كتاب :الذخيرة 17

كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي

شقص فالشفعة بقيمة الدابة والقول قولك في قيمتها وتكلف صفتها فإن ادعيت ما لا يشبه صدق الشفيع فيما يشبه كقول مالك فيمن اشترى شقصاً بعرض ففات العرض أن القول قول المشتري

فرع
في الكتاب إذا اختلف المبتاع والشفيع في قيمة العرض المشترى به فات بيد البائع أم لا ينظر لقيمته يوم البيع لأنه مقصود المعاوضة فإن هلك بيد المبتاع صدق مع يمينه لأنه غارم فإن جاء بما لا يشبه صدق الشفيع فيما يشبه فإن اتيا بما لا يشبه وصفه المبتاع وحلف على صفته واخذ الشفعة بقيمة تلك الصفة يوم البيع فإن نكل المبتاع حلف الشفيع على ما يصفه هو وأخذ بقيمة صفته قال ابن يونس قال محمد إن هلك العرض الذي هو ثمن فأتيا جميعاً بما لا يشبه حلف المبتاع وله ما لا يتبين فيه كذبه فإن امتنع حلف الشفيع وكان عليه ادنى ما لا يظهر فيه كذبه فإن نكل فإن ادعى انه حضر أو علم الثمن ونكل لم يأخذه إلا بأكثر ما لا يتبين فيه كذبه بعد أن يحلف ما يعلم ما ادعى المشتري قال محمد فإن حلف فأحب الي أن يحبس المشتري حتى يحلف فان ادعى الشفيع العلم ونكل فلا شفعة له وعن مالك إذا هلك العرض فزعم المشتري أن قيمته ألف وقال البائع الأقل فليحلف المشتري على ما قال ثم إن شاء الشفيع اخذ بذلك أو ترك إلا أن تقوم بينة بخلاف ذلك وقال عبد الملك إذا نكل المشتري قال بعض أصحابنا يقبض الشفيع الشقص إن شاء ويقال للمشتري متى احببت حقك ببينة أو حلفك فلك القيمة يوم سلمته للبائع قال فإن امتنع الشفيع من القبض لتوقع الكثرة فلا بد حينئذ من حلف المشتري على ما يعلمه أو يسجن وقال أبو محمد في قوله يتحالفان إنما يعني أن المبتاع وحده يحلف فإذا حلف بريء قال محمد فإن كان المدعى عليه الشراء بعيد الغيبة فللشفيع اخذ ذلك ويدفع الثمن للبائع لم يقر بقبضه ولا عهدة على البائع إلا في الإستحقاق ويكتب العهدة للغائب في كل شيء فان قدم الغائب فأقر كتبت عليه العهدة وان انكر حلف ورجع الشقص على بائعه قال محمد واحب الي أن لا يرجع على البائع إذا رضي أن يأخذه بغير كتابة عهدة ولكن يشهد على البائع بقبض الثمن وتلزمه عهدته فقط وقال احمد بن ميسر إذا لم يثبت البيع إلا بإقرار المتبايعين فلا شفعة
فرع
في النوادر قال عبد الملك إن اشتراه بدين شفع على البائع كان للمشتري فالشفعة بقيمة الدين عرضا نقداً يدفعه الآن لأن الدين عرض من العروض وكذلك إن لم يقم الشفيع حتى حل الدين فلا ينظر في وقته بعد الإستشفاع وعن سحنون يقوم الدين بعرض ثم يقوم العرض بعين فيأخذ بها وعن مالك لا يأخذ إلا بمثل ذلك الدين وكذلك إن كان البائع عديماً بذلك الدين لأن القيم في العروض لا في النفدين فان كان حالاً اخذ به حالاً أو مؤجلاً فإلى اجله قال اصبغ إنما يشفع بمثل الدين نقداً إلا أن يكون يهضم له فيه هضمه بينه فيأخذ بقيمة الشقص قال مطرف بل يشفع بجميعه وان كان يهضم فيه قال عبد الملك فإن اشترى بكتابة مكاتب فبقيمة الكتابة عرضاً يقوم على انه يعجز أو يؤدي فإن عجز فهو رقيق لبائع الشقص
فرع
في الجواهر إذا اشترى بكف من الدراهم لا يعرف وزنه اخذ بقيمة الشقص وتبطل الشفعة كما لو جهل الثمن بالكلية
الباب الثاني في صفة الآخذ
وفي الكتاب الشفعة على قدر الأنصباء دون العدد وقاله ش وابن حنبل وقال ح على عدد الرؤس لنا أنها سبب الملك فتتبعه ككسب العبد وثمر الثمرة وأرش الجناية واجرة الدار احتج بأنها للضرر المستمر فتستحق بالملك والضرر مستو ولأن الشفعة تستحق بالقليل كما تستحق بالكثير إذا انفرد اجماعاً فكذلك إذا اجتمعا ولأن الدية على عدد رؤس الجانين لا بقدر الجنايات والغنيمة بقدر الرؤس لا بقدر القتال فكذلك هاهنا ولأن قوله الجار أحق بسقبه يقتضي التسوية بين المتجاورين وقوله الشفعة للشريك الذي لم يقاسم يقتضي التسوية لاستوائهم في هذا الوصف كما لو قلنا الدار لإخوتك استوو في الإستحقاق والجواب عن الأول أن الشريك إذا باع ملكه سقطت شفعته فدل على أن نصيبه هو الموجب لشفعته فتقسم على قدر الأنصباء ولأن الضرر يختلف بإختلاف الأنصباء في المطالبة بالقسمة فيفترق الملك وينقص وغرم اجرة القاسم فالأكثر يتضرر اكثر والجواب عن الثاني انه يبطل بالإبن وابن الإبن يستويان إذا انفردوا في اخذ جميع المال واذا اجتمعا سقط ابن واختلف الحكم وكذلك الإبن والأب والجواب عن الثالث أن السبب ثمة زهوق الروح لا ملكهم لأموالهم ونسبة هذا السبب اليهم نسبة مستوية فيستوون والغنيمة لا تستحق إلا بالقتال لأن من لم يقاتل يساوي المقاتل بخلاف الشفعة فتستحق بالملك كما تقدم والجواب عن الرابع أن الحديثين وردا في معرض بيان من له الشفعة لا بيان أحوال الشفعة والقاعدة أن النصوص إذا وردت لمعنى لا يستدل بها في غيره لأن المتكلم لم يقصده كقوله فيما سقت السماء العشر لا يستدل به على أن في الخضر الزكاة لأن المقصود بيان الجزء الواجب لا ما تجب فيه الزكاة وهي قاعدة جليلة لا ينبغي للفقيه أن يهملها نظائر قال أبو عمران ثلاثة مسائل تختص بالأنصباء دون الرؤس الشفعة وزكاة الفطر على العبد المشترى والتقويم في العتق وستة مسائل تختص بالرؤس دون الأنصباء اجرة القاسم وكنس المراحيض وحراسة اعدال المتاع وبيوت الغلات واجرة السقي على المشهور وحارس الدابة والصيد لا تعتبر كثرة الكلاب زاد العبدي في نظائره كنس السواقي
تفريع
قال اللخمي قال محمد الشفعة كعبد بين ثلاثة الثلث والسدس والنصف فأعتق صاحب النصف والسدس معاً فإنه يقوم عليهما ارباعاً على الانصباء وقال عبد الملك بل بالسوية لأنه لو اعتبر كثرة النصيب لقوم جميع الرقيق منه على القليل وكثر النصيب وعلى هذا تكون السفعة لأن الضرر اللاحق لقيل النصيب أكثر في المقاسمة فإن نصيبه قد يقل فلا يشفع به بعد القسمة وهذا إذا كانت فيما ينقسم وان كانت فيما لا ينقسم وحكم بها فيه فهي على العدد ولا تراعى الأنصباء لأنها إنما جعلت لدفع الضرر في طلب المشتري البيع ويستوي في ذلك القليل والكثير قال صاحب التنبيهات وعن مالك هي على عدد الرؤس يتحصل ثلاثة أقوال قولان لمالك في الرؤس والأنصباء وتفرقه اللخمي فيما ينقسم
فرع
في الكتاب إذا اختلفا في الثمن صدق المبتاع لأنه مدعى عليه اخراج ملكه بما لا يرضى إلا أن يأتي بما لا يتغابن بمثله فلا يصدق إلا أن يكون ملكاً ولعلها مالكاً يرغب في الدار المجاورة له فيصدق لأن شأنه أن يبدل كبر العرصة فان اقاما بينه وكانا في العدالة سواء سقطتا وصدق المبتاع لأنه صاحب اليد في التنبيهات قوله لأنه صاحب اليد قيل مفهومة لو كانت في يد الشفيع كان خلاف ذلك فاتت أم لا وقال في كتاب الرواحل يصدق المكتري لقبضه الراحلة ولأن تسليم الشقص للشفيع كتسليم الشفعة للمشتري ويختلف هل يصدق بنفس تسليمها او حتى يبين بها او حتى تفوت قال التونسي يصدق المشتري ولم يقل يحلف أم لا قال محمد إذا ادعى الشفيع حضور المبايعة حلف المشتري وان لم يحقق لا يحلف لأن ايمان التهم لا تلزم إلا من تليق به التهمة وقال أشهب يصدق المشتري بغير يمين إذا اتى بما ينسبه صدق مع يمينه وان اختلف البائع والمشتري في الثمن تحالفا وتفاسخا وبطلت الشفعة ويشبه إن رضي الشفيع بكتب عهدته على البائع أن يأخذ شقصه كما قيل لو باع الشقص من غائب اخذ على أحد القولين منه فإن جاء المشتري فأنكر قيل تبقى عهدته على البائع إن شاء واستحسنه محمد وقيل يرد الشقص قال التونسي إن نكل المشتري لما حلف البائع وجب البيع على المشتري بما قال البائع ويأخذ الشفيع بقول المشتري مؤاخذة له بإقراره قال وفيه نظر لأنه إنما خلص الشقص بزيادة البائع لان المشتري لو حلف انتقض البيع فكأنه ابتدأ البيع بالأكثر ولو غرم المشتري على الشقص غرماً قال يحتمل أن يأخذ الشفيع بالثمن والغرم وقد اختلف فيمن فدى شيئاً من اللصوص هل يأخذه ربه بالغرم أم لا وإذا اختلف الشفيع والمشتري لا يشفع لتصديق البائع لأحدهما لاتهامه في نقل العهدة عن نفسه إذا استحق الشقص ولو شهد للمشتري فلا تهمة إلا من باب شهادته على فعل نفسه لتضرره بإقراره أن الذي يرجع عليه من عهدة الشقص اكثر مما قال الشفيع فإن اتى الشفيع والمشتري بما لا يشبه فأعدل الأقوال يحلفان لتساويهما ويأخذ الشفيع بالقيمة فإن نكل أحدهما صدق الحالف فان طال الزمان حتى نسيا الثمن وقال المشتري لا اعرفه لطول الزمان وغيبة الشفيع سقطت الشفعة للتعذر ولو شهدت بينة المشتري بمائة وبينة الشفيع بخمسين فإن كان في مجلس واحد تكاذبا على أحد القولين فيقضي بأعدلهما وان تكافأتا سقطتا وصدق المشتري وعلى القول الآخر تقدم بينة المشتري لأنها زادت ما لم تعلمه الاخرى او في مجلسين كانا بينتين يشفع بما يريد وله الأخذ بالخمسين لأنه يحمل على انه أقاله ثم اشترى ثانياً منه او من غيره ولو كانت دار في يد رجل واقام غيره بينة بشرائها من المدعي فإن وقتتا حكم بأقربهما وقتاً وإلا تحالفا وقسمت بينهما إن لم تكن في يد واحد منهما وإلا هي لصاحب اليد بعد حلفه فإن كان شقصاً وهو في يد أحدهما فحلف اخذ الشفيع بالثمن الذي أقربه او بأيديهما اخذ من كل واحد نصفه بالثمن الذي اقر انه اشتراه به قال ابن يونس قوله في الكتاب إذا تكافأت العدالة سقطتا قال سحنون تقدم بينة المبتاع لأنها زادت كاختلاف المتبايعين في الثمن قال سحنون و إذا لم يقيما بينة وظهر للحاكم مجاوزة الثمن إلى حد الحيلة لقطع الشفعة رد إلى الاشبه وان ادعى الشفيع علم الثمن قضي له مع يمينه إلى أن يأتي بأقل من القيمة و إذا قال البائع بعت بمائتين وقال المبتاع مائه وقال الشفيع خمسين أم لم يدع شيئاً ولم يفت بطول الزمان او تغير سوق او هدم او بيع او نحو ذلك وهي بيد المبتاع او البائع ففي الكتاب يصدق البائع ويترادان بعد التحالف وتبطل الشفعة وليس له أن يأخذها بمائتين وتمنع من رد البيع لأنه لا شفعة حتى يتم البيع فتكون العهدة على المبتاع وهاهنا هي على البائع ألا ترى انه لا شفعة في هبة الثواب إلا بعد العوض وقيل لو رضي بالعهدة على البائع شفع قال اللخمي إذا كان الثمن عرضاً واختلفا في قيمته وصفه أهل المعرفة واخذ بتلك القيمة وان نقص سوقه او زاد فالقيمة يوم الشراء وان اختلفا في مقدار نقص السوق او زيادته صدق المشتري ومتى اشكل امر التغير صدق مدعي تبقيته عملاً بالاستصحاب وان هلك العرض واختلفا في صفته صدق المشتري إلا أن يأتي بما لا يشبه فيصدق الشفيع وان اتى بمالا يشبه قال ابن دينار ومن اشترى أرضا فقام الشفيع وادعى عدم القسمة صدق لأن الأصل بقاء الملك مشتركاً وقاله ابن القاسم وكذلك لو قال اشتريت بعد القسم واذا اختلف البائع والمشتري في قدر الثمن في خمسين ومائة تحالفا وتفاسخا وسقطت الشفعة فإن نكل البائع وحلف المشتري غرم خمسين وشفع بها الشفيع فإن نكل المشتري وحلف البائع اخذ بمائة واختلف بما يشفع فقال أشهب بخمسين لأنها التي اقربها المشتري ويقول ظلمني البائع بيمينه ولو رجع المشتري إلى ما قاله البائع ما قبل منه وقال عبد الملك بمائة لأنه الثمن المحلوف به فإن احب الشفيع قبل فسخ العقد الأخذ بمائة فله على قول ابن القاسم وليس له عند أشهب قياساً على قولهم إذا استحق بعض الأرض وكان ذلك عيباً يوجب للمشتري الرد قال الشفيع أنا آخذه وقال المشتري ارد قدم ابن القاسم الشفيع وأشهب المشتري للعهدة التي تكتب عليه وله الشفعة قبل التحالف او بعد يمين أحدهما وبعد أيمانهما على القول بأن البيع منعقد حتى يحكم بفسخه ولو اختلفا بعد فوت الشقص صدق ابن القاسم المشتري واشفعه بخمسين وقال أشهب يتحالفان ويغرم المشتري قيمته يوم البيع إلا أن يكون اكثر مما ادعى البائع او اقل مما قاله المشتري ثم يشفع بما يستقر من القيمة فجعل الشفعة بالقيمة لأن ايمانهما عنده فسخ للعقد والقيمة بدل من رد العين فهي الثمن بخلاف إذا حلف ونكل المشتري لبقاء العقد واذا قال المشتري نسيت الثمن لطول المدة او مات المشتري وقالت الورثة لا علم عندنا او كان الشفيع غائباً او صغيراً سقطت الشفعة عند ابن القاسم وان كان على غير ذلك فالشفعة بالقيمة عنده إذا لم يعقد وقال عبد الملك إذا جاء الشفيع إلى ولد المبتاع بعد طول المدة حلف الولد على نفي العلم وشفع بالقيمة وكذلك لو كان صبياً وقال لا ادري الثمن حلف فان نكل حلف الشفيع إن شاء وقيل للمبتاع متى احببت حقك فخذه وإن حلف فله القيمة يوم اسلمه إلى الشفيع وإن قال الشفيع لا اقبضه لاحتمال كثرة ثمنه فلا بد من يمين المبتاع انه ما علم وقيل إذا اختلفا فجاء المشتري بما لا يشبه او جهل الثمن شفع بالقيمة يوم البيع وان اقر المالك بالبيع وأنكر الآخر الشراء صدق في عدم الشراء لأنه الأصل ولا شفعة وفي كتاب محمد بعت من فلان الغائب إن بعدت الغيبة شفع لإقراره انه أولى منه فإن قدم واقر كتبت العهدة عليه وان انكر حلف ورجع الشقص للبائع وقال محمد احب الي أن لا يرجع لإقرار البائع أن الشفيع أحق منه وتكتب عهدة الثمن على البائع قال اللخمي وقول محمد اصوب والحاضر مثله له الشفعة لان المالك مقر بانتقال ملكه وأن الشفعة واجبه للشفيع و أن المشتري ظلمه بجحوده وخالفنا ح فقال إذا اقر المالك بالبيع أنكر المشتري واشار الناسخ بالهامش إلى انه سقط من هنا شيء لنا أن المشتري اصل الشفيع ولم يثبت فلا يثبت أحتج بأن اقراره حقاً للمشتري والشفيع وان لم يقبل المشتري حقه بقي حق الشفيع ولأن الفرع قد يثبت حيث لا يثبت اصله كاقرار أحد الأخوين بأخ ثالث يثبت الإرث دون النسب والجواب عن الأول أن الذي لم يثبت اصل لما بقي فينتفي الباقي لانتقاء اصله بخلاف إذا اقر لرجلين فكذبه أحدهما والجواب عن الثاني أن إقرار الأخ معناه أنت مستحق لما في يدي فقبل والبائع يقول أنت تستحق على المشتري فهو مقر على الغير فافترقا
فرع
في الكتاب العهدة على المشتري وحده للشفيع واليه يدفع الثمن قبضه البائع قبل أم لا ويرجع المشتري على البائع في الإستحقاق ولا شيء للشفيع على البائع وقاله ش وقال ح إذا اخذ من المشتري أما من البائع على اصله قبل المشتري فالعهدة عليه وهو باطل لأن البائع لو اخذ منه لكان مالكاً ولو كان مالكاً انفسخ العقد فتسقط الشفعة احتج بان البيع ينفسخ بين البائع والمشتري للإنتقال للشفيع كما لو هلك قبل القبض وجوابه أن المبيع يدخل في ملك المشتري بنفس العقد والهلاك منه قال مالك في الكتاب لو غاب المبتاع قبل نقد الثمن ولم يقبض الدار نظر الإمام لأنه محل اجتهاد في مال الغائب وللبائع منع الشقص حتى يقبض الثمن وللشفيع دفعه له وقبض المبيع لأنه عنه ادى وان كان على المشتري دين فقام غرماؤه قبل النقد وقبض المبيع فللشفيع الدفع عن المبتاع للبائع واخذ المبيع ولا شيء للغرماء لأن البائع مقدم عليهم ولأن الشفيع لو ترك بيعت الدار واعطي البائع الذي بيعت به إلا أن يفلس المبتاع فالبائع أولى بالدار إلا أن يضمن الغرماء الثمن قال التونسي إن غاب المشتري غيبة بعيدة رفع الشفيع الأمر للإمام فلو مات المشتري وقد قبض الشقص قبل تسليم الثمن دفع الشفيع الثمن واخذ ويكون البائع اسوة الغرماء لأنه قد سلم وفي كتاب محمد هو أحق بثمنه وهو ضعيف و إذا كان الشفيع غائباً فقاسم المشتري ثم قدم فله رد القسم والأخذ لتعلق حقه قبل القسم ومنع أشهب لأن المشتري قاسم من تجوز مقاسمته وقال سحنون يمضي القسم ويأخذ ما صار له من ذلك جمعاً بين المصالح وفي النوادر قال أشهب إن قربت غيبة الغائب كتب الامام إليه ليقدم فإن تعذر قضى بالشفعة والبائع يقبض الثمن منه إن لم يكن قبضه وان كان قبضه اخذه الامام من الشفيع ووقفه للمبتاع وكتب عليه العهدة فإذا قدم اشهد بذلك على نفسه فإن مات فالعهدة على تركته وان قبض المبتاع الشقص وسكنه ثم مات وقام غرماؤه وقام البائع بالثمن وقام الشفيع فالبائع أحق بالثمن من غرماء المشتري قال محمد ولو فلس المبتاع فالشفيع والبائع أحق بالثمن من غرماء الشفيع قال محمد ولو فلس المبتاع فالشفيع أحق بالشقص ويدفع الثمن للبائع
فرع
قال التونسي لو اشترى بنقد فباع بدين وله شفيعان فطلب أحدهما بالنقد والآخر بالدين ليس لهما الافتراق لضرر تفريق الصفقة ولو كانوا جماعة غائبين إلا واحدا فله اخذ الجميع او الترك نفيا لضرر تفريق الصفقة فإن ترك ثم قدم آخر فله اخذ الجميع ولا يدخل الشفيع الأول معه لأنه اسقط حقه ولو اخذ الأول ثم جاء الثاني شاركه بقدر نصيبه لان الأصل بقاء حقه وان امتنع بعضهم من الأخذ اخذ الباقون بقدر حصصهم من حصص جميع الشركاء قال عبد الملك إن قال الآخذ للجميع للقادم بعده أنا اسلم الجميع اليك ليس له ذلك إلا برضا القادم فإن رضيا ثم قدم ثالث فإن كان ما ينزع به الأول للثاني فوق ما يلزمه فهو بيع يأخذ الثالث من الثاني بالشفعة إلا أن يشرك الثاني فيه بقدر حقه فيما يصيبه في ذلك من الشفعة وان كان الثاني هو التارك ذلك كله للأول إلا قدر ما يصيبه من جميع شركائه فليس ببيع ولا شفعة إلا الشفعة الأولى يأخذ منها الثالث بقدر حقه لو حضر معهما وإن أخذ الجميع وباعه من أجنبي ثم قدم شفيع قال سحنون له اخذ نصف هذا الشقص من المبتاع الأول بنصف الثمن والنصف الآخر من المشتري الشفيع بنصف الثمن الذي اشترى به او بالذي اشترى به هذا الثاني وفي كتاب محمد إن باع ربع الدار ثلاث صفقات والغيب ثلاثة لكل واحد ربع فقدم واحد فإن اخذ بالصفقة الأولى لم يدخل معه المشتريان الآخران لتقدم الشفعة عليهما او بالصفقة الآخرة دخل معه المشتريان الاولان لتقدم حقهما وكان ثلث الربع مقسوماً على خمسة ثلاثة أخماسه للقادم لأنه يأخذه وللغائبين وخمساه للمشترين فإن قدم آخر فسلم أيضا الصفقتين الاوليين قسم ثلث الربع بينهم على ثمانية للمشتري سهمان ولكل واحد من القادمين ثلاثة ثلاثة فان جاء ثالث فسلم الأوليين ضرب معهم بثلاثة ينقسم ثلث الربع أحد عشر فإن اخذ هذا الثالث السهمين اللذين سلمهما الأول أضافهما لسهامه بسهم لخمسة واخوته ثلاثة ثلاثة وان أخذها الأثنان ضرب بأربعه أربعة وضرب الذي سلمها معه بثلاثة وان كان الثالث إنما اخذ الثانية ضرب هو بأربعة وأولئك بثلاثة ثلاثة والمشتري بواحد وكذلك إن اخذ الاولان ضرب هو بأربعة والباقون بثلاثة والمشتري بواحد وهي الصفقة الثانية
فرع
في الكتاب لو باع بثمن إلى اجل فللشفيع الأخذ بالثمن إلى ذلك الأجل إن كان ملياً او ضمنه ثقة ملي وقال ش و ح له تعجيل الثمن ويأخذ او الإنتظار حتى يحل الأجل فيعطى ويأخذه لا يأخذ بالمؤجل لنا انه يأخذ بمثل الثمن جنساً ومقداراً فكذلك تأجيلاً ولأن للأجل قسطاً من الثمن فلما وجب الأخذ بالمقدار المعين في العقد وجب الأخذ بالمؤجل لينضبط المقدار لأنه لو اخذ بالحال اضر به فكان فيه رفع الضرر بالضرر بزيادة الثمن والشفيع لا يزاد عليه في الثمن احتجوا بأن الثمن في ذمة المشتري للبائع ومن له ثمن في ذمة لا يتمكن أحد من نقله إلى ذمة اخرى إلا برضاه ففي التخيير نفي الضرر عن الجميع البائع والمشتري والشفيع ولأن الأجل ثبت للبائع بالشرط فلا يستحقه غير المشترط ولأن البائع إنما رضي بذمة المشتري فلا يلزمه غيرها والجواب عن الأول أن البائع لما باع ما فيه الشفعة دخل على الإنتقال مع أنا لا ننقل حقه بل حقه في ذمة المشتري وحق المشتري في ذمة الشفيع والجواب عن الثاني أن الشرط ينتقل لمن له الملك بدليل الوارث ينتقل له البيع بالثمن المؤجل والجواب عن الثالث انه رضي بذمة الشفيع قبل العقد
تفريع
في الكتاب إن رضي البائع فابتاع الشفيع امتنع لأنه فسخ دين ما لم يحل في دين وان عجل الشفيع الثمن للمبتاع جاز لأن الأجل حق للمشتري فله اسقاطه وليس عليه هو تعجيله للبائع توفية بالعقد ولا للبائع منعه من قبض الدار قال ابن يونس قال أشهب أن لم يكن مثال المشتري في الملاء اتى بحميل مثل المشتري توفية بمصلحة البائع ومنع محمد إذا أن كان ملياً ثقة لحصول المقصود أن اتفقا في العدم امتنع المشتري من التسليم إلا بحميل محتجاً بحميل البائع بعدمه فلا حجة له لان الأصل عدم ذلك وان كان اعدم منه أتى بحميل في مثل عدم المبتاع او املى لأنه الصفة الواقعة في العقد وقال محمد إن كان الشفيع عديماً لا شفعة له إلا بحميل ثقة كان المبتاع عديماً أم لا صوناً لملك المشتري عن الضياع لأن عدمه لا يخل بملكه ولو اشترى إلى اجل بحميل والشفيع املى منه قال أشهب أن لم يأت بحميل او رهن مثله فلا شفعة ولا يفيد رهن فيه وقايل مثل الأول لأنه الواقع في العقد ولو كان برهن وحميل فلا بد منها لأنهما الواقعان في العقد ولأشهب إن كان املى من الحميل والغريم اخذ بغير رهن وحميل لحصول مقصود ضبط المالية قال محمد و الأول أولى عندنا قال عبد الملك إن قام الشفيع بعد حلول الدين ودفع الثمن استؤنف للشفيع مثل اجل المشتري لأنه صفة العقد فإن كان ثقة دفع إليه وإلا فحميل ثقة فإن عجز ولم يكن ثقة ابطل السلطان شفعته وان وجد ثقة بينه وبين حلول اجل الثمن او بعده فلا شفعة لعجزه عن الثمن إذا اوقفه السلطان وقال اصبغ إذا قدم بعد حلول الأجل فلا يأخذ إلا بنقد لأن الأجل بطل وصار الثمن حالاً و الأول قول مالك وهو اصوب لينتفع الشفيع بالأجل كما انتفع المشتري وان اشترى بدين له على البائع إلى سنة اخذ بقيمة الدين عرضاً يدفعه الآن لأن الدين عرض من ذوات القيم وذلك إن لم يقم حتى حل الأجل قاله عبد الملك وقاله سحنون إلا انه قال يقوم الدين بعرض نقداً ثم يقوم العرض بعين ثم يأخذ بذلك وقال مالك لا يأخذ إلا بمثل ذلك الدين لأنه الثمن ولأنه لا قيمة للنقدين بل في العروض قال محمد فلو اشترى به بعد حلوله لم يأخذ إلا بذلك القدر بعينه لأنه الثمن فإن اشترى بكتابة مكاتب ففي كتاب محمد يأخذ بقيمة الكتابة عرضاً يقوم على انه يعجز او يؤدي فإن عجز فهو رقيق للبائع لأن الرقبة عوض الكتابة قال أشهب إن اشتراه بعرض موصوف اخذ بقيمته إلى اجله على مثل من هو مثله في يسره وعسره ولدده ويمتنع اخذه قبل معرفتهما بالقيمة لا كبيع مجهول قال محمد وهذا غلط بل بمثل العرض إلى اجله وإنما يأخذ بالقيمة نقداً إذا اشترى بعرض معين لتعذر المثل ولأنه إذا استحق العين قبل قيام الشفيع انتقض البيع وفي استحقاق الموصوف لا ينتقض والشفعة قائمة قال اللخمي إذا اشترى بثمن إلى اجل او اخذه من دين مؤجل فثلاثة أقوال يأخذ بمثل ذلك مؤجلاً في الوجهين قاله ابن القاسم في المدونة وبالقيمة في الوجهين وبمثله إن كان ثمناً وبقيمته إن اخذه في دين قاله عبد الملك وسحنون لان الأجل صفة الثمن
فرع
في الكتاب إذا اشترى حصتين من دارين في صفقة وشفيع كل دار على حدة فسلم احدهم فللآخر أن يأخذ شفعته في التي هو شفيعها دون الاخرى لعدم ضرر التفريق بينهما وان اشترى ثلاث حصص في صفقة من دار او دور في بلد او بلدين من رجل او رجال وشفيعها واحد فليس له إلا اخذ الجميع او الترك نفياً لضرر التفريق وكذلك إن اشترى من احدهم حصته في نخل ومن الآخر حصته في قربة ومن الآخر حصته من دار في صفقة او باع ذلك كله وشفيعه واحد ولو ابتاع ثلاثة من واحد او من ثلاثة في صفقة والشفيع واحد فليس له الأخذ من احدهم دون الآخر بل الجميع او يترك وقاله ح خلافاً ل ش لنا انه تفريق الصفقة فيمتنع للضرر إحتج بأن عقدهما مع المشتري كالعقدين فلا تفريق والجواب لا نسلم بل صفقة واحدة ولو اشترى حصة ثلاثة في ثلاث صفقات فللشفيع أن يأخذ بأي صفقة شاء لعدم الضرر فإن اخذ الأول لم يشفع معه المبتاع لأنه أجنبي فيها او الثانية فله فيها بقدر صفقته لتقدم شركته عليهما او الثالثة استشفع بالأولى او الثانية وان ابتاع ما هو شفيعه مع شفيع تحاصا فيه بقدر حصتهما يضرب فيه المبتاع بقدر نصيبه من الدار قبل الشراء ولا يضرب بما اشترى وإذا حضر بعض الشفعاء فقال آخذ حصتي فإذا قدم اصحابي فإن اخذوا و إلا اخذت حصتهم منع بل يأخذ الجميع او يترك نفياً لضرر تفريق الصفقة فإن سلم لم يأخذ مع اصحابه لاسقاط حقه ولهم أن يأخذوا الجميع او يتركوا فإن سلموا إلا واحد قيل له خذ الجميع او أترك وإذا اخذ الحاضر الجميع شاركه الغائب إذا قدم بقدر ما كان له فإن اخذ بعض القادمين وابى البعض لم يكن للآخر اخذ حصته فقط قال صاحب التنبيهات قوله في حصص ثلاثة نخل وقرية ودار قال أشهب هذا إذا كانوا متفاوضين يعني المشترين وإلا فليأخذ ما شاء لأنه لا ضرر على المشتري فيما يأخذ من الآخر وحمل الباجي قول أشهب على التفسير قال وإلا فلا وجه لثبوت الشفعة وحمله غيره على الخلاف قال التونسي إذا اشترى اثنان شقصاً من رجل قال ابن القاسم ليس له الأخذ من أحدهما بل منهما او الترك نظراً لاتحاد البائع وقال أشهب له الأخذ من أحدهما لأنه لا ضرر على أحدهما بل منهما في الأخذ من الآخر ولا منه قال وقول أشهب إلا أن يكونا متفاوضين ولو اخبر أحدهما انه اشترى الجميع فسلم له ثم إنه اشترى مع غيره قال ابن القاسم لا يلزمه التسليم وله اخذ البقية لأنه يقول إنما تركت لمن يشافعني واشافعه وأما من يشافعه دوني فلم اترك له قال وهذه العلة توجب أن من باع لرجلين انهما يتشافعان دون بقية الورثة و انهما لهما أن يحلا محل البائع منهما وعن أشهب انهما كاهل سهم واحد يتشافعان دون بقية الورثة وعن أشهب انه يلزمه ما سلم لمن سمي ثم قال ويكون من اخذ منه شريكاً للذي سلم له إن شاء أن يلزم ما اخذ بالقيمة قال محمد إذا كانا متفاوضين قال التونسي جعل أشهب لمن علم به كتسليمه نصف المشتري شائعاً فذلك لازم له وهو الباقي بين الشريكين إن رضيا وان قال أنا آخذ الجميع او اترك فذلك لهما للضرر الداخل عليهما وقول ابن القاسم بين لأنه إنما سلم لمن ظن انه اشترى الجميع فلما تبين أن غيره اشترى كان له اخذ ما لم يسلمه وهو نصف الأخذ وله الرجوع في نصيب هذا للضرر الداخل عليه في تفريق الصفقة فإن قيل اشترى النصف فسلم فظهر انه اشترى الجميع ففي كتاب محمد يلزمه التسليم ويأخذ النصف الآخر إن رضي قال والأشبه أن له أن يأخذ لأنه يقول أن ابقى شريكاً مع البائع فأما إذا باع الجميع فأنا آخذ وهو ظاهر المدونة وإذا سلم ولم يذكر له اخذ لزمه عرف الثمن أم لا و إذا اخذ لما سمي له اخذ فوجد غيره لزمه لأن الظاهر من امره انه لما اخذ فقد رغب في الشفعة ولم يقصد الأخذ ممن سمي غيره قال وفيه نظر إلا أن يكون معنى الأخذ انه أراد نفسه لا رغبة فيمن سمي له فإن اخذ قبل معرفة الثمن فهو فاسد فإن قيل له بدنانير فوجده بعرض لزمه التسليم لأنه إنما يدفع دنانير إلا أن تكون قيمة العرض اقل مما سمي له من الدنانير وكذلك إذا قيل بدنانير فوجده بقمح او زيت فله الأخذ لأنه يقول كرهت غرم مثل القمح لأنه اثقل علي وكذلك إذا قيل بقمح فوجده بدنانير او قمح فوجده زيتاً لأن الزيت اخف من كيل القمح وخالفه ابن القاسم في ذلك دون أشهب فان قيل بعرض فوجده دنانير لزمه التسليم إلا أن تكون الدنانير يسيرة لا تكون ثمن العرض لأنه إنما سلم لتوهم الكثرة فان قيل بقمح فاخذ جاز وان لم يصف القمح فان لم يجد وسطاً او دون الوسط لزمه وإلا خير ولا يلزمه برضا المشتري بالوسط لكراهة المنة عليه ولا يجوز الأخذ قبل معرفة القيمة للبناء الذي احدثه في الشقص واجيز قبل معرفته بقيمة السلعة التي اشترى بها الشقص إذا رآها لان الجهالة بالقيم لا تبطل البيع لأنها رغبات الناس خارجة عن السلع قال والآشبه المنع لأنه مشتر للشقص بقيمة مجهولة قال ابن يونس إذا سلم أحدهما على سبيل الهبة او الصدقة على المبتاع قال ابن حبيب ليس للآخذ إلا بقدر سهمه او تركاً للشفعة فللمتمسك اخذ الجميع للقادم الجميع ليس له ذلك إلا برضا القادم فان رضي ثم قدم ثالث فما تبرع به الأول للثاني مما لا يلزمه بيع يأخذه الثالث من الثاني بالشفعة إلا أن يشركه الثاني فيه بقدر حقه من الشفعة قال اللخمي إذا طلب الشفيع جميع الصفقة وقال المشتري لا اسلم إلا نصيبك قال أشهب له الأخذ بجميع ذلك النصيب وقال ابن حبيب إن أراد سقوط حقه وجه المشتري لم يشفع إلا بنصيبه او كراهة الأخذ اخذ جميع النصيب وفي مختصر الوقار ليس لمن يجز إلا نصيبه وهو اقيسها لان الذي كان له من الشفعة فضلها والفاضل لا شيء له فيه و إذا اسقط الآخر حقه فهو لمن تركه له واذا كانت الدار بين أربعة وباع اثنان نصيبهما صفقة للثالث اخذ الجميع دون نصيب أحدهما إلا أن يرضى المشتري ليلاً تتفرق صفقته وان كان البائع واحداً والشفيع واحداً والمشتري اثنان اشتريا صفقة واحدة لا يشفع من أحدهما عند ابن القاسم نظراً لاتحاد الصفقة وله عند أشهب وسحنون لان الأخذ من أحدهما لا يضر بالاخر وان اشترى رجل والشفيع واحد والبائع اثنان باعا نصيبهما صفقة ليس للشفيع إلا اخذ الجميع او الترك لضرر التفريق وكذلك إن باعا نصيبهما من دارين او دار او بستان صفقة فان كانت شركة احدهم في دار والاخر في حمام والاخر في بستان فباعوا صفقة على القول بجمع السلعتين والشفيع واحد قال ابن القاسم ليس له إلا اخذ الجميع او الترك وهو أحد القولين في الصفقة لمالكين هل هي كالصفقة لمالك إذا عقد أحدهما عقداً حلالاً والاخر حراماً ما قيل يفسخ العقدان وقيل الحرام فقط فعلى هذا يجوز الاستشفاع من أحدهما دون الآخر واذا استحق أحدهما وهو وجه الصفقة لا يرد المشتري وعلى القول باخذ الجميع يقدر في فساد أحدهما الآخر واذا استحق الوجه رد وكونهما كالعقدين احسن وان كان الشفعاء ثلاثة فاشفع احدهم في الدار والاخر في الحمام والاخر في البستان جاز لأنه لم يبق في يد المشتري شيء تمهيد في الجواهر إذا اتحدت الصفقة والشفيع لا ينظر إلى تعدد البائع والمشتري والاشقاص بل ما اخذ الجميع او تركه وان اتحدت الصفقة والبائع والمشتري وان تعدد الشفيع وقال سحنون و أشهب إذا تعددت الاشقاص والمشترون واتحد الشفيع فله الأخذ من احدهم وان اتحدت الصفقة وقاله ابن القاسم ثم رجع عنه ولو تعددت الشفعاء والاشقاص لكان لكل واحد اخذ ما هو شفيع فيه خاصة
فرع
في النوادر قال ابن القاسم إن قدم الغائبون وقد اخذ الحاضر الجميع دخلوا معه بقدر سهمانهم قال أشهب ويخيرون في العهدة بين الحاضر لأنه اخذ لنفسه او بين المأخوذ منه ولا تكتبوها عليهما فان أبى بعضهم فللاخرين بقدر حصصهم من حصص من اخذ فان ابوا إلا واحداً نصيبه مثل نصيب الآخذ فالمأخوذ بينهما شطران قال أشهب ويخير في العهدة كما تقدم قال عبد الملك فان لم يقدم إلا واحد فليس له بقدر حصته من حصص اصحابه لكن نصف ما اخذت إن كان نصيبه مثل نصيبك قال ابن القاسم إذا ساوى نصيب الأول الثاني واقتسما الشفعة نصفين فقدم ثالث له مثل أحدهما اخذ ثلث ما في ايديهما فيصير لكل واحد ثلث قال أشهب ويخير في العهدة بين المشتري الأول والشفيع الأول او هما وان شاء أخذ ثلث ما بقي في يد أحدهما وترك ما في يد الآخر وليس له هاهنا عهدة على المشتري الأول لأنه ليس له أن يأخذ منه بعضاً ويدع بعضاً بل عهدته على من اخذ منه إن كان الأول دون الثاني وان اخذ من الثاني خاصة فله العهدة على أي الشفيعين شاء فان قدم رابع له مثل احدهم فله اخذ ربع ما بيد كل واحد ويخير في العهدة بين المشتري الأول والاخرين او عليه وعلى الثاني او على جميعهم وان شاء اخذ ربع ما في يد ايهم شاء وترك غيره ولا عهدة له على المشتري بل المأخوذ منه إن كان الأول وان كان الثاني كتب ذلك على أي الشفيعين الاولين شاء وان اخذ من الثالث كتب على أي الشفعاء الثلاثة شاء
فرع
قال إذا حضر احدهم فاخذ الجميع وباعه من أجنبي ثم قدم الشفيع قال سحنون له اخذ نصف هذا الشقص من المشتري الأول بنصف الثمن والنصف الآخر من المشتري من الشفيع بالذي اشتراه به هذا الثاني قال محمد فان كان ذلك في صفقات فللحاضر الأخذ بايها شاء فان قدم ثان شركة فيها وكان اخذ بقية الصفقات او ما شاء منها مثل كون الشفعاء ثلاثة والصفقات ثلاثة فاخذ الحاضر الصفقة وهي ثلث ربع وسلم غيرها فللمشتري الدخول معه إلا بالصفقتين الاوليين وذلك ثلثا الربع وللشفيع ربع كل ما يقسم بينهما فهذه الصفقة وهي ثلث الربع خمسة أجزاء فان قدم فان سلم للمشتري ما سلم له الأول كان ربع الصفقة للمبتاع وثلاثة ارباعها من الشفيعين فان لم يسلم له الثاني شيئاً فللثاني اخذ الصفقتين الاوليين وحده وعهدتهما على المشتري ثم له الدخول مع الأول في الصفقة الاخرى وهي ثلث الربع يدخل فيها الثاني بخمسة اثمانها وللاول ثلاثة اثمانها لان الأول له الربع وهو ثلاثة أجزاء وللثاني الربع وهو ثلاثة وله ثلث الربع بالصفقتين اللتين أخذها هو خاصة التي سلمها الأول فان قدم ثالث فله نصف الصفقتين اللتين سلمهما الأول فتصير له أربعة وللثاني أربعة وللاول ثلاثة فيقسمون الربع وهو الصفقة الثالثة على أحد عشر جزءاً للاول ثلاثة ولكل واحد من هذين أربعة
فرع
قال قال ابن القاسم ثلاثة بينهم ارض باع احدهم فلم يعلم الباقيان فلم يقوما بالشفعة ولم يفت وقتها حتى باع أحدهما فالشفعة في مبيع الأول فلا يبطلها بيعه فان ترك البائع الثاني الشفعة مع الشريك الذي لم يبع فالشفعة كلها للثالث المتمسك بحظه فيما باع الأول والثاني فان سلم ما باع الأول وطلب مبيع الثاني صار المشتري من البائع الأول شفيعاً مع الثالث الذي لم يبع حظه في مبيع الثاني لينزله منزلة بائعه إذا لم يؤخذ منه بالشفعة فصار شريكاً للبائع الثاني ولصاحبه الذي لم يبع فباع الثاني حين باع والمشتري من البائع الأول شريك تجب له الشفعة وقال ش لا يجوز اخذ بعض الشفعة وان كانا حصتين من دارين واذا باع ثم باع من المشتري الأول قال ش للشفيع الأخذ باحد العقدين او كليهما وقال ح لا يأخذ الصفقتين بل بالاولى ونصف الثانية لان الأول صار شريكاً واذا باع من رجلين قال ش له الأخذ منهما ومن أحدهما إذ لا تفريق على أحدهما في صفقته وقال ح يجوز ذلك بعد القبض ويمنع قبله وان باع شريكان لرجل فله اخذ نصيبهما ونصيب أحدهما قاله ش لان العقد في أحد طرفيه عاقدان فجاز تفريقه كتعدد المشتري وقال ح يمتنع لضرر تفريق الصفقة قال ش ومتى سلم أحدهما اخذ الثاني الجميع ولا يأخذ بقدر حصته وان حضر احدهم وغاب غيره اخذ الحاضر الجميع ولا تفرق الصفقة قاله ش فان عفا الحاضر فعلى الغائب إذا قدم اخذ الجميع قاله ش وقال وهو و ح إذا كان المشتري شفيعاً وهم ثلاثة اقتسما المبيع نصفين قال القاضي في الاشراف اخذ الثلاثة الشركاء من آخر حصته فالمبيع بين الذي لم يبع وشريك المشتري أن طلبت الشفعة على قدر املاكهما وقال بعض الشافعية جميعه للشريك الثالث لنا قوله الشريك شفيع وقياساً على ما إذا كان المشتري اجنبياً
فرع
في الكتاب قال البائع الثمن مائتان وقال المشتري مائة وقال الشفيع خمسون او لم يدع شيئاً فان لم تفت الدار بطول الزمان او هدم او تغير المساكن او بيع او هبة او نحوه وهي بيد البائع او المبتاع صدق البائع ويترادان بعد التحالف وليس للشفيع أن يقول آخذ بالمائتين ولا يفسخ البيع لأنه لا شفعة حتى يتم البيع فتصير العهدة على المبتاع وهاهنا على البائع وان تغيرت بما تقدم وهي في يد البائع صدق مع يمينه واخذها الشفيع بذلك في التنبيهات قوله يصدق البائع يريد ويتحالفان ويتفاسخان وقوله بطول زمان قال بعضهم يدل على أن حوالة الاسواق في البيع فوت في اختلاف المتبايعين كما قال في كتاب محمد خلاف قوله في المدونة وقد يقال إن المراد طول تتغير في مثله الدار وتنهدم لضعف بنائها وتخصيصه بتغييرها بيد المشتري قالوا لو تغيرت بيد البائع تحالفا وتفاسخا قال أبو محمد ولو تغيرت بيد البائع تحالفا وتفاسخا قال أبو محمد ولو تغيرت بيد البائع بهدم او بناء نظر إلى قيمة الدار مبنية ومهدومة ولا ينقص من المشتري ويتحالفان ويتفاسخان ويغرم المشتري للبائع النقص من الثمن الذي أقربه فان حلف أحدهما ونكل الآخر لزمه ما حلف عليه صاحبه
فرع
في الكتاب لا شفعة في هبة الثواب إلا بعد العوض حتى يتحقق البيع قال اللخمي فاتت الشفعة أم لا وتجب قبل الثواب وقبل الفوت لان الموهوب بالخيار بين التمسك والرد واختلف في الشفعة بعد الفوت وقبل الثواب نفاها ابن القاسم حتى يثبت او يقضي بها عليه ويغرم قال أشهب إذا فات الشقص وجبت الشفعة بالقيمة والشفعة إذا أثاب قبل الفوت بمثل الثواب إن كان عيناً او مكيلاً او موزوناً قل او كثر وان كان عرضاً فبقيمته فان اثاب بعد الفوت فبمثله عند ابن القاسم إن كان عيناَ او بمثل قيمته إن كان عرضاً قلت القيمة او كثرت إن كانت الهبة قائمة قال أشهب بالاقل من قيمته أو قيمة الهبة لان الفوت عنده من العين ولا يجبر الواهب على قبول العوض فان كانت قيمة الشقص اقل لم يكن عليه غيرها او العرض اقل لم يكن عليه غيره كمن دفع عرضاً عن دين فيه هضم من الدين فإنه لا يبيعه مرابحة بذلك الدين قال والقياس الأخذ بالاكثر من قيمة الهبة او قيمة الثواب فان كانت قيمة الثوب اكثر قال هو الذي كان يرجو مني ولمثل هذا وهب او القيمة اقل قال إنما اخذ ذلك بدينه علي وهي القيمة ولولا ذلك لاستوفيت منه القيمة عيناً إلا أن يعلم أن الموهوب له مالك وإن اخذ ذلك على وجه التخليص منه او يرى أن قيمته اقل بالشيء الكثير مثل أن تكون قيمتها مائة وقيمة الثواب عشرين فاختلف هل يشفع بعشرين او تسقط الشفعة ويغلب حكم الهبة بغير عوض كالموصي بشقص أن يباع من فلان بعشرين وقيمته مائة وعكسه أن يهبه عبداً ويثيب شقصاً فان كان الثواب قبل فوت العبد اخذ بقيمة الشقص وعلى قول أشهب بالاقل والقياس بالاكثر كما تقدم
فرع
في الكتاب إذا وضع البائع عن المشتري من الثمن بعد اخذ الشفيع او قبل فان صلح ما بقي ثمناً يتغابن بمثله وضع ذلك عن الشفيع لان ما اظهر أولا كان لقطع الشفعة وإلا لم يحط وهو هبة للمشتري وقال في موضع آخر إن حط عن المبتاع ما يشبه حط البيع وضع عن الشفيع وإلا فلا في النكت قوله قال في موضع ليس اختلافاً قال التونسي جعله مثل ما إذا اشركه لا يلزمه أن يحط عن شريكه ما حط البائع عنه مما يشبه أن يحط في البيع بخلاف بيع المرابحة والتولية ولعله فهم في الشريك انه أراد أن يجعله محله وإلا فما الفرق إلا أن يرى أن ذلك في الشركة موجب الحكم رضي الشمتري أم لا كأهل سوق حضروا فاشترى واحد منهم سلعة من سلع السوق فإنهم كلهم شركاء فيها قال ابن يونس قال محمد القياس أن ما وضع من قليل او كثير وضع عن الشفيع كما لو باعه ابتداء بما لا يباع بمثله على التكايس صلة ومعروفاً فالشفيع أولى بذلك وقاله ح وقال ش لا يوضع عن الشفيع شيء لأنه بيع جديد لان المقصود نفي الضرر عن الشفيع بدفع الشركة وعن المشتري بان لا يغرم شيئاً لقوله وهو أحق بالثمن فإذا حط علمنا أن الذي بذله ليس ثمناً أما إذا كان لا يشبه علمنا أن الحطيطة هبة قال ابن القاسم إن حابى في مرضه فالمحاباه في ثلثه ويؤخذ بذلك الثمن وكذلك الصحيح إلا أن لا يصلح لقلته ثمناً فلا شفعة صحيحاً او مريضاً
فرع
في الكتاب إذا قاسم المشتري فللشفيع الغائب نقض القسمة كما لو نقض البيع ولو بنى بعد القسم مسجداً هدمه واخذه لتقدم حقه وكذلك لو وهب او تصدق به والثمن للموهوب له او المتصدق عليه لان الواهب علم العاقبة فهو واهب للثمن وفي النكت إنما قال ينقض القسم إذا وقع بغير حاكم أما مع الحكم فهو ماض ويأخذ الشفيع ما وقع له في القسم قال ابن يونس قال سحنون ليس له رد القسم ويأخذ الشفيع ما وقع للمبتاع خلافاً لابن القاسم وقوله كأنه وهب الثمن هو بخلاف الاستحقاق وقال أشهب الثمن للواهب والمتصدق كالاستحقاق واختاره محمد وسحنون لان عليه يكتب العهدة ولو جعلته للموهوب لكانت العهدة عليه
فرع
في الكتاب إذا تكررت البياعات اخذ باي صفقة شاء ونقض ما بعدها لتقدم اخذه عليها وان اخذ بالاخيرة ثبتت البياعات كلها وكذلك إن بيع على المشتري في دين في حياته او بعد موته قال ابن يونس إن اخذ من الأول كتب العهدة عليه ودفع من الثمن للثالث ما اشتراه به لان له المنع من التسليم حتى يقبض ما دفع فان فضل شيء فللاول وان فضل للثالث شيء من صفقته رجع به على الثاني وله حبسه حتى يدفع إليه بقيمة ثمنه ثم يرجع الثاني على الأول بتمام ما اشترى به الشقص منه وان أخذها من الثاني كتب العهدة عليه ويدفع من ثمن الشقص إلى الثالث ما اشتراه به وان كان فضل فللثاني وان فضل للثالث مما اشتراه به شيء رجع به على الثاني ولا تراجع بين الأول والثاني لتمام بيعهما وان اخذ من الثالث فالعهدة عليه وتقرر ما قبله في شرح الجلاب إذا بيع مراراً وهو حاضر عالم ولم يقم حتى يرد البيع سقطت شفعته في البياعات كلها إلا من آخر بيع او حاضر غير عالم او غائب خير فيها قال اللخمي فان كان العقدان بيعاً ونكاحاً وتقدم البيع خير بين الأخذ من الزوج بالثمن ويرجع الزوج على الزوجة بقيمة الشقص ولا يفسخ النكاح او يأخذ من المراة بقيمة الشقص وتكتب العهدة عليها وان تقدم النكاح وباعت المراة اخذ من الزوجة بقيمة الشقص ويفسخ البيع او من المشتري بالثمن وتكتب العهدة عليه وإن كان نكاح ثم خلع اخذ من المرأة بقيمته يوم النكاح ويرجع الزوج عليها بقيمته يوم النكاح ويرجع الزوج على الزوجة بقيمة الشقص ولا يفسخ او يأخذ من المراة بقيمته الشقص ويكتب العهدة عليها وان تقدم النكاح وباعت المراة اخذ من الزوجة بقيمة الشقص ويفسخ البيع او من المشتري بالثمن ويكتب العهدة عليه وان كان نكاح ثم خلع اخذ من المراة بقيمته يوم النكاح ويرجع الزوج عليها بقيمته يوم الخلع وان كان بيع ثم هبة اخذ من المشتري واختلف لمن يكون الثمن فعند ابن القاسم للموهوب
فرع مرتب
قال صاحب النوادر في المجموعة إذا اشترى شقصاً بمائة ثم باع نصفه بمائة فللشفيع اخذ الشقص كله من الذي اشتراه أولا بمائة او اخذ نصفه من الثاني بمائة ونصفه من الأول بخمسين
فرع
قال قال أشهب لو قال الشفيع أنا آخذ بالصفقة الأولى واجيز بيع الثاني وآخذ الثمن امتنع لأنه ريح ما لم يضمن إلا أن يكون الشفيع اوجبها على نفسه قبل بيع الأول واشهد فيخير في البيع الثاني في إجازته وأخذ الثمن وفسخه واخذ الشقص ولا له دفع ما اشتراه الأول به إليه إلا ما فضل عما أبرأه الآخر اختار الشقص او الثمن ولا له الأخذ بالآخر إن اخذ بالاول
فرع
في الكتاب إذا زاد المبتاع البائع في الثمن فنقد الثمن فالاخذ بالثمن الأول لأنه بيع تعين قال ابن يونس قال أشهب للمبتاع الرجوع على البائع بما زاد بعد أن يحلف ما زاده إلا حذاراً من الشفعة وإلا فلا رجوع له وقال عبد الملك كذلك في الوضيعة وأما في زيادة المشتري للبائع فقال عبد الملك هي للشفيع فان شاء اخذ بما زاد او سلم ولا يتهم المشتري أن يزيد لاصلاح البيع قال اللخمي لا اعلم لقول عبد الملك وجهاً لان المشتري في مندوحة عن تلك الزيادة وقد استحق الشفيع الأخذ بالثمن الأول إلا أن يعلم انه لو لم يزده لادعي عليه ما يفاسخه به البيع
فرع
في الكتاب إذا أقال المشتري للشفيع نقض الاقالة والاخذ وليس له الأخذ بعهدة الاقالة والاقالة بيع حادث في كل شيء إلا هاهنا في التنبيهات قال ابن دينار إذا ثبت الاقالة للشفيع الأخذ من المشتري بعهدة البيع ومن البائع بعهدة الاقالة لانهما يتهمان على حل البيع لابطال الشفعة وفي النكت قال محمد إنما لم يجعل مالك الإقالة في الشفعة بيعاً لاتهامهما في نقض البيع فراراً من الشفعة فجعل الشفعة في البيع الأول الثابت وترك الإقالة للشك قال أشهب سواء كان البائع المستقيل او المشتري ولو سلم الشفيع الشفعة ثم استقال المشتري فأقاله البائع قال محمد للشفيع الأخذ من البائع لانقطاع التهمة عنه فتكون الإقالة بيعاً كما لو ولاه غيره للشفيع الشفعة على من شاء منهما قال أشهب القياس إذا استقال البائع المشتري فأقاله بغير زيادة ولا نقصان في الثمن من قبل تسليم الشفيع الشفعة أن للشفيع الأخذ ممن شاء منهما ولكن الاستحسان فيه أن لا يكون له الأخذ إلا من المشتري لأنه يترك فراراً و أما الإقاله بزيادة او نقصان فله الأخذ من ايهما شاء لانهما بيعان لتغير الثمن قال أشهب ولو قيل يأخذ في الإقالة بلا زيادة ولا نقصان صح قال ابن يونس قال عبد الملك إن رأى أن الإقالة لقطع الشفعة اخذ بعهدة الشراء او رأى أن الإقالة لوجه الصحة فهو بيع حادث يأخذ بايهما شاء ولمالك في بطلان الإقالة والعهدة على المشتري او تصح ويخير فيهما قولان وفي الجلاب إذا استقال المشتري لا تسقط الإقالة الشفعة وهل عهدته على المشتري والاقالة باطلة او يخير بين البائع والمشتري روايتان قال شارح الجلاب لأن العقد أثبت حقه على المشترى فالإقالة بعد ذلك لا تؤثر وليس له الأخذ بعهدة الإقالة لأنها ليست بيعاً هاهنا لاتهام المشتري في الهروب من العهدة قال الابهري معنى هذه المسألة إذا قصد بالاقالة قطع الشفعة فالاقالة باطلة ويأخذ من المشتري والعهدة عليه واما أن لم يرد بها ذلك صحت واخذ إما بالصفقة الأولى والعهدة على المشتري او بالثانية والعهدة على البائع لأنه صار مشترياً فان سلم الشفيع شفعته صحت الإقالة وتردد الروايتين على صحة الإقالة وعدمها ويأخذ في الشركة و التولية كما يأخذ في ابتداء البيع نظائر قال أبو عمران الإقالة بيع إلا في ثلاث مسائل في الشفعة والمرابحة والاقالة في الطعام
فرع
في الكتاب إذا لم يحضر الشفيع الثمن انتظر إلى ثلاثة ايام قال التونسي اختلف في تاخير المشتري فظاهر المدونة لا يؤخر في النقد وعنه يؤخر إلى الثلاث و إذا تلوم في النقد فلم يات قال أشهب يباع الشقص وغيره في الثمن وقيل يرجع إلى ربه والاشبه تخيير المأخوذ منه إن شاء آخره على اخذ الثمن منه لأنه قد اشترى منه فهو مطلوب بالثمن وان شاء لم يرض بالبيع منه و إنما له الأخذ بالشفعة بشرط مجيئه بالثمن في هذه المدة وهي مدة التلوم ثلاثاً قال ابن يونس قال محمد إنما يؤخر إلى الثلاث إذا اخذ أما إذا وقفه الامام فقال أخروني لانظر في ذلك فلا بل يأخذ شفعته في مقامه وإلا فلا شفعة له وقال مالك يؤخره الامام إلى الثلاث ليستشير وينظر قال محمد وإن وقفه غير الامام فذلك بيده حتى يوقفه الامام واذا اخذ واخر بالثمن فمضت الثلاث ولم يات بالثمن فالمشتري أحق لعجز الشفيع وإن اخذ او آخر لياتي بالثمن ثم يبدو له ويأبى المشتري أن يقبله لزمه الأخذ وإن لم يكن له مال بيع عليه ما شفع فيه وحصته الاصلية حتى يوفي المشتري إلا أن يرضى المشتري بالاقالة قال اللخمي للمشتري القيام على الشفيع فياخذ او يترك وإلا رفعه إلى السلطان فالزمه مثل ذلك واختلف إذا كان الثمن مؤجلاً قيل كالاول وقيل يمهل إلى الثلاث قاله مالك وعنه إلى العشرة وعن اصبغ الخمسة عشر إلى العشرين بقدر الشقص وما يحتاج من جمع المال والشهر إن رأى ذلك الحاكم واذا اخذ ولم يات بالمال خير المشتري بين إمضاء الأخذ ويباع ذلك الشقص وغيره في الثمن او يرد وكذلك إن شرط عليه الثمن لذلك الأجل ولم يزده عليه أما أن شرط عليه إن لم يحضره فلا شفعة فعجز وسلم لم يكن للمشتري أن يسلمه ليباع عليه في الثمن لسقوط الحق عنه بالتسليم وفي الجواهر لو طلب المهلة ليتروى ففي وجوب إسعافه لذلك خلاف ويملك الشفيع تسليم الثمن وإن لم يرض المشتري ويقضي له القاضي بالشفعة عند الطلب وبمجرد الاشهاد على الأخذ وبقوله أخذت وتملكت ثم تلزمه إن علم بقدر الثمن وإلا لم يلزمه وفي النوادر أجمع مالك واصحابه أن عهدة الشفيع على المشتري قال أشهب واليه يدفع الثمن إن كان المبتاع قد دفعه للبائع وعلى المشتري قبض الشقص فان كان المشتري حاضراً ولم يدفع الثمن دفع الشفيع الثمن للبائع وعلى المشتري قبض الشقص للشفيع وان شاء الشفيع قبضه من البائع والعهدة في ذلك كله على المبتاع فان غاب المبتاع قبل أن ينقد فمنع البائع الشقص لاجل الثمن قال ابن القاسم ينظر السلطان وقال أشهب إن عرفت غيبته كتب إليه أن يقدم ليكتب عليه العهدة وإن بعدت قضي للشفيع بشفعته وللبائع بقبض الثمن منه إن لم يكن قبضه وان كان البائع قد قبضه اخذه الامام من الشفيع فوقفه للمبتاع وكتب عليه العهدة فان قدم اشهد بذلك على نفسه فان مات فالعهدة على تركته قال ابن حبيب واذا حكم على المبتاع بالشفعة فابى من اخذ الثمن فارى أن يحكم له بها وتكتب العهدة على المبتاع ويأخذ الثمن فيوفقه له وقد برئ منه الشفيع وفي الموازية إن قبض المبتاع الشقص وسكنه ثم مات وقام غرماؤه وقام البائع بالثمن وقام الشفيع فالبائع أحق بالثمن من غرماء المشتري قال محمد وانما ينبغي أن يكون هذا في الفلس لا في الموت قال محمد ولو فلس المبتاع فالشفيع أحق بالشقص ويدفع الثمن للبائع لثبوت حقه بالعقد
فرع
في شرح الجلاب إذا اشترى حظ ثلاثة رجال في ثلاث صفقات فللشفيع اخذ ذلك باي صفقة شاء فان اخذ بالاولى لم يكن للمشتري الأول شفعة لعدم بقاء شركته او بالثانية فالاول في الثانية وما بعدها بقدر حصته فيما اشتراه او بالثالثة استشفع بالاولى والثانية فان كانت الصفقة واحدة فليس له اخذ بعضهما لتضرر المشتري بتفريق الصفقة
فرع
في الكتاب إذا اخذ ولم يقبض حتى انهدمت فالضمان من الشفيع لانتقال الملك
فرع
في الكتاب لا يضمن المبتاع للشفيع ما حدث عنه من هدم او حرق او غرق او ما غار من بئر او عين ولا يحط الشفيع لذلك شيئاً من الثمن ليلاً تتفرق الصفقة ولا ضرر عليه لأنه يخير إما يأخذ بجميع الثمن او يترك وكذلك لو هدم المبتاع البناء ليبنيه او يوسع فيه فإما اخذه مهدوماً مع نقضه بالثمن او يترك ليلاً يتضرر المبتاع بغير عوض يحصل له ولو هدم ثم بنى يأخذ الشفيع بالثمن وقيمة ما عمر وإلا فلا يقام الضرر ولو هدمها وباع النقض ثم استحق رجل نصفها وقد فات النقض عند مبتاعه فان لم يجز المستحق البيع في نصيبه اخذ نصفها ونصف ثمن النقض بالاستحقاق وله بقيتها بالشفعة فان اخذه قسم ثمن نصف الدار على قيمة نصف الأرض وقيمة نصف النقض يوم الصفقة ثم اخذ نصف الأرض بما ينوبه ولا ينظر إلى ثمن ما باع منه واما ما قابل ذلك من النقض فلا شفعة فيه لفواته وثمنه للمبتاع ولو وجد المستحق النقض لم يبع او بيع وهو حاضر لم يفت فله نصفه مع نصف العرصة بالاستحقاق وباقيها بالشفعة ولا يضمن المبتاع في الوجهين هدمه وإن امتنع من اخذ ما يستحق من الدار مهدوماً فله الرجوع على البائع بالثمن الذي باع به حصته ولو هدم الدار أجنبي واتلف النقض فلم يقم المبتاع حتى قيام المستحق واستشفع فله الشفعة فيما بقي بحصته بالتقديم ثم يفض الثمن على قيمة ما هدم وما بقي فياخذه بحصته ثم يتبع المشتري الهادم بنصف قيمة ما هدم ويتبعه المستحق بمثل ذلك ولو ترك المبتاع للهادم قيمة ما هدم فللمستحق طلب الهادم بنصف قيمة ذلك من النصف المستحق وتسقط عنه حصة المبتاع وان كان الهادم عديماً اتبعه المستحق دون المبتاع ولا ضمان على الموهوب في الدار الموهوبة كالمشتري ولو وهب الدار متباعها ثم استحق نصفها اخذ باقيها بالشفعة وثمن النصف المستشفع للواهب بخلاف من وهب شقصاً ابتاعه وهو يعلم أن له شفيعاً قيمته للموهوب إذا اخذه الشفيع ومن وهب امة ثم استحقت بحرية او إنها مسروقة فما رجع به من ثمنها فللواهب دون الموهوب قال التونسي إذا باع النقض وكان قائماً فاحسن الاقوال انه لا شفعة إلا بان ينقض بيع النقض وياخذه إذ هو قادر على ذلك وليس له اخذ العرصة بما ينوبها من الثمن مع وجود النقض فان رضي المشتري بذلك قيل لا يجوز لأنه اخذ العرصة بثمن مجهول لما كان قادراً على اخذ النقض فان عرف ما ينوب النقض من الثمن وما ينوب العرصة قيل لا يلزم ذلك البائع للنقض لأنه إنما رضي ببيع يرخص لبقاء الأصل فإذا اخذ فلا ترضي بثمن النقض فالقول له فان رضي البائع للنقض بذلك قيل ذلك جائز وهو بين لأنه كمن راضاه على اخذ بعض ما له من الشفعة ويسلم بعضها فإما لو أجاز المستحق بيع نصيبه من النقض في نصيبه الذي استحقه واخذ النصف الآخر مع نصف العرصة بالشفعة دون الأنقاض يخير المشتري في النصف لمستحق من النقض فان قيل لم جعلتم له الخيار وهو لو استحق عليه نصف النقض لم يكن له خيار قلنا لان المستحق هاهنا لنصف النقض قادر على إجازة جملة المستحق والماخوذ بالشفعة إذا اخذ فليس له اخذ النقض كمن اشترى جملة سلعة بالصفة ليس له إمضاء بعضها دون البعض إلا قول لأصبغ فان فات النقض في يد المشتري فله نصف ثمنه في النصف المستحق ويفض الثمن على قيمة القاعة يوم البيع وعلى النقض منقوضاً ويحط من ذلك ما قابل النقض في نصف الشفعة ويأخذ بالقاعة ما ينوبها وجعلت ذلك كسلعة جمعت مع النقض فتمضى بما ينوبها من الثمن قال محمد إنما يحسب الأقل مما اخذ من ثمن النقض او ما ينوب ذلك من الثمن وفيه نظر لأنه جعل المشتري إذا باع النقض باقل مما ينوبه من الثمن منقوضاً كما إذا نقض عنده فلما لم يحاسب بها إذا هلكت وكذلك إذا اخذ فيها من الثمن مثل نصف قيمتها قبل وكان يجب إن باعه باكثر مما ينوبه من الثمن أن يحط ذلك عن الشفيع أيضا لأنه إذا لم يخسر لم يربح وانما ضمنه بن القاسم بقدر ما ينوبه من النقض لأنه لو وهب النقض عنده فانتفع به الموهوب وافاته فض الثمن ولم يكن ذلك مثل هلاكها عنده لان هلاكها عند الموهوب بامر من الله تعالى و رأى أشهب أن ثمن الأنقاض يؤخذ بالشفعة لما كانت في حكم المبيع وانها لو هلكت بامر من الله تعالى لاخذ الشفيع الثمن وكذلك لو بناها بنقضها لكان عليه في النصف المستشفع قيمة البناء قائماً وحط عنه قدر ما ينوب النقض من العرصة يوم البيع واما في النصف المستحق فله قيمة البناء قائماً وعليه نصف قيمة النقض يوم بنائه لان ذلك اليوم افاته واذا هدم الدار فبناها بنقضها فجاء مستحق لنصفها اخذ منه نصف قيمة النقض المستحق يوم بنائه وقيل له ادفع قيمة نصف البناء قائماً فان امتنع قيل للمشتري ادفع إليه قيمة القاعة فان فعل فاراد أن يأخذ النصف الثاني بالشفعة فض الثمن على قيمة النقض منقوضاً وقيمة العرصة يوم البيع يأخذ بذلك وبقيمة نصف البناء قائماً على مذهب من رأى انه إذا باع فإنه يستشفع ولا تسقط شفعته واما من قال إذا باع الشقص الذي يستشفع بعد وجوب الشفعة سقطت شفعته له هاهنا واذا جنى على الدار رجل فهدمها ثم لم يؤخذ وجاء الشفيع فما قابل نصفه من ذلك اتبع به الهادم وما قابل النصف المستشفع فذكر في كتاب محمد أن الشفيع إذا اخذ فض الثمن على قيمة النقض منقوضاً وعلى قيمة العرصة فياخذ ذلك الشفيع بما ينوبه من ذلك ويتبع به المشتري الهادم بقيمة ذلك فإنها كالبيع سواء ولا يشبه ذلك بالبيع لان البائع إنما باع مهدوماً وما احدث هو من الهدم لا يضمنه فلم يحسب عليه فالجاني هاهنا متعد في الهدم وهو يتبع بما هدم قائماً فكيف يربح المشتري و أما محمد فجعل الشفيع يأخذ بجميع الثمن إذا لم يقدر على الأخذ من الهادم وهو أبين لأنه إذا لم يقدر على الأخذ منه لم ينتفع المشتري بشيء فاشبه الهدم من السماء والبناء يفيت البيع الفاسد فان فات النقض عند المشتري اخذ الشفيع بالقيمة فان لم يعلم واخذه بالبيع الفاسد رد ذلك إلا أن يفوت عند الشفيع ويكون عليه الأقل من قيمته يوم قبضه هو او القيمة التي وجبت على المشتري لأنه لا يقدر على رده لفواته عنده فان قال فاني لا آخذ بالشفعة رد قيمة ما قبض وان اخذ بالشفعة اخذ بمثل القيمة التي وجبت على المشتري ولو كان اخذ الشقص بالشفعة قبل فواته لرد إن لم يفت عنده فان فات عنده فعليه الأقل كما تقدم فان كان الأول اشترى بمائة على أن اسلف عشرة واخذه الشفيع بمائه فله رده واذا رده انفسخ الأول وكذلك إن اشترى سلعة بمائه على أن اسلف عشرة الشفيع وقال اشتريتها بمائة فباعها على ذلك فان رضي المشتري بالمائة أخذها وإلا ردها فان فاتت فعليه قيمتها ما لم تزد على المائة او تنقص عن التسعين وقيل تقوم العشرة السلف فان كان قيمتها خمسة كان ثمنها خمسة وتسعين فلا ينقض من ذلك ولا يزاد على المائة وهذا البيع الثاني ليس ببيع فاسد بل بيع تدليس كالكذب في المرابحة وتقويم السلف اوجه لأنه متى لم يقوم السلف وكانت قيمتها تسعين اضر ذلك بالمشتري لأنه يقول أخرجت مائة وانما دفع الي عشرة لاردها فانا لي فيها الانتفاع فهو الذي يحط من المائة واذا تمسك بها المشتري كان ذلك فوتاً للبيع الفاسد لصحة العقد الثاني كمن اشترى شراء فاسداً فباع ودلس بعيب فرضي المشتري بالعيب واذا اشترى شقصاً بعبد فاخذ الشفيع بقيمة العبد ثم استحق رجع بائع الشقص على مشتريه بقيمة شقصه فكان ثمن شقصه ستين فلا تراجع بينهم عند ابن القاسم لان اخذ الشفيع تفويت وقد مضى الحكم بأخذه بالقيمة وكذلك لو كان قيمة الشقص اربعين وقال عبد الملك إن كانت قيمة الشقص ستين فالاخذ مخير إن شاء ادى عشرة تمام قيمة الشقص او يرد الشقص فيرجع إلى بائعه وإن كانت قيمته اربعين استرجع عشرة لأنه قد كشف الغيب أن قيمته هو ثمنه فيه و أما حنطة بعينها فاستحقت قبل اخذ الشفيع انتقض البيع ولا شفعة وهو الاشهر وفي كتاب محمد يؤتى بمثل الطعام وفي المدونة لم يرد وغرم مثل طعامه وقال محمد يغرم مشتري الشقص وأول بعض الناس أن الشفيع هو الذي يغرم مثل الطعام فان بايع الشقص بمثل الطعام بخلاف استحقاق الطعام قبل اخذ الشفيع وكانه يرى انه لما فات بالاخذ وكان لا بد من اتمام البيع فيه كان غرم مثل الطعام اهون غرم قيمته وفي هذا نظر لان الطعام لا يخلو أن يكون لا يراد بعينه فيشبه الذهب فيؤتى بمثله قبل اخذ الشفيع او بعده وفي النوادر لو تصرف المبتاع في رقيق الحائط ووهبهم فهو كالبيع يأخذ الحائط بحصته من الثمن وأما في الموت إما أن يأخذ بجميع الثمن او يدع قاله ابن القاسم قال أشهب ولو اشترى أشقاصاً فانهدم بعضها فلا يأخذ إلا الجميع بجميع الثمن او يترك انهدم او هدمه المشتري ولو باع المبتاع حصته من رقيق الحائط وآلته ليس للشفيع تسليم بيع الرقيق وآلاته واخذ الشقص من الحائط لأنه بيع بثمن مجهول إلا أن يفوت ذلك الرقيق وكذلك النقض مع العرصة ولو باع المبتاع الشقص باقل من ثمنه فقال الشفيع أسلم بيع النقض وآخذه من مبتاعه بالشفعة امتنع لان تسليم بيع النقض يصيره شريكاً لمبتاع النقض في نقض مفرد ولا شفعة في النقض المفرد قال ابن عبدوس وغيره إذا اشترى نصيبك من ثمرة فلم يات الشفيع حتى فاتت فلا شفعة وباع منها يسيراً بخمسة دراهم او نحوها فالشفيع أحق بما ادرك منها وفي الجواهر لا يحط الشفيع لاجل هدم شيئاً وكذلك لو سكن حتى تهدم البناء تمهيد تتصور هذه المسالة وان كان التصرف بغير علم الشفيع غصباً وانما يبنى ويغرس بعد القسم وحينئذ لا شفعة وقد صورها في صور وقعت فيها القسمة بعد الشراء من غير إسقاط شفعه منها أن يكون الشفيع غائباً فيطلب المشتري القسمة فيقاسمه القاضي على الغائب او يكون المشتري كذب في الثمن فترك الاستشفاع ثم تبين له فطلب او يكون أحد الشريكين غائباً ووكل في مقاسمة شريكه ولم يأخذ بالشفعة او يكون الشفيع غائباً وله وكيل حاضر على التصرف فباع الشريك فلم ير الوكيل الأخذ وقاسم او يقول استوهبته لغير ثواب ثم تبين خلافه
فرع
في الكتاب إن زرع المشتري الأرض أخذها الشفيع والزرع للزارع ويؤدي قيمة الشجر والنخل قائماً مع ثمن الأرض وإلا فلا شفعة له نفياً للضرر ولانه غرس بشبهة ولا كراء للمستحق في الزرع إلا أن يكون في إبان الزراعة فله كراء المثل وإن استحق نصف الأرض وأشفع فله كراء ما استحق إن قام في الابان لبقاء المنفعة ولا كراء له فيما أشفع وإن ابتاع أرضاً بزرعها الأخضر فاستحق رجل نصف الأرض واشفع بطل البيع في النصف المستحق وفي نصف الأرض لانفراده بغير ارض ويرد البائع نصف الثمن وله نصف الزرع وان اخذ الشفيع نصف الأرض لم يشفع في نصف الزرع وان لم يأخذ خير المبتاع بين رد ما بقي بيده واخذ الثمن لذهاب ما له بال من الصفقة وبين التمسك بنصف الأرض ونصف الزرع ويرجع بنصف الثمن لأنه حقه في التنبيهات قوله إذا اشترى أرضاً بزرعها أخضر إلى قوله ولا يشفع في نصف الزرع هو في اكثر النسخ قال الاصيلي ولم يقراها استحق وهو قوله ويرد الزرع كله إلى بائعه ونظر قيمة الزرع من قيمة الأرض فان كان ربع قيمة الثمن فللمستحق اخذ نصف الأرض بالشفعة بربع الثمن ونصف الربع لان الزرع إذا بيعت الأرض لا يتبعها إلا أن يشترط فهو غير الأرض وكذلك قسمت القيمة بين الأرض والزرع ألا ترى لو بيعت الأرض بزرعها صغيراً فاستحقت كلها من غير شفعة فالزرع كله للبائع والثمن كله للمشتري وفي كتاب محمد يرجع الزرع كله للبائع وهو غلط والصواب تمسك المشتري بنصف الزرع المقابل لنصف الشفعة لأنه لم ينقض فيه البيع لان الأخذ بالشفعة بيع جديد وعليه حملوا مذهب المدونة وسحنون يرى أن استحقاق الأرض وفسخ البيع في المستحق منها ويبقى الزرع لصفقة جمعت حلالاً وحراماً وكرجل باع أرضاً وزرعها الذي لم يبد صلاحه من آخر في صفقة فإنه يفسد كله واستدل شيوخنا من قوله في الكراء للمستحق في الزراعة أن مشتري الشقص إذا اكراه لمدة طويلة ثم استشفع أن الكراء للمكتري إلى مدته ويخير الشفيع بين الرضا بذلك كعيب حدث او يترك الشفعة أفتى به ابن مغيث وغيره من فقهاء طليطلة وأفتى ابن عتاب وغيره من فقهاء قرطبة أن له فسخ الكراء لقوله في الاستحقاق أن للمستحق فسخ الكراء ولابن عتاب أيضاً إن أكرى عالماً بالشفيع فسخ إلا في المدة اليسيرة كالشهر بخلاف الطويلة إلا أن يكون المكتري زرع فحتى يحصد وان لم يعلم لم يفسخ إلا في المدة الطويلة بخلاف سنة ونحوها لقوله في كتاب الجعل في كراء الوصي ارض يتيمه لمدة فتجعل احتلامه قال صاحب النكت إذا استحق نصف الأرض واخذ النصف الآخر بالشفعة للمشتري اخذ الزرع المقابل للنصيب المستشفع به لعدم نقض العقد فيه وعهدته على المشتري وقال محمد يبطل البيع في الزرع كله ويرد للبائع والاول اصوب قال ابن يونس قال محمد لا يأخذ مستشفع الأرض إلا بزرعها ولا النخل إلا بما فيه من الطلع لان الشفعة بيع من البيوع ولا يحل بيع الأرض واستثناء ذلك للبائع وقال أشهب إذا أراد الأخذ أخذها بما فيها من البذر بثمن الشقص وقيمة الزرع على الرجاء والخوف وإلا فلا شفعة له فان برز الزرع من الأرض فلا شفعة فيه وقال محمد بل يأخذها إذا لم يبرز زرعها بالثمن وقيمة ما انفق في البذر والعلاج وان استحق نصف الأرض ونصف الزرع الأخضر فالشفعة فيهما ولا يأخذها بغير زرعها قال أشهب وهو كآلة الحائط ورقيقة ومن قال خلاف ذلك فهو غير صواب ورواه عن مالك ولم يختلف قول ابن القاسم إذا اشترى الأرض بعد بروز الزرع وبعد إبار الثمرة أن الشفعة في الجميع ولم يختلف أيضاً قبل البروز والابان أن ذلك للشفيع ويغرم الثمن والنفقة وان كره المشتري بقية الصفقة لكثرة ما استحق قال ابن القاسم يبدأ بتخيير الشفيع فان لم يشفع خير المشتري و أشهب يبدأ بتخيير المشتري فان تماسك ففيه الشفعة وأنكر ابن عبدوس قول أشهب في الزرع الشفعة كآلة الحائط وقال بقول ابن القاسم لا شفعة في الزرع وفرق بان الزرع ليس مما يقوم الأرض وفي النوادر قال اصبغ لو حفر في الدار بئراً فلم يخرج الماء فسرب سرباً فلم يجد الماء لم يكن على الشفيع في ذلك شيء وانما عليه فيما هو زيادة في الدار قال ابن القاسم واشهب إن اشترى ودياً صغاراً فقام الشفيع وقد صارت بواسق فله الشفعة بالثمن قال محمد وله الثمرة إن لم تتبين وعليه قيمة السقي والعلاج فان استغلها سنين فانما على الشفيع السقي في السنة التي قدم فيها إن لم تيبس ووجبت له شفعته وقال سحنون ليس عليه غرم شيء إلا الثمن لان المنفق انفق على مال نفسه ولا يرجع بشيء مما انفق مما ليس بقائم في النخل نظائر قال العبدي تؤخذ الثمرة في خمس مسائل في الشفعة والمستحق مع الأرض إلى اليبس فإذا يبست فلا يأخذانها وكذلك إذا تولدت بعد الشراء وترد في الفاسد والرد بالعيب ما لم تطب فإذا طابت فللمبتاع وتؤخذ في الفلس مالم تزايل الأصول
فرع
في الكتاب إذا استحق نصف النخل بعد أن ابرها المبتاع وعمل وفيها بلح او ثمرة مزهية لم تيبس اخذ الأصل بثمرته وللمبتاع قيمة سقيه وعلاجه في المستحق واستشفع وان لم يستشفع فذلك عليه فيما استحق فقط فان أبى أن يغرم فليس له اخذه وليرجع إن شاء بالثمن على البائع ويجيز البيع وان اقام بعد يبس الثمرة او جذاذها لم يشفع في الثمرة بل في نصف الأصول بنصف الثمن ولا يحط عنه شيء للثمرة لأنه لم يكن لها يوم البيع حصته من الثمن وقيل إن قام الشفيع وقد ابرت الثمرة واباه مالك قياساً على العارية بجامع الضرر في الدخول واذا ابتاعها مأبورة او مزهية فاشترطها فله نصفها ونصف ثمرتها بالاستحقاق وللمبتاع قيمة ما سقى وعالج على المستحق وله على البائع بقية الثمن وللمستحق الشفعة في النصف الثاني بثمرته ما لم تيبس وعليه قيمة العلاج أيضاً وبعد اليبس لا شفعة له لعدم الضرر ولاستغنائها عن الأصل بل يأخذ الأصل فقط بالشفعة بحصته من الثمن بقيمته من قيمة الثمرة يوم الصفقة لان الثمرة وقع لها حصة ومن ابتاع نخلاً لا ثمر فيها او ثمراً ابر أم لا ففلس وفي النخل ثم حل بيعها فالبائع أحق بالاصل والثمرة ما لم تجذ إلا أن يعطيه الغرماء الثمن بخلاف الشفيع ومن ابتاع أرضا بزرعها الأخضر ثم قام شفيع بعد طيبه فانما له الشفعة في الأرض دون الزرع بحصتها من الثمن بقيمتها من قيمة الزرع على غرره يوم الصفقة لان له حصة من الثمن في الصفقة وليس كنخل بيعت وفيها ثمر لم يؤبر ثم قام الشفيع يوم اليبس لا شيء له في الثمرة ولا ينقص من الثمن لأنها لم يكن لها حصة في العقد ولان النخل إذا بيعت وفيها طلع لم يؤبر فاستثناه البائع امتنع استثناؤه والأرض إذا بيعت بزرع لم يبد صلاحه فهو للبائع فافترقا ولو كانت الثمرة يوم البيع مابورة وقام بعد يبسها لسقط عنه حصتها من الثمن فظهور الزرع من الأرض كإبار الثمرة في هذا وفي أن ذلك للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فيصير له بالاشتراط حصة من الثمن ولم يكن للشفيع في الزرع شفعة لأنه غير ولادة والثمر ولادة فيشفع فيها قبل اليبس في التنبيهات قوله إذا اشترى النخل في رؤسها ثمر ازهى اشفع فيها الشفيع إن ادركها قال وبعضهم فرق بينهما إذا اشتراها مع الأصل فقال يأخذها ما لم تجذ فإذا اشتراها بغير اصل اشفع فيها ما لم تيبس وعلى هذا تأول مذهبه في الكتاب وقال آخرون اختلاف من قوله في الوجهين فمرة يقول في الوجهين حتى تيبس ومرة يقول حتى تجذ وظاهر اختصار ابن أبى زمنين وابن أبى زيد وغيرهم التسوية بين هذه الوجوه و أن الشفعة فيها ما لم تيبس لكن ابن أبى زمنين قال وفي بعض الروايات فان كان بعد يبس الثمرة وجذاذها فنبه على الخلاف في الرواية بما ذكره لا غير فائدة قال صاحب التنبيهات الودي بكسر الدال المهملة وهي الصغار التي تنقل وتغرس باعها وقد ابرت فاكله المشتري الثاني ثم اتى المستحق فاستحق نصف الأصول فان الثمرة هاهنا ينبغي أن تكون للمستحق ولا تكون للاول ولا للثاني لان الأول لم تصر غلة عنده ولان الثاني لم تتكون عنده ولا يصح أن يعطاها بحصتها من الثمن فتصير كبيع لها قبل بدو صلاحها ولا يصح أن يأخذها ويرجع بالثمن فيصير اخذ الثمن والثمرة واذا لم يأخذها أخذها المستحق في المواضع التي يغرم المستحق السقي والعلاج وإن كان البائع من هذا المشتري قد تقدم له سقي وعلاج غرم ذلك لهما جميعاً إذا لم يكن البائع من هذا المشتري غاصباً
فرع
في الكتاب إذا اقر انه اشترى من فلان الغائب لا يأخذ بالشفعة إلا ببينة على الشراء لان الغائب قد ينكر فياخذ داره ويرجع على المشتري بالاجرة إلا أن يقضي قاض باقراره فيبطل حقه في الغلة
فرع
في الكتاب تجوز شهادة النساء في الوكالة على الاموال بخلاف الوكالة على الابدان وتجوز شهادتهن على الأخذ بالشفعة او تسليمها او على انه شفيع او على المبتاع انه اقر أن فلاناً شفيع لان ثمرة هذه الشهادات اموال
فرع
في الكتاب يجوز للشفيع اخذ بيت بما ينوبه من الثمن يصطلحان على ذلك قال ابن يونس يريد انه علم قبل التسليم بما ينوبه من الثمن وإلا فلا يجوز له لأنه شراء بثمن مجهول إلا على مذهب من يجيز جمع سلعتين في البيع
فرع
في الجواهر ليس للشفيع غلة دار او ارض او ثمرة نخل قبل قيامه لان الغلة بالضمان والمشتري ضامن مالك
فرع
قال لو وجد المبتاع بالشقص عيباً فاراد رده على البائع قبل اخذ الشفيع فذلك له وكذلك إن وجد البائع بالعبد الذي عو عوض الشقص عيباً فأما بعد أخذه فلا ليلاً تبطل صفقتهم ثم هل الأخذ بقيمة العبد او الشقص قولان الأول لابن القاسم والثاني لعبد الملك وسحنون شبهه ابن القاسم بما إذا كان قائماً بيد مشتريه ولم يرده لان ذلك الأخذ بيع حادث وراى عبد الملك القيمة صارت ثمناً وهي التي قرر المشتري وعلى قول عبد الملك لو كانت قيمة الشقص اكثر من قيمة العبد خير الشفيع بين الأخذ بذلك والرد كما لو استشفع على ثمن ثم تبين أن الثمن اكثر منه ولو وجد المشتري بالشقص عيباً بعد اخذ الشفيع لم يكن له آرش الانتقال بالثمن فان رد الشفيع عليه رد هو على البائع ولو اطلع على عيب قبل اخذ الشفيع وقد حدث عنده عيب يمنع الرد فأخذ أرشه فذلك الارش يحط عن الشفيع
فرع
قال إذا استحق بعد اخذ الشفيع فهو فوت ويمضى البيع والشفعة ولبائع الشقص على مبتاعه قيمته اكثر من الثمن او اقل ثم لا تراجع بينه وبين الشفيع وقال سحنون إن غرم اقل رجع عليه بما بقي او اكثر خير الشفيع بين غرم الزائد او رد الشقص وان كان الثمن مكيلاً او موزوناً واستحق بعد اخذ الشفيع رجع البائع بمثل ذلك وقال سحنون يرجع بقيمته لفواته وان خرج ثمن الشفيع مستحقاً لزمه الابدال ولم يبطل ملكه وكذلك الزيوف
فرع
قال إذا ساوى الشريكان بمجلس الحاكم وزعم كل واحد أن شراء الآخر متأخر وانه الشفيع صدق كل واحد منهما في عصمة ملكه عن الشفعه فان تحالفا او تناكلا تساقط القولان وان حلف أحدهما ونكل الآخر اخذ الحالف بالشفعة
فرع
في النوادر قال سحنون إذا ظهر للحاكم في ثمن الشقص المجاوزة إلا ما لا يشبه وغلب على الظن انه حيلة لقطع الشفعة رده إلى ما يشبه فان ادعى الشفيع علم الثمن قضى له به مع يمينه إلا أن ياتي باقل من قيمة الشقص وعن مالك يصدق المبتاع فيما يشبه بغير يمين وفيما لا يشبه مع اليمين إلا أن تكون مجاوزة سلطان او نحوه فيصدق فيما لا يشبه بلا يمين ولو اتى المبتاع ببينة فقالت شهدنا على اقرارهما رد إلى القيمة في السرف وان قالت على معاينة النقد صدقت وخير الشفيع في الأخذ بذلك وقال مطرف يصدق المشتري في السرف من الثمن
فرع
قال إذا أوصى ببيع ما يسوى ثلاثين من رجل بعشرة ولا مال له غيره ثم مات ولم تجز الورثة قيل للمبتاع إن زدت عشرة أجزاء الشقص فان فعل اخذ الشفيع بعشرين وان أبى قطعوا له ثلث الشقص ولا شفعة قال ابن القاسم وإنما اعطاه للشفيع بعشرين وقد حوبي المشتري بعشرة كما لو اشتراه بعشرين فهو للشفيع بعشرين وكذلك لو باعه في مرض وحابى المحاباة في الثلث ويأخذ الشفيع بذلك الثمن وكذلك في الصحة إلا أن يبقي ما لا يمكن أن يكون ثمناً لقلته فتبطل الشفعة لأنه هبة
فرع
قال قال ابن القاسم إذا قال البائع بعد البيع استرخصت فزدني فزاده فلا يلزم ذلك الشفيع بخروجه عن الثمن وقاله أشهب وقال وللمبتاع الرجوع على البائع بالزيادة بعد حلفه ما زاد إلا فراراً من الشفعة وإلا فلا رجوع وقال محمد يأخذ الشفيع بالزيادة والتنقيص ولا يتهم المبتاع أن يزيد إلا بصلاح البيع
فرع
قال إذا عقد بدنانير فاعطي عرضاً او العكس اخذ الشفيع بما حصل للبائع قاله عبد الملك لأنه الذي تحقق ثمناً وقال محمد الاحسن الأخذ بما عقد عليه لان الانتقال صفقة ثانية وقيل بما وقع عليه اصل الشراء او قيمته إن كان عرضاً قال ابن عبد الحكم إلا أن يدفع ذهباً عن ورق او وورقاً عن ذهب فيما وقع كالمرابحة وقال أشهب إن دفع ورقاً او طعاماً عن ذهب اخذ باقل ذلك قال محمد وهو احب الينا قال سحنون إذا اخذ عرضاً عن دنانير بقيمة العرض وقال غيره بالاقل منهما
الباب الثالث في مسقطات الشفعة
وفي الجواهر لسقوطها ثلاث اسباب الأول الترك بصريح القول الثاني ما يدل عليه كالمقاسمة والسكوت مع رؤية المشتري يهدم ويبني ويغرس وقيل لا يسقطها ذلك
فرع
في الكتاب لا تسقط السنة الشفعة وان كان عالماً بالشراء وشهد فيه بل يحلف ما تاخر تركاً فان جاوز السنة بما يعد به تاركاً فلا شفعة وقال ش غير العالم بالبيع حقه أبداً كالرد بالعيب إذا لم يعلم به والعالم على الفور وأخره ح إلى انقضاء المجلس فقط لنا قوله الشفعة فيما لم يقسم ولم يعين وقتاً ولأنه حق له فلا يتعين معجلاً كسائر الحقوق من الديون وغيرها ولان المشتري إن تضرر رفع للحاكم ولان في حصرها في الفور ضرراً على الشفيع بان يكون معسراً ولانه قد لا يعلم إلا بعدها المشتري فلا يجد قيمة بنائه فينتظر حتى يتيسر له ذلك احتجوا بقوله الشفعة كشنطة عقال فان أخذها مكانها وإلا بطلت ولان عدم الفورية يضر بالمشري فلا يعمر ملكه ولا يتصرف فيه ولا سكوته مع اطلاعه رضا فيبطل حقه والجواب عن الأول انه مطلق في الأحوال فيحمل على ما إذا وقفه الحاكم واذا عمل بالمطلق في صورة سقط الاستدلال به فيما عداها والجواب عن الثاني أن الضرر مدفوع بالرفع للحاكم والجواب عن الثالث يتروى في الأخذ او يحصل الثمن فلا يسقط حقه بغير سبب ظاهر نظائر قال أبو عمران مسائل السنة أربعة عشر مسالة الشفعة على رأي أشهب وابن القاسم يزيد الشهر والشهرين واللقطة والعبد الآبق يحبس سنة ثم يباع والمجنون تستم له سنة والعنين لتمضي عليه الفصول الاربعة والعهدة للجراح والجنون والبرص وعدة المستحاضة والمرتابة والمريضة واليتيمة تمكث سنة في بيتها قبل اختبارها لزوال الحجر والجرح لا يحكم فيه إلا بعد سنة من يوم البرء ولتمضي عليه الفصول ويامن الإنتقاض والسراية للنفس وشاهد الطلاق إذا أبى أن يحلف يحبس سنة والهبة تصح بحيازة السنة ولا تبطل إذا عادت ليد الواهب بخلاف الرهن والموصى بعتقه امتنع اهله من بيعه ينتظر سنة فان باعوه عتق بالوصية
فرع
في الكتاب إذا كانت الدار بغير البلد فهو كالحاضر مع الدار فيما تنقطع به الشفعة ولا حجة له إلا بنقد حتى يقبضها لجواز النقد في الربع في الغائب والغائب على شفعته وان طالت غيبته وهو عالم بالشراء وان لم يعلم فاولى ولو كان حاضراً وسافر بحدثان الشراء سنين كثيرة سفراً يعلم منه عدم الأوبة إلا بعد مدة الشفعة للحاضر فلا شفعة له بعدها والآن فإن عاقه عذر حلف ما تركها واخذها لان الأصل بقاء حقه واكتراؤك الشقص ومساومتك اياه للشراء ومساقيك للنخل تقطع شفعتك لأنه ظاهر حالك قال صاحب التنبيهات روى ابن القاسم السنة تقطعها فيحتمل مخالفته لروايته في المدونة وموافقته لرواية أشهب لان السنة حد في الاحكام كما قال او موافقته للمدونة أي السنة وما قاربها كما قال في الرضاع والزكاة ونحوهما قال في الوثائق نحو الشهرين بعد السنة وقال الصدفي ثلاثة اشهر وقال اصبغ ثلاث سنين وعن مالك في اكثر من خمس سنين لأراه طولاً وعن عبد الملك عشر سنين وعنه أيضا اربعين سنة كانها من باب الحيازة التي حدها عشر واربعون سنة بين الاشراك وعن مالك لا تنقطع حتى يوقف او يصرح بالترك وقال ابن وهب متى علم وترك فلا شفعة قال ابن يونس قوله إذا تباعد يحلف عنه في تسعة اشهر او خمسة ولا يحلف في شهرين وان كتب شهادته في الشراء ثم قام بعد عشرة ايام فيحلف ما كان ذلك تركاً لها ويأخذ وقيل تبطل بمجاوزة السنة بالقريب إلا أن يقول أنا على شفعتي ويشهد على البائع بذلك فله الشفعة إلا أن يوقفه الامام فلا يأخذ ويشهد عليه فلا ينفعه وعن مالك لا يقطعها عن الحاضر طول إلا أن يوقفه الامام او يتركها طوعاً او ياتي من طول الزمان ما يدل على الترك او يحدث المبتاع بناء او غرساً او هدماً وهو حاضر فتسقط إلا أن يقوم بقرب ذلك وعن مالك الخمس سنين ليست طولاً ما لم يحدث المشتري تغييراً وهو حاضر وعن أشهب إذا احدث المبتاع هدماً او مرمة انقطعت قبل السنة وإلا فسنة قال ابن عبد الحكم إذا لم يعلم بالبيع وهو بالبلد صدق ولو بعد اربع سنين وان غاب المبتاع بعد الشراء او اشتراها في غيبته او اشتراها وكيله لم تبطل وان طالت غيبته لقوله ينتظر وان كان غائباً وكذلك إن كان وكيله يهدم ويبني بحضرة الشفيع ما لم يكن موكلاً يدفع الشفعة عنه ببينة عادلة حاضرة علم بها الشفيع فينقطع العذر حينئذ ولو أراد الأخذ والمبتاع غائب ولا وكيل له فله ويؤكل الامام من يقبض الثمن للغائب ويمكنه من هذا ولا تبطل شفعته إذا أخر الطلب لصعوبة الرفع للحاكم على كثير من الناس قال محمد فان أخذها في غيبته فلا تكتب العهدة على وكيله بل على الغائب لأنه الأصل ويدفع الثمن لوكيل الشراء إن وكله عالماً بان لها شفيعاً وإلا فلا يدفع له الثمن لعدم توكيله على القبض بل للحاكم وانما لا تكتب على الوكيل إذا ثبت أن الدار للغائب لو يثبت قبل عقد البيع انه يشتري لفلان فأما على اقراره فلا للتهمة في نقل العهدة عنه بل تكتب عليه فان قدم الغائب فاقر خير الشفيع في نقلها على الموكل ثم لا يرجع على الوكيل في استحقاق ولا غيره لأنه أبرأه وبين ابقائها على الوكيل ويتبع في الاستحقاق أيهما شاء مؤاخذة للموكل بالاقرار فان غرم الوكيل رجع على الموكل لاقراره وقال أشهب لا يضر الشفيع كراء الشقص من المبتاع ولا مساومته ولا مساقاته لانه يقول فعلت ذلك كما يفعله غيري بحضرتي وساومته لأعلم الثمن وكذلك لو حضر وهو يباع في المزايدة فزايد ثم بيع بحضرته قال أشهب ولو قاسم المشتري الشفيع بطلت شفعته قال صاحب الخصال الغائب على شفعته حتى يقدم او يطلب المشتري أن يكتب له القاضي إلى قاضي موضع الغائب بما يثبت له عنده من ابتياعه فيوقفه عليه القاضي فيوقف القاضي ذلك الغائب إما يأخذ او يترك وقيل لا يكتب السلطان في ذلك بل إن احب المشتري أن يشخص فيرفعه فيأخذ او يترك وليس لغيبته القاطعة عند مالك بل يجتهد فيها الحاكم فقد لا ينهض الضعيف على البريد
فرع
قال والصغير على شفعته حتى يبلغ ويملك أمره وحتى تنكح البكر ويدخل بها زوجها او تملك امر نفسها إلا أن يكون لها وصي نظائر قال اللخمي يسقطها سبعة إسقاطه بالقول والمقاسمة إتفاقاً ومضي طول الزمان يدل على اعراضه والرابع احداث المشتري البناء والغرس والهدم والخامس خروجه عن اليد بالبيع والهبة والصدقة والسادس مساومته او مساقاته أو كراؤه والسابع بيع الشقص الذي يستشفع به والخمسة الخلاف فيها وان لم يعلم بالهبة او الصدقة ردها والثمن للمشتري إن لم يعلم للشفيع وان علم بالموهوب عند ابن القاسم لان علمه رضا بذلك وكانه وهب الثمن وقال أشهب للمشتري لان الأصل بقاء ملكه عليه والخلاف في الكراء والمساقاة إنما هو في اقل من سنة أما السنة فاكثر فيبطلها ولو اكترى وساقى غير الشفيع فله رد ذلك وعلى القول بان بيع حصته التي هي سبب شركته وشفعته تسقط إذا باع بعضها فهل يسقط من الشفعة بقدر ذلك قال وعدم السقوط أولى لاستواء الجزء القليل والكثير في الشفعة وعن ابن القاسم للشفيع الغائب إبطال قسمة المشتري من البائع والاخذ بالشفعة ولو قسم الحاكم لتقدم حقه على القسم وقال سحنون لا يرد وياخذه مقسوماً كما لو بيع واذا دخل على أن له شفيعاً ليس له طلب القسم وكذلك إذا كان معه شريك سوى الغائب لأنه يدعو للقسم بل لشركائه ذلك ويجمع نصيب الغائب مع نصيب المشتري ويبقى على حقه في الشفعة إذا قدر فإذا جهل القاسم قسم نصيبه للغائب فللغائب رد القسم لان من حقه أن يجمع نصيبه مع ما يأخذه بالشفعة وقال ش للشفيع رد وقف المشتري وتصرفاته إلا تصرفاً يستحق به الشفعة نحو البيع والاصداق في النكاح ويخير الشفيع في العقود فيأخذ بايها احب قال وله فسخ إقالة المشتري ورده بالغيب لتقدم حقه قال واذا قاسم وكيل الشفيع الغائب فبنى المشتري وغرس فللشفيع قلع ذلك وأخذه بالقيمة وكذلك إذا قاسمه الشفيع لاجل انه اظهر من الثمن اكثر مما في العقد وقال ح يجبره على القلع وقلنا نحن و ش و احمد لا يجبره على القلع والهدم لنا قوله ليس لعرق ظالم حق مفهومه إذا لم يكن ظالماً له الحق والمشتري ليس بظالم ولان له أن يبيع ويهب فله البناء والغرس احتج بالقياس على البناء في الرهن من جهة الراهن وقياساً على الأرض المستحقة بجامع تقدم الحق على حقه وبالقياس على من باع وفعل ذلك قبل التسليم والجواب عن الأول أن الراهن ممنوع من التصرف في الرهن بخلاف الشفيع والجواب عن الثاني أن الغيب انكشف عن عدم الملك بخلاف الشفعة والجواب عن الثالث انه بنى في ملك غيره بخلاف الشفيع وقال ش إذا باع نصيبه الذي يستشفع به لا شفعة
فرع
في الكتاب إذا سلم ثم ظهر قلة الثمن له الأخذ وقال ش و ح ويحلف ما سلم إلا لكثرة الثمن وان قيل ابتاع نصف النصيب فسلم ثم ظهر انه الجميع فله الأخذ لأنه قد رغب في الجميع دون بعضه وان قيل له المشتري فلان ثم ظهر انه مع غيره له اخذ حصتهما لأنه قد يريده مستقلاً لا شريكاً قال ابن يونس لا يمين عليه عند أشهب في كثرة الثمن لظهور سبب التسليم فان قيل له الثمن قمح ثم ظهر انه دراهم او دنانير له الأخذ وان كانت الدنانير اكثر من ثمن القمح لعذره في نزل القمح بسبب الكيل والحمل ويحلف ما كان اسلامه إلا لذلك واما اخذه بالقمح ثم يطلع على الدنانير فلا رد له لانتقاء العذر قال محمد إلا أن تكون الدنانير اكثر من ثمن القمح بامر بين ولو سلم في الدنانير انه قمح لزمه التسليم إلا أن يكون القمح اقل ثمناً ولو كان اخذ أولا لم تلزمه إلا أن يشاء ولو سلم في القمح ثم ظهر عدساً او تمراً او ما يكال وقيمة الأول اكثر فله الأخذ لعذر الكثرة ولو سلم في المكيل ثم علم انه موزون له الأخذ لان الوزن اخف ويحلف ولو قيل جارية قيمتها كذا وصفتها كذا او بعرض كذلك فسلم او اخذ ثم ظهر انه دنانير لزمه التسليم والاخذ لأنه يؤدي القيمة ما لم تكن قيمة ذلك اكثر وكذلك لو سمى دنانير فاخذ وتبين انه عرض او حيوان لزم الأخذ ويدفع قيمة ذلك ما لم تكن القيمة اكثر وان سلمته لزم ما لم تكن القيمة اقل ولو قيل بجارية او عرض ولم يصفه فسلمت فظهر دنانير لزمك لان التسليم مع جهل الثمن لازم قال ابن القاسم إلا أن يذكر ما لا يكون مثله ثمناً لما سمى من الجارية او العرض لقلته فلك الأخذ للتهمة ولو قيل بمائة دينار او مائة درهم ولم يذكر وزنها لزمك الأخذ او الترك لشهرة ذلك وان سمى قمحاً بمكيلة ولم يوصف فهو خفيف فان اخذ لزم إن كان بالوسط منه او دونه وان كان باعلاه من الوسط خير بين الأخذ والترك ولو قال المشتري أده الوسط لم يلزمك لما فيه من المنة وكذلك ولو قيل مائة فاخذت ثم ظهر مائة وخمسون فاسقط الخمسين ولا يجوز الأخذ إذا قال بجارية ولم يصف او وصف ولم يعرف القيمة وينقض إن فعل لأنه شراء مجهول ولا يقر بعد المعرفة لفساد الأصل في الأخذ وفي كتب محمد لا يضر الجهل بالقيمة إذا عرفاه واما إذا كانت الشفعة إنما تجب بقيمة الشقص فلا يلزم الأخذ إلا بعد معرفة القيمة وقال محمد في مسألة الكتاب إذا قيل لك ابتاع فلان نصف نصيب شريكك له فسلمت ثم ظهر شراؤه للجميع فلك القيام ولا يلزمك تسليم النصف الذي سلمت أولا لانك تقول تركت لبقاء شركته فلا يندفع ضرره أما الآن فاندفع وقال محمد بل يلزمك سلام النصف نظراً لتسليمك ولو اخذت أولا النصف ثم ظهر الجميع اخذت باقيه فان امتنعت خير المشتري في اخذ النصف او ترك الجميع نفياً لضرر تفريق الصفقة وقال أشهب فيما إذا ظهر أن المشتري اثنان بعد أن سلم بالواحد يلزمك التسليم وتكون تلك الحصة بين المشتريين لانهما شريكان في الشراء وعهدتك عليهما قال محمد واذا كانا متفاوضين فليس لك إلا الأخذ منهما او التسليم لهما ولو سميا لك قال أشهب ولك الأخذ من أحدها فقط قال محمد وهذا إذا لم يكونا متفاوضين قال محمد فلو سمي لك زيد فظهر عمرو لك الأخذ بعد التسليم دون التسليم بعد الأخذ لان التسليم قد يكون لصداقة في الأول فان لم يسم لك أحد فسلمت ثم تبين فلك الأخذ لان تسليمك لم يكن لصفة قال اللخمي اختلف في الأخذ قبل معرفة الثمن فظاهر الكتاب جوازه لقوله إذا اشهد وقبل معرفة الثمن بالاخذ ثم قال قد بدا لي له الأخذ إن احب فخيره في التمسك والفاسد لا يخيره فيه وفي كتاب محمد فاسد ويجبر على الرد وفي اشتراط معرفة قيمة ما اشترى به قولان ومثله الشفعة بقيمة الشقص المشفوع به فان كان صداقاً او في خلع او دم فعلى القولين واستحسن أيضا ذلك في كل ما لا تتباين فيه قيمة القسم وتنقص فيما لا يعلم بفواتها واستحق في الطعام يسمى كيله دون وصفه ويلزم التسليم والاخذ قبل معرفة المشتري قال محمد وان كان عدواً او شريراً او مضاراً قال والصواب له الرجوع إذا تبين انه على أحد هذه الحالات ومن يرى انه لو علم لم يسلم له وليس كذلك إذا اخذ ثم تبين انه على ذلك لان رغبته في الثاني أولى وان لا يكون شريكاً له وقال ش إذا قال المشتري في الثمن آخذ النقدين فسلم فتبين انه النقد الآخر له الأخذ لتفاوت الاغراض وكذلك إذا تبين انه مؤجل قال ح إذا سلم لتعذر الجنس الذي بلغه
فرع
في الكتاب إذا اشهد بالاخذ لزمه إن عرف الثمن والاخذ لأنه قد يظهر ما يرغبه او ينفره ومتى سلم بعد البيع فلا قيام له لاسقاطه حقه ولو قال المشتري اشتر فقد اسقطت شفعتي فلا تسقط وقاله ش قال ابن يونس قال أشهب إذا لم يعرف الثمن إلا بعد الأخذ فسخ لأنه شراء مجهول وتسليم الشفعة بعد الشراء لازم وان جهل الثمن إلا إن تبيين ما لا يكون ثمناً لذلك قال محمد واذا سلم الشفيع بعد الشراء في عقد خيار في ايام الخيار بعوض او بغير عوض لم يلزم ولو انقضى اجل الخيار لم يجز الرضا بما تقدم لان الشفعة بيع يحله ما يحل البيع ويحرمه ما يحرمه فان فسخا ذلك بقاض او بغيره استأنفا ما احبا قاعدة متى كان للحكم سبب وشرط فأخر عن سببه وشرطه صح اجماعاً او قدم عليهما بطل اجماعاً او توسط بعد السبب فقولان للعلماء كالزكاة سببها النصاب وشرطها الحول فتقديمها عليهما لا يجزيء اجماعاً وبعدهما تجزي اجماعاً وبعد ملكه النصاب وقبل الحول قولان وكفارة اليمين سببها اليمين وشرطها الحنث فقبلهما لا تجزيء اجماعاً وبعدهما تجزيء اجماعاً وبعد اليمين وقبل الحنث خلاف والقصاص في النفس سببه الجراحة وشرطه الزهوق فالعفو قبلهما لا ينفذ اجماعاً وبعدهما ينفذ اجماعاً من الأولياء وبعد الجراحة وقبل الزهوق لم يقع الخلاف كما وقع في نظائره بل ينفذ اتفاقاً فيما علمته لان ما عدا هذه الصورة المكلفة متمكن من استدراك وجوه البر لبقاء الحياة وهاهنا لو لم يمكنه الشرع من تحصيل قربة العفو عن دمه لتعذر عليه بموته وأذن الورثة لموروثهم قبل مرضه المخوف لا يعتبر لأنه سبب زهوق الروح الذي هو شرط في الإرث وبعد الزهوق وينفذ تصرفهم في التركة اتفاقاً وبينهما لا اعلم أيضا فيه خلافاً ولعله لتحصيل مصلحة الموروث قبل الفوت بالموت وهو أولى بما له ما دام حياً ومنه إسقاط الشفعة قبل عقد البيع لا ينفذ لأنه السبب وبعد العقد والاخذ ينفذ وكذلك بعد العقد وقبل الأخذ فهذه قاعدة شريفة يتخرج عليها فروع كثير في ابواب الفقه وبها يظهر فساد قياس الزكاة على الصلاة في امتناع التقديم على الوقت لان اوقات الصلوات أسباب والتقديم على الزوال مثلا تقديم على السبب واما تقديم الزكاة على الحول فبعد السبب وقبل الشرط فليس الموضوعان سواء نظائر قال أبو عمران ست مسائل لا يعتبر فيها إسقاط الحق الشفعة قبل الشراء والميراث قبل الموت واذن الوارث في الصحة باكثر من الثلث واذن الوارث إذا كان من العيال في مرض الموصي والمراة تسقط حقها من ايامها لصاحبتها قبل مجيئها والامة تختار نفسها قبل العتق والمرأة تسقط شروطها قبل الزواج وقيل لا شيء لها وقيل لها الرجوع في القرب
تفريع
قال يجري في التسليم قبل الشراء قول قياساً على من قال إن اشتريت عبد فلان فهو حر وان تزوجت فلانة فهي طالق لأنه تصرف قبل الملك وقال فيمن جعل لإمرأته إن تزوج عليها فأسقطته قبل الزواج لزمها ذلك وهو في الشفعة أولى لأنه ادخل المشتري في المشترى كما لو قال اشتروا الثمن علي فإنه يلزمه الثمن لأنه ادخله في الشراء عند مالك وابن القاسم وان تركها قبل الشراء بعوض امتنع للجهل بما يقابل العوض هل يحصل أم لا فان قال إن اشتريت فقد سلمت لك بدينار وان لم يبع صح لعدم الغرر ولو شرط النقد امتنع لأنه سلف تارة وثمن تارة ولو سلم لغير المشتري بعد الشراء بعوض أم لا امتنع لأنه لم يأخذ فيبيع ولان الشفعة لا تكون للبيع ولو أراد المشتري البيع فلم يسقط الشفيع الشفعة إلا بعوض من المشتري أو من المشتري الثاني جاز خلافاً ل ش لنا انه ملك الأخذ فجازت المعاوضة عليه كالعقار وقياساً على تمليك الزوجة امرها وقياساً على اخذ الامة العوض إذا عتقت على أن لا توقع طلاقاً قال مطرف إن صالح على انه متى أذن المشتري لولده فهو على شفعته لا يلزمه ذلك وله الشفعة ما لم يطل الزمان شهوراً كثيرة وقال اصبغ يلزم الصلح توفية بالعقد والمقال في ذلك للمشتري دون الشفيع لان ترك الشفعة هبة ويتضرر المشتري بالبقاء على ذلك في البناء والغرس والحبس فيهدم ويعطى القيمة لما احدث ومن حقه أن يقول إما أن تسقط حقك مرة فأتصرف آمناً وإما أن تاخذ وقال مطرف للشفيع أيضا مقال وفي الجواهر يجوز اخذه من المشتري عوضاً دراهم او غيرها على ترك الشفعة إن كان بعد الشراء وان كان قبله بطل ورد العوض وكان على شفعته
فرع
في المقدمات إن سكت الحاضر حتى غرس المشتري او بنى او طالت المدة اكثر من المدة المعتبرة على الخلاف بطل حقه ولا يعذر بالجهل نظائر قال المسائل التي لا يعذر فيها بالجهل سبع على ما قاله أبو عمر الاشبيلي ولم يكن يفسرها إذا سئل عنها قال ابن عتاب فاستقرأتها فوجدتها الشفعة والمرأة تقضي بالثلاث في المجلس فلا يناكرها الزوج لجهله والسارق لثوب لا يساوي ثلاثة دراهم وفيه ثلاثة دراهم يحملها ووطء المرتهن الجارية المرهونة قال ابن عتاب ووجدت غيرها كثيراً يخير إمرأته فتقضي بواحدة فيقال لها ليس لك ذلك وتريد أن تقضي مرة اخرى بالثلاث وتدعي الجهل قاله ابن القاسم والمستحلف أباه في حق له عليه أن شهادته تسقط وان جهل العقوق قاله ابن القاسم وكذلك قاطع الدنانير جهلاً بكراهيته وفي الدمياطية والمرتهن يرد الرهن للراهن يبطل الرهن ولا يعذر بالجهل وفي الواضحة باع جارية وقال كان لها زوج فطلقها او مات عنها ووافقته الجارية يحرم وطؤها على المشتري ولا تتزوج حتى يشهد بالطلاق او الوفاة فان أراد ردها وادعى انه ظن أن قول البائع والجارية في ذلك مقبول لم يكن له ذلك وان كان ممن يجهل معرفته وقال أشهب إذا اعتق أم ولده ووطئها في العدة وأدعى الجهل انه يحد كما لو ادعى الزاني الجهل بتحريم الزنا وفرق بين المعتق والمطلق ثلاثاً يطأ في العدة او واحدة قبل الدخول فيلحقه الولد ولا يحد لأنها شبهة لأهل الجهل وحكى ابن حبيب أن المظاهر إذا وطيء قبل الكفارة يؤدب ولا يعذر بالجهل ومن قذف عبداً فظهر انه حر قد عتق قبل ذلك ولم يعلم القاذف وكذلك إذا شرب هو او زنى ولم يعلم بعتق نفسه ومن اشترى من يعتق عليه ولم يعلم به والبيوع الفاسدة الجاهل فيها كالعالم إلا في الاثم والوضوء والصلاة يستوي فيها العامد والجاهل وكذلك الحج في كثير من الاحكام قال صاحب المقدمات قد تركت مسائل كثيرة منها حمل امراته ولم ينكره ثم أراد نفيه بعد ذلك والشاهد يرى الفرج يستباح او الحر يستخدم فلا يقوم بشهادته وكذلك اكل مال اليتيم والغاصب المحارب والمتصدر للفتوى بغير علم والطبيب يقتل بمعاناته وهو غير عالم بالطب والشاهد يخطيء في شهادته في الحدود والاموال وهذا الباب اكثر من أن يحصى وكان أبو عمر الاشبيلي اجل من أن يعتقد الحصر في سبع لكن اظن مراده ما يكون مجرد السكوت فيه على فعل الغير مسقطاً حق الساكت اتفاقاً فوجد فوجدت من هذا النوع سبعاً لا ثامن لها الشفعة وما في معناها كالغريم يعتق بحضرة غرمائه فيسكتون او يبيع العبد قبل الخيار فيتركه حتى ينقضي امد الخيار وشبهه الثانية من حاز ملك رجل في وجهه مدة معتبرة ثم ادعى انه ابتاعه منه صدق مع يمينه ولا يعذر صاحب المال بالجهل و أن سكوته مبطل الثالثة المملكة تقضي بالثلاث فلا ينكر الزوج ثم تريد المناكرة او لا تقضي بشيء وتسكت حتى يطأها او ينقضي المجلس على الخلاف وما اشبه ذلك كالامة تعتق فلا تقضي حتى يطأها الزوج الرابعة الشاهد يرى الفرج يستباح والعبد يستخدم ونحوه من الحقوق الواجبة لله تعالى الخامسة المطلقة يراجعها زوجها فتسكت حتى يطأها ثم تدعي انقضاء العدة السادسة المراة تزوج وهي حاضرة فلا تنكر حتى يدخل بها الزوج ثم تنكر النكاح والرضا به وتدعي الجهل في سكوتها السابعة الرجل يباع عليه ماله ويقبضه المشتري وهو حاضر لا ينكر ثم ينكر الرضا بالبيع ويدعي الجهل ويحتمل أن يريد سبع مسائل من نوع الطلاق احدها يملك امراته فتقبل ثم تصاحبه بعد ذلك قبل أن تسال ما قبلت ثم تقول كنت اردت الثلاث لترجع فيما صالحت به الثانية السامع لامراته تقضي بالثلاث فيسكت ثم ينكر الثالثة المخيرة تختار ثم تريد تختار بعد ذلك ثلاثاً وتقول ظننت أن لي الخيار الرابعة المملكة والمخيرة لا تقضي حتى ينقضي المجلس على قول مالك الأول ثم تريد القضاء بعد ذلك وتقول ظننت أن ذلك بيدي أبداً الخامسة المقول لها إن غبت عنك اكثر من سنة فأمرك بيدك فتقيم بعد السنة المدة الطويلة من غير أن يشهد إنها على حقها ثم تريد القضاء وتقول جهلت وظننت أن الامر بيدي متى ما شئت السادسة الامة تعتق فتوطأ ثم تريد الخيار وتقول جهلت أن لي الخيار السابعة الرجل امر امرأته بيد غيرها فلا تقضي المملكة حتى يطأها ثم تريد القضاء وتقول جهلت قطع الوطء ما ملكته
فرع
في الكتاب التسليم قبل معرفة الثمن جائز في التنبيهات ظاهر الكتاب الاطلاق واختلف في تأويله فقيل جائز ماض مطلقاً وقيل معناه أن ذلك الفعل لا يلزمه لفساده بجهله بما يأخذ وكذلك اختلف قوله في الشفعة والثمن عرض لا مثل له قبل معرفة قيمته كالجواهر الغريبة هل يفسد او يجوز وقيل ذلك كله إذا تقاربت القيم جاز وإلا فلا قال اللخمي تسليمها قبل معرفة الثمن جائز لأنه ترك لا معاوضة واختلف في أخذها قبل معرفته وظاهر الكتاب الجواز تنبيه الحيلة في إسقاط الشفعة أن يبيع إلا مقدار ذراع في طول الحد الذي يلي الشفيع فلا شفعة لانقطاع الجوار وكذلك إذا وهب منه من المقدار وسلمه إليه واذا ابتاع سهماً ثم بقيتها فالشفعة للجار في الأول دون الثاني لان المشتري في الثاني شريك مقدم على الجار ومما يعم الجوار والشركة أن يباع باضعاف قيمته ويعطى بها ثوباً بقدر القيمة قالوا ولا تكره الحيلة في إسقاط الشفعة لأنها تمنع من ثبوت الحق فلا ضرر لعدم الحق قاله أبو يوسف وتكره عند محمد لأنها تمنع من تمكين الشريك من دفع ضرره وعلى هذا الخلاف في إسقاط الزكاة تم الجزء السابع من الذخيرة يليه الجزء الثامن واوله كتاب الوكالة
كتاب الوكالة
وفيه ثلاثة أبواب :
الباب الأول في أركانها
وهي أربعة : الركن الأول : الموكِّل وفي الجواهر كل من جاز له التصرفُ لنفسه فإنه يجوزُ له الاستنابةُ وأصل هذا الكتاب قوله تعالى ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة ) وهذه وكالة وقوله تعالى ( فأشهدوا عليهم ) وفي أبي داود أنه عليه السلام أمر رجلاً أن يشتري له أضحية بدينار فاشترى له شاتين بدينار وباع واحدة بدينار وأتاه بشاة ودينار فدعا له عليه السلام بالبركة الركن الثاني : الوكيل في الجواهر : مَنْ جاز له أن يتصرف لنفسه في الشيء جاز له أن يَنُوب فيه ' عن ' غيره إذا كان قابلاً للاستنسابة إلا أن يمنع مانع فقد منع في الكتاب من توكيل الذمي على مسلم أو بيع أو شراء أو استئجار أو يُبضع معه وكرهه ولو كان عبداً له قال الإمام أبو عبد الله : وما ذلك إلا أنه قد يٌ غلظ على المسلمين إذا وُكِّل عليهم قصداً لأذاهم فيحرم على المسلم إعانتُه على ذلك قال الإمام : وأما البيع والشراء فلِيَلا يأتيه بالحرام ولهذا منع الذمي عاملاً ليلاً يعامل بالربا وبما لا تحلُّ المعاوضةُ به قال محمد : فإن نَزَلَ هذا تصدّق المسلم بالربح قال الإمام وهذا الذي قاله محمد إنما يتخلص مما يتخوف من الحرام بأن يكون ما فعله الذمي من الربا فيتصدق بما زاد على رأس المال لقوله تعالى ( وإن تُبتُم فلكم رؤس أموالكُم لا تََظلِمون ولا تُظلمون ) قال : وأما الواقع بخمر أو خنزير وأتي الموكل بثمن ذلك فيتصدق بجميعه لأنه كله ثمن خمر فهو حرامٌ كلُّه وفي الربا إنما تحرم الزيادة فرع قال من الموانع العداوةُ فلا يُوَكَّلُ العدو على عدوه وبقية فروع هذا الركن تقدمت في الركن الأول في البيع الركن الثالث : ما فيه التوكيل في الجواهر : له شرطان الشرط الأول قال أن يكون قابلاً للنيابة وهو ما لا يتعين بحكمه مباشرة كالبيع والحوالة والكفالة والشركة والوكالة والمصارفة والجعالة والمساقاة والنكاح والطلاق والخلع والسلم وسائر العقود والفسوخ دون العبادات غير المالية منها كأداء الزكاة والحج على خلاف فيه ويمتنع في المعاصي كالسرقة والقتل العُدْوان بل تلزم أحكامُ هذه متعاطَِيها ويلحق بالعبادات الأيمانُ والشهادات واللعان والإيلاء ويلحق بالمعاصي الظهار لأنه منكر وزرور ويجوز التوكيل بقبض الحقوق واستيفاء الحدود والعقوبات وفي الخصومات في الإقرار والإنكار بِرِضَى الخصم وبغير رضاه في حضور المستحٍ قّ وغيبته تمهيد الأفعال قسمان منها ما لا تحصلُ مصلحتُه إلا للمباشر فلا يجوز التوكيل فيها لِفوات المصلحة بالتوكيل كالعبادة فإن مصلحتها الخضوعُ وإظهار العبودية لله تعالى فلا يلزمُ من خضوع الوكيل خضوعُ الموكِّل فتفوت المصلحة ومصلحة الوطء الإعفاف وتحصيل ولد ينتسب إليه وذلك لا يحصل للموكل بخلاف عقد النكاح لأنّ مقصوده تحقق سبب الإباحة وقد تتحقق من الوكيل ومقصود اللعان والإيمان كلها إظهار دليل الصدق فيما ادعى وحلِفُ زيدٍ ليس دليلاً على صدق عمرو وكذلك الشهادات مقصودها الوثوق بعدالة المتحِّمل وذلك فائت إذا ادعى غيره ومقصود المعاصي إعدامُها وشَرْعُ التوكيل فيها فَرْعُ تقريرها فضابط هذا الباب متى كان المقصود يحصلُ من الوكيل كما يحصل من الموكِّل جازت الوكالة وإلا فلا
فرع
قال : لو قال لوكيله قِرَّ عني لفلان بألف فهو مُقِرٌّ بهذا القول قال المازري استقراؤه من نص بعض الأصحاب الشرط الثاني : قال أن يكون ما به التوكيل معلوماً بالجملة نُصَّ عليه أو دَخل تحت عموم اللفظ أو عُلم بالقرائن أو العادة فلو قال وكَّلْتُك أو فلانٌ وكيلي لم يَجُزْ حتى يقول بالتفويض أو بالتصرف في بعض الأشياء لأنه عقدٌ يفتقر إلى الرضى فيُنافيه الجهل المطلق كسائر العقود ولو قال وكّلتك بمَا لِي من قليل وكثير جاز واسترسلت يد الوكيل على جميع الأشياء ومَضَى فعلُه فيها إذا كان نظراً لأنه معزول عن غير النظر عادة إلا أن يقول له افعل ما شئت كان نظراً أم لا لأنه حقه فلا يتصرف فيه إلا بإذنه وأما إن قيَّد ببعض الأشياء دون بعض اتُّبع مقتضى اللفظ أو العادة ولو قال اشترِ لي عبداً جاز أو عبداً تركياً بمائة فأولى بالجواز لذكر النوع والثمن
فرع
قال : التوكيل بالإبراء لا يستدعي علم الموكِّل بالمبلغ المبراء عنه ولا علم الوكيل ولا علم من عليه الحق لأن مقصود رضى الوكيل علم ما يشبه الموكل من العلم إجمالاً وذلك حاصل حينئذٍ ولو قال بع بما باع به فلان فرسه والعلمُ بما باع به فلان فرسه مشترطٌ ليجتهد إلى تلك الغاية ولو قال وكلتك لِمخاصمة خصمِ جازَ وإن لم يعينه لأن المخاصمة لا يعلم غايتها فاعتبر جنسُها خاصة
فرع
قال علي البصري في تعليقه : يصح التوكيل على الخصم وإن لم يرضَ وقاله ( ش ) وقال ( ح ) كذلك إن غاب وإن حضر اشترط رضاه لأنه يقول للموكّل لم أرض غلا بمقالتك وجوابه أن علياً وكّل عقيلاً عند عمر رضي الله عنه ليخاصم عنه وقال هذا عقيلُ أخي ما قُضي له فلي وما قُضي عليه فعليّ ولان الموكِّل قد يعجز عن الحجاج مع الحاضر وربما كان ممن تشينه الخصومات لعلو منصبه وقد قال علي رضي الله عنه : من بالغ في الخصومة أثم ومن قصَّر فيها خصم
فرع
قال لا يُقبل قول الوكيل في قبض الحق الذي وُكل في قبضه وقال ( ش ) وقال ( ح ) : يقبل على تلفه لأنه أمينه وجوابه أنه وكَّله على القبض دون الإقرار ولو وكّله على القبض وأبرأ لم يصحّ فكذلك هاهنا بجامع عدم التوكيل
فرع
قال ولو وكّله بالبيع لم يصح إبراؤه وقال ( ش ) وقال ( ح ) : يصحّ ويغرم الوكيل للموكِّل لأنه أقامهُ مقامه وجوابه إنما أقامه في هذا خاصة دون الإبراء ( فرع ) قال : إذا باع بما لا يتغابن الناس به رُدِّ وقال ( ش ) لغزله عن ذلك عادة وقال ( ح ) يصح لأن اسم البيع يتناولُه لأنه أعم وجوابه عموم مقيد بالعادة وكذلك منع مالك و ( ش ) بيعه بالدين وجوزه ( ح ) من الإطلاق وجوابه ما تقدم . الكن الرابع : الصغة وما يقوم مقامها في الدلالة قال في الجواهر : ولا بد من القبول فإن تراخى زماناً طويلاً يتخرج على القولين في تخيير المرأة إذا قامت ولم تختر في المجلس قال والتحقيق في هذا يرجع إلى العادة هل المقصود من هذا اللفظ جوابه على الفور أم لا في الجواهر : حكم الوكالة اللزوم من الجانبين إذا كانت بغير أُجرة قاله أبو الحسن وقيل اللزوم من جانب الوكِّل قاله بعض المتأخرين بناءً على لزوم الهبة وأن لم يتعض وبالأجرة لازمة من الطرفين لأنها إجارة ويجب أن يكون العمل معلوماً كما في الإجازة وإن كانت على سبيل الجعالة ففي اللزو م ثلاثة أقوال : اللزوم من الطرفين وعكسه ومن جهة الجاعل فقط وإذا فرَّعنا على الجواز فينعزلُ بعزل الموكِّل إياه في حضرته ما لم يتعلق بوكالته حقّ كما إذا نشب معه في الخصومة أو وكله في قضاء دين عليه وهل ينعزل قبل بلوغ الخبر إليه رِوايتان وينعزل ببيع العبد الموكِّل في بيعه وبإعتاقه وينعزل بعزله نفسَه في حضور الموكِّل وغيبته على القول ابجواز وقيل ليس له ذلك في غيبته وينعزل بموت الموكِّل وقال مطرف وإن كان مفوضاً إليه فهو على وكالته حتى يعزله الورثة وإذا فرَّعنا على الأول فمتى يُعتبر العزل في حق مَنْ عامله ؟ أقول حالة الموت حالة العلم فمن علم انتسخ في حقه دون من لم يعلم والقولان بناءً على النسخ في الشرع هل حين النزول أو البلوغ ؟ قولان للاصوليين فالموت كالنزول القول الثالث على الوكيل خاصة فينتسخ بعلمه لا بعلم الذي يعامله لكن من دفع إليه شيئاً بعد علمه بعزله لأنه دفع إلى من يعلم أنه ليس بوكيل وفي النوادر : إذا مات الباعث بالبضاعة قبل وصولها إن كان للرسول بينة بالإررسال فعليه دفعها وإلا فلا حتى يصدقه ورثة الباعث ويكون شاهداً للمبعوث إليه وإن كان المبعوث إليه صلة أو هدية رُدت للورثة لبطلانها بالموت قبل القبص إلا أن يكون قد أشهد عليها عند الإرسال ولو مات المبعوث إليه قبل خروج الصلة من يد الباعث بطلت أشهد أم لا نظائر : قال أبو عمران : خمسة عقود على الجواز دون اللزوم الوكالة والجعالة والمغارسة والتحكيم والقراض
الباب الثاني في أحكامها
وفي الجواهر : حكمها صحة ما وافق من التصرفات وفساد ما خالف اللفظ أو العادة مما يعود بنقص وأما يعود بزيادة فقولان بَنَاهما أبو الطاهر على شرط ما لا يُفيد هل يلزم الوفاءً به أو لا وله البيع والشراء من أقاربه إذا لم يجاب ولا يبيع من نفسه لخروجه عن اللفظ عادةَ وكذلك ولده أو يتيمه وقيل له ذلك وحيث قلنا له ذلك بمطلق الإذن أو أُذن له فيه فإنه يتولى طرفي العقد إذا باع أو اشترى من نفسه أو ولده الصغير أو يتيمه كا يتولى ابن العم طرفي عقد النكاح وتولَّى مَنْ عليه الدين استيفاءَهُ من نفسهِ بالوكالة وكذلك الوكيل من الجانبين في عقد النكاح والبيع ومهما عُلم أن الشراء للموكل فالمُلْك ينتقل للموكَّل لا إلى الوكيل
فرع
في الجواهر : لا يسلّم المبيع قبل توفيه الثمن فإن سلم ولم يُشهِد فجحد الثمن ضمنه لتغريره ويملك المطالبة بالثمن والقبض لأن من توابع البيع ويقاص الوكيل والشركاء ويملك قبض المبيع وأما مطالبتهما بالثمن فإن لم يبين أنه وكيل طولب بتسليم الثمن أو المُثْمَن وكانت العهدة عليه وإن بَيَّن أنه وكيل وتبرأ من الثمن أن المُثْمَن لم يكن له أداء ولا عهدة وإن صرّح بالألتزام لزمه ما صرّح بالتزامه وثمن ' ما ' لم يصرح بأَحد الأمرين فإن كان العقد على شراء بنقد أو بيع بِهِ فالمنصوص في المذهب مطالبتُه بالثمن والمثمون وفي النوادر : عن مالك إذا أبضَع معه سلعة ليدفعها لرجل فعليه الإشهاد على الدفع وإلا ضمِن إن أنكر القابض ولو اشترط عدم الإشهاد نفعه شرطه إلا أن يحلف فإن اشترط عدم الحلف بطل الشرط لأنّ الأحداث تحدُث والتهم تجدد بخلاف الإشهاد وقال عبد المالك : يُصدّق ولا إشهاد عليه على الدفع إلا أن يقول الآمرُ له اقْضِ هذا عني فلاناً فهو ضامن إن لم يُشهد لأنه وكّل إليه القضاء والقضاءُ لا يكون إلا بالإشهاد قال مالك : فلو قال المبعوث إليه قبضتها وضاعت مني ضمِن الرسول لِتعدِّيهِ بترك الإشهاد قال محمد : إلا أن يكون ديناً للمبعوث إليه على المرسل فيبرأُ الباعث إليه والرسول ولا ينتفع الرسول بشهادة المبعوث إليه لأن له عليه اليمين على ضياعها فلو جازت شهادته لم يحلف وكذلك إن لم يُشهد في دفع الثوب للقصَّار ضمِن قاله سحنون وفي الموازية : إن بعث بالثمن فأنكره البائع حلف الرسول وبرئ ولا يبرأ المشتري إلا ببينة قاله مالك
فرع
قال : إذا اشترى بِثَمَنِ المِثْل وجهل العيب وقع عن الموكِّل وللوكيل الردُّ على ضمانه بمخالفة الصفة وإن علم وقع عنه ولم يُرَد لرضاه وإن كان العيب يسيراً واشتراها بذلك نظراً للآمر لزم الآمر وإن كان بغير علم فعلم لم يقع عن الموكل ولو جهل وقع عنه ومهما جهل الوكيل فله الردُّ إلا إذا كان العيب عيناً من جهة الموكل فلا رد للوكيل وقال أشهب الموكل مقدم فإن كانت السلعة غير معينة فله الرد بعد استرجاع الوكيل لها إذا لم يُمض رده قال ابن القاسم إلا أن يكون وكيلاً مفوضاً فله الرد والقبول في جميع ما ذكرناه على الاجتهاد من غير محاباة وحيث يكون الوكيل عالماً فلا ردَّ له ولا يلزم الموكّل إلا أن يكون العيب يسيراً فإن كان كثيراً الزمها الوكيل للموكل إن شاء .
فرع
في النوادر قال ابن القاسم : إن وكَّلك في دين فَادَّعَى المطلوبُ دفع بعضه لربّه لا يُسمع ذلك إلا ببينة فإن قبضت منه الجميع ثم قَدِمَ الطالبُ فأقرّ رجع المطلوب عليه لتفريطه في عدم إخبارك بما قبض ولو قال المطلوب اكتبوا للطالب فإن صدَّقني برئت لا يسمع منه
فرع
قال متى توجهت اليمين على وكيل أو وصيّ في اختلاف ثمن مبيع أو وفاء دَيْن في يمين مردودة فلم يحْلفْ ضَمِن لتعدِّيه بالنكول وعليه أن يحلف مع شاهدٍ إن أَقامه قال ابن القاسم : وللمبتاع تحليفُه في العيب يَدَّعي حدوثَه
فرع
قال : قال مالك : إذا أسلفته ديناراً فرده لأمرٍ كرهه فقلت له ادفعه لفلان فتلِف ضمِنه إن كان لم يردّ إليه وإن كان رده فلا لأنه وكيل أمين
فرع
قال قال ابن عبد الحكم إذا عرف الذي عنده الدين أو الوديعة أن هذا حظك وأمر بالدفع والتسليم لوكيلك لم يلزمه الدفع لأنه لا يبرأ بذلك
فرع
قال : يتصرف بغير مُعِين ولا يوكِّل إذا كان ممن يلي ذلك عادة إلا أن يأذن له ولو وكَّله في تصرفات كثيرة وأطلق فيه التوكيل إن علم عجزه عن الإنفراد بها ثم لا يوكِّل إلا أميناً عارفاً بالمصلحة
فرع
قال : إذا وكَّل بإذن الموكّل ثم مات الموكَّل قال المازري الأظهر أن الثاني لا ينعزل بخلاف انعزال الوكيل الاول بموت الموكل الأول لأن توكيل الوكيل الأول كتوكيل موكِّله لأن تصرفه لازمٌ له كتصرفه بنفسه وقع لابن القاسم ما يُشير ظاهُره إلى ذلك وهو إمضاء تصرف من أبضع أحد الشريكين بعد مفاصلتهما
فرع
في الجلاّب : إذا باع الآمر وباع الوكيل فأول البيعتين أحق لمصادفته قبول المحل بخلاف ما بعده إلا أن يقبض الثاني السلعة فهو أحق كإنكاح الوليين وفي شرح الجلاب : هذا هو المشهور وعن ابن عبد الحكم : الأول أحق مطلقاً لأن الثاني إنما قبض مِلكَ غيره والفرق أن النكاح كشفته عظيمة فلذلك جعل الثاني إذا دخل مفوِّتاً وامتهان الحرائر ضرر مع الرد بخلاف الشفعة
فرع
في النوادر : أبضع معه جماعة لشراء رقيق فخلطها واشترى لهم رقيقاً وأعطى كل إنسان بقدر بضاعته وأعطي لواحد مريضةً اشتراها كذلك فهلكت وأقرَّ بما صنع ضمن إذا لم يكن في أصل شرائه لكل واحد رأساً بعينه وإن قال اشتريتها لصاحبها مفردة صُدِّق مع يمينه وقال سحنون : لا يحلف ولا يضمن الآخرون في المريضة شيئاً قال مالك : ولوأمروه بشراء طعام فجمع ما لهم في شراء الطعام لا يضمن ما هلك وكذلك كل ما ينقسم بالكيل أو الوزن له شراؤُه مشاعاً ثم يقسمه للتفاوت في ذلك ويضمن ما ينقسم بالقيمة بخلاف العامل في القراض يخلط أموال المقارضين لأن له البيع بخلاف هذا
فرع
قال لو قال له بعْ من زيدٍ لم يبع من غيره وكذلك لو خصَّص زماناً أو سوقاً تتفاوت فيه الأغراض أوثمناً فله البيع بما فوقه دون ما دونه لأن العادة الرضى بذلك بطريق الأَوْلَى ويُخَيَّر الموكِّل في الأدني لأنه كبيع فضولي أو فسخِه فإن فَسَخَ والسلعةُ قائمة أخذها وقيل : له أن يطالبه بما سمَّي من الثمن أو فاتت طالَبَهُ بالقيمة إن لم يُسمِّ ثمناً فإن سمَّى فهل له مطالبته بما سَمَّى أو بالقيمة ؟ قولان مبنيان على الخلاف فيمن أتلف سلعةً وَقَفَت على ثمن وهذا في ما عدا الرِّبويَّات فإن كان العقد على ربوي بربوي كعين بعين أو طعام بطعام فهل له أن يرضى بفعله ؟ قولان مبنيان على الخلاف في الخيار الحكمي هل هو كالشَّرطي أم لا ولو قال الوكيل أنا أُتم ما نَقَصَت فهل له ذلك ويمضي البيع ؟ قولان مبنيان على أن ذلك مقصود الآمر وقد حصل أو هو مُتَعدٍ في البيع فلا يُلتفت إلى قوله ويجب الرد ولو قال اشتر بمائة فله الشراء بما دونها لا بما فوقها إلا اليسير المعتاد كالثلاثة في المائة ونحوه ويُقبَل قوله في ذلك قبل تسليم السلعة أو قرب التسليم بخلاف إذا طال الزمان فإن كان زاد كثيراً خُيِّرَ المُوكِّل في الإمضاء وتركِ السلعة له ولو قال بع بمائة نسيئة فباع بمائة نقداً أو اشتَرِ بمائةٍ نقداً فاشترى بمائة نسيئة لَزِمَ الآمر قاله الشيخ أبو محمد وقال خالفني فيها أبو بكر ابن اللبّاد واحتجتُ عليه بأن المبتاع لو عَجَّلَ الثَمن المُؤجل لزم القبول ولو قال بعْ بالدنانير فباع بالدراهم أو بالعكس ففي اللزوم قولان بِناءً على أنهما كنوع واحد أو كنوعين ولو سلَّم له ديناراً يشتري به شاةً فاشترى به شاتين وباع إحداهما بدينار وردّ الدينار والشاة صح عقد الشراء والبيع ولزم بإجازة الملك للحديث المتقدم ولأنه أصلُنا في تصرُّف الفضولي ولو قال بع بعشرة فباع بعشرة من غير اجتهاد فقولان بناءً على حصول المسمَّى أو المقصود أن لا تنقص العشرة وأن يجتهد في الزّائد قال بعض المُتأخرين : ولو ظهر أجد القصدين ارتفع الخلاف
فرع
قال : الوكيل بالخصومة لا يقر على موكّله كما لا يُصالِحُ ولا يُبرئ إلا أن يأذن له في ذلك كما تقدم ولا يشهد لموكّله قبل الشروع فيها وإن شرع لم يوكّل تنجيزاً لِرفع ظلم المعتدي إلا أن يخاف من خصمه استطالةً بسبب ونحوه فيجوز للضرورة ولا يعزل الوكيل حيث وكِّل بعد الشروع في الخصومة تنجيزاً لرفع العدوان فإن أحد الخصمين ظالم والمنكَرُ والفساد تجب إزالته على الفور وقال أصبغ : له عزلُهُ ما لم تشرف حجته لأن الأصل مباشرته لنفسه قال ابن رشد وإذا لم يكن له عزله لم يكن له هو عَزلُ نفسه
فرع
قال : إذا وكّل رجلين لِكل واحد الاستبدادُ إلا أن يشترط الاجتماع لأن الأصل عدم الشرط
فرع
قال : وكما لا يُفتَقَر إلى حضور الخصم في عقد الوكالة لا يُفتَقر إلى إثباتها عند الحاكم
فرع
قال : إن سلّم إليه أَلفاً وقال اشتَرِ بعينه شيئاً فاشترى في الذِّمَّة ونقد الألف صح وكذلك لو قال اشترِ في الذّمة وسلِّم الألف فاشترى بعينه وأولى بالصحة
فرع
قال : مهما خالف في البيع وُقف على إجازة الموكّل ورده ومهما خالف في الشراء وقع عن الوكيل إن لم يرض الموكِّل
فرع
قال : الوكيل أمينٌ في حق الموكل فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط كان وكيلاً بِجُعْلٍ أم لا ثم إن سلَّم إليه الثمن فهو مطالبٌ به مهما وُكِّل بالشراء فإن لم يسلِّم إليه الثمن وأنكر البائع كونه وكيلاً طالبه وإن اعترف بوكالته فليس له مطالبتهُ ثم حيث طولب الوكيلُ رجع على الموكِّل ولو وكل بشراء عبد فاشتراه وقبضه فتلف في يديه أو استحق فالمستحق يطالب الموكل وكذلك الوكيل بالبيع إذا قَبَض الثمن وتلِف في يدهع فاستُحِق المبيعُ رجع المشتري على الموكّل دون الوكيل وفي الجلاب : إذا دفع له الثمن لمعين فضاع منه بعد أن عقد عليه فضاع لزمه دَفع غيره مراراً حتى يصل إلى البائع ولو دفع الموكَّل الثمن قبل الشراء فضاع بعد الشراء لم يُعطِ غيره إن امتنع ويلزم الوكيل السلعة وعليه الثمن لأنه مالٌ معين ذَهَبَ ولم يتناول العقدُ غيره
فرع
في النوادر : دَفَعَ إليك أربعين لتشتري بها رأسين وتبيعهما وتحرز رِبحهما وآخر دفع ثمانين لتشتري رأساً وتبيعه وتحرز الفضل فاشترى لكل واحد ما أمره وباع رأساً بمائة وآخر بستين وآخر بأربعين ولم يدرِ لمن كان الرقيق منهما وتداعَيَا الأرفع قيل يضمن مائةً لكل واحد منهما بعد أيمانهما ويقال لصاحب الرأسين أيّهما لك ؟ فيحلفُ ويأخذه وقيل لا يضمن ويتحالفان على المائة فيقتسمانها ويقال لصاحب الرأسين ما الذي كل أصاحب الستين أو صاحب الأربعين فيحلف عليه ويأخذه ثم يكون الباقي بيهما لأن كل واحد يزعمُ أنه بقي له من ماله خمسون وأن لم يَدَّعِيَا ذلك فلصاحب الرأسين أربعون ومائة ولصاحب الرأس سبعون ولو دفع أحدهما دنانير وآخر دراهم لشرائين فصرف هذه بهذه بصرف الناس جاز ( 17
الباب الثالث في النزاع
وفي الجواهر : يقع في ثلاثة مواضع : الموضع الأول في الإذن وصفته وقدره والقول قول الموكِّل لأن الأصل عدم الوصية بوجهٍ من الوجوه فلو تنازعا في مقدار الثمن حلف الموكِّل وغرم الوكيل للمشتري أنكر البائعُ الوكالة أو اعترف بها ولو باع بعشرة فقال ما أمرتك إلا باثني عشر صُدِّق الآمر إن لم تفت السلع فإن فاتت صُدق المأمور لأنه غارم ما لم بيع بما يُستنكر الموضع الثاني : التصرف المأذون فيه فإذا قال تصرفتُ كما أذنت صُدِّق الوكيل لأنه أمين ويَلزَمُ الآمر ذاك التصرف من بيع أو غيره لإقراره بالوكالة وكذلك لو ادَّعى تلف رأس المال صُدِّق لأن الأصل عدم شغل ذمته بالضمان وكذلك لم أدَّعى ردَّ المال سواءٌ كان بِجُعلٍ أم لا وكذلك قوله قبضتُ الثمن وتلِف إن ثبت القبض ببينة أو صدَّقَهُ الموكِّل فيه وإلا لم يبرأ الغريم من الدِّين إلا أن يكون القابض وكيلاً مفوضاً أو وصياً فيبرأ باعترافه من غير ببينة بخلاف الوكيل المخصوص وفي كلا الوجهين لا غرم على الوكيل الموضع الثالث إذا وكَّله في قضاء الدَّيْن فَلْيُشْهِد وإلا ضمن بترك الإشهاد وقبل لا يضمن إن كانت العادة ترك الإشهاد وكذلك وصىّ اليتيم لا يصدّق في دعوى ردّ المال لقوله تعالى ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم )
فرع
قال : مَنْ يُصَدَّق بالرَّدِّ إذا طُلب بالرد ليس له التأخير بعذر الإشهاد إذا تحققت الوكالة أو باشَرَهُ المستحق ولمن عليه الحقُّ بشهادةٍ ألا يسلِّم إلى المستحق أو وكيله إلا بشهادة وإن اعترف به فإن كان في يده تركه فاعترف لإنسان بأنه وارثُ صاحِبها لا وارث له سواه لزمه التسلمي ولا يكلِّفه بشهادة على أنه لا وارث له سواه ولو اعترف أنه استحق الفاً عن جهة حوالة ولكن خاف إنكار الوكيل فهو كخوف المُحيل إنكار الموكِّل ولو ادعَّى على الوكيل قبض الثمن فجحده فأُقيمت عليه بينة بالقبض فادَّعى تلفاً أو رداً قبل الجحد لم تُسمع دعواه قال محمد : الذي يبّين أنه لو صرَّح بالإنكار وقال ما دَفَعَ إلىَّ شيئاً لغرم قامت البينة أو أقرّ وهو قول مالك وأصحابه فيمن عليه دَيْن فدفعه أو وديعةٌ ببينة أو بغير بينة فردَّها وأشهد بينةً لذلك فطُولب فأنكر أن يكون كان عليه دينٌ أو قال ما أودعنى شياً ثم أقرّ أو شهدت بينة بأصل الحق فأخرج البراءة بالعدول لا تنفعه شهادةُ البراءة لأنه كذّبهم بجحده الأصل وبقة فروع هذا الكتاب مع جميع فروع التهذيب تقدّمت في الركن الأول من البيع والله أعلم
فرع
إذا ادّعى الوكيل المُفوّض إليه أو غير المفوض انه دفع لك ما قبضه من غُرمائكَ صدّقه مالك في المدونة مع يمينه لأنه أمين وعنه لا يُصدّق بحضرة قبض المال أو بقربه بالأيام اليسيرة لأن الأصل بقاؤه عنده وتحلف أنت وتصدَّق وهو مع يمينه في نحو الشهر لأن الظاهر قبضُك لمالك حينئذ وإن طال جداً لم يحلف وفرق اصبغ بين المفوَّض إليه ففي القرب يَبرأُ مع يمينه وفي البعد جداً يبرأ بغير يمينٍ وأمّا الوكيل على شيءٍ بعينيه قال فهو غارم حتى يقيم البينة وإن مات الوكيل بالقرب قال عبد المالك ذلك في ماله إذا عُرِف القبض وجُهل الدفع ولم يذكره
كتاب الشركة
قال الجوهري : شاركتُ فلاناً صٍ رْتُ شريكاً له واشتركنا وتشاركنا وشرِكتُه في البع والميراث - بكسر الراء - أَشرَكَهُ - بفتحها - شِركَةً - بكسر الشين وسكون الراء والاسم الشِّرك - بكسر الشين وسكون الراء - وأصلها قوله تعالى ( وإن تخالطوهم فإخوانكم ) وقال : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) الآية قالت عائشة - رضي الله عنها - هي اليتيمة تشاركه في ماله وقوله : الشُّفعة في ما لم يُقسم وقوله : ' مَن أعتق شِركاً له في غير الحديث وهذه الأحاديث في الصحاح وقوله تعالى ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة ) مقتضاه الشركة في الطعام المُشترى بالورق وفي الكتاب ثلاثة أبواب :
الباب الأول في الأركان
وهي أربعة : الركن الأول والثاني المتعاقدان وفي الجواهر : لا يشترط فيهما إلا أهلية التوكيل والتوكل فإن كان كل واحد يتصرَّف لنفسه ولصاحبه بإذنه قال اللخمي قال مالك : لا ينبغي مشاركة من يُتهم في دينه ومعاملته ولا يهودياً ولا نصرانياُ إلا أن يكون هو الذي يعامل وقاله ( ح ) و ( ش )
فرع
في الكتاب تجوز شركة العبيد إذ أُذن لهم في التجارة ولا يشارك مُسلم ذمياً إلا أن لا يغيب الذمي على بيع ولا شراء ولا قضاء ولا اقتضاء إلا بحضرة المسلم وتجوز بين الرجال والنساء قال اللخمي : فإن كان العبد غير مأذون له في التجارة والعبد المتولي البيع والشراء لم يكن علي الحرِّ في ذلك مطالبةٌ إن هلك المال أو خسر وكذلك إن تولَّيا جميعاً الشراء ووزن كل واحد منهما نائبه وأعلقاه عليهما ولم ينفرد الحرُّ بها وإن كان الحرُّ المتولي ضمن رأس المال إن هلك أو خسر لوَضع يده مستقلاً فإن شارك نصرانياً وغاب عن المعاملة استحب له التصدق بنصيبه من الربح لاحتمال معاملته بالربا فإن شك في التجارة في الخمر تصدق بالجميع استحباباً وإن عَلِمَ سلامته من ذلك لا شيء عليه ويريد مالك إذا كانت المرأة متجالة أو شابة لا تباشره ووافقنا ( ش ) وقال ( ح ) تُمنع مشاركة الحر للعبد لأن أصل الشركة التساوي والحر يملك التصرف بنفسه والعبد لا يملكه إلا من قبل السيد وبين العبدين والمكاتبين لانتفاء صحة الوكالة ونحن نمنع اعتبار التساوي إلا في الربح مع المال ونمنع اشتراط صحة الكفالة بل صحة التصرف الركن الثالث : الصيغة الدالة على الإذن في التصرف قال في الجواهر : أو ما يقوم مقامها في الدلالة لأن المقصود حصول الرضى بكل ما دل عليه ويكفي اشتركنا إن فُهم المقصود عادة الركن الرابع : المحل وفي الجواهر : هو المال والأعمال فعقد الشركة في المال بيع لبيع كل واحد منهما نصف متاعه بنصف متاع صاحبه لكنه بيعُ لا مناجزة فيه لبقاء يد كل واحد منهما على ماله بسبب الشركة لكن الإجماع منعقدٌ على جواز الشركة بالدنانير من الجانبين والدراهم منهما على غير قياس وفي القياس عليه خلاف قاس ابن القاسم الطعام على العبد المتفق كيلاً وصفة ومنع في الدنانير من أحدهما والدراهم من عند الآخر والطعامين المختلفين وتجوز بالعرضين المُتَّفقين في الصفة قولاً واحداً ومنع مالك الطعامين المختلفين وتجوز من صنف واحد في إحدى الروايتين وشرط في الذهبين اتفاق الصرف وإن اختلفت السكة ولا يضرُّ اختلاف العرضين ولا في القيمة ورأس مال كل واحد منهما ما قُوِّم به عرضُه ولو وقعت بالعرضين فاسدةً لكان رأس مال كل واحدٍ ما بيع به عرضه ومعها ( ش ) بغير المثليات ولا ينفع التقويم عنده ومنها السبائك والنقار للرجوع فيها إلى القيمة وتجوز في المثلين من الحيوان والأقطار والأدهان ومنعه ( ح ) قياساً على القراض والفرق احتياج القراض إلي رَدَّ عين رأس المال وربّما غلا فيستغرق الربح فيذهب عمل العامل بخلاف الشركة قال ( ش ) و ( ح ) : إن احتاجا إلى الشركة بالعرضين باع كل واحد نصف عرضه بنصف عرض صاحبه فيصير الجميع مشتركاً ويشترط القبض حذراً من التلف فينقض البيع وقال ( ح ) : لا يجوز إلا بالنقدين والفلوس تمهيد منشأ اختلاف العلماء ملاحظة قواعد : أحدها : أن الرخص هل يُقاس عليها أم لا وهي مسألة قولين في الأصول فمن منع لم يُلحق بالنقدين غيرهما وثانيها : قاعدة سدّ الذرائع فإن الغالب على العقلاء عدم القصد إلى المعاوضة بين المِثليات إلا لغرض فإذا اشتركا بمثلين كان الغرض الإرفاق بالشركة لا المعاوضة وإن اشتركا بمختلفين كان الغرض المبايعة وهو ممنوع من الشركة لعد التأخير وعدم القبض ودخول النساء في النقدين فمن لا حظ هذه منع إلا في المثليات ومن لم يلاحظ ولاحظ أن الضرورة قد تدعو للشركة بقسم المختلفات عليه جوَّزه وثالثها ملاحظة القياس على القراض وقد تقدم الكلام عليه القاعدة الرابعة : ملاحظة ربح ما لم يضمن في العروض لتوقع تأخير بيع عرض أحدهما فيغلو فيباع بأكثر من قيمته وقت الشركة فإن أعطينا ربح الزائد لصاحبه فقد أفردنا أحدهما بربج وهو خلاف عقد الشركة أولا كان قليل المال مثل كثيره في الربح بخلاف غير المتميز لا يتعين فيه غلاء ولا رخص فائدة : قال أبو عبيدة : العرض - بسكون الراء - ما ليس موزوناً ولا مكيلاً ولا حيواناً ولا عقاراً
فرع
في الكتاب لا تجوز إلا بالأموال وعمل الأبدان إن كانت صنعة واحدة وتمتنع بالذمم بغير مال وعلى أن يضمنا ما ابتاع كل واحد منهما كانا في بلد أو في بلدين يجهز كل واحد على صاحبه تفاوضاً كذلك في تجارة الرقيق أو في جميع التجارات أو بعضهما . وكذلك إن اشتركا بمال قليل على أن يتداينا لأن كل واحد يقول احمل عني نصف ما اشتريت علي أن أحمل عنك نصف ما اشتريت إلا أن يجتمعا في شراء سلعة معينة حاضرة أو علئبة فيشتريانها بدين فيجوز ذلك إن كانا حاضرين لوقوع العهدة عليهما وإن ضمن أحدُهما عن صاحبه فذلك جائز قال صاحب النكث : الفرق بين شريكي المال يجوز افتراقهما في موضعين وامتناع افتراق شريكي البدن أن شريكي المال حصلت الشركة بينهما فيه فلا يضرُّ افتراقهما وشريكا البدن إذا افترقا لم يبق بيهما شركة قال ابن يونس قال بعض أصحابنا في آخر مسألة الكتاب : إنما يجوز ذلك إذا كانت أنصباؤهما متفقة فإن اختلفت فلا يضمن صاحب النصيب الأقل إلا مثل ما يضمن عنه صاحب الأكثر قال بعض القرويين ويتبع البائع كل واحد منهما بالنصف إذ لم يكن عَلِمَ أنهما اشتركا على الثلث والثلثين ويتراجعان بينهما وإن علم اتبعهما بحصتهما وإنما يحمل كل واحج عن صاحبه إذا استوت أجزاؤهما لأن كل واحد يحمل مثل ما يحمل عنه الآخر ويمتنع ذلك في سلعتين يختص كل واحد بسلعة أو تحمَّل أحدهما عن الآخر على أن تحمَّل الآخر عنه كما يمتنع أَسلِفني بشرط أن أُسلِفَك وإنمما أُجيز في الشركة للعمل قال اصبغ إذا وقعت الشركة بالذمم فما اشتريا بينهما على ما عقدا وتُفسخ الشركة وكره ابن القاسم أن يُخرجا مالأً أن يتجرا به بالدين مفاوضةً فإن فعلا قال فما اشترى كل واحد منهما بينهما وإن جاوز رؤس أموالهما قال بعض القوريين : إنما لزم كل واحد منهما ما اشرتى صاحبه في شركة الذمم لأنه كان عنده من باب الوكالة الفاسدة وقياس قول ابن القاسم اختصاص كل واحد بمشتراه وهو تأويل سحنون عليه لقوله : يلزمُني نصف مشتراك وبالعكس فأشبه المعاوضة بالسلعتين اللتين يشتريان فلم يلزم ذلك شريكه كما إذا تشاركا بسلعتين شركة فاسدة لا يكون البيع فيها فوتاً يوجب على كل واحد نصف سلعة صاحبه لأن يد كل واحد على سلعته فكذلك ها هنا قال اللخمي تجوز بالدراهم والدنانير بخمسة شروط : استواء الصنف من العين والربح والخسارة على قدر الأموال وأن يكون المال بينهما على الأمانة واختلف في اشتراط الخلط فلم يره مالك وابن القاسم لأن المقصود المبايعة وقيل يشترط لأنه مبايعة تفتقر إلى مناجزة في النقدين وإن اختلفت السلعة والقيمة لم يشتركا بالقيمة لأنه رِباً وبالمساواة لأنه زيادة في الشركة من أحدهما وأجازها ابن القاسم في اليسير والقياس المنع كالمبادلة في الدنانير بشرط السلف ومنع محمد عشرة دنانير قائمة ومن الآخر عشرة تنقص حبتين لأنه لم يرد المعروف ولولا مقارنة الشركة جاز لأن نصف ذلك على ملك صاحبها فما وقعت المبادلة إلا في خمسة فإن عقدا على سلعةٍ واحدة ووزنٍ واحد ثم أحضر أحدهما أجود أو كانا قبل ذلك يتكارمان جاز
فرع
قال اللخمي : لأحدهما تبرٌ وللآخر مسكوك وتساوي الذهبان فإن كثُر فضل السكة لم يجز وإن كافأت جودة اليسير السكة فقولان كدراهم لأحدهما ودنانير للآخر لأنها حينئذ مبايعة فتجوز إذا تقابضا التبر والدنانير نظائر : قال ابن بشير : اليسير مغتفر في نحو عشرين مسألة : في الغرر في البيع والعمل في الصلاة والنجاسة إذا وقعت في إناء على الخلاف وفي الطعام إذا وقع في الماء اليسير ولم يتغير ولا يمنع الوجوب في نصاب الزكاة في الضحك في الصلاة وفي نقصان سننها ولا يمنع من تصرف المريض وفي العيب لا يردُّ به وكذلك إذا حدث عد المشتري لا يردّه إذا ردّ وإذا زاده الوكيل على ما أُمر لزِم وإذا زاده أحد الشركاء عل صاحبه لا يُفسد الشركة سوى الأموال والأحمال والتفاوت اليسير بين السكتين لا يمنع الشركة وفي هبة العبد من ماله والوصي من مال يتيمه وعلى وجه المصلحة وتنفيذ شراء السفيه اليسير لبنيه وفي قراءة الجُنب وفي الكتابة إلى الكفار بالقرآن وفي قراءة المصلى كتاباً في الصلاة ليس قرآناً إذا لم ينطق به وكذلك إنصاته لمُخبر في الصلاة وفي بدل الناقص بالوازن وفيما إذا باع سلعةً بدينار إلا درهمين إلى أجل وفي الصرف في المسجد ووصي الأم يصح تصرفه فيه دون الكثير ويغتفر عند انفصال الشريكين إذا بقي ثوب على أحدهما يسير القيمة وكذلك عامل القراض وكذلك الزوج تجب عليه الكسوة إذا كان الذي بقي عليها يسير الثمن ويشترط على المغارس العمل اليسير وكذلك المساقي وعامل القراض على رب المال وفي الأخذ من طريق المسلمين إذا كان لا يضرّ ويُترك للمفلس من ماله نحو نفقة الشهر
فرع
قال : فإن شرطا العمل نصفين والربح والخسارة أثلاثاً والمال مائة لأحدهما ومائتان للآخر رجع صاحب المائة بأجرة مثله في خمسين وكا الربح والخسارة أثلاثاً فإن شرطا العمل حاشية فسدت سواء كانت الخسارة أثلاثاً أو الربح والخسارة أثلاثاً فتكون الخمسون عند صاحب المائة على وجه الهبة أو على وجه السلف فإن كان له ربحها وخسارتها على صاحبها فرِبحُها لربها اتفاقاً لأنه عمل فيها على أنها باقيةٌ على ملك صاحبها لما كانت خسارتها ومصيبتها منه وإن جعل خسارتها من الآخر فتكون سلفاً أو هبة ولا ترجع بعد اليوم قولان : ضمانها من المسلف أو الموهوب وربحها له والثاني ضمانها من صاحبها وربحها له لأ الآخر لم يُمكن منها تمكيناً صحيحاً لما اشترط أن تيجربها في جملة المال ولا يبين بها والتحجير يمنع انتقال ضمانها وعلى هذا انتقال ضمانها وعلى هذا يتخرج قوله في المدونة لأنه إنما أسلفه الخمسين على أن أعانه بالعمل فأراه مفسوخاً ولا ضمان عليه وضمانها من صاحبها وربحها له ووضعيتها عليه ويريد أنه إن قصد أن تكون سلفاً فلا يكون ذلك لأن مضمون سلفه أن يتجربها في المال ولأن يد صاحب المائتين مطلقة في جميع المال ويختلف في رجوع العامل بأجرة المثل في الخمسين الزائدة ففي المدونة يرجع وإن خسر المال وعن مالك لا وهو أحسن لأن صاحب المائة استأجره وإن كان جميع العمل على صاحب المال على أن الربح والخسارة نصفان فيختلف في ضمانه خمسين فإن ضمنَّاه فله ربحها وإلا فلِرَبِّها ويرجع العامل بأجرة المثل في مائة وخمسين لأنه عملها لربها ويختلف في الإجارة عن خمسين لأنه عملها لربها وإن شرطاً الربح نصفين والخسارة أثلاثاً جاز والمائتان قراضٌ على الربع ولم يضرّه شرط خلط المائتين على أحد قولي مالك ولم يتكلم مالك على هذا الوجه بل إذا شرط الربح والخسارة نصفين ولو عُلم أن صاحب المائتين قصد المعروف أو صدقة أو نحوها وإلا لم يجُز ثم يختلف هل يضمن ذلك السلف أو الهبة أم لا لأجل التحجير ويسقط الضمان عنه على أحد القولين وإن انفرد بالعمل
فرع
قال قال مالك : شارك بمائتي دينار مَنْ له مائةٌ ولصاحب المائتين غلامان يعملان معه فدخل عليهما نقص فهو على قدر المالين ولا للشريك في ذلك أجرة لاعتدال الأبدان وعنه قديماً : له أجرةُ مثله والأول أحسن إن كان الغلامان يحسنان التجارة فإن كانا يخدمان فله أجرة مثله في المائتين وعليه أجرة الغلامين فيما ينويه من خدمتهما
فرع
قال : إذا لم يخلط فثلاثة أحوال يجمعان المائتين بموضع ويشتريان بهما أو يشتريان قبل الجمع وكل واحد متمكن من الشراء بمال صاحبه أو يشترطان ألا يجمعا وأن يكون الشراء بهما على الإنفراد فالشركة في القسمين الأولين إذا اشتريا قبل الجمع والخلط جائزة وكل شيء اشتُريَ بمال أحدهما شركةٌ بينهما ومصيبة ما هلك مما اشتُري من مال أحدما منهما لأنه فعل ما أمَرَه به فهو ملكه والضائع قبل الشراء وقبل الجمع فمن صاحبه قاله مالك إذا بقي في المشتَرى حق توفيه من وزن ونحوه أما لو تلف المشترى عند صاحبه على وجه الشركة لكان منهما لأن الخلط ليس بشرط الصحة وقال سحنون لا تنعقد إلا بخلط المالين وحمل أمرهما فيما أخرجا من الدنانير على المبايعة باع كلاهما نصف ملكه بنصف ملك صاحبه فهي مصارفة فإذا خلط كان ذلك قبضاً وفوتاً وقياس قوله إذا قبض كلاهما دنانير صاحبه فهو قبضٌ ومناجزة وإن لم يخلط لأن المقبوض نصفُه صرفٌ ونصفُه وديعة ولو صرف رجل منك دنانير ليكون لك نصفُها ونصفُها وديعة جاز ولو قبض الشريك دنانير صاحبه ولم يقبض الآخر شيئاً لم تصح الشركة على أصله وقول مالك أحسن لأن القصد التّجربها دون المبايعة فيهما وعلى قول مالك إن هلاك المشتَرى منهما لو لم يهلك وفيه ربح فهو لهما إذا أخرج الآخر مثل دنانير صاحبه وإن عجز عن الهلف فلا ربح له لأن شريكه لم يرضَ أن يكون للآخر في ماله ربح إلا أن يكون للآخر في ماله ربح ومذهب مالك وابن القاسم أنّ ربح المال الغائب لهما على قدر مالته فيه وإن شرطا أن يشتري كل واحد بمائة بانفراد من غير خلط فسدت الشركة وما اشتراه أحدهما فله ربحه وعليه وضيعته وإن جالت أيديهما في المال واشترى كل واحد بمال الآخر فهل تكون شركة أو لمن اشتُري بماله قولان وقال ( ش ) : يشترط اتحاد السكة في النقدين ولم يشترطه ( ح ) لاتحاد الجنس وعارضته الشافعية بأنه لا يُقضى بأحدهما عن الآخر في الإتلاف والأثمان واشترط أيضاً الخلط لأن الشركة في الفرع الذي هو الربح
فرع
الشركة في الأصل الذي هو المال ومع الامتياز لا شركة ولم يشترطه ( ح ) قياساً على المضاربة والوكالة ولأن استحقاق الربح مضاف للعقد وهو حاصل لا للخلط نظائر : قال ابن بشير للشركة بالعين خمسة شروط : اشتواء صفة العين واستواء العمل والربح والخسران على قدر الأموال والمال بينهما على الأمانة ( فرع ) قال اللخمي : اختلف في الشركة بمالين حاضر وغائب أجازهُ مالك وابن القاسم ومنعه سحنون عل أصله أنها مبايعة والأول أحسن ولو كانت مبايعة امتنع إخراج أحدهما مائة دينار وألف درهم والآخر مثلها وفي المزارعة كلاهما البذر وأحدهما العمل والآخر الآداة لأنه طعام بطعام معهما شيء آخر قال مالك إذا أخرج ألفاً وخمسمائة والآخر خمسمائة وله ألف غائب فاشتُري بالألفين فالربح بينهما أرباع وقال محمد : إن كان كَذَبه وخدعه فإن باع أولاً فعلى النصف قال : وأرى أن يُسأل العامل عن الوجه الذي اشتُري عليه فإن قال على الأرباع على قدر أموالنا قبل قوله وله حينئذ ربع الربح قولاً واحداً وإن هَلَكَ المال قبل وصولها وخسر فيه بعد بيعه لم يضمن العامل بالمال المقيم شيئاً وإن قال اشتريت ليكون نصفين قُبل قوله فإن هلك قبل بلوغه أو خسر ضمن للمقيم خمسمائة إن هلك المال وما ينويها من الخسارة وإن ربحا فالربح أرباع ويختلف أمر الخسارة والربح فإن خسر قال المقيم أنا أمضي ذلك للمشتري حسبما ألزمت نفسك واشتريت عليه وإن ربح قال لم أرض أن يكون لك في مالي نصيب إلا أن يكون لي في مالك مثله وإلى هذا ذهب غير ابن القاسم وعلى القول إن الربح أرباع اختُلف في الأجرة فقال ابن القاسم لا شيء للذي يُسافر من الأجرة وهو متطوع وقا سحنون له الأقل من أجرة المثل والربح
فرع
قال اللخمي : إن أخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم منعه مالك في الكتاب وأجازه في كتاب محمد إذا تناجزا بالحضرة فأخذ مخرج الدنانير الدراهم وأخذ الآخر الدنانير لأنها مصارفه وعلى القول بالمنع إن اشترى بالمالين صفقة واحدة كانت بينهما على قدر ما أخرجاه يوم الشراء لا يوم المفاصلة فإن أخرج أحدهما ألف درهم والآخر مائة دينار والصرف وقت الشراء عشرين درهما بدينار فالمشترى بينهما أثلاثاً وإن اشترى بينهما على قدر الصرف يوم الشراء كالأولى وإن علم ما اشترى بكل مال لم تكن بينهما شركة ولكل واحد ما اشترى بماله له ربحه وعليه خسارته ومحمل قول ابن القاسم في المدونة على الشراء بالمالين جملة واختلط عليها ومحمل قوله يعطى هذا بقدر دنانيره والآخر بقدر دراهمه أن ذلك إذا لم يتغير الصرف وإلا اقتسما أثلاثاً حسبما كان وقت الشراء لأن التجارة والمبلغ التي اشتريا كانت بينهما كذلك ( كذا ) فلو غلت الدراهم حتى صارت الألف تعدل المائة لم يكن الثمن الذي يبيعها به أنصافاً لأن السلع كانت أثلاثاً ولو فعلا ذلك لا ختص صاحب الدراهم ببعض مال صاحبه
فرع
في التنبيهات : شركة الذِّمم ثلاثة أضرب : أولها في شراء شيء بعينه فتجوز اعتدلا أو اختلفا ويتبع كل واحد من ثمن تلك السلعة بقدر نصيبه وثانيها : اشتراكهما في معيّن على أن يَتَحمَّل كل واحد منهما لصاحبه فيجوز مع الاعتدال فقط وثالثهما الشركة على غير معين فلا تجوز لأنه من باب اضمني وأضمنك وأسلفني وأسلفك فإن وقعت فالمشتري بينهما لأن غير المشتري أذن للمشتري قاله ابن القاسم . وقال سحنون لكل واحد ما اشتراه لفساد العقد وفي النكث : قيل إذا نزلت فاسدة إنما يكون ما اشتري بينهما إذا تجمعا في شراء ذلك وإلا فللمشتري وعهدته عليه وفي كتاب محمد حمديس : إذا لم تعقع عهدة ما ابتاع كل واحد منهما عليهما جميعاً فربح ما ابتاع كل واحد وضمانه عليه . وظاهر الموازية إذا اشتركا بوجوههما بغير مال على أن يشتريا بالدين ويبيعا وفات ذلك إن شراء كل واحد بينهما قال ابن القصار : شركة الوجوه تمتنع وقاله الشافعي وجوزه أبو حنيفة . لنا أن الأصل عدم شرعيتها ولأن حقيقة الشركة أن يشتركا فبي شيء عند العقد إما مال او بدن ولا واحد فلا يصح ولا يكفي العقد لأنهما لو جعلا الربح كله لأحدهما لامتنع احتج بالقياس على شركة الأبدان وبقوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) وبقوله : المؤمنون عند شروطهم ولأنهما عقدا على الوكالة والشراء للآخر وذلك جائز حالة الانفراد فيجوز عند الاجتماع والجواب عن الأول أن البدن والصنعة كالعين الموجودة بخلاف الوجوه وعن الثاني والثالث المعارضة بنهيه عن الغرر وهذا غرر وعن الرابع تمنع هذه الوكالة على الانفراد لأن الذي يشتريه أحدهما يجوز أن يشتريه الآخر ومثل هذا في الوكالة يمتنع وإنما يجوز ذلك في الشركة لوجود الرفق المنفيِّ هاهنا
فرع
في الكتاب : إذا أقعدتَ صانعاً على أن تتقبل عليه المتاع ويعمل هو بما رزق الله بينكما نصفان امتنع ولا تمتنع الشركة في عمل الأبدان بأن يكون العمل نوعاً واحداً في حانوت واحد كالصباغين والخياطين وإن فضل أحدهما في العمل لأنه لا بدّ من ذلك ولو اشتركا بغير رأس مال على أنّ على لأحدهما ثلث الصنع وله ثلث الكسب وعلى الآخر الثلثان وله الثلثان صحّ كالأموال وكذلك الجماعة وإن احتاجا إلى رأس مال أخرجاه بالسوية وعملا جميعاً فإن أخرج أحدهما ثلث رأس المال والآخر الثلثين ويعملان والربح نصفان امتنع لأكل المال بالباطل في ربح الزائد في أحد المالين ويجوز إذا استووا في الجميع ويمتنع لأحدهما الحانوتُ وللآخر الأداة أو دابة وللآخر رحى إن كانت الإجارة مختلفة لعدم الضرورة وإن تطاول أحد القصارين بماعون تافهً كالقصرية المدقة جاز ويمتنع ماله قدرٌ حتى يشتركا في ملكه أو يكريه من الآخر فائدة في التنبيهات : المُدقَّة - بضم الميم والدال - والمِدَقَّة - بفتح الدال وكسر الميم - وهي الإرزبًّة - بكسر الهمزة - التي يدقّ بها الثياب قال صاحب التنبيهات : يشترط في الشركة التقارب في القدرة والمعرفة بذلك العمل وقد تأول ما وقع في العتبية من جواز الإفتراق بأنهما يتعاونان في الموضعين سواء وعلى هذا يكون موافقاً للمدونة وليس المقصود في الموضع الواحد إلا اتفاق نَفَاقِ السوق ومنافعه وإذا تباعدا ربما كانت المنفعة لأحدهما فقط فيكون غرراً وأكلاً لمال بالباطل وعن ابن القاسم المنعُ إلا بالشركة في الآلة بالكراء من غيرهما أو بالملك ولا يواجر أحدهما نصف الآلة من الآخر وهو يملك الجميع وظاهر الكتاب جوازه وفي النكث : الفرق بين شركة الأبدان يُشترط اتحاد المكان بخلاف الأموال أنهما إذا افترقا بنيهما رابط وهو المال ولا يضر بخلاف الافتراق بالأبدان يبتدئ كل واحد بعمله فتبطل الشركة وقوله في المدونة : لا يجوز قصّار وحدّاد معناه إلا أن يكونا يتّجران بأموالهما بضعتيهما فيجوز والذي يُعقد رجلاً في حانوت له ثلاث حالات : أن يقبل صاحب الحانوت المتاع وعهدتُه عليه فالغلة له والضمان عليه دون الصانع وللصانع أجرُ مِثله أو الصانع كذلك فالغلة له ولصاحب الحانوت أجرة حانوته ولصاحب الحانوت أيضاً أجرة المثل إن كان يتولَّى الأخذ له على أن الضمان على العامل خاصة أو يتقبلان جميعاً اشتركا في الغلة والضمان ويتراجعان في الأجرة قال اللخمي : شركة الأبدان تجوز بخمسة شروط : اتحاد الصنعة وتساوي السرعة والإبطاء والجودة الرداءة أو يتقاربان واتحاد الموضع والشركة في الأداة وإنما أجيزت للمعاونة وإذا اختلفت الصنعة ' انتفت ' المعاونة ويكون كل واحد باع نصف كسبه بنصف كسب صاحبه لغير ضرورة وكذلك افتراق المكان وإن اختلطا كان بيع منافع بمنافع وهو جائز فإن كان أحدهما أسرع بالأمر البيّن جازت على التفاضل على قدر أعمالهما دون المساواة لأكل المال بالباطل وإن تباينا في الجودة وأكثر ما يصنعانه الدنيء جازت لأن الأعلى يعمل أدنى ولا حكم للقليل أو كثرة الأعلى أو كل واحد كثيراً امتنعت للغرر وفي العتيبة إجازة افتراق المكان وقد اختُلف في الأصل فيمن استأجر أجيراً على أن يجيئه بالغّلة فعلى الجواز يجوز افتراقُهما في موضعين والصنعة واحدة أو مختلفة لأن كل واحد باع نصف منافعه على أن يبيعها لمشتريها من ولا فرق بين استئجاره على أن يجيئه بالغّلة بدراهم أو بنصف منافعه وإن اشتركا بأموالهما وأحدُهما يعمل والآخر يخدُم ويشتري ويبيع ولا يُحسن النسج وقيمته العمل والخدمة سواء جاز وكذلك بغير رأس مال فيستقبلان العمل ليعمل أحدهما ويخدم الآخر وتساوت القيمة بخلاف مختلفي الصنعة لعدم مساعدة أحدهما للآخر في عين تلك الصنعة ومتى جاء للحائكين شغل عملا جميعاً وإلا تعطَّلا جميعاً ولذلك أجيزت في طلب اللؤلؤ أحدهما يغوص والآخر يغرف واشترطا التساوي فيما يخرج وإن كانت أجرة المُخرج أكثر امتنعت إلا على قدر أجرته وإن كانا صبّاغين ورأس المال فيما يصبغان به من نيل أو غيره والعمل على جزء واحدٍ نصفٌ أو ثلثٌ جاز وإن خالفا الأجزاء وجعلا العمل نصفين وما يصبغان ثلثاً وثلثين فنصف ما أصابا لصاحب الثلثين وثلثٌ لصاحب الثلث ويبقي سدس لواحد فيه رأس المال والآخر العمل فنصف ما أصابا فيه على قدر مالَهما فيه من رأس المال والعمل لأن ذلك الجزء الفاضل هبةٌ أو سلف بشرط الشركة ومذهب مالك وابن القاسم أن الواهب والمسلِّف لم يُمكَّن من ذلك لما كانا بشرط أن يصل الآخر معه وإذا لم يكن فيه تمكين فمصيبته من صاحبه وما بيع به له ويشارك الآخر بقدر عمله فيه وقد قيل إن ذلك قبضُ بما أصابا بينهما بالسواء ويرجع صاحب الكثير على صاحبه بمثل ما أسلفه أو وهبه ولو كان ذلك الزائد ليس على وجه الهبة ولا السلف وإنما وهبه الربح فقال إن خسرنا اقتسمنا رأس المال أثلاثاً وإن ربحنا فالربح نصفان لكانت هبة الربح للواهب وحده لأن مصيبة ذلك الزائد من صاحبة قولاً واحداً لأن العامل عمل فيه عمل ملك صاحب الأكثر وللآخر الربح وهي هبة فاسدة تُرَّد للواهب ويقسط ما بيع به ذلك الزائد على قدره من قدر العمل قال ابن القاسم : فإن اشتركوا في الطحين لأحدهم البيت وللآخر الرَّحا وللآخر الدابة اقتسموا ما أصابوا أثلاثاً لأن رؤوس أموالهم علم أيديهم فإن استوت أجرة البيت والرحا والدابة فلا تراجع وإلا رجع من له فضل على صاحبة ولو لم يصيبوا شيئاً لترادُّوا وأفضل الكراء وقال محمد يقتسمون ما أصابوا على قدر أكرية ما لهم فإن فضلٌ قُسم على أجرة كل واحد منهم فإن فضل بعد ذلك نظر إلى جملة ما اجتمع لكل واحد فيُقسم لفضل على قدر ذلك قال : وإن لم يُصيبوا إلا مثل ما يعلفون وينفقون رجع بعضهم على بعض ويخرجون ذلك من أموالهم وليس هذا بحسن قال : وأرى أن رأس المال الرّحا والدابة لأن الإجارة والثمن المأخوذ إنما هو عنهما وليس عن البيت والعمل وليس للشركاء في ذلك إلا رباط الدابة والمعونة اللطيقة ولا تراجع في عمل أيديهم لاستوائهم فيه قال ابن القاسم : وإن كان العامل صاحب الدابة وحده فله ما أصاب وعليه أجرة البيت والرحا وإن لم يُصب شيئاً قال كمن دفع دابته أو سفينته على أنّ له نصف ما يكسب عليها قال : وليس هذا بالبيِّن بل بعض ما أصاب على قدر إجارة الرحا والدابة فما ناب الرحا من العمل رجع عليه العامل فيه بأجرة المثل لأن صاحب الرحا لم يبع من العامل منافعها وإنما أّذِن له في إجارتها وله بعض الأجرة ثم يغرمان جميعاً إجارة البيت وكذلك إن كان العامل صاحب الرحا فعلى قول ابن القاسم له ما أصاب وعليه أجرة المثل والقياس الفضل كما تقدم إلا أن يكون الذي يطحن عليها طعام نفسه ولا يؤجِّرها من الناس وكذلك الدابة إن قال له أجِّرها فباع منافعها من الناس فالأجرة لصاحبها وللمؤجر أجرة المثل وإن قال اعمل عليها فحمل عليها تجارة أو ما يحتطبه فما باع من ذلك للعامل وللآخر أجرة المثل وكذلك الرحا والدابة إن دخل على أن يواجرهما من الناس فالأجرة لأصحابها وللعامل أجرة المِثل وإن دخل على أن يعمل فيها طعامه فربح مالاً له وعليه أجرة المثل تمهيد وافَقَنا ( ح ) في شركة الأبدان وزاد علينا بجواز افتراق موضعهما واختلاف صنعتهما وجعله من باب التوكيل وخالفنا ( ش ) مطلقاً لأنه يشترط كون رأس المال موجوداً ومعلوماً وأن يُخلط المالان وكل ذلك معدوم هاهنا ونحن نقول : هذه الصنائع في حكم الموجود لصحة عقد الإجارة عليها ولقوله تعالى ( واعلموا أنما غَنِمتُم من شيءٍ فأن لله خُمسَه ) الآية فجعل الغانمين شركاء فيما غنموا بقتالهم وهي شركة الأبدان ورُوي أن ابن مسعود شارك سعداً يوم بدر فأصاب سعدٌ فرسين ولم يصب ابن مسعود شيئاً ولم ينكر عليهما النبي أو القياس على المضاربة ولأن مقصود شركة الأموال الربح وهذا مما يحصل لأنهما لو شرطا العمل من عند أحدهما امتنع ولو شُرط المال من عند أحدهما والعمل من الآخر صح وكان مضاربة بالعمل الأصل وهو نظير المال لمقابلته له ولأن المنافع والأعيان سواء في جواز العقد عليهما في البيع والإجارة وبه يظهر الفرق بينه وبين شركة الوجوه لأن في الوجوه لا مال ولا صنعة تقوم مقامه أو نقول أحد أًصلي القراض فجازت به كالقراض بل أولى لاتفاقهما هاهنا في العمل وثم عمل ومال وأصل الشركة التساوي أو نقول : إذا أخذ ثوباً ليخيطه بعشرة فأجَّر غيره ليخيطه بخمسة صحَّ فقد أخذ خمسة بعمل غيره فكذلك ها هنا أو نقول إذا اشتركا بالمال ضمن كلُّ واحد نصف ما يشتريه الآخر فقد صار الضمان سبباً لاستحقاق الربح فكذلك هاهنا لأن الصناع يضمنون عندنا احتجوا بالقياس على شركة الوجوه لأن كل واحد ممنفردٌ بعمل نفسه أو المنافع الحاصلة منهما مجهولة فتمتنع كالشركة بالمال المجهول أو لأن كل أحدٍ باع نصف كسبه بنصف كسب صاحبه فيمتنع وبيع الكسب بالكسب حرام أو يمتنع بالقياس على ما اشتركا بجملين وعليهما كُلَفُ الجمّالين والكسب بينهما والجواب عن الأول أنه قد تقدم الفرق والجواب عن الثاني منعُ الجهالة وذلك معلوم بالعادة بدليل صحة الإجارة والمضاربة على المنافع والجواب عن الثالث : أن ذلك لازمٌ في شركة المال أن كل واحد باع نصف ربحه بنصف ربح صاحبه وذلك مغتفر في الصورتين للرفق والجواب عن الرابع أن شركة الدواب والحمل على الرؤوس تجوز إذا اشتركا في شيء بعينه لا يفترقان فيه فأما إذا افترقا فلا رفق لأحدهما بالآخر بخلاف مسألتنا
فرع
في الكتاب عن مالك المنع من شركة الحرث إلا أن يشتركا في رقاب الدواب والآلة ليضمنا ما هلك وعنه إن ساوى ما يُخرج من البقر والآلة كراء ما يُخرج الآخر من الأرض والعمل واعتدلا في البذر جاز وقد تقدم بسطه في المزارعة
فرع
قال : لأحدهما رحَّى وللآخر دابةٌ وللآخر بيتٌ على أن يعلموا بأيديهم والكسبُ أثلاث وعملوا على ذلك وجهلوا المنع فما أصابوا أثلاثاً إن استوت أكرية الثلاثة وتصح الشركة لأن كل واحد أكري متاعه بمتاع صاحبه وإن اختلفت أكريه ما قسموا أثلاثاً لأن رؤس أموالهم عمل أيديهم وهو مُستو ويرجع من له أفضل كراء على صاحبه وإن لم يصيبوا شيئاً كالكراء الفاسد ولا تراجع في كراء الأيدي لتساويهم فيه وإن اشترط صاحبا البيت والرحا العمل على ربّ البغل فعمل فله الربح وعليه الوضيعة لأن غلة دابته رأس المال وعليه أجرة الرحا والبيت وإن لم يصيبوا شيئاً كالدابة يعمل عليها بنصف الكسب قال صاحب التنبيهات : ظاهر الكتاب المنع حتى يكتري كل واحد نصيبه بنصيب صاحبه إذا كان مستوياً وأجازه سحنون إذا استويا قال أبو محمد : معنى قوله الشركة صحيحة أي آلت إلى الصحة لا أنها تجوز ابتداءً للجهل بالأكرية قال ابن يونس : صفة التراجع مع الاختلاف : كراء البيت ثلاثة دراهم والدابة درهمان والرحا درهم فاستووا في درهم فلا يتراجعوا فيه ولصاحب البيت فضلٌ درهمان له منهما ثلثا درهم على كل واحد من صاحبيه ولصاحب الدابة فضلٌ درهم له ثلث درهم على كل واحد من صاحبيه فإذا فإذا طالب صاحب البيت صاحب الدابة بثلثي درهم طالبه صاحب الدابة بثلث درهم فيبقى له ثلث دجرهم ولصاحب الدابة ثلث درهم وعلى صاحب الرحا ولصاحب البيت ثلثا درهم وعلى صاحب الرحا أيضاً يغرم لكل واحد ثلث درهم فيدفعه صاحب الدابة إلى صاحب البيت فيحصل له درهم ويستزن ' كذا ' إن لم يزد شيئاً من عند نفسه وإذا حضروا كلهم وهم أملياء وطلبوا المحاسبة دفع صاحب الرحا لصاحب البيت درهماً ثلثه عن صاحب الدابة وثلثان مما له قبله لأن جميع إجارة البيت والدابة والرحا ستة دراهم فللدابة درهمان فلا شيء له ولا عليه ويرجع صاحب البيت على صاحب الرحا بدرهم فيعتدلوا وقالوا محمد : إذا فات ذلك بالعمل قسموا ما أصابوا على قدر قيمة كراء كل واحد منهم فإن فضل شيء قسموا ذلك على قدر إجارة كل واحد بيديه وإن فضل شيء قُسم على ما حصل بيد كل واحد منهم بأن يكون المُصاب ثمانية عشر ويكون كراء البيت ثلاثة والدابة درهمان والرحا درهم فلكل واحد كراء ماله وكراء يده أيضاً وهو مثلاً لكل واحد درهم فيبقى من المصاب تسعة يقتسمونها على التسعة الأولى فيصير لصاحب البيت ثمانية ولصاحب الدابة ستة ولصاحب الرحا أربعة وقال بعض القرويين : الأشبه أن يكون عمل أيديهم وكراء آلتهم رؤوس أموالهم فيضيف كل واحد عمل يده إلى كراء ما أخرج ويجمع ذلك كله ويُقسم المُصاب على ذلك فلا يختص برأس المال عمل البدن دون عمل الآلة لأن ذلك كله رأس مال له فإن عجز المصاب عن كراء الآلة فينبغي ألا يتراجعا في الذِّمم بما فضل بعضهم على بعض لأن يد كل واحد على ما أكراه كراءً فاسداً فلا يضمن شريكه له كما إذا اشتركا سلعتين شركةً فاسدة فباعوا لم يضمن واحدٌ لصاحبه قيمة نصيبه وإنما رؤس أموالهما ما باعوا به وهو قول حسن راجع إلى قول محمد إذا كان ما أصابوه قدر كراء آلتهم وعمل أيديهم فأكثر لا يستخلِفُ ذلك في القسمة وإن كان أقل من ذلك اختلف ووقع الظلم بينهم إذا بُدئ بأكرية الآلة أو بأكرية الأيدي إذا قد يكون كراء آلة أحدهم عشرة وأجرة يده عشرة فإذا أصابوا قدر أجرة الآلة وبُدىء بالقسمة عليها ظُلم من أُجرة آلته قليلة وأجرة يده كثيرة وإن بُدئ بالقسمة على أجرة الأيدي ظلم صاحب الآلة فأعدَلُ الأقوال جمعُ أكرية الجميع ويُقسم ما أصابوا عليه ولأن ما أخرجوا مما يُكرى فيكون كراؤه رأس المال كثمن السلعتين في الشركة الفاسدة فإن رأس المال ما يبيعا له قال اللخمي : أرى أن يكون رأس المال الرحا والدابة لأن الإجارة والثمن المأخوذ إنما هو عنهما دون البيت وعمل اليد وليس للشركاء في ذلك إلا ربط الدابة وهو يسير ولا يتراجعون في عمل أيديهم لأنه يسير قال ابن القاسم : وإن عمل صاحب الدابة وحده فله ما أصاب وعليه أجرة البيت والرحا وإن لم يصب شيئاً وليس بالبيِّن وأرى ما أصاب مفوضاً على أجرة الرحا والدابة فما ناب الرحا من العمل رجع عليه العامل فيه بأُجرة المثل لأن صاحب الرحا لم يبع من العامل منافعها وإنما وكّله في إجارتها وله بعض الأجرة فهو يواجرها على صاحبها ثم يغرمان جميعاً أجرة البيت وكذلك إذا كان العامل صاحب الرَّحا فقول ابن القاسم وما عليه والمختار ما تقدم إلا أن يكون الذي يطحن عليهما طعام نفسه فيكون كمن قال لك ما تكسب عليها وكذلك الدابة وقد تقدم بعض هذا البحث
فرع
في الكتاب : إذا مرض أحدُ شريكي الصنعة أو غاب يوماً أو يومين فعمل صاحبه فالعمل بينهما لأنه عادةُ الشركاء وما تفاحش وطال إن أحبًّ العامل أعطاه نصف ما عمل جاز إن لم يعقد في أصل الشركة على ذلك فيمتنع للغرر فإن نزل فما اشتركا فيه بينهما وما اختص بذي العمل لصاحبه قال ابن يونس قال قال بعض القرويين : إن لم يعقدا على ذلك ينبغي أن القدر الذي لو صحَّ ذلك كان بينهما أن يكون بينهما والزائد للعامل وحده ويُتسامح في الشركة الصحيحة عن التفاضل اليسير بخلاف الفاسدة قال ابن حبيب : هذا في شركة الأبدان أما في شركة الأموال فللذي عمل نصف أجرته على صاحبه والفضل بينهما لأن المال أخذه وإذا تقبل أحدهما شيئاً بعد طول مرض او غيبة فهو له قاله بعض القرويين إذا تقبًّلا جميعاً ثم غاب أحدها طويلاً فالإجارة بينهما ويرجع العامل على شريكه بأجرة مثله لأنه تحمَّل عن صاحبه بالعمل بخلاف حافري العين يُستأجران فيمرض أحدهما فلا يلزم الثاني أن يعمل لصاحبه فإن عمل قال ابن القاسم هو متطِّوع كمن خاط لإنسان ثوباً بغير إذنه لا غرم عليه لصاحبه ومن رأى أنه متطوع لرب الدين رأي أن بالمرض انفسخت الإجارة للضرر عليه كمرض الدابة في السفر والفرق بين الدَّين وما يتقبلانه من المتاع أن المتاع مما يُضمن إذا ضاع ما تحملا ضمِنا ووجب عليهما عمله والبير مما لا يُضمن فلم يجب على الصحيح حفرُ نائب المريض فصار متطوعاً بالحفر قال اللخمي : إذا مرض أحدهما أو مات أو غاب فعلى الآخر جميع العمل كان في الذمة أو على أعيانهما لأنهما اشتركا على ذلك وعليه دخل مستأجرهما لأنه ربما جالت أيديهما في عمل الشيء الواحد بخلاف غير الشريكين إذا كانت الإجارة على عمل رجلٍ الا يضمن أحد عنه ذلك العمل ولو أجَّر رجلان أنفسهما في عمل شيء بعينه أو كانت الإجازة في الذمة لا يلزم أحدهما أن يُوفي عن الآخر بخلاف الأول لأنهما متفاوضان ويلزم أحدهما ما يلزم الآخر وإذا عقدا في الصحة ثم حدث مرض خفيف أو طويل أوغاب أحدهما ' قريباً ' أو بعيداً فعلى الصحيح والحاضر القيام بجميع العمل وكذلك إذا عقد الإجازة على شيء في أول المرض ثم برئ قريباً أو بعيداً أو في سفر أحدهما إلى قُرب ثم رجع عن قرب أو بُعد فعلى الصحيح والحاضر القيام بجميع العمل هذا في حق الذي له العمل وكذلك في المسمِّى الذي عقدا عليه هو بنيهما نصفان وإن طال المرض أو السفر رجع على صاحبه بأجرة المِثل وإلا فلا جريا على العادة ولو اشتركا على عدم التراجع في الكثير فسدت لأنه غرر
فرع
في الكتاب ما تقبَّل أحدُ شريكي الصنعة لزم الآخر عمله وضمانه يؤخذ بذلك وإن افترقا لأنه عقد الشركة ( 38 قال : تجوز شركة )
قال تجوز شركة
المعلمين في مكتب واحد لا موضعين والأطباء إن اشتركوا في ثمن الدواء ولا يشترك الحمَّالان على رؤسهما ودوابهما لافتراقهما إلا أن يجتمعا في شيء بعينه إلى غاية فيجوز على الرؤس أو الدواب وإن جمعا دابتيهما على أن يُكرياهما والكراء بينهما امتنع لأنه قد يُكري أحدُهما دون الآخر فهو غرر وكذلك على رقابهما وقد تختلف الغايات إلا فيما يفترقان فيه فيجوز لعدم الغرر قال ابن يونس لايكون علمهما من الكسب بقدر علمه لاستوائهما فيما يعلِّمانه الصبيان قال اللخمي : لا يشترك طبائعي وجوائجي ولا أحدهما وكحّال لأن الاختلاف غرر من غير رفق معتبر ويصير كسبٌ بكسب ويجوز طبائعي كحّال مع كحّال إذا اختص الطبائعي بما يدخل من قبل الطبائع وإلا لم يَجُز ويمتنع طبُّهما واحدٌ وحصتهما من الكسب مختلفة وكذلك لا يختلف رأس المال وشركة المعلمين جائزة إن اتَّحد صنف ما يعلمانه فإن كان أحدهما قرآناً والآخر نحواً أو غيره امتنع لعدم التعاون وإن كانا يعلِّمان القرآن ويزيد أحدهما نحواً أو حساباً وتعليم الزائد في ذلك الموضع تبعٌ لا يُزاد لأجله في الأجرة وكذلك إن كان يسيراً وإن كان له قدر امتنعت الشركة إلا أن يختص صاحبه بأجرته وإذا لم تكن الدواب مشتراة تمتنع لأنه يريد راحة دابته ويحمل على دابة شريكه وإن اشتركا فيهما جازت اتفق الحمل أم لا لأن صحبة أحدهما الدابة وجلوس الآخر تبعٌ قال ابن حبيب : يجوز ذلك وإن افترقا في البُلدان وإن بعُد أحد الموضعين وقرب الآخر وإن كانت الدواب لأحدهما فاستأجر الآخر نصفها ليحمل عليها بإجارته جاز لأنه يجوز أن يستأجر دابة ليواجرها مع إمكان تيسر إجارتها وتعسرها ولا تفسد الإجارة لذلك وكذلك إن استأجراها جميعاً من ثالث ليشتركا في منافعها وإيجارها إذا عقدا الإجارة عقداً واحداً وإن استأجر كل واحد دابة لنفسه امتنع
فرع
في الكتاب : تجوز في الاحتطاب والاحتشاش وأن يحملا على رقابهما ثمار البرية أو دوابهما إذا كان جميع ذلك من موضع واحد وإلا فلا وفي صيد السمك وغيره ولا يفترقان لأنه تعاونٌ يُضطر إليه ولا يشتركان بالكلبين إلا أن يملكا رقابهما ولا يفترق الكلبان أو البازيان في طلب ولا أخذ قال اللخمي : إذا اشتركا في الكلاب والبُزاة جاز وإن افترقا في الاصطياد لأن البازي كرأس المال فأشبه الاشتراك في الأموال فيجوز الافتراق وإن لم يشتركا بالبزاة جازت إن اجتمعا ليتعاونا وإلا فلا وتجوز بالشباك إذا طرحاها مرة واحدة على السمك وكذلك إن نَصَبَ هذا مرةً وهذا مرة للضرورة ويمتنع مع عدم الضرورة وكذلك يجوز في الاحتطاب وإن لم يجتمعا في موضع البيع إذا اجتمعا في الاحتطاب وإن افترقا في الأصل امتنع وإن اجتمعا في حمل ذلك أو بيعه لأنه في الأول عمل بعمل وفي الثاني كسب بكسب إلا أن يكون الكسب والاحتطاب في موضع ويشترط أحدهما على الآخر البيع في موضع كذا على بعد والآخر على قرب فيمتنع وما وُجد قيمته بينهما على السواء ويرجع من أبعدَ على صاحبه بأجرة المِثل فيما عمل ومنع ( ش ) و ( ح ) الشركة في الاحتطاب والاصطياد وسائر المباحات لأن الشركة تبعٌ للوكالة والوكالة في المباح تمتنع وجوابه بل الوكالة للرفق وهو حاصل
فرع
في الكتاب : تجوز في حفر القبور والمعادن والآبار وعمل الطين وقطع الحجارة إذا لم يفترقا خلافاً ( ش ) وتمتنع في موضعين هو أو هذا في غار وهذا في غار الغرر وإن مات أحدهما بعد إدراك النيل فالسلطان يُقطعه لمن يرى والمعادن كلها سواء النقدان وغيرهما في التنبيهات قال سحنون : الإقطاع بعد النيل وموت العامل إن لم تكن سنة فلا ينبغي وقال غيره لعله يريد في الكتاب إذا لم يدرك نيلاً وقال أشهب النيل لوارث العامل كسائر الحقوق وإن لم يدركه وقال غيره إن قدر ورثته على عمل فهم أحق وفي النكث قال الشيخ أبو الحسن : معنى ما في الكتاب أنهما أخرجا النيل فاقتسماه وليس للوارث التمادي على العمل إلا بقطيعة من الإمام وكره مالك طلب الكنوز في قبور الجاهلية لقوله عليه السلام لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا وأنتم باكون فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أو خشية مصادفة قبر نبي أو رجل صالح وأجازه ابن القاسم واستخف غسل ترابهم
فرع
في الكتاب : تجوز بعرضين مختلفين أو متفقين أو طعام وعرض على قيمة ما أخرج كل واحد يومئذ وبقدرة الربح والعمل خلافاً ( ش ) في تخصيصه بالنقدين وإن اتفق قيمة العرضين المختلفين وعرفا ذلك عند العقد واشتركا بهما جاز لأنه بيع لنصف هذا بالنصف الآخر فإذا قوّما وأشهدا جاز وإن لم يذكرا بيعاً ولو اشترطا التساوي في الشركة بالسلع فلما قوماً تفاضلت القيم فإن لم يعلما أخذ كل واحد سلعته وبطلت الشركة فإن فاتت السلعتان وعملا على ذلك فرأس مال كل واحد ما بيعت به سلعته وبقدر ذلك الربح والخسارة ويرجع من قلَّ ماله بفضل عمله على صاحبه ولا يضمن صاحب السلعة القليلة فضل حصة صاحبه لأن فضل سلعته لم يقع فيه بينهما بيع ومتى وقعت فاسدة فرأس مال كل واحد ما بيعت به سلعته لا ما قُوِّمت والربح يُقسم على قدر ذلك والصحيحة رأس مالهما ما قوًّما به يوم اشتركا دون ما بيع به لصحة العقد أولاً فصار كل واحد باع نصف عرضه بالنصف الآخر حينئذ والفاسدة لم يَبعهُ ما يوجب ضماناً في التنبيهات : لا يختص الفوات في الفاسدة بالبيع بل بحوالة الأسواق كالبيع الفاسد لأنها بيع في النكث : إن جهلا ما بيعت به السلع رُجع للقيمة يوم البيع بخلاف الفاسد إذا قُبض لأن أيديهما على السلعتين ولم يجعل لكل واحد ثمن السلعة التي اشتُريت بما له في الشركة بالدنانير من عند هذا وبالدراهم من عند هذا وجُعل لكل واحد ها هنا ثمن سلعته لأن الدراهم والدنانير قد فات الأمر فيهما لما تصرفا فيهما بالشراء والعرضان لم يحصل فيهما فوت لأن ثمنهما معلوم وبيد كل واحد سلعته قال اللخمي : إذا اشتركا والقصد بيع بعض أحدهما ببعض الآخر ولا يتحريان الأثمان إذا بيعا فجائزة وإن كان فيهما تغابُنٌ من فضل أحدهما على الآخر أو القصد تحري اثمانهما جازت على أن لكل واحد قيمة سلعته وإن اشتركا على المساواة والقيم مختلفة امتنع وحينئذ لكل واحد ما بيعت به سلعته لأن للشريكين أن يتصرفا فقبض المشتري كلا قبضٍ وقيل ذلك قبض وقاله مالك فيما إذا أخرج أحدها ذهباً والآخر فضة فإن الشركة صحيحة والقبض صحيح تصح به المُتاجرة في الصرف وعلى هذا قبض كل واحد سلعة صاحبه يضمنه نصف قيمتها يوم قبضها ويصير ما يجري بينهما نصفين وإن باع السلعة قبل قبضها فهل بيع المشتري كالقبض يوجب عليه نصف القيمة ويكون له نصف الثمن أو ليس بقبض والثمن لمن كانت له السلعة ؟ وإن باع كل واحد سلعة نفسه قبل قبضها منه أو بعد قبضها وقبل وقوعها عند القابض بحوالة الأسواق أو جسم فالثمن له دون الشريك وإن كان بيعه لها بعد القبض والفوت بتغير جسم فالثمن بينهما وعلى كل واحد نصف قيمة سلعة صاحبه وإن قبض أحدهما سلعة صاحبه ثم باعهما جميعاً فثمن سلعته له وثمن سلعة صاحبه بينهما وعليه لصاحبه نصف قيمتها فإن تجرأ بعد ذلك فالمشتري بينهما على قدر ذلك لأحدهما بقدر ثمن سلعته ونصف ثمن سلعة صاحبه وللآخر قدر نصف ثمن سلعة صاحبه فإن أخرج أحدهما عروضاً والآخر عيناً أو حيواناً أو طعاماً جازت إن اعتدلت القيم وإن اختلفت امتنع على المساواة في القيم فإن ترك ذلك فكما تقدم في العرضين
فرع
في الكتاب : تجوز بالعروض المماثلة والمتقومة من صنف أو صنفين إذا انفقت القيم وبطعام ودراهم وبعين وعرض إذ اتفقت القيم وبقدر ذلك الربح والعمل وتمتنع بالطعام والشراب كان مثلياً أم لا صنف واحد أم لا عند مالك وأجاز ابن القاسم المتفق الصفة والجودة على الكيل قال : ولا أعلم للمنع وجهاً ويمتنع سمراء ومحمولة وإن اتفقت القيم كما تمتنع بدراهم ودنانير تتفق قيمتاهما لأن مع التماثل يكون القصد الرفق بالشركة ومع الاختلاف يُتوقع القصد للمبايعة مع عدم المتاجرة وإذا وقعت فاسدةً بالطعام فرأس مال كل واحد ما بيبع به طعامه إذ هو في ضمانه حتى يُباع ولو خلطاه قبل البيع فقيمة كل واحد يوم خلطا وتجوز بدنانير أو بدراهم منهما مُتفقة النفاق والعين والربح والوضيعة والعمل على ذلك وإلا امتنع للغبن والغرر فإن نزل فالربح والخسارة على قدر رؤس الأمول وكذلك لو لحقهما دين من تجارتهما بعد أن خسرا المال كله ويرج من له فضل عملٍ على صاحبه ويبطل الشرط ولا يضمن قليل المال لصاحبه وما فضله به لأنه ليس بسلف لأن ربحه لربه ولو صح عقد المتفاوضين في المال فتطوع صاحب الأقل بالعمل في جميع المال جاز ولا أجرة له في النكث : منع مالك الطعام لأن كل واحد باع نصف طعامه بنصف طعام صاحبه ويد كل واحد على ما باعا فإذا تصرفا وباعا كان بيع الطعام قبل قبضه وبيع الطعام بالطعام إلى أجل لأن يد كل واحد على طعامه والفرق بينه وبين الدنانير والدراهم أنها مستوية في المقاصد فلو كان فيها شيء له فضلٌ امتنعت به الشركة إذا ضُمَّ إلى ما ليس مثله والشركة لا بد فيها من الاستواء في الصفة والقيمة وهو متعذر في ذلك بل الغالب الاختلاف في الطعام وإنما يغرم المُتلف المِثل للضرورة بخلاف الشركة قال بعض القرويين : تجوز على مذهب ابن القاسم الشركة بالطعام المختلف يسيراً كما جازت يزيدية ومحمدية مختلفة النِّفاق شيئاً يسيراً قال ابن يونس على تعليل النكث الأول يلزُم جوازها بالطعامين المختلفين اللذين يجوز التفاضل بينهما إذا استوت القيمة وقد منعه مالك وابن القاسم بالعلّة الأخرى هي الحق قال سحنون : كيف يلحقهُما دينٌ بعد خسارة المال وهما لايشتريان بالدين ؟ قال ولكنهما اشتريا على المال الذي بأيديهما فتلف قبل دفعه في الثمن ثم تلفت السلعة قال محمد فإن أخرج أحدهما مائة والآخر مائتين على أن الربح بينهما على قدر مال كل واحد منهما فاشتريا بأربع مائة على أن يَنقُدا ثلاثمائة وتبقى مائة ديناً عليهما فيقتسمان ربح المائة ووضيعتها على قدر ماليهما وإن كانت الشركة فاسدة لأنهما اشتركا على أن الربح والوضيعة نصفان ولصاحب الثلث أجرته فيما فضله به صاحبه وإن علم البائع أن شركتهما على الثلث والثلثين تبعهما كذلك وإلا اتبعهما نصفين قال مالك : ولو أشركه وأسلفه بقية المال طلباً لرفقه وصلته جاز وإن كان بعد صحة العقد ومن غير عادةٍ جاز لأنه معروف ومن ابتاع سلعة فقال له أشركني وأنا أنقد عنك امتنع لأنه بيع وسلف ولو قال المشتري لرجل تعالَ اشترِ لك وأنقد عنك وأؤجرك والسلعة حاضرة جاز بخلاف المضمون لأنه دين بدين وإن سألك أن تُشركه وينقد عنك قبل عقد البيع جاز لأن قبل عقد البيع لا يَجُر بنقده نفعاً قال اللخمي : للشركة بالطعام أربعة أحوال : إما صنفٌ بعضه أفضل أولاً أو جنس كقمح وشعير أو جنسان كقمح وتمر وفي كلها خلاف وفي المقدمات لو اشتركا بما يمتنع فيه النساء كالدينارين والطعامين منع ابن القاسم لاجتماع علتين النّساء وبيع وصرف وعدم المناجزة وأجازه سحنون وأحد قولي مالك أما ما يجوز فيه النّساء كصنفين من العروض أو العروض وأحد النقدين أجازه ابن القاسم لانفراد إحدى العلتين وهي البيع والشركة وأشار للمنع تارة للبيع والشركة ولم يراع سحنون البيع والشركة أصلاً إذا كان البيع داخلاً فيها فإن خَرَج مُنِع
فرع
في الكتاب : تجوز بالمال الغائب إذا أخرجا غيره لتحقّق الشركة فإن أخرج ألفاً والآخر ألفاً نصفُه غائب فخرج ليأتي به ومعه جميع الحاضر فلم يجد الغائب فاشترى بما معه فله ثلث الفضل لأنه الذي تحقّق ولا يرجع بأجر في فضل المال كشريكين على التفاضل يتطوع أحدهما بالعمل وفي النكث : قيل إنما تجوز بالمال الغائب عند ابن القاسم إذا لم يكن بعيداً جداً ويمتنع عند سحنون وإن قرب وإنما تجوز عند ابن القاسم إذا لم يَّتجر إلا بعد قيض الغائب ولا غرر وإلا فتمتنع للغرر قال ابن يونس قال محمد : إن تبين أن ذكر الغائب خديعةٌ فله ربح ماله وإلا فله النصف ولا أُجرة له على كل حال قال ابن يونس إنما يصح هذا إذا اشترى بالحاضر قبل علمه فضاع الغائب لأنه اشترى على أن ذلك بينهما نصفان وعلى أن ضياعه منهما أما لو اشترى بعد علمه بضياع المال الغائب فلا لأن الشركة لم تقع بعد لأن ضمان الدنانير الغائبة من ربها ما لم تقبض بل لو اشترى بها فهي في ضمان بائهما فكيف الشركة ؟ وظاهر الرواية شراؤه بعد علمه بذهاب المال وعند سحنون الشركة فاسدة لغيبة نصف الألف وله أجرة مثله في الزيادة لأنه ليس متطوعاً لأن الشركة عنده لا تتم إلا بالخلط
فرع
في الكتاب : دنانير هاشمية والأخرى وزنها دمشقية أو دراهم يزيدية والأخرى وزنها محمدية وصرفهما مختلف تمتنع إلا في الاختلاف اليسير لأن التساوي في المقدار والقيم شرط نقياً لضياع المال بالباطل ويمتنع الربح والعمل بينهما بقدر فضل السكتين لأنهما صرفاها إلى القيم وحكمُهما الوزن فإن استويا يوم العقد لا يوم الافتراق اقتسما بالسوية عرضا كان أو طعاماً أو عيناً نظراً للعقد ويمتنع دراهم ومن الآخر دنانير لأنه صرفٌ وشركة ولا يجوز مع الشركة صرف ولا قراض ولأنهما لا يقومان فإن عملا فلكل واحد مثل رأس ماله والربح لكل عشرة دينار ولكل عشرة دراهم وكذلك الوَضيعة وكذلك إن عرف كل واحد السلعة التي اشتُريت بماله إن عرفت ولا شركة في السلعة الأخرى وإن تفاضل المال فلأقلِّهما مالاً أجرة معاونة الآخر وإن لم تُعلم السلع فالربح والخسارة بينهما على قيمة الدراهم من الدنانير يوم اشتركا ولأقلهما مالاً أجرة معاونة صاحبه قال ابن يونس : قوله إذا جعلا العمل والربح بقدر فضل ما بين السكتين امتنع إذا صرفاها على القيم وحكمُها الوزن في البيع والشركة قال : فإن نزل أخذ كل واحد مثل رأس ماله بعينه في سكته وله من الربح بقدر وزن رأس ماله لا على السكتين وقاله مالك قال بعض القرويين : لعل محمداً يريد إذا لم يختلف السوق والسكتان من يوم الشركة غلى يوم القَسم وإلا فيُظلم أحدهما إذا أُعطي مثل رأس ماله وفضتُه أفضل مما كان دفع قال بعض القرويين : ما قاله غير ابن القاسم في أن يكون لكل واحد السلعة التي اشتُريت بماله صواب وهو الجاري على أصل ابن القاسم لأن الشركة الفاسدة لا يضمنُ أحدهما لصاحبه فيها شيئاً كما إذا اشتركا بعرضين مختلفين في القيمة فباع أحدهما عرض صاحبه فإنه قال لا يضمن وثمن ما بيع به عرضه له وبه يكون شريكاً إن عملا بعد ذلك وكذلك إذا اشتريا بالدنانير والدراهم عرضاً وقوله إذا لم يُعرف يُنظر إلى قيمة الدنانير والدراهم فيقسم ما بأيديهما على ذلك صواب لأنه قد اختلف الثمن فأشبه الطعامين إذا اختلطا وفي القسمة نظرٌ في قول ابن القاسم لأنه إذا استوت قيمة الدنانير يوم القسم فاعطيناه مثلها انظر صاحب الدراهم وكذلك إن زادت قيمة الدراهم فأعطيناه مثلها انظر صاحب الدنانير فينبغي أن يكون ثمنها بينهما نصفين وإنما لا يجوز صرفٌ وشركة إذا كان خارجاً عن الشركة وأما فيها فيجوز وعن مالك جواز هذا دنانير وهذا بقيمتها رواه ابن القاسم وروى ابن وهب كراهيته قال محمد وإجازتُه غلطٌ لأنه صرفٌ مع بقاء كل واحد على نقده
فرع
في الكتاب يجوز هذا ذهب وفضة والآخر مثله
فرع
قال : إذا صرَّ كل واحدٍ ماله على حدة وجعلاهما عند أحدهما فضاع أحدهما هو منهما ولو بقي مال كل واحد بيده فضمانه منه حتى يخلطا أو يجعلاهما عند الشركة والذهب من صاحبه لعدم العقد شرعاً وإن بقيت كل صرة بيد صاحبها حتى ابتاع بها أمة للشركة وتلفت الصرة الأخرى المالان متفقان فالأمة بينهما والصرة من ربِّها بعد العقد فيها وشراء الأمة بقصد الشركة مع الإذن وقال غيره لا تنعقد الشركة حتى يخلطا قال ابن القصار : فمالكٌ يقول لابد أن يكون نوعاً واحداً ولا يتميز لنا على ( ح ) أن الشركة الاختلاط فإذا لم يخلط لم يحصل مُسمَّى الشركة والشركة كما تحتاج للقول وتحتاج المال لأنه لو كان لأحدهما فقط المال لامتنع ولأنه يمتنع لأحدهما جملٌ وللآخر حمار يعملان به على الشركة فكذلك هاهنا ولنا على ( ش ) في جواز الدراهم البيض مع السود صدق المسمى بذلك كما لو اختلطا بعرضين بأن يبيع كل واحد نصف عرضه بنصف عرض الآخر والفرق بين صورة النزاع وبين أحدهما دراهم والآخر دنانير قرب اتحاد الجنس فيكون مقصودهما الشركة وثم يُرجح قصد الصرف احتج بأن في النوع الواحد تتحقق الشركة وبالنوعين يبقيان متميزين فلا تتحقق الشركة وجوابه المنع قال ابن يونس قال سحنون : إذا اشترى كل واحد بصرته سلعةً قبل الخلط فلكل واحد ما اشتراه له ربحه وخسارته وكذلك لو تلفت صرته حتى يجمعا المالين أو الصرتين في خرج أحدهما أو في يده وقيل إذا كانت صرة كل واحد بيده فتلفت إحداهما فاشترى أمة بعد التلف عالماً به خُيِّر شريكه في شركته فيها أو تركها له إلا أن يدعي شراءها لنفسه وإن لم يعلم بالتلف فهي بينهما كشرائها قبل التلف في الصرة الأخرى وهو أصل ابن القاسم
فرع
قال ابن يونس : لأحدهما حَمَام ذكر وللآخر أنثى على أن ما أفرخا بينهما أجازه مالك لأنهما يتعاونان في الحضانة ولأحدهما بيضٌ يجعله الآخر تحت دجاجته والفراخ بينهما فالفراخ لصاحب الدجاجة وعليه لصاحب البيض مثله كمن جاء بقمح ليزرعه في أرض بينكما فإنما له مثله والزرع لك قاله مالك
فرع
في الجواهر : تمتنع شركة الوجوه وقاله ( ش ) وجوزها ( ح ) قال بعض العلماء مثل أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ليكون له نصفه وقال القاضي أبو محمد هي أن يشتريا على الذمم بغير مال ولا وضيعة حتى إذا اشتريا شيئاً كان في ذممهما فإذا بيع قسما ربحه وهي باطلة في جميع ذلك عندنا وفسره الشافعي بأن يشاركه على أن يُربحه فيما يشتريه بوجهه أي بجاهه في الذمة أو يقول له اشترِ على جاهي والربح بيننا أو يقول عليَّ أن أشتري أرضاً وتبيع أنت لأني بالشراء أعرف وعند التجار أوجه لنا : أن الأصل عدم مشروعيتها ولأن حقيقة الشركة أن يشتركا في شيء عند العقد إما مال أو بدن ولا واحد منهما ولا يكفي القول في الشركة لأنهما لو جعلا الربح كله لأحدهما امتنع ولأنها أكل المال بالباطل وأخذ الربح بغير سبب شرعي احتج بالقياس على شركة الأبدان وبقوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) وبقوله : ' المؤمنون عند شروطهم ولأنها تنعقد على الوكالة بالشراء للآخر وهي تجوز حالة الانفراد فتجوز حالة الاجتماع والجواب عن الأول أن البدن والصنعة كالعين الموجودة بخلاف الوجوه ؛ وعن الثاني والثالث المعارضة بنهيه عليه السلام عن الغرر وهذا غرر ؛ وعن الرابع منع هذه الوكالة على الانفراد لان الذي يشتريه أحدهما يجوز أن يشتريه الآخر ومثل هذا في الوكالة لا يجوز وإنما يجوز ذلك في الشركة لوجود الرفق المنفي ها هنا ثم نقول الفرق بين هذا وبين الوكالة أن ها هنا اشتراه لنفسه ولشريكه وذلك لموكله وها هنا اشترى من غير نية الوكالة قال الشافعية وإنما تصح شركة الوجوه إذا أذن كل واحد لصاحبه في التصرف وأن يميز الجنس المشتري فقط نخطر له الأشياء المحقة فيشتري العالية وإن يذكر القدر المشترى إليه
الباب الثاني في الأحكام
وهي ستة : الأول قال اللخمي : عقد الشركة قد يلزم وقد لا يلزم إن أخرجا دراهم أو دنانير ليشتريا معيناً لا يستقل به أحدهما لزمت لأن لكل واحد حقاً في هذا العقد وإن كان يقدر على شرائه وحده وإن كان شراء الكل أرخص فكذلك وإن استوى الشراء جملة وانفراداً فعلى القولين فيمن شرط ما لا يفيد هل يلزم الوفاء به أم لا وإن اشتركا ليتجرا في غير معين وما لا أمد لانقضائه فلكل واحد الرجوع ولكن له عين دنانيره لأنه إنما رضي بالصرف لأجل الشركة ويتخرج فيه قول بلزوم الصفقة الأولى كقول مالك في الإجارة مشاهرة يلزمه الشهر الأول وإن كانت الشركة في سلع أخرج كل واحد سلعةً فثلاثة أحوال : إن قُصد بيع نصف أحدهما بنصف الآخر لا أكثر من ذلك لزمت أوالتربص بها لما يُرجى من حوالة الأسواق فالقول قول من دعا إلى تأخير المفاصلة إلى وقت اعتيد فيه حوالة السوق كالقرض لا يمكن أحدهما البيع قبل الأوان إلا أن ينقسم من غير نقص ولا مضرة فيقسم بين الشريكين أو القصد تمادى التجر بأثمانهما يُقدَّم من دعا إلى ترك التَّدجر في المستقبل على أحد قولي مالك في الكراء ولمن أحب التمادي الخيار في نقض الشركة في العرضين لأنه يقول لم أقصد إلا التَّجر في المستقبل فإذا لم أُمكن لم أستمر ولا مقال لمريد عدم التمادي لأن الآخر قد ملك عليه نصف عرضه ومكَّنه من الوجه الذي قصد الشركة لأجله ولو اخرجنا دنانير ثم سافر أحدهما بالمال لزمت الشركة ولا يوكِّل الحاضر من يأخذها من الغائب لحق الغائب بغيبته وليس للغائب الترك ويوقف له ماله هناك لأنه تعريضٌ للمال للتلف وإن سافرا لأجل التعاون بما لا يقدر أحدهما أن يتّجر فيه على الانفراد لكان القول قول من دعما إلى التمادي لأول نَضّة واختلف في شركة الحرث قال ابن القاسم لأحدهما النزوع قبل الحرث وقال سحنون ليس ذلك له وإن كانا قد بذرا لم يكن لواحد النزوع اتفاقاً لتعذر قسمة البذر في الأرض وإن لم يبرز وقال ابن حبيب : إن ذهب السيل بذلك الزرع لم يجبر أحدهما على أن يعيد بذراً آخر وإن هلك ثور أحدهما أو غلامه أو بعض أداته خُيِّر الآخر لأن البذر بالمال فتجب المعاونة قبل عدمه دون عدمه هذا إذا اشتركا ليعملا بطناً واحداً فإن كان ليعملا في المستقبل ولم يُسميا لزم أول بطن على أحد القولين قال صاحب المقدمات : الشركة عقد جائز من الطرفين ولكل واحد الانفصال متى شاء ولهذا لم تجُز إلا على التكافؤ فمتى فضل أحدهما في قيمة ما أخرجه فإنما جعله ليبقى معه على الشركة فتصير غرراً وجاز في المزارعة إخراج أحدهما أكثر قيمةً عند سحنون وابن القاسم للزوم العقد ويمتنع على قول ابن القاسم في المدونة لعدم لزوم العقد عل هذا القول ما لم يبذر وعند ابن كنانة لا تلزم بالشروع ولا بالعمل وإنما اختلف في المزارعة لأنها شركة وإجارة ألزم وأجاز التفاضل قال ابن حبيب : ما لم يتفاحش بما لا يتغابن الناس بمثله في البيوع وجوّز سحنون التفاحش في العوض أما مفرداً فلا قال صاحب التنبيهات : الشركة عقد لازم كالمعاوضات وعند غير ابن القاسم لا يلزم إلا بالخلط تنبيه : انظر هذا الاختلاف الشديد أحدهم يحكي اللزوم مطلقاً والآخر الجواز مطلقاً والآخر يفصل نظائر : الأول قال أبو عمران : العقود الجائزة خمسة القراض والتحكيم ما لم يشرعا في الحكومة والوكالة والجعالة والمغارسة وهذا يؤيد قول القاضي عياض باللزوم لأن أبا عمران قصد الحصر وما عدَّ الشركة الثاني : في الجواهر : توزيع الربح على قدر الأموال وكذلك العمل وإلا فسدت لأنه أكل المال بالباطل وفي الكتاب : إن تساويا في المال والربح على أن يمسك أحدهما رأس المال معه فإن كان المتولي التجارة دون الآخر امتنع أو يتوليانها جاز قال ابن يونس قال محمد : لأحدهم عشرة وللآخر خمسة والثالث لا مال له على أن الربح أثلاث فسد والربح والوضيعة على صاحبي المال وللثالث أجرة عمله على المالين وللقليل المال أُجرته فيما عمل في الخمسة الفاصلة مثاله عملوا سواء فتحصل تسعة تقسم ستة وثلاثة على المالين فيأخذ الثالث منهما ثلاثة من صاحب العشرة درهمان ويقول صاحب القليل لصاحب العشرة عمل في الخمسة الفاضلة نحن الثلاثة على ثلث ربحها وهو درهم فيحصل له ثلاثة وبيد الكثير ثلاثة وبيد الذي لا مال له ثلاثة وهذا هو الفقه في العتيبة والعدم واللدد ( كذا ) أما لو حضروا وصاحبا المال مليَّان مفردان لقُوّمت إجاراتهم في المال وإذا كانت ستة قسمت أثلاثاً ثم قسم ما بقي من المال أثلاثاً بي صاحبي المال كما لو استأجروا على العمل ثلاثة غيرهم فإنهم يقسمون الفاضل بعد إخراج الأجرة وهذا الضابط يطَّرِد في جميع الوجوه قال محمد : ولو أخرج كل واحد مائة فخرج اثنان بالمال فاختصما ببعض الطريق فاقتسما المال نصفين فتجرا فربح أحدهما وخسر الآخر لا تنفُذُ مقايمتُهما على الثالث المقيم بل على أنفسهما فيضم المال حتى يصير للغائب ثُلة كله مشاعاً بربحه وخسارته ثم يترادّ المقتسمان فيحصل لهذا بقية ربحه ولهذا بقية ربحه وكذلك الخسارة يريد محمد أن يكون له ثلث ربح أحدهما وعليه ثلث خسارة الآخر قال محمد لأنه قدد رضي بالمقاسمة وفي المستخرجة إن كان نهاهما عن القسمة لا يلزمه من الخسارة شيء وله نصف الربح لأنه لما نهي عن القسم لم يلزم شريكه ذلك لأنه متعدٍّ بالمقاسمة ولأنه لو وجد الخاسر معه ما رجع على الآخر وقيل الربح بينهما الثلث والثلثين نظراً لأصل المال وقال بعضهم الأشبه أنهما متعديان وإن لم يتهما ويكون الربح بينه وبين الرابح أثلاثاً لأنه ليس له في يديه إلا خمسون والقول بأن الربح نصفان مبني على أنه يقول تلك القسمة لا تلزمني وجميع ما بيدك بيننا فكذلك الربح
فرع
في الكتاب إذا صح عقد المتفاضلين في المال فتطوّع ذو القليل في الجميع جاز لأنه حقه فله إسقاطه قال اللخمي : إذا سافر أحدهما فلما بلغ البلد قسم واشترى لنفسه وشريكه على الإنفراد فهلك أحد المالين أو سلما أو اختلف الربح فللمقيم أفضل ذلك وله أخذ السالم والربح إن وقعا فيما جعله الشريك لنفسه لأنه لا يجيز القسمة وإن كانا في نصيب المقيم والسالم فربحُه بينهما ولا يضمن المقيم شيئاً لأنه لم يتعدَّ إلا في النية خاصة والنية لا تضمن وإنما يضمن إذا وضع يده على نصيب صاحبه لو جعل يد غيره عليه الثالث : قال الطرطوشي : تجوز المفاوضة وهي أن يُفوِّض كل واحد التصرف في البيع والشراء والضمان والكفالة والتوكيل والقراض وما فعله لزم الآخر إن كان عائداً إلى تجارتهما ولا يكونان شريكين إلا فيما يعقدان عليه الشركة من أموالهما دون ما ينفرد به كل واحد من ماله سواءٌ اشتركا في كل ما يملكانه أو بعضه كان رأس المال متفاضلاً أم لا إذا كان الربح والعمل على قدر ذلك وجوَّزها ( ح ) وخالَفَنا في أنها لا تصح إلا بالنقدين والفلوس الرائجة ولابد أن يُخرج عنده كل واحد جميع ما يملكه من ذلك ومنع تفاضل رأس المال ولا تصحّ إلا من مسلمين حرين أو مكاتبين ولا تصح من حرٍّ ومكاتب ولا مسلمٍ وكافر ولا صبي وبالغ واشترط التساوي في الربح والخسران وفيما يحصل لأحدهما منفرداً كأجرة خياطة ويلزمه ما يلزم الآخر من ضمان أو غصب أو سرقة أو عقد فاسد وفيما يشتريه الآخر بخالص ماله يشاركه الآخر فيه دون ما يرثه ويوهب له مما لا تصح فيه الشركة كالعروض والحيوان عنده فخالفنا في هذه الأحكام وقال ( ش ) شركة المفاوضة فاسدة وإنما تجوز شركة العِنان بأربعة شروط : الأول استواء المالين في الجنس والصفة والثاني خلطُها والثالث إذن كل واحد في التصرف والرابع اتفاقهما على أن الربح والخسران على قدر المال ومنشأ الخلاف اشتمالهما على المُفسد والمُصحح فنحن غَلَّبنا المصحِّح وهو غلَّب المُفسد حتى قال هي أشدُّ من القمار ولا يبقى شيء فاسدٌ إذا أُجيزت لنا قوله تعال ( أوفوا بالعقود ) وقوله : المؤمنون عند شروطهم ورُوي إذا تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة ورُوي تفاوضوا فإن المفاوضة اعظم اليُمن واعظم البركة وهو غير معروف الصحة وباللقياس على شركة العنان ولأنها وكالة وكفالة فيصحّان مجتمعين كما صحّا منفردين أو تقول : الضمان يوجب ثبوت المال في الذمة فيثبت مع الشركة كالبيع ويؤكده أن الشركة منعقدة على الربح وهو غرزٌ لا يُدري حصوله وضمان أحدهما وكفالته ليس بمعقود عليه فإذا لم يمنع الغرر في المعقود عليه أولى ألا يمتنع في غير المعقود عليه الذي يأتي بالفرض ولأن الربح يكون قبالة المال كشركة العنان وقبالة العمل كالقراض فيصح اجتماعُهما في المفاوضة احتج بنهيه عن الغرر وهذا غرر لأن أحدهما ربما ضمن ما يأتي على المالين وبقوله ' : كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط وهذه ليست في كتاب الله أو لأنها تضمنّت أخذ ربح ما لا نفرد به احدهما فتمتنع كما إذا انفرد جمع المالين أو نقول : تضمنت أن لكل واحد ما استفاده الآخر فتبطل كما لو اشترط ما يرثه الآخر فهو له والجواب عن الأول أن الغرر الغالب عليه عدم الحصول والغالب على الشركة السلامة وعن الثاني أن هذه في كتاب الله تعالى لقوله تعالى ( واعلموا أنما غَنمتم من شيء فإن لله خُمسة ) وقوله تعالى : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وهذه تجارة وغنيمة وعن الثالث منع الحكم في الأصل ثم الفرق حصول الرفق هاهنا وإنما يأخذ أحدهما ربحه له ملكه وحصول ربح الملك جائز بخلاف ربح بغير ملك وعن الرابع أنه ينتقض بشركة العنان ثمّ الفرق برفق التعاون هاهنا بخلاف المقيس عليه واحتج ( ح ) بأن المفاوضة مأخوذة من المساواة لقول الشاعر : ( لايصلحُ الناس فَوضي لا سراةَ لهم ** ولا سراة إذا جُهَّالُهُم سادوا ) فيستويان في جميع الوجوه قلنا بجملة المساواة فيما يحصل الرفق ولا ضرورة إلى تكثير الغرر وأعلم أن مذهبنا متوسط فالشافعي منع غررها جملة و ( ح ) جوّزه جملة ونحن أجزنا ما تدعو إليه حاجة الارتفاق والغرر لا تكاد تعرى عنه البياعات فكيف الشركة التي خالفت الصرف والبيع في عدم المناجزة والتسليم لبقاء يد كل واحد على ما شارك به تفريع في الجواهر : إن كان العمل منهما جميعاً ولا يستد به أحدهما سمي عناناً وأن كان أحدهما يجوز له الاستبداد في جميع التصرفات حضر الآخر أو غاب ويلزمه تصرفه في المفاوضة قال في الكتاب : لا أعرف الشركة لبعدين من قول مالك ولا غيره من أهل الحجاز فائدة : اشتقاقهما قال الطرطوشي : لأنهما يستويان في التصرف والأرباح كالفارسين إذا استويا في السير فإن عنانيهما يكونان سواء وقيل من عن الشيء إذا اعترض عنت لي حاجة إذا اعترضت ومنه عنان السماء - بفتح العين - جمع عنانة وهي السحابة المعترضة بين السماء وكل واحد منهما عن له أن يشارك صاحبه أو لأنها شركة ظاهرة عن الشجر إذا ظهر وليس في الشركات ما يثبت في أمر ظاهر إلا هي لأنها في مالين ظاهرين موجودين والمفاوضة تكون فيما لم يظهر وكذلك الأبدان والوجوه أو لأن الفارس يمسك بأحد يديه عنان الفرس ويرسل الأخرى يتصرف فيها كيف شاء وهو ها هنا تنفيذ في مال الشركة ويتصرف في ماله كيف أحب في المفاوضة ليس لأحدهما الانفراد أو من المعاينة يقال عاينت فلاناً إذا عارضته بمثل ماله وهاهنا عارض أحدهما صاحبه بمثل ماله وهي لفظة عربية لقول الشاعر : ( وشاركنا قريشاً في علاها ** وفي أحسابها شرك العنان ) والمفاوضة قال صاحب التنبيهات : من التفويض لتفويض كل واحد الأموال لصاحبه كقوله تعالى : ( وأفوض أمري إلى الله ) وقيل من التساوي كقوله تفاوضنا في الحديث وشركة العنان متفق على جوازها ولم يعرف مالك مرة اسمها أو تخصيصها بالجواز ويقال عنان - بكسر العين - وهو الأكثر لمن اشتقه من عنان الدابة وبالفتح إذا أخذ من عن لي الشيء إذا اعترض وفي الكتاب : إذا قامت البينة أنه مفاوضكما على الثلث أو الثلثين صح ويتفاوضان لأحدهما عينٌ أو عرض دون الآخر وإن قامت أنه مفاوضك فلا يختص أحدهما وجميع ما بأيديكما بينكما إلا ببينة تخصُّه وما ابتاع أحدكما بيعاً صحيحاً أو فاسداً لزم الآخر ويتبع البائع بالثمن أو القيمة أيكما شاء ولأحدكما قضاء ما يختص بالآخر من دين وللمأذون مفاوضة الحُّر قال اللخمي : إنما يكون جميع ما بأيديهما بينهما إذا أنكر المشهودُ عليه الفاوضة فلو أقر وقال الثلث والثلثين اقتسما السدس نصفين على أصله إلا أن يكون قوم لا يتفاوضون إلا سواء ولو قامت البينة على أن شريكه لم يفض بالشركة في جميع أملاكهما لَصَدَق الاسم على بعض المال ولو أقرَّ أني شريك فلان في القليل والكثير فكالمتفاوضين ولا يُقبل إقرار أحدهما على الآخر بدين ولا وديعة وإذا تقاررا بالشركة فما في أيديهما من التجارة بينهما دون مسكن وخادم وطعام وإذا قال أحدهما هذا ليس من الشركة بل وراثة أو هبة أو بضاعة لرجل أو وديعة صُدِّق مع يمينه إلا أن تقوم بينة أنه اشتراه أو كان في يده يوم أقر
فرع
في الكتاب : تجوز المفاوضة إما في جميع الأشياء أو في نوع كالرقيق أكرَهُ أن يُخرِجا مالاً يتًّجران به وبالدين مفاوضة فإن فعلا فما اشترى كل واحد منهما بينهما وإن جاوز رأس ماليهما ولو تفاوضا ولم يذكرا في العقد الدَّين فباع أحدُهما به جاز على شريكه لأنه مما يعرض في المفاوضة ولو تفاوضا بأموالهما في جميع التجارات وليس لأحدهما مال يخصه فاشترى أحدهما من مال الشركة جارية لنفسه وأشهد على ذلك خُيِّر شريكه في إجازتها وردِّها للشركة لأنه مقتضى العقد قال ابن يونس : يريد يُخَّير ما لم يطأها بخلاف الغاصب والمتعدي في وديعة ابتاع بها سلعةً لا يدفعُ إلا مثل الدنانير لأن الشريك مأذونٌ له وليس له أن يختص بالربح بل هو كمبضع معه بشراء سلعةٍ أو مفاوض أو وكيل يُخِّير رب المال في الأخذ لأنهم مأذون لهم في عين ذلك
فرع
في الكتاب : لا خير في أحد المتفاوضين يبتاع الأمة فيطؤها ويرد ثمنها في رأس المال ويتقاومانها فمن صارت له فهي له وحل له وطؤها قاله مالك قال ابن القاسم : ولك إبقاؤها للواطئ بالذي اشتراها به وإذا لم يسلمها ليس له الامتناع من المقاواة وردها للشركة وقال غيره : ذلك له وفي النكث : إن اشتراها للتجارة فوطئها فهاهنا يخير الشريك بين مطالبته بالقيمة وتركها بينهما أو اشتراها لنفسه ليطأها وعلى أن الخسارة فيها والربح على المال فهي مسألة الكتاب التي فيها المقاواة ولو اشتراها بإذن شريكه على أن يضمنها إن حبس ولو ربحها فهو كسلف أسلفه شريكه قال ابن يونس : إنما يتقاويان إذا أراد الوطء قبل الوطء أما بعده فتلزم القيمة إن شاء شريكه وبعد الحمل فتعين القيمة شاء شريكه أم لا لانها أم ولد قاله محمد قال بعض القرويين قوله لزمت القيمة إن شاء شريكه فيجب إن كان تكلم على إذن واحد لصاحبه فتجب القيمة شاء شريكه أم لا لأنه تحليل لما أذن فيه كل واحد لصاحبه فأشبه ما لو حللها له ففاتت بالوطء فلا خيار في ذلك لأنه من عارية الفروج فأما بغير إذن فهو متعد إن شاء أمضاها له لأنه اشتراها لنفسه أو قاواه بعد الوطء وإنما لم يبقها ابن القاسم على الشركة لأنه خشي أن يكون غير مأمون على بقائها عنده بخلاف لأمة بين الشريكين إذ هذا الشريك يغيب على ما اشتُري ويتصرف في الجميع فخالف من شاركه في أمةٍ فقط وغيره أجازردها للشركة لأنها كالأمة بينهما وإذا لم يُومَن عليها مُنع من الخلوة بها قال اللخمي : لا يجوز لأحدهما وطء جارية من الشركة ولا أن يشتري من المال ليطأ أذن الشريك أم لا لأن حلّ الوطء يُشترط فيه الملك المحض قال وأرى إن كان الواطء جاهلاً جاز بقاؤها تحت أيديهما أو عالماً لم تبق ويحوزها عنه الشريك الآخر إن كان مأموناً وله أهل وإلا فعلى يد عدل حتى تُباع وقد قال ابن القاسم : إذا وطئ أخته من الرضاعة بملك اليمين تُباع عليه إن كان عالماً بالترحيم وإلا فلا يومن عليه العودة وإن اشتراها للتجارة وليصيبها وشراء مثلها للتجارة حُسن النظر وعلم بذك قبل الإصابة لا يضمن الثمن وتبقى شركة ولو وطئ بإذن الشريك لزمت القيمة حملت أم لا لأنه تحليل ومتى فعل أحدهما ذلك فحكمُه حكم فعل أحدهما في الوطء أو غيره
فرع
في الكتاب : إذا وَخَّز أحدهما غريماً بدين أو وضع له منه استلافاً ليعامله في المستقبل جاز كالوكيل المفوض بخلاف المعروف يختص بحصته ويرّد من الآخذ من الوكيل إلا أن يهلك فيضمن الوكيل في النكث : ليس الدفع للاستيلاف سلفاً لنفع لأنه قد لا يعامله بل يفعل ذلك لِحسن السمعة قال اللخمي : إذا أخَّر الغريم فالتأخير في نصيبه إن لم يكن في قسمة الدين ضررٌ وإلا فإن قال من أخَّر الغريم فالتأخير في نصيبه إن لم يكن في قسمة الدين ضرر وإلا فإن قال من أخَّر لم أظنَّ أن ذلك يُفسد شيئاً من الشركة ردّ جميع ذلك وإن لم يُؤخره حتى حل الأجل سقط الرجوع لعدم المفسدة فإن لم يجد الغريم بعد التأخير ضمن لشريكه نصيبه وإن كان التأخير استيلافاً لم يضمن الموخِّر وإن أغر الغريم إلا أن يكون الغريم ممن يُخشى عدمه عند الأداء فيُرد في التأخير ويعجل جميع الحق وإن لم يرد حتى أغر ضمن الشريك إذا كان عالماً بذلك وقيل يمتنع التأخير وإرادة الاستيلاف لأنه سلف بزيادة وإن وَضع أحد الشريكين فعلى ما تقدّم في التأخير ويجوز على وجه المعروف ثم يُنظر هل يَمضي نصيب الواضع وتجوز إن أراد الاستيلاف إلا أن يكثر فيرد الزائد على ما يراد به الاستيلاف
فرع
في الكتاب : إذا أبضع أحدهما مع رجل فعلم الرجل بموت الباعث أو بموت شريكه وأن ما معه من الشركة لم يُشتَرَ وردَّه علة الحيِّ منهما والورثة إن بلغة اقترافهما لأن الوارث لم يأذن في الشراء وقد انتقل المال أليه أو بعضه قال اللخمي : فإن علم الذي أبضع معه باقترافهما من غير موت فله الشراء بخلاف الموت وإن علم في الموت أن المال من غير المفاوضة لم يكن له الشراء إذا مات المُبضع معه وإن مات من لم يُبضع فله الشراء وإن شك هل هو من المفاوضة لم يشتر لعدم تعين سبب الإقدام
فرع
في الكتاب : لأحد المتفاوضين أن يبضع ويُقارض دون إذن الآخر وإن أودَع بغير عذر ضمن وإلا فلا كالمودع وإن ردّها المودع إلى غير المودِع برئ إن صدَّقه القابض وإلا فلا يبرأ إلا ببينة لأنه لم يأتمنه وكذلك دفعُك ثمن ما ابتعته من أحدهما وإن أودعك أحدهما فأودعت شريكه ضمن لعدم الإذن في ذلك إلا أن يكون لعورة من هزل أو سفرٍ فإن أودعت أحدهما فهي بيده دون صاحبه لأنك لم تأمن صاحبه فإن مات ولم تعرف بعينها فهي دين في حصته دون حصة شريكه لأنها من غير التجارة وإن عمل بوديعتك تعدياً وعلم شريكه بالعدوان ورضي بالتجارة فلهما الربح وعليهما الضمان لرضاه وإلا فالربح للمتعدي وعليه الضمان خاصة لعدم المشاركة وقال غيره : إن رضي وعمل فإنما له أجرة مثله فيما أعان لأنه لم يغصب بل عمل في المغصوب وإن رضي ولم يعمل فلا شيء له ولا ضمان عله قال ابن يونس : لا يقارض أحد المتفاوضين أحداً إلا بإذن شريكه لأنه وضع يدٍ على المال لم يرضها ويجوز في سلعة بعينها كالبضاعة قال اللخمي : لو تجر فيها أُودع عنده ونوى أن يكون تجره فيها لهما فلشركة نصيبه من الربح دون الخسارة لأنه يختار الإجارة في الربح فقط إذا أخذ أحدهما قراضاً قال ابن القاسم : له الربح وحده لعدم اندراجه في العقد وقال أشهب : بينهما نظراً للمفاوضة فإن أجًّر نفسه أو تسلف مالاً فهو بينهما لأنها إنما سُميت مفاوضة لتفويض كل واحد النظر فيما يجرُّ نفعاً وقال أصبغ : الربح له وللآخر الأجرة إذا حلف لم يعمل متطوعاً قال اللخمي : إن عمل في وقت لم يتوجه عليه فيه عمل اختص بالربح وإن احتيج قيامه لشيء من ذلك فعمل صاحبه فلصاحبه الأكثر من الأجرة فيما عمل أونصف ما أخذ في القراض وإن استأجر مكانه رجع عليه بتلك الأجرة وإن لم يعلم الشريك الآخر لأنه لو كان غائباً ففسد شيء رجع عليه بما ينويه مما فسد وكذلك لو نزل سوقه
فرع
في الكتاب : إن استعار أحد المتفاوضين بغير إذا صاحبه ما يحمل عليه لنفسه أو لمال الشركة فتلف فضمنانه من المستعير فقط لأن شريكه يقول كنت تستأجر وقال غيره : يضمن في التعدي دون العارية لأنها من جدة المنظر وإن استعارا جميعاً فتعدى عليها أحدهما اختص بالضمان وإن استعارها أحدهما للشركة فعمل عليها الآخر ذلك بعينه فعطبت لم يضمن لأنه المأذون فيه وشريكه كوكيله وإن استعرت دابة لتحمل عليها فحمل عليها غيرك ضمن لعدم إذن ربها له ولا وكًّلته وفي النكث قال الشيح أو الحسن : إذا استعار أحد الشريكين بغير إذن شريكه إنه يضمن الدابة وحده معناه إن قضي بها قاضٍ لأن أصل ابن القاسم أن الحيوان مما لا يُغاب عليه فلا يضمن قال اللخمي : يحمل قول ابن القاسم في ذكر الدابة تقريراً للقيمة لأنها مضمونة وقد يكون مذهب الحاكم في الموضع تضمين العواري وإن لم يُغَب عليها ففإن كان الحاكم لا يرى ذلك فعُزل قبل النظر في ذلك لكان الضمان عليهما وقيل يضمنه وكذلك إن كان الأول يضمن والمستعير يجهل ذلك على اختلاف فيه قال ابن القاسم : وليس كل الناس فقهاء وقد اختلف في تضمين الوكيل إذا اجتهد فأخطأ وهذا عذر والغالب على الناس الرغبة في العارية توفيراً للأجرة والغالب السلامة قال : فأرى الضمان عليهما وإن كانت مما يغاب عليه
فرع
في الكتاب : عبدُ أحد المتفاوضين لا يأذن له أحدهما في تجارة ولا يُعتقه على مال يتعجَّله منه ولا يُكاتبه بغير إذن شريكه إلا أن يأخذ مالاً من أجنبي على عتقه مثل قيمته فأكثر فيجوز وهو كبيعه في النكث لأن العبد قد يلحقه دينٌ فيصير عيباً ولأن الإذن له تفويضٌ وليس له المفاوضة بغير إذن شريكه وهو بخلاف إذا قارض أحد الشريكين فإنه يجوز
فرع
في الكتاب : لا يلزم أحدهما كفالة الآخر لأنه معروف وما جنى أحدهما أو غصب أو استهلكت أو أصدق أو أجًّر فيه نفسه لا يلزم شريكه فيه شيء لأنه غيُ مقتضى عقد الشركة
فرع
قال : ويُرد بالعيب على البائع منهما إن كان حاضراً أو إن كان غائباً كاليوم ويُنتظر لعل له حجة فإن بَعُد وأقام المشتري البينة ببيع الإسلام وعهده ردّ على الشريك الآخر بالعيب القديم وإن احتمل الحدوث فعلى المشتري البينة أنه حادث عند البائع إلا إذا حلف الشريك ما علم فإن نكل حلف المبتاع وردّ قال ابن يونس : فلو حضر الغائب حلف على البتّ في الظاهر وعلى العلم في الخفي عند ابن القاسم وإن نكل قال أبو محمد : يحلف المبتاع على البت وفي الكتاب محمد إنما يحلف كما يحلف بائعه على البت في الظاهر وفي الخفي على العلم فلو جاء الغائب وأقر أنه كان عالماً لزم الشريك وللحالف الرد وإن أنكر الغائب فإن نكل فهل يردّ عليه جميعاً أونصفه ليمين شركه والأول أظهر لأن نكوله كإقراره لأنه المعامل ولا يضره يمين الشريك الحاضر لأنه إنما حلف علي نفي العلم فلو نكل الشريك الذي لم يبع فحلف المبتاع وردها قم قال الغائب لما قدم أنا أحلف وأنقض الرد فالأظهر أن ذلك له لأن توقف صاحبه لعدم علمه وهذا علم وقد يقال له في ذلك نصفه ويقع الرد في النصف الآخر لنكوله ومتولِّي البيع كوكيله واليمين على الوكيل قال اللخمي : إذا حضر البائع بُدئ بالخصومة لأنه أعلم بما عقد عليه فإن عجز البائع فللمشتري تحليفُهما جميعاً إذا أشبه أن يكون عند الآخر علم وإذا أقام البينة أنه اشترى على عهدة الأسلام أخذ الثمن من الحاضر وإن لم يُقم بينةً واختلفت العادة حلف أنه اشترى على العهدة وإن شُكَّ في قِدَم العيب وكان شراء البائع لذلك في غيبة الحاضر أو في حضوره وباعه بالحضرة قبل علم الآخر لم يحلف الحاضر ولو حلف أحدهما ونكل الآخر ردّ جميعه وعند أشهب اليمين على العلم في الجلّي والخفيّ لأن العيوب شأنها الخفاء
فرع
قال اللخمي : لو وجد أحدهما عيباً فردّ به أو قَبِله وخالفه الآخر فالحكم للسابق منهما ويخير البائع فيما أراده الآخر فإن سبق أحدهما بقبوله ثم ردّ الآخر سقط القيام بالعيب وخُيّر البائع في الرد وإن سبق أحدهما بالرد ثبت الرد وخُيّر البائع إن قبلها لم يكن للآخر ردها وإن اختار الرد لم يكن لمن سبق بالرد الامتناع إلا أن يعلم أن الذي فعله أحدهما فيه ضرر فيمضي ذلك في نصيب من رضي وحده
فرع
في الكتاب : إذا ابتعت من أحدهما فأقبضت الثمن بعد افتراقهما للبائع أو شريكه ولم تعلم افتراقهما فلا شيء عليك لأنه مما يخفى عليك وإن علمت ضمنت حصة الآخر بخلاف قضاء الوكيل المفوض إذا أشهد على الخلع ولا يبرأ من دفع إليه ثمن ما باع أو غيره قال غيره : إن لم يعلم الوكيل ولا الغريم بالحجر برئ الغريم لأن علم ذلك قد يخفى وإن علم بذلك أحدهما والآخر عالم أم لا لم يبرأ الغريم قال في النكث : الفرق أن الشركة باقية في الدين بعد الافتراق والعزل يرفع يد الوكيل مطلقاً وقال بعض القرويين قول الغير إذا خلعه وقبض وقد علم أحدهما بالدفع يضمن الدافع يريد لأن الغريم وإن لم يعلم فالوكيل لما علم بالخلع تعدى في القبض فهو ضامن لما أتلف فيرجع الدافع عليه ولا ضرر قال ابن يونس : قال بعض القرويين الأشبه ألا يضمن الغريم كما في الشريكين يفترقان لأن كل واحد منهما وكيل صاحبه على القبض وقد فرًّطا إذ لم يعلما وقول الغير في إلزام الغريم بعلم الوكيل مشكل وفي الموازية : لو علم الذي عليه الدين ببينة فحكم عليه بالدفع للوكيل برئ لأنه مكره
فرع
في الكتاب : يجوز شراء أحدهما من الآخر سلعة لنفسه أو للتجارة كالمقاسمة
فرع
قال : يلزم إقالة أحدهما فيما باعه هو أو شريكه وتوليته إلا بمحاباة فهو حينئذ كالمعروف لا يلزم إلا أن يجد نقصاً للتجارة وإلا لزمه قدر حصته منه
فرع
قال : إقرار أحدهما بدين من شركتهما لأبيه أو ولده أو جده أو جدته أو زوجته أو صديقه الملاطف أو من يُتّهم عليه لا يلزم شريكه للتهمة بخلاف من لا يُتهم عليه ولو أقر أحدهما في دار أو غيرها من العروض أن نصفها لأجنبي حلف المدعي معه واستحق لأنه شاهد كإقرار وارث بدين على الميت قال ابن يونس : كذلك كل من يُدخل الضرر بإقراره على غيره يمتنع إقراره لمن يُتًّهم عليه كالعبد المأذون والمريض واختلف فيمن أحاط الدين بماله فإن جوزنا قلنا بقية الدين في ذمته فلم يُتهم وإن منعنا قلنا لإضراره بالغرماء قال اللخمي : يجري في إقراره بالتهم النقوذ كإقرار من تبين فلسه لمن يُتهم عليه وفيه قولان وهاهنا أولى لانتزاع مال المفلس ويقي محتاجاً فيوزع ما يعيش به ولا حاجة هاهنا لدين في الذمة وإقرار أحدهما عند إرادة الافتراق جائز فإن افترقا ثم أقر أحدهما لم يقبل إقراره إذا طال الافتراق فإن قرب وادّعى أنه نسي فخلاف وقد اختلف في عامل القراض يَدَّعي بعد المقاسمة أنه أنفق ونسي المحاسبة بذلك منعه ابن القاسم وقال مالك يحلف وله ذلك والشريك مثله فإن أقر أحدهما بعد موت الآخر فجعله في الكتاب شاهداً ولم يقبل قوله وقال سحنون يصدّق الشريك ويلزم الورثة وهو أصوب لأن الموت ليس بافتراق لعدم المحاسبة وصوناً لأموال الناس واختُلف في العبد يحجّر عليه بعد الإذن والمكاتب يعجز والقبول أولى لأن تصرفاتهما لا تُعلم إلا من قبَلهما وليس العادة الإشهاد في كل شيء وإنما أجاز في الكتاب شهادته لأنه لم ير عليه بعد النكول إلا نصف الحق فلم تجب شهادته نفعاً ولا دفعت ضرراً وكذلك اختلف في شهادة الحميل على من تحمَّل عنه والجواز أحسن وإذا كانا شريكين في شيء بعينه امتنع إقرار أحدهما على صاحبه
فرع
في الكتاب : إذا مات أحدهما لا يُحدث الآخر في المال ولا في السلعة شيئاً إلا برضى الورثة لانقطاع الشركة فإن أقام أجنبي بينةً أن مائة دينار من الشركة كانت عند الميت فلم توجد ولا علم مصرفها وموته قريب من أخذها ويُظن أنه لم يشغلها فهي في حصته وإن تطاول وقته لم يلزمه لأن شأن الشريك الحوز والتصرف فلا يضمن لعدم تعين العدوان قال ابن يونس قال محمد : إن أشهد على نفسه بأخذ المائة لم يبرأ إلا بشاهدين على الرد طال أم لا لأن قرينة الإشهاد تقتضي الالتزام وأما الإقرار من غير قصد إشهاد فما قال ابن القاسم الرابع في إلغاء الكلف في الكتاب إذا كان مال المتفاوضين كثيراً وهما في بلدين على أن يجوز كل واحد على صاحبه ويلغيان نفقتهما كانا في بلد أو بلدين وإن اختلف سعراهما كانا ذوي عيال أولا عيال لهما يجوز لأنه العادة وهو معلوم متقارب فإن كان العيال لأحدهما حسب كل واحد ما أنفق وما اشتراه لعياله وللبائع ابتياع أيهما شاء بثمن ما يبيع لذلك من كسوة لهما أو لعيالهما مما يلغي وهي من مال التجارة إلا كسوة لا يتبدل مثلها فلا تلغى ومن ابتاع طعاماً أو كسوة له أو لعياله لم يدخل فيه الآخر إذ لا بد لهما من ذلك وعليه عقدا قال اللخمي : القياس إذا كان البلد قراراً لهما أن يحاسب من في البلد الغالي بين السعرين وإن لم يكن واحد منهما في قراره فلا يحاسب بما بين السعرين أو أحدهما في قراره وهو أغلاهما حوسب بما بين السعرين أو الآخر أغلاهما لم يحاسب بذلك الفضل لأنه خرج من سبب المال وله مندوحة عن ذلك الغلاء وإن كان كل واحد في قراره أو أغلاهما في قراره حاسب أقلهما سعراً لأن الاصل نفقة كل واحد على نفسه وما سوى ذلك فهو على العادة وإن كانت العادة الإنفاق من الوسط جاز على ما تجوز عليه الشركة من المساواة في الانتقال وأن يكون الربح على قدر رؤوس الأموال وكل موضع تلغى فيه النفقة تلغى فيه الكسوة وإن تساوي العيال في العدد دون السن تحاسباً بذلك كاختلاف العدد والكسوة التي لا تبتدل ربحها لهما وخسارتها على مشتريها ويحاسب بما وزن فيها وإن علم بذلك قبل دفع الثمن خير الشريك الآخر في ردها للشركة أو يمضيها له خاصة ويمنعه من وزن ثمنها من مال الشركة إلا أن يسقط من نصيبه من المال قدرها وإن غاب المشتري وطالب البائع الشريك الآخر بالثمن لم يكن ذلك له وإن قال مشتريها اشتريتها على غير مال الشركة لاستقراض الثمن أو لأخذه من الشركة وتسقط الشركة فيما ينوب ثمنها فله ذلك وربحها له وإن اختلف رأس المال وتساوي العيال أنفق صاحب القليل بقدر ماله لا بقدر عياله ليحاسب بذلك في المستقبل ليلاً يأخذ من المال أكثر مما يأخذ صاحبه الخامس في الجواهر : يد كل واحد من الشريكين يد أمانة فيما يدعيه من تلف أو خسران ما لم يظهر كذبه لأن كل واحد وكيل للآخر فإن اتهم استحلف وإن قال ابتعت سلعة وهلكت صدق ويصدق في أنه اشترى لنفسه خاصة أو للشركة فإن هذا المال من مال الشركة حصل لي بالقسمة صدق شريكه في إنكار القسمة لأن الأصل عدمها
فرع
إذا كانا شريكين في حيوان مثلاً بميراث أو غيره لا يجوز له أن يتصرف فيه إلا بإذن شريكه فلو باع نصيبه وسلم الجميع للمشتري بغير إذن شريكه فمقتضى القواعد أن الشريك يضمن وبه أفتى شيوخنا والشافعية لأن أحسن أحواله أن يكون في الأمانة كالمودع عنده والمودع إذا وضع يد الأجنبي ضمن بتعديه فإن قيل : يلزم عدم صحة البيع لعدم قدرته على التسليم شرعاً قلنا : إن كان شريكه حاضراً سلم المبيع له وتقع الحكومة بينه وبين المشتري أو غائباً رفع أمره إلى الحاكم يأذن له في البيع ممن شأن الحاكم وضع مال الغائب تحت يده ويصح البيع ولم أر في ذلك نقلاً غير أنه مقتضى القواعد مع أن الشيخ أبا عمرو بن الحاجب قال في مختصره في كتاب الرهن المشهور أنه لا يفتقر في رهن المشاع إلى إذن الشريك وله أن يقسم ويبيع ويسلم وعلى القول الآخر في صحة البيع قولان لتأخير التسليم السادس في العهدة قال ابن يونس قال مالك : ما يقضى فيه بالشركة كأهل الأسواق فالعهدة على البائع وكذلك إن أشركه بعد تمام البيع بحضرة ذلك ولو اشترطه أم لا إن باعه بيعاً بحضرة البيع فعلى البائع الثاني إلا أن يشترطه على الاول إلا أن يبقى وقت البيع الأول فلا يلزم هذا الشرط والعهدة على الثاني وحد ذلك الافتراق من الأول افتراقاً بيناً وانقطاع مذاكرة البيع الذي كانا فيه ثم يباع الثاني فلا ينتفع باشتراطه على الأول قال محمد : هذا فيما يشترى بعينه أما ما يسلم فيه فعهدته على البائع الأول إذا بيع قبل قبضه مما يجوز بيعه
الباب الثالث في التنازع
وهو إما بينهما أو بين أجنبي وبينهما فهذه فصلان
الفصل الأول في التنازع بينهما
وفيه ثلاثة عشر فرعاً : الأول في الجواهر : أصل المتفاوضين أن ما بأيديهما على ما شهدت به البينة من الأجزاء فإن لم تعين جزءاً حمل على النصف لأن الأصل عدم الاختصاص الثاني في الجواهر : لكل واحد البيع بالدين والابتياع ما لم يحظر الآخر عليه الثالث ' ما ' بيده متاع من متاع التجارة لأنه من متاعها ولو قال فلان شريكي ثم قال حدثت لي هذه الدار صدق مع يمينه لصدق الاسم بدونها وإن قال في كل التجارة وقال الآخر بل فيما في يديك دون ما في يدي صدق مع يمينه لأن الأصل اختصاصه بملك ما في يديه وإن قال في حانوت في يديه فلان شريكي فيما فيه ثم أدخل فيه عدلين وقال ليسا من الشركة وقال الآخر قد كانا في الحانوت يوم إقراره صدق هذا لأن الإقرار مستصحب على ما في الحانوت إلا أن تشهد بينة بخلافه وعن أشهب يصدق الأول لأن الأصل عدم تناول الإقرار له الرابع في الكتاب : إن ادعى شراء سلعة ثم ضياعها صدق لأنه أمين الخامس قال : إذا جحد أحد المفاوضين المال وأقام الآخر بينة فهلك المال بيد الجاحد في الخصومة ضمن حصة الآخر لأنه غاصب بمنعه السادس قال ابن يونس قال ابن القاسم : إذا قدم شريك بيده أموال يقول هي ودائع أو هي عروض فقال دفعت لي لأبيعها فقلت له اذكر اسم أربابها فإن سماهم وحلفوا أخذوا وإن نكلوا أخذوا نصيب المقر وحده مواخذة له بإقرار وإن لم يسم فذلك بينكما قال بغض القرويين : ظاهر قوله أنه يحتاج إلى عدالة المقر لأنه جعله شاهداً وينبغي قبول إقراره لمن لا يتهم عليه ويحتمل التحليف استبراء وعن مالك إذا قال عند المحاسبة جعلت في مال الشركة مالاً يحلف شريكه على البت ماله فيه شيء ولا جعل فيه شيئاً والمال بينهما لأن الأصل استصحاب المفاوضة على جميع ما بيده السابع قال قال ابن القاسم : إذا ادعى المفاضلة فقال لك الثلث ولي الثلثان وقلت النصف وليس المال بيد أحدكما دون الآخر له النصف لأنك سلمته ولك الثلث لأنه سلمه وتقتسمان السدس نصفين لوقوع التنازع فيه وقال أشهب : المال بينهما نصفان بعد أيمانهما لأنه ظاهر المفاوضة وكذلك لو كانوا ثلاثة فادعى الثالث الثلث يقسم بينهم المال أثلاثاً عنده لتساويهم في الحيازة والإيمان وإنما اختلفت الدعاوي قال محمد : فلو ادعى أحدهم الثلثين وقال لكما الثلث وقال الآخر لي النصف ولكما النصف وقال الآخر لكل واحد منا الثلث يضرب كل واحد بحصة دعواه فيقسم المال على تسعة لمدعي الثلثين أربعة ولمدعي النصف ثلاثة ولمدعي الثلث اثنان والذي يجري على أصل ابن القاسم أن يسلم صاحب النصف وصاحب الثلث السدس لصاحب الثلثين لعدم المنازعة فيه وتبقى خمسة أسداس ادعي صاحب الثلثين ثلاثة أسداس وصاحب النصف وصاحب الثلث يدعيان الجميع فتقسم هذه الخمسة الأسداس نصفين لصاحب الثلثين سهمان ونصف سدس وذلك عشرة أسهم من أربعة وعشرين ويبقى من المال أربعة عشر سهماً يدعي صاحب النصف أن له منها اثني عشر التي هي نصف جميع المال وأن السهمين الباقيين لا شيء فيهما له فيدفعان لصاحب الثلث ويدعي صاحب الثلث أن له من الأربعة عشر ثمانية التي هي ثلث جميع المال وأن الستة الباقية لصاحب النصف لا شيء له فيها فتدفع الستة لصاحب النصف فتبقى ستة يدعيها صاحب الثلث مع الاثنين التي بيده ويدعيها صاحب النصف مع الستة التي سلمها له صاحب الثلث فكل واحد منهما يدعي هذه الستة فتقسم بينهما نصفين يحصل لمدعي النصف تسعة أسهم ولمدعي الثلث خمسة أسهم ولمدعي الثلثين عشرة أسهم فذلك أربعة وعشرون سهماً فلو ادعى أحدهم جميع المال والآخر النصف والآخر الثلث قال محمد : يسلم مدعي الثلث ومدعي النصف السدس لصاحب الكل ثم صار الكل يدعي الخمسة الباقية والآخران يدعيانها فتقسم بينهم نصفين لصاحب الكل عشرة قراريط وللآخرين عشرة قراريط وصاحب الثلث لا يدعي في هذه العشرة إلا ثمانية فسلم اثنين لصاحب النصف ثم تقسم الثمانية بين الآخرين نصفين لتساوي دعواهما وإن شئت قلت سلم مدعي الثلث لصاحب الكل الثلثين ثم نازع الآخر في الثلث فيقسم بينهما نصفين ثم يقول صاحب النصف سلم لي ما زاد على النصف وهو الثلث لأخذ السدس وقال عبد الوهاب : يقسم المال بينهم على ستة وثلاثين لمدعي الكل خمسة وعشرون ولمدعي النصف سبعة أسهم ولمدعي الثلث أربعة أسهم لأن مدعي النصف والثلث أقرا بتسليم النصف لصاحب الكل وأقر صاحب الثلث بتسليم السدس فيتداعياه مدعي الكل ومدعي النصف فيقسم بينهما نصفين فيصير لمدعي الكل سبعة من اثني عشر ولمدعي النصف سهم ثم يقسم الثلث بالسوية فيكون لكل واحد سهم وثلث فيصير لمدعي الكل ثمانية وثلث ولمدعي النصف سهمان وثلث ولمدعي الثلث سهم وثلث فتضرب الاثني عشر في مخرج الثلث لتسلم السهام فتكون ستة وثلاثين وطريق محمد أبين لأن مدعي النصف ومدعي الثلث لا يسلمان لمدعي الكل إلا السدس وقال ابن ميسر : لصاحب الكل ستة أسهم ولصاحب النصف ثلاثة ولصاحب الثلث سهمان فيقسم المال بينهم على أحد عشر سهماً وهو أعدل الأقوال وهو على عول الفرائض والوصايا كمن أوصي لرجل بماله ولآخر ببعض ماله ولآخر بثلثه فالثلث بينهم على أحد عشر سهماً باتفاق فكذلك هاهنا الثامن قال سحنون : إذا قال فلان شريكي ولم يقل في جميع المال ولا مفاوض فإن خصص مالاً في الإقرار وكان كلاماً يستدل به على شيء اتبع ذلك وإلا شركه في جميع المال لأن ظاهر الشركة التساوي التاسع قال إذا قال شركك في هذه السلعة ولم يسم ثم اختلفا بعد الخسارة فالمشتري مدع ويصدق الآخر مع يمينه لأنه مدعىً عليه الخسارة إلا أن يأتي بما لا يعرف وإن ربحا فيها فقال المشتري أشركتك بالسدس وقال الآخر بالنصف صدق المشتري مع يمينه لأن الآخر مدع نقل مال الآخر إليه قاله مالك فإن قالا لم ننو شيئاً قال ابن القاسم فنصفان فإن كانت السلعة قائمة قال ابن القاسم صدق المشتري فيما يدعيه لأن الاصل عدم انتقال ملكه وفي الواضحة : عن سأله من يلزمه أن يشركه صدق مدعي النصف كانت قائمة أو فائتة بزيادة أو خسران فإن كان لا يلزمه إشراكه فكما تقدم يصدق مدعي الأقل والفرق بينهما أن العهدة في الأولى على البائع وفي الثانية على المشتري العاشر قال : إذا أراد شراء سلعة للتجارة فوقف آخر ساكتاً فلما وجب البيع طلب الدخول معه فأبى قال مالك وابن القاسم وأشهب : إن كان شراؤه للبعض أجبر على الشركة بخلاف من اشترى بمنزله أو ليخرج بها إلى بلد آخر ليلاً يفسد الناس بعضهم على بعض إذا لم يقض بهذا قال ابن حبيب : إنما قال مالك في تجار أهل تلك السعلة وأهل سوقها كان مشتريها من أهل التجارة أو من غيرهم إذا اشتراها للتجارة وقد قضى عمر بذلك الحادي عشر قال : إذا سئل الشركة عند البيع وسكت لا يحتج عليه بسكوته ويصدق ولو قال لا أفعل فسكتوا وقالوا أردنا بسكوتنا تخفيض السعر لا ينفعهم ذلك قال أصبغ : ومتى يستدل على كذبه بكثرة تلك السعلة وأن مثلها تشترى للتجارة قبل قول من ادعى أنها للتجارة دون القنية الثاني عشر قال قال سحنون : لكما سفينة تريد حمل متاعك وليس لصاحبك ما يحمله فلك الحمل ولا يقضى له بكراء ولو طلبه بل يحمل مثل ما حملته وإلا بيع المركب عليكما لأن مقتضى الشركة الانتفاع بالعين المشتركة لا لزوم كراء الثالث عشر قال ضاع المال مني ثم قال دفعته للشريك ثم ' قال ' إن ما دفعته من مالي بعد الضياع قال ابن القاسم لا يصدق وأراه ضامناً لأن اضطرابه تهمة ولو قال له شركاؤه أعطانا ثمن ما بعت فقال هو في كمي فذهب ثم أتى فقال قطع من كمي قال ابن القاسم يضمن إذا سألوه فلم يعطهم لأنه فرط
الفصل الثاني في المنازعة بينهما وبين أجنبي
وفيه ثلاثة فروع : الأول في الجواهر : مهما قضى أحدهما الغريم بريء وإن كان غير الذي عامله لأن يدهما كيد رجل واحد وكذلك إذا رد له ما أودعه شريكه من مال الشركة وللبائع اتباع أيهما شاء بالثمن أو القيمة في فوت البيع الفاسد وإن افترقا قبل حلول أجل دينه عليهما وإن قضى أحدهما بعد الافتراق عالماً به لم يبرأ من حصة الآخر أو غير عالم بريء منهما جميعاً الثاني في الكتاب : إذا مات أحد المتفاوضين فأقر الحي أنهما رهنا متاعاً من الشركة عند فلان وقال ورثة الهالك بل أودعته أنت إياه بعد الموت فللمرتهن أن يحلف مع شاهده الحي فإن نكل فله حصة المقر رهناً كما إذا أقر أحد الورثة بدين على الميت فإن صاحب الدين يحلف فإن نكل أخذ من المقر ما ينوبه من الدين مواخذة له بإقراره قال ابن يونس : يصدق الشريك وكذلك إقرار أحدهما بدين بعد التفرق ويلزمهما في أموالهما لأنهما كالرجل الواحد وقول ابن القاسم تلزم المقر حصته يريد إذا لم يحلف المشهود له وقال بعض القرويين : اختلف في شهادة أحد الشريكين فأجازها هاهنا مع أنه لو خرج لغرم جميع المال الذي أقر أن المتاع رهن فيه لأنه حميل عن صاحبه بنصفه وإذا كان صاحب الدين يقدر على الذي عليه الدين ميتاً جازت لأنه غير مطلوب وإلا فلا لأنه مطلوب وليس هذا ببين لأن الطالب يقول لا يلزمني أن أحلف لأنني يمكنني أخذ حقي بغير يمين وقيل إقراره بعد الموت جائز على الشريك الثالث قال اللخمي : إذا كان بيدهما دار فأقر أحدهما لثالث بنصفها وأنكر الآخر وقال هي بيننا نصفان أولى ثلاثة أرباعها ولك الربع أو جميعها لي فإن قال نصفها حلف على ذلك وكان نصفها له ونصفها للمقر وللمقر له وإن قال لك ربعها وثلاثة أرباعها لي حلف المقر وله ما حلف عليه ولا شيء للمقر له لأن ما أقر له به لا شيء له فيه ولا يد له عليه فشريكه أحق به إذا ادعاه لأن يده عليه ؛ وإن قال جميعها لي دونكما فللمقر حظ المقر له وهو النصف ثم يقسم الشريكان النصف الآخر بعد أيمانهما وفي صفة القسمة ثلاثة أقوال فعلى قول مالك على قدر الدعوى أثلاثاً وعلى قول ابن القاسم أرباعاً للمنكر نصف النصف بإقرار شريكه له ثم يقسمان النصف الآخر بينهما بالسواء لتساوي دعواهما فللمقر ثمن جميع الدار والباقي للمنكر وعلى قول أشهب النصف بينهما نصفان لأن يد كل واحد منهما على ما يدعيه فإن قال النصف لي والنصف لفلان ويدك معي عارية منه أو بإجارة وقال الآخر لا شيء لفلان وهي بيننا نصفان أولي ثلاثة أرباعها أو هي لي دونكما صدق المنكر مع يمينة وليس للمقر له في جميع هذه الأسولة ( كذا ) شيء لأن المقر لم يقر له بشيء مما في يده بل بما في يد غيره والإقرار على الغير غير مقبول ثم يعود المقال فيما بين الشريكين فإن قال المنكر بل الدار بيننا نصفان حلف المنكر للمقر له وكانت بينه وبين المقر نصفين وإن قال إنما لك ربعها حلف يمينين يميناً للمقر ألا سيء له فيها ويكون له نصف المقر له ويكون ربعها للآخر لا تقاقهما أنه له ويبقى ربع يتحالفان ويقسمانه فإن قال المنكر بل جميعها لي حلف أيضاً يميناً للمقر له ويكون له نصفه ثم يتحالفان في نصف ويكون بينهما نصفين ومتى كان المقر عدلاً جازت شهادته في كل موضع لا يدفع بها عن نفسه
كتاب الرهون
في التنبيهات : الرهن اللزوم وكل شيء ملزوم فهو رهن وهذا رهن أي محبوس دائم لك وكل شيء ثبت ودام فقد رهن ويسمى آخذ الرهن مرتهناً - بكسر الهاء - وينطلق على الراهن لأنه سبيل الرهن قال الجوهري : يجوز رهنته وأرهنته رهناً وجمعه رهان كحبل وحبال ويقال رهن - بضمها - جمعاً لرهان مثل فراش وفرش ورهن معناه دام وثبت والراهن الثابت والراهن المعزول من الإبل والناس وأرهنت في السلعة غاليت فيها وأرهنت فيها أي أسلفت فيها وأصله قوله تعالى : ( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كانتاً فرهان مقبوضة ) وعلى جوازه في الحضر ما في الصحيحين أنه عليه السلام اشترى طعاماً بثمن إلى أجل ورهن فيه درعه وهو بالمدينة قال اللخمي الإجماع عليه سفراً وحضراً إلا مجاهد منعه في الحضر بمفهوم قوله تعالى ( وإن كنتم على سفر ) فشرط السفر وجوابه إنما خصص السفر لغلبة فقدان الكاتب الذي هو البينة فيه تنبيه إنما رهن عند اليهودي حذراً من مسامحة المسلمين أو إبرائهم وهو يدل على جواز الشراء بالنسيئة وعلى جوازه في الديون وعلى جواز معاملة أهل الذمة وإن كانت أموالهم لا تخلو عن ثمن الخمور والربا قال صاحب القبس : لم يصح إلا حديثان : هذا وفي البخاري الرهن محلوب ومركوب ويركب بنفقته ويحلب بنفقته وآخر أرسله مالك في الموطأ قال عليه السلام : لا يغلق الرهن غير أن الفقهاء اتفقوا على الآخذ به وزاد الدارقطني فيه لا يغلق الرهن الرهن من راهنه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ويعارض حديث البخاري المتقدم حيث جعله محلوباً ومركوباً بنفقته واتفق العلماء على أن منافع الراهن وقال ( ح ) هي عطل للحيلولة بين الراهن والرهن وعدم ملك المرتهن فلا تكون لواحد منهما ويرد عليه حديث البخاري : له غنمه الحديث ونهيه عليه السلام عن إضاعة المال ولأن الراهن مالك إجماعاً فهو أحق بمنافع ملكه وقال ( ش ) يستوفيهما الراهن عند نفسه وقوله عليه السلام يركب بنفقتها ويحلب يحمل على أنها كانت عادتهم أو برضى المتراهنين ومعنى لا يغلق الرهن لا يذهب هدراً لقول الشاعر وهو زهير : ( وفارقتك برهن لا فكاك له ** يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا ) أي ذهب بغير جبر وفي ذلك أحوال : أحدها تفسير مالك هذا وثانيها يهلك عند المرتهن فهل يضمن بقيمته ؟ قال ( ح ) أو لا ؟ قاله ( ش ) أو يفرق بين ما يغيب عله وغيره قاله مالك قال صاحب الاستذكار : مرسل الموطأ متصل من طرق ثابتة وروايته يضم القاف على الخبر أي لا يذهب باطلاً فيقول إن لم آتك بالدين فالرهن لك وقال أبو عبيدة لا تجيز العرب غلق ضاع بل إذا استحقه المرتهن فذهب به وهو قول مالك وجماهير العلماء قال الخطابي قال أحمد : للمرتهن حلب الرهن وركوبه بقدر النفقة لظاهر الحديث وقال أبو ثور : إن لم ينفق المرتهن فكذلك وإلا فلا لقوله عليه السلام وعلى الذي يركب ويحلب نفقته وقال ( ش ) المنافع للراهن اتفق أم لا ومعنى الحديث أن عارية الرهن لا تبطل الرهن لصحته أولاً وهو يدل على أن دوام القبض ليس شرطاً فائدة قال الجوهري : يغلق الرهن - بفتح اللام - في المستقبل وكسرها في الماضي وغلقاً بفتح اللام في المصدر قال الخطابي أي لا ينغلق ويعقد حتى لا يقبل الفك بل متى أدى الحق انفك بخلاف المبيع لا يرجع أصلاً تنبيه يجوز الرهن ولا يجب خلافاً للظاهرية لقوله تعالى ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته ) ولأنه جعله بدل الشهادة وهي لا تجب فلا يجب وفي الكتاب أربعة أبواب
الباب الأول في أركانه
الركن الأول العاقد وفي الجواهر : يصح ممن يصح منه البيع لأنه عقد فلا يرهن المحجور عليه وللمكاتب والمأذون أن يرهنا لأن لهما مطلق الصرف ولا يرهن أحد الوصيين إلا بإذن صاحبه تحقيقاً للمصلحة فإن اختلفا نظر الإمام
فرع
في الكتاب : اختلف قول مالك في رهن من أحاط الدين بماله وهو مستوفى في كتاب التفليس : قال في كتاب التفليس : ما لم يفلس والمرتهن أحق بالرهن من الغرماء وعن مالك الكل سواء وليس بشيء لأنه لم يتعمد ضرر الغرماء وقد دخلوا عند المعاملة على ذلك
فرع
للوصّي أن يرهن متاع اليتيم فيما يبتاع له من كسوة أو طعام كما يستلف له حتى يبيع بعض متاعه وذلك لازم لليتيم وليس له أخذ عروضه بما أسلفه رهناً إلا أن يتسلف له من غيره خاصة ولا يكون أحقّ من الغرماء لأنه حائز من نفسه لنفسه
فرع
قال ليس للوكيل على البيع أخذ رهنٍ بالثمن كما ليس له البيع بالدين إلا بأمرك فإن أذنت له في البيع فارتهن رهناً لك قبوله وتضمنه إن تلف ولك رده لأنه عقد آخر لم يتناوله الإذن ويبقى البيع وإن تلف قبل علمك ضمنه ولا يشتري عامل القراض بالدَّين على القراض لأنه غير مأذون فيه فإن اشترى بجميع المال عبداً ثم اشترى عبداً بدين فرهن فيه الأول امتنع لعدم الإذن قال ابن يونس : قال أشهب : إن اشترى الثاني لنفسه أتاه برهنٍ غيره إن لم يشترك عينه أو للقراض فلرب المال إجازته رهناً أو يردّ فيسقط
فرع
في البيان : إذا ارتهن من عنده فقام غُرماء العبد فهو أحق بالرّهن إن ثبت تنبيه : والدّين قدرُ مال العبد وإلا فلا ولو ثبت ببينة لضعف الرهن لكونه ماله الركن الثاني المرهون : وفي الجواهر : شرطه إمكان الاستيفاء منه أو من ثمنه أو من ثمن منافعه الدين الذي رهن به أو بعضه لأنه حكمة الرهن ولا يشترط أن يكون عيناً فيصح رهن الدين ممن هو عليه أو من غيره ويجوز رهن المشاع ولا يشترط صحة بيعه في الحال كالثمرة لأن المقصود أخذ الحق عند الأجل وقال الشافعية يمتنع ما يفسد بنفسه كالورد وما لا يصح بيعه وإلا فيحوز قالوا ويمتنع كون المبيع رهناً سواء قبض ورهن أم لا لأنه عند الشرط ليس ملك الراهن ولهم في الدَّين قولان على جواز بيعه أو هو غرر لتوقع عدم الدفع والإعسار ومنعوا رهن منفعة الدار ونحوها لتلفها قبل حلول الأجل وكذلك في الدّين الحال لتوقع تأخير القضاء وجوَّزوا الأصول دون الثمار وبالعكس بجواز البيع فيهما ومنعها ( ح ) لاتصال الثمرة بما ليس برهن وهو الأصول فأشبه المشاع ولأن الأصول مشغولة بملك وجوّزوا الأمة دون ولدها لبقاء الملك ولا تفرقة ومنعوا المصحف وكتب الحديث والفقه والعبد المسلم من الكافر وكذلك الكراع والسلاح من الحربي لأن الكافر لا ينبغي أن يمس مصحفاً ولا هذه الأمور لتوقع الفساد بسببها ومنع ( ح ) المستعار قياساً على البيع وجوزه ( ش ) معنا لأن المعير أذن والفرق أن البيع يعتمد ما يستقر فيه الملك ولا استقرار في المعار بخلاف الرهن وأن مقصوده الترفق قال الطرطوشي : يجوز رهن ما يفسد من الأطعمة الرطبة فإذا خيف عليها بيعت وأقيم ثمنها مقامها
فرع
قال اللخمي : يرهن الدين وحيازته بحيازة ذكر الحق والجمع بينه وبين الغريم وإن لم يكن ذكر حق فالجمع كاف ويشهد لا يقضيه غريمه حتى يصل المرتهن إلى حقه وأنه إن فعل كان متعدياً ويغرم الدين لأنه أتلفه إلا أن يكون حقه أقل فإن كان الغريم غائباً ولا ذكر حق كفى الإشهاد وفيه خلاف ويصح رهنك ديناً في ذمتك وتحوزه من نفسك لنفسك ولا يدفع إليك ذكر الحق لأنه يخشى أن يجحده وإن بعته بثمن مؤجل و أرهنت ديناً وأجلهما سواء جاز البيع وكذلك إن كان حلول الأخير قبل فإن وفي الراهن وإلا بيع الدين عليه إلا أن يكون طعاماً من سلم وهو حر لأنه بيع الطعام قبل قبضه فإن كان يحل أجله قبل وشرط بقاءه لحلول الدين الآخر امتنع لأنه بيع وسلف وإن شرط إيقافه عند عدل جاز وإن سكتا عن إخراجه وإيقافه جاز
فرع
في الكتاب : يجوز المشاع مطلقاً انقسم أم لا وقاله ( ش ) وابن حنبل ومنعه ( ح ) من الشريك وغيره ومدرك المسألة أن دوام اليد هل هي ليست شرطاً - قاله ( ش ) - فلا يضر رجوع المشترك للشريك أو هو شرط فهل يضر كأخذ الشريك العين المشتركة في نوبته قاله ( ح ) أو لا يضر لأنه يجوز الجميع إن رهن عند الشريك ويحل محله أن رهن عند غيره قاله مالك لنا : عموم الآية في المشاع وغيره فإن قيل : قوله تعالى ( فرهان ) نكرة في سياق الثبوت فلا تعم قلت : سؤال صحيح لكن نعني بالعموم أنه لا فارق بين المشاع وغيره إلا الإشاعة وهي لا تصلح فارقاً لتصور القبض بما ذكرناه وقياساً على البيع أما التمسك بالعموم الوضعي فلا يصح لأن حق المرتهن لا يزيد في العين على الحق المالك فكما لا تنافي الإشاعة الملك لا تنافي الرهن بطريق الأولى ولأنهم وافقوا على رهن الجميع من اثنين في عقد فيجوز في عقدين كعينين احتجوا بالقياس على النكاح فإنه لا يصح زواج امرأة دون جزئها ولأن مقصود الرهن التوثق بدوام اليد و الإشاعة تمنع فإن المهايأه مستحقة عندنا بالإجازة من الحاكم عليها عندنا وعندكم بأن يبدأ صاحبها فنزول اليد فلا يصح كما لو شرطه يوماً رهناً ويوماً لا أو نقول هو غير متميز فلا يصح كما إذا رهنه أحد العبدين و لأن عقود الرفق تفسدها الإشاعة كالقرض والقراض وقياساً على الكفالة بجامع التوثق و الجواب عن الأول أن مقصود النكاح الحل و الإشاعة تنافيه ولا تنافي التوثق الذي هو مقصود الرهن لأن زواج امرأة لرجلين باطل بخلاف رهن عبد عند اثنين وعن الثاني أن اليد مستمرة عندنا بمنع الراهن رهن من وضع يده على الجميع وعن الثالث أن الفرق تعذر البيع عند حلول الدين في أحد العبدين وقبول المشاع له وعن الرابع الفرق يتعذر المطالبة ولا يتعذر البيع فإن قالوا بل نقيس على الكفالة بنصف البدن قلنا : تصح الكفالة قال الطرطوشي لو تكفل اثنان بواحد وليس أحدهما كفيلاً للآخر فأحضره أحدهما لم يبرأ الآخر تفريع : قال في الكتاب : يقبض المرتهن الجميع ويحل محل الراهن ويجوز أن يضعاه على يدي الشريك فإن أراد الشريك البيع قاسمه الراهن وهو في يد المرتهن فإن غاب الراهن قسم الإمام عنه لأن له الولاية في أموال الغيب قال التونسي : إذا ارتفعت يد الراهن وصارت يد المرتهن مع الشريك صح الحوز وقال أشهب : ما ينتقل كالعبد لا بد أن يكون بيد المرتهن كله أو على يد الشريك أو غيرهما بخلاف ما لا ينتقل لِعُسر حوزه ومنع أشهب رهن المشاع إلا بإذن الشريك خوفاً من أن يدعوه إلى بيع الجميع فإن كانت الدار كلها للراهن فقيل يمنع حتى يقبض المرتهن الجميع أو يكون على يد عدل تحقيقاً للحوز وقيل تكون يد المرتهن مع الراهن كما يقبض في البيع وقال أشهب : إذا رهنت نصيبك من الدار وجعلته على يد الشريك ورهن الآخر نصيبه وجعله على يد الشريك الراهن بطل رهنُهما لرجوع أيديهما على الدار ولو جعل الثاني نصيبه على يد أجنبي بطل نصيب الذي بقيت يده على الدار وعلى القول الثاني يتم نصيبه لحوز أجنبي معه وعلى هذا إذا رهن أحدهما نصيبه ثم أكرى نصيب شريكه فإن بقيت يده مع المرتهن بطل الرهن ولكن يقاسمه ويكون ما أكرى على يد الحائز وعن ابن القاسم إن ارتهن الدار فأكراها من رجل بإذن الراهن فأكراها المكتري من الراهن فإن كان المكتري من ناحية رب الدار فسد الراء والرهن أو أجنبياً صح كما تقدم حوزه للرهن وهو مقلوب على رده ليد صاحبه كالعبد إذا أبق بعد الحوز فأخذه الراهن واختُلف في رهن ما أُكري هل تصح حيازته أم لا ؟ وفي المدونة : إذا شرط الانتفاع بالرهن لا يبطل الحوز مع أنه مكتر لكنه في عقد واحد فيصح في عقدين قال صاحب المتقى قال أشهب : لا يجوز رهن المشاع في المتنقل إلا بإذن الشريك كالثوب والسلف وكل ما لا ينقسم لأنه يمنع صاحبه بيع نصيبه فإن لم يأذن انتقض الرهن فإن أذن فلا رجوع ولا بيع إلا بشرط بقاء الجميع بيد المرتهن ولا يفسد بذلك البيع وإن بعد الأجل لأنه يقدر على تسلميه كالثوب الغائب إذا بيع على الصفة قال : وما قاله من أن الرهن لا يمنع من بيع الشريك نصيبه بأن يفرده بالبيع أو يدعوه الراهن إلى البيع معه
فرع
في الجلاّب : يجوز رهن غير المعّين وهو أحد قولي ( ش ) لنا : القياس على اشتراط الشهود وله القياس على الأجل والثمن بجامع اختلاف الأغراض والفرق أن الأجل راجع إلى الثمن وهو ركن والجهل بالركن مفسد والراهن أجنبي كالشاهد فإلحاقه به أولى
فرع
في الكتاب : يجوز تمر النخل قبل بذوّ صلاحها إن حيزت ويتولَّى الحائز السقي والعمل وأجرة السقي على الراهن كنفقة الدابة وكسوة العبد وكفنِه إن مات وللمرتهن أخذ النخل معهما وقبض الأرض مع الزرع ليتم الحوز ولا يكون رهناً عند قيام الغرماء إلا الثمرة والزرع وتردد ( ش ) فيهما لتعذر البيع في الحال أو خفًّة الغرر لرجوعه للتوثُّق دون الحق بخلاف البيع يرجع الغرر إلى نفس المقصود الأعظم
فرع
قال في الكتاب : حمل الأمة وما تلده بعد ونتاج الحيوان يدخل في الرهن بخلاف ما في النخل من تمر أُيّر أم لا إلا أن يندرج لاندراج الولد في البيع دون التمرة وكذلك غلة الدور والعبيد للراهن إلا أن يشترطها المرتهن وكذا صوف الغنم ولبنُها إلا لحمل نباته يوم العقد ومال العبد لا يتبعه كالبيع إلا أن يشترطه فيندرج وإن كان مجهولاً وما وُهب للبعد كما له موقوفٌ بيده إلا أن ينزعه سيده ووافقنا ( ح ) وخالفنا ( ش ) وابن حنبل في النماء المتميز ووافق في السمن احتج بقوله له غُنمه وعليه غُرمه الحديث وبقوله : الرهن محلوب ومركوب ومعناه للراهن لأن المرتهن لا يحل له الانتفاع بالرهن ولأنه الأصل عدم تناول العقد لذلك والجواب عن الأول : أن الشيء إذا أضيف باللام لِمَن يقبل الملك كان معناه الإخبار عن الملك ولذلك قلتم إن الزكاة ملك للأصناف الثمانية فيفيد الحديث أنه ملك للغنم ونحن نقول به وعن الثاني بأن اللبن والركوب لا يندرجان عندنا إنما يندرج ما تبقى عنه مما تقدم فنقول به وعن الثالث أن الدليل دلَّ على مخالفة الأصل وهو القياس على البيع والكتابة والاستيلاد والأضحية بأن الولد يتبع تنبيه : هذه العقود المتقدمة انتقل فيها الملك في الأصل فقوي الاستتباع وثم عقود لا تستتبع لعدم نقل الملك فلهم القياس عليها كالإجارة والجعالة والقراض والرهن لم يزل الملك فيه فيكون قياسهم أولى تفريع : في الكتاب : لم يجعل الثمر إذا حمل مع الرهن وجعل الصوف الكامل لأن كامل الثمر للبائع وكامل الصوف للمشتري والمرة تكونت بنفقة البائع وعمله بخلاف الصوف وقيل يلحق الثمر اليابس بالصوف التام لأنه إنما فرق بينهما لأن الثمر يُترك ليزداد طيباً والصوف كمل فلما سكت عنه تبع فإذا يبس الثمر وسُكت عنه تبع كسلعة مع الرهن قال التونسي : لم يجيزوا رهن الولد دون أمه وهي حامل بخلاف ما لم يُؤبَّر من الثمار ولا فرق وأجاز ابن ميسر رهن الأجنة كرهن ما يأتي من الغلة قال ابن يونس قال محمد : لو شرط أن ما تلد ليس برهن امتنع لأنه شرط على خلاف مقتضى العقد ويجوز رهنها دون ولدها الصغير وتباع معه وهو أولى بحصتها وهو في الفاضل أسوة الغرماء وفي المجموعة : يجوز رهن مال العبد دونه فيكون له معلومه ومجهوله يوم الرهن إن قبضه لجواز الغرر في الرهن وما وُهب للبعد لا يتبعه بخلاف ما ربحه في ماله المشترط لأن الهبة ملك أجنبي كما يدخل في الوصايا ربح ما علم قبل الموت وبعده دون ما لم يعلم به وقيل الموهوب ل كماله كما إذا بيع بالخيار واشترط ماله اندرج ما وُهب له أو تُصُدِّق به عليه أو أُوصي به في أيام الخيار وقال أشهب : إن ارتهن نصيبك من رقبة بير فغلة البير لك أو من الماء فالغلة له وله أخذها من الحق إن كان قرضاً وإن كان إلى أجل وأما من بيع فليكن ذلك بيد من كان الرهن بيده إلى الأجل سدّاً للذريعة أن يُبايعك على أن يأخذ حقه من الماء بجهالة آجاله قال اللخمي : إن زُرع الزرع بعد العقد فهو غلة أو قبله وبرز لم يدخل إلا بشرط لاستقلاله أو فيه ولم يبرز دخل في الرهن إن قام بالبيع قبل بروزه ويختلف إذا برز قبل البيع هل يدخل في الرهن والصوف الحادث بعد الرهن غلة إذا جُزَّ قبل بيع الرهن ويُختلف إذا قام بالبيع قبل جزازه هل هو غلة أو حين يغسل أو حين يُجز ؟ قال صاحب شرح الجلاب : يجوز رهن المجهول ما لم يكن في أصل عقد البيع لترك البائع جُزءاً من الثمن لأجله وفي شرح الجلاب : إذا كمل نبات الصوف قال ابن القاسم يدخل في الرهن وقال أشهب لا كاللبن في الضرع
فرع
في الجواهر : يجوز رهن غلة الدار والغلام ورهن الأم دون ولدها ويباع الصغير معها والمرتهِن أولى بحصتها من الثمن ورهنه دونها وتكون مع الصغير عند المرتهِن ليتم رهنه وقيل لا يرهن حتى يبلغ حدّ التفرقة إلا مع أمه قياساً على البيع لأنه حوز مفترق ويجوز رهن المدَّبر ويُستوفي الدين من خراجه وإن تأخر الوفاء على موت السيد بيع في الدين كله أو بعضه قال صاحب البيان قال مالك : لا يُرهن الولد دون أمه كالبيع إن فرق بينهما في الحوز بشرط ويفسخ الرهن بخلاف الهبة والصدقة لأنه معروف وكره رهنه بشرط جمعهما في حوز لأن المرتهن كأنه مالك لما كان أحقَّ من الغرماء أو لا لأنه لا يُباع إلا مع أمه فلا يدري المرتهن ما يخصه فهو كرهن الغرر وهو مختلف فيه فإن سكتا عن الاشتراطين جُبر على الجمع بينهما وهذا تفصيل ما تقدم مُجملاً لصاحب الجواهر
فرع
في الكتاب : إذا ارتهنت ما قيمته مائة على خمسين لم يجز رهن الفضلة لغيرك إلا بإذنك فتكون حائزاً للمرتهن الثاني فإن هلك ما يُغاب عليه بعد ارتهان الثاني ضمنت مبلغ دَينك وكنت أميناً في الباقي لأنك وكيل للثاني والوكيل أمين ويرجع المرتهن الثاني بدينه لأن فضلة الرهن على يد عدل قال ابن يونس : إنما يصح ألا يضمن الأول الفضلة إذا أحضر الثوب وقت ارتهان الثاني أو عُلم بالبينة وجوده حينئذ وإلا ضمن الجميع لاحتمال تلفه قبل ذلك وقال أشهب : ضمانه كله من الأول كما لو كان بيد الثاني وغيره المبدأ عليه فضاع لن يضمنه لأنه رهن الأول وإنما لهذا فضلة إن كانت وأما لو رهنته لرجلين فكان على يد أحدهما لم يضمن الذي هو على يديه إلا نصيبه وعن مالك لا يصح رهن الثاني حتى يحوزه له غير الأول لأنه حاز لنفسه فلا يحوز لغيره قال أصبغ : لو جعله بيد غير المرتهن جاز رهن الفضل للثاني وإن كره الأول إذا عَلِم بذلك الموضوع على يديه لتتم حيازته لهما إذ لا ضرر على الأول إذ هو مبدأ قال ابن حبيب : إنما اشترط مالك رضاه ليحوز للثاني فإذا لم يرض لم يقع حوز ولو كان دين الأول لسنة ثم رهن فضلته في آخر أشهر على أن الأول مبدأ فحل الآخر قبل الأول قال مالك : إن لم يعلم الآخر أجل الأول بيع الرهن و عُجل للأول حقه كله قبل محله ويُعطى الثاني ما فضل في دينه قال محمد : وهذا إن بيع بعين أو بما يُقضى بمثله وحق الأول مثله فأما بعرض والدين مثله أو بدنانير والدين دراهم أو بطعام مخالف لما عليه فيوضع له رهن إلى حلول حقه وقال في المجموعة : عَلِم الأول أن حق الثاني يحل قبله أم لا فإنه إن بيع بمثل حقه عُجّل له لتقدُّم حقه وعنه أيضاً إلا أن يكون حقه طعاماً من بيع فيأبي أن يتعجله فذلك له وعن ابن القاسم : إن حلّ أجل الثاني وليس فيه فضلة لم يدفع إلا إلى أجل الأول أو فيه فضلٌ بيع الآن وعُجّل للأول حقّه وأخذ الثاني ما فضل قال محمد : ومن رهن واشترط للراهن فيه مائة مبدأة فيموت الراهن أو يُفلس يُبدأ الغرماء بتلك المائة وقال ابن القاسم يمتنع هذا الرهن لمخالفته قاعدة الرهون بتبدئة الراهن إذ القاعدة تبدئُه المرتهن
فرع
في الكتاب : إذا شرط المرتهن منفعة الرهن والدين قرض امتنع لأنه قرض للنفع او م بيع وشرط للراهن أجلا معينا جاز في الدور والأرضين وكره في الحيوان والثياب إذ لا يدري كيف ترجع إليه قاله مالك وأجاز ذلك كله ابن القاسم قال ابن يونس على التعليل بالتغيير يمنع رهن الثمر قبل بدو صلاحه والآبق في البيع وفي كتاب الحمالة : إذ وقع في البيع حمالة غرر فسد عند ابن القاسم ويجوز البيع عند أصبغ وقد قيل إذا رهن من ذمي خمراً في البيع لا يفسد البيع وترد الخمر للذمي فلو غفل عنها حتى تخللت فهو أحق بها توفية بالعقد فإن باع الرهن المشترط منفعته وهو مما يغاب عليه قبل يضمنه لأنه رهن يغاب عليه وقبل لا كالعين المستأجرة وهو مستأجر وقيل ينظر ما ينقص بالإجارة إن كان يوما مثلا استؤجر شهراً فقيل ينقص الربع فربعه غير مضمون فإن قام بدعوى الضياع سقط ضمان ذلك القدر وإن لم يقم إلا عند حلول الأجل لا يضمن عند ابن القاسم أن الضياع قبل قيامه للتهمة وخالفه غيره أن الأصل عدم الضمان وأجاز في الكتاب إجارة المصحف فيجوز اشتراط منفعته قال مالك : ولا يجوز له أن يوسع له في الانتفاع بعد تمام البيع ولا بعد الارتهان لأنه رشوة لرب الدين ليؤخر عنه دينه
فرع
في الكتاب : لا يبرهن ما لا يعرف بعينه من طعام وغيره من المثليات إلا أن يطبع عليه خشية انتفاع المرتهن ويرد مثله ولا يطبع على الحلي حذراً من اللبس كما يفعل ذلك في سائر العروض لأنه يعرف بعينه وجوز الأيمة الكل مطلقا قال ابن يونس : وعن أشهب يمتنع رهن الدنانير بغير طبع فإن فعل طبع عليها بعد ذلك ولا يفسد الرهن ولا البيع لعدم تحقق الفساد وما بيد أمين لا يطبع عليه وما أرى ذلك عليه في الطعام والإدام وما لا يعرف بعينه ولو اعتبرت التهمة مطلقاً اطردت في الحلي لجواز لبسه في العيد .
فرع
في الكتاب : لا يرهن مسلم من ذمي خمراً ولا خنزيراً وقال الأيمة لأنه لا يستوفي منه الحق قال ابن يونس قال أشهب : إن قبضه ثم فلس الذمي فهو إسوة الغرماء لبطلان الحوز شرعا إلا أن يتخلل ولو أراد المسلم إيقاف الخمر بيد النصراني أريقت ولا يلزمه اخلاف الرهن لصدوره على معين وإن ارتهن مسلم عصيرا فصارت خمرا دفعها للسلطان فتراق إن كان الراهن مسلما وإلا ردت للذمي لأن ملكه معصوم فيها
فرع
قال صاحب البيان قال مالك : لا يجوز استثناء حمل في الرهن وليس بالبين لامتناع الغرر في البيع دون الرهن وينبغي أن يعلل بأنه لما امتنع الجنين دونها اتباعا للعمل بغير قياس امتنعت دونه بغير قياس والقياس الجواز فيهما كالثمرة التي لم تؤبر دون أصلها وأصلها دونها
فرع
قال : أرش جراح العبد يدخل في الرهن اتفاقا لأنها بدل جزئه وما نتقص قيمته كالمأمومة والمنقلة والجائفة والموضحة فللسيد إلا أن ينقص ذلك قيمته فللمرتهن أخذ اليسير بقدر ما نقصت قيمته
فرع
قال : إذا بعت بقرة إلى شهر وارتهنت عبدا على أن تأخذ كل يوم غلته درهما من الثمن لم يجز لأنه بيع بثمن غرر إلا أن يضمن السيد إن تعذر دفعه من قبله أو يتطوع بالرهن بعد العقد فيجوز ويجوز في السلف مطلقاً إلا أن يتطوع بذلك على أن يرد عليه العبد فيمنع في البيع والسلف وإن ضمنه السيد ( 88 قال قال ابن القاسم : يمتنع أن ترتهن ) قال قال ابن القاسم : يمتنع أن ترتهن ديناً عليك في ثمن سلعة بعينها إلى أجل أبعد من اجل الدين لأنه بيع وسلف لأن تأخير الدين بعد حلوله . سلف إلا أن يشترط وضع الدين على يدي عدل فإن لم يفعل وفاتت السلعة فالأقل من القيمة أو الثمن
فرع
في الجواهر : لا يشترط أن يكون الرهن ملكاً للراهن بل يستعير ليرهن وقاله ( ش ) فإن استوفى من ثمن الرهن المعار رجع المعير على المستعير عند ابن القاسم بقيمة المرهون لأنه أتلف العين فيلزمه قيمتها وقال أشهب و ( ش ) بل بمثل ما أدي عنه من ثمنه لأن عقد العارية ينقل منفعة العين والمنفعة هاهنا التوثق ووفاء الدين فيضمن الدين واشترط ( ش ) علم المعير بقدر الدين وجنسه ومحله لامتناع ضمان المجهول عنده قال في الجواهر : فلو فضلت من الدين فضلة بعد قضاء السلطان بالبيع والوفاء فأوقفها فضاعت فمن ربها وليس على المستعير إلا ما قضي عنه فلو هلك في يد المرتهن لا يتبع المعير المستعير بقيمته إن كان مما يغاب عليه لأنه تحت يد غيره وقاص المستعير المرتهن كما لو كان له وإن كان مما لا يغاب عليه فلا قيمة على المرتهن ولا على المستعير ولو أعرته عبداً ليرهنه في دراهم فرهنه في طعام فهو ضامن له لتعديه وقال أشهب لا ضمان عليه ويكون هنا في عدد الدراهم التي رهن بها ربه تمسكاً بأصل الإذن وعمومه وإن تعذر خصوصه وفي الكتاب : لو كان ' عبداً ' فأعتقه المعير وأنت مليء بعد العتق عجلت الدين لربه إلا أن تكون قيمته أقل من الدين فلا يلزمك إلا تعجيل قيمته ويرجع عليك المعير بذلك بعد أجل الدين لا قبله قال ابن يونس عن مالك : إذا بيعت العارية يتبعه بقيمتها وقول مالك في الكتاب ضمنت قيمتها يريد وكذلك يلزم المرتهن وإنما يضمن إذا رهن في عين المستعار له إذا أقر له المستعير بذلك وخالفهما المرتهن وامتنع المعير من الحلف فيكون رهنه رهناً فيما أقر به فإن نكل ضمن تعديه وقوله في العتق خالفه أشهب وقال يحلف المعير ما أعتقه ليؤدي الدين ويبقى رهنه حتى يقبض من ثمنه إن بيع أو يفي فينفذ العتق فإن نكل لزمه الأقل من قيمته أو الدين ونفذ العتق ولم يره مثل الذي عليه الدين نفسه يعتق عبده بعد رهنه بل مثل من أعتق بعد الجناية والفرق أنها أخرجته من ملك ربه إلا أن يفديه والعارية باقية على مالك ربها
فرع
في الجلاب : إذا اشترط أن المبيع رهن بالثمن لأجله جاز إلا في الحيوان لأنه مبيع يتأخر قبضه والحيوان سريع التغير قال الأبهري : ومتى كان الأجل تتغير في مثله السلعة امتنع للغرر وبيع معين يتأخر قبضه ويجوز في الحيوان ثلاثة أيام للأمن عليه غالباً في ذلك
فرع
في البيان : لك أذهاب لآجال مختلفة فبعته على أن يرهن بالثمن والأذهاب ويتحد أجلها يمتنع لأنه بيع وسلف لأنه إن شرط الحلول أو أقرب الآجال فالمبتاع المسلف أو أبعدها ومؤخرة كلها فالسلف من البائع ولو بقاها على آجالها وكذلك يمتنع إن دفعت له شيئاً أو أسقطت عنه بعض الدين ليرهن لأنك في البيع أسقطت بعض الثمن لأجل الرهن وعن مالك جميع ذلك جائز وهو الأظهر
فرع
قال اللخمي : ابتاع على أن يترك المبيع رهناً بثمنه إلى أجل الثمن امتنع وإن جعله بيد أجنبي جاز لأنه اشترى شيئاً لا يدري متى يقبضه ولعله يطول مدة طويلة وجوزه ابن حبيب في العقار أن يبقى بيد البائع بخلاف العبد إلا أن يوضع على يد أجنبي فأجازه ابن الجلاب في غير الحيوان ولم يراع من يوضع على يده وأجازه ابن القصار مطلقاً كما لو رهنه غير مبيع
فرع
في الكتاب : إذا أرهنت عبده ميموناً ففارقته قبل قبضه لك أخذه ما لم يقم الغرماء فتكون إسوتهم فإن باعه قبل القبض مضى البيع وليس لك مطالبته برهن غيره لأن تركك إياه حتى باعه كبيعك إياه وبيعك إياه ماض بخلاف لو شرطت رهناً غير معين فلم يجزه لك نقض بيعك وتركه بغير رهن وهذا إذا سلمت السلعة المبيعة فإن لن تدفعها فباع المشتري الرهن قبل القبض أنه لا تكون الخدمة رهناً لأنها غلة قال أشهب : سواء اشترط رهناً أو حميلاً يجبر على الإتيان به إلا أن يعجز قال ابن القاسم : وإن اشترط عبداً غائباً جاز ويوقف المبيع حتى يقدم العبد فإن هلك لم يكن للراهن الإتيان برهن مكانه إلا برضى البائع قال أشهب : إن بعدت الغيبة امتنع البيع إلا أن يكون الرهن عقاراً أو يقبض المبيع لأن البعد في بيع العقار لا يصح وجوز في العبد اليومين
فرع
قال ابن يونس قال عبد الملك : إذا استحق المعين واتهم أنه غره حلف أنه ما علم بذلك وإن قامت بعلمه بينه فعليه البدل قال اللخمي قال مالك : إذا استحق بعض الثياب الرهن فالباقي رهن بجميع الحق لأن الرهن تعلق الحق به وبأجزائه بطريق الأولى لشدة الحاجة حينئذ للتوثق فإن ضاع في يد المرتهن ضمن نصفه للراهن وإن وضعه على يد المستحق أو غيره لم يضمن لعدم يده عليه ولو غاب الراهن وقال المستحق يكون على يدي أو على يد فلان لم يكن للمرتهن ذلك دون نظر الحاكم وإن ادعى المرتهن ضياعه قبل الاستحقاق ضمن نصيب الراهن وضمنه ابن القاسم نصيب المستحق وقيل يحلف لقد ضاع ويبرأ قال مالك : فإن قال المستحق أنا أبيع نصيبي فلبيع الراهن والمرتهن معه ولا يسلم المرتهن فيكون ثمنه رهناً في يده بجميع حقه وقال أشهب : إن بيع قبل الدين يعجل ذلك الثمن من دينه لعدم انتفاع الراهن بإيقافه إلا أن يأتي الراهن برهن آخر أو يقول آتي به في المستقبل أو يكون الدين مخالفا لما بيع فلا يعجل
فرع
في الكتاب : يجوز رهن جلود السباع المذكاة وبيعها دبغت أم لا لذهاب الفضلات المستقذرة الموجبة للنجاسة ومنع البيع بالذكاة وتمنع جلود الميتة وبيعها لما في الصحيح آخر ما كتب به عليه السلام أن لا ينتفع من الميتة بشيء . ويجوز ما لا يجوز بيعه في وقت دون وقت كزرع أو ثمر لم يبد صلاحه فإن مات الراهن قبل أجل الدين ولم يبد صلاح الزرع أو الثمر فحل الدين الذي عليه عجل من ماله ويسلم الرهن لربه وإن لم يدع مالاً انتظر وقت جواز بيع الزرع فيؤخذ منه قال ابن يونس في كتاب الصلح : جواز ارتهان الغلات بخلاف الأجنة قال محمد : يجوز البعير الشارد والعبد الآبق إن قبضه قبل موت صاحبه أو فلسه خلافاً ل ( ش ) لأن الثمن بإزاء المبيع والرهن لم يبدل به ثمن فلا يضر الغرر فيه لعدم إخلاله بالمالية الذي هو علة المنع وفي مورد النص قال ابن يونس : يجوز ارتهان ما تلد هذه الجارية أو هذه الغنم وجوز أحمد بن ميسر الأجنة كالآبق وكرهه ابتداء قال اللخمي الأعيان خمسة أقسام : ما يجوز بيعه وملكه فيجوز رهنه مطلقاً شرط في أصل العقد أم لا ؛ وما يجوز ملكه ويمتنع بيعه لعذر في بعض الأحوال كالثمر قبل بدو صلاحه والآبق والشارد والجنين فيجوز رهنه في أصل القرض وبعد تقرره في الذمة في البيع بعد العقد واختلف فيه في أصل العقد وما يجوز ملكه ويمتنع بيعه لا لعذر كأم الولد وجلود الميتة قبل الدباغ وعظام الفيل وما لا يملك كالخمر والسم ونحوهما فهذان لا يرهنان لامتناع البيع عند الحاجة وما اختلف في جواز بيعه كجلود الميتة بعد الدباغ وجلود السباع قبل الدباغ وبعده والكلب المأذون فيه فمن جوز بيعها جوز رهنها ومن لا فلا وإن رهن خدمة المدبر مدة معلومة يجوز بيعها ليواجر المرتهن تلك المدة جاز في عقد البيع أو بعده أو جميع خدمته جاز بعد العقد واختلف إن رهن في العقد وإن رهن رقبته على إن مات الراهن ولا مال له بيع وكان في أصل العقد فعلى الخلاف في رهن الغرر لأنه لا يباع له الآن ولا يدرى متى يموت السيد وهل يبقى المدبر أم لا وإن رهن رقبتة ليباع الآن امتنع ويختلف هل يعود حقه في الخدمة وتباع له وقتاً بعد وقت حسب ما يجوز من بيعها وقد اختلف فيمن رهن داراً ثم أظهر أنها حبس فقيل لا شيء له من غلتها لأنه إنما رهنه الرقبة وقيل يكون له ما يصح للراهن ملكه وهو المنافع المحبسة عليه وكذلك المدبر واختلف في رهن الغرر والجهالة إلى أجل غير محقق في عقد البيع فمنع لأن له حصة من الثمن وأجيز لخروج ذلك عن أركان العقد ويجري ثالث أنه إن رضي البائع بإسقاطها جاز
فرع
قال إن رهنه على أنه إن مضت سنة خرج من الرهن لا يكون رهناً قال ابن يونس قال محمد : ويختص به الراهن دون الغرماء لفساده بالشرط المخالف لعقد الرهن الركن الثالث المرهون به وفي الجواهر : له شرطان : الأول : أن يكون ديناً في الذمة يمكن استيفاؤه من الرهن فلا يرهن في عين مشار إليها ولا منافع معينة وحيث وقع في المذهب في معين فالمراد قيمته كما وقع في العارية ففصل ما يغاب عليه مما لا يغاب عليه فضمان القيمة فيما يغاب عليه دون ما لا يغاب عليه الشرط الثاني : اللزوم أو المصير إليه كالجعل بعد العمل وقال ( ش ) يجوز في كل ذي لازم دون المجهول ودية العاقلة قبل حول الحول لعدم تحقق صفات من تجب عليه عند الحول من الغنى وغيره ودون القصاص والقذف لتعذر أخذها من الرهن ودين الكتابة خلاف ل ( ح ) لأن عوض دين الكتابة الرقبة وعمل الإجارة لتوقع الفسخ ولا قبل عقد البيع بل إنما يجوز مع المقارنة خلافاً لنا و ( ح ) لأنه تابع للدين عنده فلا يكون قبله كالخيار والأجل ومنعه في الأعيان كالمغصوب والمسروق والعارية ونحوها لأن الواجب القيمة عند التلف فهو رهن قبل الحق وجوزه ( ح ) وفي التلقين : يصح قبل الحق وبعده ومعه ووافقنا في أنه إذا وقع القبض لزم وصار رهناً بذلك الشرط المتقدم وقبل القبض لا يكون رهناً لأن قبل القبض لا يتحقق رهن عنده ولا عند ( ش ) لأنه لا ينعقد بالقول عندهما خلافاً لنا وعند ( ش ) اتصال القبض بما اشترط قبل العقد لا يصيره رهناً لفساد الأصل عنده فالحاصل أن أبا حنيفة موافق لنا في هذه المسألة إنما خالفنا في انعقاد الرهن بالقول فعندنا يلزم التسليم في هذه الصور كلها ويقضى به وعندهما لا لنا : قوله تعالى ( رهان مقبوضة ) ولم يفرق لا يقال تقدم في صدر الآية ( إذا تداينتم بدين ) فما صرح بمشروعية الرهن إلا بعد تحقق الدين لأنا نقول : وقد صرح بالسفر وعدم الكاتب وقد سقطا عن الاعتبار فيسقط اعتبار تقدم الدين بالقياس عليهما والجامع أن الكل خرج مخرج الغالب فإن الغالب وقوعه بعد الدين فلا يكون له مفهوم اجماعاً ويتأكد بقوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم فإن قيل : يصح إن طلعت الشمس فأنت طالق ولا يصح إن طلعت الشمس فقد رهنتك فعلمنا اختلاف الناس في قبول التعليق قلنا : لا يقبل الطلاق عندنا هذا التعليق بل يتنجز الطلاق وقال ابن القصار من أصحابنا مقتضى أصولنا صحة التعليق المذكور في الرهن فلا شيء مما ذكرتموه أو نقول عقد فيلزم مع تعليقه على الشرط كالعتق والطلاق وغيرهما ولأن مقصود الرهن استيفاء الحق عند تعذره وتعذره مستقبل فيتعلق على مستقبل آخر وهو أصل المعاملة إلحاقاً لأحد المستقبلين بالآخر أو نقول : لو قال ألق متاعك في البحر وعلى دركه وإن جاء متاعي غداً فاقبضه صح إجماعاً مع التعليق على أمر مستقبل اتفاقاً فيجوز هاهنا كما صح في ضمان الدرك أولاً وفي الوديعة ثانياً أو قياساً على ما إذا شرطه في زمن الخيار أو قياساً على ما إذا ضمن نفقة زوجة ابنه عشر سنين واحتجوا بالقياس على ما تقدم الشهادة على المشهود به بجامع التبعية للحق والجواب : أن مقصود الشهادة المشاهدة وحصول العلم وهو متعذر قبل المشهود به ومقصود الرهن التوثق وهو حاصل إذا تقدم الحق وينتقض بضمان الدرك المتقدم وبالوديعة والطلاق والعتاق وغيرها
فرع
في الكتاب يجوز قي دم الخطأ إن علم الراهن أن الدية على العاقلة ولو ظن أن ذلك يلزمه وحده امتنع وله رد الرهن وكذلك الكفالة لأنه خلاف ما رضي به
فرع
قال إن ارتهنت دابة على أنها مضمونة عليك لم تضمنها لأنها لا يغاب عليها وإن رهنته بها رهناً لم يجز وإن ضاع ضمنه لأنه لم يأخذه على الأمانة ويجوز بالعارية التي يغاب عليها لأنها مضمونة ( 95 قال إن دعيت ديناً فأعطاك به رهناً ) قال إن ادعيت ديناً فأعطاك به رهناً يغاب عليه فضاع عندك ثم تصادقتما على بطلان دعواك أو أنه قضاك ضمنت الرهن لأنك لم تأخذه على الأمانة به وكذلك لو أعطاه دنانير حتى يصارفه بها فضاعت وكذلك ما عمله الصناع بغير أجر أو قبض المرتهن أو وهبه للراهن ثم ضاع الرهن ضمنه وإن زادت قيمته على الدين أو وقع في الصرف رهن بأحد النقدين جهلاً أو أخذ رهناً بالقراض لأن كله ممنوع فلم يؤخذ على الأمانة بخلاف إعطائك رهناً له بكل ما أقرض فلاناً قال التونسي قال أشهب في عارية الدابة بشرط الضمان يصح الرهن وله الكراء وكأنه آجره إياها على أنها إن هلكت ضمنه ما لا يلزمه فهي كالإجارة الفاسدة وقال إذا تصادقتما على عدم الدين تضمن وإن كان الرهن لا يغاب عليه لأنه كالغاصب قال : فانظر لو كان قد نسي اقتضاء الدين ثم تذكر بعد الرهن قال ابن يونس قال أشهب في رهن الصرف جهلاً هو رهن بالأقل من قيمة الدنانير أو الدراهم وما زاد فهو إسوة الغرماء ورهنك بما يقرض فلان قيل يكون الرهن بما داينته ما لم يجاوز قيمة الرهن ولا يراعي ما يشبه أن يداين به بخلاف حمالتك بما يداينه لأنك لما أعطيت رهناً بينت له المقدار
فرع
في الكتاب : يجوز بجميع الصداق قبل لبناء لأن العقد يوجب الصداق كله فإن طلق قبل البناء بقي الجميع رهناً بالنصف كمن قضى بعض الدين أو وهب له
فرع
قال : يجوز أخذ دين على الرهن ويصير رهناً بهما ومنع ( ح ) وأصح قولي الشافعي لنا : عموم الآية وقد تقدم السؤال عليها والجواب القياس على الحمالة والشهادة بجامع التوثق فإن فرق بأن الشهادة علم والعلم لا يجب حصر متعلقه والكفالة ذمة وهي قابلة لأمور كثيرة والتعلق في الرهن بعينه وهو لا يقبل الزيادة على قيمته فإنه ينتقض بالجناية التي لا تسع رقبة العبد غيرها ثم إذا جني جناية أخرى تعلقت برقبته ولأن المقصود بالحقيقة إنما هو ذمة الراهن ولأن الرهن يقبل النقصان ببقائه مرهوناً على بقية الحق بعد قضاء الأكثر فيقبل الزيادة قياساً على النقصان احتجوا بأن الرهن وجميع أجزائه تعلق به الحق بدليل لو أوفي أكثر الحق بقي الرهن رهناً ببقيته ولو قل ولو تلف أكثر الرهن بقيت بقيته مرهونة بحملة الحق وإذا كان الرهن وأجزاؤه مشغولة بجملة الحق استحال أن يشغله غيره ولأنه عقد لا يجوز مع غير العاقد فلا يجوز مع العاقد كالنكاح ولأن الرهن تابع للحق فلا يكون تابعاً لحق آخر كحق الدار من الطريق والجواب عن الأول أنه منقوض بالعبد إذا جني ثم جني فإنه يصبر مشغولاً بالجناية الثانية بعد أن اشتغل هو وأجزاؤه بالجناية الأولى ؛ وعن الثاني الفرق أن مقصود النكاح الإباحة وضبط النسب ولا ضبط مع الشركة وعن الثالث أنه مقلوب عليهم فنقول تابع أضعف من المتبوع فيصير تابعاً لمتبوع آخر كما إذا تجدد حول الدار دور آخر فإن الطريق يصير حقاً للجميع فكذلك الرهن
فرع
في الكتاب : إن تكفلت عنه بحق وأخذت منه رهناً جاز لأنه آيل إلى حق لك عليه
فرع
قال ابن يونس : إذا رهنه في البيع الفاسد رهناً صحيحاً أو فاسداً فقبضه فهو أحق به من الغرماء لوقوع البيع عليه
فرع
قال قال محمد : إذا سألته تأخير دينه بعد الأجل شهراً وتعطيه رهناً أو حميلاً امتنع وسقطت لحمالة ويرد الرهن لأنه سلف حرام
فرع
في الكتاب : لا يعطيك أجنبي رهناً بكتابة مكاتبك لامتناع الحوالة بها
فرع
قال : يجوز بدينين لكما مختلفين إلا أن يكون أحدهما قرضاً بشرط أن يبيع الآخر ويأخذ رهناً لأنه سلف لنفع ويجوز أن يقرضا معاً بشرط أن يرهنكما لجواز أخذ الرهن ابتداء عن القرض
فرع
قال : إذا أقرضته مائةً أخرى على أن يرهنك بها وبالأولى يمتنع والرهن بالدين الأخير عند قيام الغرماء ويسقط الشرط المتضمن للفساد وقيل : بل نصفه بالمائة الأخيرة وتبطل حصته الأخر كما لو طلق امرأته وامرأة غيره وقد أجاز أشهب أسقط عني بعض الدين على أن أعطيك رهناً أو أبيعك على أن ترهن بهذا الثمن وبثمن السلعة الأولى رهناً وكرهه ابن القاسم قال اللخمي : أجاز محمد زدني في الأجل وأزيدك رهناً إن كان الرهن الأول يوفي الحق قال ابن يونس قال محمد : إن كان الدين الأول في أصلة المسألة حالاً جاز إلا أن يكون عديماً لتمكنه من قبض الحال فكأنه أسلفه الآن على أن أعطاه وثيقة نظائر قال : يجوز الرهن إلا في أربع مسائل : الصرف وراس مال السلم الدماء التي فيها القصاص والحدود الركن الرابع الصيغة وفي الجواهر : لا يتعين الإيجاب والقبول بل كل ما يشاركهما في الدلالة وقال ( ش ) لا ينعقد إلا بالإيجاب والقبول على الفور لنا أن المقصود من العقود إنما هو الرضى فما دل عليه كف وفي هذا الركن أربعة فروع : الأول في الجواهر : كل شرط يوافق مقتضى العقد كقوله بشرط أن يباع في الدين أو يقبض لا يقدح لاستلزام العقد له عند السكوت عنه وكذلك كل شرط لا يتعلق به غرض لعدم المنافاة فأما ما يناقض كقوله بشترط عدم القبض أو لا يباع فهو مفسد الثاني في الجواهر : لو شرط أن ثمرة الشجر رهن صح لعدم المنافاة لمقتضى الرهن الثالث في الجواهر لو شرط الرهن في بيع فاسد فظن لزوم ذلك فله الرجوع كما لو ظن أن عليه ديناً فوفاه ثم تبين براءته الرابع في الجواهر : إذا رهنت أرضاً فيها نخل اندرج وبالعكس قياساً على البيع والوصية وقاله في الكتاب بخلاف الثمار مع الأشجار ارتهنت يوم أزهت أم لا أبرت أم لا إلا بشرط بخلاف الجنين يندرج حصل يوم الرهن الحمل به أم لا
الباب الثاني في القبض
وفي الجواهر : في الأعيان المشار إليها كالمنقول والعقار ما تقدم في البيع وفي الدين بتسليم ذُكر الحق والإشهاد والجمع بين العزيمين والجمع فقط إن لم يكن ذُكر حق وتقدم إله بحضرة البينة ألا يعطيه إياه حتى يصل إلى حقه المرتهن وإن كان على المرتهن فهو قابض له وأصله قوله تعالى ( فرهان مقبوضة ) فشرط في وصف كونه رهناً القبض لأن الصفة قائمة مقام الشرط
فرع
في الجواهر : القبض ليس بشرط في انعقاد الرهن وصحته ولا في لزومه بل ينعقد ويصح ويلزم ثم يطالب المُرتهن بالإقباض ويُجبر الراهن عليه لكن يشترط في استقرار الوثيقة ليكون أولى من الغرماء في الفلس الموت كما يتأخر اللزوم في بيع الخيار وانتقال الضمان في البيع حتى يقبض المبيع ويصح التحمل في الشهادة وتتوقف ثمرتها على العدالة وقال ( ش ) ( ح ) لا يلزم شيء بالعقد بل بالقبض وله أن لا يسلِّم قبل القبض وقال ابن حنبل : إن كان مكيلاً أو موزوناً لزم بالعقد وإلا فلا وقال ( ش ) العتق والبيع والرهن في الرهن قبل القبض يبطل الرهن بخلاف تزويج الأمة وإن أجَّر الدار مدةً دون أجل الدين لا يبطل لإمكان بيعها لنا : قوله تعالى ( فرهان مقبوضة ) فجعل القبض صفةً للرهن والصفة غير الموصوف وليست صفةً لازمةً وإلا لَما صح قوله أرهنك هذا ولم يسلمه إليه وإذا كان الرهن يتحقق قبل القبض وجب الوفاء بالقبض لقوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) ولقوله المؤمنون عند شروطهم وقياساً على سائر العقود احتجوا بأنه عقد إرفاق فيشترط القبض في لزومه كالقرض ولا يلزم بمجرد القول حتى ينضاف إليه غيره كالوصية لا بد فيها من الموت والجواب عن الأول المنع بل القراض يلزم بالقول وعن الثاني القلب فنقول لايشترط فيه القبض قياساً على الوصية تفريع : في الجواهر : لو تراخى في طلب القبض حتى مات أو فلس فهو إسوة الغرماء بخلاف المُجد في الطلب إلى حينئذٍ ولو عجز كالهبات وظاهر الكتاب هو كغير المُجد لإطلاق القول من غير تفضيل ولا يبطل الحوز بخروجه عن يده عليه ولو وُجد بعد الموت أو الفلس بيد أمين أو المرتهن قال عبد المالك : لا ينفع ذلك حتى تشهد البينة بحوزة قبل الموت أو الفلس لاحتمال طريان القبض بعدهما وقال محمد : صوابه لا ينفع إلا معانيه الحوز لهذا الإرهان ولا يُفسخ عقد الإرهان بموت أحدهما ولا جنونهما ولا الحجر عليهما قاعدة : كل ما كان مالاً أو متعلقاً بالمال كالرهن والرد بالعيب والأخذ بالشفعة وإمضاء الخيار انتقل للوارث لأنه يرث المال فيرث ما يتعلق به وكل ما يرجع إلى النفس والرأي والملاذ لا ينتقل للوارث لأنه لا يرث النفس كاللعان والإيلاء وخيار من اشترط خياره لأنه رأيه نظائر : قال ابن بشير سبع عشرة مسألة لا تتم إلا بالقبض : الرهن والحبس والصدقة والهبة والعُمرى والعطية والنحل والعرية والمنحة والهدية والإسكان والعارية والإرفاق والعِدة والإخدام والصلة والحباء
فرع
في الجواهر : يجوز الوضع على يد الثالث يتوكل وليس له التسليم لأحدهما دون إذن الآخر فإن فعل ضمن لتعدَّيه ولو تغير حاله لكان لكل واحد طلب التحويل إلى عدل آخر صوناً له عن الضياع فإن اختلفا في عدلين قال ابن عبد الحكم : يجعله القاضي على يد عدل قال اللخمي : وليس ببيِّن بل يقدِّم قول الراهن إذا دعا إلى ثقة لأنه ماله فهو أنظر لنفسه فإن قال أحدهما عند عدلٍ وقال الآخر عند المرتهن قُدم طالب العدل لأنه أعدل وأبعد عن التهم
فرع
في الكتاب : إذا اكترى حصة شريكه وسكن بطل حوز المرتهن إن لم يقم المرتهن بقبض حصة الراهن من الدار ويقاسمه ولا يمنع الشريك من كراء نصيبه من الراهن لأنه مطلق التصرف ولكن تقسم الدار فيحوز المرتهن رهنه ويُكري الشريك نصيبه قال التونسي عن ابن القاسم : إذا ارتهن داراً فأكراها من رجل بإذن الراهن فأكراها المرتهن من الراهن فإن كان المكتري من ناحية رب الدار فالكراء فاسدٌ وفسد الرهن أو أجنبياً جاز لأنه لما تقدم حوزه للرهن ثم غُلب على رده إلى يد صاحبه لم ينتقض الحوز كالعبد إذا أبق بعد الحوز وأخذه الراهن واختلف في رهن ما أكري هل تصح حيازته ففي المدونة في اشتراط الانتفاع بالرهن أنه حوزٌ وهو مرتهن مُكترى إلا أن ذلك في عقد واحد وإذا جوز الكراء والرهن في عقد واحد ويصح الحوز فيصح ما تقدم الكراء الرهن كما أجاز ابن القاسم هبة ما تقدمت فيه الخدمة وأجاز الإخدام والهبة والرقبة في مدة واحدة وإن كان مالك فرق بينهما ولا يتم حوز الصدقة عند ابن القاسم فيما تقدمت فيه الإجارة لأن منافعه لما كان المتصدَّق يأخذ كراءها فكانت يده باقية وعلى هذا يجب ألا يتم الرهن والإجارة في مرة واحدة وفي كتاب محمد : إذا ساقى حائطاً ثم رهنه فليجعل المرتهن مع المساقى رجلاً أو يجعلانه على يد رجل يرضيان به فإن جعلاه على يد المساقي أو أجيرٍ له في الحائط فليس برهن قال : ولا وجه لقوله يجعل مع المساقي رجلاً آخر لبقاء يد المساقي ويقضى بكونه للراهن لعمل المساقي بجزئه الذي يأخذه وقال مالك : إذا اكترى داراً سنةً وأخذ حائطاً مساقاة فرهنه قبل وفاء السنة لا يكون محازاً لحوزه قبل ذلك بالسقي بخلاف ارتهان فضله الرهن لأن الفضلة محوزة عن صاحبها فلم يحز هاهنا ما تقدم سقاءً ولا كراءً بخلاف ما تقدم فيه رهنُ ومنعه أشهب وهو الأشبه وحوّز رهن نصف الدار وهي ' له ' كلها ويقوم بذلك المرتهن مع الراهن أو يضعانها على يد غيرهما ما لم يكن الموضوع على يده قيِّماَ له مثل عبده وأجيره ولو رهن الجميع جاز وضعُه على يد الآخر لأن المرتهن القيا بجميعه وصار قيِّمه حائزاً للمرتهن بخلاف العبد لأن العبد يده يد السيد ويد القيِّم المرتهن ما لم يبق للراهن فيه شيء وإذا رهن النصف بقيت يد القيم على النصف للراهن فهو كمن ارتهن نصف دار وبقيت يده مع المرتهن لأن القيم هاهنا حائزٌ للمرتهن بخلاف ما لو رهن داراً على أن يجعلاها على يد أجنبي لزوال يد الراهن وإذا وضع المرتهن الرهن عند ابن الراهن على يده أو زوجته والابن مباين له لم يفسد الرهن وكذلك الزوجة بخلاف الابن الصغير واختُلف إذ سلف من امرأته ورهنها جاريةً له جعله أصبغ حوزاً وكل ما في بيتها ما خلا رقبة الدار إذا ارتهنتها من زوجها لم يكن ذلك حوزاً وكذلك الصدقة بخلاف صدقتها هي عليه بالدار فتسكن فيها معه لأن عليه السكنى لها قال وفيه نظر وفي الحقيقة لا فرق بين الدار والخادم وهو بيده وجميع ما في البيت من رهنه منهما لصاحبه فذلك حوز وعليه إخدامُها كما عليه إسكانها قال ابن يونس قال محمد : إذا ارتهن نصف دار فجعلها على يد شريك ثم ارتهن نصيب الشريك فجعله على يد الشريك الأول بطل رهن جميع الدار لرجوعها كما كانت بيد صاحبه لكل واحد نصيبه قال ابن القاسم إذا رهنها خادماً في صداقها قبل البناء فحازتها شهراً ثم بَنى بها فخدمتهما خرجت من الرهن بخدمتهما قال ابن يونس : وكل أمر إذا ابتدئ في الرهن لا يكون حوزاً يخرج عن الحوز ولا يبطل الحوز في الهبة والصدقة والحبس إذا طال الحوز والفرق أن الرهن وثيقة في الحق فإذا عاد للراهن بطل حقه ورجع الراهن لملكه وحوزه والملك منتقل في أولئك فلا يضر الرجوع كما لو رجعت بعد البيع وفي العتبية إذا حزت سنة ثم شهدت بينة أن غيرك ارتهنه قبلك وحازه وقال لم أعلم بيد الأول قُدمت حيازته وما فضل لك دون الغرماء وعن مالك : إذا حُزتَ الحائط تحت يد أمين فأخذه ربه مساقاةً من الأمين ضعف الرهن وكأنه لم يرهنه ويحوز ما فاته من الذي له الدين ولا يأخذه الأمين مساقاة إلا بإذنكما
فرع
قال التونسي : لا ينفع إقرار المتراهنين بأن الرهن حِيزَ حتى تعاين البينة حوزه لاتهامهما على الغرماء ولو وُجد في يد المرتهن بعد الفلس أو الموت ما نفع ذلك وفيه خلاف قال عبد الملك : إذا مات الراهن فأكراه المرتهن من بعض ورثته ثم قام الغرماء لا شيء للغرماء لأنه لم يرجع للراهن قال محمد : صوابُه أن الابن لا ميراث له فيه لاستغراق الدين التركة وظاهر قول عبد الملك خلاف ذلك قال ابن يونس قال عبد الملك : إذا مات الراهن وقد أكريته بعد الحوز في حياته من وارثه لا يبطل الرهن لأن الدين استغرقه فلا ميراث
فرع
في الكتاب : إذا لم يقبض حتى مات الراهن أو أفلس فهو إسوة الغرماء في الرهن
فرع
قال ابن يونس : قال مالك : لا يوضع الرهن على يد ابن صاحب الرهن إذا كان في عياله ولا امرأته قال ابن القاسم : ويُفسخ ذلك بخلاف الأخ وكذلك امرأته البائنة عنه في دارها وحوزها قال : عبد الراهن المأذون وغيره حوز باطل
فرع
في المنتقى : إذا رهن بيتاً من دار ونصفها مشاعاً فالغلق على البيت حيازة له ولنصف الدار والكراء يشتمل الجميع قال ابن حبيب : وهو يحتمل أن البيت معظم الرهن أو هو مبني على جواز حيازة المشاع مع غير الراهن بأن يكون بقية الدار لغير الراهن ولو حاز الدار وفيها طريق يمر فيها الراهن وغيره لأن الطريق حق الناس كلهم قاله ابن القاسم فراعى البيوت دون المساحة ويحتمل الوجهين المتقدمين
فرع
في البيان : قال ابن القاسم : إذا قال لك رجل في عبد ارتهنته أنا آخذه عندي وأضمنه من كل شيء إلا الموت وأعطيك حقك عند الأجل فأخَّره الحميل عند الراهن ولم يقبضه فليس للحميل بيعه عند الأجل لبطلانه بعدم الحوز ويغرم الحميل الدين ويرجع به ولو أخر العبد أياماً فله القيام بأخذه لأنه يُعذر بشغل يمنعه من الحوز أما إذا طال حتى حلّ الأجل فلا
فرع
في الجلاب : إذا اشترط رهناً غير معين فامتنع الراهن من الإقباض خُيِّر البائع بين إمضاء البيع وفسخه وقاله ( ش ) لفوات ما رضي لأجله وفي شرح الجلاب : يعطى في غير المعين الدور والثياب والحلي لصدق المسمى ولا يُلزَم العبد والدابة للمشقة في الكلفة ومتى تنازعا فيما يُغاب عليه أوما لا يُغاب عليه لزم القبول لصدق المسمَّى
فرع
قال البصري في تعليقه : لو رهنه دارين فأقبضه إحداهما كانت رهناً بجميع الحق وقاله ( ش ) وقال ( ح ) بنصف الحق قياساً على قبض البيع والفرق أن الرهن يتعلق به وبكل جزء منه لمناسبة التوثق لذلك المقصود ومقصود البيع المالية ونسبتها في التوزيع بدليل لو وفّاه الحقَّ إلا درهماً بقي الرهن رهناً به لنا القياس على الضامنين يموت أحدهما فله مطالبة الحي بجميع الحق
فرع
في الجلاب : إذا رهن نصيبه ليس له استئجار نصيب شريكه من الدار إلا بعد القسمة ليتحقق الحوز
فرع
في البيان : إذا قال لك رجل قد حزت الرهن لك فعامِله فدَفعتَ بقوله قال مالك : ضمن ما أردتَ أن يكون رهناً لغروره لك بعدم الحوز
فرع
قال صاحب المنتقى : إذا وقع ما يبطل الحيازة فللمرتهن القيام برد ذلك قال أشهب : إلا أن يفوت بحبس أو عتق أو تدبير أو غيره أو قيام غرماء وقال ابن القاسم إلا في العارية غير المؤجلة فليس له الارتجاع إلا أن يعيره على ذلك أما الموجلة فله أخذها بعد الأجل كالإجازة وعن ابن القاسم تبطل الإجارة إذا علم بها وترك الفسخ وعند أشهب لا يشترط القبض على الفور كما لو تركه عند الراهن ثم قام يقبضه وعند ابن القاسم هو حق الراهن فإذا ردّه وترك حقه فلا رجوع ومتى فات بالعتق أو حبس ونحوه أو يحوزه والراهن معدم رُدّ لعدمه ولا يُرّد البيع ولا يعجل من ثمنه الذين ولا يوضع له الثمن لأن قد ردّه كما لو باعه قبل حيازة المرتهن
الباب الثالث في حكم المرتهن بعد القبض
قال في الكتاب : إذا ارتهن نصف ثوب فهلك الثوب عنده لم يضمن إلا نصفه كالمعطي لغريمه ديناراً ليستوفي منه نصف دينار له عليه ويردًّ الباقي فزعم أنه ضاع ضمن النصف وهو أمين في الباقي ولا يحلف إلا أن يُتهم
فرع
قال : إذ استُحق نصف الدار أو الدابة أو الثوب من يد المرتهن فباقيه رهن بجميع الحق لتناول عقد الرهن الرهن وأجزاءه كتناول الإيداع والغصب والعارية بالجملة والأجزاء وإن أراد المستحق البيع باع الراهن المرتهن معه ولا يسلم المرتهن الرهن لكن يباع وهو بيده فتصير حصة الراهن من الثمن رهناً بيد المرتهن بجميع الحق أو بيد من كان الرهن على يده ولو ترك المستحق حصته بيد المرتهن وهو ثوب ثم ضاع لم يضمن المرتهن إلا نصف قيمته لأنه أمين المستحق ولو وضع الراهن والمرتهن على يد المستحق أو غيره فضاع لم يضمن لخروجه من يده وبقي دينه بحاله قال اللخمي : يراعَى في استحقاق الرهن هل مضمون أو معيّن ؟ وهل المستحق قبل القبض أو بعده ؟ هل غير المرتهن أم لا ؟ فغير المعين إذا أتى الراهن برهن ورضي المرتهن به فلم يقبضه حتى استُحق أجبر الراهن على أن يأتي بغيره وإن استُحق بعد القبض فعليه إخلافه عند سحنون كموته وقيل لا كالبيع والأول أصوب لأن للمرتهن رهناً في الذمة والغرر في المضمون وغيره سواء فإن كان مُعيَّناً واستحق قبل القبض فقال ابن القاسم يخيّر البائع في سلعته في إمضائها بغير رهن وردها إن كانت قائمة أو يأخذ قيمتها فائتة سواء أتى برهن أخر أم لا وقال عبد الملك : إن تطوّع برهن أُجبر على قبوله وإلا خير على سلعته وعلى قول مالكٍ لا مقال له في سلعته ولا قيمتها إن فاتت ولا رهن ولا غيره لقوله : إن تَعدَّى الراهن فباع قبل القبض لا مقالا للمرتهن وإذا سقط مقال في البيع فأولى في الاستحقاق وإن استُحق بعد القبض فلا مقال له إذا لم يغًّيره وإلا استوى قبل وبعد واختلف في ذلك فقال ابن القاسم لا يُجبَر الراهن على خَلَف وللمرتهن مقالٌ في إمضاء سلعته وردها وألزمه عبد الملك الخلف وخيَّره محمد فإن أخلف أُجبر الآخر على القبول وإن لم يخلف عاد مقاله في سلعته وألزمه سحنون تعجيل الحق ورأى أن استحقاقه قبل القبض وبعده سواء والاستحقاق قبل القبض مخالف للموت لأن الموت طرأ بعد صحته والاستحقاق نقص له من أصله ومتى غرّه خُيِّر بين إجباره على مثله أو يكون مقاله في سلعته كما تقدم واختلف فيما يُفيت السلعة فالمشهور حوالة الأسواق وقال محمد لا يُفيتها إلا العيوب المفسدة ويلزمه إن باع سلعته بسلعة فاستحقت إحداهما أن لا يُفيت الأخرى إلا العيوب وليس المرتهن أقوى من المشتري وقد تقدم بعض فروع الاستحقاق
فرع
في الكتاب : ما وقع على يد عدل فضمانه من الراهن وما قبضه المرتهن مما لا يُغاب عليه من ربعٍ أو حيوان لا يضمنه المرتهن ويصدق في هلاكه وعطبه وإباقه أو حدوث عيب وما يغاب عليه يضمنه بالقبض إلا أن تقوم بينة على هلاكه من غير سببه بأمر من الله تعالى أو بتعدِّي أجنبي فذلك من الراهن وله طلب المتعدي بالقيمة ومتى أتى الراهن برهن ثقة أخذ القيمة وإلا جُعلت القيمة رهناً في التنبيهات قال ابن زمنين : يحلف فيما يغاب عليه لقد ضاع بغير دلسه دلسها فيه وما يعلم موضعه منذ ضاع ووجه يمينه مع ضمانه فإن كان
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29