كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

الإبل ولا حصير وهو الحبس ولا بارية وهي السكين التي يبرى بها ويقول والله ما أكلت من هذا شيئا ويعني به الباقي وكذا ما أخذت منه شيئا.
قال المصنف والشارح فهذا وأشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه إذا عناه بيمينه فهو تأويل لأنه خلاف الظاهر.
ويأتي آخر الباب زيادات على هذا.
الثانية يجوز التعريض في المخاطبة لغير ظالم بلا حاجة على الصحيح من المذهب اختاره أكثر الأصحاب.
وقيل لا يجوز ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واختاره لأنه تدليس كتدليس البيع وكره الإمام أحمد رحمه الله التدليس وقال لا يعجبني.
والمنصوص لا يجوز التعريض مع اليمين ويقبل في الحكم مع قرب الاحتمال من الظاهر ولا يقبل مع بعده ومع توسطه روايتان وأطلقهما في المحرر والنظم والزركشي والحاوي الصغير والفروع.
وأطلق الروايتين في المذهب والمستوعب يعني سواء قرب الاحتمال أو توسط.
إحداهما يقبل وجزم به أبو محمد الجوزي وقدمه في الرعايتين في أول باب جامع الأيمان والزبدة وصححه في تصحيح المحرر.
والثانية لا يقبل.
الثالثة قوله: "فإذا أكل تمرا فحلف لتخبرني بعدد ما أكلت أو لتميزن نوى ما أكلت فإنها تفرد كل نواة وحدها وتعد من واحد إلى عدد يتحقق دخول ما أكل فيه".
قاله كثير من الأصحاب وقدمه في الرعايتين وقال وقيل إن نواه وإلا حنث.
واعلم أن غالب هذا الباب مبني على التخلص مما حلف عليه بالحيل.
والمذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن الحيل لا يجوز فعلها ولا يبر بها.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على مسائل.
من ذلك أنه إذا حلف ليطأنها في نهار رمضان ثم سافر ووطئها فنصه لا يعجبني ذلك لأنه حيلة.
وقال أيضا من احتال بحيلة فهو حانث.
ونقل عنه الميموني نحن لا نرى الحيلة إلا بما يجوز.
فقال له إنهم يقولون لمن قال لامرأته وهي على درجة سلم إن صعدت أو نزلت فأنت طالق فقالوا تحمل عنه أو تنتقل عنه إلى سلم آخر.
فقال ليس هذا حيلة هذا هو الحنث بعينه.

وقالوا إذا حلف لا يطأ بساطا فوطئ على اثنين وإذا حلف لا يدخل دارا فحمل وأدخل إليها طائعا.
قال ابن حامد وغيره جملة مذهبه أنه لا يجوز التحيل في اليمين وأنه لا يخرج منها إلا بما ورد به سمع كنسيان وإكراه واستثناء قاله في الترغيب.
وقال قال أصحابنا لا يجوز التحيل لإسقاط حكم اليمين ولا يسقط بذلك.
ونقل المروذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له وقالت عائشة لعن الله صاحب المرق لقد احتال حتى أكل.
ونص الإمام أحمد رحمه الله فيمن حلف بالطلاق الثلاث ليطأنها اليوم فإذا هي حائض أو ليسقين ابنه خمرا لا يفعل وتطلق فهذه نصوصه وقول أصحابه.
وقد ذكر أبو الخطاب وجماعة كثيرة من الأصحاب جواز ذلك.
وذكروا من ذلك مسائل كثيرة مذكورة في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وعيون المسائل وغيرهم.
وأعظمهم في ذلك صاحب المستوعب والرعايتين فيهما وذكر المصنف هنا بعضها.
قلت الذي نقطع به أن ذلك ليس بمذهب للإمام أحمد رحمه الله مع هذه النصوص المصرحة بالحنث ولم يرد عنه ما يخالفها ولكن ذكر ذلك بعض الأصحاب.
فنحن نذكر شيئا من ذلك حتى لا يخلو كتابنا منه في آخر الباب تبعا للمصنف.
فمن ذلك ما قاله المصنف هنا وإن حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا يدخله بارية فإنه يدخله قصبا فينسجه فيه.
قاله جماعة وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقال وقيل: إن أدخل بيته قصبا لذلك فنسجت فيه حنث وإن طرأ قصده وحلفه والقصب فيه فوجهان.
قوله: "وإن حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه ولا يجد طعم الملح فإنه يسلق فيه بيضا وإن حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجده بيضا وتفاحا فإنه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا".
قاله جماعة وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقيل يحنث للتعيين.
وإن كان على سلم فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة فلتنزل العليا ولتصعد السفلى فتنحل يمينه.

وإن حلف لا أقمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فإنه ينتقل إلى سلم آخر.
قوله: "وإن حلف لا أقمت في هذا الماء ولا خرجت منه فإن كان جاريا لم يحنث إذا نوى ذلك الماء بعينه".
قدمه الشارح وقال هذا الذي ذكره القاضي في المجرد.
وقال في الفروع في باب جامع الأيمان حنث بقصد أو سبب انتهى.
وقال في الرعايتين إن كان في ماء جار ولا نية له لم تطلق.
وقيل إن نوى الماء بعينه وإلا حنث كما لو قصد خروجها من النهر أو أفادت قرينة.
قال القاضي في كتاب آخر قياس المذهب أنه يحنث إلا أن ينوي عين الماء الذي هي فيه لأن إطلاق يمينه تقتضي خروجها من النهر أو إقامتها فيه.
قوله: "وإن كان واقفا حمل منه مكرها".
هذا قول أبي الخطاب وجماعة كثيرة.
والصحيح من المذهب أنه يحنث لأنه حيلة كما تقدم وقدمه في الفروع.
قوله: "وإن استحلفه ظالم ما لفلان عندك وديعة وكانت له عنده وديعة فإنه يعني بما "الذي" ويبر في يمينه".
ويبر أيضا إذا نوى غير الوديعة واستثنى بقلبه فإن لم يتأول أثم وهو دون إثم إقراره بها ويكفر على الصحيح من المذهب والروايتين ذكرهما ابن الزاغوني وعزاهما الحارثي إلى فتاوى أبي الخطاب.
قال في الفروع ولم أرهما فيها.
وذكر القاضي أنه يجوز جحدها بخلاف اللقطة.
فائدة لو لم يحلف لم يضمن عند أبي الخطاب.
وعند ابن عقيل لا يسقط ضمانه كخوفه من وقوع طلاق بل يضمن بدفعها افتداء عن يمينه.
وفي فتاوى ابن الزاغوني إن أبى اليمين بطلاق أو غيره فصار ذريعة إلى أخذها فكإقراره طائعا وهو تفريط عند سلطان جائر انتهى.
فائدة: قوله: "وإن حلف له ما فلان ها هنا".
وعنى موضعا معينا: بر في يمينه.
وقد فعل هذا المروذي عند الإمام أحمد رحمه الله فلم ينكر عليه بل تبسم.

تنبيه: قوله: "وإن حلف على امرأته لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعة لم يحنث إلا أن ينوي".
قال في الفروع حنث بقصد أو سبب.
فوائد
مما ذكر ها هنا بعض المتأخرين زيادة على ما تقدم لو كان في فمها رطبة فقال إن أكلتيها أو ألقيتيها أو أمسكتيها فأنت طالق فإنها تأكل بعضها وترمي الباقي ولا تطلق في إحدى الروايتين بناء على من حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه على ما تقدم.
وإن حلف لتصدقن هل سرقت مني أم لا وكانت قد سرقت فقالت سرقت منك ما سرقت منك لم تطلق.
فإن قال إن قلت لي شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق فقالت أنت طالق بكسر التاء فقال مثلها وعلقه بشرط يتعذر لم تطلق قاله في المستوعب والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وتقدم حكم ذلك إذا كسر التاء أو فتحها أو ما أشبه ذلك في أول باب صريح الطلاق وكناياته مستوفى فليعاود ذلك.
وإن قال لها أنت طالق إن سألتيني الخلع ولم أخلعك عقب سؤالك فقالت عبدي حر إن لم أسألك الخلع اليوم.
فخلاصها أن تسأله الخلع في اليوم فيقول الزوج قد خلعتك على ما بذلت إن فعلت اليوم كذا فتقول الزوجة قد قبلت ولا تفعل هي ما علق خلعها على فعله فقد بر في يمينه.
وإن اشترى خمارين وله ثلاث نسوة فحلف لتختمرن كل واحدة عشرين يوما من الشهر اختمرت الكبرى والوسطى عشرة أيام وأخذته الصغرى من الكبرى إلى آخر الشهر واختمرت الكبرى بخمار الوسطى بعد العشرين إلى آخر الشهر وكذا ركوبهن لبغلين ثلاثة فراسخ.
فإن حلف ليقسمن بينهن ثلاثين قارورة عشرة مملوءة وعشرة فارغة وعشرة منصفة قلب كل منصفة في أخرى فلكل واحدة خمسة مملوءة وخمسة فارغة.
فإن كان له ثلاثون نعجة عشر نتجت كل واحدة ثلاث سخلات وعشر نتجت كل واحدة سخلتين وعشر نتجت كل واحدة سخلة ثم حلف بالطلاق ليقسمنها بينهن لكل واحدة ثلاثون رأسا من غير أن يفرق بين شيء من السخال وأمهاتهن فإنه يعطي إحداهن العشر التي نتجت كل واحدة سخلتين ويقسم بين الزوجتين ما بقي بالسوية لكل واحدة خمس مما نتاجها ثلاث وخمس مما نتاجها واحدة.
وإن حلف لا شربت هذا الماء ولا أرقتيه ولا تركتيه في الإناء ولا فعل ذلك غيرك فإذا طرحت في الإناء ثوبا فشرب الماء ثم جففته بالشمس لم يحنث.

وإن حلف لتقسمن هذا الدهن نصفين ولا تستعير كيلا ولا ميزانا وهو ثمانية أرطال في ظرف ومعه آخر يسع خمسة وآخر يسع ثلاثة أخذ بظرف الثلاثة مرتين وألقاه في ظرف الخمسة وترك الخمسة في ظرف الثمانية وما بقي في الثلاثي يضعه في الخماسي ثم ملأ الثلاثي من الثماني وألقاه في الخماسي فيصير فيه أربعة وفي الثماني أربعة.
وإن ورد الشط أربعة فأكثر معهم نساؤهم والسفينة لا تسع غير اثنين فحلف كل واحد لا ركبت زوجته مع رجل فأكثر إلا وأنا معها فإنه يعبر رجل وامرأته ثم يصعد زوجها وتعود هي فتعبر أخرى وتصعد الأولى إلى زوجها وتعود الثانية فتعبر بزوجها فيصعد وتعود امرأته فتعبر الثالثة وتصعد هي إلى زوجها وتعود الثالثة فيعبر زوجها فيصعد هو وتعود هي فتعبر الرابعة وتصعد الثالثة إلى زوجها وتعود الرابعة فيعبر زوجها فيصعدان معا.
وعلى هذه الطريقة يتخلصون ولو كانوا ألفا.
وإن كانوا ثلاثة فحلف كل واحد لا قربت جانب النهر وفيه رجل إلا وأنا معك فتعبر امرأتان فتصعد إحداهما وترجع الأخرى فتأخذ الثالثة وترجع إلى زوجها وينزل زوجا المرأتين فيصعدان إليهما وينزل رجل وامرأته فيعبران فتصعد امرأته وينزل الرجل مع الرجل فيعبران وتنزل المرأة الثالثة فتعبر بالمرأتين واحدة واحدة فيصعدن الثلاث إلى أزواجهن.
قال في الهداية ولا تتصور هذه الطريقة في أكثر من ثلاثة.
فإن قال فإن ولدت ولدين ذكرين أو أنثيين أو حيين أو ميتين فأنت طالق فولدت اثنين فلم تطلق فقد ولدت ذكرا وأنثى حيا وميتا.
وإن حلف لا يقر على سارق وسئل عن قوم فقال لا وسئل عن خصمه فسكت وعلم به لم يحنث قدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي.
وقيل يحنث إن سأله الوالي عن قوم هو فيهم فبرأهم وسكت يريد التنبيه عليه إلا أن يريد حقيقة النطق والغمز.
فإن حلف على زوجته في شعبان بالثلاث أن يجامعها في نهار شهرين متتابعين فدخل رمضان فالحيلة أن يسافر بها.
قدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
واختاره المصنف والعلامة ابن القيم في أعلام الموقعين.
فإن حاضت وطى ء وكفر بدينار أو نصف دينار على ما تقدم في باب الحيض.
وتقدم نص الإمام أحمد رحمه الله في ذلك أنه لا يفعل ويطلق وهو الصواب.
فإن حلف بالطلاق أني أحب الفتنة وأكره الحق وأشهد بما لم تره عيني ولا أخاف من الله ولا من رسوله وأنا عدل مؤمن مع ذلك لم يقع الطلاق فهذا رجل يحب المال والولد قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] ويكره الموت وهو حق ويشهد

بالبعث والحساب ولا يخاف من الله ولا من رسوله الظلم والجور.
وإن حلف أن امرأته بعثت إليه فقالت قد حرمت عليك وتزوجت بغيرك وأوجبت عليك أن تنفذ إلي بنفقتي ونفقة زوجي وتكون على الحق في جميع ذلك.
فهذه امرأة زوجها أبوها من مملوكه ثم بعث المملوك في تجارة ومات الأب فإن البنت ترثه وينفسخ نكاح العبد وتقضي العدة وتتزوج برجل فتنفذ إليه ابعث لي من المال الذي معك فهو لي.
وتقدم ذلك في أواخر باب المحرمات في النكاح.
فإن كان له زوجتان إحداهما في الغرفة والأخرى في الدار فصعد في الدرجة فقالت كل واحدة إلي فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إليك ولا أقمت مقامي ساعتي فإن التي في الدار تصعد والتي في الغرفة تنزل وله أن يصعد وينزل إلى أيهما شاء.
وتقدم ذلك في كلام المصنف.
فإن حلف على زوجته لا لبست هذا القميص ولا وطئتك إلا فيه فلبسه ووطئها لم يحنث.
وإن حلف ليجامعنها على رأس رمح فنقب السقف فانفرج منه رأس الرمح يسيرا وجامعها عليه بر.
وإن حلف لتخبرنه بشيء رأسه في عذاب وأسفله في شراب ووسطه في طعام وحوله سلاسل وأغلال وحبسه في بيت صغر فهو فتيلة القنديل.
وإن حلف أنه يطأ في يوم ولا يغتسل فيه مع قدرته على استعمال الماء ولا تفوته صلاة جماعة مع الإمام فإنه يصلي معه الفجر والظهر والعصر ويطأ بعدها ويغتسل بعد غروب الشمس ويصلي معه.
فإن حلف في يوم إن الله فرض عليه خمسة عشر ركعة وصدق فهو يوم الجمعة.
وإن قال تسعة عشر فهو يوم عيد إن وجبت صلاته.
وإن حلف أنه باع تمرا كل رطل بنصف درهم وتبنا كل رطل بدرهمين وزبيبا كل رطل بثلاثة فبلغ الثمن عشرين درهما والوزن عشرون رطلا وبر فالتمر أربعة عشر رطلا والتين خمسة والزبيب رطل.
فإن حلف أني رأيت رجلا يصلي إماما بنفسين وهو صائم ثم التفت عن يمينه فنظر إلى قوم يتحدثون فحرمت عليه امرأته وبطل صومه وصلاته ووجب جلد المأمومين ونقض المسجد وهو صادق.
فهذا رجل تزوج بامرأة قد غاب عنها زوجها وشهد المأمومان بوفاته وأنه وصى بداره أن تجعل مسجدا وكان على طهارة صائما فالتفت فرأى زوج المرأة قد قدم والناس يقولون قد

خرج يوم الصوم ودخل يوم العيد وهو لم يعلم بأن هلال شوال قد رئي ورئي على ثوبه نجاسة أو كان متيمما فرأى الماء بقربه فإن المرأة تحرم بقدوم الزوج وصومه يبطل برؤية هلال شوال وصلاته تبطل برؤية الماء والنجاسة ويجلد الرجلان لكونهما قد شهدا بالزور ويجب نقض المسجد لأن الوصية ما صحت والدار لمالكها.
فإن حلف على زوجته لا أبصرتك إلا وأنت لابسة عارية حافية راجلة راكبة فأبصرها ولم تطلق فإنها تجيئه بالليل عريانة حافية راكبة في سفينة فإن الله تعالى قال: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً} [النبأ:10], وقال: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41]
فإن حلف أنه رأى ثلاثة إخوة لأبوين أحدهم عبد والآخر مولى والآخر عربي وبر فإن رجلا تزوج أمة فأتت بابن فهو عبد ثم كوتبت فأدت وهي حامل بابن فتبعها في العتق فهو مولى ثم ولدت بعد الأداء ابنا فهو عربي.
وإن حلف أن خمسة زنوا بامرأة لزم الأول القتل والثاني الرجم والثالث الجلد والرابع نصف الجلد ولم يلزم الخامس شيء وبر في يمينه فالأول ذمي والثاني محصن والثالث بكر والرابع عبد والخامس حربي.
فوائد
في المخارج من مضايق الأيمان وما يجوز استعماله حال عقد اليمين وما يتخلص به من المأثم والحنث.
إذا أراد تخويف زوجته بالطلاق إن خرجت من دارها فقال لها أنت طالق ثلاثا إن خرجت من الدار إلا بإذني ونوى بقلبه طالق من وثاق أو من العمل الفلاني كالخياطة والغزل أو التطريز ونوى بقوله ثلاثا ثلاثة أيام فله نيته.
فإن خرجت لم تطلق فيما بينه وبين الله تعالى رواية واحدة ولا في الحكم على إحدى الروايتين.
وأطلقهما في المستوعب والحاوي والرعايتين.
قلت الصواب وقوع الطلاق لأن هذا احتمال بعيد.
وكذلك الحكم إذا نوى بقوله طالق الطالق من الإبل وهي الناقة التي يطلقها الراعي وحدها أول الإبل إلى المرعى ويحبس لبنها ولا يحلبها إلا عند الورود أو نوى بالطالق الناقة التي يحل عقالها.
وكذا إن نوى إن خرجت ذلك اليوم أو إن خرجت وعليها ثياب خز أو إبريسم أو غير ذلك وإن خرجت عريانة أو راكبة بغلا أو حمارا أو إن خرجت ليلا أو نهارا فله نيته.
ومتى خرجت على غير الصفة التي نواها لم يحنث.

وكذا الحكم إذا قال أنت طالق إن لبست ونوى ثوبا دون ثوب فله نيته.
وكذا الحكم إن كانت يمينه بعتاق.
وكذا إن وضع يده على ضفيرة شعرها وقال أنت طالق ونوى مخاطبة الضفيرة أو وضع يده على شعر عبده وقال أنت حر ونوى مخاطبة الشعر. أو إن خرجت من الدار أو إن سرقت مني أو إن خنتيني في مال أو إن أفشيت سري أو غير ذلك مما يريد منعها منه فله نيته.
وكذا إن أراد ظالم أن يحلفه بطلاق أو عتاق أن لا يفعل ما يجوز له فعله أو أن يفعل ما لا يجوز له فعله أو أنه لم يفعل كذا لشيء لا يلزمه الإقرار به فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا لم يحنث.
وكذا إن قال له قل زوجتي أو كل زوجة لي طالق إن فعلت كذا أو إن كنت فعلت كذا أو إن لم أفعل كذا فقال ونوى زوجته العمياء أو اليهودية أو كل زوجة له عمياء أو يهودية أو نصرانية أو عوراء أو خرساء أو حبشية أو رومية أو مكية أو مدنية أو خراسانية أو نوى كل امرأة تزوجتها بالصين أو بالبصرة أو بغيرها من المواضع فمتى لم يكن له زوجة على الصفة التي نواها وكان له زوجات على غيرها من الصفات لم يحنث.
وكذا حكم العتاق.
وكذلك إن قال نساؤه طوالق ونوى بنسائه بناته أو عماته أو خالاته للآية على ما تقدم أول الباب.
وكذا إن قال إن كنت فعلت كذا ونوى إن كنت فعلته بالصين ونحوه من الأماكن التي لم يفعله فيها لم يحنث.
فإن أحلفه مع الطلاق بصدقة جميع ما يملك فحلف ونوى جنسا من الأموال ليس في ملكه منه شيء لم يحنث.
وكذا إن أحلفه بالمشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة فقال عليه المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة ونوى بقوله بيت الله مسجد الجامع وبقوله الحرام الذي بمكة المحرم الذي بمكة لحج أو عمرة ثم وصله بقوله يلزمه تمام حجة وعمرة فله نيته ولا يلزمه شيء.
فإن ابتدأ إحلافه بالله تعالى فقال له قل والله فالحيلة أن يقول: "هو الله الذي لا إله إلا هو" ويدغم الهاء في الواو حتى لا يفهم محلفه ذلك.
فإن قال له المحلف أنا أحلفك بما أريد وقل أنت نعم كلما ذكرت أنا فصلا ووقفت فقل أنت نعم وكتب له نسخة اليمين بالطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله الحرام وصدقه جميع ما يملكه فالحيلة أن ينوي بقوله نعم بهيمة الأنعام ولا يحنث.
فإن قال له اليمين التي أحلفك بها لازمة لك قل نعم أو قال له قل اليمين التي.

تحلفني بها لازمة لي فقال ونوى باليمين يده فله نيته.
وكذا إن قال له أيمان البيعة لازمة لك أو قال له قل أيمان البيعة لازمة لي فقال ونوى بالأيمان الأيدي التي تنبسط عند أخذ الأيدي ويصفق بعضها على بعض فله نيته.
وكذا إن قال له واليمين يميني والنية نيتك فقال ونوى بيمينه يده وبالنية البضعة من اللحم فله نيته.
فإن قال له قل إن كنت فعلت كذا فامرأتي علي كظهر أمي.
فالحيلة أن ينوي بالظهر ما يركب من الخيل والبغال والحمير والإبل فإذا نوى ذلك لم يلزمه شيء ذكره القاضي في كتاب إبطال الحيل وقال هذا من الحيل المباحة.
قال وكذلك إن قال له قل فأنا مظاهر من زوجتي فالحيلة أن ينوي بقوله مظاهر مفاعل من ظهر الإنسان كأنه يقول ظاهرتها فنظرت أينا أشد ظهرا قال والمظاهر أيضا الذي قد لبس حريرة بين درعين وثوبا بين ثوبين فأي ذلك نوى فله نيته.
فإن قال له قل وإلا فقعيدة بيتي التي يجوز عليها أمري طالق أو هي حرام فقال ونوى بالقعيدة نسيجة تنسج كهيئة العبية فله نيته.
فإن قال قل وإلا فمالي على المساكين صدقة فالحيلة أن ينوي بقوله ماله على المساكين من دين ولا دين عليهم فلا يلزمه شيء.
فإن قال قل وإلا فكل مملوك لي حر فالحيلة أن ينوي بالمملوك الدقيق الملتوت بالزيت والسمن.
فإن قال قل فكل عبد لي حر فالحيلة أن ينوي بالحر غير ضد العبد وذلك أشياء فالحر اسم للحية الذكر والحر أيضا الفعل الجميل والحر أيضا من الرمل الذي ما وطىء.
فإن قال قل وإلا فكل جارية لي حرة فالحيلة أن ينوي بالجارية السفينة والجارية أيضا العادة التي جرت فأي ذلك نوى فله نيته.
وكذلك إن نوى بالحرة الأذن فإنها تسمى حرة والحرة أيضا السحابة الكثيرة المطر والحرة أيضا الكريمة من النوق فأي ذلك نوى فله نيته.
وكذلك إن قال قل وإلا فعبيدي أحرار فقال ونوى بالأحرار البقل فله نيته.
وكذلك إن قال له قل وإلا فجواري حرائر فقال ونوى بالحرائر الأيام فله نيته لأن الأيام تسمى حرائر.
وكذلك إن قال قل كل شيء في ملكي صدقة فقال ونوى بالملك محجة الطريق فله نيته.
وكذا إن قال قل جميع ما أملكه من عقار ودار وضيعة فهو وقف على المساكين فقال ونوى بالوقف السوار من العاج فله نية.

وكذا إن قال قل وإلا فعلي الحج فقال ونوى بالحج أخذ الطبيب ما حول الشجة من الشعر فله نيته.
وكذا إن قال قل وإلا فأنا محرم بحجة وعمرة فقال ونوى بالحجة القصة من الشعر الذي حول الشجة ونوى بالعمرة أن يبني الرجل بامرأة في بيت أهلها فله نيته لأن ذلك يسمى معتمرا.
وكذا إن قال قل وإلا فعلى حجة بكسر الحاء ونوى بها شحمة الأذن فله نيته.
وكذا إن قال قل وإلا فلا قبل الله منه صوما ولا صلاة فقال ونوى بالصوم ذرق النعام أو النوع من الشجر ونوى بالصلاة بيتا لأهل الكتاب يصلون فيه فله نيته.
وكذا إن قال قل وإلا فما صليت لليهود والنصارى فقال ونوى بقوله صليت أي أخذت بصلي الفرس وهو ما اتصل بخاصرته إلى فخذيه أو نوى بصليت أي شويت شيئا في النار فله نيته.
قلت أو ينوي ب ما النافية.
وكذا إن قال قل وإلا فأنا كافر بكذا وكذا فقال ونوى بالكافر المستتر المتغطي أو الساتر المغطى فله نيته.
فوائد
في الأيمان التي يستحلف بها النساء أزواجهن.
إذا استحلفته زوجته أن لا يتزوج عليها فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا أولا فله نيته.
فإن أرادت إحلافه بطلاق كل امرأة يتزوجها عليها أو إن تزوج عليها فلانة فهي طالق وقلنا يصح على رواية تقدمت.
أو أرادت إحلافه بعتق كل جارية يشتريها عليها وقلنا يصح على رأي.
فإذا قال كل امرأة أتزوجها عليك وكل جارية أشتريها ونوى جنسا من الأجناس أو من بلد بعينه أو نوى أن يكون صداقها أو ثمن الجارية نوعا من أنواع المال بعينه فمتى تزوج أو اشترى بغير الصفة التي نواها لم يحنث.
وكذا إن نوى كل زوجة أتزوجها عليك أي على طلاقك أو نوى بقوله عليك أي على رقبتك أي تكون رقبتك صداقا لها فله نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقبل في الحكم لأنه خلاف الظاهر.
ذكره القاضي في كتاب إبطال الحيل.
فإن أحلفته بطلاق كل امرأة يطؤها غيرها ولم يكن تزوج غيرها فأي امرأة تزوجها بعد ذلك ووطئها لا تطلق.
وكذلك إن قال كل جارية أطؤها حرة ولم يكن في ملكه جارية ثم اشترى جارية

ووطئها فإنها لا تعتق سواء قلنا يصح تعليق العتاق والطلاق قبل الملك أو لا يصح لأن هذه يمين في غير ملك ولا مضافة إلى ملك فلا تنعقد لأنه لم يقل كل امرأة أتزوجها فأطؤها أو كل جارية أشتريها فأطؤها.
قال في المستوعب وغيره وقد ذكرنا أنه لا يختلف المذهب أنه إذا قال لأجنبية إن دخلت داري فأنت طالق ثم تزوجها ودخلت داره أنها لا تطلق.
وكذا إن قال لأمة غيره إن ضربتك فأنت حرة ثم اشتراها وضربها فإنها لا تعتق.
فأما إن كان له وقت اليمين زوجات أو جوار وقالت له قل كل امرأة أطؤها غيرك طالق أو حرة وقال ذلك من غير نية فأي زوجة وطى ء غيرها منهن طلقت وأي جارية وطئها منهن عتقت.
فإن نوى بقوله كل جارية أطؤها وكل امرأة أطؤها غيرك برجلي يعني يطؤها برجله فله نيته ولا يحنث بجماع غيرها زوجة كانت أو سرية.
فإن أرادت امرأته الإشهاد عليه بهذه اليمين التي يحلف بها في جواريه وخاف أن يرفع إلى الحاكم فلا يصدقه فيما نواه.
فالحيلة أن يبيع جواريه ممن يثق به ويشهد على بيعهن شهودا عدولا من حيث لا تعلم الزوجة ثم بعد ذلك يحلف بعتق كل جارية يطؤها منهن فيحلف وليس في ملكه شيء منهن ويشهد على وقت اليمين شهود البيع ليشهدوا له بالحالين جميعا.
فإن أشهد غيرهم وأرخ الوقتين وبينهما من الفصل ما يتميز كل وقت منهما عن الآخر كفاه ذلك ثم بعد اليمين يقايل مشتري الجواري أو يعود ويشتريهن منه ويطؤهن ولا يحنث.
فإن رافعته إلى الحاكم وأقامت البينة باليمين بوطئهن أقام هو البينة أنه لم يكن وقت اليمين في ملكه شيء منهن.
فإن قالت له قل كل جارية أشتريها فأطؤها فهي حرة فليقل ذلك وينوي به الاستفهام ولا ينوي به الحلف فلا يحنث ذكر ذلك صاحب المستوعب ومن تابعه.
قلت وهذا كله صحيح متفق عليه إذا كان الحالف مظلوما على ما تقدم.
وقال في المستوعب وجدت بخط شيخنا أبي حكيم قال حكى أن رجلا سأل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه عن رجل حلف أن لا يفطر في رمضان فقال له اذهب إلى بشر بن الوليد فاسأله ثم ائتني فأخبرني فذهب فسأله.
فقال له بشر: إذا أفطر أهلك فاقعد معهم ولا تفطر فإذا كان السحر فكل.
واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "هلموا إلى الغداء المبارك" فاستحسنه الإمام أحمد رحمه الله انتهى.
وفيما ذكرناه من هذه المسألة كفاية والله أعلم بالصواب.

باب الشك في الطلاق
.
فوائد
إحداها قوله إذا شك هل طلق أم لا لم تطلق.
بلا نزاع لكن قال المصنف ومن تابعه الورع التزام الطلاق.
فإن كان المشكوك فيه رجعيا راجع امرأته إن كانت مدخولا بها وإلا جدد نكاحها إن كانت غير مدخول بها أو قد انقضت عدتها.
وإن شك في طلاق ثلاث طلقها واحدة وتركها حتى تنقضي عدتها فيجوز لغيره نكاحها.
وأما إذا لم يطلقها فيقين نكاحه باق فلا تحل لغيره انتهى.
الثانية لو شك في شرط الطلاق لم يلزمه مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل يلزمه مع شرط عدمي نحو لقد فعلت كذا أو إن لم أفعله اليوم فمضى وشك في فعله.
وأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن حلف ليفعلن شيئا ثم نسيه أنه لا يحنث لأنه عاجز عن البر.
الثالثة لو أوقع بزوجته كلمة وجهلها وشك هل هي طلاق أو ظهار فقيل يقرع بينهما.
قال في الفنون لأن القرعة تخرج المطلقة فيخرج أحد اللفظين.
وقيل لغو قدمه في الفنون كمني وجد في ثوب لا يدرى من أيهما هو وأطلقهما في الفروع.
قال في الفروع ويتوجه مثله من حلف يمينا ثم جهلها.
يؤيد أنه لغو قول الإمام أحمد رحمه الله لما سأله رجل حلف بيمين لا أدري أي شيء هي قال ليت أنك إذا دريت دريت أنا.
وقدمه في القاعدة الستين بعد المائة فقال والمنصوص لا يلزمه شيء.
قال في رواية ابن منصور في رجل حلف بيمين لا يدري ما هي طلاق أو غيره قال لا يجب عليه الطلاق حتى يعلم أو يستيقن.
وتوقف في رواية أخرى.
وفي المسألة قولان آخران.
أحدهما يقرع فما خرج بالقرعة لزمه قال وهو بعيد.

والثاني يلزمه كفارة كل يمين شك فيها وجهلها ذكرهما ابن عقيل في الفنون.
وذكر القاضي في بعض تعاليقه أنه استفتى في هذه المسألة فتوقف فيها ثم نظر فإذا قياس المذهب أنه يقرع بين الأيمان كلها الطلاق والعتاق والظهار واليمين بالله تعالى فأي يمين وقعت عليه القرعة فهي المحلوف عليها.
قال ثم وجدت عن الإمام أحمد رحمه الله ما يقتضي أنه لا يلزمه حكم هذه اليمين وذكر رواية ابن منصور انتهى.
قلت فالمذهب المنصوص أنه لا يلزمه شيء.
قال في الفروع وحكى عن ابن عقيل أنه ذكر رواية أنه يلزمه كفارة يمين ورواية أنه لغو.
يؤيد كفارة اليمين الرواية التي في قوله أنت علي كالميتة والدم ولا نية كما تقدم لأنه لفظ محتمل فثبت اليقين.
قوله: "وإن شك في عدد الطلاق بنى على اليقين".
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه الأصحاب خلاف الخرقي قاله الزركشي.
قال المصنف والشارح وظاهر قول أصحابنا أنه إذا راجعها حلت له.
قال في القواعد تصح الرجعة عند أكثر أصحابنا.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الخرقي إذا طلق فلم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا لا يحل له وطؤها حتى يتيقن لشكه في حله بعد حرمته فتباح الرجعة ولم يبح الوطء فتجب نفقتها وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي: ولضعف هذا القول لم يلتفت إليه القاضي في تعليقه وحمل كلامه على الاستحباب انتهى.
قال في القاعدة الثامنة والستين في تعليل كلام الخرقي لأنه قد تيقن سبب التحريم وهو الطلاق فإنه إن كان ثلاثا فقد حصل به التحريم بدون زوج وإصابة وإن كان واحدة فقد حصل به التحريم بعد البينونة بدون عقد جديد فالرجعة في العدة لا يحصل بها الحل إلا على هذا التقدير فقط فلا يزيل الشك مطلقا فلا يصح لأن تيقن سبب وجود التحريم مع الشك في وجود هذا المانع منه يقوم مقام تحقق وجود الحكم مع الشك ووجود المانع فيستصحب حكم السبب كما يعمل بالحكم ويلغي المانع المشكوك فيه كما يلغي مع تيقن وجود حكمه.
قال: وقد استشكل كثير من الأصحاب كلام الخرقي في تعليله بأنه تيقن التحريم وشك في التحليل فظنوا أنه يقول بتحريم الرجعية وليس بلازم لما ذكرنا انتهى.

قوله: "وكذلك قال يعني الخرقي فيمن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة منع من وطء امرأته حتى يتيقن أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله".
وتابعه على ذلك ابن البنا.
وقال أبو الخطاب هي باقية على الحل إذا لم يتحقق أنه أكلها وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
ومحل الخلاف إذا شك هل أكلت أم لا أما أن تحقق أنه أكلها فإنه يحنث وإن تحقق عدم أكلها لم يحنث قولا واحدا فيهما.
فائدة لو علق الطلاق على عدم شيء وشك في وجوده فهل يقع الطلاق على وجهين.
أحدهما لا يقع وهو المذهب عند صاحب المحرر لأن الأصل بقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق.
والثاني يقع.
ونقل مهنا عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه.
وجزم به ابن أبي موسى والشيرازي والسامري ورجحه ابن عقيل في فنونه.
قوله: "وإن قال لامرأتيه إحداكما طالق ينوي واحدة معينة طلقت وحدها بلا خلاف وإن لم ينو أخرجت المطلقة بالقرعة".
على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية جماعة.
قال في القواعد الأصولية هذا المذهب.
قال الزركشي: هذا الأشهر عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه عامة الأصحاب حتى إن القاضي في تعليقه وأبا محمد وجماعة لا يذكرون خلافا انتهى.
وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الفقهية وهو من مفردات المذهب.
وعنه يعينها الزوج وذكر هذه الرواية ابن عقيل في المفردات وغيرها في العتق أيضا وتوقف الإمام أحمد رحمه الله مرة فيها في رواية أبي الحارث.
فوائد
الأولى: لا يجوز له أن يطأ إحداهما قبل القرعة أو التعيين على الرواية الأخرى وليس الوطء تعيني لغيرها على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وقطع به في الفروع وناظم

المفردات وغيرهما.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين وأطلقهما في القواعد الأصولية.
وذكر في الترغيب وجها أن العتق كذلك كما ذكره القاضي.
الثانية: لا يقع الطلاق بالتعيين بل تبين وقوعه به على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل بلى.
الثالثة: لو مات أقرع وارثه بينهما فمن وقعت عليها القرعة بالطلاق فحكمها في الميراث حكم ما لو عينها بالتطليق عنهما قاله الشارح.
قال في الفروع وإن مات أقرع وارثه.
وقال في الرعاية وإن مات فوارثه كهو في ذلك.
وقيل يقف الأمر حتى يصطلحوا.
قال في القاعدة الستين بعد المائة: تخرج المطلقة بالقرعة وترث البواقي كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي: نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية الجماعة على أن الورثة يقرعون بينهن.
والمصنف يوافق على القرعة بعد الموت وإن لم يقل بها في المنسية.
الرابعة: إذا ماتت إحداهما ثم مات هو قبل البيان فكذلك قدمه في الرعاية الكبرى.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي.
والإقراع إذا ماتت واحدة من مفردات المذهب.
وقيل: هل للورثة البيان مطلقا على وجهين.
وإن صح بيانهم فعينوا الميتة قبل قولهم وإن عينوا الحية حلفوا أنهم لا يعلمون طلاق الميتة.
الخامسة: إذا ماتت المرأتان أو إحداهما عين المطلق لأجل الإرث فإن كان نوى المطلقة حلف لورثة الأخرى أنه لم ينوها وورثها أو الحية ولم يرث الميتة.
وإن كان ما نوى إحداهما أقرع على الصحيح أو يعين على الرواية الأخرى.
فإن عين الحية للطلاق: صح وحلف لورثة الميتة أنه لم يطلقها وورثها وإن عينها للطلاق لم يرثها وحلف للحية.
وعنه: يعتبر لهما ما إذا ماتا حتى يتبين الحال.
السادسة: لو قال لزوجتيه أو أمتيه إحداكما طالق أو حرة غدا فماتت إحداهما قبل الغد طلقت وعتقت الباقية على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.

وقيل: لا تطلق ولا تعتق إلا بقرعة تصيبها كموتهما.
وجزم به ابن عبدوس في تذكرته في مسألة الزوجتين وأطلقهما في الفروع.
قوله: "وإن طلق واحدة بعينها وأنسيها فكذلك عند أصحابنا".
يعني أن المنسية تخرج بالقرعة وهذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
قال في القواعد هذا المشهور وهو المذهب.
قال الزركشي: هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه عامة الأصحاب الخرقي والقاضي وأصحابه وغيرهم.
وقال المصنف هنا: والصحيح أن القرعة لا مدخل لها هنا ويحرمان عليه جميعا كما لو اشتبهت أخته بأجنبية.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها المصنف وإليه ميل الشارح وأطلقهما في الفروع.
فعلى المذهب: يحل له وطء الباقي من نسائه على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال في القاعدة السادسة بعد المائة: ويحل له وطء البواقي على المذهب الصحيح المشهور.
فعلى اختيار المصنف: يجب عليه نفقتهن وكذا على المذهب قبل القرعة.
قوله: "وإن تبين أن المطلقة غير التي خرجت عليها القرعة ردت إليه في ظاهر كلامه إلا أن تكون قد تزوجت أو تكون" أي القرعة "بحكم حاكم".
وهذا المذهب فيهما وعليه جمهور الأصحاب ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع.
وقال أبو بكر وابن حامد تطلق المرأتان.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما الزركشي.
وظاهر كلام ابن رزين أنها ترد إليه مطلقا فإنه قال إن ذكر المطلق أن المعينة غير التي وقعت عليها القرعة طلقت ورجعت إليه التي وقعت عليها القرعة.
قوله: "وإن طار طائر فقال إن كان هذا غرابا ففلانة طالق وإن لم يكن غرابا ففلانة طالق ولم يعلم حاله فهي كالمنسية".

يعني في الخلاف والمذهب وهو صحيح وقاله الأصحاب.
فائدة لو قال إن كان غرابا فامرأتي طالق وقال آخر إن لم يكن غرابا فامرأتي طالق ولم يعلماه لم تطلقا ويحرم عليهما الوطء إلا مع اعتقاد أحدهما خطأ الآخر في أصح الوجهين فيهما.
نقل ابن القاسم فليتقيا الشبهة قاله في الفروع.
قال في القواعد فيها وجهان.
أحدهما يبني كل واحد منهما على يقين نكاحه ولا يحكم عليه بالطلاق لأنه متيقن لحل زوجته شاك في تحريمها وهذا اختيار القاضي وأبي الخطاب وكثير من المتأخرين.
وقال في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد وغيرهم إن اعتقد أحدهما خطأ الآخر فله الوطء وإن شك ولم يدر كف حتما عند القاضي.
وقيل ورعا عند ابن عقيل.
وقال في المنتخب إمساكه عن تصرفه في العبيد كوطئه ولا حنث.
واختار أبو الفرج في الإيضاح وابن عقيل والحلواني وابنه في التبصرة والشيخ تقي الدين رحمه الله وقوع الطلاق.
وجزم به في الروضة فيقرع.
وذكره القاضي المنصوص وقال أيضا هو قياس المذهب.
قال في القاعدة الرابعة عشر وذكر بعض الأصحاب احتمالا يقتضي وقوع الطلاق بهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وذكره.
قال في الفروع ويتوجه مثله في المعتق يعني في المسألة الآتية بعد ذلك.
قوله: "وإن قال إن كان غرابا ففلانة طالق وإن كان حماما ففلانة طالق لم تطلق واحدة منهما إذا لم يعلم".
لا أعلم فيه خلافا.
قلت لو قيل إن هذه المسألة تتمشى على كلام الخرقي في مسألة الشك في عدد الطلاق وأكل التمرة لما كان بعيدا.
قوله: "وإن قال إن كان غرابا فعبدي حر فقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر ولم يعلماه لم يعتق عند واحد منهما".
قال في القواعد فالمشهور: أنه لا يعتق واحد من العبدين فدل على خلاف والظاهر أن القول الآخر هو القول بالقرعة.

وقال في القاعدة الرابعة عشر لو كانتا أمتين ففيهما الوجهان.
وقياس المنصوص هنا أن يكف كل واحد عن وطء أمته حتى يتيقن.
قوله: "فإن اشترى أحدهما عبد الآخر أقرع بينهما حينئذ".
هذا المذهب اختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح.
قال في القاعدة الأخيرة: وهذا أصح وقاله في الرابعة عشر وقدمه في النظم.
وقال القاضي: يعتق الذي اشتراه مطلقا.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير ذكراه في باب الولاء والنهاية وإدراك الغاية وغيرهم.
وأطلقهما في المستوعب وغيره.
وقيل يعتق الذي اشتراه إن كانا تكاذبا قبل ذلك.
قال في المحرر وقيل إنما يعتق إذا تكاذبا وإلا يعتق أحدهما بالقرعة وهو الأصح وتبعه في تجريد العناية وأطلقهما في الفروع.
وذكر هذه ونظيرتها في الطلاق في آخر كتاب العتق.
فعلى قول القاضي ولاؤه موقوف حتى يتصادقا على أمر يتفقان عليه.
وعلى المذهب إن وقعت الحرية على المشتري فكذلك وإن وقعت على عبده فولاؤه له.
قال في القواعد ويتوجه أن يقال يقرع بينهما فمن قرع فالولاء له كما تقدم مثل ذلك في الولد الذي يدعيه أبوان وأولى.
فائدة لو كان عبد مشترك بين موسرين فقال أحدهما إن كان غرابا فنصيبي حر وقال الآخر إن لم يكن غرابا فنصيبي حر عتق على أحدهما فيميز بالقرعة والولاء له.
قوله: "وإن قال لامرأته وأجنبية إحداكما طالق أو قال سلمى طالق واسم امرأته سلمى طلقت امرأته فإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته وإن ادعي ذلك دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وهما وجهان مخرجان في المذهب والمستوعب.
إحداهما لا يقبل في الحكم إلا بقرينة وهو المذهب نص عليه.
وجزم به الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.

قال الإمام أحمد رحمه الله في رجل تزوج امرأة فقال لحماته ابنتك طالق وقال أردت ابنتك الأخرى التي ليست بزوجتي فلا يقبل منه.
ونقل أبو داود فمن له امرأتان اسمهما واحد ماتت إحداهما فقال: فلانة طالق ينوي الميتة فقال الميتة تطلق.
كأن الإمام أحمد رحمه الله أراد أنه لا يصدق حكما.
والرواية الثانية يقبل مطلقا وهو تخريج في المحرر وقول في الرعاية الصغرى.
وفي الانتصار خلاف في قوله لها ولرجل إحداهما طالق هل يقع بلا نية.
قوله: "وإن نادى امرأته فأجابته امرأة له أخرى فقال أنت طالق يظنها المناداة طلقتا".
في إحدى الروايتين واختارها ابن حامد قاله الشارح.
والأخرى تطلق التي ناداها فقط نقله مهنا وهو المذهب.
قال أبو بكر لا يختلف كلام الإمام أحمد رحمه الله أنها لا تطلق غير المناداة.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع.
قال في القاعدة السادسة والعشرين بعد المائة هذا اختيار الأكثرين أبي بكر وابن حامد والقاضي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في القواعد ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أحمد بن الحسين أنهما تطلقان جميعا ظاهرا وباطنا.
وزعم صاحب المحرر أن المجيبة إنما تطلق ظاهرا.
قوله : "وإن قال علمت أنها غيرها وأردت طلاق المناداة طلقتا معا وإن قال أردت طلاق الثانية طلقت وحدها".
بلا خلاف أعلمه.
تنبيه: ظاهر قوله: "وإن لقي أجنبية فظنها امرأته فقال يا فلانة أنت طالق طلقت امرأته".
أنه إذا لم يسمها بل قال أنت طالق أنها لا تطلق وهو أحد الوجهين.
والصحيح من المذهب أنها لا تطلق سواء سماها أو لا.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الفروع.

فائدة: لو لقي امرأته فظنها أجنبية عكس مسألة المصنف فقال أنت طالق ففي وقوع الطلاق روايتان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الفقهية والأصولية وهما أصل هذه المسائل وغيرها وبناهما أبو بكر على أن الصريح هل يحتاج إلى نية أم لا.
قال القاضي إنما هذا على الخلاف في صورة الجهل بأهلية المحل ولا يطرد مع العلم.
إحداهما لا يقع قال ابن عقيل وغيره العمل على أنه لا يقع.
وجزم به في الوجيز واختاره أبو بكر وهو ظاهر ما قدمه في الشرح والمغني وصححه في تصحيح المحرر.
والرواية الثانية يقع جزم به في تذكرة ابن عقيل والمنور.
قال في تذكرة ابن عبدوس دين ولم يقبل حكما وكذا حكم العتق على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل لا يقع وهو احتمال في المغني والشرح.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال يا غلام أنت حر يعتق الذي نواه.
وقال في المنتخب لو نسي أن له عبدا وزوجة فبان له.

باب الرجعة
قوله: "إذا طلق امرأته بعد دخوله بها أقل من ثلاث أو العبد واحدة بغير عوض فله رجعتها ما دامت في العدة".
رضيت أو كرهت هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: لا يمكن من الرجعة إلا من أراد إصلاحا وأمسك بمعروف فلو طلق إذا ففي تحريمه الروايات.
وقال: القرآن يدل على أنه لا يملكه وأنه لو أوقعه لم يقع كما لو طلق البائن ومن قال إن الشارع ملك الإنسان ما حرم عليه فقد تناقض.
تنبيه: ظاهر قوله بعد دخوله بها أنه لو خلا بها ثم طلقها يملك عليها الرجعة لأن الخلوة بمنزلة الدخول وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب.
وقدمه في الرعايتين والفروع.

وقال أبو بكر لا رجعة بالخلوة من غير دخول وأطلقهما في الخلاصة.
فائدة الصحيح من المذهب أن ولي المجنون يملك عليه الرجعة.
وقيل لا يملكها.
قوله: "وألفاظ الرجعة راجعت امرأتي أو رجعتها أو ارتجعتها أو رددتها أو أمسكتها".
الصحيح من المذهب أن هذه الألفاظ الخمسة ونحوها صريح في الرجعة وعليه الأصحاب.
ولو زاد بعد هذه الألفاظ للمحبة أو الإهانة ولا نية وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل الصريح من ذلك لفظ الرجعة وهو تخريج للمصنف واحتمال في الرعاية.
قوله: "فإن قال نكحتها أو تزوجتها فعلى وجهين".
عند الأكثر وهما روايتان في الإيضاح.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والزبدة والمذهب الأحمد والبلغة والمبهج والإيضاح والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: لا تحصل الرجعة بذلك صححه في التصحيح وتصحيح المحرر والخلاصة.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم.
واختاره القاضي قاله في المبهج.
والوجه الثاني تحصل الرجعة بذلك أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله قاله في المغني والشرح واختاره القاضي وابن حامد.
وقال في الموجز والتبصرة والمغني والشرح تحصل الرجعة بذلك مع نية واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
قال في المنور فنكحتها وتزوجتها كناية.
وقال في الترغيب هل تحصل الرجعة بكناية نحو أعدتك أو استدمتك فيه وجهان.
قال في الرعايتين ينوي في قوله أعدتك أو استدمتك فقط.
وقال في القاعدة التاسعة والثلاثين إن اشترطنا الإشهاد في الرجعة لم تصح رجعتها بالكناية وإلا فوجهان.
وأطلق صاحب الترغيب وغيره الوجهين والأولى ما ذكرنا انتهى.

قوله: "وهل من شرطها الإشهاد على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والفروع والمذهب الأحمد.
ويأتي قريبا الخلاف في محل هاتين الروايتين.
إحداهما لا يشترط وهو المذهب نص عليه في رواية ابن منصور وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
والثانية يشترط ونص عليها في رواية مهنا وعزيت إلى اختيار الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا في تعاليقه وقدمه ابن رزين في شرحه.
فعلى هذه الرواية إن أشهد وأوصى الشهود بكتمانها فالرجعة باطلة نص عليه.
ويأتي إذا ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم في كلام المصنف.
قوله: "والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار والإيلاء".
وكذا اللعان وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يصح الإيلاء منها.
فعلى المذهب ابتداء المدة من حين اليمين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وأخذ المصنف من قول الخرقي بتحريم الرجعية أن ابتداء المدة لا يكون إلا من حين الرجعة.
قال الزركشي: يجيء هذا على قول أبي محمد إذا كان المانع من جهتها لم يحتسب عليه بمدته أما على قول غيره بالاحتساب فلا يتمشى.
تنبيه: ظاهر قوله والرجعية زوجة أن لها القسم وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وصرح المصنف في المغني أنه لا قسم لها ذكره في الحضانة عند قول الخرقي وإذا أخذ الولد من الأم إذا تزوجت ثم طلقت.
قوله: "ويباح لزوجها وطؤها والخلوة والسفر بها ولها أن تتشرف له وتتزين".
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال القاضي هذا ظاهر المذهب.

قال في إدراك الغاية هذا أظهر واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين وصححه في الهداية والمستوعب أيضا.
قال الزركشي: والمذهب المشهور المنصوص حلها وعليه عامة الأصحاب وقدمه في الرعايتين والنظم وغيرهم.
وعنه ليست مباحة حتى يراجعها بالقول وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في القواعد الفقهية.
فعلى هذا هل من شرطها الإشهاد على الروايتين المتقدمتين.
وبناهما على هذه الرواية في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي وهو واضح.
أما إن قلنا تحصل الرجعة بالوطء فكلام المجد يقتضي أنه لا يشترط الإشهاد رواية واحدة.
قال الزركشي وعامة الأصحاب يطلقون الخلاف وهو ظاهر كلام القاضي في التعلق.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وألزم الشيخ تقي الدين رحمه الله بإعلان الرجعة والتسريح والإشهاد كالنكاح والخلع عنده لا على ابتداء الفرقة.
قوله: "وتحصل الرجعة بوطئها نوى الرجعة به أو لم ينو".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب منهم ابن حامد والقاضي وأصحابه.
قال في المذهب وتجريد العناية تحصل الرجعة بوطئها وجزم به في العمدة والوجيز وغيرهما.
قال في الكافي هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وعنه لا تحصل الرجعة بذلك إلا مع نية الرجعة نقلها ابن منصور.
قال ابن أبي موسى: إذا نوى بوطئه الرجعة كانت رجعة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقيل: لا تحصل الرجعة بوطئها مطلقا وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو ظاهر كلام الخرقي.

تنبيه قال الزركشي واعلم أن الأصحاب مختلفون في حصول الرجعة بالوطء هل هو مبني على القول بحل الرجعية أم مطلق على طريقتين.
إحداهما وهي طريقة الأكثرين منهم القاضي في الروايتين والجامع وجماعة عدم البناء.
والطريقة الثانية وهو مقتضى كلام أبي البركات ويحتملها كلام القاضي في التعليق البناء.
فإن قلنا الرجعية مباحة حصلت الرجعة بالوطء وإن قلنا غير مباحة لم تحصل وهي طريقة أبي الخطاب في الهداية فإنه قال لعل الخلاف مبني على حل الوطء وعدمه.
وقال في القاعدة الخامسة والخمسين وهل تحصل الرجعة بوطئها على روايتين مأخذهما عند أبي الخطاب الخلاف في وطئها هل هو مباح أو محرم.
والصحيح بناؤه على اعتبار الإشهاد للرجعية وعدمه وهو البناء المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله ولا عبرة بحل الوطء ولا عدمه فلو وطئها في الحيض وغيره كان رجعة انتهى.
فعلى القول بالرجعة لا تحصل بوطئه وأن وطئها غير مباح جزم المصنف بأن لها المهر إذا أكرهها على الوطء إن لم يرتجعها بعده وهو أحد الوجوه.
وقيل يجب المهر سواء ارتجعها أو لم يرتجعها وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والخلاصة وقدمه في المستوعب.
قال في البلغة والرعاية وهو ضعيف انتهى.
والصحيح من المذهب أنه لا يلزمه مهر إذا أكرهها على الوطء سواء ارتجعها أو لم يرتجعها وسواء قلنا تحصل الرجعة بوطئها أو لم تحصل اختاره الشارح والقاضي في الجامع والتعليق والشريف في خلافه وصححه في الرعاية الصغرى وإليه ميل المصنف.
وقدمه في الرعاية الكبرى والزبدة والفروع وأطلقهن الزركشي وأطلق في المحرر والنظم في وجوب المهر على المكره وجهين.
قوله: "ولا تحصل بمباشرتها والنظر إلى فرجها والخلوة بها لشهوة نص عليه".
في رواية ابن القاسم في المباشرة والنظر.
يعني إذا قلنا تحصل بالوطء لا تحصل الرجعة بذلك.
أما مباشرتها والنظر إلى فرجها فلا تحصل الرجعة بأحدهما على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي عليه الأصحاب وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي.

الصغير والفروع وغيرهم.
وخرجه ابن حامد على وجهين من تحريم المصاهرة بذلك.
قال القاضي يخرج رواية أنها تحصل بناء على تحريم المصاهرة.
وخرجه المجد من نصه على أن الخلوة تحصل بها الرجعة.
قال فاللمس ونظر الفرج أولى انتهى.
وأما الخلوة فالصحيح من المذهب أيضا أن الرجعة لا تحصل بها كما قدمه المصنف هنا واختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف في المغني والشارح وغيرهم وصححه في الرعاية الكبرى وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والحاوي وغيرهم.
وقيل تحصل الرجعة بالخلوة وهو رواية نقلها ابن منصور وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الهداية والمستوعب وغيرهما هذا قول أصحابنا.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها وجزم به في المنور.
وأطلق الخلاف في المذهب والرعاية الصغرى والخلاصة.
تنبيه: ظاهر قول المصنف هنا أن قوله نص عليه يشمل الخلوة.
قال الزركشي وليس كذلك فإن النص إنما ورد في المباشرة والنظر فقط.
قلت وحكى في الرعايتين في حصول الرجعة بالخلوة روايتين وحكاهما في المذهب والخلاصة وجهين.
فائدتان
إحداهما لا تحصل الرجعة بإنكار الطلاق قاله في الترغيب في باب التدبير وقاله في الرعايتين وغيرهما.
الثانية قوله: "ولا يصح تعليق الرجعة بشرط".
فلو قال راجعتك إن شئت أو كلما طلقتك فقد راجعتك لم يصح بلا نزاع لكن لو عكس فقال كلما راجعتك فقد طلقتك صح وطلقت.
قوله: "ولا يصح الارتجاع في الردة".
إن قلنا تتعجل الفرقة بمجرد الردة لم يصح الارتجاع لأنها قد بانت.
وإن قلنا لا تتعجل فجزم المصنف هنا أن الارتجاع لا يصح وهو الصحيح من المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.

وقيل يصح وأطلقهما في الفروع.
وقال ابن حامد والقاضي إن قلنا تتعجل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة وإن قلنا لا تتعجل الفرقة فالرجعة موقوفة.
قال الشارح تبعا للمصنف فهذا ينبغي أن يكون فيما إذا راجعها بعد إسلام أحدهما انتهى.
وتقدم حكم الرجعة في الإحرام في باب محظورات الإحرام.
قوله: "فإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل فهل له رجعتها على روايتين".
ذكرهما ابن حامد وأطلقهما في الفروع والنظم والحاوي والمذهب والمحرر وذكره في العدة.
إحداهما له رجعتها وهو المذهب نص عليه في رواية حنبل وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف والشارح قاله بن كثير من أصحابنا.
قال في الهداية والمذهب وغيرهما قال أصحابنا له أن يرتجعها.
قال الزركشي: هي أنصهما عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار أصحابه الخرقي والقاضي والشريف والشيرازي وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المستوعب والرعايتين.
قال في الخلاصة له ارتجاعها قبل أن تغتسل على الأصح وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية: ليس له رجعتها بل تنقضي العدة بمجرد انقطاع الدم اختاره أبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته.
قال في مسبوك الذهب وهو الصحيح وتقدم نظير ذلك في مسائل الطلاق.
تنبيه: ظاهر الرواية الأولى أن له رجعتها ولو فرطت في الغسل سنين حتى قال به شريك القاضي عشرين سنة.
وذكرها ابن القيم في الهدى إحدى الروايات.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وجماعة.
ويأتي حكايته عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه يمضي وقت صلاة جزم به في الوجيز وغيره.
ويأتي نظير ذلك عند قوله والقرء الحيض.
فائدتان
إحداهما محل الخلاف في إباحتها للأزواج وحلها لزوجها بالرجعة.

أما ما عدا ذلك من انقطاع نفقتها وعدم وقوع الطلاق بها وانتفاء الميراث وغير ذلك فيحصل بانقطاع الدم رواية واحدة قاله القاضي وغيره وذلك قصرا على مورد حكم الصحابة قاله الزركشي.
وجعله ابن عقيل محلا للخلاف وما هو ببعيد.
الثانية لو كانت العدة بوضع الحمل فوضعت ولدا وبقي معها آخر فله رجعتها قبل وضعه قاله الأصحاب.
وقال في المستوعب وهل له رجعتها بعد وضع الجميع وقبل أن تغتسل من النفاس.
قال ابن عقيل له رجعتها على رواية حنبل.
والصحيح أنه لا يملك رجعتها وتباح لغيره سواء طهرت من النفاس أو لا نص عليه وذكره القاضي في المجرد انتهى.
وجزم بهذا في الرعاية الصغرى.
ويأتي نظير ذلك في أوائل العدد.
قوله: "وإن انقضت عدتها ولم يراجعها بانت ولم تحل إلا بنكاح جديد وتعود إليه على ما بقي من طلاقها سواء رجعت بعد نكاح زوج غيره أو قبله".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه إن رجعت بعد نكاح زوج غيره رجعت بطلاق ثلاث نقلها حنبل وتلقب هذه المسألة بالهدم وهو أن نكاح الثاني هل يهدم نكاح الأول أم لا قاله الزركشي.
قوله: "وإن ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم فاعتدت وتزوجت من أصابها ردت إليه ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها".
هذا المذهب قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب اختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنها زوجة الثاني إن كان أصابها نقلها الخرقي.
فعلى الرواية الثانية هل تضمن المرأة لزوجها المهر أم لا على وجهين وأطلقهما في القواعد.
أحدهما تضمن اختاره القاضي لأن خروج البضع متقوم.
والثاني لا تضمن.

ويأتي في باب الرضاع أن الصحيح من المذهب أن خروج البضع غير متقوم.
قوله: "فإن لم تكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه لكن إن صدقه الزوج الثاني بانت منه وإن صدقته المرأة لم يقبل تصديقها لكن متى بانت منه عادت إلى الأول بغير عقد جديد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الواضح إن صدقته لم يقبل إلا أن يحال بينهما.
فائدة لا يلزمها مهر الأول له إن صدقته على الصحيح من المذهب.
وقيل يلزمها اختاره القاضي.
وقال في الواضح إن صدقته لزمها للثاني مهرها أو نصفه.
وهل يؤمر بطلاقها فيه روايتان انتهى.
فإن مات الأول والحالة هذه وهي في نكاح الثاني فقال المصنف ومن تبعه ينبغي أن ترثه لإقراره بزوجتيها وتصديقها له وإن ماتت لم يرثها لتعلق حق الثاني بالإرث وإن مات الثاني لم ترثه لإنكارها صحة نكاحه.
قال الزركشي قلت ولا يمكن من تزويج أختها ولا أربع سواها.
قوله: "وإذا ادعت المرأة انقضاء عدتها قبل قولها إذا كان ممكنا إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة".
هذا المذهب نص عليه.
قال في الوجيز إذا ادعته الحرة بالحيض في أقل من تسعة وعشرين يوما ولحظة لم يقبل إلا ببينة.
وجزم بما جزم به المصنف هنا الشارح وابن منجا في شرحه.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والفروع والزركشي وغيرهم كخلاف عادة منتظمة في أصح الوجهين.
وظاهر قول الخرقي قبول قولها مطلقا إذا كان ممكنا واختاره أبو الفرج.
وذكره ابن منجا في شرحه والفروع رواية عن الإمام أحمد رحمه الله كثلاثة وثلاثين يوما ذكره في الواضح.
والطريق الأقرب ذكره في الفروع في باب العدد وأقل ما يصدق في ذلك تسعة وعشرون يوما ولحظة وهو من المفردات.

قوله: "وأقل ما يمكن انقضاء العدة به من الأقراء تسعة وعشرون يوما ولحظة إذا قلنا الأقراء الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما وللأمة خمسة عشر ولحظة وإن قلنا الطهر خمسة عشر فثلاثة وثلاثون يوما ولحظة وللأمة سبعة عشر ولحظة وإن قلنا القرء الأطهار فثمانية وعشرون يوما ولحظتان وللأمة أربعة عشر ولحظتان.
وإن قلنا: أقل الطهر خمسة عشر يوما فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان وللأمة ستة عشر ولحظتان".
هكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في الرعاية يكون تسعة وعشرين يوما ولحظة إن قلنا القرء حيضة وإن أقلها يوم وإن أقل الطهر ثلاثة عشر.
وإن قلنا القرء طهر ففي أقلهما مرتين واللحظة المذكورة بقرء لحظة من حيضة ثالثة في وجه وذلك ثمانية وعشرون ولحظتان.
وإن طلق في سلخ طهر وقلنا القرء حيضة ففي ثلاث حيض وطهرين وذلك تسعة وعشرون فقط.
وإن قلنا القرء طهر ففي ثلاثة أطهار وثلاث حيض ولحظة من حيضة رابعة في وجه وذلك أحد وأربعون يوما ولحظة.
وإن طلق في سلخ حيضة وقلنا القرء حيضة ففي ثلاث حيض وثلاثة أطهار وذلك اثنان وأربعون يوما فقط.
وإن قلنا القرء طهر ففي ثلاثة أطهار وحيضتين ولحظة في وجه من حيضة ثالثة وذلك أحد وأربعون يوما ولحظة.
وأقل عدة الأمة أقل الحيض مرتين.
وأقل الطهر مرة ولحظة من طهر طلقها فيه بلا وطء وذلك خمسة عشر يوما ولحظة إن قلنا إن القرء حيضة.
وإن قلنا القرء طهر فأقلهما ولحظة من طهر طلق فيه بلا وطء ولحظة من حيضة أخرى في وجه قاله في الرعاية الكبرى.
قوله: "وإذا قالت انقضت عدتي فقال قد كنت راجعتك فأنكرته فالقول قولها".
بلا نزاع أعلمه.

قوله: "فإن سبق فقال ارتجعتك فقالت قد انقضت عدتي قبل رجعتك فالقول قوله".
هذا المذهب.
قال في الفروع والأصح القول قوله.
قال في الرعايتين قبل قوله في الأصح وصححه في النظم واختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والترغيب والحاوي الصغير وقدمه في المحرر وغيره.
وقال الخرقي القول قولها.
قال في الواضح في الدعاوى نص عليه.
وجزم به أبو الفرج الشيرازي وصاحب المنور.
قال في الفروع جزم به ابن الجوزي.
والذي رأيته في المذهب ومسبوك الذهب ما ذكرته أولا فلعله اطلع على غير ذلك وأطلقهما الزركشي.
قوله: "وإن تداعيا معا قدم قولها".
هذا المذهب صححه في المغني والشرح وجزم به في الوجيز وغيره. وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي والنظم والمغني والشرح والمحرر وصححه في تصحيح المحرر.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقيل يقدم قول من تقع له القرعة.
وهو احتمال لأبي الخطاب في الهداية وأطلقهما في المحرر والزركشي.
وقيل يقدم قوله مطلقا وأطلقهن في الفروع.
تنبيه: محل الخلاف إذا قلنا القول قوله في المسألة التي قبلها وهو واضح.
فائدة متى قلنا القول قولها فمع يمينها عند الخرقي والمصنف.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقال القاضي: قياس المذهب لا يجب عليها يمين وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها في الرعايتين والزركشي والحاوي.
وكذا لو قلنا القول قول الزوج.
فعلى الأول لو نكلت لم يقض عليها بالنكول قاله القاضي وغيره.

وللمصنف احتمال يستحلف الزوج إذا نكلت وله الرجعة بناء على القول برد اليمين.
تنبيه: مراده بقوله: "وإذا طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويطأ في القبل".
إذا كان مع انتشار قاله الأصحاب.
وظاهر قوله: "وأدنى ما يكفي من ذلك تغييب الحشفة".
ولو كان خصيا أو نائما أو مغمى عليه وأدخلت ذكره في فرجها أو مجنونا أو ظنها أجنبية وهو المذهب في ذلك كله.
وقيل: يشترط في الخصي أن يكون ممن ينزل.
وقيل: لا تحل بوطء نائم ومغمى عليه ومجنون.
وقيل: لا يحلها وطء مغمى عليه ومجنون.
وقيل: لو وطئها يظنها أجنبية لم يحلها فالمذهب خلافه مع الإثم.
فائدة: قوله: "وإن كان مجبوبا وبقي من ذكره قدر الحشفة فأولجه أحلها".
هذا بلا نزاع وكذا لو بقي أكثر من قدر الحشفة فأولج قدرها على الصحيح من المذهب وفي الترغيب وجه لا يحلها إلا بإيلاج كل البقية.
قوله: "أو وطئها مراهق أحلها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى.
وقال القاضي يشترط أن يكون بن اثني عشر سنة ونقله مهنا ورده المصنف والشارح.
وعنه عشر سنين وجزم به في المستوعب.
ويأتي في باب اللعان أقل سن يحصل به البلوغ للغلام وتقدم في باب الغسل.
قوله: "وإن وطئت في نكاح فاسد لم تحل في أصح الوجهين".
وكذا قال في المذهب كالنكاح الباطل وفي الردة وهو المذهب نص عليه.
قال في الفروع: لم يحلها في المنصوص وجزم به في الوجيز وغيره ونصره المصنف وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.

وقيل تحل وهو تخريج لأبي الخطاب.
فيجيء عليه إحلالها بنكاح المحلل.
ورده المصنف والشارح.
وأطلق الوجهين في الهداية والمستوعب والخلاصة.
قوله: :وإن وطئها زوج في حيض أو نفاس أو إحرام" وكذا في صوم فرض "أحلها".
هذا اختيار المصنف والشارح وهو احتمال لأبي الخطاب.
وكذا قال أصحابنا لا يحلها.
وهو المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب كما قال المصنف هنا وأطلق وجهين في الخلاصة.
فائدة لو وطئها وهي محرمة الوطء لمرض أو ضيق وقت صلاة أو في المسجد أو لقبض مهر ونحوه أحلها لأن الحرمة لا لمعنى فيها بل لحق الله تعالى.
وفي عيون المسائل والمفردات منع وتسليم.
وقال بعض أصحابنا لا نسلم لأن الإمام أحمد رحمه الله علله بالتحريم فنطرده وهذا قول الإمام أحمد رحمه الله في جميع الأصول كالصلاة في دار غصب وثوب حرير.
وقال في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة لو نكحت المطلقة ثلاثا زوجا آخر فخلا بها ثم طلقها وقلنا يجب عليها العدة بالخلوة وتثبت الرجعة وهو ظاهر المذهب ثم وطئها في مدة العدة فهل يحلها لزوجها الأول على روايتين حكاهما صاحب الترغيب.
قلت الصواب أنه يحلها.
قوله: "وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها لم تحل".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب ويحتمل أن تحل.
قوله: "وإن طلق العبد امرأته طلقتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره سواء عتقا أو بقيا على الرق".
هذا المذهب قال المصنف والشارح وهذا ظاهر المذهب.
قال في البلغة والنظم لم يملك نكاحها على الأصح.
قال في الرعاية لم تحل له في أظهر الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.

وعنه يملك تتمة الثلاث إذا عتق بعد طلقتين ككافر طلق ثنتين ثم استرق ثم تزوجها وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى.
وكذا تأتي هذه الرواية في عتقهما معا.
فعليها يملك الرجعة.
وتقدم معنى ذلك في أول باب ما يختلف به عدد الطلاق.
فائدة لو علق العبد طلاقا ثلاثا بشرط فوجد الشرط بعد عتقه لزمته الثلاث على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يبقى له طلقة كما لو علق الثلاث بعتقه على أصح الوجهين.
تنبيه: هذه المسائل كلها مبنية على أن الطلاق بالرجال.
وتقدم التنبيه على ذلك في أول باب ما يختلف به عدد الطلاق فبعض الأصحاب يذكرها هنا وبعضهم يذكرها هناك.
قوله: "وإذا غاب عن مطلقته فأتته فذكرت أنها نكحت من أصابها وانقضت عدتها وكان ذلك ممكنا فله نكاحها إذا غلب على ظنه صدقها وإلا فلا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب وقيل لا يقبل قولها إلا أن تكون معروفة بالثقة والديانة.
فائدتان
إحداهما لو كذبها الزوج الثاني في الوطء فالقول قوله في تنصيف المهر والقول قولها في إباحتها للأول لأن قولها في الوطء مقبول.
ولو ادعت نكاح حاضر وإصابته فأنكر الإصابة حلت للأول على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تحل قاله في الفروع والمحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم بعد ما تقدم.
وكذا إن تزوجت حاضرا وفارقها وادعت إصابته وهو منكرها انتهوا.
قال في القواعد الأصولية في القاعدة الأولى وهذان الفرعان مشكلان جدا.
الثانية مثل ذلك في الحكم لو جاءت امرأة حاكما وادعت أن زوجها طلقها وانقضت عدتها كان له تزويجها إن ظن صدقها كمعاملة عبد لم يثبت عتقه قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله لا سيما إن كان الزوج لا يعرف.

باب الإيلاء
فائدة: الإيلاء محرم في ظاهر كلام الأصحاب لأنه يمين على ترك واجب قاله في الفروع في آخر الباب.
تنبيه: المراد بقوله: "وهو الحلف على ترك الوطء".
امرأته سواء كانت حرة أو أمة مسلمة أو كافرة عاقلة أو مجنونة صغيرة أو كبيرة.
وتطالب الصغيرة والمجنونة عند تكليفهما.
ويأتي حكم الرتقاء ونحوها عند الجب.
ومن شرط صحته الحلف على زوجته فلو حلف أن لا يطأ أمته أو أجنبية مطلقا أو أن يتزوجها لم يكن موليا على المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج الشريف أبو جعفر وغيره الصحة من الظهار قبل النكاح.
وخرجها المجد بشرط إضافته إلى النكاح كالطلاق في رواية.
قوله: "ويشترط له أربعة شروط: أحدها الحلف على ترك الوطء في القبل" بلا نزاع في الجملة وتقدم صحة إيلاء الرجعية.
قوله: "فإن تركه بغير يمين لم يكن موليا لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر فهل تضرب له مدة الإيلاء ويحكم له بحكمه على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح ومسبوك الذهب.
إحداهما: تضرب له مدته ويحكم له بحكمه وهو الصواب.
واختاره القاضي في خلافه وتبعه جماعة ومال إليه المصنف والشارح.
قال ابن منجا في شرحه وهذا أولى.
قال في البلغة والرعايتين والحاوي ضربت له مدة الإيلاء في أصح الروايتين.
والرواية الثانية لا تضرب له مدة الإيلاء ولا يحكم له بحكمه صححه في التصحيح وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
فائدة وكذا حكم من ظاهر ولم يكفر.
قال في الرعايتين والحاوي آخر الباب ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه تضرب له مدة الإيلاء.
ذكره ابن رجب في تزويج أمهات الأولاد.

تنبيه ظاهر كلامه أنه لو تركه من غير مضارة أنه لا يحكم له بحكم الإيلاء من غير خلاف وهو صحيح وهو المذهب وقطع به الأكثر.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة والمفردات عندي إن قصد الإضرار خرج مخرج الغالب وإلا فمتى حصل إضرارها بامتناعه من الوطء وإن كان ذاهلا عن قصد الإضرار تضرب له المدة.
وذكر في آخر كلامه أنه إن حصل الضرر بترك الوطء لعجزه عنه كان حكمه كالعنين.
قال ابن رجب في كتاب تزويج أمهات الأولاد يؤخذ من كلامه أن حصول الضرر بترك الوطء مقتض للفسخ بكل حال سواء كان بقصد من الزوج أو بغير قصد وسواء كان مع عجزه أو قدرته.
وكذا ذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في العاجز وألحقه بمن طرأ عليه جب أو عنة.
قوله: "وإن حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيره كلفظه الصريح وقوله ولا أدخلت ذكري في فرجك".
لم يدين فيه.
قوله: "وللبكر خاصة لا افتضضتك لم يدين فيه".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال في المستوعب وغيره وتختص البكر بلفظين وهما والله لا افتضضتك ولا أبتني بك وجزم به في الوجيز.
وقال في الترغيب والبلغة وغيرهما يشترط في هذين اللفظين أن يأتي بهما عربي فإن أتى بهما غيره دين وجزم به في الوجيز.
قلت لعله مراد من لم يذكره.
قوله: "وإن قال والله لا وطئتك أو لا جامعتك أو لا باضعتك أو لا باشرتك أو لا باعلتك أو لا قربتك أو لا مسستك أو لا أتيتك أو لا اغتسلت منك فهو صريح في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل عبد الله في لا اغتسلت منك أنه كناية وهو في الحيلة في اليمين.
وقال في الواضح الإبضاع المنافع المباحة بعقد النكاح دون عضو مخصوص من فرج مخصوص أو غيره على ما يعتقده المتفقه والمباضعة مفاعلة من المتعة به والمتفقهة تقول منافع البضع.

قوله: "وسائر الألفاظ لا يكون موليا فيها إلا بالنية".
شمل مسائل.
منها ما هو صريح في الحكم على الصحيح من المذهب ومنها ما هو كناية.
فمن الألفاظ الصريحة في الحكم على الصحيح من المذهب والله لا غشيتك فهي صريحة في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل هي كناية تحتاج إلى نية أو قرينة وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا.
ومنها قوله: "والله لا أفضيت إليك" صريح في الحكم على الصحيح من المذهب صححه في الفروع.
وقيل هي كناية تحتاج إلى نية أو قرينة وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا.
ومنها والله لا لمستك صريح على الصحيح من المذهب ويدين وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وذكر القاضي في الخلاف أن الملامسة اسم لالتقاء البشرتين.
وفي الانتصار لمستم ظاهر في الجس باليد ولامستم ظاهر في الجماع فيحمل الأمر عليهما لأن القرائن كالآيتين وذكر القاضي هذا المعنى أيضا.
ومنها ما ذكره جماعة من الأصحاب أن قوله والله لا افترشتك صريح في الحكم.
وظاهر كلام المصنف هنا أنه كناية يحتاج إلى نية أو قرينة وهو المذهب جزم به في المحرر.
وأما ألفاظ الكناية التي لا يكون موليا بها إلا بنية أو قرينة.
فمنها قوله والله لا ضاجعتك والله لا دخلت عليك والله لا دخلت علي والله لا قربت فراشك والله لا بت عندك ونحوها.
فائدة: قوله: "الشرط الثاني: أن يحلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته".
وذلك لاختصاص الدعوى بها واختصاصها باللعان وسواء كان في الرضى أو الغضب.
قوله: "وإن حلف بنذر أو عتق أو طلاق لم يصر موليا في الظاهر عنه".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور والمنصوص والمختار لعامة الأصحاب.
قال في البلغة لا يصح الإيلاء بذلك على المشهور.
قال المصنف والشارح هذه المشهورة.

قال في الهداية هذا ظاهر مذهبه.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع ونظم المفردات وغيرهم.
وصححه في الخلاصة والنظم وهو من المفردات.
وعنه يكون موليا بذلك وبتحريم المباح ونحوهما.
قال في الفروع وغيره وبعتق وطلاق فلا بد أن يلزم باليمين حق.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
وعنه يكون موليا بحلفه بيمين مكفرة كنذر وظهار ونحوهما اختاره أبو بكر في الشافي.
فعلى القول بصحة الإيلاء بالطلاق لو علق طلاقها ثلاثا بوطئها يؤمر بالطلاق ويحرم الوطء على الصحيح من المذهب وعنه لا يحرم.
ومتى أولج أو تمم أو لبث لحقه نسبه وفي المهر وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في المنتخب لا مهر ولا نسب.
وجزم في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير أنه يجب المهر وقدمه في الرعاية الكبرى.
ولا يجب عليه الحد على الصحيح من المذهب.
وقيل يجب وجزم به الترغيب وفيه ويعزر جاهل انتهى.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
وإن نزع فلا حد ولا مهر لأنه تارك.
وإن نزع ثم أولج فإن جهلا التحريم فالمهر والنسب ولا حد والعكس بعكسه.
وإن علمه لزمه المهر والحد ولا نسب.
وإن علمته فالحد والنسب ولا مهر وكذا إن تزوجت في عدتها.
ونقل ابن منصور لها المهر بما أصاب منها ويؤدبان.
وقيل لا حد في التي قبلها.
قال في الفروع ويتوجه طرده في الثانية وتعزير جاهل في نظائره.
ونقل الأثرم في جاهلين وطئا أمتهما ينبغي أن يؤدبا.
فائدة لو علق طلاق غير مدخول بها بوطئها ففي إيلائه الروايتان فلو وطئها وقع رجعيا.
والروايتان في قوله إن وطئتك فضرتك طالق فإن صح فأبان الضرة انقطع.
فإن نكحها وقلنا تعود الصفة عاد الإيلاء ويبني على المدة.

والروايتان في إن وطئت واحدة فالأخرى طالق.
ومتى طلق الحاكم هنا طلق على الإبهام ولا مطالبة.
فإذا عينت بقرعة سمعت دعوى الأخرى.
قوله: "الثالث أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر".
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المنصوص المختار للأصحاب.
وعنه يصح أيضا على أربعة أشهر فقط.
قوله: "أو يعلقه على شرط يغلب على الظن أنه لا يوجد في أقل منها مثل أن يقول والله لا وطئتك حتى ينزل عيسى بن مريم أو يخرج الدجال أو ما عشت".
فيكون موليا بذلك لا أعلم فيه خلافا.
قوله: "أو يقول والله لا وطئتك حتى تحبلي لأنها لا تحبل إذا لم يطأها".
فيكون موليا بذلك وهو أحد الوجهين.
قدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقال القاضي إذا قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها لم يكن موليا.
وجزم به في الهداية والمستوعب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير فإن قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها فوجهان.
وقيل إن لم يكن وطى ء أو وطىء وحملنا يمينه على حبل جديد صار موليا وإلا فروايتان.
قال في المحرر والنظم والفروع وإن قال حتى تحبلي ولم يكن وطئها أو وطئها وحملنا يمينه على حبل متجدد فهو مول وإلا فعلى روايتين.
قال في الوجيز وإن لم يكن وطئها أو وطى ء ونيته حبل متجدد فهو مول.
وقال ابن عبدوس في تذكرته ويكون موليا بحبل موطوءة قصده بمتجدد أو غيرها.
وقال ابن عقيل إن آلى ممن يظاهر منها أو عكسه لم يصح منهما في رواية.

قوله: "وإن قال إن وطئتك فوالله لا وطئتك أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك لم يصر موليا حتى يوجد الشرط".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يصير موليا في الحال وهو لأبي الخطاب في الهداية.
قال في الفروع وإن علقه بشرط صار موليا بوجوده.
وقيل تعتبر مشيئتها في الحال نحو قوله والله لا وطئتك إن شئت أو دخلت الدار.
قوله: "وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا مرة لم يصر موليا حتى يطأها وقد بقي منها أكثر من أربعة أشهر" بلا نزاع.
قوله: "وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا يوما فكذلك في أحد الوجهين".
يعني أنه لا يصير موليا حتى يطأها وقد بقي من السنة أكثر من أربعة أشهر هذا المذهب.
قدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وغيرهم.
وجزم به في المحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
وفي الآخر يصير موليا في الحال.
فائدة: لو قال والله لا وطئتك سنة بالتنكير إلا يوما لم يصر موليا حتى يطأ وقد بقى منها أكثر من أربعة أشهر وهذا المذهب.
قدمه في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يصير موليا في الحال اختاره القاضي وأصحابه قاله في الفروع.
وقيل لا يصير موليا هنا وإن حكمنا بأنه مول في التي قبلها.
قوله: "وإن قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فوالله لا وطئتك أربعة أشهر لم يصر موليا".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والنظم والرعايتين،

والحاوي الصغير وغيرهم.
ويحتمل أن يصير موليا وهو لأبي الخطاب وصححه الشارح وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغني والفروع.
فائدة وكذا الحكم لو حلف على مدة ثم قال إذا مضت فوالله لا وطئتك مدة بحيث يكون مجموع المدتين أكثر من أربعة أشهر قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإن قال والله لا وطئتك إن شئت فشاءت صار موليا".
أنه سواء شاءت في المجلس أو في غيره وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: تعتبر مشيئتها في الحال.
قوله: "وإن قال إلا أن تشائي أو إلا باختيارك أو إلا أن تختاري لم يصر موليا".
وهو المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
واختاره القاضي في المجرد وغيره ونصره المصنف وغيره.
وقال أبو الخطاب إن لم تشأ في المجلس صار موليا.
جزم به في الهداية والمذهب والتبصرة وقدمه في المستوعب. وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: "وإن قال لنسائه والله لا وطئت واحدة منكن صار موليا منهن".
فيحنث بوطء واحدة وتنحل يمينه.
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة إذا قال لا وطئت واحدة منكن فالمذهب الصحيح أنه يعم الجميع وهو قول القاضي والأصحاب بناء على أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم.
وحكى القاضي عن أبي بكر أنه يكون موليا من واحدة غير معينة ورده في القواعد.
قال وحكى صاحب المغني عن القاضي كذلك والقاضي مصرح بخلافه انتهى.
وقيل يبقى الإيلاء لهن في طلب الفيئة وإن لم يحنث بوطئهن.

قال في المحرر وهو أصح.
وقيل تتعين واحدة بقرعة.
قوله: "إلا أن يريد واحدة بعينها فيكون موليا منها وحدها".
وهذا بلا نزاع وإن أراد واحدة مبهمة فقال أبو بكر تخرج بالقرعة.
واقتصر عليه المصنف هنا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يعين هو واحدة.
قوله: "وإن قال والله لا وطئت كل واحدة منكن كان موليا من جميعهن وتنحل يمينه بوطء واحدة".
هذا المذهب وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي لا تنحل في البواقي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وقدمه في المستوعب.
وقيل يبقى الإيلاء لهن في طلب الفيئة وإن لم يحنث بوطئهن.
قال في المحرر أيضا وهو أصح.
قوله: "وإن قال والله لا أطؤكن فهي كالتي قبلها في أحد الوجهين وفي الآخر لا يصير موليا حتى يطأ ثلاثا فيصير موليا من الرابعة".
صرح المصنف في الوجه الأول أن حكم هذه المسألة حكم التي قبلها وهي قوله والله لا وطئت كل واحدة منكن فيجيء على هذا الوجه الوجهان اللذان في التي قبلها عنده.
والوجه الثاني: مخالف للمسألة الأولى وهو أنه لا يصير موليا حتى يطأ ثلاثا فيصير موليا من الرابعة.
هذا ظاهر كلامه بل هو كالصريح وعليه شرح ابن منجا.
والذي قطع به في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم أن أصل الوجهين الروايتان في فعل بعض المحلوف عليه.
فإن قلنا يحنث بفعل البعض صار موليا في الحال وانحلت يمينه بوطء واحدة كالأولى.
وإن قلنا لا يحنث إلا بفعل الجميع لم يصر موليا حتى يطأ ثلاثا.

فحينئذ يصير موليا من الرابعة على الصحيح من المذهب.
وقيل على القول بأنه لا يحنث إلا بفعل الجميع يكون موليا منهن في الحال وأطلقهما في المحرر.
وأخر هذه الطريقة ابن منجا في شرحه.
ولم أر ما شرح عليه ابن منجا مع أنه ظاهر في كلام المصنف.
وقال في القاعدة التاسعة بعد المائة وإن قال لزوجاته الأربع والله لا وطئتكن وقلنا لا يحنث بفعل البعض فأشهر الوجهين أنه لا يكون موليا حتى يطأ ثلاثا.
فيصير حينئذ موليا من الرابعة وهو قول القاضي في المجرد وأبي الخطاب.
والوجه الثاني هو مول في الحال من الجميع وهو قول القاضي في خلافه وابن عقيل في عمده وقالا هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وذكر مأخذ الخلاف.
قوله: "وإن آلى من واحدة وقال للأخرى شركتك معها لم يصر موليا من الثانية".
هذا المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى ذكره في آخر الباب.
وقال القاضي يصير موليا منها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
وعنه يصير موليا منها إن نواه وإلا فلا.
وأطلقهن في الفروع ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
وتقدم نظير ذلك في باب صريح الطلاق وكنايته ويأتي نظيرتهما في الظهار.
فائدة: قال في الرعاية الكبرى وإن قال إن وطئتك فأنت طالق وقال للأخرى أشركتك معها ونوى وقلنا يكون إيلاء من الأولى صار موليا من الثانية.
قوله: "الرابع أن يكون من زوج يمكنه الجماع".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج صاحب المحرر ومن تبعه صحة إيلاء من قال لأجنبية والله لا وطئت فلانة أو لا وطئتها إن تزوجتها مع لزوم الكفارة له بوطئها.
وخرج أيضا صحة إيلائه بشرط إضافته إلى النكاح كالطلاق في رواية على ما تقدم أول الباب.

قوله: "ويلزمه الكفارة بالحنث مسلما كان أو كافرا حرا أو عبدا سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه".
بلا نزاع.
قوله: "فأما العاجز عن الوطء بجب أو شلل فلا يصح إيلاؤه".
وكذا لو كانت رتقاء ونحوها وهذا المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والمحرر وغيرهم.
وصححه في البلغة وأورده أبو الخطاب مذهبا.
ويحتمل أن يصح.
وهو لأبي الخطاب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
اختاره القاضي وأصحابه وقدمه الزركشي.
وفيئته لو قدرت لجامعتك.
فائدة: على المذهب لو حلف ثم جب ففي بطلانه وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
قلت الصواب البطلان.
ثم وجدت ابن نصر الله في حواشي الفروع صححه أيضا.
قوله: "ولا يصح إيلاء الصبي".
إن كان غير مميز لم يصح إيلاؤه وإن كان مميزا صح إيلاؤه على الصحيح من المذهب جزم به في الفروع وغيره.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي وغيرهم يصح من كل زوج يصح طلاقه.
واختار المصنف أنه لا يصح إيلاء الصبي ولا ظهاره ذكره في هذا الكتاب في كتاب الظهار على ما يأتي.
قال في القواعد الأصولية في القاعدة الثانية وإذا قلنا يصح طلاقه فهل يصح ظهاره وإيلاؤه أم لا الأكثرون من أصحابنا على صحة ذلك.
وحكى كلام المصنف ثم قال قلت وحكى في المذهب في انعقاد يمينه وجهين انتهى.
والوجهان إنما هما مبنيان على صحة طلاقه وعدمها كما صرح بذلك في الهداية والمستوعب فإنهما لما حكيا الوجهين وأطلقاهما قالا بناء على طلاقه.

وقد حكى الوجهين في الخلاصة من غير بناء وهو وصاحب المذهب تابعان لصاحب الهداية.
وقدم الزركشي أنه لا يصح إيلاؤه وإن صح طلاقه.
قوله: "وفي إيلاء السكران وجهان".
بناء على طلاقه على ما مضى في بابه محررا قاله الأصحاب.
قوله: "ومدة الإيلاء في الأحرار والرقيق سواء".
هذا المذهب وعليه الجماهير.
قال المصنف والشارح: هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنها في العبد على النصف.
نقل أبو طالب: أن الإمام أحمد رحمه الله رجع إليه وأنه قول التابعين كلهم إلا الزهري وحده واختاره أبو بكر عبد العزيز.
وذكر في عيون المسائل هذه الرواية وقال لأنها لا تختلف فمتى كان أحدهما رقيقا يكون على النصف فيما إذا كانا حرين.
قوله: "وإذا صح الإيلاء ضربت له مدة أربعة أشهر يعني من وقت اليمين".
وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في الموجز تضرب لكافر بعد إسلامه وقدمه الزركشي وقال قاله القاضي في تعليقه.
قوله: "فإن كان بالرجل عذر يمنع الوطء احتسب عليه بمدته". بلا نزاع أعلمه "وإن كان ذلك بها لم يحتسب عليه".
كصغرها وجنونها ونشوزها وإحرامها ومرضها وحبسها وصيامها واعتكافها المفروضين وهذا المذهب جزم به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن منجا وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين.
وقيل يحتسب عليه كالحيض قطع به القاضي في تعليقه والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البنا وغيرهم وقدمه في المحرر.
قال في الوجيز تضرب مدته من اليمين سواء كان في المدة مانع من قبلها أو من قبله وأطلقهما في الفروع والحاوي الصغير والزركشي.

وقيل مجنونة لها شهوة كعاقلة.
قوله: "وإن طرأ بها استؤنفت المدة عند زواله إلا الحيض فإنه يحتسب بمدته".
إذا طرأ بها عذر غير الحيض والنفاس من الأعذار المتقدمة ونحوها فالصحيح من المذهب أنها تستأنف المدة عند زواله جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحتسب عليه بمدته فلا تستأنف المدة.
وأما إن كان حيضا فإنها تحتسب بمدته بلا نزاع وفي النفاس وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والمحرر والبلغة والشرح والفروع والزركشي والنظم وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي وهما وجهان عند الأكثر وفي البلغة والفروع روايتان.
أحدهما لا يحتسب عليه صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في إدراك الغاية.
والثاني يحتسب عليه كالحيض اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في تجريد العناية.
قوله: "وإن طلق في أثناء المدة انقطعت".
إن كان طلاقا بائنا انقطعت المدة.
وإن كان طلاقا رجعيا فظاهر كلام المصنف هنا أن المدة تنقطع أيضا وهو أحد الوجهين وجزم به في المغني والشرح والوجيز وشرح ابن منجا.
والوجه الثاني لا تنقطع ما لم تنقض عدتها وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في المنور وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي.
قوله: "فإن راجعها أو نكحها إذا كانت بائنا استؤنفت المدة".
هذا مبني في الرجعة على ما جزم به أولا من أن الطلاق الرجعي يقطع المدة.
وأما على المذهب فلا أثر لرجعتها قبل انقضاء عدتها.
فعلى الأول: إن بقي بعد استئناف المدة أقل من مدة الإيلاء سقط الإيلاء وإلا ضربت له.
وعلى المذهب تكمل المدة على ما قبل الطلاق.
وقال المصنف في المغني مقتضى كلام ابن حامد أن المدة تستأنف من حين الطلاق ونازعه الزركشي في ذلك.

قوله: "وإن انقضت المدة وبها عذر يمنع الوطء لم تملك طلب الفيئة".
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل لمن بها مانع شرعي طلب الفيئة بالقول.
قوله: "وإن كان العذر به وهو مما يعجز به عن الوطء أمر أن يفيء بلسانه فيقول متى قدرت جامعتك".
فيقول لها ذلك بهذا اللفظ وهو الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح هذا أحسن.
وقطع به الخرقي واختاره القاضي في المجرد.
وعنه أن فيئة المعذور أن يقول فئت إليك.
وحكاه أبو الخطاب عن القاضي.
قال الزركشي وهو قول عامة أصحابه.
وعند ابن عقيل فيئته حكه حتى يبلغ به الجهد من تفتير الشهوة.
تنبيهان
أحدهما قوله أمر أن يفيء بلسانه يعني في الحال من غير مهلة.
الثاني قوله فيقول متى قدرت جامعتك.
هذا في حق المريض ونحوه.
فأما المجبوب فإنه يقول لو قدرت جامعت زاد القاضي في التعليق وقد ندمت على ما فعلت.
قوله: "ثم متى قدر على الوطء لزمه ذلك أو تطلق".
هذا المذهب قاله في الفروع وأومأ إليه في رواية حنبل وقطع به الخرقي وقدمه في المغني والشرح.
قال الزركشي وإليه ميل القاضي في الروايتين وهو لازم قوله في المجرد.
وقال أبو بكر إذا فاء بلسانه لم يلزمه ولم يطالب بالفيئة مرة أخرى وخرج من الإيلاء.
واختاره القاضي في التعليق وجمهور أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
قال أبو بكر والقاضي هو ظاهر كلامه في رواية مهنا.

تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح في ذلك أن الخلاف السابق مبني على قوله متى قدرت جامعت.
وقال الزركشي بعد أن ذكر الروايتين أعني في صفة الفيئة وانبنى عليه على ذلك إذا قدر على الوطء هل يلزمه فالخرقي وأبو محمد يقولان يلزمه. واختاره القاضي وأصحابه وأبو بكر لا يلزمه انتهى.
وعند صاحب المحرر والفروع وغيرهما أن عدم اللزوم مبني على رواية قوله قد فئت إليك.
الثاني ظاهر قوله: "وإن كان مظاهرا فقال أمهلوني حتى أطلب رقبة أعتقها عن ظهاري أمهل ثلاثة أيام".
أنه لا يمهل لصوم شهري الظهار وهو صحيح فيطلق على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل يصوم فيفيء كمعذور وهو احتمال في المحرر.
فائدة قوله: "وإن وطئها دون الفرج أو في الدبر لم يخرج من الفيئة".
بلا نزاع والصحيح من المذهب أنه لا يحنث في يمينه بفعل ذلك وقيل يحنث.
قوله: "وإن وطئها في الفرج وطئا محرما مثل أن يطأ في حال الحيض أو النفاس أو الإحرام أو صيام فرض من أحدهما فقد فاء لأن يمينه انحلت به".
وهذا المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع.
وقال أبو بكر: الأصح أنه لا يخرج من الفيئة.
وقال هو قياس المذهب وذكره ابن عقيل رواية.
فائدتان
إحداهما لو استدخلت ذكره وهو نائم أو وطئها نائما أو ناسيا أو جاهلا بها أو مجنونا ولم نحنث الثلاثة أو كفر يمينه بعد المدة قبل الوطء ففي خروجه من الفيئة وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي.
قال في الكافي وإن وطئها وهو مجنون لم يحنث ويسقط الإيلاء ويحتمل أن لا يسقط.
وإن وطئها ناسيا فأصح الروايتين لا يحنث.
فعليها هل يسقط الإيلاء على وجهين كالمجنون.

وقال في المحرر لو استدخلت ذكره وهو نائم أو وطئها ناسيا أو في حال جنونه وقلنا لا يحنث خرج من الفيئة.
وقيل لا يخرج.
وقدم فيما إذا كفر بعد المدة قبل الوطء أنه لم يخرج من الفيئة.
وقال في المنور: يخرج بتغييب الحشفة في قبل مطلقا.
وقال ابن عبدوس في تذكرته ويكفر بوطء ولو مع إكراه ونسيان.
وقال في المغني والشرح وإن كفر بعد الأربعة أشهر وقبل الوقف صار كالحالف على أكثر منها إذا مضت يمينه قبل وقفه انتهيا.
الثانية لو أكره على الوطء فوطئ فقد فاء إليها.
قال في الترغيب إذ الإكراه على الوطء لا يتصور.
قوله: "وإن لم يفئ وأعفته المرأة سقط حقها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يسقط وهو لأبي الخطاب في الهداية ولها المطالبة بعد كسكوتها وإليه ميل المصنف والشارح.
قوله: "وإن لم تعفه أمر بالطلاق فإن طلق واحدة فله رجعتها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه والمصنف وغيرهم.
وعنه أنها تكون بائنة.
ويأتي طلاق الحاكم إذا قلنا يطلق هل هو رجعي أو بائن.
قوله: "فإن لم يطلق حبس وضيق عليه حتى يطلق في إحدى الروايتين".
وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وفي الأخرى يطلق الحاكم عليه وهو المذهب.

قال الشارح هذا أصح.
قال في الفروع وهو أظهر واختاره الخرقي والقاضي في التعليق والشريف وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والفروع والقواعد.
قال ابن عبدوس في تذكرته وآبيها وطلاق يحبس ثم يطلق عليه الحاكم. فعلى المذهب وهو أن الحاكم يطلق عليه فقال المصنف هنا وإن طلق واحدة فهو كطلاق المولى.
يعني أنها هل تقع رجعية أو بائنة وأن الصحيح من المذهب أنها تقع رجعية وهذا المذهب.
وعنه أن طلاق الحاكم بائن وإن قلنا إن طلاق المولى رجعي.
قال القاضي المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن فرقة الحاكم تكون بائنا.
وعنه فرقة الحاكم كاللعان فتحرم على التأبيد اختاره أبو بكر قاله الزركشي.
وقال امتنع ابن حامد والجمهور من إثبات هذه الرواية.
وقال والطريقان في كل فرقة من الحاكم.
قوله: "وإن طلق ثلاثا أو فسخ صح ذلك".
يعني لو طلق الحاكم ثلاثا أو فسخ صح وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال القاضي هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله ونص عليه في الطلاق الثلاث في رواية أبي طالب.
وقطع به في المغني والشرح ونصراه والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدم في التبصرة أنه لا يملك ثلاثا.
وعنه يتعين الطلاق فلا يملك الفسخ.
وعنه يتعين الفسخ فلا يملك الطلاق.
فائدة لو قال فرقت بينكما فهو فسخ على الصحيح من المذهب. وعنه طلاق.
قوله: "وإن ادعى أن المدة ما انقضت أو أنه وطئها وكانت ثيبا فالقول قوله".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب احتمال: أن القول قولها في عدم الوطء بناء على رواية في العنة.

فعلى المذهب لو طلقها فهل له رجعة أم لا لأنه ضرورة وفي الترغيب احتمالان في ذلك.
قوله: "وإن كانت بكرا وادعت أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل فالقول قولها وإلا فالقول قوله". بلا نزاع.
قوله: "وهل يحلف من القول قوله على وجهين".
وهما روايتان.
وقال في الرعايتين والحاوي في الثيب روايتان وفي البكر وجهان.
وأطلقهما في الفروع والهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي.
أحدهما يحلف اختاره الخرقي في بعض النسخ.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الشرح والمحرر والمستوعب.
والوجه الثاني لا يحلف.
قال في رواية الأثرم لو ادعى وطء الثيب لا يمين عليه وصححه في التصحيح واختاره أبو بكر.
قال القاضي وهو أصح.
وقدمه ابن رزين في شرحه وقال نص عليه لأنه لا يقضي فيه بالنكول.
قال في المغني: وظاهر كلام الخرقي أنه لا يمين هنا إذا شهد بالبكارة لقوله في باب العنين فإن شهدت بما قالت أجلت سنة ولم يذكر يمينا وهذا قول أبي بكر.
وقال الناظم:
ودعواه بقيا الوقت أو وطء ثيب ... فقلده وليحلف على المتأكد
وإن تك بكرا ثم تشهد عدلة ... بعذرتها تقبل وتحلف بمبعد
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن الوجهين يشمل البكر إذا شهد بأنها بكر وأن فيها وجها يحلفها وهو صحيح.
ذكر هذا الوجه في الشرح والرعايتين والترغيب والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وظاهر كلامه في الفروع أن حكاية الوجهين فيها لم يذكره إلا في الترغيب فقط فإنه قال إذا شهد بالبكارة امرأة قبل وفي الترغيب في يمينها وجهان.

كتاب الظهار
باب الظهار...
كتاب الظهارقوله: "وهو أن يشبه امرأته أو عضوا منها".
الصحيح من المذهب أن تشبيه عضو من امرأته كتشبيهها كلها وعليه الأصحاب.
وعنه ليس بمظاهر حتى يشبه جملة امرأته.
قوله: "بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو بها أو بعضو منها فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو كوجه حماتي أو ظهرك أو يدك علي كظهر أمي أو كيد أختي أو خالتي من نسب أو رضاع".
الصحيح من المذهب أن من تحرم عليه بسبب كالرضاع ونحوه حكمها حكم من تحرم عليه بنسب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يكون مظاهرا إذا أضافه إلى من تحرم عليه بسبب.
وقيل إن كان السبب مجمعا عليه فهو مظاهر وإلا فلا.
قوله: "وإن قال أنت علي كأمي".
وكذا قوله: "أنت عندي أو مني أو معي كأمي أو مثل أمي كان مظاهرا".
إن نوى به الظهار كان ظهارا وإن أطلق فالصحيح من المذهب أنه صريح في الظهار أيضا نص عليه واختاره أبو بكر قاله الشارح.
وجزم به في المحرر وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه ليس بظهار اختاره ابن أبي موسى في الإرشاد فقال فيه روايتان أظهرهما أنه ليس بظهار حتى ينويه.
واختاره المصنف فقال والذي يصح عندي في قياس المذهب إن وجدت نية أو قرينة تدل على الظهار فهو ظهار وإلا فلا.
قوله: "وإن قال أردت كأمي في الكرامة أو نحوه: دين". بلا نزاع "وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين".
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي والفروع.

وهما روايتان في المحرر والفروع ووجهان في المستوعب والرعاية.
إحداهما يقبل في الحكم وهو الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح وصححه في التصحيح وقدمه ابن رزين في شرحه.
قال في الإرشاد أظهرهما أنه ليس بظهار حتى ينويه.
والرواية الثانية لا يقبل.
قوله: "وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي فذكر أبو الخطاب فيها روايتين".
يعني يكون كقوله أنت علي كأمي هل هو صريح أو كناية.
قال المصنف هنا: والأولى أن هذا ليس بظهار إلا أن ينويه أو يقترن به ما يدل على إرادته وهو المذهب اختاره ابن أبي موسى.
قال في المحرر ولو لم يقل علي لم يكن مظاهرا إلا بالنية.
وقال في الفروع وإن قال أنت أمي أو كأمي أو مثل أمي وأطلق فلا ظهار.
وقال في البلغة أما الكناية فنحو قوله أمي أو كأمي أو مثل أمي لم يكن مظاهرا إلا بالنية أو القرينة وجزم به في الرعاية الصغرى.
وعنه أنه يكون ظهارا اختاره أبو بكر.
قال في الترغيب وهو المنصوص.
قال في الهداية والمذهب والهادي والمستوعب فهو صريح في الظهار نص عليه وقدمه في الخلاصة.
وقال في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير وإن قال أنت كأمي أو مثلها فصريح نص عليه.
وقيل ليس ظهارا بلا نية ولا قرينة.
وإن قال نويت في الكرامة دين وفي الحكم على روايتين.
وقيل هو كناية في الظهار.
وقيل: إن قال أنت علي كأمي أو مثلها ولم ينو الكرامة فمظاهر وإن نواها دين وفي الحكم روايتان.
وإن أسقط علي فلغو إلا أن ينوي الظهار ومع ذكر الظهر لا يدين انتهيا فذكر الطريقتين.

قوله: "وإن قال أنت علي كظهر أبي أو كظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو خالتها فعلى روايتين".
وأطلقهما في المستوعب والشرح.
وأطلقهما في الأولتين في الخلاصة.
إحداهما هو ظهار وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
واختاره فيما إذا قال كظهر أجنبية الخرقي وأبو بكر في التنبيه وجماعة من الأصحاب على ما حكاه القاضي.
واختاره القاضي أيضا في موضع من كلامه.
والرواية الثانية: ليس بظهار واختاره فيما إذا قال كظهر الأجنبية ابن حامد والقاضي في التعليق والشريف وأبو الخطاب والشيرازي وكذا أبو بكر على ما حكاه عنه المصنف.
قال الزركشي وفي معنى مسألة الخرقي إذا شبه امرأته بأخت زوجته ونحوها لأن تحريمها تحريم مؤقت.
وعنه هو ظهار إن قال أنت علي كظهر أبي أو كظهر رجل نصره القاضي وأصحابه.
قال في الفروع: وعكسها أبو بكر.
فعلى الرواية الثانية عليه كفارة يمين على الصحيح من المذهب.
وعنه لغو لا شيء فيه وأطلقهما الزركشي.
قوله: "وإن قال أنت علي كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا".
هذا هو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الشرح والرعايتين.
وقيل يكون مظاهرا إذا نواه.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع والمغني وحكاهما روايتين والمعروف وجهان.
قوله: "وإن قال أنت علي حرام فهو مظاهر إلا أن ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون ظهارا أو ما نواه على روايتين".
وأطلقهما في الفروع إذا قال أنت علي حرام وأطلق فالصحيح من المذهب أنه

ظهار كما جزم به المصنف هنا واختاره الخرقي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه هو يمين.
وعنه هو طلاق بائن حتى نقل حنبل والأثرم الحرام ثلاث حتى لو وجدت رجلا حرم امرأته وهو يرى أنها واحدة فرقت بينهما مع أن أكثر الروايات عنه كراهة الفتيا في الكنايات الظاهرة.
قال في المستوعب لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في باب صريح الطلاق وكنايته.
وأما إذا نوى بذلك طلاقا أو يمينا فعنه يكون ظهارا أيضا وهو الصحيح من المذهب نقله الجماعة.
قال في الفروع وهو الأشهر وكذا قال في المغني والشرح.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب هذا المشهور في المذهب.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم. وقدمه في الخلاصة وغيرها.
والرواية الثانية: يقع ما نواه.
جزم به في المنور واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وأطلقهما في الرعايتين والفروع.
وتقدم ذلك مستوفى في "باب صريح الطلاق وكنايته".
فائدة: لو قال أنت حرام إن شاء الله فلا ظهار على الصحيح من المذهب نص عليه خلافا لابن شاقلا وابن بطة وابن عقيل.
قوله: "ويصح من كل زوج يصح طلاقه".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب فيصح ظهار الصبي حيث صححنا طلاقه.
قال في عيون المسائل سوى الإمام أحمد رحمه الله بينه وبين الطلاق.
قال في القواعد الأصولية أكثر الأصحاب على صحة ظهاره وإيلائه.
قال ناظم المفردات: هذا هو المشهور وهو من مفردات المذهب.
وقال المصنف هنا والأقوى عندي أنه لا يصح من الصبي ظهار ولا إيلاء لأنه يمين مكفرة فلم تنعقد في حقه.
قال في المذهب ومسبوك الذهب في باب الأيمان وتنعقد يمين الصبي المميز في أحد الوجهين.

وقال في الموجز يصح من زوج مكلف.
قال في عيون المسائل يحتمل أن لا يصح ظهاره لأنه تحريم مبني على قول الزور وحصول التكفير والمأثم وإيجاب مال أو صوم.
قال وأما الإيلاء فقال بعض أصحابنا تصح ردته وإسلامه وذلك متعلق بذكر الله وإن سلمنا فإنما لم يصح لأنه ليس من أهل اليمين بمجلس الحكم لرفع الدعوى.
قال في الرعاية الكبرى من صح ظهاره صح طلاقه إلا المميز في الأصح فيه.
وقيل ظهار المميز كطلاقه.
وقال في الترغيب يصح الظهار من مرتدة.
قوله: "مسلما كان أو ذميا".
الصحيح من المذهب صحة ظهار الذمي كالمسلم.
قال في الفروع وعلى الأصح وكافر.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وعنه لا يصح ظهاره لتعقبه كفارة ليس من أهلها ورد.
فعلى المذهب يكفر بالمال لا غير على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وجزم في القواعد الأصولية بصحة التكفير بالإطعام والعتق.
وإذا لزمته الكفارة فهل يحتاج إلى نية.
قال الدينوري ويعتبر في تكفير الذمي بالعتق والإطعام النية.
وقال ابن عقيل ويعتق أيضا بلا نية وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
وقال ابن عقيل أيضا يصح العتق من المرتد.
وقال في عيون المسائل لأن الظهار من فروع النكاح أو قول منكر وزور والذمي أهل لذلك ويصح منه في غير الكفارة فصح منه فيها بخلاف الصوم. وصححه في الانتصار من وكيل فيه.
تنبيهان .
أحدهما شمل قوله يصح من كل زوج يصح طلاقه العبد وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره وقدمه في المغني والشرح وقيل لا يصح ظهاره.

فعلى المذهب يأتي حكم تكفيره في آخر كتاب الأيمان.
الثاني مفهوم كلامه أن من لا يصح طلاقه لا يصح ظهاره وهو صحيح كالطفل والزائل العقل بجنون أو إغماء أو نوم أو غيره وكذا المكره إذا لم نصحح طلاقه وحكم ظهار السكران مبني على طلاقه.
قوله: "وإن ظاهر من أمته أو أم ولده لم يصح بلا نزاع وعليه كفارة يمين".
هذا المذهب نقله الجماعة.
قال الزركشي وهو المشهور والمختار.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يلزمه كفارة ظهار وهو لأبي الخطاب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها حنبل قاله في الفروع.
وقال في المحرر نقلها أبو طالب.
وقال أبو الخطاب ويحتمل أن لا يلزمه شيء وهو تخريج في المحرر والفروع من رواية فيما إذا ظاهرت هي من زوجها الآتية.
وذكر في عمد الأدلة والترغيب رواية بالصحة.
قوله: "وإن قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي لم تكن مظاهرة".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع هذا المذهب.
قال الزركشي هذا المعروف والمشهور والمجزوم به عند كثير من الأصحاب حتى قال القاضي في روايتيه لم تكن مظاهرة رواية واحدة انتهى.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر وغيره وهو من مفردات المذهب.
وعنه أنها تكون مظاهرة اختاره أبو بكر وابن أبي موسى فتكفر إن طاوعته.
وإن استمتعت به أو عزمت فكمظاهر.
قوله: "وعليها كفارة ظهار".
هذا المذهب قاله في الفروع وعليه جماهير الأصحاب.

قال الزركشي هذا المشهور واختيار الخرقي والقاضي وجماعة من أصحابه كالشريف وأبي الخطاب وابنه أبي الحسين.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه عليها كفارة يمين.
قال المصنف والشارح هذا أقيس على مذهب الإمام أحمد رحمه الله وأشبه بأصوله.
وعنه لا شيء عليها ومنها خرج في التي قبلها كما تقدم.
قوله: "وعليها التمكين قبل التكفير".
يعني إذا قلنا إنها ليست مظاهرة وعليها كفارة الظهار وهذا المذهب وجزم به في المحرر وغيره.
قال في الرعاية الصغرى وعليها أن تمكنه قبلها في الأصح.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية الكبرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا تمكنه قبل التكفير.
وحكى ذلك عن أبي بكر حكاه عنه في الهداية.
قال المصنف وليس بجيد لأن ظهار الرجل صحيح وظهارها غير صحيح.
قال الزركشي قلت قول أبي بكر جار على قوله من أنها تكون مظاهرة.
وقال في المحرر وغيره وليس لها ابتداء القبلة والاستمتاع.
فائدتان
إحداهما يجب عليها كفارة الظهار قبل التمكين على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل بعده.
قال ابن عقيل رأيت بخط أبي بكر العود التمكين.
الثانية: وكذا الحكم لو علقته المرأة بتزويجها مثل إن قالت إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي.
قال في الفروع فكذلك ذكره الأكثر وهو ظاهر نصوصه ولم يفرق بينهما الإمام أحمد رحمه الله.

وقال في المحرر: فهو ظهار وعليها كفارة الظهار نص عليه في رواية أبي طالب وجزم به في الرعايتين والحاوي وغيرهم وقالوا نص عليه.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل أنه لغو.
قوله: "وإن قال لأجنبية أنت علي كظهر أمي لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر".
يصح الظهار من الأجنبية ولا يطؤها إذا تزوجها حتى يكفر على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الرعاية الكبرى صح في الأشهر.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه أصحابه.
وجزم به في الرعاية الصغرى والوجيز وغيرهما.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يصح كالطلاق.
قال في الانتصار هذا قياس المذهب كالطلاق.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله رواية.
والفرق أن الظهار يمين والطلاق حل عقد ولم يوجد.
فائدة وكذا الحكم إذا علقه فتزوجها بأن قال إذا تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي خلافا ومذهبا.
قوله: "وإن قال أنت علي حرام يريد في كل حال فكذلك" يعني: إذا قال ذلك للأجنبية وهذا بلا نزاع.
وإن أراد في تلك الحال فلا شيء عليه لأنه صادق.
وكذا إذا أطلق وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب وجه فيما إذا أطلق أنها كالتي قبلها في أنه يصح ولا يطأ إذا تزوجها حتى يكفر.
وقال في الرعايتين وكذا إن قال أنت علي حرام ونوى أبدا وإن نوى في الحال فلغو وإن أطلق احتمل وجهين.
فائدتان
إحداهما لو قال أنت علي كظهر أمي إن شاء الله.
فالصحيح من المذهب أنه ليس بظهار نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.

وقيل هو ظهار اختاره ابن عقيل.
الثانية لو ظاهر من إحدى زوجتيه ثم قال للأخرى أشركتك معها أو أنت مثلها فهو صريح في حق الثانية أيضا على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الهداية والمحرر والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
ويحتمل أنه كناية وهو رواية.
وقال في الرعاية الكبرى آخر باب الإيلاء إذا قال ذلك فقد صار مظاهرا منهما وفي اعتبار نيته وجهان.
وتقدم ذلك مستوفى في باب صريح الطلاق وكنايته فليعاود.
قوله: "ويحرم وطء المظاهر منها قبل التكفير".
إن كان التكفير بالعتق أو الصيام حرم الوطء إجماعا للنص وإن كان بالإطعام حرم أيضا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
منهم القاضي في خلافه وروايتيه والشريف والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يحرم وطؤها إذا كان التكفير بالإطعام اختاره أبو بكر وأبو إسحاق.
قوله: "وهل يحرم الاستمتاع منها بما دون الفرج على روايتين".
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي.
إحداهما يحرم وهو المذهب اختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب والشيرازي وابن البنا وغيرهم.
وصححها في الهداية والمذهب والخلاصة والهادي واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الفروع وتجريد العناية والمستوعب.
قال في القواعد: أشهرهما التحريم.
والرواية الثانية لا يحرم نقلها الأكثرون.
وذكر في الترغيب أنها أظهرهما عنه وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وقدمه في المحرر والنظم.

قوله: "وتجب الكفارة بالعود وهو الوطء نص عليه الإمام أحمد رحمه الله وأنكر على الإمام مالك رحمه الله أنه العزم على الوطء".
وهذا المذهب اختاره الخرقي وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي وأبو الخطاب هو العزم.
قال في المحرر وغيره وقال القاضي وأصحابه العود العزم.
قال الزركشي قطع به القاضي وأصحابه وذكره ابن رزين رواية.
قال القاضي: نص عليه في رواية جماعة منهم الأثرم واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
قال في البلغة وهو العزم على الأظهر.
قوله: "ولو مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة عليه".
وهذا مبني على المذهب وهو أن العود هو الوطء.
وأما إن قلنا إن العود هو العزم على الوطء لو عزم ثم مات أو طلقها قبل الوطء وجبت الكفارة.
فرعه في المحرر وغيره على قول القاضي وأصحابه. وعن القاضي لا تجب قاله في الفروع. وقال المصنف والشارح وقال القاضي وأصحابه العود العزم على الوطء.
إلا أنهم لم يوجبوا الكفارة على العازم على الوطء إذا مات أحدهما أو طلق قبل الوطء إلا أبا الخطاب فإنه قال إذا مات بعد العزم أو طلق فعليه الكفارة.
قوله: "وإن وطى ء قبل التكفير أثم واستقرت عليه الكفارة".
اعلم أن الوطء قبل التكفير محرم عليه ولا تسقط الكفارة بعد وطئه بموت ولا طلاق ولا غير ذلك وتحريمها عليه باق حتى يكفر ولو كان مجنونا نص عليه قاله في المحرر وغيره.
قال في الفروع ونصه تلزم مجنونا بوطئه.
قلت فيعايى بها.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة لا يلزم المجنون كفارة بوطئه وأنه كاليمين.
قال وهو أظهر وفي الترغيب وجهان كإيلاء.
قوله: "وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل له حتى يكفر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وابن حامد والقاضي وغيرهم وجزم به في الخلاصة وغيره.

وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر في الخلاف يبطل الظهار وتحل له فإن وطئها فعليه كفارة يمين واختاره أبو الخطاب.
ويتخرج أنه لا كفارة عليه كظهاره من أمته.
قوله: "وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارة واحدة".
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وابن حامد والقاضي.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب القاضي والشريف وأبو الخطاب والشيرازي وابن البنا وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه إن كرره في مجلس واحد فكفارة واحدة وإن كرره في مجالس فكفارات.
قال الزركشي وحكى أبو محمد في المقنع رواية إن كرره في مجالس فكفارات قال ولا أظنه إلا وهما.
قلت ليس الأمر كما قال فإن الشارح ذكرها وقال وهو مذهب أصحاب الرأي وروى عن علي رضي الله عنه وعمرو بن دينار رحمه الله وذكرها في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه تتعدد الكفارة بتعدد الظهار ما لم ينو التأكيد أو الإفهام.
قال الزركشي وأبو محمد في الكافي يحكي هذه الرواية إن نوى الاستئناف تكررت وإلا لم تتكرر وهو ظاهر كلام القاضي في روايتيه وليس بجيد فإن مأخذ هذه الرواية في الرجل يحلف على شيء واحد أيمانا كثيرة فإن أراد تأكيد اليمين فكفارة واحدة انتهى.
وعنه تتعدد مطلقا.
قوله: "وإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة فكفارة واحدة فإن كان بكلمات فلكل واحدة كفارة".

هذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال ابن حامد إذا ظاهر بكلمات فلكل واحدة كفارة رواية واحدة.
قال القاضي المذهب عندي ما قاله ابن حامد.
قال المصنف والشارح إذا ظاهر بكلمة واحدة فكفارة واحدة بغير خلاف في المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه عليه كفارة واحدة سواء كان بكلمة أو بكلمات اختاره أبو بكر وابن عبدوس في تذكرته وغيرهما.
وعنه عليه كفارات مطلقا.
وعنه إن كان بكلمات في مجالس فكفارات وإلا فواحدة.
فائدة قوله: في كفارة الظهار "هي على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا".
عدم استطاعة الصوم إما لكبر أو مرض مطلقا.
وقال في الكافي لمرض لا يرجى زواله أو يخاف زيادته أو تطاوله.
وقال المصنف وغيره أو لشبق واختاره في الترغيب.
أو لضعفه عن معيشة تلزمه وهو خلاف ما نقله أبو داود رحمه الله وغيره.
وفي الروضة لضعف عنه أو كثرة شغل أو شدة حر أو شبق انتهى.
قوله: "وكفارة الوطء في رمضان مثلها في ظاهر المذهب".
يعني أنها على الترتيب ككفارة الظهار.
وعنه أن كفارة رمضان على التخيير.
وتقدم ذلك مستوفى في كلام المصنف في آخر باب ما يفسد الصوم.
قوله: "وكفارة القتل مثلهما". يعني أنها على الترتيب في العتق والصيام "إلا في الإطعام ففي وجوبه روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والبلغة والزركشي.
إحداهما لا يجب الإطعام في كفارة القتل وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر.

وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي الخطاب والشريف في خلافيهما.
والرواية الثانية يجب اختاره في التبصرة والطريق الأقرب وغيرهما.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والنظم وغيرهم وصححه في التصحيح وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية.
قوله: "والاعتبار في الكفارات بحال الوجوب في إحدى الروايتين".
وكذا قال في الهداية والمستوعب وهو المذهب كالحد نص عليهما والقود وصححه في التصحيح.
قال ناظم المفردات هذا مذهبنا المختار وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع ونصره المصنف والشارح.
قال الزركشي وهو اختيار القاضي في تعليقه والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما وابن شهاب وأبي الحسين والشيرازي وابن عقيل وغيرهم انتهى.
وهو ظاهركلام الخرقي حيث قال إذا وجبت وهو عبد فلم يكفر حتى عتق فعليه كفارة الصوم لا يجزئه غيره.
وهو من مفردات المذهب.
فعليها إمكان الأداء مبني على الزكاة على ما تقدم.
وعليها إذا وجبت وهو موسر ثم أعسر لم يجزه إلا العتق وإن وجبت وهو معسر ثم أيسر لم يلزمه العتق وله الانتقال إليه إن شاء مطلقا على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال في البلغة وهو الصحيح عندي.
قال في الترغيب العتق هنا هدى المتعة أولى.
وقال في المذهب ظاهر المذهب لا يجزئه عتق.
وعنه في العبد إذا عتق لا يجزئه غير الصوم اختاره الخرقي وتقدم لفظه.
وخرج أبو الخطاب فيمن أيسر لا يجزئه غير الصوم كالرواية التي في العبد وهو رواية في الانتصار والترغيب.
وعليها أيضا وقت الوجوب في الظهار من حين العود لا وقت المظاهرة ووقته في اليمين من الحنث لا وقت اليمين وفي القتل زمن الزهوق لا زمن الجرح.

وتقديم الكفارة قبل الوجوب تعجيل لها قبل وجوبها لوجود سببها كتعجيل الزكاة قبل الحول بعد كمال النصاب قاله المصنف والشارح وغيرهما.
والرواية الثانية من أصل المسألة الاعتبار بأغلظ الأحوال.
اختارها القاضي في روايتيه وحكاها الشريف وأبو الخطاب عن الخرقي قال الزركشي وكأنهما أخذا ذلك من قوله ومن دخل في الصوم ثم أيسر لم يكن عليه الخروج من الصوم إلى العتق أو الإطعام إلا أن يشاء.
إذ ظاهره أن من لم يدخل في الصوم كان عليه الانتقال قال وما تقدم أظهر انتهى.
فمن أمكنه العتق من حين الوجوب إلى حين التكفير لا يجزئه غيره.
وقيل إن حنث عبد صام.
وقيل أو يكفر بمال.
وقيل إن اعتبر أغلظ الأحوال.
وذكر الشيرازي في المبهج وابن عقيل رواية أن الاعتبار بوقت الأداء.
قوله: "وإذا شرع في الصوم ثم أيسر لم يلزمه الانتقال عنه".
هذا المذهب وجزم به في المغني والوجيز وغيرهما.
قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند عامة الأصحاب.
قال في القاعدة السابعة لو شرع في كفارة ظهار أو يمين أو غيرهما ثم وجد الرقبة فالمذهب لا يلزمه الانتقال وصححه في الشرح وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم. ويحتمل أن يلزمه.
تنبيه: قد يقال إن ظاهر كلام المصنف أن له أن ينتقل إلى العتق والإطعام وهو كذلك وصرح به الخرقي وغيره.
وخرج أبو الخطاب قولا في الحر المعسر أنه كالعبد لا يجزئه غير الصوم على ما يأتي في آخر كتاب الأيمان.
فائدة قوله: "فمن ملك رقبة أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام وغيرها من حوائجه الأصلية بثمن مثلها لزمه العتق". بلا نزاع.
ويشترط أيضا أن يكون فاضلا عن وفاء دينه على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه المصنف وغيره.

وعنه لا يشترط ذلك وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في الرعايتين.
ومحل الخلاف عند المصنف وجماعة إذا لم يكن مطالبا بالدين أما إن كان مطالبا به فلا تجب وغيرهم يطلق الخلاف.
تنبيه: قوله: "ومن له خادم يحتاج إلى خدمته أو دار يسكنها أو دابة يحتاج إلى ركوبها أو ثياب يتجمل بها أو كتب يحتاج إليها".
يعني إذا كان ذلك صالحا لمثله فلو كان عنده خادم يمكن بيعه ويشتري به رقبتين يستغني بخدمة أحدهما ويعتق الأخرى لزمه ذلك.
وكذا لو كان عنده ثياب فاخرة تزيد على ملابس مثله أو دار يمكنه بيعها وشراء ما يكفيه لسكنى مثله قال ذلك المصنف والشارح وغيرهما.
قال في الفروع فاضلا عما يحتاج إليه من أدنى مسكن صالح لمثله.
قوله: "وإن وجدها بزيادة لا تجحف به فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح ابن منجا.
أحدهما يلزمه وهو المذهب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
قال في البلغة لا يلزمه إذا كانت الزيادة تجحف بماله.
وهو ظاهر كلامه في الفروع لأنه قاس الوجهين على الوجهين في الماء وصحح في الماء اللزوم.
والوجه الثاني لا يلزمه.
قوله: "وإن كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة لزمه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع لزمه في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والقواعد وغيرهم.
قال الزركشي: بلا نزاع أعلمه.
وقيل لا يلزمه اختاره الشارح وأطلقهما في الكافي.
قال في الشرح: إذا كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة فقد ذكر شيخنا فيما إذا عدم الماء فبذل له بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده وجهين اللزوم اختاره القاضي.

وعدمه: اختاره أبو الحسن التميمي.
فيخرج هنا على وجهين والأولى إن شاء الله أنه لا يلزمه لذلك انتهى.
فائدة وكذا الحكم لو كان له مال ولكنه دين قاله في الرعاية.
قال المصنف والشارح وغيرهما وحكم الدين المرجو الوفاء حكم المال الغائب.
تنبيه: ظاهر كلامه أن الرقبة إذا لم تبع بالنسيئة أنه يصوم وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الرعايتين صام في الأصح.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يجوز له الصوم والحالة هذه.
قال الزركشي في كتاب الكفارات وهو مقتضى كلام الخرقي ومختار عامة الأصحاب حتى إن أبا محمد وأبا الخطاب والشيرازي وغيرهم جزموا به.
وقيل لا يجوز في غير الظهار للحاجة لتحريمها قبل التكفير.
قال في الرعاية الكبرى وقيل يصوم في الظهار فقط إن رجى إتمامه قبل حصول المال.
وقيل أو لم يرج.
قال الشارح تبعا للمصنف وإن لم يمكنه شراؤها نسيئة فإن كان مرجو الحضور قريبا لم يجز الانتقال إلى الصيام وإن كان بعيدا لم يجز الانتقال للصيام في غير كفارة الظهار لأنه لا ضرر في الانتظار.
وهل يجوز في كفارة الظهار على وجهين انتهى.
قوله: "ولا يجزئه في كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة". بلا نزاع للآية "وكذلك في سائر الكفارات في ظاهر المذهب".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي والشريف وأبو الخطاب والشيرازي والمصنف وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه: يجزئه رقبة كافرة اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة وغيرهم.
فعلى الرواية الثانية: هل تجزئ رقبة كافرة مطلقا أو يشترط أن تكون كتابية أو ذمية؟ فيه

ثلاثة أوجه وأطلقهن في الفروع.
قال في المغني والشرح وعنه يجزئ عتق رقبة ذمية.
قال الزركشي تجزئ الكافرة نص عليها في اليهودي والنصراني.
وقال في المحرر والهداية والمذهب والخلاصة والحاوي وغيرهم إحدى الروايتين تجزئ الكافرة وقدمه في الرعايتين.
وذكر أبو الخطاب وغيره أنه لا تجزئ الحربية والمرتدة اتفاقا.
تنبيه: ظاهر قوله: "ولا تجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا كالعمى".
أن الأعور يجزئ وهو إحدى الروايتين وهو المذهب.
قدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع والمستوعب والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وعنه لا يجزئ قدمه في التبصرة وأطلقهما في الرعايتين.
قوله: "وشلل اليد والرجل أو قطعهما أو قطع إبهام اليد أو سبابتها أو الوسطى أو الخنصر أو البنصر من يد واحدة".
يعني لا يجزئ وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه إن كانت إصبعه مقطوعة فأرجو هذا يقدر على العمل.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه يجزئ عتق المرهون وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الرعايتين وجزم به في الفروع.
وقيل لا يجزئ ولا يصح إلا مع يسار الراهن.
وظاهر كلامه أنه يجزئ الجاني وهو صحيح ولو قتل في الجناية قاله في الرعايتين وغيره.
قال في الفروع يجزئ إن جاز بيعه.
فائدة: قطع أنملة الإبهام كقطع الإبهام وقطع أنملتين من إصبع كقطعها وقطع أنملة من غير الإبهام لا يمنع الإجزاء.
تنبيهات
أحدها مفهوم كلامه أنه لو قطع واحدة من الخنصر والبنصر أو قطعا من يدين أنه يجزئه وهو صحيح وهو المذهب لا أعلم فيه خلافا.

ومفهوم كلامه أيضا أنه لو قطع إبهام الرجل أو سبابتها أنه لا يمنع الإجزاء وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح والوجيز.
وقطع في الرعاية الكبرى أنه لا يمنع الأجزاء قطع أصابع القدم.
والذي قدمه في الفروع أن حكم القطع من الرجل حكم القطع من اليد.
الثاني مفهوم قوله: "ولا يجزئ المريض الميئوس منه".
أنه لو كان غير ميئوس منه أنه يجزئ وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي والوجيز وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع.
وقيل لا يجزئ أيضا.
قال في الرعايتين ولا يجزئ مريض أيس منه أو رجي برؤه ثم مات في وجه.
الثالث: ظاهر قوله لا يجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا أن الزمن والمقعد لا يجزئان وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجزئ كل واحد منهما.
قال في الفروع ويتوجه مثلهما النحيف.
قوله: "ولا غائب لا يعلم خبره".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع ولا يجزئ من جهل خبره في الأصح.
قال في القواعد الفقهية المشهور عدم الإجزاء.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والنظم وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقيل يجزئ وهو احتمال في الهداية.
وحكاه ابن أبي موسى في شرح الخرقي وجها.
وجزم القاضي في الخلاف أنه يجزئ من جهل خبره عن كفارته.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يعلم خبره مطلقا أما إن أعتقه ثم تبين بعد ذلك كونه حيا فإنه يجزئ قولا واحدا قاله الأصحاب.
قوله: "ولا أخرس لا تفهم إشارته".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.

وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهما.
وقدمه في الفروع وفيه وجه يجزئ اختاره القاضي وجماعة من أصحابه قاله الزركشي.
وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله جوازه في رواية أبي طالب.
ويأتي قريبا في كلام المصنف حكم من فهمت إشارته.
فائدة لا يجزئ الأخرس الأصم ولو فهمت إشارته على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
واختار أبو الخطاب والمصنف الإجزاء إذا فهمت إشارته.
ويأتي في كلام المصنف إذا كان أصم فقط.
قوله: "ولا من اشتراه بشرط العتق في ظاهر المذهب".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هو المشهور والمختار للأصحاب.
قال في المحرر ولا يجزئ على الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجزئ.
قوله: "ولا أم الولد في الصحيح عنه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في المحرر لا تجزئ على الأصح.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تجزئ.
قلت ويجيء عند من يقول بجواز بيعها الإجزاء.
وأطلقهما في الرعايتين.

قوله: "ولا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا في اختيار شيوخنا".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال القاضي هذا الصحيح.
قال الزركشي هذا اختيار القاضي وأصحابه.
وقطع به الخرقي والأدمي في منتخبه وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجزئ مطلقا اختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
قال في النظم وهو الأولى.
وعنه لا يجزئ مكاتب بحال.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وأطلق الثانية والثالثة في الرعايتين.
فائدة لو أعتق عن كفارته عبدا لا يجزئ في الكفارة نفذ عتقه ولا يجزئ عن الكفارة ذكره المصنف وغيره.
قوله: "ويجزئ الأعرج يسيرا". بلا نزاع. "والمجدوع الأنف والأذن والمجبوب والخصي".
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم منهم صاحب الفروع وغيره وصححه الزركشي وغيره.
وعنه لا يجزئ ذلك وتقدم حكم الأعور.
قوله: "ومن يخنق في الأحيان".
يعني أنه لا يجزئ.
اعلم أنه إن كانت إفاقته أكثر من خنقه فإنه يجزئ وإن كان خنقه أكثر أجزأ أيضا على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وجماعة كثيرة من الأصحاب وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وقيل لا يجزئ.
قال في الفروع وهو أولى.
وجزم به في الرعاية الكبرى.

قوله: "والأصم والأخرس الذي يفهم الإشارة وتفهم إشارته".
يجزئ عتق الأصم على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال في الوجيز والتبصرة لا يجزئ.
وأما الأخرس الذي تفهم إشارته ويفهم الإشارة فالصحيح من المذهب أنه يجزئ.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
واختاره القاضي وجماعة من أصحابه والمصنف والشارح.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وعنه لا يجزئ الأخرس مطلقا.
تنبيه: قوله: "والمدبر".
يعني أنه يجزئ ومراده إذا قلنا بجواز بيعه قاله الأصحاب.
قوله: "والمعلق عتقه بصفة".
يعني أنه يجزئ.
واعلم أن المصنف ذكر قبل ذلك أنه لا يجزئ عتق من علق عتقه بصفة عند وجودها.
وقطع هنا بإجزاء عتق من عتق علقه بصفة.
فمراده هنا إذا أعتقه قبل وجود الصفة وهو صحيح في المسألتين ولا أعلم فيه نزاعا.
قوله: "وولد الزنى".
يعني: أنه يجزئ وهو المذهب ولا أعلم فيه خلافا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويحصل له أجره كاملا خلافا لمالك رحمه الله فإنه يشفع مع صغره لأمه لا أبيه.
قوله: "والصغير".
يعني أنه يجزئ وهو المذهب.
قال المصنف والشارح وقال أبو بكر وغيره من الأصحاب يجوز إعتاق الطفل في الكفارة.
قال الزركشي هذا اختيار الأكثرين فيجوز عتق الطفل الصغير.

وجزم به في الهداية والمذهب والمنور ومنتخب الآدمي.
واختاره المصنف وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يعتبر أن يكون له سبع سنين إن اشترط الإيمان.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
قال في الوجيز ويجزئ بن سبع.
وقال الخرقي يجزئ إذا صام وصلى.
وقيل يجزئ وإن لم يبلغ سبعا.
ونقل الميموني يعتق الصغير إلا في قتل الخطأ فإنه لا يجزئ إلا مؤمنة وأراد التي قد صلت.
وقال القاضي في موضع من كلامه يجزئ إعتاق الصغير في جميع الكفارات إلا كفارة القتل فإنها على روايتين.
فائدة لا يجزئ إعتاق المغصوب على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع في موضع.
وفيه وجه آخر أنه يجزئ.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
وقال في الفروع في مكان آخر وفي مغصوب وجهان في الترغيب.
قوله: "وإن أعتق نصف عبد وهو معسر ثم اشترى باقيه فأعتقه أجزأه إلا على رواية وجوب الاستسعاء".
وهو صحيح وقاله الأصحاب.
واختار في الرعايتين الإجزاء مع القول بوجوب الاستسعاء.
قوله: "وإن أعتقه وهو موسر فسرى لم يجزه نص عليه".
وهو المذهب اختاره أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز والمصنف والشارح والناظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن يجزئه يعني إذا نوى عتق جميعه عن كفارته كعتقه بعض عبده ثم بقيته اختاره القاضي وأصحابه.
قال في الحاوي الصغير وهو الأقوى عندي.

قال القاضي قال غير الخلال وأبي بكر عبد العزيز يجزئه إذا نوى عتق جميعه عن كفارته.
قوله: "وإن أعتق نصفا آخر أجزأه عند الخرقي".
يعني أنه كمن أعتق نصفي عبدين وهو المذهب.
قال في الروضة هذا الصحيح من المذهب.
قال في عيون المسائل هذا ظاهر المذهب.
قال الشريف أبو جعفر هذا قول أكثرهم.
قال الزركشي: هذا اختيار القاضي في تعليقه وعامة أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما وابن البنا والشيرازي وصححه في الخلاصة وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
ولم يجزئه عند أبي بكر.
واختاره ابن حامد فيما حكاه القاضي في روايتيه وجزم به في العمدة.
وذكر ابن عقيل وصاحب الروضة هذين القولين روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر والرعايتين والحاوي.
وعند القاضي إن كان باقيهما حرا أجزأ وإلا فلا واختاره المصنف.
وجزم به في الوجيز وقدمه في النظم.
وقيل إن كان باقيهما حرا أو أعتق كل واحدة منهما عن كفارتين أجزأه وإلا فلا.
قال في المحرر والحاوي وهذا أصح.
وجزم بالثاني ناظم المفردات وهو منها.
وذكر هذه الأقوال في الهدى روايات عن الإمام أحمد رحمه الله.
فائدة وكذا الحكم لو أعتق نصفي عبدين أو أمتين أو أمة وعبدا بل هذه هي الأصل في الخلاف.
وقيل إن كان باقيهما حرا أجزأ وجها واحدا لتكميل الحرية.
قال في القاعدة الحادية بعد المائة وخرج الأصحاب على الوجهين لو أخرج في الزكاة نصفي شاتين وزاد في التلخيص لو أهدى نصفي شاتين.
قال في القواعد: وفيه نظر إذ المقصود من الهدى اللحم ولهذا أجزأ فيه شقص من بدنة.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على الإجزاء هنا انتهى.

قوله: "فمن لم يجد رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين حرا كان أو عبدا".
قال الشارح يستوي في ذلك الحر والعبد عند أهل العلم لا نعلم فيه خلافا.
قوله: "ولا تجب نية التتابع".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والنظم والزركشي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل يجب وأطلقهما في البلغة والرعايتين.
فعلى القول بالوجوب في الاكتفاء بالليلة الأولى والتجديد كل ليلة وجهان ذكرهما في الترغيب.
قلت قواعد المذهب تقتضي أنه لا يكتفى بالليلة الأولى وأنه لا بد من التجديد كل ليلة ويبيت النية.
وفي تعيينها جهة الكفارة وجهان ذكرهما في الترغيب أيضا.
قلت الصواب وجوب التعيين.
وقد تقدم في باب النية أن الصحيح من المذهب وجوب نية القضاء في الفائتة ونية الفرضية في الفرض ونية الأداء للحاضرة فهنا بطريق أولى.
قوله: "فإن تخلل صومها صوم شهر رمضان أو فطر واجب كفطر العيد أو الفطر لحيض أو نفاس أو جنون أو مرض مخوف أو فطر الحامل والمرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع التتابع".
إذا تخلل صوم الشهرين صوم شهر رمضان أو فطر يومي العيدين أو حيض أو جنون انقطع التتابع نص عليه في العيد والحيض ولم يلزمه كفارة عند الأصحاب.
وكون الصوم لا ينقطع إذا تخلله رمضان أو يوم العيد من مفردات المذهب.
وقال في الروضة إن أفطر لعذر كمرض وعيد بنى وكفر كفارة يمين انتهى.
وإذا تخلل ذلك مرض ومخوف لم يقطع التتابع ولم يلزمه كفارة.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمغني والشرح والوجيز والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قال في الفروع قال جماعة ومرض مخوف.
وتقدم قول صاحب الروضة.

وإذا أفطرت الحامل والمرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع التتابع لا أعلم فيه خلافا.
وإذا أفطرت لأجل النفاس فجزم المصنف هنا أنه لا ينقطع التتابع أيضا وهو أحد الوجهين والصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
والوجه الثاني ينقطع التتابع وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز والخلاصة فإنهما لم يذكراه فيما لا يقطع التتابع.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قوله: "وكذلك إن خافتا على ولديهما".
يعني إذا أفطرتا لخوفهما على ولديهما لم يقطع التتابع وهو أحد الوجهين والمذهب منهما.
اختاره أبو الخطاب في الهداية وصححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس والمصنف وغيرهم وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن ينقطع وهو للقاضي واختاره.
وهو ظاهر ما جزم به الناظم.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدتان
إحداهما: لو أفطر مكرها أو ناسيا كمن وطى ء كذلك أو خطأ كمن أكل يظنه ليلا فبان نهارا لم يقطع التتابع على الصحيح من المذهب كالجاهل به.
جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يقطعه وأطلقهما الزركشي.
قال المصنف ومن تبعه لو أكل ناسيا لوجوب التتابع أو جاهلا به أو ظنا منه أنه قد أتم الشهرين انقطع تتابعه.
الثانية قوله: "وإن أفطر لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف". بلا نزاع.

ويقع صومه عما نواه على الصحيح من المذهب.
وقال في الترغيب هل يفسد أو ينقلب نفلا فيه وفي نظائره وجهان.
قوله: "وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير المخوف فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما لا ينقطع التتابع به وهو المذهب.
قدمه في الكافي والفروع وجزم به الآدمي في منتخبه وابن عبدوس في تذكرته وإليه ميل المصنف وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال الشارح: لا ينقطع التتابع بفطره في السفر المبيح له على الأظهر وأطلق الوجهين في المرض.
والوجه الثاني يقطعه وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
وقيل يقطع السفر لأنه أنشأه باختياره ولا يقطع المرض اختاره القاضي وجماعة من أصحابه.
وقال القاضي نص عليه.
قال الزركشي هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قوله: "وإن أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع".
هذا المذهب مطلقا جزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير والفروع.
ويأتي كلامه في الرعاية الكبرى.
قال الناظم هذا أولى.
وعنه لا ينقطع بفعله ناسيا فيهما.
قال في الرعاية الصغرى وإن وطىء من ظاهر منها ليلا عمدا أو نهارا سهوا انقطع على الأصح.
وقال في الكبرى وإن وطى ء من ظاهر منها ليلا عمدا.
وقيل أو سهوا أو نهارا سهوا لم ينقطع التتابع على الأصح فيهما فاختلف تصحيحه.

قال الزركشي فيما إذا وطى ء ليلا هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار أصحابه الخرقي والقاضي وأصحابه والشيخين وغيرهم.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه إذا أصاب المظاهر منها ليلا عمدا أنه ينقطع قولا واحدا لأنه إنما حكى الخلاف في النسيان.
وليس الأمر كذلك بل الخلاف جار في العمد والسهو بلا نزاع عند الأصحاب.
قال الزركشي وهو غفلة من المصنف انتهى.
قلت الظاهر أن سبب ذلك متابعته لظاهر كلامه في الهداية فإنه قال إذا وطى ء المظاهر منها ليلا أو نهارا ناسيا انقطع التتابع في إحدى الروايتين وفي الأخرى لا ينقطع.
فظاهره أن قوله ناسيا راجع إلى الليل والنهار وإنما هو راجع إلى النهار فتابعه على ذلك وغير العبارة فحصل ذلك.
فائدتان
إحداهما قوله: "فإن أصاب غيرها ليلا لم ينقطع".
وهذا بلا خلاف أعلمه وكذا لو أصابها نهارا ناسيا أو لعذر يبيح الفطر.
الثانية لا ينقطع بوطئه في أثناء الإطعام والعتق على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
ونقله ابن منصور في الإطعام ومنعهما في الانتصار ثم سلم الإطعام لأنه بدل والصوم مبدل كوطء من لا يطيق الصوم في الإطعام.
وقال في الرعاية وفي استمتاعه بغيره روايتان.
وذكر المصنف أنه ينقطع إن أفطر.
قوله: "فإن لم يستطع لزمه إطعام ستين مسكينا مسلما".
يشترط الإسلام في المسكين في دفع الكفارة إليه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج أبو الخطاب جواز دفعها إلى الذمي إذا كان مسكينا من جواز عتقه في الكفارة.
وخرج الخلال جواز دفعها إلى كافر.
قال ابن عقيل لعله أخذه من المؤلفة.
قال الزركشي وحكى الخلال في جامعه رواية بالجواز.
قال القاضي لعله بنى ذلك على جواز عتق الذمي في الكفارة انتهى.
واقتصر ابن القيم رحمه الله في الهدى على الفقراء والمساكين لظاهر القرآن.

قوله: "صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل الطعام".
هذا إحدى الروايتين يعني أنه يشترط في جواز دفعها إلى الصغير أن يكون ممن يأكل الطعام وهذه الرواية اختيار الخرقي والقاضي والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
قال المجد هذه الرواية أشهر عنه.
وجزم به في الخلاصة والبلغة ونظم المفردات ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وعدم الإجزاء فيما إذا لم يأكل الطعام من مفردات المذهب.
والرواية الثانية يجوز دفعها إلى الصغير سواء كان يأكل الطعام أو لا وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والنظم والفروع.
وتقدم نظيره في باب ذكر أهل الزكاة.
قوله: "ولا يجوز دفعها إلى مكاتب".
هذا إحدى الروايتين واختاره القاضي في المجرد والمصنف والشارح ونصراه وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وصححه والبلغة.
وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله أحرار.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
والرواية الثانية يجوز دفعها إليه وهو تخريج في الهداية وتابعه جماعة وهو المذهب اختاره القاضي وأبو الخطاب والشريف في خلافاتهم وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمحرر والنظم.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: "فإن دفعها إلى من يظنه مسكينا فبان غنيا فعلى روايتين كالروايتين".
اللتين في الزكاة حكما ومذهبا على ما تقدم في أواخر باب ذكر أهل الزكاة.
وتقدم أن الصحيح من المذهب الإجزاء.
قوله: "وإن ردها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزه إلا أن لا يجد غيره فيجزيه في ظاهر المذهب".

وإن وجد غيره من المساكين لم يجزه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في المحرر هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا اختيار الخرقي والقاضي وأصحابه وعامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجزيه اختاره بن بطة وأبو محمد الجوزي.
قال الزركشي اختاره أبو البركات.
وإن لم يجد غيره فالصحيح من المذهب الإجزاء وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والمجد وغيرهما هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يجزئه اختاره أبو الخطاب في الانتصار وصححها في عيون المسائل وقال اختارها أبو بكر.
قوله: "وإن دفع إلى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الشارح هذا اختيار الخرقي وهو أقيس وأصح وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يجزئه فيجزئ عن واحدة.
والأخرى إن كان أعلمه أنها كفارة رجع عليه وإلا فلا.
قال المصنف والشارح ويتخرج عدم الرجوع من الزكاة.
قوله: "والمخرج في الكفارة ما يجزئ في الفطرة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
واقتصر الخرقي على البر والشعير والتمر.
وإخراج السويق والدقيق هنا من مفردات المذهب.
"وفي الخبز روايتان".
وكذا السويق وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والهادي والبلغة والشرح والنظم ونظم المفردات والمذهب الأحمد.

إحداهما لا يجزئ وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والرواية الثانية يجزئ وهو اختيار الخرقي.
قال المصنف وهذه أحسن.
قلت وهو الصواب.
وصححه في التصحيح وجزم به الآدمي في منتخبه.
قال الزركشي اختاره القاضي وأصحابه ذكره في باب الظهار.
وقال في باب الكفارات اختاره القاضي وعامة أصحابه وقال يقرب من الإجماع.
وذكر المصنف على الإجزاء احتمالا أن الخبز افضل المخرجات وما هو ببعيد.
واختار المصنف أن أفضل المخرج هنا البر قال للخروج من الخلاف.
والمذهب أن التمر أفضل.
قال الإمام أحمد رحمه الله التمر أعجب إلي.
قوله: "وإن كان قوت بلده غير ذلك أجزأه منه: لقوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89].
هذا أحد الوجهين اختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قلت وهو الصواب.
وقال القاضي لا يجزئه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والنظم والزركشي.
قوله: "ولا يجزئ من البر أقل من مد ولا من غيره أقل من مدين".
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الإيضاح يجزئ مد أيضا من غير البر كالبر وذكره المجد رواية ونقله الأثرم.

تنبيه: قوله: "ولا من الخبز أقل من رطلين بالعراقي".
يعني إذا قلنا يجزئ إخراج الخبز وهو واضح إلا أن يعلم أنه مد فيجزئ ولو كان أقل من رطلين وكذا ضعفه من الشعير ونحوه قاله الأصحاب.
قوله: "وإن أخرج القيمة أو غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والوجيز والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه يجزئه إذا كان قدر الواجب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله الإجزاء ولم يعتبر القدر الواجب وهو ظاهر نقل أبي داود وغيره فإنه قال أشبعهم قال ما أطعمهم قال خبزا ولحما إن قدرت أو من أوسط طعامكم.
قوله: "ولا يجزئ الإخراج إلا بنية وكذا الإعتاق والصيام".
واعلم أنه يشترط النية في الإطعام والإعتاق والصيام ولا يجزئ نية التقرب فقط.
وتقدم هل تجب نية التتابع أم لا في كلام المصنف قريبا.
قوله: "وإن كان عليه كفارات من جنس فنوى إحداها أجزأه عن واحدة".
ولا يجب تعيين سببها على الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الفروع لم يشترط تعيين سببها في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقيل يشترط تعيين سببها.
قوله: "وإن كانت من أجناس فكذلك عند أبي الخطاب".
يعني أنه لا يجب تعيين السبب وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع وغيره وصححه في المحرر وقال هو قول غير القاضي.
قال ابن شهاب على أن الكفارات كلها من جنس قال ولأن آحادها لا يفتقر إلى تعيين النية بخلاف الصلوات وغيرها.
وعند القاضي: لا يجزئه حتى يعين سببها كتيممه وكوجه في دم نسك ودم محظور وكعتق نذر وعتق كفارة في الأصح قاله في الترغيب.

قوله: "فإن كانت عليه كفارة واحدة نسي سببها أجزأه كفارة واحدة على الوجه الأول".
قاله أبو بكر وغيره.
وعلى الوجه الثاني تجب عليه كفارات بعدد الأسباب.
واختار أبو الخطاب في الانتصار إن اتحد السبب فنوع وإلا جنس.
فائدة لو كفر مرتد بغير الصوم لم يصح على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وقال القاضي المذهب صحته.
تنبيه: تقدم في آخر "باب ما يفسد الصوم": هل تسقط جميع الكفارات بالعجز عنها أم لا وحكم أكله من كفاراته هل يجوز أم لا.

كتاب اللعان
باب اللعان...
كتاب اللعانفوائد
الأولى: اللعان مصدر لاعن إذا فعل ما ذكر أو لعن كل واحد من الاثنين الآخر.
قال المصنف والشارح وهو مشتق من اللعن لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذبا.
وقال القاضي سمى بذلك لأن الزوجين لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذبا فتحصل اللعنة عليه انتهى.
وأصل اللعن الطرد والإبعاد قاله الأزهري يقال لعنه الله أي أبعده.
الثانية: قوله: "وإذا قذف الرجل امرأته بالزنى فله إسقاط الحد باللعان".
بلا نزاع ويسقط الحد عنه بلعانه وحده.
ذكره المصنف وصاحب الترغيب.
وله إقامة البينة بعد اللعان ويثبت موجبهما.
الثالثة قوله وإذا قذف الرجل امرأته بالزنى يعني سواء قذفها به في طهر أصابها فيه أم لا وسواء كان في قبل أو دبر.
قوله: "فله إسقاط الحد باللعان" لا نزاع كما تقدم.
قال الأصحاب وله إسقاط بعضه به ولو بقي منه سوط واحد.
قوله: "وصفته أن يبدأ الزوج فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى".
هذا أحد الوجوه وهو المذهب جزم به في المغني والكافي والشرح وشرح ابن منجا والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل: لا يشترط أن يذكر الرمي بالزنى بل يقول بعد أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه.
وذكره الإمام أحمد رحمه الله وجزم به في المحرر والنظم والوجيز.

وقيل يقول بعد أشهد بالله إني لمن الصادقين فقط وأطلقهن في الفروع.
قوله: "ثم تقول هي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات ثم تقول في الخامسة وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى".
فقطع المصنف هنا أنها تقول في الخامسة بعد ذلك فيما رماني به من الزنى فظاهره أنه يشترط ذكر ذلك وهو أحد الوجهين.
وهذا ظاهر ما جزم به في البلغة والرعايتين والحاوي وتذكرة ابن عبدوس فإن عباراتهم كعبارة المصنف.
والصحيح من المذهب أنه لا يشترط ذكر ذلك.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وأخذ ابن هبيرة بالآية "24: 6 - 10 في ذلك كله.
ونقل ابن منصور على ما في كتاب الله تعالى يقول الرجل أربع مرات أشهد بالله إني فيما رميتها به لمن الصادقين ثم يوقف عند الخامسة فيقول لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين والمرأة مثل ذلك.
قوله: "وإن أبدل لفظة "أشهد" بـ"أقسم" أو "أحلف" أو لفظة "اللعنة" بـ"الإبعاد" أو "الغضب" بـ"السخط" فعلى وجهين".
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا يصح وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وصححه في التصحيح.
قال في الهداية أحدهما لا يعتد بذلك وهو الأظهر.
قال في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة لا يعتد بذلك في أصح الوجهين.
قال في المستوعب لا يعتد بذلك في أظهر الوجهين.
قال الناظم ويلغي بذلك على المتجود.
قال في الفروع والأصح لا يصح.
قال في البلغة ويتعين لفظ الشهادة ولا يجوز إبداله وكذلك صيغة اللعنة والغضب على الأصح.
قال المصنف والصحيح أن ما اعتبر فيه لفظ الشهادة لا يقوم غيره مقامه كالشهادات.

قال الزركشي لو أبدل لفظة اللعنة بالإبعاد أو بالغضب ففي الإجزاء ثلاثة أوجه.
ثالثها الإجزاء بالغضب لا بالإبعاد.
وفي إبدال لفظة أشهد بأقسم أو أحلف وجهان أصحهما لا يجزئ انتهى.
والوجه الثاني يصح.
قال ابن عبدوس في تذكرته ولا يبطل بتبديل لفظ بما يحصل معناه.
وأما إذا أبدلت الغضب باللعنة فإنه لا يجزئ قولا واحدا.
قوله: "ومن قدر على اللعان بالعربية لم يصح منه إلا بها وإن عجز عنها لزمه تعلمها في أحد الوجهين".
وهما احتمالان مطلقان في الهداية وأطلقهما في المذهب والمستوعب والخلاصة والنظم.
أحدهما يصح بلسانه وهو المذهب اختاره المصنف والشارح وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني لا يصح ويلزمه تعلمها.
وتقدم نظير ذلك في أركان النكاح وصفة الصلاة.
قوله: "وإن فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي وشرح ابن منجا والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وصححه في النظم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وعنه لا يصح اختاره المصنف وقدمه في الشرح.
قوله: "وهل يصح لعان من اعتقل لسانه وأيس من نطقه بالإشارة على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما يصح وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وقدمه في الرعاية الكبرى وجزم به في الوجيز والمنور.

قال في الكافي هو كالأخرس.
الوجه الثاني لا يصح.
قوله: "وهل اللعان شهادة أو يمين على روايتين".
وهذه المسألة من الزوائد.
إحداهما هو يمين قدمه في الرعايتين.
والثانية هو شهادة.
قوله: "والسنة أن يتلاعنا قياما بمحضر جماعة".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم وقدمه في الفروع.
وقيل بمحضر أربعة فأزيد جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز.
قال المصنف والشارح يسن أن يكون بمحضر جماعة من المسلمين ويستحب أن لا ينقصوا عن أربعة انتهى.
قلت: لعل المسألة قولا واحدا وأن بعض الأصحاب قال جماعة وبعضهم قال أربعة ومراد من قال جماعة أن لا ينقصوا عن أربعة ولكن صاحب الفروع غاير بين القولين.
فإن كان أحد من الأصحاب صرح في قوله جماعة أنهم أقل من أربعة: فمسلم وإلا فالأولى أن المسألة قولا واحدا كما قال المصنف والشارح والله أعلم.
قوله: "في الأوقات والأماكن المعظمة".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا يسن تغليظه بمكان ولا زمان اختاره القاضي والمصنف وقدمه في الكافي وصححه في المغني.
وأطلقهما في الفروع.
وخص في الترغيب هذين الوجهين بأهل الذمة وهو احتمال في المغني والشرح.
فائدة: "الزمان" بعد العصر وقال أبو الخطاب في موضع آخر بين الأذانين "والمكان"

بمكة بين الركن والمقام وبالمدينة: عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيت المقدس عند الصخرة وفي سائر البلدان في جوامعها.
ويأتي لهذا مزيد بيان في باب اليمين في الدعاوى.
قوله: "وأن يكون ذلك بحضرة الحاكم".
يشترط في صحة اللعان أن يكون بحضرة الحاكم أو نائبه وهو المذهب وعليه الأصحاب.
لكن ظاهر كلام المصنف هنا أن حضوره مستحب ولم أره لغيره.
وقد يقال لا يلزم من كون المصنف جعله سنة انتفاء الوجوب إذ السنة في قوله والسنة أعم من أن يكون مستحبا أو واجبا.
فائدة لو حكما رجلا يصلح للقضاء وتلاعنا بحضرته فقال الشارح قد ذكرنا أن من شرط صحة اللعان أن يكون بحضرة الإمام أو نائبه.
وحكى شيخنا في آخر كتاب القضاء يعني في المقنع إذا تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما نفذ حكمه في اللعان في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى وحكاه أبو الخطاب.
قلت وهو المذهب لأنه كحاكم الإمام.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره على ما يأتي هناك إن شاء الله تعالى.
وقال القاضي لا ينفذ إلا في الأموال خاصة.
وحاصله أنهما إذا حكما رجلا هل يكون كالحاكم من جميع الوجوه أم لا على ما يأتي بيانه.
قوله: "فإن كانت المرأة خفرة بعث الحاكم من يلاعن بينهما".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في عيون المسائل في مسألة فسخ الخيار بلا حضور الآخر للزوج أن يلاعن مع غيبتها وتلاعن هي مع غيبته.
قوله: "وإذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة منهن بلعان".
هذا المذهب وإحدى الروايات.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب يفرد كل واحدة منهن بلعان على ظاهر كلام أصحابنا.

وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يجزئه لعان واحد وهو احتمال في الهداية وأطلقهما في الخلاصة.
وعنه إن كان القذف بكلمة واحدة أجزأه لعان واحد وإن قذفهن بكلمات أفرد كل واحدة بلعان.
فعلى القول بأنه يفرد كل واحدة بلعان يبدأ بلعان التي تبدأ بالمطالبة فإن طالبن جميعا وتشاححن بدأ بإحداهن بالقرعة وإن لم يتشاححن بدأ بلعان من شاء منهن ولو بدأ بواحدة منهن بغير قرعة مع المشاحة صح.
تنبيه: قوله في تتمة الرواية الثانية: "فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى وتقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى".
هذه الزيادة وهي قوله فيما رميتكن به من الزنى وفيما رماني به من الزنى مبنية على القول الذي جزم به في أول الباب عند صفة ما يقول هو وتقول هي.
وتقدم الخلاف هناك فكذا الحكم هنا.
قوله: "ولا يصح إلا بشروط ثلاثة.
أحدها: أن يكون بين زوجين عاقلين بالغين سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال الزركشي هذا اختيار القاضي في تعليقه وجماعة من أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البنا واختيار أبي محمد الجوزي أيضا وغيره انتهى.
وصححه في الهداية والمستوعب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الأخرى لا يصح إلا بين زوجين مكلفين مسلمين حرين عدلين اختاره الخرقي قاله القاضي والشريف وأبو الخطاب وغيرهم.
وعنه يصح من زوج مكلف وامرأة محصنة فإذا بلغت من يجامع مثلها ثم طلبت حد إن

لم يلاعن إذن فلا لعان لتعزير.
قال الزركشي وهذه الرواية ظاهر كلام الخرقي لأنه اعتبر في الزوجة البلوغ والحرية والإسلام ولم يعتبر ذلك من الزوج.
ثم قال في كلام الخرقي تساهل وبينه.
وقال وعنه لا لعان بقذف غير محصنة إلا لولد يريد نفيه.
وذكر أبو بكر يلاعن بقذف صغيرة كتعزير.
وقال في الموجز ويتأخر لعانها حتى تبلغ.
وفي مختصر ابن رزين إذا قذف زوجة محصنة بزنا حد بطلب وعزر بترك ويسقطان بلعان أو ببينة.
وفي الانتصار في زانية وصغيرة لا يلحقها عار بقوله فلا حد ولا لعان.
وعنه يلاعن بقذف غير محصنة لنفي الولد فقط.
قال الزركشي وهذا اختيار القاضي في المجرد.
وفي المذهب لابن الجوزي كل زوج صح طلاقه صح لعانه في رواية.
وعنه لا يصح إلا من مسلم عدل.
والملاعنة كل زوجة عاقلة بالغة.
وعنه مسلمة حرة عفيفة.
قوله: "وإن قذف أجنبية أو قال لامرأته "زنيت قبل أن أنكحك" حد ولم يلاعن".
إذا قذف الأجنبية حد ولم يلاعن بلا نزاع.
وإذا قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد أيضا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ولم يلاعن.
وعنه: أنه يلاعن مطلقا.
وعنه يلاعن لنفي الولد إن كان.
قوله: "وإن أبان زوجته ثم قذفها بزنى في النكاح أو قذفها في نكاح فاسد وبينهما ولد لاعن لنفيه وإلا حد ولم يلاعن".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.

وقال في الانتصار عن أصحابنا إن أبانها ثم قذفها بزنا في الزوجية لاعن.
وفيه أيضا لا ينتفي ولد بلعان من نكاح فاسد كولد أمته.
ونقل ابن منصور إن طلقها ثلاثا ثم أنكر حملها لاعنها لنفي الولد وإن قذفها بلا ولد لم يلاعنها.
قوله: "وإذا قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عزر ولا لعان بينهما".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والنظم والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يصح اللعان من زوج مكلف وامرأة محصنة دون البلوغ كما تقدم.
فإذا بلغت من يجامع مثلها ثم طلبته حد إن لم يلاعن.
وذكر أبو بكر يلاعن صغيرة لتعزير.
وقال في الموجز ويتأخر لعانها حتى تبلغ.
وفي مختصر ابن رزين إذا قذف زوجة محصنة بزنا حد بطلب وعزر بترك ويسقطان بلعان أو بينة.
وفي الانتصار في زانية وصغيرة لا يلحقهما عار بقوله فلا حد ولا لعان.
وتقدم هذا قريبا بزيادة.
وقال في الترغيب لو قذفها بزنا في جنونها أو قبله لم يحد وفي لعانه لنفي ولد وجهان.
قوله: "فإن قال وطئت بشبهة أو مكرهة فلا لعان بينهما".
إذا قال لها: وطئت بشبهة فقدم المصنف هنا أنه لا لعان بينهما مطلقا ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في الهداية وغيره اختاره الخرقي.
وقطع به في المغني والوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الشرح والنظم والفروع.
والخرقي إنما قال إذا جاءت امرأته بولد فقال لم تزن ولكن هذا الولد ليس مني فهو ولده في الحكم انتهى فظاهره كما قال في الهداية.

وعنه إن كان ثم ولد لاعن لنفيه وإلا فلا فينتفي بلعان الرجل وحده نص عليه أيضا وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال في المحرر وهي أصح عندي وقدمه في الخلاصة.
قال الزركشي هذا اختيار أبي بكر وابن حامد والقاضي في تعليقه وفي روايتيه والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي وأبي البركات انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والبلغة والرعايتين والحاوي والزركشي.
وإذا قال لها وطئت مكرهة وكذا مع نوم أو إغماء أو جنون.
فقدم المصنف هنا أنه لا لعان بينهما وهو إحدى الروايتين ونص عليه اختاره الخرقي والمصنف.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في الفروع والنظم والشرح ونصره.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وعنه إن كان ثم ولد لاعن لنفيه وإلا فلا فينتفي بلعانه وحده نص عليه.
قال في الفروع اختاره الأكثر منهم القاضي وأبو بكر وابن حامد والشريف وأبو الخطاب والشيرازي وغيرهم.
قال في المحرر وهو الأصح عندي.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والبلغة والرعايتين والحاوي والزركشي وهما وجهان في البلغة.
فائدة لو قال وطئك فلان بشبهة وكنت عالمة فعند القاضي هنا لا خلاف أنه لا يلاعن.
واختار المصنف وغيره أنه يلاعن وهو الصواب انتهى.
قوله: "وإن قال: "لم تزن ولكن ليس هذا الولد مني" فهو ولده في الحكم ولا لعان بينهما".
هذا إحدى الروايتين ونص عليه اختاره الخرقي والمصنف.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في النظم والفروع والشرح ونصره.
وعنه يلاعن لنفي الولد نص عليه اختاره أكثر الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي وابن حامد والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.

قال في المحرر وهو الأصح عندي.
قال في الفروع اختاره الأكثر وهو ظاهر ما قدمه في الخلاصة.
واعلم أن هذه المسائل الثلاث على حد سواء.
فائدة وكذا الحكم لو قال ليس هذا الولد مني وقلنا إنه لا قذف بذلك أو زاد عليه ولا أقذفك.
قوله: "وإن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت بذلك امرأة مرضية أنه ولد على فراشه لحقه نسبه".
يعني إذا قال لها بعد أن أبانها لم تزن ولكن هذا الولد ليس مني وكذا لو قال ذلك لزوجته التي هي في حباله أو لسريته.
فكلام المصنف في المسألة التي قبلها في اللعان وعدمه.
وكلامه هنا في لحوق نسب الولد به وعدمه.
فإذا قال ذلك لمطلقته أو لزوجته التي هي في حباله أو لسريته فلا يخلو إما أن يشهد به أنه ولد على فراشه أو لا فإن شهد به لحقه نسبه بلا نزاع وتكفى امرأة واحدة مرضية على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا وعليه الأصحاب.
وعنه امرأتان.
ولها نظائر تقدم حكمها ويأتي.
وإن لم يشهد به أحد أنه ولد على فراشه فالقول قول الزوج على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكلام صاحب الوجيز والنظم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل القول قولها ذكره القاضي في موضع من كلامه.
وقيل القول قول الزوجة دون السرية والمطلقة.
قوله: "وإن ولدت توأمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقه نسبهما ويلاعن لنفي الحد".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح.
وقال القاضي يحد ولا يملك إسقاطه باللعان وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وأطلقهما في الفروع.

وقال في الانتصار إن استلحق أحد توأميه ونفى الآخر ولاعن له لا يعرف فيه رواية وعلة مذهبه جوازه فيجوز أن يرتكبه.
فائدة التوأمان المنفيان أخوان لأم فقط على الصحيح من المذهب وفي الترغيب وجه يتوارثان بأخوة أبوية.
قوله: "فإن صدقته أو سكتت لحقه النسب ولا لعان في قياس المذهب".
واقتصر عليه الشارح وهو المذهب نص عليه فيهما وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والمحرر وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل ينتفي عنه بلعانه وحده مطلقا كدرء الحد.
وقيل يلاعن لنفي الولد.
نقل بن أصرم فيمن رميت بالزنى فأقرت ثم ولدت فطلقها زوجها قال الولد للفراش حتى يلاعن.
فائدة وكذا الحكم لو عفت عنه أو ثبت زناها بأربعة سواه أو قذف مجنونة بزنى قبله أو محصنة فجنت أو خرساء أو ناطقة ثم خرست نص على ذلك.
نقل ابن منصور أو صماء.
وقال في الترغيب: لو قذفها بزنا في جنونها أو قبله لم يحد وفي لعانه لنفي الولد وجهان.
قوله: "وإن لاعن ونكلت الزوجة خلي سبيلها ولحقه الولد ذكره الخرقي".
إذا لاعن الزوج ونكلت المرأة فلا حد عليها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم حتى قال الزركشي أما انتفاء الحد عنها فلا نعلم فيه خلافا في مذهبنا.
وقال الجوزجاني وأبو الفرج والشيخ تقي الدين رحمه الله عليها الحد.
قال في الفروع وهو قوي.
وقدم المصنف رحمه الله أنه يخلي سبيلها وهو إحدى الروايتين اختاره الخرقي وأبو بكر.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وقدمه في تجريد العناية.
وعن الإمام أحمد رحمه الله تحبس حتى تقر أو تلاعن اختاره القاضي وابن البنا والشيرازي.

وصححه في المذهب ومسبوك الذهب.
وقدمه في الخلاصة والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية.
وجزم به الآدمي في منتخبه والمنور.
قلت وهذا المذهب لاتفاق الشيخين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والفروع بعنه وعنه.
فائدة قوله في الرواية الثانية تحبس حتى تقر ويكون إقرارها بالزنى أربع مرات ولا يقام نكولها مقام إقراره مرة على الصحيح من المذهب وهو اختيار الخرقي وغيره من الأصحاب.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع.
قال في المستوعب ومن الأصحاب من أقام النكول مقام إقرارها مرة.
وقال إذا أقرت بعد ذلك ثلاث مرات لزمها الحد وهو ظاهر كلام أبي بكر في التنبيه قاله في المستوعب.
وأشكل توجيه هذا القول على الزركشي وابن نصر الله في حواشيه لأنهما لم يطلعا على كلامه في المستوعب.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو أقرت دون أربع مرات من غير تقدم نكول منها.
قوله: "ولا يعرض للزوج حتى تطالبه الزوجة".
فلو كانت مجنونة أو محجورا عليها أو صغيرة أو أمة فإن أراد اللعان من غير طلبها فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك وإلا فلا.
وإن كان بينهما ولد فقال القاضي يشرع له أن يلاعن وجزم المصنف أن له أن يلاعن فيحتمل ما قاله القاضي.
وقال المصنف والشارح ويحتمل أن لا يشرع اللعان هنا قال وهو المذهب.
قال في المحرر وتبعه الزركشي لا يشرع مع وجود الولد على أكثر نصوص الإمام أحمد رحمه الله لأنه أحد موجبي القذف فلا يشرع مع عدم المطالبة كالحد.
ويحتمله كلام المصنف أيضا.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
قوله: "فإذا تم الحد بينهما ثبت أربعة أحكام أحدها سقوط الحد عنه أو التعزير بلا نزاع ولو قذفها برجل بعينه سقط الحد عنه لهما".

هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشارح وقال بعض أصحابنا القذف للزوجة وحدها ولا يتعلق بغيرها حق في المطالبة ولا الحد.
قوله: "الثاني الفرقة بينهما".
يعني تحصل الفرقة بتمام تلاعنهما فلا يقع الطلاق هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره أبو بكر وغيره فيما حكاه المصنف وغيره.
وعنه لا تحصل الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما.
وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم وابن البنا وغيرهم ويلزم الحاكم الفرقة بلا طلب.
قال ابن نصر الله فيعايى بها فيقال حكم يلزم الحاكم بغير طلب وكذا أحكام الحسبة.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمصنف وأبي بكر فيما حكاه القاضي في تعليقه وغيرهم.
قال في الخلاصة فإذا تلاعنا فرق بينهما.
وعنه لا تحصل الفرقة إلا بحكم الحاكم بالفرقة فينتفي الولد.
قال في الانتصار واختاره عامة الأصحاب.
قوله: "الثالث التحريم المؤبد".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
قال المصنف وغيره: هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وصححه في النظم وفي الخلاصة هنا.
وعنه: إن أكذب نفسه حلت له.
قال ابن رزين وهي أظهر.

قال المصنف والشارح هي رواية شاذة شذ بها حنبل عن أصحابه.
قال أبو بكر لا نعلم أحدا رواها غيره.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمصنف في هذا الكتاب في باب المحرمات في النكاح كما تقدم.
وعنه تباح له بعقد جديد حكاها الشيرازي والمجد.
تنبيه: قال الزركشي اختلف نقل الأصحاب في رواية حنبل.
فقال القاضي في الروايتين نقل حنبل إن أكذب نفسه زال تحريم الفراش وعادت مباحة كما كانت بالعقد الأول.
وقال في الجامع والتعليق إن أكذب نفسه جلد الحد وردت إليه.
فظاهر هذا أنها ترد إليه من غير تجديد عقد وهو ظاهر كلام أبي محمد.
قال في الكافي والمغني نقل حنبل إن أكذب نفسه عاد فراشه كما كان.
زاد في المغني وينبغي أن تحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق الحاكم فأما مع تفريق الحاكم بينهما فلا وجه لبقاء النكاح بحال.
قال وفيما قال نظر فإنه إذا لم يفرق الحاكم فلا تحريم حتى يقال حلت له انتهى.
قلت النظر على كلامه أولى فإن رواية حنبل ظاهرها سواء فرق الحاكم بينهما أو لا فإنه قال إن أكذب نفسه حلت له وعاد فراشه بحاله.
والصحيح أن الفرقة تحصل بتمام التلاعن من غير تفريق من الحاكم كما تقدم.
وقوله: "إن أكذب نفسه حلت له" فيه دليل على أنها محرمة عليه قبل تكذيب نفسه.
قال الزركشي والذي يقال في توجيه هذه الرواية ظاهر هذا أن الفرقة إنما استندت للعان وإذا أكذب نفسه كان اللعان كأن لم يوجد وإن لم يزل ما يترتب عليه وهو الفرقة وما نشأ عنها وهو التحريم.
قال وأعرض أبو البركات عن هذا كله فقال إن الفرقة تقع فسخا متأبد التحريم.
وعنه إن أكذب نفسه حلت له بنكاح جديد أو ملك يمين إن كانت أمة وقد سبقه إلى ذلك الشيرازي فحكى الرواية بإباحتها بعقد جديد انتهى.
قوله: "وإن لاعن زوجته الأمة ثم اشتراها لم تحل له إلا أن يكذب نفسه على الرواية الأخرى".
وهي رواية حنبل.
والصحيح من المذهب أنها لا تحل له كما لو كانت حرة كما تقدم.

قوله: "الرابع انتفاء الولد عنه بمجرد اللعان ذكره أبو بكر".
اعلم أن الولد ينتفي بتمام تلاعنهما على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا ينتفي إلا بحكم حاكم.
وعنه لا ينتفي إلا بحكم الحاكم بالفرقة فينتفي حينئذ كما تقدم ومتى تحصل الفرقة.
وقال في المحرر ويتخرج أن ينتفي نسب الولد بمجرد لعان الزوج وقاله في الانتصار.
قال الزركشي وكأنه خرجه من القول إن تعذر اللعان من جهة المرأة يلاعن الزوج وحده لنفي الولد.
وأما ذكر الولد في اللعان فاختار أبو بكر أنه لا يعتبر ذكره في اللعان وأنه ينتفي عنه بمجرد اللعان.
وقال القاضي يشترط أن يقول هذا الولد من زنا وليس هو مني.
وقال الخرقي لا ينتفي حتى يذكره هو في اللعان فإذا قال أشهد بالله لقد زنيت يقول وما هذا الولد ولدي وتقول هي أشهد بالله لقد كذب وهذا الولد ولده.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي والمصنف والشارح وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في المحرر وإن قذفها وانتفى من ولدها لم ينتف حتى يتناوله اللعان إما صريحا كقوله أشهد بالله لقد زنت وما هذا الولد ولدي وتقول هي بالعكس وإما ضمنا بأن يقول من قذفها بزنا في طهر لم يصبها فيه وادعى أنه اعتزلها حتى ولدت أشهد بالله إني لصادق فيما ادعيت عليها أو فيما رميتها به من الزنى ونحوه.
وقيل ينتفي بنفيه في اللعان من الزوج وإن لم تكذبه المرأة في لعانها.
فائدة لو نفى أولادا كفاه لعان واحد.
قوله: "وإن نفى الحمل في التعانه لم ينتف حتى ينفيه عند وضعها له ويلاعن".
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي عليه عامة الأصحاب.
قال في القاعدة الرابعة والثمانين هذا المذهب عند الأصحاب.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز وناظم المفردات وغيرهم.

وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل يصح نفيه قبل وضعه واختاره المصنف والشارح ونقله ابن منصور في لعانه وهي في الموجز في نفيه أيضا.
قال الخلال عن رواية ابن منصور هذا قول أول.
وذكر النجاد أن رواية ابن منصور المذهب.
وينبني على هذا الخلاف استلحاقه.
فعلى الأول لا يصح ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن القاسم.
وعلى الثاني يصح قاله الزركشي.
وعلى المذهب يلاعن لدرء الحد على الصحيح.
وقال في الانتصار نفيه ليس قذفا بدليل نفيه حمل أجنبية فإنه لا يحد.
قوله: "ومن شرط نفي الولد أن لا يوجد دليل على الإقرار به فإن أقر به أو بتوأمه أو نفاه وسكت عن توأمه أو هنئ به فسكت أو أمن على الدعاء أو أخر نفيه مع إمكانه لحقه نسبه ولم يملك نفيه".
اعلم أن من شرط صحة نفيه أن ينفيه حالة علمه من غير تأخير إذا لم يكن عذر على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل له تأخير نفيه ما دام في مجلس علمه.
وقال في الانتصار في لحوق الولد بواحد فأكثر إن استلحق أحد توأميه ونفى الآخر ولاعن له لا يعرف فيه رواية وعلة مذهبه جوازه فيجوز أن يرتكبه.
قوله: "وإن قال لم أعلم به أو لم أعلم أن لي نفيه أو لم أعلم أن ذلك على الفور وأمكن صدقه قبل قوله ولم يسقط نفيه".
شمل بمنطوقه مسألتين.
إحداهما أن يكون قائل ذلك حديث عهد بالإسلام أو من أهل البادية فيقبل قوله بلا نزاع أعلمه.
الثانية أن يكون عاميا فلا يقبل قوله في ذلك على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والقواعد الأصولية وقطع به القاضي في المجرد.

وقيل يقبل وهو ظاهر كلام المصنف هنا واختاره المصنف والشارح وأما إذا كان فقيها وادعى ذلك فلا يقبل قوله على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاله المصنف والشارح.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يقبل وهو احتمال للمصنف ويحتمله كلامه هنا.
واختار في الترغيب القبول ممن يجهله.
قوله: "وإن أخره لحبس أو مرض أو غيبة أو شيء يمنعه ذلك لم يسقط نفيه".
هذا المذهب مطلقا وقدمه في الفروع.
وقال المصنف في المغني والشارح إن كانت مدة ذلك تتطاول وأمكنه التنفيذ إلى الحاكم ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان فلم يفعل بطل نفيه وإن لم يمكنه أشهد على نفيه فإن لم يفعل بطل خياره وقطعا بذلك وجزم به في الوجيز.
قوله: "ومتى أكذب نفسه بعد نفيه لحقه نسبه ولزمه الحد إن كانت المرأة محصنة أو التعزير إن لم تكن محصنة".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وينجر أيضا نسبه من جهة الأم إلى جهة الأب كالولاء ويتوارثان.
قال في الفروع ويتوجه في الإرث وجه كما لا يرثه إذا أكذب نفسه انتهى.
قال ابن نصر الله في حواشيه هذا كلام لم يظهر معناه وتوقف فيه شيخنا ومولانا القاضي علاء الدين بن مغلي ولعل كما زائدة فيصير ويتوجه وجه لا يرثه إذا أكذب نفسه وهو ظاهر.
وفي المستوعب رواية لا يحد.
وسأله مهنا إن أكذب نفسه قال لا حد ولا لعان لأنه قد أبطل عنه القذف انتهى.
ولو أنفقت الملاعنة على الولد ثم استلحقه الملاعن رجعت عليه بالنفقة.
ذكره المصنف قال لأنها إنما أنفقت عليه لظنها أنه لا أب له.
فوائد
الأولى: لو استلحق الولد لم يصح استلحاقه حتى يقول بعد الوضع بضد ما قاله قبل ذلك قاله ناظم المفردات وهو منها.

الثانية لا يلحقه نسبه باستلحاق ورثته له بعد موته والتعانه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يلحقه.
الثالثة لو نفى من لا ينتفي وقال إنه من زنا حد إن لم يلاعن على الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب والمصنف وابن عبدوس في تذكرته.
وعنه يحد وإن لاعن اختاره القاضي وغيره.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
قوله: "فيما يلحق من النسب من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
ونقل حرب فيمن طلق قبل الدخول وأتت بولد فأنكره ينتفي بلا لعان.
فأخذ الشيخ تقي الدين رحمه الله من هذه الرواية أن الزوجة لا تصير فراشا إلا بالدخول.
واختاره هو وغيره من المتأخرين منهم والد الشيخ تقي الدين قاله ابن نصر الله في حواشيه.
وقال في الانتصار لا يلحق بمطلق إن اتفقا أنه لم يمسها.
ونقل مهنا لا يلحق الولد حتى يوجد الدخول.
وقال في الإرشاد في مسلم صائم في رمضان خلا بزوجة نصرانية ثم طلق ولم يطأ وأتت بولد لممكن لحقه في أظهر الروايتين.
قوله: "ولأقل من أربع سنين منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله لحقه نسبه".
وهذا بناء منه على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين.
ويأتي قريبا من يصلح أن يولد له.
تنبيه: قوله: "وإن لم يمكن كونه منه مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها".
وكذا قال غيره من الأصحاب.
قال في الفروع ومرادهم وعاش وإلا لحقه بالإمكان كما بعدها انتهى.

قوله: أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها".
لم يلحقه نسبه بلا نزاع.
ويأتي في العد هل تنقضي به العدة قبل قوله وأقل مدة الحمل.
قوله: "أو أقرت بانقضاء عدتها بالقرء ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها". لم يلحقه نسبه.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وذكر بعضهم قولا إن أقرت بفراغ العدة أو الاستبراء من عتق ثم ولدت بعد فوق نصف سنة لحقه نسبه.
وقال ناظم المفردات:
إمكان وطء في لحوق النسب ... فعندنا معتبر في المذهب
كامرأة تكون في شيراز ... وزوجها مقيم في الحجاز
فإن تلد لستة من أشهر ... من يوم عقد واضحا في النظر
فمدة الحمل مع المسير ... لا بد أن تمضي في التقدير
إن مضتا به غدا ملتحقا ... ومالك والشافعي وافقا
وعندنا في صورتين حققوا ... والمدتان إن مضت لا يلحق
من كان كالقاضي وكالسلطان ... وسيره لا يخف عن عيان
أو غاصب صد عن اجتماع ... ونحوه فامنع ولا تراعي
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله أو تزوجها وبينهما مسافة لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها لم يلحقه نسبه أنه لو أمكن وصوله إليها في المدة التي أتت بالولد فيها لحقه نسبه.
وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في التعليق والوسيلة والانتصار ولو أمكن ولا يخف المسير كأمير وتاجر كبير.
ومثل في عيون المسائل بالسلطان والحاكم.
نقل ابن منصور إن علم أنه لا يصل مثله لم يقض بالفراش وهي مثله.
ونقل حرب وغيره في وال وقاض لا يمكن أن يدع عمله فلا يلزمه فإن أمكنه لحقه.
الثاني مفهوم قوله أو يكون صبيا دون عشر سنين لم يلحقه نسبه أن بن عشر سنين يولد لمثله ويلحقه نسبه وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعبارته في العمدة

ومنتخب الآدمي كذلك.
قال في القواعد الأصولية هذا المذهب.
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وتذكرة ابن عبدوس لا يلحق النسب من صبي له تسع سنين فما دون.
وقدمه في الفروع وابن تميم ذكره في باب ما يوجب الغسل.
وقدمه في الكافي والرعايتين والشرح وغيرهم.
وقيل يولد لابن تسع جزم به في عيون المسائل ذكره عنه في الفروع في أثناء كتاب الإقرار في أحكام إقرار الصبي وقاله القاضي نقله عنه في القواعد الأصولية والكافي.
قال في المحرر والنظم والحاوي الصغير أو كان الزوج صبيا له دون تسع سنين.
وقيل عشر سنين.
وقيل اثنتي عشر سنة انتهى.
وقيل لا يولد إلا لابن ثنتي عشرة سنة.
واختار أبو بكر وأبو الخطاب وابن عقيل لا يلحقه نسبه حتى يعلم بلوغه وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
فعلى الأول لا يحكم ببلوغه إن شك فيه به ولا يستقر به مهر ولا تثبت به عدة ولا رجعة.
قال في الفروع ويتوجه فيه قول كثبوت الأحكام بصوم يوم الغيم.
قوله: "أو مقطوع الذكر أو الأنثيين لم يلحقه نسبه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقله ابن هانئ فيمن قطع ذكره وأنثياه قال إن دفق فقد يكون الولد من الماء القليل وإن شك في ولده أرى القافة.
وسأله المروذي عن خصي قال إن كان مجبوبا ليس له شيء فإن أنزل فإنه يكون منه الولد وإلا فالقافة.
قوله: "وإن قطع أحدهما فقال أصحابنا يلحقه نسبه وفيه بعد".
شمل كلامه مسألتين.
إحداهما أن يكون خصيا بأن تقطع أنثياه ويبقى ذكره فقال أكثر الأصحاب يلحقه نسبه قاله في الفروع.
وقال المصنف هنا قاله أصحابنا وهو ظاهر كلامه في الوجيز.

وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وقيل لا يلحقه نسبه وقطع به في الشرح وهو عجيب منه إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
وقدمه في الفروع وجزم به في المحرر والحاوي والنظم وأطلقهما في الرعايتين.
والمسألة الثانية أن يكون مجبوبا بأن يقطع ذكره وتبقى أنثياه فقال جماهير الأصحاب يلحقه نسبه وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في الوجيز وقدمه في الفروع.
وقال في الرعاية الكبرى بعد أن أطلق الخلاف والأصح أنه يلحق المجبوب دون الخصي انتهى.
وقيل لا يلحقه نسبه اختاره المصنف.
وجزم به في المحرر والحاوي والنظم وأطلقهما في الرعايتين.
وقال الناظم:
وزوجة من لم ينزل الماء عادة ... لجب الفتى أو لاختصاء ليبعد
وإن جب إحدى الأنثيين من الفتى ... فالحق لدى أصحابنا في مبعد
انتهى.
ولم أر حكم جب إحدى الأنثيين لغيره ولعله أخذه من قول المصنف وإن قطع إحداهما.
فائدة: قال في الموجز والتبصرة لو كان عنينا لم يلحقه نسبه انتهيا.
والصحيح من المذهب أنه يلحقه وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
قوله: "وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين".
منذ طلقها يعني وقبل انقضاء عدتها صرح به في المستوعب وهو مراد غيره ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها فهل يلحقه نسبه على وجهين وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والكافي والمحرر والشرح والحاوي الصغير والنظم.
أحدهما يلحقه نسبه وهو المذهب.
قال في المستوعب لحقه نسبه في أصح الوجهين.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والرعايتين.
والوجه الثاني: لا يلحقه نسبه.
تنبيه: عبارته في الخلاصة كعبارة المصنف ولم يذكر في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي إلا في المسألة الأولى.

وعبارته في المحرر والرعايتين والحاوي والوجيز والفروع والنظم وإن ولدت الرجعية بعد أكثر مدة الحمل منذ طلقها ولدون ستة أشهر منذ أخبرت بانقضاء عدتها أو لم تخبر بانقضائها أصلا فهل يلحقه نسبه ذكروا روايتين.
قوله: :ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه وإن ادعى العزل إلا أن يدعي الاستبراء".
متى اعترف بوطء أمته في الفرج فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله مطلقا فلا ينتفي بلعان ولا غيره إلا أن يدعي الاستبراء وهذا المذهب في ذلك كله قدمه في الفروع.
وقال أبو الحسين أو يرى القافة نقله الفضل.
وقال في الانتصار ينتفي بالقافة لا بدعوى الاستبراء.
ونقل حنبل يلزمه الولد إذا نفاه وألحقته القافة وأقر بالوطء.
وقال في الفصول إن ادعى استبراء ثم ولدت انتفى عنه وإن أقر بالوطء وولدت لمدة الولد ثم ادعى استبراء لم ينتف لأنه لزمه بإقراره كما لو أراد نفي ولد زوجته بلعان بعد إقراره.
قال في الفروع كذا قال.
قوله: "أو دونه".
أي اعترف بوطء أمته دون الفرج فهو كوطئه في الفرج وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ليس كوطئه في الفرج وقدمه في المغني والشرح.
قوله: "وإن ادعى العزل".
يعني لو اعترف بالوطء في الفرج أو دونه وادعى أنه عزل عنها لا يقبل قوله ويلحقه نسبه وكذا لو ادعى عدم إنزاله وهذا المذهب فيهما.
قال في الفروع وعلى الأصح أو يدعي العزل أو عدم إنزاله.
وجزم به في المغني والشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وعنه: يقبل قوله ولا يلحقه نسبه.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وهما روايتان في المحرر والحاوي والفروع.
ووجهان في الرعايتين.

فعلى الأول قال الإمام أحمد رحمه الله لأن الولد يكون من الريح.
قال ابن عقيل وهذا منه يدل أنه أراد ولم ينزل في الفرج لأنه لا ريح يشير إليها إلا رائحة المني وذلك يكون بعد إنزاله فتتعدى رائحته إلى ماء المرأة فتعلق بها كريح الكش الملقح لإناث النخل.
قال وهذا من الإمام أحمد رحمه الله علم عظيم انتهى.
تنبيه: جعل في المحرر والرعايتين والحاوي محل الخلاف فيما إذا قال ذلك الواطئ دون الفرج.
وظاهر كلام الشارح أن ذلك فيما إذا كان يطؤها في الفرج وهو طريقة في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وظاهر كلام صاحب الفروع أن الخلاف جار سواء قال كنت أطؤها في الفرج وأعزل عنها أو لم أنزل أو كنت أطأ دون الفرج وأفعل ذلك وهو الصواب وهو ظاهر كلام المصنف.
قوله: "وهل يحلف على وجهين".
يعني إذا ادعى الاستبراء.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
أحدهما يحلف وهو المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وصححه في التصحيح.
قال ابن نصر الله وفيما جزم به في الوجيز نظر لأنه صحح أن الاستيلاد لا يجب فيه يمين.
والوجه الثاني يقبل قوله من غير يمين.
فائدة مثل ذلك خلافا ومذهبا لو ادعى عدم إنزاله هل يحلف أم لا قاله ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
قوله: "فإن أعتقها أو باعها بعد اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون ستة أشهر فهو ولده". بلا نزاع "والبيع باطل".
قوله: "وكذلك إن لم يستبرئها فأتت بولد لأكثر من ستة أشهر فادعى المشتري أنه منه".

أي من البائع فهو ولد البائع سواء ادعاه البائع أو لم يدعه وهذا بلا نزاع.
لكن لو ادعاه المشتري فقيل يلحقه جزم به في المغني والشرح.
وقيل يرى القافة نقله صالح وحنبل.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وأطلقهما في الفروع.
ونقل الفضل هو له قلت في نفسه منه شيء قال فالقافة.
وأما إذا ادعى كل واحد منهما أنه للآخر والمشتري مقر بالوطء فقيل يكون للبائع وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
وقيل يرى القافة جزم به في المغني ذكره قبيل قول الخرقي وتجتنب الزوجة المتوفى عنها زوجها الطيب وأطلقهما في الفروع.
قوله: "وإن استبرئت ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يلحقه نسبه وكذا إن لم تستبرأ ولم يقر المشتري له به". بلا نزاع.
وإن ادعاه بعد ذلك وصدق المشتري لحقه نسبه وبطل البيع.
قوله: "فأما إن لم يكن البائع أقر بوطئها قبل بيعها لم يلحقه الولد بحال إلا أن يتفقا عليه فيلحقه نسبه". هذا المذهب.
قال في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير ولو لم يكن أقر بوطئها حتى باع لم يلحقه الولد بحال إلا أن يدعيه ويصدقه المشتري.
وقيل: يلحقه نسبه بدعواه في المسألتين وهو ملك المشتري إن لم يدعه وكذا ذكروا ذلك في آخر باب الاستبراء.
قوله: "وإن ادعاه البائع فلم يصدقه المشتري فهو عبد للمشتري" هذا المذهب.
وظاهر كلام المصنف أنه يكون عبدا للمشتري مع عدم لحوق النسب بالبائع وهو أحد الوجهين إن لم يدعه المشتري ولدا له.
والوجه الثاني وهو الذي ذكره المصنف احتمالا أن يلحقه نسبه مع كونه عبدا للمشتري.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا ادعى البائع أنه ما باع حتى استبرأ وحلف المشتري أنه ما وطئها فقال إن أتت به بعد الاستبراء لأكثر من ستة أشهر فقيل لا يقبل

قوله: ويلحقه النسب قاله القاضي في تعليقه.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل ينتفي النسب اختاره القاضي في المجرد وأبو الخطاب وابن عقيل وغيرهم.
فعلى هذا هل يحتاج إلى اليمين على الاستبراء فيه وجهان المشهور لا يحلف انتهى كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فوائد
منها يلحقه الولد بوطء الشبهة كعقد نص عليه وهو المذهب.
قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا المذهب.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله إجماعا.
وقال أبو بكر لا يلحقه.
قال القاضي: وجدت بخط أبي بكر لا يلحق به لأن النسب لا يلحق إلا في نكاح صحيح أو فاسد أو ملك أو شبهة ولم يوجد شيء من ذلك وذكره ابن عقيل رواية.
وفي كل نكاح فاسد فيه شبهة نقله الجماعة.
وقيل إذا لم يعتقد فساده.
وفي كونه كصحيح أو كملك يمين وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وهل يلحق النكاح الفاسد بالصحيح أو بملك اليمين على وجهين انتهى.
قلت الصواب أنه كالنكاح الصحيح.
وقال في الفنون لم يلحقه أبو بكر في نكاح بلا ولي.
ومنها لو أنكر ولدا بيد زوجته أو مطلقته أو سريته فشهدت امرأة بولادته لحقه على الصحيح من المذهب.
وقيل امرأتان.
وقيل يقبل قولهما بولادته.
وقيل يقبل قول الزوج.
ثم هل له نفيه فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.

وعلى الأول نقل في المغني عن القاضي يصدق فيه لتنقضي عدتها به.
ومنها أنه لا أثر لشبهة مع فراش ذكره جماعة من الأصحاب وقدمه في الفروع.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله تبعيض الأحكام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واحتجبي منه يا سودة" وعليه نصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قال في عيون المسائل أمره لسودة رضي الله عنها بالاحتجاب يحتمل أنه رأى قوة شبهه من الزاني فأمرها بذلك أو قصد أن يبين أن للزوج حجب زوجته عن أخيها.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله إن استلحق ولده من الزنى ولا فراش لحقه.
ونص الإمام أحمد رحمه الله فيها لا يلحقه.
وقال في الانتصار في نكاح الزانية يسوغ الاجتهاد فيه.
وقال في الانتصار أيضا يلحقه بحكم حاكم.
وذكر أبو يعلى الصغير وغيره مثل ذلك.
ومنها إذا وطئت امرأته أو أمته بشبهة وأتت بولد يمكن أن يكون من الزوج والواطئ لحق الزوج لأن الولد للفراش.
وإن ادعى الزوج أنه من الواطئ فقال بعض الأصحاب منهم صاحب المستوعب يعرض على القافة فإن ألحقته بالواطئ لحقه ولم يملك نفيه عنه. وانتفى عن الزوج بغير لعان وإن ألحقته بالزوج لحق به ولم يملك نفيه باللعان في أصح الروايتين قاله في المغني والشرح.
وعنه يملك نفيه باللعان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع.
وتقدم بعض ذلك في كلام المصنف في آخر باب اللقيط.
وإن الحقته بهما: لحق بهما ولم يملك الواطئ نفيه عن نفسه.
وهل يملك الزوج نفيه باللعان على روايتين وأطلقهما في المغني والشرح.

كتاب العدد
باب العدد...
كتاب العددقوله: "كل امرأة فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس والخلوة فلا عدة عليها". بلا نزاع.
وقوله: "وإن خلا بها وهي مطاوعة فعليها العدة سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء كالإحرام والصيام والحيض والنفاس والمرض والجب والعنة أو لم يكن".
هذا المذهب مطلقا بشرطه الآتي سواء كان المانع شرعيا أو حسيا كما مثله المصنف وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
واختار في عمد الأدلة لا عدة بخلوة مطلقا.
وعنه لا عدة بخلوة مع وجود مانع شرعي كالإحرام والصيام والحيض والنفاس والظهار والإيلاء والاعتكاف قدمه في الرعاية الكبرى.
وقال في الفروع ويتخرج في عدة بخلوة كصداق.
وقد تقدم أحكام استقرار الصداق كاملا بالخلوة في الفوائد في كتاب الصداق بعد قوله ولو قتلت نفسها لاستقر مهرها.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه سواء كان النكاح صحيحا أو فاسدا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقال ابن حامد لا عدة بخلوة في النكاح الفاسد بل بالوطء كالنكاح الباطل إجماعا.
وعند ابن حامد أيضا لا عدة بالموت في النكاح الفاسد.
ويأتي هذا قريبا في كلام المصنف فيما إذا مات عن امرأة نكاحها فاسد.
فائدة لا عدة بتحمل المرأة بماء الرجل ولا بالقبلة ولا باللمس من غير خلوة على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وابن عبدوس في تذكرته وغيرهما.
وصححه ابن نصر الله في حواشيه.
وقيل تجب العدة بذلك وقطع به القاضي في المجرد فيما إذا تحملت بالماء.

وأطلقهما في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي والفروع وغيرهم.
وقال في الرعاية الكبرى فإن تحملت بماء رجل وقيل أو قبلها أو لمسها بلا خلوة فوجهان.
ثم قال قلت إن كان ماء زوجها اعتدت وإلا فلا.
قوله: "إلا أن لا يعلم بها كالأعمى والطفل فلا عدة عليها".
وكذا لو كانت طفلة.
وضابط ذلك أن يكون الطفل ممن لا يولد له والطفلة ممن لا يوطأ مثلها.
تنبيه: ظاهر قوله إحداهن: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
أنها لا تنقضي عدتها إلا بوضع جميع ما في بطنها وهو صحيح للآية الكريمة وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم لبقاء تبعيته للأم في الأحكام.
وقال ابن عقيل وغسلها من نفاسها إن اعتبر غسلها من حيضة ثالثة.
وعنه تنقضي عدتها بوضع الولد الأول وذكرها ابن أبي موسى.
واحتج القاضي وتبعه الأزجي بأن أول النفاس من الأول وآخره منه بأن أحكام الولادة تتعلق بأحد الولدين لأن انقطاع الرجعة وانقضاء العدة يتعلق بأحدهما لا بكل واحد منهما كذلك مدة النفاس.
قال في الفروع كذا قال.
وتقدم نظير ذلك في باب الرجعة بعد قول المصنف وإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل.
قوله: والحمل الذي تنقضي به العدة ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان.
اعلم أن ما تنقضي به العدة من الحمل هو ما تصير به الأمة أم ولد على ما تقدم في أول باب أحكام أمهات الأولاد فما حكمنا هناك بأنها تصير به أم ولد نحكم هنا بانقضاء العدة به وما نحكم هناك بأنها لا تصير به أم ولد نحكم هنا بعدم انقضاء عدتها به هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب. وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا تنقضي العدة هنا بالمضغة وإن صارت بها هناك أم ولد نقلها الأثرم قاله المصنف وغيره.
قوله: "فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة على روايتين".

وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والشرح وشرح ابن منجا والمذهب الأحمد.
إحداهما لا تنقضي به العدة وهو المذهب اختاره أبو بكر وقدمه في الكافي وقال هذا المنصوص.
وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية تنقضي به العدة صححه في التصحيح ونهاية ابن رزين وجزم به في الوجيز.
فائدة: لو ألقت مضغة لم تتبين فيها الخلقة فشهد ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية بان بها أنها خلقة آدمي انقضت به العدة جزم به في الكافي والمغني والشرح.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنها لو وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من خلق الإنسان أنها لا تنقضي عدتها بها وهو صحيح وهو المذهب والمشهور عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب.
ونقل حنبل تصير به أم ولد.
فخرج القاضي وجماعة من ذلك انقضاء العدة به ورده المصنف.
وأما إذا ألقت نطفة أو دما أو علقة فإن العدة لا تنقضي به قولا واحدا عند أكثر الأصحاب.
وأجرى القاضي الخلاف في العلقة والمضغة التي لم يتبين أنها مبدأ خلق الإنسان.
قوله: "وإن أتت بولد لا يلحقه نسبه كامرأة الطفل وكذا المطلقة عقب العقد ونحوه لم تنقض عدتها به".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه تنقضي به العدة وفيه بعد.
وتابع أبا الخطاب على قول ذلك وتابعه في المحرر وغيره أيضا.
وعنه تنقضي به إذا كان من غير امرأة الطفل للحوقه باستلحاقه.
قال الزركشي: وأظن هذا اختيار القاضي.
وقال في المنتخب: إن أتت به امرأة بائن لأكثر من أربع سنين انقضت عدتها كالملاعنة وقاله القاضي أيضا.

وقال في الهداية والمذهب والمستوعب فإن وضعت ولدا بعد مدة أكثر الحمل لم يلحق الزوج إذا كان الطلاق بائنا.
وهل تنقضي به العدة على وجهين.
والمذهب: أن العدة لا تنقضي بذلك قدمه في الرعايتين والحاوي والشرح وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال الزركشي وهو المذهب بلا ريب.
قوله: "وأقل مدة الحمل ستة أشهر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل أقل من ستة أشهر ولحظتان.
قوله: "وأكثرها أربع سنين".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه سنتان اختاره أبو بكر وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير ونهاية ابن رزين وشرحه.
وتقدم قريبا قبل ذلك إذا ولدت بعد أكثر مدة الحمل هل تنقضي به العدة أم لا.
قوله: "وأقل ما يتبين به الولد أحد وثمانون يوما".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وأكثرهم قطع به.
وقيل بل ثمانون ولحظتان ذكره في الرعاية وهو إذن مضغة غير مصورة ويصور بعد أربعة أشهر على الصحيح.
وقيل ولحظتين.
وقيل بل وساعتين ذكرهما في الرعاية.
تنبيه: قوله: "المتوفى عنها زوجها".
يعني: غير الحامل منه قاله في المحرر وغيره وهو صحيح عدتها أربعة أشهر وعشرا،

إن كانت حرة وشهران وخمسة أيام إن كانت أمة يعني عشرة أيام وخمسة أيام بلياليها فتكون عشر ليال وخمس ليال وهذا المذهب جزم به في المغني والشرح والنظم وقدمه في الفروع.
وقال جماعة من الأصحاب عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.
وكذا نقل صالح وغيره اليوم مقدم قبل الليلة لا يجزئها إلا أربعة أشهر وعشرة.
فائدة من نصفها حر عدتها ثلاثة أشهر وثمانية أيام.
قوله: "فإن مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة من حين موته وسقطت عدة الطلاق".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه تعتد بأطولهما.
قال الشارح بعد أن نقله عن صاحب المحرر وهو بعيد.
فائدتان
إحداهما لو قتل المرتد في عدة امرأته فإنها تستأنف عدة الوفاة نص عليه في رواية ابن منصور لأنه كان يمكنه تلافي النكاح بالإسلام بناء على أن الفسخ يقف على انقضاء العدة.
الثانية لو أسلمت امرأة كافر ثم مات قبل انقضاء العدة فإنها تنتقل إلى عدة الوفاة في قياس التي قبلها ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله: "وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا ثم مات في عدتها لم تنتقل عن عدتها". بلا نزاع. "وإن كان الطلاق في مرض موته اعتدت أطول الأجلين من عدة الطلاق وعدة الوفاة".
وهذا المذهب قاله في الفروع.
قال في المغني والشرح هذا ظاهر المذهب.
قال في المحرر والحاوي وهو الصحيح وقواه الناظم.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وعنه تعتد للوفاة لا غير وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه تعتد عدة الطلاق لا غير.

ذكر هاتين الروايتين في المجرد.
تنبيه: محل الخلاف إذا كانت ترثه فأما الأمة والذمية فلا يلزمهما غير عدة الطلاق قولا واحدا.
فوائد
إحداها: لو مات بعد انقضاء عدة الرجعية أو بعد انقضاء عدة البائن فلا عدة عليهما للوفاة على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب. وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه تعتد للوفاة إن ورثت منه اختارها جماعة من الأصحاب.
الثانية: لو طلق في مرض الموت ثم انقضت عدتها ثم مات لزمها عدة الوفاة جزم به ناظم المفردات وهو منها وهي بعض ما قبلها فيما يظهر.
الثالثة: لو طلق بعض نسائه مبهمة أو معينة ثم أنسيها ثم مات اعتدت كل واحدة للأطول منهما ما لم تكن حاملا قاله في المغني والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
قوله: "وإن ارتابت المتوفى عنها لظهور أمارات الحمل من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض قبل أن تنكح لم تزل في عدة حتى تزول الريبة". بلا نزاع.
قوله: "وإن تزوجت قبل زوالها لم يصح النكاح".
يعني إذا تزوجت المرتابة قبل زوال الريبة لم يصح النكاح مطلقا وهذا المذهب.
قال في الفروع لم يصح في الأصح.
قال في القواعد الأصولية هذا الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي.
وقيل يصح إذا كان بعد انقضاء العدة وهو احتمال في المغني والشرح.
قوله: "وإن ظهر بها ذلك بعد نكاحها لم يفسد".
إن كان بعد الدخول لم يفسد قولا واحدا لكن لا يحل لزوجها وطؤها حتى تزول الريبة قاله في المغني والشرح وغيرهما.
وإن كان قبل الدخول وبعد العقد فالصحيح من المذهب أن النكاح لا يفسد إلا أن تأتي بولد لدون ستة أشهر.

وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقيل فيها وجهان كالتي بعدها وأطلقهما في الرعايتين.
تنبيه: ظاهر كلامه أنها لو ظهر بها أمارات الحمل قبل نكاحها وبعد شهور العدة أن نكاحها فاسد بعد ذلك وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلامه في الوجيز وقدمه ابن رزين في شرحه والمجد في محرره.
والوجه الثاني يحل لها النكاح ويصح لأنا حكمنا بانقضاء العدة وحل النكاح وسقوط النفقة والسكنى فلا يزول ما حكمنا به بالشك الطارئ.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والفروع.
فعلى المذهب في التي قبلها والوجه الثاني في هذه المسألة لو ولدت بعد العقد لدون ستة أشهر تبينا فساد العقد فيهما.
قوله: "وإذا مات عن امرأة نكاحها فاسد".
كالنكاح المختلف فيه فقال القاضي عليها عدة الوفاة نص عليه في رواية جعفر بن محمد وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي والمحرر والنظم وغيرهم.
وقال ابن حامد لا عدة عليها للوفاة كذلك.
وتقدمت المسألة في أول الباب بما هو أعم من ذلك.
وإن كان النكاح مجمعا على بطلانه لم تعتد للوفاة من أجله وجها واحدا.
قوله: "الثالث ذات القرء التي فارقها في الحياة بعد دخوله بها وعدتها ثلاثة قروء إن كانت حرة وقرآن إن كانت أمة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه عدة المختلعة حيضة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله في بقية الفسوخ وأومأ إليه في رواية صالح.
فائدة المعتق بعضها كالحرة.
قطع به في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم.
قوله: "والقرء الحيض في أصح الروايتين".
وكذا قال في الهداية والمستوعب والخلاصة والبلغة والنظم وغيرهم وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

قال القاضي: الصحيح عن الإمام أحمد رحمه الله أن الأقراء الحيض وإليه ذهب أصحابنا ورجع عن قوله بالأطهار.
فقال في رواية النيسابوري كنت أقول إنه الأطهار وأنا أذهب اليوم إلى أن الأقراء الحيض.
وقال في رواية الأثرم كنت أقول الأطهار ثم وفقت لقول الأكابر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية القروء الأطهار.
قال بن عبد البر رجع الإمام أحمد رحمه الله إلى أن القروء الأطهار.
وقال في رواية الأثرم رأيت الأحاديث عمن قال القرء الحيض مختلفة والأحاديث عمن قال إنه أحق بها حتى تدخل في الحيضة الثالثة أحاديثها صحاح قوية.
فعلى المذهب لا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها بلا نزاع.
وكذا على الرواية الثانية بطريق أولى وأحرى.
وعلى المذهب لو انقطع دمها من الحيضة الثالثة حلت للأزواج قبل الاغتسال في إحدى الروايتين.
واختاره أبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته.
قال في مسبوك الذهب وهو الصحيح.
والرواية الثانية لا تحل للأزواج حتى تغتسل وهو المذهب.
قال الزركشي هي أنصهما عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار أصحابه الخرقي والقاضي والشريف والشيرازي وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب وغيرهما قال أصحابنا للزوج الأول ارتجاعها.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المستوعب والرعايتين وغيرهم.
وصححه في الخلاصة وغيره.
وقال في الوجيز لا تحل حتى تغتسل أو يمضي وقت صلاة.
وأطلقهما في المحرر والشرح والفروع.
وتقدم ذلك في باب الرجعة في كلام المصنف في قوله وإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل فهل له رجعتها على روايتين.

تنبيه: ظاهر الرواية الثانية وهي أنها لا تحل للأزواج إذا انقطع دمها حتى تغتسل أنها لا تحل إذا فرطت في الغسل سنين حتى قال به شريك القاضي عشرين سنة.
وذكره ابن القيم رحمه الله في الهدى إحدى الروايات.
قال الزركشي: ظاهر كلام الخرقي وجماعة أن العدة لا تنقضي ما لم تغتسل وإن فرطت في الاغتسال مدة طويلة.
وقد قيل للإمام أحمد رحمه الله فإن أخرت الغسل متعمدة فينبغي إن كان الغسل من أقرائها أن لا تبين وإن أخرته قال هكذا كان يقول شريك.
وظاهر هذا أنه أخذ به انتهى.
وعنه تحل بمضي وقت صلاة وجزم به في الوجيز كما تقدم.
وتقدم كل ذلك في باب الرجعة.
وأما بقية الأحكام كقطع الإرث ووقوع الطلاق واللعان والنفقة وغيرها فتنقطع بانقطاع الدم على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي رواية واحدة.
وجعلها ابن عقيل على الخلاف انتهى.
وتقدم ذلك أيضا هناك.
وأما على رواية أن القروء الأطهار فتعتد بالطهر الذي طلقها فيه قرءا ثم إذا طعنت في الحيضة الثالثة والأمة إذا طعنت في الحيضة الثانية حلت على الصحيح من المذهب فيهما وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا تحل إلا بمضي يوم وليلة.
فعلى هذا ليس اليوم والليلة من العدة في أصح الوجهين.
قلت فيعايى بها.
وقيل منها.
قلت فيعايى بها.
تنبيه: قوله: "الرابع اللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر إن كن حرائر وإن كن إماء فشهران".
يعني: يكون ابتداء العدة من حين وقع الطلاق سواء كان في أول الليل أو النهار أو في أثنائهما وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

قال الزركشي هذا المشهور من الوجهين.
وقال ابن حامد لا يعتد به إلا من أول الليل أو النهار.
قوله: "وإن كن إماء فشهران".
هذا المذهب نقله الأكثر عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
وقال المصنف والشارح أكثر الروايات عنه أن عدتهن شهران.
وقطع به الخرقي وصاحب العمدة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
واختاره القاضي وأصحابه وأبو بكر فيما حكاه القاضي في الروايتين وابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع ونظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه ثلاثة أشهر قدمه في المحرر.
وعنه شهر ونصف اختاره أبو بكر فيما حكاه عنه المصنف وغيره.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب.
وعنه شهر قاله في الفروع وفيه نظر.
قوله: "وعدة المعتق بعضها بالحساب من عدة حرة وأمة".
على الروايات في الأمة وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقدم في الترغيب أنها كحرة.
قوله: "وحد الإياس خمسون سنة".
هذا المذهب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمذهب الأحمد في باب الحيض وقدموه هنا.
وجزم به أيضا في باب الحيض في الطريق الأقرب.
وجزم به أيضا في نظم المفردات وغيره.
وقدمه هنا في النظم وغيره.

قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير هنا وهي بنت خمسين سنة على الأظهر.
وصححه في البلغة في باب الحيض وغيره.
قال ابن الزاغوني هذا اختيار عامة المشايخ.
قال في مجمع البحرين في باب الحيض هذا أشهر الروايات.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه أن ذلك حده في نساء العجم وحده في نساء العرب ستون سنة.
قال في المستوعب وغيره: وعنه إن كانت من العجم والنبط فإلى الخمسين والعرب إلى الستين زاد في الرعاية النبط ونحوهم والعرب ونحوهم.
وعنه حده ستون سنة مطلقا.
جزم به في الإرشاد والإيضاح وتذكرة ابن عقيل وعمدة المصنف والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والتسهيل.
واختاره أبو الخطاب في خلافه وابن عبدوس في تذكرته.
قال في النهاية وهي اختيار الخلال والقاضي.
وأطلق الأولى والثانية في المغني والمحرر والشرح وشرح بن عبيدان والفروع.
وعنه بعد الخمسين حيض إن تكرر ذكره القاضي وغيره وصححه في الكافي.
قال في المغني: والصحيح أنه متى بلغت خمسين سنة فانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب فقد صارت آيسة وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة التي كانت تراه فيها فهو حيض في الصحيح لأن دليل الحيض الوجود في زمن الإمكان وهذا يمكن وجود الحيض فيه وإن كان نادرا انتهى.
قلت وهو الصواب الذي لا شك فيه.
وعنه بعد الخمسين مشكوك فيه فتصوم وتصلي اختاره الخرقي وناظمه.
قال في الجامع الصغير هذا أصح الروايات واختارها الخلال.
فعليها تصوم وجوبا قدمه في الرعاية ومختصر ابن تميم.
وعنه استحبابا ذكره بن الجوزي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا حد لأكثر سن الحيض.
وتقدم ذلك مستوفى في باب الحيض.
فللمصنف رحمه الله في هذه المسألة ثلاث اختيارات.

قوله: "وإن حاضت الصغيرة في عدتها انتقلت إلى القرء ويلزمها إكمالها وهل يحسب ما قبل الحيض قرء إذا قلنا القرء الأطهار على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والكافي والبلغة والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي.
أحدهما لا يحسب قرء وهو المذهب جزم به في الوجيز.
قال في المنور وإن حاضت الصغيرة ابتدأت.
قال ابن عبدوس في تذكرته وتبدأ حائض في العدة بالأقراء.
فليس في شيء من ذلك دليل على ما قلنا لأن عند هؤلاء أن القرء الحيض. قال في إدراك الغاية والطهر الماضي غير معتبر به في وجه.
والوجه الثاني: يحسب قرءا صححه في التصحيح وقدمه ابن رزين في شرحه.
قوله: "وإن يئست ذات القرء في عدتها انتقلت إلى عدة الآيسات وإن عتقت الأمة الرجعية في عدتها بنت على عدة حرة وإن كانت بائنا بنت على عدة أمة". بلا نزاع في ذلك كله.
قوله: "الخامس من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت سنة تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والخرقي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
وقيل تعتد للحمل أكثر مدته وهو قول المصنف.
ويحتمل أن تعتد للحمل أربع سنين وهو لأبي الخطاب في الهداية.
فائدة لا تنتقض عدتها بعود الحيض بعد السنة وقبل العقد على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي أصح الوجهين أنها لا تنتقل إلى الحيض للحكم بانقضاء العدة.
وقدمه في المحرر وشرح ابن رزين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل تنتقض فتنتقل إلى الحيض.
جزم به ابن عبدوس في تذكرته والمنور والمستوعب.

وأطلقهما في المغني والكافي والشرح والرعايتين والفروع.
تنبيه: قوله: "وإن كانت أمة اعتدت بأحد عشر شهرا".
هذا مبني على الصحيح من المذهب من أن عدة الأمة التي يئست من الحيض أو لم تحض شهران على ما تقدم.
وإن قلنا عدتها ثلاثة أشهر فهي كالحرة.
وإن قلنا عدتها شهر ونصف فتعتد بعشرة أشهر ونصف.
وإن قلنا عدتها شهر فبعشرة أشهر.
وهذا الأخير جزم به ناظم المفردات وهو منها.
قوله: "وعدة الجارية التي أدركت ولم تحض والمستحاضة الناسية ثلاثة أشهر".
عدة الجارية الحرة التي أدركت ولم تحض ثلاثة أشهر والأمة شهران على الصحيح من المذهب كالآيسة وهو ظاهر كلام الخرقي.
واختاره أبو بكر والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عدتها كعدة من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه على ما تقدم اختاره القاضي وأصحابه قاله في الفروع.
قال الزركشي: اختارها القاضي في خلافه وفي غيره وعامة أصحابه الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البنا.
وهذه الرواية نقلها أبو طالب لكن قال أبو بكر خالف أبو طالب أصحابه.
والصحيح من المذهب: أن عدة المستحاضة الناسية لوقتها والمبتدأة المستحاضة ثلاثة أشهر كالآيسة وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه تعتد سنة كمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه.
وقدمه ناظم المفردات في المستحاضة الناسية وهو منها.
وقال في عمد الأدلة المستحاضة الناسية لوقت حيضها تعتد بستة أشهر.
فائدة لو كانت المستحاضة لها عادة أو تمييز فأنها تعمل بذلك.
وإن علمت أن لها حيضة في كل شهر أو شهرين أو أربعين يوما ونسيت وقتها فعدتها:

ثلاثة أمثال ذلك نص عليه وقاله الأصحاب.
قوله: "فأما التي عرفت ما رفع الحيض من مرض أو رضاع ونحوه فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به إلا أن تصير آيسة فتعتد عدة آيسة حينئذ".
هذا المذهب نص عليه في رواية صالح وأبي طالب وابن منصور والأثرم وعليه الأصحاب.
وعنه: تنتظر زواله ثم إن حاضت اعتدت به وإلا اعتدت بسنة ذكره محمد بن نصر المروزي عن مالك رضي الله عنه ومن تابعه منهم الإمام أحمد رضي الله عنه وهو ظاهر عيون المسائل والكافي.
قلت: وهو الصواب.
ونقل ابن هانئ أنها تعتد بسنة.
ونقل حنبل إن كانت لا تحيض أو ارتفع حيضها أو صغيرة فعدتها ثلاثة أشهر.
ونقل أبو الحارث في أمة ارتفع حيضها لعارض تستبرأ بتسعة أشهر للحمل وشهر للحيض.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله إن علمت عدم عوده فكآيسة وإلا اعتدت سنة.
قوله: "السادسة امرأة المفقود الذي انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله أو في مفازة أو بين الصفين إذا قتل قوم أو من غرق مركبه ونحو ذلك فإنها تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
واعلم أن الخلاف هنا في مقدار تربص المرأة ثم اعتدادها فيما ظاهره الهلاك كالخلاف المتقدم في باب ميراث المفقود فيما ظاهره الهلاك حكما ومذهبا قاله الأصحاب فليعاود ذلك.
فائدتان
إحداهما: تربص الأمة كالحرة في ذلك على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أبو بكر وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال القاضي: تتربص على النصف من الحرة ورواه أبو طالب ورده المصنف والشارح وغيرهما.

الثانية: هل تجب لها النفقة في مدة العدة أم لا فيه وجهان.
أحدهما: لا تجب وهو الذي ذكره ابن الزاغوني في الإقناع.
قال المجد في شرحه: هو قياس المذهب عندي لأنه حكم بوفاته بعد مدة الانتظار فصارت معتدة للوفاة.
والثاني: يجب قاله القاضي لأن النفقة لا تسقط إلا بيقين الموت ولم يوجد هنا وذكره في المغني وزاد أن نفقتها لا تسقط بعد العدة لأنها باقية على نكاحه ما لم تتزوج أو يفرق الحاكم بينهما.
قلت فعلى الثاني يعايى بها.
قوله: "وهل يفتقر إلى رفع الأمر إلى الحاكم ليحكم بضرب المدة وعدة الوفاة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعاية الكبرى والنظم والفروع.
إحداهما يفتقر إلى ذلك فيكون ابتداء المدة من حين ضربها الحاكم لها كمدة العنة جزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وشرح ابن رزين.
والرواية الثانية: لا يفتقر إلى ذلك.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: لا يعتبر الحاكم على الأصح فلو مضت المدة والعدة تزوجت.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وهو الصواب.
وقدمه في الرعاية الكبرى في أول كلامه.
وعدم افتقار ضرب المدة إلى الحاكم من مفردات المذهب.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لا يشترط أن يطلقها ولي زوجها بعد اعتدادها للوفاة وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما وهو الصواب.
قال المصنف والشارح وهو القياس.
وقدمه في الرعاية الكبرى وصححه في النظم.
وقال ابن عقيل لا يعتبر فسخ النكاح على الأصح كضرب المدة انتهى.
وعنه يعتبر طلاق وليه بعد اعتدادها للوفاة ثم تعتد بعد طلاق الولي بثلاثة قروء وقدمه ابن رزين في شرحه.

وأطلقهما في المستوعب والمغني والشرح والفروع.
قوله: "وإذا حكم الحاكم بالفرقة نفذ حكمه في الظاهر دون الباطن فلو طلق الأول صح طلاقه".
لبقاء نكاحه وكذا لو ظاهر منها صح وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويتخرج أن ينفذ حكمه باطنا فينفسخ نكاح الأول ولا يقع طلاقه ولا ظهاره وهو لأبي الخطاب في الهداية وذكره في الفروع وغيره رواية.
قلت: قد ذكر المصنف في هذا الكتاب في آخر باب طريق الحكم وصفته رواية ذكرها ابن أبي موسى بأن حكم الحاكم يزيل الشيء عن صفته في الباطن من العقود والفسوخ.
وقال أبو الخطاب القياس أنا إذا حكمنا بالفرقة نفذ ظاهرا وباطنا.
وقال في الفروع: ويتوجه الإرث على الخلاف.
فائدة: لو تزوجت امرأة المفقود قبل الزمان المعتبر ثم تبين أنه كان ميتا أو أنه طلقها قبل ذلك بمدة تنقضي فيها العدة ففي صحة النكاح قولان ذكرهما القاضي.
الصحيح منهما: عدم الصحة اختاره المصنف والشارح.
وقال في الفروع: وإن بان موته وقت الفرقة ولم يجز التزويج ففي صحته وجهان انتهى.
قوله: "وإذا فعلت ذلك".
يعني: إذا تربصت أربع سنين واعتدت للوفاة ثم تزوجت ثم قدم زوجها الأول ردت إليه إن كان قبل دخول الثاني بها.
وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكر القاضي رواية أنه يخير أخذ ذلك من قول الإمام أحمد رحمه الله إذا تزوجت امرأته فجاء خير بين الصداق وبين امرأته.
قال المصنف والشارح والصحيح أن عموم كلام الإمام أحمد رحمه الله: يحمل على

خاص كلامه في رواية الأثرم وأنه لا تخيير إلا بعد الدخول فتكون زوجة الأول رواية واحدة.
قوله: "وإن كان بعده".
يعني بعد الدخول والوطء خير الأول بين أخذها وبين تركها مع الثاني وهو المذهب كما قال المصنف.
وقدمه في الشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقال المصنف هنا والقياس أنها ترد إلى الأول ولا خيار إلا أن يفرق الحاكم بينهما ونقول بوقوع الفرقة باطنا فتكون زوجة الثاني بكل حال.
وكذا قال في الهداية والمحرر.
وحكاه في الفروع عن جماعة من الأصحاب.
وعنه: التوقف في أمره.
ونقل أبو طالب لا خيار للأول مع موتها وأن الأمة كنصف الحرة كالعدة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هي زوجة الثاني ظاهرا وباطنا.
وجعل في الروضة التخيير المذكور إليها فأيهما اختارته ردت على الآخر ما أخذته منه انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: وترث الثاني ذكره أصحابنا وهل ترث الأول.
قال الشريف أبو جعفر: ترثه كذا قال في الفروع.
وقال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع وصوابه وقال أبو حفص.
وخالفه غيره وأنه متى ظهر الأول حيا فالفرقة ونكاح الثاني موقوف فإن أخذها بطل نكاح الثاني حينئذ وإن أمضى ثبت نكاح الثاني.
فعلى المذهب: إن اختار الأول أخذها فله ذلك بالعقد الأول من غير افتقار إلى طلاق الثاني على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في المغني والشرح والفروع وغيرهم والمنصوص وإن لم يطلق.
وقيل لا بد من طلاق الثاني.
قال القاضي قياس قوله يحتاج إلى الطلاق انتهى.
وإن اختار أن يتركها للثاني تركها له فتكون زوجته من غير تجديد عقد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.

وقدمه في الشرح والفروع.
قلت فيعايى بها.
وقال المصنف الصحيح أنه يجدد العقد.
قوله: "ويأخذ صداقها منه".
يعني إذا تركها الأول للثاني أخذ صداقها منه وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال ابن عقيل القياس أنه لا يأخذه.
قوله: "وهل يأخذ صداقها الذي أعطاها أو الذي أعطاها الثاني على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
إحداهما: يأخذ قدر صداقها الذي أعطاها هو لا الثاني وهو المذهب صححه في التصحيح.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة هذا أصح الروايتين وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات.
واختاره أبو بكر وقدمه في الخلاصة والكافي وشرح ابن رزين.
والرواية الثانية: يأخذ صداقها الذي أعطاها الثاني.
وعلى كلا الروايتين يرجع الثاني على الزوجة بما أخذه الأول منه على الصحيح.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة وشرح ابن رزين.
وعنه: لا يرجع به عليها.
قال في المغني وهو أظهر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد.
قوله: "فأما من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتاجر والسائح فإن امرأته تبقى أبدا إلى أن يتيقن موته".
هذا إحدى الروايات قدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والشارح وقالا هذا المذهب ونصراه وجزم به في العمدة.
وعنه: أنها تتربص تسعين عاما من يوم ولد ثم تحل هذا المذهب.

جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والمصنف في هذا الكتاب في باب ميراث المفقود وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه تنتظر أبدا.
فعليها يجتهد الحاكم فيه كغيبة بن تسعين سنة ذكره في الترغيب.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير في هذا الباب وإن جهل بغيبة ظاهرها السلامة ولم يثبت موته بقيت ما رأى الحاكم ثم تعتد للموت وقدموا هذا.
وتقدم الخلاف في ذلك مستوفى في باب ميراث المفقود فليعاود.
قوله: "وكذلك امرأة الأسير".
وقاله غيره من الأصحاب أيضا.
قوله: "ومن طلقها زوجها أو مات عنها وهو غائب عنها فعدتها من يوم مات أو طلق وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة".
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وعنه: إن ثبت ذلك ببينة أو كانت بوضع الحمل فكذلك وإلا فعدتها من يوم بلغها الخبر.
قوله: "وعدة الموطوءة بشبهة عدة المطلقة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وحكاه أبو الخطاب في الانتصار إجماعا وكذا عدة من نكاحها فاسد.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن كل واحدة منهما تستبرأ بحيضة وأنه أحد الوجهين في الموطوءة بشبهة.
قوله: "وكذلك عدة المزني بها".
يعني أن عدتها كعدة المطلقة.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع،

ونظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه تستبرأ بحيضة ذكرها ابن أبي موسى كالأمة المزني بها غير المزوجة.
واختارها الحلواني وابن رزين والشيخ تقي الدين.
واختاره أيضا في كل فسخ وطلاق ثلاث.
وحكى في الرعايتين والحاوي رواية ثالثة أن الموطوءة بشبهة والمزني بها ومن نكاحها فاسد تعتد بثلاث حيض فقالا ومن وطئت بشبهة أو زنا أو بعقد فاسد تعتد كمطلقة.
وعنه تستبرأ الزانية بحيضة كأمة غير مزوجة وعنه بثلاث.
فائدة إذا وطئت امرأته أو سريته بشبهة أو زنا حرمت عليه حتى تعتد.
وفيما دون الفرج وجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي والنظم والزركشي والفروع.
أحدهما لا تحرم عليه اختاره ابن عبدوس في تذكرته وهو الصواب.
والثاني تحرم.
قوله: "وإذا وطئت المعتدة بشبهة أو غيرها".
مثل النكاح الفاسد "أتمت عدة الأول".
لكن لا يحتسب منها مدة مقامها عند الواطئ الثاني على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ولا يحسب منها مقامها عند الثاني في الأصح.
وجزم به المصنف في كتبه والشارح.
وقيل يحسب منها.
وجزم به القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم.
وأطلقهما في النظم والزركشي والمحرر والرعاية الكبرى والحاوي وغيرهم.
وقال في الرعاية الصغرى ومنذ وطى ء لا يحتسب من مدة الأول.
وقيل بلى.
وقال في الكبرى بعد أن أطلق الوجهين قلت منذ وطى ء لا يحتسب من عدة الأول في الأصح انتهى.
وله رجعتها في مدة تتمة العدة على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع وله رجعة الرجعية في التتمة في الأصح واختاره المصنف والشارح.

وقيل ليس له رجعتها فيها.
وجزم به القاضي في خلافه قاله في آخر الفائدة الرابعة عشر.
قلت فيعايى بها.
قوله: "ثم استأنفت العدة من الوطء".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان.
وذكر أبو بكر إذا وطئت زوجة الطفل ثم مات عنها ثم وضعت قبل تمام عدة الوفاة أنها لا تحل له حتى تكمل عدة الوفاة.
قال المجد وظاهر هذا تداخل العدتين.
ذكره في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة.
قوله: "وإن كانت بائنا فأصابها المطلق عمدا فكذلك".
يعني أنها كالموطوءة بشبهة من الأجنبي في عدتها وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجعلها في الترغيب كوطئه البائن منه بشبهة الآتية بعد هذه.
قوله: "وإن أصابها بشبهة".
يعني المطلق طلاقا بائنا استأنفت العدة للوطء ودخلت فيها بقية الأولى.
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به المصنف والشارح وصاحب الوجيز والفروع وغيرهم.
وقال في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة: وإن كان الواطئ بشبهة هو الزوج تداخلت العدتان لأنهما من رجل واحد إلا أن تحمل من أحد الوطأين ففي التداخل وجهان لكون العدتين من جنسين.
فائدتان
إحداهما: لو وطئت امرأته بشبهة ثم طلقها رجعيا اعتدت له أولا ثم اعتدت للشبهة على الصحيح من المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل تعتد للشبهة أولا ثم تعتد له ثانيا وهو احتمال في المحرر واختاره ابن عبدوس في تذكرته.

قال في الرعاية الكبرى: وهو أقيس.
وفي رجعته قبل عدته وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: ليس له ذلك قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وصححه ابن نصر الله في حواشيه.
والوجه الثاني: له ذلك.
وفي وطء الزوج إن حملت منه وجهان وهما احتمالان في الرعاية والحاوي.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقدم في الرعاية الكبرى صحة تحريم الوطء.
وصحح ابن نصر الله في حواشي الفروع عدم التحريم.
الثانية كل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية والموطوءة بشبهة أو في نكاح فاسد قياس المذهب تحريم نكاحها على الواطئ وغيره في العدة قاله الشارح.
وقال قال المصنف والأولى حل نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها لأن العدة لحفظ مائة وصيانة نسبه.
ومن لا يلحقه نسب ولدها كالزانية لا يحل له نكاحها لأنه يفضي إلى اشتباه النسب.
وتقدم حكم ذلك في باب المحرمات في النكاح بعد قوله وتحرم الزانية حتى تتوب مستوفى فليعاود.
قوله: "وإن تزوجت في عدتها لم تنقطع عدتها حتى يدخل بها فتنقطع حينئذ ثم إذا فارقها بنت على عدتها من الأول واستأنفت العدة من الثاني".
لا أعلم فيه خلافا.
وقوله: "وإن أتت بولد من أحدهما انقضت عدتها به منه ثم اعتدت للآخر أيهما كان وإن أمكن أن يكون منهما أري القافة معهما فألحق بمن ألحقوه به منهما وانقضت عدتها به منهما".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الانتصار احتمال تستأنف عدة الآخر كموطوءة لاثنين.
وقيل في الموطوءة لاثنين بزنى عليها عدة واحدة فيتداخلان.

وتقدم كلام المجد.
وعند أبي بكر إن أتت به لستة أشهر من نكاح الثاني فهو له ذكره عنه القاضي وابن عقيل في المفقود.
ونقل ابن منصور مثله وزاد فإن ادعياه فالقافة ولها المهر بما أصابها ويؤدبان.
قوله: "وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وصححه في النظم ونصره المصنف.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقطع به الخرقي وغيره.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور والمختار للأصحاب.
وعنه أنها تحرم عليه على التأبيد.
وعنه تحرم على التأبيد في النكاح الفاسد.
وقال المصنف له نكاحها بعد انقضاء عدة الأول ولا يمنع من نكاحها في عدتها منه كالوطء في النكاح.
وتقدم نظيرها في الفائدة قبل ذلك وهي أعم.
وتقدم في المحرمات في النكاح.
قوله: "وإن وطى ء رجلان امرأة فعليها عدتان لهما".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ومراده إذا وطئاها بشبهة إذ تقدم غيره.
وصرح به في الوجيز وغيره.
قوله: "وإن طلقها واحدة فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة". بلا نزاع.
"وإن راجعها ثم طلقها بعد دخوله بها استأنفت العدة" بلا نزاع "وإن طلقها قبل دخوله بها فهل تبني أو تستأنف على روايتين".
وأطلقهما في المذهب والمغني والشرح.
إحداهما تستأنف العدة نقله ابن منصور كمن فسخت بعد الرجعة بعتق أو غيره وهو المذهب جزم به في الوجيز.

قال في المغني والشرح أولى الروايتين أنها تستأنف.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية تبني اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة ونظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقولي اختاره الخرقي هو من كلام صاحب الفروع.
قال ابن نصر الله في حواشيه ليست هذه المسألة في الخرقي ولا عزاها إليه في المغني وإنما ذكرها في فصل مفرد ولم ينقل عنه فيها قولا انتهى.
قوله: "وإن طلقها طلاقا بائنا ثم نكحها في عدتها ثم طلقها فيها قبل دخوله بها فعلى روايتين أولاهما أنها تبني على ما مضى من العدة الأولى لأن هذا طلاق من نكاح لا دخول فيه فلا يوجب عدة".
هذا المذهب بلا ريب.
قال القاضي في كتاب الروايتين لا يلزمها استئناف العدة رواية واحدة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره المصنف وغيره.
والرواية الثانية: تستأنف عدة.
وقال في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة فيها طريقان.
أحدهما هي على الروايتين اللتين في الرجعية وهو المذكور في المجرد والفصول والمحرر.
والثاني: تبني هنا رواية واحدة وهو ما في تعليق القاضي وعمد الأدلة لانقطاع النكاح الأول عن الثاني بالبينونة بخلاف الرجعية.

فصل في الإحداد
...
قوله: فصل، "ويجب الإحداد على المعتدة من الوفاة". بلا نزاع.
"وهل يجب على البائن على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والمحرر والشرح وغيرهم.
إحداهما: لا يجب الإحداد وهو المذهب على ما قدمنا في الخطبة اختاره أبو بكر في

الخلاف وابن شهاب والمصنف في العمدة.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
والرواية الثانية يجب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي اختاره الخرقي والقاضي وعامة أصحابه.
وجزم به في العمدة والوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
ونقل أبو داود يجب على المتوفى عنها والمطلقة ثلاثا والمحرمة.
والأصحاب يحكون الخلاف في البائن فيشمل المطلقة واحدة وثلاثا والمختلعة.
ونقل أبو داود مخصوص بالثلاث.
والخرقي قال والمطلقة ثلاثا.
قال الزركشي ويلحق بالمطلقة ثلاثا كل بائن.
وقال في المستوعب وفي وجوبه على البائن بالثلاث أو خلع أو فسخ أو غير ذلك روايتان انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى: وفي البائن بطلاق وخلع وفسخ روايتان انتهى.
وقيل المختلعة كالرجعية.
قال الشارح وذكر شيخنا في كتاب الكافي أن المختلعة كالبائن فيما ذكرنا من الخلاف.
والصحيح أنه لا يجب عليها لأنها يحل لزوجها الذي خالعها أن يتزوجها في عدتها بخلاف البائن بالثلاث انتهى.
فظاهر كلامه أن الخلاف مخصوص بالبائن بالثلاث وجزم به في العمدة، وأكثر الأصحاب أطلقوا البائن.
وقال في الانتصار وغيره لا يلزم الإحداد بائنا قبل الدخول.
تنبيه: حيث قلنا لا يجب الإحداد فإنه يجوز إجماعا لكن لا يسن ذكره في الرعاية.
قوله: "ولا يجب في نكاح فاسد".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع.

وقال القاضي في الجامع المنصوص يلزم الإحداد في نكاح فاسد.
وجزم به في القواعد الأصولية وقال نص عليه في رواية أحمد بن محمد البرائي القاضي ومحمد ابن أبي موسى.
قوله: "وسواء في الإحداد المسلمة والذمية".
وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى الذين ألزموا به الذمية لا يلزمونها به في عدتها من الذمي فصار هذا كعقودهم قال في الفروع كذا قال.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "والإحداد اجتناب الزينة والطيب".
فتجتنب الطيب ولو كان في دهن نص عليه كدهن الورد والبنفسج والياسمين والبان وغيره.
قال في الفروع وتترك دهنا مطيبا فقط نص عليه كدهن ورد.
وفي المغني ودهن راس ولعله بان كما صرح به في المغني.
وصرح أيضا أنه لا بأس بالادهان بالزيت والشيرج والسمن ولم يخص غير الرأس بل أطلق.
قلت وكذا قال الشارح.
الثاني: قوله: "واجتناب الحناء والخضاب والكحل الأسود".
مراده باجتناب الكحل الأسود إذا لم تكن حاجة قاله في الفروع وغيره وقدمه في الرعاية وغيره.
قال المصنف والشارح فإن اضطرت الحادة إلى الكحل بالإثمد للتداوي فلها أن تكتحل ليلا وتمسحه نهارا وقطعوا به وأفتت به أم سلمة رضي الله عنها.
قلت ذلك معارض بما في الصحيحين أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها فقال: "لا" مرتين.
فيحتمل أن يكون ذلك منسوخا ويحتمل أنه كان يمكنها التداوي بغيره فمنعها منه ويحتمل أنها لم تكن وصلت إلى الاضطرار إلى ذلك والله أعلم.
قوله: "والخفاف".
تمنع الحادة من الخفاف على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.

قال في الفروع وفيه وجه سهو.
وقال في المطلع: والمحرم عليها إنما هو نتف وجهها فأما حفه وحلقه فمباح نص عليه أصحابنا.
قلت الذي يظهر أنه اشتبه عليه فجعل الممنوعة منه في الإحداد وغيره وهو النتف ممنوعة منه هنا وجعل الذي لا تمنع منه الزوجة مع زوجها وغير الحادة وهو الحف والحلق لا تمنع منه الحادة هنا والظاهر أنه سهو ولعل صاحب الفروع عناه بما قال.
فائدة: لا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب إلى حلقه ولا من الاغتسال بالسدر والامتشاط.
قوله: "ولا يحرم عليها الأبيض من الثياب وإن كان حسنا ولا الملون لدفع الوسخ كالكحلي ونحوه".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يحرم الأبيض المعد للزينة وما هو ببعيد فإن بعضها أعظم مما منعت منه من غيره.
وقال في الترغيب: لا يحرم في الأصح ملون لدفع وسخ كأسود وكحلي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
فائدة: هل تمنع من الذي صبغ غزله ثم نسج أم لا فيه احتمالان مطلقان ذكرهما المصنف والشارح والزركشي بناء على تفسير العصب المستثنى في الحديث بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: "إلا ثوب عصب".
وأطلق الوجهين في الرعاية الكبرى فقال القاضي هو ما صبغ غزله قبل نسجه فيباح ذلك.
وصحح المصنف والشارح أنه نبت ينبت في اليمن تصبغ به الثياب ونقلاه عن صاحب الروض الأنف وصححا أن ما صبغ غزله يحرم عليها لبسه وأنه ليس بعصب.
والمذهب: يحرم ما صبغ غزله ثم نسج قدمه في الفروع.
قوله: "قال الخرقي وتجتنب النقاب".
هذا مما انفرد به الخرقي وتابعه في الرعايتين والحاوي وجماعة.

والصحيح من المذهب وعليه الأصحاب إلا الخرقي ومن تابعه ونص عليه أن النقاب لا يحرم عليها.
قال الزركشي عند كلام الخرقي وتجتنب النقاب كأنه لا نص فيه عن الإمام أحمد رحمه الله لأن كثيرا من الأصحاب عزا ذلك إلى الخرقي لأن المعتدة كالمحرمة وعلى هذا تمنع مما في معنى ذلك كالبرقع.
وقال فظاهر كلام الخرقي أن البائن التي تحد لا تجتنب النقاب وصرح به أبو محمد في الكتاب الكبير.
وظاهر كلامه في كتابه الصغير وكذلك المجد منعها من ذلك.
قوله: "فصل: وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه إلا أن تدعو ضرورة إلى خروجها منه بأن يحولها مالكه أو تخشى على نفسها فتنتقل". بلا نزاع.
وظاهر كلام المصنف هنا أنها تنتقل حيث شاءت وهو أحد الوجهين والمذهب منهما على ما اصطلحناه.
اختاره القاضي والمصنف والشارح.
وجزم به في الكافي وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: أنها لا تنتقل إلا إلى أقرب ما يمكن من المنزل الذي وجبت فيه جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والمنور والوجيز وإدراك الغاية والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع.
فائدة: لو بيعت الدار التي وجبت فيها العدة وهي حامل فقال المصنف لا يصح البيع لأن الباقي من مدة العدة مجهول.
قلت فيعايى بها.
وقال المجد قياس المذهب الصحة.
قلت وهو الصواب.
وتقدم ذلك أيضا في باب الإجارة عند قوله ويجوز بيع العين المستأجرة.
تنبيه : قوله: "بأن يحولها مالكه" صحيح.
وقال في المغني أو يطلب به فوق أجرته.
وقال أيضا هو والشارح أو لم تجد ما تكتري به.
وقال في الترغيب إن قلنا: "لا سكنى لها" فعليها الأجرة وليس للورثة تحويلها منه.

قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة.
قال وظاهر المغني وغيره خلافه.
وقال الزركشي ذكره أبو محمد من صور الأعذار المبيحة للانتقال إذا لم تجد أجرة المنزل إلا من مالها فلها الانتقال.
وصرح أن الواجب عليها فعل السكنى لا تحصيل المسكن وهو مقتضى قول القاضي في تعليقه.
قال وفيما قالاه نظر وذكره ثم قال والذي يظهر لي أنه يجب عليها بذل الأجرة من مالها إن قدرت عليها وإلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
فائدة: يجوز نقلها لأذاها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل ليس لهم ذلك بل ينتقلون عنها واختاره في الترغيب.
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله: "ولا تخرج ليلا".
ولو كان لحاجة وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلامه في الوجيز وقدمه في الرعاية الكبرى.
وجزم به في الكافي والمحرر.
وقطع في المغني والشرح أنه لا يجوز لها الخروج ليلا إلا لضرورة.
والوجه الثاني: يجوز لها الخروج ليلا للحاجة.
قال في الرعاية الصغرى ولها الخروج ليلا لحاجة في الأشهر.
قال في الحاوي والهادي ولها ذلك في أظهر الوجهين.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الفروع.
وظاهر كلامه في الواضح أن لها الخروج مطلقا قاله في الفروع.
الثاني ظاهر قوله: "ولها الخروج نهارا لحوائجها".
أنه سواء وجد من يقضيها الحوائج أو لا وهو ظاهر كلام غيره وأطلقوا.
قال الحلواني لها ذلك مع وجود من يقضيها فصرح وبين المطلق من كلامهم.
وظاهر قوله أيضا لحوائجها أنها لا تخرج لغير حوائجها وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح وتذكرة ابن عبدوس والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل: لها الخروج نهارا لحوائجها وغيرها.

قال في الوسيلة: نص عليه.
نقل حنبل: تذهب بالنهار.
قال الزركشي: اشترط كثير من الأصحاب لخروجها الحاجة والإمام أحمد رحمه الله وجماعة لم يشترطوا ذلك.
ولا حاجة في التحقيق إلى اشتراطه لأن المرأة وإن لم تكن متوفى عنها تمنع من خروجها من بيتها لغير حاجة مطلقا.
فائدة: لو خالفت وفعلت ما هي ممنوعة منه أثمت وانقضت عدتها بمضي زمنها كالصغيرة.
قوله: "وإذا أذن لها في النقلة إلى بلد السكنى فيه فمات قبل مفارقة البنيان لزمها العود إلى منزلها". بلا نزاع أعلمه.
"وإن مات بعده فلها الخيار بين البلدين".
يعني إذا مات بعد مفارقة البنيان هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يلزمها العدة في البلد الثاني كما لو وصلت.
قلت لو قيل بلزومها في أقرب البلدين إليها لكان متجها بل أولى.
فائدة: الحكم في النقلة من دار إلى دار كذلك على ما تقدم.
تنبيه: قوله: "وإن سافر بها فمات في الطريق وهي قريبة لزمها العود وإن تباعدت خيرت بين البلدين".
مراده: إذا كان سفره بها لغير النقلة على ما تقدم جزم به في الفروع وغيره.
وإن سافر بها لغير النقلة وهو مراد المصنف فالحكم كما قال المصنف من أنها إن كانت قريبة وهو دون مسافة القصر لزمها العود وإن كانت بعيدة وهو مسافة القصر فأزيد خيرت بين البلدين.
فائدة: لو أذن لها في السفر لغير النفلة فالصحيح من المذهب أنها إن كانت قريبة ومات يلزمها العود وإن كانت بعيدة تخير قدمه في الفروع.
وقال في التبصرة: عن أصحابنا فيمن سافرت بإذن يلزمها المضي مع البعد فتعتد فيه.
فشمل كلامه في التبصرة عن الأصحاب سفر النقلة وغيره.

فائدة قوله: "وإن أذن لها في الحج وكانت حجة الإسلام فأحرمت به ثم مات فخشيت فوات الحج مضت في سفرها وإن لم تخش وهي في بلدها أو قريبة يمكنها العود أقامت لتقضي العدة في منزلها وإلا مضت في سفرها".
قوله: "وإن لم تكن أحرمت أو أحرمت بعد موته فحكمها حكم من لم تخش الفوات".
في أنها تقيم إذا كانت في بلدها لم تخرج أو خرجت لكنها قريبة يمكنها العود وإن لم تكن كذلك مثل أن تكون قد تباعدت أو لا يمكنها العود فإنها تمضي.
واعلم أنها إذا أحرمت قبل موته أو بعده فلا يخلو إما أن يمكن الجمع بين الإتيان بالعدة في منزلها أو الحج أو لا يمكن.
فإن كان لا يمكن الجمع بين ذلك فقال في المحرر إن لم يمكن الجمع قدمت مع البعد الحج فإن رجعت منه وقد بقي من عدتها شيء أتمته في منزلها.
وأما مع القرب فهل تقدم العدة أو أسبقهما لزوما على روايتين.
قال في الوجيز وإن لم يمكن الجمع قدمت الحج مع البعد.
وقال في الكافي إن أحرمت بحج أو عمرة في حياة زوجها في بلدها، ثم مات وخافت فواته مضت فيه لأنه أسبق فإذا استويا في خوف الفوات كان أحق بالتقديم.
وقال الزركشي: إن كانت قريبة ولم يمكن الرجوع فهل تقدم العدة وهو ظاهر كلامه في رواية حرب ويعقوب أو الحج إن كانت قد أحرمت به قبل العدة وهو اختيار القاضي على روايتين.
وإن كانت بعيدة مضت في سفرها وظاهر كلام الخرقي وجوب ذلك وجعله أبو محمد مستحبا وفصل المجد ما تقدم.
وقدم في الفروع أنها هل تقدم الحج مطلقا أو أسبقهما على وجهين وأطلقهما بقيل وقيل.
وأما إذا أمكن الجمع بينهما فالصحيح من المذهب أنه يلزمها العود ذكره المصنف وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في الكافي وغيره.
وقال في المحرر: يلزمها العود مع موته بالقرب وخيرت مع البعد.
وقال في الشرح: إن أحرمت بحج الفرض أو بحج أذن لها فيه وكان وقت الحج متسعا

لا تخاف فوته ولا فوت الرفقة لزمها الاعتداد في منزلها وإن خشيت فوات الحج لزمها المضي فيه.
وإن أحرمت بالحج بعد موته وخشيت فواته احتمل أن يجوز لها المضي فيه واحتمل أن تلزمها العدة في منزلها انتهى.
تنبيهات
أحدهما: القريب دون مسافة القصر والبعيد عكسه.
الثاني: حيث قلنا تقدم العدة فإنها تتحلل لفوات الحج بعمرة وحكمها في القضاء حكم من فاته الحج وإن لم يمكنها السفر فهي كالمحصرة التي يمنعها زوجها من السفر وحكم الإحرام بالعمرة كذلك إذا خيف فوات الرفقة أو لم يخف.
قوله: "وأما المبتوتة فلا تجب عليها العدة في منزله وتعتد حيث شاءت".
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه أنها كالمتوفى عنها زوجها.
تنبيه: قوله "وتعتد حيث شاءت" يعني في بلدها على الصحيح من المذهب والروايتين.
والصحيح من المذهب أنها لا تبيت خارجا عن منزلها.
وعنه يجوز ذلك.
فوائد
الأولى: إذا أراد زوج البائن إسكانها في منزله أو غيره مما يصلح لها تحصينا لفراشه ولا محذور فيه لزمها ذلك ذكره القاضي وغيره ولو لم يلزمه نفقتها كالمعتدة بشبهة أو نكاح فاسد أو مستبرأة لعتق وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والحاوي والوجيز والزركشي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة لا يلزمها ذلك.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه في الرعايتين.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: إن أراد ذلك وأنفق عليها فله ذلك وإلا فلا.
وسوى المصنف في العمدة بين من يمكن زوجها إمساكها والرجعية في نفقة وسكنى.
الثانية: لو كانت دار المطلق متسعة لهما وأمكنها السكنى في موضع منفرد كالحجرة وعلو الدار وبينهما باب مغلق جاز وسكن الزوج في الباقي كما لو كانا حجرتين متجاورتين.

وإن لم يكن بينهما باب مغلق لكن لها موضع تستتر فيه بحيث لا يراها ومعها محرم تتحفظ به جاز أيضا وتركه أولى.
الثالثة: لو غاب من لزمته السكنى لها أو منعها من السكنى اكتراه الحاكم من ماله أو اقترض عليه أو فرض أجرته.
وإن اكترته بإذنه أو إذن حاكم أو بدونها للعجز عن إذنه رجعت ومع القدرة على إذنه فيه الخلاف السابق في أوائل باب الضمان.
ولو سكنت في ملكها فلها أجرته ولو سكنته أو اكترت مع حضوره وسكوته فلا أجرة لها.
الرابعة: حكم الرجعية في العدة حكم المتوفى عنها زوجها على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية أبي داود.
وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وغيره وقاله القاضي في خلافه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد الفقهية والفروع وغيرهم.
وقيل بل كالزوجة يجوز لها الخروج والتحول بإذن الزوج مطلقا.
الخامسة ليس له الخلوة بامرأته البائن إلا مع زوجته أو أمته أو محرم أحدهما قدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل يجوز مع أجنبية فأكثر.
قال في الترغيب وأصله النسوة المنفردات هل لهن السفر مع أمن بلا محرم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وهل يجوز دخوله على البائن منه مع أجنبية ثقة فيه وجهان.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويحرم سفره بأخت زوجته ولو معها.
وقال في ميت عن امرأة شهد قوم بطلاقه ثلاثا مع علمهم عادة بخلوته بها لا يقبل لأن إقرارهم يقدح فيهم.
ونقل ابن هانئ يخلو إذا لم تشتهي ولا يخلو أجانب بأجنبية.
قال في الفروع: ويتوجه وجه لقصة أبي بكر رضي الله عنه مع زوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها لما رأى جماعة من بني هاشم عندها رواه مسلم والإمام أحمد رحمهما الله.
وقال القاضي من عرف بالفسق منع من الخلوة بالأجنبية.
قال في الفروع كذا قال والأشهر تحرم مطلقا وذكره جماعة إجماعا.
قال ابن عقيل ولو لإزالة شبهة ارتدت بها أو لتداو.

وفي آداب عيون المسائل لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم إلا كان الشيطان ثالثهما ولو كانت عجوزا شوهاء.
وقال في المغني لمن احتج بأن العبد محرم لمولاته بدليل نظره لا يلزم منه المحرمية بدليل القواعد من النساء وغير أولي الإربة.
وفي المغني أيضا لا يجوز إعارة أمة جميلة لرجل غير محرم إن كان يخلو بها أو ينظر إليها لأنه لا يؤمن عليها.
وكذا في الشرح إلا أنه اقتصر على عبارة المقنع بالكراهة.
قال في الفروع فحصل من النظر ما ترى.
وقال الشارح كما هو ظاهر المغني فإن كانت شوهاء أو كبيرة فلا بأس لأنها لا يشتهى مثلها وهذا إنما يكون مع الخلوة أو النظر كما ترى.
قال في الفروع وهذا في الخلوة غريب.
وفي آداب صاحب النظم تكره الخلوة بالعجوز.
قال في الفروع كذا قال وهو غريب ولم يعزه.
قال وإطلاق كلام الأصحاب في تحريم الخلوة والمراد به من لعورته حكم.
فأما من لا عورة له كدون سبع فلا تحريم.
وسبق ذلك في الجنائز في تغسيل الأجنبي لأجنبية وعكسه.
وتقدم في كتاب النكاح هل يجوز النظر إلى هؤلاء أو إلى الأجنبية أم لا.
السادسة: يجوز إرداف محرم.
قال في الفروع: ويتوجه في غيرها مع الأمن وعدم سوء الظن خلاف بناء على أن إرادته عليه الصلاة والسلام إرداف أسماء رضي الله عنها مختص به والله أعلم.

باب استبراء الإماء
قوله: "ويجب الاستبراء في ثلاثة مواضع. أحدها إذا ملك أمة لم يحل له وطؤها ولا الاستمتاع بها بمباشرة أو قبلة حتى يستبرئها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والعمدة والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يختص التحريم بمن تحيض فيجوز الاستمتاع والوطء بمن لا تحيض.

وعنه يختص التحريم بالوطء فقط ذكرها في الإرشاد واختاره ابن القيم رحمه الله في الهدى واحتج بجواز الخلوة والنظر وقال لا أعلم في جواز هذا نزاعا.
فعلى هذه الرواية يجوز الاستمتاع بما دون الفرج ممن لا تحيض.
وعنه لا يجب الاستبراء في المسنة ذكرها الحلواني.
وذكر في الترغيب وجها لا يجب الاستبراء فيما إذا ملكها بإرث.
وعنه لا يجب الاستبراء إذا كان المالك طفلا.
وقيل لا يجب الاستبراء إذا ملكها من مكاتبه على ما يأتي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز وطء البكر ولو كانت كبيرة والآيسة وإذا أخبره صادق أنه لم يطأها أو أنه استبرأ.
ويأتي بعد ذلك الخلاف فيما إذا ملكها من كبير أو صغير أو ذكر أو أنثى ويأتي بعد ذلك إذا كانت الأمة صغيرة.
قوله: "إلا المسبية هل له الاستمتاع بها فيما دون الفرج على روايتين".
يعني إذا منعنا من الاستمتاع في غير المسبية.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والشرح.
أحدهما لا يحل وهو المذهب.
قال الشارح وهو الظاهر عن الإمام أحمد رحمه الله وظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية يحل له ذلك وجزم به ابن البنا والشيرازي.
وصححه في البلغة والقاضي في المجرد قاله في القواعد.
قوله: "سواء ملكها من صغير أو كبير أو رجل أو امرأة".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يلزمه الاستبراء إذا ملكها من طفل أو امرأة.

قلت وهو مقتضى قواعد الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فائدة لو ملكتها امرأة من امرأة أخرى لم يجب استبراؤها على الصحيح من المذهب.
وقد يقال هذا ظاهر كلام المصنف.
وعنه يلزمها استبراؤها كما لو ملكها طفل على الصحيح من المذهب فيه كما تقدم.
قوله: "وإن أعتقها قبل استبرائها لم يحل له نكاحها حتى يستبرئها".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يحل نكاحها ولا يطأ حتى يستبرئ.
فعلى المذهب: لو خالف وعقد النكاح لم يصح على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
قال أبو الخطاب في رؤوس المسائل ظاهر المذهب لا يصح.
وعنه: يصح النكاح ولا يطؤها حتى يستبرئها وأطلقهما في المحرر والنظم.
قوله: "ولها نكاح غيره إن لم يكن بائعها يطؤها".
هذا إحدى الروايتين قال في المحرر وهو الأصح.
قال في الرعاية الصغرى ولها نكاح غيره على الأصح.
وقال في الكبرى ولها نكاح غيره على الأقيس وقواه الناظم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وشرح ابن منجا وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الحاوي الصغير.
وعنه: ليس لها ذلك وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قدمه في المحرر والنظم والفروع والمستوعب.
قلت: في النفس من كون هذا المذهب بتقديم هؤلاء شيء فإن صاحب المحرر والنظم وإن كانا قد قدماه فقد صححا غيره.
فائدة: لو أراد السيد تزويج أمته قبل عتقها ولم يكن يطؤها قبل ذلك. فحكمه حكم ما لو أعتقها وأراد تزويجها ولم يكن يطؤها على ما تقدم إلا أن المصنف والشارح قالا ليس له نكاحها قبل استبرائها.

قوله: "والصغيرة التي لا يوطأ مثلها هل يجب استبراؤها على وجهين" وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما لا يجب الاستبراء وهو المذهب اختاره ابن أبي موسى.
وصححه المصنف في المغني والشارح وابن رزين في شرحه.
ولا يلتفت إلى قول ابن منجا إن ظاهر كلامه في المغني ترجيح الوجوب وهو قد صحح عدمه كما حكيناه.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والثاني يجب استبراؤها.
قال المصنف وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في أكثر الروايات عنه.
وهو ظاهر كلام الخرقي والشيرازي وابن البنا وغيرهم.
وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: "وإن اشترى زوجته أو عجزت مكاتبته أو فك أمته من الرهن".
حلت بغير استبراء وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب.
لكن يستحب له الاستبراء في الزوجة ليعلم هل حملت في زمن الملك أو غيره.
وأوجبه بعض الأصحاب فيما إذا ملك زوجته لتجديد الملك قاله في الروضة.
قوله: "أو أسلمت المجوسية أو المرتدة أو الوثنية التي حاضت عنده أو اشترى مكاتبه ذوات رحمه فحضن عنده ثم عجز".
حلت بغير استبراء وهذا المذهب.
قال في الفروع وفي الأصح لا يلزمه إن أسلمت مجوسية أو وثنية أو مرتدة أو رجع إليه رحم مكاتبه المحرم لعجزه.
قال الزركشي: هذا المذهب.
قال الناظم: هذا الأقوى.
وصححه في المحرر والحاوي فيما إذا أسلمت الكافرة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.

وقيل: يجب الاستبراء في ذلك كله وأطلقهما في الرعايتين.
تنبيه: ظاهر كلامه أن السيد لو أخذ من المكاتب أمة من ذوات محارمه بعد أن حاضت عنده أنه يلزمه الاستبراء وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع لزمه في الأصح.
وصححه في المحرر والحاوي وقدمه الزركشي وغيره.
وقيل لا يلزمه.
قوله: "وإن وجد الاستبراء في يد البائع قبل القبض أجزأه".
هذا هو المذهب قاله ابن منجا وغيره.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
واختاره القاضي وجماعة من أصحابه.
وقدمه في الهداية والمستوعب والمحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة حصل الاستبراء على الأصح.
ويحتمل أن لا يجزئه وهو وجه في الكافي وغيره ورواية عند الأكثر.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المذهب والكافي والرعايتين والحاوي والزركشي.
فوائد
إحداها وكيل البائع إذا وجد الاستبراء في يده كالبائع على الصحيح من المذهب.
وقيل يجب الاستبراء هنا.
الثانية قال في المحرر ويجزئ استبراء من ملكها بشراء أو وصية أو غنيمة أو غيرها قبل القبض.
وعنه لا يجزئ.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والموصى بها والموروثة والمغنومة كالمبيعة.
زاد في الرعايتين فقال قلت والموهوبة.
وأطلق الروايتين في الرعاية الكبرى.
وعنه تجزئ في الموروثة دون غيرها.

الثالثة لو حصل استبراء زمن الخيار ففي إجزائه روايتان.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير والزركشي.
واختار ابن عبدوس في تذكرته الإجزاء وجزم به في المنور.
قال في الخلاصة حصل الاستبراء على الأصح.
وقيل إن قلنا الملك للمشترى مع الخيار كفى وإلا فلا جزم به في الهداية والمستوعب والمصنف.
قال في المحرر ومن اشتريت بشرط الخيار فهل يجزئ استبراؤها إذا قلنا بنقل الملك على وجهين وأطلقهما في النظم.
وقدم في الرعاية الصغرى عدم الإجزاء مطلقا.
قوله: "وإن باع أمته ثم عادت إليه بفسخ أو غيره". كالإقالة والرجوع في الهبة "بعد القبض وجب استبراؤها وإن كان قبله فعلى روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والشرح.
إحداهما: يجب استبراؤها وهو المذهب اختاره الشريف وأبو الخطاب والشيرازي وغيرهم.
قال في البلغة وجب استبراؤها على الأصح وصححه الناظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يجب استبراؤها اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
تنبيه: محل الخلاف في الفسخ حيث قلنا بانتقال الملك إلى المشتري.
أما إن قلنا بعدم انتقاله عن البائع ثم عاد إليه بفسخ كخيار الشرط والمجلس لم يجب استبراؤه قولا واحدا.
قوله: "وإن اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج قبل الدخول لزم استبراؤها". بلا نزاع أعلمه ونص عليه.
"وإن كان بعده لم يجب في أحد الوجهين".
اكتفاء بالعدة وهو المذهب.
صححه في المغني والشرح والتصحيح وغيرهم.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.

وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
والوجه الثاني: يجب استبراؤها بعد العدة اختاره القاضي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
فائدة: مثل ذلك خلافا ومذهبا لو اشترى أمة معتدة أو مزوجة فمات زوجها.
قوله: "الثاني إذا وطى ء أمته ثم أراد تزويجها لم يجز حتى يستبرئها".
ولم ينعقد العقد هذا المذهب.
جزم به في المغني والشرح والوجيز والهداية والمستوعب والخلاصة والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والفروع والنظم واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وعنه: يجوز من غير استبراء فيصح العقد ولا يطأ الزوج حتى يستبرئ نقله الأثرم وغيره.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: "وإن أراد بيعها فعلى روايتين".
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والهداية والمذهب وغيرهم.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: لا يلزمه استبراؤها قبل ذلك صححه في التصحيح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه الناظم.
وعنه لا يصح وأطلقهما في الرعايتين والحاوي والفروع.
تنبيه: خص المصنف والشارح والناظم الخلاف بما إذا كانت تحمل.
فأما إن كانت آيسة لم يلزمه استبراؤها إذا أراد بيعها قولا واحدا عندهم.
وأكثر الأصحاب أطلقوا الخلاف من غير تفصيل.
قوله: "وإن لم يطأها لم يلزمه استبراؤها في الموضعين".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
ونقله جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم وقال هذا المذهب.
قال في المستوعب وغيره والمستحب أن يستبرئها.

وعنه يلزمه الاستبراء وإن لم يطأها ذكرها أبو بكر في مقنعه واختارها.
ونقل حنبل إن كانت البالغة امرأة قال لا بد أن يستبرئها وما يؤمن أن تكون قد جاءت بحمل وهو ظاهر ما نقله جماعة قاله في الفروع.
وقال في الانتصار إن اشتراها ثم باعها قبل الاستبراء لم يسقط الأول في الأصح.
قوله: "الثالث إذا أعتق أم ولده أو أمة كان يصيبها أو مات عنها لزمها استبراء نفسها". بلا نزاع "إلا أن تكون مزوجة أو معتدة فلا يلزمها استبراء".
وكذا لو أراد تزويجها أو استبرأها بعد وطئه ثم أعتقها أو باعها فأعتقها مشتر قبل وطئه بلا نزاع في ذلك.
وإن أبانها قبل دخوله أو بعده أو مات فاعتدت ثم مات السيد فلا استبراء إن لم يطأ لزوال فراشه بتزويجها كأمة لم يطأها وهذا الصحيح من المذهب نقله ابن القاسم وسندي وقدمه في الفروع وغيره.
واختار المصنف وغيره وجوبه لعود فراشه.
وإن باع ولم يستبرئ فأعتقها مشتر قبل وطء واستبراء استبرأت أو تممت ما وجد عند مشتر.
تنبيه: قوله: "وإن مات زوجها وسيدها ولم يعلم السابق منهما وبين موتهما أقل من شهرين وخمسة أيام لزمها بعد موت الآخر منهما عدة الحرة من الوفاة حسب وإن كان بينهما أكثر من ذلك أو جهلت المدة لزمها بعد موت الآخر منهما أطول الأمرين من عدة الحرة أو الاستبراء".
ولا ترث الزوج هذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه لا يلزمها سوى عدة حرة للوفاة فقط مطلقا.
فائدة: لو ادعت أمة موروثة تحريمها على وارث بوطء موروثه ففي تصديقها وجهان وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.

أحدهما: تصدق في ذلك لأنه لا يعرف إلا من جهتها.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع وهو أظهر.
والثاني: لا تصدق.
قوله: "وإن اشترك رجلان في وطء أمة لزمها استبراءان".
هذا المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والهداية والمستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل يكفي استبراء واحد اختاره في الرعاية الكبرى.
قلت وهو الصواب.
وتقدم في آخر اللعان إذا اشترك البائع والمشتري في وطئها وأتت بولد هل يكون عبدا للمشتري أو يكون للبائع وتفاصيل ذلك.
قوله: "والاستبراء يحصل بوضع الحمل إن كانت حاملا" بلا نزاع.
وقوله: "أو بحيضة إن كانت ممن تحيض".
هو المذهب سواء كانت أم ولد أو غيرها وعليه الأصحاب.
وذكر في الواضح رواية تعتد أم الولد بعتقها أو بموته بثلاث حيض.
قال في الفروع: وهو سهو.
وذكر في الترغيب رواية تعتد أم الولد بعتقها بثلاث حيض.
وعنه في أم الولد إذا مات سيدها اعتدت أربعة أشهر وعشرا.
وحكى أبو الخطاب رواية ثالثة أنها تعتد بشهرين وخمسة أيام كعدة الأمة المزوجة للوفاة.
قال المصنف: ولم أجد هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في الجامع ولا أظنها صحيحة عنه.
قلت: قد أثبتها جماعة من الأصحاب.
قوله: "أو بمضي شهر إن كانت آيسة أو صغيرة".
وكذا لو بلغت ولم تحض وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.

وعنه بثلاثة أشهر نقلها الجماعة.
قال المصنف والشارح والزركشي هذا هو المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وابن عقيل والمصنف.
قال في الفروع وهي أظهر.
وعنه بشهر ونصف نقلها حنبل.
وعنه بشهرين ذكره القاضي كعدة الأمة المطلقة.
قال المصنف ولم أر لذلك وجها.
ولو كان استبراؤها بشهرين لكان استبراء ذات القرء بقرأين ولم نعلم به قائلا.
فائدة تصدق في الحيض فلو أنكرته فقال أخبرتني به فوجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يصدق هو وجزم به في الرعاية الكبرى.
والثاني تصدق هي.
قال ابن نصر الله في حواشيه: وهو أظهر إلا في وطئه أختها بنكاح أو ملك انتهى.
قوله: "وإن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه فبعشرة أشهر نص عليه".
تسعة للحمل وشهر للاستبراء وهو المذهب نص عليه.
وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وابن منجا في شرحه وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه تستبرأ بأحد عشر شهرا.
وعنه بسنة وعنه بعشرة ونصف فالزائد عن التسعة أشهر مبني على الخلاف في عدتها على ما تقدم.
قال في الفروع فإن ارتفع حيضها فكعدة.
فائدتان
إحداهما: لو علمت ما رفع حيضها انتظرته حتى يجيء فتستبرئ به أو تصير من الآيسات فتعتد بالشهور كالمعتدة.
الثانية يحرم الوطء في الاستبراء فإن فعل لم ينقطع الاستبراء.
وإن أحبلها قبل الحيضة استبرأت بوضعه وإن أحبلها في الحيضة حلت في الحال لجعل ما مضى حيضة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.

وجزم به في الرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
قلت فيعايى بها.
ونقل أبو داود من وطى ء قبل الاستبراء يعجبني أن يستقبل بها حيضة.
وإنما لم يعتبر استبراء الزوجة لأن له نفي الولد باللعان.
ذكر ابن عقيل في المنثور أن هذا الفرق ذكره له الشاشي وقد بعثني شيخنا لأسأله عن ذلك.

كتاب الرضاع
باب الرضاع...
كتاب الرضاعتنبيه: قوله: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وإذا حملت المرأة من رجل ثبت نسب ولدها منه فثاب لها لبن فأرضعت به طفلا".
هكذا عبارة الأصحاب وأطلقوا.
وزاد في المبهج فقال: "وأرضعت به طفلا ولم يتقيأ".
قوله: "صار ولدا لهما في تحريم النكاح وإباحة النظر والخلوة وثبوت المحرمية وأولاده وإن سفلوا أولاد ولدهما وصار أبويه وآباؤهما أجداده وجداته وإخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته وإخوة الرجل وأخواته أعمامه وعماته وتنتشر حرمة الرضاع من المرتضع إلى أولاده وأولاد أولاده وإن سفلوا فيصيرون أولادا لهما". بلا نزاع في ذلك.
قوله: "ولا تنتشر إلى من في درجته من أخوته وأخواته".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الروضة لو ارتضع ذكر وأنثى من امرأة صارت أما لهما فلا يجوز لأحدهما أن يتزوج بالآخر ولا بأخواته الحادثات بعده ولا بأس أن يتزوج بأخواته اللاتي ولدن قبله ولكل منهما أن يتزوج أخت الآخر انتهى.
ولا أعلم به قائلا غيره ولعله سهو.
ثم وجدت ابن نصر الله في حواشيه قال هذا خلاف الإجماع.
قوله: "ولا تنتشر إلى من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته فلا تحرم المرضعة على أبي المرتضع ولا أخيه ولا تحرم أم المرتضع ولا أخته على أبيه من الرضاع ولا أخيه". بلا نزاع.
قوله: "وإن أرضعت بلبن ولدها من الزنى طفلا صار ولدا لها وحرم على الزاني تحريم المصاهرة ولم تثبت حرمة الرضاع في حقه في ظاهر قول الخرقي".

وهو المذهب اختاره ابن حامد وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال أبو بكر: تثبت.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
قوله: "قال أبو الخطاب وكذلك الولد المنفي باللعان".
وهو الصحيح يعني أن حكم لبن ولدها المنفي باللعان كحكم لبن ولدها من الزنى من كون المرتضع يحرم على الملاعن تحريم المصاهرة ولم تثبت حرمة الرضاع في حق الملاعن على المذهب أو تثبت على قول أبي بكر وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في المذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن لا يثبت حكم الرضاع في حق الملاعن بحال لأنه ليس بلبنه حقيقة ولا حكما بخلاف الزاني.
قلت: وهو الصواب.
"وإن وطىء رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه" بلا نزاع.
وإن ألحق بهما كان المرتضع ابنا لهما بلا خلاف.
زاد في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والترغيب وغيرهم فقالوا وكذا الحكم لو مات ولم يثبت نسبه فهو لهما.
قلت وهو صحيح.
قوله: "وإن لم يلحق بواحد منهما".
إما لعدم القافة أو لأنه أشكل عليهم.
"ثبت التحريم بالرضاع في حقهما".
كالنسب وهو أحد الوجهين والمذهب منهما.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير.
والوجه الآخر: هو لأحدهما مبهما فيحرم عليهما اختاره في الترغيب.
قال في المغني والكافي وتبعه الشارح وإن لم يثبت نسبه منهما لتعذر القافة أو لاشتباهه.

عليهم ونحو ذلك حرم عليهما تغليبا للحظر.
وجزم به ابن رزين في شرحه وابن منجا وأطلقهما في الفروع.
قوله: "وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم".
قال جماعة منهم بن حمدان في رعايتيه أو من وطء تقدم.
"لم ينشر الحرمة نص عليه في لبن البكر".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع لم ينشر الحرمة في ظاهر المذهب.
قال الزركشي وهو المنصوص والمختار للقاضي وعامة أصحابه.
قال ناظم المفردات عليه الأكثر.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير ونظم المفردات وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
قال جماعة من الأصحاب لأنه ليس بلبن حقيقة بل رطوبة متولدة لأن اللبن ما أنشز العظام وأنبت اللحم وهذا ليس كذلك.
وعنه ينشزها ذكرها ابن أبي موسى.
قال في المستوعب اختاره ابن أبي موسى.
قال المصنف هنا والظاهر أنه قول ابن حامد.
قال الشارح وهو قول ابن حامد.
واختاره المصنف والشارح.
قال في الرعايتين ولا يحرم لبن غير حبلى ولا موطوءة على الأصح.
فعلى القول بأنه ينشر فلا بد أن تكون بنت تسع سنين فصاعدا صرح به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره لقوله: "وإن ثاب لامرأة".
قوله: "ولا ينشر الحرمة غير لبن المرأة فلو ارتضع طفلان من بهيمة أو رجل أو خنثى مشكل لم ينشر الحرمة" بلا نزاع.
إذا ارتضع طفلان من بهيمة لم ينشر الحرمة بلا نزاع.
وإن ارتضع من رجل لم ينشر الحرمة أيضا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.

وذكر الحلواني وابنه رواية بأنه ينشر.
وإن ارتضعا من خنثى مشكل فإن قلنا لا ينشر لبن المرأة الذي حدث من غير حمل فهنا لا ينشر بطريق أولى وأحرى.
وقد تقدم أنه لا ينشر على الصحيح المنصوص.
وإن قلنا هنا ينشر على الرواية التي ذكرها ابن أبي موسى فهل ينشر الحرمة هنا لبن الخنثى المشكل فيه وجهان.
هذه طريقة صاحب المحرر والحاوي والفروع وهي الصواب.
والصواب أيضا عدم الانتشار ولو قلنا بالانتشار من المرأة وهو ظاهر كلام المصنف.
وظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم أن الخلاف في الخنثى مطلقا.
ولذلك ذكروا المسألة من غير بناء فقالوا لو ارتضع من كذا وكذا ومن خنثى مشكل لم ينشر الحرمة.
وقال ابن حامد يوقف أمر الخنثى حتى يتبين أمره.
ولهذا قال في الرعايتين ولا تثبت حرمة لبن رجل وخنثى.
وقيل يقف أمره حتى ينكشف.
وقيل إن حرم لبن بغير حبل ولا وطء ففي الخنثى المشكل وجهان انتهى.
فعلى قول ابن حامد يثبت التحريم إلا أن يتبين كونه رجلا قاله المصنف والشارح.
قال في المستوعب: فيكون هذا الوقوف عن الحكم بالبنوة والأخوة من الرضاع يوجب تحريما في الحال من حيث الشبهة وإن لم تثبت الأخوة حقيقة كاشتباه أخته بأجانب.
وقال في الرعاية الكبرى: فعلى قول ابن حامد لا تحريم في الحال وإن أيسوا منه بموت أو غيره فلا تحريم.
قوله: "ولا تثبت الحرمة بالرضاع إلا بشرطين.
أحدهما أن يرتضع في العامين فلو ارتضع بعدهما بلحظة لم تثبت".
وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال أبو الخطاب لو ارتضع بعد الحولين بساعة: لم يحرم.
وقال القاضي وصاحب الترغيب لو شرع في الخامسة فحال الحول قبل كمالها لم يثبت التحريم.
قال المصنف: ولا يصح هذا لأن ما وجد من الرضعة في الحولين لبن كاف في التحريم.

بدليل ما لو انفصل مما بعده.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله ثبوت الحرمة بالرضاع إلى الفطام ولو بعد الحولين أو قبلهما.
فأناط الحكم بالفطام سواء كان قبل الحولين أو بعده.
واختار أيضا ثبوت الحرمة بالرضاع ولو كان المرتضع كبيرا للحاجة نحو كونه محرما لقصة سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه مع زوجة أبي حذيفة رضي الله عنهما.
فائدة: لو أكرهت على الرضاع ثبت حكمه ذكره القاضي في الجامع محل وفاق.
قوله: "الثاني أن يرتضع خمس رضعات في ظاهر المذهب".
وهذا المذهب بلا ريب.
قال المصنف والشارح هذا الصحيح من المذهب.
قال المجد في محرره وغيره هذا المذهب.
قال الزركشي هو مختار أصحابه متقدمهم ومتأخرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه ثلاث يحرمن وعنه واحدة.
وقدمه في المحرر وأطلقهن في الهداية.
قوله: "ومتى أخذ الثدي فامتص منه ثم تركه أو قطع عليه فهي رضعة فمتى عاد فهي رضعة أخرى بعد ما بينهما أو قرب وسواء تركه شبعا أو لأمر يلهيه أو لانتقاله من ثدي إلى غيره أو من امرأة إلى غيرها".
وهذا المذهب في ذلك كله وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والزركشي والفروع وغيرهم واختاره أبو بكر وغيره.
وقال ابن حامد: إن لم يقطع باختياره فهما رضعة إلا أن يطول الفصل بينهما.
وذكر الآمدي: أنه لو قطع باختياره لتنفس أو إعياء يلحقه ثم عاد ولم يطل الفصل فهي رضعة واحدة.
قال ولو انتقل من ثدي إلى آخر ولم يطل الفصل فإن كان من امرأة واحدة فهي رضعة واحدة وإن كان من امرأتين فوجهان ذكره في القاعدة الثالثة بعد المائة.
وقال ابن أبي موسى حد الرضعة أن يمتص ثم يمسك عن امتصاص لتنفس أو غيره سواء خرج الثدي من فمه أو لم يخرج نقله الزركشي.

وعنه رضعة إن تركه عن قهر أو لتنفس أو ملل.
وقيل إن انتقل من ثدي إلى ثدي آخر أو إلى مرضعة أخرى فرضعتان على أصح الروايتين.
قال في الرعايتين فإن قطع المصة للتنفس أو ما ألهاه أو قطعت عليه المرضعة قهرا فرضعة وعنه لا.
وإذا انتقل من ثدي إلى آخر أو إلى مرضعة أخرى فرضعتان على الأصح.
قال في الوجيز فإن قطع المصة لتنفس أو شبع أو أمر ألهاه أو قطعت عليه المرضعة قهرا فرضعة.
فإن انتقل إلى ثدي آخر أو مرضعة أخرى فثنتان قرب ما بينهما أو بعد.
قوله: "والسعوط والوجور كالرضاع في إحدى الروايتين".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وأصحابه والمصنف وغيرهم.
قال في الفروع: والسعوط والوجور كالرضاع على الأصح.
قال الناظم هو كالرضاع في الأصح.
قال المصنف والشارح هذا أصح الروايتين.
قال في الرعايتين فرضاع على الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
والرواية الثانية لا يثبت التحريم بهما اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قوله: "ويحرم لبن الميتة".
هذا المذهب نص عليه في رواية إبراهيم الحربي وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح عليه أكثر الأصحاب منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمذهب وغيرهما.
وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم والخلاصة وغيرهما كحلبه من حية ثم شربه بعد موتها بلا خلاف فيه.
وقال أبو بكر الخلال: لا يحرم قاله المصنف والشارح والمجد وصاحب الهداية،

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28