كتاب :الذخيرة 18

كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي

الغرم اليمين اتهامه على الرغبة فيه وعليه حمل بعض شيوخيا المدونة وقال العتبي : لا يمين عليه لأنه يضمن فلا يجمع بين الغرم والحلف كالديون إلا أن يقول الراهن أخبرني صادقٌ بكذبه وأنه عنده وما لايغاب عليه فقيل يحلف على كل حال بخلاف المودع المختلف فيه وقيل كالمودع تجري فيه الأقوال الثلاثة المعلومة وقيل يحلف إن كان غير متهم ما فرطت ولا ضيعت ويزيد المتهم لقد ضاع قال صاحب النكث : يحلف فيما لايُغاب عليه إذا لم يعلم إلا بقوله اتُهم أم لا وكذلك عارية ما لا يُغاب عليه وبيع الخيار وضياع المشايد ( ( كذا ) لأن هذه الأشياء إنما أخذها لمنفعة نفسه بخلاف الوديعة المنفعة لغيره ولا يُشكل عدم تحليف عامل القراض في دعوى الضياع إلا أن يكون متهماً وإن قبض بمنفعة نفسه لأن منفعته غير متيقنة لتوقع عدم الربح ورأس المال الذي يردُّه منفعة له فيه قال ابن يونس قوله : لا يغلَق الرهن قال مالك في الموطأ معناه إن لم أقضِك إلى الأجل فالرهن لك بما فيه وفي الموازية : إن ضاع ما يُغاب عليه ولم تُعلم صفته ولا قيمته لا بقول الراهن ولا بقول المرتهن ولا غيرهما فلا طلب لأحدهما على الآخر لأنه قد يرهن في قيمته أو أقل أو أكثر فالعدل حمله على قيمته لأنه الوسط والقياس جعلُ قيمته من أدنى الرهون لأن الأصل براءة الذمة وقاله أشهب قال أصبغ : إن جهل المرتهن صفته ووصفه الراهن حلف فإن نكل بطل حقه وكان للراهن لما فيه فلو شرط عدم ضمان ما يغاب عليه بطل لمنافاته لمقتضى العقد كما لو شَرط الضمان في الوديعة وفي النكاح عدم الوطء وجوَّزه أشهب في العارية لقولة المسلمون عند شروطهم فإن شهدت البينة بهلاك ما يُغاب عليه لايضمن عند ابن القاسم لظهور البراءة ويضمن عند مالك وأشهب وكذلك العارية لقوله عليه السلام في سلاح صفوان عارية مضمونة مؤداة أو لا بد من أدائها وإن شهد بهلاكها ولو شرط عدم ضمانه نفعه قاعدة : أسباب الضمان ثلاثة : الإتلاف كحرق الثوب والسبب للإتلاف كحفر البئر فيقع فيها ما يملك أو وضع اليد غير المؤمنة كيد الغاصب أو القابض المبيع الفاسد فتضمين الرهن اختلف في يمينه فقيل وضع اليد لظاهر نص صفوان فلا يسقط الضمان بقيام البينة كالغاصب يقيم بينة وقيل اتهامه في الإتلاف فتزول التهمة بالبينة قال ابن يونس قال ابن القاسم : وإنما يضمن قيمة ما ضاع وقت ضياعه لا وقت ارتهن لأن يده غير يد ضمان قال اللخمي : يضمن كل ما يُغاب عليه أو لا يستقل بنفسه وغير المضمون أربعة الأول : ما يُغاب عليه ودخل على ألا يغيب عليه ويبقى في موضعه كثمار رؤوس النخل والشجر والزرع القائم وما هو في الجرين والأندر لغيبة المرتهن عنه في الليل والنهار الثاني : ما يغاب عليه وهو مستقلٌ بنفسه كالحيوان على اختلافه نحو الفرس والطير ويلزم على القول بضمان عارية الحيوان ضمان الرهن قال : وأرى ضمان ما يستخفّ ذبحه وأكله الثالث : ما يُبان به ولا يُغاب عليه كالسفن ترهن في ساحل البحر صغيرها وكبيرها وكذلك آلتها من الصاري والرجل والمري إذا دخل على بقائها في موضعها على الساحل أو غيره كالطعام في المخزن وكذلك أعدال الكتان في قاعات الفنادق فإن كان طعاماً وزيتاً مخزوناً في دار الراهن ومفتاحه بيده أو طابعه عليه فهو في ضمان الراهن وكذلك إن كان في دار غيره أو في مخزن في الفندق لم يضمنه وإن كان مفتاحه بيده إلا أن يعلم أنه كان يتصرف إليه فينظر هل أخذ مثل ذلك ممكنٌ في تكرره إليه أم لا وإن كان في مخزن المرتهن لم يُصدق في ضياعه والرابع : ما لا يُبان به وهو العقار على اختلاف أنواعه فإن فقد شيء من آلة الدار صُدق في أنه لم يخن نظائر : قال اللخمي : واختلف في خمس مسائل في سقوط الضمان قيام البينة وشرط عدم الضمان أو اشترط الراهن الضمان فيما لا يُغاب عليه فأسقطه ابن القاسم وضمان ما أصاب الرهن من سوس أو قرض فأر أو حرق نار فأسقطه مالك في سوس السجة قال ويحلف ما أضعت ولا أردت فساداً وإن أغلفه ولم ينفضه ضمنه ابن القاسم وأرى أن عليه نفضه قال والقياس عدم الضمان لأن النفض لم يقتضه عقد الرهن إلا أن تكون عادة وأما الخشب ونحوه فضمانه من الراهن لأن سوسه لا من عدم التفقد تمهيد قال ( ح ) يضمن مطلقاً مما يغاب أم لا قامت بينة أم لا هلك بيد المرتهن أو وضعوه على يد عدل ويضمن الأقل من قيمته أو الدين ونقض أصله بقوله ولد المرهونة المتجدد بعد الرهن مرهون وهو غير مضمون وبقوله الرهن في ضمان الدًّرك لا يُضمن وبقوله الرهن بأجرة النائحة غير مضمون وبقوله لو رهن من غاصب لم يعلم له لم يضمن ونقض هذه النقوض بقوله المقبوض على حكم الرهن الفاسد مضمون كما لو قبض رهناً بدين مجهول على أصله وقال ( ش ) لا يضمن ما يخفي ولا ما لا يخفي قامت بينة أم لا في يد المرتهن ام لا وجعله أمانة مطلقا إلا في دعوى الرد ومنشأ الخلاف بينهما أنه عند ( ش ) توثيق محض وعند ( ح ) توثيق وتعليق للدين بالرهن ولما فرق أصحابنا بين ما يُغاب عليه وغيره كان عسيراً لقياس الشافعية ما يغاب على غيره وقياس الحنفية على العكس فتعين الاستدلال ولنا على ( ش ) قوله عليه السلام : على اليد ما أخذت حتى ترُدَّه وعلى ظاهره في اللزوم خُصَّ بما أجمعنا على عدم الضمان فيه فيبقى حجة في صورة النزاع وقوله حتى ترُدَّه أي إن وجد وإلا فالقيمة تقوم مقامه ولذلك سميت قيمة وإلا فالمضمون لا يرد إذ المردود غير مضمون مع أن هذا الحديث ضعًّفه الدارقطني ومُعارضٌ بقوله عليه السلام الرهنُ من راهنه له غُنمه وعليه غُرمه فيدل على عدم الضمان على المرتهن بقوله من راهنه والمفهوم من ذلك أي من ضمانه وبقوله عليه غُرمه وهو عام في ذاته وأجزائه ويمكن الجواب بأن المراد بالغرم النفقة لكونه جُعل قُبالة الغلة إذ قبالة العدم الوجود وقبالة الغلة النفقة وهو ظاهر لأن الغرم لا يصدق على الهلاك وكذلك قوله منه أي كُلفت مأخوذةٌ منه أو معناه من ملك الراهن حذراً من قولهم إنه انتقل لملك المرتهن بالدين فنفى - عليه السلام - ويفسِّره قوله - عليه السلام - لا يغلق الرهن ويظهر بمجموع الحديثين مذهبنا فنحمل أحدهما على ما يغاب عليه والآخر على ما لا يغاب عليه فيكون قولنا أولى ويتأكد هذا الجمع بأن خلافه خلاف الإجماع فيتعين لأن كل من قال بالجمع قال به ولأن المقبوضات منها ما هو أمانة محضة وضابطه ما كان المنفعة فيه للمالك كالوديعة أو جل النفع له كالقراض ومنها ما هو مضمون لا أمانة فيه وضابطه ما كان النفع فيه للقابض كالقرض والمبيع أو تعدياً كالغصب ومنها ما هو متردد بين القسمين كالرهن فنفع الراهن الصبر عليه لأجله ونفع المرتهن التوثُّق وشبه الضمان أقوى بوجوه : منهما أن المرتهن أحق به وليس للراهن التصرف فيه ومنها أن تعلق الحق برقبته كالجاني ومنها حبسه للاستيفاء والبيع كالمبيع في يد البائع ومنها أنه لا يُقبل قوله في رده كالغاصب بخلاف المودع ومنها لا يثبُت إلا عن مال في الذمة كالمعاوضات ومنها أنه شرط في أصل البيع كالثمن فهذه ستة أوجه وشبه الأمانة نفع الراهن والصبر إلى الأجل وإباحته له بغير عوض وإذا تقرر هذا فنحن نجعل كونه مغيباً عليه مرجحاً للضمان لكونه مظنة التهمة فهو مناسب ولاحظ القياس على الشهادة بجامع التوثق والقياس على الوديعة والشركة والمضاربة والوكالة فالقبض في هذه كلها لا يوجب ضماناً وجوابه أن الشاهد لم يقبض شيئاً يضمنه فافترقا وعن الثاني الفرق بأن القبض هناك في تلك الصور لحق الدَّافع واحتج ( ح ) بأن رجلاً رهن فرساً له فنفق عند المُرتهن فقال له النبي عليه السلام ذهب حقُّك ولا يريد ذهب حقُّك من التوثق لأنه معلوم بالمشاهدة فيتعين الدين ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم قال عمر - رضي الله عنه - : الرهن مضمونٌ بأقل الأمرين وقال علي - رضي الله عنه - : يترادَّان الفضل بينهما وقال أنس - رضي الله عنه - : الرهن بما فيه ولأنه محبوس بحق فسقط الدين بتلفه كالمبيع في يد البائع ليقبض الثمن أو قياساً على موت الجاني بعد تعلق الجناية به ومقبوضُ يضمن فيه ما يُغاب فيضمن غيره كالبيع والجواب عن الأول منع الصحة فقد صعفَّه المحدثون سلّمنا الصحة لكن ذهب حقّه من التوثق أي لا يجب الإتيانُ برهن آخر وعن الثاني أن قولهم معارَضٌ بقول غيرهم أو يُحمل على ما يُغاب عليه وعن الثالث أنه ينقض بالعين المستأجرة فإنها محبوسة بحق مالكها ولا ضمان وعن الرابع نقضه بالكفيل فإن الحق تعلّق به وموته لا يُسقط الحق ثم الفرق أن الجاني تعلّق الحق بعينه وفي الرَّهن بالذمة بدليل لو زادت الجناية على قيمة الرقبة لم يكن للمجني المطالبة بالفضل وعن الخامس الفرق أن المبيع أخذه المشتري لمنفعة نفسه فقط والرهن فيه الشائبتان كما تقدم نظائر للعبدي قال : يلزم الضمان إلا أن تقوم بينة في سبع مسائل : الرهن فيما يُغاب عليه وكذلك العارية والمبيع بالخيار إذا كان يُغاب عليه ونفقة الولد عند الحاضنة والصداق إذا كان مما يغاب عليه وادّعت المرأة لتفه ووقعت فيه الشركة بالطلاق والمقسوم من التركة بين الورثة ثم انتقضت القسمة ووقعت فيه الشركة بالدين أو بالغلط وقد تلف وهو مما يغاب عليه والصناع تفريع : قال صاحب المنتقى : إذا أتى بالثوب محترقاً ضمن إلا أن تقوم بينة أو اشتهر احتراق حانوته وبعض متاعه محترقاً ضمن قاله ابن القاسم فإن ثبت احتراق حانوته ولم يأت ببعض الثوب فظاهر المسألة أنه غير مصدق قال : والذي أراه إن كانت عادته الدّفع في حانوته صُدِّق وحيث ضمن فالقيمة يوم الضياع لا يوم الارتهان عند ابن القاسم لأن الارتهان لا يوجب ضماناً بل الضياع فإن جُهلت فيوم الرهن وهذا إذا لم قوم الرهن يوم الارتهان فإن قوِّم لزمت تلك القيمة إلا أن يعلم زيادتها ونقصانها فيقوَّم بما صارت إليه قاله مالك لأن التقويم يوم الارتهان اتفاق على القيمة فحملان عله إلا أن يثبت خلافه وفي الجواهر : يُصدَّق المرتهن فيما لا يُغاب عليه إلا أن يدعي موت الدابة في موضع يشتهرلو وقع ولم يُذكر

فرع
قال الطرطوشي : رهن المغصوب من غاصبه يُسقط عنه ضمانه وقاله ( ح ) وقال ( ش ) لا يسقط ضمان الغصب لنا القياس على ما إذا باعه منه أو وهبه منه والجامع الإذن في الإمساك المناقض لمنع الغصب وإذا تعلق الحكم بعلة زال بزوالها ولا يلزمنا إذا لم يأذن له في القبض فإن الرهن يصح ويسقط ضمان الغصب لأنه مقبوض عنده قبل الرهن ولنا أيضاً القياس على ما إذا أودعه أو حكم من أحكام ( كذا ) فيسقط قياساً على وجوب الرد وسقوط الإثم والتفسيق احتجوا بأنه إحدى حالتي الرهن فلا ينافي ضمان الغصب كحالة الاستدامة أو قياساً للنهاية على البداية أو بالقياس على الرهن عبد المجني عليه فإن ضمان الجناية لا يسقط أو عقد لا يمنع طريان الضمان عليه فلا يمنعه سابقاً كالنكاح والإجارة فيما إذا غصبت عبداً ثم زوجته أو غصبته ثم استأجرته على تعلمه أو غصب ثوباً فاستأجره على خياطته وبهذه المسائل يبطل قولُكم الإذن يناقض الضمان وأن البيع إنما أسقط الضمان لزوال الملك ويمتنع أن يضمن ملكه والجواب عن الأول : الفرق بين الاستدامة والابتداء أن الاستدامة في النكاح لا تمنعها العدة والاستبراء ويمنعان ابتداءً لأن الحق تعلّق به وموته لا يسقط الحق ثم الفرق أن الجاني تعلق الرهن بعينه وفي الرهن بالذمة بدليل الاستدامة برد المنافي منها بعد التقرر والثبوت بخلاف مقارنة الابتداء وهو أضعف لعدم التقرر وعن الثاني الفرق بأن ضمان الجناية مستقرٌ لوجود سببه وضمان الغصب يتوقف على هلاك المغصوب وما وُجد فكان ضعيفاً فبطل بالرهن وعن الثالث الفرق أن كل الأمور لا تستلزم الإذن في وضع اليد والرهن يستلزمه والإذن في وضع اليد هنا يُناقض الغصب لأنه وضع اليد بغير إذن وعن الرابع أنه كما استحال أن يضمن ملكه استحال اجتماع يدٍ بغير إذن مع الإذن لأنهما نقيضان
فرع
قال صاحب البيان قال أشهب : إذا اعترف المرتهن ببطلان دعواه التي قُضي بهالهُ عليك والرهن حيوانٌ ضَمِنَه لأخذه عدواناً ولو أقمت عليه بينة ببطلانها لم يضمن لأنه لم يدخل على العدوان بخلاف الأمة المشتركة يجحد أحدهما نصيب صاحبه فتقوم البينة فإنه يضمن وعن ابن القاسم لا يضمن
فرع
في الكتاب : إذا باع الراهن الرهن بغير إذن المُرتهن امتنع فإن أجازه جاز ويعجّل حقه لأن المنع لأجله ولم يرض ذمة الراهن فإن أُذِنَ في البيع وقال لم آذن ليأخذ الثمن حلف فإن أتى الرَّاهن حينئذٍ برهنٍ يشبه الأول وبقيمته أخذ الثمن وإلا بقي رهناً ولا يعجّل هذا إذا بيع بإذنه ولم يسلمه للمبتاع من يده وأخذ الثمن فإن سلّمه للراهن فباعه خرج من الرهن وإن باع المرتهن أو وهب تعدياً يلزمه ردّه ويدفع ما عليه ويتبع المبتاع البائع في التنبيهات : هذا التصرف كله بعد القبض وعن مالك إمضاء البيع وتعجيل الحق توفيةً بالعقد ولا خيار للمرتهن إلا أن يبيعه بأقل من الدين أو بخلافه فإن باع قبل القبض مضى البيع وخرج من الرهن لضعف الرهن قبل القبض واختلاف العلماء في لزومه حينئذٍ ولا يطالبه برهن غيره لأن إهماله في يده حتى باع كردًّه له ولا يُعجَّل الحق ولا يحلف المرتهن عند مالك وابن القاسم وروى يحلف للتُهمة وقول مالك لتمكّنه من القبض يدل على أنه لو بادر يبطل الرهن ومضى البيع وبقي ثمنه رهناً قاله ابن أبي زيد تأويلاً وقال غيره يمتنع البيع ويرد فيبقى رهناً توفيةُ بعقد الرهن وعلى قولهم في حوز الهبة إذا مات قبل التراخي في الحوز وقيل هذا إذا اشترط الرهن في أصل العقد فباعه الراهن بعد التراخي أما لو باعه ليخرجه من الرهن انتقض البيع فإن فات بيد المشتري بقي رهناً وأما ما تطوع به الراهن بعد الحكم فبيعه كبيع الهبة قبل قبضها وفي الموازية : ينفُذُ البيع قرب أو بعد وهذا كله على الخلاف في الهبة المبيعة وقيل إنما يبطل الرهن إذا سلَّم المشتري السلعة قبل بيع الرهن أما وسلعته قائمة لا يلزمه تسليم حتى يدفع إليه رهناً فرَّط في القبض أم لا ومعنى قوله قائمة بمثله صفةً وقيمة أن السوق قد ينحطُّ فلا يفي بدينه أو الأول عقار لا يضمن فيأتيه بما يضمن فيضرر قال ابن يونس : فإن استهلك الرهن قبل دفعه للمرتهن وعنده وفاءٌ وفّاه وتم البيع وإلا فللمرتهن ردُّ البيع ولو دفعه المرتهن للراهن وقال إنما دفعته لك لتعجل لي حقي فأنكر قال أشهب يحلف المرتهن ولا يضرّه قيام الغرماء إن قرب دفعه إليه وإلا فالغرماء أحق وقوله إذا نقد المرتهن في البيع أخذه ربه ودفع ما عليه ويتبع المشتري البائع فيلزمه بحقه يريد يدفع الراهن ما عليه للمشتري ويأخذه منه فإن كان أقل مما دفعه المشتري يرجع المشتري ببقية ثمنه على بائعه ويريد أنه باعه وقد حلّ الأجل أما قبل الحلول فيخير الراهن في إجازة البيع وقبض الثمن ولا يردّه للمرتهن ويجعله بيد عدل رهناً إلى أجله وله قبض الثمن ويوقف له الرهن وكذلك إن ردّ البيع جُعل الرهن بيد عدل ليلاً يعود المرتهن للبيع عند ابن القاسم وعند أشهب يقبض الراهن الثمن ولا يتعجَّله المرتهن من دينه لأنه فسخَ رهنه قال أشهب فإن فات الرهن غرم المرتهن الأكثر من الثمن أو القيمة يوم البيع لوجود سببي ضمانهما من التعدي وأخذ الثمن ولا يحبس المرتهن منه شيئا بحقه إذا كان لم يحل لأنه فسخ رهنه ولو تعدَّى من وُضع على يديه غرم الأكثر منهما وتعجَّل المرتهن إن كان كصفة الدين وإن لم يحل الأجل لأن وقفه ضرر وابن القاسم يرى في مثل إيقاف الثمن وأن يقع بمثل الصفة لعل الراهن يأتي برهن مثل الرهن ويأخذ الثمن أما لو أيس من ذلك فلا فائدة في الإيقاف بل ضرر عليهما قال اللخمي : إن بيع بغير أمره بمثل الثمن والدين عينٌ مضى البيع وعُجِّل الدين وكذلك إن كان الدين عرضاً من قرضٍ فرضي الراهن أن يشتري بثمنه ويعجله وفيه وفاءٌ بالعرض ' وإن ' لم يرض الراهن بتعجيل الدين إن كان الدين عرضاً من قرضٍ ولم يجتمعا على تعجيل الدين امتنع البيع وإن كان ذلك وقت نفاق ذلك الرهن أو موسم بيعه لم يُرِدَّ البيع وإن لم يُوفِّ بالدين لأن المنع ضرر غير ضرر منفعة للمرتهن وإن وهب المرتهِن الرهن دفع الراهن الدين للمرتهن وأخذه من الموهوب ولا شيء للموهوب على الواهب وإذا باع المرتهن ثم غاب واختلف الدين والثمن والدين أكثر دفع للمشتري ثمنه ووقف السلطان الفضل أو الثمن أكثر أخذ الدين واتبع البائع بالفضل وإن باعه بمثلي ثم غاب قبض السلطان الدين من الراهن ودفع له الرهن ويشتري من الدين بمثل ما قبضه المرتهن من المشتري فإن فضل للغائب شيءٌ دفعه له وإن فضل عنده شيءٌ اتُّبع به وإن كان باعه دفع إليه قيمته قال ابن القاسم : فإن باع المرتهن الرهن ولا يعلم الراهن ولا المرتهن صفته ولا قيمته يحلف المرتهن على ما باعه وقال ابن حبيب : إن فات على المرتهن الأكثر من القيمة أو الثمن وقال أصبغ إذا كانت للمرتهن بينة على الصفة يوم باعه ولا بقيمته يوم باعه على صفته التي كان عليها يوم ارتهنه إلا أن تكون صفته يوم باعه أفضل فقيمته يوم باعه إلا أن يكون الثمن أكثر نظراً إلى وضع اليد والتعدي بالبيع وقبض الثمن الناشئ عن الرهن وكلّها أسباب ضمان فعليه أكثرها هذا إن كان مما يغاب عليه وإلا فالأكثر من قيمة صفته يوم البيع أو الثمن الذي باعه به لأن ما يغاب عليه مضمون بالقبض فلا يصدّق في نقص القيمة
فرع
في الكتاب : إذا تكفَّلت أو أعطيت رهناً فهلك عنده وهو مما يُضمن وقيمته كفاف الدين فقد استوفي وترجع أنت على المكفول بقيمته تكفَّلت أو أعطيت الرهن بأمره أو لا لقيامك عنه بما شابه أن يفعله ولو رهنته بأمره وقيمته أكثر من الدين رجعتَ على المكفول خاصةً بمبلغ الدين من رهنك وسقط دين المرتهن لهلاكه عنده وبفضل قيمته على المرتهن لأنه ضمنه أو على المكفول لأنه سببه وترجع بها على المرتهن لأجل ضمانه وإن رهنت بغير أمره رجعت عليه بالدين فقط لأنه الذي انتفع به وبالزيادة على المرتهن لضمانه إياه وفي النكث : يحتمل إن يكون معناه أن الذي عليه الدين مُعدِمٌ فتتجه الحمالة ويسوغ الرهن لأن الحمالة لا تلزم الموسر ويجب أخذ الرهن فلا يتم قوله إلا برضى الذي له الرهن فإن لم يرض فله اتِّباع الذي ضاع الرهن عنده بقيمته لاتهامه في حبسه واستعجال حقه من هذا دون غريمه وقيل : إذا ضاع قبل حلول الدَّين والرهن كفاف الدين إن المرتهن قد استوفي حقه ولا حجة عليه لأنه كمقتضى دينٍ قبل حلول أجله لأنه إنما اتُّهم بغيبته ولا يُعلم أن حسبه تعدٍّ قال التونسي : أنظر كيف ألزم في الكتاب الذي عليه غرمُ الفضلة إذا رهن بإذنه وصاب الرهن يعلم أن المستعير لم يستهلكها والمستعير إنما يضمن إذا اتُّهم على العين المستعارة ولكنه جعل حكم الراهن كأنه وكيله التزم بأن ما وجب على المرتهن فهو واجب عليه فعلى هذا أعاره ولو أن المستعير قبض الرهن وقيمته خمسة عشر ثم دفعه هو إلى المرتهن وقيمته عشرة بحضرة بينة فادَّعى ضياعه لغرم المستعير خمسة عشر لأنه على ذلك أخذه وقد قيل إذا استعار شيئاً فربا عنده بعد العارية شهراً ثم ادّعى ضياعه يضمن قيمته يوم استعاره وفيه خلاف ولأشهب في المتعدّي على الرهن يبيعه هل يضمن قيمته يوم رهنه أو يوم باعه أما إن كانت قيمته يوم استعاره عشرة ويوم رهنه خمسة عشر فإن المستعير لا يربح كما لو باعه المستعير بأكثر من قيمته يوم العارية فإن للمُعير الثمن وكما لو باعه المرتهن لكان للمعير الثمن الذي بيع به لأنه كالآذن في بيعه فليس له إلا الثمن فقط
فرع
في الكتاب : إذا اشترطتما إن لم يأت بالحق إلى أجله فلمن على يديه الرهن من عدل أو مرتهن بيعه فلا يبيعه إلا بإذن السلطان لافتقار بيعه إلى إثبات غيبتك وإعسارك وبقاء الحق عندك إلى حينئذ فإن باع بغير إذنه نقض بيعه لإذنك له وإن لم تأذن له في بيعه دفعه إذا حل الأجل للسلطان فإن أوفاه وإلا باع له الرهن في النكث قال بعض شيوخنا : إذا قال السلطان للعدل الذي بيده الرهن بعه ليأخذ المرتهن حقه فقال ضاع الثمن ولم يُعلم بيعه إلا من قوله لا يبرأ الراهن من الدين لأن صاحب الدين لم يأتمنه على هذا البيع ولا الثمن ولا يضمن لتوكيل السلطان إياه فلا يزول الدين من ذمة الراهن حتى يبيع العدل بينة وقيل بل ضمان الثمن من المرتهن لأن العدل جُعل وكيلاً له وقبض الوكيل كقبض الموكّل قال التونسي في الموازية : الدور والأرضون والعبيد وما له بال يُردُّ ما كان قائماً ويمضي الفائت بالثمن إن لم يُحاب فيه قال أشهب : وأما مثل المقثاة ونحوها فتباع بغير إذن السلطان ليلاً تفسد في إيقافه على الإذن فإن قيل : لِمَ وقف في الكتاب على إذن الإمام مع أنه وكّل في البيع ومن وكّل في بيع ما له لا يوقف قيل تلك وكالة الاختيار وها هنا هي اضطرارٌ لما عليه من الدين فيحتاج عند الاجل إلى بحث عن قرب غيبته وهل له مال يُقبض منه الدين أم لا لأن الرهن إنما يباع مع العدم فهو من باب للغائبين قال ابن يونس : وعن مالك أما التافه فيمضي وماله بالٌ يُرد إن لم يفت قال أشهب : أما بلد لا سلطان فيه أو يعسر الوصول إليه فيجوز البيع مطلقاً قال فالحاصل أن مالكاً وابن القاسم لم يختلفا في التافه واختلفا فيما له بال فأمضاه مرةً وردّه مرة إن لم يفت قال ابن القاسم فإن فات لزمه الأكثر من الثمن والقيمة وإذا أمر الإمام بالبيع فاليسير بياع في المجلس وماله بال ففي أيام ويشهر ويسمع به كالجارية والدار والثوب والنفيس وربما نودي عليه الشهرين قال اللخمي إن تعذر الرفع للسلطان أو عدم فلجماعة عدول يحضرهم النداء ويجوز اشتراط المرتهن أو العدل البيع وينفذ البيع بغير سلطان إذا تطوع به الراهن بعد العقد قال صاحب المنتقى إذا باعه الإمام بغير الرهن من عرض أو طعام منعه ابن القاسم وقال أشهب : بمثل الدين وإن لم يكن فيه فضلٌ جاز أو فيه فضل امتنع بيع بكذا لفضله والمشتري مخير في التمسك بما بقي لضرر الشركة قال الأبهري ما كان مثل الثمار وغيرها مأموناً لا يباع بغير أمر السلطان نفياً للتهمة
فرع
في الجلاب إذا وكلت في البيع ليس لك عزل الوكيل إلا برضى المرتهن وقاله ( ح ) خلافاً ( ش ) وأحمد لأن القاعدة أن الوكالة عقدٌ جائز من الجانبين ما لم يتعلق بها حق للغير وفي المبسوط : لك العزل كسائر الوكالات
فرع
قال صاحب البيان : لا يبيع السلطان حتى يثبت عنده الدين والرهن وفي الملك قولان إذا أشبه أن يملكه الراهن أما إذا لم يُشبه الثوب لباسه أو ترهنُ المرأة السلاح فلا ' بد من ' ثبوت الملك
فرع
اذا لم يوجد من يبيع الرهن إلا بجعل قال ابن القاسم : الجعل على طالب البيع منهما لأنه صاحب الحاجة والراهن يرجو دفع الحق من غير الرهن وقال عيسى على الراهن لوجوب القضاء عليه
فرع
قال قال ابن القاسم : إذا باع الأمين الرهن وقضى الغريم ثم استُحق رجع المشتري على الراهن إن كان له مال وإلا فعلى البائع كالمفلس يباع ماله فيُستحق شيء منه فالرجوع على الغرماء إذا لم يكن للغريم مال وقال ( ش ) متى استُحق المبيع رجع المشتري على الراهن إن علم المشتري بالوكالة وقاله أحمد وقال ( ح ) العهدة على الوكيل ويرجع على الراهن قياساً على المطالبة بتسليم المبيع والرد بالعيب
فرع
في الكتاب إذا قبضه وكيل المرتهن بإذنه فهلك بيده ما يُغاب عليه ضمن المرتهن لأن قبض وكيله كقبضه بخلاف العدل الذي يرضيان به لا اختصاص له به دونك
فرع
قال : إذا دفعه العدل للراهن أو المرتهن تعدياً فضاع ما يُغاب عليه للآخر فإن كفاف الدين سقط لهلاكه بيد المرتهن أو أكثر ضمن العدل الفضل للراهن فإن مات العدل لم يرض يوضع الرهن عند غيره بل ذلك للمتراهنين لعزله عما عدا نفسه قال التونسي : إن دفعه للرهن ففلس الراهن وهو قائم بيده ولا مال للأمين قال عيسى المرتهن أحق توفية بعقد الرهن مثال ما تقدم : للذي له الرهن عشرون وللغريم أحد وعشرون وجد عند المديون عشرة والرهن أخذاً عشرة عشرة وأخذ المرتهن من العدل ثلاثة وثلثاً لأن الراهن لو كان حاضراً لأخذه وبقي له عشرة يحاصص بها في العشرة الموجودة عند المديون ويحاصص الغريم الآخر فيها بعشرين فيحصل لها ثلثها ويرجع به على العدل لأنه الذي فات بسببه ولو أفات الراهن الرهن ووجدا عنده عشرين فأخذ كل واحد عشرة لرجع المرتهن على العدل بثلثي العشرة لأن الرهن لو حضر لأخذه وحاصص بعشرة في العشرين فيحصل له ثلث العشرين فيرجع به على العدل وعلى هذه الطريقة تخرج هذه المسائل قال ابن يونس في الكتاب : إذا دفعه للراهن ضمنه للمرتهن يريد الأقل من قيمته أو الدين وقوله إن كان كفاف الدين سقط يريد ويرجع به على المرتهن قال اللخمي : إذا سلمه المرتهن قبل الأجل فعلم بذلك قبل الأجل أغرم القيمة أيهما شاء لتعدي هذا في الدفع والآخر بالقبض وتوقف القيمة على يد عدل غير الأول خيفة أن يتعدى ثانية وللراهن أن يأتي برهن غير الأول ليأخذ القيمة فإن غرم العدل فيرجع على المرتهن لأنه سلطه وهذا إذا علم الضياع بالبينة وإلا فهل يغرم العدل للمرتهن قيمته الآن أو يكون قصاصاً ؟ لأن العدل يغرم بالتعدي حقيقة والمرتهن بالتهمة ويمكن صدقه ولا خلاف في المرتهن إذا غرم بالتعدي أن تؤخذ منه القيمة الآن قبل الأجل واختلف إذا غرم بالتهمة هل تؤخذ القيمة أو يكون قصاصاً بالدين ؟ فإن أسلمه العدل للراهن فللمرتهن انتزاعه ويوقف على يد عدل فإن لم ينزع حتى فلس الراهن قال ابن القاسم المرتهن أحق أن يوفيه بعقد الرهن وقال محمد : إسوة الغرماء لزوال الحوز
فرع
في الكتاب : إذا أمر السلطان ببيع الرهن رجلاً ليقضي المرتهن حقه فضاع الثمن لم يضمنه المأمور ويصدق في ضياعه لأنه أمين فإن اتهم أحلف وكان الثمن من الذي له الدين كضياع ما باعه السلطان لغرماء المفلس قال ابن يونس : وعن مالك أنه من ربه حتى يصل إلى الغرماء لأن السلطان وكيله دونهم وقال بعض القرويين : إنما يكون ضياع الثمن من الذي له الدين عند ابن القاسم إذا ثبت البيع ببينة وإلا فلا يبرأ الراهن من الثمن لأن صاحب الثمن لم يأتمنه على هذا البيع وقيل سواء وهو الصواب وظاهر الكتاب لأنه أمين من جهة السلطان فلو ضاع الرهن قبل بيعه لكان من ربه على قول ابن القاسم ومن الذي له الدين على قول عبد المالك كاختلافهم في ضياع مال المفلس الموقوف للغرماء
فرع
في الكتاب : إذا باع السلطان ثم استحق وقد فات عند المبتاع وغاب المبتاع فلم يوجد فللمستحق إجازة البيع وأخذ الثمن من المرتهن ويرجع المرتهن بحقه على الراهن كمن استحق سلعة بعد بياعات فإنه يأخذ الثمن من أيهم شاء
فرع
قال لو باع المأمور الرهن بحنطة أو شعير أو عرض لم يجز لأنه خلاف المعتاد في الأثمان فإن ضاع ما قبضه ضمنه لتعديه بخلاف العين لا يضمن وكذلك الوكيل على بيع السلع قال اللخمي قال أشهب : إذا باع بجنس ما عليه من الدين ولم يكن في ثمنه فضل جاز وإن كان فيه فضل رد ذلك الفضل وخير المشتري في الباقي فإن رده فله للضرر في الشركة
فرع
في الكتاب : إذا قبض الرهن ثم أودعه الراهن أو أجره إياه أو رده إليه بأي وجه كان خرج من الرهن وقاله ( ح ) إلا في العارية والوديعة وقال ( ش ) لا تشترط استدامة القبض كمن يخدم الراهن نهارا ويرجع للمرتهن ليلا وللمرتهن أن يأذن للراهن في الاستيلاء على الرهن ولا يقدح ذلك ويملك الراهن التصرف في الرهن عنده بما لا يضر المرتهن ولا ينقض الاجال والعتق عنده إلا أن يكون موسراً ومنشأ الخلاف أن عقد الرهن هذا أفاد فعنده أفاد أنه صار ببيعه في دينه عند الأجل وإنما شرع القبض عند ليلزم لأنه تبرع عنده لا يلزم إلا بالقبض وعندنا أنه محبوس بالدين عنده فيكون الاختصاص قائماً مقام ملك العين فهنا مقصودان حبسه واستحقاق البيع وهو أعظمهما ويترتب على الأول كالوضوء مقصوده الأعظم إباحة الصلاة ويترتب على غسل الأعضاء وعلى هذا الأصل تنبني أكثر مسائل الرهن من رهن المشاع لمنع الإشاعة دوام القبض بالمهايأة ومنافع الرهن هل للراهن أم لا ؟ وقد تقدم تقريره ويمكن الراهن من مباشرة الاستيفاء فهو أصل كبير فاعلمه لنا : قوله تعالى ( فرهان مقبوضة ) قاعدة أصولية المشتق إطلاقه قبل وجود المشتق منه ليس حقيقة إجماعاً من باب تشبيه الشيء بما هو آيل إليه نحو تسمية العنب خمراً وإطلاقه عند وجود المشتق منه حقيقة إجماعاً نحو تسمية الخمر خمراً أو بعد وجوده مجازاً عند الجمهور نحو تسمية النائم يقظان باعتبار ما مضى إذا تقررت هذه القاعدة فإذا رد الرهن وجب ألا يصدق عليه مقبوضاً فيكون وصفاً لقبض معدوم والله تعالى قد اشترطه في الرهن لأن الوصف يجري مجرى الشرط ويلزم من عدم الشرط عدم المشروط فلا يكون هذا رهناً فلا يستحق بيعه وهو المطلوب ؛ ولانه قد تقدم أن معنى الرهن في اللغة الحبس والثبوت فإذا لم يثبت ويدم لا يكون رهناً لغة فلا يكون رهناً شرعاً وهو المطلوب ؛ ولأنا أمرنا برهن مقبوض إجماعاً وأجمعنا على أن ما ذكرناه موف بمقتضى هذا الأمر ومقتضى المشروعية فيه فوجب ألا يكون ما ذكرتموه مشروعاً لعدم ما يقتضي العموم في اليآية فهي مطلقة والقاعدة الأصولية أن المطلق إذا عمل به في صورة سقط اقتضاؤه فيما عدا تلك الصورة فالقواعد معنا والنص احتجوا بقوله عليه السلام : الرهن محلوب ومركوب والمراد إما المرتهن وهو باطل إجماعاً فيتعين الراهن ولأنه عقد من شرطه القبض فلا يشترط دوامه كالهبة والصدقة والعارية ولأن الدوام لو كان شرطاً لبطل الرهن إذا غصب منه وليس كذلك اتفاقاً ولأن دوام القبض لو كان شرطاً لبطل إذا أذن المرتهن للراهن في بيع نصفه وهو النكتة زعموا أنها تبطل أكثر أصولنا وأنا أجمعنا أن القبض ليس شرطاً من حين العقد إلى زمن البيع فكما لا يضر عدم اليد ابتداء لا يضر انتهاء قياساً لأحد الطرفين على الآخر ولأن لفظ القبض مطلق والمطلق يكفي فيه صورة فتعين ما ذكرتم من القاعدة فلا تدل الآية على الدوام وهو المطلوب والجواب عن الأول أن الحديث لم يعين الحالب والراكب فنحمله على المرتهن بإذن الراهن والمطلق يتأتى بصورة وهذه الصورة مجمع عليها فيسقط النص من غيرها وعن الثاني القلب في النكتة فنقول تصرف من شرطه القبض فلا يكون للدافع فيها بعد ذلك حق كالواهب في الهبة ثم الفرق أن مقصود الهبة الملك وزوال اليد لا ينافيه ومقصود الرهن التوثق وزوال اليد ينافيه ولا سيما والرهن معناه الاحتباس والثبوت وعن الثالث أن الحكم القهري غير معتبر شرعاً بخلاف الإكراه والجبر ؛ وعن الرابع أن يد المرتهن تبقى على المرهون وهو الرهن فلم يبطل القبض ؛ وعن الخامس أن في الابتداء له المطالبة بالقبض بمقتضى العقد فما وجد تفريط أما إذا رده فقد فرط فقدم ذلك في الشرط وعن السادس أنا بينا أن القبض صفة لازمة لان الرهن الاحتباس والدوام فإذا بطل القبض بطل الرهن فكما أجمعنا على معنى الرهن يجب دوامه فيجب دوام القبض وهو المطلوب تفريغ في الكتاب : ليس للمرتهن في إعارته إياه ورده إلا أن يعيره على ذلك فله إلا أن يقوم الغرماء أو يموت الراهن فهو إسوة الغرماء وكذلك إن كان أرضاً فزرعتها الراهن بإذنك وهي بيدك خرجت من الرهن وكذلك إن أكرى الدار بإذنك وإن أجره المرتهن أو أعاره بإذن الراهن وولي المرتهن ذلك ولم يسلمه للراهن فليس بخروج لبقاء اليد وإن ضاع عند المستأجر وهو يغاب عليه فهو من الراهن قال ابن يونس قال ابن القاسم : متى قام المرتهن برده قضي له إلا أن يفوت بحبس أو عتق أو تدبير أو بيع أو قام غرماؤه وسى أشهب بين العارية وغيرها في أن له الرد ما لم يفت بما تقدم وسوى في كتاب حريم البير ' بين ' أن يسكن أو يأذن له في السكن أو الكراء وقال أشهب بل حتى يكريها وقال ابن القاسم وكذلك لو أذن له السقي من البئر أو العين المرتهنة خرجت من الرهن قال محمد : ولا يكري المرتهن الرهن إلا بإذن الراهن لملكه المنافع إلا أن يرتهنه على ذلك قال أشهب : إن شرط أن كراءه رهن مع رقبته فله أن يكريه بغير إذنه لانتقال المنفعة إليه وعن مالك لا يحتاج إذنه مطلقاً لأن المنافع تابعة للرقبة قال صاحب المنتقى : إن أكرى المرتهن بغير إذن الراهن لزم الراهن لأنه صار كالمحجور عليه فإن حابى ضمن المحاباة قاله عبد الملك وليس للراهن تعجيل الدين وفسخ الكراء إن كان بلا وجيبة وإلا فله وإن كان أجله دون أجل الدين قاله عبد المالك وقال أصبغ : إن كانت وجيبة إلى أجل الدين أو دون فليس أو أبعد فله الفسخ فيما زاد إذا حل الأجل وإنما فرق عبد المالك بين الوجيبة وغيرها لأن عقد الكراء إذا انعقد على معين يقدر بنفسه ولم يفسخ لفوات زمان وإذا علق بزمن معين وقدر به انفسخ بفوات ذلك الزمان ووجه قول أصبغ أن الكراء على اللزوم فيلزم فميا لا مضرة فيه على الراهن . قال أصبغ : وليس له في الدين كراؤها بوجيبة طويلة فإن فعل لم يلزم الراهن إذا عجل الدين
فرع
في المنتقى قال : إن ترك المرتهن أن يكري الدار التي لها قدر أو العبد الكثير الخراج حتى حل الأجل ضمن أجرة المثل لتضييعها على الراهن وهو محجور عليه أما الحقير فلا قاله عبد المالك وقال أصبغ لا يضمن في الوجهين كالوكيل على الكراء
فرع
في الكتاب : إذا مات الراهن قبل أجل الدين بيع الرهن وقضي الحق لأن من مات حلت ديونه
فرع
قال : إذا جنى العبد خير السيد فإن فداه بقي رهناً وإن سلمه خير المرتهن فإن أسلمه فهو لأهل الجناية بماله قل أو كثر ودين المرتهن بحاله وإن فداه لم يكن للسيد أخذه حتى يدفع ما فداه مع الدين ولا يكون بماله رهناً بدين ولا أرش إلا أن يشترط في الدين أولاً فإن امتنع سيده من أخذه بيع إذا حل الأجل لا قبله فيبدأ بما فداه به مع الدين ولا يكون بماله رهنا بدين ولا أرش إلا أن يشترط في الدين أولا فإن امتنع سيده من أخذه بيع إذا حل الأجل لاقبله فيبدأ بما هداه به المرتهن لتعلق الفداء بالرقبة وحق الرهن إنما هو بالتوثق فإن ساوت رقبته أقل من الفداء لم يتبع السيد بالفضل في الدين وإن فداه المرتهن بأمر الراهن اتبعه المرتهن بما فداه به وبالدين فإن ' قال ' الراهن إن العبد جنى جناية وهو عند المرتهن ولم تشهد بذلك بينة والراهن معدم لم يصدق لتعدي إقراره ببطلان حق المرتهن أو مليء فإن فداه بقي رهناً ولو أسلمه لم يكن له ذلك حتى يحل الأجل فيؤدي الدين ويدفع العبد بجنايته فإن قبل الأجل فالمرتهن أحق به من أهل الجناية لتقدم حقه بخلاف ثبوت الجناية بالبينة في النكث لبعض شيوخنا : كان ينبغي إذا افتك العبد على قول ابن القاسم وبيع بعد الأجل أن تكون نفقته على السيد لأنه كان ينفق عليه أولاً وإذا أراد المرتهن دفع الجناية من مال العبد [ فليس له ذلك ] وأما الرهن فذلك للراهن اشترط المال رهناً أم لا لأن المال إذا قبضه أهل الجناية قد يستحق فيلزم السيد غرم مثله لأن رضاه بدفعه كدفعه ذلك من ماله ولو دفعه من ماله واستحق غرم مثله فإذا أراد الراهن ذلك وأبى المرتهن فإن لم يشترط المرتهن المال رهناً فلا مقال له وإلا إن دعا إلى فداه فذلك له وإن أسلم العبد فذلك للراهن لسقوط حقه بإسلامه لأن أهل الجناية يأخذونه بماله فلا حجة له في ماله إذا رضي بدفع الأرش من مال العبد قال التونسي : بيعه قبل حلول الأجل أشبه لأن المرتهن حل فيه محل المجني وقوله لا يكون ماله رهناً في الجناية لا يفهم إلا أن يظهر قصده لبقائه على ما كان وعن مالك : إذا بيع بماله أخذت الجناية من جميع ما بيع به ثم ينظر بعد ذلك إلى قدر ما زاد ماله في ثمنه فإن كان النصف فنصف الباقي بعد الجناية للمرتهن من دينه والباقي الزائد من جهة المال الذي لم يكن رهنا معه للغريم مع بقية الغرماء وهو الصواب لأن المال والرقبة كانا مرهونين في الجناية وقد فداهما المرتهن جميعاً فيبدأ من جملة ثمنها وإذا جنى فخير سيده فأسلمه فافتداه المرتهن بدية الجناية أو بزيادة على أن يكون له ثم جنى على آخر بمثل جناية الأول فإن كان زاد على الجناية فقد صار مالكاً له يخير هو في إسلامه كله وافتدائه وأما إن افتداه بدية الجناية الأولى ولم يزد شيئاً وقد كان أسلمه لسيده ثم جرح آخر فإن سيده يخير في إسلامه كله وافتدائه بدية هذه الجناية الأخيرة فإن افتداه كان مرهوناً على حاله فإذا بيع فقد قيل يأخذ مرتهنه من ثمنه ما فداه به من دية الجرح الأخير فيحسبه من دينه لأن جرحه الآخر كان أولى برقبته من الجرح الأول والجرح الأول أولى من الرهن فيأخذ ذلك المرتهن من دينه ومن الدية الأخيرة حتى يستوفي ذلك الجرح الآخر فإن فضل شيء لم يستوف من الفضلة بقية دينه الذي ارتهنه حتى يستوفي دية الجناية الأولى فإن فضل منها شيء استوفى منه بقية رهنه فإن عجز عن دية الأولى لم يتبعه المرتهن بذلك القدر من دية جنايته التي كان أداها فإن فضل شيء أخذه من بقية دينه وإن لم يفضل شيء أتبعه ببقية دينه خاصة وكذلك إن عجز الثاني عن الذي أداه المرتهن في الجناية لم يكن له إلا الباقي بعد جميع جناية وبحه ( كذا ) وخالف أشهب فقال يأخذ المرتهن إذا بيع جميع دينه لأن الجرح الآخر كان أولى برقبته فإن فضل شيء أخذه المرتهن فيما كان افتداه به فإن فضل عن ذلك شيء رُدّ إلى السيد ووجهه أن الجرح الآخر عنده استغرق قيمته له إلا أن يفضل عن الدين فيكون للجرح الأول فإن فضل عنه شيء فهو لسيده لأن المرتهن ليس له أكثر مما خرج ولو أقر الراهن أن عبده جني بعد الرهن فإن رضي بإسلامه لم يكن ذلك له إلا أن يرضى بإداء الدين معجلاً لأن الإقرار لا يتعدى ضرره المقرَّ ولا يلزمه ذلك لأنه يقول إنما تعدى بعد أن رهنته ولو أقر أنه جني قبل الرهن ثم رهنه ورضي بافتكاكه بقي رهناً وإن لم يفده ولا تحمَّل الجناية وحلف أنه ما رضي بتحملها أُجبر على إسلامه وعجًّل الدين كمن أعتق الرهن أو أقر أنه لغيره والدين مما يجوز له تعجيله ولو كان الدين عروضاً من بيع ولم يرض من هي له بتعجيلها ما صح إقراره على المرتهن كما لو كان معسرا والدين مما له تعجيله ويخير المجني عليه في إغرامه القيمة يوم رهنه لأنه منعه غلته فأشهب الغاصب وفي عبده حتى يحل الأجل فيباع فيه ويتبعونه بثمنه قال وانظر إذا اعتق العبد والدين عروض من بيع ولم يرض المرتهن تعجيلها هل يغرم قيمته وتوقف أو يأتي برهن مثله أو يبقى رهناً بحاله ؟ ولا يجوز عتقه لحق المرتهن في أن لا تتبدل عليه الرهان وإن كان عبد الملك قد قال في الرهن يستحق وقد غيره إن للراهن الاتيان برهن ولا ينتقض البيع وأما إذا كان له التعجيل فقال يمضي العتق ويعجل وقال المغيرة يغرم الأقل من قيمته أو الدين وفي بعض الكتب يعجل الدين وما بينهما فرق والأشبه القيمة إلا أن تفهم إرادته تعجيل الدين وقال ابن يونس : إذا جنى خير سيده في فدائه وبقائه رهناً أو يسلمه فيخير المرتهن في ثلاثة : إسلامه واتباع غريمه من الجناية وإذا خاف الراهن الهلاك على الزرع وأبى المرتهن النفقة فأخذ مالاً من أجنبي فأنفقه عليه فالأجنبي أحق بمبلغ نفقته من ثمن الزرع من المرتهن وإن فضل شيء رجع المرتهن بدينه على الراهن ومعناه إذا شرط نفقة الأجنبي فيه وإلا ففي ذمة الراهن وفي الكتاب : إذا ارتهنت أرضاً فأخذ السلطان منك خراجها لن ترجع به على الراهن إلا أن يكون ذلك الخراج حقاً وعن ابن القاسم إذا لم يجد من يبيع الرهن إلا بجعل الجعل على طالب البيع لأنه صاحب الحاجة والراهن يرجو الدفع من عين الرهن وقال أصبغ : على الراهن لوجوب القضاء عليه وعن مالك إذا أكرى الدار ثم طلب أجراً ومثله يواجر نفسه فذلك له وإلا فلا وفي الجواهر عن ابن القاسم في غير الكتاب : يجبر الراهن على إصلاح الزرع إن كان مليا
فرع
في الكتاب : إذا ولدت الأمة الرهن ثم ماتت فولدها بجميع الرهن لاندراجه في الرهن بأجزائها
فرع
قال : إذا ارتهنت خلخالين ذهباً في مائة درهم فاستهلكتهما قبل الأجل أو كسرتهما وقيمتهما مائة درهم لم تقاصصه بدينك بل توخذ قيمتهما وتوضع عند عدل مطبوع عليها رهنا فإذا حل الأجل أخذتها وكذلك إذا كانا فضة فلزمتك القيمة دنانير فإن أوفاك أخذ الدنانير وإلا صرفت لك وأخذت ثمنها من حقك لأنها بدل الرهن فجعلت كالرهن وقد كان ابن القاسم يقول : إذا كسرا ففيهما نقص الصياغة ثم رجع للقيمة ويكونان له ولا يكونان للراهن لا يكون الرهن بما فيه ولكن المرتهن ضامن قيمته وفي التنبيهات : روينا يطبع على القيمة أو توضع على يد عدل بأو ورجحها جماعة على رواية الواو لأن وضعها على يد العدل يغنيها على الطبع لانتفاء التهمة على السلف وعلى هذه الرواية توضع عند صاحبها مطبوعة لنفي التهمة بالطبع ولأنها لا تراد لعينها فيخشى سلفها أو يرغب في عينها فيحبسها ويودي ثمنها لكن يطبع عليها ليلاً يتعجل حقه قبل الأجل وقيل تدفع القيمة لرب السوارين إن جاء برهن ثقة وقال أبو عمران عليه ما نقصت الصياغة وعن مالك عليه أن يصوغهما قال ويصدق المرتهن فيما كان في الخلخالين لأنه غارم فإن قال لا أعلم وقال الراهن فيهما كذا حلف واستحق وإن كان مما يخشى حلق أنه دفع للصائع عن العمل وكذا وأنه أخذه على ذلك قاله مالك
فرع
في الكتاب : إن لم أفتكه فهو بالدين يمتنع لأنه بيع غرر وقاله الأيمة وينقض للرهن وللمرتهن حبسه بحقه وهو أحق من الغرماء فإن فات بيده بما يفوت به البيع الفاسد لزمته قيمته يوم حلول الأجل لأنه بيع فاسد ويقاصه بالدين فيرد الفضل قال اللخمي : إذا شرط ذلك في عقد البيع فسد البيع والرهن واختلف إذا فات بعد حلول الأجل وهو على يد عدل هل مصيبته من المرتهن لأن العدل قابضه أو من الراهن لأن الحكم أن يرد ذلك الرضى ( كذا ) قال ابن يونس : إن كان الرهن بعد البيع فسد الرهن وحده
فرع
في الكتاب : إذا ضمنت ما يغاب عليه وقام لك غرماء ولا مال لك غير دينه فعلى غريمك غرم دينك وله محاصة عزمائك بقيمة رهنه ولا يكون دينك عليه رهنا له بذلك لأنك لم ترهنه ولا له المحاصة بذلك وكذلك إن أسلفته ثم ابتعت منه سلعة بثمن ولم يذكر أن ذلك في دينك ثم قام الغرماء على أحدكما فلا يكون وطئها حتى يفتكها وابن عبد الحكم لا يجيز هذا النكاح بحال وكذلك نكاح المستأجرة والظئر اللائي لا يقدر على وطئهن وكل من لا يجوز وطؤها لا يجوز عقدها كالمعتدة والمحرمة وقد جاء نكاح المعتكفة مع تحريمه والصائمة قال ابن يونس : إذا لم يكن له مال وثمن الكتابة إذا بيعت يوفي الكتابة بيعت ولعل ابن القاسم يريد في التدبير أنه حل الأجل وهو معسر بيعت المدبرة لا يلزم عليه القول الأول وقال محمد : الكتابة مثل التدبير لا يتعين التعجيل وقال أشهب : هما مثل العتق يعجل الحق في الملاء وإلا بقي بيد المرتهن فإن أدى الدين نفذ بعد ذلك وإلا بيع وإن كان بعض الثمن يفي عتق الباقي وقال أشهب : يباع الجميع في الولادة والتدبير والكتابة وفضل ثمنه لسيده لتعذر كتابة بعضه أو تدبيره أو أم ولده قال محمد : يبقى في الكتابة والتدبير رهناً لأن الكتابة مما تباع فإن تم الأجل وفيها وفاء بيعت ولا يباع الفضل عن الوفاء إعمالاً لسبب العتق بحسب الإمكان وإن لم توف إلا بالرقبة بيعت لسبق حق الدين ويباع المدبر إذا حل الأجل ولا يباع بعضه على أنه مدبر على حاله ولا على أن يقاويه للغرر في البيع بالجهل بمدة بقائه مدبرا أحبلها بيع بعضها ويبقى ياقيها أم ولد قال ابن يونس : يباع بعض المدبر على أنه رقيق للمبتاع وبقيته مدبر لجواز تدبير أحد الشريكين نصيبه بإذن شريكه ولا ذلك في المكاتب وقال أشهب : إن كان هذا قبل حوز الرهن نفذ كله ولا رهن له في العتق وحده ولا يعجل له الحق وأما في التدبير والكتابة فللمرتهن قبض رهنه فيبقى رهنا بيده وهو مدبر ومكاتب والكتابة معه رهن بخلاف خدمة المدبر إلا أن تشترط في اصل الرهن والكتابة كالرقبة كالغلة ( كذا ) وقال محمد : الكتابة كالغلة لأنها لا تكون رهناً إلا أن يشترطها في أصل الرهن قال محمد ولو أعتق بعد القبض وليس بمليء فإن لم يكن في ثمنه فضل لم يبع منه شيء ولا يعتق حتى يحل الأجل وقاله مالك فإن كان فيه فضل بيع بقدر الدين وعتق الباقي وإن لم يوجد من يبتاع بعضه بيع كله وما فضل عن الدين يصنع به السيد ما شاء لبطلان العتق بالتعذر قال ابن يونس : لا يباع كله حتى يحل الأجل لعل السيد يفيد مالاً فيعتق كله أو بعضه قال أشهب : فإن كان للسيد مال عتق مكانه وإن لم يحل الأجل وقضى الدي الآن لتعذر الرهن ولم يؤخر المرتهن لأجله وإن لم يكن له مال وقضى العبد الدين من ماله عتق ولا يرجع على السيد لأنه صرفه في مصالحه وفي الكتاب : إذا أعتق المديان فأراد الغرماء رد العتق وبيع العبد فللعبد أو أجنبي دفع الدين وينفذ العتق وقال بعض الفقهاء : ينبغي لو أسلف سيده أن يرجع لأن للغرماء الصبر بدينهم وإجازة العتق ولأن السيد لو أعتقه وللعبد عليه دين ولم يكن استثنى ماله بقي دينه على سيده وعن مالك إذا وطئها وهي تتصرف في حوائج المرتهن فحملت بيعت بعد الأجل والوضع دون ولدها إلا أن يكون له مال والصواب أن على المرتهن ما نقصها وطوه وإن طاوعته بكراً كانت أو ثيباً وهو أشد من الإكراه لأنها في الإكراه لا تعد زانية وفي المطاوعة زانية فقد دخلها العيب وعن أشهب لا شيء عليه في نقصها وإن كانت بكراً إن طاوعته كالحرة لأنه من مهر البغي وجواب ابن القاسم أنها كالسلعة قال اللخمي : إن كانت عند عدل فسلمها للراهن فحملت منه وهو فقير ضمن ابن القاسم الأمين قيمتها يوم حملت ويتبع الأمين السيد إلا أن يكون فقيراً فالمرتهن أحق بالجارية إذ لم يعلم وعند محمد لا سبيل للمرتهن عليها وإن كانا فقيرين الراهن والعدل قال صاحب القبس : اختلف في إعتاق الراهن ففصل مالك بين الموسر والمعسر ويرد عليه أنه نفذ العتق من المعسرين في عدة مسائل وإن أبطل حق الغير ويتعذر الفرق وتتشعب الفروع والأصول وبينهما ( كذا ) يحكم على الراهن بأداء الدين يذهب ماله ورد العتق لا يتعذر شرعاً فكم عتق يرد وأم ولد تباع قال : والصحيح عندي أن لا يحكم بنفوذه إلا بعد أداء المال وقبل ذلك موقوف والعجب من أصحابنا يبطلون الرهن بالعتق ويضعفونه مع سريانه للولد كما يسري العتق جارية للعبد الوطء بخلاف رهنه وجاريته وهو خلاف ما تقدم في الموازية ولا فرق لشبه الانتزاع في الوجهين قال ابن عبد الحكم إذ زوجها ولم يرض المرتهن فسخ النكاح دخل أم لا لتضمنه النهي ولو دخل بغير علم المرتهن فاقتضها فعليه صداق المثل يوقف معها في الرهن كالجناية عليها فإن نقصها الافتضاض أكثر من الصداق غرم ذلك للسيد ويوقف مع الصداق ولها الأكثر من المسمى أو صدق المثل لعدم تعيين الصحة ولو افنكها السيد قبل البناء انفسخ لتحريمه في أصله ويقول سحنون أبينها ولو لم يكن للسيد مال فسخ النكاح وإن لم يشعر بذلك حتى بنى وله مال تعجل المرتهن دينه وثبت النكاح وإلا فسخ وكان على الزوج الأكثر من المسمى وصداق المثل ولو دفع الزوج للمرتهن جميع دينه ليبقى النكاح أجبر المرتهن على ذلك جمعاً بين تصحيح عقدي النكاح والرهن قال اللخمي : لا خلاف أن العبد لا يطؤها وهي رهن لأنه انتزاع أو تعريض للانتزاع على الخلاف وإذا رهن دونها قال ابن مسلمة لا يطؤها لأنه انتزاع وشبهه بالبيع وإذا زوجت الأمة الرهن فسخه يحيي وإن أجازه المرتهن على أن يمنع منها حتى يفتك لأنه نكاح بشرط عدم الوطء
فرع
في الجواهر : ينفك الرهن بأحد أربعة أشياء : بفسخه أو فوات عينه بآفة سماوية حيث يضمنه راهنه أو يجني العبد ويسلمه فيباع في الجناية وبقضاء كل الدين ووافقنا ( ش ) و ( ح ) في أن الرهن لا ينفك بدفع بعض الدين وأن أجزاءه مرهونة كجملته بجملة الدين قياساً على الشهادة بجامع التوثق وكذلك الكفالة يتعلق بالكفيل الدين وأجزاؤه
فرع
قال : يجوز قول الراهن بع الرهن واستوف الثمن ثم استوف لنفسك ويتحد القابض والمقبوض كاتحاد الولي والزوج إذا وكلته وبيع الأب مال نفسه لابنه وهبته وصدقته ووقفه عليه وهو صغير وقاله ( ح ) وأحمد ابن حنبل خلافاً ( ش ) محتجاً بأنه لا يبذل جهده في استيفاء الثمن وهو حكمة التوكيل وجوابه الرضي باجتهاده كما لو كان عاجزاً نفذ إجماعاً
فرع
في البيان : إذا اشترط المرتهن على العدل ضمان الجارية فقال أنا ضامن لرهنك لا يضمن ما يحدث بهذا الرهن من موت وغيره لأن المقصود خوف تدليس الراهن مما يخرجه من يده وكذلك إذا قال أضمن لك كل شيء إلا الموت والإباق إلا أن يقول ضامن له لما نقص من حقك فيضمن كل شيء قاله مالك ورجع إلى أنه يضمن كل شيء في الصيغتين ولا فرق لعموم الصيغة وقيل لا تعم في الوجهين نظراً للمقصود فتكون ثلاثة أقوال ولم يختلف قوله في العموم إذا قال أنا ضامن لما أصاب الرهن
فرع
قال : المرتهن مقدم على كفن الراهن إذا لم يكن له غيره ( 141 قال قال مالك : ' إن ' توفي وترك رهوناً ) قال قال مالك : ' إن ' توفي وترك رهوناً مجهولة الأصحاب تباع ويترك ثمنها حتى يويس منهم فيوفي الغرماء بها فإن ظهر مستحق رجع عليهم وذلك إذا خشي فساد الرهن وإلا فيوقف لأنه رهنك إن أمن الفساد فإن خشي عليه بيع وجعل ثمنه رهنا ولا يباع المأمون إلا برضاكما بخلاف المتقارضين يختلفان في مبلغ القراض ينظر السلطان لأنك مختص بالرهن بخلاف المقارض
فرع
قال : إذا قلت دع الرهن عندي إلى غد فأسلفك فيهلك قبل غد ضمنت ما يغاب عليه لأنك لم تؤتمن بل أخذته رهنا
فرع
قال صاحب الاستذكار قال مالك : إذا قام أحدهما ببيع الرهن والآخر قد أنظره سنة بحقه إن لم تنقص قسمة الرهن حق المتأخر بيع لهذا نصفه فوفي حقه وإلا بيع كله فأعطي هذا حصته ودفعت البقية للراهن إن رضي الذي أنظره وإلا حلف المرتهن ما أنظره إلا ليوقف له رهنه على هيئته ثم أعطي حقه وقال مالك : إذا ارتهنا لا يقضى أحدهما دون الآخر وإن رهنا لا يأخذ أحدهما حصته حتى يستوفى المرتهن للضرر في ذلك وإن لم يكونا شريكين فيه قبض أحدهما حصته وقال ( ح ) الشريكان وغيرهما سواء في المنع نفيا للضرر مطلقا وقال ( ش ) الشريكان وغيرهما سواء في عدم المنع راهنان أو مرتهنان لأن الأصل عدم الارتباط
فرع
في البيان قال ابن القاسم : إذا أقر الراهن أن العبد الرهن ابنه لحق به وأتبع بالدين لنفي التهمة في الإقرار بالنسب ولو أقر أنه حر لا يقبل إلا أن يكون له مال فيعجل الحق وإن لم يحل لانخرام الرهن
فرع
قال البصري في تعليقه : إذا استحال العصير خمراً في يد المرتهن ثم انقلبت خلا بقي رهناً وقال ( ش ) إن صار العصير خلاً بقي رهناً لأنه لم يخرج عن المالية وإن صار في يد المرتهن خمراً زال ملك الراهن وبطل الرهن كالحيوان يموت فإن تخللت عاد الملك كجلد الميتة يدبغ ويعود الرهن من غير عقد آخر لزوال المانع فعمل للسبب السابق وإن صار خمراً قبل القبض بطل الرهن فإن عاد لم يعد الرهن وقال ( ح ) لا يبطل الملك بالخمرية ولا يبطل الرهن كالعبد يرتد
الباب الرابع في النزاع
إذا قال المأمور ببيع الرهن من قبل السلطان سلمت الثمن للمرتهن وجحد المرتهن [ ضمن المأمور ] لأن الأصل عدم القبض ولو قال المأمور بعت بمائة وسلمتها له وقال المرتهن باع بخمسين وقبضتها ضمن المأمور خمسين بإقراره كمامور يدفع مائة فيقول لم أقبض إلا خمسين ضمن الخمسين قال التونسي : إذا غرم المأمور خمسين لا يكون المرتهن أحق بها لأنها ليست رهناً ولو قال لا أدري بكم باع إلا أنه لم يقبض إلا خمسين وحلف وأغرم العدل الخمسين الأخرى لكان أحق بها من الغرماء قال ابن يونس : ولو كان المرتهن هو الآمر بالبيع لصدق المأمور مع يمينه في دفعه للمرتهن لأن الوكيل على البيع مصدق في دفع الثمن للآمر وقال أشهب : لا يضمن المأمور الخمسين الباقية للمرتهن لاعترافه أنه باع بخمسين بل الراهن قال اللخمي : إنما يصدق العدل إذا لم يأت بما لا يشبه
فرع
في الكتاب : [ إن ] قال الراهن لم يحل الأجل صدق لأن الأصل عدم حلوله إذا أتى بما يشبه وإلا فلا وإذا قال المبتاع بعد فوت السلعة عنده الثمن مؤجل وقال البائع حال صدق المبتاع في الأجل القريب دون البعيد قاله مالك وقال ابن القاسم لا يصدق في الأجل ويؤخذ بما أقر به حالاً لأن الأصل عدم التأجيل إلا أن يقر بأكثر مما ادعاه البائع فلا يكون للبائع إلا ما ادعى قال التونسي : اختلافهم بعد فوات المبيع كاختلافهم في قلة الثمن يصدق المطلوب وكذلك ينبغي إذا ادعى البائع الحلول أن يصدق المشتري بعد الفوت وإن رأي ابن القاسم أحكامه وهو التوثق ولم تتعين الشهادة لأن البدل أعم كما تقدم ولا يتم أيضاً قول الفقهاء البدل يقوم مقام المبدل مطلقاً لما قد تقرر بل في الوجه الذي جعل بدلاً فيه فهذه القاعدة لا بد من تحقيقها في المقام فعليها مدار بحثها مع الفرق وهي عشرة تفريع في الكتاب : إن كانت قيمته يوم الحكم لا يوم الرهن مثل دعوى المرتهن فأكثر صدق مع يمينه وإن تصادقا أن قيمته يوم التراهن أقل من ذلك فزاد سوقه لم ينظر إلى قيمته الآن لأن الشاهد إنما يعتبر وجوده وقت الشهادة ويصدق الراهن فيما زاد على قيمته الآن مع يمينه على دعواه ويبرأ من الزيادة وإن قلت رهنت في مائة دينار وقال هي لك علي وإنما رهنت في خمسين صدقت في قيمة الرهن فإن كانت خمسين له تعجيلها وأخذ رهنه لأن الأصل عدم ارتهان في الزائد فإن ضاع عندك واختلفتما في قيمته تواصفتماه وتصدق في الصفة مع يمينك لأنك غارم ثم تقوم تلك الصفة فإن اختلفتما صدقت في مبلغ قيمة تلك الصفة في التنبيهات : يريد بتصديقك في الصفة إذا ادعيت ضياعه ثم يختلف في قيامه ينظر للقيمة يوم الحكم عند ابن القاسم وفي ضياعه يوم القبض وقال غيره إنما ينظر في الحالين يوم القبض لأنه يوم الرضى بالتوثق وقد تختلف الأسواق بعد هذا وفي الموازية : متى ثبت هلاكه ببينة وهو مما لا يضمن لا يشهد لك ولا يلزم الراهن إلا ما أقر به لأنه لا يشهد إلا عند قيامه وظاهر قوله في الموازية وغيرها أنه إنما يشهد على نفسه لا على الذمة وأن حقه إنما يكون في عين الرهن وهو خلاف قول عبد الوهاب وتأويل بعضهم على الكتاب أنه شاهد على الذمة يشهد في قيامه وتلفه كإقراره واختلفت هل يلزم الراهن حلف أم لا ؟ والحلف أصح ولم يختلف في أيمانهما معاً إذا كانت قيمته دون ما ادعاه وفوق ما أقر به الراهن وسكت في الكتاب عن يمين المرتهن وبينه مالك في الموطأ فقال : يحلف المرتهن على ما ادعى من دين ويخير الراهن بين إعطاء ذلك وأخذ رهنه أو يحلف وتبطل عنه الزيادة فإن نكل لزمه قول المرتهن وقال محمد : يخير المرتهن بين حلفه على دعواه وعلى قيمة الرهن وقيل إنما يحلف المرتهن على الرهن إذا شهدت له على غيره : كما لو ادعى عشرين وشهد له شاهد بخمسة عشر فإنه يحلف مع شاهده قال صاحب النكت : وفساد هذا القول أنه لو حلف على عشرين فوجب له أخذ خمسة عشر ويجبره المطلوب على الخمسة الزائدة فنكل المطلوب أليس ترد اليمين على الراهن فيصير يحلف مرتين على دعوى واحدة وهو غير مستقيم وقيل يحلف على جميع دعواه وإن كانت قيمة الرهن أقل وإنما يصدق المرتهن في قيمة الرهن يوم الحكم لا يوم الرهن لأن الرهن بيد المرتهن كالشاهد وإنما قام بشهادته عند الحكم فوجب النظر إليها يوم الحاجة فأما إذا ضاع فيوم القبض لأنه كشاهد شهد ثم ذهب فينظر إلى شهادته حين أدائها قال التونسي إنما يكون شاهدا إذا لم يفت فإن فات وهو لا ضمان فيه على المرتهن لم يشهد لأنه إنما يشهد على نفسه لا على ذمة الراهن واختلف إذا كان على يدي عدل هل يكون شاهداً أم لا ؟ ففي الموازية : شهد على يدي المرتهن أو غيره ولو اختلفا في جنس الدين لشهد بما يبلغ قيمته كقوله هو عندي بمائة دينار ويقول الراهن في مائة إردب قمحاً قرضاً وكانت أقل صدق المرتهن مع يمينه فلو قال الراهن في مائة وقلت في مائة وخمسين والقيمة مائة حلف وقيل للراهن ادفع مائة وخمسين وخذ رهنك أو احلف وابرأ وإن كان الدين مائة وعشرين بيدي المرتهن فحلف على مائة وخمسين وإن شاء حلف على مائة وعشرين وانفك ما زاد على القيمة ولا سبيل للراهن على الرهن حتى يحلف على المائة والخمسين فإن حلفا جميعاً لم يكن الرهن إلا في قيمته لتساويهما وكذلك إن نكلا جميعاً لعدم المرجح لما زاد على القيمة . وفي الموازية : له دين بكتاب لم يذكر فيه الرهن فقال له عندي هذا الرهن بمائة أخرى غير المكتوبة وقال الراهن بل بها فعن ابن القاسم يصدق الراهن لأنه لو قال هو وديعة صدق وفيه خلاف عن ابن القاسم وقد قال إذا وجد الرهن في التركة وقال الوارث لا علم لي في كم رهن وهو يسوي خمسة وقال الراهن في دينار يصدق الراهن ولا يكون إقراره بالرهينة دليلاً على أنه في قيمته وإذا رهنته بحضرة بينة ثم قال المترهن جاءني الراهن بعد ذلك وأخذ مني غير الذي
فرع
قال صاحب المنتقى : إذا قلت الدين ثمانية أرادب وقال المرتهن مائة دينار قال أصبغ : إن كان ما أقررت به أكثر من الدنانير صدقت أو أقل صدق كما يصدق في كثرة النوع
فرع
قال الأبهري : إذا تنازعا تلف ما يغاب عليه فقال المرتهن أنت خبيته صدق المرتهن وحلف إن اتهم كالوديعة ولأن الأصل عدم العدوان وقيل يحلف مطلقاً والفرق أن المرتهن قبض لحق نفسه وفي العتبية : لا يحلف لأنه يغرم إلا أن يقول أخبرني مخبر صادق أنه عندك
فرع
في الجلاب : إذا تنازعتما في رد الرهن لم تصدق إلا ببينة والفرق بينه وبين الوديعة أن المودع أمين مطلقاً والمرتهن قبض لحق نفسه
فرع
في البيان قال ابن القاسم : إذا ادعى المرتهن أنه ضاع عند الأمين ولا بينة له على أنه وضعه عند الأمين إلا بتصديق الأمين إن كان الأمين عدلاً فلا ضمان على المرتهن لأنه لما رهن بشرط وضعه على يد عدل صار المرتهن كالرسول أو كالمودع يؤمر بإيداع الوديعة عند غيره فيدعي أنه فعل وضاعت هنالك وعنه لا يبرأ في الرهن إلا ببينة على الدفع للأمين والفرق شائبة الضمان والتهمة فإن دفعه لغير عدل ضمن لأنه إنما أذن له في العدل فإن شهدت البينة وادعى عدم العلم بعدم عدالته صدق إلا في المشهور بالفسق وقاله ابن القاسم في الوديعة إذا أذن له في إيداعها فضاعت
فرع
في الكتاب : إذا ضاع أحد الثوبين صدق المرتهن مع يمنيه في قيمته وسقط من الدين قيمة الثوب وإذا قلت هما رهن بألف و ' قال ' الآخر وديعة أو عارية صدق لأن الأصل عدم رهنه ولو كانا نمطاً وجبة فهلك النمط فقلت هو وديعة والجبة رهن وعكس الراهن فلا يصدق في تضمينه ولا أنت في الرهينة ويأخذ الجبة ربها قال ابن يونس : يريد ويحلفان قال ابن يونس : إن رهنه بغير بينة فادعى رده وأخذ دينه حلف الراهن وضمنه لأن الأصل عدم الرد قال المخزومي : إن أعرته ليرهن نفسه لم يكن رهناً إلا بما أذنت له والمستعير مدع لأنك فعلت معروفاً ولا تكون تشهد للمرتهن لأن استحققته وبقي الدين كدين لا رهن فيه فيصدق الراهن إلا في أقل مما ادعيته فيصدق المرتهن حينئذ لأنه رهن له ويباع له إن أعدم الراهن
فرع
قال ابن يونس : إذا أرسلته ليرهن ثوباً في خمسة وقلت وصلت إليك وقال الرسول بل في خمسة عشر وقال المُرتهن في عشرين وقيمة الثوب عشرة يحلف المرتهن ثم أنت وتغرم عشر ة قيمة الثوب إن أحببت أخذه ثم يحلف الرسول يميناً لك لقد وصل إليك عشرة ويميناً للمرتهن ما رهنته إلا في خمسة عشر ويغرم لك خمسة ولو قامت لك بينة وصدَّقك الرسول أعطيت خمسة وأخذت رهنك وحلف الرسول للمرتهن وبرئ ولم يطالبه المرتهن بشيء وإن لم تكن بينة وقال المرتهن بعشرة صُدِّق إلى قيمة الرهن مع يمينه ثم تَفتَكُّ أنت رهنك بقيمته أو تتركه بما فيه وأن ادّعى [ المرتهن ] أكثر من قيمة الرهن حلف الرسول ما أرسله إلا بخمسة وبرئ ولم ' يطالبه ' الآمر ولا المرتهن بشيء ولا يرجع المرتهن على الرسول بخمسة إذا كان الرهن يساوي عشرة إذا أقام الراهن بينةً وأخذ رهنه لأن الرهن الذي كان يُصدقه انتُزع بالبينة فلا حجة له بقيمته وإن ادعى العلم بخمسين قال أشهب لا يضمن الخمسين للمرتهن بل للراهن لتصديقه إياه وتردّد اللخمي في أخذه إياها مواخذة بظاهر العدل
فرع
في المقدمات : لو وُجد الرهن بيده بعد التفليس وادّعى قبضه قبل التفليس وجحده الغرماء لجري القولان اللذان في الصدقة توجد بيد المتصدق عليه بعد موت المتصدق فيدعي قبضها في صحته وفي المدونة دليل على القولين ولو لم يتعلق به للغرماء حقٌّ لصُدِّق وشهد له بقيمته على الراهن لعدم المزاحم
فرع
في البيان : إذا انهدمت دار فتقوم عليها فلك الأجرة إن كان مثلك يعمل ذلك بأجرة بعد أن تحلف ما تبرَّعت
فرع
قال : قال ابن القاسم : إذا ادَّعى رجل بعد حوزك مدةً أنه ارتهن قبلك وحازه وقامت البينة على الرهن والحيازة وأنه لم يعلم برهنك يبدأُ الأول ولك ما بقي دون الغرماء قال لأن الرهن بعد حوزه لا يبطل برجوعه للراهن إلا أن يعلم المرتهن فيسكت فلو علم الأول بطل حقه
فرع
قال ابن القاسم : رَهنتَ سوارَ امرأتك بغير أمرها فعلِمَتْ أو أعلمتها إن طلبت بالقرب وحلفت ما دفعته لك فذلك لها وإلا فلا لرضاها بالرهن وعنه لها ذلك بعد الطول وتحلف ما رضيت لأن الأصل عدم الرضى وهذا إذا لم تحضر الارتهان وإلا فإن بادرت فلها وإن سكتت وأنكرت قبل انقضاء المجلس فعلى الخلاف في السكوت هل هو كالإقرار أم لا وإن انفصلا عن المجلس لزمها اتفاقاً
كتاب التفليس وديون الميت
وفيه نظران : النظر الأول : في التفليس وهو مشتق من الفلوس التي هي أحطّ النقود كأن الإنسان لم يترك له شيئاً يتصرف فيه إلا التافه من ماله والمِديان من الدين أي الطاعة دان له إذا طاع وفي الحديث : الكَيّس من دانَ نفسه أي أذلها والدَّين مذلة والدَّين ماله أجل والقرض مالا أجل له ثم استعمل في الجميع قاله صاحب التنبيهات ويتمهد هذا النظر بتلخيص السبب وأحكامه القسم الأول : السبب وفي الجواهر هو التماس الغرماء أو بعضهم الحجر في الديون الحالة الزائدة على قدر مال المديان وأصله ما في مسلم : أُصيب رجلٌ على عهد رسول الله في ثمار ابتاعها فكثُر دينُه فقال رسول الله تصدَّقوا عليه فتصدَّق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دَينه فقال رسول الله خُذوا ما وَجدتُم فليس لكم إلا ذلك ولم يزد على خلع ماله لهم ولم يحبِسه ولم يبعه ولم يستسعه خلافاً لابن حنبل في استسعائه ولقوله تعالى ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) وقال شريح : يحبس والآية إنما وردت عنده في الربا لو كان كذلك لقال تعالى ذا عُسرةٍ - بالنصب - حتى يعود الضمير على المُرابي وما قُرئي إلا بالرفع أي إن وُجد ذو
فرع
قال : الغرماء ثلاثة غنيٌ مطلُه حرام لقوله ' مطلُ الغنيِّ ظلم ' ومُعسرٌ وهو أعسر من العُدم فكل مُعدِم معسرٌ من غير عكس فالمعسر الذي ليس بمُعدم من يضرُّه تعجيل القضاء فتأخيره مندوب ومطله هو وهو مجتهد في الأداء غير حرام قاله شيوخ قرطبة وقالوا لا يلزم بيع عروضه وعقاره في الحال تدل الروايات بخلاف ما أفتى به فقهاء الأندلس من التوكيل عليه وإلزامه تعجيل البيع والمعسر المُعدم يجب إنظاره
فرع
قال الغريم محمول على الأداء حتى يتبين عُدمُه في دين المعاوضة وغيره لأن الغالب على الناس الكسب والتحصيل ويجري عندي في الدين الذي لم يأخذ له عوضاً خلافٌ من مسألة الغائب عن امرأته ثم يطلبه بالنفقة
فرع
قال : من أحاط الدين بما له حُرمت هبته وصدقته وعتقه ورُدّ إقراره لمن يُتَّهم عليه ويجوز بيعه وشراؤه حتى يُحجر عليه وكذلك الإنفاق على امرأته ومن يلزمه الإنفاق عليه ويتزوج من ماله ما لم يُحجر عليه فيه ولا يُصالح عن جناية قصاص مما بيده بخلاف الخطأ والعمد ' الذي ' ليس فيه قصاص وتبرعاته جائزة إن شُك في استغراق الدين حتى تُعلَم إحاطته وقال ( ش ) التبرعات نافذة حتى يُحجر عليه لنا أنه يضيع على الغرماء المال المتعين لهم فيمتنع كالتصرف في الرهن وفي النوادر عن مالك : إذا تصدق وأعتق ثم أنكر الغرماء فعله بعد مدة فإن ثبت أنه حين الصدقة لا وفاء عنده فلهم ذلك إلا أن يكونوا علموا بالصدقة وإن كان فيها فضلٌ لم يردّ الفضل ولا يرد العتق وإن طال زمانه ووارث الأحرار وجازت شهادته لتعلّق الحقوق به ولا يُسمع إقراره بإسقاط أمته منه إلا ببينة من النساء أو تفسير ذلك قبل دعواه قال ابن القاسم : والمهر المؤجل القريب والبعيد يُحيط بماله يمنع العتق والتبرع كسائر الديون ولو أعتق عبداً فيه فضل عن دينه ثم داين رد للأولين بقدر الذي لهم ويدخل معهم الغرماء الآخرون ولا يباع شيء آخر قاله ابن القاسم وقال أشهب : إذا حاص الآخرون مع الأولين بيع للأولين ثانية بقدر ما نقصهم الآخرون ثم يدخل في ذلك الآخرون وهكذا حتى يباع العبد كله وإحاطة الدين يمنع من تحمل الحمالة كصدقته ولا فيما بينه وبين الله
فرع
في الجواهر : لا يكلف الغرماء حجة على عدم غريمهم ويقول على أنه لو كان لظهر ما استقاضة الحجر ويكفي طلب البعض للحجر وإن كره الآخرون وقاله ابن حنبل و ( ش ) خلافاً ( ح )
فرع
قال صاحب النكت قال بعض شيوخنا : إذا قام صاحب الدين الحال دون صاحب المؤجل بطلب التفليس وبيد المطلوب كفاف الحال فلس حتى يكون بيده فضلة عنه لأن من حق المؤجل إذا لم يجد فضله أن يقول خربت الذمة قال التونسي : يريد بالفضلة ما يمكن المعاملة به يؤدي ما عليه منه قال اللخمي : إذا كان ما في يديه كفافاً لمن حل دينه وله مؤجل مثل المؤجل الذي عليه في العدد والأجل على موسر أو يحل دينه قبله أو بعده وهو أكثر عدداً فإن بيع الآن وفى وأجل دينه قبل وهو أقل ويرجي بعد قبضه والتجربة أن يوفي ما عليه لم يفلس والمعروف من المذهب إذا كان ماله وفاء بجميع دينه ولم يفلس وإلا فلس وفي الموازية : إن كان ما في يديه أكثر من حق من حل فيه لم يفلس وليس يحبس وإذا ظهر منه إتلاف وخشي صاحب المؤجل ألا يجد عند الأجل شيئاً فله الحجر عليه ويحل دينه إلا أن يضمن له أو يجد ثقة يتجر ويحال بينه وبينه
فرع
قال الطرطوشي : إن كان غائباً وله مال حاضر فعن مالك يفلس رواه ابن وهب ومطرف وروى ابن القاسم إن قربت غيبته كتب إليه وكشف عن أمره ليظهر ملاؤه من عدمه والبعيد الغيبة إن جهل حاله قال ابن القاسم لا يفلس لعدم تعين الضرر لأنه لا يدري ما حدث عليه وقال أشهب يفلس وبمذهبنا قال ( ش ) وقال ( ح ) لا يحجر عليه فإن حجر عليه لم ينفذ حجره لأن الغائب له حجته لنا أن ضرر الغرماء قد ظهر فيعمل به كسائر الظواهر وفي النوادر إذا قال رجل للغائب عندي هذا المال قضى الحاكم الغرماء منه قال سحنون مواخذة له بأقراره ولو كان حاضراً ما تمكن من رد هذا الإقرار لحق الغرماء فيه
فرع
في الجواهر : قال مالك إذا قام غرماؤه فمكنهم من ماله فباعوه وقسموه ثم داين آخرين لا يدخل الأولون معهم وتمكنه كتفليس السلطان ولو قاموا فلم يجدوا معه شيئاً فتركوه فداينه آخرون ليس هذا بتفليس ويتحاص الأولون والآخرون بخلاف تفليس السلطان لأنه يبلغ من الكشف ما لا يبلغه الغرماء قال ولو عملت بلوغهم كشف السلطان رأيته تفليسه
فرع
قال قال ابن القاسم إذا قال لك في دينك الحال انظرني إلى الصوم فقلت أنظرك إلى أن يتهيأ لك فإن أشهدت له بذلك لزمك وإلا فتحلف ما أردت إلا أن يتهيأ له ما بينه وبين الصوم قال أصبغ وليس لك قبل الصوم طلب إذا لم يتهيأ له بغير موته من بيع عقار ونحوه وإنما أستنظرك مخافة ذلك وإذا حل الصوم أخذته به وحلفت وأما التأخير المبهم إلى أن يتهيأ فإلي زمن التهيؤ إلا أن يكون ثم بساط في التأخير لزمن معين فلا يتجاوز وأما أحكامه فعشرة : الحكم الأول : جمع ماله وبيعه وفي الكتاب من قام بدين على غائب ولعله كثير المداينة لغير من حضر بيع عرضه لمن حضر وليس كالميت في الاستيناء لاجتماع من يطرأ من غرمائه لبقاء ذمة هذا دون الميت قاله مالك وقال غيره يستأنى كالميت إن كان معروفاً بالدين لتوقع الضرر على الغائب من الغرماء فيهما قال التونسي قريب الغيبة لا يفلس وبعيدها مجهول الملاء ومعروفها لا يفلس عند ابن القاسم ولا يحل المؤجل من دينه ويأخذ من حل دينه ما حضر ويحاص فيه إن لم يف بالمؤجل ولا يكون واجد سلعته أحق بها لأن الأصل عدم التفليس وقال أشهب يفلس كالحاضر الغائب ماله قال أصبغ ويكتب تفليسه حيث هو قال وفيه نظر لأن أشهب إنما فلسه لإمكان تلف المال فإذا وصل إليه فكيف يحل عليه بقية المؤجل وقد ذهبت العلة ؟ قال ابن يونس : تباع داره وخاتمه وسرجه وسلاحه ولا تباع ثياب جسده دون ثوبي جمعته إن كانت لهما قيمة وإلا فلا ويباع سريره وسيفه ورمحه ومصحفه دون كتب العلم في دين الميت والوارث غيره فيها سواء ممن هو لها أهل قاله سحنون وخالفه أبو محمد وغيره لأنها أعيان مقصودة بالأعواض كسائر المتمولات ولم تتمحض للقرب كالمساجد والربط قال صاحب المقدمات ولم يختلف في جواز بيع المصحف بخلاف كتب العلم قال ابن يونس : وليس لغرماء المفلس أن يواجروا أم ولده ويواجروا مدبره ويبيعوا كتابة مكاتبه لقبول ذلك للمعارضة وهي في حوزه ولا يجبر على اعتصار ما وهب لولده ولا أخذه شفعته ولا قبول هبته لقوله عليه السلام في حديث معاذ ' خذوا ما وجدتم ليس لكم إلا ذلك ' وإذا اشترى أباه بيع في الدين لأن الدين مقدم على العتق وبر الوالدين بخلاف لو وهب له لانخرام مقصود الواهب بخلاف البائع إلا أن يجهل الواهب أنه أبوه فيباع لعدم قصده العتق في النوادر : الميراث كالشراء يباع أيضاً ولو دبر ولد أمته الصغير ثم استدان وفلس لا تباع الأمة للتفرقة لكن تخارج ويأخذ الغرماء خرجها إلى مبلغ حد التفرقة فتباع ويباع منها بقدر الدين إلا أن يموت السيد قبل ذلك فتباع الأمة إن وفت الدين ويعتق ثلث المدبر وإن وفي بعضها عتق من باقيها وفي بقية مبلغ الثلث من ذلك إن لم يدع غير ذلك وإن كانت هي المدبرة فالجواب سواء قال سحنون : لا يجبر ورثه الذمي على بيع خمره وخنازيره وإن لم يرك غير ذلك بل يتربص الطالب فإن باعوا وصار مالأً طلب وقُضي له به وكذلك مركبٌ بساحلنا فيه خمر وإن قالت امرأة المفلس هذه الجارية لي وصدّقها وقال الغرماء بل له قال سحنون إن كانت في حيازة المرأة والزوج يقوم بها لم تصدّق بعد التفليس وعلى المرأة البينة للتهمة في الحوز لها عن الغرماء ووافقنا ( ش ) في بيع داره وخادمه قال وإن كان محتاجاً إليه وخالف ابن حنبل قال مالك : ويُستاني بربعه الشهر والشهرين لتوقع الزيادة في الثمن مع الأمن عليه والعروض والحيوان مدة يسيره والحيوان أسرع لقرب تغيره ولا يبيع السلطان إلا بالخيار ثلاثة أيام لتوقع الزيادة قال اللخمي : إلا أن يكون الربع أعظمها وتكون المبادرة إليه متعينة خشية الرجوع عنه فلا يؤخر والعادة أن يبيع القاضي بيع خيار وإن لم يشترط إلا أن يعلم المشتري تلك العادة فله القيام في تنجيز البيع أو الرد إن كره البقاء على الخيار قال ابن يونس : قال مالك : ويُترك له ما يعيش به هو وأهله الأيام وقال نحو الشهر وإن لم يوجد غيره تُرك لأن الحياة مقدّمة على مال الغير لأنه يجب على الغير إزالة ضرره بماله فأولى التأخير بما في الذمة وقال ( ش ) إن كان له كسب فنفقته في كسبه وإلا تُرك له ما يحتاجه إلى انفكاك الحجر عنه وقال ابن حنبل ينفق على الفلس ومن تلزمه نفقته بالمعروف إلى حين القسمة فإن كان يكتسب أنفق على نفسه وإن لم يكن له كسب أُنفق عليه مدة الحجر وإن طالت كالميت يُجهز وضرورة الحي أعظم لنا الحيّ مجبول على طلب الكسب والتسبب غالباً وحقُّ الغريم متعينٌ فيقدَّم والميت يتعين تجهيزه في ماله الحاضر وأُيس من تحصيله لما آخر وأهله عندنا وزوجته وولده الصغار فيعطى نفقته وكسوته وكسوتهم لأن الغرماء عاملوه على ذلك وعنه لا تُترك له كسوة زوجته لبعد ضرورتها عنه فلها طلب طلاق نفسها والصبر مدة بخلاف نفقته ونفقتها وفي الموازية إن بعث لها أحد الأمرين إما النفقة أو الطلاق فإن قال الرسول أوصلتُها لأهله صُدِّق مع يمينه ولهم أخذها من عياله إن قاموا بحدثان ذلك فإن تراخوا مدةً تُنفق في مثلها فلا شيء لهم لذهاب عين المال فإن قاموا بحدثان ذلك فقال أهله قضينا ديناً في نفقة تقدمت لم يصدقوا وعليهم البينة إلا أن يأتوا على ذلك بلطخ أو برهان قال اللخمي : يُجبر العامل على بيع قِراضِ المفلس إن جاز بيعه وكذلك إن كان هو المفلس وفيه فضل وإن لم يجز البيع لم يُجبر قال : وأرى إن رضي الغرماء أن يضمنوا للعامل ما يربح في مثلها عند أوان البيع أن يُمكَّنوا الآن من البيع ويدفعوا ذلك إليه وقت البيع فإن لم يربح في مثلها ذلك الوقت لم يكن له شيء وقال في كتاب محمد : إذا خرج العامل إلى بلد آخر بيع لغرماء المالك ولا يباع لغرمائه حتى يحضر المالك لأن غرماء المالك كالمالك وهو لو لقيه هناك له الانتزاع فكذلك غريمه وغريم العامل كالعامل والعامل ليس له الترك هناك بل عليه إعادتُه إلى موضع قبضه فلو عُلِم أنه لم يسافر إلا رجاء الربح لم ينتزعه ربُّ المال ولا الغرماء إلا بعد الرجوع وإن وُجد قد اشترى بثمن ما باع لم يأخذوه منه حتى يقدم ربُّه وهو كالذي لم يحلّ بيعه وإن كان أخدم عنده لم يبع مرجعه كانت الخدمة حياة المُخدم أو سنين معلومة وإن أفلس المُخدم كانت الخدمة كالعرض إن كانت معلومة العشر سنين ونحوها وإن كانت حياة المُخدم أو المُخدَم بيع منها ما قرب السنة والسنتين وإن داراً ونقد كراءها بيعت تلك المنافع ويباع دينُه المؤجَّل عيناً أوعرضاً أو طعاماً من قرض ويؤخر إن كان من بيع حتى يحُل أجله لامتناع بيع طعام السَّلم قبل قبضه ويؤخر بيع ما لم يبدُ صلاحه حتى يبدو صلاحه وتباع خدمة المُعتق إلى أجل وأن طالت العشر سنين ونحوها ولا يباع مال مُدبره ولا مال أمِّ ولده ومعتقه إلى أجل لأنه ملك غيره وقال ابن كنانة : لا يُترك للمفلس نفقة ولا كسوة لأن الأصل أن الغرماء وغيرهم سواء في مواساته وأرى أن يُعتبر ما يترك له ثلث قدر المال الذي عليه وعياله والسعر من الرخص والغلاء فإن ترك له نفقة الشهر في غلاء أو كثرة العيال أضرَّ بالغرماء أو مع كثرة العيال ورخاء السعر لم يضر بهم وأما مع قله ما في يديه فالخمسة الأيام والجمعة حسن ويصحُّ أن لا يُترك له شيء بأن يكون ذا صنعةٍ تكفيه وقيل يترك للصانع النفقة اليسيرة خوف المرض وليس ببيًّن لُندرة المرض ولأن الغالب أن المفلس أخفى شيئاً وراءه وفي النوادر : إذا كان يفضل عن إجارة نفسه شيء أُخذ قاله ابن القاسم قال سحنون : والصناع إن أفلسوا وليس لهم مال أُخذ فضل أجر عملهم قال اللخمي : وإذا أفلس العبد المأذون انتُزع ما في يده كالحر وإن كان يؤدي لسيده خراجاً في حال تجارته من ربحه مضى له ما أخذ أو من رأس ماله ردّ وإن كان صانعاً يشتري الشيء ويصنعه فالغريم أحق بما في يديه ولا مقال على السيد فيما أخذ من الخراج مما قابل صنعته وإن كان عنده فضلٌ أخذ منه وإن علم أنه كان على خسارة انتُزع من السيد ما أخذ وإن أبقى السيد في يده شيئاً من خراجه لم يأخذه الغريم وإن كان في يده مال وُهب له أو تُصُدِّق به عليه أو أُوصي له به قُضي منه الدين إلا أن يشترط المُعطي أن يتسع فيه العبد فلا يُقضى منه
فرع
قال ابن يونس في المدونة : إذا فُلّست امرأة ثم تزوجت وأخذت مهرها ليس لغرمائها فيه قيام ليلاّ يبقي زوجها بغير جهاز إلا أن يكون الشيء الخفيف كالدينار
فرع
في الكتاب : يُجبر على انتزاع مال أمِّ ولده وله انتزاعه إلا أن يمرض ولا دين عليه لأنه حينئذ يَنتزع للورثة لا لنفسه وإن فُلِّس المريض لا يأخذ مال مُدبًّره للغرماء وإن مات بيع بماله وإن أحاط الدين به قال التونسي : إن مرض وعليه دين وله مدبًّر يردُّه الدين إذا مات لا يُعجًّل بأخذ ماله لدين سيده حتى يموت فلعله يعتق بعضه ويباع بعضه في الدين وقد يطول المرض ويفيد السيد مالاً
فرع
قال الطرطوشي : الحاكم عندنا يتولى بيع ماله وقاله ( ش ) وابن حنبل ويستحب حضوره لأنه أعلم بسلعه وميل الناس لمعاملته أكثر وقال ( ح ) لا يبيع الحاكم وإنّما يأمر بالبيع ويحبسه حتى يبيع لنا أنه باع مال معاذ وقول عمر - رضي الله عنه - في حديث الأسيفع : إنا بائعو ماله غداً على رأس المهاجرين والأنصار فكان ذلك إجماعاً وقياساً على الميت وعلى بَدَلِ أحد النقدين بالآخر فإنه ساعد عليه ولهم الفرق بأن الميت سقطت أهليته بخلاف الحي والنقدان في حكم الشيء الواحد بخلاف غيرهما احتجوا بقوله تعالى ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وبقوله عليه السلام لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسٍ منه ' وهذا لم تطب به نفسه وبالقياس على غير المفلس ولأن تصرفه لنفسه أتمُّ من الغير ولأنه لو جاز له بيع ماله لجاز له بيع منافعه لجريانها مجرى الأموال والجواب عن الأول القلب فإن المفلس إذا امتنع من البيع فقد أكل ماله بالباطل ثم نقول هذا يقتضي منع البيع إذا باع بتضييق الحاكم ثم نقيس على ما أجمعنا على تخصيص هذه النصوص به من بدلِ النقدين أحدهما بالآخر ونفقات الزوجات والميت وعن الثاني الفرق بأن تصرف المفلس يضرّ بالغرماء بالإزواء في الأثمان بخلاف غير المفلس وعن الثالث أن الحاكم قد يملك الإنسان ما لا يملك هو كفرقة العنة وعن الرابع الفرق بأنه يجب عليه بذل ماله للدين ولا يجب عليه أن يُواجر نفسه فقام الحاكم مقامه الحكم الثاني : الحجرُ عليه ونفوذ تصرفاته أوردها وبه قال ( ش ) وابن حنبل وقال أبو حنيفة لا يحجر عليه لنا أنه - - حجر على معاذ وفي الكتاب : ليس له الزواج في المال الذي فلّس فيه دون ما أفاده بعده قال ابن يونس عن مالك : لو اشترى عبداً فتزوج به ولا مال له يُعطيه في الثمن وقد بَنَى أم لا الثمن دينٌ عليه إذا لم يعلم منه خلافه قبل شرائه وإن علم منه الخديعة أُخذ منه و اتبعته المرأة بقيمته ولو باعه لم يُفسخ بيعه وعن مالك إذا أحاط الدين بماله فتزوج بعبدٍ بعينه ثم فُلِّس المرأة إسوة إلا أن يُصدقها إياه بعد أن وقف على الفلس وعن مالك إن كان دينه أظله غرمه ولزم به فالمرأة إسوة الغرماء فيه وإن لم يُظله ولم يلزم به فالمرأة أحق به ورجع مالك عن هذا قال اللخمي : تصرفاته ثلاثة : جائزة وممنوعة ومختلف فيها فالأول بيعه وشراؤه وهبته للثواب ونكاحه ونحو ذلك مما هو معاوضة فإن باع قبل الحجر بمُحاباة رُدّت المحاباة أو بعد الحجر بغير محاباة وُقف فإن كان نظراً أُمضي أو فيه بخسٌ رُدّ وإن شُك فيه الزائد فإن لم يُوجد أمضي وهذا ما لم يقبض الثمن أو قبضه وهو قائم بيده فإن أنفقه فلهم الرجوع في السلعة إلا أن يرضى المشتري بدفع الثمن مرة اخرى فإن اشترى على أن يقضي مما حجر عليه فيه الثمن رُدَّ إلا أن يكون فيه فضلٌ ويفوت بيعه إلا أن يرضى البائع أن يباع له ولا يدخل مع الغرماء فيكون بمنزلة مبايعته بعد قسم ما في يديه والنكاح جائز وإنما يختلف في الصداق عن كان النكاح قبل الحجر حوصص بالصداق أو بعده فلا ولكن هو فيما يفيده بعد والمردود التعق والتدبير والتبرعات وقعت قبل الحجر أو بعده ووافقنا ( ش ) في القسمين لأن الدن مقدم على المعروف إلا أن يكون في خدمة المُعتق إلى أجل وفيما يجوز بيعه من خدمة المدبر ما يوفي العاجز من دينه وإن أولد أمته قبل الحجر لم تُبَع لتقدم حقها أوبعد الحجر بيعت وبعد الوضع دون ولدها وفي الكتابة قولان قيل كالعتق ترد وقيل كالبيع ينفذ قال ورأى إن كان قيمته مكاتباً قيمته رقيقاً مضت قبل الحجر أو بعده لعدم ضرر الغرماء إلا أن يتعذر بيع المكاتب وإن كانت قيمته مكاتباً أقل وهو يُوفي بالدين لم يُردَّ أو لا يُوفي رُدّت إن كانت بعد الحجر أو قبل والحبس لتخفيف الكتابة لما يرجو من الولاء رُدّت وإن كانت على حسن النظر من السيد ومن ناحية التجارة لكثرة النجوم مضت واختلف قول مالك في رهنه وقضائه لدينه فأمضاه مرةً وردّه أخرى وجعل للغرماء الدخول على القابض أو المرتهن يُحاصوه والأول في الكتاب ورجع عنه ' في ' ذكر الرجوع في الكتاب أيضاً
فرع
في الكتاب : إن أقرًّ قبل الفل بمال دخل صاحبُه مع من هو ببينة أو بعد الفلس لا يدخل فيما بيده بل هو للغرماء لأنه إقرار عليهم فلا يسمع فإن أفاد بعد ذلك مالاً دخل فيه مع من بقي له من الأولين شيءُ لاختصاص التهمة بالأول وإن أفاد مالاً بعد الفلس فلم يقم فيه الغرماء الأولون ولا المُقرُّ له حتى أقر بدين لآخر نفذَ إقراره ما لم يكن عند قيام نالأولين بتفليسه ثانية فإن أقر قبل ذلك جاز فإذا فُلِّس ثانية فالمُقرُّ لهم آخراً أولى بما في يديه من الغرماء الأولين إلا أن يفضل شيءٌ عن دينهم لان ما في يديه هو من المعاملة الثانية إذا كان قد عومل بعد الفلس وباع واشترى لأن مالكاً قال : إذا داين الناس بعد الفلس ثم فُلِّس ثانية فالمُداين الأخير أولى من الأول لأنه ما له فإن كان إنما أفاد المال الثاني بميراث أو صلة أو أرش جناية ونحوه استوى الأول والآخر فيه وما دام قائم الوجه فإقراره جائز وفي النكت لم يختلف قوله في إقرار من أحاط الدين بماله واختلف في قضائه والفرق أن الإقرار يوجب المحاصَّة مع الغرماء فهو أخفًّ قال ابن يونس : قوله إن أقر قبل الفلس يريد وقبل القيام عليه قال محمد : وإذا قام الغرماء عليه ولا ببينة لهم نفَذَ إقراره إن كان في مجلس واحد وقرب بعض ذلك من بعضه أو صاحب البينة لا يستغرق ماله فينفذ فإن ذا البينة لا يُفلس وعن مالك إن كان المُقرُّ له من مُداينة وتقاضٍ وخلطة يحلف ويحاصِصُ من له البينة وكذلك إن علم أنه باع منه سلعة لا تعلمها البينة فقال عند التقليس هذا متاع فلان فقيل يكون أولى للعلم بتقدم المعاملة فيه وقيل لا يُقبل قوله في التعيين ويحلف الغرماء على علمهم لأنه قد تعين أنفس منها ( كذا ) فإن نكلوا حلف البائع وأخذها وكذلك القراض والوديعة كالسلعة يُقبل قوله عند ابن القاسم دون أشهب وعن ابن القاسم يُقبلُ قوله فيهما في الموت والفلس وإن لم يكن على أصلهما بينةٌ لأنهما أمانة بخلاف الدين بخلاف قوله في مالي ذلك من غير تعيين لأنهما دينُ حينئذ فيحصل فيهما ثلاثة أقول قال اللخمي إقراره قبل الحجر لمن لا يُتًّهمُ عليه جائز ولمن يُتَّهم عليه كالأب والزوج خلاف والأحسن المنع ليلاّ يواطئه ليرد إليه وبعد القيام عليه ثلاثة أقسام يجوز مع الديون التي قيم عليه بها كلِّها بينة أو بغير بينة لا تستغرق المال أو تستغرق ويعلم معاملة المُقَرِّ له وأقرَّ له بما يُشبه ويمتنع الإقرار بعد الحجر واختلف في ثلاث مسائل بعد القيام وقبل الحجر والسجن وفيما ثبتت المعاملة بالبينة وأقرَّ أن عين المُشتري قائمة وفيما إذا أقرَّ بأمانة كالقراض وينبغي للحاكم أن يبتدئ سؤاله عما عليه للناس فيبينه وأكثر الناس يتعاملون بغير إشهاد ولا يُعرفُ ذلك إلا من قبله وإلا تذهب أموال الناس ولو قال بعد الكشف عن حاله فلانٌ نسيته قُبِل بالقرب وإذا رُدَّ إقراره بعد الحجر ثم داين لم يدخل المُقَرُّ له مع المداين لأنه كان رضي بالتفليس فإن صحّ إقراره ولم يرض بتفليسه ولا دخل في المُحاصة قال لا يدخل مع الآخرين وقال محمد يدخل وإن كان غائبا حين الفلس لأن الدخول مع الأولين كان له وله الدخول مع الآخرين عند محمد ومنعه ابن القاسم لأنها أموال الآخرين لا يشاركهم الأولون وهو أحسن واختلف إذا أبقى أحد الأولين في يديه نصيبه قال ابن القاسم يضرب مع الآخرين بقدر ما أبقى كمدانية حادثة وفي كتاب ابن حبيب : يضرب بأصل دينه وهو أحسن إذا لم يكن أراد فلسه وإنما قام بحقه ليلاّ ينتفع به أصحابه وفي الجواهر كل إقرار رُدّ ثبت في ذمته
فرع
في الجواهر : اختلف في عتقه أمَّ ولده أمضاه ابن القاسم في الكتاب ورده المغيرة ولم يجعله كطلاق امرأته وإذا أمضينا تبعها مالُها عند مالك ومنع ابن القاسم إلا أن يكون يسيراً
فرع
قال وما لا يصادف المال ينفُذ كالطلاق والخلع واستيفاء القصاص وعضوه واستلحاق النسب ونفيه باللعان وارتهانه وقبول الوصية
فرع
قال والمال المتجدد بعد الحجر لا يتعدى إليه الحجر إلا بتجديده مرة أخرى
فرع
ما يتعلق بمصلحة الحجر كأجرة الكيال والحمال تُقدَّم على جميع الديون لأنها أهم ن مصالح الغرماء
فرع
قال : يحلف المُحَجَّر عليه بالسلف مع شاهده ويأخذه دينه ويحلف إذا رد عليه اليمين فإن نكل فللغرماء الحِلف قاله ابن حبيب لأن الحق لهم
فرع
قال إذا أراد المفلَّس سفراً لمن بَقي له دينٌ حالُّ منعه ولا يمنعه صاحب المؤجل ولا يطالبه بالكفيل ولا الإشهاد إلا أن يحلًّ في غيبته عند الاستحقاق وقاله ( ش ) وابن حنبل لا يحبسه خوف القرب ولا يمنعه خشية الموت الحكم الثالث : حلول ما عليه من الدين وفي الكتاب : مؤجل دين الميت والمفلس الذي عليهما يحل بالموت والفلس وما لهما يبقى لأجله وللغراماء بيعه إن شاؤا ووافقنا ( ش ) وقال ابن حنبل لا يحل ما على المفلس لأن الأجل حق له فلا يسقط كسائر حقوقه وقياساً على الجنون والإغماء وله في الموت قولان إذا أوثق بالورثة لنا : أن الذمة خربت ورب الدين إنما رضي بالتأجيل مع تمكنه من المال وقد زالت المكنة بالحجر وأخذ المال والفرق بينه وبين الإغماء المال يضمه الولي أو الحاكم وهو عند إفاقته والغالب سرعتها بخلاف الفلس الحكم الرابع إظهار الحجر عليه وفي الجواهر : إذا فلس العريم أو مات أحد وعليه دين فليأمر القاضي من ينادي على باب المسجد في مجتمع الناس إن فلان بن فلان قد مات أو فلس فمن له عليه دين أو عنده قراض أو وديعة فليرفع ذلك إلى القاضي كما فعله عمر - رضي الله عنه - مع الأسيفع ويحذر الناس بعد ذلك وقاله ( ش ) وابن حنبل الحكم الخامس رجوع أرباب السلع وغيرها إلى ما لهم قال الطرطوشي : إذا فلس بثمن المبيع والثمن حال أو مؤجل والسلعة قائمة بيده خير البائع في تركها ومحاصة الغرماء بالثمن وفي فسخ البيع وأخذ عين ماله إلا أن يختار الغرماء دفع الثمن إليه فذلك لهم وإن مات مفلساً فلا حق للبائع في عين سلعته وهو إسوة الغرماء وقال ( ح ) لاحق له في عين ماله في الموضعين وبعد القبض إسوة الغرماء وقل القبض تباع السلعة ويقبض حقه من الثمن وقال ( ش ) هو أحق بها في الموضعين إن شاء أخذها أو تركها وحاصص بالثمن ووافقنا ابن حنبل وأصل المسألة أن الثمن يجري مجرى المثمن وكذلك يقبل الإقالة والرد بالعيب فإذا تعذر بالفلس كان كتعذر تسليم المبيع للمشتري فسخ البيع وعند أبي حنيفة الثمن معقود به لا معقود عليه فلا ينفسخ العقد بالإعسار به لنا ما في الموطأ والبخاري أن النبي قال : أيما رجل أفلس فأدرك رجل متاعه بعينه فهو أحق به وروى مالك أيضاً أن النبي قال : أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يعط الذي باعه شيئاً فوجده بعينه فهو أحق به من غير فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء فإن قيل أراد بصاحب المتاع المشتري لأنه صاحب المتاع حقيقة وأما البائع فهو كان صاحب المتاع ليلا يظن أن الإفلاس يضعف ملكه قلنا بل المراد المبتاع لأن المشتري أحق قبل الإفلاس فاشتراط الإفلاس لا يتم إلا على ما ذكرناه ولأن أحق صيغة أفعل يقتضي الاشتراك وعلى رأيكم لا اشتراك بل المشتري متعين وعلى رأينا يكون الحق للمشترك في الانتزاع وللبائع في أصل الملك فيتعين ما قلناه وبالقياس على ما قبل قبض السلعة له حق الفسخ كما قاله بعضهم قبل القبض وقال بقيتهم يباع ويختص بالثمن فنقول فلا يكون أسوة الغرماء كما قبل القبض والجامع تعذر الثمن وكما أن تعذر المبيع يوجب حق الفسخ فكذلك تعذر الثمن لأن كل واحد عوض مقصود ولا فرق بين المعين وما في الذمة لأن العبد المبيع إذا أبق ثبت حق الفسخ والمسلم فيه إذا تعذر ثبت حق الفسخ عندهم وهو أحد أقوالنا وأحد قولي الشافعي ولا يلزمنا إذا باعه ثم رجع إليه وأعسر بالثمن فإن البائع يملك الرجوع ولا إذا وهبه ثم أفلس بثمنه لتعلق حق الغير به وكذلك إذا مات مفلساً لأن الموت يقطع الأملاك وينقلها للوارث ولا إذا منع المبتاع الثمن من غير فلس لعدم التعذر فيأخذ الحاكم الثمن قهراً ويُسلِّمه له أو نقول أحد المُتبايعين يثبت له الخيار عند التعذر في حقه كالمشتري إذا طَّلَعَ على العيب بل أولى لأن تعذر الكل أعظم من تعذر الوصف ولأن نسبة العقد إليهما نسبةٌ واحدة فوجب استواؤهما في آثارها ولأنا فسخنا العقد بأجنبي عنه إذا تعذر وهو الرهن فأولى تعذُّرُ الركن أو نقول عقد معاوضة فيلحقُهُ الفسخ بالإفلاس كالكتابة ولا يلزم إذا باع من نفسه لأنها عتاقة ولا تلزمه الحوالة إذا وجد المحال عليه مفلساً كقولنا عقد معاوضة والحوالة نقل للحق من ذمة إلى ذمة ولا الخلع إذا أفلست المرأة لأن الطلاق والعتاق لا يقبلان الفسخ بخلاف البيع ولا يقال رتَّبتم على العلة ضدَّ مقتضاها لأن المعاوضة مُقتضى اللزوم بدليل اعتصار الهبة دون البيع وثبوت الرجعة في المطلقة بغير عوض بخلاف الخلع لأنا نقول بل مقتضاها لأن المعاوضة تقتضي التسوية بينهما فلما كان لأحدهما الفسخ يكون للآخر كما تقدم احتجوا بقوله أيُّما امرئٍ هلك وعنده متاع امرئ بعينه قبض من ثمنه شيئاً أو لم يقبض فهو إسوة الغرماء وهذا نص ولأن الإفلاس لو كان سبباً لذلك لكان سبباً مع هلاك السلعة كالرَّد بالعيب ولأن حق الجناية أعظم من حق البيع لترتبه فهو أمر غير رضي المجِّني عليه وهو لا يتعلق بأعيان الأموال فالبيع أولى وبالقياس على رهن المشتري المبيع قبل فلسه ولأنه أسقط حقه بالتسليم فيه فلا يرجع لأنه يساوي الغرماء في سبب الاستحقاق ولأنه من أموال فلا يكون لأحد فيه سلطان ولأنه لو اشترى بمؤجل وباع بحالٍّ ثم اشتراه بمؤجل ثم باعه من آخر بحال ثم اشتراه بمؤجل وأفلس بجميع الأثمان فإن لم يثبت الرجوع لزم مخالفة رسول الله لرجوع المبيع بحاله مع الفلس وانتفضت قاعدتكم وإن ثبت فليس أحدهم أولى من الآخر فيلزم الترجيح من غير مرجَّح أوالجمع بين النقيضين في رجوع الكل لأن كل واحد يكون مختصاً بالمبيع فالمبيع لا يكون مختصا ولآن المثمن مباين للثمن من وجوه أحدهما أن الثمن في حكم المقبوض ولهذا تجوز المعاوضة عليه دون العين المبيعة قبل القبض وثانيهما إذا انقطع جنس المُسلم فيه ثبت الفسخ وانقطاع جنس الثمن لا يثبته والجواب : عن الأول القول بموجبه لأنه لا يرجع عندنا في الهلاك ونحن نحتج بنقل ( ش ) والفرق أن في الهلاك اشتد باب الاكتساب فتعينت التسوية بين الغرماء ليلاَّ يذهب بعض الحق مطلقاً أما في الفلس مع الحياة فخير الجميع متوقع بما تعينت المفسدة وعن الثاني أن الفسخ في العيب عند الهلاك يحصِّل فائدة وهو قيمة السلعة كاملة والكامل أتم من الناقص في قيمته وها هنا لو فُسخ رجع إلى ذمة المشتري واذا لم يفسخ فهو في ذمة المشتري مع أن القيمة قد تكون أقل أو مساويةً أو أكثر ولا مرجَّح قبل الكشف عن ذلك فلم يكن ثَمّ غالبٌ يُناط به الحكم العام فيسقط اعتبار الفسخ لعدم الفائدة بخلاف العيب قرينة التمام دليلٌ ظاهر على حصول الفائدة فظهر الفرق وعن الثالث أن أصل الجناية لا يتعلق بأعيان الأموال والبيع تعلق بأعيان الأموال فكان تعذُّرها مؤثراً فيه وعن الرابع أن الرهن يوجب تعلق حقِّ الغير بغير ما تعلق به حقُّه بخلاف الغرماء لم يتعلق حقُّهم إلا بالذمة دون عين المبيع فظهر الفرق وعن الخامس إسقاط الحق بالتسليم لا يمنع الرجوع كما إذا اشترى عبداً بثوب وسلًّم الثوب فأبق العبد أو وجد أحد العرضين معيباً قبض الآخر وقد رجح على الغرماء بوجود عين ماله بخلافهم وعن السادس أن كونه ماله لا يمنع من سلطان الغير عليه كالعبد إذا أبق بعد أن صار الثوب من أمواله وعن السابع قال أبو الوليد إنه لم يجد في هذه الصورة نقلاً ورأى أن الآخر أحقُّ لأنه كالناسخ فما رجحناه إلا بمرجّح وعن الثامن أن التصرف يجوز عندنا في المبيع إلا في الطعام تعظيماً لقدرة لكونه سبب الأقوات وقوام الحياة فهذا الأمر يخصه لا لكونه ثمناً أو مثمناً ولنا على ( ش ) ما رواه مالك أنه قال : أيُّما رجلٍ باع متاعاً فأفلس الذي ابتاع منه ولم يقبض الذي باع منه من ثمنه شيئاً فوجده بعينه فهو أحقُّ به فإن مات الذي ابتاعه فصاحب المبتاع أسوة الغرماء احتج بما رواه أنه قال أيما رجلٍ مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقُّ بمتاعه إذا وجده بعينه فلأن الرجوع في الموت أولى بخراب الذمة والإياس فلو عكس الحال لكان أولى ولأن الشفيع يثبت حقه في الحياة وفي الموت مع الوارث فأولى البائع لأنه كان مالكاً لغير المبيع وما رضي بالنقل إلا بشرط سلامة العاقبة بخلاف الشفيع والجواب عن الأول أن إسناده ضعيف وعن الثاني تقدم الفرق عنه وعن الثالث أن ضرر الشفيع بالشريك والمتجدد لم يختلف في الحياة والموت وتعذر الاستيفاء في الموت متعين فلا يسقط شيئاً من حقوق الغرماء كما تقدم تفريع في الكتاب : إذا فلس المبتاع والسلعة قائمة بيده فالبائع أولى بها وإن لم يكن للمفلس مال غيرها إلا أن يرضي الغرماء بدفع ثمنها إليه فذلك لهم وإن مات المبتاع قبل دفع الثمن وهي قائمة بيده فالبائع أسوة الغرماء وإن تغيرت الهبة للثواب بيد الموهوب بزيادة أو نقص في بدن وقد فلس فللواهب أخذها إلا أن يرضى الغرماء بدفع ثمنها فذلك لهم في النكت إذا كانت الهبة للثواب قائمة قيل فسواء قبل الموهوب أو مات الواهب أولى من الغرماء وأما إن فاتت فله أخذها في الفلس دون الموت لأنها إذا فاتت وجبت القيمة في الذمة فصارت كثمن المبيع قال صاحب المقدمات : فإن كانت بيد البائع فهو أحق في الفلس والموت اتفاقاً لأنها كالرهن بيده وكذلك من اشترى سلعة بسلعة فاستحقت التي قبض فهو أحق بالتي دفع بالدفع إن وجد عينها في الموت والفلس جميعاً قولاً واحداً ولو تزوج بسلعة بعينها ففلست ثم طلقها قبل الدخول أو ظهر فساد العقد فهو أحق بها إن فسد العقد أو بنصفها إن لم يفسد في الفلس والموت قولاً واحداً وتعين أن هذا هو المبيع إما بالبينة وإما بإقرار المفلس قبل التفليس أما بعده فأقوال أحدها أن قوله مقبول مع يمين صاحب السلعة وقيل بغير يمين وقيل لا يقبل ويحلف الغرماء لا يعلمون أنها سلعته وقيل إن كانت على الأصل بينة قبل قوله في تعينها وإلا فلا قاله ابن القاسم وأما المعين فهو أحق بما في يده في الموت والفلس فإن سلمها للبائع فقال ابن القاسم أحق في الفلس دون الموت كالعرض وقيل كالغرماء قاله أشهب فإن لم تعرف بعينها فكالغرماء في الموت والفلس قال التونسي : إن دفع له الغرماء الثمن قال ابن القاسم : ضمانها من المفلس لانهم نواب عنه وقيل منهم لأن ربها لو أخذها لبرئ هو من ضمانها وإذا باع سلعتين ففاتت إحداها فله أخذ الباقي وإن رضي الغرماء بدفع ثمنها فذلك لهم لأن الأصل بقاء ملك المشتري وهم نوابه قال محمد : وهم أولى بها حتى يستوفوا من ثمنها ما فدوها له وقال ابن القاسم هو يدخل معهم في ثمنها بثمن الفائتة كأنهم أسلفوا ثمنها ومحمد يقول هم حلُّوا محلَّ صاحبها ولو أخذها صاحبها لم يُحاصِصهم إلا بما بقي من ثمن الفائتة كذلك هم وكذلك لو كان ثمنها مائة وهما مستويان فانتقد خمسين ففلس المشتري وفاتت واحدة وأراد أخذها دفع ما نابها مما قبض وهو خمسة وعشرون وخاص بخمسة وعشرين ثمن الفائتة واختلف هل يكون الغرماء أحق بالسلعة حتى يأخذوا منها ما فدوها به وهو خمسة وعشرون قاله أشهب أو يكونون كالمسلفين وذلك للمفلس فلا يكونون أحق قاله ابن القاسم ولو وجدها رهناً لم يأخذها البائع إلا أن يُعطي ما رُهنت به ثم يحاصُّ بما غرم وكذلك لو جني المبيع حتى يدفع الجناية ولا يرجع بها كالعيب يدخلها وإن شاء أخذها معيبة وإلا حاصَّ بالثمن ولو وجده قد صُبغ لم يأخذه حتى يدفع الصبغ كله قال أشهب : ثم يحاصّ به الغرماء ويكون الصبغ للمفلّس ويشارك به وينبغي على مذهب أشهب أن يكون أحق به حتى يستوفي منه ما دفع في إجارته لأنه يحل فيه محل الصباغ فيكون أحقّ بذلك من الغرماء وقال محمد : لا يحاص بما أخرج فيه من ثمن ولعله أراد أن قيمة الصبغ مثل ما أخرج فلا فائدة لرب الثوب في الدفع والشركة وقد يكون ذلك أضرَّ واختلف إن أحلت قيمتها على مشتريها ففلِّس المشتري فقيل يكون أحقَّ بالحيلولة محلَّك وقيل لا لأنه لم يبع واختار محمد الأول والثاني و ابن القاسم وهو نحو مما تقدم ومن ارتهن زرعاً لم يَبدُ صلاحه ثم فُلِّس الراهن فحاصَّ الغرماء من بيده الرهن إذ لا يقدر على بيعه فيبيع الزرع بعد أن حلَّ بمثل الثمن فأكثر وما وقع له في الحصاص وما فضل بيده عن دينه وقد يقع أقل وأحسن ما يقال أن ينظركم حاصَّ أولاً فإن قيل بمائة وغريمٌ آخر بمائة تدفع له خمسون فإن بيع الزرع بخمسين فهل الواجب أن تكون المحاصة بخمسين ويضرب الغريم بمائة فيقع لك ثلث المائة وللغريم ثلثاها وذلك ثلثا خمسين الذي قبضت ورد على صاحبك ثلث الخمسين ولو تزوجها بمائة ففُلس قبل الدخول فضربت بمائة فوقع لها خمسون ثم طلَّقها فيقال انظر لو حاصصت بخمسين ما الذي كان يقع لها فتحسبه وترد البقية ولو تزوجها فدفع لها خمسين ثم فُلِّس فضربت بالخمسين الباقية وقع لها خمسة وعشرون ثم طلقها لرَدًّت من الخمسين خمسة وعشرين وينظر لو ضربت مع الغرماء بخمسة وعشرين في مال المفلس وفي الخمسة والعشرين التي تردها كم ينوبُها فتمسكه ولو دفع لها خمسين وطلَّقها ثم فلس قال ابن القاسم ' تردّ ' خمسة وعشرين وتضرب بخمسة وعشرين لأنها تستحقها قال ابن يونس عن مالك : إن أوقف السلطان الغلام أو الدابة بعد الفلس لينظر فمات المفلس قبل قبض البائع فهو أحق وإن لم يقبض لأنه أوقفه به وكان ابن كنانة يقول للغرماء فداء السلعة من أموالهم بل يبدؤن البائع من مال المفلس إن كان له مال وقال أشهب : ليس للغرماء أخذها بالثمن حتى يزيدوا عليه حطيطة عن المشتري من دينهم وتكون السلعة لهم نماؤها وعليهم ' خسارتها ' وقال ابن القاسم من المفلس خسارتها وله زيادتها وإذا أبقى بعض ثمن السلعة لم يأخذها إلا برد جميع ما قبض ومتى أراد الغرماء تكميل الثمن فلا مقال له ومتى كان المبيع سلعة مختلفة أو متماثلة وقبض بعض الثمن وهلك بعض السلع قُومت ورَدّ نصيب الباقي وحاصص بنصيب الهالك وقال ( ش ) إذا وجد المبيع وقد قبض بعض الثمن رجع بحصة ما بقي من الثمن ولا يُخيَّر بين رد المقبوض والضرب مع الغرماء لنا أن ظاهر الخبر أُثبت له أخذ ماله إذا وجده وقد وجده ووافق إذ قال بأخذ ' أحد ' العبدين المستويين بما بقي من الثمن ووافق إذا وجد السلعة رهناً لا يأخذها لتقدم حق المرتهن على المشتري قبل التفليس وقال إذا وجد نخلةٍ بثمرة ذهبت ثمرتها خير البائع بين الضرب مع الغرماء بالثمن وبين فسخ البيع بما بقي بحصًّته ومحاصَّه الغرماء بحصة ما تلف ونقصاً لا ينقسم عليه الثمن كذهاب يدٍ أو رجل خيِّر بين أخذه بجميع الثمن أو الترك والضرب بالثمن وإن زاد البيع زيادة غير متميزة كالسمن والكِبر واختار البائع الفسخ تبعت الزيادة الأصل كالرَّد بالعيب أو متميزة كالثمار في النخل رجع بالمبيع دونها قال كالرد بالعيب وإن كان عبداً فعلمه صناعة أو قرآناً فلا شيء للمشتري في ذلك أو قمحا فطحنه أو ثوبا فقصره أو خاطه ولم تزد قيمته فكذلك وإن زادت فهل يكون كالأول أو يكون المشتري شريكاً قولان عندهم ومتى زاد الصبغ بيع الثوب وأخذ البائع بقدر قيمة الثوب وإن نقصت خير بين أخذه ناقصاً أو الترك والمحاصة ومتى خلط المبيع المثلي بجنسه أخذ مكيلته هذا نص مذهبه وقال ابن حنبل لأنه يأخذ غير عين شيئه وقال هو وابن حنبل لا يلزم البائع بذل الغرماء الثمن تمسكاً بظاهر الخبر وكما إذا أعسر الزوج بالنفقة فبذل أجنبي تمسكاً أو عجز المكاتب فبذل غيره الكتابة ولو دفعوا الثمن للبائع لزمه قبوله كما لو وفت الأموال وجوابه : أن الغرماء لهم حق في أملاك المفلس وأمواله فلهم تحصيل مصلحتهم بإزالة ضرر البائع ولا منة على المشتري لأنهم ساعون لأنفسهم بخلاف الأجنبي مع الزوج لا حق له في بقاء عصمة المرأة وتلحق المنة الزوج بقبول النفقة فالزوج مع ذلك معيب عند المرأة بخلاف المشتري مع البائع وظاهر الخبر إنما أوجب أخذ المبيع صوناً للمالية فإذا ضيقت عملنا بموجب عقد البيع المتقدم وهو أولى لما فيه من الجمع بين الموجبات قال ابن يونس قال مالك : إذا اختلط عسل أو زيت بمثله أخذ مكيلته قال ابن ' القاسم ' : وإن خلطه بشيء اشتراه من آخر تحاصاً فيه قال محمد : فلو صبت زيت هذا في جريرة هذا فهما أحق بذلك من سائر الغرماء يتحاصان في ثمنها بقدر قيمة هذا من قيمة هذا ليس لهما غيره إن أحبا ألا أن يعطي الغرماء ثمن الجميع أو ثمن أحدهما ويدخلون مدخله مع الآخر وتوقف فيها محمد قال مالك : ولو أخذ مقدار دنانيره أو بزه إذا رقمه وخلط جميع ذلك ببينة بجنسه قال أشهب ذلك في العروض من البز ونحوه وهو في العين أسوة الغرماء قال أصبغ : إلا أن يخلطه بغير نوع كصب زيت الزيتون على زيت الفجل أو القمح النقي بالمغلوث أو المسوس فهو فوت قال ابن القاسم : لو زوجها بعبدين فقبضتهما ثم فلست وطلقها قبل البناء فهو شريك فيهما قال ابن المواز : إن لم يوجد إلا نصف المهر فإن كان هلاكه بغير سببها فليس له إلا نصف ما وجد ولا محاصة له بما بقي أو بسببها حاصص بنصف ما ذهب ولو باع أمة فجنت لم يأخذها حتى يدفع الجناية ولا يرجع بها كالعيب يدخلها قال مالك ولو تعورت أو اعورت بغير جناية يأخذها بجميع حقه أو يترك ويحاصص ولو اعورت بجناية جان فأخذ نصف قيمتها ليأخذها بنصف حقه إلا أن يعطيه الغرماء نصف حقه ويحاصص بالنصف الآخر في الوجهين أو يتركها ويحاصص بجميع الثمن وكذلك الثوب يخلق أو يدخله فساد إلا أن يكون ذلك فاحشاً جداً فلا يكون له أخذه قال عبد المالك : أما الثياب تنقطع لا أدري وأما الجلود تقطع نعالاً فهو فوت ، قال ومتى الشيء هكذا فلا أرى له أخذه ولو بنيت العرصة داراً أو نسج الغزل ثوباً كان شريكاً للغرماء بقيمة العرصة من قيمة البنيان وكذلك الغزل ونحوه بأن يكون قيمة العرصة الثلث والبنيان الثلثان يكون شريكا بالثلث قاله مالك وأصحابه قال أصبغ : من اشترى زبداً فعمله سمناً أو عمل الثوب قميصاً أو الخشبة باباً أو ذبح الكبش وذلك فوتٌ ليس للبائع إلا المحاصة بخلاف العرصة والغزل لأنه عين قائمة زيد فيه غيره قال محمد : والجلد يُدبغُ والثوب يُصبغ يكون شريكاً للغرماء بقدر ما زاد ذلك ولو رُقع الثوب شارك بما زاد الترقيع ولو كانت رقعة أو رقعتين وأكثره خياطة فُتوق فهو بذلك أسوة الغرماء وقيل لو قيل إن ما قابل الصبغ يشارك به وما قابل أجرة يده يحاصص به لكان أشبه قال محمد : و زراعة القمح وطحنه فوت قال أشهب : إذا وجده عند الصباغ أو القصار قد فرغ أعطاه الأجرة وأخذه وحاصص الغرماء بما أعطى يقوم مقام الصباغ وقال محمد : لاشيء له فيما فداه به إن سلّمه إليه ليس له إلا ثوبه زاد الصبغ أو نقص أو يتركه ويحاصص كالعبد يجني ثم يفلس فيفديه فإذا باعه فلا شيء له مما فداه به ولو وجد سلعته مرهونةً خُيِّر بين فدائها وأخذها بالثمن كله ويحاصص بما فداها به إلا أن يشاء الغرماء أخذها ويعطوه جميع الثمن ويحاصصهم بما فداها به فيها وفي جميع مال الميت أو يدعها ويحاصص قال محمد : والفرق بينهما أن الرهن من جهة المشتري والجناية لم يتعلق بذمته شيءٌ يلزمه قال محمد : إذا جني العبد فالغرماء مخيّرون في فدائه بدية الجناية وثمنه الذي لبائعه ثم يبيعون ويستوفون من ثمنه دية الجناية فإن عجز عنها لم يكن لهم من بقية الجناية شيء يزيد ويكون لهم عليه ثمنه الذي دفعوه لبائعه قال : فإن فضل بعددِية الجناية شيءٌ أخذوه في ثمنه الذي دفعوه فداءً فإن فضل بعد ذلك فضلٌ فبين غرمائه من دينهم فإن مات أو نقص بعد أن فدوه فلا شيء على المفلس فيما فدوه به وإن شاؤا افتكوه من بائعه بالثمن ومن المجروح بالجناية وبزيادة ولو درهماً يحطونه عن الغريم من دينهم ليكون العبد لهم فإن مات كان دينُهم عليه إلا الزيادة التي زيدت على الدية قال ابن القاسم : وإن أبق العبد فأراد المحاصَّة بالثمن على أنه إن وجده أخذه وردّ ما حاصَّ به ليس ذلك له إما أن يرضى بطلب العبد ولا شيء له غيره أو المحاصة إلا أن يرضى الغرماء بدفع الثمن ويطلبوا الآبق وليس ذلك شراءً للآبق لأن أداءهم على المفلس وللمفلس نماؤه ونقص قال أشهب : له ترك المحاصة وطلب العبد فإن وجده فهو أحق به وإلا رجع فحاصَّ الغرماء وقال أصبغ : ليس له أخذه بثمنه لأنه شراءُ آبق فإن باعه المشتري وسلّمه فحاص البائع بالثمن ثم رُدَّ بعيب فللبائع أخذه وردُّ ما أخذ لأنه عين ماله ولو وطئها المشتري لا يمنع الوطء الأخذ بخلاف الاعتصار وهبة الثواب لتعين الضرر هاهنا قال ابن القاسم : إذا رده المشتري بعيب لم يقبض ثمنه من البائع ولو وجد ثمنه بعينه بأن يكون الثمن كتاباً أو طعاماً أو نحوهما فهو أحق به وقال سحنون : إذا فُسخ البيع في البيع الفاسد وفُلِّس البائع فالمتباع أحقُّ بالسلعة حتى يستوفي ثمنها لأنها عين ماله وقال محمد : لا يكون أحق كالرد بالعيب والخلاف في الرد بالعيب قال بعض القرويين لو أخذ سلعة بدين أخذاً فاسداً لا يكون أحقُّ بها قد يمكن أن يكون تأخيره لمكان ما أخذ منه فوجب أن يكون أحقَّ بها لأنه ترك الطلب حين الملاء لظنه الوفاء بما أخذ واختُلف في المحال بثمن السلعة هل يكون أحقَّ كأصله أم لا لأنه لم يبع شيئاً واختار محمد الاول على قاعدته أن من فدى شيئاً قام مقامه وعند ابن القاسم وأصبغ لا يقوم مقامه وفي الإقالة أيضاً خلاف قال اللخمي : إذا كانت السلعة من قرض ففي الموازية لا يكون أحق لأن الحديث إنما جاء في البيع وقال الأصيلي أحق كالبيع ولو اشتري رجلٌ الدين الذي هو ثمن السلعة ثم فُلِّس المشتري للسلعة لم يكن مشتري الدين أحق ولو تصدّق بالدين لكان المتصدق عليه أحق فإن باع ثمرة مزهية ووقع الفلس بعد يُبسها فهل يكون أحق بها ؟ خلافٌ عن مالك وأحق بها أحسن لأنها عين ماله ولأنها ضمان البائع حتى تصير إلى اليبس وفي الجواهر : الخلاف مبني على أصلين : أحدهما الأخذ هل هو نقضٌ للبيع من أصله أو ابتداء للبيع ؟ فعلى الأول يصح الأخذ وعلى الثاني يُختلف فيه بناءً على أصل آخر وهو ما أدّت إليه الأحكام من الذرائع هل يعتبر أو لا ؟ قال اللخمي : وإذا وجد المشتري عيباً بالمبيع فلم يسترجع حتى فُلّس البائع فاختُلف هل يكون أحق به يردُّه ويُباع له أو يكون إسوةً وعلى أنه إسوة قيل يُخّير بين حبسه ولا شيء له من العيب أو يرد ويحاص وقيل له حبسه ويرجع بقيمة العيب لتضرره بالرد والمحاصة وهو أبين و إن كان البيع فاسداً ولم يقبض الثمن حتى فُلِّس المشتري فإن لم يفت رُدّ البيع وإن فات بحوالة سوق أوعيب فللبائع أخذه أو يحاص بالقيمة ولو قبض البائع الثمن ثم فلس قبل فوت السلعة اختُلف هل يكون المشتري أحق بها أو تُباع \ له في ثمنه أو يكون إسوةً وعلى القول الآخر يُخيَّر بين الردِّ والمحاصة بثمنه أو يمسك وتكون عليه القيمة أو يقاص الثمن ومتى نقص المبيع بفعل آدمي وأخذ له أرش ثم ذهب ذلك العيب كالموضحة أخذ المبيع دون الأرش لعدم النقص قال محمد : فإن يعد لقيمته ردَّه وأخذ الباقي بما ينوبه من الثمن يوم البيع وحاصص بنقص الجناية كساعتين وجدت إحداهما فإن نقصت بآفة سماوية فلمالكٍ قولان : أخذ الباقي بجميع الثمن أو يحاصص ويأخذها بقيمتها أو يحاص بالثمن فإن كان من سبب المشتري كالثوب يخلق فخلاف تقدم نقله والقياس فيه فضٌّ الثمن على الذاهب والباقي وسقط ما ينوب الموجود ويضرب بما ينوب الذاهب لأنه شيء قبضه منه ويختلف إذا هرم العبد عنده هل يكون له أخذه قياساً على وجدان العيب بعد الهرم هل يكون ذلك فوتاً أو لا ؟ وعلى القول بأخذه يُختلف هل يضرب بما نقص كما قيل في العيب ؟ وكَبُر الصغير فوتٌ وكل ما يمنع من الردّ بالعيب فإنه يمنع الأخذ في الفلس تمهيد : في الجواهر : يشترط في العوض تعذر أخذه بالفلس فمتى وفَّى المال فلا رجوع وقال عبد المالك : متى دفع إليه الغرماء الثمن من أموالهم أو من مال المفلس فلا رجوع ومنع ابن كنانة من أموالهم بل من مال المفلس وقال أشهب : ليس لهم أخذها بالثمن حتى يزيدوا عليه زيادة يُحطونها عن المفلس ثلاثة أقوال وللمعوّض شرطان : وجوده في ملك المفلس فلو هلك أو خرج عن ملكه بكتابة فلا رجوع والثاني عدم التغير فلو زرعت الحنطة أو خلط جيد بردئ أو مغلوث أو مسوس أو يعمل الزبد سمناً أو يقطع الثوب قميصاً أو الخشبة باباً أو يذبح الكبس فقد فات ولو أُضيف إليه صنعة كالعرصة تُبني والغزل يُنسج لا يمنع الرجوع ويشارك الغرماء بقدر قيمته من قيمة البنيان والنسج ومن شرط المعارضة التمحّض للمعاوضة فلا يثبت الفسخ في النكاح والخلع والصلح لتعذر استيفاء المقال لكن لو طلقها قبل البناء وفُلِّست وعُرِف الثمن بيدها أخذ نصفه ويثبت حق الزوج في الإجارة والسلم
فرع
في الكتاب : إذا ولدت الأمة عنده ثم مات وبقي ولدها ثم فلس فللبائع المحاصة بجميع الثمن أو أخذ الولد بجميع دينه لأنه نشأ عن ماله وليس بعض المبيع حتى يتقسط الثمن بإعساره إلا أن يعطيه الغرماء جميع الثمن فيأخذوا الولد لاندفاع الضرر ولو وجد الأمة أو الغنم تناسلت فله أخذ الأولاد كالرد بالعيب والغلة للمبتاع كصوف جزه ولبن حلبه وثمرة جناها إلا أن يكون الصوف يوم الشراء على ظهور الغنم قد تم وفي النخل ثمر مؤبر فهو كالمبيع له أخذه وقال غيره : إن جذ تلك الثمرة وجز ذلك الصوف فهما كالغلة لأن أصلهما غلة وفي النكت يستوي بيع الولد وموته بخلاف الأم لأنه بيع قال التونسي لم يذكر إذا أخذ الصوف هل يغرم الجزاز أم لا وإذا أخذ الثمر في رؤس النخل دفع السقي والعلاج وفيه اختلاف وإذا بيعت وحدها بغير أصل بعد زهوها ثم فلس بعد يبسها فقيل يأخذها لأنها معينة قال ابن يونس قال في العتبية : سواء ماتت الأم وبقي الولد أو مات الولد وبقيت الأم لا يأخذ الباقي إلا بجميع الثمن أو يترك ويحاص وإن باع المشتري ولد الأمة أو الفرس أو غيرهما يأخذ بجميع الثمن أو يحاص لأن الأم هي المبيعة والولد كالغلة وإن باع الأم قسم الثمن عليهما وأخذ الولد بحصته ويحاص بحصة الأم قاله كله ابن القاسم قال غير واحد : يقوم الولد اليوم أن لو كان يوم العقد فتصرف حصته قال ابن القاسم : ولو قتل أحدهما فأخذ له عقل فهو كالموت ولو باعها بولدها كانا كسلعتين بيعتا في صفقة لي ما وجد منهما قاله مالك قال ابن القاسم : والرد بالعيب بخلاف الفلس ولو باع الولد المتولد عنده ورد الأم بعيب لم يكن له ذلك إلا أن يرد معها أثمانهما ولو باع الأمة وبقي الولد ثم ظهر على عيب كان بها لم يرجع بشيء إلا أن يرجع عليه أو يرجع إليه وقال يحيى في التفليس : إن جذ المشتري تمراً رد ملكيته أو رطباً رد قيمته يريد إذا فات وله أجرة سقيه وعلاجه قال ابن حبيب : لا نفقة له لأنه إنما أنفق على ماله وما أصابه منه قال ابن يونس : وإنما يصح قول يحيى هذا في الرد بالعيب وأما في التفليس فلا يكون للبائع مثلها ولا قيمتها لأن عين شيئه قد ذهب فيتعين الثمن ويحاص بما ينوب الثمرة قال ابن القاسم : لو اشترى غنماً عليها صوف ثائرة فجزه وباعه فيأخذ البائع الغنم ويقوم الصوف بقدره من الرقاب يوم البيع لا بما بيع فيحاص الغرماء بذلك ولو باع شجراً بلا ثمر أو فيها ثمر لم يوبر فهو للبائع أو أبر فللمبتاع وإذا جذ الثمرة افترق المابور عن غيره عند ابن القاسم المابور للبائع أخذه وغيره كالغلة لا ترد وإن ابتاع داراً فدخلت غلتها لم تكن غلتها له وفي العتبية : ما اكتسب العبد عند المبتاع فلم ينتزعه حتى فلس فللبائع أخذه وعن ابن القاسم إذا ابتاع عبداً بماله إلى أجل فذهب ماله بانتزاع من السيد أو استهلاك من العبد أو غيره فإن أخذ العبد فلا شيء له غيره أو يتركه ويحاص وإن هلك العبد وبقي المال فليس له أخذ المال وهو أسوة الغرماء لضعف المال العبد وقد قال مالك : إن ذهب مال العبد في الثلاث لا يرد بذلك ويرد بالعيب ولا شيء عليه من المال إلا أن يكون انتزعه منه وعن مالك إذا باع ثمر حائط [ برطب ] فيبس في النخل عند المشتري لا يأخذه البائع لأنه أعطى رطبا وأخذ ثمراً يحرم يدا بيد فكيف إلى أجل وقال أشهب : له أخذه إلا أن يعطيه الغرماء الثمن على القاعدة لأن هذا أمر أدت إليه الأحكام وهو عين شيئه كما يمتنع بيع الآبق ويأخذ العبد إذا أبق قال وكذلك القمح يطحن والشاة تذبح والزبد يعمل سمناً ونحوه يمنع أخذه كالرطب بتمر لأنه قمح بدقيق وزبد بسمن وفي الجواهر عن الشيخ أبي القاسم السيوري : إذا ولدت الأمة له أخذ الباقي منهما بحسابه نظائر : قال العبدي تؤخذ الثمرة في خمس مواطن : في الفلس ما لم تزايل الأصول والشفعة وفي الاستحقاق فإن يبست فلا تؤخذ فيهما والبيع الفاسد والرد بالعيب ما لم تطلب للمبتاع نظائر : الغلة للمشتري في خمسة مواضع : في الفلس والشفعة والاستحقاق والبيع الفاسد والرد بالعيب
فرع
في النوادر : إذا قال المشتري للغرماء إما أن تضمنوا السلعة أودعوا البائع بأخذها ليس ذلك له لأن الأصل ضمانه منه وعن ابن وهب إذا قال ذلك ثم حبسوها ودفعوا الثمن ضمنوها ويحاسبهم بها المفلس فيما دفعوا عنها وإن بيعت ففضلها له
فرع
قال أصبغ إذا اشترى من الغنم رقيقاً بأكثر من دينه ثم فلس وليس له غير ذلك الرقيق فللغانمين الذين باعوه من الرقيق مقدار ما يفضل عن سهمه أحق من الغرماء إن كان اشترى منهم مقدار ما صار لهم أما لو أحيل عليه بمقدار ما زاد عنده فالمحال أسوة الغرماء إذا اشترى من قوم معينين مما صار لهم خاصة بالقسم لأنها ليست سلفاً بعينها إنما هي غنائم يبيعها السلطان
فرع
قال : قال مالك : إذا اشترى طعاماً على الكيل أم لا ثم فُلِّس البائع قبل قبضة فالمشتري أحقُّ بالطعام لأنه ليس في الذمة
فرع
في الكتاب : الأجير على سقي زرع أو نخل أو أصل إن سقاه فهو أحق به في الفلس حتى يستوفي وفي الموت أسوة الغرماء والأجير على رعاية الإبل أو حلابها أو علف الدواب هو في الموت والفلس أسوة الغرماء لأن للأول أثراً ظاهراً بخلاف الثاني وربّ الحانوت والدار كغرماء مكتريها في الموت والفلس لأن أجرته في الذمة وجميع الصناع أحقُّ بما أُسلم إليهم في الموت والفلس لأن أعيان صنائعهم في المتاع وكذلك المكتري على حمل متاع إلى بلد أسلم دابته للمكتري أو معها ورب المتاع معه أو لا وكذلك المكتري على حمل متاع وهو رهن كالرهن ولأنه وصل على دوابه للبلد وفي التنبيهات : قوله الصناع أحقُّ بما في أيديهم مفهومه أنهم لو دفعوه لأربابه لم يكونوا أحقَّ هو مروي عنه وعنه أنهم أحقُّ وإن أسلموه لأن في أعيان أعمالهم وقوله لأنه وصل على دوابه إلى البلد يقتضي أن السفينى كذلك وقال ابن القاسم : وهو أحق في الموت والفلس والنخل مما يبقى للمساقي فهو أحق في الموت والفلس قال التونسي في كتاب ابن حبيب : ما وضعه الصانع من الرقاع في الثوب أو خياطة فتق إن كانت الرقاع الجل فهو أحق بالثوب يُقوِّم مرقوعاً وغير مرقوع ويكون شريكاً وكذلك إن تنصفت الخياطة والرقاع وإلا فهو أسوة لأن الأقل تبع وقال محمد : هو أحق بما زاد مطلقاً ويضرب ببقية الأجرة وكلّ صناعة ليس عليها عين قائمة كالخياطة بغير رقاع والقصارة فهو كالغرماء في الموت والفلس قال محمد : والأجير يدرس الزرع ببقرة أحق بالاندُر لأن الأندر لا ينقلب به صاحبه ولا يحتوي عليه بخلاف من استعملته في حانوتك وينصرف بالليل ليس أحق في الموت ولا فلس واختلف في مكري الأرض للزرع ففي المدونة : أحقُّ في الفلس خاصة لأن الأرض هي المُنمِّية للزرع فأشبه بائع الزرع وقيل أحق في الموت والفلس كبائع سلعة لم يسلمها فكأن يده ما زالت عن المبيع وكذلك أجير الزرع اختلف فيه بناءً على المدرك المتقدم لأن يده على ما أخرج لم يسلِّمه أو يقال سلمه في الأرض وقيل بالفرق فربُّ الرض أولى فيهما والأجير في الفلس خاصة لقوة استيلاء الأرض وهما يقدمان على المرتهن في الفلس وإن مات المكتري قُدِّم عليهما على القول بأنهما أُسوة في الموت وانظر لو اكترى الأرض فزرعها بنفسه وسقي ثمّ فُلِّس بماذا يكون رب الأرض أولى بجميع الزرع مع المكتري نمّاه أم لا ولو كان موضعه أجيراً لشارك ربّ الأرض لأن بالقدر الذي لو كان معه أجيراً كان له قدر تنمية أرضه ويأخذ غرماء المكتري ما نمَّاه وظهور الإبل حائزة لما عليها في فلس أصحاب المتاع كان أصحابها معها أو لا بخلاف الدور إلا عند عبد المالك لأن الإبل سيرها بالمتاع إلى البلاد تنميةً قال ابن يونس قال ابن القاسم : إذا استأجر لزرعه للسقي فعجز فأجر آخر فربُّ الزرع والأجير الثاني أولي بالزرع يتحاصَّان وما فضل فللأجير الأول دون الغرماء لأن بالثاني ثمَّ الزرع كما لو رهنه فأحياه الراهن بماله ثم عجز ثم استدان ثم فلس يبدأ الأخير فالأخير وعن ابن القاسم : إذا حصد الوارث ودرس وزرع فعجز فقام الغرماء فله أجرته وفي المدونة إن اكترى دابة بعينها فله قبضُها بعد الفلس كعبد اشتراه وفي الكراء المضمون أسوةُ الغرماء إلا أن يقبضها ويحمل عليها فهو أولى إلا أن يريد الغرماء بيع الظهر ويضمنون كراءه في ثقة فذلك لهم وعنه كذلك إذا تكاروا الجمال وهو يُديُرها تحتهم أم لا هم أحقُّ لأنه كالتعيين والفرق بينه وبين أجير علوفة الدواب أنه ليس له في عين الدواب حقّ بل في الذمة والفرق بين أجير العلوفة وأجير السقي أنّ الدواب قد ترعى وترتحل بأنفسها والأصول لا تشرب بنفسها وكل صانع يخرج عين العمل كالصباغ يخرج الصَّبغ والصقيل يخرج حوائج السيف والفرّأء يرقع الفرو برقاعه ثم يقبض ذلك ربُّه ثم يفلس فينظر إلى قيمة الصبغ يوم الحكم هل نقص ذلك الثوب بذلك أم لا فيشارك بذلك الصانع الغرماء أنها سلعته إلا أن يدفع له الغرماء وإذا سلم الصانع أحد السوارين فليس له إلا حبسُ الباقي على أجرة الباقي وأجرة الآخر بقيت في الذمة قال اللخمي : فإن فُلِّس الصانع والصباغ أوالحائك أو الخياط فلمُستأجره المحاصَّة بقيمة تلك الصنعة فما صار له خُيِّر بين أن يعمل له به ويتمّ من عنده ويتبع الصانع بالباقي أو يأخذ ذلك من الأجرة التي أسلمها ويتبع بالباقي وتنفسخ بالباقي الإجارة لأن تبعيض الخياطة والصبغ عيب وإن كانت الإجارة في عين الأجير فمن له عليه مالٌ أحقُّ بماله والمستأجر أحق بصنعته ولا يدخل بعضهم على بعض ثم يعمل لمستأجريه الأول فالأول إلا أن يكون ثمَّ عادةٌ بتأخير بعضهم لدخولهم على ذلك أو لجهل حالهم فيقترعون فإن فُلِّس المستأجر فالأجير أحقُّ في الموت والفلس لأنها العادة فإن لم تكن عادة فيختلف هل يكون أحقَّ بصنعته لأنها بيده ولم يسلِّمها أو كالغرماء أنه سلَّمها في الثوب وفاتت فيه ويختلف إذا مات ولا عادة كما تقدم وإذا كان الفلس قبل أن يعمل خُيِّر بين الفسخ والعمل ويكون كالغرماء وليس له العمل ليكون شريكاً بعمله فإن عمل وسلَّم فعن ابن القاسم في نحو الخياطة والقصارة والصبغ هو كالغرماء لتسليمه وعنه هو أحق بصنعته شريكٌ بها لوجوده في عين السلعة قائمة وهل يشارك بقيمة الصنعة وبما زادت فإن لم تُرَفهو كالغرماء قولان والأول أصح ولو وجد البائع السلعة في يد الصانع فله دفع الأجرة وأخذ الثوب قال أشهب : ويحاصُّ بالأجرة ويكون شريكاً بالصنعة وعن عبد المالك الأجير على رعاية الإبل وفي كل شيء يخلُفُ الأجير به دون صاحبه ويقوم مقامه وهو أحق به في الفلس والموت وكذلك المجاعل في الآبق والبعير الشارد أومن توكل ليأتي بمال من العراق وإذا فُلِّس المكتري والكراء على ركوبه فالمُكري أحقُّ بإبله في الفلس كان الكراء بعيراً بعينه أو بغير عينه ويختلف إذا كان الكراء على حمل متاعٍ وقد أبرزه له ولم يحمله ففي كتاب الرواحل : المُكري أحقُّ به وعلى قول غيره في الإبل إذا كانت غير معينة هو كالغرماء لا يكون أحق بالمتاع لأن المتاع لا يتعين عند ابن القاسم فإن فُلِّس بعد بلوغ المتاع وكان صاحب الإبل يخلو بالمتاع ويحوزه فهو أحقُّ به في الفلس والموت فإن لم يكن يحوزه فعند ابن القاسم هو أحق به في الفلس والموت إن كان صاحب الإبل أسلم إبله إلى المكتري لأنه بَلَغ على إبله وعلى قول عبد المالك كالغرماء لأنه لم يَجُزه ولم يخْلُ به وهو أبين وقد يُحمل قول ابن القاسم على زيادة السوق في البلد الذي بلغت إليه أكثر من الكراء فإن كان أقل لم يكن أحقَّ إلا بتلف الزيادة في الفلس دون الموت وقال ( ش ) المستأجر أحق بالدابة في الفلس كما قلناه وفي النوادر قال ابن القاسم : إذا دفع غلامه لمن يُعَلِّمُه إلى أجل معلوم ففُلِّس السيد فالمُعلّم أحقّ إلا أن يعطيه الغرماء ما شرطه له السيد لتقدم حقه قبل الفلس وكذلك لو لم يعلِّمه شيئاً يُبدَّأ إلا أن يكون ينقلب بالليل إلى سيده وكذلك المستأجر على بناء عرصتك من عنده مقاطعة لأن ما وضعه في العرصة كسلعة بعينها وقال سحنون أجرة الأجير تُقدَّمُ في الفلس على الديون لقوله عليه السلام : أعطوا الأجير حقه قبل أن يجفَّ عرقه وإذا اكترى داراً بدينارين فنقد ديناراً ثم فلس الساكن بعد سكنى نصف سنة إن شاء رب الدار تركها وحاصَّ بديناره الباقي أو يأخذ داره ويرد نصف ما انتقد حصة النصف الباقي عن السنة ويأخذ باقي السكنى ويحاصّ بنصف دينار بقيمة حصة ما مضى إلا أن يعطيه الغرماء نصف دينار حصة باقي السكنى ويحاصّ بنصف دينار باقي كراء ما مضى قال الأبهري : قال مالك : لا يقبل إقرار الصناع بعد فلسهم هذه السلعة لفلان أو هذا الغزل أو هذه السبيكة لإخلاله بحِجر الفلس وعنه يُقبل لأنها أمانات فلا تهمة كمال أنفسهم وإذا استَدان فزرع ثم استدان وقدم الآخر فالآخر قدم الآخر على الجميع كان أول أواخر لأن به حصلت مصلحة المال ويقدم الأجير الأخير على الأول لأن بعمله وجد الزرع فهو كواجد عين ماله ثم الذي يليه فلو تكاراها فزرع واستأجر ثم رهن الزرع وقبضه المرتَهِن بُدِّئ بصاحب الأرض والأجير يتحاصان لوجدانهما عين مالهما والفضلة للمرتهن لأنه لم يوجد الرزع بأرضه ولا بعمله ثم للغرماء ما فضل عن المرتهن قال مالك : وإذا فُلِّس عاملُ القراض وفي يده أمتعة حاصَّ بها الغرماء إلا أن يثبت بالبينة أن هذا عين ماله فهو أحق به لأن القراض حق من الحقوق في يد العامل كحقوق الغرماء قال صاحب المقدمات : الأجير أحقُّ بما بقي عليه من العمل في الموت والفلس جميعاً وانتقضت الإجارة كالسلعة بيد البائع الحكم السادس ضمان مالهم بعد الفلس قال صاحب المقدمات قال أشهب : مصيبته من الغريم ' كان ' عيناً أو عرضاً ورواه عن مالك وقاله ( ش ) وابن حنبل لأنه عين ماله وعن مالك ضمانه من الغرماء إذا اصتحبه ( كذا ) السلطان عيناً كان أو عرضاً وروى ابن القاسم عنه وقال به : العين من الغرماء إن كانت ديونهم عيناً وإن كانت ديونهم عيناً وماله عروض فمن المفلّس وكذلك العروض المخالفة للدَّين والمماثلة منهم لأنهم يتحاصون فيها من غير بيع وقال أصبغ من الغرماء في الموت ومن المفلس في الفلس فالأول مقيس على الثمن يهلك في المواضعة يكون ممن تكون الأمة له والثاني مبنيُّ على أن السلطان وكيل لهم وقبض الوكيل قبضٌ للموكل والرابع مبني على تعذر غير لغرماء في الموت فيتعينون وفي الفلس الأصل ضمان المفلس للديون حتى تصل إلى أربابها وفي الجلاب : لو باع الحاكم ماله وقبض ثمنه فتلف الثمن ' قبل ' قبض الغرماء ضمنوه لتعيّنه لهم بالبيع وقال ابن عبد الحكم من المفلّس لأنه الأصل وقال عبد المالك ضمان الذهب ممن له عليه ذهبٌ وضمان الورق ممن له عليه وَرِقٌ وبالجملة فالخلاف مبنيُّ على أن الأصل ضمانُ المفلّس لأنه ملكه أو السلطان وكيلٌ للغرماء أو وكيله أو إذا كان المال يحتاج لبيع فعلق المفلس باقية ( كذا ) وإلا فلا وفي النكث قال بعض شيوخنا : إن كان الموقوف دنانير وحقهم دراهم لم يضمن الغرماء ما ضاع وإنما معنى كلام ابن القاسم في العين الموقوف إذا كان من جنس حقوقهم التي يقبضونها وقوله ولا يضمنون العروض يريد إذا كانت خلاف حقوقهم وإلا فلا لأنها على مِلك الغريم حتى تباع الحكم السابع قسمه ماله وفي الجواهر : يباع من ماله على نسبة الدين فإن اختلفت أجناسها من العين والعروض وطعام السَّلَم قُوِّمَ لكل واحد قيمة دينه بثمنه يوم الفلس ويُقسم ماله بينهم على تلك الحِصاص ويشتري لكل واحد بما صار له سلعتُه أو ما بلغ منها ولا يدفع لأرباب الطعام ثمن الطعام لأنه بيع الطعام قبل قبضه وكذلك أرباب العروض إلا أن يكون السلَم عرضاً في عرضِ ليلاّ يدخل سلفُ بزيادة أوضع وتعجَّل
فرع
في الكتاب : يتأنى في القسم إن كان معروفاً وكذلك الميت ويعزل لمن غاب نصيبُه وضمانه من الغائب قال ابن يونس : هذا اتفاقاً والخلاف إنما هو إذا وُقف المال للمفلس ليقضي منه غرماؤه ولو طرأ غريم لم يعلم بعد ما وُقف للأول لضمن له الأول قدر نصيبه من الموقوف وإن عُلم هلاكه لأنه لما كان ضامناً له فكأنه قبضه وإذا غَرَم الطارئ بحصته رجع بمثل ذلك على المفلس أو الميت لأنه قد استحق منه بخلاف وارث يطرأ على وارث وقد هلك ما بيده الوارث بأمر سماوي وثبت ذلك قال بعض القرويين : وكان ينبغي أن يكون الغريم الموقوف لايضمن أيضاً للطارئ شيئاً ولكن يُحطُّ ذلك القدر من الدّين الموقوف ويرجع بذلك الغريم الطارئ على الميت والمفلس والفرق بين الوارث والغريم أن الغريم دينُه من معاوضة فما هلك في يديه فهو منه والوارث لم يضمن في ذلك ثمناً ودّاه وكان ضمانه من الميت فإذا طرأ وارث لم يرجع عليه بشيء لأنه كأنه لم يقبض شيئاً والغريم لما كان هلاكه فهو كما لو وكَّله فوجب للغريم الرجوع ثم يتبعان ذمة المفلس
فرع
في الكتاب : إذا أراد بعضهم أيقاف ما ينوبُه لم يأخذ الباقون منه شيئاً في بقية دينهم إلا أن يربح فيه أو يفيد من غيره فيضرب القائمون عليه في الربح بما بقي لهم والآخرون بما بقي لهم بعد الذي أبقوا بيده بقدر ما داينوه به ثم يتحاصون مع الآخذ أولاً في الربح والفائدة كما تقدم ولو كان فيما أبقوا في يده وضيعةٌ وطرأت فائدةٌ من غير الربح ضربوا فيها بالوضيعة وبما بقي لهم أولاً وضرب فيها الآخذ أولاً بما بقي له وإن كان ما بيده الآن عروضاً قوِّمت فما فضل فيها من ربح عن قدر ما ألقوا بيده تحاصّوا في ذلك الربح أولاً بما بقي له والآخر بما بقي له بعد الذي أوقف بيده فإن هلك جميع ما وقف بيده وطرأت فائدة ضرب فيها الآخذ أولاً بما بقي له وهو لا بجميع دينهم ما أوقفوا بيده وما بقي لهم
فرع
قال إذا كان لعبده عليه دينٌ لا يُقسم له معهم لأنه يُباع لهم إلا أن يكون على العبد دينٌ لأجنبي فيقسم له وغُرماؤه أحق بما نابه وما في يده ويتبعون ذمته بما بقي لهم وتباع رقبته لغرماء السيد في النكث قال بعض القرويين : إن وقع له مثل الدين الذي عليه فأقلُّ أخذه أو أكثر لم يكن له ذلك قال أبو محمد : إذا بيع العبد لغرماء سيده دخل في ثمنه غرماء السيد وغرماء العبد لأن العبد أحد غرماء السيد قال ابن يونس يقال إذا بيع دينُ السيد عشرون للعبد على السيد مثلُها وعليه لأجنبي مثلها وليس للسيد إلا العبد فيقال من يشتريه وعليه عشرون وعلى أن ما وقع له في الحصاص مع غريم سيده سقط عند مثله من دينه فإن قال رجل بعشرين قيل له يقع له في الحصاص عشرةٌ يقضيها وتبقى عليه عشرة فإن قال آخر آخذه بثلاثين قيل يقع له في الحصاص خمسة عشر يقضيها وتبقى عليه خمسة وخالف ابن شبلون وقال يُباع لغرماء السيد ولا يدخل معهم غرماء العبد وقيل يضرب العبد مع غرماء سيده بجميع دينه فإن وقع له مثل الدين الذي عليه فأقل ' أخذه ' غريمُه أو أكثر ردًّ الزائد لغرماء سيده
فرع
في الكتاب : يقسم للمجنيِّ عليه جناية خطأ لا تحملها العاقلة وإن كان عن غير معاوضة وفي التنبيهات قيل : الجراحُ التي لا يحاصص فيها كالمأمومة والمنقلة على أحد قولي مالك لا تلحق بالخطأ ونحا إليه أبو محمد وقال غيره : العمد والخطأ سواء وهو مضرور يدفع القصاص عن نفسه كالخلع والنكاح قال ابن يونس : وفي كتاب الصلح مَنْ أحاط الدين بماله فجنى جناية عَمدٍ فصالح عنها بمال للغرماء ردُّه لأنه من أموالهم قال بعض القرويين : لم ينكر في كتاب الصلح إن صولح قبل قيامهم هل لهم الردّ أم لا ولعله إذا وقع فات
فرع
في الكتاب يقسم للمرتهن زرعاً لم بيد صلاحه ولم يحل بيعه عند الحصاص فإذا حلّ بيعه بيع وأَخذ ثمنه إن كان مثل الدين فأكثر ويرد الزيادة مع ما أخذ في الحصاص للغرماء وإن كان أقل فهو الذي كان يستحق الحصاص به ويرد الفاضل قال ابن يونس : وعلى هذا لو تزوجها بمائة ثم فُلّس قبل الدخول فضربت فوقع لها خمسون فطلَّقها قبل البناء فعلى ما تقدم ولو تزوجها بمائة خمسين نقداً وخمسين مؤجلة وبيده مائة وعليه لرجل خمسون فدفع لها الخمسين النقد ثم فُلِّس فضربت بالخمسين الباقية فوقع لها خمسة وعشرون ثم طلقها قبل البناء لردَّت من الخمسين النقد التي كانت قبضتها خمسة عشرين ونظرت لو ضربت مع الغريم بخمسة وعشرين الباقية لها في مال المفلس وفي هذه الخمسة والعشرين التي ردّت كم كان ينوبها من ذلك مثاله : بيده مائةٌ أعطاها الخمسين النقد وبقيت بيده خمسون ففُلِّس فضربت فيها بخمسين والغريم بخمسين فوقع لها خمسة وعشرين ثم طلقها فردت خمسة وعشرين وتستحق أيضاً من المهر خمسة وعشرين وقد كان يجب أن يُضرب بها فينظر ما كان يقع لها لو ضربت بخمسة وعشرين والغريم بخمسين وذلك خمسة وسبعون فتأخذ في الخمسة والعشرون التي بيدها ويبقى للغريم الخمسون التي بيده ولا تردّ شيئاً
فرع
في الكتاب : للسيد مبايعة عبده المأذون ويضرب بدينه مع غرمائه وكذلك بدينه على مكاتبه ولا يضرب بالكتابة في موت ولا فلس لضعفها في أصل المعاوضة
فرع
قال إذا ارتد ولحِقَ بدار الحرب وعليه دينٌ فقاتَل وقُتل وفُتحت البلاد فالغريم أحقُّ بماله من الغانمين لأنه متعدٍّ بخروجه لدار الحرب قال التونسي : جعل الباقي يُخَمّس ولم يجعله كلّه في بيت المال كمال المرتدين لأجل القتال عليه من المسلمين فأشبه الغنائم ولو عدا العدوّ على بيت المال ثم غنمنا ما عدا عليه يُخَمّس لأنه ليس له مالك معين وقيل إذا قدم الحربي إلينا فداينَ ثم مضى لبلده ثم غُنم ماله إنَّ دَينه لا يكون فيما كان ببلد الحرب بل فيما ببلد الإسلام لأنه على ذلك عومل ويصير ما بأرض الحرب مملوكاً للجيش بقيمته فإن فضل عن دينه شيء من هذا المال الذي ببلد الإسلام بُعث على ورثته إذا قُتل في دار الحرب لأنه لم يملك رقبته فيملك ماله ولو أسر لكان ماله الذي في بلد الإسلام فيئاً للجيش الذي أسروه
فرع
قال اللخمي : مَن له مؤجَّل حاصص بعدده إن كان عيناً وإلا بمثله لو كان حالاً وما صار له في الحصاص اشتُري له به مثل صفة دينه وإن تغيّر سوقه بغلاء قبل أن يُشترى له لم يرجع على أصحابه بشيء لأنه لو ضاع جميعه لم يرجع عليهم وإن رخص السعر اشترى الجزء الذي نابه في الحصاص ودخل معه أصحابه في الفاضل كما طرأ للمفلس وقال عبد الملك : لا يدخلون معه لأن من أصله أن المصيبة منه إن هلك قبل الشراء وعن ابن القاسم إذا كان الدين عرضاً وقال صاحبه لا أتعجًّلُه قبل الأجل أجبر على أخذه لما فيه من براءة الذمة وعن ابن نافع إن أعطى حميلاً إلى الأجل لم يُقبل منه وقد حلّ بالتفليس والقياس قبوله لحصول الأمن ومن بيده رهنٌ يوفي حقّه لا يحلُّ دينه وقال عبد الملك : يحاصّ صاحب الرهن بجميع حقه إلا أن يتابع الرهن يريد إذا لم يجز بيع الرهن ومتى كان لا يجوز بيعه كالثمر والزرع قبل بُدُوِّ الصلاح ضرب المرتهن بدينه فإذا بيع وفيه وفاءٌ رَدَّ ما أخذ فإن كان دينُه مائة وبيع بخمسين والذي أخذ في الحصاص خمسون فالباقي من دينه بعد ثمن الرهن خمسون فيمسك من الذي اخذ في المحاصة خمسة وعشرين لأنها التي كانت تنوبُه لو بيع الزرع له ويرد خمسة وعشرين فيضرب فيها بخمسة وعشرين لأنها الباقي من دينه
فرع
إذا لم يُقبل إقرار المفلس ثم دايَن آخر لم يدخل الأول لأنه رضي بالتفليس وحقُّه على زعمه فيما أخذه أصحابه فإن صح إقراره ولم يرض بالتفليس ولم يدخل في المحاصة قال محمد يكون ذلك له وقال ابن القاسم لايدخل مع الآخر لأنها أموال الآخرين
فرع
قال إن أبقى أحدُ الأولين نصيبه في يد المفلس قال ابن القاسم يضرب مع الآخرين بقدر ما أبقى كمُداينة حادثة وفي كتاب ابن حبيب بقدر أصل دينه وهو أحسن إذا لم يكن أراد فلسه وإنما قام به ليلا ينتفع به أصحابه
فرع
قال : إذا قُسم مال المفلس ثم وُجد في يده مال من معاملة وقال الأولون فيه فضل نأخُذه كشف السلطان فإن تحقق الفضل أقَرَّ في يده ما يوفي الآخرين وقضى الفضل الأولين وإن كان من فائدة ولم يعامل بعدَ الفلس أخذه الأولون وإن عامل اقتسم الفائدة الأولون والآخرون يقدر الباقي لهم وإن كان قائم الوجه لم يفلِّس فالأولون أحقُّ بالفائدة لأن محمله في المعاملة الثانية على الوفاء وإن قضى الفائدة الآخرين فللأولين أخذ مثل ما قضى مما في يده من المعاملة الثانية وإن تبين فلسه في المال الباقي تساوى الأولون والآخرون في الفائدة إن قاموا فإن لم يقوموا حتى قضى أحد الفريقين أو بعضهم مضى على أحد قولي مالك في قضاء من تبين فلسه لأن الحجر الأول قد ذهب وبقيت اليد في البيع والشراء والاقتضاء وقال عبد الملك : إذا داينَ آخرين ثم أفاد مالاً فالأولون أولى به ما لم يقع فلس ثان وهو في يديه لأن محمله في المداينة الثانية على الوفاء قال ( ش ) إذا فك حجره ثم داين آخرين فحُجر عليه سُوِّي بين الفريقين وخالفه ابن حنبل وخصص الآخرين لأنه عين مالهم
فرع
قال : قال ابن القاسم : تضرب الزوجة بما أنفقت على نفسها قال سحنون في الدين المستحدث ولا تحاصُّ إذا كان الدين قبل الإنفاق لضعف المعاوضة في النفقة لأن المرأة مخيرة بين طلب الطلاق وبينها والديون عينتها أسبابها وفي الموازية : تضرب في الفلس دون الموت لإمكان استدراك بقية الدين في الفلس لبقاء إمكان الاكتساب وقيل لا تضرب فيهما لضعف سببها وعن ابن القاسم تضرب بصداقها في الحياة فقط وعن ابن القاسم لا يُضرب بنفقة الأبوين ولا بنفقة الولد في فلس ولا موت لسقوط نفقة القرابة بالإعسار وعن أشهب يُضرب للولد مع الغرماء وقاله أصبغ في نفقة الأبوين إلا أن يكون جرت بحكم وتسافت ( كذا ) وهو مليء فيضرب بها فيهما ويختلف على هذا هل يحاص بالجنايات وفي المدونة يحاص بها ويحاص بدية الخطأ إذا فُلّس أحد العاقلة على القولين قال صاحب المقدمات متى كان الدين في الذمة عن عِوض قبض كان يتمول أم لا ( و ) حوصص به كأثمان السلع المقبوضة وأُروش الجنايات ونفقات الزوجات للمدة الماضية ومهور الزوجات المدخول بهن وما خولعت عليه من شيء موصوف في الذمة وعن المقبوض الذي لا يمكنه دفع العوض عنه ودفع ما يُستوفي منه ككراء دار بالنقد أو يكون العرف النقد ففُلس قبل قبض الدار أو سكن بعض السكنى حاصص عند ابن القاسم في المدونة بكراء ما بقي من السكنى إذا شاء أن يسلمه وقياسه إن فُلس قبل السكن فللمكري إسلامها ويحاص الغرماء بجميع الكراء وهذا إنما يصح عند أشهب أن قبض أوائل الكراء قبض الجميع فيُخير أخذ الدار المكتراة من الدين وقياس أصل ابن القاسم يحاص بما مضى ويأخذ داره ولو لم يشترط النقد ولا كان عرفاً لوجب على المذهب المتقدم إذا حاص أن يوقف ما وجب له في المحاصة وكلما سكن شيئاً أخذ بقدره أما ما يمكنه دفع العوض ويلزمه كرأس مال السَّلَم إذا فُلس المُسلم إليه ففي الموازية يدفعه ويحاص الغرماء ولا يكون أحق به إذ ليس برهنٍ وفيه نظر لأن بالتقليس حل السلَمُ فللمسلم إليه إمساك رأس المال وقياس أصل ابن القاسم ألا يلزمه أن يدفعه ويحاص الغرماء ولو كان رأس مال السلَم عرضاً لكان له أن يمسكه على القولين أما ما يُمكنه دفع العوض ولا يلزمه كالسلعة إذا باعها ففُلِّس المبتاع قبل تسليمها خُيِّر بين إمساك السلعة أو يسملها ويحاص الغرماء بثمنها اتفاقاً وأما ما لا يكون له تعجيل العوض كَسَلَم دنانير في عرضٍ فيفلّس قبل دفع رأس المال وقبل حلول الأجل فإن رضي المسلم إليه تعجيل العَرض والمحاصة جاز إن رضي الغرماء وإن امتنع أحدهم حاص برأس المال فيما وجب للغريم من مال وفي العروض التي عليه إذا حلّت فإن شاؤوا أن يبيعوها بالنقد ويتحاصوا فيها الآن جاز فإن فُلس المسلِم قبل حلول السلم فهو برأس المال أسوة الغرماء بما عليه من السلم وليس له إمساكه ويكون أحقّ به على مذهب ابن القاسم وله ذلك على مذهب أشهب الذي جعله كالرهن فإن فُلِس بعد دفع السَّلَم وهو قائم جرى على خلاف ابن القاسم وأشهب في العين هل يكون أحق بها من الغرماء أم لا ويحاص بمهور الزوجات قبل الدخول ولا تُخَّيرُ المرأة كما يُخَّير بائع السلعة في سلعته إذا فُلس المبتاع قبل التسليم لتعذُر الخيار في النكاح للمرأة في حله ولأن الصداق ليس بعوضٍ للبُضع حقيقةً بل شيءٌ أوجبه الله تعالى على الرجال بدليل وجوبه أجمع بالموت قبل الدخول وهذا أصح الأقوال ويجب ألا تحاص إلا بالنصف على قولهم لا يجب بالعقد إلا النصف فإن حاصت بالجميع قبل الدخول ثم طلقها قبل الدخول قيل نَرُد ما زاد على النصف وقيل تحاص الآن بالنصف فيكون لها نصف ما صار لها بالمحاصة وترد نصفه قاله ابن القاسم والأول قول ابن دنيار فإن طلقها قبل التفليس ولم تقبض من صداقها شيئاً فإنها تحاص بالنصف وإن قبضت جميعه ردت نصفه وحاص الزوج به غرماءها وإن قبضت النصف قبل التفليس وطلقها قبله وقال عبد المالك لا ترد منه شيئاً وقال ابن القاسم لها منه النصف وتردّ النصف وتحاص به الغرماء فإن طلقها قبل التفليس وهو قائم الوجه ثم فُلس لا تَرُدّ شيئاً لأخذها ما تستحقه قبل الفلس إلا أن يكون النصف المدفوع معجلاً والآخر مؤجلاً فترد ما قبضت وإن كان طلقها قائم الوجه ما لم يتأخر في ذلك ويرضي الزوج بترك الرجوع عليها ولو دفعه إليها بعد الطلاق فلا تردٌّ منه شيئاً لأنه لم يدفع لها إلا ما وجب عليه وأما الهبات والصدقات ونحوها فلا تحاص بها لأن الفلس يبطلها كالموت وأما النِّحل التي تنعقد عليها الأنكحة والحمالات بالأثمان فيحاص بها لأنها بعوض وفي نحل النكاح خلاف وكذلك في حمل الثمن بعد العقد والصداق بعد العقد وفي الجلاب قال ابن القاسم : تحاص المرأة بصداقها في الحياة دون الممات وقال غيره تحاص فيها وفي شرح الجلاب قيل لا تحاصص فيهما لأنها ليست معاوضة حقيقةً
فرع
في الجواهر : أجرة الجمّال والكيّال وما يتعلق بمصلحة جمع المال يقدَّم على جميع الديون
فرع
قال الأبهري : قال مالك : تحاصّ المرأة بما أنفقت في غيبة زوجها لقيامها عنه بواجب دون ما أنفقته على ولدها لأنها مواساة بغير عوض وليس على الولد إعطاؤها النفقة من ماله لأنه كان فقيراً ولو كان غنياً لكان غير محتاج لنفقتها فهي متبرعة الحكم الثامن طُرُوُّ غريم بعد القسمة في الكتاب : إذا طرأ غريم بعد القسمة لم يُعلَم به رجع على الغرماء بنصيبه في المحاصة يتبع كل واحد في ملائه وعُدمه والموت مثل الفلس في ذلك لمساواته لهم في أصل الاستحقاق قال التونسي : ولو سكت بعضهم هو يرى المال يقسم فلا قيام له عند ابن القاسم ودينه في الذمة كما لو أعتق وسكت الغرماء ولو سكت بعض غرماء الميت له الرجوع والفرق خراب ذمة الميت قال ابن يونس : قيل يوقف للساكت حقه كالغائب إلا إن تبين تركه وقيل إذا كان حاضراً ولم يشهد القسمة فلو حضر وشهد فلا رجوع اتفاقاً قال مالك : إذا لم يقم الباقون حتى داين آخرين فلمن لم يقُم من الأولين تفليسُه ومحاصة من داينه بعد التفليس لأنهم لم يفلسوه أولاً فأشبه من داين قبل التفليس وعن مطرف لا يقوم الأولون الساكتون لأن سكوتهم إسقاط حق المطالبة وعن ابن القاسم : إذا قسم الورثة والغريم حاضر القسمة لا يقوم بعد ذلك لأن ذلك إسقاط إلا أن يكون له عذر وفي الجواهر : يرجع الغريم على كل واحد بما ينوبُه لا على ملئ بمُعدِم ولا حيٍّ بميت وكذلك يستحق المبيع هذا إذا كان الميت غير مشهور بالدين فإن كان مشهوراً بذلك أو علم الورثة بالدين ثم باعوا وقضوا بعض الغرماء فلمن بقي الرجوع على الورثة بما يخصه ثم يرجع الورثة على الآخذ وحيث رجع الورثة أُخذ الملئ عن المعدم ما لم تتجاوز حصته ما قبض الوارث بخلاف الغرماء
فرع
قال ابن يونس قال أشهب : لو ترك ألف درهم عيناً وعبداً وعليه لغريمين لكل واحد ألف درهم فحضر أحدُهما فأخذ الألف فقدم الغائب وقد هلك العبد فإن كانت قيمته ألفاً فلا رجوع ولا ينظر إلى قيمته يوم مات أو مات السيد بل أدوَن قيمةٍ مضت عليه من قبض الغريم إلى موت العبد لأن من يوم القبض تعيّن الغريم وضمانه فإن كانت قيمتُه خمسمائة رجع على قابض الألف بمائتين وخمسين وحسب العبد على الغائب وإن اختلفا في القيمة صُدِّق الطارئ لأنه محسوب عليه فلو باع الوصيُّ العبد بألف وقضاها للحاضر ثم تلفت الألف العين فلا رجوع للطارئ كما لو كان المال كله عيناً فوقف نصيب الغائب فلو رُدَّ العبدُ بعيب بعد تلاف الألف التي عزل فقدم الغائب بيع العبد ثانية للحاضر فإن نقص ثمنه رجع بنقصه على الغائب إلا أن يكون أتى للعبد وقتٌ من يوم قضى بثمنه يسوى فيه بالعيب ألفاً فلا يرجع على الغائب لأنه في ذلك الوقت يعتبر مستوفياً ولو بيع بألف فأخذها الحاضر ثم أخذ الغائب الألف ثم رُدّ العبد بعيب فإن كانت بلغت قيمته بالعيب ألفاً لم يرجع على القادم ولو كانت قيمته خمسمائة رجع على القادم بمائتين وخمسين وإنما جعل أشهب موت العبد وتلاف المال من الغائب في الموت وأما في الفلس فمن المفلس لبقاء المحل قابلاً للضمان ولو طرأ وارث على وارث فقال مالك وابن القاسم هو كالغريم يطرأ على الغريم وموصىً على الموصى له بجامع الاستحقاق وقال ابن عبد الحكم : يقاسم الطارئ الملئ فيما أخذ كأن الميت لم يترك غيرهما ثم يرجعان على سائر الورثة بما يعتدلون به معهم فمن أيسر منهم قاسموه ثم رجعوا على الباقين هكذا حتى يعتدلوا قال محمد : والغريم يطرأُ على موصى له كذلك يأخذ الملئ إلى مبلغ حقه لأنه مبدأ عليه ليس له معه شيء حتى يستوفي دينه بخلاف وارث يطرأ على وارث أو غريم على غريم لأنه مساوٍ لمن يطرأ عليه وروى أشهب أن يساويه فيما يجد بيده لهذا ورأى ابن القاسم أن يرد عليه ما أخذ من حصته فلا يرجع عليه بما قبض غيره لعدم تعدِّيه بقبضه قال محمد : إذا طرأت امرأةٌ وقد أخذت امرأة الثمن والابن ما بقي ووجدت المرأة عديمةً والابن ملياً رجعت على الابن بثلث خمس ما صار إليه لأن ميراثه سبعة أثمان وللطارئة نصف الثمن فأضعفها تصير خمسة عشر لها سهم وترجع هي عشر وللطارئة سهم هذا على مذهب أشهب وعند ابن القاسم يقسم سهمها على ثمانية تأخذ من الابن سبعة أثمان نصف الثمن ومن المرأة ثمن نصف الثمن قال محمد : ولو قالت الطارئة معي نصيبي أو تركت حقي لكما انتقضت القسمة الأولى بين الابن والمرأة ويقتسمان ما بأيديهما خمسة عشر سهماً للزوجة سهم وللابن ما بقي وإذا طرأ وارث أو غريم على بعض الورثة وهو مليء وباقيهم مُعدمٌ فقال تَلِف مني ما أخذت لا يصدق فيما يغاب إليه ببينة للتهمة وإلا صُدق ما لم يتبين كذبه مثل أن يذكر موت العبد أو الدابة بموضع لا يخفى بخلاف السرقة والإباق وهرب الدابة يصدق مطلقاً مع يمينه
فرع
في النوادر قال عبد الملك : إذا أخذ غُرماء الميت أو المفلّس دينَهم وبقي رَبعُ أو غيره فهلك ثم طرأ غريم لا رجوع له على الأولين إن كان الذي ترك وفاءً للطارئ ولو كان الورثة أخذوه في الموت رجع الطارئ عليهم أملياء أو عُدَماء وإن كان واحدٌ مليئاً أخذ منه كل ما أخذ ويرجع هذا الوارث على بقية الورثة ببقية حقه على أن ما تركه الميت ما أخذوا وما بقي بيد هذا إن بقي شيء ولا يتبع الملئ المُعدم ويضمنون ما أكلوا واستهلكوا بخلاف ما لا سبب لهم في هلاكه وما باعوه بلا محاباة فإنما عليهم الثمن وما جني عليه عندهم فلهم أجمعين أرش ذلك كانت القسمة بأنفسهم أو بحاكم وقاله كله مالك وابن القاسم قال ابن القاسم : ولو كان القاضي أمر ببيع الرقيق الوصي أو وصي الوصي إليه فاشترى الورثة منهم كغيرهم ولم يكن يمضي القسمة ضمن بعضهم لبعض ما فات واتبعهم الغرماء بالأثمان ولو كان قسمة لم يتبعوا قال أصبغ : لا أرى ذلك وقسمتهم وقسمة السلطان أو الوصي سواء لقول مالك قال في الحالفة بعتق أمتها فباعتها ثم ورثتها هي وأخوتها فاشترتها في حظها ثم فعلت المحلوف عليه لم تحنث إن كان قدر ميراثها وشراؤها كالقسمة
فرع
قال : إذا فلس وله ألف درهم ومائة درهم فأخذ الغرماء الألف وأوقفت المائة فهلكت ثم طرأ غريم له مائتان فهي من الطارئ وإن أنفقها المفلس فهي في ذمته له ولا يرجع على الأولين بها ويرجع بالمائة الأخرى عليهم في الالف بجزء من أحد عشر قاله عبد المالك وهو بعيد بل أصل ابن القاسم يرجع في الألف ومائة بجزئين من اثني عشر فيأخذ مائتين إلا سدس مائة فيحسب عليه المائة الذاهبة ويرجع بخمسة أسداس مائة قاله عبد المالك وكذلك لو بيع بعض ماله فكان كفاف دين الغرماء وكان الظن أن جميع ماله لا يفي بدينهم فأخذ من قام حقه وبقي بيده الباقي فلا يرجع الطارئ على الأولين وإن هلك الباقي إن كان كفاف دينهم وقال اصبغ : إنما هذا في الميت لعدم ذمته أما المفلس فحق الطارئ في ذمته لا يضمن الهالك كما لو حضر وامتنع من القيام فهلك ما بيع من الإيقاف لضمن ذلك من قام بتفليسه قال عبد الملك : ولو أبق عبد فاقتسم الغرماء ثم قدم الآبق فمات أو أبق ثانية ثم طرأ غريم حاص الأولين بما بقي له بعد قيمة العبد ولو لم يقدم العبد لحاص بجميع دينه ولو رجع على الأولين فلم يأخذ منهم شيئاً ثم قدم العبد لرجع طلبه في العبد دونهم إلا أن يبقى له شيء بعد ثمن العبد وكذلك كل ما يظهر للغريم من عطية وغيرها قبل أخذ الطارئ من الغرماء شيئاً وليس هذا مما يقطعه الحكم قال أصبغ : إذا حكم بالرجوع على الغرماء بالحصاص مضى ولم يرجع في الطارئ كجميل الوجه يقضى عليه بالمال ثم يأتي الغريم قبل قبض الطالب ومنع ابن حبيب إلحاقه بالحميل ولو وهب له أبوه بعد أخذ الغرماء أو ورثه فعتق عليه لرجع الطارئ الذي دينه بتاريخ دين الأولين عليهم لأن الهبة لا ترد وينفذ عتقه على الغرماء ليلاً يبطل مقصود الواهب بخلاف شرائه أو أخذه في دينه فإنه يباع للغرماء ولو حلف بحرية عبد إن اشتراه قبل الدين أو بعده بعد اقتسام ماله ثم اشتراه فعتق عليه إن لم يكن يوم العتق ملئاً بحق الطارئ رد عتقه وأخذ منه الطارئ دينه وعتق ما فضل وإن نقص رجع بما نقص على الغرماء ولو ملكه بهبة أو ميراث فكما تقدم في الأب ولو ظن أن ماله كفاف دينه فقسم فحدث له هبة أو ميراث أو دين أقر له به ثم تلف ذلك من يديه فلا يرجع الطارئ على الأولين لاتساع ماله بما هلك ولو اقتسموا دينهم ببينة فقام الطارئ عليهم بمائة فرجع شاهدان كانا شهدا لبعض الأولين بمائة لرجع عليهم أجمعين ولا يختص بمن رجعت بينته ثم يرجعون على الشاهدين الراجعين بالمائة وفيهم الذي رجع شاهداه الحكم التاسع حبسه إذا لم يثبت إعساره وفي الكتاب لا يحبس إلا المالئ المتهم بتغييب ماله وإلا فيستبرأ وللحاكم حبسه قدر استبرائه أو يأخذ له حميلاً فإذا ظهرت براءته أطلق ومتى تبين عدم الملئ أو المتهم أطلق من غير تحديد ولا يلازمه رب الدين وقاله ( ش ) خلافاً ( ح ) وكذلك وافقنا ( ش ) في سماع بينة الإعسار في الحال وقال ( ح ) حتى يحبس مدة يغلب على ظن الحاكم عدم ماله ولو كان له مال لظهر وجوابه أن البينة لا تسمع إلا إذا كان تعلم حاله بالخبرة الباطنة فلا معنى لحبسه ووافقنا ابن حنبل في جميع ذلك ويحبس أحد الزوجين لصاحبه والولد بدين أبويه ولا يحبسان له أنه عقوق ولا يحلف الأب فإن استحلفه فهو جرحة على الابن ويحبس الجد والأقارب والنساء والعبيد والذمة والسيد في دين مكاتبه ولا يحبس المكاتب بالعجز عن الكتابة لأنها ليست في الذمة ولكن يتلوم له وفي التنبيهات : الإلداد واللداد : الخصومة قال الله تعالى ( وتنذر به قوما لدا ) من لديدي الوادي وهما جانباه كأنه يرجع من جانب إلى جانب لما كان يرجع من حجة إلى حجة وقيل من لديدي الفم وهما جانباه لإعمالها في الكلام في الخصومة أو من التلدد وهو التحير لأنه يحير صاحبه بحجته وقوله حميلاً بالوجه لا بالمال ويقضى على صاحب الدين به والمتهم بإخفاء المال حميلاً بالمال دون الوجه إلا أن يحتاج للخروج من السجن لمنافعه ويرجع فيؤخذ بالوجه فقط ومن عرف بالناض لا يؤجل ساعة ويؤجل صاحب العروض ما يبيع عروضه على حالها وهو ظاهر الروايات نفياً للضرر عنه وقيل تباع بحينها تغليباً لحق الطالب وغير المعروف بالناض في تحليفه على إخفاء الناض قولان للمتأخرين وقيل إن كان من التجار حلف وإلا فلا مبني على مشروعية يمين التهم وعن ابن القاسم لا يلزمه حميل حتى يبيع ولا يسجن وأكثرهم على الحميل والسجن وقاله سحنون وفي النكت : أصل السجن إجماع الأمة وقوله تعالى ( ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ) فإذا كان له ملازمته ومنعه من التصرف كان له حبسه والحبس ثلاثة : حبس التلوم والاختبار إذا لم يتهم في تغييب المال وللتهمة أو اللداد فحتى يتبين عدمه ولأنه نفى معلوماً له فحتى يخرج ذلك المال ويعطي الدين قال عبد الملك : المجهول العدم أو المتهم بتغييب ماله أقل حبسه في الدريهمات اليسيرة نصف الشهر ولا يحبس في كثير المال أكثر من أربعة أشهر وفي المتوسط شهران لأن ثلث العام اعتبر في الإيلاء فلا يزاد عليه قال بعض شيوخنا : لا يحبس الوالد إلا في نفقة الولد الصغير لأن ذلك للحاكم لا للصغير فلا عقوق قال صاحب المقدمات حبس التلوم والاختبار هو الذي قال فيه عبد الملك في الدريهمات نصف شهر وفي الكثير أربعة أشهر وفي المتوسط شهران وأما المليء المتهم فحتى يثبت عدمه فيحلف ويسرح وأما من أخذ أموال الناس وقعد عليها وادعى العدم فتبين كذبه فأبداً حتى يؤدي أو يموت في الحبس وقال سحنون يضرب بالدرة المرة بعد المرة حتى يؤدي أو يموت لأنه الجاني على نفسه وقاله مالك والقضاء عليه في هؤلاء الذين يرضون بالسجن ليأكلوا أموال الناس ولا يليق خلاف هذا وقد قال عمر بن عبد العزيز تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور ولا يمكن الملد المتهم من إعطاء حميل غلا حميلاً فلزمه الغريم ولا يسقط الغرم عنه إثبات الملطوب العدم وإن أقام بينة بالعدم لم يترك قاله سحنون وإن سائل الطالب أن يعذر إليه في الشهود فيعاد للسجن إن قدح في البينة ويستحلف إن لم يقدح ثم يسجن وليس قوله مخالفاً لقول ابن القاسم قال ابن يونس قال محمد قال مالك : إذا شهدت بينة أنه احتج ( كذا ) يحبس ولا يعجل سراجه وكيف يعرفون أنه لا شيء عنده ؟ وفي التلقين وفي الجواهر : مدة الحبس غير مقدرة بل لاجتهاد الحاكم
فرع
في الجواهر : من حل دينه فسأل التأخير ووعد بالقضاء قال عبد المالك : يؤخره الإمام حسبما يرجى له ولا يعجل عليه وفي كتاب سحنون : إن سأل أن يؤخر اليوم ونحوه ويعطي حميلاً بالمال فعل
فرع
في المقدمات : يحبس الوصي فيما على الأيتام إن كان في يده لهم مال وكذلك الأب إن كان عنده مال ابنه لم يعلم نفاده لادعائه خلاف الظاهر قاله ابن عبد الحكم
فرع
قال : وليس لمن قال لا شيء لي أما من قال أخروني ووعد بالقضاء أخر قدر ما يرجي له فإن تنازعا في القدرة على الناض إن حقق الدعوى حلف اتفاقً وإلا فعلى الخلاف في يمين المتهم فإن نكل حلف الطالب ولم يؤخذ المطلوب قليلاً ولا كثيراً
فرع
قال : فإن طلب تفتيش دره فللمتأخرين قولان وما وجد في داره فهو ملكه حتى يثبت خلافه
فرع
قال إذا ثبت عدم الغريم أو انقضاء أمد سجه فلا يطلق حتى يستحلف ماله مال ظاهر ولا باطن ولئن وجد مالاً ليؤدين إليه حقه ويحلف مع ثبوت عدمه لان الشهود إنما شهدوا له على العلم كالمستحق للعروض بشهادة الشهود يحلف ما باع ولا وهب لأن الشهود لم يشهدوا على القطع بل باستصحاب الملك فإذا حلف خلي سبيله حتى يتبين إفادته المال فإن طلب تحليفه بعد ذلك أنه لم يفد مالاً لم يكن له ذلك لأنه قد استحلفه على ذلك ليلاّ يغشه باليمين في كل يوم وهذا فائدة قوله في اليمين لئن وجدت لوفيته حقه قال ابن يونس : كان أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - يستحلفان المعسر الذي لا يعلم له مال أنه ما يجد قضاء في فرض أو عرض وأنه إن وجد قضاء ليقضين ففي التحليف مصلحة الطالب بالاستظهار ومصلحة المطلوب بامتناع تحليفه بعد ذلك قال اللخمي : واليمين على من عرف ملاؤه في الجامع
فرع
قال فإن شهد بينتان بعدمه وملائه ولم تعين البينة مالاً ففي أحكام ابن زياد تقدم بينة الملاء وإن كانوا أقل عدالة ويحبس بشهادتهم حتى يشهد أنه أعدم بعد ذلك وهو بعيد والصحيح رواية أبي زيد أن ذلك تكاذب وتقدم بينة العدم لأنها أثبت حكماً فيحلف ويسرح الأخرى نفت الحكم وإنما تقدم بينة الملاء إذا تعارضتا بعد تحليفه وتسريحه لأها أثبتت حكماً وهو سجنه وروى أبو زيد : تسقط البينتان إذا استوتا في العدالة ثم إن كان متهماً حبس حتى يأتي ببينة على العدم أعدل من بينة الملاء وأن كان إنما سجن تلوماً أطلق
فرع
قال التونسي : لا يخرج المحبوس للجُمعة ولا العيدين قاله ابن عبد الحكم واستحسن إذا اشتد المرض بأبويه أو ولده أو أخيه من يقرب من قرابته وخِيف عليه الموت أن يخرج فيسلِّم عليه ويؤخذ منه حميل بوجهه ولا يفعل ذلك في غيرهم من القرابات ولا يخرج لحجة الإسلام لتقدّم الدين على الحج ولو أحرم بحج أو عمرة أو نَذَر فحنِث فقيم عليه بدين حُبِس وبقي على إحرامه ولو ثبت الدين يوم نزوله بمكة أو منى أو عرفة استُحِبَّ أن يؤخذ منه كفيل حتى يفرغ من الحج ثم يحبس بعد النفر الأول ولا يخرُج لِيُعينَ على العدو إلا أن يُخاف عليه الأسر أو القتل بموضعه فيخرج إلى غيره ويخرج لحدِّ القذف لتقدم الأعراض على الأموال ثم يُرَدُّ ولا يخرج إنه مرض إلا أن يذهب عقله فيخرج بحميل حتى يعود عقله ويحبس النساء على حدة وفي النوادر : يُمنع المحبوس ممن يُسلِّم عليه ويُحدثِّه وإن اشتد مرضه واحتاج إلى أمةٍ مُباشرة جعلت معه حيث يجوز ذلك وإن حُبس الزوجان لا يفرقان إن كان الحبس خالياً وإلا فُرِّقا ولا يفرّق الأب من ابنه ولا غيره من القرابات بخلاف المرأة لعظم النفع بها وإذا أقرَّ في الحبس أنه أجر نفسه ليسافر مع رجل لم يُخرج لذلك ولو قامت بينة وللمطالب فسخُ الإجارة للسجن لأنه بحكم حاكم بخلاف غيره وإذ أراد الزوج السفر بامرأته فأقرَّت بدينٍ فأراد الغريم حبسها في هذا البلد حُبست في البينة والإقرار إلا أن تتهم
فرع
قال اللخمي : المعروف من المذهب حملُ الغريم على اليسار من غير تفرقة بين الأحوال لأنه الغالب والناس مجبولون على الكسب والتحصيل وعن مالك إن من لم يُتهم بكتم مال وليس يتأجر لا يُفلَّس ولا يُستَخلف يريد من هو معروفٌ بقلة ذات اليد وكذلك ينبغي أن يعامل ارباب الصنائع كالبقال والخياط يقبل قوله ولا يُحبس إلا أن يكون المُدعى به يسيراً مما عومل عليه في صنعته أو أخذ عنه عوضاً أو حمالة لأن الحميل قائل أنا أقوم بما عليه فهو إقرار باليسر وكذلك الصداق يحمل فيه الرجل على حال مثله فكثير من الناس يتزوج وليس عنده مؤخر الصداق وخصوصاً أهل البوادي وكذلك جناية الخطأ التي لا تحملها العاقلة وقال عبد الملك : إذا أعتق بعض عبدٍ وقال ليس عندي قيمة الباقي يُسأل جيرانه ومعارفه فإن قالوا لا نعلم له مالاً أُحلف وتُرك وقال سحنون : جميع اصحابنا على ذلك في العتق إلا في اليمين فإنه لا يُستحلف عندهم وهذه المسألة أصلٌ في كل مال ما لم يؤخذ له عوضٌ أنه لا يحمل فيه الملاء واللدد فإن الغالب التحيل للولد والقيام به
فرع
قال : إذا حُبس حتى يثبت فقره ثم أتى بحمل ( له ) ذلك عند ابن القاسم لثبوت الإعسار ومنع سحنون لأن السجن أقرب لحصول الحق وإذا غاب المتحمَّل عنه وأثبت الحميل فقر الغريم برئ من الحمالة
فرع
قال تُسأل البينة كيف عملت فقرة فإن قالوا نسمعه يقول ذهب مالي وخسرت وما أشبه ذلك لم تُسمع هذه البينة وإن قالوا كنًّا نرى تصرفَه في بيعه وقدرَ أرباحه أو نزول الأسواق ونقص رأس ماله شيئاً بعد شيء وإن ذلك يؤدي إلى ما ادعاه سُمعت ولو كان المطلوب فقيراً في مسائل : كمن طولب بدين بعد مُناجمةٍ ويدَّعي العجز بعد قضاء ويأتي بمن يشهد بفقره وحاله لم يتغير عن يوم ومن يُطالب برزق ولده بعد طلاق الأم لم تُسمع بينته بالفقر لأنه بالأمس كان ينفق فهو اليوم أقدر لزوال نفقة الزوجة إلا أن تشهد بينة بما يقل حاله
فرع
قال : الأمين على النساء في الحبس امرأة مأمونة لا زوج لها أو لها زوج معروف بالخير مأمون ويُحبَسن في موضع خالٍ من الرجال
فرع
قال يحبس الوالد للولد في صورتين : نفقة الولد الصغير ودين على الولد وله مال في يديه إذا ألَدَّ عن تسليمه إلا أن يكون المال عيناً ولو مالٌ ظاهر يقدر على الأخذ منه فيؤخذ ولا يحبس وإن ادعى الفقر كُلِّف إثبات ذلك من غير حبس بخلاف الأجنبي ويُسأل عنه بخلاف إن عُلم لدده والمال كثير ولم يوجد مال ظاهر يقضي منه حُبس وإن أشكل أمره أو كان المطلوب يسيراً أو له قدر وهو حقير في كسب الابن واختلف في تحليفه له وحدِّه إن قذفه وفي القصاص إن قَطَعه أو قتله ففي المدونة لا يُحلَّف وفي الموازية وهو بذلك عاقٌ وتُرَدُّ شهادته وقال أرى إن كانت يمين تهمة بأنه أخذ أو كَتَم ميراث أمه لا يحلف إلا أن تكون التهمة ظاهرة في ذي بال يضرُّ بالولد وإن كانت بسبب أنه يَجحد ما داينه وله قدر أُحلف ولا يحلف في اليسير ولا يحلف مطلقاً إذا كان الأب ديِّناً فاضلاً ويُتهم الابن في أذاه بسبب تقدَّم قال ابن القاسم : ويُحدُّ له ويجوز عفُوه عنه وإن بلغ الإمام ويقتصُّ منه في القطع والقتل أصبغ كذلك إلا في القتل إذا كان وليًّ الدم ابنه وهو أبين وأرى عظيماً حدّه وقتله وقطعه وكذلك إن قام بالدم عمّ المقتول أو ابن عمه أو يكون المقتول ليس بولد للقاتل وهي مختلفة القبح وأشكل من ذلك أن يقوم بالقصاص ابن أخي القاتل فيريد القصاص من عمه وقد قاله : العمُّ صنو الأب وعدم تحليف الجدِّ أحسن خِلافاً للمدونة واختلف في القصاص منه
فرع
قال : ويُحبس السيد في دَين مُكاتبه إلا أن يكون قد حلَّ من نجومه ما يوفي بدينه أو يكون في قيمة المكاتب إن بيع ما يوفي ويُحبس المكاتب في دين السيد إذا كلن الدين من غير الكتابة ولا يحبس في الكتابة إلا على القول إنه لا يُعجزه إلا السلطان وله سجنه إذا اتهمه بكتم المال طلباً للعجز
فرع
قال : إذا أقر بالملاء ولدَّ عن القضاء فإن وُجد له مال ظاهر قُضي منه إذا سُجن وإذا سأل الصبر لإحضار الناضّ وقال ليس لي ناضٌُّ أُمهل واختلف في حد التأخير وأخذ الحميل وتحليفه على العجز الآن فقال سحنون : يؤخر اليوم ويعطي حميلاً وإلا سُجن وقال عبد الملك : ذلك على قدر المطلوب من غير تحديد قاله مالك وقال يجتهد في ذلك الحاكم ويؤخر المليء نحو الخمسة الأيام ولم يلزمه حميلاً وهو أحسن ومتى أشكل الأمر لا يحمل على اللدد وإن قدر علي القضاء من يومه بيع ما شق عليه بيعه وخروجه من ملكه كعبده التاجر ومركوبه وما يدركه من بيعه مضرة أو معرة لم يلزمه بيعه لان الشأن من غير ذلك قاله مالك
فرع
في الكتاب إذا أراد بعضهم حبسه وقال غيره دعه يسعى حبس لمن أراد حبسه إن تبين لدده لأن حق الطالب مستقل قال ابن يونس في الموازية : إن قل دين طالب السجن وكثر دين غيره خير صاحب لكثير بين دفع اليسير لصاحبه وبين أن يباع له مما بيده ما يوفي بدينه وإن أتى على جميعه فمن شاء حاصص مع هذا القائم ومن أخر فلا حصاص له وإذا سجن لمن قام وله دين وعروض أكثر من دين من قام فلا يفلس ولا يقضى إلا لمن حل دينه ثم لو تلف ما بقي بيده وثم غريم فلا يرجع على من أخذ حقه بشيء
فرع
في الكتاب : إذا أخرك بعض الغرماء بحصته لزمه ذلك فإن أعدمت وقد اقتضى الآخر حصته فلا رجوع لصاحبه لأنه أسقط حقه ودخل على الغرر
فرع
قال : إذا أديت دينه جاز إن فعلته رفقاً به وامتنع إن أردت الإضرار به وكذلك شراؤك ديناً عليه تعنيتاً يمتنع البيع قال صاحب النكت وإن لم يعلم المشتري قاله بعض الشيوخ كما إذا أسلفت قاصداً النفع والمتسلف غير عالم والبائع تلزمه الجمعة دون الآخر وقيل إذا لم يعلم بإضرارك صح البيع وتحقق العقد ويباع الدين على المشتري فيرتفع الضرر قال ابن يونس : وهذا أظهر
فرع
في الجواهر من كتاب الوديعة : إذا ظفر صاحب الدين بجنس حقه وقد تعذر عليه أخذ حقه مثل أن يجحده وديعته ثم يودع عنده فهل له جحد هذه الوديعة في الأولى ؟ خمسة أقوال : روى ابن القاسم في الكتاب المنع والكراهة رواها أشهب وقال ابن عبد الحكم واستحبه عبد الملك تخليصاً للظالم من الظالم والخامس أن هذا كله إذا لم يكن عليه دين فإن كان لم يأخذ إلا حصته وأصل هذه المسألة ما في الصحيحين أن رسول الله جاءته هند أم معاوية - رضي الله عنه - فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وغني لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سراً وهو لا يعلم هل علي في ذلك من شيء ؟ فقال النبي عليه السلام خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف وهو يدل على ذكر العيب عند الحاجة لأنه عليه السلام لم ينكر عليها ذم الشح ومنع الحق وعلى وجوب نفقة الزوجة والولد على الزوج والوالد قدر الكفاية لقوله عليه السلام ما يكفيك وولدك وعلى جواز قضاء القاضي بعلمه لاكتفائه بعلمه عليه السلام عن البينة وعلى القضاء على الغائب لأنه لم يكن حاضراً وعلى أخذ جنس الحق وغير جنسه إذا ظفر به من الملك لانه عليه السلام أذن لها في أخذ ما يكفيها وهو أجناس من نفقة وكسوة وغيرهما وهذا إذن في البيع واستيفاء الحق من غير جنسه لأن الغالب في الشحيح أن هذه الأجناس ليست عنده ووافقنا ( ش ) على أخذ الجنس وغيره وقال سفيان وغيره لا يأخذ من جنس حقه وقال أصحاب الرأي يؤخذ أحد النقدين عن الآخر دون غيرهما وقيل في هذا الحديث إن قوله عليه السلام من باب الفتيا لا من باب القضاء لأن القضاء يتوقف على استيفاء الحجاج من الخصمين وحضور المدعى عليه ليجيب ويناضل عن نفسه ولم يكن شيء من ذلك ومتى دار تصرفه عليه السلام بين القضاء والفتيا فالفتيا أرجح لأنه عليه السلام رسول مبلغ وهو الغالب عليه والتبليغ فتيا وينبني على هذه القاعدة الخلاف في المسألة فإن قلنا تصرفه عليه السلام ها هنا بالفتيا جاز لكل أحد الأخذ بالشفعة من غير حاكم وإن قلنا إنه تصرف بالقضاء فلا يجوز لأحد أن يأخذ إلا بالقضاء لأنه كذلك شرع وهذه قاعدة شريفة بسطها في باب إحياء الموات وغيره يتخرج عليها شيء كثير في الشريعة الحكم العاشر فك الحجر عنه وفي الجواهر : إذا لم يبق له مال واعترف بذلك الغرماء انفك الحجر عنه ولا يحتاج إلى فك القاضي لقوله تعالى ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) وقال القاضي أبو محمد : لا ينفك حجر محجور عليه بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم لاحتياج ذلك إلى الاجتهاد الذي لا يضبطه إلا الحاكم النظر الثاني : في ديون الميت وأحكام التركات وقد تقدم أن الديون تحل بالموت بخراب الذمة وفي الكتاب : إذا لم تف التركة بالديون فأخذها الوارث أو الوصي فقضاها بعض الغرماء ولم يعلم ببقيتهم والميت غير موصوف بالدين فلا شيء عليه ويرجع القادم على الآخذ بنصيبه من المحاصة لأنه بذل غاية جهده وإن علم أن الميت موصوف بالدين رجع القادم على الوارث أو الوصي بحصته لأنه المتعدي ويرجع المتعدي على الآخذ قاله ابن القاسم وعنه إذا صرف لبعضهم عالماً بدين القادم ووجد الغريم معدماً رجع القادم على الوارث بما ينوبه من ذلك ثم الوارث على الآخذ وفي النكت قيل هذا اختلاف من قوله فرأى مرة الرجوع على القابض ومرة على الدافع وقيل ليس اختلافاً بل هو مخير بين الوارث والوصي وبين الرجوع على الغرماء أو لا قال ابن يونس ليس بخلاف بل هو التخيير المتقدم وعلى ما رواه أشهب عن مالك في الدين عزلوا للدين أضعافه وباعوا ليرثوا أن البيع باطل وينقض وإن قضي الدين لأنه بيع قبل قضاء الدين فأشبه بيع يوم الجمعة أو تلقى الركبان فإن لم يوجد مع الورثة ثمن فللغرماء أخذ السلع من أيدي المشترين إلا أن يدفعوا قيمتها أو ثمنها أو نقصها إن كانت قائمة لأن الغرماء لا حق لهم في الأعيان وإن لم يعلم الورثة ولا كان موصوفاً بالدين مضى البيع واتبع الورثة بالأثمان دون المشتري وإذا قضي الوارث الحاضر عالماً بالعيب أو كان الميت موصوفاً بالدين وخير الطارئ كما تقدم فيرجع على الوارث ورجع على القابض رجع عليه الطارئ بما ينوبه فوجد ما قبض قد هلك بأمر سماوي غرمه الطارئ قدر ما ينوبه كما لو وقف ذلك ليدفع للحاضر ولم يعلم غيره فضاع لرجع الطارئ على الموقوف له بما ينوبه على القول بضمان الموقوف ممن وقف له وهو في الموازية وقال بعض القرويين : ضمان ما قبضوه منهم بمعنى أنه يسقط من دينهم ويرجع الطارئ على ذمة الميت كما لو هلك بيد الوارث وهو الجاري على الأصول وقال عبد الملك إذا باع الوارث لقضاء من حضر عالماً بالغائب مضى البيع والقضاء فاسد ويحاص الطارئ القابض ولا يحسب عليه ما نقص بيد الوارث لفساد القضاء قال اللخمي : إذا صرف الوارث أو الوصي عالماً بالطارئ والميت موصوف بالدين فرجوع الطارئ على القابض أولي بخلاف الغاصب لأن الغاصب واهب ومتى غرم لم يكن له على الموهوب له شيء والوارث غير واهب فإذا غرم رجع فالبداية بمن لا يرجع أولى إلا أن يكون الوارث معه ناض والآخر يطول أمده أو ملد أو غاب فيبتدأ بالوارث والوصي اتفاقا
فرع
في الكتاب : إذا كانت التركة توفي الدين فقضى الوصي أو الوارث بعض الغرماء ثم تلف ما بقي لا يرجع الباقون على الآخرين لأن الباقي كان وفاء لهم ولو باع الوارث التركة وقضى ديونه وفضلت فضلة بأيديهم اتبع القادم الوارث دون الغرماء إن كانت الفضلة كفاف الدين وجد الوارث ملياً أو معدماً وإن لم يكن كفاف دين القادم اتبع الورثة بمثل الفضلة في ملائهم وعدمهم فإن كان لو حضر نابه في الحصاص أكثر من الفضلة اتبع الوارث ببقية ما ينوبه بأن تكون التركة مائتين وخمسين والدين ثلاثمائة لثلاثة لكل واحد مائة فأخذ الحاضران مائتين والوارث الخمسين فلو حضر الغائب لنابه ثلاثة وثمانون وثلث فله خمسون منها في ذمة الورثة وتبقى له ثلاثة وثلاثون وثلث يرجع بها على الغريمين بينهما نصفين وإن كانت التركة كفاف دينهما فقبضاه لرجع عليهما بحصاصة فيها فإن ألفاهما معدمين اتبع ذمتها دون الدافع من وارث أو وصي بما دفعه ولم يعلما بدينه قال ابن يونس في كتاب ابن حبيب : للمفلس ألف ومائة أخذ الغرماء الألف وهلكت المائة في الإيقاف أو سلمت له فأنفقها فطرأ غريم بمائتين فإن كان تلفها في الإيقاف فهي من الطارئ وإن أنفقها فهي في ذمته لا يرجع بشيء منها على الأولين ويرجع بالمائة الأخرى عليهم في الوجهين على أن يحاصصهم فيما قبضوا بجزء من أحد عشر قال : والصواب محاصتهم بالمائتين كما لو كانت المائة الذاهبة حاضرة فما وقع له على ذلك وهو مائتان إلا سدس مائة فيحسب عليه أنه قبض وتدفع إليه خمسة أسداس مائة وعلى قول ابن حبيب يدفعون أحداً وتسعين إلا جزءاً من أحد وعشر وذلك أنه لم تدخل المائة التي كانت وقفت بالحصاص وذلك غلط وقال أصبغ : إنما يكون ما وقف من الطارئ في حصته ولا يحسب عليه ما هلك كما لو حضروا بالقيام فهلك ما بيع لهم في الإيقاف لكان ضمان ذلك ممن قام بالتفليس دون من أبي أن يقوم قال اللخمي : إذا خلف مائتين فقبض الحاضر مائة وبقيت مائة بيد الوارث فأكلها ضمنها وإن ضاعت وكان أمسكها لنفسه عالماً بدين الطارئ ضمن قامت بينة بضياعها أم لا وإن لم يعلموا بدينه ولم يعلم ضياعها إلا من قولهم فتكون من الميت لعدم تعديهم لعدم تعين حق الغريم في عين التركة وقال أشهب : يضمنون مع البينة لأن الميراث بعد الدين فهم في معنى المتعدين وإن وقفت للغريم فهي من الميت عند مالك وابن القاسم وعند أشهب ممن وقفت له وإن كانت التركة مائة وخمسين فأخذ الحاضر مائة رجع الطارئ على الورثة بخمسين وعلى صاحبه بخمسة وعشرين ثم يراعى فيها ما تقدم من كونهم قبضوا عالمين أم لا وهل الغريم حاضر أو غائب موسر أو معسر وهل الخمسون قائمة أو فائتة أكلوها أو ضاعت وإن كانت التركة عروضاً فباعها الوارث للقضاء مضى البيع ويبيع الطارئ مع صاحبه إلا أن يكون الوارث عالماً بدينه أو الميت موصوفاً بالدين فالجواب ما تقدم وإن باع لنفسه عالماً بالطارئ أو غير عالم والميت موصوف بالدين وبادر بالبيع فله رد البيع قال محمد : إلا أن يدفع المشتري قيمة ما نما عنده أو نقص يوم قبضه فله ذلك ويتبع المشتري الوارث قال اللخمي : أو الوارث موسر ولا بخس في الثمن أو فيه بعد البخس ما يوفي الدين فلا يرد فإن لم يعلم الوارث بدين الطارئ ولا الميت موصوف بالدين قال مالك : مضى البيع ولا مقال للغريم على المشتري في البيع ولا في قيمة إن فات بل مع الوارث لقوة العقد بعدم تعلق حق الغريم بعين المبيع وعدم علم الوارث بالغائب وعن غير ابن القاسم : له المقال في المبيع إلا أن يفوت بعتق ونحوه وإن فقد اتبع به من أخذه ولا يفيته حوالة سوق وإن باع الوارث للقضاء ولنفسه قال عبد المالك مضى البيع والقضاء فاسد ويرجع الطالب على الغريم بما ينوبه ولا يحسب عليه ما في يد الوارث وقال مالك وابن القاسم : القضاء صحيح فيما ينوب الحاضر قال ابن يونس : قوله في الكتاب إذا باع التركة والميت غير معروف بالدين اتبع الغريم الوارث بالثمن دون المشتري يريد إذا لم يحاب وعن مالك : إذا كانت التركة ألفاً والدين مائتين فباع الوارث بعض التركة لنفسه وقال فيما بقي كفاية فهلك لا يجوز بيعه لأنه إنما باع لنفسه وعن ابن القاسم تجر وصي الأيتام في ثلاثمائة تركة أبيهم فصارت ستمائة فطرأ دين ألف تدفع الستمائة في الدين لأنه لو أنفقها لم يضمنوه ولو أن الورثة كبار لا يولى عليهم فتجروا في التركة وربحوا فليس عليهم إلا رأس المال لهم النماء وعليهم النقص وفي الكتاب : لو عزل الوارث الدين واقتسموا فضاع رجع الغريم عليهم فيما قبضوه ولو عزله القاضي لكان من الغريم ( فرع ) في الكتاب : ليس للمريض أن يقضي بعض غرمائه لأنه توليج ويرد إذا كان الدين يغترق ماله في التنبيهات : التوليج : المحاباة من الولوج لأنه يدخل في ملك الآخر ما ليس له أو من الأولج وهي ما يستتر به من الشعاب والكهوف ونحوها فهو يستتر بظاهر إلى باطن له في النكت : قول غيره له قضاؤه قال اللخمي : قضاؤه ستة أقسام يصح في خمسة ويختلف في واحد فيصح إذا قضى ثمن سلعة بيد بائعها لم يسلمها بعد أو أسلمها وهي قائمة العين لو لم يقبضه لكان أحق بها أو مستهلكه والغرماء عالمون بفلسه وتاركونه للبيع والشراء ولم يقوموا عليه أو كانوا على شك من اختلال حاله لأمور حدثت أو كان ظاهر اليسر وعلم غرماؤه أنهم لو علموا بفلسه لم يفلسوه لما يرجون من معاملته لغيرهم ويقضي مما يدخل عليه أو ليجبر الخسارة ويختلف إذا كانوا لا يتركون الضرب عليه لو عملوا وقد قال بن القاسم : إذا اجتمع رأيهم على تفليسه فبادر أحدهم اقتضى منه لبقيتهم مشاركته لأنه كالمحجور عليه وقال أصبغ لا يشارك لعدم كمال الحجر ( فرع ) في الكتاب إذا عزل الورثة دين الغريم واقتسموا ما بقي فضاع رجع عليهم في المقسوم لتقدم الدين على الميراث ولو عزله القاضي وقسم بين ورثة وعزماء لم يرجع صاحبه لتعينه له بحكم الحاكم ( فرع ) قال : إذا تبرعت بضمان دين الميت لزمك لأنه لما امتنع من الصلاة على الميت لأجل الدين فقام رجل فقال : دينه علي فقال رسول الله : الآن بردت أو بردتم جلدة صاحبكم فلو لم يلزمه لما بردت جلدة الميت فإن كان له مال رجعت بذلك فيه وإن لم يكن له مال وقد علمت ذلك لا ترجع وإن ظهر للميت مال لأن ذلك قرينة التبرع والمعروف كله متى أشهدت لزمك عند مالك وإن لم يقبض كان هبة أو غيرها لقول رسول الله : المؤمنون عند شروطهم
فرع
قال : من عليه دين في صحته ببينة أو بإقراره لم يقبل إقراره في مرضه بدين لوارثه أو ذي قرابة أو صديق ملاطف إلا ببينة للتهمة ويجوز للأجنى لعدم التهمة ويحاص من داينه ببينة أو بإقراره في الصحة قال ابن يونس : إن أقر في مرضه لأجنبي بمائة ولابنه بمائة والتركة مائة تحاصا فيأخذ الأجنبي حصته ويدخل مع الوارث في حصته بقية الورثة إلا أن يجيزوه له ولا حجة للأجنبي إن أقر لوارث لأنه هو إنما أخذ بإقراره ولو كان دينه ببينة لم يحاصصه الوارث وإذا دخل مع الوارث [ لا يرجع ] على الأجنبي عند ابن القاسم لأنه أخذ ما يستحقه بمقتضى الوصية ويرجع عند أشهب فما أخذ 1 شاركه الورثة فيه وإذا شاركوه رجع على الأجنبي حتى لا يبقى في يد الأجنبي شيء قال : وقوله لا يبقى في يد الأجنبي شيء لا يقبل القسمة لقلته ويقول ابن القاسم لو رجع الوارث لرجع الأجنبي على بقية الورثة إذا رجع عليه الوارث فيقول لا يرثون ولي دين فيحصل المحال فينقطع أصل الرجوع فإن كان معهم ثالث دينه ببينة سقط الوارث واقتسم الأجنبي والمقر له وذو البينة المال وكأنهم الثلاثة يتحاصون فما صار للوارث أخذه ذو البينة فشاركه فيه الآخر فإن أقر لمن يتهم عليه ولمن لا يتهم عليه ولا بينة لجميعهم نفذ إقراره فإن ضاق ماله تحاصوا فما خص المتهم وهو وارث شركه الورثة أو غير وارث كان له إن كان في الورثة ولد وإن كانوا كلالة فهو للورثة دونه لأنه يتهم عليهم قاله ابن حبيب قال : وذلك إذا أقر له بماله كله أو نحله أما لو أقر بما أوصى له به فذلك جائز له وقاله ابن القاسم
فرع
في النوادر قال مالك : إذا باع أمين الوصي للغرماء فتلف الثمن عنده فلا ضمان عليه وكذلك الوصي إذا أمره على الصحة فإن قسم الوصي بين الورثة ثم طرأ دين وقال الورثة تلف ما قبضنا ضمنوا ما يغاب عليه دون ما لا يغاب إلا أن يتلف بسببهم ويغرم الكبار ما أنفقوه لتقدم الدين على الميراث وما أنفق على الصغار لا يتبعون به لأنهم لم يباشروا إتلافه وما ربح الوصي للصغار في ذلك دخل الغرماء في أصله وربحه وما ربح الكبار فيه لا يدخل الغرماء فيه لأنهم ضمنوه ولا يضمنون الحيوان ولكن إن اشتروا بما قبضوا من الحيوان أو غيره حيواناً فهلك ضمنوه لخطأ تصرفهم في مال الغرماء ولو تجر الوصي للصغار أو المولى عليهم فيما ورثوا فطرأ دين فكله في الدين لأنه لو أنفقه عليهم لم يضمنوه هم ولا الوصي وقال أشهب : يرجع عليهم أجمع لم يكن عند الصغار شيء لأنه أنفق عليهم أخذ من الكبار ورجع الكبار على الصغار بحصتهم فإن لم يوجد عند الكبار أيضاً شيء أتبع الغرماء الصغار والكبار بقدر حصتهم التي ورثوا وقال أشهب : لو ترك مائتين وولدين صغيرين فدفع الوصي مائة كل واحد قراضاً فصارت أربعماية فطرأ دين أربعماية فلا توخذ إلا المائتان اللتان ورثاها وخالفه أبن عبد الحكم وقال : إن ترك كبيراً أو صغيراً فأكل كل واحد مائته ثم أفادا مالا وطرأت مائة على الميت أخذت كلها من الكبير ولا يرجع الكبير على الصغير ثم إن طرأت مائة للميت أخذها الكبير وحده ليستويا في الميراث ولو تجر الوصي الصغير في مائته فصارت أربعمائة ثم طرأ دين على الميت فعلى الكبير خمسها وعلى الصغير أربعة أخماسها ثم إن طرأت مائة للميت جعلت مكان المأخوذ للكبير خمسها وباقيها للغير وأما إن طرأ وارث فلا يتبع كل واحد إلا بقدر حصته ولا يأخذ أحداً عن أحد وكذلك قال مالك في الموازية
فرع
قال قال ابن القاسم : إذا باع الوارث الدار رجع الوارث الطارئ في الدار على الوارث البائع مليئاً أو معدما عالماً بالوارث أم لا ويرجع المشتري على البائع بالثمن بخلاف الغريم يطرأ لأنه لا حق له في الدار عيناً لأن للوارث إعطاءه الدين من غير الدار أو فعل ذلك المشتري نفذ بيع الدار والوارث مالك لغير التركة قاعدة : اختلف العلماء في الميت إذا ترك مالاً وديناً فقيل هو على ملكه حتى يوفي الدين وقيل على ملك الوارث وتقريره أن سبب الملك الحاجة إذ لو بقيت الأشياء في الدنيا شائعة لتقاتل الناس عليها فالجنين لما كان ميتا شرعاً وهو بصدد الحاجة العامة في حياته ملك الصدقة والأموال بالإجماع والميت بعد الحياة لم تبق له حاجة عامة فلم يملك أو يملك لبقاء حاجة الدين احتج النافي بقوله تعالى ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) فجعل الملك بعد الدين وجوابه أن المغيا هو المقادير لا المقدر بمعنى أنه لما بين أن للزوجة الثمن قال لا تعتقدوا أنه من أصل المال بل من الذي يفضل بعد الدين وهذه قاعدة أخرى وهي أن اللفظ إذا سيق لأجل معنى لا يحتج به في غيره والآية سيقت لبيان المقادير لا لبيان الأملاك وقال ( ش ) لا يصح تصرف الوارث قبل قضاء الدين كالرهون
فرع
قال قال أشهب : إذا ترك ألف درهم وعبداً وعليه دين الرجلين لكل واحد ألف وحضر أحدهما وأخذ الألف ووجد الغائب وقد هلك العبد فإن كانت قيمته ألفاً في أعظم حالاته من يوم قبض الألف إلى موت العبد لا يوم القبض ولا يوم موت السيد فلا رجوع له وإن كانت أوفر قيمة مضت عليه خمسمائة رجع القادم على الغريم بمائتين وخمسين وحسب العبد على الغائب وإن اختلفا في قيمته صدق الطارئ إن لم تقم بينة ولو باع الوصي العبد بألف فقضاها الحاضر ثم تلفت الألف العين فلا رجوع لأن الجميع صار عينا وحصة الغائب منه ولو رد بعيب بعد تلاف الألف التي عزلت للغائب بيع ثانية لم نبيع له أولاً إلا أن ينقص من ثمنه شيء فيرجع الغائب بما يصيبه إلا أن يكون أتى على العبد وقت بعد القبض يسوي فيه بالعيب ألفاً فلا يرجع ولو أخذ الحاضر الألف الثمن والغائب لما قدم الألف العين ثم رد بعيب وقد بلغت قيمته ألفاً لم يرجع الحاضر بشيء ولو كانت قيمته خمسمائة رجع الطارئ بمائتين وخمسين
فرع
قال قال مالك وأصحابه : إذا أخذ الغرماء بقضاء سلطان أو وصي أو غيره رجع الطارئ على كل واحد مما كان ينوبه بقدر ما عنده ولا يتبع مليئا بما عند المعدم ولو بقيت فضلة قدر حق الطارئ لم يرجع إلا على الورثة أملياء أم لا من كل وارث كل ما صار إليه حتى يستوفي ثم يرجع الوارث على الورثة علموا بالطارئ أم لا وإن كانت الفضلة لا تفي بدينه حسبت عليه ورجع على الغرماء بما بقي له مما يصيبه في المحاصة لو حضر ولا يتبع المليء إلا بما عنده وما يرجع به على الورثة فيأخذ من الملي منهم حقه من كل ما صار إليه
فرع
قال وكذلك موصى له طرأ موصى لهم أخذوا وصاياهم وبقيت فضلة فيها نصيب الطارئ أخذها الورثة فإنها تحسب عليه ولا يتبع بها إلا الورثة وإن لم يكن فيما صار إليهم وفاء وصيته رجع على أصحابه بما بقي : يتبع كل واحد بما يصير عليه منه لا عن المعدم مثل أن يوصي لثلاثة بمائة ماية والثلث مائتان وخمسون أخذ الحاضران مائتين والورثة خمسين فحصة الطارئ ثلاثة وثمانون وثلث يحسب عليه منها عند الورثة خمسون يطلبهم بها وعلى كل واحد من الموصى لهما سبعة عشر إلا ثلثاً لا يأخذ مليئاً عن معدم وله أخذ الوارث الملي بجميع ما أخذ من الخمسين ثم يتبعان جميعاً بقية الورثة وكذلك كل من يرجع على وارث من غريم أو موصى له يستوعب من المليء جميع ما صار له وأما غريم على غريم أو موصى له على موصى له فالمليء كالمعدم ولا يعطي المليء حصة المعدم لتعذر استحقاق كليهما والوارث لا يستحق إلا بعد الوصية فقبضه ضعيف وأما وارث على وارثين فقال مالك وابن القاسم كغريم يطرأ على غرماء وموصى على موصى لاستواء الجميع في سبب الاستحقاق يقاسم الوارث الطارئ من وجد مليئا بجميع ما صار إليه كأن الميت لم يترك غيرهما ثم يرجعان على الباقين فمن أيسر قاسموه ثم يرجع هذا معهم هكذا حتى يعتدلوا قال محمد : والغريم يطرأ على موصى لهم أو ورثة يأخذ المليء بجميع ما صار إليه ومتى قال الوارث تلف مني ما أخذت صدق فيما لا يغاب عليه إلا إن تبين كذبه
فرع
قال : لو ترك ولدين وعبدين فأخذ كل واحد عبداً إما قسمة أو بيعاً فمات أحد العبدين ثم طرأ أخ قال ابن القاسم أما القسمة فباطلة ويدخل جميعهم في العبد الباقي قال محمد : وأما لو كانا أخذا هما بشراء أو من صاحبه أو من وصي مصيبة نصف العبد الميت بين الثلاثة وهو النصف الذي لم يشتره والنصف الذي اشتراه منه وحده ثم نصف العبد الحي الذي لم يقع عليه الشراء الطارئ يخير في إمضاء بيع نصيبه منه وهو السدس منه فإن أمضاه رجع بثمنه على من قبضه ونصف الميت المشتري ضمانه من مشتريه ويرجع الطارئ بثمن ما استحقه من هذا النصف المبيع على أخيه البائع ويخير أيضاً عليه في العبد الحي الذي بيده إن شاء أخذ ثلثه وهو سدس نصف العبد الذي لم يبع ويرجع هذا على الذي مات العبد بيده بثلث ما كان دفع إليه في ثمن العبد الحي لأن مشتري العبد إنما وقع شراؤه على نصفه وكأن النصفين من العبدين بيعا والنصفين قسما فما بيع ضمنه مشتريه وما قسم فسخ ومصيبته من جميع الورثة
فرع
قال قال ابن القاسم : ما سكن الوارث من الدور أو اغتل ظانا ألا وارث معه لا يرجع عليه فيما سكن وكذلك الأرض ويرجع في الغلة علم أن معه وارثاً أو لا
فرع
قال : قال ابن القاسم : إذا قُتِل عمداً وتَرك ولدين ومائة دينار وعليه مائة دينار ببينة فعفا أحدُهما عن الدم مجاناً وأخذ الآخر نصف الدية يُدفع الدين من نصف الدية وسدس المائة فيبقى من الدية خمسة أسداسها بيد الولدين نصفين ولغير العافي ما بقي له من نصف الدية وهو أربعمائة وستة عشر وثلث وفي رواية عيسى : تُقسم المائة الدينُ اثني عشر جزءاً فعلي غير العافي أحد عشر جزءاً لان له خمسمائة من الدية ونصف المائة التركة وللذي عفا نصف المائة عليه فيها نصف سدس الدين وذلك ثمانية وثلث ويبقى له أحدٌ وأربعون وثلث وللآخر بعد الدين بسبب الدية والميراث أربعمائة وثمانية وخمسون وثلث قال سحنون : ولو ترك مدبَّراً عتق في جميع هذا المال حتى يبلغ الثلث بعد الدين ولو عفيا ولا مال للميت فلا مقال للغرماء ونفذ إلا في الخطأ يمتنع حتى يأخذ الغرماء دينهم من الدية ولا يجوز عفو المقتول في الخطأ إلا في الثلث ويجوز في العمد لأنه قصاص لا مال ويجوز عفو وارث المديان في العمد ولا يجوز عفو وارث آخر مديان لسقوط الدم بالأول وتعيُّنه مالاً وغرماء الثاني أحق إلا أن يكون الميت مدياناً ولو لم يعف بعد عفوِ الأول أحدٌ لكان غرماء المقتول أحق بما بقي من الدية وللميت مال آخر يوفي دينه قُضي دينه منه ومن بقية الدية بالحصاص فلو ترك ألفاً وعليه دينٌ وعفا أحدُهما في العمد وأخذ غير العافي نصف الدية ستة آلاف تضمُّ إلى الألف التركة ويُقضى الدين على ذلك كله فما وقع على الألف التي ترك خرج منها وباقيها بينهما ويرجع ذلك إلى أن يخرج الدين من الجملة ويقسم ما بقي بين الاثنين على أربعة عشر للعافي سهمٌ والباقي للآخر ولو أن الدين ثلاثة آلاف وخمسمائة وأوصى بألف فنصف السبعة آلاف في الدين فيصير على الألف التركة نصفها ونصف الباقي فيه الوصايا في ثلثه لأن الوصية لا تدخل إلا فيما عَلِم الميت فيأخذ الموصى له ثلث الخمسمائة وبقية المال كله بين الولدين على عشرين للعافي جزء وهو نصف العشر ولغير العافي تسعة عشر
فرع
قال : ولو ترك عبداً يسوى ألفاً وعليه ألفٌ فباعه القاضي وقضى دينه ثم عفا أحدهما وأخذ الآخر ستة آلاف درهم نصف الدية رجع أخوه عليه بنصف تُسعها : أربعمائة وثمانية وعشرون وأربعة أسباع درهم ولو لم يقم الغريم حتى قبض الابن الستة آلاف فأخذ منه الغريم فإن العبد بين الولدين نصفين والخمسة آلاف الباقية للأخ غير العافي ويرجع على العافي بنصف سبع الألف الدين : أحدُ وتسعون درهماً وثلاثة أسباع درهم فإن ودًّاها وإلا بيع من نصيبه من نصف العبد بقدر تلك
فرع
قال : لو ترك ابناً وابنة وزوجة وديناً ألفاً ومالاً ألفاً فعفا الابن عن الدم على الدية فإنه يدخل فيه الابنة والزوجة بالميراث والدين في الدية والمال وما بقي قسم على الفرائض قال : لو عفا أحدهما ثم لحق دينٌ اتُّبع به الذي لم يَعفُ في نصف الدية دون العافي قال : وهب المريضُ عبده وقيمته ألف ولا مال له غيره فقَتَلَ العبد المريضَ وله ابنان فهبته كالوصية قُبضت أم لا فللموصى له ثلث العبد فإن استحيوا العبد على أن يكون لهم فُضت الدية على العبد فثلثا الدية على ثلثي الورثة فيُسقط ذلك وثلث الدية على ثلث العبد فيخير الموهوب له في فدائه بثلث الدية أو يُسلمه فإن أجازوا الوجية صار العبد للموهوب له والدية في رقببته فإما يفديه بها أو يُسلمه للورثة فإن عفوا على غير دية وقد أجازوا الوصية فالعبد للموهوب له وإن عفوا على غير دية وأبوا من إجازة الوصية فثلث العبد للموصى له وثلثاه للورثة وإن عفا أحد الابنين على الدية فكما تقدم أو أحدهما على غير دية فلغير العافي شطر الدية في رقبة العبد فإن أجازوا الوصية فهي للموهوب له في فداء نصفه من غير العافي بنصف الدية أو يسلمه عليه فإن فدى نصفه بنصف الدية لم يكن لغير العافي من نصف الدية المأخوذ شيء وإن منعوا الوصية فالعبد بينهم أثلاثاُ وإن عفا أحدهما على الدية سقط على العبد ثلثا الدية ويفتك الموهوب ثلثه بثلثها فيكون هذه الثلث بين الابنين شطرين وإن عفا أحدهما على غير دية وجب لغير العافي شطر الدية في العبد وله من العبد ثلث الدية ويسقط على ثلثه نصف ثلث الدية وهو السدس فيخيَّر الموهوب له في فداء ثلث العبد بثلث النصف سدس الدية في قول المغيرة وعند ابن القاسم في إسلام نصف ثلث العبد الدية أو يفتكه بها فيكون ذلك لغير العافي فإن أسلمه إليه لم يكن للعافي شيءٌ وكذلك يخيَّر العافي فيما صار له من العبد ميراثاُ أن يفديه بسدس الدية التي لأخيه غير العافي أو يُسلمه على ما تقدم من الخلاف وإن أجاز العافي الوصية وعفا عن غير دية وامتنع الآخر من الإجازة صار للموهوب ثلثا العبد وثلث للأخ غير العافي ولغير العافي شطر الدية في رقبة العبد ويسقط من ذلك ثلث النصف : سدس الدية ويُخيّر الموهوب له في فداء ما صار له وإسلامه على الخلاف
فرع
قال قال ابن القاسم : إذا قُتل عمداً وترك مائةً دينار وديناً مايةً ووصايا فعُفي على الدية فالدينُ في المائة والدية للورثة وتبطل الوصايا ولو ترك مائة ديناً ومدبَّراً قمية مائة قال محمد : للعافي نصف سدس أربعمائة من نصف الدية لأن المدبر يخرج ويأخذ المديان مائة وتبقى أربعمائة تُقسم بينهما على ما كان لكل واحد من أصل المال لو لم يكن دين ولا مدبَّر وهو ستمائة منها خمسمائة لغير العافي ونصف المائة التي تركها الميت ونصفها لأخيه وعلى القول الآخر تقسم الأربعمائة على سبعة عشر سهماً للعافي سهم والباقي لأخيه
فرع
قال في الموازية : إذا مات عن زوجة وأخ ولها عليه ماية وترك خمسين ومائة فأقرت لفلان ' مائة ' على زوجها فينوبها منها سبعة وثلاثون ديناراً ونصف لأن إقرارها لايلزم أخاه وتبقى له عند الأخ سبعة وثلاثون ونصف لأن الذي لها بالحصاص خمسة وسبعون فتحبسها وقد أخذت مائة بالدين واثني عشر ونصفاً بالميراث فتعطي لمن أقرت له مما بيدها ما زاد على خمسة وسبعين وهو ما ذكرته وتحسب على الذي أقرت ما ورث الأخ فإن طرأ غريمٌ آخر بمائة ببينة دخل مدخل الذي أقرت له بل أولى منه لأنه ببينة فأخذ مما بيده ويحسب على الطارئ ما ورث الأخ وهو بقية حقه ويأخذ المُقَرُّ له من المُقِرة وحدها خمسة وعشرين لأنها ليس لها في الحصاص الآن إلا خمسون وللمقر له خمسون فتدفع له خمسة وعشرين وفي يد الطارئ صاحب البينة ما فضل وما حُسب عليه عند الأخ خمسة وسبعون للمُقَرّ له خمسة وعشرون فإن لم يكن للمرأة بينةٌ بل أخذت بأقرار الميت أخذ صاحب البينة المائة والمرأة خمسين وسقط الذي أقرًّت له المرأة لأنها إنما بيدها ما يجب لها في الحصاص وجميع حق المُقَرِّ له عند صاحب البينة
فرع
قال الأبهري : قال مالك : إذا لم يُعلم كم دين الميت ولا ماله فلبعض الورثة التحمل بالدين ويحل بينه وبين المال فإن فضل شيء فللورثة أو نقص فعليه إن كان نقداً وإن كان الفضل والنقصان عليه ويكون غير معجل امتنع وقيل يجوز التأخير لأنه إذا التزم النقص فقط فهو معروف مع الورثة كالقرض في النقدين والطعام إلى أجل أما إذا كان الفضل له فيكون إنما أخرًّهم للانتفاع مدة التأخير فهو قَرضٌ للمنفعة ووجه الجواز أن الدين ليس في ذمة الورثة وإنما يمتنع ذلك بين الغريم وصاحب الدين ولو كان الوارث واحداً جازت حالته بالدين وليس قرضاً للنَّفع لأن للوارث أن يوفي الدين من غير التركة فله شبهةُ مِلكٍ في التركة فلو يقرض للغرماء شيئا
فرع
قال : قال مالك : إذا كان للميت شاهدٌ فحلف الغرماء وأخذوا لا يحلف الورثة على الفضل لتركهم الأيمان أولاً
فرع
قال قال مالك : إذا بادر الابن فأحبل أمةَ أبيه الميت مراغمةً للغرماء بيعت لهم وعليه قيمة الولد لتعديه في الوَطء وله في الولد شبهةٌ أن له قضاء دين أبيه من غير ثمن الجارية وإن لم يعلم فعليه قيمتها للغرماء
فرع
قال : قال مالك : إذا تحمّل الابن بدين أبيه ودفع المال في الدين ثم طرأ غريم فقال لم أعلم بهذا أخذ دينه من الابن لرضاه بذلك الحمالة وضمان المجهول عندنا لازم
فرع
قال : قال مالك : إذا كان الدين مائةً والتركةُ ألفاً فباع الوارث بعض التركة اعتماداً على سَعَتِها فُسخ بيعه لتوقّع هلاك بقية المال وحوالة الأسواق ولتقدّم الدين على الميراث فيقدم على تصرفه
كتاب الحجر
والحجر المنع ومنه قوله تعالى ( ويقولون حجرا محجورا ) أي تحريماً محرماً ومنه : حجرة الدار لمنعها من الدخول إليها ويسمى الحِجر عَقلاً لمنعه صاحبه من الرذائل وهو في الشرع : المنع من التصرف قاله في التنبيهات وأسبابُه ثمانية : الصبا والجنون والتبذير والرق والفلَس والمرض والنكاح والردة وقد تقدم الكلام على المرض في الوصايا والتفليس وها هنا الكلام على سببه : السبب الأول الصبا قال الله تعالى : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) فشرط الرشد مع البلوغ وفي الكتاب : لا يخرُجُ المُولى عليه بأب أو وصي وإن حاضت الجارية وتزوجت واحتلم الغلام من الولاية إلا بالرشد قال ابن يونس قال بعض البغدادين : لا يزول حجر الصغيرة حتى تبلغ وتتزوج ويَدخُلَ بها زوجها وتكون مُصلحةً لمالها وقال الأئمة : ينفك الحجر بمجرد البلوغ لعموم الآية لنا : أن مقصود الرشد معرفة المصالح وقيل اختيار الأزواج يكون الجهل والنقص في المعرفة حاصلين وعن شُريح قال : [ كتب ] إليّ عمر - رضي الله عنه - أن لا أجيز للجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها وتلد ولداً ولأن الإجبار للأب باقِ وهو حِجر فيعم الحجر ومنعوا صحة الأول وفرقوا في الثاني بأن مصلحة النكاح إنما تعلم بالمباشرة وهي متعذرة ومباشرة البيع والمعاملة غير متعذر ومنعنا نحن التمسك بالآية أيضاً لأن قوله تعالى ( فإن آنستم منهم رشدا ) معناه إصلاح المال اجماعاً ونحن نمنع تحققه قبل الغاية المذكورة وأما الجارية والغلام اللذان لا وصيَّ لهما ولا جعلهما القاضي تحت ولاية غيرهما فبلغا لا يخرجان من الولاية إلا بالرشد قاله ابن القاسم طرداً للعلة تقدّم الحجر أم لا وعند أكثر أصحاب مالك : أفعالُهما نافذة بمجرد البلوغ لعدم تقدم الحِجر والبلوغ مظنة الرشد وكمال العقل قال اللخمي : اختلف في وقت الابتلاء لمن كان في ولاء ففي الموازية : بعد البلوغ لأن تصرفه قبله غير صحيح والاختبار بعد وجوده وعند الأبهري : وغيره يصح قبل البلوغ وقاله ( ش ) وابن حنبل لقوله تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ) فجعل البلوغ غاية للابتلاء وبعده وعقب البلوغ بالرفع بصيغة الفاً وقال أصحاب ابن حنبل : يختبر أولاد التجار بتعريضهم للبيع وأولاد الكبراء بدفع نفقة مدة والمرأة بالتوكيل في شراء الكتان وفي كل أحد بما يليق به وما ينبغي مخالفتهم في هذا واختلف في اختباره بماله : فظاهر قول مالك المنع لقوله : إذا فعل ذلك ولحقه دين لم يلحق ذلك الدين المال الذي في يده وجوّزه عبد الوهاب لوليِّه إذا قارب البلوغ بقدر معين يختبره به إذا رأى دليل الرشد فمن جعل ذلك لوليه اكتفى بعلمه ومن جعله للحاكم لم يكتف بقول وليه دون أن تشهد البينة عنده بذلك لأنه حكم حكمي واختلف في الشهادة فقيل : يكفي شاهدان وقال أصبغ : لا بد في الذكَر والأُنثى من الاشتهار مع الشهادة قال اللخمي : وهو صواب في الذكر لتيسُّر الاشتهار في حقه والأُنثى لا يطلع عليها إلا القليل واختلف في الرشد في الكتاب : إصلاح المال وصونه عن المعاصي قاله أشهب ولا يعتبر سفه الدِّين وقال ( ش ) : لا بد في الرشد من إصلاح المال والدِّين معاً ووافقه ابن المواز وخالفه ( ح ) وابن حنبل لأن من ضعف حزمه عن دِينه الذي هو أعظم من ماله لا يوثق به في ماله وجوابه : أن وازع المال طبيعي ووازع الدِّين شرعي والطبيعي أقوى بدليل قبول إقرار الفاسق الفاجر لأن وازعَه طبيعي وردِّ شهادته لأن الوازع فيها شرعي فاشترطت العدالة فيها دون الإقرار تمسكوا بأن قوله تعالى ( فإن آنستم منهم رشدا ) نكرةٌ في سياق الثبوت فيكون مطلقاً وقد أجمعنا على اعتباره في إصلاح المال والدِّين وأنه إذا أصلحهما كان رشيداً والمطلق إذا عمل في صورة سقط الإستدلال به فيما عداها جوابُهم : أن النكرة في سياق الشرط تعُم وإنما تكون مطلقة إذا لم يكن شرط نحو في الدار رجلُ وإذا عمت تناولت صورة النزاع سلمنا عدم العموم لكن أجمعنا على أن إصلاح المال مُرادٌ واختلف هل غيره مرادٌ أم لا والأصل عدم إرادته بل الآية تقتضي عدم اشتراطه لقوله : ( حتى إذا بلغوا النكاح ) والبلوغ مظنة كمال العقل ونقص الدّين بحصول الشهوة وتوفر الداعية على الملاذ حينئذ فلما اقتصر على هذه الغاية علمنا أن المراد إصلاح المال فقط ولأنا نجد الفاسق شديد الحرص على ماله في كثير من الناس قال اللخمي : إذا أحرز ماله ولم يحسن التنمية لا يضره لأن الولي إذا أمسك المال عنده لم يُنمِّه ولإجماعنا على أن العجز عن التجر لا يوجب الحِجر وهذا إذا كان عيناً وما لا يُخشى فساده وأما الرَّبع يُخشى خرابُه معه فلا يدفع إليه لأنه في معنى عدم الإحراز وفساد الدَّين إن كان لا يفسد المال كالكذب وشهادة الزور لا يمنع لإجماعنا على انه لا يستأنف عليه بذلك حجراً وهو يشرب الخمر ولا يدفع إليه ماله لأنه يستعين به على ذلك وكل من بلغ من الأيتام بعد تقدم حجر عليه فهو على السفة حتى يختبر لظاهر القرآن أما من له أب أو يتيم لم يحجر عليه ففي المدونة : إذا احتلم الغلام ذهب حيث شاء ولا يمنعه الأب وحمله على الرشد لوجود مظنته وقاله ابن حبيب في اليتيم غير المحجور ولان غالب بني آدم ' مجبولون على ' حب الدنيا والحرص عليها فيلحق النادر بالغالب وقيل : هما على السفه قياساً على المحجور عليه لأن الحجر لا يخلّ بالعقل وقيل يكفي في الإناث الدخول وعن مالك في كتاب الحبس : يكفي البلوغ والبكر التي لا أب لها قيل : هي على السفه حتى يُثبت رشدُها وعن سحنون : هي كالصبي ويمكن رد الخلاف إلى الخلاف في السفيه المهمل ومشهور المذهب إذا لم يتقدم عليها حجر أن أفعالها على الجواز قال صاحب المقدمات : الأحوال أربعة حالة يحكم فيها بالسفه وإن ظهر الرشد لأن الغالب السفه فيها وحالة يُحكم فيها بالرشد وإن عُلم السفه وحالة يحتملها والأظهر السفه فيحكم به ما لم يظهر الرشد وحالة يحتملهما والأظهر الرشد فيحكم به ما لم يظهر السفه أما الحالة الأولى : فلا يختلف مالك وأصحابه أن الإنسان قبل البلوغ محمول على السفه وإن ظهر رشدُه وأن تصرفاته من الصدقة وغيرها من المعروف مردودة وإن فيها الأب أو الوصي وتصرف المعاوضة موقوف على إجازة الولي إن رآه مصلحة وإلا ردَّه وإن لم يكن له وليٌّ يُجعل له وليٌّ وإن غُفل عن ذلك حتى ولي أمر نفسه فله الإمضاء والرد كالولي لأنه الآن قام مقامه وما كان يتعين على الولي إمضاؤه من السداد هل ينقضه إذا حال سوقه أو نَما بعد ريعه إياه والمشهور أن ذلك له لأنه مقتضى النظر الآن وقيل لا نظراً للحالة السابقة أما ما كسر وأفسد ففي ماله ما لم يؤتمن عله واختلف فيما أؤتمن عليه ولا يلزمه بعد بلوغه ورشده عتقُ ما حَلَف بحريته وحنث فيه حالة صغره لأنه معروف في المال والمشهور أنه لا يلزمه إن حنث بعد رشده نظراً لوقوع السبب في حالة عدم الاعتبار وقال ابن كنانة : يلزمه نظراً لحالة الحنث والمشهور لا يحلف إذا ادُّعي عليه وكذلك إن ادَّعى مع شاهد على المشهور ويحلف المدعى عليه فإن ادُّعي عليه وكذلك إن ادَّعى مع شاهد على المشهور ويحلف المدعى عليه فإن نكل غرم ولا يحلف الصغير وإن حلف برئ إلى بلوغ الصغير فيحلف ويأخذ وإن نكَلا فلا لأن الوازع الديني في الصغير منفي والأصل اعتبار الشاهد ولا يحلف المدعَى عليه ثانية وعن مالك : يحلف مع شاهده فيملك به كما يملك بالأسباب الفعلية كالاصطياد والاحتطاب وغيرهما ولا شيء عليه فيما بينه وبين الله من الحقوق والأحكام لرفع القلم عنه في الحديث النبوي وأما الحالة الثانية التي يحكم فيها بالرشد وإن علم السفه فهي حالة المهمل عند مالك وأكثر أصحابه خلافاً لابن القاسم وحالة اليتيمة البكر المهملة عند سحنون وأما الحالة الثالثة التي يحكم فيها بالسفه والظاهر الرشد فحالة الابن بعد بلوغه في حياة أبيه على المشهور وذات الأب البكر أو اليتيمة لا وصي لها إذا تزوجت ودخلت من غير حد ولا تفرقة بين ذات الأب وبينها على رواية ابن القاسم خلافاً لمن حدد أو فرق بين ذات الأب وغيرها وأما الحالة الرابعة التي يحكم فيها بالرشد ما لم يظهر السفه : فالمعنسة البكر عند من يعتبر تعنيسها واختلف في حده أو التي دخل بها زوجها العام أو العامين أو السبعة عل الخلاف أو الابن بعد بلوغه وذات الأب بعد بلوغها على رواية زياد عن مالك ومتى بلغ الصبيُّ معلوم الرشد ليس للأب رد فعله وإن لم يُشهد على خروجه من الولاية فقد خرج منها ببلوغه مع رشده أو معلوم السفه رد فعله أو مجهول الحل فعن ابن القاسم يحمل على السفه استصحاباً له حتى يرشده وقاله مالك وعن مالك : يحمل على الرشد حتى يثبت السفه وكلاهما في المدونة وقيل لا بعد البلوغ من عام أما الصغير فلا ينفذ تصرفه وإن أذن أبوه وأما الموصَى عليه من قِبل أبيه أو السلطان وهو صغير ففعله مردود وإن علم رشده حتى يخرجه الوصي أو السلطان أوالقاضي إن كان الوصيّ من قِبله قاله ابن زرب وقيل : يطلقه من غير إذن القاضي بنظره قياساً على الأب وقيل : لا بد من القاضي إلا أن يُعلم رشده بعقد شهود وأما وصي الأب يجوز إطلاقه ويقبل قوله وقيل : لا إلا أن يتبين رشده قال ابن القاسم وردُّ أفعاله حتى يطلق وإن عُلم رُشده هو المشهور وقيل : حاله معه كحاله مع الأب رُوي عن مالك ومذهب ابن القاسم لا تعتبر الولاية إذا ثبت الرشد ولا يؤثر عدمها إذا علم السفه في اليتيم لا في البكر ورُوي عن مالك وعن ابن القاسم أن ظهور الرشد لا يعتبر مع الولاية كقول مالك ومنشأ الخلاف : هل رد التصرف لوصف السفه أو للولاية والحجر ؟ وإذا بلغ المهمل من الولاية فأربعة أقوال : نفوذ تصرفه وإن أعلن بالسفه استُصحب السفه أو طرأ بعد أن أُنِسَ منه الرشد قاله مالك نظراً لعدم الولاية مع البلوغ وقال عبد الملك : إن اتّصل السفه رُد تصرفُه نظراً للسفه وإن سفه بعد أن أنس رشده جاز فعله لضعف السفه بطُروِّ الرشد ما لم يبع بيع خديعة بينة كما يساوي ألفاً بمائة فلا ينفذ ولا يتبع بالثمن إن أفسده ولم يعتبر إعلانه بالسفه وقال أصبغ : ينفذ تصرفه إلا أن يعلم اتَّصل سفهُه أم لا لأن الإعلان دليلُ قوةِ السفه وقال ابن القاسم : تعتبر حالة البيع والشراء إن كان رشيداً نفذ وإلا فلا واتفق الجميع على جواز فعلِه ونفوذه إذا جُهل حاله لأن الغالب على الناس الحرص على الدنيا وضبطها وفي ذات الأب ثمانية أقوال : تخرج من الولاية بالبلوغ والرشد عن مالك وعنه : حتى يدخل بها زوجها ويشهد العدول بصلاح حالها قاله في المدونة فأفعالها قبل ذلك مردودة وإن علم رشدها وتخرج من الولاية ولو بقرب الدخول على هذا القول واستحبّ مالك تأخيرها العام من غير إيجاب الثالث : كذلك ما لم تعنس على فتُحمل على الرشد إلا أن يعلم السفه وقبله على السفه وإن علم الرشد وإن دخلت قبل التعنيس بيتها فهي على التعنيس على السفه حتى يتبين الرشد وبعد التعنيس على الرشد حتى يعلم السفه واختلف في حده : فقيل : أربعون عاماً وقيل من الخمسين إلى الستين فتكمل خمسة أقوال والسادس : سنة بعد الدخول قاله مطرف والسابع : عامان والثامن : سبعة أعوام قاله ابن القاسم وبه جرى العمل عندنا وأما ذات الوصي من قِبل الأب أو السلطان فلا تخرج من الولاية وإن عنست أو تزوجت وطال زمان الدخول وحسن حالها ما لم تُطْلق من وَثاق الحِجر بما يصح إطلاقها به كما تقدم واليتيمة المهملة فيها قولان : تخرج بالبلوغ لا تخرج إلا بالتعنيس وفي تعنيسها خمسة أقوال : ثلاثون سنة قاله عبد الملك وقال ابن نافع : اقل من الثلاثين وعند مالك : أربعون وقال ابن القاسم : من الخمسين إلى الستين وعن مالك : حتى تقعد عن المحيض أوتقيم بعد الدخول مدة تقتضي الرشد
فرع
في الكتاب : إذا قال الوصي : قبضت من غُرماء الميت أو قبضت وضاع لا مقال لليتيم بعد البلوغ على الغريم ويصدق لأنه أمين قال ابن هرمز : إن ادعى الغريم الدفع للوصي وأنكر حلف الوصي فإن نَكَل حلف الغريم وأما مالك فضمَّنه بنكوله في اليسير وتوقف في الكثير قال ابن القاسم : والرأي على قول ابن هرمز أنه يضمن في القليل والكثير وإنما توقف مالك في الكثير خوفاً من أن تبطل أموال اليتامى وخوفاً من تضمين الوصي وهو أمين وإذا قضى الوصي غُرماء الميت بغير بينة فأنكروا ضمن إن لم يأت ببينة في التنبيهات : إنما ضمنه لأن شأن الناس الاستخفاف في الدفع بغير بينة والتوثق في الكثير قال التونسي : إذا قال الوصي قبضتُ اليتيم في ولايته صدق أو بعد الرشد : ففي الموازية يكون شاهداً لهم يحلف اليتيم معه كما قال في المدونة إذا أقر أحدُ الشريكين بعد الانفصال إن هذا المتاع رهناه عند فلان أنه شاهد وقال سحنون : قوله مقبول مطلقاً نظراً لأمانته واختلف في شهادة الحميل وهو من هذا القبيل
فرع
في الكتاب : لا يجوز عتقُ المُوَلَّى عليه ولا هبتُه ولا صدقته ولا يلزمه ذلك بعد البلوغ إلا أن يُجيزه الآن واستحب إمضاؤه من غير إيجاب وما ليس فيه إلا المنفعة ينفذ كطلاقه وعتقِه أمًَّ ولده لأنه ليس مالاً ويمتنع نكاحُه إلا بإذن وليه لأنه مظنة المال وما وهب له من مال يدخل في الحجر وكذلك إن تجر فريح لأنه ماله ولا يجوز شراؤه إلا فيما لا بد له من عيشه كالدرهم يبتاع به ونحوه يشتري ذلك لنفسه كما يدفع إليه من نفقته في التنبيهات : ظاهر الكتاب استحبابه إمضاءه جميع تصرفاته وعلى ذلك اختصره المختصرون والصحيح تخصيصه بما فيه قُوتُه
فرع
في الكتاب : إذا عقل الصبي التجارة لا يجوز إذن أبيه أو وصية في مولى عليه ولو دفعا له بعد الحلم بعض المال للاختبار لا يلزمه دين فيما دفع له ولا غيره لبقاء الولاية بخلاف الإذن للعبد لأن المنع لِحق السيد وقال غيره : يلحق الصبي فيما أذن له فيه خاصة قياساً على العبد وعملاً بالإذن ولو دفع أجنبي لعبد أو صبي مالاً يتجر فيه فالدين في ذلك المال لترجح القصد للتجر على الاختبار بخلاف الوصي لأن مقصوده الاختبار في التنبيهات : ظاهر كلامه في الوصايا جواز الدفع لليتيم إذا عقل التجارة وقاله أبو عمر وغيره لأن الغالب من الطباع الضبط في النكث : إذا أنكر اليتيم المال صدق الوصي ويضم ذلك إلى ما اتفق عليه لأنه أمين قال الشيخ أبو الحسن : لا يباع فيه إلا على النقد فمن باعه على غير النقد هو الذي لا يكون له مما في يده شيء إلا أن يكون في يد المولى عليه أكثر مما دفع إليه وليه فيكون حق من داينه في الزائد إن كانت الزيادة من معاملته إياه
فرع
قال ابن يونس : لا يخرُج المولى عليه والبكر المعنسة من الولاية إلا بشهادة عدلين ويكون أمراً فاشياً وإلا لا تنفع الشهادة في قبضها لمالها قال اللخمي : زوال الحجر للسلطان إذا كان المحجور في ولاية فإن كان في ولاية وصيِّ الأب فعن ابن القاسم : إذا تبين للوصي رشدُه دَفَع إليه ماله وإن شك لا يدفعه إلا بإذن الإمام قال مالك : إذا دفع لك الإمام مال مولّى عليه فحسن حالُه دفعتَ إليه ماله وأنت كالوصي لزوال سبب المنع وقال عبد الوهاب : لا ينفك الحِجر بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم وسواء في ذلك الصبي والمجنون والبالغ والمفلس وبقول مالك قال ( ش ) وابن حنبل وهو ظاهر قوله تعالى ( فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا ) فلا يحتاج للحاكم وجعل الدفع لمن له الابتلاء قال : والقول الآخر اليوم أحسن لغلبة فساد حال من يلي فيقول رشد ولم يرشد ولا يحكم القاضي في ذلك بمجرد قوله بل حتى يثبت عنده قال سحنون إذا لم يثبت كَتَب القاضي : إن فلاناً اتى بفتىً صفتُه كذا وكذا وزعًم أن اسمه فلان وذكر أن أباه أوصى عليه بهع وأنه صلح للأخذ والإعطاء أو بأمرأة صفتها كذا وزعم أن اسمها كذا وأن أباها أوصى بها إليه وأنها بلغت الأخذ والإعطاء وأنها بَنَى بها زوجها وسألني أن أدفع إليه ماله وأكتب له براءة فأمرته بالدفع وحكمت له بالبراءة ولم يحكم بالرشد لأنه لم يثبت عنده ومعناه : حكم بالقدر الذي دفعه لأن دفعه جائز
فرع
في الجواهر : بلوغ الذكَر بالاحتلام أو الإنبات أو بلوغ سن تقتضي العادة بلوغ مَن بلغه وتعيينه : ثمان عشرة سنة لابن القاسم وقال غيره : سبعة عشر وقاله ( ح ) وخمسة عشر لابن وهب وقاله ( ش ) وابن حنبل ويزيد الإناث بالحيض والحمل ويقبل قوله في الاحتلام إلا أن يرتاب فيه لأنه أم لا يعرف إلا من قِبَله ويكشف للإنبات ويستدبره الناظر ويستقبلان جميعاً المرآة وينظر إليها الناظر فيرى الإنبات أو البياض قاله القاضي أبو بكر وجوز ( ش ) النظر للعانة للإنبات لقول سعد رضي الله عنه ( حكّمني رسول الله في بني قُريظة فكنَّا نكشفُ عن مؤتزرهم فمن أنبت قتلناه ومن لم يُنبت جعلناه في الدراري ) وقال أيضاً : لا يحكم بأن الحمل بلوغ حتى ينفصل الولد قال الطرطوشي : والمراد بالإنبات الإنبات الخشن على المذاكر ومرحلة ( كذا ) دون الزغب الضعيف وقال ( ح ) : لا يعتبر الإنبات أصلاً لنا : حديث سعد المتقدم وقال له : ( لقد حكمتَ بحكم الله من فوق سبع سماوات ) (1) ولأنه معني يعرض عند البلوغ فيحكم به كخروج المني احتجوا بالقياس على شعر الوجه والصدر وسائر الشعور والزيادات بل شعر الوجه أدلُّ وبقوله تعالى ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) فعلق البلوغ والحكم على الحُلُم فلا يتعلق بغيره وبقوله : ( رُفِع القلم عن ثلاث : الصبي حتى يحتلم ) الحديث فجعل الحُلُم مناط الأحكام والجواب عن الأول : أنه قياس مخالف للسنة فلا يسمع سلمنا صحته لكن الفرق : أن تلك الشعور لا تختص بالبلوغ فهي كالبول وهذا كالحيض وعن الثاني : أنه استدلال بالمفهوم وأنتم لا تقولون به سلمنا صحة التمسك1- ( خرجه مسلم )

به لكن المفهوم ها هنا عارضه منطوق الحديث المتقدم والمنطوق مقدم على المفهوم إجماعاً وهو جواب الثالث احتج ( ش ) بقوله عليه السلام : ( إذا بلغ المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه وأخذت منه الحدود ) وأجاز عليه السلام ابن عمر رضي الله عنهما في الجهاد ابن خمس عشرة سنة ولا يجاز إلا بالغ وهو متفق على صحته وجوابه : منع الصحة في الأول وعن الثاني أن هذا من كلام ابن عمر فلعله عليه السلام علم بلوغه عند هذا السن ومتى علم البلوغ لا نزاع فيه وليس في الحديث دلالة على أنه أجاز لأجل الخمس عشرة سنة فهذا كقول القائل : قرأت الفقه وأنا ابن كذا ذكر التاريخ لأن السن سببه وقد نزل ابن القاسم قوله تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ) قال ابن عباس : الأشد : ثماني عشرة سنة ومثل هذا لا يقال إلا عن توقيف

فرع
في الجواهر : يستثني من تصرفات الصبي وصيته فتنفذ إذا لم يخلط فيها قاعدة تسمى بجمع الفرق وهي أن يرتب على المعنى الواحد حكمان متضادان فالصبي أبطل تصرفه في حياته صوناً لماله على مصالحه ونفذت وصيته صوناً لماله على مصالحه لأنها لوردت لصرف المال للوارث ففاتته مصلحة ماله
فرع
قال : ووصي الصبي أبوه ثم وصيه ثم وصي وصيه ثم الحاكم دون الجد والأم وسائر القرابات وقال ( ش ) : الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا ثم الوصي لنا : أن الجد يقاسمه الأخ في الميراث بخلاف الأب فيكون قاصراً عن الأب فلا يلحق به
فرع
قال : لا يتصرف الوفلي إلا بما تقتضيه المصلحة لقوله تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) فهو معزول بظاهر النص عن غير التي هي أحسن ولا يبيع عقاره إلا لحاجة الإنفاق أو لغبطة في الثمن وخشية سقوطه إن لم ينفق عليه وابتياع غيره بثمنه أفضل أو لكونه في موضع خرب أو يخشى انتقال العمارة من موضعه فيبيعه ويستبدل بثمنه في موضع أصلح ولا يستوفي قصاصه ولا يعفو عنه لأنه إذا بلغ يقتص أو يصالح على مال ولا يعتق رقيقه ولا يطلق نساءه إلا على عوض فيه المصلحة في غير البالغ من الذكور أو يفعل ذلك الأب خاصة فيمن يجبر من الإناث وفي مخالعته عمن لا يجبر ممن يملك أمرها خلاف ولا يعفو عن شفعته إلا لمصلحة ثم إذا عفا ليس للصبي الطلب بعد البلوغ ووافقنا ( ح ) في العفو عنها قياساً على الشفيع ومنع ( ش ) لأنه تضييع مال وجوابه : إنما نجيزه إذا تضمن مصلحة أرجح ومنع ( ش ) أن يبيع له بنسيئة وأن يكاتب عبده وإن كان أضعاف القيمة لأنه يأخذ العوض من كسبه وأن يسافر بماله من غير ضرر ولا يودعه ولا يقرضه مع إمكان التجر فيه وجوز أن يقترض له ويرهن ماله وأن يأكل الأمين والولي من مال اليتيم إلا أن يكونا غنيين لقوله تعالى : ( ومن كان غنيا فليستعفف )
فرع
قال الأبهري قال مالك : إذا بلغ فله الخروج عن أبيه وإن كان أبوه شيخاً ضعيفا إلا أن يستحق الحجر لسفه وإذا تزوجت المرأة وولدت وأراد أبوها الخروج بها وكرهت فراق ولدها فذلك لها كخروجها من الحجر
فرع
قال قال مالك : لا يقضى عن المحجور عليه دينه بعد موته كحياته إلا أن يوصي بذلك في ثلثه إذا بلغ مثله الوصية
فرع
في الجلاب : الوصي مصدق في نفقة اليتيم وولي السفيه وقاله الشافعي لأنهما أمينان ويعسر الإشهاد منهما على ذلك بخلاف رد المال لقوله تعالى : ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ) فلما أمره بالإشهاد لم يؤتمن على الرد بخلاف المودع فإنه مؤتمن في الرد
فرع
قال : تجوز التجارة في مال اليتيم ولا ضمان على الوصي في ذلك وقاله ( ش ) لقوله عمر رضي الله عنه : ( اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ) وروي مرفوعاً
فرع
قال : لا بأس بخلط الوصي نفقة يتيمه بماله إذا كان رفقاً لليتيم ويمتنع رفقاً للولي وقاله ( ش ) لقوله تعالى : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ) ولأن الإفراد قد يشق وخاصة في بيت وينبغي للولي أن يوسع على اليتيم في نفقته وكسوته على قدر حاله لقوله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ) ولا بأس بتأديبه لأنه من أفضل البر لقوله عليه السلام : ( ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن ) وينفق على أم اليتيم من ماله إذا كانت محتاجة لقوله تعالى : ( وبالوالدين إحسانا ) ويخرج الزكاة من ماله وزكاة الفطر ويضحي عنه لتحقق أسباب هذه المأمورات في حقه
فرع
في النوادر قال عبد الملك ومطرف : ما وهب الأب من ماله ولده الصغير من عروض أو رقيق أو عقار وهو مليء نفذ للموهوب وعليه للابن عوضه شرط له ذلك أم لا ولا سبيل للابن على الهبة إلا أن يعسر الأب بعد يسره فيأخذها لابن حملاً لتصرف الأب على التزام العوض كما إذا زوجه صغيراً فقيراً يحمل على أنه التزام الصداق فإن فاتت أخذ قيمتها من الموهوب للفوات تحت يده ثم يرجع الموهوب على الأب لأن الهبة عقد لازم وقد لزمته القيمة لابنه فأداها عنه والفوت : العتق والاستيلاد وابلاء الثوب وأكل الطعام وبيع الهبة وأكل ثمنها وما كان فوته بسببه وأما ما هلك بأمر سماوي فلا يضمن وإن كان الأب يوم الهبة بعد ما ردت شرط العوض أم لا لتعيين ضياع مال الولد وما فات أخذ من الأب قيمته إن كان له شيء يوم الحكم وإن اتصل إعساره وداها الموهوب ولا يرجع بها على الأب وكأنه وهب مال أجنبي وإن كان يوم الهبة معسراً ثم أيسر ثم أعسر نفذت ويرجع بها على الأب وكأنه وهب العطية ولا يأخذها الابن وإن كانت قائمة إن كان الأب مليئاً وإلا أخذها إلا أن تفوت فيأخذ القيمة من المعطي إن فاتت بسببه ويرجع بها المعطي على الأب قالا : وما باع أو رهن من متاع ولده لنفسه فهو مردود إن عرف أنه فعله لنفسه وإن جهل هل لنفسه أو لولده ولا يرد لإمكان صحة التصرف وهذا في عدمه وأما في ملائه فيمضي ويضمن الثمن فيما باع تصحيحاً للتصرف بحسب الإمكان قالا : وأما ما اشترى من رقيقه وعقاره نفذ إلا ببخس يسير فيرد كله لأنه معزول عن غير المصلحة وما قارب الأثمان مضي وباع وحابى وقلت المحاباة مضي ذلك وكانت في مال الأب كالعطية وإن عظمت المحاباة رد كله لتمكن الفساد قال مطرف : وما أعتق من عبيده جاز في ملاء الأب وحمل على التزام القيمة ورد في عدمه إلا أن يطول زمانه ويولد للعبيد على الحرية فيتبع الأب بالقيمة قاله مالك وكذلك ما تزوج به من عبد أو غيره جاز في ملائه وعليه القيمة أو معدماً رد ما لم بين بامرأته فيتبع بالقيمة وإن لم يفت وقال عبد الملك بنى أم لا طال أمد العتق أم لا صغرت المحاباة فيما أعطى أم لا إن كان موسراً أخذت من القيمة أو معدماً رد ذلك كله لفساد أصل التصرف وأجاز أصبغ هذا كله : هبته وبيعه وعتقه وأصداقه ملياً أو معدوماً قائماً أو فائتاً طال أمد العبد أم لا بني بالمرأة أم لا باع للابن أو لنفسه ويلزمه تغليباً للولاية إلا أن يتقدم الإمام في ذلك فيبطل كله قال مالك : إذا وهب عبد ابنه أو تصدق به بطل وإن كان ملياً وإن أعتقه عن نفسه ملياً نفذ وعليه القيمة ولو كان كثيراً رد عتق الأب وما تزوج به من مال ولده الصغير والأب مليء نفذ بنى أم لا قال ابن القاسم : إذا تصدق على ابنه الصغير بغلام ثم أوصى بعتق عتق في ثلثه وللابن قيمته في رأس المال لأنه كان يحوز لابنه وإن لم يكن للأب مال بطلت الوصية ولو كان الابن كبيراً يحوز لنفسه ولم يقبض حتى مات بطلت الصدقة ونفذت الوصية
فرع
قال ابن بشير : لا يوكل القاضي من يبيع شيئاً من مال اليتيم إلا بعد ثبوت ستة أمور : يتمه وأنه ناظر له وحاجته وأنها لا تندفع إلا بالبيع وأنه ملك اليتيم لم يخرج عن يده وأن المبيع أحق ما يباع عليه وحصول السداد في الثمن ولا يبيع الوصي العقار إلا لأحد ستة أوجه : الحاجة والغبطة في الثمن الكثير أو يبيعه لمن يعود عليه بشيء أوله شقص في دار لا تحمل القسمة فدعاه شركاؤه للبيع أو دار واهية ولا يكون له ما تقوم به أوله دار بين أهل الذمة السبب الثاني الجنون لقوله تعالى : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ) والمجنون ضعيف فيكون مسلوب العبارة يحجر عليه قال اللخمي : واختلف فيمن يخدع في البيوع : فقيل : لا يحجر عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ وكان يخدع في البيوع لضربة أصابته في رأسه : ( إذا بعت فقل : لا خلابة ) خرجه الصحيحان وقال ابن شعبان : يحجر عليه صوناً لماله عليه كالصبي قال : وأرى إن كان يخدع باليسير أو الكثير إلا أنه لا يخفي عليه ذلك بعد تبين لا يحجر عليه ويؤمر بالاشتراط كما في الحديث ويشهد حين البيع فيستغني بذلك عن الحجر أولا يتبين له ذلك ويكثر تكرره فيحجر عليه ولا ينزع المال من يده إلا أن ينزجر عن التجر ويزول الحجر عن المجنون بإفاقته إن كان الجنون طارئاً بعد البلوغ لأنه كان على الرشد وإن كان قبل البلوغ فبعد إثبات الرشد والضعيف التمييز والذي يخدع له ماله إذا علم منه دربة البيع ومعرفة وجوه الخديعة السبب الثالث : التبذير لقوله تعالى : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا ) الآية المتقدمة فجعله تعالى مسلوب العبارة في الإقرار ومن سقط إقراره حجر عليه وفي الكتاب المبذر لماله سرفا في لذاته من الشراب والفسق وغيرهما ويسقط في ذلك سقوط من لا يعد المال شيئاً يحجر عليه دون المصلح لماله الفاسق في دينه وإن كان له مال عند وصي قبضه لأن أثر الحجر صون المال وهو مصدق قال ابن يونس قال أشهب : لا يحجر على الكبير إلا في البين التبذير قال ابن القاسم : بل على الكل من لو كان له وصي لم يعط له ماله وكذلك من دفع إليه ماله ثم بذر ووافقنا ( ش ) وابن حنبل وقال ( ح ) : لا يبتدأ الحجر على بالغ عاقل وإن بلغ مبذراً دفع إليه ماله بعد خمس وعشرين سنة وللمسألة أصلان : أحدهما : أن انتفاء ثمرة العقل كانتفائه عندنا وعنده المعتبر أصل العقل وثانيهما : الحجر يثبت بالشرع تارة وبحكم الحاكم أخرى كالولاية وعنده بالشرع فقط لنا : الآية المتقدمة ولا يصح قولهم : السفيه المجنون لأن السفه يقابل بالرشد والجنون يقابل بالعقل والسفيه ليس برشيد والضعيف الصبي والذي لا يستطيع أن يمل : المجنون نفياً للترادف وقوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) قال المفسرون قولين : أموالنا وأموالهم فعلى الأولى لهم أولى يدل بطريق الأولى لأنا إذا حجر علينا في أموالنا لهم أولى أموالهم وعلى الثاني فهو المقصود ويكون مثل قوله : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) و ( فسلموا على أنفسكم ) أي لا يقتل بعضكم بعضاً ويسلم بعضكم على بعض ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم فقد مر عثمان رضي الله عنه بأرض سبخة اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألف درهم فقال : ما يسرني أن تكون لي بنعل ( ثم لقي علياً فقال : أما تقبض على يد ابن أخيك ؟ اشترى أرضاً ما يسرني أن أتملكها بنعلي ) فقال على : لأحجرن عليه ففزع عبد الله بن جعفر إلى الزبير بن العوام وأخبره بذلك فقال له الزبير : لا تبالي وأنا شريكك ثم جاء علي إلى عثمان فسأله الحجر عليه فقال عثمان : كيف أحجر على رجل شريكه الزبير ؟ ولم ينكر منهم أحد ذلك فكان إجماعاً وهذا هو المعهود في السلف والخلف ولو صح ما قاله ( ح ) لقال له الزبير : لا يحجر على بالغ ولا يقال : هذا حجة عليكم لأن التبذير وجد وما حصل حجر بل ينبغي الحجر على الزبير مع عبد الله لما ذكرتم لأنا نقول : لما اقتسما الغبن صار نصيب كل واحد بعبن الرشيد في مثله وأما قول عثمان رضي الله عنه : لا يسرني بنعل أي ما رغبته والعقلاء الرشداء تختلف رغباتهم اختلافاً شديداً ولأنه معني لو قارن البلوغ منع دفع المال فكذلك إذا طرأ بعده كالجنون احتجوا بقوله تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ) والأشد : خمس وعشرون سنة ومفهومة : أنه لا يقرب بعد الأشد وهو المطلوب ولأن حقوق الأبد أن تتعلق به فأولي الأموال ويقبل إقراره في نفسه بالجنايات فأولى في ماله ولأن الآية التي تمسك بها الخصم تدل لنا لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ) إلى قوله تعالى ( فليملل وليه ) فمقتضاها : أن السفيه يداين ويعامل والجواب عن الأول : أن الأشدُّ البلوغ وعن الثاني يبطل فالعبد والمريض محجور عليهما في المال دون النفس والسر أن الوازع الطبيعي يمنع من الإقرار بالقصاص والحدود ويحث على اللذات والشهوات فلذلك حمل إقراره في الأبدان على تحقق السبب الشرعي بخلاف المال وعن الثالث : أن الاستثناء أخرج هؤلاء الثلاثة عن المداينة ولا يصح قولهم : الهاء في ( وليّه ) للحق لأن إقرار صاحب الحق لا يوجب شيئاً ولأنه جمع الثلاثة بحرف العطف والصبي والمجنون يقر عنه وليه بالبيع والشراء وقبض الثمن والسلم فكذلك المبذر لأن العطف يقتضي التسوية قال مالك : ولا يتولى الحجر إلا القاضي دون صاحب الشرط أمر مختلف فيه فيحتاج إلى اجتهاد في الاختبار ومن أراد الحجر على ولده أتى به الإمام ليحجر عليه ويشهره في الأسواق والجامع ويُشهد على ذلك فمن عامله بعد ذلك فهو مردود قال بعض البغداديين : ولا يزول الحجر عن محجور عليه بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم للحاجة للاختبار وتحقق إبطال سبب الحجر وفي الجواهر : يزول الحجر عن المبذِّر إذا عُرف منه زوال ذلك
فرع
قال اللخمي : إذا تصرف من يستحق الحجر قبل الحجر نفذه ابن كنانة وابن نافع لعدم حجر الحاكم لأنه العلة عندهم وأبطله ابن القاسم لوجود السفه ورده مطرف إن لم يأت عليه حالة رشد لأنه لم يزل في ولاية وإلا نفذ إلا أن يكون بيعة خديعة فيبيع ما يسوي ألفاً بمائة ففرق بين هبته وبيعه قال : والصواب رد الهبة ويضمنها الموهوب له إن صون بها ماله وفي الجواهر وقيل يرد تصرفه إن كان ظاهر التصرف وإلا فلا لقلة الفساد وعكسه لو رشد ولم ينفك الحجر عنه فيختلف فيه هل يراعى السفه - وقد زال - أو حجر الحاكم وهو باق
فرع
في المقدمات : السفيه البالغ يلزمه جميع حقوق الله تعالى التي أوجبها على عباده في بدنه وماله من الحد والقصاص والطلاق وقال أبو يوسف وابن أبي ليلي : لا يقع الطلاق لأنه أمر تقع المعاوضة عليه فهو تصرف في المال بغير عوض وينظر له وليه إن رأى كفر عنه بالعتق ويمسك عليه امرأته فعل أو يعتق أو يفرق بينهما ولا يجيزه الصيام ولا الإطعام إن حمل ماله العتق وقال محمد : إذا لم ير له وليه أن يكفر عنه بالعتق فله هو أن يكفر بالصيام ولا يطلق عليه في مذهبه حتى يضرب له اجل الإيلاء إن طلبته المرأة ولا حد في ذلك عند ابن القاسم وقال ابن كنانة : لا يعتق عنه وليه إلا في أول مرة لأن المرة الواحدة تقع للعاقل والسفيه وقال محمد : وأما الإيلاء إن دخل عليه بسبب يمين بالطلاق هو فيها على حنث أو بامتناع وليه من التكفير في الظهار لزمه وأما إن حلف على ترك الوطء بعتق أو صدقة مما يدخل تحت الحجر لم يلزمه الإيلاء أو بالله تعالى لزمه الإيلاء إن لم يكن له مال ولم يلزمه إن كان له أو بصيام أو صلاة مما يلزمه الإيلاء وعلى قول محمد : يلزمه الإيلاء باليمين بالله تعالى وإن كان له مال ولا يلزمه تبرع ولا عتق ولا معروف في ماله إلا أن يعتق أم ولد لأنه كالطلاق إذا ليس فيها إلا الاستمتاع وفي تبعية مالها لها ثلاثة أقوال : يتبعها عند مالك وأشهب لا يرث بشهادة النساء على النسب فلا يثبت الأصل ويثبت الفرع فالتبع أمره خفيف ولا يتبعها عند ابن القاسم لان تصرفه لا ينفذ في المال ويتبع القليل فقط عند أصبغ وقال المغيرة : لا يلزمه عتقها لأنه معروف نشأ عن المال ولو قتلت لأخذ قيمتها ولا ينفذ إقراره بالدين إلا في المرض فيكون في الثلث وبيعه وشراؤه وزواجه من المعاوضات موقوف على إجازة وليه ورده ويجتهد له في ذلك فإن لم يكن ولي فالقاضي فإن لم يفعل حتى رشد يخير هو في ذلك فإن رد بيعه أو شراؤه وقد تلف الثمن لم يتبع ماله بشيء فإن أولد الأمة فقيل : فوت وقيل : لا كالعتق وترد ولا يكون عليه من قيمة الولد شيء فإن أنفق الثمن فيما لا بد له منه ففي اتباع ماله به قولان فإن باع أمة فأولدها المشتري أو أعتقها أو غنماً فتناسلت أو بقعه فبناها أو ما يغتل فاغتله فهو كمن استحق من يده بعد إحداث ذلك فيه ترد الأمة وينقض العتق ويأخذ الأمة التي ولدت وفقيمة الولد على الخلاف المعلوم وإن كان الولد من غيره بتزويج أخذه مع الأم ويأخذ الغنم ونسلها وعليه قيمة البناء قائماً في البنيان وتكون الغلة بالضمان هذا كله إن لم يعلم أنه مولى عليه وإلا فحكمه حكم الغاصب يرد الغلة وله قيمة البناء منقوضاً وفي رد ما فات بالبيع والهبة والعتق والصدقة ولم يعلم به حتى مات هل يرد بعد الموت ؟ قولان وإن تزوج ولم يعلم الولي بنكاحه هل ترثه المرأة وتأخذ الصداق ؟ أقوال لا ترث ولا صداق إلا أن يدخل بقدر ما يستحيل به فرجها وتأخذ الميراث والصداق وترث وإن كان النكاح غبطة فلها الصداق دخل أم لا أو على وجه الغبطة ردت الصداق إلا ربع دينار أن دخل بها وإلا فلا قاله أصبغ والقولان المتقدمان لابن القاسم وذلك مبني هل فعله على الجواز حتى يرد أو على الرد حتى يجاز وهل يزوجه بغير أمره كالصغير أو إلا بأمره ؟ قولان من المدونة وكذلك المخالعة بغير إذنه أو إلا بإذنه وهو في المدونة ويلزمه ما أتلف اتفاقاً فإن أوتمن عليه فخلاف ولا يحلف إذا ادعي عليه في ماله بخلاف ما يجوز فيه إقراره ويحلف مع شاهده ويستحق وإن نكل حلف المدعى عليه وبرئ عند ابن القاسم وعند ابن كنانة إن نكل فكذلك إلا أن يحسن حاله فيكون له أن يحلف ويستحق كالصغير يبلغ ويعقل مع المعاملة ويجوز عفوه عن دمه خطأً أو عمداً لأنه ليس بماله وفي دون النفس من الجراح نفذه ابن القاسم لأن أصله ليس بمال ورده عبد الملك لأنه يصالح عليه بالمال واختلف في شهادته إذا كان مثله لو طلب ماله أخذه وهو عدل جوزها مالك وردها أشهب
فرع
في الجواهر : إذا استدان المحجور بغير إذن الولي ثم فك حجره لم يلزمه ذلك إن حجر عليه لحق نفسه والصغير دون من حجر عليه لغيره كالعبد يعتق إلا أن يفسخه عنه سيده قبل عتقه
فرع
قال الأبهري قال مالك : ليس على الولي الإنكار على من يعامل مال المحجور لأن المعامل إن علم فهو المفرط وإلا فعليه التعرف
فرع
قال قال مالك : إذا باع المولى عليه ثوباً فتداولته الاملاك فصبغه الأخير قوم على المبتاع أبيض بغير صبغ ويتراجعون الأثمان فيما بينهم ويؤخذ الثوب إن وجد لأنه لم يزل عن ملكه وإلا فعلى الذي تلف عنده قيمته إن تلف بصبغه ولا يلزم المحجور عليه شيء في ذلك لان المشتري منه أتلف ماله والذي صبغ شريك في الثوب بما زاد
فرع
قال قال مالك : إذا اكتري دابة فتعدى عليها فتلفت فلا ضمان عليه لأن صاحبها هو متلفها حيث سلمها له وإن لم يعلم فقد فرط في عدم التعرف
فرع
في النوادر قال عبد الملك : إذا بعت مولى وأخذت حميلاً بالثمن فرد ذلك السلطان واسقطه عن الولى فإن جهلت أنت والحميل حاله لزمت الحمالة لأنه أدخلك فيما لو شئت كشفته وإن دخلت في ذلك بعلم سقطت الحمالة علم الحميل أم لا لبطلان أصلها
فرع
قال قال عبد الملك : إذا دفعت إلى مولى عليه دنانير سلماً في سلعة فاشترى بها اليتيم سلعة أو وهبها رجلاً فلك أخذ الدنانير بعينها من الثاني قال عيسى : ولو اشترى بها أمة فأحبلها فهي له أم ولد وليس لك أخذها في مالك وترد أنت السلعة ولو ابتاع هو أمة فأولدها ردها - والولد ولده - بغير قيمة عليه السبب الرابع الرق في الجواهر : للسيد المنع من التصرف في المال معاوضة أو غيرها قليل المال وكثيره كان الرقيق يحفط أو يضيع لتعلق حق السيد به في زيادة القيمة والانتزاع وفي الكتاب : لك منع أم ولدك من التجارة في مالها كمالك انتزاعه السبب الخامس النكاح وأصله : قوله عليه السلام : تنكح المرأة لأبع : لدينها وحسبها ومالها وجمالها وإذا تعلق به حق الزوجة لبذله الصداق فيه كان لحجر فيما يخل به وخالفنا الأئمة وروي ابن ماجه أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي صلى الله عليه وسلم بحلي لها فقال لها النبي لا يجوز للمرأة عطية حتى تستأذن زوجها فهل استأذنت ؟ فقالت : نعم فبعت عليه السلام إلى كعب فقال : هل أذنت لها أن تتصدق بحليها ؟ فقال : نعم وفي أبي داود : لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها ولقوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) وقياساً على المريض احتجوا بما في الصحيحين أن النبي قال للنساء : تصدقن ولو من حليكن ولم يسأل وقياساً على الرجال وأجابوا عن قياسنا بوجوه : أحدها أن المرض يقضي بالمال للوارث والزوجية تجعل الزوج من أهل الميراث فهي أحد وصفي العلة فال يثبت الحكم بها كما لا يثبت الحجر لها عليه وثانيها : تبرع المريض موقوف وها هنا يبطل مطلقا و الفرع لا يزيد على الأصل وثالثها انتفاع المراة بمال زوجها بالنفقة وغيرها أكثر من تحمل الزوج ولم يحجر عليه أولى والجواب عن نصهم القول بالموجب فإنا إنما نمنع التصدق بما زاد على الثلث ورسول لله صلى الله عليه وسلم لم يعين ذلك وعن القياس : الفرق بأن الرجل بذل الصداق في المال فتعلق حقه بخلافها تفريع في الجواهر : للزوج منعها من التصرف فيما زاد عن ثلثها من هبة أو صدقة ونحوه مما ليس بمعاوضة لقوله عليه السلام : لا يحل لامرأة تقضي في ذي بال من مالها إلا بإذن زوجها والثلث ذو بال وليست أسوأ حالاً من المريض فإن تبرًّعت بأكثر من الثلث أجازه ابن القاسم حتى يرده الزوج كتعق المديان ورواه وقال عبد الملك : هو مردود في الأصل لقوله في الحديث لا يجوز لامرأة فإن لم يعلم الزوج حتى بانت بموت أو طلاق أوعلم فرده ولم يخرجه من ملكها حتى تأيمت نفذ لانتفاء الضرر وقال ابن القاسم : ذلك كذلك إلا أن يرده الزوج حين علم وقال أصبغ : أقول بقوله في الموت وفي التأيُّم بقول عبد الملك وإذا تبرعت بما زاد على ثلثها خيّر الزوج بين إجازة الجميع ورد الجميع لاشتماله على الممنوع وقال عبد الملك : يرد ما زاد على الثلث فقط كالمريض لأنه المحرم إلا العتق يبطل جميعه لأنه لا يتبعض ثم ليس لها التصرف في بقية المال الذي أخرجت ثلثه لاستيفائها حقها ولها ذلك في مال آخر إن طرأ
فرع
في الكتاب : له منعها من الخروج دون التجارة
فرع
في النوادر : قال ابن القاسم : إذا أعتقت ثلث عبد لا تملك غيره جاز ولو أعتقته كله لم يجز منه شيء لأن عتق لا يتبعض وقال عبد الملك : يبطل في الوجهين لأن عتق بعضه كتعق كله لوجود التقويم على معتق البعض وقاله مالك وقال أصبغ : إذا أعتقت ثلث عبد لها مشترك كمل عتقه عليها إلا أن يردَّ ذلك الزوج لأن أصله أن فِعلها ماض حتى يرد وإن كان لها عبيد فأعتقت أثلاثهم قال عبد الملك : بطل ولو أعتقت ثلثهم فإن خرج عبد وبقي من الثلث أسهم حتى يتم الثلث فإن كان تمامه في أقل من عبد رق جميعه قال عبد الملك : وإذا دبرت عبدها مضى ولا يرده الزوج لبقاء رقه وإنما منعت بيعه ولها الامتناع من البيع من غير تدبير وقاله مالك وابن القاسم وقال عبد الملك : لايتم ذلك إلا بإذنه كعتقه
فرع
قال : قال مالك : إذا تصدقت بالثلث فأقل على وجه الضرر بالزوج ردَّه وأمضاه ابن القاسم لأنه حقها
فرع
قال : قال عبد الملك : لها النفقة على أبويها وكسوتها وإن تجاوز الثلث ولا مقال للزوج لوجوبها عليها
فرع
قال : قال أصبغ : إذا تصدقت بشوار بيتها - وهو الثلث - مضى وإن كره الزوج وتؤمر هي بتعمير بيتها بشوار مثله وكذلك لو تصدقت بصداقها
فرع
قال : قال عبد الملك : إذا أقرت في الجهاز الكثير أنه لألها جمَّلوها به والزوج يكذبها فإن لم يكن إقرارها بمعنى العطية نفذ أو بمعنى العطية رُد إلى الثلث
فرع
قال : قال ابن وهب : ليس للعبد منع امرأته الحرة مثل الحر بل لها التصدق بمالها لضعف ملكه في ماله فكيف في مال امرأته ولا مقال للحر في امرأته الأمة لأن مالها لسيدها وقال أصبغ : العبد كالحر لأنه يتجمل بالمال وقال مالك
فرع
قال : قال ابن عبد الحكم : إذا أراد الزوج الخروج بامرأته إلى بلد ولها عليه دين حلًّ أو قارب الحلول أم لم يقارب وقالت : لا أخرج ها هنا بيتي فله الخروج بها وتطلبه بالدّين حيثما حل وإن طلبت كتاباً من القاضي بما ثبت من دينها فذلك لها إن كان قريباً بخلاف البعد نظائر : قال ابن بشير : سبعة يختص تصرفهم بالثلث ذات الزوج والمريض والحامل في ستة والزاحف في الصف والمحبوس للقتل والمقتص منه في جراح أو سرقة أو ضرب مما يخاف عليه الموت وراكب البحر على خلاف فيه السبب السادس الردة قال صاحب التنبيهات : قال ابن القاسم : إن قتل المرتد أو المرتدة لم ينفذ بيعُهما في زمن الردة ولا شراؤهما لأن نفوذ التصرف إنما هو لتحصيل مصالح الحياة والمرتد مراق الدم ويوقف مالهما ويطعمان منه وإن عاملا بعد الحجر فلحقهما دين لم يلحق مالهما ولا فيما ملكاه بهبة أو غيرها إن قتلا بالردة وإن أسلما كان ذلك في ماله وما ربح من تجارته في الردة ففي ماله فإن جهلت ردتُه سنين وداين الناس جاز عليه لطول أمره قال التونسي : بيع المرتد وشراؤه إذا لم يُعلم به ولا حجر عليه جائز حتى يوقف ويحجر عليه فيكون الأمر موقوفاً فإن قتل رد فعله وإن أسلم مضي وفي الجواهر : يجري الخلاف في المرتد إذا باع قبل الحجر قياساً على المهمل
فرع
قال في النوادر قال ابن عبد الحكم : لا يقضي الإمام على المرتد إلا ما حل من ديونه فإذا قُتل حل المؤجل ويُحاصص في ماله بالحال والمؤجل ولو أسلم بقي الأجل على حاله ولمن حل دينه قبضه منه بخلاف المفلس ولو لحق بدار الحرب سمعت البينة عليه ولا يحل مؤجلة بخلاف المفلس لأن خراب الذمة ها هنا بطريق العرض ولا يكون واجد سلعته أحق بها بخلاف المفلس لذلك وإذا مات مرتد فماله فيء بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الغصب والاستحقاق
الغصب لُغةً قال الجوهري : أخذ الشيء ظلماً تقول : غصبه منه وعليه سواء والاغتصاب مثله وفي اصطلاح العلماء : أخذه على وجه مخصوص قال صاحب المقدمات : التعدي على رقاب الأموال سبعة أقسام لكل منها حكم يخصه وهي كلها مجمع على تحريمها وهي : الحِرابة والغصب والاختلاس والسرقة والخيانة والإدلال والجحد فجعل الظلم في الأخذ انواعاً متباينة ويدل على تحريمه قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكن بينكم بالباطل ) وقوله تعالى ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) وقوله في مسلم في حجة الوداع في خطبة يوم النحر : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ) سؤال : المشبه يجب أن يكون أخفض رتبةً من المشبه به فكيف حرمة الدماء وما معها بحرمة البلد مع انحطاطها عن المذكورات في نظر الشرع بكثير جوابه : إن التشبيه وقع بحسب اعتقادهم فإنهم كانوا يعظمون البلد والشهر المشار إليهما ويحتقرون الامور المذكورة وقوله : ( من غَصبَ شبراً من أرض طوقًّه من سبع أرضين ) (1) فائدة : تدل على أن العقار يمكن عصبه خلافاً ل ( ح ) فائدة : قال العلماء : لم يرد في السمعيات ما يدل على تعدد الأرضين إلا قوله تعالى ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) وهذا الحديث قيل المثلية في العظم لا في العدد فلا دلالة إذن في الآية فائدة : قال البغوي : قيل : طوقه أي كلف حمله يوم القيامة لا طوق التقليد وقيل : تخسف الأرض به فتصير البقعة المغصوبة في حلقه كالطوق قال : وهذا أصح لما في البخاري قال رسول الله : ( من أخذ من الأرض شبراً بغير حقه خُسِف به يوم القيامة إلى سبع أرضين قال صاحب التنبيهات : الغصب لغةً أخذ كل ملك بغير رضا صاحبه عيناً أو منفعة وكذلك التعدي سراً أو جهراً وشرعاً : أخذ الأعيان المملوكات بغير إذن صاحبها قهراً من ذي القوة والتعدي عرفاً أخذ العين والمنفعة كان للمتعدي يد أم لا بإذن أم لا كالقراض والوديعة والصاع والبضائع والإجارة والعواري والفرق بنيهما في الفقة من وجوه : أحدها : الغاصب يضمن يوم وضعِ اليد والمتعدي يوم التعدي وإن تقدمت اليد وثانيها : الغاصب لا يضمن إذا رد العين سالمةً بخلاف المتعدي وإن كان ابن القاسم1- ( متفق عليه )

جعل الغاصب كالمتعدي إذا أمسكها عن أسواقها أو حتى نقصت قيمتها وثالثها : الغاصب يضمن الفساد اليسير دون المتعدي ورابعها : على المتعدي كراءُ ما تعدَّى عليه عند مالك دون الغاصب وقال غيره : الغصب : رفع اليد المستحقة ووضع اليد العادية قهراً وقيل : وضع اليد العادية قهراً ويبنى على التعريفين أن الغاصب من الغاصب غاصب على الثاني دون الأول لكونه لم يرفع اليد المستحقة

فرع
قال صاحب المقدمات : أخذ المال بغير حق يكفر مستحله فإن تاب وإلا قتل لكونه مجمعاً عليه ضرورياً في الدين ويستوي في الغصب وروى مالك مرسلاً وأبو داود والترمذي وقال : حديث حسن قال رسول الله : ( من أحيى أرضاً ميتةً فهي له وليس لعرق ظالم حق ) فروي بالتنوين في ( عرق ) على النعت وبعدمه على الإضافة قاله صاحب المطالع وفي النكت عرق الظالم ما يحدثه في المغصوب قال ابن شعبان : العروق أربعة : ظاهران : البناء والغرس وباطنان في الأرض : الآبار والعيون وفي الصحيحين : ( لا يحلبَن أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه أيُحب أحدكم أن تؤتى ( مشربته فتكسر ) خزائنه فينقل طعامه ؟ فإنهم تَخزِن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحدكم ماشية أخية إلا بإذنه ) فائدة : المشربة : الغرفة يوضع بها المتاع وبه قال أكثر العلماء إلا في حالة الاضطرار وقال ابن حنبل : يجوز بغير إذنه مطلقاً لأن رسول الله فعل ذلك في خروجه للمدينة وهو - عندنا - محمول على عادة وضرورة وقال جماعة من العلماء : يباح لابن السبيل أكل ثمار الغير بغير إذنه نقله صاحب التمهيد بناء على فعله في حديث ابن التيهان الذي قال فيه ( لتسألن عن نعيم يومكم هذا ) وجوابه : أن ذلك للضرورة لأن في الحديث المذكور أنه أخرجه من بيته هو وأصحابه : الجوع أو لقوه إدلاله على صاحب المكان فإن الصحابة كانوا رضي الله عنهم معه أعظم من ذلك وفي الكتاب بابان :
الباب الأول في الضمان
وأركانه أربعة : الركن الأول : الموجب وفي الجواهر : أسباب الضمان ثلاثة التفويت مباشرة والتسب واليد غير المؤمنة فيندرج الغاصب والمتعدي والمستام إذا تلف تحت يده وهي خير من قولهم : اليد العادية لأنها لا تعم وحد المباشرة : اكتساب علة التلف وهي ما يقال عادة : حصل الهلاك بها من غير توسط والسبب : ما يحصل الهلاك عنده بعلة أخرى إذا كان السبب هو المقتضى لوقوع الفعل بتلك العلة كحفر البئر في محل عدوان فتتردى فيه بهمية أو غيرها فإن أرادها غير الحافر فالضمان على المردي تقديماً للمباشرة على السبب ويضمن المكره على إتلاف المال لأن الإكراه سبب وعلى فاتح الفقص بغير إذن ربه فيطير ما فيه حتى لا يقدر عليه والذي حل دابة من رباطها أو عبداً مقيداً خوف الهرب فيهرب لأنه متسبب كان الطيران والهرب عقيب الفتح والحل أو بعده وكذلك السارق يترك الباب مفتوحاً وما في الدار أحد والفاتح داراً فيها دواب فتهرب وليس فيها أربابها ضمن وإلا فلا لوجود الحافظ وقال أشهب : إن كانت الدواب مسرجة ضمن وإن كان رب الدار فيها لتيسر الخروج قبل العلم بالفتح وفي كتاب اللقطة : لو كان ربها فيها نائماً لم يضمن وإن ترك الباب مفتوحاً فخرجت الدواب وإنما يضمن إذا لم يكن فيها أربابها قال التونسي : الضمان وإن كان أربابها فيها لأهم اعتمدوا على الباب فهو المتسبب في ذهاب الدواب ووافقنا ابن حنبل في هذا ونحوه وقال ( ش ) : إذا طار الحيوان عقيب الفتح ضمن وإلا فلا وقال ( ح ) : لا يضمن إلا في الزق إذا حله فيتبدد ما فيه وبخلاف المتردي فإن المتردي في البئر لا يقصد التردي والحيوان مستقل بإرادة الحركة وقال ( ش ) : لو حل وكاء الزق المنتصب فطرحته الريح فلا ضمان لأن الإتلاف بسبب الريح وهي غير معلومة الحركة فلا ضمان في أي زمان تكون وإذا تحركت فغير معلومة النهوض للإراقة بخلاف حر الشمس اذابتها في الزق لأنه معلوم الحصول فالتغرير فيه متعين فيضمن لنا : قوله تعالى : ( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ) وهذا ظالم فيكون عليه السبيل ولا سبيل بالإجماع إلا الغرم فيغرم أو نقول : فيندرج الغرم في عموم السبيل فيغرم وقوله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) فمقتضاه : أن له يفتح قفصاً كما فتح فيذهب ماله لكن سقط فتح القفص بالإجماع وبقي غرم المال على أصل الوجوب والقياس على حل الزق والتردي في البئر أو على ما إذا فتح القفص وهيجه فطار أو فتح باب مراحه فخرجت الماشية فأفسدت الزرع فإنه يضمنه احتجوا بأنه إذا اجتمع السبب والمباشرة اعتبرت المباشرة دونه والطير مباشر باختياره لحركة نفسه كمن حفر بئراً عدواناً فدفع غير الحافر فيها إنساناً فإن لدافع يضمن دون الحافر أو طرح رجل فيها نفسه والحيوان قصده معتبر بدليل جوارح الصيد إن أمسكت لأنفسها لا يؤكل الصيد أو للصائد أكل والجواب : لا نسلم أن الطائر مختار للطيران ولعله حينئذ كان يختار لانتظار العلف أو خوف الكواسر وإما طار خوفاً من الفاتح فيصير ملجأ للطيران وإذا جاز وجاز والتسبب معلوم فيضاف الضمان إليه كما يجب على حافر البئر يقع فيها حيوان مع إمكان اختياره لنزولها لتفريخ خلقه أو غير ذلك ولا نسلم أن الصيد يؤكل إذا أكل منه الجارح سلمناه لكن الضمان يتعلق بالسبب الذي توصل به الطائر لمقصده كمن أرسل بازياً على طير غيره فقتله البازي باختياره فإن المرسل يضمن وهذه المسألة تقتضي اعتبار اختيار الحيوان ثم لا نسلم أن الفتح سبب مجرد بل هو في معنى المباشرة لما في طبع الطائر من النفور من الآدمي وأما القاء غير حافر البئر إنساناً أو إلقاؤه هو لنفسه فالفرق : أن قصد الطائر ونحوه ضعيف لقوله عليه السلام : ( جرح العجماء جبار ) والآدمي يضمن قصد أو لم يقصد
فرع
في الكتاب : موت الحيوان وانهدام العقار بفور الغصب أو بعده بغير سبب الغاصب يضمنه بقيمته يوم الغصب تمهيد وفيه قاعدة أصولية وهي : أن ترتب الحكم على الوصف يدل على علية ذلك الوصف لذلك الحكم وقوله عليه السلام : ( على اليد ما أخذت حتى ترده ) فيه لفظ على الدال على اللزوم والوجوب وقد رتبه صلى الله عليه وسلم على وصف الأخذ فيكون وضع اليد للأخذ سبب الضمان ولنا : قاعدة أخرى أصولية فقهية وهي : أن الأصل : ترتب المسببات على أسبابها من غير تراخ فيترتب الضمان حين وضع اليد فلذلك ضمناً بوضع اليد وأوجبنا القيمة حينئذ
فرع
قال : استعار دابة إلى منزله فبلغها ثم تنحى قربها فنزل فيه فهلكت في رجوعها فإن كان ما تنحى إليه من معاد الناس لم يضمن وإن جاوز منازل الناس ضمن قال ابن يونس : قال أصبغ : إن كانت الزيادة لا خيار لربها فيها إذا سلمت ثم رجع بها سالمة إلى الموضع الذي تكارى إليه فماتت أو ماتت في الطريق إلى الموضع الذي تكارى إليه فليس إلا كراء الزيادة لاستيفائه منفعة الزيادة وضعف التعدي لعدم الخيار وكرده لما تلف من الوديعة ولو كانت الزيادة يسيرة لم تعن على الهلاك فهلكت بعد ردها إلى الموضع المأذون بغير صنعه فهو كهلاك تسلف الوديعة بعد رده وإن كانت الزيادة مما تعين على الهلاك كاليوم فإن لا يضمن في ذلك لو ردها لحالها فإنه يضمن ها هنا لإعانتها على الهلاك
فرع
في الكتاب : يعاقب مدعي الغصب على من لا يتهم به لجنايته على عرضه مع تكذيبه بظاهر الحال والمتهم ينظر فيه الإمام ويحلفه لاحتمال أن يعترف فإن نكل لم يقض عليه حتى ترد اليمين على المدعي كما ترد في الحقوق قال ابن يونس : الذي يليق به ذلك يهدد ويسجن ويحلف ولا يهدد فيما لا يعرف بعينه لأن إخراجه لا يوجب أخذه حتى يقر آمناً وإذا أقر مكرها في المعين أفاد لأنه معروف فكيفما ظفر به أخذ وإن من أوساط الناس لا يليق به ذلك لا يحلف ولا يلزم راميه بذلك شيء أو من أجل الخير أدب لأنه ظاهر الحال يكذبه ومنع أشهب التأديب واليمين مطلقاً إذا لم يحقق عليه الدعوى لأن الأصل عدم سبب ذلك
فرع
في الكتاب قال : غصبتك هذا الخاتم وفصه لي أو هذه الجبة وبطانتها لي أو هذه الدار وبناؤها لي لم يصدق إلا أن يكون نسقاً ومؤاخذة له بإقراره والرجوع عن الإقرار غير مسموع
فرع
قال ابن يونس : قال مالك : إذا بنيت في أرضه وهو حاضر يراك ثم نازعك فلك قيمة ما أنفقت لأن الأصل عدم الرضا قال ابن القاسم : ذلك فيا في أرض وحيث لا يظن أن تلك الأرض لأحد ولو بنى أيضاً في مثل ذلك المكان الذي يجوز إحياء مثله ولم يعلم صاحبه لم يكن له إخراجه إلا أن يغرم القيمة مبنية وأما المتعدي فيهدم بناؤه ويقلع غرسه إلا أن يعطي المالك قيمته مقلوعاً قال ابن القاسم : لو بنى أو غرس في أرض امرأته أو دارها ثم يموت أحدهما فللزوج أو لورثته على الزوجة أو ورثتها قيمة البناء مقلوعاً وإنما جاز له فيما غرس من مال امرأته حال المرتفق بالعارية يغرس فيها أو يبني إلا أن شهدت بينة بإنفاقه في ذلك من ماله فكيف البناء والغرس فإن ادعت أنه من مالها من غير بينة حلف أو من يظن به العلم من بالغي ورثته أنه لا يعلم دعواها وأخذ النقض ولها إعطاء قيمته مقلوعاً
فرع
قال : قال مالك : إذا بنيت في أرضك المشتركة أو غرست فلتقتسما فإن صار بناؤك فيما وقع لك فهو لك وعليك كراء حصة شريكك فيما خلا أو فيما وقع له خير في إعطائك قيمة ذلك مقلوعاً أو إخلاء الأرض وله عليك من الكراء بقدر حصته قال ابن يونس : ولابن القاسم في المدونة خلاف هذا قال ابن القاسم : وكذلك لو بنى أحد الورثة قبل القسم وأن استغل الثاني من ذلك شيئاً قبل القسم وهم حضور فلا شيء لهم وكانوا اذنوا له وإن كانوا غيباً فلهم بقدر كراء الأرض بغير البناء قال عبد الملك : وكذلك الشريك إذا كان حاضراً لا ينكر فهو كالآذن ويعطيه قيمة البناء قائماً قال ابن القاسم : بل مقلوعاً ومنشأ الخلاف : هل السكوت من الحاضر العلم إذن أم لا ؟ وكذلك اختلفوا في الباني في أرض زوجته
فرع
قال : قال ابن القاسم في رجلين تداعيا في أرض فزرعها أحدهما فنبتت فقلب الآخر ما نبت وزرع غيره ثم نبتت للأول في أوان الحرث فله الكراء على الثاني لأنه غير غاصب والزرع للثاني وعليه قيمة بذر الأول على الرجاء والخوف لأنه أتلفه وإن أنبتت الاستحقاق بعد الإبان فلا كراء له على الثاني والزرع للثاني وعلى الثاني قيمة بذر الأول ولو كان غاصباً كان لربها في الإبان قلع الزرع إلا أن يشاء أخذ كراء الأرض إذا كان قد بلغ النفع به
فرع
قال قال عبد الملك : في قوم أغاروا على منزل رجل والناس ينظرون فذهبوا بما فيه ولا يشهدوا بأعيان المنهوب لكن بالغارة والنهب فلا يعطى المنتهب منه بيمينه وإن ادعى ما يشبه إلا ببينة وقاله ابن القاسم محتجاً بقول مالك في منتهبي الصرة يختلفان في عددها : إن القول قول المنتهب مع يمينه وقال مطرف : يحلف المغار عليه على ما ادعى إن أشبه أن مثله يملكه وإذا أخذ واحد من المغيرين ضمن جميع ما أغاروا عليه مما تثبت معرفته أو ما حلف المغار عليه مما يشبه ملكه لأن بعضهم يعين بعضاً كالسراق والمحاربين قاله مطرف وعن ابن القاسم : إذا أقر بغصب عبد هو ورجلان سماهما فصدقه رب العبد فإن هذا يضمن جميع العبد ولا يلتفت إلى من غصب معه إلا أن تقوم عليهم بينة أو يقروا ولو كان بعضهم ملياً والباقون معدومون أخذ من المليء جميع العبد ويطلب هو وأصحابه
فرع
قال قال ابن القاسم : السلطان أو الوالي المعروف بالظلم في الأموال يدعى عليه الغصب لا يحكم عليه إلا بالعدول كغيره والمشهور بالظلم والاستطالة بالسلطان على أموال الناس تشهد البينة العادلة أن المدعى به ملكه وأنه في يد هذا الظالم ولا يعلمون بأي طريق صار إليه يأخذ المدعي إلى أن يشهد بأنه ملك الظالم فإن شهد بالبيع وقال المدعي : بعت خائفاً وهو من أهل السطوة يفسخ البيع فإن ادعى أنه رد الثمن مكرهاً بالتهديد باطناً يحلف الظالم ويبرأ لأن الأصل عدم ذلك قال سحنون : إذا عزل الظالم في الأموال وشهد بما في يديه أنه كان ملك زيد كلف الظالم البينة بما صار إليه وإلا أخذ منه ولو شهد للظالم بالحيازة عشرين سنة بحضرة المدعي لا يقضى له بذلك ولو مات أقام الورثة البينة أن هذه الدور كانت لأبيهم لا يكلفوا البينة بأي طريق صارت إليه كما كان أبوهم يكلف لأنه شيء نشأ في ملكهم كالغاصب في الغلة وفيما غرس حتى تقوم البينة بالغصب وإلا لم يكن عليه غلة ويأخذ قيمة الغرس قائماً حتى يشهد بالغصب فيأخذ قيمته مقلوعاً ويرجع عليه بالغلات وتقوى أمر الغلة بالخلاف فيها
فرع
قال : قال عبد الملك : حيازة الدار عشرين سنة مع البناء والغرس لا يمنع بينة جارة أنه غصبه أو على إقراره بالغصب وإن كان علماً ببينة لأن الأصل هذه ( الحيازة علم فإن رجع الظالم سخط القدرة ) يقدر عليه أو ورث ذلك ورثته فاقتسموه بحضرته فهو على حقه إلا أن يبيعوا أو يصدقوا أو يهبوا وربه علام بذلك لا عذر له فذلك إذا طال من بعد هذا يقطع حجته ولا يضر بينة الغصب ترك الإعلام بما عندهم بالشهادة إن كان عالماً بها أو غير عالم لكن الظالم لا ينصف منه وإلا فهي ساقطة
فرع
قال صاحب النوادر قال ابن القاسم : إذا أرسل ناراً في أرضه بحيث لا تصل فوصلت بحمل الريح لم يضمن لعدم التغرير أو بحيث تصل ضمن ودية من مات على عاقلته وإن أغفلت أمر ماء أرضك ضمنت وإن كان قيمك هو الذي يلي ذلك ضمن دونك وإن تحامل الماء على الجسور بغير سبب منك لم تضمن قال سحنون : إن قاموا لدفع النار عن زرعهم فماتوا فهم هدر
فرع
قال قال ابن القاسم : إذا شهدوا بغصب الجارية دون قيمتها وصفها الغاصب وقومت قال أشهب : بقيمتها يوم الغصب فإن لم وصف بصفة جعلت من أوضع الجواري لأن الأصل براءة الذمة من الزائد وإذا اختلفا في الصفة صدق الغاصب مع يمينه وإن لم يأت بما يشبه صدق الآخر مع يمينه كما يقبل قول المنتهب للصرة في عددها قال أشهب : يصدق الغاصب مع يمينه وإن ادعى أدنى الصفات إنما يراعي الاشبه في اختلاف المتبايعين في الثمن والسلعة قائمة معلومة الحال والمغصوب لا يعلم حالة إلا بما يقر به الغاصب
فرع
قال : قال ابن القاسم : الشهادة بغصب أرض لا يعرفون موضعها باطلة بخلاف التعيين مع الجهل بالحدود ويضيق عليه حتى يبين له حقه ولا يقضى له بينة أو إقرار ويحلف المقر أن هذا حقك قال أصبغ : أو يشهد غيرهم بالحدود فيقضى بذلك فإن ضيق عليه بالسجن وغيره ولم يقر بشيء حلف على الجميع كما يحلف المدعى عليه بغير بينة وتسقط الشهادة قال ابن القاسم : فإن تعارضت بينتان في الشراء والغصب وشكت بينة الشراء هل هو بعد الغصب أم لا تقدم الشراء لأنه كان بعد فقد ثبت الملك أو قبل فشهادة الغصب باطلة
فرع
قال في الموازية : إذا قلت له : أغلق باب داري فإن فيها دوابي فقال : فعلت ولم يفعل متعمداً للترك حتى ذهبت الدواب لم يضمن لأنه لا يجب عليه امتثال أمرك وكذلك قفص الطائر ولو أنه هو الذي أدخل الدواب أو الطائر القفص وتركهما مفتوحين وقد قلت له : أغلقهما لضمن إلا أن يكون ناسياً لان مباشرته لذلك تصيره أمانة تحت حفظه ولو قلت له : صب النجاسة من هذا الإناء فقال : فعلت ولم يفعل فصببت مائعاً فتنجس لا يضمن إلا أن يصب هذا المائع لما تقدم ولو قلت : أحرس ثيابي حتى أقوم من النوم أو أرجع من الحاجة فتركها فسرقت ضمن لتفريطه في الأمانة ولو غلب عليه نوم قهره لم يضمن وكذلك لو رأى أحداً يأخذ ثوبه غصباً إلا أن يكون لا يخافه وهو مصدق في ذلك لأن براءة ذمته وكذلك يصدق في قهر النوم له ولو قال لك : أين أصب زيتك ؟ فقلت : انظر هذه الجرة إن كانت صحيحة فصب فيها ونسي النظر إليها وهي مكسورة ضمن لأنك لم تأذن له إلا في الصب في الصحيحة ولو قلت له : خذ هذا القيد فقيد هذه الدابة فأخذ القيد ولم يفعل حتى هربت الدابة لم يضمن لأنك لم تدفع الدابة بخلاف الطائر هو جعله في القفص فلو دفعت إليه الدابة ضمن وكذلك لو دفعت إليه العلف والدابة فترك علفها ضمنها ولو دفعت إليه العلف وحده فتركها بلا علف حتى ماتت جوعاً وعطشاً لم يضمن ولو قلت : تصدق بهذا على المساكين فتصدق به وقال : اشهدوا أني تصدقت به عن نفسي أو عن رجل آخر فلا شيء عليه عند أشهب والصدقة عنك لانه كالآلة فلا تعتبر نيته ولو قلت له شد حوضي وصب فيه رواية فصبها قبل الشد ضمن لأنك لم تأذن له في الصب إلا بعد الشد فالصب قبله غير مأذون فيه بعد وكذلك إن كان صحيحاً فصب فيه فنسي أو تعمد الصب قبل النظر وكذلك صب فيه إن كان رخاماً فصب فيه وهو فخار قال ابن كنانة : إذا قال الصيرفي : هو جيد وهو رديء ضمن لأنه غرر ولم يضمنه ابن القاسم وإن غر بك يؤدب وكذلك يجري الخلاف فيما تقدم مما غر فيه بلسانه ولمالك في تضمين الصيرفي إذا غر بجهله قولان قال سحنون : والصحيح : التضمين إذا غر من نفسه قال ابن دينار : إن أخطأ فيما يختلف فيه لم يضمن أو في البين الظاهر ضمن لتقصيره ولو دل اللص والغاصب القاهر على مال فللمتأخرين في تضمين الدار قولان وإن أقر لك بالرق والملك على أن يقاسمك الثمن ففعلت ثم اطلع على ذلك وقد هلكت ضمن هو ما أتلف على المشتري وقاله محمد في الحر يباع في المغانم وهو ساكت إلا أن يجهل مثله ذلك واختلف فيمن اعتدى على رجل عند السلطان المتجاوز إلى الظلم في المال مع أنه لم يبسط يده إليه ولا أمر بشيء بل تعدى في تقديمه إليه مع علمه بأنه يظلمه
فرع
في الجواهر : لو غصب السكنى فقط فانهدمت الدار إلا موضع سكنه لم يضمن ولو انهدم سكنه ضمن الركن الثاني : الواجب عليه وهو كل آدمي تناوله عقد الإسلام أو الذمة لقوله عليه السلام : ( على اليد ما أخذت حتى ترده ) وهو عام فيما ذكرناه والقيد الأول احتراز من البهيمة لقوله عليه السلام : ( جرح العجماء جبار ) والأخير احتراز من الحربي فإنه لا يضمن المغصوب في القضاء أما في الفتيا فالمشهور مخاطبته بفروع الشريعة فيضمن عند الله تعالى ويبقى في الحد العامد والجاهل والغافل والعبد والحر والذمي لإجماع الأمة على أن العمد والخطأ في أموال الناس سواء قال صاحب المقدمات : يستوي المسلم والذمي والبالغ والأجنبي والقريب إلا الوالد من ولده والجد للأب من حفيده قيل : لا يحكم له بحكم الغصب لقوله عليه السلام : ( أنت ومالك لأبيك ) والمسلم من المسلم والذمي أو الذمي من المسلم والذمي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ظلم ذمياً أو معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة سنة ) ويجتمع في الغصب حق الله تعالى وحق المغصوب منه إلا الصغير لا يعزر لعدم التحريم عليه وقيل : يؤدبه الإمام قاعدة : حقه تعالى : أمره ونهيه وحق العبد مصالحه وكل حق للعبد ففيه حق لله تعالى وهو أمره بإيصال ذلك الحق لمستحقه هذا نص العلماء والحديث الصحيح خلافه ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حق الله على العباد ؟ فقال : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ) ففسر حقه تعالى بالمأمور دون الأمر فيحتمل أن يكون حقيقة فيتعين المصير إلى تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم دون العلماء ويحتمل التجوز بالمأمور عن الأمر فيوافق نصوص العلماء ثم قد ينفرد حق الله تعالى كالمعرفة والإيمان وقد ينفرد حق العبد كالديون والأثمان وقد يختلف العلماء إذا اجتمعا في أيهما يغلب كحد القذف من خصائص حق العبد وبه يعرف : تمكنه من إسقاطه ومن خصائص حق الله تعالى : تعذر إسقاط العبد له وقبوله للتوبة محواً والتفسيق إثباتاً قاعدة : يعتمد المصالح المفاسد دون التحريم تحقيقاً للاستصلاح وتهذيباً للأخلاق ولذلك تضرب البهائم إصلاحاً لها والصبيان تهذيباً لأخلاقها ولذلك قيل : يهذب الصبي على الغصب وكذلك يضرب على الزنا والسرقة وغيرهما نفياً للفساد بين العباد لا للتحريم ولذلك قال ( ش ) رضي الله عنه : أحد الحنفي على شرب النبيذ وأقبل شهادته لمفسدة السكر وإفساد العقل المتوقع إذا لم يسكر من النبيذ لانتفاء التحريم بالتقليد وقال مالك رحمة الله عليه : احده ولا أقبل شهادته بناء على أن التقليد في شرب النبيذ لا يصح لكونه على خلاف النص والقياس والقواعد
فرع
في المقدمات : إذا كان الغاصب صبياً لا يعقل فقيل : ما أصابه من الاموال والديات هدر كالبهيمة وقيل : المال في ماله والدم على عاقلته إن كان الثلث فصاعداً كالخطأ وقيل : المال هدر والدم على عاقلته إن كان الثلث فصاعداً تغليباً للدماء على المال وحكم هذا حكم المجنون المغلوب على عقله وأما حق المغصوب فيه : فرد المعصوب إن وجد أو قيمته يوم الغصب إن فقد وهو غير مثلي أو مثله في الموزون والمكيل والمعدود الذي لا تختلف آحاده كالبيض والجوز
فرع
قال ابن يونس : قال محمد : غاصب السكني فقط كالمسودة حين دخلوا لا يضمن المنهدم من غير فعله بل قيمة السكنى ويضمن ما هو بفعله وغاصب الرقبة يضمنها مطلقاً مع أجرة السكنى قال ابن القاسم : إذا نزل السلطان على مكتر فأخرجه وسكن المصيبة على صاحب الدار لعدم وضع اليد على الرقبة بل على المنفعة ويسقط عن المكتري ما سكن السلطان لعدم تسليمه لما اكترى وعدم التمكن قال ابن القاسم : وغير السلطان في الدار والأرض يزرعها غصباً من مكتريها لا يسقط الكراء عن المكتري لأنه هو المباشر بالغصب دون المالك للرقبة إلا السلطان الذي لا يمنعه إلا الله تعالى لانه كالأمر السماوي بخلاف من يمنعه من هو فوقه
فرع
في الكتاب : إذا وهب لك طعاماً أو إداماً فأكلته أو ثوباً فلبسته حتى أبليته رجع مستحقه على الغاصب المليء لأنه المتعدي المسلط وإن كان معدماً أو معجوزاً عنه فعليك لأنك المتنفع بماله ولا ترجع أنت على الواهب بشيء لعدم انتفاعه وانتفاعك وكذلك لو أعارك الغاصب فنقصت بلبسك فلا ترجع على المعير بما تعزم فلو اكتريته فنقصته باللبس أخذ المستحق ثوبه منك وما نقصه اللبس وترجع على الغاصب بجميع الكراء كالمشتري قال ابن يونس قال أشهب إذا وهبك الغاصب فأبليت أو أكلت اتبع أيكما شاء لوجود سبب الضمان في حقكما قال ابن القاسم : إن كان الواهب غير غاصب لم يتبع غير الموهوب المنتفع وهو خلاف ما له في كتاب الاستحقاق في مكري الارض يحابي في كرائها ثم يطرأ أخوه وسواء بين المتعدي وغيره وهو أصله في المدونة أن يبدأ بالرجوع على الواهب فإن أعدم فعلى الموهوب إلا أن يكون الواهب عالماً بالغصب فكالغاصب في جميع الأمور ويرجع على أيهما شاء وقول أشهب أقيس ولا يكون الموهوب أحسن حالاً من المشتري ووجه التبدئة بالغاصب : أن الظالم أحق أن يحمل عليه والفرق بين الموهوب والمشتري : أن المشتري إذا غرم رجع بالثمن والموهوب لا يرجع قال سحنون : إذا كان المعير غاصباً لا يضمنه المالك النقص بل له أن يضمنه الجميع ولا شيء له على المستعير وإن كان الغاصب عديماً بيع الثوب في القيمة واتبع المستعير بالأقل من تمام القيمة وما نقص لبس الثوب إلا أن يكون قد كان للغاصب مال وقت لباس المستعير ثم زال االمال فلا يضمن المستعير شيئاً لاتباعه الغاصب بالقيمة وإن شاء المستحق أخذ الثوب أو ما نقصه اللُّبس من المستعير فذلك له في عدم الغاصب قال ابن القاسم : ولو أكرى الغاصب الدابة فعطبت تحت المكتري فلا يتبع إلا الغاصب إن لم تعطب بفعل المشتري بخلاف ما أكله المكتري أو لبسه حتى أبلاه يغرمه المكتري ويرجع بالثمن على الغاصب وعن مالك : إذا آجرته ليبلغ لك كتاباً ولم يعلم أنه عبد فعطب ضمنه مثلما يتلف المشتري بنفسه فمن اشتراه أن لمستحقه تضمينه وفرق ابن القاسم بين العبد والدابة المكتراة وما بينهما فرق وكذلك لو لم يركبها وبعثها مع غيره إلى قرية قال محمد : وهما سواء في الضمان قيل لمحمد : قد قال مالك في المشتري يهدم الدار : لا يضمن قال : قد قال في قطع الثوب : يضمن والفرق : أن الدار يقدر على إعادتها بخلاف الثوب وكسر الحلي كهدم الدار لعدم التلف وقاطع الثوب كذابح الشاة وكاسر العصا وباعث الغلام فيهلك تلف له قال ابن يونس : ولو قال قائل : هدم الدار وذبح الشاة وكسر الحلي وركوب الدابة والبعث بها سواء لم أعبه لاستواء العمد والخطأ في الضمان
فرع
في الكتاب : إذا أودع المغصوب لا ضمان على المودع إلا أن يتعدى لأن يد المودّع كصندوقه وامرأته وعبده الذي يشيل متاعه
فرع
قال ابن يونس : قال سحنون : إذا قال : كنت غصبت ألف دينار وأنا صبي تلزمه ( لأن الصبي في ندم الضمان كالبالغ ولو قال : أقررت لك بألف وأنا صبي تلزمه لأن قوله ) وأنا صبي ندم
فرع
قال : قال سحنون : إذا أكرهك العامل على دخول بيت رجل لتخرج منه متاعاً لتدفعه إليه وفعلت ودفعته إليه ثم عزل لرب المتاع اتباع أيكما شاء لتعدّيه بالأمر وتعديك بالمباشرة فإن اتبعك رجعت عليه فإن غاب رب المتاع وعزل الامير فلك مطالبته لأن رب المتاع قد يجئ ويطالبك وقال ابن دينار في ظالم أسكن معلماً دارك ليعلم ولده ثم مات ومت يُخير صاحب الدار بين ما لك وما له وقال ابن أبي زيد في مخبر اللصوص بمطمرك أو غاصب يضمن الدال وقيل : لا لضعف سبب الدلالة
فرع
قال : لو اتفقتما على أن يقر لك برق نفسه على أن تبيعه ويقاسمك الثمن ففعلت وهلكت ضمن المقر بالملك لثمن البائع لغروره بذلك قاله محمد وكذلك لو بيع في المغانم وهو حر فسكت لأن سكوته تغرير وقالوا في المتعدي عليك عند السلطان وهو يعلم أنه يتجاوز فيك إلى الظلم فقال مالك عليه الأدب فقط وقيل : إن كان ظالماً في شكواه ضمن أو مظلوماً لا يقدر على النصفة إلا بالسلطان فلا شيء عليه لعذره في ذلك ويلزم السلطان الضمان متى قدر عليه وكذلك رسل السلطان في هذه التفرقة وقيل : ينظر إلى القدر الذي لو استأجر به على إحضارك فهو عليك ويفرق فيما زاد على ذلك بين المظلوم والظالم وأما الذي يكتب للسلطان أسماء جماعة فيقدمون وهو يعلم أنه يظلمهم بذلك فيغرم مع العقوبة وفيه خلاف
فرع
قال : وقال عبد الملك : إذا جلست على ثوب رجل في الصلاة فيقوم فينقطع لا يضمن لأنه مما يعم في الصلوات والمجالس الركن الثالث : الواجب فيه وهو الأموال لأنها متعلق الأغراض فما لا مالية له لا حرمة له فلا يوجب الشرع اختصاصه بأحد فلا يتصور الغصب وعدم المالية إما شرعا فقط كالخنزير للحقارة الشرعية أو الآدمي الحر المشرف من الأعيان أو من المنافع كوطث البهائم للحقارة الشرعية أو الأثمان للسرف وإما شرعا وعادة كالقمل والبعوض من الأعيان والاستظلال والاستصباح من المنافع وها هنا أمور مترددة بين المالية وعدمها اختلف العلماء فيها فأذكرها وهي ثمانية فروع : الفرع الأول في الكتاب : إذا غصب مسلم من مسلم خمرا فخللها فلربها أخذها لأنها حلت وليس للغاصب فيها ملك ولا صنيع يحتج به بخلاف الصبغ أو جلد ميتة غير مدبوغ ضمنه كما لا يباع كلب ماشية أو زرع أو ضرع وعلى قاتله قيمته قال ابن يونس قال أشهب لو كانت الخمر المتقدم ذكرها لذمي يخير في أخذها خلا أو قيمتها خمرا يوم الغصب لأنه يقر على ملكه الخمر والمعاوضة عليها من ذمي ونظر أشهب أيضا بالزرع الذي لم يبد صلاحه وبئر الماشية التي لا يجوز بيعها إذا اغتصبها فسقى بها زرعه فعليه قيمة ما سقى منها قال مالك ويغرم قيمة الزرع على ما يرجى من تمامه ويخاف أن لو كان يحل بيعه وقال أن حنبل يرد الخمر إذا تخللت للمسلم كما قلناه قال ويرد الكلب المباح ولا يضمن جلد الميتة لنا قضاؤه عليه السلام بالغرة في الجنين مع امتناع بيعه وهو أصل تضمين ما يمتنع بيعه حيث ضمن وعن مالك لا شيء في جلد الميتة غير المدبوغ قياسا على غير المتمول حيث كان قال اسماعيل إلا أن يكون لمجوسي لأنه عندهم يؤكل فهو كخمر الذمي قال اللخمي عن ابن القاسم لا شيء في غير المدبوغ وإن دبغ فقيمة ما فيه من الدباغ قال اللخمي : إن دبغ فقيمة جميعه وقد قال مالك مرة : يجوز بيعه وليس كل ما يثبت له ضمان المتعدي جاز بيعه ويختلف في جلود السباع قبل الدباغ وبعده إذا ذكيت : قال مالك وابن القاسم : هي مذكاة ويجوز بيعها فعلى هذا يغرم الغاصب قيمتها وعلى قول : هي كجلود الميتة قبل الدباغ وإن أخذه من صاحبه حياً فعليه قيمة جلده على قول مالك خلافاً لابن حبيب في عدم اعتباره ويختلف في صفة تقويم الكلب المباح الاتخاذ فمن أجاز بيعه قوم على ذلك ومن منع رده إلى أحكام جلد الميتة للانتفاع لا للبيع ولا شيء في كلب الدار لأمر النبي بقتلها وإذا عاد الزرع أو الثمر اللذان لم يبد صلاحهما لقيمتهما بعد الحكم لم ينقض فإن عاد قبل الحكم فعن مالك : تسقط القيمة إن لم يكن فيه منفعة وإن كانت فيه منفعة قوم على غير الرجاء والخوف وقال أصبغ : على الرجاء والخوف قال : وأرى أن يرجع إلى ما يكشف عنه من الغيب حكم أم لا فإن تراخى الحكم وسلم زرع ذلك الموضع فقيمته على السلامة إن كان لا يسقى وإلا حط ما ينوب أجرة السقي وإن هلك زرع ذلك الموضع أو تمرهم فالقيمة على غير الرجاء إلا أن يكون غيره بعدما انتقل وزاد فالقيمة على ما انتقل إليه الفرع الثاني : إن غصب عصيراً فصار خمراً كسرت عليه وغرم مثل العصير فإن صار العصير خلا خير بين أخذه أو مثل العصير لفواته بالتغير وفي ثمانية أبي زيد : إن كسر العصير وقد دخله عرق خل ولم يخلل فالقيمة على الرجاء والخوف كالثمرة الفرع الثالث : قال : قال مالك : إن غصب حراً فباعه ثم تاب يطلبه فإن أيس منه ودى ديته إلى أهله الفرع الرابع : قال : قال ابن القاسم : إذا ماتت أم الولد عند غاصبها غرم قيمتها لسيدها قيمة أم ولد لا عتق فيها قياساً على تضمين الجنين بالغرة ومنع سحنون كالحرة ووافق المشهور ( ش ) وابن حنبل ووافق سحنون ( ح ) ووافق سحنون إذا جنى عليها قاله في الجواهر وقال : المكاتب والمدبر كالقن ولم يحك فيهما خلافاً لقوة شائبة الرق الفرع الخامس : في الكتاب : إذا غصب خمر الذمي فأتلفها فعليه قيمتها يقومها من يعرف القيمة من المسلمين وقاله ( ح ) خلافاً ل ( ش ) وابن حنبل في خمر الذمي وخنزيره ومنشأ الخلاف : النظر إلى اعتقادهم ومقتضى عقد الذمة أو إلى شرعنا لنا : أن عمر رضي الله عنه كتب إليه عماله يسألونه عن الذمي يمر بالعاشر ومعه خمر فكتب إليهم : يبيعوها وخذوا منهم العشر من أثمانها ولم يخالفه أحد نقله أبو عبيد في كتاب الأموال وهو يدل على أنها من مالهم من ثلاثة أوجه : أحده : أن أمر الإمام العادل بالبيع يدل على أن المبيع متمول وثانيها : إيجاب العشر في ثمنها ولا يجب إلا في متمول وثالثها : تسمية ما يقابلها ثمناً وهو لا يكون إلا في بيع صحيح عند الإطلاق ولا يصح البيع إلا في متمول وبالقياس على سائر أشريتهم وأموالهم لأن القضاء عليهم باعتقادهم لا باعتقاد القاضي أنه لايوجب عليهم الحد فيها ويقضى لهم بثمنها إذا باعها من ذمي ويقرهم على مسها وشربها وجعلها صداقاً وسائر التصرفات فيها وكذلك نقرهم على أنكحتهم الفاسدة عندنا فكذلك كونها مالاً ومضمونة ولأن عقد الذمة وقع على إقرارهم على شربها والتصرف فيها بسقوط تضمينها نقضاً لأمانهم وحملاً للناس على إراقتها أو نقول : إن الخمر غير محرمة عليهم فتكون متمولة أما عدم تحريمها : فلأن الخمر كانت مباحة في صدر الإسلام ثم نزل قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر - إلى قوله تعالى - ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ) فخصص بخطاب التحريم المؤمنين ولأنهم ليسوا من أهل الصلاة ولا عجب في استثناء بعض الأحكام عنهم بدليل سقوط الضمان والأداء عنهم ولأن أهل الذمة عصمت دماؤهم عن السفك وأعراضهم عن الثلم وأموالهم عن النهب وأزواجهم عن الوطء مع وجود سبب عدم ذلك في الجميع وهو الكفر فكذلك الخمر لا تمنع مفسدة الإسكار تمولها وعصمتها ويؤكده الإجماع على منع إراقتها ووجوب ردها مع بقاء عينها إنما الخلاف إذا تعدى فاتلفها ولأن الخمر يتعلق بها عندنا وجوب الحدا وسقوط الضمان وقد خالف الذمي المسلم في الحد فيخالفه في سقوط الضمان قياساً لأحدهما على الآخر احتجوا : بأن الإسلام أعظم من عقد الذمة والإسلام لم يجعلها مالاً فعقد الذمة أولى ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله سبحانه حرم الخمر وثمنه وحرم الخنزير وثمنه وحرم الكلب وثمنه ) والقيمة بدل الثمن ومنع الأصل منع للفرع وقياساً على البول والدم والميتة ولأنه ساوى المسلم في عدم القطع في سرقتها منه فيساويه في عدم ضمانها له ولأنها لو كانت مالاً معصوماً لما أريقت إذا أظهروها قياساً على سائر الأموال ولأن اعتقاد الذمي تمولها كفر فلا يترك اعتقاد الإسلام لاعتقاد الكفر ويدل على ذلك : أنهم يعتقدون العبد المرتد مالاً ولا يضمن بالإتلاف المسلم للذمي ولا ذمي لمسلم ويعتقدون المصحف والشحوم ليس بمال ونضمنها لهم ويضمنونها لنا فلو ضمنا المسلم لضمن بالمثل ولما لم يضمنها بالمثل لم تكن مضمونة والجواب عن الأول : أن عظم الإسلام أوجب له الكمال فلا تقر معه مفسدة وعقد الذمة لنقصه تثبت معه المفاسد بدليل ثبوت الكفر وغيره وعن الثاني : القول بالموجب فإن الثمن في الشرع ما نشأ عن العقد وهو محرم والقيمة ما نشأ عن الإتلاف وهي التي أوجبناها دون الثمن فلم يتناول الحديث صورة النزاع لأن قيمة أم الولد حلال وثمنها حرام والقيمة في قتل الصيد على المحرم حلال وثمنه حرام ومهر المجوسية حرام ومهر بضعها بالإتلاف حلال وعن الثالث : أن البول غير متمول لهم وأما الميتة والندم فمنع بالحكم فيهما بل يضمنان لأنما مال لهم ويأكلونهما ولو عدوا أيضاً البول مالاً قال أصحابنا : نضمنه أيضاً وعن الرابع : الفرق أن المسلم لا يعدها مالاً بخلافه ولأنه خالفه في التمكن من الشرب والتصرف فيخالفه في الضمان وعن الخامس : لو كانت لهم قافلة فيها خمر فمر بها قطاع الطريق وجب على الإمام حمابتهم والذب عنهم فدل على أنها كأنفسهم معصومة وعن السادس : انتقاضه بالحد ولأن اعتقادهم التثليث والصاحبة والولد كفر وقد نزل اعتقاد الإسلام وأقررناهم على اعتقادهم وأما العبد المرتد : فلأنه لا يقر على دينه ولأنه أباح دم نفسه بالردة فهو كما لو أباحنا الذمي ماله أو خمره فإنه لا يضمن وأما المصحف فهم يعدونه مالاً كلاماً حسناً فصيحاً يستحسنونه ويعلمونه أولادهم كالشعر الحسن ثم المصحف والشحوم حجة عليكم لأنا غلبنا في التضمين قول من يعتقدهما مالاً فليكن الخمر مثله وعن السابع : أنها حرام على المسلم فلا يمكن أن يملك المثل حتى يبذله للذمي كما لو قتله بآلة اللواط فإن القصاص بالمثل ومع ذلك فنعدل إلى غيرها فهو مما عدل فيه عن المثل إلى القيمة للضرورة كالصبرة إذا جهل كيلها فإنها تضمن بالقيمة تفريع : قال في الكتاب : يقضي بين أهل الذمة في غصب الخمر وإفساده ولا يقضى بينهم في تظالمهم في الربا وترك الحكم أحب إلي لقول الله تعالى : ( فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) في التنبيهات : وقع في بعض الروايات : بقومها أهل دينهم وعلى الأول اختصر المختصرون واختلف في تعميم قوله : ترك الحكم أحب إلي هل يختص بالربا أو يعم ؟ ومراده : إذا طلبوا الحكم بينهم بغير حكم الإسلام أما حكم الإسلام فلا نكرهه وقيل : نكرهه لأن حكم الإسلام في حقهم غير متوجه كحكم الطلاق مثلاً وفي التلقين : اختلف في ضمان خمر الذمي وخنزيره الفرع السادس : في الجواهر : لا يضمن خمر الذمي ولا ما نقصت الملاهي بكسرها وتغييرها عن حالها وقاله الأيمة
أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29