كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

يعني إذا وجد الشرط.
وهذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب.
نقل صالح إذا فعل المحلوف عليه فلا كفارة بلا خلاف.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الشرح والرعايتين.
وعنه يتعين كفارة يمين.
وقال في الواضح إذا وجد الشرط لزمه.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
فائدتان:
إحداهما: لا يضر قوله على مذهب من يلزم بذلك أو لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأن الشرع لا يتغير بتوكيد.
قال في الفروع ويتوجه فيه كأنت طالق بتة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فإن قصد لزوم الجزاء عند حصول الشرط لزمه مطلقا عند الإمام أحمد رحمه الله.
نقل الجماعة فيمن حلف بحجة أو بالمشي إلى بيت الله إن أراد يمينا كفر يمينه وإن أراد نذرا فعلى حديث عقبة.
ونقل بن منصور من قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين.
وقال في امرأة حلفت إن لبست قميصي هذا فهو مهدى تكفر بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد.
ونقل مهنا إن قال غنمي صدقة وله غنم شركة إن نوى يمينا فكفارة يمين.
الثانية: لو علق الصدقة به ببيعه والمشتري علق الصدقة به بشرائه فاشتراه كفر كل منهما كفارة نص عليه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا حلف بمباح أو معصية لا شيء عليه كنذرهما فإن ما لم يلزم بنذره لا يلزم به شيء إذا حلف به فمن يقول لا يلزم الناذر شيء لا يلزم الحالف بالأولى فإن إيجاب النذر أقوى من إيجاب اليمين.

قوله: "الثالث نذر المباح كقوله لله علي أن ألبس ثوبي أو أركب دابتي فهذا كاليمين يتخير بين فعله وبين كفارة يمين".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا ينعقد نذر المباح ولا المعصية على ما يأتي.
ولا تجب به كفارة وهو رواية مخرجة.
وجزم به في العمدة.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته في نذر المباح.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله
بقوله: "فإن نذر مكروها كالطلاق استحب له أن يكفر ولا يفعله".
أنه إذا لم يفعله عليه الكفارة وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا كفارة عليه.
وهو داخل في احتمال المصنف لأنه إذا لم ينعقد نذر المباح فنذر المكروه أولى.
والمذهب انعقاده وعليه الأصحاب.
وتقدم في كتاب الطلاق أنه ينقسم إلى خمسة أقسام.
قوله: "الرابع نذر المعصية كشرب الخمر أو صوم يوم الحيض ويوم النحر فلا يجوز الوفاء به بلا نزاع ويكفر".
إذا نذر شرب الخمر أو صوم يوم الحيض فالصحيح من المذهب أنه ينعقد ويكفر نص عليه.
قال في الفروع والمذهب يكفر.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.

وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وصححه في الرعايتين.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف عند الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا ينعقد نذر المباح ولا المعصية ولا تجب به كفارة كما تقدم وهو رواية مخرجة.
قال الزركشي في نذر المعصية روايتان.
إحداهما: هو لاغ لا شيء فيه.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيمن نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة لا كفارة عليه.
وجزم به في العمدة.
"ولهذا قال أصحابنا لو نذر الصلاة أو الاعتكاف في مكان معين فله فعله في غيره ولا كفارة عليه".
وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا حلف بمباح أو معصية.
وذكر الآدمي البغدادي أن نذر شرب الخمر لغو ونذر ذبح ولده يكفر.
وقدم بن رزين أن نذر المعصية لغو وفي نذر صوم يوم الحيض وجه أنه كنذر صوم يوم العيد على ما يأتي.
وجزم به في الترغيب.
وهو من مفردات المذهب.
فعلى المذهب إن فعل ما نذره أثم ولا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
ويحتمل وجوب الكفارة مطلقا وهو للمصنف.
وأما إذا نذر صوم يوم النحر فالصحيح من المذهب أنه لا يصح صومه ويقضيه.
نصره القاضي وأصحابه.
قاله في الفروع.
وقدمه هو وصاحب الرعايتين والحاوي.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وعنه لا يقضي نقلها حنبل.
قال في الشرح وهي الصحيحة.
قاله القاضي وصححه الناظم.

وعلى كلا الروايتين يكفر على الصحيح من المذهب كما قال المصنف هنا.
قال في الفروع والمذهب يكفر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يكفر.
وأطلقهما في المحرر.
وعنه لا ينعقد نذره فلا قضاء ولا كفارة.
وعنه يصح صومه ويأثم.
وقال بن شهاب ينعقد بنذر صوم يوم العيد ولا يصومه ويقضي فتصح منه القربة ويلغو تعيينه لكونه معصية كنذر مريض صوم يوم يخاف عليه فيه فينعقد نذره ويحرم صومه.
وكذا الصلاة في ثوب حرير.
والطلاق زمن الحيض صادف التحريم ينعقد على قولهم ورواية لنا كذا هنا.
ونذر صوم ليلة لا ينعقد ولا كفارة لأنه ليس بزمن صوم.
وعلى قياس ذلك إذا نذرت صوم يوم الحيض وصوم يوم يقدم فلان وقد أكل انتهى.
قال في الفروع كذا قال.
قال والظاهر أنه والصلاة زمن الحيض قال في الفروع ونذر صوم الليل منعقد في النوادر.
وفي عيون المسائل والانتصار لا لأنه ليس بزمن الصوم.
وفي الخلاف ومفردات ابن عقيل منع وتسليم.
فائدة: نذر صوم أيام التشريق كنذر صوم يوم العيد إذا لم يجز صومها عن الفرض وإن أجزنا صومها عن الفرض فهو كنذر سائر الأيام على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر ويتخرج أن يكون كنذر العيد أيضا.
قوله: "إلا أن ينذر ذبح ولده وكذا نذر ذبح نفسه ففيه روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والخرقي.
إحداهما: هو كذلك.
يعني أن عليه الكفارة لا غير وهو المذهب.

قال الشارح هذا قياس المذهب ونصره.
ومال إليه المصنف.
قال أبو الخطاب في خلافه وهو الأقوى.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في التصحيح والنظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والرواية الثانية: يلزمه ذبح كبش نص عليه.
قال الزركشي هي أنصهما.
وجزم به في الوجيز.
واختاره القاضي.
ونصرها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
وعنه إن قال إن فعلته فعلي كذا أو نحوه وقصد اليمين فيمين وإلا فنذر معصية فيذبح في مسألة الذبح كبشا.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال عليه أكثر نصوصه.
قال وهو مبني على الفرق بين النذر واليمين.
قال ولو نذر طاعة حالفا بها أجزأ كفارة يمين بلا خلاف عن الإمام أحمد رحمه الله فكيف لا يجزئه إذا نذر معصية حالفا بها.
قال في الفروع فعلى هذا على رواية حنبل الآتية يلزمان الناذر والحالف يجزئه كفارة يمين.
تنبيه: قال المصنف والخرقي وجماعة ذبح كبشا.
وقال جماعة ذبح شاة.
قال الإمام أحمد رحمه الله وتارة هذا وتارة قال هذا.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك لو نذر ذبح أبيه وكل معصوم.
ذكره القاضي وغيره.
وقدمه في الفروع.
قال الشارح فإن نذر ذبح نفسه أو أجنبي ففيه أيضا عن الإمام أحمد رحمه الله روايتان.

واقتصر ابن عقيل وغيره على الولد.
واختاره في الانتصار وقال ما لم تقس.
وقال في عيون المسائل وعلى قياسه العم والأخ في ظاهر المذهب لأن بينهم ولاية.
الثانية: لو كان له أكثر من ولد ولم يعين واحدا منهم لزمه بعددهم كفارات أو كباش.
ذكره المصنف ومن تبعه وعزاه إلى نص الإمام أحمد رحمه الله.
وهو مخالف لما اختاره في الطلاق والعتق على ما تقدم.
تنبيه: على القول بلزوم ذبح كبش قيل يذبحه مكان نذره.
قال في الرعاية الكبرى وعنه بل يذبح كبشا حيث هو ويفرقه على المساكين فقطع بذلك.
وقيل هو كالهدى.
وأطلقهما في الفروع.
ونقل حنبل يلزمانه.
قوله: "ولو نذر الصدقة بكل ماله فله الصدقة بثلثه ولا كفارة".
قال في الفروع وإن نذر من تستحب له الصدقة الصدقة بماله بقصد القربة نص عليه.
وقوله من تستحب له الصدقة يحترز به عن نذر اللجاج والغضب.
قال في الروضة ليس لنا في نذر الطاعة ما يفي ببعضه إلا هذا الموضع.
قلت فيعايى بها.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب إجزاء الصدقة بثلث ماله ولا كفارة نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والقواعد وغيرهما.
قال في القواعد يتصدق بثلث ماله عند الأصحاب.
ويعايى بها أيضا.
وعنه تلزمه الصدقة بماله كله.
وقال الزركشي ويحكى رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن الواجب في ذلك كفارة يمين.
وعنه يشمل النقد فقط.

وقال في الرعايتين والحاوي وهل يختص ذلك بالصامت أو يعم غيره بلا نية على روايتين.
قال الزركشي ظاهر كلام الأكثر أنه يعم كل مال إن لم يكن له نية.
قال في الفروع ويتوجه على اختيار شيخنا كل أحد بحسب عزمه ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
فنقل الأثرم فيمن نذر ماله في المساكين أيكون الثلث من الصامت أو من جميع ما يملك.
قال إنما يكون هذا على قدر ما نوى أو على قدر مخرج يمينه والأموال تختلف عند الناس.
ونقل عبد الله إن نذر الصدقة بماله أو ببعضه وعليه دين أكثر مما يملكه أجزأه الثلث لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام أمر أبا لبابة بالثلث.
فإن نفد هذا المال وأنشأ غيره وقضى دينه فإنما يجب إخراج ثلث ماله يوم حنثه.
قال في الهدى يريد بيوم حنثه يوم نذره وهذا صحيح.
قال فينظر قدر الثلث ذلك اليوم فيخرجه بعد قضاء دينه.
قال في الفروع كذا قال وإنما نصه أنه يخرج قدر الثلث يوم نذره ولا يسقط عنه قدر دينه.
وهذا على أصل الإمام أحمد رحمه الله صحيح في صحة تصرف المدين.
وعلى قول سبق أنه لا يصح بكون قدر الدين مستثنى بالشرع من النذر انتهى.
قوله: "وإن نذر الصدقة بألف لزمه جميعه".
هذا المذهب.
قال الشارح والمصنف هذا الصحيح من المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع والهداية والخلاصة.
وعنه يجزئه ثلثه.
قطع به القاضي في الجامع.
وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في المذهب.
وعنه إن زاد المنذور على ثلث المال أجزأه قدر الثلث وإلا لزمه كل المسمى.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.

وصححه بن رزين في شرحه.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
فوائد:
الأولى: لو نذر الصدقة بقدر من المال فأبرأ غريمه من قدره يقصد به وفاء النذر لم يجزئه وإن كان من أهل الصدقة.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لا يجزئه حتى يقبضه.
الثانية: قوله: الخامس نذر التبرر كنذر الصلاة والصيام والصدقة والاعتكاف والحج والعمرة ونحوها من القرب على وجه التقرب سواء نذره مطلقا أو معلقا بشرط يرجوه فقال إن شفى الله مريضي أو إن سلم الله مالي فلله علي كذا.
قال في المغني والشرح والفروع وغيرهم من الأصحاب بشرط تجدد نعمة أو دفع نقمة.
قال في المستوعب وغيره كطلوع الشمس.
الثالثة: لو نذر صيام نصف يوم لزمه يوم كامل.
ذكره المجد في المسودة قياس المذهب.
قال في القواعد الأصولية وفيه نظر.
وجزم بالأول في الفروع وقال ويتوجه وجه.
الرابعة: مثل ذلك في الحكم لو حلف بقصد التقرب مثل ما لو قال والله لئن سلم مالي لأتصدقن بكذا على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع بعد تعدد نذر التبرر والمنصوص أو حلف بقصد التبرر.
وقيل ليس هذا بنذر.
الخامسة: ما قاله المصنف "متى وجد شرطه انعقد نذره ولزمه فعله" بلا نزاع.
ويجوز فعله قبله ذكره في التبصرة والفنون لوجود أحد سببيه والنذر كاليمين.
واقتصر عليه في القواعد.
وقدمه في الفروع.
ومنعه أبو الخطاب لأن تعليقه منع كونه سببا.

وقال القاضي في الخلاف لأنه لم يلزمه فلا يجزئه عن الواجب.
ذكراه في جواز صوم المتمتع السبعة الأيام قبل رجوعه إلى أهله.
وقال القاضي في الخلاف أيضا فيمن نذر صوم يوم يقدم فلان لم يجب لأن سبب الوجوب القدوم وما وجد.
وتقدم في أواخر كتاب الأيمان وجوب كفارة اليمين والنذر على الفور.
السادسة: لو نذر عتق عبد معين فمات قبل عتقه لم يلزمه عتق غيره ولزمه.كفارة يمين نص عليه لعجزه عن المنذور.
وإن قتله السيد فهل يلزمه ضمانه على وجهين.
أحدهما: لا يلزمه قاله القاضي وأبو الخطاب.
والثاني: يلزمه قاله ابن عقيل.
فيجب صرف قيمته في الرقاب.
ولو أتلفه أجنبي فقال أبو الخطاب لسيده القيمة ولا يلزمه صرفها في العتق.
وخرج بعض الأصحاب وجها بوجوبه وهو قياس قول ابن عقيل لأن البدل قائم مقام المبدل ولهذا لو وصى له بعبد فقتل قبل قبوله كان له قيمته.
قال ذلك في القاعدة الثامنة والثلاثين بعد المائة.
قوله: "وإن نذر صوم سنة لم يدخل في نذره رمضان ويوما العيدين وفي أيام التشريق روايتان".
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا.
إذا نذر صوم سنة فلا يخلو إما أن يطلق السنة أو يعينها.
فإن عينها لم يدخل في نذره رمضان على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وصححه في الرعايتين والحاوي.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وعنه يدخل في نذره فيقضي ويكفر أيضا على الصحيح.
وفيه وجه أنه لا يكفر.
وأطلقهما في المحرر.
ولا يدخل في نذره أيضا يوما العيدين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.

وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه ما يدل على أنه يقضي يومي العيدين فيدخلان في نذره.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
والحكم في القضاء والكفارة كرمضان على ما تقدم.
ولا يدخل في نذره أيضا أيام التشريق على الصحيح من المذهب إذا قلنا لا يجزئ عن صوم الفرض.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه يدخلن في نذره.
قال المصنف هنا وعنه ما يدل على أنه يقضي يوما العيدين وأيام التشريق.
قال في المحرر وغيره وعنه يتناول النذر أيام النهى دون أيام رمضان.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى الرواية الثانية القضاء لا بد منه ويلزمه التكفير على الصحيح كما تقدم.
وفيه وجه آخر أنه لا يلزمه التكفير.
وأما إذا نذر صوم سنة وأطلق ففي لزوم التتابع فيها ما في نذر صوم شهر مطلق على ما يأتي.
إذا علمت ذلك فيلزمه صيام اثني عشر شهرا سوى رمضان وأيام النهى وإن شرط التتابع على الصحيح من المذهب.
قال في الترغيب يصوم مع التفريق ثلاثمائة وستين يوما ذكره القاضي.
وعند ابن عقيل أن صيامها متتابعة وهي على ما بها من نقصان أو تمام.
وقال في التبصرة لا يعم العيد ورمضان وفي التشريق روايتان.
وعنه يقضي العيد والتشريق إن أفطرها.
وقال في الكافي إن لزم التتابع فكمعينة.
قال في المحرر وقال صاحب المغني متى شرط التتابع فهو كنذره المعينة.
فائدتان:
إحداهما: لو نذر صوم سنة من الآن أو من وقت كذا فهي كالمعينة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل كمطلقة في لزوم اثني عشر شهرا للنذر.

واختاره في المحرر.
الثانية: لو نذر صوم الدهر لزمه صومه على الصحيح من المذهب.
وقال في الفروع ويتوجه لزومه إن استصحب صومه.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله من نذر صوم الدهر كان له صيام يوم وإفطار يوم انتهى.
وحكمه في دخول رمضان والعيدين والتشريق حكم السنة المعينة على ما تقدم.
فعلى المذهب إن أفطر كفر فقط.
فإن كفر لتركه صيام يوم أو أكثر بصيام فاحتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قلت فعلى الصحة يعايى بها.
وقال في الرعاية وهل يدخل تحت نذر صوم الدهر من قادر ومن قضى ما يجب فطره كيوم عيد ونحوه وقضاء ما أفطره من رمضان لعذر وصوم كفارة الظهار ونحو ذلك لعذر على وجهين.
فإن دخل ففي الكفارة لكل يوم فقير وجهان أظهرهما عدمها مع القضاء لأن النذر سقط لقضاء ما أوجبه الشارع ابتداء ووجوبها مع صوم الظهار لأنه سببه انتهى.
وقال في الفروع وغيره ولا يدخل رمضان.
وقيل بل قضاء فطره منه لعذر ويوم نهى وصوم ظهار ونحوه ففي الكفارة وجهان أظهرهما وجوبها مع صوم ظهار لأنه سببه انتهى.
قوله: "وإن نذر صوم يوم الخميس فوافق يوم عيد أو حيض أفطر وقضى وكفر".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه يكفر من غير قضاء.
ونقل عنه ما يدل على أنه إن صام يوم العيد صح صومه.
وعنه لا كفارة عليه مع القضاء.
وقيل عكسه.

وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ومن ابتدأ بنذر صوم كل اثنين أو خميس أو علقة بشرط يمكن فوجد لزمه فإن صادف مرضا أو حيضا غير معتاد قضى.
وقيل وكفر كما لو صادف عيدا.
وعنه تكفي الكفارة فيهما.
وقيل لا قضاء ولا كفارة مع حيض وعيد.
وقيل إن صام العيد صح.
زاد في الرعاية الكبرى وقيل يقضي العيد وفي الكفارة روايتان انتهى.
ذكرهما في الرعاية الكبرى في باب صوم النذر والتطوع.
وفي الرعاية الصغرى والحاوي الصغير في باب النذر.
فائدة: لو نذر أن يصوم يوما معينا أبدا ثم جهله فأفتى بعض العلماء بصيام الأسبوع كصلاة من خمس.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله بل يصوم يوما من الأيام مطلقا أي يوم كان.
وهل عليه كفارة لفوات التعيين يخرج على روايتين.
بخلاف الصلوات الخمس فإنها لا تجزئ إلا بتعيين النية على المشهور والتعيين يسقط بالعذر.
قوله: "وإن وافق أيام التشريق فهل يصومه على روايتين".
وهما مبنيتان على جواز صومها فرضا وعدمه على ما تقدم في باب صوم التطوع.
وقد تقدم المذهب فيهما هناك.
فالمذهب هنا مثله.
قوله: "وإن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا فلا شيء عليه بلا نزاع".
لكن قال في منتخب ولد الشيرازي يستحب صوم يوم صبيحته.
وجزم به في الوجيز.
قوله: "وإن قدم نهارا فعنه ما يدل على أنه لا ينعقد نذره ولا يلزمه إلا إتمام صيام ذلك اليوم إن لم يكن أفطر وعنه أنه يقضي ويكفر سواء قدم وهو مفطر أو صائم".
إذا نذر صوم يوم يقدم فلان وقدم نهارا فلا يخلو إما أن يقدم وهو صائم أو يقدم وهو مفطر.

فإن قدم وهو مفطر فالصحيح من المذهب أنه يقضي ويكفر.
قدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
وقال عن التكفير اختاره الأكثر.
وهو من مفردات المذهب.
قال المصنف والشارح لو قدم يوم فطر أو أضحى فعنه لا يصح ويقضي ويكفر وهو قول أكثر أصحابنا.
وأطلقا فيما إذا كان مفطرا في غيرهما الروايتين.
وعنه لا يلزمه مع القضاء كفارة.
وأطلق في المحرر والنظم في وجوب الكفارة مع القضاء الروايتين وقدما وجوب القضاء.
وعنه لا يلزم القضاء أصلا ولا كفارة.
قال في الوجيز فلا شيء عليه.
وإن قدم وهو صائم تطوعا فإن كان قد بيت النية للصوم لخبر سمعه صح صومه وأجزأه.
وإن نوى حين قدم أجزأه أيضا على إحدى الروايتين.
اختاره القاضي.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم.
وعنه لا يجزئه الصوم والحالة هذه وعليه القضاء وهو المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ومحل الروايتين إذا قدم قبل الزوال أو بعده وقلنا بصحته على ما تقدم في كتاب الصوم.
وإن قلنا لم يصح بعد الزوال وقدمه بعده فلغو.
قال في الرعايتين مبني على الروايتين على أن موجب النذر الصوم من قدومه أو كل اليوم.
فعلى المذهب وهو وجوب القضاء يلزمه كفارة أيضا على الصحيح من المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.

وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وصححه في النظم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يلزمه مع القضاء كفارة.
وأطلقهما في المحرر.
وعلى المذهب أيضا لو نذر صوم يوم أكل فيه قضاه في أحد الوجهين.
قاله في الفروع.
قلت الصواب في هذا أنه لغو أشبه ما لو نذر صوم أمس.
وقال في الانتصار يقضي ويكفر.
وفي الانتصار أيضا لا يصح كحيض وأن في إمساكه أوجها.
الثالث: يلزم في الثانية.
قوله: "وإن وافق قدومه يوما من رمضان فقال الخرقي يجزئه صيامه لرمضان ونذره".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها المروذي.
وجزم به ابن عقيل في تذكرته.
قال في الوجيز وإن وافق قدومه في رمضان لم يقض ولم يكفر.
قال في القواعد حمل هذه الرواية المتأخرون على أن نذره لم ينعقد لمصادفته رمضان.
قال ولا يخفى فساد هذا التأويل.
وقال غيره عليه القضاء وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هي أنصهما.
واختاره أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
قال في القاعدة الثامنة عشر هذا الأشهر عند الأصحاب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقال في الفصول لا يلزمه صوم آخر لا لأن صومه أغنى عنهما بل لتعذره فيه نص عليه.
وقال فيه أيضا إذا نوى صومه عنهما فقيل لغو.
وقيل يجزئه عن رمضان انتهى.

وعنه لا ينعقد نذره إذا قدم في نهار يوم من رمضان والمذهب انعقاده وعليه الأصحاب.
فعلى المذهب وهو وجوب القضاء في وجوب الكفارة معه روايتان.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع.
إحداهما: عليه الكفارة أيضا.
قدمه في الرعايتين والحاوي.
وصححه في تصحيح المحرر.
واختاره أبو بكر قاله المصنف.
والرواية الثانية: لا كفارة عليه.
اختاره المجد في شرح الهداية قاله في تصحيح المحرر.
وعلى قول الخرقي في نية نذره أيضا وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: لا بد أن ينويه عن فرضه ونذره.
قاله المصنف في المغني والشارح وغيرهما.
وقدمه في القواعد.
وقال المجد لا يحتاج إلى نية النذر قال وهو ظاهر كلام الخرقي والإمام أحمد رحمه الله.
قال في القواعد وفي تعليله بعد.
وتقدم كلام صاحب الفصول.
فائدتان:
إحداهما: لو وافق قدومه وهو صائم عن نذر معين فالصحيح أنه يتمه
ولا يلزمه قضاؤه بل يقضي نذر القدوم كصوم في قضاء رمضان أو كفارة أو نذر مطلق قاله في الفروع وعنه يكفيه لهما.
الثانية: مثل ذلك في الحكم لو نذر صيام شهر من يوم يقدم فلان فقدم في أول شهر رمضان.

قوله: "وإن وافق يوم نذره وهو مجنون فلا قضاء عليه ولا كفارة".
قال في الفروع عمن نذر صوم شهر بعينه وجن كل الشهر لم يقض على الأصح.
وكذا قال في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والزركشي وغيرهم.
والرعاية الكبرى في موضع.
وعنه يقضي.
قوله: "وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه لغير عذر فعليه القضاء وكفارة يمين بلا نزاع".
وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء بلا نزاع.
وفي الكفارة روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما: عليه الكفارة أيضا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وصححه المصنف والناظم وغيرهما.
والرواية الثانية لا كفارة عليه.
وعنه في المعذور يفدى فقط ذكره الحلواني.
فوائد:
الأولى: صومه في كفارة الظهار في الشهر المنذور كفطره على الصحيح من المذهب.
وعنه لا يلزمه كفارة هنا.
الثانية: لو جن في الشهر كله لم يقضه على الصحيح من المذهب.
وعنه يقضيه.
الثالثة: إذا لم يصمه لعذر أو غيره وقضاه فالصحيح من المذهب أنه يلزمه القضاء متتابعا مواصلا لتتمته.
وعنه له تفريقه.
وعنه وترك مواصلته أيضا.
الرابعة: يبني من لا يقطع عذره تتابع صوم الكفارة.

الخامسة: قوله: "وإن صام قبله لم يجزه".
بلا نزاع كالصلاة.
لكن لو كان نذره بصدقة مال جاز إخراجها قبل الوقت الذي عينه للدفع كالزكاة قاله الأصحاب.
قال الناظم:
ويجزئه فيما فيه نفع سواه ... كالزكاة لنفع الخلق لا المتعبد
قوله: "وإن أفطر في بعضه لغير عذر لزمه استئنافه ويكفر.وهو المذهب".
جزم به الخرقي وصاحب المنور ومنتخب الآدمي.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
قال الزركشي هذه هي المشهورة واختيار الخرقي وأبي الخطاب في الهداية وابن البنا.
فعلى هذا يلزمه الاستئناف عقب الأيام التي أفطر فيها ولا يجوز تأخيره.
"ويحتمل أن يتم باقيه ويقضي ويكفر".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح وهذه الرواية أقيس وأصح.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما الحاوي.
تنبيه: قال الزركشي أصل الخلاف أن التتابع في الشهر المعين هل وجب لضرورة الزمن وإليه ميل أبي محمد.
أو لإطلاق النذر وإليه ميل الخرقي والجماعة.
ولهذا لو شرط التتابع بلفظه أو نواه لزمه الاستئناف قولا واحدا.
ومما ينبني على ذلك أيضا إذا ترك صوم الشهر كله فهل يلزمه شهر متتابع أو يجزئه متفرقا على الروايتين.
ولهاتين الروايتين أيضا التفات إلى ما إذا نوى صوم شهر وأطلق هل يلزمه متتابعا أم لا.
وقد تقدم أن كلام الخرقي يشعر بعدم التتابع.
وقضية البناء هنا تقتضي اشتراط التتابع كما هو المشهور عند الأصحاب ثم انتهى.

فائدتان:
إحداهما: لو قيد الشهر المعين بالتتابع فأفطر يوما بلا عذر ابتداء وكفر.
الثانية: لو أفطر في بعضه لعذر بنى على ما مضى من صيامه وكفر على الصحيح من المذهب.
قال الشارح هذا قياس المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
ونصره المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه لا يكفر.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
قوله: "و إذا نذر صوم شهر لزمه التتابع".
وهو المذهب.
جزم به في المنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات.
وقدمه في المحرر والفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وصححه الناظم والرعاية الكبرى.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يلزمه التتابع إلا بشرط أو نية وفاقا للأئمة الثلاثة.
وفي إجزاء صوم رمضان عنهما روايتان قاله في الواضح.
فائدة: لو قطع تتابعه بلا عذر استأنفه ومع عذر يخير بينه بلا كفارة أو يبني.
قال في الفروع فهل يتم ثلاثين أو الأيام الفائتة فيه وجهان.
قلت يقرب من ذلك إذا ابتدأ صوم شهري الكفارة في أثناء شهر على ما تقدم في باب الإجارة.
وتقدم إذا فاته رمضان هل يقضي شهرا أو ثلاثين يوما ويكفر على كلا الوجهين.
وفيهما رواية كشهري الكفارة ذكره غير واحد.
وتقدم كلامه في الروضة.
وقال في الترغيب إن أفطره بلا عذر كفر وهل ينقطع فيستأنفه أم لا فيقضي ما تركه فيه روايتان.
وكذا قال في التبصرة.
وهل يتمه أو يستأنفه فيه روايتان.

واختار أبو محمد الجوزي يكفر ويستأنفه.
قوله: "وإن نذر صيام أيام معدودة لم يلزمه التتابع إلا أن يشترطه".
يعني أو ينويه وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه يلزمه التتابع مطلقا اختاره القاضي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: دخل في قوله وإن نذر صيام أيام معدودة لو كانت ثلاثين يوما وهو كذلك فلا يلزمه التتابع فيها إلا بشرط أو نية كما لو قال عشرين ونحوها وهو إحدى الروايتين.
جزم به في المحرر والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وهو وجه في الرعايتين.
والرواية الثانية: لا يلزمه التتابع فيها وإن لزمه في غيرها وهو المذهب نص عليه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
لأنه لو أراد التتابع لقال شهرا.
قوله: "وإن نذر صياما متتابعا" يعني غير معين.
"فأفطر لمرض" يعني يجب معه الفطر أو حيض قضى لا غير.
هذا إحدى الروايتين قدمه ابن منجا.
وعنه يخير بين أن يستأنف ولا شيء عليه وبين أن يبني على صيامه ويكفر وهو المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والمحرر والرعايتين والحاوي والخرقي.
وقدمه في الشرح والفروع.
قوله: "وإن أفطر لغير عذر لزمه الاستئناف بلا نزاع بلا كفارة".
وإن أفطر لسفر أو ما يبيح الفطر فعلى وجهين.
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا والزركشي.

أحدهما: لا ينقطع التتابع وهو الصحيح من المذهب.
صححه في التصحيح.
وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
والثاني: ينقطع التتابع بذلك.
قال ابن منجا ويجيء على قول الخرقي يخير بين الاستئناف وبين البناء والقضاء والكفارة كما تقدم.
قلت وهو ظاهر كلام الخرقي وأكثر الأصحاب لعدم تفريقهم في ذلك.
قال الزركشي ولنا وجه ثالث يفرق بين المرض والسفر ففي المرض يخير وفي السفر يتعين الاستئناف انتهى.
تنبيه دخل في قوله ما يبيح الفطر المرض أيضا لكن مراده بالمرض.
هنا المرض غير المخوف ومراده بالمرض في المسألة الأولى المرض المخوف الموجب للفطر ذكره ابن منجا في شرحه.
قوله: "وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم عنه لكل يوم مسكين".
يعني يطعم ولا يكفر.
وهذا إحدى الروايات.
ويحتمل أن يكفر ولا شيء عليه.
ذكره ابن عقيل رواية كغير الصوم.
قال في الحاوي وهو أصح عندي.
ومال إليه المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في المحرر.
وعنه أنه يطعم لكل يوم مسكين ويكفر كفارة يمين وهو المذهب نص عليه.
قال القاضي وهو أصح.
قال في المحرر والمنصوص عنه وجوبه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يجزئ عن كله فقير واحد.
ويتخرج أن لا يلزمه كفارة.

وفي النوادر احتمال يصام عنه.
وسبق في فعل الولي عنه أنه ذكره القاضي في الخلاف.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك في الحكم لو نذره في حال عجزه عنه قاله الأصحاب.
وقيل لا يصح نذره.
نقل أبو طالب ما كان نذر معصية أو لا يقدر عليه ففيه كفارة يمين.
وتقدمت رواية الشالنجي.
قال في الفروع ومرادهم غير الحج عنه.
قال والمراد ولا يطيقه ولا شيئا منه وإلا أتى بما يطيقه منه وكفر للباقي.
قال وكذا أطلق شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال القادر على فعل المنذور يلزمه وإلا فله أن يكفر انتهى.
فأما إن نذر من لا يجد زادا وراحلة الحج فإن وجدهما بعد ذلك لزمه بالنذر السابق وإلا لم يلزمه كالحج الواجب بأصل الشرع.
ذكره القاضي في الخلاف في فعل الولي عنه.
وقال في عيون المسائل في ضمان المجهول أكثر ما فيه أن يظهر من الدين ما يعجز عن أدائه وذلك لا يمنع صحة الضمان كما لو نذر ألف حجة والصدقة بمائة ألف دينار ولا يملك قيراطا فإنه يصح لأنه ورط نفسه في ذلك برضاه انتهى.
وقيل لا ينعقد نذر العاجز.
الثانية: لو نذر غير الصيام كالصلاة ونحوها وعجز عنه فليس عليه إلا الكفارة.
قوله: وإن نذر المشي إلى بيت الله تعالى أو موضع من الحرم أو مكة وأطلق لم يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة.
لأنه مشى إلى عبادة والمشي إلى العبادة أفضل.
ومراده ومراد غيره يلزمه المشي ما لم ينو إتيانه لا حقيقة المشي.
صرح به المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
فائدة: حيث لزمه المشي أو غيره فيكون ابتداؤه من مكانه إلا أن ينوي موضعا بعينه نص عليه.

وقطع به في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكره القاضي إجماعا محتجا به وبما لو نذره من محله لم يحز من ميقاته على قضاء الحج الفاسد من الأبعد من إحرامه أو ميقاته.
وقيل هنا أو من إحرامه إلى أمنه فساده بوطئه.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا رمى الجمرة فقد فرغ.
وقال أيضا يركب في الحج إذا رمى وفي العمرة إذا سعى.
قال في الترغيب لا يركب حتى يأتي بالتحليلين على الأصح.
تنبيه: مفهوم قوله أو موضع من الحرم لو نذر المشي إلى غير الحرم كعرفة ومواقيت الإحرام وغير ذلك لم يلزمه ذلك ويكون كنذر المباح وهو كذلك.
قاله المصنف والشارح.
فائدة: لو نذر الإتيان إلى بيت الله غير حاج ولا معتمر لغا قوله غير حاج ولا معتمر ولزمه إتيانه حاجا أو معتمرا ذكره القاضي أبو الحسين.
قوله: فإن ترك المشي لعجز أو غيره فعليه كفارة يمين.
وهو المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وعنه: عليه دم.
ووجوب كفارة اليمين أو الدم من مفردات المذهب.
وعنه لا كفارة عليه ذكرها بن رزين.
وقال في المغني قياس المذهب يستأنفه ماشيا لتركه صفة المنذور كتفريقه صوما متتابعا.
قوله: "وإن نذر الركوب فمشى ففيه الروايتان".
يعني المتقدمتان.
وهما هل عليه كفارة يمين أو دم وقد علمت المذهب منهما لأن الركوب في نفسه غير طاعة.

فائدتان:
إحداهما: لو أفسد الحج المنذور ماشيا وجب القضاء ماشيا وكذا إن فاته الحج سقط توابع الوقوف والمبيت بمزدلفة ومنى والرمي وتحلل بعمرة ويمضي في الحج الفاسد ماشيا حتى يحل منه.
الثانية: لو نذر المشي إلى مسجد المدينة أو الأقصى لزمه ذلك والصلاة فيه قاله الأصحاب.
قال في الفروع ويتوجه أن مرادهم لغير المرأة لأفضلية بيتها.
وإن عين مسجدا غير حرم لزمه عند وصوله ركعتين ذكره في الواضح واقتصر عليه في الفروع.
قال المصنف والشارح لو نذر إتيان مسجد سوى المساجد الثلاثة لم يلزمه إتيانه وإن نذر الصلاة فيه لزمته الصلاة دون المشي ففي أي موضع صلى أجزأه.
قالا ولا نعلم فيه خلافا.
قوله: "فإن نذر رقبة فهي التي تجزئ عن الواجب".
على ما تقدم تبيينه في كتاب الظهار.
إلا أن ينوي رقبة بعينها.
فيجزئه ما عينه بلا نزاع.
لكن لو مات المنذور قبل أن يعتقه لزمه كفارة يمين ولا يلزمه عتق عبد نص على ذلك وقاله.
وقال الأصحاب ولو أتلف العبد المنذور عتقه لزمه كفارة يمين على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقيل يلزمه قيمتها يصرفها إلى الرقاب.
قوله: "وإن نذر الطواف على أربع طاف طوافين نص عليه".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي والنظم وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا بدل واجب.
وعنه يجزئه طواف واحد على رجليه.
قال المصنف والشارح والقياس أن يلزمه طواف واحد على رجليه ولا يلزمه على يديه.
وفي الكفارة على هذه الرواية وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعاية الكبرى والنظم والحاوي الصغير والقواعد الأصولية والفروع.
قال المصنف والشارح بناء على ما تقدم.
وقالا قياس المذهب لزوم الكفارة لإخلاله بصفة نذره وإن كان غير مشروع.
فوائد:
الأولى: مثل المسألة في الحكم لو نذر السعي على الأربع.
ذكره في المبهج والمستوعب.
واقتصر عليه في الفروع.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
قال في الفروع وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو الحج حافيا حاسرا أو نذرت المرأة الحج حاسرة وفاء بالطاعة.
قال في القواعد الأصولية قياس المذهب الوفاء بالطاعة على الوجه المشروع وفي الكفارة لتركه المنهي وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وهما كالوجهين المتقدمين قبل ذلك.
قال في الرعاية الكبرى فإن قال حافيا حاسرا كفر ولم يفعل الصفة.
وقيل يمشي منذ أحرم انتهى.
الثانية: لو نذر الطواف فأقله أسبوع ولو نذر صوما فأقله يوم ولو نذر صلاة لم يجزئه أقل من ركعتين على الصحيح من المذهب.
وقيل يجزئه ركعة.
وأطلقهما في الشرح.
الثالثة: قال في الفروع لو نذر الحج العام فلم يحج ثم نذر أخرى في العام.
الثاني فيتوجه أنه يصح ويبدأ بالثانية لقوتها ويكفر لتأخير الأولى وفي المنذور الخلاف انتهى.
الرابعة: لا يلزم الوفاء بالوعد على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.

لأنه لا يحرم بلا استثناء لقوله تعالى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24] ولأنه في معنى الهبة قبل القبض ذكره في الفروع.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها أنه يلزمه واختاره.
قال في الفروع ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل.
ولما قيل للإمام أحمد رحمه الله بم يعرف الكذابون قال بخلف المواعيد.قال في الفروع وهذا متجه.
وتقدم الخلف بالعهد في أول كتاب الأيمان.
الخامسة لم يزل العلماء يستدلون بهذه الآية على الاستثناء وفي الدلالة بها غموض فلهذا قال القرافي في قواعده اتفق الفقهاء على الاستدلال بقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24]
ووجه الدليل منه في غاية الإشكال فإن إلا ليست للتعليق وأن المفتوحة ليست للتعليق فما بقي في الآية شيء يدل على التعليق مطابقة ولا التزاما فكيف يصح الاستدلال بشيء لا يدل على ذلك وطول الأيام يحاولون الاستدلال بهذه الآية ولا يكاد يتفطن لوجه الدليل منها وليس فيها إلا الاستثناء وأن الناصبة لا الشرطية ولا يفطنون لهذا الاستثناء من أي شيء هو وما هو المستثنى منه فتأمله فهو في غاية الإشكال وهو أصل في اشتراط المشيئة عند النطق بالأفعال.
والجواب أنا نقول هذا استثناء من الأحوال والمستثنى حالة من الأحوال وهي محذوفة قبل أن الناصبة وعاملة فيها أعني الحال عاملة في أن الناصبة.
وتقريره: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً} في حالة من الأحوال إلا معلقا بأن يشاء الله ثم حذفت معلقا والباء من أن فيكون النهي المتقدم مع إلا المتأخرة قد حصرت القول في هذه الحال دون سائر الأحوال فتختص هذه الحال بالإباحة وغيرها بالتحريم وترك المحرم واجب وليس شيء هناك يترك به الحرام إلا هذه فتكون واجبة فهذا مدرك الوجوب.
وأما مدرك التعليق فهو قولنا معلقا فإنه يدل على أنه تعليق في تلك الحالة كما إذا قال لا تخرج إلا ضاحكا فإنه يفيد الأمر بالضحك للخروج وانتظم معلقا مع أن بالباء المحذوفة واتجه الأمر بالتعليق على المشيئة من هذه الصيغة عند الوعد بالأفعال انتهى.

كتاب القضاء
باب القضاء
...
كتاب القضاء:
فائدة: القضاء واحد الأقضية والقضاء يعبر به عن معان كثيرة والأصل فيه الحتم والفراغ من الأمر ويجري على هذا جميع ما في القران من لفظ القضاء.
والمراد به في الشرع الإلزام.
وولاية القضاء رتبة دينية ونصبة شرعية.
قوله: "وهو فرض كفاية".
هذا المذهب.
جزم بة في المغني والشرح والنظم والوجيز والمنور والمنتخب وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في المذهب والخلاصة وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه سنة نصرة القاضي وأصحابه.
وقدمه ناظم المفردات وهو منها.
وعنه لا يسن دخوله فيه.
نقل عبد الله لا يعجبني هو أسلم.
فائدة نصب الإمام فرض على الكفاية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب بشروطه المتقدمة في أول باب قتال أهل البغى.
وذكر في الفروع رواية أنه ليس فرض كفاية.
وهو ضعيف جدا ولم أره لغيره.
قوله: "فيجب".
يعنى على القول بأنه فرض كفاية على الإمام أن ينصب في كل إقليم قاضيا.
وقال في الرعاية يلزمه على الأصح.
والظاهر أنه مبنى على الوجوب والسنية.

قوله: "ويختار لذلك أفضل من يجد وأورعهم".
قاله الأصحاب.
وفي منتخب الآدمي البغدادي على الإمام نصب من يكتفى به.
قال في الرعاية يلزمه أن يولى قاضيا من أفضل وأصلح من يجد علما ودينا.
وعنه وورعا ونزاهة وصيانة وأمانة.
قوله: "ويجب على من يصلح له إذا طلب ولم يوجد غيره ممن يوثق به الدخول فيه".
يعنى على القول بأنه فرض كفاية.
ومراده إذا لم يشغله عما هو أهم منه.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وصححه في المذهب والخلاصة والرعايتين وغيرهم.
وجزم به الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه انه سئل هل يأثم القاضي بالامتناع إذا لم يوجد غيره ممن يوثق به.
قال لا يأثم.
وهذا يدل على أنه ليس بواجب.
قال في الفروع وعنه لا يسن دخوله فيه نقل عبد الله لا يعجبني هو أسلم.
وذكر ما رواه عن عائشه رضي الله عنها مرفوعا ليأتين على القاضي العدل ساعه يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة.
قال في الحاوى عن الرواية الثانية هذه الرواية محمولة على من لا يأمن على نفسة الضعف فيه أو على أن ذلك الزمان كان الحكام يحملون فيه القضاة على ما لا يحل ولا يمكنهم الحكم بالحق انتهى.
تنبيه: ظاهر قوله ويجب على من يصلح له إذا طلب أنه لا يجب عليه الطلب.
وهو صحيح وهو المذهب.
قدمه في الرعاية والفروع.
وقيل: يلزمه الطلب وهو ظاهر كلام الشارح.
ويحتمله كلام المصنف هنا.
وقيل: يحرم الطلب لخوفه ميلا.

فائدة: قال في الفروع وان وثق بغيره فيتوجه انه كالشهادة وظاهر كلامهم مختلف.
قوله: "فإن وجد غيره كره له طلبه بغير خلاف في المذهب".
يعنى فيما إذا اطلع عليه وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يكره له طلبه لقصد الحق ودفع غير المستحق.
وقيل يكره مع وجود أصلح منه أو غناه عنه أو شهرته ذكره في الرعاية.
قال في الفروع ويتوجه وجه بل يستحب طلبة لقصد الحق ودفع غير المستحق.
قال الماوردى ويتوجه وجه يحرم بدونه.
قوله: "وإن طلب فالأفضل أن لا يجيب إليه فى ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله".
يعنى إذا وجد غيره وطلب هو وهو المذهب مطلقا.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والفروع والشرح وغيرهم.
واختاره القاضي وغيره.
وقال بن حامد الأفضل الإجابة إذا امن من نفسه.
ذكره المصنف هنا.
وأطلقهما في المحرر.
وقيل الأفضل الإجابة إلية مع خموله.
قال المصنف في المغنى والكافي والشارح.
وقال بن حامد إن كان رجلا خاملا لا يرجع إليه في الأحكام فالأولى له التولية ليرجع إليه في ذلك ويقوم الحق به وينتفع به المسلمون وإن كان مشهورا في الناس بالعلم ويرجع إليه في تعليم العلم والفتوى له اشتغال بذلك انتهيا.
فلعل بن حامد له قولان.
وقد حكاهما في الفروع وغيره قولين.
وقيل الإجابة أفضل مع خموله وفقره.
فائدتان:
إحداهما: يحرم بذل المال في ذلك ويحرم أخذه وطلبه وفيه مباشر أهل له.

قال في الفروع وظاهر تخصيصهم الكراهه بالطلب أنه لا يكره توليه الحريص ولا ينفى أن غيره أولى.
قال يتوجه وجه.
قلت هذا التوجيه هو الصواب.
الثانية: تصح ولاية المفضول مع وجود الأفضل على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تصح إلا لمصلحة.
قوله: "ومن شرط صحتها معرفة المولى كون المولى على صفة تصلح للقضاء وتعيين ما يوليه الحكم فيه من الأعمال والبلدان ومشافهته بالولاية أو مكاتبته بها واستشهاد شاهدين على توليته".
قدم المصنف أنه يشترط في ولايته إما بالمكاتبة وإما المشافهه واستشهاد شاهدين على ذلك فقط وهذا أحد الوجهين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى الصغير.
وهو ظاهر ما جزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وقال القاضي تثبت بالاستفاضه إذا كان بلدة قريبا فتستفيض فيه أخبار بلد الإمام وهذا المذهب.
قال في الفروع والأصح تثبت بالاستفاضه.
وجزم به في المحرر ونهاية بن رزين والنظم والمنور ومنتخب الآدمي والوجيز والشرح.
وهو عجيب منه إلا أن تكون النسخه مغلوطه.
وجزم بة المصنف في أول كتاب الشهادات.
تنبيهان:
أحدهما: حد الأصحاب البلد القريب بخمسة أيام فما دون.
وأطلق الآدمي الاستفاضه وظاهرة مع البعد.
قال في الفروع وهو متجه.
قلت وهو الصواب والعمل عليه في الغالب وهو قول أصحاب أبي حنيفة.
الثاني: ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا تصح الولاية بمجرد الكتابة إليه.بذلك من غير اشهاد وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.

وقال في الفروع وتتوجه صحتها بناء على صحه الإقرار بالخط.
وهو احتمال للقاضي في التعليق.
ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
قوله: "وهل تشترط عدالة المولى بكسر اللام اسم فاعل على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوى الصغير.
وأطلقهما في المحرر في نائب الإمام.
قال في الرعايتين والحاوى بعد أن أطلقوا الخلاف وقيل الروايتان في نائب الإمام دونه.
إحداهما: لا تشترط وهو المذهب.
صححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والنظم في الإمام.
وصححه في النظم وغيره.
والرواية الثانية: لا تشترط.
وعنه تشترط العداله في سوى الإمام.
وتقدم كلامه في الرعايتين والحاوى.
ثم قال في الرعاية إن قلنا الحاكم نائب الشرع صحت منهما وإلا فلا.
قلت في الإمام وجهان هل تصرفه بطريق الوكاله أو الولاية.
اختار القاضي الأول.
وقال في الوجيز و إذا كان المولى نائب الإمام لم تشترط عدالته.
قوله: "وألفاظ التولية الصريحة سبعة وليتك الحكم وقلدتك واستنبتك واستخلفتك ورددت إليك وفوضت إليك وجعلت إليك الحكم".
زاد في الرعايتين والحاوى "واستكفيتك".
وذكرها في الخلاصة ولم يذكر "استنبتك".
وقيل "رددته فوضته وجعلته إليك" كناية.

قوله: "فإذا وجد لفظ منها والقبول من المولى انعقدت الولاية".
وكذا قال في الوجيز.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى فإذا وجد أحد هذه الألفاظ وجوابها من المولى بالقبول انعقدت الولاية.
وهو قريب من الأول.
وفي المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم فإذا وجد لفظ منها وقبول المولى في المجلس إن كان حاضرا أو فيما بعده إن كان غائبا انعقدت الولاية.
وفي الكافي والشرح فإذا أتى بواحد منها واتصل القبول انعقدت الولاية.
زاد في الشرح كالبيع والنكاح وغير ذلك.
وفي منتخب الآدمي يشترط فورية القبول مع الحضور.
وفي المنور وفورية القبول.
هذه عباراتهم.
فيحتمل أن يكون مراد صاحب الهداية ومن تابعه ما قاله صاحب المحرر ومن تابعه أنه يشترط للحاضر القبول في المجلس.
وأن مراده في الكافى والشرح بالاتصال المجلس بدليل قوله كالبيع والنكاح.
وأما المنتخب والمنور فمخالف لهم.
وكلامه في الكافى والشرح يقرب من ذلك.
ويحتمل أن يكون كلام صاحب الهداية ومن تابعه على ظاهره وأنه.لا يشترط للقبول المجلس ولم نره صريحا.
فيكون في المسأله وجهان وكلامه في المنتخب والمنور وجه ثالث.
وقد قال كثير من الأصحاب هل القضاة نواب الإمام أو نواب المسلمين فيه وجهان.
وقد قال القاضي عزل القاضي نفسه يتخرج على روايتين بناء على أنه هل هو وكيل للمسلمين أم لا؟ فيه روايتان.
وقال كثير من الأصحاب هل ينعزل قبل علمه بالعزل على وجهين بناء على الوكيل.
وقد قال الأصحاب لا يشترط للوكيل القبول في المجلس والله أعلم.
تنبيه: قوله: والقبول من المولى.
إن قبل باللفظ فلا نزاع في انعقادها.

وان قبل بالشروع في العمل وان كان غائبا فالصحيح من المذهب انعقاد الولاية بذلك.
قال في الفروع والأصح أو شرع غائب في العمل.
وقدمه في الرعايتين.
وقيل لا ينعقد بذلك.
وقال في الرعايتين قلت وإن قلنا هو نائب الشرع كفى الشروع في العمل وإن قلنا هو نائب من ولاه فلا.
وحكى القاضي في الأحكام السلطانية في ذلك احتمالين وجعل مأخذهما هل يجرى الفعل مجرى النطق لدلالته عليه.
قال في القاعده الخامسة والخمسين ويحسن بناؤهما على أن ولاية القضاء عقد جائز أو لازم.
قوله: "والكناية نحو اعتمدت عليك وعولت ووكلت إليك واسندت إليك الحكم فلا ينعقد بها حتى يقترن بها قرينه نحو فاحكم أو فتول ما عولت عليك وما أشبهه".
وتقدم قول إن في رددته وفوضته وجعلته إليك كناية فلا بد أيضا من القرينه على هذا القول".
قوله: "و إذا ثبتت الولاية وكانت عامه استفاد بها النظر في عشرة أشياء فصل الخصومات واستيفاء الحق ممن هو عليه ودفعه إلى ربه والنظر في أموال اليتامى والمجانين والسفهاء والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس والنظر في الوقوف في عمله بأجرائها على شرط الواقف وتنفيذ الوصايا وتزويج النساء اللاتي لا ولي لهن وإقامة الحدود وإقامة الجمعة.
وكذا إقامة العيد.
وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به في الجملة.
وقال الناظم:
وقبض خراج والزكاة أجرة ... وأن يلي جمعة والعيد في المتجود
فظاهره إجراء الخلاف في الجمعة والعيد ولم أره لغيره.
ولعل الخلاف عائد إلى قبض الخراج والزكاة.

تنبيهان:
أحدهما: محل ذلك إذا لم يخصا بإمام.
الثاني: قوله وإقامة الجمعة وتبعه على ذلك ابن منجا في شرحه وصاحب المذهب الأحمد ومنتخب الآدمي والمنور.
وقال القاضي وإمامة الجمعة بالميم بدل القاف.
وتبعه صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والرعايتين والحاوى الصغير والوجيز والفروع وغيرهم.
وتقدم عبارة الناظم.
قال الحارثي قال الشيخ وإقامة الجمعة بالقاف وعلل بأن الأئمة كانوا يقيمونها والقاضي ينوب عنهم.
والإقامة قد يراد بها ولايه الإذن في إقامتها ومباشرة الإمامة فيها.
وقد يراد بها نصب الأئمه مع عدم ولايه أصل الإذن.
وقال في المغنى إمامة بالميم كقول أبي الخطاب وغيره وكذا القاضي.
فيحتمل إرادة نصب الأئمه وهذا أظهر.
وفيه جمع بين العبارتين فإن النصب فيهما إقامة لهما.
وعلى هذا نصب أئمة المساجد.
ويحتمل إرادة فعل الإمامة كما صرح به بعض شيوخنا في مصنفه.
قال وأن يؤم في الجمعة والعيد مع عدم إمام خاص لهما.
إلا أن الحمل على هذا يلزم منه أن يكون له الإقامة أوالإمامة إلا في بقعة من عمله لا في جميع عمله إذ لا يمكن منه الفعل إلا في بقعة واحدة منه وهو خلاف الظاهر من إطلاق أن له فعل ذلك في عمله انتهى.
قلت عبارته في الرعايتين والحاوى وأن يؤم في الجمعة والعيد كما في نقله الحارثي عن بعض مشايخه.
فائدة: من جمله ما نستفيده مما ذكره المصنف هنا النظر في عمل مصالح عمله بكف الأذى عن طرقات المسلمين [....] وأقليتهم وتصفح حال شهوده وأمنائه والاستبدال ممن ثبت جرحه منهم.

وينظر أيضا في أقوال الغائبين.
على ما ياتي في أواخر باب آداب القاضي.
قوله: "فأما جباية الخراج وأخذ الصدقه فعلى وجهين".
ومحلهما إذا لم يختصا بعامل.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والهادي والمحرر والشرح والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
أحدهما: يستفادان بالولايه وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم كما تقدم.
وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني: لا يستفادان بها.
وهو ظاهر كلامه في المنور ومنتخب الآدمي.
وقيل لا يستفاد الخراج فقط.
تنبيه: مفهوم قوله استفاد بها النظر في عشرة أشياء أنه لا يستفيد غيرها.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في التبصرة ويستفيد أيضا الاحتساب على الباعة والمشترين وإلزامهم باتباع الشرع.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله ما يستفيده بالولايه لا حد له شرعا بل يتلقى من الألفاظ والأحوال والعرف.
ونقل أبو طالب أمير البلد إنما هو مسلط على الأدب وليس له المواريث والوصايا والفروج والحدود إنما يكون هذا إلى القاضي.
قوله: وله طلب الرزق لنفسه وأمنائه وخلفائه مع الحاجة.
هذا المذهب مطلقا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والكافى والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والحاوى.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه يجوز مع الحاجة بقدر عمله.

قوله: "فأما مع عدمها فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والكافى والمحرر.
أحدهما: له ذلك وله أخذه وهو المذهب.
صححه في المغنى والشرح والنظم والتصحيح وتصحيح المحرر وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوى الصغير.
قال في الفروع واختار جماعة وبدون حاجة.
والوجه الثاني: ليس له ذلك ولا له أخذه.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وقيل له الأخذ إن لم يتعين عليه.
وعنه لا يأخذ أجرة على أعمال البر.
فائدتان:
إحداهما: إذا لم يكن له ما يكفيه ففي جواز أخذه من الخصمين وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى والحاوى الصغير.
أحدهما: يجوز.
قال في الكافى و إذا قلنا بجواز أخذ الرزق فلم يجعل له شيء فقال لا أقضى بينكما إلا بجعل جاز.
وقال في المغنى والشرح فإن لم يكن للقاضي رزق فقال للخصمين لا أقضى بينكما حتى تجعلا لي عليه جعلا جاز.
ويحتمل أن لا يجوز انتهيا.
والوجه الثاني: لا يجوز.
اختاره في الرعايتين والنظم.
قلت وهو الصواب.
وياتي حكم الهدية في الباب الذي يليه.
الثانية: لو تعين عليه أن يفتى وله كفاية فهل يجوز له الأخذ فيه وجهان وأطلقهما في آداب المفتى والرعاية الكبرى وأصول بن مفلح وفروعه

واختار بن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين عدم الجواز.
ومن أخذ رزقا من بيت المال لم يأخذ أجرة لفتياه وفي أجرة خطه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: لا يجوز.
قدمه بن مفلح في أصوله.
واختاره الشيخ بن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين.
الثاني: لا يجوز.
ونقل المروذى فيمن يسال عن العلم فربما أهدي له قال لا يقبل إلا أن يكافئ.
ويأتي أيضا حكم هدية المفتى عند ذكر هدية القاضي.
قوله: "ولا يجوز له أن يوليه عموم النظر في عموم العمل ويجوز أن يوليه خاصا في أحدهما أو فيهما فيوليه عموم النظر في بلد أو محله خاصة" بلا نزاع.
قوله: "فينفذ قضاءه في أهله ومن طرأ إليه".
بلا نزاع أيضا.
لكن لا يسمع بينه في غير عمله وهو محل حكمه ويجب إعادة الشهادة.
ذكره القاضي وأبو الخطاب وغيرهما لتعديلها قاله في الفروع.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين.
ويأتي في آخر الباب الذي يليه أخبار الحاكم لحاكم آخر بحكم أو ثبوت في عملهما أو في غيره.
قوله: "ويجوز أن يولى قاضيين أو أكثر في بلد واحد ويجعل إلى".
كل واحد منهما عملا فيجعل إلى أحدهما الحكم بين الناس وإلى الآخر عقود الأنكحة دون غيرها.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل إن اتحد الزمن أو المحل لم يجز توليه قاضيين فأكثر وإلا جاز.
قوله: "فإن جعل إليهما عملا واحدا جاز".
هذا المذهب.
صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب في الهداية والأقوى عندي أنه لا يجوز.
وصححه في الخلاصة.
وأطلقهما في المذهب.
وقيل إن اتحد عملهما أو الزمن أو المحل لم يجز وإلا جاز.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
فوائد:
الأولى: حيث جوزنا جعل قاضيين فأكثر في عمل واحد لو تنازع الخصمان في الحكم عند أحدهم قدم قول صاحب الحق وهو الطالب ولو طلب حكم النائب أجيب.
فلو كانا مدعيين اختلفا في ثمن مبيع باق اعتبر أقرب الحكمين ثم القرعة.
وقيل يعتبر اتفاقهما.
وقال في الرعاية يقدم منهما من طلب حكم المستنيب.
وقال في الترغيب إن تنازعا أقرع.
قال في القاعده الأخيرة لو اختلف خصمان فيمن يحتكمان إليه قدم المدعى فإن تساويا في الدعوى اعتبر أقرب الحاكمين إليهما فإن استويا أقرع بينهما.
وقيل يمنعان من التخاصم حتى يتفقان على أحدهما.
قال القاضي والأول أشبه بقولنا.
الثانية: قال في الرعاية الكبرى ويجوز لكل ذي مذهب أن يولى من غير مذهبه ذكره في مكانين من هذا الباب.
وقال فإن نهاه عن الحكم في مسألة احتمل وجهين انتهى.
قلت الصواب الجواز.
وقال ذلك في الرعاية الصغرى أيضا والحاوى الصغير.
قال الناظم:
وتولية المرء المخالف مذهب الم ... ولى أجز من غير شرط مقيد
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله ومتى استناب الحاكم من غير أهل مذهبه إن كان لكونه أرجح فقد أحسن مع صحة ذلك وإلا لم يصح.
قال في الفروع في باب الوكاله ويتوجه جوازها إذا جاز له الحكم ولم يمنع منه مانع.

وذلك مبنى على جواز تقليد غير إمامه وإلا انبنى على أنه هل يستنيب فيما لا يملكه كتوكيل مسلم ذميا في شراء خمر ونحوه انتهى.
وقال القاضي جمال الدين المرداوي صاحب الانتصار في الحديث في الرد على من جوز المناقلة لا يجوز أن يستنيب من غير أهل مذهبه.
قال ولم يقل بجواز ذلك من الأصحاب إلا بن حمدان في رعايتيه انتهى.
الثالثه: قال المصنف والشارح وغيرهما لا يجوز أن يقلد القضاء لواحد على أن يحكم بمذهب بعينه.
قالا وهذا مذهب الشافعي رحمه الله ولا نعلم فيه خلافا.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله من أوجب تقليد إمام بعينه استتيب فإن تاب وإلا قتل.
قال وإن قال ينبغي كان جاهلا ضالا.
قال ومن كان متبعا لإمام فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل أو لكون أحدهما أعلم وأتقى فقد أحسن ولم يقدح في عدالته بلا نزاع قال وهذه الحال تجوز عند ائمة الإسلام.
وقال أيضا بل تجب وأن الإمام أحمد رحمه الله نص عليه انتهى.
وياتي قريبا في أحكام المفتي والمستفتي.
قوله: "فإن مات المولي بكسر اللام أو عزل المولي بفتحها مع صلاحيته لم تبطل ولايته في أحد الوجهين".
إذا مات المولى بكسر اللام فهل ينعزل المولى فيه وجهان أطلقهما المصنف هنا.
وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
أحدهما: لا ينعزل وهو المذهب.
صححه في الترغيب والنظم والتصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
قال الشارح والأولى إن شاء الله تعالى أنه لا ينعزل قولا واحدا انتهى.
قال الزركشي في باب نكاح أهل الشرك في مسالة نكاح المحرم المشهور لا ينعزل بموته.
والوجه الثاني: ينعزل كما لو كان الميت أو العازل قاضيا.
وقال في الرعاية إن قلنا الحاكم نائب الشرع لم ينعزل.

وإن قلنا هو نائب من ولاه انعزل.
وأما إذا عزل الإمام أو نائبه القاضي المولى مع صلاحيته فهل ينعزل وتبطل ولايته فيه وجهان.
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا.
أحدهما: لا تبطل ولايته ولا ينعزل وهو الصحيح من المذهب.
جزم به الآدمي في منتخبه.
وقدمه في الرعايتين والحاوى الصغير والفروع والمحرر.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
والوجه الثاني تبطل ولايته وينعزل.
صححه في التصحيح والنظم.
وإليه ميل المصنف والشارح وابن منجا في شرحه.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
وجزم به في الوجيز.
قال في الفروع واختاره جماعة.
قال المصنف في المغنى كالولى.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله كعقد وصى وناظر عقدا جائزا كوكالة وشركه ومضاربه انتهى.
ومنشأ الخلاف أن القضاة هل هم نواب الإمام أو المسلمين فيه وجهان معروفان ذكرهما في القواعد الفقهية وغيره.
أحدهما: هم نواب المسلمين.
فعليه لا ينعزلون بالعزل واختاره ابن عقيل.
والثاني هم نواب الإمام فينعزلون بالعزل.
فوائد:
الأولى: مثل ذلك في الحكم كل عقد لمصلحه المسلمين كوال ومن ينصب لجباية مال وصرفه وأمير الجهاد ووكيل بيت المال والمحتسب.
ذكره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وقال في الفروع وهو ظاهر كلام غيره.
وقال أيضا في الكل لا ينعزل بانعزال المستنيب وموته حتى يقوم غيره مقامه.

وقال في الرعاية في نائبه في الحكم وقيم الأيتام وناظر الوقف ونحوهم أوجه.
ثالثها: إن استخلفهم بإذن من ولاة وقيل وقال استخلف عنك انعزلوا انتهى.
ولا يبطل ما فرضه فارض في المستقبل وفيه احتمال.
الثانية: لو كان المستنيب قاضيا فزالت ولايته بموت أو عزل أو غيره كما لو اختل فيه بعض شروطه انعزل نائبه وإن لم ينعزل في المسائل التي قبلها.
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وصححه في النظم وغيره.
وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوى الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الرعاية الكبرى وكل قاض مات أو عزل نفسه وصح عزله في الأصح أو عزل من ولاه وصح عزله أو انعزل بفسق أو غيره انعزل نائبه في شغل معين كسماع بينة خاصة وبيع تركة ميت خاصة.
وقال وفي خلفائه ونائبه في الحكم في كل ناحية وبلد وقريه وقيم الأيتام وناظر الوقوف ونحوهم أوجه العزل وعدمه وهو بعيد.
والثالث: إن استخلفهم بإذن من ولاه انعزلوا.
والرابع: إن قال للمولى استخلف عنك انعزلوا.
وإن قال استخلف عني فلا كما تقدم انتهى.
وحكى ابن عقيل عن الأصحاب ينعزل نواب القاضي لأنهم نوابه ولا ينعزل القضاة لأنهم نواب المسلمين.
وفي الأحكام السلطانية لا ينعزل نواب القضاة.
واختاره في الترغيب.
وجزم في الترغيب أيضا أنه ينعزل نائبه في أمر معين من سماع شهادة معينة وإحضار مستعدى عليه.
وقاله في الرعاية الكبرى.
فعلى هذا الوجه لو عزله في حياته لم ينعزل قاله في الفروع.
الثالثة: لو عزل نفسه في أصح الوجهين.
قاله في الرعاية الكبرى والفروع.
وقدمه في الرعاية الصغرى.
وقال في الرعاية الكبرى من عنده ومن لزمه قبول توليه القضاء ليس له عزل نفسه.
قلت وهو الصواب.
وقال في الرعاية أيضا له عزل نائبه بأفضل منه.

وقيل بمثله.
وقيل بدونه لمصلحة الدين.
وقال القاضي عزل نفسه يتخرج على روايتين بناء على أنه هل هو وكيل للمسلمين أم لا فيه روايتان.
نص عليهما في خطأ الإمام.
فإن قيل في بيت المال فهو وكيل فله عزل نفسه وإن قلنا على عاقلته فلا.
وذكر القاضي هل لمن ولاه عزله فيه الخلاف السالف.
وقال في الفروع في باب العاقلة وخطأ إمام وحاكم في حكم بيت المال وعليها للإمام عزل نفسه.
ذكره القاضي وغيره انتهى.
وتقدم في أول باب قتال أهل البغي الخلاف في تصرف الإمام على الناس هل هو بطريق الوكالة أو الولاية فليعاود.
قوله: "وهل ينعزل قبل علمه بالعزل على وجهين بناء على الوكيل".
وبناء الخلاف هنا على روايتي عزل الوكيل قبل علمه بانعزاله قاله القاضي.
وقاله في الهداية والمستوعب والمصنف والشارح وصاحب المحرر وابن منجا في شرحه وغيرهم.
فيكون المرجح على قول هؤلاء عزله على ما تقدم في باب الوكالة.
وذكرهما من غير بناء في المذهب والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع وغيرهم وأطلق الخلاف في المذهب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: ينعزل قبل علمه.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز.
وهو المذهب على المصطلح عليه في الخطبة.
والوجه الثاني: لا ينعزل قبل علمه.

صححه في الرعاية وهو الصواب الذي لا يسع الناس غيره.
وقال في التلخيص لا ينعزل قبل العلم بغير خلاف وإن انعزل الوكيل.
ورجحه الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله قال لأن في ولايته حقا لله تعالى وإن قيل إنه وكيل فهو شبيه بنسخ الأحكام لا يثبت قبل بلوغ الناسخ على الصحيح بخلاف الوكالة المحضة.
وأيضا فإن ولاية القاضي العقود والفسوخ فتعظم البلوى بإبطالها قبل العلم بخلاف الوكالة.
قلت وهذا الصواب.
قال في الرعايه بعد أن أطلق الوجهين أصحهما بقاؤه حتى يعلم به.
فائدة: لو أخبر بموت قاضي بلد فولى غيره حيا لم ينعزل على الصحيح من المذهب.
وقيل ينعزل.
قوله: "و إذا قال المولي من نظر في الحكم في البلد الفلاني من فلان وفلان فهو خليفتي أو قد وليته لم تنعقد الولاية لمن ينظر".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وذلك لجهالة المولى منهما.
ذكره القاضي وغيره.
وعلله المصنف وتبعه الشارح بأنه علق الولاية بشرط.
ثم ذكر احتمالا بالجواز للخبر أميركم زيد.
قال في الفروع والمعروف صحة الولاية بشرط.
وهو كما قال وعليه الأصحاب.
قال في المحرر وغيره ويصح تعليق القضاء والإمارة بالشرط.
وأما إذا وجد الشرط بعد موته فسبق ذلك في باب الموصي إليه.
تنبيه: قوله: "وإن قال وليت فلانا وفلانا فمن نظر منهما فهو خليفتي انعقدت الولاية".
لأنه ولاهما ثم عين من سبق فتعين.
قوله: "ويشترط في القاضي عشر صفات أن يكون بالغا".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

وقطع به أكثرهم.
وقدمه في الفروع.
ولم يذكر أبو الفرج الشيرازى في كتبه بالغا وظاهره عدم اشتراطه.
قوله: "حرا".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به أكثرهم.
وقيل لا تشترط الحريه فيجوز أن يكون عبدا قاله ابن عقيل وأبو الخطاب.
وقال أيضا يجوز بإذن السيد.
فائدة: يصح ولايه العبد إمارة السرايا وقسم الصدقات والفيء وإمامة الصلاة ذكره القاضي محل وفاق.
قوله: "مسلما".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الانتصار في صحه إسلامه لا نعرف فيه رواية وإن سلم.
وقال في عيون المسائل يحتمل المنع وإن سلم.
قوله: "عدلا".
هذا المذهب ولو كان تائبا من قذف نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل إن فسق بشبهة فوجهان.
وياتي بيان العدالة في باب شروط من تقبل شهادته.
وقد قال الزركشى العدالة المشترطة هنا هل هي العدالة ظاهرا وباطنا كما في الحدود أو ظاهرا فقط كما في إمامة الصلاة والحاضن وولى اليتيم ونحو ذلك وفيها الخلاف كما في العدالة في الأموال ظاهر اطلاقات الأصحاب أنها كالتي في الأموال.
وقد يقال إنها كالتي في الحدود انتهى.
قوله: "سميعا بصيرا".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.

وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يشترطان.
قوله: "مجتهدا".
هذا المذهب المشهور وعليه معظم الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال بن حزم يشترط كونه مجتهدا إجماعا.
وقال أجمعوا أنه لا يحل لحاكم ولا لمفت تقليد رجل فلا يحكم ولا يفتي إلا بقوله.
وقال في الإفصاح الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة وأن الحق لا يخرج عنهم قال المصنف في خطبة المغني النسبة إلى إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة فإن اختلافهم رحمة واتفاقهم حجة قاطعة قال بعض الحنفيه وفيه نظر فإن الإجماع ليس عبارة عن الأئمة الأربعة وأصحابهم.
قال في الفروع وليس في كلام الشيخ ما فهمه هذا الحنفي انتهى.
واختار في الترغيب ومجتهدا في مذهب إمامة للضرورة.
واختار في الإفصاح والرعاية أو مقلدا.
قلت وعليه العمل من مدة طويلة وإلا تعطلت أحكام الناس.
وقيل في المقلد يفتى ضرورة.
وذكر القاضي أن بن شاقلا اعترض عليه بقول الإمام أحمد رحمه الله لا يكون فقيها حتى يحفظ أربعمائة ألف حديث فقال إن كنت لا أحفظه فإني أفتي بقول من يحفظ أكثر منه قال القاضي لا يقتضي هذا أنه كان يقلد الإمام أحمد رحمه الله لمنعه الفتيا بلا علم.
قال بعض الأصحاب ظاهره تقليده إلا أن يحمل على أخذه طرق العلم عنه.
وقال بن بشار من الأصحاب ما أعيب على من يحفظ خمس مسائل للإمام أحمد رحمه الله يفتى بها.

قال القاضي هذا منه مبالغة في فضله.
وظاهر نقل عبد الله يفتى غير مجتهد.
ذكره القاضي.
وحمله الشيخ تقي الدين رحمه الله على الحاجة.
فعلى هذا يراعى ألفاظ إمامة ومتأخرها ويقلد كبار مذهبه في ذلك.
قال في الفروع وظاهره أنه يحكم ولو اعتقد خلافه لأنه مقلد وأنه لا يخرج عن الظاهر عنه فيتوجه مع الاستواء الخلاف في مجتهد انتهى.
وقال في أصوله قال بعض أصحابنا مخالفة المفتي نص إمامة الذي قلده كمخالفة المفتي نص الشارع.
فائده يحرم الحكم والفتيا بالهوى إجماعا وبقول أو وجه من غير نظر في الترجيح إجماعا ويجب أن يعمل بموجب اعتقاده فيما له أو عليه إجماعا.
قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويأتي قريبا شيء من أحكام المفتى.
قوله: "وهل يشترط كونه كاتبا على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر وشرح ابن منجا وتجريد العناية والزركشي وغيرهم.
أحدهما: لا يشترط ذلك وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم والحاوى الصغير وتصحيح المحرر وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي لكونهم لم يذكروه في الشروط.
قال ابن عبدوس في تذكرته والكاتب أولى.
وقدمه في المغنى والكافى والشرح وشرح بن رزين والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: يشترط.
قدمه في الرعايتين والحاوى الصغير.
لكن صحح الأول.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط فيه غير ما تقدم وهو المذهب.وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في الفروع والرعايه الكبرى.

وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لكونهم لم ينكروه.
وقال الخرقى وصاحب الروضه والحلواني وابن رزين والشيخ تقى الدين رحمهم الله يشترط كونه ورعا وهو الصواب.
قال الزركشى وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله على ما حكاة أبو بكر في التنبيه.
وقيل يشترط كونه ورعا زاهدا.
وأطلق في الترغيب وتجريد العناية فيهما وجهين.
وقال ابن عقيل لا مغفلا.
قال بعض مشايخنا الذي يظهر الجزم به وهو كما قال.
والذي يظهر أنه مراد الأصحاب وأنه يخرج من كلامهم.
وقال القاضي في موضع لابليدا.
قلت وهو الصواب.
وقال القاضي أيضا لا نافيا للقياس.
وجعله ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الولاية لها ركنان القوة والأمانة فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم بالعدل وتنفيذ الحكم والأمانة ترجع إلى خشية الله عز وجل.
قال وهذه الشروط تعتبر حسب الإمكان ويجب توليه الأمثل فالأمثل قال وعلى هذا يدل كلام الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
فيولى للعدم أنفع الفاسقين وأقلهما شرا وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد.
قال في الفروع وهو كما قال فإن المروذى نقل فيمن قال لا أستطيع الحكم بالعدل يصير الحكم إلى أعدل منه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قال بعض العلماء إذا لم يوجد إلا فاسق عالم أو جاهل دين قدم ما الحاجة إليه أكثر إذن انتهى.
تنبيه لا يشترط غير ما تقدم ولا كراهة فيه.
فالشاب المتصف بالصفات المعتبرة كغيره لكن الأسن أولى مع التساوي.
ويرجح أيضا بحسن الخلق وغير ذلك ومن كان أكمل في الصفات ويولى المولى مع أهليته.
فائدتان:
إحداهما: كل ما يمنع من تولية القضاء ابتداء يمنعها دواما على الصحيح من المذهب فينعزل إذا طرأ ذلك عليه مطلقا.

وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في الرعاية وغيره.
وقال في المحرر والزركشى والوجيز ومن تابعهم ما فقد من الشروط.في الدوام أزال الولاية إلا فقد السمع والبصر فيما يثبت عنده ولم يحكم به فإن ولاية حكمه باقية فيه.
وقال في الانتصار في فقد البصر فقط.
وقيل إن تاب فاسق أو أفاق من جن أو أغمى عليه وقلنا ينعزل بالإغماء فولايته باقية.
وقال في الترغيب إن جن ثم أفاق احتمل وجهين.
وقال في المعتمد إن طرأ جنون فقيل إن لم يكن مطبقا لم يعزل كالإغماء وإن أطبق به وجب عزله.
وقال الأشبه بقولنا يعزل إن أطبق شهرا لأن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أجاز شهادة من يخنق في الأحيان وقال في الشهر مرة.
قال في الفروع كذا قال.
الثانية: لو مرض مرضا يمنع القضاء تعين عزله.
قدمه في الفروع.
وقال المصنف والشارح ينعزل.
قوله: "والمجتهد من يعرف من كتاب الله وسنه رسوله عليه الصلاة والسلام الحقيقة والمجاز والأمر والنهي والمجمل والمبين والمحكم والمتشابه والخاص والعام والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمستثنى والمستثني منه ويعرف من السنة صحيحها من سقيمها ومتواترها من آحادها ومرسلها ومتصلها ومسندها ومنقطعها مما له تعلق بالأحكام خاصة ويعرف ما أجمع عليه مما اختلف فيه والقياس وحدوده وشروطه وكيفية.استنباطه والعربية المتداولة بالحجاز والشام والعراق وما يواليهم وكل ذلك مذكور في أصول الفقه وفروعه".
فمن وقف عليه ورزق فهمه صلح للفتيا والقضاء وبالله التوفيق.
وكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في الفروع فمن عرف أكثره صلح للفتيا والقضاء.
قال في الوجيز فمن وقف على أكثر ذلك وفهمه صلح للفتيا والقضاء.

وقال في المحرر فمن وقف عليه أو على أكثره ورزق فهمه صلح للفتيا والقضاء انتهى.
وقيل يشترط أن يعرف أكثر فروع الفقه.
وقال في الواضح يجب معرفه جميع أصول الفقه وأدلة الأحكام.
وقال أبو محمد الجوزى من حصل أصول الفقه وفروعه فمجتهد انتهى.
وقال ابن مفلح في أصوله والمفتى العالم بأصول الفقه وما يستمد منه والأدلة السمعية مفصله واختلاف مراتبها غالبا.
واعتبر بعض أصحابنا معرفه أكثر الفقه والأشهر لا انتهى.
وقال في آداب المفتى لا يضر جهله ببعض ذلك لشبهه أو إشكال لكن يكفيه معرفة وجوه دلالة الأدلة ويكفيه أخذ الأحكام من لفظها ومعناها.
زاد ابن عقيل في التذكرة ويعرف الاستدلال واستصحاب الحال والقدرة على إبطال شبهة المخالف وإقامة الدلائل على مذهبه انتهى.
وقال في آداب المفتى أيضا وهل يشترط معرفة الحساب ونحوه من المسائل المتوقفة عليه فيه خلاف.
ويأتي بعد فراغ الكتاب أقسام المجتهدين.
وتقدم قريبا عند قوله "مجتهد" أنه لا يفتي إلا مجتهد على الصحيح.
فوائد:
منها: لو أداه اجتهاده إلى حكم لم يجز له تقليد غيره إجماعا.
ويأتي هذا في كلام المصنف في أول الباب الذي يليه في قوله ولا يقلد غيره وإن كان أعلم منه.
وإن لم يجتهد لم يجز أن يقلد غيره أيضا مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في رواية الفضل بن زياد.
قال بن مفلح في أصوله قاله أحمد وأكثر أصحابه.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجوز.
اختاره الشيرازي وقال مذهبنا جواز تقليد العالم للعالم.
قال أبو الخطاب وهذا لا نعرفه عن أصحابنا.
نقله في الحاوى الكبير في الخطبة.
وعنه يجوز مع ضيق الوقت.

وقيل يجوز لأعلم منه.
وذكر أبو المعالى عن الإمام أحمد رحمه الله يقلد صحابيا ويخير فيهم ومن التابعين رضي الله عنه عمر بن عبد العزيز فقط.
وفي هذه المسأله للعلماء عدة أقوال غير ذلك.
وتقدم نظيرها في باب استقبال القبلة.
وقال في الرعايه يجوز له التقليد لخوفه على خصوم مسافرين فوت رفقتهم في الأصح.
ومنها: يتحرى الاجتهاد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال بن مفلح في أصوله قاله أصحابنا.
وصححه في الفروع وغيره.
وقطع به المصنف في الروضة وغيره.
وقيل لا يتحرى.
وقيل يتحرى في باب لا في مسألة.
ومنها: ويشتمل على مسائل كثيرة في أحكام المفتى والمستفتى.
تقدم قريبا تحريم الحكم والفتيا بالهوى وبقول أو وجه من غير نظر في الترجيح إجماعا.
واعلم أن السلف الصالح رحمهم الله كانوا يهابون الفتيا ويشددون فيها ويتدافعونها.
وأنكر الإمام أحمد رحمه الله وغيره على من تهجم في الجواب.
وقال لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى.
وقال إذا هاب الرجل شيئا لا ينبغي أن يحمل على أن يقول.
إذا علمت ذلك ففي وجوب تقديم معرفة فروع الفقه على أصوله وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يجب تقديم معرفة فروع الفقه.
اختاره القاضي وغيره.
قال في آداب المفتي وهو أولى.
والثاني: يجب تقديم معرفة أصول الفقه.
اختاره ابن عقيل وابن البنا وغيرهما.
قال في آداب المفتي وقد أوجب ابن عقيل وغيره تقديم معرفة أصول الفقه على فروعه.
ولهذا ذكره أبو بكر وابن أبي موسى والقاضي وابن البنا في أوائل كتبهم الفروعية.

وقال أبو البقاء العكبرى أبلغ ما يتوصل به إلى إحكام الأحكام اتقان أصول الفقه وطرف من أصول الدين انتهى.
وقال بن قاضي الجبل في أصوله تبعا لمسودة بني تيميه والرعاية الكبرى تقديم معرفتها أولى من الفروع عند ابن عقيل وغيره.
قلت في غير فرض العين.
وعند القاضي عكسه.
فظاهر كلامهم أن الخلاف في الأولوية ولعله أولى.
وكلام غيرهم في الوجوب.
وتقدم هل للمفتي الأخذ من المستفتى إذا كان له كفاية أم لا ويأتي هل له أخذ الهدية أم لا عند أحكام هدية الحاكم.
والمفتى من يبين الحكم الشرعي ويخبر به من غير إلزام.
والحاكم من يبينه ويلزم به قاله شيخنا في حواشي الفروع.
ولا يفتى في حال لا يحكم فيها كغضب ونحوه على ما ياتى في كلام المصنف قال ابن مفلح في أصوله فظاهره يحرم كالحكم.
وقال في الرعاية الكبرى لا يفتى في هذه الحال فإن أفتى وأصاب صح وكره.
وقيل لا يصح.
ويأتى نظيره في قضاء الغضبان ونحوه.
وتصح فتوى العبد والمرأة والقريب والأمي والأخرس المفهوم الإشارة أو الكتابة.
وتصح مع جر النفع ودفع الضرر.
وتصح من العدو على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعاية وآداب المفتى والفروع في باب أدب القاضي.
وقيل لا تصح كالحاكم والشاهد.
ولا تصح من فاسق لغيره وإن كان مجتهدا لكن يفتى نفسه ولا يسأل غيره.
وقال الطوفي في مختصره وغيره لا نشترط عدالته في اجتهاده بل في قبول فتياه وخبره.
وقال بن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين قلت الصواب جواز استفتاء الفاسق إلا أن يكون معلنا بفسقه داعيا إلى بدعته فحكم استفتائه حكم إمامته وشهادته.
ولا تصح من مستور الحال أيضا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وغيره من الأصوليين.

وقيل: تصح.
قدمه في آداب المفتى وعمل الناس عليه.
وصححه في الرعاية الكبرى.
واختاره الشيخ بن القيم في إعلام الموقعين.
وقيل تصح إن اكتفينا بالعدالة الظاهرة وإلا فلا.
والحاكم كغيره في الفتيا على الصحيح من المذهب.
وقيل يكره له مطلقا.
وقيل يكره في مسائل الأحكام المتعلقة به دون الطهارة والصلاة ونحوهما.
ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يجوز استفتاء إلا من يفتى بعلم وعدل.
ونقل المروذى لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى فيه.
ويأتى هل له قبول الهدية أم لا.
وليس لمن انتسب إلى مذهب إمام في مسألة ذات قولين أو وجهين أن.يتخير فيعمل أو يفتى بأيهما شاء بل إن علم تاريخ القولين عمل بالمتأخر إن صرح برجوعه عن الأول وكذا إن أطلق على الصحيح من المذهب فيهما.
وهل يجوز العمل بأحدهما إذا ترجح أنه مذهب لقائلهما.
وقال في آداب المفتى إذا وجد من ليس أهلا للتخريج والترجيح بالدليل اختلافا بين أئمة المذاهب في الأصح من القولين أو الوجهين فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة بآرائهم فيعمل بقول الأكثر والأعلم والأورع.
فان اختص أحدهما بصفة منها والآخر بصفة أخرى قدم الذي هو أحرى منهما بالصواب.
فالأعلم الأورع مقدم على الأورع العالم.
وكذلك إذا وجد قولين أو وجهين ولم يبلغه عن أحد من أئمته بيان الأصح منهما اعتبر أوصاف ناقليهما وقابليهما ويرجح ما وافق منهما أئمة أكثر المذاهب المتبوعة أو أكثر العلماء انتهى.
قلت وفيما قاله نظر.
وتقدم في آخر الخطبة تحرير ذلك.
و إذا اعتدل عنده قولان وقلنا يجوز أفتى بأيهما شاء.

قاله القاضي في الكفاية وابن حمدان وصاحب الفروع وغيرهم.
كما يجوز للمفتى أن يعمل بأي القولين شاء.
وقيل يخير المستفتى وإلا تعين الأحوط.
ويلزم المفتى تكرير النظر عند تكرر الواقعة مطلقا على الصحيح من المذهب.
جزم به القاضي وابن عقيل وقال وإلا كان مقلدا لنفسه لاحتمال تغير اجتهاده.
وقدمه بن مفلح في أصوله.
وقيل لا يلزمه لأن الأصل بقاء ما اطلع عليه وعدم غيره ولزوم السؤال ثانيا فيه الخلاف.
وعند أبى الخطاب والآمدى إن ذكر المفتى طريق الاجتهاد لم يلزمه وإلا لزمه.
قلت وهو الصواب.
وإن حدث ما لا قول فيه تكلم فيه حاكم ومجتهد ومفت.
وقيل لا يجوز في أصول الدين.
قال في آداب المفتى ليس له أن يفتى في شيء من مسائل الكلام مفصلا.
بل يمنع السائل وسائر العامة من الخوض في ذلك أصلا وقدمه في مقنعه.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
وقدم بن مفلح في أصوله أن محل الخلاف في الأفضلية لا في الجواز وعدمه واطلق الخلاف.
وقال في خطبة الإرشاد لا بد من الجواب.
وقال في إعلام الموقعين بعد أن حكى الأقوال والحق التفصيل وأن ذلك يجوز بل يستحب أو يجب عند الحاجة وأهلية المفتى والحاكم فإن عدم الأمران لم يجز وإن وجد أحدهما احتمل الجواز والمنع والجواب عند الحاجة دون عدمها انتهى.
وله تخيير من استفتاه بين قوله وقول مخالفه.
روى ذلك عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل يأخذ به إن لم يجد غيره أو كان أرجح.
وسأله أبو داود الرجل يسأل عن المسألة أدله على انسان يسأله قال إذا كان الذي أرشد إليه يتبع ويفتى بالسنة.
فقيل له إنه يريد الاتباع وليس كل قوله يصيب قال ومن يصيب في كل شيء.
وتقدم في آخر الخلع التنبيه على ذلك.

ولا يلزم جواب ما لم يقع لكن يستحب إجابته.
وقيل يكره.
قلت وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
ولا يجب جواب ما لا يحتمله كلام السائل ولا ما لا نفع فيه.
ومن عدم مفتيا في بلده وغيره فحكمه حكم ما قبل الشرع على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال في آداب المفتى وهو أقيس.
وقيل متى خلت البلدة من مفت حرمت السكنى فيها ذكره في الأداء المفتى.
وله رد الفتيا إن كان في البلد من يقوم مقامه وإلا لم يجز.
ذكره أبو الخطاب وابن عقيل وغيرهما.
وقطع به من بعدهم.
وإن كان معروفا عند العامة بفتيا وهو جاهل تعين الجواب على العالم.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله الأظهر لا يجوز في التي قبلها كسؤال عامي عما لم يقع.
قال في الفروع ويتوجه مثله حاكم في البلد غيرة لا يلزمه الحكم وإلا لزمه.
وقال في عيون المسائل في شهاده العبد الحكم يتعين بولايته حتى لا يمكنه رد محتكمين إليه ويمكنه رد من يستشهده.
وإن كان متحملا لشهادة فنادر أن لا يكون سواه.
وفي الحكم لا ينوب البعض عن البعض.
ولا يقول لمن ارتفع إليه امض إلى غيري من الحكام انتهى.
قال في الفروع ويتوجه تخريج من الوجه في اثم من دعى لشهاده قالوا لأنه تعين عليه بدعائه.
لكن يلزم عليه اثم من عين في كل فرض كفاية فامتنع.
قال وكلامهم في الحاكم ودعوة الوليمه وصلاة الجنازة خلافه انتهى.
ومن قوى عنده مذهب غير إمامه أفتى به وأعلم السائل.
ومن أراد كتابة على فتيا أو شهادة لم يجز أن يكبر خطه لتصرفه في ملك غيره بلا إذنه ولا حاجة كما لو أباحه قميصه فاستعمله فيما يخرجه عن العادة بلا حاجة.
ذكره ابن عقيل في الفنون وغيره.
وكذا قال في عيون المسائل إذا أراد أن يفتى أو يكتب شهادة لم يجز أن يوسع

له الأسطر ولا يكثر إذا أمكن الاختصار لأنه تصرف في ملك غيره بلا إذنه ولم تدع الحاجة إليه.
واقتصر على ذلك في الفروع.
وقال في أصوله ويتوجه مع قرينه خلاف.
ولا يجوز اطلاقه في الفتيا في اسم مشترك إجماعا بل عليه التفصيل.
فلو سئل هل له الأكل بعد طلوع الفجر فلا بد أن يقول يجوز بعد الفجر الأول لا الثاني.
ومسألة أبي حنيفة مع أبي يوسف وأبي الطيب مع قوم معلومين.
واعلم أنه قد تقدم أنه لا يفتى إلا مجتهد على الصحيح من المذهب.
وتقدم هناك قول بالجواز.
فيراعى ألفاظ إمامه ومتأخرها ويقلد كبار أئمة مذهبه.
والعامى يخير في فتواه فقط فيقول مذهب فلان كذا ذكره ابن عقيل وغيره.
وكذا قال الشيخ تقى الدين رحمه الله الناظر المجرد يكون حاكيا لا مفتيا.
وقال في آداب عيون المسائل إن كان الفقيه مجتهدا يعرف صحة الدليل كتب الجواب عن نفسه وإن كان ممن لا يعرف الدليل قال مذهب الإمام أحمد كذا مذهب الشافعي كذا فيكون مخبرا لا مفتيا.
ويقلد العامي من عرفه عالما عدلا أو رآه منتصبا معظما ولا يقلد من عرفه جاهلا عند العلماء.
قال المصنف في الروضه وغيرها يكفيه قول عدل ومراده خبير.
واعتبر بعض الأصحاب الاستفاضه بكونه عالما لا مجرد اعتزائه إلى العلم ولو بمنصب تدريس.
قلت وهو الصواب.
وقال ابن عقيل يجب سؤال أهل الثقة والخير.
قال الطوفى في مختصرة يقلد من علمه أو ظنه أهلا بطريق ما اتفاقا.
فإن جهل عدالته ففي جواز تقليده وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: عدم الجواز وهو الصحيح من المذهب.
نصرة المصنف في الروضه.
وقدمه بن مفلح في أصوله والطوفى في مختصره وغيرهما.

والثاني: الجواز.
قدمه في آداب المفتى.
وتقدم هل تصلح فتيا فاسق أو مستور الحال أم لا.
ويقلد ميتا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وهو كالإجماع في هذه الأعصار.
وقيل لا يقلد ميتا وهو ضعيف.
واختاره في التمهيد في أن عثمان رضي الله عنه لم يشترط عليه تقليد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لموتهما.
وينبغي للمستفتي أن يحفظ الأدب مع المفتى ويجله فلا يقول أو يفعل ما جرت عادة العوام به كإيماء بيده في وجهه وما مذهب إمامك في كذا وما تحفظ في كذا أو أفتاني غيرك أو فلان بكذا أو كذا.
قلت أنا أو وقع لى أو إن كان جوابك موافقا فاكتب.
لكن إن علم غرض السائل في شيء لم يجز أن يكتب بغيره.
أو يسأله في حال ضجر أو هم أو قيامه ونحوه ولا يطالبه بالحجة.
ويجوز تقليد المفضول من المجتهدين على الصحيح من المذهب.
قال بن مفلح في أصوله قاله أكثر أصحابنا القاضي وأبو الخطاب وصاحب الروضه وغيرهم.
وقدمه هو وغيره.
قال في فروعه في استقبال القبلة لا يجب عليه تقليد الأوثق على الأصح.
قال في الرعاية على الأقيس.
وعنه يجب عليه.
قال ابن عقيل يلزمه الاجتهاد فيهما فيقدم الأرجح.
ومعناه قول الخرقى كالقبله في الأعمى والعامى.
قال بن مفلح في أصوله أما لو بان للعامى الأرجح منهما لزمه تقليده.
زاد بعض أصحابنا في الأظهر.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب مخالف لذلك.
وقال في التمهيد إن رجح دين واحد.
قدمه في أحد الوجهين.

وفي الآخر لا لأن العلماء لا تنكر على العامى تركه.
وقال أيضا في تقديم الأدين على الأعلم وعكسه وجهان.
قلت ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تقديم الأدين حيث قيل له من نسأل بعدك قال عبد الوهاب الوراق فانه صالح مثله يوفق للحق.
قال في الرعايه ولا يكفيه من لم تسكن نفسه إليه وقدم الأعلم علي الأورع انتهى.
فإن استوى مجتهدان تخير.
ذكره أبو الخطاب وغيره من الأصحاب.
وقال بن مفلح في أصوله وقال بعض الأصحاب هل يلزم المقلد التمذهب بمذهب والأخذ برخصة وعزائمة فيه وجهان.
قلت قال في الفروع في اثناء باب شروط من تقبل شهادته وأما لزوم التمذهب بمذهب وامتناع الانتقال إلى غيره في مسألة ففيه وجهان وفاقا لمالك والشافعي رحمهما الله وعدمه أشهر انتهى.
قال في إعلام الموقعين وهو الصواب المقطوع به.
وقال في أصوله عدم اللزوم قول جمهور العلماء فيتخير.
وقال في الرعايه الكبرى يلزم كل مقلد أن يلتزم بمذهب معين في الأشهر فلا يقلد غير أهله.
وقيل بلى.
وقيل ضرورة.
فان التزم فيما يفتى به أو عمل به أو ظنه حقا أو لم يجد مفتيا آخر لزم قوله وإلا فلا انتهى.
واختار الآمدى منع الانتقال فيما عمل به.
وعند بعض الأصحاب يجتهد في أصح المذاهب فيتبعه.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله في الأخذ برخصة وعزائمة طاعة غير الرسول عليه الصلاة والسلام في كل أمره ونهيه وهو خلاف الإجماع.
وتوقف أيضا في جوازه.
وقال أيضا إن خالفه لقوة دليل أو زياده علم أو تقوى فقد أحسن ولا يقدح في عدالته بلا نزاع.
وقال أيضا بل يجب في هذه الحال وأنه نص الإمام أحمد رحمه الله.
وهو ظاهر كلام بن هبيرة.

وقال في آداب المفتى هل للعامى أن يتخير ويقلد أي مذهب شاء أم لا فإن كان منتسبا إلى مذهب معين بنينا ذلك على أن العامى هل له مذهب أم لا وفيه مذهبان.
أحدهما: لا مذهب له فله أن يستفتى من شاء من أرباب المذاهب سيما إن قلنا كل مجتهد مصيب.
والوجه الثاني: له مذهب لأنه اعتقد أن المذهب الذي انتسب إليه هو الحق فعليه الوفاء بموجب اعتقاده فلا يستفتى من يخالف مذهبه.
وإن لم يكن انتسب إلى مذهب معين انبنى على أن العامى هل يلزمه أن يتمذهب بمذهب معين يأخذ برخصه وعزائمه وفيه مذهبان.
أحدهما: لا يلزمه كما لم يلزم في عصر أوائل الأمة أن يخص الأمى العامى عالما معينا يقلده سيما إن قلنا كل مجتهد مصيب.
فعلى هذا هل له أن يستفتى على أي مذهب شاء أم يلزمه أن يبحث حتى يعلم علم مثله أسد المذاهب وأصحها أصلا فيه مذهبان.
الثاني: يلزمه ذلك وهو جار في كل من لم يبلغ درجه الاجتهاد من الفقهاء وأرباب سائر العلوم.
فعلى هذا الوجه يلزمه أن يجتهد في اختيار مذهب يقلده على التعيين.
وهذا أولى بإلحاق الاجتهاد فيه على العامى مما سبق في الاستفتاء انتهى.
ولا يجوز للعامى تتبع الرخص.
ذكره بن عبد البر إجماعا.
ويفسق عند الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
وحمله القاضي على متأول أو متقلد.
وقال بن مفلح في أصوله وفيه نظر.
قال وذكر بعض أصحابنا في فسق من أخذ بالرخص روايتين.
وإن قوى دليل أو كان عاميا فلا كذا قال انتهى.
و إذا استفتى واحدا أخذ بقوله.
ذكره ابن البناوغيرة.
وقدمه بن مفلح في أصوله.
وقال والأشهر يلزم بالتزامه.
وقيل وبظنه حقا.
وقيل وبعمل به.

وقيل يلزمه إن ظنه حقا.
وإن لم يجد مفتيا آخر لزمه كما لو حكم به حاكم.
وقال بعضهم لا يلزمه مطلقا إلا مع عدم غيره.
ولو سأل مفتيين واختلفا عليه تخير على الصحيح من المذهب.
اختار القاضي وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم.
قال أبو الخطاب هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وذكر ابن البناوجها أنه يأخذ بقول الأرجح.
واختاره بعض الأصحاب.
وقدم في الروضهة أنه يلزمه الأخذ بقول الأفضل في علمه ودينه.
قال الطوفى في مختصره وهو الظاهر.
وذكر ابن البناأيضا وجها آخر يأخذ بأغلظهما.
وقيل يأخذ بالأخف.
وقيل يسأل مفتيا آخر.
وقيل يأخذ بأرجحهما دليلا وقال في الفروع في باب استقبال القبلة ولو سأل مفتيين فاختلفا فهل.يأخذ بالأرجح أو الأخف أو الأشد أو يخير فيه أوجه في المذهب وأطلقهن.
وإن سأل فلم تسكن نفسه ففي تكراره وجهان.
وأطلقهما في الفروع في باب استقبال القبلة.
وقال بن نصر الله في حواشي الفروع أظهرهما لا يلزم.
فهذه جملة صالحة نافعة إن شاء الله تعالى.
قوله: "وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فحكم نفذ حكمه في المال وينفذ في القصاص والحد والنكاح واللعان في ظاهر كلامه ذكره أبو الخطاب في الهداية".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوى الصغير والفروع.
وقال القاضي لا ينفذ إلا في الأموال خاصة.

وقدمه في النظم.
وقاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وعنه لا ينفذ في قود وحد قذف ولعان ونكاح.
وأطلق الروايتين في المحرر.
وأطلق الخلاف في الكافى.
وقال في الفروع وظاهر كلامه ينفذ في غير فرج كتصرفه ضرورة في تركه ميت في غير فرج.
ذكره ابن عقيل في عمد الأدلة.
واختار الشيخ تقى الدين رحمه الله نفوذ حكمه بعد حكم حاكم لا إمام.
وقال إن حكم أحدهما خصمه أو حكما مفتيا في مسألة اجتهادية جاز.
وقال يكفى وصف القصة له.
قال في الفروع يؤيده قول أبي طالب نازعني بن عمى الأذان فتحاكمنا إلى أبي عبد الله فقال اقترعا.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله خصوا اللعان لأن فيه دعوى وإنكار وبقية الفسوخ كإعسار وقد يتصادقان فيكون الحكم انشاء لا ابتداء.
ونظيره لو حكماه في التداعي بدين وأقر به الورثة انتهى.
فعلى المذهب يلزم من يكتب إليه بحكمه القبول وتنفيذه كحاكم الإمام وليس له حبس في عقوبة ولا استيفاء قود ولا ضرب دية الخطأ على عاقلة من وصى بحكمه.
قاله في الرعايتين وزاد في الصغرى وليس له أن يحد.
فائدتان:
إحداهما: لو رجع أحد الخصمين قبل شروعه في الحكم فله ذلك.
وإن رجع بعد شروعه وقبل تمامه ففيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح والرعاية الكبرى.
أحدهما: له ذلك.
الثاني: ليس له ذلك انتهى.
قلت: وهو الصواب.
وصححه في النظم.
واختار في الرعاية الكبرى أن اشهدا عليهما بالرضا بحكمه قبل الدخول في الحكم فليس لأحدهما الرجوع.

الثانية: قال في عمد الأدلة بعد ذكر التحكيم وكذا يجوز أن يتولى متقدمو الأسواق والمساجد الوساطات والصلح عند الفوره والمخاصمة وصلاة الجنازة وتفويض الأموال إلى الأوصياء وتفرقة زكاته بنفسه وإقامة الحدود على رقيقه وخروج طائفة إلى الجهاد تلصصا وبياتا وعمارة المساجد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعزير لعبيد وإماء وأشباه ذلك انتهى.

باب أدب القاضي
:
قوله: ينبغي أن يكون قويا من غير عنف لينا من غير ضعف.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع وظاهر الفصول يجب ذلك.
قوله: حليما ذا أناة وفطنة قد تقدم أن القاضي قال في موضع من كلامه إنه يشترط في الحاكم أن لا يكون بليدا وهو الصواب.
قوله: بصيرا بأحكام الحكام قبله بلا نزاع.
وقوله: ورعا عفيفا فهذا منه بناء على الصحيح من المذهب من أنه لا يشترط في القاضي أن يكون ورعا وإنما يستحب ذلك فيه.
وتقدم أن الخرقى وجماعة من الأصحاب اشترطوا ذلك فيه وهو الصواب.
فائدتان:
إحداهما: لو افتات عليه خصم.
فقال المصنف والشارح له تأديبه والعفو عنه.
وقال في الفصول يزجره فإن عاد عزره واعتبره بدفع الصائل والنشوز.
وقال في الرعاية وينتهره ويصيح عليه قبل ذلك.
قال في الفروع بعد أن ذكر ذلك وظاهره ولو لم يثبت ببينة.
لكن هل ظاهره يختص بمجلس الحكم فيه نظر كالإقرار فيه وفي غيره.أو لأن الحاجة داعية إلى ذلك لكثرة المتظلمين على الحكام وأعدائهم فجاز فيه وفي غيره ولهذا شق رفعه إلى غيره فأدبه بنفسه حتى إنه حق له.

قلت فيعايي بها.
وقد ذكر ابن عقيل في أغصان الشجرة عن أصحابنا إن شق رفعه إلى الحاكم لا يرفع.
الثانية قال المصنف والشارح وغيرهما له أن ينتهر الخصم إذا التوى ويصيح عليه وإن استحق التعزير عزره بما يرى.
قوله: "وينفذ عند مسيره من يعلمهم يوم دخوله ليتلقوه هذا المذهب".
أعنى أنه يرسل إليهم يعلمهم بدخوله من غير أن يأمرهم بتلقيه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال جماعة من الأصحاب يأمرهم بتلقيه.
قلت منهم صاحب الهداية والمذهب والخلاصة.
قوله: "ويدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت وهو المذهب".
يعنى أنه بالخيرة في الدخول في هذه الأيام.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز والمغني والشرح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وذكر جماعة من الأصحاب يدخل يوم الاثنين فإن لم يقدر فيوم الخميس.
منهم صاحب المذهب.
وقال في الهداية والمستوعب والخلاصة وغيرهم فإن لم يقدر أن يدخل يوم الإثنين فيوم الخميس أو السبت.
قال في التبصرة يدخل ضحوة لاستقبال الشهر.
قال في الفروع وكأن استقبال الشهر تفاؤلا كأول النهار ولم ينكرهما الأصحاب.
قوله: "لابسا أجمل ثيابه".
قال في التبصرة وكذا أصحابه.
وقال أيضا تكون ثيابهم كلها سود وإلا فالعمامة.
وقال في الفروع وظاهر كلامهم غير السواد أولى للأخبار.

فوائد:
الأولى: لا يتطير بشيء وإن تفاءل فحسن.
الثانية: قوله: "ويجلس مستقبل القبلة فإذا اجتمع الناس أمر بعهده فقرئ عليهم بلا نزاع وقال في التبصرة وليقل من كلامه إلا لحاجة".
الثالثة: قوله: "وينفذ فيتسلم ديوان الحكم من الذي كان قبله بلا نزاع".
قال في التبصرة وليأمر كاتب ثقة يثبت ما تسلمه بمحضر عدلين.
الرابعة: ديوان الحكم هو ما فيه محاضر وسجلات وحجج وكتب وقف ونحو ذلك مما يتعلق بالحكم تنبيه ظاهر قوله ويسلم على من يمر به.
ولو كانوا صبيانا وهو صحيح صرح به الأصحاب.
فائدتان:
إحداهما: قوله: "ويصلى تحية المسجد إن كان في مسجد".
بلا نزاع فإن كان في غيره خير والأفضل الصلاة.
الثانية: أفادنا المصنف أنه يجوز القضاء في الجوامع والمساجد وهو صحيح ولا يكره قاله الأصحاب.
قوله: "ويجلس على بساط ونحوه وهو المذهب".
قال في الفروع والأشهر ويجلس على بساط ونحوه.
وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال في المحرر والوجيز وغيرهما على بساط.
وقال في الهداية وغيره على بساط أو لبد أو حصير.
فائدة: قوله ويجعل مجلسه في مكان فسيح كالجامع والفضاء والدار الواسعة.
بلا نزاع ولكن يصونه مما يكره فيه ذكره في الوجيز وهو كما قال.
قوله: "ولا يتخذ حاجبا ولا بوابا إلا في غير مجلس الحكم إن شاء".
مراده إذا لم يكن عذر فإن كان ثم عذر جاز اتخاذهما.

إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أنه لا يتخذهما في مجلس الحكم من غير عذر.
قال بن الجوزي في المذهب يتركهما ندبا.
وقال في الأحكام السلطانية ليس له تأخير الحضور إذا تنازعوا إليه بلا عذر ولا له أن يحتجب إلا في أوقات الاستراحة.
فائدتان:
إحداهما: قوله: "ويعرض القصص فيبدأ بالأول فالأول".
قال في المستوعب ينبغي أن يكون على رأسه من يرتب الناس.
الثانية: قوله: "ولا يقدم السابق في أكثر من حكومة واحدة".
واعلم أن تقديم السابق على غيره واجب على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم في عيون المسائل بتقديم من له بينة لئلا تضجر بينته وجعله في الفروع توجيها.
وقال في الرعاية ويكره تقديم متأخر.
قوله: "فإن حضروا دفعة واحدة وتشاحوا قدم أحدهم بالقرعة هذا المذهب مطلقا".
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع.
وذكر جماعة من الأصحاب يقدم المسافر المرتحل.
قلت منهم صاحب المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز والمنور.
وقال ذلك في الكافي مع قلتهم.
زاد في الرعاية والمرأة لمصلحة.
قوله: "ويعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه".
يحتمل أن يكون مراده أن ذلك واجب عليه وهو المذهب.
قال في الفروع ويلزمه في الأصح العدل بينهما في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه.

وجزم به في الشرح.
وقيل لا يلزمه بل يستحب.
ويحتمله كلام المصنف.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
قوله: "إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم المسلم في الدخول ويرفعه في الجلوس".
هذا المذهب.
قال في الفروع وتجريد العناية والأشهر يقدم مسلم على كافر دخولا وجلوسا.
قال ابن منجا في شرحه هذا أولى.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمحرر والمنور في الدخول.
وجزم به في الخلاصة في المجلس وصححه في الرفع.
وقدمه فيهما في الشرح وصححه في النظم.
وقدمه في الدخول فقط في الرعاية الصغرى.
وقيل يسوى بينهما في ذلك أيضا.
وقدمه في الفروع.
وهو ظاهر كلام الخرقى.
وقدمه في الهداية في الجلوس.
وأطلقهما في رفعه في المحرر والرعاية الصغرى.
وأطلقهما فيهما في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير.
وقال في المغني يجوز تقديم المسلم على الكافر في الجلوس وظاهر كلامه أنه يسوى بينهما في الدخول.
وفي الرعاية قول عكسه.
قال بن رزين في مختصره يسوى بين الخصمين في مجلسه ولحظه ولفظه ولو دمى في وجه.
فظاهره دخول اللحظ واللفظ في الخلاف
فتخلص لنا في المسألة ثلاثة أقوال التقديم مطلقا ومنعه مطلقا والتقديم في الدخول دون الرفع.

وظاهر الخلاصة والمغني قول رابع وهو التقديم في الرفع دون الدخول.
فائدة: لو سلم أحد الخصمين على القاضي رد عليه.
وقال في الترغيب يصبر حتى يسلم الآخر ليرد عليهما معا إلا أن يتمادى عرفا.
وقال في الرعاية وإن سلما معا رد عليهما معا وإن سلم أحدهما قبل دخول خصمه أو معه فهل يرد عليه قبله يحتمل وجهين انتهى.
وله القيام السائغ وتركه على الصحيح من المذهب.
وقيل يكره القيام لهما فإن قام لأحدهما قام للآخر أو اعتذر إليه قاله في الرعاية.
قوله: "ولا يسار أحدهما ولا يلقنه حجته ولا يضيفه".
يعنى يحرم عليه ذلك قاله الأصحاب.
قوله: "ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع والحاوي.
وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى إذا لم يحسها.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن منجا.
تنبيه محل الخلاف إذا لم يلزم ذكره فأما إن لزم ذكره في الدعاوى كشرط عقد أو سبب ونحوه ولم يذكره المدعى فله أن يسأل عنه ليحترز عنه.
قوله: "وله أن يشفع إلى خصمه لينظره أو يضع عنه ويزن عنه".
ويجوز للقاضي أن يشفع إلى خصم المدعى عليه لينظره بلا خلاف أعلمه.
ويجوز له أن يشفع ليضع عنه على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع له ذلك على الأصح.
قال في تجريد العناية له ذلك على الأظهر.
وجزم به في الوجيز وشرح ابن منجا والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
وعنه ليس له ذلك.

وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والكافي.
ويجوز له أن يزن عنه أيضا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفيه احتمال لصاحب الرعاية الكبرى لا يجوز ذلك وما هو ببعيد.
قوله: "وينبغي أن يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن ويشاورهم فيما يشكل عليه".
من استخراج الأدلة وتعرف الحق بالاجتهاد.
قال الإمام أحمد رحمه الله ما أحسنه لو فعله الحكام يشاورون وينتظرون فإن اتضح له حكم وإلا أخره.
قوله: "ولا يقلد غيره وإن كان أعلم منه".
ويحرم عليه أن يقلد غيره على الصحيح من المذهب وإن كان أعلم منه.
نقل بن الحكم عليه أن يجتهد.
ونقل أبو الحارث لا تقلد أمرك أحدا وعليك بالأثر.
وقال للفضل بن زياد لا تقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والمحرر والنظم والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس والرعاية الصغرى وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وعنه يجوز.
قال أبو الخطاب وحكى أبو إسحاق الشيرازي أن مذهبنا جواز تقليد العالم قال وهذا لا نعرفه عن أصحابنا.
واختار أبو الخطاب إن كانت العبادة مما لا يجوز تأخيرها كالصلاة فعلها بحسب حاله ويعيد إذا قدر كمن عدم الماء والتراب فلا ضرورة إلى التقليد.
وقال في الرعاية الكبرى وإن كان الخصم مسافرا يخاف فوت رفقته احتمل وجهين.
وتقدم ذلك في أوائل أحكام المفتي في الباب الذي قبله.
فائدة: لو حكم ولم يجتهد ثم بان بأنه حكم بالحق لم يصح.

ذكره ابن عقيل في القصر من الفصول.
قلت لو خرج الصحة على قول القاضي أبي الحسين فيما إذا اشتبه الطاهر بالطهور وتوضأ من واحد فقط فظهر أنه الطهور لكان له وجه.
تنبيه: قوله: "ولا يقضي وهو غضبان ولا حاقن وكذا أو حاقب ولا في شدة الجوع والعطش والهم والوجع والنعاس والبرد المؤلم والحر المزعج".
وكذا في شدة المرض والخوف والفرح الغالب والملل والكسل.
ومراده بالغضب الغضب الكثير.
وكلام الأصحاب في ذلك محتمل للكراهة والتحريم.
وصرح أبو الخطاب في انتصاره بالتحريم.
قلت والدليل في ذلك يقتضيه وكلامهم إليه أقرب.
وقال الزركشي وظاهر كلام الخرقى وعامة الأصحاب أن المنع من ذلك على سبيل التحريم.
وذكر ابن البنافي الخصال الكراهة.
فقال إن كان غضبانا أو جائعا كره له القضاء.
وقال في المغني لا خلاف نعلمه أن القاضي لا ينبغي له أن يقضى وهو غضبان.
فائدة: كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقضي في حال الغضب دون غيره.
ذكره بن نصر الله في حواشي الفروع في كتاب الطلاق.
قوله: "فإن خالف وحكم فوافق الحق نفذ حكمه".
وهذا المذهب.
قال في الفروع نفذ في الأصح.
قال في تجريد العناية نفذ في الأظهر.
واختاره القاضي في المجرد.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمغني والشرح ونصراه والمحرر والنظم وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي وغيرهم.

وقال القاضي لا ينفذ وهذا مما يقوي التحريم.
وقيل إن عرض له بعد أن فهم الحكم نفذ وإلا فلا.
وتقدم نظير ذلك في المفتي في الباب الذي قبله في أوائل أحكام المفتي.
قوله: "ولا يقبل الهدية إلا ممن كان يهدى إليه قبل ولايته بشرط أن لا يكون له حكومة".
وهذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
وعليه جماهير الأصحاب.
قال في القاعدة الخمسين بعد المائة منع الأصحاب من قبول القاضي الهدية.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل له أن يقبلها ممن كان يهدي إليه قبل ولايته ولو كان له حكومة.
قلت وهو بعيد جدا.
وقال أبو بكر في التنبيه لا يقبل الهدية وأطلق.
وذكر جماعة من الأصحاب لا يقبل الهدية ممن كان يهدي إليه قبل ولايته إذا أحس أن له حكومة.
وجزم به في المغني والشرح والرعاية وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
قال في المستوعب ولا يقبل الهدية إلا من ذي رحم محرم منه وما هو ببعيد.
وقال القاضي في الجامع الصغير ينبغي أن لا يقبل هدية إلا من صديق كان يلاطفه قبل ولايته أو ذي رحم محرم منه بعد أن لا يكون له خصم انتهى.
وعبارته في المستوعب قريبة من هذه.
وذكر في الفصول احتمالا أن القاضي في غير عمله كالعادة.
فوائد:
الأولى: حيث قلنا بجواز قبولها فردها أولى بل يستحب.

صرح به القاضي وغيره.
قال في الفروع ردها أولى.
وقال بن حمدان يكره أخذها.
الثانية: لا يحرم على المفتي أخذ الهدية.
جزم به في الفروع وغيره.
وقال في آداب المفتي وأما الهدية فله قبولها.
وقيل يحرم إذا كانت رشوة على أن يفتيه بما يريد.
قلت أو يكون له فيه نفع من جاه أو مال فيفتيه لذلك بما لا يفتي به غيره ممن لا ينتفع به كنفع الأول انتهى.
وقال بن مفلح في أصوله وله قبول هدية والمراد لا ليفتيه بما يريده وإلا حرمت.
زاد بعضهم أو لنفعه بجاهه أو ماله وفيه نظر ونقل المروذي لا يقبل هدية إلا أن يكافئ.
وقال لو جعل للمفتي أهل بلد رزقا ليتفرغ لهم جاز.
وقال في الرعاية هو بعيد وله أخذ الرزق من بيت المال.
وتقدم أن للحاكم طلب الرزق له ولأمنائه وهل يجوز له الأخذ إذا لم يكن له ما يكفيه أم لا وكذلك المفتي في أوائل باب القضاء.
الثالثة: الرشوة ما يعطى بعد طلبه والهدية الدفع إليه ابتداء قاله في الترغيب ذكره عنه في الفروع في باب حكم الأرضين المغنومة.
الرابعة: حيث قلنا لا يقبل الهدية وخالف وفعل أخذت منه لبيت المال على قول لخبر بن اللتبية وهو احتمال في المغني والشرح.
وقيل ترد إلى صاحبها كمقبوض بعقد فاسد وهو الصحيح.
قدمه في المغني والشرح.
وقيل لا يملكها إن عجل مكافأتها وأطلقهن في الفروع.
فعلى الوجه الأول تؤخذ هدية العامل للصدقات ذكره القاضي

واقتصر عليه في الفروع وقال فدل على أن في انتقال الملك في الرشوة والهدية وجهين.
قال ويتوجه.
إنما في الرعاية أن الساعي يعتد لرب المال بما أهداه إليه نص عليه.
وعنه لا مأخذه ذلك.
ونقل مهنا فيمن اشترى من وكيل فوهبه شيئا أنه للموكل.
وهذا يدل لكلام القاضي المتقدم.
ويتوجه فيه في نقل الملك الخلاف.
وجزم به بن تميم في عامل الزكاة إذا ظهرت خيانته برشوة أو هدية أخذها الإمام لا أرباب الأموال.
وتبعه في الرعاية ثم قال قلت إن عرفوا رد إليهم.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن ولي شيئا من أمر السلطان لا أحب له أن يقبل شيئا يروى هدايا الأمراء غلول والحاكم خاصة لا أحبه له إلا ممن كان له به خلطة ووصلة ومكافأة قبل أن يلي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن كسب مالا محرما برضى الدافع ثم تاب كثمن خمر ومهر بغي وحلوان كاهن أن له ما سلف.
وقال أيضا لا ينتفع به ولا يرده لقبضه عوضه ويتصدق به كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في حامل الخمر.
وقال في مال مكتسب من خمر ونحوه يتصدق به فإذا تصدق به فللفقير أكله ولولي الأمر أن يعطيه لأعوانه.
وقال أيضا فيمن تاب إن علم صاحبه دفعه إليه وإلا دفعه في مصالح المسلمين وله مع حاجته أخذ كفايته.
وقال في الرد على الرافضي في بيع سلاح في فتنة وعنب لخمر يتصدق بثمنه.
وقال هو قول محققي الفقهاء.
وقال في الفروع كذا قال وقوله مع الجماعة أولى.
وتقدم ما يقرب من ذلك في باب الغصب عند قوله وإن بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها.

الخامسة: لا يجوز إعطاء الهدية لمن يشفع عند السلطان ونحوه.
ذكره القاضي وأمأ إليه لأنها كالأجرة والشفاعة من المصالح العامة فلا يجوز أخذ الأجرة عليها وفيه حديث صريح في السنن.
ونص الإمام أحمد رحمه الله فيمن عنده وديعة فأداها فأهديت إليه هدية أنه لا يقبلها إلا بنية المكافأة.
وحكم الهدية عند سائر الأمانات كحكم الوديعة.
قاله في القاعدة الخمسين بعد المائة.
قوله: "ويكره أن يتولى البيع والشراء بنفسه ويستحب أن يوكل في ذلك من لا يعرف أنه وكيله".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم من الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وجعلها الشريف وأبو الخطاب كالهدية.
وجزم به في الرعاية كالوالي.
وسأله حرب هل للقاضي والوالي أن يتجر قال لا إلا أنه شدد في الوالي.
فائدة: قوله: "ويستحب له عيادة المرضى وشهود الجنائز ما لم تشغله عن الحكم".
وذكر في الترغيب ويودع الغازي والحاج قاله في الرعاية.
وزاد وله زيارة أهله وإخوانه الصلحاء ما لم يشتغل عن الحكم.
قوله: "وله حضور الولائم".
يعني من غير كراهة وهو المذهب.
قال في المحرر والفروع وغيرهما وهو في الدعوات كغيره.
وقال أبو الخطاب تكره له المسارعة إلى غير وليمة عرس ويجوز له ذلك.
وقال في الترغيب يكره.
قال في الرعاية كما لو قصد رياء أو كانت لخصم. وقدم في الترغيب لا يلزمه حضور وليمة العرس.

قوله: "فإن كثرت تركها كلها ولم يجب بعضهم دون بعض".
قال القاضي وغيره لا يجيب بعضهم دون بعض بلا عذر وهو صحيح.
وذكر المصنف وصاحب الترغيب وجماعة إن كثرت الولائم صان نفسه وتركها.
قال في الفروع ولم يذكروا لو تضيف رجلا قال ولعل كلامهم يجوز ويتوجه كالمقرض ولعله أولى.
قوله: "ويتخذ كاتبا مسلما مكلفا عدلا حافظا عالما".
ولم يذكر في الفروع مكلفا.
وقال ويتوجه فيه ما في عامل الزكاة.
وقال في الكافي عارفا.
قال المصنف والشارح وينبغي أن يكون وافر العقل ورعا نزها ويستحب أن يكون فقيها جيد الخط حرا وإن كان عبدا جاز.
فائدة: اتخاذ الكاتب على سبيل الإباحة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع ويحتمله كلام المصنف هنا.
واختار المصنف والشارح أن ذلك مستحب.
وجزم به الزركشي.
قوله: "ولا يحكم لنفسه ولا لمن لا تقبل شهادته له ويحكم بينهم بعض خلفائه".
حكمه لنفسه لا يجوز ولا يصح بلا نزاع.
وحكمه لمن لا تقبل شهادته له لا يجوز أيضا ولا ينفذ على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وحكاه القاضي عياض إجماعا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر يجوز له ذلك.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها في المبهج
وقيل يجوز بين والديه وولديه وما هو ببعيد
وأطلق في المحرر جواز حكمه لمن لا تقبل شهادته له وجهين.

فوائد:
الأولى: يحكم ليتيمه على قول أبي بكر قاله في الترغيب.
وقيل وعلى قول غيره أيضا.
قال في الرعاية فإن صار وصي اليتيم حاكما حكم له بشروطه.
وقيل لا.
الثانية: يجوز أن يستخلف والده وولده كحكمه لغيره بشهادتهما.
ذكره أبو الخطاب وابن الزاغوني وأبو الوفاء.
وزاد إذا لم يتعلق عليهما من ذلك تهمة ولم يوجب لهما بقبول شهادتهما ريبة ولم يثبت بطريق التزكية.
وقيل ليس له استخلافهما.
قال في الرعاية قلت إن جازت شهادته لهما وتزكيتهما جاز وإلا فلا.
الثالثة: ليس له الحكم على عدوه قولا واحدا وله أن يفتي عليه.
على الصحيح من المذهب.
وقيل ليس له ذلك كما تقدم في أحكام المفتي.
الرابعة: قوله: فإن حضر خصمه نظر بينهما بلا نزاع.
فإن كان حبس لتعدل البينة فإعادته مبنية على حبسه في ذلك.
قال في الفروع ويتوجه إعادته وقال في الرعاية تعاد إن كان الأول حكم به مع أنه ذكر أن إطلاق المحبوس حكم.
قال في الفروع ويتوجه أنه كفعله وأن مثله تقدير مدة حبسه ونحوه.
قال والمراد إذا لم يأمر ولم يأذن بحبسه وإطلاقه وإلا فأمره وإذنه حكم يرفع الخلاف كما يأتي.
قوله: فإن كان حبس في تهمة أو افتيات على القاضي قبله خلي سبيله.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وشرح ابن منجا وغيرهم.
قال المصنف والشارح لأن المقصود بحبسه التأديب وقد حصل.
وقال ابن منجا لأن بقاءه في الحبس ظلم.
قلت في هذا نظر.

وقال في المحرر وغيره وإن حبسه تعذيرا أو تهمة خلاه أو بقاه بقدر ما يرى.
وكذا قال في الفروع وغيره.
قلت وهو الصواب.
ولعله مراد من أطلق.
وتعليل الشارح يدل عليه.
قوله: "فإن لم يحضر له خصم وقال حبست ظلما ولا حق علي ولا خصم لي نادى بذلك ثلاثا فإن حضر له خصم وإلا أحلفه وخلى سبيله".
وكذا قال في الوجيز ومنتخب الآدمي والنظم والحاوي وغيرهم وأقره الشارح وابن منجا على ذلك.
وقال في الهداية والمذهب والمحرر والفروع وغيرهم نودي بذلك ولم يذكروا ثلاثا.
قلت يحتمل أن مراد من قيد بالثلاث أنه يشتهر بذلك ويظهر له غريم إن كان في الغالب.
ومراد من لم يقيد أنه ينادي عليه حتى يغلب على الظن أنه ليس له غريم ويحصل ذلك في الغالب في ثلاث.
فيكون المعنى في الحقيقة واحدا وكلامهم متفق.
لكن حكي في الرعايتين القولين وقدم عدم التقييد بالثلاث فظاهره التنافي بينهما.
فوائد:
الأولى: لو كان خصمه غائبا أبقاه حتى يبعث إليه على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين.
وقيل يخلي سبيله كما لو جهل مكانه أو تأخر بلا عذر.
قلت وهو ضعيف.
وقال في الفروع والأولى أن لا يطلقه إلا بكفيل.
واختاره في الرعايتين.
قلت وهو عين الصواب إذا قلنا يطلق.
الثانية: لو حبس بقيمة كلب أو خمر ذمي فقيل يخلى سبيله.

وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقال إن صدقه غريمه.
واختاره القاضي وغيره وقدمه الشارح.
وهو ظاهر ما قدمه في المغني.
وقيل يبقى.
وأطلقهما في الفروع.
وقيل يقف ليصطلحا على شيء.
وجزم في الفصول أنه يرجع إلى رأي الحاكم الجديد.
الثالثة: إطلاق الحاكم المحبوس من الحبس أو غيره حكم جزم به في الرعاية والفروع.
وكذا أمره بإراقة نبيذ.
ذكره في الأحكام السلطانية في المحتسب وتقدم في باب الصلح أن إذنه في ميزاب وبناء وغيره يمنع الضمان لأنه كإذن الجميع.
ومن منع فلأنه ليس له عنده أن يأذن لا لأن إذنه لا يرفع الخلاف ولهذا يرجع بإذنه في قضاء دين ونفقة وغير ذلك ولا يضمن بإذنه في النفقة على لقيط وغيره بلا خلاف وإن ضمن لعدمها.
ولهذا إذن الحاكم في أمر مختلف فيه كاف بلا خلاف.
وسبق كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله أن الحاكم ليس هو الفاسخ وإنما يأذن له ويحكم له فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ فعقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم بصحته بلا نزاع لكن لو عقد هو أو فسخ فهو فعله وهل فعله حكم فيه الخلاف المشهور انتهى.
وقال في الرعاية وإن ثبت عليه قود لزيد فأمر بقتله ولم يقل حكمت به أو أمر رب الدين الثابت أن يأخذه من مال المديون ولم يقل حكمت به احتمل وجهين وكذا حبسه وإذنه في القتل وأخذ الدين انتهى.
الرابعة: فعله حكم
قاله في الفروع وغيره.
وقد ذكر الأصحاب في حمي الأئمة أن اجتهاد الإمام لا يجوز نقضه كما لا يجوز نقض حكمه.

وذكروا خلاف المصنف أن الميزاب ونحوه يجوز بأذن واحتجوا بنصبه عليه أفضل الصلاة والسلام ميزاب العباس رضى الله عنه.
وقال المصنف في المغني وغيره في بيع ما فتح عنوة إن باعه الإمام لمصلحة رآها صح لأن فعل الإمام كحكم الحاكم.
وقال في المغني أيضا لا شفعة فيها إلا أن يحكم ببيعها حاكم أو يفعله الإمام أو نائبه.
وقال في المغني أيضا إن تركها بلا قسمة وقف لها وأن ما فعله الأئمة ليس لأحد نقضه.
واختار أبو الخطاب رواية أن الكافر لا يملك مال مسلم بالقهر.
وقال إنما منعه منه بعد القسمة لأن قسمة الإمام تجري مجرى الحكم انتهى.
وفعله حكم كتزويج يتيمة وشراء عين غائبة وعقد نكاح بلا ولي وذكره المصنف في عقد النكاح بلا ولي وغيره.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله أصح الوجهين.
وذكر الأزجي فيمن أقر لزيد فلم يصدقه وقلنا يأخذه الحاكم ثم ادعاه المقر لم يصح لأن قبض الحاكم بمنزلة الحكم بزوال ملكه عنه.
وذكر الأصحاب في القسمة المطلقة المنسية أن قرعة الحاكم كحكمه لا سبيل إلى نقضه.
وقال القاضي في التعليق والمجد في المحرر فعله حكم إن حكم به هو أو غيره وفاقا كفتياه.
فإذا قال حكمت بصحته نفذ حكمه باتفاق الأئمة قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال بن القيم في إعلام الموقعين فتيا الحاكم ليست حكما منه فلو حكم غيره بغير ما أفتى لم يكن نقضا لحكمه ولا هي كالحكم ولهذا يجوز أن يفتي للحاضر والغائب ومن يجوز حكمه له ومن لا يجوز انتهى.
وقال في المستوعب حكمه يلزم بأحد ثلاثة ألفاظ ألزمتك أو قضيت له عليك أو أخرج إليه منه وإقراره ليس كحكمه.
الخامسة: قوله: ثم ينظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف بلا نزاع وكذا الوصايا.
فلو نفذ الأول وصيته لم يعد له لأن الظاهر معرفة أهليته لكن يراعيه.
قال في الفروع فدل أن إثبات صفة كعدالة وجرح وأهلية وصية وغيرها حكم خلافا لمالك رحمه الله يقبله حاكم خلافا لمالك وأن له إثبات خلافه.
وقد ذكر الأصحاب أنه إذا بان فسق الشاهد يعمل بعلمه في عدالته أو يحكم.
وقال في الرعايتين هنا وينظر في أموال الغياب

زاد في الرعاية الكبرى وكل ضالة ولقطة حتى الإبل ونحوها انتهى.
وقد ذكر الأصحاب منهم المصنف في هذا الكتاب في أواخر الباب الذي بعد هذا إذا ادعى أن أباه مات عنه وعن أخ له غائب وله مال في ذمة فلان أو دين عليه وثبت ذلك أنه يأخذ مال الغائب على الصحيح من المذهب ويدفع إلى الأخ الحاضر نصيبه.
وتقدم في باب ميراث المفقود أن الشيخ تقي الدين رحمه الله قال إذا حصل لأسير من وقف شيء تسلمه وحفظه وكيله ومن ينتقل إليه جميعه.
واقتصر عليه في الفروع.
السادسة: من كان من أمناء الحاكم للأطفال أو الوصايا التي لا وصي لها ونحوه بحاله أقره لأن الذي قبله ولاه ومن فسق عزله ويضم إلى الضعيف أمينا.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الفروع ويتوجه أنها مسألة النائب.
وجعل في الترغيب أمناء الأطفال كنائبه في الخلاف وأنه يضم إلى وصي فاسق أو ضعيف أمينا وله إبداله.
تنبيه: ظاهر قوله: "ثم ينظر في حال القاضي قبله وجوب النظر في أحكام من قبله لأنه عطفه على النظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف".
وتابع في ذلك صاحب الهداية فيها وغيره.
وهو ظاهر الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل له النظر في ذلك من غير وجوب وهو المذهب.
قال في الفروع وله في الأصح النظر في حال من قبله.
قال الزركشي وقوة كلام الخرقى تقتضي أنه لا يجب عليه تتبع قضايا من قبله وهو ظاهر المحرر.
وقدمه الزركشي.
وجزم به في الشرح.
وقيل ليس له النظر في حال من قبله ألبته.
قوله: "فإن كان ممن يصلح للقضاء لم ينقض من أحكامه إلا ما خالف نص كتاب أو سنة".

كقتل المسلم بالكافر نص عليه فيلزمه نقضه نص عليه.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أنه ينقض حكمه إذا خالف سنة سواء كانت متواترة أو آحادا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا ينقض حكمه إذا خالف سنة غير متواترة.
قوله: "أو إجماعا".
الإجماع إجماعان إجماع قطعي وإجماع ظني.
فإذا خالف حكمه إجماعا قطعيا نقض حكمه قطعا.
وإن لم يكن قطعيا لم ينقض على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل ينقض.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكلام الوجيز والشرح وغيرهم من الأصحاب.
تنبيه: صرح المصنف أنه لا ينقض الحكم إذا خالف القياس وهو صحيح.
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل ينقض إذا خالف قياسا جليا وفاقا لمالك والشافعي رحمهما الله واختاره في الرعايتين.
وقال أو خالف حكم غيره قبله.
قال وكذا ينقض من حكم بفسقه وحاكم متول غيره.
وقيل إن خالف قياسا أو سنة أو إجماعا في حقوق الله تعالى كطلاق وعتق نقضه.وإن كان في حق آدمي لم ينقضه إلا بطلب ربه.
وجزم به في المجرد والمغني والشرح.
فائدة: لو حكم بشاهد ويمين لم ينقض.
وذكره القرافي إجماعا.
وينقض حكمه بما لم يعتقده وفاقا للإئمة الأربعة.
وحكاه القرافي أيضا إجماعا.
وقال في الإرشاد وهل ينقض بمخالفة قول صاحب يتوجه نقضه إن جعل حجة كالنص وإلا فلا.

قال في القاعدة الثامنة والستين لو حكم في مسألة مختلف فيها بما يرى أن الحق في غيره أثم وعصى بذلك ولم ينقض حكمه إلا أن يكون مخالفا لنص صريح ذكره بن أبي موسى.
وقال السامري ينقض حكمه.
نقل بن الحكم إن أخذ بقول صحابي وأخذ آخر بقول تابعي فهذا يرد حكمه لأنه حكم تجوز وتأول الخطأ.
ونقل أبو طالب فأما إذا أخطأ بلا تأويل فليرده ويطلب صاحبه حتى يرده فيقضي بحق.
قوله: "وإن كان ممن لا يصلح نقض أحكامه".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
نقل عبد الله إن لم يكن عدلا لم يجز حكمه.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والشرح والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في تجريد العناية هذا الأشهر.
ويحتمل أن لا ينقض الصواب منها.
واختاره المصنف وابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين رحمهم الله وغيرهم وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الترغيب.
وهو ظاهر كلام الخرقى وأبي بكر وابن عقيل وابن البنا حيث أطلق أنه لا ينقض من الحكم إلا ما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا.
قلت وهو الصواب.
وعليه عمل الناس من مدد ولا يسع الناس غيره.
وهو قول أبي حنيفة ومالك رحمهما الله.
وأما إذا خالفت الصواب فإنها تنقض بلا نزاع.
قال في الرعاية ولو ساغ فيها الاجتهاد.
فائدتان:
إحداهما: حكمه بالشيء حكم يلازمه.
ذكره الأصحاب في المفقود.

قال في الفروع ويتوجه وجه.
يعني أن الحكم بالشيء لا يكون حكما بلازمه.
وقال في الانتصار في لعان عبد في إعادة فاسق شهادته لا تقبل لأن رده لها حكم بالرد فقبولها نقض له فلا يجوز بخلاف رد صبي وعبد لإلغاء قولهما.
وقال في الانتصار أيضا في شهادة في نكاح لو قبلت لم يكن نقضا للأول فإن سبب الأول الفسق وزال ظاهرا لقبول سائر شهاداته.
و إذا تغيرت صفة الواقعة فتغير القضاء بها لم يكن نقضا للقضاء الأول بل ردت للتهمة لأنه صار خصما فيه فكأنه شهد لنفسه أولوليه.
وقال في المغني رد شهادة الفاسق باجتهاده فقبولها نقض له.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رد عبد لأن الحكم قد مضى والمخالفة في قضية واحدة نقض مع العلم.
وإن حكم ببينة خارج أو جهل علمه بينة داخل لم ينقض لأن الأصل جريه على العدل والصحة.
ذكره المصنف في المغني في آخر فصول من ادعى شيئا في يد غيره.
قال في الفروع ويتوجه وجه يعني بنقضه.
الثانية: ثبوت الشيء عند الحاكم ليس حكما به على ما ذكروه في صفة السجل وفي كتاب القاضي على ما يأتي.
وكلام القاضي هناك يخالفه.
قال ذلك في الفروع.
وقد دل كلامه في الفروع في باب كتاب القاضي إلى القاضي أن في الثبوت خلافا هل هو حكم أم لا بقوله في أوائل الباب فإن حكم المالكي للخلاف في العمل بالخط فلحنبلي تنفيذه وإن لم يحكم المالكي بل قال ثبت كذا فكذلك لأن الثبوت عند المالكي حكم.
ثم إن رأي الحنبلي الثبوت حكما نفذه وإلا فالخلاف.
ويأتي في آخر الباب الذي يليه هل تنفيذ الحاكم حكم أم لا.
قوله: "و إذا استعداه أحد على خصم له أحضره".
يعني يلزمه إحضاره.
وهذا المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب.

قال في الهداية هذا اختيار عامة شيوخنا.
قال في الخلاصة وهو الأصح.
قال الناظم وهو الأقوى.
قال ابن منجا في شرحه وهو المذهب.
واختاره أبو بكر والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يحضره حتى يعلم أن لما ادعاه أصلا.
وقدمه في الحاوي.
وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى.
وصححه في النظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والشرح والرعاية الكبرى والمحرر.
فلو كان لما ادعاه أصلا بأن كان بينهما معاملة أحضره.
وفي اعتبار تحرير الدعوى لذلك قبل إحضاره وجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعاية الكبرى.
قال في الفروع ومن استعداه على خصم في البلد لزمه إحضاره.
وقيل إن حرر دعواه.
وقال في المحرر ومن استعداه على خصم حاضر في البلد أحضره لكن في اعتبار تحرير الدعوى وجهان.
فظاهر كلام صاحب المحرر والفروع أن المسألتين مسألة واحدة وجعلا الخلاف فيها وجهين.
وحكى صاحب الهداية والمذهب والمصنف وغيرهم هل يشترط في حضور الخصم أن يعلم أن لما ادعاه الشاكي أصلا أم لا.
ولم يذكروا تحرير الدعوى.
فالظاهر أن هذه مسألة وهذه مسألة.
فعلى القول بأنه يشترط أن يعلم أن لما ادعاه أصلا يحضره لكن في اعتبار تحرير الدعوى قبل إحضاره الوجهين.
وذكرهما في الرعاية الكبرى مسألتين.

فقال وإن ادعى على حاضر في البلد فهل له أن يحضره قبل أن يعلم أن بينهما معاملة فيما ادعاه على روايتين.
وإن كان بينهما معاملة أحضره أو وكيله.
وفي اعتبار تحرير الدعوى لذلك قبل إحضاره وجهان انتهى.
وهو الصواب.
وذكر في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير المسألة الثانية طريقة.
فائدتان:
إحداهما: لا يعدي حاكم في مثل ما لا تتبعه الهبة على الصحيح من المذهب.
وقال في عيون المسائل ولا ينبغي للحاكم أن يسمع شكية أحد إلا ومعه خصمه هكذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثانية: متى لم يحضره لم يرخص له في تخلفه وإلا أعلم به الوالي ومتى حضر فله تأديبه بما يراه.
تنبيه مراد المصنف هنا وغيره إذا استعداه على حاضر في البلد.
أما إن كان المدعى عليه غائبا فيأتي في كلام المصنف في أول الفصل الثالث من الباب الآتي بعد هذا.
وكذا إذا كان غائبا عن المجلس ويأتي هناك أيضا.
قوله: "وإن استعداه على القاضي قبله سأله عما يدعيه فإن قال لي عليه دين من معاملة أو رشوة راسله فإن اعترف بذلك أمره بالخروج منه وإن أنكره وقال إنما يريد بذلك تبذيلي فإن عرف لما ادعاه أصلا أحضره وإلا فهل يحضره على روايتين".
يعني وإن لم يعرف لما ادعاه أصلا.
واعلم أنه إذا ادعى على القاضي المعزول فالصحيح من المذهب أنه يعتبر تحرير الدعوى في حقه.
جزم به في المحرر والوجيز والرعايتين.
قال في الفروع ويعتبر تحريرها في حاكم معزول في الأصح
وقيل هو كغيره.
قال في الشرح وإن ادعى عليه الجور في الحكم وكان للمدعى بينة أحضره وحكم بالبينة.

وإن لم يكن معه بينة ففي إحضاره وجهان انتهى.
وعنه متى بعدت الدعوى عرفا لم يحضره حتى يحررها ويبين أصلها.
وزاد في المحرر في هذه الرواية فقال وعنه كل من يخشى بإحضاره ابتذاله إذا بعدت الدعوى عليه في العرف لم يحضره حتى يحرر ويبين أصلها وعنه متى تبين أحضره وإلا فلا.
تنبيه: لا بد من مراسلته قبل إحضاره على كل قول على الصحيح من المذهب.
صححه في تصحيح المحرر.
قال في الفروع ويراسله في الأصح.
قال ابن منجا في شرحه ومراسلته أظهر.
قال الناظم وراسل في الأقوى.
وجزم به كثير من الأصحاب منهم صاحب الوجيز وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل يحضره من غير مراسلة.
وهو رواية في الرعاية.
وهو ظاهر كلام المصنف في المغني فإنه لم يذكر المراسلة.
بل قال إن ذكر المستعدي أنه يدعي عليه حقا من دين أو غصب أعداه عليه كغير القاضي.
وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
قوله: "فإن قال حكم علي بشهادة فاسقين فأنكر فالقول قوله بغير يمين".
وهو المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والرعاية والحاوي والوجيز وغيرهم.
وقيل لا يقبل قوله إلا بيمينه.
فائدة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تخصيص الحاكم المعزول بتحرير الدعوى في حقه لا معنى له.
فإن الخليفة ونحوه في معناه وكذلك العالم الكبير والشيخ المتبوع.
قلت وهذا عين الصواب.
وكلامهم لا يخالف ذلك والتعليل يدل على ذلك.
وقد قال في الرعاية الكبرى وكذلك الخلاف والحكم في كل من خيف تبذيله ونقص

حرمته بإحضاره إذا بعدت الدعوى عليه عرفا.
قال كسوقي ادعى أنه تزوج بنت سلطان كبير أو استأجره لخدمته وتقدم أن ذلك رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الخلاصة بعد أن ذكر حكم القاضي المعزول وكذلك ذوو الأقدار.
قوله: "وإن قال الحاكم المعزول كنت حكمت في ولايتي لفلان بحق قبل".
هذا المذهب سواء ذكر مستنده أو لا.
جزم به القاضي في جامعه وأبو الخطاب في خلافية الكبير والصغير وابن عقيل في تذكرته وصاحب الوجيز وغيرهم.
واختاره الخرقى والمصنف والشارح.
قال في تجريد العناية وكذا يقبل بعد عزله في الأظهر.
وقدمه في المحرر والشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقيده في الفروع بالعدل وهو أولى.
وأطلق أكثرهم.
ويحتمل أن لا يقبل وهو لأبي الخطاب.
قال المصنف وقول القاضي في فروع هذه المسألة يقتضي أن لا يقبل قوله هنا.
فعلى هذا الاحتمال هو كالشاهد.
قال في المحرر ويحتمل أن لا يقبل إلا على وجه الشهادة إذا كان عن إقرار وقال في الرعاية ويحتمل رده إلا إذا استشهد مع عدل آخر عند حاكم غيره أن حاكما حكم به أو أنه حكم حاكم جائز الحكم ولم يذكر نفسه ثم حكى احتمال المحرر قولا انتهى.
وقيل ليس هو كشاهد.
وجزم به في الروضة فلا بد من شاهدين سواه.
ويأتي في كلام المصنف إذا أخبر الحاكم في حال ولايته أنه حكم لفلان بكذا في آخر الباب الأتي بعد هذا.
وهو قوله وإن ادعى إنسان أن الحاكم حكم له فصدقه قبل قول الحاكم.

فعلى المذهب من شرط قبول قوله أن لا يتهم.
ذكره أبو الخطاب وغيره نقله الزركشي.
تنبيه: قال القاضي مجد الدين قبول قوله مقيد بما إذا لم يشتمل على إبطال حكم حاكم آخر فلو حكم حنفي برجوع واقف على نفسه فأخبر حاكم حنبلي أنه كان حكم قبل حكم الحنفي بصحة الوقف المذكور لم يقبل.
نقله القاضي محب الدين في حواشي الفروع وقال هذا تقييد حسن ينبغي اعتماده.
وقال القاضي محب الدين ومقتضى إطلاق الفقهاء قبول قوله.
فلو كانت العادة تسجيل أحكامه وضبطها بشهود ولو قيد ذلك بما إذا لم يكن عادة كان متجها لوقوع الريبة لمخالفته للعادة انتهى.
قلت ليس الأمر كذلك بل يرجع إلى صفة الحاكم.
ويدل عليه ما قاله أبو الخطاب وغيره على ما تقدم.
فوائد:
الأولى: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى كتابه في غير عمله أو بعد عزله كخبره.
ويأتي ذلك أيضا.
الثانية: نظير مسألة إخبار الحاكم في حال الولاية والعزل أمير الجهاد وأمين الصدقة وناظر الوقف قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
واقتصر عليه في الفروع.
قال في الانتصار كل من صح منه إنشاء أمر صح إقراره به.
الثالثة: لو أخبره حاكم آخر بحكم أو ثبوت في عملهما عمل به في غيبة المخبر على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في الرعاية عمل به مع غيبة المخبر عن المجلس.
الرابعة: يقبل خبر الحاكم لحاكم آخر في غير عملهما وفي عمل أحدهما على الصحيح من المذهب.
وهو ظاهر كلام الخرقى.
واختاره بن حمدان.

وصححه في النظم.
قال الزركشي وإليه ميل أبي محمد.
وقدمه في الشرح والفروع وابن رزين والزركشي.
وعند القاضي لا يقبل في ذلك كله إلا أن يخبر في عمله حاكما في غير عمله فيعمل به إذا بلغ عمله وجاز حكمه بعلمه.
وقدمه في المحرر والرعايتين.
وجزم به في الوجيز والمنور والترغيب.
ثم قال وإن كانا في ولاية المخبر فوجهان.
وفيه أيضا إذا قال سمعت البينة فاحكم لا فائدة له مع حياة البينة بل عند العجز عنها.
فعلى قول القاضي ومن تابعة يفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا قال الحاكم المعزول كنت حكمت في ولايتي لفلان بكذا أنه يقبل هناك ولا يقبل هنا.
فقال الزركشي وكأن الفرق ما يحصل من الضرر بترك قبول قول المعزول بخلاف هذا.
قوله: "وإن ادعى على امرأة غير برزة لم يحضرها وأمرها بالتوكيل".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به الأكثر.
وأطلق بن شهاب وغيره إحضارها لأن حق الآدمي مبناه على الشح والضيق ولأن معها أمين الحاكم فلا يحصل معه خيفة الفجور والمدة يسيرة كسفرها من محلة إلى محلة ولأنها لم تنشئ هي إنما أنشئ بها واختار أبو الخطاب إن تعذر حصول الحق بدون إحضارها أحضرها.
وذكر القاضي إن الحاكم يبعث من يقضي بينها وبين خصمها.
فوائد:
الأولى: لا يعتبر لامرأة برزة في حضورها محرم نص عليه.
وجزم به الأصحاب.
وغيرها توكل كما تقدم.
وأطلق في الانتصار النص في المرأة واختاره إن تعذر الحق بدون حضورها كما تقدم.
الثانية: البرزة هي التي تبرز لحوائجها.
قاله المصنف والشارح والناظم وصاحب الفروع وغيرهم.

وقال في المطلع هي الكهلة التي لا تحتجب احتجاب الشواب والمخدرة بخلافها.
وقال في الترغيب إن خرجت للعزاء والزيارات ولم تكثر فهي مخدرة.
الثالثة: المريض يوكل المخدرة.
قوله: وإن ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه.
كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما فإن لم يقبلوا قيل للخصم حقق ما تدعيه ثم يحضره وإن بعدت المسافة.
وهذا المذهب.
وجزم به في المحرر والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وشرح ابن منجا والهداية والمذهب والخلاصة والمستوعب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يحضره من مسافة قصر فأقل.
وقيل لا يحضره إلا إذا كان لدون مسافة العنصر وعنه لدون يوم.
جزم به في التبصرة وزاد بلا مؤنة ولامشقة.
قال الزركشي وقيل إن جاء وعاد في يوم أحضر ولو قبل تحرير الدعوى.
وقال في الترغيب لا يحضره مع البعد حتى تتحرر دعواه.
وفي الترغيب أيضا يتوقف إحضاره على سماع البينة إذا كانت مما لا يقضي فيه بالنكول.
قال وذكر بعض أصحابنا لا يحضره مع البعد حتى يصح عنده ما ادعاه.
وجزم به في التبصرة.
تنبيه: محل هذا إذا كان الغائب في محل ولايته.
فائدتان:
إحداهما: لو ادعى قبله شهادة لم تسمع دعواه ولم يعد عليه ولم يحلف عند الأصحاب.
خلافا للشيخ تقي الدين رحمه الله في ذلك قال وهو ظاهر نقل صالح وحنبل.
وقال لو قال أنا أعلمها ولا أؤديها فظاهر.

ولو نكل لزمه ما ادعى به إن قيل كتمانها موجب لضمان ما تلف ولا يبعد كما يضمن في ترك الإطعام الواجب.
الثانية: لو طلبه خصمه أو حاكم ليحضره مجلس الحكم لزمه الحضور حيث يلزم إحضاره بطلبه منه.

باب طريق الحكم وصفته
:
قوله: "إذا جلس إليه خصمان فله أن يقول من المدعي منكما وله أن يسكت حتى يبتدئا".
الصحيح من المذهب أنه إذا جلس إليه الخصمان أن له أن يقول من المدعي منكما وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع وله أن يسكت حتى يبدآ والأشهر أن يقول أيكما المدعي.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقيل لا يقوله حتى يبدآ بأنفسهما فإن سكتا أو سكت الحاكم قال القائم على رأس القاضي من المدعي منكما.
فائدتان:
الأولى: لا يقول الحاكم ولا القائم على رأسه لأحدهما تكلم لأن في إفراده بذلك تفضيلا له وتركا للإنصاف.
الثانية لو بدأ أحدهما فادعى فقال خصمه أنا المدعي لم يلتفت إليه ويقال له أجب عن دعواه ثم ادع بما شئت.
قوله: "وإن ادعيا معا قدم أحدهما بالقرعة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الشارح قياس المذهب أن يقرع بينهما.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل يقدم الحاكم من شاء منهما.

فائدتان:
إحداهما: لا تسمع الدعوى المقلوبة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وقال وسمعها بعضهم واستنبطها.
قلت الذي يظهر أنه استنبطها من الشفعة فيما إذا ادعى الشفيع على شخص أنه اشترى الشقص وقال بل اتهبته أو ورثته فإن القول قوله مع يمينه.
فلو نكل عن اليمين أو قامت للشفيع بينة بالشراء فله أخذه ودفع ثمنه.
فإن قال لا استحقه قيل له إما أن تقبل وإما أن تبرئه على أحد الوجوه.
وقطع به المصنف هناك.
فلو ادعى الشفيع عليه ذلك ساغ وكانت شبيهة بالدعوى المقلوبة.
ومثله في الشفعة أيضا لو أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري وقلنا تجب الشفعة وكان البائع مقرى بقبض الثمن من المشتري فإن الثمن الذي في يد الشفيع لا يدعيه أحد فيقال للمشتري إما أن تقبض وإما أن تبرئ على أحد الوجوه.
وتقدم ذلك في كلام المصنف.
وقال الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله لو جاءه بالسلم قبل محله ولا ضرر في قبضه لزمه ذلك.
فإن امتنع من القبض قيل له إما أن تقبض حقك أو تبريء منه.
فإن أبى رفع الأمر إلى الحاكم.
على ما تقدم في باب السلم.
وكذا في الكتابة.
فيستنبط من ذلك كله صحة الدعوى المقلوبة.
الثانية: لا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف.
وقد صرح به المصنف في أول باب الدعاوى والبينات في قوله ولا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف انتهى.
وتصح الدعوى على السفيه مما يؤخذ به في حال عجزه لسفه وبعد فك حجره ويحلف إذا أنكر.
قوله: "ثم يقول للخصم ما تقول فيما ادعاه".
هذا المذهب.

قال في المحرر وغيره هذا أصح.
وجزم به في الهداية والخلاصة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكره ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمغنى والشرح ونصراه.
ويحتمل أن لا يملك سؤاله حتى يقول المدعي وأسأل سؤاله عن ذلك.
وفي المذهب والمستوعب وجهان.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أن الدعوى تسمع في القليل والكثير وهو كذلك وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تسمع في مثل ما لا تتبعه الهمة ولا يعدى حاكم في مثل ذلك.
قوله: "فإن أقر له لم يحكم له حتى يطالبه المدعي بالحكم".
هذا المذهب.
قال في الفروع ولا يحكم له إلا بسؤاله في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قال المصنف هكذا ذكره أصحابنا.
قال ويحتمل أن لا يجوز له الحكم قبل مسألة المدعي لأن الحال يدل على إرادته ذلك فاكتفى بها كما اكتفى في مسألة المدعى عليه الجواب ولأن كثيرا من الناس لا يعرف مطالبة الحاكم بذلك انتهى.
ومال إليه في الكافي.
وقال في الفروع أيضا فإن أقر حكم قاله جماعة.
وقال في الترغيب إن أقر فقد ثبت ولا يفتقر إلى قوله قضيت في أحد الوجهين بخلاف قيام البينة لأنه يتعلق باجتهاده.
قال في الرعاية وقيل يثبت الحق بإقراره وبدون حكم.
فائدة: لو قال الحاكم للخصم يستحق عليك كذا فقال نعم لزمه
ذكره في الواضح في قول الخاطب للولي أزوجت قال نعم.

قوله: "وإن أنكر مثل أن يقول المدعي أقرضته ألفا أو بعته فيقول ما أقرضني ولا باعني أو ما يستحق على ما ادعاه ولا شيئا منه أو لا حق له علي صح الجواب".
مراده ما لم يعترف بسبب الحق.
فلو اعترف بسبب الحق مثل ما لو ادعت من تعترف بأنها زوجته: المهر.
فقال لا تستحق علي شيئا لم يصح الجواب ويلزمه المهر إن لم يقم بينة بإسقاطه كجوابه في دعوى قرض اعترف به لا يستحق على شيئا.
ولهذا لو أقرت في مرضها لا مهر لها عليه لم يقبل إلا ببينة أنها أخذته نقله مهنا.
قال في الفروع والمراد أو أنها أسقطته في الصحة وهو كما قال.
فائدتان:
إحداهما: لو قال لمدعي دينارا لا تستحق على حبة فعند ابن عقيل أن هذا ليس بجواب لأنه لا يكتفى في دفع الدعوى إلا بنص ولا يكتفى بالظاهر ولهذا لو حلف والله إني لصادق فيما ادعيته عليه أو حلف المنكر إنه لكاذب فيما ادعاه علي لم يقبل.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله يعم الحبات وما لم يندرج في لفظ حبة من باب الفحوى إلا أن يقال يعم حقيقة عرفية.
وقد تقدم في اللعان وجهان هل يشترط قوله فيما رميتها به.
الثانية لو قال لي عليك مائة فقال ليس لك علي مائة فلا بد أن يقول ولا شيء منها على الصحيح من المذهب كاليمين.
وقيل لا يعتبر.
فعلى الأول لو نكل عما دون المائة حكم عليه بمائة إلا جزءا.
وإن قلنا برد اليمين حلف المدعي على ما دون المائة إذا لم يسند المائة إلى عقد لكون الثمن لا يقع إلا مع ذكر النسبية ليطابق الدعوى ذكره في الترغيب.
وإن أجاب مشتر لمن يستحق البيع بمجرد الإنكار رجع علي البائع بالثمن.
وإن قال هو ملكي اشتريته من فلان وهو ملكه ففي الرجوع وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وإن انتزع المبيع من يد مشتر ببينة ملك مطلق رجع على البائع في ظاهر كلامهم.
قاله في الفروع كما يرجع في بينة ملك سابق.

وقال في الترغيب يحتمل عندي أن لا يرجع لأن المطلقة تقتضي الزوال من وقته لأن ما قبله غير مشهود به.
قال الأزجي ولو قال لك علي شيء فقال ليس لي عليك شيء إنما لي عليك ألف درهم لم تقبل منه دعوى الألف لأنه نفاها بنفي الشيء.
ولو قال لك علي درهم فقال ليس لي عليك درهم ولا دانق إنما لي عليك ألف قبل منه دعوى الألف لأن معنى نفيه ليس حقي هذا القدر.
قال ولو قال ليس لك علي شيء إلا درهم صح ذلك ولو قال ليس لك علي عشرة إلا خمسة فقيل لا يلزمه شيء لتخبط اللفظ.
والصحيح أنه يلزمه ما أثبته وهي الخمسة لأن التقدير ليس له علي عشرة لكن خمسة ولأنه استثناء من النفي فيكون إثباتا.
قوله: "وللمدعي أن يقول لي بينة وإن لم يقل قال الحاكم ألك بينة".
وله قول ذلك قبل أن يقول المدعي لي بينة فإن قال لي بينة أمره بإحضارها.
ومعناه إن شئت فأحضرها.
وهذا المذهب مطلقا.
وقدمه في الفروع.
قال في الهداية والخلاصة وغيرهما وإن أنكر سأل المدعي ألك بينة.
وقال في المحرر لا يقول الحاكم للمدعي ألك بينة إلا إذا لم يعرف أن هذا موضع البينة.
وجزم به في الوجيز.
وقال في الرعاية الكبرى والحاوي فإن قال المدعي لي بينة وأحضرها حكم بها وإن جهل أنه موضعها قال له ألك بينة فإن قال نعم طلبها وحكم بها.
وكذا إن قال إن كانت لك بينة فأحضرها إن شئت ففعل.
وقال في المستوعب والمغنى لا يأمره بإحضارها لأن ذلك حق له فله أن يفعل ما يرى.
قوله: "فإذا أحضرها سمعها الحاكم".
بلا نزاع لكن لا يسألها الحاكم على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح والفروع.
وقال ويتوجه وجه.

فائدة: لا يقول الحاكم لهما أشهدا وليس له أن يلقنهما على الصحيح من المذهب.
وقال في المستوعب ولا ينبغي ذلك.
وقال في الموجز يكره ذلك كتعنيفهما وانتهارهما.
وظاهر الكافي في التعنيف والانتهار يحرم.
قوله: "فإذا أحضرها سمعها الحاكم وحكم بها إذا سأله المدعي".
الصحيح من المذهب أنه لا يحكم إلا بسؤال المدعي.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الشرح وغيره.
وقدمه في الفروع وقيل له الحكم قبل سؤاله.
وهي شبيهة بما إذا أقر له على ما تقدم.
فائدة: إذا شهدت البينة لم يجز له ترديدها ويحكم في الحال على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال في الرعاية إن ظن الصلح آخر الحكم.
وقال في الفصول وأحببنا له أمرهما بالصلح ويؤخره فإن أبيا حكم.
وقال في المغني والشرح يقول له الحاكم قد شهدا عليك فإن كان قادح فبينه عندي يعني يستحب ذلك.
وذكره غيرهما.
وذكره في المذهب والمستوعب فيما إذا ارتاب فيهما.
قال في الفروع فدل أن له الحكم مع الريبة.
قلت الحكم مع الريبة فيه نظر بين.
وقال في الترغيب وغيره لا يجوز الحكم بضد ما يعلمه بل يتوقف ومع اللبس يأمر بالصلح.
فإن عجل فحكم قبل البيان حرم ولم يصح.
تنبيه: ظاهر قوله فإذا أحضرها سمعها الحاكم وحكم أن الشهادة لا تسمع قبل الدعوى.
واعلم أن الحق حقان حق لآدمي معين وحق لله.
فإن كان الحق لآدمي معين فالصحيح من المذهب أنها لا تسمع قبل الدعوى.

جزم به في المغنى والشرح.
ذكراه في أثناء كتاب الشهادات.
وقدمه في الفروع.
وسمعها القاضي في التعليق وأبو الخطاب في الانتصار والمصنف في المغنى إن لم يعلم به.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هو غريب.
وذكر الأصحاب أنها تسمع بالوكالة من غير خصم ونقله مهنا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تسمع ولو كان في البلد.
وبناه القاضي وغيره على جواز القضاء على الغائب انتهى.
والوصية مثل الوكالة.
قال الشيخ تقي الدين رحمة الله الوكالة إنما تثبت استيفاء حق أو إبقاءه وهو مما لا حق للمدعي عليه فيه فإن دفعه إلى الوكيل وإلى غيره سواء ولهذا لم يشترط فيها رضاه.
وإن كان الحق لله تعالى كالعبادات والحدود والصدقة والكفارة لم تصح به الدعوى بل ولا تسمع.
وتسمع البينة من غير تقدم دعوى وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في التعليق شهادة الشهود دعوى.
قيل للإمام أحمد رحمه الله في بينة الزنى تحتاج إلي مدع فذكر خبر.أبى بكرة رضي الله عنه وقال لم يكن مدع.
وقال في الرعاية تصح دعوى حسبة من كل مسلم مكلف رشيد في حق الله تعالى كعدة وحد وردة وعتق واستيلاد وطلاق وكفارة ونحو ذلك وبكل حق لآدمي غير معين وإن لم يطلبه مستحقه.
وذكر أبو المعالي لنائب الإمام مطالبة رب مال باطن بزكاة إذا ظهر له تقصير.
وفيما أوجبه من نذر وكفارة ونحوه وجهان.

وقال القاضي في الخلاف فيمن ترك الزكاة هي آكد لأن للإمام أن يطالب بها بخلاف الكفارة والنذر.
وقال في الانتصار في حجره على مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة.
وقال في الترغيب ما شمله حق الله والآدمي كسرقة تسمع الدعوى في المال ويحلف منكر.
ولو عاد إلى مالكه أو ملكه سارقه لم تسمع لتمحض حق الله.
وقال في السرقة إن شهدت بسرقة قبل الدعوى فأصح الوجهين لا تسمع وتسمع إن شهدت إنه باعه فلان.
وقال في المغني كسرقة وزناه بأمته لمهرها تسمع ويقضي على ناكل بمال.
وقاله ابن عقيل وغيره.
فائدة: تقبل بينة عتق ولو أنكر العبد نقله الميموني.
وذكره في الموجز والتبصرة.
واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه: وكذا الحكم في أن الدعوى لا تصح ولا تسمع وتسمع البينة قبل الدعوى في كل حق لآدمي غير معين كالوقف على الفقراء أو على مسجد أو رباط أو وصية لأحدهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا عقوبة كذاب مفتر على الناس والتكلم فيهم.
وتقدم في التعزير كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في حفظ وقف وغيره بالثبات عن خصم مقدر تسمع الدعوى والشهادة فيه بلا خصم.
وهذا قد يدخل في كتاب القاضي وفائدته كفائدة الشهادة.
وهو مثل كتاب القاضي إذا كان فيه ثبوت محض فإنه هناك يكون مدع فقط بلا مدعى عليه حاضر.
لكن هنا المدعى عليه متخوف وإنما المدعى يطلب من القاضي سماع البينة أو الإقرار كما يسمع ذلك شهود الفرع فيقول القاضي ثبت ذلك عندي بلا مدعى عليه.
قال وقد ذكره قوم من الفقهاء وفعله طائفة من الفقهاء وفعله طائفة من القضاة ولم يسمعها طوائف من الحنفية والشافعية والحنابلة لأن القصد بالحكم فصل الخصومة.
ومن قال بالخصم المسخر نصب الشر ثم قطعه.

وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله ما ذكره القاضي من احتيال الحنفية على سماع البينة من غير وجود مدعى عليه فإن المشتري المقر له بالبيع قد قبض المبيع وسلم الثمن فهو لا يدعي شيئا ولا يدعي عليه شيء وإنما غرضه تثبيت الإقرار والعقد والمقصود سماع القاضي البينة وحكمه بموجبها من غير وجود مدعى عليه ومن غير مدع على أحد لكن خوفا من حدوث خصم مستقبل فيكون.هذا الثبوت حجة بمنزلة الشهادة فإن لم يكن القاضي يسمع البينة بلا هذه الدعوى وإلا امتنع من سماعها مطلقا وعطل هذا المقصود الذي احتالوا له.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكلامه يقتضي أنه هو لا يحتاج إلى هذا الاحتيال مع أن جماعات من القضاة المتأخرين من الشافعية والحنابلة دخلوا مع الحنفية في ذلك وسموه الخصم المسخر.
قال وأما على أصلنا الصحيح وأصل مالك رحمه الله فإما أن نمنع الدعوى على غير خصم منازع فتثبت الحقوق بالشهادات على الشهادات كما ذكره من ذكره من أصحابنا.
وإما أن نسمع الدعوى والبينة بلا خصم كما ذكره طائفة من المالكية والشافعية.
وهو مقتضي كلام الإمام أحمد رحمه الله وأصحابنا في مواضع لأنا نسمع الدعوى والبينة على الغائب والممتنع وكذا على الحاضر في البلد في المنصوص فمع عدم خصم أولى.
قال وقال أصحابنا كتاب الحاكم كشهود الفرع.
قالوا لأن المكتوب إليه يحكم بما قام مقامه غيره لأن إعلام القاضي للقاضي قائم مقام الشاهدين.
فجعلوا كل واحد من كتاب الحاكم وشهود الفرع قائما مقام غيره وهو بدل عن شهود الأصل.
وجعلوا كتاب القاضي كخطابه.
وإنما خصوه بالكتاب لأن العادة تباعد الحاكمين.
وإلا فلو كانا في محل واحد كان مخاطبة أحدهما للآخر أبلغ من الكتاب.
وبنوا ذلك على أن الحاكم يثبت عنده بالشهادة ما لم يحكم به وإنما يعلم به حاكما آخر ليحكم به كما يعلم الفروع بشهادة الأصول.
قال وهذا كله إنما يصح إذا سمعت الدعوى والبينة في غير وجه خصم.
وهو يفيد أن كل ما يثبت بالشهادة على الشهادة يثبته القاضي بكتابه.
قال ولأن الناس بهم حاجة إلى إثبات حقوقهم بإثبات القضاة كإثباتها بشهادة الفروع وإثبات القضاة أنفع لكونه كفى مؤنة النظر في الشهود وبهم حاجة إلى الحكم فيما فيه شبهة أو خلاف لرفع وإنما يخافون من خصم حادث.

قوله: "ولا خلاف في أنه يجوز له الحكم بالإقرار والبينة في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان بلا نزاع".
فإن لم يسمعه معه أحد أو سمعه معه شاهد واحد فله الحكم به نص عليه.
في رواية حرب وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي وغيرهم.
وقال القاضي لا يحكم به.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الروضة.
قال في الخلاصة لم يحكم به في الأصح.
وقال في تجريد العناية والأظهر عندي إن سمعه معه شاهد واحد حكم به وإلا فلا.
قوله: "وليس له الحكم بعلمه مما رآه أو سمعه يعني في غير مجلسه".
نص عليه وهو اختيار الأصحاب.
وهو المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
قال في الهداية اختاره عامة شيوخنا.
قال في الفروع وغيره هذا المذهب.
قال في المحرر فلا يجوز في الأشهر عنه.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور المنصوص والمختار لعامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وعنه ما يدل على جواز ذلك سواء كان في حد أو غيره.
وعنه يجوز في غير الحدود.
ونقل حنبل إذا رآه على حد لم يكن له أن يقيمه إلا بشهادة من شهد معه لأن شهادته شهادة رجل.
ونقل حرب فيذهبان إلى حاكم فأما إن شهد عند نفسه فلا.

قوله: وإن قال ما لي بينة فالقول قول المنكر مع يمينه فيعلمه أن له اليمين على خصمه وأن سأل إحلافه أحلفه وخلى سبيله.
وليس له استحلافه قبل سؤال المدعي لأن اليمين حق له.
وقال في الفروع وإن قال المدعي ما لي بينة أعلمه الحاكم بأن له اليمين على خصمه.
قال وله تحليفه مع علمه قدرته على حقه نص عليه.
نقل بن هانئ إن علم عنده مالا لا يؤدي إليه حقه أرجو أن لا يأثم وظاهر رواية أبي طالب يكره.
وقاله شيخنا ونقله من حواشي تعليق القاضي.
وهذا يدل على تحريم تحليف البريء دون الظالم انتهى.
فائدة: يكون تحليفه على صفة جوابه لخصمه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في الرعاية والوجيز والمغني والشرح.
ذكراه في آخر باب اليمين في الدعاوي.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يحلف على صفه الدعوى.
وعنه يكفي تحليفه لا حق لك علي.
تنبيه: ظاهر قوله: "أحلفه وخلى سبيله أنه لا يحلفه ثانيا بدعوى أخرى وهو صحيح وهو المذهب مطلقا فيحرم تحليفه".
أطلقه المصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقال في المستوعب والترغيب والرعاية له تحليفه عند من جهل حلفه عند غيره لبقاء الحق بدليل أخذه ببينة.
فائدتان:
إحداهما: لو أمسك عن تحليفه وأراد تحليفه بعد ذلك بدعواه المتقدمة كان له ذلك.
ولو أبرأه من يمينه بريء منها في هذه الدعوى.
فلو جدد الدعوى وطلب اليمين كان له ذلك.
جزم به في الكافي والمغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم.
الثانية: لا يقبل يمين في حق أدمي معين إلا بعد الدعوى عليه وشهادة الشاهد على الصحيح من المذهب.

قدمه في الفروع وغيره.
وقال في الرعاية إلا بعد الدعوى وشهادة الشاهد والتزكية.
وقال في الترغيب ينبغي أن تتقدم شهادة الشاهد وتزكية اليمين.
قوله: "وإن أحلفه أو حلف من غير سؤال المدعي لم يعتد بيمينه".
وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح والرعاية والحاوي والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع.
وعنه يبرأ بتحليف المدعي.
وعنه يبرأ بتحليف المدعى وحلفه له أيضا وإن لم يحلفه.
ذكرهما الشيخ تقي الدين رحمه الله من رواية مهنا أن رجلا اتهم رجلا بشيء فحلف له ثم قال لا أرضى إلا أن تحلف لي عند السلطان أله ذلك قال لا قد ظلمه وتعنته.
واختار أبو حفص تحليفه واحتج برواية مهنا.
فوائد:
الأولى: يشترط في اليمين أن لا يصلها باستثناء.
وقال في المغني وكذا بما لا يفهم لأن الاستثناء يزيل حكم اليمين.
وقال في الترغيب هي يمين كاذبة.
وقال في الرعاية لا ينفعه الاستثناء إذا لم يسمعه الحاكم المحلف له.
الثانية: لا يجوز التورية والتأويل إلا لمظلوم.
وقال في الترغيب ظلما ليس بجار في محل الاجتهاد.
فالنية على نية الحاكم المحلف واعتقاده.
فالتأويل على خلافه لا ينفع.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في أول باب التأويل في الحلف.
الثالثة: لا يجوز أن يحلف المعسر لا حق له علي ولو نوى الساعة سواء خاف أن يحبس أو لا.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجوزه صاحب الرعاية بالنية.
قال في الفروع وهو متجه.

قلت وهو الصواب إن خاف حبسا.
ولا يجوز أيضا أن يحلف من عليه دين مؤجل إذا أراد غريمه منعه من سفر نص عليه.
قال في الفروع ويتوجه كالتي قبلها.
قوله: "وإن نكل قضى عليه بالنكول نص عليه واختاره عامة شيوخنا".
وهو المذهب.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
مريضا كان أو غيره.
قال في الفروع نقله واختاره الجماعة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
وقال في المحرر ويتخرج حبسه ليقر أو يحلف.
وعند أبي الخطاب ترد اليمين على المدعي.
وقال قد صوبه الإمام أحمد رحمه الله.
وقال ما هو ببعيد يحلف ويأخذ.
نقل أبو طالب ليس له أن يردها.
ثم قال بعد ذلك وما هو ببعيد يقال له احلف وخذ.
قال في الفروع يجوز ردها.
وذكرها جماعة فقالوا وعنه يرد اليمين على المدعي.
قال ولعل ظاهره يجب.
ولأجل هذا قال الشيخ يعني به المصنف واختاره أبو الخطاب أنه لا يحكم بالنكول ولكن يرد اليمين على خصمه.
وقال قد صوبه الإمام أحمد رحمه الله وقال ما هو ببعيد يحلف ويستحق وهي رواية أبي طالب المذكورة.
وظاهرها جواز الرد.
واختار المصنف في العمدة ردها واختاره في الهداية وزاد بإذن الناكل فيه.
واختاره بن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية.

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله مع علم مدع وحده بالمدعى به لهم ردها و إذا لم يحلف لم يأخذ كالدعوى على ورثة ميت حقا عليه يتعلق بتركته.
وإن كان المدعى عليه هو العالم بالمدعى به دون المدعى مثل أن يدعي الورثة أو الوصي على غريم للميت فينكر فلا يحلف المدعى.
قال وأما إن كان المدعى يدعي العلم والمنكر يدعي العلم فهنا يتوجه القولان يعني الروايتين.
فائدتان:
إحداهما: إذا ردت اليمين على المدعي فهل تكون يمينه كالبينة أم كإقرار المدعى عليه فيه قولان.
قال بن القيم في الطرق الحكمية أظهرهما عند أصحابنا أنها كإقرار.
فعلى هذا لو أقام المدعى عليه بينة بالأداء أو الإبراء بعد حلف المدعي فإن قيل يمينه كالبينة سمعت للمدعى عليه.
وإن قيل هي كالإقرار لم تسمع لكونه مكذبا للبينة بالإقرار.
الثانية: إذ قضى بالنكول فهل يكون كالإقرار أو كالبدل فيه وجهان.
قال أبو بكر في الجامع النكول إقرار.
وقاله في الترغيب في القسامة على ما يأتي.
وينبني عليهما ما إذا ادعى نكاح امرأة واستحلفناها فنكلت فهل يقضي عليها بالنكول وتجعل زوجته إذا قلنا هو إقرار حكم عليها بذلك.
وإن قلنا بذل لم يحكم بذلك لأن الزوجية لا تستباح بالبذل.
وكذلك لو ادعى رق مجهول النسب وقلنا يستحلف فنكل عن اليمين وكذلك لو ادعى قذفه واستحلفناه فنكل فهل يحد للقذف ينبني على ذلك.
ثم قال ابن القيم في الطرق الحكمية والصحيح أن النكول يقوم مقام الشاهد والبينة لا مقام الإقرار والبذل لأن الناكل قد صرح بالإنكار وأنه لا يستحق المدعى به وهو يصر على ذلك فتورع عن اليمين فكيف يقال أنه مقر مع إصراره على الإنكار ويجعل مكذبا لنفسه وأيضا لو كان مقرا لم يسمع منه نكوله بالإبراء والأداء فإنه يكون مكذبا لنفسه.
وأيضا فإن الإقرار إخبار وشهادة من المرء على نفسه فكيف يجعل مقرا شاهدا على

نفسه بسكوته والبذل إباحة وتبرع وهو لم يقصد ذلك ولم يخطر على قلبه وقد يكون المدعى عليه مريضا مرض الموت.
فلو كان النكول بذلا وإباحة اعتبر خروج المدعى به من الثلث.
قال رحمه الله فتبين أنه لا إقرار ولا إباحة بل هو جار مجرى الشاهد والبينة انتهى.
قوله: "فيقول إن حلفت وإلا قضيت عليك ثلاثا".
يستحب أن يقول ذلك له ثلاثا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وشرح ابن منجا والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم وقيل يقوله مرة.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير ثلاثا أو مرة.
وقال في الرعاية الكبرى مرة.
وقيل ثلاثا انتهى.
والذي قاله الإمام أحمد رحمه الله إذا نكل لزمه الحق.
قوله: "فإن لم يحلف قضى عليه إذا سأله المدعي ذلك".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الفروع وغيره.
وقيل يحكم له قبل سؤاله.
وتقدم نظير ذلك أيضا.
تنبيه: ظاهر قوله: "فيقال للناكل لك رد اليمين على المدعي فإن ردها حلف المدعي وحكم له".
أنه يشترط إذن الناكل في رد اليمين.
وهو قول أبي الخطاب كما تقدم عنه في الهداية.
والصحيح أنه لا يشترط على القول بالرد إذن الناكل في الرد.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.

قوله: "وإن نكل أيضا صرفهما فإن عاد أحدهما فبذل اليمين لم يسمعها في ذلك المجلس حتى يحتكما في مجلس آخر".
قال في المحرر ومن بذل منهما اليمين بعد نكوله لم تسمع منه إلا في مجلس آخر بشرط عدم الحكم.
وكذا قال في المغني والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع والأشهر قبل الحكم بالنكول.
وقيل تسمع ولو بعد الحكم.
ويحتمله كلام المصنف.
قال بن نصر الله في حواشي الفروع وهو بعيد ولم يذكره في الرعاية انتهى.
وقال المصنف والشارح إذا نكل المدعي سئل عن سبب نكوله فإن قال امتنعت لأن لي بينة أقيمها أو حسابا أنظر فيه فهو على حقه من اليمين ولا يضيق عليه في اليمين بخلاف المدعى عليه.
وإن قال لا أريد أن أحلف فهو ناكل.
وقيل يمهل ثلاثة أيام في المال ذكره في الرعاية.
فوائد:
متى تعذر رد اليمين فهل يقضى بنكوله أو يحلف ولي أو إن باشر ما ادعاه أو لا يحلف حاكم فيه أوجه.
وأطلقهن في الفروع.
قطع في المغني والشرح بأن الأب والوصي والإمام والأمين لا يحلفون.
وقال في الحاوي الصغير وكل مال لا ترد فيه اليمين يقضي فيه بالنكول كالإمام إذا ادعى لبيت المال أو وكيل الفقراء ونحو ذلك انتهى.
وقاله في الرعاية الصغرى.
وقال وكذا الأب ووصية وأمين الحاكم إذا ادعوا حقا لصغير أو مجنون وناظر الوقف وقيم المسجد.
وقال في الكبرى قضى بالنكول في الأصح.
وقيل على الأصح.
وقيل يحبس حتى يقر أو يحلف.
وقيل بل يحلف المدعي منهم ويأخذ ما ادعاه.

وقيل: إن كان قد باشر ما ادعاه حلف عليه وإلا فلا.
قلت لا يحلف إمام ولا حاكم انتهى.
وقطع المصنف أنه يحلف إذا عقل وبلغ.
ويكتب الحاكم محضرا بنكوله.
فإن قلنا يحلف حلف لنفيه إن ادعى عليه وجوب تسليمه من موليه.
فإن أبى حلف المدعى وأخذه إن جعل النكول مع يمين المدعي كبينة لا كإقرار خصمه على ما تقدم.
وقال في الترغيب لا خلاف بيننا أن ما لا يمكن ردها يقضي بنكوله بأن يكون صاحب الدعوى غير معين كالفقراء أو يكون الإمام بأن يدعي لبيت المال دينا ونحو ذلك.
وقال في الرعاية في صورة الحاكم يحبس حتى يقر ويحلف.
وقيل يحكم عليه.
وقيل يحلف الحاكم.
وقال في الانتصار نزل أصحابنا نكوله منزلة بين منزلتين فقالوا لا يقضى به في قود وحد وحكموا به في حق مريض وعبد وصبي مأذون لهما.
وقال في الترغيب في القسامة من قضي عليه بنكوله بالدية ففي ماله لأنه كإقرار.
وبه قال أبو بكر في الجامع لأن النكول إقرار.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن المدعي يحلف ابتداء مع اللوث وأن الدعوى في التهمة كسرقة يعاقب المدعي عليه الفاجر وأنه لا يجوز إطلاقه ويحبس المستور ليبين أمره ولو ثلاثا على وجهين.
نقل حنبل حتى يتبين أمره.
ونص الإمام أحمد رحمه الله ومحققو أصحابه على حبسه.
وقال إن تحليف كل مدعي عليه وإرساله مجانا ليس مذهب الإمام واحتج في مكان آخر بأن قوما اتهموا ناسا في سرقة فرفعوهم إلى النعمان بن بشير رضي الله عنهما فحبسهم أياما ثم أطلقهم فقالوا له خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان فقال إن شتم ضربتهم فإن ظهر مالكم وإلا ضربتكم مثله فقالوا هذا حكمك فقال حكم الله تعالى وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال في الفروع وظاهره أنه قال به وقال به شيخنا الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
وقال في الأحكام السلطانية يحبسه وال.
قال وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وقاض أيضا وأنه يشهد له قول الله تعالى:

{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور:8] حملنا على الحبس لقوة التهمة.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله الأول قول أكثر العلماء.
واختار تعزير مدع بسرقة ونحوها على من يعلم براءته.
واختار أن خبر من ادعى بحق بأن فلانا سرق كذا كخبر إنسي مجهول فيفيد تهمة كما تقدم.
وقال في الأحكام السلطانية يضر به الوالي مع قوة التهمة تعزيرا فإن ضرب ليقر لم يصح وإن ضرب ليصدق عن حاله فأقر تحت الضرب قطع ضربه وأعيد إقراره ليؤخذ به ويكره الاكتفاء بالأول.
قال في الفروع كذا قال.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا كان معروفا بالفجور المناسب للتهمة.
فقالت طائفة يضربه الوالي والقاضي.
وقالت طائفة يضربه الوالي عند القاضي.
وذكر ذلك طوائف من أصحاب الأئمة مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله.
قوله: "وإن قال المدعي لي بينة بعد قوله ما لي بينة لم تسمع ذكره الخرقي".
وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في المغني والكافي والترغيب والوجيز والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن تسمع.
وهو وجه اختاره ابن عقيل وغيره.
قال في الفروع وهو متجه حلفه أولا.
وجزم في الترغيب بالأول.
وقال وكذا قوله كذب شهودي وأولى.
ولا تبطل دعواه بذلك في الأصح ولا ترد بذكر السبب بل بذكر سبب المدعي غيره.
وقال في الترغيب إن ادعى ملكا مطلقا فشهدت به وبسببه وقلنا ترجح بذكر السبب لم تفده إلا أن تعاد بعد الدعوى.

فوائد:
إحداها: لو ادعى شيئا فشهدت له البينة بغيره فهو مكذب لهم.
قاله الإمام أحمد رحمه الله وأبو بكر.
وقدمه في الفروع واختار في المستوعب تقبل البينة فيدعيه ثم يقيمها.
وفي المستوعب أيضا والرعاية إن قال أستحقه وما شهدت به وإنما ادعيت بأحدهما لأدعى بالآخر وقتا آخر ثم شهدت به قبلت.
الثانية: لو ادعى شيئا فأقر له بغيره لزمه إذا صدقه المقر له والدعوى بحالها نص عليه.
الثالثة: لو سأل ملازمته حتى يقيمها أجيب في المجلس على الأصح في الروايتين.
فإن لم يحضرها في المجلس صرفه.
وقيل ينظر ثلاثا.
وذكر المصنف وغيره ويجاب مع قربها.
وعنه وبعدها ككفيل فيما ذكر في الإرشاد والمبهج والترغيب وأنه يضرب له أجلا متى مضى فلا كفالة.
ونصه لا يجاب إلى كفيل كحبسه.
وفي ملازمته حتى يفرغ له الحاكم من شغله مع غيبه ببينة وبعدها يحتمل وجهين.
قاله في الفروع.
قال الميموني لم أره يذهب إلى الملازمة إلى أن يعطله من عمله ولا يمكن أحدا من عنت خصمه.
قوله: "وإن قال لي بينة وأريد يمينه فإن كانت غائبة".
يعني عن المجلس فله إحلافه.
وهذا المذهب سواء كانت قريبة أو بعيدة.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل القريبة كالحاضرة في المجلس.

قال في المحرر وقيل لا يملكها إلا إذا كانت غائبة عن البلد.
وقيل ليس له إحلافه مطلقا بل يقيم البينة فقط وقطعوا به في كتب الخلاف.
قوله: "وإن كانت حاضرة فهل له ذلك على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة وشرح ابن منجا.
أحدهما: "له إقامة البينة أو تحليفه إذا كانت حاضرة في المجلس وهوالمذهب".
نصره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: يملكهما فيحلفه ويقيم البينة بعده.
وقيل لا يملك إلا إقامة البينة فقط.
قال في الفروع قطعوا به في كتب الخلاف كما تقدم.
فائدة: لو سأل تحليفه ولا يقيم البينة فحلف ففي جواز إقامتها بعد ذلك وجهان قاله القاضي.
وأطلقهما في المغني والكافي والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والزركشي والفروع وغيرهم.
أحدهما: ليس له إقامتها بعد تحليفه صححه الناظم.
والثاني له إقامتها.
قدمه بن رزين في شرحه.
قوله: "وإن سكت المدعى عليه فلم يقر ولم ينكر قال له القاضي إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب وغيره.
وقيل يحبسه حتى يجيب.
اختاره القاضي في المجرد.

وقدمه في الشرح.
وذكره في الترغيب عن الأصحاب.
ومرادهم بهذا الوجه إذا لم يكن للمدعي بينة.
فإن كان له بينة قضى بها وجها واحدا.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك الحكم لو قال لا أعلم قدر حقه.
ذكره في عيون المسائل والمنتخب.
واقتصر عليه في الفروع.
الثانية قوله يقول له القاضي إن أجبت وإلا أجعلك ناكلا ثلاث مرات قاله المصنف والشارح وابن حمدان وغيرهم.
قوله: "وإن قال لي حساب أريد أن أنظر فيه لم يلزم المدعي إنظاره".
هذا أحد الوجهين.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وقيل يلزمه إنظاره ثلاثا وهو المذهب صححه في المغني والشرح والنظم.
وقيل في المغني والشرح والنظم.
قال في الفروع لزم إنظاره في الأصح ثلاثة أيام.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الكافي والمنور.
وقدمه في المحرر.
فائدة: لو قال إن ادعيت ألفا برهن كذا لي بيدك أجبت وأن ادعيت هذا ثمن كذا بعتنيه ولم تقبضنيه فنعم وإلا فلا حق لك علي فهو جواب صحيح.
قاله في المحرر والفروع والمنور وغيرهم.
قوله: "وإن قال قد قضيته أو قد أبرأني ولي بينة بالقضاء أو بالإبراء وسأل الانظار انظر ثلاثا وللمدعى ملازمته".
وهو المذهب.

جزم به في الكافي والمغني والمحرر والشرح والوجيز وتجريد العناية وقدمه في الفروع.
وقيل لا ينظر كقوله لي بينة تدفع دعواه.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يكن الخصم أنكر أولا سبب الحق.
أما إن كان أنكر أولا سبب الحق ثم ثبت فادعى قضاء أو إبراء سابقا لم تسمع منه وإن أتى ببينة نص عليه.
ونقله بن منصور.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
وقيل تسمع البينة وتقدم نظيره في أواخر باب الوديعة.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو ادعى القضاء أو الإبراء وجعلناه مقرى بذلك.
قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
قوله: "فإن عجز".
يعنى عن إقامة البينة بالقضاء أو الإبراء.
حلف المدعى على نفي ما ادعاه واستحق بلا نزاع.
لكن لو نكل المدعى حكم عليه.
وإن قيل برد اليمين فله تحليف خصمه فإن أبى حكم عليه.
فائدة: لو ادعى أنه أقاله في بيع فله تحليفه.
ولو قال أبرأني من الدعوى فقال في الترغيب انبنى على الصلح على الإنكار والمذهب صحته وإن قلنا لا يصح لم تسمع.
قوله: "وإن ادعى عليه عينا في يده فأقر بها لغيره جعل الخصم فيها وهل يحلف المدعى عليه وهو المقر على وجهين".
وأطلقهما في الرعايتين وشرح ابن منجا والحاوي الصغير.
أحدهما: لا يحلف وهو المذهب.
صححه في المحرر والفروع والنظم.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني والشرح

والوجه الثاني: لايحلف.
فعلى المذهب إذا نكل أخذ منه بدلها.
قوله: "فإن كان المقر له حاضرا مكلفا سئل فإن ادعاها لنفسه ولم تكن له بينة حلف وأخذها".
فإذا أخذها فأقام الآخر بينة أخذها منه.
قال في الروضة وللمقر له قيمتها على المقر.
قوله: "وإن قال ليست لي ولا أعلم لمن هي سلمت إلي المدعى في أحد الوجهين".
وإن كانا اثنين اقترعا عليها وهو المذهب.
صححه المصنف والشارح والناظم وصاحب التصحيح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
قوله: "وفي الآخر: لا تسلم إليه إلا ببينة ويجعلها الحاكم عند أمين".
ذكره القاضي.
وقيل تقر بيد رب اليد.
وذكره في المحرر والمذهب.
وضعفه في الترغيب.
ولم يذكره في المغنى.
فعلى الوجهين الأخيرين يحلف للمدعي.
وعلى الوجه الأول يحلف إن قلنا ترد اليمين.
جزم به في الفروع.
وقال المصنف والشارح ويتخرج لنا وجه أن المدعى يحلف أنها له وتسلم إليه بناء على القول برد اليمين إذا نكل المدعى عليه.
فتتلخص أربعة أوجه تسلم للمدعي أو ببينة أو تقر بيد رب اليد أو يأخذها المدعي ويحلف إن قلنا ترد اليمين.

فائدتان:
إحداهما: وكذا الحكم لو كذبه المقر له وجهل لمن هي.
الثانية: لو عاد فادعاها لنفسه أو لثالث لم يقبل على ظاهر ما في المغني وغيره.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وقال في المحرر وغيره تقبل على الوجه الثالث وهو الذي قال إنه المذهب.
وجزم به الزركشي.
ثم إن عاد المقر له أولا إلى دعواه لم تقبل.
وإن عاد قبل ذلك فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وإن أقرت برقها لشخص وكان المقر به عبدا فهو كمال غيره.
وعلى الذي قبله يعتقان.
وذكر الأزجى في أصل المسألة أن القاضي قال تبقى على ملك المقر فتصير وجها خامسا.
قوله: "وإن أقر بها لغائب أو صبى أو مجنون سقطت عنه الدعوى ثم إن كان للمدعى بينة سلمت إليه وهل يحلف على وجهين".
وذكرهما في الرعايتين روايتين.
وأطلقهما في شرح ابن منجا والرعايتين وتجريد العناية والحاوى الصغير.
أحدهما: "لايحلف وهو المذهب".
صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
والثاني: يحلف مع البينة.
قال بن رزين في مختصره ويحلف معها على رأى.
وقيل إن جعل قضاء على غائب حلف وإلا فلا قاله في الرعاية.
قوله: "وإن لم يكن له بينة حلف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه وأقرت في يده".
وهو صحيح لكن لو نكل غرم بدلها.

فإن كان المدعى اثنين لزمه لهما عوضان.
قوله: "إلا أن يقيم بينة أنها لمن سمى فلا يحلف".
وتسمع البينة لفائدة زوال التهمة وسقوط اليمين عنه ويقضى بالملك إن قدمت بينة داخل ولو كان للمودع والمستأجر والمستعير المحاكمة.
قدمه في الفروع.
قال الزركشى وخرج القاضي القضاء بالملك بناء على أن للمودع ونحوه المخاصمة فيما في يده.
وقدم المصنف أنه لا يقضي بالملك لأنه لم يدعها الغائب ولا وكيله وجزم به الزركشى.
تنبيهان:
أحدهما: قال في الفروع وتقدم أن الدعوى للغائب لا تصح إلا تبعا.
وذكروا أن الحاكم يقضى عنه ويبيع ماله فلا بد من معرفته أنه للغائب وأعلى طريقة البينة فتكون من المدعي للغائب تبعا أو مطلقا للحاجة إلى إيفاء الحاضر وبراءة ذمة الغائب.
الثاني: قوله: "وإن أقر بها لمجهول قيل له إما أن تعرفه أو نجعلك ناكلا".
وهذا بلا نزاع لكن لو عاد فأدعاها لنفسه فقيل تسمع لعدم صحة قوله.
قال في الرعاية الكبرى قبل قوله في الأشهر.
وقيل لا تسمع لاعترافه أنه لا يملكها.
صححه في تصحيح المحرر والنظم في هذا الباب.
وأطلقهما في باب الدعاوى.
وأطلقهما في الكافى والمحرر والفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي.
وقال في الترغيب إن أصر حكم عليه بنكوله.
فإن قال بعد ذلك هي لي لم يقبل في الأصح.
قال وكذا تخرج إذا أكذبه المقر له ثم ادعاه لنفسه وقال غلطت ويده باقية.
تنبيه: بعض الأصحاب يذكر هذه المسائل في باب الدعاوي وبعضهم يذكرها هنا وذكر المصنف هناك ما يتعلق بذلك.

قوله: "ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعي".
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا ما استثنى.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن مسألة الدعوى وفروعها ضعيفة لحديث الحضرمي وأن الثبوت المحض يصح بلا مدعى عليه.
وقال إذا قيل لا تسمع إلا محررة فالواجب أن من ادعى مجملا استفصله الحاكم.
وقال المدعى عليه قد يكون مبهما كدعوى الأنصار قتل صاحبهم ودعوى المسروق منه على بني أبيرق.
ثم المجهول قد يكون مطلقا وقد ينحصر في قوم كقولها نكحني أحدهما وقوله زوجني إحداهما انتهى.
والتفريع على الأول.
فعلى المذهب يعتبر التصريح في الدعوى فلا يكفي قوله لي عند فلان كذا حتى يقول وأنا الآن مطالب له به.
ذكره في الترغيب والرعاية وغيرهما.
وقال وظاهر كلام جماعة يكفي الظاهر.
قلت وهو أظهر.
فائدتان:
إحداهما: قال في الرعاية لو كان المدعى به متميزا مشهورا عند الخصمين والحاكم كفت شهرته عن تحديده.
وقال في الفروع وتكفي شهرته عندهما.
وعند الحاكم عن تحديده لحديث الحضرمي والكندي.
قال وظاهره عمله بعلمه أن مورثه مات ولا وارث له سواه انتهى.
الثانية: لو قال غصبت ثوبي فإن كان باقيا فلي رده وإلا قيمته صح اصطلاحا.
وقيل يدعيه.
فإن خفي ادعى قيمته.
وقال في الترغيب لو أعطى دلالا ثوبا قيمته عشرة ليبيعه بعشرين فجحده فقال أدعى ثوبا إن كان باعه فلي عشرون وإن كان باقيا فلي عينه وإن كان تالفا فلي عشرة.
قال في الفروع فقد اصطلح القضاة على قبول هذه الدعوى المرددة للحاجة.
قال في الرعاية صح اصطلاحا.

وقيل بلى انتهى.
وإن ادعى أن له الآن لم تسمع بينة أنه كان له أمس أو في يده في الأصح من الوجهين حتى يبين سبب يد الثاني نحو غاصبه بخلاف ما لو شهدت أنه كان ملكه بالأمس اشتراه من رب اليد فإنه يقبل.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن قال ولا أعلم له مزيلا قبل كعلم الحاكم أنه يلبس عليه.
وقال أيضا لا يعتبر في أداء الشهادة قوله وأن الدين باق في ذمة الغريم إلى الآن بل يحكم الحاكم باستصحاب الحال إذا ثبت عنده سبق الحق إجماعا.
وقال أيضا فيمن بيده عقار فادعى رجل بمثبوت عند الحاكم أنه كان لجده إلى موته ثم لورثته ولم يثبت أنه مخلف عن موروثه لا ينزع منه بذلك لأن أصلين تعارضا وأسباب انتقاله أكثر من الإرث ولم تجر العادة بسكوتهم المدة الطويلة ولو فتح هذا لانتزع كثير من عقار الناس بهذه الطريق.
وقال فيمن بيده عقار فادعى آخر أنه كان ملكا لأبيه فهل يسمع من غير بينة.
قال لا يسمع إلا بحجة شرعية أو إقرار من هو في يده أو تحت حكمه وقال في بينة شهدت له بملكه إلى حين وقفه وأقام الوارث بينة أن موروثه اشتراها من الواقف قبل وقفه قدمت بينة وارث لأن معها مزيد علم لتقديم من شهد بأنه ورثه من أبيه وآخر أنه باعه انتهى.
قوله: "إلا في الوصية والإقرار فإنها تجوز بالمجهول".
وكذلك في العبد المطلق في المهر إذا قلنا يصح.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الرعايتين كوصية وعبد مطلق في مهر أو نحوه.
وقيل أو إقرار.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب ولا تصح إلا محررة يعلم بها المدعى إلا في الوصية خاصة فإنها تصح من المجهول وقاله غيرهم.
وقال في عيون المسائل يصح الإقرار بالمجهول لئلا يسقط حق المقر له ولا تصح الدعوى لأنها حق له ف إذا ردت عليه عدل إلى معلوم.

واختار في الترغيب أن دعوى الإقرار بالمعلوم لا تصح لأنه ليس بالحق ولا موجبه فكيف بالمجهول.
وقال في الترغيب أيضا لو ادعى درهما وشهد الشهود على إقرار ه قبل.ولا يدعى الإقرار لموافقته لفظ الشهود بل لو ادعى لم تسمع.
وفي الترغيب في اللقطه لا تسمع وقال الآمدي لو ادعت امرأة أن زوجها أقر أنها أخته من الرضاع أو ابنته وأنكر الزوج فأقامت بينة على إقراره بذلك لم تقبل لأنها شهادة على الإقرار على الرضاع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى لعل مأخذه أنها ادعت بالإقرار لا بالمقر به.
ولكن هذه الشهادة تسمع بغير دعوى لما فيها من حق الله.
على أن الدعوى بالإقرار فيها نظر فإن الدعوى بها تصديق المقر.
فوائد:
الأولى: من شرط صحة الدعوى أن تكون متعلقة بالحال على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وقيل تسمع بدين مؤجل لإثباته.
قال في الترغيب الصحيح أنها تسمع فيثبت أصل الحق للزومه في المستقبل كدعوى تدبير وأنه يحتمل في قوله قتل أبى أحد هؤلاء الخمسة أنها تسمع للحاجة لوقوعه كثيرا ويحلف كل منهم.
وكذا دعوى غصب وإتلاف وسرقة لا إقرار وبيع إذا قال نسيت لأنه مقصر.
وقال في الرعاية الكبرى تسمع الدعوى بدين مؤجل لإثباته إذا خاف سفر الشهود أو المديون مدة بغير أجل.
الثانية: يشترط في الدعوى انفكاكها عما يكذبها.
فلو ادعى عليه أنه قتل أباه منفردا ثم ادعى على آخر المشاركة فيه لم تسمع الثانية ولو أقر الثاني إلا أن يقول غلطت أو كذبت في الأولى فالأظهر تقبل.
قاله في الترغيب.
وقدمه في الفروع لإمكانه والحق لا يعدوهما.
وقال في الرعاية من أقر لزيد بشيء ثم ادعاه وذكر تلقيه منه سمع وإلا فلا.
وإن أخذ منه بينة ثم ادعاه فهل يلزم ذكر تلقيه يحتمل وجهين.

الثالثة: لو قال: "كان بيدك" أو "لك أمس" وهو ملكي الآن لزمه سبب زوال يده على أصح الوجهين.
والوجه الثاني: لا يلزمه.
وقيل يلزمه في الثانية دون الأولى.
قال في الفروع فيتوجه على الوجهين.
ولو أقام المقر بينة أنه له ولم يبين سببا هل تقبل.
وتقدم الكفاية بشهرته عند الخصمين أو الحاكم قريبا.
الرابعة: لو أحضر ورقة فيها دعوى محررة وقال أدعى بما فيها مع حضور خصمه لم تسمع قاله في الرعاية.
وقال في الفروع لا يكفي قوله عن دعوى في ورقة أدعى بما فيها.
الخامسة: تسمع دعوى استيلاد وكتابه وتدبير على الصحيح من المذهب.
وقيل تسمع في التدبير إن جعل عتقا بصفة.
وقال في الفصول دعواه سببا قد يوجب مالا كضرب عبده ظلما يحتمل أن لا تسمع حتى يجب المال.
وقال في الترغيب لا تسمع الدعوى مستلزمة لا كبيع خيار ونحوه وأنه لو ادعى بيعا أو هبة لم تسمع إلا أن يقول ويلزمه التسليم إلي لاحتمال كونه قبل اللزوم.
ولو قال بيعا لازما أو هبة مقبوضة فوجهان لعدم تعرضه للتسليم.
قوله: "وإن كان المدعى عينا حاضرة عينها وإن كانت غائبة ذكر صفاتها إن كانت تنضبط بها والأولى ذكر قيمتها".
وجزم به الشارح وابن منجا والفروع وغيرهم.
قوله: "وإن كانت تالفة من ذوات الأمثال أو في الذمة ذكر قدرها وجنسها وصفتها".
فيذكر هنا ما يذكره في صفة السلم.
وأن ذكر قيمتها كان أولى.
يعنى الأولى أن يذكر قيمتها مع ذكر صفة السلم.
قاله الأصحاب لأنه أضبط.
وكذا إن كان غير مثلى على الصحيح من المذهب.

قدمه في الفروع.
وهو ظاهر كلام المصنف وغيره.
وقال في الترغيب يكفي ذكر قيمة غير المثلى.
فائدة: قوله: "وإن لم تنضبط بالصفات فلا بد من ذكر قيمتها كالجواهر ونحوها بلا نزاع".
لكن يكفي ذكر قدر نقد البلد على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل ويصفه أيضا.
قوله: "وإن ادعى نكاحا فلا بد من ذكر المرأة بعينها إن حضرت وإلا ذكر اسمها ونسبها وذكر شروط النكاح وأنه تزوجها بولي مرشد وشاهدي عدل وبرضاها".
في الصحيح من المذهب.
وهو المذهب كما قال.
يعني يشترط في صحة الدعوى بالنكاح ذكر شروطه.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمغني والمحرر وغيرهم.
وصححه في الفروع وغيره.
فقال يعتبر ذكر شروطه في الأصح.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الرعاية وغيره.
وقال في الترغيب يعتبر في النكاح وصفه بالصحة انتهى.
وقيل لا يعتبر ذكر شروطه.
فعلى المذهب لو ادعى استدامة الزوجية ولم يدع العقد فهل يشترط ذكر شروطه في صحة الدعوى أم لا فيه وجهان.
وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح والفروع.
أحدهما: لا يشترط وهو الصحيح.

صححه في البلغة والرعايتين.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
والثاني يشترط.
فائدتان:
إحداهما: قال المصنف والشارح لو كانت المرأة أمة والزوج حرا فقياس ما ذكرنا أنه يحتاج إلى ذكر عدم الطول وخوف العنت.
الثانية لو ادعى زوجية امرأة فأقرت فهل يسمع إقرارها.
وهو ظاهر كلام الخرقى وصححه المجد أو لا يسمع.
وإن ادعى زوجيتها واحد قبل.
وإن ادعاها اثنان لم يقبل قطع به المصنف في المغنى فيه ثلاث روايات.
قوله: "وإن ادعى بيعا أو عقدا سواه فهل يشترط ذكر شروطه يحتمل وجهين".
وكذا في الترغيب.
يعنى إذا اشترطنا ذكر ذلك في النكاح.
وأطلقهما ابن منجا في شرحه والرعاية الكبرى.
أحدهما: يشترط ذكر شروطه وهو المذهب.
قال في الفروع اعتبر ذكر شروطه في الأصح.
قال في الرعاية الصغرى ذكر شروط صحته في الأصح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وتجريد العناية والنظم.
والوجه الثاني لا يشترط.
اختاره المصنف والشارح.
وقيل يشترط ذكره في ملك الإماء والنكاح ولا يشترط ذكره في غيره.
قوله: "وإن ادعت المرأة نكاحا على رجل وادعت معه نفقة أو مهرا سمعت دعواها بلا نزاع".

"وإن لم تدع سوى النكاح فهل تسمع دعواها على وجهين".
وأطلقهما في الكافي والمغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما: لا تسمع وهو المذهب.
اختاره أبو الخطاب.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم.
والوجه الثاني: تسمع.
جزم به القاضي.
فعليه هي في الدعوى كالزوج.
فائدتان:
إحداهما: لو نوى بجحوده الطلاق لم تطلق على الصحيح من المذهب خلافا للمصنف في المغنى.
واختاره في الترغيب.
وقال المسألة مبنية على رواية صحة إقرارها به إذا ادعاه واحد قاله في الفروع.
قلت قد تقدم في كتاب الطلاق في قوله ليس لي امرأة أو ليست لي بامرأة رواية أنه لغو.
قال في الفروع والأصح كناية.
وقال في المحرر هناك إذا نوى الطلاق بذلك وقع.
وعنه لا يقع شيء.
فالجحود هنا لعقد النكاح لا لكونها امرأته.
الثانية: لو علم أنها ليست امرأته وأقامت بينة أنها امرأته فهل يمكن منها ظاهرا فيه وجهان.
وأطلاقهما في المغنى والشرح والفروع.
قلت الذي يقطع به أنه لا يمكن منها.
وكيف يمكن منها وهو يعلم من نفسه ويتحقق أنها ليست له بزوجة حتى ولو حكم له به حاكم لأن حكمة لا يحل حراما.

قوله: "وإن ادعى قتل موروثه ذكر القاتل وأنه انفرد به أو شارك غيره وأنه قتله عمدا أو خطأ أو شبه عمد ويصفه
وهذا بلا نزاع".
وإن لم يذكر الحياة في ذلك فوجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
قلت الأولى عدم اشتراط ذكر الحياة.
فائدتان:
إحداهما: قوله: "وإن ادعى الإرث ذكر سببه بلا نزاع".
ولو ادعى دينا على أبيه ذكر موت أبيه وحرر الدين والتركة على الصحيح من المذهب.
اختاره القاضي وغيره.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
واختار المصنف أنه يكفي أيضا أن يقول إنه وصل إليه من تركة أبيه ما يفي بدينه.
الثانية: قوله: "وإن ادعى شيئا محلى قومه بغير جنس حليته فإن كان محلى بذهب وفضة قومه بما شاء منهما للحاجة بلا نزاع ولو ادعى دينا أو عينا لم يشترط ذكر سببه وجها واحدا لكثرة سببه وقد يخفى على المدعي".
قوله: "وتعتبر في البينة العدالة ظاهرا وباطنا في اختيار أبي بكر والقاضي وهو المذهب".
قال في الفروع تعتبر عدالة البينة ظاهرا وباطنا.
أطلقه الإمام والأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب عند أكثر الأصحاب القاضي وأصحابه وأبي محمد والخرقى فيما قاله أبو البركات انتهى.
قلت وحكاه في الهداية عن الخرقى.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
قال في المحرر واختاره الخرقي.
وأخذه من قوله و إذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه.

وفي الواضح والموجز كبينة حد وقود.
قال ابن منجا في شرحه العدالة المعتبرة في شهود الزنى هي العدالة المعتبرة ظاهرا وباطنا وجها واحدا وإن اختلف في ذلك في الأموال لتأكد الزنى انتهى.
وعنه تقبل شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة اختارها الخرقى.
قاله المصنف في هذا الكتاب هنا.
وأخذها من قوله والعدل من لم تظهر منه ريبة.
وكذا قال القاضي وغيره.
قال الزركشي وليس بالبين لما تقدم له من أنه إذا شهد عنده من لا يعرف حاله سأل عنه.
فدل على أن كلامه هنا فيمن عرف حاله انتهى.
واختار هذه الرواية أبو بكر وصاحب الروضة.
قاله في الفروع.
فعليها إن جهل إسلامه رجع إلى قوله.
وفي جهل حريته حيث اعتبرناها وجهان.
أحدهما: لا يرجع إليه.
وهو المذهب صححه في تصحيح المحرر.
وقال جزم به في المغني والشرح.
وأورده في النظم مذهبا.
والثاني: يرجع إليه.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والفروع وتجريد العناية.
وإن جهل عدالته لم يسأل عنه إلا أن يجرحه الخصم.
وقال في الانتصار يقبل من الغريب قوله أنا حر عدل للحاجة كما قبلنا قول المرأة إنها ليست مزوجة ولا معتدة.
"فائدة جليلة"
وهي أن المسلم هل الأصل فيه العدالة أو الفسق.اختلف فيها في زمننا.
فأحببت أن أنقل ما اطلعت عليه فيها من كتب الأصحاب فأقول وبالله التوفيق.
قال المصنف في المغني عند قول الخرقى و إذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه وتابعه

الشارح عند قول المصنف ويعتبر في البينة العدالة ظاهرا وباطنا لما نصرا أن العدالة تعتبر ظاهرا وباطنا.
وحكيا القول بأنه لا تعتبر العدالة إلا ظاهرا وعللاه بأن قالا ظاهر حال المسلمين العدالة.
واحتجا له بشهادة الأعرابي برؤية الهلال وقبولها وبقول عمر رضي الله عنه المسلمون عدول بعضهم على بعض.
ولما نصرا الأول قالا العدالة شرط فوجب العلم بها كالإسلام.
وذكرا الأدلة وقالا وأما قول عمر رضي الله تعالى عنه فالمراد به ظاهر العدالة.
وقالا هذا بحث يدل على أنه لا يكتفي بدونه.
فظاهر كلامهما أنهما سلما أنه ظاهر العدالة ولكن تعتبر معرفتها باطنا.
وقالا في الكلام على أنه لا يسمع الجرح إلا مفسرا لأن الجرح ينقل عن الأصل فإن الأصل في المسلمين العدلة والجرح ينقل عنها.
فصرحا هنا بأن الأصل في المسلمين العدالة.
وقال ابن منجا في شرحه لما نصر أنه تعتبر العدالة ظاهر أو باطنا وأما دعوى أن ظاهر حال المسلمين العدالة فممنوعة بل الظاهر عكس ذلك.
فصرح أن الأصل في ظاهر حال المسلم عكس العدالة.
وقال في قوله ولا نسمع الجرح إلا مفسرا والفرق بين التعديل وبين.الجرح أن التعديل إذا قال هو عدل يوافق الظاهر فحكم بأنه عدل في الظاهر فخالف ما قال أولا.
وقال بن رزين في شرحه في أول كتاب النكاح وتصح الشهادة من مستوري الحال رواية واحدة لأن الأصل العدالة.
وقال الطوفي في مختصره في الأصول في أواخر التقليد والعدالة أصلية في كل مسلم.
وتابع ذلك في شرحه على ذلك.
فظاهر كلامه أن الأصل العدالة.
وقال في الروضة في هذا المكان لأن الظاهر من حال العالم العدلة.
وقال الزركشي عند قول الخرقى و إذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه ومنشأ الخلاف أن العدالة هل هي شرط لقبول الشهادة والشرط لا بد من تحقق وجوده وإذن لا يقبل مستور الحال لعدم تحقق الشرط فيه أو الفسق مانع فيقبل مستور الحال إذ الأصل عدم الفسق.
ثم قال بعد ذلك بأسطر فإن قيل بأن الأصل في المسلمين العدالة.

قيل لا نسلم هذا إذ العدالة أمر زائد على الإسلام ولو سلم هذا فمعارض بأن الغالب ولا سيما في زمننا هذا الخروج عنها.
وقد يلزم أن الفسق مانع ويقال المانع لا بد من تحقق ظن عدمه كالصبي والكفر.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله من قال إن الأصل في الإنسان العدالة فقد أخطأ وإنما الأصل فيه الجهل والظلم قال الله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72]
وقال بن القيم رحمه الله في أواخر بدائع الفوائد إذا شك في الشاهد هل هو عدل أم لا لم يحكم بشهادته إذ الغالب على الناس عدم العدالة وقول.من قال الأصل في الناس العدالة كلام مستدرك بل العدالة حادثة تتجدد والأصل عدمها فإن خلاف العدالة مستندة جهل الإنسان وظلمه والإنسان جهول ظلوم فالمؤمن يكمل بالعلم والعدالة وهما جماع الخير وغيره يبقى على الأصل.
وقال بعضهم العدالة والفسق مبنيان على قبول شهادته.
فان قلنا تقبل شهادة مستوري الحال فالأصل فيه العدالة.
وإن قلنا لا تقبل فالأصل فيه الفسق.
قلت الذي يظهر أن المسلم ليس الأصل فيه الفسق لأن الفسق قطعا يطرأ والعدالة أيضا ظاهرا وباطنا تطرأ لكن الظن في المسلم العدالة أولى من الظن به الفسق.
ومما يستأنس به على القول بأن الأصل في المسلم العدالة قوله عليه أفضل الصلاة والسلام ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.
قوله: "و إذا علم الحاكم عدالتهما عمل بعلمه".
هكذا عبارة غالب الأصحاب.
قال في الفروع وفي عبارة غير واحد ويحكم بعلمه في عدالة الشاهد وجرحه للتسلسل.
قال في عيون المسائل ولأنه يشاركه فيه غيره فلا تهمة.
وقال هو والقاضي وغيرهما هذا ليس بحكم لأنه يعدل وهو يجرح غيره ويجرح هو ويعدل غيره ولو كان حكما لم يكن لغيره نقضه.
قال في الترغيب إنما الحكم بالشهادة لا بهما.

إذا علمت ذلك فعمل الحاكم بعلمه في الشهود وحكمه بعلمه في العدالة والجرح هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يعمل في جرحه بعلمه فقط.
وعنه لا يعمل بعلمه فيهما كالشاهد على أصح الوجهين فيه.
قال الزركشي وحكى بن حمدان في رعايته قولا بالمنع وهو مردود إن صح ما حكاه القرطبي.
فإنه حكى اتفاق الكل على الجواز انتهى.
فائدتان:
إحداهما: لا يجوز الاعتراض عليه لتركه تسمية الشهود.
ذكره القاضي وعيره في مسألة المرسل وابن عقيل.
وقدمه في الفروع.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أن له طلب تسمية البينة ليتمكن من القدح بالاتفاق.
قال في الفروع ويتوجه مثله لو قال حكمت بكذا ولم يذكر مستنده.
الثانية: قال في الرعاية لو شهد أحد الشاهدين ببعض الدعوى قال شهد عندي بما وضع به خطه فيه أو عادة حكام بلده.
وان كان الشاهد عدلا كتب تحت خطه شهد عندي بذلك وإن قبله كتب شهد بذلك عندي.
وان قبله غيره أو أخبره بذلك كتب وهو مقبول.
وإن لم يكن مقبولا كتب شهد بذلك.
وقال للمدعي زدني شهودا أو زدك شاهديك.
وقيل إن طلب خصمه التزكية وإلا فلا انتهى.
قوله: "إلا أن يرتاب بهما فيفرقهما ويسأل كل واحد كيف تحملت الشهادة ومتى وفي أي موضع وهل كنت وحدك أو أنت وصاحبك فإن اختلفا لم يقبلهما وإن اتفقا وعظهما وخوفهما فإن ثبتا حكم بهما إذا سأله المدعى".

يلزم الحاكم سؤال الشهود والبحث عن صفه تحملهما وغيره إذا ارتاب فيهما على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وظاهر كلام القاضي في الخلاف وجوب التوقف حتى يتبين وجه الطعن.
وقال في الترغيب لو ادعى جرح البينة فليس له تحليف المدعى في الأصح.
وقال في الرعاية إن اختلفا توقف فيهما وقيل تسقط شهادتهما.
قوله: "وإن جرحهما المشهود عليه كلف إقامة البينة بالجرح فإن سأل الإنظار أنظر ثلاثا".
على الصحيح من المذهب.
قال في الرعايتين يمهل الجارح ثلاثة أيام في الأصح إن طلبه.
وجزم به كثير من الأصحاب.
وقيل لا يمهل.
قوله: "ولا يسمع الجرح إلا مفسرا بما يقدح في العدالة إما أن يراه أو يستفيض عنه".
فلا يكفي مطلق الجرح وهذا المذهب.
قاله في الفروع والزركشي وغيرهما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وقيل يقبل الجرح من غير تبيين سببه.
وعنه يكفى أن يشهد أنه فاسق وليس بعدل.
كالتعديل في أصح الوجهين فيه.
وقيل إن اتحد مذهب الجارح والحاكم أو عرف الجارح أسباب الجرح قبل إجماله وإلا فلا.
قال الزركشي وهو حسن.

وقيل يكفي قوله والله أعلم به ونحوه.
ذكرهما في الرعاية.
تنبيه: قوله: "أو يستفيض عنه".
اعلم أن له أن يشهد بجرحه بما يقدح في العدالة بالاستفاضة عنه ذلك.
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ليس له ذلك كالتزكية في أصح الوجهين فيها.
وفي التزكية وجه اختاره الشيخ تقي الدين رحمة الله وقال المسلمون يشهدون في مثل عمر بن عبد العزيز والحسن البصري رضي الله تعالى عنهما بما لا يعلمونه إلا بالاستفاضة.
وقال لا نعلم في الجرح بالاستفاضة نزاعا بين الناس.
وقال في الترغيب لا يجوز الجرح بالتسامع نعم لو زكى جاز التوقف بتسامع الفسق.
فائدتان:
إحداهما: "قال في المحرر الجرح المبين أن يذكر ما يقدح في العدالة عن رؤية أو استفاضة".
والمطلق أن يقول هو فاسق أو ليس بعدل.
قال الزركشي هذا هو المشهور.
وقال القاضي في خلافه هذا هو المبين والمطلق أن يقول الله أعلم ونحوه.
الثانية: يعرض الجارح بالزنى فإن صرح ولم يأت بتمام أربعة شهود حد خلافا للشافعي رحمه الله تعالى.
تنبيه: قوله: "وإن جهل حاله طالب المدعي بتزكيته".
بناء على اعتبار العدالة ظاهرا وباطنا وهو المذهب كما تقدم.
فائدة: التزكية حق للشرع يطلبها الحاكم وإن سكت عنها الخصم هذا الصحيح من المذهب.
وقيل بل هي حق للخصم فلو أقر بها حكم عليه بدونها.
وعلى الأول لا بد منها.
ويأتي بأعم من هذا قريبا.

قوله: "ويكفي في التزكية شاهدان يشهدان أنه عدل رضى".
قوله: "يشهدان أنه عدل رضى".
يشترط في قبول المزكيين معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة ومعاملة ونحوهما على الصحيح من المذهب.
قطع به في الرعاية الكبرى.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يقبلان مع جهل الحاكم خبرتهما الباطنة.
وقال في الرعاية وغيرها ولا يتهم بعصبية أو غيرها.
قوله: يشهدان أنه عدل رضى.
وكذا لو شهدا أنه عدل مقبول الشهادة بلا نزاع.
ويكفي قولهما عدل على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
قال الزركشي ظاهر كلام أبي محمد الجوزي وظاهر كلام أبي البركات المنع.
وقال في الترغيب هل يكفي قولهما عدل فيه وجهان.
وأطلقهما في الرعاية.
فوائد:
الأولى: "لا يكفي قولهما لا نعلم إلا خيرا".
الثانية: قال جماعة من الأصحاب لا يلزم المزكي الحضور للتزكية.
وجزم به في الرعاية وغيره.
وقال في الفروع ويتوجه وجه.
الثالثة: لا تجوز التزكية إلا لمن له خبرة باطنة.
قطع به الأصحاب.
وزاد في الترغيب ومعرفة الجرح والتعديل.
الرابعة: هل تعديل المشهود عليه وحدة تعديل في حقه وتصديق الشهود عليه تعديل وهل تصح التزكية في واقعة واحدة فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا يعجبني أن يعدل إن الناس يتغيرون.

وقال قيل لشريح قد أحدثت في قضائك فقال إنهم أحدثوا فأحدثنا.
قال في الرعاية الكبرى وإن أقر الخصم بالعدالة فقال هما عدلان فيما شهدا به علي أو صادقان حكم عليه بلا تزكية.
وقيل لا.
وقال هل تصديق الشهود تعديل لهم فيه وجهان.
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والتزكية حق لله فتطلب وإن سكت الخصم فإن أقر بالعدالة حكم عليه.
وقيل لا يحكم.
وأطلق المصنف والشارح فيما إذا عدل المشهود عليه الشاهد الوجهين.
وأطلق في الرعاية في صحة التزكية في واقعة واحدة الوجهين.
وقال وقيل إن تبعضت جاز وإلا فلا تزكية.
تنبيه: قوله: "وإن عدله اثنان وجرحه اثنان فالجرح أولى بلا نزاع".
و إذا قلنا يقبل جرح واحد فجرحه واحد وزكاه اثنان فالتزكية أولى على اصح الوجهين.
قاله في الفروع.
وجزم به في المحرر.
وجزم به في المحرر والرعايتين والمنور والزركشى وغيرهم.
وقيل الجرح أولى وهو أولى.
وقال الزركشى ولو عدله ثلاثة وجرحه اثنان فوجهان.
فإن بينا السبب فالجرح أولى وإن لم يبينا السبب فالتعديل أولى.
قوله: "وإن سأل المدعى حبس المشهود عليه حتى يزكى شهوده فهل يحبس على وجهين".
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا.
أحدهما: يجاب ويحبس.
وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب احتمل أن يحبس واقتصر عليه.
قال في الخلاصة وفي حبسه احتمال واقتصر عليه.

والوجه الثاني: لا يحبس.
وقيل لا يحبس إلا في المال ذكره في الرعاية.
فائدتان:
إحداهما: مدة حبسه ثلاثة أيام على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقيل يحبس إلى أن يزكي شهوده.
وقدمه في الرعاية.
وقيل القول بإطلاق ذلك ظاهر الفساد وهو كما قال.
وقطع جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشارح بأنه يحال في قن أو امرأة ادعى عتقا أو طلاقا بينهما بشاهدين.
وفيه بواحد في قن وجهان.
الثانية: مثل ذلك في الحكم لو سأل كفيلا به أو تعديل عين مدعاة قبل التزكية.
قاله في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قوله: "وإن أقام شاهدا وسأل حبسه حتى يقيم الآخر حبسه إن كان في المال".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يحبس.
قوله: "وإن كان في غيره فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا.
أحدهما: لا يحبس وهو المذهب.
وقدمه في الشرح والفروع.
وصححه في التصحيح.
والوجه الثاني: يحبس.

وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والنظم.
قوله: "ولا يقبل في الترجمة والجرح والتعديل والتعريف والرسالة إلا قول عدلين".
هذا المذهب بلا ريب.
قاله في الفروع وغيره.
وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به الخرقى وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم من الأصحاب.
وعنه يقبل قول واحد.
اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
فعلى المذهب يكون ذلك شهادة تفتقر إلى العدد والعدلة ويعتبر فيها من الشروط ما يعتبر في الشهادة على الإقرار بذلك الحق.
فإن كان مما يتعلق بالحدود والقصاص اعتبر فيه الحرية ولم يكف إلا شاهدان ذكران.
وإن كان مالا كفى فيه رجل وامرأتان ولم تعتبر الحرية.
وإن كان في حد زنى فالأصح أربعة.
وقيل يكفي اثنان بناء على الروايتين في الشهادة على الإقرار بالزنى على ما تقدم.
ويعتبر فيه لفظ الشهادة.
وعلى الرواية الثانية يصح بدون لفظ الشهادة ولو كان امرأة أو والدا أو ولدا أو أعمى لمن خبره بعد عماه.
ويقبل من العبد أيضا.
ويكتفي بالرقعة مع الرسول ولا بد من عدالته.
وعلى المذهب تجب المشافهة.
قال القاضي تعديل المرأة هل هو مقبول مبنى على أصل وهو هل الجرح والتعديل شهادة أو خبر على قولين.
فإن قلنا هو خبر قبل تعديلهن.

وإن قلنا: بقول الخرقى وأنه شهادة فهل يقبل تعديلهن مبنى على أصل آخر.
وهو هل تقبل شهادتين فيما لا يقصد به المال ويطلع عليه الرجال كالنكاح وفيه روايتان.
إحداهما: تقبل فيقبل تعديلهن.
الثانية: لا تقبل وهذا الصحيح فلا يقبل تعديلهن انتهى.
فوائد:
الأولى: من رتبهم الحاكم يسألون سرا عن الشهود لتزكية أو جرح فقيل يعتبر شروط الشهادة فيهم.
قدمه في المغني والشرح فقالا ويقبل قول أصحاب المسائل.
قال في الكافي ويجب أن يكونوا عدولا ولا يسألون عدوا ولا صديقا.
وهذا ظاهر ما جزم به في المستوعب.
وقيل تشترط شروط الشهادة في المسئولين لا فيمن رتبهم الحاكم.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع والزركشي.
وقال في الترغيب وعلى قولنا التزكية ليست شهادة لا يعتبر لفظ الشهادة والعدد في الجميع.
الثانية: من سأله حاكم عن تزكية من شهد عنده أخبره وإلا لم يجب.
الثالثة: من نصب للحكم بجرح أو تعديل وسماع بينة قنع الحاكم بقوله وحده إذا قامت البينة عنده.
الرابعة: قال في المطلع المراد بالتعريف تعريف الحاكم لا تعريف الشاهد المشهود عليه.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا يجوز أن يقول الرجل للرجل أنا أشهد أن هذه فلانة ويشهد على شهادته.
قال والفرق بين الشهود والحاكم من وجهين.
أحدهما: أن حاجة الحاكم إلى ذلك أكثر من الشهود.
والثاني: أن الحاكم يحكم بغلبة الظن والشاهد لا يجوز له أن يشهد غالبا إلا على العلم انتهى.
وقال في الفروع في كتاب الشهادات ومن جهل رجلا حاضرا شهد في حضرته لمعرفة عينه وإن كان غائبا فعرفه به من يسكن إليه وعنه اثنان وعنه جماعة شهد وإلا فلا.
وعنه المنع.

وحملها القاضي على الاستحباب.
والمرأة كالرجل.
وعنه إن عرفها كما يعرف نفسه.
وعنه أو نظر إليها شهد وإلا فلا.
ونقل حنبل يشهد بإذن زوج.
وعلله بأنه أملك بعصمتها.
وقطع به في المبهج للخبر.
وعلله بعضهم بأن النظر حقه.
قال في الفروع وهو سهو.
ويأتي ذلك أيضا في كتاب الشهادات.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله التعريف يتضمن تعريف عين المشهود عليه والمشهود له والمشهود به إذا وقعت على الأسماء وتعريف المحكوم له والمحكوم عليه والمحكوم به وتعريف المثبت عليه والمثبت له ونفس المثبت في كتاب القاضي إلى القاضي والتعريف مثل الترجمة سواء فإنه بيان مسمى هذا الاسم كما أن الترجمة كذلك لأن التعريف قد يكون في أسماء الأعلام والترجمة في أسماء الأجناس.
وهذا التفسير لا يختص بشخص دون شخص انتهى.
ذكره في شرح المحرر عند قوله ولا يقبل في الترجمة وغيرها إلا عدلان.
قوله: "ومن ثبتت عدالته مرة فهل يحتاج إلى تجديد البحث عن عدالته مرة أخرى على وجهين".
يعني مع تطاول المدة وهما روايتان.
قال في الرعاية فيه وجهان.
وقيل روايتان.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن منجا والرعاية الكبرى.
إحداهما: يحتاج إلى تحديد البحث عن عدالته مع تطاول المدة ويجب وهو المذهب.
قال في المحرر وهو المنصوص.
قال في الفروع لزم البحث عنها على الأصح مع طول المدة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والوجه الثاني: لا يجب بل يستحب.

صححه في التصحيح والنظم.
وقدمه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
قوله: "وإن ادعى على غائب أو مستتر في البلد أو ميت أو صبي أو مجنون وله بينة سمعها الحاكم وحكم بها".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وليس تقدم الإنكار هنا شرطا ولو فرض إقراره فهو مقر به لثبوته بالبينة.
قال في الترغيب وغيره لا تفتقر البينة إلى جحود إذ الغيبة كالسكوت والبينة تسمع على ساكت.
وكذا جعل في عيون المسائل وغيرها هذه المسألة أصلا على الخصم.
وعنه لا يحكم على غائب كحق الله تعالى.
فيقضي في السرقة بالغرم فقط.
اختاره بن أبي موسى قاله في الكافي.
وعنه لا يحكم على الغائب تبعا كشريك حاضر.
تنبيهات:
الأول: ظاهر كلام المصنف وغيره أنه إذا حكم له أن يعطى العين المدعاة مطلقا وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في المغنى والشرح والنظم.
قال الزركشي هذا أشهر الوجهين.
وقيل يعطي بكفيل وما هو ببعيد.
وأطلقهما في الحاوي والرعايتين.
الثاني: مراده بالمستتر هنا الممتنع من الحضور على ما يأتي بعد ذلك قريبا.
الثالث: الغيبة هنا مسافة القصر على الصحيح من المذهب.
وقيل مسيرة يوم أيضا.
وقيل أو فوق نصف يوم.
قاله في الرعاية الكبرى.
الرابع: ظاهر كلام المصنف صحة الدعوى على الغائب في جميع الحقوق.
وهو ظاهر كلام الخرقى وأبي الخطاب والمجد وغيرهم.

وقال ابن البناوالمصنف وابن حمدان وغيرهم إنما يقضي على الغائب في حقوق الآدميين لا في حقوق الله كالزنا والسرقة.
نعم في السرقة يقضي بالمال فقط وفي حد القذف وجهان.
بناء على أنه حق لله أو لآدمي على ما تقدم في أول باب القذف.
قوله: "وهل يحلف المدعي أنه لم يبرأ إليه منه ولا من شيء منه على روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وشرح ابن منجا والهادي وغيرهم".
إحداهما: لا يحلف.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال المصنف والشارح لم يستحلف في أشهر الروايتين.
وقالا هي ظاهر المذهب.
وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به ناظم المفردات.
وهو من مفردات المذهب.
وقدمه في الكافي والفروع وخلاف أبي الخطاب ونصره.
قال الزركشي هي اختيار أبي الخطاب والشريف والشيرازي وغيرهم.
والرواية الثانية: يستحلفه على بقاء حقه.
قال في الخلاصة حلفه مع بينته على الأصح.
قال في الرعايتين وحلف معها على الأصح على بقاء حقه.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر كلامه في منتخب الآدمي.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
ومال إليه المصنف.
ذكره عنه الشارح في باب الدعاوي عند قوله وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها.
فعلى الرواية الثانية لا يتعرض في يمينه لصدق البينة على الصحيح من المذهب.

وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا يتعرض في يمينه لصدق البينة إن كانت كاملة ويجب تعرضه إذا قام شاهدا وحلف معه.
فوائد:
الأولى: لا يمين مع بينة كاملة كمقر له إلا هنا.
وعنه بلى فعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وعنه يحلف مع ريبة في البينة.
وتقدم في باب الحجر أنه إذا شهدت بينة بنفاد ماله أنه يحلف معها على الصحيح من المذهب.
و إذا شهدت بإعساره أنه لا يحلف معها على الصحيح من المذهب.
ولنا وجه أنه يحلف معها أيضا.
الثانية: قال في المحرر ويختص اليمين بالمدعى عليه دون المدعي إلا في القسامة ودعاوى الأمناء المقبولة وحيث يحكم باليمين مع الشاهد أو نقول بردها.
وقاله في الرعاية وغيره.
وقاله كثير من الأصحاب مفرقا في أماكنه وتقدم بعض ذلك.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أما دعاوى الأمناء المقبولة فغير مستثناة فيحلفون.
وذلك لأنهم أمناء لا ضمان عليهم إلا بتفريط أو عدوان.
فإذا ادعى عليهم ذلك فأنكروه فهم مدعى عليهم واليمين على المدعى عليهم انتهى.
قلت صرح المصنف وغيره في باب الوكالة أنه لو ادعى الوكيل الهلاك ونفى التفريط قبل قوله مع يمينه.
وكذا في المضاربة والوديعة وغيرهما.
الثالثة: قوله: "ثم إذا قدم الغائب أو بلغ الصبي يعني رشيدا أو أفاق المجنون فهو على حجته".
وهو صحيح لكن لو جرح البينة بأمر بعد أداء الشهادة أو مطلقا لم تقبل لجواز كونه بعد الحكم فلا يقدح فيه وإلا قبل.

قوله: "وإن كان الخصم في البلد غائبا عن المجلس لم تسمع البينة حتى يحضر".
ولا تسمع أيضا الدعوى وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل يسمعان ويحكم عليه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة في سماع البينة.
ونقل أبو طالب يسمعان ولا يحكم عليه حتى يحضر.
قال في المحرر وهو الأصح.
واختاره الناظم.
وجزم به في المنور.
وأطلقهن الزركشي.
قوله: "فإن امتنع من الحضور سمعت البينة وحكم بها في إحدى الروايتين".
وهو المذهب اختاره أبو الخطاب والشريف أبو جعفر.
وقدمه في الفروع.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
والأخرى: لا يسمع حتى يحضر صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
فعلى الرواية الثانية إن أبى من الحضور بعث إلى صاحب الشرطة ليحضره فإن تكرر منه الاستتار أقعد على بابه من يضيق عليه في دخوله وخروجه حتى يحضر.
كما قال المصنف وصاحب الفروع وغيرهما.
وليس له دخول بيته على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في التبصرة إن صح عند الحاكم أنه في منزله أمر بالهجوم عليه وإخراجه.

فعلى الأول: إن أصر على الاستتار حكم عليه على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في المحرر فإن أصر على التغيب سمعت البينة وحكم بها عليه قولا واحدا وقاله غيره من الأصحاب.
وقدمه في الفروع وهو مراد المصنف بقوله قبل ذلك بيسير وان ادعى على مستتر وله بينة سمعها الحاكم وحكم بها.
قال في الفروع ونصه يحكم عليه بعد ثلاثة أيام.
وجزم به في الترغيب وغيره.
وظاهر نقل الأثرم يحكم عليه إذا خرج.
قال لأنه صار في حرمة كمن لجأ إلى الحرم انتهى وحكى الزركشي كلامة في المحرر وقال وفي المقنع إذا امتنع من الحضور هل تسمع البينة ويحكم بها عليه على روايتين.
مع أنه قطع بجواز الحكم على الغائب.
وفيه نظر فكلامه مخالف لكلام أبي البركات.
فعلى المذهب إن وجد له مالا وفاه الحاكم منه وإلا قال للمدعي إن عرفت له مالا وثبت عندي وفيتك منه.
قوله: "وإن ادعى أن أباه مات عنه وعن أخ له غائب وله مال في يد فلان أو دين عليه فأقر المدعى عليه أو ثبتت ببينة سلم".
إلى المدعي نصيبه وأخذ الحاكم نصيب الغائب فحفظه له.
اعلم أن الحكم للغائب ممتنع.
قال في الترغيب لامتناع سماع البينة له والكتابة له إلى قاض آخر ليحكم له بكتابة بخلاف الحكم عليه.
إذا علمت ذلك فيتصور الحكم له على سبيل التبعية كما مثل المصنف هنا وكذا لو كان الأخ الآخر غير رشيد.
فإذا حكم في هذه المسألة وأشباهها وأخذ الحاضر حصته فالحاكم يأخذ نصيب الغائب ونصيب غير الرشيد يحفظه له على الصحيح من المذهب.
قال الشارح هذا أولى.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.

ويحتمل أنه إذا كان المال دينا أن يترك نصيب الغائب في ذمة الغريم حتى يقدم الغائب ويرشد السفيه.
وهو وجه لبعض الأصحاب.
قلت ويحتمل أنه يترك إذا كان مليئا.
فائدة: تعاد البينة في الإرث.
قدمه في الفروع.
وذكره في الرعاية وزاد ولو أقام الوارث البينة.
نقله عنه في الفروع.
ولم أر هذه الزيادة في الرعايتين.
وبقية الورثة غير رشيد انتزع المال من المدعى عليه لهما بخلاف الغائب في أصح الوجهين وفي الآخر ينتزع أيضا.
وقال في المغني إن ادعى أحد الوكيلين الوكالة والآخر غائب وثم بينة حكم لهما فان حضر لم تعد البينة كالحكم بوقف ثبت لمن لم يخلق تبعا لمستحقه الآن.
وتقدم أن سؤال بعض الغرماء الحجر كسؤال الكل.
قال في الفروع فيتوجه أن يفيد أن القضية الواحدة المشتملة على عدد أو أعيان كولد الأبوين في المشركة أن الحكم على واحد أوله يعمه وغيره وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله المسألة.
وأخذها من دعوى موت موروثه وحكمه بأن هذا يستحق هذا أو لأن من وقف بشرط شامل يعم.
وهل حكمه لطبقة حكم للثانية والشرط واحد ردد النظر على وجهين.
ثم من إبداء ما يجوز أن يمنع الأول من الحكم عليه لو علمه فلثان الدفع به.
وهل هو نقض للأول كحكم معني بغاية أم هو فسخ.
قوله: "وإن ادعى إنسان أن الحاكم حكم له بحق فصدقه قبل قول الحاكم وحده".
إذا قال الحاكم المنصوب حكمت لفلان على فلان بكذا ونحوه وليس أباه ولا ابنه قبل قوله على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله وسواء ذكر مستنده أو لا

وقيل لا يقبل قوله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قولهم في كتاب القاضي إخباره بما ثبت بمنزلة شهود الفرع يوجب أن لا يقبل قوله في الثبوت المجرد إذ لو قبل خبره لقبل كتابه وأولى.
قال ويجب أن يقال إن قال ثبت عندي فهو كقوله حكمت في الإخبار والكتاب وإن قال شهد أو أقر عندي فلان فكالشاهدين سواء انتهى.
وتقدم ما إذا أخبر بعد عزله أنه كان حكم لفلان بكذا في ولايته في آخر باب أدب القاضي.
وهناك بعض فروع تتعلق بهذا.
قوله: "وإن لم يذكر الحاكم ذلك فشهد عدلان أنه حكم له به قبل شهادتهما وأمضي القضاء".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
منهم صاحب الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع.
وذكر ابن عقيل أن الحاكم إذا شهد عنده اثنان أنه حكم لفلان أنه لا يقبلهما.
تنبيه: مراد الأصحاب على الأول إذا لم يتيقن صواب نفسه فإن تيقن صواب نفسه لم يقبلهما ولم يمضه.
قاله في الفروع.
وقال لأنهم احتجوا بقصة ذي اليدين وذكروا هناك لو تيقن صواب نفسه لم يقبلهما.
واحتجوا أيضا بقول الأصل المحدث الراوي عنه لا أدري وذكروا هناك لو كذبه لم يقدح في عدالته ولم يعمل به.
ودل أن قول ابن عقيل هنا قياس الرواية المذكورة في الدليلين.
قوله: "وكذلك إن شهد أن فلانا وفلانا شهدا عندك بكذا وكذا قبل شهادتهما بلا نزاع".

"وإن لم يشهد به أحد لكن وجده في قمطره في صحيفة تحت ختمه بخطه فهل ينفذه على روايتين".
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
إحداهما: ليس له تنفيذه وهو المذهب.
ذكره القاضي وأصحابه.
وذكر في الترغيب أنه الأشهر كخط أبيه بحكم أو شهادة لم يشهد ولم يحكم بها إجماعا.
وقدمه في الفروع والحاوي والرعايتين.
والرواية الثانية: ينفذه.
وعنه ينفذه سواء كان في قمطره أو لا.
اختاره في الترغيب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم.
قلت وعليه العمل.
قوله: "وكذلك الشاهد إذا رأى خطة في كتاب بشهادة ولم يذكرها فهل له أن يشهد على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
إحداهما: "ليس له أن يشهد وهو الصحيح من المذهب".
وذكره القاضي وأصحابه المذهب.
وذكر في الترغيب أنه الأشهر.
وقدمه في الفروع والحاوي والرعايتين.
والرواية الثانية: له أن يشهد إذا حرره وإلا فلا.
وعنه له أن يشهد مطلقا.
اختاره في الترغيب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم.

فائدة: من علم الحاكم منه أنه لا يفرق بين أن يذكر أو يعتمد على معرفة الخط يتجوز بذلك لم يجز قبول شهادته ولهما حكم المغفل أو الممخرق وإن لم يتحقق لم يجز أن يسأله عنه ولا يجب أن يخبره بالصفة.
ذكره بن الزاغوني.
وقدمه في الفروع.
وقال أبو الخطاب لا يلزم الحاكم سؤالهما عن ذلك ولا يلزمهما جوابه.
وقال أبو الوفاء إذا علم تجوزهما فهما كمغفل ولم يجز قبولهما.
قوله: "ومن كان له على إنسان حق ولم يمكنه أخذه بالحاكم وقدر له على مال لم يجز له أن يأخذ قدر حقه نص عليه".
واختاره عامة شيوخنا وهو المذهب.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح هذا المشهور في المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المنصوص المشهور.
وجزم به في الوجيز والخرقى وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وذهب بعضهم من المحدثين إلى جواز ذلك.
وحكاه ابن عقيل عن المحدثين من الأصحاب.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وخرجه أبو الخطاب وتبعه جماعة من الأصحاب من قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى في المرتهن يركب ويحلب بقدر ما ينفق عليه والمرأة تأخذ مؤنتها والبائع للسلعة يأخذها من مال المفلس بغير رضاه.
وخرجه في المحرر وغيره من تنفيذ الوصي الوصية مما في يده إذا كتم الورثة بعض التركة.
قال الزركشي وهو أظهر في التخريج.
فعلى هذا إن قدر على حبس حقه أخذ بقدره وإلا قومه وأخذ بقدره متحريا للعدل في ذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان رضي الله عنهما "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" ولقوله عليه افضل الصلاة والسلام "الرهن مركوب ومحلوب".
وجزم به في الهداية والمحرر وغيرهما.

وذكر في الواضح أنه لا يأخذ إلا من جنس حقه.
وهما احتمالان في المغني والشرح مطلقان.
قال في القواعد الأصولية وخرج بعض أصحابنا الجواز رواية عن الإمام أحمد رحمه الله من جواز أخذ الزوجة من مال زوجها نفقتها ونفقة ولدها بالمعروف.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على التفريق بينهما فلا يصح التخريج.
وأشار إلى الفرق بأن المرأة تأخذ من بيت زوجها يعني أن لها يدا وسلطانا على ذلك وسبب النفقة ثابت وهو الزوجية فلا تنسب بالأخذ إلى خيانة.
وكذلك أباح في رواية عنه أخذ الضيف من مال من نزل به ولم يقر بقدر قراه.
ومتى ظهر السبب لم ينسب الأخذ إلى خيانة.
وعكس ذلك بعض الأصحاب وقال إذا ظهر السبب لم يجز الأخذ بغير اذن لإمكان إقامة البينة عليه بخلاف ما إذا خفي.
وقد ذكر المصنف والشارح في ذلك أربع فروق.
فائدة: قال القاضي أبو يعلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" هو حكم لا فتيا.
واختلف كلام المصنف فيه فتارة قطع بأنه حكم وتارة قطع بأنه فتيا قال الزركشي والصواب أنه فتيا.
تنبيهات:
أحدها: حيث جوزنا الأخذ بغير اذن فيكون في الباطن.
قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وظاهر كلام المصنف هنا جواز الأخذ ظاهرا وباطنا.
والأصول التي خرج عليها أبو الخطاب والمصنف وغيرهما من حديث هند وحلب الرهن وركوبه تشهد لذلك والأصول التي خرج عليها صاحب المحرر تقتضي ما قاله.
الثاني: مفهوم قوله: "ولم يمكنه أخذه بالحاكم".
أنه إذا قدر على أخذه بالحاكم لم يجز له أخذ قدر حقه إذا قدر عليه وهو صحيح وهو المذهب.

وعنه في الضيف يأخذ وإن قدر على أخذه بالحاكم.
وظاهر الواضح يأخذ الضيف وغيره.
وإن قدر على أخذه بالحاكم.
قال في الفروع وهو ظاهر ما خرجه أبو الخطاب في نفقة الزوجة والرهن مركوب ومحلوب وأخذ سلعته من المفلس.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز الأخذ ولو قدر على أخذه بالحاكم في الحق الثابت بإقرار أو بينة أو كان سبب الحق ظاهرا.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام بن شهاب وغيره.
الثالثة: محل الخلاف في هذه المسألة إذا لم يكن الحق الذي في ذمته قد أخذه قهرا فأما إن كان قد غصب ماله فيجوز له الأخذ بقدر حقه ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
وقال ليس هذا من هذا الباب.
وقال في الفنون من شهدت له بينة بمال لا عند حاكم أخذه.
وقيل لا كقود في الأصح.
ومحل الخلاف أيضا إذا كان عين ماله قد تعذر أخذه.
فأما إن قدر على عين ماله أخذه قهرا.
زاد في الترغيب ما لم يفض إلى فتنة.
قال ولو كان لكل واحد منهما على الآخر دين من غير جنسه فجحد أحدهما فليس للآخر أن يجحد وجها واحدا لأنه كبيع دين بدين لا يجوز ولو رضيا انتهى.
فائدة: لو كان له دين على شخص فجحده جاز له أخذ قدر حقه ولو من غير جنسه على الصحيح من المذهب.
وهو من المفردات.
قال ناظمها:
ومع مجرد الدين لا بالظفر ... يؤخذ من جنسه في الأشهر
قوله: "وحكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته في الباطن".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر بن أبي موسى رواية عنه أنه يزيل العقود والفسوخ.
وذكرها أبو الخطاب.

قال في الفروع وحكى عنه بحيلة في عقد وفسخ مطلقا.
وأطلقهما في الوسيلة.
قال الإمام أحمد رحمه الله الأهل أكثر من المال.
وقال في الفنون إن حنبليا نصرها فاعتبرها باللعان.
وعنه يرسله في مختلف فيه قبل الحكم.
قطع به في الواضح وغيره.
قال في المحرر حكم الحاكم لا يحيل الشيء عن وصفه في الباطن إلا في أمر مختلف فيه قبل الحكم فانه على روايتين.
قال في الرعايتين بعد أن حكى الروايتين في الأول وقيل هما في أمر مختلف فيه قبل الحكم.
فعلى هذه الرواية لو حكم حنفي لحنبلي أو لشافعي بشفعة جوار فوجهان وأطلقهما في الفروع.
ومن حكم لمجتهد أو عليه بما يخالف اجتهاده عمل باطنا بالحكم.
ذكره القاضي.
وقيل باجتهاده.
وإن باع حنبلي متروك التسمية فحكم بصحته شافعي نفذ عند أصحابنا خلافا لابي الخطاب.
قال بن نصر الله في حواشيه قول أبي الخطاب أظهر.
إذ كيف يحكم له بما لا يستحله.
فإنه إن كان مجتهدا لزمه العمل باجتهاده.
وإن كان مقلدا لزمه العمل بقول من قلده.
فكيف يلزمه شيء ولا يلزمه فيجتمع الضدان.
إلا أن يراد ويلزمه الانقياد للحكم ظاهرا والعمل بضده باطنا كالمرأة التي تعتقد أنها محرمة على زوجها وهو ينكر ذلك.
لكن في جواز إقدام الحاكم على الحكم بذلك لمن يعتقد تحريمه نظر لأنه إلزام له بفعل محرم.
لا سيما على قول من يقول كل مجتهد مصيب انتهى.

فوائد:
الأولى: قال في الانتصار متى علم البينة كاذبة لم ينفذ.
وإن باع ماله في دين ثبت ببينة زور ففي نفوذه منع وتسليم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هل يباح له بالحكم ما اعتقد تحريمه قبل الحكم فيه روايتان.
وفي حل ما أخذه وغيره بتأويل أو مع جهله روايتان.
وإن رجع المتأول فاعتقد التحريم روايتان.
بناء على ثبوت الحكم قبل بلوغ الخطاب.
قال وأصحهما حله كالحربي بعد إسلامه وأولى.
وجعل من ذلك وضع طاهر في اعتقاده في مائع لغيره.
قال في الفروع وفيه نظر.
وذكر جماعة إن أسلم بدار الحرب وعامل بربي جاهلا رده.
وقال في الانتصار ويحد لزنا.
الثانية: من حكم له ببينة زور بزوجية امرأة حلت له حكما.
فإن وطى ء مع العلم فكزنى على الصحيح من المذهب.
وقيل لا حد.
ويصح نكاحها لغيره خلافا للمصنف.
وإن حكم بطلاقها ثلاثا بشهود زور فهي زوجته باطنا ويكره له اجتماعه بها ظاهرا خوفا من مكروه يناله ولا يصح نكاحها غيره ممن يعلم الحال ذكره الأصحاب ونقله أحمد بن الحسن.
قال المصنف في المغني إن انفسخ باطنا جاز.
وكذا قال في عيون المسائل على الرواية الثالثة تحل للزوج الثاني وتحرم على الأول بهذا الحكم ظاهرا وباطنا.
الثالثة: لو رد الحاكم شهادة واحد برمضان لم يؤثر كملك مطلق وأولى لأنه لا مدخل لحكمه في عبادة ووقت وإنما هو فتوى.
فلا يقال حكم بكذبه أو بأنه لم يره.
ولو سلم أن له مدخلا فهو محكوم به في حقه من رمضان فلم يغيره حكم ولم تؤثر شبهة لأن الحكم يغير إذا اعتقد المحكوم عليه أنه حكم وهذا يعتقد خطأه كمنكرة نكاح مدع تيقنه فشهد له فاسقان فردا.

ذكره في الانتصار.
وقال المصنف في المغني رده ليس بحكم هنا لتوقفه في العدالة.
ولهذا لو ثبت حكم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أمور الدين والعبادات المشتركة بين المسلمين لا يحكم فيها إلا الله ورسوله إجماعا.
وذكره القرافي.
قال في الفروع فدل إن إثبات سبب الحكم كرؤية الهلال والزوال ليس بحكم فمن لم يره سببا لم يلزمه شيء.
وعلى ما ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره في رؤية الهلال أنه حكم.
وقال القاضي في الخلاف يجوز أن يختص الواحد برؤية كالبعض.
الرابعة لو رفع إليه حكم في مختلف فيه لا يلزمه نقضه لينفذه لزمه تنفيذه على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لزمه في الأصح.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قال في الرعاية الكبرى لزمه ذلك.
قلت مع عدم نص معارضة.
وقيل لا يلزمه.
وقيل يحرم تنفيذه إن لم يره.
وكذا الحكم لو كان نفس الحكم مختلفا فيه كحكمه بعلمه ونكوله وشاهد ويمين على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في المحرر فإن كان المختلف فيه نفس الحكم لم يلزمه تنفيذه إلا أن يحكم به حاكم آخر قبله.
وجزم به في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والمنور وغيرهم.
قال بن نصر الله في حواشي الفروع الحكم بالنكول والشاهد واليمين هو المذهب فكيف لا يلزمه تنفيذه على قول المحرر.
إذ لو كان أصل الدعوى عنده لزمه الحكم بها.
وإنما يتوجه ذلك وهو عدم لزوم التنفيذ لحكم مختلف فيه إذا كان الحاكم الذي رفع إليه

الحكم المختلف فيه لا يرى صحة الحكم كالحكم بعلمه.لأن التنفيذ يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ إذا كان لا يرى صحته لم يلزمه الحكم بصحته انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا صادف حكمه مختلفا فيه لم يعلمه ولم يحكم فيه جاز نقضه.
الخامسة: قال شارح المحرر هنا نفس الحكم في شيء لا يكون حكما بصحة الحكم فيه لكن لو نفذه حاكم آخر لزمه انفاذه لأن الحكم المختلف فيه صار محكوما به فلزم تنفيذه كغيره.
قال شيخنا الشيخ تقي الدين بن قندس البعلي رحمه الله قد فهم من كلام الشارح أن التنفيذ حكم لأنه قال لو نفذه حاكم آخر لزمه تنفيذه لأن الحكم المختلف فيه صار محكوما به وإنما صار محكوما به بالتنفيذ لأنه لم يحكم به وإنما نفذه فجعل التنفيذ حكما.
وكذلك فسر التنفيذ بالحكم في شرح المقنع الكبير.
فإنه قال عند قول المصنف فهل ينفذه على روايتين.
إحداهما: ينفذه.
وعلله بأنه حكم حاكم لم يعلمه فلم يجز انفاذه إلا ببينة.
والرواية الثانية: يحكم به ففسر رواية التنفيذ بالحكم.
لكن قال في مسألة ما إذا ادعى أن الحاكم حكم له بحق فذكر الحاكم حكمه امضاه وألزم خصمه بما حكم به عليه وليس هذا حكما بالعلم وإنما هو إمضاء لحكمه السابق.
فصرح أنه ليس حكما مع أن رواية التنفيذ المتقدمة التي فسرها بالحكم إنما هي إمضاء لحكمه الذي وجده في قمطره فهما بمعنى واحد.
وقد ذكروا في السجل أنه لانفاذ ما ثبت عنده والحكم به وإنما يكتب.
وأن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب في مثله ونفذه وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحكمه وإمضائه من حضره من الشهود.
فذكروا الإنفاذ والحكم والإمضاء.
وذكروا أنه يكتب على كل نسخة من النسختين أنها حجة فيما أنفذه فيها فدل على أن الإنفاذ حكم لأنهم اكتفوا به عن الحكم والإمضاء والمراد الكل انتهى كلام شيخنا.
وقال بن نصر الله في حواشي الفروع لم يتعرض الأصحاب للتنفيذ هل هو حكم أم لا.

والظاهر أنه ليس بحكم لأن الحكم بالمحكوم به تحصيل للحاصل وهو محال وإنما هو عمل بالحكم وإمضاء له كتنفيذ الوصية وإجازة له.
فكأنه يجيز هذا المحكوم به بعينه لحرمة الحكم وإن كان ذلك المحكوم به من جنس غير جائز عنده انتهى.
وقال في موضع آخر لأن التنفيذ يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ انتهى وتقدم في آخر الباب الذي قبله هل الثبوت حكم أم لا.
السادسة: لو رفع إليه خصمان عقدا فاسدا عنده فقط وأقرا بأن نافذ الحكم حكم بصحته فله إلزامهما ذلك ورده والحكم بمذهبه.
ذكره القاضي واقتصر عليه في المحرر والفروع وغيرهما.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد يقال قياس المذهب أنه كالبينة ثم ذكر أنه كالبينة إن عينا الحاكم.
السابعة: لو قلد في صحة نكاح لم يفارق بتغير اجتهاده كحكم على الصحيح من المذهب.
وقيل بلى كمجتهد نكح ثم رأى بطلانه في أصح الوجهين فيه.
وقيل ما لم يحكم به حاكم.
ولا يلزمه إعلامه بتغيره في أصح الوجهين.
الثامنة: لو بان خطؤه في اتلاف بمخالفة دليل قاطع ضمن لا مستفتيه.
وفي تضمين مفت ليس أهلا وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
واختار بن حمدان في كتابه أدب المفتي والمستفتي أنه لا ضمان عليه.
قال بن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين في الجزء الأخير ولم أعرف هذا القول لأحد قبل بن حمدان.
ثم قال قلت خطأ المفتي كخطأ الحاكم أو الشاهد.
التاسعة: لو بان بعد الحكم كفر الشهود أو فسقهم لزمه نقضه ويرجع بالمال أو بدله وبدل قود مستوفى على المحكوم له.
وإن كان الحكم لله بإتلاف حسي أو بما سري إليه ضمنه مزكون على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.

وقال القاضي وصاحب المستوعب يضمنه الحاكم لعدم مزك وفسقه.
وقيل يضمن أيهما شاء وإقراره على مزك وعند أبي الخطاب يضمنه الشهود.
وذكر بن الزاغوني أنه لا يجوز له نقض حكمه بفسقهما إلا بثبوته ببينة إلا أن يكون حكم بعلمه في عدالتهما أو بظاهر عدلة الإسلام.
ويمنع ذلك في المسألتين في إحدى الروايتين.
وإن جاز في الثانية احتمل وجهين.
فإن وافقه المشهود له على ما ذكر رد مالا أخذه ونقض الحكم بنفسه دون الحاكم.
وإن خالفه فيه غرم الحاكم.
وأجاب أبو الخطاب إذا بان له فسقهما وقت الشهادة وأنهما كانا كاذبين نقض الحكم الأول ولم يجز له تنفيذه.
وأجاب أبو الوفاء لا يقبل قوله بعد الحكم.
وعنه لا ينقض لفسقهم.
وذكر بن رزين في شرحه أنه الأظهر فلا ضمان.
وفي المستوعب وغيره يضمن الشهود انتهى.
وإن بانوا عبيدا أو والدا أو ولدا أو عدوا فإن كان الحاكم الذي حكم به يرى الحكم به لم ينقض حكمه.
وإن كان لا يرى الحكم به نقضه ولا ينفذ لأن الحاكم يعتقد بطلانه قاله في الفروع.
وقال بن نصر الله في حواشيه إذا حكم بشهادة شاهد ثم ارتاب في شهادته لم يجز له الرجوع في حكمه.
وقال في موضع آخر تحرر فيما إذا كان لا يرى الحكم به ثلاثة أقوال لزوم النقض وجوازه وعدم جواز نقضه كما هو مقتضى ما في الإرشاد انتهى.
وقال في المحرر من حكم بقود أو حد ببينة ثم بانوا عبيدا فله نقضه إذا كان لا يرى قبولهم فيه.
قال وكذا مختلف فيه صادق ما حكم فيه وجهله.
وتقدم كلامه في الإرشاد أنه إذا حكم في مختلف فيه بما لا يراه مع علمه لا ينقض.
فعلى الأول إن شك في رأي الحاكم فقد تقدم إذا شك هل علم الحاكم بالمعارض كمن حكم ببينة خارج وجهل علمه ببينة داخل لم ينقض.

قال في الفروع وقد علم مما تقدم ومما ذكروا في نقض حكم الحاكم أنه لا يعتبر في نقض حكم الحاكم علم الحاكم بالخلاف خلافا لمالك رحمه الله تعالى.
وإن قال علمت وقت الحكم أنهما فسقة أو زور وأكرهني السلطان على الحكم بهما فقال بن الزاغوني إن أضاف فسقهما إلى علمه لم يجز له نقضه.
وإن أضافه إلى غير علمه افتقر إلى بينة بالإكراه ويحتمل لا.
وقال أبو الخطاب وأبو الوفاء إن قال "كنت عالما بفسقهما" يقبل قوله.
وقال في الفروع كذا وجدته.

باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي
:
قوله: "يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في المال وما يقصد به المال كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له والجناية الموجبة للمال بلا نزاع".
قوله: "ولا يقبل في حد الله تعالى".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وذكروا في الرعاية رواية يقبل.
قوله: "وهل يقبل فيما عدا ذلك مثل القصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل والوصية إليه على روايتين".
قال في الهداية يخرج على روايتين.
وقال في الخلاصة فيه وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا.
أحدهما: يقبل.
وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقى.
قال الزركشي يحتمله كلام الخرقى.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
نقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله يقبل حتى في قود.
ونصره القاضي وأصحابه.

وجزم به في الروضة وغيرها.
والرواية الثانية: لا يقبل في ذلك.
قال الزركشي وهو مختار كثير من أصحاب القاضي.
قال المصنف والشارح والمذهب أنه لا يقبل في القصاص.
قال في العمدة ويقبل في كل حق إلا في الحدود والقصاص.
وقال بن حامد لا يقبل في النكاح ونحوه قول أبي بكر.
وعنه ما يدل على قبوله إلا في الدماء والحدود.
قال في الفروع وغيره وعنه لا يقبل فيما لا يقبل فيه إلا رجلان.
فائدة: قال في الفروع وفي هذه المسألة ذكروا أن كتاب القاضي إلى القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة لأنه شهادة على شهادة.
وذكروا فيما إذا تغيرت حاله أنه أصل ومن شهد عليه فرع.
وجزم به بن الزاغوني وغيره.
فلا يجوز نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب.
ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنكاره الحكم كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم.
فدل ذلك على أنه فرع لمن شهد عنده وهو أصل لمن شهد عليه.
ودل ذلك أنه يجوز أن يكون شهود فرع فرعا لأصل.
يؤيده قولهم في التعليل إن الحاجة داعية إلى ذلك وهذا المعنى موجود في فرع الفرع انتهى.
قوله: "ويجوز كتاب القاضي فيما حكم به لينفذه في المسافة القريبة ومسافة القصر".
ولو كان ببلد واحد بلا نزاع.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله وفي حق الله تعالى أيضا.
وتقدم قريبا هل التنفيذ حكم أم لا.
قوله: "ويجوز فيما ثبت عنده ليحكم به في المسافة البعيدة دون القريبة".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه فوق يوم.
وهو قول في المحرر وغيره.

وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال خرجته في المذهب وأقل من يوم كخبر انتهى.
يعني إذا أخبر حاكم الآخر بحكمه يجب العمل به.
فلولا أن حكم الحاكم كالخبر لما اكتفى فيه بخبره ولما جاز للحاكم الآخر العمل به حتى يشهد به شاهدان.
قاله بن نصر الله.
قال القاضي ويكون في كتابه شهدا عندي بكذا ولا يكتب ثبت عندي لأنه حكم بشهادتهما كبقية الأحكام.
وقاله ابن عقيل وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله والأول أشهر لأنه خبر بالثبوت كشهود الفرع لأن الحكم أمر ونهي يتضمن إلزاما انتهى.
فعليه لا يمتنع كتابته ثبت عندي.
قال في الفروع فيتوجه لو أثبت حاكم مالكي وقفا لا يراه كوقف الإنسان على نفسه بالشهادة على الخط.
فإنه حكم للخلاف في العمل بالخط كما هو المعتاد فلحاكم حنبلي يرى صحة الحكم أن ينفذه في مسافة قريبة.
وإن لم يحكم المالكي بل قال ثبت كذا فكذلك لأن الثبوت عند المالكي حكم.
ثم إن رأي الحنبلي الثبوت حكما نفذه وإلا فالخلاف في قرب المسافة ولزوم الحنبلي تنفيذه ينبني على لزوم تنفيذ الحكم المختلف فيه على ما تقدم.
وحكم المالكي مع علمه باختلاف العلماء في الخط لا يمنع كونه مختلفا فيه ولهذا لا ينفذه الحنفية حتى ينفذه حاكم.
وللحنبلي الحكم بصحة الوقف المذكور مع بعد المسافة.
ومع قربها الخلاف لأنه نقل إليه ثبوته مجردا.
قاله بن نصر الله.
وقال ومثل ذلك لو ثبت عند حنبلي وقف على النفس ولم يحكم به ونقل الثبوت إلى حاكم شافعي فله الحكم وبطلان الوقف.
وأمثلته كثيرة.
فائدة: لو سمع البينة ولم يعدلها وجعلها إلى آخر جاز مع بعد المسافة
قاله في الترغيب.

واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه: قوله: "ويجوز أن يكتب إلى قاض معين وإلى من يصل إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم".
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وتعيين القاضي الكاتب كشهود الأصل وقد يخبر المكتوب إليه.
قال الأصحاب في شهود الأصل يعتبر تعيينهم لهم.
قال القاضي حتى لو قال تابعيان أشهدنا صحابيان لم يجز حتى يعيناهما.
قوله: "فإذا وصلا إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب وقالا".
نشهد أن هذا كتاب فلان إليك كتبه من عمله وأشهدنا عليه والاحتياط أن يشهدا بما فيه.
فيقولان وأشهدنا عليه قاله الخرقى وجماعة.
واعتبر الخرقى أيضا وجماعة.
قوله:ما قرئ علينا وقول الكاتب اشهدا علي.
والذي قدمه في الفروع أنهما إذا وصلا قالا نشهد إنه كتاب فلان إليك كتبه بعمله من غير زيادة على ذلك.
قال الزركشي الذي ينبغي قبول شهادة من شهد أن هذا كتاب فلان إليك كتبه من عمله إذا جهلا ما فيه قولا واحدا لانتفاء الجهالة انتهى.
وفي كلام أبي الخطاب كتبه بحضرتنا وقال لنا اشهدا علي أني كتبته في عملي بما ثبت عندي وحكمت به من كذا وكذا فيشهدان بذلك.
قال الزركشي وقال القاضي يكفي أن يقول هذا كتابي إلى فلان من غير أن يقول اشهدا علي انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله كتابه في غير عمله أو بعد عزله كخبره على ما تقدم.
فائدة: قال ابن نصر الله في حواشي الفروع هل يجوز أن يشهد على القاضي فيما أثبته وحكم به الشاهدان اللذان شهدا عنده بالحق المحكوم به لم أجد لأصحابنا فيها نصا.
ومقتضى قاعدة المذهب أنها لا تقبل لأنها لا تتضمن الشهادة عليه بقبوله شهادتهما وإثباته بها الحق والحكم فالثبوت والحكم مبنيان على قبول شهادتهما وشهادتهما عليه بقبوله شهادتهما نفع لهما فلا يجوز قبولها.
و إذا بطلت بعض الشهادة بطلت لأنها لا تتجزأ.

وفي روضة الشافعية عن أبي طاهر يجوز أن يكون الشاهدان بحكم القاضي هما اللذان شهدا عنده وحكم بشهادتهما لأنهما الآن يشهدان على فعل القاضي.
قال أبو الطاهر وعلى هذا تفقهت وأدركت القضاة انتهى.
وهذا فيما إذا كانت شهادتهما على الحكم بما يحتمل قبوله على ما فيه.
وأما على الثبوت فهذا في غاية البعد.
وقد افتى بالمنع قاضي القضاة بدر الدين العيني الحنفي وقاضي القضاة البساطي المالكي انتهى.
ويأتي التنبيه على ذلك في موانع الشهادة.
قوله: "وإن كتب كتابا وأدرجه وختمه وقال هذا كتابي إلى فلان اشهدا علي بما فيه لم يصح".
لأن الإمام أحمد رحمه الله قال فيمن كتب وصية وختمها ثم اشهد على ما فيها فلا حتى يعلم ما فيها.
وهذا المذهب قال المصنف هنا والعمل عليه.
وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وهو مقتضي قول الخرقى.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويتخرج الجواز بقوله "إذا وجدت وصية الرجل مكتوبة عند رأسه من غير أن يكون أشهد أو أعلم بها أحدا عند موته وعرف خطه وكان مشهورا فإنه ينفذ ما فيها".
وهذا رواية مخرجة خرجها الأصحاب.
واختار هذه الرواية المخرجة في الوصية المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
على ما تقدم في أول كتاب الوصايا.
وعلى هذا إذا عرف المكتوب إليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله.
على الصحيح على هذا التخريج.

وقدمه في الفروع والرعاية.
وقيل لا يقبله.
ذكره في الرعاية.
قال الزركشي ظاهر هذا أن على هذه الرواية يشترط لقبول الكتاب أن يعرف المكتوب إليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه وفيه نظر.
وأشكل منه حكاية بن حمدان قولا بالمنع.
فإنه إذن تذهب فائدة الرواية.
والذي ينبغي على هذه الرواية أن لا يشترط شيئا من ذلك.
وهو ظاهر كلام أبي البركات وأبي محمد في المغني.
نعم إذا قيل بهذه الرواية فهل يكتفي بالخط المجرد من غير شهادة فيه وجهان.
حكاهما أبو البركات.
وعلى هذا يحمل كلام بن حمدان وغيره انتهى.
وعند الشيخ تقى الدين رحمه الله من عرف خطة بإقرار أو إنشاء أو عقد أو شهادة عمل به كميت فإن حضر وأنكر مضمونه فكاعترافه بالصوت وإنكار مضمونه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في كتاب أصدره إلى السلطان في مسألة الزيارة وقد تنازع الفقهاء في كتاب الحاكم هل يحتاج إلى شاهدين على لفظه أم إلى واحد أم يكتفي بالكتاب المختوم أم يقبل الكتاب بلا ختم ولا شاهد على أربعة أقوال معروفة في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
نقله بن خطيب السلامية في تعليقته.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله قولا في المذهب أنه يحكم بخط شاهد ميت.
وقال الخط كاللفظ إذا عرف أنه خطه.
وقال إنه مذهب جمهور العلماء.
وهو يعرف أن هذا خطة كما يعرف أن هذا صوته.
واتفق العلماء على أنه يشهد على الشخص إذا عرف صوته مع إمكان الاشتباه.

وجوز الجمهور كالإمام مالك والإمام أحمد رحمهما الله تعالى الشهادة على الصوت من غير رؤية المشهود عليه والشهادة على الخط أضعف لكن جوازه قوي أقوى من منعه انتهى.
فوائد:
الأولى: قال في الروضة لو كتب شاهدان إلى شاهدين من بلد المكتوب إليه بإقامة الشهادة عنده عنهما لم يجز.
لأن الشاهد إنما يصح أن يشهد على غيره إذا سمع منه لفظ الشهادة وقال اشهد علي.
فأما إن يشهد عليه بخطه فلا.
لأن الخطوط يدخل عليها العلل.
فإن قام بخط كل واحد من الشاهدين شاهدان ساغ له الحكم به.
الثانية: يقبل كتاب القاضي في الحيوان بالصفة على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر وغيره.
وقال في الفروع ويقبل كتابه في حيوان في الأصح.
وقيل لا يقبل.
وأطلقهما في المغنى والشرح.
فعلى المذهب لو كتب القاضي كتابا في عبد أو حيوان بالصفة ولم يثبت له مشارك في صفته سلم إلي المدعي.
فإن كان غير عبد وأمة سلم إليه مختوما.
وإن كان عبدا أو أمة سلم إليه مختوم العتق بخيط لا يخرج من رأسه وأخذ منه كفيل ليأتي به إلى الحاكم الكاتب ليشهد الشهود عنده على عينه دون حليته ويقضي له به ويكتب له بذلك كتابا آخر إلى من انفذ العين المدعاة إليه ليبرأ كفيله.
وان كان المدعي جارية سلمت إلى امين يوصلها.
وإن لم يثبت له ما ادعاه لزمه رده ومؤنته منذ تسلمه فهو فيه كالغاصب سواء في ضمانه وضمان نقصه ومنفعته.
قال في الفروع فكمغصوب لأنه أخذه بلا حق.
وجزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وقدمه في الفروع.

وقال في الرعاية لا يرد نفعه.
قال في الفروع ولم يتعرضوا لهذا في الشهود عليه فيتوجه مثله فالمدعى عليه ولا بينة أولى انتهى.
وهذا كله على المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يحكم القاضي الكاتب بالعين الغائبة بالصفة المعتبرة إذا ثبتت هذه الصفة التامة.
فإذا وصل الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه سلمها إلى المدعي ولا ينفذها إلى الكاتب لتقوم البينة على عينها.
وقال في الرعاية وتكفي الدعوى بالقيمة.
وقال في الترغيب على الأول لو ادعى على رجل دينا صفته كذا ولم يذكر اسمه ونسبه لم يحكم عليه بل يكتب إلى قاضي البلد الذي فيه المدعى عليه كما قلنا في المدعي به ليشهد على عينه.
وكذا قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى هل يحضر ليشهد الشهود على عينه كما في المشهود به.
قال المصنف في المغني إن كتب بثبوت أو إقرار بدين جاز وحكم به المكتوب إليه وأخذ به المحكوم عليه.
وكذا عينا كعقار محدود أو عين مشهورة لا تشتبه.
وإن كان غير ذلك فالوجهان.
وقاله الشارح أيضا.
الثالثة: قال في الفروع وظاهر كلامهم إنه لا يعتبر ذكر الجد في النسب بلا حاجة.
قال في المنتقي في صلح الحديبية فيه أن المشهود عليه إذا عرف باسمه واسم أبيه أغنى عن ذكر الجد.
وكذا ذكره غيره.
وقال في الرعاية ويكتب في الكتاب اسم الخصمين واسم أبويهما وجديهما وحليتهما.
قال بن نصر الله في حواشي الفروع ولو لم يعرف بذكر جده ذكر من يعرف به أو ذكر له من الصفات ما يتميز به عمن يشاركه في اسم جده.
قوله: "وان تغيرت حال القاضي الكاتب بعزل أو موت لم يقدح في كتابه".

هذا الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغني والشرح ونصراه والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل حكمه كما لو فسق فيقدح خاصة فيما ثبت عنده ليحكم به.
فأما ما حكم به فلا يقدح فيه قولا واحدا كما قال المصنف.
قوله: "و إذا حكم عليه فقال له اكتب لي إلى الكاتب أنك حكمت علي حتى لا يحكم علي ثانيا لم يلزمه ذلك ولكنه يكتب له محضرا بالقصة".
فيلزمه أن يشهد عليه بما جري لئلا يحكم عليه الكاتب.
قوله: "وكل من ثبت له عند حاكم حق أو ثبتت براءته مثل إن أنكر وحلفه الحاكم فسأل الحاكم أن يكتب له محضرا بما جرى ليثبت حقه أو براءته لزمه إجابته".
هذا المذهب مطلقا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال في الرعايتين وإن قال أشهد لي عليك بما جرى لي عندك في ذلك وفي غيره من حق وإقرار وإنكار ونكول ويمين وردها وإبراء ووفاء وثبوت وحكم وتنفيذ وجرح وتعديل وغير ذلك أو حكم بما ثبت عندك لزمه انتهى.
وقيل إن ثبت حقه ببينة لم يلزمه ذلك.
وأطلقهما في المغني والشرح.
فائدتان:
إحداهما: لو سأله مع الإشهاد كتابة ما جرى وأتاه بورقة إما من عنده أو من بيت المال لزمه ذلك على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لزمه ذلك في الأصح.
وصححه في المغني والشرح وتصحيح المحرر.
وقدمه في النظم وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.

وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله يلزمه إن تضرر بتركه.
الثانية: ما تضمن الحكم ببينة يسمى سجلا وغيره يسمى محضرا على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم قال المصنف هنا وأما السجل فهو لإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به.
وقال في المغني والشرح والترغيب المحضر شرح ثبوت الحق عنده لا الحكم بثبوته.
قال في الرعايتين والحاوي وما تضمن الحكم ببينة سجل.
وقيل هو إنفاذ ما ثبت عنده والحكم به وما سواه محضر وهو شرح ثبوت الحق عند الحاكم بدون حكم.
قوله: "في صفة المحضر في مجلس حكمه".
هذا إذا ثبت الحق بغير إقرار.
فإما أن ثبت الحق بالإقرار لم يذكر في مجلس حكمه.
وقوله في صفة السجل بمحضر من خصمين.
يفتقر الأمر إلى حضورهما.
على الصحيح من المذهب.
وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال الشيخ تقي الدين الثبوت المجرد لا يفتقر إلى حضورهما بل إلى دعواهما.
لكن قد تكون الباء باء السبب لا الظرف كالأولى.
وهذا ينبني على أن الشهادة هل تفتقر إلى حضور الخصمين.
فأما التزكية فلا.
قال وظاهره أنه لا حكم فيه بإقرار ولا نكول ولا رد وليس كذلك.
قاله في الفروع.

باب القسمة
:
قوله: "وقسمة الأملاك جائزة" وهي نوعان:
قسمة تراض وهي ما فيها ضرر أو رد عوض من أحدهما كالدور الصغار والحمام والعضائد المتلاصقة اللاتي لا يمكن قسمة كل عين مفردة منها والأرض

التي في بعضها بئر أو بناء ونحوه ولا يمكن قسمته بالإجزاء والتعديل إذا رضوا بقسمتها أعيانا بالقيمة جاز بلا نزاع.
وقوله: "وهذه جارية مجرى البيع لا يجبر عليها الممتنع منها ولا يجوز فيها إلا ما يجوز في البيع".
فلو قال أحدهما أنا آخذ الأدنى ويبقى لي في الأعلى تتمة حصتى فلا إجبار.
قاله في الترغيب وغيره.
وقدمه في الفروع.
وقال في الروضة إذا كان بينهم مواضع مختلفة إذا أخذ أحدهم من كل موضع منها حقه لم ينتفع به جمع له حقه من كل مكان وأخذه.
فإذا كان له سهم يسير لا يمكنه الانتفاع به إلا بإدخال الضرر على شركائه وافتياته عليهم منع من التصرف فيه وأجبر على بيعه.
قال في الفروع كذا قال.
وقال القاضي في التعليق وصاحب المبهج والمصنف في الكافي البيع ما فيه رد عوض وإن لم يكن فيه رد عوض فهي إفراز النصيبين وتمييز الحقين وليست بيعا.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فائدة: من دعا شريكه إلى البيع في قسمة التراضي أجبر فإن أبى بيع عليهما وقسم الثمن.
نقله الميموني وحنبل.
وذكره القاضي وأصحابه.
وذكره في الإرشاد والفصول والإيضاح والمستوعب والترغيب وغيرها وجزم به في القاعدة السادسة والسبعين والزركشي.
وقدمه في الفروع.
قال في الفروع وكلام الشيخ يعنى به المصنف والمجد يقتضي المنع.
وكذا حكم الإجارة ولو في وقف.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله في الوقف.
قوله: "والضرر المانع من القسمة".
يعني قسمة الإجبار.
"هو نقص القيمة بالتسوية في ظاهر كلامه".

يعني في رواية الميموني.
وكذا قال في الهداية والمحرر وغيرهما وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أو لا ينتفعان به مقسوما في ظاهر كلام الخرقى.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
اختارها المصنف.
وجزم به في العمدة.
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي.
وقال ظاهر كلام الإمام رحمه الله في رواية حنبل اعتبار النفع وعدم نقص قيمته ولو انتفع به.
وتقدم التنبيه على بعض ذلك في باب الشفعة.
قوله: "فإن كان الضرر على أحدهما دون الآخر كرجلين لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث ينتفع صاحب الثلثين بقسمها ويتضرر الآخر فطلب من لا يتضرر القسم لم يجبر الآخر عليه وإن طلبه الآخر أجبر الأول".
هذا اختيار جماعة من الأصحاب.
منهم أبو الخطاب والمصنف والشارح ونصراه.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين.
قال الزركشي وإليه ميل الشيخين.
وقال القاضي رحمه الله إن طلبه الأول أجبر الآخر وإن طلبه المضرور لم يجبر الآخر.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي وفيه بعد.
وأطلقهما في الحاوي.
والصحيح من المذهب أنه لا إجبار على الممتنع من القسمة منهما.
وعليه أكثر الأصحاب.

وحكاه المصنف والشارح عن الأصحاب وقالوا هو المذهب.
وقدمه في الفروع.
قال الزركشي جزم به القاضي في الجامع والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
وهو ظاهر رواية حنبل.
قوله: "وإن كان بينهما عبيد أو بهائم أو ثياب ونحوها فطلب أحدهما قسمها أعيانا بالقيمة لم يجبر الآخر".
هذا أحد الوجوه.
وإليه ميل أبي الخطاب.
وهو احتمال له في الهداية.
وقال القاضي يجبر.
وظاهره أنه سواء تساوت القيمة أم لا.
وهو ظاهر ما قدمه في الخلاصة.
وهو ظاهر كلامه في المحرر والوجيز وغيرهم.
والمذهب إن تساوت القيمة أجبر وإلا فلا نص عليه.
قال في الفروع أجبر الممتنع في المنصوص إن تساوت القيمة.
ويحتمله كلام القاضي ومن تابعه.
تنبيه محل الخلاف إذا كانت من جنس واحد على الصحيح من المذهب.
وقال المصنف والشارح إذا كانت من نوع واحد.
فائدة: الآجر واللبن المتساوي القوالب من قسمة الأجزاء والمتفاوت من قسمة التعديل.
قوله: "وإن كان بينهما حائط لم يجبر الممتنع من قسمه فإن استهدم".
يعني حتى بقي عرصة.
لم يجبر على قسم عرصته.
هذا أحد الوجهين والمذهب منهما وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس.
وصححه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الشرح والرعايتين.

واختاره المصنف.
وقال أصحابنا إن طلب قسمتها طولا بحيث يكون له نصف الطول في كمال العرض أجبر الممتنع.
وإن طلب قسمتها عرضا وكانت تسع حائطين أجبر وإلا فلا.
ونسبه في الفروع إلى القاضي فقط.
وجزم به في الوجيز.
قال الآدمي في منتخبه ولا إجبار في حائط إلا أن يتسع لحائطين.
وقال أبو الخطاب في الحائط لا يجبر على قسمها بحال.
وقال في العرصة كقول الأصحاب.
وقاله في المذهب.
وقيل لا إجبار في الحائط والعرصة إلا في قسمة العرصة طولا في كمال العرض خاصة.
وأطلقهن في المحرر والفروع.
فائدتان:
إحداهما: حيث قلنا بجواز القسمة في هذا فقيل لكل واحد ما يليه.
وقدمه في الرعايتين.
قال في المغنى الشرح وإن حصل له ما يمكن بناء حائطه فيه أجبر.
ويحتمل أن لا يجبر لأنه لا تدخله القرعة خوفا من أن يحصل لكل واحد منهما ما يلي ملك الآخر انتهيا.
وقيل بالقرعة.
قلت وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وأطلقهما في الفروع.
الثانية: قوله: "وإن كان بينهما دار لها علو وسفل فطلب أحدهما قسمها لأحدهما العلو وللأخر السفل لم يجبر الممتنع من قسمها بلا نزاع".
وكذا لو طلب قسمة السفل دون العلو أو العكس أو قسمة كل واحد على حدة.
ولو طلب أحدهما قسمتها معا ولا ضرر وجب وعدل بالقيمة لا ذراع سفل بذراعي علو ولا ذراع بذراع.

قوله: "وإن كان بينهما منافع لم يجبر الممتنع من قسمها هذا المذهب مطلقا".
وجزم به في المذهب والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في الشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال في القاعدة السادسه والسبعين هذا المشهور.
ولم يذكر القاضي وأصحابه في المذهب سواه.
وفرقوا بين المهاياة والقسمة بأن القسمة إفراز أحد الملكين من الآخر.
والمهايأة معاوضة حيث كانت استيفاء للمنفعة من مثلها في زمن آخر.
وفيها تأخير أحدهما عن استيفاء حقه بخلاف قسمة الأعيان.
وعنه يجبر.
واختار في المحرر يجبر في القسمة بالمكان إذا لم يكن فيه ضرر ولا يجبر بقسمة الزمان.
قوله: "وإن تراضيا على قسمها كذلك أو على قسم المنافع بالمهايأة جاز".
إذا اقتسما المنافع بالزمان أو المكان صح.
وكان ذلك جائزا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس والترغيب.
وقدمه في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختار في المحرر لزومه إن تعاقدا مدة معلومة.
وجزم به في الوجيز.
وذكر بن البناء في الخصال أن الشركاء إذا اختلفوا في منافع دار بينهما أن الحاكم يجبرهم على قسمها بالمهايأه أو يؤجرها عليهم.
قال في الفروع وقيل لازما بالمكان مطلقا.
فعلى المذهب لو رجع أحدهما قبل استيفاء نوبته فله ذلك وإن رجع بعد الاستيفاء غرم ما انفرد به.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا تنفسخ حتى ينقضي الدور ويستوفي كل واحد حقه انتهى.

ولو استوفى أحدهما نوبته ثم تلفت المنافع في مدة الآخر قبل تمكنه من. القبض فأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله بأنه يرجع على الأول ببدل حصته من تلك المدة ما لم يكن رضى بمنفعته في الزمن المتأخر على أي حال كان.
فائدتان:
أحداهما: لو انتقلت كانتقال ملك وقف فهل تنتقل مقسومة أم لا.
قال في الفروع فيه نظر.
فإن كانت إلي مدة لزمت الورثة والمشترى.
قال ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال أيضا معنى القسمة هنا قريب من معنى البيع.
وقد يقال يجوز التبديل كالحبيس والهدى.
وقال أيضا صرح الأصحاب بأن الوقف إنما تجوز قسمته إذا كان على جهتين
فأما الوقف على.جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة.
لكن تجوز المهايأة وهي قسمة المنافع.
ولا فرق في ذلك بين مناقلة المنافع وبين تركها على المهايأه بلا مناقلة انتهى.
قال في الفروع والظاهر أن ما ذكر شيخنا عن الأصحاب وجه.
وظاهر كلامهم لا فرق وهو أظهر.
وفي المبهج لزومها إذا اقتسموها بأنفسهم.
قال وكذا إن تهايئوا.
ونقل أبو الصقر فيمن وقف ثلث قريته فأراد بعض الورثة بيع نصيبه كيف بيع.
قال يفرز الثلث مما للورثة فإن شاؤوا باعوا أو تركوا.
الثانية نفقة الحيوان مدة كل واحد عليه.
وإن نقص الحادث عن العادة فللآخر الفسخ.
قوله: "وإن كان بينهما أرض ذات زرع فطلب أحدهما قسمها دون الزرع قسمت.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.

قال في الرعايتين قسمت على الأصح.
وقدمه في الفروع.
قال المصنف في الكافي والأولى أن لا يجب.
قوله: "وإن طلب قسمها مع الزرع لم يجبر الآخر".
هذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الفروع والشرح وشرح ابن منجا.
وقال المصنف في المغنى والكافي يجبر سواء اشتد حبه أو كان قصيلا لأن الزرع كالشجر في الأرض والقسمة إفراز حق وليست بيعا.
وإن قلنا هي بيع لم يجز ولو اشتد الحب لتضمنه بيع السنبل بعضه ببعض.
ويحتمل الجواز إذا اشتد الحب لأن السنابل هنا دخلت تبعا للأرض وليست المقصودة فأشبه النخلة المثمرة بمثلها.
قوله: "فإن تراضوا عليه والزرع قصيل أو قطين جاز.وإن كان بذرا أو سنابل قد اشتد حبها فهل يجوز على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والشرح وشرح ابن منجا والمذهب.
أحدهما: لا يجوز وهو المذهب.
قال في الخلاصة لم يجز في الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: يجوز مع تراضيهما.
وقال القاضي يجوز في السنابل ولا يجوز في البذر.

وجزم به في الكافي في السنابل وقدم في البذر لا يجوز.
وقال في الترغيب مأخذ الخلاف هل هي إفراز أو بيع.
قوله: "وإن كان بينهما نهر أو قناة أو عين ينبع ماؤها فالماء بينهما على ما اشترطاه عند استخراج ذلك".
فإن اتفقا على قسمه بالمهايأة بزمن جاز وإن أرادا قسم ذلك بنصب خشبة أو حجر مستوي في مصدم الماء فيه ثقبان على قدر حق كل واحد منهما جاز بلا نزاع أعلمه.
وتقدم هذا وغيره في باب إحياء الموات فليراجع.
قوله: "فإن أراد أحدهما أن يسقي بنصيبه أرضا ليس لها رسم شرب من هذا النهر جاز".
هذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يجوز.
وهو وجه اختاره القاضي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والرعايتين والحاوي.
وقال المصنف هنا ويجى ء على أصلنا أن الماء لا يملك وينتفع كل واحد منهما على قدر حاجته.
وكذا قال في الهداية والمذهب.
قال في الفروع وقيل له ذلك إذا قلنا لا يملك الماء بملك الأرض فلكل واحد منهما أن ينتفع بقدر حاجته.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في كتاب البيع.
وذكرنا ما فيه من الخلاف.
وتقدم أيضا هذا في باب إحياء الموات.
وفروع أخرى كثيرة فليعاود.

قوله: "النوع الثاني: قسمة الإجبار وهي ما لا ضرر فيها ولا رد عوض كالأرض الواسعة والقرى والبساتين والدور الكبار والدكاكين الواسعة والمكيلات والموزونات من جنس واحد سواء كان مما مسته النار كالدبس وخل التمر أو لم تمسه كخل العنب والأدهان والألبان ونحوها" بلا نزاع.
وقوله: "فإذا طلب أحدهما قسمه وأبى الآخر أجبر عليه" بلا نزاع.
وكذا يجبر ولي من ليس أهلا للقسمة لكن مع غيبة الولي هل يقسم الحاكم عليه فيه وجهان.
ذكرهما في الترغيب.
واقتصر عليهما مطلقين في الفروع.
أحدهما: يقسمه الحاكم.
قلت وهو الصواب لأنه يقوم مقام الولي.
قال في المحرر ويقسم الحاكم علي الغائب في قسمة الإجبار وكذا في الوجيز وغيره وقال في الرعاية ويقسم الحاكم على الغائب في قسمة الإجبار.
وقيل إن كان له وكيل حاضر جاز وإلا فلا.
وقال وولي المولى عليه في قسمة الإجبار كهو.
وهذا يدل على أن الحاكم يقسمه مع غيبة الولي.
وقال في القاعدة الثالثة والعشرين فإن كان المشترك مثليا في قسمة الإجبار وهو المكيل والموزون فهل يجوز للشريك أخذ قدر حقه بدون إذن الحاكم إذا امتنع الآخر أو غاب على وجهين.
أحدهما: الجواز.
وهو قول أبى الخطاب.
والثاني: المنع.
وهو قول القاضي.
لأن القسمة مختلف في كونها بيعا وإذن الحاكم يرفع النزاع والثاني لا يقسمه.
فائدة: قال جماعة عن قسم الإجبار يقسم الحاكم إن ثبت ملكها عنده منهم الخرقي وأقره المصنف عليه.

وقاله في الرعاية الكبرى بخطه ملحقا.
ولم يذكره آخرون.
منهم أبو الخطاب وصاحب المذهب والخلاصة والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وجزم به في الروضة.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله كبيع مرهون وعبد جان.
وقال كلام الإمام أحمد رحمه الله في بيع ما لا يقسم وقسم ثمنه عام فيما ثبت أنه ملكهما وما لم يثبت كجميع الأموال التي تباع.
قال ومثل ذلك لو جاءته امرأة فزعمت أنها خلية لا ولي لها هل يزوجها بلا بينة.
ونقل حرب فيمن أقام بينة بسهم من ضيعة بيد قوم فهربوا منه يقسم عليهم ويدفع إليه حقه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وإن لم يثبت ملك الغائب.
قال في الفروع فدل أنه يجوز ثبوته وأنه أولى.
وهو موافق لما يأتي في الدعوى.
قال في المحرر ويقسم حاكم على غائب قسمة إجبار.
وقال في المبهج والمستوعب بل مع وكيله فيها الحاضر.
واختاره في الرعاية في عقار بيد غائب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في قرية مشاعة قسمها فلاحوها هل.
يصح قال إذا تهايؤها وزرع كل منهم حصته فالزرع له ولرب الآرض نصيبه إلا أن من ترك نصيب مالكه فله أخذ أجرة الفضلة أو مقاسمتها.
قوله: "وهذه القسمة إفراز حق أحدهما من الآخر في ظاهر المذهب وليست بيعا".
وكذا قال في الهداية والمذهب.
وهو المذهب كما قال.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المذهب والمستوعب والمغني والكافي والهادي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية والفروع وتجريد العناية وغيرهم.

قال الزركشي: هذا المذهب المشهور المختار لعامة الأصحاب وحكى عن أبي عبد الله بن بطة ما يدل على أنها بيع.
قال الزركشي وقع في تعاليق أبي حفص العكبري عن شيخه بن بطة أنه منع قسمة الثمار التي يجري فيها الربا خرصا.
وأخذ من هذا أنها عنده بيع انتهى.
وحكى الآمدي فيه روايتين.
قال الشيخ مجد الدين الذي تحرر عندي فيما فيه رد أنه بيع فيما يقابل الرد وإفراز في الباقي لأن أصحابنا قالوا في قسمة المطلق عن الوقف.
إذا كان فيها رد من جهة صاحب الوقف جاز لأنه يشتري به الطلق.
وإن كان من صاحب الطلق لم يجز انتهى.
وينبني على هذا الخلاف فوائد كثيرة.
ذكر المصنف بعضها هنا وذكره غيره.
وذكروا فوائد أخر.
فمنها أنه يجوز قسم الوقف على المذهب.
أعني بلا رد عوض.
وعلى الثاني لا يجوز.
وجزم به في الفروع.
وقال في القواعد هل يجوز قسمته فيه طريقان.
أحدهما: أنه كإفراز الطلق من الوقف.
وهو المجزوم به في المحرر.
قلت وفي غيره.
والطريق الثاني: أنه لا يصح قسمته على الوجهين جميعا على الأصح.
وهي طريقة صاحب الترغيب.
وعلى القول بالجواز فهو مختص بما إذا كان وقفا على جهتين لا على جهة واحدة صرح به الأصحاب.
نقله الشيخ تقي الدين رحمه الله انتهى.
قلت تقدم لفظه قبل ذلك في الفائدة الأولى عند قوله وإن تراضيا على قسمها كذلك فليراجع.

وكلام صاحب الفروع هناك أيضا.
ومنها إذا كان نصف العقار طلقا ونصفه وقفا جازت قسمته على المذهب لكن بلا رد من رب الطلق.
وقال في المحرر عليهما إن كان الرد من رب الوقف لرب الطلق جازت قسمته بالرضى في الأصح انتهى.
وإن قلنا هي بيع لم يجز.
ومنها: جواز قسمة الثمار خرصا وقسمة ما يكال وزنا وما يوزن كيلا وتفرقهما قبل القبض فيهما على المذهب.
وقطع به أكثرهم.
ونص عليه في رواية الأثرم في جواز القسمة بالخرص.
وقال في الترغيب يجوز في الأصح فيهما.
وقال في القواعد وكذلك لو تقاسموا الثمر على الشجر قبل صلاحه بشرط التبقية انتهى.
وإن قلنا هي بيع لم يصح في ذلك كله.
ومنها إذا حلف لا يبيع فقاسم لم يحنث على المذهب.
ويحنث إن قلنا هي بيع.
قال في القواعد وقد يقال الإيمان محمولة على العرف ولا تسمى القسمة بيعا في العرف فلا يحنث بها ولا بالحوالة والإقالة وإن قيل هي بيوع.
ومنها ما قاله في القواعد لو حلف لا يأكل مما اشتراه زيد فاشترى زيد وعمرو طعاما مشاعا وقلنا يحنث بالأكل منه فتقاسماه ثم أكل الحالف من نصيب عمرو.
فذكر الآمدي أنه لا يحنث لأن القسمة إفراز حق لا بيع.
وهذا يقتضي أنه يحنث إذا قلنا هي بيع.
وقال القاضي المذهب أنه يحنث مطلقا لأن القسمة لا تخرجه عن أن يكون زيد اشتراه ويحنث عند أصحابنا بأكل ما اشتراه زيد ولو انتقل الملك عنه إلى غيره.
وفي المغني احتمال لا يحنث هنا.
وعليه يتخرج أنه لا يحنث إذا قلنا القسمة بيع.
ومنها لو كان بينهما ماشية مشتركة فاقتسماها في أثناء الحول واستداما خلطة الأوصاف.
فإن قلنا القسمة إفراز لم ينقطع الحول بغيرخلاف.
وإن قلنا بيع خرج على بيع الماشية بجنسها في أثناء الحول هل يقطعه أم لا.

ومنها إذا تقاسما وصرحا بالتراضي واقتصرا على ذلك
إن قلنا إفراز صحت.
وإن قلنا بيع فوجهان في الترغيب.
وكأن مأخذهما الخلاف في اشتراط الإيجاب والقبول.
وظاهر كلامه أنها تصح بلفظ القسمة على الوجهين.
ويتخرج أن لا تصح من الرواية التي حكاها في التلخيص باشتراط لفظ البيع والشراء.
ومنها قسمة المرهون كله أو نصفه مشاعا.
إن قلنا هي إفراز صحت.
وإن قلنا بيع لم تصح.
ولو استقر بها المرتهن بأن رهنه أحد الشريكين حصته من حق معين من دار ثم اقتسما فحصل البيت في حصة شريكه.
فظاهر كلام القاضي لا يمنع منه على القول بالإقرار.
وقال صاحب المغنى يمنع منه.
ومنها ثبوت الخيار وفيه طريقان.
أحدهما: بناؤه على الخلاف.
فإن قلنا إفراز لم يثبت فيها خيار.
وإن قلنا بيع ثبت.
وهو المذكور في الفصول والتلخيص.
وفيه ما يوهم اختصاص الخلاف في خيار المجلس.
فأما خيار الشرط فلا يثبت فيها على الوجهين.
والطريق الثاني: يثبت فيها خيار المجلس وخيار الشرط على الوجهين.
قاله القاضي في خلافه.
ومنها ثبوت الشفعة بالقسمة وفيه طريقان.
أحدهما: بناؤه على الخلاف.
إن قلنا إفراز لم يثبت وإلا ثبت.
وهو الذي ذكره في المستوعب في باب الربا.
والطريق الثاني: لا يوجب الشفعة على الوجهين.
قاله القاضي وصاحب المحرر.

وقدمها في الفروع.
لأنه لو ثبت لأحدهما على الآخر لثبت للآخر عليه فيتنافيان.
قلت وهذه الطريقة هي الصواب.
ومنها قسمة المتشاركين في الهدى والأضاحي اللحم.
فإن قلنا إفراز حق جاز.
وإن قلنا بيع لم يجز.
وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قلت لو قيل بالجواز على القولين لكان أولى.
والذي يظهر أنه مرادهم.
ومنها لو ظهر في القسمة غبن فاحش.
فإن قلنا هي إفراز لم تصح لتبين فساد الإفراز.
وإن قلنا هي بيع صحت وثبت خيار الغبن.
ذكره في الترغيب والمستوعب والبلغة.
ومنها إذا مات رجل وزوجته حامل وقلنا لها السكنى فأراد الورثة قسمة المسكن قبل انقضاء العدة من غير إضرار بها بأن يعلموا الحدود بخط أو نحوه من غير نقض ولا بناء.
فقال في المغني يجوز ذلك.
ولم يبنه على الخلاف في القسمة.
مع أنه قال لا يصح بيع المسكن في هذه الحال لجهالة مدة الحمل المستثناة فيه حكما.
وهذا يدل على أن هذا يغتفر في القسمة على الوجهين.
ويحتمل أن يقال متى قلنا القسمة بيع وأن بيع هذا المسكن يصح لم تصح القسمة.
قاله في الفوائد.
ومنها قسمة الدين في ذمم الغرماء.
وتقدم ذلك مستوفي في أوائل كتاب الشركة في أثناء شركة العنان عند قوله وإن تقاسما الدين في الذمة.
ومنها قبض أحد الشريكين نصيبه من المال المشترك المثلى مع غيبة الآخر أو امتناعه من الإذن بدون إذن حاكم وفيه وجهان.
وهما على قولنا هي إفراز.
وإن قلنا بيع لم يجز وجها واحدا.

فأما غير المثلى فلا يقسم إلا مع الشريك أو من يقوم مقامه.
ومنها لو اقتسما أرضا أو دارين ثم استحقت الأرض أو إحدى الدارين بعد البناء.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في آخر الباب.
ومنها لو اقتسم الورثة العقار ثم ظهر على الميت دين أو وصية.
ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في آخر الباب ومنها لو اقتسما دارا فحصل الطريق في نصيب أحدهما ولم يكن للآخر منفذ ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في آخر الباب.
قوله: "ويجوز للشركاء أن ينصبوا قاسما يقسم بينهم وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم بلا نزاع".
قوله: "ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة".
وكذا يشترط إسلامه وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال المصنف والشارح والزركشي يعرف الحساب لأنه كالخط للكاتب وقال في الكافي والترغيب تشترط عدالة قاسمهم للزوم.
وقال في المغني والشرح تشترط عدالة قاسمهم ومعرفته للزوم.
وقيل أن نصبوا غير عدل صح.
قوله: "فمتى عدلت السهام وخرجت القرعة لزمت القسمة".
هذا المذهب مطلقا نص عليه.
جزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا تلزم فيما فيه رد بخروج القرعة حتى يرضيا بذلك.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
وقيل لا تلزم فيما فيه رد حق أو ضرر إلا بالرضا بعدها.

وقيل لا تلزم إلا بالرضا بعد القسمة.
وقال في المغنى والكافي لا تلزم إلا بالرضا بعد القسمة إن اقتسما بأنفسهما.
وقال في الرعاية وللشركاء القسمة بأنفسهم ولا تلزم بدون رضاهم.
ويقاسم عالم بها ينصبونه.
فإن كان عدلا لزمت قسمته بدون رضاهم وإلا فلا أو بعدل عارف بالقسمة ينصبه حاكم بطلبهم.
وتلزم قسمته وإن كان عبدا.
ومع الرد فيها وجهان انتهى.
فائدة: لو خير أحدهما الآخر لزم برضاهما وتفرقهما.
ذكره جماعة من الأصحاب.
واقتصر عليه في الفروع.
قوله: "وإن كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل يجرى قاسم واحد كما لو خلت من تقويم.
فائدتان:
إحداهما: تباح أجرة القاسم على الصحيح من المذهب.
وعنه هي كقربة.
نقل صالح أكرهه.
ونقل عبد الله أتوقاه.
والأجره على قدر الأملاك على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وقطع به كثير منهم.
زاد في الترغيب إذا أطلق الشركاء العقد وأنه لا ينفرد واحد بالإستئجار بلا إذن.
وقيل بعدد الملاك.
وقال في الكافي هي على ما شرطاه.

فعلى المذهب المنصوص أجرة شاهد يخرج لقسم البلاد ووكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح كأملاك.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال فإذا ما نهم الفلاح بقدر ما عليه أو يستحقه الضيف حل لهم.
قال وإن لم يأخذ الوكيل لنفسه إلا قدر عمله بالمعروف.
والزيادة يأخذها المقطع فالمقطع هو الذي ظلم الفلاحين فإذا أعطى الوكيل المقطع من الضريبة ما يزيد على أجرة مثله ولم يأخذ لنفسه إلا أجرة عمله جاز له ذلك وقال بن هبيرة في شرح البخاري اختلف الفقهاء في أجر القسام.
فقال قوم على المزارع.
وقال قوم على بيت المال.
وقال قوم عليهما.
الثانية: قوله: "فإذا سألوا الحاكم قسمة عقار لم يثبت عنده أنه لهم قسمه وذكر في كتاب القسمة أن قسمه بمجرد دعواهم لا عن بينة شهدت لهم بملكهم هذا بلا نزاع".
قال القاضي عليهما بإقرارهما لا على غيرهما.
قوله: "ويعدل القاسم السهام بالأجزاء إن كانت متساوية وبالقيمة إن كانت مختلفة وبالرد إن كانت تقتضيه ثم يقرع بينهم فمن خرج له سهم صار له بلا نزاع في الجملة".
قوله: "وكيفما أقرع جاز إلا أن الأحوط أن يكتب اسم كل واحد من الشركاء في رقعة ثم يدرجها في بنادق شمع أو طين متساوية القدر والوزن وتطرح في حجر من لم يحضر ذلك ويقال له أخرج بندقة على هذا السهم فمن خرج اسمه كان له ثم الثاني كذلك والسهم الباقي للثالث إذا كانوا ثلاثة وسهامهم متساوية. وإن كتب اسم كل سهم في رقعة وقال أخرج بندقة باسم فلان وأخرج الثانية باسم الثاني والثالثة للثالث جاز".
والأول أحوط.
وهذا المذهب في ذلك كله.

وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقيل يخير في هاتين الصفتين.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
قال الشارح واختار أصحابنا في القرعة أن يكتب رقاعا متساوية بعدد السهام.
وهو ها هنا مخيرين بين أن يخرج السهام على الأسماء أو يخرج الأسماء على السهام انتهى.
وذكر أبو بكر أن البنادق تجعل طينا وتطرح في ماء ويعين واحدا فأي البنادق انحل الطين عنها وخرجت رقعتها على الماء فهي له وكذلك الثاني والثالث وما بعده.
فإن خرج اثنان معا أعيد الإقراع انتهى.
قوله: "فإن كانت السهام مختلفة كثلاثة لأحدهم النصف وللآخر الثلث وللآخر السدس فإنه يجزئها ستة أجزاء وتخرج الأسماء على السهام لا غير فيكتب باسم صاحب النصف ثلاثة وباسم صاحب الثلثين اثنين وباسم صاحب السدس واحدة ويخرج بندقه على السهم الأول فإن خرج اسم صاحب النصف أخذه والثاني والثالث وإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والثاني ثم يقرع بين الآخرين والباقي للثالث".
اعلم أن الصحيح من المذهب أنه يكتب باسم صاحب النصف ثلاثة وباسم صاحب الثلث اثنين وباسم صاحب السدس واحدة كما قال المصنف وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقدم في المغنى أن يكتب باسم كل واحد رقعة لحصول المقصود.
وقدمه في الشرح أيضا.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا قرعة في مكيل وموزن لا للابتداء.
فإن خرجت لرب الأكثر أخذ كل حقه.
فإن تعدد سبب استحقاقه توجه وجهان.

فائدة: قسمة الإجبار تنقسم أربعة أقسام.
أحدها: أن تكون السهام متساوية وقيمة الأجزاء متساوية وهي مسألة المصنف الأولى.
الثاني: أن تكون السهام مختلفة وقيمة الأجزاء متساوية وهي مسألة المصنف الثانية.
الثالث: أن تكون السهام متساوية وقيمة الأجزاء مختلفة.
الرابع: أن تكون السهام مختلفة والقيمة مختلفة.
فأما الأول والثاني فقد ذكرنا حكمهما في كلام المصنف.
وأما القسم الثالث وهو أن تكون السهام متساوية والقيمة مختلفة فإن الأرض تعدل بالقيمة وتجعل ستة أسهم متساوية القيمة ويفعل في إخراج السهام مثل الأول.
وأما القسم الرابع وهو ما إذا اختلفت السهام والقيمة فإن القاسم يعدل السهام بالقيمة ويجعلها ستة أسهم متساوية القيم ثم يخرج الرقاع فيها الأسماء على السهام كالقسم الثالث سواء إلا أن التعديل هنا بالقيم وهناك بالمساحة.
قوله: "فإن ادعى بعضهم غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على تراضيهم به لم يلتفت إليه".
وهو المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يقبل قوله مع التنبيه.
اختاره المصنف.
وقال في الرعايتين والحاوي لم يقبل قوله وإن أقام بينة إلا أن يكون مسترسلا.
زاد في الكبرى أو مغبونا بما لا يتسامح به عادة أو بالثلث أو بالسدس كما سبق.
قوله: "وإن كان فيما قسمه قاسم الحاكم فعلى المدعي البينة وإلا فالقول قول المنكر مع يمينه.وإن كان فيما قسمه قاسمهم الذي نصبوه وكان فيما اعتبرنا فيه الرضا بعد القرعة لم تسمع دعواه وإلا فهو كقاسم الحاكم"
بلا نزاع.
قوله: "وإن تقاسموا ثم استحق من حصة أحدهما شيء معين بطلت".
هذا المذهب مطلقا.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي والكافي

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28