كتاب :الذخيرة 14

كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي

يزدحمان في السقي فإن خولف ذلك وأشركت العروق أو الفروع قطع ما وصل للأول في بطن الأرض وظاهرها ولو بيعت نخلة واشترط حقوقها وفناءها ترك عشرة أذرع من جميع نواحيها وإذا أحييت للسكنى وأراد الثاني الإحياء للسكنى فلك إبعاده عنك لئلا يكشفك وقد قضى عمر رضي الله عنه في ذلك بمائة ذراع حيث لا تبين امرأته ولا يسمع كلامه قال وأرى أن يبعد أكثر من المائة ولا يضيق على النساء في تصرفهن
فرع - في الجواهر حريم الدار المحفوفة بالموات مرافقها العادية كطرح التراب ومصب الميزاب وموضع الاستطراق منها وإليها المانع الثالث الإقطاع وفي الجواهر إذا قطع الإمام أرضا لأحد كانت ملكا له وإن لم يعمرها ولا عمل فيها شيئا يبيع ويهب ويورث عنه لأنه تمليك مجرد قاله ابن القاسم سواء في الفيافي أو القرية ولا يطالبه الإمام بعمارتها بخلاف الإحياء وقاله ( ش ) قال اللخمي ان أقطعه أرضا على عمارتها فله الهبة والبيع والصدقة ما لم ينظر في عجزه فيقطعها لغيره وظاهر المذهب ان الإقطاع لا يشترط العمارة يوجب تركها له وإن عجز عن عمارتها لأنه أقطع بلال بن الحارث من العقيق ما يصلح للعمل فلم يعمله فقال له عمر _ رضي الله عنه _ ان قويت على عمله فاعمله وإلا أقطعته للناس فقال له أنه عليه السلام قد أقطعني إياه فقال له عمر رضي الله عنه عليه السلام قد اشترط عليك فيه شرطا فأقطعه عمر رضي الله عنه للناس ولم يكن بلال عمل شيئا قال صاحب البيان إذا أقطع أرضا فأعرض عنها فبناها عيره فهي للثاني وليس للعمال إقطاع إلا بإذن الإمام لأنه كالإعطاء من بيت المال وإن أقطعه مواتا طالبه بالإحياء فإن لم يفعل أو عجز عنه أقطعه غيره إذ ليس له أن يحجر الأرض عن نفعه ونفع غيره وهذا خلاف النقل المتقدم قال فإن تصدق بها بعد عجزه قبل نظر الإمام نفذت الصدقة لأن المقصود ألا تتعطل الأرض من النفع والمبتاع والموهوب له يحل البائع والواهب قال مالك لا يقطع الإمام من معمور الأرض العنوة لأنها وقف للمسلمين قال ابن القاسم إنما الإقطاع في أرض الموات وبين الخطط كأبنية الفسطاط قال وقال اللخمي إقطاعها جائز ولا يصح ذلك على مذهب مالك قال صاحب النوادر قال سحنون لا يكون الإقطاع في أراضي مصر ولا العراق لأن عمر - رضي الله عنه - وقفها للمسلمين وأراضي الصلح لأهلها الذين أسلموا على أرضهم من غير غلة ولا صلح يبقون فيها على حالة إسلامهم عليها بما هو معمور محدود فملك لربه وأما جبالهم وأوديتهم ومراعيهم فتتقسم على المواريث ولا تملك حقيقة الملك وأما أراضي العرب فما لم يعرف بحي من أحيائهم فلمن أحياه وما عرف بأحيائهم من بطون أوديتهم ومراعيهم وحازوها بالسكنى من غير زرع ولا غرس بل هي مراعي وعفاء فهي لا تملك ملك المواريث بل ملك الانتفاع وفيها كانت الأئمة تحمي وتقطع وما لم يحز بعمارة من أرض الصلح فهو لمن أحياه وكذلك أرض العنوة وأصل الإقطاعات ما تقدم وأقطع الزبير مسيرة عدو فرسه وأقطع الخلفاء بعده أبو بكر وعمر وعثمان المانع الرابع التحجير وفي الجواهر فيه خلاف قال عبد الملك لا يحجر ما يضعف عنه فإن رأى الإمام لمن حجر قوة على العمارة للذي حجر إلى عامين أو * ثلاثة خلاه وإلا قطعه لغيره واستحسنه أشهب لأنه مروي عن عمر رضي الله عنه وعن أشهب لا يكون أولى لأجل التحجير إلا أن يعلم أنه حجره ليعمله إلى أيام يسيرة لا ليقطعه عن الناس ويعمله يوما ما إلا أن يكون قصده العمارة بعد زوال مانع من يبس الأرض أوله عمل على الأجر ونحو ذلك من الأعذار فهو أحق فإن حجر ما لا يقوى على عمله سوغ للناس ما لم يعمل إذا لم يقو على الباقي قال ابن القاسم لا يعرف مالك التحجير إحياء ولا ما قيل من حجر أرضا ترك ثلاث سنين فإن أحياها وإلا فهي لمن أحياها وقال ( ش ) التحجير بالحائط والشراب ونحوهما يدل على أنه يريد الإحياء يصيره أحق به من غيره فإن تمم الإحياء وإلا فلا شيء له لقوله من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به وجوابه ان الأشياء المباحة لا تملك إلا بالأسباب المملكة لها وما دون ذلك من العلامات الدالة على إرادة تحصيل السبب لا يمنع الغير من تحصيله كنصب الشباك للأسماك والطير ونحوهما لا يصير صاحبها أولى والحديث محمول على من سبق بسبب شرعي وإلا انتقض بما ذكرناه
فرع - قال ابن يونس قال أشهب إذا حجر وشرع غيره في الإحياء فقام المحجر فهما شريكان المانع الخامس الحمى وفي الجواهر روى ابن وهب انه حمى النقيع لخيل المهاجرين وهو قدر ميل في ثمانية ثم زاد الولاة فيه بعد ذلك وحمى أبو بكر رضي الله عنه الربوة لما يحمل عليه في سبيل الله خمسة أميال في مثلها وحمى ذلك عمر رضي الله عنهم أجمعين لابل الصدقة يحمل عليها في سبيل الله تعالى وحمى أيضا الشرف وهو حمى الربذة وللإمام أن يحمي إذا احتاج للحمى قال سحنون ولا حمية إنما تكون في بلاد الأعراب العفاء التي لا عمارة فيها في أطرافها حيث لا تضيق على ساكن وكذلك الأودية العفاء وكذلك تكون القطائع أيضا وكذلك موات أرض الصلح والعنوة إذا لم تحز ولا جرى فيه ملك
فائدة - قال الخطابي النقيع بالنون وصحفه كثير من المحدثين بالباء وإنما هو بالنون والذي بالباء بالمدينة موضع القبور ومعناه بالنون بطن من الأرض ينتفع فيه الماء فإذا نضب أنبت الكلأ ومنه حديث أبي داود جمع أسعد الجمعة في نقيع يقال له نقيع الخضمات البحث الثالث في أحكام الإحياء في الكتاب في معنى قوله من أحيا أرضا ميتة فهي له إنما ذلك في الصحاري وأما ما قرب من المعمورة ويتشاح الناس فيه لا يحيا إلا بقطيعة من الإمام نفيا للتشاجر بتزاحم الدواخل عليه كما فعله في المعادن قال ابن يونس قيل يحيا بغير إذن الإمام لعموم الحديث وقال عبد الملك لا يحيي أحد إلا بإذن الإمام مطلقا غير ان من أحيا في البعيد عن العمارة الذي لا تعلق للعمارة به فهو له أو في القريب نظر فيه الإمام إما أبقاه أو أقطعه غيره أو يبقيه للمسلمين ويعطيه قيمة ما عمر منقوضا وقاله ابن القاسم ومالك وقال أصبغ لا يحيي القريب إلا بإذن الإمام فإن فعل أمضيته قال سحنون وحد القريب ما تلحقه المواشي والاحتطاب بخلاف اليوم ونحوه فيصير فيها ثلاثة أقوال القريب والبعيد بغير إذن الإمام لا يحييهما إلا بإذنه التفرقة وبالأول قال ( ش ) وبالثاني قال ( ح ) المسئلة مبنية على قاعدة وهو أنه له أن يتصرف بطريق الإمامة لأنه الإمام الأعظم وبطريق القضاء لأنه القاضي الأحكم وبطريق الفتيا لأنه المفتي الأعلم ويتفق العلماء في بعض التصرفات وإضافته إلى أحد هذه العبارات ويختلفون في بعضها كقوله لهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان لما شكته له بالبخل خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف قال مالك و ( ش ) وجماعة هذا تصرف بالفتيا لأنه الغالب على تصرفه التبليغ فمن ظفر بحقه من خصمه العاجز عنه أخذه من غير علمه ويؤكد أنه لم يلزمها بإثبات دعواها ولا بإحضار خصمها ولو كان تصرف بالإمامة أو بالقضاء لتعين ذلك وقال قوم هذا تصرف بالقضاء فلا يأخذ أحد من مال خصمه شيئا إلا بإذن القاضي لأنه إنما تصرف في تلك الواقعة بالقضاء وكقوله من قتل قتيلا فله سلبه قال ( ش ) هذا تصرف بالفتيا لأنه غالب تصرفه وقال مالك هذا تصرف بالإمامة فلا يستحق أحد سلبا إلا بإذن الإمام وخالف أصله السابق لما تقدم تقريره في الجهاد وكذلك اختلف ههنا هل هو تصرف بالفتيا فلا يحتاج الإحياء إلى إذن الإمام أو بالإمامة فيحتاج والقائلون بأنه بالفتيا منهم من راعى قواعد مصلحته يفرق بين ما فيه ضرر وما لا ضرر فيه ومنهم من لم يراع ذلك فهذا الباب فقه هذه المسئلة ثم تأكد مذهب ( ش ) بالقياس على البيع وسائر أسباب الملك لا يفتقر إلى إذن الإمام وتأكد مذهب الحنفي بالقياس على الأخذ من مال بيت المال وبالقياس على الغنائم ولأنه محمل اجتهاد فافتقر للإمام كاللعان وضرب الآجال ولظاهر قوله ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه والجواب عن الأول انه مملوك قبل الأخذ فافتقر إلى إذن وعن الثاني انه يفتقر إلى إخراج الخمس وتقرير حقوق الغانمين من فارس وراجل بخلاف الاحياء وعن الثالث لا نسلم انه محل اجتهاد بل محمول على العادة وعن الرابع أنه إمام الأمة وقد طابت نفسه بالملك لتصريحه بذلك
فرع - قال اللخمي إذا عمر بقرب العمارة أرى أن ينظر فيه هل يضر بالناس في ضيق المرعى والسكن أو هو شرير يخشى من شره هناك أو هو مستغن عنه وغيره محتاج إليه فيمنع أو هو بعيد لا يضيق والإحياء للزرع دون البناء ترك قال ولو قيل إذا أخرج أعطي قيمة بنائه قائما لكان وجها لأنه بنى بشبهة فقد أمضاه أشهب قال سحنون سواء كانت أرض صلح أو عنوة أو أسلم أهلها عليها ينظر في القريب والبعيد لأن العفاء البعيد خارج عما ينعقد عليه الصلح والاسلام لعدم النفع به حينئذ
فرع - قال أجاز ابن القاسم إحياء الذمي وقاله ( ح ) لعموم الحديث إلا في جزيرة العرب لقوله لا يبقين دينان في جزيرة العرب قال مالك وجزيرة العرب الحجاز ومكة والمدينة واليمن قال عبد الملك فإن فعل أعطي قيمة عمارته وأخرج وما عمره في قرب العمارة أخرج وأعطي قيمته منقوضا إذ ليس للإمام أن يقطعه إياه وقال ابن القصار ولا يجوز للإمام أن يأذن له في الإحياء مطلقا وقاله ( ش ) لأن الموات من حقوق الدار وهي دار إسلام وقسنا على الصيد والبيع ونحوها ففرقوا بأن الصيد يخلف فلا يضر بالمسلمين والأرض لا تخلف والبيع يقع برضى البائع ولم يرض الناس ههنا قال صاحب النكت إذا عمر فيما قرب من العمارة قال عبد الملك ينظر فيه الإمام فإن أقره وإلا أعطاه قيمته - مقلوعا وقال أصبغ لا يفعل فيما قرب إلا بإذن الإمام فإن فعل أمضيته وقال عبد الملك المالك يمنع فيما قرب وإذا أذن له الإمام أعطي قيمته ونزع منه لأن ما قرب كالفيء ولا حق لذمي فيه النظر الثاني فيما يستفاد من الأرض من المعادن والمياه وغيرها ودفع الضرر وفي الجواهر المعادن التي فيها الزكاة هي لمن ظهرت في ملكه عند مالك لأنه من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها وللإمام يرى فيها رأيه يعطيها لمن شاء عند ابن القاسم لأجل الزكاة وما ظهر فيما هو لجماعة المسلمين كالبراري من أرض العرب والعنوة أقطعه الإمام مدة محدودة أو غير محدودة ولا يملك رقبتها كما يقطع أرض العنوة وما ظهر منها في أرض الصلح أقطعها الإمام لأن الصلح إنما يتناول المعلوم قاله ابن حبيب ومن لقيه من أصحاب مالك وهي هنا لأهل الصلح عند ابن القاسم بناء على أنه تناولها الصلح إذ لا يشترط معرفة كل ما يصالح عليه على التفصيل اتفاقا وما لا زكاة فيه كالنحاس أقطعه الإمام عند ابن القاسم لأنه مال لم يتعين مالكه وقال سحنون لا يليها الإمام كالعنبر وجملة ما يخرج من البحر ولعدم الزكاة فيها وقال ( ش ) المعادن الظاهرة كالملح والقار لا يقطعها الإمام لأنها كالماء والباطنة يقطعها
فرع - قال صاحب البيان اذا أقطعت المعدن فتركته وغبت عنه أو طال عملك فيه وانتفاعك به فللإمام أن يقطعه غيرك إلا أن يقطعك حياتك أو مدة معلومة فلا حتى يموت أو تنقضي المدة لأنك ملكك ذلك لحكمه لك به ولا يقطعه في السفر القريب لأنه في معنى الإقامة
فرع - في الجواهر المياه ثلاثة أقسام خاص محرز في الأواني والآبار المحتفرة في الأملاك فهي كسائر الأملاك وقاله ( ش ) وعام منفك عن الاختصاص وهو ضربان الضرب الأول ما طريقه مباحة كالجاري من الجبل وبطون الأودية فيسقى به الأعلى فالأعلى قال عبد الملك يرسل الأعلى جميع الماء في حائطه حتى يبلغ كعب من يقوم فيه فيغلق مدخل الماء وقاله ( ش ) لما في الموطأ قال في سبيل مهزور ومذينب يمسك حتى الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل وهما اسما واديين بالمدينة ولما روي أن الزبير ورجلا تنازعا في شراج بكسر الشين المنقوطة والراء المهملة وأحدهما شرج بالإسكان وهو مجرى الماء من الجدار إلى السهل وأصله مجتمع الشيء ومنه سمي الدبر شرجا والمجرة شرج السماء والحرة أرض مليئة الحجارة سودها فقال الأنصاري للزبير سرح بالسين المهملة الماء أي أرسله فأبى الزبير فاختصما إليه فقال للزبير اسق أرضك ثم أرسل الماء إلى جارك فقال الأنصاري أن كان ابن عمتك فتلون وجهه فقال يا زبير اسق أرضك وامسك الماء حتى يبلغ الجدر بفتح الجيم وتسكين الدال المهملة فوائد أمر قريبه بالمسامحة فلما لم يقع لها موقع عند خصمه أمر قريبه باستيفاء حقه لئلا يضيع غبنا قال الجوهري الجدر والجدار الحائط وجمع الجدار جدر والجدر جدران كبطن وبطنان والجذر بالذال المعجمة الأصل بفتح الجيم وكسرها وإذا وصل الماء الجذر فقد وصل الكعبين وقال ابن كنانة بلغنا أنه إذا سقي بالسيل الزرع امسك حتى يبلغ النعل وفي النخل والشجر حتى يبلغ الكعبين وامساكه في الجميع إلى الكعبين أحب إلينا لأنه أبلغ في الري وقال ابن وهب يمسك الأول بقدر حائطه من الكعبين إلى الأسفل ثم يرسل وعن مالك إذا وصل إلى الكعبين وروى أرسله كله لحصول المقصود وقال سحنون فإن اختلفا بالانخفاض والارتفاع أمر صاحبه بتسويته فإن تعذر سقي كل مكان على حدته هنا إذا لم يكن احيا الأسفل قبل الأعلى فلو أحياه للأسفل ثم أراد غيره يحيي لينفرد بالماء وذلك يفسد عليه منع نفيا للضرر قال صاحب البيان قاله ابن القاسم وجوزه أصبغ وإن لم يكن في الماء فضل لعموم قوله يمسك الأعلى حتى يبلغ الكعبين وفي الجواهر قال سحنون ويقدم أقدم الموضعين لتقدم استحقاقه فإن كانا متقابلين قال سحنون يقسم الماء بينهما لتساويهما في الاستحقاق فان قابل الأسفل بعض الأعلى حكم للمقابل بحكم الأعلى وللآخر بحكمه الضرب الثاني مجراه أرض مملوكة فهو لمالكها ويمنعه إن شاء فان تعدد المالك كجماعة حفروا نهرا يحملونه إلى أرضهم أو في أرضهم قسموه على قدر أملاكهم بالقلد وقاله ( ش ) ولا يقدم أحد على أحد وصفة القلد تخرق قدرا في أسفلها وتملأ بالماء وتكون قدر أقلهم نصيبا مقدارا يجري ماؤه على ذلك الخرق فينتفع بالماء كله إلى أن يفنى ماء القدر ويملأ لهم بقدر حصصهم أو تثقب خشبة ثقبا يجري منها الماء يأخذ كل واحد بقسطه ويعمل في ذلك من الطرق ما جرت به العوائد والقصد حصول العدل والقسم الثالث متردد بين العموم والخصوص وهو بئر الفيافي والبوادي للماشية لا يباع ولا يورث بل حافرها أحق بمائها هو وورثته قال عبد الملك ولا حظ فيها للزوج ولا للزوجة لأنها إنما يقصد بحفرها في العادة الخلف اللازم والزوجية عارض غير محقق وما فضل لا يمنع لأن العادة الصدقة بالفاضل حملا للحفر على الغالب فإن اشهد أنه يريد التمليك قال القاضي أبو الوليد لم أر فيه نصا والظاهر انه ملكه كما أحيا في القرب أو البعد
فرع - قال صاحب المقدمات إذا تشاح أهل البئر في التبدئة قال عبد الملك إن كانت عادة حملوا عليها وإلا استهموا قال وذلك عندي إذا استوى قعددهم من حافرها وإلا فالأقرب إليه أحق ولا حق فيها للزوجين إذا لم يكونا من ذلك البطن
فرع - قال والماجل والجب كالبئر عند مالك في عدم منع الناس من فضله وقال المغيرة له في الجب العظيم نفقته وليس ماؤه يخلف كالبئر
فرع - قال قال مالك يبدأ أهل الماء حتى يرووا ثم المارة حتى يرووا ثم دواب أهل الماء حتى تروى ثم دواب المارة حتى تروى ثم مواشي أهل الماء حتى تروى ثم الفضل لمواشي الناس وبدأ أشهب بدواب المسافرين على دواب أهل الماء لفط الحاجة تبعثها للسفر فإن ضاق الماء بدئ من أضربه تبدئة صاحبه أكثر بنفسه ودوابه فان استووا في الضرر سوي بينهم عند أشهب وقدم أهل الماء عند ابن لبابة بأنفسهم ودوابهم نظرا لتقدم الاستحقاق واستحقاق الماء ضعيف في أصله فيطرح عند الضرر فان قل الماء جدا وخيف الهلاك بالتبدئة بدئ بنفس أهل الماء بقدر ما يذهب الخوف ثم المسافرون كذلك ثم دواب أهل الماء كذلك ثم دواب المسافرين كذلك وروى ابن وهب أنه قال لا يقطع طريق ولا يمنع فضل ولابن السبيل عارية الدلو والرشاء والحوض ان لم يكن له اداة تعينه ويخلى ببينه الركية وأهدر عمر رضي الله عنه جراحات أهل الماء وأغرمهم جراحات ابن السبيل حين اقتتلوا عليه وقال ابناء السبيل أولى بالماء من أبناء الساقي حتى يردوا
فرع - قال هل لأصحاب الأخشاب التي تجري في الأنهار جرها وإن أخرقت سداد السمك قولان
فرع - في البيان قال ابن القاسم إذا جرى فضل مائك في أرض آخر فغرس آخر عليه ليس لك منع الفضل بعد ذلك ولايبعه لتعلق حقه بالغرس إلا أن يحفر بئرا لنفسه ويجري فيه الخلاف هل السكوت إذن أم لا وان كنت لم تعلم فلك بيعه له إن كان له بغير الا على قول من منع بيع الماء مطلقا فإن لم يكن له ثمن قضي له به بغير ثمن
فرع - في الجواهر قال أشهب يمنع من بيع الحطب النابت في ملكه وقال ( ح ) لقوله الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلاء وقياسا على الماء الذي يجريه الله تعالى على ظهر الأرض وقياسا على ما يفرخ في أرضه من الطير ألا يجره فيحمله فيبيعه وقال مطرف يبيع ما في مروجه وحماه مما يملك من الأرض وما سواه لا يجوز بيعه وقاله ( ش ) قياسا على صوف غنمه قال ابن يونس الذي يمنعه ويبيعه من الخصب وان لم يحتج إليه ما في حماه ومروجه وأما ما في أوديته وفحوص أرضه فيجبر على إباحته إن استغنى عنه إلا أن تضربه إباحته في زرع حوله وإذا أوقف أرضه للكلأ فله منعه عند ابن القاسم لأنه قد منع نفسه منافعه منها وان لم يوقفها فهو أحق به ولا يمنعه ولا يبيعه قاله ابن القاسم وأشهب وقال عبد الملك الكل سواء وله المنع قال صاحب البيان الأرض المملوكة أربعة أقسام محظرة بحوائط فله المنع والبيع احتاج إليه أم لا اتفاقا ومروج القرية وعفاؤها لا تمنع ولا تباع اتفاقا إلا أن يؤذيه دخول الناس إليه وأرض ترك زراعتها ليرعاها قيل يمنعه إن احتاج إليه ويبيعه ان لم يحتج اليه وقيل يجبر على تخليته للناس وقال أشهب له المنع ان احتاج إليه دون البيع وفحوص أرضه التي لم يبورها له المنع عند ابن القاسم وأشهب ان احتاج إليه ويبيعه ان لم يحتج إليه وعن أشهب لا يبيع
فرع - قال صاحب البيان إذا قدم اثنان إلى الكلأ المباح فهما سواء فان سبق أحدهما فنزله وجعل يرعى ما حوله أو حفر فيه بئرا قال ابن القاسم هو أسوة للناس لعدم الحوز وقال أشهب هو أحق بمقدار حاجته لسبقه ان انتجع إليه وقصده من بعد وقال المغيرة ان حفر بئرا فهو أحق وإلا فلا
فرع - في الكتاب إذا عجز المسافر عن القتال حتى مات فعلى صاحب البئر ديته وعليه الكفارة عن كل نفس والأدب لقوله في الموطأ لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ قال ابن يونس لم ير ابن القاسم أخذ الماء بغير ثمن بخلاف الذي انهارت بئره مع أن النفس أعظم قال والأولى في الموضعين الثمن جمعا بين المصالح وقاله أشهب في المنهار والبئر قال بعض القرويين إنما كانت الدية على عواقل أرباب الماء لأنهم تأولوا ان لهم منع مائهم لأنه أمر يخفى على الناس فلم يتحقق العدوان والا أمكن أن يقتلوهم
فرع - قال ابن يونس إذا حرث جارك على غير ماء فلك منعه فضل ماء بئرك إلا بثمن ان شئت لأنه مغرر بخلاف الحارث على البئر فتهور له فضل مائك فان لم يكن فضل فلا شيء له واختلف في قوله لا يمنع فضل الماء قيل هو إذا انهارت بئر جارك كما تقدم وقيل البئر بين الشريكين يسقي هذا يوما فيسقي أحدهما في بعض يومه نخله فانه يعطي البقية لشريكه ولا يمنعه ما لا ينتفع به وليس للذي انهارت بئره تأخير الإصلاح اتكالا عليك فإن فعل لم يلزمك دفعه وان كان نخله لا يملك ثمرة لا يلزمك أيضا فيكون لوجوب الدفع أربعة شروط أن يبني على بئر وأن يخشى الهلاك على تقدير عدم الدفع وأن يفضل عنك وأن يشرع في عمارة بئره وحكى البوني في شرح الموطأ عن مالك قولين في وجوب الثمن للماء على الذي انهارت بئره كالمضطر للطعام
فرع - قال الآبار ثلاث بئر ماشية وشفة وزرع وصاحب الجميع أحق بحاجته ثم ان جعل الفضل صدقة جعلت في تلك الجهة وإلا كان في منعه المحتاج قولان نظرا لمالك العادة أو لأن الأصل عدم التبرع فان جعله للصدقة فاحتاج إليه رجل لزرعه وآخر لماشيته بدئ باحوجهما فإن استويا اقتسما وان جعل الفضل لأهل الماشية بدئ بها فان فضل شيء أخذه أهل الزرع وقال عبد الملك في بئر الماشية ان تساووا فالقرعة قال وأرى ان يقسم بينهم وكذلك في الزرع ويدفع كل نصف ضرورته فان كان لأحدهما مائة شاة ولآخر مائتان اقتسماه نصفين لأن الماء لو سلم لصاحب المائتين هلكت مائة فالمائة هالكة بكل حال وكذلك الزرع لأن نصف الزرع للكثير هالك جزؤها وان كان يكفي زرع أحدهما ونصف الآخر اقتسماه أثلاثا وإذا لم يكن فضل الماء على وجه الصدقة وشأنهم بيع المياه فلربه منعه وبيعه إلا ان انهارت البئر فيقضى لربها بالثمن فان لم تكن العادة البيع ففي منعه لمالك قولان وعدم المنع في الفضل أحسن تكثيرا للمعروف إلا ان يخشى من طول المدة ادعاء الملكية ويقدم المسافرون على الماشية ان كانوا على ظهر لأن الماء يخلف بعد ذلك فان كانوا نازلين قدمت الماشية ان اضربها تبدئة المسافرين لقدرة الآدمي على التحيل بخلافها وان كان لا فضل فيه منع المسافرون منه وان أضر شربهم بالزرع منعوا لأن الأصل استحقاق البئر للماشية والزرع وإنما لغيرهما الفضل فان خيف على المسافرين من ردهم إلى غيره لم يمنعوا ان فضل عن شرب أهل الموضع وإنما يجتاجونه للماشية أو الزرع ونفاسة الآدمي عند تعين الهلاك فإن نقصت الماشية أو الزرع ضمنوا النقص كضمان المضطر للطعام وإن كان فيه فضل وصرف المسافرون إلى غيره هلكوا لهم أخذه بالثمن ان كان شأنها البيع وان كرهوا وان لم يكن معهم ثمن وهم فقراء اختلف هل يتبعوا إذا أيسروا قياسا على من وجبت مواساته لفقره وان كانوا مياسير في بلادهم اتبعوا فان امتنعوا من دفعه أجاز ابن القاسم قتالهم لمنعهم الواجب وكرهه أشهب لأن أحد العملين لازم فلا يشرع القتال كالصيال
فرع - في الكتاب الناس أولى بفضل بئر الماشية وصاحب بئر الزرع أولى بفضله لأن القصد فيه للتمليك آكد
فرع - في الكتاب يجوز شراء شرب يوم أو يومين من عين أو بئر دون الأصل وشراء أصل شرب يوما أو يومين من النهر لأنه معلوم عادة ولا شفعة في ذلك اذا كانت الأرض قد قسمت فان لم تقسم وباع أحدهما نصيبه من الماء دون الأرض أو من الأرض دون الماء فلا شفعة وإنما الشفعة في الماء إذا لم تقسم الأرض تبعا لها لأنه قد يجري مجرى المكيل والموزون لا شفعة فيه
فائدة - قال صاحب النكت يروى نقع بئر ورهو بئر وهو الماء الواقف الذي لا يسقى عليه أو يسقى وفيه فضل ومنه قوله تعالى ( واترك البحر رهوا ) والماشية إذ لم تشرب الماء لا تأكل الكلأ فصار منع الماء منع الكلأ قال صاحب التنبيهات نقع البئر بالقاف الساكنة بعد النون المفتوحة هو المعروف وروي بالفاء وهو تصحيف وهو كل ما استقر فيها وقيل أصل مائها وقيل الجار تنهار بئره ولا يمنعه فضله لاحياء زرعه وقيل البئر بين الشريكين يبقى من نصيبه شيء ليس له منعه من شريكه وقيل الموضع الذي يلقى فيه ما يكنس من البئر وقيل مخرج سيل الماء والثلاثة الأول أصح لقوله في الحديث الآخر لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ وحمل بعض العلماء هذه الأحاديث على منع بيع الماء على العموم ونحوه في العتيبة والكلأ مقصور مهموز مفتوح الكاف العشب وما تنبته الأرض مما تأكله المواشي
فرع - في الكتاب لك أرض بين أرضه لك منع جري الماء في أرضك من أرضه لأرضه وكذلك لو كان له مجرى ماء في أرضك فأراد تحويله إلى موضع أقرب لأنك مالك لمنافع أرضك فلا يتصرف فيها إلا برضاك قال ابن يونس وعن مالك له أن يجري في أرضك لأنه مروي عن عمر رضي الله عنه وعلى هذا يجوز له التحويل لمكان أقرب قال اللخمي إذا أراد تحويله لموضع لا يضر أو أردت ذلك فعن مالك روايتان في المنع وعنه جواز التحويل دون انشاء المجرى حذرا من التحويل وعن أشهب ان أحييت بعده بين بئره وأرضه له إجراء الماء في أرضك لأنك منعته حقه وإلا فلا
فرع - في الكتاب لا يمنع من الصيد في البئر التي في أرضك من مكارم الأخلاق ولا تبيع سمكة سنة لأنه يقل ويكثر ولك بيع الخصب من أرضك ممن يرعاه عامة ذلك بعد نباته ولا تبيعه عامين للغرر قال ابن يونس قال سحنون لك منع الصيد لأنه في ملكك وحوزك وقال أشهب إن طرحتها فولدت فلك منعها لأنها من مالك وإلا فلا قال التونسي لو وقف غديرا في أرضه للحرث فهو أحق به لأنه منع نفسه منافعه وسحنون يجوز بيع حيتان الغدر مطلقا ولا يراعى أرضه لأنها في حوزه وملكه قال عبد الملك في مصائد الحيتان فيما هو في أرضهم وإلا فلا ولو عملوا مصائد من خشب ليس لهم الحجر على الناس لكن يبدؤون ثم الناس بعدهم قال صاحب البيان ليس لأحد الجماعة على النهر ان ينصب ما يمنع الحيتان عن غيره وليس هذا مما يستحق بالتقدم لأنه متكرر فان كان النصب إذا قلع ليس له قيمة خيروا بين أمره بالقلع والشركة فيه وإلا خيروا بين إعطائه قيمته مقلوعا أو الشركة فيه
فرع - قال صاحب البيان إذا كان في القرية غامر فأرادوا خرقه وينتفعون به قال ابن القاسم يقسمونه على قدر سهامهم إن ادعوه لأصل القرية لتتبع الأجزاء كما تبعت الجملة الجملة وعلى عدد الرؤوس ان ادعاه كل واحد لنفسه بعد أيمانهم كسلعة ادعاه اثتان وكساحة الدار ذات البيوت هذا إذا كان داخل القرية ولا يجوز للإمام اقطاعه لتعلق حقهم به قال أصبغ هذا إذا اجتمع جلهم أو من عليه عماد أمرهم والمشهور كفاية طلب بعضهم كالعرصة المشتركة وان كان خارج القرية فعن مالك وابن القاسم هو كالذي داخلها وقال أشهب لا يقسم وان اتفقوا لما فيه من الرفق لعامة المسلمين والاحتطاب والرعي الا أن يثبت أنه من خير قربتهم فيقسم على ما تقدم فان كان بين قريتين شرقية وغربية أو شمالية وجنوبية جرى على الخلاف في جواز قسمته غير أنه لا يقسم بالسهم بل يعدل بالقيمة ويجعل نصيب كل قرية مما يليها نفيا للضرر وبدخول بعضهم على بعض قال ابن حبيب الشعارى المتوسطة بين القرى لا تجري مجرى الموات يقطعها الإمام لتعلق حقوقهم بها إنما الموات العفاء وما لا يتناوله مواشيه وجوز الفضل إقطاع ما قرب من القرى فإن كان الغامر حذاء القريتين ليس بينهما فعلى الخلاف في جواز القسمة وإذا قلنا بها فلا يقسم بالسهم بل يعدل لكل قرية ما هو جارها ولا خلاف ان الفحص العظيم يرعى فيه الناس ويحتطبون لا يقسمه أهل المنازل المحيطة به ولا ان يرتدوا إلى غامرهم منه فيملكوه لضرر ذلك بالناس وإنما الخلاف فيما شأنه أن يكون من حيز المنازل وفي النوادر قرية فيها ذميون ومسلمون ولها بور قال ابن كنانة ان كانت عنوة فالبور للمسلمين لأن أهل الذمة لا حق لهم في العنوة قال سحنون هذا في بور ملكه أهل العنوة وحموه قال ابن كنانة فان كانوا صلحاء فالبور لأهل الذمة إلا أن يحوزه المسلمون عنهم الزمان الطويل لأن عقده الصلح يتناول الأرض وحريمها فإن قال أهل الذمة نحن أحق بالشعراء لانا على صلح والمسلمون على عنوة قال عبد الملك لأهل الصلح مع الشعراء ما يليهم بقدر ملكهم مع القرية ولا شيء لهم فيما بعد منها وما يلي المسلمون فلجماعتهم إذا لم يوقفوه - كما فعل عمر رضي الله عنه لمصر والعراق بقدر ملكهم من القرية مما قرب لأنه من حقوق القرى وما بعد موات والصلح والعنوة انما يدخلان في المعمور وحريمه فان جهلت القرية أصلح أم عنوة وفيها المسلم والذمي والوارث وغيره - وكل يدعى الشعراء لنفسه أو بعضها قسمت على عددهم من الذكر والأنثى والصغير والكبير ممن بلغ أن يكون له كسب لتساوي دعاويهم قال ابن القاسم إذا خرج أحد أهل القرية فبنى في أرض خارجها بأميال وسكن وبين موضعه وبين القرية شعراء كان هو وأهل القرية يرعون فيها فتشاحوا فالشعراء للقرية ولا أقسم له منها شيئا لأنها من حريم القرية وقد أعرض عن القرية فبطل حقه من حريمها
فرع - قال صاحب النوادر قال ابن القاسم خربة بين القرى لم تعمر منذ دخل العرب ولها بياض نحو ثلاثين إردبا وبئر فعمرها صاحبها أو ابتاعها منه وطال انتفاعهم جميعا بشعراء بين الخربة والقرى نحو ثلاثين سنة ثم تشاحوا فلا حق لصاحب الخربة في الشعراء ولو كانت مسكونة منذ دخل العرب فلها حق في الشعراء لأن العمارة هي التي توجب استحقاق الغريم وما عمر رب الخربة في الشعراء وهو يرى أنه له حق فله من أهل القرى قيمة عمارته ان كانت لم تعمر منذ دخل العرب وقال ابن نافع الخربة وغيرها سواء في الشعراء لأنه لا يوجب في الشعراء حقا بجوار وكذلك الكنائس العامرة والمحارس والصيد لا حق لها في الشعراء ولكن تترك للخرائب وبجميع ذلك من الشعراء طرقها وأفنيتها ومداخلها ومخارجها إلا أن تقوم بينة أن لها من الشعراء شيئا لأن هذه المواضع لم توضع للسكنى بخلاف القرى فلو عمر أهل الخرائب خرائبهم حتى صارت قرى قبل قسمة الشعراء فلهم مقاسمة القرى فيها كما لو أقطع الإمام في حواشي الشعراء مواتا فعمر قرية فله نصيبه من الشعراء إذا جاورها إلا أن يكون فيها النفر اليسير فلا يقسم لهم الا الاستطراق قاله ابن القاسم وسواها ابن نافع بالقرى في القسمة
فرع - قال قال عبد الملك ذمي له قرية وخربة باعهما من رجلين فتنازعا الشعراء التي بينهما يعطي للخربة حقها لأن مسلكه انتقل إليها على صورته في الحقوق بخلاف الخربة التي لا يعرف لها في الإسلام عمارة ولو قامت بينة ان هذه الخربة انجلى عنها اهلها كان لها حق
فرع - قال قال عبد الملك اشترى خربة واشترط غامرها فبناه وقطع شجره فظن أهل القرية أنه استحق ذلك بالإحياء ثم تبين أنه حق لهم فللمشتري التمسك بالخربة بقسطها من الثمن ويرجع بالفاضل وله رد الجميع لدخول العيب عليه وله أخذ عمارته فيما قطع منها فان بنى أو غرس فيها فله قيمة ذلك
فرع - قال قال عبد الملك قرية لها شعراء وأحاطت أرض بعضهم ببعض الشعراء فصار في وسط الأرض هو أحق بما أحاط به في أرضه من نواحيها كلها لئلا يتطرق على ملكه الطرق فان كان يدخل إليها من غير أرضه فلا لعدم الضرر والمروج والأحمية والأدوية في القري كالشعراء إذا أحاطت أرضه بذلك مع كل جانب
فائدة - الغامر بالغبن المعجمة ضد العامر بالعين المهملة كالصالح والطالح
فرع - قال صاحب البيان إذا عمر في غامر القرية غير أهلها بحضورهم فهو كمن حاز مال غيره وهو حاضر غير ان مدة الحيازة ههنا أطول مما يعتذ ربه من افتراق سهامهم وقلة حق كل واحد منهم ودون مدة الحيازة على الأقارب والأصهار وهذا ان ادعى شراء ذلك منهم أو هبة وإلا فليس ذلك له على أصل ابن القاسم ان عامر القرية لأهل القرية وعلى قول ابن وهب وغيره في أنه لا يكون لهم ولا بقسمه إلا أن يثبت أنه لهم فما عمره له وإذا أخرجوه هل له قيمة بنائه منقوضا أو قائما وهو الأنظر ان قاموا بحدثان العمارة النظر الثالث في التراحم في الحيطان والسقوف وغيرها ودفع الضرر في ذلك وفي الكتاب إذا أرسل في أرضه نارا فوصلت إلى زرع جاره فأفسدته فإن كانت بعيدة يؤمن وصولها وإنما حملها ريح أو نحوها لم يضمن لأنه لم يفرط وإلا ضمن لأنه متسبب ومن قتل فديته على عاقلته قال ابن يونس قال أشهب لو قاموا للنار ليردوها فأحرقتهم فدمهم هدر - لا دية ولا غيرها قال اللخمي وافق أشهب ابن القاسم في النار وخالفه في الماء وقال إن كان يسير الماء بالرد فأغفل حين تسريحه ضمن وان وليه الخدمة ضمن وان حبسه تحامل على الجسر بغير خرق ولا ضعف من الجسر لم يضمن وان كانت أرض جاره محسرة فتحامل الماء بالريح أو لزيادة لم يضمن لأنه ليس من سببه
فرع - في الكتاب يمنع فتح الكوة يكشف منها الجار وكتب عمر رضي الله عنه ان يوقف على سرير فإن نظر إلى ما في دار جاره منع نفيا للضرر وإلا فلا لأنه تصرف في ملكه ولا يمنع من رفع البنيان وان منع عنك الهواء أو الشمس لأنه تصرف يتوقع فيع غرض صحيح في ملكه بخلاف فتح الكوة ولأن الضرر لا يدفع عنك بضرره بل انت بالضرر أولى لعدم الملك قال ابن يونس قال ابن كنانة إلا ان يكون رفعه يضر بجاره ولا نفع له فيمنع لتعين الفساد وفي كتاب تضمين الصناع لو كانت الكوة قديمة لم يعرض من له ولو أضرت لرضاهما بذلك وقيل يمنع لرضاهما بما لا يحل وقال بعض أصحابنا يمنع من سد الطاقات ببنيانه وكذلك إذا أوجب لظلام المنزل أو منع الهواء خلافا لما في المدونة قال التونسي إلا الذي في نصب الأسرة لعله في موضع يمكن فيه نصب الأسرة واما المجارات فإنما يعتبر فيها ادراك القائم دار الجار فيمتنع وإلا فلا فان بنى جوار الأندر ما يمنع مهب الريح للتذرية منعه ابن القاسم في الأندر المتقادم لثبوت حقه في الهواء وهو المقصود منه لتصفية الزرع وإصلاحه بخلاف المسكن مقصودة السترة والصون وجوزه عبد الملك لامكان صرف منفعة الاندر إلى غير ذلك ومنع عبد الملك احداث الاندر حول الجنان لأنه يضره بتبن التذرية كاحداث الحمام والفرن ولا يمنع الدقاق والغسال يؤذيان جارهما بضربهما لخفته بخلاف نتن - الدباغ ويمنع ضرر تبن الأندر بالجنان - ولو كان الجنان طارئا كما كان له قبل البناء منعه من وقع التبن في أرضه وإذا لم يكن لك منعه من الكوة فلك أن تبني في ملكك ما تسدها به قاله ابن القاسم كما لو رفع البناء وان ستر الريح والشمس ومن له غرفة يطلع منها أو من كواها على جاره وهي قديمة قبل دار الجار لأن الجار إنما ملك معيبا وإن كانت أو الكوة محدثة أمر إزالتها أو سترها ولو كان بجارك يوم بنيت الغرفة أو كواها دار قائمة فأراد منعك لتوقع ضرره إذا بنى ليس له ذلك قبل البناء ولا بعده لأنها منفعة سبقته إليها وقال مطرف له منعك قبل البناء وبعده لنفي الضرر عنه فلو سكت قبل البناء له المقال بعده إلا أن تكون اشتريت الغرفة على ذلك وإنما له منعك في إحداثها قال عبد الملك إذا باع داره وقد أحدث عليه جاره الكوة أو مجرى ماء أو غيره فلم يخاصم حتى باع ليس للمشتري القيام لأنه إنما اشترى معيبا فحقه ساقط في العيب والضرر فلو خاصم ولم يتم له الحكم حتى باع فللمشتري القيام لأنه تنزل منزلته قال التونسي كيف يصح البيع قبل الحكم وهو شراء خصومة إلا أن يريد أنه لا خصومة في ذلك وان الأمر توجه للبائع فباع وأعلم المشتري ان له سد ما أحدث عليه وفي الكتاب ما أحدثه في عرصته من فرن أو حمام أو رحى ماء أو كير الحديد أو بئر أو كنيف منع من ذلك ما أضر منه بالجار واستخف اتخاذ التنور قال سحنون إذا قال أسد الكوة من وراء الباب أو بلبنة منع لأنه يشهد له بعد مدة فيقال لم يزل هذا الباب ههنا
فرع - قال اللخمي إذا أخذت إلى دارك شيئا مما بين الأندر من الرحاب والشوارع جاز إلا أن يضر بأهل الموضع أو المارة فيهدم قاله مالك لأن أصله على التمليك بالأحياء حتى يتعين الضرر وعنه الكراهة ان لم يضر فان نزل مضى وهو ظاهر قول ابن القاسم ومنعه سحنون وقال يهدم لقوله من اقتطع من طريق المسلمين أو أفنيتهم شبرا من الأرض طوقه الله يوم القيامة سبع أرضين وليس هو في الصحيح وللجواز قوله في البخاري إذا تشاحوا في الطريق فسبعة أذرع
فرع - قال التونسي قيل من دعا إلى قسمة بور القرية الذي يرتفق به أجيب لأنه حقه كفناء الدار بعد قسمة البيوت وقيل لا كالشارع وقيل إن كان داخلا في القرية وهي محتفة به قسم وإلا فلا
فرع - قال قال أشهب إذا حفرت في دارك ما يضر بجارك ليس لك ذلك - إذا وجدت منه بدا ولم تضطر إليه نفيا للضرر وإلا فلك لأنه يضربك تركه كما يضر به فعله وأنت مقدم بالملك ومنعه ابن القاسم وهو أولى لأن الجار سبق إلى تلك المنفعة فلا تفسدها عليه
فرع - قال ليس لك في الزقاق غير النافذ فتح باب ولا نقبه لقوة حق أهله فيه بانحصاره لهم ولك ذلك في النافذ ما لم تضيق الفناء ومنعه سحنون إذا كان قبالة باب رجل وإلا جاز ولك فتح حوانيت في دارك للشارع النافذ كالباب قاله ابن القاسم في المدونة لأن أصل الشوارع على الاحياء حتى يتعين الضرر وله تحويل بابه في بئر النافذ حيث لا يضر بجاره ومنع سحنون الحانوت في النافذ إذا أضر بالجار بجلوس الناس عليه
فرع - قال قال أصبغ لك شجرات في أرض رجل أراد التحجير على أرضه بجدار منع ان كانت مجتمعة لا يضر به تركها في القرب والبعد والسهولة وإلا فلا لأن الضرر إذا تعين على الشريكين حمل على أيسرهما نصيبا ويفتح لك بابا إليها ويكون غلقه بيدك إن طلبت ذلك وان كانت شجر كثيرة غياضا ليس له التحجير عليها لأن أكثر الضرر عليك
فرع - قال إذا أضرت شجرة جارك بجدارك وهي أقدم من جدارك على ما هو عليه اليوم من الانتشار لا تقطع لأنه إنما ملكت معيبا فان زادت الأغصان بعد بناء الجدار شمر ما أضر بالجدار مما حدث بعد البناء لأنه غير المدخول على ضرره وقال عبد الملك إذا كانت أقدم لا يتعرض لما زاد لدخوله على الزيادة وان كانت محدثة قطع منها ما أضر وأما الشجر التي تكون في الأرض بميراث أو شراء أو قسمة فامتدت حتى سترت الأرض بالظل فلا قول لصاحب الأرض لأن الشجر هذا شأنها في الأرض ووافقنا ( ش ) غير أن بعض الشافعية قال إذا كانت أغصان الشجرة الحادثة بعد البناء لينة يمكن كفها بلا قطع لإزالة الضرر بالكف وان لم يكن فلا يجب القطع بل يؤمر بإزالة الضرر فلعله يؤثر قطع الشجرة من أصلها لتبقى له الأغصان طوالا فإن امتنع فهل للمضرور الإزالة إن لم يكن قطع بخلا بالقيمة فله وإلا فلا بل للحاكم فلو انتقلت للدار المضرورة من صاحب الشجرة في ابتداء نشأتها ثم عظمت حتى أظلت لا مقال له لدخوله على ذلك وما أظن أصحابها يخالفونه في هذا الفقه فانه مقتضى القواعد وقد قال ابن يونس قال مطرف إذا حدث لها أغصان بعد بنيان الجدار تضر بالجدار شمر ما أضر بالجدار فقط مما حدث وقال عبد الملك يترك وان أضر لأنه قد علم ان هذا شأن الشجر ودخل عليه وكان هذا من حريمها قبل بناء الجدار وفي كتاب ابن حبيب ان عظمت الشجرة طولا إلى السماء فلا مقال كالبنيان يستر الريح والشمس قال أصبغ لك شجرة في أرض رجل فعظمت ارتفاعا أو انبساطا حتى أضرت بالأرض لا قول لصاحب الأرض
فرع - قال قال ابن القاسم إذا نبع من بئرك أو عينك في أرض جارك من غير سبب منه ليس لك سدها وان تسبب في ذلك سددتها وقال أصبغ إذا خرج في ارض جارك قضيب من شجرة في حائطك من تحت الأرض فصار شجرة خير جارك بين قلعها أو يعطي لك قيمتها لأنها من غير مالك المعصوم والماء لا يملك إلا بالحوز وما خرج منه لجارك لم تحزه ولو كانت إذا قطعت وغرست نبتت فلك قلعها ولا يخير وقال في المجموعة يعطيك قيمتها مقلوعة ما لم يضربك بأن تشرب من عندك وإلا فلك قلعها إلا أن يقطع عروقها المتصلة بشجرك وتعطى قيمتها مقلوعة
فرع - قال قال مطرف يمنع ما أضر بالناس من إحداث الأبرجة تضر بالزرع أو النحل تضر بالشجر وكذلك الدجاج والإوز الطيارة بخلاف الماشية لأن الاحتراس منها ممكن ودخل الناس عليه في العادة وجوز ابن القاسم اتخاذ النحل والحمام قياسا على الماشية وعلى أهل القرية حفظ زرعهم وشجرهم
فرع - قال قال مالك إذا سقط الجدار بينكما وهو لأحدكما لم يجبر على بنائه لأنه لا يجب عليه سترك بملكه أو لكما جبر الممتنع منكما على البناء مع صاحبه لأنه من أحكام الشركة وفي العتبية إذا كان لأحدهما فهدمه أو انهدم بغير فعله وترك رده ضررا - وهو قادر على بنائه جبر على رده فان عجز ستر الآخر على نفسه بالبناء في حقه وان هدمه للضرر اجبر على الإعادة أو هدمه لنفعه ثم عجز أو استغنى عنه لم يجبر قال ابن حبيب لا يجبر عند ابن القاسم إذا انهدم ويجبر عند ابن كنانة وأجمعوا على الإجبار إذا هدمه للضرر وعن ابن كنانة لا يجبر إذا كان لهما أيضا لأن الإنسان لا يجبر على تجديد ملكه وفي المجموعة إذا كان بينهما وانهدم بغير فعله لا يجبر ويخير في المشترك بين البناء والبيع والمقاسمة جمعا بين المصالح
فرع - قال إذا اختلفتما في جدار بينكما وعقد بنائه إليكما فهو لكما بعد أيمانكما لاسوائكما في السبب أو لأحدكما فقط فهو له أو منقطعا عنكما فلكما لاستوائكما وان كان لأحدكما فيه كوة فهو لمن فيه مرافقه وان كانت الكوة لكما فهو بينكما ولو كان لأحدكما فيه خشب - ولا عقد لأحدكما فهو لمن عليه حمله وإن كان حملكما عليه فهو بينكما فإن كان لأحد كما عشر خشبات وللآخر سبعة ترك على حاله لا يزيد أحدكما خشبا إلا برضى صاحبه وان انهدم بنيانه جميعا على حاله ويقال للممتنع بع الدار كلها ممن يبني واختلف قول سحنون في الحمل هل هو دليل أم لا وفي كتاب ابن سحنون إذا كان وجه البناء لأحدهما وللآخر ظهره فهو بينهما ولم يجعل وجه البناء دليلا والحائط لمن له الباب فيه وان لم يعلم لمن الباب فهو بينهما نصفان وقال أشهب إذا كان لأحدهما عليه عشر خشبات وللآخر خمسة أو خشبة فهو بينهما نصفان وقال من خالفنا هو لصاحب الكثير إلا موضع الخشبة وقال سحنون في الكوى غير المنفوذة نظر قال سحنون إذا كان حائط حذوه حائط وعقد أحدهما لأحدكما وعقد الآخر لجهة الآخر قضى لكل واحد بالحائط الذي إليه عقده وإذا أراد من له العقد وعليه حمل لغيره - البناء على الحائط امتنع ان ضر بحمل الآخر وإلا فلا وإذا كان حائط بينكما فأردت الحمل عليه ما يمنع الآخر حمل مثله عليه يمتنع إلا ان يأذن لك وان لم يمنعه من حمل مثله جاز وان لم يأذن قال عبد الملك لا فان أردت أن تحمل عليه ما لا يحمل الحائط مثله للآخر ويضعف الجدار واردت هدمه وبناءه للحمل عليه ما يحمل عليه للآخر مثله لك ذلك وإن كره لأنك تسعى في مصلحتكما و يبقى الجدار بينكما كما كان قال سحنون إذا كان لكما عليه خشب وخشبك أسفل من خشبه فأردت رفعه قبالته لك ذلك وان كره فان أنكر صاحب الأعلى أن يكون لصاحب الأسفل من فوق خشبه شيء صدق مع يمينه لحوزه لما فوق خشب الأسفل
فرع - قال إذا اعتل السفل وأردت اصلاحه فعليك تعليق الأعلى ببناء أو غيره لأن عليك العمل وكذلك لو كان على العلو علق بحمل الأعلى على الأوسط إذا اعتل الوسط
فرع - قال قال سحنون إذا أردت تلبيس حائطك من دار جارك ليس له منعك لأنه يجب عليه تمكينك من ملكك كما لو ألقت الربح ثوبك في داره ليس له منعك من الدخول له أو يخرجه إليك
فرع - قال قال سحنون إذا كانت خربة بين الدور فامتلأت من قمامة الناس وأضر ذلك بجدار جار الخربة فطالب صاحب الخربة بإزالة الضرر عنه بالتنظيف فقال ليس هذا من ترابي لا ينفعه ذلك وينظف لأن الضرر الآن من جهته وقال أيضا على الجيران كنسه يؤخذ الأقرب فالأقرب على الاجتهاد
فرع - قال إذا ارتدم السفل من الطريق وضاق عليه مدخله فعلى صاحب العلو أن يوسع له في هواه وبنيانه بثمن يدفعه إليه قاله ابن عبدوس وقال أيضا في قناة رجل تجري على آخر فاحتاج الذي تجري عليه القناة لردم لاداره لأن الطريق علت عليه له ذلك ويقال لصاحب القناة أعل دارك ان شئت وإلا فلا شيء لك وقال ابن اللباد القياس ألا يفعل الا باذن صاحب القناة لحقه في جري القناة
فرع - قال قال يحيى بن عمر إذا نقل المطر ترابك فسد به على آخر مخرجه لا تجبر على نقله لأنه ليس من فعلك بل لك نقله لأنه ملكك
فرع - قال إذا كانت دار بجنب دار مشتركة فأراد غلق باب الدار المختصة به وفتحه في الدار المشتركة لشريكه منعه لحقه في موضع الفتح قاله مالك وجوز فتحه في حائط دار نفسك لتدخل دار الشركة قال وفيه نظر لأنه يطول الأمد فيظن ان فتحه حق على دار الشركة ولو قسمت الدار المشتركة فأردت غلق بابك وفتحه في النصف الذي حصل لك قال مالك ان أردت الرفق جاز أو تجعله ممرا للناس امتنع لضرر الشريك في نصفه قال ومراده أنك تخرج من ذلك الباب إلى باب دارك لأنك تخفف عن صاحب النصف الآخر بعض المرور فقد كان لك سكنى نصيبك وتخرج بأهلك منه أما لو عطلت الخروج من باب دارك امتنع لأن ضرر عيالين أكثر من ضرر عيال
فرع - في الجواهر يجوز إخراج الرواشن والأجنحة على الحيطان إلى طريق المسلمين لأن عمر رضي الله عنه قضى في الأفنية لأرباب الدور وفسره ابن حبيب بالانتقال من المجالس والمرابط وجلوس الباعة فيها للبياعات الخفيفة دون الحيازة بالبنيان والتحظير والسكة المستدة كالملك المشترك بين سكان السكة يمنع إخراج الجناح اليها وفتح باب جديد فيها إلا برضاهم ولو فتح باب دار له أخرى إلى داره التي في السكة المستدة ليرتفق به لا ليجعله كالسكة النافذة جاز قاعدة حكم الاهوية حكم ما تحتها فهواء الوقف وقف وهواء الطلق طلق وهواء الموات موات وهواء المملوك مملوك ومقتضى هذه القاعدة ان يمنع بيع هواء المساجد والأوقاف الى عنان السماء لمن أراد غرس خشب حولها ويبنى على رؤوس الخشب سقفا وبنيانا وان يمنع اخراج الرواش لأنها في هواء الشارع الذي يمنع فيه الاختصاص غير ان المنع ثمة لنفي الضرر وإلا فأصله موات يقبل الأحياء ولاضرر في هوائه فيجوز التصرف فيه
فرع - قال قال سحنون لك داران متقابلان على يمين الطريق وشماله لك أن تبني عليهما سباطا تعمل عليه غرفة ونحوها
فرع - قال الجدار لك بين الدارين لا يتصرف فيه جارك إلا بإذنك فإن استعاره لوضع جذعه عليه لم تلزمك الإعارة لأن الإنسان لا يجبر على دفع ملكه إلا لضرر الغير ولا ضرر ههنا ولهذه القاعدة حمل قوله لا يمعن أحدكم جاره من وضع خشبة على جداره على الندب وإذا أعرت لا ترجع إلا لضرورة تعرض لجدارك ولم ترد الضرر لأن العارية تمليك منافع وروي ليس عليك نزعها وان طال الزمان احتجت إلى جدارك أم لا مت أو عشت بعت أو ورثت حملا للنهي في الحديث على التحريم ووجوب تمليك المنفعة واما الجدار المشترك ليس لأحدكما الانتفاع إلا برضى صاحبه لأنه تصرف في ملك الغير ويجبر على قسمه عند التنازع الممتنع منهما تحصيلا للانتفاع بالملك وقال أصبغ لا يقسم إلا عن تراض وبالقرعة لتوقع الضرر في قسمة الجدار ويجبر الممتنع من العمارة بين العمارة والمقاواة والبيع ممن يعمل أو يباع عليه من حقه ما به يعمل باقي حقه ولا تمنع أنت من الانتفاع بحقه لضرره بذلك وأما ما ينقسم فيقسم بينكما واختلف في الحائط بينكما يحتاج للاصلاح قيل يجبر الممتنع نفيا للضرر وقيل لا بل يصلح من أراد في حقه
فرع - قال إذا انهدم السفل والعلو جبر صاحب السفل على البناء أو يبيع ممن يبني حتى يبني صاحب العلو لأن عليه حمل العلو وعليه الخشب والجريد قال أشهب وباب الدار قال ابن القاسم وعليه السلم إذا كان له علو حتى يبلغ علوه ثم على صاحب العلو الأعلى وقيل على صاحب السفل بناء السلم إلى حد العلو فإن كان عليه علو آخر فعلى صاحب العلو الأوسط بناء السلم من حد العلو إلى سقف الذي عليه علو الآخر لأن الأسفل أبدا عليه الحمل والتمكين من منافع العلو
فرع - قال ومن له اجراء ماء على سطح غيره فالنفقة في السطح على مالكه دون صاحب المجرى لأن عليه التمكين وسقف السفل لصاحب السفل ولصاحب العلو الانتفاع به وليس لصاحب العلو الزيادة في البنيان وله رفعه
فرع - قال يجوز بيع حق الهواء لإخراج الأجنحة من غير أصل يعتمده البناء
فرع - قال حق المسيل ومجرى الماء وحق الممر وكل حق مقصود على التأبيد لأنه ملك
فرع - قال إذا انهدمت الرحى فأقمتها وامتنع الباقون فالغلة كلها لك عند ابن القاسم وعليك أجرة انصبائهم جزافا وقال عبد الملك الغلة بينكم ولك من أنصبائهم ما انفقته لأنك تنتفع بملكهم عامرا وقال ابن وهب أنت شريك بما زاد عملك على جزئك المتقدم في غلة الرحى ولك أجرة ما أقمت في حصص أصحابك بأن تقوم الرحى غير معمولة فيقال عشرة وبعد العمل خمسة عشر فلك ثلث الغلة والباقي بينكم وعلى الذي لم يعمل ما ينوبه من الأجرة للعمل في قيامه بغلتها ثم أراد الدخول معك أعطاك ما ينوبه من قيمة ذلك يوم يذفع ذلك إليك
فرع - قال إذا ادعيت على رجلين دارا فصدقك أحدهما فصالحته على مال للآخر الأخذ بالشفعة لأن الصلح بيع
فرع - قال إذا تنازع صاحب السفل والعلو السقف صدق صاحب السفل لأن اليد له كالحمل على الدابة يصدق صاحبها دون الأجنبي ويصدق راكب الدابة دون المتعلق بلجامها ولأن البيت لا يكون بيتا إلا بسقفه ولو كان السفل بيدك والعلو بيد آخر - وطريقه في ساحة السفل - وتداعيتما الدار كلها قال أشهب الدار لك إلا العلو وطريقه لليد بعد أيمانكما أو نكولكما أو نكول أحدكما فيقضى للحالف منكما
فرع - قال من سبق إلى موضع مباح له الجلوس فيه فلا يزعج منه لأنه أحق بالسبق
فرع - في الطرق والمساجد قال وينتفع بالمساجد بالصلاة والجلوس والذكر والقراءة والانشغال بالعلوم الشرعية والاعتكاف وخفف في القائلة والنوم فيها نهارا للمقيم والمسافر والمبيت للمار ولا ينبغي ان يتخذ المسجد مسكنا إلا رجل مجرد للعبادة فيه وقيام الليل وأرخص مالك في طعام الضيف في مساجد البادية لأن ذلك شأن تلك المساجد وكره وقود النار وأجاز العلو مسجدا ويسكن السفل ولم يجز العكس لأن ما فوق المسجد له حرمة المسجد لأن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان إذا بات على ظهر المسجد لا يقرب فيه امرأة وأرخص في المرور فيه المرة بعد المرة دون جعله طريقا وكره دخوله بالخيل والبغال والحمير التي ينقل عليها إليه خشية أرواثها ولم يكره الإبل لطهارة أبوالها وكره البصاق فيه على الحصى والتراب ثم يحكه واتخاذ الفرش للجلوس أو الوسائد للإتكاء لأنه ليس من شأن المسجد ورخص في الخمر والمصليات والنخاخ لأنه كانت له خمرة ويمنع تعليم الصبيان ودخولهم له إلا للصلاة لقوله جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم وخصوماتكم وسل سيوفكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وجمروها أيام جمعكما ويكره البيع والشراء وسل السيف ورفع الصوت وإنشاد الضالة والهتف بالجنائز وكلاما يرفع فيه الصوت حتى بالعلم لأنه من قلة الأدب عند الأماثل وعند منازلهم قال ابن حبيب قد كنت أرى بالمدينة رسول أميرها يقف بابن الماجشون في مجلسه إذا استعلى كلامه وكلام أهل المجلس في العلم فيقول يا أبا مروان - اخفض من صوتك ومن جلسائك - وقد قال لا تمر في المساجد بلحم ولا تنفذوا فيها النبل بمعنى الإدارة على الظفر ليعلم استقامتها ولا تزين بالقوارير أي الزجاج قال ابن حبيب انا نكره القوارير التي عملت بمسجدنا بقرطبة كراهة شديدة بل ينبغي أن تعمل على باب المسجد لقوله اجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم وأقبح من ذلك ما فعل بقرطبة من فتح أبواب المياضي في المسجد بل تفتح خارجه على حدة وقد نبه الله تعالى على جميع ذلك بقوله تعالى ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) ورفعها تعظيمها واجلالها عما لا يليق بها
فرع - في الكتاب من حفر بئرا بعيدة من بئرك فانقطع ماء بئرك لذلك فلك ردم بئره نفيا للضرر
فرع - قال ابن يونس قال ابن القاسم إذا أحدث فوق الرحى القديمة رحى وأضرت ببعض طحن القديمة أو بتكثير مؤنها أو ضرر بين مع ذلك فإن أشكل أمرها أذن له بشرط ان أضرت نقصت ولو عمل بغير حكم فتبين الضرر والأول ينظر إليه فلم ينكر ثم قال ما ظننت أنه يضرني فان كان مثله لا يخفى عليه ذلك لم يسمع قوله وإلا حلف ما سكت رضى وأزيل الضرر عنه وقال بعض أصحابنا إذا اجتهد الحاكم بقول أهل المعرفة فأذن ثم تبين الضرر فهو حكم مضى ولو تركه الأول حتى بنى ثم طلب إزالة الضرر لم يهدم لأنه تركه حتى أنفق النفقة العظيمة وقيل يهدم ولو خربت رحى فبنى آخر رحى تضر بالأول لو أعيدت ان كان خرابا دائرا لم يمنع وان لم يصل الاضرار إلى حد التعطيل لم يمكن إن أراد الأول إعادة رحاه وإلا فلا قال أصبغ فإن ابتدأا رحائين في أرضهما فلما فرغا أضرّ أحدهما بالأخرى إن تقدم أحدهما بماله بال ثم عمل الآخر فسبقه أم لا منع إن كان المضر وان لم يسبق أحدهما لم يمنع فإن تبين الضرر منعا معا
فرع - قال لو أذن له في تجربة الماء في أرضه لرحاه ليس له منع ذلك بعد لأنها عطية ما لم تؤقت فلك الرجوع بعد الأمد وان سمى عارية فله أمد ما كان لمثله
فرع - قال في الكتاب من حفر حيث لا يجوز له ضمن ما يعطب في حفيره من دابة وانسان
فرع - قال صاحب البيان إذا هارت البئر تمتنع قسمة الزرع مع الأرض لأنه بيع الزرع قبل طيبه حتى يقتسماه بالكيل بعد الدراس ويبيع أحدهما نصيبه من الأصل والماء ويقاسمه الأرض ويجبر الممتنع على العمل مع صاحبه أو المقاسمة
فرع - قال إذا ملك بجوار جدارك خليجا يجري فيه السيل فهدم جدارك فعلى صاحبه بناؤه ان كنت لا تسقي منه كسائق الدابة وان كنت تسقي منه فلا لأنكما سقتما الماء فيه قال وأصل المذهب وجوب القيمة في العروض وبالجدار عرض وإنما وجب البناء لأن القيمة قد لا تقيم الجدار على حاله فلا ينجبر الخلل فيغرم ههنا أكثر من القيمة فهذه المسئلة مستثناة من العروض في وجوب المثل كمستهلك فرد من زوج لا تلزمه قيمة بل قيمة ما نقص الجميع وكجلد استثنى فاستحق المشتري الحيوان فإنه يقضي فيه بالمثل وكفرق الثوب خرقا يسيرا قاله بعض الشيوخ في وجوب المثل وليس كذلك لأنه لا يلزمه مثل البناء باليا لتعذر ذلك وكذلك الرفو هو لم يستهلك رفوا وإنما أخرق الثوب
فرع - قال بئر بينكما اقتسمتماه ساقيتين فارتفع التراب تحت دلائك حتى تعذر السقي ان كانت عادة في التنظيف حملتهما عليها والا فالكنس عليكما لأن ترابك من عنده ومن عندك
فرع - في النوادر قال مالك إذا نقص ماء البئر أو العين فأراد أحد الشريكين العمل فإن عمل الآخر وإلا باع ممن يعمل أو يعمر الطالب فما زاد عمله فهو له حتى يأخذ نصف النفقة قال ابن القاسم كل أرض مشتركة من أصول أو زرع هارت بيرها يقال للممتنع اعمل مع صاحبك أو بع حصتك من الأصل فتأخذ حصته أو يأخذ حصتك فمن أراد عمل أو ترك ومن عمل له الماء كله حتى يعطيه شريكه ما ينوبه من النفقة وان كان بينهما وأما الأرض المقسومة أو الشجر المقسوم أو الزرع لرجل في أرض بينهما مفروز إلا ان ماءهما واحد فتهور البئر أو تنقطع العين لا يكلف الممتنع النفقة مع شريكه فان عمل الآخر فله الماء كله إلا أن يعطيه نصيبه من النفقة قال سحنون هذا في البئر التي ليس عليها حياة ولا نخل أما ما عليها ذلك فيجبر للممتنع على العمل أو البيع ممن يعمل وإلا يبع عليه قال مالك ان كان البئر خربا أو العين فلا يجبر الممتنع إنما يجبر حيث يبقى بقية من الماء فلو لم يجبر فسدت بقيته فهو ضرر بخلاف الأول
فرع - في الكتاب إذا انهارت البئر أو العين فأصلحتهما وأبى شريكك لك منعه الماء ان كان فيه فضل حتى يعطيك نصيبه من النفقة لأن الماء نشأ عن نفقتك كما ينشأ عن ملكك وإذا احتاجت البئر للكنس أو القناة وتركه ينقص الماء أو لا يكفي ماؤها مريد الكنس فلمريد الكنس الكنس وهو أولى بما زاد الماء بكنسه دون الشريك حتى يؤدي نصيبه من النفقة وكذلك بئر الماشية قال ابن يونس وقع في المستخرجة إذا استدت القناة في أولها ينقيها الأولون دون من بعدهم أو في آخرها ينقيها الأولون مع الآخرين وهذا إنما يصح في قناة المرحاض لأنها إذا استدت في أولها يكون باقيها غير مسدود فالضرر يختص بالأولين وفي آخرها يتضرر الجميع بانحباس اتفال الأولين والآخرين وأما قناة الزرع والطاحون يتضرر الجميع بانسداد أولها فالإصلاح عليهم وأي من تم نفعه ببعض الإصلاح كان بقية الإصلاح على الثاني فإن كمل نفع الثاني فعلى الثالث ثم كذلك وعلى قول ابن القاسم يقال للشريك عمر أو بع حصتك من الأرض أو قاسمه إياها قال ابن نافع هذا في البئر ليس عليه إحياء زرع ولا نخل ولا غيره فلا يجبر على الإصلاح كصاحب السفل مع صاحب العلو وقال أشهب إذا كان البئر يخشى خرابه يجبر الشريك نفيا للضرر وان كان خرابا لم يجبر إذ لا يترتب على عدم العمارة خراب ومن أعمر فهو أحق بالماء حتى يعطيه الآخر حصته من النفقة فيكون الماء بينهما في المستقبل ولا شيء عليه فيما مضى لأنه أسقط حقه بعدم الموافقة وعن مالك إن قل الماء فيبقى ما يكفي أحد الشريكين وصاحب القليل دون صاحب الكثير لا يجبر صاحب القليل ويعمل الآخر ولصاحب القليل بقدر حصته قبل العمل حتى يعطي حصته من النفقة قال ابن نافع قال مالك يعطيه حصته من النفقة يوم انفق وإنما أقول قدر قيمة العمل فيقوم يوم يقوم وقد بلي لأنه من اليوم تملكها فلا يحسب عليه جديدا لئلا يؤخذ منه ثمن ما انتفع به غيره وفي المسئلة أربعة أقوال قول انهارت البئر أو نقصت لمريد الاصلاح الاصلاح وهو أحق بالماء حتى - يعطيه شريكه حصته فان كانا شريكين فيما يسقى من نخل أو كرم خير الممتنع بين العمل والبيع والمقاسمة في الأصل فيعمل من أراد أن يكون له الماء كله حتى يعطيه الآخر حصته من النفقة وقيل ان كانا شريكين فيما يسقى به لم يخير الممتنع بين العمل والبيع كصاحب السفل والحائط بين الرجلين إلا أن يكون بئر لا حياة عليه وقيل إنما يؤمر بالعمل إذا لم يخرب البئر اما الخراب فلا وقيل إن كانت من الزرع لا تنقسم - وقد زرعاها جبر الممتنع على البيع لتعذر القسمة وان لم تكن مزروعة وفيها نخل لا ثمر فيها حتى تجوز قسمتها خير بين القيمة والبيع والعمل وان كان النخل منقسما ولم تبق الشركة إلا في غيرها فيحتمل أن يكون هو المراد بقوله لا يجبر على العمل بل يعمل صاحبه وهو أحق بما زاد الماء لعدم الشركة في الأصول فلا يكلف بيع أصوله لشركتهما في البئر وظاهر كلام سحنون أنهما سواء ويخير بين العمل والبيع كالسفل والعلو والحائط بينهما وقد اختلف في الرحى تنهد فيقال للأبي إما أن تبني أو تبيع فلو عمل أحدهما واغتل غلة كثيرة قال ابن شعبان للعامل من الغلة بقدر ما انفق وما كان له قبل أن ينفق والبقية للآخر وعن ابن القاسم الغلة كلها للمنفق حتى يدفع قيمة ما عمل كالبئر يغور ماؤها وعنه يستوفي من الغلة نفقته ثم يكون بينهما واختار عيسى ان الغلة كلها للعامل وعليه كراء نصيب الآخر فيما هو باق قبل العمارة وله دفع حصته من النفقة والدخول معه إلا أن يكون بحدثان العمل فالأشبه قول ابن دينار وقول عيسى قال اللخمي المجراة إما من أول العين إلى المغلق أو بين البساتين أو موضع مصالة الماء فالأول على عددهم عند ابن القاسم وعلى الأنصباء عند أصبغ وإذا استدت من الأول إلى الثاني فالإصلاح على الأول لأنه من سببه وان استدا جميعا قيل يغرم الأول مع جميعهم والثاني مع الثالث فيغرم كل واحد مع ما بعده إلى آخرهم وقال يحيى بن عمر يغرم كل واحد ما يكون منه إلى ما يليه خاصة لا يشارك أحدا ممن قبله وان كان السد في المصالة خارجا عن جميعهم فهو منهم وما حدث بين البساتين مما نزل من العين فإزالته علو من هو عنده إلى من بعده دون من قبله إذا لم يكن عنده سد وأرى إذا كان السد من سببهم قسمت النفقة على قدر ما يرى ان لكل واحد فيه واختلف في قنوات الديار قال سحنون الكنس على الأول حتى يبلغ الثاني ثم الأول والثاني حتى يبلغ الثالث ثم الجميع حتى يبلغ الرابع هكذا حتى الأخير وفيه خلاف وكنس قناة المطر على عدد الديار وقناة الاتفال على عدد العيال وان كان سفل وعلو وتجتمع الأتفلال في بئر السفل وبئر الشركة فالكنس على عدد الجماعة فان كانت ملكا لصاحب السفل فعلى صاحب السفل عند ابن القاسم وأشهب لأنه ملكه كما يصلح السقف لصاحب العلو وعلى عدد الجماجم عند ابن وهيب لأنها اتفالهم واصلاح ما فسد من رقبة البئر على صاحب السفل لأنه ملكه وبئر السفل اصلاح ما يكنس فيه من المجرى عليهما لأنه منهما وما نقص بسبب الدار أو من الرمل فعلى صاحب السفل فان امتنع وتعطل أصلح صاحب العلو وهو أحق بمائه حتى يعطيه ما أنفق

كتاب العارية
وفيها مقدمة وبابان المقدمة في لفظها العرب وضعت لأنواع الإرفاق أسماء مختلفة فالعارية لتمليك المنافع بغير عوض وبعوض هو الإجارة والرقبى إعطاء المنفعة لمدة أقصرهما عمرا لأن كل واحد منهما يرقب صاحبه والعمرى تمليك المنفعة مدة عمره والعمر بضم العين وفتحها البقاء فهما أخص من العارية والإفقار عرية الظهر للركوب مأخوذ من فقار الظهر وهي عظام سلسلته والإسكان هبة منافع الدار مدة من الزمان هذه أسماء الإرفاق بالمنافع وفي الأعيان الهبة تمليك العين لوداد في مدة الحياة احترازا من الوصية والصدقة تمليكها لثواب الآخرة والمنحة هبة لبن الشاة والعرية هبة ثمر النخل والوصية تمليك بعد الموت والعطاء يعم جميع ذلك فهذه عشرة أسماء
الباب الأول في أركانها وهي أربعة
الركن الأول المعير وفي الجواهر لا يعتبر فيه إلا كونه مالكا للمنفعة غير محجور عليه في التبرع لأن العارية تبرع فتصح من المستعير والمستأجر وفي الكتاب لا يعير العبد إلا بإذن سيده الركن الثاني المستعير وفي الجواهر لا يعتبر فيه الا كونه اهلا للتبرع عليه الركن الثالث المستعار وفي الجواهر له شرطان الشرط الأول أن يكون منتفعا به بعد بقائه فلا معنى لاعارة الأطعمة ونحوها من المكيلات والموزونات بل ذلك قرض لا يردها الا بعد استهلاكها وكذلك الدنانير والدراهم قال اللخمي إن أعارها لصيرفي ليقصده لزبون أو لمدبان لتقف عنه المطالب فتظن به المالية يضمن الا ان تقوم البينة على تلفها أو ردها وان استعارها ليتصرف فيها ضمنها بالقرض لأنها قرض الا أن يقول أتجر فيها ولك الربح ولا خسارة عليك فهو كما قال وفاء بالشرط اذا ادعى الخسارة فيما يشبه ولا يصدق في الضياع الا أن تقول وأنت مصدق في الضياع أو يقول هي على حكم القراض إذا لم يكن ربح - قاله ابن القاسم وأشهب وقال سحنون يضمن الخسارة وعلى هذا يجري الجواب في عارية المكيل والموزون وفي الكتاب من استعار دنانير أو فلوسا فهو سلف مضمون ومن حبس عليك مائة دينار لتتجر بها أمدا معلوما ضمنت نقصها كالسلف وان شئت قبلتها أو رددتها فترجع ميراثا الشرط الثاني ان تكون المنفعة مباحة شرعا فلا تعار الجواري للاستمتاع ويكره استخدام الإماء الا من المحرم أو النسوان أو غير البالغ الاصابة من الصبيان ويمتنع استخدام أحد الأبوين بالعارية بل تكون منافعهما لهما حينئذ دون ولدهما ولا يعار العبد المسلم من الكافر قال اللخمي من صح ملكه من الأقارب جاز استخدامه ومن لا فلا ومنافعه له دون من وهبت له وتجوز عارية الأمة لمن حرمت عليه بوطء القرابة وللأجنبي المأمون المتأهل فان فقدت الأمانة أو التأهل امتنع لقوله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس بينه وبينهما محرم فان نزل مضى وبيعت الخدمة من مأمون أو امرأة ان لم يقصد المعير عين المستعير ولو علم أن أمته تسلم لغيره لم يعرها فله الرجوع فيها الركن الرابع ما تقع به العارية من قول أو فعل وفي الجواهر هو كل ما دل على نقل المنفعة بغير عوض قال اللخمي وثم هبات متقاربة اللفظ مختلفة المعنى حمل بعضها على هبة الرقاب وبعضها على هبة المنافع فيحمل قوله أسكنتك وأخدمتك وأعمرتك على منافع المخدم والمسكن ويحمل كسوتك هذا الثوب وحملتك على هذا البعير أو الفرس على هبة الرقاب وفي الجواهر اذا قال أعني بغلامك يوما وأعينك بغلامي يوما ليس بعارية بل إجارة واحد العملين أجرة الآخر واغسل هذا الثوب استعارة لبدنه وان كان شأنه الأجرة في عمله استحقها
الباب الثاني في أحكامها
وهي مندوب اليها لقوله تعالى ( وافعلوا الخير ) ولقوله تعالى ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) كل معروف صدقة وقيل في قوله تعالى ( ويمنعون الماعون ) أنه ماعون البيت وقيل الزكاة لقرينة الذم قال اللخمي وتحرم إذا كانت تستعمل في محرم لقوله تعالى ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) فلا تعار الدابة لمن يركبها لضرر مسلم
فرع - قال الطرطوشي في تعليقه العارية والرهن والأجير المشترك سواء في الضمان وعدمه فان قامت البينة فقولان - كان مما يغاب عليه أم لا والمذهب عدم الضمان وان لم يعلم الهلاك الا من قوله ضمن ما يخفى كالثياب اتفاقا وفيما لا يخفى كالحيوان قولان وضمن ( ش ) مطلقا وعكس ( ح ) مطلقا ومنشأ الخلاف النظر إلى خلوص المنفعة للمستعير فيضمن أو إلى أنها قبض بإذن المالك من غير عوض فلا يضمن أو ملاحظة شبه الأصلين احتج ( ش ) بما في أبي داود أن صفوان بن أمية قال قال لي بعد فتح مكة هل لك من سلاح أو أدرع في غزوة حنين فقلت أغصبا يا رسول الله أم عارية فقال بل عارية مضمونة مؤاداة ولقوله على اليد ما أخذت حتى تؤديه واستعار بعض نسائه قصعة فغرمها ولأنه قبض لينتفع من غير إذن في إتلاف فيضمن كالغصب والسوم والقرض وقبض البيع الفاسد ولأن كل قبض لو كان من الغاصب أوجب الضمان فإذا كان من المالك يوجبه لأن المستعير من الغاصب وهو يظنه مالكا والمستام من المالك يضمنان ولا يرجعان على الغاصب كالغاصب بخلاف المستأجر والمستودع والموصى بخدمته لا يضمنون من المالك وان ضمنهم المالك اذا قبضوا من الغاصب رجعوا على الغاصب لأنها ليست جهات ضمان بخلاف المستعير لا يرجع على الغاصب اذا ضمنه المالك وهذه النكتة قوية جدا تقضي على مدارك عدم الضمان ولان اليد ان كانت يد ضمان ضمن ما لا يغاب عليه كالغاضب أولى فلا يضمن كالوديعة والجواب عن الأول أنه روي قلت يا رسول الله أعارية مضمونة أم عارية مؤداة فقال بل عارية مؤداة فنفى عنها الضمان وتحتمل تلك الرواية أن تكون التزاما للضمان لا إخبارا عنه فلا يتعدى لغيره وروي أنه كان وديعة عنده لأهل مكة وعارية لمالا يملك يضمن أو معناه مضمونة الرد احترازا من الغصب فإنه لم يلتزم رده ويحمل قوله مؤداة على نفس الدفع ومضمونة على حمل مؤونة الرد من الأجرة وغيرها فلا تلغى إحدى العبارتين وفي الحديث فقدت بعض أدراعي فقال إن شئت ضمناها لك ولو كان الضمان صفة للعارية لم يعلق على مشيئته وإنما ضمنها حسن عشرة وترغيبا له في الإسلام أو مضمونة إذا لم يثبت هلاكها أو غير مضمونة إذا ثبت أو مضمونة لأنه أخذها بغير إذنه لمصلحة المسلمين ولذلك قال أغصبا يا محمد وعن الثاني ان على اليد يحتمل ضمان التلف وضمان الرد والثاني متفق عليه فيحمل عليه لأن حمل كلام الشرع على المجمع عليه أولى ولأن ضمان التلف يلزمه ضمان الرد من غير عكس فهو الثابت في جميع الضرر فيحمل عليه تكثيرا لفوائد كلام الشرع ولأن الضمير في تؤديه عائد على العين لا على القيمة وعن الثالث أنه روي أنه كان فيها طعام فسقطت من يدها فانكسرت وهو موجب للضمان عندنا وقيل أهدتها إليه بعض أزواجه فاستلذ الطعام فغارت عائشة رضي الله عنها فكسرتها عمدا أو يكون غرمها حسن عشرة وعن الرابع ان الأجزاء في تلك الصورة مضمونة بخلاف العارية والغصب عدوان وبقية الصور تعويض بخلافها وعن الخامس أنه ممنوع لأنا لا نضمن المستعير من الغاصب والمستوهب والمشتري إذا لم يعلموا وهلك بأمر سماوي وانما يتبع المالك الغاصب وان تلف بفعلهم وهم لا يعلمون رجع أيضا على الغاصب إن كان مليئا أو معدما رجع عليهم ولا يرجعون عليه إنما يلزم هذا الحنفية لأنهم يسلمونه ثم هي منقوضة بالأجزاء للمستعير من الغاصب يضمنها ومن المالك لا يضمنها ثم يضمنون المستودع من الغاصب بخلاف المالك وعن السادس ان اليد يد أمانة من جهة الاذن وعدم العوض ويد ضمان من جهة أنه قبض لحق نفسه بخلاف الوديعة ففارق الغاصب بالإذن والبيع الفاسد والمستام بالعوض والوديعة بأنه ينتفع فقوبت شائبة الضمان فيما يغاب عليه بالتهمة فضناه وشائبة الأمانة بظهر العين فلم نضمنه فالضمان وعدم الضمان لكل واحد من المجموعين لا باليد من حيث هي يد فلا يلزم من كون اليد غير مضمنة ألا يضمن وعنه ليس على المستعير غير المغل ضمان يعني المعتدي من الغلول لأنه يقال غل وأغل وبالقياس على العبد الموصى بخدمته والعين المستأجرة وقياسا للجملة على الأجزاء بجامع الاذن
فرع - قال ابن يونس قال ابن القاسم ان ادعى الهلاك أو السرقة أو الحرق أو الكسر ضمن وعليه فيما أفسد فسادا يسيرا ما نقصه أو كثيرا ضمن قيمته كله لأن الأقل تبع للكثير إلا أن تقوم بينة ان هلاكه من غير سببه لأن الضمان كان للتهمة ومتى فرط ضمن فان استعارها بلجامها وسرجها فقال ضاعت بعدتهما قال محمد ضمن السرج واللجام دونها لأنها يغاب عليهما
فرع - قال قال ابن حبيب ان استعار بازيا للصيد فزعم أنه مات أو سرق أو طار صدق مع يمينه لأنه حيوان
فرع - قال فإن اشترط الضمان في الدابة بطل الشرط لمخالفته للعقد في الحيوان الا ان يخاف ربها من لصوص في الطريق ونحوه فيضمن ان هلكت فيما يغاب عليه وإلا فلا ولم يضمنه أصبغ مطلقا
فرع - قال اللخمي العواري خمسة أقسام ما لا يبان به كالديار وما يبان به ولا يغاب عليه كالسفن فغير مضمونين وما يغاب عليه وهو مستقل كالعبيد والدواب فهل يضمن خلاف وما يغاب عليه وليس مستقلا بنفسه كالثياب والحلي والخامس المكيل والموزون فهما مضمونان فإن سقطت الدار أو بيت منها لم يضمن ويصدق أنه ليس من فعله ويصدق في النقض بعد سقوطه لأنه لم يدخل على الضمان فان تبين أنه لم ينهدم بنفسه لجدته ولا مطر ولا غيره مما يقتضي الهدم لم يصدق انه انهدم بنفسه ولو لم ينهدم فلا يصدق في تلف أبواب البيوت واغلاقها بخلاف باب الدار وحلقه لأنه ينام داخلها ويجهل ما حدث ويصدق في غرق السفينة وسرقتها وأخذ العدو إياها فيما دون آلاتها من المراسي والقلوع ونحوها الا أن يتبين صدقه أو كذبه والمشهور في العبيد والدواب عدم الضمان لاستقلالها وعن مالك يضمن لأن الغالب تصرف الإنسان بها وقيل لا يصدق فيما صغر لخفائه إذا غيب عليه فعلى الأول لا يضمن الدابة ويضمن سرجها ولجامها ولا يضمن العبد ولا كسوته لأن العبد حائز لما عليه ويصدق في موته وفي تكفينه في الذي عليه ولا يصدق في زيادة يرجع بها ولا في موت الدابة أو العبد في موضع لا يخفى ذلك فيه بخلاف هروبهما الا أن يدعيه بحضرة بينة فتكذبه وهم عدول لتبين كذبه أو غير عدول لم يضمن ويحلف وان شهد عدل حلف المعير أنه شهد بحق وأنه لم يذهب ذلك بحضرته ويغرم وعلى أحد قولي مالك أنه لا يحلف مع الشاهد اذا شهد فيما هو غائب عنه يحلف المستعير أنه لا علم عنده من صحة الشهادة والا قال ابن القاسم وأشهب إذا شرط أنه مصدق في الثياب ونحوها لقوله المؤمنون عند شروطهم ولأن الأصل عدم الضمان وعلى قول سحنون فيمن أعطى لك مالا ويكون لك ربحه ولا ضمان عليك يسقط شرطه بسقط الشرط ههنا وقال ابن القاسم شرطه ساقط في الدابة ولا يضمن وقال أشهب عليه أجرة المثل فيما استعملها فيه ورآها اجارة فاسدة وعلى هذا ترد قبل الاستعمال ويجري فيها قول ثالث يخير المستعير قبل الاستعمال ان اسقط الشرط والا ردت فان فاتت بالاستعمال لم يضمن شيئا لعدم دخوله على إجارة وانما وهب المنافع وقول رابع صحة الشرط الا أن أحد قولي مالك أنه يضمن وقد دخلا عليه وإذا أحضر الثوب باليا فلا شيء عليه إلا ألا يحسن ذلك في تلك المدة الا عن سرف في اللباس فيغرم الزائد على المعتاد إلا أن يعلم ان ذلك شأن هذا المستعير فقد دخل عليه ويضمن الخرق والحرق والسوس لأنها إنما تكون على الغفلة واذا استعار السيف للقتال فأتى به وقد انقطع ضمنه إلا أن تقوم بينة أنه كان معه في اللقاء وضمه سحنون إلا أن تقوم بينة أنه ضرب به ضربا يجوز له وقال مطرف يصدق أنه أصابه مما استعاره له وكذلك الفأس والعجلة ويصدق في الرحى إذا حفيت اتفاقا لأنه شأن الطحن قال صاحب النوادر ضمنه ابن القاسم في الفأس والسيف والمصحف ولم يضمنه أصبغ إذا أتى بما يشبه وعن ابن القاسم إذا باع رداءه ونقد الثمن وقال للمشتري اذهب للبيت آخذ علي شيئا وآتيك بالرداء مصيبته من المشتري
فرع - قال صاحب النوادر قال مطرف إذا رد الدابة مع غلامه أو أجيره أو جاره فعطبت لا يضمن لأن ذلك شأن الناس وقاله ( ح ) ويصدق الرسول أنها تلفت أو سرقت كان مأمونا أم لا
فرع - في الجواهر لا يضمن المستعير من المستعير الا حيث يضمن المستعير من المالك والمستعير من الغاصب يضمن إذا تلفت العارية تحت يده
فرع - في الكتاب إذا استعارها ليركبها حيث شاء فركبها إلى الشام أو إفريقية لا يضمن ان كان وجه عاريته والا ضمن لعدم الإذن قال اللخمي قال أشهب إن كان ذلك من أسفاره فلا شيء عليه قال وأرى إن كان شأن الناس التصرف في ذلك البلد ركوبا حملت عاريته على البلد حتى يذكر غيره والا حملت على الخروج ولا يبعد الا أن يكون عادة المستعير
فرع - في الكتاب لما رجعت زعم أنه أعارك إلى دون ما ركبتها أو بلد آخر صدقت مع يمينك ان ادعيت ما يشبه لأن الأصل عدم التعدي وعليك كراء فضل ما بين الموضعين لأن الأصل عدم الإذن في الزيادة وكذلك اختلافكما في الحمل وان استعرت مهرا فحملت عليه بزا لم تصدق لأن العادة خلافه بخلاف البعير قال صاحب النكت قيل يصدق في دفع الضمان والكراء جميعا لأنه إذا صدق في أصل المنفعة فعوضها أولى وإلا تناقضت الأحكام والفرق بين هذه وبين مسئلة ابن القاسم في الرسول يكذب فيما أمره به المستعير من المسافة فيضمن المستعير الدابة إذا لم تقم بينة على ما أمر به الرسول ان المستعير لا يدعي الكذب من رب الدابة لعدم عمله بما قاله الرسول وهنا انتما متداعيان فلا يصدق عليك فإن قامت بينة بما أمر به الرسول سقط ضمانك وضمن الرسول لتعديه وإن أقر الرسول بالتعدي ولا بينة له على عقده مع الرسول فههنا يغرم الرسول التعدي فان كان معدما رجع عليك وترجع أنت على الرسول لإقراره بالتعدي وإذا لم يقر بالتعدي وضمنت حلف المعير أنه عاقد الرسول على ما ذكر إن لم تكن بينة على العقد وإلا فلا يمين على المعير قال ابن يونس قال ابن القاسم يصدق المعير قبل الركوب مع يمينه في أصل المسئلة لأن الأصل عدم الإذن وقيل إذا هلكت الدابة بعد يومين فقالت أعرت يوما وقلت يومين حلفتما جميعا لأن كليكما مدع على صاحبه الاذن وهو الغرم ويلزمك كراء اليوم الثاني لأن الاصل عدم الاذن فيه ولا يلزمك الضمان لأن الأصل عدمه وإذا استعرت برسول إلى برقة فقال المعير بعد ركوبك إنما اعرت إلى فلسطين يمتنع شهادة الرسول لك لأنه شهد على فعل نفسه وتحلف أنت ولا تضمن ويحلف هو وله ما بين الكرائين لأن الأصل بقاء حقه في منافعه قال ابن القاسم ولو قال له الرسول إلى فلسطين فعطبت معك في برقة وانت لا تدري إن أقر الرسول بالكذب ضمنها وان قال بل أمرتني وأكذبته لا يشهد عليك لأنه خصم وتحلف ولا ضمان عليك وفي كتاب محمد يضمن الا أن يثبت أنك أمرته ببرقة والأول أصوب قال أشهب ان شهدت لك ببينة أن الرسول قال له إلى فلسطين فله فضل الكراء بغير يمين لقيام البينة ولا ضمان عليك وتحلف لأنك تقول إذا دخلت على برقة فلم أتعد وإذا أقر بالمخالفة ضمن الدابة دونك إن كانت مسافة برقة أشد في التعب وإلا فلا ضمان عليك لأن لك الذهاب بها إلى مثل ما استعرت
فرع - قال ابن يونس في المدونة ادعيت العارية وادعى الكراء صدق لأن الأصل عدم التبرع إلا أن يكون مثلك لا يكري قال أشهب إذا اختلفتما في الحمل صدقت فيما يشبه مع يمينك قال اللخمي إذا اختلفا في الناحية خير المستعير في الركوب لما قاله المعير أو ينزل إلا أن يخشى رواحه إلى الناحية الأخرى فلا يسلم له شيء قال ابن القاسم إذ استعار العبد أو الحر حليا لأهله فهلك وجحد أهله إرساله وقد هلك قبل الوصول إليهم حلفوا ما أرسلوه لأن الأصل عدم إرسالهم وحلف الرسول إذا كان حرا لقد بعثوه وبروا بتصديق المعطي للرسول وإن صدقوه ضمنوا دونه وإن أقر الرسول بالتعدي وهو حر ضمن أو عبد ففي ذمته حتى يعتق إذا أفاد مالا ولا تكون في رقبته لإذن المعطي فلا جناية حينئذ وإن أقر الرسول بإيصاله لهم لم يضمنوا ولا هو ويحلفوا وقال أشهب إذا قال العبد أرسلني سيدي وسلمت إليه وأنكر السيد فهي في رقبته لأنه قد يتحيل على أموال الناس قال ابن القاسم ان أقر السيد غرم لإقراره وان أنكر ففي رقبة العبد لخديعته القوم وقاله مالك في الحر أنه ضامن قال وأرى ان كان الرسول معروفا بالصلاح أو سديد الحال يحلف ويبرأ أو على غير ذلك والذي ادعى عليهم أهل خير حلفوا وغرم الرسول ان كان من سببهم ومتصرفا لهم وإلا فلا يحلفون
فرع - في الكتاب إذا استعارها للحنطة فحمل الحجارة فكل ما حمل وهو أضر بها منه فعطبت ضمن أو مثله في الضرر لم يضمن كعدس مكان حنطة ولو ركب مكان الحنطة وهو أضر ضمن وإلا فلا أو لركوب فأردف من تعطب بمثله خير بين كراء الرديف فقط لأنه إذا أخذ أجرة المنفعة لا يأخذ الثمن للرقبة لئلا يجمع بين العوض والمعوض أو يضمنه قيمة الدابة يوم الإرداف لأنه يوم التعدي وكذلك إذا تجاوز المسافة فعطبت خير بين قيمة الرقبة يوم التعدي أو كراء التعدي فقط قال ابن يونس قال أشهب لا يلزم الرديف شيء وإن كان المستعير معدما لأنه ركب بإذن مالك المنفعة بالعارية وذلك شبهة قيل هذا خلاف لابن القاسم بل عليه الكراء في عدم المستعير كالغاصب يهب سلعة فتهلك فيغرم الموهوب في عدم الغاصب وهذا لم يعلم انها مستعارة وإلا فهو كالمستعير تضمن ايها شئت لدخولهما على التعدي قال بعض الشيوخ لم يراع كون المسافة التي تجاوز إليها يعطب في مثلها أم لا كما في الزيادة بل ضمنه مطلقا وهما سواء ويضمن لعدم الإذن قال والفرق أن الحمل وقع الهلاك فيه بالمأذن وغيره وفي المسافة بغير المأذون فقط يشكل هذا لقوله في الكتاب فيمن أذن في ضرب عبده عشرة فضربه أحد عشر يضمن ان خاف ان الزائد أعان على قتله قال وفي الكتاب اذا تجاوز المسافة نحو ميل ثم رجع ليردها لربها فعطبت في موضع الاذن ضمن لتقدم التعدي الموجب للضمان فلا يبرأ منه الا بالتسليم وان تجاوز إلى مثل منازل الناس فلا شيء عليه وقال عبد الملك لا يضمن كقول مالك في الوديعة ترد بعد السلف ثم تسرق فكذلك ردها لموضع الاذن
القاعدة - اسباب الضمان ثلاثة الاتلاف كخرق الثوب والتسبب في الاتلاف كحفر البئر لوقوع الحيوان أو وضع يد غير مؤمنة كيد الغاصب والمشتري شراء فاسدا وهو خير من قولنا وضع اليد العادية فان هذه الايدي الأخر ما وضعت إلا بإذن وهي قاعدة مجتمع عليها فتخرج عليها هذه الفروع
فرع - قال اللخمي إذا اختلفا في الرد صدق المعير مع يمينه عند ابن القاسم في كل مالا يصدق في ضياعه أخذه ببينة أم لا لأن ما يصدق في تلفه كالدين في الذمم وقال عبد الملك يصدق الصانع في الرد إذا أخذ بغير بينة بخلاف التلف فعلى هذا يصدق في العارية وقد تقدم في كتاب الاجارة أربعة أقوال في الرد فلتطالع من هناك وإذا اختلفا في صفة العارية وقد ضاعت صدق المستعير مع يمينه ما لم يأت بما لا يشبه لأنه غارم وقال مالك إذا قالت المرأة استعملت الحلي زمانا طويلا ونقص تحلف ويحط ما يرى أنه نقص في تلك المدة
فرع - قال قال ابن القاسم في ضمان الرهن يوم الارتهان أو يوم الضياع قولان وتتخرج العارية على ذلك والثاني أحسن لأن اليد غير مضمنة فتجب القيمة لآخر يوم رأته البينة عنده لم ير عنده من يوم استعاره فقيمته يوم الاستعارة لأن المعير لا يصدقه في بقائه عنده إن كانت قيمته أكثر والا فله الأخذ بالأكثر ويصدقه في البقاء الى اليوم ولو ثبت ان المستعير أهلك ذلك الثوب قبل لبسه لم يغرم الا القدر الذي يبقى منه بعد لبسه مدة العارية لأن ما ينقص بالاستعمال لا يغرمه وقد استحقه بالعقد ولو باعه كان الثمن بينهما لأنه شريك بعقد العارية فان أهلكه المعير بعد قبضه منه فهل يغرم قيمته ويستأجر المستعير من القيمة مثل الأول أو يشتري مثله أو يغرم قيمة تلك المنافع قياسا على من أخدم أمة ثم أولدها وقيمة المنفعة الأولى لأنها الفائتة على المستعير فان أهلكها قبل القبض فعلى قول ابن القاسم هو بمنزلة من قبض وعلى قول أشهب لا يغرم كالواجب يبيع الثوب قبل القبض فان أهلكها أجنبي فهما في القيمة شريكان إن كانت ثوبا لأنه مما ينقصه الاستعمال فإن كان لا ينقصه الاستعمال كالعبد فلسيده جميع القيمة عند ابن القاسم وقال أشهب في الموصى بخدمته لرجل وبرقبته لآخر تجعل قيمته في مثله ويخدم بقية خدمته للأول ان كانت إلى أجل فإليه أوالي الموت فاليه وقال محمد في موصى له بغلة دار أو سكناها يهدمها رجل بعد موت الموصى عليه ما بين قيمتها قائمة ومهدومة تبنى بها تلك الدار ويكون الموصى له على أجله توفيه بالوصية وقيل يسقط حقه في البناء لأنه عين أخرى غير الموصى بها
فرع - في الكتاب أذنت له أن يبني في أرضك أو يغرس فلما فعل أردت اخراجه ليس لك ذلك في مدة تشبه العارية إلا أن تعطيه ما أنفق وقال في موضع آخر قيمة ما أنفق والا تركته إلى ما يشبه عاريته فتعطيه قيمة البناء مقلوعا لأنه دخل على القلع أو تأمره بقلعه الا أن يكون لا قيمة له ولا نفع فلا شيء لأنك لم تأخذ منه ما له فيه غرض صحيح وكذلك لو ضربت أجلا فانقضى لكن ليس لك اخراجه ههنا قبل الأجل وان أعطيته قيمته قائما توفية بالشرط ولو لم يبن ولم يغرس ولو لم تضرب أجلا كان لك لأن التحديد يقوى مالك المنفعة وتعينه مراد لكما ولو سميت أجلا ولم تسم ما يبني وما يغرس فلا تمنعه الا ما يضر بأرضك وله الخروج قبل الأجل وقلع بنائه وغرسه لأنه ماله إلا أن تشاء أخذه بقيمته مقلوعا إن كان ينتفع به بعد القلع وإلا فلا يقلع ولا شيء له لأن ماليته تذهب بالقلع سفها ولم تفوت عليه مالا بالإبقاء وان أعرته للزرع فله حتى يتم ويتمكن من البيع بالطيب وليس لك كراء من يوم رمت إخراجه ولا فيما مضى إلا أن تعير للثواب فهو كالإجارة فان أعرته للبناء وسكن عشر سنين ولك البناء بعدها جاز ان بنيتما صفة البناء ومبلغه وأجله لأنها إجارة وإلا امتنع وحيث امتنع وبنى وسكن فله قلع بنائه ولك كراء أرضك لفساد العقد ولك اعطاؤه القيمة مقلوعا وإلا ينقضه ويمتنع أن يغرسها شجرا وهو لك بعد الأجل لأن الشجر لا يحدد فيعرف قال صاحب النكت قوله وقال في موضع آخر يحتمل ثلاثة أوجه أحدها أن يعطيه قيمة ما أنفق إذا أخرج الآجر والجير من عنده وقوله ما أنفق إذا أخرج الثمن فاشترى به هذه الأصناف وثانيها قيمة ما أنفق إذا طال الأمد وتغير بالانتفاع وما أنفق إذا كان بالقرب وعلى هذا لا يكون اختلافا وثالثها إن اعطاه ما أنفق أي عدة الدنانير والدراهم ولا يلتفت إلى الغبن اليسير وقيمة ما أنفق أي بغير غبن إلا ما يتغابن الناس في مثله فهو اختلاف والكل فيه محتمل وقوله في عارية الزرع لا يخرجه حتى يطيب يريد ان القيمة لا تكون فيه لأنه لا يباع ولا يريد ان فيه القيمة إذا طاب بخلاف البناء والغرس لأنهما يبقيان في الأرض بخلاف الزرع فلا يأخذه وقوله حتى يطيب مستدرك لأن الزرع لا يباع بعد الطيب حتى ييبس والفرق بين أخذ البناء بعد عشر سنين وبين منع بيع دار على أن تقبض بعد عشر سنين إن البناء ههنا من حين كماله لك وانما له السكن بخلاف البيع ولو انهدم البناء في أيام السكنى فهو منك أو قبل السكن رجع بقيمة بنائه عليك لأنه لما تعذر سكناه رجع بالعوض أو بعد بعض السكنى ببعض القيمة بقدر ما لم يسكن ويستوي اشتراط السكن تلك المدة بعد البناء أو بعضها في أمد البناء لأن أمد فراغه معلوم فيصير الشرط لما بعده لتعذر السكنى قال ابن يونس ليس لك اخراجه في البناء وان لم يضرب أجل حتى يبلغ أمد مثله لأن العرف كالشرط وقال أشهب لك اخراجه بعد فراغ البناء والغرس وان قرب لانك لم تضرب أجلا وهو فرط حيث لم يضربه وتعطيه قيمته مقلوعا أو تأمره بقلعة وقال أيضا لك اخراجه إذا احتجت لعرصتك أو بيعها تقدم شرط أم لا لأن الضرورة مقدمة على المعروف وان كان بشرط وقع بينكما لالحاجة امتنع وفاء بالعقد السالم عن معارضة الضرورة وحيث دفعت قيمته مقلوعا فيعد أجرة القلع قال أشهب إذا قلت في الدابة الى موضع كذا أو الى كذا وكذا يوما أو حياتك فليس لك الرجوع وإن لم تزد على أعرتك فلك الرجوع متى شئت لعدم تعين الزيادة قال مالك كل من بنى بإذنك أو علمك فلم تمنعه ولا أنكرت عليه فله قيمته قائما كالباني بشبهة وكذلك المتكاري أرضا أو منحها أو بنى في أرض أمرته وأراضي ببينه وبين شركائه بعلمهم فلم يمنعوه والباني بغير إذن ولا علم له القيمة مقلوعا وهو قول المدنيين وقول أصحاب مالك قال ابن حبيب ولم يختلف قوله في ذلك قال مطرف إذا اشترط عليه إذا انقضى الأجل قلع بناءه وترك غرسه بطل الشرط نفيا للضرر وله قيمته قائما إذا تم الأجل ولو شرط ان له القيمة قائما امتنع لأنها إجارة بأجرة مجهولة فما بني فله الأقل من قيمة بنائه يوم فرغ أو ما أنفق فيه ولك كراء الأرض مبنية من يوم سكن قال اللخمي العواري هبات تجوز معلومة ومجهولة وغررا وفي لزومها للمعير قسمان قسم يلزم بالعقد ثم يعود إليه وهو ما ضرب فيه أجلا وعمله معلوم وما لا يضرب أجلا ولا هو معلوم قيل لا يجبر على التسليم ولك الاسترداد وبعد التسليم وان قرب قاله ابن القاسم لعدم تعين الموهوب من المنافع وقيل يلزم الى مدة مثله قاله ابن القصار لأن العرف كالشرط وقال عبد الملك ما يتكلف فيه الإنفاق والمئونة وان قلت لا رجوع فيه نفيا للضرر وإلا فلك الرجوع في مثل فتح باب إلا أن يكون المستعير باع داره وشرط للمشتري ما أذنت له فيه بعلمك فيلزم أبدا واختلف إذا أذن له أن يغرس على مائه ففعل فقيل ليس له قطع ذلك الماء لأنه كالهبة مالم توقف أو تسميه عارية وقال أشهب له الرجوع وإذا أذنت في إجراء نهر خلف حائطه أو ميزاب على الحائط فأضر بالحائط نفيا للضررفان احتاج الحائط الى إصلاح له فعلى من كان ذلك بسببه وان انهدم وعلم صاحب الحائط بالفساد لم يكن عليه شيء وإن لم يعلم وعلم ذلك الآخر كان بناؤه عليه فإن جهلا جميعا جرت على قولين كالمخطئ فيما أذن له فيه وأن يضمن أصوب
فرع - في النوادر كل من بنى في أرض غيره بإذنه أو بعلمه ولم ينكر عليه أو بشبهة من الشبه أو غرس فله قيمة ذلك قائما وإلا فمنقوض غير ان مالكا قال إذا أسكنته دارك وأذنت له أن يجدد فيها حجرا فليس له بعد المدة إلا النقض إلا أن تعطيه قيمته منقوضا لدخوله عند الأجل على النقض
نظائر - قال العبدي يؤخذ البناء بقيمته مقلوعا في ست مسائل البناء في أرض مغصوبة أو عارية أو بكراء أو أرض زوجته أو شركاء أو ورثة بنى في ذلك كله بأمر ام لا عند ابن القاسم وعند المدنيين ان بنى بأمره فالقيمة قائما وإلا فمقلوعا وقد تقدم قبل هذا الفرع نقل آخر في هذا المعنى
نظائر - قال يلزم الضمان الا أن تقوم ببينة في ست مسائل عارية ما يغاب عليه والمبيع بالخيار فيما يغاب عليه ونفقة الولد عند الحاضنة والصداق مما يغاب عليه وادعت المرأة تلفه ووقعت فيه الشركة بالطلاق والمقسوم من التركة بين الورثة ثم انتقضت القسمة بدين أو غلط وقد تلف وهو مما يغاب عليه ومسئلة الصناع في الإجارة
فرع - في الكتاب إذا استعار عشر سنين فورثته بمنزلته قبض أم لا لأنه حق له بالعقد وقال ( ح ) و ( ش ) للمعير الرجوع ولو قبض المستعير الدار لأن المنافع معدومة فهي كهبة لم تقبض على أصلهم ونحن نمنعهم الحكم في الموضعين وسيتقرر ذلك في الهبة ان شاء الله فان مات المعير قبل القبض بطلت العارية كالهبة
القاعدة - لا ينتقل للوارث خيار البيع والرد بالعيب والأخذ بالشفعة والمطالبة بنفي الضرر عن الأملاك ولا تنتقل إليه الوكالة ولا الإيلاء ولا اللعان ولا النكاح ولا خيار اشترطه له المتبايعان فليس كل الحقوق تنتقل بل الضابط أن ما كان مالا أو متعلقا بالمال انتقل لأن الوارث يرى المال فورث متعلقاته وكل ما هو متعلق بالنفس كالنكاح أو بالعقل والرأي كخيار اشترطه له المتبايعان والوكالة فلا ينتقل لأن جسمه وعقله ورايه لا يورث فالعلم بهذه القاعدة يوضح لك هذه المواطن
فرع - في الكتاب من أعمرته دارك حياته رجعت بعد موته اليك قال صاحب الاستذكار هذا مذهب مالك وأصحابه وكذلك إذا قال لك ولعقبك ترجع له ولمن يرثه وإنما يملك عند مالك وأصحابه بلفظ العمرى والسكن والاعتمار والاستغلال والاعمار بالمنافع دون الرقاب وقال الأئمة يملك الرقاب في العمرى قال لعقبك أم لا لما في الموطأ قال أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع للذي أعطاها أبدا لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث وفي أبي داود العمرى جائزة لأهلها والرقبى جائزة لأهلها وفي مسلم أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فانه من أعمر عمرى فبنى للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه ولا اثر لذكر العقب قد يموت قبله والجواب عن الأول أنا نقول بموجبه فإنها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدا ما دام من عقب المعطي أحد وكذلك قال الداودي لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث فإن هذه الزيادة من قول الراوي فعلل بالمواريث وجعلها المانعة ونحن لا نغيره ما دام ميراث من العقب ويوضحه ألا تعود فعل في سياق النفي هل يعم أم لا خلاف بين الأصوليين وان سلمنا العموم فهو في الأزمان المستقبلة والعام في حقيته مطلقا وفي أحوالها على ما تقرر في أصول الفقه والمطلق تكفي فيه صورة فنحمله على حالة عدم الوارث من العقب فيسقط الاستدلال به فيما عداه لأن ذلك شأن المطلقات وعن الثاني القول بالموجب أيضا فان الجواز ثابت إنما الخلاف في الرجوع وعن الثالث القول بالموجب أيضا فانهما له ولعقبه حيا وميتا انما الخلاف بعد العقب ثم يتأكد ما ذكرناه بما في الموطأ قال القاسم بن محمد لماسئل عن العمرى فقال ما أدركت الناس إلا وهم عند شروطهم في أموالهم وورد عليه ان أراد الغالب فليس حجة مطلقا فكيف تدفع به السنة أو اجماع المدينة فقد خالفه جمع كثير منهم وقضى بها طارق بالمدينة وقال إبراهيم بن اسحق الحربي عن ابن الأعرابي لم يختلف العرب في العمرى والرقبى والإفقار والاحمال والمنحة والعرية والعارية والسكتى والاطراق انها على ملك أربابها ومنافعها لمن جعلت له والخصم يدعى ان الشرع نقلها والأصل عدم النقل لأن تمليك الرقاب متى اشترط فيه التأقيت فسد كالبيع وههنا لم يفسد فيصرف إلى المنافع لأنها لا يفسدها التأقيت بل شرط في بعض صورها والخصم يدعي أن الشرع أبطل التأقيت تصحيحا للملك ونحن ندعي ان الشرع اعتبره والإبطال على خلاف الدليل فيكون مذهبنا أرجح لغة وشرعا ولأن التبرع على خلاف الأصل خالفناه في المنافع فيبقى في الرقاب على مقتضى الأصل تعليلا للمخالفة
فائدة - قال صاحب التنبيهات العارية بتشديد الياء والعمرى بسكون الميم من العمر والرقبى بضم الراء وسكون القاف مقصورة لأن كل واحد منهما يرقب صاحبه وتفسد الرقبى من جهتين وتصح من جهة واحدة نحو قوله في عبده فان مت فاخدم فلانا حتى يموت ثم انت حر لأنه كالتعمير ووصية بعده بالخدمة وعتق إلى أجل وتفسد إذا كانت المراقبة من الجهتين لكونها خارجة عن الوصية والعتق إلى أجل وإذا كانت قبالة الدار دار أخرى من الجهة الأخرى لكونها معاوضة فاسدة ووافقنا ( ح ) في الرقبى وجوز ( ش ) وأحمد القسمين الأولين ولم يبطلا إلا المعاوضة في القسم الأخير
فرع - في الكتاب العمرى في الرقيق والحيوان ولم أسمع ذلك في الثياب وهي عندي على ما أعطاه من الشرط وتمتنع الرقبى وهي أن تكون دار بينكما فتحبسانه على أن من مات منكما أو لا فنصيبه حبس على الآخر للغرر وكذلك العبد بينكما تحسبانه على أن من مات أولا فنصيبه يخدم آخرهما موتا ثم يكون حرا ويلزمهما العتق إلى موتهما ومن مات خدم نصيبه ورثته دون صاحبه فإذا مات آخرهما عتق نصيبه وكل واحد بصرفه في ثلثه كمن قال إذا مت فعبدي يخدم فلانا حياته ثم هو حر ولو قال عبدي حر بعد موت فلان فهو من رأس المال لأنه تصرف في الصحة والتعليق على الموت يعد واقعا عنده لأن الشروط اللغوية أسباب والمسبب عند السبب فتختص بالثلث كالوصايا قال ابن يونس إذا أعمره وعقبه لا يرجع إليه لحديث الموطأ المتقدم فيكون موقوفا عليهم ما دام أحد من العقب حيا ولا فرق في التعمير بين إسكانه عمره أو عمر فلان أو الي قدوم فلان وتجري المواريث له ولعقبه في النفع دون الأصل قال اللخمي إذا قال من مات منا فنصيبه حبس على الحي فعلى القول أن يرجع الحبس على المعين ملكا يبطل هذا ويصنعان بالدرما أحبا وعلى القول انه يرجع حبسا تبطل السكنى خاصة وتكون ملكا لهما حتى يموت آخرهما فتكون على مرجع الأحباس
تنبيه - إذا أسكنه هل ملكه المنفعة أو ملكه ان ينتفع كما ملك الشرع الانتفاع بالمساجد والربط والمدارس والطرقات فله المعاوضة عن المنفعة في القسم الأول دون الثاني والجواب أن ابن أبي زيد نقل في النوادر ان له في الوصايا إذا أوصى لرجل بغلة مسكن ولآخر بمسكن آخر لكل واحد أن يسكن وأن يستغل وهو دليل على أنه ملكه المنفعة
فرع - في الجواهر إذا قلت أجرت لك وقال الراكب أعرت صدق مع يمينه إلا أن يكون شأنه عدم الكراء لعلو قدره وكذلك لو قلت غصبتنيها
فرع - في المقدمات أجرة حمل العارية على المستعير لقوله لصفوان في الأدرعة اكفنا حملها فدل على ان الحمل عليه واختلف في أجرة الرد فقيل عليه لوجوب التسليم عليه وقيل المعير لأنه صنع معروفا فلا يأخذ عليه أجرا ومنفعة الرد تختص به بخلاف النقل الى المستعير
فرع - قال من حق المستعير الأشهاد على الرد وان قبضها بغير إشهاد بخلاف الوديعة لأن العارية مضمونة بخلافها
فرع - قال الأبهري إذا مات العبد المخدم قبل انقضاء الخدمة ماله لصاحب الرقبة أو لورثته وإذا قتل فقيمته لسيده وأرش جراحه لأنه مالك للرقبة فإن جنى قبل الخدمة قيل للمخدم افده حتى تخلص لك الخدمة فان الجناية تتعلق بالعبيد فان امتنع فقد أسقط حقه من الخدمة وبخير السيد بين اسلامه وافتتاكه على قاعدة جناية العبيد
فرع - قال الأبهري ان أعمر أمة امتنع وطؤها لئلا يبطل وطء السيد الإعمار بأن يصيرها أم ولد بوطئه والمعمر ليس مالكا للرقبة فتحرم عليهما
فرع - قال إذا أعمر عبدا فنفقته حياة المعير عليه لأنه المنتفع وعن مالك إذا حبس على أم ولده خادما فنفقتها على الورثة وابن القاسم وأشهب على قوله الأول وإذا أوصى بخدمته سنين فأولها يوم موته لأن الوصية إنما تعتبر بعد الموت
فرع - قال ولد المخدم من أمته بمنزلته يخدم معه كما يدخل في كتابته وتدبيره وان قتله سيده خطأ فلا شيء عليه لأنه لا يضمن لنفسه أو عمدا فعليه قيمته لمن أخدمه في السنين التي أعمر فيكرى له عبد منها يخدمه فإن لم تف لم يكن عليه شيء وإن زادت فللسيد لأنه قد وفى بالخدمة قال والصحيح عندي أن يكون الخطأ كذلك لأنه أفسد خدمته خلافا لقول مالك المتقدم فإن أعتق نصف المخدم عتق كله لقوة العتق في نظر الشرع واستؤجر من قيمة النصف كما إذا قتله وولد المخدمة معها يخدم فإن ماتت بقي ولدها يخدم
فرع - في الجواهر حكم العارية اللزوم ومتى كانت إلى أجل معلوم أو كان لها قدر معلوم كعارية الدابة الى موضع كذا والعبد يبني كذا أو يخيط كذا فهي لازمة فإن لم يضرب أجلا ولا كان لها مدة القضاء لزمت بالقول والقبول ويبقيها مدة انتفاع مثلها عند استعارتها وخالفنا الأيمة وقالوا لا يجب التسليم ولا التمادي بعده لأن المنافع معدومة فهي كهبة لم تقبض على أصلهم في الهبة وسيأتي تقريره في الهبة ان شاء الله والعارية مقيسة عليها وقال أشهب المعير بالخيار في تسليم ذلك وإن سلمه كان له الرد وان قرب قال أبو الفرج وأرى أن وجوبها بالقول دون الاقباض إنما فيما عدا الأرضين صفحة فارغة 1
كتاب الهبة والصدقة
قال صاحب المقدمات لا تفترق الصدقة والهبة إلا في حكمين الاعتصار وجواز الرجوع بالبيع والهبة فلا يصح ذلك في الصدقة إلا أن تكون على ابن صغير ثلاث روايات المنع إلا لضرورة نحو كونها أمة فتتبعها نفسه أو يحتاج فيأخذها لحاجته - وهو ظاهر المدونة وثانيها يجوز الرجوع فيها بالبيع والهبة من غير ضرورة دون الاعتصار وثالثها الرجوع بالبيع والهبة والاعتصار قياسا على الهبة والفرق بين حقيقتهما ان الهبة للمواصلة والوداد والصدقة لابتغاء االثواب عند الله تعالى وإذا تقرر اشتراك الصدقة والهبة فيما عدا هذين الحكمين فليكن الكلام عليهما واحدا والنظر في الأركان والشروط والأحكام فهذه ثلاثة أنظار النظر الأول في الأركان وهي أربعة الركن الأول الواهب شرطه أهلية التبرع وعدم الحجر وفي الكتاب تمنع هبة الأب من مال ابنه الصغير لأن الله تعالى منع التصرف إلا بالتي هي أحسن وكل من ولي أمرا لا يتصرف فيه إلا بالتي هي أحسن لقوله من ولي من أمور الناس شيئا فلم يجتهد لهم ولم ينصح فالجنة عليه حرام فإن تلف الموهوب بهبته ضمنه وإذا تزوجت الجارية ولم تدخل فلا تجوز صدقتها ولا هبتها في ثلث ولا غيره حتى تدخل وتكون رشيدة ففي ثلثها وليس بعد الدخول حد مؤقت وحدها الدخول بان كانت تصلحه لمالها قال ابن يونس قال ابن عبد الحكم البكر البالغ عليها ولي يبطل صنيعها في مالها وإن لم يول عليها جاز صنيعها من بيع وشراء دون العتق والصدقة والعطية وجوز سحنون جميع صنيعها ما لم يول عليها لأن البلوغ مظنة الرشد قال مالك إذا تصدقت البكر على أبويها ثم تزوجت ودخلت لها ردها لأن تصرفها غير نافذ قال ابن نافع ولو أقامت بعد البناء سنين فقالت ما علمت أنه لا يلزمني لها الرد لأن مثل هذا مما يجهله النساء وتحلف قال مطرف ولو أجاز الزوج ما صنعت قبل الدخول لم يجزئ لأن الحجر لعدم الأهلية لا لحقه وإن ماتت البكر ولم ترد أو لم تعلم لورثتها الرد ما لم تجزه بعد الرشد أو تتركه رضى ولو مات العبد الذي أعتقت لم يورث إلا بالرق ولا يورث حرا لبطلان العتق
فرع - في الكتاب إذا وهب الذمي للذمي فلم يدفعها له حتى بدا له ذلك لعدم الحوز وقد قيل ذلك للمسلم فكيف الذمي قال ابن يونس قال ابن القاسم ان كان أحدهما مسلما قضى بدفعها تغليبا لحكم الاسلام وضعف أشهب صدقة الذمي وإن كانت على مسلم إن كان من أهل العنوة قال صاحب التنبيهات قوله في الذمي لا يحكم عليه قيل معناه إذا لم يترافعوا إلينا ولو تراضوا لحكمنا بحكم الاسلام وقيل وإن ترافعوا قياسا على العتق وليس من باب التظالم
فرع - قال اللخمي الحرة محجور عليها إذا تزوجت فيما يزيد على الثلث لقوله ننكح المرأة لأربع لدينها ونسبها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك وجوز لها الثلث كالمريض ولو تصدقت بثلث ثم بثلث الباقي وبعد ما بين الصدقتين أمضاه محمد نظرا للبعد فكأن الباقي مال لم يتصدق منه وقال عبد الوهاب ليس لها بعد ذلك في ذلك المال عطية إلا أن تفيد مالا آخر قال وهو أحسن فإن قرب ما بينهما نحو اليومين بطل الجميع لأنهما كالعقد الواحد ونصف سنة مضى الجميع أو نحو الشهر مضى الأول فقط قاله أصبغ قال وأرى أن يمضي الأول وإن قرب الثاني لأنه في أمر الثاني على شك هل هو رأي حدث أو كانت معتقدته أولا مع أن الصواب في العطية الواحدة إذا جاوزت الثلث رد الزائد إلا أن تفيد مالا ولو قيل لها أن تعطي جميع الفائدة صح لأن الفائدة لم تخطر ببال الزوج عند العقد ولا زاد في الصداق لأجله وقد يكون له مقال إذا كان ذلك ميراثا عن أبيها وزاد في الصداق ليسار أبيها فإن تحملت حمالة بأكثر من الثلث منع لأنه هبة وجوزه عبد الملك بعدم تعين البلوغ لا سيما إذا كان المضمون موسرا فإن لزمها الصوم لعدم النضوض أو لغيرته رجعت متى تيسر الأخذ فان كان فقيرا جاز من الثلث وسقط الزائد
فرع - قال الأبهري قال مالك إذا تصدق المريض ثم صح لا رجوع له لأن الحجر لقيام المانع وقد ذهب لا لعدم الأهلية بخلاف غير البالغ الركن الثاني الموهوب له وشرطه قبول الملك الركن الثالث الموهوب ففي الجواهر هو كل مملوك يقبل النقل مباح في الشرع - كان معلوما أو مجهولا فتصح هبة الآبق والكلب والمرهون ويجبر الواهب على افتكاكه لجنايته على ما يقوم مقام الدين وقيل لا يجبر على التعجيل إذا حلف أنه لم يرد التعجيل ويخير المرتهن بين ترك الرهن فتمضي الهبة أو تبقيته إلى الأجل فإذا حل والواهب موسر قضى الدين وأخذ الموهوب له الرهن - جمعا بين المصالح وإن كان يجهل أن الهبة لا تتم إلا بعد التعجيل بالدين حلف على ذلك ولم يجبر على التعجيل قولا واحدا أو تصح هبة الدين كرهنه وقبضه هبة كقبضه رهنا مع اعلام المديان بالهبة
فرع - في الكتاب تجوز في قسط من زيت جلجانك هذا أو تمر نخلتك قابلا ويلزمك عصره لأنك التزمته بالعقد ويمتنع أن تعطيه من زيت غيره خشية التأخير في الطعام ولتوقع تلف جلجانك فهو غرر أيضا قال ابن يونس في كتاب محمد عصره عليهما بالحصاص على ما يخرج وإن لم يخرج إلا الموهوب فكله على الموهوب لأن العقد أوجب عليك زيتا لا عصره قال اللخمي إذا دفع له من دهن آخر قرضا جاز فان هلك الجلجلان قبل ان يستوفي منه رجع على الموهوب وان اشتراه بدهن آخر صح لأنه مناجزة أو بدهن ليأخذه بعد العصر امتنع للنساء فصار له ثلاث حالات يجوز اثنان وتمتنع واحدة
فرع - في الكتاب إذا وهبت نصيبا من دار لم تسمه فسرته بما شئت أو ورثتك من الدار لا تدري كم هي صح أو عبدك المأذون وقت اغترقه دين جاز أو عبدا جانيا وانت عالم بجنايته لم ينعقد إلا ان تتحمل الجناية لأنك تخير بين الفك والتسليم فهبتك اختيار للفك فان امتنعت حلفت ما أردت تحملها والجناية أولى لأنها في رقبته متقدمة قال ابن يونس قال ابن القاسم إذا تصدق بميراثه ثم قال كنت أظنه أقل من هذا حلف إن ظهر صدقه فان كان عارفا بمورثه ويسره نفذ ذلك عليه وان لم يعلم مبلغه لدخوله على ذلك وقال ابن عبد الحكم ينفذ وان ظهر انها كثيرة وقال ابن القاسم اذا تصدق بما يرث على ابنه لا أقضي عليه بذلك وهو لا يدري ما يرث قال أصبغ إذا قال تصدقت بميراثي وهو كذا من البقر وكذا من الإبل والرقيق والعروض وفي التركة بساتين لم يذكرها له ما نص دون ما سكت عنه قال اللخمي أراد إذا ظهر له خلاف ما أعطى يختلف حاله فإن كان يرى أن للموروث دارا يعرفها في ملكه فأبدلها الميت في غيبته بأفضل فله رد الجميع إذا قصد تلك الدار وان خلف مالا حاضرا ثم طرأ له مال لم يعلمه نفذ ما علمه خاصة وان كان جميع ماله حاضرا أو كان يظن ان قدره كذا فتبين أنه أكثر فهو شريك بالزائد الركن الرابع السبب الناقل وفي الجواهر هو صيغة الايجاب والقبول الدالة على التمليك بغير عوض أو ما يقوم مقامها في الدلالة على ذلك من قول أو فعل قياسا على البيع ولان مقصود الشرع الرضى فأي دل على مقصود الشرع اعتبر لقوله لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه مفهومة إذا طابت نفسه حل قال ابن يونس سألك أن تهبه دينارا فقلت نعم ثم بدا لك قال مالك لك ذلك تنبيه مذهب الشافعي القبول على الفور وظاهر مذهبنا يجوز على التراخي لما يأتي بعد ذلك من إرسال الهبة للموهوب قبل القبول و ( ش ) يقول لابد من توكيل الرسول في أن يهب عنه ولم يشترط ذلك مالك وقد وقع لأصحابنا ان للموهوب التروي في القبول وسيأتي ذلك في الفروع النظر الثاني في شرطها وهو الحوز وقاله الأيمة كما قلنا في الهبة والصدقة والهدية وأصله ما في الموطأ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهب ابنته عائشة رضي الله عنها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة فلما حضرته الوفاة قال والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك ولا أعز علي فقرا بعدي منك وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك وإنما هو اليوم مال وارث وإنما هما أخاك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله تعالى فقالت والله يا أبت لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى فقال ذو بطن بنت خارجة
فوائد - قال صاحب المنتقى قال عيسى جاد عشرين وسقا أي جداد فتكون هبة للثمرة أي وهبتك عشرين مجدودة وقال الأسمعي أي نخلا يجد منها ذلك فتكون صفة للنخل أي وهبتك نخلا تجدين منه ذلك قال صاحب الاستذكار فيه تفضيل بعض الولد وان الحوز شرط وجواز هبة المشاع قال صاحب البيان جاد عشرين وسقا بتشديد الدال أي ما يجد منه ذلك العدد والوسق بكسر الواو الاسم وبالفتح المصدر سؤال كيف يخبر عن صفة حمل امرأته وانه انثى وفي مسلم خمس لا يعلمهن إلا الله وتلا ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ) جوابه الذي اختص به الله تعالى هو علم هذه بغير سبب محصل للعلم والصديق رضي الله عنه قيل علم ذلك بسبب منام رآه فلا تناقض قال صاحب المقدمات إنما كان الحوز شرطا في العطاء خشية ان ينتفع الإنسان بماله عمره ثم يخرجه عن ورثته بعد وفاته وقد توعد الله تعالى من يتعدى حدود الفرائض فقال ( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) وفي المسألة أربعة أقوال لا يشرط الحوز ويكفي القبول كالبيع وإنما لم ينفذ الصديق رضي الله عنه هبته لأنها كانت مجهولة لأن بيع عشرين وسقا ممتنع فلو كانت معلومة لنفذها وقال ( ش ) والأئمة لا تلزم الصدقة والهبة بالقبول وله الرجوع ولا يقضي عليه بل إنما يحصل الملك ويتعلق الحق بالقبض والفرق بين الهبة فلا تملك إلا بالقبض ويكفي في الصدقة القبول لأنها لله تعالى والرابع قول مالك
قاعدة - العقود الناقلة للأملاك ثلاثة أقسام منها ما شرع لدفع الحاجات وتحصيل المهمات فشرع لازما تاما بمجرده من غير اتصال قبض ولا غيره اتفاقا تحقيقا لتلك المقاصد العامة المحتاج إليها ومنها ما شرع معروفا عند الممات وهو الوصية فشرع الرجوع فيه ترغيبا في نقل الدنيا للآخرة حينئذ فان الموصي إذا علم ان له الرجوع لم يبق له مانع من الإيصاء لأنه إن مات لا يأسف وان عاش لا يأسف بسبب القدرة على الرجوع فلو منع من الرجوع امتنع من الإيصاء خشية الندم وهذا متفق عليه أيضا وقسم اختلف فيه هل يلحق بالأول أو الثاني وهو الهبة والصدقة والهدية والعمرى والعارية والوقف فإذا لاحظنا خلوها عن العوض والحاجات ينبغي ان تلحق بالوصية وان لاحظنا كونها في الحياة التي هي مظنة المكافأة بأمثالها من الهبات وأنواع الثناء والمحامد وكل ذلك من مقاصد العقلاء في الحياة فهي تقوم مقام الأعراض فينبغي ان تلحق بالبيع أو نلاحظ تهمة اعراء المال عن الورثة مع شبهة البيع فنوجبها بالعقد ونبطلها بعدم القبض توفية بالشبهتين
فرع - في الكتاب تجوز في نصف دار أو عبد ويحل محلك ويكون ذلك حوزا وقاله ( ش ) وأحمد قال اللخمي ومنح سحنون وكذلك الخلاف في الرهن وقال ( ح ) هبة المشاع جائزة فيما تتعذر قسمته كالجوهر والحيوان وممتنعة فيما يمكن قسمته لأن الحيازة لا تتم إلا بالقسمة ولم تحصل ههنا ولأنه تتعذر حيازته فتمتنع هبته كصوف على ظهر الحيوان ولأنه غير معين فيمتنع كهبة أحد عبيده وبالقاس على ما إذا قال وهبتك اليوم وغدا ملكه فإن عدم القسمة تؤدي إلى المهاباة كذلك يوما بيوم وبالقياس على جعل الشائع مسجدا بجامع التبرع والجواب عن الأول أنه ممنوع بل يجوز كما يجوز في البيع بدون فسخه وعن الثاني أنه ممنوع فان عندنا تجوز هبة الصوف وغيره من الغرر والمجهول وهو الجواب عن الثالث وعن الرابع أنها لم ترجع إليه في غد بل تملك الواهب مستمر وكذلك الموهوب وإنما المتوزع على الأيام المنافع كما يقوله في البيع سواء وعن الخامس أن الشائع لا يحصل فيه مقصود المسجد فان الصلاة في غير المتعين متعذرة بخلاف الانتفاع بالشائع بالبيع والإجارة والسكن على سبيل المهاباة ثم يتأكد ما يتأكد قلناه بقوله تعالى ( إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) فتقع الهبة في نصف الصداق شائعا وقد تكون تقسم ولا تنقسم وفي البخاري انه وهب هوازن ما يتعلق به وبنى عبد المطلب مما غنم منهم وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه المتقدم فان الثمر الموهوب كان شائعا
فرع - قال ابن يونس موت الواهب يبطل الهبة للأجنبي لأنه أراد اخراج وصيته من رأس ماله واخراج حق الورثة منها قال ابن القاسم كل صدقة أو حبس أو نحلة أو عمرى أو هبة لغير ثواب بموت المعطي أو بفلس أو بمرض قبل الحوز تبطل إلا أن يصح فتحاز عنه بعد ذلك فإن أراد القبض في المرض فعن مالك يمنع لتعلق حق الوارث ولأثر الصديق رضي الله عنه وقال أشهب يقضي له الآن بثلثها لأن أقل الأحوال أن تكون تبرعا فان صح فله الباقي ولا أرى قول من قال بحوزها كلها من الثلث قال محمد وأظن جوابه محمول على ما إذا لم يترك غيرها ولذلك قال ثلثها قال عبد الملك وإذا استدان وأحاط بماله وبالصدقة فالدين أولى وقال أصبغ الصدقة أولى من الدين المستحدث بعدها كتقدم العتق على الدين والفرق أنه خير بخلافها وإذا مات الموهوب فورثته مقامه وفي الجواهر إذا مات الواهب والطالب يجد في الطلب غير تارك لسعيه في طلب البينة فهو حوز عند ابن القاسم وقال عبد الملك ليس بحوز وتبطل وان جن الواهب بطلت ان اتصل جنونه بالموت وإلا فلا قال صاحب المنتقى إذا اجتهد في طلب الآبق فلم يجده إلا بعد موت الواهب نفذ لأنه لم يكن بيد المعطي والإشهاد والطلب كاف للدين - قاله عبد الملك واحاطة الدين بالمال تمنع الهبة - ولو حيزت لتعلق حق الغرماء بما في يديه وجوزه ( ش ) لكونه يتصرف في ملكه
فرع - ففي الكتاب قلت له ادفع لفلان مائة صلة مني فمات الآمر قبل دفع المأمور أو بعثت بهدية فمت قبل وصولها فإن كنت أشهدت في الصورتين نفذتا وإلا فلا وكذلك ان تصدقت بدين لك ولو سقت صداقا فمت قبل قبض المرأة فهو لازم وقال غيره إذا مت قبل وصول المائة فلا شيء للمعطي وكل معروف إذا أشهدت به لزمك عند مالك قال ابن يونس وكذلك إن وهبت فبعثت الهبة للموهوب برضاه قبل ان يقبضها ثم مت صحت الهبة لتعلق حق المشتري بها
فرع - قال ابن يونس لا تفيد حيازة الأخ ولا أحد غير الموهوب إلا في أربع صور الرجل يتصدق بالثوب في السفر والحاج يشتري لأهله أشياء ويشهد على ذلك ثم يموت ولا يكفي الذكر دون الإشهاد والحبس الذي لا غلة له كالسلاح إذا أخرجه مرة فيما جعل فيه ثم رجع إلى يده فهو نافذ والدار يتصدق بها فيحوزونها نحو سنة ثم يكتريها فيسكنها فيموت فيها تنفذ من رأس ماله فأما على من لم يولد بعد أو على أصاغر فلا وان حاز هو أو غيره حتى يكبر الأصاغر ويحوزوا نحو سنة ثم يكتريها فيموت فيها فتنفذ وان كره له ذلك لأنه رجوع في الصدقة قال هذا كله مالك وأصحابه لا يختلفون فيه قال اللخمي قال مالك إذا أشهد أن هذه الضحايا لأهله ثم مات قبل الذبح فهي من رأس ماله وان لم يشهد فهي ميراث ومن بعث بهدايا أو صلة لرجل ثم مات الباعث والمبعوث له قبل وصولها رجعت إلى الباعث أو ورثته إلا أن يشهد على انفاذها فتنفذ - وان مات وقال عبد الملك ان قبضها رسالة فلا شيء للمعطى مات أو مات المعطي وذلك حيازة للغائب وان تصدق على غائب وجعلها على يد غيره ثم مات فإن قال له لا تعطه إياها حتى آمرك بطلت أو قال حتى أموت فهي من الثلث وان قال أوصلها إليه وأشهد له بها أو قال خذها له فمن رأس المال وان لم يقل خذها فعلى الخلاف المتقدم وان علم المتصدق عليه فقال اتركها لي عندك فمن رأس المال لأنه قبض وايداع وسكت عن دفعها وحبسها ففي امضائها قولان له ورجع إلى أنها ساقطة وفي الكتاب إذا اشتريت هدية لأهلك في سفرك من كسوة وغيرها ومت قبل الوصول فهي لمن اشتريت - ان أشهدت وإلا فميراث قال ابن يونس قال ابن القاسم إنما هذا إذا اشتراه لصغار ولده وأبكار بناته لأنه يحوز لهم وقيل إذا أشهد على المال واشترى به الهدايا تمت لأنه نقل عن المال الذي وهبه وإن أشهد على الهدية فلا بد من الخروج عن يده إلى غيره قال وليس بشيء بل يكفي الإشهاد لان المسافر معذور فيكون حوزه الإشهاد كما كان حوز الرقاب حوز المنافع والثمار للضرورة ولو طلب المرسل استرجاع الصدقة من الرسول فليس له ذلك قال ابن القاسم ولا يكفي مشتري الهدية في الحج هذا لابني وهذا لابنتي حتى يشهد ولا يكفي سماع ذلك حتى يظهر عزمه بذلك بالإشهاد قال صاحب التنبيهات مسئلة ما يشتريه في الحج لأهله المراد به الزوجات والبنون وغيرهم كبارا كانوا أو صغارا
تنبيه - في كتاب محمد وهو يبطل ما روي عن ابن القاسم من أنهم صغار ولده وإلا لم يختص ذلك بحج ولا سفر ولا معنى لقول بعضهم ان معناه أنه وهب العبن واشترى بها لأن الشراء يقوم مقام الحوز بل العلة في ذلك كله عدم التفريط في الحوز فتكون هذه الصور ثمانية تنفذ بها العطية وان لم يقبضها المعطى
فرع - قال ابن يونس إذا أضاف الآخذ المعطى أو أخفى عنده في دار الهبة فلا يضر ذلك لأنها في حوز الآخذ قال عبد الملك إذا حازها المعطي حتى مات بطلت العطية وحيازة الآخذ المتقدمة وان طالت لا تفيد كتابة الآخذ كتابا أنه أسكنه إياها بأجرة وقال ابن القاسم إذا حازها الآخذ سنة لا يضر حوز المعطي بعد ذلك
نظائر - قال أبو عمران السنة معتبرة في أربع عشرة مسئلة حوز الهبة بخلاف الرهن وتعريف اللقطة والعبد الآبق يحبس سنة ثم يباع والمجنون يستتم له سنة والمعترض والعهدة الكبرى في الرقيق وعدة المستحاضة والمرتابة والمريضة والشفعة على رأي أشهب وابن القاسم يزيد الشهرين واليتيمة تمكث بعد الدخول سنة ثم يختبر رشدها والجرح لا يحكم فيه إلا بعد سنة والبرء لتمضي عليه الفصول كالمعترض وإذا شهد عليه شاهد بالطلاق فلم يحلف يحبس سنة والموصى بعتقه فيمتنع أهله من بيعه ينتظر سنة فان باعوه عتق بالوصية
فرع - قال ابن يونس قال ابن القاسم يكفي في حوز الدار دفع المفتاح والبراءة منها اذا كانت حاضرة بالبلد
فرع - في الكتاب إذا باع المتصدق الدار قبل الحوز وقد كان علم الآخر بالصدقة فلم يقبض حتى بيعت تم البيع والثمن للمتصدق عليه لأنه رضي بالبيع وان لم يعلم فله نقض البيع في حياة الواهب وأخذها فإن مات الواهب قبل القبض بطلت العطية ببيعه أو لم يبع وقال أشهب إذا خرجت من ملك المعطي بوجه ما أو حيزت عليه فليس للمعطى له شيء وكل صدقة أو هبة أو حبس أو عطية بتلها مريض لرجل بعينه أو لمساكين فلم تخرج من يده حتى مات فهي في ثلثه كوصاياه وحكم ذلك وحكم العتق الإيقاف ليصح فيتم أو يموت فتكون من الثلث ولا يتم فيه قبض للقابض في المرض لتعلق حق الوارث وليس لقابضه أكل غلته ولا رجوع للمريض فيه لأنه بتله بخلاف الوصية ولا يتعجل الموهوب قبضه الاعلى أحد قولي مالك في المريض له مال مأمون فينفذ ما بتل من عتق وغيره لأنه يؤمن قصوره عن الثلث قال ابن يونس قال ابن القاسم وان أعتق العبد معطيه قبل الحوز بطلت الهبة والصدقة والاخدام حياته - علم الآخذ بالعطية أم لا وكذلك لو أحبل الأمة وتردد قوله في أخذ قيمتها لأن هذه أسباب تامة والهبة قبل الحوز ضعيفة ولو قتل العبد أجنبي فالقيمة للموهوب لأنها تقوم مقام العين ولذلك سميت قيمة وقال أصبغ لا ترد الكتابة ولا التدبير ولا العتق إلى أجل ولاشيء للمعطي لقوة هذه الأمور وضعف الهبة قبل الحوز فيتقدم الأقوى وان عجز المكاتب فكذلك قال ابن وهب يرد العتق وعليه القيمة في الإبلاد ان قصد إبطال الصدقة لأنه ممنوع من إبطالها ولو وهبه لآخر أو تصدق به فالأول أحق بسبقه - ولو حازه الآخر ما لم يمت الواهب وقال أشهب الثاني أحق لضعف سبب الأول بعدم الحوز وقال ابن القاسم إذا علم الأول فلا شيء له إذا حازه الآخر لأنه مفرط والا فهو أحق لسبقه ما لم يمت الواهب وفي الجواهر إذا علم الموهوب فلم يقبض حتى باعها الواهب نفذ البيع والثمن للموهوب وان لم يعلم رد البيع إلا أن يموت الواهب قبل العلم بعد البيع وعن ابن القاسم يرد الموهوب للموهوب له ولو رهنها ثم مات ثبت الرهن وبطلت عند ابن القاسم ولو باعها الموهوب فلم يقبضها المشتري حتى مات الواهب روى ابن حبيب ان البيع حيازة وقال أصبغ ليس البيع بحيازة ولا غيره إلا العتق وحده ولو وهبها الموهوب ثم مات قال مالك لا تكون الهبة حوزا لاحتياجها للحيازة
فرع - تصدقت على ولدك الصغير بدين ثم اقتضيته صح حوزا قاله مالك بخلاف الدنانير تتصدق بها عليه وتبقى تحت يدك والفرق أن الدين قد حيز مدة حيازة تامة قبل قبضك كما لو جعلت الدنانير تحت يد غيرك ثم حدث لك موت أو سفر فتقبضها أنت لأجل السفر فذلك حوز ولو تصدقت بالدين على أجنبي فقبضته فإن علم الغريم بالصدقة قبل الدفع ضمن المعطي والا رجع المعطى على المعطي
فرع - قال التونسي الصدقة في المرض لا تحتاج إلى حيازة لأنها من الثلث كالوصية فلو وهب مريض لمريض هبة لا مال له غيرها ثم وهبها الموهوب للموهوب في مرضه ولا مال له غيرها قال ابن القاسم تقسم من تسعة ثلاثة للموهوب له أولا منها واحد للواهب الأول قال وهذا السهم يلزم منه الدور لأنك إذا أعطيته لورثة الأول كثر ثلثه فيرجع عليهم ورثة الثاني في ثلثه كمال تجدد لأن هبة البتل تدخل فيما علم وما لم يعلم ثم يقوم عليهم ورثة الأول في ثلث ثلثه فيدور هكذا حتى يقطع ولما كان كذلك سقط من الدورين ويكون المال ثمانية ستة لورثة الأول واثنان لورثة الثاني
فرع - قال اللخمي ان لم يفرط في القبض فهي من رأس المال وعنه تبطل لأنه مريض ولم يجعلها وصية وان فرط قال ابن القاسم لا تخرج من رأس المال ولا من ثلث وعلى قوله في العتق يقوم عليه في ثلثه تخرج الصدقة من الثلث فان لم تقم عليه حتى مات بفور الصدقة فقيل تبطل وقيل تصح من رأس المال لعدم التفريط في الحوز فان صح لم تخرج من رأس المال ولا من الثلث لتقدم حوز الورثة على حوز المتصدق
فرع - في الكتاب إذا تصدقت على رجل بدراهم وجعلتها على يد غيره والمعطى حاضر عالم جائز الأمر ولم يقم ولم يقبض حتى مت نفذت إن لم تنه الذي هي على يديه عن دفعها إليه إلا بأمرك لأن قبض الغير حوز له فان قلت للغير ذلك فلورثتك لأنه حوز لك لأنه حينئذ وان دفعت مالا يفرق في الفقراء أو في سبيل الله وقد قبل انفاذه وقد أشهدت نفذت من رأس المال لاستقلال الحوز وان لم تشهد فالباقي منه لورثتك لعدم الحوز ولو فرق الباقي بعد موتك ضمنه لورثتك قال ابن يونس إذا جعل الحبس على يد رجل والمحبس عليهم كبار جاز لأنك حوزته لهم
فرع - قال ابن يونس إذا وهبت نصف عبدك فحوزه ان يخدمه يوما ويخدمك يوما وعبد الغلة تؤجرانه جميعا وتقتسمان الغلة فان وهبت شقصا لك فيه لا يبقى بيدك منه شيء بل جميعه إما بيد الشريك أو بيد المعطى أو بأيديهما تحقيقا للحوز وان سلمت نصيبك واكتريت نصيب شريكك بطلت الهبة لعدم الحوز باستيلائك من غير ضرورة بخلاف بقائك شريكا لأنه ضرورة
فرع - قال إذا وهبته ميراثك في قرية مشاعا فعمل فيها بقدر حصته فهو حوز قاله ابن القاسم وقال في امرأة تصدقت على زوجها بميراثها من دار مشاعا فبنى في ناحية منها وسكن بغير مقاسمة بطلت إلا أن يصالحه الشركاء فيبقون بناحية وهو بناحية لأنه لم يحز نصيبه كما وهبته مشاعا قال أصبغ إلا الموضع الذي بنى فيه صح الحوز فيه قال محمد ان لم يكن بنى للمرأة فيها شيئا فهو حوز لخروجها عنها وإلا فكما قال ابن القاسم وان وهبت سهما في أرض فعمر المعطى قدر حصتك بحضرة الباقين أو لاستغنائهم أو ضعفهم عن العمل لا يكون له إلا نصيبه فيما عمر لأنهم لم يسلموا ذلك إليه قال ولو تصدق بعض الورثة بناحية قبل قسمة الأرض تقسم الأرض إن وقعت تلك الناحية للمتصدق فهي للمعطى وإلا بطلت الصدقة وليس عليه التعويض لأن الصدقة إنما تناولت معينا فتبطل ببطلانه كالبيع وان وقع بعضها فهي للمعطى له فان قال أقاسمكم هذه الناحية وهي تحمل القسمة وامتنع الورثة فإن كانت في جودتها وردائتها مثل بقية الأرض أجيب فيأخذ منها حصته وان كانت تضاف إلى جملة الأرض في الحكم قسم الجميع كما تقدم
فرع - قال ابن يونس قال مالك إذا خرجت للسائل بالكسرة أو بالدرهم فلم تجده أرى أن تعطى لغيره تكميلا للمعروف وان وجدته ولم يقبل فهو أولى من الأول لتأكيد العزم بالدفع
فرع - قال اللخمي قال مالك إذا تصدق على ولده الصغير أو يتيم يلي عليه بمائة من غنمه ولم يفرزها حتى مات فذلك جائز وهو شريك بحصته وله النماء والنقصان وعنه ان لم يفرزها أو يسمها برسم امتنع لعدم الحوز قال ابن القاسم وان سمّاه جازت إذا عرفت كذلك وان كانت غائبة عن شهوده إذا كان في حجره وجوز ابن القاسم الصدقة بعدة من نخله يكون شريكا واختلف إذا حبس أو تصدق بعبد أو حائط على ولده الصغير أو أجنبي فلم يحز الأجنبي حتى مات المعطي قال مالك الحبس باطل لعدم حوز الأجنبي أو الكبير ان كان مع الصغير قال ابن القاسم وكذلك الهبة وعن مالك الصحة في الهبة والصدقة دون الحبس لامتناع القسمة فيه لأنها بيع وعنه ان علم في الحبس وغيره ان الأب حاز ومنع نفسه من المنافع جاز نصيب الإبن ولا خلاف ان نصيب الأجنبي باطل لعدم الحوز وكل هذا راجع إلى الخلاف في هبة المشاع هل تجوز أم لا فعلى القول بالجواز يصح نصيب الصغير لأنه لو قام الأجنبي بالحوز كانت يد الأب معه على الهبة والحبس وعلى القول بالمنع يبطل نصيب الصغير لأنه لو قام الأجنبي بالحوز لرجعت يد الأب على الجميع ولو جعل ذلك بيد أجنبي أو يجعل معه من يحوز للصغير فهو بمنزلة من تصدق على ولد له صغير على أن لا يحوز له وان الحائز له فلان فلم يحز فلان حتى مات الأب فان الحبس يرجع ميراثا بخلاف الصدقة لأن الأجنبي لو قام بالصدقة لقال له الأب أنا أقاسمك أو أبيع معك لولدي ولا ترجع والحق مرة الصدقة بالحبس ورأى أن من حق الأجنبي أن يكون حبسا على يديه
فرع - قال التونسي إذا تصدق بعبده على أن له خمسة أيام من كل شهر جوزه ابن كنانبة لأنه تصدق بخمسة اسداس العبد وقد حازها وقال ابن القاسم ان كانت صدقة امتنع أو حبسا جاز قال والأول الصواب ولو دعي للبيع جبر عليه وسدس الثمن للمتصدق عليه وان أراد ابن القاسم انه كان شرط عليه في الخمسة الأسداس عدم البيع فخرج على من وهب على ان لا يبيع الموهوب ولا يهب امتنع ذلك للحجر ويقال إما أن تطرح الشرط أو ترجع الهبة
فرع - في الكتاب ليس حوز الغاصب ولا المرتهن ولا خليفتك على دارك ولا المستأجر حوزا للموهوب إلا أن يسلم إليه إجارته لأن هؤلاء قبضوا لغير الموهوب بل لأنفسهم بخلاف قبض المخدم والمعار إلى أجل قال ابن يونس قال أشهب قبض الغاصب قبض للموهوب لأنه ضامن فهو كالدين عليه فيجوز إذا أشهد قال ابن القاسم لو وهبك وديعة بيدك ولم تقل قبلت حتى مات الواهب فذلك لورثته وقال أشهب ذلك قبض لك إلا أن تقول لا أقبل لأنه من حين الهبة صارت في حوزك وقال ابن القاسم إذا أشهد أن وديعته لفلان هبة ولم يأمره بقبضها ثم مات المتصدق قبل قبض المتصدق عليه ان علم المودع فهي جائزة لأنه حينئذ يكون قابضا للمتصدق عليه ولو دفعها الواهب ضمنها وليس للمودع أخذها وقال مالك إذا بعد بطلت لأنه لم يجزه ذلك
فرع - قال ابن يونس لو وهبك دينه عليك فقلت قبلت سقط الدين أو لا أقبل بقي على حاله وقال أشهب يسقط ان لم يعلم
قاعدة - التصرفات تنقسم إلى الاسقاط بغير نقل - كالطلاق فانه يسقط العصمة ولا ينقلها للمرأة وكالعتق يسقط الملك ولا ينقله للعبد وإلى نقل إما بعوض كالبيع أو بغير عوض كالهبة ونحوها فما كان اساقطاً لا يفتقر إلى القبول إجماعا وما كان نقلا افتقر إلى القبول اجماعا واختلف الناس في الإبراء هل هو إسقاط فلا يفتقر إلى القبول أو نقل ملك فيفتقر إليه فهذه القاعدة منشأ الخلاف وبالأول قال ( ش ) وأحمد
فرع - قال قال سحنون إن أعطيت غلة كرمك أو سكنى دارك سنين لرجل وتصدقت به على ابنك الصغير فحوز الرجل حوز له ولابنك ان كان الجميع في فور واحد والاشهاد عليه قال عبد الملك إذا أعمرت رجلا دارك وتصدقت بها على آخر في فور واحد فحيازة المعمر حيازة للموهوب وكذلك في إخدام العبد ولو قتل العبد فقيمته للموهوب فان تقدم الإعمار ثم تصدقت بها ان رجعت وأنت حي فهي للموهوب أو ميت أو مريض أو مفلس فلا شيء للموهوب وكذلك المخدم قال ابن القاسم ذلك حيازة في الوجهين قال اللخمي قال عبد الملك لا يكون حوز المخدم حوزا للموهوب إذا تأخرت الهبة بعد الإخدام لأنه إنما حوز لنفسه وان كان في فور فهو حوز لهما لأنك أقبضته لهما وقال أشهب المستأجر جائز وان لم تسلم الإجارة له لأنه كما حاز الرقبة لنفسه ليستوفي منها المنافع منسوبة إليك يحوزها منسوبة للموهوب مع بقاء الإجارة عندك في الوجهين والمخدم على وجهين ان وهب الرقبة بعد انقضاء الخدمة لم يكن حوزا لأن المخدم يحوزه لنفسه وإن قتل فالقيمة لصاحبه الأول وان جعل له الرقبة من الأول فان كانت نفقته على سيده بطلت الهبة لعدم الحوز وان شرطها على الموهوب فسدت أيضا للغرر لأنه لا يدري هل يحصل قبالة نفقته شيء أم لا وان كانت نفقته قبل الهبة على المخدم جاز كالعبد المغصوب لأن الواهب رفع يده عنه إلا أن يرضى المخدم بحوزه فيجوز بخلاف فضلة الرهن لأن المرتهن حقه في الرهن وقيمته والمخدم في المنافع فحوزه لرقبة الموهوب لا يناقضه وإذا لم يعلم المودع لا يكون حوزه حوزا بخلاف المخدم لأن المودع قبضه لربه والمخدم قبضه لنفسه فلا يد لربه عليه ولا لوكيله وان قال المودع أنا أحوزه للموهوب كان حوزا أو قال بل للواهب لم يكن حوزا ولا أحوزه لواحد منهما فعلى القولين في المغصوب فان وهبت نصفه ورضي المودع ان يحوز له نصفه فقيل حوز وقال عبد الملك ليس بجوز لعدم التمكن من الحوز قال التونسي لا يعتبر ابن القاسم على المخدم والمستعير لأنهما حازا لأنفسهما ولو قالا لا نحوز للموهوب لم يلتفت إليهما إلا أن يبطلا مالهما من المنافع وهما غير قادرين على ذلك لتقدير قبولهما وإذا وهبته أرضا غائبة فخرج مبادرا فمات الواهب قبل القبض ذلك حوز لعدم التفريط قاله أشهب وخالفه ابن القاسم لأن الأرض لو حضرت أمكن قبضها وقال عبد المالك الإشهاد في العبد الآبق حوز وان مات المعطى قبل القبض لأنه الممكن فيه وينبغي أن يمتنع على مذهب ابن القاسم ولو باع الموهوب الهبة في يد الواهب فهو حوز عند عبد المالك خلافا لأصبغ لأن القابض المشتري وهو غير محتاج إلى حيازة قال التونسي إذا غاب الواهب قال مطرف لا يحكم الحاكم بدفعها للموهوب بخلاف غيرها من الحقوق لأنا لا نعلم حاله عند الحكم فلعله مات أو مرض أو أدان وقال عبد الملك ان دافع عن حيازتها مدافع حكم له بها بعد الاستيناء إلا أن يثبت أنه مات لأن الأصل عدم حدوث الموانع وقال أصبغ تسمع بينته ويوقف لينظر موته فتدفع للوارث أو حياته فتدفع له
فرع - في الكتاب تجوز هبة الثمر والزرع قبل الصلاح وما تلد أمتك أو غنمك أو ما في ضروعها أو على ظهورها من صوف وحوزه بحوز الأصول والأمة والأرض وعليك تسليم ذلك إليه والسقي عليه لتسلمه ماله وحوز الخدمة بحوز العبد والسكنى بحوز الدار وبحوز ثمرة النخل عشرين سنة وما تلد أمتك ويكفي حوز الأصل لأنه الممكن أو يحوزه أجنبي ومنع ( ش ) وأحمد هبة المجهول ووافقنا على الوصية لنا القياس عليها
قاعدة - العقود منها مشتمل على المعاوضة كالبيع والإجارة وغير مشتمل عليها كالوصية والهبة والإبراء ومتردد بين الفئتين كالنكاح فانه تشترط فيه المالية وهي غير مقصودة في المواصلة والمكارمة فحصل الشبهان وورد الشرع بالنهي عن بيع الغرر والمجهول صونا للمالية عن الضياع في أحد العوضين أو في كليهما لأن مقصوده تنمية الأموال وهما محلان لذلك فناقضا العقد فلذلك نهي عنهما وما لا معاوضة فيه في غاية البعد عن قصد التنمية بل هو ممحقة للمال فلا يناقضه الغرر والجهالة فلذلك جوزناهما في ذلك فإن قاس الخصم على البيع فالفرق عقيم كما ترى فيتعين أن الحق معنا ولهذا السر جوزنا الغرر والجهالة في الخلع مطلقا وجوزنا في صداق النكاح وما خف منهما لتوسطه بين القسمين وسطناه فيهما فعلى هذه القاعدة تتخرج فروع المذهب وتظهر منها الفروق بين الأبواب ويظهر أن الحق قول مالك رحمة الله عليهم أجمعين
نظائر - قال العبدي يجوز الغرر في خمس مسائل الهبة والحمالة والرهن عند ابن القاسم إلا في الجنين كرهه في المدونة وأجازه مالك والخلع عند ابن القاسم وقيل يكره وقيل يفسخ وله خلع المثل والصلح في العمد مختلف فيه ومنعه ابن القاسم قال ابن يونس وافق أشهب في الحوز المتقدم إلا ما في بطون الأمهات فانه جوز الهبة فيه ولا بد من قبض الموهوب لأن العتق فيه لا يتم حتى يخرج فكذلك الهبة وقد تباع الأم قبل ذلك في دين يحدث ويجوز بيع الأصول وتبقى له الثمرة ولا يبقى له الجنين قال محمد وهو الصواب وإن وهبك أرضا فحوزها بأن تكريها أو تحرثها وتغلق عليها غلقا فإن أمكنك شيء من ذلك فلم تفعله حتى مات المعطي فلا شيء لك وان كانت يتعذر فيها ذلك كله ومات فهي نافذة وحوزها بالاشهاد ولو كانت الدار حاضرة أو غائبة فلم يحزها حتى مات بطلت وإن لم يفرط لأن لها وجها تحازبه وإذا قلت في الأرض الغاصبة قبلت وحزت لم يكن ذلك حوزا لأن الإخبار عن الطهارة لا يقوم مقام الطهارة وهو كالشهادة على الإقرار كما قاله في الكتاب وفي التنبيهات في كون حوز الرقاب حوزا للهبة أربعة أقوال حوز وليس بحوز وقاله ابن حبيب وحوز إن كان فيها ثمر وفي الأمهات حمل وإلا فلا قاله عبد الملك وتفرقة أشهب المتقدمة
فرع - قال ابن يونس لا يكفي الإقرار بالحوز ولا إلا شهاد عليه لما تقدم
فرع - قال ويكفي قولك قبلت فيما في يدك وان لم تقل قبلت حتى مات بطلت وقال غيره ذلك حوز وقال ( ش ) لا بد بعد القبول من زمان يتأتى فيه القبض وقال ابن حنبل يكفي القبول
تمهيد - القبض إنما اشترط عندنا لنفي التهمة لئلا ينتفع الإنسان بماله عمره ويخرجه عن ورثته عند الموت فلذلك كفى الإشهاد في بعض الصور وحوز الأجنبي واستغني عنه في المودع والغاصب ونحوهما لحصول المقصود بدونه وعند الشافعي هو سبب انتقال الملك وتوجه الحجة للموهوب لنا القياس على البيع
فرع - في الكتاب إذا وهب عبدا لابنه الصغير وأجنبي فلم يقبض الأجنبي حتى مات الواهب بطلت كما لوحبس على ولده الصغير والكبير ومات قبل قبض الكبير بخلاف ما حبس عليهم وهم صغار كلهم لأنه يحوز لهم وعن مالك إذا تصدق على ولده الصغير مع الكبير أو أجنبي يصح نصيب الصغير بحوز والده ويبطل ما سواه لعدم الحوز وفي الحبس يبطل الجميع لتعذر القسمة قال صاحب التنبيهات قيل الخلاف في الصدقة والحبس مبني على الخلاف في حوز المتصدق عليه مع المتصدق فيما بينهما فيه شركة فعلى القول بالصحة يصح ههنا للصغير والكبير وعلى القول بالبطلان يبطل وعنه التسوية بين الحبس والصدقة في جواز حصة الصغير إذا ميزه الأب ومنع نفسه من منافعه قال التونسي إذا سكن دار ابنه الصغير فلم يخرج منها حتى باعها ولم يقبضها المشتري حتى مات الواهب الثمن للولد ونفذت الهبة لأنه مات في دار المشتري وسواء باعها باسم ابنه أو جهل ذلك ولو تصدق على ولده الصغير على أنه يحوز غيره وبقيت في يده حتى مات بطلت لأنه لم يحوزها ولو جعلها على يد غيره ثم ارتجعها بطلت إلا أن يشهد اني لم أرتجعها إلا لأحوزها لولدي وفعل ذلك لأنه أولى بالحوز من غيره أو ليس ذلك إلا أن يطرأ ما يوجب إزالة يد الأجنبي نفيا للبس في الحوز قولان وأصوب الأقوال ان كانت مما يحوزها الأب ليست دنانير ولا طعاما أنه حوز وان كانت دنانير أو ما لا يحوزه الأب لولده لم يكن حوزا ولو قال خدمة عبدي لولدي ورقبته لفلان وحازه الأب لولده ثم مات الأب لم تصح لفلان رقبته لبقاء يد الأب عليها
فرع - قال التونسي إذا تصدق على ولده الصغير بدار وأشهد ثم مات فقال الكبار كان ساكنا فيها وقال الصغير لم يسكن فهي على الحوز حتى يثبت خلافه لأن أصل التصرفات حملها على الصحة ولأن ظاهر حال الأب في شفقته تحصيل مصلحة الولد فان وجد بيد الكبار بعد الموت شيء وقامت البينة على صدقته وجهل وقت حوزهم قال عبد الملك لا بد من البينة على حوزهم قبل الموت والفلس لأن الأصل عدم تقدم الحوز وقيل لا لأن اليد دليل الملك وقد قيل إذا ثبت بالبينة أن زوجها اعطاها عبدا في صداقها وثبت أنه أعتقه وجهل التاريخ فهي أولى ان كان في يدها وإلا عتق قال ويشبه ان تملك نصفه ويعتق نصفه كما لو ثبت أنه أوصى بعتقه وأثبت الآخر أنه أوصى له به وجهل تاريخ الإشهاد قيل يعتق بالقيمة لضرورة تساوي الدعاوي
فرع - قال وإذا تصدق بالعبد على ولده الصغير فكان يخدم الأب وربما خدم الابن جعله ابن القاسم محوزا ومنع أشهب قال وهو أشبه لأن جل المنافع إذا بقيت للأب لم يكن حوزا إلا أن يريد ابن القاسم أنه ممن يؤجر فتكون الأجرة للابن وخدمة الأب كانت يسيرة
فرع - قال إذا تصدق أحد الزوجين على الآخر بفرش البيت أو بخادم جاز إذا أشهد على ذلك قاله ابن القاسم وأشهب قال ابن القاسم وليس المسكن كذلك بل ان تصدقت به عليه كان حوزا له لأن عليه اسكانها بخلافه لأنه باق في يديه وعن مالك في الخادم والفرش أنه ضعيف قال والحق التسوية لأنه يجب عليه اخدامها وما يصلحها فإذا منع في صدقته عليها لأجل الحوز في الدار فكذلك غيره إلا أن الصحة في الخادم والفرش إنما تكون لضرورة بقائه في يد الواهب كما قيل في هدية المسافر والأضاحي وغيرها
فرع - قال لو وهب لحاضر وغائب فحاز الحاضر الجميع لهما صح لارتفاع يد الواهب ولو قسم نصفه فحازه الحاضر وأبقى نصيب الغائب لم يحز حتى مات الواهب بطل نصيب الغائب لعدم الحوز
فرع - قال إذا وهب أحد الشركاء في الأرض جهة معينة قسمت الأرض على مذهب ابن القاسم فان صار للواهب ما وهب سلمه أو غيره بطلت الهبة لعدم مصادفة العقد ملكا وقيل يعوض عنه لأن العقد اقتضى ذلك الحوز وهو عاوض عنه في القسمة فيعطيه ذلك العوض وإذا فرعنا على أن القسمة بيع اتجه هذا أو تمييز حق اتجه قول ابن القاسم لأن الغيب انكشف على أن حقه هذا الذي لم يهبه
فرع - قال ابن يونس إذا أعطى امرأته النصرانية داره على أن تسلم فأسلمت هو كالبيع لا يحتاج إلى حوز وقال أصبغ عطية تحتاج إلى الحوز لأن الإسلام لا يكون ثمنا
فرع - في الكتاب إذا وهب لغائب وجعله على يد من يحوز له كان حوزا لأن أحباس السلف كان يحوزها الحاضر للغائب وكذلك يدفع لمن يحوز للصغير حتى يبلغ وان كان له أب أو وصي حاضر لأن الواهب أخرج الجميع من يده على هذه الصفة ولو كان كبيرا رشيدا حرا وأمرت ألا تدفع إليه ولو إلى أجل بطل الحوز ان لم يقبضها حتى مت لوجود أهلية الحوز فلا ضرورة حينئذ وليس لك فيه غرض صحيح بخلاف الصغير يتوقع صلاح حاله أو نتهم الأب عليه إلا أن تحبس على الكبير غلة نخل وتجعلها على يد من يحوزها عليه صح لأن الأحباس ما زالت كذلك في السلف
فرع - قال لا يعتبر حوز الأم في هبتها لصغار بنيها ولا لابنتها البكر البالغ وان اشهدت لعدم ولايتها على حفظ المال إلا أن تكون وصية الوالد أو الوصي بخلاف الأب وان بلغ الابن حالة يصح حوزه فلم يجز حتى مات الأب بطلت لعدم الحوز مع امكانه قال اللخمي يصح حوز الأب لولده العقار والعروض والعبيد ونحوها قال مالك ولا يحوز الدنانير والدراهم إلا أن يصنعها على يد غيره لعدم تعيينها خلافا ل ( ش ) و ( ح ) فيهما لأنها تتعين عندهما قال محمد إن أشهد على طابعه وعن مالك إذا أشهد فهو حوز وهذا إذا بقيت عينا فان اشترى بها سلعة وأشهد صح الحوز وان كانت الصدقة عرضا فأشهد وباعه بالعين نفذت لصحة الحوز أولا وقال محمد ان وهبه دينا على رجل فمات قبل القبض نفذ ولو قبضه ثم مات وهو في يديه أو تسلفه نفذ وجعل الدين كالعرض والطوق والسوار كالعرض والتبر والنقر واللؤلؤ والزمرد والحديد والنحاس والكتان وكل ما يكال أو يوزن يختلف فيه كالعين قال والجواز في الجميع أحسن وان وهبت الأم ما لم يستغل لم يصح حوزها فان وهبت غلاما فكان يخدم الولد أو ثوبا أو حليا فكان يلبسه قال مالك صح ومنعه ابن القاسم واشهب إلا أن تكون وصية ويصح حوز الصبي لما وهبه ليتيمه كحوز الأب له قال ابن يونس عند ابن القاسم وأشهب إذا وهبت الأم حاز السلطان وان أخرجتها من يدها وحوزتها غيرها صح لولايتها على مالها وهذا تصرف فيه لا في مال الولد وقال عبد الملك حيازة الأم لليتيم الصغير جائزة فيما وهبته أو أجنبي وكذلك من ولي يتيما حسبة ان تقدمت الولاية قبل الصدقة كما يشتري له طعامه وإلا فلا للتهمة ومنعه ابن القاسم إلا أن تكون وصية والأجداد كالأب والجدات كالأم إذا كان في حجر أحدهما وغيرهم لا يحوز لكن يجعل ذلك لغيره ووافقا الأئمة في اختصاص ولاية الحوز بها ولاء غير ان ( ش ) اشترط ان يقول الأب قبلت لأن القبول باللفظ ركن عنده وألحق ( ح ) الأم والأجنبي بالأب في ولاية الحوز إذا كان في حجرهما وجوز قبض الصبي لنفسه لأن الناس ما زالوا يتصدقون على الصبيان في سائر الأعصار وخالفه ( ش ) وأحمد ومنع ( ش ) ان يوكل الواهب من يقبض للغائب لأنه وكيل للواهب لا للموهوب
فرع - قال ابن يونس في البكر يحوز لها أبوها وان عنست لثبوت الحجر عليها وعنه الا أن تكون عنست وهو على الخلاف في ارتفاع الحجر عليها بالتعنيس وقال ابن عبد الحكم الا أن تبلغ خمسين سنة فلا يحوز لها الا برضاها فإن فعل بغير رضاها أجزته
فرع - قال قال ابن القاسم لا يخرج الغلام من الولاية بمجرد الاحتلام بل ان جاز له بحدثان احتلامه فهو حوز
فرع - في الكتاب لا يجوز الأب لابنه الصغير الرقيق لأن سيده يحوز ماله وولاية السيد مقدمة فان جعل الأب هبة على يد أجنبي جاز وان كره السيد كالشرط في الوقف هو موكول للواقف
فرع - قال لايحوز الزوج لامرأته وله ان يحوز ذلك عند غيره ولا يحوز واهب للموهوب إلا الأب أو الوصي أو من يجوز امره
فرع - قال ابن يونس أم الولد كالحرة في الحوز تحوز ما لا يزايلها حيث انتقل بها سيدها بالإشهاد والإعلان لعجزها عن غير ذلك وأما الدار والأرض والشجر المباين لها فبخروج السيد من الدار وبزراعة الأرض وبقبض خراج السيد وبلبس الحلي وغيره وكل ما يدل على القبض وان لم تفعل ذلك فلا شيء لها ولو ادعت متاع البيت كلفت البينة وان كان متاع النساء بخلاف الحرة لأن العادة ان الشوار للحرائر دون الإماء وتصدق فيما عليها من حلي وغيره لأن اليد دليل الملك ولأن الغالب في لباسها انه وهب لها قال عبد الملك إذا وهبها مالا يشبه عطيتها رد ما زاد لانه يتهم في ازواء ماله من الورثة كانت العطية مرة ومرات وقال أصبغ ان كان في مرة ردت العطية كلها كزيادة ذات الزوج على الثلث أو مرارا أنفذ ما لا يصرف فيه ورد ما يتهم فيه قال صاحب المنتقى أم الولد كالحرة في صدقة سيدها عليها - قاله ابن القاسم وقال ابن العطار يحوز سيدها لها صدقته عليها
فرع - قال اللخمي في هبة الابن المعدوم في الحال دون الاستقبال قولان فقيل حوز الرقاب كاف لأنه الممكن وقيل لا لأن الموهوب معدوم ويجري الخلاف إذا وهب ما تحمل أمته أو شاته في المستقبل قياسا على هبة الثمار واللبن المستقبلين وإذا وهب كل ولد تلده كفى قبض الأم ولو ماتت قبل ان تلد أو تحمل قياسا على الالبان ويجبر على التحويز إذا كان الحمل أو اللبن موجودا أو ظهرت الثمرة قاله ابن القاسم ويجعل الغنم في اللبن على يد الموهوب له وما في بطن الجواري والغنم على يد ثقة وليس للموهوب له ذلك لأن حاجته إليها في وقت هو في الإماء آكد لامتناع الخلوة بهن واللبن يحتاج كل يوم وتوضع أصول الثمار على يد ثقة ويأخذ الموهوب وقت الانتفاع وان لم يكن حمل ولا لبن ولا ظهرت ثمرة لم يجبر الواهب وقال ابن القاسم السقي والعلاج قبل طيب الثمار الموهوبة على الموهوب له لأن السقي إنما هؤلاء جل الثمرة وقال ابن حبيب على الواهب لأنه مالك الرقبة ويختلف في كلفة الأمة والغلام المخدم كذلك وقال محمد إذا أوصى بصوف غنمه أو لبنها لرجل وبرقابها لآخر المئونة على الموصى له باللبن والصوف قال وأرى ان وهب مرة واحدة لثلاثة لأحدهم الصوف وللآخر اللبن وللآخر الحمل - ان الكلفة على جميعهم ويختلف هل على عددهم أو قيمة الهبات نظرا إلى أن كل واحد لو انفرد لاستقل أو الغنم يتبعه العزم وان كانت الهبات واحدة بعد أخرى فالكلفة على الأول على قول محمد لأن الآخرين نزلا منزلة الواهب وهو لا نفقة عليه ومحمد الهبة إذا كانت حاملا وذات لبن على ما هو موجود لأنه المتبادر عند الإطلاق وإلا فيختلف هل هو هبة ما يتكون من اللبن أو الصوف أو الحمل حياة الغنم والجواري أو حياة المعطى قاله محمد وقد تقدم الخلاف في قبض الرقاب هل هو قبض للهبات على أربعة أقوال
فرع - قال صاحب التنبيهات قوله في الكتاب إذا تصدق بدراهم على رشيد وجعلها على يد غيره وهو حاضر جاز إذا لم يشترط على المدفوع إليه ألا يدفعها إلا بأمره وقال في باب الغصب إذا كان الموهوب رشيدا وحاضرا امتنع - ولم يشترط عدم الدفع وكذلك قال في هبة الطفل والكبير ومعناه إذا أمر الحائز إليه وقال اللخمي اختلاف قول وقيل المسلتان مفترقتان وان الجواب فيما إذا كانت في يد الواهب فخروجها من يده إلى الأجنبي حوز والمنع إذا كانت في يد غاصب لأنها لم تخرج في يد الواهب وقيل إذا شرط عدم الدفع إلا بأمره لا تمضي بخلاف إذا قال ادفعها له وقال الموهوب أمسكها عندك انها تمضي لأنها وديعة الموهوب فان سكت عن الأمر بدفعها وعدم دفعها ففي صحتها قولان ولو شرط امساكها حتى يموت الواهب فهي وصية ماضية من الثلث اتفاقا
فرع - قال قال في الكتاب إذا تصدق بنصف دار فقبضه ان يحل فيها محل الواهب ظاهره لم يبق للواهب شيء وقيل بقي له النصف ولا يصح الحوز إلا بالمقاسمة أو بحوز أجنبي لهم أو يسلفها جميعها للموهوب وفرق في كتاب محمد بين العبد فأجاز بقاء أيديهما عليه ويقتسمان الغلة وبين الدار لتصور القسمة فيها وعنه أيضا التسوية في جواز أيديهما كما يقبض في البيع وعنه التسوية بينهما في البطلان مع بقاء أيديهما لعدم رفع يد الواهب وان عمرا كالشريكين وتصرفا كذلك مع بقاء أيديهما
فرع - قال قال في الكتاب إذا وهب الدار الغائبة ولم يقبضها الموهوب بطلت وان لم يفرط ومقتضاه أنه لا يراعى في عدم الحوز التفريط وكذلك قوله إذا أبى أن يدفعها له فخاصمه فلم يحكم له حتى مات أنها تبطل وقوله إذا وقفها السلطان حتى ينظر في حججهم فمات الواهب فهي للموهوب إذا أثبت الهبة وفي كتاب ابن حبيب لا ينفعه الإيقاف حتى يحكم له في حياته وهو مخالف للكتاب وقال عبد الملك إذا لم يفرط في الصدقة صحت وقع القبض قبل الموت أو بعده علم بها الموهوب أم لا لانتفاء التهمة وعدم التفريط وقال أصبغ إذا لم يقبضها وأعجله الموت بطلت والقولان لمالك قال اللخمي إذا كنتما بمصر فوهبك أرضه بإفريقية فقلت قبلت لم يكن حوزا وان لم يفرط في الخروج وقال أشهب ان لم يفرط في الخروج حتى مات الواهب فهو حوز ويحمل قول ابن القاسم في الأرض على أنه لو خرج لادرك ولو كان وصولها يكون قبل الحرث لم يضره لأنها لو كانت حاضرة لكان حوزها بالقول بخلاف الدار
فرع - في الجواهر قال ابن القاسم إذا تصدقت بصداقها على زوجها أعطته كتابها فقبله ثم سخطه بعد أيام فرد عليها الكتاب فقبلته بشهادة فلا شيء لها عليه لأنها عطية لم يقبضها أو قبله ثم ندمت فجدد لها كتابا حالا أو الى موته فان لم تقبضه في صحته فهو باطل لأنها هبة مستأنفة قال ابن القاسم ولو سألها في مرضه ان تضع مهرها ففعلت ثم رجعت بعد صحته أو موته ليس لها ذلك بخلاف وضع الميراث لأنه إبراء نفذ والميراث لم يقبض
فرع - قال لو كتب إلي وكيله ان يعطيه مائة فأعطاه خمسين ثم مات الواهب لم يكن له إلا ما قبض فإن يد الوكيل يد الموكل بخلاف لو وهب ما تحت يد المودع ثم مات قبل الحيازة والفرق ان الوكيل يده يد الموكل ولم يرجع به وكيلا لك والمودع بمجرد علمه يصير حافظا لك
فرع - قال لا تكون حيازة المرتهن والمستأجر حيازة الموهوب إلا أن يشترط ان الإجارة له مع الرقبة بخلاف المودع وأجاز أشهب حيازة المستأجر وان لم يهب للموهوب الإجارة
فرع - قال إذا رجعت الهبة للواهب بعد الحوز بمدة يسيرة اتفق أهل المذهب على بطلانها أو بعد الطول بطلت عند عبد الملك إذا مات فيها وقد تقدم ان السنة هي المعتبرة في ذلك
فرع - قال الأبهري قال مالك إذا تصدق على ولده الصغير أو يتيمه بمائة من غنمه ولم يفرزها له حتى مات فهوشريك فيها وفي نمائها ونقصانها لأنه وصف له ذلك العدد وعنه لا شيء له لعدم الإفراز بخلاف الوصية لاستغنائها عن القبض ويختلف في الدنانير كالغنم - وان تسلفها الأب بعد الافراز ثم مات الأب لأنها لا تعرف باعيانها
فرع - قال قال مالك إذا حلى صبيا بحلي ثم مات فهو للصبي دون الورثة لأنه مظنة الحوز له
فرع - قال صاحب المنتقى لو وهب المستودع ما عنده فلم يقل قبلت ثم مات الواهب عن ابن القاسم القياس البطلان وقال أشهب حيازته ثابتة الا أن يقول لا أقبل لأن الهبة بيد الموهوب وتأخر القبول لا يضر كما لو وهب رجلا ولم يقل قبلت وقبضها لينظر رأيه فمات الواهب فهي ماضية ان رضيها وله ردها وقياسا على الغائب وابن القاسم يقول عدم الحوز يمنح الصحة فأولى عدم القبول قلت وهذا البحث منه يدل على أن القبول ليس على الفور خلافا ل ( ش ) وقد تقدم التنبيه عليه
فرع - قال لا يشترط في القبض الإذن وقال الأئمة يشترط وله الرجوع ولا يقضى عليه لقصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لا تتم الهبة إلا بحوزها وقياسا على ما بعد الموت ولأنه لو لزمت لكانت ملكا للموهوب لأن المطالبة بغير ملك منكرة ولو كانت ملكه لما ورثها ورثة الواهب لأن الميراث فرع الملك وبالقياس على الوصية أو هو سبب ملك فلا ينعقد إلا بوضع اليد كالإحطاب وسائر أسباب التمليك الفعلية والجواب عن الأول ان طريان المرض يبطل العقد كطريان التفرق على عقد الربا وهلاك المبيع قبل القبض وطريان الردة على النكاح فلا غرو أن يكون العقد صحيحا ويطرأ عليه مبطل فقضية الصديق رضي الله عنه دائرة بين ما ذكرناه وما ذكر تموه على السواء فلا حجة لكم فيها وجه مناسبة المرض للإبطال أنه يتهم ان ينتفع بماله عمره ثم يخرجه في هذه الحالة التي حجر عليه فيها عن الورثة فحسم الشرع هذه المادة في المتهم وغيره كما رد شهادة الأب لابنه وبالعكس للتهمة وطرد ذلك وعن الثاني أن المراد بالعام استقرار الملك واللفظ ظاهر فيه ثم هو معارض بقول علي رضي الله عنه الصدقة جائزة قبضت أو لم تقبض وعن الثالث الفرق قبل الموت عدم التهمة وبعده يتهم بأنه حبسها لينتفع بها حتى يموت وعن الرابع أن المرض أو موت الفجأة اسقط ملك الموهوب فثبت ملك الواهب لما تقدم من تقرر التهمة وأن العقود الصحيحة قد يلتحق بها ما يبطلها فما ورث الوارث إلا ملك الواهب المنتقل عن الموهوب فلا تناقض كما لو باع مطعوما بمطعوم أو أحد النقدين بالآخر مما يشترط فيه التقايض فمات أحدهما لا يجب التسليم ويبطل العقد ويورث ما كان ملكا لغير الموروث وعن الخامس أنه مقلوب بأن تقول لا يشترط فيها القبض قياسا على الوصية فانها تصح بالقول وتثبت بنفس الموت وعن السادس أنه منقوص بالوصية والميراث ثم يتأكد مذهبنا بقوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) وهو يخص المتعاقدين فلا يضرنا عدم الوفاء بعد الموت لذهاب العاقد وقوله الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه فشبه القبيح الشرعي بالقبيح العادي وبهذا يندفع قولهم ان الكلب لا يحرم عليه الرجوع لكونه غير مخاطب لأن المراد التشبيه المذكور وبالقياس على سائر العقود ومما يوضحه أن الأقوال هي المميزة بين خواص العقود فيها يظهر البيع من القرض من الإجارة فوجب ان تكون الصحة والانعقاد منوطا بها وأما القبض فصورة واحدة في الصحيح والفاسد فلا يناط به أحدهما وبالقياس على صور من العطايا كالعتق والضحايا والمساجد والوقف العام كالقنطرة ونحوها فانها تلزم بالقول ولا تفتقر إلى القبض
فرع - قال صاحب المنتقى لو باع الموهوب الهبة ولم يقبضها المشتري حتى مات الواهب فالبيع حوز قاله مالك وقال أصبغ لا يحصل الحوز بذلك ولا بغيره إلا العتق لأنه مبني على التغليب والسراية فان باع الواهب قبل الحوز فالبيع أولى عند ابن القاسم وأشهب وعن ابن القاسم الصدقة والهبة أولى إن كان المعطى معينا بخلاف غير المعين نحو سبيل الله فإنه لا يقضى به
فرع - قال إذا تصدق على ابنه الصغير بحوانيت ولم يعلم أنه كان يكريها باسمه أو اسم نفسه فهي للابن لأنه ظاهر حال الأب أنه إذا وهب لابنه لا يرجع وان يؤجر له
فرع - قال إذا وهب أحد الوصيين لليتيم أعطاه لشريكه في الوصية أو غيره قاله ابن العطار ولا تجوز هبة نفسه إلا إذا انفرد لتعذر من هو له مثله أو أولى منه وقيل حيازته تامة لأنه ولي
فرع - قال يكفي في حيازة الأرض التي لا عمل فيها الإشهاد لأنه الممكن وأما أرض الزراعة والعمل ان وهبت في غير إبان العمل حددها وأشهد بتسليمها قاله أصبغ وعن ابن القاسم لا يكون حوزا إلا أن يتأخر العمل لعذر وهذا إذا فاتت حيازتها قبل موت الموهوب اما لو حضر وقت الزراعة فلم يتعرض لها حتى مات الواهب بطلت الهبة لأن حيازة مثل هذا إنما هو بالعمل فان منعه الواهب من العمل لم تبطل الحيازة لأن الذي عليه التعرض وقد فعله وان ترك العمل لضعفه بنفسه وآلته مع امكان مساقاتها لغيره والإرفاق بها بطلت الهبة وان ضعف عن جملة الوجوه فالإشهاد حوز لأنه الممكن قاله ابن القاسم
فرع - قال قال مالك لا تحاز العرية إلا أن يطلع فيها ثمر ويقبضها المعري فان عدم أحدهما قبل موت المعري بطل الإعراء لعدم حوز العطية وقال أشهب يكفي الإبار أو تسليم العطية لأن المعري إنما وهب مع بقاء الأصل في يده إلى حين الثمرة
فرع - قال لو حاز بغير علمه صح لأنه أخذ حقه
نظائر - قال ابن بشير التي لا تتم إلا بالحيازات سبع عشرة مسئلة الحبس والصدقة والهبة والعمرى والعطية والنحلة والعرية والمنحة والهدية والاسكان والعارية والارفاق والعدة والاخدام والصلة والحبا والرهن
النظر الثالث في أحكامها وأصلها وأصل كل معروف واحسان الندب لقوله تعالى ( إنّ اللّهَ يَأْمُرْ بِالْعَدْلِ والإحْسَانِ وإِيتَاء دِي القُرْبَى ) ولقوله كل معروف صدقة قال اللخمي الصدقة في الصحة أفضل لقوله في مسلم لما سئل لأن تصدق وانت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر ولا تمهل حتى تبلغ الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان وأفضلها أيضا ما كان ظهر غنى لقوله تعالى ( يَسئَلُونَك ماذَا يُنْفِقُون قُل العَفْو ) والعفو الفاضل وفي البخاري قال لا صدقة إلا عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول قال سحنون لو لم يبق ما يكفيه ردت الصدقة وعن مالك تجوز الصدقة بجملة المال وقد فعل الصديق رضي الله عنه والأول أحسن لأن صدقته - رضي الله عنه - إنما كانت لتأليف الناس واستنفاذهم من الكفر ويستحب أن تكون من أنفس المال لقوله تعالى ( لنْ تَنَالوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون ) ولقوله لماسئل أي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ويستحب أن تكون على الأقارب لقوله لميمونة وقد أعتقت خادما لو أعطيتها لأخوالك لكان أعظم لأجرك ففضل العطية للأقارب على العتق لأنه صدقة وصلة وقد قال مالك صدقتك على ابن عمتك اليتيم أفضل من العتق ثم في الجيرة وفي الاصلاح ورفع الشحناء لقوله لما قالت له عائشة رضي الله عنها ان لي جارين فإلى أيهما أهدي قال لأقربهما وسر ذلك ان الجوار له حق والقرب له حق فيجتمع في الجار القريب الأمران مع الصدقة كما اجتمع في القريب ومعروفان أفضل من معروف قال غيره تقدم الأنثى على الذكر لأن وقع الإحسان مع ضعف الأنوثة أتم ويقدم العالم على الجاهل لأن قيام بنيته تنفع الناس والصالح على الطالح لأن بنيته ينتفع بها في عبادة الله تعالى والفقير الذي كان غنيا على من لم يزل فقيرا لقوله ارحموا عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر فان ضرره بالفقر أوقع وقيل له أي الناس أحق ببري قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك فجعل لها ثلثي البر وهو يدل على أفضلية الاحسان للإناث على الذكور من كل نوع
فرع - قال ابن يونس قال مالك لا تشترى الصدقة من المتصدق عليه ولا من غيره ولا ترجع إليه باختيار من شراء أو غيره وان تداولتها الأملاك والمواريث لقوله في البخاري ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه قال مالك يجوز أكل لحم غنم تصدقت بها على ابنك الكبير وتشرب من لبنها وتلبس من صوفها إذا رضي الولد وكذلك الأم بخلاف الابن الصغير ولأجل الحجر ومال الكبير كمالك وان تصدقت على أجنبي بنخل أو دابة فلا تأكل من ثمرها ولا تركبها ولا تنتفع بها ولا شيء من ثمنها بعارية أو غيرها ولو تصدق به عليك لا تقبلها للحديث المتقدم وقال محمد إذا لم يبتل الأصل بل تصدق بالغلة عمرا أو أجلا فله شراء ذلك قاله مالك وأصحابه إلا عبد الملك واحتج بالحديث وجوابه المعارضة بالحديث الآخر في شراء العرية وان جعلت الثمرة أو الخدمة إلى أجل والرقبة بعده لآخر فلا يجوز شراؤك ويجوز لمن له مرجع الأصل ولورثته لأنه لم يتصدق ويجوز لصاحب الغلة شراء الأصل ممن جعل له - قاله مالك قال اللخمي المشهور أن النهي عن شراء الصدقة على الندب والكراهة وقال الداودي حرام فعلى الأول إذا نزل مضى وعلى الثاني يفسخ وألحق مالك الزكاة الواجبة بالتطوع واختلف في الاجزاء إذا فعل قال وأرى الإجزاء
فرع - في الكتاب تصدقت عليه بحائطك أو وهبته وتنازعتما في الثمرة فإن لم تؤبر يوم الصدقة فهي للمعطى تبعا وإلا فلك البيع ولا يمين عليك لأنه لم يحقق الدعوى في الثمرة ويحوز الرقاب والسقي عليك لأجل ثمرتك ويتولى ذلك هو حتى يتم الحوز قال ابن يونس لو حقق الدعوى لحلفت
فرع - في الكتاب وهب النخل واستثنى الثمرة عشر سنين فإن كان الموهوب يسقيها بمائه امتنح للغرر في بذل المال في السقي وفيما لا يعلم حصوله كمن وهب فرسه ليغزو عليه سنين ونفقته على الموهوب ثم هو له بعد ذلك واشترط عليه عدم البيع ولو كانت النخل بيدك تسقيها وتقوم عليها جاز كأنك وهبتها بعد عشر سنين ان سلمت ولم تمت انت ولم تستدع وقال أشهب لا يبطل شرطه في الفرس العطية بل يتعجله ويزول الخطر كمن أعار رجلا سنة ثم آخر بعده وترك المعار عاريته فيتعجل الثاني قال اللخمي إذا كان السقي عليك وطلب أخذ النخل لم يكن ذلك له قال وأرى ان قلت هي لك من الآن وثمرتها لي عشر سنين وسقيها على أن تجبر على تحويزه إياها الآن وان تعدى عليها أجنبي فقطعها فالقيمة للموهوب وان قلت هي لك بعد عشر سنين فالقيمة لك
فرع - في الكتاب أشهد ان لفلان في ماله صدقة مائة دينار لزمته ان حملها ماله وإلا لم يتبع بما عجز لاختصاص اعترافه بماله
فرع - قال إذا مات الحر أو العبد قبل الحوز لورثة الحر وسيد العبد القبض للزوم العقد
فرع - قال اللخمي إذا وهبت دينك للميت المديون اقتسمته الورثة على الفرائض أولهم اقتسموه الذكر والأنثى سواء للزوجة والزوج إلا أن تقول على السهام لأن الأصل في الشركة التسوية ولو طرأ وارث بعد القسمة فقال قد صار الى ميراثي أو تركته لكم اقتسموه على الفرائض قال وينبغي في تركته لكم القسمة بالتسوية وان طرأ غريم آخر وكان الأول قد قال وهبت ديني لكم فللورثة ان يضربوا بدين الأول ويأخذوا ما ينويه وقال ابن عبد الحكم إن قال أسقطت ديني لم يحاصص الورثة بدينه إذا كان الميت معروفا بالدين وإلا فان كان الورثة فقراء حمل تركه على الدين بالورثة فيتحاصون فيه
فرع - في الكتاب إذا وهبت المبيع بيعا فاسدا قبل تغيره في سوقه أو بدنه جازت الهبة ان قام بها الموهوب أو بعد تغير سوقه امتنع للزومه للمبتاع بالقيمة وإن أعتقته قبل تغير سوقه أو بدنه جاز أيضا لبطلان العقد قال ابن يونس قال أشهب لا يعتق إلا بعد الفسخ لأن ضمانه من المشتري قال اللخمي قال محمد للموهوب القيام بعد موتك وقبل الفوت واذا وهبته قبل الفوت ورضي المشتري بامضاء الهبة جاز وانتقض البيع وصار وديعة في يد المشتري ولا ضمان عليه وتصح حيازته للموهوب له وان لم يقل له أنا أحوزه لك فقولان يتخرجان من هبة الوديعة لأن يد الواهب ليست عليها فتصح وان تمسك المشتري بالمبيع ولم يرض بقبضه ولا بإمضاء الهبة ثم فات مضى حكم البيع ان كان مختلفا في فساده وان اجتمع على فساده مضت الهبة لأن العقد أبقى نقل الضمان دون الملك وان علمت بالفوت وان الحكم عدم الرد حمل على أنك أردت هبة القيمة فان مات العبد قبل الهبة أخذت القيمة لأنه لا يجهل أحد أن الموت فوت قال صاحب النكت إذا وهب قبل حوالة السوق ولم يقبضه حتى حالت السوق بيع المبتاع قال أبو محمد بطلت الهبة للفوت قبل الحوز ثم رجع إلى ان الهبة وقعت في حالة وجوب رد العين فهبة البائع فوت لانتقاله عن ملكه
فرع - في الكتاب إن وهب المرهون جاز وتعطي ما عليك ان كان لك مال فان لم يقم عليك حتى فديته أخذه بعقد الهبة ما لم تمت فتبطل الهبة وتصح هبة المغصوب واشترط الأئمة القدرة على التسليم فمنعوه من غير الغاصب والبحث يرجع إلى جواز هبة المجهول والغرر فنحن نجيزه وهم يمنعونه فان المغصوب أسوأ أحواله أن يكون غرر وليس حوز المرتهن والغاصب حوزا لأنهما حازا لأنفسهما بخلاف من أخدم عبده سنين ثم هو هبة بعد ذلك فقبض المخدم قبض للموهوب وقال أشهب ان قبض الموهوب قبل قبض المرتهن فهو أحق إن كان الواهب مليا ويعجل الحق وفي هبة الثواب يعجل الحق كالبيع قال اللخمي قيل ليس عليك افتكاك الرهن إذا حلفت أنك لم ترد تعجيله لأنه تجديد حق عليك ويخير المرتهن بين ترك الرهن وبين نقله إلى الأجل فإن حل والواهب موسر قضى الدين وأخذه الموهوب فإن كان يجهل ان الهبة لا تصح إلا بعد تعجيل الدين حلف على ذلك ولم يجبر على التعجيل
فرع - ابن يونس إذا اشترط على الواهب ألا يبيع ولا يهب بطلت الهبة والصدقة لأنه شرط مناقض للعقد قال مالك إلا في السفيه والصغير فيشترط ذلك عليه للبلوغ أو الرشد لأنه مقتضى حالهما وقال أشهب هي حبس عليه وعلى عقبه نظرا لموجب الشرط فإذا انقرضوا رجعت حبسا على أقرب الناس بالمعطي يوم المرجع قال ابن القاسم ولو قال ان أردت بيعه فأنا أحق به بطلت للحجر وعن مالك الجواز قال اللخمي عن ابن القاسم إذا وهب على ألا يبيع ولا يهب ان نزل مضى وهو على شرطه لأن الهبة معروف كالحبس فيقبل الشرط ولا يبيعها إلا على ما جوزه مالك دون ابن القاسم وجوز المغيرة هبة الأمة على أن كل ولد تلده له لأن المقصود خدمتها ومنافعها وان وهبها على أن يتخذها أم ولد قال ابن القاسم يجوز وطؤها وان أدركت قبل الوطء خير الواهب بين امضائها بغير شرط أو يردها فان وطئها تقررت وقال أصبغ ان علم بذلك بعد الوطء وقبل الحمل خير الواهب بين الامضاء بغير شرط وبين ردها ولو أفاتها الموهوب بعتق أو تدبير أو بيع لزمته قيمتها للفوت وقال ابن عبد الحكم الهبة جائزة ويؤمر الموهوب بالوفاء بالشرط فإن قال لا أعطيها الولد أمر بذلك ولم ينزع منه
فرع - قال ابن يونس قال ابن القاسم إذا قال إن ضمنت عني الدين فداري صدقة عليك لا تلزم الصدقة ولا الضمان لعدم الرضى بالهبة بالبيت وقال إذا قالت لك امرأتك وقد مرضت ان حملتني إلى أهلي فمهري صدقة عليك فذهبت إلى أهلها لتقطع ما جعلت له سقط المهر وان بدا له هو رجعت عليه بالمهر توفية بالشرط وان قبلها على أن يتخذها أم ولد حرم وطؤها لفساد الهبة بالتحجير فان حملت بوطئه فهي أم ولد ولا قيمة عليه توفية بالشرط بخلاف إذا أحلت له عليه القيمة لأن المحلل لم يعطه الرقبة فان لم تحمل فهي له ولا ترد الصدقة لأنه طلب الولد بالوطء فقد وفى بالشرط وإذا قال ان حفظ ولدي القرآن فله داري وأشهد على ذلك وفى له بالشرط وان عمله تحريضا فلا شيء له
فرع - في الكتاب للأم الاعتصار لهبة ولدها في حياة أبيه أو ولدها الكبار قياسا على الأب إلا أن ينكح أو يتداين لتعلق الحق بها وان لم يكن له أب حين الهبة لا تعتصر لأن الهبة لليتيم صدقة والصدقة لا تعتصر وان وهبته وهو صغير وأبوه حي مجنون مطبق فهو كالصحيح لها الاعتصار وللأب اعتصار من الصغير والكبير ما لم ينكح أو يتداين أو يحدث في الهبة حادثا أو يطأ الأمة أو تتغير الهبة في نفسها لانتفال العين كالبيع الفاسد وله الاعتصار وإن كانت الأم ميتة عند الهبة لأن اليتم من الأب في بني آدم دون الأم وفي البهائم بالعكس ولا يكون له اعتصار ما وهبه غيره لأن مال الابن معصوم وليس لغير الأبوين اعتصار من جد أو جدة أو ولد ووافقنا ( ش ) وأحمد في اختصاص الأب والأم بالاعتصار وان عليا وخالفنا ( ش ) وأحمد في الرجوع في الصدقة فجوزاه ووافقنا ( ح ) فيها وجوز الرجوع من كل واهب إلا من وهب لذي رحم محرم لأن أصل الهبة عنده على الجواز وإنما امتنع الرجوع لتوقع العقوق بين ذوي الأرحام المحرمة وناقض في الزوجين فمنع الاعتصار بينهما واشترط حكم الحاكم في الرجوع وعلى الحاكم أن يحكم بذلك حجته قوله من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها ولكنه كالكلب يعود في قيئه بالقياس على الوصية بجامع التبرع خولف ذلك في ذي الرحم لقيام معارضة العقوق وفي الزوجين لمعارض المواصلة فيبقى ما عداه على مقتضى القياس والجواب عن الأول منع الصحة أو حمله على الأبوين أو على ما قصد به هبة الثواب وعن الثاني الفرق بأن الوصية عند مفارقة الدنيا يجوز الرجوع فيها حتى لا ينفر الناس من الإحسان بالمال خوفا من عدم الموت فيعيش فقيرا فإذا علم أن له الرجوع أمن فكثر الوصية وجاد والهبة في الحياة بخلاف ذلك لأن المال مطلوب الحفظ فاستغنى عن الترغيب بما ذكرناه سلمنا عدم الفرق ولكنه معارض بالقياس على البيع وبقوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) وبقوله في أبي داود لا يحل لرجل يعطي عطية يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده وهو نص في صحة مذهبنا وإبطال مذهبكم حيث جوزتم وحيث منعتم وقال ( ش ) لا يمنع الاعتصار الزواج ولا الفلس ولا نقصان الهبة ولا وطء الولد ولا الزيادة غير المتميزة كالسمن والصنعة والزيادة المتميزة كالصوف والكسب يرجع في الأصل دون الزيادة ولا البيع إذا رجعت بهبة أو ميراث ويبطل الرجوع الهبة المتصلة بالقبض واحبال الأمة وقال أحمد يبطل الاعتصار الخروج عن الملك وان عادت إليه والاستيلاد لتعذر الملك بخلاف التدبير والهبة والوصية قبل القبض الوطء والتزويج والإجارة وكل تصرف لا يمنع من التصرف في الرقبة ويمنع الاعتصار المداينة وتزويج الولد ذكرا كان أو أنثى والزيادة المتصلة وقاله ( ح ) فيها بخلاف المنفصلة ولا يمنع تلف بعضها ونقصها قال صاحب الخصال ليس للوالد الاعتصار في اثنتي عشرة صورة في مذهب مالك إذا تزوج الولد أو استدان أو مرض أو مرض الوالد أو وهبها لصلة الرحم أو القرابة أو لوجه الله أو لطلب الأجر أو قال هبة لله أو كانت جارية فوطئها الابن أو يريد بها الصلة أو تغيرت وقال ابن بشير للاعتصار سبعة شروط أن تكون الهبة قائمة لم يحدث فيها عيب ولم يتعلق بها حق لغريم أو زوج أو زوجة والواهب أب والموهوب له غير فقير
فائدة - قال صاحب التنبيهات الاعتصار لغة الحبس والمنع وقيل الارتجاع قال وهو يدخل في الهبة وغيرها من النحل دون الأحباس والصدقة ولو كانت بلفظ الهبة إذا قال لله تعالى أو لصلة الرحم كما أن الصدقة إذا شرط فيها الاعتصار فله شرطه والعمرى كالحبس وقيل كالهبة وخرج من قول مالك في العتبية أنه يأكل مما تصدق به على ابنه الصغير - جواز اعتصار الصدقة قال ابن يونس قال ابن دينار زواج الذكر لا يبطل الاعتصار بخلاف الأنثى لأن الصداق بذل لمالها وقال محمد إذا وهبت الأم ولدها الصغير فبلغ قبل موت أبيه ثم مات أبوه لها الاعتصار قياسا على الأب وان مات الأب قبل بلوغه ثم بلغ لم تعتصر لأن موت الأب قبل البلوغ يقطع الاعتصار لتعلق الحجر بالمال من غيرها فيرتفع به سلطانها لأنها لا تلي المال فلا تعود بعد ذلك وإذا وهبت لولدها اليتيم الموسر فلها الاعتصار لانتفاء دليل الصدقة وهو الحاجة قاله أشهب وقال عبد الملك إذا وهبت وقبضها الأب لا تعتصر لدخولها تحت ولاية الأب وكذلك إذا حاز الوصي ولو كانت هبة اعتصرت لتمكنها من التصرف في الهبة بالولاية كان له أب أم لا وإذا انقطع الاعتصار بالنكاح لا يعتد بالطلاق أو موت الزوج لتقرر ذلك وكذلك إذا زال النكاح المذكور أو دينهم أما مرض الأب أو الابن إذا زالا عاد الاعتصار لأنه لحق الغير كما يزول الحجر بعد ثبوته قاله سحنون وعن مالك المرض كالدين قياسا عليه وقال المخزومي لا يفيت وطء الأمة وتوقف فإن حملت بطل الاعتصار وقال ابن القاسم يكفي الوطء لأن تحريمها يعتبر بحالها ولما فيه من الكشف ويكفي تقرير النكاح الثاني في مسئلة الوليين وان كان باطلا لتأخره ويصدق الابن في الوطء إذا غاب عليها لأنه أمر لا يعرف الا من قبله كالعدد فعند ابن القاسم إذا علم ان الابن يزوج لأجل غناه لا لأجل تلك الهبة لأبيه الاعتصار وكذلك إذا وهبه ما قيمته عشرون دينارا وهو له ألف دينار له الاعتصار وان تزوج لأن عدم الاعتصار إنما كان نفيا للضرر الذي يتوقع من الاعتصار حيث يعلم انه إنما يزوج اعتمادا على الهبة وعن مالك يمتنع الاعتصار لأنه قد قوي بها واذا وهبه دنانير فجعلها على يد رجل فصاغها حليا لا يعتصره لتغيره كما لو اشترى به جارية قال مالك للأم من الاعتصار ما للأب والجد والجدة كالأبوين لاندراجهم في حرمة المصاهرة في عدة مواضع فكذلك يندرجان في لفظ الوالد في الحديث المتقدم وما يعتصر إذا أثاب الابن منه لا يعتصر لانتقاله لباب البيع وكذلك إذا أثابه عنه غيره وإذا نمت الهبة في بدنها فلا اعتصار لأنها حينئذ غير العين الموهوبة ولا يمنع حوالة الأسواق لأنها رغبات الناس فهي خارجة عن الهبة ويمنع مرض الأب لأنه حينئذ يعتصره لغيره فيمنع كما يمنع من الأخذ بالشفعة ليبيع قال اللخمي قال مالك وابن القاسم للأم الاعتصار وقال عبد الملك ان حازها الأب لم تعتصر لأنها في ولاية غيرها وكذلك إذا لم يكن له أب وليس في ولايتها وإنما تعتصر ما في ولايتها قال قال والأول أحسن لأن الأب يعتصر هبة ولده الكبير بعد قبضها وخروجها عن ولاية الأب قال وفي منع حدوث العيب بالهبة الاعتصار قولان قال وعدم المنع أحسن لأن ضرره على الواهب وسمن الهزيل وكبر الصغير فوت لتعلق حق الموهوب إلا أن يكون هو المنفق على العبد قاله محمد لأنه كماله وفي تزويج الأمة الموهوبة قولان لأنه عيب وإذا ولدت له أخذ الأمة دون ولدها والزوجية بحالها لأن الزوجية عيب فلا يفيت والولد نما بمال السيد لأن الزوج ينفق على الزوجة والسيد على الولد إلا أن يعتصر بقرب الولادة وبناء الأرض وغرسها قوت خلافا ل ( ش ) لأنه ينقص الأرض ويوجب حقا للموهوب وهدم الدار ليس قوتا إلا أن يهدمها الابن لأنه ينفق عليها إلا أن يعتصر العرصة وحدها وإذا لم يكن عنده سوى الهبة فاشترى سلعة للتجارة امتنع الاعتصار لتعلق حق القضاء بها ومرض الأب أو الابن يمنع لتعلق حق الورثة من جهة الابن وكون الأب يعتصر لغيره - قاله محمد وعنه مرض الأب غير مانع لأن المرض يوجب الحجر والحجر لا يمنع تحصيل المال بل اخراجه كما له أخذ مال مدبره وأم ولده في مرضه وان كان الأخذ لغيره وإذا اعتمر في المرض ثم صح تم الاعتصار لأنه تبين أنه في حكم الصحيح قال وينبغي ان يوقف إن مات سقط وإلا ثبت وقيل إذا طلب الاعتصار في المرض ثم صح لم يعد الاعتصار قال وليس بحسن وإذا تقدمت المداينة وغيرها من الموانع الهبة لا تمنع الاعتصار وقال عبد الملك تمنع وليس بحسن وإذا تقدمت المداينة وغيرها من الموانع الهبة لا تمنع الاعتصار وقال عبد الملك تمنع وليس بحسن فإنه لم يزوج لأجلها ولا أدان لأجلها والمرض لم يطرأ عليها واختلف في الاعتصار من الولد الكبير الفقير فقيل يعتصر لظاهر الحديث ومنع سحنون قال وإنما يعتصر إذا كان في حجره وان كان فقيرا لأنه المنفق عليه فهو غني به أو ليس في حجره وهو غني لأن الهبة قد تكون لقصد سد خلته إذا كان فقيرا وتعتصر الأم إذا كان الابن موسرا - كان أبوه موسرا أو معسرا ويختلف إذا كانا فقيرين فقياسا على الولد الفقير قاله أشهب ومنع من الفقير الصغير لأنه صدقة حينئذ والمذهب الاعتصار من الكبير الفقير وإن لم تعتصر الأم في الصغير حتى مات الأب لها الاعتصار نظرا إلى حالة العقد وقيل لاتعتصر
فرع - في الجلاب إذا وهب لولده دنانير أو مثليا فخلطه بمثله بطل الاعتصار لتعذر التمييز وكذلك لو صاغها حليا في شرح الجلاب يتعذر الرجوع
فرع - قال الأبهري لا يعتصر لغرمائه بدين متجدد بعد الهبة بل إنما يعتصر لنفسه كما يأخذ من ماله لينفق على نفسه دون غيره
فرع - قال صاحب المقدمات هبة الثواب مباحة خلافا للأئمة قالوا لأنه بيع للسلعة بقيمتها أو بثمن مجهول ان لم يعينوا القيمة وهو ممنوع في البيوع اتفاقا فكذلك ههنا ولأن موضوع الهبة التبرع لغة والأصل عدم النقل والتبرع لا يقتضي عوضا فلا تكون الهبة تقتضي ثوابا ولأن كل عقد اقتضى عوضا غير مسمى لا يفترق فيه الأعلى مع الادنى كالنكاح في التفويض فلو اقتضته الهبة لاستوى الفريقان وبالقياس على الوصية بجامع التبرع والجواب عن الأول الفرق بأن هبة الثواب وان دخلها العوض فمقصودها أيضا المكارمة والوداد فلم تتمحض للمعاوضة والمكايسة والعرف يشهد لذلك فلذلك جاز فيها مثل هذه الجهالة والغرر كما جوز الشرع الذهب والفضة والطعام لا يدا بيد في القراض لأن قصده المعروف فظهر الفرق وعن الثاني إن أردتم ان كل هبة موضوعها التبرع فهو مصادرة على محل النزاع لاندراجها في هذه الكلية وإن اردتم ان بعض الهبات كذلك فمسلم ولا يضرنا ذلك لأن عندنا ان هبة الادني للاعلى موضوعة للعوض والأعلى للأدنى للتبرع بشهادة العرف فيكون لغة كذلك لأن الأصل عدم النقل والتغيير وعن الثالث الفرق بأن النكاح للعوض فيه لازم شرعا لا يتمكنان من إسقاطه فلذلك اطرد في جميع الصور والسلعة قائمة للعوض وعدمه فإذا اقترن بها ما يدل عليه أو على عدمه اتبع ذلك الدليل أو بقلبه فيقول عقد يقصد للوداد فيقتضي العوض قياسا على النكاح بل عندنا ملحقة بنكاح التفويض يسكت عن العوض فيه ويلزم صداق المثل كذلك ههنا يلزم قيمة المثل وعن الرابع الفرق بأن الوصية تراد لثواب الآخرة فلذلك لم تقتض أعواض الدنيا كالصدقة ثم يتأيد مذهبنا بقوله تعالى ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) وهو يشمل الهبة والهدية لأنها يتحيى بها وورودها في السلام لا يمنع دلالتها على محمل النزاع لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولأنه أهدى إليه أعرابي ناقة فأعطاه ثلاثا فأبى فزاد ثلاثا فأبى فلما كملت تسعا قال رضيت فقال وأيم الله لا أقبل من أحد بعد اليوم هدية إلا أن يكون قرشيا أو انصاريا أو ثقفيا أو دوسيا خرجه الترمذي وأبو داود بألفاظ مختلفة فدل على أن الهبة تقتضي الثواب وان لم يشترط لأنه أعطاه حتى أرضاه وروى عنه الرجل أحق بهبته ما لم يثب منها وما زال الصحابة على ذلك رضي الله عنهم ولأنه مفهوم في العرف والعرف كالشرط ويشير إليه قوله تعالى ( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ ربا لِتَرْبوا فيِ أمْوَالِ النّاس فَلا يَرْبُوا عِنْدَ الله ) لي لا أجر له فيربو فبقي الأجر ولم يثبت الإثم فدل ذلك على أنه عادة العرف وعلى الإباحة قال صاحب المقدمات وهي حرام على النبي لقوله تعالى ( ولا تمنن تستكثر ) أي لا تعط شيئا لتأخذ أكثر منه لشرف منصبه عن ذلك لما فيه من المسكنة
فرع - في الكتاب إذا شرط الواهب الثواب أو يرى أنه أراده فلم يثب فله أخذ هبته ان لم تتغير في بدنها بنماء أو نقص بخلاف البيع وكذلك إذا أثابه أقل من قيمتها ولا يجبر الموهوب على الثواب إذا لم تتغير الهبة عنده ويلزم الواهب أخذ القيمة يوم وهبها لأنه يوم العقد وليس للموهوب ردها في الزيادة إلا أن برضى الواهب ولا للواهب أخذها في نقص البدن إلا برضا الموهوب ولا بقيمتها عند الموهوب بحوالة الأسواق لأنها رغبات الناس خارجة عن الهبة وإذا عوض الموهوب الواهب اقل من قيمة الهبة ثم قام الواهب بعد ذلك احلف ما سكت إلا للإنتظار وتكمل له القيمة لأن الأصل عدم الرضى لا سيما بدون القيمة أو ترد الهبة ان لم تفت والصدقة للشراب كالهبة للثواب وهبة الدين للثواب تمنع إلا يدا بيد لئلا يكون فسخ دين في دين قال صاحب التنبيهات قوله إذا شرط يقتضي جواز التصريح بالشرط لأن الثواب ثمن فالتصريح به جائز ومنع عبد الملك التصريح بالشرط لأنه بيع للسلعة بقيمتها وللمسئلة أربعة أوجه أن يسكت ويعلم طلبه للثواب بعادة أو ظاهر حال الهبة فيجوز اتفاقا وان يصرح فيقول أهبتك للثواب أو لتثيبني من غير ذكر شرط فجعله اللخمي كالأول متفقا عليه وظاهر قول عبد الملك يقتضي المنع وان يصرح بالشرط فالمذهب الجواز وعبد الملك يمنع لانه بيع بالقيمة وهو ممنوع اتفاقا يقول على أن تثيبني كذا بعينه فيجوز منه ما يجوز في البيع ويمتنع ما يمتنع وتنعقد الهبة الجائزة بالقبول وقال عبد الملك لا تنعقد هبة الثواب إلا بالقبض قال اللخمي لم يختلف المذهب إذا فاتت أنه يجبر على القيمة وليس له إذا أكثر فإن كانت قائمة فكذلك أيضا مذهب الكتاب وعنه له أن يأبى وإن اثيب أكثر من قيمتها لقول عمر رضي الله عنه من وهب هبة يرى أنها للثواب فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض منها ولأنه لو أراد القيمة لباعها في السوق والأصل عصمة الأموال إلا برضى أربابها قال وأرى إن أثيب منها ما يرى أنه كان يرجوه من هذا الموهوب فانه يلزمه قائمة كانت أو فائتة لأنه إنما رضي باخراج سلعته به
فرع - في الكتاب للواهب هبة الثواب المنع من القبض حتى يقبض العوض كالبيع فان قبض قبل العوض وقفت فيثيبه أو يردها ويتلوم له ماله يضر وان مات الواهب للثواب وهي في يده فهي نافذة كالبيع وللموهوب أخذها ان دفع العوض للورثة ورثته تقوم مقامه كالبيع قال اللخمي المذهب له منعها حتى يثاب لحديث عمر رضي الله عنه وقال محمد ليس له المنع من قبضها لأن العادة تقدم تسليمها قبل الطلب وإذا كان الواهب مريضا جاز له تسليمها على القول الأول قبل القبض وليس له على القول الآخر إلا أن يكون الموهوب له فقيرا فللورثة منعه منها وان قبضها منعوه من بيعها حتى يثيب وإن كان موسرا لم يكن لهم منعه من البيع على المذهب وقيل يمنع ومتى غاب على الجارية العلي امتنع الرد خشية الوطء وإذا امتنع الرد أبيح الوطء قبل الاثابة
فرع - في الكتاب لا ثواب في هبة النقدين لأنهما يقصدان عوضا لا معوضا إلا أن يشترط قيثاب عرضا أو طعاما حذرا من النساء في الصرف وان وهب حليا للثواب عوض عرضا لا معينا ولا حليا من فضة قال ابن يونس وعن ابن القاسم إذا اشترط الثواب في النقدين ردت الهبة لأنها قيمة فلا تكون لهما قيمة ولأنهما حينئذ بيعا بما لا يعلم من أصناف العروض ولا ثواب في غير المسكوك من الذهب والفضة من التبر والسبائك والنقار والحلي المكسور وعنه يجوز التعويض على الحلي الصحيح للذهب فضة وعن الورق ذهبا قال ابن القاسم إذا قال واهب الدنانير اردت الثواب بالعين لا يقبل قوله لكونه خلاف العادة ولو كان الواهب يعتقد أنه وهبها للثواب إذا لم يره الناس فإن الذي يقوم مقام الشرط العرف لا الاعتقاد قال مالك إلا أن يقوم على ذلك دليل
فرع - في الكتاب إذا قدم غني من سفره فأهدى له جاره الفقير الفواكه ونحوها فلا ثواب له ولا له ردها وان كانت قائمة العين لأن العادة ان هذا للمواصلة وكذلك أحد الزوجين مع الآخر والولد مع والده والوالد مع ولده إلا أن يظهر القصد لذلك كهبة المرأة لزوجها الموسر جارية أو الزوج أو الولد يفعل ذلك يستعذر من أبيه قال ابن يونس قيل له أخذها ما لم تفت قال محمد واما القمح والشعير يوهب للثواب ففيه الثواب قال اللخمي قال ابن عبد الحكم له الثواب في الفاكهة للقادم ونحوها وما وهبه القادم لجيرانه لا ثواب فيه لأنه العادة والعادة في هدية العرس والولائم للثواب غير أنهم يختلفون في القيام ومن علم ان مثله لا يطلب لم يكن له قيام ولا لورثته ان مات وان كان مثله يطلب فله ولورثته ومتى كانت العادة ان يثيب مثل الأول جاز لشبهه بالقرض وان كان القصد ان يثاب أكثر فسدت وردت
فرع - قال اللخمي إذا كان الحكم ان لا ثواب فأثاب جهلا أو أثاب من صدقة قال مالك يرجع في ثوابه ما كان قائما لعدم سببه ولا شيء له ان فات لأنه سلطه كما قيل في صرف الزكاة لغير المستحق قال ابن القاسم ان أثابه دنانير فقال انفقتها أو هلكت حلف وبرئ أو سلعة أخذها وان نقصت وكذلك ان زادت إلا أن يعطيه قيمتها قال وأرى ان يرجع في عوض ثوابه قبل الفوت اذ يصون به ماله ولا يصدق في الدنانير ولا غيرها مما يغاب عليه كما لا يصدق إذا استحق من يده وادعى التلف للتهمة ويصدق في الحيوان
فرع - قال ومتى قام دليل الثواب أو عدمه صدق وإن أشكل الأمر لم يكن له شيء لأنه سلطه والأصل عدم الاستحقاق وعدم خروج الهبة إلى باب البيع ومتى كانت من فقير لغني فالثواب أو بالعكس فعدم الثواب لأنه العادة أو من غني لغني فالثواب لأن عادة الأغنياء المكافأة أو بين فقيرين فقولان نظرا للفقر أو لأن سنة الفقير للفقير كالغني للغني قال أشهب الهبة للغني فيها الثواب إلا أن يريد أن يسعى له في حاجة لأن السعي ثواب ولا ثواب للسلطان ولا عليه وقال عبد الوهاب ان كان الواهب فقيرا فله الثواب لأنه يرجو رفد السلطان أو غنيا فلا ثواب لأن الأغنياء يحاسبون ذبا عن أموالهم إلا أن يكون طالبه بمظالم فهاداه ولم يتركه أو قدم من السفر بتحف فهاداه فالعادة الثواب إلا أن يعلم ان المقصود الجاه قال عبد الوهاب ولا فيما وهب للفقيه أو الصالح قال ابن شعبان ولهما الثواب ان وهبا إلا ان يكونا فقيهين وفي هبة أحد الزوجين للآخر قولان في الثواب وكذلك الوالد مع الولد وعلى القول بالثواب يصدق مدعيه والأقارب يختلفون في سقوط الثواب وأقواهم الجد والجدة يهبان للولد وليس كذلك هبته لهما
فرع - في الكتاب ما وهبته لذي رحمك وغلمانك للثواب لك طلبه ان أثابوك وإلا رجعت فيها وأما هبتك لفقيرهم فلا ثواب لأن ذلك قرينة الصلة والصدقة وكذلك هبة الغني للفقير الأجنبي أو فقير لفقير ولا يصدق في دعوى الثواب ويصدق الفقير للغني والغني للغني فان أثيب وإلا رجع فيها لقول عمر رضي الله عنه من وهب هبة يرى أنه أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إلا أن يرضى منها فان هلكت فله شرواه بعد أن يحلف بالله ما وهبتها إلا رجاء أن أثاب عليها
فائدة - قال صاحب التنبيهات شرواها بفتح الشين وسكون الراء أصله مثل الشيء والمراد ههنا القيمة لأن القيمة مثل ولذلك سميت قيمة لأنها تقوم مقام المتقوم قال وتحليفه مذهب الكتاب لهذا الأثر وقال ابن زرب لا يمين عليه لأن نيته أمر لا يعلم إلا من قبله وقال أبو عمران ان اشكل الأمر حلف وان علم أنه أراد الثواب لا يحلف وفي الجلاب ينظر للعرف فان كان مثله يطلب الثواب صدق مع يمينه أولا يطلب الثواب صدق الموهوب مع يمينه وان أشكل صدق الواهب مع يمينه لأن الأصل استصحاب الأملاك
فرع - في الكتاب إذا عوضك فلا رجوع لأحدكما لاستقرار الأملاك
فرع - قال إذا وهبت عبدا لرجلين فعوضك أحدهما عن حصته فلك الرجوع في حصة الآخر - ان لم يعوضك كما لو بعته منهما ففلس أحدهما انت أحق بنصيبه من الغرماء
فرع - قال إذا عوض أجنبي عنك بغير أمرك عرضا لم يرجع على الواهب بل عليك بقيمته ان رأى أنه أراد ثوابا منك لأنه وهبك دونه وان عوض دنانير أو دراهم لا يرجع عليك بشيء إلا أن يريد تسليفها لك لأن النقدين لا ثواب فيهما إلا بالشرط قال التونسي قال محمد ان أثاب قبل تعيين الهبة ووجوب قيمتها فهو فاسد ويخير الموهوب بين رد الهبة على الواهب ويرجع للمثيب ما أعطى وحبسها ودفع الأقل من قيمتها أو ما أثابه الأجنبي له قال وقول محمد يرجع للمثيب قيمة عرضه أو قيمة الهبة يخرجه عن هبة الثواب لأن هبة الثواب فيها القيمة ليس إلا فهي أقل غررا فكان الواجب أن يكون ذلك فاسدا ويرجع بقيمة ما دفع ليس إلا وظاهر كلام محمد اجازة هذا الفعل لأن جعل له الأقل إذا تمسك الموهوب بالهبة الأولى أو فاتت ويلزم إذا تكفل عن رجل بدنانير فصالح عن المكفول بعرض فانه لا يدري هل ترجع إليه قيمته أو عينه مع أن القاعدة تقتضي بطلان الفرعين للجهالة قال ابن يونس يريد في الكتاب أنه يرجع بقيمة العرض أي بالأقل من قيمته أو قيمة الهبة
فرع - في الكتاب إذا تغيرت عند الموهوب في بدنها بزيادة أو نقص فليس لك ردها ولا يفيتها حوالة الأسواق أو بخروجها عن العين الموهوبة لأنها رغبات الناس قال صاحب المقدمات فيما يلزم به القيمة للموهوب أربعة أقوال مجرد القيض فوت يوجبها ولا يردها إلا بتراضيها قاله مالك وقال ابن القاسم حوالة الأسواق فوت يوجب القيمة ولا تفوت إلا بالزيادة دون النقصان لابن القاسم أيضا وعنه لا تقوت إلا بالنقصان فالأول قياسا على البيع لأن القيمة كالثمن والثاني قياسا على البيع الفاسد والثالث لأن الزيادة توجب تعلق الحقين بخلاف النقصان لأنه حق لأحدهما والرابع لأن النقص خلل في العين فهي كالذاهبة وهي مع الزيادة باقية فلا فوت واختلف في أخذها بعد الفوت هل يستغنى عن معرفة قيمتها أو يحتاج وهو الصحيح إذ ليس له رد عينها إلا بتراضيهما عند ابن القاسم وأخذ عينها بعد الفوت لا يحتاج إلى ذلك ان قلنا له اثابة العروض بعد الفوت وإلا احتاج نفيا للجهالة
نظائر - قال ابن بشير في نظائره أربعة مسائل لا تفيتها حوالة الأسواق هبة الثواب واختلاف المتبايعين والسلعة التي هي ثمن العيب والكذب في المرابحة والبيع الفاسد في الأصول والمكيل والموزون
فرع - قال صاحب المقدمات ومتى يلزم الواهب القيمة إذا بذلت له ولا يكون له ردها إذا لم يرض منها أربعة أقوال بمجرد الهبة وان لم تقبض كالبيع وهو القول بوجوب تسليمها قبل قبض القيمة والثاني القبض وهو المشهور لأنه سلطه على العين والثالث التغير بزيادة أو نقصان لانتقال العين إلى عين أخرى كأنها هلكت والرابع فوات العين بالكلية بهلاك أو عتق أو غيره
فرع - قال إذا قلنا يلزم الواهب تسليم الهبة قبل قبض الثواب فضمانها من الموهوب ولا يجري فيها الخلاف الذي في المحبوسة بالثمن والقيمة يوم الهبة لا يوم القبض اتفاقا فان قلنا لا فيجري الخلاف الذي في المحبوسة بالثمن لأنها محبوسة بالثواب والخلاف في لزوم القيمة يوم الهبة أو يوم القبض على الخلاف في الضمان
فرع - قال للواهب الرجوع في الهبة حتى يعطى قيمتها عند ابن القاسم أو أكثر من قيمتها عند مطرف وله الرجوع وان أعطى أكثر من القيمة وان زادت أو نقصت نظرا لضعف العقد وقياسا على الوصية فهي ثلاثة أقوال
فرع - في الكتاب لا يعوض عن الحنطة حنطة أو ثمرا أو مكيلا من الطعام أو موزونا إلا قبل التفرق خشية النساء والتفاضل إلا أن يعوضه مثل طعامه صفة وجنسا ومقدارا فيجوز لبعد التهمة ولا يعوض دقيقا من حنطة ولا من جميع الحلي إلا عرضا حذرا من الصرف المستأخر قال اللخمي فيما يلزم بذله ثلاثة أقوال قال ابن القاسم له أن يثيبه بأي صنف شاء إلا مثل الحطب والتبن لأنه لا يتعاطاه الناس والمقصود حصول القيمة وقال سحنون كل ما فيه قيمتها لأنها المطلوبة وقال أشهب لا يثيب إلا بأحد النقدين لأنهما قيم الأشياء ولا يجبر على قبول العروض وان وجد بالعرض أو العبد عيبا قال ابن القاسم لا يرد به لأن المقصود ان يعوض أكثر مما خرج من يده لا تحقيق عين المأخوذ وقال أشهب يرد بما يرد به في البيع لأنه عرض القيمة قال وينبغي ان يكون مقاله في العيب الكثير ولا يجبر على قبول ما يتأخر قبضه كخدمة العبد وسكنى الدار بل النقد لأنه قاعدة المعاوضة ولا يعوض آبقا ولا جنينا ولا ثمرا لا يصلح للبيع لأن هذه الهبة بيع لا يجوز في عوضها ما يمتنع في البيع ولا يعوض من جنس الهبة أكثر منها بعد الافتراق ويمتنع من هذا ما يمتنع في البيع فلا يأخذ في الطعام أكثر ولا أجود واختلف في الأدنى صفة وكيلا لعدم التهمة وعن ابن القاسم جواز الدقيق في القمح لأنه غير طعامه وان رد جملة الدقيق الذي طحنه من القمح جاز لأنه يفضل بالطحن وان رد أقل جاز لأنه أمسك اجود الطحن وتعويض الثمر أو القطنية قبل الافتراق يجوز وأجازه بعد الافتراق ان كان الأول قائما ورآه أخف من البيع لما كان له أن يرد الأول فكأنه باع حينئذ وعن مالك إجازة اثابة الفضة عن حلي الذهب وبالعكس بخلاف البيع لأنه باب مكارمة كالقرض يجوز فيه النساء وعلى هذا يجوز أخذ الثمن عن الحنطة ومنع في الكتاب ان يثاب على الثياب أكثر منها سدا لذريعة السلف بزيادة ويجوز على قوله في الحلي ويجوز سكنى الدار وخدمة العبد إذا كانت الهبة قائمة لأنه يصلح ان يكون ثمنا فإن فاتت منعه ابن القاسم لما يدخله فسخ الدين في الدين واجازه أشهب لأن هذه ليست في الذمة فليست دينا وتجوز اثابة الدين قبل فوتها وبعد فوتها ان كان من جنس القيمة وبمثلها في القدر فأقل ويمتنع الأكثر حذرا من فسخ الدين في الدين والسلف بزيادة وفي النقدين الصرف المستأخر
فرع - في الكتاب إذا وجد الموهوب بالهبة عيبا ردها وأخذ العوض كالبيع أو الواهب بالعوض عيبا فادحا لا يتعاوض بمثله كالجذام والبرص رده وأخذ الهبة الا أن يعوضه وان لم يكن فادحا نظر إلى قيمته بالعيب فان كان قيمة الهبة فأكثر لم يجب له غيره لأن المطلوب القيمة أو دون قيمتها أتم له القيمة فان امتنع الواهب رد العوض قال صاحب النكت إذا عوض فيها بعد فوتها عرضا فوجده معيبا لا يقال هو كالبيع يرده بالعيب اليسير لتقرر القيمة في الذمة وإلا لما عوض إلا أحد النقدين بل هي كغير الفائتة
فرع - في الكتاب فوات الهبة عند الموهوب يوجب عليه قيمتها والفوت في العروض والحيوان خروجها عن يده وحدوث العيوب والهلاك وتغير البدن والعتق وولادة الأمة عند الموهوب وجنايتها لأنه نقص وزوال بياض بعينها لأنه نماء وذهاب الصمم والهدم والبناء والغرس وليس قلع البناء والغرس ويرد لتقرر الفوت وفيه ضياع المالية والبيع الحرام لأنه باحالتها عن حالها حيث احالها رضي بثوابها وصبغ الثوب وقطعه والتدبير والكتابة وهبة العبد والصدقة به إلا أن يكون معسرا فيرد كما لو فعل ذلك المدين ولو قلد البدنة وأشعرها ولا مال له للواهب أخذها وكذلك لو اشترى منك شراء فاسدا بيعت عليه في الثمن ولو باعها ثم اشتراها فذلك فوت وان لم تحل لتقرره بالبيع وان باع نصف الدار غرم القيمة فان أبى خير الواهب بين أخذ نصف الدار وأخذ نصف قيمتها أو قيمة جميعها وان باع أحد العبدين وهو وجه الصفقة لزمته قيمتها وإلا غرم قيمته يوم قبضه ورد الثاني لعدم الضرر بعدم ذهاب الأجود وان أثابه من أحدهما ورد عليه الآخر فللواهب أخذهما إلا أن يثيبه عنهما جميعا نفيا لتفريق الصفقة قال ابن يونس قال مالك الحرث فوت وفي حوالة الأسواق قولان وقال ابن القاسم إذا اعتق العبد أو قلد البدنة وأشعرها معدما للواهب ردها إلا أن يكون يوم فعل ذلك مليا أو أيسر بعد ذلك ولم يجعل مالك البيع الفاسد فوتا لعدم اعتباره شرعا فهو كالمعدوم حسا وجعله غيره لأنه يترتب عليه الفوت وقيل إذا باع نصف الدار لزمه قيمة جميعها يوم البيع ولو كانت عرضة لا يضيق ما بقي منها لكان عليه قيمة المبيع منها يوم الهبة ويرد الباقي وقول ابن القاسم احسن إلا ان يكون المبيع لا ضرر فيه وقال أشهب في العبدين له رد الباقي كان أرفع أو أدنى لأنه كان له ردهما قال ابن القاسم لو حال سوقهما حتى صار أحدهما يساوي قيمتها فاثابه إياه لا يلزمه قبوله لأنه بعض هبته ووطء الأمة فوت فان فلس فللواهب أخذها قياسا على البيع إلا أن يعطيه الغرماء قيمتها يوم الهبة قال عبد الملك إذا غاب عليهما لزمته - وطئتها أم لا تغيرت أم لا لأن الغيبة مظنة الوطء وقال أشهب ان جنى خطأ ففداه مكانه قبل أن يفوت بشيء فليس بفوت وجعله ابن القاسم فوتا مطلقا قال اللخمي فيما يفيت أربعة أقوال يفيتها تغير البدن قولا واحدا بخلاف حوالة الأسواق قاله في الكتاب وفي كتاب ابن حبيب تغير البدن بزيادة أو نقص ليس فوتا وقال أشهب تغير السوق والبدن سواء المقال للواهب في النقص ويخير الواهب بين أخذها ناقصة والزام قيمة للموهوب أو بزيادة والمقال للموهوب ويخير بين الاثابة والرد كانت الزيادة من فعله أم لا لأنها حقه وان اجتمع زيادة ونقص لم يرد إلا باجتماعهما لتعارض السببين وقال ابن القاسم الدور والأرضون فوتها في الهبة كفوت البيع الفاسد بالهدم والبناء والخروج عن اليد وعلى قول أشهب يفيتها ما يفيت العبد والثوب وفي كتاب محمد يرد مثل الطعام كيلا أو وزنا قال وهذا يحسن إذا كان فوته بغير سببه أما ان أكله أو باعه فهو رضي بالثواب فيلزمه ويمنع رد المثل وخالف أشهب ابن القاسم في صبغ الثوب ان زاد فالمقال للموهوب ويرد إن شاء أو نقص فالمقال للواهب له أخذه بنقصه إلا أن يثيبه رضاه وإذا ولدت الأمة من غير الموهوب فاتت لأن الولادة نقص والولد زيادة قاله محمد والقياس إن كان في الولد ما يجبر الولادة أن له الرد ولو كره الواهب لعدم الضرر وقياسا على البيع يطلع على العيب فيه بعد الولادة وحلب الشاة ليس رضى بالضمان قال سحنون ان جز صوفها لزمته لأنه نقص ويرد عند ابن القاسم ويثيب عن الصوف كسلعتين فأتت ادناهما وخالف أشهب في كون الغرس والبناء فوتا ويرد الأصول دون الثمرة إن جدها وبثمرها إن لم تطب فان طابت أو يبست ولم تجد فخلاف وان كاتبه وهو معسر وقيمته مكاتبا وغير مكاتب سواء مضت الكتابة وبيع في الثواب على أنه مكاتب وان كانت الكتابة أقل ردت الكتابة ان قلنا أنها من باب العتق ولا ترد إن قلنا هي من ناحية البيع إذ لم يحل به فيها وقال محمد ان أراد التخفيف للعتق ردت وإن أراد التجارة وطلب الفضل فهو بيع يرد والواهب أحق به من الغرماء إن فلس وهو على كتابته فإن مات ورثه وان عجز فهو له رقيق أو أدى فهو حر وولاؤه لعاقد كتابته وهو يصح على أن الفلس نقض بيع فإنه لم يجعل له ما بقي من الكتابة والماضي للموهوب له كالغلة وخالف أصبغ في الثوبين يريد الاثابة عن أحدهما فجوزه كهبتين والمشهور أحسن ولو كانا في بيع خيار منع قبول أحدهما ولو حالت في نفسها أو حال سوقها ثم عاد ذلك كان له الرد بخلاف من باعها ثم اشتراها لأن البيع من فعله فيعد رضى بالإثابة ولو باع في البيع الفاسد ثم اشترى ردت ولو حال سوقه ثم عاد لم يرد وعكس الهبة والفرق انها حق لآدمي فينظر هل ما يعذر رضى أم لا والبيع الفاسد حق لله تعالى لا يعتبر رضاه فيه وإنما يعتبر ضرر أحدهما فإذا عادت بالشراء لا ضرر وإذا حال السوق تغيرت الهبة
فرع - قال اللخمي اختلف في الوقت الذي يضمن فيه الهبة فقال مالك يوم وهبت لأن العقد ناقل للمالك والضمان وعنه يوم القبض لأنه كان في قبضها بالخيار كبيع الخيار وهذا الخلاف على القول ان للواهب حبسها حتى يثاب لأنها محبوسة بالثمر فان دخل هذان على حبسها فهي على القولين في المحبوسة بالثمن وان دخلا على التسليم فالقيمة يوم الهبة لانتقالها بنفس العقد وهي حينئذ وديعة وإلحاقها ببيع الخيار غير متجه لأن بيع الخيار لا ينقل المذهب حتى يمضي بخلاف الهبة وكذلك المصيبة في الخيار من البائع وفي الهبة من الموهوب قبل القبض وبعده
فرع - قال ورثة كل واحد من الواهب والموهوب يقومون مقامه فيما كان له
فرع - قال إن فلس وهي قائمة فللغرماء تسليمها وأخذ الثواب وان فاتت خيروا بين تمكين الموهوب من الثواب أو يمنعوه ويخير الواهب بين أخذها وتسليمها ويضرب مع الغرماء بالقيمة وإن مات وهي قائمة فللغرماء تسليمها أو يثيبون عنها وتباع لهم فان فاتت ضرب مع الغرماء بقيمتها ولم يكن له أخذها
فرع - قال عيبها واستحقاقها كالبيع فترد بعيوب البيع وإذا ردت أو استحقت رجع في الثواب فان فات ففي قيمته يوم قبضه أو مثله ان كان مثليا وهو أصل مالك وابن القاسم وأشهب إلا في وجه واحد وهو ان يثيب عوضا بعد فواتها فعند أشهب عدم الرجوع وان كان قائما لأن الثواب عنده إنما يجب من العين وإنما أخذ العوض من القيمة دون الهبة فإذا ردها رجع بقيمتها لأنها ثمن العوض قال العبدي في نظائره المستحق للهبة ثلاثة أقسام لأن الواهب ان كان مشتريا رجع على الموهوب وان كان غاصبا رجع على الواهب اولا عند ابن القاسم وعلى الموهوب ان عدم الواهب هذا إذا لم يعلم الموهوب بالغصب فان علم رجع على أيهما شاء واختلف في الوارث فقيل كالمشتري وقيل كالغاصب
فرع - في الكتاب إذا وهب لغير ثواب ولم يقبض فادعيت أنك اشتريتها منه صدقت لقوة المعاوضة كمن حبس على ولده الصغير ومات عليه دين لا يثبت الحبس إلا أن يثبت تقدمه على الدين قال ابن يونس قال سحنون البينة على أهل الدين والأولاد أولى بالحبس سواء كانوا صغارا أو كبارا إذا حازوا أو حاز الأب للصغير وقاله ابن القاسم في الكبار إذا حازوا وأما الصغار فالبينة عليهم ان الحوز قبل الدين لأن شرط الحبس لم يتعين بخلاف الكبار أيديهم ظاهرة في استحقاقهم لما حازوه وقال ابن حبيب ان كان الدين مؤرخا فمالك وأصحابه يقولون الدين أولى لقوته بالتاريخ وسوى المغيرة بين المؤرخ وغيره حتى يعلم ان التاريخ متقدم على العطية
فرع - قال ابن يونس إذا تصدق على ولده الصغير وأشهد ثم مات فادعى الورثة عدم الحوز فعليهم البينة لأن ظاهر حال الأب يقتضي تحصيل مصلحة ولده بالحوز ذلك إذا كان أخلى الدار من سكنها قال فان جهل أنه كان يسكنها حملت على عدم السكنى حتى يثبت لأن الأصل عدم سكناه فان عرفت قبل الصدقة سكناه فعلى الصغار البينة أنه أخلاها لأن الأصل عدم الخروج منها لو تصدق على كبير فعليه البينة بالحوز في الصحة لأن الأصل عدمه وإذا وجدت العطية بيد المعطى وقال حزتها قبل الموت وقال الورثة بعد الموت صدق المعطى وكذلك الرهن يوجد بيد المرتهن بعد الموت والفلس لأن الظاهر أن وضع اليد من المسلم بوضع شرعي كما إذا تنازعا في صحة البيع وفساده صدق مدعي الصحة وقال عبد الملك عليه البينة بالحوز في الحياة لأن الأصل استصحاب ملك مورثهم وكذلك في الفلس
فرع - قال إذا أنكر الموهوب الاثابة صدق الواهب مع يمينه كالثمن في البيع وكذلك لو قام بعد أربعة أشهر
فرع - قال جوز مالك الصدقة بماله كله لأن الصديق - رضي الله عنه - فعله وقال سحنون ان لم يبق كفايته صدقته لقوله لا صدقة إلا عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول
فرع - كره مالك والأئمة هبة ماله كله لأجل بنيه ولم يقل في الرد شيئا لقوله في حديث قال النعمان بن بشير ان أمه سألت أباه بعض الموهبة من ماله لابنها فالتوى عليها بها سنة ثم بدا له فقالت لا أرضى حتى تشهد رسول الله على ما وهبت لابني فأخذ أبي بيدي وأنا يومئذ غلام فأتى رسول الله فقال يا رسول الله ان ام هذا أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها فقال ' يا بشير ألك ولد سوى هذا قال نعم قال كلهم وهبت له مثل هذا قال لا قال لا أشهد إذا فاني لا أشهد على جور وفي الموطأ فارتجعه وروي أشهد على هذا غيري ثم قال من طريق آخر أيسرك ان يكونوا في البر لك سواء قال بلى قال فلا إذا وفي طريق اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم فرجع فرد تلك الصدقة وفي طريق أنه أمره بردها قال ابن القاسم تكره ولا ترد لقوله أشهد غيري وهو لا يأمر بالإشهاد على الباطل إلا أن يتبين أنه فرار من فرائض الله تعالى وقال أصبغ إن حيز عنه نفذ وان قصد الفرار لأنه ملكه يتصرف فيه بما لم يحجر عليه قال أبو محمد معنى الحديث أنه نحل ماله كله أما البعض فجائز كفعل الصديق ذلك لعائشة رضي الله عنها وقاله عمر وعثمان رضي الله عنهم قال صاحب الاستذكار كره مالك والأئمة تفضيل بعض الولد
فرع - قال قال ابن القاسم إذا تصدق على امرأته فأثابته بوضع صداقها لا ثواب في الصدقة غير أن الصداق يسقط والصدقة لها ان حيزت
نظائر - قال العبدي يرجع الإنسان في ماله حالة قيامه دون ثوابه إذا غلط في أربع مسائل من أثاب من صدقة ظنا منه أنه يلزمه والأخذ من طعام الحرب ثم يرده والمشتري لرجل جارية فيقول قامت على بدون ما قد قامت عليه به ثم يظهر له الغلط والبائع ثوبا بالعشرة فيعطى اعلى منه في القيمة غلطا واختلف في بائع الجارية مرابحة للعشرة أحد عشر وقال قامت علي بكذا ثم يظهر أنه أكثر فقيل يرجع في الحالين ههنا
فرع - قال سئل محمد الصدقة أفضل أم العتق فقال ذلك على قدر سد حاجة المعطى وقال قال مالك الحج أفضل من الغزو لأنه فرض عين فيفضل فرض الكفاية إلا أن يكون خوف والحج أفضل من الصدقة إلا ان تكون سنة مجاعة والصدقة أفضل من العتق قيل له فالصدقة بالدراهم أو اطعام الطعام قال كل حسن وقد تقدم أول هذا الباب من هذا المعنى وتقريره
فرع - قال لا بأس بقبضك العطية من الخليفة وأكرهه من الناس بعضهم لبعض لأنه مهانة وما جعل في السبيل من العلف والطعام لا يأخذ منه إلا أهل الحاجة وما جعل في المسجد من الماء فليشرب منه كل أحد لأن المقصد به عموم الناس ولا مهانة فيه وأكره للمحتاج الخروج للحج أو الغزو ويسأل الناس لقوله تعالى ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) نزلت في هؤلاء أي خير الزاد ما وقاكم السؤال والسرقة وليس المراد التقوى المعهودة
فرع - قال قال مالك لا بأس بشراء كسر السؤال لقوله في حديث بريره هو لها صدقة ولنا هدية
فرع - قال مالك إذا وهب شقصا من داره على عوض سمياه أم لا لا يؤخذ بالشفعة حتى يثاب لعدم تحقق المعاوضة قبل ذلك قال صاحب التنبيهات له في كتاب الشفعة إذا سميا الثواب فله الأخذ بالشفعة لكمال صورة البيع قال سحنون هو خلاف لكونها لا تلزم بالقبول كالبيع وقيل وفاق قال وهو أظهر ومعنى مسئلة الشفعة أنه عين الثواب الذي يبذله فقبله الموهوب لأنه بيع لم يبق فيه خيار وههنا لم يعين الثواب ومعنى سمياه أي ذكرا لفظ العوض ولم يعيناه ولا نوعه قاله أبو عمران وقيل مسئلة الشفعة رضي الموهوب بدفع الثواب وههنا لم يلزمه قال عبد الحق يريد لا يأخذ الشفيع وان فاتت حتى يقتضي بالقيمة قال التونسي لا يأخذ بالشفعة إلا بعد ان يثيب الموهوب فان أثابه قبل فوتها أكثر من قيمتها لم يأخذ إلا بذلك عند ابن القاسم وأشهب فان أثابه بعد فوات الهبة أكثر من قيمتها قال ابن القاسم لا يأخذ إلا بذلك لأن الناس لا يهبون إلا ليأخذوا أكثر وقال أشهب يأخذ بقيمة الهبة لأنها الواجب عند الفوت والزائد حينئذ هبة لا تلزم الشفيع قال ويلزم أشهب هذا قبل الفوت لقدرته على الاقتصار إنما يصح قوله على القول بأن له التمسك بهبته بعد دفع القيمة حتى يرضى منها
فرع - في الكتاب إذا أخذ السيد الهبة من العبد فهي عليه بقيمتها في ماله لأن السيد أقرها كالبيع والقيمة كالثمن قال ابن يونس ان لم يقبلها السيد وهي بحالها لم توطأ ان كانت أمة ولا نقصت خير السيد بين ردها ودفع قيمتها يوم الهبة من مال نفسه وان وطئها السيد أو نقصت لزم العبد قيمتها في ماله
فرع - في الكتاب للأب ان يهب من مال ابنه الصغير للثواب ويعوض عنه ما وهب للثواب لأنه تنمية ماله قال ابن يونس فان وهب من ماله أو تصدق لغير ثواب أو في بيع رد ذلك كله لأن ماله معصوم بخلاف عتقه عبده ان كان مليا مضى العتق وغرم القيمة له أوعد يمارد لتشوف الشرع لمصلحة العتق
فرع - في النكت إذا أعتق العبد ولا مال له رد للواهب وان كان لو بيع في ثمنه فضل عن القيمة لأن عسره يصير الهبة قائمة لم تفت
فرع - قال عبد الملك إذا وهب لعبده فأعتقه فاتبعته الهبة كماله ثم استحق بحرية أو ملك لم ترجع العطية ولو أعتقه قبل العطية ثم اعطاه ثم استحق بحرية أو ملك أخذ العطية لأنه ظنه مولى له فأعطاه لذلك وقال مطرف ليس له أخذ ذلك لأنه ملك مقرر
فرع - في التنبيهات إن استهلك سنين مسماة على ان عليه حرمتها فهو كراء مجهول أو أعطاه رقبتها على أن ينفق عليه فهو بيع فاسد والغلة للمعطى بالضمان وترد لربها ويتبعه بما أنفق عليه
فرع - قال الأبهري إذا تصدق على ولده بعبد فأعتقه وعوضه غيره مثله أو أدنى جاز ان كان في ولايته لشبهة الولاية وشبهته في ماله فان كان كبيرا امتنع ويمتنع ذلك من الوصي لعدم الشبهة في المال وان تصدق بغنم عليه ثم تصدق بها على غيره صح لأنه اعتصار
فرع - قال لا يلزمك ما نحلت امرأتك عند الخلوة لأن العادة ان ذلك يقال لتوطئة النفوس لا لتحقق العطاء
فرع - قال إذا أعطيت ابنتك لرجل يكفلها لا تأخذها عند البلوغ لأن ذلك ليس من مكارم الأخلاق إلا أن ترى اساءة تضربها ونكاحها للذي وهبت له ان كنت جعلت ذلك بيده ودعا الى سداد وان دفعتها الى غير ذي محرم امتنع لامتناع خلوته بها وإذا مت فهو يزوجها لكن برضاها
فرع - قال إذا تصدقت على ابنها بجارية على أن لا يبيع ولا تخرج عنه ليكون لها تسلمها أبطله ابن القاسم للحجر المنافي لمقتضى العقد وأجازه أشهب مع الشرط توفية بالشرط
فرع - قال صاحب الاستذكار صدقة الحي عن الميت جائزة نافذة اجماعا وفي الموطأ قال يا رسول الله ان أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت افأتصدق عنها فقال نعم فائدة افتلتت نفسها اختلست ماتت فجأة من مجاز التشبيه كأن الذي يطول مرضه وطأ نفسه على الموت فكأنه دفع نفسه باختياره
فرع - قال قال مالك و ( ش ) و ( ح ) إذا رجعت الصدقة بالميراث فحسن لما في الموطأ أن رجلا تصدق على ابويه بصدقة فهلكا فورثهما فقال له أو جرت في صدقتك وخذها بميراثك
نظائر - قال أبو عمران خمس مسائل تترتب على الميراث لا ترجع الهبة إلا بالميراث ومن حلف بعتق عبده ليفعلن كذا فباعه فان اليمين ترجع عليه إذا ملكه إلا بالميراث ويختلف إذا باعه السلطان لنفسه ويكمل عتق القريب إذا ملك بعضه إلا في الميراث ولا يشفع فيما باع إلا في الميراث بأن يموت الشفيع فيرثه البائع فيأخذ من المشتري بالشفعة لأنه رضي بالبيع له ولم يرض بشركته ولا ينقض البائع بيعه إلا في الميراث فله حل فعله نفسه
فرع - قال الأبهري قال مالك إذا تصدقت بقلوصة في سبيل الله ثم وقعت الهدنة فتصدق بها على أيتام جاز لأن الجميع سبيل الله وبئس ما صنع لوضعها في غير ما جعلت له
فرع - قال قال مالك إذا تصدق بعبد اشتراه فظهر حرا فله الثمن لأنه لم يتصدق بالثمن بل بالعبد وقد بطل الملك فيه
فرع - قال قال مالك إذا تصدق على ولده فاعتقد الذكور أن صيغة الولد لا تتناول الإناث فاغتلوا ازمانا ثم تبين اندراجهن أخذن حقهن في المستقبل لتناول الاسم لهن دون الماضي لأن اخوتهن اخذوه بالتأويل وقال ابن القاسم وأشهب يرجعن بالماضي لثبوت الاستحقاق فيه
فرع - قال قال مالك إذا تصدقت على غائب وبعثت بها إليه وأشهدت على ذلك ثم مات قبل الوصول نفذت لوجوبها بالإشهاد
فرع - قال صاحب المنتقى الهبة والصدقة والحبس متى كانت على وجه اليمين لمعين أم لا لا يقضى بها اتفاقا لأنه لم يقصد بها البر بل اللجاج ودفع المحلوف عليه وعلى غير اليمين يقضى بها قاله ابن القاسم وقال أشهب إلا أن يكون على معين فان الحق له حتى يطلبه
فرع - قال إذا ادعى هبة في غير الذمة فظاهر المذهب عدم تحليف المدعى عليه بمجرد الدعوى لضعف السبب وفي الجلاب عليه اليمين فإن أبى حلف الآخر وأخذها وان كانت في ذمة الموهوب كالدين يدعى الابراء منه فيحلف أنه ما وهبه له قال وعندي تفصيل ان كانت في يد الواهب فلا يحلف أو بيد الموهوب لا ينتزعها الواهب إلا بعد حلفه قال شارح الجلاب المسئلة تتخرج على الخلاف في اليمين بدون خلطة فإن قلنا تجب حلف وإلا فلا ويحتمل قول شارح الجلاب حلف وبرئ إذا ثبتت بينهما خلطة أو برى ان الخلطة إنما تشترط فيما يتعلق بالذمة دون المعينات صفحة فارغة 1
كتاب العدة
قال ابن يونس إذا سألك أن تهب له دينارا فقلت نعم ثم بدا لك قال مالك لا يلزمك ولو كان افتراق الغرماء على وعد وإشهاد لزمك لإبطالك مغرما بالتأخير قال سحنون الذي يلزم من العدة اهدم دارك وأنا أسلفك أو اخرج إلى الحج أو اشتر سلعة كذا أو تزوج امرأة وأنا أسلفك لأنك أدخلته بوعدك في ذلك أما مجردا لوعد فلا يلزم بل الوفاء به من مكارم الأخلاق وقال أصبغ إذا قال لك أريد أتزوج فأسلفني فقلت نعم يقضى عليك تزوج أم لا وكذلك أعرني دابتك إلى موضع كذا لحاجة سماها أو أسلفني كذا لاشتري سلعة فقلت نعم لزمك تسبب في ذلك أم لا وكذلك لو سألك في دين تعطيه لغرمائه فقلت نعم قضى بذلك عمر بن العزيز والذي لا يلزم أن يقول أسلفني كذا وأعرني كذا من غير ذكر سبب فإذا قلت نعم لا يلزمك وإذا وعدت غريمك بتأخير الدين لزمك سواء قلت أؤخرك أو أخرتك وإذا أسلفته أخرته مدة تصلح لذلك وليس لك أن تأخذه منه في المجلس قال ما لك إذا قلت للمشتري بع ولا نقصان عليك لزمك ويصدق فيما يشبه مع يمينه إن كان ذلك بعد البيع فإن اشترطه في أصل العقد قال مالك ليس بيعا فإن باع فله أجرته لأنها إجارة فإن أدرك قبل الفوت فسخ فإن فات المبيع فمصيبته من البائع وإن أعتقه المشتري نفذ عتقه بالقيمة أو أحبلها فهي أم ولد ومضى البيع بالقيمة لأنها موضع خلاف فهو شبهة وقد قال عبد العزيز بن أبي سلمة وغيره موت العبد مصيبته من المبتاع قال ابن القاسم إذا وطئها حبلت أم لا أو أعتقها أو وهب أو تصدق فهي عليه بالثمن لان ذلك منه رضى بالثمن وهو القياس لاني إن جعلته أجيرا امتنع بيعه وهبته ولا تكون أم ولد ويحد وإن كان الشرط بعد عقد البيع فأبق العبد أو مات قال ابن القاسم يوضع عن المشتري وقيل لا أما ذهاب الثوب فلا يصدق فيه إلا ببينة ويحرم وطء المشتري إذا رضي بهذا الشرط قال ابن القاسم إذا قال بعد العقد وقبل النقد بع ولا نقصان عليك وانقد امتنع لأنه قيمة عيوب وخصومات لا تقابل بالاعواض ويجوز بعد النقد فإن وجد الطعام مسوسا فسخطه فقلت بع ولا نقصان عليك فحمله في سفينته فغرقت فهو من البائع وللمشتري أجرته وقال أشهب إذا كان كرما فخفت الوضيعة فقلت بع وأنا أرضيك إن باع برأس المال فأكثر فلا شيء له أو بنقصان فعليك أن ترضيه فإن زعم أنه أراد شيئا سماه فهو ما أراد وإن لم يكن شيئا أرضاه بما شاء وحلف ما أراد أكثر منه يوم قال ذلك وقال ابن وهب يرضيه بما بينه وبين السلعة والوضيعة فيما يشبه الوضيعة في ثمن تلك السلعة قال صاحب البيان إذا قال أعرني دابتك إلى موضع كذا وسمى الحاجة يحكم عليه بالوفاء وكذلك وخرتك بالدين وأؤخرك به وكذلك قوله لك أن تسلفني كذا لأتزوج فلانة سمى اجلا للسلف أم لا قال ابن يونس قال ابن القاسم متى أدخلته بوعدك في لازم لزمك الوفاء نحو زوج ابنتك من فلان والصداق علي أو احلف انك ما شتمتني ولك كذا فحلف
تمهيد - قال الله تعالى ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) أو الوعد إذا أخلف قول لم يفعل وقال ' علامات المنافق إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف ' فذكره في سياق الذم دليل التحريم ويروى قال ' وأي المؤمن واجب ' وهذه الأدلة تقتضي وجوب الوفاء مطلقا وفي الموطأ قال رجل له أكذب لامرأتي فقال ' لا خير في الكذب ' فقال يا رسول الله فأعدها وأقول لها فقال لا جناح عليك فمنه الكذب المتعلق بالمستقبل فإن رضي النساء إنما يحصل به ونفي الجناح عن الوعد وهو يدل على أمرين أحدهما أن إخلاف الوعد لا يسمى كذبا بجعله قسيم الكذب وثانيهما أن إخلاف الوعد لا حرج فيه ولو كان المقصود الوعد الذي يفي به لما احتاج للسؤال عنه ولما ذكره مقرونا بالكذب ولان قصده إصلاح حال امرأته بما لا يفعل فتخيل الحرج في ذلك فاستأذن عليه وفي أبي داود قال إذا وعد أحدكم أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف فلا شيء عليه فهذه الأدلة تقتضي عدم وجوب الوفاء بالوعد مطلقاً عكس الأدلة الأولى ووجه الجمع أن يحمل اللزوم على ما إذا أدخله في سبب ملزم بوعده كما قال سحنون وابن القاسم أو وعده مقرونا بذكر سبب كما قاله أصبغ لتأكد العزم على الدفع حينئذ ويحمل عدم اللزوم على خلاف ذلك مع أنه قد قيل في الآية إنها نزلت في قوم كانوا يقولون جاهدنا وما جاهدوا وفعلنا أنواعا من الخيرات وما فعلوها ولا شك أن هذا محرم لأنه كذب وتسميع بالطاعة وكلاهما معصية إجماعا وأما ذكر الإخلاف في صفة المنافق فمعناه أنها سجية ومقتضى حاله الإخلاف ومثل هذه السجية يحسن الذم بها فما تقول سجيته تقتضي المنع والبخل فمن كانت صفته تحث على الخير مدح بها أو تحثه على الذم ذم بها شرعا وعرفا 1
كتاب الوقف
وفيه مقدمة وثلاثة أبواب المقدمة في لفظه وفي الصحاح وقفت الدار للمساكين وقفا وأوقفتها بالألف لغة رديئة قال الله تعالى ( وَقِفُوهُمَ إنَهُمُ مَسْئُولون ) بغير ألف وليس في الكلام وقفت إلا كلمة واحدة أوقفت عن الامراي أقلعت عنه وعن الكسائي وابي عمرو ما أوقفك ههنا أي أي شيء صيرك واقفا وتقول العرب وقفت الدابة تقف وقوفا ووقفتها أنا وقفا متعد وقاصر ووقفته على دينه أي أطلعته عليه والوقف سواء من عاج وقال ابن بري يقال أوقفت الرجل على كذا إذا لم تحبسه بيدك ووقفته على الكلمة توقيفا ووقفته بينته له والحبس بسكون الباء وضم الحاء من الحبس بفتح الحاء وسكون الباء وهو المنع والمحبس ممنوع من البيع 2
الباب الأول في أركانه
وهي أربعة الركن الأول الواقف وشرطه أهلية التصرف في المال الركن الثاني الموقوف عليه وفي الجواهر تصح على الجنين ومن سيولد وقال ش وأحمد لا يصح إلا على معين يقبل الملك لأن الوقف تمليك فلا يصح على أحد هاذين الرجلين لعدم التعيين ولا على الحمل ومن سيولد لعدم قبولهما للملك ولا على المسجد الذي تبنيه لعدم التعيين بخلاف على ولد وولد ولده فإن ولد الولد وإن لم يولد فهو تابع لمعين يقبل الملك وهو ولد الصلب ووافقانا في الوصية فنقيس عليها ولأنه معروف في هذه الجهات ويشرع لقوله تعالى ( وافعلوا الخير ) ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) ثم إنا نمنع قاعدتهما أن الوقف تمليك على ما سيأتي قال ويصح على الذمي وقاله الأئمة لأمر بيده والأظهر منعه على الكنيسة وقاله ش وأحمد لأنه عون على المعصية كصرفه لشراء الخمر وأهل الفسوق ولا يقاس على الوقف على المسجد بسبب أن نفعه عائد على المسلمين وكذلك على الكنيسة لأن نفعها يعود على الذمة والوقف عليهم جائز لأن الفرق أنها وضعت للكفر ونفع الذمة عارض تابع والمسجد وضع للطاعة فافترقا ولا يصحح الشرع من التصدقات إلا المشتمل على المصالح الخالصة والراجحة ويكره إخراج البنات منه قال اللخمي ثلاثة أقوال الكراهة وعن مالك إن إخراجهن إن تزوجن بطل الحبس وقال ابن القاسم إن كان المحبس حيا فسخه وأدخل فيه البنات وإن حيز أو مات فات وكان على ما حبسه عليه وقال أيضا إن كان حيا فسخه بعد الجور لقوله في هبة النعمان بن بشير لا أشهد على جور ولأن إخراج البنات خلاف الشرع واتباع الجاهلية قال ابن شعبان من أخرج البنات بطل حبسه وتتخرج الصدقة على هذا الخلاف قال ابن يونس عن مالك إذا حبس على ولده وأخرج البنات إن تزوجن بطل قال ابن القاسم إذا مات نفذ على ما حبس وإن كان حيا ولم يخرج عنه رد وأدخل فيه البنات فإن حيز أو مات نفذ لأنه ما له ينقله لمن شاء
فرع - يمتنع على الوارث في مرض الموت لأنه وصية لوارث فإن شرك بينه وبين معينين ليسوا وارثين بطل نصيب الوارث خاصة لقيام المانع في حقه خاصة فإن شرك معه غير معين أو معين مع التعقيب أو المرجع فنصيب غير الوارث حبس عليه فان كانوا جماعة فهو بينهم وما خص الوارث فبين الورثة جميع الورثة على الفرائض إلا أنه موقوف بأيديهم - ما دام المحبس عليهم من الورثة أحياء وقال ( ش ) يصح الوقف فإذا وقف داره على ابنه وامرأته وله ابنان آخران فهي بينهما نصفان إن أجاز الابنان الآخران وإلا فما زاد على نصيبه بطل وكذلك المرأة لنا أنها وصية لوارث أو تحجير على الوارث وكلاهما منهي لقوله لا وصية لوارث ولقوله لا ضرر ولا إضرار في الإسلام
فرع - في الكتاب حبس داره على رجل وعلى ولده وولد ولده واشترط على الذي حبس عليه إصلاح ما رث منها من ماله امتنع لأنه كراء مجهول وامضى ذلك ولا مرمة عليهم بل ترم من غلتها لأنه سنة الحبس ويبطل الشرط وحده لاختصاصه بالفساد لقوتهما في سبيل الله بخلاف البيوع وكذلك إذا حبس عليه الفرس وشرط عليه حبسه سنة وعلفه فيها لأنه قد يهلك قبلها فيذهب علفه باطلا قاله ما لك وقال ابن القاسم إن لم يمض الاجل خيرت بين ترك الشرط أو تأخذ الفرس وتعطى له نفقته وإن مضى الأجل لم يرد وكان للذي قيل له بعد السنة بغير قيمة قال ابن يونس عن مالك لا يبطل شرطه في الفرس كمن أعاره لرجل يركبه سنة ثم هو لفلان فترك المعار عاريته لصاحب البتل قال الشيخ أبو الحسن يتعجل قبضه وإذا عثر عليه قبل السنة خير المشتري فان اسقط الشرط وانفذ الحبس فليدفع ما انفق على الفرس ثم بعد ذلك يتم الحبس قال اللخمي عن مالك إذا نزلت مسألة الفرس جازت وغير هذا الشرط أفضل
فرع - قال اللخمي حبس على بناته حياتهن في صحته وشرط من تزوجت لا حق لها لا يعود حقها بعد تأيمها بعد التزويج لانقطاع عقبه وكذلك لو أوصى أن ينفق على أمهات أولاده ما لم يتزوجن ولو حبس وله بنات متزوجات لم يدخلن في الحبس وقال والمردودة تدخل في حبسي فإنها تدخل متى رجعت من ذي قبل وإن قال من تأيمت من بناتي فلها مسكن يعينه كانت أحق به ولا حق لها فيما قبل وإذا قال من تزوجت فلا حق لها فإن رجعت فلها مسكن كذا لم يكن لها حين التزويج شيء حتى ترجع فترجع فيما مضى وليست كالتي لم تذكر رجعتها لأنه إذا سمى رجعتها فكأنه حبس عليها إلى رجعتها فتأخذه فإن قال إن رجعت دخلت في حبسي فلها من يوم ترجع وقال عبد الملك إذا شرط من تزوجت فلا حق لها ما دامت عند زوج فتزوجت واحدة فنصيبها لمن معها في الحبس من أخواتها ما دامت متزوجة فإن رجعت أخذته ولو تزوجن كلهن وقف عليهن للغلة فإن رجعت واحدة أخذتها كلها ما وقف وما يستقبل وعلى القول المتقدم لا شيء لها في الماضي وهذا في الغلة أما إن كان الحبس سكنى فهو أبين في سقوط الماضي ولو جعل الماضي لغيرها مدة التزويج لم يكن لها شيء
فرع - في الكتاب إذا حبس في المرض دارا على ولده وولد ولده والثلث يحملها ومات وترك أما وإمرأة قسم بينهن على عدد الولد وولد الولد فما صار لولد الولد نفذ لهم في الحبس وما صار للأعيان بينهم وبين الأم والزوجة على الفرائض موقوفا بأيديهم حتى ينقرض ولد الأعيان توفية بقاعدة الميراث وصيغة الحبس فتخلص الدار كلها لولد الولد حبسا توفية بالحبس ولو ماتت الأم والمرأة فما بأيديهما لورثتهما وكذلك يورث يقع ذلك عن وارثهما ابدا ما بقي أحد من ولد الأعيان فإن مات أحد من ولد الأعيان قسم نصيبه على من بقي من ولد الأعيان وعلى ولد الولد كأنه لم يكن موجودا ثم تدخل الأم والمرأة وورثة من هلك من ولد الأعيان في الذي أصاب ولد الأعيان من ذلك على فرائض الله تعالى فإن هلكت الأم أو المرأة أو هلكا دخل ورثتهما في نصيبهما ما دام أحد من ولد الأعيان فإذا انقرضت الأم والمرأة أولا دخل ورثتهما مكانهما لأنه حق لهما فإن انقرض أحد ولد الأعيان بعد ذلك قسم نصيبه على من بقي من ولد الأعيان وعلى ولد الولد ورجع من ورث ذلك المالك من ولد الأعيان وورثة الزوجة وورثة الأم في الذي أصاب ولد الأعيان لاشتراكهم في أصل الميراث فيكون بينهم على القرائض فإن مات ورثة الزوجة والأم وبقي ورثة ورثتهم دخل في ذلك ورثة ورثتهم ومن ورث من هلك من ولد الأعيان أبدا ما بقي من ولد الأعيان أحد بحال ما وصفنا فإن انقرض ولد الاعيان وولد الولد رجعت حبسا على أقرب الناس بالمحبس توفية بمقصده في الحبس قال ابن يونس قال سحنون قل من يعرف هذه المسألة لصعوبتها وقد وقعت في أكثر الكتب خطأ لدقة معانيها وتقريرها أنه حبس على غير وارث وهو ولد الولد فما كان لهم أجري مجرى الأوقاف وما ناب ولد الأعيان دخل في ورثة الميت من الأم والمرأة وغيرهم إذا لم يجيزوا إذ ليس لوارث أن ينتفع دون وارث معه لامتناع الوصية للوارث فكأن الميت ترك زوجة وأما وثلاث بنين وثلاثا من ولد الولد لكل واحد من ولد الأعيان ولد فيقسم الحبس وغلته على ستة ثلاثة لولد الولد ينفذ لهم قال سحنون ومحمد إذا استووا وإلا فعلى قدر الحاجة وعن ابن القاسم الذكر والأنثى سواء لأن المحبس حبس وهو يتوقع فقرهم وغناهم وأعرض عن ذلك والأول يرى أن مقصد الوقف المعروف وسد خلة الحاجة وتأخذ الأم مما في يد الأعيان السدس والزوجة الثمن ويقسم ما بقي على ثلاثة عدد ولد الأعيان لأنهم ذكور وإلا فللذكر مثل الأنثيين لإحتجاج الذكر بالميراث كما احتجت الزوجة والأم اختلفت حاجتهم أم لا لأنهم يأخذون بالميراث فإن مات أحد ولد الأعيان قال ابن القاسم ينتقض القسم كما ينتقض لحدوث ولد الولد للأعيان أو ولد الأعيان أو ولد الولد ويقسم جميع الحبس على خمسة بقية الولد وولد الولد فما صار لولد الولد نفذ وما صار لولد الأعيان أخذت الأم سدسه والزوجة ثمنه وقسم ما بقي على ثلاثة عدد أصل ولد الأعيان فيأخذ الحيان سهميهما وورثة الميت سهما يدخل فيه أمه وزوجه وولده - وهو أحد ولد الولد فيصير بيد ولد هذا الميت نصيب - بمعنى الحبس من جده في القسم الأول والثاني ونصيب - بمعنى الميراث ويقسم ما أخذ في القسم أولا وهو سدس الحبس يؤخذ ما بيده يضم إليه ما يخرج عنه للأم والزوجة وهو ثلث ما في أيديهما يكمل له السدس ويقال لهما قد كنتما تحتجان عليه بأنه لا يستأثر عليكما - وأنتما وارثان معه فلما مات بطلت هذه الحجة في بقاء ما أخذنا منه بأيديكما لقيام ولد الولد فيه ولا حجة لكما على ولد الولد لأنه غير وارث فيقسم هذا السدس على ولد الولد ثلاثة وعلى من بقي من ولد الأعيان - وهما اثنان فيقسم على خمسة ثلاثة لولد الولد وسهمان لولد الأعيان فما صار لولد الأعيان قسم عليهم وعلى ورثة الهالك منهم على الفرائض وتأخذ الأم للهالك الأول وامرأته من هذين السهمين اللذين لولد الولد - السدس والثمن ويقسم ما بقي بينهما على ثلاثة عدد ولد الأعيان سهمان للحيين وسهم ينسب لورثته فيصير بيد ولد هذا الميت نصيب وقف من جده في القسم الأول والثاني ونصيب إرث من أبيه هذا كذلك فسره أبو محمد وقال سحنون ما صار لولد الأعيان ضم إليه السدسان اللذان كانا بأيديهما معدودا بالزوجة والأم ما أخذا منهما وللزوجة ثمن الجميع وللأم سدسه ويقسم الباقي ثلاثة للأحياء من الأعيان سهمان وسهم لورثة الميت يوقف وسهم على الفرائض أو تقول ما صار لولد الأعيان من قسم سدس حبس الميت - وهما خمسان للأم سدسه وللزوجة ثمنه ويضم الباقي إلى الباقي في أيديهما في سهم الحبس أولا - بعد أخذ الأم والزوجة سدسه وثمنه يقتسمان ذلك على ثلاثة لهما منها سهم ولورثة الميت سهم على الفرائض وهو - مثل الأول لأن سدس الخمس إذا قسم على خمسة صار سدس كل واحد من ولد الولد خمسا وإذا ردت الزوجة والأم ما كانتا أخذتا من ولد الأعيان صار بأيديهم الخمسان فآل الأمر إلى أن الخمس يقسم على خمسة ثم تدخل الأم والمرأة وباقي ولد الحيين ولا معنى لقول سحنون وقسمة جميع الخمس على خمسة أبين وإنما قسم سهم الميت من ولد الأعيان على خمسة لقيام ولد الولد في ذلك وقسمة الحبس بوصية الميت لتوفر سهمانهم بنقصان عدد أهل الحبس فما وصل لولد الأعيان صارت الحجة عليهم فيه لمن ورث الميت الأول معهم وكذلك صارت لمن يرث الميت من ولد الأعيان حجة أن ينالوا نفع ما ورثه وليهم ما دام أحد من الورثة ينتفع بمعنى الميراث عن الميت الأول وإنما يختلف نقض القسم من غير نقضه على ولد الأعيان وعلى ورثة الميت منهم فأما على ولد الولد أو أم المحبس وامرأته فلا قال سحنون والثمار ونحوها من الغلات تقسم عند كل غلة على الموجود يومئذ من ولد الصلب وولد الولد ويجمع ما لولد الصلب فيقسم على الفرائض وأما الدور والأرضون فلا بد من نقض القسم في جميع الحبس فيقسم على من بقي من ولد الأعيان وولد الولد فما صار لولد الأعيان دخل فيه أهل الفرائض وما صار لولد الولد أخذوه وهذا القول إنما يصح على رأي من لا يرى نقض القسم في جميع الحبس وعلى نقض القسم يقسم جميع الحبس على أربعة فما صار لولد الولد أخذوه حبسا وما لولد الأعيان أخذت الأم سدسه والمرأة ثمنه ويقسم الباقي على ثلاثة ويحيا الميتان بالذكر فما صار لكل واحد منهما أخذه على الفرائض موقوفا وما صار لحي فهو له وعلى قول من يرى نقض القسم يسترجع من يديه وورثة الهالك أولا من ولد الأعيان تمام خمس جميع الحبس على ما بيد الهالك الثاني ليكمل الخمس وهو ما كان صار في القسم الثاني بعد موت أخيه وقد أخذت الأم السدسو والمرأة ثمنه وورث أخوه ثلث مابقي في يديه وهو تسعة وثمن من الخمس فيأخذه كل واحد منهم ويكمل له الخمس فيقسمه على أربعة لولد الولد ثلاثة وللباقي من ولد الأعيان سهم تأخذ أم المحبس من هذا السهم سدسه وامرأته ثمنه ويقسم الباقي ثلاثة يحيا الميتان بالذكر فما صار للحي أخذه وما صار لكل ميت ورثه وررثته على الفرائض موقوفا وإن مات الثالث من ولد الأعيان خلص الجميع لولد الولد وإن مات واحد من ولد الولد ولم يمت من ولد الأعيان أحد لم يأخذ سهمه ورثته لأنه حبس وينقض القسم بموته كمون ولد الأعيان ويقسم جميع الحبس على خمسة فما صار لولد الولد نفذ لهم حبسا وما صار لولد الأعيان فللأم سدسه وللمرأة ثمنه وقسم ما بقي على ثلاثة عدد ولد الأعيان ودخلت الأم والمرأة فيما رده ولد الأعيان من ولد الولد وعن ابن القاسم لا ينتقض القسم ويقسم نصيب الميت من ولد الولد وهو السدس على خمسة عدد ولد الولد وولد الأعيان فما صار لولد الولد نفذ لهم وما لولد الأعيان دخلت فيه الأم والمرأة أو ورثتهما إن ماتتا لأن ما رجع لولد الأعيان من نصيب ولد الولد بالوصية لا بالولاية لأنه على مجهول من يأتي وقال سحنون لا تدخل الأم والمرأة لنفوذ الوصية أولا وارتفعت التهمة بل ترجع إليهم بالولاية ويلزمه إيثار أهل الحاجة من ولد الموصى لأنها سنة مراجع الأحباس والأول أبين فإن مات ثان من ولد الولد فعلى نقض القسم يقسم الحبس كله على عدد من بقي من ولد الولد والأعيان وذلك أربعة سهم لولد الباقي وثلاثة لولد الأعيان وتدخل الأم والمرأة معهم على هذا القول دون القول الآخر فإن هلك الثالث فجميع الحبس لولد الأعيان لأنهم الأقرب للمحبس قال سحنون ولا تدخل الأم والزوجة لأن وصية الميت قد نفذت أولا وارتفعت التهمة وهو إنما يرجع إليهما بالولاية وعن ابن القاسم ما آل إلى ولد الأعيان من ولد الولد حتى انقرضوا أو عن واحد منهم تدخل فيه أم الميت الأول وامرأته قال سحنون وإذا آل ما بيد ولد الولد للأعيان ومات واحد منهم أخذت الأم والمرأة اللتان لهذا الميت ميراثهما مما في يديه من السدس الذي أخذ أولا مما آل إليه عن ولد الولد فما بقي قسم بين ولد الأعيان فإن مات أولا أحد ولد الأعيان قسم نصيبه على ما تقدم ثم مات أحد ولد الولد أخذ ما كان بيد هذا الميت الذي هو ولد الولد وهو الخمس المأخوذ في قسم الحبس من قبل جده ومن قبل موت أبيه دون ما بيده عن أبيه بالميراث فيقسم أربعة لكل واحد من ولد الولد سهم وسهمان للحيين من ولد الأعيان تأخذ منهما أم الجد وامرأته السدس والثمن ويقسم الباقي من السهمين ثلاثة سهم لولد الأعيان الحيين وسهم لورثة أخيهما الميت تدخل فيه أمه بالسدس وامرأته بالثمن وإن لم يكن له الآن ولد لأنه إنما يقسم ذلك على قسمة ما ورث عليه يوم مات وكل من مات من أهل السهام لا ينتقض بموته قسم ويصير ما بيده لورثته على المواريث وكذلك لورثة ورثتهم موقوفا ما بقي من ولد الأعيان أحد فإذا انقرضوا رجع الحبس إلى ولد الولد الأول والذين حدثوا وكذلك ان شرطوا في حبسه ليس لمتزوجة حق إلا أن يردها راد من موت أو طلاق فتزوجت إبنة له انتقض القسم عند الزواج ولا يقسم لها في قسمة الحبس - توفية بالشرط لكن ما أصاب ولد الأعيان منذ دخلت فيه بالميراث فإن رجعت انتقض القسم وقسم لها في أصل الحبس وينتقض القسم أيضا بتزويج واحدة من بنات الولد وينتقض برجوعها إذا قامت وما نابها مع ولد الولد لا يدخل فيه أحد قال اللخمي إذا ماتت أم المحبس لا ينتقض القسم بموتها فإن كان لها ولد غير المحبس فنصيبها له ولا ينتزع منه إلا بموت ولد الأعيان أو بموت أحدهم وكذلك إن ماتت الزوجة ولا ولد لها إلا ولد الأعيان أخذوا نصيبها الذي أخذته منه ولا حق لولد الولد فيه فإن لم يحمل الثلث الولد ولم يجز الورثة اجبر حسبما قاله الميت أن لو حملها الثلث ولا يصح أن يقطع بالثلث شائعا بل يجمع ثلثه في الدار كالعتق إذا أوصى به ولم يحمله الثلث فإنه يجمع في غير ذلك العبد قال محمد إذا حبس داره في مرضه على جميع ورثته ولم يدخل غيرهم معهم ولا بعدهم فليس بحبس ولهم بيعه وكذلك على ولدي ولم يدخل غيرهم وقاله مالك وابن القاسم لأنها وصية لوارث ومن مات فنصيبه لمن بعده ميراث فيصير ميراث الآخر أكثر وهو على القول إن الحبس على المعين يرجع ميراثا وعلى القول إنه يرجع مرجع الأحباس لا يبطل الحبس ويصير كمن حبس على ورثته وغيرهم قال التونسي إذا لم يخرج من الثلث في المسألة الأولى فما خرج من الثلث عمل به ما ذكر في الكتاب لأنه وصى لوارث وغيره وثم ورثة آخرون فيتعاصون ولو لم يكن وارث غير الموصى لهم خير الورثة بين الإجازة وإلا قطعوا لهم من الدار ما يحمله الثلث فيكون حبسا أو تسقط وصيتهم وهو كمن أوصى لوارث واجنبي وليس ثم غير الوارث واختلفوا في قسم الدار بين الولد وولد الولد فقيل على العدد وقيل بالاجتهاد في الفقر على الخلاف إذا نص على الولد وولد الولد لأنه سوى بينهم عند أشهب
فرع - في الجواهر يمتنع وقف الإنسان على نفسه وقاله الأئمة وجوزه ابن شريح لان عمر رضي الله عنه كان يأكل من ثمر صدقته بخيبر ولأن عثمان رضي الله عنه وقف بئرا وقال دلوي فيها كدلاء المسلمين ولأنه ينتفع بالوقف العام فكذلك الخاص والجواب عن الأول ان أكله يحتمل أن يكون بالشراء أو بحق القيام وعن الثاني انه وقف عام فيجوز أن يدخل في العموم ما لا يدخل في الخصوص لأنه كان يصلي في مساجد المسلمين ولا يجوز أن يخص بالصدقة وهو الجواب عن الثالث لنا أن السلف رضي الله عنهم لم يسمع عنهم ذلك ولأن من ملك المنافع بسبب لا يتمكن من ملكها بغير ذلك السبب كمن ملك بالهبة لا يملك بالعارية أو الشراء أو غيرهما فكذلك لا يتمكن من تمليك نفسه بالوقف ولأنه يمتنع أن يعتق عبده ويشترط عليه خدمته حياته وبالقياس على هبته لنفسه قال أبو إسحاق فإن حبس على نفسه وغيره صح ودخل معهم وإلا بطل لأنه معهم تبع بخلاف الاستقلال
فرع - قال متى كان الوقف على قربة صح أو معصية بطل كالبيع وقطع الطريق لقوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ) وقاله ( ش ) واحمد فإن عرا عن المعصية ولا ظهرت القربة صح لأن صرف المال في المباح مباح وكرهه مالك لأن الوقف باب معروف فلا يعمل غير معروف
فرع - قال صاحب المنتقى لو حبس ذمي داره على مسجد نفذ وقال مالك في ذمية بعثت بذهب للكعبة ترد إليها وإنما يصرف في هذه الجهات أطيب الأموال وأموال الكفر ينبغي أن تنزه عنها المساجد
فرع - قال إذا لم يذكر مصرفا حمل على المقصود بأحباس تلك الجهة ووجه الحاجة فيها وقال ابن القاسم للفقراء قيل له إنها بالاسكندرية قال يجتهد الإمام الركن الثالث الموقوف وفي الكتاب وقف الرقيق والدواب والثياب والسروج في سبيل الله ويستعمل ولا يباع قال اللخمي الحبس ثلاثة أقسام الأول الأرض ونحوها فالديار والحوانيت والحوائط والمساجد والمصانع والآبار والقناطر والمقابر والطرق فيجوز والثاني الحيوان كالعبد والخيل وغيرها والثالث السلاح والدروع وفيها أربعة أقوال الجواز في الكتاب وقاله ( ش ) وأحمد لأن كل عين يصح الانتفاع بها مع بقاء عينها صح وقفها لأنه موف بحكمة الوقف وقيل يمتنع وقاله ( ح ) ومنع وقف المنقولات لأن وقف السلف كان في العقار وقياسا على الطيب والجواب عن الأول ان المقداد حبس أدرعه في سبيل الله وهي منقولات وعن الثاني الفرق بأن الطيب لا يبقى عينه بخلاف صورة النزاع وقيل يجوز في الخيل وإنما الخلاف في غيرها وعن مالك استثقال حبس الحيوان وقال في الرقيق منعه ما يرجى له من العتق وظاهره يقتضي تخصيص الكراهة للرقيق وفي مسلم أن عمر - رضي الله عنه - أصاب أرضا بخيبر فأتى رسول الله يستأمره فيها فقال إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب ما لا قط هو أنفس عندي منه فقال رسول الله إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق بها لا تباع ولا توهب ولا تورث في الفقراء وذي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقا غير متمول فيها وفي البخاري قال من حبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده فإن شبعه وروثة في ميزانه يوم القيامة وفيه أن خالدا حبس درعه واعمره في سبيل الله وفي مسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية يريد الحبس ووقف عثمان وطلحة والزبير وزيد بن ثابت وعمرو بن العاصي وكل من له ثروة من الصحابة وقف رضي اللهم عنهم أجمعين وقال شريح لا حبس عن فرائض الله فقيل لمالك ذلك فقال تكلم شريح في بلده ولم يقدم المدينة فيرى أحباس الصحابة وأزواجه وهذه أوقافه تسعة
فوائد - إحداها قوله انقطع عمله ليس على ظاهره بل المراد ثواب عمله إذ العمل عرض لا يستمر بل يذهب زمانه به فالإخبار عنه عبث وثانيها انه يثاب في هذه الصور ثواب الوسائل فإن تعليمه وإقراءه وتصانيفه أسباب للأنتفاع بها بعد موته ودعاء الولد ناشي عن سببه في النسل والاتفاق بالوقف ناشى عن تحبيسه فالكل في حبسه وتسببه وثالثها أن الدعاء ليس خالصا بالولد بل كل من دعا لشخص رجاء نفعه بدعائه قريبا كان أو أجنبيا وليس المراد أن ثواب الدعاء يحصل للمدعو له بل متعلق الدعاء ومدلوله لغة فصار ذكر الولد معهما مشكلا وجوابه أن الولد أكثر دعاء لأن داعية القرابة تحثه بخلاف غيره ولذلك خصصه بالصالح لأن الصلاح مع البنوة نظمة كثرة الدعاء وإجابته فكان أولى بالذكر من غيره
فرع - في الجواهر يصح وقف الشائع وقاله ( ش ) وأحمد ومنعه محمد بن الحسن لتعذر القبض عنده فيه لنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقف مائة سهم من خيبر بإذنه ولأنه ممكن القبض اللائق به كالبيع وقياسا على العتق قال اللخمي في كتاب الشفعة إن كانت الدار تحمل القسم جاز لعدم تضرر الشريك إن كره قاسم بعد الحبس وإلا فله رد الحبس لأنه لا يقدر على البيع لجميعها فإن فسد فيها شيء لم يجد من يصلح معه وإذا كان علو لرجل وسفل لآخر لصاحب العلو رد تحبيس السفل لأنه لا يجد من يصلح له السفل اذا احتاج إليه ومن حقه أن يحمل له علوه ولصاحب السفل رد تحبيس العلو لأنه قد يخلق فيسقط عليه ولا يجد من يصلح وتحبيس شرك من حائط فهو كما تقدم في الدار
فرع - قال يجوز وقف الأشجار لثمارها والحيوانات لمنافعها وأوصافها وألبانها واستعمالها وإذا قلنا بالجواز في الحيوان وقع لازما أو بالكراهة وفي اللزوم روايتان
فرع - قال ويمتنع وقف الدار المستأجرة لاستحقاق منافعها للإجارة فكأنه وقف ما لا ينتفع به ووقف ما لا ينتفع به لا يصح ويمتنع وقف الطعام لأن منفعته في استهلاكه وشأن الوقف بقاء العين الركن الرابع ما به يكون الوقف في وفي الجواهر هو الصيغة أو ما يقوم مقامها في الدلالة على الوقفية عرفا كالإذن المطلق في الانتفاع على الإطلاق كإذنه في الصلاة في المكان الذي بناه لها إذنا لا يختص بشخص ولا زمان ووافقنا ( ح ) وأحمد وقال ( ش ) لا يعتبر إلا بالقول على قاعدته في اعتبار الصيغ في العقود لنا أنه كان يهدي ويهدى إليه ووقف أصحابه ولم ينقل إنه قبل ولا قبل منه بل اقتصر على مجرد الفعل ولو وقع ذلك اشتهر ولأن مقصود الشرع الرضي بانتقال الأملاك لقوله لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه منه فأي شيء دل على حصول مقصود الشرع كفى
فرع - قال في الجواهر لا يشترط في الصحة القبول إلا إذا كان الموقوف عليه معينا أهلا للقبول والرد فيشترط في نقل الملكية إليه القبول كالبيع وإلا فلا كالعتق واختلف هل قبوله شرط في اختصاصه خاصة أو في أصل الوقفية قال مالك إذا قال اعطوا فرسي لفلان إن لم يقبل أعطي لغيره كان حبسا وقال مطرف يرجع ميراثا لعدم شرط الوقف وقال ( ش ) وأحمد لا يشترط القبول في الوقف قياسا على العتق
فرع - قال الألفاظ قسمان مطلقة مجردة نحو وقفت وحبست وتصدقت وما يقترن به مما يقتضي التأييد نحو محرم لا يباع ولا يوهب وأن يكون على مجهولين أو موصوفين كالعلماء والفقراء فيجري مجرى المحرم باللفظ لأن التعيين يشعر بالعمرى دون الحبس ولفظ الوقف يفيد بمجرده التحريم وفي الحبس والصدقة روايتان وكذلك في ضم أحدهما للآخر خلاف إلا أن يريد بالصدقة هبة الرقبة فلا يكون وقفا وحيث قلنا لا يتأبد يرجع بعد الوجه الذي عين له حبسا على أقرب الناس بالمحبس - كان المحبس حيا أو ميتا - إن كانوا فقراء فإن كانوا أغنياء فأقرب الناس إليهم من الفقراء لأن أصل الحبس مبني على سد خلة حاجة الموقوف عليه قال ابن القاسم كل ما يرجع ميراثا يراعى فيه من يرث المحبس يوم مات وما يرجع حبسا فلأولاهم به يوم المرجع والقرابة الذين يرجع إليهم هم عصبة المحبس الميت قاله مالك وقال ابن القاسم يرجع لأقرب الناس من ولد عصبته وإذا قلنا يرجع للعصبة اختلف هل للنساء فيه مدخل أم لا ففي كتاب محمد دخولهن وعن ابن القاسم عدم دخولهن وقال أصبغ البنت كالعصبة لأنها لو كانت رجلا كانت عصبة وعن مالك كل امرأة لو كانت رجلا كانت عصبة يرجع إليها الحبس وإذا قلنا بالدخول فاجتمع بنات وعصبة فهو بينهم إن كان فيه سعة وإلا فالبنات أولى لقربهن وتدخل مع البنات الأم والجدة للأب دون الزوجة والجدة أم الأم لعدم التعصب لو كانتا رجلا - قاله ابن القاسم فإذا انقرض جميع أصحاب المرجع صار حبسا على المساكين قال صاحب المقدمات لفظ الحبس والوقف سواء لا يفترقان في وجه من وجوه الحبس وقاله ( ش ) وأحمد وقال عبد الوهاب الوقف لا يقع إلا محرما فهو أقوى لمساك وليس بصحيح ولهذه الألفاظ ثلاثة أحوال - بحسب المحبس عليه الحال الأولى أن يحبس على معين فهو يرجع بعد موت المحبس عليه حبساً على أقرب الناس بالمحبس لأنه حبس محرم أو يرجع بعد موت المحبس عليه ملكا لأقرب الناس بالمحبس - بناء على أنها عمرى قولان لمالك في المدونة - وسواء قال حياته أو لم يقل وقيل إن قال حياته رجع بعد موته إلى المحبس ملكا وإلا رجع مرجع الأحباس لأن التحديد يشعر بالتعمير والتسوية هي ظاهر المدونة قال أكره لقوله صدقة محرمة لا تباع فحكى ابن القاسم أنه لم يختلف قول مالك في أنه حبس محرم يرجع مرجع الأحباس وليس كذلك بل روى ابن عبد الحكم عن مالك يرجع بعد موت المحبس ملكا - إذا كان على معين الحالة الثانية أن يحبس على مجهولين غير معينين ولا محصورين نحو المساكن وفي السبيل موقف محرم إتفاقا الحالة الثالثة يحبس على محصورين غير معينين نحو على ولد فلان أو عقبه فحبس محرم اتفاقا ويرجع بعد انقراضهم حبسا على أقرب الناس بالمحبس إلا أن يقول حياتهم فقال عبد الملك يرجع ملكا إليه بعد انقراضهم وأما لفظ الصدقة فلها ثلاث حالات أيضا إن كان على معين فله بيعها وتورث عنه وهي تملك اتفاقا الحالة الثانية غير معينين ولا محصورين فتباع ويتصدق بها عليهم بالاجتهاد إلا أن يقول يسكنونها أو يستغلونها فيكون حبسا على ذلك الحالة الثالثة على محصورين غير معينين فهل يكون لآخرهم ملكا أو يرجع مرجع الأحباس حبسا على أقرب الناس بالمتصدق قولان لمالك أو اعمار يرجع بعد انقراضهم إلى المتصدق قول ثالث ووافقنا ( ش ) وأحمد في أن لفظ الحبس والوقف صريح وزادا لفظ السبيل لوضع الأولين لغة لذلك وورد الثالث في السنة حيث قال حبس الأصل وسبل الثمرة 3
الباب الثاني في شرطه وهو الحوز
وقد تقدم دليل اعتباره وقد ألحق بالهبة والصدقة والعارية والحبس بجامع المعروف وقال ( ش ) وأحمد لا يشترط الحوز قياسا على البيع والإجارة ولان عمر وعليا وفاطمة - رضي الله عنهم - لم يزالوا يلوا صدقاتهم والجواب عن الأول الفرق بأنه عقد عرا عن المعاوضة بالأدلة المتقدمة في الهبة
فرع - في الكتاب إذا حبس نخل حائط على المساكين في مرضه والثلث يحمله ولم يخرجه من يده حتى مات نفذ لأنه وصية لقرينة المرض لا يشترط حوزها قبل الموت وإن حبس في صحته ما لا غلة له كالسلاح والخيل ولم يخرجها حتى مات بطلت لعدم الحوز في الحياة وإن أخرجها في وجهها وعادت إليه نفذت من رأس ماله لحصول الحوز قبل الموت فإن أخرج بعضها نفذ ولا يجوز من فعل الصحيح إلا ما حيز قبل الموت والفلس قال ابن يونس إذا تصدق على ولده الصغير فحوزه له حوز إلا أن يسكن في الدار أو جلها حتى مات فيبطل جميعها لعدم الحوز باستيفائه المنفعة ولو سكن أقل الدار الكبيرة وأكرى لهم باقيها نفذ الجميع لأن الأقل تبع للأكثر وقد حبس زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر داريهما وسكنا منزلا حتى ماتا فنفذ الجميع ولا تكفي الشهادة في المرض أنهم حازوا بل حتى تعاين الحوز لأن الاعتراف بالشيء إنما يقوم مقام الشيء في حق المقر خاصة وهو ههنا متعلق بالوارث وكذلك الهبة والصدقة والرهون وقال أشهب إذا كان يخرج الأسلحة وغيرها ثم ترد إليه بعد الرجوع فيعلف الخيل من عنده وترم السلاح وينتفع بذلك في حوائجه ويعيره لإخوانه ثم يموت فهو ميراث لأنه حائز لمنافعه وليس تفريق الغلة كالسلاح لأن أصل النخل بيده ولم يخرج قط قال ابن عبد الحكم ان جعلها بيد غيره يحوزها ويدفع غلتها للواقف يلي تفريقها جاز وأباه ابن القاسم واشهب لبقاء يده قال مالك إن حبس على من يحوز لنفسه ولم يحز حتى مرض الواقف امتنع الحوز للحجر وإن مات فهو ميراث وكذلك سائر النحل قال مالك إذا حبس دارا أو غيرها في السبيل وجعل رجلا يليها يكرى ويرم وينفق في السبيل ثم أكراها من ذلك الرجل ونفذ الكراء هو ميراث لأن إجارته له استيلاء يمنع الحوز عنه وكذلك لو حبسها على ولده ثم أكراها منهم بكراء يدفعه إليهم أو يعمل في الحائط مساقاة فذلك يبطله قال مالك فإن حبس فرسا على رجل في سبيل الله فأقره عنده ليعلفه له ويقوم عليه حتى يغزو وأشهد على ذلك وأمكنه من قبضه فتركه كذلك حتى مات المعطي نفذ لأنه كان وكيله فيده يده قال محمد ولا يصلح هذا إلا في مثل الفرس والسلاح وما لا غلة له قال مالك إذا حيز عنه بعد سكناه زمانا طويلا ثم رجع فسكنه بكراء نفذ إن كانت الحيازة قد ظهرت قال محمد هذا إذا حاز المحبس عليه نفسه أو وكيله ولم يكن فيهم صغير ولا من لم يحو بعد أما من جعل ذلك بيد من يجوزه على المتصدق عليه حتى يقدم أو يكبر أو يولد أو كان بيده هو يحوزه لمن يجوز حوزه عليه ثم سكن قبل أن يكبر الصغير وقبل أن يجوز من ذكرنا بطلت وأقل الحيازة عند مالك سنة قال مالك إن حبس على عبده حياته ثم على فلان فحازه العبد ومات السيد لا شيء للأجنبي لأن عبده لا يحوز عنه لقدرته على الانتزاع بخلاف الأجنبي وكذلك على ولده الصغير ثم على فلان ويحوزه لولده ثم يموت قبل بلوغ الابن الحوز بطل للأجنبي لعدم الحوز ويبقى للابن لحوز أبيه له بخلاف حبس عليك سنين ثم على فلان فحيازة الأول حيازة للثاني لخروجه عن يد الواقف وقال عبد الملك إذا أعمر له داره وبعد الحيازة جعل مرجعها للآخر لا يكون حيازة الأول حيازة للثاني إن مات الواقف أو فلس بخلاف إذا كان ذلك في مدة حتى يكون قبض الأول قبضا للآخر قال مالك حبس عليك حياتك ثم في السبيل فهو من رأس المال - إن حيز عنه وقوله عليك حياتي ثم في السبيل هو من الثلث لجعله ذلك بعد الموت وعنه من رأس المال لآنه لا يرجع إليه ولا لورثته قال اللخمي يختلف إذا لم يمكنه صرف الحبس فيما حبس حتى مات هل ينفذ أم لا والحبس أصناف ما لا يحتاج إلى حيازة ولا تبقى يد المحبس عليه كالمساجد والقناطر والمواجل والآبار بل يكفي التخلية وما لا يصح بقاء يد الواقف عليه ويجب تحويزه - وهو ما كان على معين إذا كان ينتفع بعينه كدار السكنى وعبد الخدمة ودابة الركوب وما يصح بقاء يده عليه - إذا أنفذه في وجهه - كالخيل يغزى عليها والسلاح والكتب يقرأ فيها - إذا لم يكن الحبس على معين يصح عوده إليه بعد قبضه ويختلف إذا لم يأت وقت لجهاد وطلب الغزاة حتى مات هل يبطل أم لا ولو كان يركب الدابة إذا عادت إليه ليروضها لم يفسد حبسه أو يركبها - كما يفعل الملاك بطل حبسه وقراءة الكتب إذا عادت إليه - خفيف وما اختلف هل يصح بقاء يده عليه - وهو ما على غير معين والمراد غلاته - كالثمار والحوانيت وعبيد الخراج وهذا الصنف أربعة أصناف فإن أخرجه من يده وأقام لحوزه وأنفاذ غلاته غيره صح وإن بقي في يده - ولم يعلم انفاذ غلاته بطل وعن مالك النفوذ - وهو المختار - لوجود الحوز بيد الغير فهذه أربعة أصناف
فرع - في الجواهر إذا صرف منفعته في مصلحتها ففي كون ذلك حوزا إن وليه ثالثها في الكتاب الفرق بين إخراج الغلة كالثمرة وكراء الأرض فيبطل وبين إخراج العين نفسها كالفرس والسلاح يقاتل بهما ثم يرجعان إليه فيصح
فرع - قال صاحب المقدمات إن امتنع المحبس من الحوز جبر عليه ولا يبطل بالتأخير ما لم يمت أو لتراخي المحبس عليه في القبض حتى يفوته المحبس نظائر قال العبدي يتبع الأقل الأكثر في إحدى عشرة مسئلة إذا سكن أقل الحبس أو الهبة صح الجميع وإذا استويا صح في غير المسكون وإذا اجتمع الضأن والمعز أخرج من الأكثر في زكاة الإبل من غالب غنم البلد ضأنا كان أو معزا أو السقي والنضح يزكى على الغالب وإذا أدار بعض ماله حكم للغالب في زكاة التجارة وزكاة الفطر من غالب عيش البلد والبياض في المساقاة تبع - إذا كان أقل وإذا نبت أكثر الغرس فللغارس الجميع وإذا نبت الأقل فلا شيء له فيهما وقيل له سهمه من الأقل وإذا أطعم أكثر الغرس سقط عليه العمل أو أقله فعليه العمل وقيل بينهما وإذا وجد المساقي أكثر الحائط سقط السقي أو أقله فعليه السقي وإذا أبر أكثر الحائط فالجميع للبائع وإذا استحق الأقل أو وجد به عيب فليس له رد ما استحق ولا التسليم بل يرجع بقدره 3
الباب الثالث في أحكامه
وهو من أحسن أبواب القرب لما تقدم من الأحاديث وينبغي أن يخفف شروطه وأن يضيق على متناوله بكثرتها فإنه وسيلة إلى أكل الحرام بمخالفتها وتسليمها من باب الإحسان فيكون أبلغ في الأجر ولا يضيق في ذلك ما يخيل من التهمة وقد تقدم الحديث في توسعة عمر - رضي الله عنه - في وقفه
فرع - وحكمه لزوم من غير حكم الحاكم وقاله ( ش ) وأحمد وقال ( ح ) غير صحيح ولا يلزم في حال الحياة وهو ملكه يورث عنه إلا أن يحكم حاكم بصحته أو يعلقه على موته فيقول إذا مات فداري وقف على كذا لقول النبي نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة - يروى صدقة بالنصب وتقديره لا نورث كل شيء تركناه صدقة فيدل على أن ما تركه غيرهم صدقة يورث ولقول النبي لا حبس بعد سورة النساء - يشير إلى آية المواريث ولأن عبد الله بن زيد وقف بستانا على الفقراء فشكاه أبواه لرسول الله وقالا ما لنا غيره فرد غلته عليهما فلما ماتا ذكر ذلك عبد الله له فجعله له ولم يرده وقفا وقال شريح جاء رسول الله بإطلاق الحبس ويروى ببيع الحبس ومثل هذا لا يقال إلا عن توقيف ولأنه لو قال حوانيت البيع في ملكي لم يورث وكذلك الوقف إلى التصرف أعظم وبالقياس على الوقف على نفسه
والجواب عن الأول أنه روى بالرفع وتقديره الذي تركناه صدقة وقد احتج الصديق به فلو صح ما ذكرتم لجاوبته فاطمة - رضي الله عنها والصحابة فإن الذي ترك غير صدقة ينبغي أن يورث فلا يدل على عدم الميراث بل عليه بالمفهوم ولما حسن منه الاحتجاج وأنه عن أفصح الناس وعن الثاني أن المراد الحبس المسقط للمواريث - وهو ما زاد على الثلث فإن الفرائض قدرت بعد الوصية بالثلث وبعد الديون وعن الثالث أنه كان لهما يتصرف فيه بالحبس من غير أمرهما - وذلك باطل إجماعا ولولا أنه لهما لما ورثه عنهما وعن الرابع أن مراده ما كانت الجاهلية تحبسه بغير إذن الله تعالى كالبحيرة والسائبة وعن الخامس أنه إن أراد الوقف كان وقفا ومنعنا الحكم وإلا فهو إثبات حكم المنع بدون سبب وفي صور لا النزاع لسببه فظهر الفرق وعن السادس أن الثلث ثابت له قبل الوقف وتحصيل الحاصل محال ومن يملك العين والمنفعة لا يتمكن من تمكين نفسه بسبب آخر كما يتعذر عليه أن يهب نفسه بخلاف الغير لأن تحديد الاختصاص لم يكن ولا ما يقوم مقامه لنا قوله لعمر - رضي الله عنه - في الحديث المتقدم حبس الأصل وسبل الثمرة فدل على أن الأصل يكون محبوسا ممنوعا بالعقد من غير حكم حاكم وأنه يتعذر الرجوع فيه ولأنه كتب فيه صدقة محرمة لا تباع ولا توهب ولا تورث وذلك لا يكون إلا بأمره لأنه المشير في القضية والمدبر لها وثانيها إجماع الصحابة - رضوان الله عليهم - قال جابر بن عبد الله لم يكن أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم - له مقدرة إلا وقف وقفا وكتبوا في ذلك كتبا ومنعوا فيها من البيع والهبة وأوقافهم مشهورة بالحرمين بشروطها وأحوالها ينقلها خلفهم عن سلفهم فهم بين واقف وموافق فكان إجماعا ولذلك رجع أصحاب ( ح ) عن مذهبه في هذه المسئلة لما لم يمكنهم الطعن في هذه النقل وبه احتج مالك على أبي يوسف عند الرشيد فرجع أبو يوسف لمالك وبالقياس على المسجد والمقبرة فإنه وافق فيهما وقياسا لما يقع في الحياة على ما يوصى به بعد الموت لتسوية بين الحالين - كالعتق
فرع - قال اللخمي الحبس على المعين خمسة أقسام يرجع ملكا في وجهين واختلف في ثلاثة فقوله على هؤلاء النفر أو العشرة وضرب أجلا أو حياته لم ترجع ملكا اتفاقا في هذين لأنه إسكان بلفظ التحبيس واختلف إذا لم يسم أجلا ولا حياة بل قال حبسا صدقة لا تباع ولا تورث فعنه يكون على مراجع الأحباس نظرا للفظ الحبس وعنه يرجع ملكا لقرينة التعيين الدالة على العمرى وقال عبد الملك إذا حبس على مخصوصين فهو عمري وإن سماه صدقة نظرا لقرينة التعيين قال ابن وهب إذا حبس على رجل وقال لا يباع ولا يوهب ثم بدا له فقال هو صدقة عليه يصنع ما شاء من بيع وغيره ويلغى قوله لا يباع ولا يوهب لأنه لا يجوز حمله على أنه لا يباع ولا يوهب حتى يستوفي هو المنفعة فلا يثبت الحبس بالشرك وقال محمد إذا أوصى بثلث ماله لفلان وعقبه تجر فيه وله ربحه وعليه خسارته ويضمنه فإن ولد له دخل معه فإن انقرضوا والآخر امرأة أخذته بالميراث لحمله على الملك - ولو ذكر العقب لأن الأصل الهبة والإذن دون الوقف فللأول هبة المنفعة وللآخر الرقبة وقال مالك فيمن حبس على ولده ولا ولد له له أن يبيع لعدم الموقوف عليه وقال ابن القاسم لا يبيع إلا أن ييئس من الولد ولو حبس على ولده ثم في سبيل الله تعالى فلم يولد له له أن يبيع لأن القصد به الولد وإنما ذكر السبيل مرجعه وقال عبد الملك حبس فإن قال على زيد وعقبه ثم على عمرو بتلا فمات الذي بتل أي قبل ثم انقرض زيد وعقبه رجعت ميراثا بين ورثة عمرو يوم مات قال ابن يونس إذا حبس على ولده ثم على السبيل قال محمد لا يبيع حتى ييأس من الولد وقال عبد الملك هو حبس يخرج من يده إلى يد ثقة فإن مات قبل أن يولد له رجع إلى أولى الناس به يوم حبس وإن أوصى بثلث ماله لعقبي فلان فلم يولد له ولد قال ابن القاسم إن علم بعدم الولد انتظر وإلا بطلت الوصية وقال أشهب إن مات الموصي قبل وجود ولد أو حمل بطلت
فرع - قال ابن يونس قال مالك إذا حبس على ولده وقال إن أحبوا أو أجمع ملاؤهم على البيع باعوا واقتسموا الثمن بالسوية هم وأبناؤهم فلو هلكوا إلا واحدا له البيع قال ابن القاسم ولا حق لغيرهم من الورثة لأنه بتلها لبنيه خاصة وإذا قال في حبس إن أحبوا باعوا فللغرماء أن يبيعوا في ديونهم لأنه إنما نقلها لهم بهذه الصيغة
فرع - قال قال محمد داري على عقبي فلان وهي للآخر أو على الآخر منهم فهي للآخر منهم مسلمة وقيل ذلك حبس فإن كان آخرهم امرأة لها البيع أو رجل يرجى له عقب أوقفت عليه فإن مات ولم يعقب - ورثها ورثته وإن تصرفوا وجعلها للآخر فاجتمع الأبعد والأقرب على بيعها ليس لهم ذلك لاحتمال كون غيرهم الآخر إلا أن ينقرضوا كلهم فلو قال عبدي حبس عليكما هو للآخر ملك إلا أن يقول عليكما حياتكما - وهو للآخر منكما فهو حبس على الآخر حياته ولو قال أمتي صدقة حبس على أمه وأخته لا تباع ولا تورث وأيهما مات فهي للآخر منهما فإن عينها للآخرة منهما تصنع ما شاءت من البيع وغيره ويبطل حبسها ولم يرها مثل الدور ولاحظ معنى الثمن كالعلف في الحيوان دون الرباع لأنه ينقل الرقيق إلى ما هو أفضل له وينقله إلى ما يمكن معه العتق وأما الرباع فلا يجوز أن يبتل بعد التحبيس لأنه مخالفة للوقف من غير مصلحة إلا أن يشترط أن مرجعها إليه قال أصبغ إذا حبس داره على رجل وقال لا تباع ولا توهب ثم بداله أن يبتلها له وقال هي عليك صدقة فله أن يصنع ما شاء قال أولا حبس عليك حياتك أم لا وقيل بل يتخرج على قول مالك في الحبس على معين هل يرجع ملكا أم لا فعلى أنه يرجع حبسا يمتنع أن يملكها له لتعلق حق غيره بها
فرع - في الجواهر لو شرط في الوقف الخيار في الرجوع بطل شرطه ولزم الوقف لأن الأصل في العقود اللزوم
فرع - قال لا يشترط التنجيز بل يجوز إن جاء رأس الشهر وقفت يصح إن بقيت العين لذلك الوقت ومنع ش وأحمد التعليق على الشرط قياسا على البيع بجامع نقل الملك لنا القياس على العتق وهو أولى من قياسهما لأنه معروف بغير عوض فهو أشبه بالعتق وأخص به من البيع
فرع - قال لا يشترط إعلام المصرف بل لو قال وقفت ولم يعين مصرفا صح وصرف للفقراء - قاله مالك وأحمد قياسا على الأضحية والوصية وقال القاضي أبو محمد يصرف في وجوه الخير والبر
فرع - قال ويجب اتباع شروط الوقف وقاله ش وأحمد فلو شرط مدرسة أو أصحاب مذهب معين أو قوم مخصوصين لزم لأنه ماله ولم يأذن في صرفه إلا على وجه مخصوص والأصل في الأموال العصمة ولو شرط أن لا يؤاجر مطلقا أو إلا سنة بسنة أو يوما بيوم صح واتبع الشرط
فرع - قال لو قال على زيد وعمرو ثم على المساكين بعدهما فمات أحدهما فإن كان ينقسم كغلة دار أو غلة عبد أو ثمرة فحصته بعد موته للمساكين أو لا ينقسم كعبد يخدم ودابة تركب فهل هو كالذي ينقسم لتناهي الاستحقاق في حق الميت أو ترجع حصته للحي منهما لأن قرينة تعذر القسمة تقتضي أن قوله بعدهما أي بعد الجميع لا بعد كل واحد منهما روايتان فإذا انقرضا صار للمساكين الجميع
فرع - قال ابن يونس إذا حبس البقر ليقسم لبنها فما ولدت من الإناث حبس معها أو من الذكور حبست لنزوها لأنها نشأت عن عين موقوفة فتتبع أصلها كتبع ولد المكاتب والمدبر لأصوله ويباع الفضل من الذكور لتعذر النفع به كالفرس الوقف إذا هرم فيشتري به أناث وكذلك ما كبر وانقطع لبنه
فرع - في الجواهر تأثير الوقف بطلان اختصاص الملك بالمنفعة ونقلها للموقوف عليه وثبات أهلية التصرف في الرقبة وبالإتلاف والنقل للغير والرقبة على ملك الواقف وقال ( ش ) وأحمد يبطل ملك الواقف ثم اختلفا فقال ( ش ) في مشهوره ينقله لله تعالى لأنه قربة كالعتق وقال أحمد ينقله للموقوف كالهبة
قاعدة - التصرفات تنقسم إلى النقل والإسقاط فالأول كالبيع والهبة والوصية فإن الملك انتقل للثاني والإسقاط كالطلاق والعتق فإن العصمة وهي التمكين من الوطء والملك في الرقيق لم ينتقل للمطلق والمعتق قال بعض العلماء ومنه أوراق الرسائل قال ظاهر حال المرسل أنه أعرض عن ملكه في الورقة كما يعرض عن العهة من البر أو الزبيب إذا وقعت منه ولم يخطر له أن يملكها المرسل إليه بل مقصده من المرسل إليه أن يقف على ما تساقط إذا تقررت القاعدة فحكى الإجتماع في المساجد ان وقفها إسقاط كالعتق فان الجماعات لا تقام في المملوكات واختلف العلماء في غيرها كما تقدم
قاعدة - إذا ثبت الملك في عين فالأصل استصحابه بحسب الإمكان وإذا اقتضى سبب نقل ملك أو اسقاطه وأمكن قصر ذلك على ادنى الرتب لا نرقيه إلى أعلاها ولهذه القاعدة قلنا إن الاضطرار يوجب نقل الملك من المتيسر إلى المضطر إليه ولكن يمكن قصر ذلك على المرتبة الدنيا بان يكون بالثمن ولا حاجة إلى المرتبة العليا - وهي النقل بغير ثمن كذلك هاهنا الوقف يقتضي الإسقاط فاقتصر بانه على المرتبة الدنيا وهي المنافع دون الرقبة توفية بالسبب والقاعدة معا ويتخرج على هذه القاعدة وجوب الزكاة في النخل الموقوفة وقد تقدم في الزكاة
فرع - قال إذا حبس الفرس أو التيس للضراب فانقطع ذلك منه وكبر قال ابن القاسم في الكتاب يباع صونا لما ليته عن الضياع وقال عبد الملك لا يباع إلا أن يشترط ذلك في الحبس لأن بيع الحبس حرام
فرع - قال الولاية فيه لمن شرطه الحاكم فإن لم يول ولاه الحاكم ضبطا لمصلحة الوقف ولا يتولاه هو بنفسه لأنه مناف للحوز قال ( ش ) و ( ح ) يجوز أن يشترطه لنفسه لأنه ماله يخرجه من يده كيف يشاء فإن لم يشترط فالحاكم وقال أحمد له أن يشترطه لنفسه لأن الحوز عندهما ليس شرطا فإن لم يشترطه قال أحمد للموقوف عليه كان عدلا أم لا لأنه ملكه إذا كان معينا وإلا فالحاكم والعدالة شرط في المباشر حينئذ لنا أن الحوز شرط كما تقدم والنظر لنفسه وإن شرط ذلك لنفسه في الحبس فكذلك - قاله ابن القسم وأشهب فإن جعله بيد غيره يجوز له ويجمع غلته ويدفعها للواقف يفرقها أجازه ابن عبد الحكم ومنعه ابن القاسم لبقاء تصرفه ثم يشترط في المتولى الأمانة والكفاية وتتولى العمارة والإجارة وتحصيل الربع وصرفه بعد إصلاح ما يحتاج إلى الإصلاح والبداية بالإصلاح من الريع حفظا لأصل الوقف بل لو شرط خلاف ذلك بطل لأنه خلاف سنة الوقف ولو شرط أن إصلاح الدار على الموقوف عليه امتنع ابتداء لأنها إجارة باجرة مجهولة فإن وقع مضى الوقف وبطل الشرط وأصلح من الغلة جمعا بين المصالح وقال محمد يرد الوقف ما لم يقبض لفساده
فرع - قال ان علم بشرط الواقف في الصرف اتبع في المساواة والتفضيل وإلا صرف بالسوية لأنها الأصل وإن جهل أربابه فهو كوقف لم يعين مصرفه وقال ( ش ) وأحمد يستوي الذكر والأنثى والغني والفقير
فرع - قال إذا آجره الولي لغبطة ثم ظهر طالب بزيادة لم يفسخ لأن عقد الإجارة وقع صحيحا لازما
فرع - قال يمنع نقض بنيان الحبس لتبنى فيها الحوانيت للغلة لأنه ذريعة لتغيره ومن هدم حبسا من أهله أومن غيرهم رد البنيان كما كان ولا تؤخذ منه القيمة وقال ( ش ) عليه القيمة لأن البنيان ليس من ذوات الأمثال قال بعض الشيوخ ثلاث صور مستثناة من ذوات القيم البنيان والثوب يخرق خرقا يسيرا يجب رفده والرجل يشتري الشاة وآخر جلدها فيؤثر صاحب الشاة الإحياء فعليه مثل الجلد حكى هذا صاحب البيان ثم قال وليس كذلك بل لأن عود البنيان على مثل ما كان في عتقه وهيأته متعذر والقيمة قد لا تحصل مثل ذلك البناء والقيمة إنما جعلت بدل الشيء إذا كانت تحصيل مثله وههنا لا تحصل قال في الجواهر وأما الحيوان يقتل فقيمته يشتري بها مثله ويجعل مكانه فإن تعذر يشقص من مثله وقيل إذا تعذر قسم كالغلة وإذا انكسر من الجذع امتنع بيعه واستعمل في الوقف وكذلك البعض وقيل يباع ولا يناقل بالوقف وإن خرب ما حواليه وبعدت العمارة عنه وقال ( ش ) وأحمد تباع الدار ويصرف ثمنها إلى وقف آخر وكذلك المسجد وقال محمد إذا خرب ما حوله عاد إلى ملك الواقف لأن الوقف لغير مصلحة عبث لنا القياس على العتق وعارضوه بالقياس على الكفن إذا أكل الميت السبع والفرق أن ههنا يرجى عود المنفعة لمن يشرع بعمارته ويعود الناس حوله والميت إذا أكل لا يعود إلا في الآخرة وهو الفرق بينه وبين الحيوان يباع عند الهرم
فرع - قال يجوز بيع الدور المحبسة حول المسجد يحتاج لتوسيعه بها وكذلك الطريق لأن السلف عملوا ذلك في مسجده ولأن منفعتهما أهم من نفع الدور قاله مالك وقال عبد الملك ذلك في مثل الجوامع والأمصار ومساجد القبائل
نظائر - قال العبدي يجبر الإنسان على بيع ماله في سبع مسائل مجاور المسجد إذا ضاق يجبر من جاوره على البيع والماء للخائف من العطش فإن تعذر الثمن أجبر بغير ثمن ومن انهارت بئر جاره وعليها زرع بغير ثمن وقيل بالثمن والمحتكر يجبر على بيع طعامه وجار الطريق إذا أفسدها السيل يؤخذ مكانها بالقيمة من جار الساقية وصاحب الفران في قرن الجبل إذا احتاج الناس إليه ليخلصهم وصاحب الفرس أو الجارية يطلبها السلطان فإن لم يدفعها له جبر الناس فإنه يجبر هو دفعا لأعظم الضررين
فرع - في الجواهر قال عبد الملك يجوز للناظر الكراء للسنة والشهر وما يرى من النظر مما يجوز مثله للوكيل وأما ما يطول فلا لأنه إنما يلي مدة حياته ويمتنع الكراء بالنقد لأنه قد يضيع لذلك ولأنه لا يقسم الكراء حتى يكمل السكنى وقد يموت من أخذ قبل الاستحقاق ويحرم من جاء قبل الوجوب ممن يولد قبل القسم وله كراء مثل الخمس سنين وقد اكترى مالك منزله عشر سنين وهو صدقة وانكر المغيرة وغيره عشر سنين
فرع - قال من أراد الزيادة في وقف غيره أو ينقص منه منعه الواقف أو ورثته أو الإمام إن لم يمنع الواقف ولا الوارث لانه حق لله وللواقف فإذا ترك حقه قام الإمام بحق الله تعالى ولو خرب فأراد غير الواقف إعادته للواقف منعه ولوارثه لأنه تصرف في ملكهم
فرع - قال ابن يونس إذا وقف الحيوان وأمضيناه على شرطه له تغيير الوقف إلى ما هو أفضل للعبد ولو نقل الحيوان إلى ما ليس أفضل امتنع لأنا جوزنا النقل مع كونه على خلاف وضع الوقف لأجل ضعف الوقف فيه والمصلحة للأرجح
فرع - قال قال مالك لو حبس عبدين على أمه حياتها فلما حضرته الوفاة أعتق أحدهما امتنع إلا أن تجيزه أمه لان النقل إلى الأفضل جائز ولم يبق إلا حقها فيسقط بالرضى
فرع - قال اللخمي إن كان المراد من الحبس غلاته كالثمار وعبيد الإجارة والحوانيت سوقيت الثمار أو يواجر عليها فما اجتمع قسم أو المراد غير الغلة كالدار للسكن والعبد للخدمة والخيل للركوب انتفع بأعيانها في ذلك فإن كانت على معينين ولم تسع لجميعهم وهم مثلاها ولا العشرة استووا فيه الفقير والغني الآباء والأبناء فإن لم تحمل الدار الجميع أكريت وقسمت الغلة واقترعوا على السكن ودفع للآخر نصيبه من الكراء فإن كان على العقب أيضا قال مالك يؤثر الفقير على الغني لأن مقصد الأوقاف سد الخلات والآباء على الأبناء سواء قال ولدي أو ولد ولدي وقال عبد الملك لا يفضل إلا بشرط المحبس لأنه كان يعلم أن منهم الفقير والغني ولم يتعرض لذلك فهو لغو وهو قاصد للتسوية فسوى وعن مالك يستوي الآباء والأبناء غير أنه يفضل ذو العيال بقدر عياله ويسووا الذكر والأنثى قال أشهب إن قال ولدي وولد ولدي لم يقدم أحد لاستوائهم في الذكر وإلا قدم الآباء لاستحقاقهم إذا استوت الحاجة قال والمساواة مطلقا أحسن إلا أن تكون عادة وإذا سكن الجميع ثم استغنى الفقير أو مات بعض العيال أو كثر عيال الآخر أو كبر الصغير فاحتاج إلى مسكن أو غاب أحدهم افترق الجواب قال مالك لا يخرج بالغنى وقال ابن القاسم يخرج ويرجع لعصبة المحبس من الرجال فإن افتقر بعض المحبس عليهم انتزع ورد إليهم قال وهذا الصواب إذا كان الحكم أنه للفقير إلا أن تكون العادة أنه متى سكن أحدهم لم يخرج وإن استغنى وإن مات بعض العيال وفضل مسكن انتزع وإن كثر عيال أحدهم أو بلغ وتأهل لم يخرج له أحد ولم يستأنف القسم وإنما استوى الآباء والأبناء في ابتداء القسم لعدم الاستحقاق بالسبق وههنا تقدم سبق وإن كان أحدهم في ابتداء السكنى قريب الغيبة وقف نصيبه واكري له أو بعيد الغيبة لم يكن له شيء ولا يستأنف القسم إذا قدم ومن غاب بعد القسم على وجه العود فهو على حقه في مسكنه ويكريه إن أحب أو لينقطع سقط حقه إلا أن يكون ذلك المسكن فاضلا عن جميعهم فيكون على حكم الغلة يقسم كراؤه وله نصيبه من الكراء وأما الثمار وغلة الحوانيت فحق الحاضر والمسافر والقريب والبعيد والمنتقل سواء لأنه ليست مستمرة ويقصد في أوقات مخصوصة فلم تقدح فيها الغيبة وإن كان حين الحبس انتقل إلى موضع بعيد لم يبعث له شيء لأن المحبس لم يقصده في مجرى العادة إلا أن يقدم فيستأنف له القسم وعند الإجارة اجرته كالثمار وعبد الخدمة كدار السكن ويفارق الدار إذا ضاقت عن جميعهم بأن يوسع في الأيام فإن كانوا ثلاثين فلكل واحد يوم من ثلاثين قال ابن يونس قال ابن القاسم لا يعتبر في الغلة والسكنى كثرة العدد بل أهل الحاجة وفي السكنى كثرة العائلة لأنهم يحتاجون إلى سعة المسكن والمحتاج الغائب أولي من الغني الحاضر بالاجتهاد لأن مبني الأوقاف لسد الخلات ولا يخرج أحد لمن هو أحوج منه ولا الغني للفقير القادم لأن الحوز نوع من التملك ويستوي في الغلة المنتجع والمقيم وإنما سقط السكنى إذا لم يكن فيها فضل قال ابن القاسم ذلك إذا قال على ولدي أو ولد فلان فاما على قوم معينين مسمين ليس على التعقيب فحق المنتجع في السكنى وقسم الغلة على أهل الحاجة والعيال فإن استوت الحاجة أو العيال فعلى العدد الذكر والأنثى سواء
فرع - قال الأبهري إذا رجع الوقف لأقرب الناس بالواقف كان أقربهم مواليه فهو لهم لأن الولاء لحمة كلحمة النسب
فرع - قال قال مالك إذا حبس على معينين فلا يجوز لهم بيعه إلا من المحبس أو ورثته لأن مرجعه إليه فهو لم يشتر منهم شيئا وإنما دفع لهم شيئا من ماله بخلاف الأجنبي
فرع - قال قال مالك من أسكن قوما حياتهم يمتنع أن يعطي أحدهم الآخر شيئا ويخرج له لأنها إجارة مجهولة
فرع - قال قال مالك إذا حبس نخلا فأردمها الرمل إلى كراسعها ليس له بيع مائها لأنه حبس معها وجميع منافعها
فرع - قال قال مالك إذا حبس شيئا في وجه لا ينتفع به الواقف في ذلك الوجه لأنه رجوع في الموقوف وإن كان فيما جعل فيه إلا أن ينوي ذلك حين الحبس وقد تقدمت الآثار عن عمر وعثمان رضي الله عنهما بذلك
فرع - قال قال مالك إذا أخدم عبده رجلا سنين ثم هو حر فوضع عنه الرجل العمل عتق وإن مات قبل ذلك ورثه الواهب أو ورثته وإن قتل فقيمته له لأنها بدل الرقبة وهي له وإن جرح العبد رجلا فأعطى المخدم العقل بقي على خدمته وإلا خير السيد بين العقل والتسليم على قاعدة جناية العبيد
فرع - قال قال مالك ولد المخدم من أمته بمنزلته يخدم لأن ولد المكاتب والمدبر كذلك والأمة يتبعها ولدها
فرع - قال قال مالك إذا أخدم نصف عبده ثم نصفه الباقي عتق وأخذت قيمة العبد فاستؤجر للمخدم من يخدمه فإن فضل شيء رجع للسيد
فرع - قال قال مالك إذا حبس على ولده حتى يستغني فالاستغناء أن يلي نفسه وماله بالبلوغ أو ما يقوم مقامه من حدا لاحتلام ويكون رشيدا
فرع - قال قال مالك إذا كان الحبس على معينين بصفاتهم وأشخاصهم فمن ولد بعد الإبار أخذ حقه عند القسم ومن مات من الأعيان بعد الثمرة كبقائها للبائع في البيع فإن كانت على موصوفين نحو العلماء والفقراء فإنما يستحقون بالقسم ومن مات قبل القسم فلا حق له كمال المزكاة
فرع - قال قال مالك من حبس حائطه على المساكين اجتهد الإمام في قسم ثمرتها وثمنها
فرع - قال بعض العلماء إذا أخل الإمام بصلاة في المسجد هل ينقض بعددها كمن استؤجر على خمسة أثواب فخاط أربعة قال والحق لا لأن القاعدة اتباع المعاني في العقود والمعاوضات واتباع الألفاظ في الشروط والوصايا والوقف من باب الاصداق والارفاد لا من باب المعاوضات ويقال شرط الواقف كذا ولا يقال عقد الواقف كذا والشرط لا فرق فيه بين عدم جزئه أو كله فإن المشروط ينتفي ولو حصل أكثر الشرط كما لو قال لامرأته إن أعطيتني عشرة فأنت طالق فأعطته تسعة فلا يستحق المخل ببعض الشرط شيئا من المرتب ألبتة وكذلك إذا شرط الواقف أو شهد العرف ان من اشتغل في المدرسة شهرا فله دينار فاشتغل أقل من ذلك ولو بيوم فلا شيء له
فرع - قال إذا شرط في مدرسة أن لا يشتغل المعيد بها أكثر من عشر سنين ففرغت سنوه ولم يوجد في البلد معيد غيره جاز له تناول الجامكية لأن العرف يشهد بأن الواقف لم يرد شغور مدرسته وإنما أراد أن هذا المعيد إذا انتفع جاء غيره وهذا ينطر في كل شرط شهد العرف بتخصيصه
فرع - قال إذا وقف الملوك وقفا على جهة وهم متمكنون من تمليكها لتلك الجهة شرعا جاز كالربط والمدارس وإن لم يكونوا متمكنين كأنفاقهم على دراريهم لم يصح لأن من تعذر تمليكه تعذر انفاقه بطريق الأولى فإن وقفوا على مدرسة أكثر مما يحتاج بطل فيما زاد فقط لأنهم معزولون عن التصرف الاعلى وجه المصلحة والزائد لا مصلحة فيه فهو من غير متول فلا ينفذ وإن وقفوا أموال الزكاة على جهاتها لم يجز لما فيه من التحجير على الفقراء فإن غصبوا أموالا يوقفوها على المصالح العامة أو الخاصة فإن وقفوا عين المغصوب أو اشتروا به معاطاة لم يصح الوقف وإن كان على الذمة لم يضمن من انتفع بذلك العين المشتراة بخلاف الأول وهل يغرم السلطان لأنه افسد أو لا يغرم لأنه ما انتفع به في نفسه فيه نظر وهذا الفرع يخالف قواعدنا في بيع المعاطاة فأنه عندنا متى كان بالدنانير أو الدراهم فإنها لا تتعين وهو كالعقد على الذمة سواء وكذلك إذا لم ينتفع السلطان ضمن لأنه غاصب يضمن وإن لم ينتفع
فرع - قال إذا آجر الناظر الوقف ثلاثين سنة وقبض الأجرة فهل يقسمها ذلك يختلف باختلاف الأوقاف والموقوف عليه إن كان الوقف لقوم ومن بعدهم لغيرهم قسطت الأجرة على السنين وأعطى كل واحد ما يعيشه من السنين كما يفعل في سائر التعميرات فيحصل للشاب أكثر من الشيخ لأن كل واحد إنما يستحق حياته فلو قسمنا الكل عليهم سواء لآخذ ما لا يستحق ولا يمسكه الناظر عنده خشية الضياع مع إمكان توصيلهم بحقهم وإن كان الوقف مدرسة ونحوها قسمت الإجرة على الشهور في الثلاثين سنة ويفرق في كل شهر حصة ذلك الشهر بحسب الجامكيات ولا يجوز تسليف واحد من هؤلاء جامكية شهرين لأن شرط الواقف غير معلوم الحصول منهم في المستقبل وهو لا يستحق بمجرد حياته بخلاف الأول وهذه الفروع غريبة حسنة ولم أر فيها ما ينافي قواعدها إلا ما نبهت عليه وهي عزيزة النقل فآثرت نقلها وإن لم تكن من فتاوي أصحابنا
فرع - قال صاحب المنتقى إذا حبس أرضا لدفن الموتى فضاقت بأهلها وبجنبها مسجد يجوز الدفن فيه قاله عبد الملك وقال ابن القاسم في مقبرة عفت يجوز بناء مسجد فيها وكل ما كان لله استعين ببعضه على بعض لأن الكل حق لله ويمتنع ذلك في حقوق العباد لأن جهاتهم متعددة فهو نقل الحبس من ملك إلى ملك وهو ممتنع
فرع - قال قال التونسي لاتباع بعض الوقف ومن أصحابنا من يرى بيعه ولست أقول به
فرع - قال إذا كان الحبس مشاعا وطلب بعض الشركاء القسمة أو البيع قال عبد الملك إن كان ينقسم قسم فما كان الحبس كان حبسا وما كان لا ينقسم بيع فما وقع للحبس اشترى بثمنه مثل ذلك ويكون حبسا لأن المحبس لما حبس ما لا ينقسم لم يكن له إبطال حق شريكه في البيع ووافق أحمد في قسمة الوقف من الطلق بناء على أن القسمة ليست بيعا بل اقرار حق تنبيه الوقف ينقسم إلى منقطع الأول وإلى منقطع الآخر وإلى منقطع الطرفين وإلى منقطع الوسط والطرفين فهذه خمسة أقسام فالأول كالوقف على من لا يصح الوقف عليه كالوقف على نفسه أو معصية أو ميت لا ينتفع والثاني على أولاده ثم على معصية والثالث على نفسه ثم على أولاده ثم على ميت والرابع على أولاده ثم على معصية كالكنيسة أو غيرها ثم على الفقراء والخامس على نفسه ثم على أولاده ثم على المحاربين في جهة معينة ثم على مدرسة معينة ثم على الكنيسة والظاهر من مذهبنا أن الوقف يبطل فيما لا يجوز الوقف عليه أو يتعذر ويصح فيما يصح إذا أمكن الوصول إليه ولا يضر الانقطاع لأن الوقف نوع من التمليك في المنافع أو الأعيان فجاز أن يعم أو يخص كالعواري والهبات والوصايا وقال ( ش ) يمتنع منقطع الابتداء أو الانتهاء ومنقطع الابتداء فقط لأن أوقاف الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن فيها انقطاع فما فيه انقطاع يكون على خلاف سنة الوقف فيبطل ولأن مقتضى الصيغة الدوام فحيث لا دوام يكون باطلا لمخالفة مقتضى لفظ العقد كما لو باع وحجر فإنه يبطل لكونه خلاف مقتضى العقد والجواب عن الأول أن فعلهم رضي الله عليهم لا ينافي صورة النزاع بل يدل على جواز أصل الوقف وأن المتصل جائز كما أنهم لما وقفوا على جهات مخصوصة من البر لم يمتنع الوقف على غيرها لكونهم لم يقفوا عليها وعن الثاني ان مقتضى التحبيس والوقف الدوام وهو اعم من الدوام على شخص معين أو على أشخاص أو سنة أو الدهر ولذلك يقال دام بدوام دولة بني أمية ومدة حياة فلان ولا ينافي ذلك اللفظ وقال ( ح ) يمتنع منقطع الانتهاء وقال أحمد يمتنع منقطع الانتهاء ومنقطع الوسط وعند ( ش ) من منقطع الابتداء الوقف على رجل ولم يعينه أو على ولده ولم يولد له
فرع - قال الأبهري إذا حبس سبعة منازل على سبعة أولاد وأولادهم من بعدهم فتوفي أحدهم وأخذ ولده منزله فكان يكريه ولا يسكنه ثم سافر سفر انقطاع أكري وقسم بينهم ويخص أهل الحاجة منهم لأن المحبس إنما قصد سكنى ولده في بلده فإذا خرج لم يكن له شيء ويكرى ما فضل عن سكناه وإن لم يكن منقطعا انتظر
فرع - في الكتاب لا يخرج من الحبس أحد لأحد للاستواء في السبب ومن لم يجد مسكنا فلا كراء له ومن غاب غيبة انتقال أو مات استحق الحاضر مكانه لأن المنفعة أرصدت لمن تيسر انتفاعه ومن سافر لا يريد مقاما فهو على حقه إذا رجع
قاعدة - من ملك المنفعة له المعاوضة عليها وأخذ عوضها ومن ملك أن ينتفع ليس له المعاوضة كسكنى المدارس والربط والجلوس في المساجد والطرق ليس لأحد أن يؤجر مكانه في المسجد أو المدرسة أو الطريق لأنه لم يملك المنفعة بل يملك أن ينتفع بنفسه فقط فلهذه القاعدة لم يجعل له كراء إذا لم يجد مسكنا لأنه لم يوقف للغلة وإنما وقف للانتفاع بالأنفس بالسكنى كالمسجد ينتفع به في الصلاة
فرع - قال اللخمي غلة الحبس ستة أقسام ما نفقته من غلته كان على معين أو مجهول كديار الغلة والحوانيت والفنادق فإن كانت للسكنى خير المحبس عليه بين الإصلاح والخروج حتى بكرى بما يصلح به حفظا لأصل الوقف ثم يعود وما نفقته من غلته إن كان على مجهول وعلى المحبس عليه إن كان معينا كالبساتين والإبل والبقر والغنم وما نفقته من غير غلته كان على معين أو مجهول كالخيل لا تؤاجر في النفقة فإن كانت في السبيل فمن ثلث المال وإن لم تكن بيعت واشترى بالثمن عينا من النفقة كالسلاح والدروع وإن كانت حبسا على معين أنفق عليها فإن لم يقبلها على ذلك فلا شيء له وما نفقته تارة من غلته وتارة من غيرها على مجهول أو معين وهو العبيد فإن حبسوا في السبيل ولهم صيغة للسبيل فكالخيل وإن كان المراد منهم الغلة فمن غلتهم كانوا في السبيل أو على الفقراء على مجهول أو معين واختلف في المخدم هل ينفق صاحبه عليه لأنه مالك الرقبة أوالمخدم وهو اصوب لأنه منقطع إليه فلو كان بخلافه نهارا ويأوي لسيده ليلا فعلى سيده كالمستأجر قال ولو قيل في النهار على المخدم وعند الايواء على السيد كان وجهاً وكذلك العبد المحبس على معين للخدمة نفقته عليه وما هو مختلف فيه أن يضرب المحبس أجلا يخدم فيه العبد وينتفع فيه بالفرس فيختلف هل النفقة على المعطي أو على المعطى لأنه الرقبة ههنا فيه على ملك المحبس ولذلك ينبغي الجواب إذا لم يضرب أجلا على القول إنه يعود بعد الموت المحبس عليه ملكا لصاحبه فهو كالمخدم وما لا نفقة له على أحد إن وجد من مصلحة وإلا ترك كالمساجد والقناطر نفقتها من بيت المال فإن تعذر ولم يتطوع أحد بذلك تركت حتى تملك وقال ( ش ) نفقة الوقف من ريعه مقدمة فإن لم يكن ريع فمن بيت المال لأن الملك انتقل لله تعالى وقال أحمد نفقته من حيث شرط الواقف فإن لم تكن له غلة فمن الموقوف عليه لانتقال الملك إليه وقال ( ح )
فرع - قال إذا حبس الفرس أو العبد على معين فلم يقبله قال مطرف يرجع ميراثا وقال مالك يعطى لغيره توفية بالحبس قال وأنا أرى إن اعطاه ليركبه لا ليغزو عليه رجع ميراثا لعدم القبول أو ليغزو عليه فهو موضع الخلاف لتضمنه منفعة المحبس عليه والقربة فملاحظتها توجب الخلاف كمن أوصى بالحج عنه لفلان بكذا أو الموصي ليس صرورة قال ابن القاسم المال ميراثا إذا امتنع وقيل يدفع لغيره يحج به عنه ملاحظة للقربة
فرع - في الكتاب حبس على ولده وأعقابهم ولا عقب لهم يومئذ وأنفذه في صحته وهلك هو وولده وبقي ولد ولده وبنوهم فهو بينهم في الحال والمؤونة سواء إلا أن الأولاد ما لم يبلغوا أو ينكحوا أو تكون لهم مؤونة لا يقسم لهم بل يعطى الأب بقدر ما يمون لأنه المحتاج إليه فإذا بلغوا وعظمت مؤونتهم فهو بقسم واحد مع آبائهم
فرع - قال إذا بنى بعض أهل الحبس فيه أو أدخل خشبة أو أصلح ثم مات ولم يذكر لما أدخل ذلك فلا شيء لورثته فيه لأن الظاهر في الخلط بالموقف الوقف قال ابن القاسم إن قال هو لورثتي فهو لهم وإلا فلا وإن كثر وقال المغيرة لا تكون وقفا إلا ما لا بال له كالميازيب والقبو وما له بمال فلورثته لأن الأصل عصمة المال عن الخروج واليسير الظاهر الإعراض عنه قال ابن يونس في كتاب محمد ليس لورثته في اليسير شيء أوصى أم لا قال ابن كنانة من سكن مسكنا فبنى فيه ثم مات وصار سكناها لغير ورثته فليس للباني قيمة بناء ولا عمارة وقال مالك إذا عمر بعض أهل الوقف في غير حيزه الذي بيده هو كالأجنبي حقه فيه قال مالك إذا حبس دارا أو أرضا حياته فبنى فيها بيتا أو غرس نخلا ومات فإن صارت الدار لورثة الباني فذلك لهم وإلا قلعوا البناء والنخل إلا أن يعطوا قيمة ذلك مقلوعا قال اللخمي قال ابن القاسم إذا بنى الموقوف عليه ما يرى أنه أراد به الحبس فلا حق له أوصى به أم لا وما يرى أنه لم يرد به الوقف فلورثته قال التونسي لعل ابن القاسم تكلم على عادة عندهم وإلا فالأصل عصمة الأموال وفي المجموعة إذا حبست دارا أو قاعة على قبيل فبنى فيها رجل من القبيل حوانيت وبيوتا للغلة يقاص بعين ما بنى بما نقص من الخراج فيما أنفق فإذا استوفى فالكراء بعد ذلك لجميع أهل الحبس فإن أراد غيره الدخول معه فيما بنى للغلة غرم نصف ما بقي له من حقه ودخل فيكون نصفه في يديه يقاص نفسه من غلته بما غرم حتى يستوفي ثم تكون الغلة بين الجميع كان للقاعة قبل ذلك غلة أم لا قال التونسي ينبغي أن يكون ما قابل القاعة من الكراء للجميع لأن بناءه لا يسقط حقوقهم من الحبس وكراء القاعة إذا كان لها كراء قبل البناء والزائد على كراء القاعة يقاص به نفسه ولم يجعل جميع غلة البناء له ولعل هذه سنة جرت في الأحباس إذا بنى فيها أحد ليغتل أنه يقاصص نفسه بما أنفق ويكون الذي بناه حبسا وأما إن بنى المسكن فهو أولى بما بنى مما يكفيه للسكنى
فرع - في الكتاب حبس حائطه على رجل حياته وكان يغتله فمات وفيه ثمر فلورثته إن طاب وإلا فلرب الحائط تبع للأصل كالبيع ولو كانوا جماعة يلونه ويسقونه فنصيبه لورثته فلو أبرت ولم تطب فلبقية أصحابه لأن أكثر الكلف بقيت عليهم وإن لم يلوا العمل بل يقسم عليهم الغلة فنصيبه لرب النخل ثم رجع مالك فقال يرد ذلك على من بقي توفية بالوقف وغلة الدار والعبد كالثمرة وأما دار يسكنونها وعبد يخدمهم فنصيب الميت لباقيهم لأن سكناهم وخدمتهم شيء واحد وإن مات أحدهم والثمرة أبرت فحقه ثابت قاله غير واحد من الرواة وقاله المغيرة فيما ينقسم وفيما لا ينقسم لأن التأبير يمنع الثمرة من التبعية ويوجب لها تحققا في نفسها كما في البيع قال صاحب النكت إذا مات أحدهم قبل طيب الثمرة وقد أنفق فلورثته الرجوع بها فإن طابت الثمرة ورجعوا بالأقل من نفقة الميت أو ما ينوبه من الثمرة بعد محاسبته بنفقتهم وكذلك لو حبس عليه خاصة ولو أجيحت لم يكن لورثته شيء وقيل يقوم أصحابه لأن النفقة كالاستحقاق والأول الصحيح ولو مات بعد الطيب فلورثته اتفاقا كانوا يبيعون الثمرة يلونها أم لا إنما الخلاف إذا مات قبل الطيب ولو حبس عليهم مكيلة معلومة فمات أحدهم قبل الطيب رجع للمحبس نصيبه اتفاقا إنما القولان إذا كانت جملة الثمرة لهم قال ابن يونس قال محمد لو ولد لأحدهم ولد بعد الإبار أو قبله فله حقه من الثمرة أو بعد طيبها فلا شيء له في ثمرة العام بل في المستقبل كالمشتري في البيع ولو
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29