كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

قوله: "ومن أحدث ثم سافر قبل المسح أتم مسح مسافر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يتم مسح مقيم ذكرها القاضي في الخلاف وغيره وهي من المفردات أيضا قال في الرعاية وهو غريب وقيل: إن مضى وقت صلاة ثم سافر أتم مسح مقيم وهو من المفردات أيضا.
قوله: "ولا يجوز المسح إلا على ما يستر محل الفرض".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به أكثرهم واختار الشيخ تقي الدين جواز المسح على الخف المخرق إلا إن تخرق أكثره قال في الاختيارات ويجوز المسح على الخف المخرق ما دام اسمه باقيا والمشي فيه ممكن اختاره أيضا جده المجد وغيره من العلماء لكن من شرط الخرق أن لا يمنع متابعة المشي واختار الشيخ تقي الدين أيضا جواز المسح على الملبوس ولو كان دون الكعب.
تنبيه: مفهوم قوله: "وثبت بنفسه أنه إذا كان لا يثبت إلا بشده لا يجوز المسح عليه وهو المذهب من حيث الجملة ونص عليه وعليه الجمهور وقيل: يجوز المسح عليه فعلى المذهب لو ثبت الجوربان بالنعلين جاز المسح عليهما ما لم يخلع النعلين وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به قال الزركشي وقد يتخرج المنع منه انتهى.
ويجب أن يمسح على الجوربين وسيور النعلين قدر الواجب قاله القاضي وقدمه في الرعاية الكبرى: قال في الصغرى والحاويين مسحهما وقيل: يجزئ مسح الجورب وحده وقيل: أو النعل قال في الفروع فقيل يجب مسحهما وعنه أو أحدهما: قال المجد في شرحه وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: ظاهر كلام أحمد إجزاء المسح على أحدهما: قدر الواجب.
قلت: ينبغي أن يكون هذا هو المذهب.
وأطلقهما في الفروع والزركشي وابن عبيدان وعلى المذهب يجوز المسح على الذي يثبت بنفسه ولكن يبدو بعضه لولا شده أو شرجه كالزربول الذي له ساق ونحوه على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب منهم المصنف والشارح والمجد وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: وابن عبدوس المتقدم وجزم به في المنور والمنتخب وقدمه في الفروع وغيره وقيل: لا يجوز المسح عليه اختاره أبو الحسين الآمدي وأطلقهما الزركشي وابن تميم.
تنبيه: ذكر المصنف هنا لجواز المسح شرطين ستر محل الفرض وثبوته بنفسه وثم شروط أخر.
منها تقدم الطهارة كاملة على الصحيح من المذهب: كما تقدم في كلام المصنف.
ومنها إباحته فلو كان مغصوبا أو حريرا أو نحوه لم يجز المسح عليه على الصحيح

من المذهب: والروايتين وقال في الفروع مباح على الأصح قال في المغني والشرح هذا الصحيح من المذهب: قال في مجمع البحرين: يشترط إباحته في الأصح قال ابن عبيدان: هذا الأصح وقدمه في التلخيص وغيره وعنه يجوز المسح عليه حكاها غير واحد قال الزركشي وخرج القاضي وابن عبدوس والشيرازي والسامري الصحة على الصلاة وأبى ذلك الشيخان وصاحب التلخيص وقال إنه وهم فإن المسح رخصة تمتنع بالمعصية انتهى وأطلقهما في الرعايتين والحاويين وابن تميم وقال في الفصول والنهاية والمستوعب لا يجوز المسح عليه إلا لضرورة كمن هو في بلد ثلج وخاف سقوط أصابعه فعلى المذهب الأصلي أعاد الطهارة والصلاة لزوما على الصحيح قال ابن عقيل إن مسح على ذلك فهل يصح على الوجهين في الطهارة بالماء المغصوب والطهارة من أواني الذهب والفضة أصحهما لا يصح قال فإن مسح ثم ندم فخلع وأراد أن يغسل رجليه قبل أن يتطاول الزمان انبنى على الروايتين في خلع الخف هل تبطل طهارة القدمين أصحهما تبطل من أصلها.
ومنها إمكان المشي فيه مطلقا على الصحيح من المذهب: اختاره القاضي وأبو الخطاب والمجد وجزم به الزركشي وغيره وقدمه في الفروع وابن عبيدان ومجمع البحرين: فدخل في ذلك الجلود واللبود والخشب والزجاج ونحوها قاله في مجمع البحرين: وغيره من الأصحاب وقيل: يشترط مع إمكان المشي فيه كونه معتادا واختاره الشيرازي وقيل: يشترط مع ذلك كله كونه يمنع نفوذ الماء وأطلقهما في غير المعتاد في الرعايتين والحاويين والهداية والزركشي
تنبيه: قولي إمكان المشي فيه قال في الرعاية الكبرى: يمكن المشي فيه قدر ما يتردد إليه المسافر في حاجته في وجه وقيل: ثلاثة أيام أو أقل.
ومنها طهارة عينه إن لم تكن ضرورة بلا نزاع فإن كان ثم ضرورة فيشترط طهارة عينه على الصحيح من المذهب: فلا يصح المسح على جلد الكلب والخنزير والميتة قبل الدبغ في بلاد الثلوج إذا خشي سقوط أصابعه بخلعه ونحو ذلك بل يتيمم للرجلين قال المجد وتبعه ابن عبيدان: هذا الأظهر واختاره ابن عقيل وابن عبدوس المتقدم وصححه في حواشي الفروع وقيل: لا يشترط إباحته والحالة هذه فيجزيه المسح عليه قال الزركشي وهو ظاهر كلام أبي محمد للإذن فيه إذن ونجاسة الماء حال المسح لا تضر قال في مجمع البحرين: ومفهوم كلام الشيخ يعني به المصنف اختيار عدم اشتراط إباحته وأطلقهما في الفصول والمستوعب والنهاية والفروع ومجمع البحرين: وابن تميم والرعايتين والحاويين قال في الرعاية الكبرى: وفي النجس العين وقيل: لضرورة برد أو غيره وجهان.
ومنها أن لا يصف القدم لصفائه فلو وصفه لم يصح على الصحيح من المذهب: كالزجاج الرقيق ونحوه وقيل: يجوز المسح عليه.

قوله: "فإن كان فيه خرق يبدو منه بعض القدم لم يجز المسح عليه".
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقيل: يجوز المسح عليه واختاره الشيخ تقي الدين وتقدم عنه قوله: "ولا يجوز المسح إلا على ما يستر محل الفرض.
فوائد
منها موضع الخرز وغيره سواء صرح به في الرعاية.
ومنها لو كان فيه خرق ينضم بلبسه جاز المسح عليه على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يجوز.
ومنها لو كان لا ينضم بلبسه لم يجز المسح عليه على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: يجوز اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
فائدة: لو مسح على خف طاهر العين ولكن بباطنه أو قدمه نجاسة لا يمكن إزالتها إلا بنزعه جاز المسح عليه ويستبيح بذلك مس المصحف والصلاة إذا لم يجد ما يزيل النجاسة وغير ذلك صححه المجد وابن عبيدان وقدمه في مجمع البحرين: وابن تميم وقيل: فيه وجهان أصلهما الروايتان في صحة الوضوء قبل الاستنجاء لكونها طهارة لا يمكن الصلاة بها غالبا بدون نقضها فجعلت كالعدم قاله في المستوعب وغيره قال الزركشي قال كثيرون يخرج على روايتي الوضوء قبل الاستنجاء وفرق المجد بينهما بأن نجاسة المحل هناك لما أوجبت الطهارتين جعلت إحداهما: تابعة للأخرى وهذا معدوم هنا وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
تنبيه: قوله: "أو الجورب خفيفا يصف القدم أو يسقط منه إذا مشى.
لم يجز المسح على هذا بلا نزاع.
قوله: "فوكد أو شد لفائف لم يجز المسح عليه.
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم قال الزركشي هو المنصوص المجزوم به عند الأصحاب حتى جعله أبو البركات إجماعا انتهى وفيه وجه يجوز المسح عليها ذكره ابن تميم وغيره واختاره الشيخ تقي الدين قال الزركشي وحكى ابن عبدوس رواية بالجواز بشرط قوتها وشدها انتهى وقيل: يجوز المسح عليها مع المشقة وهو مخرج لبعض الأصحاب.
فائدة: اختار الشيخ تقي الدين مع ما تقدم من المسائل مسح القدم ونعلها التي يشق نزعها إلا بيد ورجل كما جاءت به الآثار قال والاكتفاء هنا بأكثر القدم نفسها أو الظاهر منها غسلا أو مسحا أولى من مسح بعض الخف ولهذا لا يتوقت وكمسح عمامة وقال يجوز المسح على الخف المخرق إلا المخرق أكثره فكالنعل.
ويجوز المسح أيضا على ملبوس دون النعل انتهى وتقدم بعض ذلك عنه.

تنبيه: شمل قوله: "وإن لبس خفا فلم يحدث حتى لبس عليه آخر جاز المسح عليه".
مسائل
منها لو كانا صحيحين جاز المسح على الفوقاني بلا نزاع بشرطه.
ومنها لو كان الفوقاني صحيحا والتحتاني مخرقا أو لفافة جاز المسح أيضا عليه.
ومنها لو كان الفوقاني مخرقا والتحتاني صحيحا من جورب أو خف أو جرموق جاز المسح على الفوقاني على الصحيح من المذهب: نص عليه وقدمه في الفروع والمغني والشرح والرعايتين وابن تميم وغيرهم وقيل: لا يجوز المسح إلا على التحتاني اختاره القاضي وأصحابه وقدمه في الحاويين وقيل: هما كنعل مع جورب وقيل: يتخير بينهما في المسح.
ومنها لو كان تحت المخرق مخرق وستر لم يجز المسح على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: يجوز قدمه في الرعايتين وصححه في الحاويين وجزم به في المستوعب وقيل: يجوز قدمه ابن رزين: في شرحه وهما احتمالان مطلقان في المغني والكافي والشرح وأطلق الوجهين ابن تميم وابن عبيدان وصاحب الفروع.
ومنها لو كان تحت المخرق لفافة لم يجز المسح على الصحيح من المذهب: لكن لم يدخل في كلام المصنف ونص عليه وقيل: يجوز ويأتي آخر الباب هل الخف الفوقاني والتحتاني كل منهما بدل مستقل عن الغسل أم لا؟.
فائدة: قال في الرعاية لو لبس عمامة فوق عمامة لحاجة كبرودة وغيرها قبل حدثه وقبل مسح السفلى به مسح العليا التي بصفة السفلى وإلا فلا كما لو ترك فوقها منديلا أو نحوه.
تنبيه: قد يقال ظاهر قول ويمسح أعلى الخف أنه يمسح جميع أعلاه وهو مشط القدم إلى العرقوب وهو وجه لبعض الأصحاب اختاره الشيرازي وقدمه الزركشي والصحيح من المذهب: أن الواجب مسح أكثر أعلى الخف وعليه الجمهور وجزم به في التلخيص ومجمع البحرين: والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين وابن عبيدان وغيرهم وهو من المفردات ويحتمله كلام المصنف أيضا.
وقيل: يمسح على قدر الناصية من الرأس اختاره ابن البنا.
وقيل: إن هذا القول هو المذهب وقال في الرعاية وقيل: يجزئ مسح قدر أربع أصابع فأكثر وقال الشريف أبو جعفر في رؤوس مسائله العدد الذي يجزئ في المسح على الخفين ثلاث أصابع على ظاهر كلام أحمد ورأيت شيخنا مائلا إلى هذا لأن أحمد رجع في هذا الموضع وفي مسح الرأس إلى الأحاديث انتهى قال ابن رجب في الطبقات وهو غريب جدا.
تنبيه: قوله: "دون أسفله وعقبه".

يعني لا يمسحهما بل ولا يستحب ذلك على الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن أبي موسى يستحب ذلك.
فائدة: لو اقتصر على مسح الأسفل والعقب لم يجزه قولا واحدا.
ولا يسن استيعابه ولا تكرار مسحه ويكره غسله ويجزى على الصحيح من المذهب: واختاره ابن حامد وغيره قال الزركشي وبالغ القاضي فقال بعدم الإجزاء مع الغسل لعدوله عن المأمور وتوقف الإمام أحمد في ذلك.
فائدتان
إحداهما: صفة المسح المسنون أن يضع يديه مفرجتي الأصابع على أطراف أصابع رجليه ثم يمرهما إلى ساقيه مرة واحدة اليمنى واليسرى وقال في التلخيص والبلغة ويسن تقديم اليمنى وروى البيهقي أنه عليه أفضل الصلاة والسلام مسح على خفيه مسحة واحدة كأني أنظر إلى أصابعه على الخفين وظاهر هذا أنه لم يقدم إحداهما: على الأخرى وكيفما مسح أجزأه.
والثانية: حكم مسح الخف بإصبع أو حائل كالخرقة ونحوها وغسله حكم مسح الرأس في ذلك على ما تقدم هناك.
ويكره غسل الخف وتكرار مسحه وتقدم.
قوله: "ويجوز المسح على العمامة المحنكة إذا كانت ساترة لجميع الرأس إلا ما جرت العادة بكشفه".
وهذا المذهب بشرطه لا أعلم فيه خلافا وهو من مفردات المذهب وذكر الطوفي في شرح الخرقي وجها باشتراط الذؤابة مع التحنيك على ما يأتي.
قوله: "ولا يجوز على غير المحنكة إلا أن تكون ذات ذؤابة فيجوز".
في أحد الوجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وشرح أبي البقاء والمغني والكافي والهادي والتلخيص والبلغة والخلاصة والمحرر والنظم ومجمع البحرين: وشرح الهداية للمجد وشرح الخرقي للطوفي وشرح ابن منجا وشرح العمدة للشيخ تقي الدين والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وابن عبيدان وابن تميم.
أحدهما: يجوز المسح عليها وهو المذهب جزم به في العمدة والمنور والمنتخب والتسهيل وقدمه ابن رزين: في شرحه واختاره ابن حامد وبن الزاغوني والمصنف وهو مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين بطريق الأولى: فإنه اختار جواز المسح على العمامة الصماء فذات الذؤابة أولى بالجواز.

والوجه الثاني: لا يجوز المسح عليها جزم به في الإيضاح والوجيز وهو ظاهر كلامه في مسبوك الذهب والمبهج وابن عبدوس في تذكرته وتجريد العناية فإنهم قالوا محنكة وصححه في تصحيح المحرر قال في الشرح وهو أظهر وقدمه في إدراك الغاية وقال في الفائق وفي اشتراطه التحنيك وجهان اشترطه ابن حامد وألغاه ابن عقيل وبن الزاغوني وشيخنا وخرج من القلانس وقيل: الذؤابة كافية وقيل: بعدمه واختاره الشيخ انتهى.
فائدة: ذكر الطوفي في شرح الخرقي أن العمامة إذا كانت محنكة وليس لها ذؤابة كذات الذؤابة بلا حنك في الخلاف ورجح جواز المسح عليها.
قلت: الخلاف في اشتراط الذؤابة مع التحنيك ضعيف قل من ذكره والمذهب جواز المسح على المحنكة وإن لم تكن بذؤابة وعليه الأصحاب كما تقدم.
وأما العمامة الصماء وهي التي لا حنك لها ولا ذؤابة فجزم المصنف هنا بأنه لا يجوز المسح عليها وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به أكثرهم وذكر ابن شهاب وجماعة أن فيها وجهين كذات الذؤابة وقالوا لم يفرق أحمد قال ابن عقيل في المفردات وهو مذهبه واختار الشيخ تقي الدين وغيره جواز المسح وقال هي القلانس.
قوله: "ويجزيه مسح أكثرها".
هذا المذهب وعليه الجمهور وجزم به كثير منهم وقيل: لا يجوز إلا مسح جميعها وهو رواية واختاره أبو حفص البرمكي وقال بعض الأصحاب الخلاف هنا مبني على الخلاف في مسح الرأس قال في مجمع البحرين: وإن قلنا يجزئ أكثر الرأس وقدر الناصية أجزأ مثله في العمامة وجها واحدا بل أولى انتهى وقال في الرعاية الكبرى: وقيل: يجزئ مسح وسط العمامة وحده وعنه يجب أيضا مسح ما جرت العادة بكشفه مع مسح العمامة وعنه والأذنين أيضا
فائدة: لا يجوز للمرأة المسح على العمامة ولو لبستها للضرورة على الصحيح من المذهب: جزم به في المغني والشرح ومجمع البحرين: وقدمه ابن تميم وبن حمدان وابن عبيدان وقيل: تمسح عليها مع الضرورة وأطلقهما في الفروع وقال وإن قيل يكره التشبه توجه خلاف كصماء قال ومثل الحاجة لو لبس محرم خفين لحاجة هل يمسح انتهى.
قوله: "ويمسح على جميع الجبيرة إذا لم يتجاوز قدر الحاجة".
اعلم أن الصحيح من المذهب: أنه يجزى المسح على الجبيرة من غير تيمم بشرطه ويصلى من غير إعادة وعليه الأصحاب قال في المستوعب وغيره لا يجمع في الجبيرة بين المسح والتيمم قولا واحدا وقال ابن حامد يمسح على جبيرة الكسر ولا يمسح على الصوف بل يتيمم إن خاف نزعه وعنه يلزمه أن يعيد كل صلاة صلاها به حكاها في المبهج قال الزركشي وحكى ابن أبي موسى وابن عبدوس وغيرهما رواية بوجوب الإعادة لكنهم

بنوها على ما إذا لم يتطهر وقلنا بالاشتراط قال والذي يظهر لي عند التحقيق أن هذا ليس بخلاف كما سيأتي انتهى قال في الرعاية وقيل: إن قلنا الطهارة قبلها شرط أعاد وإلا فلا انتهى وعنه يلزمه التيمم مع المسح فعليها لا يمسح الجبيرة بالتراب فلو عمت الجبيرة محل التيمم سقط على الصحيح من المذهب: جزم به الزركشي وغيره وقدمه في الرعاية والفروع وغيرهما وقيل: يعيد إذن وقيل: هل يقع التيمم على حائل في محله كمسحه بالماء أم لا لضعف التراب فيه وجهان وتقدم نظيرهما فيما إذا اشترطنا الطهارة وخاف من نزعها وتقدم أنه يمسح على الجبيرة إلى حلها وأن المسح عليها لا يتقيد بالوقت على الصحيح من المذهب.
قوله: "إذا لم يتجاوز قدر الحاجة".
هذا المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم قال المجد في شرحه وقد يتجاوزها إلى جرح أو ورم أو شيء يرجى به البرء أو سرعته وقد يضطر إلى الجبر بعظم يكفيه أصغر منه لكن لا يجد سواه ولا ما يجبر به انتهى ونقل المصنف ومن تبعه عن الخلال أنه قال لا بأس بالمسح على العصائب كيفما شدها قال الزركشي وليس بشيء.
فائدة: مراد الخرقي بقوله: "وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهرا ولم يعد بها موضع الكسر أن يتجاوز بها تجاوزا لم تجر العادة به فإن الجبيرة إنما توضع على طرفي الصحيح لينجبر الكسر قاله شراحه.
فوائد
منها إذا تجاوز قدر الحاجة وجب نزعه إن لم يخف التلف فإن خاف التلف سقط عنه بلا نزاع وكذا إن خاف الضرر على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وخرج من قول أبي بكر فيمن جبر كسره بعظم نجس عدم السقوط هنا.
وحيث قلنا يسقط النزع فإنه يمسح على قدر الحاجة على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به وحكى القاضي وجها لا يمسح زيادة على موضع الكسر وإن كان لحاجة قال ابن تميم وهو بعيد عليها يتيمم للزائد ولا يجزيه مسحه على الصحيح من المذهب: والمشهور من الوجهين وقيل: يجزيه المسح أيضا اختاره الخلال والمجد وصاحب مجمع البحرين: وقيل: يجمع فيه بين المسح والتيمم وتقدم نظيره فيما إذا قلنا باشتراط الطهارة للجبيرة وخاف.
ومنها لو تألمت إصبعه فألقمها مرارة جاز المسح عليها قاله المجد وغيره.
ومنها لو جعل في شق فأر أو نحوه وتضرر بقلعه جاز له المسح عليه على الصحيح من المذهب: جزم به في الكافي وصححه في الرعايتين والحاويين والنظم واختاره المجد وغيره وقدمه ابن تميم وحواشي المقنع وعنه ليس له المسح بل يتيمم اختاره أبو بكر وأطلقهما في المستوعب والفروع والزركشي وابن عبيدان وقال ابن عقيل يغسله

ولا يجزيه المسح وقال القاضي يقلعه إلا أن يخاف تلفا فيصلي ويعيد.
ومنها لو انقطع ظفره أو كان بإصبعه جرح أو فصاد وخاف إن أصابه أن يندق في الجرح أو وضع دواء على جرح أو وجع ونحوه جاز المسح عليه نص عليه وقال القاضي في اللصوق على الجروح إن لم يكن في نزعه ضرر غسل الصحيح وتيمم للجرح ويمسح على موضع الجرح وإن كان في نزعه ضرر فحكمه حكم الجبيرة يمسح عليها وقال ابن حامد يمسح على جبيرة الكسر ولا يمسح على لصوق بل يتيمم إلا إن خاف نزعه كما تقدم عنه.
ومنها الجبيرة النجسة كجلد الميتة والخرق النجسة يحرم الجبر بها والمسح عليها باطل والصلاة فيها باطلة كالخف النجس قاله ابن عقيل وغيره واقتصر عليه ابن عبيدان: وغيره وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: النجسة كالطاهرة
وإن كانت الجبيرة من حرير أو غصب ففي جواز المسح عليها احتمالان.
أحدهما: لا يصح المسح عليها كالخف المغصوب والحرير وهو الصحيح قال في الرعاية الصغرى وإن شد جبيرة حلالا مسح وقدمه في الرعاية الكبرى.
والاحتمال الثاني يصح المسح عليها وأطلقهما ابن تميم وابن عبيدان.
قلت: الأولى: أن يكون على الخلاف هنا إذا منعنا من جواز المسح على الخف الحرير والغصب على ما تقدم وإلا حيث أجزنا هناك فهنا بطريق أولى.
قوله: "ومتى ظهر قدم الماسح ورأسه أو انقضت مدة المسح استأنف الطهارة".
هذا الصحيح من المذهب: قال في الكافي بطلت الطهارة في أشهر الروايتين قال الشارح: هذا المشهور عن أحمد قال في تجريد العناية هذا الأشهر ونصره المجد في شرحه ومجمع البحرين: وغيرهما وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور والمنتخب وناظم المفردات وعقود ابن البنا والعمدة واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر والتلخيص والبلغة والخلاصة والرعايتين والنظم والحاويين والفروع وابن تميم وابن عبيدان والفائق وغيرهم وهو من مفردات المذهب وعنه يجزيه مسح رأسه وغسل قدميه وأطلقهما في الهداية والمستوعب واختار الشيخ تقي الدين أن الطهارة لا تبطل كإزالة الشعر الممسوح عليه.
تنبيه: اختلف الأصحاب في مبنى هاتين الروايتين على طرق فقيل هما مبنيان على الموالاة اختاره ابن الزاغوني وقطع به المصنف في المغني والشارح وابن رزين في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى: فعلى هذا لو حصل ذلك قبل فوات الموالاة أجزأه مسح رأسه وغسل قدميه قولا واحدا لعدم الإخلال بالموالاة.
وقيل: الخلاف هنا مبني على أن المسح هل يرفع الحدث أم لا وقطع بهذه الطريقة القاضي أبو الحسين واختاره وصححه المجد في شرحه وابن عبيدان وصاحب مجمع.

البحرين والحاوي الكبير وقدمه الشيخ تقي الدين في شرح العمدة وقال هو وأبو المعالي وحفيده وهو الصحيح من المذهب: عند المحققين.
واعلم أن المسح يرفع الحدث على الصحيح من المذهب: نص عليه وجزم به في التلخيص والبلغة وقدمه في الفروع وابن تميم والرعاية وابن عبيدان وغيرهم.
وقيل: لا يرفعه وتقدم ذلك أول الباب وأطلق الطريقة ابن تميم.
وقيل: الخلاف مبني على غسل كل عضو بنية وتقدم ذلك في باب الوضوء في أثناء النية.
وقيل: الخلاف مبني على أن الطهارة لا تتبعض في النقض وإن تبعضت في الثبوت كالصلاة والصيام جزم به في الكافي وقاله القاضي في الخلاف واختاره أبو الخطاب في الانتصار ويأتي في آخر نواقض الوضوء هل يرفع الحدث عن العضو الذي غسل قبل تمام الوضوء أم لا وأطلقهن في الفروع.
فوائد
منها إذا حدث المبطل في الصلاة فحكمه حكم المتيمم إذا قدر على الماء على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والمستوعب وغيرهم واختاره ابن عقيل وغيره وقيل: حكمه حكم من سبقه الحدث اختاره السامري قال في الرعاية وقلت: إن ارتفع حدثهم بنوا وإلا استأنفوا الوضوء وخرجهما ابن تميم وغيره على ما إذا خرج الوقت على المتيمم وهو في الصلاة على ما يأتي بعد قوله: "ويبطل التيمم بخروج الوقت.
وقال الزركشي ظاهر كلام الخرقي وكثير من الأصحاب أنه كما لو كان خارج الصلاة نظرا لإطلاقهم.
ومنها لو زالت الجبيرة فهي كالخف مطلقا على ما تقدم خلافا ومذهبا وقيل: طهارته باقية قبل البرء واختار الشيخ تقي الدين بقاءها قبل البرء وبعده كإزالة الشعر.
ومنها خروج القدم أو بعضه إلى ساق الخف كخلعه على الصحيح من المذهب: وعنه لا وعنه لا إن خرج بعضه قاله في الفروع وقال ابن تميم تبعا للمجد وإن أخرج قدمه أو بعضه إلى ساق الخف بحيث لا يمكن المشي عليه فهو كالخلع نص عليه وعنه إن جاوز العقب حد موضع الغسل أثر ودونه لا يؤثر وعنه إن خرج القدم إلى ساق الخفين لا يؤثر قال وحكى بعضهم في خروج بعض القدم إلى ساق الخف روايتين من غير تقييد.
ومنها لو رفع العمامة يسيرا لم يضر ذكره المصنف قال أحمد إذا زالت عن رأسه فلا بأس إذا لم يفحش قال ابن عقيل وغيره إذا لم يرفعها بالكلية لأنه معتاد وظاهر المستوعب تبطل بظهور شيء من رأسه فإنه قال وإذا ظهر بالكلية بعض رأسه أو قدمه بطلت وقال في مكان آخر فإن أدخل يده تحت الحائل ليحك رأسه ولم يظهر شيء من الرأس لم تبطل الطهارة.

ومنها لو نقض جميع العمامة بطل وضوءه وإن نقض منها كورا أو كورين وقيل: أو حنكها ففيه روايتان وأطلقهما في الفروع وابن عبيدان والمستوعب ومجمع البحرين: وابن تميم إحداهما: يبطل وهو الصحيح اختاره المجد في شرحه وابن عبد القوي ومجمع البحرين: وقدمه في الرعايتين والحاويين قال في الكبرى ولو انتقض بعض عمامته وفحش وقيل: ولو كورا تبطل والثانية: لا تبطل.
قلت: وهو أولى وقدمها ابن رزين: في شرحه وقال القاضي لو انتقض منها كور واحد بطلت.
فائدتان
إحداهما: لو نزع خفا فوقانيا كان قد مسحه فالصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب يلزمه نزع التحتاني فيتوضأ كاملا أو يغسل قدميه على الخلاف السابق وعنه لا يلزمه نزعه فيتوضأ او يمسح التحتاني مفردا على الخلاف اختاره المجد في شرحه وابن عبيدان وقدمه في الرعاية الصغرى لكن قال الأولى: وأطلق الروايتين في الفروع بعنه وعنه وأطلقهما ابن تميم وصاحب الحاويين.
الثانية: اعلم أن كلا من الخف الفوقاني والتحتاني بدل مستقل عن الغسل على الصحيح من المذهب: وقيل: الفوقاني بدل عن الغسل والتحتاني كلفافة وقيل: الفوقاني بدل عن التحتاني والتحتاني بدل عن القدم وقيل: هما كظهارة وبطانة.
فائدة: قوله: "ولا مدخل لحائل في الطهارة الكبرى إلا الجبيرة".
اعلم أن الجبيرة تخالف الخف في مسائل عديدة.
منها أنا لا نشترط تقدم الطهارة لجواز المسح عليها على رواية اختارها المصنف وغيره وهي المختار على ما تقدم بخلاف جواز المسح على الخف.
ومنها عدم التوقيت بمدة كما تقدم.
ومنها وجوب المسح على جميعها.
ومنها دخولها في الطهارة الكبرى كما تقدم ذلك كله في كلام المصنف.
ومنها أن شدها مخصوص بحال الضرورة.
ومنها أن المسح عليها عزيمة بخلاف الخف على الصحيح من المذهب: كما تقدم.
ومنها أنه لو لبس خفا على طهارة مسح فيها على الجبيرة جاز له أن يمسح عليه على طريقه ولو لبس الخف على طهارة مسح فيها على عمامة أو لبس عمامة على طهارة مسح فيها على خف لم يجز المسح على أحد الوجهين على ما تقدم عند كلام المصنف على اشتراط جواز المسح على الجبيرة مستوفى فليعاود.

ومنها أنه يجوز المسح فيها على الخرق ونحوها بخلاف الخف.
قلت: وفي هذا نظر ظاهر.
ومنها أنه لا يشترط في جواز المسح على الجبيرة ستر محل الفرض إذا لم يكن ثم حاجة بخلاف الخف.
ومنها أنه يتعين على صاحب الجبيرة المسح بخلاف الخف.
ومنها أنه يجوز المسح على الجبيرة إذا كانت من حرير ونحوه على رواية صحة الصلاة في ذلك بخلاف الخف على المحقق قاله الزركشي.
ومنها أنه يجوز المسح على الجبيرة في سفر المعصية ولا يجوز المسح على الخف فيه على قول وتقدم ذكره.
فهذه اثنتا عشرة مسألة قد خالفت الجبيرة فيها الخف في الأحكام إلا أن بعضها فيه خلاف بعضه ضعيف ومرجع ذلك كله أو معظمه إلى أن مسح الجبيرة عزيمة ومسح الخف ونحوه رخصة.

باب نواقض الوضوء
:
فائدتان
إحداهما: الحدث يحل جميع البدن على الصحيح من المذهب: ذكره القاضي وأبو الخطاب وأبو الوفاء وأبو يعلى الصغير وغيرهم وجزم به في الفروع كالجنابة وقال في الفروع ويتوجه وجه لا يحل إلا أعضاء الوضوء فقط.
والثانية: يجب الوضوء بالحدث على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وقاله ابن عقيل وغيره وقال أبو الخطاب في الانتصار يجب بإرادة الصلاة بعده قال ابن الجوزي لا تجب الطهارة عن حدث ونجس قبل إرادة الصلاة بل يستحب قال في الفروع ويتوجه قياس المذهب أنه يجب بدخول الوقت كوجوب الصلاة إذن ووجوب الشرط بوجوب المشروط قال ويتوجه مثله في الغسل قال الشيخ تقي الدين والخلاف لفظي.
قوله: "وهي ثمانية الخارج من السبيلين قليلا كان أو كثيرا نادرا أو معتادا.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل: لا ينقض خروج الريح من القبل وقيل: لا ينقض خروج الريح من الذكر فقط قال ابن عقيل يحتمل أن يكون الأشبه بمذهبنا في الريح يخرج من الذكر أن لا ينقض قال القاضي أبو الحسين هو قياس مذهبنا وأطلق في الخارج من القبل في الرعايتين الوجهين.

فوائد
منها لو قطر في إحليله دهنا ثم خرج نقض على الصحيح من المذهب: جزم به في المغني وابن رزين وصححه في الشرح ومجمع البحرين: وقدمه ابن عبيدان: وقالوا إنه لا يخلو من نتن يصحبه وقال القاضي في المجرد لا ينقض قال في الحاوي الصغير وإن خرج ما قطره في إحليله لم ينقض وأطلقهما في الرعايتين وابن تميم فيما إذا يخرج منه شيء وقال في نجاسته وجهان وأطلقهما في نجاسته في الرعاية الكبرى: واختار إن خرج سائلا ببل نجس وإلا فلا.
ومنها لو احتشى في قبله أو دبره قطنا أو ميلا ثم خرج وعليه بلل نقض على الصحيح من المذهب: وقيل: لا ينقض وإن خرج ناشفا فقيل لا ينقض وهو ظاهر نقل عبد الله عن أحمد ذكره القاضي في المجرد ورجحه ابن حمدان وقدمه ابن رزين: في شرحه وقيل: ينقض رجحه في مجمع البحرين: وأطلقهما في الرعاية الصغرى والزركشي والمجد في شرحه وابن عبيدان وأطلقهما في المغني والشرح عما إذا احتشى قطنا وقيل: ينقض إذا خرجت من الدبر خاصة ذكره القاضي وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
ومنها إذا خرجت الحقنة من الفرج نقضت قال ابن تميم نقضت وجها واحدا قال صاحب النهاية لا يختلف في ذلك المذهب وهكذا لو وطى ء امرأته دون الفرج فدب ماؤه فدخل الفرج ثم خرج منه نقض ولم يجب عليها الغسل على الصحيح من المذهب: وقيل: يغتسل منه وإن لم يخرج من الحقنة أو المني شيء فقيل ينقض وقيل: لا ينقض لكن إن كان المحتقن قد أدخل رأس الزراقة نقض وقدمه ابن رزين: في المني والحقنة مثله.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف والخرقي وغيرهما وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي والرعايتين والحاوي الصغير وابن عبيدان وقيل: ينقض إذا كانت الحقنة في الدبر دون القبل وأطلقهن في الفروع وابن تميم وحواشي المقنع والرعاية الكبرى.
ومنها لو ظهرت مقعدته فعلم أن عليها بللا لم ينقض على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا ينقض وأطلقهما في مجمع البحرين: وشرح ابن عبيدان: وإن جهل أن عليها بللا لم ينتقض على الصحيح من المذهب: وقيل: ينتقض وجزم الزركشي بأنه لا ينقض إذا خرجت مقعدته ومعها بلة لم تنفصل عنها ثم عادت.
ومنها لو ظهر طرف مصران أو رأس دودة نقض على الصحيح من المذهب: وقيل: لا ينقض.
ومنها لو صب دهنا في أذنه فوصل إلى دماغه ثم خرج منها لم ينقض وكذلك لو خرج من فمه في ظاهر كلام الأصحاب قاله في الفروع وقال أبو المعالي ينقض.
ومنها إذا خرجت الحصاة من الدبر فهي نجسة على الصحيح من المذهب: وعليه

الأصحاب وقال القاضي في الخلاف في مسألة المني الحصاة الخارجة من الدبر طاهرة قال في الفروع وهو غريب بعيد.
تنبيه: قوله: "قليلا كان أو كثيرا نادرا أو معتادا قال صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والرعاية وغيرهم طاهرا كان أو نجسا.
فائدة: لو خرج من أحد فرجي الخنثى المشكل غير بول وغائط وكان يسيرا لم ينقض على المذهب قاله الزركشي وغيره قال في الرعاية لم ينقض في الأشهر.
قوله: "الثاني خروج النجاسات من سائر البدن".
فإن كانت غائطا أو بولا نقض قليلها وهذا المذهب مطلقا أعني سواء كان السبيلان مفتوحين أو مسدودين وسواء كان الخارج من فوق المعدة أو من تحتها وتقدم في باب الاستنجاء أن ابن عقيل وغيره قالوا الحكم منوط بما تحت المعدة.
فائدة: لو انسد المخرج وفتح غيره فأحكام المخرج باقية مطلقا على الصحيح من المذهب: وقال في النهاية إلا أن يكون سد خلقة فسبيل الحدث المنفتح والمسدود كعضو زائد من الخنثى انتهى ولا يثبت للمنفتح أحكام المعتاد مطلقا على الصحيح من المذهب: وقيل: ينقض خروج الريح منه وهو مخرج للمجد قال في الفروع ويتوجه عليه بقية الأحكام وتقدم حكم الاستنجاء فيه في بابه.
قوله: "وإن كانت غيرها لم ينقض إلا كثيرها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وحكى أن قليلها ينقض وهي رواية ذكرها ابن أبي موسى وغيره وأطلقهما في التلخيص والبلغة والمحرر وابن تميم واختار الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق لا ينقض الكثير مطلقا واختار الآجري لا ينقض الكثير من غير القيء وعنه لا ينقض القيح والصديد والمدة إذا خرج من غير السبيل ولو كثر ذكرها ابن تميم وغيره وتبعه الزركشي وعنه ينقض كثير القيء ويسيره طعاما كان أو دما أو قيحا أو دودا أو نحوه وقيل: إن
قاء دما أو قيحا ألحق بدم الجروح ذكره القاضي في مقنعه وفيه لا ينقض القيح والصديد والمدة إذا خرج من غير السبيل ولو كثر ذكرها ابن تميم وغيره ونفى هذه الرواية المجد والنقض بخروج الدود والدم الكثير من السبيلين من المفردات.
قوله: "وهو ما فحش في النفس".
كذا قال في المستوعب هذا تفسير لحد الكثير وظاهر عبارته أن كل أحد بحسبه وهو إحدى الروايات عن أحمد ونقلها الجماعة.
قال المصنف والشارح والشيخ تقي الدين هي ظاهر المذهب قال الخلال الذي

استقرت عليه الروايات عن أحمد أن حد الفاحش ما استفحشه كل إنسان في نفسه وتبعه ابن رزين: في شرحه وغيره قال الزركشي هو المشهور المعمول عليه واختاره المصنف والشارح قال المجد في شرحه ظاهر المذهب أنه ما يفحش في القلب وقدمه ابن تميم والزركشي وهو المذهب نص عليه وعنه ما فحش في نفس أوساط الناس قال ابن عبدوس في تذكرته وكثير نجس عرفا واختاره القاضي وابن عقيل وغيرهما قال في الفروع اختاره القاضي وجماعة كثيرة وصححه الناظم قال في تجريد العناية هذا الأظهر وجزم به في مسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والمحرر والإفادات وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق.
قلت: والنفس تميل إلى ذلك.
وأطلقهما في الفروع وعنه الكثير قدر الكف وعنه قدر عشر أصابع وعنه هو ما لو انبسط جامده أو انضم متفرقه كان شبرا في شبر وعنه هو ما لا يعفى عنه في الصلاة حكاهن في الرعاية قال الزركشي ولا عبرة بما قطع به ابن عبدوس وحكاه عن شيخه أن اليسير قطرتان ويأتي نظير ذلك في باب إزالة النجاسة.
فوائد
إحداها لو مص العلق أو القراد دما كثيرا نقض الوضوء ولو مص الذباب أو البعوض لم ينقض لقلت:ه ومشقة الاحتراز منه ذكره أبو المعالي.
الثانية: لو شرب ماء وقذفه في الحال نجس ونقض كالقيء على الصحيح من المذهب: ذكره الأصحاب منهم القاضي وجزم به ابن تميم والرعاية وغيرهما وقدمه في الفروع ووجه تخريجا واحتمالا أنه كالقيء بشرط أن يتغير
الثالثة: لا ينقض بلغم الرأس وهو ظاهر على المذهب والصحيح من المذهب: أنه لا ينقض بلغم الصدر أيضا وهو ظاهر ونصره أبو الحسين وغيره قال في الفروع والأشهر طهارة بلغم الرأس والصدر ذكره في باب إزالة النجاسة وقدمه ابن عبيدان: وعنه ينقض وهو نجس وجزم به ابن الجوزي وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان في رعايتيه قال أبو الحسين لا ينقض بلغم كثير في إحدى الروايتين وعنه بلى فظاهره إدخال بلغم الرأس في الخلاف قال في الفروع وقيل: الروايتان أيضا في بلغم الرأس إذا انعقد وازرق وقال ابن تميم ولا ينقض بلغم الرأس وهو ظاهر وفي بلغم الصدر روايتان إحداهما: لا ينقض وفي نجاسته وجهان.
والثانية: هي كالمني وفي الرعاية قريب من ذلك.

ويأتي حكم طهارته ونجاسته في إزالة النجاسة بأتم من هذا.
قوله: "الثالث زوال العقل إلا النوم اليسير جالسا أو قائما".
زوال العقل بغير النوم لا ينقض إجماعا وينقض بالنوم في الجملة نص عليه وعليه الأصحاب ونقل الميموني لا ينقض النوم بحال واختاره الشيخ تقي الدين إن ظن بقاء طهره وصاحب الفائق قال الخلال هذه الرواية خطأ بين.
إذا علم ذلك فالصحيح من المذهب: أن نوم الجالس لا ينقض يسيره وينقض كثيره وعليه الأصحاب وعنه ينقض وعنه لا ينقض نوم الجالس ولو كان كثيرا واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق قال الزركشي وحكى عنه لا ينقض غير نوم المضطجع.
فائدة: يستثنى من النقض بالنوم نوم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينقض ولو كثر على أي حال كان وجزم به في الفروع وغيره ذكروه في خصائصه فيعايى بها والصحيح من المذهب: أن نوم القائم كنوم الجالس فلا ينقض اليسير منه نص عليه قال في المغني والشرح الظاهر عن أحمد التسوية بين الجالس والقائم وعليه جمهور الأصحاب منهم الخلال والقاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن عقيل وابن البنا وابن عبدوس في تذكرته قال الشيخ تقي الدين اختاره القاضي وأصحابه وكثير من أصحابنا.
قال المصنف في الكافي الأولى: إلحاق القائم بالجالس وقطع به الخرقي وصاحب البلغة والوجيز والمذهب الأحمد والمنور والمنتخب والإفادات وغيرهم وقدمه في الهداية والخلاصة والتلخيص والنظم والمحرر وابن تميم والرعايتين والحاويين وعنه ينقض منه وإن لم ينقض من الجالس قدمه في المستوعب والفائق وابن رزين في شرحه وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والشرح والفروع.
وأما نوم الراكع والساجد إذا كان يسيرا فقدم المصنف هنا أنه ينقض وهو المذهب على ما اصطلحناه اختاره الخلال والمصنف قال في الكافي الأولى: إلحاق الراكع والساجد بالمضطجع وهو ظاهر الخرقي والعمدة والتسهيل والمنتخب وغيرهم وجزم به في الوجيز وقدمه في الفائق وابن رزين في شرحه والمستوعب وعنه أن نوم الراكع والساجد لا ينقض يسيره وعليه جمهور الأصحاب منهم القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل والشيرازي وابن البنا وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم قال الشيخ تقي الدين اختاره القاضي وأصحابه وكثير من أصحابنا وقدمه في الهداية والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والمذهب الأحمد وابن تميم والرعايتين والحاويين

وإدراك الغاية ومجمع البحرين وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغني والشرح والفروع وابن عبيدان وعنه لا ينقض نوم القائم والراكع وينقض نوم الساجد.
تنبيه: دخل في كلام المصنف أن نوم المستند والمتوكئ والمحتبي اليسير ينقض وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا ينقض وأطلقهما في الحاويين.
فوائد
إحداها الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ونص عليه أن النوم ينقض بشرطه وعنه لا ينقض النوم مطلقا واختاره الشيخ تقي الدين إن ظن بقاء طهره واختاره في الفائق قال الخلال عن هذه الرواية وهذا خطأ بين وقد تقدم ذلك.
الثانية: مقدار النوم اليسير ما عد يسيرا في العرف على الصحيح اختاره القاضي والمصنف والمجد وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم والزركشي وقيل: هو ما لا يتغير عن هيئته كسقوطه ونحوه وجزم به في المستوعب والمذهب ومسبوك الذهب والرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: هو ذلك مع بقاء نومه وقال أبو بكر قدر صلاة ركعتين يسير وعنه إن رأى رؤيا فهو يسير قال في الفروع وهي أظهر.
الثالثة: حيث ينقض النوم فهو مظنة لخروج الحدث وإن كان الأصل عدم خروجه وبقاء الطهارة وحكى ابن أبي موسى في شرح الخرقي وجهان النوم نفسه حدث لكن يعفى عن يسيره كالدم ونحوه.
قوله: "الرابع مس الذكر".
الصحيح من المذهب: أن مس الذكر ينقض مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به جماعة منهم وعنه لا ينقض مسه مطلقا بل يستحب الوضوء منه اختاره الشيخ تقي الدين في فتاويه وعنه لا ينقض مسه سهوا وعنه لا ينقض مسه بغير شهوة وعنه لا ينقض مس غير الحشفة قال الزركشي وهو بعيد قال في الفروع والرعايتين والقلفة كالحشفة وحكى ابن تميم وجها لا ينقض مس القلفة وعنه لا ينقض غير مس الثقب قال الزركشي أيضا وهو بعيد وعنه لا ينقض مس ذكر الميت والصغير وفرج الميتة وعنه لا ينقض مس ذكر الطفل ذكره الآمدي وقيل: لا ينقض إن كان عمره دون سبع وقال ابن أبي موسى مس الذكر للذة ينقض الوضوء قولا واحدا وهل ينقض مسه لغير لذة على روايتين.

تنبيهات
إحدها ظاهر قوله: "مس الذكر بيده أن المماسة تكون من غير حائل وهو الصحيح وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقيل: ينقض إذا مسه بشهوة من وراء حائل.
الثاني مفهوم قوله: "مس الذكر عدم النقض بغير المس فلا ينقض بانتشاره بنظر أو فكر من غير مس وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: ينقض بذلك وأطلقهما في الفائق وقيل: ينقض بتكرار النظر دون دوام الفكر.
الثالث شمل قوله: "مس الذكر ذكر نفسه وذكر غيره وهو الصحيح وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وحكى ابن الزاغوني رواية باختصاص النقض بمس ذكر نفسه.
الرابع وشمل قوله: "أيضا الذكر الصحيح والأشل وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: مس الذكر الأشل كمس ذكر زائد فلا ينقض في الأصح.
الخامس مراده بالذكر ذكر الآدمي فالألف واللام للعهد فلا ينقض مس ذكر غيره على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقطعوا به وفي مس فرج البهيمة احتمال بالنقض ذكره أبو الفرج ابن أبي الفهم شيخ ابن تميم.
السادس ظاهر قوله: "بيده أنه سواء كان المس بأصلي أو زائد كالإصبع واليد وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا ينقض مسه بزائد.
السابع مراده بقوله: "بيده غير الظفر فإن مسه بالظفر لم ينقض على الصحيح من المذهب: قال في القواعد الفقهية هو في حكم المنفصل هذا جادة المذهب قاله في الفروع وقال بعضهم اللمس بالظفر كلمسه يعني من المرأة على ما يأتي قال وهو متجه وقيل: ينقض اللمس به وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
الثامن مفهوم قوله: "بيده أنه لو مسه بغير يده لا ينقض وفيه تفصيل فإنه تارة يمسه بفرج غير ذكر وتاره يمسه بغيره فإن مسه بفرج غير ذكر نقض على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب قال المجد اختاره أصحابنا وهو من المفردات قال في الفروع واختار الأكثر ينقض مسه بفرج والمراد لا ذكره بذكر غيره وصرح به أبو المعالي انتهى وقيل: لا ينقض اختاره بعض الأصحاب وهو احتمال للمجد في شرحه وهو مفهوم كلام المصنف هنا وإن مسه بغير ذلك لم ينقض قولا واحدا ويأتي لو مست المرأة فرج الرجل أو عكسه هل هو من قبيل مس الفرج أو مس النساء؟.
التاسع ظاهره أنه لا ينقض غير مس الذكر فلا ينقض لمس ما انفتح فوق المعدة أو تحتها مع بقاء المخرج وعدمه على الصحيح من المذهب: وقيل: إن انسد المخرج المعتاد وانفتح غيره نقض في الأضعف قاله في الرعاية.

قوله: "ببطن كفه أو بظهره".
وهذا المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم والنقض بظاهر الكف من مفردات المذهب وعنه لا نقض إلا إذا مسه بكفه فقط اختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وأطلقهما في الرعاية الكبرى وابن تميم فعلى القول بعدم النقض بظهر يده ففي نقضه بحرف كفه وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والزركشي.
قلت: الأولى: النقض وهو ظاهر النص.
قوله: "ولا ينقض مسه بذراعه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه ينقض وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والبلغة وابن تميم والرعاية الكبرى: والحاوي الكبير وحكاهما في التلخيص والبلغة وجهين.
قوله: "وفي مس الذكر المقطوع وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والكافي والشرح والتلخيص والمحرر والنظم وابن تميم وابن عبدوس وابن عبيدان وابن منجا والزركشي في شروحهم والرعايتين والحاويين والفائق والفروع وتجريد العناية.
أحدهما: لا ينقض وهو الصحيح قال في مجمع البحرين: عدم النقض أقوى وصححه في التصحيح قال في إدراك الغاية ينقض مسه ولو منفصلا في وجه وجزم به في الوجيز والمنور ونهاية ابن رزين: والمنتخب فقالوا ينقض مس الذكر المتصل وقدمه ابن رزين: في شرحه.
والثاني ينقض وجزم به الشيرازي.
تنبيه: حكى الخلاف وجهين كما حكاه المصنف جماعة منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والكافي والمحرر وابن تميم والشرح ومجمع البحرين: والزركشي وابن عبيدان وغيرهم وحكاه روايتين في التلخيص والفروع والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وهو الأصح.
فوائد
الأولى: مراده بالمقطوع البائن واعلم أن حكم الباقي من أصل المقطوع حكم البائن على ما تقدم من الخلاف على الصحيح من المذهب: وذكر الأزجي وأبو المعالي ينقض محل الذكر قال الأزجي في نهايته لو جب الذكر فمس محل الجب انتقض وضوءه وإن لم يبق منه.

شيء شاخص واكتسى بالجلد لأنه قام مقام الذكر وقدمه ابن عبيدان.
الثانية: لا ينقض مس الغلفة إذا قطعت لزوال الاسم والحرمة ولا مس عضو مقطوع من امرأة قاله في الرعاية ثم قال قلت: غير فرجها.
الثالثة: حيث قلنا ينقض مس الذكر لا ينقض وضوء الملموس رواية واحدة حكاه القاضي وغيره قال المجد في شرحه لا أعلم فيه خلافا وقدمه في الفروع وابن تميم ومجمع البحرين: وغيرهم قال المجد وغيره وجعله بعض المتأخرين على روايتين بناء على ذكر أبي الخطاب له في أصول مس الخنثى وادعى أنه لا فائدة: في جعله من أصول هذه المسألة إلا أن تكون الروايتان في الملموس ذكره كما هي في ملامسة النساء ورده المجد وبين فساده.
ويأتي ذلك بأتم من هذا بعد نقض وضوء الملموس.
قوله: "وإذا لمس قبل الخنثى المشكل وذكره انتقض وضوءه فإن مس أحدهما: لم ينتقض إلا أن يمس الرجل ذكره لشهوة".
قال أبو الخطاب في الهداية إذا مس قبل الخنثى انبنى لنا على أربعة أصول أحدها مس الذكر والثاني مس النساء والثالث مس المرأة فرجها والرابع هل ينتقض وضوء الملموس أم لا؟.
قلت: وتحرير ذلك أنه متى وجد في حقه ما يحتمل النقض وعدمه تمسكنا بيقين الطهارة ولم نزلها بالشك.
واعلم أن اللمس يختلف هل هو للفرجين أو لأحدهما: وهل هو من الخنثى نفسه أو من غيره أو منهما وهل الغير ذكر أو أنثى أو خنثى واللمس منهم هل هو لشهوة أو لغيرها منهما أو من أحدهما؟.
فتلخص هنا اثنان وسبعون صورة لأنه تارة يمس رجل ذكره وامرأة قبله أو عكسه لشهوة منهما أو من أحدهما: أو لغير شهوة منهما.
وتارة تمس امرأة قبله أو خنثى آخر ذكره أو عكسه لشهوة منهما أو من أحدهما: أو لغير شهوة منهما.
وتارة يمس رجل ذكره وخنثى آخر قبله أو عكسه لشهوة منهما أو من أحدهما: أو لغير شهوة منهما.
وتارة يمس الخنثى ذكر نفسه ويمس الذكر أيضا رجل أو امرأة أو خنثى آخر لشهوة أو غيرها.
وتارة يمس الخنثى قبل نفسه ويمس القبل أيضا رجل أو امرأة أو خنثى آخر لشهوة أو غيرها.

وتارة يمس الخنثى ذكر نفسه أو يمس رجل أو امرأة أو خنثى قبله لشهوة أو غيرها.
وتارة يمس الخنثى قبل نفسه ويمس رجل أو امرأة أو خنثى آخر ذكره لشهوة أو غيرها.
وتارة يمس الخنثى قبل نفسه أو ذكر نفسه ويمس رجل أو امرأة أو خنثى فرجيه جميعا لشهوة أو غيرها.
وتارة يمس رجل فرجيه وامرأة أحدهما: أو عكسه أو يمس رجل فرجيه وخنثى آخر أحدهما: أو عكسه أو تمس امرأة فرجيه وخنثى آخر أحدهما: أو عكسه.
فهذه اثنتان وسبعون صورة يحصل النقض في مسائل منها.
فمنها إذا لمس فرجيه سواء كان اللامس رجلا أو امرأة أو خنثى آخر أو هو نفسه.
ومنها إذا مس الرجل ذكره لشهوة كما صرح به المصنف هنا.
ومنها إذا لمست امرأة قبله بشهوة على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور ومفهوم كلام المصنف هنا عدم النقض وهو وجه.
فهذه ست مسائل.
وأما الخنثى نفسه فيتصور نقض وضوئه إذا قلنا بنقض وضوء الملموس في صور.
منها إذا لمس رجل ذكره وامرأة قبله أو عكسه لشهوة منها.
ومنها لو لمس الرجل ذكره لشهوة ومسه الخنثى نفسه أيضا.
ومنها لو لمس الخنثى ذكر نفسه ولمس رجل قبله لشهوة.
ومنها لو لمس الخنثى قبل نفسه ولمست امرأة قبله أيضا لشهوة.
ومنها لو لمس الخنثى قبل نفسه ولمست امرأة ذكره لشهوة.
ومنها لو لمس الخنثى ذكر نفسه ولمس رجل فرجيه جميعا لشهوة.
ومنها لو لمس الخنثى قبل نفسه ولمست امرأة فرجيه جميعا لشهوة.
فهذه ثمان مسائل ويتصور نقض وضوء أحدهما: لا بعينه في مسائل.
منها لو مس رجل ذكره وامرأة قبله لغير شهوة منها.
ومنها لو مس رجل قبله وامرأة ذكره لغير شهوة أو شهوة منهما أو من أحدهما: لأنه قد مس فرجا أصليا.
ومنها لو مست امرأة ذكره وخنثى آخر قبله فقد مس أحدهما: فرجه الأصلي يقينا.
ومنها لو مس رجل قبله وخنثى آخر ذكره لأنه قد وجد من أحدهما: مس فرج أصلي.
ومنها لو مس الخنثى ذكر نفسه وامرأة قبله لغير شهوة لأنه إما رجل لمس ذكره أو امرأة لمست امرأة فرجها.

ومنها لو مس الخنثى قبل نفسه ورجل ذكره لغير شهوة لأنه إما رجل لمس رجل ذكره او امرأة مست فرجها.
ومنها لو مس الخنثى قبل نفسه وامرأة ذكره لغير شهوة.
ومنها لو مس الخنثى قبل نفسه وخنثى آخر لشهوة أو غيرها وما أشبه ذلك.
والحكم في ذلك أنه لا يصح أن يقتدي أحدهما: بالآخر لتيقن زوال طهر أحدهما: لا بعينه هذا ظاهر المذهب وعنه ما يدل على وجوب الوضوء عليهما.
تنبيه: هذا كله إذا وجد اللمس من اثنين أما إن وجد من واحد فإن مس أحدهما: لم ينتقض إلا أن يمس ماله منه بشهوة وإن مسهما جميعا انتقض سواء كان اللامس ذكرا أو أنثى أو خنثى أو هو لشهوة أو غيرها فهذه اثنتا عشر مسألة.
فائدة: لو لمس رجل ذكر خنثى ولمس الخنثى ذكر الرجل انتقض وضوء الخنثى وينتقض وضوء الرجل إن وجد منهما أو من أحدهما: شهوة وإلا فلا ولو لمس الخنثى فرج امرأة ولمست امرأة قبله انتقض وضوءهما إن كان لشهوة منهما أو من أحدهما: ولو لمس كل واحد من الخنثيين ذكر الآخر أو قبله فلا نقض في حقهما فإن مس أحدهما: ذكر الآخر والآخر قبل الأول انتقض وضوء أحدهما: لا بعينه إن كان لشهوة وإلا فلا فيلحق حكمه بما قبله.
وإذا توضأ الخنثى ولمس أحد فرجيه وصلى الظهر ثم أحدث وتطهر ولمس الآخر وصلى العصر أو فاتته لزمه إعادتهما دون الوضوء.
قلت: فيعايى بها.
قوله: "وفي مس الدبر ومس المرأة فرجها روايتان".
يعني على القول ينقض مس الذكر أما مس حلقة الدبر فأطلق المصنف الروايتين فيه وأطلقهما في المغني والكافي والتلخيص والبلغة والشرح والنظم والرعايتين والحاويين وابن عبيدان والزركشي.
إحداهما: ينقض وهي المذهب قال في الفروع ينقض على الأصح قال في النهاية وهي أصح قال الزركشي وهي ظاهر كلام الخرقي واختيار الأكثرين الشريف وأبي الخطاب والشيرازي وابن عقيل وابن البنا وابن عبدوس وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمذهب الأحمد والهداية وقدمه في المستوعب والمحرر وابن تميم والفائق.
والرواية الثانية: لا ينقض قال الخلال العمل عليه وهو الأشبه في قوله: "وحجته قال في مجمع البحرين: لا ينقض في أقوى الروايتين قال في الفروع وهي أظهر واختارها جماعة منهم المجد في شرحه وجزم به في الوجيز وقدمه ابن رزين: في شرحه وصححه في التصحيح وهو ظاهر كلامه في المنور والمنتخب فإنهما ما ذكرا إلا الذكر.

وأما مس المرأة فرجها فأطلق المصنف فيه الروايتين وأطلقهما في المغني والكافي والتلخيص والبلغة والشرح والنظم والرعايتين والحاويين وابن عبيدان والزركشي.
إحداهما: ينقض وهو المذهب قال في الفروع ينقض على الأصح قال المجد في شرحه هذه الرواية هي الصحيحة وصححه في التصحيح وقطع به في النهاية وقدمه في المستوعب والمحرر وابن تميم.
والثانية: لا ينقض كإسكتيها قال ابن عبيدان: وظاهر كلام الشيخ في المغني عدم النقض.
قلت: وهو ظاهر كلامه في المنور والمنتخب.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أنه سواء كان الملموس فرجها أو فرج غيرها وهو صحيح وهو المذهب وقال في التلخيص والبلغة ينقض مس فرج المرأة وفي مسها فرج نفسها وجهان قال الزركشي وفيه نظر انتهى.
قلت: لو قيل بالعكس لكان أوجه قياسا على الرواية التي ذكرها ابن الزاغوني في مس ذكر غيره
فائدتان
إحداهما: قال الزركشي ظاهر كلام الأصحاب أنه لا يشترط للنقض بذلك الشهوة وهو مفرع على المذهب واشترطه ابن أبي موسى وهو جار على الرواية الضعيفة.
الثانية: هل مس الرجل فرج المرأة أو مس المرأة فرج الرجل من قبيل مس النساء أو من قبيل مس الفرج فيه وجهان حكاهما القاضي في شرحه وأطلقهما ابن تميم وابن عبيدان والرعاية وغيرهم والصحيح من المذهب: أنه من قبيل لمس الفرج فلا يشترط لذلك شهوة قال في النكت وهو الأظهر.
وإن قلنا هو من قبيل مس النساء اشترط الشهوة على الصحيح على ما يأتي.
قوله: "الخامس أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه لا ينقض مطلقا اختاره الآجري والشيخ تقي الدين في فتاويه وصاحب الفائق ولو باشر مباشرة فاحشة.
وقيل: إن انتشر نقض وإلا فلا وعنه ينقض مطلقا وحكى عن الإمام أحمد أنه رجع عنها وأطلقهن في المستوعب.
فائدتان
إحداهما: حيث قلنا لا ينقض مس الأنثى استحب الوضوء مطلقا على الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه الأصحاب.

وقال الشيخ تقي الدين يستحب إن لمسها لشهوة وإلا فلا.
الثانية: حكم مس المرأة بشرة الرجل حكم مس الرجل بشرة المرأة على الصحيح من المذهب: وقطع به الأكثر وعنه لا ينقض مس المرأة للرجل وإن قلنا ينقض لمسه لها وهي ظاهر المغني وأطلقهما في الكافي وابن عبيدان وابن تميم.
تنبيهان
أحدهما: مفهوم كلامه أن مس الرجل للرجل ومس المرأة للمرأة لا ينقض وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: ينقض اختاره القاضي في المجرد فينقض مس أحدهما: للخنثى ومسه لها وأطلقهما ابن تميم وخرج في المستوعب النقض بمس المرأة المرأة لشهوة السحاق.
الثاني دخل في عموم كلامه الميتة والصغيرة والعجوز وذات المحرم فهن كالشابة الحية الأجنبية.
أما الميتة فهي كالحية على الصحيح من المذهب: جزم به في المستوعب والتلخيص والإفادات وابن رزين في شرحه واختاره القاضي وابن عبدوس المتقدم وابن البنا وقدمه في الرعاية الكبرى: وهو ظاهر الخرقي والكافي والمحرر والوجيز وغيرهم وقيل: لا ينقض لمسها اختاره المجد والشريف أبو جعفر وابن عقيل وقدمه في الرعاية الصغرى وأطلقهما في المذهب والمغني والشرح وابن تميم والحاويين والفروع والفائق.
وأما الصغيرة فهي كالكبيرة على الصحيح من المذهب: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في المستوعب والتلخيص والإفادات والمغني والكافي والشرح وابن رزين في شرحه وابن تميم والشرح والحاويين والفائق وابن عبيدان وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: لا ينقض وقدمه في الرعاية الصغرى وهو ظاهر الوجيز وأطلقهما في الفروع وصرح المجد أنه لا ينقض لمس الطفلة وإنما ينقض لمس التي تشتهى.
قلت: لعله مراد من أطلق.
وأما العجوز فهي كالشابة على الصحيح من المذهب: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في المستوعب والمغني والكافي والتلخيص والشرح وابن رزين في شرحه والإفادات وابن تميم والزركشي وصححه الناظم وقدمه ابن عبيدان: والرعاية الكبرى: وقيل: لا ينقض وأطلقهما في الفروع وحكاهما روايتين ابن عبيدان: وغيره.
فائدة: قال في الرعاية الكبرى: قلت: لو لمس شيخ كبير لا شهوة له من لها شهوة احتمل وجهين انتهى.
قلت: الصواب نقض وضوئها إن حصل لها شهوة لا نقض وضوئه مطلقا.
وأما ذات المحرم فهي كالأجنبية على الصحيح من المذهب: وهو ظاهر كلام كثير من

الأصحاب وجزم به في المستوعب والتلخيص والمغني والكافي وابن رزين في شرحه وابن تميم ومجمع البحرين والحاويين والفائق والزركشي وغيرهم وصححه الناظم وقدمه ابن عبيدان: والرعاية الكبرى: وقيل: لا ينقض وقدمه في الرعاية الصغرى وأطلقهما في الفروع وحكاهما ابن عبيدان: وغيره روايتين.
فائدة: قدم في الرعاية الكبرى: إلحاق الأربعة بغيرهن على رواية النقض بشهوة وقدم على رواية النقض مطلقا عدم الإلحاق وهو ظاهر الرعاية الصغرى في الثاني.
فائدة: لمس المرأة من وراء حائل لشهوة لا ينقض على الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه الأصحاب وعنه بلى قال القاضي في مقنعه قياس المذهب النقض إذا كان لشهوة قال في الرعاية عن هذه الرواية وهو بعيد.
تنبيه: شمل قول المصنف أن تمس بشرته بشرة أنثى المس بخلقة زائدة من اللامس أو الملموس كاليد والرجل والإصبع وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقيل: لا ينقض المس بزائد ولا مس الزائد قال ابن عقيل ويحتمل أن لا ينقض على ما وقع لي لأن الزائد لا يتعلق به حكم الأصل بدليل ما لو مس الذكر الزائد فإنه لا ينقض كذا ها هنا قال صاحب النهاية وهذا ليس بشيء وقيل: لا ينقض مس أصلي بزائد بخلاف العكس.
وشمل كلامه أيضا اللمس بيد شلاء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور وقدمه في الفروع والرعايتين وابن عبيدان وغيرهم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقيل: لا ينقض قال ابن عقيل يحتمل أن يكون كالشعر لأنها لا روح فيها وأطلقهما ابن تميم والحاويين وقيل: لا ينقض مس أصلي بأشل بخلاف العكس.
قوله: "ولا ينقض لمس الشعر والسن والظفر".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: ينقض.
قوله: "والأمرد".
يعني أنه لا ينقض لمسه ولو كان لشهوة وهو المذهب نص عليه الإمام أحمد وقطع به أكثر المتقدمين وخرج أبو الخطاب رواية بالنقض إذا كان بشهوة وحكاها ابن تميم وجها وجزم به في الوجيز وحكاه في الإيضاح رواية قال ابن رجب في الطبقات وهو غريب قال ابن عبيدان: وهذا قول متوجه ونصره.
قلت: وليس ببعيد وتقدم قول القاضي في المجرد أنه ينقض مس الرجل الرجل ومس المرأة المرأة لشهوة فهنا بطريق أولى.
قوله: "وفي نقض وضوء الملموس روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمذهب

الأحمد والتلخيص والبلغة والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين وابن منجا في شرحه وابن تميم والزركشي وتجريد العناية.
إحداهما: لا ينقض وإن انتقض وضوء اللامس وهو المذهب قال في الفروع لا ينقض على الأصح وصححه المجد والأزجي في النهاية وبن هبيرة وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: والتصحيح.
والرواية الثانية: ينقض وضوءه أيضا صححه ابن عقيل قال الزركشي اختارها ابن عبدوس وجزم به في الإفادات وقدمه في المغني وابن رزين في شرحه وحكى القاضي في شرح المذهب إن كان الملموس رجلا انتقض طهره رواية واحدة وقال في الرعاية وقيل: ينقض وضوء المرأة وحدها وقيل: مع الشهوة منها.
تنبيه: محل الخلاف في الملموس إذا قلنا ينتقض وضوء اللامس فأما إذا قلنا لا ينتقض فالملموس بطريق أولى.
فائدة: قال ابن تميم لم يعتبر أصحابنا الشهوة في الملموس قال في النكت عن قوله: "يجب أن يكون اكتفاء منهم ببيان حكم اللامس وأن الشهوة معتبرة منه قال الزركشي محل الخلاف وفاقا للشيخين يعني بهما المصنف والمجد فيما إذا وجدت الشهوة من الملموس قال المجد يجب أن تحمل رواية النقض عنه على ما إذا التذ الملموس.
قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة إذا قلنا بالنقض في الملموس اعتبر الشهوة في المشهور كما نعتبرها من اللامس حتى ينتقض وضوءه إذا وجدت الشهوة منه دون اللامس ولا ينتقض إذا لم توجد منه وإن وجدت عند اللامس انتهى.
فائدة: لا ينتقض وضوء الملموس فرجه ذكرا كان أو أنثى رواية واحدة قاله القاضي وغيره قال المجد في شرحه لا أعلم فيه خلافا قال في النكت وصرح به غير واحد وذكر بعض المتأخرين رواية بالنقض وحكى الخلاف في الرعاية الكبرى: وجهين وأطلقهما ثم قال وقيل: روايتان وقيل: لا ينتقض وضوء الملموس ذكره بخلاف لمس قبل المرأة انتهى.
قال ابن عبيدان: بعد ذكره الروايتين في الملموس وحكى عدم النقض إذا لمس الرجل فرج امرأة لم ينتقض طهرها بحال قال وعلى رواية النقض إن كان لشهوة انتقض وضوءها وإلا فلا قال في النكت لا ينتقض وضوء الملموس فرجه في ظاهر المذهب إلا أن يكون بشهوة ففيه الروايتان انتهى.
وتقدم بعض ذلك في الباب في آخر الكلام على مس الذكر.
قوله: "السادس غسل الميت".
الصحيح من المذهب: أن غسل الميت ينقض الوضوء نص عليه وعليه جماهير الأصحاب مسلما كان أو كافرا صغيرا كان أو كبيرا ذكرا أو أنثى وهو من مفردات المذهب.

وعنه لا ينقض اختاره أبو الحسن التيمي والمصنف وصاحب مجمع البحرين: والشيخ تقي الدين ولبعض الأصحاب احتمال بعدم النقض إذا غسله في قميص قال في الرعاية الكبرى: وهي أظهر.
تنبيه: قيد في الرعاية مسألة نقض الوضوء بغسله بما إذا قلنا ينقض مس الفرج وهو ظاهر تعليل كثير من الأصحاب وظاهر كلام كثير من الأصحاب الإطلاق وقد يكون تعبديا.
فائدتان
إحداهما: غسل بعض الميت كغسل جميعه على الصحيح من المذهب: وقيل: لا ينقض غسل البعض قال في الرعاية وهو أظهر.
الثانية: لو يمم الميت لتعذر الغسل لم ينقض على الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه الأصحاب وفيه احتمال أنه كالغسل.
قوله: "السابع أكل لحم الجزور".
هذا المذهب مطلقا بلا ريب ونص عليه وعليه عامة الأصحاب وهو من المفردات وجزم به في المذهب الأحمد وغيره وعنه إن علم النهي نقض وإلا فلا اختاره الخلال وغيره قال الخلال على هذا استقر قول أبي عبد الله وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب وعنه لا ينقض مطلقا اختاره يوسف الجوزي والشيخ تقي الدين وعنه ينقض بنيئه فقط ذكرها ابن حامد وعنه لا يعيد إذا طالت المدة وفحشت قال الزركشي كعشر سنين وقيل: لا يعيد متأول وقيل: فيه مطلقا روايتان فعلى الرواية الثانية: عدم العلم بالنهي هو عدم العلم بالحديث قاله الشيخ تقي الدين وغيره فمن علم لا يعذر وعنه بلى مع التأويل وعنه مع طول المدة.
قوله: "فإن شرب من لبنها فعلى روايتين".
يعني إذا قلنا ينقض اللحم وأطلقهما في الإرشاد والمجرد والهداية ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح وابن منجا في شرحه وابن تميم وابن عبيدان والفروع والفائق والرعاية الكبرى.
إحداهما: لا ينقض وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الشيخ تقي الدين اختارها الكثير من أصحابنا قال الزركشي هو اختيار الأكثرين وهو مفهوم كلام الخرقي والمنور والمنتخب وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وصححه ابن عقيل في الفصول وصاحب التصحيح قال الناظم هذا المنصور قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: هو كاللحم جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين.

تنبيه: حكى الأصحاب الخلاف روايتين وحكاهما في الإرشاد وجهين.
قوله: "وإن أكل من كبدها أو طحالها فعلى وجهين".
وأطلقهما في المجرد والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي والمغني والتلخيص والبلغة والشرح والمحرر وابن منجا في شرحه وابن تميم والرعايتين والحاويين والفروع وابن عبيدان والفائق.
أحدهما: لا ينقض وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال الزركشي هو اختيار الأكثرين وهو ظاهر كلام الخرقي والإفادات وتذكرة ابن عبدوس والمنور والمنتخب وغيرهم لاقتصارهم على اللحم وصححه في التصحيح وشرح المجد والنظم ومجمع البحرين وتصحيح المحرر وابن عبيدان وقال والصحيح أنه لا ينقض وإن قلنا ينقض اللحم واللبن وجزم به في الوجيز.
والثاني: ينقض.
تنبيهات
أحدها حكى الخلاف روايتين في المجرد والمذهب ومسبوك الذهب والفروع والفائق وغيرهم وقدمه في المستوعب وحكى أكثرهم الخلاف وجهين وقدمه في الرعاية الكبرى.
الثاني ظاهر كلام المصنف أنه لا ينقض أكل ما عدا ما ذكره.
واعلم أن الخلاف جار في بقية أجزائها غير اللحم ويحتمله كلام المصنف قال في الفروع وفي بقية الأجزاء والمرق واللبن روايتان وقال المصنف والشارح وحكم سائر أجزائه غير اللحم كالسنام والكرش والدهن والمرق والمصران والجلد حكم الطحال والكبد وقال في الرعاية الكبرى: وفي سنامه ودهنه ومرقه وكرشه ومصرانه وقيل: وجلده وعظمه وجهان وقيل: روايتان وقال في المستوعب في شحومها وجهان وحكى الخلاف في ذلك ابن تميم والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم.
الثالث ظاهر كلام المصنف أيضا أن أكل الأطعمة المحرمة لا ينقض الوضوء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه ينقض الطعام المحرم وعنه ينقض اللحم المحرم مطلقا وعنه ينقض لحم الخنزير فقط قال أبو بكر وبقية النجاسات تخرج عليه حكاه عنه ابن عقيل وقال الشيخ تقي الدين وأما لحم الخبيث المباح للضروة كلحم السباع فينبني الخلاف فيه على أن النقض بلحم الإبل تعبدي فلا يتعدى إلى غيره أو معقول المعنى فيعطى حكمه بل هو أبلغ منه انتهى.
قلت: الصحيح من المذهب: أن الوضوء من لحم الإبل تعبدي وعليه الأصحاب قال

الزركشي هو المشهور وقيل: هو معلل فقد قيل إنها من الشياطين كما جاء في الحديث الصحيح رواه أحمد وأبو داود وفي حديث آخر على ذروة كل بعير شيطان فإن أكل منها أورث ذلك قوة شيطانية فشرع وضوءه منها ليذهب سورة الشيطان.
قوله: "الثامن الردة عن الإسلام".
الصحيح من المذهب: أن الردة عن الإسلام تنقض الوضوء رواية واحدة واختاره الجمهور وهو من مفردات المذهب وقال جماعة من الأصحاب لا تنقض وذكر ابن الزاغوني روايتين في النقض بها قال في الفروع ولا نص فيها
فائدة: لم يذكر القاضي في الجامع والمحرر والخصال وأبو الخطاب في الهداية وابن البنا في العقود وابن عقيل في التذكرة والسامري في المستوعب والفخر ابن تيمية في التلخيص والبلغة وغيرهم الردة من نواقض الوضوء فقيل لأنها لا تنقض عندهم وقيل: إنما تركوها لعدم فائدتها لأنه إن لم يعد إلى الإسلام فظاهر وإن عاد إلى الإسلام وجب عليه الغسل ويدخل فيه الوضوء وقد أشار إلى ذلك القاضي في الجامع الكبير فقال لا معنى لجعلها من النواقض مع وجوب الطهارة الكبرى.
وقال الشيخ تقي الدين له فائدة: تظهر فيما إذا عاد إلى الإسلام فإنا نوجب عليه الوضوء والغسل فإن نواهما بالغسل أجزأه وإن قلنا لم ينتقض وضوءه لم يجب عليه الغسل انتهى قال الزركشي قلت: ومثل هذا لا يخفى على القاضي وإنما أراد القاضي أن وجوب الغسل ملازم لوجوب الطهارة الصغرى.
وممن صرح بأن موجبات الغسل تنقض الوضوء السامري وحكى ابن حمدان وجها بأن الوضوء لا يجب بالالتقاء بحائل ولا بالإسلام وإذن ينتفي الخلاف بين الأصحاب في المسألة انتهى.
فائدة: اقتصار المصنف على هذه الثمانية ظاهر على أنه لا ينقض غير ذلك والصحيح من المذهب: أن كل ما يوجب الغسل يوجب الوضوء وإن لم يكن خارجا من السبيل كالتقاء الختانين وإن لم ينزل وانتقال المني وإن لم يظهر والردة والإسلام والإيلاج بحائل إن قلنا بوجوب الغسل على ما يأتي في أول باب الغسل جزم به في المستوعب كما تقدم وقدمه في الفروع وغيره قال ابن عبيدان: ذكره غير واحد من أصحابنا.
قلت: منهم المجد.
قال الزركشي وممن صرح بذلك الخرقي والسامري وبن حمدان وقيل: لا

ولو ميتا وقال ابن تميم وما أوجب الغسل غير الموت يجب منه الوضوء إلا انتقال المني والإيلاج مع الحائل وإسلام الكافر على أحد الوجهين.
والثاني: يجب الوضوء بذلك أيضا.
وقال في الرعاية الكبرى: ومنها ما أوجب غسلا كالتقاء الختانين مع حائل يمنع المباشرة بلا إنزال في الأصح فيه وانتقال المني بلا إنزال على الأصح فيه وإسلام الكافر في وجه إن وجب غسله في الأشهر انتهى وأطلق في الرعايتين الوجهين في وجوب الوضوء على القول بوجوب الغسل بإسلام الكافر في باب الغسل.
وظاهر كلام المصنف أيضا أنه لا ينقض غير ذلك وقدمه في المستوعب والرعاية وغيرهما من النواقض زوال حكم المستحاضة ونحوها بشرطه مطلقا وخروج وقت صلاة وهي فيها في وجه وبطلان المسح بفراغ مدته وخلع حائله وغيرهما مطلقا وبرء محل الجبيرة ونحوها مطلقا كقلعها وانتقاض كور أو كورين من العمامة في رواية وخلعها وبطلان التيمم الذي كمل به الوضوء وغيره بخروج وقت الصلاة وبرؤية الماء وغيرهما وزوال ما أباحه وغير ذلك انتهى.
قلت: كل ذلك مذكور في كلام المصنف وغيره في أماكنه ولم يذكره المصنف هنا اعتمادا على ذكره في أبوابه وإنما ذكر هنا ما هو مشترك فأما المخصوص فيذكر عند حكم ما اختص به.
وظاهر كلام المصنف أيضا أنه لا نقض بالغيبة ونحوها من الكلام المحرم وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكى عن أحمد رواية بالنقض بذلك.
وظاهر كلامه أيضا أنه لا نقض بإزالة شعره وظفره ونحوهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وقيل: ينقض قال في الرعاية وهو بعيد غريب قال ابن تميم لا يبطل بذلك في الأصح.
فائدة: اقتصر يوسف الجوزي في كتابه الطريق الأقرب على النقض بالخمسة الأول فظاهره أنه لا نقض بغيرها
تنبيه: دخل في قول المصنف "ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة" مسائل.
منها ما ذكره هنا وهو قوله: "فإن تيقنهما وشك في السابق منهما نظر في حاله قبلهما فإن كان متطهرا فهو محدث وإن كان محدثا فهو متطهر" وهذا هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: يتطهر مطلقا كما لو جهل ما كان قبلهما في هذه المسألة.
وقال الأزجي في النهاية لو قيل يتطهر لكان له وجه لأن يقين الطهارة قد عارضه يقين

الحدث وإذا تعارضا تساقطا وبقي عليه الوضوء احتياطا للصلاة فإنه يكون مؤديا فرضه بيقين.
ومنها لو تيقن فعل طهارة رافعا بها حدثا وفعل حدث ناقضا به طهارة فإنه يكون على مثل حاله قبلهما قطعا.
ومنها لو جهل حالهما وأسبقهما في هذه المسألة أو عين وقتا لا يسعهما فهل هو كحاله قبلهما أو ضده فيه وجهان وقيل: روايتان وأطلقهما في الرعايتين والحاويين وتبعه في الفروع والحواشي.
قلت: وجوب الطهارة أقوى وأولى.
واختاره المجد في شرح الهداية وغيره فيما إذا جهل حالهما أنه يكون على ضد حاله قبلهما وقدمه في النكت وظاهر كلامه في المحرر أنه يكون كحاله قبلهما واختار أبو المعالي في شرح الهداية فيما إذا عين وقتا لا يسعهما أنه يكون كحاله قبلهما وجزم في المستوعب في مسألة الحالين أنه لو تيقن فعلهما في وقت لا يتسع لهما تعارض هذا اليقين وسقط وكان على حاله قبل ذلك من حدث أو طهارة.
قال في النكت وأظن أن وجيه الدين ابن منجا أخذ اختياره من هذا ونزل كلام من أطلق من الأصحاب عليه.
ومنها لو تيقن أن الطهارة عن حدث ولا يدري الحدث عن طهر أو لا فهو متطهر مطلقا.
ومنها لو تيقن حدثا وفعل طهارة فقط فهو على ضد حالها قبلها.
ومنها لو تيقن أن الحدث عن طهارة ولا يدري الطهارة عن حدث أم لا عكس التي قبلها فهو محدث مطلقا.
قوله: "ومن أحدث حرم عليه الصلاة والطواف ومس المصحف".
اما تحريم الصلاة فبالإجماع.
وأما الطواف: فتشترط له الطهارة على الصحيح من المذهب: عليه الأصحاب فيحرم عليه فعله بلا طهارة ولا يجزيه وعنه يجزيه ويجبر بدم وعنه وكذا الحائض وهو ظاهر كلام القاضي واختاره الشيخ تقي الدين وقال لا دم عليها لعذر وقال هل هي واجبة أو سنة لها فيه قولان في مذهب أحمد وغيره ونقل أبو طالب التطوع أيسر ويأتي ذلك أيضا في

أول الحيض وفي باب دخول مكة عند قوله: "وإن طاف محدثا لم يجزئه.
وأما مس المصحف فالصحيح من المذهب: أنه يحرم مس كتابته وجلده وحواشيه لشمول اسم المصحف له بدليل البيع ولو كان المس بصدره وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: لا يحرم إلا مس كتابته فقط واختاره ابن عقيل في الفنون قال لشمول اسم المصحف لجواز جلوسه على بساط على حواشيه كتابة قال في الفروع كذا قال وقال القاضي في شرحه الصغير للجنب مس ما له قراءته وظاهر ما قدمه في الرعاية جواز مس الجلد فإنه قال لا يمس المحدث مصحفا وقيل: ولا جلده.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز للصبي مسه وهو تارة مس المصحف فلا يجوز على المذهب وعليه الأصحاب وذكر القاضي في موضع رواية بالجواز وهو وجه في الرعاية وغيرها.
وتارة يمس المكتوب في الألواح فلا يجوز أيضا على الصحيح من المذهب: وعنه يجوز وأطلقهما في التلخيص.
وتارة يمس اللوح أو يحمله فيجوز على الصحيح من المذهب: صححه الناظم وقدمه ابن رزين: في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في التلخيص فإنه قال وفي مس الصبيان كتابة القرآن روايتان واقتصر عليه وعنه لا يجوز وهو وجه ذكره في الرعاية والحاوي وغيرهما قال في الفروع ويجوز في رواية مس صبي لوحا كتب فيه قال ابن رزين: وهو أظهر وأطلقهما في المستوعب والمغني والكافي والشرح وابن تميم والرعايتين والحاويين والزركشي والفائق ومجمع البحرين: وابن عبيدان وقال القاضي في مستدركه الصغير لا بأس بمسه لبعض القرآن ويمنع من جملته وقال في مجمع البحرين: ويحتمل أن يمنع من له عشر فصاعدا بناء على وجوب الصلاة عليه.
فوائد
منها لا يحرم حمله بعلاقته ولا في غلافته أو كمه أو تصفحه بكمه أو بعود أو مسه من وراء حائل على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وقدمه في الفروع والشرح وابن عبيدان وغيرهم وصححه المصنف وغيره قال الزركشي هو المشهور وقطع به أبو الخطاب وابن عبدوس وصاحب التلخيص واختاره القاضي وأبو محمد قال القاضي وعنه يحرم وقيل: يحرم إلا لوراق لحاجته وعنه المنع من تصفحه بكمه وخرجه القاضي والمجد وغيرهما إلى بقية الحوائل وأبى ذلك طائفة من الأصحاب منهم المصنف في المغني وفرق بأن كمه وعباءته متصلا به أشبهت أعضاءه وأطلق الروايتين في حمله بعلاقته أو في غلافه وتصفحه بكمه أو عود ونحوه في المستوعب والمحرر وابن تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: والفائق.

ومنها هل يجوز مس ثوب رقم بالقرآن أو فضة نقشت به فيه وجهان أو روايتان روى ابن عبيدان: في الثوب المطرز بالقرآن روايتان وقيل: وجهان وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح وابن تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: وابن عبيدان والزركشي وأطلقهما في المستوعب والتلخيص في الفضة المنقوشة قال في الفروع ويجوز في رواية مس ثوب رقم به وفضة نقشت به قال الزركشي ظاهر كلامه الجواز قال في النظم عن الدرهم المنقوش هذا المنصور وعنه لا يجوز وهو وجه في المغني وغيره وقدمه ابن رزين: في شرحه وقال لأنه أبلغ من الكاغد وقال القاضي في التخريج ما لا يتعامل به غالبا لا يجوز مسه وإلا فوجهان وقال في النهاية وقطع المجد بالجواز في مس الخاتم المرقوم فيه قرآن واختار في النهاية أنه لا يجوز لمحدث مس ثوب كتب فيه قرآن.
ومنها يجوز حمل خرج فيه متاع وفيه مصحف على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وسواء كان فوق المتاع أو تحته وقيل: لا يجوز حمله وهو فيه.
ومنها يجوز مس كتاب التفسير ونحوه على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وحكى القاضي رواية بالمنع وأطلقهما في الرعاية وقيل: فيه وجهان وقيل: روايتان أيضا في حمل كتب التفسير وقيل: في مس القرآن المكتوب فيه وذكر القاضي في الخلاف من ذلك ما نقله أبو طالب في الرجل يكتب الحديث أو الكتاب للحاجة فيكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال بعضهم يكرهه وكأنه كرهه وقال الصحيح المنع من حمل ذلك ومسه انتهى.
ومنها يجوز مس المنسوخ تلاوته والمأثور عن الله تعالى والتوراة والإنجيل على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يجوز ذلك.
قلت: والمنع من قراءة التوراة والإنجيل أقوى وأولى.
ومنها لو رفع الحدث عن عضو من أعضاء الوضوء ثم مس به المصحف لم يجز على الصحيح من المذهب: ولو قلنا يرتفع الحدث عنه وقيل: لا يحرم إذا قلنا يرتفع عنه.
واعلم أن في رفع الحدث عن العضو قبل إتمام الوضوء وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت: الذي يظهر أن يكون ذلك مراعى فإن كمله ارتفع وإلا فلا.
قال المصنف في المغني والشارح لأنه لا يكون متطهرا إلا بعمل الجميع قال الزركشي لأن الماء غير طاهر على المذهب [وقال في الرعاية ولو رفع الحدث عن عضو لم يمسه به قبل إكمال الطهارة في الأصح قال ابن تميم ولو رفع الحدث عن عضو لم يمس به المصحف حتى يكمل طهارته].
ومنها يحرم مس المصحف بعضو نجس على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يحرم.
قلت: هذا خطأ قطعا.

ومنها لا يحرم مسه بعضو طاهر إذا كان على غيره نجاسة على الصحيح من المذهب: وقيل: يحرم قال في الفروع عن هاتين المسألتين قاله بعضهم.
قلت: صرح ابن تميم بالثانية: والزركشي بالأولى: وذكر المسألتين في الرعاية وقال في التبصرة لا تعتبر الطهارة من النجاسة لغير الصلاة والطواف.
ومنها يجوز مس المصحف بطهارة التيمم مطلقا على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يجوز إلا عند الحاجة اختاره المصنف فإن عدم الماء لتكميل الوضوء تيمم للباقي ثم مسه على الصحيح من المذهب: وقال ابن عقيل له مسه قبل تكميلها بالتيمم بخلاف الماء قال ابن تميم وبن حمدان وهو سهو.
ومنها يجوز كتابته من غير مس على الصحيح من المذهب: جزم به المصنف وهو مقتضى كلام الخرقي وقاله القاضي وغيره وعنه يحرم وأطلقهما في الفروع وقيل: هو كالتقليب بالعود وقيل: لا يجوز وإن جاز التقليب بالعود وللمجد احتمال بالجواز للمحدث دون الجنب وأطلقهن في الرعاية ومحل الخلاف إذا لم يحمله على مقتضى ما في التلخيص والرعاية وغيرهما.
تنبيه: خرج من كلام المصنف الذمي لانتفاء الطهارة منه وعدم صحتها وهو صحيح لكن له نسخه على الصحيح من المذهب: وقال ابن عقيل بدون حمل ومس قاله القاضي في التعليق وغيره قال ابن عقيل في التذكرة يجوز استئجار الكافر على كتابة المصحف إذا لم يحمله قال أبو بكر لا يختلف قول أحمد أن المصاحف يجوز أن يكتبها النصارى قال القاضي في الجامع يحتمل قول أبي بكر يكتبه مكتبا بين يديه ولا يحمله وهو قياس المذهب أنه يجوز لأن مس القلم للحرف كمس العود للحرف وقيل: لأحمد يعجبك أن تكتب النصارى المصاحف قال لا يعجبني قال الزركشي فأخذ من ذلك رواية بالمنع قال القاضي في خلافه يمكن حملها على أنهم حملوا المصاحف في حال كتابتها وقال في الجامع ظاهره كراهة ذلك وكرهه للخلاف وقال في النهاية يمنع منه وأطلق في الجواز وعدمه الروايتين في الفروع وابن تميم والرعاية ويمنع من قراءته على الصحيح من المذهب: نص عليه.
قال القاضي التخريج لا يمنع لكن لا يمكن من مسه انتهى ويمنع من تملكه فإن ملكه بإرث أو غيره ألزم بإزالة ملكه عنه.
فائدتان
إحداهما: كره الإمام أحمد توسده وفي تخريجه وجهان وأطلقهما في الفروع واختار في الرعاية التحريم وقطع به في المصنف والمغني والشارح قال في الآداب وقدم هو عدم التحريم وهو الذي ذكره ابن تميم وجها.

وكذا كتب العلم التي فيها قرآن وإلا كره قال أحمد في كتب الحديث إن خاف سرقته فلا بأس قال في الفروع ولم يذكر أصحابنا مد الرجلين إلى جهة ذلك وتركه أولى أو يكره.
الثانية: يحرم السفر به إلى دار الحرب نص عليه وقيل: يحرم إلا مع غلبة السلامة وقال في المستوعب يكره بدون غلبة السلامة.
ويأتي بقية أحكامه في البيع والرهن والإجارة.

باب الغسل
:
تنبيه: قوله: "خروج المني الدافق بلذة".
مراده إذا خرج من مخرجه ولو خرج دما وهو صحيح.
قوله: "فإن خرج لغير ذلك لم يوجب.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يوجب الغسل ويحتمله كلام الخرقي وأثبت هذه الرواية جماعة من الأصحاب منهم ابن عبدوس المتقدم وغيره وبعضهم تخريجا منهم المجد من رواية وجوب الغسل إذا خرج المني بعد البول دون ما قبله على ما يأتي قريبا.
قال ابن تميم فإن خرج لغير شهوة فروايتان أصحهما لا يجب وقال في الرعاية وقيل: إن خرج لغير شهوة فروايتان مطلقا أصحهما عدم وجوبه ثم قال وإن صار به سلس المني أو المذي أو البول أجزأه الوضوء لكل صلاة وقاله القاضي في مسألة المني ذكره ابن تميم.
قلت: فيعايى بها في مسألة المني لكونه لا يجب عليه إلا الوضوء بلا نزاع.
تنبيه: مراده بقوله: "فإن خرج لغير ذلك لم يوجب" اليقظان.
فأما النائم إذا رأى شيئا في ثوبه ولم يذكر احتلاما ولا لذة فإنه يجب عليه الغسل لا أعلم فيه خلافا لكن قال الأزجي وأبو المعالي المسألة بما إذا رآه بباطن ثوبه.
قلت: وهو صحيح وهو مراد الأصحاب فيما يظهر.
وحيث وجب عليه الغسل فيلزمه إعادة ما صلى قبل ذلك حتى يتيقن فيعمل باليقين في ذلك على الصحيح من المذهب: وقيل: بغلبة ظنه.
تنبيه: المراد بالوجوب إذا أمكن أن يكون المني منه كابن عشر على الصحيح من المذهب: وقال القاضي وابن عقيل ابن اثنتي عشرة سنة قاله ابن تميم وفيه وجه ابن تسع سنين جزم به في عيون المسائل ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب اللعان.

فوائد
إحداها لو انتبه بالغ أو من يحتمل بلوغه فوجد بللا جهل أنه مني وجب الغسل مطلقا على الصحيح من المذهب: وعنه يجب مع الحلم وعنه لا يجب مطلقا ذكرها الشيخ تقي الدين قال في الفروع وفيه نظر قال الزركشي فهل يحكم بأنه مني وهو المشهور أو مذي وإليه ميل أبي محمد فيه روايتان فعلى المذهب يغسل بدنه وثوبه احتياطا قال في الفروع ولعل ظاهره لا يجب ولهذا قالوا وإن وجده يقظة وشك فيه توضأ ولا يلزمه غسل ثوبه وبدنه وقيل: يلزمه حكم غير المني قال في الفروع ويتوجه احتمال يلزمه حكمهما انتهى.
وعلى القول بأنه لا يلزمه الغسل لا يلزمه أيضا غسل ثوبه ذكره في الفنون عن الشريف أبي جعفر واقتصر عليه في القاعدة الخامسة: عشر وقال ينبغي على هذا التقدير أن لا يجوز له الصلاة قبل الاغتسال في ذلك الثوب قبل غسله لأنا نتيقن وجود المفسد للصلاة لا محالة.
تنبيه: محل الخلاف في أصل المسألة إذا لم يسبق نومه ملاعبة أو برد أو نظر أو فكر أو نحوه فإن سبق نومه ذلك لم يجب الغسل على الصحيح من المذهب: وعنه يجب وعنه يجب مع الحلم قال في النكت وقطع المجد في شرحه بأنه يلزمه الغسل إن ذكر احتلاما سواء تقدم نومه فكر أو ملاعبة أو لا قال وهو قول عامة العلماء.
الثانية: إذا احتلم ولم يجد بللا لم يجب الغسل على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وحكاه ابن المنذر وغيره إجماعا وعنه يجب.
قال الزركشي وأغرب ابن أبي موسى في حكايته رواية بالوجوب وعنه يجب إن وجد لذة الإنزال وإلا فلا.
الثالثة: لا يجب الغسل إذا رأى منيا في ثوب ينام فيه هو وغيره وكانا من أهل الاحتلام على الصحيح من المذهب وعنه يجب وأطلقهما في القواعد الفقهية فعلى المذهب لا يجوز أن يصافه ولا يأتم أحدهما: بالآخر وتقدم نظيرها في الختان ومثله لو سمعا ريحا من أحدهما: ولا يعلم من أيها هي وكذا كل اثنين تيقن موجب الطهارة من أحدهما: لا بعينه.
قوله: "فإن أحس بانتقاله فأمسك ذكره فلم يخرج فعلى روايتين".
وأطلقهما في الإيضاح والنظم والهادي والكافي وابن تميم والرعايتين وتجريد العناية.
إحداهما: يجب الغسل وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في رواية أحمد ابن أبي عبيدة وحرب قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح ومجمع البحرين: وابن عبيدان والحاوي الكبير وغيرهم هذا المشهور عن أحمد قال الزركشي هي المنصوصة عن أحمد المختارة لعامة أصحابه حتى إن جمهورهم جزموا به واختارها القاضي وابن عقيل ولم يذكروا خلافا قال في التلخيص وهذا أصح الروايتين قال

في الخلاصة يجب على الأصح ونصرها المجد في شرحه قال في الرعاية النص وجوبه وأنكر الإمام أحمد أن يكون الماء يرجع وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع والبلغة والمحرر وشرح ابن رزين: والفائق والحاوي الصغير وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
والثانية: لا يجب الغسل حتى يخرج ولو لغير شهوة اختارها المصنف والشارح وصاحب الفائق والشريف فيما حكاه عنه الشيرازي وهو ظاهر كلام الخرقي في الفروع اختاره جماعة قال في الرعاية فعليها يعيد ما صلى لما انتقل انتهى وما رأيته لغيره فإذا خرج اغتسل بلا نزاع.
فعلى المذهب لا يثبت حكم البلوغ والفطر وفساد النسك ووجوب الكفارة وغير ذلك على أحد الوجهين وهو ظاهر اختياره في الرعاية الكبرى.
وفيه وجه آخر تثبت بذلك جميع الأحكام وقاله القاضي في تعليقه التزاما وقدمه الزركشي.
قلت: وهو أولى قال في الرعاية وهو بعيد.
وهذان الوجهان ذكرهما القاضي قال ابن تميم وأطلقهما في الفروع وابن تميم وابن عبيدان والفائق وقال في الرعاية قلت: وإن لم يجب بخروجه بعد الغسل لم يجب بانتقاله بل أولى.
تنبيه: قال في الفروع في الفائق لو خرج المني إلى قلفة الأقلف أو فرج المرأة وجب الغسل رواية واحدة وجزم به في الرعاية وحكاه ابن تميم عن بعض الأصحاب.
قوله: "فإن خرج بعد الغسل أو خرجت بقية المني لم يجب الغسل.
يعني على القول بوجوب الغسل بالانتقال من غير خروج وهذا المذهب وعليه الجمهور وقال الخلال تواترت الروايات عن أبي عبد الله أنه ليس عليه إلا الوضوء بال أو لم يبل على هذا استقر قوله: "قال المصنف والشارح وابن عبيدان هذا المشهور عن أحمد قال في الحاوي الكبير ومجمع البحرين: هذا المذهب زاد في مجمع البحرين: والأقوى وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره الخلال وبن أبي موسى والمجد وغيرهم وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع والكافي وابن رزين في شرحه وغيرهم وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير وعنه يجب اختارها المصنف وقدمه في الرعايتين وعنه يجب إذا خرج قبل البول دون ما بعده اختارها القاضي في التعليق وأطلقهن في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والخلاصة والحاوي الكبير وغيرهم وعنه عكسها فيجب الغسل لخروجه بعد الغسل دون ما قبله ذكرها القاضي في المجرد.

ومنها خرج المجد الغسل بخروج المني من غير شهوة كما تقدم عنه وأطلقهن ابن تميم والزركشي وفيه وجه لا غسل عليه إلا أن تنزل الشهوة.
فوائد
منها أن الحكم إذا جامع فلم ينزل واغتسل ثم خرج لغير شهوة كذلك على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وجزم جماعة بوجوب الغسل هنا منهم ابن تميم فقال وإن جامع وأكسل فاغتسل ثم أنزل فعليه الغسل نص عليه وفيه وجه لا غسل إلا أن ينزل لشهوة وقال في الرعاية والنص يغتسل ثانيا.
ومنها قياس انتقال المني انتقال الحيض قاله الشيخ تقي الدين.
ومنها لو خرج من امرأة مني رجل بعد الغسل فلا غسل عليها ويكفيها الوضوء نص عليه ولو وطى ء دون الفرج ودب ماؤه فدخل الفرج ثم خرج فلا غسل عليها أيضا على الصحيح من المذهب: وتقدم ذلك وحكى عن ابن عقيل أن عليها الغسل وهو وجه حكاه في الرعايتين وغيره وأطلقهما فيها وفيما إذا دخل فرجها من مني امرأة بسحاق ثم قال والنص عدمه في ذلك كله قال الزركشي وهو المنصوص المقطوع به وتقدم الوضوء من ذلك في أول الباب الذي قبله,
تنبيهات
أحدها يعني بقوله: "الثاني التقاء الختانين.
وهو تغييب الحشفة في الفرج أو قدرها قاله الأصحاب وصرح به المصنف في باب الرجعة وذكر القاضي أبو يعلى الصغير توجيها بوجوب الغسل بغيبوبة بعض الحشفة انتهى ومراده إذا وجد ذلك بلا حائل فإن وجد حائل مثل أن لف عليه خرقة أو أدخله في كيس لم يجب الغسل على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وقيل: يجب أيضا وهو ظاهر كلام المصنف وأطلقهما في
المستوعب والنظم وابن تميم والرعايتين والحاويين والفائق ومجمع البحرين وابن عبيدان.
فعلى الوجه الثاني: هل يجب عليه الوضوء فيه وجهان حكاهما في الرعايتين وأطلقهما والصحيح من المذهب: وجوب الوضوء أيضا وعليه الأصحاب منهم المجد وغيره وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وغيره وتقدم ذلك مستوفى في نواقض الوضوء بعد قوله: "الردة" في الفائدة.
الثاني دخل في كلامه لو كان نائما أو مجنونا أو استدخلت امرأة الحشفة وهو كذلك وهو المذهب قاله في الفروع وغيره فيجب الغسل على النائم والمجنون.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: لا غسل عليهما قدمه في الرعاية وابن عبيدان فقالا ولو استدخلت امرأة حشفة

نائم أو مجنون أو ميت أو بهيمة اغتسلت وقيل: ويغتسل النائم إذا انتبه والمجنون إذا أفاق.
قلت: يعايى بها أيضا.
الثالث وقد يدخل في كلامه أيضا لو استدخلت حشفة ميت أنه يجب عليه الغسل وهو وجه فيعاد غسله فيعايى بها والصحيح من المذهب: أنه لا يجب بذلك غسل الميت قدمه في الفروع.
قلت: فيعايى بها أيضا.
وأما المرأة فيجب عليها الغسل في المسائل الثلاث ولو استدخلت ذكر بهيمة فكوطء البهيمة على ما يأتي بعد ذلك قريبا.
الرابع شمل قوله: "تغيبت الحشفة في الفرج البالغ وغيره.
أما البالغ فلا نزاع فيه وأما غيره فالمذهب المنصوص عن أحمد أنه كالبالغ من حيث الجملة قاله في الفروع وغيره وقيل: لا يجب على غير البالغ غسل اختاره القاضي وأطلقهما في الرعايتين والحاويين وقال ابن الزاغوني في فتاويه لا نسميه جنبا لأنه لا ماء له ثم إن وجد شهوة لزمه وإلا أمر به ليعتاده.
فعلى المذهب يشترط كونه يجامع مثله نص عليه وجزم به في التلخيص وغيره وقال ابن عقيل وغيره وقدمه ابن عبيدان: وابن تميم ومجمع البحرين: وغيرهم قال الزركشي وهو ظاهر إطلاق الأكثرين وقال في المستوعب والحاوي الكبير وقدمه في الرعايتين وغيرهم يشترط كون الذكر ابن عشر سنين والأنثى تسع قال في الفروع المراد بهذا ما قبله يعني كون الذكر ابن عشر سنين والأنثى ابنة تسع وهو الذي يجامع مثله قال وهو ظاهر كلام أحمد وليس عنه خلافه انتهى.
ويرتفع حدثه بغسله قبل البلوغ وعلى المذهب المنصوص أيضا يلزمه الغسل على الصحيح عند إرادة ما يتوقف عليه الغسل أو الوضوء أو مات شهيدا قبل فعله وعد في الرعاية وغيره هذا قولا واحدا ذكره في كتاب الطهارة وقيل: باب المياه قال في الفروع والأولى: أن هذا مراد المنصوص أو يغسل لو مات ولعله مراد الإمام انتهى.
فائدة: يجب على الصبي الوضوء بموجباته وجعل الشيخ تقي الدين مثل مسألة الغسل إلزامه باستجمار ونحوه
فائدة: قال الناظم يتعلق بالتقاء الختانين ستة عشر حكما فقال:
وتقضى ملاقاة الختان بعدة أو ... جه وغسل مع ثيوبة تمهد
وتقرير مهر واستباحة أول ... وإلحاق أنساب وإحصان معتد
وفيئة مول مع زوال لعنة ... وتقرير تكفير الظهار تعدد
وإفسادها كفارة في ظهاره ... وكون الإما صارت فراشا لسيد
وتحريم أصهار وقطع تتابع ال ... صيام وحنث الحالف فالمتشدد

انتهى والذي يظهر أن الأحكام المتعلقة بالتقاء الختانين كالأحكام المتعلقة بالوطء الكامل لا فارق بينهما.
وقد رأيت لبعض الشافعية عدد الأحكام المتعلقة بالتقاء الختانين وعدها سبعين حكما أكثرها موافق لمذهبنا وعد الناظم ليس بحصر.
تنبيه: مراده بقوله: "قبلا القبل الأصلي فلا غسل بوطء قبل غير أصلي على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقيل: يجب قال القاضي أبو يعلى الصغير لو أولج رجل في قبل خنثى مشكل هل يجب عليه الغسل يحتمل وجهين وقال ابن عقيل لو جامع كل واحد من الخنثيين الآخر بالذكر في القبل لزمهما الغسل قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: والحاويين وابن عبيدان هذا وهم فاحش ذكر نقيضه بعد أسطر قال ابن تميم وهو سهو.
قوله: "أو دبرا".
هذا المذهب نص عليه فيجب على الواطئ والموطوء وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: لا يجب وأطلقهما الناظم وقيل: يجب على الواطئ دون الموطوء.
قوله: "من آدمي أو بهيمة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب حتى لو كان سمكة حكاه القاضي في التعليق وقال ابن شهاب لا يجب بمجرد الإيلاج في البهيمة غسل ولا فطر ولا كفارة قال في الفروع كذا قال ذكره عنه في باب ما يفسد الصوم وباب حد الزنى
قوله: "حي أو ميت".
الصحيح من المذهب: وجوب الغسل بوطء الميتة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل: لا يجب الغسل بوطء الميتة فأما الميت فلا يعاد غسله إذا وطى ء على أحد الوجهين وقيل: يعاد غسله.
قال في الحاوي الكبير ومن وطى ء ميتا بعد غسله أعيد غسله في أصح الوجهين واختاره في الرعاية الكبرى.
قال في المغني والشرح ويجب الغسل على كل واطئ وموطوء إذا كان من أهل الغسل سواء كان الفرج قبلا أو دبرا من كل آدمي أو بهيمة حيا أو ميتا انتهى.
وقال ابن تميم هل يجب غسل الميت بإيلاج في فرجه يحتمل وجهين وتابعه ابن عبيدان: على ذلك وتقدم قريبا لو استدخلت حشفة ميت هل يعاد غسله؟.
فائدة: لو قالت امرأة لي جني يجامعني كالرجل فقال أبو المعالي لا غسل عليها لعدم الإيلاج والاحتلام قال في الفروع وفيه نظر وقد قال ابن الجوزي في قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:56] فيه دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنس انتهى.

قلت: الصواب وجوب الغسل.
قوله: "الثالث إسلام الكافر أصليا كان أو مرتدا".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر في التنبيه: وسواء وجد منه ما يوجب الغسل أو لا وسواء اغتسل له قبل إسلامه أو لا وعنه لا يجب بالإسلام غسل بل يستحب.
قلت: وهو أولى وهو قول في الرعاية.
قال الزركشي وهو قول أبي بكر في غير التنبيه: وقال أبو بكر لا غسل عليه إلا إذا وجد منه في حال كفره ما يوجب الغسل من الجنابة ونحوها اختاره المصنف وحكاه المذهب في الكافي رواية وليس كذلك قال الزركشي وأغرب أبو محمد في الكافي فحكى ذلك رواية وهو كما قال وقيل: يجب بالكفر والإسلام بشرطه.
فعلى المذهب لو وجد سبب من الأسباب الموجبة للغسل في حال كفره لم يلزمه له غسل إذا أسلم على الصحيح من المذهب: بل يكتفى بغسل الإسلام على الصحيح من المذهب: وقدمه في الفروع وغيره وجزم به ابن تميم وغيره وقال ابن عقيل وغيره أسبابه الموجبة له في الكفر كثيرة وبناه أبو المعالي على مخاطبتهم فإن قلنا هم مخاطبون لزمه الغسل وإلا فلا.
وعلى الرواية الثانية: يلزمه الغسل اختاره أبو بكر ومن تابعه كما تقدم لوجود السبب الموجب للغسل كالوضوء قال ابن تميم وبن حمدان وصاحب القواعد الأصولية الرواية الثانية: لا يوجب الإسلام غسلا إلا أن يكون وجد سببه قبله فلزمه بذلك في أظهر الوجهين انتهى وقيل: لا يلزمه عليهما غسل مطلقا ذكره الأصحاب فلو اغتسل في حال كفره أعاد على قولهم جميعا على الصحيح قال في الرعاية لم يجزئه غسله حال كفره في الأشهر وقدمه في الفروع.
وقال القاضي في شرحه هذا إذا لم نوجب الغسل وقيل: لا يعيده وقال الشيخ تقي الدين لا إعادة عليه إن اعتقد وجوبه قال بناء على أنه يثاب على الطاعة في حال كفره إذا أسلم وأنه كمن تزوج مطلقته ثلاثا معتقدا حلها وفيه روايتان انتهى.
تنبيه: هذا الحكم في غير الحائض أما الحائض إذا اغتسلت لزوجها أو سيدها المسلم فإنه يصح ولا يلزمها إعادته على الصحيح من المذهب: قال في الفروع في الأصح وقيل: هي كالكافر إذا اغتسل في حال كفره على ما تقدم قال أبو الفرج ابن أبي الفهم إذا اغتسلت الذمية من الحيض لأجل الزوج ثم أسلمت يحتمل أن لا يلزمها إعادة الغسل ويحتمل أن يلزمها وقال في الرعاية لو اغتسلت كتابية عن حيض أو نفاس لوطء زوج مسلم أو سيد مسلم صح ولم يجب وقيل: يجب على الأصح وفي غسلها من جنابة وجهان وقيل: روايتان فإذا أسلمت قبل وطئه سقط وقيل: لا وقيل: إن وجب حال الكفر بطلبها.

فالوجهان ولا يصح غسل كافرة غيرها انتهى.
تنبيه: ألحق المصنف المرتد بالكافر الأصلي وهو الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقيل: لا غسل على المرتد إن أوجبناه على الأصح.
قوله: "الرابع الموت".
الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وجوب الغسل بالموت مطلقا وقيل: لا يجب مع حيض ونفاس.
قلت: وهو بعيد جدا.
قال في الرعاية بعد ذلك قلت: إن قلنا يجب الغسل بالحيض فانقطاعه شرط لصحته وأنه يصح غسلها للجنابة قبل الانقطاع وجب غسل الحائض الميتة وإلا فلا انتهى.
قوله: "والخامس الحيض والسادس النفاس".
الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وجوب الغسل بخروج دم الحيض والنفاس جزم به في الوجيز وغيره قدمه في الفروع والمستوعب والرعاية الكبرى: وغيرهم وصححه في الشرح وشرح المجد والفائق ومجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهم قال ابن عقيل وغيره عن كلام الخرقي والطهر بين الحيض والنفاس هذا تجوز من أبي القاسم فإن الموجب للغسل في التحقيق هو الحيض والنفاس وانقطاعه شرط وجوب الغسل وصحته فسماه موجبا انتهى واقتصر على هذا القول في المغني وقيل: هذا يجب بانقطاعه وهو ظاهر كلام الخرقي قال في الرعاية الصغرى والحاوي الكبير ومنه الحيض والنفاس إذا فرغا وانقطعا قال في الرعاية الكبرى: وهو أشهر وقال ابن عقيل في التذكرة كقول الخرقي وقال ابن البنا قال القاضي في المجرد وانقطاع دم الحيض والنفاس وأطلقهما ابن تميم.
تنبيه: تظهر فائدة: الخلاف إذا استشهدت الحائض قبل الطهر فإن قلنا يجب الغسل بخروج الدم وجب غسلها للحيض وإن قلنا لا يجب إلا بالانقطاع لم يجب الغسل لأن الشهيدة لا تغسل ولو لم ينقطع الدم الموجب للغسل قاله المجد وابن عبيدان والزركشي وصاحب مجمع البحرين: والفروع والرعاية وغيرهم
قال الطوفي في شرح الخرقي وتظهر فائدة: الخلاف فيما إذا استشهدت الحائض قبل الطهر هل تغسل للحيض فيه وجهان إن قلنا يجب الغسل عليها بخروج الدم غسلت لسبق الوجوب وإن قلنا لا يجب إلا بانقطاع الدم لم يجب انتهى.
وقطع جماعة أنه لا يجب الغسل على القولين منهم المصنف لأن الطهر شرط في صحة الغسل أو في السبب الموجب له ولم يوجد.
قال الطوفي في شرحه بعد ما ذكر ما تقدم وعلى هذا التفريع إشكال وهو أن الموت إما

أن ينزل منزلة انقطاع الدم أولا فإن نزل منزلته لزم وجوب الغسل لتحقق سبب وجوبه وشرطه على القولين وإن لم ينزل منزلة انقطاع الدم فهي في حكم الحائض على القولين فلا يجب غسلها لأنا إن قلنا الموجب هو الانقطاع فسبب الوجوب منتف وإن قلنا الموجب خروج الدم فشرط الوجوب وهو الانقطاع منتف والحكم ينتفي لانتفاء شرطه انتهى.
وذكر أبو المعالي على القول الأول وهو وجوب الغسل بالخروج احتمالين لتحقق الشرط بالموت وهو غير موجب انتهى.
قال الزركشي وقد ينبني أيضا على قول الخرقي إنه لا يجب بل لا يصح غسل ميتة مع قيام الحيض والنفاس وإن لم تكن شهيدة وهو قوي في المذهب لكن لا بد أن يلحظ فيه أن غسلها للجنابة قبل انقطاع دمها لا يصح لقيام الحدث كما هو رأي ابن عقيل في التذكرة وإذا لا يصح غسل لموت لقيام الحدث كالجنابة وإذا لم يصح لم يجب حذارا من تكليف ما لا يطاق والمذهب صحة غسلها للجنابة قبل ذلك فينتفي هذا البناء انتهى.
قلت: هذا القول الذي حكاه بعدم صحة غسل الميتة لا يلتفت إليه والذي يظهر أنه مخالف للإجماع وتقدم قريبا
وقال الطوفي في شرح الخرقي.
فرع لو أسلمت الحائض أو النفساء قبل انقطاع الدم فإن قلنا يجب الغسل على من أسلم مطلقا لزمها الغسل إذا طهرت للإسلام فيتداخل الغسلان وإن قلنا لا يجب خرج وجوب الغسل عليها عند انقطاع الدم على القولين في موجبه إن قلنا يجب بخروج الدم فلا غسل عليها لأنه وجب حال الكفر وقد سقط بالإسلام لأن الإسلام يجب ما قبله والتقدير أن لا غسل على من أسلم وعلى هذا تغسل عند الطهر نظافة لا عبادة حتى لو لم تنو أجزأها وإن قلنا يجب بالانقطاع لزمها الغسل لأن سبب وجوبه وجد حال الإسلام فصارت كالمسلمة الأصلية.
قال وهذا الفرع إنما استخرجته ولم أره لأحد ولا سمعته منه ولا عنه إلى هذا الحين وإنما أقول هذا حيث قلت:ه تمييزا للمقول عن المنقول أداء للأمانة انتهى.
فائدة: لا يجب على الحائض غسل في حال حيضها من الجنابة ونحوها ولكن يصح على الصحيح من المذهب: فيها ونص عليه وجزم به في المغني والشرح وابن تميم واختاره في الحاوي الصغير وقدمه في الفروع والفائق في هذا الباب وعنه لا يصح جزم به ابن عقيل في التذكرة والمستوعب وأطلقهما في الرعاية الكبرى: في موضع والفائق في باب الحيض وعنه يجب وجزم في الرعاية الكبرى: أنه لا يصح وضوءها قال في النكت صرح غير واحد بأن طهارتها لا تصح.
فعلى المذهب يستحب غسلها كذلك قدمه ابن تميم قال في مجمع البحرين: يستحب غسلها عند الجمهور واختاره المجد انتهى.

وعنه لا يستحب قدمه في المستوعب وأطلقهما في الفروع ويصح غسل الحيض قال ابن تميم وبن حمدان وغيرهما ولذا لا تمنع الجنابة غسل الحيض مع وجود الجنابة مثل إن أجنبت في أثناء غسلها من الحيض.
وتقدم ذلك فيما إذا اجتمعت أحداث.
قوله: "وفي الولادة العرية عن الدم وجهان.
وأطلقهما في الفروع والهداية والفصول والمذهب والتلخيص والبلغة والمذهب الأحمد والخلاصة والمحرر والنظم وابن تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: وابن عبيدان والفائق وتجريد العناية والزركشي قال ابن رزين: في شرحه في باب الحيض والوجه الغسل فاما الولادة الخالية عن الدم فقيل لا غسل عليها وقيل: فيها وجهان انتهى.
أحدهما: لا يجب وهو المذهب وهو ظاهر الخرقي والوجيز والمنور والمنتخب والطريق الأقرب وغيرهم لعدم ذكرهم لذلك قاله الطوفي في شرح الخرقي والمجد والشارح وابن منجا في شرحه وقدمه في الفروع والكافي وابن رزين في شرحه في باب الحيض.
والوجه الثاني: يجب وهو رواية في الكافي اختاره ابن أبي موسى وابن عقيل في التذكرة وابن البنا وجزم به القاضي في الجامع الكبير ومسبوك الذهب والإفادات وقدمه في المستوعب والرعاية الكبرى: في باب الحيض.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "العرية عن الدم من زوائد الشارح".
الثاني حكى الخلاف وجهين كما حكاه المصنف وصاحب الهداية والمستوعب والمغني والشرح والتلخيص والبلغة والمجد والنظم وابن تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: والفائق وابن عبيدان وابن رزين والطوفي في شرحه وغيرهم قال ابن عقيل في الفصول فإن عرت المرأة عن نفاس وهذا لا يتصور إلا في السقط فهل يجب الغسل يحتمل وجهين وحكى الخلاف روايتين في الكافي والفروع.
فائدة: اختلف الأصحاب في العلة الموجبة للغسل في الولادة العرية عن الدم فقيل وهو الصحيح عندهم إن الولادة مظنة لدم النفاس غالبا وأقيمت مقامه كالوطء مع الإنزال والنوم مع الحدث وعليه الجمهور وقيل: لأنه مني منعقد وبه علل ابن منجا في شرحه فقال لأن الولد مخلوق أصله المني أشبه المني ويستبرأ به الرحم أشبه الحيض انتهى.
ورد ذلك بخروج العلقة والمضغة فإنها لا توجب الغسل بلا نزاع وأطلقهما ابن تميم.
فعلى الأول يحرم الوطء قبل الغسل ويبطل الصوم.

وعلى الثاني لا يحرم الوطء ولا يبطل الصوم قاله ابن تميم قال وقال القاضي متى قلنا بالغسل حصل بها الفطر انتهى وكذا بنى صاحب الفائق والزركشي هذه الأحكام على التعليلين وأطلق في الرعاية الكبرى: والحاوي الكبير في تحريم الوطء وبطلان الصوم به قبل الغسل الخلاف على القول بوجوبه.
فائدة: الصحيح من المذهب: أن الولد طاهر قال في الفروع والولد على الأصح وجزم به في الرعاية الكبرى: في باب النجاسات وعنه ليس بطاهر فيجب غسله وهما وجهان مطلقا وفي مختصر ابن تميم ذكرها في كتاب الطهارة فعلى المذهب في وجوب غسل الولد مع الدم وجهان وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى: والحاوي الكبير
قلت: الأولى: والأقوى الوجوب لملابسته للدم ومخالطته.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يوجب الغسل سوى هذه السبعة التي ذكرها وهو صحيح ويأتي بعض المسائل في وجوب الغسل فيها خلاف في الأغسال المستحبة.
قوله: "ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية فصاعدا.
وهذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يجوز قراءة آية ونقل أبو طالب عن أحمد يجوز قراءة آية ونحوها قال في التلخيص وقيل: يخرج من تصحيح خطبة الجنب جواز قراءة آية مع اشتراطها وقال ابن عقيل في واضحه في مسألة الإعجاز لا يحصل التحدي بآية أو آيتين ولهذا جوز الشرع للجنب والحائض تلاوته لأنه لا إعجاز فيه بخلاف ما إذا طال وقال أبو المعالي لو قرأ آية لا تستقل بمعنى أو بحكم كقوله: ثم نظر أو مدها مدتان لم يحرم وإلا حرم.
قلت: وهو الصواب.
وقيل: لا تمنع الحائض من قراءة القرآن مطلقا اختاره الشيخ تقي الدين ونقل الشافعي كراهة القراءة للحائض والجنب وعنه لا يقرآن والحائض أشد ويأتي ذلك أول باب الحيض.
قوله: "وفي بعض آية روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والخلاصة والتلخيص والبلغة والنظم وابن تميم وابن منجا في شرحه وابن عبيدان وغيرهم
إحداهما: الجواز وهو المذهب قال ابن عبدوس في تذكرته ويحرم قراءة آية على جنب ونحوه قال في الإفادات لا يقرأ آية وقال في الفروع ويجوز بعض آية على الأصح ولو كرر ما لم يتحيل على قراءة تحرم عليه وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق قال في المنور والمنتخب وله قراءة بعض آية تبركا.

قلت: الأولى: الجواز إن لم تكن طويلة كآية الدين.
والثانية: لا يجوز وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح والنظم ومجمع البحرين: قال في الشرح أظهرهما لا يجوز واختاره المجد في شرحه وجزم به في الوجيز فائدة: يجوز للجنب قراءة لا تجزئ في الصلاة لإسرارها في ظاهر كلام نهاية أبي المعالي قاله في الفروع وقال غيره له تحريك شفتيه إذا لم يبين الحروف وجزم به في الرعاية الكبرى: والصحيح من المذهب: له تهجيه قال في الرعاية والفروع وله تهجيه في الأصح وقيل: لا يجوز قال في الفروع ويتوجه في بطلان صلاة بتهجيه هذا الخلاف وقال في الفصول تبطل لخروجه عن نظمه وإعجازه.
فائدة: قال في الرعاية الكبرى: له قراءة البسملة تبركا وذكرا وقيل: أو تعوذا أو استرجاعا في مصيبة لا قراءة نص عليه وعلى الوضوء والغسل والتيمم والصيد والذبح وله قول الحمد لله رب العالمين عند تجدد نعمة إذا لم يرد القراءة وله التفكر في القرآن انتهى.
وقال في الفروع وله قول ما وافق قرآنا ولم يقصده نص عليه والذكر وعنه ما أحب أن يؤذن لأنه من القرآن قال القاضي في هذا التعليل نظر وعلله في رواية الميموني بأنه كلام مجموع انتهى وكره الشيخ تقي الدين للجنب الذكر لا للحائض.
فائدة: قال أبو المعالي في النهاية وله أن ينظر في المصحف من غير تلاوة ويقرأ عليه القرآن وهو ساكت لأنه في هذه الحالة لا ينسب إلى قراءة.
قوله: "يجوز له العبور في المسجد".
يجوز للجنب عبور المسجد مطلقا على الصحيح من المذهب: وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والتلخيص والمستوعب والهداية والخلاصة والفائق وغيرهم لإطلاقهم إباحة العبور له وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى: وقيل: لا يجوز إلا لحاجة وهو ظاهر ما قطع به في المغني والشرح والمجد في شرحه وابن عبيدان وابن تميم وصاحب مجمع البحرين: والحاوي الكبير وغيرهم لاقتصارهم على الإباحة لأجل الحاجة وصرح جماعة منهم بذلك وحمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف على ذلك.
فائدة: كون المسجد طريقا قريبا حاجة قاله المجد في شرحه وتبعه في الرعاية ومجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهم قال ابن تميم وكون الطريق أخصر نوع حاجة ذكره بعض أصحابنا انتهى.
قال في الفروع في آخر الوقف كره أحمد اتخاذه طريقا ومنع شيخنا من اتخاذه طريقا انتهى.
وأما مرور الحائض والنفساء فيأتي حكمه في أول باب الحيض وإن شمله كلام المصنف هنا ويأتي قريبا إذا انقطع دمها.

فائدة: حيث أبحنا للكافر دخول المسجد ففي منعه وهو جنب وجهان قال في الرعايتين والآداب الكبرى والقواعد الأصولية والحاوي الصغير وابن تميم ذكره في باب مواضع الصلاة والفروع ذكره في باب أحكام الذمة.
قلت: ظاهر كلام من جوز لهم الدخول الإطلاق وأكثرهم يحصل له الجنابة ولم نعلم أحدا قال باستفسارهم وهو الأولى: ويأتي ذلك في أحكام الذمة وبنى الخلاف بعض الأصحاب على مخاطبتهم بالفروع وعدمها.
فائدة: يمنع السكران من العبور في المسجد على الصحيح من المذهب: وللقاضي في الخلاف جواب بأنه لا يمنع ويمنع أيضا من عليه نجاسة من اللبث فيه قال في الفروع والمراد وتتعدى كظاهر كلام القاضي قال بعضهم ويتيمم لها لعذر قال في الفروع وهو ضعيف.
قلت: لو قيل بالمنع مطلقا من غير عذر لكان له وجه صيانة له عن دخول النجاسة إليه من غير عذر
ويمنع أيضا المجنون على الصحيح من المذهب: وقيل: يكره كصغير على الصحيح من المذهب: فيه وأطلق القاضي في الخلاف منع الصغير والمجنون ونقل مهنا ينبغي أن يجنب الصبيان المساجد وقال في النصيحة يمنع الصغير من اللعب فيه لا لصلاة وقراءة وهو معنى كلام ابن بطة وغيره.
قوله: "ويحرم عليه اللبث فيه إلا أن يتوضأ".
هذا المذهب في غير الحائض والنفساء وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم وهو من مفردات المذهب وعنه لا يجوز وإن توضأ نقلها أبو الفرج الشيرازي واختاره ابن عقيل قاله في الفائق وأطلقهما ابن تميم وعنه يجوز وإن لم يتوضأ ذكرها في الرعاية ونقلها الخطابي عن أحمد وقيل: في جلوسه فيه بلا غسل ولا وضوء روايتان.
وتقدم حكم الكافر إذا جاز له دخول المسجد.
فوائد
منها لو تعذر الوضوء على الجنب واحتاج إلى اللبث جاز له من غير تيمم على الصحيح من المذهب: نص عليه وقدمه في الفروع وابن تميم والحاوي وغيرهم وقال المصنف والشارح وأبو المعالي يتيمم قال في المغني القول بعدم التيمم غير صحيح قال في الحاوي الكبير وهو الأقوى عندي.
وأما لبثه فيه لأجل الغسل فالصحيح من المذهب: أنه يتيمم وقال ابن شهاب وغيره وقدمه في الفروع قال ابن تميم وفيه بعد مع اقتصاره عليه وقيل: لا يتيمم.
ومنها مصلى العيد مسجد على الصحيح من المذهب: قال في الفروع هذا هو الصحيح ومنع في المستوعب الحائض منه ولم يمنعها في النصيحة منه وأما مصلى الجنائز:

فليس بمسجد قولا واحدا.
ومنها حكم الحائض والنفساء بعد انقطاع الدم حكم الجنب فيما تقرر على الصحيح من المذهب: وهو من المفردات وقيل: لا يباح لهما ما يباح للجنب كما قبل طهرهما نص عليه ويأتي ذلك في باب الحيض.
قوله: "والأغسال المستحبة ثلاثة عشر غسلا للجمعة.
يعني أحدها الغسل للجمعة وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه وعنه يجب على من تلزمه الجمعة اختاره أبو بكر وهو من المفردات لكن يشترط لصحة الصلاة اتفاقا وأوجبه الشيخ تقي الدين من عرق أو ريح يتأذى به الناس وهو من مفردات المذهب أيضا.
تنبيه: محل الاستحباب أو الوجوب حيث قلنا به أن يكون في يومها لحاضرها إن صلى.
فائدة: الصحيح من المذهب: أن المرأة لا يستحب لها الاغتسال للجمعة نص عليه وقيل: يستحب لها قال القاضي وغيره ومن لا يكون له الحضور من النساء يسن لها الغسل قال الشارح: فإن أتاها من لا تجب عليه سن له الغسل وقدمه ابن تميم والرعاية وجزم به في الفائق وقيل: لا يستحب للصبي والمسافر.
ويأتي في الجمعة وقت الغسل ووقت فضيلته وهل وهو آكد الأغسال.
قوله: "والعيدين".
هذا الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: يجب.
تنبيه: محل الاستحباب أو الوجوب أن يكون حاضرهما ويصلي سواء صلى وحده أو في جماعة على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يستحب إلا إذا صلى في الجماعة قال في التلخيص ليس لمن حضره وإن لم يصل.
قوله: "والاستسقاء والكسوف".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب قطع به كثير منهم وقيل: لا يستحب الغسل لهما ذكره في التبصرة وأطلقهما ابن تميم.
فائدة: وقت مسنونية الغسل من طلوع فجر يوم العيد على الصحيح من المذهب: وهو ظاهر كلام الخرقي وهو قول القاضي والآمدي وقدمه في الفروع والرعاية ومجمع البحرين: وابن تميم وابن عبيدان وغيرهم وعنه له الغسل بعد نصف ليلته قال ابن عقيل وغيره والمنصوص أنه يصيب السنة قبل الفجر وبعده وقال أبو المعالي في جميع ليلته أو بعد نصفها كالأذان فإنه أقرب قال في الفروع فيجيء من قوله: "وجه ثالث يختص بالسحر كالأذان.

قلت: لو قيل يكون وقت الغسل بالنسبة إلى الإدراك وعدمه لكان له وجه.
ووقت الغسل للاستسقاء عند إرادة الخروج للصلاة والكسوف عند وقوعه وفي الحج عند إرادة فعل النسك الذي يغتسل له قريبا منه.
قوله: "ومن غسل الميت".
الصحيح من المذهب: استحباب الغسل من غسل الميت وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وعنه لا يستحب وهو وجه ذكره القاضي وابن عقيل قال ابن عقيل لا يجب ولا يستحب قال وهو ظاهر كلام أحمد وعنه يجب من الكافر وقيل: يجب من غسل الحي أيضا وقيل: يجب مطلقا.
قوله: "والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا من غير احتلام".
هذا المذهب بهذا القيد وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يجب والحالة هذه وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة وقيل: يجب مع وجود البلة قاله أبو الخطاب وقال ابن تميم ولا يجب بالجنون والإغماء غسل وإن وجد بلة إلا أن يعلم أنه مني وعنه يجب بهما وفيه وجه يجب إن كان ثم بلة محتملة وإلا فلا ويأتي كلامه في الهداية وغيرها قال ابن البنا إن قيل إن المجنون ينزل وجب عليه الغسل قال الطوفي في شرح الخرقي بعد كلام ابن البنا وهذا إشارة إلى ترتيب الخلاف على أن المجنون ينزل أو لا ينزل وقال بعض أصحابنا إن تيقن الحلم وجب وإلا فلا لأن الأصل عدمه وقال بعضهم إن تيقن وجب وإلا فروايتان.
قلت: مأخذها إما الترتيب على احتمال الإنزال وعدمه أو النظر إلى أن الأصل عدم الإنزال تارة وإلى الاحتياط لأنه مظنة الإنزال تارة أخرى.
قلت: التحقيق أن يقال إن تيقن الإنزال وجب الغسل أو عدمه فلا يجب وإن تردد فيه فهو محل الخلاف وإن ظنه ظنا فهل يلحق بما إذا تيقن أو بما إذا شك فيه أو يخرج على تعارض الأصل والظاهر؟ إذا الظاهر الإنزال والأصل عدمه.
ويحتمل أن يقال إن تحقق الإنزال وجب وإلا خرج على فعله عليه الصلاة والسلام هل هو للوجوب أو للندب على ما عرف في الأصول والمشهور عند أصحابنا أنه للوجوب.
وهذا التقرير يقتضي أنه واجب مطلقا تيقن الإنزال أولا ولكن المشهور عندهم أنه لا يجب بدون تيقن الإنزال اطراحا للشك واستصحابا لليقين وحكى ذلك ابن المنذر إجماعا وهو مع احتماله والاختلاف فيه عن أحمد وأصحابه عجيب انتهى كلام الطوفي.
تنبيه: مفهوم قوله: "إذا أفاقا من غير احتلام" أنهما إذا احتلما من ذلك يجب الغسل وهو الصحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال في الرعاية الصغرى وفي وجوب الغسل

بالإغماء والجنون مطلقا روايتان وقيل: إن أنزلا وجب وإلا فلا وقال في الكبرى وفي الإغماء والجنون مطلقا وقيل: بلا احتلام روايتان وقيل: إن أنزلا منيا وقيل: أو ما يحتمله وجب الغسل وإلا سن وقال في الحاوي الصغير وفي الإغماء والجنون بلا حلم روايتان وقال أبو الخطاب إن لم يتيقن منهما الإنزال فلا غسل عليهما انتهى.
وقد يفهم من الرعايتين أن لنا رواية بعدم الوجوب وإن أنزل ولم أجد أحدا صرح بذلك وهو بعيد جدا مع تحقق الإنزال.
قوله: "وغسل المستحاضة لكل صلاة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يجب حكاها في التبصرة ومن بعده قال في الرعاية يسن غسلها لكل صلاة ثم لوقت كل صلاة ثم لكل صلاة جمع في وقت الثانية: وقيل: في السفر ثم في كل يوم مرة مع الوضوء لوقت كل صلاة وعنه يجب غسلها لكل صلاة وقيل: إذا جمعت بين صلاتين فلا انتهى.
تنبيه: ظاهر قوله: "والغسل للإحرام" دخول الذكر والأنثى والطاهر والحائض والنفساء وهو صحيح صرح به الأصحاب.
قوله: "ودخول مكة والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والطواف".
هذا المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين عدم استحباب الغسل للوقوف بعرفة وطواف الوداع والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار وقال ولو قلنا باستحباب الغسل لدخول مكة كان الغسل للطواف بعد ذلك فيه نوع عبث لا معنى له.
فائدة: قال في المستوعب وغيره يستحب الغسل لدخول مكة ولو كانت حائضا أو نفساء وقال الشيخ تقي الدين لا يستحب لها ذلك قال في الفروع ومثله أغسال الحج.
تنبيه: ظاهر حصره الأغسال المستحبة في الثلاثة عشر المسماة أنه لا يستحب الغسل لغير ذلك وبقي مسائل لم يذكرها.
منها ما نقله صالح أنه يستحب لدخول الحرم.
ومنها ما ذكره ابن الزاغوني في منسكه أنه يستحب للسعي.
ومنها ما ذكره ابن الزاغوني في منسكه أيضا وصاحب الإشارة المذهب أنه يستحب ليالي منى.
ومنها استحبابه لدخول المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام في أحد الوجهين قال الشيخ تقي الدين نص أحمد على استحبابه والصحيح من المذهب: أنه لا يستحب قدمه في الفروع.

ومنها استحبابه لكل اجتماع يستحب على أحد الوجهين قال ابن عبيدان: هذا قياس المذهب والصحيح من المذهب: أنه لا يستحب قدمه في الفروع.
ومنها ما اختاره صاحب الرعاية أنه يستحب للصبي إذا بلغ بالسن والإنبات ولم أره لغيره.
ومنها الغسل للحجامة على إحدى الروايتين اختاره القاضي في المجرد والمجد في شرح الهداية وصاحب مجمع البحرين: وصححاه وقدمه في الرعاية الكبرى: وعنه لا يستحب وهو الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وأطلقهما ابن تميم وابن عبيدان.
فوائد
الأولى: الصحيح من المذهب: أن الغسل من غسل الميت آكد الأغسال ثم بعده غسل الجمعة آكد الأغسال وقيل: غسل الجمعة آكد مطلقا قدمه في الفروع وصححه في الرعاية الكبرى: وقيل: غسل الميت آكد مطلقا وأطلقهما ابن تميم.
والثانية: يجوز أن يتيمم لما يستحب الغسل له للحاجة على الصحيح من المذهب: ونقله صالح في الإحرام وقيل: لا يتيمم واختاره جماعة من الأصحاب في الإحرام على ما يأتي وأطلقهما ابن عبيدان: وقيل: يتيمم لغير الإحرام.
والثالثة: يتيمم لما يستحب الوضوء له لعذر على الصحيح من المذهب: وظاهر ما قدمه في الرعاية أنه لا يتيمم لغير عذر قال في الفروع وتيممه عليه أفضل الصلاة والسلام يحتمل عدم الماء قال ويتوجه احتمال في رده السلام عليه أفضل الصلاة والسلام لئلا يفوت المقصود وهو رده على الفور وجوز المجد وغيره التيمم لما يستحب له الوضوء مطلقا لأنها مستحبة فخف أمرها.
وتقدم ما تسن له الطهارة في باب الوضوء عند قوله: "فإن نوى ما تسن له الطهارة".
قوله: "في صفة الغسل وهو ضربان كامل يأتي فيه بعشرة أشياء النية والتسمية وغسل يديه ثلاثا قبل الغسل وغسل ما به من أذى والوضوء".
الصحيح من المذهب: أنه يتوضأ وضوءا كاملا قبل الغسل وعليه الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وعنه الأفضل أن يؤخر غسل رجليه حتى يغتسل وعنه غسل رجليه مع الوضوء وتأخير غسلهما حتى يغتسل سواء في الأفضلية وأطلقهن ابن تميم وعنه الوضوء بعد الغسل أفضل وعنه الوضوء قبله وبعده سواء.

تنبيه: يحتمل قوله: "ويحثي على رأسه ثلاثا يروى بها أصول الشعر أنه يروى بمجموع الغرفات وهو ظاهر كلامه هنا وظاهر كلام الخرقي وابن تميم وبن حمدان وغيرهم ويحتمل أن يروى بكل مرة وهو الصحيح من المذهب: قال في المستوعب بكل مرة قال في الفروع ويروى رأسه والأصح ثلاثا وجزم به في الفائق.
واستحب المصنف وغيره تخليل أصول شعر رأسه ولحيته قبل إفاضة الماء
قوله: "ويفيض الماء على سائر جسده ثلاثا".
وهو المذهب وعليه الجمهور وقطع به في الهداية والإيضاح والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمحرر والنظم وابن تميم والرعايتين والحاويين والوجيز والفائق وإدراك الغاية وغيرهم قال الزركشي وعليه عامة الأصحاب وقيل: مرة وهو ظاهر كلام الخرقي والعمدة والتلخيص والخلاصة وجماعة واختاره الشيخ تقي الدين قال الزركشي وهو ظاهر الأحاديث وأطلقهما في الفروع.
فائدة: قوله: "ويبدأ بشقه الأيمن بلا نزاع ويدلك بدنه بيديه بلا نزاع أيضا قال الأصحاب يتعاهد معاطف بدنه وسرته وتحت إبطيه وما ينوء عنه الماء وقال الزركشي كلام أحمد قد يحتمل وجوب الدلك.
قوله: "وينتقل من موضعه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم قال في التسهيل وغيره وغسل رجليه ناحية لا في حمام ونحوه وقال في الفائق ثم ينتقل عن موضعه وعنه لا وعنه إن خاف التلوث.
قوله: "فيغسل قدميه".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقيل: لا يعيد غسلهما إلا لطين ونحوه كالوضوء.
تنبيه: يحتمل أن يريد بقوله: "ومجزى وهو أن يغسل ما به من أذى يصيبه من فرج المرأة فإن كان مراده فهو على القول بنجاسته على ما يأتي وإلا فلا فائدة: فيه ويحتمل أن يريد به أعم من ذلك فيكون مراده النجاسة مطلقا وهو أولى وحمل ابن عبيدان: كلامه على ما إذا كان عليه نجاسة أو أذى ثم قال وكذلك إن كانت على سائر بدنه أو على شيء من أعضاء الحدث وقال ابن منجا في شرحه والمراد به ما على فرجه من نجاسة أو مني أو نحو ذلك وقال في مجمع البحرين: والمراد ما عليه من نجاسة قال وهو أجود من قول أبي الخطاب أن يغسل فرجه انتهى قال الزركشي مراده النجاسة.
واعلم أن النجاسة إذا كانت على موضع من البدن فتارة تمنع وصول الماء إلى البشرة وتارة لا تمنع فإن منعت وصول الماء إلى البدن فلا إشكال في توقف صحة الغسل على

زوالها وإن كانت لا تمنع فقدم المجد في شرحه وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: والحاوي الكبير وصححوه أن الحدث لا يرتفع إلا مع آخر غسلة طهر عندها قال الزركشي وهو المنصوص عن أحمد وقال في النظم هو الأقوى والصحيح من المذهب: أن الغسل يصح قبل زوال النجاسة كالطاهرات وهو ظاهر كلام الخرقي قال الزركشي وهو ظاهر كلام طائفة من الأصحاب واختاره ابن عقيل وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى: وأطلقهما ابن تميم وقيل: لا يرتفع الحدث إلا بغسلة مفردة بعد طهارته ذكره ابن تميم حكاه عنه ابن عبيدان.
فعلى القول الأول تتوقف صحة الغسل على الحكم بزوال النجاسة قال الزركشي وهو ظاهر كلام أبي محمد في المقنع ثم قال لكن لفظه يوهم زوال ما به من أذى أولا وهذا الإيهام ظاهر ما في المستوعب فإنه قال في المجزي يزيل ما به من أذى ثم ينوي وتبعا في ذلك والله أعلم أبا الخطاب في الهداية لكن لفظه في ذلك أبين من لفظهما وأجرى على المذهب فإنه قال يغسل فرجه ثم ينوي وكذلك قال ابن عبدوس في المجزئ ينوي بعد كمال الاستنجاء وزوال نجاسته إن كانت ثم قال الزركشي وقد يحمل كلام أبي محمد والسامري على ما قال أبو الخطاب ويكون المراد بذلك الاستنجاء بشرط تقدمه على الغسل كالمذهب في الوضوء.
لكن هذا قد يشكل على أبي محمد فإن مختاره في الوضوء أنه لا يجب تقديم الاستنجاء عليه قال ويتلخص لي أنه يشترط لصحة الغسل تقديم الاستنجاء عليه إن قلنا يشترط تقدمه على الوضوء وإن لم نقل ذلك وكانت النجاسة على غير السبيلين أو عليهما غير خارجة منهما يشترط التقديم ثم هل يرتفع الحدث مع بقاء النجاسة أو لا يرتفع إلا مع الحكم بزوالها فيه قولان انتهى كلام الزركشي.
وذكر صاحب الحاوي ما وافق عليه المجد كما تقدم وهو أن الحدث لا يرتفع إلا مع آخر غسلة طهر عندها ولم يذكر في المجزى ء غسل ما به من أذى فظاهره أنه لا يشترط فظاهره التناقض.
تنبيه: حكى أكثر الأصحاب الخلاف في أصل المسألة وجهين أو ثلاثا وحكاه في الفروع روايتين.
قوله: "ويعم بدنه بالغسل.
فشمل الشعر وما تحته من البشرة وغيره وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في المغني وهو ظاهر قول الأصحاب.
قلت: وصرح به كثير منهم.
وقيل: لا يجب غسل الشعر ذكره في الفروع وأطلقهما في القواعد فظاهره إدخال الظفر في الخلاف ونصر في المغني أنه لا يجب غسل الشعر المسترسل وقال هو وصاحب

الحاوي الكبير ويحتمله كلام الخرقي لكن قال الزركشي لا يظهر لي وجه احتمال كلام الخرقي لذلك وقيل: لا يجب غسل باطن شعر اللحية الكثيفة اختاره الدينوري فقال باطن شعر اللحية الكثيفة في الجنابة كالوضوء وقيل: يجب غسل الشعر في الحيض دون الجنابة.
فوائد
منها لا يجب غسل ما أمكن غسله من باطن فرج المرأة من جنابة ولا نجاسة على الصحيح من المذهب: نص عليه قال المجد هذا أصح وقدمه ابن تميم وابن عبيدان ومجمع البحرين: والفائق وقال القاضي يجب غسلهما معها إذا كانت ثيبا لا مكانه من غير ضرر كحشفة الأقلف وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى: وقال في الحاوي الكبير ويحتمل أن يجب إيصال الماء إلى باطن الفرج إلى حيث يصل الذكر إن كانت ثيبا وإن كانت بكرا فلا قال فعلى هذا لا تفطر بإدخال الإصبع والماء إليه وقيل: إن كان في غسل الحيض وجب إيصال الماء إلى باطن الفرج ولا يجب في غسل الجنابة وتقدم ذلك في باب الاستنجاء بأتم من هذا.
ومنها يجب على المرأة إيصال الماء إلى ملتقى الشفرين وما يظهر عند القعود على رجليها لقضاء الحاجة قاله في الحاوي وغيره.
ومنها يجب غسل حشفة الأقلف المفتوق جزم به ابن تميم وقيل: لا يجب وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
ومنها يجب نقض شعر رأس المرأة لغسل الحيض على الصحيح من المذهب: وعليه جمهور الأصحاب ونص عليه وهو من مفردات المذهب قال الزركشي هو مختار كثير من الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وقيل: لا يجب وحكاه ابن الزاغوني رواية واختاره ابن عقيل في التذكرة وابن عبدوس والمصنف والشارح والمجد وصاحب مجمع البحرين: وابن عبيدان وقدمه في الفائق قال الزركشي والأولى: حمل الحديثين على الاستحباب وأطلقهما في المحرر
تنبيه: كثير من الأصحاب حكى الخلاف نصا ووجها وبعضهم حكاه وجهين وحكاه في الكافي وابن تميم وغيرهما روايتين وتقدم نقل ابن الزاغوني.
ومنها لا يجب نقض شعر الرأس لغسل الجنابة مطلقا على الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: يجب وقيل: يجب إن طالت المدة وإلا فلا اختاره ابن الزاغوني.
قلت: الأولى: أن تكون كالحائض والحالة هذه العلة الجامعة.

فائدة: قوله: "ويعم بدنه بالغسل بلا نزاع لكن يكتفى في الإسباغ بغلبة الظن على الصحيح من المذهب: وقال بعض الأصحاب يحرك خاتمه في الغسل ليتيقن وصول الماء
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط الموالاة في الغسل وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب كالترتيب وعنه تشترط الموالاة حكاها ابن حامد وحكاها أبو الخطاب وغيره وجها وقدمه في الإيضاح في آخر الباب وجزم به في أول الباب وتقدم ذلك في الوضوء عند الكلام على الموالاة وقال في الرعاية وعنه تجب البداءة بالمضمضة والاستنشاق في الغسل فعليها يجب الترتيب بينهما وبين بقية البدن وتقدم نظيرها في سنن الوضوء.
فائدة: إذا فاتت الموالاة في الغسل أو الوضوء وقلنا بعدم الوجوب فلا بد للإتمام من نية مستأنفة وتقدم ذلك أيضا في الموالاة في الوضوء بأتم من هذا.
تنبيهان
الأول ظاهر كلام المصنف وجوب غسل داخل العينين وهو رواية عن أحمد واختارها صاحب النهاية والصحيح من المذهب: لا يجب وعليه الجمهور بل لا يستحب وتقدم ذلك مستوفى في الكلام على غسل الوجه في الوضوء.
والثاني لم يذكر المصنف هنا التسمية وهو ماش على اختياره في عدم وجوبها في الوضوء كما تقدم ذلك.
واعلم أن حكم التسمية على الغسل كهي على الوضوء خلافا ومذهبا واختيارا وقيل: لا تجب التسمية لغسل الذمية من الحيض قال في القواعد الأصولية: ويحسن بناء الخلاف في أنهم هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أم لا؟.
فائدة: يستحب السدر في غسل الحيض على الصحيح من المذهب: وظاهر نقل الميموني وكلام ابن عقيل وجوب ذلك وقاله ابن أبي موسى.
ويستحب لها أيضا أن تأخذ مسكا فتجعله في قطنة أو شيء وتجعله في فرجها بعد غسلها فإن لم تجد فطينا لتقطع الرائحة ولم يذكر المصنف الطين وقال في المستوعب والرعاية وغيرهما فإن تعذر الطين فبماء طهور وقال أحمد أيضا في غسل الحائض والنفساء كميت قال القاضي في جامعه معناه يجب مرة ويستحب ثلاثا ويكون السدر والطيب كغسل الميت.
ويستحب في غسل الكافر إذا أسلم السدر على الصحيح من المذهب: كإزالة شعره وأوجبه في التنبيه: والإرشاد.
تنبيه: قوله: "ويتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع الصحيح من المذهب: أن الصاع هنا خمسة أرطال وثلث رطل كصاع الفطرة والكفارة والفدية وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونقله الجماعة عن الإمام أحمد وأومأ في رواية ابن مشيش أنه ثمانية أرطال في الماء

خاصة واختاره القاضي في الخلاف والمجد في شرحه وقال هو الأقوى وتقدم قدر الرطل في آخر كتاب الطهارة والخلاف فيه والمد ربع الصاع.
قوله: "فإن أسبغ بدونهما أجزأه".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به كثير منهم قال الزركشي هو المعروف من الروايتين وقيل: لا يجزئ ذكره ابن الزاغوني فمن بعده وقد أومأ إليه أحمد.
فعلى المذهب هل يكون مكروها بدونهما فيه وجهان وأطلقهما في الفروع أحدهما: يكره وجزم به في الرعاية الكبرى: والثاني لا يكره.
قلت: وهو الصواب لفعل الصحابة ومن بعدهم لذلك.
قوله: "وإن اغتسل ينوي الطهارتين أجزأه عنهما".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يجوز حتى يتوضأ إما قبل الغسل أو بعده وهو من المفردات وسواء وجد منه الحدث الأصغر أو لا نحو أن يكون قد فكر أو نظر فانتقل المني ذكره المجد في شرحه وتقدم ذلك في آخر الباب قبله واختار أبو بكر أنه يجزيه عنهما إذا أتى بخصائص الوضوء من الترتيب والموالاة ومسح رأسه وإلا فلا وقطع به في المبهج قال في الرعاية وقيل: أو غسل رأسه ثم رجليه أخيرا انتهى وقيل: لا يلزم الجنب مع الغسل وضوء بدون حدث يوجبه قبله أو بعده اختاره ابن حامد وذكره الدينوري وجها أنه إن أحدث ثم أجنب فلا تداخل وقيل: من أحدث ثم أجنب أو أجنب ثم أحدث يكفيه الغسل على الأصح ويأتي كلام الشيخ تقي الدين قريبا وقال في الرعاية ولو غسل بدنه ناويا لهما ثم أحدث غسل أعضاء الوضوء ولا ترتيب وقيل: لو زالت الجنابة عن أعضاء الوضوء به ثم اغتسل لهما لم يتداخلا وإن غسل بدنه إلا أعضاء الوضوء تداخلا وقيل: لو غسل الجنب كل بدنه إلا رجليه ثم أحدث وغسلهما ثم غسل بقية أعضاء الوضوء أجزأه انتهى.
قال القاضي في الجامع الكبير وتابعه ابن عقيل والآمدي لو أجنب فغسل جميع بدنه إلا رجليه ثم أحدث وغسل رجليه ثم غسل وجهه ويديه ثم مسح رأسه قال وليس في الأصول وضوء يوجب الترتيب في ثلاثة أعضاء ولا يجب في الرجلين إلا هذا وعلله فيعايى بها.
وقال إن أجنب فغسل أعضاء وضوءه ثم أحدث قبل أن يغسل بقية بدنه غسل ما بقي من بدنه عن الجنابة وغسل أعضاء وضوءه عن الحدث على الترتيب وإن غسل بدنه إلا أعضاء وضوءه ثم أحدث غسل أعضاء وضوئه منها ولم يجب ترتيب انتهى.
فعلى المذهب لو نوى رفع الحدث وأطلق ارتفعا على الصحيح من المذهب: وقال في

الفروع وظاهر كلام جماعة عكسه كالرواية الثانية: وقيل: يجب الوضوء فقط.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه إذا نوى الطهارة الكبرى فقط لا يجزئ عن الصغرى وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال الشيخ تقي الدين يرتفع الأصغر أيضا معه وقال الأزجي أيضا وحكاه أبو حفص البرمكي رواية ذكره ابن رجب في القاعدة الثامنة: عشر.
فائدتان
إحداهما: مثل نية الوضوء والغسل لو نوى به استباحة الصلاة أو أمرا لا يباح إلا بالوضوء والغسل كمس المصحف ونحوه لا قراءة القرآن ونحوه.
والثانية: لو نوت من انقطع حيضها بغسلها حل الوطء صح على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يصح لأنها إنما نوت ما يوجب الغسل وهو الوطء ذكره أبو المعالي.
قوله: "ويستحب للجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو الوطء ثانيا أن يغسل فرجه ويتوضأ".
إذا أراد الجنب النوم استحب له غسل فرجه ووضوءه مطلقا على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وعنه يستحب ذلك للرجل فقط قال ابن رجب في شرح البخاري هذا المنصوص عن أحمد وقال الشيخ تقي الدين في كلام أحمد ما ظاهره وجوبه فعلى القول بالاستحباب يكره تركه على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يكره واختاره القاضي.
وإذا أراد الأكل وكذا الشرب استحب له غسل فرجه ووضوءه قبله على الصحيح من المذهب: مطلقا وعليه الأصحاب وعنه يستحب للرجل فقط وعنه يغسل يده ويتمضمض فقط وعلى كل قول لا يكره تركه على الصحيح من المذهب: مطلقا نص عليه قاله ابن عبيدان: وصاحب الفروع وغيرهما وقدمه في الرعاية وقيل: يكره صححه ابن تميم.
وإذا أراد معاودة الوطء استحب له غسل فرجه ووضوءه على الصحيح من المذهب: مطلقا وعليه الأصحاب وعنه يستحب للرجل فقط ذكره ابن تميم وعليها لا يكره تركه على الصحيح من المذهب: نص عليه قال في الفروع لا يكره في المنصوص وقدمه في الرعاية وقيل: يكره وصححه ابن تميم.
تنبيه: الحائض والنفساء بعد انقطاع الدم كالجنب وقبل انقطاعه لا يستحب لهما الوضوء لأجل الأكل والنوم قاله الأصحاب وقال في مجمع البحرين: قلت: واستحباب غسل جنابتها وهي حائض عند الجمهور يشعر باستحباب وضوءها للنوم هنا.

فوائد
منها لو أحدث بعد الوضوء لم يعده في ظاهر كلامهم لتعليلهم بخفة الحدث أو بالنشاط قاله في الفروع وقال وظاهر كلام الشيخ تقي الدين أنه يعيده حتى يبيت على إحدى الطهارتين وقال لا تدخل الملائكة بيتا فيه جنب وهو حديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والدارقطني وقال في الفائق بعد أن ذكر الاستحباب في الثلاثة والوضوء هنا لا يبطل بالنوم.
ومنها غسله عند كل مرة أفضل قلت: فيعايى بها.
ومنها يكره بناء الحمام وبيعه وإجارته وحرمه القاضي وحمله الشيخ تقي الدين على البلاد الباردة.
وقال في رواية ابن الحكم لا تجوز شهادة من بناه النساء.
وقال جماعة من الأصحاب يكره كسب الحمامي وفي نهاية الأزجي الصحيح لا يكره وله دخوله نص عليه وقال ابن البنا يكره وجزم به في الغنية وإن علم وقوعه في محرم حرم وفي التلخيص والرعاية له دخوله مع ظن السلامة غالبا وللمرأة دخوله لعذر وإلا حرم نص عليه وكرهه بدون عذر ابن عقيل وبن الجوزي قال في الفائق وقيل: يجوز لضرر يلحقها بترك اغتسال فيه لنظافة بدنها اختاره ابن الجوزي وشيخنا انتهى.
وقال في عيون المسائل لا يجوز للنساء دخوله إلا من علة يصلحها الحمام واعتبر القاضي والمصنف مع العذر تعذر غسلها في بيتها لتعذره أو خوف ضرر ونحوه وظاهر كلام أحمد لا يعتبر وهو ظاهر المستوعب والرعاية وقيل: واعتياد دخولها عذر للمشقة.
وقيل: لا تتجرد فتدخله بقميص خفيف قاله ابن أبي موسى وأومأ إليه.
ولا يكره قرب الغروب وبين العشاءين خلافا للمنهاج لانتشار الشياطين.
وتكره فيه القراءة نص عليه ونقل صالح لا يعجبني وقيل: لا تكره والصحيح من المذهب: يكره السلام وقيل: لا
ولا يكره الذكر على الصحيح من المذهب: وقيل: يكره وهو من المفردات.
وسطحه ونحوه كبقيته ذكره بعضهم قال في الفروع ويتوجه فيه كصلاة على ما يأتي.
ويأتي هل ثمن الماء على الزوج أو عليها في كتاب النفقات.
ويكره الاغتسال في مستحم وماء عريانا قال الشيخ تقي الدين عليها أكثر نصوصه وعنه لا يكره اختاره جماعة وأطلقهما في الفائق وعنه لا يعجبني إن للماء سكانا.

باب التيمم
:
فائدة: قوله: "وهو بدل".

يعنى لكل ما يفعله بالماء من الصلاة والطواف وسجود التلاوة والشكر واللبث في المسجد وقراءة القرآن ومس المصحف وقال المصنف فيه إن احتاج وكوطء حائض انقطع دمها نقله الجماعة وهو المذهب وقيل: يحرم الوطء والحالة هذه ذكره الشيخ تقي الدين وذكره ابن عقيل رواية وصححها ابن الصيرفي عنه.
فائدة: لا يكره لعادم الماء وطء زوجته على الصحيح من المذهب: قدمه ابن تميم واختاره الشيخ تقي الدين والمصنف والشارح وابن رزين وعنه يكره إن لم يخف العنت اختاره المجد وصححه أبو المعالي وقدمه في الرعاية الكبرى: وشرح ابن رزين: وأطلقهما في المغني والشرح والفروع ومجمع البحرين: والمذهب.
قوله: "وهو بدل لا يجوز إلا بشرطين أحدهما: دخول الوقت فلا يجوز لفرض قبل وقته ولا لنذر في وقت النهي عنه
هذا الصحيح من المذهب: مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وفي المحرر وغيره تخريج بالجواز وقال في الرعاية الكبرى: ولا يتيمم لفرض ولا لنفل معين قبل وقتهما نص عليه وخرج ولا لنفل وقيل: مطلق بلا سبب وقت نهي وقيل: بلى وعنه يجوز التيمم للفرض قبل وقته فالنفل المعين أولى انتهى واختاره الشيخ تقي الدين قال ابن رزين: في شرحه وهو أصح.
تنبيه: محل هذا الخلاف على القول بأن التيمم مبيح لا رافع وهو المذهب فأما على القول بأنه رافع فيجوز ذلك كما في كل وقت على ما يأتي بيانه.
قوله: "ويبطل التيمم بخروج الوقت.
فائدة: النذر وفرض الكفاية كالفرض والجنازة والاستسقاء والكسوف وسجود التلاوة والشكر ومس المصحف والقراءة واللبث في المسجد كالنفل قال ذلك في الرعاية.
وفي قوله: "الجنازة كالنفل" نظر مع قوله: "وفرض الكفاية" كالفرض إلا أن يريد الصلاة عليها ثانيا ويأتي بيان وقت ذلك عنه.
قوله: "ويبطل التيمم بخروج الوقت.
تنبيه: ظاهر قوله: "الثاني العجز عن استعمال الماء لعدمه أن العدم سواء كان حضرا أو سفرا وسواء كان العادم مطلقا أو محبوسا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: لا يباح التيمم للعدم إلا في السفر اختاره الخلال ويأتي في كلام المصنف آخر الباب من حبس في المصر فعلى المذهب لا تلزمه الإعادة إذا وجد الماء على الصحيح من المذهب: وعنه يعيد وجزم في الإفادات بأن العاصي بسفره يعيد.
ويأتي هناك في كلام المصنف.

فائدتان
إحداهما: يجوز التيمم في السفر المباح والمحرم والطويل والقصير على الصحيح من المذهب: وعليه جمهور الأصحاب قال القاضي ولو خرج إلى ضيعة له تقارب البنيان والمنازل ولو بخمسين خطوة جاز له التيمم والصلاة على الراحلة وأكل الميتة للضرورة وقيل: لا يباح التيمم إلا في السفر المباح الطويل.
فعلى هذا القول يصلي ويعيد بلا نزاع وعلى المذهب لا يعيد على الصحيح وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: يعيد وأطلقهما ابن تميم.
ويأتي إذا خرج إلى أرض بلده لحاجة كالاحتطاب ونحوه.
والثانية: لو عجز المريض عن الحركة وعمن يوضيه فحكمه حكم العادم وإن خاف فوت الوقت إن انتظر من يوضيه تيمم وصلى ولا يعيد على الصحيح من المذهب: ذكره ابن أبي موسى وصححه المجد وصاحب الفروع وقيل: ينتظر من يوضيه ولا يتيمم لأنه مقيم ينتظر الماء قريبا فأشبه المشتغل بالاستقاء.
قوله: "أو لضرر في استعماله من جرح".
يجوز له التيمم إذا حصل له ضرر باستعماله في بدنه أو بقاء شين أو نظائره على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ويصلي ولا يعيد وعنه لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف التلف اختاره بعضهم وهو من المفردات.
قوله: "أو برد".
يجوز التيمم لخوف البرد بعد غسل ما يمكن على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب سواء كان في الحضر أو السفر وعنه لا يتيمم لخوف البرد في الحضر.
وأما الإعادة فتأتي في كلام المصنف.
فائدة: قوله: "من جرح أو برد شديد أو مرض يخشى زيادته أو تطاوله وكذا لو خاف حدوث نزلة ونحوها
قوله: "أو عطش يخافه على نفسه".
إذا خاف على نفسه العطش حبس الماء وتيمم بلا نزاع وحكاه ابن المنذر إجماعا.
قوله: "أو رفيقه".
يعني المحترم قاله الأصحاب إذا وجد عطشانا يخاف تلفه لزمه سقيه وتيمم على الصحيح من المذهب: قال ابن تميم يجب الدفع إلى العطشان في أصح الوجهين وقدمه في

المغني والشرح والرعاية والفروع والفائق وابن عبيدان والتلخيص وغيرهم وجزم به في مجمع البحرين: والشيخ تقي الدين وقال أبو بكر في مقنعه والقاضي لا يلزمه بذله بل يستحب فعلى المذهب هل يجب حبس الماء للعطش الغير المتوقع فيه وجهان وأطلقهما في الفروع وشرح الهداية للمجد وابن عبيدان وابن تميم والزركشي.
أحدهما: لا يجب بل يستحب قال المجد وهو ظاهر كلام أحمد وقدمه في مجمع البحرين: والرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يجب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر ما جزم به الشارح قال في الفروع والوجهان أيضا في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت وقال في الرعاية ولو خاف أن يعطش بعد ذلك هو أو أهله أو عبده أو أمته لم يجب دفعه إليه وقيل: بلى بثمنه إن وجب الدفع عن نفس العطشان وإلا فلا ولا يجب دفعه لطهارة غيره بحال انتهى.
فوائد
منها إذا وجد الخائف من العطش ماء طاهرا أو ماء نجسا يكفيه كل منهما لشربه حبس الطاهر لشربه وأراق النجس إن استغنى عن شربه فإن خاف حبسهما على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع والمغني والشرح وابن عبيدان.
وقال القاضي يتوضأ بالطاهر ويحبس النجس لشربه قال المجد في شرح الهداية وهو الصحيح وأطلقهما ابن تميم قال في الفروع وذكر الأزجي يشرب الماء النجس وأطلقهما ابن تميم.
ومنها لو أمكنة أن يتوضأ به ثم يجمعه ويشربه فقال في الفروع إطلاق كلامهم لا يلزمه لأن النفس تعافه قال ويتوجه احتمال يعني باللزوم.
ومنها لو مات رب الماء يممه رفيقه العطشان وغرم ثمنه في مكانه وقت إتلافه لورثته على الصحيح من المذهب: وظاهر كلامه في النهاية وإن غرمه مكانه فبمثله وقيل: الميت أولى به قال أبو بكر في المقنع والتنبيه: وقيل: رفيقه أولى إن خاف الموت وإلا فالميت أولى.
ويأتي حكم فضلة الماء من الميت آخر الباب.
فائدة: لو خاف فوت رفقة ساغ له التيمم قال في الفروع وظاهر كلامه ولو لم يخف ضررا بفوت الرفقة لفوت الإلف والأنس قال ويتوجه احتمال.
تنبيهان
أحدهما: مفهوم قوله: "أو بهيمته أنه لا يتيمم" ويدع الماء لخوفه على بهيمة غيره وهو وجه لبعض الأصحاب والصحيح من المذهب: أنه يتيمم لخوفه على بهيمة غيره كبهيمته وعليه جمهور الأصحاب وجزم به ابن تميم وابن عبيدان وقدمه في الفروع.

قلت: ويحتمله كلام المصنف فإن قوله: "أو رفيقه أو بهيمته" يحتمل أن يعود الضمير في بهيمته إلى رفيقه فتقديره أو بهيمة رفيقه فيكون كلامه موافقا للمذهب وهو أولى وأطلقهما في المذهب.
والثاني مراده بالبهيمة البهيمة المحترمة كالشاة والحمارة والسنور وكلب الصيد ونحوه احترازا من الكلب الأسود البهيم والخنزير ونحوهما.
تنبيه: شمل قوله: "أو خشيته على نفسه أو ماله في طلبه".
لو خافت امرأة على نفسها فساقا في طريقها وهو صحيح نص عليه قال المصنف والشارح وابن تميم وغيرهم بل يحرم عليها الخروج إليه وتتيمم وتصلي ولا تعيد وهو المذهب قال المصنف والصحيح أنها تتيمم ولا تعيد وجها واحدا قال ابن أبي موسى تتيمم ولا إعادة عليها في أصح الوجهين وقدمه في الفروع والزركشي وقيل: تعيد وقدمه في الرعاية الكبرى: قال الزركشي أبعد من قاله وأطلقهما في المستوعب وعنه لا أدري.
تنبيهات
أحدها قوله: "أو خشية على نفسه أو ماله في طلبه".
لا بد أن يكون خوفه محققا على الصحيح من المذهب: فلو كان خوفه جبنا لا عن سبب يخاف من مثله لم تجزه الصلاة بالتيمم نص عليه وعليه الجمهور وقال المصنف في المغني ويحتمل أن يباح له التيمم ويعيد إذا كان ممن يشتد خوفه.
الثاني لو كان خوفه لسبب ظنه فتبين عدم السبب مثل من رأى سوادا بالليل ظنه عدوا فتبين أنه ليس بعدو بعد أن تيمم وصلى ففي الإعادة وجهان وأطلقهما ابن عبيدان: والمغني والشارح.
أحدهما: لا يعيد وهو الصحيح قال المجد في شرحه والصحيح لا يعيد لكثرة البلوى بذلك في الأسفار بخلاف صلاة الخوف فإنها نادرة في نصها وهي كذلك أندر وقدمه ابن رزين في شرحه والثاني: يعيد,
الثالث ظاهر كلام المصنف أنه لا يتيمم لغير الأعذار المتقدمة وهو صحيح وهو المذهب وقدمه في الرعاية وغيرها وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وظاهر كلام كثير من الأصحاب وقال ابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب إن احتاج الماء للعجن والطبخ ونحوها تيمم وتركه وظاهر كلامه أيضا أن الخوف على نفسه لا يجوز تأخير الصلاة إلى الأمن بل يتيمم ويصلي وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه في غاز بقربه الماء يخاف إن ذهب على نفسه لا يتيمم ويؤخر وأطلقهما ابن تميم.

قوله: "إلا بزيادة كثيرة على ثمن مثله".
يعني يباح له التيمم إذا وجد الماء يباع بزيادة كثيرة على ثمن مثله وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال المجد في شرحه هذا أصح وجزم به في الوجيز والنظم والهداية والمستوعب وغيرهم وقدمه في الفروع ومجمع البحرين: وابن عبيدان وابن تميم وعنه إن كان ذا مال كثير لا تجحف به زيادة لزمه الشراء جزم به في الإفادات وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفائق والمغني والشرح والتلخيص.
تنبيه: مفهوم قوله: "إلا بزيادة كثيرة أن الزيادة لو كانت يسيرة يلزمه شراؤه وهو صحيح وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في النهاية وهو الصحيح قال في الفروع والرعاية الكبرى: يلزمه على الأصح وجزم به في الشرح والحاويين والرعاية الصغرى والهداية والمستوعب والتلخيص وغيرهم وهو ظاهر الوجيز وابن تميم وعنه لا يلزمه ذكرهما أبو الحسين فمن بعده واختاره في الفائق وهما احتمال وأطلقهما وجهين في المغني وقال أحمد توقف.
فائدتان
إحداهما: ثمن المثل معتبر بما جرت العادة به في شراء المسافر له في تلك البقعة أو مثلها غالبا على الصحيح وقيل: يعتبر بأجرة النقل قدمه في الفائق وهما احتمالان مطلقان في التلخيص.
الثانية: لو لم يكن معه الثمن وهو يقدر عليه في بلده ووجده يباع بثمن في الذمة لم يلزمه شراؤه على الصحيح من المذهب: اختاره الآمدي وأبو الحسن التميمي قاله الشارح في باب الظهار وصححه المجد في شرحه والشارح وصاحب الحاوي الكبير ومجمع البحرين: وقيل: يلزمه شراؤه اختاره القاضي قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير أو بثمن مثله ولو في ذمته وجزم به في التلخيص وقدمه ابن رزين: في شرحه وأطلقهما في المغني وابن تميم والرعاية الكبرى: وابن عبيدان والفائق.
تنبيه: قوله: "أو تعذره إلا بزيادة كثيرة".
قال في المطلع تقديره يباح التيمم للعجز عن استعمال الماء لكذا وكذا أو لتعذره إلا بزيادة كثيرة قال في المقنع تقديره يباح التيمم للعجز عن استعمال الماء لكذا أو كذا لتعذره إلا بزيادة كثيرة فهو مستثنى من مثبت والاستثناء من الإثبات نفي فظاهره أن تعذره في كل صورة مبيح للتيمم إلا في صورة الاستثناء وهي حصوله بزيادة كثيرة على ثمن مثله وحصوله بزيادة كثيرة مبيح أيضا للتيمم وصورة الاستثناء موافقة للمستثنى منه في الحكم.
قال في الجواب عن هذا الإشكال في اللفظ وتصحيحه أنه مستثنى من منفى معنى فإن قوله: "أو تعذره" في معنى قوله: "وبكونه لا يحصل الماء إلا بزيادة كثيرة" فيصير الاستثناء مفرغا.

لأن بزيادة كثيرة متعلق ما لم يحصل والاستثناء المفرغ ما قبل إلا وما بعده فيه كلام واحد فيصير معنى هذا الكلام يباح التيمم بأشياء منها حصول الماء بزيادة كثيرة على ثمن مثله أو ثمن يعجز عن أدائه.
ثم قال وإنما تكلمت على إعراب هذا لأن بعض مشايخنا ذكر أن هذه العبارة فاسدة انتهى.
قلت: ويمكن الجواب عن ذلك بما هو أوضح مما قال بأن يقال استثناء المصنف من المفهوم وتقدير الكلام فإن لم يتعذر ولكن وجد وما يباع إلا بزيادة كثيرة أو بثمن يعجز عن أدائه وهو كثير في كلامهم.
فائدتان
إحداهما: يلزمه قبول الماء قرضا وكذا ثمنه وله ما يوفيه قاله الشيخ تقي الدين قال في الفروع وهو المراد.
ويلزمه قبوله هبة مطلقا على الصحيح من المذهب: وقال ابن الزاغوني ويحتمل أن لا يلزمه قبوله إذا كان عزيزا وهو ظاهر كلام ابن حامد وقيل: لا يلزمه قبوله مطلقا ولا يلزمه قبول ثمن الماء هبة على الصحيح من المذهب: وعنه يلزمه ولا يلزمه اقتراض ثمنه على الصحيح من المذهب: وقيل: يلزمه.
الثانية: حكم الحبل والدلو حكم الماء فيما تقدم من الأحكام ويلزمه قبولهما عارية.
قوله: "فإن كان بعض بدنه جريحا تيمم له وغسل الباقي".
الصحيح من المذهب: أنه يكفيه التيمم للجرح إن لم يمكن مسح الجرح بالماء وعليه جمهور الأصحاب وقدمه في الفروع والمستوعب وابن تميم والفائق وابن عبيدان وقيل: يمسح الجرح بالتراب أيضا قاله القاضي في مقنعه قال ابن تميم وابن عبيدان وقيل: يمسح الجرح وفيه نظر وقال ابن حامد ولو سافر لمعصية فأصابه جرح وخاف التلف بغسله لم يبح له التيمم وأما إذا أمكنه مسحه بالماء فظاهر كلام المصنف أنه يكفيه التيمم وحده وهو ظاهر كلام جماعة كثيرة وهو إحدى الروايات واختاره القاضي وقدمه في المذهب والمستوعب والرعايتين والشرح وقال هو اختيار الخرقي وعنه يجزيه المسح فقط وهو الصحيح من المذهب: نص عليه قال الشيخ تقي الدين لو كان به جرح ويخاف من غسله فمسحه بالماء أولى من مسح الجبيرة وهو خير من التيمم ونقله الميموني واختاره هو وابن عقيل وقدمه في التلخيص والفائق وقيل: يتيمم قدمه ابن تميم وأطلقهما في الحاوي الكبير وابن عبيدان والزركشي وعنه يتيمم أيضا مع المسح قدمه ابن تميم وأطلقه في الحاوي الكبير وابن عبيدان والزركشي والفروع وأطلق الأولى: والأخيرة في التلخيص.
ومحل الخلاف عنده: إذا كان الجرح طاهرا أما إن كان نجسا فلا يمسح عليه قولا

واحدا وقال في الفروع وظاهر نقل ابن هانئ مسح البشرة لعذر كجريح واختاره شيخنا وهو أولى.
فوائد
منها لو كان على الجرح عصابة أو لصوق او جبيرة كجبيرة الكسر أجزأ المسح عليها على الصحيح من المذهب: وعنه ويتيمم معه وتقدم ذلك في حكم الجبيرة في آخر باب المسح على الخفين مستوفى فليعاود.
ومنها لو كان الجرح في بعض أعضاء الوضوء لزمه مراعاة الترتيب والموالاة على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب قال في مجمع البحرين: والحاوي الكبير وابن عبيدان يلزمه مراعاة الترتيب والموالاة عند أصحابنا قال الزركشي أما الجريح المتوضئ فعند عامة الأصحاب يلزمه أن لا ينتقل إلى ما بعده حتى يتيمم للجرح نظرا للترتيب وأن يغسل الصحيح مع التيمم لكل صلاة إن اعتبرت الموالاة وقال في التلخيص هذا المشهور قال في الرعاية الكبرى: ويرتبه غير الجنب ونحوه ويواليه على المذهب فيهما إن جرح في أعضاء الوضوء وقدمه ابن رزين: واختاره القاضي وغيره وجزم به في المستوعب وغيره.
وقيل: لا يجب ترتيب ولا موالاة اختاره المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير قال ابن رزين: في شرحه وهو الأصح قال المصنف ويحتمل أن لا يجب هذا الترتيب وعلله ومال إليه قال الشيخ تقي الدين ينبغي أن لا يرتب وقال أيضا لا يلزمه مراعاة الترتيب وهو الصحيح من مذهب أحمد وغيره وقال الفصل بين أنها في أعضاء الوضوء تيمم ووجه وأطلقهما في الفروع والفائق وابن تميم.
فعلى المذهب يجعل محل التيمم في مكان العضو الذي يتيمم بدلا عنه فلو كان الجرح في وجهه لزمه التيمم ثم يغسل صحيح وجهه ثم يكمل الوضوء وإن كان الجرح في عضو آخر لزمه غسل ما قبله ثم كان الحكم فيه على ما ذكرنا في الوجه وإن كان في وجهه ويديه ورجليه احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب.
وعلى المذهب أيضا يلزمه أن يغسل الصحيح مع التيمم لكل صلاة ويبطل تيممه مع وضوئه إذا خرج الوقت إن اعتبرت الموالاة صرح به الأصحاب.
وأما إن كان الجنب جريحا فهو مخير إن شاء تيمم للجرح قبل غسل الصحيح وإن شاء غسل الصحيح وتيمم بعده
قوله: "وإن وجد ماء يكفي بعض بدنه لزمه استعماله ويتيمم للباقي إن كان جنبا".

وهو الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم قال القاضي في روايتيه لا خلاف فيه في المذهب قال في التلخيص يلزمه في الجنابة رواية واحدة وعنه لا يلزمه استعماله ويجزئه التيمم حكاها ابن الزاغوني فمن بعده.
تنبيه: في قوله: "لزمه استعماله للباقي إشعار أن تيممه يكون بعد استعمال الماء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال ابن الجوزي في المذهب فإن تيمم قبل استعمال الماء في الجنابة جاز وقال هو وغيره يستعمله في أعضاء الوضوء وينوي به رفع الحدثين.
قوله: "وإن كان محدثا فهل يلزمه استعماله؟ على وجهين".
وأطلقها في الهداية والمذهب والكافي والتلخيص والبلغة والنظم والحاويين والخلاصة والقواعد الفقهية وابن عبيدان وابن منجا في شرحه وغيرهم وحكى الجمهور الخلاف وجهين كالمصنف وفي النوادر والرعاية روايتين.
إحداهما: يلزمه استعماله وهو المذهب وعليه الجمهور وجزم به في الوجيز والعمدة والإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والمغني والشرح والفروع وشرح المجد والمستوعب وابن تميم وابن رزين ومجمع البحرين: والفائق وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى: وشرح ابن رزين: وغيرهم قال الزركشي هذا أشهر الوجهين واختاره القاضي وغيره.
والوجه الثاني: لا يلزمه استعماله اختاره أبو بكر وبن أبي موسى وقدمه في الرعاية الصغرى.
تنبيه: قال بعضهم أصل الوجهين اختلاف الروايتين في الموالاة نقله ابن تميم وغيره وقال المجد يلزمه استعماله وإن قلنا تجب الموالاة فهو كالجنب وصححه ابن تميم وصاحب مجمع البحرين: وردوا الأول بأصول كثيرة.
وقيل: هذا ينبني على جواز تفريق النية على أعضاء الوضوء واختاره في الرعاية الكبرى: فهذه ثلاث طرق
وقال في القاعدة الثالثة: والأربعين بعد المائة على القول بأن من مسح على الخف ثم خلعه يجزئه غسل قدميه لو وجد الماء في هذه المسألة بعد تيممه لم يلزمه إلا غسل باقي الأعضاء.
فوائد
إحداها إذا قلنا لا يلزمه استعماله فلا يلزمه إراقته على الصحيح من المذهب:
قلت: فيعايى بها وسواء كان في الحدث الأكبر أو الأصغر وحكى ابن الزاغوني في

الواضح في إراقته قبل تيممه روايتين.
الثانية: لو كان على بدنه نجاسة وهو محدث والماء يكفي أحدهما: غسل النجاسة وتيمم للحدث نص عليه قاله الأصحاب قال المجد إلا أن تكون النجاسة في محل يصح تطهيره من الحدث فيستعمله فيه عنهما ولا يصح تيممه إلا بعد غسل النجاسة بالماء تحقيقا لشروطه ولو كانت النجاسة في ثوبه فكذلك في أصح الروايتين ويأتي ذلك في آخر الباب.
الثالثة: قال في الرعايتين لو وجد ترابا لا يكفيه للتيمم فقلت: يستعمله من لزمه استعمال الماء القليل ثم يصلي ثم يعيد الصلاة إن وجد ما يكفيه من ماء أو تراب وإن تيمم في وجهه ثم وجد ماء طهورا يكفي بعض بدنه بطل تيممه.
قلت: إن وجب استعماله بطل وإلا فلا انتهى.
قوله: "ومن عدم الماء لزمه طلبه في رحله وما قرب منه".
هذا المذهب بشروطه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يلزمه الطلب اختاره أبو بكر عبد العزيز وأبو الحسن التميمي قاله ابن رجب في شرح البخاري.
تنبيه: محل الخلاف في لزوم الطلب إذا احتمل وجود الماء وعدمه أما إن تحقق عدم الماء فلا يلزم الطلب رواية واحدة قاله غير واحد منهم ابن تميم وإن ظن وجوده إما في رحله أو رأى خضرة ونحوها وجب الطلب رواية واحدة قاله ابن تميم قال الزركشي: إجماعا وإن ظن عدم وجوده فالصحيح من المذهب: يلزمه الطلب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا يلزمه الطلب والحالة هذه ذكرها في التبصرة.
فعلى المذهب وهو لزوم الطلب حيث قلنا به لو رأى ما يشك معه في الماء بطل تيممه على الصحيح من المذهب وقيل: لا يبطل كما لو كان في صلاة قال في الفروع جزم به الأصحاب خلافا لظاهر كلام بعضهم.
فائدتان
إحداهما: يلزمه طلبه من رفيقه على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يلزمه اختاره ابن حامد وقيل: يلزمه إن دل عليه اختاره المصنف.
الثانية: وقت الطلب بعد دخول الوقت فلا أثر لطلبه قبل ذلك ويلزمه الطلب لوقت كل صلاة بشرطه.
فائدة: قوله: "لزمه طلبه في رحله وما قرب منه" صفة الطلب أن يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه ويسأل رفقته عن موارد ماء أو عن ماء معهم ليبيعوه له أو يبذلوه كما تقدم.
ومن صفته أن يسعى عن يمينه وشماله وأمامه ووراءه إلى ما قرب منه مما عادة

القوافل السعي إليه لطلب الماء والمرعى وإن رأى خضرة أو شيئا يدل على الماء قصده فاستبرأه وإن رأى نشزا أو حائطا قصده واستبان ما عنده فإن لم يجد فهو عادم له وإن كان سائرا طلبه أمامه قال في الرعاية وإن ظنه فوق جبل بقربه علاه وإن ظنه وراءه فوجهان مع أمنه المذكور فيهما.
قوله: "فإن دل عليه قريبا لزمه قصده".
يعني إذا دله ثقة وهذا صحيح لكن لو خاف فوات الوقت لم يلزمه على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وكلام المصنف مقيد بذلك وعنه يلزمه.
فائدة: القريب ما عد قريبا عرفا على الصحيح جزم به في الفروع وتذكرة ابن رزين: وقيل: ميل وقيل: فرسخ وهو ظاهر كلام أحمد وقيل: ما تتردد القوافل إليه في المرعى ونحوه قال المجد وتبعه ابن عبيدان: وصاحب مجمع البحرين: وهو أظهر وفسروه بالعرف وقيل: ما يلحقه الفوت ذكر الأخيرين في التلخيص وذكر الأربعة ابن تميم وقيل: مد بصره ذكره في الرعاية.
تنبيه: مفهوم قوله: "قريبا" أنه لا يلزمه قصده إذا كان بعيدا وهو صحيح وهو المذهب مطلقا وعنه يلزمه إن لم يخف فوات الوقت قال في التلخيص ومن أصحابنا من اعتبر اشتراط القرب قال وكلامه محمول عندي على القرب وقيل: وأطلقهما ابن تميم.
فوائد
إحداها لو خرج من بلده إلى أرض من أعماله لحاجة كالحراثة والاحتطاب والاحتشاش والصيد ونحو ذلك حمل الماء على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يحمله فعلى المنصوص يتيمم إن فاتت حاجته برجوعه على الصحيح وقيل: لا يجوز له التيمم وعلى القول بالتيمم لا يعيد على الصحيح من المذهب: يعيد لأنه كالمقيم.
ومحل هذا إذا أمكنه حمله أما إذا لم يمكنه حمله ولا الرجوع للوضوء إلا بتفويت حاجته فله التيمم ولا إعادة عليه على الصحيح من المذهب: وقيل: بلى ولو كانت حاجته في أرض قرية أخرى فلا إعادة عليه ولو كانت قريبة قاله الزركشي وغيره.
الثانية: لو مر بماء قبل الوقت أو كان معه فأراقه ثم دخل الوقت وعدم الماء صلى بالتيمم ولا إعادة عليه وإن مر به في الوقت وأمكنه الوضوء قال المجد وغيره ويعلم أنه لا يجد غيره أو كان معه فأراقه في الوقت أو باعه في الوقت أو وهبه فيه حرم عليه ذلك بلا نزاع ولم يصح البيع والهبة على الصحيح من المذهب: جزم به القاضي وبن الجوزي وأبو المعالي والمجد وغيرهم واختاره القاضي والمصنف والشارح قال في الفروع أشهرها لا يصح قال ابن تميم لم يصح في أظهر الوجهين وذلك لتعلق حق الله به فهو عاجز عن تسليمه شرعا.

[قلت: فيعايى بها].
وقيل: يصح البيع والهبة وهو احتمال لابن عقيل وأطلقهما في الفائق فيهما وأطلقهما في الهبة والتلخيص ويأتي إذا آثر أبويه بالماء آخر الباب.
الثالثة: لو تيمم وصلى بعد إعدام الماء في مسألة الإراقة والمرور والبيع والهبة أو وهب له ماء فلم يقبله وتيمم وصلى بعد ما تلف ففي الإعادة وجهان وأطلقهما في الفروع وابن عبيدان وابن رزين والمغني والشرح.
وأطلقهما في الإراقة والهبة في التلخيص والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وأطلقهما في الإراقة والمرور في الفائق والمغني والشرح.
جزم في الإفادات بالإعادة في الإراقة والهبة وصححه في المستوعب وقدمه في الرعاية الكبرى: في المرور به والإراقة وفي الرعاية الصغرى في المرور به قال المصنف والشارح فإن تيمم مع بقاء الماء لم يصح وإن كان بعد تصرفه فهو كالإراقة ونص في مجمع البحرين: على عدم الإعادة في الكل وقيل: يعيد إن أراقه ولا يعيد إن مر به وأطلقهن ابن تميم.
قوله: "وإن نسي الماء بموضع يمكنه استعماله وتيمم لم يجزه".
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه في رواية عبد الله والأثرم ومهنا وصالح وبن القاسم كما لو نسي الرقبة فكفر بالصيام وعنه يجزى ذكرها القاضي في شرحه والمجرد في صلاة الخوف والآمدي والمجد وغيرهم وعنه التوقف حكاها ابن تميم.
فائدة: الجاهل به كالناسي.
تنبيه: محل كلام المصنف فيما إذا ظهر الماء بموضع يظهر به تفريطه وتقصيره في طلبه بأن يجده في رحله وهو في يده أو ببئر بقربه أعلامها ظاهرة فأما إن ضل عن رحله وفيه الماء وقد طلبه أو كانت البئر أعلامها خفية ولم يكن يعرفها فالصحيح من المذهب: أنه يجزئه التيمم ولا إعادة عليه لعدم تفريطه وعليه الجمهور وقيل: يعيد واختاره القاضي في البئر في موضع من كلامه وأطلقهما ابن تميم فيما إذا ضل عن رحله.
وأما إذا أدرج الماء في رحله ولم يعلم به أو ضل موضع البئر التي كان يعرفها فقيل لا يعيد اختاره أبو المعالي في النهاية في المسألة الأولى: فقال الصحيح الذي نقطع به أنه لا إعادة عليه لأنه لا يعد في هذه الحالة مفرطا وصححه في الرعاية الكبرى: في الثانية: وكذلك المصنف والشارح وقيل: يعيد واختاره وصححه المجد وصاحب مجمع البحرين: والحاوي الكبير في الأولى: وهو ظاهر كلام أحمد فيها وقدم ابن رزين: في الثانية: أنه كالناسي وأطلقهما في الفروع وابن عبيدان وابن تميم وأطلقهما في الثانية: في مجمع البحرين: وأطلقهما في الأولى: في الرعاية.

وأما إذا كان الماء مع عبده ولم يعلم به السيد ونسي العبد أن يعلمه حتى صلى بالتيمم فقيل لا يعيد لأن التفريط من غيره وقيل: هو كنسيانه قال في الفائق يعيد إذا جهل الماء في أصح الوجهين وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى: وابن تميم وابن عبيدان والمغني والشرح وابن رزين.
قوله: "ويجوز التيمم لجميع الأحداث والنجاسة على جرح تضره إزالتها".
يجوز التيمم لجميع الأحداث بلا نزاع ويجوز التيمم للنجاسة على جرح تضره إزالتها ولعدم الماء على الصحيح من المذهب: فيهما والله أعلم وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات وعنه لا يجوز التيمم لها قال في الفائق وفيه وجه لا يجب التيمم لنجاسة البدن مطلقا ونصره شيخنا وهو المختار انتهى وقال ابن أبي موسى لا يشرع التيمم لنجاسة البدن لعدم الماء قال ابن تميم قال بعضهم لا يتيمم لنجاسة أصلا بل يصلي على حسب حاله.
قوله: "وإن تيمم للنجاسة لعدم الماء وصلى فلا إعادة عليه إلا عند أبي الخطاب".
يعني إذا كانت على بدنه.
واعلم أن الصحيح من المذهب: أنه لا يلزم من تيمم للنجاسة على بدنه إعادة لعدم الماء سواء كانت على جرح أو غيره وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه قال في الفروع اختاره الأكثر قال الشارح: قاله أصحابنا وكذا قال في الهداية وغيرها قال ابن عبيدان: وهو الصحيح والمنصوص عن أحمد قال في مجمع البحرين: هذا أصح الروايتين قال في النظم هذا أشهر الروايتين قال في تجريد العناية لا يعيد على الأظهر قال ابن تميم لا إعادة نص عليه اختاره ابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم وجزم به في الهداية فيما إذا كان على جرحه نجاسة تضره إزالتها وعند أبي الخطاب عليه الإعادة يعني إذا تيمم للنجاسة لعدم الماء وهو رواية عن أحمد وذكر في الكافي قول أبي الخطاب ثم قال وقيل: في الإعادة روايتان وعنه يعيد في المسألتين وعنه يعيد في الحضر وأطلق الإعادة مطلقا وعدمها مطلقا في الفائق,
تنبيه: قال في المحرر وإذا لم يجد من ببدنه نجاسة ماء تيمم لها فإن عدم التراب صلى وفي الإعادة روايتان فإن قلنا يعيد فهل يعيد إذا تيمم لها على وجهين [انتهى والصحيح: عدم الإعادة قال المجد نص عليه وشهره الناظم وصححه في تصحيح المحرر وباتخاذ عدم الماء والتراب].
قال ابن تميم الخلاف في الإعادة هنا فرع على القول بوجوب الإعادة إذا صلى بنجاسة

لا يقدر على إزالتها من غير تيمم ذكره بعض أصحابنا وقال بعضهم لا يتيمم لنجاسة أصلا بل يصلي على حسب حاله وفي الإعادة روايتان وقال ابن عبيدان: بعد أن حكى الخلاف في الإعادة إذا تيمم للنجاسة لعدم الماء وصلى هذان الوجهان فرع على رواية إيجاب الإعادة على من صلى بالنجاسة عاجزا عن إزالتها وعن التيمم لها فأما إذا قلنا لا إعادة هناك فلا إعادة مع التيمم وجها واحدا انتهى.
تنبيه: مفهوم قوله: "ويجوز التيمم لجميع الأحداث والنجاسة على جرح أنه لا يجوز التيمم للنجاسة على ثوبه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال ابن عقيل متى قلنا يجزئ ذلك أسفل الخف والحذاء من النجاسة بالأرض فقد دخل الجامد في غير البدن قال في الرعاية وقيل: يجوز ذلك وهو بعيد قال ابن عبيدان: أراد بذلك قول ابن عقيل قال في الفروع وحكى قوله انتهى.
وأما المكان فلا يتيمم له قولا واحدا ويأتي إذا كان محدثا وعليه نجاسة هل يجزئ تيمم واحد أم لا وهل تجب النية للتيمم للنجاسة أم لا؟.
قوله: "يجب تعيين النية لما تيمم له من حدث أو غيره.
فائدة: يلزمه قبل التيمم أن يخفف من النجاسة ما أمكنه بمسحه أو حته بالتراب أو غيره قاله الأصحاب قال في المستوعب يمسحها بالتراب حتى لا يبقى لها أثر.
قوله: "وإن يتيمم في الحضر خوفا من البرد وصلى ففي وجوب الإعادة روايتان.
يعني إذا قلنا بجواز التيمم على ما تقدم وأطلقهما في الهداية والمذهب والكافي والخلاصة والشرح وابن تميم وشرح ابن منجا وابن عبيدان وغيرهم.
إحداهما: لا إعادة عليه وهو المذهب صححه في التصحيح والمغني وابن رزين قال في النظم هذا أشهر القولين قال في إدراك الغاية وتجريد العناية لم يعد على الأظهر واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والمستوعب والرعايتين والفائق واختاره الشيخ تقي الدين.
والثانية: عليه الإعادة كالقدرة على تسخينه قال في الحاويين أعاد في أصح الروايتين.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه لو تيمم خوفا من البرد في السفر أنه لا إعادة عليه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الكافي والمحرر والوجيز والمستوعب والهداية وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وعنه عليه الإعادة وأطلقه ابن تميم.
تنبيه: حيث قلنا يعيد هنا فهل الأولى: فرضه أو الثانية: فيه وجهان وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
أحدهما: الأولى: فرضه والثاني الثانية: فرضه.

قلت: هذا الأولى: وإلا لما كان في الإعادة كبير فائدة: ثم وجدته جزم به في الفصول ونقله عن القاضي ويأتي قريبا إذا عدم الماء والتراب وقلنا يعيد هل الأولى: أو الثانية: فرضه.
قوله: "ولو عدم الماء والتراب صلى على حسب حاله".
الصحيح من المذهب: وجوب الصلاة عليه والحالة هذه فيفعلها وجوبا في هذه الحالة وعليه الأصحاب وعنه يستحب وعنه تحرم الصلاة حينئذ فيقضيها فعلى المذهب لا يزيد على ما يجزئ في الصلاة وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال الشيخ تقي الدين يتوجه لو فعل ماشيا لأنه لا تجزيه مع العجز ولأن له أن يزيد على ما يجزى في ظاهر قولهم قال في الفتاوى المصرية له فعل ذلك على أصح القولين قال في الفروع كذا قال ثم قال وقد جزم جده وجماعة بخلافه.
قلت: قال في الرعايتين والحاويين يقرأ الجنب فيها ما يجزئ فقط وقال في الرعاية الكبرى: أيضا ولا يتنفل ثم قال قلت: ولا يزيد على ما يجزئ في طمأنينة ركوع وسجود وقيام وقعود وتسبيح وتشهد ونحو ذلك وقيل: ولا يقرأ جنب في غير صلاة فرض شيئا مع عدمهما انتهى قال ابن تميم ولا يقرأ في غير صلاة إن كان جنبا.
قوله: "وفي الإعادة روايتان".
وأطلقهما في الجامع الصغير والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والمحرر وابن تميم وغيرهم.
إحداهما: لا يعيد وهو المذهب صححها في التصحيح والمصنف والشارح والمجد وصاحب مجمع البحرين: والفائق قال الناظم هذا المشهور واختاره ابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين ونصره ابن عبيدان: وغيره وجزم به ناظم المفردات وهو منها وقدمها في الفروع.
والرواية الثانية: يعيد قال في الفروع نقله واختاره الأكثر قال في الرعاية الكبرى: أعاد على الأقيس وقال في الرعاية الصغرى وأعاد في رواية وجزم به في الإفادات.
فعلى القول بالإعادة لو وجد ترابا تيمم وأعاد على الصحيح نص عليه زاد بعض الأصحاب يسقط به الفرض وقيل: لا يعيد بوجدان التراب فعلى المنصوص إن قدر فيها عليه خرج وإن لم يقدر فهو كمتيمم يجد الماء على ما يأتي.
فوائد
منها على القول بالإعادة الثانية: فرضه على الصحيح جزم به ابن تميم وبن حمدان وقدمه في الفروع وقال أبو المعالي وقيل: الأولى: فرضه وقيل: هما فرضه واختاره الشيخ تقي الدين في شرح العمدة وقيل: إحداهما: فرضه لا بعينها.

ومنها لو أحدث من لم يجد ماء ولا ترابا بنوم أو غيره في الصلاة بطلت صلاته جزم به في الفروع وقال ابن تميم ذكره بعض أصحابنا واقتصر عليه وقال في الرعاية وقيل: إن وجد المصلى الماء أو التراب وقلنا تعاد مع دوام العجز خرج منها وإلا أتمها إن شاء.
وقال أيضا وهل تبطل صلاته بخروج الوقت وهو فيها؟ فيه روايتان.
قلت: الأولى: عدم البطلان بخروج الوقت وهو فيها.
قال في الفائق ومن صلى على حسب حاله اختص مبطلها بحالة الصلاة وقال في الفروع وتبطل الصلاة على الميت إذا لم يغسل ولا يتيمم بغسله مطلقا وتعاد الصلاة عليه به والأصح وبالتيمم ويجوز نبشه لأحدهما: مع أمن تفسخه
ومنها لو كان به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بوضوء ولا يتيمم فإنهما يسقطان عنه ويصلى على حسب حاله وفي الإعادة روايتان لأنه عذر نادر غير متصل ذكره المجد في شرحه.
وهذه المسألة في الإعادة كمن عدم الماء والتراب ذكره في الشرح والفروع وابن تميم وغيرهم فالحكم هنا كالحكم هناك.
قوله: "ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يعلق باليد".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يجوز بالسبخة أيضا وعنه بالرمل أيضا واختاره الشيخ تقي الدين وقيد القاضي وغيره جواز التيمم بالرمل والسبخة بأن يكون لهما غبار وإلا فلا يجوز رواية واحدة وقال صاحب النهاية يجوز التيمم بالرمل مطلقا نقلها عنه أكثر الأصحاب ذكره ابن عبيدان: وعنه يجوز التيمم بهما عند العدم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وعنه يجوز التيمم أيضا بالنورة والجص نقلها ابن عقيل وقيل: يجوز بما تصاعد على الأرض لا بعدم على الأصح قال ابن أبي موسى يتيمم عند عدم التراب بكل طاهر تصاعد على وجه الأرض مثل الرمل والسبخة والنورة والكحل وما في معنى ذلك ويصلي وهل يعيد على روايتين واختار الشيخ تقي الدين جواز التيمم بغير التراب من أجزاء الأرض إذا لم يجد ترابا وهو رواية عن أحمد.
تنبيه: مراده بقوله: "بتراب طاهر التراب الطهور ومراده غير التراب المحترق فإن كان محترقا لم يصح التيمم به على الصحيح من المذهب: وقيل: يجوز.
تنبيه: شمل قوله: "بتراب" لو ضرب على يد أو على ثوب أو بساط أو حصير أو حائط أو صخرة أو حيوان أو برذعة حمار أو شجر أو خشب أو عدل أو شعر ونحوه: مما عليه غبار طهور يعلق بيده وهو صحيح قاله الأصحاب.

فوائد
منها أعجب الإمام أحمد حمل التراب لأجل التيمم وعند الشيخ تقي الدين وغيره لا يحمله قال في الفروع وهو أظهر.
قلت: وهو الصواب إذ لم ينقل عن الصحابة ولا غيرهم من السلف فعل ذلك مع كثرة أسفارهم.
ومنها لا يجوز التيمم بالطين قال القاضي بلا خلاف انتهى لكن إن إمكنه تجفيفه والتيمم به قبل خروج الوقت لزمه ذلك ولا يلزمه إن خرج الوقت على الصحيح من المذهب: وقيل: يلزمه وإن خرج الوقت وهو احتمال في المغني.
ومنها لو وجد ثلجا ولم يمكن تذويبه لزمه مسح أعضائه به على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يلزمه قال القاضي مسح الأعضاء بالثلج مستحب غير واجب وقدمه في الرعاية الكبرى: وإن كان يجري إذا مس يده وجب ولا إعادة ونقل المروذي لا يتيمم بالثلج.
فعلى المذهب في الإعادة روايتان وأطلقهما في الفروع.
إحداهما: يلزمه قدمه ابن عبيدان: في الرعاية الكبرى: وابن تميم.
والثانية: لا يلزمه.
ومنها لو نحت الحجارة كالمكدن والمرمر ونحوهما حتى صار ترابا لم يجز التيمم به وإن دق الطين الصلب كالأرمني جاز التيمم به لأنه تراب وقال في الرعاية الكبرى: ويصح في الأشهر بتراب طين يابس خراساني أو أرمني ونحوهما وقيل: مأكول قبل طبخه وقيل: وبعده وفيه بعد انتهى..
قوله: "وإن خالطه ذو غبار لا يجوز التيمم به كالجص ونحوه فهو كالماء إذا خالطته الطاهرات".
هذا المذهب وعليه الجمهور منهم القاضي وأبو الخطاب وغيرهما وجزم به في النهاية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى: ومجمع البحرين: وقيل: لا يجوز التيمم به إذا خالطه غيره مطلقا اختاره ابن عقيل والمجد في شرحه قال ابن تميم وبن حمدان وهو أقيس وصححه في مجمع البحرين: وأطلقهما الزركشي والمذهب وقيل: يجوز ولو خالطه غيره مطلقا ذكره في الرعاية.
فائدة: لا يجوز التيمم من تراب مقبرة تكرر نبشها فإن لم يتكرر جاز على الصحيح من المذهب: قطع به المصنف والمجد والشارح وغيرهم وقيل: لا يصح وقيل: يجوز ولو خالطه غيره مطلقا.

تنبيه: قوله: "فهو كالماء اعلم أن التراب كالماء في مسائل".
منها ما تقدم.
ومنها لا يجوز التيمم بتراب مغصوب قاله الأصحاب قال في الفروع وظاهره ولو بتراب مسجد ثم قال ولعله غير مراد.
وقال في باب صفة الحج والعمرة في فصل ثم يدفع بعد الغروب إلى مزدلفة وفي الفصول إن رمى بحصي المسعى كره وأجزأ لأن الشرع نهى عن إخراج ترابه فدل أنه لو لم يصح أجزأ وأنه يلزم من منعه المنع.
ومنها لا يجوز التيمم بتراب قد تيمم به لأنه صار مستعملا كالماء وهذا الصحيح في المذهب وقيل: يجوز التيمم به مرة ثانية كما لو لم يتيمم منه على أصح الوجهين فيه.
فائدة: لا يكره التيمم بتراب زمزم مع أنه مسجد قاله في الفروع والرعاية.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر قوله: "وفرائضه أربعة مسح جميع وجهه أنه يجب مسح ما تحت الشعر الخفيف وهو أحد الوجهين قال في المذهب محل التيمم جميع ما يجب غسله من الوجه ما خلا الأنف والفم.
والوجه الثاني: لا يجب مسح ذلك وهو الصحيح من المذهب: قطع به في المغني والشرح ومجمع البحرين: وابن رزين وقدمه ابن عبيدان: وهو الصواب وأطلقهما في الفروع وابن تميم قال في الرعاية الكبرى: ويمسح ما أمكن مسحه من ظاهر وجهه ولحيته قيل وما نزل عن ذقنه.
والثاني مراده بقوله: "مسح جميع وجهه" سوى المضمضة والاستنشاق قطعا بل يكره.
قوله: "والترتيب والموالاة على إحدى الروايتين".
الصحيح من المذهب: أن حكم الترتيب والموالاة هنا حكمهما في الوضوء على ما تقدم وعليه جمهور الأصحاب وقيل: هما هنا سنة وإن قلنا هما في الوضوء فرضان وقيل: الترتيب هنا سنة فقط وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه ذكر الترتيب في الوضوء ولم يذكره هنا قال المجد في شرحه قياس المذهب عندي أن الترتيب لا يجب في التيمم وإن وجب في الوضوء لأن بطون الأصابع لا يجب مسحها بعد الوجه في التيمم بالضربة الواحدة بل يعتد بمسحها معه واختاره في الفائق قال ابن تميم وهو أولى قال في الحاوي الكبير إن تيمم بضربتين وجب الترتيب وإن تيمم بضربة لم يجب.
قال ابن عقيل رأيت التيمم بضربة واحدة قد أسقط ترتيبا مستحقا في الوضوء وهو أنه يعتد بمسح باطن يديه قبل مسح وجهه.

فائدة: قدر الموالاة هنا بقدرها زمنا في الوضوء عرفا قاله في المغني والرعاية.
تنبيه: محل الخلاف في الترتيب والموالاة في غير الحدث الأكبر فأما الحدث الأكبر فلا يجبان له على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وقدمه في الفروع وابن عبيدان وقيل: يجبان فيه أيضا ويحتمله كلام المصنف عليه وقدمه في الرعاية واختاره أبو الحسين وأبطله المجد في شرحه وقيل: تجب الموالاة فيه فقط قال ابن تميم هذا القول أولى
تنبيه: ظاهر كلامه هنا أن التسمية ليست من فرائض التيمم وهو ماش على ما اختاره في أنها لا تجب في الوضوء وكذلك عنده في التيمم.
واعلم أن الصحيح من المذهب: أن حكم التسوية هنا حكمها على الوضوء على ما تقدم وعليه جماهير الأصحاب وعنه أنها سنة وإن قلنا بوجوبها في الوضوء والغسل وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه في إدراك الغاية مع تقديمه في الوضوء أنها فرض.
فوائد
الأولى: لو يممه غيره فحكمه حكم ما لو وضأه غيره على ما تقدم في آخر باب الوضوء على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب واختار الآجري وغيره لا يصح هنا لعدم قصده.
الثانية: لو نوى وصمد وجهه للريح فعم التراب جميع وجهه لم يصح على الصحيح من المذهب: اختاره المصنف وابن عقيل وقدمه في الكافي وهو ظاهر كلام الخرقي وقيل: يصح اختاره القاضي والشريف أبو جعفر وصاحب المستوعب والتلخيص والمجد والحاوي الكبير ومجمع البحرين: وقدمه في الرعاية الكبرى: وأطلقهما في الشرح والزركشي والمذهب وقيل: إن مسح أجزأ وإلا فلا وجزم به في الفائق وقدمه في الرعاية الكبرى: واختاره ابن عقيل والشارح.
قلت: وهذا الصحيح قياسا على مسح الرأس وصحح في المغني عدم الإجزاء إذا لم يمسح ومع المسح حكى احتمالين وأطلقهن في الفروع وابن تميم وابن عبيدان.
الثالثة: لو سفت الريح غبارا فمسح وجهه بما عليه لم يصح وإن فصله ثم رده إليه أو مسح بغير ما عليه صح وذكر الأزجي إن نقله من اليد إلى الوجه أو عكسه بنية ففيه تردد ويأتي إذا تيمم بيد واحدة أو بعض يد أو بخرقة ونحوه بعد قوله: "والسنة في التيمم أن ينوي".
قوله: "ويجب تعيين النية لما يتيمم له من حدث أو غيره فشمل التيمم للنجاسة فتجب النية لها على الصحيح من الوجهين صححه المجد وفي

مجمع البحرين: وقدمه ابن عبيدان: وفي المغني والشرح في موضع وهذا احتمال القاضي وقيل: لا تجب النية لها كبدله وهو الغسل بخلاف تيمم الحدث وهو احتمال لابن عقيل في الفروع والمنع اختاره ابن حامد وابن عقيل والظاهر أنه أراد منع الصحة وأطلقهما في الفروع والرعاية وابن تميم والفائق وفي المغني والشرح في موضع.
فعلى الأول يكفيه تيمم واحد وإن تعددت مواضعها إن لم يكن محدثا وإن كان محدثا وعليه نجاسة فيأتي بعد هذا
قوله: "فإن نوى جميعها جاز".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل إن كان عليه حدث ونجاسة هل يكتفى بتيمم واحد ينبني على تداخل الطهارتين في الغسل فإن قلنا لا يتداخلان فهنا أولى لكونهما من جنسين وإن قلنا يتداخلان هناك فالأشبه عندي لا يتداخلان هنا كالكفارات والحدود إذا كانتا من جنسين وأطلقهما ابن تميم
قوله: "وإن نوى أحدهما: لم يجز عن الآخر.
اعلم أنه إذا كانت عليه أحداث فتارة تكون متنوعة عن أسباب أحد الحدثين وتارة لا تتنوع فإن تنوعت أسباب أحدهما: ونوى بعضها بالتيمم فإن قلنا في الوضوء لا يجزئه عما لم ينوه فهنا بطريق أولى وإن قلنا يجزئ هناك أجزأ هنا على الصحيح صححه المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: وقدم في الفائق والرعاية الكبرى: في الحدث الأكبر وقيل: لا يجزئ هنا فلا يحصل له إلا ما نواه ولو قلنا يرتفع جميعها في الوضوء لأن التيمم مبيح والوضوء رافع وهو ظاهر كلام المصنف هنا وجزم به في الحدث الأكبر في الرعاية الصغرى وأطلقهما في الفروع وابن تميم وابن عبيدان وقيل: إن كانا جنابة وحيضا أو نفاسا لم يجزه وصححه بعضهم.
فائدتان
إحداهما: لو تيمم للجنابة دون الحدث أبيح له ما يباح للمحدث من قراءة القرآن واللبث في المسجد ولم تبح له الصلاة والطواف ومس المصحف وإن أحدث لم يؤثر ذلك في تيممه وإن تيمم للجنابة والحدث ثم أحدث بطل تيممه للحدث وبقي تيمم الجنابة بحاله ولو تيممت بعد طهرها من حيضها لحدث الحيض ثم أجنبت لم يحرم وطؤها على الصحيح من المذهب: وصححه المصنف وغيره وقال ابن عقيل إن قلنا كل صلاة تحتاج إلى تيمم احتاج كل وطء إلى تيمم يخصه.
الثانية: صفة التيمم أن ينوي استباحة ما يتيمم له على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقيل: يصح بنية رفع الحدث فعلى المذهب يعتبر معه تعيين ما يتيمم له قبل

الحدث على الصحيح من المذهب: وقيل: إن ظن فائتة فلم تكن أو بان غيرها لم يصح قال في الفروع وظاهر كلام ابن الجوزي إن نوى التيمم فقط صلى نفلا وقال أبو المعالي إن نوى فرض التيمم أو فرض الطهارة فوجهان.
قوله: "وإن نوى نفلا أو أطلق النية للصلاة لم يصل إلا نفلا".
وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن حامد إن نوى استباحة الصلاة وأطلق جاز له فعل الفرض والنفل وخرجه المجد وغيره وعنه من نوى شيئا له فعل أعلى منه.
قوله: "وإن نوى فرضا فله فعله والجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت".
به على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وقيل: لا يجمع في وقت الأولى: قال ابن تميم له الجمع في وقت الثانية: وفي الجمع في وقت الأولى: وجهان أصحهما الجواز وعنه لا يجمع به بين فرضين ولا يصلى به فائتتين نص عليه في رواية ابن القاسم وبكر ابن محمد ذكره ابن عبيدان: واختاره الآجري قال في الرعاية وغيرها وعنه يجب التيمم لكل صلاة فرض فعليها له فعل غيره مما شاء حتى يخرج الوقت وفي الفروع لو خرج الوقت وفيه نظر من النوافل والطواف ومس المصحف والقراءة واللبث في المسجد إن كان جنبا والوطء إن كانت حائضا على الصحيح صححه المجد وغيره وقدمه في الفروع وابن عبيدان ومجمع البحرين: عليها وذكر في الانتصار وجها أن كل نافلة تفتقر إلى تيمم وقال هو ظاهر نقل ابن القاسم وبكر ابن محمد ذكره في الفروع وقال ابن عقيل لا يباح الوطء بتيمم الصلاة على هذه الرواية إلا أن يطأ قبلها ثم لا تصلي به وتتيمم لكل وطء وتقدم بعض ذلك عنه قريبا.
وقال ابن الجوزي في المذهب فعليها لو تيمم لصلاة الجنازة فهل يصلى به أخرى على وجهين قال في الفروع وظاهر كلام غير واحد إن تعينتا لم يصل وإلا صلى انتهى.
وعليها أيضا لو كان عليه صلاة من يوم لا يعلم عينها لزمه خمس صلوات يتيمم لكل صلاة جزم به ابن تميم وابن عبيدان وقيل: يجزئه تيمم واحد وأطلقهما في الفروع قال في الرعاية بعد أن حكى الرواية قلت: فعليها من نسي صلاة فرض من يوم كفاه لصلاة الخمس تيمم واحد وإن نسي صلاة من صلاتين وجهل عينها أعادهما بتيمم واحد وإن كانتا متفقتين من يومين وجهل جنسهما صلى الخمس مرتين بتيممين وكذلك إن كانتا مختلفتين من يوم وجهلهما وقيل: يكفي صلاة يوم بتيممين وإن كانتا مختلفتين من يوم فلكل صلاة تيمم وقيل: في المختلفتين من يوم أو يومين يصلى الفجر والظهر والعصر والمغرب بتيمم والظهر والعصر والمغرب والعشاء بتيمم آخر انتهى.
وعلى الوجه الذي ذكره في الانتصار لو نسي صلاة من يوم صلى الخمس بتيمم لكل

صلاة قاله في الرعاية.
وأما جواز فعل التنفل إذا نوى بتيممه الفرض فهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: لا يجوز له التنفل به إلا إذا عين الفرض الذي يتيمم له وعنه لا يتنفل قبل الفريضة بغير الراتبة.
وتقدم الوجه الذي ذكره في الانتصار أن كل نافلة تحتاج إلى تيمم.
تنبيه: ظاهر قوله: "والتنفل إلى آخر الوقت أن التيمم يبطل بخروج الوقت وهو صحيح وهو المذهب وقيل: لا يبطل إلا بدخول الوقت ويأتي الكلام على ذلك بأتم من هذا عند قوله: "ويبطل التيمم بخروج الوقت.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله تعالى بقوله: "وإن نوى فرضا فله فعله والجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت والنوافل أن من نوى شيئا استباح فعله واستباح ما هو مثله أو دونه ولم يستبح ما هو أعلى منه وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب فهذا هو الضابط في ذلك وقيل: من نوى الصلاة لم يبح له فعل غيرها قال في الرعاية وقيل: من نوى الصلاة لم يبح له غيرها والقراءة فيها وأن من نوى شيئا لم يبح له غيره قال وفيها بعد وعنه يباح له أيضا فعل ما هو أعلى مما نواه وقيل: إن أطلق النية صلى فرضا وتقدم هو والذي قبله قريبا.
فعلى المذهب النذر دون ما وجب بالشرع على الصحيح.
وقال الشيخ تقي الدين ظاهر كلامهم لا فرق بين ما وجب بالشرع وما وجب بالنذر انتهى وفرض الكفاية دون فرض العين وفرض جنازة أعلى من النافلة على الصحيح وقيل: يصليها بتيمم نافلة اختاره ابن حامد وقال الشيخ تقي الدين يتحرج أن لا يصلي نافلة بتيمم جنازة ويباح الطواف بتيمم النافلة على المشهور في المذهب كمس المصحف قال الشيخ تقي الدين ولو كان الطواف فرضا.
وقال أبو المعالي ولا تباح نافلة بتيممه لمس المصحف وطواف ونحوهما على الصحيح من المذهب: وقيل: بلى وإن تيمم جنب للقراءة أو لمس مصحف فله اللبث في المسجد وقال القاضي له فعل جميع النوافل لأنها في درجة واحدة
وعلى الأول يتيمم لمس المصحف فله القراءة لا العكس ولا يستبيح مس المصحف والقراءة بتيممه للبث وقيل: في القراءة وجهان ويباح اللبث ومس المصحف والقراءة بتيممه للطواف لا العكس على الصحيح وقيل: العكس بلى على الصحيح.
وإن تيمم لمس المصحف ففي جواز فعل نفل الطواف وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعاية وابن عبيدان.

قلت: الصواب عدم الجواز لأن جنس الطواف أعلى من مس المصحف كذا نقله ابن عبيدان.
وقال المصنف في المغني وتبعه الشارح وابن عبيدان إن تيمم جنب.
لقراءة أو لبث أو مس مصحف لم يستبح غيره قال في الفروع كذا قال ابن تميم وفيه نظر قال ابن حمدان في الرعاية وفيه بعد.
تنبيه: هذا كله مبني على أن التيمم مبيح أما على القول بأنه رافع فتباح الفريضة بنية مطلق النافلة وقال ابن حامد تباح الفريضة بنيته مطلقا لا بنية النافلة كما تقدم.
فائدة: قال المصنف في المغني والشارح وابن رزين في شرحه لو تيمم صبي لصلاة فرض ثم بلغ لم يجز له أن يصلي بتيممه فرضا لأن ما نواه كان نفلا وجزم به ابن عبيدان: ومجمع البحرين: وقال في الرعاية لو تيمم صبي لصلاة الوقت ثم بلغ فيه وهو فيها أو بعدها فله التنفل به وفي الفرض وجهان [والوجه بالجواز ذكره أبو الخطاب].
قوله: "ويبطل التيمم بخروج الوقت".
هذا المذهب مطلقا وعليه الجمهور وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل: لا يبطل إلا بدخول الوقت اختاره المجد قاله في الفائق وهو ظاهر كلام الخرقي وحمله المصنف على الأول وقال ابن تميم وهو ظاهر كلام أحمد وأطلقهما في المحرر فقال وهل يبطل التيمم للفجر بطلوع الشمس أو بزوالها على وجهين وأطلقهما ابن تميم والزركشي وقيل: لا يبطل التيمم عن الحدث الأكبر والنجاسة بخروج الوقت لتجدد الحدث الأصغر بتجدد الوقت في طهارة الماء عند بعض العلماء.
تنبيهات
منها أن التيمم على القولين يبطل به مطلقا على الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه جماهير الأصحاب فلا يباح له فعل شيء من العبادات المشترط لها التيمم وقيل: يبطل تيممه بالنسبة إلى الصلاة التي دخل وقتها فيباح له قضاء التي تيمم في وقتها إن لم يكن صلاها وفعل الفوائت والتنفل ومس المصحف والطواف وقراءة القرآن واللبث في المسجد ونحو ذلك اختاره المجد في شرح الهداية وصاحب الحاوي وصاحب مجمع البحرين: وقال وعكسه لو تيمم للحاضرة ثم نذر في الوقت صلاة لم يجز فعل المنذورة به عندي لأنه سبق وجوبها وظاهر قول الأصحاب الجواز انتهى كلام المجد ومن تابعه.
ومنها دخل في كلام المصنف أنه إذا تيمم الجنب لقراءة القرآن واللبث في المسجد أو تيممت الحائض للوطء أو استباحا ذلك بالتيمم للصلاة ثم خرج الوقت بطل تيممه على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: لا يبطل كما لا تبطل بالحدث ورد ما علل به الأصحاب واختار في الفائق في الحائض:

استمرار تيممها إلى الحيض الآتي وأطلقهما ابن تميم.
ومنها ظاهر كلام المصنف أنه لو خرج الوقت وهو في الصلاة أنها تبطل قال الزركشي ظاهر كلام الأصحاب تبطل بخروج الوقت ولو كان في الصلاة وصرح به في المغني والشرح والكافي وقدمه ابن عبيدان: والرعاية وابن تميم وقيل: لا تبطل وإن كان الوقت شرطا وقاله ابن عقيل في التذكرة وقيل: حكمه حكم من وجد الماء وهو في الصلاة وخرجه في المستوعب على رواية وجود الماء في الصلاة وأطلقهن في الفروع قال ابن تميم وكذا يخرج في المستحاضة إذا خرج الوقت وهي في الصلاة أو انقضت مدة المسح قاله في الرعاية وكذا الخلاف عن المستحاضة إذا خرج الوقت وهي تصلي وانقطاع دم الاستحاضة فيها منوط بشرطه وفراغ مدة المسح فيها وزوال الملبوس عن محله عمدا قبل السلام فيها.
تنبيه: محل الخلاف في هذه المسألة إذا كان في غير صلاة الجمعة أما إذا خرج وقت الجمعة وهو فيها لم يبطل ذكره الأصحاب وجزم به في الفروع والزركشي وغيرهما.
قلت: فيعايى بها.
ومنها يبطل التيمم لطواف وجنازة ونافلة بخروج الوقت كالفريضة على الصحيح من المذهب: وعنه إن تيمم لجنازة ثم جى ء بأخرى فإن كان بينهما وقت يمكنه التيمم فيه لم يصل عليها حتى يتيمم لها قال القاضي هذا للاستحباب وقال ابن عقيل للإيجاب لأن التيمم إذا تقدر للوقت فوقت كل صلاة جنازة قدر فعلها وكذا قال الشيخ تقي الدين لأن الفعل المتواصل هنا كتواصل الوقت للمكتوبة قال وعلى قياسه ما ليس له وقت محدود كمس المصحف والطواف.
قال في الفروع فعلى هذا النوافل المؤقتة كالوتر والسنن الراتبة والكسوف يبطل التيمم لها بخروج وقت تلك النافلة والنوافل المطلقة يحتمل أن يعتبر فيها تواصل الفعل كالجنازة ويحتمل أن يمتد وقتها إلى وقت النهي عن تلك النافلة والنوافل المطلقة يحتمل أن يعتبر فيها تواصل الفعل كالجنازة وتقدم كلام ابن الجوزي في المذهب.
تنبيه: ظاهر قوله: "ويبطل التيمم بخروج الوقت أن التيمم مبيح لا رافع وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قال الزركشي وهو المختار للإمام والأصحاب وقال أبو الخطاب في الانتصار يرفعه رفعا مؤقتا على رواية الوقف وعنه أنه رافع فيصلى به إلى حدثه اختاره أبو محمد ابن الجوزي والشيخ تقي الدين وابن رزين وصاحب الفائق فيرفع الحدث إلى القدرة على الماء ويتيمم لفرض ونفل قبل وقته ولنفل غير معين لا سبب له وقت نهي.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا في الفتاوى المصرية التيمم لوقت كل صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى أعدل الأقوال.

وعلى المذهب لا يصح ذلك كما تقدم أول الباب وعلى المذهب يتيمم للفائتة إذا أراد فعلها ذكره أبو المعالي والأزجي وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة إذا ذكرها قال وهو أولى.
ويتيمم للكسوف عند وجوده وللاستسقاء إذا اجتمعوا وللجنازة إذا غسل الميت أو يمم لعدم الماء فيعايى بها فيقال شخص لا يصح تيممه حتى يتيمم غيره وقال في الرعاية ووقت التيمم لصلاة الجنازة إذا طهر الميت وقيل: بل إنجاز غسله.
ووقته لصلاة العيد ارتفاع الشمس وقال الزركشي وقت المنذورة كل وقت على المذهب ووقت جميع التطوعات وقت جواز فعلها وقال في الرعاية وعنه يصلى به ما لم يحدث وقيل: أو يجد الماء.
قلت: ظاهر هذا مشكل فإنه يقتضي أنه على النص يصلي وإن وجد الماء وهو خلاف الإجماع.
فائدة: وقال في الرعاية الكبرى: لو نوى الجمع في وقت الثانية: ثم تيمم لها أو لثانية في وقت الأولى: لم يبطل بخروج وقت الأولى: في الأشهر وجزم به ابن تميم والزركشي ومجمع البحرين: وابن عبيدان وقيل: يبطل.
قلت: ويحتملها كلام المصنف.
قوله: "ويبطل التيمم بخروج الوقت ووجود الماء ومبطلات الوضوء".
أما خروج الوقت فقد تقدم الكلام عليه.
وأما وجود الماء لفاقده فيأتي حكمه قريبا.
وأما مبطلات الوضوء فيبطل التيمم عن الحدث الأصغر بما يبطل الوضوء بلا نزاع ويبطل التيمم عن الحدث الأكبر بما يوجب الغسل وعن الحيض والنفاس بحدوثهما فلو تيممت بعد طهرها من الحيض له ثم أجنبت جاز وطؤها لبقاء حكم تيمم الحيض والوطء إنما يوجب حدث الجنابة على ما تقدم ويتيمم الرجل إذا وطى ء ثانيا عن نجاسة الذكر إن نجست رطوبة فرجها.
قوله: "فإن تيمم وعليه ما يجوز المسح عليه ثم خلعه يبطل تيممه".
هذا اختيار المصنف والشارح وصاحب الفائق والشيخ تقي الدين قاله في الفائق وقدمه الناظم قال في الرعاية قلت: إلا أن يكون الحائل في محل التيمم أو بعضه فيبطل بخلعه وقال أصحابنا: يبطل وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية عبد الله على الخفين وفي رواية حنبل عليهما وعلى العمامة ورد المجد وغيره الأول وهذا من المفردات.

قوله: "وإن وجد الماء بعد الصلاة لم تجب إعادتها.
بلا نزاع ولم يستحب أيضا على الصحيح من المذهب: وعنه يستحب وهما وجهان مطلقان في شرح الزركشي.
تنبيه: شمل كلام المصنف لو صلى على جنازة ثم وجده قريبا وهو صحيح فلا يلزمه إعادتها على الصحيح من المذهب: وعنه الوقف وإن تيمم أعاد غسله في أحد الوجهين قاله في الفروع.
قوله: "وإن وجده فيها بطلت".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وعنه لا تبطل ويمضي في صلاته اختارهما الآجري وأطلقهما في مجمع البحرين.
فعلى هذه الرواية يجب المضي على الصحيح قدمه في الفروع ومجمع البحرين: فعلى هذه الرواية قال الشارح: وهو أولى وهو ظاهر كلام أحمد وقيل: لا يجب المضي لكن هو أفضل وقيل: الخروج منها أفضل للخروج من الخلاف واختاره الشريف أبو جعفر قال في الفائق وعنه يمضي فقيل وجوبا وقيل: جوازا وأطلقهما في المغني وقال في الرعاية: قلت الأولى قلبها نفلا.
فائدة: روى المروذي عن أحمد أنه رجع عن الرواية الثانية: فلذلك أسقطها أكثر الأصحاب وأثبتها ابن حامد وجماعة منهم المصنف هنا نظرا إلى أن الروايتين عن اجتهادين في وقتين فلم ينقض أحدهما: بالآخر وإن علم التاريخ بخلاف نسخ الشارع وهكذا اختلاف الأصحاب في كل رواية علم رجوعه عنها ذكر ذلك المجد في شرحه وغيره.
تنبيهان
أحدهما: على الرواية الثانية: لو عين نفلا أتمه وإن لم يعين على أقل الصلاة وعليها متى فرغ من الصلاة بطل تيممه قاله ابن عقيل وغيره وتابعه من بعده واقتصر عليه في الفروع هكذا الحكم عليها لو انقلب الماء وهو في الصلاة فيبطل تيممه بعد فراغها قاله القاضي وابن عقيل وغيرهما وقدمه في الفروع وقال أبو المعالي إن علم تلفه فيها بقي تيممه بعد فراغها وقاله القاضي وابن عقيل والمصنف وإن لم يعلم به لكن لما فرغ شرع في طلبه بطل.
وعلى المذهب تبطل الصلاة والتيمم بمجرد رؤية الماء ولو انقلب قولا واحدا وعليها لو وجده وهو يصلي على ميت بتيمم بطلت الصلاة وبطل تيمم الميت أيضا على الصحيح فيهما فيغسل الميت ويصلي عليه وقيل: لا تبطل ولا يغسل فهذان الفرعان مستثنيان من الرواية على المقدم.

الثاني: ظاهر كلام المصنف أنه يتطهر ويستأنف الصلاة من قوله: "بطلت" وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: يتطهر ويبني وخرجه القاضي على من سبقه الحدث ورده المجد ومن تابعه.
فائدتان
إحداهما: يلزم من تيمم لقراءة أو وطء أو لبث ونحوه الترك بوجود الماء على الصحيح من المذهب: قاله المجد وابن عبيدان وغيرهما رواية واحدة قال في الفروع وحكى وجها لا يلزم.
الثانية: الطواف كالصلاة إن وجبت الموالاة.
قوله: "ويستحب تأخير التيمم إلى آخر الوقت لمن يرجو وجود الماء".
هذا المذهب وعليه الجمهور بهذا الشرط قال الزركشي هي المختارة للجمهور وجزم به في الهداية والمحرر والوجيز والنظم والمنتخب وغيرهم وقدمه في الكافي والفروع والرعايتين وابن تميم والحاويين ومجمع البحرين: والفائق وغيرهم ونصره المجد في شرحه وغيره واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقيده بوقت الإختيار وهو قيد حسن وعنه التأخير مطلقا أفضل جزم به في المنور واختاره الخرقي وابن عبدوس المتقدم والقاضي وقيل: التأخير أفضل إن علم وجوده فقط واختاره الشيخ تقي الدين وعنه يجب التأخير حتى يضيق الوقت ذكرها أبو الحسين قال الزركشي ولا عبرة بهذه الرواية وهي من المفردات.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر كلام المصنف أنه لو علم عدم الماء آخر الوقت أن التقديم أفضل وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه التأخير أفضل وهو من المفردات وظاهر كلامه أيضا أنه لو ظن عدمه أن التقديم أفضل وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه التأخير أفضل وهو من المفردات فظاهر كلامه أنه لو استوى الأمران عنده أن التقديم أفضل وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قلت: وهو أولى وعنه التأخير أفضل وهو المذهب قدمه ابن تميم وفي الفروع والفائق وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والزركشي.
الثاني أفادنا المصنف رحمه الله بطريق أولى أنه إذا علم وجود الماء في آخر الوقت أن التأخير أفضل وهو صحيح لا أعلم فيه خلافا ولا يجب التأخير على الصحيح من المذهب: والحالة هذه وقيل: يجب قال في الرعاية قلت: إلى مكان الماء لقربه منه إن وجب الطلب وبقي الوقت انتهى.
قوله: "فإن تيمم وصلى في أول الوقت أجزأه".

هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وعنه ليس له التيمم حتى يضيق الوقت ذكره أبو الحسين كما تقدم وقيل: يجب التأخير إذا علم وجوده كما تقدم.
قوله: "والسنة في التيمم أن ينوي ويسمى ويضرب بيديه مفرجتي الأصابع على التراب ضربة واحدة.
الصحيح من المذهب: أن المسنون والواجب ضربة واحدة نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب وقال القاضي المسنون ضربتان يفعل بهما كما قال المصنف عنه واختاره الشيرازي وبن الزاغوني والمجد وجزم به في مسبوك الذهب قاله في الفروع وحكى رواية.
قلت: حكاه ابن تميم وبن حمدان وغيرهما رواية.
وأطلق الوجهين في التلخيص والبلغة وقيل: الأولى: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى الكوعين ذكره في الرعاية وقال ولو مسح وجهه بيمينه ويمينه بيساره أو عكس وخلل أصابعهما فيهما صح وقيل: لا وعلى الأقوال الثلاثة يجزئ ضربة واحدة بلا نزاع وقال المصنف وغيره وإن تيمم بأكثر من ضربتين جاز وقال في الرعاية وعنه يسن ضربتين وقيل: أو أكثر من ضربة.
تنبيه: قوله: "فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه".
يمسح ظاهر الوجه بما لا يشق فلا يمسح باطن الفم والأنف ولا باطن الشعور الخفيفة وظاهر كلامه في المستوعب استثناء باطن الفم والأنف فقط وتقدم كلامه في المذهب وغيره.
فائدة: لو تيمم بيد واحدة أو بعض يده أجزأه على الصحيح من المذهب: قال في الفروع هو كالوضوء يعني في مسح الرأس وقدم هناك الإجزاء قال في الرعاية وهو بعيد وقيل: لا يجزئه وقدمه في الرعاية.
فإن أوصل التراب إلى محل الفرض بخرقة أو خشبة صح على الصحيح قال في الفروع وهو كالوضوء وصحح هناك الصحة واختاره القاضي قال ابن عقيل فيه وجهان بناء على مسح الرأس بحائل انتهى وقيل: لا يصح وأطلقهما في الفائق والرعاية.
وإن أمر الوجه على التراب صح على الصحيح من المذهب: وقدمه في الفروع وقيل: لا يصح وهو ظاهر الخرقي قال في الفروع وقيل: إن تيمم بيد أو أمر الوجه على التراب لم يصح وأطلقهما في الرعاية والشرح وابن عبيدان والفائق وتقدم إذا يممه غيره أو صمد وجهه للريح فعم التراب وجهه وإذا سفت الريح غبارا فمسح وجهه بما عليه
قوله: "والترتيب والموالاة".
فائدة: لو قطعت يده من الكوع وجب مسح موضع القطع على الصحيح من المذهب.

نص عليه واختاره ابن عقيل وصاحب التلخيص وقدمه في مجمع البحرين وابن تميم والرعاية وقال نص عليه وقيل: لا يجب بل يستحب اختاره القاضي والآمدي وقدمه ابن عبيدان: وتقدم التنبيه: على ذلك في آخر باب الوضوء
وأما إن انقطعت من فوق الكوع لم يجب قولا واحدا لكن يستحب نص عليه.
قوله: "ومن حبس في المصر صلى بالتيمم ولا إعادة عليه.
إذا عدم المحبوس ونحوه الماء فالصحيح من المذهب: يتيمم وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يصلى بالتيمم في الحضر حتى يسافر أو يقدر على الماء اختارها الخلال وتقدم ذلك في أول الباب.
فعلى المذهب لا يعيد على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وعنه يعيده وهي تخرج في المحرر وغيره وأطلقهما في المذهب والمستوعب.
قوله: "ولا يجوز لواجد الماء التيمم خوفا من فوات المكتوبة.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم فيشتغل بالشرط وعنه تقديم الوقت على الشرط فيصلي متيمما قاله في الفائق.
واختاره الشيخ تقي الدين فيمن استيقظ آخر الوقت وهو جنب وخاف إن اغتسل خرج الوقت أو نسيها وذكرها آخر الوقت وخاف أن يغتسل أو يتوضأ ويصلي خارج الوقت كالمذهب.
واختار أيضا إن استيقظ أول الوقت وخاف إن اشتغل بتحصيل الماء يفوت الوقت أن يتيمم ويصلي ولا يفوت وقت الصلاة.
واختار أيضا فيمن يمكنه الذهاب إلى الحمام لكن لا يمكنه الخروج حتى يفوت الوقت كالغلام والمرأة التي معها أولادها ولا يمكنها الخروج حتى تغسلهم ونحو ذلك أن يتيمم ويصلي خارج الحمام لأن الصلاة في الحمام وخارج الوقت منهي عنهما كمن انتقض وضوءه وهو في المسجد.
واختار أيضا جواز التيمم خوفا من فوات الجمعة وأنه أولى من الجنازة لأنها لا تعاد.
قلت: وهو قوي في النظر وخرجه في الفائق لنفسه من الرواية التي في العيد وجعل القاضي وغيره الجمعة أصلا للمنع وأنهم لا يختلفون فيها.
فائدة: يستثنى من كلام المصنف وغيره الخائف فوات عدوه فإنه لا يجوز له التيمم لذلك على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع في صلاة الخوف والرعاية الكبرى: واختاره أبو بكر.
قلت: فيعايى بها.

وعنه لا يجوز وهو ظاهر كلام المصنف وأكثر الأصحاب قال في الفروع هنا وفي فوت مطلوبه روايتان وأطلقهما ابن تميم ويأتي ذلك أيضا في آخر صلاة أهل الأعذار.
قوله: "ولا الجنازة".
يعني أنه لا يجوز لواجد الماء التيمم خوفا من فوات الجنازة وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في الفروع قال الأصحاب وكذا اختاره يعني أنها كالمكتوبة في عدم جواز التيمم لها خوفا من فواتها وعنه يجوز للجنازة اختاره الشيخ تقي الدين ومال إليه المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: وأطلقهما في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاويين وابن تميم وابن عبيدان ومجمع البحرين.
تنبيهات
أحدها مراد المصنف وغيره بفوات الجنازة فواتها مع الإمام قاله القاضي وغيره قال جماعة ولو أمكنه الصلاة على قبره لكثرة وقوعه وعظم المشقة فيه.
الثاني ظاهر كلام المصنف أن صلاة العيد لا تصلى بالتيمم مع وجود الماء خوفا من فواتها قولا واحدا وهو الصحيح عند أكثر الأصحاب قال ابن تميم وألحق عبد العزيز صلاة العيد بصلاة الجنازة وقطع غيره بعدم التيمم فيها وقال في الرعايتين وفي صلاة الجنازة وقيل: والعيد إذا خاف الفوت روايتان وحكى في الفائق وغيره رواية كالجنازة واختاره الشيخ تقي الدين أيضا وقال في الفروع وعنه وعيد وسجود تلاوة قال ابن حامد يخرج سجود التلاوة على الجنازة وقال ابن تميم وهو حسن.
الثالث ظاهر كلام المصنف أنه إذا وصل المسافر إلى الماء وقد ضاق الوقت أنه لا يتيمم وهو ظاهر كلام جماعة وجزم به في المغني والشرح وقدمه في النظم ورد غيره وقيل: تيمم قال ابن رجب في قواعده وهو ظاهر كلام أحمد في رواية صالح وجزم به في المحرر والحاويين وقدمه في الرعايتين والفائق وابن تميم ونصره واختاره المجد في شرحه وابن عبيدان وقال ما أدق هذا النظر ولو طرده في الحضر لكان قد أجاد وأصاب.
قلت: وهو المذهب وهو مخالف لما أسلفناه من القاعدة في الخطبة وأطلقهما في الفروع.
وكذا الحكم والخلاف إذا علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعد الوقت أو علم الماء قريبا أو خاف فوت الوقت أو دخول وقت الضرورة إن حرم التأخير إليه أو دله ثقة قال في الفروع والمذهب في خوف دخول وقت الضرورة كخوف فوات الوقت بالكلية وجزم ابن تميم بالتيمم في الأولى: وأطلق ابن حمدان فيه الوجهين.

قوله: "وإن اجتمع جنب وميت ومن عليها غسل حيض فبذل ما يكفي أحدهم لأولاهم به فهو للميت".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الكافي والإفادات والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم ونصره المجد في شرحه وابن عبيدان ومجمع البحرين: وغيرهم قال في تجريد العناية هذا الأظهر وقدمه في المحرر والفروع والهادي والرعايتين والحاويين والنظم والفائق وابن رزين في شرحه والخلاصة وغيرهم.
وعنه أنه للحي يعني هو أولى به من الميت واختارها أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والتلخيص والبلغة والشرح وابن تميم ومجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهم.
قوله: "وأيهما يقدم فيه وجهان".
يعني على رواية أن الحي أولى وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والتلخيص والبلغة والشرح والحاوي الكبير ومجمع البحرين: وابن عبيدان.
أحدهما: الحائض أولى وهو الصحيح قال المجد في شرحه والصحيح تقديم الحائض بكل حال وجزم به في الكافي وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والفائق وابن رزين في شرحه.
والثاني الجنب مطلقا أولى قدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وقيل: الرجل الجنب خاصة أولى من المرأة الجنب والحائض وأطلقهن ابن تميم وقيل: يقسم بينهما وقيل: يقرع وجزم به في المذهب.
فوائد
إحداها من عليه نجاسة أحق من الميت والحائض والجنب على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وقيل: الميت أولى أيضا اختاره المجد وحفيده قال في مجمع البحرين: هذا أظهر وجزم به في المنور والمنتخب وأطلقهما ابن تميم والتلخيص قال في الرعاية الكبرى: ونجس البدن غير قبل ودبر وقيل: وغير ثوب سترة أولى منهم ومن الميت إذن وإلا فالميت أولى وقيل: الميت أولى منه مطلقا ومن غيره.
الثانية: قال في الفروع يقدم جنب على محدث وقيل: المحدث إلا أن يكفي من تطهر به منهما وإن كفاه فقط قدم
وقيل: الجنب وقال ابن تميم فإن اجتمع محدث وجنب ووجد ماء يكفي أحدهما: ويفضل منه ما لا يكفي الآخر فالجنب أولى في وجه وقدمه ابن عبيدان: وفي آخر المحدث

أولى قدمه في المذهب وفي ثالث هما سواء يقرع بينهما أو يعطيه الباذل لمن شاء منهما وأطلقهن في المغني والشرح والقواعد الفقهية وإن كان يكفي الجنب ويفضل عن المحدث فالجنب أولى وإن كان يكفي المحدث وحده فهو أولى
وقال في الرعاية ومن كفاه وحده ممن يقدم ومن المحدث حدثا أصغر فهو أولى وإن لم يكن أحدهم فالجنب ونحوه أولى من المحدث وقيل: عكسه وقيل: هما سواء فبالقرعة وقيل: أو بالتخيير من باذله وإن كفى الجنب أو نحوه وفضل من المحدث شيء فوجهان وإن كان يفضل من واحد ما لا يكفي الآخر قدم المحدث وقيل: الجنب ونحوه وقيل: بل من قرع وقيل: بل بالتخيير من باذله.
الثالثة: لو بادر عن غيره أولى منه فتطهر به أساء وصحت صلاته جزم به في المغني والشرح والرعاية والفروع وغيرهم وقال ابن تميم قاله بعض أصحابنا واقتصر عليه.
الرابعة: قال في التلخيص واعلم أن هذه المسألة لا تتصور إذا كان الماء لبعضهم لأنه أحق به وصورها جماعة من أصحابنا في ماء مباح أو مملوك أراد مالكه بذله لأحدهم وفيه نظر فإن المباح قبل وضع الأيدي عليه لا ملك فيه وبعد وضع الأيدي للجميع والمالك له ولاية صرفه إلى من شاء إلا أن يريدوا به الفضيلة ولفظ الأحقية والأولوية لا يشعر بذلك وعندي لذلك صورة معصومة من ذلك وهي أن يوصى بمائة لأولاهم به انتهى.
قال في القاعدة الأخيرة بعد حكاية كلامه في التلخيص ويتصور أيضا في النذر لأولاهم به والوقف عليه وفيما إذا طلب المالك معرفة أولاهم به ليؤثر به وفيما إذا ما وردوا على مباح وازدحموا وتشاحوا في التناول أولا.
الخامسة: قال الشيخ تقي الدين وتأتي هذه المسألة أيضا في الماء المشترك وقال هو ظاهر ما نقل عن أحمد وهو أولى من التشقيص.
السادسة: لو اجتمع جنبان أو نحوهما أو محدثان حدثا أصغر والماء يكفي أحدهما: ولا يختص به أحدهما: اقترعا وقيل: يقسم بينهما قال ذلك في الرعاية وأطلقهما في القواعد الفقهية.
السابعة: لو اجتمع على شخص واحد حدث ونجاسة في بدنه ومعه ما يكفي أحدهما: قدم غسل النجاسة نص عليه وكذا إن كانت على ثوبه على الصحيح قدمه في الرعاية ومختصر ابن تميم والمغني والشرح وعنه يقدم الحدث وهي قول في الرعاية ولو اجتمع عليه نجاسة في ثوبه وبدنه قدم الثوب جزم به ابن تميم والمغني والشرح وقال في الرعاية وقيل: تقدم نجاسة ثوبه على نجاسة بدنه ونجاسة البدن على نجاسة السبيلين ويستجمر ويتيمم للحدث.
الثامنة: لو كان الماء لأحدهم لزم استعماله ولم يكن له بذله لغير الوالدين على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب لكن إن فضل منه عن حاجته استحب له بذله.

وذكر العلامة ابن القيم في الهدى أنه لا يمتنع أن يؤثر بالماء من يتوضأ به ويتيمم هو وأما إذا كان الماء للولد فهل له أن يؤثر أحد أبويه به ويتيمم فيه وجهان وأطلقهما في التلخيص والرعاية وابن تميم والفروع والفائق وقدم ابن عبيدان: عدم الجواز قال في المغني والشرح إن كان الماء لأحدهم فهو أحق به ولا يجوز بذله لغيره وقال في مجمع البحرين: وإن كان الماء ملكا لأحدهم تعين وقال في الكافي ولا يجوز أن يؤثر به أحدا وأطلق وقال فإن آثر به وتيمم لم يصح تيممه مع وجوده لذلك وإن استعمله الآخر فحكم المؤثر به حكم من أراق الماء على ما تقدم بعد قوله: "فإن دل عليه قريبا".
وأما إذا كان الماء للميت غسل به فإن فضل منه فضل فهو لورثته فإن لم يكن الوارث حاضرا فللحي أخذه للطهارة بثمنه في موضعه على الصحيح قدمه في المغني والشرح والرعاية والحواشي وغيرهم وقيل: ليس له ذلك وأطلقهما ابن تميم وتقدم إذا كان رفيق الميت عطشان وله ماء أول الباب.
التاسعة: لو اجتمع حي وميت لا ثوب لهما وحضر وقت الصلاة فبذل ثوب لأولاهما به صلى فيه الحي ثم كفن فيه الميت في وجه وهو الصواب وقدمه في الرعاية الكبرى: والفروع ذكره في باب ستر العورة.
وفي وجه آخر يقدم الميت على صلاة الحي فيه وأطلقهما ابن تميم وقال ويحتمل أن يكون الحي أولى به مطلقا قال في الرعاية وهو بعيد ويأتي في الجنائز في فصل الكفن لو وجد كفن واحد ووجد جماعة من الأموات هل يجمعون فيه أو يقسم بينهم.
العاشرة: لو احتاج حي لكفن ميت لبرد ونحوه زاد المجد وغيره إن خشي التلف فالصحيح من المذهب: أنه يقدم على الميت قال في الفروع يقدم في الأصح من احتاج كفن ميت لبرد ونحوه وقيل: لا يقدم وقال ابن عقيل وبن الجوزي يصلى عليه عادم السترة في إحدى لفافتيه قال في الفروع والأشهر عريانا كلفافة واحدة يقدم الميت بها ذكره في الكفن..

باب إزالة النجاسة
:
قوله : "لا يجوز إزالتها بغير الماء".
يعني الماء الطهور وهذا المذهب مطلقا وعليه معظم الأصحاب وقطع به كثير منهم قال القاضي قال أصحابنا: لا تجوز إزالة النجاسة بمائع غير الماء أومأ إليه في رواية صالح وعبد الله وعنه ما يدل على أنها تزال بكل مائع طاهر مزيل كالخل ونحوه اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق ذكره في آخر الباب وقيل: تزال بغير الماء للحاجة اختاره المجد قال حفيده وهو أشبه بنصوص أحمد نقله ابن خطيب السلامية في تعليقه واختاره

الشيخ تقي الدين وقيل: تزال بماء طاهر غير مطهر وهو رواية عند الزركشي وغيره وقيل: لا تزال إلا بماء طهور مباح وهو من المفردات.
قوله: "وتغسل نجاسة الكلب والخنزير بلا نزاع".
والصحيح من المذهب: أنهما والمتولد منهما أو من أحدهما: وجميع أجزائهما نجس وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل: يغسل ولوغه فقط تعبدا وفاقا لمالك فظاهر القول أنهما طاهران ولكن يغسل الولوغ تعبدا وعنه طهارة الشعر اختاره أبو بكر عبد العزيز والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق قال ابن تميم فيخرج ذلك في كل حيوان نجس وهو كما قال وعنه سؤرهما طاهر ذكرها القاضي في شرحه الصغير نقله ابن تميم وبن حمدان.
قوله: "وتغسل نجاسة الكلب سبعا".
تغسل نجاسة الكلب سبعا على الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه الأصحاب وعنه ثمانيا فظاهر ما نقله ابن أبي موسى اختصاص العدد بالولوغ قاله ابن تميم وقطع المصنف أن نجاسة الخنزير كنجاسة الكلب وهو الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب قال الإمام أحمد هو شر من الكلب وقيل: ليست نجاسة الخنزير كنجاسة الكلب فلم يذكر أحمد فيه عددا وقيل: لا يعتبر في نجاستهما عدد قال ابن شهاب في عيون المسائل قال بعض أصحابنا لا يشترط العدد وإنما يغسل ما يغلب على الظن وذكره القاضي في شرح المذهب رواية قال ابن تميم قال شيخنا ظاهر كلام أحمد في رواية عبد الله أن العدد لا يجب في غير الآنية.
وتقدم في الوضوء هل تشترط النية في غسل النجاسة أم لا؟.
قوله: "إحداهن بالتراب".
الصحيح من المذهب: اشتراط التراب في غسل نجاستهما مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وعنه استحباب التراب ذكرها ابن الزاغوني نقلها في الفروع والفائق وقال وهو ضعيف وقال ابن تميم وغيره وعنه استعمال التراب في الولوغ مستحب غير واجب حكاها ابن الزاغوني وقيل: إن تضرر المحل سقط التراب قال المجد وتبعه في مجمع البحرين: وابن عبيدان وهو الأظهر وقيل: يجب في إناء ونحوه فقط وحكى رواية.
تنبيه: قوله: "إحداهن بالتراب لا خلاف أنه لو جعل التراب في أي غسلة شاء أنه يجزئ وإنما الخلاف في الأولوية فظاهر كلام المصنف هنا أنه لا أولوية فيه وهو رواية عن أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب الهداية والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الكبير والوجيز ومجمع البحرين: وإدراك الغاية وغيرهم قال في القواعد الأصولية وهو الصواب وبناه على قاعدة أصولية وعنه الأولى: أن يكون في الغسلة

الأولى: وهو الصحيح جزم به في المغني والكافي والشرح والنظم والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفائق والرعاية الكبرى: والزركشي قال ابن تميم الأولى: جعله في الأولى: إن غسل سبعا قال في الإفادات لا يكون إلا في الأخيرة وعنه الأخيرة أولى وأطلقهن في الفروع وأطلق الأخيرتين في المذهب وعنه إن غسلها ثمانيا ففي الثامنة: أولى جزم به ابن تميم وقال نص عليه قال في الفروع وذكر جماعة إن غسله ثمانيا ففي الثامنة: أولى.
فوائد
إحداها لا يكفي ذر التراب على المحل بل لا بد من مائع يوصله إليه ذكره أبو المعالي وصاحب التلخيص وقدمه في الفروع وقال في الفروع ويحتمل أن يكفي ذره ويتبعه الماء وهو ظاهر كلام جماعة وهو أظهر.
قلت: وهو الصواب.
الثانية: يعتبر استيعاب محل الولوغ بالتراب قاله أبو الخطاب وقيل: يكفي مسمى التراب مطلقا قاله ابن الزاغوني وقيل: يكفي مسماه فيما يضر دون غيره قلت: وهو الصواب.
وقيل: يكفي منه ما يغير الماء قاله ابن عقيل وأطلقهن في الفروع.
الثالثة: يشترط في التراب أن يكون طهورا على الصحيح من المذهب: وقيل: يجزئ بالطاهر أيضا وهو ظاهر ما في التلخيص.
قوله: "فإن جعل مكانه أشنانا أو نحوه فعلى وجهين".
أطلقهما في الهداية والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والكافي والمغني والشرح والحاويين وابن تميم ومجمع البحرين: والفائق والزركشي وتجريد العناية وابن عبيدان والفروع.
إحداهما: يجزئ ذلك وهو المذهب اختاره ابن عبدوس في تذكرته قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة هذا أقوى الوجوه وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر والمجد في شرحه وجزم به في الوجيز وقدمه في النظم وإدراك الغاية
والوجه الثاني: لا يقوم غير التراب مقامه وهو ظاهر الخرقي والفصول والعمدة والمنور والتسهيل وغيرهم لاقتصارهم على التراب قال في المذهب هذا أصح الوجهين وقدمه في الرعايتين وابن رزين في شرحه وقال ابن حامد إنما يجوز العدول عن التراب عند عدمه أو إفساد المغسول به وصححه في المستوعب وجزم به في الإفادات وتقدم اختيار المجد وغيره في إسقاط التراب في نجاسة الكلب والخنزير إذا تضرر المحل وعنه تقدم الغسلة الثامنة: عن التراب وأطلقهما في مسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر في

إقامة الغسلة الثامنة: عن التراب وقيل: تقوم الغسلة الثامنة: مقام التراب فيما يخاف تلفه وجزم به في الإفادات
قوله: "وفي سائر النجاسات ثلاث روايات".
وأطلقهن في المحرر والكافي والشرح وابن منجا في شرحه.
إحداهن يجب غسلها سبعا وهي المذهب وعليها جماهير الأصحاب قال في الفروع نقله واختاره الأكثر قال الزركشي هي اختيار الخرقي وجمهور الأصحاب قال ابن هبيرة هو المشهور وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر وقال اختارها الأكثر قال في المذهب والبلغة هذا المشهور وجزم به في الإفادات وناظم المفردات وهو منها وقدمه في الفروع والنظم والرعايتين والحاويين وابن رزين في شرحه وغيرهم.
والرواية الثانية: يجب غسلها ثلاثا اختارها المصنف في العمدة وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب في غير محل الاستنجاء وقدمه مطلقا ابن تميم والفائق ومجمع البحرين: وقدمه في الاستنجاء في الرعاية الكبرى: في بابه.
والثالثة: تكاثر بالماء من غير عدد اختارها المصنف في المغني والشيخ تقي الدين وقطع به في الطريق الأقرب وعنه لا يشترط العدد في البدن ويجب في السبيلين وفي غير البدن سبع قال الخلال وهي وهم وعنه يجب العدد إلا في الخارج من السبيلين قال الزركشي واختار أبو محمد في المغني لا يجب العدد إلا في الاستنجاء وعنه يغسل محل الاستنجاء بثلاث وغيره بسبع ذكرها الشارح وابن تميم وبن حمدان وغيرهم والمراد بمحل الاستنجاء الخارج من السبيلين قال في الرعاية وقيل: ومن غير نجاستهما وعنه لا يجب في الثوب وسائر البدن عدد ذكرها الآمدي واختار الشيخ تقي الدين أنه يجزئ المسح في المتنجس الذي يضره الغسل كثياب الحرير والورق ونحوهما قال وأصله الخلاف في إزالة النجاسة بغير الماء وأطلق الثلاثة الأول والخامسة: والسادسة: في المذهب والمستوعب والتلخيص.
قوله: "وهل يشرط التراب على وجهين".
وهما في الفروع وغيره روايتان وقاله ابن أبي موسى يعني على الرواية الأولى: ذكرها أبو بكر ومن تابعه أعنى الوجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم وابن تميم والرعايتين والحاويين والفائق وابن عبيدان والزركشي وشرح ابن منجا والفروع.
أحدهما: يشترط التراب وهو المذهب اختاره الخرقي والمصنف والشارح وقدمه ابن رزين: في شرحه.

والوجه الثاني: لا يشترط اختاره المجد في شرحه قال في مجمع البحرين: لا يشترط بالتراب في أصح الوجهين وصححه في تصحيح المحرر.
قال الشيخ تقي الدين هذا المشهور.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر كلام المصنف عدم اشتراط التراب قولا واحدا على الرواية الثانية: وهي وجوب الغسل ثلاثا وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور وفيه وجه آخر أن حكم التراب في الغسل ثلاثا حكمه في الغسل سبعا وأطلقهما في التلخيص والبلغة وابن تميم والرعاية الكبرى: وصرح بأن الخلاف حيث قلنا بالعدد.
الثاني محل الخلاف في التراب إنما هو في غير محل السبيلين فأما محل السبيلين فلا يشترط فيه تراب قولا واحدا عند الجمهور ونص عليه وحكى عن الحلواني أنه أوجب التراب في محل الاستنجاء أيضا وصرح بوجوبه في الفائق عنه.
فوائد
منها حيث قلنا يغسل ثلاثا وغسل سبعا لم تزل طهورية ما بعد الغسلة الثالثة: على الصحيح من المذهب: قال ابن عقيل وجها واحدا وقيل: تزول طهوريته ذكره القاضي.
قلت: فيعايى بها على هذا القول.
ومنها قال في الفروع يحسب العدد في إزالة النجاسة العينية قبل زوالها في ظاهر كلامهم وفي ظاهر كلام صاحب المحرر لا يحسب إلا بعد زوالها.
ومنها يغسل ما نجس ببعض الغسلات بعدد ما بقي بعد تلك الغسلة على الصحيح من المذهب: وقيل: بعدد ما بقي مع تلك الغسلة وقيل: يغسل سبعا إن اشترطنا السبع في أصله واختاره ابن حامد وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلق الأول والأخير ابن عبيدان: فعلى القولين الأولين يغسل بتراب إن لم يكن غسل به واشترطناه وعلى الثالث يغسل بتراب أيضا إن اشترطناه في أصله.
قوله: "كالنجاسات كلها إذا كانت على الأرض".
الصحيح من المذهب: أن النجاسة إذا كانت على الأرض تطهر بالمكاثرة سواء كانت من كلب أو خنزير أو غيرهما وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم وعنه لا تطهر الأرض ونحوها حتى ينفصل الماء وقيل: يجب العدد من نجاسة الكلب والخنزير معها ذكره القاضي في مقنعه والنص خلافه وعنه يجب العدد في غير البول نقله ابن حامد وحكى الآمدي رواية في الأرض يجب لكل بولة ذنوب وعنه في بركة وقع فيها بول تنزح ويقلع الطين ثم تغسل.

فوائد
الأولى: الصخر والأجربة من الحمام والأحواض ونحو ذلك حكمها حكم الأرض على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا.
الثانية: يعتبر العصر في كل غسلة مع إمكانه فيما يتشرب النجاسة أو دقه أو تقليبه إن كان ثقيلا على الصحيح من المذهب: مطلقا قال ابن عبيدان: قاله الأصحاب وقيل: لا يعتبر مطلقا وقيل: يعتبر ذلك في غير الغسلة الأخيرة واختاره المجد في شرحه وقال الصحيح لا يجزئ تجفيف الثوب عن عصره وصححه في مجمع البحرين: وقيل: يجزئ قال في الرعايتين والحاويين وجفافه كعصره في أصح الوجهين وأطلقهما في إجزاء التجفيف عن العصر في الفروع والتلخيص وابن عبيدان وابن تميم والفائق.
وإن أصابت النجاسة محلا لا يتشرب بها كالآنية ونحوها طهر بمرور الماء عليه وانفصاله عنه وإن لصقت به النجاسة وجب مع ذلك إزالتها ويجب الحت والقرض قال في التلخيص وغيره إن لم يتضرر المحل بها وقال في الرعاية إن تعذرت الإزالة بدونها أو لعله مرادهم.
الثالثة: ولو كاثر ماء نجسا في إناء بماء كثير لم يطهر الإناء بدون إراقته على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: يطهر وإن لم يرق ولو طهر ماء كثير نجس في إناء بمكثه لم يطهر الإناء معه على الصحيح من المذهب: فإن انفصل الماء عنه حسب غسلة واحدة ثم يكمل وقيل: يطهر الإناء تبعا كالمحتفر من الأرض وقيل: إن مكث بقدر العدد طهر وإلا فلا وكذا الحكم في الثوب إذا لم يعتبر عصره والإناء إذا غمس في ماء كثير وأما اعتبار تكرار غمسه فمبني على اعتبار العدد ولا يكفي تحريكه وخضخضته في الماء على الصحيح من المذهب: وقيل: يكفي وقال المصنف في المغني إن مر عليه أجزاء ثلاثة قيل كفى وإلا فلا انتهى.
فلو وضع ثوبا في الماء ثم غمره بماء وعصره فغسلة واحدة يبنى عليها ويطهر على الصحيح من المذهب: نص عليه لأنه وارد كصبه في غير إناء وعنه لا يطهر لأن ما ينفصل بعصره لا يفارقه عقيبه وعنه يطهر إن تعذر بدونه.
ولو عصر الثوب في الماء ولم يرفعه منه لم يطهر حتى يخرجه ثم يعيده قدمه ابن عبيدان: ومجمع البحرين: وقيل: يطهر بذلك وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
الرابعة: لو غسل بعض الثوب النجس طهر ما غسل منه قال المصنف ويكون المنفصل نجسا لملاقاته غير المغسول قال ابن حمدان وابن تميم وفيه نظر انتهى فإن أراد غسل بقيته غسل ما لاقاه.
الخامسة: لا يضر بقاء لون أو ريح أو هما على الصحيح من المذهب: قال جماعة من الأصحاب أو يشق وذكر المصنف وغيره أو يتضرر المحل وقيل: يكتفى بالعدد وقيل: يضر بقاؤهما أو أحدهما: وقال بعض الأصحاب يعفى عن اللون دون الريح لأن قلع أثره أعسر.

فعلى المذهب يطهر مع بقائهما أو بقاء أحدهما: على الصحيح من المذهب: وقال جماعة يعفى عنه منهم القاضي في شرحه وقيل: في زوال لونها فقط وجهان ويضر بقاء الطعم على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يضر.
السادسة: لو لم تزل النجاسة إلا بملح أو غيره مع الماء لم يجب في ظاهر كلامهم قاله في الفروع قال ويتوجه احتمال يجب ويحتمله كلام أحمد وذكره ابن الزاغوني في التراب تقوية للماء.
قوله: "ولا تطهر الأرض النجسة بشمس ولا ريح ولا بجفاف أيضا".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو المعمول به في المذهب وقطع به كثير من الأصحاب وقيل: تطهر في الكل اختاره المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير والفائق والشيخ تقي الدين وغيرهم قال في الرعاية وخرج لنا فيهما الطهارة إن زال لونها وأثرها وقيل: وريحها وقيل: على الأرض وقال ابن تميم وخرج بعض أصحابنا الطهارة بذلك على التطهير بالاستحالة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف إن غير الأرض لا تطهر بشمس ولا ريح وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور وقيل: تطهر ونص عليه الإمام أحمد في حبل الغسيل واختار هذا القول الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا وإحالة التراب ونحوه للنجاسة كالشمس وقال أيضا إذا أزالها التراب عن النعل فعن نفسه إذ خالطها وقال في الفروع كذا قال.
قوله: "ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة ولا بنار أيضا إلا الخمرة.
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب ونصروه وعنه بل تطهر وهي مخرجة من الخمرة إذا انقلبت بنفسها خرجها المجد واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق فحيوان متولد من نجاسة كدود الجروح والقروح وصراصير الكنيف طاهر نص عليه وأطلق جماعة روايتين في نجاسة وجه تنور سجر بنجاسة ونقل الأكثر يغسل ونقل حرب لا بأس قال في الفروع وعليها يخرج عمل زيت نجس صابونا ونحوه وتراب جبل بروث حمار فإن لم يستحل عفى عن يسيره في رواية ذكرها الشيخ تقي الدين وذكر الأزجي إن تنجس التنور بذلك طهر بمسحه بيابس فإن مسح برطب تعين الغسل وحمل القاضي قول أحمد يسجر التنور مرة أخرى على ذلك.
وذكر الشيخ تقي الدين أن الرواية صريحة في التطهير بالاستحالة وأن هذا من القاضي يقتضي أن يكتفي بالمسح إذا لم يبق للنجاسة أثر وذكر الأزجي أن نجاسة الجلالة والماء المتغير بالنجاسة نجاسة مجاورة وقال فليتأمل ذلك فإنه دقيق قال في الفروع كذا قال فعلى المذهب في أصل المسألة القصرمل ودخان النجاسة ونحوها نجس وعلى الثاني طاهر وكذا

ما تصاعد من بخار الماء النجس إلى الجسم الصقيل ثم عاد فتقطر فإنه نجس على المذهب لأنه نفس الرطوبة المتصاعدة وإنما يتصاعد في الهواء كما يتصاعد بخار الحمامات قال في الفروع فدل على أن ما يتصاعد في الحمامات ونحوها طهور أو يخرج على هذا الخلاف.
قوله: "إلا الخمرة إذا انقلبت بنفسها".
الصحيح من المذهب: أن الخمرة إذا انقلبت بنفسها تطهر مطلقا نص عليه وعليه الجمهور وجزم به كثير منهم وحكى القاضي في التعليق أن نبيذ التمر لا يطهر إذا انقلب بنفسه لأن فيه ماء وقيل: لا تطهر الخمرة مطلقا
فائدة: دن الخمر مثلها فيطهر بطهارتها وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه فيما لم يلاق الخل مما فوقه مما أصابه الخمر في غليانه وجهان.
قوله: "وإن خللت لم تطهر".
اعلم أن الخمرة يحرم تخليلها على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وعنه يكره جزم به في المستوعب وعنه يجوز وأطلقهن ابن تميم فيما يلقى فيها فعلى المذهب لو خالف وفعل لم تطهر على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقيل: تطهر وفي الوسيلة في آخر الرهن رواية أنها تحل وعلى الرواية الثانية: والثالثة: لو خللت طهرت قاله في الفروع وابن تميم والفائق وقال في المستوعب فإن خللت كره ولم تطهر في أصح الروايتين وعلى المذهب أيضا لو خللت بنقلها من الشمس إلى الظل أو بالعكس أو فرغ من محل إلى محل آخر أو ألقى جامدا فيها ففيه وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعاية الصغرى واطلقهما في النقل والتفريغ في الفائق وهما روايتان في الرعاية الكبرى: وهي طريقة موجزة في الرعاية الصغرى إحداهما: لا تطهر وهو المذهب وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته والمصنف هنا وصاحب الوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر ومجمع البحرين: وابن عبيدان والزركشي وقيل: تطهر كما لو نقلها بغير قصد التخليل وتخللت وقال في الرعاية وقيل: تطهر بالنقل فقط وهو أصح ثم قال قلت: وكذا إن كشف الزق فتخلل بشمس أو ظل.
فوائد
إحداها في جواز إمساك خمر ليتخلل بنفسه ثلاثة أوجه الجواز وعدمه والثالث يجوز في خمرة الخلال دون غيرها وهو الصحيح قال في الفروع وهو أشهر قال في الرعاية وهو أظهر وجزم ابن تميم بإراقة خمر الخلال وأطلق في خمر الخلال الوجهين.
فعلى القول بعدم الجواز لو تخلل بنفسه طهر على الصحيح قال في الفروع وعلى المنع تطهر على الأصح وعنه لا تطهر وقال في الرعاية الكبرى: لو اتخذه للخل فتخمر وقلنا:

يراق فأمسك ليصير خلا فصار خلا ففي طهارته وجهان وفي جواز إمساك الخمر ليصير خلا وجهان فإن جاز فصار خلا طهر وإن لم يجز لم يطهر انتهى وهما وجهان أطلقهما ابن تميم.
وإن اتخذ عصيرا للخمر ولم يتخمر وتخلل بنفسه ففي حله الروايتان اللتان قبله.
الثانية: الخل المباح أن يصب على العنب أو العصير خل قبل غليانه حتى لا يغلى نص عليه في رواية الجماعة.
الثالثة: الحشيشة المسكرة نجسة على الصحيح اختاره الشيخ تقي الدين وقيل: طاهرة قدمه في الرعاية والحواشي وقيل: نجسة إن أميعت وإلا فلا أطلقهن في الفروع والفائق ويأتي حكم أكلها في باب حد المسكر.
قوله: "ولا تطهر الأدهان النجسة".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال أبو الخطاب يطهر بالغسل منها ما يتأتى غسله مثل أن تصب في ماء كثير وتحرك ثم تترك حتى تطفو فتؤخذ ونحو ذلك وهو تخريج الكافي ذكره في كتاب البيع وجزم به في الإفادات وقيل: يطهر زئبق بالغسل لأنه لقوته وتماسكه يجري مجرى الجامد قاله ابن عقيل في الفصول واقتصر عليه جماعة وقطع به في المذهب والمستوعب فيعايى بها فعلى المذهب لا يجوز تطهيره ذكره في الترغيب وغيره ويأتي في كتاب البيع ما يتعلق ببيعه.
فوائد
منها تقدم في كتاب الطهارة الخلاف في تنجيس المائعات بملاقاة النجاسة فلو كان جامدا أخذت منه النجاسة وما حولها والباقي طاهر وحد الجامد ما لم تسر النجاسة فيه على الصحيح جزم به في المغني والشرح وابن رزين وغيرهم وصححه ابن تميم وغيره وقال ابن عقيل حده ما لو كسر وعاؤه لم تسل أجزاؤه ورده الأصحاب قال في الفائق قلت: ويحتمل ما لو قور لم يلتئم حالا.
ولا يطهر ما عدا الماء والأدهان من المائعات بالغسل سوى الزئبق على ما تقدم فلا يطهر باطن حب نقع في نجاسة بتكرار غسله وتجفيفه كل مرة على الصحيح من المذهب: كالعجين وعليه الأصحاب وعنه يطهر قال في الفائق واختاره صاحب المحرر وهو المختار.
ومثل ذلك خلافا ومذهبا الإناء إذا تشرب نجاسة والسكين إذا أسقيت ماء نجسا وكذلك اللحم إذا طبخ بماء نجس على الصحيح من المذهب.
وقال المجد في شرحه الأقوى عندي طهارته واعتبر الغليان والتجفيف وقال ذلك في معنى عصر الثوب.

وذكر جماعة في مسألة الجلالة طهارة اللحم وقيل: لا يعتبر في ذلك كله عدد قال ابن تميم بعد أن قال يغلى اللحم في ماء طاهر وتجفف الحنطة ثم تغسل بعد ذلك مرارا إن اعتبرنا العدد والأولى: إن شاء الله تعالى على هذه الرواية عدم اعتبار العدد انتهى.
ولا يطهر الجسم الصقيل بمسحه على الصحيح من المذهب: وعنه يطهر واختاره أبو الخطاب في الانتصار والشيخ تقي الدين وأطلقهما في الفائق وأطلق الحلواني وجهين وذكر الشيخ تقي الدين هل يطهر أو يعفى عما بقي على وجهين وعنه تطهر سكين من دم ذبيحة بمسحها فقط ويطهر اللبن والآجر والتراب المتنجس ببول ونحوه على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يطهر وقيل: يطهر ظاهره كما لو كانت النجاسة أعيانا وطبخ ثم غسل ظاهره فإنه يطهر وكذا باطنه في أصح الوجهين إن سحق لوصول الماء إليه وقيل: يطهر بالنار.
تنبيه: قوله: "وإذا خفي موضع النجاسة لزمه غسل ما تيقن به إزالتها.
أطلق العبارة كأكثر الأصحاب ومرادهم غير الصحراء ونحوها قاله في الكافي والمغني والشرح وابن تميم في الرعاية والنكت والزركشي وغيرهم.
قوله: "لزمه غسل ما تيقن به إزالتها".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه يكفي الظن في غسل المذي وعند الشيخ تقي الدين يكفي الظن في غسل المذي وغيره من النجاسات قال في القواعد الأصولية يحتمل أن تخرج رواية في بقية النجاسات من الرواية التي في المذي وذكره أبو الخطاب في الجلالة ويحتمل أن يختص ذلك بالمذي لأنه يعفى عن يسيره على رواية لكن لازم ذلك أن يتعدى إلى كل نجاسة يعفى عن يسيرها وهو ملتزم انتهى.
قلت: قال في النكت وعنه ما يدل على جواز التحري في غير صحراء.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "ويجزي في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح" وهذا بلا نزاع وظاهر كلامه أنه نجس وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع ابن رزين: في شرحه أن بوله طاهر ويحتمله كلام الخرقي بل هو ظاهره فإنه قال وما خرج من الإنسان من بول وغيره فإنه نجس إلا بول الغلام الذي لم يأكل الطعام فإنه يرش عليه الماء واختاره ابو إسحاق ابن شاقلا لكن قال يعيد الصلاة كما روى عن أبي عبد الله إذا صلى في ثوب فيه مني ولم يغسله ولم يفركه يعيد وإن كان طاهرا قال الأزجي في النهاية وهذا بعيد قال في الرعاية وهو غريب بعيد قال في الفروع كذا قال قال القاضي عن هذا القول وليس بشيء.
قلت: فيعايى بها على قول أبي إسحاق.

الثاني مراده بقوله: "الذي لم يأكل الطعام يعني بشهوة والنضح غمره بالماء وإن لم يقطر منه شيء.
قوله: "وإذا تنجس أسفل الخف أو الحذاء وجب غسله.
هذا المذهب وعليه الجمهور قال في الفروع نقله واختاره الأكثر وقدمه في الهداية والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع ومجمع البحرين: وعنه يجزئ دلكه بالأرض قال في الفروع وهي أظهر وقال اختارها جماعة.
قلت: منهم المصنف والمجد وابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب والتسهيل وقدمه في مسبوك الذهب والشرح وابن تميم والفائق وابن رزين وعنه يغسل من البول والغائط ويدلك من غيرهما وأطلقهن في المذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة وابن عبيدان وتجريد العناية وقيل: يجزئ دلكه من اليابسة لا الرطبة وحمل القاضي الروايات على ما إذا كانت النجاسة يابسة وقال إذا دلكها وهي رطبة لم يجزه رواية واحدة ورده الأصحاب وأطلق ابن تميم في إلحاق الرطبة باليابسة الوجهين وظاهر كلام ابن عقيل إلحاق طرف الخف بأسفله قال في الفروع وهو متجه.
قلت: يتوجه فيه وجهان من نقض الوضوء بالمس بحرف الكف على القول بأنه لا ينقض إلا مسه بكفه فعلى القول بأنه يجزئ الدلك لا يطهره بل هو معفو عنه على الصحيح من المذهب: قال المجد في شرحه وهذا هو الصحيح قال في مجمع البحرين: ولا يطهرهما بحيث لا ينجسان المائع في أصح الوجهين قال في المذهب فإن وقعا في ماء يسير تنجس على الصحيح قال المصنف والشارح قال أصحابنا: المتأخرون لا يطهر المحل قال ابن منجا في شرحه حكمه حكم أثر الاستنجاء وقدمه في الفروع والمحرر وعنه يطهر قال في الرعاية وفيه بعد قال في الفروع اختاره جماعة
قلت: منهم ابن حامد وجزم به في المنور والمنتخب وقدمه في الفائق وإليه ميل ابن عبيدان: وهو من المفردات وأطلقهما في الشرح والنظم والكافي وابن تميم.
فائدة: حكم حكه بشيء حكم دلكه.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه إذا تنجس غير الخف والحذاء أنه لا يجزئ الدلك رواية واحدة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وأحد الوجهين في ذيل المرأة قدمه في الفائق وابن تميم.
والوجه الثاني: أنه كما نقل إسماعيل ابن سعيد يطهر بمروره على طاهر بذيلها اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وجزم به في التسهيل وقدمه في الرعاية الكبرى: وقال ذيل ثوب آدمي أو إزاره وأطلقهما في الفروع ودخل في مفهوم كلامه الرجل إذا تنجست لا يجزئ دلكها بالأرض وهو الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وقيل: هي كالخف والحذاء حكاه

الشيخ تقي الدين واختاره قال في الفائق قلت: ويحتمل في رجل الحافي عادة وجهين.
قوله: "ولا يعفى عن يسير من النجاسات إلا الدم وما تولد منه من القيح والصديد".
اعلم أن الدم وما تولد منه ينقسم أقساما.
أحدها دم الآدمي وما تولد منه من القيح والصديد سواء كان منه أو من غيره غير دم الحيض والنفاس وما خرج من السبيلين.
الثاني دم الحيوان المأكول لحمه وظاهر كلام المصنف العفو عنه والصحيح من المذهب: في هذين القسمين العفو عن يسيره وعليه جماهير الأصحاب وعنه لا يعفى عنه فيهما وقيل: لا يعفى عنه إلا إذا كان من دم نفسه وهو احتمال في التلخيص وقال الشيخ تقي الدين ولا يجب غسل الثوب والجسد من المدة والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته حكى جده عن بعض أهل العلم طهارته وعنه لا يعفى عن يسير شيء من النجاسات في الصلاة حكاه ابن الزاغوني.
الثالث دم الحيض والنفاس وظاهر كلام المصنف أنه يعفي عن يسيره وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغني والشرح وابن رزين والمنور وهو ظاهر الوجيز وقدمه في الرعايتين واختاره القاضي وهو ظاهر كلام جماعة لإطلاقهم العفو عن الدم وقيل: لا يعفى عن يسيره اختاره المجد وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: وقدمه في التلخيص وأطلقهما في الفروع وابن تميم وابن عبيدان والزركشي ومجمع البحرين: والفائق والحاوي الكبير.
الرابع الدم الخارج من السبيلين وظاهر كلام المصنف العفو عن يسيره وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام ابن رزين: في شرحه وجماعة.
والوجه الثاني: لا يعفى عن ذلك اختاره ابن عبدوس في تذكرته وصاحب التلخيص وجزم به في المنور وهو الصواب وأطلقهما في الفروع والزركشي.
الخامس دم الحيوان الطاهر الذي لا يؤكل غير الآدمي والقمل ونحوه فظاهر كلام المصنف أنه يعفى عن يسيره وهو ظاهر ما قطع به في المستوعب والكافي والمحرر والإفادات والفائق وغيرهم وقطع به في المذهب والوجيز والنظم والحاوي الكبير وابن عبدوس في تذكرته والتسهيل وابن رزين وابن منجا في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: لا يعفى عن يسيره وجزم به في مجمع البحرين: وابن عبيدان فإنهما قالا وما لا يؤكل لحمه وله نفس سائلة لا يعفى عن يسيره ويحتمله كلام الخرقي وهو ظاهر ما قطع به في التلخيص والبلغة فإنه قال في المعفو عنه من حيوان مأكول وقطع الزركشي بأنه ملحق بدم الآدمي وأطلقهما في الفروع وابن تميم.

السادس دم الحيوان النجس كالكلب والخنزير ونحوهما فالصحيح من المذهب: أنه لا يعفى عن يسيره وعليه الأصحاب وفي الفروع احتمال بالعفو عنه كغيره وقال في الفائق في العفو عن دم الخنزير وجهان.
فوائد
الأولى: حيث قلنا بالعفو عن اليسير فمحله في باب الطهارة دون المائعات على ما يأتي بيانه.
الثانية: حيث قلنا بالعفو عن يسيره فيضم متفرقا في ثوب واحد على الصحيح من المذهب: وجزم به ابن تميم وغيره وقدمه في الفروع وقيل: لا يضم بل لكل دم حكم وإن كان في ثوبين لم يضم على الصحيح من المذهب: بل لكل دم حكم وقيل: يضم قدمه في الرعاية وأطلقهما ابن تميم ذكره في باب اجتناب النجاسة ويأتي إذا لبس ثيابا في كل ثوب قدر من الحرير يعفى عنه هل يباح أو يكره في آخر ستر العورة.
الثالثة: في الدماء الطاهرة المختلف فيها والمتفق عليها منها دم عروق المأكول طاهر على الصحيح من المذهب: ولو ظهرت حمرته نص عليه وهو الصحيح من المذهب: وهو من المفردات لأن العروق لا تنفك عنه فيسقط حكمه لأنه ضرورة وظاهر كلام القاضي في الخلاف نجاسته قال ابن الجوزي المحرم هو الدم المسفوح ثم قال القاضي فأما الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح وما يبقى في العروق فمباح قال في الفروع ولم يذكر جماعة إلا دم العروق وقال الشيخ تقي الدين فيه لا أعلم خلافا في العفو عنه وأنه لا ينجس المرق بل يؤكل معها انتهى.
قلت: وممن قال بطهارة بقية الدم الذي في اللحم غير دم العروق وإن ظهرت حمرته المجد في شرحه والناظم وابن عبيدان وصاحب الفائق والرعايتين ونهاية ابن رزين: ونظمها وغيرهم.
ومنها دم السمك وهو طاهر على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ويؤكل وقيل: نجس.
ومنها دم البق والقمل والبراغيث والذباب ونحوها وهو طاهر على الصحيح من المذهب: وقدمه في الفروع والفائق وابن رزين وغيرهم قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب وصححه في تصحيح المحرر وقال قال بعض شراح المحرر صححه ابن عقيل وجزم به في الانتصار في موضع وحكاه عن الأصحاب ورجحه المجد وعنه نجس وأطلقهما في المحرر والكافي والحاويين والرعايتين وابن تميم والمستوعب والهداية ومجمع البحرين: والمذهب وابن عبيدان.
ومنها دم الشهيد وهو طاهر مطلقا على الصحيح صححه ابن تميم وقدمه في الرعاية.

وقيل: نجس. وعليهما يستحب بقاؤه فيعايى. بها ذكره ابن عقيل في المنثور وقيل: طاهر ما دام عليه قدمه المجد في شرحه وابن عبيدان وجزم به في مجمع البحرين: ولعله المذهب وأطلقهن في الفروع.
ومنها الكبد والطحال وهما دمان ولا خلاف في طهارتهما.
ومنها المسك واختلف مم هو فالصحيح أنه سرة الغزال وقيل: هو من دابة في البحر لها أنياب قال في التلخيص فيكون مما يؤكل وقال ابن عقيل في الفنون هو دم الغزلان وهو طاهر وفأرته أيضا طاهرة على الصحيح وقال الأزجي فأرته نجسة قال في الفروع ويحتمل نجاسة المسك لأنه جزء من حيوان لكنه ينفصل بطبعه.
ومنها العلقة التي يخلق منها الآدمي أو حيوان طاهر وهي طاهرة على أحد الوجهين صححه في التصحيح وابن تميم وقدمه ابن رزين: في شرحه والصحيح من المذهب: أنها نجسة لأنها دم خارج من الفرج قال في المغني والصحيح نجاستها وقدمه في الكافي والشرح قال في مجمع البحرين: نجسة في أظهر الروايتين وأطلقهما في الفروع وابن عبيدان والرعايتين والحاويين والمذهب وحكاهما ابن عقيل روايتين قال في الرعاية الكبرى: قلت: والمضغة كالعلقة ومثلها البيضة إذا صارت دما فهي طاهرة على الصحيح قاله ابن تميم وقيل: نجسة قال المجد حكمها حكم العلقة وأطلقهما في الفروع وذكر أبو المعالي وصاحب التلخيص نجاسة بيض ند واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله أن القيح والصديد والمدة نجس وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه طهارة ذلك اختاره الشيخ تقي الدين فقال لا يجب غسل الثوب والجسد من المدة والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته انتهى.
وأما ماء القروح فقال في الفروع هو نجس في ظاهر قوله: "وقدمه في الرعاية الكبرى: وابن تميم واختاره المجد وذكر جماعة إن تغير بنجس وإلا فلا.
قلت: منهم صاحب مجمع البحرين: وهو أقرب إلى الطهارة من القيح والصديد والمدة وأما ما يسيل من الفم وقت النوم فطاهر في ظاهر كلامهم قاله في الفروع.
تنبيه: مراده بقوله: "وأثر الاستنجاء أثر الاستجمار يعني أنه يعفى عن يسيره وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: لا يعفى عن يسيره ذكره ابن رزين: في شرحه وقال لو قعد في ماء يسير نجسه أو عرق فهو نجس لأن المسح لا يزيل النجاسة بالكلية.
تنبيه: أفادنا المصنف أنه نجس وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور قال

ابن عبيدان: اختاره أكثر أصحابنا وقدمه في الفروع والرعايتين والتلخيص وغيرهم وعنه أنه طاهر اختاره جماعة من الأصحاب منهم ابن حامد وأبو حفص ابن المسلمة العكبري وأطلقهما ابن تميم في باب اجتناب النجاسة قال في الرعايتين والحاويين وغيرهما يعفى عن عرق المستجمر في سراويله نص عليه واستدل في المغني ومن تبعه بالنص على أن أثر الاستجمار طاهر لا أنه نجس ويعفى عنه وظاهر كلامه في المغني ومن تبعه أنه لا يعفى عنه إلا في محله ولا يعفى عنه في سراويله.
قوله: "وعنه في المذي والقيء وريق البغل والحمار وسباع البهائم غير الكلب والخنزير والطير وعرقهما وبول الخفاش والنبيذ والمني أنه كالدم".
يعفى عن يسيره كالدم على هذه الرواية فقدم المصنف أنه لا يعفى عن يسير شيء من ذلك.
وأما المذي فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب: وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى والحاويين وقال ابن منجا في شرحه وهو المذهب وعنه يعفى عن يسيره جزم به في العمدة والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه ابن رزين: وصححه الناظم واختاره ابن تميم قال في مجمع البحرين: يعفى عن يسيره في أقوى الروايتين.
قلت: وهو الصواب خصوصا في حق الشاب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر والشرح وابن تميم والرعاية الكبرى: والتلخيص والبلغة وابن عبيدان.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أن المذي نجس وهو صحيح فيغسل كبقية النجاسات على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وعنه في المذي أنه يجزئ فيه النضح فيصير طاهرا به كبول الغلام الذي لم يأكل الطعام جزم به في الإفادات والمنور والمنتخب والعمدة وقدمه في الفائق وإدراك الغاية وابن رزين في شرحه واختاره الشيخ تقي الدين وصححه الناظم وصاحب تصحيح المحرر وقال بعض شراح المحرر صححها ابن عقيل في إشارته وأطلقهما في المحرر وقال في الرعاية وقيل: إن قلنا مخرجه مخرج البول فينجس وإن قلنا مخرجه مخرج المني فله حكمه انتهى وعنه ما يدل على طهارته اختاره أبو الخطاب في الانتصار وقدمه ابن رزين: في شرحه وجزم في نهايته ونظمها.
فعلى القول بالنجاسة يغسل الذكر والأنثيين إذا خرج على الصحيح من المذهب: نص عليه وجزم به ناظم المفردات وهو منها وقدمه ابن تميم والفائق والحواشي واختاره أبو بكر والقاضي وعنه يغسل جميع الذكر فقط ما أصابه المذي وما لم يصبه.
قلت: فيعايى بها على هاتين الروايتين.

وعنه لا يغسل إلا ما أصابه المذي فقط اختاره الخلال قال في مجمع البحرين: وابن عبيدان وهي أظهر أطلقهن في الفروع.
فعلى الرواية الأولى: تجزئ غسلة واحدة قاله المصنف وجزم به ابن تميم والفائق والرعاية الكبرى: ذكره في كتاب الطهارة وزاد إن لم يلوثهما المذي نص عليه.
وأما القيء فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب: قال ابن منجا هذا المذهب وقدمه في الفروع والمصنف هنا وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمحرر وغيرهم وعنه يعفى عن يسيره جزم به في الوجيز والمنور والإفادات قال القاضي يعفى عن يسير القيء وما لا ينقض خروجه كيسير الدود والحصى ونحوهما إذا خرج من غير السبيلين واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في النظم ومجمع البحرين: والرعايتين والحاويين والفائق وابن عبيدان.
وأما ريق البغل والحمار وعرقهما على القول بنجاستهما: فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب: قال ابن منجا هذا المذهب وقدمه في الفروع والمصنف هنا وهو ظاهر كلام جماعة وعنه يعفى عن يسيره قال الخلال وعليه مذهب أبي عبد الله قال المصنف والشارح هو الظاهر عن أحمد واختاره ابن تميم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه ابن رزين وغيره.
قلت: وهو الصواب
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر والنظم ومجمع البحرين: والرعايتين والحاويين وابن تميم وابن عبيدان.
وأما ريق سباع البهائم غير الكلب والخنزير والطير وعرقها على القول بنجاستها فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب: بناء على ريق البغل والحمار وعرقهما وأولى وهو الذي قدمه المصنف هنا وظاهر ما جزم به في الفائق قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وعنه يعفى عن يسيره جزم به في الوجيز والمنور وصححه في تصحيح المحرر وقال جزم به في المغني في موضع وقدمه ابن رزين: في شرحه قال القاضي بعد أن ذكر النص بالعفو عن يسير ريق البغل والحمار وكذلك ما كان في معناهما من سباع البهائم وكذلك الحكم في أرواثها وكذلك الحكم في سباع الطير وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر والنظم ومجمع البحرين: والرعايتين والحاويين وابن تميم وابن عبيدان.
وأما بول الخفاش وكذا الخشاف قاله في الرعاية وكذا الخطاف قاله في الفائق فلا يعفى عنه على الصحيح من المذهب: قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في الفروع والمصنف هنا وعنه يعفى عن يسيره جزم به في الوجيز وقدمه الشارح وابن رزين واختاره ابن تميم وابن عبدوس في تذكرته وصححه في تصحيح المحرر وأطلقهما في الهداية

والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفائق وابن عبيدان.
وأما النبيذ النجس فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب: قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب قال في مجمع البحرين: لا يعفى عن يسيره في الأشهر وقدمه في الفروع والمصنف هنا وعنه يعفى عن يسيره اختاره المجد في شرحه وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز ونهاية ابن رزين: ونظمها وصححه في تصحيح الفروع وقدمه الشارح وابن رزين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفائق وابن تميم وابن عبيدان.
وأما المني إذا قلنا بنجاسته فلا: يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب: وقدمه في الفروع والمصنف هنا والرعاية الصغرى والحاويين قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وعنه يعفى عن يسيره قطع به الخرقي واختاره ابن تميم والشيخ تقي الدين في شرح العمدة قال في مجمع البحرين: يعفى عن يسيره في أظهر الروايتين قال الزركشي هذا ظاهر النص وأطلقهما في الهداية.
والمستوعب والكافي والمحرر والنظم والرعاية الكبرى: وابن تميم وابن عبيدان والزركشي ويأتي قريبا إذا قلنا هو نجس هل يجزئ فرك يابسه مطلقا أو من الرجل؟.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يعفى عن يسير شيء من النجاسات غير ما تقدم وثم مسائل:
منها دم البق والقمل والبراغيث والذباب ونحوهما يعفى عن ذلك على القول بنجاسته بلا نزاع قاله الأصحاب.
ومنها بقية دم اللحم المأكول من غير العروق يعفى عنه على القول بنجاسته على ما تقدم.
ومنها يسير النجاسة إذا كانت على أسفل الخف والحذاء بعد الدلك يعفى عنه على القول بنجاسته وقطع به الأصحاب.
ومنها يسير سلس البول مع كمال التحفظ يعفى عنه قال الناظم قلت: وظاهر كلام الأكثر عدم العفو وعلى قياسه يسير دم المستحاضة.
ومنها يسير دخان النجاسة وغبارها وبخارها يعفى عنه ما لم تظهر له صفة على الصحيح من المذهب: جزم به في الكافي وابن تميم والنظم قال في الرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهم يعفى عن ذلك ما لم يتكاثف زاد في الرعاية الكبرى: وقيل: ما لم يجتمع منه شيء ويظهر له صفة وقيل: أو تعذر أو تعسر التحرز منه وأطلق أبو المعالي العفو عن غبار النجاسة ولم يقيده باليسير لأن التحرز لا سبيل إليه قال في الفروع وهذا متوجه وقيل: لا يعفى عن يسير ذلك وأطلقهما في الفروع وقال: ولو

هبت ريح فأصاب غبار نجس من طريق أو غيره فهو داخل في المسألة وذكر الأزجي النجاسة به.
ومنها يسير بول المأكول وروثه على القول بنجاستهما يعفى عنه في رواية وهو الصحيح من المذهب: جزم به المجد في شرحه وابن عبيدان وقدمه في المغني والشرح واختاره ابن تميم وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وعنه لا يعفى عنه وهو ظاهر كلام المصنف هنا وأطلقهما في الحاويين والرعايتين وزاد ومنيه وقيئه وذكر الشيخ تقي الدين الرواية الأولى في الفائق.
ومنها يسير بول الحمار والبغل وروثهما وكذا يسير بول كل بهيم نجس أو طاهر لا يوكل وينجس بموته لا يعفى عنه على الصحيح من المذهب: قاله المجد وقدمه في الفروع وغيره وعنه يعفى عنه وجزم به في الإفادات في روث البغل والحمار وأطلقهما في الرعايتين والحاويين وابن عبيدان.
ومنها يسير نجاسة الجلالة قبل حبسها لا يعفى عنه على الصحيح من المذهب: وقيل: يعفى عنه وهو رواية في الرعاية وأطلقهما في الرعايتين والحاويين ومجمع البحرين.
ومنها يسير الودي لا يعفى عنه على الصحيح من المذهب: وقيل: يعفي عنه رواية في الرعاية وأطلقهما فيها وابن تميم.
ومنها ما قاله في الرعاية يعفى عن يسير الماء النجس بما عفى عنه من دم ونحوه في الأصح واختار العفو عن يسير ما لا يدركه الطرف ثم قال وقيل: إن سقط ذباب على نجاسة رطبة ثم وقع في مائع أو رطب نجس وإلا فلا إن مضى زمن يجف فيه وقيل: يعفى عما يشق التحرز منه غالبا واختار الشيخ تقي الدين العفو عن يسير جميع النجاسات مطلقا في الأطعمة وغيرها حتى بعر الفأر قال في الفروع ومعناه اختيار صاحب النظم.
قلت: قال في مجمع البحرين: قلت: الأولى: العفو عنه في الثياب والأطعمة لعظم المشقة ولا يشك ذو عقل في عموم البلوى به خصوصا في الطواحين ومعاصر السكر والزيت وهو أشق صيانة من سؤر الفأر ومن دم الذباب ونحوه ورجيعه وقد اختار طهارته كثير من الأصحاب انتهى..
قال الشيخ تقي الدين إذا قلت: يعفى عن يسير النبيذ المختلف فيه لأجل الخلاف فيه فالخلاف في الكلب أظهر وأقوى انتهى.
وأما طين الشوارع فما ظنت نجاسته من ذلك فهو طاهر على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وقال ابن تميم هو طاهر ما لم تعلم نجاسته قال في القاعدة التاسعة: والخمسين بعد المائة طاهر نص عليه أحمد في مواضع وجعله المجد في شرحه المذهب ترجيحا للأصل وهو الطهارة في الأعيان كلها قال في الرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: وطين الشوارع طاهر إن جهل حاله وجزم به في المنور والمنتخب والنظم وعنه أنه نجس قال ابن تميم:

اختارها بعض الأصحاب فعليها يعفى عن يسيره على الصحيح قال في الرعايتين والحاويين يعفى عن يسيره في الأصح وصححه في النظم وجزم به في الإفادات وإليه ميل صاحب التلخيص وهو احتمال من عنده فيه اختاره الشيخ تقي الدين وقيل: لا يعفى عنه قال في التلخيص ولم أعرف لأصحابنا فيه قولا صريحا وظاهر كلامهم أنه لا يعفى عنه وأطلقهما في الفروع وذكر صاحب المهم أن ابن تميم قال إذا كان الشتاء ففي نجاسة الأرض روايتان فإذا جاء الصيف حكم بطهارتها رواية واحدة فإن علم نجاستها فهي نجسة ويعفى عن يسيره على الصحيح من الوجهين قال في مجمع البحرين: يعفى عن يسيره في أصح الوجهين وصححه في النظم قال الشيخ تقي الدين لو تحققت نجاسة طين الشوارع عفي عن يسيره لمشقة التحرز عنه ذكره بعض أصحابنا واختاره انتهى وقيل: لا يعفى عنه وقيل: يعفى عن يسيره إن شق وإلا فلا وقطع ابن تميم وبن حمدان أن تراب الشارع طاهر واختاره الشيخ تقي الدين وقال هو أصح القولين.
تنبيه: حيث قلنا بالعفو فيما تقدم فمحله في الجامدات دون المائعات إلا عند الشيخ تقي الدين فإن عنده يعفى عن يسير النجاسات في الأطعمة أيضا كما تقدم قريبا.
فائدتان
إحداهما: ما يعفى عن يسيره يعفى عن أثر كثيره على جسم صقيل بعد مسحه قاله المصنف ومن بعده.
الثانية: حد اليسير هنا ما لم ينقض الوضوء وحد الكثير ما نقض على ما تقدم في باب نواقض الوضوء من الأقوال والروايات فما لم ينقض هناك فهو يسير هنا وما نقض هناك فهو كثير هنا وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر ما جزم به في الفروع لكن ظاهر عبارته مشكل يأتي بيانه وقطع به المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وغيرهم ولكن قدم في الفائق هنا ما يستفحشه كل إنسان بحسبه وقدم هناك ما فحش في أنفس أوساط الناس وقدم في المستوعب هناك ما فحش في النفس وقدم هنا اليسير ما دون شبر في شبر وقال في الرعاية الكبرى: وتبعه ابن عبيدان: بعد أن ذكر بعض الأقوال التي في المسألة هنا وقيل: الكثير ما ينقض الوضوء وقال في نواقض الوضوء وعنه الكثير ما لا يعفى عنه في الصلاة فظاهره عدم البناء وقدم في الرعايتين هنا أن الكثير ما فحش في نفوس أوساط الناس كما قدمه هناك وقدم ابن تميم في الموضعين ما فحش في نفس كل إنسان بحسبه وعنه اليسير ما دون شبر في شبر وقدمه في المستوعب كما تقدم وعنه ما دون قدر الكف وعنه ما دون فثر في فتر وهو قول في المستوعب وعنه هو القطرة والقطرتان وما زاد عليهما فكثير وعنه اليسير ما دون ذراع في ذراع حكاها أبو الحسين وعنه ما دون قدم وعنه ما يرفعه الإنسان بأصابعه الخمس وعنه هو قدر عشر أصابع حكاها ابن عبيدان: وقال ابن أبي موسى ما فحش في نفس المصلي لا تصح الصلاة معه وما لم يفحش إن بلغ الفتر لم تصح وإلا صحت.

قلت: هذه الأقوال التسعة الضعيفة لا دليل عليها والمذهب أن: الكثير ما فحش في النفس واليسير ما لم يفحش في النفس لكن هل كل إنسان بحسبه أو الاعتبار بأوساط الناس على ما تقدم في باب نواقض الوضوء.
تنبيهات
أحدها قال في الفروع واليسير قدر ما نقض وظاهره مشكل لأن اليسير قدر ما لم ينقض فإما أن يكون والكثير قدر ما نقض وحصل سبق قلم فكتب واليسير وإما أن يكون قدر ما لم ينقض وسقط لفظ لم قال شيخنا ويحتمل أن يكون لفظ قدر منونة وما نافية فيستقيم الكلام وهو بعيد.
الثاني محل الخلاف هنا في اليسير عند ابن تميم وبن حمدان في الرعاية الكبرى: في الدم ونحوه لا غير قال ابن تميم بعد أن حكى الخلاف المتقدم كثير القيء ملء الفم وعنه نصفه وعنه ما زاد على النواة وعنه هو كالدم سواء ذكرها أبو الحسين وملء الفم ما يمتنع الكلام معه في وجه وفي آخر ما لم يمكن إمساكه ذكرهما القاضي في مقنعه انتهى وظاهر كلام غيرهما شمول غير الدم مما يمكن وجوده كالقيء ونحوه وقدمه في الفائق.
قوله: "ولا ينجس الآدمي بالموت".
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب مسلما كان أو كافرا وسواء جملته وأطرافه وأبعاضه وقاله الزركشي في بعض كتبه وقاله القاضي في بعض كتبه قال المصنف في المغني لم يفرق أصحابنا بين المسلم والكافر لاستوائهما في الآدمية وفي الحياة وعنه ينجس مطلقا فعليها قال شارح المحرر لا ينجس الشهيد بالقتل ذكره القاضي والشريف أبو جعفر والمجد وصاحب المغني وغيرهم وأطلقهما في المحرر وقيل: ينجس الكافر دون المسلم وهو احتمال في المغني قال المجد في شرحه وتابعه في مجمع البحرين: ينجس الكافر بموته على كلا المذهبين في المسلم ولا يطهر بالغسل أبدا كالشاة وخص الشيخ تقي الدين في شرح العمدة الخلاف بالمسلم وأطلقهما ابن تميم في الكافر وعنه ينجس طرف الآدمي مسلما كان أو كافرا صححهما القاضي وغيره وأبطل قياس الجملة على الطرف في النجاسة بالشهيد فإنه ينجس طرفه بقطعه ولو قتل كان طاهرا لأن للجملة من الحرمة ما ليس للطرف بدليل الغسل والصلاة ورده المصنف في المغني وغيره وأطلقهما في المحرر فعلى القول بأنه لا ينجس بالموت لو وقع في ماء فغيره لم ينجس الماء ذكره في الفصول وغيره وقدمه في الفروع خلافا للمستوعب واقتصر عليه ابن تميم.
قلت: فيعايى بها على قول صاحب المستوعب.
وقال ابن عقيل قال أصحابنا: رواية التنجيس حيث اعتبر كثرة الماء الخارج يخرج منه,

لا لنجاسة في نفسه قال ولا يصح كما لا فرق بينه وبين بقية الحيوان ويأتي إذا سقطت سنه فأعادها بحرارتها.
تنبيه: محل الخلاف في غير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا خلاف فيه قاله الزركشي.
قلت: وعلى قياسه سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا مما لا شك فيه.
قوله: "وما لا نفس له سائلة".
يعني لا ينجس بالموت إذا لم يتولد من النجاسة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه ينجس اختاره بعض الأصحاب أو لم يكن يؤكل فعلى المذهب أيضا لا يكره ما مات فيه ووجه في الفروع احتمالا بالكراهة.
وعلى المذهب أيضا لا ينجس ما مات فيه على الصحيح وقيل: لا ينجس إن شق التحرز منه وإلا تنجس وجزم به ابن تميم وقال جعل بعض أصحابنا الذباب والبق مما لا يمكن التحرز منه.
وعلى الرواية الثانية: ينجس ما مات فيه على الصحيح قدمه الزركشي وابن تميم والفروع وقيل: لا ينجسه.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: لا ينجسه إن شق التحرز منه وإلا نجس قال في الرعاية وعنه ينجس إن لم يؤكل فينجس الماء القليل في الأصح إن أمكن التحرز منه غالبا.
تنبيه: قوله: "كالذباب ونحوه فنحو الذباب البق والخنافس والعقارب والزنابير والسرطان والقمل والبراغيث والنحل والنمل والدود والصراصير والجعل ونحو ذلك والصحيح من المذهب: أن الوزغ لها نفس سائلة نص عليه كالحية وقدمه في الفروع ومجمع البحرين: واختاره القاضي وقيل: ليس لها نفس سائلة وأطلقهما ابن تميم والمذهب والرعايتين والمغني والشرح وابن عبيدان والحاويين وقال في الرعاية وفي تنجيس الوزغ ودود القز وبزره وجهان.
فائدة: إذا مات في الماء اليسير حيوان لا يعلم هل ينجس بالموت أم لا لم ينجس الماء على الصحيح من المذهب: جزم به في المغني والشرح قال المجد في شرحه لم ينجس في أظهر الوجهين وصححه في مجمع البحرين: قال في القواعد وهو المرجح عند الأكثرين وقيل: ينجس وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان وابن عبيدان وكذا الحكم لو وجد فيه روثة خلافا ومذهبا قاله في القواعد وغيره وأطلقهما في الفروع في كتاب الطهارة.
قوله: "وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر".
وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وعنه ينجس وأطلقهما في الروث والبول في الهداية.

فائدة: قال في الرعاية وابن تميم ويجوز التداوي ببول الإبل للأثر وإن قلنا هو نجس وقال في الآداب يجوز شرب أبوال الإبل للضرورة نص عليه في رواية صالح وعبد الله والميموني وجماعة وأما شربها لغير ضرورة فقال في رواية أبي داود أما من علة فنعم وأما رجل صحيح فلا يعجبني قال القاضي في كتاب الطب يجب حمله على أحد وجهين إما على طريق الكراهة أو على رواية نجاسته وأما على رواية طهارته فيجوز شربه لغير ضرورة كسائر الأشربة انتهى وقطع بعض أصحابنا بالتحريم مطلقا لغير التداوي قال في الآداب وهو أشهر ويأتي هذا وغيره في أول كتاب الجنائز مستوفى محررا.
تنبيهان
أحدهما: شمل كلام المصنف بول السمك ونحوه مما لا ينجس بموته وهو صحيح لكن جمهور الأصحاب لم يحك في طهارته خلافا وذكر في الرعاية احتمالا بنجاسته وفي المستوعب وغيره رواية بنجاسته.
الثاني مفهوم كلامه أن بول ما لا يؤكل لحمه وروثه إذا كان طاهرا نجس وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب ومفهوم كلامه أن مني ما لا يؤكل لحمه إذا كان طاهرا نجس وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغني والشرح وابن عبيدان وقيل: طاهر وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعاية والفائق ومحل هذا في غير ما لا نفس له سائلة فإن كان مما لا نفس له سائلة فبوله وروثه طاهر في قولنا قاله ابن عبيدان: وقال بعض الأصحاب وجها واحدا ذكره ابن تميم وقال وظاهر كلام أحمد نجاسته إذا لم يكن مأكولا.
قوله: "ومني الآدمي طاهر".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب ونصروه سواء كان من احتلام أو جماع من رجل أو امرأة لا يجب فيه فرك ولا غسل وقال أبو إسحاق يجب أحدهما: فإن لم يفعل أعاد ما صلى فيه قبل ذلك وعنه أنه نجس يجزئ فرك يابسه ومسح رطبه واختاره بعض الأصحاب وعنه أنه نجس يجزى فرك يابسه من الرجل دون المرأة قدمها في الفرك في الحاوي وعنه أنه كالبول فلا يجزئ فرك يابسه وقطع به ابن عقيل في مني الخصي لاختلاطه بمجرى بوله وقيل: مني الجماع نجس دون مني الاحتلام ذكره القاضي وقيل: مني المرأة نجس دون مني الرجل حكاه بعض الأصحاب وقيل: مني المستجمر نجس دون غيره.
فائدة: الصحيح من المذهب: أن الودي نجس وعنه أنه كالمذي جزم به ناظم الهداية وتقدم حكم المذي قريبا وحكم المعفو عنه وعن الودي.

قوله: "وفي رطوبة فرج المرأة روايتان".
أطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والكافي والنظم وابن تميم ذكره في باب الاستنجاء والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
إحداهما: هو طاهر وهو الصحيح من المذهب: مطلقا صححه في التصحيح والمصنف والشارح والمجد وصاحب مجمع البحرين: وابن منجا وابن عبيدان في شروحهم وغيرهم وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع والمحرر.
والرواية الثانية: هي نجسة اختارها أبو إسحاق ابن شاقلا وجزم به في الإفادات وقدمه ابن رزين: في شرحه وقال القاضي ما أصاب منه في حال الجماع نجس لأنه لا يسلم من المذي ورده المصنف وغيره.
فائدة: بلغم المعدة طاهر على الصحيح من المذهب: اختاره القاضي وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين والمحرر والحاويين والفائق والمغني والشرح ونصراه وعنه أنه نجس اختاره أبو الخطاب وقيل: كالقيء.
وأما بلغم الرأس إذا انعقد وازرق وبلغم الصدر فالصحيح من المذهب: طهارتهما قال في الفروع والأشهر طهارتهما وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وهو ظاهر ما جزم به الفائق وقدمه في الرعاية الكبرى: والمغني والشرح ونصراه وقيل: فيهما الروايتان اللتان في بلغم المعدة.
قلت: ذكر الروايتين فيهما في الرعايتين والحاويين.
وقيل: بلغم الصدر نجس جزم به ابن الجوزي في المذهب وقيل: بلغم الصدر إن انعقد وازرق كالقيء وتقدم في أول نواقض الوضوء هل ينقض خروج البلغم أم لا؟.
قوله: "وسباع البهائم والطير والبغل والحمار الأهلي نجسة".
هذا المذهب في الجميع وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي هي المشهورة عند الأصحاب قال في المذهب هذا الصحيح من المذهب: قال في مجمع البحرين: هذا أظهر الروايتين واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز وقدمه في الفروع وغيره وعنه أنها طاهرة غير الكلب والخنزير واختارها الآجري وقدمه ابن رزين: في شرحه وأطلقهما في الكافي وابن تميم والمستوعب وعنه طهارة البغل والحمار اختارها المصنف.
قلت: وهو الصحيح والأقوى دليلا.
وعنه في الطير لا يعجبني عرقه إن أكل الجيف فدل أنه كرهه لأكله النجاسة فقط ذكره الشيخ تقي الدين ومال إليه وعنه سؤر البغل والحمار مشكوك فيه فيتيمم معه للحدث بعد

استعماله وللنجس فلو توضأ به ثم لبس خفا ثم أحدث ثم توضأ فمسح وتيمم صلى به وهو لبس على طهارة لا يصلى بها فيعايى بها وقال ابن عقيل يحتمل أن يلزمه البداءة بالتيمم وأن يصلى بكل واحد منهما صلاة ليؤدي فرضه بيقين لأنه إن كان نجسا تأدى فرضه بالتيمم وإن كان طاهرا كانت الثانية: فرضه ولم يضره فساد الأولى: أما إذا توضأ ثم تيمم ثم صلى لم يتيقن الصحة لاحتمال أنه صلى حاملا للنجاسة قال في الحاويين وهذا أصح عندي ومتى تيمم معه ثم خرج الوقت بطل تيممه دون وضوئه قاله ابن تميم وبن حمدان.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "وسباع البهائم مراده غير الكلب والخنزير فإنهما نجسان قولا واحدا عنده بدليل ما ذكره أول الكتاب ومراده غير الهر وما دونها في الخلقة بدليل ما يأتي بعده.
الثاني ظاهر كلامه دخول شعر سباع البهائم في ذلك وأنه نجس وهو المذهب قدمه في المحرر والرعايتين وغيرهم قال المصنف والشارح وابن رزين وابن تميم ومجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهم كل حيوان حكم شعره حكمه في الطهارة والنجاسة وعنه أنه طاهر قدمه في الفروع في باب الآنية وتقدم ذلك مستوفى في آخر باب الآنية.
فائدة: لبن الآدمي والحيوان المأكول طاهر بلا نزاع ولبن الحيوان النجس نجس ولبن الحيوان الطاهر غير المأكول قيل نجس ونقله أبو طالب في لبن حمار قال القاضي هو قياس قوله: "في لبن السنور وجزم به في مجمع البحرين: ونصره المجد وابن عبيدان وقدمه في الرعاية الصغرى وقيل: طاهر قدمه في الرعاية الكبرى: وأطلقهما في الفروع وابن تميم والفائق والمستوعب والحاويين وحكم بيضه حكم لبنه فعلى القول بطهارتهما لا يؤكلان صرح به في الرعاية والحاوي.
قوله: "وسؤر الهر وما دونها في الخلقة طاهر".
وهو بقية طعام الحيوان وشرابه وهو مهموز يعني أنها وما دونها طاهر وهذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: فيما دون الهر من الطير وقيل: وغيره وجهان وأطلقهما في الطير ابن تميم قال الزركشي الوجه بنجاسته ضعيف قال الآمدي سؤر ما دون الهر طاهر في ظاهر المذهب وحكى القاضي وجها بنجاسة شعر الهر المنفصل في حياتها.
فوائد
إحداها لا يكره سؤر الهر وما دونها في الخلقة على الصحيح من المذهب: ونص عليه في الهر والفأر وقدمه في مختصر ابن تميم وجزم به في المذهب والمغني والشرح والتلخيص وقدمه في الفروع وقال وجزم به الأكثر لأنها تطوف ولعدم إمكان التحرز منها,

كحشرات الأرض كالحية قال في الفروع فدل على أن مثل الهر كالهر وقال في المستوعب يكره سؤر الفأر لأنه ينسى وحكى رواية قال في الحاويين وسؤر الفأر مكروه في ظاهر المذهب قال في الرعايتين يكره في الأشهر وأطلق الزركشي في كراهة سؤر ما دون الهر روايتين.
الثانية: لو وقعت هرة أو فأرة أو نحوها مما ينضم دبره إذا وقع في مائع فخرجت حية فهو طاهر على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا وأطلقهما في المذهب والحاويين وكذا الحكم لو وقعت في جامد وإن وقعت ومعها رطوبة في دقيق ونحوه ألقيت وما حولها وإن اختلط ولم ينضبط حرم نقله صالح وغيره وتقدم ما حد الجامد من المائع عند قوله: "ولا تطهر الأدهان النجسة وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين وصاحب مجمع البحرين: في آخر ما يعفى عنه.
الثالثة: لو أكلت الهرة نجاسة ثم ولغت في ماء يسير فلا يخلو إما أن يكون ذلك بعد غيبتها أو قبلها فإن كان بعدها فالماء طاهر على الصحيح من المذهب: جزم به في المذهب والمستوعب والكافي والمغني والشرح وشرح ابن رزين: وغيرهم وقدمه ابن تميم واختاره في مجمع البحرين: وقيل: نجس وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفروع والفائق والزركشي وغيرهم وقال المجد في شرحه والأقوى عندي أنها إن ولغت عقيب الأكل نجس وإن كان بعده بزمن يزول فيه أثر النجاسة بالريق لم ينجس قال وكذلك يقوى عندي جعل الريق مطهرا أفواه الأطفال وبهيمة الأنعام وكل بهيمة طاهرة كذلك انتهى واختاره في الحاوي الكبير وجزم في الفائق أن أفواه الأطفال والبهائم طاهرة واختاره في مجمع البحرين: ونقل أن ابنة الموفق نقلت: أن أباها سئل عن أفواه الأطفال فقال الشيخ قال النبي صلى الله عليه وسلم في الهرة إنها من الطوافين عليكم والطوافات قال الشيخ هم البنون والبنات قال فشبه الهر بهم في المشقة انتهى وقيل: طاهر إن غابت غيبة يمكن ورودها على ما يطهر فمها وإلا فنجس وقيل: طاهر إن كانت الغيبة قدر ما يطهر فمها وإلا فنجس ذكره في الرعاية الكبرى: وإن كان الولوغ قبل غيبتها فقيل طاهر قدمه ابن تميم واختاره في مجمع البحرين: قال الآمدي هذا ظاهر مذهب أصحابنا.
قلت: وهو الصواب.
وقيل: نجس اختاره القاضي وابن عقيل وجزم به ابن الجوزي في المذهب وقدمه ابن رزين: في شرحه وتقدم كلام المجد وأطلقهما في المستوعب والفروع والكافي والمغني والشرح والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: وابن عبيدان والفائق والزركشي وغيرهم.
الرابعة: سؤر الآدمي طاهر مطلقا وعنه سؤر الكافر نجس وتأوله القاضي وهما وجهان مطلقان في الحاويين والرعاية الكبرى: وقال وقيل: إن لابس النجاسة غالبا أو تدين بها أو

كان وثنيا أو مجوسيا أو يأكل الميتة النجسة فسؤره نجس قال الزركشي وهي رواية مشهورة مختارة لكثير من الأصحاب.
الخامسة: يكره سؤر الدجاجة إذا لم تكن مضبوطة نص عليه قاله ابن تميم وغيره وتقدم أول الباب رواية بأن سؤر الكلب والخنزير طاهر ويخرج من ذلك في كل حيوان نجس.

باب الحيض
فائدتان
إحداهما: قوله: "هو دم طبيعة وجبلة".
الحيض دم طبيعة وجبلة يرخيه الرحم فيخرج من قعره عند البلوغ وبعده في أوقات خاصة على صفة خاصة مع الصحة والسلامة لحكمة تربية الولد إن كانت حاملا ولذلك لا تحيض وعند الوضع يخرج ما فضل عن غذاء الولد ثم يقلبه الله لبنا يتغذى به الولد ولذلك قل أن تحيض مرضع فإذا خلت من حمل ورضاع بقي ذلك الدم لا مصرف له فيخرج على حسب العادة.
والنفاس خروج الدم من الفرج للولادة.
والاستحاضة دم يخرج من عرق فم ذلك العرق في أدنى الرحم دون قعره يسمى العاذل بالمهملة والمعجمة والعاذر لغة فيه حكاهما ابن سيده.
والمستحاضة من عبر دمها أكثر الحيض والدم الفاسد أعم من ذلك.
الثانية: المحيض موضع الحيض على الصحيح وعليه الجمهور وقطع به أكثرهم وقيل: زمنه قاله في الرعاية وقال قوم المحيض الحيض فهو مصدر وقال ابن عقيل وفائدة: كون المحيض الحيض أو موضعه إن قلنا هو مكانه اختص التحريم به وإن قلنا هو اسم للدم جاز أن ينصرف إلى ما عداه.
قوله: "ويمنع عشرة أشياء فعل الصلاة ووجوبها".
وهذا بلا نزاع ولا تقضيها إجماعا قيل لأحمد في رواية الأثرم فإن أحبت أن تقضيها قال لا هذا خلاف السنة ويأتي في أول كتاب الصلاة هل تقضي النفساء إذا طرحت نفسها قال في الفروع فظاهر النهي التحريم ويتوجه احتمال يكون لكنه بدعة قال ولعل المراد إلا ركعتي الطواف لأنها نسك لا آخر لوقته فيعايى بها انتهى.
قلت: وفي هذه المعاياة نظر ظاهر.
قال في النكت ويمنع صحة الطهارة به صرح به غير واحد قلت: صرح به المصنف في الكافي والمغني والشارح وبن حمدان في رعايته الكبرى وصاحب الفائق والفروع,

والحاوي الكبير وغيرهم ويأتي قريبا وجه أنها إذا توضأت لا تمنع من اللبث في المسجد وهو دليل على أن الوضوء منها يفيد حكما وتقدم هل يصح الغسل مع قيام الحيض في باب الغسل.
قوله: "وقراءة القرآن".
تمنع الحائض من قراءة القرآن مطلقا على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: لا تمنع منه وحكى رواية قال في الرعاية وهو بعيد الأثر واختاره الشيخ تقي الدين ومنع من قراءة الجنب وقال إن ظنت نسيانه وجبت القراءة واختاره أيضا في الفائق ونقل الشالنجي كراهة القراءة لها وللجنب وعنه لا يقرآن وهي أشد فعلى المذهب تقدم تفاصيل ما يقرأ من لزمه الغسل وهي منهم في أثناء بابه فليعاود.
قوله: "واللبث في المسجد".
تمنع الحائض من اللبث في المسجد مطلقا على الصحيح من المذهب: وعليه جمهور الأصحاب وقيل: لا تمنع إذا توضأت وأمنت التلويث وهو ظاهر كلام المصنف في باب الغسل حيث قال ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية ويجوز له العبور في المسجد ويحرم عليه اللبث فيه إلا أن يتوضأ فظاهره دخول الحائض في هذه العبارة لكن نقول عموم ذلك اللفظ مخصوص بما هنا وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنها لا تمنع من المرور منه وهو المذهب مطلقا إذا أمنت التلويث وقيل: تمنع من المرور وحكى رواية وأطلقهما في الرعاية وقيل: لها العبور لتأخذ شيئا كماء وحصير ونحوهما لا لتترك فيه شيئا كنعش ونحوه وقدم ابن تميم جواز دخول المسجد لها لحاجة وأما إذا خافت تلويثه لم يجز لها العبور على الصحيح من المذهب: قال في الفروع تمنع في الأشهر وقيل: لا تمنع ونص أحمد في رواية ابن إبراهيم تمر ولا تقعد وتقدم في باب الغسل ما يسمى مسجدا وما ليس بمسجد وتقدم أيضا هناك إذا انقطع دمها وتوضأت ما حكمه.
قوله: "والطواف".
في الصحيح من المذهب: أن الحائض تمنع من الطواف مطلقا ولا يصح منها وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يصح وتجبره بدم وهو ظاهر كلام القاضي واختار الشيخ تقي الدين جوازه لها عند الضرورة ولا دم عليها وتقدم ذلك بزيادة في آخر باب نواقض الوضوء عند قوله: "ومن أحدث حرم عليه الصلاة والطواف".
ويأتي إن شاء الله تعالى ذلك أيضا في باب دخول مكة بأتم من هذا.

قوله: "وسنة الطلاق".
الصحيح من المذهب: أن الحيض يمنع سنة الطلاق مطلقا وعليه الجمهور.
وقيل: لا يمنعه إذا سألته الطلاق بغير عوض وقال في الفائق ويتوجه إباحته حال الشقاق.
فائدة: لو سألته الخلع أو الطلاق بعوض لم يمنع منه على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وقيل: يمنع وإليه ميل الزركشي وحكى في الواضح في الخلع روايتين وقال في الرعاية لا يحرم الفسخ.
وأصل ذلك أن الطلاق في الحيض هل هو محرم لحق الله فلا يباح وإن سألته أو لحقها فيباح بسؤالها فيه وجهان قال الزركشي والأول ظاهر إطلاق الكتاب والسنة ويأتي تفاصيل ذلك في باب سنة الطلاق وبدعته وتقدم هل يصح غسلها من الجنابة في حال حيضها؟ في باب الغسل بعد قوله: "والخامس الحيض".
قوله: "والنفاس مثله إلا في الاعتداد".
ويستثنى أيضا كون النفاس لا يوجب البلوغ لأنه يحصل قبل النفاس بمجرد الحمل على ما يأتي بيانه في كلام المصنف في باب الحجر وهذا المذهب مطلقا في ذلك وعليه جماهير الأصحاب وقيل: لا تمنع من قراءة القرآن وإن منعنا الحائض وقدمه في الفائق ونقل ابن ثواب تقرأ النفساء إذا انقطع دمها دون الحائض واختاره الخلال وقال في النكت قد يؤخذ من كلام بعض الأصحاب إيماء إلى أن الكفارة تجب بوطء النفساء رواية واحدة بخلاف الحيض وذلك لأن دواعي الجماع في النفاس تقوى لطول مدته غالبا فناسب تأكيد الزاجر بخلاف الحيض قال وهو ظاهر كلامه في المحرر والذي نص عليه الإمام أحمد والأصحاب أن وطء النفساء كوطء الحائض في وجوب الكفارة لأن الحيض هو الأصل في الوجوب قال ولعل صاحب المحرر فرع على ظاهر المذهب في الحائض.
قوله: "وإذا انقطع الدم أبيح فعل الصيام والطلاق.
وهذا المذهب وعليه الجمهور وقيل: لا يباحان حتى تغتسل وأطلقهما في الطلاق في الرعايتين والحاويين وابن تميم وقال في الهداية والمستوعب والخلاصة أبيح الصوم ولم تبح سائر المحرمات.
قوله: "ولم يبح غيرهما حتى تغتسل".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه تباح القراءة قبل الاغتسال اختارها القاضي وقال هو ظاهر كلامه وهي من المفردات ومن يقول: تقرأ الحائض والنفساء حال جريان الدم فهنا أولى وقيل: يباح للنفساء دون الحائض اختارها الخلال وتقدم رواية ابن ثواب وأطلقهن ابن تميم.

تنبيه: شمل كلامه منع الوطء قبل الغسل وهو صحيح لكن إن عدمت الماء تيممت وجاز له وطؤها فلو وجد الماء حرم وطؤها حتى تغتسل وتقدم ذلك في باب التيمم فلو امتنعت من الغسل غسلت المسلمة قهرا ولا تشترط النية هنا للعذر كالممتنع من الزكاة.
قلت: فيعايى بها.
والصحيح أنها لا تصلى بهذا الغسل ذكره أبو المعالي في النهاية وتغسل المجنونة قال في الفروع وتنويه وقال ابن عقيل ويحتمل أن يغسلها ليطأها وينوي غسلها تخريجا على الكافرة ويأتي غسل الكافرة في باب عشرة النساء وقال أبو المعالي فيهما لا نية لعدم تعذرها مآلا بخلاف الميت وأنها تعيده إذا أفاقت وأسلمت وكذا قال القاضي في الكافرة.
فائدة: لو أراد وطئها فادعت أنها حائض وأمكن قبله نص عليه فيما خرجه من محبسه لأنها مؤتمنة قال في الفروع ويتوجه تخريج من الطلاق وأنه يحتمل أن تعمل بقرينة وأمارة.
قلت: مراده بالتخريج من الطلاق لو قالت قد حضت وكذبها فيما إذا علق طلاقها على الحيضة فإن هناك رواية لا يقبل قولها واختاره أبو بكر وإليه ميل الشارح وهو الصواب فخرج صاحب الفروع من هناك رواية إلى هذه المسألة وما هو ببعيد.
قوله: "ويجوز أن يستمتع من الحائض بما دون الفرج".
هذا المذهب مطلقا وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات وعنه لا يجوز الاستمتاع بما بين السرة والركبة وجزم به في النهاية.
فائدتان
إحداهما: قال في النكت وظاهر كلام إمامنا وأصحابنا لا فرق بين أن يأمن على نفسه مواقعة المحظور أو يخاف وقطع الأزجي في نهايته بأنه إذا لم يأمن على نفسه من ذلك حرم عليه لئلا يكون طريقا إلى مواقعة المحظور وقد يقال يحمل كلام غيره على هذا انتهى.
قلت: وهو الصواب.
الثانية: يستحب ستر الفرج عند المباشرة ولا يجب على الصحيح من المذهب: وقيل: يجب وهو قول ابن حامد
قوله: "فإن وطئها في الفرج فعليه نصف دينار كفارة.
الصحيح من المذهب: أن عليه بالوطء في الحيض والنفاس كفارة وعليه جمهور الأصحاب وعنه ليس عليه إلا التوبة فقط وهو قول الأئمة الثلاثة واختاره أبو بكر في التنبيه: وابن عبدوس في تذكرته وإليه ميل المصنف والشارح وجزم به في الوجيز وقدمه ابن تميم وأطلقهما في الجامع الصغير والهداية والتلخيص فعلى المذهب جزم المصنف هنا أن عليه نصف دينار وهو إحدى الروايتين جزم به في الإفادات والمحرر وقدمه في الرعاية الصغرى,

والحاويين والفائق وعنه عليه دينار أو نصف دينار وهو المذهب نص عليه وجزم به في الفصول والمذهب والخلاصة والبلغة ونهاية ابن رزين: وقال الشارح: ظاهر المذهب في الكفارة دينار أو نصف دينار على وجه التخيير وصححه في المغني قال المجد في شرح الهداية يجزئ نصف دينار والكمال دينار قال في مجمع البحرين: هذا أصح الروايتين وقدمه في المستوعب وابن تميم والرعاية الكبرى: والنظم وابن عبيدان وتجريد العناية والفروع وقال نقله الجماعة عن أحمد.
قلت: ويحتمله كلام المصنف هنا فعليها لو كفر بدينار كان الكل واجبا.
وخرج ابن رجب في قواعده وجها أن نصفه غير واجب انتهى وقال الشيخ تقي الدين عليه دينار كفارة وعنه عليه نصف دينار في إدباره ودينار في إقباله وعنه عليه نصف دينار إذا وطئها في دم أصفر ودينار إن وطئها في دم أسود قال في الرعاية والأحمر والأسود سواء وعنه عليه نصف دينار في آخره أو أوسطه ودينار في أوله ذكرها في الرعاية وذكر أبو الفرج عليه نصف دينار لعذر وقيل: إن عجز عن دينار أجزأ نصف دينار ووجوب الكفارة من المفردات.
فوائد
الأولى: لو وطئها بعد انقطاع الدم وقبل غسلها فلا كفارة عليه على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وقيل: هو كالوطء في حال جريان الدم ويأتي آخر الباب إذا وطى ء المستحاضة من غير خوف العنت ويأتي في عشرة النساء إذا امتنعت الذمية من غسل الحيض هل يباح وطؤها أم لا؟.
الثانية: يلزم المرأة كفارة كالرجل إن طاوعته على الصحيح من المذهب: وهو من المفردات وعنه لا كفارة عليها وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والحاوي وقيل: عليهما كفارة واحدة يشتركان فيها قال ابن عبيدان: ذكره شيخنا في شرح العمدة وأما إذا أكرهت فإنه لا كفارة عليها.
الثالثة: الصحيح من المذهب: أن الجاهل بالحيض أو بالتحريم أو بهما والناسي كالعامد نص عليه وكذا لو أكره الرجل وعنه لا كفارة عليه واختار ابن أبي موسى أنه لا كفارة مع العذر وقدمه في المستوعب وأطلقهما في المغني والتلخيص وقال في القواعد الأصولية إذا أوجبنا الكفارة على العالم ففي وجوبها على الجاهل روايتان وقيل: وجهان قال القاضي وابن عقيل عن هذه الرواية بناء على الصوم والإحرام قال في الفروع وبان بهذا أن من كرر الوطء في حيضة أو حيضتين أنه في تكرار الكفارة كالصوم.
الرابعة: يلزم الصبي كفارة بوطئه فيه على الصحيح من المذهب: وقدمه في المغني والشرح وابن عبيدان قال في مجمع البحرين: انبنى على وطء الجاهل واختاره ابن حامد وقيل: لا يلزمه وهو احتمال المصنف في المغني وقدمه ابن رزين في شرحه.

قلت: وهو الصواب.
وصححه ابن نصر الله في حواشي الفروع وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعاية الكبرى: والقواعد الأصولية والفائق وحكاهما روايتين.
الخامسة: لا يلزمه كفارة بالوطء في الدبر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه يلزمه ذكرها ابن الجوزي واختاره ابن عقيل.
السادسة: لو وطئها وهي طاهرة فحاضت في أثناء وطئه فإن استدام لزمه الكفارة وإن نزع في الحال انبنى على أن النزع هل هو جماع أم لا فيه وجهان يأتي بيانهما في أثناء باب ما يفسد الصوم محررا.
فعلى القول بأنه جماع تلزمه الكفارة بناء على القول بها في المعذور والجاهل والناسي ونحوهما كما تقدم وعلى القول الذي اختاره ابن أبي موسى لا كفارة عليه لأنه معذور.
وعلى القول بأن النزع جماع أيضا لو قال لزوجته أنت طالق ثلاثا إن جامعتك لم يجز له أن يجامعها أبدا في إحدى الروايتين خشية أن يقع النزع في غير زوجته ذكره ابن عبيدان.
قلت: فيعايى بها.
وعلى القول بأن النزع ليس بجماع لا كفارة عليه مطلقا.
السابعة: لو لف على ذكره خرقة ثم وطى ء فهو كالوطء بلا خرقة جزم به في الفروع والرعاية وابن تميم وغيرهم
الثامنة: ظاهر قوله: "فعليه نصف دينار كفارة أن المخرج كفارة فتصرف مصرف سائر الكفارات وهو صحيح قال في الفروع وهو كفارة قال أكثر الأصحاب يجوز دفعها إلى مسكين واحد كنذر مطلق وذكر الشيخ تقي الدين وجها أنه يجوز صرفه أيضا إلى من له أخذ الزكاة للحاجة قال في شرح العمدة وكذا الصدقة المطلقة.
التاسعة: لو عجز عن التكفير لم تسقط عنه على الصحيح من المذهب: وقدمه ابن تميم وفي الرعايتين والحاويين وهو ظاهر ما قدمه في الفروع في باب ما يفسد الصوم فإنه قال وتسقط كفارة الوطء في رمضان بالعجز ولا تسقط غيرها بالعجز مثل كفارة الظهار واليمين وكفارات الحج ونحو ذلك نص عليه قال المجد وغيره وعليه أصحابنا انتهى ويأتي ذلك هناك أيضا وعنه تسقط اختارها ابن حامد وصححه في التلخيص والمجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: وقدمه ابن تميم قال في الفروع هناك وذكر غير واحد تسقط كفارة وطء الحائض بالعجز على الأصح وأطلقهما في الفروع هنا وابن عبيدان والفائق وعنه تسقط بالعجز عنها كلها لا عن بعضها لأنه لا يدرك فيها ويأتي ذلك أيضا في باب ما يفسد الصوم.
العاشرة: يجزئه أن يخرج الكفارة من أي ذهب كان إذا كان صافيا خاليا من الغش تبرا

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28