبني على حول اصله فان اختلطت احواله جرى على اختلاف اصحابنا في ضم الفوائد اذا اختلطت احوالها فإن لم يكن له ناض أو له لكنه اقل من الجزء الواجب عليه قال مالك يبيع العرض لأن الزكاة انما تجب في القيم فلو اخرج العرض لكان كإخراج القيمة وهو المشهور وقال ايضا ش وح يخير بين البيع واخراج الثمن وبين اخراج العرض لأن الزكاة مرتبطة بالعروض من جهة انها مملوكة وهي الكائنة في الحول والقيم متوهمة لم توجد ومرتبطة بالقيم لانها النصاب وهي السبب الشرعي فخير لذلك وقال ابن نافع لا يزكي حتى ينض عشرون دينارا بعد حول فيزكيها ثم يزكي بعد ذلك ما قل ولا يقوم لأن الزكاة انما تتعلق بالثمن بشرط النضوض وروي ابن القاسم في مدير لا يقوم بل متى نض له شيء زكاه ما صنع الا خيرا وما أعرفه من عمل الناس قال ابن القاسم والتقويم احب الي واذا قلنا بالتقويم فيقوم ما يباع بالذهب بالذهب وما يباع غالبا بالفضة بالفضة لأنه قيمة الاستهلاك فان كانت تباع بهما واستويا بالنسبة الى الزكاة يخير والاضمن قال الاصل في الزكاة الفضة قوم بها وان قلنا انهما اصلان فقال ( ح ) وابن حنبل يعتبر الافضل للمساكين لأن التقويم لحقهم وقوله في الكتاب يقوم دينه محمول على دين المعاملة أما دين القرض فقال ابن حبيب حتى يقبضه فيزكيه لعام واحد لأن القرض مصروف عن الإدارة كعرض ادخره للكسوة أو القنية والدين على المعسر لا يحسب ولا يقوم عند مالك والأئمة وقال ابن حبيب يقومه لأنه ممكن البيع فان كان على ملئ وعليه بينه مرضية زكاة وان كان مؤجلا على موسر فلا يزكيه عند ابن القاسم والأئمة لتعذر المطالبة به فأشبه المعسر وعند ابن الماجشون يقومه لا مكان بيعه واذا كان له مال غائب لايعلم خبره قال ملك لا يزكيه حتى يعلم خبره فيزكيه للسنين الماضية لأنه اولى بالسقوط من الدين على المعسر لتعذر بيعه بخلاف دين المعسر وفي الجواهر المعتبر في الدين الحال عدده ان كان عينا أوالقيمة ان كان عرضا أو مؤجلا واختلف المتأخرون في تقويم دينه من الطعام نظرا لكونه بيع الطعام قبل قبضه ام لا
فروع ثمانية
الأول في الكتاب يقوم نخل التجارة وقاله ابن حبيب ( ح ) خلافا ( ش ) دون تمرها لأن التمرة زكاة الخرص ولأنها كخراج الدابة والعين قال سند ان كانت النخيل مثمرة واشترط ثمرتها وقد طابت فزكاتها من البائع وان كانت لم تطب وكانت يوم التقويم لا تبلغ خمسة أوسق قومت مع الرقاب وان بلغت فيحتمل الا تقوم لأنها آئلة الى الزكاة في عينها وظاهر قول أصبغ التقويم وان طابت يوم التقويم وبلغت الزكاة زكى عينها ولا تقوم وكذلك قال في الكتاب لا يقوم المدير غنمه وان ابتاعها للتجارة ولترك رقابها كل عام وقال الأئمة الواجب فيها زكاة التجارة قياسا على الحمير لنا ان زكاة العين أقوى لتعلقها بالعين دون القيمة ولأنه يجب باجماع ويستغنى عن النية وتؤكد ظواهر النصوص بالوجوب في الماشية فان كانت دون النصاب قال مالك يقومها الا ان تكون للقنية لتقدم تعلق الزكاة بعينها وان زكى عينها ثم باعها فحول ثمنها من يوم زكاة عينها كالزرع اذا باعه بعد تعشيره وينقطع عن حول إدارته لأن الحول شرط وان زكى قيمتها ثم نتجت فصار نصابا لم يزكها الساعي الا الى حول من يوم زكاة القيمة ليلا يزكى المال في الحول مرتين وان كانت نصابا فلم يتم حولها حتى باعها قال ابن القاسم في الكتاب تسقط عنه زكاة الماشية ويزكي ثمنها لعدم مزاحمة زكاة العين في الكتاب لو زكى النقد ثم اشترى به غنما بعد اشهر استقبل الحول من يوم اشتراها وفي الجلاب رواية في بنائه على حول العين الثاني قال سند ان كان يشتري ما يصبغه ثم يبيعه قوم معه ماله عين مقصوده كالصبغ بخلاف غير المقصود كخيط الحرير يخيط به او يطرز به وفي الجواهر فيه خلاف لأن المقصود الصنعة دون الخيط وكالصابون يغسل به ولا تقوم آلات صنعته لأنها لم تتخذ للبيع الثالث قال سند ولا يقوم كتابة مكاتبه عند ابن القاسم لأنها فائدة خارجة عن الإدارة وعند ابن حبيب يحسب الأقل من قيمة الرقبة أو الكتابة الرابع في الجواهر إذا بار عرضه قومه خلافا لعبد الملك لأنه قال يبطل حكم الإدارة ولم يحد لذلك حدا وحده سحنون بعامين الخامس في الكتاب اذا نض له وسط السنة او في طرفها ولو درهم واحد قوم عروضة لتمامها والا فلا فان نض له بعد ذلك شيء قوم وكان حوله من يومئذ والغى الوقت الأول لأن سبب وجوب الزكاة العين فاذا فقدت سقط حق الفقراء قال ابن يونس وقال اشهب لا يقوم حتى يمضي له حول من يوم باع بذلك العين لأنه من يومئذ دخل في حال المدير وقال ابن حبيب اذا لم ينض له شيء قوم لأن التقويم لأجل القيمة فلا حاجة الى العين لقيام القيمة مقامها قال سند وقال اشهب لا يزكي حتى حتى ينض عشرين دينارا او ما يكملها بما عنده من عين بيع او اقتضاء لأن العين لما كانت معتبرة كان النصاب معتبرا فتكون القيمة تبعا له وكل هذه الفروع اذا ابتدأ التجارة بالعين فلو ورث عرضا او وهب له او كانت عنده للقنية فأدارها فلا يزكي عند ابن القاسم وان نض له لأنها لا تتعلق بها زكاة في الحكرة فلا يتعلق بها في الادارة فيجب ان يعزل ما يبتاعه مما ينض له فيكون ادارة دون الاول وان نض له شيء فابتاع به سلعة نظر إلى قيمتها بعد حول من يوم الابتياع فان كان نصابا والا ضم ما ابتاعه ثانيا اليه حتى يحصل النصاب فان لم يحصل فلا شيء عليه وان حصل روعي نضوض العين بعد ذلك على الخلاف وان بيع بدين اعتبر بعد قبضه ما ابتاع به وعلى قول عبد الملك يكون مديرا من يوم باع لأنه سلك بالدين مسلك التجارة وسوى في الكتاب بين نضوض وسط الحول وآخره وقال عبد الوهاب لا بد منه آخر الحول لأنه زمن الوجوب والنضوض شرط في كل عام السادس قال سند اختلاط احوال المدير كاختلاط احوال الفوائد ولو أدار أحد عشر شهرا ثم ترك قال ابن القاسم لا يزكي دينه حنى يقبضه ولا عرضه حتى يبيعه لعدم الوجوب بعد الحول السابع قال لو كان بعض ماله مدارا أو بعض غير مدار وهما متساوينا فلكل مال حكمه والا قال ابن القاسم ان ادار الاكثر زكى الجميع أو الأقل زكاه وانتظر بالآخر حوله لأن زكاة الادارة أقوى من الحكر لإخراجها من الدين والعرض وبادنى نضوض بخلاف الحكرة فتكون متبوعة لا تابعة وقال عبد الملك الاقل تابعا مطلقا لأنه المعهود في الشرع وقال اصبغ بعدم التبعية مطلقا الثامن قال لو طرأ له مال فائدة فخلطها بمال الادارة في اثناء الحول زكى كل واحد على حوله وقال اصبغ ان بقي من الحول يسير ألغي الحالة الثالثة المقارضة وهي مأخوذة من القرض الذي هو القطع كأن رب المال اقتطع ماله عن العامل وفي الجواهر اذا كان العامل ورب المال كل منهما مخاطب بوجوب الزكاة منفردا فيها ينوبه وجبت عليهما وان لم يكن فيهما مخاطب لكونهما عبدين او ذميين او لقصور المال وربحه عن النصاب وليس لربه غيره سقطت عنهما وان كان احدهما مخاطبا فقط قال ابن القاسم متى سقطت عن احداهما سقطت عن العامل في الربح وروي اشهب الاعتبار برب المال لأنه يزكي ملكه فاذا خوطب وجبت في حصة العامل وان لم يكن اهلا وفي كتاب محمد ابن المواز يعتبر حال العامل في نفسه فان كان اهلا بالنصاب وغيره زكى والا فلا وفي الكتاب اذا اقتسما قبل الحول يزكي رب المال لتمام حوله ولا يزكي العامل الا بعد حول من يوم القسمة وحصول النصاب في الربح ولو كان على رب المال دين أو هو عبد أو على العامل دين يغترق ربحه لم يزد العامل وان حصل له نصاب قال صاحب المقدمات لابن القاسم في الحول قولان احداهما يعتبر في رأس المال وحصة ربه دون عمل العامل والثاني يضاف الى ذلك الحول من يوم أخذه العامل وله في النصاب ثلاثة أقوال احدها يشترط في نصاب رب المال بربحه ويزكيان كان للعامل نصاب أم لا والثاني يعتبر في رأس المال وجميع الربح والثالث يعتبر في رأس المال وحصة ربه ويعتبر في حصة العامل ايضا فان كانا نصابين زكى العامل والا فلا يجري على غير قياس بل ينبغي لما اشترط في التزكية اسلامهما وحريتهما وبراءتهما من الدين ان اشترط مرور الحول عليهما وملكهما النصاب قاعدة متى كان الفرع يختص بأصل اجري عليه من غير خلاف ومتى دار بين اصلين واصول يقع الخلاف فيه لتغليب بعض العلماء بعض تلك الأصول أو تغليب غيره اصلا آخر كما اختلف العلماء فيما يجب في قتل ام الولد لترددها بين الأرقاء لاباحة وطئها والأحرار لامتناع بيعها والتولية من المكاتب لتردده بين الأحرار لإحرازه نفسه وماله وبين الرقيق لعدم الوفاء ونظائره كثيرة في الشرع وعامل القراض دائر بين أن يكون شريكا بعمله ورب المال بما له لتساويهما في زيادة الربح ونقصه كالشريكين ولعدم تعلق ما يستحقه العامل بالذمة وبين أن يكون أجيرا لاختصاص رب المال بغرم رأس المال ولأنه معاوضة على عمل وهو شأن الإجازة ومقتضى الشركة ان يملك بالظهور ومقتضى الإجازه الا يملك الا بالقسمة فاجتماع هذه الشوائب سبب الخلاف فمن غلب الشركة كمل الشروط في حق كل واحد منهما ومن غلب الإجازة جعل المال وربحه لربه فلا يعتبر العامل اصلا وابن القاسم صعب عليه اطراح احدهما فاعتبر وجها فمن هذه ووجها من هذا قال سند قال ابن المواز إسقاطها عن العامل بالدن استحسان لأنه إنما يملك بالمقاسمة والزكاة وجبت قبله فلا يضر رقه ولا دينه ومذهب الكتاب مبني على انه يملك بالظهور وهو الصحيح لنفوذ عتقة اذا ربح إلا انه فيه شائبتان ويلزم من يقول بالمقاسمة أن لا يحاسب العامل بالزكاة وجوابه ان الربح رقابة على المال ومصرف كلفة ومنها الزكاة وقد قال بعض الشافعية ان الزكاة بجملتها تخرج من الربح لهذا المعنى فرعان الأول في الكتاب يجوز اشتراط زكاة الربح على العامل ورب المال ولا يجوز اشتراط زكاة المال على العامل ويجوز في المساقاة على العامل ورب الأصل لأن اشتراط زكاة الربح يرجع الى ان العامل الربع مثلا لاربع عشره وذلك معلوم واشتراط زكاة المال قد تستغرق نصيبه من الربح فهو زيادة غرر في القراض فلا يجوز واما المساقاة فالمزكى هو الثمرة وهي بمنزلة الربح في القراض وفي الجواهر قيل لا يجوز اشتراط حصة العامل على رب المال لاحتمال ان لا يخرج ربحه فلا يتوجه وروي لا يجوز اشتراط زكاة الربح على واحد مهما واذا فرعنا على المشهور وتفاصلا قبل حول أو كان المال لا زكاة فيه فلا يشترط ربع عشر الربح مع حصته كما لو اشترط لأجنبي نصف الربح فأبى من اخذه فهو لمشترطه قال سند فلو ربح في المال أربعين دينارا وتعاملا على النصف والزكاة على العامل فلرب المال دينار من الأربعين ثم نصف الباقي فيحصل له عشرون ونصف وعلى قول الغير يكون لرب المال عشرون وللعامل تسعة عشر ويقتسمان الدينار فيأخذ رب المال عشرين جزءا من تسعة وثلاثين وهو مبنى على ان العامل يملك بالظهور وان الدينار على ملكيهما نشأ والأول على ملكه بالمقاسمة الثاني في الكتاب لا يزكي العامل وان أقام احوالا حتى يقتسما قال سند وذلك اذا كان العامل مسافرا لأن رب المال لا يدري ما حال ماله والعامل كالأجير فان تم حوله قبل سفر العامل وهو عين لم يشغله قال سحنون يزكيه ربه وان اشغل منه شيئا فلا يزكيه حتى يقبضه وان كان معه في البلد وهو مدير قوم لتمام حوله على سنة الإدارة وان كان محتكرا ورب المال مديرا قال ابن القاسم يقومه مع حصة ربحه دون حصة العامل لأن المال نفسه لم تجب فيه زكاة الا بطريق العرض وحصة العامل انما تجب فيها تبعا للوجوب في الأصل فان كان المال غائبا وأمره بالتزكية زكاه وحسبت الزكاة من رأس ماله قال اشهب اذا لم يظهر ربح على الفور فإنه لا يملك الا بالمقاسمة اما اذا قلنا بالظهور تسقط الزكاة فان لم يأذن له وأخذه السلطان قال اشهب يجزئه ويحتسب من رأس المال على الخلاف ولا يختلف في منع العامل من اخراج الزكاة ويختلف في حصته من الربح على الخلاف في زمن ملكه ومذهب الكتاب يزكي لسائر الأعوام لان المال ينمى وقال مرة لعام واحد لأنه عاجز عن رد العامل فأشبه الدين ولو اقتسما ورب المال مدير والعامل غير مدير لم تكن على العامل زكاة حصته إلا لعام واحد وفي الجواهر اذا اتفقا في الادارة ففي تقويمه عند الحول خلاف وفي اخراجه الزكاة بعد التقويم من المال أو مال رب المال خلاف وان كان مخالفا لرب المال في الادارة اشار ابن محرز الى إجزائه على الخلاف فيمن له مالان مدار وغير مدار واذا قلنا يزكي لعام واحد فالمعتبر حالة الانفصال ان استوى مقداره في جميع السنين أو كان الماضي اكثر فان كان انقص زكى في كل سنة ما كان فيها فان اختلف بالزيادة والنقص زكى الناقصة وما قبلها على حكمها وزكى الزائدة على حكمها والناقصة قبلها على حكمها مثل ان يكون في الأول مائتين وفي الثاني مائة وفي الثالث ثلاثمائة فيزكى عن مائتين في العامين الأولين وعن ثلاث مائة في العام الثالث قال اللخمي هذا كله في العين ويزكي العامل قبل رجوعه الماشية والثمار والزرع وزكاة فطر الرقيق ومن اي شيء تحسب زكاة الماشية والزرع ثلاثة اقوال في الكتاب من رأس المال وقال في غيره يلغي كالنفقة والثالث يجري فيه ان ربحت كان على العامل بقدر ربحه واما الرقيق فالثلاثة المتقدمة والرابع ما في الكتاب يخرجه رب المال من عين المال ولم يختلف المذهب في نض زكاة العين على المال والربح فان بيعت الغنم بربح فضت عليه وعلى رأس المال كالنفقة او بغير ربح وأيما حصل بعد ذلك كانت على رب المال وحط قدرها من رأس المال ولا يلغى ليلا يكون على العامل وحده وكذلك الزرع والرقيق يراعى الربح في اثمانهم بعد البيع أو معه قال صاحب النكت يسقط رب المال قيمة الشاة من رأس المال ويكون رأس المال ما بقي ولا يجوز له ان يدفعها من ماله دون مال القراض لأنه زيادة قراض بعد الشغل فان لم يفسخ ذلك حتى نض المال كان للعامل في مقدار قيمة الشاة ما ينوبه في ربح القراض القسم الثالث من النقدين ما يكون ديونا في الذمة فان صاحب المقدمات وهو اربعة اقسام من فائدة ومن غصب ومن قرض ومن تجارة والأول اربعة اقسام الأول الميراث والهبة وأرش الجناية ومهر المرأة فلا زكاة فيه حالا أو مؤجلا وان ترك قبضه فرارا الا بعد حول بعد قبضه والثاني من عرض أفاده فهو مثل الأول وقال عبد الملك ان باعه مؤجلا فقبضه بعد حول زكاه حينئذ وان أخره فرارا يتخرج على قولين تزكيته لماضي السنين ويستقبل به حولا بعد القبض والثالث عن العرض المشترى للقنية بناض كان عنده ان كان مؤجلا فقبضه بعد حول زكاه حينئذ وان ترك قبضه فرارا زكى لماضي الأعوام والرابع دين الإجارة إن قبضة بعد استيفاء المنفعة كان كالقسم الثاني أو قبل الاستيفاء وهو مثلا ستون دينارا عن ثلاث سنين ثلاثة اقوال أحدها الذي يأتي على قول ابن القاسم في المدونة في مسألة هبة الدين أن يزكي بعد حول عشرين والثاني يزكي تسعة وثلاثين ونصفا قاله ابن المواز والثالث لا يزكي الا عشرين بعد عامين لأنه في السنة الثانية ملك اربعين عليه عشرون دينارا قال صاحب تهذيب الطالب يحتمل ان يكون موضع الخلاف دارا ويحتمل سقوطها في تلك المدة ولم تبلغ الى حد الغرر المانع من الاجارة ولو شهدت العادة ببقائها اكثر من العقد لم يختلف فيها ويحتمل ان يكون الخلاف في حال لا في حكم بان يكون قول ابن القاسم في دار تخشى وقول سحنون حيث لا تخشى واما الغصب فثلاثة اقوال المشهور يزكيه زكاة واحدة كالقرض والثاني يستقبل حولا كالفائدة وقيل لسائر الأعوام الماضية واما القرض فلعام واحد بعد القبض لحصوله عنده في طرفي الحول وقياسا على عروض التجارة ولأن الزكاة لا تجب الا في معين والدين في الذمة غير معين فلا يجب وقال ( ح ) ان كان على مليء زكاة بعد القبض لكل عام وان كان على معسر فلا شيء عليه وقال ( ش ) إن كان معترفا ظاهرا وباطنا باذلاله زكاة لكل عام قبل القبض كالمودع وان اعترف باطنا فقط اخرجها بعد القبض والجاحد مطلقا لهم فيه قولان كالمغصوب والمؤجل والضائع ودين التجارة كعروض التجارة في حكم الادارة والحكرة فروع ثلاثة الأول في الكتاب من حال الحول على ماله فأقرضه قبل زكاته ثم قبضه بعد سنين زكاه لعامين ومن له دين من قرض أو بيع فلا يزكيه حتى يقبض منه نصابا ثم يزكي بعد ذلك قليل ما يقتضيه وكثيره أنفق الذي زكى أو أبقى لأنه اذا قبض دون النصاب لعله لا يقبض غيره فلا تجب الزكاة عليه لان المدين بصدد الإفلاس والإعسار ويكون المقبوض بعد ذلك تبعا كعروض التجارة اذا باع منها بنصاب زكاه ويزكي بعد ذلك ما ينتفع به تبعا ولو كان معه نصاب لم يتم حوله فاقتضى من دينه اقل من نصاب لم يزكهما حتى يتم حول الأول فيزكيهما لأن الحول في الأول شرط والنصاب في الثاني شرط ولم يوجدا قبل قال سند فلو تلف ما اقتضاه قبل حول الأول زكى الأول اذا تم حوله دون التالف أو المنفق لأنهما لم يجتمعا في الوجوب بخلاف اذا لم يكن معه الأول واقتضى من دينه عشرة بعد حوله فأنفقها ثم اقتضى عشرة اخرى فإنه يزكي الأولى والآخرة عند ابن القاسم والفرق أن الدين مال واحد تتعلق به الزكاة بالحول فهو كالتمر اذا أزهى بحسب ما أكل منه بعد ذلك وقيل لا يزكي المنفقة لأنه أنفقها قبل الوجوب كما لو أنفقها قبل الحول قال ابو الطاهر اذا قبض عشرة ثم عشرة فالمشهور حول الجميع من قبل الثانية والشاذ من الأول ويتخرج عليه الخلاف في ضياع الأولى أو انفاقها والانفاق اولى بالوجوب لكونه مختارا كالقرض بعد الحول ومنشأ الخلاف هل وجبت الزكاة قبل القبض وانما التوقف الإخراج ولا يجب الا بالقبض وفي الكتاب لو زكى الأولى بعد الحول قبل قبض الدين زكى ما يقبضه من قليل أوكثير تلف الأول أو بقى لتمام الحول لهما وهما كالمال الواحد في النصاب والحول فهو كمن اقتضى نصابا من دينه فزكاه فانه يزكي بعد ذلك ما يقتضيه من قليل وكثير بخلاف ما اقتضاه قبل حول الأول لاختلافهما في كمال الحول وكذلك قال في الكتاب لو تلف الأول قبل الحول لم يزك ما يقبض حتى يبلغ نصابا لحصول التباين وكذلك قال لو أفاد مائة فأقرض منها خمسين أو ابتاع بها سلعة فباعها مؤجلة وبقيت بقيتها حولا فزكاها ثم أنفقها أو أبقاها فليزك قليل ما يقتضي وكثيره ولو تلفت النفقة بعد الحول أو أنفقها فلا شيء فيما يقتضى حتى يكون نصابا أو عنده ما يكمله به وقد حال عليه الحول ولم يزكه ولو زكاه لم يضم وزكى ما اقتضى وان كان دون دون النصاب ولو بقي من الأول دون النصاب فأنفقه بعد الحول أو أبقاه فاذا اقتضى تمام النصاب زكاه ثم يزكي قليل ما يقتضي وكثيره ولو انفقه واقتضى شيئا من دينه قبل الحول لم يضفه بعد الحول ولا يزكي حتى يقتضي نصابا لافتراقهما بسبب الحول فلا يعتبر احدهما في الآخر تفريع قال سند فلو اقتضى من دينه دينارا بعد الحول ليس له غير فاتجر فيه فبلغ نصابا زكاه على المذهب في ضم الربح الى الأصل ثم يزكي ما يقتضي وان قل ولو اقتضى من دينه قبل بلوغ الأول نصابا والجميع نصابا زكاه الا ان يكون ابتاع به سلعة فلا يضمه للثاني حتى ينض ثمنها وفي الجواهر لو لم يكن لرب المال غير الدين فاقتضى منه دينارا ثم آخر فاشترى بالأول ثم بالثاني فباع سلعة الأول بعشرين والثانية كذلك زكى عن احد وعشرين إن كان شراه بالثاني بعد بيع سلعة الأول حتى يجتمعان وان كان قبل زكي الأربعين لحصول سبب الربح قبل وجوب الزكاة ولو اشترى بالثانية ثم بالأول قبل البيع زكى الأربعين على المشهور وقال ابو الطاهر وعند أشهب اذا أكمل النصاب بالثاني بقي الأول على حوله وان كان دون النصاب ينبغي الا يزكي الا احدا وعشرين لأن الغيب كشف أنه شراه بالأول بعد وجوب الزكاة فيه وان كان شراؤه بالأول بعد بيعه لما اشتراه بالثاني زكى عن احد وعشرين قال مالك وحول ما يقتضيه بعد النصاب من يوم يقبضه لانه يوم وجوب الزكاة فلو كثر ما يقتضيه وصعب ضبطه قال مالك يضيف ما شاء منه لما قبله وكذلك اذا باع عرضه شيئا بعد شيء ويضم الفوائد اذا اختلطت الى أواخرها لتباين احوالها ولا زكاة قبل الحول وروي عنه التسوية لأنه الأصلح للفقراء الثاني قال ابن القاسم في الكتاب لا يجزئه التطوع بزكاة الدين قبل قبضه ولا العرض قبل بيعه لعدم شرط الوجوب قال سند قال أشهب بالإجزاء لأن الوجوب عنده ثبت وانما بقي التمكن وقد تمكن وقال مرة يجزئه في الدين دون العرض فإن الزكاة في ثمن العرض وهو مختلف بالأسواق فلا يستقر فيه وجوب حتى يباع والدين متعين الثالث قال سند من أودع مالا فأسلفه المودع ثم طلبه ربه بعد سنين فاحاله على المستقرض زكاة لعام واحد وفي الجواهر يمكن أن يزكي نصابا ثلاثة في حول بأن يكون لرجل دين وعليه مثله لثالث والمديانان مليان ولكل واحد منهما عرض يفي بما عليه فأحال الوسط مطالبة على مديانه فقبضه بعد حول فالزكاة على الطرفين ويختلف في الوسط
النظر الثاني في شروط الوجوب
وهي ثلاثة الأول الحول ويسمى حولا لأن الأحوال تحول فيه كما يسمى سنة لتسنه الأشياء فيه والتسنه التغير وسمي عاما لأن الشمس عامت فيه حتى قطعت جملة الفلك ولذلك قال الله تعالى ( وكل في فلك يسبحون ) ( يس : 36 ) واصل شرطيته ما في ابي داود ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول وشرطية مختصة بالنقد والماشية بخلاف الزرع لقوله تعالى ( وآتوا حقه يوم حصاده ) ( الأنعام : 6 ) والفرق ان الزرع حصل نماؤه يوم حصاده ولا يحصل فيهما بمجرد حصولهما في الملك ويستثنى من النقدين المعدن والركاز لعلل تأتي ان شاء الله وفيه بحثان البحث الأول في الأرباح وهو كل عسر زكاته تقدم في الأصل زكوى في الاول احترازا من لبن الماشية الثالث احترازا من علة المفتنات وفيه فروع خمسة الأول في الكتاب حول ربح المال حول أصله كان الأصل نصابا أم لا ووافق ( ح ) ان كان الأصل نصابا ومنع ( ش ) مطلقا لنا قول عمر رضي الله عنه للساعي عليهم السخلة يحملها الراعي لا تأخذها والربح كالسخال وفي الجواهر يقدر الربح عند ابن القاسم موجودا يوم الشراء بالمال حتى يضاف اليه ما في يده وعند أشهب يوم حصوله وعند المغيره يوم ملك اصل المال وعليه تتخرج مسألة الكتاب اذا حال الحول على عشرة فأنفق منها خمسة واشترى بخمسة سلعة فباعها بخمسة عشر قال ابن القاسم تجب الزكاة ان تقدم الشراء على الإنفاق وإلا فلا وأسقطها اشهب مطلقا وأوجبها المغيرة مطلقا قال سند واذا قلنا يزكي الجميع على قول المغيرة فلو أسلف خمسة بعد الحول واشترى بالباقي سلعة وباعها بخمسة عشر لينتظر قبض السلف عند ابن القاسم واشهب لتكميله النصاب وقال ابن حبيب لا ينتظر لأنه لو أتلفها زكى فكيف ينتظر فعلى قولها لو أنفق الخمسة عشر ثم اقتضى قاعدة متى يثبت الشرع حكما حالة عدم سببه أو شرطه فان امكن تقديرهما معه فهو أقرب من اثباته والا عد مستثنى عن تلك القاعدة كما أثبت الشرع الميراث في دية الخطأ وهو مشروط بتقدم ملك الموروث قرر العلماء الملك قبل الموت ليصح التوريث ولما صححنا عتق الإنسان عبده عن غيره وأثبتنا الولاء للمعتق عنه احتجنا لتقدير تقدم مثل ملكه للمعتق عنه قبل العتق لأنه سبب الإجزاء عن الكفاره وثبوت الولاء وذلك كثير في الأسباب والشروط والموانع فيعبر العلماء عن هذه القاعدة باعطاء المعدوم حكم الموجود والموجود حكم المعدوم وها هنا لما ألحق الشرع السخال والفوائد بالأصول مع اشتراط الحول ولا حول حالة وجودها احتجنا لتقديرها في اول الحول محافظة على الشروط ولما كان الشراء سبب الربح قدره ابن القاسم لملازمة المسبب سببه وعند اشهب يوم الحصول ليلا يجمع بين التقديرين والتقدير على خلاف الأصل والمغيرة يلاحظ سببيه الأصل فيقدر عنده قال سند وروي عن مالك استقلال الربح بحوله وهذا اذا تقدم ملك اصل المال في يده اما لو اشترى سلعة بمائة وليس له مال فباعها بمائة وثلاثين بعد الحول فروى ابن وهب يستقبل بالربح لعدم تقدم ملك عليه وروى أشهب يزكيه الآن لأن الدين مستند الى دنانير في الذمة والمعينة ملكه اجماعا الثاني قال لو اشترى سلعة بمائة دينار فباع السلعة بمائة وثلاثين روى ابن القاسم يزكي الربح على المائة التي بيده اذا حال عليها الحول لأن الشراء كان متعلقا بالتي بيده لو طالبه البائع نقدها فكانت اصلا كما لو نقدها وروى اشهب يأتنف حولا به لعدم تعين المائة القضاء ولو شاء باع السلعة وقضى من ثمنها واذا قلنا لا فروى اشهب يبتدئ الحول من يوم النضوض الثالث قال لو تسلف مائة دينار فربح فيها بعد الحول عشرين ففي تزكية العشرين خلاف ولو تسلف فاتجر فيه حولا روى ابن القاسم يؤدي ما تسلف ويزكي الربح واليه رجع مالك الرابع في الكتاب من باع عشر دنانير بمائة درهم بعد الحول او ثلاثين ضأنية قبل مجي الساعي بعد الحول بأربعين معزي غير حلوب او عشرين جاموسة بثلاثين من البقر أو أربعة من البخت بخمسين من العراب زكى وقال ( ش ) لو استبدل ذهبا بذهب او فضة بفضة استأنف الحول لاشتراط الحول في كل عين ولاختلاف اجناسها في البيع لنا ان الغرض متحد والواجب فيها واحد فيكون البدل كربح الأصول حولها واحد واما البيع فباب مكايسة وهذا باب معروف قال سند ويتخرج فيه الخلاف الذي في ضم الأرباع الخامس في الكتاب اذا اشترى بالعشرين سلعة بعد الحول قبل التزكية فباعها بعد حول بأربعين زكى للحول الأول عشرين وللثاني تسعة وثلاثين ونصف دينار يزكي الأربعين وان باع قبل حول زكى العشرين فقط حتى يكمل الحول يزكى قال سند واذا ألحقنا الربح بالفائدة زكى في السنة الثانية عن عشرين فيجب دينار للحولين ويزكي الربح في الحول الثالث واذا فرعنا على المشهور فلابن القاسم قول انه لا يجعل دين الزكاة في العروض بل في المال الذي في يده ولا يحتسبه في غيره مع وحول له لتعلقها به كتعلق الدين بالرهن والجناية بالجاني من الرقيق البحث الثاني في الفوائد وهي الأموال المتجددة عن غير اصل ساق مزكى فالأول احتراز من الأرباح والثاني احتراز من حالة المقتناة فيه فروع احد عشر الأول في الكتاب اذا أفاد دون النصاب ثم أفاد قبل حوله نصابا او ما يكون مع الأول نصابا بنفسه أو بربحه فالحول من يوم افادة الثاني لأن اعتبار الحول فرع ملك النصاب وان كان الأول نصابا والثاني كذلك أو دونه فكل مال يزكى على حوله ما دام في جملتها نصاب فان نقصت عنه كانت كفائدة لا زكاة فيها فإن أفاد ما يتمها نصابا استقبل الحول من يوم الثالث وقال ( ح ) يضم الثاني الى الأول اذا كان الأول نصابا لما في الموطأ ان معاوية رضي الله عنه كان يأخذ من أعطيات الناس الزكاة مع اموالهم وقياسا على الأرباح ونسل الماشية والجواب عن الأول المعارضة بعمل الخلفاء قبله وبأدلة اعتبار الحول وعن الثاني الفرق ان الأرباح والنسل فرعان عن اصل فأعطيا حكمه في الحول بخلاف الفوائد وفي الجواهر اذا أفاد فائدتين مجموعهما نصاب ضم الأولى الى الثانية وقيل يزكيهما لحول الثانية اول عام ثم يبقي كل فائدة على حولها ولو كانت الأولى نصابا لا يضمها للثانية لنقصان جزء الزكاة بل تبقى على حولها وقيل يضمها ولو أفاد عشرة ثم عشرة فأنفق الأولى أو ضاعت لم يزك الثانية عند تمام الحول عند ابن القاسم لعدم النصاب خلافا لأشهب ويضم ما دون النصاب من الماشية الى الأولى اذا كانت نصابا بخلاف العين والفرق أن العين موكلة الى أمانة عين أربابها فيرتبونها على أحوالها والمواشي للسعاة فيعسر عليهم الخروج في كل وقت وقيل لأن أوقاص العين مزكاة بخلاف الماشية فالمضموم لا عبرة به في الماشية في كثير من الصور قال ويتخرج على الفرق من لا سعاة لهم وقال ابن عبد الحكم بالتسوية بين العين والماشية قال صاحب النكت قال بعض القرويين كمن ليس لهم سعاة يضمون الثانية الى الأولى لاحتمال تولية السعادة عليهم الثاني وفي الكتاب ولو رجعت بقية أحدهما أو كليهما نصابا بالمتجر رجع كل مال الى حوله قال سند معناه ان يتجر بعد حول الأول وقبل حول الثاني يزكي الأول وربحه حينئذ وانتقل حوله لذلك الوقت فان كان تحري في الثاني زكى الأول واذا جاء حول الأول ومعه منهما نصاب زكى الثاني وربحه ولو خلطهما عند حول الأول فعادا نصابا قبل حول الثاني فض الربح على قدر المالين وزكى الأول وحصته من الربح ولو زكى الأول عند حوله ونقص الجميع عند حول الثاني عن النصاب ثم اتجر بأحدهما فصار الجميع نصابا فان اتجر ما بين الحولين زكى الثاني على نحو ما مر ولا يزكي الأول لأنه زكاة في سنته ولم يحل له حول وان اتجر بعد حول الأول من السنة الأخرى فقد اختلط حول المالين ورجعا مالا واحدا في الزكاة خلطهما أم لا اتجر بأحدهما أو بهما أو لا فإن ربح في أحدهما ولم يدر ما هو ففي كتاب ابن سحنون يزكي على حول آخرهما ليلا يزكي الأول قبل حولهما وهو يخرج على الخلاف في اختلاط أحوال الفوائد وقال بعض الشراح وكلام الكتاب فيه عجرفة ويظهر أن معناه ما في كتاب محمد والذي في كتاب محمد قال ابن القاسم من أفاد عشرة ثم عشرة ضم الأولى إلى الثانية فان صارت الأولى نصابا لمتجر قبل حول الثانية زكاها ويزكي الثانية بحولها وان قلت فان كان يزكي الفائدتين كل واحدة لحولها ثم رجعا دون النصاب ثم صارت الأولى نصابا بالمتجر قبل ان يجمعهما حول زكاهما حينئذ وينتقل حولهما الى ذلك الوقت ثم إذا حل حول الثانية زكاها إن كان فيها وفي الأولى نصاب الثالث في الكتاب لا يزكي الكتابة والميراث والهبة الا بعد حول بعد القبض ولو قبضها بعد احوال فلا شيء فيها للأحوال قبل القبض وأوجبها ( ش ) في الدين مطلقا كان فائدة لأصل أو لا أصل له وقال دين المبايعة يقبل الفسخ بخلاف هذه فيجب فيها بطريق الأولى وخصص ذلك ( ح ) بدن المعارضة بمال أو غيره كالمهر والخلع والصلح لنا أنها ديون لم تثبت عليها يد ولم تتعين وحيث اجمعنا على الزكاة ففي معين وفي اليد وهذه بخلافه فلا تجب بخلاف ما وجب عن مال فان الأصل كان متعينا وفي اليد والمقبوض بدله فينزل منزلته قال سند فلو ورث عرضا فلا زكاة فيه ولو قصد به التجارة وكذلك لو باعه فأقام ثمنه سنين بعد حول بعد القبض وان ورث حليا يجوز اتخاذه فنوى قنيته فلا زكاة وان نوى التجارة زكى وزنه قاله في الكتاب من يوم قبضه لتعلق الزكاة بعينه وان ورث ثمرة قبل طيبها فالزكاة عليه ويعتبر النصاب في نصيبه والا فلا زكاة على الميت ويعتبر النصاب من جملة الورثة الرابع في الكتاب تستقبل المرأة بمهرها حولا بعد القبض عينا أو ماشية مضمونة اما العين من الماشية والنخل فتزكيها أتى الحول عندها أو عند الزوج لأن ضمانها منها وقاله الأئمة الخامس في الكتاب اذا تأخر ثمن الشركة عند الحاكم ليقسم فلا يزكي الا بعد حول من يوم القبض ولو بعث الوارث رسوله بأجر أو بغير أجر فالحول من قبض رسوله وفي الجواهر في تنزيل قبض وكيله منزلة قبضه خلاف وكذلك يحسب الحول من يوم قبض الوصي على الاصاغر لأن يد الوكيل يد الموكل والوصي وكيل الأب فلو كانوا صغارا أو كبارا فحول الصغار من يوم القسمة لأنه يومئذ عند ما لهم وحول الكبار من يوم القبض لأن قبض الوصي لا يكون قبضا لهم وما لهم من باب مال الضمان وهو كل مال اصل ملكه متحقق والوصول اليه ممتنع كالضائع والمغصوب والضال مأخوذ من التغير الضامر الذي لا ينتفع به لشدة الهزال وقال ( ح ) لا زكاة في جميع ذلك وقال ( ش ) وابن حنبل يزكي لماضي السنين وراعى مالك حصول المال في اليد في طرفي الحول لأن كمال الملك انما يحصل باليد ومع عدمها يشبه الانسان الفقير فلا زكاة قال سند وروي عن مالك في الموروث وما يتبعه السلطان يقبض بعد سنين يزكى لعام واحد قياسا على الدين ولو وضع الامام الموروث تحت يد عدل ثم قبضه الوارث فظاهر الكتاب الاستيناف في الحول بعد القبض لعدم التمكن من التصرف قبل ذلك وقال مطرف يزكي لماضي السنين وان لم يعلم به لأن قبض السلطان للغائب والصغير كقبضه وقال ايضا ان لم يعلم به استأنف وان علم ولم يستطيع التخلص اليه زكاه لعام واحد وان استطاع فلماضي السنين ولو حبس الوكيل المال عنه سنين باذنه وهو مفوض اليه زكاه لكل عام وان كان غائبا عنه وروى ابن القاسم عن مالك لا يزكيه الا لعام واحد وقال أصبغ لكل عام ولو تصدق على غائب بمال وغلة له سنين فان قلبه استأنف حولا قال ابن القاسم ولا يسقط عن الاول زكاة ما مضى لأن الملك انما انتقل عنه بالقبول وقيل يسقط لأن القبول مسند الى الإيجاب السادس قال سند لو بعث بمال يشتري به ثوبا لزوجته فحال حوله قبل الشراء قال ابن القاسم يزكيه السابع في الكتاب من ورث نصابا من ماشية او نخلا فأثمرت وذلك في يد وصي أو غيره يأخذ الساعي صدقتها كل عام علم الوارث ام لا بخلاف العين لأن الخطاب بالزكاة خطاب وضع لا خطاب تكليف ولذلك وجب في مال الأصاغر وخطاب الوضع معناه اعلموا أني قد وضعت النصاب سببا للزكاة فمتى وجدتموه بشروط فأخرجوا منه الزكاة والمقول له هذا هو المقول له في النقدين أربابها وفي الماشية والحرث الامام ونوابه فلا جرم لم يحتج لعلم المالك وانما خصص خطاب النقدين بأربابها لأنها امور خفية لا يتمكن الامام فيها ولأن الحرث والماشية ينميان بأنفسهما فلا حاجة الى يد تنمية بخلاف النقدين والفرق بين الماشية الغائبة والمغصوبه أن النماء في المغصوب للغاصب وضمانها منه والضامن كالمالك بخلاف الغائبة للوصي الثامن في الكتاب اذا أفاد عشرة فأقرضها ثم أفاد خمسين فحال حولها فزكاها ثم أنفقها فليزك ما اقتضى من العشرة لاجتماعها مع الخمسين في الحول وانما توقف على القبض الإخراج التاسع في الكتاب اذا أفاد نصابا ثم ما دونه فزكى الأول لحوله وأنفقه قبل حول الثاني لم يزك الثاني عند حوله الا ان يفيد معه أو قبله وبعد الأول ما يكمل النصاب وهو باق فان كان الجميع دون النصاب وأفاد رابعا يكمله زكى الجميع لحول الرابع لأن اعتبار الحول فرع النصاب وكذلك لو أقرض مائة ثم أفاد عشرة لم يزكها لحولها إذ لعله لا يقتضي الدين فان أنفق العشرة بعد حولها او أنفقها ثم اقتضى عشرة زكاها معها وجعل حولهما من حينئذ ثم يزكي ما اقتضى من قليل او كثير ويصير حول ما اقتضى من يوم يزكيه وقال سحنون الا أن يكثر ذلك عليه ويرد الاخير الى ما قبله العاشر في الجواهر لو باع المقتناه بنسيئة ففي ابتداء الحول من يوم القبض او البيع قولان الحادي عشر قال إذا اجتمعت فوائد واقتضاآت وقد اجتمعت الفوائد واصل الديون في مالك وحول فان استقل كل نوع بتمام النصاب لم يضف أحد النوعين الى الآخر الا أن يتفق حول الفوائد ووقت الاقتضاء فإن قصرت عنه منفردة وكملت مجتمعة اضيفت الفائدة الى ما بعدها من الاقتضاء تخفيفا للحول بخلاف تقديمها والاقتضاآت الى ما قبلها من صنفها لحلول الحول على اصل الدين وانما أخر الاخراج خشية الإعسار مثل ان يقتضي عشرة ثم عشرة فانه يزكي الثانية أنفق الأولى أو أبقاها وان استفاد عشرة ثم اقتضى عشرة فلا يضيف الفائدة الى الدين الا ان تبقى في يده حتى يحول حولها عند أشهب او يقتضي عند ابن القاسم على اختلافهما في المال اذا جمعه مالك دون حول ولو اجتمعت فوائد وديون ولو اضاف الفوائد الى ما بعدها لم يحصل نصاب وكذلك ان اضاف الدين الى ما قبله لكي يكمل باضافة الجميع ففي الزكاة قولان للمتأخرين كما لو اقتضى عشرة ثم استفاد عشرة ثم اقتضى خمسة بعد انفاق العشرة المقتضاة فمن اعتبر اضافة الخمسة الى العشرة المقتضاة واضافة ما قبلها من الفائدة اليها وعدها كالوسط أوجب الزكاة في الخمسة خاصة لأنها تزكى بالمالين قال ابو الطاهر إنما وقع الاختلاف فيها خاصة وسمعنا الوجوب في الجميع عند بعض الأشياخ وهو مقتضى التعليل السابق وهو كونها تزكى بالمالين وكذلك لو اقتضى عشرة ثم أفاد عشرة ثم اقتضى دينارا جرى الخلاف في الدينار والجميع ولو كان الاقتضاء عشرة وجب في الجميع لأنك كيفما أضفت على الاجتماع والانفراد وجبت وهو يشبه الخليط هل هو خليط ام لا الشرط الثاني التمكن من التنمية ويدل على اعتباره اسقاط الزكاة عن العقار والمقتناة فلو ان الغني كاف لوجبت فيهما ولما لم تجب دل على شرطية التمكن من النماء إما بنفس المالك أو بوكيله وفيه
فروع خمسة
الأول المغصوب مع الديون وقد تقدمت فيما يزكى من الدين الثاني اللقطة وفي الجواهر تزكى لعام واحد كالدين وقال المغيرة لكل عام لأن ضمانها منه والحاقا للضياع بالمرض والسجن المانعين من التنمية الثالث في الجواهر اذا دفنه فضاع زكاه لكل عام لتفريطه قال مالك وقيل لعام واحد كالدين وقيل ان دفنه في صحراء فلكل عام لتعريضه إياه للتلف بخلاف الموضع المحصور وعكسه ابن المواز وعده في الصحراء كالهالك وفي بيته كالقصر في الطلب الرابع قال الماشية المغصوبة تعاد بعد اعوام ففي الكتاب يزكيها لعام واحد وقال ابن القاسم ايضا لجملة الأعوام وما أخذه السعاة اجزأ عنه ولو ردت الماشية بعيب أو أخذها البائع بفلس المشتري أو لفساد العقد بعد اعوام ففي زكاتها على البائع او المشتري خلاف مبني على ان الرد في الصور الثلاث هل هو نقض للبيع من أصله أم من حينه وعليه يأتي بناء البائع على ما تقدم من الحول أو استئنافه وأما ما اشتراه من الماشية فحال حوله قبل قبضه زكاه الخامس في البيان والتحصيل المشهور تزكية الوديعة لكل عام وروي عن مالك لعام واحد لعدم التنمية الشرط الثالث قرار الملك قال سند اذا اكرى داره اربع سنين بمائة نقدا فمر به حول قال ابن القاسم يزكي ما يقابل ما سكنه الآخر وما يقابل قيمة الدار فان الأجرة دين عليه وقال ايضا يزكي الجميع وهو مبني على ان ملك عوض المنافع هل من يوم القبض أو من الاستيفاء فمقتضى عقد الإجازة استحقاق كل واحد منهما لما عقد عليه ومقتضى عدم تسليم المنفعة يزلزل الملك وقد تقدم كلام عبد الحق فيها في الديون ولا زكاة في الغنيمة قبل القسم على المشهور لعدم تحقق السبب الذي هو الملك النظر الثالث في الموانع وهي اربعة الأول الدين وفيه بحثان البحث الأول في الدين المسقط وهو مسقط عند مالك و ( ح ) وابن حنبل عن العين الحولي فيما يقابلها منها احترازا من الحرث والماشية والمعدن خلافا ل ( ش ) لنا قوله عليه السلام
إذا كان للرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه ولأن الزكاة انما تجب على الغني لما في الصحيحين فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة وفي رواية زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ولأن المديان تحل له الصدقة لقوله تعالى ( والغارمين ) والفرق بين النقد والحرث والماشية من ثلاثة أوجه الأول أن النقد موكول الى أمانة اربابه فيقبل قولهم في الديون كما يقبل قولهم في ماله بخلافهما ما لم يوكلا اليها لم يقبل قولهما في الدين تسوية بين الصورتين الثاني أنهما ينميان بانفسهما فكانت النعمة فيهما أتم فقوي ايجاب الزكاة شكرا للنعمة فلا يؤثر في سقوطها الدين بخلاف النقد الثالث ان النقد لا يتعين فالحقوق المتعلقة به متعلقة بالذمم والدين في الذمة فاتحد المحل فتدافع الحقان فرجع الدين لقوته بالمعاوضة والحرث والماشية يتعينان والديون في الذمم فلا منافاة واما المعدن فأشبهه بالحرث قال سند فلو كانت الماشية رهنا لم يكن للمرتهن منع التصدق لوجوب الزكاة في العين وحق المرتهن في الذمة او ماليتها فلو حضر الساعي وفلس ربها واختار البائع الغنم فللمصدق اخذ الزكاة منها فإن شاء البائع أخذ الباقي بجملة الثمن ولا فرق في الدين بين ان يكون مجلس الماشية ام لا وفي الكتاب قال ابن القاسم من عنده عبد وعليه عبد بصفته فليس عليه زكاة الفطر اذا لم يكن له مال قال سند وأشهب يوجبها وابن القاسم يرى انها زكاة مصروفة بأمانة اربابها فأشبه العين وأشهب يرى انها وجبت بسبب حيوان فأشبهت الماشية أو لأنها تخرج من الحب فأشبهت الحرث وفي المقدمات الدين عند ابن القاسم ثلاثة أقسام دين يسقطها وان كان له عروض تفي به وهو دين الزكاة وحال عليه حول كزكاة العام الأول في العام الثاني أم لا كما لو استفاد نصابا ثم في نصف حوله نصابا فتحول حول الأول فلا يزكيه حتى يتلف ثم يحول حول الثاني فلا تجب عليه زكاته لأجل الدين وقال أبو يوسف إن كانت العين التي وجبت فيها الزكاة قائمة منع حق زكاة العام الأول زكاة العام الثاني وان استهلكت لم يمنع وقال زفر لا يمنع مطلقا قياسا على الكفارة بجامع حق الله تعالى والفرق توجه المطالبة بدين الزكاة من جهة الآدميين بخلاف الكفارة وقسم يسقطها كان له حول أم لا إلا أن تكون له عروض تفي به وهو ما استدانه فيما بيده من مال الزكاة وقسم يسقطها إن لم يمر له حول من يوم استدانه كانت له عروض أم لا ويسقطها ان مرت به سنة من يوم استدانه الا ان يكون له عرض يفي به وهو ما استدانه فيما بيده من مال الزكاة كان الدين من مبايعة او سلف لعشرة فاتجر فيها مع عشرة له فان تسلفها في نصف حول الأول لم تجب الزكاة وان كان له عرض حتى يحول حول من يوم التسلف فان تسلقها في أول حول الأولى وجبت الزكاة ان كانت له عروض تفي بالدين وأشهب يسوي بين دين الزكاة وغيره وقيل الدين كله مسقط وان كانت له عروض لقول عثمان رضي الله عنه في الموطأ هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل اموالكم فتؤدون منها الزكاة قال سند فان لحقه الدين بعد الحول لم يسقطها قياسا على السلف والتلف وان كان قبل الامكان وهو معاوضة لم يسقطها لمقابلة عوضه له أو بغير معاوضة كالمهر والحمالة مما هو برضاه لم يسقطها وما هو بغير رضاه كالجناية يسقطها لعدم التهمة وقياسا على التلف حينئذ وجميع حقوق العباد يسقطها عينا أو عرضا حالة او مؤجلة وحقوق الله تعالى منها ما يطالب به كالزكاة فيسقطها وما لا يطالب به كالكفارة فلا يسقطها خلافا ل ( ش ) والفرق اجزاء الصوم فيها فلا تتعين المالية في جنسها فروع ثلاثة الأول في الكتاب قال ابن القاسم يسقطها مهر المرأة ونفقتها قضي بها أم لا لأنها تحاص الغرماء في الموت والفلس به بخلاف نفقة الولد والأبوين ولو قضى بها القاضي وحلت خلافا لأشهب في المقضي بها لأنها مواساة لا تجب الا مع اليسر ونفقه المرأة معاوضة قال سند قال ابن حبيب لا يسقطها المهر لأنه ليس شأن النساء المطالبة به إلا في موت او فراق قال فعلى قوله تجب الزكاة على المكاسين لأن مطالبة الناس لهم اندر من مطالبة النساء بالمهر وهي لا تجب عند ابن القاسم وأسقطها بنفقة الولد قياسا على الزوجة والفرق له أن الأصل نفقة الولد وعدم نفقة الوالد حتى تضر الحاجة وفي النكت قال بعض القرويين كلام ابن القاسم في الولد محمول على ما اذا أسقطت ثم حدثت اما اذا لم تتقدم بيسر فتسقط بنفقة الزكاة الثاني في الكتاب اذا وهب الدين المقدور على أخذه بعد أحوال فلا زكاة على الواهب ولا الموهوب له حتى يحول الحول بعد قبضه إلا ان يكون للموهوب عرض يقابله لنقصان ملكه بتسلط الغريم ونقصان تصرفه بامتناع التبرع فلا تجب الزكاة للقصور عن موضع الاجماع ولقوة الشبه بالفقراء وقال غيره يزكي الموهوب له كان له عرض أم لا لأن الدين متعلق بالذمة ولا يتعين له هذا المال والزكاة متعلقة بعين المال وقد زال المانع وتقرر الملك فيجب كما لو كان عرض وفي الجلاب اذا كان له دين بقدر عينه فأبرأه منه ربه بعد الحول ففي تزكيته في الحال أو يستقبل حولا روايتان عن ابن القاسم وكذلك ان وهب له عرض يساويه قال سند لو لم يره لكن أفاد بعد الحول ما يفي بالدين فقال ابن القاسم لا يزكي خلافا لأشهب ولو وهب لغير المديان قال ابن المواز يزكيه الواهب لان يد القابض كيده خلافا لأشهب ولو أحال بالدين غريمه بعد الحول قال ابن القاسم الزكاة على المحال والمحيل لأن قبض المحال كقبضه الثالث في الجلاب اذا اقترض نصابا فاتجر به حولا فربح نصابا زكى عن الفضل دون الأصل وقيل لا زكاة فيهما الا بعد حول على الربح تغليبا لحكم الأصل على الفرع المبحث الثاني فيما يقابل به الدين في الكتاب يجعل دينه في كل ما يباع عليه في دين الفلس وقال ( ح ) لا يجعل في غير النقدين وهو منقول عندنا في الجواهر لما في الموطأ أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يقول هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة ولو كان يجعل في العروض لقال اجعلوها في عبيدكم ودوركم ولم ينكر عليه احد فكان اجماعا فجوابنا أن مراده دفع الدين حتى يزكيه قابضه لقوله حتى تحصل أموالكم ولم يتعرض لما يقابل الدين ويؤكده أن الزكاة متعلقة بعين المال والدين بالذمة فلا يزاحمها الا اذا انسدت الطرق وتعين المال مصرفا للدين وقياسا على التبرعات ونفقات الأقارب فانها لا تمتنع حينئذ قال سند ومشهور مذهب ابن القاسم جعل دين الزكاة في العرض كسائر الديون وقال ايضا لا يجعل الا في المال الذي في يده لتعلق الزكاة به كالرهن والجناية والتسوية لمالك و ( ح ) و ( ش ) وفي الجواهر عن ابن القاسم في اشتراط ملك العرض الذي يجعل قبالة الدين من أول الحول أو يكفي آخر الحول روايتان فروع خمسة الأول في الكتاب يجعل دينه في قيمة رقبة مدبريه وقيمه كتابة مكاتبيه تقوم الكتابة بعرض ثم العرض بعين لأن المدبر انما ينظر في عتقه بعد الموت فيلحق بالوصية والهبة التي لم تقبض وفي الجلاب يجعل في قيمته خدمته لامتناع بيعه وجواز إجارته فالمتحقق المنفعة وقال سحنون في المجموعة لا تجعل في الرقاب ولا في الخدمة لأن الغريم لا يدفع عن النقد بها وفي الجواهر ان دبر بعد الدين جعل في رقبته بلا خلاف والخلاف في المعتق الى أجل واولى بالمنع ولا يجعل دينه في الآبق لامتناع بيعه وقال أشهب ان كان قريبا جعل وأما تقويم الكتابة بالعرض فحذرا من الربا اذا كانت بالنقدين وما لا يكون ثمنا شرعا لا يكون قيمة شرعا قال سند يجعل في قيمته مكاتبا لأنه المتحقق الآن وقال أصبغ في قيمة عبد لأن الأصل رقه والأصل عدم وفاء الكتابة وقياسا على الجناية ويجعل في قيمه خدمة المعتق الى اجل عند أشهب وفي قيمة رقبة المخدم على أنه يرجع بعد مدة الخدمة وعلى مذهب سحنون لا يقوم لامتناع بيعه في الدين على أنه يتأخر قبضه الى موت المخدم أو السنين الكثيرة المحدودة بخلاف القليلة وكذلك المستأجر وان كان غيره أخدمه عبدا جعل في قيمة الخدمة عند أشهب الثاني قال ابن القاسم في الكتاب يجعله في دينه المرتجي دون الميئوس والعبد الآبق قال سند الحال يحسب عدده والمؤجل على ظاهر الكتاب لأن المقصود انما هو اخذ حق الفقراء وقال ابن سحنون في قيمته لأنها المحققة الآن في البيع وقال ابن القاسم يقوم الدين الذي على المعسر بجعله في الكتاب كالضائع ورأى مرة إمكان البيع الثالث قال سند من له مائتان مختلفتي الحول وعليه مائة زكى مائة للحول الأول وجعل الدين في الأخرى فلا يزكيها عند حولها لتعلق الدين بها عند ابن القاسم وفي كتاب ابن حبيب اي مائة حل حولها زكاها وجعل الدين في الأخرى وهو أحوط الرابع قال صاحب النكت لو كان له مائة وعليه مائة لأجير لم يعمل له ما استأجر عليه جعل عمله سلعة يجعل فيها دينه الخامس في الكتاب اذا كان له مائة وعليه مائة وبيده مائة جعل ما عليه في التي له وزكى التي بيده قال اللخمي قال ابن القاسم ان كان على غير مليء حسبت قيمته والدينان إما حالان أو مؤجلان أو احدهما حال ولا يختلف في هذه الاقسام في جعل عدد ما عليه وإنما الخلاف في الذي له فتارة يحسب عدده وتارة قيمته وتارة لا يحسب شيئا أما الحال على الموسر فعدده كان الذي عليه حالا أو مؤجلا وأما المؤجل والذي عليه حال فجعله في قيمته وان كانا مؤجلين وتساوى الأجلان أو اجل دينه أو لا جعله في قيمته وان كان الذي يحل عليه قبل جعل عدد ما عليه في قيمة ماله وان كان على معسر لم يجعل في عدده ولا قيمته المانع الثاني في اتخاذ النقدين حليا لاستعمال مباح عند مالك و ( ش ) وابن حنبل خلافا ل ( ح ) محتجا بما في أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل النبي عليه السلام فرأى في يدي فتخات من ورق فقال ما هذا يا عائشة قالت صنعتهن أتزين لك قال تؤدين زكاتهن قالت لا قال هو ( حسبك من النار ) والفتخات خواتم كبار ولأن الحلي وغيره استويا في الربا فيستويان في الزكاة والجواب عن الأول منع الصحة قاله الترمذي ويؤكد هـ ما في الموطأ ان عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة وعن الثاني أن الربا متعلق بذات النقدين والزكاة متعلقة بوصفهما وهو كونهما معدين للنماء فليس المدرك واحدا حتى يستويا فروع أربعة الأول في الكتاب لا زكاة فيما يتخذه النساء من الحلي للكراء واللباس أو الرجل للباس أهله وخدمه ولا فيما كسر فحبس لإصلاحه قال ابن يونس يريد اذا كان الكسر قابلا للإصلاح فان احتاج للبسط فهو كالتبر يزكى قال مالك واذا نوي اصلاحه ليصدقه امرأة زكى ومنع أشهب وما اتخذه الرجل لامرأة يتزوجها او امة سيبتاعها فحال الحول قبل ذلك زكى عند ابن القاسم خلافا لأشهب لأن المانع لم يحصل وانما حصل قصده ولو اتخذته امرأة لابنة حدثت لها فلا زكاة لجواز استعمالها له بخلاف الرجل وان اتخذته عدة للدهر دون اللباس أو الكراء والعاربة زكته لأن المسقط التجمل ولو يوجد ولو اتخذته للباس ونوته للدهر فقيل لا تزكيه نظرا للانتفاع باللباس والأحسن الزكاة قال سند روي عن مالك الزكاة في حلي الكراء لأنه نوع من التنمية وقال ابن حبيب ما اتخذه الرجل من حلي النساء او من حلي الرجال للكراء زكى وكذلك ما اتخذه النساء من حلي الرجال للكراء لامتناع التجمل به على مالكه في الصورتين الثاني في الكتاب اذا ورثه الرجل فحبسه للبيع او لتوقع الحاجة دون اللباس زكاه قال سند قال أشهب لا يزكي فلو ورثه ولا نية له زكى عند مالك لوجود السبب ولم يتحقق المانع وأسقط أشهب مراعاة لصورة الحلي الثالث في الكتاب لا زكاة في حلية السيف والمصحف والخاتم قال سند يريد اذا كان للقنية لا للتجارة ولا خلاف في خاتم الفضة للرجال وحلية السيف بالفضة والمشهور جوازه بالذهب وكراهة تحلية غيره من السلاح لأن التجمل على العدو انما يحصل غالبا بالسيف وجوزه أشهب في الأسلحة والمنطقة قياسا على السيف ومنع في السرج واللجام والمهاميز لأنها لباس الدواب وجوزه ابن وهب و ( ح ) مطلقا لعموم الإرهاب في قلب العدو وفي الجواهر قال ابن شعبان يباح الذهب والفضة للباس النساء وشعورهن وأزرار جيوبهن وأقفال ثياببهن ويباح للرجال خاتم الفضة وتحلية السيف والمصحف بها وربط الأسنان والأنف بالذهب وأما الأواني وحلية المرايا والمكاحل وأقفال الصناديق والأسرة والدوي والمقالم فحرام من الذهب والفضة للرجال والنساء وأما تحلية الكعبة والمساجد بالقناديل بل والعلائق والصفائح على الأبواب والجدر من الذهب والورق قال سحنون يزكيه الامام لكل عام كالعين المحبسة وقال ابو الطاهر وحلية الحلي المحظور كالمعدومة والمباحة فيها ثلاثة أقوال تسقط وتزكى كالمسكوك والثاني انها كالعرض اذا بيعت وجبت الزكاة حينئذ ولا يكمل بها النصاب والثالث يتخرج على القول بان حلي الجواهر يجعل معه كالعين فيكمل بها النصاب ها هنا الرابع في الجواهر لا زكاة في حلي الصبيان لأن مالكا جوز لهم لبسه قال ابن شعبان فيه الزكاة المانع الثالث الرق لأن العبد عندنا يملك خلافا ل ( ش ) لكن تسلط السيد على انتزاع ما في يده مانع من الزكاة كالدين وفي الكتاب من فيه علقة رق لا زكاة عليه ولا على السيد عنه في شيء من الأموال وقاله الأئمة إلا ( ح ) في عشر أرض المكاتب والمأذون له لنا ما رواه ابن وهب عن ابن عمر رضي الله عنهما ليس على العبد ولا على المكاتب زكاة في ماله ولان الزكاة مواساة فلا تجب عليه كنفقة الأقارب وأولى بعدم الوجوب لوجهين الأول ان القريب أولى بالبر من الأجنبي الثاني أنها تجب لمن لا يملك نصابا ولان صورة النزاع قاصرة عن محل الاجماع فلا تلحق به والفرق بينه وبين المديان متصرف بالمعاوضة بغير اذن ولأنه سقطت عنه لحق نفسه ليلا تبقى ذمته مشغولة والعبد لحق غيره فهو أشد قال ويستأنف السيد الحول اذا انتزع لأن ملكه متجدد وفي تهذيب الطالب قال مالك اذا أسلم الكافر او اعتق العبد فماله فائدة كان عينا أو ماشية او زرعا الا ان يكون قبل طيب الزرع وانتهاء الثمرة فيزكيهما المانع الرابع توقع طريان المستحق ففي الجواهر اذا نوي الملتقط التملك في السنة الثانية ولم يتصرف استأنف الحول من يوم نوى ومنع ابن القاسم اذا لم يحركها توفية للملك الاول ببقاء العين النظر الرابع فيمن تجب عليه وفيه بحثان في الأموال المطلقة والأموال الموقوفة البحث الأول في الأموال المطلقة وتجب الزكاة في الأموال المطلقة على المال للنصاب عند حصول الشروط وانتفاء الموانع المتقدمة ويختلف في اشتراط الإسلام على الخلاف في مخاطبة الكفار في فروع الشريعة وان لم يختلف في كونه شرطا في الأداء وتجب الزكاة في أموال الصبيان والمجانين وان لم يتوجه الوجوب عليهم وقاله ( ش ) وابن حنبل خلافا ل ( ح ) في العين والماشية دون الحرث والفطر قاعدة خطاب الله تعالى قسمان خطاب تكليف متعلق بأفعال المكلفين ومن ألحق بهم تبعا كالصلاة والصيام وخطاب وضع يتعلق بنصب الأسباب والشروط والموانع فلا يتوقف على التكليف في محالها كالإتلاف سبب الضمان ودوران الحول منه شرط لوجوب الزكاة والجنون مانع من العبادة بل معناه قول الله تعالى إذا وقع هذا في الوجود فرتبوا عليه هذا الحكم وقد يقع معه التكليف كالزنى سبب الحد والطهارة شرط في الصلاة والاحرام مانع من الطيب والصيد فخطاب الزكاة عند ( ح ) من خطاب التكليف ليسقط عن الصبيان وعندنا خطاب وضع ويدل عيه ما في الترمذي قال عليه السلام
ألا من ولى يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة وفي إسناده ضعف وفي الموطا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتجروا بأموال اليتامى لا تأكلها الزكاة والقياس على نفقات القرابات وقيم المتلفات سؤال لو كان من خطاب الوضع لما اشترطت فيه النية وقد اشترطت جوابه أن خطاب الوضع قد يجتمع مع خطاب التكليف ويغلب التكليف كالنذرور والكفارات وقد يغلب خطاب الوضع ويكون التكليف تبعا وها هنا كذلك بديل اخذها من الممتنع منها مع عدم النية والنذور لا يقضى بها لغلبة العبادة عليها فرع في تهذيب الطالب قال ابن القاسم تزكي ماشية الأسير والمفقود وزرعهما دون ناضهما لاحتمال الدين البحث الثاني في الأموال الموقوفة والكلام في هذا الباب يتوقف على بيان الوقف هل ينقل الأملاك والمنافع فقط وتبقى الأعيان على ملك الواقفين ولو ماتوا فكما يكون لهم آخر الريع بعد الموت يكون لهم ملك الرقبة وهو المشهور وحكى بعض العلماء الاتفاق على سقوط الملك من الرقاب في المساجد وانه من باب اسقاط الملك كالعتق لنا وجهان الاول أن القاعدة مهما امكن البقاء على موافقة الأصل فعلنا والقول ببقاء الملك أقرب لموافقة الأصل فان الأصل بقاء الملك على ملك أربابها الثاني قوله عليه السلام لعمر رضي الله عنه
حبس الأصل وسبل الثمرة يدل على بقاء الاملاك والا لقال له سبلها ولا حاجة الى التفصيل تفريع في الجواهر ان كانت نباتا زكيت على ملك واقفها ولا يراعي حصص المستحقين للريع لأن ملكهم عليه انما يثبت بعد القسمة كالمساقاة للعامل وقيل إن تولاها غيره في التفريق وكان الآخرون يستحقون الزكاة فلا زكاة فيها لضعف الملك بعدم التصرف كمال العبد وان قلنا بالزكاة على المشهور أو لأنهم لا يستحقون اخذ الزكاة لا يعتبر النصاب في كل حصة اذا كان الوقف على معينين عند سحنون خلافا لابن المواز والخلاف مبني على ان ملكهم بالظهور فيشترط أو بالقسمة فلا يشترط قال أبو عمران وقول محمد خلاف ظاهر المدونه واما عين المعينين فيشترط لانهم لا يملكون الا بالوصول وفي المقدمات اختلف اذا كان الحبس على ولد فلان هل يلحقون بالمعينين ام لا والقولان قائمان من المدونه في الوصايا وفي الجواهر ان كان الوقف مواشي وقفت لتفرق اعيانها فمر الحول قبل التفريق فلا زكاة وقال ابن القاسم هن مثل الدنانير وقال أشهب ان كانت تفرق على مجهولين فلا زكاة فيها وان كانت على معينين فالزكاة على من بلغت حصته نصابا قال محمد وهذا احب إلينا والمدرك ها هنا ان يفرق الاعيان اعواض عن ملك المعطي فلا يزكيها على ملكه اذ لا مالك وغيره لم يحل الحول بعد القبض فتسقط للزكاة مطلقا أو يقال لما كان المنتقل اليه معينا قدر ملكه ثابتا من أول اغراض الملك وقد حال الحول من حينئذ فتجب الزكاة وإن وقفت لتفرق اولادها زكيت الاصول ويزكى نسلها عند ابن القاسم إذا كانت على مجهولين وبلغ نصابا وحال الحول من يوم الولادة وان كانت على معينين فلا زكاة على من لم يبلغ نصابا وأوجبها سحنون في المعينين والمجهولين تغليبا للملك الأول وان وقفت لتفرق غلتها من لبن وصوف على معينين أو غير معينين زكيت الأمهات والأولاد على ملك الواقف لعد مزاحمة غيره له في الملكية وحولهما واحد قال صاحب المقدمات في العين ثلاثة اقوال لا تجب فيها حتى تفرق على معينين أو غيرهم وهو معنى ما في المدونة لعدم تعين النقدين على المذهب ولا يجب إن كانت تفرق على غير معينين لعدم قبول الملك واعرض الواقف عن ملكه وإنما يجب في حصة كل واحد من المعينين وهو يتخرج على القول بأن في فائدة العين على الزكاة بعد الحول قبل القضاء ويجب في جملتها أن كانت تفرق على معينين تقوية للملك السابق وإن فرقت على معينين ففي حصة كل واحد منهم لأن المعين يقبل نقل الملك وهو مخرج أيضا على هذا من حيث الأجمال وإن فصلنا قلنا أن كانت تقسم على غير معينين فقيل يزكي جملتها على ملك المحبس وقيل لا يزكي لإعراضه عن ملكه وإن كانت تفرق على معينين فقيل لا زكاة وقيل يزكي على ملك المقسم عليهم إن بلغت حصة كل واحد منهم نصابا وأما الثمرة المتصدق بها أو الموهوبة لعام أو أعوام محصورة إن كانت على المساكين زكيت على ملك المعطى أن كانت جملتها نصابا أو إذا أضافه إلى ما في ملكه كان نصابا وأن كان على معينين فثلاثة أقوال يزكي على ملك الواهب تقوية لملكه في الرقاب كالمساقي لسحنون ولا يخرج الزكاة على قوله حتى يحلف أنه لم يرد تحمل الزكاة من ماله ويزكي على ملك الموهوب والمتصدق عليه والمعرى إن كانت حصته نصابا لأن الرقبة معهم كالعارية فنشأت الثمرة على أملاكهم والتفرقة بين الهبة والصدقة فيزكيان على ملك الآخذين وبين العارية فيزكي على مالك المعري قال عبد الحق وفي الموقوف على المساجد ونحوها خلاف بين المتأخرين والصواب أن لا زكاة لعدم توجه الأمر على الموقوف عليه وإن كان الموقوف علينا ليفرق فلا زكاة لخروجها من يد مالكها وبطلت قيمتها ويقبضها من صارت إليه وأن وقفت لتسلف زكيت بعد الحول النظر الخامس في الجزء الواجب وهو ربع العشر وفي الكتاب أن جمع النصاب من النقدين أخرج من كل صنف بحسابه لأنه اعدل للفقراء والأغنياء مع قلة الاختلاف بخلاف الحبوب لما عظم الاختلاف فيها اعتبر الوسط عدلا بين الفريقين قال ابن يونس له إخراج الذهب على الورق وبالعكس بالقيمة دون الورق وقاله ح خلافا ل ش لحصول المقصود وقال ابن حبيب ما لم تنقص قيمة الدينار من عشرة دراهم ليلا يبخس الفقراء من القيمة الشرعية وإن زادت صح وقال عبد الوهاب إنما يخرج على كل دينار عشرة دراهم وعن العشرة دينار نظرا إلى الأصل وقال سحنون إخراج الورق عن الذهب أصوب لأجل التفريق قال ابن المواز لا تخرج عن الفضة الردية قيمتها دراهم أقل من الوزن بل يخرج من عينها أو قيمتها ذهبا وكذلك القول في الذهب الرديء قال سند ومنع مالك من إخراج الحب والعرض في الكتاب وأجازه ابن حبيب إذ رآه أحسن للمساكين وفي الدار قطني قال معاذ لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم في الصدقة وهو أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة وقد تقدم أن الله تعالى لما أوجب الزكاة شكرا للنعمة على الأغنياء وسدا لخلة الفقراء أوجب الإخراج من أعيان الأموال ليلا تنكسر قلوب الفقراء باختصاص الأغنياء بأعيان الأموال وهو مدرك مالك وش وإنما عدل مالك عن ذلك لشدة قرب أحد النقدين من الآخر وفي الجواهر إذا خرج أحد النقدين على الآخر فعلى الصرف الأول عند الشيخ أبي بكر وعلى الحاضر عند ابن القاسم ويريد بالأول عشرة دينار قال أبو الطاهر لا يمكن من كسر الدينار السكوك للفقراء إذا وجب عليه بعضه فإن كان البعض له سكة تخصه أخرجه إن وجبت جملته وإن لم تجب ففي كسره قولان مع حصول الاتفاق على منع كسر الدينار لأن البعض ليس له حرمة الكل وإذا قلنا يزكى في قيمة بعض الكامل ففي إخراج قيمة السكة قولان عدم اللزوم لابن حبيب لأن السكة لا يكمل بها النصاب واللزوم لابن القابسي لأن المساكين كالشركاء قال سند وإذا زكى الآنية فله كسر جرة منها خلافا ل ش وله جزء دفع جزء الجميع شائعا وللإمام ما يراه من بيع أو غيره وفي الكتاب من وجبت عليه الزكاة فلم يخرجها واشترى بها خادما فماتت أو فرط حتى ضاع ضمن الزكاة وإن لم يفرط حتى ضاع أو بقي دون النصاب فلا زكاة عليه قال ابن يونس قال ابن الحضرمي و ش يخرج مما دون النصاب ربع عشره لأن الفقراء شركاء فيما بقي وقال ح لا يضمن إلا أن يكون الإمام طلب منه فامتنع ولا يأثم بالتأخير ولو طلبه المساكين لأن له أن يعطي لغيرهم فلا يأثم بمنعهم خلافا لنا والفرق عنده أن الإمام وكيل لجملة مصارف الزكاة من جهة الشرع في قبض الجزء والمشترك فيها أثم بالتأخير كوكيل الغريم في الدين والمسكين لم يتعين له الحق وليس وكيلا للجملة تمهيد
قوله ففيها ربع العشر ففيها خمسة دراهم ففيها شاة لفظة في تكون للظرفية نحو زيد في الدار وللسبب
كقوله في النفس المؤمنة مائة من الإبل أي بسبب قتلها تجب مائة من الإبل لاستحالة حلول الإبل في النفس المؤمنة فإن جعلناها في أحاديث الزكاة للظرفية كان نصيب الفقراء أجزاء في النصاب فيكونون شركاء ومقتضاه أن لا يتمكن الغني من الدفع من غير العين المزكاة وأن لا يضمن إلا بالتعدي وأن يخرج مما بقي ربع العشر وإن جعلناها للسببية لم يكونوا شركاء بل وجب لهم على الغني بسبب الملك مثل ربع عشرها ومقتضاه أن يتمكن الغني من الدفع من غير العين المزكاة ولا يخرج مما بقي دون النصاب شيئا لانتفاء المسبب قبل التمكن وأن يأثم بالتأخير مطلقا قبل التمكن لأن القاعدة ترتيب المسببات على أسبابها فيأثم بعدم الترتيب فهذا مثار خلاف العلماء قال ابن يونس قال مالك إن أخرجها قبل الحول فهلكت ضمن إلا أن يكون الإخراج في وقت الاجزاء لأن قبله لم يخرج الواجب عليه فهو باق ولو بعث بها حين وجبت لتفريق فسقطت أجزأت لأن الله تعالى وكل إليه قسم نصيب الفقراء وهلاك نصيب أحد الشريكين بعد القسم منه وإن فرعنا على السببية فقد وقع الاتفاق على البراءة لو هلك جملة المال بغير تفريط وهي فيه وكذلك إذا أفردت قال ابن القاسم أن وجدها بعد تلف ماله وعليه دين صرفت للفقراء ولو بعث بصدقة الماشية والحرث مع رسوله ضمن لأن شأنها مجيء الساعي أو المتصدق وروى ابن نافع عن مالك أنه إذا أخرج زكاة العين من صندوقه في ناحية بيته ضمنها حتى يخرجها من بيته قال أبو محمد يعني أذا كان شأنه دفعها إلى للإمام ولو كان هو يلي تفريقها لم يضمن والله أعلم
الباب الثاني في زكاة المعادن
والمعدن بكسر الدال من عدن بفتح الدال يعدن بكسرها عدونا إذا أقام ومنه جنة عدن أي جنات إقامة والمعدن يقيم الناس فيه صيفا وشتاء أو لطول مقام النقدين فيه ولا يسمى ركازا عندنا وعند الشافعية خلافا ل ح لنا ما في الصحاح
قال العجماء جبار والبئر جبار وفي رواية جرج العجما جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس ولم يقدر فيه الخمس ولأن الركاز من الركز والمعدن ثابت وليس بمركوز والنظر في جنسه وقده وموضعه وواجده والواجب فيه فهذه خمسة فصول الفصل الأول في جنسه قال سند ولا تجب الزكاة إلا في معدن الذهب والفضة عند مالك وش ولما أوجب ح في المعدن الخمس أوجبه في كل ما ينطبع كالحديد بخلاف ما لا ينطبع كالعقيق والكحل وهي نقض عليه واختلف قوله في الزئبق واعتبر ابن حنبل كل ما يخرج من المعدن لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ) البقرة 167 ونقص عليه بالطين الأحمر الفصل الثاني في قدره وفي الكتاب لا يزكى ما يخرج من المعدن حتى يكون عشرين دينارا أو مائتي درهم ثم يزكي بعد ذلك ما قل أو كثر من غير حول إلا أن ينقطع ذلك النيل ويأتنف شيئا آخر فيبدأ النصاب فاشترط النصاب مالك و ش وابن حنبل خلافا ل ح لنا القياس على النقدين في الزكاة وفي الجواهر يضم الذهب إلى الورق بالإجزاء في المعادن كالنقدين في الزكاة قاله ابن القاسم وقال القاضي أبو الوليد أما على القول بضم المعدنين فبين وأما على المنع في ذلك فيبعد لاستحالة اجتماعها في معدن واحد قال سند وإن كان بيده مال حال عليه الحول دون النصاب كمل به النصاب المعدني قاله عبد الوهاب لوجود السبب مستجمعا لما يوجب الزكاة وعلى قول أصبغ لا يضم عامل القراض ما بيده إذا كان دون النصاب بعد الحول إلى ما يزكيه من الربح لا يضم ها هنا ويستقبل بالجميع حولا لأن حكم الحول إنما يعتبر في النصاب لا فيما دونه لأنه لو كان معه نصاب حال عليه الحول ثم استخرج من المعدن دون النصاب لا يزكيه خلافا للشافعية وهو نقض على عبد الوهاب ولو استخرج دون النصاب وبعد مدة دون النصاب لا يضم عند الجميع ثم لا يخلو إما أن يتصل النيل وهو العرق الذي يتبع والعمل وهو التصفية أو ينقطعا معا أو يتصل أحدهما فإن اتصلا ضم بعضه إلى بعض وفاقا وإن انقطعا لا يضم أو تصل العمل وحده لا يضم أو النيل وحده وظاهر قول مالك أن الاعتبار بالنيل دون العمل وعند ش لو انقطع العمل بغير عذر استأنف إذا أعاد العمل وإن اتصل النيل لنا أن النيل هو المقصود دون العمل فإذا انقطع فلا زكاة كما لو انقطع سنة وإذا اتصل لم ينظر إلى قطع العمل كما لو أخر التصفية سنة وقد سلمه ش والفرق بينه وبين الزرع يستحصد بعضه قبل بعض أن الزكاة وجبت في جميعه عند بدو صلاحه وظهور الفرق مثل نبات الزرع واستخراجه مثل بدو الصلاح والتصفية مثل الحصاد فما لم يظهر نيل مثل ما لم يحصد ويزرع فإذا ظهر فهو كزرع بعد زرع لا يضم فائدة يقال النيل والنول والنوال والنائل وهو العطاء فإن أستخرج معادن معا فالمذهب عدم الضم وقاله سحنون خلافا لابن القاسم مشبها لها بالفدادين لأنه إذا لم يضم نيل إلى نيل فأولى معدن إلى معدن والفرق للمذهب أن إبان الزرع واحد والملك شامل لجميعه قبل وجوب الزكاة فيه والملك إنما يثبت في المعدن بالعمل ونظائره الفوائد لا تضم في الحال بل في الاستقبال قال صاحب المقدمات تضم المعادن بعضها إلى بعض وإذا عمل في أحدهما فأناله ثم في الثاني فأناله قبل انقطاع الأول ثم في الثالث فأناله قبل انقطاع الأول والثاني أضاف الجميع إن كثرت كالزرع ولو أناله الثاني قبل انقطاع الأول ثم انقطع الأول وبقي الثاني فأناله الثالث قبل انقطاع الثاني أضاف الثاني إلى الأول والثالث ولم يضف الأول إلى الثالث ولو أناله الأول واتصل ثم أناله الثاني وانقطع ثم عاد ولما انقطع أناله الثالث والأول على حاله أضاف الأول إلى الخارج من الثاني قبل انقطاعه وبعد انقطاعه أو إلى ما خرج له من الثالث ولا يضيف ما خرج له من الثاني قبل انقطاعه إلى ما خرج له بعد انقطاعه ولا ما خرج له من الثالث بعد انقطاع الثاني قال هذا كله قول ابن مسلمة وهو تفسير ما في الكتاب لأن المعادن كالأرضين قال سند فإن اشترك جماعة في عمل المعدن فحصل لهم نصاب قال ستحنون لا تجب الزكاة قياسا على الزرع وقال عبد الملك تجب قياسا على اشتراك العمل في القراض فإن العبرة بمن أقطع المعدن وهو واحد وينبني الخلاف أيضا على أنهم كالشركاء فلا تجب أو كالأجراء فلا يملكون إلا بالقسمة وقد وجبت قبل ذلك والفرع مبني على جواز الإجارة على المعدن بجزء منه قال صاحب المقدمات وأكثر الأصحاب على منعه وجوزه أصبغ قياسا على القراض بجامع الضرورة لتعذر بيع المعادن الفصل الثالث في واجده فإن كان مسلما حرا وجبت الزكاة وإن كان ذميا أو عبدا قال سحنون و ش لا زكاة قياسا على العين وقال عبد الملك و ح تجب قال الباجي لا يسقط الدين زكاة المعدن كالزرع الفصل الرابع في موضعه قال أبو الطااهر المعدن ثلاث أقسام في أرض غير مملوكة فللإمام ومملوكه لمالك غير معين فقيل كالأول لعدم تعيين المالك وقيل لمن أفتتح تلك الأرض أو لوارثه ومملوكة لمالك معين فثلاثة أقوال لمالكها للإمام التفرقه بين النقدين فيكون للإمام لأجل الزكاة وبين غيرها فللمالك وفي الكتاب ما ظهر منها في أرض العرب أو البربر أو للعنوة فللإمام إقطاعه وأخذ زكاته ظهر في الجاهلية وفي الإسلام وما ظهر في أرض الصلح فللأهلة دون الإمام قال سند اختصاص ما في الفيافي بالإمام هو المشهور والاقطاع هو جعل الانتفاع له به مدة معلومة أو مطلقة على غير التمليك لما في أبي داود أقطع الملح الذي بمأرب ثم نزعه قال ابن القاسم لا يباع للغرر ولا يورث وقال أشهب لا يباع ويورث كبئر الماشية وسبب تعيين ذلك للإمام خوفا من الفتنة عليه واجتماع السفهاء إليه وما كان في ملك واحد فللإمام عند ابن القاسم خلافا لجميع الأصحاب سواء كانت عنوة أو صلحا أو للعرب لأجل ما فيه من الزكاة ودرءا للفتنة وعند الأصحاب لرب المكان أن يعامل عليه وفيه الزكاة لأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها وأجزاءها وابن القاسم يمنع أنه من أجزاء الأرض بل من الأعيان المباحة كما البحيرة وما ظهر بفيافي الصلح ومواتها قال ابن القاسم هو لهم لأنهم لا يضايقون في أرضهم وقال ابن حبيب هو للإمام لأنه لم يقصد بعقد الصلح وعلى الأول إذا أسلموا بعد ذلك فعند ابن القاسم لا يستقر ملكهم عليه وحكمهم حكم المساجين خلافا لابن المواز الفصل الخامس في الواجب وفيه ربع العشر عندنا ويصرف في مصارف الزكاة لا في مصارف الفيء قاله في الكتاب ووافقه ش وابن حنبل وقال ح الخمس محتجا
بقوله وفي الركاز الخمس قيل له وما الركاز قال هو الذهب والفضة المخلوقان في الأرض يوم خلق الله السموات و الأرض ولأنه كان في أيدي المشركين فأزلناهم عنه فيجب فيه الخمس كالغنائم وإعراض الغانمين عنه لا يسقط حق الله تعالى والجواب عن الأول المعارضة بما تقدم من الحديث الصحيح وعن الثاني النقض بما إذا وجده في داره فقد قال فيه ربع العشر وفي الموطأ أنه أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يوخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة وهذا إجماع فائدة من التنبيهات القبلية بفتح القاف والباء بواحدة وكسر اللام والفرع بضم الفاء وحكي اسكان الراء قال غيره القبلية نسبة إلى ساحل البحر وفي الكتاب النذرة والتابة يوجد بغير عمل أو بعمل يسير فيها الخمس كالركاز قال سند المعتبر عند ابن القاسم التصفية دون الحفر والطلب مما لا تصفيه فيه فهو الندرة وروي عن مالك فيها الزكاة لظاهر الحديث وتغليبا للأصل ولأن الخمس إنما وجب في الركاز لشبهه بالغنيمة لكونه من أموال الكفار وهذا نبات الأرض وراعى المذهب خفة العمل اعتبارا بالسيح والنضح في الزرع وفي الجواهر التفرقة بين القليل فتجب الزكاة وبين الكثير فالخمس وقال الشيخ أبو الحسن إن كانت ممازجة للتراب تحتاج إلى تخليص فهي كالمعدن قال سند وإذا قلنا بالزكاة اعتبرنا النصاب قولا واحدا وضممناها إلى المعدن وإن قلنا بالخمس فعلى الخلاف في الركاز فائدة الندرة بفتح النون وسكون الدال المنقطع من الذهب والفضة عن هيئته ومنه ندر العظم أي قطعه ونادر الكلام ما خرج عن أسلوبه سؤال المعدن يشبه النقدين في جوهره والزرع في هيئته فلم رتب على شبه النقد النصاب والجزء الواجب دون الحول وهو من أحكام النقد ورتب إسقاطه لشرع الزرع فما المرجح جوابه أن الجواهر أصل والهيئة فرع والنصاب سبب وهو أصل الحكم والحول شرط تابع فجعل الأصل للأصل والتبع ولما كان السبب مستلزما لمسببه الذي هو الجزء الواجب الحق به وبعدم اشتراط الحول قال الأئمة لأن المعدن فيه حق فلو اشترط الحول لكان المأخوذ حق العين فيبطل حق المعدن وهو خلاف الاجماع قال سند وظاهر كلام مالك أن الزكاة تجب بانفصاله عن المعدن كما تجب في الزرع والثمرة وببدو الصلاح ويقف الإخراج على التصفية والكيل كالزرع ولا تسقط منه النفقة والكلف كالزرع وقاله الشافعية في الموضعين خلافا ل ح صفحة فارغة
الباب الثالث في الركاز
وهو مأخوذ من ركزت الخشبة في الأرض وهو أموال جعلت في الأرض وهو المطالب في المعرف وتتمهد فروعه بالنظر في جنسه وقدره وموضعه وواجده والواجب فيه فهذه خمسة فصول الفصل الأول في جنسه وفي الكتاب كان يخصصه بالنقدين ثم رجع إلى تعميمه فيهما أو في غيرهما وبه قال ابن حنبل و ح خلافا ل ش لنا عموم
قوله وفي الركاز الخمس وقياسا على الغنيمة ووجه الأول أنه مال يستفاد من الألاض فيختص حكمه ببعض أنواعه كالمعدن والحبوب وقال إن أصيب بعمل أو بغير عمل فهو ركاز وقال أيضا ما أصيب بكلفة أو بمال فليس بركاز قال ابن يونس يريد أنه له حكم المعدن لأجل الكلفة الفصل الثاني في قدرة وفي الكتاب لا يشترط النصاب وفي الجلاب في القليل روايتان فأشبه أن يكون ما دون النصاب الفصل الثالث في موضعه وهو خمسة العنوة والصلح ودار الحرب والفيافي والمجهول الحال وفي الكتاب ما وجد في الفيافي أو أرض العرب فهو لواجده وعليه الخمس
لقوله العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس وما وجد في أرض العنوة فهو لجميع من افتتحها من المسلمين وفيه الخمس أو بأرض الصلح فهو للذين صولحوا ولا يخمس ولو وجد في دار أحدهم إلا أن يجده رب الدار فهو له خاصة إلا أن يكون ليس منهم فيكون لهم دونه أو بدار الحرب فهو لجميع الجيش قال سند في أرض الصلح ثلاثة أقوال للإمام مراعاة لعقد الصلح وقال ابن نافع هو لمن وجده لأن عقد الصلح لم يتناوله وقال أشهب إن جاز أن يكون لهم كان لقطة يعرف فيكون لمن عرفه وأن لم يجز أن يكون لهم بسبب أن لكل ملة سكة وعلامات ولا لمن له ذمة ولا لوارث ذي ذمة فهو لواجده وفيه الخمس وفي الجواهر لأهل الصلح وإن كان واجده منهم وإذا قلنا أنه لقطة حلف مدعيه في الكنيسة وقال أصبغ هو لواجده كان في أرض الصلح أو العنوة أو للعرب نظرا إلى ان الموجب لاستحقاق ما فوق الأرض من فتح أو صلح أو إسلام لا يوجب استحقاق ما تحتها ويقويه مالك في الكتاب إن ما في قبور الجاهلية لواجده ولم يكن في أرض العرب من يدفن المال وإنما يستقيم ذلك في فارس والروم والذين بلادهم عنوة قال سند وقال أشهب إن كان لأهل العنوة أو ورثتهم فهو لأهل الفتح وإن كان عاديا فهو لواجده لأنه كالصيد والحشيش ولا يستحق الجيش إلا ما كان بأيدي من قاتلوه وإذا قلنا للجيش فإن كان موجودا خمس ودفع إليهم باقيه ومن غاب رفع له نصيبه كالغنيمة وأن انقرض الجيش ولم تنضبط ذريته قال سحنون هو كاللقطة يفرق على مساكين تلك البلدة إن كانوا من بقايا أهل الفتح والاجتهاد فيه للإمام وقال أشهب هو لعامة المسلمين وعلى القولين يدفع للسلطان العدل فإن لم يكن عدلا أخذ واجده خمسه وعمل في باقيه ما يعمله في اللقطة ولو وجد في دار الحرب قبل الفتح من دفن الجاهلية ففي الكتاب هو لجماعة الجيش الذين مع الواجد لأنه إنما أخذه بهم وعلى قول ابن الماجشون يختص به واجده إذ لا ملك للكفار عليه وعلى قول أشهب إن كان عاديا فلواجده وفيه الخمس وإن كان لأهل تلك الدار أو لمن هو من ورثتهم فهو غنيمة للجيش ويخمس جميعه عينا أو عرضا ولو وجد بين أرض الصلح والعنوة قال سحنون إذا جهل أعنوة هو أم صلح فهو لواجده لعدم تعيين غيره قال وما تقدم إنما هو في موات الأرض أو ما وجد في ملك أحد من العنوة أو الصلح أو غيرهما فإن وجده صاحب الدار أو الأرض فهو له عند عبد الملك وقاله ابن القاسم في غير العنوة أما من وجده في دار غيره فلرب الدار عند مالك لأن يده على ظاهرها فيكون على باطنها وقاله ابن القاسم في أرض الصلح ولا فرق عنده بين أن يكون رب الدار هو الواجد وهو من أهل الصلح أو وجد في داره لأن يده على داره وهو المراد بفتواه في الكتاب وقال مالك أيضا هو لمن وجده أن كان جاهليا كالصيد يختص به السابق إليه وعلى الأول لو انتقلت إليه بالتملك فهو للبائع وعند مالك والشافعية إن ادعاه البائع فعلى هذا لو كانت الدار موروثة وقسمت كانت لجملة الورثة ويقضي منه دين الميت إلا أن يكون الميت اشترها كما تقدم لأن العقود إنما تنقل ما حصل به الرضا حالة المعارضة والمجهول لا يدخل تحت الرضا فإن ادعاه المبتاع دون البائع وأنه الذي حفظه في موضعه قضى له به لليد مع عدم المعارضة وعلى القول بأن ما يوجد في الدار لربها يحلف أنه ما وجده فيه وعلى قول ابن نافع لا يحلف فإن ادعاه البائع دون المبتاع فلا يدفع له على قول ابن نافع حتى تثبت صحة ما ادعاه فإن ادعاه رب الدار والمستأجر فالقول قول المستأجر عند ابن نافع وقول رب الدار عند غيره نظرا إلى استيلاء اليد أو اشتمال الدار عليه كاليد أما ما وجد عليه علامة الإسلام كالقرآن وأسماء الخلفاء فهو لقطة ليس بركاز وإنما الركاز في أموال الكفار على ظهر الأرض أو بطنها في البر أو البحر فأن أشكل فلواجده ويخمس لعدم تحقق المعارض وفي الجواهر ما لفظه البحر ولم يتقدم عليه ملك فلواجده لا يخمس لعدم شبهه بالخمس وإن تقدم عليه ملك معصوم فهل هو لواجده لأن الترك بالفعل كالترك بالقول وهو صحيح أو لربه روايتان أما لو تركه بغير اختياره لعطب البحر فلصاحبه وعليه لجالبة كراء مؤنته وكذلك المتروك بمضيعة بالبر أوالبحر أو عجز عنه ربه فيه خلاف فرع كره في الكتاب حفر قبور الجاهلية والطلب فيها من غير تحريم قال وفي ركازها الخمس أما الكراهة فحذرا من مواطن العذاب أو من أن يصادف قبر نبي أو ولي أو
لقوله لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا وأنتم باكون فلا يدخل للدنيا وفي أبي داود أنه مر بقبر فقال هذا قبر أبي رغال وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه غصن ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه فابتدره الناس وأخرجوا الغصن تحقيقا لصدقه قال سند لم يكرهه أشهب قياسا لمماتهم على حياتهم فإن كان نفس القبر رصاصا أو رخاما خمس على الخلاف لأنه منقول بخلاف ما يكون جدارا في الأرض فإنه تابع للأرض لا يخمس كالأرض الفصل الرابع في واجده وفي الكتاب يجب فيه الخمس وإن كان واجده غنيا أو فقيرا أو مديانا أو ذميا الفصل الخامس في الواجب فيه وهو الخمس للحديث وقياسا على الغنائم قال سند ومصرفه عندنا وعند ح مصرف الفيء وعند ش مصرف الزكاة وقاسه على الزرع والمعدن ولأنه يجوز أن يكون مالا لنبي أو مسلم من الأمم السالفة فلا يصرف ماله الفيء والجواب عن الأول أن إلحاق الخمس بالخمس أولى وعن الثاني أنه خلاف الظاهر صفحة فارغة
الباب الرابع في زكاة المعشرات
والنظر في الموجب والواجب ووقت الوجوب ومن تجب عليه وصفة الإخراج فهذه خمسة أنظار النظر الأول في الموجب وفيه بحثان البحث الأول في جنسه قال الله تعالى ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ) الأنعام 6 قال العلماء هذا حكم عام في هذه الأشياء والحكم المشترك يجب أن يكون معللا بعلة مشتركة واختلفوا فيها فقال ملك هي الإدخار للقوت غالبا لأنه وصف مناسب في الإقتيات من حفظ الأجساد التي هي سبب مصالح الدنيا والآخرة وإذا عظمت النعمة وجب الشكر بدفع الزكاة فلذلك تجب في الزيتون والسمسم للإقتيات من زيتهما وفي القطاني للإقتيات بها عند الضرورة التي يكثر وقوعها ولا تجب في الفواكه والتوابل والعسول لأنها لا تدخل لذلك ووافقه ش في المناط وخالفه في تحقيقه في بعض المواضع وقال ح المناط تنمية الأرض وأصلاحها فإنها سبب الحياة ومنشأ الأقوات وإليه أشار
قوله عليه السلام فيما سقت السماء العشر أي إذا سقت السماء نمت الأرض ولم يعتبر الإقتيات فلذلك تجب عنده في الفواكه والخضر والتوابل والعسل والمستثنى القصب والحطب والحشيش وقال ابن حنبل الكيل والادخال في الحبوب والثمار فأوجبها في اللوز لأنه يكال دون الجوز لأنه يعد لنا على الفرق
قوله في مسلم لا صدقة في حب ولا تمر حتى يبلغ خمسة أو سق وهو عام من جملة الحبوب والثمار فيتمسك به حيث نوزعنا في الثبوت
وقوله عليه السلام في الترمذي الخضروات ليس فيها شيء يستدل به حيث نوزعنا في النفي وضعف الترمذي اسناده ولأن الزكاة لو كانت في الخضر لعلم ذلك في زمانه وكان معلوما بالمدينة وبهذا استدل مالك على أبي يوسف بحضرة الرشيد فرجع أبو يوسف إليه ولأن الكيل وصف طردي فيلغى وتنمية الأرض وسيلة للقوت والمقصد مقدم على الوسيلة ويبقى الإدخار وهو داخل فيما ذكرناه وسيلة للقوت والمقصد مقدم على الوسيلة فيرتجح ما ذكرناه على ما ذكروه وحصل الإتفاق على الزبيب والتمر وهذه القاعدة تعرف بتخريج المناط وظابطها أن تمر اوصاف محل الحكم فنلغي الطردي ونضيف الحكم المناسب فروع أربعة الأول قال في الكتاب تؤخذ الزكاة من الزيتون ولا يخرص ويأمن أهله عليه كالحب خلافا ل ش ملحقا له بسائر الفواكه لنا قوله تعالى ( والنخل والزرع مختلف أكله والزيتون والرمان ) إلى قوله ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ) الأنعام 141 ولقوله فيما
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29