كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

وأما الجرو الصغير فيباح تربيته لمن يباح اقتناؤه له على الصحيح من المذهب صححه في الفروع والرعاية الصغرى في آدابهما والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الكافي فتصح الوصية به.
وقيل لا تجوز تربيته فلا تصح الوصية به.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
أما إن كان عنده ما يصيد به ولم يصد به أو يصيد به عند الحاجة إلى الصيد أو لحفظ ماشية أو زرع إن حصلا فخلاف قاله في الفروع.
وذكره في المغني والشرح احتمالين مطلقين ذكره في البيع.
قلت الذي يظهر أن ذلك كالجرو الصغير.
وقدم في الكافي الجواز.
وقدمه ابن رزين وجعل في الرعاية الكلب الكبير الذي لا يصيد به لهوا كالجرو الصغير وأطلق الخلاف فيه.
وجزم بالكراهة في آداب الرعايتين.
وقال في الواضح الكلب ليس مما يملكه.
وفي طريقة بعض الأصحاب إنما يصح لملك اليد الثابت له كخمر تخلل ولو مات من في يده خمر ورث عنه فلهذا يورث الكلب نظرا إلى اليد حسا.
الثانية: تقسم الكلاب المباحة بين الورثة والموصى له والموصى لهما بالعدد فإن تشاحوا فبقرعة.
ويأتي في باب الصيد تحريم اقتناء الكلب الأسود البهيم وجواز قتله وكذا الكلب العقور.
الثالثة: لو أوصى له بكلب وله كلاب.
قال في الرعاية له أحدها بالقرعة وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وعنه بل ما شاء الورثة انتهى.
قلت وهذا هو الصواب وأطلقهما الحارثي.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: وتصح بما فيه نفع مباح كالزيت النجس أن ذلك على القول بجواز الاستصباح به وهو المذهب على ما تقدم في كتاب البيع.
أما على القول بعدم الجواز فما فيه نفع مباح فلا تصح الوصية به وهو صحيح صرح به المصنف والشارح وغيرهما.
وظاهر كلامه في الرعاية الكبرى الإطلاق وإنما جعل التقييد بما قال المصنف من عنده.

قوله: وتصح الوصية بالمجهول كعبد وشاة بلا نزاع.
ويعطى ما يقع عليه الاسم فإن اختلف الاسم بالحقيقة والعرف كالشاة هي في العرف للأنثى يعني الأنثى الكبيرة والبعير والثور هو في العرف للذكر يعني الذكر الكبير وحده وفي الحقيقة للذكر والأنثى غلب العرف.
هذا اختيار المصنف وصححه الناظم.
وجزم به في الوجيز.
وقدم في الرعايتين أن الشاة للأنثى.
وجزم به في التبصرة في البعير والثور.
وقال المصنف العبد للذكر المعروف.
وقدمه في الفروع في باب الوقف والحارثي هنا.
وعند القاضي وغيره لا يشترط كونه ذكرا.
وقال في الفروع في الوقف فيما إذا أوصى بعبد في إجزاء خنثى غير مشكل وجهان جزم الحارثي أنه لا يدخل في مطلق العبد.
وقال أصحابنا تغلب الحقيقة وهو المذهب فيتناول الذكور والإناث والصغار والكبار.
وأطلق في الشرح في البعير وجهين.
وقال القاضي في الخلاف الشاة اسم لجنس الغنم يتناول الصغار والكبار.
قوله: والدابة اسم للذكر والأنثى من الخيل والبغال والحمير.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
فتتقيد يمين من حلف لا يركب دابة بها.
وفي الترغيب وجه في وصية بدابة يرجع إلى عرف البلد.
وذكر أبو الخطاب في التمهيد في الحقيقة العرفية أن الدابة اسم للفرس عرفا وعند الإطلاق ينصرف إليه.
وذكره في الفنون عن أصولي يعني بنفسه.
قال لأن لها نوع قوة من الدبيب ولأنه ذو كر وفر.
فوائد:
الحصان والجمل والحمار للذكر والناقة والبقرة والحجرة والأتان للأنثى وأما الفرس فللذكر والأنثى.

قال في الفائق قلت والبغل للذكر والبغلة تحتمل وجهين انتهى.
ولو قال عشرة من إبلى وغنمى فهو للذكر والأنثى على الصحيح.
وقال المصنف والشارح يحتمل أنه إن قال عشرة بالهاء فهو للذكور وبعدمها للإناث.
والرقيق للذكر والأنثى والخنثى.
قوله: وإن وصى له بغير معين كعبد من عبيده صح ويعطيه الورثة ما شاءوا منهم في ظاهر كلامه.
هو إحدى الروايتين ونص عليه في رواية ابن منصور وهو المذهب.
اختاره القاضي وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر في خلافيهما والشيرازي والمصنف وابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم.
وقال الخرقي يعطي واحد بالقرعة.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
اختاره ابن أبي موسى وصاحب المحرر وأطلقهما في الفروع.
وقال في التبصرة هاتان الروايتان في كل لفظ احتمل معنيين قال ويحتمل حمله على ظاهرهما.
فائدة: قال القاضي في هذه المسألة يعطيه الورثة ما شاءوا من عبد أو أمة.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقال المصنف الصحيح عندي أنه لا يستحق إلا ذكرا وهو المذهب كما تقدم وظاهر النظم الإطلاق.
قوله: فإن لم يكن له عبيد لم تصح الوصية في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
قال الحارثي المذهب البطلان.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وتصح في الآخر ويشتري له ما يسمى عبدا.
وأطلقهما في الشرح والفائق.
فعلى المذهب لو ملك عبيدا قبل موته فهل تصح الوصية فيه وجهان.
وأطلقهما في الشرح والفروع والفائق وشرح الحارثي.

أحدهما: تصح وهو الصحيح جزم به في الحاوي الصغير وقدمه في الرعايتين.
والثاني: لا تصح كمن وصى لعمرو بعبد زيد ثم ملكه.
فائدة: لو وصى بأن يعطي مائة من أحد كيسي فلم يوجد فيهما شيء استحق مائة على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع استحق مائة على المنصوص.
وجزم به في الرعايتين.
وهو ظاهر ما جزم به الحارثي.
وقيل لا يستحق شيئا.
قوله: وإن كان له عبيد فماتوا إلا واحدا تعينت الوصية فيه.
وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والفائق والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وقيل يتعين بالقرعة قال في الرعاية الكبرى ويتوجه أن يقرع بين الحي والميت.
فائدة: لو لم يكن له إلا عبد واحد صحت وتعينت فيه على الصحيح من المذهب قاله القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم.
وقال الحارثي قياس المذهب بطلان الوصية ولو تلف رقيقه كلهم قبل موت الموصي بطلت الوصية.
ولو تلفوا بعد موته من غير تفريط فكذلك.
قوله: وإن قتلوا كلهم فله قيمة أحدهم على قاتله إما بالقرعة أو باختيار الورثة على الخلاف المتقدم قاله الأصحاب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن قتلوا في حياته بطلت وإن قتلوا بعد موته أخذت قيمة عبد من قاتله وقاله في النظم وغيره.
فيحمل كلام المصنف على ذلك.
قوله: وإن وصى له بقوس وله أقواس للرمي والبندق والندف فله قوس النشاب لأنه أظهرها إلا أن يقترن به قرينه تصرفه إلى غيره.
هذا المذهب صححه المصنف وغيره.

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
قال الحارثي وهو الأصح.
وعند أبي الخطاب له واحد منها كالوصية بعبد من عبيده.
واختاره في الهداية وأطلقهما في المذهب.
وقيل له واحد منها غير قوس البندق وأطلقهن في الفائق.
وقيل له ما يرمي به عادة.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير فله قوس النشاب.
وقيل والنبل قال في المذهب فيه وجهان.
أحدهما: تنصرف الوصية إلى قوس النشاب والنبل على قول القاضي.
فوائد:
إحداها: يعطى قوسا معمولة بغير وتر على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق.
قال الحارثي وهو الأظهر.
وقيل يعطي قوسا مع وتره.
جزم به في الترغيب وبه جزم القاضي وابن عقيل قاله الحارثي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية: قوس النشاب هو الفارسي وقوس النبل هو العربي وقوس جرخ وقوس بمجرى وهو الذي يوضع في مجراة السهم فيخرج من المجرى وقوس البندق هو قوس جلاهق.
الثالثة: لو كان له أقواس من جنس أو قوس نشاب ونبل وقلنا يعطي من كل منهما أعطى أحدها: بالقرعة قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل بل برضى الورثة.
قوله: وإن وصى له بكلب أو طبل وله منها مباح ومحرم انصرف إلى المباح وإن لم يكن له إلا محرم لم تصح الوصية.
بلا نزاع في ذلك وتقدم حكم ما إذا تعددت الكلاب قريبا.

قوله: وتنفذ الوصية فيما علم من ماله وما لم يعلم.
جزم به في المغنى والشرح وغيرهما ولا أعلم فيها خلافا.
قوله: وإن وصى بثلثه فاستحدث مالا دخل ثلثه في الوصية.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق وغيرهم.
وعنه يدخل المتجدد مع علمه به أو قوله: بثلثي يوم أموت وإلا فلا.
تنبيه: قد يدخل في كلامه لو نصب أحبولة قبل موته فوقع فيها صيد بعد موته فإن الصيد يكون للناصب فيدخل ثلثه في الوصية وهو صحيح وهو المذهب وقدمه في الفروع.
وقال في الانتصار وغيره لا يدخل ويكون كله للورثة.وأطلقهما في الرعاية.
قوله: وإن قتل وأخذت ديته فهل تدخل في الوصية على روايتين.
وأطلقهما الخرقي والزركشي وابن رزين في شرحه والشرح والهداية في باب ميراث القاتل.
إحداهما: تدخل فتكون من جملة التركة وهو المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله قد قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الدية ميراث.
واختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.وصححه في التصحيح وشرح الحارثي وغيرهما.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة في باب ميراث القاتل وتؤخذ ديون المقتول ووصاياه من ديته على الأصح.
ويأتي كلامه في الرعايتين والحاوي والفائق في التي بعدها ومال إليه الزركشي.
والرواية الثانية: لا تدخل فتكون للورثة خاصة.
وقيل يقضي منها الدين أيضا على الرواية الثانية.
وهو ظاهر ما قطع به المصنف في المغنى والشارح وابن رزين في شرحه.
فإنهم قالوا على الرواية الثانية وكذلك يقضي منها ديونه ويجهز منها.

وطريقة المجد وصاحب الفروع وغيرهما أن وفاء الدين مبنى على الروايتين إن قلنا له قضيت ديونه وإن قلنا للورثة فلا وهو المذهب.وأما تجهيزه فإنه منها بلا نزاع.
ويأتي ما يشابه ذلك في أثناء باب العفو عن القصاص.
تنبيه: مبنى الخلاف هنا على أن من تحدث على ملك الميت أو على ملك الورثة فيه روايتان.
والصحيح من المذهب أنها تحدث على ملك الميت.
قوله: وإن وصى بمعين بقدر نصف الدية فهل تحسب الدية على الورثة على وجهين.
بناء على الروايتين المتقدمتين قاله الشارح وابن منجا والحارثي.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق ودية المقتول عمدا أو خطأ تركة تقضي منها ديونه وفي وصيته وجهان.
ولو وصى بمعين قدر نصف الدية فالدية محسوبة على الورثة من ثلثيه.
وقيل لا وعنه ديته لهم فلا حق فيها لوصية ولا دين.
وقيل يقضي منها الدين فقط.
قوله: وتصح الوصية بالمنفعة المفردة فلو وصى لرجل بمنافع أمته أبدا أو مدة معينة صح.
بلا نزاع أعلمه وللورثة عتقها بلا نزاع ولهم بيعها مسلوبة المنفعة على الصحيح من المذهب.
قال ابن منجا وغيره هذا المذهب وصححه في النظم.
وقدمه في المستوعب والمغنى والمحرر والشرح والحارثي والفروع والهداية والمذهب والخلاصة والمستوعب وغيرهم.
وقطع به القاضي وابن عقيل.
وقيل لا يصح بيعها مطلقا.
وقيل يصح لمالك نفعها لا غير اختاره أبو الخطاب وغيره.
وأطلقهن في الفائق.

وهن في الكافي احتمالات مطلقات.
تنبيه: قوله: وللورثة عتقها يعني مجانا.
أما عتقها عن كفارة فلا يجزئ على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقيل يجزئ كعبد مؤجر.
وأطلقهما في التلخيص وشرح الحارثي.
ومتى قلنا بالجواز إما مجانا وإما عن كفارة على هذا القول فانتفاع رب الوصية به باق.
فائدة: صحة كتابتها مبنى على صحة بيعها هنا.
قوله: ولهم ولاية تزويجها.
يعني للورثة الذين يملكون رقبتها والصحيح من المذهب أن وليها مالك رقبتها.
جزم به في الكافي والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والحارثي وصححه وغيرهم.
وقيل وليها مالك رقبتها ومالك المنفعة جميعا.
فعلى المذهب لا يزوجها إلا بإذن مالك المنفعة.
قاله في المغنى والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
قوله: وأخذ مهرها في كل موضع وجب.
يعني لملاك الرقبة ذلك وهذا اختيار المصنف وابن عقيل.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال أصحابنا مهرها للوصي.
يعني للموصى له بنفعها وهو المذهب.
جزم به في المنور وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه في النظم والحارثي وغيرهما.
قال في الفائق هذا قول الجمهور وأطلقهما في الفروع.

وهذه المسألة من غير الغالب الذي ذكرناه في الخطبة من المصطلح في معرفة المذهب.
قوله: وإن وطئت بشبهة فالولد حر وللورثة قيمة ولدها عند الوضع على الواطئ يعني لأصحاب الرقبة.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يشترى بها ما يقوم مقامها.
وأطلقهما في الشرح وشرح الحارثي.
قوله: وإن قتلت فلهم قيمتها في أحد الوجهين.
وتبطل الوصية وهو المذهب صححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وفي الأخرى يشتري بها ما يقوم مقامها.
قدمه في الهداية والتبصرة والمذهب والمستوعب والخلاصة.
واختاره القاضي والمصنف وغيرهما وأطلقهما في الشرح.
تنبيه: ينبني على الخلاف ما إذا عفا عن قاتلها هل تلزمه القيمة أم لا قاله في الفروع.
فائدة: لو قتلها الورثة لزمهم قيمة المنفعة ذكره في الانتصار عند الكلام على الخلع بمحرم.
قلت وعموم كلام المصنف وغيره من الأصحاب أن قتل الوارث كقتل غيره.
قوله: وليس لواحد منهما وطؤها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب في جواز وطء مالك الرقبة وجهان.
فائدة: لو وطئها واحد منهما فلا حد عليه وولده حر.
فإن كان الواطئ مالك الرقبة صارت أم ولد وإلا فلا.
وفي وجوب قيمة الولد عليه الوجهان.
وكذا المهر على ما تقدم من اختيار المصنف واختيار الأصحاب.
وقيل يجب الحد على صاحب المنفعة إذا وطىء.

فعلى هذا يكون ولده مملوكا وهو احتمال في المغنى وغيره.
قال في القاعدة الخامسة والثلاثين بعد المائة: لا يجوز للوارث وطؤها إذا كان موصى بمنافعها على أصح الوجهين وهو قول القاضي خلافا لابن عقيل.
قوله: وإن ولدت من زوج أو زنا فحكمه حكمها.
هذا أحد الوجهين.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي وشرح ابن منجا.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والشرح.
وقال المصنف والشارح ويحتمل أن يكون لمالك الرقبة.
قدمه في المحرر والفروع والنظم وجزم به في المنور.
وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قال في القاعدة الحادية والعشرين الولد هل هو كالجزء أو كالكسب والأظهر أنه كجزء.
ثم قال مفرعا على ذلك لو ولدت الموصى بمنافعها.
فإن قلنا الولد كسب فكله لصاحب المنفعة.
وإن قلنا هو جزء ففيه وجهان.
أحدهما: أنه بمنزلتها.
والثاني: أنه للورثة لأن الأجزاء لهم دون المنافع.
قوله: وفي نفقتها ثلاثة أوجه.
وهن احتمالات في الهداية.
وأطلقهن في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي وشرح ابن منجا.
قال في الفروع وفي نفقتها وجهان انتهى.
أحدهما: أنه في كسبها فإن عدم ففي بيت المال قال المصنف وتبعه الشارح فإن لم يكن لها كسب فقيل تجب في بيت المال قال الحارثي هو قول الأصحاب وقال المصنف عن القول أنه يكون في كسبها هو راجع إلى إيجابها على صاحب المنفعة وهذا الوجه للقاضي في المجرد.
والوجه الثاني أنها على مالكها يعني على مالك الرقبة.

وهو الذي ذكره الشريف أبو جعفر مذهبا للإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وابن بكروس وغيرهم وعند القاضي مثله.
وقدمه في الرعايتين والفائق والحاوي الصغير.
والوجه الثالث: أنه على الموصى وهو مالك المنفعة وهو المذهب.
صححه في التصحيح واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في المنور ومنتخب الأزجى.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم وتجريد العناية.
قوله: وفي اعتبارها من الثلث وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والفروع وشرح الحارثي.
أحدهما: يعتبر جميعها من الثلث وهو الصحيح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وصححه في التصحيح.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
والوجه الثاني: تقوم بمنفعتها ثم تقوم مسلوبة المنفعة فيعتبر ما بينهما اختاره القاضي.
وقدمه في الخلاصة والنظم.
وقيل إن وصى بمنفعة على التأبيد اعتبرت قيمة الرقبة بمنافعها من الثلث لأن عبدا لا منفعة له لا قيمة له.
وإن كانت الوصية بمدة معلومة اعتبرت المنفعة فقط من الثلث اختاره في المستوعب.
وأطلقهما في الفروع أيضا.
فقال وهل يعتبر خروج ثمنها من ثلثه أو ما قيمتها بنفعها وبدونه.
فيها وجهان وإن وصى بنفعها وقتا فقيل كذلك وقيل يعتبر وحده من ثلثه لإمكان تقويمه مفردا انتهى.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة: لو مات الموصى له بنفعها كانت المنفعة لورثته على الصحيح من المذهب.
جزم به في الانتصار في الأجرة بالعقد.
وقال ويحتمل مثله في هبة نفع داره وسكناها شهرا تسليمها انتهى.وقدمه في الفروع.
وقيل بل لورثة الموصى.
قلت وينبغي أن يكون الحكم كذلك فيما إذا مات الموصى له برقبتها أن تكون الرقبة لوارثه.

قوله: وإن وصى لرجل بمكاتبه صح ويكون كما لو اشتراه.
على ما يأتي في باب الكتابة وهذا بلا نزاع.
وإن وصى له بمال الكتابة أو بنجم منها صح.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
إلا أن القاضي قال في الخلاف فيمن مات وعليه زكاة إن الوصية لا تصح بمال الكتابة والعقل لأنه غير مستقر.
فائدتان:
إحداهما: لو قال ضعوا نجما من كتابته فلهم وضع أي نجم شاءوا.
وإن قال ضعوا ما شاء المكاتب فالكل على الصحيح من المذهب إذا شاء.
وقيل لا كما لو قال ضعوا ما شاء من مالها.
وإن قال ضعوا أكثر ما عليه ومثل نصفه وضع عنه فوق نصفه وفوق ربعه يعني بشرط أن يكون مثل نصف الموضوع أولا.
الثانية: لو أوصى لمكاتبه بأوسط نجومه وكانت النجوم شفعا متساوية القدر تعلق الوضع بالشفع المتوسط كالأربعة المتوسطة منها الثاني والثالث.وكالستة المتوسط منها الثالث والرابع.
قال في القواعد الأصولية ذكره أبو محمد المقدسي وغيره.
قوله: وإن وصى له بمال الكتابة أو بنجم منها صح.
بلا نزاع وللموصى له الاستيفاء والإبراء ويعتق بأحدهما: والولاء للسيد.
فإن عجز فأراد الوارث تعجيزه وأراد الموصى له إنظاره فالقول قول الوارث.
وكذا إذا أراد الوارث إنظاره وأراد الموصى له تعجيزه فالحكم للوارث.
قوله: وإن وصى برقبته لرجل وبما عليه لآخر صح فإن أدى عتق وإن عجز فهو لصاحب الرقبة وبطلت وصية صاحب المال فيما بقي عليه.
إذا أدى لصاحب المال أو أبرأه منه عتق وبطلت الوصية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الشارح ويحتمل أن لا تبطل وصية صاحب الرقبة ويكون الولاء له لأنه أقامه مقام نفسه ومال إليه وقواه.
فإن عجز فسخ صاحب الرقبة كتابته وكان رقيقا له وبطلت وصية صاحب المال.

وإن كان قبض من مال الكتابة شيئا فهو له.
قوله: ومن أوصى له بشيء بعينه فتلف قبل موت الموصي أو بعده بطلت الوصية بلا نزاع.
وإن تلف المال كله غيره بعد موت الموصي فهو للموصي له بلا نزاع.
قوله: وإن لم يأخذه زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ.
يعني إذا أوصى له بشيء معين فنما وهذا المذهب مطلقا نص عليه.في رواية ابن منصور.
وقطع به الخرقى والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قول الخرقى هو قول قدماء الأصحاب وهو أوجه من قول الجد يعني الآتي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المحرر إن قلنا يملكه بالموت اعتبرت قيمته من التركة بسعره يوم الموت على أدنى صفاته من يوم الموت إلى القبول سعرا وصفة انتهى.
فبنى ذلك على أن الملك بين الموت والقبول هل هو للموصى له أو للورثة على ما تقدم في كتاب الوصايا في الفوائد: المبنية على قوله: وإن قبلها بعد الموت ثبت الملك حين القبول وذكرنا هذا هناك أيضا.
قوله: وإن لم يكن له شيء سوى المعين إلا مال غائب أو دين في ذمه موسر أو معسر فللموصي له ثلث الموصى به وكلما اقتضى من الدين شيء أو حضر من الغائب شيء ملك من الموصى به بقدر ثلثه حتى يملكه كله وكذلك الحكم في المدبر.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه.
وذكره الخرقى في المدبر وقدمه في الفائق والحارثي.
وقال قاله الأصحاب وصححه.

وقيل لا يدفع إليه شيء بل يوقف لأن الورثة شركاؤه في التركة فلا يحصل له شيء ما لم يحصل للورثة مثلاه.
قلت وهذا بعيد جدا فإنه إذا أخذ ثلث هذا المعين يبقى ثلثاه فإن لم يحصل من المال الغائب والدين شيء البتة فللورثة الباقي من هذا الموصى به فما يحصل للموصى له شيء إلا وللورثة مثلاه.
غايته أنه غير معين ولا يضر ذلك.
فعلى المذهب تعتبر قيمة الحاصل بسعره يوم الموت على أدنى صفته من يوم الموت إلى يوم الحصول.
قوله: وإن وصى له بثلث عبد فاستحق ثلثاه فله الثلث الباقي.
يعني إذا خرج من ثلث التركة قاله الأصحاب.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وشرح الحارثي والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل له ثلث ثلثه لا غير.
فائدة: مثل ذلك لو أوصى بثلث صبرة من مكيل أو موزون فتلف أو استحق ثلثاها خلافا ومذهبا.
قوله: وإن وصى له بثلث ثلاثة أعبد فاستحق اثنان أو ماتا فله ثلث الباقي.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والفائق والحارثي وغيرهم.
وقيل جميعه له إذا لم يجاوز ثلث قيمتها.
قوله: وإن وصى له بعبد لا يملك غيره قيمته مائة ولآخر بثلث ماله وملكه غير العبد مائتان فأجاز الورثة فللموصى له بالثلث ثلث المائتين وربع العبد وللموصى له بالعبد ثلاثة أرباعه.
وهذا المذهب أعني في المزاحمة في العبد وعليه الأصحاب الخرقى فمن بعده.
قال الشارح وهو قول سائر الأصحاب.
قال ابن رجب وتبع الخرقى على ذلك ابن حامد والقاضي والأصحاب.

ثم قال فهذا قد يحمل على ما إذا كانت الوصيتان في وقتين مختلفين ولا إشكال على هذا.
وإن حمل على إطلاقه وهو الذي اقتضاه كلام الأكثرين فهو وجه آخر.
ثم قال ونصوص الإمام أحمد رحمه الله وأصوله مخالفة لذلك.
ثم قال وقد ذكر ابن حامد أن الأصحاب استشكلوا مسألة الخرقى وأنكروها عليه ونسبوه إلى التفرد بها.
ذكر ذلك في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة.
قوله: وإن ردوا فقال الخرقي للموصى له بالثلث سدس المائتين وسدس العبد وللموصى له بالعبد نصفه.
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الحارثي هو قول الخرقي ومعظم الأصحاب.
قال الزركشي هو قول جمهور الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والزركشي وغيرهم.
قال المصنف وعندي أنه يقسم الثلث بينهما على حسب مالهما في حال الإجازة لصاحب الثلث خمس المائتين وعشر العبد ونصف عشره ولصاحب العبد ربعه وخمسه.
وهو تخريج في المحرر.
قال في القاعدة الخامسة عشر: وفي تخريج صاحب المحرر نظر وذكره.
قوله: وإن كانت الوصية بالنصف مكان الثلث فردوا فلصاحب النصف ربع المائتين وسدس العبد ولصاحب العبد ثلثه.
وهذا اختيار المصنف وجزم به في الوجيز.
فوافق المصنف هنا وخالفه في التي قبلها وهو غريب.
وقال أبو الخطاب لصاحب النصف خمس المائتين وخمس العبد ولصاحب العبد خمساه وهو قياس قول الخرقي وهو الصحيح.
قال الزركشي وهو قول الجمهور.
قوله: وإن وصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمائة ولثالث بتمام الثلث على المائة فلم يزد الثلث.

يعني الثلث الثاني.
عن المائة بطلت وصية صاحب التمام وقسم الثلث بين الآخرين على قدر وصيتهما وإن زاد على المائة فأجاز الورثة نفذت الوصية على ما قال الموصى وإن ردوا فلكل واحد نصف وصيته عندي.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقال القاضي ليس لصاحب التمام شيء حتى تكمل المائة لصاحبها ثم يكون له ما فضل عنها ويجوز أن يزاحم به ولا يعطى كولد الأب مع ولد الأبوين في مزاحمة الجد.
قال الحارثي الأصح ما قال القاضي واختاره في المحرر إذا جاوز الثلث مائتين.
قال في الفروع وقيل إن جاوز المائتين فللموصى له بالثلث: نصف وصيته له وللموصى له بالمائة: مائة وللثالث: نصف الزائد.
وإن جاوز مائة فللموصى له الأول: نصف وصيته وللموصى له الثاني: بقية الثلث مع معادلته بالثالث انتهى.
وقال في المحرر وعندي تبطل وصية التمام ها هنا ويقتسم الآخران الثلث كأن لا وصية لغيرهما كما إذا لم يجاوز الثلث مائة.
وأطلقهما في الشرح.
وقيل إن جاوز الثلث مائتين فللموصى له بثلث ماله نصف وصيته ولصاحب المائة مائة وللثالث نصف الزائد.
وأطلقهن في الفروع.

باب الوصية بالأنصباء والأجزاء
:
قوله: إذا وصى بمثل نصيب وارث معين فله مثل نصيبه مضموما إلى المسألة.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفي الفصول احتمال ولو لم يرثه ذلك الذي أوصى بمثل نصيبه لمانع به من رق وغيره.
وقال في الفائق والمختار له مثل نصيب أحدهم غير مزاد ويقسم الباقي.
فإذا وصى بمثل نصيب ابنه وله ابنان فله الثلث على المذهب وله النصف على ما

اختاره في الفائق ويقسم النصف الباقي بين الابنين وله قوة.
قوله: وإن وصى له بنصيب ابنه فكذلك في أحد الوجهين.
يعني له مثل نصيبه في أحد الوجهين وهو المذهب.
جزم به القاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
ومال إليه المصنف والمجد والشارح وغيرهم.
قال في المذهب وغيره صحت الوصية في ظاهر المذهب.
قال الحارثي هو الصحيح عندهم.
وفي الآخر لا تصح الوصية.
وهو الذي ذكره القاضي.
قال الزركشي قاله القاضي في المجرد.
قال الحارثي لكن رجع عنه.
فائدة: لو وصى له بمثل نصيب ولده وله ابن وبنت فله مثل نصيب البنت نقله ابن الحكم واقتصر عليه في الفروع.
قوله: وإن وصى له بضعف نصيب ابنه أو بضعفيه فله مثله مرتين وإن وصى له بثلاثة أضعافه فله ثلاثة أمثاله.
قال المصنف هذا هو الصحيح عندي.
واختاره الشارح وصاحب الحاوي الصغير.
وقال أصحابنا ضعفاه ثلاثة أمثاله وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله كلما زاد ضعفا زاد مرة واحدة.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قوله: وإن وصى بمثل نصيب وارث لو كان فله مثل ماله لو كانت الوصية وهو موجود فإذا كان الوراث أربعة بنين فللموصى له السدس وإن كانوا ثلاثة فله الخمس.
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.

وقال الحارثي وعن بعض أصحابنا إقامة الوصى مقام الابن المقدر انتهى.
قوله: ولو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب خامس لو كان إلا مثل نصيب سادس لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس بعد الوصية.
هكذا موجود في النسخ المعروفة المشهورة.
ووجد في نسخة مقروءة على المصنف وعليها خطة لو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن خامس لو كان.
قال الناظم وفي بعض النسخ المقروءة على المصنف وصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن سادس لو كان.
قال فعلى هذا يصح أنه وصى بالخمس إلا السدس.
قال في الفروع كذا قال.
وهو كما قال صاحب الفروع.
فإنه على ما قاله الناظم في النسخة المقروءة على المصنف إنما يكون أوصى له بالخمس إلا السبع على ما قاله الأصحاب في قواعدهم فلذلك لم يرتضه صاحب الفروع منه.
واعلم أن النسخ المعروفة المعتمد عليها ما قلناه أولا وعليها شرح الشارح وابن منجا.
لكن قوله: فقد أوصى بالخمس إلا السدس مشكل على قواعد الأصحاب ومخالف لطريقتهم في ذلك وأشباهه.
بل قياس ما ذكره الأصحاب في هذه المسألة أن يكون قد أوصى له بالسدس إلا السبع فيكون له سهم من اثنين وأربعين.
وكذا قال الحارثي وصاحب الفروع وغيرهما.
لكن في الفروع سهمان من اثنين وأربعين وهو سبقة قلم والله أعلم.
وأجاب الحارثي عن ذلك فقال قولهم: أوصى بالخمس إلا السدس صحيح.باعتبار أن له نصيب الخامس المقدر غير مضموم وأن النصيب هو المستثنى وهو طريقة الشافعية انتهى.
قلت وهو موافق لما اختاره في الفائق فيما إذا أوصى له بمثل نصيب وارث على ما تقدم.
قال في الفروع وما قاله الحارثي صحيح يؤيده أن في نسخة مقروءة على الشيخ أربعة أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب ابن خامس لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس.
قال ويوافق هذا قول ابن رزين في ابنين ووصى بمثل نصيب ابن ثالث لو كان له الربع.

وإلا مثل نصيب رابع لو كان من واحد وعشرين انتهى.
فكأن صاحب الفروع فسر النسخة الأولى المعتمدة المشكلة على طريقة الأصحاب بهذه النسخة.
والذي يظهر بل هو كالصريح في ذلك أن معناهما مختلف وأن النسخة الأولى تابع فيها طريقة أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله.
وهذه النسخة تبع فيها طريقة الأصحاب ولعله في النسخة الأولى اختار ذلك أو يكون ذلك مجرد متابعة لغيره فلما ظهر له ذلك اعتمد على النسخة الموافقة لقواعد المذهب والأصحاب وهو أولى.
فتلخص لنا أن المصنف وجد له ثلاث نسخ مختلفة قرئت عليه.
إحداها: الأولى وهي المشكلة على قواعد الأصحاب ولذلك أجاب عنها الحارثي.
والثانية: ما ذكرها الناظم وتقدم ما فسرها به.
والتفسير أيضا مشكل على قواعد الأصحاب ولذلك رده في الفروع.
وتقدم أن قواعد الأصحاب تقتضي على هذه النسخة أنه أوصى بالخمس إلا السبع وتفسيره موافق لطريقه أصحاب الإمام الشافعي وما اختاره في الفائق.
والثالثة: فيها أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب ابن خامس فهذه النسخة صحيحة على قياس طريقة الأصحاب ويكون قد أوصى له بالخمس إلا السدس وهو موافق لما فسر وأولى من النسخ المعروفة والله أعلم.
قوله: وإن أوصى له بسهم من ماله ففيه ثلاث روايات.
وظاهرة الهداية والمستوعب إطلاقهن.
وأطلقهن في المذهب وتجريد العناية.
إحداهن: له السدس بمنزلة سدس مفروض.
إن لم تكمل فروض المسألة أو كانوا عصبة أعطى سدسا كاملا.
وإن كملت فروضها أعيلت به وإن عالت أعيل معها وهو المذهب.
نقلها ابن منصور وحرب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه كالشريف وأبي الخطاب وابن عقيل والشيرازي وغيرهم.
وفسر الزركشي كلام الخرقى بذلك.
قال الحارثي هذا أصح عند عامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الأزجى وغيرهما.

وقدمه في النظم والفروع والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وهو من المفردات قال ناظمها :
من قال في الإيصا لزيد سهم ... فالسدس يعطى حيث كان القسم
والرواية الثانية: له سهم مما تصح منه المسألة ما لم يزد على السدس.
والرواية التي ذكرها الخرقي وغيره ليس فيها ما لم يزد على السدس بل قالوا يعطى سهما مما تصح منه الفريضة.
لكن قال القاضي معناه ما لم يزد على السدس فإن زاد عليه أعطى السدس ورد الحارثي ما قال القاضي.
قال في الفروع وعنه له سهم واحد مما تصح منه المسألة مضموما إليها اختاره الخرقى انتهى.
قلت ليس الأمر كما قال فإن الخرقى قال وإذا أوصى له بسهم من ماله أعطى السدس.
وقد روى عن أبي عبد الله رواية أخرى يعطي سهما مما تصح منه الفريضة انتهى فالظاهر أنه سبقة قلم.
والرواية الثالثة: له مثل نصيب أقل الورثة ما لم يزد على السدس.
واختار الخلال وصاحبه له مثل نصيب أقل الورثة سواء كان أقل من السدس أو أكثر.
قال في الهداية في تتمة الرواية فإن زاد على السدس أعطى السدس وهو قول الخلال وصاحبه انتهى.
وقيل يعطى سدسا كاملا.
أطلقه الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب.
وأطلقه الخرقى وصاحب الروضة والمحرر وجماعة.
وهو كالصريح في المنور فإنه قال وإن وصى بسهم من ماله أعطى سدسه.
وقال المصنف في المغنى والشارح والذي يقتضيه القياس أنه إن صح أن السهم في لسان العرب السدس أو صح الحديث وهو أنه عليه أفضل الصلاة والسلام أعطى رجلا أوصى له بسهم من ماله السدس فهو كما لو أوصى بسدس من ماله وإلا فهو كما لو أوصى بجزء من ماله على ما اختاره الإمام الشافعي وابن المنذر رحمهما الله تعالى أن الورثة يعطوه ما شاءوا.
تنبيه: قول المصنف في الرواية الثانية والثالثة ما لم يزد على السدس.
قاله القاضي وجماعة من الأصحاب منهم المصنف.

وأطلق الباقون الروايتين وقواه الحارثي.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير على الرواية الثانية والثالثة: له السدس وإن جاوزه الموصى به.
قوله: وإن وصى لرجل بجميع ماله ولآخر بنصفه فالمال بينهما على ثلاثة إن أجيز لهما والثلث على ثلاثة مع الرد.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب وجه فيمن أوصى بماله لوارثه ولآخر بثلثه وأجيز فللأجنبي ثلثه ومع الرد هل الثلث بينهما على أربعة أو على ثلاثة أو هو للأجنبي فيه الخلاف.
قوله: فإن أجيز لصاحب المال وحده فلصاحب النصف التسع والباقي لصاحب المال في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح والمحرر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الآخر ليس له إلا ثلثا المال الذي كان له في حال الإجازة لهما ويبقى التسعان للورثة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الشرح والفائق والقواعد.
تنبيه: قوله: ليس له إلا ثلثا المال التي كانت له في حال الإجازة.
كذا وجد بخط المصنف رحمه الله.
وكان الأصل أن يقول إلا ثلثا المال اللتان كانتا له في حال الإجازة بتثنية التي وبضمير التثنية في كان لأن الصفة والضمير يشترط مطابقة كل واحد منهما لمن هو له وإنما أفردا وأنثا باعتبار المعنى أي السهام الستة التي كانت له نص على ذلك في المطلع.
قوله: وإن أجازوا لصاحب النصف وحده فله النصف على الوجه الأول وهو المذهب.
وعلى الوجه الثاني: له الثلث ولصاحب المال التسعان.
والوجهان الآتيان في كلام المصنف بعد هذا مبنيان على الوجهين المتقدمين وقد علمت المذهب منهما.

قوله: إذا اخلف ابنين وأوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمثل نصيب ابن ففيها وجهان.
وأطلقهما في المغنى والكافي والمحرر والشرح والفروع.
أحدهما: لصاحب النصيب ثلث المال عند الإجازة وعند الرد يقسم الثلث بين الوصيين نصفين وهو المذهب.
قال في الهداية هذا قياس المذهب عندي.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لصاحب النصيب مثل ما يحصل لابن وهو ثلث الباقي وذلك التسعان عند الإجازة وعند الرد يقسم الثلث بينهما على خمسة.
وهو احتمال في الهداية وقدمه في المستوعب.
قال الحارثي وهذا أصح بلا مرية.
قوله: وإن كان الجزء الموصي به النصف خرج فيها وجه ثالث وهو أن يكون لصاحب النصيب في حال الإجازة ثلث الثلثين وفي الرد يقسم الثلث بينهما على ثلاثة عشر لصاحب النصف تسعة ولصاحب النصيب أربعة والمذهب الأول.
قال الحارثي عن الوجه الثالث: وليس بالقوى وأطلقهن في الشرح.
والمسائل المفرعة بعد ذلك مبنية على الخلاف هنا وقد علمت المذهب هنا.
فائدة: جليلة قوله: وإن خلف أما وبنتا وأختا وأوصى بمثل نصيب الأم وسبع ما يبقى ولآخر بمثل نصيب الأخت وربع ما يبقى ولآخر بمثل نصيب البنت وثلث ما يبقي فقل مسألة الورثة من ستة وهي بقية مال ذهب ثلثه فزد عليه مثل نصفه ثلاثة ثم رد مثل نصيب البنت يكن اثني عشر فهي بقية مال ذهب ربعه فزد عليه مثل ثلثه ومثل نصيب الأخت صارت ثمانية عشر وهي بقية مال ذهب سبعه فزد عليه سدسه ومثل نصيب الأم يكن اثنين وعشرين.
هذه الطريقة تسمى طريقة المنكوس وهي غير مطردة.
ولنا فيها طريقة مطردة ولم أرها مسطورة في كلام الأصحاب ولكن أفادنيها بعض مشايخنا.
وذلك أن نقول انكسر معنا على ثلاثة وأربعة وسبعة.

وهذه الأعداد متباينة فاضرب بعضها في بعض تبلغ أربعة وثمانين ثلثها ثمانية وعشرون وربعها أحد وعشرون وسبعها اثني عشرة ومجموع ذلك أحد وستون يبقى بعد ذلك ثلاثة وعشرون وهو النصيب فاحفظه.
ثم تأتي إلى نصيب البنت وهو ثلاثة تلقى ثلثه وهو واحد يبقى اثنان وتلقى من نصيب الأخت ربعه وهو نصف سهم يبقى سهم ونصف وتلقى من نصيب الأم سبعه وهو سبع سهم يبقى ستة أسباع فتجمع الباقي بعد الذي ألقيته من أنصباء الثلاثة يكون أربعة أسهم وسبعين ونصف سبع فتضيفها إلى المسألة وهي ست يكون المجموع عشرة أسهم وسبعين ونصف سبع فاضرب ذلك في الأربعة والثمانين التي حصلت من مخرج الكسور يكون ثمانمائة وسبعين ومنها تصح.
للموصي له بمثل نصيب الأم سهم من ستة مضروب في النصيب وهو ثلاثة وعشرون يكون ذلك ثلاثة وعشرون سهما وله سبع الباقي من الثمانمائة والسبعين وهو مائة وأحد وعشرون بلغ المجموع له مائة وأربعة وأربعين.
وللموصى له بمثل نصيب الأخت سهمان من ستة مضروبان في النصيب تبلغ ستة وأربعين وله ربع الباقي من الثمانمائة والسبعين وقدره مائتان وستة يكون المجموع له مائتين واثنين وخمسين.
وللموصى له بمثل نصيب البنت ثلاثة مضروبة في ثلاثة وعشرين تبلغ تسعة وستين وله ثلث الباقي من الثمانمائة والسبعين وقدره مائتان وسبعة وستون يكون المجموع له ثلاثمائة وستة وثلاثين.
فمجموع سهام الموصى لهم سبعمائة واثنان وثلاثون سهما والباقي للورثة وقدره مائة وثمانية وثلاثون سهما.
للأم السدس من ذلك وقدره ثلاثة وعشرون سهما.
وللأخت الثلث وقدره ستة وأربعون سهما.
وللبنت النصف وقدره تسعة وستون سهما والله أعلم.
وإن أردت أن تعطى الموصى له بمثل نصيب البنت وثلث ما يبقى أولا أو الموصى له بمثل نصيب الأخت وربع ما يبقى فافعل كما قلنا يصح العمل معك.بخلاف طريقة المصنف فإنها لا تعمل إلا على طريقة واحدة وهي التي ذكرها.
فأحببت أن أذكر هذه الطريقة لتعرف وليقاس عليها ما شابهها لاطرادها والله الموفق.
واستمر بنا على هذه الطريقة مدة طويلة إلى سنة سبع وسبعين وثمانمائة ثم سافرت إلى بيت المقدس للزيارة وكان فيها رجل من الأفاضل المحررين في الفرائض والوصايا فسألته عن هذه المسألة فتردد فيها وذكر لنا طريقة حسنة موافقة لقواعد الفرضيين.
وكنت قبل ذلك قد كتبت الأولى في التنقيح كما في الأصل.

فلما تحرر عندنا أن الطريقة التي قالها هذا الفاضل أولى وأصح أضربنا عن هذه التي في الأصل.
وأثبتنا هذه وهي المعتمد عليها.
وقد تبين لي أن هذه الطريقة التي في الأصل غير صحيحة وإنما هي عمل لتصح قسمتها مطلقا من غير نظر إلى ما يحصل لكل واحد.
وقد كتبت عليها ما يبين ضعفها من صحتها في غير هذا الموضع ويعرف بالتأمل عند النظر وأثبت هذه الطريقة وضربت على الأولى التي في الأصل هنا فليحرر.

باب الموصى إليه
:
فائدة: الدخول في الوصية للقوى عليها قربة.
وقال في المغنى قياس مذهبه أن ترك الدخول أولى انتهى.
قلت وهو الصواب لا سيما في هذه الأزمنة.
تنبيه: شمل قوله: تصح وصية المسلم إلى كل مسلم عاقل عدل.
العدل العاجز إذا كان أمينا وهو صحيح وهو المذهب.
قطع به أكثر الأصحاب وحكاه المصنف والشارح إجماعا.
لكن قيده صاحب الرعاية بطريان العجز وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تصح واختار ابن عقيل إبداله.
وقال في الكافي للحاكم إبداله.
قوله: وإن كان عبدا.
تصح الوصية إلى العبد لكن لا يقبل إلا بإذن سيده.
ذكره القاضي في التعليق ومن بعده.
وتصح إلى عبد نفسه قاله ابن حامد.
وتابعه في الكافي والرعايتين والفائق وغيرهم.
وقطع به الزركشي وغيره.
قال في القواعد الأصولية هذا مذهبنا.
قال في الفروع تصح الوصية إلى رشيد عدل ولو رقيق.
قال القاضي قياس المذهب يقتضي ذلك.

تنبيهان:
الأول: يحتمل أن يكون مراد المصنف بالعدل العدل مطلقا فيشمل مستور الحال وهو المذهب.
ويحتمل أن يريد العدل ظاهرا وباطنا وهو قول في المذهب.
الثاني: ظاهر كلام المصنف عدم صحة وصية المسلم إلى كافر وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر المجد في شرحه أن القاضي ذكر في تعليقه ما يدل على أنه اختار صحة الوصية نقله الحارثي.
قوله: أو مراهقا.
قطع المصنف هنا بصحة الوصية إلى المراهق وهو إحدى الروايتين.
قال القاضي قياس المذهب صحة الوصية إلى المميز.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا ومنتخب الأدمى.
قال في القواعد الأصولية قال هذا كثير من الأصحاب.
قال الحارثي هو قول أكثر الأصحاب.
وعنه لا تصح إليه حتى يبلغ وهو المذهب.
اختاره المصنف والشارح والمجد وغيرهم.
قال في الوجيز مكلف.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره وأطلقهما الزركشي.
قال في الكافي وفي الوصية إلى الصبي العاقل وجهان.
تنبيه: ظاهر تقييد المصنف بالمراهق أنها لا تصح إلى مميز قبل أن يراهق وهو ظاهر كلامه في الهداية وغيرها.
وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعاية والمحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه تصح قاله كثير من الأصحاب.
قال القاضي هذا قياس المذهب كما تقدم.

ويأتي هل يصح أن يوصى إليه عند بلوغه قبل أن يبلغ وهو الوصي المنتظر.
فائدتان:
إحداهما: لا تصح الوصية إلى السفيه على الصحيح من المذهب وعنه تصح.
الثانية: لا نظر لحاكم مع وصى خاص إذا كان كفؤا في ذلك.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن أوصى إليه بإخراج حجة أن ولاية إخراجها والتعيين للناظر الخاص إجماعا وإنما للولي العام الاعتراض لعدم أهليته أو فعله محرما.
قال في الفروع فظاهره لا نظر ولا ضم مع وصى متهم وهو ظاهر كلام جماعة.
وتقدم كلامه في ناظر الوقف في كتاب الوقف.
ونقل ابن منصور إذا كان الوصي متهما لم تخرج من يده ويجعل معه آخر.
ونقل يوسف ابن موسى إن كان الوصي متهما ضم إليه رجل يرضاه أهل الوقف يعلم ما جرى ولا تنزع الوصية منه.
ثم إن ضمه بأجرة من الوصية توجه جوازه ومن الوصي فيه نظر بخلاف ضمه مع فاسق قاله في الفروع.
قوله: ولا تصح إلي غيرهم.
قدم المصنف هنا أنها لا تصح إلى فاسق وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي وعامة أصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
والشيرازي وابن عقيل في التذكرة وابن البنا وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والهداية والخلاصة والنظم.
ونصره المصنف والشارح.
وعنه تصح إلى الفاسق ويضم إليه الحاكم أمينا.
قاله الخرقى وابن أبي موسى.
وقدمه في الفروع والفائق.
وهذا من غير الغالب الذي قدمه في الفروع.
قال القاضي هذه الرواية محمولة على من طرأ فسقه بعد الوصية.
وقيل تصح إلى الفاسق إذا طرأ عليه ويضم إليه أمين.

اختاره جماعة من الأصحاب.
وعنه تصح إليه من غير ضم أمين حكاها أبو الخطاب في خلافة.
قلت وهو بعيد جدا.
قال في الخلاصة ويشترط في الوصي العدالة.
وعنه يضم إلى الفاسق أمين.
ويأتي هل تصح الوصية إلى الكافر في آخر الباب.
قوله: وإن كانوا على غير هذه الصفات ثم وجدت عند الموت فهل تصح على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والزركشي والقواعد الفقهية.
أعلم أن في هذه المسألة أوجها.
أحدها: يشترط وجود هذه الصفات عند الوصية والموت وما بينهما.
وهو احتمال في الرعاية وقول في الفروع ووجه للقاضي في المجرد.
والثاني: يكفي وجودها عند الموت فقط وهو أحد وجهي المصنف.
صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور.
والثالث: يعتبر وجودها عند الموت والوصية فقط وهو المذهب وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته.
ونصره المصنف والشارح.
وقدمه في النظم والفروع.
ويحتمله الوجه الثاني للمصنف.
والرابع: يكفي وجودها عند الوصية فقط وهو احتمال في الرعاية وتخريج في الفائق.
وهو ظاهر ما قدمه في تجريد العناية ويضم إليه أمين.
قال في الرعاية ومن كان أهلا عند موت الموصى لا عند الوصية إليه فوجهان ومن كان أهلا عند الوصية إليه فزالت عند موت الموصى بطلت.
قلت ويحتمل أن يضم إليه أمين.
فإن كان أهلا عند الوصية ثم زالت ثم عادت عند الموت صحت وفيها احتمال كما لو زالت بعد الموت ثم عادت انتهى.

قوله: وإذا أوصي إلى واحد وبعده إلى آخر فهما وصيتان. نص عليه.
إلا أن يقول قد أخرجت الأول نص عليه.
وليس لأحدهما: الانفراد بالتصرف إلا أن يجعل ذلك إليه.
نص عليه وذكر الحارثي ما يدل على رواية بالجواز.
وتقدم الكلام فيما إذا جعل النظر في الوقف لاثنين أو كان لهما بأصل الاستحقاق في كتاب الوقف بعد قوله: ويرجع إلى شرط الواقف وهذا يشبه ذلك.
فائدة: لو وصى إلى اثنين في التصرف وأريد اجتماعهما على ذلك.
قال الحارثي من الفقهاء من قال ليس المراد من الاجتماع تلفظهما بصيغ العقود بل المراد صدوره عن رأيهما ثم لا فرق بين أن يباشر أحدهما: أو الغير بإذنهما ولم يخالف الحارثي هذا القائل.
قلت وهو الظاهر وأنه يكفي إذن أحدهما: الوكيل في صدور العقد مع حضور الآخر ورضاه بذلك.
ولا يشترط توكيل الاثنين كما هو ظاهر كلامه الأول.
قوله: فإن مات أحدهما: أقام الحاكم مقامة أمينا.
وكذا لو وجد ما يوجب عزلة بلا نزاع.
قال المصنف أو غاب لكن لو ماتا أو وجد منهما ما يوجب عزلهما ففي الإكتفاء بواحد وجهان وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح والفروع والحاوي الصغير والزركشي.
قال في الفائق ولو ماتا جاز إقامة واحد في أصح الروايتين قال في الرعاية الكبرى وإن وجد منهما ما يوجب عزلهما جاز أن يقيم الحاكم بدلهما واحدا في الأصح.
وقال في الرعاية الصغرى وإن ماتا جاز أن يقيم الحاكم واحدا في الأصح.
قال ابن رزين في شرحه فإن تغير حالهما فله نصب واحد.
وقيل لا ينصب إلا اثنين.
تنبيه: هذه الأحكام المتقدمة إذا لم يجعل لكل واحد منهما التصرف منفردا.
فأما إن جعل لكل واحد منهما التصرف منفردا كما صرح به المصنف فمات أحدهما أو خرج من أهلية الوصية لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه إلا أن يعجز عن التصرف وحده.

وإن ماتا معا أو خرجا من الوصية فللحاكم أن يقيم واحدا.
ولو حدث عجز لضعف أو علة أو كثرة عمل ونحوه ولم يكن لكل واحد منهما التصرف منفردا ضم إليه أمين جزم به في المغنى والشرح.
قال ابن رزين ضم إليه أمين ولم ينعزل إجماعا.
وقيل له ذلك وأطلقهما في الفروع.
قوله: وكذلك إن فسق.
يعني أقام الحاكم مقامه أمينا وينعزل.
فشمل كلام المصنف صورتين.
إحداهما: أن يكون وصيا منفردا.
الثانية: أن يكون مضافا إلى وصى آخر.
واعلم أن هذا مبنى على الصحيح من المذهب من أن الفاسق لا تصح الوصية إليه وينعزل إذا طرأ عليه الفسق كما تقدم التنبيه: عليه.
وعنه يضم إليه أمين.
قدمه في الفروع والفائق كما تقدم.
وقيل يضم إليه هنا أمين وإن أبطلنا الوصية إلى الفاسق لطريانه.
اختاره جماعة من الأصحاب كما تقدم.
فوائد:
لو وصى إليه قبل أن يبلغ ليكون وصيا بعد بلوغه أو حتى يحضر فلان أو إن مات فلان ففلان وصى صح ويصير الثاني وصيا عند الشرط ذكره الأصحاب ويسمى الوصى المنتظر.
قال في المستوعب لو أوصى إلى المرشد من أولاده عند بلوغه فإن الوصية تصح ويسمى الوصى المنتظر انتهى.
وكذا لو قال أوصيت إليه سنة ثم إلى فلان للخبر الصحيح أميركم زيد فإن قتل فجعفر فإن قتل فعبد الله ابن رواحة والوصية كالتأمير.
قال في الفروع ويتوجه لا.
يعني ليست الوصية كالتأمير لأن الوصية استنابة بعد الموت فهي كالوكالة في الحياة.
ولهذا هل للوصي أن يوصى ويعزل من وصى إليه.
ولا تصح إلا في معلوم وللوصى عزلة وغير ذلك كالوكيل.

فلهذا لا يعارض ذلك ما ذكره القاضي وجماعة من الأصحاب إذا قال الخليفة الإمام بعدي فلان فإن مات ففلان في حياتي أو إذا تغير حاله فالخليفة فلان صح.
وكذا في الثالث والرابع:.
وإن قال فلان ولي عهدي فإن ولى ثم مات ففلان بعده لم يصح للثاني.
وعللوه بأنه إذا ولى وصار إماما حصل التصرف وبقي النظر والاختيار إليه فكان العهد إليه فيمن يراه.
وفي التي قبلها جعل العهد إلى غيره عند موته أو تغير صفاته في الحالة التي لم يثبت للمعهود إليه إمامه.
قال في الفروع وظاهر هذا أنه لو علق ولى الأمر ولاية حكم أو وظيفة بشرط شغورها أو بشرط فوجد الشرط بعد موت ولى الأمر والقيام مقامه أن ولايته تبطل وأن النظر والاختيار لمن يقوم مقامه.
يؤيده أن الأصحاب اعتبروا ولاية الحكم بالوكالة في مسائل وأنه لو علق عتقا أو غيره بشرط بطل بموته.
قالوا لزوال ملكة فتبطل تصرفاته.
قال في المغنى وغيره ولأن إطلاق الشرط يقتضي الحياة انتهى كلام صاحب الفروع.
وظاهر كلامه صحة ولاية الحكم والوظائف بشرط شغورها أو بشرط إذا وجد ذلك قبل موت ولى الأمر وهو ظاهر كلامه.
قوله: ويصح قبوله للوصية في حياة الموصى وبعد موته.
بلا نزاع وتقدم صفة الإيجاب والقبول.
قوله: وله عزل نفسه متى شاء.
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
قال في القاعدة الستين: أطلق كثير من الأصحاب أن له الرد بعد القبول في حياة الموصى وبعده.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح الحارثي ونصره.
وقيل له ذلك إن وجد حاكم وإلا فلا ونقله الأثرم.
وقدمه في المحرر والنظم.

وعنه ليس له ذلك بعد موته بحال ولا قبله إذا لم يعلمه بذلك.
وعنه ليس له ذلك بعد موته ذكرها ابن أبي موسى قاله في الفروع.
قال في القواعد وحكى ابن أبي موسى رواية ليس له الرد بحال إذا قبلها.
ومن الأصحاب من حملها على ما بعد الموت.
وحكاهما القاضي في خلافه صريحا في الحالين.
قوله: وليس للوصي أن يوصى إلا أن يجعل ذلك إليه.
وهو المذهب اختاره أبو بكر والقاضي وابن عبدوس في تذكرته.
قال الشارح وهو الظاهر من قول الخرقى.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الفائق وغيره.
قال الحارثي هذا أشهر الروايتين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح انتهى.
قال في القواعد الأصولية أشهرهما عدم الجواز.
قال الحارثي لو غلب على الظن أن القاضي يسند إلى من ليس أهلا أو أنه ظالم اتجه جواز الإيصاء قولا واحدا بل يجب لما فيه من حفظ الأمانة وصون المال عن التلف والضياع انتهى.
وعنه له ذلك وقدمه ابن رزين في شرحه.
ويكون الثاني وصيا لهما قاله جماعة منهم صاحب المستوعب.
قال الحارثي وهو مشكل.
وقال القاضي يكون الثاني وصيا عن الأول فلو طرأ للأول ما يخرجه عن الأهلية انعزل الثاني لأنه فرعه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد في القاعدة التاسعة والستين.
قال في الرعاية الكبرى فإن أطلق فروايتان.
وقيل فيما يتولاه مثله.
وقال في الرعاية الصغرى وإن أطلق فروايتان فيما يتولاه مثله.
فاختلف نقله في محل الروايتين.

ويأتي في أركان النكاح هل للوصى في النكاح أن يوصى به.
فائدة: إن نهاه الموصى عن الإيصاء لم يكن له أن يوصى وله أن يوصى إلى غيره بإذنه فيما وصاه به على الصحيح من المذهب.
وقيل ليس له ذلك.
وقيل إن أذن له في الوصية إلى شخص معين جاز وإلا فلا.
وأما جواز توكيل الوصى فقد تقدم في كلام المصنف في باب الوكالة.
تنبيه: شمل قوله: ولا تصح الوصية إلا في معلوم يملك الموصى فعله.
الإيصاء بتزويج موليته ولو كانت صغيرة وهو صحيح وله إجبارها كالأب على الصحيح من المذهب.
وذلك على ما يأتي في كلام المصنف في باب أركان النكاح والخلاف فيه.
قال المجد في شرحه بعد ذكر الخلاف في الوصية بالنكاح وعلى هذا تصح الوصية بالخلافة من الإمام وبه قال الإمام الشافعي رحمه الله.
قلت وقطع به الحارثي وغيره.
تنبيه: آخر ظاهر قوله: والنظر في أمر الأطفال.
أنه لا يصح أن يجعله وصيا على البالغ الرشيد من أولاده وغيرهم من الوراث وهو صحيح.
وكذا لا يصح الإيصاء إليه باستيفاء دينه مع بلوغ الوارث رشده ولو مع غيبته.
ومفهوم قوله: يملك الموصى فعله أنه لا يصح الإيصاء بما لا يملك فعله وهو صحيح.
فلا تصح وصية المرأة بالنظر في حق أولادها الأصاغر ونحو ذلك.
قاله في الوجيز وغيره.
قوله: وإذا أوصى بتفريق ثلثه فأبى الورثة إخراج ثلث ما في أيديهم.
وكذا لو جحدوا ما في أيديهم.
أخرجه كله مما في يده.
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والهداية والمستوعب والخلاصة وشرح ابن رزين.
وعنه يخرج ثلث ما في يده ويحبس باقيه ليخرجوا ثلث ما معهم.
وأطلقهما في المغنى والشرح والمحرر والنظم.
وذكر أبو بكر في التنبية أنه لا يحبس الباقي بل يسلمه إليهم ويطالبهم بثلث ما في أيديهم وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.

وأطلقهن في الفروع.
قال المصنف وتبعه الشارح ويمكن حمل الروايتين الأولتين على إختلاف حالين فالأولى: محمولة على ما إذا كان المال جنسا واحدا والثانية: محمولة على ما إذا كان المال أجناسا فإن الوصية تتعلق بثلث كل جنس.
وقال في الرعاية وقيل إن كانت التركة جنسا واحدا أخرج الثلث كله مما معه وإلا أخرج ثلثه فقط.
فائدة: لو ظهر دين يستغرق التركة أو جهل موصى له فتصدق بجميع الثلث هو أو حاكم ثم ثبت ذلك لم يضمن على الصحيح من المذهب.
قال في الرعاية الكبرى قلت بل يرجع به لوفاء الدين وعنه يضمن.
قوله: وإن أوصاه بقضاء دين معين فأبى ذلك الورثة قضاه بغير علمهم.
يعني إذا جحدوا الدين وتعذر ثبوته أو أبوا الدفع وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وعنه لا يقضيه بغير علمهم إلا ببينه.
وأطلقهما في الفروع والفائق.
وقال في الرعاية وغيره وعنه يقضيه إن أذن له فيه حاكم.
قال في المستوعب والهداية اختاره أبو بكر.
وعنه فيمن عليه دين لميت وعلى الميت دين أنه يقضى دين الميت إن لم يخف تبعة.
وهذه الرواية عامة في الموصى إليه وغيره.
فإن كان الذي عليه الدين غير الموصى إليه ويعلم أن الميت الذي له الدين عليه دين لآخر وجحده الورثة فقضاه مما عليه ففيه ثلاث روايات.
إحداهن هذه أعني يقضيه إن لم يخف تبعة.
والثانية: لا يقضيه ولا يبرأ بذلك قدمه ابن رزين في شرحه.
والثالثة: يبرأ بالدافع بالقضاء باطنا.
ووهى هذه الرواية الناظم.
وأطلقهن في الفائق وأطلق الأخيرتين في الفروع.
وقدم في الرعايتين والحاوي الصغير جواز قضائه مطلقا في الباطن.
فائدة: لو أقام الذي له الحق بينة شهدت بحقه فهل يلزم الموصى إليه الدفع إليه بلا حضور حاكم فيه روايتان.

وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية والفائق والنظم والفروع.
لكن جعلهما في المغنى والشرح في جواز الدفع لا في لزوم الدفع.
قال ابن أبي المجد في مصنفه لزمه قضاؤه بدون حضور حاكم على الأصح.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
فائدة: يجوز لمن عليه دين لميت أن يدفع إلى من أوصى له به إذا كان معينا وإن شاء دفعه إلى وصى الميت ليدفعه إلى الموصى له به وهو أولى.
فإن لم يوص به ولا بقبضه عينا لم يبرأ إلا بدفعه إلى الموصى إليه والوارث معا.
وقيل أو الموصى إليه بقبض حقوقه.
وهو احتمال في الرعاية.
وإن صرف أجنبي الموصى به لمعين وقيل أو لغيره في جهته لم يضمنه.
وإن وصاه بإعطاء مدع دينا بيمينه نفذه من رأس ماله قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله. ونقل ابن هانئ ببينة ونقله عبد الله.
ونقل عبد الله أيضا يقبل مع صدق المدعي.
تنبيه: قوله: وتصح وصية الكافر إلى مسلم.
بلا نزاع لكن بشرط أن لا يكون في تركته خمر ولا خنزير.
قوله: وإلى من كان عدلا في دينه.
يعني أن وصية الكافر إلى كافر تصح إذا كان عدلا في دينه وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الأزجى.
وقدمه ابن منجا في شرحه وابن رزين في شرحه.
قال الحارثي الأظهر الصحة واختاره القاضي.
قال المجد وجدته بخطه وقيل لا تصح.
قال في المستوعب ولا تصح الوصية إلى كافر.
قال في المذهب ولا تصح إلا إلى مسلم.
وكذا هو ظاهر كلامه في الهداية.
وأطلقهما في الفصول والكافي والمغنى والبلغة والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي.
وظاهر كلام المجد وجماعة أنه لو كان غير عدل في دينه أن فيه الخلاف الذي في المسلم.

قوله: وإذا قال ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه من شئت لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى ولده.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقال اختاره الأكثرون في الولد.
ويحتمل جواز ذلك لتناول اللفظ له.
ويحتمل جواز ذلك مع القرينة فقط.
واختار المصنف والمجد جواز دفعه إلى ولده.
قال الحارثي وهو المذهب.
والصحيح من المذهب أنه لا يجوز.
قال في المحرر ومنعه أصحابنا.
تنبيه: مفهوم قوله: لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى ولده جواز أخذ والده وأقاربه الوارثين سواء كانوا أغنياء أو فقراء وهذا اختيار المصنف والمجد.
قال الحارثي وهو المذهب.
والصحيح من المذهب أنه لا يجوز دفعه إليهم نص عليه كولده وقدمه في الفروع.
واختار جماعة من الأصحاب أنه لا يجوز دفعه إلى ابنه فقط.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه لا يعطي الولد ولا الوالد منهم صاحب النظم.
وذكر ابن رزين في منع من يمونه وجها.
فائدة: قال في الفائق وليس له دفعه إلى ورثة الموصى ذكره المجد في شرح الهداية.
ونص عليه في رواية أبي الصقر وأبي داود وقاله الحارثي.
قوله: وإن دعت الحاجة إلى بيع بعض العقار لقضاء دين الميت أو حاجة الصغار وفي بيع بعضه نقص فله البيع على الكبار والصغار.
يعني إذا امتنع الكبار من البيع أو كانوا غائبين.
وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الأزجى.
وقدمه في الرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وشرح الحارثي.

قال في الفائق والمنصوص الإجبار على بيع غير قابل للقسمة إذا حصل بيع بعضه نقص ولو كان الكل كبارا وامتنع البعض.
نص عليه في رواية الميموني وذكره في الشافي.
واختاره شيخنا لتعلق الحق بنصف القيمة للشريك لا بقيمة النصف.انتهى كلام صاحب الفائق.
ويحتمل أنه ليس له البيع على الكبار وهو أقيس.
فاختاره المصنف والشارح.
قلت وهو الصواب لأنه لا يزال الضرر بالضرر.
وقيل يبيع بقدر حصة الصغار وقدر الدين والوصية إن كانت.
وقال في الرعاية قلت إن قلنا التركة لا تنتقل إليهم مع الدين جاز بيعه للدين والوصية.
فائدتان:
إحداهما: لو كان الكل كبارا وعلى الميت دين أو وصية باعه الموصى إليه إذا أبوا بيعه وكذا لو امتنع البعض نص عليه في رواية الميموني.
وتقدم ذلك في كلام صاحب الفائق.
الثانية: لو مات شخص بمكان لا حاكم فيه ولا وصى جاز لمسلم ممن حضره أن يحوز تركته ويعمل الأصلح فيها من بيع وغيره.
على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر.
وقيل لا يبيع الإماء ذكره في الفروع.
وقال في الرعاية وقيل يبيع ما يخاف فساده والحيوان ولا يبيع رقيقة إلا حاكم.
وعنه يلي بيع جواريه حاكم إن تعذر نقلها إلى ورثته أو مكاتبتهم ليحضروا ويأخذوها انتهى.
ويكفنه من التركة إن كانت ولم تتعذر وإلا كفنه من عنده ورجع على التركة إن كانت وإلا على من تلزمه نفقته إن نوى الرجوع ولم يوجد حاكم.
فإن تعذر إذنه أو أبى الإذن رجع على الصحيح من المذهب.
وقيل فيه وجهان كإمكانه ولم يستأذنه ولم ينو مع إذنه.

كتاب الفرائض
باب الفرائض
...
كتاب الفرائض :
فائدة: الفرائض جمع فريضة وهي في الأصل اسم مصدر والاسم الفريضة وتسمى قسمة المواريث فرائض.
قال المصنف هنا وهي قسمة المواريث وقال في الكافي والزركشي هي العلم بقسمة المواريث.
فيحتمل أن يكون في كلام المصنف هنا حذف ليوافق ما في الكافي.
وقال في الرعاية الكبرى هي معرفة الورثة وسهامهم وقسمة التركة بينهم.
وقال في الصغرى هي قسمة الإرث.
وقلت معرفة الورثة وحقوقهم من التركة.
قوله: وأسباب التوارث ثلاثة رحم ونكاح وولاء.
ف الرحم القرابة والنكاح عقده وإن عرى عن الوطء والولاء نعمة السيد على رقيقه بعتقه فيصير بذلك وارثا موروثا.
قال في الرعاية وأسباب الإرث نسب خاص ونكاح خاص وولاء عتق خاص ونحوه انتهى.
والصحيح من المذهب أن أسباب التوارث ثلاثة لا غير وأنه لا يرث ولا يورث بغيرهم نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه أنه يثبت بالموالاة والمعاقدة وإسلامه على يده وكونهما من أهل الديوان ولا عمل عليه.
زاد الشيخ تقي الدين رحمه الله في الرواية والتقاط الطفل.
واختار أن هؤلاء كلهم يرثون عند عدم الرحم والنكاح والولاء.
واختاره في الفائق أيضا.
وقيل يرث عبد سيده عند عدم الوارث.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال في السياسة الشرعية وورث بعض أصحابنا المولى من أسفل من معتقة.

ونقل ابن الحكم أن الإمام أحمد رحمه الله سئل عن ذلك فقال لا أدري.
ويأتي في أول باب المعتق بعضه رواية بإرث العبد من قريبه عند عدم الوارث وقول بإرث المكاتب من عتيقه في صوره.
فائدة: الموالاة هي المؤاخاة والمعاقدة هي المحالفة.
قوله: والوارث ثلاثة ذوو فرض وعصبات بلا نزاع وذوو رحم.
على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه لا يرث ذوو الأرحام ويأتي ذلك في بابه.

باب ميراث ذوي الفروض
:
فائدتان:
إحداهما: قوله: في عددهم والأخ من الأم.
قال في الوجيز والفروع وقد يعصب أخته من غير أبيه بموت أمه عنهما.
قلت في هذا نظر ظاهر فإن الأم إذا ماتت عنهما لا يرثان منها إلا بكونهما أولادا لا بكون أحدهما: أخ الآخر لأمه.
غايته أنهما أخ وأخت كل واحد منهما من أب والإرث من الأم وهي واحدة والتعصيب إنما حصل لكونهم أولادا لا لكونهم إخوة لأم.
فعلى ما قالا يعايى بها.
الثانية: قوله: وللزوج الربع إذا كان لها ولد أو ولد ابن والنصف مع عدمهما وللمرأة الثمن إذا كان لها ولد أو ولد ابن والربع مع عدمهما.
وهذا بلا نزاع ولكن يشترط أن يكون النكاح صحيحا.
فلو كان فاسدا فلا توارث بينهما على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية المروذي وجعفر بن محمد وتوقف في رواية ابن منصور.
وأما إذا كان باطلا فلا توارث بلا نزاع.
قوله: وللجد حال رابع وهو مع الإخوة والأخوات من الأبوين أو لأب فإنه يقاسمهم كأخ.
هذا مبنى على الصحيح من المذهب من أن الجد لا يسقط الإخوة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعليه التفريع.

وعنه يسقط الجد الإخوة اختاره ابن بطة.
قاله في القاعدة الثانية والخمسين بعد المائة: وأبو حفص البرمكي والآجرى وذكره ابن الجوزي عن أبي حفص العكبري أيضا والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
وحديث أفرضكم زيد ضعفه الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال ابن الجوزي الآجرى من أعيان أعيان أصحابنا.
قوله: فإن لم يفضل عن الفرض إلا السدس فهو له وسقط من معه منهم إلا في الأكدرية.
تستحق الأخت في الأكدرية جزءا من التركة وقدره أربعة أسهم من سبعة وعشرين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا ترث الأخت مع الجد فيها فتسقط كما لو كان مكانها أخ.
فائدة: سميت أكدرية لتكديرها أصول زيد رضي الله عنه في الجد في الأشهر عنه.
وقيل إن عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا اسمه الأكدر فنسبت إليه.
وقيل سميت أكدرية باسم السائل عنها.
وقيل لأن الميتة كان اسمها أكدرة.
وقيل لأن زيدا رضي الله عنه كدر على الأخت ميراثها وقيل لتكدر أقوال الصحابة رضي الله عنهم فيها وكثرة اختلافهم.
فائدة: قوله: وإن لم يكن فيها زوج سميت الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها.
فكأن أقوالهم خرقتها.
وجملة الأقوال فيها سبعة ولهذا تسمى المسبعة وترجع إلى ستة ولهذا تسمى المسدسة.
واختلف فيها خمسة من الصحابة عثمان وعلي وابن مسعود وزيد وابن عباس رضي الله عنهم على خمسة أقوال ولهذا تسمى المخمسة.
وتسمى المربعة لأن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه جعل للأخت النصف والباقي بين الجد والأم نصفان وتصح من أربعة.
وتسمى المثلثة والعثمانية أيضا لأن عثمان رضي الله عنه قسمها على ثلاثة.

وتسمى أيضا الشعبية والحجاجية لأن الحجاج سأل عنها الشعبي امتحانا.
فأصاب فعفا عنه.
فائدة: لو عدم الجد من الأكدرية سميت المباهلة لأن ابن عباس رضي الله عنه لما سئل عنها لم يعلمها وقال من شاء باهلته فسميت المباهلة لذلك.
وتأتي قصتها في أول باب أصول المسائل.
فائدة: قوله: فإن كان جد وأخت من أبوين وأخت من أب فالمال بينهم على أربعة للجد سهمان ولكل أخت سهم ثم رجعت الأخت من الأبوين فأخذت ما في يد أختها كله.
فيعايى بها.
فيقال امرأة حبلى جاءت إلى قوم فقالت للورثة لا تعجلوا إن ألد أنثى لم ترث وإن ألد أنثيين أو ذكرا ورث العشر فقط وإن ألد ذكرين ورثا السدس فهي أم الأخت من الأب في هذه المسألة.
قوله: وللأم أربعة أحوال حال لها السدس وهو مع وجود الولد أو ولد الابن أو اثنين من الإخوة والأخوات.
أما مع وجود الولد أو ولد الابن فإن لها السدس بالنص والإجماع.
وأما مع وجود الاثنين من الإخوة والأخوات فلها السدس أيضا.
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وسواء كانوا محجوبين أو لا.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن الإخوة لا يحجبون الأم من الثلث إلى السدس إلا إذا كانوا وارثين معها فإن كانوا محجوبين بالأب ورثت السدس فلها في مثل أبوين وأخوين الثلث عنده والأصحاب على خلافة.
قوله: وحال لها ثلث ما بقي وهي مع زوج وأبوين وامرأة وأبوين.
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال ظاهر القرآن لها الثلث.
وهو مذهب ابن عباس رضي الله عنهما.
قال المصنف في المغنى والحجة معه لولا إجماع الصحابة انتهى.
وهاتان المسألتان تسميان العمريتين.
تنبيه: ظاهر قوله: وحال رابع وهي إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنا أو منفيا بلعان فإنه منقطع تعصيبة من جهة من نفاه.

لأنه لا ينقطع تعصيبه من غير جهة من نفاه.
مثل أن تلد توأمين فيرث أحدهما من الآخر بالأخوة من الأب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
والصحيح من المذهب أنه لا يرث بالأخوة من الأب قدمه في الفروع.
وقيل يرث بالأخوة من الأب في ولد الملاعنة دون غيره.
قوله: وعصبته عصبة أمه.
مراده إذا لم يكن له ابن ولا ابن ابن فإذا لم يكن ابن ولا ابن ابن فالصحيح من المذهب ما قدمه المصنف هنا.
واختاره الخرقى والقاضي وغيرهما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وهو من المفردات.
وعنه أنها هي عصبته.
اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا.
فعلى المذهب يرث أخوه لأمه مع ابنته لا أخته لأمه فيعايى بها.
وعلى الثانية: إن لم تكن الأم موجودة فعصبتها عصبته على الصحيح.
وعنه يرد على ذوي الفروض فإن عدموا فعصبتها عصبته.
والتفريع الآتي بعد ذلك على هذه الروايات وقد علمت المذهب منهن.
قوله: وإذا مات ابن الملاعنة وخلف أمه وجدته فلأمه الثلث وباقيه للجدة.
على الرواية الثانية وهذه جدة ورثت مع أم أكثر منها فيعايى بها.
وعلى الأولى والثالثة: للأم جميع المال.
قوله: في الجدات فإن كان بعضهن أقرب من بعض فالميراث لأقربهن.
وهو المذهب اختاره الخرقى والمصنف والشارح وغيرهم.

واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه أن القربى من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأم فتشاركها وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قاله في الهداية وغيره.
وجزم به القاضي في جامعة.
ولم يعز في كتاب الروايتين الرواية الأولى إلا إلى الخرقى.
وصححه ابن عقيل في تذكرته.
قال في إدراك الغاية تشاركها في الأشهر.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغنى والشرح وشرح ابن منجا.
فعلى الرواية الثانية: لا يتصور أن جدة ترث معها أمها.
مثل أن يكون للميت جدة هي أم أبيه وتكون أمها أم أم الميت.
وذلك بأن يتزوج أبو الميت بابنة خالته وجدته التي هي أم خالته موجودة.
وكذلك ابنتها التي هي أمه ثم تخلف ولدا فيموت الولد فيخلف أم أبيه وأمها التي هي أم أم أمه.
فيشتركان في الميراث على هذه الرواية فيعايى بها.
قلت ويحتمل عدم إرثها على كلا الروايتين.
وهو ظاهر كلام الأصحاب في الحجب لأنهم أسقطوا الأعلى فالأعلى من الجدات بينهما.
قوله: فأما أم أبي الأم وأم أبي الجد فلا ميراث لهما.
أما أم أبي الأم فهي من ذوي الأرحام على ما يأتي.
وأما أم أبي الجد فالصحيح من المذهب أنها من ذوي الأرحام فلا ترث بنفسها فرضا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ترث وليست من ذوي الأرحام ومثلها أم جد الجد ولو علت أبوة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق.
وهو ظاهر كلام الخرقى فإنه قال وكذلك إن كثرت.
ويأتي ذلك أيضا في أول باب ذوي الأرحام في عددهم.

قوله: وترث الجدة وابنها حي.
يعني سواء كان أبا أو جدا كما لو كان عما اتفاقا وهو المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا ترث.
فعليها لأم الأم مع الأب وأمه السدس كاملا على الصحيح.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في القواعد وهو الصحيح لزوال المزاحمة مع قيام الاستحقاق لجميعه.
وقيل لها نصف السدس معاداة بأم الأب التي لا ترث على هذه الرواية وذكر مأخذه في القواعد.
وكذلك الوجهان إذا كان معها أم أم الأب إلا أن تسقط البعدى بالقربى على القول بالمعاداة قاله في المحرر وغيره.
قوله: وإن اجتمعت جدة ذات قرابتين مع أخوين فلها ثلثا السدس في قياس قوله:.
وهو المذهب اختاره التميمي والمصنف.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب وجزم به ناظمها.
وعنه ترث بأقواهما فلو تزوج بنت عمته فجدته أم أم أم ولدهما وأم أبي أبيه.
ولو تزوج بنت خالته فجدته أم أم أم وأم أم أب.
فائدة: لو أدلت جدة بثلاث جهات ترث بها لم يمكن أن يجتمع معها جدة أخرى وارثة على الصحيح من المذهب.
وعلى الرواية الأخرى ترث معها ربع السدس أو نصفه على اختلاف الروايتين.
وتقدم في باب اللقيط أنه لو ألحق بأبوين أن لأمي أبويه اللذين ألحق بهما مع أم أم نصف السدس ولأم الأم نصفه فيعايى بها.
فائدة: قوله: فإن كانت بنت وبنات ابن فللبنت النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين فيمكن عولها بهذا السدس كله فلو عصبها أخوها والحالة هذه فهو الأخ المشئوم لأنه ضرها وما انتفع.

ذكره في عيون المسائل والمنتخب وغيرهما.
وكذا الأخت لأب فأكثر مع الأخوة للأبوين.
فأما الأخت من الأب وهي القائلة إذا كانت حاملا مع زوج وأخت لأبوين إن ألد ذكرا فأكثر أو ذكرا وأنثى لم يرثا وإن ألد أنثى ورثت فيعايى بها.
وكذا الحكم في بنات ابن الابن مع بنت الابن.
تنبيه: ظاهر قوله: في الحجب ويسقط ولد الأبوين بثلاثة بالابن وابنه والأب ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة وبالأخ لأبوين لأن الجد لا يسقطهم.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب كما تقدم عند قوله: وللجد هذه الأحوال وحال رابع وهي مع الإخوة والأخوات.

باب العصبات
:
تنبيه: ظاهر قوله: ثم الجد وإن علا ثم الأخ من الأبوين.
أن الجد أولى من الإخوة من الأبوين أو الأب.
وهو صحيح في الجملة أما حمله على إطلاقه فضعيف.
فقد تقدم أن الصحيح من المذهب أن الإخوة يقاسمونه.
وأما أنه أولى في الجملة فصحيح بلا نزاع في المذهب.
ألا ترى أنه إذا لم يفضل من الميراث إلا السدس ورثه وأسقطهم.
وكذا إذا لم يبق من المال شيء أعيل بسهمه وتسقط الإخوة.
فوائد:
بعد ذكر ترتيب العصبات لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه هذا صحيح بلا نزاع نص عليه.
فعلى هذا لو نكح امرأة وتزوج أبوه ابنتها فابن الأب عم وابن الابن خال فيرثه خاله دون عمه فيعايى بها.
ولو خلف الأب فيها أخا وابن ابنه وهو أخو زوجته ورثه دون أخيه فيعايى بها.
ويقال أيضا ورثت زوجة ثمنا وأخوها الباقي فيعايى بها.
فلو كان الإخوة سبعة ورثوه سواء فيعايى بها.
ولو كان الأب تزوج الأم وتزوج ابنه بنتها فابن الأب منها عم ولد الابن وخاله فيعايى بها.

ولو تزوج زيد أم عمرو وتزوج عمرو بنت زيد فابن زيد عم ابن عمرو وخاله فيعايى بها.
ولو تزوج كل واحد منهما أخت الآخر فولد كل واحد منهما ابن خال ولد الآخر فيعايى بها ولو تزوج كل واحد منهما بنت الآخر فولد كل واحد منهما خال ولد الآخر فيعايى بها.
ولو تزوج كل واحد منهما أم الآخر فهما القائلتان مرحبا بابنينا وزوجينا وابني زوجينا وولد كل واحد عم الآخر فيعايى بها.
فائدة: قوله: وإذا انقرض العصبة من النسب ورث المولى المعتق ثم عصباته من بعده.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يقدم الرد وذوو الأرحام على الإرث بالولاء.
فائدة: قوله: وإذا انقرض العصبة من النسب ورث المولى المعتق ثم عصباته من بعده يعني الأقرب فالأقرب كعصبات النسب.
فيقدم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وخرج ابن الزاغوني في كتابه التلخيص في الفرائض من مسألة النكاح رواية أخرى باشتراك الأخ من الأب مع الأخ من الأبوين في الإرث والولاء.
فائدة: قوله: ومتى كان بعض بني الأعمام زوجا أو أخا من أم أخذ فرضه وشارك الباقين في تعصيبهم.
فلو تزوج ابنة عمه فأولدها بنتا ورثت البنت النصف وأبوها النصف بالفرض والتعصيب فيعايى بها.
ولو أولدها بنتين ورثوها أثلاثا فيعايى بها.
ولو كانوا ثلاث أخوة لأبوين أحدهم تزوج ابنة عمه فإذا ماتت ورث الزوج ثلثي التركة والأخوين الآخرين الثلث فيعايى بها.
ولو تزوجت رجلا فولدت ولدا ثم تزوجت بأخيه لأبيه وله خمسة أولاد ذكور ثم ولدت منه مثلهم ثم تزوجت آخر فولدت له خمس بنين أيضا ثم ماتت ثم مات ولدها الأول ورث منه خمسة إخوة نصفا وخمسة ثلثا وخمسة سدسا فيعايى بها.

قوله: فإذا استغرقت الفروض المال فلا شيء للعصبة كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأبوين أو لأب للزوج النصف وللأم السدس وللإخوة من الأم الثلث وسقط سائرهم.
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل حرب أن الإخوة من الأبوين يشاركون الإخوة من الأم في الثلث.
وهو قول في الرعاية وتسمى المشركة والحمارية إذا كان فيها إخوة لأبوين.
فائدة: قوله: ولو كان مكانهم أخوات لأبوين أو لأب عالت إلى عشرة بلا نزاع وسميت ذات الفروخ.
وتسمى أيضا الشريحية لحدوثها في زمن شريح القاضي لأن الزوج سأله فأعطاه النصف فلما أعلمه بالحال أعطاه ثلاثة من عشرة فخرج وهو يقول ما أعطيت النصف ولا الثلث.
وكان شريح يقول إذا رأيتني رأيت حكما جائرا وإذا رأيتك ذكرت رجلا فاجرا لأنك تكتم القضية وتشيع الفاحشة.

باب أصول المسائل
:
فائدة: قوله: فإذا اجتمع مع النصف سدس أو ثلث أو ثلثان فهي من ستة.
فزوج وأم وأخوان من أم من ستة.
وتسمى مسألة الإلزام لأن ابن عباس رضي الله عنهما لا يعيل المسائل ولا يحجب الأم من الثلث إلى السدس إلا بثلاثة إخوة فإنه أعطى الأم الثلث هنا والباقي وهو السدس للأخوين من الأم.
فهو إنما يدخل النقص على من يصير عصبة في حال وإن أعطى الأم السدس فهو لا يحجبها إلا بثلاثة وهو لا يرى العول.
قوله: وتعول إلى عشرة.
فتسمى المسألة إذا عالت إلى تسعة الغراء لأنها حدثت بعد المباهلة فاشتهر العول فيها.
ومسألة المباهلة زوج وأم وأخت لأبوين أو لأب فشاور عمر رضي الله عنه الصحابة فأشار عليه العباس رضي الله عنه بالعول واتفقت الصحابة رضي الله عنهم على القول به إلا ابن عباس رضي الله عنهما ولكنه لم يظهر ذلك في حياة عمر فلما مات عمر رضي الله عنه دعا ابن عباس إلى المباهلة وقال من شاء باهلته أن الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا فإذا ذهب النصفان بالمال فأين الثلث.

ثم قال وأيم الله لو قدموا من قدم الله وأخروا من أخر الله ما عالت فريضة قط فقيل له لم لا أظهرت هذا في زمن عمر رضي الله عنه فقال كان مهيبا فهبته انتهى.
وتقدم قبلها مسألة الإلزام ولا جواب له عنها.
فائدة: قوله: وإذا اجتمع مع الربع أحد الثلاثة فهي من اثني عشر وتعول على الأفراد إلى سبعة عشر.
كثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم وثمان أخوات لأبوين أو لأب فهذه تسمى أم الأرامل لأن الورثة كلهم نساء.
فإن كانت التركة سبعة عشر دينارا فلكل امرأة دينار فيعايى بها.
قوله: وإذا اجتمع مع الثمن سدس أو ثلثان فأصلها من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين ولا تعول إلى أكثر منها.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي التبصرة رواية أنها تعول إلى إحدى وثلاثين.
ولعله عنى الرواية عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه مذهبه كما قاله في الروضة.
قوله: وإذا لم تستوعب الفروض المال ولم تكن عصبة رد الفاضل على ذوي الفروض بقدر فروضهم إلا الزوج والزوجة.
وهذا المذهب نقله الجماعة وعليه الأصحاب وعليه التفريع.
وعنه يقدم الرد وذوو الأرحام على الولاء.
وتقدمت هذه الرواية في باب العصبات عند قوله: وإذا انقرضت العصبة من النسب ورث المولى المعتق.
وعنه يقدم ذوو الأرحام على الرد.
وعنه لا يرث بالرد بحال.
وعنه لا يرد على ولد أم مع الأم ولا على جدة مع ذي سهم.
نقله ابن منصور إلا قوله: إلا مع ذي سهم.
فائدة: إذا لم نقل بالرد كان الفاضل لبيت المال وكذلك مال من مات ولا وارث له.
لكن هل بيت المال وارث أم لا فيه روايتان.
والصحيح من المذهب والمشهور أنه ليس بوارث وإنما يحفظ فيه المال الضائع قاله في القاعدة السابعة والتسعين.

قال الزركشي في العاقلة المشهور أنه ليس بعصبة.
وقدمه في المستوعب وغيره.
وقاله ابن البنا وغيره.
قال الحارثي في أول كتاب الوصايا والأصح أن بيت المال غير وارث لتقدم ذوي الأرحام عليه وانتفاء صرف الفاضل عن ذوي الفروض إليه.
قال المصنف ليس بعصبة.
وقال في القاعدة السادسة بعد المائة: ولنا رواية أنه ينتقل إلى بيت المال إرثا.
ثم قال فإن أريد أن اشتباه الوارث بغيره يوجب الحكم بالإرث للكل فهو مخالف لقواعد المذهب.
وإن أريد أنه إرث في الباطن لمعين فيحفظ ميراثه في بيت المال ثم يصرف في المصالح للجهل بمستحقه عينا فهو والأول بمعنى واحد.
قال وينبني على ذلك مسألة اقتصاص الإمام ممن قتل من لا وارث له.
وفي المسألة وجهان منهم من بناها على أن بيت المال هل هو وارث أم لا.
ومنهم من قال لا ينبني على ذلك ثم لهم طريقان.
أحدهما: أنه لا يقتص ولو قلنا بأنه وارث لأن في المسلمين الصبي والمجنون والغائب وهي طريقة أبى الخطاب.
والثاني: يجوز الاقتصاص وإن قلنا ليس بوارث لأن ولاية الإمام ونظره في المصالح قائم مقام الوارث وهو مأخذ ابن الزاغوني انتهى.
قلت قد تقدم من فوائد الخلاف في وصية من لا وارث له إن قيل إن بيت المال جهة ومصلحة جازت الوصية بجميع ماله.
وإن قيل هو وارث لم تجز إلا بالثلث قاله القاضي وتبعه في الفروع وتقدم ذلك في أول كتاب الوصايا.
وتقدم في آخر باب الفيء هل بيت المال ملك للمسلمين أم لا.

باب تصحيح المسائل
:
فائدة: قوله: فإن تباينت ضربت بعضها في بعض فما بلغ ضربته في المسألة وعولها.
كأربع نسوة وثلاث جدات وخمس أخوات لأم تسمى الصماء.

وأربع نسوة وخمس جدات وسبع بنات وتسع أخوات لأبوين أو لأب تسمى مسألة الامتحان لأنها تصح من ثلاثين ألفا ومائتين وأربعين.
وذلك أنك إذا ضربت الأعداد بعضها في بعض بلغ ألفا ومائتين وستين مضروبة في أصل المسألة وهو أربعة وعشرون تبلغ ما قلنا.
فيقال أربعة أعداد وليس منهم من يبلغ عدده عشرة بلغت مسألتهم إلى ذلك فيعايى بها.
فائدة: قوله: وإن كانت موافقة كأربعة وستة وعشرة هذا يسمى الموقوف المطلق.
ذلك أن تقف أي الأعداد شئت ويصح جزء السهم من ستين.
وبقى نوع آخر ويسمى الموقوف المقيد.
مثاله لو انكسر على اثني عشر وثمانية عشر وعشرين فهنا تقف الاثني عشر لا غير لأنها توافق الثمانية عشر بالأسداس والعشرين بالأرباع بخلاف ما إذا وقفت الثمانية عشر فإنها لا توافق العشرين إلا بالإنصاف وإن وافقت العشرين لم توافقها الثمانية عشر إلا بالأنصاف فيرتفع العمل في المسألة وهو غير مرضى عندهم.
فالأولى أن تقف الإثنى عشر وقس عليها ما شابهها.

باب المناسخات
:
فائدة: قوله: ومعناها أن يموت بعض الورثة قبل قسم تركته.
وهو صحيح فلو مات شخص وترك أبوين وابنتين ثم ماتت إحدى البنتين وخلف من في المسألة فلا بد هنا من السؤال عن الميت الأول.
فإن كان رجلا فالأب في المسألة الأولى جد في الثانية أبو أب فيرثه في الثانية.
وإن كان الميت الأول أنثى فالأب في الأولى جد في الثانية أبو أم فلا يرث.
فتصح في الأولى من أربعة وخمسين.
وفي الثانية: من اثني عشر.
وتسمى المأمونية لأن المأمون سأل عنها يحيى بن أكثم لما أراد أن يوليه القضاء فقال له الميت الأول ذكر أم أنثى فعلم أنه قد عرفها.
فقال له كم سنك ففطن يحيى لذلك وظن أنه استصغره فقال سن معاذ بن جبل رضي الله عنه لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم اليمن وسن عتاب بن أسيد رضي الله عنه لما ولى مكة فاستحسن جوابه وولاه القضاء.

باب قسم التركات
:
فائدتان:
إحداهما: لو قال قائل إنما يرثني أربعة بنين ولى تركة أخذ الأكبر دينارا وخمس ما بقى وأخذ الثاني دينارين وخمس ما بقى وأخذ الثالث ثلاث دنانير وخمس ما بقى وأخذ الرابع جميع ما بقي والحال أن كل واحد منهم أخذ حقه من غير زيادة ولا نقصان كم كانت التركة.
فالجواب: أنها كانت ستة عشر دينارا.
وفي الفروع هنا سهو فإنه جعل للرابع أربعة وخمس ما بقى والحال أنه لم يبق شيء بعد أخذ الأربعة.
الثانية: لو قال إنسان لمريض أوص فقال إنما يرثني امرأتاك وجدتاك وأختاك وعمتاك وخالتاك.
فالجواب: أن كل واحد منهما تزوج بجدتي الآخر أم أمه وأم أبيه فأولد المريض كلا منهما بنتين فهما من أم الأب الصحيح عمتا الصحيح ومن أم أمه خالتاه وقد كان أبو المريض تزوج أم الصحيح فأولدها بنتين.
وتصح من ثمانية وأربعين ويعايى بها.

باب ذوي الأرحام
:
تنبيه: تقدم في آخر كتاب الفرائض رواية أن ذوي الأرحام لا يرثون ألبتة ولا عمل عليه.
وقوله هنا في عددهم: وكل جدة أدلت بأب بين أمين أو بأب أعلى من الجد.
أما الأولى: فهي من ذوي الأرحام بلا نزاع.
وأما الجدة الثانية أعنى المدلية بأب أعلى من الجد فهي أيضا من ذوي الأرحام على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا.
وقيل هي من ذوي الفروض.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق وقال هو ظاهر كلام الخرقى.
وتقدم ذلك أيضا في أول كتاب الفرائض في فصل الجدات.
وقوله: ويرثون بالتنزيل.
كما نقل المصنف هذا المذهب وعليه الأصحاب وعليه التفريع.

وعنه يرثون على حسب ترتيب العصبة.
قوله: والعمات والعم من الأم كالأب.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي في التعليق والمصنف وغيرهما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه كالعم يعني من الأبوين قاله الأصحاب واختاره أبو بكر.
وقيل كل عمة كأخيها.
وعنه العمة لأبوين أو لأب كالجد.
فعليها العمة لأم والعم لأم كالجدة أمهما.
وقال في الروضة العمة كالأب وقيل كبنت.
قلت الذي يظهر أن هذا خطأ وأي جامع بين العمة والبنت.
فائدة: هل عمة الأب على هذا الخلاف.
وهل عم الأب من الأم وعمة الأب لأم كالجد أو كعم الأب من الأبوين أو كأم الجد مبنى على هذا الخلاف أيضا.
وليسا كأب الجد لأنه أجنبي منهما.
قوله: فإذا أدلى جماعة بواحد واستوت منازلهم منه فنصيبه بينهم بالسوية ذكرهم وأنثاهم فيه سواء.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال أبو الخطاب اختاره عامة شيوخنا.
قال الزركشي عليه جمهور الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والمحرر والفائق وغيرهم.
وعنه للذكر مثل حظ الأنثيين إلا ولد الأم.
وقال الخرقى يسوي بينهم إلا الخال والخالة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها جماعة.

واختاره ابن عقيل في التذكرة استحسانا.
واختاره أيضا الشيرازي.
قال المصنف في المغنى لا أعلم له وجها.
قال القاضي لم أجد هذا بعينه عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله: وإن كان بعضهم أقرب من بعض فمن سبق إلى الوارث ورث وأسقط غيره إلا أن يكونا من جهتين فينزل البعيد حتى يلحق بوارثه سواء سقط به القريب أم لا كبنت بنت بنت وبنت أخ لأم.
فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن المال لبنت بنت البنت بالفرض والرد.
وذكر في الترغيب رواية أن الإرث للجهة القربى مطلقا.
وفي الروضة في ابن بنت وابن أخ لأم له السدس ولابن البنت النصف فالمال بينهما على أربعة بالفرض والرد.
قوله: والجهات أربع الأبوة والأمومة والبنوة والأخوة.
هذا أحد الوجوه اختاره المصنف أو لا.
ويلزمه عليه إسقاط بنت الأخ وبنات الأخوات وبنوهن ببنات الأعمام والعمات.
قال الشارح وهو بعيد.
قال في المحرر وإذا كان ابن ابن أخت لأم وبنت ابن ابن أخ لأب فله السدس ولها الباقي.
ويلزم من جعل الأخوة جهة أن يجعل المال للبنت وهو بعيد جدا حيث يجعل أجنبيتين أهل جهة واحدة ورده شارحه.
قال في الفائق وهو فاسد.
قال في الرعاية وهو بعيد وقيل خطأ.
وذكر أبو الخطاب العمومة جهة خامسة.
وهو مفض إلى إسقاط بنت العم من الأبوين ببنت العم من الأم وبنت العمة.
قال المصنف هنا ولا نعلم به قائلا.
وذكر في المغنى أنه قياس قول محمد بن سالم.
قال في الفائق ولم يعد قبله.
قال في الرعاية الصغرى هذا أشهر.

واعلم أن الصحيح من المذهب أن الجهات ثلاث وهم الأبوة والأمومة والبنوة اختاره المصنف أخيرا والمجد والشارح.
وجزم به في العمدة والوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويلزم عليه إسقاط بنت عمة ببنت أخ.
قال في الفائق وهو أفسد من القول الأول.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله النزاع لفظي.
ولا فرق بين جعل الأخوة والعمومة جهة وبين إدخالها في جهة الأبوة والأمومة ويجعل الجهات ثلاثا والاعتراض في الصورتين لا حقيقة له.
لأنا إذا قلنا إذا كانا من جهة قدمنا الأقرب إلى الوارث فإذا كانا من جهتين لم يقدم الأقرب إلى الوارث.
فاسم الجهة عند أبي الخطاب وغيره يعني به ما يشتركان فيه من القرابة.
ومعلوم أن بنات العم والعمة يشتركن في بنوة العمومة وبنات الإخوة يشتركن في بنوة الأخوة ولم يرد أبو الخطاب بالجهة الوارث الذي يدلى به.
ولهذا فرق بين الوارث الذي يدلى به وبين الجهة فقال إلا أن يسبقه إلى وارث آخر غيره وتجمعهما جهة واحدة.
وإذا نزلنا بنت العمة والعم منزلة الأب لم يمنع ذلك أن يكون جهة من جهات العمومة للمشاركة في الاسم انتهى كلامه.
فائدة: البنوة جهة واحدة على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه كل ولد الصلب جهة.
قال في المحرر والحاوي وهي الصحيحة عندي.
وعنه كل وارث يدلى به جهة.
فعمة وابن خال له الثلث ولها البقية.
ولو كان معهما خالة أم كان الحكم كذلك.
والصحيح من المذهب أن ابن الخال يسقط بها ولها السدس والبقية للعمة وخالة أم وخالة أب المال لهما كجدتين وتسقطهما أم أبى الأم على هذه الرواية والمذهب تسقط هي.

ولو كانت بنت بنت بنت وبنت بنت ابن فالميراث على أربعة بينهما إن قيل كل ولد صلب جهة.
وإن قيل كلهم جهة اختصت به الثانية: للسبق.
ولو كان معها بنت بنت بنت أخرى فالميراث لولدى بنتى الصلب على الأول ولولدى الابن على الثاني قاله في الفائق وغيره.
قوله : ومن مت بقرابتين أي أدلى ورث بهما.
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب كشخصين.
وحكى عنه أنه يرث بأقواهما.
قوله: وإن اتفق معهم أحد الزوجين أعطيته فرضه غير محجوب ولا معاول وقسمت الباقي بينهم كما لو انفردوا.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يقسم الفاضل عن الزوج بينهم كما يقسم بين من أدلوا به وهو ظاهر كلام الخرقى.
وجزم به القاضي في التعليق وذكره في الواضح.
والأمثلة التي ذكرها المصنف بعد ذلك مبنية على هذا الخلاف.
وقد علمت المذهب منه.

باب ميراث الحمل
:
فائدة: الحمل يرث في الجملة بلا نزاع.
لكن هل يثبت له الملك بمجرد موت موروثه ويتبين ذلك بخروجه حيا أم لا يثبت له الملك حتى ينفصل حيا فيه خلاف بين الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية وهذا الخلاف مطرد في سائر أحكامه.
الثانية: هل هي معلقة بشرط انفصاله حيا فلا تثبت قبله أو هي ثابتة له في حال كونه حملا لكن ثبوتها مراعى بانفصاله حيا فإذا انفصل حيا تبينا ثبوتها من حين وجود أسبابها.
وهذا هو تحقيق معنى قول من قال هل الحمل له حكم أم لا.

قال والذي يقتضيه نص الإمام أحمد رحمه الله في الإنفاق على أمه من نصيبه أنه يثبت له الملك بالإرث من حين موت أبيه وصرح بذلك ابن عقيل وغيره من الأصحاب.
ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على خلافه وأنه لا يثبت له الملك إلا بالوضع.
وقال المصنف ومن تابعه في فطرة الجنين لم تثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث في الوصية بشرط خروجه حيا انتهى.
فائدة: قوله: وقفت له نصيب ذكرين إن كان نصيبهما أكثر وإلا وقفت نصيب اثنين.
وكذا لو كان إرث الذكر والأنثى أكثر قاله في الرعايتين.
وهذا بلا نزاع وهو من مفردات المذهب.
فمثال كون الذكرين نصيبهما أكثر لو خلف زوجة حاملا.
ومثاله في الأنثيين كزوجة حامل مع أبوين.
ومثاله في الذكر والأنثى لو خلف زوجة أو خلفت زوجا وأما حاملا قاله في الرعاية الكبرى وفيه نظر ظاهر.
قوله: وإذا استهل المولود صارخا ورث وورث مخففا.
هذا المذهب نقله أبو طالب.
قال في الروضة هذا الصحيح عندي.
وجزم في الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يرث أيضا بصوت غير الصراخ.
قوله: وفي معناه العطاس والتنفس.
هذا المذهب نص عليه في العطاس.
وجزم به في الرعايتين والوجيز والحاوي الصغير والهداية والخلاصة وغيرهم.
وجزم به في المذهب في العطاس وقدمه في الفائق.
وقال القاضي وأصحابه وجماعة في التنفس.
قال في الفائق وشرط القاضي طول زمن التنفس.
وقال في الترغيب إن قامت بينة أن الجنين تنفس أو تحرك أو عطس فهو حي.

وقال في المذهب ومسبوك الذهب في هذا الباب فإن تحرك أو تنفس لم يكن كالاستهلال.
ونقل ابن الحكم إذا تحرك ففيه الدية كاملة ولا يرث ولا يورث حتى يستهل.
وظاهر ما قدمه في الفروع أن مجرد التنفس كالاستهلال.
وقال في الفائق وعنه يتعين الاستهلال فقط.
قوله: والارتضاع.
يعني أنه في معنى الاستهلال صارخا فيرث ويورث بذلك وهو المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع هذا الأشهر.
وقدمه في الفائق وغيره.
وقيل لا يرث بذلك ولا يورث.
وتقدمت الرواية التي ذكرها في الفائق.
قوله: وما يدل على الحياة.
كالحركة الطويلة والبكاء وغيرهما مما يعلم به حياته وهذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع هذا الأشهر وقيل لا يرث ولا يورث بذلك.
قوله: فأما الحركة والاختلاج فلا يدل على الحياة.
مجرد الاختلاج لا يدل على الحياة.
وأما الحركة فإن كانت يسيرة فلا تدل بمجردها على الحياة.
قال المصنف ولو علم معهما حياة لأنه لا يعلم استقرارها لاحتمال كونها كحركة المذبوح فإن الحيوان يتحرك بعد ذبحه حركة شديدة وهو كميت.
وكذا التنفس اليسير لا يدل على الحياة ذكره في الرعاية.
وإن كانت الحركة طويلة فالمذهب أنها تدل على الحياة وأن حكمها حكم الاستهلال صارخا.
قال في الفروع هذا الأشهر وقيل لا يرث ولا يورث بذلك.
وتقدمت الرواية التي في الفائق فإنها تشمل ذلك كله.

قوله: وإن ظهر بعضه فاستهل ثم انفصل ميتا لم يرث.
هذا المذهب جزم به في الكافي والوجيز.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في الفروع والشرح.
وعنه يرث.
قال في الخلاصة ورث في الأصح.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وشرح ابن منجا.
تنبيه: قوله: وإن ولدت توأمين فاستهل أحدهما: وأشكل أقرع بينهما فمن خرجت عليه القرعة فهو المستهل.
مراده إذا كان إرثهما مختلفا فلو كانا ذكرين أو أنثيين أو ذكرا وأنثى أخوين لأم لم يقرع بينهما ويقرع فيما سوى ذلك وهو واضح.
فائدتان:
إحداهما: لو مات كافر عن حمل منه لم يرثه الحمل للحكم بإسلامه قبل وضعه على الصحيح من المذهب نص عليه ونصره في القواعد الفقهية.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل يرث اختاره القاضي في بعض كتبه.
قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
وفي المنتخب للشيرازي يحكم بإسلامه بعد وضعه ويرثه.
ثم ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله إذا مات حكم بإسلامه ولم يرثه وحمله على ولادته بعد قسم الميراث.
الثانية: إذا مات كافر عن حمل من كافر غيره فأسلمت أمه قبل وضعه مثل أن يخلف أمه حاملا من غير أبيه فحكمه حكم المسألة الأولى قاله الأصحاب.
قال في الرعاية ويحتمل أن يرث حيث ثبت النسب.
تنبيه: روى عن الإمام أحمد رحمه الله في ذلك نصوص نذكرها ونذكر ما فسره الأصحاب به فنقول.
روى جعفر عنه في نصرانى مات وامرأته نصرانية وكانت حبلى فأسلمت بعد موته ثم ولدت هل يرث.

قال لا وقال إنما مات أبوه وهو لا يعلم ما هو وإنما يرث بالولادة وحكم له بحكم الإسلام.
وقال محمد ابن يحيى الكحال قلت لأبى عبد الله مات نصرانى وامرأته حامل فأسلمت بعد موته قال ما في بطنها مسلم.
قلت أيرث أباه إذا كان كافرا وهو مسلم قال لا يرثه.
فصرح بالمنع من إرثه لأبيه معللا بأن إرثه يتأخر إلى ما بعد الولادة وإذا تأخر توريثه إلى ما بعد الولادة فقد سبق الحكم بإسلامه زمن الولادة إما بإسلام أمه كما دل عليه كلام الإمام أحمد رحمه الله هنا أو بموت أبيه على ظاهر المذهب والحكم بالإسلام لا يتوقف على العلم به بخلاف التوريث.
وهذا يرجع إلى أن التوريث يتأخر عن موت الموروث إذا انعقد سببه في حياة الموروث وأصول الإمام أحمد رحمه الله تشهد لذلك ذكره ابن رجب في قواعده.
وقال وأما القاضي والأكثرون فاضطربوا في تخريج كلام الإمام أحمد رحمه الله وللقاضي في تخريجه ثلاثة أوجه.
الأول أن إسلامه قبل قسم الميراث أوجب منعه من التوريث وهي طريقة القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول.
قال ابن رجب وهي ظاهرة الفساد.
والوجه الثاني أن هذه الصورة من جملة صور توريث الطفل المحكوم بإسلامه بموت أبيه ونصه هذا يدل على عدم التوريث فتكون رواية ثانية في المسألة وهذه طريقة القاضي في الروايتين.
قال ابن رجب وهي ضعيفة لأن الإمام أحمد رحمه الله صرح بالتعليل بغير ذلك ولأن توريث الطفل من أبيه الكافر وإن حكم بإسلامه بموته غير مختلف فيه حتى نقل ابن المنذر وغيره الإجماع عليه فلا يصح حمل كلام الإمام أحمد رحمه الله على ما يخالف الإجماع.
والوجه الثالث أن الحكم بإسلام هذا الطفل حصل بشيئين بموت أبيه وإسلام أمه.
وهذا الثاني مانع قوى لأنه متفق عليه فلذلك منع الميراث بخلاف الولد المنفصل إذا مات أحد أبويه فإنه يحكم بإسلامه ولا يمنع إرثه لأن المانع فيه ضعيف للإختلاف فيه.
وهذه طريقة القاضي في خلافه.
قال ابن رجب وهي ضعيفة أيضا ومخالفة لتعليل الإمام أحمد رحمه الله.
فإنه إنما علل بسبق المانع لتوريثه لا بقوة المانع وضعفه.
وإنما ورث الإمام أحمد رحمه الله من حكم بإسلامه بموت أحد أبويه لمقارنة المانع لا لضعفه انتهى ما ذكره في القواعد.

فائدتان :
إحداهما: لو زوج أمته بحر فأحبلها فقال السيد إن كان حملك ذكرا فأنت وهو رقيقان وإلا فأنتما حران فهي القائلة إن ألد ذكرا لم أرث ولم يرث وإلا ورثنا فيعايى بها.
وتقدم مسائل في المعاياة فيما إذا كانت حاملا.
الثانية: لو خلف ورثة وأما مزوجة فقال في المغنى ينبغي أن لا يطأها حتى تستبرأ.
وذكر غيره من الأصحاب يحرم الوطء حتى يعلم أحامل هي أم لا وهو الصواب.

باب ميراث المفقود
:
قوله : "وإذا انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتجارة ونحوها انتظرته تمام تسعين سنة من يوم ولد".
هذا المذهب نص عليه صححه في المذهب وغيره.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في الهداية وغيره هذا أشهر الروايتين.
وجزم به في الخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه ينتظر أبدا.
فعليها يجتهد الحاكم فيه كغيبة ابن تسعين ذكره في الترغيب.
قال في الرعايتين والحاوي في باب العدد وإن كان ظاهرها السلامة ولم يثبت موته بقيت زوجته ما رأى الحاكم ثم تعتد للوفاة.
وأطلقهما في الشرح والنظم.
وعنه ينتظر أبدا حتى تتيقن موته لأن الأصل حياته.
قدمه في باب العدد في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والشارح وقالا هذا المذهب ونصراه.
وعنه تنتظر زمنا لا يعيش مثله غالبا اختاره أبو بكر وغيره.
وقال ابن عقيل تنتظر مائة وعشرين سنة من يوم ولد.
وقال ابن رزين يحتمل عندي أن ينتظر به أربع سنين لقضاء عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بذلك.

قال في الفروع وإنما قضاؤه فيمن هو في مهلكة.
قال في الفائق قلت فلو فقد وله تسعون سنة فهل تنتظر عدة الوفاة أو يرجع إلى اجتهاد الحاكم أو يرتقب أربع سنين يحتمل أوجها.
أفتى الشيخ شمس الدين بالأول يعني به الشارح والمختار الأخير انتهى.
قلت قد تقدم أن صاحب الترغيب قال يجتهد الحاكم ووافقه على ذلك في الفروع وهو أولى.
قوله: "وإن كان ظاهرها الهلاك" كما مثل المصنف "انتظر به تمام أربع سنين ثم يقسم ماله".
هذا المذهب.
قال المصنف وصاحب الفائق والشارح هذا المذهب نص عليه.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وجزم به في الوجيز فقال انتظر به تمام أربع سنين منذ تلف. وتابع صاحب الرعاية الكبرى في ذلك.
والأولى منذ فقد وهو من مفردات المذهب.
وعنه ينتظر به أربع سنين وزيادة أربعة أشهر وعشر.
قال القاضي لا يقسم ماله حتى تمضي عدة الوفاة بعد الأربع سنين.
وعنه التوقف في أمره.
وقال كنت أقول ذلك وقد هبت الجواب فيها لاختلاف الناس وكأني أحب السلامة.
قال في المستوعب قال أصحابنا وهذا توقف يحتمل الرجوع عما قاله أولا وتكون المرأة على الزوجية حتى يثبت موته أو يمضي زمان لا يعيش فيه مثله.
ويحتمل التورع ويكون ما قاله أولا بحاله في الحكم.
وعنه حكمه في الانتظار حكم التي ظاهرها السلامة.
وقال في الواضح ينتظر زمنا لا يجوز مثله قال وحدها في بعض رواياته بتسعين سنة وقيل بسبعين.
فائدة: نقل الميموني في عبد مفقود الظاهر أنه كالحر.

قلت وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
ونقل مهنا وأبو طالب في الأمة أنها على النصف من الحرة.
قوله: "فإن مات موروثه في مدة التربص دفع إلى كل وارث اليقين ووقف الباقي".
وطريق العمل في ذلك أن تعمل المسألة على أنه حي ثم على أنه ميت ثم تضرب.
إحداهما: أو وفقها في الأخرى واجتزئ بإحداهما: إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا وتدفع إلى كل وارث اليقين ومن سقط في إحداهما: لم يأخذ شيئا وهذا المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والنظم.
وقيل تعمل المسألة على تقدير حياته فقط ولا تقف شيئا سوى نصيبه إن كان يرث.
قال في المحرر وهو أصح عندي.
وصححه في الحاوي الصغير والفروع.
فعلى هذا القول يؤخذ ضمين ممن معه احتمال زيادة على الصحيح.
قدمه في الفائق والرعايتين.
وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم.
وقيل لا يؤخذ منه ضمين.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
قوله: "فإن قدم أخذ نصيبه" بلا نزاع.
وقوله: "وإن لم يأت فحكمه حكم ماله".
هذا الصحيح صححه في المحرر والنظم.
قال في الفائق هو قول غير صاحب المغنى فيه.
وقطع به في الكافي والوجيز وشرح ابن منجا.
وقدمه في المحرر أيضا والحاوي الصغير.
وقيل يرد إلى ورثة الميت الذي مات في مدة التربص قطع به في المغنى.
وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في الفروع وحكاهما في الشرح روايتين.
قال في الفروع والمعروف وجهان.

قلت لم نر من حكاهما روايتين غيره.
فعلى الأول يقضي منه دين المفقود بلا نزاع.
وينفق على زوجته أيضا وعبده وبهيمته وصححه في المحرر وغيره.
قال في الفائق يقضي منه تلك الحالة دينه وينفق على زوجته وغير ذلك انتهى.
وعلى الثاني لا يقضي منه دينه ولا ينفق منه على زوجته ولا عبده ولا بهيمته جزم به صاحب المحرر والتهذيب والفصول والمستوعب والمغنى وغيرهم.
وقال في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة يقسم ماله بعد انتظاره.
وهل تثبت له أحكام المعدوم من حين فقده أولا تثبت إلا من حين إباحة أزواجه وقسمة ماله على وجهين ينبنى عليهما لو مات له في مدة انتظاره من يرثه فهل يحكم بتوريثه منه أم لا.
ونص الإمام أحمد رحمه الله إنه يزكي ماله بعد مدة انتظاره معللا بأنه مات وعليه زكاة.
وهذا يدل على أنه لا يحكم له بأحكام الموت إلا بعد المدة وهو الأظهر انتهى.
قوله: "ولباقي الورثة أن يصطلحوا".
على ما زاد عن نصيبه فيقتسموه.
يجوز للورثة أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيب المفقود ولهم أن يصطلحوا على كل الموقوف أيضا إن حجب أحدا ولم يرث أو كان أخا لأب عصب أخته مع زوج وأخت لأبوين وهذا كله مفرع على الصحيح من المذهب.
أما على ما اختاره صاحب المحرر وهو أنا نعمل المسألة على تقدير حياته فقط فلا يتأتي هذا.
وقد تقدم أنه يؤخذ ضمين ممن معه احتمال زيادة على الصحيح فليعاود.
فوائد:
الأولي إذا قدم المفقود بعد قسم ماله أخذ ما وجده بعينه ويرجع على من أخذ الباقي على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية عبد الله واختاره أبو بكر.
قال في الفائق وهو أصح وصححه ابن عقيل وغيره.
وجزم به المصنف وغيره.
وعنه لا يرجع على من أخذ نص عليه في رواية ابن منصور.
وقال إنما قسم بحق لهم.
قال في الفروع اختاره جماعة وقدمه في الرعاية الكبرى.

وظاهر الفروع إطلاق الخلاف فإنه قال رجع في رواية.
ونقل ابن منصور لا يرجع.
الثانية: لو جعل لأسير من وقف شيء تسلمه وحفظه وكيله ومن ينتقل إليه بعده جميعا ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واقتصر عليه في الفروع.
وقال ويتوجه وجه يكفي وكيله.
قلت ويتوجه أن يحفظه الحاكم إذا عدم الوكيل لأنه المتكلم على أموال الغياب على ما يأتي في أواخر باب أدب القاضي.
الثالثة: المشكل نسبه كالمفقود.
فلو قال رجل أحد هذين ابنى ثبت نسب أحدهما: فيعينه فإن مات عينه وارثه فإن تعذر أرى القافة فإن تعذر عين أحدهما: بالقرعة ولا مدخل للقرعة في النسب على ما يأتي ولا يرث ولا يوقف.
ويصرف نصيب ابن لبيت المال ذكره في المنتخب عن القاضي.
وذكر الأزجى عن القاضي يعزل من التركة ميراث ابن يكون موقوفا في بيت المال للعلم باستحقاق أحدهما.
قال الأزجى والمذهب الصحيح لا وقف لأن الوقف إنما يكون إذا رجى زوال الإشكال.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم ومن افتقر نسبه إلى قائف فهو في مدة إشكاله كالمفقود.
الرابعة: قال في الرعاية الكبرى والعمل في المفقودين أو أكثر بتنزيلهم بعدد أحوالهم لا غير دون العمل بالحالين.

باب ميراث الخنثى
:
قوله: وإن خرجا معا اعتبر أكثرهما فإن استويا فهو مشكل.
هذا المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والهداية والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل لا تعتبر الكثرة ونقله ابن هانئ وهو ظاهر كلام أبي الفرج وغيره فإنه قال هل يعتبر السبق في الانقطاع فيه روايتان ولم يذكر الكثرة.
وقال في التبصرة يعتبر أطولهما خروجا ونقله أبو طالب لأن بوله يمتد وبولها يسيل.
وقال القاضي وابن عقيل إن خرجا معا حكم للمتأخر.

وقدم ابن عقيل الكثرة على السبق.
وقيل إن انتشر بوله على كثيب رمل فذكر وإن لم ينتشر فأنثى.
قال في الرعاية وفيه بعد.
وقال ابن أبى موسى تعد أضلاعه فستة عشر ضلعا للذكر وسبعة عشر للأنثى.
قال في الرعاية وفيه بعد.
قوله: "وإن كان يرجى انكشاف حاله وهو الصغير أعطى هو ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يبلغ فتظهر فيه علامات الرجال من نبات لحيته وخروج المنى من ذكره أو علامات النساء من الحيض ونحوه".
كسقوط الثديين نص عليه وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمحرر والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا أنوثة بسقوط الثديين.
وقيل إن اشتهى النساء فذكر في كل شيء.
قال القاضي في الجامع إلا في الإرث والدية لأن للغير حقا وإن اشتهى ذكرا فأنثى.
وقال في عيون المسائل إن حاض من فرج المرأة أو احتلم منه أو أنزل من ذكر الرجل لم يحكم بالخنوثة لجواز كونه خلقة زائدة.
وإن حاض من فرج النساء وأنزل من ذكر الرجل فبالغ بلا إشكال.
وتقدم في باب الحجر "بما يحصل به بلوغ الخنثى المشكل" فليعاود فإن فيه نوع التفات إلى هذا.
قوله : "وإن يئس من ذلك بموته أو عدم العلامات بعد بلوغه أعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى فإذا كان مع الخنثى بنت وابن جعلت للبنت أقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة".
وهذا اختيار المصنف وقال هذا قول لا بأس به في هذه المسألة وفي كل مسألة فيها ولد إذا كان فيهم خنثى.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وقال أصحابنا تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى وهو المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب وهو من المفردات.

فيستحق على اختيار المصنف ومن تابعه في هذه المسألة ثلاثة من تسعة وهي الثلث وعلى قول الأصحاب يستحق ثلاثة عشر من أربعين وهي أقل من الثلث.
قوله: "ثم تضرب إحداهما: أو وفقها في الأخرى إن اتفقا وتجتزئ بإحداهما: إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا".
هكذا قال الأصحاب وقال في الرعاية وقيل المناسب هنا نوع من الموافق.
تنبيه: مراده بقوله: أعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى إذا كان يرث بهما متفاضلا كولد الميت أو ولد ابنه.
أما إذا ورث بكونه ذكرا فقط كولد أخى الميت أو عمه ونحوه فله نصف ميراث ذكر لا غير أو ورث بكونه أنثى فقط كولد أب خنثى مع زوج وأخت لأبوين ونحوه فله نصف ميراث أنثى لا غير أو يكون الذكر والأنثى لا تفاضل بينهما كولد الأم فإنه يعطي سدسا مطلقا أو كان الخنثى سيدا معتقا فإنه عصبة بلا نزاع.
قوله: "وإن كانا خنثيين فأكثر نزلتهم بعدد أحوالهم".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم ابن عقيل والمصنف وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والفائق والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال أبو الخطاب ينزلهم حالين مرة ذكورا ومرة إناثا وقدمه في الرعايتين.
وقال في الفروع وقال ابن عقيل تقسم التركة ولا توقف مع خنثى مشكل على الأصح.
وقال في الفائق وفيه وجه ينزلون حالين فقط ذكورا وإناثا اختاره أبو الخطاب مع مزاحمتهم مع غيرهم من وجه واحد.
وفيها وجه ثالث وهو قسمة مستحقيهم بينهم على أنصبائهم منفردين.
فلو كان الوارث ابنا وولدين خنثيين صحت من مائتين وأربعين على تنزيلهم على الأحوال للابن ثمانية وتسعون ولكل خنثى أحد وسبعون.
وتصح على الحالين من أربعة وعشرين عشرة للابن ولكل خنثى سبعة.
وعلى الوجه الثالث تصح من عشرة للابن أربعة ولكل خنثى ثلاثة.
ولو كان الوارث ولدا أو ولد ابن خنثيين وعما صحت المسألة من أربعة وعشرين ثمانية عشر للولد وأربعة لولد الابن وسهمان للعم.
وعلى العمل بالحالين يسقط ولد الابن هنا لو كان مع ولد الصلب أخته قاله في الرعاية الكبرى وفي الصغرى ولو كان بزيادة واو.

فوائد :
الأولى لو أعطيت الخناثى اليقين قبل اليأس من انكشاف حالهم نزلتهم بعدد أحوالهم بلا خلاف وكذا حكم المفقود كما تقدم.
الثانية: لو صالح الخنثى المشكل من معه على ما وقف له صح إن كان بعد البلوغ وإلا فلا.
الثالثة: قال المصنف لقد وجدنا في عصرنا شيئا لم يذكره الفرضيون فإنا وجدنا شخصين ليس لهما في قبلهما مخرج لا ذكر ولا فرج.
أما أحدهما: فذكروا أنه ليس له في قبله إلا لحمة ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا على الدوام.
والثاني ليس له إلا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول.
وسألت من أخبرني عن زيه فقال يلبس لبس النساء ويخالطهن ويغزل معهن ويعد نفسه امرأة.
وحدثت أن في بلاد العجم شخصا ليس له مخرج أصلا لا قبل ولا دبر وإنما يتقيأ ما يأكله ويشربه.
قال المصنف فهذا وما أشبهه في معنى الخنثى لكنه لا يمكن اعتباره بمباله فإن لم يكن له علامة أخرى فهو مشكل انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى في موضع ومن له ثقب واحد يخرج منه البول والمنى والدم فله حكم الخنثى.
وقال في موضع آخر وإن كان له ثقب واحد يرشح منه البول فهو خنثى مشكل كما تقدم.

باب ميراث الغرقى ومن عمى موتهم :
قوله: "وإذا مات متوارثان وجهل أولهما موتا كالغرقى والهدمى واختلف وارثهما في السابق منهما".
إذا مات متوارثان وجهل أولهما موتا فلا يخلو إما أن يجهلوا السابق ويختلفوا فيه أو يجهلوا السابق ولا يختلفون فيه.
فإن جهلوا السابق ولم يختلفوا فيه فالصحيح من المذهب أن كل واحد من الموتى يرث صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه من الميت لئلا يدخله الدور نص عليه.
قال المصنف هنا هذا ظاهر المذهب.

وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال نص عليه واختاره الأكثر وهو من مفردات المذهب.
وخرج أبو بكر ومن بعده منع توارث بعضهم من بعض.
وهذا التخريج من المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله فيما إذا اختلف ورثة كل ميت في السابق منهما ولا بينة في المسألة الآتية بعد هذه.
واختاره المصنف والمجد وحفيده الشيخ تقي الدين رحمهما الله وصاحب الفائق.
فائدة: لو علم السابق منهما موتا ثم نسى أو جهلوا عينه فالصحيح من المذهب أن حكمها حكم المسألة التي قبلها وعليه أكثر الأصحاب.
قال القاضي هو قياس المذهب.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والزركشي.
قال في القواعد هذا المذهب وقيل يعين بالقرعة.
وقال الأزجى إنما لم نجز القرعة هنا لعدم دخولها في النسب. قال القاضي لا يمتنع أن نقول بالقرعة هنا.
وذكر البوني أنه يعمل باليقين ويقف مع الشك حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا واختاره المصنف والشارح أيضا.
والمسألة الثانية: إذا جهلوا السابق واختلف وارثهما في السابق منهما ولا بينة أو كانت بينة وتعارضت تحالفا ولم يتوارثا على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال المصنف هنا وهذا أحسن إن شاء الله تعالى.
واختاره الخرقى وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر وقدمه في الفائق والزركشي.
وقال جماعة يتوارثان منهم أبو الخطاب.
قال القاضي في المجرد وابن عقيل هذا قياس المذهب.
وجعله المصنف هنا ظاهر المذهب.
وقيل يقرع بينهما.
قال أبن أبى موسى القرعة تعين أسبقهما وضعفه أبو بكر في كتاب الخلاف.
وقال جماعة من الأصحاب وإن تعارضت البينة وقلنا بالقسمة قسم بينهما ما اختلفا فيه نصفين قاله في القواعد.
والوجه الرابع: وهو اختيار أبى بكر في كتاب الخلاف أنه يقسم القدر المتنازع فيه من الميراث بين مدعييه نصفين وعليهما اليمين في ذلك كما لو تنازعا دابة في أيديهما.
ويأتي هذا بعينه في كلام المصنف في باب تعارض البينتين.

فوائد :
الأولى لو عين الورثة موت أحدهما: وشكوا هل مات لآخر قبله أو بعده ورث من شك في وقت موته من الآخر لأن الأصل بقاؤه وهذا المذهب قدمه في المحرر والفروع والفائق.
وقيل لا توارث بينهما.
قال في المحرر وهو بعيد.
قال في الفائق وهو ضعيف.
الثانية: لو تحقق موتهما معا لم يتوارثا اتفاقا.
الثالثة: وهي غريبة لو مات أخوان عند الزوال أحدهما: بالمشرق والآخر بالمغرب ورث الذي مات بالمغرب من الذي مات بالمشرق لموته قبله بناء على اختلاف الزوال قاله في الفائق.
وقال ذكره بعض العلماء قال وهو صحيح.
قلت فيعايى بها.
ولو ماتا عند ظهور الهلال قال في الفائق فتعارض في المذهب والمختار أنه كالزوال انتهى.
فيعايى بها أيضا على اختياره.

باب ميراث أهل الملل
:
قوله: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يرث المسلم من قريبه الكافر الذمي لئلا يمتنع قريبه من الإسلام ولوجوب نصرتهم ولا ينصروننا.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا إرث بينهما بالولاء وهو إحدى الروايتين.
والصحيح من المذهب أنه يرث بالولاء قدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب الولاء.
قوله: "إلا أن يسلم قبل قسم ميراثه فيرثه".
وكذا لو كان مرتدا على ما يأتي في كلام المصنف وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.

قال في الرعايتين هذا المذهب قال الزركشي هذا المشهور.
واختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وقدمه في المحرر والفروع والفائق وهو من المفردات.
وعنه : لا يرث.
صححه جماعة واختاره في الفائق.
قال في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة وحكى القاضي عن أبي بكر أن الزوجين لا يتوارثان بالإسلام قبل القسمة بحال.
قال وظاهر كلام الأصحاب خلافه وأنه لا فرق بين الزوجين وغيرهما.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أنه سواء كان المسلم زوجة أو غيرها ممن يرث وهو صحيح وصرح به القاضي وغيره ونص عليه في رواية البرزاطى ما لم تنقض عدتها.
وقيل: لا ترث الزوجة إذا أسلمت.
قال في الفائق: ولو كان المسلم زوجة لم ترث في قول أبى بكر وورثها القاضي.
وهو ظاهر كلام الخرقى ذكره ابن عقيل.
قال في القواعد بعد أن قطع بالأول وعلى هذا لو أسلمت المرأة أولا ثم ماتت في مدة العدة لم يرثها زوجها الكافر ولو أسلم قبل القسمة لانقطاع علق الزوجية عند موتها.
قوله: "وإن عتق عبد بعد موت مورثه وقبل القسمة لم يرث وجها واحدا".
قال في الهداية وغيرها رواية واحدة وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير هذا المذهب.
وقدمه في الفائق وغيره وصححه في الفروع وغيره.
وعنه يرث ذكرها ابن أبي موسى وخرجه التميمي على الإسلام.
فائدة: قال في القاعدة السادسة والخمسين ولو وجدت الحرية عقب موت الموروث أو معه كتعليق العتق على ذلك أو دين ابن عمه ثم مات لم يرث ذكره القاضي وصاحب المغنى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن يخرج على الوجهين فيما إذا حدثت الأهلية مع الحكم هل يكتفي بها أو يشترط تقدمها؟.

قوله: "ويرث أهل الذمة بعضهم بعضا إن اتفقت أديانهم وهم ثلاث ملل اليهودية والنصرانية ودين سائرهم".
هذا إحدى الروايات.
قال الزركشي هذا قول القاضي وعامة الأصحاب وجزم به في الوجيز.
وعنه رواية ثانية أنهم ملل شتى مختلفة وهو الصحيح من المذهب.
اختاره أبو بكر والمصنف والشارح وقدمه في المحرر والفروع.
فعلى هذا المجوسية ملة وعبدة الأوثان ملة وعباد الشمس ملة.
وعنه أن الكفر ملة واحدة اختاره الخلال وقدمه ابن رزين في شرحه.
وعنه اليهودية والنصرانية ملتان والمجوسية والصابئة ملة.
وقيل الصابئة كاليهودية وقيل كالنصرانية.
وقد تقدم في أول باب عقد الذمة أن الإمام أحمد رحمه الله قال هم جنس من النصارى.
وقال في موضع آخر بلغني أنهم يسبتون.
وقيل من لا كتاب له ملة واحدة وأطلقهن في الفائق.
قوله: "وإن اختلفت أديانهم لم يتوارثوا".
هذا المذهب اختاره أبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وعنه يتوارثون جزم به في المنور واختاره الخلال.
وقدمه في المحرر فقال ويرث الكفار بعضهم بعضا وإن اختلفت مللهم.
وقدمه ابن رزين في شرحه وهو مقتضى كلام الخرقى.
وأطلقهما في الكافي.
وقال القاضي يتوارثون إذا كانوا في دار الحرب.
تنبيه: الخلاف هنا مبنى على الخلاف في الملل.
فإن قلنا الملل مختلفة لم يتوارثوا مع اختلافهم وإن قلنا الكفر كله ملة واحدة توارثوا.
قوله: "ولا يرث ذمي حربيا ولا حربي ذميا".
ذكره القاضي وذكره أبو الخطاب في التهذيب اتفاقا.

قال في المحرر والفائق لا يتوارثون عند أصحابنا.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن رزين.
قال الزركشي منعه القاضي وكثير من الأصحاب.
ويحتمل أن يتوارثا وهو المذهب نص عليه في رواية يعقوب.
وذكره القاضي في التعليق.
وذكر أبو الخطاب في الانتصار أنه الأقوى في المذهب.
قال المصنف هو قياس المذهب وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والزركشي.
فائدة: يرث الحربي المستأمن وعكسه ويرث الذمى المستأمن وعكسه على الصحيح من المذهب.
جزم به في الفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المنتخب يرث المستأمن ورثته الذين بدار الحرب لأنه حربي.
وقال في الترغيب هو في حكم ذمي وقيل حربي.
قوله: "والمرتد لا يرث أحدا إلا أن يسلم قبل قسم الميراث".
فإذا لم يسلم لم يرث أحدا وإن أسلم قبل قسم الميراث فحكمه حكم الكافر الأصلي إذا أسلم قبل قسم الميراث على ما تقدم خلافا ومذهبا فليعاود وإرثه قبل قسم الميراث من مفردات المذهب كما تقدم في الكافر الأصلي.
قوله: "وإن مات في ردته فماله فيء".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية على ذلك عامة أصحابنا.
قال القاضي هذا الصحيح من المذهب وكذا قال الشارح في باب المرتد.
وقال هنا هذا المشهور.
قال الزركشي اختاره القاضي وأصحابه وعامة الأصحاب.
وجزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب الأزجى وغيرهم.
وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وعنه أنه لورثته من المسلمين اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.

وعنه أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره.
قال الزركشي بشرط أن لا يكونوا مرتدين.
وروى ابن منصور أنه رجع عن هذا القول وأطلقهن في الهداية والمذهب.
فائدتان :
إحداهما: الزنديق وهو المنافق كالمرتد على ما تقدم على الصحيح من المذهب خلافا ومذهبا.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يرث ويورث.
الثانية: كل مبتدع داعية إلى بدعة مكفرة فماله فيء نص عليه في الجهمى وغيره وسيأتي ذلك في باب موانع الشهادة.
وعلى الأصح من الروايتين أو غير داعية وهما في غسله والصلاة عليه وغير ذلك.
ونقل الميموني في الجهمى إذا مات في قرية ليس فيها إلا نصارى من يشهده قال أنا لا أشهده يشهده من شاء.
قال ابن حامد ظاهر المذهب خلافها على نقل يعقوب وغيره وأنه بمثابة أهل الردة في وفاته وماله ونكاحه.
قال وقد يتخرج على رواية الميموني أنه إن تولاه متول فإنه يحتمل في ماله وميراثه أهله وجهان.
قوله: "وإن أسلم المجوسي أو تحاكموا إلينا ورثوا بجميع قراباتهم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يرثون بأقواها وهي ما يرث بها مع ما يسقط الأخرى ذكرها حنبل ومنعها أبو بكر.
فائدة: حكم ما إذا أولد المسلم ذات محرم وغيرها بشبهة تثبت النسب حكم المجوس في إرثهم بجميع قراباتهم قاله الأصحاب.
وقال المصنف والشارح وكذا الحكم في كل من أجرى مجرى المجوس ممن ينكح ذوات المحرم.

باب ميراث المطلقة
:
قوله: "وإن طلقها في مرض الموت المخوف طلاقا لا يتهم فيه بأن سألته الطلاق أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته أو علقه في الصحة على شرط

فوجد في المرض أو طلق من لا ترث كالأمة والذمية فعتقت وأسلمت فهو كطلاق الصحيح في أصح الروايتين".
ذكر المصنف هنا مسائل.
منها إذا سألته الطلاق فأجابها إلى سؤالها أو علقه على فعل لها منه بد ففعلته عالمة فالصحيح من المذهب أنه كطلاق الصحيح كما صححه المصنف هنا.
وصححه صاحب الهداية والمذهب والخلاصة والمصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع.
والرواية الثانية: هو كطلاق متهم فيه اختاره صاحب المستوعب والشيخ تقي الدين وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنها لو سألته أن يطلقها طلقة فطلقها ثلاثا أنه كطلاق الصحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قال أبو محمد الجوزي إذا سألته الطلاق فطلقها ثلاثا لم ترثه.
قال في الفروع وهو معنى كلام غيره.
وقد أحسن المصنف في قوله: "إن لم أطلقك فأنت طالق" أنه إن علقه على فعلها ولا مشقة عليها فيه فأنت ذلك لم يتوارثا.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ترث لأنه متهم فيه وقدمه في الفروع.
قلت وهو الصواب.
فائدتان :
إحداهما: لو خالعته فهو كطلاق الصحيح على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل ترث منه.
الثانية: لو قذفها في صحته ولا عنها في مرضه مطلقا وقيل لنفى الحد لا لنفى الولد أو علق طلاقها حالة الصحة على فعل لها لا بد لها منه ففعلته في المرض ورثته فيهما على أصح الروايتين قاله في المحرر والفروع والفائق.
وعنه لا ترث وجزم به جماعة من الأصحاب في المسألة الأولى.
ومن مسائل المصنف إذا علقه في الصحة على شرط فوجد في المرض فالصحيح من المذهب أنه كطلاق الصحيح صححه المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.

وقدمه في الكافي والمغنى والمحرر وغيرهم.
وعنه أنه كمتهم فيه وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع وإن علقه بشهر معلوم فجاء في مرضه فروايتان.
ومن مسائل المصنف أيضا إذا طلق من لا ترث كالأمة والذمية فعتقت وأسلمت فالصحيح من المذهب أنه كطلاق الصحيح.
جزم به في الكافي والمغنى والوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والشرح.
وعنه أنه كطلاق متهم فيه وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فوائد :
الأولى قوله: "وإن كان متهما بقصد حرمانها الميراث ورثته ما دامت في العدة".
فمن ذلك لو أقر في مرضه أنه أبانها في صحته فهذا متهم فيه فترثه على الصحيح من المذهب.
وقطع به المصنف في هذا الكتاب في كتاب الإقرار.
وقال في المنتخب للشيرازي لا ترثه.
قلت وهو بعيد.
ومن ذلك لو وطىء حماته لم يقطع إرث زوجته لكن يشترط أن يكون عاقلا على الصحيح من المذهب.
وقيل لا بد أن يكون مكلفا جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية: لو وكل في صحته من يبينها متى شاء فأبانها في مرضه لم يقطع ذلك إرثها منه.
الثالثة: قوله: "أو علقه على فعل لا بد لها منه كالصلاة ونحوها".
قال في الرعاية الكبرى وقيل وكلام أبويها أو أحدهما.
قال الأصحاب لا بد لها منه شرعا كما مثل أو عقلا كأكل وشرب ونوم ونحوه.
قوله: "ورثته ما دامت في العدة ولم يرثها" هو بلا نزاع.
"وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول على روايتين".
يعني إذا فعل فعلا يتهم فيه بقصد حرمانها فإنها ترثه ما دامت في العدة بلا نزاع ولا يرثها هو بلا نزاع وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول.

أطلق المصنف فيه روايتين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي وأطلقهما في النظم في الأولى.
إحداهما: ترثه بعد العدة ولو كانت غير مدخول بها ما لم تتزوج وهو الصحيح من المذهب.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في المذهب هذا أصح الروايتين.
قال أبو بكر لا يختلف قول أبى عبد الله في المدخول بها أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والفائق.
والرواية الثانية: لا ترثه واختاره في التبصرة في المدخول بها.
وصححه في النظم فيها وقدمه فيهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وهو ظاهر ما قدمه المصنف في آخر الباب حيث جعل الميراث للزوجات اللاتي في عصمته ولم يعط المطلقات شيئا فيما إذا طلق أربعا وانقضت عدتهن وتزوج بعدهن أربعا ومات عنهن.
قال أبو بكر إذا طلق ثلاثا قبل الدخول في المرض فيها أربع روايات.
إحداهن لها الصداق كاملا والميراث وعليها العدة واختاره.
قال المصنف وغيره وينبغي أن تكون العدة عدة وفاة.
قلت فيعايى بها في الصداق.
والثانية: لها الميراث والصداق ولا عدة عليها.
والثالثة: لها الميراث ونصف الصداق وعليها العدة.
والرابعة: لا ترث ولا عدة عليها ولها نصف الصداق انتهى.
ويعايى بها حيث أوجبنا العدة.
وأطلق في تكميل المهر وعدمه الروايتين في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدم تكميل المهر ابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وظاهر كلام أكثر الأصحاب أنه لا يكمل لما ذكروه في الصداق.
تنبيه: حيث قلنا ترث فإنه يشترط أن لا ترتد فإن ارتدت لم ترث قولا واحدا.

فلو أسلمت بعده لم ترث أيضا على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والفائق وصححه.
وعنه ترث وأطلقهما في الرعايتين والفروع والحاوي الصغير.
قوله: فإن أكره الابن امرأة أبيه في مرض أبيه على ما يفسخ نكاحها لم ينقطع ميراثها.
مراده إن كان الابن عاقلا.
وقوله: إلا أن يكون له امرأة سواها.
مقيد بما إذا لم يتهم فيه مع وجود امرأة سواها وهو واضح.
والصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن الاعتبار بحالة الإكراه.
وذكر بعضهم إن انتفت التهمة بقصد حرمانها الإرث أو بعضه لم ترثه في الأصح.
قال في الفروع ويتوجه منه لو تزوج في مرضه مضارة لينقص إرث غيرها وأقرت به لم ترث.
ومعنى كلام شيخنا رحمه الله تعالى وهو ظاهر كلام غيره ترثه لأن له أن يوصي بالثلث.
تنبيه: مفهوم قوله: فإن أكره أنها لو كانت مطاوعة أنها لا ترث.
وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه ترث.
قوله: "وإن فعلت في مرض موتها ما يفسخ نكاحها لم يسقط ميراث زوجها".
مراده ما دامت في العدة ومراده أيضا إذا كانت متهمة في فسخه.
أما إذا كانت غير متهمة كفسخ المعتقة إذا كانت تحت عبده فالصحيح من المذهب انقطاع الإرث.
وعنه لا ينقطع وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قوله: "وإذا طلق أربع نسوة في مرضه فانقضت عدتهن وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه أنه للثمان".
اعلم أن الخلاف الذي ذكره المصنف هنا مبنى على الخلاف الذي تقدم في المطلقة المتهم في طلاقها إذا انقضت عدتها ولم تتزوج ولم ترتد عند جماهير الأصحاب وبنوه عليه.
وتقدم هناك أنها ترث على الصحيح من المذهب ما لم تتزوج فكذا هنا.

فعلى هذا يكون الميراث للثمان على الصحيح من المذهب.
فلو كانت المطلقة المتهم في طلاقها واحدة وتزوج أربعا سواها ولم تتزوج المطلقة بعد انقضاء عدتها حتى مات الزوج كان الميراث بين الجهتين على السواء على الصحيح من ن المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه ربعه للمطلقة وثلاثة أرباعه للأربع إن تزوجهن في عقد واحد وإلا فللثلاث السوابق اختاره في المحرر والفائق وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وقدمه في تجريد العناية.
وقال في الرعاية وقيل يحتمل أن كله للبائن انتهى.
ولو كان مكان المطلقة أربعا فطلقهن وتزوج أربعا سواهن كما مثل المصنف فالميراث للثمان على الصحيح من المذهب كما تقدم وللمطلقات على اختيار صاحب المحرر والفائق.
وجزم به في الوجيز وصححه في النظم وقدمه في تجريد العناية.
وللزوجات فقط على القول بأن المطلقات لا يرثن شيئا.
وهو الذي قدمه المصنف هنا واختاره هو والشارح.
ورد المصنف قول من يقول إن الإرث للثمان أو للمطلقات.
وظاهر كلام من يقول ذلك عدم البناء.
فلو ماتت إحدى المطلقات أو تزوجت فقسطها للزوجات المتجددات إن تزوجهن في عقد واحد وإلا قدمت السابقة إلى كمال أربع بالمبتوتة.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله تعالى بقوله: وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه أنه بين الثمان أن نكاحهن صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يصح.
فوائد :
إحداها: لو طلق واحدة من أربع وتزوج واحدة بعد انقضاء عدتها ثم مات واشتبهت المطلقة أقرع بينهن فمن قرعت فلا حظ لها في الميراث ويقسم الميراث بين الأربع فتستحق الجديدة الربع نص عليه.
قال في الفروع وإن مات عن زوجات لا ترثه بعضهن لجهل عينها أخرج الوارثات بقرعة انتهى.
وهذه القرعة هنا من مفردات المذهب.

الثانية: لو ادعت المرأة أن زوجها أبانها وجحد الزوج ثم مات لم ترثه المرأة إن دامت على قولها:.
الثالثة: لو قبلها في مرض الموت ثم مات لم ترثه لخروجها من حيز التملك والتمليك ذكره ابن عقيل وغيره.
وقال في الفروع ويتوجه خلاف كمن وقع في شبكة صيد بعد موته.
وتقدم هل تدخل الدية في الوصية في باب الموصى به.

باب الإقرار بمشارك في الميراث
:
فائدة: قوله: "إذا أقر الورثة كلهم".
يعني ولو كان الوارث واحدا بوارث للميت.
سواء كان من حرة أو أمة نقله الجماعة.
فصدقهم أو كان صغيرا.
وكذا لو كان مجنونا ثبت نسبه.
ولكن بشرط أن يكون مجهول النسب.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الإقرار بأتم من هذا.
ويأتي أيضا هناك إذا أقر المريض لوارث وبعده إذا أقر من عليه الولاء بوارث.
فائدة: قوله: "يعتبر إقرار الزوج والمولى المعتق".
إذا كانا من الورثة ولو كانت بنتا صح لإرثها بفرض ورد.
قوله: "سواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه".
أما إذا كان لا يحجبه مطلقا أو كان يحجبه حجب نقصان فلا خلاف في ذلك وهو واضح.
وأما إذا كان يحجبه حجب حرمان فالصحيح من المذهب أن المقر به يرث إذا ثبت النسب اختاره ابن حامد والقاضي.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي والمغنى والشرح ونصراه.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وقد شمله كلام المصنف في قوله: ثبت نسبه وإرثه.
وقيل لا يرث مسقط اختاره أبو إسحاق.
وذكره الأزجى عن أصحابنا غير القاضي وقال إنه الصحيح.

فعلى هذا هل يقر نصيب المقر به بيد المقر أو ببيت المال فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والفائق والرعاية الكبرى وهو الذي خرجها.
قلت الصواب أنه يقر بيد المقر وهي شبيهة بما إذا أقر لكبير عاقل بمال فلم يصدقه على ما يأتي في آخر كتاب الإقرار.
تنبيه: مراده بقوله: وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه.
إذا كان البعض الذي لم يقر وارثا أما إذا كان المنكر لا يرث لمانع به كالرق ونحوه فلا اعتبار بإنكاره ويرث قاله في الفروع وغيره.
قلت الذي يظهر أنه لم يدخل في كلام المصنف.
لأن قوله: وإن أقر بعضهم يعني بعض الورثة وهذا ليس من أهل الورثة للمانع الذي به.
قوله: وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه.
يعني مطلقا بل يثبت نسبه من المقرين الوارثين على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيره.
وقيل لا يثبت جزم به الأزجى وغيره.
فلو كان المقر به أخا ومات المقر عن بني عم ورثوهم.
وعلى الأول يرثه الأخ وهل يثبت نسبه من ولد المقر المنكر له تبعا فتثبت العمومة فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والهداية والمذهب والخلاصة في كتاب الإقرار.
وظاهر ما قدمه في الرعايتين والحاوي أنه يثبت فإنهما قالا ويثبت نسبه وإرثه من المقر لو مات.
وقيل لا يثبتان انتهى.
وصححه في التلخيص وفي الانتصار خلاف مع كونه أكبر سنا من أبى المقر أو معروف النسب انتهى.
ولو مات المقر وخلفه والمنكر فإرثه بينهما فلو خلفه فقط ورثه.
وذكر جماعة إقراره له كوصية فيأخذ المال في وجه وثلثه في آخر.
وقيل المال لبيت المال.
قوله: وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه.
هذا الصحيح من المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطع به الأكثر.

وعنه إن أقر اثنان منهم على أبيهما بدين أو نسب ثبت في حق غيرهم إعطاء له حكم شهادة وإقرار.
وفي اعتبار عدالتهما الروايتان قاله في الفروع.
قال في الفائق في ثبوت النسب والإرث بدون لفظ الشهادة روايتان وهما بإقراره بدين على الميت.
قال القاضي وكذلك يخرج في عدالتهما ذكره أبو الحسين في التمام.
قوله: إلا أن يشهد منهم عدلان أنه ولد على فراشه أو أن الميت أقر به. وكذا لو شهد أنه ولده فإنه يثبت نسبه وإرثه بلا نزاع.
فائدة: لو صدقه بعض الورثة إذا بلغ أو عقل ثبت نسبه فلو مات وله وارث غير المقر اعتبر تصديقه وإلا فلا.
قوله: "وإذا خلف أخا من أب وأخا من أم فأقر بأخ من أبوين ثبت نسبه وأخذ ما في يد الأخ من الأب".
جزم به في المغنى والشرح والفروع وغيرهم بناء منهم على المذهب وعليه الأصحاب.
وقال أبو الخطاب في الهداية يأخذ نصفه وقطع به.
قال في المحرر وهو سهو.
قوله: "فلو خلف ابنين فأقر أحدهما: بأخوين فصدقه أخوه في أحدهما: ثبت نسب المتفق عليه فصاروا ثلاثة ثم تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن اثنى عشر للمنكر سهم من الإنكار في الإقرار أربعة وللمقر سهم من الإقرار في مسألة الإنكار ثلاثة وللمتفق عليه إن صدق المقر مثل سهمه وإن أنكره مثل سهم المنكر وما فضل للمختلف فيه وهو سهمان في حال التصديق وسهم في حال الإنكار".
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجى وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح وصححاه.
وقدمه أيضا في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.

وقال أبو الخطاب لا يأخذ المتفق عليه من المنكر في حال التصديق إلا ربع ما في يده وصححها من ثمانين للمنكر ثلاثة وللمختلف فيه سهم ولكل واحد من الآخرين سهمان.
ورده المصنف والشارح وضعفه الناظم.
قوله: "وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما وإرثهما سواء اتفقا أو اختلفا".
هذا المذهب وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في الهداية والمغني والشرح وصححاه.
وقدمه أيضا في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن لا يثبت نسبهما مع اختلافهما وهو لأبي الخطاب في الهداية واختاره بعض الأصحاب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والفائق.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يكونا توأمين فإن كانا توأمين فإن نسبهما يثبت بلا نزاع.
قوله: "وإن أقر بأحدهما: بعد الآخر أعطي الأول نصف ما في يده والثاني ثلث ما بقي في يده إذا كذب الأول بالثاني وثبت نسب الأول ووقف ثبوت نسب الثاني على تصديقه ولو كذب الثاني بالأول وهو مصدق به ثبت نسب الثلاثة".
على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يسقط نسب الأول ويأخذ الثاني ثلثي ما في يده وثلث ما في يد المقر.
تنبيه: قوله: "وإن أقر بعض الورثة بامرأة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته".
يعني يلزمه ما يفضل في يده لها عن حصته كما ذكره في الإقرار بغيرها.
وهذا بلا خلاف لكن لو مات المنكر فأقر بها ابنه ففي تكميل إرث الزوجة وجهان.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفروع.
قلت: الأولى التكميل.
فإن لم يخلف المنكر إلا الأخ المقر كمل الإرث على الصحيح صححه في الرعاية الكبرى.
قال في التلخيص: فالأصح أنه يثبت الميراث وقيل: لا يكمل.

وأما إن مات قبل إنكاره فإن إرثها يثبت جزم به في الرعاية الكبرى والفروع.
قوله: "وإذا قال رجل مات أبي وأنت أخي فقال هو أبي ولست بأخي لم يقبل إنكاره وهذا المذهب وعليه الأصحاب".
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل المال كله للمقر به وهو احتمال في الرعاية وقال ويحتمل أن المال كله للمقر.
فائدة: وكذا الحكم لو قال مات أبونا ونحن أبناؤه.
قوله: "وإن قال ماتت زوجتي وأنت أخوها فقال لست بزوجها فهل يقبل إنكاره على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر والفائق والشرح وشرح ابن منجا.
أحدهما: يقبل إنكاره وهو المذهب.
قال في الفروع قبل إنكاره في الأصح وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والثاني لا يقبل إنكاره صححه في التصحيح والنظم.
قوله : "يبقى سبعة لا يدعيها أحد ففيها ثلاثة أوجه".
وأطلقهن في المغني والشرح والمحرر وشرح ابن منجا والفائق.
أحدهما: يقر في يد المقر وهوالمذهب صححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع.
والثاني يؤخذ إلى بيت المال.
والثالث يقسم بين المقرة والزوج والاختين من الأم على حسب ما يحتمل أنه لهم وإليه ميل الشارح.
فعليه يكون للمقرة النصف وللزوج والأختين من الأم النصف بينهم على خمسة لأن له النصف ولهما الثلث.

باب ميراث القاتل
:
قوله: "كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول سواء كان عمدا أو خطئا بمباشرة أو سبب وسواء انفرد بقتله أو شارك".
هذا المذهب في ذلك كله حتى لو شربت دواء فأسقطت جنينها لا ترث من الغرة شيئا نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل من أدب ولده فمات بذلك لم يرثه.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق.
وقدمه في الرعاية الكبرى واختار فيها كالمذهب.
وقيل إن سقاه دواء أو فصده أو بط سلعته لحاجته فوجهان وأن في الحافر احتمالين.
ومثله نصب سكين ووضع حجر ورش ماء وإخراج جناح وهذا كله طريقته في الرعاية الكبرى.
قال المصنف والشارح لو قصد مصلحة موليه بسقى دواء أو بط جراح فمات ورثه في ظاهر المذهب.
وذكر ابن أبى موسى فيه وجهين.
وكذا لو أمره كبير عاقل ببط جراحة أو قطع سلعة قاله المصنف والشارح.
وقالا هذا ظاهر المذهب أيضا.
قوله: "صغيرا كان القاتل أو كبيرا".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وذكر أبو الوفاء ابن عقيل وأبو يعلى أن أحد طريقى بعض أصحابنا توريث من لا قصد له كالصبي والمجنون.
وإنما يحرم الإرث من يتهم دون غيره والنص خلاف ذلك.
وحكى ابن عقيل في مفرداته وعمد الأدلة وجها أن قتل الصبي والمجنون لا يمنع الإرث قال وهو أصح عندي.
قوله: "وما لم يضمن بشيء من هذا كالقتل قصاصا أو حدا أو دفعا عن نفسه وقتل الباغي العادل والعادل الباغي فلا يمنع إذا كان القتل غير مضمون على قاتله فإن القاتل يرث منه".

وقدمه في الفروع وغيره وصححه في الفائق وغيره.
وعنه لا يرث اختاره ابن حامد وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلقهما في المذهب والرعايتين والحاوي الصغير.
قال المصنف فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث.
واختار المصنف وغيره إن جرحه العادل ليصير غير ممتنع ورثه لا إن تعمد قتله ابتداء.
قال في الفروع وهو متجه.
وأما إذا قتل الباغي العادل فقدم المصنف أنه لا يمنع الإرث وهو المذهب.
قال في المحرر لا يمنعه الإرث على الصحيح.
قال في الفائق لا يمنع الإرث في الأصح.
قال في النظم هذا أولى وجزم به في الوجيز.
قال الزركشي وصححه أبو الخطاب في الهداية وكلامه محتمل.
وعنه يمنع الإرث جزم به في التبصرة والترغيب والمذهب والقاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والمصنف في المغنى في قتال أهل البغي ونصره جماعة من الأصحاب وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.

باب ميراث المعتق بعضه
:
قوله: "لا يرث العبد".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه يرث عند عدم وارث ذكرها ابن الجوزي في المذهب وأبو البقاء في الناهض قاله في الفروع ولم أرها في المذهب.
وتقدم قول في أول كتاب الفرائض إن العبد يرث سيده عند عدم الوارث.
وقيل في المكاتب خاصة يموت له عتيق ثم يؤدي فيعتق يأخذ إرثه بالولاء ذكره في المحرر.

يعني إن جعلنا الولاء له على ما يأتي.
قوله: فأما المعتق بعضه فما كسب بجزئه الحر فلورثته.
سواء كان بينهما مهايأة أو قاسمه السيد في حياته أو لا.
قوله: ويرث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية.
وهو من مفردات المذهب.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن إرث المعتق بعضه له خاصة وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال هو الصواب.
وقال بعض الأصحاب ما يرثه المعتق بعضه يكون مثل كسبه إن لم يكن بينه وبين سيده مهايأة كان بينهما وإن كان بينهما مهايأة فهل هو لمن الموت في نوبته أو بينهما على وجهي الأكساب النادرة.
إذا علمت ذلك فالتفريع على المذهب.
فلو كانت بنت نصفها حر وأم وعم حران كان للبنت الربع وللأم الربع بحجبها لها عن نصف السدس وللعم سهمان وهو الباقي.
وتصح من أربعة فلو كان مكان البنت ابن نصفه حر فله هنا نصف ماله لو كان حرا فيستحق ربعا وسدسا من المال لأنه لو كان حرا كان له خمسة أسداسه وهو الصحيح من المذهب وهو الذي ذكره إبراهيم الحربي في كتاب الفرائض.
واختاره القاضي في المجرد وابن عقيل وصححه في المحرر والحاوي الصغير وجزم به في المنور وقدمه في الرعايتين.
وقيل له نصف الباقي بعد ربع الأم اختاره أبو بكر والقاضي في خلافه قاله في القواعد.
قال في المحرر والفروع والفائق والحاوي وفيه بعد.
قال في الرعايتين وهو بعيد وقيل له نصف المال كاملا.
قال في القاعدة الخامسة عشر بعد المائة ورجحه الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وذكر أنه اختيار أبيه.
وأطلقهن في المحرر والفروع والفائق والحاوي الصغير والقواعد.

وكذا الحكم والخلاف في كل عصبة نصفه حر مع ذي فرض ينقص به فإن لم ينقص به كجده وعمه مع ابن نصفه حر فعلى الثالث له نصف المال وعلى الآخرين له نصف الباقي وهو الصحيح.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو أصح وقدمه في الرعايتين.
ولو كان معه من يسقطه بحريته التامة كأخت وعم حرين فللابن النصف وللأخت نصف ما بقى قرضا وللعم ما بقي.
هذا المذهب جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وقدم في المغنى أن للأخت النصف كاملا.
قلت وهو ضعيف جدا.
قلت قد يعايي بها.
فائدة: لو كان أحد الأخوين حرا والآخر نصفه حر فالمال بينهما أرباعا على الصحيح من المذهب تنزيلا لهما بالأحوال والخطاب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقيل المال بينهما ثلاثا جمعا للحرية فيهما وقسمة لأرثهما كالعول.
قوله: وإذا كان عصبتان نصف كل واحد منهما حر كالأخوين فهل تكمل الحرية فيهما يحتمل وجهين.
وكذا قال في الهداية وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا والقواعد الفقهية والفروع.
أحدهما: لا تكمل وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفائق.
والوجه الثاني تكمل الحرية فلهما جميع المال.
قال في القاعدة الخامسة عشر بعد المائة ورجحه القاضي والسامري وطائفة من الأصحاب وله مأخذان.
أحدهما: جمع الحرية فيهما فتكمل بها حرية ابن وهو مأخذ أبى الخطاب وغيره.
والثاني أن حق كل واحد منهما مع كمال حريته في جميع المال لا في نصفه وإنما أخذ نصفه لمزاحمة أخيه له وحينئذ فقد أخذ كل واحد منهما نصف المال وهو نصف حقه مع كمال حريته فلم يأخذ زيادة على قدر ما فيه من الحرية.
فعلى المذهب لهما ثلاثة أرباع المال بالأحوال والخطاب وهذا الصحيح وقاله في المستوعب وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر.

وقيل لهما نصفه بتنزيلهما حرية ورقا.
وأطلقهما في القواعد الفقهية والفروع.
والتفريع على هذا الخلاف وهو ثلاثة أوجه ثلاثة أرباع المال أو نصفه أو كله.
فلو كان ابن وبنت نصفها حر وعم حر.
فلهما على الأول خمسة أثمان المال على ثلاثة ونصف المال على الثاني وثلاثة أرباعه على الثالث.
ولو كان معهما أم فلها السدس على الوجوه كلها.
وللابن على الأول خمسة وعشرون من أصل اثنين وسبعين وللبنت أربعة عشر.
وعلى الثاني هل لهما على ثلاثة ثلاثة أرباع المال أو ثلاثة أرباع الباقي على وجهين.
وعلى الثالث هل لهما على ثلاثة أرباع المال أو ثلاثة أرباع الباقي بعد السدس على وجهين.
ولو كان أحدهما: يحجب الآخر كابن وابن ابن نصفهما حر وهي مسألة المصنف.
فللابن النصف ولابن الابن على الأول الربع وعلى الثالث النصف واختاره أبو بكر ولا شيء له على الأوسط.
ولو كان جدة حرة وأم نصفها حر فللأم السدس وللجدة نصف السدس.
ولو كان الجدة نصفها حر كان لها ربع السدس على الأول ونصف السدس على الثالث ولا شيء لها على الأوسط.
ولو كان أم وأخوان أحدهما: رق كان للأم الثلث على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وحجبها أبو الخطاب بقدر حريته فبنصفها يحجبها عن نصف السدس.
فائدة: يرد على ذي فرض وعصبة لم ترث بقدر نسبة الحرية منهما لكن أيهما استكمل بالرد أزيد من قدر حريته من نفسه منع من الزيادة وردت على غيره إن أمكن وإلا فهي لبيت المال.
فلبنت نصفها حر النصف بالفرض والرد.
ولابن مكانها نصفه حر النصف بالعصوبة والبقية لبيت المال.
ولابنين نصفهما حر إن لم نورثهما المال البقية مع عدم العصبة.
أعنى لهما البقية بالرد سواء ورثناهما النصف فقط أو النصف والربع.
ولبنت وجدة نصفها حر المال نصفين بفرض ورد.
ولا يرد هنا على قدر فرضيهما لئلا يأخذ من نصفه حر فوق نصف التركة.

ومع حرية ثلاثة أرباعهما المال بينهما أرباعا بقدر فرضيهما.
ومع حرية ثلثهما الثلثان بينهما والبقية لبيت المال.

باب الولاء
:
قوله: كل من أعتق عبدا أو عتق عليه برحم أو كتابة فله عليه الولاء.
الصحيح من المذهب أنه إذا عتق عليه بالرحم يكون له عليه الولاء وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال المصنف لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا.
وقيل حكمه حكم المعتق سائبة على ما يأتي.
والصحيح من المذهب أنه إذا عتق عليه بالكتابة يكون له عليه الولاء وكذا لو أعتقه بعوض وعليه جماهير الأصحاب ونص عليهما.
وقيل لا ولاء له عليهما.
وعنه في المكاتب إذا أدى إلى الورثة يكون ولاؤه لهم وإن أدى إليهما يكون ولاؤه بينهما.
وفي التبصرة وجه إن أدى إليهما يكون ولاؤه للورثة.
وفي المبهج إن أعتق كل الورثة المكاتب نفذ والولاء للرجال وفي النساء روايتان.
فائدة: إذا كاتب المكاتب عبدا فأدى إليه وعتق قبل أدائه أو أعتقه بمال وقلنا له ذلك.
فظاهر كلام المصنف أن ولاءه للمكاتب وهو قول القاضي في المجرد.
وقيل للسيد الأول وهو يحكى عن أبى بكر ورجحه القاضي في الخلاف.
حتى حكى عنه أنه لو عتق المكاتب الأول قبل الثاني فالولاء للسيد لانعقاد سبب الولاء حيث كان المكاتب ليس أهلا له.
ورد ما حكاه القاضي عن أبى بكر في القاعدة السادسة عشر بعد المائة.
تنبيه: شمل قوله: كل من أعتق عبدا أو عتق عليه فله عليه الولاء الكافر لو أعتق مسلما أو عتق عليه وهو صحيح وهو من مفردات المذهب وجزم به ناظمها.
ويأتي في كلام المصنف هل يرث به أم لا.
فائدة: لو أعتق القن عبدا مما ملكه فحكى المصنف في المغنى عن طلحة العاقولى من أصحابنا أنه موقوف فإن عتق فالولاء له وإن مات قنا فهو للسيد.

وقال القاضي في المجرد الولاء للسيد مطلقا وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله قاله في القاعدة السادسة عشر.
قوله: ومن كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسه رق فلا ولاء عليه.
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وقدمه في المحرر والفروع.
وعنه أن كانت أمه حرة الأصل وأبوه عتيق فلمولى أبيه الولاء.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين وقال نص عليه.
وحكى الأول قولا وأطلقهما في الحاوي الصغير.
فائدة: لو كانت أمه عتيقة وأبوه مجهول النسب فلا ولاء عليه على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح وصححه في النظم.
وقال القاضي لموالى أمه الولاء عليه.
قال الخيري وهو قول الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وحكى عن الإمام أحمد رحمه الله وجزم به ابن عقيل في الفصول.
فقال فإن تزوج حر مجهول النسب بمعتقة فأولدها ولدا كان ولاء ذلك الولد لموالى أمه.
ولو كان الأب مولى والأم مجهولة النسب فلا ولاء عليه على الصحيح من المذهب.
قال في المغنى فلا ولاء عليه في قولنا وقاله غيره.
وقياس قول القاضي أن يثبت الولاء لموالى أبيه لأنا شككنا في المانع من ثبوته.
قوله: "ومن أعتق سائبة أو في زكاته أو نذره أو كفارته أو قال لا ولاء لي عليك ففيه روايتان".
وأطلقهما في الهداية والهادي.
إحداهما: عليه الولاء وهو المذهب عند المتأخرين.
صححه في التصحيح والنظم.
قال في تجريد العناية له الولاء على الأظهر.
قال في المذهب أصحهما الولاء لمعتقة فيما عتقه عن كفارته أو نذره.

وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
والرواية الثانية: لا ولاء عليه.
قال في الفروع اختاره الأكثر منهم الخرقي والقاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي وابن عقيل وابن البنا.
وقطع في المذهب أنه لا ولاية له عليه إذا أعتقه سائبة أو قال لا ولاء لي عليك.
وقيل له الولاء في السائبة دون غيره اختاره المصنف والشارح.
وقال الزركشي المختار للأصحاب لا ولاء له على السائبة.
قوله: وما رجع من ميراثه رد في مثله.
يعني على القول بأنه لا ولاء له عليه.
يشترى به رقابا يعتقهم.
هذا إحدى الروايتين وجزم به الخرقي وقدمه الزركشي.
والرواية الثانية: أن ميراثه لبيت المال وهو الصحيح قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
ويتفرع على هذا الخلاف لو مات واحد من هؤلاء وخلف بنتا ومعتقة.
فعلى القول بأن لسيده الولاء يكون للبنت النصف والباقي له.
وعلى القول بأن ميراثه يصرف في مثله يكون للبنت النصف والباقي يصرف في العتق.
وعلى القول بأنه لبيت المال يكون للبنت الجميع بالفرض والرد إذ الرد مقدم على بيت المال.
فعلى الرواية الأولى يكون المشترى للرقاب الإمام على الصحيح.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه السيد وأطلقهما في المحرر والفائق والزركشي.
فائدتان :
إحداهما: على القول بشراء الرقاب لو قل المال عن شراء رقبة كاملة ففي الصدقة به وتركه لبيت المال وجهان ذكرهما في التبصرة واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب الذي لا شك فيه أن الصدقة به في زمننا هذا أولى.
الثانية: لو خلف المعتق بنتا مع سيده وقلنا له الولاء فالمال بينهما نصفان.

وإن قلنا لا ولاء له فالجميع للبنت بالفرض والرد.
وإن قلنا يشتري بما خلفه رقابا فللبنت النصف والنصف الآخر يشتري به رقابا وحكم ولائه حكم ولاء أولاده.
قوله: ومن أعتق عبده عن ميت أو حي بلا أمره فولاؤه للمعتق.
هذا المذهب إلا ما استثنى وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والفائق والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
ويستثنى من ذلك لو أعتق وارث عن ميت في واجب ككفارة ظهار ورمضان وقيل وله تركة فإنه يقع عن الميت والولاء له أيضا على الصحيح من المذهب وجزم به في المحرر وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
واختاره القاضي وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله بناء على أن الكفارة ونحوها ليس من شرطها الدخول في ملك المكفر عنه وأطلقه الخرقى والمصنف هنا.
قال الزركشي وأكثر الأصحاب إن الولاء للمعتق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله بناء على أنه يشترط دخول الكفارة ونحوها في ملك من ذلك عليه.
ويأتي كلامه في الرعايتين وإن لم يتعين المعتق أطعم أو كسا.
ويصح عتقه على الصحيح من المذهب وقيل يوصيه.
قال في الترغيب بناء على قولنا الولاء للمعتق عنه وإن تبرع بعتقه عنه ولا تركة فهل يجزيه كإطعام وكسوة أم لا يجزيه جزم به في الترغيب لأن مقصوده الولاء ولا يمكن إثباته بدون المعتق عنه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في المحرر ومن أعتق عبده عن غيره بغير إذنه وقع العتق والولاء عن المعتق إلا أن يعتقه عن ميت في واجب عليه فيقعان للميت.
ويأتي كلامه في الرعايتين قريبا.
وإن تبرع أجنبي عنه ففيه وجهان.
أحدهما: الإجزاء مطلقا والثاني عكسه.
الثالث يجزيه في إطعام وكسوة دون غيرهما.

وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق ومن أعتق عبده عن ميت في واجب وقعا عن الميت وقيل لا.
وقيل ولاؤه للمعتق عنه.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله نصوص تدل على العتق للمعتق عنه وأن الولاء للمعتق.
وقال في رواية الميموني وأبى طالب في الرجل يعتق عن الرجل فالولاء لمن أعتقه والأجر للمعتق عنه.
وفي مقدمة الفرائض لأبى الخير سلامة ابن صدقة الحراني إن أعتق عن غيره بلا إذنه فلأيهما الولاء فيه روايتان.
وقال في الروضة فإن أعتق عبدا عن كفارة غيره أجزأه وولاؤه للمعتق ولا يرجع على المعتق عنه في الصحيح من المذهب.
وكذا لو أعتق عبده عتق حيا كان المعتق عنه أو ميتا وولاؤه للمعتق.
وقال في التبصرة لو أعتقه عن غيره بلا إذنه فالعتق للمعتق كالولاء.
ويحتمل للميت المعتق عنه لأن القرب يصل ثوابها إليه.
قوله: وإن أعتقه عنه بأمره فالولاء للمعتق عنه.
إذا قال أعتق عبدك عنى وعلى ثمنه ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وغيرهم.
قال المصنف عن الثانية: لا نعلم فيه خلافا.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال القاضي في خلافه هو استدعاء للعتق والملك يدخل تبعا وملكا لضرورة وقوع العتق له وصرح أنه ملك قهرى حتى إنه يثبت للكافر على المسلم إذا كان العبد المستدعى عتقه مسلما والمستدعى كافرا.
وذكر ابن أبى موسى لا يجزئه حتى يملكه إياه فيعتقه هو ونقله مهنا.

وكذا الحكم لو قال أعتق عبدك عنى وأطلق أو أعتقه عنى مجانا خلافا ومذهبا.
فعلى المذهب يجزئه العتق عن الواجب ما لم يكن قريبه.
والصحيح من المذهب لا يلزمه عوضه إلا بالتزامه.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه يلزمه عوضه ما لم ينفه.
وعنه العتق والولاء للمسئول لا للسائل إلا حيث التزم العوض.
وقال في الترغيب إذا قال أعتقه عن كفارتي ولك مائة فأعتقه عتق ولم يجزئه عنها وتلزمه المائة والولاء له.
وقال ابن عقيل لو قال أعتقه عنى بهذا الخمر أو الخنزير ملكه وعتق عليه كالهبة والملك يقف على القبض في الهبة إذا كان ذلك بلفظها لا بلفظ العتق قال بدليل قوله: أعتق عبدك عنى فإنه ينتقل الملك هنا قبل إعتاقه.
ويجوز جعله قابضا له من طريق الحكم كقولك بعتك أو وهبتك هذا العبد وقال المشتري هو حر عتق ويقدر القبول حكما انتهى.
قال في الفروع وكلام غيره في الصورة الأخيرة يقتضي عدم العتق.
فائدة: لو قال أعتق عبدك عنى وعلى ثمنه لم يجب على السيد إجابته وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس القول بوجوب الكتابة إذا طلبها العبد وجوب الإجابة هنا.
قوله: وإذا قال أعتقه والثمن على و كذا لو قال أعتقه عنك وعلى ثمنه ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق.
إذا قال ذلك لزمه الثمن بلا نزاع أعلمه.
والعتق والولاء للمعتق على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأصح أن العتق وولاءه للمعتق وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقيل هما للذي عليه الثمن وقاله القاضي في موضع.
قال في المحرر وفيه بعد.
فعلى المذهب يجزئه عن الواجب على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويجزئه عن الواجب في الأصح.

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل لا يجزئه وهو احتمال في المحرر وقاله القاضي في موضع من كلامه.
قوله: وإن قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عني وعلى ثمنه ففعل فهل يصح على وجهين.
وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق والمغنى والشرح وشرح ابن منجا.
أحدهما: يصح ويعتق وله عليه الولاء كالمسلم وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير واختاره القاضي في الخلاف.
وتقدم كلامه في المسألة التي قبلها.
والوجه الثاني لا يصح صححه الناظم.
تنبيه: حكى الخلاف في المحرر والفروع والشرح وشرح ابن منجا وجهين كالمصنف.
وحكاه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق روايتين.
قوله: ومن أعتق عبدا يباينه في دينه فله ولاؤه وهل يرث به على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والشرح.
إحداهما: يرث به وهو المذهب.
جزم به الخرقي والقاضي في جامعه والشريف في خلافه والشيرازي في مبهجه وابن عقيل في تذكرته وابن البنا في خصاله وابن الجوزي في مذهبه وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق.
والرواية الثانية: لا يرث به.
قال في الخلاصة لا يرث به على الأصح وصححه في التصحيح.
واختاره المصنف وصاحب الفائق ومال إليه الشارح.
فعلى المذهب لو أعتق كافر مسلما فخلف المسلم العتيق ابنا لسيده كافرا أو عما مسلما فماله لابن سيده.

وعلى الرواية الثانية: يكون المال لعمه.
وعلى المذهب أيضا عند عدم عصبة سيده من أهل دينه يرثه بيت المال.
وإن أعتق مسلم كافرا ومات المسلم ثم عتيقه ولعتيقه ابنان مسلم وكافر ورث الكافر وحده.
ولو أسلم العتيق ثم مات ورثه المسلم وحده.
وإن أسلم الكافر قبل قسمة الإرث ورثه معه على الأصح على ما تقدم في أول باب ميراث أهل الملل.
وتقدم بعض هذه الأحكام في ذلك الباب.
قوله: ولا ترث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن.
وهذا المذهب بلا ريب نص عليه.
حتى قال أبو بكر هذا المذهب رواية واحدة وقال وهم أبو طالب في نقله الرواية الثانية: انتهى.
وجزم به في الوجيز والعمدة والمنور ومنتخب الأزجى وغيرهم.
وقدمه الخرقي وصاحب الهداية والكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق وغيرهم.
واختاره أبو بكر في الشافي وغيره.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وقالا هذا الصحيح.
وغالى أبو بكر فوهم أبا طالب في نقل الرواية الثانية.
قال القاضي لم أجد الرواية التي نقلها الخرقى في ابنة المعتق أنها ترث منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله انتهى.
وعنه في بنت المعتق خاصة أنها ترث.
اختاره القاضي وأصحابه منهم أبو الخطاب في خلافه.
وجزم به في الخلاصة وإليه ميل المجد في المنتقى.
وهو من مفردات المذهب.
وقدمه ناظمها وقال هو المنصور في الخلاف انتهى.
وعنه ترث مع أخيها وعنه ترث عتيق ابنها مع عدم العصبة.
تنبيه: يستثنى من عموم كلام المصنف عتيق ابن الملاعنة فإن الأم الملاعنة ترثه على

الصحيح من المذهب نص عليه.
قلت فيعايي بها.
وقيل لا ترثه.
ومحل هذا الخلاف على القول بأنها عصبته.
فأما إن قلنا إن عصبتها عصبته كان الولاء لعصبتها لا لها.
فائدة: لو تزوجت امرأة بمن أعتقته فأحبلها فهي القائلة إن ألد أنثى فلي النصف وإن ألد ذكرا فلى الثمن وإن لم ألد شيئا فالجميع لي فيعايي بها.
قوله: ولا يرث منه ذو فرض إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن وابنه والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له.
وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وهي من مفردات المذهب.
واختار أبو إسحاق سقوط الأب والجد مع الابن ويجعل الجد كالإخوة وإن كثروا قال في الترغيب وهو أقيس.
قلت فيعايي بها.
وقال في الفائق وقيل لا فرض لهما بحال.
اختاره ابن عقيل وشيخنا.
ويسقطان بالابن وابنه والجد مع الإخوة كالأخ وإن كثروا.
وقيل له الثلث إن كان أحظ له ولا يعاد بأخت.
قال الزركشي وعلى القول بأنه لا يفرض للأب لا يفرض للجد مع الإخوة بل يكون كأحدهم وإن كثروا ويعادونه بولد الأب ولا يعادونه بالأخوات.
قال وهذا مقتضى قول أبى محمد في الكافي والمغنى انتهى.
قلت وعلى رواية حجب الإخوة بالجد في النسب تسقط الإخوة بالجد هنا وهو المختار كإسقاط أبى الجد أولاد الإخوة وجد المولى مقدم على عمه انتهى.
وقال في الانتصار لما حملنا توريث أب سدسا بفرض مع ابن على رواية توريث بنت المولى فيجيء من هذا أنه يرث قرابة المولى بالولاء على نحو ميراثهم.

قوله: والولاء لا يورث.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقدموه.
ونقل حنبل والولاء لا يورث كما يورث المال لكن يختص العصبة.
قال المصنف والشارح وشذ شريح فجعله موروثا كالمال.
ونقل حنبل ومحمد ابن الحكم عن الإمام أحمد رحمه الله مثل قول شريح وغلطها أبو بكر قالا وهو كما قال.
قوله: فإذا مات المعتق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق.
هذا مفرع على المذهب.
وعلى ما نقل حنبل يكون لابن المعتق النصف والنصف الآخر لابن ابن المعتق.
وكذا التفريع على المذهب في قوله: وإن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما: ابنا والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم لكل واحد عشرة.
وعلى رواية حنبل لابن المعتق نصفه ولابنا ابن المعتق نصفه.
وقيل يرث ابن الابن في الأولى النصف دون هذه.
ونقل ابن الحكم في هذه يرث كل فريق نصفا.
قوله: وإذا اشترى رجل وأخته أباهما أو أخاهما ثم اشترى عبدا فأعتقه ثم مات المعتق يعني الأب أو الأخ ثم مات مولاه.
يعني العبد العتيق ورثه الرجل دون أخته.
وهذا مفرع على الصحيح من المذهب من أن النساء لا يرثن من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن.
فأما على رواية إرث بنت المعتق فترث هنا.
قاله المصنف والشارح والمجد وصاحب الفروع وغيرهم.
وإنما لم ترث مع أخيها على المذهب وإن كانت قد أعتقت من أعتق لأن ميراث الأخ هنا من أبيه أو أخيه بالنسب وهي مولاه المعتق وعصبة المعتق مقدم على مولاه.
ولهذا قال في الترغيب والبلغة أخطأ فيها خلق كثير.
قال ابن عقيل في التذكرة.
مسألة عجيبة ابن وبنت اشتريا أباهما فعتق عليهما ثم اشترى الأب عبدا فأعتقه فهلك

الأب ثم هلك العبد.
فالجواب أنه لما هلك الأب كان ماله بين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين بالتعصيب لا بالولاء ولما هلك العبد وخلف ابن مولاه وبنت مولاه كان ماله لابن مولاه دون بنت مولاه لأنه أقرب عصبة مولاه لا خلاف في ذلك.
وهذه المسألة يروي عن مالك رحمه الله أنه قال سألت سبعين قاضيا من قضاة العراق عنها فأخطؤا فيها.
ولو مات الابن قبل موت العتيق ورثت البنت من ماله بقدر ما أعتقت من أبيها والباقي بينها وبين معتق الأم.
فائدة: قوله: وإذا ماتت امرأة وخلفت ابنها وعصبتها ومولاها فولاؤه لابنها وكذلك الإرث وعقلة على عصبتها.
هذا صحيح لكن لو باد بنوها فولاؤه لعصبتها.
ونقل جعفر لعصبة بنيها.
قال في الفروع وهو موافق لقوله: الولاء لا يورث ثم لعصبة بنيها.
وقيل لبيت المال انتهى.
وقال في الفائق بعد قوله: ثم لعصبة بنيها قال ابن عقيل في منثوره وجدت في تعاليقي قال شيخنا وجدت عن الإمام أحمد رحمه الله أن ذوي الأرحام من المعتق مثل خالته وعمته يرثون من المولي إذا لم يكن له عصبة ولا ذو فرض.
قلت وقال ابن أبي موسى فإن مات العبد ولم يترك عصبة ولا ذا سهم ولا كان لمعتقه عصبة ورثه الرجال من ذوي أرحام معتقه دون نسائهم وعند عدمهم لبيت المال انتهى كلام صاحب الفائق.
تنبيه: قوله: فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها.
هذا مبني على أن الابن ليس من العاقلة وهو احدى الروايات وقدمه المصنف في باب العاقلة.
ومن قال الابن من العاقلة وهو المذهب يقول الولاء له والعقل عليه ومن قال الابن عاقلة الاب دون الام كمختار الجد يقيد المسألة بما إذا كان المعتق امرأة كما قيدها المصنف هنا.
فائدة: لو أعتق سائبة أو في زكاة أو نذر أو كفارة أو قال لا ولاء لي عليك وقلنا لا ولاء له عليه كما تقدم ففي عقله عنه لكونه معتقا روايتان قاله أبو المعالي.

قوله: وإن اعتق الجد لم يجر ولاءهم في أصح الروايتين.
وكذا قال في المذهب وغيره وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هو المشهور والمختار للأصحاب من الروايات.
وقدمه في المغني والكافي والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يجره إلى مواليه.
فعليها إن عتق الأب بعد الجد انجر الولاء من مولى الجد إلى موالي الأب.
وكذا لو عتق من الأجداد من هو أقرب ممن عتق أولا وجر الولاء.
وعنه إن عتق الجد بعد موت الأب جره وإن عتق الجد والأب حي لم يجره بحال سواء عتق الأب بعد أو مات قنا حكاها الخلال.
وعنه يجره إذا عتق والأب ميت وإن عتق والأب حي لم يجره حتى يموت قنا فيجره من حين موته ويكون في
حياة الأب لموالي الأم.
نقلها أبو بكر في الشافي.
قوله: وإذا اشترى الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه وجر ولاء معتقه فصار كل واحد منهما مولى الآخر.
بلا نزاع فيعايي بها وبالتي بعدها.
فائدتان :
إحداهما: لو مات مولى الأب والجد لم يعد الولاء إلى موالي الام بحال بل يكون للمسلمين قاله في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وهو معنى قول المصنف ولا يعود إلى موالي الأب بحال.
الثانية: قوله: ومثله لو أعتق الحربي عبدا ثم سبى العبد معتقه فأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه.
فلو سبى المسلمون العتيق الأول ثم اعتقوه فولاؤه لمعتقه الأخير على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وقيل للأول وقيل لهما.
فعلى المذهب لا ينجر ما كان للأول قبل الرق من ولاء ولد أو عتيق إلى الأخير قاله في المحرر والرعايتين وغيرهم.

قوله: وهو الجزء الدائر لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والكافي والبلغة وشرح ابن منجا والحاوي الصغير.
أحدهما: هو لموالى الأم.
وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز واختاره المصنف والشارح.
قال البونى هذا قياس قول الأمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في النظم والفروع وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني لبيت المال لأنه لا مستحق له.
نصره القاضي في المجرد وقدمه في الفصول والرعايتين.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
وقيل يرد على سهام الموالى أثلاثا لموالى أمه الثلثان ولموالي أمها الثلث وأطلقهن في المحرر والفائق.

كتاب العتق
باب العتق
...
كتاب العتق :
فائدة: العتق عبارة عن تحرير الرقبة وتخليصها من الرق.
قاله المصنف والشارح.
قوله: "وهو من أفضل القرب".
هكذا قال أكثر الأصحاب.
وقال في التبصرة والحاوي الصغير هو أحب القرب إلى الله تعالى.
فوائد :
منها أفضل عتق الرقاب أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا نقله الجماعة عن الأمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وظاهره ولو كافرة وفاقا للإمام مالك رحمه الله وخالفه أصحابه.
قال في الفروع ولعله مراد الإمام أحمد رحمه الله لكن يثاب على عتقه.
قال في الفنون لا يختلف الناس فيه.
ومنها عتق الذكر أفضل من عتق الأنثى على الصحيح من المذهب.
نص عليه في رواية ابن منصور.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمي والمغنى والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه عتق الأنثى للأنثى أفضل نص عليه في رواية عبد الله.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير وإدراك الغاية.
ومنها عتق الأنثى كعتق الذكر في الفكاك من النار ذكره ابن أبى موسى المذهب وقدمه في الفروع والفائق.
وعنه عتق امرأتين كعتق رجل في الفكاك قدمه في القواعد الفقهية.
ومنها التعدد في العتق أفضل من عتق الواحد قاله القاضي وابن عقيل وغيرهما وجزم به في الفروع في باب الأضاحي.

ومال صاحب القواعد الفقهية فيها إلى أن عتق رقبة نفيسة بمال أفضل من عتق رقاب متعددة بذلك المال.
وقال عن القول الأول فيه نظر.
قوله: "فأما من لا قوة له ولا كسب فلا يستحب عتقه ولا كتابته بل يكره".
وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والفائق وصححه في النظم وغيره وعنه يستحب.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل الاستحباب على القول بوجوب نفقته عليه.
وعنه تكره كتابته دون عتقه اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وعنه تكره كتابة الأنثى ويأتي ذلك في أول باب الكتابة.
فوائد:
الأولى لو خيف على الرقيق الزنى والفساد كره عتقه بلا نزاع أعلمه.
وإن ظن ذلك صح وحرم قاله المصنف والشارح وغيرهما.
واقتصر عليه في الفروع وقال ويتوجه فيه كمن باع أو اشترى بقصد الحرام.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو أعتق جارية ونيته بعتقها أن تكون مستقيمة لم يحرم عليه بيعها إذا كانت زانية.
الثانية: لو أعتق عبده أو أمته واستثنى نفعه مدة معلومة صح نص عليه لحديث سفينة.
وكذا لو استثنى خدمته مدة حياته قاله في القاعدة الثانية والثلاثين.
قال وعلى هذا يتخرج أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها لأنه استثنى الانتفاع بالبضع ويملكه بعقد النكاح وجعل العتق عوضا عنه فانعقدا في آن واحد.
ويأتي بعض ذلك في هذا الباب عند قوله: وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة إن شاء الله.

الثالثة: قال في الرعايتين والفائق يصح العتق ممن تصح وصيته.
قال في الفائق وإن لم يبلغ نص عليه قاله في الرعاية الكبرى.
وعنه بل وهبة انتهى.
وقال في المذهب يصح عتق من يصح بيعه.
قال الناظم ولا يصح إلا ممن يصح تصرفه في ماله في المؤكد.
وقدم هذا في المستوعب.
وقال ابن عقيل يصح عتق المرتد.
وقطع المصنف وغيره أنه لا عتق لمميز.
وقال طائفة من الأصحاب لا يصح عتق الصغير بغير خلاف منهم المصنف.
وأثبت غير واحد الخلاف فقال في الإرشاد والمبهج والترغيب في عتق ابن عشر وابنة تسع روايتان.
وقال في الموجز وفي صحة عتق المميز روايتان.
وقال في الانتصار والهداية والمذهب والخلاصة والمصنف في باب الحجر وغيرهم في صحة عتق السفيه روايتان.
وقدم في التبصرة صحة عتق المميز والسفيه والمفلس.
وقال في عيون المسائل قال الإمام أحمد رحمه الله يصح عتقه انتهى.
ونقل أبو طالب وأبو الحارث وابن مشيش صحة عتقه.
وإذا قلنا بصحة عتقه فضبطه طائفة بعقله العتق وقاله الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابنة صالح وأبى الحارث وابن مشيش.
وضبطه طائفة بعشر في الغلام وتسع في الجارية كما ذكرناه عن صاحب المبهج والترغيب.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبى طالب في الغلام الذي لم يحتلم يطلق امرأته إذا عقل الطلاق جاز طلاقه ما بين عشر سنين إلى ثنتى عشرة سنة وكذلك إذا أعتق جاز عتقه انتهى.
وممن اختار من الأصحاب صحة عتقه أبو بكر عبد العزيز ذكره في آخر كتاب المدبر من الخلاف.
فقال وتدبير الغلام إذا كان له عشر سنين صحيح وكذلك عتقه وطلاقه انتهى.
وتقدم بعض ذلك في أول كتاب البيع وباب الحجر.
تنبيه: ظاهر قوله: فأما القول فصريحه لفظ العتق والحرية كيف صرفا.

أن العتق يحصل بذلك ولو تجرد عن النية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تعتبر النية مع القول الصريح.
قال في الفائق قلت نية قصد الفعل معتبرة تحرزا من النائم ونحوه ولا تعتبر نية العبادة ولا القربة فيقع عتق الهازل انتهى.
وقال ابن عقيل في الفنون الإمامية يقولون لا ينفذ إلا إذا قصد به القربة.
قال وهذا يدل على اعتبار النية لوقوعه فإنهم جعلوه عبادة قال وهذا لا بأس به انتهى.
ويحتمل عدم العتق بالصريح إذا نوى به غيره قاله المصنف وغيره.
فائدة: لو قصد غير العتق بقوله: عبدي هذا حر يريد عفته وكرم أخلاقه أو يقول له ما أنت إلا حر يريد به عدم طاعته ونحو ذلك لم يعتق على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا ظاهر المذهب.
قال في الترغيب وغيره هو كالطلاق فيما يتعلق باللفظ والتعليق ودعوى صرف اللفظ عن صريحه.
قال أبو بكر لا يختلف حكمهما في اللفظ والنية.
وجزم في التبصرة أنه لا يقبل في الحكم.
وعلى الأول لو أراد العبد إحلافه كان له ذلك نص عليه.
تنبيه: قوله: صريحه لفظ العتق والحرية كيف صرفا.
ليس على إطلاقه فإن الألفاظ المتصرفة منه خمسة ماض ومضارع وأمر واسم فاعل واسم مفعول والمشتق منه وهو المصدر.
فهذه ستة ألفاظ والحال أن الحكم لا يتعلق بالمضارع ولا بالأمر لأن الأول وعد والثاني لا يصلح للإنشاء ولا هو خبر.
فيكون لفظ المصنف عاما أريد به الخصوص.
وقد ذكر مثل هذه العبارة في باب التدبير وصريح الطلاق.
وكذا ذكر غيره من الأصحاب ومرادهم ما قلناه.
قوله: وفي قوله: لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك ولا ملك لي عليك ولا رق لي عليك وفككت رقبتك وأنت مولاي وأنت لله وأنت سائبة روايتان.

وكذا لا خدمة لي عليك وملكتك نفسك وأطلقهما في مسبوك الذهب والكافي والهادي والمحرر والبلغة والفروع.
وأطلقهما في الشرح في قوله: فككت رقبتك وأنت سائبة وأنت مولاي وملكتك رقبتك إحداهما: صريح.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز.
قال ابن رزين وفيه بعد.
والرواية الثانية: كناية.
صححه في الهداية والمذهب والمستوعب والنظم والحاوي الصغير.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين وإدراك الغاية.
وصححه ابن رزين في شرحه وقدمه.
واختار المصنف أن قوله: لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك كناية.
وقال القاضي في قوله: لا ملك لي عليك ولا رق لي عليك وأنت لله صريح نص عليه وقدمه في الفائق.
وقال ومن الكناية قوله: لا سلطان لي عليك ولا سبيل لي عليك وفككت رقبتك وملكتك نفسك وأنت مولاي أو سائبة في أصح الروايتين.
وقطع في الإيضاح أن قوله: لا ملك لي عليك وأنت لله كناية.
وقال اختلفت الرواية في ثلاثة ألفاظ وهي لا سبيل لي عليك ولا سلطان وأنت سائبة.
وقال ابن البنا في خصاله قوله: لا ملك لي عليك ولا رق لي وأنت لله صريح.
وقال اختلفت الرواية في ثلاثة ألفاظ وهي التي ذكرها في الإيضاح.
وظاهر كلامه في الواضح أن قوله: وهبتك لله صريح.
وسوى القاضي وغيره بينها وبين قوله: أنت لله.
وقال في الموجز هي وقوله: رفعت يدي عنك إلى الله كناية.
قوله: وفي قوله: لأمته أنت طالق أو أنت حرام روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والكافي والبلغة والمحرر والفروع والفائق والحاوي الصغير.

إحداهما: كناية وهو المذهب جزم به في الوجيز ونظمه والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في الخلاصة والرعايتين وإدراك الغاية وقدمه ابن رزين في قوله: أنت حرام.
والرواية الثانية: أنه لغو وقدمه ابن رزين في قوله: أنت طالق.
وصحح المصنف والشارح أنه كناية في قوله: أنت حرام.
وأطلق الروايتين في قوله: أنت طالق وقال في الانتصار حكم قوله: اعتدى حكم هذه المسألة وأنه يحتمل مثله في لفظ الظهار.
قوله: وإذا قال لعبده وهو أكبر منه أنت ابني لم يعتق ذكره القاضي وهو المذهب.
قال في الفروع لم يعتق في الأصح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والمغنى والشرح ونصراه.
ويحتمل أن يعتق وهو تخريج وجه لأبى الخطاب.
وقال أبو الخطاب وتبعه في الحاوي الصغير لا نص فيها إلا أن القاضي قال لا يعتق.
وقال أبو الخطاب يحتمل أن يعتق.
تنبيه: قوله: وإذا قال لعبده وهو أكبر منه.
قال ذلك المصنف على سبيل ضرب المثال وإلا فحيث قال ذلك لمن لا يمكن كونه منه فإنه داخل في المسألة.
وإذا أمكن كونه منه فلا يخلو إما أن يكون للعبد نسب معروف أو لا.
فإن لم يكن له نسب معروف عتق عليه.
وإن كان له نسب معروف فالصحيح من المذهب أنه يعتق عليه أيضا لاحتمال أن يكون وطىء بشبهة.
وقدمه في الفروع وقاله القاضي في خلافه وابنه أبو الحسين والأمدي وقيل لا يعتق لكذبه شرعا.
وهو احتمال في انتصار أبى الخطاب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.

تنبيه: قال ابن رجب وتبعه في القواعد الأصولية هذا جميعه مع إطلاق اللفظ إما إن نوى بهذا اللفظ الحرية فينبغي عتقه بهذه النية مع هذا اللفظ.
قال ابن رجب ثم رأيت أبا حكيم وجه القول بالعتق وقال لجواز كونه كناية في العتق.
فائدة: لو قال لأصغر منه أنت أبى فالحكم كما لو قال لأكبر منه أنت ابني قاله في الفروع والفائق وقاسه في الرعايتين على الأول من عنده.
فائدة: أخرى لو قال أعتقتك أو أنت حر من ألف سنة لم يعتق.
وقال في الانتصار ولو قال لأمته أنت ابني أو لعبده أنت بنتي لم يعتق.
فائدة: لو قال لزوجته وهي أكبر منه هذه ابنتي لم تطلق بذلك بلا نزاع.
قوله: وإن أعتق حاملا عتق جنينها إلا أن يستثنيه وإن أعتق ما في بطنها دونها عتق وحده.
في الحال هذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
والقول بعتق جنينها معها إلا أن يستثنيه من مفردات المذهب.
وقيل لا يعتق الحمل فيهما حتى تضعه حيا فيكون كمن علق عتقه بشرط فيجوز بيعه قبل وضعه تبعا لأمه وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نص عليها في رواية ابن منصور.
وقاله في القاعدة الرابعة والثمانين.
وقال بعد ذلك وقياس ما ذكره القاضي وابن عقيل أنه لا يعتق بالكلية فيما إذا أعتق حاملا إذ هو كالمعدوم قبل الوضع قال وهو بعيد جدا.
وتوقف الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن الحكم هل يكون الولد رقيقا إذا استثناه من العتق.
وخرج ابن أبى موسى والقاضي أنه لا يصح استثناؤه على قياس استثنائه في البيع.
فائدة: لو أعتق أمه حملها لغيره وهو موسر كالموصى به عتق الحمل أيضا وضمن قيمته ذكره القاضي وجزم به في المنور.
واختاره القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب قاله في القواعد.
وقدمه في النظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يعتق جزم به في الترغيب.
واختاره في المحرر وصاحب التلخيص وقدمه في المستوعب.

قوله: فأما الملك فمن ملك ذا رحم محرم عتق عليه.
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم وغيرهم.
وعنه لا يعتق إلا عمودي النسب.
قال في الكافي بناء على أنه لا نفقة لغيرهم.
وقال في الانتصار ولنا فيه خلاف.
واختار الآجرى لا نفقة لغيرهم.
ورجح ابن عقيل لا عتق بالملك.
وعنه إن ملكه بإرث لم يعتق.
وفي إجباره على عتقه روايتان ذكره ابن أبى موسى.
وعنه لا يعتق الحمل حتى يولد في ملكه حيا.
فلو زوج ابنه بأمة فحملت منه في حياته ثم ولدت بعد موت جده فهل هو موروث عنه أو حر فيه روايتان.
ذكره في المحرر والرعايتين والفروع وغيرهم.
فائدة: لو ملك رحما غير محرم عليه أو ملك محرما برضاع أو مصاهرة لم يعتق نص عليه في رواية الجماعة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنه كره بيع أخيه من الرضاع وقال يبيع أخاه.
قوله: وإن ملك ولده من الزنا يعني وإن نزل لم يعتق.
في ظاهر كلامه وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم والمغنى والشرح وشرح ابن منجا.
قال في مسبوك الذهب وغيره هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
ويحتمل أن يعتق واختاره بعض الأصحاب وهذا الاحتمال لأبى الخطاب.
فائدة: لو ملك أباه من الزنا فحكمه حكم ما لو ملك ابنه من الزنا.
ذكره في التبصرة والرعاية واقتصر عليه في الفروع.

قلت إن أرادوا أن أباه ولد زنا وولده ولد زنا منه فهذا محتمل.
وإن أرادوا أباه ولد زنا وولده الذي ملكه هو ولده من الزنا فمسلم وهو مرادهم والله أعلم.
وإن أرادوا أن أباه ولد زنا وولده الذي ملكه ليس من زنا فهذا غير مسلم بل يعتق عليه هنا وهو داخل في كلامهم.
قوله: وإن ملك سهما ممن يعتق عليه بغير الميراث وهو موسر عتق عليه كله.
أعلم أنه إذا ملك جزءا ممن يعتق عليه وكان ملكه له بغير الميراث فلا يخلو إما أن يكون موسرا أو معسرا.
فإن كان موسرا فلا يخلو إما أن يكون موسرا بجميعه أو موسرا ببعضه فإن كان موسرا بجميعه عتق عليه في الحال على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا يعتق عليه قبل أداء القيمة.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق ومال إليه الزركشي.
فعليه لو أعتق الشريك قبل أدائها فهل يصح عتقه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية فهل يصح عتقه يحتمل وجهين.
أحدهما: يصح اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق رحمهما الله.
والثاني لا يصح.
تنبيه: قوله: وعليه قيمة نصف شريكه.
بلا نزاع ويأتي في كلام المصنف قريبا متى يقوم.
فائدة: قال الإمام أحمد رحمه الله له نصفه لا قيمة النصف.
قال في الفروع لا قيمة للنصف ورده ابن نصر الله في حواشيه وتأول كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هل يقوم كاملا ولا عتق فيه أو قد عتق بعضه فيه قولان للعلماء أصحهما الأول.
وهو الذي قاله أبو العباس فيما أظن لظاهر الحديث ولأن حق الشريك إنما هو في نصف القيمة لا قيمة النصف بدليل ما لو أراد البيع فإن الشريك يجبر على البيع معه انتهى كلام الفروع.

وكذا الحكم لو أعتق شريكا في عبد وهو موسر على ما يأتي.
وإن كان موسرا ببعضه عتق عليه على الصحيح من المذهب بقدر ما هو موسر به نص عليه في رواية أبن منصور.
قال في الفائق عتق بقدره في أصح الوجهين.
وقدمه في الرعايتين والزركشي والفروع وغيرهم.
وجزم به في المستوعب والمغنى والشرح وغيرهم.
وقيل لا يعتق إلا ما ملكه والحالة هذه.
تنبيه: شمل قوله: عتق كله.
لو كان شقص شريكه مكاتبا أو مدبرا أو مرهونا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال القاضي يمتنع العتق في المكاتب والمدبر إلا أن يبطلا فيسرى حينئذ وحيث سرى ضمن حق الشريك بنصف قيمته مكاتبا على الصحيح قدمه في الفروع.
وعنه يضمنه بما بقي من الكتابة جزم به في الروضة وأطلقهما في المحرر.
وأما المرهون فيسرى العتق عليه وتؤخذ قيمته فتجعل مكانه رهنا قاله في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
فائدة: حد الموسر هنا أن يكون حين الإعتاق قادرا على قيمة الشقص وأن يكون فاضلا عن قوته وقوت عياله يومه وليلته كالفطرة على ما تقدم هناك نص عليه.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول.
قال أبو بكر في التنبيه: اليسار هنا أن يكون له فضل عن قوته وقوت عياله يومه وليلته وما يفتقر إليه من حوائجه الأصلية من الكسوة والمسكن وسائر مالا بد منه نقله عنه في المغنى والشرح.
قال الزركشي ولم أره فيه وإنما فيه أن يكون مالكا مبلغ حصة شريكه.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام غيره وأورده ابن حمدان مذهبا.
وقال في المغنى مقتضى نصه لا يباع له أصل مال.
قال في الفائق ولا يباع له دار ولا رباع نص عليه.
وقال في الرعاية وقيل بل إن كان ما يغرمه المولى فاضلا عن قوت يومه وليلته قلت وعن قوت من تلزمه نفقته فيهما مالا بد لهما منه انتهى.

والاعتبار باليسار والإعسار حالة العتق فلو أيسر المعسر بعده لم يسر إليه ولو أعسر الموسر لم يسقط ما وجب عليه نص على ذلك.
قوله: وإن كان معسرا يعني بجميعه.
لم يعتق عليه إلا ما ملك.
وهذا المذهب وعليه معظم الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب.
وعنه يعتق كله ويستسعى العبد في بقيته نصره في الانتصار واختاره أبو محمد الجوزى والشيخ تقي الدين رحمهم الله.
فعلى هذه الرواية قيمة حصة الشريك في ذمة العبد وحكمه حكم الأحرار.
فلو مات وبيده مال كان لسيده ما بقى من السعاية والباقي إرث ولا يرجع العبد على أحد بشيء وهذا الصحيح قدمه في الرعاية.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الأكثرين وهو كما قال.
فإنهم قالوا يعتق العبد كله ويحتمل أن لا يعتق حتى يؤدي حق السعاية.
واختاره أبو الخطاب في الانتصار وقدمه ابن رزين في شرحه.
فيكون حكمه حكم عبد بعضه رقيق فلو مات كان للشريك من ماله مثل ماله عند من لم يقل بالسعاية.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والزركشي.
قوله: وإن ملكه بالميراث لم يعتق منه إلا ما ملك موسرا كان أو معسرا.
وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الجامع والكافي والوجيز وغيرهم وصححه في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنه يعتق عليه نصيب الشريك إن كان موسرا.
نص عليها في رواية المروذي.
قوله: وإن مثل بعبده فجدع أنفه أو أذنه ونحوه.
وكذا لو خرق عضوا منه.

قال في الرعاية الكبرى أو أحرقه بالنار عتق عليه نص عليه للأثر وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الفروع والمغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
قال القاضي القياس أنه لا يعتق.
وقال جماعة من الأصحاب لا يعتق المكاتب.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه سواء قصد التمثيل به أو لم يقصده وهو أحد الوجهين.
قال في الفائق ولم يشترط غير ابن عقيل القصد وقدمه في الرعايتين.
وقيل يشترط القصد في ذلك اختاره ابن عقيل.
وجزم به في الوجيز وأطلقهما في الفروع.
فوائد :
إحداها: حيث قلنا يعتق بالتمثيل يكون الولاء لسيده نص عليه وقدمه في الرعايتين والفائق.
وقيل لبيت المال ذكره في الرعاية.
وقال ابن عقيل يصرف في الرقاب قال وهو قياس المذهب.
قال في الفائق قلت واختاره ابن الزاغونى وأطلقهما في الفروع.
وقال أيضا في الفائق ويتوجه في العمل به كقول ابن عقيل وإن لم يشترط فكالمنصوص.
الثانية: هل يعتق بمجرد المثلة أو يعتقه عليه السلطان.
قال في الفائق يحتمل روايتين من كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال في رواية يعتق وقال في رواية يعتقه السلطان وهما روايتان عن الإمام مالك رحمه الله.
والمعروف في المذهب أنه يعتق عليه بمجرد ذلك قاله في القواعد.
وظاهر رواية الميموني يعتقه السلطان عليه.
وقال في الفائق أيضا ولو مثل بعبد مشترك سرى العتق إلى باقيه وضمن للشريك ذكره ابن عقيل.

الثالثة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو استكره المالك عبده على الفاحشة عتق عليه وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهو مبنى على القول بالعتق بالمثلة.
ولو استكره أمة امرأته على الفاحشة عتقت وغرم مثلها لسيدتها قاله الإمام أحمد رحمه الله في رواية إسحاق.
الرابعة: مفهوم كلام المصنف أنه لو مثل بعبد غيره لا يعتق عليه وهو الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتوجه أن يعتق واختاره.
الخامسة مفهومه أيضا أنه لو لعن عبده لا يعتق عليه بذلك وهو صحيح وهو المذهب.
وذكر ابن حامد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال من لعن عبده فعليه أن يعتقه أو لعن شيئا من ماله أن عليه أن يتصدق به.
قال ويجئ في لعن زوجته أنه يلزمه أن يطلقها.
قال ابن رجب في شرح حديث لبيك ويشهد لهذا في الزوجة وقوع الفرقة بين المتلاعنين لما كان أحدهما: كاذبا في نفس الأمر قد حقت عليه اللعنة أو الغضب.
السادسة لو وطىء جاريته المباحة التي لا يوطأ مثلها فأفضاها عتقت وإلا فلا قاله في الرعاية الكبرى.
قوله: وإن أعتق السيد عبده فماله للسيد.
وهو المذهب وعليه الأصحاب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق وغيرهم وعنه للعبد.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو أعتق مكاتبه وبيده مال على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه له.
وإن فضل فضل بعد أداء الكتابة فهو للمكاتب.
تنبيه: قوله: وإن أعتق جزءا من عبده معينا أو مشاعا عتق كله.
مراده إذا أعتق غير شعره وظفره وسنه ونحوه.
قوله: وإن أعتق شركا له في عبد وهو موسر بقيمة باقيه عتق كله.
بلا نزاع من حيث الجملة لكن لو كان موسرا ببعضه فإنه يعتق منه بقدر ما هو موسر به على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية ابن منصور وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا يعتق عليه إلا حصته فقط وتقدم ذلك قريبا فليعاود.
وتقدم أيضا هل يوقف العتق على أداء القيمة أم لا.

قوله: وعليه قيمة باقيه يوم العتق لشريكه.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم ونص عليه.
قال الزركشي هذا المعروف المشهور.
وفي الإرشاد وجه أن عليه قيمته يوم تقويمه وحكاه الشيرازي أيضا.
قال الزركشي وهو قياس القول الذي لنا في الغصب.
وكذا الحكم لو عتق عليه كله.
فائدة: لو عدمت البينة بقيمته فالقول قول المعتق جزم به في المغنى والشرح والرعايتين والفروع وغيرهم من الأصحاب.
وقال في الفائق ويقبل فيها قول الشريك مع عدم البينة فلعله سبقه قلم.
قوله: وإن كان معسرا لم يعتق إلا نصيبه ويبقى حق شريكه فيه.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يعتق كله ويستسعى العبد في قيمة باقيه غير مشقوق عليه.
وتقدم ذلك كله وأحكامه وفروعه والخلاف فيه وما يتعلق بذلك من الفروع قريبا عند قوله: وإن ملك سهما ممن يعتق عليه فإن الحكم هنا وهناك واحد عند الأصحاب فلا حاجة إلى إعادته.
تنبيه: يأتي قريبا إذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم هل يسرى أم لا.
قوله: وإذا كان العبد لثلاثة لأحدهم نصفه ولآخر ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب النصف وصاحب السدس معا وهما موسران عتق عليهما وضمنا حق شريكهما فيه نصفين وصار ولاؤه بينهما أثلاثا.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والخرقى وغيرهما.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والمحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
قال الزركشي هو المذهب المجزوم به بلا ريب.
ويحتمل أن يضمناه على قدر ملكيهما فيه وهو لأبى الخطاب في الهداية.
وجزم به في المذهب إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
فائدتان :
إحداهما: يتصور عتقهما معا في صور.
منها أن يتفق لفظهما بالعتق في آن واحد.

ومنها أن يعلقاه على صفة واحدة.
ومنها أن يوكلا شخصا يعتق عنهما أو يوكل أحدهما: الآخر.
قوله: وإذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم وهو موسر سرى إلى باقيه في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح والمصنف والشارح والناظم.
قال في الفائق سرى إلى سائره في أصح الوجهين.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية الصغرى وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني لا يسرى ذكره أبو الخطاب فمن بعده.
قال ابن رزين وليس بشيء وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والحاوي الصغير.
وتقدم في كتاب البيع هل يصح شراء الكافر مسلما يعتق عليه بالرحم أم لا.
وتقدم في باب الولاء إذا قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عنى وعلى ثمنه هل يصح أم لا.
الثانية: لو قال أعتقت نصيب شريكي كان لغوا ولو قال أعتقت النصف انصرف إلى ملكه ثم سرى لأن الظاهر أنه أراد نصيبه.
ونقل ابن منصور في دار بينهما فقال أحدهما: بعتك نصف هذه الدار لا يجوز إنما له الربع من النصف حتى يقول نصيبي.
ولو وكل أحدهما: الآخر فأعتق نصفه ولا بناء ففي صرفه إلى نصيب موكله أم نصيبه أم إليهما احتمالات في المغنى واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب عتق نصيبه لا غير.
قوله: وإذا ادعى كل واحد من الشريكين أن شريكه أعتق نصيبه منه وهما موسران فقد صار العبد حرا لاعتراف كل واحد منهما بحريته وصار مدعيا على شريكه قيمة حقه منه ولا ولاء عليه لواحد منهما وإن كانا معسرين لم يعتق على واحد منهما.
بلا نزاع أعلمه لكن للعبد أن يحلف مع كل واحد منهما ويعتق جميعه أو مع أحدهما: ويعتق نصفه إذا قلنا إن العتق يثبت بشاهد ويمين وكان عدلا على ما يأتي ذكره الأصحاب.
وذكر ابن أبى موسى لا يصدق أحدهما: على الآخر.

وذكره أبو بكر في زاد المسافر وعلله بأنهما خصمان ولا شهادة لخصم على خصمه.
قوله: وإن اشترى أحدهما: نصيب صاحبه عتق حينئذ ولم يسر إلى نصيبه.
يعني إذا كانا معسرين وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب يعتق جميعه.
قال الناظم وليس ببعيد وأطلقهما في الفائق.
فعلى قول أبى الخطاب لا ولاء له فيما اشتراه مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية.
وقيل له ولاؤه كله إن أكذب نفسه.
قوله: وإذا قال أحد الشريكين إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر فأعتق الأول وهو موسر عتق كله.
وهو المذهب وعليه الأصحاب قال المصنف والشارح وغيرهما.
وقيل يعتق عليهما وهو احتمال للمصنف.
قوله: وإذا قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر مع نصيبك فأعتق نصيبه عتق عليهما موسرا كان أو معسرا هذا المذهب.
قال في الفروع والأصح عتقه عليهما.
قال في المستوعب قاله أصحابنا قال الشارح وهذا أولى.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقيل يعتق كله على المعتق الأول.
فوائد :
إحداها: وكذا الحكم والخلاف والمذهب فيما إذا قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر قبل إعتاقك قاله في الفروع.
وقيل يعتق جميعه على صاحب الشرط بالشرط ويضمن حق شريكه اختاره في المستوعب ومع إعسارهما يعتق عليهما.
الثانية: لو قال لأمته إن صليت مكشوفة الرأس فأنت حرة قبله فصلت كذلك عتقت.

على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية الكبرى ذكره آخر الباب وقال صلاة صحيحة.
وقيل لا تعتق جزم به أبو المعالي لبطلان الصفة بتقدم المشروط.
الثالثة: لو قال إن أقررت بك لزيد فأنت حر قبله فأقر له به صح إقراره فقط.
الرابعة: لو قال إن أفررت بك له فأنت حر ساعة إقراري لم يصح الإقرار ولا العتق.
قوله: ويصح تعليق العتق بالصفات كدخول الدار ومجيء الأمطار ولا يملك إبطالها بالقول.
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة وأكثرهم قطع به.
وذكر في الانتصار والواضح أنه يجوز له فسخه.
ويأتي ذلك وغيره في أول باب تعليق الطلاق بالشروط.
قوله: وله بيعه وهبته ووقفه وغير ذلك.
ولا يحرم عليه وطء أمته بعد تعليق عتقها على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه لا يطؤها.
فائدة: لا يعتق قبل كمال الصفة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج القاضي رواية من الأيمان بالعتق.
وقال في الفائق وهو ضعيف.
قال الناظم لا يعبأ بما في المجرد ورده المصنف والشارح من خمسة أوجه.
قوله: فإن عاد إليه عادت الصفة إلا أن تكون قد وجدت منه في حال زوال ملكه فهل تعود بعوده على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والشرح وشرح ابن منجا.
إحداهما: تعود بعوده وهو المذهب فيهما نص عليه واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
قال في القاعدة الأربعين أشهر الروايتين أنها تعود بعود الملك إذا وجدت الصفة بعد زوال الملك.
وجزم به في الوجيز والعمدة وغيرهما وقدمه في المحرر والنظم وتجريد العناية

وفرق القاضي بين الطلاق والعتاق فإن ملك الرقيق لا ينبنى فيه أحد الملكين على الآخر بخلاف النكاح فإنه ينبني فيه أحد الملكين على الآخر في عدد الطلاق على الصحيح.
قال في القواعد وهذا التفريق لا أثر له إذ لو كان معتبرا لم يشترط لعدم الحنث وجود الصفة في غير الملك انتهى.
والرواية الثانية: لا تعود الصفة جزم به أبو محمد الجوزي في الطريق الأقرب قال في الفائق وهو أرجح وقدمه في الخلاصة.
وعنه لا تعود الصفة سواء وجدت حال زوال ملكه أو لا حكاها الشيخ تقي الدين رحمه الله وذكرها مرة قولا.
قوله: وتبطل الصفة بموته فإن قال إن دخلت الدار بعد موتى فأنت حر أو أنت حر بعد موتى بشهر فهل يصح ويعتق على روايتين.
ذكر المصنف مسألتين الأولى إذا قال إن دخلت الدار بعد موتى فأنت حر وأطلق فيها روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والفروع والفائق وشرح ابن منجا والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما: لا يصح ولا يعتق بوجود الشرط وهو الصحيح صححه المصنف والشارح وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والنظم.
والرواية الثانية: يصح ويعتق صححه في التصحيح والبلغة وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين.
فعلى هذه الرواية لا يملك الوارث بيعه قبل نقله كالموصى به قبل قبوله قاله جماعة منهم صاحب الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
والمسألة الثانية: إذا قال أنت حر بعد موتى بشهر فأطلق المصنف فيه الروايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغنى والشرح والنظم في باب التدبير والفروع والفائق وشرح ابن منجا وغيرهم.
إحداهما: يصح صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين صح في الأصح وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: لا يصح ولا يعتق اختاره أبو بكر وصححه في النظم في كتاب العتق وقدمه في الخلاصة في باب التدبير.
وجزم به في الحاوي الصغير واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وغالب الأصحاب يذكر هذه المسألة في باب المدبر.

تنبيهان :
أحدهما: قال في فوائد القواعد بنى طائفة من الأصحاب هاتين الروايتين على أن التدبير هل هو تعليق عتق بصفة أو وصية على ما يأتي في باب التدبير.
فإن قلنا التدبير وصية صح تقييدها بصفة أخرى توجد بعد الموت وإن قلنا عتق بصفة لم يصح ذلك.
وهؤلاء قالوا لو هو صرح بالتعليق فقال إن دخلت الدار بعد موتى بشهر فأنت حر لم يعتق رواية واحدة وهي طريقة ابن عقيل في إشاراته.
قال ابن رجب والصحيح أن هذا الخلاف ليس مبنيا على هذا الأصل وعلله وقال ومن الأصحاب من جعل هذا العقد تدبيرا ومنهم من ينفى ذلك.
ولهم في حكاية الخلاف فيه أربعة طرق ذكرت في غير هذا الموضع.
الثاني على القول بالصحة فكسبه بعد الموت وقبل وجود الشرط للورثة على الصحيح من المذهب قاله القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم.
ووجه في القواعد أن كسبه له من تصريح صاحب المستوعب أن العبد باق على ملك الميت لا ينتقل إلى الورثة كالموصى بعتقه.
فائدة: وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال اخدم زيدا سنة بعد موتى ثم أنت حر.
فعلى الصحة لو أبرأه زيد من الخدمة عتق من حينه على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يعتق إلا بعد سنة فإن كانت الخدمة لبيعه وهما كافران فأسلم العبد ففي لزوم القيمة عليه لبقية الخدمة روايتان ذكرهما ابن أبى موسى.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
إحداهما: لا تلزمه ويعتق مجانا جزم به في المنور.
قلت وهو الصواب.
والرواية الثانية: تلزمه.
ولو قال لجاريته إذا خدمت ابنى حتى يستغنى فأنت حرة لم تعتق حتى تخدمه إلى أن يكبر ويستغنى عن الرضاع على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال ابن أبى موسى لا تعتق حتى يستغنى عن الرضاع وعن أن يلقم الطعام وعن التنجي من الغائط.
نقل مهنا لا تعتق حتى يستغنى قلت حتى يحتلم قال لا دون الاحتلام.

قوله: وإن قال إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر فهل يصح على روايتين.
وأطلقهما في المستوعب والحاوي الصغير والهداية والمذهب.
إحداهما: يصح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله المختار لعامة الأصحاب حتى إن بعضهم لا يثبت ما يخالفه.
قال في القواعد هذا المشهور من المذهب.
قال القاضي وغيره اختاره أصحابنا ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الرعايتين والفائق صح في أصح الروايتين.
قال أبو بكر في الشافي لا يختلف قول أبى عبد الله فيه إلا ما روى محمد ابن الحسن ابن هارون في العتق أنه لا يعتق وما أراه إلا غلطا.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الخلاصة والمحرر والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يصح.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وصححه في التصحيح والمغنى والشرح والنظم وغيرهم.
وتقدم إذا علق عتق عبده على بيعه في أواخر باب الشروط في البيع.
فائدة: لو باع أمة بعبد على أن له الخيار ثلاثا ثم قال في مدة الخيار هما حران قال في الحاوي الصغير لا أعرف فيها نصا عن الإمام أحمد رحمه الله وقياس المذهب عندي أنه يعتق العبد خاصة لأن عتقه للأمة يترتب على فسخ البيع وعتقه للعبد لا يترتب على واسطة فيكون العتق إلى العبد أسبق فيجب أن يعتق ولا تعتق الأمة انتهى.
قلت ينبغي أن ينبنى ذلك على انتقال الملك في مدة الخيار وعدمه.
فإن قلنا ينتقل عتق العبد وإن قلنا لا ينتقل عتقت الأمة.
قوله: وإن قاله العبد لم يصح في أصح الوجهين.
يعني إذا قال العبد إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر ثم عتق وملك على القول بصحته من الحر.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وصححه في الشرح وشرح ابن منجا والخلاصة والنظم.

والوجه الثاني يصح وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
قال في الهداية فإذا قال العبد ذلك ثم عتق وملك مماليكا فعلى الرواية التي تقول تنعقد الصفة للحر هل تنعقد له هذه الصفة على وجهين.
فائدة: لو قال أول عبد أملكه فهو حر وقلنا بصحة تعليق العتق على الملك فلم يملك إلا واحدا فقط فقد عتق عليه على الصحيح من المذهب. قطع به في المغنى والشرح ذكراه في تعليل ما إذا ملك اثنين معا.
وقيل لا يعتق وأطلقهما في الفروع ويأتي قريبا إذا ملك اثنين معا.
قوله: وإن قال آخر مملوك أشتريه فهو حر وقلنا بصحة الصفة فملك عبيدا ثم مات فآخرهم حر من حين الشراء وكسبه له.
وقد علمت أن الصحيح من المذهب صحة الصفة عند قوله: وإن قال إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر.
فائدتان :
إحداهما: لو قال آخر مملوك أشتريه فهو حر فملك أمة ثم ملك أخرى لم يجز له وطء الثانية: لاحتمال أن لا يشترى غيرها فتكون حرة من حين اشتراها.
ذكره الأصحاب.
الثانية: لو كان آخر من اشترى مملوكين معا أو علق العتق على أول مملوك فملكهما معا أو قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ولدين خرجا معا.
فقيل يعتقان قدمه في المغنى والشرح وقالا هذا قياس قول الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل لا يعتقان.
وقيل يعتق واحد بالقرعة وهو الصحيح من المذهب صححه في النظم وغيره وقدمه في المغنى والشرح ذكراه فيما إذا علق العتق على أول مملوك يملكه فملك اثنين معا.
وقدمه ابن رزين أيضا في شرحه وقال نص عليه.
قلت ونقله مهنا في أول غلام يطلع أو امرأة تطلع فهو حر أو طالق.
وذكر المصنف لفظ الرواية أول من يطلع من عبيدي.
وأطلقهن في الفروع وفي مختصر ابن رزين في الطلاق.
ولو علقه بأول من يقوم فقمن معا طلقن وفي منفردة به وجه.
قال في الفروع كذا قال.

قوله: وإن قال لأمته آخر ولد تلدينه فهو حر فولدت حيا ثم ميتا لم يعتق الأول.
هذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا وقدمه في الشرح.
وقيل يعتق وهو قياس قول القاضي والشريف أبى جعفر وقدمه في الفائق وأطلقهما في المحرر والرعايتين والنظم والفروع.
فائدة: وكذا الحكم والخلاف لو قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر أو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ميتا ثم حيا بل جعلوا هذه أصلا لتلك.
وصحح في المغنى والشرح عدم العتق وجزم به في المذهب وغيره وهو المذهب.
وقال القاضي والشريف أبو جعفر يعتق الحي منهما وقدمه في الفائق وشرح ابن رزين واقتصر عليه في المستوعب.
قوله: وإن ولدت توأمين فأشكل الآخر منهما أقرع بينهما.
هذا المذهب جزم به في الوجيز والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعاية والحاوي وقدمه في الفروع وعنه يعتقان.
واختبار في الترغيب أن معناهما أن أمد منع السيد منهما هل هو القرعة أو الانكشاف وكذا الحكم إن عينه ثم نسيه قاله في الرعاية وغيره.
فائدة: لو قال أول غلام لي يطلع فهو حر فطلع عبيده كلهم أو قال لزوجاته أيتكن طلع أولا فهي طالق فطلعن كلهن فنص لإمام أحمد رحمه الله أنه يميز واحدا من العبيد وامرأة من الزوجات بالقرعة في رواية مهنا. واختلف الأصحاب في هذا النص.
فمنهم من حمله على أن طلوعهم كان مرتبا وأشكل السابق.
ومنهم من أقر النص على ظاهره وأنهم طلعوا دفعة واحدة وقال صفة الأولية شاملة لكل واحد منهم بانفراده والمعتق إنما أراد عتق واحد منهم فيميز بالقرعة وهي طريقة القاضي في خلافه.
ومنهم من قال يعتق ويطلق الجميع لأن الأولية صفة لكل واحد منهم ولفظه صالح للعموم لأنه مفرد مضاف.
أو يقال الأولية صفة للمجموع لا للأفراد وهو الذي ذكره المصنف في المغنى في الطلاق.
ومنهم من قال لا يعتق ولا يطلق أحد منهم لأن الأول لا يكون إلا فردا لا تعدد فيه والفردية مشتبهة هنا وهو الذي ذكره القاضي وابن عقيل في الطلاق والسامري وصاحب الكافي.

قال في القواعد ويتخرج وجه آخر وهو أنه إن طلع بعدهم غيرهم من عبيده وزوجاته طلقن وعتقن وإلا فلا بناء على أن الأول هو السابق لغيره فلا يكون أولا حتى يأتي بعده غيره فتتحقق له بذلك صفة الأولية وهو وجه لنا ذكره ابن عقيل وغيره ذكره في آخر القواعد.
قوله: ولا يتبع ولد المعتقة بالصفة أمه في العتق في أصح الوجهين إلا أن تكون حاملا حال عتقها أو حال تعليق عتقها.
إذا كانت حاملا حال عتقها أو حال تعليق عتقها فإنه يتبعها بلا خلاف أعلمه.
وإن وجد حمل بعد التعليق ووضعته قبل وجود الصفة وهي مسألة المصنف هنا فصحح عدم التبعية وهو المذهب صححه في النظم وشرح ابن منجا وقدمه في الشرح والفروع.
والوجه الثاني يتبعها جزم به في الوجيز وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والقواعد الفقهية.
فائدة: لا يتبع الولد أمه إذا كان منفصلا حال التعليق بلا خلاف أعلمه.
قوله: وإذا قال لعبده أنت حر وعليك ألف أو علي ألف عتق ولا شيء عليه.
إذا قال لعبده أنت حر وعليك ألف عتق ولا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح هكذا ذكره المتأخرون من أصحابنا.
قال في الفروع يعتق ولا شيء عليه على الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمي وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه الناظم.
وعنه لا يعتق إن لم يقبل وأطلقهما في المحرر.
وإذا قال لعبده أنت حر على ألف فقدم المصنف هنا أنه يعتق مجانا بلا قبول وهو إحدى الروايتين ونصره القاضي وأصحابه.
وجزم به في الوجيز والمنور ونظم المفردات وهو منها.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وعنه إن لم يقبل العبد لم يعتق وهذا المذهب.
قال المصنف هنا وهو الصحيح وصححه في الشرح وشرح ابن منجا.

وجزم به الأدمى في منتخبه وقدمه في الفروع وأطلقهما في المحرر. وذكر في الواضح رواية أن قوله: أنت حر على ألف شرط لازم بلا قبول كبقية الشروط.
فائدتان :
إحداهما: وكذا الحكم لو قال له أنت حر على أن تعطيني ألفا أو قال لأمته أعتقتك على أن تزوجيني نفسك لكن إن أبت لزمها قيمة نفسها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل تعتق مجانا بقبولها واختار ابن عقيل أنها لا تعتق إلا بالأداء.
الثانية: لو قال له أنت حر بمائة أو بعتك نفسك بمائة فقبل عتق ولزمته المائة وإلا فلا جزم به في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وإن لم يقبل لم يعتق عند الأصحاب وقطعوا به.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها أنه يعتق بغير شيء كما لو قال لها أنت طالق بألف على ما يأتي في كلام المصنف في أواخر الخلع لأن الطلاق والعتاق فيهما حق لله تعالى وليس العوض ركنا فيهما إذا لم يعلقهما عليه.
وعلى المذهب واختيار الأصحاب الفرق بينهما أن خروج البضع في النكاح غير متقوم على الصحيح من المذهب على ما يأتي في باب الرضاع بخلاف العبد فإنه مال محض قاله في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة.
قوله: وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة فكذلك.
يعني كقوله: أنت حر على ألف.
فعلى إحدى الروايتين يعتق مجانا وعلى الرواية الأخرى لا يعتق حتى يقبل.
وقد علمت الصحيح من المذهب في الروايتين وهذا إحدى الطرق في المسألة.
وقدم هذه الطريقة في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقيل يعتق هنا بلا قبول وتلزمه الخدمة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والفائق واختاره ابن عبدوس في تذكرته قال في المحرر هذا ظاهر كلامه.
وجزم به في القواعد وقال نص عليه وجزم به صاحب الوجيز.
وهي الطريقة الثانية وأطلقهما في الفروع بقيل وقيل.

وقال في المستوعب والحاوي الصغير إن لم يقبل فعلى روايتين.
إحداهما: يعتق ولا يلزمه شيء.
والثانية: لا يعتق.
وقدما في أنت حر على ألف أنه يعتق مجانا فخالفا الطريقتين.
وقيل إن لم يقبل لم يعتق رواية واحدة وهي الطريقة الثالثة:.
وعلى كلامه في المستوعب والحاوي تكون طريقة رابعة.
وتقدم ذلك في أوائل الباب.
فوائد :
الأولى مثل ذلك في الحكم لو استثنى نفعه مدة معلومة.
الثانية: لو مات السيد في أثناء السنة رجع الورثة على العبد بقيمة ما بقى من الخدمة قاله المصنف والسامري وابن حمدان وغيرهم.
الثالثة: يجوز للسيد بيع هذه الخدمة نص عليه.
نقل حرب لا بأس ببيعها من العبد أم ممن شاء.
وعنه لا يجوز نص عليه وهو الصواب.
ذكر هاتين الروايتين ابن أبى موسى وأطلقهما في المستوعب والفروع والحاوي الصغير والقواعد الفقهية.
الرابعة: قال في الفروع لم يذكر الأصحاب ما لو استثنى السيد خدمته مدة حياته وذكروا صحة ذلك في الوقف قال وهذا مثله.
يؤيده أن بعضهم احتج بما رواه الإمام أحمد وأبو داود أن أم سلمة رضي الله عنها أعتقت سفينة وشرطت عليه خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش.
قال وهذا بخلاف شرط البائع خدمة المبيع مدة حياته لأنه عقد معاوضة يختلف الثمن لأجله انتهى.
قلت صرح بذلك أعني بجواز ذلك في القواعد في القاعدة الثانية والثلاثين وتقدم ذلك في أول الباب.
الخامسة لو باعه نفسه بمال في يده صح على الصحيح من المذهب.
قال في الرعايتين والفائق صح على أصح الروايتين.
قال في المغنى والشرح في الولاء وإن اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حال

عتق والولاء لسيده لأنه يبيع ماله بماله فهو مثل المكاتب سواء والسيد هو المعتق لهما فكان الولاء له عليهما انتهيا.
وعنه لا يصح وأطلقهما في الفروع.
قال في الترغيب مأخذهما هل هو عقد معاوضة أو تعليق محض ويأتي في الكتابة هل تصح الكتابة حالة.
السادسة لو قال إن أعطيتني ألفا فأنت حر فهو تعليق محض لا يبطل ما دام ملكه ولا يعتق بالإبراء منها بل بدفعها نص عليه وما فضل عنها فهو لسيده ولا يكفيه أن يعطيه من ملكه إذا لا ملك له على أصح الروايتين فهو كقوله: لامرأته إن أعطيتيني مائة فأنت طالق فأتت بمائة مغصوبة ففي وقوعه احتمالان قاله في الترغيب.
قال في الفروع والعتق مثله وأن هذا الخلاف يجري في الفاسدة إذا صرح بالتعليق.
ونقل حنبل في الأولى إن قاله الصغير لم يجز لأنه لم يقدر عليه.
السابعة لو قال جعلت عتقك إليك أو خيرتك ونوى تفويضه إليه فأعتق نفسه في المجلس عتق ويتوجه كطلاق قاله في الفروع.
ولو قال اشترني من سيدي بهذا المال وأعتقني ففعل عتق ولزم مشتريه المسمى وكذا إن اشتراه بعينه إن لم تتعين النقود وإلا بطلا.
وعنه أجيز عنه.
وذكر الأزجى إن صرح الوكيل بالإضافة إلى العبد وقع عنه وعتق وإن لم يصرح احتمل ذلك واحتمل أن يقع عن الوكالة لأنه لو وقع لعتق والسيد لم يرض بالعتق.
قوله: وإن قال كل مملوك لي حر عتق عليه مدبروه ومكاتبوه وأمهات أولاده.
وكذا عبيد عبده التاجر بلا نزاع في ذلك.
وعتق عليه شقص يملكه مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا يعتق الشقص بدون نية ذكره ابن أبى موسى ونقله مهنا كما لو كان له شقص فقط وقال ذلك ذكره ابن عقيل.
فائدة: لو قال عبدي حر أو امتي حرة أو زوجتي طالق ولم ينو معينا عتق الكل وتطلق كل نسائه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق والقواعد الأصولية وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.

وهذا مبنى على أن المفرد المضاف يعم والصحيح من المذهب أنه يعم.
وقيل يعتق واحد بالقرعة.
وقيل يعتق واحد وتطلق واحدة وتخرج بالقرعة اختاره المصنف في المغنى قال في الفائق وهو المختار.
ويأتي التنبيه: على ذلك أيضا في أول باب صريح الطلاق وكنايته.
تنبيه: قال في الفروع عن هذه المسألة والمراد إن كان عبد مفردا لذكر وانثى فإن كان لذكر فقط لم يشمل أنثى إلا إن اجتمعا تغليبا.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال لخدم له رجال ونساء أنتم أحرار وكانت معهم أم ولده ولم يعلم بها إنها تعتق.
قال أبو محمد الجوزى بعد المسألة وكذا إن قال كل عبد أملكه في المستقبل.
فائدة
قوله: وإن قال أحد عبدي حر أقرع بينهما.
وكذا لو قال أحد عبيدي حر أو بعضهم حر ولم ينوه يقرع بينهم وهو من مفردات المذهب.
وخرج في القواعد وجها أنه يعتق بتعيينه من الرواية التي في الطلاق.
وكذا لو أدى أحد مكاتبيه وجهل أقرع هو أو وارثه في الجميع.
ولو قال لأمتيه إحداكما حرة حرم وطؤها معا بدون قرعة على الصحيح من المذهب.
وفيه وجه تتميز المعتقة بتعيينه فإن وطىء واحدة لم تعتق الأخرى كما لو عينها ثم أنسيها.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل أن تعتق.
قال فلو قال لإمائه الأربع إن وطئت واحدة منكن فواحدة منكن حرة ثم وطىء ثلاثا أقرع بين الأولة والرابعة: فإن وطئها عتقت الأولة وإن كان وطئها ثانيا قبل وطء الرابعة: عتقت الرابعة: فقط ويحد إن علم قبله بعتقها.
ويأتي في باب الشك في الطلاق إذا قال إن كان هذا الطائر غرابا فعبدى حر وقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدى حر.
وكثير من الأصحاب يذكر هذه المسألة هنا.

قوله: وإن أعتق عبدا ثم أنسيه أخرج بالقرعة.
إما المعتق أو وارثه وهذا بلا نزاع وهو من مفردات المذهب.
وخرج في القواعد وجها أنه لا يقرع هنا من الطلاق.
قال وأشار إليه بعض الأصحاب ذكره في آخر القواعد.
فإن علم بعدها أن المعتق غيره عتق وهل يبطل عتق الأول على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح والفائق.
أحدهما: يبطل عتقه وهو الصحيح من المذهب كما لو كانت القرعة بحكم حاكم فإنها لو كانت بحكم حاكم لم يبطل عتقه على الصحيح من المذهب.
وصححه في التصحيح والمذهب وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
الوجه الثاني لا يبطل كما لو كانت القرعة بحكم حاكم فإنها لو كانت بحكم حاكم لم يبطل عتقه قولا واحدا.
وهذا الوجه مقتضى قول ابن حامد.
قوله: وإن أعتق جزءا من عبده في مرضه أو دبره وثلثه يحتمل جميعه عتق جميعه.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع والفائق وقال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه لا يعتق إلا ما أعتق أو دبر لا غير.
وعنه يعتق جميعه في المنجز دون التدبير.
وأطلق في الشرح الروايتين في تكميل العتق بالتدبير إذا كان يخرج من الثلث وقدم عتق الجميع فيما إذا نجز البعض.
فائدة: لو مات العبد قبل سيده عتق منه بقدر ثلثه على الصحيح من المذهب.
وقيل يعتق كله لأن رد الورثة هنا لا فائدة: لهم فيه.
قوله: وإن أعتق شركا له في عبد أو دبره وثلثه يحتمل باقيه أعطى الشريك.
يعني قيمة حصته وكان جميعه حرا في إحدى الروايتين.

وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا والخرقى والزركشي.
إحداهما: يعتق جميعه وهو المذهب صححه في التصحيح.
واختاره أبو الخطاب في خلافه وقدمه في المحرر والفروع.
والأخرى لا يعتق إلا ما ملك منه.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز واختاره الشيرازي والشريف.
وقال القاضي ما أعتقه في مرض موته سرى وما دبره أو وصى بعتقه لم يسر.
فالرواية في سراية العتق في حال الحياة أصح والرواية في وقوفه في التدبير أصح وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أعنى التفرقة.
قوله: وإن أعتق في مرضه ستة أعبد قيمتهم سواء وثلثه يحتملهم ثم ظهر عليه دين يستغرقهم بيعوا في دينه.
هذا المذهب جزم به في الوجيز والرعاية الكبرى في باب تبرعات المريض وقدمه في المغنى والشرح ونصراه وقدمه في شرح ابن منجا ويحتمل أن يعتق ثلثهم.
وهو رواية ذكرها أبو الخطاب.
فإن التزم وارثه بقضاء الدين ففي نفوذ عتقهم وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى والزركشي والمغنى والشرح وقالا وقيل أصل الوجهين إذا تصرف الورثة في التركة ببيع أو غيره وعلى الميت دين فقضى الدين هل ينفذ فيه وجهان.
قلت الصواب نفوذ عتقهم.
فائدتان :
إحداهما: لو ظهر عليه دين يستغرق بعضهم احتمل بطلان عتق الكل واحتمل أن يبطل بقدر الدين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية الكبرى.
الثانية: قوله: وإن أعتقهم فأعتقنا ثلثهم ثم ظهر له مال يخرجون من ثلثه عتق من أرق منهم.
بلا نزاع وكان كسبهم لهم من منذ عتقوا.
وقدم ابن رزين أنه لا ينفذ عتقهم وحكاهما في الكافي احتمالين.

قوله: وإن أعتق واحدا من ثلاثة أعبد فمات أحدهم في حياته أقرع بينه وبين الحيين فإن وقعت على الميت رق الآخران وإن وقعت على أحد الحيين عتق إذا خرج من الثلث.
هذا الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل يقرع بين الحيين دون الميت.
قوله: وإن أعتق الثلاثة في مرضه فمات أحدهم في حياة السيد فكذلك في قول أبى بكر.
وحكاه عن الإمام أحمد رحمه الله يعني يقرع بينه وبين الحيين وهو المذهب قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
قال المصنف هنا والأولى أن يقرع بين الحيين ويسقط حكم الميت.
وجزم به في الوجيز كعتقه أحد عبديه غير معين فمات أحدهما: فإنه يتعين العتق في الثاني ذكره القاضي وغيره.
وقيل يقرع بين الحيين في هذه المسألة دون التي قبلها ذكره في الرعاية الكبرى.
ذكر هذه المسائل في الفروع في آخر باب تبرعات المريض.
وذكرها في الرعايتين والفائق والحاوي في أول باب تبرعات المريض.
فائدة: وكذا الحكم إن أوصى بعتقهم فمات أحدهم بعده.
وقيل إن أعتقهم أو دبرهم أو أوصى بعتقهم أو دبر بعضهم وأوصى بعتق الباقين فمات أحدهم أقرعنا بينهم فإن خرجت القرعة الميت حسبناه من التركة وقومناه حين العتق وإن خرجت لحي.
فإن كان الموت في حياة السيد أو بعدها قبل قبض الورثة لم يحسب من التركة غير الحيين فيكمل ثلثهما ممن قرع أو يقوم به يوم العتق.
وقيل يحسب الميت من التركة ويقرع من قرع إن خرج حيا من الثلث وإلا عتقق منه بقدره.
وإن كان الموت بعد قبض الورثة حسب من التركة.
وبدون الموت يعتق ثلثهم بالقرعة إن لم يجز الورثة ما زاد عليه ذكر ذلك في الرعاية الكبرى.

باب التدبير
:
قوله: وهو تعليق العتق بالموت.
هكذا قال الأصحاب زاد في المذهب أو بشرط يوجد بعد الموت.
قوله: ويعتبر من الثلث.
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب ونقل حنبل يعتق من كل المال.
قال في الكافي ولا عمل عليه.
قال أبو بكر هذا قول قديم رجع عنه.
قال في الفوائد: وهو متخرج على أنه عتق لازم كالاستيلاد.
وعنه: يعتق من كل المال إذا دبره في الصحة دون المرض.
فائدة: يصح تعليقه بالموت مطلقا نحو إن مت فأنت حر ومقيدا نحو إن مت من مرضى هذا أو عامى أو بهذا البلد فأنت حر.
وإن قالا لعبدهما إن متنا فأنت حر فهو تعليق للحرية بموتهما جميعا ذكره القاضي وجماعة واقتصر عليه في الفروع ولا يعتق بموت أحدهما: شيء منه ولا يبيع وارثه حقه.
قدمه في الفروع وقاله الإمام أحمد رحمه الله.
واختار المصنف وغيره إذا مات أحدهما: فنصيبه حر.
قلت وهذا المذهب.
قال في الفروع فإذا أراد أنه حر بعد آخرهما موتا فإن جاز تعليق الحرية على صفة بعد الموت عتق بعد موت لآخر منهما عليهما وإلا عتق نصيب الآخر منهما بالتدبير.
وفي سرايته إن احتمله ثلثه الروايتان.
قوله: ويصح من كل من تصح وصيته.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال الخرقى: يصح تدبير الغلام إذا جاوز العشر والجارية إذا جاوزت التسع.
تنبيه: قوله: وصريحه لفظ العتق والحرية المعلقين بالموت ولفظ التدبير وما تصرف منها.
مراده غير لفظ الأمر والمضارع.
كما تقدم التنبيه: عليه في أول كتاب العتق فليراجع.

فائدة: كنايات العتق المنجز تكون للتدبير إذا أضاف إليه ذكر الموت قاله الأصحاب.
فائدة: قوله: ويصح مطلقا ومقيدا بأن يقول إن مت في مرضى هذا أو عامي هذا فأنت حر أو مدبر.
وكذا لو قال له إذا قدم زيد أو جاء رأس الشهر فأنت مدبر بلا نزاع ويصح مؤقتا نحو أنت مدبر اليوم نص عليه.
قوله: وإن قال متى شئت فأنت مدبر فمتى شاء في حياة السيد صار مدبرا بلا نزاع.
أعني إذا قلنا يصح تعليق العتق على صفة على ما تقدم في كتاب العتق.
قوله: وإن قال إن شئت فأنت مدبر فقياس المذهب أنه كذلك.
يعني كمتى شئت وأنه لا يتقيد بالمجلس وهو المذهب صححه في المحرر والنظم والفائق وجزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والفروع.
وقال أبو الخطاب: إن شاء في المجلس صار مدبرا وإلا فلا وقاله القاضي أيضا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي وإدراك الغاية واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وتجريد العناية.
فائدة: لو قال إذا شئت فأنت مدبر فهو كقوله: متى شئت فأنت مدبر على الصحيح من المذهب فلا يتقيد بالمجلس.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والشرح.
وقال القاضي: يختص بالمجلس وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
فائدة أخرى: لو قال: متى شئت بعد موتى فأنت حر أو أي وقت شئت بعد موتي فأنت حر فهو تعليق للعتق على صفة بعد الموت والصحيح من المذهب أنه لا يصح وقد تقدم ذلك في كتاب العتق.
وقال القاضي يصح.
فعلى قوله: يكون ذلك على التراخي بعد موته وما كسب فهو لورثة سيده.
قوله: وإن قال قد رجعت في تدبيري أو أبطلته لم يبطل لأنه تعليق للعتق بصفة.

هذا المذهب بلا ريب قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب.
واختاره القاضي وقال في كتاب الروايتين هذه الرواية أجود الروايتين.
وصححها ابن عقيل في التذكرة وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة: لم يبطل على الأصح وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وعن: يبطل كالوصية قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والفائق.
وعنه لا يبطل إلا لقضاء دينه.
وفي التبصرة رواية لا يبطل في الأمة فقط.
فعلى الرواية الثانية: لا يصح رجوعه في حمل لم يوجد وإن رجع في حامل ففي حملها وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والقواعد الفقهية والزركشي.
قلت الصواب أنه لا يكون رجوعا فيه.
تنبيهان
أحدهما: قال في الترغيب وغيره محل الروايتين إذا لم يأت بصريح التعليق أو بصريح الوصية واقتصر عليه في الفروع.
الثاني قوله: لأنه تعليق للعتق على صفة.
تقدم في كتاب العتق أنه يصح تعليق العتق على صفة في كلام المصنف.
فائدة: اعلم أن التدبير هل هو تعليق للعتق على صفة أو هو وصية فيه روايتان الصحيح منهما وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه تعليق للعتق على صفة.
تنبيه: ينبني على هذا الخلاف مسائل جمة.
منها: لو قتل المدبر سيده هل يعتق أم لا على ما يأتي آخر الباب في كلام المصنف.
ومنها: بيعه وهبته هل يجوز أم لا على ما يأتي قريبا في كلام المصنف أيضا.
ومنها: هل اعتباره من الثلث أم من كل المال على ما تقدم في أول الباب.
ومنها: إبطال التدبير والرجوع عنه بالقول وهي مسألة المصنف المتقدمة.
قال ابن رجب: بناهما الخرقى والأصحاب على هذا الأصل.
فإن قيل هو وصية جاز الرجوع عنه وإن قلنا هو عتق بصفة فلا.
قال: وللقاضي وأبى الخطاب في تعليقيهما طريقة أخرى أن الروايتين هنا مبنيتان على قولنا إنه وصية تنجز بالموت من غير قبول بخلاف بقية الوصايا.

وهو منتقض بالوصية لجهات البر.
قال: ولأبى الخطاب في الهداية طريقة ثالثة وهي بناء هاتين الروايتين على جواز الرجوع بالبيع أما إن قلنا يمتنع الرجوع بالفعل فبالقول أولى.
ومنها: لو باع المدبر ثم اشتراه فهل يكون بيعه رجوعا فلا يعود تدبيره أم لا يكون رجوعا فيعود؟ فيه روايتان أيضا بناهما القاضي والأكثرون على هذا الأصل.
فإن قلنا التدبير وصية بطلت بخروجه عن ملكه ولم تعد بعوده.
وإن قلنا: هو تعليق بصفة عاد بعود الملك بناء على أصلنا في عود الصفة بعود الملك في العتق والطلاق.
وطريقة الخرقى وطائفة من الأصحاب أن التدبير يعود بعود الملك هنا رواية واحدة بخلاف ما إذا أبطل تدبيره بالقول وهو يتنزل على أحد أمرين.
إما أن الوصية لا تبطل بزوال الملك مطلقا بل تعود بعوده.
وإما أن هذا حكم الوصية بالعتق خاصة.
ويأتي أصل المسألة في كلام المصنف قريبا.
ومنها: لو قال عبدي فلان حر بعد موتي بسنة فهل يصح ويعتق بعد موته بسنة أم يبطل؟ على روايتين.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في كتاب العتق فليراجع.
ومنها: لو كاتب المدبر فهل يكون رجوعا عن التدبير أم لا؟ على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
ومنها: لو وصى بعبده ثم دبره ففيه وجهان أشهرهما أنه رجوع عن الوصية والثاني: ليس برجوع.
فعلى هذا: فائدة الوصية به أنه لو أبطل تدبيره بالقول لا يستحقه الموصى له ذكره في المغنى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ينبني على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية فإن قلنا هو عتق بصفة قدم على الموصى به وإن قلنا هو وصية فقد ازدحمت وصيتان في هذا العبد فينبني على أن الوصايا المزدحمة إذا كان بعضها عتقا هل تقدم أم يتحاص العتق وغيره؟ على روايتين.
فإن قلنا بالمحاصة: فهو كما لو دبر نصفه ووصى بنصفه ويصح ذلك على المنصوص انتهى.

قال في الفوائد وقد يقال: الموصى له إن قيل لا يملك حتى يقبل فقد سبق زمن العتق زمن ملكه فينفذ.
وإن قيل: يملك من حين الموت فقد تقارن زمن ملكه وزمن العتق فينبغي تقديم العتق كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في مسألة من علق عتق عبده ببيعه.
ومنها: الوصية بالمدبر فالمذهب أنها لا تصح ذكرها القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما لأن التدبير الطارئ إذا لم يبطل الوصية على المشهور فكيف يصح طريان الوصية على التدبير ومزاحمتها له؟
وبنى المصنف هذه المسألة أيضا على الأصول السابقة.
ومنها: ولد المدبرة هل يتبعها في التدبير أم لا على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
قوله: وله بيع المدبر وهبته.
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي والمصنف والشارح وغيرهم.
قال في الفائق: هذا المذهب.
قال في الفوائد: والمذهب الجواز.
قال الزركشي: هذا المذهب عند الأصحاب وصححه في النظم وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع وتجريد العناية وغيرهم لأن التدبير إما وصية أو تعليق بصفة وكلاهما لا يمنع نقل الملك قبل الصفة.
وعنه: لا يجوز بيعه مطلقا بناء على أنه عتق بصفة فيكون لازما كالاستيلاد.
وعنه: لا يباع إلا في الدين وهو ظاهر كلام الخرقى في العبد فقال وله بيعه في الدين ولا تباع المدبرة في إحدى الروايتين وفي الأخرى الأمة كالعبد انتهى.
وعنه: لا تباع إلا في الدين أو الحاجة ذكرها القاضي في الجامع وكتاب الروايتين والمصنف في الكافي وصاحب الفروع وغيرهم.
قال في الفروع: اختاره الخرقى وقد تقدم لفظه.
وعنه: لا تباع الأمة خاصة.
قال في الروضة وله بيع العبد في الدين وفي بيعه الأمة فيه روايتان.
ومنها: لو جحد السيد التدبير فنص الإمام أحمد رحمه الله أنه ليس برجوع قدمه ابن رجب.
وقال الأصحاب: إن قلنا هو عتق بصفة لم يكن رجوعا وإن قلنا هو وصية فوجهان بناء على ما إذا جحد الموصى الوصية هل هو رجوع أم لا؟

قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع وإن أنكره لم يكن رجوعا إن قلنا تعليق وإلا فوجهان انتهى.
قلت: الصحيح من المذهب أنه إذا جحد الوصية لا يكون رجوعا على ما تقدم.
وقال في الرعاية الكبرى قلت: إن جوزنا الرجوع وحلف صح وإلا فلا.
ويأتي آخر الباب بما يحكم عليه إذا أنكر التدبير؟.
فائدة: حكم وقف المدبر حكم بيعه قاله في الرعايتين والزركشي وغيرهم وكذا حكم هبته.
قوله: وإن عاد إليه عاد التدبير.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في الفائق وغيره.
وعنه: يبطل التدبير وهما مبنيان على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية على ما تقدم.
وتقدم ذلك أيضا في الفوائد: بأتم من ذلك فليراجع.
والصحيح عند المصنف وغيره رجوعه إلى التدبير مطلقا.
قوله: وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي وغيرهم.
قال في الفوائد: المشهور أنه يتبعها في التدبير كما لو ولدته بعده سواء كان موجودا حال التعليق أو العتق أو حادثا بينهما.
وعنه: في الحمل بعد التدبير أنه كحمل معتقة بصفة على ما تقدم في أواخر الباب الذي قبله.
وعنه: لا تتبعها الأنثى إلا بشرط السيد نص عليه في رواية حنبل بخلاف الذكر قاله في الفائق.
واختار في الانتصار أنه لا يتبع قاله في الفروع.
قال في الفوائد: وحكى القاضي في كتاب الروايتين في تبعية الولد روايتين وبناهما على أن التدبير هل هو عتق لازم كالاستيلاد أم لا؟
ومن هنا قال أبو الخطاب في انتصاره تبعية الولد مبنى على لزوم التدبير.

وخرج أبو الخطاب وجها أنه لا يتبعها الحادث بينهما وإنما يتبعها إذا كان موجودا معها في أحدهما: من حكم ولد المعلق عتقها بصفة بناء على أن التدبير تعليق بصفة.
وينبغي على هذا: أن يخرج طريقة أخرى أنه لا يتبعها الولد الحادث بينهما بغير خلاف.
وأما ما كان موجودا في أحد الحالين: فهل يتبعها على وجهين بناء على أن التدبير وصية وحكم ولد الموصى بها كذلك عند الأصحاب انتهى كلامه في الفوائد.
وقال في القاعدة الثانية والثمانين على القول بأنه يتبعها قال الأكثرون ويكون مدبرا بنفسه لا بطريق التبع بخلاف ولد المكاتبة.
وقد نص في رواية ابن منصور: على أن الأم لو عتقت في حياة السيد لم يعتق الولد حتى تموت.
وعلى هذا لو رجع في تدبير الأم وقلنا له ذلك بقي الولد مدبرا هذا قول القاضي وابن عقيل.
وقال أبو بكر في التنبيه: هل هو تابع محض لها إن عتقت عتق وإن رقت رق؟ وهو ظاهر كلام ابن أبى موسى انتهى.
وقال في الانتصار: هل يبطل عتق المدبر وأم الولد بموتهما قبل السيد أم لا؟ لأنه لا مال لهما اختلف كلامه ويظهر الحكم في ولدهما.
قوله: ولا يتبعها ولدها قبل التدبير هذا المذهب.
قال الزركشي: هذا المذهب بلا ريب وكذا قال غيره وعليه الأصحاب.
وعنه: يتبعها حكاها أبو الخطاب وابن عقيل في الفصول من رواية حنبل وتأولها المصنف وقال هذه الرواية بعيدة.
فائدتان :
إحداهما: لو ولدت الموصى بوقفها أو عتقها قبل موت الموصى لم يتبعها ذكره القاضي في الموصى بعتقها وقياسه الأخرى.
ويحتمل أن يتبع في الوصية بالوقف بناء على أن فيه ثبوت التحرير دون التمليك قاله في القواعد.
الثانية: ولد المدبر من أمة المدبر نفسه كالمدبر نص عليه قدمه في الفروع.
قال المصنف والشارح: فإن تسرى المدبر بإذن سيده فولد له فروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنهم يتبعونه في التدبير واقتصر عليه وذكر جماعة: أنه لا يتبعه قاله في الفروع.
قال في الرعايتين: ولا يكون ولد المدبر من أمته مثله في الأصح بل يتبع أمه.

وقال في الفروع أيضا: وولده من غير أمته كالأم فجزم بأنه كالأم.
وقال في الفائق: وولد المدبر تابع أمه لا أباه في أصح الوجهين.
قال في الحاوي الصغير: ولا يكون ولد المدبر مثله في أصح الوجهين.
قال الزركشي والخرقى رحمهما الله: إنما حكم على ولد المدبرة.
أما ولد المدبر: فلا يتبع أباه مطلقا على المذهب.
وعنه: يتبعه وظاهر كلامه في المغنى الجزم بها في ولده من أمته المأذون له في التسري بها ويكون مدبرا انتهى.
تنبيه: ظاهر قوله: وله إصابة مدبرته.
أنه سواء شرطه أو لا وهو صحيح نص عليه ولا أعلم فيه خلافا.
ويجوز له وطء ابنتها إن لم يكن وطىء أمها على الصحيح من المذهب.
قال في الفائق في أصح الروايتين وقدمه في المغنى والشرح وعنه لا يجوز.
قوله: وإذا كاتب المدبر أو دبر المكاتب جاز.
بلا نزاع لكن لو كاتب المدبر فهل يكون رجوعا عن التدبير؟ إن قلنا التدبير عتق بصفة: لم يكن رجوعا.
وإن قلنا هو وصية: انبنى على أن كتابة الموصى به هل تكون رجوعا؟ فيه وجهان أشهرهما أنه رجوع.
والمشهور في المذهب: أن كتابة المدبر ليست رجوعا عن تدبيره.
ونقل ابن الحكم عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أنه رجوع بناء على أن التدبير وصية فتبطل بالكتابة.
قوله: فلو أدى عتق وإن مات سيده قبل الأداء عتق إن حمل الثلث ما بقي من كتابته.
وإلا عتق منه قدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما عتق وهو على الكتابة فيما بقي.
مقتضى قوله: إن حمل الثلث ما بقي من الكتابة أن المعتبر في خروجه من الثلث هو ما بقي عليه من الكتابة.
وهو مقتضى كلام الخرقى وكلامه في الكافي والشرح.
ومقتضى كلامه في المغنى والمحرر والفروع وغيرهم اعتبار قيمته مدبرا وجزموا به وصححه في الرعايتين.

فائدة: لو عتق بالكتابة كان ما في يده له.
ولو عتق بالتدبير مع العجز عن أداء مال الكتابة كان ما في يده للورثة وإن مات السيد قبل العجز عن جميع الكتابة عتق بالتدبير وما في يده له عند المصنف والشارح وابن حمدان وغيرهم.
وقيل للورثة وحكاه المصنف عن الأصحاب وهو المذهب.
ويأتي نظير ذلك إذا أولد المكاتبة في باب الكتابة.
فائدة: لو أولد أمته ثم كاتبها أو كاتبها ثم أولدها جاز لكن تعتق بموته مطلقا.
ولو دبر أم ولده لم يصح إذ لا فائدة: فيه وهذا المذهب.
واختار ابن حمدان الصحة إن جاز بيعها وقلنا التدبير عتق بصفة.
قوله: وإذا دبر شركا له في عبد لم يسر إلى نصيب شريكه وإن أعتق شريكه سرى إلى المدبر وعنه وغرم قيمته لسيده.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يسرى في الأول دون الثاني.
فعلى هذا يصير مدبرا كله ويضمن حصة شريكه بقيمتها.
قوله: وإذا أسلم مدبر الكافر لم يقر في يده وترك في يد عدل ينفق عليه من كسبه وما فضل فلسيده وإن أعوز فعليه تمامه إلا أن يرجع في التدبير ونقول بصحة رجوعه.
اعلم أنه إذا أسلم مدبر الكافر فجزم المصنف هنا أنه لا يلزم بإزالة ملكه إذا استدام تدبيره لكن لا يقر في يده ويترك في يد عدل وهو أحد الوجهين وهو احتمال في المغنى والشرح.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير.
وقدمه ابن منجا في شرحه والرعايتين.
والوجه الثاني أنه يلزم بإزالة ملكه عنه فإن أبى بيع عليه وهو المذهب قدمه في المغنى والشرح والفائق وصححه في النظم.
وتقدم في آخر كتاب البيع إذا أسلم عبد الكافر القن وأحكامه.
فائدة: لو أسلم مكاتب الكافر لزمه إزالة يده عنه فإن أبى بيع عليه بلا خلاف.

وإن أسلمت أم ولده لم تقر في يده وجعلت عند عدل ينفق عليها من كسبها.
وإن أعوز لزم السيد تمامه على الصحيح من المذهب وإن أسلم حلت له وعنه لا تلزمه نفقتها.
وعنه يستسعى في قيمتها ثم تعتق.
ونقل مهنا تعتق بإسلامها.
وتأتي هذه المسألة بعينها في كلام المصنف في أواخر باب أحكام أمهات الأولاد وكذا لو أسلمت مدبرته مستوفاة محررة.
قوله: ومن أنكر التدبير لم يحكم عليه إلا بشاهدين وهل يحكم عليه بشاهد وامرأتين أو بشاهد ويمين العبد على روايتين.
وأطلقهما الزركشي والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
إحداهما: يحكم عليه بذلك وهو الصحيح من المذهب صححه المصنف والشارح وصاحب التصحيح والناظم.
وجزم به الخرقى والوجيز وناظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب وكذا الحكم في الكتابة.
والرواية الثانية: لا يحكم عليه إلا بشاهدين ذكرين.
ويأتي ذلك في أحكام الشهود به.
وتقدم في الفوائد: هل يكون إنكاره رجوعا أم لا فإن قلنا إنه رجوع لم تسمع دعواه ولا بينته.
قوله: وإذا قتل المدبر سيده بطل تدبيره.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم المصنف والشارح وصاحب المستوعب وغيرهم واختاره القاضي وغيره.
وقدمه في الرعاية الصغرى والفروع في باب الموصى له.
وقيل لا يبطل تدبيره فيعتق.
وهذا ما قدمه في الرعاية الكبرى في آخر أمهات الأولاد.
وقال في فوائد: القواعد فيه طريقان.
أحدهما: بناؤه على الروايتين إن قلنا هو عتق بصفة عتق وإن قلنا وصية لم يعتق وهي طريقة ابن عقيل وغيره.

الطريقة الثانية: أنه لا يعتق على الروايتين وهي طريقة القاضي لأنه لم يعلقه على موته بقتله إياه.
وقال في الفروع في باب الموصى له ولو قتل الوصى الموصى ولو خطأ بطلت ولا تبطل وصيته بعد جرحه.
وقال جماعة فيهما روايتان ومثلها التدبير فإن جعل عتقا بصفة فوجهان انتهى.

باب الكتابة
:
قوله: وهي بيع العبد نفسه بمال في ذمته.
زاد غيره بعوض مباح معلوم مؤجل.
وليست الكتابة مخالفة للأصل لأن محلها الذمة.
قوله: وهي مستحبة.
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الكافي والمغنى والشارح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع.
وعنه واجبة إذا ابتغاها من سيده أجبره عليها بقيمته اختاره أبو بكر في تفسيره.
قال في القواعد الأصولية وهو متجه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وعلى قياسه وجوب العتق في قوله: أعتق عبدك عنك وعلي ثمنه وقدم في الروضة أنها مباحة.
فائدة: لا تصح كتابة المرهون على الصحيح من المذهب قطع به كثير من الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى قلت تجوز كعتقه وهو الصواب وتجوز كتابة المستأجر.
قوله: لمن يعلم فيه خيرا وهو الكسب والأمانة.
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم المصنف والمجد وصاحب الوجيز والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وإدراك الغاية وغيرهم المكتسب الصدوق.
وقال في الرعاية والحاوي الصغير والفائق وتستحب مع كسب العبد وأمانته وصدقه.

وقال في الواضح والوجيز والتبصرة وهي مستحبة مع كسب العبد فقط.
وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته في كتاب العتق فأسقطوا الأمانة.
قوله: وهل تكره كتابة من لا كسب له على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر.
إحداهما: تكره كتابته وهو المذهب.
قال القاضي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله الكراهة واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في الخلاصة والتصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
والرواية الثانية: لا تكره فتستحب لكن قال في الكافي لو دعا من لا كسب له سيده إلى الكتابة لم يجبر رواية واحدة.
قال المصنف وينبغي أن ينظر في المكاتب فإن كان ممن يتضرر بالكتابة ويضيع لعجزه عن الإنفاق على نفسه ولا يجد من ينفق عليه كرهت كتابته وإن كان يجد من يكفيه مؤنته لم تكره كتابته.
وعنه تكره كتابة الأنثى.
فائدة: تقدم في باب الحجر صحة كتابة الولى رقيق المولى عليه والكتابة في الصحة والمرض من رأس المال على الصحيح من المذهب.
وقال أبو الخطاب ومن تبعه في المرض من الثلث.
ولو كاتبه في الصحة وأسقط دينه أو أعتقه في مرضه اعتبر خروج الأقل من رقبته أو دينه من الثلث.
ولو وصى بعتقه أو أبرأه من الدين اعتبر أقلهما من ثلثه ولو حمل الثلث بعضه عتق وباقيه على الكتابة ولو أقر في المرض بقبض النجوم سلفا جاز.
قوله: وإن كاتب المميز عبده بإذن وليه صح.
صحة كتابة المميز لعبده بإذن وليه مبنية على صحة بيعه بإذن وليه على ما تقدم في أول كتاب البيع والصحيح صحة بيعه فكذا كتابته.
وقوله: ويحتمل أن لا يصح.
هذا الاحتمال لأبى الخطاب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الرعاية الصغرى وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى في هذا الباب. وقيل تصح كتابته بغير إذن وليه وفي الموجز والتبصرة تصح من ابن عشر.

قوله: وإن كاتب السيد عبده المميز صح.
بلا نزاع وظاهر كلامه أنه لا يصح أن يكاتب غير المميز ولا المجنون ولو فعل لم يصح ولا يعتقان بالأداء بل يتعلق العتق به إن كان التعليق صريحا وإلا فوجهان في العتق وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يعتق بتعليق العتق به لأن الكتابة تتضمن معنى الصفة اختاره القاضي.
والثاني لا يعتق وهو المذهب اختاره أبو بكر وقدمه في الرعايتين والفائق وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب والحاوي الصغير ونصره المصنف والشارح.
قال في القواعد الأصولية والمذهب لا يعتق بالأداء خلافا لما قال القاضي.
قوله: ولا يصح إلا بالقول وينعقد بقوله: كاتبتك على كذا وإن لم يقل فإذا أديت إلى فأنت حر.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي وهو المذهب المجزوم به لعامة الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
ويحتمل أن يشترط قوله: ذلك أو نيته.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
وفي الترغيب وجه هو رواية في الموجز والتبصرة يشترط قوله: ذلك وقيل أو نيته.
فائدة: ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه لا يشترط قبوله للكتابة.
وقال في الموجز والتبصرة والترغيب والرعاية الكبرى يشترط ذلك واقتصر عليه في الفروع.
قوله: ولا يصح إلا على عوض معلوم.
ولو خدمة أو منفعة وغيرها.
قال الأصحاب مباح يصح السلم فيه منجم بنجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم.
الصحيح من المذهب أنها لا تصح إلا على نجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم جزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقيل تصح على نجم واحد.

اختاره ابن أبى موسى.
قال في الفائق وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل تصح أن تكون على خدمة مفردة على مدة واحدة.
والصحيح من المذهب أنها لا تصح إلا على عوض معلوم فلا تصح على عبد مطلق اختاره أبو بكر وغيره وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه والخلاصة والفروع وغيرهم.
وقال القاضي تصح على عبد مطلق وله الوسط وقاله أصحاب القاضي.
قال في الرعايتين وإن كاتبه على عبد مطلق صح في الأصح وله الوسط.
وقال في الحاوي الصغير وإن كاتبه على عبد مطلق صح ووجب الوسط.
وقياس قول أبى بكر بطلانه.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن الكتابة لا تصح حالة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وظاهر كلام المصنف في المغنى والشارح أن فيها قولا بالصحة فإنهما قالا ولا تجوز إلا مؤجلة منجمة هذا ظاهر المذهب.
فدل أن فيها خلافا وهو خلاف ظاهر المذهب واختاره في الفائق فقال والمختار صحة الكتابة حالة.
وقال في الترغيب في كتابة من نصفه حر حالة وجهان.
فعلى المذهب في جواز توقيت النجمين بساعتين وعدمه فيعتبر ماله وقع في القدرة على الكسب فيه خلاف في الانتصار.
قلت الصواب الثاني.
وإن كان ظاهر كلام الأصحاب الأول.
وتقدم في أواخر العتق هل يصح شراء العبد نفسه من سيده بمال في يده أم لا؟
وعلى المذهب أيضا تكون الكتابة باطلة من أصلها على الصحيح ذكره القاضي والشريف وأبو الخطاب وغيرهم.
وصرح ابن عقيل بأن الإخلال بشرط النجوم يبطل العقد.
وذكر صاحب التلخيص أن الكتابة تصير فاسدة ولا تبطل من أصلها.
ويأتي الإشكال فيما إذا كاتبه على عوض مجهول أنها تكون فاسدة لا باطلة آخر الباب.
قوله: وتصح على مال وخدمة سواء تقدمت الخدمة أو تأخرت.

يعني تصح الكتابة على مال مع خدمة ويشترط كون المال مؤجلا بخلاف الخدمة لكن لو جعل الدين بعد فراغ الخدمة بيوم أو أكثر صح وإن جعل محله في الخدمة أو عند انقضائها صح أيضا على الصحيح من المذهب قدمه في المغنى والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم ونصروه.
وقال القاضي لا تصح لأنه يكون نجما واحدا وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
فائدة: تصح الكتابة على منفعة مفردة منجمة كخدمة وعمل في الذمة كخياطة ونحوها قاله الأصحاب.
وللمصنف احتمال بصحتها على منفعة مفردة مدة واحدة.
قوله: وإن أدى ما كوتب عليه أو أبرئ منه عتق.
هذا المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والفائق وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا ويجبر على أدائه.
فائدة: لو أبرأه بعض الورثة من حق منها وكان مؤسرا عتق عليه كله على الصحيح من المذهب وقيل لا يعتق.
قوله: فلو مات قبل الأداء كان ما في يده لسيده في الصحيح عنه.
وهذا مفرع على الصحيح من المذهب وهو أنه إذا ملك ما يؤدي عن كتابته ولم يؤده لم يعتق فإذا مات قبل الأداء انفسخت الكتابة وكان ما في يده لسيده.
وعلى الرواية الثانية وهي أنه إذا ملك ما يؤدي يصير حرا قبل الأداء فإذا مات قبل الأداء كان لسيده بقية كتابته والباقي لورثة الميت فلا تنفسخ الكتابة اختاره هنا أبو بكر وأبو الخطاب.
لكن هل يستحقه السيد حالا أو هو على نجومه فيه روايتان وأطلقهما في الفروع.
قلت هي شبيهة بمن مات وعليه دين على ما تقدم في باب الحجر.
وتقدم في ذكر أهل الزكاة إذا عجز ورق ونحوه وكان بيده مال أخذه من الزكاة هل يكون لسيده أو لمن أخذه منه؟
قوله: وإذا عجلت الكتابة قبل محلها لزم السيد الأخذ.
فشمل القبض مع الضرر وعدمه وكذا قال الإمام أحمد رحمه الله والخرقى وأبو بكر

وأبو الخطاب والشيرازي والسامري وغيرهم.
قال في المذهب يلزمه مع الضرر في ظاهر المذهب.
قال الشارح وهو الصحيح وقدمه في الهداية والحاوي الصغير.
ويحتمل أن لا يلزمه ذلك إذا كان في قبضة ضرر وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال القاضي والمذهب عندي أن فيه تفصيلا على حسب ما ذكر في السلم وصححه الناظم واختاره المصنف في المغنى.
قال في الرعايتين وإن عجل ما عليه قبل محله لزم سيده في الأصح أخذه بلا ضرر وعتق في الحال وجزم به في الوجيز والمحرر وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
قال في الفائق ولو عجل ما عليه لزم قبضه وعتق حالا نص عليه وقيد بعدم الضرر.
وقدمه في الفروع ذكره في باب السلم.
ونقل حنبل وأبو بكر لا يلزمه ولو مع عدم الضرر ذكرها جماعة من الأصحاب لأنه قد يعجز فيرق ولأن بقاء المكاتب في هذه المدة حق له ولم يرض بزواله.
فهذه ثلاث روايات رواية باللزوم مطلقا وعدمه مطلقا والثالثة: الفرق بين الضرر وعدمه.
واختار القاضي في كتاب الروايتين طريقة أخرى وهي إن كان في القبض ضرر لم يلزمه وإلا فروايتان وتبعه في الكافي.
فائدتان :
إحداهما: حيث قلنا باللزوم لو امتنع السيد من قبضه جعله الإمام في بيت المال وحكم بعتق العبد جزم به الزركشي.
قال في الفروع هذا المشهور.
قال المصنف والشارح وإن أبى السيد بريء العبد ذكرناه في المكفول به.
نقل حرب إن أبى مولاه الأخذ ما أعلم ما زاده إلا خيرا.
وتقدم نظير ذلك في باب السلم.
الثانية: في عتق المكاتب بالاعتياض وجهان وأطلقهما في الفروع والبلغة والرعاية الكبرى.
والصواب العتق اختاره المصنف والشارح وغيرهما وعدم العتق قاله القاضي.

قوله: وإذا أدى وعتق فوجد السيد بالعوض عيبا فله أرشه أو قيمته ولا يرتفع العتق.
هذا المذهب جزم به في المحرر والوجيز والمنور والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم وصححه في النظم وهو من مفردات المذهب.
وقيل هو كالبيع.
وقيل يرتفع العتق إن رده ولم يعطه البدل وهو توجيه للقاضي.
قال المصنف وغيره فإن بان معيبا نظرت فإن رضى بذلك وأمسكه استقر العتق وإن اختار إمساكه وأخذ الأرش أو رده فله ذلك.
وقال أبو بكر قياس قول الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يبطل به العتق وليس له الرد وله الأرش.
فائدة: لو أخذ السيد حقه ظاهرا ثم قال هو حر ثم بان مستحقا لم يعتق قاله الأصحاب.
وإن ادعى السيد تحريم العوض قبل ببينة.
وإن لم تكن بينة قبل قول العبد مع يمينه ثم يجب على السيد أخذه ويعتق به ثم يلزم السيد رده إلى مالكه إن أضافه إلى مالك.
وإن نكل العبد حلف سيده.
وله قبضة من دين غير دين الكتابة وتعجيزه وفي تعجيزه قبل أخذ ذلك من جهة الدين وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
والاعتبار بقصد السيد في قبضه عن أحد الدينين وفائدته يمينه عند النزاع.
قلت قد تقدم في باب الرهن أنه لو قضى بعض دينه أو أبرئ منه وببعضه رهن أو كفيل كان عما نواه الدافع أو المبرئ من القسمين والقول قوله: في النية بلا نزاع فيخرج هنا مثله.
قوله: ويملك السفر.
حكم سفر المكاتب حكم سفر الغريم على ما تقدم في أول باب الحجر.
قال في الفروع وله السفر كغريم.
قال المصنف في المغنى والشارح وقد أطلق أصحابنا القول في ذلك ولم يفرقوا بين

السفر الطويل وغيره.
وقياس المذهب أن له منعه من السفر الذي تحل نجوم الكتابة قبله.
قال الزركشي قلت وهو مراد الأصحاب وإنما لم يقيدوا ذلك اكتفاء بما تقدم لهم من الحر المدين بطريق الأولى.
تنبيه: يستثنى من كلام المصنف السفر للجهاد فإنه لا يجوز له السفر لذلك إلا بإذنه على ما مر في كتاب الجهاد ذكره الزركشي.
قوله: فإن شرط عليه أن لا يسافر ولا يأخذ الصدقة فهل يصح الشرط على وجهين.
وهما وجهان أيضا في المغنى والشرح وشرح ابن منجا.
وهما روايتان عند أبى الخطاب والشيرازي والمصنف في الكافي والمجد في المحرر وصاحب الفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والحاوي الصغير.
أحدهما: يصح الشرط وهو المذهب.
قال في الفروع والرعايتين ويصح شرط تركهما على الأصح وصححه في التصحيح والفائق وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
وهو من مفردات المذهب فيهما.
والوجه الثاني لا يصح الشرط صححه في النظم.
واختار المصنف والشارح صحة شرط أن لا يسافر.
وقدم ابن رزين بطلان شرط عدم سفره وصحة شرط عدم السؤال.
وقال أبو الخطاب يصح إذا شرط أن لا يسافر ولا يصح شرط أن لا يأخذ الصدقة.
وقال القاضي لا يصح إذا شرط أن لا يسافر.
وقال في الجامع والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي يصح شرط أن لا يسافر.
وقال أبو بكر إذا رآه يسأل مرة في مرة عجزه كما لو حل نجم في نجم عجزه.
فاعتبر المخالفة في مرتين كحلول نجمين وصحح الشرط.
فعلى القول بصحة الشرط إذا خالف كان لسيده تعجيزه على الصحيح من المذهب.

وقيل يملك تعجيزه بسفره إذا لم يمكن رده وأطلقهما في الشرح.
وإن أمكن رده لم يملك تعجيزه جزم به في الفروع وغيره.
قوله: وليس له أن يتزوج ولا يتسرى ولا يتبرع ولا يقرض ولا يحابي ولا يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه ولا يعتق ولا يكاتب إلا بإذن سيده.
لا يتزوج المكاتب إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هو المذهب عند عامة الأصحاب وقطع به عامتهم.
قلت قطع به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل له أن يتزوج بغير إذنه بخلاف المكاتبة ذكره في الرعاية ونقله إبراهيم الحربي.
فائدة: ليس للمكاتب أن يزوج رقيقه إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح ونصراه وصححه في الكافي.
وقيل له ذلك إذا رأى المصلحة اختاره أبو الخطاب.
وقيل له أن يزوج الأمة دون العبد حكاه القاضي في خصاله.
وأطلقهن في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وليس للمكاتب أن يتسرى إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه المنع وعنه عكسه ذكرهما في الفروع ولم أرهما في غيره.
وليس له أن يتبرع ولا يقرض ولا يحابي إلا بإذن سيده بلا خلاف أعلمه.
وليس له أن يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى واختاره أبو بكر وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الشرح وشرح ابن منجا.
وقيل يجوز له ذلك اختاره القاضي وهو ظاهر ما قدمه في الكافي.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق.
وأما العتق فلا يخلو إما أن يعتقه مجانا أو على عوض في ذمته.
فإن أعتقه مجانا لم يجز إلا بإذن سيده بلا نزاع فلو خالف وفعل فالعتق باطل اختاره

المصنف والشارح وقدمه في الفائق.
وقال أبو بكر والقاضي عتقه موقوف على انتهاء الكتابة فإن عتق عتقوا وإن رق رقوا كما لو ملك ذا رحم منه وخرج وقفه على رضا السيد قاله في الفائق وإن اعتقه بمال في ذمته فظاهر كلام المصنف أنه ليس له ذلك إلا بإذن سيده وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والخلاصة وغيرهم وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني يجوز.
قلت وهو الصواب إذا رآه مصلحة له.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم.
وأما المكاتبة فليس له ذلك إلا بإذن سيده وهو أحد الوجهين وهو المذهب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الكافي والمغنى والشرح والفائق.
والوجه الثاني يجوز اختاره القاضي وأبو الخطاب في رؤوس المسائل.
وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والنظم.
وقال أبو بكر هو موقوف كقوله: في العتق المنجز.
فائدة: قال المصنف في المغنى والكافي هنا ليس له أن يحج إن احتاج إلى الأنفاق من ماله فيه.
وذكر المصنف أيضا في المقنع في باب الاعتكاف له أن يحج بغير إذن سيده لانه كالحر المدين وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى هناك.
ونقل الميموني له أن يحج من المال الذي جمعه ما لم يأت نجمه قدمه في المحرر.
قال المصنف والقاضي وابن عقيل هذه الرواية محمولة على أنه يحج بإذن سيده وأما بغير إذنه فلا يجوز انتهى.
قال في المحرر والرعاية الكبرى والنظم والمنور وتجريد العناية وغيرهم في باب الاعتكاف ويحج بغير إذنه ما لم يحل عليه نجم في غيبته نص عليه انتهى فقطعوا بذلك.
وقال في الحاوي الصغير وفي جواز حجه بمال بإذن سيده روايتان.
قال في الرعايتين والفائق في هذا الباب في جواز حجه بماله بإذن سيده روايتان.
وعنه له الحج بلا إذنه.
وعنه ما لم يحل نجم.
قال في الفروع وله الحج بماله ما لم يحل نجم.

وقيل مطلقا وأطلقه في الترغيب وغيره وقالوا نص عليه.
وتقدم بعض ذلك في أول كتاب الاعتكاف.
قوله: وولاء من يعتقه ويكاتبه لسيده.
هذا المذهب مطلقا جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال في الرعايتين والفروع والفائق إن كاتبه بإذن سيده.
وقيل الولاء للمكاتب إن عتق زاد في الفائق مع أمن ضرر في ماله.
وقال المصنف والشارح إن أدى الأول ثم أدى الثاني فولاء كل واحد لمكاتبه وإن أدى الأول وعجز الثاني صار رقيقا للأول وإن عجز الأول وأدى الثاني فولاؤه للسيد الأول وإن أدى الثاني قبل عتق الأول عتق.
قال أبو بكر وولاؤه للسيد ورجحه القاضي في الخلاف قاله في القاعدة السادسة عشر.
وقال القاضي في المجرد هو موقوف إن أدى عتق وولاؤه له وإلا فهو للسيد.
قوله: ولا يكفر بالمال.
هذا إحدى الروايات مطلقا جزم به في الخلاصة والوجيز والنظم.
وقدمه في الشرح وهو ظاهر كلام الخرقى.
وعنه له ذلك بإذن سيده وهو المذهب جزم به في الكافي والمغنى والمحرر وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والرعايتين.
وعنه يكفر بالمال مطلقا.
وقال القاضي المكاتب كالقن في التكفير فإن أذن له سيده في التكفير بالمال انبنى على ملك العبد بالتمليك فإن قلنا لا يملك لم يصح تكفيره بغير الصيام مطلقا وإن قلنا يملك صح بالإطعام إذا أذن فيه سيده وإن أذن بالتكفير بالعتق فهل يصح على روايتين.
قال المصنف والصحيح أن هذا التفصيل لا يتوجه في المكاتب لأنه يملك المال بغير خلاف وإنما ملكه ناقص لتعلق حق السيد به فإذا أذن له صح كالتبرع.
تنبيه: حيث جوزنا له التكفير بالمال فإنه لا يلزمه قاله الزركشي وغيره.
قوله: وهل له أن يرهن أو يضارب بماله يحتمل وجهين.

وكذا قال في الهداية وأطلقهما في المذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح ابن منجا.
أحدهما: ليس له ذلك وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي وقدمه في الشرح في موضع آخر.
والوجه الثاني له ذلك اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
فائدتان :
إحداهما: في جواز بيعه نساء ولو برهن وهبة بعوض وحد رقيقه وجهان وأطلقهما في الفروع.
وأطلقهما في الرعايتين والمحرر والحاوي الصغير والفائق في الأولى والأخيرة.
وأطلقهما في النظم في البيع نساء.
وقدم في المغنى والشرح أنه ليس له أن يبيع نساء وقدمه في الكافي في الجميع.
وجزم في الوجيز ليس له أن يهب ولو بثواب مجهول ولا يحد.
وجزم في الرعايتين والحاوي الصغير ليس له أن يهب ولو بثواب مجهول.
وجزم في المغنى والشرح أنه لا تصح الهبة بالثواب.
وقيل يجوز بيعه نساء من غير رهن ولا ضمين.
ففي البيع نساء ثلاثة أوجه الجواز وهو تخريج للقاضي من المضارب وعدمه والجواز برهن أو ضمين.
الثانية: ليس له أن يقتص لنفسه ممن جنى على طرفه بغير إذن سيده على أحد الوجهين.
قال في الرعاية ولا يقتص لنفسه من عضو وقيل أو جروح بدون إذن سيده في الأصح وكذا قال في الفائق.
قال القاضي في خلافه وهو قياس قول أبى بكر.
قال في القاعدة السابعة والثلاثين بعد المائة وفيه نظر.
وقيل له ذلك اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل.
قلت وهذا المذهب والقول الأول ضعيف جدا.
وقد ذكر الأصحاب قاطبة أن العبد لو وجب له قصاص أن له طلبه والعفو عنه كما ذكره المصنف في آخر باب العفو عن القصاص فها هنا بطريق أولى وأحرى اللهم إلا أن يقال له الطلب وليس له الفعل.
قلت وأطلقهما في الفروع.

قوله: وليس له شراء ذوي رحمه إلا بإذن سيده.
هذا أحد الوجهين قدمه في الهداية وجزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقال القاضي له ذلك نص عليه وهو المذهب.
قال الزركشي هذا الأشهر.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير وله شراء ذي رحمه بلا إذن سيده في أصح الوجهين وإليه ميل الشارح.
وقطع به الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل والمصنف في المغنى وهو من المفردات.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع والفائق والنظم.
قوله: وله أن يقبلهم إذا وهبوا له أو أوصى له بهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله.
وقطع به في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم وشرح على ذلك ابن منجا.
وقيل له أن يقبلهم في الهبة والوصية ولو أضر ذلك بماله.
وأطلق الجواز من غير التقييد بالضرر في الهداية والكافي والمغنى والمحرر والفروع والفائق وهو إحدى نسختي الخرقى.
قال الشارح وله أن يقبلهم لأنه إذا ملك شراءه فلان يجوز له بغير عوض أولى وعند من لا يرى جواز شراءهم بغير إذن السيد لا يجيز قبولهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله.
فائدة: هل له أن يفدي ذوي رحمه إذا جنوا فيه وجهان.
وفي المنتخب والمذهب له ذلك كالشراء قاله في الفروع.
وقال في الترغيب يفديه بقيمته.
قوله: ومتى ملكهم لم يكن له بيعهم وله كسبهم وحكمهم حكمه فإن عتق عتقوا وإن رق صاروا رقيقا للسيد.
مراده بذلك ذوو رحمه.
واعلم أن المكاتب إذا عتق فلا يخلو إما أن يكون عتقه بأداء مال الكتابة أو بعتق سيده له

فإن كان بأداء مال الكتابة عتقوا معه بلا نزاع.
وإن كان عتقه لكون سيده أعتقه فظاهر كلام المصنف أنهم يعتقون معه أيضا وهذا اختيار المصنف وإليه ميل الشارح وصححه الناظم.
والصحيح من المذهب أنهم لا يعتقون إذا أعتق السيد المكاتب بل يبقون أرقاء للسيد.
قدمه في الفروع والنظم وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
فائدة: يجوز للمكاتب شراء من يعتق على سيده ذكره في الانتصار والترغيب فإن عجز عتقوا.
وإن عتق كانوا أرقاء له واقتصر عليه في الفروع.
قلت فيعايى بها.
تنبيه: ظاهر قوله: وكذلك الحكم في ولده من أمته.
يعني أنه يعتق بعتقه أنه لا يتبعه ولده إذا كان من أمة سيده وهو المذهب مطلقا قدمه في الفروع.
وقال جماعة من الأصحاب يتبعه إذا شرط ذلك منهم الناظم.
قوله: وولد المكاتبة الذي ولدته في الكتابة يتبعها.
نص عليه فإن عتقت بأداء أو إبراء عتق معها وإن عتقت بغيرهما لم يعتق ولدها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب كموتها في الكتابة.
قال المصنف والشارح وهو مقتضى قول أصحابنا وقدمه في الفروع.
وقيل يبقى مكاتبا قال الشارح وهو مقتضى قول شيخنا.
قال في الفروع والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يعتق.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن ولد المكاتبة الذي ولدته قبل الكتابة لا يتبعها وهو صحيح قطع به المصنف والشارح وغيرهما.
وظاهر كلامه أنها لو كانت حاملا به حال الكتابة تبعها وهو صحيح قطع به الزركشي وغيره.
فائدتان :
إحداهما: لو أعتق السيد الولد دونها صح عتقه نص عليه.
وقدمه في الفروع والمغنى والشرح ونصراه وقيل لا يعتق.
قال القاضي قد كان يجب أن لا ينفذ عتقه لأن فيه ضررا بأمه لتفويت كسبه عليها فإنها كانت تستعين به في كتابتها ولعل الإمام أحمد رحمه الله نفذ عتقه تغليبا للعتق.

ورده المصنف من ثلاثة أوجه وتقدم في كتاب العتق صحة عتق الجنين.
الثانية: ولد بنت المكاتبة كالمكاتبة وولد ابنها وولد المعتق بعضها كالأمة.
قوله: وإن استولد أمته فهل تصير أم ولد يمتنع عليه بيعها على وجهين.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع.
أحدهما: تصير أم ولد وهو المذهب نص عليه.
قال المصنف هذا المذهب وصححه في التصحيح والنظم والفائق وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح وغيرهم.
والوجه الثاني لا تصير أم ولد وقاله القاضي في موضع من كلامه وهو احتمال في الهداية.
قوله: ولا يبيعه درهما بدرهمين.
يعني أنه يجري الربا بينهما وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال ابن أبى موسى لا ربا بينهما لأنه عبد في الأظهر من قوله: لا ربا بين العبد وسيده واختاره أبو بكر قاله الزركشي وغيره وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
فعلى المذهب لو زاد الأجل والدين جاز ذلك على احتمال ذكره المصنف وغيره والمذهب عدم الجواز وعليه الأصحاب.
وتقدم ذلك في آخر باب الربا.
تنبيه: يستثنى من ذلك مال الكتابة فإنه لا يجري الربا في ذلك قاله الأصحاب لتجويزهم تعجيل الكتابة بشرط أن يضع عنه بعضها وتقدم قطع المصنف بذلك.
قوله: وإن حبسه مدة فعليه أرفق الأمرين به من أنظاره مثل تلك المدة أو أجره مثله.
هذا أحد الوجوه جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ونهاية ابن رزين واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقيل تلزمه أجرة المدة جزم به الأدمى في منتخبه.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وقيل يلزمه إنظاره مثل المدة ولا تحتسب عليه مدة حبسه صححه المصنف والشارح وقدمه ابن رزين في شرحه.

وأطلقهن في الكافي والفروع والفائق وتجريد العناية.
قوله: وليس له وطء مكاتبة إلا أن يشترط.
إذا أراد وطأها فلا يخلو إما أن يشترطه أو لا فإن لم يشترطه لم يجز وطؤها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال المصنف وتبعه الشارح وقيل له وطؤها وإن لم يشترط في الوقت الذي لا يشغلها الوطء عن السعي عما هي فيه.
قال الزركشي وهذا القول يحتمل أنه في المذهب ويحتمل أنه لبعض العلماء.
وإن شرط وطأها في العقد جاز على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند عامة الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وصححه الناظم وغيره.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين هذا المذهب المنصوص كالراهن يطأ بشرط ذكره في عيون المسائل والمنتخب وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يجوز ذكرها أبو الخطاب وابن عقيل في المفردات وقال هذا اختياري.
قوله: وإن وطئها ولم يشترط أو وطىء أمتها فلها عليه المهر.
هذا الصحيح من المذهب وجزم به الخرقى وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقيل لا يلزمه إن طاوعته وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم وأطلقهما في المحرر والفائق والزركشي.
فائدة: إذا تكرر وطؤه فإن كان قد أدى مهر الوطء الأول لزمه للثاني مهر أيضا وإن لم يكن أدى عنه لم يلزمه إلا مهر واحد ذكره المصنف والشارح وغيرهما.
وسيأتي ذلك مستوفى في آخر كتاب الصداق.
تنبيه: مراده بقوله: ويؤدب ولا يبلغ به الحد.
إذا كان عالما بالتحريم.
فأما إن كان غير عالم بالتحريم فإنه لا يعزر.

قوله: ومتى ولدت منه صارت أم ولد له وولده حر.
سواء وطئها بشرط أو بغيره.
فإن أدت عتقت وإن ماتت قبل أدائها عتقت وسقط ما بقي من كتابتها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وحكى الشيرازي رواية يلزمها بقية مال الكتابة تدفعها إلى الورثة إذا اختارت بقاءها على الكتابة ذكره عنه الزركشي.
فائدة: ليس له وطء بنت مكاتبته ولا يباح ذلك بالشرط فإن فعل عزر.
ولا تجب عليه قيمة ولده من جارية مكاتبة أو مكاتبته على الصحيح من المذهب ويحتمل أن تجب.
قوله: وما في يدها لها إلا إن يكون قد عجزها.
إذا مات السيد قبل أدائها عتقت بكونها أم ولد وما في يدها إن كان مات سيدها بعد عجزها فهو لورثة سيدها وإن كان مات قبل عجزها فقدم المصنف هنا أنه يكون لها وهو أحد الوجهين.
واختاره ابن عقيل في الفصول والمصنف والشارح والقاضي في المجرد والتعليق ذكره فيه في الظهار وقدمه في النظم.
وقال أصحابنا هو لورثة سيدها أيضا وهو المذهب جزم به الخرقى وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وأطلقهما في المحرر ولم يفرق بين عجزها وعدمه.
وأطلقهما في المستوعب وحكاهما روايتين.
وتقدم نظير ذلك إذا دبر المكاتب أو كاتب المدبر في باب التدبير.
قوله: وكذلك الحكم فيما إذا أعتق المكاتب سيده.
فيكون ما في يده له في قول القاضي وابن عقيل والمصنف والشارح.
وعلى قياس قول الأصحاب يكون لسيده.
قال المصنف والشارح ويحتمل أن يكون للمكاتب أيضا على قول الأصحاب الخرقى وغيره لأن السيد أعتقه برضاه فيكون قد رضى بإعطائه ماله بخلاف الأولى.
وتقدم إذا مات أو عجز أو أعتق وفي يده مال من الزكاة هل يكون لسيده أو يرد إلى ربه في باب ذكر أهل الزكاة.

فائدتان :
إحداهما: وكذا الحكم لو أعتق المكاتبة.
الثانية: عتق المكاتب قيل هو إبراء مما بقي عليه.
وقيل بل هو فسخ كعتقه في الكفارة وأطلقهما في الفروع.
قوله: وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها فلها المهر على كل واحد منهما وإن ولدت من أحدهما: صارت أم ولد له.
ومكاتبة كل نصف لسيده هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والنظم وغيرهما.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقال القاضي لا يسرى استيلاد أحدهما: إلى نصيب شريكه إلا أن يعجز فينظر حينئذ فإن كان موسرا قوم عليه نصيب شريكه وإلا فلا.
وقوله: ويغرم لشريكه نصف قيمتها.
هذا المذهب بلا نزاع لكن هل يغرم نصف قيمتها مكاتبة أو نصف قيمتها قنا فيه وجهان.
والصحيح من المذهب الأول قدمه في المحرر والفروع.
والوجه الثاني يغرم نصف قيمتها قنا جزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه في النظم.
وهل يلزمه المهر كاملا أو نصفه فيه وجهان الصحيح من المذهب الأول قدمه في المحرر والفروع.
والوجه الثاني يلزمه نصف المهر فقط جزم به في الوجيز وصححه في النظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والفائق.
قوله: وهل يغرم نصف قيمة ولدها على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع.
إحداهما: نصف قيمته قال القاضي هذه الرواية أصح على المذهب.
وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: لا يغرمه قدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وشرح ابن رزين وهذا المذهب.
وقيل إن وضعته قيل التقويم غرم نصف قيمته وإلا فلا شيء عليه اختاره أبو بكر.
ويأتي ما يشابه ذلك في آخر باب أحكام أمهات الأولاد.

قوله: ويجوز بيع المكاتب هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور المنصوص عليه نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره الأصحاب وقدموه وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يجوز بيعه مطلقا.
وعنه لا يجوز بيعه بأكثر من كتابته حكاها ابن أبى موسى.
فعلى المذهب يقوم المشتري مقام البائع.
فائدة: حكم هبته والوصية به حكم بيعه على الصحيح من المذهب.
وعنه لا تجوز هبته.
وتقدم في كلام المصنف الوصية بالمكاتب وبمال الكتابة أو بنجم منها أو برقبته في باب الموصى به فليراجع.
فائدة: أخرى لا يجوز بيع ما في ذمة المكاتب من نجوم الكتابة.
قوله: وإن اشترى كل واحد من المكاتبين الآخر صح شراء الأول وبطل شراء الثاني سواء كانا لواحد أو اثنين.
وهذا بلا نزاع على القول بجواز بيع المكاتب.
وقوله: وإن جهل الأول منهما فسد البيعان.
وهذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق.
وقال القاضي يفسخان كما لو زوج الوليان وأشكل السابق منهما أو يقرع وجزم به في المحرر.
قوله: وإن أسر العدو المكاتب فاشتراه رجل فأحب سيده أخذه بما اشتراه وإلا فهو عبد مشتريه مبقى على ما بقي من كتابته يعتق بالأداء وولاؤه له.
قال الناظم :
ولو قيل: يعط الربع بينهما معا ... ويلزمه كل الفدا لم أبعد
هذا الحكم مبنى على ثلاث قواعد.
الأولى أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالقهر.

الثانية: أن من وجد ماله من مسلم أو معاهد بيد من اشتراه منهم فهو أحق به بثمنه وهذا المذهب فيهما على ما تقدم محررا في باب قسمة الغنيمة.
الثالثة: أن المكاتب يصح نقل الملك فيه وهو المذهب وعليه الأصحاب كما تقدم قريبا.
إذا علمت ذلك فلا تبطل الكتابة بالأسر لكن هل يحتسب عليه بالمدة التي كان فيها مع الكفار على وجهين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والفائق والزركشي جزم في الكافي بالاحتساب.
قلت الأولى عدم الاحتساب ثم رأيت ابن رزين في شرحه قدمه.
فإن قيل لا تحتسب وهو الصواب لغت مدة الأسر وبنى على ما مضى.
وإن قيل تحتسب عليه فحل ما يجوز تعجيزه بترك أدائه فلسيده تعجيزه وهل له ذلك بنفسه أو بحكم حاكم فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفائق والفروع والزركشي.
قلت الأولى أن له ذلك بنفسه.
قال في الفروع وله الفسخ بلا حكم.
وعلى كل الوجهين متى خلص فأقام بينة بوجود مال له وقت الفسخ يفي بما عليه فهل يبطل الفسخ أم لا بد مع ذلك من ثبوت أنه كان يمكنه أداؤه فيه قولان وأطلقهما الزركشي.
قدم المصنف والشارح وصاحب الفائق البطلان.
قوله: وإن جنى على سيده أو أجنبي فعليه فداء نفسه.
أي بقيمته مقدما على الكتابة هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الشارح هذا المعمول به في المذهب.
قال المصنف اتفق أصحابنا على ذلك وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والنظم وغيرهم.
وقال أبو بكر يتحاصان.
فعلى هذا يقسم الحاكم المال بينهما على قدر حقهما.
وعلى المذهب لو أدى مبادرا وليس محجورا عليه عتق واستقر الفداء.

وإن كان بعد الحجر لم يصح ووجب رجوعه إلى ولى الجناية.
قوله: وإن كانت على أجنبي ففداه سيده وإلا فسخت الكتابة وبيع في الجناية قنا.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونقله ابن منصور وغيره.
وجزم به في المحرر والوجيز والنظم والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ونقل الأثرم جنايته في رقبته يفديه إن شاء قال أبو بكر وبه أقول.
فائدة: لو قتله السيد لزمه الفداء وكذا إن أعتقه ويسقط في الأصح إن كانت الجناية على سيده قاله في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قوله: والواجب في الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يلزمه فداؤه بأرش الجناية كله كاملة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه يلزمه فداؤه بالأرش كاملا إن كانت الجناية على أجنبي.
قوله: وإن لزمته ديون تعلقت بذمته يتبع بها بعد العتق.
ولا يملك غريمه تعجيزه هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم بخلاف المأذون له.
وعنه تتعلق برقبته اختاره ابن أبى موسى ذكره عنه في المستوعب.
وعنه تتعلق بذمته ورقبته معا قال في المحرر وهو أصح عندي.
فائدتان :
إحداهما: قال المصنف وتبعه الشارح إذا كان عليه ديون مع دين الكتابة ومعه مال يفي بذلك فله أن يبدأ بما شاء وإن لم يف بها ما معه وكلها حالة ولم يحجر الحاكم عليه فخص بعضهم بالقضاء صح.
وإن كان بعضها مؤجلا فعجله بإذن سيده جاز وإلا فلا.

وإن كان التعجيل للسيد فقبوله بمنزلة إذنه.
وإن حجر عليه بسؤال الغرماء فقال القاضي عندي أنه يبدأ بقضاء ثمن المبيع وعوض القرض ويسوي بينهما ويقدمهما على أرش الجناية ومال الكتابة.
وقال الشارح وقد اتفق الأصحاب على تقديم أرش الجناية على مال الكتابة.
وبنى ذلك في الفروع وغيره من الأصحاب على الروايتين في أصل المسألة.
فقال بانيا على الرواية الأولى تقدم ديون محجور عليه لعدم تعلقها برقبته. فلهذا إن لم يكن بيده مال فليس لغريمه تعجيزه بخلاف الأرش ودين الكتابة.
وعنه يتعلق برقبته فتتساوى الأقدام ويملك تعجيزه ويشترك رب الدين والأرش بعد موته لفوت الرقبة.
وقيل يقدم دين المعاملة.
ثم قال ولغير المحجور تقديم أي دين شاء.
وذكر ابن عقيل وجماعة أنه بعد موته هل يقدم دين الأجنبي على السيد كحالة الحياة أم يتحاصان فيه روايتان.
وهل يضرب سيده بدين معاملة مع غريمه فيه وجهان.
الثانية: لا يجبر المكاتب على الكسب لوفاء دينه على الصحيح من المذهب.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة هذا المذهب المشهور لأنه دين ضعيف وخرج ابن عقيل وجها بالوجوب كسائر الديون.
قوله: والكتابة عقد لازم من الطرفين لا يدخلها خيار.
هذا المذهب جزم به كثير من الأصحاب منهم صاحب الفروع وغيره في باب الخيار.
وذكر القاضي أن العبد المكاتب له الخيار على التأبيد بخلاف سيده.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وفيه نظر.
قال ابن عقيل لا خيار للسيد وأما العبد فله الخيار أبدا مع القدرة على الوفاء والعجز فإذا امتنع كان الخيار للسيد هذا ظاهر كلام الخرقى.
وقال أبو بكر إن كان قادرا على الوفاء فلا خيار له وإن عجز عنه فله الخيار ذكر ذلك في النكت في باب الخيار وقال ما قاله القاضي وابن عقيل قاله الشيرازي وابن البنا ذكره الزركشي على ما يأتي قريبا.
تنبيه: ظاهر قوله: ويعتق بالأداء إلى سيده أو إلى من يقوم مقامه من الورثة.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28