كتاب :الذخيرة 27

كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي

القاسم قيه دية حر يرثها ورثته بعد أن يقسموا لمات منها لأن الموت وقع في الحرية وقال أشهب دية عبد تغليبا للسبب وكذلك النصراني يسلم وإن أنفذت مقاتله عتق ثم مات قال ابن القاسم توارث بالحرية
فرع قال قال ابن القاسم إن كانت قيمته يوم الجرح مائة ويوم الموت ألفا فليس فيه إلا مائة وكذلك إن نقص وإن جنى عليه ثانيا فعليه قيمته يومئذ مجروحا وكذلك طرؤ الجنايات على الجنايات
فرع قال قال محمد كل ما أتلف العبد لا على وجه الأمانة ففي رقبته وما أتلفه على وجه الأمانة وهو صانع أو مودع أو متصع معه أو مستأجر عليه ففي ذمته إلا أن يتعدى ففي رقبته ولك ما لزم العبد في رقبته لزم اليتيم في ماله وما لا يلزمه إلا في الذمة لا يلزم اليتيم في ماله ولا في ذمته وفي خديعة العبد قولان هل هي في الذمة أو الرقبة قال ابن القاسم في المأذون إذا أحتل أمة بينه وبين غيره ففي رقبته
فرع قال قال ابن القاسم إذا قتلت أو جرحت فبعتها فولدت فتقتل في العمد إن كان الولد مثل الثمن فأكثر فهو في الثمن ( ولا شيء للمشتري على البائع ) ولا للبائع على المشتري في الفضل أو أقل من الثمن رجع المبتاع على البائع بالنقص وإن استحيوها خيروا بين الثمن الذي بيعت به من البائع أو أخذ قيمتها يوم الحكم من الميت فإن أخذوا الثمن من البائع فلا شيء لهم على المبتاع أو القيمة من المبتاع رجع المبتاع على البائع بالثمن كان ما غرم من القيمة أكثر أو أقل بالاستحقاق وللسيد دفع الدية وأخذ الثمن
فرع قال ابن القاسم عبد بينكما جنى على أحدكما يفتك الآخر نصفه بنصف الجناية أو يسلمه أو على أحدكما أو أجنبي فللأجنبي ثلاثة أرباع العبد فإن شج كليكما موضحة تساقطتا
فرع قال قال ابن القاسم إذا جنى ثم أبق لا يجوز أن يسلم آبقا لأنه معاوضة حرام
فرع قال قال بعض أصحابنا إذا حفر حر وعبد بئرا فانهارت عليهما وصف قيمة السيد مثل نصف دية الحر أو أقل فلا تباعة بينهما لأن نصف دية الحر في رقبة العبد الذاهب إلا أن يكون له مال ففضل نصف الدية فيه وأو نصف قيمة العبد أكثر فالزائد في حال الحر والمدبر وأم الولد كالعبد
فرع قال في الموازية إذا جنى العبد الرهن ففداه ربه بقي رهنا أو أسلمه خير المرتهن في ثلاثة إسلامه واتباع الراهن بديته أو يفديه فيكون مع ماله رهنا بما فداه إن لم يكن سيده انتزعه قبل ذلك وهو بالدين الأول رهن بغير ماله إن لم يكن اشترطه ولا يباع حتى يحل الدين فإن لم يفده السيد بالدين والأرش بيع وبدىء بالأرش لتعلقه بالرقبة وإن فضل بعد الدين والأرش شيء فللسيد أو يأخذاه لنفسه بزيادة على الجناية قلت أو كثرت فيسقط مثلها من دينه ويتبع السيد بما بقي من الدين بعد إسقاط ما ذكرنا من الزيادة فإن لم يفده السيد وإلا أسلمه وقال المرتهن افده ففداه فذلك دين على الراهن ولا يكون العبد به رهنا حتى يقول وهو به رهن فإن فداه بغير أمره ثم مات العبد لم يلزم السيد شيء من ذلك إلا الدين القديم
فرع قال سحنون إن غصب عبدا وعند الغاصب جارية ودفعه لربه فجنى العبد عند الغاصب فقتل رجلا خطأ ووطىء الجارية فلسيده تضمينه للغاصب فارغا بغير جناية ويخير في الغاصب
فرع قال قال سحنون في الأمة المشتركة يطأها أحدهما فتحمل ولا مال له فتجني فنصف الواطىء بحساب أم الولد والآخر يفدي أو يسلم فإن فدى فله نصف قيمتها على الواطىء أو أسلم فذلك للمجني عليه ويباع له فيه إلا أن يفتدي السيد أو يسلم المجني عليه ولا يتبع الواطىء بشيء إلا أن للشريك اتباع الواطىء بنصف قيمة الولد ويعتق على الواطىء نصفه ويتبغ المجني عليه ذلك النصف بالأقل من نصف قيمة الجناية أو نصف قيمة الرقبة
فرع قال قال ابن القاسم إن وهبت حاملا أو وهبت حملها لآخر فجنت خير من له الأم فإن أسلمها فهي وحملها للمجروح أو فداها فحملها لمن وهبت له وإن تأخر انتظر حتى وضعت فالولد لصاحبه ولا تلحقه الجناية ويخير صاحب الأم فإن اسلمها صاحب الرقبة حاملا فقال صاحب الولد أنا افتكها فذلك له
فرع في الجواهر لا ضمان على الطبيب والحجام والبيطار إن مات حيوان مما صنع به إن لم يخالفوا قاله ابن القاسم قال مالك وإن ضرب معلم الكتاب أو الصنعة صبيا ما يعلم أنه من الأدب فمات لم يضمن وإن ضربه بغير الأدب تعديا أو تجاوز الأدب ضمن ما أصابه وكذلك الطبيب إن لم يكن له علم ودخل جرأة ويتقدم إليهم في قطع العروق ونحوها أن يقدم أحد على مثل هذا إلا أن يأذن الإمام وينهوا عن الأشياء المخوفة التي يتقي فيها الهلاك إلا بإذن الإمام وأما العروق بالعلاج فلا شيء عليه وما أتى على يد الطبيب مما لم يقصده فيه روايتان يضمن لأنه قتل خطأ ولا يضمن لأنه تولد عن فعل مباح كالإمام وقال محمد بن حارث إن فعل الجائز فتولد عنه هلاك أو فساد فلا ضمان أو أراد فعل الجائز ففعل غيره خطأ أو جاوزه أو قصر عن الجائز فترتب عليه هلاك كذلك ضمن وما خرج عن هذا الأصل فهو مدرود إليه قال عيسى من غر من نفسه لميضمن ودية ذلك على قاتله كالخطأ ( قال مالك إن سقاه طبيب فمات وسقى قبله أمة فماتت لا يضمن ولو ضمن لكان حسنا ويقال ) لهم أي طبيب طب أو بط فمات ضمن قال مالك إن أمر بقطع شفة أو يد قصاصا فقطع غير ذلك أو زاد في القصاص فهو خطأ على عاقلته إلا دون الثلث ففي ماله عمل ذلك بأجر أو بغير أجر وإن أمره سيده علم أنه عبد أم لا وإن حفر في ملكه أو ما أذن له في الحفر لمنفعته كقناة داره فأسقط جدار داره ضمنه وإن أوقد نارا على سطحه في يوم ريح عاصف ضمن ما أتلفته مما كان يغلب على الظن عند وقودها وصولها إليه وإن عصفت الريح بعد الوقود بغتة فلا ضمان لعدم التفريط وإن سقط ميزابه فقتل فلا ضمان وإن كان جداره مائلا لأنه بناه مائلا فهو ضامن أو مال بعد ذلك ولم يتداركه مع الإمكان والإنذار والإشهاد وجب الضمان وإن لم ينذر ففي الضمان خلاف وإن رش الطريق لتزلق فيها دابة ضمن ما عطب أو تبرد أو نحوه ولم يرد غلا خيرا لم يضمن وفي النوادر فعل الدابة والمجنون المطبق والصبي ابن سنة ونحوها هدر في الأموال وتحمل عواقلها في القتل الثلث فاكثر ومأذون الثلث يتبعان به في المال والذمة قال ابن القاسم ويقاد من السكران بخلاف المجنون لأن المعاصي لا تكون أسباب المسامحات وعن مالك إن ضرب عبده فعجز عنه فأمر غيره بضربه فمات لم يضمن ويكفر وإن عدق في وطء بكر وعلم أن موتها بعد قرب من ذلك فعليه الدية ويخير أهلها ويكفر قال عبد الملك إن كان فيها محمل للوطء فلا شيء عليه وإلا ضمن كالحجام وغيره لأنه خطأ قال سحنون إنما يخيرهم على قول من يرى أن لا ضمان بالخطأ في ماله قال أشهب حافر المرحاض إن أضر بالطريق ضمن وإلا فلا لقوله عليه السلام ( البئر جبار ) وإن حفر بئر ماشية لرجل بغير إذنه فعطب بها رجل لم يضمن لأنه يجوز له حفرها وإن حفر بئرا في داره لمصلحته لم يضمن ما عطب فيها أو ليقع فيها سارق قال ابن القاسم ضمن السارق وغيره أو ليقع فيها سبع لم يضمن السارق ولا غيره لأنه له فعل ذلك شرعا وكذلك إن ربط كلبا ليعقر إنسانا أو ليصيد قال ابن القاسم إن حفر في دار رجل بغير إذنه ضمن الحافر لأنه متعد في الدار إلا أن يعلم صاحبها فيخير أو يكون بينه وبينه صداقة فهو كالإذن قاعدة أسباب الضمان ثلاثة الإفساد بغير إذن كإحراق الثوب أو التسبب كوقد النار بقرب الزرع أو وضع اليد غير مؤمنة كالغاصب وقبض المبيع بيعا فاسدا تنبيه ضمان جنايات العبد على خلاف القواعد غير أن السنة أتت بها لأن العبد قد يقصد الفساد فتؤخذ رقبته فيقع الإضرار بالسيد وهو لم يجز ولا يتألم العبد وقد جنى والقواعد لا يعاقب غير الجاني قاعدة العمد والخطأ في أموال الناس سواء إجماعا ممن هو مكلف أو فيه أهلية التكليف كالتمييز بخلاف الرضيع فإنه كالبهيمة قاعدة اذن المالك المأذون له شرعا أن يأذن مسقط للضمان ولذلك لا يضمن المودع ولا المستعير فيما لا يغاب عليه ولا يضمن المودع اذا حول الوديعة من زاوية بيته ( إلى زاوية بيت آخر والإذن الشرعي إذا عري عن إذن رب المال لا يسقط الضمان ولذلك فإن الإنسان أذن له الشرع في التصرف في بيته ) ولو شال شيئا فسقط على الوديعة ضمنها لانفراد الإذن الشرعي لأن ربها لم يأذن له في ذلك وكذلك فاتح بابه فكسر حلقة قلة زيته يضمن لانفراد الإذن الشرعي والصائد أذن له في الصيد فإن أفسد به ضمن لانفرد الإذن الشرعي ( والمضطر أذن له في الصيد فإن أفسد به ضمن لانفراد الإذن الشرعي والمضطر أذن له الشرع في أكله طعاما ويضمنه لانفراد الإذن الشرعي ) فيتخلص أنه إن اجتمع الإذنان فلا ضمان كالمودع أو انتفيا ضمن كالغصب أو أذن المالك فقط ضمن فهي أربعة أقسام يضمن في واحد ويظهر أن الإذنين كل واحد منهما أعم من الآخر وأخص من وجه ويجتمعان وينفرد كل واحد بنفسه وهو ضابط الأعم والأخص من وجه قاعدة الجوابر والزواجر من قواعد الشرع وقد توجد الزواجر بلا جبر كالحدود والجوابر بلا زجر كتضمين الصبي والمجنون وقد يجتمعان نحو كفارة الظهار وتضمين الغصب وجزاء الصيد في قتله متعمدا وغاصب المرأة ونحوه وسيأتي بسط هذه القاعدة في الدماء إن شاء تعالى فعلى هذه القواعد تتخرج فروع الجنايات في الضمانات فتأملها واستعملها في مواردها تحكم الضمان بفضل الله تعالى
فرع في النوادر قال مالك إن اصطدمت سفينتان فغرقت إحداهما بما فيها فهدر لأن الريح تغلبهم غلا أن يعلم قدرتهم على صرفها قال ابن القاسم ولو قدروا مع هلاكهم ضمنت عواقلهم النفوس والمال في مالهم لأنهم وفروا نفوسهم فإن لم يروهم لظلمة الليل ولو رأوهمم لم يقدروا عليها لم يضمنوا وإن اصطدم فارسان فهلكا وفرساهما فعلى عاقلة كل واحد دية الآخر وقيمة فرسه في ماله لأن الفارس متمكن من فرسه بخلاف أهل السفينة وقيل على كل واحد نصف دية الآخر لإشراكه في نفسه قال ولو لزم هذا إذا عاش أحدهما لم يلزم عاقلته إلا نصف دية الآخر ولكان الذي يهوي في البئر قاتلا لنفسه مع حافرها ولكان الواطىء على الحسك وقد نصبها رجل فيما لا يملك قاتل لنفسه مع ناصبها وبالمشهور قال علي وغيره رضي الله عنهم وإن اصطدم حر وعبد فماتا فقيمة العبد في مال الحر ودية الحر في رقبة العبد ويتقاصان فإن زاج ثمن العبد على الدية فلسيده الزيادة في مال الحر أو دية الحر أكثر لم يلزم السيد شيء إلا أن يكون للعبد مال فالفضل فيه وقال أصبغ قيمة العبد في مال الحر يؤتى السيد ويقال له افتك قيمته بدية الحر أو أسلمها فإن أسلمه فليس لولاة الحر غيرها وإن فداها فبجميع الدية لأنها قاعدة الجنايات وإن اصطدم رجلان أو راكبان فوطىء أحدهما على صبي فقطع أصبعه ضمناه لأن لكل واحد منهما أثرا فيه بالإصطدام قال أشهب حافروا البئر تنهار على أحدهم تضمن عاقلة الباقي ديته والنصف الآخر هدر لأن للمقتول شركا في قتل نفسه ولا تعقل العاقلة قاتل نفسه وإن ماتوا فعلى عاقلة كل واحد نصف دية الآخر لشركة كل واحد في قتل نفسه قال مالك عن ارتقى في البئر فأدركه آخر في أثره فخرا فهلك فعلى عاقلة الأسفل الدية لأنه المباشر بفعله قال مالك ربطت مركب في صخرة وربط بها أخرى وربط ثالث بأحدهما فجره الثالث حتى كادوا يفرقون فرجوا الثالث خوف الغرق فهلك بما فيه لا شيء عليهما لخوفهم الهلاك قال ابن القاسم إن طلبت غريقا فخشيت الموت فأفلته ( لا شيء عليك وإن علمته العوم فخفت الموت عليك فأفلته ) ضمنت ديته لأنك أنشبته وعنه لا ضمان كالغريق فإن ترجى في بئر فطلبك تدلي له حبلا فرفعته فلما أعجزك خليته فمات ضمنته قاله مالك وقال إن أمسكت لرجل حبلا يتعلق به في البئر فانقطع فلا شيء عليك لعدم صنعك أو انفلت من يدك ضمنت
فرع قال إن سقط من دابته على رجل فمات فديته على عاقلة الساقط و إن سقط على غلام فانشج الأسفل وانكسر الأعلى ضمن الأعلى شجه الأسفل والأعلى هدر وإن دفع رجلا فوقع على آخر فعلى الدافع العقل دون المدفوع لأنه آلة وإن دفعه فطرحه فوقعت يده تحت ساطور جزار فقيل على عاقلة الجزار لأنه ( المباشر وقيل على عاقلة الطارح لأنه ) القاصد قال مالك وإن قاد بصير أعمى فوقع البصير في البئر ووقع عليه الأعمى فمات البصير فديته على عاقلة الأعمى وقضى به عمر رضي الله عنه

النظر الثاني في دفع الصائل
وهو في المدفوع فكل صائل إنسانا كان أو غيره فمن خشي من ذلك فدفعه عن نفسه فهو هدر حتى الصبي والمجنون إذا صالا أو البهيمة لأنه ناب عن صاحبها في دفعه والمدفوع عنه كل معصوم من نفس أو بضع أم ومال قال القاضي أبو بكر أعظمها النفس وأمره بيده إن شاء سلم نفسه أو يدفع عنها ويختلف الحال ففي زمان الفتنة الصبر أولى تقليلا لها أو مقصودا وحده فالأمر سواء وأعظم من الجميع الدين وهو أقوى رخصة لقوله تعالى ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) وأما الدفع فقال القاضي لا يقصد القتل بل الدفع فإن أدى للقتل فذلك إلا أن يعلم أنه لا يندفع إلا بالقتل فيقصد ابتداء ولو قدر المصول عليه على الهرب من غير مضرة تلحقه لم يدفع بالجرح وغلا دفع بما يقدر ولا يتعين قصد العضو الجاني لأن الشر من نفس الصائل فغن عض يد غيره فنزع اليد فتبددت أسنانه ضمن النازع دية الأسنان لأنها من فعله وقيل لا يضمن لأنه ألجأه إلى ذلك وإن نظر الى حرم من كوة لم يجز أن يقصد عينه أو غيرها لأنه لا يدفع المعصية بالمعصية وفيه القود إن فعل ويجب تقدم الإنذار في كل دفع تمهيد في الصحاح ( كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ) وعليه اعتمد عثمان رضي الله عنه على أحد التأويلات ولأنها تعارضت مفسدة ( أن يقتل أو ) يمكن من نفسه والتمكين من القتل أخف مفسدة من القتل فيقدم والفرق بين أن يمكن من قتل نفسه أو يترك الغذاء أو الشراب حتى يموت أن ترك الغذاء هو السبب التام في الموت لم ينضف إليه غ يره ولابد أن ينضاف فعل الصائل للتمكين والفرق بين من ترك الغذاء يحرم ومن ترك الدواء فلا يحرم أن الدواء غير منضبط النفع فقد يفيد وقد لا والغذاء ضروري النفع ( النظر الثالث - في إتلاف البهائم ) في الجواهر ما أكلته من الزرع بالنهار لا ضمان على أربابها لأن على أرباب الحوائط الحفظ نهارا قال محمد بن حارث وهذا الكلام محمول على أن أ أهل المواشي لا تثملها نهارا ويجعلون معها حافظا وإلا فإن أهملوا ضمنوا ما أتلفته ليلا وإن كان أضعاف قيمتها كان ذلك الزرع أو الكرم محجورا عليه أم لا محروسا أم لا لأن على أهل المواشي حفظها ليلا قال القاضي أبو الوليد هذا مختص بالموضع الذي يكون فيه الزرع أو الحوائط مع المسارح أما المختص بالمزارع دون المسارح فيضمنون ليلا ونهار
فرع مرتب قال مطرف عن مالك يضمنون قيمة ما أفسدت على الرجاء أو الخوف وأن يتم أو لا يتم وإن لم يبد صلاحه وعن ابن القاسم قيمته لو حل بيعه لأن القيمة عوض الثمن وقال لا يستأنى بالزرع هل ينبت أم لا كما يصنع بسن الصغير لأن السن إذا نبتت لم تفت المصلحة وتأخر نبات الزرع عن إبانة يذهب مفسدته في النوادر لو وطئت على رجل إنسان بالليل فقطعتها لم تضمن بخلاف الزرع والحوائط والحروز
فرع في النوادر ما وطئت الدابة بيد أو رجل أو أصابته بيدها أو فمها وعليها راكب قال مالك إن كان الراكب يجريها أو يشيلها أو يضربها فترمح ضمن لسببه أو من فعلها خاصة فهدر لقوله عليه السلام ( جرح العجماء جبار ) قال قال مالك القائد والسائق والراكب ضامنون لما أصابته بيد أو رجل فغن اجتمعوا فعلى كل واحد ثلث الدية يريد أن الراكب يشركهم في فعل فعله بها كان عنه فعلها إلا أن ترمح من غير فعل أحد وفعله عمر رضي الله عنه في مجري الفرس قال ابن القاسم وأشهب إذا اجتمعوا فما وطئت عليه لم يلزم الراكب ولزم القائد والسائق لأن الراكب كالتباع لا يقدمها ولا يؤخرها إلا أن يفعل ما يبعها على ذلك ولم يكن من السائق والقائد عون فهو الضامن قال ابن القاسم فهو الضامن قال أشهب ما نفجت أو كدمت من غير تهييج من أحد منهم فأجدرهم بالضمان السائق إن كان سوقه يدعوها لأنه خلفها فهي تخافه وفي الموازية إن وطئت الدابة وعليها راكب صغير لا يضبط ولا يحرك أو نائم أو مريض وذلك عليه إلا أن يكون لها سائق أو قائد فعليهما دونه قال مالك يضمن من المرتسمين المقدم إلا أن يحركها المؤخر ( أو يضربها فعليهما أو يفعل المؤخر ) ما لا يقدر المقدم على دفعه قال ابن القاسم يختص به الضمان على عاقلته فيما تحمله العاقلة قال مالك فإن رمحت من غير فعل واحد منهما فلا شيء عليهما قال ابن القاسم يضمن قائد القطار ( ما وطىء عليه أو القطار ) أو آخره لأنه أوطأه بقوده إياه قال أشهب وقد يضمن اعذر منه كمن يرى طائرا فيقع على إنسان فيقتله الطائر قال مالك لا يضمن الراكب ما كدمت أو ضربت بيد أو رجل إلا أن يكون منه فعل بخلاف ما وطأت لأن الركوب سلب المشي لا الكدم وإن نزل عن دابته فوقعت في الطريق ضمن ما أصابت لأن ذلك يحرم عليه وله الوقوف عليها في الطرق لحاجته أو نزل عنها فيوقفها ولا يضمن وإن جمحت براكبها وعلم أنه مقلوب ضمن ما أصابت لأن ركوبه سبب ذلك قال أشهب إن ركبها فطارت من تحت يدها حصاة ففقأت عينها فلا شيء عليه قال محمد هذا إن طارت لحفرة وقع الحافر من غ ير أن يدفعها بحافرها أما لو اطارتها بحافرها ضمن وإن ساقها فوقع سرجها أو متاع عليها فأتلف لم يضمن قال ابن القاسم إن رمحت الدابة فصحت إياك فوطئت ضمنت لأنك تهيجها وإن انفلتت فصحت لرجل يمسكها فقتلته فهو جبار إلا أن يكون المأمور عبدا لغيره أو حرا صغيرا وإن أفلتت من يد رجل أو من مدورها فأسدت فهدر وغلبتها إياه على الانفلات كغلبتها للراكب على الجماح قال مالك إن اقتنى كلبا عقورا في داره لماشية وهو يعلم بعقره ضمن قال ابن القاسم يعني إن اتخذه بموضع لا يجوز له وإلا لم يضمن إلا أن يتقدم له وعن ابن وهب في الدابة الصؤول في مربطها فانفلتت منه فتفسد لا يضمن صاحبها إلا أن يتقدم له قال أشهب لا يضمن مطلقا قال ابن القاسم إن اتخذ الكلب فيما له اتخاذه كالصيد أو حراسة الدار لا يضمن من دخل دخل بإذن أم لا إلا أن يعلم ربه أنه يعقر قال محمد أصل ذلك إن اتخذه فيما لا يجوز له أو لحراسة الدار ضمن أو بموضع يجوز إلا أنه علم أنه يعقر وإن اتخذه للسراق قال مالك إن اقتناه في داره للماشية ضمن إن علم أنه يعقر لأن الماشية في الدار لا يخاف عليها فللناس اتخذه قال مالك إن عرفت الإبل بالعدوى على أهل الزرع بيعت ببلد لا زرع فيه تنبيه وافقنا الشافعي أنه لا يضمن العجل الصائل والمجنون والصغير وقال ( ح ) وافقنا الشافعي أنه لا يضمن العجل الصائل والمجنون والصغير وقال ( ح ) يباح له الدفع ويضمن واتفقوا إذا كان آدميا بالغا لم يضمن لنا أن الأصل عدم الضمان وقياسا على الآدمي وعلى الدابة المعروفة بالأذى أنها تقتل ولا يضمن إجماعا ولا يلزمنا إذا غصبه فصال عليه لأنه يضمن ثمنه ( بالغصب لا بالدفع إذا اضطره الجوع لأن الجوع القاتل في نفس الجوع ) لا في الصائل و الصيال القاتل في الصائل احتجوا بأن مدرك عدم الضمان إنما هو إذن المالك لا جواز الفعل لأنه لو أذن له في قتل عبد لم يضمن ولو أكله لمجاعة ضمن والآدمي له قصد واختيار فلذلك لم يضمن والقيمة لا اختيار لها لأنه لو حفر بئرا فطرح إنسان نفسه فيها لم يضمنه ولو طرحت بهيمة نفسها ضمنها وجناية البهيمة لا تتعلق برقبتها وعموم قوله عليه السلام ( جرح العجماء جبار ) أي هدر فلو ضمن لم يكن جبارا كالآدمي والجواب عن الأول إن الضمان يتوقف على جواز الفعل بدليل أن الصيد إذا صال على محرم لم يضمنه أو صال على العبد ( سيده فقتله العبد أو الأب على ابنه فقتله ابنه ) لا يضمنون لجواز الفعل وعن الثاني أن البهيمة لها اختيار اعتبره الشرع لأنه الكلب لو استرسل بنفسه لم يؤكل صيده والبعير الناد يصير جميعه منحرا على أصلهم وإن فتح قفصا فقعد الطائر ساعة ثم طار قلتم لا يضمن لأنه طار باختياره وأما قولهم في الآدمي لو طرح نفسه في بئر لا يضمن بخلاف البهيمة فيلزمكم أنه لو نصب شبكة فوقعت فيها بهيمة لا يضمنها وأما تعلق الجناية برقبة العبد فيبطل بالعبد الصغير فإنه تتعلق الجناية برقبته مع مساواته للدابة في الضمان وعن الثالث أن كونه جبارا أنه لا قصاص فيه ولا يلزم عن عدم اعتباره ( في القصاص عدم اعتباره ) مطلقا أو معناه يوجب ضمانا على مالكه والنزاع في الضمان على قاتلها تنبيه إن ارسل الماشية بالنهار للرعي أو انفلتت فأتلفت فلا ضمان وإن كان صاحبها معها وهو يقدر على منعها فلم يمنعها ضمن ووافقنا ( ش ) و ( ح ) فإن انفلتت بالليل أو أرسلها مع قدرته على منعها ضمن وقاله ( ش ) في الزرع وفي غير الزرع اختلاف عندهم وقالوا يضمن أرباب القطط المعتادة الفساد ليلا أفسدت أو نهارا وإن خرج الكلب من داره فجرح ضمن أو الداخل بإذن فوجهان أو بغير إذن لم يضمن وإن أرسل الطير فالتقط حب الغير لم يضمن ليلا ونهارا وقال ( ح ) لا ضمان في الزرع ليلا كان أو نهارا لنا قوله تعالى ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم ) الآية وجه الدليل أن داود عليه السلام قضى بتسليم الغنم إلى أرباب الزرع قبالة زرعهم وقضى سليمان عليه السلام بدفعها لم ينتفعون بدرها ونسلها وخراجها حتى يخلف الزرع وينبت زرع آخر والنفش رعي الليل والهمد رعي النهار بلا راع ولأنه فرط فيضمن كما لو كان حاضرا ولأنه بالنهار يمكنه التحفظ ( دون الليل وقد اعتبرتم ذلك في قولكم إن رمت الدابة حصاة كبيرة أصابت إنسانا ضمن الراكب بخلاف الصغيرة لا يمكنه التحفظ منها ويتحفظ عن الكبير بالتنكب عنه وقلتم يضمن ما نفجت بيدها لأنه يمكنها ردها بلجامها ولا يضمن ما أفسدت برجلها وذنبها احتجوا بقوله عليه السلام ( جرح العجماء جبار ) وبلا قياس على النهار وما ذكرتم من الفرق بالحراسة بالنهار باطل لأنه لأنه لا فرق بين من حفظ ماله فأتلفه إنسان أو أهمله فأتلفه إنه يضمنه في الوجهين وقياسا على حراسة الإنسان على نفسه وماله وجناية ماله عليه وجنايته على مال أهل الحرب أو أهل الحرب عليه وعكسه جناية صاحبه البهيمة والجواب عن الأول أن الجرح عندنا جبار إنما النزاع في غير الجرح واتفقنا على تضمين السائق والراكب والقائد وعن الثاني الفرق المتقدم والجواب عما ذكر أن إتلاف المال سبب المالك كمن ترك غلامه يصول فيقبل فلا وعن الثالث أنه يضمن قياس مخالف للآية ولأنه بالليل مفرط وبالنهار ليس مفرطا وبقية التعرض ليس أحدهم من أهل الضمان وها هنا أمكن التضمين فارغة
كتاب الجراح
وفي التنبيهات هو مشتق من الإجتراح الذي هو الإكتساب قال الله تعالى ( أم حسب الذين اجترحوا السيات ) ومنه جوارح الصيد لاكتسابها ولما كان عملها في الصيد في الأجساد والدماء سمي بذلك جرحا وصار عرفا فيه دون سائر الاكتسابات وتجريح الشاهد مجاز كأنه لما قدح في عرضه جرحه في جسمه وكذلك قالوا طعن فيه فتخصيص اسم الجرح بالكسب الخاص كتخصيص الدابة بالفرس أو الحمار وأصل تحريم الدماء الكتاب والسنة والإجماع فالكتاب قوله تعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) وقال تعالى ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا ) وقال رسول الله ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنى بعد إحصان أو قتل نفس ) وأجمعت الأمم فضلا عن هذه الأمة على تحريم الدماء سؤال في الآية الثانية التشبيه في لسان العرب إنما يكون بين المتقاربين لا بين المتفاوتين جدا وقتل جميع الناس ( بعيد من قتل النفس الواحدة بعدا شديدا وكذلك أحياؤها بل قتل واحدة لا تشبه ) قتل عشرة فما وجه التشبيه الذي في قوله ( فكأنما ) جوابه قال بعض العلماء إن المراد بالنفس إمام مسقط أو حكم عدل أو ولي ترجى بركته العامة فلعموم مفسدته كأنه قتل كل من ينتفع به وهم المراد بالنفس وكذلك إحياؤه وإلا فالتشبيه مشكل وقال مجاهد لما قال الله تعالى ( ومن نقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) وقتل جميع الناس لا يزيد في العقوبة على هذا وهو مشكل لأن قاعدة الشرع تفاوت العقوبات بتفاوت الجنايات فغاصب درهم ليس كغاصب دينار وقاتل واحد ليس كقاتل عشرة لأنه العدل في العادة فإذا توعد الله تعالى قاتل الواحد بالغضب والعذاب العظيم وغير ذلك اعتقدنا مضاعفة ذلك في حق الاثنين فكيف في العشرة فضلا عن جميع الناس
فرع في المقدمات ليس بعد الكفر أعظم من القتل وجميع الذنوب تمحوها التوبة بإجماع إلا القتل قال ابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وزيد بن ثابت إن الوعيد محتم متحتم عليه لا توبة له للآية المتقدمة وهي أخص من آيات التوبة وأحاديثها فتقدم عليها وقاله مالك وقال لا يجوز إمامته وإن تاب وعن رسول الله ( كل ذنب عسى الله أن يعفو عنه إلا من مات كافرا أو قتل مؤمنا متعمدا قال ولأن من شرط التوبة رد التبعات ورد الحياة على المقتول متعذر إلا أن يحالله المقتول قبل موته بطيب نفسه قال ومذهب أهل السنة أن القتل لا يحبط الأعمال الصالحة فلابد من دخول الجنة ليجازي على حسناته وكان ابن شهاب إذا سئل عن توبته سأل هل قتل أم لا ويطاوله في ذلك فإن تبين له أنه لم يقتل قال لا توبة له وإلا قال له التوبة وإنه لحسن في الفتوى ومن توبته عرض نفسه على أولياء المقتول فإن أقادوا منه وإلا قال لكم الدية وصام شهرين متتابعين أو أعتق رقبة ويكثر من الاستغفار ويستحب أن يلازم الجهاد ويبذل نفسه لله تعلى روي كله عن مالك في قبول توبته فإن قتل القاتل قصاصا قيل ذلك كفارة له لقوله عليه السلام ( الحدود كفارات لأهلها ) وقيل ليس يكون ذلك لأن المقتول لا ينتفع بالقصاص بل منفعته بالإحياء زجرا وتشفيا والمراد بالحديث قول الله تعالى المحصور النظر في الجناية وفي إثباتها وما يترتب عليها فهذه ثلاثة أنظار ( النظر الأول - في الجناية ) ولها ثلاثة أركان
الركن الأول الجاني وفي الجواهر شروطه التزام الأحكام فلا قصاص على صبي ولا مجنون ولا حربي لأن الإسلام يجب ما قبله ويقتص من الذمي لالتزامه أحكامنا في عدم التظالم والسكران لأن المعاصي لا تكون أسباب الرخص وفي الكتاب إن جنى الصبي أو المجنون عمدا أو خطأ فكل خطأ تحمله العاقلة إن بلغ الثلث وإلا ففي ماله ويتبع به دينا في 3 الذخيرة عدمه وما جنى المجنون في إفاقته فكالصحيح وإن رفع للقود وقد أخذه الجنون أخر لإفاقته لأنها حالة لا تناسب العقوبة قياسا على الحدود ولأنهما غير مكلفين فيكونان كالمخطىء في القصاص أو الدية لأن قتل الخطأ ليس لله تعالى فيه حكم لا تحريم ولا غيره قال ابن يونس قال محمد هذا في الصبي المميز أما الرضيع ونحوه فهدر كالبهيمة قال اللخمي قال ابن القاسم ابن سنة فأكثر ما أفسد فعليه وعنه في ابن سنة ونصف ما أفسد من المال فهدر أو الدم فعلى العاقلة إن بلغ الثلث وإلا ففي ماله يتبع به دينار في ذمته إن لم يكن له مال وإن يأس من إفاقة المجنون الذي أخر حتى يفيق فالدية قاله محمد كالقصاص المتعذر وقال المغيرة يسلم لولي المقتول وإن ارتد ثم جن لم يقتل حتى يصح لأنه حق لله تعالى يدرأ بالشبهة والقتل حق العباد قال اللخمي وأرى أن يخير الولي في القصاص أو العفو مع الدية من ماله دون العاقلة
فرع في الكتاب إن قتل رجل وصبي عمدا فالدية عليهما للشك في أيهما مات بهما قال ابن يونس يريد ف الأول أنهما تعاونا عليه فإن لم يتعاقدا عليه ولا تعاونا عليه بل رماه هذا عمدا وهذا عمدا لم يقتل الرجل عند ابن القاسم لأنه لا يتعين القاتل ويريد في الثاني أن نصف الدية في مال الرجل ونصفها على عاقلة الصبي قال أشهب يقتل الكبير وعلى عاقلة الصبي نصف الدية وإن قتل عبد وحر عبدا عمدا قتل العبد وعلى الحر نصف قيمته في ماله لأن العاقلة لا تحمل عمدا ولا يقتل حر بعبد وإن قتلا حرا خطأ فعلى عاقلة الحر نصف الدية ويخير سيد العبد في إسلامه أو فدائه بنصف الدية قال مالك إن قتل أب ورجلان ابنه عمدا قتلوا أو بالرمي والضرب لم يقتل الأب قال عبد المل عليه ثلث الدية مغلظة ويقتل الرجلان وإن جرحه رجلين خطا والآخر عمدا قال أشهب يقتسمون على أيهما شاؤا فإن اقتسموا على المتعمد قتلوه وعلى المخطىء دية الجناية قال محمد ذلك إن عرفت جناية العمد من جناية الخطأ وإن اقتسموا على المخطىء فالدية كاملة على عاقلته واقتصوا من المتعمد جرحه إن كان مما فيه قصاص وإلا أخذوا دية جنايته وقال ابن القاسم فإن عاش بعد موتهم فعنه القسامة إن اقتسموا على المتعمد قتلوه ولا شيء على الآخر أو على المخطىء فالدية على عاقلته ويبدأ المتعمد لأنه لا يقتل بالقسامة إلا واحد قال محمد ويضرب مائة ويحبس سنة
فرع في الكتاب إن قتل النائم فعلى عاقلته إن بلغ الثلث وإن نامت على ولدها فديته على عاقلتها وتعتق رقبة
فرع إن قتل وليك عمدا فقطعت يده فله أن يقتص منك لأن يده يوجد لها مبيح وفي الخطأ الدية على عاقلتك
فرع في النوادر إن ضربه أو رفسته دابة أو تردى من حائط فمات قعصا قال عبد الملك يقتل مشارك الأب أو الصبي أو المخطيء أو الدابة أو الغرق أو تردى فلا قسامة ويستظهر في شركة الدابة والهدم والغرق بالقسامة أنه مات من جرحه لأن ما شاركه من هذه الأمور تشبه الحياة بعد الجرح وإن لم يقسموا على شريك ( للدابة ) ونحوها ضرب وسجن وهذا اذا كان اجتماعهم في فور واحد فإن افترقوا وعاش بعد ضرب فهو كالفور وإن كان الأخير فغصه ولم يتأخر بعده فهو قاتله يقتل إن كان ممن يقتل في العمد وفي الخطأ الدية بلا قسامة وإن كان الآخر دابة ونحوه وقد ذهب دمه هدرا ويقتص من جرح الأول في العمد ويعقل في الخطأ ومتى أنفذ الأول مقاتله فالحكم له قصاصا ودية واختلف قول ابن القاسم إذا شاركه دابة ونحوها فقال مرة يقسمون على العمد وجعله كحياة المجروح وقال مرة على المتعمد نصف الدية في ماله بغير قسامة ويضرب مائة ويحبس
فرع قال إذا اجتمع رجال ونساء وصبيان واقتسموا على رجل أو امرأة فقتلوه والصبيان خمسة والرجال والنساء عشرون فخمس على عواقل الصبيان أخماسا قال أشهب قال محمد يقسمون ثانية على الصغار وعلى عواقلهم قدر ما يقع عليهم والذي عليه أصحاب مالك أن على من بقي من رجل أو امرأة الحبس والضرب وإن قالوا تقسم على الصغر أقسموا عليهم ولهم الدية كلها على عواقلهم ولو كان ذلك بغير قسامة قتل الكبار فإن كانوا عشرة والصغار خمسة فعلى عواقلهم ثلث الدية في ثلاث سنين
فرع قال قال مالك قطع يده حر وثلاثة أعبد خطأ فثلاثة أرباعالعقل في رقاب العبيد وربعه في مال الحر أو حر أو حران وعبد فثلثاها على عاقلة الحر وثلثها في رقبة العبد وفي العمد يقطع الحران وثلث ديتها في رقبة العبد أو مسلم ونصراني خطأ فعلى عاقلتهما نصفين أو عمدا قطع المسلم ونصف العقل في مال النصراني
فرع قال قال ابن القاسم إن أنفذ الأول مقاتله وأجهز عليه الثاني اقتص من الأول وعذر الثاني وقد أتى عظيما وعنه أنه يقتل الثاني لأنه المزهق ويعاقب الأول وإن قطع الأول حلقومه وبقيت فيه الحياة وقطع الثاني أو داجه وحز رأسه قتل الأول قاله أشهب لأنه لا يعيش مع قطع الحلقوم وقال سحنون إن ضربه أحدهم بعصا وضرب الآخر عنقه قتل ضارب العنق فقط وكذلك إن قطع يده وضرب الآخر عنقه لأنه المنفذ للمقاتل
الركن الثاني المجني عليه في الجواهر وشرط ضمانه بالقصاص أن يكون معصوما والعصمة بالإسلام والحرية والأمان فإن الحربي وال - يهدر الدم وكذلك الزنديق والزاني المحصن أما المستحق في قصاص فدم قاتله لأولياء المقتول وعلى أولياء المقتول آخرا إرضاؤهم وبعد ذلك شأنهم في قاتل وليهم بالقتل أو العفو فإن لم يرضوهم فللأولين قتله أو العفو ولهم عدم الرضا بالدية أو أكثر منها وعن ابن عبد الحكم لا دية لولي الأول ولا قود كما لو مات القاتل فإن كان الثاني خطأ جرى الخلاف أما من فقأ عين رجل وفقا آخر عينه ثم مات الفاقىء الثاني فلا شيء للأول لتعذر المحل فإن قطعت يده من منكبه ثم قطعت يد القاطع من الكف فللأول قطع كف قاطع قاطعه أو يقطع من المنكب ففيه يد قاطعه لأنه بقية حقه
فرع في النوادر قال سحنون إن قطع الذمي يد معاهد في دار الإسلام ولحق بأرض الحرب ناقضا للعهد فمات منا لجرح فلوليها القصاص في الجراح دون القتل لأنه بعد العصمة فإن أمنه الإمام فمات فلا قود لأنه سقط بنقض العهد فلا يعود بالأمان وعنه إن حلفوا لمات من الجرح فديته في مال الجاني وعند أشهب يقتل بأيمانهم نظرا ليوم الموت وإن قطع مسلم يد مسلم فارتد المقطوع ومات فغير أشهب يرى للولي قطع اليد وليس لهم القسامة لمات من ذلك ويقتلون ولهم القاسمة لأخذ الدية وفي القول الآخر يقسمون ويقتلون وإن اصطلحوا على الدية فدية مسلم لأنه وقت الضرب وإن قطع مسلم يد نصراني فاسلم فمات من جرحه فلورثته إن كانوا مسلمين أن يقسموا لمات من جرحه ويأخذوا دية مسلم وإن جرح مسلم أو حربي معاهدا فلحق بدار الحرب وسباه المسلمونومات من جرحه فلا قود فيه على الذمي في النفس واقتص منه في الجرح وديته نصف دية نصراني فيأ للمسلمين قاله عمر بن عبد الرحمن وقيل دية يده لورثته فإن أسلم بعد حصوله في يد من صار له ثم مات عبدا فلا قصاص على الذمي في النفس لأنه مات عبدا وللوارث القصاص في اليد
فرع قال قال ابن القسم إن قال أحد عبيدي حر فقتلهم أو أحدهم رجل قبل أن يسال السيد من أراد وقال السيد الآن أردت المقتول لا يصدق في أخذ الدية وإنما له قيمة عبده ويصدق أنه أراد الباقي مع يمينه قال ابن القاسم إن قال لم تكن لي نية في واحد بعينه عتق الباقي وله في المقتول قيمة عبد وإن قال ذلك في وصيته ومات فلهما حكم العبيد إن قتلا حتى ينفذا من الثلث
فرع قال قال ابن القاسم وأشهب عقل المرتد في العمد والخطأ عقل في النفس والجرح رجع إلى السلام أم لا لأنهم أقل الكفار عقلا وأنكره سحنون وقال أشهب عقل الدين الذي ارتد إليه وإن قتل زنديقا فر قصاص ولا دية قاله ابن القاسم لأنه قتل لابد منه بخلاف المرتد وإن قتل المرتد مسلما خطأ فالدية من بيت المال لأن المسلمين يرثونه أو عمدا فلا شيء في ماله وإن قتل المرتد نصرانيا أو جرحه اقتص منه كقتل الكافر بالمسلم وإن جرح مسلما لم يقتص منه أو قتل مسلما قتل به وإن جرح المرتد أو قتل ثم رجع إلى الإسلام فإن كان قتل نصرانيا لم يقتل به أو حرا مسلما اقتص منه تنبيه ثم المجني عليه قد تكون نفسا تامة أو جنينا أو عضوا أو منفعة أو هما معا
الركن الثالث الجناية نفسها وهي العقل ويتمهد فقهه ببيان العمد والخطأ وشبه العمد وكلها إما مباشرة أو تسببا أو هما أو بطريان أحدهما على الآخر والشركة فيها فهذه ثمانية أقسام القسم الأول العمد في الجواهر العمد ما قصد فيه إتلاف النفس وكان مما يقتل غالبا من محدد أو مثقل أو بإصابة المقاتل كعصر الانثيين أو شدة وضغطه أو يهدم عليه بنيانا أو يصرعه ويجر برجله على غير اللعب أو يغرقه أو يحرقه أو يمنعه من الطعام والشراب وأما اللطمة واللكزة فتتخرج على الروايتين في شبه العمد في نفيه وإثباته وفي الكتاب إن طرحه في نهر ولا يعلم أنه يحسن العوم على وجه العداوة قتل أو على غير ذلك ففيه الدية وإن تعمد ضربه بلطمة أو بلكزة أو غير ذلك ففيه القود ومن العمد ما لا قود فيه كالمتصارعين والمتراميين على وجه اللعب أو يأخذ برجله على وجه اللعب ففيه دية الخطأ على العاقلة أخماسا فإن تعمد هؤلاء القتل بذلك ففيه القصاص وفي التنبيهات قيل هذا إذا كانا معا يتفاعلان ذلك كل واحد منهما مع الآخر وهو ظاهر لفظه أما اذا فعل أحدهما على وجه اللعب والآخر لم يلاعبه ولا رماه فالقصاص قاله مالك وقيل سواء اللعب وغيره منهما أومن أحدهما وهو الصواب والتفريق بعيد إذا عرف قصد اللعب وتكون رواية عبد الملك أنه ذلك كالخطأ خلافا وكذلك اختلف في الأدب والعقل الجامع كالحاكم والجلاد والمؤدب والأب والزوج والخاتن والطبيب فقيل كالخطأ ويدخلهما الاختلاف في شبه العمد قال اللخمي عن ابن وهب دية اللعب مغلظة الأخماس القسم الثاني الخطأ وفي الجواهر الخطأ ما لا قصد فيه للفعل كما لو سقط على غيره أو ما قصد فيه للفعل إلى الشخص كما لو رمى صيدا فقتل إنسانا وظن الإباحة تصير العمد خطأ كقاتل رجل في أرض الحرب غلبة وفي الكفار وهو مسلم فلا قصاص وفيه الكفارة والدية أو قتل رجلا عمدا يظنه ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص فلا قصاص القسم الثالث شبة العمد وفي التنبيهات هو ما أشكل أنه أريد به القتل ولم يره مالك إلا في الآباء مع أبنائهم وغيره يرى فيه الدية مطلقا مثلثة عند ( ش ) ومربعة عند ( ح ) وصفته عندهم في غير الآباء مع أبنائهم وغيره يرى فيه الدية مطلقا مثلثة عند ( ش ) ومربعة عند ( ح ) وصفته عندهم في غير الآباء أن يضربه عمدا على وجه الفائدة والغضب لا يقصد قتله وبغير آلة القتل كالسوط والعصا ( قال اللخمي شبه العمد أربعة أقسام بغير آلة القتل كالسوط والعصا ) والبندقة إلا أن يقوم دليل العمد لقوة الضربة أو بآلة القتل ممن لا يتهم كالأبوين أو ممن كالطبيب وصفته ) وتقدم تسط منع أرادته كالمصارع قال في المقدمات إن قصد الفعل دون القتل فثلاثة أقسام لعب وأدب وفائدة ففي الول ثلاثة أقوال قال ابن الفقاسم هو خطأ وروايته عن مالك في الكتاب وروي عبد الملك عوم عند يقتص به وتأول الأول على أن صاحبه لاعبه وبقي الخلاف والظاهر ثبوته والثالث ابن وهب هو شبه العمد تفلظ ديته على الجاني في ماله ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة والتفرقة بين أن يلاعبه أم لا قول رابع وفي الدب تجري الثلاثة الأقوال الأول وقال الباجي إنما يختلف في تغليظ الدية ولا قصاص بحال وهذا إذا علم أنه ضربه أدبا وإن لم يعلم ذلك إلا من قوله ففي تصديقه قولان إن الظاهر يقتضي القصاص وفي النائرة قولان المشهور القصاص إلا في الأب والأم والجد وعنه لا قصاص وهو شبه العمد فعله فيه الدية وعليه أكثر أهل العلم ( ش ) و ( ح ) وغيرهما واختلفوا هل يختص بالتعيين قاله ( ح ) وصاحباه أم لا واختلفوا في صفته فقال ( ح ) لا يقتص إلا فيمن قتل بحديدة أو ضهطة الغضب أو النار وقيل لا يقتص إلا في الحديدة وإن قصد القتل فقسمان غيلة فيقتل على كل حال لأنه حرابة ونائرة خير الولي في القصاص والعفو إلا لمن يقتل بعد أخذ الدية فقيل لا يجوز للولي العفو بقوله ( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) وعن النبي عليه السلام ( لا أعفى رجلا قتل بعد أخذ الدية ) هذا نص المقدمات والشافعية يسمونه عمد الخطأ والجناية شبه العمد \ واحتج الأئمة على ذلك بقول النبي في ابي داود وغيره ( ألا إن دية الخطأ في شبه العمد كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها ويرى ألا أن في قتيل العمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل وفسره الأئمة بالضرب بما لا يقتل غالبا كالعصا الصغير والسوط ونحوه وقال القاضي في المعونة اجتمع شبه العمد لأنه ضربه بما لا يقتل غالبا وشبه الخطأ لأنه لم يقصد القتل فلم يعط حكم أحدهما فغلظت الدية واحتج أصحابنا بأن الله تعالى لم يذكر في كتابه العزيز إلا العمد والخطأ ولو كان ثالث لذكره لقوله تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء )
القسم الرابع في بيان المباشرة وفي الجواهر هي ما يترتب عليه زهوق الروح بغير واسطة كحز الرقبة أو بواسطة كالجراحات المفضية للموت أو ما يقوم مقامها كالخنق والحرق والتغريق وشبهه وتحديده ما يعده أهل العادة علة الزهوق من غير واسطة
القسم الخامس السبب وفي الجواهر هو كحفر البئر حيث لا يؤذن له قصد الإهلاك والإكراه وشهادة الزور في القصاص على أحدى الروايتين وتقديم الطعام المسموم للضيف وحفر بئر في الدهليز وتغطيته عند دخول الداخل أو حفره ليقع فيه ثم وقع فيه غيره وضابطه ما تشهد العادة أنه لا يكفي في زهوق الروح وأن له مدخلا فيه
القسم السادس اجتماع السبب والمباشرة وله ثلاث رتب الرتبة الأولى تغليب السبب على المباشرة وفي الجواهر هو ظاهر إذا لم تكن المباشرة عدوانا كحفر بئر على طريق الأعمى ليس فيها غيره ولا طريق له غيرها أو طرحه مع سبع في مكان ضيق أو أمسكه على ثعبان مهلك أو قدم الطعام المسموم أو غطى رأس البئر في الدهليز واتفقت الرواية على تغليب السبب في شهود القصاص إذا رجعوا بعد الاستيفاء والولي غير عالم بالتزوير وإلا فالولي معهم شريك لاعتدال السبب المباشرة إن حدد قصبا أو عيدانا في باب الجنان لتدخل في رجل الداخل من سارق أو غيره فيه الدية دون القود لأنه فعله في ملكه قال أشهب وكذلك إن حفر بئرا في أرضه ليسقط فيها سارق أو طارق وكذلك إن جعل على حائطه شركا فإنه يضمن قال محمد إن تمادى بالإشارة بالسيف عليه وهو يهرب وهو عدوه فهرب حتى مات فالقصاص وإن مات من أول الإشارة فالدية على عاقلته وقال ابن القاسم إن طلبه بالسيف فما زال يجري حتى مات يقسم ولاته لمات من خوفه ويقتل وإن أشار فقط فمات وبينهما عداوة فهو من الخطأ وقال عبد الملك إن طلبه بالسيف فعثر فمات فالقصاص وقاله ابن القاسم وقال ابن ميسر لا قصاص في هؤلاء لأنه قد يكون مات من شدة الجري لا من الخوف أو منهما ولا يمكن القصاص إلا على نفي شبهة العمد واستحسنه جماعة من القرويين وإن طرح عليه حية لا يلبث لديغها على غير وجه اللعب مثل تعود الجرأة قتل به ولا يصدق في إرادة اللعب وإنما اللعب ما يفعله الشباب بعضهم ببعض فإنهم لا يعرفون غائلة أنواع الحيات فهذا خطأ قال ابن يونس إن قال له اقطع يدي أو يد عبدي فعلى المأمور العقوبة لحق الله تعالى ولا غرم عليه في الحر ولا غيره للإذن الرتبة الثانية أن تغلب المباشرة لسبب كحافر البئر في داره لنفع نفسه فردى فيها رجلا فالقود على المردي دون الحافر تغليبا للمباشرة لعدم العدوان في السبب وتحقق فيه الرتبة الثالثة اعتدال السبب والمباشرة فيقتص منها كالإكراه على الفعل يقتل المكره لقوة الجائه والمكره لأنه المباشر ويلحق به من تتعذر مخالفته كالسيد يأمر عبده والسلطان يأمر رجلا فأما الأب يأمر ولده والمعلم يأمر صبيا والصانع بعض متعلميه والمأمور محتلم قتل وحده دون الآمر أو غير محتلم قتل الآمر لقوة الجائه لضعف جنان الصبي وعلى عاقلة الصبي نصف الدية لمشاركته قال ابن القاسم وقال ابن نافع لا يقتل الأب ولا السيد وإن أمر أعجميا أما من تخاف مخالفته فيقتل المأمور دون الآمر ويضرب الآمر ويحبس فإن اسمك القاتل اقتص منهما للاعتدال وشرط القاضي أبو عبد الله البصري من أصحابنا في الممسك أن يعلم أنه لولاه لم يقدر الآخر على القتل وكالحافر عدوانا مع المردي كمن حفر بئرا ليقع فيها رجل فردى ذلك الرجل فيها غير الحافر قال القاضي أبو الحسن يقتلان للاعتدال وقال القاضي أوب عبد الله بن هارون يقتل المردي دون الحافر تغليبا للمباشرة كشهود القصاص مع الولي كما سبق بيانه
فرع في الكتابإن سقاه سما قتل به بقدر ما يرى الإمام قال ابن يونس قال ابن حبيب إن قال سقاني سما وقد تقيأ منه ( أو لم يتقيأ ) فمات منه ففيه القسامة ( ولا يقاد من ساقي السم وإن شهد شاهدان أنه سقاه سما ففيه القسامة ) قال أصبغ إن قدمت إليه امرأته طعاما فلما أكله تقيأ امعاءه مكانه فأشهد أنها امرأته وخالتها فلانة فإن فإن أقرت امرأته أن الطعام أتت به خالتها ففيه القسامة وقوله امرأتي وخالتها يكفي وإن لم يقل منه أموت فإذا ثبت قوله بشاهدين أقسموا على أإدى المرأتين فتقتل ولا ينفع المرأة قولها خالتي أتتني به وتضرب الأخرى مائة وتحبس سنة
فرع في الكتاب إذا دفع لصبي دابة يهيئها أو سلاحا فمات بذلك فديته على عاقلته ويعتق رقبة وإن حمله على دابته يمسكها فوطئت رجلا فقتلته فالدية على عاقلة الصبي لأنه المحرك للدابة بركوبه عليها ولا رجوع لعاقلته على العاقلة الأخرى القسم السابع في طريان المباشرة على المباشرة فيقدم الأقوى فإن جرح الأول وحز الثاني الرقبة اقتص من الثاني أو أنقذ الأول المقاتل وأجهز الثاني اقتص من الأول بغير قسامة وبولغ في عقوبة الثاني قاله ابن القسم وعنه يقتل المجهز ويعاقب الأول وإن اجتمعوا على ضربه فقطع هذا يده وقلع الآخر عينه وجدع الآخر أنفه وقتله آخر وقد اجتمعوا على قتله فمات مكانه قتلوا به لاشتراكهم فيه وإن كان جرح بعضهم أنكى ولا قصاص له في الجرح ما لم يتعمدوا المثلة مع القتل وإن لم يريدوا قتله اقتص من كل بجرحه وقتل قاتله وإن قتل مريضا مشرفا قتل القسم الثامن في الشركة في الموجب وفي الجواهر كما إذا حفر بئرا انهارت عليهم فمات أحدهما قال أشهب على عاقلة الآخر نصف الدية وكما لو جرح نفسه وجرحه غيره فمات فيجب له أرش ما يقابل فعل الغير
النظر الثاني في إثبات الجناية وله ثلاث طرق الإقرار والبينة والقسامة الطريق الأول الإقرار وفي الكتاب إن أقر بقتل خطأ واتهم أنه أراد مناولة المقتول كالأخ والصديق لم يصدق أو من الأباعد صدق إن كان ثقة مأمونا لم يخف ان يرشى على ذلك ثم تكون الدية على عاقلته بقسامة لا بإقراره في ثلاث سنين فإن لم يقسم الأولياء فلا شيء لهم في مال المقر كما لو ضرب رجل فقال قتلني فلان خطأ صدق وتحمله العاقلة بالقسامة وإلا فلا شيء لهم ولا في مال المدعي عليه الطريق الثاني البينة وفي الكتاب إن شهد شاهد بقتل خطأ أقسم أولياء القتيل واستحقوا الدية على العاقلة ويعتق رقبة فإن شهد آخر على إقرار القاتل بذلك لم يجب لهما على العاقلة ويعتق رقبة فإن شهد آخر على إقرار القاتل بذلك لم يجب لهما على العاقلة شيء إلا بالقسامة لأن الإقرار لا يوجب عليهم شيئا ولا يثبت إقرار القاتل إلا بشاهدين وحينئذ يقسمون لأنه حكم مشترط فيه النصاب وتجوز شهادة النساء في جراح الخطأ وقتل الخطأ لأنه مال وإن شهد مع رجل على منقلة أو مأمومة عمدا جازت شهادتهم لأن عمدها كخطائها قال في النكت إن شهد واحد على الإقرار بالدين حلف معه والفرق أنه مقر على نفسه القاتل مقر على غيره الذي هو العاقلة فهو كشاهد على العاقلة وإنما تتم الشهادة عليه إذا لم يعرف منه إنكار فإن أنكر قول الشاهدين بطلا كالشهادة على الشهادة والأصل منكر قاله أشهب وجعله شاهدا وعلى هذا لا يشهدان عليه إلا أن يأذن لهما بالشهادة عليه
فرع في الكتاب ليس في جرح قسامة ويحلف مع الشاهد الواحد يمينا واحدة ويقتص في العمد ويؤخذ العقل في الخطأ قال ابن القاسم اثبت بذلك القصاص وليس بمال استحسانا نظائر قال العبدي الذي يثبت بالشاهد واليمين أربعة القصاص في الجراح والخلطة والكفالة والموال
فرع في الكتاب يحلف مع الشاهد الواحد أنه قتل عبده عمدا أو خطا يمينا واحدة لأنه مال فإن كان القاتل عبدا وأسلمه سيده لم يقتل بشهادة واحد قال ابن يونس ويضرب القاتل مائة ويحبس سنة فإن نكل حلف سيد العبد يمينا واحدة فإن قال العبد دين عند فلان الحر قال أشهب يحلف خمسين يمينا فيبرأ ويضرب مائة ويحبس سنة فإن نكل حلف سيد العبد يمينا واحدة واستحق قيمته ويضرب ويحبس لأن هذا القول يوجب القسامة بين الأحرار ولو ادعاه حر على العبد كانت فيه القسامة وإنما تزكت في هذا لأنه عبد ولا قسامة في عبد ورواه عن مالك وقال ابن القاسم يحلف المدعي عليه يمينا واحدة ولا قيمة عليه ولا ضرب ولا سجن فإن نكل فالقيمة والضرب والسجن وقال عبد الملك يحلف يمينا واحدة فإن نكل عزر ولا ضرب مائة ولا سجن بل تعزير من تعين قتله وإن شهد شاهد أن عبدا معينا قتل عبده عمدا حلف يمينا واحدة وخير سيده بين غرم قيمة أو يسلم عبده فإن أسلم لم يقتل بشاهد فإن كان مات بسراية جرح حلف خمسين يمينا مع الشاهد على الجرح ويمينا لمات منه فإن نكل لم يحلف سيد الجارح إلا على نفي العلم ويضرب المدعي عليه مائة ويحبس سنة حرا كان أو عبدا وإن قتل العبد حرا حلفوا خمسين يمينا مع الشاهد واستحقوا دم صاحبهم يقتلون العبد إن شاءوا وليس لهم أن يحلفوا يمينا واحدة ويأخذوا العبد ليستحيوه لأن دم الحر لا يستحق بذلك الطريق الثالث القسامة مصدر اقسم معناه حلم حلفا والمراد هاهنا الأيمان المذكورة في دعوى القتل وقيل هي الأيمان إذا كثرت على وجه المبالغة وأهل اللغة يقولون إنها القوم الحالفون سموا بالمصدر نحو رجل عدل ورضا قال ابن يونس كانت في الجاهلية فأقرها الشرع وأصلها الكتاب والسنة واجماع الأئمة لا إجماع الأمة أما الكتاب فقوله تعالى ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) ووكل تعالى بيان هذا السلطان للنبي فبينه بالقسامة وأما السنة فما في الصحيح ( أن عبد الله ابن إسماعيل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد اصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن إسماعيل قد قتل وطرح في فقير بئر فأتى يهود فقال انتم والله قتلتموه قالوا والله ما قتلناه فأقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم بذلك ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر فقال رسول الله كبر كبر يريد السين فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله إما أن تدوا صاحبكم وأما أن تأذنوا بحرب من الله فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فكتبوا إنا والله ما قتلناه فقال رسول الله لتحويصة ومحيصة وعبد الرحمن أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم فقالوا لا فقال فليحلف لكم يهود فقالوا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت إليهم الدار قال سهل لقد ركضتني فوائد في المنتقى الفقير حفير يتخذ في السرب الذي يصنع للماء تحت الأرض يحمل فيه الماء من موضع إلى غيره ويعمل عليه أفواه كأفواه الآبار بمناقش على الشرب فتلك الآبار واحدها فقير وقوله كبر تقديم السن إما لأنه ساواهم في غير السن ورجع عليهم به أو لأن ما عداه مظنون وفضيلة السن معلومة وقوله عليه السلام ( إما أن تدوا صاحبكم ) يحتمل إعطاء الدية لأنهم لم يدعوا قتله عمدا أو لم يعينوا القاتل فلا يلزم القصاص كالقتيل بين الصفين لا يقول دمي عند فلان وقوله عليه السلام ( تحلفون ) دليل على أنه لا يحلف أقل من اثنين وقوله عليه السلام ( وتستحقون دم صاحبكم ) يحتمل أنهم أتوا بلوث أو يحمل على أن إسم ما يوجب ذلك وقوله عليه السلام ( دم صاحبكم ) يحتمل ما يجب لكم في دم صاحبكم المقتول أو القاتل وفي بعض الطرق قاتلكم فعين الإحتمال وما بعث به عليه السلام إليهم إنما هو تفضيل وجبر لمصابهم من بيت المال لما لم يثبت لهم شيء وقوله ( ركضتني منها ناقة حمراء ) ليبين قوة ضبطه للحديث بذكر أحواله وفي القسامة خمسة أركان الركن الأول مظنتها وفي الجواهر هي قتل الحر المسلم في محل اللوث أذا لم يثبت القتل ببينة أو إقرار من مدعى عليه ولا قسامة في الأطراف والعبيد والكفار واللوث هو أمارة تغلب على الظن صدق مدعي القتل كشهادة العدل الواحد على رؤية القتل وفي شهادة من لا تعرف عدالته أو العدل يرى المقتول يتشحط في دمه والمتهم نحوه أو قربه عليه آثار القتل خلاف وفي الركن ستة فروع الإأول في الكتاب إذا قال دمي عند فلان قتلني عمدا أو قال خطأ فلولاته أن يقسموا ويقتلوا في العمد ويأخذوا الدية في الخطأ من العاقلة ولا يقتسمون على خلاف ما قال المقتول فإن لم يذكر عمدا ولا خطأ فما ادعاه الولاة من عمد أو خطأ يقتسمون عليه فإن قال بعضهم عمدا وبعضهم خطأ وحلفوا كلهم استحقوا دية الخطأ بينهم وامتنع القتل للشبهة فإن نكل مدعوا الخطأ فلا قسامة لمدعي العمد لا دم ولا دية وإن قال بعضهم عمدا وقال الآخرون لا علم لنا بمن قتله ولا يحلف بطل دمه للشهة وإن قال بعضهم خطأ وقال الآخرون لا علم لنا ونكلوا حلف مدعوا الخطأ وأخذوا نصيبهم من الدية لأنه مال أمكن توزيعه بخلاف العمد وليس للآخرين الحلف بعد النكول لأنهم اسقطوا حقهم وإن نكل مدعو الدم وردوا الأيمان على المدعي عليهم لم يكن لهم الحلف بعد ذلك وإن لم يكن للمقتول إلا وارث واحد وادعى الخطأ حلف خمسين يمينا واستحق الدية كلها أو العمد لم يقتل المدعي عليه إلا بقسامة رجلين فصاعدا فإن حلف معه آخر من ولاة الدم ولم يكن مثله في التعدد قبل وإلا ردت الأيمان على المدعي يحلف خمسين يمينا وإن نكل حبس حتى يحلف وإن أقام شاهدا على جرح عمد وحلف اقتص فغن نكل حلف المدعي عليه وبريء فإن نكل حبس حتى يحلف والمتهم إن ردت عليه اليمين لا يبرأ إلا بخمسين يمينا ويحبس حتى يحلفها فائدة في التنبيهات اللوث ما ليس بقاطع لأنه ملبس والآُث من الشجر ما التبس بغضه قال ابن يونس في بقة بني إسرائيل لما ذبحوها وضربوا بها القتيل فقال قتلني فلان فاعتبر ذلك دليلا على أن قول المقتول لوث ولا يقال ذلك معجزة لنبي فإن الإعجاز في إحيائه لا قوله بعد حياته ولا يقدح في قول المقتول كون القاتل عدوه وقول العدو غير مقبول على عداوته لأن العداوة هنا تؤكد صدقه لأنها مظنة القتل بخلاف سائر الدعاوي ( وقبل رسول الله قول الجاريتين على اليهودي مع عظيم العداوة بينهم تعظيما لحرمة الدماء ) وعن مالك اللوث شاهد وإن لم يكن عدلا والمرأة دون العبد ولم يختلف قوله وقول أصحابه في العبد والصبي والذمي أنه ليس بلوث ولا شهادة النساء في قتل عمد ولا يكون لطخا يريد المرأة الواحدة ويقسم مع شهادة امرأتين عدلتين ويقتل بذلك ويوجب القسامة أن يرى نحوه ميتا أو خارجا ملطخا بالدم من منزل فيوجد فيه القتيل وليس معه غيره أو يعدوا عليه في سوق عامر فيقتله فيشهدون بذلك وإن لم يعرفوا وعن مالك وشهادة النساء أو يرى المتهم حوله وإن لم يروه حين الإصابة قال يحيى بن سعيد شهادة المرأة أو العبيد والصبيان واليهود والنصارى والمجوس إذا حضروا القتل فجأة والضرب أو الجرح لا يقوله مالك ولا أحد من أصحابه وعن مالك اللفيف من السواد والنساء والصبيان وغير العدول لوث ( قال ومن روى عنه العدل لوث ) فقد وهم إنما كان يسأل هل العدل لوث فيقول نعم قال محمد ولا يقسم مع العدل في قتل الغيلة ولا يقتل فيه إلا بشاهدين وعن يحيى بن سعيد يقسم معه قال محمد وإنما يقسم مع الواحد على معانية القتل بعد يثبت معانية جسد القتيل كما عرف موت عبد الله بن سهل وكذلك لو شهدت أن امرأتان ورجل على قتله ولم يعرف موته فلا قسامة ويحبس المشهود عليه ولا يعجل عسى أن يأتي بشاهد آخر ويثبت موت القتيل برجلين لأن الجسد لا يفوت والقتل يفوت وعن أشهب إن قال قتلني خطأ وقال ولاته عمدا بطل ما و جب لهم من الدية ولا يقتل وإن قال عمدا وقالوا خطأ بطل القود والدية قال بعض أصحابنا إن ادعى القاتل ( أن ولي الدم عفا عنه فطلب باليمين فنكل حلف القاتل ) يمينا واحدا لا خمسين لأنها اليمين التي ردت عليه ولأنه تنازع في عفو كسائر الحقوق بخلاف نكول الورثة عن القسامة ويؤدونها على الدعي عليه فيحلف خمسين يمينا المردودة عليه وإن ردت الأيمان على أولياء القاتل لنكول أو لفقد من يحلف حلف من أولياء القاتل خمسون خمسين يمينا فإن لم يكن له إلا وليان حلفا خمسين دون القاتل ويبرأ ولا يجبرون على الحلف فإن لك يكن إلا ولي واحد لم يحلف المدعي عليه ( حقه لأنه إذا حلف ) معه لم يبرئه إلا خمسون يمينا يحلفه وحده ( قاله ابن القاسم وقال عبد الملك مع من أعانه من عصبته يحلف أكثر منهم أو أقل فإن لم يجد حلف وحد 9 ) وإن وجبت القسامة بقول الميت أو بشاهد على القتل ودرت الأيمان على المدعي عليه حلف هو أو ولاته أنه ما قتله فإن نكل حبس حتى يحلف هذا قول مالك وأصحابه وإن كانت القسامة بضرب أو بجرح ثم مات بعد ذلك قال ابن القاسم يحلف مامن ضربي ولا جرحي مات ( فإن نكل حبس حتى يحلف وضرب مائة وحبس سنة فإن انه من ضربه مات ) لم يقتل ولابد أن يحلف قال أشهب لا يحلف في هذا وهذا غموس وإن أبيح للولي اليمين فيما لم يحضره لأن نكول المدعي يبطل الدم وترد الأيمان على المدعي عليه فإن نكلوا لم يحكم عليهم بنكلوهم وكيف يحلفون يمينا لو أفردوا أو نكلوا لم يؤخذوا بذلك قال اللخمي في اللوث في قتل العمد خمسة أقوال الشاهد العدل ماله وعنه الذي ليس بالقوي العدالة والمرأة دونالعبد وقال أبو مصعب جماعة نساء أو صبيان أو جماعة ليسوا عدولا وعن أبي سعيد ما تقدم في ابن يونس وعن ربيعة الصبي والذمي قال محمد في الحر المسلم يقتله العبد وينكل الولي إن كانت القسامة يقول الميت قتلني فلان أو بشاهد عدل على القتل الموجب حلف السيد يمينا واحدة على علمه فإن نكل أسلمه أو يفتديه بدية المقتول وقيل يحلف العبد خمسين يمينا وإن وجبت القسامة بالنية ومات من الجرح لم ترد اليمين ها هنا على العبد ولا على السيد وثبت جرحه فيفديه السيد بدية الجرح أو يسلمه ويضرب العبد مائة ويحبس عاما لأن السيد والعبد يقولان لا علم عندنا هل مات من الجرح أم لا ويجوز موته منه إلا أنه لا يستحق دية في عمد ولا خطأ إلا بقسامة ولا وجه ليمين السيد في المسألة الأولى لأنه لا علم عنده واختلف إذا قال قتلني ولم يقل عمدا ولا خطأ فقيل ما تقدم في الكتاب وقال محمد لا يقسمون إلا على الخطأ وعنه يكشف عن حال المقتول وجراحاته وحالة القاتل من عداوة وغيرها فيقسمون حينئذ على ما يظهر من العمد وغيره ويقتلون وإن لم يظهر عمد ولا خطأ فيتوقف لأن السنة إنما جاءت في قبول قول المقتول قال محمد إن قتل بعضهم عمدا وبعضهم خطأ حلف جميعهم فإن أقسم على الخطأ نصيبه من الدية على عاقلة القاتل ولمن أقسم على العمد نصيبه في مال القاتل قال وهو حسن توفيه بالأسباب ويكون نصيب مدعي العمد من الإبل من الأربع خمسا وعشرين ( بنت مخاض وخمسا وعشرين بنت لبون وخمسا وعشرين ) من كل صنف وعن مالك إذا رجع مدعي العمد إلى دية الخطأ له ذلك لأنه أقل أحواله ومنعه أشهب لأن أصل العمد القود وعن ابن القاسم إن قال بعضهم عمدا وبعضهم لا علم لنا أو قال جميعهم عمدا ونكل بعضهم فلمدعي العمد أن يحلفوا ويستحقون نصيبهم من الدية ونكولهم على الحلف قبل وجوب الدم كعفوهم عنه بعد الوجوب بخلاف القائلين لا علم لنا ومتى سقط الدم بنكول أو اختلاف حلف المدعي عليهم وكل هذا اذا استوت منزلتهم بنين أو أخوة أو أعمام فإن اختلفت كابنة وعصبة فقال العصبة عمدا وقالت الابنة خطأ فلا قسامة ولا قود ولا دية لأنه إن كان عمدا فإنما ذلك للعصبة ولم يثبت لهم ذلك أو خطأ فإنما فيه الدية ولم يثبت الخطأ ويقسم المدعي عليه ما قتله عمدا وينعصم دمه قال محمد وإن ادعى العصبة كلهم العمد لم ينظر إلى ورثته من يشبه واختلف إذا قال خطأ أو عمدا أو لا جراح به أو به جرح فادعى على من لا يشبه من لأجل صالح أو عدوه أو شهد واحد على ( قول البينة فإن انفذت مقاتله فعن مالك لا يقسم على ) قوله في الخطأ لأنه يتهم في غير ولده وعن ابن القاسم إن ادعاه على رجل صالح أقسم معه وقتلوه وعن ابن عبد الحكم يبطل قوله بخلاف عدوه فإنه يتوقع قتل عدوه له وقيل يتهم على عدوه وقال عبد الملك إن شهد واحد على قوله كفى ويقسم معه لأنه لوث يرجح الصدق وقيل لا بد من اثنين ورجحه ابن عبد الحكم والموضع الذي يقسم بواحد على المعانية إذا انفذت مقاتلة يقسم ما شهد شاهدي إلا بالحق في الخمسين يمينا أو شاهدين على معاينة ولم تنفذ مقاتله فيقسم لمات من ذلك وإن كان الشاهد على قول الميت أو أنه أصابه ولم ينقذ مقاتله فمن صار إلى أنه يحلف فيحلف أنه شهد بالحق وأنه قتله لأنه لو شهد شاهدات على قول الميت لم يستحق بذلك القتل غلا بعد القسامة أنه قتله فهو يحلف انه شهد بحق ولا يحلف ( أنه قتله وكذلك شهادته على معاينة الضرب يحلف مع شاهديه بضربه ليتوصل إلى اليمين أنه مات من ذلك الضرب ولا يحلف ) على من أجاز ذلك أنه يجمع ذلك في قسامة واحدة في خمسين يمينا نظائر قال ابن زرب تجب القسامة بأربعة إذا ثبت قول المقتول الحر المسلم البالغ بشاهدي عدل أن فلانا ضرب المقتول ( حتى قتله عمدا أو خطأ ) ضربة فأجافه بها أو غير ذلك من الجراح عمدا أو خطأ فعاش الرجل بعد ذلك وأكل وشرب ولم يسأل أين دمه حتى مات وإذا اعترف رجل بقتل رجل خطأ والمعترف مأمون لا يتهم فيقسم ولاة المقتول فإن أبوا فلا شيء لهم قال الطرطوشي لا يجب بمجرد الدعوى يمين ولا شيء وكذلك النكاح والطلاق وقال ( ح ) و ( ش ) تجب اليمين على المدعي عليه في ذلك كله وهل يحلف خمسين في دعوى القتل أو يمينا واحدة عند ( ش ) قولان وخالفنا الأئمة في شهادة عدلين على قوله قتلني فلان إنه لوث قالوا ولا يجب فيه شيء وهو اختيار القاضي أبي الوليد لنا آية البقرة وفي البخاري ( أن يهوديا قتل جارية بحجر على اوضاح له فجيء بها إلى النبي وبها رمق فقال أقتلك فلان فأشارت برأسها أن لا ثم قال الثانية فأشارت برأسها أن نعم فأمر به النبي فرضخت رأسه بين حجرين ) ولا حجة فيه لأن في بعض طرقه لم يزل به حتى أقر ولأن الغالب من المؤمن عند حضور الأجل البعد عن الذنوب والأذية والخوف والندم على التفريط فإقدامه على السبب لقتل النفس التي حرم الله تعالى خلاف الظاهر فيكون ذلك لوثا كسائر صور اللوث مثل كونه عنده ومعه آلة القتل وغير ذلك احتجوا بقوله عليه السلام ( لو أعطي الناس بدعاويهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ولكن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ) ولأن شيم النفوس الظلم فيتهم على أذية من يعاديه حتى لا يعيش بعده وآية البقرة لا حجة فيها لأن القاتل يشاهد الآخرة وعلم مقدار الجنايات وعقوباتها فقوله يحصل العلم بخلاف صورة النزاع ولذلك قال العلماء إنه لا يمكن أن يموت أحد كافرا لما يشاهد عند الإحتضار مع أن مالكا رحمه الله نقض أصله هذا وابطل تصرفات المشرف على الموت في ضرر التهمة كما قلناه في الطلاق والمرض والنكاح فيه والإقرار للصديق والجواب علن الآول أنا لا نعطي الولي بدعواه بل بأيمانهم وقول الميت مرجح لجهتهم لوجوده في قرية أو محلة وبينهم عداوة ظاهرة ولا يسكنها غيرهم أو تفرق جماعة في دار عن قتيل أو ازدحم الناس في الطريق أو دخول البيت ونحوه فوجد هناك قتيل أو بين طائفتين مسلمتين يقتلون أو شهد عبيد ونساء فهذه كلها لوث عندكم يقسمون معها ويستحقون وعن الثاني أن الظاهر عند مفارقة الدنيا عدم العدوان والصدق وغيره بإذن والمطلوب هو الظن وعن الثالث لا نسلم حصول العلم بل قد أخبر الله تعالى عن قولم في الآخرة بأنهم يكذبون في قوله تعالى ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) وعن آخرين ( ما جاءنا من بشير ولا نذير ) ومع قيام الاحتمال لم يبق إلا الظن وعن الرابع لم يورث المطلقة للتهمة لأنها لو سألته الطلاق وأعطته مالا ورثت بل للسنة وفسخ نكاح المريض لا للتهمة بل لأنه ممنوع من إخراج المال لغير حاجة إلا من الثلث ولا يمكن إيقاف المهر حتى يخرج من الثلث ولأن هذه الأمور التهمة فيها على مال والجناية على النفس أعظم فيكون الصدق أبين ولذلك لو قال قتلني عبد فلان لم يقتله ولأنه مال وإنما قتلناه في قوله قتلني خطأ وإن كان مالا لأن المال في الرتبة الثانية ولم يذكر القتل كما تمتنع شهادة النساء في النسب ونقبلها في الولادة الثاني في الكتاب لا يحبس المشهود عليه في الخطأ لأن الدية على العاقلة ويحبس في العمد حتى يزكي الشهود فتجب القسامة وإلا فلا القسامة مع غير عدل وإن وجد قتيل في قرية قوم أو دارهم لا يعلم من قتله فلا شيء فيه لا دية في بيت المال ولا غيرها ويقسم بقوله دمي عند فلان وإن كان مسخوطا والولي مسخوط والمرأة يقسم بقولها وإن قال صبي قتلني فلان الصبي وأقر القاتل فلا يقسم على قوله لعدم الوثوق به ولا يقبل الإقرار لحق الله تعالى في الدم والصبي بخلاف المسخوط لأن الصبي لا يحلف مع شاهده في المال وإن قال النصراني دمي عند فلان لا يقسم على قوله لأن النصراني لا يقسم وإن قال البالغ قتلني الصبي فلان أقسم على قوله والدية على عاقلة الصبي وإن رمى ذميا أو عبدا اقتسموا ولهم القتل في العمد وإن قال ابن الملاعنة دمي عند فلان وهي معتقة أقسم مواليها أو من العرب أقسم في الخطأ أمة وأخوته لأمه وأخذوا نصيبهم من الدية وفي العمد لا قسامة كمن لا عصبة له الثالث قال لا قسامة مع شهادة عدلين وإن شهد شاهد أنه قتله وقال دمي عند فلان لم يكتف بذلك ولابد من القسامة وإن شهد أن فلانا ضربه حتى قتله ( قتل بالقسامة أو إنه ضرب وعاش وتكلم أو أكل ولم يسأل حتى مات فالقسامة ) الرابع قال إن صالح من موضحة خطأ على مال فمات منها اقسم ولاته لمات منها واستحقوا الدية على العاقلة ورجع الجاني فيما دفع وكان في العقل كرجل من قومه لانكشاف العاقبة عن أنه قتل نفس أو عن قطع يده عمدا فعفا ثم مات منها فلهم القصاص في النفس بالقسامة عن كان عفوه عن اليد لا عن النفس الخامس إن شهد أحدهما أنه قتله بسيف والآخر أنه قتله بحجر بطلت الشهادة للاختلاف ولا قسامة بذلك السادس في المقدمات إن جرح جرحا له عقل عمدا أو خطأ فمات فثلاثة أحوال أحدها أن لا يعلم الجرح إلا من الميت فيقول دمي عند فلان جرحني هذا الجرح ومنه أموت بطل في الجرح القصاص لأنه لا يستحق بالقسامة والدية لامتناع القسامة في الجرح بل يقسمون ويقتلون في العمد أو يأخذون الدية في الخطأ قال محمد وعاب ما وقع في سماع يحيى أنهم إن شاءوا اقسموا واستحق الدم أو يقتصوا من الجرح أو يأخذوا ديته إن كان خطأ وثانيها إن يثبت بشاهدين فيخيروا في أن يقسموا أو يقتلوا في العمد أو الدية في الخطأ على العاقلة أو لا يقسموا ويقصوا من الجرح إن كان عمدا وديته في الخطأ وعن ابن القاسم إن أبو القسامة امتنع القصاص في الجرح في العمد والدية في الخطأ وثالثها إن شهد على الجرح شاهد فينبغي أن يفترق العمد من الخطأ فيخيرون في الخطأ في أن يقسموا على الدم ويستحقون ديته في مال الجاني أو العاقلة إن بلغ الثلث وإن نكلوا في العمد امتنع القصاص في الجرح لتعذر القصاص فيه بالقسامة السابع في الجواهر إن انفصلت قبيلتان عن قتيل لا يدري من قتله فعقله على الفرقة التي نازعوه ونازعوا أصحابه فتضمن كل فرقة من أصيب من الفرقة الأخرى فإن كان من غيرهما فعقله عليهما ولا قسامة في ذلك ولا قود قال أشهب هذا إذا لم يثبت دمه عند معين قال ابن القاسم لا قسامة بقول الأولياء أما إن قال فلان قتلني أو أقام شاهدا عدلا أن فلانا قتله ففيه القسامة أو شاهدان فأن فلانا قتله بين الصفين يقتل به وعن ابن بالقاسم لا قسامة فيمن قتل بين الصفين وإن شهد على قتل شاهد أو على إفرازه ورجع عن هذا إلى القتل بالقسامة لمن أدعى عليه القتل الثامن قال حيث شهد عدل على رؤية القتل قال لا يقسم حتى تثبت معاينة القتيل ويشهد بموته كقصة عبد الله بن سهل لأن اللوث يفوت والجسد لا يفوت قال أصبغ لا يعجل الإمام بالقسامة حتى يكشف فإذا بلغ أقصى الانتظار قضى بالقسامة التاسع قال مسقطات اللوث أربعة الأول تعذر إظهاره عند القاضي فإن ظهر عمده في جمع ثان شهدت البينة أنه قتل ودخل في هؤلاء ولم يعرفوه منهم فللمدعي استحلاف كل منهم خمسين يمينا ويغرمون الدية بلا قسامة ومن نكل منهم فالعقل عليه قال سحنون لا شيء عليهم وتبطل الشهادة لعدم تعيين القاتل الثاني إذا ظهر في أصل القاتل دون وصفه كما إذا قال دمي عند فلان ولم يقل عمدا ولا خطأ فالأولياء إما أن يتفقوا على الخطأ أو العمد أو يختلفوا وقد تقدم بيانه الثالث دعوى الورثة خلاف قول لميت من عمد أو خطأ يسقط حقهم من الدم والدية ولا يقبل رجوعهم لقوله قاله أشهب وقال بان القاسم لا يقسموا إلا على قوله الرابع دعوى الجاني البراءة ويقيم البينة قال ابن يونس إن قال ضربني فلان وفلان ثم خوف فقال فلان وفلان غير الأولين فلم يبرىء الأولين لم يقسم على الأولين والآخرين لأنه أبرأ الأولين وقوله الأول يكذبه في الآخرين الركن الأول في المقسم وفي الجواهر هو في العمد من له القصاص من الأولياء الرجال المكلفين وفي الخطأ جميع المكلفين من الورثة رجالا أو نساء يحلفون على قدر مواريثهم ومن لا وارث له فلا قسامة له لتعذر قسم بيت المال ولا يقسم إلا ولي نسب أو ولاج ولا يقسم من القبيلة إلا من التقى معه إلى نسب ثابت ولا يقسم المولى الأسفل بل ترد الأيمان على المدعي عليهم وفي الكتاب لا يقسم في العمد أقل من رجلين كالشهادة إن كان للمقتول أولاد صغار والقتل بالقسامة فللولي تعجيل القسامة ولا ينتظر كبرهم ليلا يفوت الدم بفوات محله وإن عفوا امتنع إلا على الدية لا أقل منها وإن كانوا أولاده صغارا وكبارا اثنان فصاعدا فلهم القسامة والقتل ولا ينتظر بلوغ الصغار فإن عفا بعضهم فليقسم مع الصغر حظهم من الدية وإن لم يكن إلا ولد كبير وآخر صغير ووجد الكبير من ولاة الدم من يحلف معه وإن لم يكن ممن له العفو حلفا خمسين وللكبير أن يقتل لكمال النسب وإن لم يجد ( حلف خمسا وعشرين يمينا وانتظر الصغير إذا بلغ حلف خمسا وعشرين يمينا واستحق الدم ) ولا يقسم النساء في دم العمد أنهن لسن أهلا للقيام بالدماء ويقسمن في الخطأ لأنه مال وإن حلف رجال عدد في العمد فأكذب نفسه واحد منهم امتنع القتل إن كان ممن لو أتي باليمين لم يقتل المدعي عليه في التنبيهات عن ابن القاسم تسقط الدية عن القاتل بتكذيب أحدهم نفسه بخلاف لو عفا أحدهم عنه ولو كان قبل القسامة استوى عند ابن القاسم العفو والنكول ويسقط الدم والدية وكذلك يقول عبد الملك في المسألتين قبل وبعد في العفو والنكول والتكذيب وقال أشهب في جميع ذلك للباقين حظهم من الدية ويقسمون إن لم يكونوا اقتسموا لأن الأصل بقاء حقهم وفرق ابن نافع بين نكوله على وجه الورع فللباقين القسامة والقود لبقاء قوة النسبة أو على طريق العفو فللباقين القسامة والدية قال ابن يونس عرض رسول الله القسامة على الجاريتين وكن اثنين فأكثر ولا يقتل أحد إلا بشاهدين وقد جعل الله تعالى لكل شهادة في الزنا يمينا في اللعان والنساء لما لم يشهدان في العمد لا يحلفن فيه قال مالك إن كان في الولاة خمسون حلف كل رجل يمينا أو أقل رد عليهم الأيمان أو كثر واستوى في التعدد قال أشهب لا يحلف خمسين يمينا وإن أبوا إلا ذلك لم يجدهم وهو كالنكول لعدم كمال الخمسين من الجميع وقال ابن القاسم يجدي اثنان قال محمد وذلك عندي إذا تطاوعوا ولم يتركوا نكولا كما يحلف الخمسون عمن بقي والكبير عن الصغير إن كان له إخوة وجد قال ابن القاسم يقم الجد مع الاخوة على قدر حقه من الميراث معهم ويقسم الإخوة على حقوقهم في دم العمد والخطأ إن تشاحوا في قسامة العمد وقال أشهب يحلف على قدر حقه في الخطأ وأما العمد فأيمان العصبة على قدر العدد قال ابن القاسم إن كان له ابن وغيره وهو من العرب أقسم مع الابن من ينتمي معه إلى جد توارثه وأما من هو في العشرة بغير نسب معروف فلا للمقتول ولد أم لا قال عبد الملك يستعين الولد من عصبته بمن شاء إلى خمسين رجلا وإن حلف أحد الولدين ثم أصاب الآخر من يعينه فذلك له وإن حلف الذي اعين مع من أعانه لم يكن على الثاني الاشطر ما بقي يعد طرح أيمان المعينين ويحسب الحالف ما حلف ويزاد عليه إلى مبلغ ذلك ولا يحلف أحد الوالدين أكثر من خمسة وعشرين كما لا يحلف واحد في القسامة والأولاد الصغر لا ينتظر بلوغهم وينتظر لهم وليهم في القتل وأخذ الدية قال أشهب فإن لم يكن لهم وصي جعل السلطان لهم وليا وله أن يأخذ في العمد أقل من الدية لأنه كبيع قال سحنون أشهب يقول إن طلب من القاتل الدية لزمته فكيف يجوز للولي القصاص والصبي لو بلغ كان له أن يلزمه إياها ولا يقتل الولي الحاضر حتى يقدم الغائب بخلاف الكبير مع الصغير لأنه يمكن أن يكتب إليه ويحبس القاتل حتى يقدم إلا البعيد الغيبة فللحاضر القتل كالأسير بأرض الحرب ونحوه بخلاف من أفريقية إلى العراق وكذلك الصبي إن كان راهق انتظر قاله سحنون وإن كان أحدهما مجنونا مطبقا وللآخر القتل وينتظر المغمى عليه والمبرسم لقربه وفي المقدمات إن ووزعت الأيمان فحصل فيها كسر نحو كونهم عشرين يحلف كل واحد يمينين يمينين تبقى عشرة فيمتنع الدم حتى يأتوا بعشرة منهم يحلفون فإن أبى جميعهم عنها بطل الدم ولا يستعين إلا بمن يلقاه إلى أب معروف فإن أراد أحدهم تحمل عنه أكثر مما يجب عليه لم يجز وإن أراد هو جاز له ذلك ما بينه وبين خمسة وعشرين يمينا وإن كان اثنين فلهم الاستعانة وتقسم الأيمان على عددهم أجمعين ويجوز رضا أحدهما بأكثر مما يجب عليه بخلاف المستعان به كما تقدم وإن حلف الوليان ما يجب عليهما فللمستعان بهم أن يحلف بعضهم أكثر من بعض وإن حلف أحدهما نصفها فوجد الآخر من يعينه فلا يختص المستعان به بل تقسم بينهما إلا أن يكون الأول حلف آيسا ممن يعينه فتحسب الأيمان والجد عند ابن القاسم أخ في العفو ويحلف ثلث الأيمان في العمد والخطأ قال وهو صواب في الخطأ ويتبغي في العمد قسم الأيمان على عددهم لأنه أخ وقال أشهب لا حق للجد مع الإخوة في القيام به ولا العفو فيقسمون دونه ولهم الاستعامة به الركن الثالث المقسم فيه إنما يقسم في الدماء في الأحرار لأنه مورد السنة والقسامة على خلاف قاعدة الدعاوي في القسم وعدد الأيمان وفيها تعبد بعدد فيقتصر بها على محلها وفي الكتاب لا قسامة في العبيد عمدا ولا خطأ لأنهم مال وإن قتل عبد حرا فلولاته القسامة خمسين يمينا ويستحقون دم صاحبهم لأنه دم حر فيقتلون العبد إن شاءوا وإن قالوا يحلف يمينا واحدة ويأخذ العبد يستحييه امتنع لأن دم الحر لا يستحق إلا القسامة أو بينة وليس فيمن قتل بين الصفين قسامة لتعينه منهما وإن ضربت امرأة فألقت جنينا ميتا وقالت دمي عند فلان ففيها القسامة ولا بد في الجنين من بينة لأنه كجرح فيها أو شاهد عدل يحلف ولاته معه يمينا واحدة ويستحقون ديته وإن قالت دمي عند فلان فخرج جنينها حيا واستهل ومات وعاشت الأم لم يقسم فيه لأنه جرح وإن قالت وهي حية قتل ابني لم يقبل قولها ولا يقسم فيه وإن قالت دمي عند أبي يقسم على قوله والدية في الخطأ على عاقلته وفي العمد في مال الأب وفي التنبيهات قوله لا قسامة فيمن قتل بين الصفين معناه إذا لم يدم على أحد ولا شهد على من قتله ولا أي الصفين قتله وفيه الدية على الفئة المنازعة له وفي الجلاب فيه القسامة مطلقا لاحتمال موته بسبب يخصه واختلف قول ابن القاسم إذا رمي أو شهد له شاهد بقتل معين له أو على أحد الصفين فحملا يقتله هل فيه قسامة أم لا وما يثبت ببينة ففيه القصاص هذا بصفة العصبية والبغي المستوي في ذلك فإن كان أحدهما باغ والآخر مظلوم ومتأول والقتيل منهم طلب الآخرون بعقله بقسامة أو بغير قسامة على القولين المتقدمين إن لم يثبت قاتله أو قتل الصف له بعدلين أو من صف الباغين الراجعين فلا قصاص ولا دية وإن تعين قاتله وكذلك إن كان القاتلون متأولين أو كلا الصفين متأول لأنه عمل السلف في قتال البغاة قال ابن يونس يضرب قاتل العبد مائة ويحبس سنة وإن نكل حلف سيد العبد يمينا ( واحدة فإن قال العبد دمي عند فلان قال أشهب يحلف خمسين يمينا ويضرب ويحبس سنة ويبرأ لأن الحر ادعى القتل عليه فإن نكل حلف سيد العبد يمينا ) واستحق قيمته مع الضرب والحبس لأنه لو ادعاه حر على عبد كانت في القسامة وإنما تركت لأنه عبد ورواه عن مالك وقال ابن القاسم يحلف المدعي عليه يمينا واحدة ولا قيمة ولا ضرب ولا سجن فإن نكل غرم القيمة وضرب مائة وحبس سنة وعن ابن القاسم لا قسامة في قتيل الصفين وإن شهد شاهد على قتله أو إقراره ويرجع إلى القتل بالقسامة وإن كان القتيل أو الجريح من غير الفريقين فعقله عليهما ولا قسامة ولا قود إلا أن يثبت عند أحد بعينه ( وقول مالك ) لا قسامة في هذا يريد بدعوى الأولياء أن فلان قتله ( أما بقول الميت أو قيام شاهد أن فلان قتله ) ففيه القسامة وإن شهد شاهد أن فلانا جرحه ثم مات بعد أيام ففيه القسامة قال مالك في جماعة ضربوا رجلا ثم افترقوا وبه موضحة لا يدري أيهم شجه فالعقل على جميعهم وإن ثبت أن أحدهم جرحه اقتص منه بعد حلفه لأنه يتهم أن ينكر الفاعل ليلزم العقل وقوله في الجنين لا قسامة يريد ويحلف من يرث العدة كل واحد منهم يمينا أنه قتله ويستحقون العدة في مال الضارب وإذا خرج حيا وقالت دمي عند فلان لا قسامة فيه لأن المضروب غيره ولأنها لو قالت قتلني وقتل فلان معي لم يكن في فلان قسامة عند ابن القاسم وقال أشهب يقسم ولاته بشهادتها ما لم تشهد من يرثها لأنه يرى شهادة المرأة لوثا بخلاف ابن القاسم ولو قال أضجعني أبي فذبحني أو بقر بطني فيقسم مع قوله ويقتل الأب أو يعفون عنه قاله ابن القاسم وقال أشهب لا يقتل والد بالقسامة بل المال لأنه يقتل عشرة بواحد بالبينة دون القسامة قال اللخمي القتيل من الصفين أربعة قصاص وهدر ودية ومختلف فيه هل القصاص أو الدية ففي المتأولين هدر وفي الباغين قصاص إو عرف القابل وفيمن يكون بينالقبائل دم الراجفة هدر والدافعة عن نفسها قصاص وفي الباغين إذا لم يثبت القتل إلا بشاهد على القتل أو على قول القتيل قتلني فلان أو وجدوه قتيلا هل القصاص بالقسامة أو الدية على المنازعة من غير قسامة خلاف
فرع في الكتاب إن مات تحت الضرب أو بقي مغمورا لم يأكل ولم يتكلم ولم يفق حتى مات لم يقسم فيه لعدم التعين فإن عاش حياة بينة ثم مات ففيه القسامة إذ لعله مات بغير الضرب وكذلك إن مكث يوما فتكلم ولم يأكل ولم يشرب أو قطع فخذه فعاش يومه وأكل وشرب ومات آخر النهار اقسم عليه فإن شق حشوته وأكل وأقام ثلاثة أيام قتل بغير قسامة لتعين انفاذ المقتل قال ابن يونس من سماع ابن القاسم بينه وبين رجل قتال فأتى وبه جرح فقال فلان وفلان فعلا بي هذا وقد أترث فيها في مواضع يسجنان حتى يكشف أمرهما والصلح في هذا أحب إلي قال ابن القاسم إن جرح ثم ضربته دابة فمات لا يدري عن أيهما كان نصف الدية على عاقلة الجارح قبل القسامة وكيف يقسم في نصف الدية وعنه يقسمون لمات من جرح الجارح كمرض المجروح قال محمد إن طرحه على موضع بعد جرح الأول أقسموا على أيهما شاءوا على الجارح أو الطارح وقتلوه وضرب الآخر مائة وحبس سنة الركن الرابع في كيفية القسامة وفي الكتاب يقسم ولاة الدم في الخطأ على قدر مواريثهم والبنت وحدها تحلف خمسين يمينا وتأخذ نصف الدية أو مع عصبته فخمسة وعشرين والعمة مثلها فإن نكلوا لم تأخذ البنت إلا خمسين يمينا أو بنت وابن غائب لم تأخذ البنت حتى تحلف خمسين فإذا قدم حلف ثلثي الأيمان وأخذ ثلثي الدية فإن انكسرت يمين جبرت على من عليه أكثرها وإن لزم واحد نصفها وآخر سدسها حلف صاحب النصف وجد وعشرة اخوة يحلف الجد ثلثها والاخوة ثلثيها وفي النكت إن استوت الحصص في اليمين اقترعوا بيمين يجبر عليه قاله بعض مشايخنا في الجلاب إن استوت جبرت عليهم كلهم ويحتمل أن تجبر على واحد منهم ويحلف الجد مع عشرة اخوة في العمد كواحد منهم بخلاف الخطأ لأن ميراثه الثلث فيحلف الثلث وعن ابن القاسم خلافه والأول أقيس
فرع في الكتاب يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو أن فلانا قتله أو مات من ضربه إن كان عاش ولا يزاد الرحمن الرحيم لأنه السنة في الأيمان ويحلف على البت وإن كان أحدهم أعمى أو غائبا حين القتل وفي التنبيهات في بعض روايات المدونة يزيدون الرحمن الرحيم وهو مذهب المغيرة وغيره في القسامة وشبهها
فرع في الجواهر نكول المستعان بهم غير معتبر لعدم إحالته كذل القضية بخلاف نكول أحد الأولياء يسقط القود قال القاضي أبو محمد في الولد والاخوة رواية واحدة في غيرهم من العصبة روايتان السقوط ويحلف الباقون ويستحقون الدم لتعدد الحقوق وحيث قلنا بالسقوط حلف الباقي ويستحق نصيبه من الدية لأنها تتوزع بخلاف الدم وروي ترد الأيمان على المدعي عليهم لأن الدية فرع ما لا يتوزع فلا يتوزع فإن نكل المدعي عليه لزمته الدية كاملة في ماله لأن النكول ظاهره صدق الدعوى واتفقوا على أن هذا يحبس حتى يحلف قاله محمد وروي إن طال حبسه خلى
فرع في المقدمات إن كان الأولياء رجلين وأرادا أن يستعينا بمن دونهم في الرتبة جاز وتقسم الأيمان بينهم على عددهم وإن رضي المعين أن يحلف أكثر مما يجب عليه امتنع أو رضي الولي أن يحلف أكثر مما يلزمه جاز في خمسة وعشرين يمينا لأنها فإحالة عليه وإنما جازت الاستعانة بمن يرجع الى النسب لقوله عليه السلام للحارثيين ( أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ) ولم يكن الجميع إخوة بل مختلفين في الرتب فعبد الله بن سهل اخوه وحويصة ومحيصة ابنا عمه وفي حديث الحارثيين قال عليه السلام ( أتحلفون وتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم ) وظاهره أنه لا يزاد على هذا العدد مع أن الأنصار كانوا أكثر من ذلك
فرع قال إن نكل ولاة الدم عين اليمين وكانت القاسمة وجبت بقول المقتول أو بشاهد على القتل فثلاثة أقوال ترد على المدعي عليهم لأنه أصل النكول فيحلف المدعي عليه خمسين أو يحلف عنه رجلان فأكثر من ولاته إن رضوا خمسين بذلك ولا يحلف هو معهم قاله ابن القاسم والثاني عنه يحلف منهم رجلان فأكثر خمسين ترجج الأيمان عليهم ويحلف فيهم المتهم لأنه الأصل ( فإن نكلوا أو لم يوجد غير المتهم لم تبرأ حتى يحلف المتهم وحده قال مطرف ويحلف المدعي عليه وحده وليس عليه أن يستعين بأحد لأنه الأصل ) وإن وجبت القسامة بشاهدين على الجرح فقولان قال ابن القاسم يرد على المدعي عليه فيحلف ما مات من ضربي فإن نكل سجن حتى يحلف فإن حلف ضرب مائة وسجن سنة وإن أقر قتل وفي الموازية يقتص منه من الجرح إن نكل الأولياء حلف المدعي عليه أو نكل لأن الجرح ثبت بشاهدين وإن ثبتت القسامة بشاهد على القتل لا يقتص من الجرح حلف القاتل أو نكل لأنه لا يقتص من الجرح ( إن نكل الأولياء حلف المدعي عليه ) إلا بيمين المجروح لا يمين الوارث وعن مالك إذا ردت عليهم في العمد فنكلوا فالعقل في مال الجارح خاصة ويقتص منه من الجرح سوى العقل وعنه إن حلف ضرب مائة وحبس سنة أو نكل حبس حتى يحلف ولا دية فيه قال وهو الصواب والقول الثاني لا يرد عليه لأن يمينه غموس وعلى هذا إذا أقر لم يقتل قاله أشهب وإن نكل بعض ولاة الدم وهو سواء في التعدد فثلاثة أقوال قال ابن القاسم يبطل الدم والدية وليس لمن بقي أن يقسم لأن الدم لا يتوزع وقال أشهب لمن بقي أن يحلف ويأخذ حظه من الدية لإمكان توزيعها وقال ابن نافع إن نكل عفونا قال أشهب أو توزعا حلف الباقون وقتلوا
فرع قال قيل يجبر كسر اليمين على من عليه أكثرها وقيل على من عليه أكثر الأيمان فإن كانوا زوجات وبنات وأخوات فإذا قسمت الأيمان عليهم جبر الكسر على الأخوات لأن حظهن منها اكثر وعلى البنات لأن أيمانهن أكثر عند أشهب وعن ابن كنانة لا يجب الإمام عليها أحدا بل لا يعطوا حتى يحلفوا بقية الأيمان فرع قال فإن نكلوا في الخطأ فخمسة أقوال ترد على العاقلة فيحلفون كلهم وإن كانوا عشرة آلاف والقاتل واحد منهم فلا يلزم الحالف شيء ويلزم لنا الناكل ما عليه قاله ابن القاسم وهو أبين الأقاويل لأنه قاعدة النكول ويحلف من العاقلة خمسون رجلا يمينا وتسقط الدية فإن حلف بعضهم بريء ولزم بقية العاقلة الدية كاملة حتى يتموا خمسين يمينا قاله ابن القاسم والثالث إن نكلوا فلا حق لهم أو بعضهم فلا حق للناكل ولا يمين على العاقلة لأن الدية لم تجب عليهم بعد قاله عبد الملك والرابع يرد على المدعي عليه وحده إن حلف وإلا لم يلزم العاقلة شيء لأنه لا تحمل الإقرار قاله مالك الخامس يرد على العاقلة إن حلفت برئت أو نكلت غرمت نصف الدية قاله ربيعة وقضى به عمر رضي الله عنة على السعدين تنبيه في المنتقى لا يحلف من جهة المقتول في العمد إلا اثنان ومن جهة القاتل واحد وهو القاتل والفرق أن جهة المقتول إذا تعذرت بعدم اثنين فلهم ما يرجع إليه وهو جهة القاتل وإذا لم يقبل من القاتل عند عدم الأولياء لم يجد ما يرجع إليه في براءته منه وكانت الأيمان في الرد خمسين لأنها غير مردودة وكانت الأيمان في الرد خمسين لأنها رددت في الجهتين كاللعان قال مالك ليس لولاة القاتل كانوا واحدا أو جماعة إلا الاستعانة بأولياء المقتول لأنهم يبرئون أنفسهم وخالفه أصبغ وإذا اقتصر على القاتل وحده حلف خمسين يمينا والفرق بين الأيمان والحالفين أن الضرورة تدعو للاقتصار عليه كما تقدم ولا ضرورة في الأيمان ولا يكمل بعض الورثة عن بعض ( شيئا كما يكملها بعض العصبة عن بعض في العمد ) لأنه مال لا يحتمل أحد فيه اليمين عن غيره
فرع في النوادر قال مالك إذا اتهم جماعة فلا بد من حلف كل واحد يدفع عن نفسه ولعله لو أقسم الأولياء أقسموا عليه ولكل واحد الاستعانة بعصبته حتى ينوب كل واحد يمين فإن كانوا من فخذ واحد فلمعن هذا أن يعين ذلك أو من أفخاذ فلا يستعين أحد بغير عصبته وليس لمعين إذا كانوا عصبة واحدة أن يجمعوا الحلف فيه فيقولون ما قتله فلان ولا فلان ويستعين المتهم بالمتهم الآخر مع العصبة لأنه عصبة له
فرع قال قال مالك يحلف من باعراض المدينة إليها في القسامة فإن كانت مدية النبي حلفوا عند المنبر بعد الصلاة وفي غيرها في الجوامع يحلفون قياما على رؤوس الناس فيقسم بالله الذي أحيى وأمات والذي أخذ به ابن القاسم والله الذي لا إله إلا هو فقط لم يقبل حتى يقول والله الذي لا إله إلا هو لهو ضربه ومن ضربه مات وإن قالوا لهو قتله ولم يذكروا الضرب وهو مضروب جاز وقال عبد الملك يقول والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة لقد مات من الضرب الذي شهد عليه فلان وفلان إن فلانا ضربه أياه والنظر في التغليظ في اليمين إلى قوله عليه السلام ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) وكان عليه السلام يحلف بما قاله مالك أو ينظر إلى عظم الدماء والقياس على التغليظ بالمكان والحلف على البت لا على العلم وعن أشهب يحلف الصغير إذا كبر على البت بناء على الشهادة قياسا على الحلف في الدين بناء على ا لشهادة ( يحلف على البت ) وها هنا أولى لحرمة الدماء قال صاحب القبس يكفي الظن في الأيمان مستندا في الحلف على البت لأن رسول الله عرض الأيمان على من لم ير القتل من الحارثيين تنبيه وافقنا في تقديم المدعين ( ش ) وأحمد وخالفنا ( ح ) فقال يقدم المدعى عليهم لنا حديث ابن سهل احتجوا بقوله عليه السلام ( البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ) رواه مسلم وغيره وفي أبي داود ( أن النبي بدأ باليهود قال يحلف منكم خمسون رجلا فأبوا فقال للأنصار أتخلفون قالوا نخلف على الغيب ) وقياسا على سائر الدعاوي والجواب عن الأول من وجوه أحدها أن في بعض طرقه إلا في القسامة وثانيها أنا نقول بموجبه فإن المدعي هو من كانت دعواه على خلاف الظاهر بلوث أو غيره وثالثها أن حديث ابن سهل أخص من هذا الحديث والخاص يقدم على العام وعن الثاني أن روايتنا أثبت سندا فتقدم وعن الثالث أن هذا القياس ينقلب عليكم فإن سائر الدعاوي إنما يحلف من رجح ببر أو شاهد أو غير ذلك وهذا رجح جانبه باللوث أو غيره فيحلف كسائر الدعاوي الركن الخامس فيما يترتب على القسامة وهو إما القصاص أو الدية وفي الكتاب إن ادعوا على جماعة وأتوا بلوث أو بينة على أنهم حملوا صخرة فرموا بها رأسه وعاش بعد ذلك أياما وأكل وشرب ومات اقسموا على واحد أيهم شاءوا وقتلوه ولا يقسموا على جميعهم ويقتلوهم ويقسمون في الخطأ على الجماعة وتفرق الدية على عواقلهم في ثلاث سنين وكذلك إن شهدت بينة أنهم جرحوه خطا فعاش أياما فليس لهم أن يقسموا على واحد ويأخذوا الدية من عاقلته بل على الجميع وبعض الدية على عواقلهم والفرق أن في الخطأ يقول الضرب منا أجمعين فلا تخصوا عاقلتي بخلاف العمد قال ابن يونس قال مالك إذا اقسموا على واحد قالوا في القسامة لمات من ضربه ولا يقولون من ضربهم لأن الأصل مطابقة اليمين للدعوى قال أشهب لهم أن يقسموا على اثنين وأكثر وعلى جميعهم لعموم اللوث فيهم ولا يقتلون إلا واحدا من المقسم عليهم كأن يقول الميت قتلني فلان وفلان أو ضربوني أو شاهد على القتل فمات مكانه أو عاش أياما إن أقسموا عليهم وهم رجال ونساء وصبيان فلا يقتلوا إلا بالغا رجلا أو امرأة وعلى عواقل الصبيان حصتهم من الدية فإن كان الرجال والنساء عشرين والصبيان خمسة فعلى عواقلهم خمس الدية خمس الخمس على عاقلة كل صبي لأنه من أصل دية كاملة قال مالك إن قال ضربني فلان وفلان أنفذ ما قتلي فلا يقسموا ' لا عليه لقوة سببه وعلى الباقين الضرب والسحن وإذا قال لهم أقسموا على فلان ليس لهم أن يقسموا على غيره لأن قول الميت مقدم لأنه أعلم ولا يقبل منه في الخطأ ويقسموا على الجميع لأنه يتهم في الوصية بالدية وينظر إلى حصة من أبرأه إن حملها الثلث سقطت قاله في المجموعة وقال ابن القاسم وأشهب هو مثل العمد ولا يقسموا إلا على من عينه لأنه أعلم ويلزم عاقلته حصتهم إن قالوا لا يقسموا إلا على فلان وإن قال لا شيء على الآخرين من الدية ولم يسع الثلث خير الورثة في القسامة على ذلك وحده ويجبروا وصيته أو يقسموا عليه ويحاصص الموصى لهم إلا أن يقسم المقسم عليهم في الثلث ويوضع عن كل وارث ما ينوبه في الثلث وما بقي على عواقلهم وعلى الذي أمر أن يقسم عليه ما ينوبه من الدية اقسموا عليهم أو عليه وحده وإن قالوا لا نقسم إلا على جميعهم فذلك لهم ضاق الثلث أملا ويسقط عن الموصى لهم ما عليهم إن جرحه أحدهما عمدا والآخر خطأ وثبت ذلك بالبينة اقسموا ( عليهم أو عليه وحده وإن قالوا لا نقسم إلا على جميعهم فذلك لهم ضاق الثلث أم لا وسقط عن الموصى لهم ما عليهم وإن جرحه أحدهما عمدا والآخر خطأ وثبت ذلك بالبينة اقسموا ) على المتعمد وقتلوه وأخذوا من الآخر عقل الجراج إن عرفت جناية الخطأ من العمد أو يقسموا على الخطأ عليهم ليستفيدوا من الجرح ويأخذوا الدية وإن لم يثبت الجرحان إلا بقول الميت فكالبينة قاله ابن القاسم وقاله سحنون كذلك إن عاش وإن مات مكانه خالفت البينة قول الميت قال ابن القاسم إن مات من ضربهما مكانه قتل المتعمد وعلى عاقلة الآخر نصف الدية قال محمد إذا لم يكن جرح الخطأ معروفا بعينه قال مالك إن أقر بالقتل غير من وجبت القسامة عليهم قتل وأقسم الأولياء على كل واحد من هؤلاء وقتلوه وذلك بإقراره وهذا بالقسامة وقال ابن القاسم لا يقتل إلا واحد من ( المقربين أو المقسم عليهم وعنه يقتل المقر ) بقسامة وعنه بغير قسامة بل بإقراره لأنه سبب مستقل وإن أقسموا على واحد وأرادوا العدول لغيره امتنع ثم إن تركوه بذاة امتنع قتله أو عصبه على الثاني ونزاهة فلهم قتل الأول وإن قال قتلني فلان وأناس معه وثبت أن قوما ضربوه أقسموا على أيهم شاءوا قال اللخمي إن حملوا صخرة فدمغوه بها أو سقطت من أيديهم فلا يقسموا إلا لمات من تلك الضربة ويقتلون في العمد والدية في الخطأ إلا أن يقصدوا القسامة لما هو آمن ويتركوا الأخوف فمن حق صاحب الضربة أن لا يمكنهم من ذلك وإن تعاونوا عليه عمدا أقسموا لمات من كل الضرب وقتلوهم ولو كان منهم الممسك لقتل به لاشتراكهم في السبب وإن لم يقصدوا التعاون وإحدى الضربات نافذة ولا يعلم ضاربها ولا يعلم أنها قتلت واختلطت الضربات اقسموا لمات من ذلك الضرب وتفرق الدية عليهم في أموالهم ويسقط القصاص للنفس ومثله إن مات بالفور وقالوا لا ندري أي الضربات قتله أو نفذت إحداها مقاتله ولا يدرون أيهم ضربها أو ضربه أحدهم عمدا والآخر خطأ ومات بالحضرة فلا يقتل المتعمد لعدم يعينه وعليه نصف الدية وفي تحمل عاقلة المخطىء نصف الدية قولان لأنه يحمل بالشك ولا يسقط نصف الدية عن المتعمد لأن الظالم أولى أن يحمل عليه فإن كان الضربتان خطأ وشكوا في القاتلة فيختلف هل تفض الدية على عاقلتها أو تسقط للشك وفي الجواهر لا يقتل بالقسامة إلا واحد لأنه المتحقق وقال المغيرة يقتل بها الجماعة تنبيه أحمد في قتل واحد وقاله الشافعي في القديم وعنه تقتل الجماعة بها وقال ( ح ) و ( ش ) في الجديد لا يقتل بالقسامة أصلا بل الدية لنا حديث ابن سهل وقوله عليه السلام فيه ( وتستحقون دم صاحبكم ) فجعل الدم مستحقا بالحلف وفي بعض طرقه ( يحلف خمسون رجلا منكم على رجل منهم فيعطى برمته ) ولأنهم ادعوا العمد وموجبه القصاص وقياسا على ما إذا نكل المدعون ولأنه مروري عن النبي أنه قتل بالقسامة احتجوا بأنه أيمان فلا يقتل بها كالشاهد واليمين ولأنه تخمين فيكون فيه شبهة والجواب عن الأول الفرق أن هذه خمسون يمينا ولا قياس قبالة النص فيكون باطلا وعن الثاني ليس مجرد الاحتمال مانعا وإلا لما اقتص مع البينة لقيام الاحتمال فلم يبق إلا اعتبار الظن الغالب وهو حاصل من خمسين يمينا ولا قياس واحتجوا على قتل الكل بأنها حجة يقتل بها الواحد فيقتل بها الجمع كالبينة وجوابه الفرق أن البينة شاهدت وعاينت الحالة وها هنا لم يتعين ولم يدر فقتلنا الجميع
النظر الثالث فيما يترتب على الجناية وهو ثمانية آثار الأثر الأول القصاص والبحث عن محله وشروطه وكيفيته ومن يتولاه فهذه أربعة أبحاث البحث الأول في المحل وهو أربعة النفس والعضو والمنفعة والجرح المحل الأول في النفس وأصلها قوله تعالى ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ) وفي الكتاب يقتل الصحيح بالسقيم الاجزم الأبرص المقطوع اليدين والرجلين وإنما هي النفس لقوله تعالى ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) وشرع من قبلنا شرع لنا والرجل بالمرأة والمرأة بالرجل وفي الجرح بينهما القصاص قال اللخمي تقتل المرأة بالرجل وليس على أوليائها فضل دية الرجل ويقتل البالغ بالصغير والعاقل بالمجنون ولا يقتص منهما لأن القاص عذاب لا يثبت إلا مع التكليف فعمدهما خطأ فإن جن بعد القتل ولم يفق قال محمد إن أيس منه فالدية في ماله وقال المغيرة يقتص منه نظرا لحالة الجناية وإن ارتد ثم جن لم يقتل لأن حقوق العباد أقوى قال وهو بين لأنه يأخذ حقه ناقصا كما يقتل العبد بالحر ولا يقتل الحر بالعبد ولا المسلم بالنصراني في قتل ولا جرح ويقتص من العبد والنصراني في النفس لأن الدني يقتل بالأعلى بخلاف العكس واختلف في الجرح فعن مالك لا يقتص منهما فيها وعن القصاص قياسا على النفس وعنه منع القصاص في العبد دون النصراني لأن العبد يسلم والنصراني لا يسلم وفي ذلك تسليط عن المسلمين يقلع عين المسلم ويعطيه دراهم ويعينه أهل جزيته وقال ابن نافع يخير المسلم في القصاص والدية والقصاص بين العبد كالأحرار في النفس والجرح والذكران والإناث سواء لأن الحق للسيد في القصاص وأخذ العقل ومن فيه علقه رق كالقن من المكاتب والمدبر وأم الولد واستحسن أن يقتص من المعتق بعضه للقن وفي الحديث ( يرث هذا بقدر ما أعتق منه ويعقل هذا بقدر ذلك ) ولا يقتص من العبد المسلم للحر النصراني لشرف الإسلام لقوله عليه السلام ( ألا لا يقتل مسلم بكافر ) واختلف في القصاص له من النصراني أثبته أشهب بغلبة الإسلام على شائبة الرق ونفاه سحنون للرق وعلى الأول اختلف في الخيار للسيد فنفاه ابن القاسم وقال لا يعفو من الدية كالحر يقتص أو يعفو على غير شيء وقال محمد له أخذ الدية لأنه أتلف ماله ويقتص للنصراني من النصراني ومن اليهودي في النفس ولا جراح إذا دعا لذلك أولياء المقتول لأنه تظالم
فرع في الكتاب إذا قتل نفر امرأة أو صبيا قتلوا لاشتراكهم في السبب أو عبدا أو ذميا غيلة قتلوا به لأن حق الله تعالى في درء المفاسد الحرابة وإن قتل مسلم كافرا عمدا ضرب مائة وحبس عاما أو خطا فديته على عاقلته أو جماعة فالدية على عواقلهم قال ابن يونس يقتل النصراني بالمجوسي ويقتل المجوسي به وباليهودي وإن قتل مسلم ذميا فديته على عاقلته أو جماعة فالدية على عواقلهم وإن شهد عدل أن مسلما قتل نصرانيا عمدا فعن مالك يحلف المشهود عليه خمسين يمينا قال أشهب ويضرب ويحبس حلف أم لا وعنه وعن ابن القاسم يحلف ورثة الذمي يمينا كل واحد منهم ويأخذ من ديته ويضرب ويحبس قال محمد وهو أحب إلينا إن كان بقول النصراني حلف المدعي عليه خمسين يمينا ولا يضرب ولا يحبس فإن حرجه فمات من جرحه قال ابن عبد الحكم يحلف ولاته يمينا واحدة ويستحقون الدية لأنه لا قسامة لهم قال مالك إن جرح مسلم عبدا أو نصرانيا فأنفذ هذا وعتق هذا وقال دمي عند فلان وللنصراني أولياء مسلمون وللعبد أولياء أحرار أقسموا مع قوله واستحقوا الدية في مال الجاني قال المغيرة إن قتل نصراني نصرانيا فخاف الجاني فأسلم قتل
فرع في الكتاب إن قتله جماعة فللولي قتل من أحب أو العفو أو الصلح وإن عفا المقتول عن أحدهم فللوارث قتل الباقي لأنه حقه كما لو أبرأ من بعض الدين ووافقنا ( ش ) و ( ح ) ومشهور أحمد وعنه وعن جماعة من التابعين والصحابة عليهم الدية وعن الزهري وجماعة يقتل منهم واحد وعلى الباقي حصصهم من الدية لأن كل واحد مكلف له فلا يستوفى ابدال في مبدل واحد كما لا تجب ديات ولقوله تعلى ( الحر بالحر ) وقال تعالى ( النفس بالنفس ) ولأن تفاوت الأوصاف يمنع كالحر والعبد فالعود أولى لنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم على أن عمر ضي الله عنه قتل تسعة من أهل صنعاء برجل وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم وقتل علي رضي الله عنه ثلاثة وهو كثير ولم يعرف لهم مخالف في ذلك الوقت ولأنها عقوبة كحد القذف ويفارق الدية لأنها تتعبض دون القصاص ولأن الشركة لو أسقطا القصاص وجدت ذريعة للقتل ووافقنا ( ش ) وأحمد في عدم القاص بين المسلم والذمي وقال ( ح ) يقتل المسلم بالذمي لنا ما في البخاري ( لا يقتل مسلم بكافر ) احتجوا بقوله تعالى ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) وهو مظلوم وبقوله تعالى ( النفس بالنفس ) وسائر العمومات والجواب عن الجميع بأن دليلنا خاص فيقدم على العمومات وخالفنا ( ح ) في قتل الحر بعبد الغير وقال الثوري يقتل بعبده وعبد غيره ووافقنا ( ش ) وأحمد لنا قوله تعالى ( الحر بالحر والعبد بالعبد ) والقصاص لغة المماثلة ولا مماثلة وقاله الصديق وعلي رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة وقال علي رضي الله عنه السنة أن لا يقتل الحر بالعبد ولأنه مال كالبهيمة احتجوا بالعمومات وما ذكرناه أخص فيقدم وعندنا يقتل الوالد بولده إذا تحققنا قصد القتل وقال ( ش ) و ( ح ) لا يقتل لنا العمومات احتجوا بما روي عن النبي أنه قال ( لا يقتل والد بولده ) والجواب منع الصحة ووافقنا ( ش ) في القصاص في المثقل ومنع ( ح ) لنا العمومات وفي البخاري ( أن النبي اقتص من اليهودي الذي قتل الجارية بالحجر ) ( وكونه اقتص بالحجر يدل ) على أن القتل لم يكن إلا قصاصا لا نقضا للعهد كما يتأوله الحنفية احتجوا بقوله عليه السلام ( لا قود إلا بحديدة ) وبقوله عليه السلام في الصحيح ( إن في قتيل العمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل ) والجواب عن الأول أن معناه لا يقتص إلا بالسيف والنزاع في القتل الأول ولم يتعرض له الحديث عن الثاني هو محمول على مثل قتل المدعي عنه فيكون فيه العمد من جهة قصد الضرب والخطأ من جهة شفقة الأبناء فيجتمع الشبهان فيكون عمدا خطأ ونحن نقول به وخالفنا ( ش ) و ( ح ) في قتل الممسك وقالا يقتل القاتل وحده لنا العمومات المتقدمة وقول عمر رضي الله عنه لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم ولا ممالأة أتم من الإمساك وقياسا على الممسك للصيد على المحرم فإن عليه الجزاء أو على المكره المحل الثاني العضو وفي الكتاب إن قطع جماعة يدا قطعت أيديهم كلهم وكذلك العين وإنقطع يده من نصف الساعد اقتص منه ( أو بضعة من لحمه اقتص منه ) لقوله تعالى ( والجروح قاص ) وقوله تعالى ( العين بالعين ) ولا قود في اللطمة قال ابن القاسم ويقاد في ضربة السوط وعن مالك لا قود فيها كاللطمة بل الأدب لعدم الانضباط وإن فقأ عين جماعة اليمنى وقتا بعد وقت ثم قاموا فقئت عينه بجميعهم وكذلك اليد والرجل كالنفس وإن قام أولهم أو آخرهم فله القصاص لثبوت حقه ولا شيء لمن بقي للتعذر وكذلك لو قتل رجلا ثم رجلا فقتل فلا شيء عليه للثاني قال ابن يونس إن قطع يمينه فذهبت يد القاطع بأمر سماوي أو سرق فقطعت فلا شيء للمقطوع يده في الكتاب إن قطعت يد القاطع خطا وقد قطع عمدا فديتها للمقطوع الول لأنها بدل اليد أوعمدا اقتص من قاطع قاطعه لأنه أتلف المحل ويده بدله كمن قتل قاتله فديته لأولياء المقتول الأول ويقال لأولياء المقتول الآخر أرضوا أولياء الأول وشأنكم بقاتل وليكم وإلا فلأولياء الأول قتله أو العفو ولهم عدم الرضا بما بذلوا لهم من الدية أو أكثر ومن حبس للقصاص ففقأ رجل عينه أو جرحه فله القود في لعمد والدية في الخطأ والعفو ولا شيء لولاة المقتول في ذلك كله وإنما سلطناهم على من أذهب نفسه لأنها المستحقة لهم وكذلك لو حكم القاضي بقتله وأسلمه إليهم فقطع رجل يده عمدا فله القصاص ومن قطعت يده عمدا أو قد قتل وليك فله القصاص برأي أهل المعرفة قال ابن يونس إن قلع عين رجل ففقأ آخر عين الفاقيء ومات الفاقيء الثاني فلا شيء للمفقوء الأول لفوات المحل وإن قطع يديه من المنكب وقطعت يد القاطع من الكف فللأول قطع كف قاطع قاطعه أو قطع يد قاطعه من المنكب لأنه بقية حقه وإن قتل قاتل وليه قبل وصوله للإمام فلا شيء عليه غير الأدب لجنايته على حق الإمام وليلا يتجرأ الناس على الدماء قال اللخمي عن مالك إذا قتله خطأ لا شيء لأولياء الأول والدية لأوليائه بفوات المحل والدية مرتبة على الفوات ولم يختلف أن لأولياء الأول أن يقتلوه دون أولياء الثاني أو يعفوا عنه على مال يكون عندهم وعن عبد الملك لأولياء الثاني دفع الدية لأولياء الأول ويقتص لنفسه وما في الكتاب أحسن لأن ولي الأول استحق دمه فله القصاص أن لا يرضى بعوض المثل لأنه مبايعة فإن قطع يدا عمدا فقتل القاطع خطأ أو عمدا فصالح أولياءه على مال قيل لا شيء لمن قطعت يده لأن المأخوذ عن النفس وقال محمد للمقطوع يده حقه من ذلك لأن النفس مشتملة على الأعضاء فإن قطعت يده من الكف وقد قطع من المنكب ففي الموازية عن ابن القاسم اقتص المقطوع الأول من قاطع قاطعه من الكف ولا شيء على قاطعه أو يقطع قاطعه من المنكب ويخلي قاطعه بينه وبين قطع كفه قال محمد بل الأول أحق بقطع كف القاطع الثاني ثم يقطع ما بقي له من منكب قاطعه لأنه مستحق جميع ذلك العضو
فرع في الجواهر كل شخصين يجري بينهما القصاص في النفوس في الجانبين يجري في الأطراف وإن كان أحدهما يقتص منه ( الآخلا ولا يقتص الآخر منه ) في النفس ( قال مالك في الكتاب وإن كان أحدهما يقتص منه في كالعبد يقتل بالحر والكافر بالمسلم ولو قطع العبد أو الكافر الحر المسلم لم يكن له أن يقتص منهما في الأطراف في ظاهر الأمر لأن الأصل في القصاص المساواة خالفناه في النفس لعظمها بقي الأصل في الأطراف على قاعدته وخير ابن عبد الحكم المسلم في القصاص وأخذ الدية قال الأصحاب والصحيح أن له القود ولا يشترط في القصاص في الأطراف التساوي في البدن وإن اشترط التساوي في المنفعة فيقطع يد الرجل بالمرأة ولا تقطع السليمة بالشلاء ولا يشترط التساوي في العدد بل الأيدي واليد عند تحقق الاشتراك بأن يوضع السكين على اليد ويتحاملوا كلهم عليها حتى تبين فإن تميزت الجنايات بأن قطع أحدهما بعضا وأبانها الآخر أو وضع أحدهما السكين من جانب والآخر من الجانب الآخر حتى التقيا فلا قصاص إلا في مساحة ما جرح إن عرف ذلك لأنه جنايته ويجب القصاص في جميع المفاصل إلا المخوف منها للأدلة المتقدمة وفي معنى المفاصل أبعاض المارن والأذنيين والذكر والأجفان والشفتين والشفرين لأنها تقبل التقدير وفي اللسان روايتان والقاص في كسر العظام إلا ما كان متلفا كعظام الصلب والصدر والعتق والفخذ ونحوه وكل ما يعظم الخطر فيه كائنا ما كان لقوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ولو قطع اليد من المرفق لم يجز القطع من الكوع وإن رضي المقتص منهوإن كسر عظم العضد ففيه القصاص ولو قطع من الرفق وكانت يده مقطوعة من الكوع فطلب المجني عليه القطع من المرفق أجازه ابن القاسم لأنه حقه ونفاه أشهب لعدم المماثلة وفي النوادر قال ابن القاسم إن ضربه فشلت يده أو رجله فعليه القود يضربه كما ضربه فإن شلت وإلا فالعقل في مال الضارب قال أشهب هذا إذا جرحها أما إن ضربه على رأسه فبطلت يده فلا قصاص وفي الأنف والترقوة والضلع وفي إحدى قصبتي الأنف اليد القصاص إن قدر عليه وكذلك الظفر قاله مالك قال سحنون هو كسر الصبي الذي لم يثغر لأنه ينبت قال ابن القاسم لا قود في هاشمة الرأس ولأنه لا بد أن تعود منقلة بخلاف هاشمة الجسد إلا الفخذ قال مالك والقصاص في اللسان إن أمكن وإن عضه فقطع منه ما منع الكلام شهرين ثم تكلم ناقصا اقتص منه لأني أخاف أن يذهب من كلامه أكثر من ذلك وقال أشهب اللسان مخوف لا قود فيه وقاله مالك وفي الانثيين القصاص إن قطعتا أو أخرجتا دون الرض لأنه متلف قال مالك إن ضربه فأذهب بصره والعين قائمة اقتص إن أمكن وإن فقأها فقأت عينه قال ابن القاسم البياض كقيام العين ومنع أشهب القود في البياض لتعذره قال مالك وفي إنزال الماء في عينه القود إن أمكن وقال عبد الملك لا قود في العين إلا أن تصاب كلها قال المغيرة لا قود في نتف اللحية أو الشارب أو الرأس أو بعض ذلك بل العقوبة والسجن لاختلاف عظم اللحى في مسكة الشعر وإنباته وعنه في الجميع القود دون البعض لأنه لحية بلحية وشارب بشارب قال ابن القاسم إن حلق الرأس واللحية والحاجبين فالأدب دون القود وقال أشهب القود في الشارب وأشفار العينين فإن نبت للجاني ولم ينبت للأول فعليه قدر شين ذلك وقال أصبغ فيه القصاص بالوزن غيره لاختلاف اللحى بالصغر والكبر وإن قتل المجروح قاطع يده قتل به وذهبت يده لذهاب المحل وإن قطع يد أربعة اليمنى فعفا أحدهم فللباقي القطع لأنه مستحق أو سبق بعضهم فقطع يمينه فلا شيء للباقي فإن قطع أصابعه فقطع هو يده من الكوع قطع الأول الكف بعد الأصابع وإن قطع صحيح يدا شلاء ( وقطع الأشل يد الصحيح فللصحيح فضل الدية بعد الحكومة في يد الأشل ) فإن ابتدأ الأشل رجع عليه بما بين حكومة يد شلاء أو دية يد صحيحة وإن سلم له في القصاص في النفس فضربه فقطع يده وقتله بالثانية عن تعمد ذلك أدب فقط وغلا فلا أدب عليه قال عبد الملك إن شلت يد الجاني فضرب رجل اقتص منها شلاء ورجع المجني عليه على الذي أشلها بدية كاملة وإنما لا يقتص من الشلاء قبل الجناية وقال مطرف هما سواء في عدم القصاص
فرع في النوادر قال ابن القاسم إن قطع أصابع رجل ثم كفه فإنما له قطع الكف أو أنملة من سبابة رجل وسبابة من آخر فإنما لهما قطع سبابته أو أصابع رجل ويمين آخر قطعت اليمين لهما فإن قام صاحب الأصابع فقطع به قطع للباقي البقية أو رجلا من الكوع ولآخر ذراعا بغير كف لم يقطعاه من المرفق لأن صاحب الذراع لم يكن له يوم الجناية إلا حكومة ولصاحب الكف القصاص من الكوع وإن جنى على الذراع بعد أن اقتص منه صاحب الكف اقتص للتساوي أو اصبعين ولآخر كفا فيها ثلاثة أصابع فللثاني ثلاثة أخماس الدية وللآخر القصاص وإن جنى على الكف بعد أن اقتص منه في الأصبعين اقتص للتساوي إن كانت الأصابع نظير الأصابع الثلاثة للجاني قال سحنون إن قطع من المنكب ( والآخر من المرفق وسرق قطع من المنكب ) لذلك كله ثم رجع فقال يقطع من الكوع للسرقة ثم يقطع للباقين قال وإن قطع كفا ثم لآخر ذراعا بغير كف ولآخر عضدا بغير ذراع قطع الكف ثم الذراع سقط قصاص العضد دون الكف أو عفا صاحب العضد لم يسقط الباقيان المحل الثالث المنافع في الجواهر في السمع والبصر القصاص عند إيضاح الرأس بالسراية بأن يقتص منه في الموضحة فإن ذهب سمعه وبصر هـ فقد استوفى وإلا فعليه دية ما لم يذهب في ماله عند ابن القاسم وقال أشهب على عاقلته فإن ذهبت عنه من لطمة ونحوها فلا قصاص كالضربة بعصا من غير أن يدمي المحل الرابع الجراح وفي الجواهر القصاص في الموضحة وهي التي توضح العظم من الرأس أو الجبهة وإن كان مثل مدخل إبرة وفي الحارصة وهي شق الجلد وفي الدامية وهي التي تسيل الدم والسمحاق وهي التي تكشف الجلد والباضعة وهي التي تبضع اللحم والمتلاحمة وهي التي تغوص في اللحم غوصا بالغا وتقطعة في عدة مواضع والملطاة وهي التي يبقى بينها وبين العظم ستر رقيق ولا قصاص فيما بعد الموضحة من الهاشمة العظم والمنقلة له على خلاف فيها خاصة والآمة وهي البالغة إلى أم الرأس والدامغة وهي الخارقة لخريطة الدماغ وفي هاشمة الجسد القصاص إلا المخوف كالفخذ ولا قود في هاشمة الرأس عند ابن القاسم لأنها تعود منقلة وقال أشهب فيها القصاص إلا أن تصير منقلة فائدة في التنبيهات عند أهل اللغة أولها الحارصة بحاء مهملة وصاد مهملة وهي التي حرصت الجلد أي شقته وهي الدامية لأنها تدمي وهي الدامعة بعين مهملة لأن الدم ينبع منها كالدمع وقيل الدامية أولا لأنها تخدش فتدمي ولا تشق جلدا ثم الحارصة لأنه شقته وقيل هي السمحاق : كأنها جعلت الجلد كسماحيق السحاب ثم الدامعة لأن دمها أكثر الزمان يقطر كالدمع ثم الباضعة وهي التي أخذت في اللحم وبضعته وهي المتلاحمة بعد الباضعة لأنها أخذت في اللحم في غير موضع ثم الملطاء بكسر الميم ويقال ملطاة وهي التي قرت من العظم بينها وبينه فصيل من اللحم وقيل هي السمحاق ثم الموضحة وهي التي كشفت عن العظم ثم الهاشمة التي هشمت العظم ثم المنقلة وهي التي كسرت العظم فتحتاج إخراج بعض عظامها لإصلاحها وتختص بالرأس المأمومة التي أفضت لأم الدماغ وبالجوف الجائفة التي نفذت إليه والقصاص في جميع الجراح إلا المنقلة والمأمومة والجائفة للخطر وتوقف مالك في القود في هاشمة الرأس وقال لا أرى هاشمة إلا وهي منقلة
فرع في النوادر قال مالك إن جرحه عمدا ثم قتله آخر فالقتل يأتي على الجراح في رجل أو رجال فإن عفي عن دمه أقيد منه من الجراح فإن قتل عمدا وجرح وآخر خطأ أو قتل أو الخطأ أولا فهو على عاقلته ويقاد منه في العمد وإن جرح جماعة ( جرحا وأخذ جرح ذلك الجرح للجميع كالعضو فإن عفا أحدهم فللباقي القصاص قال مالك إن ضرب جماعة ) فوجدت موضحة لا يعلم جارحها فالعقل عليهم كلهم قال ابن القاسم لا يدري من شجه فإذا حلف حلفوا ما شجوه فإن نكلوا أو حلفوا فالعقل عليهم أو بعضهم ونكل البعض فالعقل على الناكلين قال ابن القاسم ليس له أن يقول فلان جرحني كما يقول فلان قتلني إلا قوم قد شهد عليهم بالقتال بينهم فيظهر بأحدهم جرح فيدعي المجروح أن واحدا جرحه فيحلف ويقبض فإن وجد به أربع موضحات قال مالك يحلف على من يزعم أنه شجه ويستفيد وكذلك إن قال إن واحدا شجها كلها وإن لم يحلف فلتجعل الشجاج على جماعتهم قال المغيرة إن قال لا أدري أيهم شجني حلف كل منهم أنه ما شجه ثم الشجاج بينهم ولا قد عليهم فإن شهدت بينة أنهما ضرباه ضربتين لكل واحد ضربة لم يضربه غيرها ووجد به موضحة ومنقلة سئل من جرحه الموضحة ومن جرحه المنقلة ويقبل مع يمينه وإن جهل حلف ما يدري سبيلا فإن ادعى كل واحد الموضحة ونفس المنقلة حلف وأخذ الموضحة من أيهما شاء قودا ومن الآخر نصف عقل منقلة ويقبل قول المجروح أبدا إذا ثبت الضرب غلا أن يستدل أن الجرح قديم وما أشكل يحلف ويقتص منه إن شهد اثنان بالضرب وواحد با قال مالك إن تراموا بجرح أحدهم لا تقبل شهادة بقيتهم أن فلانا جرحه لأنهم يدفعون عن أنفسهم وعليهم العقل وإن قال جرحني هذا ثلاث جراحات فقال بل جرحتين حلف المجروح على الثالثة واقتص منه من الثلاثة لاعترافه بأصل الجراح نظائر قال أبو عمران أربع عشرة مسألة تعتبر فيها السنة الجرح لا يحكم فيه إلا بعد البرء والسنة واللقطة والعبد الآبق يحبس سنة ثم يباع والمجنون والمعترض والعهدة في الرقيق للأدواء الثلاثة والمستحاضة والمرتابة والمريضة في العدة والشفعة عند أشهب وابن القاسم يزيد الشهرين واليتيمة إذا مكثت سنة في بيت زوجها المشهود عليه بالطلاق إذا أبى أن يحلف حبس سنة وحيازة الهبة سنة ثم لا يضر الرد والموصى بعتقه وامتنع أهله من بيعه ينتظر سنة فإن باعوا عتق بالوصية قال صاحب التنبيهات اختلف في الإستيناء بالجراح سنة إذا ظهر برؤها قبلها فتأول بعض الشيوخ أنه لا بد من السنة مخافة أن ينتقض حتى يمر عليه الفصول الأربعة وقاله ابن شاس وقال غيره خلافه وهو ظاهر ما في الأصول ولا معنى للانتظار بعد البرء فإن نفدت السنة ولم يبرأ ففي الكتاب ينتظر برؤها بعد السنة ولا قود ولا دية إلا بعد البرء وقال أشهب ليس بعد السنة انتظار في الخطأ ويعقل الجرح بحاله عند تمامها ويطالب بما زاد بعد تمامها قال صاحب النكت لابد من السنة إن برىء قبلها وأمن من الانتقاض وقال أحمد لا يقتص إلا بعد الاندمال وقال ( ش ) يجوز قبله وبنى مالك ومن معه على أصلهم أن الطرف إذا سرى للنفس يسقط في الطرف القصاص وعند ( ش ) لا يسقط واستظهرنا نحن بالسنة لاحتمال الانتقاض في أحد الفصول الأربعة لنا ( أن رجلا طعن بقرن في رجله فجاء النبي فقال أقدني فقال رسول الله دعه حتى يبرأ فأعادها عليه مرتين أو ثلاثا والنبي يقول حتى يبرأ فأقادها منه ثم عرج المستقيد فأتى النبي فقال برىء صاحبي وعرجت رجلي فقال النبي لا حق لك ) ولأنه موجب الجناية فلا يعجل كالدية والأرش ولأنه قد سرى للنفس فيؤول الحال للقصاص في النفس لا في غيرها احتجوا بقوله تعالى ( والجروح قصاص ) والأصل تعجيل مسببات الأسباب والجواب أن للقصاص وذلك معلوم قبل السنة فينتظر البحث الثاني في شروط القصاص وهي ستة الشرط الأول عدم التعدي إلى الزيادة وقد تقدم ما فيه خطر في الأطراف والجراح وفي الكتاب يقتص من اليد من المنكب وفي الكتاب وشجه موضحة ومأمومة في ضربه متعمدا اقتص من الموضحة وحملت العاقلة المأمومة وإن أوضحه فأذهب سمعه وعقله أقيد من الموضحة بعد البرء ثم ينظر إلى المقتص منه فإن لم يذهب بعد البرء سمعه وعقله ففي ماله عقل الأول لأنه عمد وإن قطع أصبعا فشلت اليد اقتص في الأصبع فإن برئت ولم تشل اليد فعقلها في ماله وفيه خلاف وإن قطع كفه فشل الساعد فعلى عاقلته دية اليد لأنها ضربة واحدة الشرط الثاني أن يكون القاتل أعلى رتبة وللعلو أساب أربعة السبب الأول الإسلام فلا يقتص من مسلم لكافر ولا من حر لعبد وتقدم الخلاف فيه والتعذير وفي الجواهر إذا صادف القتل تكافؤ الدماء لم يسقط القصاص بزواله كالكافرين يسلم أحدهما بعد الجناية أو أحد العبدين ولا يعتبر التفاوت في فاقد العصمة فيقتل الذمي بالمعاهد فإن تغير حال الذمي قبل إصابة السهم ثم أصابه السهم ثم أصابه فالعبرة عند ابن القاسم بحال الإصابة لأنه وقت للسبب وعند سحنون حبال الذمي لأنه وقت اكتساب الجناية فإن عتق العبد الرامي قبل الإصابة قال سحنون الجناية في رقبته اعتبارا بحال الرمي وقال الأستاذ أبو بكر من يعتبر حال الإصابة فالدية على العاقلة وعكسه لو رمى عبدا فعتق قبل الإصابة فعلى الأصلين تجب إما دية حر أو قيمة عبد فإن رمى عبد نفسه ثم أعتقه قبل الإصابة تخرجت الدية على ما تقدم فإن رمى مرتدا فأسلم أو حربي فأسلم قبل الإصابة فقتله أو جرحه قال سحنون لا قصاص على الرامي لأنه رمى في وقت لا قود فيه ولا عقل وعلى قول ابن القاسم الدية عليها حالة في ماله لأنه لو جرح وهو مرتد ثم مات من جرحه بعد أن أسلم أقسم ولاته لمات منه وديته في ماله ولو رمى صيدا وهو حلال ولم تصل إليه الرمية حتى أحرم فعليه جزاؤه قال الأستاذ أبو بكر إن قطع مسلم يد مسلم ثم ارتد المقطوع وماتمرتدا أو قتل اقتص منا لجاني في اليد ولا يقسم ولاته فيقتلوه لأن الموت كان وهو مرتد فيلزم ابن القاسم من هذا أن الاعتبار بحال العاقبة لا بالمبتدأ وإن رمى مرتد ثم أسلم ثم أصاب سهمه رجلا خطا قال سحنون أنا وإن كنت أعتبر حالة الرمي فها هنا الدية على العاقلة وإن كان ليس من أهل العاقلة وقت الرمي إذ لا عاقلة للمرتد وإنما النظر إلى الدية وقت فرضها ولم يحكم فيها ها هنا حتى أسلم فله عاقلة وقد اتفق الأصحاب أنه إن جنى خطأ ثم أسلم أن عاقلته تحمل ذلك فكذلك هذا وفي قوله الأول الدية في ماله نظرا إلى وقت الجناية واختلف في دية المرتد إن جرح مرتد أو مات من جرحه بالسراية بعد أن أسلم فقيلعلى الدين الذي ارتد إليه وقال ابن القاسم ديته دية مسلم وكذلك لو كان المرمي نصرانيا فاسلم قبل وصول السهم لأنه لا قصاص فيه بل دية مسلم في قول ابن القاسم وفي جرحه دية مسلم عنده وقال أشهب دية نصراني في جرحه قال سحنون ويلزم على قوله لو كان مرتدا وأسلم قبل وصول الرمية أنه لا قود على الرامي ولاد دية لأنه وقت الرمي مباح الدم وقد قال سحنون في عبد رمى رجلا ثم عتق قبل وصول رميته أن جنايته جناية عبد وقال أصحابنا أجمع في مسلم قطع يد نصراني ثم أسلم ثم مات أنه لا قود على المسلم ولأوليائه أخذ ديته دية نصراني أو يقسمون ولهم دية مسلم في مال الجاني حالة في قول ابن القاسم وقال أشهب دية نصراني اعتبارا بوقت الضرب وإن كانت الجناية خطأ وليم يقسم ورثته فلهم دية نصراني على عاقلة الجاني مؤجلة وفي قول ابن القاسم دية مسلم على عاقلته ومن هذا الأصل قطع رجل يد عبد ثم أعتقه سيده م ارتد فسرى إلى النفس ففي قول سحنون الأول عليه لسيده ما نقصته الجناية وعلى قوله الثاني لا شيء على القطاع لأنه صار مباح الدم يوم مات وكذلك إن رمى قاتل أبيه ثم عفا عن القصاص قب الإصابة فعلى قول سحنون الأول لا يحب عليه شيء وعلى الثاني يجب اعتبارا بحال الإصابة أو جنى مسلم على نصراني فتمجس النصراني ثم سرى إلى النفس أو مسلم على مجوسي ثم تهود ثم سرى إلى النفس فعلى قول أشهب دية أهل الدين الأول في المسلمين وعلى القول الثاني الدين الذي انتقل إليه وأما مسلم جرح مسلما فارتد المجروح ثم سرى إلى النفس فلا قود لأنه صار إلى ما أحل دمه قال صاحب القبس اختلف قول مالك في القصاص بين المسلمين والذمة في الأطراف وهي معضلة وهم فيها أصحابنا فظنوا أن مالكا لاحظ فيها على هذه الرواية أنها أموال لأنها يقضى فيها بالشاهد واليمين وهو ينتقض بقوله تقطع الأيدي باليد بل لاحظ أن يد المسلم تقطع بالجناية على مال الكافر بالسرقة فتقطع بالجناية على يده بخلاف النفس لأنها أعظم حرمة ولاحظ في الرواية الصحيحة القياس على النفس والقطع في السرقة حق لله تعالى لا لمال الكافر كما لو قتل المسلم الكافر حرابة فإنه يقتل به وروى ( ش ) هذه الرواية وقال ( ح ) تعتبر المماثلة في الدية وقد تقدم بسطه السبب الثاني الحرية وفي الجواهر لا يقتل حر برقيق ولا من بعضه لاق ولا فيه عقد من عقود الحرية كتابة أو تدبيرا وأم ولد أو معتق إلى أجل كما لا يقطع يد بيد أحدهم وقتل الرقيق بالحر إن اختار الولي ويقتل المستولد بالمكاتب والمدبر ومن فيه عقد حرية بمن ليس هو كذلك من الرقيق وكل من لا يقتص لهم من الحر لنقصان حرمتهم بالرق فدماؤهم متكافئة يقتص لبعضهم من بعض وإن رجح بعضهم على بعض بعقد حرية أو بحصول بعض الحرية ولا يقتص من العبد المسلم للحر الذمي تغليبا للإسلام ويخير سيده في افتكاكه بديته أو يسلمه فيباع على أولياء القتيل ويقتص العبد المسلم منه عند ابن القاسم فإن قال سيده لا أقتله وآخذ قيمة عبدي فذلك له لأنه ماله وقال سحنون إنما ع ليه قيمته لأنه سلعة أتلفها واختلف قول ابن القاسم فقال يضرب ولا يقتل قال ابن القاسم وليس للسيد أن يعفو على الدية وهو كالحر يقتل الحر ليس فيه إلا القتل أو يصطلحان على دية شيء وقال أصبغ فيه العفو إلا أن يكون غيلة ويصير كالنصراني يقتل الحر المسلم على العداوة والنائرة فلوليه العفو على الدية والقتل قال محمد الأحسن أن يخير السيد في قتل النصراني أو أخذ قيمة عبده لأنه مال أتلفه عليه السبب الثالث الأبوة وفي الجواهر هي عند أشهب تمنع القصاص مطلقا فلا يقتل الأب بابنه بحال والمذهب لا يدرأ إلا مع الشبهة إذا أمكن عدم القصد له وادعى كما لو حذفه بالسيف أو بغيره فقتله ثم ادعى عدم إرادة القتل بل أدبه لأن شفقة الأب شبهة شاهدة بعدم قصد القتل وهو مورد السنة في فعل المدلجي بابنه فإن فعل ما لا شبهة معه كشق جوفه أو ذبحه أو وضع أصبعه في عينه فأخرجها فالقصاص وكذلك إن اعترف بقصد القتل وإن كان الاحتمال قائما لأنه كشف الغطاء عن قصده وفي معنى الأبوة الأجداد والجدات من قبل الأب والأم ومن لا يرث قاله عبد الملك وقال سحنون اتفقوا على أنها تغلظ في الجد والجدة وقال سحنون كالأجنبيين وحيث قلنا بالقصاص يجب أن يكون القائم بالدم غير ولد الأب من العصبة ونحوها
فرع في النوادر قال مالك إن ضرب امرأته بسوط أو حبل في عينها أو غيرها ففيه الدية دون القتل ويقتل الخ بأخيه إن قتله عداوة وأما على وجه الأدب فالعقل كالمعلم والصانع والقرابة يؤدبون ما لم يتعمدوا بالسلاح
فرع قال قال ابن القاسم إن قتل العبد ابنه كفعل المدلجي فسلمه لورثة أبيه لا يعتق عليهم ويباع ولو جرح أباه فأسلم إليه يعتق عليه السبب الرابع فضل الذكورة وهي غير معتبرة عندنا وعند أهل العلم المشاهير وعن طائفة إذا قتلت رجلا قتلت واخذ من أوليائها نصف الدية أو قتلها رجل أخذ أولياء المرأة نصف ديته ونحوه عن علي رضي الله عنه لقوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة ) والقصاص لغة المماثلة فيجب التماثل وقوله تعالى ( وليس الذكر كالأنثى ) ولقوله ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) والجواب عن الأول أنه مخصوص بالصغير مع الكبير والعالم العابد الشجاع البطل مع ضده في ذلك فتخص هذه الصورة بالقياس على ذلك بل التفاوت هناك أكثر ولأن المرأة ساوته في الحدود والتكاليف فكذلك ها هنا وعن الثاني أنه نزل في بطلان ما كانت العرب عليه من أن القبيلة إذا غزت وقتل منها حر من القبيلة المغزوة بذلوا موضعه عبدا أو امرأة أو قتل عبد من المغروة لعبد من المغزوة أو حرة بحرة طلبوا موضع العبد حرا والمرأة رجلا وهو طريق الجمع بينه وبين قوله تعالى ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) وقيل المراد بالحر جنسه الشامل للذكر والأنثى وكذلك العبد فالعبد والأنثى سواء فأعاد ذكر الأنثى بالأنثى إنكارا لما كانت الجاهلية عليه واستدلال الخصم إنما هو بمفهوم الآية أي الحر بالحر مفهومه لا أن الإجماع على القصاص وإنما الخلاف في أخذ مال معه كما تقدم الشرط الثالث المماثلة في العضو فلا يقتص من اليمنى إلا باليمنى وكذلك سائر الأعضاء إذا اختلفت لأنه معنى القصاص لغة وفي الكتاب إن قطع يمينه عمدا ( ولا يمين له فديته من ماله دون العاقلة فإن كان عديما ) ففي ذمته ولا تغلظ عليه الدية في العمد إذا قتلت لتعذر القصاص أصالة بخلاف قبولها وإن فقأ أعور العين اليمنى عينا يمنى خطأ فعلى عاقلته نصف الدية أو عمدا فعليه ديتها في ماله ولا يقتص من اليد أو الرجل اليمنى باليسرى ولا اليسرى باليمنى ولا العين أو السن بمثلها في صفتها وموضعها الرباعية بالرباعية والعليا بالعليا والسفلى بالسفلى فإن تعذر رجع للعقل وإن فقأت عين أعور العين اليسرى ففيها الدية كاملة لأنه لا قصاص في عين الجاني للمخالفة وإن فقأ الأعور عين الصحيح التي مثلها باقية للأعور فللصحيح أن يقتص وإن أحب أخذ دية عينه ثم رجع مالك فقال له القصاص أو دية عين الأعور ألف دينار قال ابن القاسم والأول أحب إلي وإن فقأ أعمى عينا فديتها في ماله لأن العاقلة لا تحمل عمدا وإن فقأ أعور عيني رجل فله القصاص في عينه ونصف الدية في العين الأخرى في التنبيهات قوله إذا فقأ الأعور مثل عينه من الصحيح يخير بين القصاص والدية قيل يتخرج منه قول في التخيير في أخذ الدية في جراح العمد وهو قول ابن عبد الحكم والمشهور خلافه ويتخرج أيضا إجبار القاتل على الدية كقول أشهب وقال أبو عمران الفاسي إذا قال ذلك لعدم التساوي في عين الأعور لأنها أزيد من عين الصحيح لأنه إن اختار القصاص ففي مثل عينه أو الدية فقد دعي إلى صواب قال ويلزمه على هذا الإجبار على الدية وخرج بعضهم على هذه أن لولي القتيل إذا كان القاتلون جماعة أن يلزم كل واحد فيه دية كاملة عن نفسه كديته لأن له قتله واستحياء من أراد وكذلك قاطعوا اليد على كل من عفا عنه دية يد نفسه قال وهو لا يلزم أبا عمران لأن جماعة الأنفس زيادة على نفس على كل حال وفي النكت قوله إذا فقأ الأعور اليمنى عين رجل فله القصاص بعين ونصف الدية من العين الأخرى قال أشهب هذا إذا فقأهما في فور أما واحدة بعد واحدة وتقدمت اليمنى ففيها نصف الدية بعدم النظير وفي الأخرى القصاص أو تقدمت اليسرى التي هي باقية ففيها القصاص وفي الأخرى دية كاملة وقال ابن القاسم خلاف وقوله في الأعور يفقأ عين صحيح بمثلها باقية يخير فلزمه في المسألة المتقدمة إن فقأهما معا أن الحر الصحيح في معنى عين الأعور بعينه أو يأخذ منه دية كاملة وخمسمائة في عينه الأخرى التي ليس لها مثل وإنما جوابه في المسالة على ما قال مالك في آخر أقواله أن ليس له إلا القصاص وبنى أشهب قوله على مذهبة أما على قول ابن القاسم إن تقدمت اليمنى التي لا نظير لها في الأعور فله فيها نصف الدية ويخير في الأخرى بين القصاص وأخذ دية كاملة أو تقدمت من اليسرى التي مثلها باقية خير في القصاص أو دية كاملة عوض ما بقي وله في اليمنى ألف دينار بكل حال لأنها عين الأعور قال ابن يونس في عين الأعور كمال الدية أخذ في الأولى عقل أو ذهبت بأمر سماوي عند مالك وجميع أصحابه قاله عمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز وغيرهم رضي الله عنهم في الجواهر الذكر المقطوع الحشفة والحدقة العمياء واليد الشلاء لا يقتص من صحاح وإن رضي لحق الله تعالى فيه وإن ردت السن فنبتت فله العقل في الخطأ والقود في العمد عند ابن القاسم وقال أشهب القود في العمد فلا عقل في الخطأ والفرق أن المعتبر الجرح حال الجنياة في القود والعقل يوم النظر وإن وقعت سن فأخذ عقلها ثم نبتت لم يلزمه رده ولا يقلع سن البالغ بسن الصبي الذي لم يثغر لأنه فضلة في الأصل وسن البالغ أصل وإن عادت الموضحة ملتئمة لم يسقط القصاص وتقطع يد الجاني الناقصة أصبعا ولا شيء للمجني عليه غير ذلك وروي له الأصبع الناقصة فإن نقصت أكثر من أصبع خير عند مالك بين العقل والقصاص ومنع عبد الملك القصاص لأنه تعذيب وعلى الأول اختار القصاص لبذله أخذ ما نقص من الأصابع قولان لابن القاسم فإن كانت يد المجني عليه هي الناقصة أصبعا الإبهام أو غيره اقتص عند مالك أخذ الذاهب عقلا أم لا وقال أشهب ليس له إلا القصاص قال عبد الملك له ذلك إلا أن يكون الإبهام فلا قصاص قال محمد إن نقصت أصبعين فلا قصاص عند مالك وأصحابه وتؤخذ العين السالمة بالضعيفة من أصل الخلقة أو كبر فإن كان من جدري أو كوكب أو قرحة أو رمية أخذ فيها عقلا أم لا فلا قود وحمله عبد الملك على النقص الفاحش وفي الكتاب إذا أصيبت العين خطا فأخذ عقلها وهو ينظرها ثم أصيبت ففيها القصاص
فرع في الكتاب إن قطع يمين رجل فذهبت يمين القاطع بأمر سماوي أو في قطع سرقة فلا شيء للمقطوع يده بذهاب المحل وإن قطع أقطع الكف اليمنى يمينا من المرفق خير المجني عليه في مثل يده أو قطع اليد الناقصة من المرفق ولا عقله وكذلك من قطعت من يده ثلاثة أصابع فقطع يدا فيقتص من اليد الناقصة أو يأخذ العقل قاعدة الأصل في القصاص ( التساوي لأنه من القص ) ومتى قص شيء من شيء فهو بينهما سواء من الجانبين فهو شرط إلا أن يؤدي إلى تعطيل القصاص قطعا أو غالبا وله مثل أحدها التساوي في أجزاء الأعضاء وسمك اللحم لو اشترط في الجاني لما حصل إلا نادرا بخلاف الجراحات في الجسد وثانيها تساوي الأعضاء الثالث العقول الرابع الحواس الخامس قتل الجماعة بالواحد وقطع الأيدي باليد لو اشترط الواحدة لتساعد الأعضاء ببعضهم وسقط القصاص السادس الحياة اليسيرة كالشيخ الكبير مع الشاب ومنفوذ المقاتل على الخلاف السابع تفاوت الصنائع والمهارة فيها الشرط الرابع حضور الأولياء كلهم واجتماعهم على القتل وفي الكتاب إذا كان القتل بغير قسامة واحد الوليين غائب فإنما للحاضر أن يعفو وله حصته في المدية ولا يقتل حتى يحضر الغائب ويحبس القاتل حتى يحضر ولا يضمن إذ لا ضمان في النفس وإن كان له أولياء صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا ولا ينتظروا ليلا يفوت الدم بخلاف الغائب لأنه تكذيب له ولما قتل ابن ملجم عليا رضي الله عنه أمر الحسن بقتله وكان لعلي رضي الله عنه ورثة صغار فإن كان أحدهما مجنونا مطبقا فللآخر القتل وينتظر المغمي عليه والمبرسم حتى يفيق لأنه مرض وإن مات أحد الأولياء قبل القصاص والقاتل وارثه بطل القصاص لأنه ملك من دمه حصة فهو كالعفو ولبقيتهم حصتهم من الدية لأنه ممكن التوزيع وإن مات وارث الدم فوارثه مقامه في العفو والقتل فإن كان في وارث الولي نساء ورجال فلهن من القتل والعفو ما للرجال لأنهن ورثن الدم عمن له العفو والقتل وفي النوادر إذا كان له ولد صغير وعصبة فلهم القتل أو العفو على الدية كاملة قبل كبر الولد وإن كان بالقسامة فلهم القسامة والقتل والعفو عن الدية فإن نكلوا خير القاتل حتى يبلغ الصبي فيقسمون ويقتلون أو يأخذون الدية قاله مالك قال ابن حبيب إن كان بينة فلا يعفو العصبة ويحبس حتى يبلغ الصبي لقوة البنوة وقوة الثبوت أو بقسامة فلهم العفو على الدية بإذن السلطان ولهم القتل الآن قال مالك وغن لم يكن إلا صغير فالأب يقتل أو يعفو على الدية أو الجد لا الجد للأم لأنه ليس عصبة فإن عدم له ولي فالسلطان أو من يوليه فيكون كالوصي ولا يصالح إن رأى ذلك إلا على الدية في ملأ القاتل وإن لك يكن مليا فله الصلح على دونها وإن صالح في ملائه على دونها طولب القاتل لقوله تعالى ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) ولا يرجع القاتل على الخليفة بشيء وأما القتل فيمتنع وإن أقسم الكبار وللصبي وصي فلا يقتلوا إلا برأيه وإن عفا الأوصياء على الدية جاز لأنه المشروع الأغلب ودخل فيها الكبار لتعذر الدم أو عفوا على غير شيء امتنع وللكبار القتل لضعف شفقة الوصي عن حرقة الولي أو عفا الكبار نظر الوصي فإن رأى أن يأخذه صلحا فعل قاله أشهب قال محمد إن كانوا معهم في درجة واحدة جاز عفو من عفا عنهم لتساوي الرتبة وللباقي حصته من الدية أو طلبوا القتل نظر معهم أولياء الصغار ومن عفا منهم على الدية دخل فيها الباقون والعصبة عند أشهب غير الاخوة من قام بالدم فهو أولى من كبير أو ولي صغير ولا عفو إلا لجميعهم ولا يعفو أولياء الصغار مع الكبار إلا بنصيبهم من الدية وإلا فلهم القتل وعن مالك الوصي أولى بالقتل والعفو على الدية من الأولياء لأنه خليفة الأب قال سحنون لا ينتظر كبر الصغير إلا أن يكون راهق وإلا فللكبير القتل وقال أشهب لا ينتظر الغائب ( إلا إذا كان الأولياء من عفا منهم كان أولى وإن عفا بعض الحضور تم العفو ولا ينتظر الغائب ) وإن كان من قام منهم بالدم كان أولى فلمن حضر القتل ولا يتهم عفوه ويجبس القاتل حتى يكاتب الغائب وليس الصغير كالغائب لإمكان المكاتبة إلا أن يكون بعيد الغيبة فلمن حضر القتل ولا يتهم عفوه قال سحنون كالأسير ونحوه أما إفريقية من العراق فلا وعن ابن القاسم إن غاب بعضهم وهو ممن له العفو أو نكل ردت الأيمان على المدعى عليهم وانظر أبدا ويؤمر من في درجته أن يقسموا لعلهم ينكلون فترد الأيمان ويبطل الدم ( في قسامة سم احتياط ليلا يموت هؤلاء ويقدم الغائب فلابد من . . ) فإن نكل الحاضر الأفقد والغائب أو عفا أو نكل لم يبطل الدم حلف الحاضرون وقتلوا وإن كان واحدا ضم إليه إن وجد من يحلف وإن فقد المضموم مثل الغائب في البعد أو أبعد منه ويقتل قال أشهب لا ينتظر المبرسم والمغمى عليه إن من قام بالدم فهو أولى ولمن بقي الدية وإن كان المبرسم وحده أولى انتظر قال ابن القاسم لا ينتظر المجنون المطبق لبعده عادة وقال أشهب إن كان من عفا كان أولى فللمجنون حظه من الدية وإن كان من عفا من قام بالدية كان أولى فالصحيح القتل بأمر الإمام ولا يقام للمجنون أحد إلا من قام بالقتل فهو أولى قال ابن القاسم إن كان صغير وكبير لم ينتظر بلوغ الصبي ولا يقسم وصية ويقسم الكبير مع بعض العصبة ويكون للكبير القتل مع وصي الصغير أو كبيران وصغير أقسم الكبيران وقتلوا مع ولي الصغير قال ابن القاسم للمقتول وليان قام أحدهما فقتل القاتل لا قتل عليه ويغرم للآخر نصف الدية لأنه أبطل ما كان له أن يعفو عنه على نصف الدية
فرع في النوادر إن عتق ابن المقتول بعد القتل فلا مدخل له في الدم بل يستعين به الأولياء إن احتاجوا وقال مطرف لا يستعين به الأولياء لعدم أهليته عند القتل قال عبد الملك وإن ألحق بأبيه بحكم أدخل في الولاية ويقسم مع من تقدمت قسامته من اخوته بقدر ما لو كان يوم القسامة لاحقا لا قسامة إلا أن يكون أمثاله خمسون قد أقسموا فيستغني عنه وإن كان المقسمون بني عم فلحق ابن سقطت قسامتهم وصار اللاحق له وحده مؤتنف القاسمة قال قال أشهب يقوم مقام الولي إذا مات من ورثته من له القيام بدمه لو كان هو مقتولا وإن ورثه رجال ونساء فلا عفو للنساء إن كن بنات إلا مع العصبة ولا عفو للعصبة إلا بهن وكذلك العصبة والأخوات وإن كان أحد ورثة المقتول بنت الميت أو رجل عصبة فالقود قائم حتى يجتمع كل من في دم المقتول نظر على العفو قال ابن القاسم وأشهب إذا كان للمقتول بنون وبنات فماتت بنت وتركت بنين فلا شيء لهم في العفو ولا القيام لأنه ليس لأبيهم ولهم شيء فإن عفا بعض بني المقتول فلهم نصيبهم من الدية قال محمد إن كانوا أما وبنتا وعصبة وابن عم أو موالي فمن مات فورثته مقامه إلا الزوج والزوجة ومن قام بالدم أولى فإن اختلف وارث الدم ومن بقي من الأصول ( فلا عفو إلا باجتماعهم ويدخل غرماء الوارث إذا مات مع الورثة في القسامة لحقهم ) في المال فهم أولى من الورثة فهم يقسمون ويستحقون وإن أقسم الورثة ولم يعلموا بالغرماء أخر أو خلف الغرماء ما قبضوا شيئا من ديتهم فمن نكل بقي حقه للورثة وإنما يحلف الغرماء إذا أحاط دينهم فيقومون مقام غريمهم الميت مع بقية الأولياء وإن طرأ غريم لم يعلم به حلف ما كان يحلف لو حضر قاعدة الوارث يرث المال دون العقل والرأي والخصائص البدنية والآراء النفسانية فلذلك لا يرث اللعان ولا فيئة الإيلاء ولا ما فوض إليه المتبايعان أو المعلق من المشيئة والاختيار ويرث الشفعة وخيار البيع والرد بالعيب ونحوها لأنه بائع بالمال فكل ما هو مال أو تابع له يورث ما لا فلا واستثنى أمران حد القذف والقصاص لما يدخل فيها على الوارث من الضرر والعار وفقد الإنتصار فجعل له التشفي بالعقوبات والإضرار الشرط الخامس أن يباشر غير المجني عليه ففي الكتاب لا يمكن الذي له القصاص ( في الجرح من القصاص ) لنفسه خشية الزيادة وعدم المعرفة بل يقتص له من يعرف ذلك وفي القتل يدفع القاتل لأولياء المقتول لأن زهوق النفس لا يختلف وينهى عن العبث قال أشهب النفس كالجرح لا يليها الولي خشية التعذيب
فرع قال ابن يونس الجرة في الجرح على المستحق وقال ( ح ) و ( ش ) على المقتص منه وفي الجواهر هو قول عندنا واختاره الشيخ أبو اسحاق ومنشأ الخلاف هل الواجب التمكين للآخر على الجاني أو التسليم فيجب كحكم المسلم فيه لنا أن الأصل براءة الذمة وقياسا على أجرة الحمال في الزكاة لا تؤخذ من المأخوذ منهم احتجوا بأن غاصب الطعام عليه أجرة الكيل وجوابه أنه مال فاشبه السلم الشرط السادس لا يتعدى القتل لغير الجاني ففي النوادر تؤخر الحامل حتى تضع وكذلك في الجراح المخوفة البحث الثالث في مستوفيه وفي الكتاب للوصي أن يستوفي لموليه إذا جرح والولي مقدم عليه في القتل ووارث الولي كالولي في القتل والعفو وإن قتل الأولياء القاتل قبل وصوله إلى الإمام فلا شيء عليهم غير الأدب للجناية على حق الإمام ومن قتل عمدا فكان ولي الدم ولد القاتل كره مالك له أن يقتص وقال أكره له تحليقه فكيف قتله وإن قتل ابن الملاعنة ببينة فلأمه أن تقتل كمن قتل وله أم أو عصبة فصالح العصبة وابن الأم فلها القتل وإن ماتت الم فلورثتها ما كان لها وكذلك ابن الملاعنة وفي الجواهر إن كان الأولياء في القصاص جماعة فهو لجميعهم على فرائض الله وروي لا يدخل النساء فيه وروي يدخلن إلا أن يكون في درجتهن عصبة وعلى لدخول فهل في العقل دون القود أو القود دون العفو روايتان البحث الرابع في كيفية استيفائه وفي الكتاب إن قتل بحجر قتل به أو قتله خنقا خنق أو غرقه غرق أو بعصى قتل بعصا وليس في مثل هذا عدد وإن ضربه بعصوين ضرب بالعصا حتى يموت أو قطع يديه ثم رجليه ثم عنقه قتل ولا تقطع أطرافه قال ابن يونس في موضع آخر إن طرحه في النهر وهو لا يعلم أنه يعوم إن كان لعداوة قتل أو لعب فالدية وقال في المضروب بعصوين ذلك للولي يقتاد بالسيف أو بما قتل به وقال أشهب إن خيف أن لا يموت في مثل هذا أقيد وإن رجي ذلك فضرب ضربتين كما ضرب فإن لم يمت ورجا زيد ضربتين وقال عبد الملك لا يقتل بالنبل ولا بالرمي ولا بالحجارة لأنه لا يأتي على ترتيب القتل بل تعذيب ولا بالنار لأنه تعذيب وقوله لا تقطع أطرافه يريد إلا أن يفعله تعذيبا ومثله فيصنع به مثل ذلك وكذلك إن قطع أصابعه ثم بقية كفه قال اللخمي أصل القصاص التسوية وما تقدم من اقتصاص رسول الله بالحجر من اليهود ومتى طلب الولي القود بأخف مما له لم يمنع لأنه ترك بعض حقه أو بالأشد كقتل الأول بالسيف فأراد الثاني بالرمح منع فإن ذبح الأول لم يمنع من السيف أو بالنار لم يمنع من الرمح أو بالرمح منع من النار أو بالسم قال ابن القاسم ينظر الإمام فيه والأصل إن سقي سما أو طرح من شاهق على سيف أو رمح أقيد بالسيف لأن الأول قد يخطىء قتله فيكون تعذيبا وطولا وأصل قول مالك الفوت بالأول وإن أمكن الخطأ والظالم أحق أن يحمل عليه قال الله تعالى ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم ) قال وأرى أن يمثل به بعد القتل
فرع في الكتاب يقتص في الموضحة بمساحتها وإن أخذت جميع رأس الثاني ومن الأول نصفه قال ابن يونس إن استوعب الرأس ولم يكمل القياس قال مالك لا شيء له كما لو مات الجاني ولا يتم له من الجبهة وقال أشهب إن أخذ ما بين قرنيه ( أخذ من الثاني قرنيه ) وإن كان أكثر وإن نصف بنصف لأنها المماثلة في العضو قال مالك إن قطع ثلث أصبع طويلة قطع من الثاني ثلث أصبعه وإن كانت قصيرة وكذلك الأنملة
فرع قال ابن يونس إن قتله في الحرم جاز قتله فيه أو في الحل فوجد في الحرم جاز القود فيه قاله مالك قال ابن القاسم ويقتل وهو محرم وتفعل حدود الله تعالى كلها في الحرم وقال ( ش ) وفي الجواهر يخرج من المسجد فيقتل خارجه وقال ( ح ) لا يقتل بل يضيق عليه حتى يخرج ووافقنا في قطع الأطراف ( وحد الزنا ) وإذا ابتدأ القتل فيه وعلى الحدود لنا عمومات القصاص والقياس على مبتديء القتل فيه والأطراف وحد الزنا وشرب الخمر وبالأولى لأن الحدود بسقط بالرجوع عن الإقرار وبغيره احتجوا بقوله تعالى ( من دخله كان آمنا ) وبالقياس على ما إذا دخل البيت الحرام ولأنه إذا امتنع قتل الصيد فالآدمي أولى والجواب عن الأول أنكم خالفتم الأمر بمنعكم إياه الطعام والشراب ولأنه خبر عما مضى ولا نسلم أن ( من ) شرطية ولا أن ( كان ) للدوام وانتم لا تؤمنوه إذا ابتدأ القتل ولا في الأطراف ولأن الذبائح تقع فيه وعن الثاني أن حرمة البيت أعظم
فرع في الجواهر إن زاد الطبيب المستحق على المستحق في القصاص فعلى عاقلته إن بلغ الثلث من الدية وإلا فعليه
فرع قال يؤخذ القصاص فيما دون النفس للحر المفرط والبرد المفرط ومرض الجاني ليلا يتعدى القصاص إلى الجناية ويمنع من الموالاة في قطع الأطراف خوف الوضع إلى كمال الرضاع إن تعذر من يرضعه وتحبس الحامل في الحد والقصاص فإن بادر الولي فقتلها فلا غرة في الجنين إلا أن يزايلها قبل موتها فالغرة ما لم يستهل
فرع قال القاضي أبو بكر من قتل بشيء قتل به غلا في وجهين وصفتين الوجه الأول المعصية كالخمر واللواط الثانب النار والسم وقيل يقتل لها والصفة الأولى فروى ابن نافع إن كانت الضربة مجهزة قتل بها أو ضربات فلا لأنه تعذيب وقد تقدم الخلاف فيه الصفة الثانية إذا قطع أربعته ويمينه قصد التعذيب فعل ذلك به كما ( فعل النبي ذلك بالعرنيين فسمل أعينهم كما سملوا ) أو لا على قصد التعذيب في مدافعة ومضاربة قتل بالسيف لنا ما في البخاري ( أن اليهودي رض رأس الجارية بين حجرين على أوضاح لها فرض رسول الله رأسه بين حجرين ) الحديث وقد تقدم احتجوا بما روي عن النبي ( لا قود إلا بالسيف ) وأجابوا عن الحديث بأن النبي إنما قتله للحرابة على مال الجارية لا للقصاص فإن الأوضاح حلي من الفضة والجواب عن الأول منع الصحة وعن الثاني أن المحارب لا يقتل بالحجارة إجماعا فكيف جاز لكم ترك إجماع الأمة لما لم يصح ومعنا ظاهر القرآن قوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقال صاحب المنتقى المشهور عن مالك وأصحابه القصاص بالنار إذا قتل بها وهو مخالف لما تقدم في الجواهر وقال ( ش ) يقتص بالنار خلافا ل ( ح ) لنا قوله تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) وما تقدم من الظواهر احتجوا بنهيه عليه السلام عن المثلة وبقوله عليه السلام ( لا يعذب بالنار إلا رب النار ) والجواب عن الأول أنه يتعني حمله إما على سببه لأنهم كانوا يمثلون بالأنعام بقطع أيديها أو يحمل على عمومه في تمثيل لميتقدم له مقتض جمعا بينه وبين ما ذكرناه من الأدلة وعن الثاني أنه ظاهر في العذاب على الكفر والمعاصي لا القصاص فإن لفظ العذاب ظاهر في ذلك
فرع قال البصري في تعليقه إذا مات من القصاص في الأطراف فلا شيء فيه قاله مالك و ( ش ) وقال ( ح ) إن قطع يده فمات ضمن نصف الدية لنا قوله تعالى ( ولمن اننصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) وقياسا على قطع الإمام يد السارق احتجوا بأن حقه في الطرف لا في النفس فأفسد ما ليس له فيضمنه والجواب أنه أفسده بسبب مشروع وإنما يضمن حيث لم يشرع له الفعل
فرع في النوادر قال مالك يقيم الإمام أهل المعرفة فيقتصوا بأرفق ما يقدر عليه ويجزئ الرجل العدل الواحد فيشرط في رأسه مثل الموضحة وينزع السن بالكلبتين بأرفق ما يقدر عليه وإن كسر أطرافها أو بعضها ينحل من الجانب بقدر ذلك فائدة إنما مسي القصاص قودا لأن العرب كانت تقود الجاني بحبل في رقبته فتسلمه فسمي القصاص قودا لأنه كان يلازمه
الأثر الثاني المترتب على الجناية الدية في التنبيهات هي من الودي وهو الهلاك ومنه أودي فلان أي هلك وهي تجب بسبب الهلاك فسميت منه أو من التودية وهي شد أطباء الناقة ليلا يرضعها فصيلها والدية يمنع من يطالب بها من القود الجناية أو من دوأت الشيء مهموزا أي شديته لأنها تسكن الطلب فيستوي الناس في السكون عن المطالبة وفي الدية ستة أركان الركن الأول في جنسها ومقدارها وفي الكتاب لا يؤخذ فيها إلا الإبل والدنانير والدراهم وإنما قوم عمر رضي الله عنه الدية على أهل الذهب ألف دينار وعن أهل الورق اثني عشر ألف درهم حين صارت أموالهم ذهبا وورقا وترك دية الإبل على أهلها فأهل الذهب أهل الشام ومصر وأهل الورق أهل العراق وأهل اطلإبل أهل البادية والعمود ولا يقبل منأهل صنف صنف غيره ولا يقبل بقر ولا غنم ولا عروض وأصل الدية الكتاب والسنة والإجماع فالكتاب قوله تعالى ( فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ) الآية وفي الموطأ ( أن رسول الله كتب لعمرو بن حزم في العقول إن في النفس مائة من الإبل وفي الإنف أذا أوعب جدعا مائة من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة مثلها وفي المنقلة العشر ونصف العشر وفي العين خمسون ( وفي اليد خمسون ) وفي الرجل خمسون وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس ) وفي غير الموطأ عن النبي ( في اللسان الدية وفي الذكر الدية ( وفي الإست الدية ) وفي العقل الدية وفي الصلب الدية وفي الشفتين الدية ) وفي الموازية ( قضى رسول الله في الأنف بالدية كاملة وفي الأرنبة منه بالدية كاملة ) وقضي عمر رضي الله عنه فيمن ضرب بحجر في رأسه فذهب كلامه وفي آخر ضرب بحجر في رأسه فذهب سمعه ولسانه وعقله وإصابة النساء بأربع ديات وهو حي وأجمع العلماء على وجوبها في الجملة قال ابن يونس كتبه له النبي عليه السلام حين بعثه إلى نجران قال أصبغ أهل المدينة ( ومكة الآن أهل الذهب قال صاحب المنتقى قال مالك قومها رضي الله عنه ) فكانت قيمتها فمن الذهب ألف دينار ومن الورق اثنا عشر ألف درهم فاستقرت على ذلك الدية لا تتغير بتغير الأسواق وقاله ( ح ) وقال ( ش ) وأحمد تقوم على أهل الذهب والورق فتكون قيمتها الدية والأصل الإبل لنا أن عمر رضي الله عنه قومها بذلك بحضرة المهاجرين والأنصار فدل على أن ذلك عام وإن اختلفت القيم وإلا كان يقول قوم دية واحدة على أهل الذهب ودية أخرى على أهل الغنم والذهب والورق ويروي ذلك عن الفقهاء السبعة نظائر الدنانير خمسة ثلاثة في الدماء اثنا عشر الدية والسرقة والنكاح واثنا عشر الزكاة والحرية قلنا القياس على الدماء وقال أشهب أهل الحجاز أهل إبل ومكة منهم وأهل المدينة أهل ذهب وفي الجلاب أهل المغرب أهل ذهب قال ابن حبيب أهل الأندلس أهل ورق وفي الجلاب أهل فارس وخراسان أهل ورق وقال صاحب المنتقى عندي يجب أن ينظر إلى غالب أموال الناس في البلد وربما ينتقل الغالب فتنتقل الدية وأشار إلى هذا أصبغ بقوله أهل مكة والمدينة اليوم أهل ذهب ولا يؤخذ فيها غير الثلاثة خلافا لأبي يوسف ومحمد بن الحسن في قولهما ولا يؤخذ فيها غير الثلاثة خلافا لأبي يوسف ومحمد بن الحسن في قولهما يؤخذ من أهل البقر مائتا بقرة ومن أهل الغنم ألف شاة ومن أهل الحلل مائتا حلة يمانية لنا ما تقدم من أثر عمر رضي الله عنه ولأن الحلل عروض تشبه العقار ولأن الإبل سهل نقدها والنقدان يتيسر حملهما بخلاف النامي قال اللخمي المراعي في الدية كسب الغارمين دون أولياء القتل في الإبل والنقدين ودية الخطأ من الإبل أخماس عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة وفي العمد أرباع ربع المائة بنت مخاض وربعها بنت لبون وربعها حقاق وبعها جذعات وسقط ابن اللبون الذكر وفي شبه العمد أثلاث ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أهل الورق لكن لفظ الأثر قوم الدية على أهل القرى فجعلها على أهل الذهب ألف دينار ولأنه أتى بصيغة العموم في الدية والقرى فعم الحكم القرى والديات وإن اختلفت أسواقها في المستقبل ولم ينكر عليه أحد فاكان إجماعا ولأن للتقدير فيها مدخلا فوجب أن يكون كل واحد أصلا في نفسه كالزكاة احتجوا بما روي أنه كانت قيمة الدية على عهد رسول الله ثمانمائة دينار وثمانية آلاف درهم وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رضي الله عنه فقام خطيبا فقال إن الإبل قد غلت فقوم على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثنى عشر ألف درهم وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وفي بعض الطرق ( كان النبي عليه السلام يقوم دية الخطأ على أهل القرى أربعمائة دينار وعدلها من الورق ويقومها على أثمانها فإذا غلت رفع في ثمنهما وإن هانت نقص من ثمنها ) ولقوله عليه السلام ( في النفس المؤمنة مائة من الإبل ) فجعل في كل نفس ذلك فمن ادعى غيره فعليه الدليل وقال ( ح ) الدية من الورق عشرة آلاف لنا ما في أبي داود ( أن رجلا قتل على عهد رسول الله فجعل ديته اثني عشر ألف درهم ) ولأثر عمر المتقدم احتجوا بالقياس على الزكاة والفرق أن الزكاة مواساة تيسرت أسبابها بتعليل قضائها والدية واحدة فغلظت ليكون الزجر أتم وعن أحمد أن أصل الدية الإبل والبقر وأولادها قال ابن القاسم أي سن كانت وقال أشهب ما بين الثنية إلى بازل عامها وهو مروي في النسائي وقال ( ش ) العمد أثلاث كالمغلظة ويروى عنه عليه الصلاة والسلام ( من قتل عمدا رفع إلى أولياء المقتول إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة )
فرع في الكتاب دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم الحر ودية نسائهم على النصف من دية رجالهم ودية المجوسي ثمانمائة درهم والمجوسية أربعمائة درهم وجراحاتهم من دمائهم كنسبة جراح المسلمين من ديته ووافقنا أحمد في الجميع وقال ( ش ) دية أهل الكتاب ثلث دية الحر المسلمووافقنا في المجوسي وقال ( ح ) دية كل كافر مجوسي أو غيره دية الحر المسلم لنا قوله تعالى ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ) وقوله عليه السلام ( في النفس المؤمنة مائة من الإبل ) على أن ( ح ) لا يدي بالمفهوم وروى أحمد عن النبي ( دية المعاهد نصف دية المسلم ) وروى ( قضى عليه السلام أن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين ) رواه الترمذي وفي لفظه ( دية المعاهد نصف دية الحر ) قال الخطابي ليس في دية أهل الكتاب شيء أبين من هذا و لا بأس بإسناده ولأنه نقص فيؤثر النصف كالأنوثة احتجوا بقوله تعالى ( وإن كان من قوم بينكن وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) ( فسوى في الرقبة ) وسوى في الدية وعن النبي أنه جعل دية اليهودي مثل دية المسلم 4 الذخيرة وروى الزهري أن دية المشرك كانت على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ألف دينار إلى زمن معاوية رضي الله عنه جعل نصفها في مال القاتل ونصفها في ( بيت المال ولأن ديات عبيدهم يستحقونها ) ما بلغت كعبيد المسلم فهم أولى من عبيدهم ونقصان الدين لا يؤثر كالفسوق واحتج ( ش ) بأن النبي قضى في دية النصراني بأرقة آلاف درهم والجواب عن الأول قال مالك في النوادر الآية في هدنة النبي إنه من أصيب منهم ممن أسلم ولم يهاجر ففيه الدية إلى أهله الكفار الذين كان بين أظهرهم وقوله تعالى في الآية الأخرى ( وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ) ولم يذكر دية فيمن أسلم ولم يهاجر من مكة فلا دية له لقوله تعالى ( ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ) مع أن قوله تعالى ما مضى دية وعن الثاني والثالث منع الصحة وعن الرابع أن العبيد لا تتعدى إليهم جريرة الكفر بخلاف النفس الكافرة وعن الخامس أن الفسوق أخف ولا يمنع جريان أحكام الإسلام وعن حجة ( ش ) أن سندنا أرجح وفي الجواهر المعاهد كالذمي ودية نساء كل صنف دية رجالهم ودية المرتد في قول دية المجوسي في العمد والخطأ في نفسه وجرحه رجع إلى الإسلام أو قتل على دينه ذكره ابن القاسم وعن أشهب عقل المؤمن الذي ارتد إليه وعنه قتله هدر لأنه مباح الدم وفي النوادر قال ابن نافع إن قبلت الدية مبهمة فهي أربعة أسنان كما تقدم بذلك مضت السنة وأما إن تراضوا على شيء فهو ذلك قال مالك وتحرير دية الخطأ في الجراح على أسنانها الخمسة ففي الأنملة ثلاثة أبعرة وثلثا بعيرين ( وثلث بهيمة ) كل صنف يكون له شريكا وكذلك بقية الديات وإن قبلت في العمد فخمسة أسداس من كل سن من دية العمد المربعة قال ابن القاسم في خطأ الأنملة يؤتى بعشرة أبعرة دية الأصبغ على اسنانها فيكون فيها شريكا بالثلث يجبر على ذلك وأنكره سحنون وقال لا يلزمه إلا أن يأتي ( بخمسين إلا ثلثا منهن خمسة صحيحة وثلث من كل فريضة أو يأتي ) بفريضة يشاركه بثلثيها أو يشتري ذلك له منها الركن الثاني في محلها الذي تجب فيه كاملة أو بعضها وقد تقدمت النصوص الدالة على الديات أول الركن الأول وفي الكتاب في الأنف الدية قطع من المارن أو من أصله وفي الحشفة الدية كما في الذكر وفي بعض الحشفة بحساب ما نقص ويقاس من الحشفة لا من أصل الذكر وما قطع من الأنف يقاس من المارن لا من أصله لأن اليد إذا قطعت من الكف تم عقلها أو أنملة فبحسابها وإن خرم الأنف أو كسر خطأ فبرئ على غير عثم فلا شيء فيه أو على عثم ففيه ( الاجتهاد وقال سحنون ليس فيه اجتهاد لأن الأنف إذا قرض فإن برئ على عثم ففيه ) بحسب ما نقص من ديته وكل نافذة في عضو إن برئت على غير عثم ( فلا شيء فيه وإلا فالاجتهاد وليس كالموضحة تبرأ على غير عثم ففيها ديتها دية مسماة بخلاف خرم الأنف وفي موضحة الخد عقل الموضجة وليس الأنف ولا اللحي الأسفل من الرأس في جرحهما لأنهما عظمان منفردان بل الاجتهاد وليس فيها سوى الرأس من الجسد إذا وضح عن العظم عقل الموضحة وموضحة الرأس أو الوجه إذا برئت على شين زيد في عقلها بقدر الشين وعظم الرأس من حيث أصابه فأوضحة فموضحته ونواحيه سواء وحد ذلك منتهى الجمجمة وأسفل من ذلك من العين لا موضحة فيه والموضحة أو المنقلة لا تكون إلا في الوجه والرأس وحد الموضحة ما أفضي إلى العظم ولو بقدر إبرة والمنقلة ما أطار فراش العظم وإن صغر ولا تكون المأموة إلا في الراس وهي ما أفضى إلى الدماغ ولو مدخل إبرة والجائفة ما أفضى إلى الجوف ولو مدخل إبرة وإذا نفذت الجائفة إلى الجانب الآخر فاختلف فيه قول مالك قال ابن القاسم وأحب إلى أن يكون فيها ثلث الدية وفي اللسان إن من أصله أو قطع منه ما منع الكلام الدية وإن لم يمنع من الكلام شيئا ففيه الاجتهاد بقدر شينه إن شانه وإنما الدية في الكلام لا في اللسان كالدية في السمع لا في الأذنين وفي نقص الحروف فبقدر ذلك ولا يعمل في نقص الكلام على عدد الحروف فرب حرف أثقل من حرف في النطق لكن بالاجتهاد فإن أخذ في الحشفة الدية ثم قطع عسيبه ففيه الاجتهاد وينتظر بالعقل والقود في الجراح البرء فإن طلب تعجيل الدية إذ لا بد له منها عاش أو مات لم تجب لذلك ولعل أنثييه أو غيرهما تذهب من ذلك ولا تعجل دية الموضحة لعله يموت فتكون فيه القسامة وكذلك المأمومة توقف للقسامة قيل لمالك اللسان يعود يلبث قال ينتظر إلى ما يصير إليه إنمنع الكلام فالدية ولا ينتظر القود وفي الصلب الدية وكذلك إن قعد عن القيام كاليد إذا شلت وإن مشى وبرئ على عثم أو على حدب ففيه الاجتهاد وإن عاد الصلب فأصيب في الخطأ لا شيء فيه وكذلك جميع الخطأ لعدم الفوت فلا يجب البدل بخلاف القصاص لأنه بدل الألم وإن عاد العضو بحاله وفي اليدين المنكب أو الأصابع فقط الدية وفي العقل الدية وفي الأذن إذا اصطلمت أو شدخت الاجتهاد وفي الأذنيين الدية إذا ذهب السمع اصطلمتا أو بقيتا وإن رد السن قنبتت أو دونه فله القود في العمد وله العقل في السن في الخطأ وفي كل سن خمس من الإبل والأضراس والأسنان سواء وفي السن السوداء خمس من الإبل كالصحيحة لبقاء المنفعة إلا أن يكون يضطرب اضطرابا شديدا ففيها الاجتهاد وفي السن المأكولة بحساب ما بقي وفي جفون العين وأشفارها الاجتهاد وفي حلق الرأس إن لم ينبت الاجتهاد وكذلك اللحية ولا قصاص غي غير هالك وكذلك الحاجبين وإن برئ الظفر على عثم ففيه الاجتهاد وإن انخسفت العين أو ابيضت وذهب بصرها وهي قائمة ففيها الدية لذهاب المنفعة وإن نزل ثم برئت رد الدية وينظر بالعين سنة فإن مضت السنة وهي منخسفة انتظر برؤها ولا يقاد إلا بعد البرء وإن سال دمعها انتظرت سنة فإن لم يرقأ دمعها فحكومة وفي شلل اليد أو الرجل الدية لعدم المنفعة وفي شلل الأصابع الدية وفيها إن قطعت بعد ذلك الحكومة ولا قود في عمدها وفي الأنثيين إذا أخرجتا أو رضتا الدية وفيهما مع الذكر ديتان وإن قطعتا قبل الذكر أو بعده ففيهما الدية والبيضة اليمنى واليسرى في كل واحدة نصف الدية وفي كل شفة نصف الدية وفي إليتي الرجل والمرأة حكومة وفي ثدي الرجل الاجتهاد وفي ثدي المرأة الدية لمنفعتهما وقطع حلمتيهما وإبطال مخرج اللبن الدية فكذلك ثدي الصغيرة إن تيقن ( أنها لا تعود ) وأبطلهما أو شك فيه وضعت الدية وانتظرت كسن الصبي فإن مات قبل أن يعلم فالدية وفي المفصلين من الإبهام عق أصبع لأنهما أصبع وفي كل مفصل عقل الأصبع ومن قطعت إبهامه فأخذ ديته ثم قطع العقد الذي بقي من الإبهام في الكف فحكومة وكذلك في الكف إذا لم يكن فيها أصبع وفي أصبعين مما يليهما من الكف خمسمائة الكف ولا حكومة له مع ذلك فائدة في التنبيهات العثم والعثل باللام والميم والعين المهملة المفتوحة والثاء المثلثة مع اللام وساكنة مع الميم بمعنى واحد وهو الأثر والشين وقد تقدمت أسماء الجراح قال وظاهر الكتاب تعجيل القود في سائر الأعضاء كما يقاد في الجراح وإن نبت لحمها وإنما الانتظار في اللسان في الدية لاحتمال أن ينبت فلا دية أو ينبت بعضه فبحسابه وخرج بعضهم تأخير القود على قوله في سن الصبي وثدي الصغيرة إذا نبت إنه لا قود وينتظر نباته قال وليس كذلك لأن السن يسقط غالبا بالإثغار فإذا نبتت فكأنه لم يجن عليها وثدي الصغيرة كأنه لم يقطع لأنه ليس بموجود وإنما قطع حلمته فإذا كبرت لمي بطل اللبن فلا شيء عليه إلا الشين وإن بطل اللبن والجانب رجل فالدية إذ لا مثال له في الرجل أو امرأة فالقصاص واختلف في الاستيناء بالجرح سنة إذا ظهر برؤها فيها فتأول بعض الشيوخ لا بد من السنة مخافة انتقاضه حتى تمر عليه الفصول الأربعة وإليه ذهب ابن شاس وخالفه غيره وقال متى برأت عقلت وهو ظاهر الأصول ولا معنى للانتظار بعد البرء في الموازية يستأنى بالعين فإن استقرت بمقرها عقل ما ذهب منها وإن كان قبل السنة واختلفت إن مضت السنة في الجرح قبل البرء ففي الكتاب ينتظر برؤها ولا قود ولا دية إلا بعد البرء قال أشهب تعقل بحالها عند تمام السنة ويطالب بما زاد بعدها قال اللخمي لذلك ثلاثة أحوال إن كان دون الثلث ويجب تناسيه ثم عقله وإن أمن تناسيه لم يعقل كالموضحة قال ابن القاسم لا يعق إلا بعد البرء وقال ابن عبد الحكم يعقل وإن كانت الدية فيوم ما أخذه والعين الدامعة لا ينتظر بها بعد انقضاء السنة بخلاف العين المنخسفة لأن الخسف جرح يبرأ فينتظر البرء والدمع لا يدوم أبدا فلا يزاد على السنة قال ابن يونس إذا أخرقت الجائفة الذي قاله ابن القاسم من ثلث الدية قاله أشهب وغيره وقضى به الصديق رضي الله عنه وعن الصديق ثلثا الدية وجعلها جائفتين وإذا برئت الجراح المقدرة كالموضحة وغيرها على شين فرواية لبن القاسم يزاد للشين وعن مالك لا يزاد لأن رسول الله قدر ذلك ولم يذكر شيئا ولأن الموضحة تكون قدر الإبرة وعقلها عقل العظيمة فكذلك الشين قال مالك وليس للمجروح أجرة الطبيب ورأى مالك مرة في إشراف الأذن الدية ثم قال حكومة لعدم المنفعة ولاحظ في الأول قوله عليه السلام ( في الأذن خمسون من الإبل ) ولأنهما يجمعان الصوت للصحاح وروى ابن شهاب عن النبي أنه قال ( إنما أريد بالأذن السمع ) وهو كلام العرب أذن الرجل إذا سمع وعن أشهب إذا رجت السن أو الأذن في الخطأ فبرئت لا شيء فيهما قال مالك وإذا رد الأذن فلم ينبت فاقتص فردها الجاني فنبتت فالمجروح عقل أذنه وسنه وكذلك لو نبتت الأولان ثم اقتص فنشا للجاني أيضا فللأول العق لوإن لم ينبت للجاني فلا شيء له لأن نبوتهما يبطل حكمة القصاص من التشفي ولا قصاص مرتين فله العقل وقضى عمر رضي الله عنه في الترقورة بجمل وفي الضرس بجمل وفي الضلع بجمل قال سعيد بن المسيب لما قضى معاوية رضي الله عنه في الضرس بخمسة أبعرة يريد الدية في قضاء عمر ولو كنت أنا لقضيت في الأضراس ببعيرين فتتم الدية سواء وقاله ابن أبي مسلمة ومحمد وفي الأضراس عشرون والأسنان اثنا عشر أربع ثنايا وأربع رباعيات وأربعة انياب قاله ابن مزين وهو يأتي على قول ابن المسيب وغير ابن مزين يقول الأضراس ستة عشر ويريد أربع ضواحك وهي التي بين الأنياب وإن ضرب السن فاسودت تم عقلها وغن طرحت بعد ذلك تم عقلها أيضا قاله عمر فيها وقاله مالك فإن احمرت أو اصفرت فبحسابها قال أشهب الحمرة أقرب للسواد ثم الخضرة ثم الصفرة وفي ذلك كله بقدر ما هذب من بياضها وقال أشهب إذا ذهب بياض العين أو ماؤها بعذ أخذ عقلها لم يزد شيئا إذا استؤني بها قال ولعل ذلك بقضاء قاض وإذا لم يبق في الكف أصبع ففي قطعه حكومة وقال أشهب لا شيء فيه قال مالك إذا كانت خلفة يده على أربعة أصابع ففي كل أصبع عشرة من الإبل وكذلك إن كانت ثلاثة أو أصبعين لأنه ظاهر النص ومن في كفه أصبع زائدة ( قوتها كقوة الأصابع ) فعقلها عشر من الإبل ولا قصاص فيها عمدا لعدم النظير وإن قطعت يده كلها فستون من الإبل وإن كانت الزائدة ضعيفة فقطعت يده لم يزد في ديتها وإن قطعت وحدها فحكومة ثم إن قطعت اليد فديتها ولا يحاسب بالحكومة قال أشهب إلا أن ينقص ذلك من قوة الأصابع فيحاسب وعن مالك في الذكر والأنثيين المقطوع منهما أولا فيه الدية وفي الثاني حكومة لعدم الانتفاع به وحده وقيل إن قطعا معا وبدأ من أسفل فديتان أو من فوق فدية وحكومة لأن الذكر ينتفع بإيلاجه وعن ابن حبيب إن قطعتا بعد الذكر فلا دية فيهما وفي الذكر الدية قطع قبل أو بعد أقو قطع الجميع في مرة فديتان كان القطع من فوق أو أسفل وقيل في اليسرى من البيضتين دية كاملة لأن منها النسل واليمنى اللحية وفي الشفة العليا ثلثا الدية لأنها للستر والشارب ومنع مائية الأنف وعكس سعيد بن المسيب وغيره لأن السفلى تمنع جريان اللعاب والطعام والصحيح المشهور أن اليد اليمنى أشد وأنفع ولم يعصها أحد وقال ابن القاسم في إليتي الرجل والمرأة حكومة لأنها للجمال وقال أشهب في إليتي المرأة دية كاملة لأنها تنتفع بها عند زوجها بل مصيبتها فيها أعظم من الثديين وعينيها ويديها ) وقال مالك في شفري فرج المرأة تجب الدية كاملة وفيما هو واحد في الانسان وهو ستة عشر السوأة وجلدة الرأس والعقل والأنف والشم والسان إذا امتنع الكلام والصوت والذوق والصلب والصدر إذا صدمه قاله عبد الملك وقال ابن عبدون حكومة والذكر والنسل إذا أفسد الإنعاظ وفرج المرأة إذا أفضاها فيبطل الاستمتاع أو جذام الرجل أو برصه أو أسقاه فسود جسمه والدية في كل اثنين ( من الاسنان وفي كل واحد نصف الدية وهي عشر لعين والسبع ولشرف الاذنيين ) على اختلاف قول مالك والشفتان واليدان والرجلان والاثيان وثديا المرأة وشفراها وإليتاها على قول أشهب وفي جفون العين والحاجبين حكومة وقال ( ش ) وأصحاب الرأي فيها الدية في كل جفن ربع الدية ( وقال سعيد بن المسيب في الحاجبين الدية ) وقياس قول مالك في السن تسود أن فيها عقلها قال لأنه أذهب جمالها وإن بقيت منفعتها أن في الجفون الدية بل أولى لأن ذهابها أفحش وأضر بالبصر وتجب في العقل إن كان مطبقا لا يفيق فإن كان يذهب عقله يوما وليلة من اشهر فله من الدية جزء من ثلاثين وعلى هذه النسبة فإن لازم النقص وبقي تمييز فبحسابه يقوم عبدا صحيحا ومعيبا وتلزم تلك النسبة ( من الدية ) وعن مالك في الذكر أن ما نقص منه يقاس بحسابه وهو أشبه بقوله عليه السلام ( إذا أوعب جدعه ) وقال بابنالقاسم أذا ذهب الأنف والشم معا فدية واحدة قال صاحب الجلاب والقياس ديتان والأول أحسن كاللسان والذكر وإذا ذهب مع اللسان الصوت والذوق لم يرد شيئا وإن ذهب بعض كلامهوصوته فالدية كاملة أو نصف كلامه ونصف صوته فثلاثة أرباع الدية النصف لنصف الكلام ويسقط ما يقابله من الصوت وهو النصف لأنه لو ذهب كل الكلام والصوت لم يزد للصوت شيء وفي الصلب ثلاثة أقوال إذا أقعد عند ابن القاسم كاليد إذا شلت وفي الحدب والعقل الاجتهاد وعن مالك إذا انحنى فبقدره وقيل فيه الدية إذا صار كالراكع وما دون ذلك فبحسابه قال عبد الملك فيه الدية إذا عجز عن الجلوس وإن نقص عن جلوسه فيقدر من الدية قال اللخمي وتصح فيه الدية للأمرين إذا قدر على المشي منحنيا وإن لم يبلغ الركوع فبحساب ما بين قيامه معتدلا وراكعا فإن استوى ما بينهما فنصف الدية وقال عبد الملك في الصلب ثلاث وثلاثون فقارة في كل فقارة ثلاثة من الإبل فراعى الصلب دون ما يترتب عليه من المشي وعن مالك في قطع الذكر والأنثيين معا دية واحدة فيصير فيهما بما تقدم خمسة أقوال وللذكر ستة أحوال الدية في ثلاثة وتسقط في واحد ويختلف في اثنين فالثلاثة قطعه أو قطع الحشفة وحدها أو يبطل النسل منه بطعام أو شراب وإن لم يبطل الإنعاظ وتسقط إذا وقع بعد قطع الحشفة ففيه حكومة ويختلف إذا قطعه ممن لا يصح منه النسل وهو قادر على الاستمتاع أو عاجز عنه والشيخ الكبير ولمالك في العنين والذي لم يخلق له ما يصيب له النساء قولان وإن اتفقوا في الجراح المقدرة الموضحة والمأمومة والمنقلة والجائفة أن فيها ديتها وإن عادت لحالها وقاس ابن القاسم اليسير عليها إذا عادت ويختلف في الأذنين أذا ردهما فعادا فعلى القول إن فيهما حكومة لا شيء فيهما وعلى القول بالدية فيهما الدية كالسن وبخلاف عود السمع والبصر والعقل لأنهما إذا تبين أنها ما زالت وإنما حدثت لها حجب وإن شق الشفة وتبين ما بين الشفتين فبحسابه من الدية بقدر ما بان كل واحد منهما عن صاحبه لأنه ذلك يصير في معنى القطع وإن لم يبن ما بينهما وحصل شين فحكومة وإن اجتمع قطع وشق ففي القطع حسابه من الدية وإن قطع من الشفة ما أذهب بعض الكلام عقل الأكثر مما ذهب منها أو من الكلام وقيل في هذا الأصل يكونان له جميعا ويستوي في الرجل من أصل الفخذ أو الركبة أو الكعبة أو الأصابع أو إبطال منفعتها أو يبقى من المنفعة ما لا قدر له وإن لم يقطع منها شيئا وكذلك اليد من المنكب أو الأصابع أو المنفعة فقط فإن أذهب بعض المنفعة فبحسابه من الدية وتعتبر القوة من الأصابع لا من جملة اليد إلا أن يكون ما ضعف من اليد أكثر مما ضعف من الأصابع فإن أبان بعض وضعف الباقي فبقدر ما أبان من العضو والقوة فإن أبان نصف الأصابع ونصف القوة من الباقي فنصف الدية للمقطوع وربعها لنصف منفعة الباقي وإن أذهب الأصابع وبقي الباقي على قوته لم ينقص العقل أو نقصت ( منفعة ) قوته لم يزد فيه فإن ضعفت وصغرت ففي الضعف بحسابه وفي الصغر بقدر ما ذهب منها وعن مالك إن رجع إلى أن في الإبهام ثلاثة أنامل لأن الثالث وإن لم يكن بائنا فهو يتحرك بحركة الإبهام فيكون في كل مفصل ثلاثة أبعرة وثلث وعن سحنون في الأصبع السادسة في اليد نصف الدية قال وقد قيل في اليد نصف الدية وفي الزائد حكومة ولم يفرق بين ضعفها وقوتها وإبهام الرجل مفصلان قولا واحدا لمناسبته في الخلقة لإبهام اليد فليس بعد المفصلين غلا مشط الرجل ومن أخذ عقل أصبع ثم قطع الأربع مع الكف فدية الأربع ولا يزاد للكف شيء فإن بقي ثلاثة فأقل فسواء عند سحنون وقال ابن القاسم إن لم يبق إلا أصبع فديته وحكومة في الكف وإن زاد فديتهما ولا شيء في الكف وقال عبد الملك في الثلاث الخطأ ديتها وفي الكف حكومة في خمسية دون ثلاثة أخماسه لأنه مقابل المأخوذ منه الدية واختلف في الهاشمة إن هشمت العظم ولم تنقله قال محمد فيه الموضحة وقال ابن القصار مع ذلك حكومة وقال الأبهري قيها ما في المنقلة الثاني أرجح لأن رسول الله أوجب في الموضحة نصف العشر مع سلامة العظم فلابد للزائد من أثر والدية في السن بأربع جنانات طرحت أو اسودت أو طرحت بعد السواد أو تحركت تحريكا بينا وإن أسقطها إنسان بعد ذلك فحكومة وإن تحركت وبقيت فيها قوة فبحساب ما ذهب من قوتها فإن سقطت بعد ذلك فبحساب ما بقي وإن نقص الكلام لذهاب الأسنان ( فله الأكثر من دية الأسنان ) أو ما نقص من الكلام ويحمل قوله عليه السلام ( في السن خمس من الإبل ) على السن الواحدة لأن الكلام لا يتغير غالبا بها وفي المقدمات في الجسد على المذهب ثمان عشرة دية إحدى عشرة في الرأس العقل والسمع وإشراف الأذنين عند أشهب والبصر والشم والأنف والذوق ولا أعلم فيه نصا لأصحابنا والكلام والشفتان والشوى وهي جلدة الرأس والأضراس والأسنان فيها عند مالك أكثر من دية وسبع في الجسد اليدان والرجلان والصلب والصدر والذكر والأنثيان والجماع في المرأة ثمان عشرة أيضا غير أن فيها ثلاثا ليست في الرجل الشفران والحلمتان والأليتان عند أشهب وفي الرجل ثلاثة الجماع والذكر والأنثيان قاعدة قال كل عضو فيه منفعة فالدية للمنفعة والعضو بتع فإن ذهبت المنفعة وحدها ففي العضو حكومة ومذهب مالك أن العقل في القلب لقوله تعالى ( قلوب يعقلون بها ) كما قال ( أعين يبصرون بها ) وعليه أكثر الفهاء وأقل الفلاسفة وقال عبد الملك وأكثر الفلاسفة و ( ح ) والمعتزلة هو في الرأس لأنه إذا مرض الدماغ أو جرح ذهب العقل وجوابه مسلم ولكن لم لا يجوز أن يكون ذلك لأن استقامة الدماغ شرط لا أنه محله جمعا بين الآثار والنصوص فإن ذلك العقل في المأمومة فله عند مالك دية العقل ودية المأمومة لاختلاف الموضع كمن أذهب عين رجل وسمعه وعلى رأي الآخرين دية واحدة لاتحاد الموضع كمن أذهب العين البصر والأذن والسمع وفي المنتقى عن مالك إذا ذهب الشم لا دية حتى يستأصل لظاهر الحديث وإن ذهب الشم مع الجدع فقال ابن القاسم دية واحدة وقال ابن الجلاب القياس عندي ديتان وإن وطىء امرأته فأفضاها فكومة في ماله إن قصر عن الثلث أو الثلث فعلى عاقلته قال مالك لأنه تعدى في مأذون فيه فله حكم الخطأ وفي الجنبية ففي ماله وإن جاوز الثلث مع صداق المثل لأنه عمد لعدم الإذن وإن أذهب عذرة امرأته بأصبعه ( ثم طلقها فعليه بقدر ما شانها عند الأزواج مع نصف الصداق لأن ذلك بأصبعه غير مأذون فيه ولا يتم الصداق لأنه ليس بوطء قال مالك في الذكر المسترخي واللسان المسترخي من الكبر أو ضعف العين من كبر أو الدية كاملة وعن أشهب إن أصيبت رجله بعرق أو تنقص عينه برمد ثم يجنى عليها فإنما له بحساب ذلك
فرع في المنتقى إذا علاها بياض فادعى ذهاب بصره قال أشهب يقبل قوله ويشار إلى عينه فإن لم يظهر كذبه حلف وأخذ ما ادعى لأنه لا طريق لصدقه غلا بهذا وإن تبين كذبه لاختلاف قوله بطلت دعواه قال أصبغ إن ادعى ذهاب جماع النساء وأمكن اختباره اختبر وإلا حلف وأخذ الدية فإن رجع له جماعة بقرب ذلك أو ببعده رد ما أخذ وكذلك كل ما لا يعرف إلا من قبله نحو كلامه وسمعه وفي الجواهر يقرب إليه بيضة كما فعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه من جهات شتى في النظر وفي السمع يصاح به من مواضع شتى ويسأل فإن تساوت أواله أو تقاربت صدق مع يمينه قال أشهب ويحسب له ذلك على سمع وسط من الرجال مثله فإن اختلف قوله لم يكن له شيء وقال ابن دينار له الأقل مع يمينه
فرع في النوادر إن ضرب فذهب عقله انتظر به سنة فإن أخذ العقل ثم رجع إليه عقله ديتها وكذلك إن اشود ثلثها وذهب نصف قوتها ثم عقلها أوكسر بعضها بقدره منها لا من أصلها
فرع قال قال ابن القاسم عن الك إذا تمت الموضحة الخطأ إلى المنقلة فله عقل منقلة أو عقله فله الموضحة وعقل العين
فرع قال قال مالك إن أصابه موضحتين أو مأمومتين أو منقلتين عقل كل ذلك قال أشهب إن ضربه ضربة فأوضحه موضحتين بينهما حاجز ثم ضربه فأزاله فثلاثة مواضح
فرع قال قال محمد قول مالك وابن القاسم وأشهب إن العين إذا أصيبت خطأ وقد نقصت قبل ذلك إن أخذ له عقل حوسب به وإن قل وإن ضعف البصر لا يأخذ له شيئا إلا أن ينقص جزءا معلوما وإن قل ويلزم الجاني ما بقي وإن كان عمدا اقتص منه ولم يحاسب وإن كان من أمر سماوي لم يحاسب وقال مالك يحاسب
فرع في الجواهر إن بقي حوالي الجرح شين وكان أرش الجرح مقدارا اندرج الشين إلا في موضحة الرأس فإنه يزاد على عقلها بقدر ما شانت بالاجتهاد روى أشهب لا يزاد لأنه مقدر
فرع قال إذا وقف للصبي الذي لم يثغر عقل سنة حتى ينظر هل تجب أم لا فمات قبل ذلك ورثت عنه وإن لم ينبت أخذ هو العقل فإن نبتت قدرها أخذ من ديتها قدر نصفها وإنبتت بعضها ثم مات دفع لوارثه عقلها لعدم حصول بدلها قال سحنون لا يوقف كل العقل بل مقدار ما إذا نقصت السن لم يعقل به كالعين إذا ضعفت
فرع قال رجل الأعرج عرجا خفيفا كالصحيح إن لم يأخذ به أرشا تمهيد في المنافع التي في كل منها الدية عشرة العقل والسمع والبصر والشم والنطق والصوت والذوق والجماع والإقضاء فيه حكومة وقيل كمال الدية وهو اختلاط مسلك الذكر والبول العاشر القيام والجلوس فيهما الدية فإن بطل القيام فقط فعن مالك فيه الدية وعن عبد الملك إذا انكسر الصلب وامتنع الجلوس ففيه الدية قال صاحب الخصال تسع مفردات في كل واحد منها الدية النفس والعقل والأنف والذكر والمارن واللسان والصلب إذا كسر فأقعده وعين العور والشواة وهي جلدة الرأس وثمانية أزواج في كل زوج الدية وفي أحدها نصف الدية العينان ونظرهما والأذنان واليدان وكفاهما ومن المرفقين وثدي المرأة وحلمتاها إذا بطل اللبن وسبعة فيها الحكومة إليتا الرجل والمرأة والحاجبان وجفون العين وأشفارها وثدي الرجل وشعر الرأس إذا لم ينبت واللحية إذا لم تنبت تنبيه قال مالك لا تكون الموضحة والمنقلة في اللحي الأسفل وقال ( ش ) في جميع الوجه لنا أنه يتغطى بالشعر فهو غير مواجه فأشبه العين وهو ينقلب علينا بالقياس على الراس بجامع تغطية الشعر بل نقول عظم ( مباين لعظم الفخذ فيقاس على الساق ) وإذا جرحه وأذهب عقله فالأرش والدية وقاله ( ش ) وقاله ( ح ) دية العقل فقط لنا أنهما جنايتان فيكون لهما جايزان كاليد والرجل احتجوا بأن العقل كالنفس ولو سرى إلى نفسه فدية واحدة والعقل والنفس حكمهما واحد لسقوط التكليف بعدم كل واحد منهما وجوابه أن الروح إذا فاتت لا ينتفع بعد ذلك بشيء بخلاف غيرها وعن الثاني أن العقل مع بقاء النفس يتوقع عوده بخلاف النفس وقد تستوي المختلفات في بعض الأحكام واللوازم ولا يلزم استواؤهما في غيرهما لأن في دي المجنون الدية وفي يدي الميت الأدب فقط ومنع ( ش ) تجاوز الحكومة الموضحة لنا القياس على قيم المتلفات احتجوا بأن المقدرات أهم في نظر الشرع ولذلك لم يهملها فلا يتجاوز أقلها وهو الموضحة وجوابه أن هذا على أصلكم في أن التعزير لا يزيد على الحد ونحن نقول قد بتجاوز غير المقدر كالمتلفات وميراث الابن غير مقدر وهو أعظم من الأخ للام ونظائره كثيرة

فرع في الكتاب تعاقل المرأة الرجل في الجراح إلى ثلث ديته فترجع إلى عقلها ففي ثلاثة أصابع ونصف أنملة أحد وثلاثون بعيرا وثلثا بعير فتساوى الرجل وتخالفة في ثلاثة اصابع أنملة ستة عشر وثلثان لأنها وصلت الثلث وإن قطع لها أصبع فعشر كذلك ثان وثالث فإن قطع ثلاث من كف فثلاثون فإن قطع من تلك اليد الأصبعان الباقيان في مرة أو مرتين ففي كل أصبع خمس وإن قطع بعد الثلاثة من اليد الأخرى أصبغ أو أصبعان أو ثلاثة في مرة أو مرتين فثلاثون لأنها يد أخرى بكم مبتدأ أو أصبعان من كل يد في ضربة واحدة فعشرون ثم إن قطع لها من إحدى اليدين أصبع فعشر وإن قطع من اليد الأخرى فعشر ( وكذلك إن قطع لها الأصبعان من اليد معا فعشرون ) فما زاد بعد ثلاثة أصابع من كل كف ففي كل أصبع خمس خمس افترق القطع أو معا وإن قطع لها ثلاثة اصابع من يد وأصبع من الأخرى في ضربة فخمس خمس ثم إن قطع الأصبع أو الأصبعان من اليد المقطوعة منها الثلاثة رابع ومن اليد الأخرى أصبع أو أصبعان ففي الرابع من إحدى اليدين خمسة أبعرة وفي الأصبع أو الأصبعين من الدي الأخرى عشر عشر افترق القطع أو ضربة واحدة ما لم يقطع لها في ضربة من اليدين أربع أصابع ورجلان فكاليدين في ذلك قال ابن القاسم إن قطع أصبعان عمدا فاقتصت أو عفت ثم قطع من الكف أصبعان خطأ ففيها عشرون ولا يضم عمد إلى خطأ لتباينهما وفي المنقلة ثم المنقلة ثم منقلة ما للرجل إذا لم يكن في فور واحد والمنقلة الثانية في موضع الأولى بعد برئها فكذلك وكذلك المواضح وإن أصابها في ضربة بمواضح أو مناقل تبلغ ثلث الدية رجعت لقعلها وفي النكت إنما استويا في دون العقل لتسوية السنة في الجنين بين الذكر والأنثى وهو دون الثلث وفي النسائي قال رسول الله ( عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث ديته ) وهو في الموطأ عن سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين قال ابن يونس لم يختلف أن دية نفسها كنصف دية نفسه وأنها على النصف منه في الميراث والشهادة واختلف قول ابن القاسم في الأسنان فجعلها مرة كالأصبع يحاسب بما يقدم من ثلث الدية ومرة لا يحاسب بما تقدم قال اصبغ والأول أحسن إلا أن يأتي على جميع ذلك ولم يكن في ضربة واحدة بخلاف الأصابع وعن ابن القاسم الأسنان كموائح أو مناقل لا يجمع منها إلا ما كان في ضربة واحدة ( بخلاف الأصابع ) ما لم يكن شيء له دية لا يحسب منه ما ذهب كالأرنبة والسمع والبصر وأما المواضح والمناقل فلا وخالف عبد العزيز فجعل الأصابع وإن كانت من كف واحد كالأسنان والمواضح في كل اصبع عشر وإن أتى على جميع الأصابع ما لم يكن في ضربة واحدة وقال ابن وهب وعبد الملك وعبد العزيز إن قطع لها أربع أصابع في ضربة واحدة وأخذت عشرين فإن قطعت الخامسة فخمس فرائض وقال عبد الملك عشر خلافا لقول مالك وأصحابه قال اللخمي إن قطع من اليدين أربعا معا فعشرون ثم إن قطع منها أصبعا فعشر لأن المقطوع حينئذ من كل ثلاث فإن قطع بعد ذلك أصبعان فخمس قاله ابن القاسم وجعلها كمن أخذت من الأول عشرا وقال ابن نافع كل ما أصيبت به من الأصابع منفردا فعشر ولا تضاف مصيبة إلى مصيبة إلا أن يقطع معا ما يكون عقله ثلث دية الرجل فترجع لعقل نفسها وإن أصيبت أصبعان بأمر سماوي ثم جني على الثلاثة الباقية أخذت عشرا عشرا فإن اقتصت في الأول وفي الثاني خطأ فلا يضاف للعمد ويراعى في المواضح والمنقلات وغيرها من الجراحات أن تكون في ضربة واحدة فإن وصلت الثلث فعقلها ويستأنف الحكم في المعترف ويضم السمع واليدان ونحوه الآخر للأول وفي المنتقى إن قطع منها أربع أصابع في ضربة واحدة أو ما هو فيحكمها من التتابع فعشرون أو بأفعال مفترقة فثلاثون ويضاف ما قطع بعد ذلكمن تلك الكف إلى ما تقدم وفيها خمس لأن الكف الواحد يضاف بعضها إلى بعض فيراعى اتحاد المحل والعمد والخطأ والفعل لأن الكف الواحد يضاف بعضها إلى بعض فيراعى اتحادج والفرق بين اليد والمنقلة أن المنقلة لا تؤثر في الثانية وقطع الأصبع يشين اليد والأسنان كالمنقلة وفي النوادر لا يحسب قطع كف مع أخرى إلا أن يقطع منهما معا وكذلك الرجلان فلو قطع لها من كف ثلاثا ( ثم من الأخرى ثلاثا ) فعقل الرجل فإن قطع من هذه الأنملة على دية الرجل كان نصف الأعلا والأنملة في ضربة واحدة أو ضربتين من رجل أو رجلين فإن مات ما بقي من الأنملة فهي كأنملة وكذلك فيما بقي من كل كف وإن أصيبت في ضربة بأصبعين من كل يد لم يختلف في هذا أن لها عقل نفسها أو ضربت ويدها على رأسها فقطعت لها أصبعين وشجها منقلة أو مأمومة فعقل نفسها في ذلك كله وإن ذهب بضربة واحدة من كل كف أصبعين ثم أزيل بضربة ثلاثة أصابع أصبعين من هذه وأصبع من هذه ففي الأصبعين مثل عقلها وفي الأصبع عقل الرجل قاله مالك وابن القاسم وأشهب وفي الجواهر يعتبر اتحاد الفعل كضربة أو ضربات في معنى الضربة الواحدة من رجل أو جماعة وإن تعدد الكف وكذلك لو اتحد المحل كالكف الواحدة وإن تعددت الضربات وتباينت تنبيه وافقنا ابن حنبل وقال ( ح ) و ( ش ) لعاملة الصنف لنا الحديث المتقدم قال مالك وقال ربيعة قلت لسعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة قال عشر قلت ففي أصبعين قال عشرون قلت ففي ثلاث أصابع قال ثلاثون قلت ففي أربع قال عشرون قال قلت لما عظمت مصيبتها قل عقلها قال سعيد عراقي أنت فقلت بل عالم متثبت أو جاهل متعلم فقال سعيد هي السنة يا ابن أخي وهذا يدل على أنه أمر مشهور عندهم من السنة النبوية ويخرج من الثلث لأن رسول الله جعله غاية والغاية تخرج من المغيي احتجوا بأنها جناية فتكون على النصف كالنفس مع النفس ولأنه نقص نصف الشهادة فنصف الدية والجواب عن الأول أنه قياس قبالة النص فيكون باطلا سلمناه لكن الفرق بأن النفس أعظم حرمة يزيد فيها وعن الثاني أن الأصل قبول المرأة الواحدة لوجود وصف العدالة وإنما أضاف الله تعالى امرأة أخرى للتذكير خشية النسيان لقوله تعالى ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) نظائر قال أبو عمران الثلث في حيز الكثرة في ثلاث مسائل كلها جوائح المعاقلة وما تحمله العاقلة وجائحة الثمار وفي حيز القلة في تسع مسائل الوصية وهبة المرأة ذات الزوج واستثناء ثلث الصبرة إذا بيعت وكذلك الثمار والكباش والسيف ثلث وزنه حلية تباع بذلك الجنس قال العبدي هو قليل في الطعام إذا استحق منه أو نقص في الشراء فهو قليل عند أشهب وفي الأرطال يستثنيها من الشاة والدالية في دار الكراء
فرع في الكتاب يجتهد في لسان الأخرس والرجل العرجاء وكل شيء أصيب فانتقص ثم أصيب فإنما له بحساب ما بقي وما خلقه الله تعالى لم ينتقص منه شيء كاسترخاء البصر والعين الرمدة يضعف أو يد تضعف إلا أنه ينظر وينتفع بيده فالدية كاملة وكذلك المصاب بأمر سماوي وفي ضعف الجناية له ما بقي لأنه أخذ بدل نقصها بخلاف الضعف وعن مالك إن أصابها رجل فنقص بصرها واليد ولم يأخذ لها عقلا ففي الإصابة بعد ذلك الدية كاملة قال ابن يونس هذا يقتضي اختلاف قوله في المحاسبة بما تقدم إذا لم يأخذ له عقلا أما إن أخذ فالاتفاق في المدونة والخلاف عن مالك في غيرها إذا أخذ عقلا
فرع في الكتاب إن ذهب سمع إحدى أذنيه فضربه رجل فاذهب سمع الأخرى
فعليه نصف الدية ( وفي عين الأعور الدية كاملة ) لما جاء فيها من السنة ووافقنا أحمد وقال ( ش ) و ( ح ) نصف الدية لنا أن عمر وعثمان وعليا وابن عمر رضي الله عنهم قضوا بذلك من غير مخالف فكان إجماعا ولأن العين الذاهبة يرجع ضوؤها للباقية فهي في معتى العينين احتجوا بقوله عليه السلام ( في العين خمسون من الإبل ) وقوله عليه السلام ( في العينين الدية ) يقتضي أنه لا تجب عليه دية إلا إذا قلع العينين وهذا لم يقلع عينين ولأن ما ضمن بنصف الدية ومعه نظيره ضمن بنصفها منفردا كالأذن واليد ولأنه لو صح القول بانتقال الزوج الضامن لم يجب على الأول نصف الدية لأنه لم يذهب نصف المنفعة والجواب عن الأول والثاني أنه محمول على العين غير العوراء لأنهما عمومات مطلقان في الأحوال فيقيدان بما ذكرنا من الأدلة وعن الثالث الفرق بانتقال قوة الأول بخلاف الأذن ولو انتقل التزمناه وعن الرابع لا يلزم اطراح الأول لأنه لو جنى عليهما فأحولتا أو أعمشتا أو نقص ضوأهما فإنه يجب عليه العقل لما نقص ولا تنقص الدية على ما جنى ثانيا على قول غيرنا وهذا السؤال قوي وكذلك يلزمنا أن نقلع بعينه عينين اثنتين من الجاني وفي النوادر فيها ألف وإن أخذ في الأولى ديتها قاله مالك وأصحابه قال أشهب ويسال عن السمع فإن كان ينتقل فكالعين وإلا فكاليد وإن أصيب من كل عين نصف بصرها ثم أصيب باقيها في ضربة فنصف الدية لأنه ينظر بهما نصف نظرهما فإن أصيب بباقي أحدهما ثم أصيب بنصف الصحيحة فثلث الدية لأنه أذهب من جميع بصره ثلثه وإن أصيب ببقية المصابة فقط فربع الدية فإن ذهب باقيها والصحيحة بصرية فالدية كاملة أو الصحيحة وحدها فثلثا الدية لأنها ثلثا بصره فإن أصيب بقية المصابة فنصف الدية بخلاف لو أصيب والصحيحة باقية قاله أشهب قال ابن القاسم ليس فيما يصاب من الصحيحة إذا بقي من الأولى شيء إلا من حساب نصف الدية
فرع في الكتاب إذا قطع كفه خطأ فشل الساعد فدية واحدة لأنها ضربة واحدة قاعدة كما شرع الله تعالى الزواجر بالجوابر إخلاف ما فات من مصالح حقوق الله تعالى وحقوق عباده ولا يشترط ( وجود الأول ولذلك يجبر الخطأ والعمد والمجهول والمعلوم والذكر والنسيان وعلى المجانين ) والصبيان بخلاف الزواجر فإن معظمها على العصاة زواجر عن المعصية وقد تكون على غيرهم دفعا للمفاسد من غير إثم كرياضة البهائم وتأديب الصبيان استصلاحا لهم واختلف في بعض الكفارات هل هي زواجر لما فيها من مشاق تحمل الأموال وغيرها أو جوابر لأنها عبادات تصح إلا بالنيات وليس التقرب إلى الله تعالى عقوبة وزجرا بخلاف الحدود والتعزيرات لأنها ليست قربات لأنها ليست فعل المزجور بل فعل ولاة الأمور والجوابر تقع في العبادات والأموال والنفوس والأعضاء ومنافع الأعضاء والجراح والزواجر ففي العبادات كالوضوء مع التيمم والسهو مع السجود والصلاة لجهة السفر وجهة العدو مع الخوف بدلا عن الكعبة وصلاة الجماعة فيمن صلى مفردا وجبر ما بين الشيئين بالدراهم في الزكاة أو الذكورة في ابن لبون مع بنت مخاض وهو مباين لقاعدة الجوابر لتباين النوعين جدا والصيام بالإطعام في حق من لم يصم أواخر القضاء ومناهي النسك بالدم والصنايم وجبر الصيد المأكول في الحرام أو الإحرام بالمثل أو الطعام أو الصيام أو اللصيد والمملوك لله تعالى بما تقدم ومالكه لقيمته وهو مجبور وآخر اجتمع عليه جابران وشجر الحرم يجبر ثم اعلم أن الصلاة لا تجبر إلا بعمل والأموال لا تجبر إلا بالمال والنسكان تارة بعمل كالعمرة أو الصوم وتارة بالمال كالهدي وجزاء الصيد والطعام والصيام والصوم يجبر بمثله في القضاء وبالمال كالإطعام وأما جوابر المال فالأصل رد الحقوق بأعيانها فإن رجها ناقصة الأوصاف جبرت بالمال أو لم يردجها جبرنا المثلي لأنه أقر للعين من القيمة وفي غير امثلي بالقيمة لأنها تحصيل المثل وتجبر الناقص بأجرة المثل وخرج عن جبر المثلي صورتان المصراة وغاصب الماء في موضع غلائه والمنافع المحرمة لا تضمن احتقارا لها كالزمر ونحوه وكذلك الأعيان النجسة وتجبر المنفعة المحرمة في المزني بها كرها بصداق المثل دون اللواط لأنه لم يتقدم قط فأشبه القتل والعتاق والمنافع في الجماد تضمن بالعقود الصحيحة والفاسد والشبهة والإكراه دون الفوات تحت الأيدي العادية والفرق ( أن قليل سائر المنافع يجبر قليلها بالقليل وكثيرها بالكثير وضمان الأبضاع بمهور الأمثال وهي بأيسر المنافع من التقاء الختانين فلو ضرب للزمت أموال لا يقدر عليها وهو بعيد من مقاصد الشرع وأما النفوس فخارجة عن قاعدة جبر الأموال والمنافع والأوصاف إذ لا يجبر بأمثالها وتساوت جوابرها مع اختلاف قال سحنون إنها في الفضائل والرذائل ( وإنما يختلف باختلاف الأديان والذكورة والأنوثة ولا عبرة في الأموال بالأديان ) فيجبر العبد المجوسي بالآلاف والعبد المسلم باليسير لأن المجبور هو المالية دون الدين وسواء في الجرح المقدرة بين صغيرها وكبيرها وأوسعها وأضيقها وغير المقدر على قياس الإتلاف في الحكومات ودية الأعضاء على خلاف القاعدة وإذا وجب في الإنسان ديات ثم مات دفية واحدة ولو وجب في الحيوان ضمان في أعضائه ثم مات لم يتداخل لأن الغالب من جنايات الأناسي البعيد الذي لا يتوقف على حقيقته والحكومات وإن كانت قياسا فهي على خلاف القياس من جهة نسبتها للدية وسوي بين الإبهام والخنصر مع التفاوت في اليد والرجل وكذلك أصابع اليدين والرجلين وأعظم من ذلك إبهام ايد اليمنى وسبابتها مع خنصر الرجل اليسرى وبنصرها وأما الزواجر فتارة تجب على فاعل المفسدة كمفسد الصوم والحج والظهار وتارة على غير الفاعل وهي ثلاثة قسمان على الأئمة كالحدود والتعذيرات وقسم يخير مستوفيه بين العفو والإستيفاء كالقصاص وقد يكون الزجر عن غير المحرم فمن طلق امرأته ثلاثا في ثلاث مرات فيزجر بنكاية التحليل لأنه مراغم للمروءة والأنفة وقتال البغاة والصبيان على ترك الصلاة وغيرها الركن الثالث في بيان شروط حمل العاقلة للدية وهي خمسة شروط الشرط الأول أن يكون المحمول الثلث فأكثر وقاله أحمد وقال ( ش ) تحمل القليل والكثير وقال ( ح ) تحمل السن والموضحة وما فوقها لأن الأصل براءة الذمة إلا ما أجمعنا عليه وقوله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وعنه عليه السلام ( لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا اعترافا ولا صلحا ولا ما دون الموضحة ) وعنه أنه عليه السلام عاقل بين قريش والأنصار فجعل على العاقلة ثلث الدية وعنه عليه السلام ( تحمل العاقلة الثلث فصاعدا ) وقال ( ح ) ليس ببدل عن النفس ولا عضو ديته كالنفس فلا تحمله كالأموال ولأن الأصل اختصاص الجاني بالغرم العمد فإذا أسقط الشرع عن الجاني الغرم لعذر الخطأ فغيره أولى بالإسقاط ولأنه إنما جعلت على العاقلة ليلا يستوعب الجاني وقد يعجز عنه فتضيع الجناية فجعل على العاقلة الذي يتوقع فيه ذلك فبقي ما عداه على الأصل ولأن الحمل مواساة على قاعدة مكارم الأخلاق ولا ضرورة للمواساة في القليل احتجوا بما في الصحيح أن رسول الله جعل غرة الجنين على العاقلة واحتج ( ح ) بما ثبت في الجنين وهو نصف عشر فوجب أن يكون أصلا ولا يقاس عليه لأن الحمل خلاف الأصول والقياس على خلاف الأصول غير مشروع على الخلاف كما لا تقاس العمامة على الخف ولا يسير الدم على الطحال والجراد ولأنه جناية على جزء خطأ فتحمل قياسا على الثلث وقياسا على الأموال والجوال عن الأول أن غرة الجنين دية كاملة لنفس فأشبهت مائة من الإبل وعن الثاني الفرق بكثرة الثلث لقوله عليه السلام ( الثلث والثلث كثير ) في الوصية وعن الثالث أن الأموال تندر الكثرة فيها فلذلك سوى الشرع بين قليلها و كثيرها والغالب في الدماء الكثرة لخطرها فلذلك حقق الشرع فيها ثم القياس منعكس عليكم فنقول فلا تحمل العاقلة القليل كالأموال الشرط الثاني أن تكون عن دم حر احترازا من قيمة العبد لا تحملها العاقلة وقاله أحمد وقال ( ح ) تحمله وعند ( ش ) القولان وأصل المسألة أن القيمة هل هي بدل عن مالية العبد أو عن نفسه لنا الحديث المتقدم رواه ابن عباس موقوفا عليه ولم يعرف له مخالف فكان إجماعا والأحول الباقية لشغل الذمة مع النصوص في ذلك وقياسا على أطرافه ووافق ( ح ) فيها لأن الطرف والنفس في غير صورة النزاع فيستويان في الآدمي الحر والحيوان البهيم في الحمل والثاني في عدم الحمل احتجوا بقوله عليه السلام ( الدية على العاقلة ) وهو عام في الحر والعبد وقياسا على الحر بجامع النفس أو بجامع اللفظ والمواساة والجواب عن الأول الدية ظاهرة في الحر فلا تحمل على غيره سلمنا عدم الظهور لكن حديث ابن عباس يخصصه وعن الثاني الفرق بتغليب شائبة المالية في العبد ولذلك اختلفت القيمة فيه كالمال وعن الثالث الفرق بأن قيمة العبد غالبا لا تعظم بخلاف الحر الشرط الثالث أن يكون عن خطأ فلا تحمل العمد وقاله الأئمة للحديث المتقدم الشرط الرابع أن يثبت بغير اعتراف ومنه الصلح وقاله الأئمة الشرط الخامس لا تكون عن قتل الإنسان لنفسه لأنها وجبت عليهم تخفيفا عنه فيما لم يقصده وهذا قاصد تفريغ في الكتاب أقل من الثلث في مال الجاني وإن جنى مسلم على مجوسية ما يبلغ ثلث ديتها أو ثلث ديته حملته العاقلة أو على مسلمة ما يبلغ ثلث ديتها حملته عاقلتها والأصل أن الجناية متى بلغت ثلث دية الجاني أو المجني عليه حملته عواقلهم قال اللخمي عن مالك المراعى ثلث دية المجني عليه خاصة وعن عبد الملك دية الرجل كان الجاني أو المجني عليه وقيل لا تحمل العاقلة أصبعي المرأة لأنها لمتأخذ ذلك على عقل نفسها بل على مساواة الرجل لأنها تأخذ عشرين ولذلك إن قلع لها أربعة أسنان يجري فيه الخلاف وإن قطعت امرأة أصبعي امرأة أو أربعة أسنان جرت على الخلاف لأنها إنما تأخذ على عقل الرجل قال ومراعاة دية المجني عليه أحسن لأن الأصل حمل العاقلة الدية كاملة
فرع في الكتاب من جنى من أهل الإبل ما لا تحمله العاقلة ففي ماله من الإبل فإن قطع أصبعا فابنا مخاص وابنا لبون وحقتان وجذعتان وكذلك إن جنى ما هو أقل من بعير وإن جرح المسلم كافرا أو قطع يده أو رجله أو قتله عمدا ففي ماله ولا تحمل العاقلة من عمد المسلم في جنايته على الذمي المأمومة والجائفة وإنما استحسن مالك حمل المأمومة والجائفة ولم يكن عنده بالبين ولا تحمل العاقلة العمد مطلقا
فرع في النوادر كل جرح يتعذر القود فيه لخطره وهو موجود في الجاني حملته العاقلة إن بلغ الثلث وخالفنا الأئمة لنا أنه لما تعذر القصاص أشبه الخطأ وعن مالك في عمد الجائفة والمنقلة والمأمومة قولان يبدأ بمال الجاني والباقي على العاقلة ورجع إلى أن الجميع على العاقلة وعليه أصحابه وتحمل جناية الصبي والصبية والمجنون في حال جنونه والمعتوه في العمد لأنه كالخطأ إن بلغ الثلث وإن جن القاتل انتظر إن أفاق قتل وإن إيس منه فالدية في ماله والنائم كالمخطىء وقال أشهب لا يحمل ما جناه العبيد على الحر أو على العبد ولا حر على عبد وإنما تحمل جناية الحر على الحر ولا تحمل عاقلة المسلم جنايته على يهودي أو نصراني أو مجوسي وإن بلغ النفس لأنهم كالعبيد إلا أن السنة مضت بدياتهم قاله ابن القاسم وعنه تحمل إذا بلغ الثلث دية المجني عليه وإن رمى رجل بحجر فأصاب جماعة مواضح أو ملطاة أو شجاجا وجميعها يبلغ الثلث حمله لاتحاد الضربة وكذلك لو فعل برجل ذلك قاله مالك أو ضربه فأذهب كل واحدة بما يليق بها وإن قتل عشرة رجلا فعلى عاقلة كل واحد عشر الدية في ثلاث سنين لأن الواجب في الأصل دية وإن جنوا قدر ثلث الدية حملته عواقلهم وعن مالك إن أقر بالقتل ولم يتهم على ولده وهو ثقة لا يتهم فالدية على العاقلة بقسامة في ثلاث سنين قال ابن القاسم فإن لم يقسموا فلا شيء في مال المقر وقال عبد الملك الإقرار في ماله ولا تحمل العاقلة خطأ اعترافا والاعتراف بالجراح الخطأ لا تحملها لعدم القسامة فيها فيتخلص أن المشهور حمل الاعتراف عند عدم التهمة وإن العمد يحمل في ثلاث صور الصبي ومن معه والجائفة وما معها وما لا يقاد منه وله نظير يوجد في الجاني الركن الرابع في صفة من يحملها وفي الجواهر في الركن بحثان من يحمل وصفته البحث الأول من يحمل وهو ثلاثة الأول العصبة والولاء وبيت المال دون الموالاة والمخالف أما العصبة فكل عصبة يدخل فيها الأب والابن وفي دخول الجاني روايتان ويلحق بالقرابة الديوان لعله التناصر فإن كان المعا من أهل ديوان مع غير قومه حملوا عنه دون قومه لأنهم ناصروه رحل عنهم وإن احتاج أهل ديوان إلى معونة قومهم لقلتهم أو لانقطاع ديوانهم أعانوهم وقال أشهب إنما يحمل عنه أهل الديوان إذا كان العطاء قائما وإلا فقومه والجهة الثانية الولاء إذا عدمت العصبة فعلى معتق الجاني وهو المعتق الأعلى وفي الأسفل قولان الثالث بيت المال عند عدم العصبة والولاء يأخذ من بيت المال إن كان الجاني مسلما وإن كان ذميا رجعنا على الذين يؤدون معه الجزية أهل إقليمه الذين يجمعه وإياهم أداء الجزية فإذا لم يستقلوا ضم إليهم أقرب القرى منهم البحث الثاني في صفاتهم وهي التكليف والذكورة والموافقة في الدين والدار فلا يضرب على عبد ولا صبي ولا امرأة ولا مخالف في الدين ولا فقير وإن كان يعمل ولا حد فغناهم في الحمل ولا بما يؤخذ وقيل يؤخذ من كل مائة درهم ونصف وكذلك كان يؤخذ من اعطيات الناس تفريغ على البحثين في الكتاب إن قتل ذمي مسلما خطأ حملته عاقلته وإن أصاب أهل الذمة بعضهم بعضا حمل ذلك عواقلهم وإنما العقل في القبائل كانوا أهل ديوان أم لا ومصر والشام اجناد كل جند عليهم جرايرهم فلا يعقل أهل مصر مع الشام ولا الشام مع مصر ولا الحضر مع البدو ولا البدو مع الحضر لعدم التناصر ولا يكون في دية واحدة إبل وذهب أو ذهب ودراهم وإن انقطع بدوي فسكن الحضر عقل معهم كالشامي يستوطن مصر ثم إن جنى وقومه بالشام وليس بمصر من قومه من يحمل لقلتهم ضم اليه أقرب القبائل لها الى قومه وإن لم يكن بمصر أحد حتى يقود إذ لا يعقل أهل الشام مع مصر ويحمل الغني بقدره ( ومن دونه بقدره ) على قدر يسرهم وفي التنبيهات قوله إذا لم يكن فمن قومه من يحمل لقتلهم ضم اليهم أقرب القبائل يريد في النسب لا في الجوار قال ابن يونس حمل العاقلة الدية كان في الجاهلية أقره رسول الله لأنه من مكارم الأخلاق ولا عقل على مديان لأنه كالفقير وكره مالك أن يبعث السلطان في الدية من يأخذها من العاقلة فيدخل فيها فساد كبير وقال سحنون ويضم أهل أفريقية بعضهم لبعض من طرابلس إلى طبنة في العقل وتعتبر صفات العاقلة وشروط حملها يوم يقسم عليهم الدية لأنه يوم الطلب لا يوم مات المقتول ولا يوم جرح ولا يوم ثبت الدن ولا يزول عمن مات بعد ذلك أو أعدم لأنه حكم لا ينقض ولا يدخل من بلغ بعد ذلك من الصبيان أو غائب قدم أو منقطع الغيبة ولا يزاد على من أيسر قال سحنون ومن استحق بملك رجع ما عليه على بقية العاقلة لتبين الغلط في الحكم ولا يزاد في التوظيف على بني عمه ديته وعم وغيرهم سواء قال أصبغ ولا يدخل مع العاقلة صبي ولا مجنون ويدخل السفيه البالغ فيؤخذ من ماله كما يوضع عليه الجزية وقال اللخمي يختلف في أربعة مواضع هل يعقل أهل الديوان دون القاتل وهل يراعى الكورة أو يكفي المصر الكبير وفي اجتماع البدو مع الحضر ومن لا عاقلة له هل تسقط جنايته أو في ماله أو في بيت المال ومراد ابن القاسم بمصر من أسوان إلى الإسكندرية ومصر اسم الجميع وهي الكورة وعن أشهب يقتصر على الفسطاط دون بقية الكورة وإن لم يكن في قتيل محمل ضم إليه أقرب القبائل من الفسطاط خاصة وعن أشهب إذا اجتمعت البادية والقرى في حمل واحد اخرج كل ما يلزمه إبلا أو غيره وإن كان القاتل من غيرهم وتؤخذ الإبل بقيمتها وفي النوادر من ظعن فرارا من الدية لحقه حكمها حيث كان بخلاف الغائب لغير ذلك والغرماء مقدمون على طالب الدية لأنها مواساة ومن مات فما وظف عليه في ماله كالدين وعن سحنون يحاصص بها لأنها دين وعن ابن القاسم من مات لا شيء في ماله ولا على وارثه ويرجع على بقية العاقلة وأنكره سحنون ومن أسلم من البربر ولم يسبوا فإنهم يتعاقلون كالعرب ومن سبى وعتق فعقله على مواليه ومتى اجتمع في العاقلة أهل إبل وأهل ذهب قال أشهب يتبع الأقل الأكثر فإن استويا حمل كل فريق من هم أهله وقال مالك وهو خلاف لابن القاسم وإذا جنى بمصر ولم يقم عليه حتى اوطن العراق فجنايته على مصر وإذا جنى الساكن بمصر وليس بها من قومه أحد حمل جنايته أقرب القبائل إليه ممن بمصر ولا يعقل عن المرأة أبوها ولا زوجها ولا اخوتها لأمها إن لم يكونوا من قبيلتها لأنهم ليسوا عصبة وإذا قدم حربي بأمان فقتل مسلما خطأ قال مالك يحبس ويرسل إلى أهل موضعه وكورته إلى قومه منها يخبرونهم ما يلزمهم في حكمنا فإن ودوا عنه لم يلزمه إلا ما كان يؤديه معهم وعنه إن الدية في ماله وليس على بلده منها شيء وقال ابن القاسم ديته على أهل دينه الحربيين وأهل الصلح يتعاقلون وإن اختلفت قبائلهم قال الغيرة إن كانوا أهل جزية ولهم معقلة يتعاقلون عليها ويحملها بعض عن بعض دون بعض حملتهم عليها وإلا ففي مال الجاني قال سحنون اذا لزمت دية القيروان دخل فيها من بإفريقية من اليهود الذين يحملون معه الخراج وإن لم يقدروا أسلفهم الإمام من بيت المال ولا يشق عليهم
فرع في النوادر إن حملت العاقلة شيئا نظر أنه هل يلزمها ثم تبين أنه لا يلزمها فلهم الرجوع ما لم يطل الأمر بعد الدفع سنين كثيرة التي يرى فيها أنهم علموا ذلك فيها وانقرضوا عنه تنبيه وافقنا ( ح ) في دخول الجاني ومنعه ( ش ) لنا ما روي أن نعيم بن أبي مسلمة رأى رجلا يرمي الكفار فطعنه فقتله فتبين أنه مسلم فقضى عمر رضي الله عنه بديته عليه وعلى عاقلته ولأن الأصل أنه يحمل وحده لأنه الجاني ولأن التحمل للنصرة والمواساة وهو أحق بنصرة نفسه ومواساتها احتجوا بأنه عليه السلام قضى بالدية على العاقلة والدية اسم للجميع ولأن كل غرم وجب بالقتل استوى قليله وكثيره في التحمل طردا وعكسا لأن دية العمد لا تحمل العاقلة قليلها ولا كثيرها فدية الخطأ وجب أن تحملها كلها كالجاني في العمد ولأن أن القتل تارة يمنع العتم كالعمد في الميراث وتارة يمنع الغرم كدية الخطأ والأول يمنع مطلقا فالثاني كذلك والقياس على القاضي إذا قتل بالحكم خطأ وكوكيل الإمام إذا قتل خطأ والجواب عن الول القول بالموجب لأنه من جملة العاقلة وعن الثاني الفرق أن العمد صادف الأصل ( وهو أن الجاني غرم والخطأ خالف الأصل ) غرم غير الجاني فلا يخرج الجاني منه تعليلا بمخالفة الأصل وعن الثالث أن منع الغرم تخفيف ورحمة من الله تعالى فناسب أن يوزع على الجميع والعتم عقوبة له بنقيض قصده فتوزيع الميراث متعذر وتوزيع الدية غير متعذر وعن الرابع الفرق أن ولاة الأمور لو غرموا مع تصديهم للأحكام لأدى ذلك لزهادة في الولايات فتتعطل المصالح بخلاف الجاني كذلك وكيل الإمام وانفق العلماء أن إخوة الأم وسائر ذوي الأرحام والزوج وكل من عدا العصبة ليسوا من العاقلة ولا الأم ولا آباؤها ولا أجدادها إلا أن يكونوا عصبة للقاتل وإن كان القاتل امرأة فإن كان بنوها وبنوا بنيها وإن سفلوا بني عمها لأن زوجها من بني عمها فعاقلتها وإلا فلا وقيل عاقلتها وافقنا ( ح ) على أن الآباء والأبناء والحفدة يتحملون كغيرهم وقال ( ش ) لا يتحمل هؤلاء شيئا بل العصبات الذين هم جوانب النسب كالإخوة وبني الإخوة والأعمام وبنيهم وعن أحمد القولان لنا أن رسول الله قضى بالدية على عصبة العاقلة وزوجها وبنيها والقياس على الأخ بطريق الأقل لأن الأب والابن أعظم نصرة وأبلغ ميراثا فيجب كالأخ وكيف يكون العم أكثر تعصيبا من الأب والإبن بل المرتب على النسب إما أن يختص بالأب والجد كولاية المال والبضع والعتق بالملك والنفقة أو يثبت الجميع كولاية النكاح وصلاة الجنازة أما لغير الأصول والفصول والرحم فلم يقع في الشرع احتجوا بما روي عن رسول الله قال في خطبته ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض لا يؤخذ الرجل بجريرة ابنه ولا ابن بجريرة ابيه ) ولأنه نسلب يوجب التوارث من غير حجب إسقاط فلا يحمل كالزوجة وبالقياس على ابن المرأة والجواب عن الأول أن المراد بالحديث ما كانت الجاهلية تفعله يأخذون الأب بالابن والابن بالأب وعن الثاني الفرق عدم التناصر والعصوبة من جهة الزوجة بخلاف الابن والأب وعن الثالث بمنعه على أحد القولين ونسلمه ويفرق بأنكم ليس من عصبتها فإنه عندهم لا يلي تزويجها ثم الرضاع حجة عليكم استوى فيه الجميع وكذلك تحريم المصاهرة ووافقنا ( ح ) على أن الديوان يعقل مع أن صاحب الزاهي حكى فيه قولين وقال أشهب إنما يعقل الديوان إذا كان العطاء وإلا فقومه وقال ( ش ) وأحمد لا يعقل الديوان لنا أن عمر رضي الله عنه أول من دون الدواوين وجعل أهل كل ديوان يحملون جناية من معهم في الديوان ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا ونكته المسالة أن التعاقل مبني على التناصر ولذلك اختص العاقلة العصبة وسقطت عن النساء والصبيان والمجانين بعدم النصرة مع وجود القرابة فيهم فقد دار العقل مع النصرة وجودا وعدما وأهل ديوانه ينصرونه اشد من العصبة والديوان أخص من النسب لأنه يجمع أهله في موضع واحد وعطاء واحد وتكون مودتهم منسجمة زحميتهم لبعضهم متوفرة احتجوا بقضاء رسول الله على العاقلة وإذا استقر حكم في زمانه عليه السلام لا يبطل بعده لتعذر النسخ ولأنه حكم يتعلق بالعصبة عند عدم الديوان فيتعلق عند وجوده كالميراث ولأنه حكم لا يثبت إلا بين المتواليين في الدين فلا يثبت بالديوان كولاية النكاح ولأن مطلق التناصر لا يكفي لأن أهل السكة الواحدة والبلدة الواحدة في أرض الغربة ينصر بعضهم بعضا والصدقاء والشركاء والجواب عن الأول أن تجدد الأحكام لتعدد عللها في المحال بعده عليه السلام ليس نسخا وإنما النسخ تجديد حكم مطلقا لاترتبه على علة لم تكن موجودة في زمانه عليه السلام وهو مبتكر رتبنا عليه التحريم ولم يكن نسخا وكذلك لو أحدثوا آلة مطربة أو نوعا من الكفر لم يعلم أنكرنا وقاتلنا وليس نسخا وعن الثاني لا يستقيم ترتيبه على الميراث بدليل النسوان والصبيان بل على النصرة وهي مشتركة بل أقوى كما تقدم وعن الثالث أن ولاية النكاح أعظم رتبة لدرء العار عن المولية ولذلك قدم الأقرب فالأقرب ولا يلزم ذلك في العاقلة اتفاقا وعن الرابع أن أهل المحلة بينهم العداوة ثم ان تلك الأسباب ليس التناصر لازما لها قد يقع وقد لا يقع وأما الديوان فمعد للنصرة والقتال عن بعضهم فائدة الديوان قيل إن كسرى أنو شروان اطلع على أهل حسابه فقال هؤلاء ديواناه بالهاء ثم إلها لطول الاستعمال ومعناه بالفارسية مجانين وقيل شياطين والعقل قيل لأن العاقلة تعقل لسان الطالب وقيل تعقل بسبب الغرامة الجناية وقيل لأن غالبه وأصله الإبل وهي يؤتى بها معقولة فهذه ثلاثة معان وأصله المنع ومنه العقل لأنه يمنع العاقل من الوقوع في الرذائل الركن الخامس في صفة التوزيع وفيه نظران
النظر الأول في كيفية الترتب عليهم وفي الجواهر يبدأ بأقرب العصبة ويضرب على كل أحد ما يحتمله حاله ولا يضربه فغن فضل عن الأقربين شيء ترتب إلى الأبعد منهم الأولى فالأولى يبدأ بالفخذ ثم البطن ثم العمارة ثم الفصيلة ثم القبيلة فإن لم يستقلوا استعانوا بأقرب القبائل إليهم وقد تقد في كتاب الوقف تفسير هذه الألفاظ وفي الكتاب يحمل الغني بقدره ومن دونه بقدره على قدر طاقتهم في اليسر وكان يؤخذ من أعطيات الناس من كل مائة درهم درهم ونصف وإن جنوا الثلث حملته عواقلهم في سنو وإن جرحه جرحين خطأ وجرحه الآخر جرحا خطأ فمات فأقسمت الورثة فالدية على عاقلتها نصفين لا الثلث والثلثين فإنه لا يدري من أيهما مات
النظر الثاني في التأجيل في الكتاب يوزع في ثلاث سنين كانت إبلا أو ذهبا أو ورقا في كل سنة ثلث وإن كانت أقل من الثلث بقي مال الجاني حالا وثلث الدية في سنتين وقال مالك مرة نصفها في سنتين وعنه يجتهد فيه الإمام في سنة ونصف وسنتين قال ابن القاسم في سنتين أحب إلى لما جاء أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع وثلاثة أرباعها في ثلاث سنين وخمسة أسداسها يجتهد الإمام في السدس الباقي ودية المسلمين والذمة والمجوس رجالهم ونسائهم تحملها العاقلة في ثلاث سنين وإن صولحت العاقلة بأكثر من الدية جاز إن عجل وإلا امتنع لأنه دين بدين ويجوز الصلح في العمد بمال مؤجل لأنه دم لا مال له وإن صالح الجاني على العاقلة رد صلحه لأن ا لحكم في ذلك لهم وفي النكت قوله يجتهد في السدس الباقي يعني على حساب أربع سنين فو ثلاث ويلزمه في ثلاثة الأرباع أن الثلثين في سنتين ويجتهد في الزائد بأن يجعل على حساب ثلاث أو أربع وإنما جوابه في الثلاثة أرباع على أحد القولين قال اللخمي على القول بجبر قاتل العمد على الدية هي حالة في ماله وكذلك التراضي عليها إلا أن يشترط الأجل وفي الموازية هي كدية الخطأ في قال مالك والمغلظة على الجاني وعنه على العاقلة ( يبدأ بمال الجاني فإن لم يكن مال فالعاقلة وقال محمد على العاقلة ) معجلة وقال ابن القاسم عليها منجمة ثم رجع فقال عليه معجلة والعمد الذي لا قصاص فيه كقتل المسلم نصرانيا على العاقلة على أحد القولين وهل تكون منجمة أو حالة كالمغلظة وفي الجواهر يحسب الحول من يوم الحكم قال العراقي في تعليقه قال الأهري من يوم القتل وقاله ( ش ) وبالأول قال ( ح ) كالعنين ( ووافقنا ( ش ) في التنجيم في ثلاث سنين ) وقال ( ح ) إلى العطاء لنا أن رسول الله قضى بها في ثلاث سنين وقاله عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم من غير مخالف وقال ( ش ) يحمل الغني نصف دينار ( والمتوسط ربع دينار ولأن الشرع أوجب على الغني في الزكاة نصف دينار ) ويناسب أن المتوسط نصفه وقال ( ح ) من ثلاثة إلى أربعة لأن هذا هو الذي لا يجب لنا على عدم التحديد أن رسول الله لم يحددها وكذلك أصحابه بعده رضي الله عنهم الركن السادس في تفليظها في الموطأ أن رجلا من مدلج يقال له قتادة حذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه ونزي في جرحه فمات فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر ذلك له فقال له اعدد علي ماء قديد عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك فلما قدم عليه عمر أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة وثلثين جذعة وأربعين خلفة في بطونها أولادها ثم قال أين أخو المقتول فقال ها أناذا فقال خذها فإن رسول الله قال ( ليس لقاتل شيء ) وفي التنبيهات المدلجي بضم الميم وكسر اللام منسوب إلى بني مدلج وسراقة بضم السين وقديد بضم القاف ودالين مهملتين مصغر وفي المنتقى إنما خص سراقة لأنه سيد القوم وهو يدل على وجوبها على العاقلة أو لأنه هو الذي سأله عن القضية فيلزم الأب بإحضارها من ماله ولذلك وقع الخلاف في هذا وقوله مائة وعشرين يريد ليختار منها المائة وفي الكتاب لا تغلظ الدية إلا فيما فعل المدلجي بابنه فإن الأب إذا قتل ابنه بحديدة فإنما تظهر معه الشبهة كما تقدم درءا للقود وغلظت الدية في ماله حالة ولا يرث الأب في هذا من مال الولد لا من ديته شيئا لأنه من العمد لا من الخطأ والأم كالأب ويغلظ على الحر كالأب وإن قطع الأب شيئا من أعضاء الولد أو جرحه كمثل ما فعل المدلجي بابنه تغلظ فيه في ماله حالة ولا تغليظ في أخ ولا أخت ولا زوجة ولا زوج ولا قريب غير ما تقدم ولا في الشهر الحرام ولا من قتل خطأ في الحرم وتغلظ على أهل الذهب والورق فينظر كم قيمة أسنان الدية المغلظة وقد تقدم بيانها وكم قيمة أسنان دية الخطأ وقد تقدمت فإذا زادت المغلظة نظر كم ذلك من دية الخطأ فإن كان ربعها فله دية وربع وكذلك غير الربع وفي النكت تقوم دية الخطأ ودية التغليظ على أهل الذهب على أنها حالة حاضرة لأن الخطأ مؤجله ولو روعي هذا لروعي في المغلظة أنها على فقير أو ملي تقوم على حالة فقره وملائه ودية الخطأ مأمونة على العاقلة فربما زادت قيمتها على المغلظة للأمن وإنما يعتبر حضور الجميع قال ابن حبيب إن نزل هذا ببلد لا إبل فيه كالأندلس اعتبر أقرب البلدان إليهم قال بعض الشيوخ إذا جرح الأب ابنه ما لا قصاص فيه على قول مالك تغلظ عليه الدية لأنه لا يورث بالتغليظ بدل الأب والأجنبي يؤدب وقال عبد الملك لا يغلظ عليه ( كالأجنبي والتغليظ بدل القصاص لا بدل الأب قال عيسى قال مالك يغلظ عليه ) ولست أرى ذلك قال اللخمي إن وجب شبه العمد على أهل الذهب فثلاثة أقوال لمالك لا تغلظ ورجع إلى أنها تغلظ وتقوم كما قال في المدونة وعنه تلزمهم قيمة المغلظة ما بلغت ما لم تنقص عن ألف درهم وقول المدونة أحسن لأن قيمتها مطلقا قد تؤدي الى سقوط التغليظ بأن تكون القيمة ألف دينار واختلف في تغليظ العمد على أهل العين قال ابن القاسم لا تغلظ وقال أشهب تغلظ وينظر إلى قيمة العمد على أهل العين قال ابن القاسم لا تغلظ وقال أشهب تغلظ وينظر إلى قيمة العمد من الإبل وهي الأرباع من قيمة الخطأ ويزاد ذلك الجزء وعلى قول مالك في شبه العمد تجب قيمة ديته مطلقا تجب ها هنا قيمة العمد على ذلك الشرط وعليه ما عليه قال في النوادر قال ابن القاسم تغلظ الدية على الأب وأن الأب والأم وأم الأم وقف عن أم الأب وقال عبد الملك جميع الجدود والجدات مثل الأبوين وقال أشهب أم الأب كالأم وأب الأم كالأجنبيين واتفقوا في التغليظ في الجد والجدة للأب واختلفوا في الجد والجدة من قبل الأم قال ابن القاسم كالأب وقال أشهب كالأجنبي والثابت عن مالك واصحابه أن التغليظ في الجراح كالنفس إذا كانت مثل فعل المدلجي بابنه وإن ذكر عنه غير ذلك واتفقوا على أنه إنما ينظر في التقويم إلى ما زادت المغلظة على الخمسة كم هو وجزء منها ولا يجوز أن يقال كم هو جزء منها ولا يجوز أن يقال كم هو جزء من المغلظة قال ابن القاسم نفس المغلظة على أهل الذهب أو الورق دية وثلث
فرع في الجواهر إذا قتل المجوسي ابنه لا تغلظ عليه الدية لأنها ليست مستخرجة من دية وأنكره سحنون وقال أصحابنا يرون التغليظ عليهم إذا حكم بينهم لأن علة التغليظ سقوط القود
فرع في المنتقى الجراح قسمان ما لا يقتص منها كالجائفة وأختاها قال سحنون لا تغلظ لعدم القود فيها والتغليظ بدله وعن مالك تغليظ قياسا على النفس وما يقتص منه بين الأجانب إذا وقع من الأب على فعل المدلجي فعن مالك تغلظ كالقتل وإذا قلنا بالتغليظ فعن ابن القاسم في الصغير والكبير وعنه إذا بلغ ثلث الدية فأكثر وإذا قلنا بالتغليظ فعن ابن القاسم في الصغير والكبير وعنه إذا بلغ ثلث الدية فأكثر وإذا قلنا بتغليظها على أهل الإبل ففي تغليظها على أهل العين روايتان وبه قال ابن القاسم تنبيه وافقنا ( ح ) على أنها لا تغلظ للشهر الحرام وقال ( ش ) تغلظ لنا قوله تعالى ( ودية مسلمة ) ولم يفرق ولأن الحدود لا تغلظ بالبقاع فكذلك الدية احتجوا بأنه مروي عن عمر وعثمان ابن عباس رضي الله عنهم وجوابه أن الكتاب والقياس مقدمان على قول الصحابي الأثر الثالث المرتب على الجناية الحكومة وهي الأرش غير المقدر ففي الكتاب إذا كسرت الترقوة خطأ ففيها الاجتهاد إذا برئت على عثم وإلا فلا شيء فيها وكذلك اليد والرجل ( وجميع عظام البدن إذا كسرت خطأ فبرئت على غير عثم فلا شيء فيها وكذلك اليد والرجل ) في التنبيهات الحكومة فيما لا عقل فيه بما نقصه الجرح وتفسيره أن يقوم أن لو كان عبدا صحيحا ثم مجروحا فللناقص على الفاعل بحسابه من ديته وقاله ( ش ) وفسره ابن بأنها اجتهاد الإمام والترقوة لفتح التاء وضم القاف غير مهموز وهي العظم الذي أعلى الصدر المتصل بالعنق وقد تقدم في الركن الثاني من الدية كثير من أحكامها وعدة موضعها التي تجب فيها في خلال فترة الدية المقدرة من ضرورة تلك الفروع
الأثر الرابع المرتب على الجناية القيمة وفي الكتاب في عبد الذمي والمسلم قيمته وإن كانت أضعاف الدية وفي مأمومته أو جائفته ثلث قيمته وفي منقلته عشر قيمته ونصف عشرها وفي موضحته نصف عشر قيمته وفي غير ذلك من جراحه ما نقص بعد برئه وفي النكت إنما فرق بين المأمومة والجائفة والمنقلة والموضحة لأن سائر الجراح إذا برىء بعضها بانت وهذه إذا برئت لم تنقص شيئا ولو روعي حالة برئها سقطت الجناية فإن برئت الجراح الأربع ( على شين فهل يقوم بها ثم بها وبالشين فيصرف الشين فيعطى للسيد أو يقوم سالما ليس به الجراح الأربع ) ثم يقوم وهي به مع شينها فإن نقصه ذلك مثل الواجب في الجائفة وغيرها أو أقل فإن نقصه أكثر أعطى الموقت مع الزيادة قال بعض الشيوخ هو أصوب من الوجه الأول وعن مالك لا يزاد للشين وعن ابن القاسم يزاد بقدر الشين ويحمل تحديد الشرع على غير الشين وإنما نسبت الجراحات الأربع لقيمته كما تنسب إلى الحر في ديته فنسبت دية الحر إليه كقيمة العبد إليه
فرع وفي النوادر إذا قطع يد عبد خطأ ثم عتق فقطع آخر رجله خطأ ثم نزا فمات من الجرحين ( قال سحنون يقسم ورثته كمات من الجرحين ) فيأخذوا دية حر من الرجلين النصف من عاقلته كل واحد منهما في ثلاث سنين فإن أبوا القسامة أخذوا من الثاني نصف الدية في ثلاث سنين ومن الأول ما نقصه الجرح يوم الجناية وهو عبد خالفنا ( ح ) في قيمة العبد وقال لا يزاد فيها على دية الحر لنا أنه مال متلف فتجب قيمته ما بلغت كسائر الحيوان وغيره احتج بأنه أدنى من الحر والأدنى لا يزاد على الأعلى جوابه ما زيد من جهة أنه أدنى بل من جهة أنه مال وليس بين الحر وبينه في هذا قدر مشترك حتى يقال أدنى ولا أعلى الأثر الخامس المرتب على الجناية غرة الجنين ووافقنا فيه ( ش ) وأحمد وقال ( ح ) لا شيء فيه لنا ما في الصحيحين ( أن امرأتين اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى رسول الله فقضى رسول الله أن دية جنينها عبد أو أمة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم ) وعن عمر رضي الله عنهم أنه استشار الناس في إملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي لله قضى فيه بغرة عبد أو أمة فقال لتأتيني بمن يشهد معك فشهد له محمد بن مسلمة احتجوا بأنه عضو من أعضائها ولو قطع يدها بعد موتها لم يلزمه شيء ولأنه يجوز أن لا يكون من فعل الضارب بل من ألم موت أمه فلا تعمر الذمرة بالشك والجواب عن الول أنه نيتقض بما إذا ألقته حال الحياة لا يعطي حكم عضوها اتفاقا ولأنها لو استحق دمها لم تقتل حتى تضعه بخلاف أعضائها وعن الثاني أن الأصل إضافة الحكم للسبب الظاهر وهو الضربة والأصل عدم غيره وفي هذا طرفان الطرف الأول في الموجب وفي الجواهر هو جناية توجب انفصال الجنين ميتا في حياة أمه قال الأستاذ الاعتبار في وجوب غرته بحياتها وفي كما ديته بحياته فإن لم ينفصل حتى ماتت الأم فلا شيء فيه وإن انفصل بعد موتها فكذلك وقال أشهب إذا انفصل بعد موت الأم وجبت الغرة وإن انفصل حيا فاستهل والجناية خطأ وتراخي الموت عن الاستهلال فالواجب الدية بقسامة أو عقيب الاستهلال فقال أشهب لا يفتقر اسحقاق الدية إلى قسامة لقرينة الفوت وقال ابنالقاسم لابد من القسامة لاحتمال طريان سبب آخر وإن كانت الجناية عمدا فمشهور مذهب مالك لا قثود فيه لأن موته بضربة غيره وديته في العمد والخطأ على العاقلة وعن ابن القاسم إن تعمد الجنين بضرب البطن أو الظهر أو موضع يرى أنه اصيب به فالقود بالقسامة وأما إن ضرب رأسها أو ثديها أو رجليها فالدية بقسامة قال وإن جرح رأس الجنين وماتت الأم ففي الغرة قولان وفي الكتاب إذا ضربت امرأة عمدا أو خطأ فألقت جنينا ميتا فإن علم أنه حمل ولو مضعة أو علقة أو مصورا ذكرا أو أنثى فالغرة بغير قسامة في مال الجاني ولا تحمله العاقلة ولا شيء فيه حتى يزايل بطنها في النكت إن خرج حيا ولم يستهل فقتل فلا قود بل الغرة وعلى قاتله الأدب كما إذا ضرب بطنها فألقته ميتا ولم يستهل صارخا لأنه يقاد منه في الأجنبي قال بعض الشيوخ إذا استهل الجنين المضروب خطأ فوجبت الدية ( بقسامة فامتنعوا من القسامة فلهم الغرة كمن قطعت يده ثم برأ منها فمات فلهم الدية ) بالقسامة فإن أبوا فدية اليد أو الجرح قال وهذا غير مستقيم بل لا غرة لأنه بالاستهلال صار من جملة الحياء وزالت ديته عن الغرة فإن نكلوا فلا شيء لهم قال ابن يونس الاستهلال الصياح دون العطاس لأنه يكون عن روح مختصة وقال ابن وهب العطاس والرضاع استهلال الطرف الثاني في الموجب وفي الكتاب استحسن مالك الكفارة في الجنين وكذلك العبد والذمي فيهما الكفارة وإن ضربها فماتت وخرج بعد موتها ميتا لا غرة فيه لأنه مات بموت أمه وإن ضرب بطنها فألقت جنينا حيا ثم ماتت بآخر في بطنها ومات الخارج قبل موتها أو بعد فلا شيء في الذي لم يزايلها والذي استهل فيه الدية بالقسامة وإن لم يستهل فالغرة وإن خرج الجنين ميتا أو حيا فمات قبل موت أمه وماتت بعده ورثته وإن ماتت وقد استهل صارخا ثم مات بعدها ورثها وإن خرج ميتا ثم خرج آخر بعده حيا أو قبله أو ولد أب ولد من امرأة أخرى فعاش أو استهل ثم مات وقد مات الأب قبل ذلك فللخارج حيا ( ميراثه من دية الخارج ميتا لأن المولود إذا خرج حيا ) ورث أباه وأخاه الميت قبل ولادته وإن ضرب الأب بطن امرأته خطأ فألقت جنينا ميتا لم يرث الأب من دية الجنين شيئا ولا يحجب وميراثه من سواه وإن ضرب بطن امرأته خطأ فألقت جنينا فاستهل ومات ففيه القسامة والدية أو عمدا فالقود بالقسامة إن تعمد ضرب بطنها خاصة ولا قسامة في الجنين الخارج ميتا لأنه كرجل ضرب فمات ولم يتكلم وإن صرخ فمات فكالمضروب يعيش أياما ففيه القسامة لعله مات لعارض بعد الضربة وإن ضرب مجوسي أو مجوسية بطن مسلمة خطأ فألقت جنينا ميتا حملته عاقلة الضارب أو عمدا ففي مال الجاني وفي جنين أم الولد من سيدها ما في جنين الحرة لأنه حر وجنين الأمة من غير السيد ( عشر قيمة أمه كان أبوه حرا أو عبدا لأنه بنسبة الخمسين دينارا إلى جملة الدية واعتبر بالأم لأنه كزوجها وفي جنين الذمية عشر دية أمه أو نصف ) عشر دية أبيه وهما سواء والذكر والأنثى سواء وإن أسلمت نصرانية حامل تحت نصراني ففي جنينها ما في جنين ( أم الولد من سيدها ) النصراني وهو عشر دية أبيه وإن استهل صارخا ثم مات حلف من يرثه يمينا واحدة ويستحقون الدية على من قتله مسلما كان أو نصرانيا وإن تزوج عبد مسلم نصرانية ففي جنينها ما في جنين المجوسي وإن أسلمت مجوسية حامل تحت مجوسي ففي جنينها ما في جنين المجوسي أربعون درهما لأنه على دينه قال مالك والحمران من العبيد أحب إلى من السودان فإن قلوا بتلك البلدة فالسودان والقيمة في ذلك خمسون أو ستمائة درهم وليست للقيمة سنة مجمع عليها بل استحسان لأنها نصف العشر وهو أصل المقدرات في الموضحة فغذا بذل الجاني عبدا أو ليدة جبروا على أخذه إن شاءوا أو خمسين أو ستمائة وإلا يجبروا وليس على أهل الإبل في ذلك إبل وقد قضى رسول الله بالغرة والناس يومئذ أهل إبل في التنبيهات الغرة لغة النسمة كيف كانت عبدا أو أمة من غرة الوجه كما تسمى ناصية ورأسا وقد تكون من الحسن والإنسان أحسن الصور وقيل معناه الأبيض قاله أبو عمر ومنه الفرس والغر المحجلون من آثار الوضوء ويصلح أن يكون مستند مالك في اختياره الحمران لأنهم البيض قال رويناه عبدا أو وليدة بالتنوين وعدم الإضافة وهو الصواب وأكثر الشيوخ رووه بالإضافة قال اللخمي قال ابن فارس غرة كل شيء أكرمه والأحمر أكرم من الأسود ومقصود الحديث أعلى من يرى للخدمة لا للفراش لأن المقصود تعويض نفس بنفس وهو حكمة العشرة قال مالك وقيمة الخمسين وست المائة ليست سنة ثابتة قال محمد كالسنة الثابتة وهي على أهل الذهب خمسون دينارا وعلى أهل الورق ستمائة ألف درهم وعلى أهل الإبل خمس فرائض بنت مخاض وبنت لبون وابن لبون وخلفة وجذعة قال أشهب لا يؤخذ من البادية إلا الإبل وعن ابن القاسم قولان والذي في المدونة أنها ليست عليهم إبلا وأنكره محمد عليه وقال لم جعل على أهل الذهب الذهب وعلى أهل الورق الورق ومقتضى قول مالك وابن القاسم وأشهب أن الجاني مخير بين الغرة وعشر دية الأم من كسبهم كالدية واعتبار القيمة خمسين أو ستمائة درهم مشكل لأن الحديث جاء بالغرة وأثمان العبيد في البلاد تختلف وتتغير الأسواق بالزيادة والنقص فإن وجدت بعشرين لم يكن أكثر من ذلك أو بسبعين أخبر على إحضارها ولا يقبل منه خمسون لأنه دون الحضرة وقوله له أن يأتي بالعين بدل الغرة مشكل لأن الحديث إنما جاء بالغرة واختلف في سبعة مواضع الدم المجتمع هل له حكم العقلة وإن تحرك بعد الوضع أو عطس أو ارتضع ولم يستهل هل فيه الغرة أو الدية وإن استهل ومات بالحضرة هل الدية قسامة أو بغير قسامة وهل في عمده إذا استهل قصاص وإن خرج بعد موت أمه هل فيه غرة أو يبطل وهل الغرة في مال الجاني أو العلقة وهل أورثها الأبوان أم الأم وحدها ففي المدونة في الدم المجتمع الغرة لانتقاله عن النطفة وخالفه أشهب وقال مالك في المتحرك إن لم يستهل ليس بحي قال ابن حبيب وإن أقام يتحرك ويفتح عينيه حتى يسمع صوبا وإن خفي وقال ابن وهب الرضاع كالصراخ يعتبر وقيل تعتبر الحركة فقط ومتى طال الرضاع لم يختلف فيه وقال ابن القاسم إن استهل ومات بالحضرة لم يستحق الدية إلا بقسامة والقود وخالفه أشهب في الوجهين وقال ابن القاسم إذا طرح بعد موت الأم لا شيء فيه لأنه مات بموتها وعن مالك في المدونة لا تحمل العاقلة الغرة كالموضحة بجامع العفة فيه وعنه في غيرها تحملها كالدية لأنها دية كاملة كدية المجوسي فهي دية نفس وقال مالك ميراثه من أبويه الثلثان والثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس والباقي للأب وأحد قولي ابن القاسم إنه للأم خاصة لأنه خرج منها أو عضو ولأن الحرة ولدها من العبد حر وعكسه وهو يرجح الأم في الولد ولأن الغرة عشر قيمة الأم لا الأب وإن مات قبل أن يبين ثمنها فلا شيء فيه ومقتضى كونها شخصين أن فيه القيمة وإن لم يبق قال اللخمي وهذا القول أبين وقال أشهب في ولد الذمية من العبد المسلم عشر دية أمه وترثه أمه وإخوته لأمه قال محمد وهو غلط لا شيء للأم ولا للنصراني ولا للعبد من دية المسلمين بل من يرثه سواهم من المسلمين فإن لم يكن أحد فبيت المال ويختلف الجنين باختلاف أحواله في الحرية والإسلام ففي جنين الحرة المسلمة من الحر المسلم غرة وكذلك والزوج عبد مسلم وفي جنين الذمية النصرانية من النصراني غرة دية أمه كان الزوج حرا أو عبدا فإن كان زوجها حرا مسلما فغرة أو عبدا مسلما فغرة عند ابن القاسم لأنه في حكم الحر من قبل الأم وفي حكم المسلم من قبل الأب وعن أشهب عشر دية أمه وإن كان الزوج حرا نصرانيا فاسلم فييه غرة وإن لم يسلم وأسلمت هي فقولان ( مبنيان على أن ولد النصرانية مسلم بإسلام الأم أم لا وإن كان زوج النصرانية مجوسيا فقولان ) أربعون درهما على حكم الأب أو عشر دية أمه وفي جنين المجوسية من المجوسي أربعون درهما فإن كن الزوج نصرانيا فقولان نصف الغرة على حكم الأب وأربعون درهما على حكم الأم فإن أسلم الأب فغرة كان الأب مجوسيا أو نصرانيا واختلف إذا أسلمت الأم هل أربعون درهما على حكم الأب أو غرة على حكم الأم وفي جنين الأمة من سيدها غرة وفيه من غرة زوج حر أو عبد أو كانت حاملا من زنا قال مالك عشر قيمتها وابن وهب ما نقصها بناء على أنه من خراجها قال ابن يونس قال محمد إذا غلت الحمران فالوسط من السودان وقال ( ح ) قيمة الغرة خمسون دينارا أو خمسمائة درهم لأن الدية عنده عشرة آلاف وأما ( ش ) ( قيمة الغرة الدية عنده قيمة الإبل ما بلغت فالغرة عنده بنت سبع سنين أو ثمان سالمة من العيوب لأنه تستغني بنفسها دون هذا السن ولا يفرق بينها وبين أمها فإن لم توجد الغرة هكذا فقيمتها وقال ( ش ) و ( ح ) هي على العاقلة
فرع في المتقى إذا قلنا لا يجب فيه شيء إذا خرج بعد موتها فخرج بعضه ثم مات قال الشيخ أبو إسحاق لا شيء فيه لأنه لم يفارقها إلا بعد الموت وقيل فيه غرة مراعاة الابتداء
فرع في النوادر إن ألقت جنينين فغرتان وإن استهلا فدينات
الأثر السادس المترتب على الجناية العفو وفيه بحثان البحث الأول في الصحيح منه والفاسد وفي الكتاب للمقتول العفو عن قاتله عمدا وكذلك الخطأ إن حمله الثلث ومن قتل عمدا وله اخوة وجد فمن عفى منهم جازه ولا عفو للاخوة للأم لأنهم ليسوا عصبة وإن ثبت العمد ببينة جاز عفو البنين على البنات لأنه أولوا النصرة وليس لهن عفو ولا قيام فإن عفوا عن الدية دخل النساء فيها على فرائض الله وقضى منه ديته وإن عفا أحد البنين سقط حظه من الدية وبقيتها بين من بقي على الفرائض للزواجة وغيرها لأن رسول الله أمر بتوريث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها وكذلك في هذا إذا وجب الدم بقسامة ولو أنه عفا عن الدية كانت له ولجميع الورثة على الموارث وإن عفا جميع البنين فلا شيء للنساء من الدية لعدم اعتبار من معهم وإنما لهن إذا عفا بعض البنين والاخوة والأخوات في درجة واحدة كالبنين والبنات فيما تقدم فإن كان الأخوات شقائق والاخوة للأب فلا عفو إلا باجتماعهم لأن الاخوة لأب معهن عصبة وإن اجتمع بنات وعصبة أو أخوات وعصبة قدم الطالب للقتل لأنه أصل العمد ولا عفو إلا باجتماعهم لاختصاص كل من الفريقين نصفه نقص وكمال ألا أن يعفو بعض البنات وبعض العصبة أو بعض الأخوات وبعض العصبة فيمتنع القتل كعفو أحد الابنين ولمن بقي الدية فإن طلب بعض البنات القتل وبعضهن العفو فإن عفا العصبة تم العفو أو طلبوا القتل فذلك لهم لأنهم أهل النصرة وسقطت البنات لانقسامهن وإن طلب بعض العصبة القتل وعفا الباقين امتنع القتل كأحد الابنين فإن اجتمع ابنة وأخت فالبنت أولى بالقتل أو العفو لأنه أقرب إن مات مكانه وإن عاش وأكل وشرب فليس لهما أن يقسما لأن النساء لا يقسمن في العمد ويقسم العصبة فإن أقسموا وطلبوا القتل وعفت الابنة فلا عفو لها لأن الدم ثبت بحلفهم أو أرادت القتل خطأ وليس له إلا ابنة وأخت اقسمتا وأخذتا الدية لأنهما يحلفان في المال وفي النكت ( إذا استحق الدم رجال ونساء في الدرجة سواء فلا مدخل للنساء في العفو ولا في القتل والنساء أقعد ) فلا عفو غلا بالاجتماع وإن كن ينفردن بالميراث أو استحق الدم بقسامة فلا عفوا لأن الا بالاجتماع من اللاتي هن أقرب من النساء اللواتي يرثنه ومن العصبة ومتى استحق الدم ببنية فلا عفو للرجال ولا قتل قال ابن يونس قال ابن القاسم أولى الأولياء الأولاد الذكور ولا حق للأب والجد معهم في عفو ولا قيام ( وإن كان من الأب والجد بنات فلا عفو لهن إلا به ولا له إلا بهن ولا حق للأم مع الأب في عفو ولا قيام ) ولا حق للاخوة والأخوات مع الأب في عفو ولا قيام والأم والاخوة لا عفو لهم إلا بها ولا لها إلا بهم والام والاخوات والعصبة إن اجتمعت الأم والعصبة على العفو جاز على الأخوات وإن عفا العصبة والأخوات فللأم القيام والأم والبنات والعصبة إن عفا البنات والعصبة جاز على الأم أو الأم والعصبة لم يجز إلا بعفو البنات لأنهم أقرب وقال أشهب ليس للجد مع الاخوة عفو ولا قيام ولا من ابن الأخ كالولاء قال عبد الملك إن كان له ابن عبد فعتق بعد القتل فلا مدخل له مع الأولياء في دم ولا ميراث ولو ألحق بأبيه بعد القتل لدخل في الميراث وضابط هذا الباب أنه متى كانوا رجالا في القعدد سواء قدم الداعي للعفو أو بعضهم أقر فلا قول الأبعد في قول ولا قيام أو رجالا ونساء في العقدد سواء فلا قول للنساء في قتل ولا عفو والنساء أقرب فلا عفو إلا باجتماعهم وإن أسلم ذمي أو رجل لا تعرف له عصبة فلبناته أن يقتلن فإن اختلفن في العفو والقتل اجتهد الإمام وإن قتل ابن الملاعنة ببينة فلأمه القتل وعن مالك في أم وأخ وابن عم عفت الأم فلا عفو للها دونها والجد للأب أو الأم لا يجري مجرى الأم في عفو ولا قيام قال اللخمي اختلف في الذين هم سواء في القعدد إذا بعدوا كالأعمام أو بني الأعمام فعن مالك وابن القاسم يقدم العامي كالبنين والاخوة وعن مالك لابد من اجتماعهم لضعف الحمية بسبب البعد والاخوة وبنوهم أحق من الأعمام فإن كان أحدهم أخا لأم هو كأحدهم عند ابن القاسم وقال أشهب هو أحق لأنه اقعد بالأم والقولان جاريان في الولاء والرجل من الفخذ أو القبيل لا يعلم قعدده ولا ميراثه ليس له قيام ولا عفو ويقدم النسب على الولاء في القيام والعفو فإن لم يكن نسب فالمولى الأعلى فإن لم يكن فالسلطان دون المولى الأسفل واختلف عن مالك في النساء فعن مالك لا مدخل لهن والمعروف عنه لهن وعليه هن ثلاث البنات وبنات الابن وان سفلن والأخوات دون بنيهن وفي الأم قولان فمالك لها القيام ومنعه أشهب ولا قيام لها مع الولد ولا مع الاخوة ولا مع السلطان ولا قيام لبني من ذكرنا والبنات أولى من بنات الابن وقدم ابن القاسم البنات على الأخوات وقال أشهب الأخوات عصبة البنات فلا عفو إلا بالجميع وعلى قول ابن القاسم بنات الابن أولى نساء لا تسقط الأم إلا مع الأب والولد الذكر فعلى هذا لا بد من الجميع في العفو وإذا اجتمع النساء والرجال لثلاثة أحوال من أقرب أو أبعد أو في درجة فأبعد وإذا اجتمع النساء والرجال فثلاثة أحوال من أقرب أو أبعد أو في درجة فأبعد كالبنين وبنات الابن أو بني الابن والأخوات فيسقط النساء
فرع في الكتاب إن ادعى القاتل أن الولي عفا فله تحليفه فإن نكل ردت اليمين على القاتل أو ادعى بينة غايبة على العفو تلوم له وإن كان الأولياء أولادا صغارا وعصبة فللعصبة أن يقتلوا أو يأخذوا الدية ويعفون ويجوز على الصغار لعدم أهليتهم وليس لهم العفو على غير مال لحق الصغار في المال وكذلك من وجب لابنه الصغير دم عمد وخطأ لم يجز عفو الأب إلا على الدية لا أقل منهم فإن عفا في الخطأ وتحمل الدية جاز في الملي وإلا فلا يجوز عفوه وكذلك العصبة وإن لم يكونوا أوصياء له وإن جرح الصبي عمدا وله وصي أو ولي فللوصي أن يقتص له وأما أن قتل فولاته أولى لذهاب الوصية بفوات المحل ولا يعفو الأب عن جرح ابنه الصغير إلا أن يعوضه من ماله ولا يعفو الوصي في ذلك إلا على مال على وجه النظر والعمد والخطأ سواء ولا يأخذ الأب أو الوصي أقل من الأرش إلا أن يكون الجارح عينا فيرى الأب أو الوصي من النظر صلحه على أقل من الأرش وإن قتل الصغير الصغير عبدا عمدا فأحب إلى أن يختار أبواه أو وصيه أخذ المال إذ لا نفع له في القصاص وإن عفا المقتول خطأ من ديته حاز في ثلثه وإن لم يكن له مال وأوصى مع ذلك بوصايا تحصت العاقلة وأهل الوصايا في ثلث ديته وتورث الدية على الفرائض إلا أن يكون عليه دين فهو أحق قال ابن يونس إن ادعى عليه العفو استحلفه يمينا واحدة البحث الثاني في أحكام العفو وفي الكتاب إن عفا عنه سقط القتل وضرب مائة وحبس عاما كان القاتل رجلا أو امرأة مسلما أو ذميا والمقتول مسلم أو ذمي حر أو عبد لمسلم أو ذمي حر أو عبد وكذلك العبد يقتل وليك عمدا فيعفو عنه على أن يأخذه يضرب مائة ويحبس عاما وإن عفوت عنه ولم يشترط فكعفوك عن الحر ولا يشترط الدية لا شيء لك إلا أن يتبين أنك أدركتها فتحلف بالله أنك ما عفوت إلا على أخذها وكذلك في العبد لا بد أن يعرف أنك عفوت لتسترقه فذلك لك ثم يخير سيده لأن العفو ظاهر في السقوط مطلقا وإن عفوت على أن تأخذه رقيقا وقال سيده إما أن تقتله أو تدعه فلا قول له والعبد لك لأنك استحققته بدم وليك إلا أن يشاء سيده دفع الدية إليك ويأخذه قال ابن يونس قال أصبغ لا يحبس العبد ولا الأمة بل يجلدان كالزنا لحق الزوج والسيد وقوله في العبد ذلك لك ويخير سيد هذا إذا ثبت قتله بالبينة فإن كان بإقرار العبد فليس له استجباره على أخذه إلا أن يقتله أو يدع للتهمة في الانتقال إليك قال اللخمي اختلف في العبد إن كان هو القاتل كما تقدم والنصراني إن كان المقتول قال عبد الملك إنما عليه الأدب دون الحبس والضرب وفي الكتاب إن صولح قاتل العمد على أكثر جاز لأنه فداء وإن بقيت مهملة ففي مال القاتل مربعة
فرع قال ابن يونس قال مالك قاتل العمد إذا طلبت منه الدية فأبى إلا أن يقتلوه ليس لهم إلا القتل لقوله تعالى ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) ولقوله عليه السلام ( العمد قود ) وإن عفا بعضهم فنصيب غير العافي في مال الجاني لتعذر تبعيض القتل وإن طلبوا في جرح العمد الدية فليس لهم إلا القصاص إذا امتنع الجاني وقاله ابن القاسم وقال أشهب ليس له الامتناع لأنه يجب عليه حفظ نفسه ويجبر على ذلك ولقوله عليه السلام ( من قتل له قتيل فأهله بخير النظرين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية ) قال سحنون إن عفا عن نصف الجرح وأمكن القصاص من نصفه اقتص وإن تعذر فالخيار للمجروح إن اختار ذلك أدى نصف عقل الجرح وإن أبى قيل للمجروح إما أن يعفو أن يقتص وقال أشهب يجبر على أن يعقل له النصف وفي الجواهر في موجب العمد روايتان رواية ابن القاسم القود ورواية أشهب أحدهما فإن عفا الولي عنهما صح أو عن الدية فله القصاص أو قال اخترت الدية سقط القود أو اخترت القود لم يسقط اختيار الدية بل له الرجوع إليها وعلى رواية ابن القاسم وهي المشهورة إن عفا على مال ثبت المال إن وافق الجاني وإن مات قبل الإقباض ثبت المال وإن عفا مطلقا سقط القصاص والدية وللمفلس العفو عن القصاص دون الدية لأنه ليس بمال وإن كان الوليان مفلسين فعفا أحدهما صح الأول دون الثاني إلا فيما زاد على مبلغ ديته
فرع قال إن قتل أحدا لابنين أباه وقتل الآخر أمه فلا قصاص عليهما ولكل واحد قتل الآخر لأن أحدهما ورث أباه والآخر ورث أمه فإن بادر أحدهما وقتل الآخر استوفى حقه ولورثة المقتول أن يقتلوا القاتل كمورثهم فإن تنازعوا في التقديم أيهما يقتل أولا اجتهد السلطان وإن عفا كل واحد عن صاحبة وجب لأحدهما دية أبيه وللآخر دية أمه وقال سحنون يعفى عنهما جميعا لأنا إن قتلنا أحدهما ورث الآخر الدم فلا يقتل وكل واحد منهما يقول يقتل قبلي حتى لا اقتل أنا فلا بد من العفو عنهما
فرع قال أربعة اخوة قتل الثاني الكبير ثم قتل الثالث الصغير وجب القصاص على قاتل الصغير لأن الثاني لما قتل الكبير ثبت القصاص عليه للثالث وللصغير فلما قتل الثالث الصغير ورثه الثاني وحده فورث ما كان له عليه من القصاص فسقط وسقطت حصة الشريك إلى نصف الدية وكان له قتل الثالث بالصغير وان عفا كان له عليه الدية يقاصه بنصفها
فرع في النوادر قال أصبغ إن فوض أمر دمه لوكيله فعفا وامتنع الولي أو العكس أو ثبت الدم ببينة قدم الوكيل في العفو والقتل لأنه خليفة الأصل ارتضاه لنفسه كالوصي أو بقسامة فالولي لأن الدم ثبت بقسامتهم وإن قال عند موته لا يعفى عن قاتلي والدم ببينة فلا عفو للأولياء لأنه منع منه أو بقسامة فلهم العفو
فرع قال قال مالك إذا عفا أحد الأولياء في العمد ضمن للباقين نصيبهم من الدية
فرع قال قال مالك إذا قالوا إنما عفونا على الدية فذلك لهم إن كان بالحضرة وإن قال فلا
فرع قال ابن القاسم إن تاب وعرض نفسه على الأولياء فامتنعوا خشية الوالي فعرض الدية فامتنعوا أحب إلي أن يؤدي ديته إليهم ويعتق الرقاب ويتقرب بالدعاء والرغبة إلى الله تعالى ويحج ويكثر من العمل الصالح ما استطاع ويلحق بالثغور ويتصدق بما قدر عليه ويتعرض للعدو عساه أن يقتل في سبيل الله تعالى قال قال مالك إن قبلت دية العمد ورثت على كتاب الله تعالى النساء وغيرهن إلا القاتل وكذلك لا يرثه الأب إذا فعل فعل المدلجي بابنه قاعدة التقادير الشرعية إعطاء الموجود حكم المعدوم وإعطاء المعدوم حكم الموجود فالأول كتقدير الملك الموجود من دم البراغيث اليسير ونحوه والمنافع الكائنة في المحرمات والعقود الماضية إذا تعقبها الفسخ يقدر ذلك معدوما لم يكن مع أنه كان والثاني كتقدير الملك المعدوم في الإعتاق عن الغير فإن ثبوت الولاء للمعتق عنه
فرع ملكه ولا ملك فيقدر الشرع ملكه قبل العتق بالزمن المقدر وكذلك الدية في العمد والخطأ توريثها
فرع ملك المورث لها ولم يملكها في الحياة لأنه مالك لنفسه حينئذ فلا يجمع له بين العوض والمعوض وملكها بعد متعذر لعدم أهليته فيقدر الشرع ملكه له قبل موته بالزمن الفرد ليصح التوريث وقد ورد به حديث امرأة أشيم الضبابي كما تقدم فيتعين التقدير الأثر السابع المرتب على الجناية الكفارة وأصلها قوله تعالى ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلى قوله تعالى - فصيام شهرين متتابعين ) الآية وفي الجواهر كل حر مسلم قتل حرا مسلما معصوما خطأ معليه تحرير رقبة مؤمنة سليمة من العيوب ليس فيها شرك ولا عقد حرية كما تقدم في الظهار فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع انتظر القدرة على الصيام أو وجود الرقبة ولا إطعام فيها لعدمه في الآية وتجب في مال الصبي والمجنون لأنه من باب الإتلاف ولا تجب في قتل الصائل لأنه مباح الدم ولا على من قتل نفسه لعظم جريمته وثبتت في شبه العمد على الرواية المثبتة له ويستحب في العبد والذمي لقصورها عن الحر المسلم وفي العمد إذا عفا عنه لأن العمد أعظم من أن يسيره كفارة الخطأ والشريك في القتل عليه كفارة كاملة ولا تجب في الجنين حيث الغرة وفي الكتاب هي مستحبة فيه قال ابن يونس قال مالك إن سقت ولدها دواء فشرق فمات الأحسن الكفارة من غير وجوب وكذلك الطبيب يسقي الدواء فيموت المريض وفي النوادر إن قتل جماعة رجلا خطأ قال مالك على كل واحد كفارية وإن دفع دابة لصبي يمسكها فقتلته فعلى عاقلته الدية ولا كفارة عليه لأن الكفارة فيما خرج عن يده من عمد أو خطأ وكذلك بئر يحفرها حيث لا يجوز ل أو يربط دابة بموضع لا يجوز له فالدية دون الكفارة ومن أمر رجلا أن يضرب عبده أو أعانه على ضربه فمات فلا ضمان وليكفر تنبيه قال ( ح ) لا تجب في قتل العمد كملك وقال تجب في الخطأ وشبة العمد وخالفنا في العبد والجنين والذمي فأوجبها وقال ( ش ) يجب في كل آدمي معصوم الدم عمدا أم لا مسلما أم لا حرا أم لا أو أجنبيا لنا في العمد قوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وهو اعتدى بالقتل فلا يلزمه غيره ونظائره ومن أقواها قوله تعالى ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) الآية وقوله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا ) الآية فإن جزاء الشرط كاف في الترتب على ذلك فلا تلزم الكفارة ومفهوم آية الخطأ يقتضي عدم الكفارة في العمد كما اقتضى عدم الدية ولأن الكفارة وضعها الستر وسائر الأدنى الذي هو الخطأ لا يصلح لستر الأعلى الذي هو العمد ولأنه معنى يوجب القتل فلا يوجب الكفارة كالردة والزنا لأن الكفارة لا تسقط أثم الكفر فما دونه غير ما أجمعنا عليه فنقيس عليه احتجوا بما روى وثلة بن الأسقع قال أتينا رسول الله في صاحب لنا قد استوجب النار فقال عليه السلام ( اعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار ) وقال عمر لرسول الله ( أعتق عن كل موؤدة رقة ) والقياس على قتل الخطأ بجامع الدم المعصوم بالأولى لأن الكفارة لتكفير الذنوب وهي في العمد دون الخطأ ولأنه دم معصوم فيستوي عمده وخطأه كالسيد والجواب عن الأول أن المشركين إذا قتل بعضهم بعضا لا كفارة اتفاقا فما دل عليه لا تقولون به وما تقولون به لم يدل عليه وعن الثالث الفرق أن العمد أعظم إثما فلا يستره سائر الخطأ وعن الرابع أن ذلك من الجبر والجابر يستوي فيه العمد والخطأ كالأموال والكفارة ها هنا لا تجبر على المقتول شيئا ووافقنا ( ش ) في إيجابها في مال المجنون والصبي وزاد وجوبها على الذمي وقال ( ح ) لا يجب إلا على مكلف لنا آية الخطأ وهي عامة احتجوا بقوله عليه السلام ( رفع القلم عن ثلاثة ) فذكر الصبي والمغمي وقياسا على الصوم فإنه لا يكفر به وهو أحدى جزئي الكفارة أو واجب فلا يتوجه عليه كالصوم والصلاة والجواب عن الأول أن المراد الإثم ونحن لا نؤثمة إذا لم يفعل بل نخرجه من ماله كجزاء الصيد وقيمة المتلف وعن الثاني أن الصوم عبادة بدنية تتوقف على التكليف وصحة القصد والعتق مال يمكن للولي إخراجه وعن الثالث جواب الثاني فأوجب ( ش ) و ( ح ) الكفارة في الجنين والعبد لنا أن الله تعالى في الآية إنما أوجب الكفارة في قتل النفس الموصوفة بالإيمان والجنين ليس بموؤمن والعبد يباع فلا تجب به كالعروض والبهائم احتجوا بأن الآية تناولت المؤمن والعبد مؤمن والذمي مؤمن فتجب فيه كالحر والإشارة في الجنين إلى أنه هل هو كعضو من أ / هـ ولذلك لا يفسل ولا يصلى عليه والأعضاء لا كفارة فيها أو يلاحظ أنه نفس وروح لنا أن الأصل براءة الذمة ومفهوم نه القتل احتجوا بأنه يضمن بالغرة فتضمن بالكفارة كالكبير والجواب عن الأول أن المراد الحر لذكر الدية والعبد لا دية فيه وعن الثاني أن ضمانه كضمان الجراح المقدرة ولا كفارة فيها ولنا في الدين أنها عبادة تفتقر إلى النية فلا يصح منه كالصلاة احتجوا بالقياس على القصاص والدية بجامع كونها آثار الجناية والجواب شائبة العبادة تمنع من ذلك وهي الفرق الأثر الثامن المترتب على الجناية التعزيز وله صفة ومحل أما صفته ففي الجواهر يضرب مائة ويحبس سن لأنه اللازم في زنا البكر بدلا عن قتل الثيب بالحجارة وهو إنما يتجه فيمن اندفع عنه القتل وأما محله ففي الجواهر كل من قتل عمدا إذا لم يقتل كقاتل من لم يكافئه كالمسلم يقتل الكافر والحر العبد أو عفا عنه من القصاص والعبد يقتل العبد فيعفى عنه ويسجن وقال أصبغ لا يحبس العبد ولا الأمة كالزنا وكجماعة أقسم عليهم فقتل أحدهم بالقسامة فيضرب بقيتهم ويحبسون والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب تم الجزء الثاني عشر من الذخيرة ويليه الجزء الثالث عشر أوله كتاب الفرائض
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الفرائض والمواريث
وقد سميته كتاب الرائض في الفرائض فمن أراد أن يفرده أفرده فإنه حسن في نفسه ينتفع به في المواريث نفعا جليلا إن شاء الله تعالى والفرائض جمع فريضة مشتقة من الفرض الذي جمعه فروض والفرض لغة التقدير من الفرضة التي تقع في الخشبة وهي مقدرة والمواريث جمع ميراث مشتق من الإرث قال صاحب كتاب الزينة وهي لغة الأصل والبقية ومنه قوله
( اثبتوا على مشاعركم فإنكم على إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام ) أي على أصله وبقية شرف منه قال الشاعر : ( عفا غير إرث من رماد كأنه ** حمام بألباد القطار جثوم ) أي بقية من رماد بقي من آثار الديار والميراث أخذ من ذلك لأنه بقية من سلف على خلف وقيل لمن يحويه وارث والعلماء ورثة الأنبياء لأن العلم بقية الأنبياء والله سبحانه وارث لبقائه بعد خلقه حائزا لما كان في أيديهم ( وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ) فلا يتخيل أن الإرث هو انتقال المال عن القرابة ونحوها فتكون هذه المواضع مجازات لغوية بل حقائق لغوية لاشتراكها كلها في البقية والأصل نعم انتقل اللفظ في العرف لانتقال المال والحقوق المخصوصة عن القرابة ونحوها فتكون هذه المواضع في حق الله تعالى ووراثة العلماء الأنبياء مجازات عرفية لا لغوية وقيل سمت اليهود التوراة إرثا لأنهم ورثوه عن موسى عليه السلام وهذا العلم من أجل العلوم وأنفسها قال تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض حتى يختلف الاثنان في فريضة فلا يجدان من يفصل بينهما وقال تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنها نصف العلم وأجمعت الأمة على أنه من فروض الكفاية واستوفت الصحابة رضوان الله عليهم النظر فيه وكثرت مناظراتهم وأجوبتهم وفروعهم فيه أكثر من غيره فمن استكثر منه فقد اهتدى بهديهم رضي الله عنهم وقال عمر رضي الله عنه إذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض وإذا لهوتم فالهوا بالرمي سؤالان جعل هذا العلم نصف العلم وعنه حسن السؤال نصف العلم وبقيت أمور كثيرة من العلم والشيء لا يكون له أكثر من نصفين وثانيهما مسائلة قليلة بالنسبة إلى الفقه فضلا عن العلم فكيف يجعل أقل الشيء نصفه والجواب عن الأول أن المراد المبالغة حتى كأنه لجلالته نصف كل ما يتعلم قال التودد نصف العقل والهم نصف الهرم والتدبير نصف العيش مع حقارة هذه الأمور بالنسبة لما معها فيما نسبت إليه وإنما المراد المبالغة في الثناء على عظيم جدواها ومصلحتها وقد ورد هذا السؤال على بعض الفرضيين وكان قليل البضاعة في التصرف فسكت ساعة وقال الجواب أن العلم دخله العول فعال بمثله مرات كثيرة فلم يجد إلا ما هو متكيف به من اصطلاحات الفرضيين والجواب عن الثاني أن أحوال الإنسان قسمان قبل الوفاة وبعد الممات وهذا العلم خاص بما بعد الممات فجعل نصفا وهو يدل على نفاسته فإن الشيء إذا قل حجمه وكثر نفعه ساوى الكثير الحجم القليل النفع بالنسبة إليه كالجوهر بالنسبة إلى الحديد وسائر المعادن سؤال علم الوصايا متعلق بما بعد الموت وكذلك أحكام الكفن والغسل والصلاة على الميت فلا يكون علم الفرائض وحده المختص بما بعد الموت بل بعض النصف جوابه التزم جماعة أن الوصايا وما معها إنما توضع في كتاب الفرائض وأنها من جملتها فاندفع السؤال أو أن الوصايا ليست بلازمة لكل ميت متمول فقد لا يوصي بخلاف الإرث أو لأن أحكام الوصية في مشروعيتها والرجوع عنها وغير ذلك إنما يكون في الحياة وبعد الموت التنفيذ وأسبابها وجل أحكامها في الحياة والغسل وما معه إنما يجب على الأحياء فهي من حالة الحياة أو يلزم ذكرها في علم الفرائض أو المراد انقسام حال المال لنصفين وهذه أحكام بدنية لا مالية وفي هذا الكتاب قسمان صفحة فارغة
القسم الأول في أحكام الفرائض والمواريث
صفحة فارغة
القسم الأول في الأحكام
اثنا عشر بابا
الباب الأول في أسباب التوارث
والفرضيون خلقا وسلفا يقولون أسباب التوارث ثلاثة وهو مشكل لأن المراد بالثلاثة إما الأسباب التامة أو أجزاء الأسباب والكل غير مستقيم وبيانه أنهم يجعلون أحد الأسباب القرابة والأم لم ترث الثلث في حالة والسدس في أخرى بمطلق القرابة وإلا لكان ذلك ثابتا للابن أو البنت لوجود مطلق القرابة فيهما بل بخصوص كونها أما مع مطلق القرابة وكذلك للبنت النصف ليس بمطلق القرابة وإلا لثبت ذلك للجدة أو الأخت للأم بل لخصوص كونها بنتا مع مطلق القرابة فحينئذ يكون لكل واحد من القرابة سبب تام يخصه مركب من جزءين من خصوص كونه بنتا أو غيره وعموم القرابة وكذلك للزوج النصف ليس لمطلق النكاح وإلا لكان للزوجة لوجود مطلق النكاح فيها بل للخصوص والعموم كما تقدم فسببه مركب وكذلك الزوجة إذا ظهر هذا فإن أرادوا حصر الأسباب التامة في ثلاثة فهي أكثر من عشرة لما تقدم أو الناقصة التي هي الأجزاء فالخصوصيات كما رأيت كثيرة فلا يستقيم الحصر مطلقا لا في التام ولا في الناقص فتنبه لهذا فهو حسن لم يتعرض فيما رأيت أحد له ولا لخصه واعلم أن أسباب القرابة التامة وإن كثرت فهي لا تزيدها ولا تزيد الناقصة التي هي الخصوصيات بل الناقصة التي هي المشتركات لمطلق القرابات ومطلق النكاح ومطلق الولاء والدليل على حصر النواقص في هذه الثلاث أن الأمر العام بين جميع الأسباب التامة إما أن يمكن إبطاله أولا فإن أمكن فهو النكاح يبطل بالطلاق وإن لم يكن فإما أن يقتضي التوارث من الجانبين غالبا وهو القرابة أولا يقتضي إلا من جانب واحد وهو الولاء يرث المولى الأعلى الأسفل ولا يرثه الأسفل قولنا غالبا احترازا من العمة فإنها يرثها ابن أخيها ولا ترثه وسيأتي ضابط من يورث ولا يرث
فرعان
الأول اتفق الناس أن المطلقة الرجعية ترث وتورث في العدة وقع الطلاق في المرض أو الصحة واتفقوا أن المطلقة في المرض طلاقا بائنا أنها لا تورث فإن مات زوجها فورثها مالك وأهل العراق مواخذة له بنقيض قصده كالقاتل وقال جماعة لا ترثه وورثها مالك بعد العدة وإن تزوجت وخصه ( ح ) بالعدة وابن أبي ليلى ما لم تتزوج لنا قضاء عثمان في زوجة عبد الرحمن بن عوف لما طلقها في المرض بمحضر الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد إلا عبد الرحمن إلا أنه محكوم عليه فلا يعتبر رضاه الثاني أن الأنبياء عليهم السلام لا يورثون خلافا للرافضة ورأيت كلاما للعلماء يدل ظاهره على أنهم لا يرثون أيضا لنا قوله
( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) ومن جهة المعنى أن الملك العظيم يعطي عامة رعيته للتمليك لا للصرف على غيرهم ويعطي خاصته للصرف لا للتمليك فالأنبياء عليهم السلام خزان الله وأمناؤه على خلقه والخازن يصرف لغيره وله ما تدعو إليه ضرورة حياته وهو المناسب في أمر الله تعالى إياهم بالزهادة والإعراض عن الدنيا وإذا كانوا خزانه والخازن لا يورث عنه ما يخزنه احتجوا بقوله تعالى ( وورث سليمان داود ) وبالقياس على غيرهم والجواب عن الأول أن الموروث العلم والنبوءة لقوله
( العلماء ورثة الأنبياء ) والجواب عن الثاني أنه فاسد الاعتبار لمقابلة النص فرع في التلقين لا تثبت أنساب الأعاجم بأقوالهم لأنهم يتهمون في إزواء المال عنا
الباب الثاني في شروط التوريث
وهذا الباب لم ينص عليه باسم الشروط أحد ممن رأيت بل يذكرون الأسباب والموانع دون الشروط وفي أبواب الفقه يذكرون الثلاثة فإن كانوا تركوا الشروط لأنها معلومة [ فالأسباب معلومة ] فالصواب استيعاب الثلاثة كسائر الأحكام وشروط التوارث وهي ما يؤثر عدمها بخلاف الموانع يؤتر وجودها وهو سر الفرق بينهما فافهمه في كل باب من أبواب الفقه ولأجل هذا السر أن الشك في المانع لا يقدح وفي الشرط يقدح كالسبب فتأمل الآخر فالشروط ثلاثة تقدم موت الموروث على الوارث واستقرار حياة الوارث بعده كالجنين والعلم بالقرب والدرجة التي اجتمع فيها احترازا من موت رجل من مضر لا يعلم له قريب أو من قريش فإن ميراثه لبيت المال مع أن كل قرشي ابن عمه ولا ميراث لبيت المال مع ابن عم لكنه فات شرطه الذي هو العلم بدرجته فلعل غيره أقرب منه فهذه شروط لا يؤثر وجودها إلا في نهوض الأسباب لترتيب مسبباتها عليها
الباب الثالث في موانع الميراث
وهي خمسة وجميعها مشترك في تأثير وجودها في عدم التوريث ولا يؤثر عدمها في وجوده ولا عدمه وهي الكفر لقوله
( لا يتوارث أهل ملتين ) والقتل العمد العدوان لقوله
( قاتل العمد العدوان لا يرث )
فرع
في النوادر إذا قتل الأبوان ابنهما على وجه الشبهة وسقط القصاص عنهما فالدية عليهما ولا يرثان منها ولا من المال لأنه عدوان من الأجنبي والشك لأن الشك في المقتضي يمنع الحكم إجماعا والرق لأن مال العبد مستحق للسيد ولأنه من جرائر الكفر ويستوي القن ومن فيه علقة رق فلا يرث ولا يورث منه واللعان يمنع من إرث الأب والأب منه حتى يستلحقه والشك ثمانية في الوجود كالمفقود والحياة كاستبهام استهلال أحد المولدين والعدد كالحمل والذكورة كالخنتى فيعطى ثلاثة أرباع ميراث والنسب كالمتداعى بين شخصين وجهة الاستحقاق كمن أسلم على أختين ومات قبل الاختيار وتاريخ الموت بطرو النسيان والجهل به كالغرقى تفريع قال ابن يونس إن ترك ابن الملاعنه أمه وابنته فالسدس لأمه والنصف لابنته وما بقي للعصبة قال زيد وقال علي يرد الباقي على الأم والبنت على أربعة ومنها تصح وقال ابن مسعود الباقي للأم لأنها عصبته فتصح من اثنين وإن ترك أمه وأخته شقيقته فإن الشقيقة تصير أختا لأم فللأم الثلث وللأخت السدس وما بقي للعصبة قاله زيد ويرد عليهما عند علي رضي الله عنه على ثلاثة ومنها تصح وعند ابن مسعود الباقي للأم فتصح من ستة وإن ولدت هذه الشقيقة معه في بطن يتوارثان لأنهما شقيقان لاتحاد الأب والاستلحاق وفيه خلاف وعلى الأول للأم الثلث وللأخت النصف والباقي للعصبة على ما تقدم من الخلاف والتوأمان خمسة أقسام من الملاعنة والمغتصبة والمتحملة بأمان والمسبية والزانية وفي الكل قولان أحدهما يتوارتان بأنهما شقيقان وثانيهما أخوان لأم إلا الزانية فقول واحد أنهما لأم لتعذر الاستلحاق وانتفاء الشبهة قال والصواب في غيرها الشقاقة إلا المغتصبة لأنها لا شبهة فيها ولا استلحاق قال مالك والأئمة ميراث المعتق بعضه كالعبد وعن ابن عباس أنه كالحر يرث ما يرث الحر ويحجب ما يحجب الحر تغليبا للحرية كما غلبنا نحن الرق وعن علي رضي الله عنه يرث ويحجب بقدر ما عتق منه توفية بالشائبتين وعلى مذهب علي إن ترك ابنين كل واحد معتق نصفه فالمال بينهما نصفان أو ثلث كل واحد حر فثلثا المال بينهما والباقي للعصبة أو أحدهما حر كله والآخر نصفه فاختلف في تفريع قوله رضي الله عنه قيل للكامل الحرية الثلثان وللآخر الثلث لأنها نسبة حريته وقيل كما لو ادعى أحدهما كله والآخر نصفه فلمدعي الكل النصف بلا منازعة فيصير له ثلاثة أرباع وعلى هذا تتفرع أجزاء الحرية وكثرة الأولاد وكونه ابنه أو أباه أو غيره من الورثة وفي المدونة إذا أعتق المديان ولم يعلم الغرماء حتى مات بعض أقارب العبد المعتق لا يرثه لأنه عبد حتى يجيز الغرماء عتقه ولأنه متردد بين الرق والحرية وقريبه حر صرف فلم تحصل المساواة وإذا بتل عتقه في مرضه وللسيد أموال متفرقة إذا جمعت خرج العبد من ثلثها فهلك العبد قبل جمعها لا يرثه ويرثه الأحرار لأن المال قد يهلك فلم تتحقق الحرية ولا المساواة قال في كتاب العتق قال ابن يونس قال بعض المشايخ إذا اشتريت عبدا فأعتقته وورث وشهد ثم استحق فإن أجاز المستحق البيع نفذ العتق والميراث وغيره وإلا بطل الجميع والفرق أن المديان متعد على الغرماء بعتقه بخلاف المشتري مع المستحق فلو علم المشتري ملك المستحق عند العتق استوى المسألتان ولا ميراث بالشك قال ابن يونس وإن لم يعلم الغرماء حتى ورث ثم أجازوا العتق نفذت الأحكام كالمشتري وقد قال مالك وابن القاسم على الإجازة حتى يرد وفي الكتاب إذا بتله في مرضه وقيمته مائة ولا مال له غيره فهلك العبد قبله وترك ابنته حرة وترك ألفا فقد مات رقيقا وماله لسيده ولو كان له مال مأمون كالعقار يخرج العبد من ثلثه بعد عتقه ورثته ابنته والسيد نصفين وقيل لا ينظر لفعله إلا بعد موته له مال أم لا مراعاة للطوارئ البعيدة وحيث شك في تاريخ الموت بالجهل كالغرقى ورث كل واحد أحياء ورثته لأنهما كأنهما لا قرابة بينهما لعدم الترجيح وعن علي رضي الله عنه وأحمد يرث كل واحد من صاحبه ويرث الآخر منه ما ورثه منه لأن الأصل أن لا ينتقل المال عنهما إلا بيقين ولا يقين وعن عمر رضي الله عنه إن وجدت يد أحدهما على صاحبه ورث الأعلى من الأسفل فعلى قول الجمهور إذا غرق أخوان وتركا أخا وأما فللأم الثلث مما ترك كل واحد والباقي للأخ الثلث والثلثين وعلى قول علي رضي الله عنه تحيى أحدهما وتميت الآخر ويقسم ميراثه فللأم السدس لتحقق أخوين والباقي للأخوين فتصبح من اثني عشر لكل واحد من الأخوين خمسة ثم تميت الحي وتحيى الآخر الميت ويقسم تركة الذي أميت الآن فللأم السدس اثنان ولكل أخ خمسة فيصير للأم اثنان من تركه هذا واثنان من تركه الأول وفي يد الأخ الحي خمسة من تركة هذا وخمسة من تركة ذلك وفي يد كل ميت خمسة ورثها من الميت الآخر فيماتان جميعا ميتة واحدة فيكون للأم الثلث مما بقي لكل واحد منهما والباقي لأخيه وتركة واحد خمسة لا تنقسم على ثلاثة فتضرب الاثني عشر التي كانت فريضة كل واحد منهما في ثلاثة تكون ستة وثلاثين في يد الأم اثنان من تركة كل واحد منهما في ثلاثة بستة وفي يد الأخ الحي خمسة من تركة كل واحد في ثلاثة بخمسة عشر وفي يد كل واحد من تركة الآخر خمسة في ثلاثة بخمسة عشر وللأم من هذه الخمسة عشر خمسة ولأخيه عشرة فيصير لها من تركتهما عشرة وذلك اثنان وعشرون ويصير للحي من تركة كل واحد خمسة وعشرون فذلك خمسون فيتفق ما في يد الأم والأخر بالأنصاف فيكون في يد الأخ خمسة وعشرون وفي يد الأم أحد عشر واتفق العلماء أن قاتل العمد لا يرث من المال ولا من الدية وأن قاتل الخطأ لا يرث من الدية وورثه مالك من المال ومنعه ( ش ) و ( ح ) من المال قال ( ح ) إلا أن يكون القاتل صبيا أو مجنونا لعدم التكليف لنا قوله تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم ) وعن النبي أنه قال
( قاتل الخطأ يرث من المال ولا يرث من الدية ) احتجوا بقوله
( القاتل لا يرث ) وبالقياس على المطلق في المرض وبالقياس على الدية والجواب عن الأول أنه مطلق فيحمل على المقيد في الرواية الأخرى بالعمد والجواب عن الثاني الفرق بأن جهة الميراث قد بطلت بالطلاق والقرابة ها هنا باقية والجواب عن الثالث الفرق أن الدية وجبت فلا يكون له منها شيء لئلا يتناقض وميراث المرتد للمسلمين عند مالك و ( ش ) مات أو قتل وقال علي وابن مسعود وغيرهما لورثته من المسلمين اكتسبه قبل ردته أو بعدها وقيل ما بعد الردة للمسلمين واتفقوا على أنه لا يرث ورثته المسلمين وميراث الذمي إذا مات لبيت المال عند مالك و ( ش ) و ( ح ) كما يعقلون عنه وقال عمر رضي الله عنه للذين يؤدون جزيته وقال النخعي لأهل قريته قوة على خراجهم وإذا مات أحد من أهل الصلح ولا وارث له ورثة المسلمون وعن مالك لأهل مؤداه لأن موته لا يضع عنهم شيئا وعلى هذا يفرق بين أن يشترط السقوط أم لا واتفق مالك والأئمة على أن التوارث منقطع بين المسلم والكافر وقاله عمر وجمهور الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وعن معاوية ومعاذ بن جبل يرث المسلم الكافر الكتابي ولا يرث الكافر المسلم بفضل الإسلام كما نتزوج نساءهم ولا يتزوجون نساءنا
فرعان مرتبان
الأول قال ابن يونس إن أسلم قبل القسم أو عتق العبد لا ميراث عند مالك والأئمة لقيام المانع عند الموت وعن عمر وعثمان رضي الله عنهما يرثان نظرا لعدم القسمة واتفقوا بعد القسم على عدم التوريث الثاني الكفار المختلفون عندنا لا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني اليهودي قاله في الجلاب لعدم المناصرة ووقوع العداوة كالمسلم وقيل الكل ملة واحدة لقوله تعالى ( فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) فجعل الإيمان ملة والكفر كله ملة ولقوله
( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ) فجعل كل فريق قسما واحدا قاله ( ش ) و ( ح ) وغيرهما والجواب المعارضة بقوله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا ) فجعلهم مللا وقيل أهل الكتاب ملة والصابون وعبدة الأوثان ملة لعدم كتاب لهم
فرع
في المنتقى الزنديق وهو المنافق كمن يعبد شمسا أو حجرا سرا روى ابن القاسم عن مالك يرثه ورثته ومقتضاه أنه يقتل حدا وعنه لا يرثه ورثته ومقتضاه أنه يقتل كفرا تنبيه يتحصل أن التوارث لا يحصل بين ملتين إلاّ في أربع مسائل الزنديق والصلحي والذمي والمرتد يرثهم بيت المال والصحيح أنه وارث وقيل حائز فيكون المستثنى الزنديق وحده
فرع
في الجواهر إن تحاكم إلينا ورثه الكافر وتراضوا بحكمنا قسمنا بينهم على حكم الإسلام وإن امتنع بعضهم والجميع كفار لم نعرض لهم أو منهم مسلم قسمنا بينهم على رواية ابن القاسم على مواريثهم إن كانوا كتابيين وعلى قسم الإسلام إن كانوا من غير أهل الكتاب وقال سحنون أهل الكتاب وغيرهم سواء
فرع
في الجواهر المفقود أو الأسير إذا انقطع خبره إن كان له مال لا يقسم على ورثته ما لم تقم بينة على موته أو لا يعيش إلى مثل تلك المدة غالبا وحدها سبعون وقيل ثمانون وقيل تسعون فيقسم على ورثته الموجودين عند الحكم وإن مات له قريب حاضر توقفنا في نصيبه حتى نعلم حياة المفقود فيكون المال له أو يمضي تعميره فيكون مال الميت لورثته دون المفقود وورثته وإذا قسمنا على الحاضرين أخذنا في حقهم بأسوأ الأحوال حتى لا نورث بالشك كما نقول إن ماتت وتركت زوجا وأما وأختا وأبا مفقودا فالفريضة على أن المفقود ميت من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأخت ثلاثة ويعال للأم بالثلث فتصير من ثمانية وعلى أنه حي من ستة أيضا للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث مما يبقى سهم وللأب سهمان فتتفق الفريضتان بالنصف فتضرب نصف إحداها في كامل الأخرى تكون أربعة وعشرين فللزوج ثلاثة من ثمانية ببقين مضروبة في ثلاثة نصف الفريضة الأخرى وإنما تكون له من ستة بصحة حياة الأب وهي غير معلومة والأخت لا ميراث لها من أختها إلا إذا صح موت الأب قبل الأخت وهو مجهول فلا ترث وللأم من ابنتها السدس يقينا سهم من ستة مضروب في أربعة نصف فريضة ثمانية وإنما يكون لها الثلث بالعول بصحة موت زوجها قبل ابنتها وهو مجهول ويبقى من الفريضة أحد عشر سهما إن صح أن الأب كان حيا يوم موت ابنته فللزوج ثلاثة من ستة مضروبة في أربعة باثني عشر في يده منها تسعة الباقي له ثلاثة من الموقوف وللأم سهم من ستة مضروب في أربعة ففي يدها جميع حقها وللأب سهمان من ستة مضروب في أربعة بثمانية فتدفع له الثمانية الباقية وإن ثبت موته قبل ابنته أو مات بالتعمير فكما تقدم للزوج يقينا ثلاثة من ثمانية مضروبة في ثلاثة بتسعة وهي في يده وللأم اثنان من ثمانية في ثلاثة بستة في يدها أربعة يدفع إليها سهمان من الموقوف وللأخت ثلاثة من ثمانية في ثلاثة بتسعة فتدفع لها التسعة الباقية
فرع
قال إن كان للخنثى مبالان أعطي حكم ما بال منه فإن بال منهما اعتبرت الكثرة فإن استويا اعتبر السبق فإن استويا اعتبر نبات اللحية أو كبر الثديين ومشابهتهما لثدي النساء فإن اجتمع الأمران اعتبر حال البلوغ إن حاض فامرأة أو احتلم فذكر أو اجتمعا فهو مشكل وإن لم يكن له فرج لا للرجال ولا للنساء بل مكان يبول منه اعتبر البلوغ كما تقدم وحيث أشكل فميراثه نصف نصيبي ذكر وأنثى فتضرب مخرج التذكير في مخرج التأنيث إن تباينا وتستغني به عنه إن كان مثله أو داخلا فية وتضرب الحاصل في حالتي الخنثى أو عدد أحوال الخناتى إن زادوا على الواحد ومعرفة الأحوال تعرف بالتضعيف كلما زدت خنثى أضعفت جميع الأحوال التي كانت قبله فللواحد حالان وللأنثين أربعة وللثلاثة ثمانية ثم كذلك فما انتهى إليه الضرب في الأحوال فمنه تكون القسمة ثم لها طريقتان الأولى أن تنظر في المجتمع من الضرب كم يخص الخنثى منه على تقدير الذكورة وكم على تقديرالأنوثة فتضم أحدهما للآخر وتعطيه نصفه وكذلك الورثة الطريق الثانية تضرب نصيبه من فريضة التذكير في جملة فريضة التأنيث وتضرب نصيبه من فريضة التأنيث في فريضة التذكير ثم تجمع له ما يخرج منهما فهو نصيبه نحو خنثى وعاصب فريضة التذكير واحد إذا يحوز الذكر جميع المال وفريضة التأنيث من اثنين والواحد داخل فيهما تضرب اثنين في حال الخنثى بأربعة فعلى الطريقة الأولى للخنثى على تقدير الذكورة جميع المال وهو أربعة وعلى الأنوثة نصف المال فذلك مال ونصف تدفع نصف ذلك وهو ستة وربع المال وهو ثلاثة من الأربعة والسهم الباقي للعاصب لأنه على تقدير الذكورية لا يكون له شيء وعلى الأنوثة له النصف فلما ثبت له تارة وسقط أخرى أعطى نصفه وهو الربع وعلى الطريق الثاني للخنثى من فريضة التذكير سهم مضروب في فريضة التأنيث باثنين وله من فريضة التأنيث سهم مضروبا في فريضة التذكير بسهم فيجتمع له ثلاثة أسهم وهي ثلاثة أرباع المال وللعاصب سهم من فريضة التأنيث مضروب في فريضة التذكير بسهم وليس له شيء من فريضة التذكير مثال آخر له ولدان ذكر وخنثى ففريضة التذكير من اثنين وفريضة التأنيث من ثلاثة وهما متباينان فاثنان في ثلاثة ستة ثم في حال الخنثى باثني عشر فعلى الطريق الأول للخنثى على تقدير الذكورة ستة وعلى تقدير الأنوثة أربعة فله خمسة وللذكر على ذكورة الخنثى ستة وعلى الأنوثة ثمانية فله سبعة وعلى الطريق الثاني للخنثى من فريضة للتذكير سهم مضروب له في ثلاثة فريضة التأنيث بثلاثة وله من فريضة التأنيث سهم مضروب له في فريضة التذكير وهي اثنان باثنين وذلك خمسة وللذكر من فريضة التذكير سهم في ثلاثة فريضة التأنيث وله من فريضة التأنيث سهمان في اثنين فريضة التذكير بأربعة فتجتمع سبعة وهي حصته مثال آخر ولدان خنثيان وعاصب للخنثيين أربعة أحوال فالفريضة على أنهما ذكران من اثنين وأنثيان من ثلاثة وكذلك في الحالين الآخرين أعني أحدهما ذكر والآخر أنثى من الجانبين فتستغني بثلاثة عن ثلاثة وثلاثة وتضربها في اثنين بستة ثم في الأحوال الأربعة بأربعة وعشرين فعلى الطريق الأولى لكل واحد من الخنثيين على تقدير انفراده بالذكورة ستة عشر وعلى تقدير مشاركته فيها اثنا عشر وعلى تقدير انفراده بالأنوثة ثمانية وكذلك على تقدير مشاركته فيها وجملة ذلك أربعة وأربعون في الأحوال الأربع وإنما يرث بحالة واحدة فيكون له ربع الجميع وهو أحد عشر ويبقى للعاصب سهمان لأن الحاصل له في حالة من جملة الأحوال الأربعة الثلث فله ربعه وهو سهمان من أربعة وعشرين وعلى الطريق الثاني لكل واحد منهما من فريضة تذكيرهما سهم مضروب له في فريضة ثانيثهما وهي ثلاثة بثلاثة وله من فريضة ثانيثهما سهم مضروب له في اثنين فريضة تذكيرهما باثنين وله من فريضة تذكيره خاصة سهمان في اثنين فريضة تذكيرهما بأربعة وله من فريضة تأنيثه خاصة سهم في اثنين أيضا باثنين وجملة ذلك أحد عشر فهو نصيب كل واحد منهما وللعاصب سهمان وليس له شيء من الفرائض الثلاث المشتملة على الذكورة وإنما له في فريضة تأنيثهما سهم مضروب له في اثنين فريضة التذكير باثنين وعلى هذا النحو يعمل فيما زاد على الاثنين تنبيه قال صاحب المقدمات لا يكون الخنثى المشكل زوجا ولا زوجة ولا أبا ولا أما وقيل قد وجد من له ولد من ظهره وبطنه فإن صح ورث من ابنه لصلبه ميراث الأب كاملا ومن ابنه لبطنه ميراث الأم كاملا تنبيه قال ابن يونس إن كان الخنثى صغيرا نظر لعورته أو كبيرا جعل يبول إلى حائط أو على حائط فإن ضرب بوله الحائط أو خرج عنه إن بال من فوقه فهو ذكر وإلا فأنثى وقيل يجعل أمامه مرآة وهو يبول فيظهر بها حاله وإذا انتهى الإشكال كما تقدم عدت الأضلاع فللرجل ثمانية عشر من الجانب الأيمن ومن الأيسر سبعة عشر وللمرأة من كل جانب ثمانية عشر لأن حواء من ضلع أضلاع آدم اليسرى فبقي الذكر ناقصا أبدا ضلعا من الأيسر قضى به علي رضي الله عنه وقال ( ح ) حكمه حكم أنثى لأنه المتيقن وقال ( ش ) إن أضر به كونه ذكرا فذكر أو أضر به كونه أنثى فأنثى ويوقف ما بين الحصتين حتى يثبت أحد الأمرين ويوقف أبدا كمال يجهل صاحبه وقيل بل يخرج على قاعدة الدعاوى فيقول أنا ذكر ولي كل المال ويقال له بل أنثى ولك نصف المال فيقع التداعي فيقول أنا ذكر ولي كل المال ويقال له بل أنثى ولك نصف المال فيقع التداعي في النصف بعد تسليم النصف فيكون له ثلاثة أرباع المال فهذه أربعة أقوال يتفرع عليها الواقع من المسائل
فرع
في الجواهر والشك في الوجود والذكورة جميعا في الحامل فيرغب الورثة في التعجيل قال الشيخ أبو إسحاق لا تنفذ وصاياه ولا تأخذ امرأته أدنى سهميها حتى تضع فيتعين المستحق وعن أشهب يتعجل أدنى السهام الذي لا يشك فيه لأن تأخيره لا يفيد إذ لا بد من دفعه وقيل يوقف ميراث أربع ذكورة لأنه أكثر ما تلده وقد ولدت أم ولد إسماعيل أربعة ذكورا محمدا وعمر وعليا وإسماعيل وبلغ محمد وعمر وعلي الثمانين
فرع
في المنتقى عن يحيى الفرضي في الصبي يموت وله أم متزوجة لا ينبغي لزوجها وطؤها حتى يتبين أن بها حملا أم لا لمكان الميراث لأنها إن كانت حاملا ورث ذلك الحمل أخاه لأمه وقال أشهب لا ينعزل عنها فإن وضعت لأقل من ستة أشهر ورث أخاه أو لأكثر من ستة أشهر أو تسعة أشهر أو أكثر من ذلك لم يرثه وإن كان زوجها غائبا عنها غيبة بعيدة لا يمكنه الوصول إليها ورث إن ولدت لأكثر من تسعة أشهر
فرع غريب
سئل بعض الفضلاء عن أخوين ماتا عند الزوال أو غروب الشمس أو نحو ذلك من الأوقات لكن أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب فهل يتوارث الإخوة أو لا يتوارثان لعدم تيقن تقدم أحدهما على الآخر أو يرث أحدهما الآخر من غير عكس أجاب بأن المغربي يرث المشرقي بسبب أن الشمس تزول أبدا بالمشرق قبل المغرب وكذلك غروبها وجميع حركاتها فالمشرقي مات قبل المغربي قطعا لقول السائل ماتا معا عند الزوال في المشرق والمغرب فيرثه المغربي جزما
الباب الرابع في الفروض المقدرة ومستحقيها
وأصلها قوله تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهو شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها أو دين ) وقوله تعالى في آخر السورة ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم ) وفي البخاري : سئل أبو موسى الأشعري عن بنت وابنة ابن وأخت ، فقال للبنت النصف وللأخت النصف وائت ابن مسعود فإنه سيتابعني فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال ( قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ) أقضي فيها بما قضى رسول الله للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت وفرض رسول الله لابنتي سعد بن الربيع من أبيهما الثلثين قال سحنون وهو أول ميراث قسم في الإسلام وفي الموطأ جاءت الجدة للأم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فسألته ميراثها فقال لها أبو بكر مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله شيئا فارجعي حتى أسال الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فسأله ميراثها فقال لها مالك في كتاب الله تعالى شيء وما أظن القضاء الذي قضي به إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض ولكنه ذلك السدس فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها ويروى أنه أراد إسقاطها فقام إليه رجل من الأنصار فقال يا أمير المؤمنين إنك لتسقط التي لو تركت الدنيا وما عليها لكان ابن ابنها وارثها وتورث التي لو تركت الدنيا وما عليها لم يكن لابن بنتها منها شيء فقال حينئذ ما قال وقال ابن يونس وعن مالك أن الجدتين أتتا أبا بكر رضي الله عنه فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الأم فقال له رجل من الأنصار أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي لكان يرثها فجعل أبو بكر السدس بينهما
فوائد عشرون
الفائدة الأولى
في قوله تعالى ( في أولادكم ) ولم يقل في أبنائكم لأن الولد يشمل الذكر والأنثى والابن يختص بالذكر
الفائدة الثانية
في قوله تعالى ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) لأن عقله مثل عقليهما وشهادته بشهادتيهما وديته بديتيهما فله من الإرث مثلهما وقيل لأنه يتزوج فيعطي صداقا وهي تأخذ صداقا فيزيد بقدر ما يعطي ويبقى له مثل ما أخذت فيستويان
الفائدة الثالثة
في قوله تعالى ( فوق اثنتين ) اعتبر ابن عباس ظاهر اللفظ فجعل الثلثين للثلاث من البنات وللبنتين النصف واختلف فيها على رأي الجمهور فقيل زائدة وخطأه المحققون فإن زيادة الظرف بعيدة وقيل اثنتين فما فوقهما وهو خلاف الظاهر أيضا والصواب أن الله تعالى نص على الزائد على الاثنتين في البنات ولم يذكر الابنتين ونص على اثنتين في الأخوات ولم يذكر الزائد اكتفاء بآية البنات في الأخوات وبآية الأخوات في البنات لأن القرآن كالكلمة الواحدة يفسر بعضه بعضا وعلم فرض البنتين بالحديث النبوي فاستقامت الظواهر وقامت الحجة لأن الله تعالى إذا جعل الثلثين للأختين فالبنتان أولى لقربهما ولأن البنت تأخذ مع أخيها إذا انفرد الثلث فأولى أن تأخذه مع أختها لأنها ذات فرض مثلها والتسوية بين البنتين والأخت الواحدة في النصف خلاف القياس والحديث المتقدم
الفائدة الرابعة
في قوله تعالى ( وإن كانت واحدة فلها النصف ) لأن الذكر لو انفرد لكان له الكل فهي إذا انفردت لها النصف لأنها على النصف منه في الأحكام كما تقدم
الفائدة الخامسة
في أن للاثنتين الثلثين لأن الذكر إذا كان مع ابنة له الثلثان فجعل الابنتان بمنزلة ذكر في بعض أحواله فهو من باب ملاحظة ما تقدم من الحكمة في جعل الأنثى على النصف والكثير من البنات سقط اعتباره في التأثير في الزيادة كالذكور إذا كثر عددهم اشتركوا في نصيب الواحد إذا انفرد فسوي بين البابين في الإلغاء
الفائدة السادسة
في قوله تعالى ( ولأبويه ) سمى الأم أبا مجازا من باب التغليب وهو في لسان العرب يقع إما لخفة اللفظ كالعمرين فإن لفظ عمر أخف من لفظ أبي بكر أو لفضل المعنى وخفته نحو ( لنا قمراها والنجوم الطوالع ** ) فغلب لفظ القمر على الشمس لأنه مذكر والشمس مؤنثة والمذكر أخف وأفضل وإما لكراهة اللفظ لإشعاره بمكروه نحو قول عائشة رضي الله عنها ما لنا عيش إلا الأسودان تريد الماء والتمر والتمر أسود والماء أبيض وكلاهما مذكر وعلى وزن أفعل فلا تفاوت بل لفظ الأبيض يشعر بالبرص فغلبت الأسود عليه فهذه ثلاثة أسباب للتغليب في اللغة
الفائدة السابعة
في إعطاء السدس للأبوين لأنه أدنى سهام الفرائض المواريث في القرابات وكذلك في الخبر فيمن أوصي له بسهم من ماله قال يعطى السدس والابن أقوى العصبات ومقتضاه حرمان الأب وبر الأب يقتضي عدم الحرمان فاقتصر له على أقل السهام وسويت الأم به لأنه من باب ملاحظة أصل البر لا من باب تحقيق المستحق
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29