كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

وتقدم ذلك في صفة الصلاة.
وقال في الانتصار في الضرورة أفعال الحج لا تتبع إحرامه فتتراخى عنه وينفرد بمكان وزمن ونية فلو مر بعرفة أو عدا حول البيت بنية طلب غريم أو صيد لم يجزه وصححه في الخلاف وغيره في الوقوف فقط لأنه لا يفتقر إلى نية.
قوله : "وإن طاف محدثا أو عريانا لم يجزه".
إذا طاف محدثا فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أنه لا يجزيه قال القاضي وغيره هو كالصلاة في جميع الأحكام إلا في إباحة النطق وعنه يجزيه ويجبره بدم.
قال في الفروع: وعنه يجبره بدم إن لم يكن بمكة ولعله مراد المصنف.
وعنه يصح من ناس ومعذور فقط. وعنه يصح منهما فقط مع جبرانه بدم.
وعنه يصح من الحائض تجبره بدم وهو ظاهر كلام القاضي. واختار الشيخ تقي الدين الصحة منها ومن كل معذور وأنه لا دم على واحد منهما وقال هل: الطهارة واجبة أو سنة لها؟ فيه قولان في مذهب أحمد وغيره ونقل أبو طالب والتطوع أيسر وتقدم التنبيه على ذلك في آخر نواقض الوضوء وأوائل باب الحيض.
فوائد
إحداها : يلزم الناس انتظار الحائض لأجل الحيض فقط حتى تطوف إن أمكن على الصحيح من المذهب صححه في الفروع وجزم به ابن شهاب وقيل: لا يلزم.
الثانية : لو طاف فيما لا يجوز له لبسه صح ولزمته الفدية ذكره الآجري واقتصر عليه في الفروع.
الثالثة : النجس والعريان كالمحدث فيما تقدم من أحكامه.
قوله : "وإن أحدث في بعض طوافه أو قطعه بفصل طويل ابتدأه".
هذا المذهب بلا ريب لأن الموالاة شرط.
واعلم أن حكم الطائف إذا أحدث في أثناء طوافه حكم المصلي إذا أحدث في صلاته خلافا ومذهبا على ما تقدم ذكره ابن عقيل وغيره وقدمه في الفروع وغيره
ويبطله الفصل الطويل على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه.
وعنه لا تشترط الموالاة مع العذر ذكرها المصنف وغيره.
قال المصنف هنا: ويتخرج أن الموالاة سنة وهو لأبي الخطاب وذكره في التلخيص وجها وهو رواية في المحرر والفروع وغيرهما.
وأما إذا كان يسيرا أو أقيمت الصلاة أو حضرت جنازة فإنه معفو عنه يصلي ويبني.

كما قال المصنف. ولكن يكون ابتداء بنائه من عند الحجر ولو كان القطع في أثناء الشوط نص عليه وصرح به المصنف وغيره.
فائدة : لو شك في عدد الأشواط في نفس الطواف فالصحيح من المذهب: أنه لا يأخذ إلا باليقين نص عليه وقدمه في الفروع وغيره وذكر أبو بكر وغيره ويأخذ أيضا بغلبة ظنه انتهى وهو رواية عن أحمد.
وقول أبي بكر هنا. مخالف لما قاله فيما إذا شك في عدد الركعات: أنه يأخذ باليقين. ويأخذ بقول عدلين على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل: لا. وذكر المصنف والشارح: ويأخذ أيضا بقول عدل وقطعا به.
قوله : "ثم يصلي ركعتين والأفضل: أن يكونا خلف المقام".
هاتان الركعتان سنة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه أنهما واجبتان قال في الفروع: وهو أظهر.
فائدة : لو صلى المكتوبة بعد الطواف: أجزأ عنهما على الصحيح من المذهب ونص عليه وعنه يصليهما أيضا اختاره أبو بكر وغيره.
فائدة أخرى : لا يشرع تقبيل المقام ولا مسحه قال في الفروع: إجماعا قال في رواية ابن منصور لا يمسه ونقل الفضل يكره مسه وتقبيله وفي منسك ابن الزاغوني فإذا بلغ مقام إبراهيم فليمس الصخرة بيده وليمكن منها كفه ويدعو.
قوله : "ثم يعود إلى الركن فيستلمه".
هذا المذهب. وعليه معظم الأصحاب. وفي كتاب أسباب الهداية لابن الجوزي: يأتي الملتزم قبل صلاة الركعتين.
فوائد
الأولى : يجوز جمع أسابيع ثم يصلي لكل أسبوع منها ركعتين نص عليه وهو من المفردات وعنه يكره قطع الأسابيع على شفع كأسبوعين وأربعة ونحوها قال في الفروع فيكره الجمع إذن ذكره في الخلاف والموجز ولم يذكره جماعة.
الثانية : يجوز له تأخير سعيه عن طوافه بطواف وغيره نص عليه.
الثالثة: إذا فرغ المتمتع ثم علم أنه كان على غير طهارة في أحد الطوافين وجهله: لزمه

الأشد. وهو كونه في طواف العمرة فلم تصح ولم يحل منها فيلزمه دم للحلق ويكون قد أدخل الحج على العمرة فيصير قارنا ويجزئه الطواف للحج عن النسكين.
ولو قدرناه من الحج: لزمه إعادة الطواف ويلزمه إعادة السعي على التقديرين لأنه وجد بعد طواف غير معتد به.
وإن كان وطى ء بعد حله من العمرة حكمنا بأنه أدخل حجا على عمرة فاسدة فلا يصح ويلغو ما فعله من أفعال الحج ويتحلل بالطواف الذي قصده للحج من عمرته الفاسدة وعليه دم للحلق ودم للوطء في عمرته ولا يحصل له حج وعمرة.
ولو قدرناه من الحج لم يلزمه أكثر من إعادة أكثر الطواف والسعي ويحصل له الحج والعمرة.
الرابعة : يشترط لصحة الطواف عشرة أشياء ذكرها المصنف متفرقة إلا الخروج عن المسجد النية وستر العورة وطهارة الحدث والخبث وتكميل السبع وجعل البيت عن يساره وأن لا يمشي على شيء منه وأن لا يخرج عن المسجد وأن يوالي بينه وأن يبتدئ بالحجر الأسود فيحاذيه وفي بعض ذلك خلاف تقدم ذكره.
وسننه: استلام الركن وتقبيله أو ما يقوم مقامه من الإشارة واستلام الركن اليماني والاضطباع والرمل والمشي في مواضعه والدعاء والذكر وركعتا الطواف والطواف ماشيا والدنو من البيت وفي بعض ذلك خلاف ذكرناه.
ذكر ذلك المصنف والشارح وغيرهما.
قوله : "ثم يخرج إلى الصفا من بابه ويسعى سعيا يبدأ بالصفا فيرقى عليه حتى يرى البيت فيستقبله". بلا نزاع.
قوله : "يكبر ثلاثا ويقول لا إله إلا الله إلى قوله: ولو كره الكافرون".
يعني يقول ذلك إذا رقى على الصفا واستقبل القبلة وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم من الأصحاب.
قال في الهداية والمستوعب والكافي وغيرهم يكرر ذلك ثلاثا.
وقال في الفروع: يقول ذلك ثلاثا إلى قوله: "هزم الأحزاب وحده" ولم يذكر ما بعده.
قوله : "ثم يلبي".
يعني: بعد هذا الدعاء وهكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين.

وقال في المستوعب: ويلبي عقيب كل مرة ولم يذكر التلبية في التلخيص والمحرر والفروع وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قوله : "ويدعو".
اقتصر جماعة من الأصحاب منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص وغيرهم وقال جماعة: ويرفع يديه ولم يذكر المحرر،
وجماعة الدعاء.
قوله : "ثم ينزل من الصفا ويمشي حتى يأتي العلم".
هكذا قال جماعة من الأصحاب "يمشي حتى يأتي العلم" منهم الخرقي وصاحب المحرر والفائق والرعايتين والحاويين والمنور وتجريد العناية.
وقال جماعة: يمشي إلى أن يبقى بينه وبين العلم نحو ستة أذرع منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والكافي والشرح وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى.
قال في الفروع: وهو أظهر.
قوله : "فيسعى سعيا شديدا إلى العلم".
هكذا قال جماهير الأصحاب أعني قالوا يسعى سعيا شديدا وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والكافي والمحرر والشرح والوجيز والفائق وغيرهم.
قال الزركشي: وعليه الأصحاب. وقدمه في الرعايتين والحاويين.
قال في الفروع: وهو أظهر وقال جماعة: يرمل. وهو ظاهر كلام الخرقي
وتقدم: هل يفعل ذلك إن كان راكبا عند الرمل في الطواف؟
فائدة : لا يجزئ السعي قبل الطواف على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في المغني والشرح ونصراه في الفروع وغيرهم من الأصحاب.
وعنه يجزئ مطلقا من غير دم ذكرها في المذهب.
وعنه يجزئ مطلقا مع دم ذكرها القاضي.
وعنه: يجزئ مع السهو والجهل.
قوله : "ويستحب أن يسعى طاهرا مستترا متواليا".
أما السترة والطهارة: فسنة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

قال الزركشي عن الطهارتين: هو المذهب المشهور المنصوص المختار للأصحاب وقال عن السترة الأكثرون قطعوا بذلك من غير خلاف.
وقيل: هما في السعي كالطواف على ما تقدم.
وأما الموالاة: فقدم المصنف هنا أنها سنة وهو إحدى الروايات وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في النظم وصححه المصنف والشارح وتجريد العناية واختاره أبو الخطاب قاله الزركشي وهو تخريج في الهداية وغيرها.
وعنه: أنها شرط كالطواف وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع عليها الأكثر.
قلت: منهم القاضي.
وصححه في الخلاصة والتلخيص والمذهب ومسبوك الذهب وجزم به في المنور وقدمه في الهداية والمستوعب والفروع والمحرر والرعايتين والحاويين وهو ظاهر كلام الخرقي.
وعنه: لا يشترط مع العذر.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أن النية ليست شرطا في السعي وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب قاله في الفروع.
قلت: وفيه نظر وضعف وقيل هي شرط فيه.
قلت: وهو الصواب لأنه عبادة وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والفائق ولا أظن أحدا من الأصحاب يقول غير ذلك ولا وجه لعدم اشتراطها.
وزاد في المحرر والفائق وتذكرة ابن عبدوس: وأن لا يقدم السعي على أشهر الحج.
وصرح أبو الخطاب بخلاف ذلك. وقال: لا أعرف منعه عن أحمد.
وذكر ولد الشيرازي: أن سيعه مغمى عليه أو سكران كوقوفهما قال في الفروع ويتوجه عدم الصحة قولا واحدا.
قوله : "فإن كان معتمرا قصر من شعره".
على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب أن الأفضل
أن يقصر من شعره في العمرة ليحلق في الحج وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المستوعب والترغيب والتلخيص: والحلق في الحج والعمرة أفضل من التقصير.

وقال في المحرر: حلق أو قصر وحل منهما.
قوله : "إلا أن يكون المتمتع قد ساق هديا فلا يحل حتى يحج".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يحل كمن لم يهد وهو مقتضى ما نقله يوسف بن موسى قاله القاضي.
وقال في الكافي والفائق وغيرهما وعنه له التقصير من شعر رأسه خاصة دون أظفاره وشاربه انتهى.
وعنه: إن قدم قبل العشر نحر الهدي وحل ونقل يوسف ابن أبي موسى ينحر ويحل وعليه هدي آخر وقال مالك ينحر هديه عند المروة.
قال المصنف: ويحتمله كلام الخرقي وتقدم ذلك بعينه في باب الإحرام عند قوله: "ولو ساق المتمتع هديا لم يكن له أن يحل".
فعلى المذهب: يحرم بالحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما معا نص عليه وتقدم هذا أيضا هناك.
تنبيهان
أحدهما : محل ما تقدم في المتمتع أما المعتمر غير المتمتع: فإنه يحل. ولو كان معه هدي.
الثاني : ظاهر كلام المصنف: أنه إذا لم يسق الهدي يحل سواء كان ملبدا رأسه أو لا وهو صحيح. وهو المذهب. وعليه جماهير الأصحاب. وقطع به كثير منهم.
وقيل: لا يحل من لبد رأسه حتى يحج جزم به في الكافي. وقدمه في الرعاية الكبرى.
قوله : "ومن كان متمتعا قطع التلبية إذا وصل البيت".
وكذا قال الخرقي وصاحب المستوعب وغيرهم.
وعنه: يقطعها برؤية البيت.
والصحيح من المذهب: أنه يقطعها إذا استلم الحجر وشرع في الطواف وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في رواية الميموني وحنبل والأثرم وأبي داود وغيرهم وقدمه في الفروع وحمل الأول على ظاهره والثاني عليه وحمل المصنف كلام الخرقي على المنصوص وحمله المجد على ظاهره.
قال الزركشي: يجوز حمله على ظاهره وجوز القاضي في التعليق الاحتمالين.
وحمل ابن منجا في شرحه: كلام المصنف على المنصوص والشارح شرح على المنصوص ولم يحك خلافا.

فائدة : لا بأس بالتلبية في طواف القدوم قاله الإمام أحمد والأصحاب وحكى المصنف عن أبي الخطاب: أنه لا يلبى فيه قال الأصحاب لا يظهر التلبية فيه وقال في المستوعب وغيره لا يستحب ومعنى كلام القاضي يكره وصرح به المصنف وفي الرعاية وجه: يسن.
والسعي بعد طواف القدوم كذلك. وهو مراد الأصحاب قاله في الفروع.
تنبيه : وأما وقت قطع التلبية في الحج: فيأتي في كلام المصنف في قوله: في الباب الذي بعد "هذا ويقطع التلبية مع ابتداء الرمي".

باب صفة الحج
قوله : "ويستحب للمتمتع الذي حل وغيره من المحلين بمكة الإحرام يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة".
هذا المذهب مطلقا. وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل للإمام أحمد: المكي يهل إذا رأى الهلال؟ قال: كذا يروى عن عمر.
قال القاضي: فنص على أنه يهل قبل يوم التروية.
وقال في الترغيب: يحرم المتمتع يوم التروية. فلو جاوزه غير محرم: لزمه دم الإساءة مع دم التمتع على الأصح.
وقال في الرعاية: يحرم يوم التروية أو غيره. فإن أحرم في غيره: فعليه دم.
وتقدم في باب الإحرام: أن المتمتع إذا ساق الهدي لم يحل ويحرم بالحج بعد طوافه وسعيه.
ويستثنى من كلام المصنف وغيره: المتمتع إذا لم يجد الهدي وصام فإنه يحرم يوم السابع على ما تقدم في باب الفدية فيعايى بها.
فائدتان
إحداهما : يستحب أن يفعل عند إحرامه هذا ما يفعله عند الإحرام من الميقات من الغسل والتنظيف والتجرد عن المخيط ويطوف سبعا ويصلي ركعتين ثم يحرم.
الثانية : إذا أحرم بالحج لا يطوف بعده قبل خروجه لوداع البيت على الصحيح من المذهب نقله الأثرم وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر ونقل ابن منصور وأبو داود لا يخرج حتى يودعه وطوافه بعد رجوعه من منى للحج وجزم به في الواضح والكافي والمغني والشرح وأطلق جماعة روايتين فعلى الأول لو أتى به وسعى بعده لم يجزه عن السعي الواجب.

قوله : "من مكة ومن حيث أحرم من الحرم جاز".
المستحب: أن يحرم من مكة بلا نزاع والظاهر أنه لا ترجيح لمكان على غيره ونقل حرب يحرم من المسجد قال في الفروع ولم أجد عنه خلافه ولم يذكره الأصحاب إلا في الإيضاح فإنه قال يحرم به من تحت الميزاب.
قلت: وكذا قال في المبهج وتقدم ذلك في المواقيت.
قوله : "ومن حيث أحرم من الحرم جاز".
يجوز الإحرام من جميع بقاع الحرم على الصحيح من المذهب نقله الأثرم وابن منصور وعليه الجمهور ونصره القاضي وأصحابه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه ميقات حجه: من مكة فقط فيلزمه الإحرام منها.
قال في الرعايتين والفائق في باب المواقيت: ومن بمكة فميقاته لحجه منها نص عليه.
وقيل: من الحرم.
تنبيه : ظاهر كلامه: أنه لو أحرم به من الحل: لا يجوز فيكون الإحرام من الحرم واجبا فلو أحل به كان عليه دم وهو إحدى الروايتين وجزم به المصنف وقال إن مر من الحرم قبل مضيه إلى عرفة فلا دم عليه والصحيح من المذهب أنه يجوز ويصح ولا دم عليه نقله الأثرم وابن منصور ونصره القاضي وأصحابه وقدمه في الفروع كما تقدم فيمن أحرم من الحرم وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم في وجوب الدم وتقدم ذلك بأتم من هذا في باب المواقيت بعد قوله: "وأهل مكة إذا أرادوا الحج: فمن مكة".
تنبيهان
أحدهما: قوله : "ثم يخرج إلى منى".
ويستحب أن يكون خروجه قبل الزوال وأن يصلي بها خمس صلوات نص عليه.
الثاني : ظاهر كلام المصنف أنه لا يخطب يوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة وهو صحيح وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
واختار الآجري أنه يخطب ويعلمهم ما يفعلون يوم التروية.
قوله : "فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة فأقام بنمرة حتى تزول الشمس".
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب: أن الأولى أنه يقيم بنمرة وجزم به في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب،

والمستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وقال من ذكر الخلاف: غير صاحب المذهب ومسبوك الذهب وقيل يقيم بعرفة وقال في المذهب ومسبوك الذهب وقال يقيم بعرنة بالنون قبل أن يأتي عرفة.
قلت: وقد يحتمل أن تكون عرفة تصحيف من عرنة.
وقال الزركشي: نمرة موضع بعرفة وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف قاله ابن المنذر وقال: وبهذا يتبين أن قول صاحب التلخيص أقام بنمرة وقيل بعرفة ليس بجيد إذ نمرة من عرفة انتهى.
وكأنه لم يطلع على كلام من قبله.
وقال في الخلاصة أقام بنمرة أو بعرفة وقال في المغني والشرح بعد أن ذكر أنه يقيم بنمرة وإن شاء أقام بعرنة.
وقال في الرعاية الكبرى- بعد أن قدم الأول- وقيل يقيم ببطن نمرة وقيل: بعرنة وقيل: بواديها. انتهى.
فائدتان
إحداهما: قوله: "ثم يخطب الإمام خطبة يعلمهم فيها الوقوف ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة".
وهذا بلا نزاع لكن يقصرها. ويفتتحها بالتكبير. قاله في المستوعب والترغيب والتلخيص والرعايتين والحاويين وغيرهم.
الثانية: قوله : "ثم ينزل فيصلى بهم الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان وإقامتين".
وكذا يستحب لغيره ولو منفردا نص عليه ويأتي هذا في كلام المصنف في الجمع بمزدلفة
وقد تقدم هل يشرع الأذان في الجمع في باب الأذان وتقدم في الجمع هل يجمع أهل مكة ويقصرون أم لا؟
قوله : "ويستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة راكبا".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم.

وقيل: الراجل أفضل اختاره ابن عقيل وغيره وقدمه في الفائق وقال نص عليه في رواية الحارث انتهى.
وقيل: الكل سواء وهو احتمال لأبي الخطاب.
وعنه التوقف عن الجواب وعنه لا يجزئه راكبا ذكرها في الرعاية.
فائدة : قال في الفروع بعد أن ذكر الأقوال الثلاثة الأول فيتوجه: تخريج الحج عليهما يعني هل الحج ماشيا أفضل أو راكبا أو هما سواء؟
وقال أبو الخطاب في الانتصار وأبو يعلى الصغير في مفرداته: المشي أفضل وهو ظاهر كلام ابن الجوزي فإنه ذكر الأخبار في ذلك وعن جماعة من العباد
وعند الشيخ تقي الدين: أن ذلك يختلف باختلاف الناس ونصه صريح في مريض بحجة يحج عنه راجلا أو راكبا.
تنبيه: قوله : "عند الصخرات وجبل الرحمة هكذا قال الأصحاب وقال في الفائق قلت: المسنون تحري موقف النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت في جبل الرحمة دليل انتهى
قوله : ووقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في الفروع وغيره وهو من المفردات
وقال ابن بطة وأبو حفص وقت الوقوف من الزوال يوم عرفة وحكى رواية
قال في الفائق واختاره شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين وحكاه ابن عبد البر إجماعا
تنبيه مفهوم قوله : فمن حصل بعرفة في شيء من هذا الوقت وهو عاقل تم حجه ومن فاته ذلك فاته الحج
أنه لا يصح الوقوف من المجنون وهو صحيح ولا أعلم فيه خلافا وكذا لا يصح وقوف السكران والمغمى عليه على الصحيح من المذهب نص عليه
وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغني والشرح وغيرهما كإحرام وطواف بلا نزاع فيهما وقيل يصح وهو ظاهر ما قدمه في المحرر ويدخل في كلام المصنف أعني في قوله: وهو عاقل النائم والجاهل بها وهو الصحيح من المذهب
قال في الفروع ويصح مع نوم وجهل بها في الأصح قال في الفائق يصح من النائم في أصح الوجهين وقدمه في الجاهل بها وصححه في التلخيص والقواعد الأصولية في النائم وجزم به في المغني والشرح فيهما
وقيل لا يصح منهما وقدمه في شرح المناسك وأطلقهما في المحرر والحاويين

والرعاية الصغرى وقال في الرعاية الكبرى والأظهر صحته مع النوم دون الإغماء والجهل وقال أبو بكر في التنبيه لا يصح مع الجهل بها وتبعه في المستوعب والتلخيص واقتصر عليه
قوله : ومن فاته ذلك فاته الحج بلا نزاع
قوله : ومن وقف بها ودفع قبل غروب الشمس فعليه دم
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وعنه لا دم عليه كواقف ليلا ونقل أبو طالب فيمن نسي نفقته بمنى وهو بعرفة يخبر الإمام فإذا أذن له ذهب ولا يرجع
قال القاضي فرخص له للعذر
وعنه يلزم من دفع قبل الإمام دم ولو كان بعد الغروب
تنبيه محل وجوب الدم إذا لم يعد إلى الموقف قبل الغروب وهذا الصحيح من المذهب وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقال في الإيضاح فلم يعد إلى الموقف قبل الفجر وقاله ابن عقيل في مفرداته فإن عاد إلى الموقف قبل الغروب أو قبل الفجر عند من يقول به فلا دم عليه على الصحيح من المذهب وعليه أكثرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل عليه دم ولو عاد مطلقا وفي الواضح ولا عذر
فائدتان
إحداهما : يستحب الدفع مع الإمام فلو دفع قبله ترك السنة ولا شيء عليه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وعنه واجب وعليه بتركه دم اختاره الخرقي
ويأتي ذلك في الواجبات
الثانية لو خاف فوت الوقوف إن صلى صلاة آمن فقيل يصلي صلاة خائف اختاره الشيخ تقي الدين
قلت: وهو الصواب
وقيل يقدم الصلاة ولو فات الوقوف
قلت: وفيه بعد وإن كان ظاهر كلام الأكثر
وقيل يؤخر الصلاة إلى أمنه وهو احتمال في مختصر ابن تميم والأولان احتمالان في

الرعاية وأطلقهن في الفروع والرعاية وابن تميم وتقدم ذلك في آخر صلاة أهل الأعذار
قوله : وإن وافاها ليلا فوقف بها فلا دم عليه بلا نزاع
قوله : ثم يدفع بعد غروب الشمس إلى مزدلفة وعليه السكينة
وهذا بلا نزاع لكن قال أبو حكيم ويكون مستغفرا
قوله : يبيت بها فإن دفع قبل نصف الليل يعني من مزدلفة فعليه دم
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه لا يجب كرعاة وسقاة قاله في المستوعب وغيره
وقال في الفرع ويتخرج لا دم عليه من ليالي منى قاله القاضي وغيره
تنبيه وجوب الدم هنا مقيد بما إذا لم يعد إليها ليلا فإن عاد إليها ليلا فلا دم عليه نص عليه
قوله : وإن دفع بعده فلا شيء عليه وإن وافاها بعد نصف الليل فلا شيء عليه وإن جاء بعد الفجر فعليه دم
بلا نزاع في ذلك
قوله : ويأخذ حصى الجمار من طريقه أو من مزدلفة أو من حيث أخذه جاز
هذا المذهب وعليه الأصحاب لكن استحب بعض الأصحاب أخذه قبل وصوله منى ويكره من الحرم وتكسيره أيضا قال في الفصول ومن الحش
قوله : ويكون أكبر من الحمص ودون البندق فيكون قدر حصى الخذف
وهذا المذهب نص عليه وقدمه في الفروع
وقيل يجزئ حجر صغير وكبير قاله في الفروع وقال المصنف في المغني والشارح والفائق وغيرهم قال بعض الأصحاب يجزئه الرمي بالكبير مع ترك السنة
قال في الفائق وعنه لا يجزئه نص عليه قال الزركشي فإن خالف
ورمى بحجر كبير أجزأه على المشهور لوجود الحجرية وعنه لا يجزئه وكذا القولان في الصغير
قوله : وعدده سبعون حصاة
هذا المذهب وعليه الأصحاب فيرمي كل جمرة بسبع حصيات على ما يأتي بيانه

وعنه عدده ستون حصاة فيرمي كل جمرة بستة
وعنه عدده خمسون حصاة فيرمي كل جمرة بخمسة
ويأتي ذلك أيضا في أثناء الباب عند قوله: وفي عدد الحصى روايتان
تنبيه ظاهر قوله : بدأ بجمرة العقبة فرماها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة
أنه لو رماها دفعة واحدة لم يصح وهو صحيح وتكون بمنزلة حصاة واحدة ولا أعلم فيه خلافا ويؤدب على هذه الغفلة نقله الأثرم عن الإمام أحمد رحمه الله
فوائد
منها يشترط أن يعلم حصول الحصى في المرمى على الصحيح من المذهب
وقيل يكفي ظنه جزم به جماعة من الأصحاب وذكر ابن البنا رواية في الخصال أنه يجزئه مع الشك أيضا وهو وجه أيضا في المذهب وغيره
ومنها لو وضعها بيده في المرمى لم يجزه قولا واحدا
ومنها لو طرحها في المرمى طرحا أجزأه على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وظاهر الفصول أنه لا يجزئه لأنه لم يرم بها
ومنها لو رمى حصاة فالتقطها طائر قبل وصولها لم يجزه
قلت: وعلى قياسه لو رماها فذهب بها ريح عن المرمى قبل وصولها إليه
ومنها لو رماها فوقعت في موضع صلب في غير المرمى ثم تدحرجت إلى المرمى أو وقعت على ثوب إنسان ثم طارت فوقعت في المرمى أجزأته
ومنها لو نفضها من وقعت على ثوبه فوقعت في المرمى أجزأته نص عليه وقدمه في الفروع والفائق والمذهب واختاره أبو بكر وجزم به في المستوعب والتلخيص وقال ابن عقيل لا تجزئه لأن حصولها في المرمى بفعل الثاني قال في الفروع وهو أظهر
قلت: وهو الصواب وظاهر المغني والشرح إطلاق الخلاف
قوله : ويكبر مع كل حصاة
وهذا المذهب وعليه الأصحاب قال في التلخيص يكبر بدلا عن التلبية ونقل حرب يرمي ثم يكبر ويقول اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا
قال في المستوعب والتلخيص والرعايتين والإفادات والحاويين يكبر مع كل حصاة ويقول أرضى الرحمن وأسخط الشيطان

قوله : ويرفع يده يعني الرامي بها وهي اليمنى حتى يرى بياض إبطه
ذكر ذلك أكثر الأصحاب ولم يذكره آخرون
فائدتان
إحداهما : يستحب أن يستبطن الوادي فيستقبل القبلة كما ذكره المصنف بعد ذلك أو يرمي على جانبه الأيمن وله رميها من فوقها
الثانية يستحب أن يرميها وهو ماش على الصحيح من المذهب نص
عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
قال في الرعايتين والحاويين يرميها ماشيا
وقال المصنف والشارح وغيرهما يرميها راجلا وراكبا وكيفما شاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها وهو على راحلته وكذلك ابن عمرو وكذلك ابن عمر رميا سائرها ماشيين
وقال المصنف والشارح وفي هذا بيان للتفريق بين هذه الجمرة وغيرها ومالا إلى أن يرميهما راكبا قال في الفروع يرميهما راكبا إن كان والأكثر ماشيا نص عليه
قوله : ويقطع التلبية مع ابتداء الرمي
هكذا قال الإمام أحمد يلبي حتى يرمي جمرة العقبة يقطع التلبية عند أول حصاة وجزم به المصنف والشارح وابن منجا في شرحه والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع ونقله النووي في شرح مسلم عن أحمد أنه لا يقطع التلبية حتى يفرغ من جمرة العقبة
وتقدم آخر الباب الذي قبله وقت قطع التلبية إذا كان متمتعا
قوله : فإن رمى بذهب أو فضة أو بحصى أو بحجر قد رمى به لم يجزه
إذا رمى بذهب أو فضة لم يجزه قولا واحدا وإذا رمى بغير الحصى لم يجزه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره فلا يجزئ بالكحل والجواهر المنطبعة والفيروزج والياقوت ونحوه
وعنه يجزئه بغيره مع الكراهة وعنه إن كان بغير قصد أجزأه
تنبيه شمل قوله : الحصى الحصى الأبيض والأسود والكدان والأحمر من المرمر والبرام والمرو وهو الصوان والرخام وحجر المسن وهو الصحيح وهذا المذهب وقدمه في المغني والشرح والفروع وابن رزين في شرحه وهو الصواب وعنه لا يجزئ غير الحجر المعهود فلا يجزئ الرمي بحجر الكحل والبرام والرخام والمسن ونحوها اختاره القاضي

وغيره وقال في الفروع اختاره جماعة
قلت: جزم به في الهداية والخلاصة وصححه في الرعاية الكبرى وقدمه في المستوعب والتلخيص وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب
وقال في الفصول إن رمى بحصى المسجد كره وأجزأه لأن الشرع نهى عن إخراج ترابه قال في الفروع فدل على أنه لو تيمم أجزأ وأنه يلزم من منعه المنع هنا وأما إذا رمى بما رمى به فإنه لا يجزئه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقيل يجزئ واختاره في الرعاية الكبرى وقال في التصحيح يكره الرمي من الجمار أو من حصى المسجد أو مكان نجس
فوائد
الأولى لا يجزئ الرمي بحصى نجس على الصحيح اختاره ابن عبدوس في تذكرته قال في الرعاية الكبرى ولا يجزئ بنجس في الأصح قال في الفائق وفي الإجزاء بنجس وجه فظاهره أن المقدم عدم الإجزاء وقدمه في الرعاية الصغرى وهو احتمال في المغني والشرح
والوجه الثاني يجزئ وقدمه في المغني والشرح وهو المذهب على ما اصطلحناه
وهذان الوجهان ذكرهما القاضي وأطلقهما في الفروع والمستوعب والتلخيص والزركشي والمذهب ومسبوك الذهب والحاويين
الثانية لو رمى بخاتم فضة فيه حجر ففي الإجزاء وجهان وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والفائق
أحدهما لا يجزئ لأن الحجر تبع
قلت: وهو الصواب
والوجه الثاني يجزئ وصححه في الفصول
الثالثة لا يستحب غسل الحصى على الصحيح من المذهب وإحدى الروايتين وصححه المصنف والشارح وصاحب الفائق
والرواية الثانية يستحب صححه في الفصول والخلاصة وقطع به الخرقي وابن عبدوس في تذكرته وصاحب المنور وقدمه في المحرر والرعايتين وشرح ابن رزين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والحاويين والفروع والزركشي
قوله : ويرمي بعد طلوع الشمس
بلا نزاع وهو الوقت المستحب للرمي

فإن رمى بعد نصف الليل أجزأه
وهو الصحيح من المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعنه لا يجزئ إلا بعد الفجر
وقال ابن عقيل نصه للرعاة خاصة الرمي ليلا نقله ابن منصور
وذكر جماعة من الأصحاب أنه يسن رميها بعد الزوال
قلت: وهذا ضعيف مخالف لفعله عليه أفضل الصلاة والسلام
فائدة : إذا لم يرم حتى غربت الشمس لم يرم إلا من الغد بعد الزوال ولا يقف
قوله : "ثم يحلق أو يقصر من جميع شعره"
إن حلق رأسه استحب له أن يبدأ بشق رأسه الأيمن ثم بالأيسر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستحب أن يستقبل القبلة وذكر جماعة ويدعو وقت الحلق
وقال المصنف وتبعه الشارح وغيره يكبر وقت الحلق لأنه نسك
فائدة : الأولى أن لا يشارط الحلاق على أجرته لأنه نسك قاله أبو حكيم واقتصر عليه في الفروع قال أبو حكيم ثم يصلي ركعتين
وأما إن قصر فيكون من جميع رأسه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
قال الشيخ تقي الدين لا من كل شعرة
قلت: هذا لا يعدل عنه ولا يسمع الناس غيره وتقير كل شعرة بحيث لا يبقى ولا شعرة مشق جدا
قال الزركشي لا يجب التقصير من كل شعرة لأن ذلك لا يعلم إلا بحلقه
وعنه يجزئ حلق بعضه وكذا تقصيره وظاهر كلامه في الفروع أن محل الخلاف في التقصير فقط
فعلى هذه الرواية يجزئ تقصير ما نزل عن رأسه لأنه من شعره بخلاف المسح لأنه ليس رأسا ذكره في الخلاف في الفصول
تنبيه شمل كلام المصنف الشعر المضفور والمعقوص والملبد وغيرها وهو صحيح وهو المذهب
ونقل ابن منصور في الملبد والمضفور والمعقوص ليحلق.
قال القاضي في الخلاف وغيره لأنه لا يمكنه التقصير منه كله
قلت: حيث امتنع التقصير منه كله على القول به تعين الحلق ولهذا قال في الفائق ولو كان ملبدا تعين الحلق في المنصوص وقال الشيخ يعني به المصنف لا يتعين واختاره

الشارح وقال الخرقي في العبد يقصر قال جماعة من شراحه يريد أنه لا يحلق إلا بإذن سيده لأنه يزيد في قيمته منهم الزركشي قال في الوجيز ويقصر العبد قدر أنملة ولا يحلق إلا بإذن سيده
قوله : والمرأة تقصر من شعرها قدر الأنملة
يعني فأقل وهذا المذهب وقال ابن الزاغوني في منسكه يجب تقصير قدر الأنملة قال جماعة من الأصحاب المسنة لها أنملة ويجوز أقل منها
فائدتان
إحداهما : يستحب له أيضا أخذ أظفاره وشاربه وقال ابن عقيل وغيره ولحيته
الثانية لو عدم الشعر استحب له إمرار الموسى قاله الأصحاب وقاله أبو حكيم في ختانه
قلت: وفي النفس من ذلك شيء وهو قريب من العبث
وقال القاضي يأخذ من شاربه عن حلق رأسه ذكره في الفائق
قوله : "ثم حل له كل شيء إلا النساء"
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في رواية جماعة وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال في المستوعب اختاره أكثر الأصحاب قال القاضي وابنه وابن الزاغوني والمصنف والشارح وجماعة إلا النساء وعقد النكاح
قال ابن نصر الله في حواشيه وهو الصحيح
فظاهر كلام أبي الخطاب وابن شهاب وابن الجوزي حل العقد وقاله الشيخ تقي الدين وذكره عن أحمد وعنه إلا الوطء في الفرج
قوله : "والحلاق والتقصير نسك"
هذا الصحيح من المذهب فيلزمه في تركه دم
قال المصنف والشارح هما نسك في الحج والعمرة في ظاهر المذهب
قال في الكافي هذا أصح قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب من الروايتين وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وعنه أنه إطلاق من محظور لا شيء في تركه ويحصل التحلل بالرمي وحده قدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في المذهب والحاويين
ونقل مهنا في معتمر ترك الحلاق والتقصير ثم أحرم بعمرة الدم كثير عليه أقل من دم

فعلى المذهب فعل أحدهما واجب وعلى الثاني غير واجب
قوله : "إن أخره عن أيام منى فهل يلزمه دم على روايتين"
يعني إذا قلنا إنهما نسك وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والكافي والشرح والرعايتين والحاويين والفائق
أحدهما لا دم عليه وهو المذهب صححه في التصحيح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المحرر والوجيز والمنور قال ابن منجا في شرحه وهو أولى
الوجه الثاني عليه دم بالتأخير
تنبيه: قوله: "وإن أخره عن أيام منى" الصحيح أن محل الروايتين إذا أخرجه عن أيام منى كما قال المصنف هنا وقدمه في الفروع وجزم به في الهداية ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وقال المصنف والشارح إن أخره
عن أيام النحر فمحل الروايتين عندهما إن أخره عن اليوم الثاني من أيام منى وجزم به في الكافي
تنبيه قوله : "بعد الرواية ويحصل التحلل بالرمي وحده"
يحتمل أن يكون من تتمة الرواية فيحصل التحلل بالرمي وحده على قولنا الحلاق إطلاق من محظور لا على قولنا هو نسك
ويؤيده قوله : قبل: "ثم قد حل له كل شيء إلا النساء" لأن ظاهره أن التحلل إنما يحصل بالرمي والحلق معا لأنه ذكر التحلل بلفظ ثم بعد ذكر الحلق والرمي ويحتمل أنه كلام مستقل بنفسه وأن التحلل يحصل بالرمي وحده وهو رواية عن أحمد
واعلم أن التحلل الأول يحصل بالرمي وحده أو يحصلها اثنين من ثلاثة وهي الرمي والحلق والطواف فيه روايتان عن أحمد
إحداهما : لا يحصل إلا بفعل اثنين من الثلاثة المذكورة ويحصل التحلل الثاني بالثالث وهو الصحيح من المذهب
قال في الفروع اختاره الأكثر قال في الكافي اختاره أصحابنا وهو موافق للاحتمال الأول وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في الهداية والرعايتين والحاويين وغيرهم
والرواية الثانية يحصل التحلل بواحد من رمي وطواف ويحصل التحلل الثاني بالباقي وأطلقهما في الفروع والمذهب ومسبوك الذهب والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم
فعلى الرواية الثانية الحلق إطلاق منى محظور على الصحيح
وقال القاضي في التعليق بل نسك كالمبيت بمزدلفة والرمي في اليوم الثاني والثالث واختار المصنف أن الحلق نسك ويحل قبله

قال ابن منجا فيه نظر وذكر جماعة على القول بأنه نسك في جواز حله قبله روايتان
وفي منسك ابن الزاغوني وإن كان ساق هديا واجبا لم يحل هذا التحلل إلا بعد الرمي والحلق والنحر والطواف فيحل من الكل وهو التحلل الثاني
قوله : "وإن قدم الحلق على الرمي أو النحر جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه"
وكذا لو طاف للزيارة أو نحر قبل رميه
"وإن كان عالما فهل عليه دم على روايتين"
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي والمغني والشرح والتلخيص والنظم والفائق وغيرهم
إحداهما : لا دم عليه ولكن يكره فعل ذلك وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم وصححه في التصحيح وغيره واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره
والرواية الثانية عليه دم نقلها أبو طالب وغيره وأطلق ابن عقيل هذه الرواية
فظاهرها يلزم الجاهل والناسي دم أيضا وظاهر نقل المروذي يلزمه صدقة
قوله : "ثم يخطب الإمام خطبة"
يعني يخطب يوم النحر بمنى خطبة يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي
وهذا المذهب نص عليه وجزم به في المنور وغيره وقدمه في المحرر والفروع والفائق والمغني والشرح ونصراه وصححه في الرعايتين والحاويين وغيرهما قال جماعة من الأصحاب تكون بعد صلاة الظهر
قلت: الأولى أن تكون بكرة في أول النهار حتى يعلمهم الرمي والنحر والإفاضة
وعنه لا يخطب نصره القاضي قال المصنف والشارح وذكر بعض أصحابنا أنه لا يخطب يومئذ وهو ظاهر كلامه في الوجيز وجزم به في التلخيص
فائدة : قال في الرعاية يفتتحها بالتكبير
فائدة أخرى إذا أتى المتمتع مكة طاف للقدوم نص عليه كعمرته وهو من المفردات وكذا المفرد والقارن نص عليه ما لم يكونا دخلا مكة قبل يوم النحر ولا طافا طواف القدوم وعليه الأصحاب
وقيل لا يطوف للقدوم واحد منهم اختاره المصنف ورد الأول وقال لا نعلم أحدا وافق أبا عبد الله على ذلك
قال في القاعدة الثانية عشر وهو الأصح

قال الشيخ تقي الدين ولا يستحب للمتمتع أن يطوف طواف القدوم بعد رجوعه من عرفة قبل الإفاضة وقال هذا هو الصواب
قوله : "ووقته بعد نصف الليل من ليلة النحر"
يعني وقت طواف الزيارة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه وقته من فجر يوم النحر
قوله : "فإن أخره عنه وعن أيام منى جاز"
وهذا بلا نزاع ولا يلزمه دم إذا أخره عن يوم النحر وأيام منى على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقال في الواضح عليه دم إذا أخره عن يوم النحر لغير عذر وخرج القاضي وغيره رواية بوجوب الدم إذا أخره عن أيام منى
فائدة : لو أخر السعي عن أيام منى جاز ولا شيء عليه
ووجه في الفروع مما خرجه في الطواف مثله في السعي
قوله : "ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا"
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وعنه يكتفى بسعي عمرته اختاره الشيخ تقي الدين وأطلقهما في الفائق
قوله : "أو لم يكن سعى مع طواف القدوم فإن كان قد سعى لم يسع"
هذا المذهب وذكر في المستوعب وغيره رواية بأن القارن يلزمه سعيان سعي عند طواف القدوم وسعي عند طواف الزيارة
فائدتان
إحداهما : إذا قلنا السعي في الحج ركن وجب عليه فعله بعد طواف الزيارة إن كان متمتعا أو مفردا أو قارنا ولم يكن سعا مع طواف القدوم فإن فعله قبله عالما لم يعتد به وأعاده رواية واحدة
وإن كان ناسيا فهل يجزئه فيه روايتان منصوصتان ذكرهما في المستوعب وغيره وصحح في التلخيص وغيره عدم الإجزاء
وإن قلنا السعي واجب أو سنة فقال في الفروع وإن قيل السعي ليس ركنا قيل سنة وقيل واجب ففي حله قبله وجهان
قلت: ظاهر كلام أكثر الأصحاب أنه يحل قبل السعي لإطلاقهم الإحلال بعد الطواف

الثانية قوله : "ثم قد حل له كل شيء لا يحل إلا بعد طواف الزيارة"
بلا نزاع فلو خرج من مكة قبل فعله رجع حراما حتى يطوف ولو استمر بقي محرما ويرجع متى أمكنه لا يجزيه غيره قاله الأصحاب
قوله : "ثم يأتي زمزم فيشرب منها لما أحب ويتضلع منه"
بلا نزاع في الجملة وزاد في التبصرة ويرش على بدنه وثوبه
قوله : "ثم يرجع إلى منى ولا يبيت بمكة ليالي منى"
بلا نزاع في الجملة ويأتي في الواجبات هل هو واجب أو مستحب
قوله : "ويرمي الجمرات بها في أيام التشريق بعد الزوال"
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه
قال ابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب إذا رمى في اليومين الأولين من أيام منى قبل الزوال لم يجزه رواية واحدة فأما في اليوم الأخير فيجوز في إحدى الروايتين انتهى
قال في الفروع وجوز ابن الجوزي الرمي قبل الزوال
وقال في الواضح ويجوز الرمي بطلوع الشمس إلا ثالث يوم وأطلق في منسكه أيضا أن له الرمي من أول يوم وأنه يرمي في اليوم الثالث كاليومين قبله ثم ينفر
وعنه يجوز رمي متعجل قبل الزوال وينفر بعده
ونقل ابن منصور إن رمى عند طلوعها متعجل ثم نفر كأنه لم ير عليه دما وجزم به الزركشي
فائدة : آخر وقت رمي كل يوم المغرب ويستحب الرمي قبل صلاة الظهر بعد الزوال
قوله : "في الجمرة الثانية والثالثة يقف ويدعو"
هذا بلا نزاع لكن قال بعض الأصحاب رافعا يديه ونقل حنبل يستحب رفع يديه عند الجمار
قوله : "ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ويجعلها عن يمينه ويستبطن الوادي ولا يقف عندها ويستقبل القبلة في الجمرات كلها"
قاله الأصحاب قاطبة وقال الزركشي فيما قاله الأصحاب في أنه يستقبل القبلة في جمرة العقبة نظر إذ ليس في الحديث ذلك
قوله : والترتيب شرط في الرمي

يعني أنه يشترط أن يرمي أولا الجمرة التي تلي مسجد الخيف ثم بعدها الوسطى ثم العقبة وهذا المذهب وعليه الأصحاب فلو نكس لم يجزه وعنه يجزيه مطلقا وعنه يجزيه مع الجهل
قوله : وفي عدد الحصى روايتان إحداهما: سبع
وهي المذهب وعليها الأصحاب والأخرى يجزيه خمس
قال في المغني والأولى أن لا ينقص عن سبع فإن نقص حصاة أو حصاتين فلا بأس ولا ينقص أكثر من ذلك نص عليه وعنه رواية ثالثة يجزيه ست وتقدم ذلك في أول الباب عند قوله: وعدده سبعون حصاة
قوله : فإن أخل بحصاة واحدة من الأولى لم يصح رمي الثانية
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يصح مع الجهل دون غيره
قوله : وإن أخر الرمي كله أي مع رمي يوم النحر ورماه في آخر أيام التشريق أجزأ
بلا نزاع ويكون أداء على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقاله القاضي واقتصر عليه في المغني والشرح
وقيل يكون قضاء وكذا الحكم لو أخر رمي يوم إلى الغد رمى رميين نص عليه وقاله الأصحاب
قوله : وإن أخره عن أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى في لياليها فعليه دم
إذا أخر الرمي عن أيام التشريق فعليه دم ولا يأتي به كالبيتوتة في منى ليلة أو أكثر
قوله : أو ترك المبيت بمنى في لياليها
فالصحيح من المذهب أن عليه دما نقله حنبل وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم وقال اختاره الأكثر
وعنه يتصدق بشيء نقله الجماعة عن أحمد قاله القاضي
وعنه لا شيء عليه واختاره أبو بكر وهي مبنية على أن المبيت ليس بواجب على ما يأتي في الواجبات
قوله : وفي حصاة أو في ليلة واحدة ما في حلق شعرة
إذا ترك حصاة وجب عليه ما يجب في حلق شعرة على ما مضى في أول باب محظورات

الإحرام وهذا الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع قال القاضي وظاهر نقل الأثرم يتصدق بشيء وعنه ذلك في العمد
وعنه عليه دم جزم به في المحرر والوجيز والفائق وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين قال في الفروع وهو خلاف نقل الجماعة والأصحاب قال ابن عقيل ضعفه شيخنا لعدم الدليل
وعنه لا شيء عليه فيها
فائدة : لو ترك حصاتين فإن قلنا في الحصاة ما في حلق شعرة ففي الحصاتين ما في حلق شعرتين وفي ثلاث أو أربع أو خمس دم على ما تقدم من الخلاف
وإن قلنا في الحصاة دم ففي الحصاتين والثلاث دم بطريق أولى
وعنه في الحصاتين ما في الثلاث كجمرة وجمار
وعنه لا شيء في ترك حصاتين
قال المصنف والشارح الظاهر عن أحمد لا شيء في حصاة ولا حصاتين
واما إذا ترك المبيت بمنى ليلة واحدة فجزم المصنف هنا أن فيها ما في حلق شعره وهو إحدى الروايات لأنها ليست نسكا بمفردها بخلاف المبيت بمزدلفة قاله القاضي وغيره وقال لا تختلف الرواية أنه لا يجب دم وجزم بما قاله المصنف وابن منجا في شرحه واختار المصنف وجوب الدم
وعنه ترك ليلة كترك ليالي منى كلها ذكره جماعة
وعنه عليه دم قدمه في الرعايتين والحاويين وعنه لا شيء عليه
فائدة: قوله : وليس على أهل سقاية الحاج والرعاء مبيت بمنى
وهذا بلا نزاع ويجوز لهم الرمي ليلا ونهارا
تنبيه مفهوم قول المصنف وليس على أهلي سقاية الحاج والرعاء مبيت بمنى أن غيرهم يلزمه المبيت بها مطلقا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل أهل الأعذار من غير الرعاء كالمرضى ومن له مال يخاف ضياعه ونحوهم حكمهم حكم الرعاء في ترك البيتوتة جزم به المصنف والشارح وابن رزين
قال في الفصول وكذا خوف فوات ماله وموت مريض
قلت: هذا والذي قبله هو الصواب
قال القاضي وغيره يستحب أن يضع الحصى في يد النائب ليكون له عمل في الرمي انتهى
ولو أغمي على المستنيب لم تنقطع النيابة

قوله : فمن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل غروب الشمس
هذا بلا نزاع وهو النفر الأول ولا يضر رجوعه بعد خروجه لحصول الرخصة وليس عليه في اليوم الثالث رمي قاله الإمام أحمد
ويدفن بقية الحصى على الصحيح من المذهب وقيل لا
قال في الفائق بعد أن قدم الأولى قلت: لا يتعين بل له طرحه ودفعه إلى غيره انتهى
فعلى الأول قال بعض الأصحاب منهم صاحب الرعايتين والحاويين يدفنه في المرمى
وفي منسك ابن الزاغوني أو يرمي بهن كفعله في اللواتي قبلها
تنبيه شمل كلام المصنف مريد الإقامة بمكة وهو كذلك وعليه الأصحاب وعنه لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة وحمله المصنف على الاستحباب
قوله : فإن غربت وهو بها لزمه المبيت والرمي من الغد
هذا بلا نزاع ويكون الرمي بعد الزوال على الصحيح من المذهب على ما تقدم وعنه أو قبله أيضا وتقدمت هذه الرواية أيضا قريبا وهذا النفر الثاني
فائدة : ليس للإمام المقيم للمناسك التعجيل لأجل من يتأخر قاله الأصحاب وذكره الشيخ تقي الدين
قلت: فيعايى بها
تنبيه قول المصنف فإذا أتى مكة لم يخرج حتى يودع البيت بالطواف إذا فرغ من جميع أموره
يقتضي أنه لو أراد المقام بمكة لا وداع عليه وهو كذلك سواء نوى الإقامة قبل النفر أو بعده
قوله : فإذا ودع البيت ثم اشتغل في تجارة أو أقام أعاد الوداع
إذا ودع ثم اشتغل في تجارة أعاد الوداع قولا واحدا وإن اشتغل بغير شد رحل ونحوه أعاد الوداع لا نعلم فيه خلافا
وقال في الرعايتين والحاويين وإن قضى حاجة في طريقه لم يعد أيضا نص عليه وقدمه في الفروع وجزم به في التلخيص وغيره
وقال ابن عقيل وابن الجوزي إن تشاغل في طريقه بشراء زاد ونحوه لم يعد
وقال المصنف والشارح إن قضى حاجته في طريقه أو اشترى زادا في طريقه لم يعد زاد في الكبرى أو صلى

فوائد
منها يستحب أن يصلي بعد طواف الوداع ركعتين ويقبل الحجر
ومنها يستحب دخول البيت والحجر منه ويكون حافيا بلا خف ولا نعل ولا سلاح نص على ذلك
ومنها ما قاله في الفنون تعظيم دخول البيت فوق الطواف يدل على قلة العلم انتهى
ومنها النظر إلى البيت عبادة قاله الإمام أحمد وقال في الفصول وكذا رؤيته لمقام الأنبياء ومواضع الأنساك
قوله : ومن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأ عن طواف الوداع
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقاله الخرقي في شرح المختصر وصاحب المغني في كتاب الصلاة قاله في القواعد
وعنه لا يجزيه عنه فيطوف له وأطلقهما في المغني
فائدة : لو أخر طواف القدوم فطافه عند الخروج لم يجزه عن طواف الوداع على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر كلام كثير حيث اقتصروا على المسألة الأولى وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والهادي والمستوعب والخلاصة والتلخيص والترغيب والرعايتين والحاويين يجزيه كطواف الزيارة وقطعوا به وقالوا نص عليه زاد في الهداية في رواية ابن القاسم قلت: هذا المذهب ولم أر لما قدمه في الفروع موافقا
قوله : فإن خرج قبل الوداع رجع إليه فإن لم يمكنه فعليه دم
إذا خرج قبل الوداع وكان قريبا فعليه الرجوع إذا لم يخف على نفس أو مال أو فوات رفقة أو غير ذلك فإن رجع فلا دم عليه
وإن كان بعيدا وهو مسافة القصر لزمه الدم سواء رجع أو لا على الصحيح من المذهب نص عليه قال في الفروع لزمه دم في المنصوص قاله القاضي وغيره وجزم به في المستوعب والتلخيص والكافي والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقال المصنف وغيره ويحتمل سقوط الدم عن البعيد برجوعه كالقريب
ومسافة القصر من مثله قال الزركشي وقد يقال من الحرم
وأما إذا لم يمكن الرجوع للقريب فإن عليه دما وكذا لو أمكنه ولم يرجع بطريق أولى
فمتى رجع القريب لم يلزمه إحرام بلا نزاع

قال المصنف والشارح كرجوعه لطواف الزيارة
وإن رجع البعيد أحرم بعمرة لزوما ويأتي بها وبطواف الوداع
فائدة : قال في الفروع لو ودع ثم أقام بمنى ولم يدخل مكة يتوجه جوازه وإن خرج غير حاج فظاهر كلام شيخنا لا يودع انتهى
تنبيه شمل كلام المصنف وهو قوله: فإن خرج قبل الوداع كل حاج سواء الحائض والنفساء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب
وقال المصنف والشارح أهل الحرم لا وداع عليهم
قوله : إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما
بلا نزاع وهو مقيد بما إذا لم تطهر قبل مفارقة البنيان فإن طهرت قبل مفارقة البنيان لزمها العود للوداع وإن طهرت بعد مفارقة البنيان لم يلزمها العود ولو كان قبل مسافة القصر بخلاف المقصر بالترك
قوله : وإذا فرغ من الوداع وقف في الملتزم بين الركن والباب
وهذا بلا نزاع بين الأصحاب وذكر أحمد أنه يأتي الحطيم أيضا وهو تحت الميزاب فيدعو
وذكر الشيخ تقي الدين ثم يشرب من ماء زمزم ويستلم الحجر الأسود
ونقل حرب إذا قدم معتمرا فيستحب له أن يقيم بمكة بعد عمرته ثلاثة أيام ثم يخرج فإن التفت ودع نص عليه وذكره أبو بكر وقدمه في التعليق وغيره وحمله جماعة على الندب
وذكر ابن عقيل وابن الزاغوني لا يولي ظهره حتى يغيب
قال في الفائق لا يسن له المشي القهقري بعد وداعه وقدمه في الرعاية
قال الشيخ تقي الدين هذا بدعة مكروهة وذكر جماعة من الأصحاب منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم ثم يأتي المحصب فيصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم يهجع واقتصر عليه في المغني
قوله : فإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة متقدمهم ومتأخرهم

وقال في الفصول نقل صالح وأبو طالب إذا حج للفرض لم يمر بالمدينة لأنه إذا حدث به حدث الموت كان في سبيل الحج وإن كان تطوعا بدأ بالمدينة
فائدتان
إحداهما : يستحب استقبال الحجرة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام حال زيارته ثم بعد فراغه يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو ذكره الإمام أحمد قال في الفروع وظاهر كلامهم قرب من الحجرة أو بعد انتهى
قلت: الأولى القرب قطعا
قال في المستوعب وغيره إنه يستقبل ويدعو
قال ابن عقيل وابن الجوزي يكره قصد القبور للدعاء
قال الشيخ تقي الدين أو وقوفه أيضا عندها للدعاء
الثانية لا يستحب تمسحه بقبره عليه أفضل الصلاة والسلام على الصحيح من المذهب قال في المستوعب بل يكره قال الإمام أحمد أهل العلم كانوا لا يمسونه نقل أبو الحارث يدنو منه ولا يتمسح به بل يقوم حذاءه فيسلم وعنه يتمسح به ورخص في المنبر
قال ابن الزاغوني وغيره وليأت المنبر فيتبرك به تبركا بمن كان يرتقي عليه
قوله : في صفة العمرة من كان في الحرم خرج إلى الحل فأحرم منه
الصحيح من المذهب أن إحرام أهل مكة ومن كان بها من غيرهم وأهل الحرم يصح بالعمرة من أدنى الحل وعليه جماهير الأصحاب
وقال ابن أبي موسى إن كان بمكة من غير أهلها وأراد عمرة واجبة فمن الميقات فلو أحرم من دونه لزمه دم وإن أراد نفلا فمن أدنى الحل انتهى
وتقدم ذلك مستوفى في باب المواقيت في قوله: وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل

قوله : والأفضل أن يحرم من التنعيم
هذا أحد الوجهين جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا
والوجه الثاني أن الأفضل أن يحرم من الجعرانة جزم به في المستوعب والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والفائق ذكره في باب المواقيت وأطلقهما في الفروع وقال ظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف الكل سواء وما استحضر كلام المصنف هنا ولعله أراد في المغني أو لم يكن في النسخة التي عنده
والأفضل بعدهما الحديبية على الصحيح من المذهب وظاهر المصنف التسوية
ونقل صالح وغيره في المكي أفضله البعد هي على قدر تعبها قال القاضي في الخلاف مراده من الميقات بينه في رواية بكر بن محمد
وقال في الرعاية الأفضل بعد الحديبية ما بعد نص عليه
تنبيه قوله : والأفضل أن يحرم من التنعيم هو في نسخة مقروءة على المصنف وعليها شرح الشارح وابن منجا وفي بعض النسخ هذا كله ساقط
قوله : فإن أحرم من الحرم لم يجزه بلا نزاع وينعقد وعليه دم
بعقد إحرامه من الحرم على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعليه دم
وقيل لا يصح قال في الفروع وإن أحرم بالعمرة من مكة أو الحرم لزمه دم ويجزئه إن خرج إلى الحل قبل طوافها وكذا بعده كإحرامه دون ميقات الحج ولنا قول لا انتهى وتابعه على ذلك المصنف في المغني
وقال في الرعاية فإن أحرم بها من الحرم أو من مكة معتمرا صح في الأصح ولزمه دم
وقيل إن أحرم بها مكي من مكة أو من بقية الحرم خرج إلى الحل قبل طوافها وقيل قبل إتمامها وعاد فأتمها كفته وعليه دم لإحرامه دون ميقاتها وإن أتمها قبل أن يخرج إليها ففي إجزائها وجهان انتهى
قال الزركشي فإن لم يخرج حتى أتم أفعالها فوجهان المشهور الإجزاء
فعلى القول بعدم الصحة وجود هذا الطواف كعدمه وهو باق على إحرامه حتى يخرج إلى الحل ثم يطوف بعد ذلك ويسعى وإن حلق بعد ذلك فعليه دم وكذلك كل ما فعله من محظورات إحرامه عليه فدية
وإن وطى ء أفسد عمرته ويمضي في فاسدها وعليه دم ويقضيها بعمرة من الحل ويجزئه عنها وإن كانت عمرة الإسلام قال في الرعاية ويحتمل أن يجزئ بدم

قوله : ثم يطوف ويسعى ثم يحلق أو يقصر ثم قد حل وهل محله قبل الحلق والتقصير على روايتين
أصل هاتين الروايتين الروايتان اللتان في الحج هل الحلق والتقصير نسك أو إطلاق من محظور على ما تقدم ذكره الشارح وابن منجا وتقدم أن الصحيح من المذهب أنه نسك
فالصحيح هنا أنه نسك فلا يحل منها إلا بفعل أحدهما وهو المذهب صححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره
والرواية الثانية أنه إطلاق من محظور فيحل قبل فعله وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص
ويأتي في واجبات العمرة أن الحلاق أو التقصير واجب في إحدى الروايتين
قوله : وتجزئ عمرة القارن والعمرة من التنعيم عن عمرة الإسلام في أصح الروايتين
تجزئ عمرة القارن عن عمرة الإسلام على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
والرواية الثانية لا تجزئ عمرة القارن عن عمرة الإسلام اختاره أبو حفص وأبو بكر وأطلقهما في الهداية والمذهب
وتقدم ذلك في الإحرام في صفة القران
وأما العمرة من التنعيم فتجزئ عن عمرة الإسلام على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الشرح وغيره
والرواية الأخرى لا تجزئ عن العمرة الواجبة
فوائد
إحداها : لا بأس أن يعتمر في السنة مرارا والصحيح من المذهب كراهة الإكثار منها والموالاة بينها قال المصنف باتفاق السلف واختاره هو وغيره وقدمه في الفروع
قال الإمام أحمد إن شاء كل شهر وقال أيضا لا بد أن يحلق أو يقصر وفي عشرة أيام يمكن الحلق
وقيل يستحب الإكثار منها اختاره جماعة وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والفائق وغيرهم وقدمه ابن رزين في شرحه
ومن كره أطلق الكراهة قال في الفروع ويتوجه أن مراده إذا عرض بالطواف وإلا لم يكره خلافا لشيخنا يعني به الشيخ تقي الدين

وقال في الفصول له أن يعتمر في السنة ما شاء ويستحب تكرارها في رمضان لأنها فيه تعدل حجة
وكره الشيخ تقي الدين الخروج من مكة للعمرة إذا كان تطوعا وقال هو بدعة لأنه لم يفعله عليه أفضل الصلاة والسلام ولا صحابي على عهده إلا عائشة لا في رمضان ولا في غيره اتفاقا
الثانية العمرة في رمضان أفضل مطلقا قال الإمام أحمد هي فيه تعدل حجة قال وهي حج أصغر
الثالثة الصحيح من المذهب أن العمرة في غير أشهر الحج أفضل من فعلها فيها ذكره القاضي في الخلاف ونقله الأثرم وابن إبراهيم عن أحمد وقدمه في الفروع وقال ظاهر كلام جماعة التسوية
قلت: اختار في الهدي أن العمرة في أشهر الحج أفضل ومال إلى أن فعلها في أشهر الحج أفضل من فعلها في رمضان
الرابعة لا يكره الإحرام بها يوم عرفة والنحر وأيام التشريق على الصحيح من المذهب نقل أبو الحارث يعتمر متى شاء
وذكر بعض الأصحاب رواية تكره في أيام التشريق قال في الفائق زاد أبو الحسين يوم عرفة في أصح الروايتين وذكر في الرعاية تكره أيام التشريق وقال ومن أحرم بها قبل ميقاتها لم تصح في وجه
قوله : أركان الحج الوقوف بعرفة وطواف الزيارة
بلا نزاع فيهما فلو ترك طواف الزيارة رجع معتمرا نقله الجماعة ونقل يعقوب فيمن طاف في الحجر ورجع لبغداد يرجع لأنه على نية إحرامه فإن وطئ أحرم من التنعيم على حديث ابن عباس وعليه دم ونقل غيره معناه
فالمصنف رحمه الله قدم أن أركان الحج الوقوف بعرفة وطواف الزيارة فقط فليس السعي والإحرام ركنين على المقدم عنه
أما السعي ففيه ثلاث روايات إحداهن هو ركن وهو الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في المنور وصححه في التلخيص والمحرر وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق
والرواية الثانية هو سنة وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة
والرواية الثالثة هو واجب اختاره أبو الحسين التميمي والقاضي والمصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم وجزم به في الوجيز والمنتخب وأطلقهن في المذهب

وأما الإحرام وهو النية فقدم المصنف أنه غير ركن فيحتمل أنه واجب وهو رواية عن أحمد وذكرها القاضي في المجرد نقله عنه في التلخيص وحكاها في الفائق وقال اختاره الشيخ يعني المصنف واختارها التميمي أيضا ولم يذكرها في الفروع
وعنه أنه ركن وهي المذهب جزم به في المحرر والوجيز والمنور وقدمه في الرعايتين والحاويين قال ابن منجا في شرحه هذه أصح في ظاهر قول الأصحاب وأطلقهما في الفائق
وعنه أنه شرط حكاها في الفروع قال في الرعاية وقيل عنه إن الإحرام شرط قال ابن منجا في شرحه ولم أجد أحدا ذكر أن الإحرام شرط والأشبه أنه كذلك وبه قال أبو حنيفة
وذلك أن من قال بالرواية الأولى قاس الإحرام على نية الصلاة ونية الصلاة شرط فكذا يجب أن يكون الإحرام شرط ولأن الإحرام يجوز فعله قبل دخول وقت الحج فوجب أن يكون شرطا كالطهارة مع الصلاة انتهى وقال أيضا في باب الإحرام والأشبه أنه شرط كما ذهب إليه بعض أصحابنا كنية الوضوء فلعل قوله: هنا لم أجد أحدا ذكر أنه شرط يعني عن أحمد وإلا كان كلامه متناقضا
وأطلق رواية الشرطية والركنية في الفروع وقال في كلام جماعة ما ظاهره رواية بجواز تركه
وقال في الإرشاد وهو سنة وقال الإهلال فريضة وعنه سنة
قوله : وواجباته سبعة الإحرام من الميقات
بلا نزاع إنشاء ودواما قال في التلخيص والإنشاء أولى
قوله : والوقوف بعرفة إلى الليل
مراده إذا وقف نهارا فيجب الجمع بين الليل والنهار على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه الجمع بينهما سنة مؤكدة
قوله : والمبيت بمزدلفة إلى ما بعد نصف الليل
مراده إذا وافاها قبل نصف الليل والصحيح من المذهب أن المبيت بمزدلفة إذا جاءها قبل نصف الليل واجب وعليه الأصحاب وعنه ليس بواجب واستثنى الخرقي من ذلك الرعاة وأهل السقاية فلم يجعل عليهم مبيتا بمزدلفة قال الزركشي ولم أر من صرح باستثنائهما إلا أبا محمد حيث شرح الخرقي
قوله : والمبيت بمنى
الصحيح من المذهب أن المبيت بمنى في لياليها واجب وعليه أكثر الأصحاب وعنه سنة
وتقدم قريبا ما يجب في ترك المبيت بها في لياليها أو في ليلة

قوله : والرمي
بلا نزاع ويجب ترتيبه على الصحيح من المذهب وعنه لا وتقدم أنه هل هو شرط أم لا أو مع الجهل
قوله : والحلاق
مراده أو التقصير على ما تقدم والصحيح من المذهب أنه واجب وعليه الأصحاب وعنه ليس بواجب وتقدم هل هو نسك أو إطلاق من محظور
قوله : وطواف الوداع
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه وصححه في الفروع وغيره
وقيل ليس بواجب
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن طواف الوداع يجب ولو لم يكن بمكة
قال في الفروع هو ظاهر كلامهم قال الآجري ويطوفه متى أراد الخروج من مكة أو منى أو من نفر آخر
قال في الترغيب والتلخيص لا يجب على غير الحاج
قال في المستوعب ومتى أراد الحاج الخروج من مكة لم يخرج حتى يودع
فائدة : طواف الوداع هو طواف الصدر على الصحيح وقيل الصدر طواف الزيارة وقدمه الزركشي
تنبيه شمل قوله : وما عدا هذا سنن مسائل فيها خلاف في المذهب
منها المبيت بمنى ليلة عرفة والصحيح من المذهب أنه سنة قطع به ابن أبي موسى في الإرشاد والقاضي في الخلاف وابن عقيل في الفصول وأبو الخطاب في الهداية وابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب والسامري في المستوعب والمصنف في الكافي وغيرهم وهو ظاهر كلامه في الخلاصة والتلخيص والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع
وقيل يجب جزم به في الرعايتين والحاويين
ومنها الرمل والاضطباع والصحيح من المذهب أنهما سنتان وعليه جماهير الأصحاب وفي عيون المسائل يجبان ونقل حنبل إذا نسي الرمل فلا شيء عليه وقاله الخرقي وغيره
ومنها طواف القدوم والصحيح من المذهب أنه سنة وعليه جماهير الأصحاب ونقل

محمد بن حرب هو واجب وهو قول في الرعاية
ومنها الدفع من عرفة مع الإمام والصحيح من المذهب أنه سنة قاله المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفائق قال الزركشي هو اختيار جمهور الأصحاب وعنه أنه واجب وقطع الخرقي أن عليه دما بتركه وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفروع
قوله : أركان العمرة الطواف
بلا نزاع وفي الإحرام والسعي روايتان
اعلم أن الخلاف هنا في السعي والإحرام وفي الإحرام أيضا من الميقات كالخلاف في ذلك في الحج على ما تقدم نقلا ومذهبا هذا الصحيح من المذهب
وقيل أركانها الإحرام والطواف فقط ذكره في الرعاية وقال في الفصول السعي في العمرة ركن بخلاف الحج لأنها أحد النسكين فلا يتم إلا بركنين كالحج
قوله : وواجباتها الحلاق في إحدى الروايتين
وهو أيضا مبني على وجوبه في الحج على ما تقدم فلا حاجة إلى إعادته
قوله : فمن ترك ركنا لم يتم نسكه إلا به
وكذا لو ترك النية له لم يصح ذلك الركن إلا بها
ومن ترك واجبا فعليه دم ولو كان سهوا أو جهلا
وتقدم في بعض المسائل خلاف بعدم وجوب الدم كاملا كترك المبيت بمنى في لياليها ونحوه وكذا تقدم الخلاف فيما إذا تركه جهلا

باب الفوات والإحصار
قوله : ومن طلع عليه الفجر يوم النحر ولم يقف بعرفة فقد فاته الحج
بلا نزاع وسواء فاته الوقوف لعذر حصر أو غيره أو لغير عذر
قوله : ويتحلل بطواف وسعي
يحتمل أن يكون مراده أنه يتحلل بطواف وسعي فقط ولو لم يكن عمرة وهو الظاهر وهو قول ابن حامد ذكره عنه جماعة
ويحتمل أن يكون مراده يتحلل بعمرة من طواف وسعي وغيره ولا ينقلب إحرامه واختاره ابن حامد أيضا ذكره عنه القاضي وهو رواية عن أحمد واختاره في الفائق
وعنه أنه ينقلب إحرامه بعمرة وهذه الرواية هي المذهب نص عليه قال في التلخيص

هذا الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والمستوعب وقالا اختاره الأكثر قارنا وغيره منهم أبو بكر وهو ظاهر كلام الخرقي وهو من المفردات
قال الزركشي فالمذهب المنصوص أنه يتحلل بعمرة اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه والشيخان قال فعلى هذا صرح أبو الخطاب وصاحب التلخيص وغيرهما أن إحرامه ينقلب بمجرد الفوات إلى عمرة قال الشارح ويحتمل أن من قال ويجعل إحرامه عمرة أراد أنه يفعل فعل المعتمر من الطواف والسعي فلا يكون بين القولين خلاف انتهى
ونقل ابن أبي موسى أنه يمضي في حج فاسد ويلزمه توابع الوقوف من مبيت ورمي وغيرهما ويقضيه انتهى
فعلى المذهب يدخل إحرام الحج فقط
وقال أبو الخطاب فائدة: الخلاف أنه إذا صارت عمرة جاز إدخال الحج عليها فيصير قارنا وإذا لم تصر عمرة لم يجز له ذلك
واحتج القاضي بعدم الصحة على أنه لم يبق إحرام الحج وإلا لم يصح وصار قارنا
واحتج ابن عقيل بأنه لو جاز بقاؤه لجاز أداء أفعال الحج به في السنة المقبلة وبأن الإحرام إما أن يؤدى به حجة أو عمرة فأما عمل عمرة فلا
فائدة : هذه العمرة التي انقلبت لا تجزئ عن عمرة الإسلام على الصحيح من المذهب نص عليه لوجوبها كمنذورة وقيل تجزئ
قال في الشرح ويحتمل أن يصير إحرام الحج إحراما بعمرة بحيث يجزيه
عن عمرة الإسلام ولو أدخل الحج عليها لصار قارنا إلا أنه لا يمكنه الحج بذلك الإحرام إلا أن يصير محرما به في غير أشهره فيكون كمن قلب الحج في غير أشهره ولأن قلب الحج إلى العمرة يجوز من غير سبب فمع الحاجة أولى
قوله : ولا قضاء عليه إلا أن يكون فرضا
إن كان فرضا وجب عليه القضاء بلا نزاع وإن كان نفلا فقدم المصنف أنه لا قضاء عليه وهو إحدى الروايتين وقدمه في المستوعب والترغيب والتلخيص وصححه في البلغة والشرح وتصحيح المحرر والنظم وصححه ابن رزين في شرحه فيما إذا أحصر بعدو وهو من المفردات
وعنه عليه القضاء كالفرض وهو المذهب قال في الفروع والمذهب لزوم قضاء النفل وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز وقال الزركشي هذه الرواية أصحهما عند الأصحاب وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه ابن رزين فيمن فاته الوقوف بعرفة وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والشرح والفائق

قوله : وهل يلزمه هدي على روايتين
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والفائق
إحداهما : يلزمه هدي وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين والتصحيح وغيرهم وقدمه في المستوعب والحاويين قال الزركشي هي أصحهما عند الأصحاب
والرواية الثانية لا هدي عليه
فعلى المذهب لا فرق بين أن يكون ساق هديا أم لا نص عليه
ويذبح الهدي في حجة القضاء إن قلنا عليه قضاء وإلا ذبحه في عامه قال في المستوعب إن كان قد ساق هديا نحره ولم يجزه عن دم الفوات وقاله ابن أبي موسى وصاحب التلخيص وغيرهما
وقال المصنف لا يجزيه إن قلنا بوجوب القضاء انتهى
فعلى الأول متى يكون قد وجب عليه فيه وجهان
أحدهما وجب في سنته ولكن يؤخر إخراجه إلى قابل
والثاني لم يجب إلا في سنة القضاء انتهى
قال في الفروع ويلزمه هدي على الأصح قيل مع القضاء وقيل يلزمه في عامه دم ولا يلزمه ذبح إلا مع القضاء إن وجب قبل تحلله منه كدم التمتع وإلا في عامه انتهى
وقال في الرعاية يخرجه في سنة الفوات فقط إن سقط القضاء وإن وجب فمعه لا قبله سواء وجب سنة الفوات في وجه أو سنة القضاء انتهى
قلت: الصواب وجوبه مع القضاء وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاويين
فائدة : الهدي هنا دم وأقله شاة هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به وقال في الموجز يلزمه بدنة
فعلى المذهب لو عدم الهدي زمن الوجوب صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب وقال الخرقي يصوم عن كل مد من قيمته يوما
وتقدم التنبيه على ذلك في الفدية في الضرب الثالث
تنبيه محل الخلاف في وجوب الهدي إذا لم يشترط أن محلي حيث حبستني على ما يأتي في آخر الباب

فائدتان
إحداهما : لو اختار من فاته الحج البقاء على إحرامه ليحج من قابل فله ذلك على الصحيح من المذهب جزم به في الفائق وغيره وقدمه في الشرح وغيره ويحتمل أنه ليس له ذلك
الثانية لو كان الذي فاته الحج قارنا حل وعليه مثل ما أهل به من قابل على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في المغني والشرح ويحتمل أن تجزئه عن عمرة الإسلام وتقدم ذلك قريبا وتقدم في باب الإحرام عند ذكر وجوب الدم على القارن والمتمتع أن دمهما لا يسقط بالفوات على الصحيح وما يلزم القارن إذا قضى قارنا وإذا قضى مفردا أو متمتعا فليعاود
قوله : وإن أخطأ الناس فوقفوا في غير يوم عرفة أجزأهم
سواء كان وقوفهم يوم الثامن أو العاشر نص عليهما
قال الشيخ تقي الدين وهل هو يوم عرفة باطنا فيه خلاف في مذهب أحمد بناء على أن الهلال اسم لما يطلع في السماء أو لما يراه الناس ويعلمونه وفيه خلاف مشهور في مذهب أحمد وغيره
وذكر الشيخ تقي الدين في موضع آخر أنه عن أحمد فيه روايتين قال والثاني الصواب ويدل عليه لو أخطئوا لغلط في العدد أو في الطريق ونحوه فوقفوا العاشر لم يجز إجماعا فلو اغتفر الخطأ للجميع لا يغتفر لهم في هذه الصورة بتقدير وقوعها فعلم أنه يوم عرفة باطنا وظاهرا
يوضحه أنه لو كان هنا خطأ وصواب لا يستحب الوقوف مرتين وهو بدعة لم يفعله السلف فعلم أنه لا خطأ
ومن اعتبر كون الرائي من مكة دون مسافة القصر أو بمكان لا تختلف فيه المطالع فقول لم يقله أحد من السلف في الحج فلو رآه طائفة قليلة لم ينفردوا بالوقوف بل عليهم الوقوف مع الجمهور
قال في الفروع ويتوجه وقوف مرتين إن وقف بعضهم لا سيما من يراه قال وصرح جماعة إن أخطئوا والغلط في العدد في الرؤية والاجتهاد مع الإغمام أجزأ وهو ظاهر كلام الإمام وغيره
قوله : وإن أخطأ بعضهم فقد فاته الحج
هذا المذهب وعليه الجمهور وجمهورهم قطع به وقيل هو كحصر العدو
تنبيه قوله: وإن أخطأ بعضهم هكذا عبارة أكثر الأصحاب وقال في الانتصار إن أخطأ عدد يسير وفي التعليق فيما إذا أخطئوا القبلة قال العدد الواحد والاثنان

قال في الكافي والمحرر إن أخطأ نفر منهم قال ابن قتيبة يقال إن النفر ما بين الثلاثة إلى العشرة وقيل النفر في قوله: تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ} [الاحقاف: من الآية29] سبعة وقيل تسعة وقيل اثنا عشر ألفا قال ابن الجوزي لا يصح لأن النفر لا يطلق على الكثير
قوله : ومن أحرم فحصره عدو ومنعه من الوصول إلى البيت ولم يكن له طريق آمن إلى الحج ولو بعدت وفات الحج ذبح هديا في موضعه وحل
يعني يتحلل بنحر هديه بنية التحلل به وجوبا فتعتبر النية هنا للتحلل ولم تعتبر في غير المحصر لأن غيره قد أتى بأفعال النسك فقد أتى بما عليه والمحصر يريد الخروج من العبادة قبل إكمالها والذبح قد يكون لغير الحل
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه سواء أحصره العدد قبل الوقوف بعرفة أو بعده وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وجزم به في الرعايتين والزركشي والحاويين وقدمه في الفروع وقال المصنف والشارح إنما ذلك إذا كان قبل التحلل الأول فأما الحصر عن طواف الإفاضة بعد رمي الجمرة فليس له أن يتحلل ومتى زال الحصر أتى بالطواف وتم حجه
قوله : ذبح هديا في موضعه
يعني في موضع حصره وهذا المذهب وسواء كان موضعه في الحل أو في الحرم نص عليه وعليه الأصحاب
وعنه لا ينحره إلا في الحرم ويواطى ء رجلا على نحره في وقت يتحلل فيه قال المصنف هذا والله أعلم فيمن كان حصره خاصا فأما الحصر العام فلا ينبغي أن يقوله: أحد
وعنه لا ينحره إلا في الحرم إذا كان مفردا أو كان قارنا ويكون يوم النحر
قال في الكافي وكذلك من ساق هديا لا يتحلل إلا يوم النحر
وقدم في الرعاية أنه لا ينحر الهدي إلا يوم النحر قال الزركشي وغيره ويجب أن ينوي بذبحه التحلل به لأن الهدي يكون لغيره فلزمه النية طلبا للتمييز
تنبيه قوله : ذبح هديا يعني أن الهدي يلزمه وهذا المذهب وعليه الأصحاب واختار ابن القيم في الهدي أنه لا يلزم المحصر هدي
فائدة : لا يلزم المحصر إلا دم واحد سواء تحلل بعد فواته أو لا على الصحيح من المذهب وقال القاضي وغيره إن تحلل بعد فواته فعليه هديان هدي لتحلله وهدي لفواته
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله : ذبح هديا وحل أن الحل مرتب على الذبح وهو المذهب بلا

ريب وعنه في المحرم بالحج لا يحل إلا يوم النحر ليتحقق الفوات
الثاني ظاهر قوله : فإن لم يجد هديا صام عشرة أيام ثم حل
أنه لا إطعام فيه وهو صحيح وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات وعنه فيه إطعام.
وقال الآجري إن عدم الهدي مكانه قومه طعاما وصام عن كل مد يوما وحل وأحب أن لا يحل حتى يصوم إن قدر فإن صعب عليه حل ثم صام وتقدم ذلك في الفدية
فائدتان
إحداهما : لو حصر عن فعل واجب لم يتحلل على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعليه دم له وقال القاضي يتوجه فيمن حصر بعد تحلله الثاني يتحلل وأومأ إليه قال في الفائق وقال شيخنا له التحلل
الثانية يباح التحلل لحاجة في الدفع إلى قتال أو بذل مال كثير فإن كان يسيرا والعدو مسلم فقال المصنف والشارح قياس المذهب وجوب بذله كالزيادة في ثمن الماء للوضوء
قلت: وهو الصواب
وقيل لا يجب بذله ونقله المصنف والشارح عن بعض الأصحاب وأطلقهما في الفروع ومع كفر العدو يستحب قتالهم إن قوي المسلمون وإلا فتركه أولى
تنبيه ظاهر كلام المصنف هنا أن الحلاق أو التقصير لا يجب هنا ويحصل التحلل بدونه وهو أحد القولين لعدم ذكره في الآية ولأنه مباح ليس بنسك خارج الحرم لأنه من توابع الحرم كالرمي والطواف وقدم في المحرر عدم الوجوب وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه ابن رزين في شرحه
وقيل فيه روايتان مبنيتان على أنه هل هو نسك أو إطلاق من محظور
وجزم بهذه الطريقة في الكافي وقال في المغني والشرح بعد أن أطلقا الروايتين ولعل الخلاف مبني على الخلاف في الحلق هل هو نسك أو إطلاق من محظور
وقدم الوجوب في الرعاية واختاره القاضي في التعليق وغيره وأطلق الطريقتين في الفروع
قوله : وإن نوى التحلل قبل ذلك لم يحل
ولزمه دم لتحلله هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وقيل لا يلزمه دم لذلك جزم به في المغني والشرح

قوله : وفي وجوب القضاء على المحصر روايتان
إذا زال الحصر بعدم تحلله وأمكنه الحج لزمه فعله في ذلك العام وإن لم يمكنه فأطلق المصنف في وجوب القضاء عليه روايتين يعني إذا كان نفلا بقرينة قوله: وفي وجوب القضاء روايتان
إحداهما : لا قضاء عليه وهو المذهب نقلها الجماعة عن أحمد قال الشارح وغيره هذا الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه في التصحيح وغيره وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي وابنه أبو الحسين وغيرهما
والرواية الثانية يجب عليه القضاء نقلها أبو الحارث وأبو طالب وخرج منهما في الواضح مثله في منذوره
فائدة : مثل المحصر في هذه الأحكام من جن أو أغمي عليه قاله في الانتصار
قوله : فإن صد عن عرفة دون البيت تحلل بعمرة
ولا شيء عليه وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه هو كمن منع من البيت وعنه هو كحصر مرض
قوله : ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن له التحلل حتى يقدر على البيت فإن فاته الحج تحلل بعمرة
وهذا المذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة
ويحتمل أن يجوز له التحلل كمن حصره عدو وهو رواية عن أحمد قال الزركشي ولعلها أظهر انتهى
واختاره الشيخ تقي الدين وقال مثله حائض تعذر مقامها وحرم طوافها ورجعت ولم تطف لجهلها بطواف الزيارة أو لعجزها عنه أو لذهاب الرفقة
قال في الفروع وكذا من ضل الطريق ذكره في المستوعب وقال القاضي في التعليق لا يتحلل
فوائد
منها لا ينحر المحصر بمرض ونحوه إن كان معه هدي إلا بالحرم نص أحمد على التفرقة وفي لزوم القضاء والهدى الخلاف المتقدم هذا هو الصحيح وأوجب الآجري القضاء هنا
ومنها يقضي العبد كالحر وهذا المذهب وقيل لا يلزمه قضاء

فعلى المذهب يصح قضاؤه في رقه على الصحيح من المذهب وفيه وجه آخر لا يصح وتقدم ذلك كله في أحكام العبد في أول كتاب الحج
ومنها يلزم الصبي القضاء كالبالغ هذا الصحيح من المذهب وقيل لا يلزمه قضاء
فعلى المذهب لا يصح القضاء إلا بعد البلوغ على الصحيح من المذهب ونص عليه وقيل يصح قبل بلوغه
وتقدم ذلك في أحكام الصبي في أول كتاب الحج أيضا فليعاود
ومنها لو أحصر في حج فاسد فله التحلل فإن حل ثم زال الحصر وفي الوقت سعة فله أن يقضي في ذلك العام
قال المصنف والشارح وجماعة من الأصحاب وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد الحج فيه في غير هذه المسألة
وقيل للقاضي لو جاز طوافه في النصف الأخير لصح إذن حجتين في عام واحد ولا يجوز إجماعا لأنه يرمي ويطوف ويسعى فيه ثم يحرم بحجة أخرى ويقف بعرفة قبل الفجر ويمضي فيها ويلزمكم أن تقولوا به لأنه إذا تحلل من إحرامه فلا معنى لمنعه منه فقال القاضي لا يجوز
وقد نقل أبو طالب فيمن لبى بحجتين لا يكون إهلال بشيئين لأن الرمي عمل واجب بالإحرام السابق فلا يجوز مع بقائه أن يحرم بغيره انتهى
وقيل يجوز في مسألة المحصر هذه والله أعلم
قوله : ومن شرط في ابتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك ولا شيء عليه
وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به الأكثر وقال في المستوعب وغيره إلا أن يكون معه هدي فيلزمه نحره
وقال الزركشي ظاهر كلام الخرقي وصاحب التلخيص وأبي البركات أنه يحل بمجرد ذلك وتقدم في باب الإحرام

باب الهدي والأضاحي
فائدة: قوله : والأفضل فيهما الإبل ثم البقر ثم الغنم
يعني إذا خرج كاملا وهذا بلا نزاع والأفضل منها الأسمن بلا نزاع ثم الأغلى ثمنا ثم الأشهب ثم الأصفر ثم الأسود جزم به في الهداية والمستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى واختار فيها البيض ثم

الشهب ثم الصفر ثم العفر ثم البلق ثم السود
وقيل عفراء خير من سوداء وبيضاء خير من شهباء
قال أحمد يعجبني البياض ونقل حنبل أكره السواد
وقال في الكافي أفضلها البياض ثم ما كان أحسن لونا
فائدة : الأشهب هو الأملح قال في الحاويين الأشهب هو الأبيض قال في الرعاية الكبرى الأملح ما بياضه أكثر من سواده
فوائد
منها جذع الضأن أفضل من ثني المعز على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر قال الإمام أحمد لا يعجبني الأضحية إلا بالضأن
وقيل الثني أفضل وهو احتمال للمصنف وأطلق وجهين في الفائق
ومنها كل من الجذع والثني أفضل من سبع بعير وسبع بقرة على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه الأصحاب
وعند الشيخ تقي الدين الأجر على قدر القيمة مطلقا
ومنها سبع شياه أفضل من كل واحد من البعير والبقرة وهل الأفضل زيادة العدد كالعتق أو المغالاة في الثمن أو الكل سواء قال في الفروع يتوجه ثلاثة أوجه قال في تجريد العناية والعدد أفضل نصا
وسأله ابن منصور بدنتان سمينتان بتسعة وبدنة بعشرة قال اثنتان أعجب إلي
ورجح الشيخ تقي الدين تفضيل البدنة السمينة
قال في القاعدة السابعة عشرة في سنن أبي داود حديث يدل عليه
قوله : والذكر والأنثى سواء
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الخلاصة وغيرها وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والبلغة والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق والفروع وغيرهم
وقيل الذكر أفضل واختاره ابن أبي موسى وصاحب الحاويين
وقيل الأنثى أفضل قدمه في الفصول
قلت: الأسمن والأنفع من ذلك كله أفضل ذكرا كان أو أنثى فإن استويا فقد استويا في الفضل
قال في الفائق والخصي راجح على النعجة نص عليه

قال الإمام أحمد الخصي أحب إلينا من النعجة
قال المصنف والكبش في الأضحية أفضل من الغنم لأنها أضحية النبي صلى الله عليه وسلم وذكره ابن أبي موسى
قوله : ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه الأصحاب وقال الشيخ تقي الدين يجوز التضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة العيد جاهلا بالحكم إذا لم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية وغيرها لقصة أبي بردة ويحمل قوله: عليه أفضل الصلاة والسلام: " ولن تجزئ عن أحد بعدك " أي بعد ذلك
قوله : وهو ما له ستة أشهر
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به
وقال في الإرشاد وللجذع ثمان شهور
قوله : وثني الإبل ما كمل له خمس سنين ومن البقر ما له سنتان
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال في الإرشاد لثني الإبل ست سنين كاملة ولثني البقر ثلاث سنين كاملة وجزم به في الجامع الصغير
فائدتان
إحداهما : يجزئ أعلى سنا مما تقدم قال في الفروع ويجزئ أعلى سنا التنبيه وبنت المخاض عن واحد وحكى رواية
ونقل أبو طالب جذع إبل أو بقر عن واحد اختاره الخلال
وسأله حرب أتجزى ء عن ثلاث قال يروى عن الحسن وكأنه سهل فيه انتهى
وقال في الرعاية وقيل تجزئ بنت مخاض عن واحد قال أبو بكر في التنبيه تجزئ بنت المخاض عن واحد
الثانية لا يجزئ بقر الوحش في الأضحية على الصحيح من المذهب كالزكاة قال في الفروع لا يجزئ في هدي ولا أضحية في أشهر الوجهين وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقيل يجزئ
قوله : وتجزئ الشاة عن الواحد
بلا نزاع وتجزئ عن أهل بيته وعياله على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم

وقيل لا تجزئ وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل في الثواب لا في الإجزاء
قوله : والبدنة والبقرة عن سبع سواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم والباقون اللحم
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب لأن القسمة إفراز نص عليه قال في الفروع ولو كان بعضهم ذميا في قياس قوله قاله القاضي
وقيل للقاضي الشركة في الثمن توجب لكل واحد قسطا من اللحم والقسمة بيع فأجاب بأنها إفراز
قال في الفروع فدل على المنع إن قلنا هي بيع انتهى
قال في الرعاية ولهم قسمتها إن جاز إبدالها وقيل أو حرم وقلنا هي إفراز حق وإلا ملكه ربه للفقراء المستحقين فباعوه إن شاؤوا انتهى
فوائد
الأولى نقل أحمد في ثلاثة اشتركوا في بدنة أضحية وقالوا من جاءنا يريد أضحية شاركناه فجاء قوم فشاركوهم قال لا تجزئ إلا عن الثلاثة لأنهم أوجبوها عن أنفسهم
قال في المستوعب من الأصحاب من جعل المسألة على روايتين ومنهم من جعلها على اختلاف حالين فجوز الشركة قبل الإيجاب ومنع منها بعد الإيجاب
قلت: وهذا اختيار الشيرازي واقتصر عليه الزركشي فقال الاعتبار أن يشترك الجميع دفعة واحدة فلو اشترك ثلاثة في بقرة وذكر معنى النص لم يجز إلا عن الثلاثة قاله الشيرازي انتهى
الثانية لو اشترك جماعة في بدنة أو بقرة للتضحية فذبحوها على أنهم سبعة فبانوا ثمانية ذبحوا شاة وأجزأتهم على الصحيح من المذهب نقله ابن القاسم وعليه أكثر الأصحاب قال في التلخيص في موضع قاله أصحابنا وقدمه في الفروع والمستوعب والرعاية والزركشي وغيرهم
ونقل مهنا تجزئ عن سبعة ويرضون الثامن ويضحى وهو قول في الرعاية
قال الشيرازي وقال بعض أصحابنا لا تجزئ عن الثامن ويعيد عن الأضحية
الثالثة لو اشترك اثنان في شاتين على الشيوع أجزأ على الصحيح قال في التلخيص أشبه الوجهين الإجزاء فقاسه على قول الأصحاب في التي قبلها
وقيل لا يجزئ
الرابعة لو اشترى رجل سبع بقرة ذبحت للحم على أن يضحى به لم يجزه قال الإمام أحمد هو لحم اشتراه وليس بأضحية ذكره في المستوعب وغيره

قوله : ولا يجزئ فيهما العوراء البين عورها
بلا نزاع قال الأصحاب هي التي انخسفت عينها وذهبت فإن كان بها بياض لا يمنع النظر أجزأت وإن أذهب الضوء كالعين القائمة ففي الإجزاء بها روايتان في الخلاف وقيل وجهان وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والرعاية والفروع
إحداهما : لا تجزئ قال في المستوعب أصحهما لا تجزئ عندي وجزم به في المحرر والمنور
الثاني تجزئ قال الزركشي أشهر الوجهين الإجزاء قال في الرعاية الكبرى ونص أحمد تجزئ
قلت: وهذا المذهب
قال المصنف والشارح فإن كان على عينها بياض ولم يذهب الضوء جازت التضحية بها لأن عورها ليس ببين وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
تنبيه مفهوم كلامه من طريق أولى أن العمياء لا تجزئ وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب
قلت: لو نقل الخلاف الذي في العوراء التي عليها بياض أذهب الضوء فقط إلى العمياء لكان متجها
قوله : ولا تجزئ العرجاء البين ضلعها فلا تقدر على المشي مع الغنم
لا تجزئ العرجاء قولا واحدا في الجملة ثم اختلفوا في مقدار ما يمنع من الإجزاء فالصحيح من المذهب ما قاله المصنف وهي التي لا تقدر على المشي مع الغنم ومشاركتهم في العلف وعليه جماهير الأصحاب وجزم به المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره
وقيل هي التي لا تقدر أن تتبع الغنم إلى المنحر
وقال أبو بكر والقاضي هي التي لا تطيق أن تبلغ النسك فإن كانت تقدر على المشي إلى موضع الذبح أجزأت وقال في المستوعب والتلخيص والترعيب هي التي لا تقدر على المشي مع جنسها قال في الفروع فدل على أن الكبيرة لا تجزئ وذكره في الروضة
قوله : والمريضة البين مرضها
سواء كانت بجرب أو غيره على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح وغيرهما وجزم به في المستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم

قال في التلخيص والمحرر والفروع وما به مرض مفسد للحم كجرباء
وقال الخرقي والشيرازي في الإيضاح هي التي لا يرجى برؤها
وقال القاضي وأبو الخطاب وابن البنا وغيرهم المريضة هي الجرباء ولعلهم أرادوا مثلا من الأمثلة لا أن المرض مخصوص بالجرب وهو أولى فيكون موافقا للأول
قوله : والعضباء هي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وأشهر الروايتين وجزم به في المحرر والوجيز وغيرهما وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم
وعنه هي التي ذهب ثلث قرنها اختاره أبو بكر وأطلقهما في المذهب والمستوعب والتلخيص ونقل أبو طالب النصف فأكثر وذكر الخلال أنهم اتفقوا أن نصفه أو أكثر لا يجزئ
وقيل فوق الثلث لا يجزئ قاله القاضي الجمع وذكره ابن عقيل رواية وكون العضباء لا تجزئ من مفردات المذهب
وقال في الفروع ويتوجه احتمال يجوز أعضب الأذن والقرن مطلقا لأن في صحة الخبر نظرا والمعنى يقتضي ذلك لأن القرن لا يؤكل والأذن لا يقصد أكلها غالبا ثم هي كقطع الذنب وأولى بالإجزاء
قلت: هذا الاحتمال هو الصواب
قوله : وتكره المعيبة الأذن بخرق أو شق أو قطع لأقل من النصف
وكذا الأقل من الثلث وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقله الجماعة في أقل من الثلث وفي الخرق والشق
وتقدم رواية بعدم إجزاء ما ذهب ثلث أذنها أو قرنها
وقيل لا تجزئ ما ذهب منه أكثر من الثلث واختار صاحب الإرشاد أنه لا يجزئ ما ذهب أقل ثلث أذنها أو قرنها ولا المعيبة بخرق أو شق لقول علي رضي الله عنه لا تضحي بمقابلة وهي ما قطع شيء من مقدم أذنها ولا بمدابرة وهي ما كان ذلك من خلف أذنها ولا شرقاء وهي ما شق الكي أذنها ولا خرقاء وهي ما ثقب الكي أذنها وحمله الأصحاب على نهي التنزيه
فوائد
الأولى ذكر جماعة من الأصحاب أن الهتماء لا تجزئ قال في التلخيص لم أعثر لأصحابنا فيها بشيء وقياس المذهب أنها لا تجزئ وجزم بعدم الإجزاء في الرعايتين والحاويين والفائق والنظم وتذكرة ابن عبدوس والزركشي وغيرهم

وقال الشيخ تقي الدين تجزئ في أصح الوجهين
إذا علمت ذلك فالهتماء هي التي ذهبت ثناياها من أصلها قاله في الترغيب والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقال الشيخ تقي الدين هي التي سقط بعض أسنانها
الثانية قال في المستوعب والتلخيص والترغيب والرعاية الكبرى والزركشي لا تجزئ العصماء وهي التي انكسر غلاف قرنها
الثالثة لو قطع من الألية دون الثلث فنقل جعفر فيه لا بأس به ونقل هارون كل ما في الأذن وغيره من الشاة دون النصف لا بأس به
قال الخلال روى هارون وحنبل في الألية ما كان دون النصف أيضا قال فهذه رخصة في العين وغيرها واختيار أبي عبد الله لا بأس بكل نقص دون النصف وعليه أعتمد قال وروى الجماعة التشديد في العين وأن تكون سليمة
الرابعة الجداء والجدباء وهي التي شاب ونشف ضرعها وجف لا تجزئ قاله في المستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم
قوله : وتجزئ الجماء والبتراء والخصي.
أما الجماء وهي التي لا قرن لها على الصحيح وقيل هي التي انكسر كل قرنها قاله في الرعاية وقال ابن البنا هي التي لم يخلق لها قرن ولا أذن فتجزئ على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وصححه ابن البنا في خصاله وجزم به في العمدة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الكافي والمغني والشرح وقال ابن حامد لا تجزئ الجماء وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفائق والفروع وغيرهم
فائدة : لو خلقت بلا أذن فهي كالجماء قاله في الروضة وقطع في الرعاية بالإجزاء وتقدم كلام ابن البنا
وأما البتراء وهي التي لا ذنب لها فتجزئ على الصحيح من المذهب جزم به في العمدة والوجيز وقدمه في الكافي والمغني والشرح
وقيل لا تجزئ نقل حنبل لا يضحى بأبتر ولا بناقصة الخلق وقطع به في المستوعب والتلخيص وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق والنظم وألحق المصنف والشارح بالبتراء ما قطع ذنبها
ويحتمله كلامه في التلخيص فإنه قال هي المبتورة الذنب قال في الرعاية والبتراء المقطوعة الذنب وقيل هي التي لا ذنب لها خلقة

وأما الخصي وهو الذي قطعت خصيتاه أو سلتا فقط فجزم المصنف أنه يجزئ وجزم به في المغني والعمدة والمستوعب والتلخيص والشرح والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم وكذلك الحكم لو رضت خصيتاه أيضا
ولو كان خصيا مجبوبا فالصحيح من المذهب أنه لا يجزئ نص عليه وجزم به في التلخيص وقدمه في الرعاية الكبرى
قال في المستوعب والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم ويجزئ الخصي غير المجبوب وقيل يجزئ جزم به ابن البنا في الخصال وفسر الخصي بمقطوع الذكر وأطلقهما في الفروع
فائدة : قال في الفروع ظاهر كلام الإمام أحمد والأصحاب أن الحمل لا يمنع الإجزاء وقيل للقاضي في الخلاف الحامل لا تجزئ في الأضحية فكذلك في الزكاة والحمل ينقص اللحم فقال القصد من الأضحية اللحم والحمل ينقص اللحم والقصد من الزكاة الدر والنسل والحامل أقرب إلى ذلك من الحائل فأجزأت
قوله : والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونقل حنبل يفعل كيف شاء باركة وقائمة
فائدة: قوله : ويقول عند ذلك بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك
يعني يستحب ذلك ويستحب أيضا أن يوجهها إلى القبلة قال في المستوعب والتلخيص وابن أبي المجد في مصنفه على جنبها الأيسر
قال الإمام أحمد يسمي ويكبر حين يحرك يده بالقطع ونص أحمد أنه لا بأس أن يقول اللهم تقبل من فلان
وذكر بعض الأصحاب أنه يقول اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك وقاله الشيخ تقي الدين
ويقول إذا ذبح {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} إلى قوله: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: ويستحب أن لا يذبحها إلا مسلم
جواز ذبح الكتابي لها وهو صحيح وهو المذهب مطلقا وجزم به في المنور قال الزركشي اختاره الخرقي وعامة الأصحاب وقدمه في الهداية والمحرر والمغني والشرح والرعاية الكبرى والفائق وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والخلاصة والمستوعب والرعاية الصغرى في غير الإبل واختاره ابن عبدوس في تذكرته
وعنه لا يجزئ ذبحه وعنه لا يجزئ ذبحه للإبل خاصة جزم به في الوجيز والرعاية الصغرى والحاويين والإرشاد واختاره الشيرازي وصححه في النظم

وقال الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما جواز ذبح الكتابي على الرواية التي تقول الشحوم المحرمة على اليهود لا تحرم علينا زاد الشريف أو على كتابي نصراني
قال الزركشي ومقتضى هذا أن محل الروايتين على القول بحل الشحوم وأما إذا قلنا بتحريم الشحوم فلا يلي اليهود بلا نزاع
قوله : وإن ذبحها بيده كان أفضل
بلا نزاع ونص عليه فإن لم يفعل استحب أن يوكل في الذبح ويشهده نص عليه
وقال بعض الأصحاب إن عجز عن الذبح أمسك بيده السكين حال الإمرار فإن عجز فليشهدها وجزم به الزركشي وغيره
وإن وكل في الذبح اعتبرت النية من الموكل إذن إلا أن تكون معينة لا تسمية المضحى عنه
وقال في المفردات تعتبر فيها النية قاله في الفروع
قال في الرعاية وإن وكل في الذكاة من يصح منه نوى عندها أو عند الدفع إليه وإن فوض إليه احتمل وجهين وتكفي نية الوكيل وحده فمن أراد الذكاة نوى إذن انتهى
قوله : ووقت الذبح يوم العيد بعد الصلاة أو قدرها
ظاهر هذا أنه إذا دخل وقت صلاة العيد ومضى قدر الصلاة فقد دخل وقت الذبح ولا يعتبر فعل ذلك ولا فرق في هذا بين أهل الأمصار والقرى ممن يصلي العيد وغيرهم قاله الشارح
وقال ابن منجا في شرحه أما وقت الذبح فظاهر كلام المصنف هنا إذا مضى أحد أمرين من صلاة العيد أو قدرها لأنه ذكر ذلك بلفظ أو وهي للتخيير ولم يفرق بين من تقام صلاة العيد في موضع ذبحه أو لم تقم انتهى
واعلم أن الصحيح من المذهب أن وقت الذبح بعد صلاة العيد فقط في حق أهل الأمصار والقرى ممن يصلي وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وعامة أصحابه كالشريف أبي جعفر وأبي الخطاب في خلافيهما وابن عقيل في التذكرة والشيرازي وابن البنا في الخصال والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم وقدمه في المستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين والنظم والفائق وغيرهم فلو سبقت صلاة إمام في البلد جاز الذبح
وعنه وقته بعد صلاة العيد والخطبة اختاره المصنف في الكافي
وقال الخرقي وغيره وقته قدر صلاة العيد والخطبة فلم يشترط الفعل وجزم به في الإيضاح وهو رواية عن أحمد ذكرها في الروضة

وقيل لا يجزئ الذبح قبل الإمام اختاره ابن أبي موسى
وقيل ذلك مخصوص ببلد الإمام وجزم به في عيون المسائل وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية فقال وعنه إذا ضحى الإمام في بلده ضحوا انتهى
قلت: وهذا متعين
تنبيه تابع المصنف رحمه الله تعالى هنا أبا الخطاب في الهداية وعبارته في المذهب والخلاصة والوجيز وتجريد العناية وغيرهم كذلك
فالذي يظهر أن كلام المصنف هنا ومن تابعه المصنف وتابع المصنف موافق للمذهب وأن قوله: بعد الصلاة يعني في حق من يصليها وقوله: أو قدرها في حق من لم يصل وتكون أو في كلامه للتقسيم لا للتخيير ولهذا والله أعلم لم يحك صاحب الفروع هذا القول ولم يعرج عليه
وقد قال في النظم
وبعد صلاة العيد أو ... بعد قدرها لمن لم يصل
وكذا قال في الرعاية الكبرى والحاوي وغيرهما
فغاية كلام المصنف أن يكون فيه إضمار معلوم وهو كثير مستعمل إذ يبعد جدا أن يأتي المصنف ومن وافقه بما يخالف كلام الأصحاب لكن صاحب الرعاية حكاه قولا والظاهر أنه توهم ذلك فحكاه قولا
فائدة : حكم أهل القرى الذين لا صلاة عليهم ومن في حكمهم كأصحاب الطنب والخركاوات ونحوهم في وقت الذبح حكم أهل القرى والأمصار الذين يصلون على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب فإن قلنا وقته بعد صلاة العيد في حقهم فقدرها في حق من لا تجب عليه كذلك وإن قلنا بعد الصلاة والخطبة فقدرها كذلك في حقهم وإن قلنا مع ذلك ذبح الإمام اعتبر قدر ذلك أيضا وقد علمت المذكور ذلك فكذا المذهب هنا هذا الصحيح من المذهب وجزم به كثير من الأصحاب منهم صاحب المستوعب والحاوي الكبير وقدمه في الفروع
قال الزركشي عامة أصحاب القاضي على ذلك وقال في الترغيب هو كغيره في الأصح
وقال في التلخيص والبلغة فأما أهل القرى الذين لا صلاة عليهم لقلت:هم ومن في حكمهم فأول وقتهم ذلك الوقت في أحد الوجهين وفي الآخر أن يمضي من يوم العيد مقدار ذلك

وقال في الفائق بعد أن حكى الخلاف في أهل الأمصار ومن في حكمهم من أهل القرى وهو وقت لأهل البر في أحد الوجهين والثاني مقداره
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقت الذبح بعد صلاة العيد وقيل أو قدرها لأهل البر
وقال في الرعاية الكبرى وقته بعد الصلاة أو قدرها لأهل البر
وقيل وغيرهم
وقال في الجامع الصغير لا يجوز إلا بعد صلاة الإمام وخطبته قال الزركشي وهو ظاهر كلام أبي محمد يعني به المصنف في المغني
قلت: قطع به في الكافي
تنبيه أطلق المصنف وأكثر الأصحاب قدر الصلاة والخطبة فقال الزركشي يحتمل أن يعتبر ذلك بمتوسط الناس وأبو محمد اعتبر قدر صلاة وخطبتين تامتين في أخف ما يكون
فوائد
منها إذا لم يصل الإمام في المصر لم يجز الذبح حتى تزول الشمس عند من اعتبر نفس الصلاة فإذا زالت جاز على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به في المغني والشرح وقدمه في الفروع وغيره
وقال ابن عقيل الذبح يتبع الصلاة قضاء كما يتبعها أداء ما لم يؤخر عن أيام الذبح فيتبع الوقت ضرورة
ومنها حكم الهدي المنذور في وقت الذبح حكم الأضحية فيما تقدم
وتقدم وقت ذبح فدية الأذى واللبس ونحوها في أواخر باب الفدية
وتقدم وقت ذبح دم التمتع والقران في باب الإحرام بعد قوله: ويجب على المتمتع والقارن دم نسك
ومنها لو ذبح قبل وقت الذبح لم يجز وله أن يفعل به ما شاء على الصحيح من المذهب وقيل هو كالأضحية وعليه بدل الواجب
قوله : إلى آخر يومين من أيام التشريق
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقال في الإيضاح آخره آخر يوم من أيام التشريق واختار ابن عبدوس في تذكرته أن آخره آخر اليوم الثالث من أيام التشريق واختاره الشيخ تقي الدين قاله في الاختيارات وجزم به ابن رزين في نهايته والظاهر أنه مراد صاحب الإيضاح فإن كلامه محتمل

فائدة : أفضل وقت الذبح أول يوم من وقته ثم ما يليه
قلت: والأفضل اليوم الأول عقيب الصلاة والخطبة وذبح الإمام إن كان
قوله : ولا يجزئ في ليلتهما في قول الخرقي
وهو رواية عن أحمد نص عليه في رواية الأثرم واختارها جماعة منهم الخلال قال وهي رواية الجماعة وجزم به في الإيضاح والوجيز وقدمه في المغني
وقال غيره يجزئ وهو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وأصحابه
قال المصنف والشارح اختاره أصحابنا المتأخرون وصححه في التلخيص وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وأطلقهما في الحاويين والرعايتين والفائق
فائدة : قال ابن البنا في خصاله يكره ذبح الهدايا والضحايا ليلا في أول يوم ولا يكره ذلك في اليومين الأخيرين
قلت: الأولى الكراهة ليلا مطلقا
قوله : فإن فات الوقت ذبح الواجب قضاء وسقط التطوع
فإذا ذبح الواجب كان حكمه حكم أصله على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقال في التبصرة يكون لحما يتصدق به لا أضحية في الأصح
قوله : ويتعين الهدي بقوله: هذا هدي أو بتقليده وإشعاره مع النية والأضحية بقوله: هذه أضحية
وكذلك قوله : هذا لله ونحوه من ألفاظ النذر هذا المذهب جزم به في النظم والوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع والشرح وغيرهما واختاره المصنف وغيره
وقال في الكافي إن قلده أو أشعره وجب كما لو بنى مسجدا وأذن للصلاة فيه ولم يذكر النية قال في الفروع وهو أظهر قال الزركشي خالف أبو محمد الأصحاب فقال يؤخذ به جازما به وقال لا يتابع المصنف على كون ذلك المذهب
وقطع في المحرر أنه لا يتعين ذلك إلا بالقول وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق قال الزركشي هذا المذهب المشهور المعروف قال في الرعاية الكبرى وقيل أو بالنية فقط وقيل مع تقليد وإشعار
وقال في الفروع وهو سهو يعني قوله: وقيل أو بالنية فقط إذ ظاهر ذلك أنه لا يتعين إلا

بالنية فلا يتعين بالتقليد والإشعار مع النية على هذا القول ولا بقوله: هذا هدي أو أضحية وهو كما قال
قال في الفروع فإن هذا القول هو احتمال لأبي الخطاب ويأتي قريبا ولم يذكر لفظة فقط في الرعاية الكبرى ولا في غيرها
وقال في الموجز والتبصرة إذا أوجبها بلفظ الذبح نحو لله علي ذبحها لزمه ذبحها وتفريقها على الفقراء وهو معنى قوله: في عيون المسائل لو قال لله علي ذبح هذه الشاة ثم أتلفها ضمنها لبقاء المستحق لها
قوله : ولو نوى حال الشراء لم يتعين
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يتعين بالشراء مع النية اختاره الشيخ تقي الدين قاله في الفائق
وقال أبو الخطاب في الهداية ويحتمل أن يتعين الهدي والأضحية بالنية كما تقدم
قوله : وإذا تعينت لم يجز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها
قدم المصنف رحمة الله عليه أن الهدي والأضحية إذا تعينا لم يجز بيعهما ولا هبتهما إلا أن يبدلهما بخير منهما وهو أحد الأقوال اختاره الخرقي وصاحب المنتخب والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم
قال في المحرر فإن نذرها ابتداء بعينها لم يجز إبدالها إلا بخير منها انتهى
وقطع في القواعد الفقهية بجواز إبدالها بخير منها وقال نص عليه
والصحيح من المذهب أنه يجوز له نقل الملك فيه وشراء خير منه نقله الجماعة عن أحمد وعليه أكثر الأصحاب قال في الهداية اختاره عامة أصحابنا
قال في الفروع واختاره الأكثر قال الزركشي عليه عامة الأصحاب
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وعنه يجوز ذلك لمن ضحى دون غيره قال ابن أبي موسى في الإرشاد إن باعها بشرط أن يضحى بها صح قولا واحدا وإلا فروايتان انتهى
وعنه أن ملكه يزول باليقين مطلقا فلا يجوز إبدالها ولا غيره اختاره أبو الخطاب في الهداية وخلافه الصغير واستشهد في الهداية بمسائل كثيرة تشهد لذلك
فعلى هذا لو عينه ثم علم عيبه لم يملك الرد ويملكه على الأول

وعليهما إن أخذ أرشه فهل هو له أو هو كزائد عن القيمة فيه وجهان وأطلقهما في الفروع
وقدم في المغني والشرح أن حكمه حكم الزائد عن قيمة الأضحية
وقدم في الرعاية أنه له وقيل بل للفقراء وقيل بل يشتري لهم به شاة فإن عجز فسهما من بدنة فإن عجز فلحما
قال في الفروع وذكر في الرعاية الصغرى وجها أن التصرف في أضحية معينة كهدي قال وهو سهو
فوائد
إحداها : لو بان مستحقا بعد تعينه لزمه بدله نقله على ابن سعيد قال في الفروع ويتوجه فيه كأرش
الثانية قال في الفائق يجوز إبدال اللحم بخير منه نص عليه وذكره القاضي
الثالثة لو أتلف الأضحية متلف وأخذت منه القيمة أو باعها من أوجبها ثم اشترى بالقيمة أو بالثمن مثلها فهل تصير متعينة بمجرد الشراء يخرج على وجهين قاله في القاعدة الحادية والأربعين
ويأتي نظير ذلك في آخر الرهن والوقف
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله : إلا بخير منه أنه لا يجوز بمثله وهو الصحيح من المذهب سواء كان في الهدي أو الأضحية وسواء كان في الإبدال أو الشراء نص عليه وقدمه في الرعاية الكبرى والمغني والشرح ونصراه والفائق والفروع
وقيل يجوز بمثله نص عليه قال الإمام احمد ما لم يكن أهزل وهما احتمالان للقاضي وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى والحاويين والزركشي
الثاني مفهوم قوله : وله ركوبها عند الحاجة أنه لا يجوز عند عدمها وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع
وعنه يجوز من غير ضرر بها جزم به في المستوعب والترغيب
قلت: وهو ظاهر الأحاديث وأطلقهما في المغني والشرح

فوائد
إحداها : يضمن نقصها على الصحيح من المذهب وظاهر الفصول وغيره يضمن إن ركبها بعد الضرورة ونقص
الثانية قوله : وإن ولدت ذبح ولدها معها بلا نزاع وسواء عينها حاملا أو حدث الحمل بعده فلو تعذر حمل ولدها وسوقه فهو كالهدي إذا عطب على ما يأتي
الثالثة قوله: ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها بلا نزاع فلو خالف وفعل حرم وضمنه
الرابعة قوله: ويجز صوفها ووبرها ويتصدق به إن كان أنفع لها بلا نزاع في الجملة زاد في المستوعب يتصدق به ندبا وقال في الروضة يتصدق به إن كانت نذرا وقال القاضي في المجرد ويستحب له الصدقة بالشعر وله الانتفاع بهما وذكر ابن الزاغوني أن اللبن والصوف لا يدخلان في الإيجاب
وله الانتفاع بهما إذا لم يضر بالهدي وكذلك قال صاحب التلخيص في اللبن
قوله : ولا يعطى الجازر أجرته شيئا منها
بلا نزاع لكن إن دفع إليه على سبيل الصدقة أو الهدية فلا بأس لأنه مستحق للأخذ فهو كغيره بل أولى لأنه باشرها وتاقت نفسه إليها قاله المصنف والشارح
قوله : وله أن ينتفع بجلدها وجلها
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب
قال المصنف والشارح لا خلاف في الانتفاع بجلودها وجلالها وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
ونقل جماعة لا ينتفع بما كان واجبا قاله في الفروع ويتوجه أنه المذهب فيتصدق به ونقل الأثرم وحنبل وغيرهما ويتصدق بثمنه
وجزم في الفصول والمستوعب وغيرهما يتصدق بجميع الهدايا الواجبة ولا يبقى منها لحما ولا جلدا ولا غيره
وقال في المستوعب وغيره ويستحب الصدقة بجلالها
قوله : ولا يبيعه ولا شيئا منها
يحرم بيع الجلد والجل على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا هو المشهور قال الزركشي هذا المذهب بلا

ريب وجزم به في الوجيز والهداية والخلاصة وغيرهم وقدمه في الفروع والشرح والمستوعب والمحرر وغيرهم
وعنه يجوز ويشترى به آلة البيت لا مأكولا قال في الترغيب والتلخيص وعنه يجوز بيعها بمتاع البيت كالغربال والمنخل ونحوهما فيكون إبدالا بما يحصل منه مقصودهما كما أجزنا إبدال الأضحية انتهى
وقطع به في القواعد الفقهية وقال نص عليه وعنه يجوز بيعها ويتصدق بثمنه
وعنه يجوز ويشتري بثمنه أضحية وعنه يكره وعنه يجوز بيعهما من البدنة والبقرة ويتصدق بثمنه دون الشاة اختاره الخلال
وقال في الرعاية وقيل له بيع سواقط الأضحية والصدقة بالثمن قال قلت: وكذا الهدي انتهى
قوله : وإن ذبحها فسرقت فلا شيء عليه فيها
ولو كانت واجبة هذا المذهب نقله ابن منصور وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع
وقيل ذبحه لم يعينه بدليل أن له بيعه عندنا
وتقدم قول أبي الخطاب إنه يزول ملكه عنه كما لو نحره وقبضه
قوله : وإن ذبحها ذابح في وقتها بغير إذن أجزأت ولا ضمان على ذابحها
وإذا ذبحها غير ربها فتارة ينويها عن صاحبها وتارة يطلق وتارة ينويها عن نفسه فإن نوى ذبحها عن صاحبها أجزأت عنه ولا ضمان على ذابحها
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره وقال في الفائق والمختار لزوم أرش ما بين قيمتها صحيحة ومذبوحة
وإن ذبحها وأطلق النية فظاهر كلام المصنف هنا الإجزاء وعدم الضمان وهو ظاهر كلامه في المحرر والفائق والشرح والمغني والوجيز والرعاية الصغرى وغيرهم لإطلاقهم وقاله في الترغيب والتلخيص وغيرهما وجزم به في عيون المسائل والرعاية الكبرى
والصحيح من المذهب عدم الإجزاء ووجوب الضمان قدمه في الفروع
وإن ذبحها ونوى عن نفسه ففي الإجزاء عن صاحبها والضمان روايتان ذكرهما القاضي وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى والحاويين والفروع والفائق

إحداهما : لا تجزئ ويضمنها
والرواية الثانية تجزئ مطلقا ولا ضمان عليه وقدمه في الرعاية الكبرى وصححه في النظم قال ابن عبدوس في تذكرته لا أثر لنية فضولي
قال في القاعدة السادسة والتسعين حكى القاضي في الأضحية روايتين والصواب أن الروايتين تنزلان على اختلاف حالين لا على اختلاف قولين.
فإن نوى الذابح بالذبح عن نفسه مع علمه بأنها أضحية الغير لم يجزئه لغصبه واستيلائه على مال الغير وإتلافه له عدوانا وإن كان الذابح يظن أنها أضحية لاشتباهها عليه أجزأت عن المالك وقد نص أحمد على الصورتين في رواية أبي القاسم وسندي مفرقا بينهما مصرحا بالتعليل المذكور وكذلك الخلال فرق بينهما وعقد لهما بابين مفردين فلا تصح التسوية بينهما انتهى
وقيل يعتبر على هذه الرواية أن يلي ربها تفرقتها
وقال في القاعدة المذكورة واما إذا فرق الأجنبي اللحم فقال الأصحاب لا يجزئ وأبدى ابن عقيل في فنونه احتمالا بالإجزاء ومال إليه ابن رجب وقواه وإن لم يفرقها ضمن الذابح قيمة اللحم
فإن كان على رواية عدم الإجزاء يعود ملكا قال في الفروع وقد ذكر الأصحاب في كل تصرف غاصب حكمي عبادة وعقد الروايات انتهى
قال في القاعدة السادسة والتسعين إذا عين أضحية وذبحها غيره بغير إذنه أجزأت عن صاحبها ولم يضمن الذابح شيئا نص عليه
ولا فرق عند الأكثرين بين أن تكون معينة ابتداء أو عن واجب في الذمة
وفرق صاحب التلخيص بين ما وجب في الذمة وغيره وقال المعينة عما في الذمة يشترط لها نية المالك عند الذبح فلا يجزئ ذبح غيره بغير إذنه فيضمن انتهى
فعلى القول بالضمان يضمن ما بين كونها حية إلى مذبوحة ذكره في عيون المسائل واقتصر عليه في الفروع
قوله : وإن أتلفها أجنبي فعليه قيمتها
بلا نزاع ويكون ضمان قيمتها يوم تلفها قال الشارح وجها واحدا فإن زادت قيمتها على ثمن مثلها فحكمها حكم ما لو أتلفها صاحبها على ما يأتي فإن لم تبلغ القيمة ثمن الأضحية فالحكم فيه على ما يأتي فيما إذا أتلفها ربها وقال في الفروع ضمن ما بين كونها حية إلى كونها مذبوحة ذكره في عيون المسائل كما تقدم

قوله : وإن أتلفها صاحبها ضمنها بأكثر الأمرين من مثلها أو قيمتها
ولا خلاف في ضمان صاحبها إذا أتلفها مفرطا ثم اختلفوا في مقدار الضمان
فجزم المصنف هنا أنه يضمنها بأكثر الأمرين من مثلها أو قيمتها وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والهادي والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين والقواعد الفقهية وغيرهم قال الزركشي هو قول أكثر الأصحاب
والصحيح من المذهب أنه يضمنها بالقيمة يوم التلف فيصرف في مثلها كالأجنبي اختاره القاضي في الجامع الصغير وأبو الخطاب في خلافه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والفائق وأطلقهما في التلخيص والزركشي
فعلى الأول تكون أكثر القيمتين من الإيجاب إلى التلف وهو الصحيح على هذا القول وجزم به في المستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الفروع والنظم
وقال في التبصرة من الإيجاب إلى النحر
وقيل من التلف إلى وجوب النحر وجزم به الحلواني
قال في القواعد فعليه ضمانه بأكثر القيمتين من يوم الإتلاف إلى يوم النحر
وقال الزركشي أو من حين التلف إلى جواز الذبح عند الشريف وأبي الخطاب في الهداية والشيرازي والشيخين وغيرهم انتهى
ولم أر ذلك عمن ذكر
قوله : فإن ضمنها بمثلها وأخرج فضل القيمة جاز ويشتري به شاة أو سبع بدنة
بلا نزاع لكن قال في المستوعب والرعايتين والحاويين وغيرهم يشتري به شاة فإن عجز فسهما من بدنة انتهى
وقال في المحرر كالمصنف فإن لم يبلغ ثمن شاة ولا سبع بدنة أو بقرة اشترى به لحما فتصدق به أو تصدق بالفضل
فخيره المصنف إذا لم يبلغ الفاضل ما يشتري به دما خيره بينه وبين أن يشتري به لحما يتصدق به وبين أن يتصدق بالفضل وهو الصحيح من المذهب والوجهين وجزم به في المحرر وقدمه في الفروع
والوجه الثاني يلزمه شراء لحم يتصدق به وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في المغني والشرح وقال في الرعايتين والحاويين وما زاد منهما اشترى بالفضلة شاة فإن عجز فسهما من بدنة فإن عجز فلحما يتصدق به وقيل بل يتصدق بالفضلة

فوائد
منها قوله : وإن تلفت بغير تفريطه لم يضمنها بلا نزاع وعند
الأكثر سواء تلفت قبل ذبحه أو بعده نص عليه ونقل القاضي في خلافه وأبو الخطاب في انتصاره وجوب الضمان كالزكاة
قال في القاعدة الثامنة والثلاثين بعد المائة وهو بعيد
وقال في القواعد الأصولية إذا نذر أضحية أو الصدقة بدراهم معينة فتلفت فهل يضمنها على روايتين وقال جماعة منهم القاضي وأبو الخطاب ولو تمكن من الفعل نظرا إلى عدم تعيين مستحق كالزكاة وإلى تعلق الحق بعين معينة كالعبد الجاني
وقال أبو المعالي إن تلفت قبل التمكن فلا ضمان وإلا فوجهان إن قلنا يسلك بالنذر مسلك الواجب شرعا ضمن وإن قلنا مسلك التبرع لم يضمن انتهى
ومنها لو فقأ عينها تصدق بالأرش
ومنها لو مرضت فخاف عليها فذبحها لزمه بدلها ولو تركها فماتت فلا شيء عليه قاله الإمام أحمد رحمه الله تعالى
ومنها لو ضحى كل واحد منهما عن نفسه بأضحية الآخر غلطا كفتهما ولا ضمان استحسانا قاله في الفروع وقال القاضي وغيره القياس ضدهما ونقل الأثرم وغيره في اثنين ضحى هذا بأضحية هذا وهذا بأضحية هذا يتبادلان اللحم ويجزئ
قوله : وإن عطب الهدي في الطريق نحره في موضعه
وهذا بلا نزاع ولكن قال جماعة من الأصحاب لو خاف أن يعطب ذبحه وفعل به كذلك
قوله : ولا يأكل منه هو ولا أحد من رفقته
يعني يحرم عليه الأكل هو ورفقته من الهدي إذا عطب وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
وأباح الأكل منه القاضي وأبو الخطاب في الانتصار مع فقره واختار في التبصرة إباحته لرفيقه الفقير
وقوله : ولا أحد من رفقته قال في الوجيز ولا يأكل هو ولا خاصته منه
قلت: وهو مراد غيره
وقد صرح الأصحاب بأن الرفقة الذين معه ممن تلزمه مؤنته في السفر

قوله : فإن تعيبت ذبحها وأجزأته إلا أن تكون واجبة قبل التعيين كالفدية والمنذورة في الذمة فإن عليه بدلها
اعلم أنه إذا تعيب ما عينه فتارة يكون قد عينه عن واجب في ذمته كهدي التمتع والقران والدماء الواجبة في النسك بترك واجب أو بفعل محظور أو وجب بالنذر وتارة يكون واجبا بنفس التعيين فإن كان واجبا بنفس التعيين مثل ما لو وجب أضحية سليمة ثم حدث بها عيب يمنع الإجزاء من غير فعله فهنا عليه ذبحه وقد أجزأ عنه كما جزم به المصنف هنا وهو المذهب ونص عليه فيمن جرها بقرنها إلى المنحر فانقلع وجزم به في المغني والشرح والوجيز والخرقي والزركشي وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
وقال القاضي القياس لا تجزئه
فعلى المذهب تخرج بالعيب عن كونها أضحية قاله في القاعدة الأربعين فإذا زال العيب عادت أضحية كما كانت ذكره ابن عقيل في عمدة الأدلة
فلو تعيبت هذه بفعله فله بدلها جزم به في المغني والشرح وهو ظاهر ما جزم به في الفروع
وإن كان معينا عن واجب في الذمة وتعيب أو تلف أو ضل أو عطب
أو سرق أو نحو ذلك لم يجزئه ولزمه بدله ويلزم أفضل مما في الذمة إن كان تلفه بتفريطه
قال الإمام احمد من ساق هديا واجبا فعطب أو مات فعليه بدله وإن شاء باعه وإن نحره جاز أكله منه ويطعم لأن عليه البدل قاله في الفروع وقال كذا قال وأطلق في الروضة أن الواجب يفعل به ما شاء وعليه بدله انتهى
وفي بطلان تعيين الولد وجهان وأطلقهما في الفروع والزركشي
وقال في الفصول في تعيينه هنا احتمالان
قال في المغني والشرح إذا قلنا يبطل تعيينها وتعود إلى مالكها احتمل أن يبطل التعيين في ولدها تبعا كما ثبتت تبعا قياسا على نمائها المتصل بها واحتمل أن لا يبطل ويكون للفقراء لأنه تبعها في الوجوب حال اتصاله بها ولم يتبعها في زواله لأنه صار منفصلا عنها فهو كولد المبيع المعيب إذا ولد عند المشتري ثم رده لا يبطل البيع في ولدها والمدبرة إذا قتلت سيدها فبطل تدبيرها لا يبطل في ولدها انتهى
وقدم ابن رزين في شرحه أنه يتبعها
قلت: الذي يظهر أنه لا يبطل تعيينه لأنه بوجوده قد صار حكمه حكم أمه لكن تعذر في الأم فبقي حكم الولد باقيا
قوله : وهل له استرجاع هذا العاطب والمعيب إلى ملكه على روايتين

وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين والشرح وشرح ابن منجا والزركشي
إحداهما : ليس له استرجاعه إلى ملكه إذا كان معينا لأنه قد تعلق به حق الفقراء وهذا المذهب قال في الفروع ليس له استرجاعه على الأصح وصححه في النظم وتصحيح المحرر
والرواية الثانية له استرجاعه إلى ملكه فيصنع به ما شاء وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح والفائق واختاره المصنف والشارح وابن أبي موسى قاله الزركشي وقدمه ابن رزين في شرحه وجزم به في الوجيز والمنتخب وتذكرة ابن عبدوس
قوله : وكذلك إذا ضلت فذبح بدلها ثم وجدها
يعني أن في استرجاع الضال إلى ملكه إذا وجده بعد ذبح بدله الروايتين المتقدمتين وهذا هو الصحيح من المذهب فالحكمان واحد والمذهب هنا كالمذهب هناك وجزم به في الفروع والرعاية والمحرر وغيرهم
وأما المصنف والشارح فإنهما قطعا بأنه يذبح البدل والمبدل ولم يحكيا خلافا ولكن خرجا تخريجا أنه كالمسألة التي قبلها
وقال ابن منجا ويقوى لزوم ذبحه مع ذبح الواجب حديث ذكره ففيه إيماء إلى التفرقة إما لأجل الحديث أو لأن العاطب والمعيب قد تعذر إجزاؤه عن الواجب فخرج حق الفقراء من ذلك إلى بدله وأما الضال فحق الفقراء فيه باق وإنما امتنع حقهم لتعذره وهو فقده وجزم في المذهب والمستوعب والتلخيص وغيرهم بأنه يذبح البدل والمبدل كما قطع به المصنف والشارح
قوله : فصل سوق الهدي مسنون ولا يجب إلا بالنذر ويستحب أن يقفه بعرفة ويجمع فيه بين الحل والحرم
بلا نزاع فلو اشتراه في الحرم ولم يخرجه إلى عرفة وذبحه كفاه نص عليه
قوله : ويسن إشعار البدنة فيشق صفحة سنامها حتى يسيل الدم وكذا ما لا سنام له من الإبل
وهذا بلا نزاع والأولى أن يكون الشق في صفحة سنامها اليمنى على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم
وعنه الشق من الجانب الأيسر أولى وعنه الخيرة وأطلقهن في التلخيص والمستوعب
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يشعر غير السنام وهو ظاهر كلام غيره وقال في الكافي يجوز إشعار غير السنام وذكره في الفصول عن أحمد
وظاهر كلام المصنف أيضا أنه لا يشعر غير الإبل وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم وقال في المستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم ويسن إشعار مكان ذلك من البقر
قوله : ويقلدها ويقلد الغنم النعل نص عليه وآذان القرب والعرى
هذا المذهب يعني أنه يستحب تقليد الهدي كله من الإبل والبقر والغنم نص عليه وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز وجزم به في النظم والفائق وغيرهما وقدمه في الفروع وقال في المنتخب يقلد الغنم فقط وهو ظاهر كلامه في الهداية والخلاصة والكافي وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى
وقال في المستوعب والترغيب والتلخيص تقليد البدن جائز وقال الإمام أحمد البدن تشعر والغنم تقلد ونقل حنبل لا ينبغي أن يسوقه حتى يشعره ويجلله بثوب أبيض ويقلده نعلا أو علاقة قربة
قوله : وإذا نذر هديا مطلقا فأقل ما يجزئه شاة أو سبع بدنة
وكذا سبع بقرة وهذا بلا نزاع لكن لو ذبح بدنة فالصحيح وجوبها كلها قدمه في مسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص والرعايتين والحاويين واختاره ابن عقيل
وقيل الواجب سبعها فقط والباقي له أكله والتصرف فيه وهما احتمالان مطلقان في الهداية والمستوعب وهما وجهان مطلقان في المذهب والفائق
وتقدم نظيرها في آخر باب الفدية عند قوله: وكل هدي ذكرناه يجزئ فيه شاة أو سبع بدنة وذكرنا فائدة: الخلاف هناك
قوله : وإذا نذر بدنة أجزأته بقرة
إذا نذر بدنة فتارة ينوي وتارة يطلق فإن نوى فقال القاضي وأصحابه يلزمه ما نواه وجزم به في التلخيص وغيره وإن أطلق ففي إجزاء البقرة روايتان وأطلقهما في الشرح
إحداهما : تجزئ مطلقا وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر كلامه في الوجيز وغيره واختاره المصنف ونصره القاضي وأصحابه وقدمه في التلخيص
والرواية الثانية لا تجزئ البقرة إلا عند تعذر الإبل لأنها بدل عنه

وتقدم نظير ذلك عند قوله: ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة في آخر باب الفدية
قوله : فإن عين بنذره أجزأه ما عينه صغيرا كان أو كبيرا من الحيوان وغيره وعليه إيصاله إلى فقراء الحرم إلا أن يعينه بموضع سواه
اعلم أنه إذا عين بنذره شيئا إلى مكة أو جعل دراهم هديا فهو لأهل الحرم نقله المروذي وابن هانئ ويبعث ثمن غير المنقول قال الإمام أحمد فيمن نذر أن يلقي فضة في مقام إبراهيم يلقيه بمكان نذره واستحبه ابن عقيل فيكفر إن لم يلقه وهو لفقراء الحرم
وقال القاضي في التعليق وابن عقيل في المفردات وهو ظاهر كلامه في الرعاية له أن يبعث ثمن المنقول
وقال ابن عقيل ويقدمه ويبعث القيمة وقال القاضي وأصحابه إن نذر بدنه فللحرم لا جزورا وإن نذر جذعة كفت ثنية واحدة
ونقل يعقوب فيمن جعل على نفسه أن يضحي كل عام بشاتين فأراد عاما أن يضحي بواحدة إن كان نذر فيوفي به وإلا فكفارة يمين وإن قال إن لبست ثوبا من غزلك فهو هدي فلبسه أهداه أو ثمنه على الخلاف المتقدم
قوله : ويستحب أن يأكل من هديه
شمل مسألتين
إحداهما : أن يكون تطوعا فيستحب الأكل منه بلا نزاع وحكم الأكل هنا والتفرقة كالأضحية على الصحيح من المذهب اختاره ابن عقيل وقدمه في الفروع
وقيل لا يأكل هنا إلا اليسير وقدمه في المغني والشرح ونصراه وأطلقهما في القواعد الفقهية
والثانية أن يكون واجبا بالتعيين من غير أن يكون واجبا في ذمته فيستحب الأكل منه أيضا اختاره المصنف والشارح واقتصر عليه الزركشي وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره
والصحيح من المذهب أنه لا يستحب الأكل منه قدمه في الفروع
قوله : ولا يأكل من واجب إلا من دم المتعة والقران
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه

في الفروع وغيره وقال اختاره الأصحاب قال الزركشي وهو الأشهر وظاهر كلام الخرقي أنه لا يأكل إلا من دم المتعة فقط قاله في المستوعب والتلخيص والفروع وغيرهم
لكن قال الزركشي كأن الخرقي استغنى بذكر التمتع عن القران لأنه نوع تمتع لترفهه بأحد السفرين انتهى
وقال الآجري لا يأكل من هدي المتعة والقران أيضا وقدمه في الروضة
وعنه يأكل من الكل إلا من النذر وجزاء الصيد
وألحق ابن أبي موسى بهما الكفارة وجوز الأكل مما عدا ذلك
واختار أبو بكر والقاضي والمصنف والشارح وصاحب الفائق جواز الأكل من الأضحية المنذورة كالأضحية على رواية وجوبها في أصح الوجهين لكن جمهور الأصحاب على خلاف ذلك
فوائد
إحداها : استحب القاضي الأكل من دم المتعة
الثانية ما جاز له أكله جاز له هديته وما لا فلا فإن فعل ضمنه بمثله لحما على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به كبيعه وإتلافه.
وقال في النصيحة يضمنه بقيمته كالأجنبي بلا نزاع فيه
الثالثة لو منعه الفقراء حتى أنتن فقال في الفصول عليه قيمته وقال في الفروع ويتوجه يضمن نقصه فقط
قلت يتوجه أن يضمنه بمثله حيا أشبه المعيب الحي
قوله : والأضحية سنة مؤكدة
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقطع به كثير منهم قال في الرعاية فيكره تركها مع القدرة نص عليه
وعنه أنها واجبة مع الغنى ذكره جماعة وذكره الحلواني عن أبي بكر وخرجها أبو الخطاب وابن عقيل من التضحية عن اليتيم
وعنه أنها واجبة على الحاضر الغني
فائدة يشترط أن يكون المضحي مسلما تام الملك فلا يضحي المكاتب مطلقا في أحد الوجهين قدمه في الرعاية الصغرى والفائق
والوجه الثاني يضحي بإذن سيده كالرقيق وهو المذهب قطع به في المغني والشرح والنظم وتذكرة ابن عبدوس زاد في الرعاية الكبرى ولا يتبرع منها بشيء وأطلقهما في

التلخيص والرعاية الكبرى والفروع
قوله : وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها
وكذا العقيقة وهذا المذهب نص عليهما وعليه الأصحاب وقال في الفروع يتوجه تعيين ما تقدم في صدقة مع غزو وحج
قوله : والسنة أن يأكل ثلثها ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها وإن أكل أكثر جاز
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال أبو بكر يجب إخراج الثلث هدية والثلث الآخر صدقة نقله عنه ابن الزاغوني في الواضح وغيره وأطلقهما فيه قال أبو بكر في التنبيه لا يدفع إلى المساكين ما يستحيي من توجيهه إلى خليطه
قال في المستوعب فيحتمل أنه أراد لا يتصدق بما دونها لأنه يستحيي من هدية ذلك ويحتمل أنه أراد أن لا يجزئ في الصدقة إلا ما جرت العادة أن يتهادى بمثله انتهى
قلت حكى هذا الأخير قولا في الرعاية والنظم وغيرهما
وقدم في الرعاية الكبرى أنه لو تصدق منها بأوقية كفى وهو ظاهر كلام الزركشي
فالمذهب أن الواجب أقل ما يجزئ في الصدقة على ما يأتي
تنبيهان
أحدهما هذا الحكم إذا قلنا هي سنة وكذا الحكم إذا قلنا إنها واجبة فيجوز له الأكل منها على القول بوجوبها على الصحيح من المذهب صححه في المستوعب والفروع والفائق وغيرهم ونصره المصنف والشارح وغيرهما
وقيل لا يجوز الأكل منها قدمه في الرعايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والحاويين والزركشي وغيرهم
فعلى المذهب له أكل الثلث صرح به في الرعاية وهو ظاهر كلام جماعة وقطع في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص وغيرهم أنه يأكل كما يأكل من دم التمتع والقران
ويأتي هذا أيضا قريبا
الثاني يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق الصدقة والهدية أضحية اليتيم إذا قلنا يضحى عنه على ما يأتي في باب الحجر فإن الولي لا يتصدق منها بشيء ويوفرها له لأن الصدقة لا تحل بشيء من ماله تطوعا جزم به المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم

قلت لو قيل بجواز الصدقة والهدية منها باليسير عرفا لكان متجها
ويستثنى أيضا من ذلك المكاتب إذا ضحى على ما قطع به في الرعاية أنه لا يتبرع منها بشيء
فوائد
إحداها يستحب أن يتصدق بأفضلها ويهدي الوسط ويأكل الأدون قاله في المستوعب والتلخيص وغيرهما وظاهر كلام أكثر الأصحاب الإطلاق
وكان من شعار السلف أكل لقمة من الأضحية من كبدها أو غيرها تبركا قاله في التلخيص وغيره
الثانية يجوز أن يطعم الكافر منها إذا كانت تطوعا قاله الأصحاب قال الزركشي هذا في صدقة التطوع أما الصدقة الواجبة فلا يدفع إليه منها كالزكاة ولهذا قيل لا بد من دفع الواجب إلى الفقير وتمليكه إياه وهذا بخلاف الإهداء فإنه يجوز دفعه إلى غني وإطعامه انتهى
وقال في الرعاية الكبرى وتجوز الهدية من نقلها إلى غني وقيل من واجبها إن جاز الأكل منها وإلا فلا
الثالثة يعتبر تمليك الفقير فلا يكفي إطعامه قاله في الفروع وغيره وقال في الرعاية الكبرى وسن أن يفرق اللحم ربه بنفسه وإن خلى بينه وبين الفقراء جاز
الرابعة الصحيح تحريم الادخار من الأضاحي مطلقا نص عليه وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه احتمال إلا في مجاعة لأنه سبب تحريم الادخار
قلت اختار هذا الشيخ تقي الدين وهو ظاهر في القوة
الخامسة لو مات بعد ذبحها أو تعيينها قام وارثه مقامه ولم تبع في دينه قاله الأصحاب وقال في الرعاية وقلت إن وجب بنذر أو غيره ولهم أكل ما كان له أكله منها ويلزمهم زكاتها إن مات قبلها
ثم قال قلت إن كان دينه مستغرقا فإن كان قد ذكاها أو أوجبها في مرض موته فهل تباع كلها أو ثلثاها يحتمل وجهين انتهى
وتقدم قريبا هل يجوز الأكل من الأضحية المنذورة أم لا
قوله : وإن أكلها كلها ضمن أقل ما يجزئ في الصدقة منها
وهذا مفرع على المذهب من أنها مستحبة وهذا المذهب اختاره المصنف والشارح وجزم به في المنور وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه في الفائق وتصحيح المحرر وغيرهما
وقيل يضمن الثلث جزم به ابن عبدوس في تذكرته والمنتخب وقدمه في الهداية

والمستوعب والخلاصة والنظم والرعايتين والحاويين وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والمحرر والزركشي وغيره
وقيل يضمن ما جرت العادة بصدقته
وأما على القول بوجوبها فقال أكثر الأصحاب يأكل كما يأكل من دم التمتع والقران وقال في الرعاية يأكل الثلث
وتقدم قريبا أن حكم الهدي المتطوع به حكم الأضحية في هذه الأحكام على الصحيح
قوله : ومن أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا
اختلفت عبارة الأصحاب في ذلك فقال في المحرر والوجيز والحاويين وغيرهم كما قال المصنف فظاهره إدخال الظفر وغيره من البشرة وصرح في الرعايتين والفروع والفائق وغيرهم بذكر الشعر والظفر والبشرة وقال في الهداية والخلاصة والتلخيص والبلغة وإدراك الغاية وابن رجب وغيرهم لا يأخذ شعرا ولا ظفرا
فظاهره الاقتصار على الشعر والظفر ولم أر في ذلك خلافا
فلعل من خص الشعر والظفر أراد ما في معناهما أو أن الغالب أنه لا يؤخذ غيرهما فاقتصروا على الغالب
قوله : وهل ذلك حرام على وجهين
وأطلقهما في الفصول والمستوعب والمغني والشرح وشرح ابن منجا والفائق وشرح الزركشي
أحدهما هو حرام وهو المذهب وهو ظاهر رواية الأثرم وغيره وصححه في التصحيح ونصره المصنف والشارح والناظم
قال في تجريد العناية ومصنف ابن أبي المجد ويحرم في الأظهر
وقال في الفائق والمنصوص تحريمه وجزم به في الوجيز والمنتخب ونظم المفردات ونسبه إلى الأصحاب وهو ظاهر كلام الخرقي وابن أبي موسى والشيرازي وغيرهم وإليه ميل الزركشي وقدمه في الفروع وهو من المفردات
والوجه الثاني يكره اختاره القاضي وجماعة وجزم به في الجامع الصغير والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة وتذكرة ابن عبدوس والمنور وقدمه في الهداية وتبصرة الوعظ لابن الجوزي والخلاصة والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وابن رزين وقال إنه أظهر

قلت وهو أولى وأطلق أحمد الكراهة.
فعلى المذهب لو خالف وفعل فليس عليه إلا التوبة ولا فدية عليه إجماعا
وينتهي المنع بذبح الأضحية كما صرح به ابن أبي موسى والشيرازي وصاحب المذهب الأحمد والبلغة والرعاية الكبرى وغيرهم
فائدة يستحب الحلق بعد الذبح على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب
قال أحمد وهو على ما فعل ابن عمر رضي الله عنهما تعظيم لذلك اليوم وجزم به في الرعاية وغيرها وقدمه في الفروع
وعنه لا يستحب اختاره الشيخ تقي الدين.
قوله : والعقيقة سنة مؤكدة.
يعني على الأب وسواء كان الولد غنيا أو فقيرا وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
وعنه أنها واجبة اختاره أبو بكر وأبو إسحاق البرمكي وأبو الوفاء
فوائد
الأولى قوله : والمشروع أن يذبح عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة
وهذا بلا نزاع مع الوجدان ويستحب أن تكون الشاتان متقاربتين في السن والشبه نص عليه فإن عدم الشاتان فواحدة فإن لم يكن عنده ما يغني فقال الإمام أحمد يقترض وأرجو أن يخلف الله عليه
وقال الشيخ تقي الدين يقترض مع وفاء وينويه عقيقة
وقال المصنف والشارح إن خالف وعق عن الذكر بكبش أجزأ
الثانية قوله : يوم سابعه
قال في الروضة من ميلاد الولد وقال في المستوعب وعيون المسائل يستحب ذبح العقيقة ضحوة النهار وجزم به في الرعاية الكبرى وذكر ابن البناء أنه يذبح إحدى الشاتين يوم الولادة والأخرى يوم سابعه
الثالثة ذبحها يوم السابع أفضل ويجوز ذبحها قبل ذلك ولا يجوز قبل الولادة
الرابعة لو عق ببدنة أو بقرة لم يجزه إلا كاملة نص عليه قال في النهاية وأفضله شاة قال في الفروع ويتوجه مثله في أضحية
الخامسة يستحب تسمية المولود يوم السابع قدمه في الفروع وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم

وقيل أو قبله جزم به في الرعاية الكبرى وجزم في آدابها أنه يستحب يوم الولادة وهي حق للأب لا للأم
السادسة لو اجتمع عقيقة وأضحية فهل يجزئ عن العقيقة إن لم يعق فيه روايتان منصوصتان وأطلقهما في الفروع وتجريد العناية والقواعد الفقهية وظاهر ما قدمه في المستوعب الإجزاء
قال في رواية حنبل أرجو أن تجزئ الأضحية عن العقيقة
قال في القواعد وفي معناه لو اجتمع هدي وأضحية
واختار الشيخ تقي الدين أنه لا تضحية بمكة وإنما هو الهدي
قوله : ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه ورقا يوم السابع
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال في الروضة ليس في حلق رأسه ووزن شعره سنة أكيدة وإن فعله فحسن والعقيقة هي السنة
تنبيه الظاهر أن مراده بالحلق الذكر وهو الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقدمه في الفروع وقال الأزجي في نهايته لا فرق في استحباب الحق بين الذكور والإناث قال ولعله يختص بالذكور إلا الإناث يكره في حقهن الحلق
قال ابن حجر في شرح البخاري وعن بعض الحنابلة يحلق
فائدة يكره لطخ رأس المولود بدم العقيقة على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به ابن البنا في الخصال وقدمه في المغني والشرح والفروع والفائق ونقل حنبل هو سنة وجزم به في المستوعب والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل بل يلطخ بخلوق قال في الرعاية الكبرى وهو أولى قال ابن البنا وأبو حكيم هو أفضل من الدم
تنبيه مفهوم قوله : فإن فات يعني لم لكن في سبع ففي أربع عشرة فإن فات ففي إحدى وعشرين
أنه لا يعتبر الأسابيع بعد ذلك فيعق بعد ذلك في أي يوم أراد وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وصححه ابن رزين في شرحه
قلت وهو الصواب
قال في الرعاية الكبرى فإن فات ففي إحدى وعشرين أو ما بعده
قال في الكافي فإن أخرها عن إحدى وعشرين ذبحها بعده لأنه قد تحقق سببها

والوجه الثاني يستحب اعتبارها فيستحب أن يكون في الثامن والعشرين وإن فات ففي الخامس والثلاثين وعلى هذا فقس وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي والفروع والفائق وتجريد العناية
وعنه تختص العقيقة بالصغير
فائدة لا يعق غير الأب على الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به المغني والشرح والفائق وقدمه في الفروع
وقال في المستوعب والروضة والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم إذا بلغ عق عن نفسه
قال في الرعاية تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأطلقهما في تجريد العناية
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري وعن الحنابلة يتعين الأب إلا إن تعذر بموت أو امتناع
قوله : وحكمها حكم الأضحية
هكذا قال جماعة من الأصحاب واختاره المصنف والشارح وجزم به في الوجيز والمنتخب وتجريد العناية وقدمه في الفروع وقال ذكره جماعة
ويستثنى من ذلك أنه لا يجزئ فيها شرك في بدنة ولا بقرة كما تقدم وأنه ينزعها أعضاء ولا يكسر لها عظما على القولين
والمنصوص عن الإمام أحمد أنه يباع الجلد والرأس والسواقط ويتصدق بثمنه وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المستوعب والخلاصة والمنور وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وصححه الناظم وحمل ابن منجا كلام المصنف على ذلك
قال في الفروع والرعاية الكبرى وتشاركها في أكثر أحكامها كالأكل والهدية والصدقة والضمان والولد واللبن والصوف والزكاة والركوب وغير ذلك ويجوز بيع جلدها وسواقطها ورأسها والصدقة بثمنها نص عليه انتهى
قال أبو الخطاب يحتمل أن ينقل حكم إحداهما إلى الأخرى فيخرج في المسألة روايتان انتهى
قال في المستوعب وحكمها فيما يجزئ من الحيوان وما يجتنب فيها من العيوب وغيره حكم الأضحية
قال الشارح ويحتمل أن يفرق بينهما من حيث إن الأضحية ذبيحة شرعت يوم النحر فأشبهت الهدي والعقيقة شرعت عند سرور حادث وتجدد نعمة أشبهت الذبح في الوليمة

ولأن الذبيحة لم تخرج عن ملكه هنا فكان له أن يفعل فيها ما شاء من بيع وغيره انتهى
قال في الرعاية الكبرى والتفرقة أشهر وأظهر
ولم يعتبر الشيخ تقي الدين التمليك
وقال المصنف ومن تبعه وإن طبخها ودعا إخوانه فحسن
فوائد
إحداها طبخها أفضل نص عليه
وقيل لأحمد يشق عليهم قال يتحملون ذلك
وقال في المستوعب يستحب أن يطبخ منها طبيخ حلو تفاؤلا بحلاوة اخلاقه وجزم به في الرعايتين والحاويين وتجريد العناية.
وقال أبو بكر في التنبيه يستحب أن يعطي القابلة منها فخذا
الثانية يؤذن في أذن المولود حين يولد قاله في الفروع وقال في الرعاية يؤذن في اليمنى ويقام في اليسرى
الثالثة يستحب أن يحنك بتمرة وقال في الرعاية بتمر أو حلو أو غيره
وتقدم متى يختن في باب السواك
قوله : ولا تسن الفرعة وهي ذبح أول ولد الناقة ولا العتيرة وهي ذبيحة رجب
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال في الرعايتين والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم يكره ذلك ولا ينافيه ما تقدم

كتاب الجهاد
مدخل...
كتاب الجهادقوله : ولا يجب إلا على ذكر حر مكلف مستطيع وهو الصحيح الواجد لزاده وما يحمله إذا كان بعيدا
فلا يجب على أنثى بلا نزاع ولا خنثى صرح به المصنف والشارح وصاحب الرعايتين والحاويين وغيرهم ولا عبد ولو أذن له سيده ولا صبي ولا مجنون ولا يجب على كافر صرح به الأصحاب وصرح به المصنف في هذا الكتاب في أواخر قسمة الغنائم
قوله : مستطيع وهو الصحيح
هذا شرط في الوجوب على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يلزم العاجز ببدنة في ماله اختاره الآجري والشيخ تقي الدين وجزم به القاضي في أحكام القرآن في سورة براءة
فعلى المذهب لا يلزم ضعيفا ولا مريضا مرضا شديدا أما المرض اليسير الذي لا يمنع الجهاد كوجع الضرس والصداع الخفيف فلا يمنع الوجوب
ولا يلزم الأعمى ويلزم الأعور بلا نزاع وكذا الأعشى وهو الذي يبصر بالنهار ولا يلزم أشل ولا أقطع اليد أو الرجل ولا من أكثر أصابعه ذاهبة أو إبهامه أو ما يذهب بذهابه نفع اليد أو الرجل
ولا يلزم الأعرج وقال المصنف والشارح والعرج اليسير الذي يتمكن معه من الركوب والمشي وإنما يتعذر عليه شدة العدو لا يمنع
قال في البلغة يلزم أعرج يسيرا وقال في المذهب بعد تقديمه عدم اللزوم وقد قيل في الأعرج إن كان يقدر على المشي وجب عليه
قوله : وهو الواجد لزاده
كذا قال الجمهور وقدمه في الفروع وقال في المحرر ومن تابعه وهو الصحيح الواجد بملك أو بذل من الإمام منهم صاحب الرعايتين والحاويين
تنبيه مراده بقوله : بعيدا مسافة القصر

فائدة فرض الكفاية واجب على الجميع نص عليه في الجهاد وإذا قام به من يكفي سقط الوجوب عن الباقين لكن يكون سنة في حقهم صرح به في الروضة وهو معنى كلام غيره وأن ما عدا القسمين هنا سنة قاله في الفروع
قلت إذا فعل فرض الكفاية مرتين ففي كون الثاني فرضا وجهان وأطلقهما في القواعد الأصولية والزركشي
قال وكلام ابن عقيل يقتضي أن فرضيته محل وفاق وكلام أحمد محتمل انتهى
وقدم ابن مفلح في أصوله أنه ليس بفرض
وينبني على الخلاف جواز فعل الجنازة ثانيا بعد الفجر والعصر
وإن فعله الجميع كان كله فرضا ذكره ابن عقيل محل وفاق
قال الشيخ تقي الدين لعله إذا فعلوه جميعا فإنه لا خلاف فيه انتهى
قال في الفروع ويتوجه احتمال يجب الجهاد باللسان فيهجوهم الشاعر
وذكر الشيخ تقي الدين الأمر بالجهاد منه ما يكون بالقلب والدعوة والحجة والبيان والرأي والتدبير والبدن فيجب بغاية ما يمكنه
قوله : وأقل ما يفعل مرة في كل عام
مراده مع القدرة على فعله
قوله : إلا أن تدعو حاجة إلى تأخيره
وكذا قال في الوجيز وغيره قال في الفروع في كل عام مرة مع القدرة قال في المحرر للإمام تأخيره لضعف المسلمين زاد في الرعاية أو قلة علف في الطريق أو انتظار مدد أو غير ذلك
قال المصنف والشارح فإن دعت حاجة إلى تأخيره مثل أن يكون بالمسلمين ضعف في عدد أو عدة أو يكون منتظرا لمدد يستعين به أو يكون في الطريق إليهم مانع أو ليس فيها علف أو ماء أو يعلم من عدوه حسن الرأي في الإسلام ويطمع في إسلامهم إن أخر قتالهم ونحو ذلك جاز تركه
قال في الفروع ويفعل كل عام مرة إلا لمانع بطريق ولا يعتبر أمنها فإن وضعه على الخوف
وعنه يجوز تأخيره لحاجة وعنه ومصلحة كرجاء إسلام وهذا الذي قطع به المصنف والشارح والصحيح من المذهب خلاف ما قطعا به قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين

قوله : ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد أو حضر العدو بلده تعين عليه
بلا نزاع وكذا لو استنفره من له استنفاره بلا نزاع
تنبيه ظاهر قوله: من أهل فرض الجهاد تعين عليه أنه لا يتعين على العبد إذا حضر الصف أو حضر العدو بلده وهو احد الوجهين وهو ظاهر ما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم وصححه في الرعايتين والحاويين في باب قسمة الغنيمة عند استئجارهم
والوجه الثاني يتعين عليه والحالة هذه وهو الصحيح من المذهب قدمه في الفروع قال الناظم
وإن قياس المذهب إيجابه على النساء في حضور الصف دفعا وأعبد
وقال في البلغة هنا ويجب على العبد في أصح الوجهين
وقال أيضا هو فرض عين في موضعين أحداهما إذا التقى الزحفان وهو حاضر والثاني إذا نزل الكفار بلد المسلمين تعين على أهله النفير إليهم إلا لأحد رجلين من تدعو الحاجة إلى تخلفه لحفظ الأهل أو المكان أو المال والآخر من يمنعه الأمير من الخروج هذا في أهل الناحية ومن بقربهم أما البعيد على مسافة القصر فلا يجب عليه إلا إذا لم يكن دونهم كفاية من المسلمين انتهى
وكذا قال في الرعاية وقال أو كان بعيدا أو عجز عن قصد العدو
قلت أو قرب منه وقدر على قصده لكنه معذور بمرض أو نحوه أو بمنع أمير أو غيره بحق كحبسه بدين انتهى
تنبيه مفهوم قوله : أو حضر العدو بلده أنه لا يلزم البعيد وهو الصحيح إلا أن تدعو حاجة إلى حضوره كعدم كفاية الحاضرين للعدو فيتعين أيضا على البعيد وتقدم كلامه في البلغة
تنبيه آخر قوله : أو حضر العدو بلده هو بالضاد المعجمة وظاهر بحث ابن منجا في شرحه أنه بالمهملة وكلامه محتمل لكن كلام الأصحاب صريح في ذلك ويلزم الحصر الحضور ولا عكسه
فوائد
لو نودي بالصلاة والنفير معا صلى ونفر بعدها إن كان العدو بعيدا وإن كان قريبا نفر وصلى راكبا وذلك أفضل
ولا ينفر في خطبة الجمعة ولا بعد الإقامة لها نص على الثلاثة

ونقل أبو داود في المسألة الأخيرة ينفر إن كان عليه وقت قلت لا يدري نفير حق أم لا قال إذا نادوا بالنفير فهو حق قلت إن أكثر النفير لا يكون حقا قال ينفر بكونه يعرف مجيء عدوهم كيف هو
قوله : وأفضل ما يتطوع به الجهاد
هذا المذهب أطلقه الإمام أحمد والأصحاب
وقيل الصلاة أفضل من الجهاد وهو ظاهر كلام المصنف في باب صلاة التطوع وقدمه في الرعاية الكبرى هناك والحواشي
وقال الشيخ تقي الدين استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من الجهاد الذي لم تذهب فيه نفسه وماله وهي في غيره بعدله
قال في الفروع ولعله مراد غيره
وعنه العلم تعلمه وتعليمه أفضل من الجهاد وغيره
وتقدم ذلك في أول صلاة التطوع بأتم من هذا
فوائد
إحداها الجهاد أفضل من الرباط على الصحيح من المذهب وقاله القاضي في المجرد وقدمه في الفروع وغيره
قال الشيخ تقي الدين هو المنصوص عن الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله وابن الحكم في تفضيل تجهيز الغازي على المرابط من غير غزو
وقال أبو بكر في التنبيه الرباط أفضل من الجهاد لأن الرباط أصل والجهاد فرعه لأنه معقل للعدو ورد لهم عن المسلمين وأطلقهما في الرعايتين والحاويين
وقال الشيخ تقي الدين العمل بالقوس والرمح أفضل من النفر وفي غيرها نظيرها وتقدم ذلك أيضا هناك في أول صلاة التطوع
الثانية الرباط أفضل من المجاورة بمكة وذكره الشيخ تقي الدين إجماعا والصلاة بمكة أفضل من الصلاة بالثغر نص عليه
الثالثة قتال أهل الكتاب أفضل من غيرهم قاله المصنف والشارح وغيرهما
تنبيه قوله: وغزو البحر أفضل من غزو البر ومع كل بر وفاجر
بلا نزاع وذلك بشرط أن يحفظ المسلمين ولا يكون أحد منهم مخذلا ولا مرجفا ونحوهما ويقدم القوي منهما نص على ذلك

قوله : وتمام الرباط أربعون ليلة وهو لزوم الثغر للجهاد
وهكذا قاله الإمام أحمد فيهما ويستحب ولو ساعة نص عليه وقال الآجري وأبو الخطاب وابن الجوزي وغيرهم وأقله ساعة انتهى
وأفضل الرباط أشده خوفا قاله الأصحاب
قوله : ولا يستحب نقل أهله إليه
يعني يكره وهذا المذهب نص عليه جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع ونقل حنبل ينتقل بأهله إلى مدينة تكون معقلا للمسلمين كأنطاكية والرملة ودمشق.
تنبيه محل هذا إذا كان الثغر مخوفا قاله المصنف والشارح فإن كان الثغر آمنا لم يكره نقل أهله إليه وهو ظاهر ما جزم به المصنف والشارح وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل لا يستحب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر كلام كثير من الأصحاب
فأما أهل الثغور فلا بد لهم من السكنى بأهليهم ولولا ذلك لخربت الثغور وتعطلت
فائدة يستحب تشييع الغازي لا تلقيه نص عليه وقاله الأصحاب لأنه تهنئة بالسلامة من الشهادة
قال في الفروع يتوجه مثله في حج وأنه يقصده للسلام
ونقل عنه في حج لا إن كان قصده أو كان ذا علم أو هاشميا ويخاف شره وشيع أحمد أمه للحج
وقال في الفنون وتحسن التهنئة بالقدوم للمسافر
وفي نهاية أبي المعالي وتستحب زيارة القادم وقال في الرعاية يودع القاضي الغازي والحاج ما لم يشغله عن الحكم
وذكر الآجري استحباب تشييع الحاج ووداعه ومسألته أن يدعو له
قوله : وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب
بلا نزاع في الجملة ودار الحرب ما يغلب فيها حكم الكفر زاد بعض الأصحاب منهم صاحب الرعايتين والحاويين أو بلد بغاة أو بدعة كرفض واعتزال
قلت وهو الصواب وذلك مقيد بما إذا أطاقه فإذا أطاقه وجبت الهجرة ولو كانت امرأة في العدة ولو بلا راحلة ولا محرم
وذكر ابن الجوزي في قوله: تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: من الآية88] عن القاضي أن الهجرة كانت فرضا إلى أن فتحت مكة
قال في الفروع كذا قال وقال في عيون المسائل في الحج بمحرم إن أمنت على نفسها

من الفتنة في دينها لم تهاجر إلا بمحرم
وقال المجد في شرحه إن أمكنها إظهار دينها وأمنتهم على نفسها لم تبح إلا بمحرم كالحج وإن لم تأمنهم جاز الخروج حتى وحدها بخلاف الحج
قوله : وتستحب لمن قدر عليها
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وقال ابن الجوزي تجب عليه وأطلق
قال في الفروع وقال في المستوعب لا تسن لامرأة بلا رفقة
فائدة لا تجب الهجرة من بين أهل المعاصي
قوله : ولا يجاهد من عليه دين لا وفاء له إلا بإذن غريمه
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به
وقيل يستأذنه في دين حال فقط
وقيل إن كان المديون جنديا موثوقا لم يلزمه استئذانه وغيره يلزمه
قلت يأتي حكم هذه المسألة في كتاب الحجر بأتم من هذا محررا
فعلى المذهب لو أقام له ضامنا أو رهنا محرزا أو وكيلا يقضيه جاز
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله : لا وفاء له أنه إن كان له وفاء يجاهد بغير إذنه وهو صحيح وصرح به الشارح وغيره وكلامه في الفروع كلفظ المصنف
وقيل لا يجاهد إلا بإذنه أيضا وقدمه في الرعايتين والحاويين وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر وغيرهم لاطلاقهم عدم المجاهدة بغير إذنه
قلت لعل مراد من أطلق ما قاله المصنف وغيره وتكون المسألة قولا واحدا ولكن صاحب الرعاية ومن تابعه حكى وجهين فقالوا ويستأذن المديون وقيل المعسر
الثاني عموم قوله : ومن أحد أبويه مسلم إلا بإذن أبيه
يقتضي استئذان الأبوين الرقيقين المسلمين أو أحدهما كالحرين وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب الهداية والخلاصة وغيرهم وقدمه الزركشي
والوجه الثاني لا يجب استئذانه وهو احتمال في المغني والشرح وهو المذهب وجزم به في المحرر والمنور والنظم وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين والكافي والبلغة والفروع

وقال في الرعاية الكبرى ومن أحد أبويه مسلم وقيل أو رقيق لم يتطوع بلا إذنه ومع رقهما فيه وجهان انتهى
فائدة لا إذن لجد ولا لجدة ذكره الأصحاب
وقال في الفروع ولا يحضرني الآن عن أحمد فيه شيء ويتوجه تخريج واحتمال في الجد أبى الأب يعني أنه كالأب في الاستئذان
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله : إلا أن يتعين عليه الجهاد فإنه لا طاعة لهما في ترك فريضة
أنه إذا لم يتعين أنه لا يجاهد إلا بإذنهما وهو صحيح وهو المذهب
وقال في الروضة حكم فرض الكفاية في عدم الاستئذان حكم المتعين عليه
الثاني أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: فإنه لا طاعة لهما في ترك فريضة أنه يتعلم من العلم ما يقوم به دينه من غير إذن لأنه فريضة عليه
قال الإمام أحمد يجب عليه في نفسه صلاته وصيامه ونحو ذلك وهذا خاصة بطلبه بلا إذن ونقل ابن هانئ فيمن لا يأذن له أبواه يطلب منه بقدر ما يحتاج إليه العلم لا يعدله شيء
وقال في الرعاية من لزمه التعلم وقيل أو كان فرض كفاية وقيل أو نفلا ولا يحصل ذلك ببلده فله السفر لطلبه بلا إذن أبويه انتهى
وتقدم في أواخر صفة الصلاة هل يجيب أبويه وهو في الصلاة وكذلك لو دعاه النبي صلى الله عليه وسلم
فائدة قوله : ولا يحل للمسلمين الفرار من صفهم إلا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة
وهذا المذهب [مطلقا] وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به وقال في المنتخب لا يلزم ثبات واحد لاثنين على الانفراد
وقال في عيون المسائل والنصيحة والنهاية والطريق الأقرب والهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم يلزمه الثبات وهو ظاهر كلام من أطلق ونقله الأثرم وأبو طالب
وقال الشيخ تقي الدين لا يخلو إما أن يكون قتال دفع أو طلب
فالأول بأن يكون العدو كثيرا لا يطيقهم المسلمون ويخافون أنهم إن انصرفوا عنهم عطفوا على من تخلف من المسلمين فها هنا صرح الأصحاب بوجوب بذل مهجهم في الدفع حتى

يسلموا ومثله لو هجم عدو على بلاد المسلمين والمقاتلة أقل من النصف لكن إن انصرفوا استولوا على الحريم
والثاني لا يخلو إما أن يكون بعد المصافة أو قبلها فقبلها وبعدها حين الشروع في القتال لا يجوز الإدبار مطلقا إلا لتحرف أو تحيز انتهى
يعني ولو ظنوا التلف
[إذا علمت ذلك] فقال الأصحاب التحرف أن ينحاز إلى موضع يكون القتال فيه أمكن مثل أن ينحاز من مقابلة الشمس أو الريح ومن نزول إلى علو ومن معطشة إلى ماء أو يفر بين أيديهم لينقض صفوفهم أو تنفرد خيلهم من رجالتهم أو ليجد فيهم فرجة أو يستند إلى جبل ونحو ذلك مما جرت به عادة أهل الحرب وقالوا في التحيز إلى فئة سواء كانت قريبة أو بعيدة
قوله : فإن زاد الكفار فلهم الفرار
قال الجمهور والفرار أولى والحالة هذه مع ظن التلف بتركه وأطلق ابن عقيل في النسخ استحباب الثبات للزائد على الضعف
فائدة قال المصنف والشارح وغيرهم لو خشي الأسر فالأولى أن يقاتل حتى يقتل ولا يستأسر وإن استأسر جاز لقصة خبيب وأصحابه ويأتي كلام الآجري قريبا
قوله : إلا أن يغلب على ظنهم الظفر فليس لهم الفرار ولو زادوا على أضعافهم
وظاهره وجوب الثبات عليهم والحالة هذه وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام الوجيز وهو احتمال في المغني والشرح وهو ظاهر كلام الشيرازي فإنه قال إذا كان العدو أكثر من مثلي المسلمين ولم يطيقوا قتالهم لم يعص من انهزم
والوجه الثاني لا يجب الثبات بل يستحب وهو المذهب جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الشرح والفروع والرعايتين والحاويين وقال الزركشي هو المعروف عن الأصحاب قال ابن منجا وهو قول من علمنا من الأصحاب
فائدة لو ظنوا الهلاك في الفرار وفي الثبات فالأولى لهم القتال من غير إيجاب على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والمحرر والهداية
قال الزركشي هذا المشهور المختار من الروايتين
وعنه يلزم القتال والحالة هذه وهو ظاهر الخرقي قاله في الهداية قال الزركشي وهو اختيار الخرقي
قلت وهو أولى

قال الإمام أحمد ما يعجبني أن يستأسر يقاتل أحب إلي الأسر شديد ولا بد من الموت وقد قال عمار من استأسر برئت منه الذمة فلهذا قال الآجري يأثم بذلك فإنه قول أحمد
وذكر الشيخ تقي الدين أنه يسن انغماسه في العدو لمنفعة المسلمين وإلا نهى عنه وهو من التهلكة
قوله : وإن ألقي في مركبهم نار فعلوا ما يرون السلامة فيه
بلا نزاع فإن شكوا فعلوا ما شاؤوا من المقام أو إلقاء نفوسهم في الماء
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين وغيرهم وعنه يلزمهم المقام نصره القاضي وأصحابه
قلت وهو الصواب
وقال ابن عقيل يحرم ذلك وحكاه رواية عن أحمد وصححها
قوله : ويجوز تبييت الكفار بلا نزاع
ولو قتل فيه صبي أو امرأة أو غيرهما ممن يحرم قتلهم إذا لم يقصدهم
قوله : ولا يجوز إحراق نحل ولا تغريقه بلا نزاع.
وهل يجوز أخذ شهده كله بحيث لا يترك للنحل شيء فيه روايتان وأطلقهما في المغني والشرح والبلغة والفروع
إحداهما يجوز قدمه في الرعايتين والحاويين
والثانية لا يجوز
قوله : ولا عقر دابة ولا شاة إلا لأكل يحتاج إليه
يعني لا يجوز فعله إلا لذلك وهو المذهب قدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والزركشي وجزم به في المحرر وغيره وهو ظاهر كلام الخرقي
وعنه يجوز الأكل مع الحاجة وعدمها في غير دواب قتالهم كالبقر والغنم وجزم به بعضهم واختاره المصنف والشارح وذكرا ذلك إجماعا في دجاج وطير
واختارا أيضا جواز قتل دواب قتالهم إن عجز المسلمون عن سوقها ولا يدعها لهم وذكره في المستوعب وجزم به في الوجيز
قال في الفروع وعكسه أشهر
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه الزركشي

وقال في البلغة يجوز قتل ما قاتلوا عليه في تلك الحال وجزم به المصنف
والشارح وقالا لأنه يتوصل به إلى قتلهم وهزيمتهم وقالا ليس في هذا خلاف وهو كما قالا
فائدتان
إحداهما لو حزنا دوابهم إلينا لم يجز قتلها إلا للأكل ولو تعذر حمل متاع فترك ولم يشتر فللأمير أخذه لنفسه وإحراقه نص عليهما وإلا حرم إذ ما جاز اغتنامه حرم إتلافه وإلا جاز إتلاف غير الحيوان
قال في البلغة ولو غنمناه ثم عجزنا عن نقله إلى دارنا فقال الأمير من أخذ شيئا فهو له فمن أخذ منه شيئا فهو له وكذا إن لم يقل ذلك في أكثر الروايات وعنه غنيمة
الثانية يجوز إتلاف كتبهم المبدلة جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى وقال في البلغة يجب إتلافها واقتصر عليه في الفروع قال في الرعاية الكبرى وقيل يجب إتلاف كفر أو تبديل
قوله : وفي جواز إحراق شجرهم وزرعهم وقطعه روايتان
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي
اعلم أن الزرع والشجر ينقسم ثلاثة أقسام
أحدها ما تدعو الحاجة إلى إتلافه لغرض ما فهذا يجوز قطعه وحرقه قال المصنف والشارح بغير خلاف نعلمه
الثاني ما يتضرر المسلمون بقطعه فهذا يحرم قطعه وحرقه
الثالث ما عداهما ففيه روايتان
إحداهما يجوز وهو المذهب جزم به في الوجيز والخرقي وصححه في التصحيح وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين واختاره أبو الخطاب وغيره
والأخرى لا يجوز إلا أن لا يقدر عليهم إلا به أو يكونوا يفعلونه بنا قال في الفروع نقله واختاره الأكثر
قال الزركشي وهو أظهر وقدمه ناظم المفردات وقال هذا هو المفتى به في الأشهر وهو من المفردات وقال في الوسيلة لا يحرق شيئا ولا بهيمة إلا أن يفعلوه بنا قال الإمام أحمد لأنهم يكافئون على فعلهم
قوله : وكذلك رميهم بالنار وفتح الماء ليغرقهم
وكذا هدم عامرهم يعني أن رميهم بالنار وفتح الماء ليغرقهم كحرق شجرهم وزرعهم وقطعه خلافا ومذهبا وهو إحدى الطريقتين جزم به الخرقي والرعايتين والحاويين

[والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والمحرر والنظم وغيرهم].
والطريقة الثانية الجواز مطلقا وجزم في المغني والشرح بالجواز إذا عجزوا عن أخذه بغير ذلك وإلا لم يجز وأطلقهما في الفروع
قوله : وإذا ظفر بهم لم يقتل صبي ولا امرأة ولا راهب ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى لا رأي لهم إلا أن يقاتلوا
قال الأصحاب أو يحرضوا وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وقيد بعض الأصحاب عدم قتل الراهب بشرط عدم مخالطة الناس فإن خالف قتل وإلا فلا والمذهب لا يقتل مطلقا
وقال المصنف في المغني والشارح في المرأة إذا انكشفت وشتمت المسلمين رميت وظاهر نصوصه وكلام الأصحاب لا ترمي وقال في الفروع ويتوجه على قول المصنف غير المرأة مثلها إذا فعلت ذلك
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يقتل غير من سماهم وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وقال المصنف في المغني وتبعه الشارح لا يقتل العبد ولا الفلاح وقال في الإرشاد لا يقتل الحر إلا بالشروط المتقدمة ونقل المروزي لا يقتل معتوه مثله لا يقاتل
فائدة الخنثى كالمرأة صرح به المصنف في الكافي
ويقتل المريض إذا كان ممن لو كان صحيحا قاتل لأنه بمنزلة الإجهاز على الجريح إلا أن يكون مأيوسا من برئه فيكون بمنزلة الزمن قاله المصنف وغيره
قوله : وإن تترسوا بمسلمين لم يجز رميهم إلا أن يخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار
هذا بلا نزاع وظاهر كلامه أنه إذا لم يخف على المسلمين ولكن لا يقدر عليهم إلا بالرمي عدم الجواز وهذا المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وجزم به في الوجيز وقال القاضي يجوز رميهم حال قيام الحرب لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد وجزم به في الرعاية الكبرى
قال في الصغرى والحاويين فإن خيف على الجيش أو فوت الفتح رمينا بقصد الكفار
فائدة حيث قلنا لا يحرم الرمي فإنه يجوز لكن لو قتل مسلما لزمته الكفارة على ما يأتي في بابه ولا دية عليه على الصحيح من المذهب
وعنه عليه الدية ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الجنايات في فصل والخطأ على ضربين

وقال في الوسيلة يجب الرمي ويكفر ولا دية قال الإمام أحمد لو قالوا ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم فليرحلوا عنهم
قوله : ومن أسر أسيرا لم يجز قتله حتى يأتي به الإمام إلا أن يمتنع من السير معه ولا يمكنه إكراهه بضرب أو غيره
هذا المذهب بهذين الشرطين قال في الفروع جزم به على الأصح وقدمه في الشرح والمحرر وعنه يجوز قتله مطلقا
وتوقف الإمام أحمد في قتل المريض وفيه وجهان وأطلقهما في الفروع والمذهب ومسبوك الذهب
والصحيح من المذهب جواز قتله قاله المصنف والشارح وصححه في الخلاصة وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين
وقيل لا يجوز قتله ونقل أبو طالب لا يخليه ولا يقتله
فائدة يحرم قتل أسير غير ما تقدم على الصحيح من المذهب
واختار الآجري جواز قتله للمصلحة كقتل بلال رضي الله عنه أمية بن خلف لعنه الله أسير عبد الرحمن [بن] عوف رضي الله عنه وقد أعانه عليه الأنصار
فعلى المذهب لو خالف وفعل فإن كان المقتول رجلا فلا شيء عليه وإن كان صبيا أو امرأة عاقبه الأمير وغرمه ثمنه غنيمة
وقال في المحرر ومن قتل أسيرا قبل تخيير الإمام فيه لم يضمنه إلا أن يكون مملوكا
قوله : ويخير الأمير في الأسرى بين القتل والاسترقاق والمن والفداء بمسلم أو مال
يجوز الفداء بمال على الصحيح من المذهب جزم به في الخرقي والمغني والمحرر والفروع والقاضي في كتبه والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز وقدمه في الشرح والزركشي
وعنه لا يجوز بمال ذكرها المصنف ولم أرها لغيره وهو وجه في الهداية وغيرها صححه في الخلاصة
وأطلق الوجهين في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة

وقال الخرقي فيمن لا يقبل منه الحرية لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف أو الفداء وكذا قال في الإيضاح وابن عقيل في تذكرته والشريف أبو جعفر
فظاهر كلام هؤلاء أنه لا يجوز المن
وقال في الفروع عن الخرقي أنه قال لا يقبل في غير من لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف الظاهر أنه لم يراجع الخرقي أو حصل سقط فإن الفداء مذكور في الخرقي
وذكر في الانتصار رواية يجبر المجوسي على الإسلام
قوله : إلا غير الكتابي ففي استرقاقه روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمغني والشرح والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع
إحداهما يجوز استرقاقهم نص عليه في رواية محمد بن الحكم وجزم به في الوجيز قال الزركشي وهو الصواب وإليه ميل المصنف وقدمه في الخلاصة
والرواية الثانية لا يجوز استرقاقهم اختاره الخرقي والشريف أبو جعفر وابن عقيل في التذكرة والشيرازي في الإيضاح
قال في البلغة هذا أصح وجزم به ناظم المفردات وهو منها
وقال الشارح ويحتمل أن يكون جواز استرقاقهم مبني على أخذ الجزية منهم فإن قلنا بجواز أخذها جاز استرقاقهم وإلا فلا
تنبيه مراده بأهل الكتاب من تقبل منهم الجزية فيدخل فيهم المجوس ذكره الأصحاب ومراده بغير أهل الكتاب من لا تقبل منه الجزية
قال الزركشي أبو الخطاب وأبو محمد ومن تبعهما يحكون الخلاف في غير أهل الكتاب والمجوس وأبو البركات جعل مناط الخلاف فيمن لا يقر بالجزية
فعلى قوله : نصارى بني تغلب يجري فيهم الخلاف لعدم أخذ الجزية منهم
قال ويقرب من نحو هذا قول القاضي في الروايتين فإنه حكى الخلاف في مشركي العرب من أهل الكتاب
تنبيه محل الخيرة للأمير إذا كان الأسير حرا مقاتلا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
واختار أبو بكر أنه لا يسترق من عليه ولاء لمسلم بخلاف ولده الحربي لبقاء نسبه
قال الشارح وعلى قول أبي بكر لا يسترق ولده أيضا إذا كان عليه ولاء كذلك وأطلقهما في المحرر
وقيل لا يسترق من عليه ولاء لذمي أيضا

وجزم به وبالذي قبله في البلغة
قال في الرعايتين والحاويين وفي رق من عليه ولاء مسلم أو ذمي وجهان
فائدة لا يبطل الاسترقاق حق مسلم قاله ابن عقيل وهو ظاهر ما قدمه في الفروع
قال في الانتصار لا عمل لسبي إلا في مال فلا يسقط حق قود له أو عليه وفي سقوط الدين من ذمته لضعفها برقه كذمة مريض احتمالان
وقال في البلغة يتبع به بعد عتقه إلا أن يغنم بعد إرقاقه فيقضي منه دينه فيكون رقه كموته وعليه يخرج حلوله برقه وإن أسر وأخذ ماله معا فالكل للغانمين والدين باق في ذمته انتهى
وقيل إن زنى مسلم بحربية وأحبلها ثم سبيت لم تسترق لحملها منه
قوله : ولا يجوز أن يختار إلا الأصلح للمسلمين
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به
قال في الروضة يستحب أن يختار الأصلح
قلت إن أراد أنه يثاب عليه فمسلم وإن أراد أنه يجوز له أن يختار غير الأصلح ولو كان فيه ضرر فهذا لا يقوله: أحد
فائدة لو تردد رأى الإمام ونظره في ذلك فالقتل أولى قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم
تنبيه هذه الخيرة التي ذكرها المصنف وغيره في الأحرار والمقاتلة
أما العبيد والإماء فالإمام يخير بين قتلهم إن رأى أو تركهم غنيمة كالبهائم
وأما النساء والصبيان فيصيرون أرقاء بنفس السبي
وأما من يحرم قتله غير النساء والصبيان كالشيخ الفاني والراهب والزمن والأعمى فقال المصنف في المغني والكافي والشارح لا يجوز سبيهم
وحكى ابن منجا عن المصنف أنه قال في المغني يجوز استرقاق الشيخ والزمن ولعله في المغني القديم
وحكى أيضا عن الأصحاب أنهم قالوا كل من لا يقتل كالأعمى ونحوه يرق بنفس السبي
وأما المجد فجعل من فيه نفع من هؤلاء حكمه حكم النساء والصبيان قال الزركشي وهو أعدل الأقوال
قلت وهو المذهب قطع به في الرعايتين والحاويين

قال في الفروع والأسير القن غنيمة وله قتله ومن فيه نفع ولا يقتل كامرأة وصبي ومجنون وأعمى رقيق بالسبي
وفي الواضح من لا يقتل غير المرأة والصبي يخير فيه بغير قتل
وقال في البلغة المرأة والصبي رقيق بالسبي وغيرهما يحرم قتله ورقه قال وله في المعركة قتل أبيه وابنه
قوله : وإن أسلموا رقوا في الحال
يعني إذا أسلم الأسير صار رقيقا في الحال وزال التخيير فيه وصار حكمه
حكم النساء وهو إحدى الروايتين ونص عليه وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وتجريد العناية وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاويين والزركشي وقال عليه الأصحاب
وعنه يحرم قتله ويخير الإمام فيه بين الخصال الثلاث الباقية صححه المصنف والشارح وصاحب البلغة وقاله في الكافي وقدمه في الفروع وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة
فعلى هذا يجوز الفداء ليتخلص من الرق ولا يجوز رده إلى الكفار أطلقه بعضهم
وقال المصنف والشارح لا يجوز رده إلى الكفار إلا أن يكون له من يمنعه من عشيرة ونحوها
فائدة لو أسلم قبل أسره لم يسترق وحكمه حكم المسلمين لكن لو ادعى الأسير إسلاما سابقا يمنع رقه وأقام بذلك شاهدا وحلف لم يجز استرقاقه جزم به ناظم المفردات وهو منها
وعنه لا يقبل إلا بشاهدين وأطلقهما في الفروع والرعاية وغيرهما ذكره في باب أقسام المشهود به ويأتي ذلك أيضا هناك
قوله : ومن سبى من أطفالهم منفردا أو مع أحد أبويه فهو مسلم
إذا سبى الطفل منفردا فهو مسلم قال المصنف والشارح وغيرهما بالإجماع هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنه كافر
فائدة المميز المسبي كالطفل في كونه مسلما على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
ونقل ابن منصور يكون مسلما ما لم يبلغ عشرا
وقيل لا يحكم بإسلامه حتى يسلم بنفسه كالبالغ

وإن سبي مع أحد أبويه فهو مسلم كما قاله المصنف على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به الخرقي وابن عقيل في تذكرته وصاحب الوجيز والمنور وتجريد العناية والمنتخب وقدمه في المغني والكافي والشرح والفروع والرعايتين وغيرهم
قال القاضي هذا أشهر الروايتين وهو من مفردات المذهب
وعنه يتبع أباه قال المصنف والشارح واختاره أبو الخطاب
وعنه يتبع المسبي معه منهما قال في الفروع اختاره الآجري انتهى وقدمه في الهداية وصححه في الخلاصة
وقال في الحاويين والزركشي وإن سبي مع أحد أبويه ففي إسلامه روايتان قاله في الرعايتين وغيره وعنه أنه كافر
قوله : وإن سبي مع أبويه فهو على دينهما
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنه مسلم وهي من المفردات
فائدة لو سبى ذمي حربيا تبع سابيه حيث يتبع المسلم على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعايتين وجزم به في الحاوي الكبير
وقيل إن سباه منفردا فهو مسلم
قلت يحتمله كلام المصنف هنا بل هو ظاهره
ونقل عبد الله والفضل يتبع مالكا مسلما كسبي اختاره الشيخ تقي الدين
ويأتي في آخر باب المرتد إذا مات أبو الطفل الكافر أو أمه الكافرة أو أسلما أو أحدهما
قوله : ولا ينفسخ النكاح باسترقاق الزوجين
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم
ويحتمل أن ينفسخ ذكره المصنف والشارح وهو رواية عن أحمد
واختار المصنف والشارح الانفساخ إن تعدد السابي مثل أن يسبي المرأة واحد والزوج آخر وقالا لم يفرق أصحابنا
قوله : وإن سبيت المرأة وحدها انفسخ نكاحها وحلت لسابيها
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال اختاره الأكثر
وعنه لا ينفسخ نصره أبو الخطاب وقدمه في التبصرة كزوجة ذمي

وقال في البلغة ولو سبيت دونه فهل تنجز الفرقة أو تقف على فوات إسلامهما في العدة على وجهين
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الرجل لو سبي وحده لا ينفسخ نكاح زوجته وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في المغني والشرح ونصراه والرعايتين والحاويين وهو من المفردات
وقال أبو الخطاب ينفسخ قاله الشارح واختاره القاضي قاله أبو الخطاب
ولعل أبا الخطاب اختاره في غير الهداية فأما في الهداية فإنه قال فإن سبي أحدهما أو استرق فقال شيخنا ينفسخ النكاح وعندي أنه لا ينفسخ وأطلقهما في المذهب
قوله : وهل يجوز بيع من استرق منهم للمشركين على روايتين
إحداهما لا يجوز بيعهما لمشرك مطلقا وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والمذهب وجزم به الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل وصاحب الخلاصة والوجيز
قال في تجريد العناية لا يجوز في الأظهر وقدمه في الهداية والمحرر
والشرح وقال هو أولى والرعايتين والحاويين والنظم والفروع وهو من المفردات
والرواية الثانية يجوز مطلقا إذا كان كافرا
وعنه يجوز بيع البالغ دون غيره
وعنه يجوز بيع البالغ من الذكور دون الإناث
ويأتي في باب الهدية جواز بيع أولاد المحاربين من آبائهم
فائدة حكم المفاداة بمال حكم بيعه خلافا ومذهبا
وأما مفاداته بمسلم فالصحيح من المذهب جوازها وعليه الأصحاب وعنه المنع بصغير
ونقل الأثرم ويعقوب لا يرد صغير ولا نساء إلى الكفار
وقال في البلغة في مفاداتهما بمسلم روايتان
قوله : ولا يفرق في البيع بين ذوي رحم محرم إلا بعد البلوغ على إحدى الروايتين
إن كان قبل البلوغ لم يجز قولا واحدا وإن كان بعد البلوغ ففيه روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب في كتاب البيع والمستوعب والخلاصة والكافي

والمغني والتلخيص والبلغة والشرح والرعاية الصغرى والحاويين وشرح ابن رزين والزركشي
إحداهما لا يجوز ولا يصح وهو المذهب
قال في المذهب ومسبوك الذهب في موضع ولا يفرق بين كل ذي رحم محرم وأطلق وجزم به في المنور وناظم المفردات وهو منها واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم قال في الفصول هو المشهور عنه وهو ظاهر كلام الخرقي
والرواية الثانية يجوز ويصح البيع وصححه في التصحيح وجزم به في العمدة والوجيز
قال الأزجي في المنتخب ويحرم تفريق بين ذي الرحم قبل البلوغ قال الناظم وهو أولى وقدمه في الرعاية الكبرى
تنبيه قوله : بين ذوي رحم محرم
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال في المغني وتبعه في الشرح قاله أصحابنا غير الخرقي وجزم به في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم
فيدخل في ذلك العمة مع ابن أخيها والخالة مع ابن أختها
وظاهر كلام الخرقي اختصاص الأبوين والجدين بذلك ونصره في المغني والشرح
وقيل يجوز ذلك في غير الأبوين
تنبيه ظاهر كلام المصنف تحريم التفريق ولو رضوا به وهو صحيح ونص عليه الإمام أحمد
فائدتان
إحداهما حكم التفريق في الغنيمة وغيرها كأخذه بجناية والهبة والصدقة ونحوها حكم البيع على ما تقدم
الثانية لا يحرم التفريق بالعتق ولا بافتداء الأسرى على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والمنور وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الفروع
قال الخطابي لا أعلمهم يختلفون في العتق لأنه لا يمنع من الحضانة
وقيل يحرم في افتداء الأسرى ويجوز في العتق قدمه في الرعاية الكبرى وعنه حكمها حكم البيع ونحوه وهو ظاهر كلام ابن الجوزي وغيره
الثالثة لو باعهم على أن بينهم نسبا يمنع التفريق ثم بان أن لا نسب بينهم كان للبائع الفسخ

فائدة : قوله : "وإذا حصر الإمام حصنا لزمته مصابرته إذا رأى المصلحة فيها فإن أسلموا أو من أسلم منهم أحرز دمه وماله وأولاده الصغار".
يحرز بذلك أولاده الصغار سواء كانوا في السبي أو في دار الحرب وكذا ماله أين كان ويحرز أيضا المنفعة كالإجارة.
ويحرز أيضا الحمل لا الذي في بطن امرأته ولا يحرز امرأته ولا ينفسخ نكاحه برقها على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في البلغة: ولو سبيت الحربية وزوجها مسلم لم يمنع رقها فينقطع نكاح المسلم ويحتمل أن لا ينقطع في الدوام بخلاف الابتداء ويتوقف على إسلامها في العدة انتهى.
قوله : وإن سألوا الموادعة بمال أو غيره: جاز، إن كانت المصلحة فيه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم وهو ظاهر الرعايتين والحاويين.
قلت: بل يلزمه ذلك ونقله المروذي وجزم به في الفروع والمغني والشرح وغيرهم.
تنبيه : قوله : "بمال وغيره" اما المال: فلا نزاع فيه. وأما إذا سألوا الموادعة بغير مال فجزم المصنف بالجواز وهو الصحيح من المذهب قدمه في المذهب ومسبوك الذهب والرعايتين والحاويين وشرح ابن منجا.
وقيل: لا يجوز إلا أن يعجز عنهم ويستضر بالمقام وأطلقهما في الهداية والخلاصة.
قوله : "وإن نزلوا على حكم حاكم جاز إذا كان مسلما حرا بالغا عاقلا من أهل الاجتهاد".
يعني في الجهاد ولو كان أعمى. وجزم به في المغني والمحرر والشرح والفروع والنظم وغيرهم.
ومن شرطه: أن يكون عدلا ولم يذكره المصنف هنا ولا في الرعاية الصغرى والحاويين والهداية والمذهب وغيرهم.
وقال في البلغة: يعتبر فيه شروط القاضي إلا البصر.
قوله : "ولا يحكم إلا بما فيه الأحظ للمسلمين من القتل والسبي والفداء" وهذا بلا نزاع.

قوله : "فإن حكم بالمن لزم قبوله في أحد الوجهين".
وهذا المذهب صححه في التصحيح والرعايتين وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمحرر واختاره القاضي.
والوجه الثاني : لا يلزم قبوله وقواه الناظم واختاره أبو الخطاب في الهداية وقيل يلزم في المقاتلة ولا يلزم في النساء والذرية.
فائدة : يجوز للإمام أخذ الفداء ممن حكم برقه أو قتله ويجوز له المن مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وجزم به في الرعاية وغيرها.
وقال في الكافي والبلغة: يجوز المن على محكوم برقه برضا الغانمين.
قوله : "وإن حكم بقتل أو سبي فأسلموا عصموا دماءهم
بلا نزاع وفي استرقاقهم وجهان عند الأكثر وفي الكافي والرعايتين
والحاويين وغيرهم روايتان وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والبلغة والمحرر والحاوي الكبير والفروع وشرح ابن منجا
أحدهما لا يسترقون وهو المذهب اختاره القاضي وصححه في التصحيح والخلاصة وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير
والوجه الثاني يسترقون جزم به في الوجيز والمنتخب وصححه الناظم وهو احتمال في الهداية ومال إليه.
فوائد
الأولى : لو سألوه أن ينزلهم على حكم الله: لزمه أن ينزلهم ويخير فيهم كالأسرى فيخير بين القتل والرق والمن والفداء وهذا الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع.
وقال في الواضح: يكره وقال في المبهج: لا ينزلهم. لأنه كإنزالهم بحكمنا ولم يرضوا به.
الثانية : لو كان في الحصن من لا جزية عليه فبذلها لعقد الذمة عقدت مجانا وحرم رقه.
الثالثة : لو جاءنا عبد مسلم وأسر سيده أو غيره فهو حر ولهذا لا نرده في هدنة قاله في الترغيب وغيره والكل له وإن أقام بدار حرب: فرقيق. ولو جاء مولاه مسلما بعده لم يرد إليه ولو جاء قبله مسلما ثم جاء العبد مسلما: فهو لسيده وإن خرج عبد إلينا بأمان أو نزل من حصن فهو حر نص على ذلك قال: وليس للعبد في حق غنيمة فلو هرب إلى العدو ثم جاء بأمان فهو لسيده والمال لنا.

باب ما يلزم الإمام والجيش
قوله : "يلزم الإمام فعل كذا الخ".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل: يستحب.
فائدة: قوله : "فمن لا يصلح للحرب يمنعه من الدخول ويمنع المخذل والمرجف".
فالمخذل: هو الذي يقعد غيره عن الغزو.
والمرجف: هو الذي يحدث بقوة الكفار وكثرتهم وضعف غيرهم.
ويمنع أيضا من يكاتب بأخبار المسلمين. ومن يرمي بينهم بالفتن. ومن هو معروف بنفاق وزندقة.
ويمنع أيضا الصبي. على الصحيح من المذهب ذكره جماعة وقدمه في الفروع.
وقال في المغني والكافي والبلغة والشرح والرعاية الكبرى وغيرهم: يمنع الطفل زاد المصنف والشارح: ويجوز أن يأذن لمن اشتد من الصبيان.
تنبيهان
أحدهما : ظاهر قوله : "ويمنع المخذل" أنه لا يصحبهم ولو لضرورة وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأصحاب وقيل: يصحبهم لضرورة.
الثاني : ظاهر قوله : "ويمنع النساء إلا طاعنة في السن لسقي الماء ومعالجة الجرحى".
منع غير ذلك من النساء وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأصحاب.
وقال بعض الأصحاب: لا تمنع امرأة الأمير لحاجته. كفعل النبي صلى الله عليه وسلم. منهم المصنف والشارح.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن المنع من ذلك على سبيل التحريم وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع
وجزم في المغني والشرح أنه يكره دخول الشابة من النساء أرض العدو وجوزوا للأمير خاصة أن يدخل بالمرأة الواحدة إذا احتاج إليها
قوله : ولا يستعين بمشرك إلا عند الحاجة
هذا قول جماعة من الأصحاب أعني قوله: إلا عند الحاجة منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب وقدمه في البلغة.

والصحيح من المذهب: أنه يحرم الاستعانة بهم إلا عند الضرورة جزم به في الخلاصة وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين.
وعنه يجوز مع حسن رأي فينا. وجزم به في البلغة.
زاد جماعة وجزم به صاحب المحرر إن قوي جيشه عليهم وعلى العدو لو كانوا معه.
وفي الواضح روايتان: الجواز وعدمه بلا ضرورة وبناهما على الإسهام له قاله في الفروع كذا قال.
وقال في البلغة: يحرم إلا لحاجة كحسن الظن قال وقيل: إلا لضرورة.
وأطلق أبو الحسين وغيره: أن الرواية لا تختلف أنه لا يستعان بهم ولا يعاونون
وأخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في العمالة والكتابة.
وسأله أبو طالب عن مثل الخراج؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء.
وأخذ القاضي منه: أنه لا يجوز كونه عاملا في الزكاة.
قال في الفروع: فدل على أن المسألة على روايتين. قال والأولى: المنع واختاره شيخنا. يعني: الشيخ تقي الدين وغيره أيضا. لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها. فهو أولى من مسألة الجهاد.
وقال الشيخ تقي الدين: من تولى منهم ديوانا للمسلمين: انتقض عهده لأنه ينافي الصغار. وقال في الرعاية: يكره إلا لضرورة.
وتحرم الاستعانة بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين. لأن فيه أعظم الضرر ولأنهم دعاة بخلاف اليهود والنصارى. نص على ذلك.
تنبيه : قوله : "ولا يستعين بمشرك" يعني: يحرم إلا بشرطه. وهذا المذهب وقال في الفروع: ويتوجه يكره.
فائدة : قوله : "ويعقد لهم الألوية والرايات".
المستحب في الألوية: أن تكون بيضاء. لأن الملائكة إذا نزلت بالنصر نزلت مسومة بها. نقله حنبل. واقتصر عليه في الفروع.
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمحرر والرعايتين والحاويين: يعقد لهم الألوية والرايات بأي لون شاء.
قوله : "ويجعل لكل طائفة شعارا يتداعون به عند الحرب ويتخير لهم المنازل ويتتبع مكامنها فيحفظها ويبعث العيون على العدو حتى لا يخفى عليه أمرهم ويمنع جيشه من المعاصي والفساد ويعد ذا الصبر بالأجر والنفل ويشاور ذا الرأي.

ويصف جيشه ويجعل في كل جنبة كفوا ولا يميل مع قريبه وذوي مذهبه على غيره" بلا نزاع.
"ويجوز أن يبذل جعلا لمن يدله على طريق أو قلعة أو ماء ويجب أن يكون معلوما إلا أن يكون من مال الكفار فيجوز مجهولا فإن جعل له جارية منهم فماتت قبل الفتح فلا شيء له بلا نزاع.
قوله : "وإن أسلمت قبل الفتح فله قيمتها وإن أسلمت بعده سلمت إليه".
وكذا إن أسلمت قبله وهي أمة، إلا أن يكون كافرا فله قيمتها بلا نزاع. لكن لو أسلم بعد ذلك ففي جواز ردها إليه احتمالان. وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفروع والقواعد الفقهية.
قلت: ظاهر كلام المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم أنها لا ترد إليه لاقتصارهم على إعطاء قيمتها.
قوله : "وإن فتحت صلحا ولم يشترطوا الجارية فله قيمتها" بلا نزاع.
"فإن أبى إلا الجارية وامتنعوا من بذلها فسخ الصلح".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع: فسخ الصلح في الأشهر.
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب. وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين واختاره القاضي وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
ويحتمل أن لا يكون له إلا قيمتها وهو وجه لبعض الأصحاب وصححه في المحرر وإليه ميل الشارح وقواه.
قلت: هو الصواب.
وظاهر نقل ابن هانئ أنها لمن سبق حقه. ولرب الحصن القيمة.
فائدة : لو بذلت له الجارية مجانا أو بالقيمة: لزمه أخذها وإعطاؤها له والمراد: إذا كانت غير حرة الأصل وإلا فقيمتها.
قوله : "وله أن ينفل في البدأة الربع بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعده. وذلك إذا دخل الجيش: بعث سرية تغير وإذا رجع بعث أخرى فما أتت به أخرج خمسه وأعطى السرية ما جعل لها وقسم الباقي في الجيش والسرية معا".
الصحيح من المذهب: أن السرية لا تستحق النفل المذكور إلا بشرط نص عليه. وعليه أكثر

الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والكافي وقدمه في الفروع.
وعنه تستحقه من غير شرط. وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في المحرر والزركشي.
وجواز إعطاء النفل: من مفردات المذهب.
فائدة : يجوز أن يجعل لمن عمل ما فيه عناء جعلا كمن نقب أو صعد هذا المكان أو جاء بكذا فله من الغنيمة أو من الذي جاء به كذا ما لم يجاوز ثلث الغنيمة بعد الخمس نص عليه.
ويجوز أن يعطيه ذلك من غير شرط على الصحيح من المذهب. وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه لا يعطى إلا بشرط. وأطلقهما في المحرر.
ويحرم تجاوزه الثلث في هذا وفي النفل مطلقا على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في المغني والشرح وغيرهما ونصراه وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يحرم بلا شرط فقط صححه في الرعاية الكبرى وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وأطلقهما الزركشي.
قوله : "فإن دعا كافر إلى البراز استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن الأمير".
هذا المذهب أعني تحريم المبارزة بغير إذنه وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح بل هو كالصريح ونص عليه وقدمه في الفروع وجزم به في الهداية والمذهب والنظم قال ناظم المفردات:
بغير إذن تحرم المبارزة ... فالسلب المشهور ليست جائزة
وعنه يكره بغير إذنه حكاها الخطابي وهو ظاهر كلام المصنف في المغني فإنه قال: ينبغي أن يستأذن الأمير في المبارزة إذا أمكن.
وقال في الفصول في اللباس: وهل تستحب المبارزة ابتداء لما فيها من كسر قلوب المشركين أم تكره لئلا تنكسر قلوب المؤمنين؟ فيه احتمالان.
وقال الشارح: المبارزة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
إحداها :: مستحبة. وهي مسألة المصنف.
والثانية : مباحة وهي: أن يبتدئ الشجاع فيطلبها. فتباح ولا تستحب.
قلت: في البلغة: إنها تستحب أيضا.
الثالثة : مكروهة. وهي أن يبرز الضعيف الذي لا يثق من نفسه فتكره له.

قوله : "فإن شرط الكافر أن لا يقاتله غير الخارج إليه فله شرطه".
وكذلك لو كانت العادة كذلك فإن انهزم المسلم أو أثخن بالجراح جاز الدفع عنه
قال في الفروع فإن انهزم المسلم أو الكافر وفي البلغة أو أثخن فلكل مسلم الدفع عنه والرمي.
وقال في الرعاية: وإن انهزم المسلم أو أثخن بالجراح أو عجز وقيل: أو ظهر الكافر عليه فلكل مسلم الدفع عنه والرمي والقتال.
وقيل: إن عاد أحدهما مثخنا أو مختارا: جاز رمي الكافر. انتهى.
قوله : "وإن قتله المسلم فله سلبه وكل من قتل قتيلا فله سلبه غير محبوس".
هذا المذهب بشرطه. وسواء شرطه له الإمام أم لا نص عليه وعليه الأصحاب وسواء كان القاتل من أهل الإسهام أو الإرضاخ حتى الكافر صرح به في النظم وغيره وقطع به المصنف وغيره وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي: يستحقه سواء شرطه له الإمام أو لا على المنصوص المشهور والمذهب عند عامة الأصحاب.
وعنه لا يستحقه إلا أن يشرطه. وجزم به ابن رزين في نهايته وناظمها واختاره أبو الخطاب في الانتصار وصاحب الطريق الأقرب.
وعنه يعتبر أيضا إذن الإمام. وهو ظاهر كلام ناظم المفردات كما تقدم لفظه قال ابن أبي موسى: أظهرهما أنه لا يستحق.
وقيل: لا يستحقه من كان من أهل الرضخ.
فائدة : لو بارز العبد بغير إذن سيده فقتل قتيلا لم يستحق سلبه لأنه عاص قاله المصنف وغيره.
قال: وكذلك كل عاص دخل بغير إذن.
وعنه فيه يؤخذ منه الخمس وباقيه له قال: ويخرج في العبد مثله.
قوله : "إذا قتله حال الحرب منهمكا على القتال غير مثخن وغرر بنفسه في قتله".
وكذا لو أثخن الكافر بالجراح بلا نزاع.
ومن شرطه: أن يقتله أو يثخنه في حال امتناعه وهو مقبل فإن قتله وهو مشتغل بأكل ونحوه أو وهو منهزم: لم يستحق السلب. نص عليه.
وقال في الترغيب والبلغة: فإن كان منهزما إلا لانحراف أو لتحيز لم يستحق السلب.

وقال المصنف: إذا انهزم والحرب قائمة فأدركه وقتله فسلبه له لقصة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
وقوله : "حال الحرب" هكذا قال الأصحاب.
قال الشيخ تقي الدين: في هذا نظر فإن في حديث ابن الأكوع كان المقتول منفردا ولا قتال هناك بل كان المقتول قد هرب منهم.
تنبيه : شمل كلام المصنف: لو قتل صبيا أو امرأة إذا قاتلا وهو صحيح وهو المذهب جزم به المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: لا يستحق سلبها. وأطلقهما في المحرر والزركشي والرعاية.
فائدة : يشترط في مستحق السلب: إما أن يكون من أهل المغنم حرا كان أو عبدا رجلا كان أو صبيا أو امرأة فلو كان ليس له حق كالمخذل والمرجف قال في الكافي: والكافر إذا حضر بغير إذن لم يستحق السلب. وتقدم كلام الناظم في الكافر.
قوله : "وإن قطع أربعته وقتله آخر: فسلبه للقاطع" بلا نزاع.
قوله : "وإن قتله اثنان: فسلبه غنيمة".
هذا المذهب. نص عليه في رواية حرب وعليه أكثر الأصحاب وجزم في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قال الزركشي وغيره: هذا المنصوص.
وقال الآجري والقاضي: سلبه لهما.
وقال المصنف وتبعه الشارح إن كانت ضربة أحدهما أبلغ كان السلب له وإلا كان غنيمة.
فائدة : لو قتله أكثر من اثنين: فسلبه غنيمة بطريق أولى.
وقيل: سلبه لقاتله.
قوله : "وإن أسره فقتله الإمام فسلبه غنيمة".
وكذا إن رقه الإمام أو فداه. وهذا الصحيح من المذهب. نص عليه وقال القاضي: هو لمن أسره.

قوله : "وإن قطع يده ورجله وقتله آخر فسلبه غنيمة".
هذا المذهب نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قال الزركشي: المنصوص أنه غنيمة.
وقيل: هو للقاتل وقيل هو للقاطع وأطلقهن الزركشي.
فائدة : حكم من قطع يديه أو رجليه حكم من قطع يده ورجله خلافا ومذهبا قاله الأصحاب.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: أنه لو قطع يده ورجله وقتله آخر أن سلبه للقاتل. وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام الوجيز وغيره وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: هو غنيمة قدمه في المغني وحكى الأول احتمالا.
وجزم بأنه غنيمة في الكافي وأطلقهما في الشرح وغيره.
قوله : "والسلب: ما كان عليه من ثياب وحلى وسلاح والدابة بآلتها".
يعني التي قاتل عليها هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
قال المصنف والشارح: هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي: هذا أعدل الأقوال واختاره الخرقي والخلال.
وعنه أن الدابة وآلتها ليست من السلب.
وقيل: هي غنيمة اختاره أبو بكر قال في الكافي: واختاره الخلال.
قال الزركشي: لا يغرنك قول أبي محمد في الكافي: أنه اختيار الخلال. فإنه وهم.
وقال في التبصرة: حلية الدابة ليست من السلب بل هي غنيمة.
وعنه: أنه قال في السيف: لا أدري.
تنبيه : مراده بدابته الدابة التي قاتل عليها على الصحيح من المذهب
وعنه أو كان آخذا بعنانها وهو ظاهر كلام الخرقي
قوله : ونفقته وخيمته ورحله
هذا الصحيح من المذهب والروايتين قاله في الفروع والمحرر وغيرهما وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وهو من مفردات المذهب.

وعنه أنه من السلب قال في الرعاية الكبرى قلت: وكذا حقيبته المشدودة على فرسه
وقيل فيما معه من دراهم ودنانير روايتان
قوله : ولا يجوز الغزو إلا بإذن الأمير إلا أن يفجأهم عدو يخافون كلبه
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقال المصنف في المغني يجوز إذا حصل للمسلمين فرصة يخاف فوتها وجزم به في الرعاية الكبرى والنظم
وقال في الروضة اختلفت الرواية عن أحمد فعنه لا يجوز وعنه يجوز بكل حال ظاهر أو خفية جماعة وآحادا جيشا أو سرية
وقال القاضي في الخلاف الغزو لا يجوز أن يقيمه كل أحد على الانفراد ولا دخول دار الحرب بلا إذن الإمام ولهم فعل ذلك إذا كانوا عصبة لهم منعة
قوله : فإن دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذنه فغنموا فغنيمتهم فيء
هذا المذهب وسواء كانوا قليلين أو كثيرين حتى ولو كان واحدا أو عبدا جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والمحرر والخلاصة
وعنه هي لهم بعد الخمس اختارها القاضي وأصحابه والمصنف والشارح والناظم
وعنه هي لهم من غير تخميس وأطلقهن في الهداية والمذهب
فعلى الثانية فيما أخذوه بسرقة منع وتسليم قاله في الفروع
وقال في البلغة فيما أخذوه بسرقة واختلاس الروايات الثلاث المتقدمة ومعناه في الروضة
تنبيه مفهوم كلام المصنف أن القوم الذين دخلوا لو كان لهم منعة لم يكن ما غنموا فيئا وهو رواية عن أحمد يعني أنه غنيمة فيخمس
قال المصنف والشارح وهي أصح وهو ظاهر ما قدمه في الفروع
وعنه أنه فيء جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى
وقال الشارح ويخرج فيه وجه كالرواية الثالثة
وقال في الفروع وقيل الرواية الثالثة هنا أيضا
واختار في الرعاية الصغرى هذا الوجه يعني أنه لهم من غير تخميس وقدمه في الحاويين

قوله : ومن أخذ من دار الحرب طعاما أو علفا فله أكله وعلف دابته بغير إذن
ولو كانت للتجارة
وعنه لا يعلف من الدواب إلا المعد للركوب ذكره في القواعد وأطلقهما ولو كان غير محتاج إليه على أشهر الطريقتين والصحيح من المذهب
والطريقة الثانية لا يجوز إلا عند الضرورة وهي طريقة ابن أبي موسى
وكذا له أن يطعم سبيا اشتراه وهذا المذهب وعليه الأصحاب
لكن بشرط أن لا يحرز فإن أحرز بدار حرب فليس له ذلك على الصحيح من المذهب إلا عند الضرورة
وقيل له ذلك واختاره القاضي في المجرد
وعنه يرد قيمته كله ذكرها ابن أبي موسى
فائدة : لا يجوز أن يطعم الفهد وكلب الصيد والجارح من ذلك وفيه وجه آخر يجوز ذكره في القاعدة الحادية والسبعين وأطلقهما
قوله : وليس له بيعه فإن باعه رد ثمنه في المغنم
هذا المذهب وعليه الأصحاب
قال القاضي والمصنف في الكافي لا يخلو إما أن يبيعه من غاز أو غيره فإن باعه لغيره فالبيع باطل فإن تعذر رده رد قيمته أو ثمنه إن كان أكثر من قيمته وإن باعه لغاز لم يخل إما أن يبذله بطعام أو علف مما له الإنتفاع به أو بغيره فإن باعه بمثله فليس هذا بيعا في الحقيقة إنما سلم إليه مباحا وأخذ مباحا مثله
فعلى هذا لو باع صاعا بصاعين أو افترقا قبل القبض جاز وإن باعه نسيئة أو أقرضه إياه فأخذه فهو أحق به ولا يلزمه إبقاؤه
وإن باعه بغير الطعام والعلف فالبيع غير صحيح ويصير المشتري أحق به ولا ثمن عليه وإن أخذه منه وجب رده إليه انتهى
قوله : وإن فضل معه شيء فأدخله البلد رده في الغنيمة إلا أن يكون يسيرا فله أكله في إحدى الروايتين
نص عليه في رواية ابن إبراهيم وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى والعمدة
والرواية الثانية يلزمه رده في المغنم نص عليهما في رواية أبي طالب وهي المذهب

اختاره أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز والقاضي وأطلقهما الخرقي والشارح والرعايتين والحاويين والإرشاد والزركشي وأبو الخطاب في خلافيهما وجزم به المنور وقدمه في الفروع والمحرر والنظم
فائدة : لو باعه رد ثمنه وإن أكله لم يرد قيمة أكله على الصحيح وعنه يردها
تنبيهات
الأول الذي يظهر أن اليسير هنا يرجع قدره إلى العرف
وقال في التبصرة والموجز هو كطعام أو علف يومين نقله أبو طالب
قال في الرعاية اليسير كعلفة وعلفتين وطبخة وطبختين
الثاني ظاهر كلام المصنف أنه لا يأخذ غير الطعام والعلف وهو صحيح
قال الإمام أحمد لا يغسل ثوبه بالصابون فإن غسل رد قيمته في المغنم نقله أبو طالب واقتصر عليه في الفروع
الثالث السكر والمعاجين ونحوهما كالطعام وفي إلحاق العقاقير بالطعام وجهان وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفروع
قلت: الأولى إلحاقه بالطعام إن احتاج إليه وإلا فلا
وقال في موضع من الرعاية وله شرب الدواء من المغنم وأكله
الرابع محل جواز الأخذ والأكل إذا لم يحزها الإمام أما إذا حازها الإمام ووكل من يحفظها فإنه لا يجوز لأحد أخذ شيء منه إلا لضرورة على الصحيح من المذهب والمنصوص عنه واختاره المصنف وغيره وقدمه الزركشي وغيره وجوز القاضي في المجرد الأكل منه في دار الحرب مطلقا
فائدتان
إحداهما : يدخل في الغنيمة جوارح الصيد كالفهود والبزاة نقل صالح لا بأس بثمن البازي انتهى
ولا يدخل ثمن كلب وخنزير ويخص الإمام بالكلب من شاء فلو رغب فيها بعض الغانمين دون بعض دفعت إليه وإن رغب فيها الكل أو ناس كثير قسمت عددا من غير تقويم إن أمكن قسمتها وإن تعذر أو تنازعوا في الجيد منها أقرع بينهم ويكسر الصليب ويقتل الخنزير قاله أحمد ونقل أبو داود يصب الخمر ولا يكسر الإناء
الثانية يجوز له إذا كان محتاجا دهن بدنه ودابته ويجوز شرب شراب ونقل أبو داود دهنه بدهن للتزين لا يعجبني

قوله : ومن أخذ سلاحا يعني من الغنيمة فله أن يقاتل به حتى ينقضي الحرب ثم يرده
يجوز له أخذ السلاح الذي أخذ من الكفار للقتال سواء كان محتاجا إليه أو لا على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وهو ظاهر كلامه في الخلاصة وقدمه في الفروع والمحرر
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة والرعايتين والحاويين وغيرهم له ذلك مع الحاجة
قلت: وهو الصواب
قوله : وليس له ركوب الفرس
يعني ليقاتل عليها في إحدى الروايتين وأطلقها في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والزركشي
إحداهما : يجوز جزم به في المنور وقدمه في المحرر
والرواية الثانية لا يجوز جزم به في الوجيز والمنتخب والمغني وشرح ابن رزين وصححه في التصحيح والنظم
ونقل إبراهيم بن الحارث لا يركبه إلا لضرورة أو خوف على نفسه
ونقل المروذي لا بأس أن يركب الدابة من الفيء ولا يعجفها
فائدة : حكم لبس الثوب حكم ركوب الفرس خلافا ومذهبا عند الأصحاب
وعنه يركب ولا يلبس ذكرها في الرعاية

باب قسمة الغنيمة
قوله : وإن أخذ منهم مال مسلم فأدركه صاحبه قبل قسمه فهو أحق به وإن أدركه مقسوما فهو أحق بقيمته
اعلم أنه إذا أخذ مال مسلم من الكفار بعد أخذهم له فلا يخلو إما أن نقول هم يملكون أموال المسلمين أو لا ولو حازوها إلى دارهم
فإن قلنا يملكونها وأخذناها منهم فلا يخلو إما أن يعرف صاحبه أولا فإن لم يعرف صاحبه قسم وجاز التصرف فيه.
وإن عرف صاحبه فلا يخلو إما أن يدركه بعد قسمه أو قبل قسمه فإن أدركه قبل قسمه فهو أحق به ويرد إليه إن شاء وإلا فهو غنيمة وهو قول المصنف فهو أحق به

وإن أدركه مقسوما فهو أحق به بثمنه كما قال المصنف وهو المذهب
قال في المحرر وهو المشهور عنه وجزم به في الوجيز والمذهب ومسبوك الذهب والمنور وقدمه في الفروع والإرشاد واختاره أبو الخطاب وهو من مفردات المذهب
وعنه لا حق له فيه كما لو وجده بيد المستولى عليه وقد أسلم أو أتانا بأمان وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والنظم وأطلقهما في المغني والشرح والقواعد الفقهية
فعلى المذهب لو باعه المغتنم قبل أخذ سيده صح ويملك السيد انتزاعه من الثاني وكذلك لو رهنه صح ويملك انتزاعه من المرتهن ذكره أبو الخطاب في الانتصار ولم يفرق بين أن يطالب بأخذه أو لا
قال في القاعدة الثالثة والخمسين والأظهر أن المطالبة تمنع التصرف كالشفعة
قوله : وإن أخذه أحد الرعية بثمن فهو أحق به بثمنه
وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور
قال في المحرر هذا المشهور عن أحمد وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعايتين والحاويين والإرشاد
وقال القاضي حكمه حكم ما لو وجده صاحبه بعد القسمة على ما تقدم
قوله : وإن أخذه بغير عوض فهو أحق به بغير شيء
وهو المذهب قال في المحرر وهذا ظاهر المذهب
قال في الفروع أخذه منه بغير قيمة على الأصح وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين والمغني والشرح ونصراه وصححه في النظم
وعنه ليس له أخذه إلا بقيمته وعنه لا حق له فيه
فوائد
الأولى لو باعه مشتريه أو متهبه أو وهباه أو كان عبدا فأعتقاه لزم تصرفهما وهل له أخذه من آخر مشتر أو متهب مبني على ما سبق من الخلاف في الأصل
الثانية إذا قلنا يملكون أم الولد على ما يأتي قريبا لزم السيد قبل القسمة أخذها ويتمكن منه بعد القسمة بالعوض رواية واحدة قاله في المحرر ونص عليه وجزم به في الفروع وغيره
الثالثة حكم أموال أهل الذمة قال في الرعاية وأموال المستأمن إذا استولى عليها الكفار ثم قدر عليها حكم أموال المسلمين فيما تقدم
الرابعة لو بقي مال المسلم معهم حولا أو أحوالا فلا زكاة فيه ولو كان عبدا وأعتقه

سيده لم يعتق ولو كانت أمة مزوجة فقياس المذهب انفساخ نكاحها وقيل لا ينفسخ كالحرة
وروى ابن هانئ عن أحمد تعود إلى زوجها إن شاءت وهذا يدل على انفساخ النكاح بالسبي
تنبيه هذه الأحكام كلها على القول بأن الكفار يملكون أموالنا بالقهر
وأما على القول بأنهم لا يملكونها فلا يقسم بحال وتوقف إذا جهل ربها ولربه أخذه بغير شيء حيث وجده ولو بعد القسمة أو الشراء منهم أو إسلام آخذه وهو معه هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع
وقال في التبصرة هو أحق بما لم يملكوه بعد القسمة بثمن لئلا ينتقض حكم القاسمين
وعلى هذه الرواية في وجوب الزكاة رواية المال المغصوب ويصح عتقه ولم ينفسخ نكاح المزوجة
قوله : ويملك الكفار أموال المسلمين بالقهر ذكره القاضي
وهو المذهب قال في القواعد الفقهية المذهب عند القاضي يملكونها من غير خلاف وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عقيل وقدمه في الفروع والمحرر
فعليها يملكون العبد المسلم صرح به في القواعد الفقهية ويأتي ذلك في أواخر كتاب البيع
وقال أبو الخطاب ظاهر كلام أحمد أنهم لا يملكونها يعني ولو حازوها إلى دارهم وهي رواية عن أحمد اختارها الآجري وأبو الخطاب في تعليقه وابن شهاب وأبو محمد الجوزي وجزم به ابن عبدوس في تذكرته قال في النظم لا يملكونه في الأظهر
وذكر ابن عقيل في فنونه ومفرداته روايتين وصحح فيها عدم الملك وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاويين وصححه في نهاية ابن رزين ونظمها
قال في المحرر ونص أبو الخطاب في تعليقه أن الكفار لا يملكون مال مسلم بالقهر وأنه يأخذه بغير شيء وحتى لو كان مقسوما ومن العدو إذا أسلم وذلك مخالف لنصوص أحمد انتهى
وأطلقهما في البلغة وشرح ابن منجا
وذكر الشيخ تقي الدين أن أحمد لم ينص على الملك ولا على عدمه وإنما نص على أحكام أخذ منها ذلك

قال والصواب أنهم لا يملكونها إلا ملكا مقيدا لا يساوي أملاك المسلمين من كل وجه انتهى
وعنه لا يملكونها حتى يحوزوها إلى دارهم اختاره القاضي في كتاب الروايتين وأطلقهن الشارح
قال في القواعد الأصولية وإذا قلنا يملكون فهل يشترط أن يحوزوه بدارهم فيه روايتان والترجيح مختلف
وقال في القاعدة السابعة عشر والمنصوص أنهم لا يملكونها بمجرد استيلائهم بل بالحيازة إلى دارهم وفيه رواية مخرجة بأنهم يملكونها بمجرد الاستيلاء
وبنى ابن الصيرفي ملكهم أموال المسلمين على أنهم هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أم لا فإن قلنا هم مخاطبون لم يملكوها وإلا ملكوها
ورد بأن المذهب عند القاضي أنهم يملكون من غير خلاف والمذهب أنهم مخاطبون
وأيضا إنما محل الخلاف في ملك الكفار وعدمه أموالنا في أهل الحرب أما أهل الذمة فلا يملكونها بلا خلاف والخلاف في تكليف الكفار عام في أهل الذمة وأهل الحرب
تنبيهات
أحدها حيث قلنا يملكونها فلا يملكون الجيش ولا الوقف ويملكون أم الولد في إحدى الروايتين قدمه في المغني والشرح والفروع
والرواية الثانية هي كالوقف فلا يملكونها صححها ابن عقيل وصاحب النظم
قلت: وهو الصواب وهو احتمال في المغني والشرح وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين والقواعد
الثاني مفهوم قوله : ويملك الكفار أموال المسلمين بالقهر أنهم لا يملكونها بغير ذلك فلا يملكون ما شرد إليهم من الدواب أو أبق من العبيد أو ألقته الريح إليهم من السفن وهو إحدى الروايتين صححه في النظم قال في القواعد الأصولية المذهب لا يملكونه
والرواية الثانية حكمه حكم ما أخذوه بالقهر وهو المذهب قدمه في المغني والشرح والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين
الثالث مفهوم قوله : ويملك الكفار أموال المسلمين أنهم لا يملكون الأحرار وهو صحيح فلا يملكون حرا مسلما ولا ذميا بالاستيلاء عليه ويلزم فداؤه لحفظه من الأذى
ونصه في الذمي إذا استعين به ومن اشتراه منهم بنية الرجوع فله ذلك على الصحيح من المذهب وقيل لا يرجع
وقال في المحرر فله عليه ثمنه دينا ما لم ينو به التبرع فإن اختلفا في قدر ثمنه فوجهان

أطلقهما في الفروع
قلت: الظاهر أن القول قول المشتري والصحيح من المذهب أن القول قول الأسير لأنه غارم قطع به في المغني والشرح ونصراه
واختار الآجري لا يرجع إلا أن يكون عادة الأسرى وأهل الثغر فيشتريهم ليخلصهم ويأخذ ما وزن لا زيادة فإنه يرجع
قوله : وما أخذ من دار الحرب من ركاز أو مباح له قيمة فهو غنيمة
إذا كان مع الجيش وأخذ من دار الحرب ركازا وحده أو بجماعة منهم لا يقدر عليه إلا بهم فهو غنيمة وهو مراد المصنف
وأما إذا قدر عليه بنفسه كالمتلصص ونحوه فإنه يكون له فهو كما لو وجده في دار الإسلام فيه الخمس وهذا المذهب وخرج أنه غنيمة وتقدم ذلك مستوفى في آخر باب زكاة الخارج من الأرض
واما ما أخذه من دار الحرب من المباح وله قيمة كالصيود والصمغ والدارصيني والحجارة والخشب ونحوها فالصحيح من المذهب أنه غنيمة مطلقا كما قال المصنف
ونقل عبد الله إن صاد سمكا وكان يسيرا فلا بأس به مما يبيعه بدانق أو قيراط وما زاد على ذلك يرده في المغنم
وقال ابن رزين في مختصره وهدية مباح وكسب طائفة غنيمة في الثلاثة وأن المأخوذ لا قيمة له كالأقلام فهو لآخذه وإن صار له قيمة يقدر ذلك بنقله ومعالجته نص عليه
وقاله المصنف والمجد وغيرهما
ويأتي في آخر الباب حكم من أخذ من الفدية أو ما أهدي لأمير الجيش أو لبعض الغانمين
قوله : وتملك الغنيمة بالاستيلاء عليها في دار الحرب
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه
قال في القواعد الفقهية هذا المنصوص وعليه أكثر الأصحاب وجزم به
في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والشرح والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وصححه في النظم وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقال في الانتصار وعيون المسائل وغيرهما لا تملك إلا باستيلاء تام لا في فور الهزيمة لالتباس الأمر هل هو حيلة أو ضعف وقاله في البلغة وأنه ظاهر كلام أحمد
وقال القاضي لا تملك إلا بقصد التملك لا يملك الأرض وتردد في الملك قبل القسمة هل هو باق للكفار أو أن ملكهم انقطع عنها وقاله في الفروع

وظاهر كلامه تملك كشراء وغيره واختاره في الانتصار بالقصد
وقيل لا يستقر ملكها قبل الحيازة بدارنا
قوله : ويجوز قسمها فيها وكذا تبايعها
وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به في المغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع
وقيل لا يجوز ذلك فيهما وفي البلغة رواية لا يصح قسمتها فيها
فائدة : لو أراد الأمير أن يشتري لنفسه منها فوكل من لا يعلم أنه وكيله صح البيع وإلا حرم نص عليه
ويأتي في آخر الباب إذا تبايعوا بعد قسمتها ثم غلب عليها العدو هل تكون من مال المشتري أو البائع
قوله : وهي لمن شهد الوقعة من أهل القتال قاتل أو لم يقاتل وهذا بلا نزاع في الجملة
تنبيه ظاهر كلامه متى شهد الوقعة استحق سهمه وهو صحيح وهو المذهب مطلقا
وقال الآجري لو حازوها ولم تقسم ثم انهزم قوم فلا شيء لهم لأنها لم تصر إليهم حتى صاروا عصاة
فائدة : يستحق أيضا من الغنيمة من بعثه الأمير لمصلحة الجيش مثل الرسول والدليل والجاسوس وأشباههم فيسهم لهم وإن لم يحضروا ويسهم أيضا لمن خلفهم الأمير في بلاد العدو غزوا أو لم يمر بهم فرجعوا نص عليه
قوله : من تجار العسكر وأجرائهم
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب
قال الإمام أحمد يسهم للمكاوي والبيطار والحداد والخياط والإسكاف والصناع وهو من المفردات
وذكر ابن عقيل في أسير وتاجر روايتين والإسهام للتاجر من المفردات
وعنه لا يسهم لأجير الخدمة
وقال القاضي وغيره يسهم له إذا قصد الجهاد وكذا قال في التاجر

وقال في الموجز هل يسهم لتاجر العسكر وسوقه ومستأجر مع جند كركابي وسائس أم يرضخ لهم فيه روايتان
وقال في الوسيلة ظاهر كلامه لا تصح النيابة تبرعا أو بأجرة وقطع به ابن الجوزي
وأما المريض العاجز عن القتال فلا حق له هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم
وقال الآجري من شهد الوقعة ثم مرض أسهم له وإن لم يقاتل وأنه قول أحمد
تنبيه قوله : والمخذل والمرجف
يعني لا حق لهما ولا لفرسهما فيها
قال الأصحاب ولو تركا ذلك وقاتلا ولا يرضخ لهم لأنهم عصاة ولا يرضخ للعبد إذا غزا بغير إذن سيده لأنه عاص
ولا شيء لمن يعين علينا عدونا ولا لمن نهاه الإمام عن الحضور ولا لطفل ولا مجنون وكذا حكم من هرب من كافرين ذكره في الروضة والرعايتين والحاويين
ويسهم لمن منع من الجهاد لدينه فخالف أو منعه الأب من جهاد التطوع فخالف صرح به في المغني والشرح وغيرهما لأن الجهاد تعين عليه بحضور الصف بخلاف العبد
قوله : والفرس الضعيف العجيف فلا حق له
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل يسهم له وهو رواية في الرعاية
وقال قلت: ومثله الهرم والضعيف والعاجز
وقال في التبصرة يسهم لفرس عجيف ويحتمل لا ولو شهدها عليه
قوله : وإذا لحق مدد أو هرب أسير فأدركوا الحرب قبل تقضيها أسهم لهم
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به الأكثر
وقيل لا شيء لهما ذكره في الرعايتين والحاويين
تنبيه مفهوم قوله : وإن جاؤوا بعد إحراز الغنيمة فلا شيء لهم
أنهم لو جاؤوا قبل إحراز الغنيمة وبعد تقضي الحرب أنه يسهم لهم وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه الزركشي
وقيل لا يسهم لهم والحالة هذه وهو المذهب قدمه في الفروع والرعاية في موضع وصححه في النظم

قال في الوجيز يسهم للأسير والمددي إن أدركاها واختاره القاضي
وقال في القاعدة الخامسة والثمانين إذا قلنا تملك الغنيمة بمجرد الاستيلاء عليها فهل يشترط الإحراز فيه وجهان
أحدهما لا يشترط وتملك بمجرد تقضي الحرب وهو قول القاضي في المجرد ومن تابعه
والثاني يشترط وهو قول الخرقي وابن أبي موسى كسائر المباحات ورجحه صاحب المغني
فعلى هذا لا يستحق منها إلا من شهد الإحراز
وعلى الأول اعتبر القاضي والأكثرون شهود إحراز الوقعة وقالوا لا يستحق من لم يشهده
وفصل القاضي في الأحكام السلطانية بين الجيش وأهل المدد فيستحق الجيش بحضور جزء من الوقعة إذا كان تخلفهم لعذر ويعتبر في استحقاق المدد بخلاف الحرب انتهى وأطلقهما في المغني والشرح والكافي
فائدة : لو لحقهم مدد بعد إحراز الغنيمة لم يستحقوا منها شيئا فلو لحقهم عدو فقاتل المدد مع الجيش حتى سلموا بالغنيمة لم يستحقوا أيضا منها شيئا لأنهم إنما قاتلوا عن أصحابها لأن الغنيمة في أيديهم وجدوها نقله الميموني
قوله : ثم يخمس الباقي فيقسم خمسه على خمسة أسهم سهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم يصرف مصرف الفيء
الصحيح في المذهب أن هذا السهم يصرف مصرف الفيء وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم وصححه في البلغة والنظم وغيرهما
قال الزركشي هذا المشهور
وعنه يصرف في المقاتلة وعنه يصرف في الكراع والسلاح
وعنه يصرف في المقاتلة والكراع والسلاح
قال في الانتصار وهو لمن يلي بالخلافة بعده ولم يذكر سهم الله وذكر مثله في عيون المسائل
وقال أبو بكر إذا أجرى ذلك على من قام مقام أبي بكر وعمر من الأئمة جاز
وذكر الشيخ تقي الدين في الرد على الرافضي عن بعض أصحابنا أن الله أضاف هذه الأموال إضافة ملك كسائر أموال الناس ثم اختار قول بعض العلماء إنها ليست ملكا لأحد بل أمرها إلى الله والرسول ينفقها فيما أمره الله به

قوله : وسهم لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب حيث كانوا
هذا المذهب مطلقا سواء كانوا مجاهدين أو لا وعليه الأصحاب وجزموا به
وقيل لا يعطون إلا من جهة الجهاد
قوله : {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}
هذا المذهب جزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والعمدة والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم وصححه في البلغة والنظم وغيرهما
وعنه الذكر والأنثى فيه سواء قدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في المغني والشرح والمحرر والفروع
قوله : غنيهم وفقيرهم فيه سواء
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
قال الزركشي هذا المشهور المعروف وهو ظاهر كلام الخرقي وجزم به في
الهداية والمذهب والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم
وقيل يختص به فقراؤهم واختاره أبو إسحاق بن شاقلا
فوائد
إحداها : يجب تعميمهم وتفرقته بينهم حيثما كانوا حسب الإمكان على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
فعلى هذا يبعث الإمام إلى عماله في الأقاليم وينظر ما حصل من ذلك فإذا استوت الأخماس فرق كل خمس فيمن قاربه وإن اختلفت أمر بحمل الفاضل ليدفع إلى مستحقه
وقال المصنف الصحيح إن شاء الله أنه لا يجب التعميم لأنه يتعذر أو يشق فلم يجب كالمساكين والإمام ليس له حكم إلا في قليل من بلاد الإسلام
فعلى هذا يفرقه كل سلطان فيما أمكن من بلاده
قال الزركشي قلت: ولا أظن الأصحاب يخالفونه في هذا انتهى
وقال في الانتصار يكفي واحد إن لم يمكنه
وقال في الرعاية وقيل بل سهم ذوي القربى من الغنيمة والفيء في كل إقليم
وقيل ما حصل من مغزاه

وقيل يجوز تفريق الخمس في جهة مغزاه وغيرها وإن كان بينهما مسافة القصر ويأتي قريبا بأعم من هذا
الثانية لا شيء لمواليهم ولا لأولاد بناتهم ولا لغيرهم من قريش
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع حرمان الموالي هنا فيه نظر لأن موالي القوم منهم ولكنهم منعوا الزكاة لكونهم منهم فوجب أن يعطوا من الخمس انتهى
الثالثة إذا لم يأخذوا سهمهم صرف في الكراع والسلاح
قوله : وسهم لليتامى والفقراء
هذا المشهور في المذهب قاله في الفروع وجزم في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم وقدمه في النظم
قال الزركشي هو قول جمهور الأصحاب
وقيل يستحق منهم اليتيم الغني
قال الناظم وما هو ببعيد وإليه ميل المصنف
فوائد
إحداهما : اليتيم من لا أب له إذا لم يبلغ الحلم.
قوله : وسهم للمساكين
يدخل معهم الفقراء بلا نزاع
الثانية يشترط في المستحقين من ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل أن يكونوا مسلمين وأن يعطوا كالزكاة بلا نزاع ويعم بسهامهم جميع البلاد حسب الإمكان على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والشرح وغيرهما
وتقدم كلام المصنف في بني هاشم وبني المطلب
وقال في الانتصار يكفي واحد واحد من الأصناف الثلاثة ومن ذوي القربى إن لم يمكنه
واختار الشيخ تقي الدين إعطاء الإمام من شاء منهم للمصلحة كالزكاة
واختار أيضا أن الخمس والفيء واحد يصرف في المصالح
وذكر في رده على الرافضي أنه قول في مذهب أحمد وأن عن أحمد ما يوافق ذلك فإنه جعل مصرف خمس الركاز مصرف الفيء وهو تبع لخمس الغنائم وذكره أيضا رواية

واختار ابن القيم في الهدي القول الأول وهو أن الإمام مخير فيهم ولا يبعد أنهم كالزكاة
الثالثة لو اجتمع في واحد أسباب كالمسكين اليتيم استحق بكل واحد منهما لأنها أسباب لأحكام فإن أعطاه ليتمه فزال فقره لم يعط لفقره شيئا
قال في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة هذا المشهور في المذهب
ولها نظائر تأتي في الوقف والمواريث وغيرهما
تنبيهان
أحدهما قوله : ثم يعطى النفل
وهو الزيادة على السهم لمصلحة مثل نفل بعثة سرية تغير في البدأة والرجعة على ما تقدم وكذا من جعل له الإمام جعلا
الثاني ظاهر قوله : ثم يعطى النفل ويرضخ لمن لا سهم له
أن النفل والرضخ يكون إخراجهما بعد إخراج خمس الغنيمة فيكونان من أربعة أخماسها وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل الرضخ من أصل الغنيمة وحكاه النووي في شرح مسلم عن أحمد ولم نره في كتب الأصحاب كذلك
وقيل من سهم المصالح
وقيل النفل والرضخ من أصل الغنيمة ذكره في الرعايتين والحاويين
قوله : ويرضخ لمن لا سهم له وهم العبيد والنساء والصبيان
يرضخ للعبيد والنساء بلا نزاع والمدبر والمكاتب كالقن بلا نزاع والخنثى كالمرأة على الصحيح من المذهب
وقيل يعطى نصف سهم رجل ونصف الرضخ فإن انكشف حاله فبان رجلا تمم له وهو احتمال للمصنف وأطلقهما في النظم
ويرضخ للصبي إذا كان مميزا إلى البلوغ على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل لا يرضخ له إذا كان مراهقا وهو ظاهر ما جزم به في البلغة
وقيل يرضخ أيضا لمن دون التمييز ذكره في الرعاية
فائدتان
إحداهما : يرضخ للمعتق بعضه ويسهم له بحسابه على الصحيح من المذهب واختاره أبو بكر وغيره

وقيل يرضخ له فقط قدمه في الرعاية
قال المصنف وهو ظاهر كلام أحمد وأطلقهما في النظم
الثانية قال الأصحاب يجوز التفضيل بين من يرضخ لهم على ما يراه الإمام على قدر غناءهم ونفعهم
قوله : وفي الكافر روايتان
يعني هل يرضخ له أو يسهم وأطلقهما في الهداية والخلاصة والمغني والشرح والكافي والإرشاد
إحداهما : يرضخ له قال في الفروع اختاره جماعة وجزم به في الوجيز وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والرعايتين والحاويين وصححه في النظم
والأخرى يسهم له وهي المذهب وعليها أكثر الأصحاب
قال الزركشي هي أشهر الروايتين واختارها الخلال والخرقي وأبو بكر والقاضي والشريف أبو جعفر وابن عقيل والشيرازي وغيرهم ونصرها المصنف والشارح
قال ابن منجا في شرحه هذه أصح الروايات وجزم به ناظم المفردات وهي منها وقدمها في الفروع
قال في البلغة يسهم له في أصح الروايتين
تنبيهات
أحدها قال الزركشي وقول الخرقي غزا معنا لم يشترط أن يكون بإذن الإمام وشرط ذلك الشيخان وأبو الخطاب انتهى
واختاره في المذهب ومسبوك الذهب والرعاية الكبرى وظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاويين كالخرقي
الثاني يستثنى من قوله : ولا يبلغ بالرضخ للراجل سهم راجل وللفارس سهم فارس العبد إذا غزا على فرس سيده فإنه يؤخذ للفارس سهمان كما قاله المصنف بعد ذلك وقاله الخرقي وصاحب المحرر والفروع وغيرهم لكن يشترط أن لا يكون مع سيده فرسان
قلت: ويتوجه أن يلحق به الكافر إذا غزا على فرس ولم أره
الثالث مفهوم قوله : فإن تغير حالهم قبل تقضي الحرب أسهم لهم أنه إذا تغير حالهم بعد تقضي الحرب لا يسهم لهم فيشمل صورتين
إحداهما : أن تتغير أحوالهم بعد تقضي الحرب وقبل إحراز الغنيمة فهذه الصورة فيها وجهان

أحدهما وهو مفهوم كلام المصنف هنا أنه لا يسهم لهم وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في الوجيز واختاره القاضي وقدمه في الفروع والرعاية في موضع
والثاني يسهم لهم وهو ظاهر كلام المصنف في قوله: وإن جاؤوا بعد إحراز الغنيمة فلا شيء لهم كما تقدم
وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في الشرح وتقدم نظير هذا قريبا عند قوله: وإذا لحق مددي أو هرب أسير لكن كلامه هنا في تغير حال من يرضخ له بخلاف الأول
الصورة الثانية أن تتغير أحوالهم بعد إحراز الغنيمة فلا يسهم لهم قولا واحدا
تنبيه قول المصنف ولو غزا العبد على فرس لسيده فسهم الفرس مقيد بأن لا يكون مع سيده فرسان فإن كان معه فرسان غير فرس العبد لم يسهم لفرس العبد كما تقدم والإسهام لفرس العبد من المفردات
قوله : ثم يقسم باقي الغنيمة للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه
وهذا بلا نزاع في الجملة وتقدم أنه يسهم لمن بعثه الإمام لمصلحة الجيش أو خلفه في أرض العدو وإن لم يشهد القتال
قوله : إلا أن يكون فرسه هجينا أو برذونا فيكون له سهم
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب
قال في الفروع اختاره الأكثر
قلت: منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن عقيل وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والفروع
قال في الإرشاد هذا أظهر وجزم به في العمدة والمنور ومنتخب الأدمى والإيضاح
قال الخلال تواترت الروايات عن أحمد في إسهام البرذون أنه سهم واحد
وعنه له سهمان كالعربي اختارها الخلال وقال روى عنه ثلاثة متيقظون أنه يسهم للبرذون سهم العربي وهو ظاهر كلامه في الوجيز فإنه أطلق أن للفارس ثلاثة أسهم وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وأطلقهما في المنور والشرح
وعنه له سهمان إن عمل كالعربي ذكرها أبو بكر واختارها الآجري وقدمه في الرعاية الكبرى
وعنه لا يسهم له أصلا ذكرها القاضي وأطلقهن في البلغة والزركشي
فائدة : الهجين من أمه غير عربية وأبوه عربي وعكسه المقرف والبرذون من أبواه غير عربيين والعربي من أبواه عربيان ويسمى العتيق

قوله : ولا يسهم لأكثر من فرسين
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به الأكثر
وقيل يسهم لثلاثة جزم به في التبصرة والإسهام لفرسين أو ثلاثة من مفردات المذهب
قوله : ولا يسهم لغير الخيل
هذا المذهب وجزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب
قال في تجريد العناية لا يسهم لبعير على الأظهر واختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف في المغني والشارح وغيرهم وقدمه في البلغة والمحرر والنظم والفروع
وقال الخرقي ومن غزا على بعير لا يقدر على غيره قسم له ولبعيره سهمان
وهو رواية عن أحمد نقلها الميموني واختاره ابن البنا في خصاله وقدمه ناظم المفردات وهو منها
وعنه يسهم له مطلقا نص عليه في رواية مهنا واختاره أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وجزم به في الإرشاد وابن عقيل في التذكرة
قال أبو الخطاب في الهداية فإن كان على بعير فقال أصحابنا له سهمان سهم له وسهم لبعيره واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وهن أوجه مطلقات في المذهب ومسبوك الذهب
فعلى القول بأنه يسهم له يكون له سهم بلا نزاع ولبعيره سهم على الصحيح من المذهب
قال الزركشي هو قول العامة
وقال في الفروع وظاهر كلام بعضهم أنه كفرس
وقال القاضي في الأحكام السلطانية إن حكم البعير في الإسهام حكم الهجين وهو مقتضى كلام المصنف في المغني
فائدة : من شرط الإسهام للبعير أن يشهد عليه الوقعة وأن يكون مما يمكن القتال عليه فلو كان ثقيلا لا يصلح إلا للحمل لم يستحق شيئا قاله المصنف والشارح
تنبيه شمل قوله : ولا يسهم لغير الخيل
الفيل وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقال القاضي في الأحكام السلطانية حكم الفيل حكم البعير
وقال الزركشي وهو حسن وهو من مفردات المذهب

قال في الخلاصة وفي البعير والفيل روايتان
وقال في الفروع وقيل كبعير وقيل سهم هجين انتهى
قلت: لو قيل سهم للفيل كالعربي لكان متجها
فائدة : لا يسهم للبغال ولا للحمير بلا نزاع
وذكر القاضي في ضمن مسألة البعير أن أحمد قال في رواية الميموني ليس للبغل إلا النفل
قال الشيخ تقي الدين هذا صريح بأن البغل يجوز الرضخ له وهو قياس الأصول والمذهب فإن الذي ينتفع به ولا يسهم له كالمرأة والصبي والعبد يرضخ لهم كذلك الحيوان الذي ينتفع به ولا يسهم له كالبغال والحمير يرضخ لها
قال العلامة ابن رجب إنما قال أحمد البغل للثقل يعني أنه لا يعد للركوب في القتال بل لحمل الأثقال فتصحف الثقل بالنفل ثم زيد فيه لفظة ليس وإلا
قوله : ومن دخل دار الحرب راجلا ثم ملك فرسا أو استعاره أو استأجره وشهد به الوقعة فله سهم فارس
يسهم للفرس المستعارة أو المستأجرة بلا نزاع فسهم الفرس المستأجرة للمستأجر بلا نزاع وسهم الفرس المستعارة للمستعير على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وجزم به ناظم المفردات وهو منها ذكره في الفروع في باب العارية وعنه سهمه للمعير
فائدة : لو غزا على فرس حبيس استحق سهمه جزم به في المغني والشرح والرعايتين والحاويين والفروع وذكره في باب العارية
تنبيه ظاهر قوله : وإن دخل فارسا فنفق فرسه أي مات أو شرد حتى تقضى الحرب فله سهم راجل
أنه لو صار فارسا بعد تقضي الحرب وقبل إحراز الغنيمة أن له سهم راجل وهو صحيح لأنه أناط الحكم بتقضي الحرب وهو المذهب اختاره القاضي ونصره المصنف والشارح وقدمه في الفروع
وقيل له سهم فارس والحالة هذه
قال الخرقي الاعتبار بحال إحراز الغنيمة فإن أحرزت الغنيمة وهو راجل فله سهم راجل وإذا أحرزت وهو فارس فله سهم فارس
قال الشارح فيحتمل أنه أراد بحيازة الغنيمة الاستيلاء عليها فيكون كالأول ويحتمل أن يكون أراد جمع الغنيمة وضمها وإحرازها

قال الزركشي هذا المعتمد أصلا وهو أن الغنيمة تملك بالإحراز على ظاهر كلام الخرقي لأن به يحصل تمام الاستيلاء
فعلى هذا إذا جاء مدد بعد ذلك أو انفلت أسير فلا شيء له وإن وجد قبل ذلك شاركهم
وعن القاضي أن الغنيمة تملك بانقضاء الحرب وإن لم تحرز الغنيمة انتهى
وتقدم ذلك قريبا فيما إذا لحق مدد وفيما إذا تغير حالهم قبل تقضي الحرب
ومفهوم كلام المصنف مختلف وظاهر كلام الشارح الفرق بين ذينك الموضعين وبين هذا الموضع
قوله : وإن غصب فرسا فقاتل عليه فسهم الفرس لمالكه
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وهو من المفردات وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى قال ويحتمل أن سهمه لغاصبه وعليه أجرته لربه
ويأتي إذا غصب فرسا وكسب عليه في الشركة الفاسدة وفي الغصب وفي كلام المصنف
وتأتي هذه المسألة أيضا في كلام المصنف في باب الغصب
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أنه يسهم للفرس المغصوبة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب
وقيل لا رضخ لها ولا سهم قال في الرعاية الكبرى وهو بعيد
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يسهم لها ولو كان غاصبها من أصحاب الرضخ وهو صحيح قدمه في الرعايتين والحاويين
وقيل بل يرضخ لها وأطلقهما في المغني والشرح
وقيل لا يسهم لها ولا يرضخ كما تقدم
وقال في الفروع في باب العارية وسهم فرس مغصوب كصيد جارح مغصوب
وقال في باب الغصب إذا صاد بالجارح هل يرد صيده أو أجرته أو هما ثلاثة أوجه وأطلقهن
فائدة : ليس للأجير لحفظ الغنيمة ركوب دابة من الغنيمة إلا بشرط
قوله : وإذا قال الإمام من أخذ شيئا فهو له أو فضل بعض الغانمين على بعض لم يجز في إحدى الروايتين

وإذا قال الإمام من أخذ شيئا فهو له ففي جوازه روايتان وأطلقهما في المغني والشرح والفروع
إحداهما : لا يجوز مطلقا وهو المذهب وصححه في التصحيح وابن منجا في شرحه وجزم به في الوجيز
والثانية يجوز مطلقا وقيل يجوز لمصلحة وإلا فلا صححه في الرعايتين والحاويين وحكياه رواية
قلت: وهو الصواب ونقل أبو طالب وغيره إن بقي ما لا يباع ولا يشترى فهو لمن أخذه
فائدة : لو ترك صاحب القسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله فقال الإمام من أخذ شيئا فهو له فهو لمن أخذه نص عليه أحمد
وسئل عن قوم غنموا غنائم كثيرة فتبقى جزء من المتاع مما لا يباع ولا يشترى فيدعه الوالي بمنزلة الفخار وما أشبهه أيأخذه الإنسان لنفسه قال نعم إذا ترك ولم يشتر
ونقل أبو طالب في المتاع لا يقدرون على حمله إذا حمله يقسم
قال الخلال لا أشك أن احمد قال هذا أو لا ثم تبين له بعد ذلك أن للإمام أن يبيحه
الثانية لو أخذ ما لا قيمة له في أرضهم كالمسن والأقلام والأدوية كان له وهو أحق به وإن صار له قيمة بمعالجته أو نقله نص أحمد على نحوه وقاله في المغني والشرح وغيرهما
وتقدم بعض ذلك في آخر الباب الذي قبله في جواز الأكل
وأما إذا فضل بعض الغانمين على بعض فأطلق المصنف في جوازه روايتين وأطلقهما ابن منجا في شرحه ومحلهما إذا كان لمعنى في المعطى كالشجاعة ونحوها
فإن كان لا لمعنى له فيه لم يجز قولا واحدا وإن كان لمعنى فيه ولم يشرطه وهي مسألة المصنف فالصحيح من المذهب جواز ذلك جزم به في المغني والكافي والشرح وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين
والرواية الثانية لا يجوز جزم به في الوجيز وصححه في التصحيح وتقدم التنبيه على ذلك في الباب الذي قبله عند ذكر النفل
قوله : ومن استؤجر للجهاد ممن لا يلزمه من العبيد والكفار فليس له إلا الأجرة
اعلم أنه إذا استؤجر من لا يلزمه الجهاد فظاهر كلام المصنف هنا صحة الإجارة وهو إحدى الروايتين وقدمه في الشرح
قال في الرعايتين والحاويين وإن استؤجر من لا يلزمه بحضوره كعبد وامرأة صح في

الأظهر وإن استأجر الإمام كافرا صح على الأصح
وجزم في القواعد الأصولية بصحة إجارة الكافر للجهاد وقال وبناه بعضهم على أنهم هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أم لا
وقال في الترغيب يصح استئجار الإمام لأهل الذمة عند الحاجة
وقال في البلغة ولا يصح استئجار غير الإمام لهم انتهى
وعنه لا تصح الإجارة قدمه في الفروع واختاره القاضي في التعليق وهو ظاهر كلام الخرقي
وحمل القاضي كلام الإمام أحمد والخرقي على الاستئجار لخدمة الجيش
فعلى الأولى ليس لهم إلا الأجرة كما جزم به المصنف هنا وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة وغيرهم
قال في الفروع فلا يسهم لهم على الأصح
قال الشارح نص عليه في رواية جماعة وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم
وعنه يسهم لهم اختاره الخلال وأبو بكر عبد العزيز ذكره الزركشي وأطلقهما
وعنه يسهم للكافر وقيل يرضخ لهم
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن من يلزمه الجهاد من الرجال الأحرار لا تصح إجارتهم وهو صحيح وهو المذهب اختاره القاضي في التعليق وغيره وجزم به في المذهب وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والمغني والشرح
وعنه تصح وهو ظاهر ما ذكره الخرقي وإليه ميل المصنف في المغني وحمله القاضي على ما تقدم
تنبيه محل الخلاف في ذلك إذا لم يتعين عليه فإن تعين عليه ثم استؤجر لم يصح قولا واحدا صرح به في الرعاية وغيرها وحمل المصنف كلام الخرقي عليه
فعلى المذهب يرد الأجرة ويسهم لهم
وعلى الثانية لا يسهم لهم على الصحيح
وعنه يسهم لهم اختاره الخلال وصاحبه ذكره الزركشي
قال في الرعاية وعنه يسهم له إذا حضر القتال مع الأجرة
قوله : ومن مات بعد انقضاء الحرب فسهمه لوارثه
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب ونص عليه
قال في القاعدة الثامنة عشر لو مات أحدهم قبل القسمة والاختيار المنصوص أن حقه

ينتقل إلى ورثته وظاهر كلام القاضي أنه موافق على ذلك
وقال في البلغة ولم أجد لأصحابنا في هذا الفرع خلافا والذي يقوى عندي أنا متى قلنا لم يملكوها وإنما لهم حق التملك أن لا يورث فإن التوريث يذكر على الوجه الثاني وفروعه بالإبطال فإن من اختار جعلهم كالشفيع
وقال في الترغيب إن قلنا لا يملك بدون الاختيار فمن مات قبله فلا شيء له ولا يورث عنه كحق الشفعة
ويحتمل على هذا أن يقال يكتفي بالمطالبة في ميراث الحق كالشفعة
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الميت يستحق سهمه بمجرد انقضاء الحرب سواء أحرزت الغنيمة أم لا ويقتضيه كلام القاضي قاله في الشرح وقدمه في الفروع وقال بعد ذلك ووارث كمورثه نص عليه
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يستحق قبل حيازة الغنيمة لأنه مات قبل ثبوت ملك المسلمين عليها واقتصر عليه الزركشي وقدمه في الشرح وجزم به في المغني ونصره
قوله : وإذا قسمت الغنيمة في أرض الحرب فتبايعوها ثم غلب عليها العدو فهي من مال المشتري في إحدى الروايتين اختارها الخلال وصاحبه
وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد وصححه في التصحيح والنظم
وقال في الخلاصة فهي من مال المشتري على الأصح واختاره القاضي وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد
الرواية الأخرى من مال البائع اختارها الخرقي وجزم به في الإرشاد وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والشرح والمحرر والزركشي والقواعد
تنبيه قيد المصنف في المغني الخلاف بما إذا لم يحصل تفريط من المشتري اما إذا حصل منه تفريط مثل ما إذا خرج بما اشتراه من المعسكر ونحوه فإنه من ضمانه وتبعه في الشرح والظاهر أنه مراد من أطلق
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنهم لو تبايعوا شيئا من غير الغنيمة أنه من ضمان المشتري قولا واحدا وهو صحيح
قال الزركشي وهو الذي ذكره الخرقي والشيخان وأبو الخطاب ونصوص أحمد إنما وردت في ذلك
قال وظاهر كلام القاضي في كتابه الروايتين أن المسألتين حكمهما واحد وإنما الخلاف جار فيهما فإنه ترجم المسألة فيما إذا تبايع نفسان في دار الحرب وتقابضا

وعلل رواية الضمان على البائع بانه إذا كانت حال خوف فالقبض غير حاصل بدليل ما لو ابتاع شيئا في دار الإسلام وسلمه في موضع فيه قطاع طريق لم يكن ذلك قبضا صحيحا ويتلف من مال البائع فكذلك هنا
وهذه الترجمة والتعليل يشمل الغنيمة وغيرها انتهى
قال في القاعدة الحادية والخمسين خص أكثر الأصحاب الخلاف بمال الغنيمة وحكى ابن عقيل في تبايع المسلمين أموالهم بينهم بدار الحرب إذا غلب عليها العدو قبل قبضه وجهين كمال الغنيمة
وأما ما بيع في دار الإسلام في زمن نهب ونحوه فمضمون على المشتري قولا واحدا ذكره كثير من الأصحاب كشراء ما يغلب على الظن هلاكه
قوله : ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق أو لولده أدب ولم يبلغ به الحد وعليه مهرها
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في المغني والشرح والزركشي وغيرهم
وقال القاضي يسقط عنه من المهر بقدر حصته كالجارية المشتركة ورده المصنف والشارح
قوله : إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها وتصير أم ولد له
إذا أولد جارية من المغنم له فيها حق أو لولده لم يلزمه إلا قيمتها فقط على الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي والمصنف هنا
وعنه يضمن قيمتها ومهرها أيضا
قال الزركشي ولعل مبناهما على أن المهر هل يجب بمجرد الإيلاج فيجب المهر أو لا يجب إلا بتمام الوطء وهو النزع فلا يجب لأنه إنما تم وهي في ملكه انتهى
وعنه يضمن قيمتها أو مهرها وولدها
وقال في الرعاية وقيل ولزمه منه ما زاد على حقه منها وإن رجعت له لم يرد إليه مهرها انتهى
قال القاضي إذا صار نصفها أم ولد يكون الولد كله حرا وعليه قيمة نصفه
وحكى أبو بكر رواية أنه لا يلزمه قيمة الولد ذكره في الشرح وغيره
قوله : وتصير أم ولد
هذا المذهب المنصوص عن أحمد وعليه أكثر أصحابه

وقال القاضي في خلافه لا تصير مستولدة له وإنما يتعين حقه فيها لأن حملها بحر يمنع بيعها وفي تأخير قسمها حتى تضع ضرر على أهل الغنيمة فوجب تسليمها إليه من حقه
قال في القواعد الفقهية وهو بعيد جدا
وقال القاضي أيضا إن كان معسرا حسب قدر حصته من الغنيمة فصارت أم ولد وباقيها رقيق للغانمين نقله الزركشي
ولأبي الخطاب في انتصاره طريقة أخرى وهي أن لا ينفذ استيلاؤها لشبهة الملك فيها وأن ينفذ إعتاقها كما ينفذ استيلاء الابن في أمة أبيه دون إعتاقها وهو ظاهر ما ذكره صاحب المحرر
وحكى في تعليقه على الهداية احتمالا آخر بالفرق بين أن تكون الغنيمة جنسا واحدا أو أجناسا كما ذكره في العتق انتهى
قوله : ومن أعتق منهم عبدا عتق عليه قدر حقه وقوم عليه باقيه إن كان موسرا وكذلك إن كان فيهم من يعتق عليه
وهذا المذهب فيهما وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم واختاره القاضي في المجرد
وقال القاضي في خلافه لا يعتق حتى يسبق تملكه لفظا
ووافق أبو الخطاب في انتصاره القاضي لكنه أثبت الملك بمجرد قصد التملك
وقال في الإرشاد لو أعتق جارية قبل القسمة لم تعتق فإن حصلت له بعد ذلك بالقسمة عتقت إن كانت قدر حقه وإلا قوم عليه الباقي إن كان موسرا وإلا عتق قدر حقه انتهى
وقال المجد في المحرر وعندي إن كانت الغنيمة جنسا واحدا فكالمنصوص وإن كانت أجناسا فكقول القاضي
وقال في البلغة إذا وقع في الغنيمة من يعتق على بعض الغانمين فهل يعتق عليه فيه ثلاث روايات
الثالثة يكون موقوفا إن تعين سهمه في الرقيق عتق عليه وإلا فلا
قوله : والغال من الغنيمة يحرق رحله سواء كان ذكرا أو أنثى مسلما أو ذميا إلا السلاح والمصحف والحيوان
وكذا نفقته يعني يجب حرق ذلك وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب ولم يستثن الخرقي والآجري من التحريق إلا المصحف والدابة وقال هو قول أحمد

واختار الشيخ تقي الدين وبعض الأصحاب المتأخرين أن تحريق رجل الغال من باب التعزير لا الحد فيجتهد الإمام بحسب المصلحة
قال في الفروع وهذا أظهر
قلت: وهو الصواب
تنبيهان
أحدهما مراده بالحيوان الحيوان بآلته من سرج ولجام وحبل ورحل وغير ذلك نص عليه وقاله الأصحاب قال في الرعاية وعلفها
الثاني ظاهر كلام المصنف أنه يحرق كتب العلم وثيابه التي عليه وهو أحد الوجهين اختاره الآجري والصحيح من المذهب أنهما لا يحرقان
قال في الفروع والأصح لا يحرق كتب علم وثيابه التي عليه وقدمه في الرعايتين والحاويين
وجزم في المغني والشرح أن ثيابه التي عليه لا تحرق وقال في كتب العلم والحديث ينبغي أن لا تحرق انتهيا
وقيل تحرق ثيابه إلا ما يستر عورته فقط وجزم به في المنور والنظم
قال في البلغة إلا المصحف والحيوان وثياب سترته
فوائد
الأولى ما لم تأكله النار يكون لربه وكذا ما استثنى من التحريق على الصحيح من المذهب
وقيل يباع المصحف ويتصدق به وهما احتمالان في المغني والشرح
الثانية ظاهر كلام المصنف أنه يستحق سهمه من الغنيمة وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع والمغني والشرح ونصراه وصححه في النظم
وعنه يحرم سهمه اختاره الآجري وجزم به ناظم المفردات وهو منها وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في المحرر والقواعد الفقهية
الثالثة يؤخذ ما غله من المغنم فإن تاب قبل القسمة رد للمغنم وإن تاب بعد القسمة رد خمسه للإمام وتصدق بالباقي نص عليه
وقال الآجري يأتي به الإمام فيصرفه في مصالح المسلمين
قلت: وهو الصواب
الرابعة يشترط لإحراق رحله أن يكون الغال حيا نص عليه حرا مكلفا ولو كان ذميا أو

امرأة صرح به المصنف والشارح وغيرهما وهو ظاهر الفروع
قال في الفروع والمراد ملزما ذكره الآدمي البغدادي وصاحب الوجيز
وقال في الرعاية مسلما
ويشترط أيضا أن لا يكون باعه ولا وهبه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
وقيل يحرق بعد البيع والهبة أيضا وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح وبنياهما على صحة البيع وعدمه فإن صح البيع لم يحرق وإلا حرق وأطلقهما في القواعد الفقهية
الخامسة يعزر الغال أيضا مع إحراق رحله بالضرب ونحوه لكن لا ينفي نص عليه
تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام المصنف وغيره أن السارق من الغنيمة لا يحرق رحله وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين
وقيل حكمه حكم الغال جزم به في التبصرة وأنه سواء كان له سهم أو لا
الثاني ظاهر كلام المصنف أيضا أن من ستر على الغال أو أخذ منه ما أهدي له منها أو باعه أمامه أو حاباه لا يكون غالا وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب إلا الآجري فإنه قال هو غال أيضا
الثالث لو غل عبد أو صبي لم يحرق رحلهما بلا نزاع
قوله : وما أخذ من الفدية أو أهداه الكفار لأمير الجيش أو بعض قواده فهو غنيمة بلا خلاف نعلمه
فأما ما أهداه الكفار لأمير الجيش أو بعض قواده فلا يخلو إما أن يهدى في أرض الحرب أو لا فإن أهدى في دار الحرب فهو غنيمة على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم وقدمه في الفروع والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم
وعنه هو لمن أهدي له
وعنه هو فيء اختاره القاضي في الأحكام السلطانية وجزم به ابن عقيل في تذكرته
وإن أهدى من دار الحرب إلى دار الإسلام فقيل هو لمن أهدى له جزم به في المغني والشرح ونصراه وقيل هو فيء
فائدتان
إحداهما : إذا أهدى لبعض الغانمين في دار الحرب فقيل هو غنيمة وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي وقدمه في الفروع وجزم به في المستوعب

وعنه يكون لمن أهدى له قدمه في المغني والشرح وأطلقهما في الرعاية الكبرى
وقيل إن كان بينهما مهاداة فله وإلا فغنيمة وهو احتمال في المغني والشرح
وإن كان أهدي إليه في دار الإسلام فهو له
الثانية لو أسقط بعض الغانمين حقه ولو كان مفلسا فهو للباقين وفي الشفعة وجهان وأطلقهما في الفروع
قلت: الأولى أنه يسقط ملك المتملك وفي ملكه بتملكه قبل القسمة وجهان وأطلقهما في الفروع
قال القاضي لا يملكون قبل القسمة وإنما يملكون إن تملكوا
وقال أيضا لأن الغنيمة إذا قسمت بينهم لم يملك حقه منها إلا بالاختيار وهو أن يقول اخترت تملكها فإذا اختاره ملكه حقه
قال الشيخ تقي الدين وهذا ليس بصحيح
قلت: وهو الصواب
وإن أسقط كل من الغانمين حقه فهو فيء

باب حكم الأرضين المغنومة
قوله : أحدها ما فتح عنوة وهي ما أجلي عنها أهلها بالسيف فيخير الإمام بين قسمتها
كمنقول ولا خراج عليها بل هي أرض عشر
ووقفها للمسلمين بلفظ يحصل به الوقف
هذا المذهب بلا ريب قاله في الفروع وغيره وعليه أكثر الأصحاب
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب
زاد في المغني والشرح أو يتركها للمسلمين بخراج مستمر يؤخذ ممن تقر بيده من مسلم أو ذمي بلا أجرة وتخيير الإمام في الأرض التي فتحت عنوة بين قسمتها وبين دفعها من مفردات المذهب
وعنه تقسم بين الغانمين كالمنقول
وعنه أنها تصير وقفا بنفس الاستيلاء عليها ولا يعتبر لها التلفظ بالوقف بل تركه لها من غير قسمة وقف لها كما لو قسمها بين الغانمين لا يحتاج معه إلى لفظ وتصير أرض عشر وأطلقهن في الرعايتين والحاويين

تنبيه قوله : في الرواية الأولى والثانية كالمنقول قاله المجد في المحرر وصاحب الفروع وجماعة
قال الشيخ تقي الدين إذا قسم الإمام الأرض بين الغانمين فمقتضى كلام المجد وغيره أنه يخمسها حيث قالوا كالمنقول قال وعموم كلام أحمد والقاضي وقصة خيبر تدل على أنها لا تخمس لأنها فيء وليست بغنيمة لأن الغنيمة لا توقف والأرض إن شاء الإمام وقفها وإن شاء قسمها كما يقسم الفيء وليس في الفيء خمس ورجح ذلك
وقال الشيخ تقي الدين لو جعلها الإمام فيئا صار ذلك حكما باقيا فيها دائما وأنها لا تعود إلى الغانمين ويأتي ذلك في كتاب البيع
فائدتان
إحداهما : حيث قلنا للإمام الخيرة فأنه يلزمه فعل الأصلح كالتخيير في الأسارى قاله الأصحاب
وقال القاضي في المجرد أو يملكها لأهلها أو غيرهم بخراج
قال في الفروع فدل كلامهم أنه لو ملكها بغير خراج لم يجز
الثانية قال المصنف في المغني ومن تبعه ما فعله الإمام من وقف وقسمة ليس لأحد نقضه
وقال أيضا في المغني في البيع إن حكم بصحته حاكم صح بحكمه كالمختلفات وكذا بيع الإمام للمصلحة لأن فعله كالحكم
قوله : الثاني ما جلا عنها أهلها خوفا فتصير وقفا بنفس الظهور عليها
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم
وعنه حكمها حكم العنوة قياسا عليها فلا تصير وقفا حتى يقفها الإمام
وقيل حكمها حكم الفيء المنقول
قوله : الثالث ما صولحوا عليه وهو ضربان أحدهما أن يصالحهم على أن الأرض لنا ويقرها معهم بالخراج فهذه تصير وقفا أيضا
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه تصير وقفا بوقف الإمام كالتي قبلها وتكون قبل وقفها كفيء منقول
فائدة : هذه الدار والتي قبلها دار إسلام فيجب على ساكنها من أهل الذمة الجزية ونحوها

ولا يجوز إقرار أهلها على وجه الملك لهم ذكره القاضي في الجامع الصغير وقدمه في الرعايتين والحاويين
وذكر القاضي في المجرد للإمام أن يقر الأرض ملكا لأهلها وعليهم الجزية وعليها الخراج لا يسقط بإسلامهم
قال في الحاوي الكبير وهذا أصح عندي
قوله : الثاني أن يصالحهم على أنها لهم ولنا الخراج عنها فهذه ملك لهم
هذا الصحيح من المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر والوجيز والرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع
وقيل يمنعون من إحداث كنيسة وبيعة
وقال في الترغيب إن أسلم بعضهم أو باعوا الملك من مسلم منعوا إظهاره
قوله : خراجها كالجزية إن أسلموا سقط عنهم
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر وغيرهما وصححه في الرعايتين والحاويين وغيرهما
وعنه لا تسقط بإسلام ولا غيره نقلها حنبل لتعلقها بالأرض كالخراج الذي ضربه عمر وجزم به في الترغيب
تنبيه مفهوم قوله : وإن انتقلت: إلى مسلم فلا خراج عليه
أنها لو انتقلت: إلى ذمي من غير أهل الصلح أن عليه الخراج وهو المذهب وقدمه في الفروع
وقيل لا خراج عليها وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين
قوله : والمرجع في الجزية والخراج إلى اجتهاد الإمام من الزيادة والنقصان
هذا المذهب وعليه اكثر الأصحاب
قال الخلال نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب واختيار الخلال وعامة شيوخنا
قال في الهداية اختاره الخلال وعامة أصحابنا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين وشرح ابن منجا
وعنه تجوز الزيادة دون النقص قال الزركشي وعنه تجوز الزيادة دون النقص اختاره أبو بكر

وقال ابن أبي موسى لا يجوز النقص عن الدينار بحال وتجوز الزيادة قال وهذا قول غير الرواية انتهى
وعنه تجوز الزيادة والنقص في الخراج خاصة ولا تجوز في الجزية اختاره الخرقي والقاضي في روايته وقال نقله الجماعة قال في المحرر والحاويين وهو أصح
وذكر في الواضح رواية يجوز النقص في الجزية فقط
وعنه يرجع إلى اجتهاد الإمام في الجزية والخراج إلا أن جزية أهل اليمن دينار اختاره أبو بكر
وعنه يرجع إلى ما ضربه عمر رضي الله عنه لا يزاد عليه ولا ينقص منه
وأطلق الروايتين الأولى وهذه في البلغة
ويأتي حد الغني والمتوسط والفقير في باب عقد الذمة في كلام المصنف
قوله : وقدر القفيز ثمانية أرطال يعني بالمكي فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي
هذا الصحيح قدمه في الشرح وقال نص عليه واختاره القاضي
وقال أبو بكر قيل إن قدره ثلاثون رطلا
وقدم في المحرر أن قدره ثمانية أرطال بالعراقي وقدمه في الرعايتين والحاويين وقالوا نص عليه
قال ابن منجا في شرحه المنقول عن أحمد رحمه الله تعالى أنه ثمانية أرطال ففسره القاضي بالمكي
فائدتان
الأولى هذا القفيز قفيز الحجاج وهو صاع عمر رضي الله عنه نص عليه والقفيز الهاشمي مكوكان وهو ثلاثون رطلا عراقية
الثانية مما قدره عمر على جريب الزرع درهمان وقفيز من طعامه وعلى جريب النخل ثمانية دراهم وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعلى جريب الرطبة ستة دراهم قاله جماعة منهم صاحب المحرر والحاويين وقال هو الأشهر عن عمر
وقال في الرعاية الكبرى وخراج عمر على جريبي الشعير درهمان والحنطة أربعة والرطبة ستة والنخل ثمانية والكروم عشرة والزيتون اثنا عشر وعن عمر رضي الله عنه أنه وضع على كل جريب عامر أو غامر درهما وقفيزا
وقيل من نبته فمن البر والشعير مثلهما وعلى جريب الرطبة خمسة دراهم وقيل على

جريب شجر الخبط ستة دراهم انتهى
قوله : والقصبة ستة أذرع وهو ذراع وسط وقبضته وإبهامه قائمة
هكذا قال الأصحاب وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين وغيرهم وقيل بل ذراع هاشمية وهي أطول من ذراع البر بإصبعين وثلثي إصبع
وقال الأصحاب منهم صاحب المحرر عن الأول هي الذراع العمرية
قال شارح المحرر وهو الذراع الهاشمي
فظاهره أن الذراع الأولى هي الثانية فلا تنافي بينهما وظاهر من حكى الخلاف التنافي وهو الصواب ولعل في النسخة غلطا أو يكون لبني هاشم ذراعان ذراع عمر وذراع زادوها
قوله : وما لا يناله الماء مما لا يمكن زرعه فلا خراج عليه
هذا المذهب وعليه الأصحاب
وقال في الواضح فيما لا نفع به مطلقا روايتان
فائدتان
إحداهما : الخراج على الأرض التي لها ماء تسقى به فقط على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والفروع والحاويين
وعنه وعلى الأرض التي يمكن زرعها بماء السماء قال ابن عقيل والدواليب وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين
الثانية لو أمكن إحياؤه فلم يفعل وقيل أو زرع ما لا ماء له فروايتان وأطلقهما في الفروع وقدم في الرعاية أنه لا خراج على ما يمكن إحياؤه وقدمه في المغني والشرح والكافي
وقوله : وقيل أو زرع ما لا ماء له ذكر هذا القول ابن عقيل أن حنبليا قاله وأن حنبليا اعترض عليه بأن هذا غلط لأن الروايتين في أرض لا ماء لها
ولا زرعت فإذا زرعت وجد حقيقة التصرف بعد كالأرض المستأجرة ذكره ابن الصيرفي في الإجارة
قوله : فإن أمكن زرعه عاما بعد عام وجب نصف خراجه في كل عام
هكذا قال جماعة من الأصحاب
وقال في الترغيب والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم وما يراح عاما ويزرع عاما عادة
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم فإن كان ما يناله الماء

لا يمكن زرعه حتى يراح عاما ويزرع عاما
وقال في الترغيب أيضا يؤخذ خراج ما لم يزرع عن أقل ما يزرع وقاله في الرعاية
وقال أيضا البياض الذي بين النخل ليس فيه إلا خراج الأرض وكذا قال في التبصرة والرعاية
وقال الشيخ تقي الدين ولو يبست الكروم بجراد أو غيره سقط من الخراج حسبما تعطل من النفع قال وإذا لم يمكن النفع ببيع أو إجارة أو عمارة أو غيرها لم يجز المطالبة بالخراج انتهى
فائدة : لو كان بأرض الخراج شجر وقت الموقف فثمره المستقبل لمن يقر بيده وفيه عشر الزكاة كالمتجدد فيها وهذا الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والفروع والحاويين
وقيل هو للمسلمين بلا عشر جزم به في الترغيب
قوله : والخراج على المالك دون المستأجر
هذا المذهب وعليه الأصحاب
وعنه على المستأجر وهو من المفردات
وتقدم ذلك في أواخر باب زكاة الخارج من الأرض
قوله : ويجوز له أن يرشو العامل ويهدى له ليدفع عنه الظلم في خراجه
نص عليه فالرشوة ما يعطى بعد طلبه والهدية الدفع إليه ابتداء قاله في الترغيب وأما الآخذ فإنه حرام عليه بلا نزاع لكن هل ينتقل الملك قال بعض الأصحاب يتوجه وجهان
قلت: الذي يظهر أنه لا ينتقل
ويأتي في باب أدب القاضي بأتم من هذا
فائدتان
إحداهما : لا يحتسب بما ظلم في خراجه من العشر على الصحيح من المذهب قاله الإمام أحمد لأنه غصب
وعنه بلى اختاره أبو بكر
الثانية لا خراج على المساكن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وإنما كان أحمد يخرج عن داره لأن بغداد كانت مزارع وقت فتحها
ويأتي في كتاب البيع هل على مزارع مكة خراج وهل فتحت عنوة أو صلحا
قوله : وإن رأى الإمام المصلحة في إسقاط الخراج عن إنسان جاز

هذا المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في المحرر والفروع وغيرها
وقال الإمام أحمد رحمه الله لا يدع خراجا ولو تركه أمير المؤمنين كان له هذا فأما من دونه فلا.

باب الفيء
قوله : وهو ما أخذ من مال مشرك بغير قتال كالجزية والخراج
الصحيح من المذهب أن مصرف الخراج كالفيء وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وجزم ابن شهاب وغيره بالمنع لافتقاره إلى اجتهاد لعدم تعيين مصرفه
تنبيه والعشر ما تركوه فزعا وخمس خمس الغنيمة ومال من مات لا وارث له
قد تقدم حكم قسم خمس الغنيمة وأنه يقسم خمسة أقسام وذكرنا الخلاف في خمسه الذي لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم هل يصرف مصرف الفيء أم لا في الباب الذي قبله
قوله : فيصرف في المصالح
يصرف الفيء في مصالح المسلمين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والمحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقيل يختص به المقاتلة اختاره القاضي
واختار أبو حكيم والشيخ تقي الدين أنه لا حصة للرافضة فيه وذكره ابن القيم في الهدى عن مالك وأحمد رحمهما الله تعالى
وذهب بعض الأصحاب أنه لجماعة المسلمين
فائدة : لا يفرد عبد بالإعطاء على الصحيح من المذهب بل يزاد سيده وقيل يفرد بالإعطاء
قوله : ولا يخمس
هذا المذهب نص عليه في رواية أبي طالب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والفروع وغيرهم
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب وهي المشهورة

وقال الخرقي يخمس واختاره أبو محمد يوسف الجوزي
قال القاضي ولم أجد عن أحمد بما قال الخرقي نصا
قلت: وأثبته رواية في الشرح والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم
فعلى هذا يصرف مصرف خمس الغنيمة على ما تقدم
واختار الآجري أن النبي صلى الله عليه وسلم قسمه خمسة وعشرين سهما فله أربعة أخماس ثم خمس الخمس أحد وعشرون سهما كلها في المصالح وبقية خمس الخمس لأهل الخمس
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل كان ما لم يوجف عليه ملكا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة هذا اختيار أبي بكر من أصحابنا
قوله : وإن فضل منه فضل قسم بين المسلمين غنيهم وفقيرهم
مراده إلا العبيد وهذا المذهب نص عليه واختاره جماهير الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وعنه يقدم المحتاج قال الشيخ تقي الدين وهي أصح عن الإمام أحمد رحمه الله
وتقدم اختيار القاضي وأبي حكيم والشيخ تقي الدين قريبا
وقيل يدخر ما بقي بعد الكفاية
قوله : ويبدأ بالمهاجرين ويقدم الأقرب فالأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال في الرعاية وقيل يقدم بني هاشم على بني المطلب ثم بني عبد شمس ثم بني نوفل ثم بني عبد العزى ثم بني عبد الدار
قوله : وهل يفاضل بينهم على روايتين
قال في الفروع والمحرر وفي جواز التفضيل بينهم بالسابقة روايتان فحصل الخلاف وأطلقهما في المغني والكافي والشرح والمحرر وشرح ابن منجا والزركشي
إحداهما : لا يجوز المفاضلة بينهم بل يجب التسوية بينهم صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز
والرواية الثانية يجوز المفاضلة بينهم لمعنى فيهم وهو الصحيح من المذهب اختاره الشيخ تقي الدين وابن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم وإدراك الغاية ونظم نهاية ابن رزين وجزم به في المنور وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين
قال أبو بكر اختار أبو عبد الله أن لا تفاضل مع جوازه

قال في الفروع وهو ظاهر كلامه لفعله عليه أفضل الصلاة والسلام
وعنه له التفضيل بالسابقة إسلاما أو هجرة ذكرها في الرعايتين
وقال المصنف والصحيح إن شاء الله أن ذلك مفوض إلى اجتهاد الإمام فيفعل ما يراه
قلت: وهو الصواب فقد فضل عمر وعثمان ولم يفضل أبو بكر وعلي رضوان الله عليهم أجمعين
فائدتان
إحداهما : إذا استوى اثنان من أهل الفيء في درجة فقال في المجرد يقدم أسنهما ثم أقدمهما هجرة
وقال القاضي في الأحكام السلطانية يقدم بالسابقة في الإسلام ثم بالدين ثم بالسبق ثم بالشجاعة ثم ولي الأمر مخير إن شاء أقرع بينهما وإن شاء رتبهما على رأيه واجتهاده نقله في القاعدة الأخيرة
الثانية العطاء الواجب لا يكون إلا لبالغ يطيق مثله القتال ويكون عاقلا حرا بصيرا صحيحا ليس به مرض يمنعه من القتال فإن مرض مرضا غير مرجو الزوال كالزمانة ونحوها خرج من المقاتلة وسقط سهمه على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وقيل له فيه حق
قوله : ومن مات بعد حلول وقت العطاء دفع إلى ورثته حقه ومن مات من أجناد المسلمين دفع إلى امرأته وأولاده الصغار كفايتهم بلا نزاع
قوله : فإذا بلغ ذكورهم واختاروا أن يكونوا في المقاتلة فرض لهم وإن لم يختاروا تركوا
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقال القاضي في الأحكام السلطانية يفرض لهم إذا اختاروا أن يكونوا في المقاتلة إذا كان بالناس حاجة إليهم وإلا فلا
فائدة : بيت المال ملك للمسلمين يضمنه متلفه ويحرم الأخذ منه إلا بإذن الإمام قدمه في الفروع وذكره في عيون المسائل وذكره في الانتصار في باب اللقطة وذكره غيره أيضا
وذكر في الانتصار أيضا في إحياء الموات لا يجوز له الصدقة به ويسلمه إلى الإمام
قال في الفروع وهو ظاهر كلامهم في السرقة منه وقاله الشيخ تقي الدين
وقال أيضا لو أتلفه ضمنه

وقال أيضا لا يتصور في المشترك عن عدم موصوف غير معين أن يكون مملوكا نحو بيت المال والمباحات والوقف على مطلق سواء تعين المستحق بالإعطاء أو بالاستعمال أو بالفرض والتنزيل أو غيره
وذكر القاضي وابنه في بيت المال أن المالك له غير معين
وقال المصنف في المغني وتبعه الشارح في إحياء الموات بلا إذن مال بيت المال مملوك للمسلمين وللإمام تعيين مصارفه وترتيبها فافتقر إلى إذنه
ويأتي في آخر باب أصول المسائل هل بيت المال وارث أم لا وفائدة: الخلاف

باب الأمان
قوله : ويصح أمان المسلم المكلف ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا مطلقا أو أسيرا
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم
وقال في عيون المسائل وغيرها يصح منهم بشرط أن تعرف المصلحة فيه
قال في الفروع وذكر غير واحد الإجماع في المرأة بدون هذا الشرط
وقال في المستوعب يصح أمان المرأة عن القتل دون الرق
وقال ويشترط في أمان الإمام عدم الضرر علينا وأن لا تزيد مدته على عشر سنين
وقوله : وأن لا تزيد مدته على عشر سنين جزم به في الرعايتين والحاويين وتذكرة ابن عبدوس
تنبيه مفهوم كلامه أنه لا يصح أمان الكافر ولو كان ذميا وهو كذلك ولا أمان المجنون أو الطفل والمغمى عليه وهو كذلك
ولا يصح أمان السكران على الصحيح من المذهب وخرج الصحة
ولا يصح أمان المكره بلا نزاع
قوله : وفي أمان الصبي المميز روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والبلغة والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والقواعد الأصولية
إحداهما : يصح وهو المذهب وجزم به في الوجيز والهادي وتذكرة ابن عقيل والقاضي في الجامع الصغير والشيرازي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وتذكرة ابن

عبدوس وتجريد العناية والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في الفروع
وقال أبو بكر يصح أمانه رواية واحدة
وحمل رواية المنع على غير المميز وهو مقتضى كلام شيخه والزركشي
والرواية الثانية لا يصح أمانه ويحتمله كلام الخرقي
فائدة : يصح أمان الإمام للأسير والكافر على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في المغني والشرح والمحرر والنظم والحاويين وهو ظاهر ما جزم به في الرعايتين
وظاهر ما قدمه في الفروع أنه لا يصح فإنه قال بعد أن ذكر صحة الأمان وقيل يصح للأسير من الإمام وقيل والأمير انتهى وهو مشكل
ويصح من غير الإمام للأسير الكافر نص عليه في رواية أبي طالب وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاويين
واختار القاضي عدم الصحة من غير الإمام كما لو كان فيه ضرر
وقال في المغني والشرح فأما آحاد الرعية فليس له أمان وذكر أبو الخطاب أنه يصح انتهيا
قوله : وأمان أحد الرعية للواحد والعشرة بلا نزاع وللقافلة وكذا للحصن
مراده بالقافلة إذا كانت صغيرة وكذا إذا كان الحصن صغيرا يعني عرفا وهذا أحد الوجهين وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والوجيز وغيرهم لإطلاقهم القافلة وقدمه في الرعايتين والحاويين
وقيل يشترط في القافلة والحصن أن يكون مائة فأقل اختاره ابن البنا وأطلقهما في الفروع
وأطلق في الروضة الحصن وقيل يستحب استحسانا أن لا يجار على الأمير إلا بإذنه
قوله : ومن قال لكافر قف أو ألق سلاحك فقد أمنه
وكذا قوله : قم وهذا المذهب وعليه الأصحاب
وقال المصنف يحتمل أن لا يكون أمانا إلا أن يريد به ذلك فهو على هذا كناية لكن إن اعتقده الكافر أمانا رد إلى مأمنه وجوبا ولم يجز قتله وكذا حكم نظائره
قال الإمام أحمد إذا أشير إليه بشيء غير الأمان فظنه أمانا فهو أمان وكل شيء يرى العلج أنه أمان فهو امان وقال إذا اشتراه ليقتله فلا يقتله لأنه إذا اشتراه فقد أمنه.

قال الشيخ تقي الدين فهذا يقتضي انعقاده بما يعتقده العلج وإن لم يقصده المسلم ولا صدر منه ما يدل عليه
قوله : ومن جاء بمشرك فادعى أي المشرك أنه أمنه فأنكر يعني المسلم فالقول قوله: يعني المسلم
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والنظم وغيرهم
قال في نهاية ابن رزين قدم قول المسلم في الأظهر
وعنه قول الأسير اختاره أبو بكر وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين
وعنه قول من يدل الحال على صدقه وأطلقهن في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمغني والشرح
فائدة : يقبل قول عدل إني أمنته على الصحيح من المذهب
قال في الفروع يقبل في الأصح كإخبارهما أنهما أمناه كالمرضعة على طفلها
قال القاضي هو قياس قول أحمد واختاره أبو الخطاب وغيره وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في النظم وغيره وقيل لا يقبل
قوله : ومن أعطى أمانا ليفتح حصنا ففتحه واشتبه علينا فيهم حرم قتلهم بلا نزاع
ونص عليه في رواية أبي داود وأبي طالب وإسحاق بن إبراهيم
وحرم استرقاقهم على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية ابن هانئ وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره
قال في القواعد الفقهية هذا الصحيح وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والمذهب والخلاصة وغيرهم
وقال أبو بكر يخرج واحد بالقرعة ويسترق الباقون
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة هذا قول أبي بكر والخرقي وابن عقيل في روايتيه انتهى
واختاره في التبصرة وأطلقهما في المغني والشرح
فائدة : وكذا الحكم لو أسلم واحد من أهل حصن واشتبه علينا خلافا ومذهبا
قوله : ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن ويقيمون مدة الهدنة بغير جزية
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.

قال في الهداية قاله أصحابنا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والخلاصة والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم
وقال في الترغيب بشرط أن لا تزيد مدته على عشر سنين وفي جواز إقامتهم في دارنا هذه المدة بلا جزية وجهان انتهى
وقال أبو الخطاب في الهداية وعندي لا يجوز سنة فصاعدا إلا بجزية اختاره الشيخ تقي الدين وأطلقهما في المذهب
وقيل يجوز عقده للمستأمن مطلقا ذكره في الرعاية
قوله : ومن دخل دار الإسلام بغير أمان وادعى أنه رسول أو تاجر ومعه متاع يبيعه قبل منه
وهذا مقيد بأن تصدقه عادة وهذا المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
ونقل أبو طالب إن لم يعرف بتجارة ولم يشبههم أو كان معه آلة حرب لم يقبل منه ويحبس حتى يتبين أمره
قلت: وهو الصواب ويعمل في ذلك بالقرائن
وعلى المذهب إن لم تصدقه عادة أو لم يكن معه تجارة وادعى أنه جاء مستأمنا فهو كالأسير يخير الإمام فيه على ما تقدم
فائدة : لو دخل أحد من المسلمين دار الحرب بأمان بتجارة أو رسالة لم يخنهم في شيء ويحرم عليه ذلك
قوله : وإن كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في مركب إلينا فهو لمن أخذه
هذا المذهب جزم به في الوجيز وصححه في النظم وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والخلاصة
وعنه يكون فيئا للمسلمين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمغني والشرح
ونقل ابن هانئ إن دخل قرية فأخذوه فهو لأهلها
فائدة : وكذا الحكم لو شردت إلينا دابة منهم أو فرس أو ند بعير أو أبق رقيق ونحوه
فائدة : لا يدخل أحد منهم إلينا إلا بإذن على الصحيح من المذهب
وعنه يجوز للرسول وللتاجر خاصة اختاره أبو بكر

وقال في الترغيب دخوله لسفارة أو لسماع قرآن أمان بلا عقد لا لتجارة على الأصح فيهما بلا عادة
نقل حرب في غزاة في البحر وجدوا تجارا يقصدون بعض البلاد لم يتعرض لهم
قوله : وإذا أودع المستأمن ماله مسلما أو أقرضه إياه ثم عاد إلى دار الحرب بقي الأمان في ماله ويبعث به إليه إن طلبه
وكذا إن أودعه لذمي أو أقرضه إياه وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع والهداية والخلاصة وغيرهم وصححه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقيل ينقض في ماله ويصير فيئا وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في المحرر
وقول الزركشي إن هذا اختيار صاحب المحرر غير مسلم
فعلى هذا يعطاه إن طلبه وإن مات بعث به إلى ورثته فإن لم يكن له وارث فهو فيء
ويأتي حكم مال من نقض العهد من أهل الذمة في باب أحكامهم
فائدة : لو استرق من كان مستأمنا أو ذميا ولحق بدار الحرب وماله عند مسلم وقف ماله على الصحيح من المذهب
قال في الفروع هذا أشهر وقدمه في النظم والرعايتين والحاويين وحكاه في الشرح عن القاضي واقتصر عليه
وقيل يصير ماله فيئا بمجرد استرقاقه اختاره صاحب المحرر والفروع وأطلقهما الزركشي
فعلى المذهب إن عتق رد إليه وإن مات رقيقا فهو فيء على الصحيح من المذهب
وقيل بل هو لوارثه وأطلقهما في المحرر
قوله : وإذا أسر الكفار مسلما فأطلقوه بشرط أن يقيم عندهم مدة
وكذا لو شرطوا أن يقيم عندهم مطلقا
لزمه الوفاء لهم
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر والنظم والوجيز والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم
وقيل لا يلزمه الوفاء به وله أن يهرب
وقال في الرعاية وقيل إن التزم الشرط لزمه وإلا فلا

وقال الشيخ تقي الدين ما ينبغي أن يدخل معهم في التزام الإقامة أبدا لأن الهجرة واجبة عليه ففيه التزام بترك الواجب اللهم إلا أن لا يمنعوه من دينه ففيه التزام ترك المستحب وفيه نظر
قوله : وإن لم يشترطوا شيئا أو شرطوا كونه رقيقا فله أن يقتل ويسرق ويهرب
إذا أطلقوا ولم يشرطوا عليه شيئا فتارة يؤمنونه وتارة لا يؤمنونه فإن لم يؤمنوه وهو مراد المصنف فله أن يقتل ويسرق ويهرب نص عليه وإن أمنوه فله الهرب لا غير وليس له القتل ولا السرقة فلو سرق رد ما أخذ منهم نص على ذلك كله وإن شرطوا كونه رقيقا فكذلك قاله الشارح وجزم به في المحرر والنظم والحاويين والرعاية الصغرى
وقال الشارح ويحتمل أن يلزمه الإقامة إذا قلنا يلزمه الرجوع إليهم على ما نذكره في المسألة التي بعدها إن شاء الله تعالى
قوله : وإن أطلقوه بشرط أن يبعث إليهم مالا فإن عجز عنه عاد إليهم لزمه الوفاء لهم إلا أن يكون امرأة فلا ترجع إليهم
إذا كانت امرأة لم ترجع إليهم بلا نزاع لخوف قتلها
وألحق في نظم نهاية ابن رزين الصبي بالمرأة
قال في الفروع فيتوجه منه أن يبدأ بفداء جاهل للخوف عليه ويتوجه أن يبدأ بفداء العالم لشرفه وحاجتنا إليه وكثرة الضرر بفتنته انتهى
وإن كان رجلا وشرطوا عليه مالا ورضي بذلك فالصحيح من المذهب أنه يلزمه الوفاء لهم نص عليه وجزم به في الوجيز وصححه في النظم وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقال الخرقي لا يرجع الرجل أيضا
وهو رواية عن أحمد وأطلقهما في الكافي والمحرر والشرح والزركشي

باب الهدنة
معنى الهدنة أن يعقد الإمام أو نائبه عقدا على ترك القتال مدة ويسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة
قوله : ولا يصح عقد الهدنة والذمة إلا من الإمام أو نائبه
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا أنه قال في الترغيب لآحاد الولاة عقد الهدنة مع أهل قرية
وقيل يجوز عقد الذمة من كل مسلم وهو احتمال في الهداية

فائدتان
إحداهما : لا يصح عقد الهدنة إلا حيث جاز تأخير الجهاد على ما تقدم في أول كتاب الجهاد على الصحيح من المذهب
وقال القاضي يجوز عقد ذلك ونحوه مع القوة أيضا والاستظهار انتهى
وقال في الإرشاد وعيون المسائل والمبهج والمحرر ويجوز عقد الهدنة مع قوة المسلمين واستظهارهم مدة أربعة أشهر ولا يجوز فوقها
وقيل يجوز والحالة هذه دون عام وصححه في النظم
الثانية يجوز بمال منا للضرورة على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقال في الفنون يجوز لضعفنا مع المصلحة
وقال أبو يعلى الصغير لحاجة وقاله أبو يعلى الكبير في الخلاف في المؤلفة
قال في الرعاية الكبرى ولا يجوز بمال منا
وقيل بلا ضرورة أو لترك تعذيب أسير مسلم أو قتله أو أسير غيره أو خوفا على من عندهم من ذلك انتهى
قلت: هذا القول متعين والذي قدمه ضعيف أو ساقط
قوله : فمتى رأى المصلحة في عقد الهدنة جاز له عقدها مدة معلومة وإن طالت
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والمنور
قال في المنتخب يجوز مدة معلومة وقدمه في الهداية والكافي والهادي والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين وصححه في الخلاصة وغيرها
وعنه لا يجوز أكثر من عشر سنين
قال القاضي هذا ظاهر كلام أحمد رحمه الله واختاره أبو بكر وجزم به في الفصول وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب
فائدة : يكون العقد لازما على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين ويكون أيضا جائزا
قوله : فإن زاد على عشر بطل في الزيادة يعني على الرواية الثانية وفي العشر وجهان
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم والرعاية وغيرهم

أحدهما يصح وهو الصحيح قال في الهداية والفصول والمغني والشرح والفروع والحاوي وغيرهم وإن زاد فكتفريق الصفقة
ويأتي في تفريق الصفقة أن الصحيح من المذهب الصحة
والثاني لا يصح
فائدة : وكذا الحكم لو هادنهم أكثر من قدر الحاجة
قوله : وإن هادنهم مطلقا لم يصح
هذا المذهب وعليه الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين تصح وتكون جائزة ويعمل بالمصلحة لأن الله تعالى أمر بنبذ العهود المطلقة وإتمام المؤقتة
فائدة : لو قال هادنتكم ما شئنا وشاء فلان لم يصح على الصحيح من المذهب
وقيل يصح اختاره القاضي
ولو قال نقركم على ما أقركم الله لم يصح على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين يصح أيضا وأن معناه في قوله: ما شئنا
قوله : وإن شرط شرطا فاسدا كنقضها متى شاء أو رد النساء إليهم أو صداقهن أو سلاحهم أو إدخالهم الحرم بطل الشرط
إذا شرط في المهادنة نقضها متى شاء أو رد النساء إليهم أو سلاحهم أو إدخالهم الحرم بطل الشرط قولا واحدا وكذا لو شرط رد صبي إليهم
قال في الرعاية الكبرى وقيل مميز وجزم في المغني والشرح أنه يجوز رد الطفل دون المميز وقيل وجزم غيرهم بذلك
وأما إذا شرط رد مهورهن فالصحيح من المذهب بطلان الشرط كما جزم به المصنف هنا
قال في الفروع فشرط فاسد على الأصح قال الناظم في الأظهر وعنه لا يبطل
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وإن شرط نقضها متى شاء أو كذا أو كذا أو رد مهرها في رواية بطل الشرط
وذكر في المبهج رواية برد مهر من شرط ردها مسلمة وهو أنه لا يلزم ذلك كما لو لم يشترط ذكره في آخر الجهاد في فصل أرض العنوة والصلح
وأما العقد حيث قلنا يبطل الشرط ففي بطلانه وجهان وأطلقهما في الهداية والمذهب

ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والفروع والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم
قال في الهداية والحاوي والمصنف والشارح وابن منجا وغيرهم بناء على الشروط الفاسدة في البيع
قال المصنف والشارح إلا فيما إذا شرط نقضها متى شاء فينبغي أن لا يصح العقد قولا واحدا وظاهر الوجيز صحة العقد
فائدة : لو دخل ناس من الكفار في عقد باطل دار الإسلام معتقدين الأمان كانوا آمنين ويردون إلى دار الحرب ولا يقرون في دار الإسلام قاله الأصحاب
قوله : وإن شرط رد من جاء من الرجال مسلما جاز
قال الأصحاب جاز ذلك لحاجة
ولا يمنعهم أخذه ولا يجبره وله أن يأمره سرا بقتالهم والفرار منهم
وقال في الترغيب وغيره يعرض له أن لا يرجع إليهم
فوائد
الأولى لو هرب منهم عبد ليسلم فأسلم لم يرد إليهم وهو حر جزم به في الحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم وقدمه في الكبرى وقال وقيل إن علم أنه يستذل وجاء سيده في طلبه فله قيمته من الفيء
قال قلت: وكذلك الأمة
وتقدم ما يشبه ذلك في آخر كتاب الجهاد
الثانية يضمن ما أتلفوه لمسلم ولا يحدون لحق الله تعالى وإن قتل مسلما لزمه القود وإن قذفه حد وإن سرق ماله قطع على الصحيح
قال في الرعاية الكبرى قطع في الأقيس وقيل لا يقطع صححه في النظم وأطلقهما في المغني والشرح والحاويين والرعاية الصغرى
الثالثة قوله : وعلى الإمام حماية من هادنه من المسلمين
وهذا بلا نزاع ويلزمه أيضا حمايتهم من أهل الذمة
قوله : وإن سباهم كفار آخرون لم يجز لنا شراؤهم
هذا الصحيح من المذهب جزم به في المحرر وغيره وصححه في الفروع وغيره وقدمه في المغني والشرح وغيرهما

وقيل يجوز وهو احتمال في المغني والشرح
وذكر الشيخ تقي الدين رواية منصوصة يجوز شراؤهم من سابيهم
فائدتان
إحداهما : الصحيح من المذهب جواز شراء أولاد الكفار المهادنين منهم وأهليهم كحربي باع أهله وأولاده جزم به ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع وصححه في النظم
وعنه يحرم شراؤهم كذمي باعهم وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين في الأهل والأولاد
وذكر جماعة من الأصحاب إن قهر حربي ولده أو ورحمه على نفسه وباعه من مسلم وكافر فقيل يصح البيع
نقل الشالنجي لا بأس فإن دخل بأمان لم يشتر
وقيل لا يصح وإنما يملكه بتوصله بعوض وإن لم يكن صحيحا كدخوله بغير أمان فرارا منهم نص عليه
قال في الفروع والمسألة مبنية على العتق على الحربي بالرحم هل يحصل أم لا لأنه حكم الإسلام انتهى
قال في الرعاية الكبرى يصح شراء ولد الحربي منه
قلت: إن عتق عليه بالملك فلا وكذا إن قهر أباه وأمه وملكهما وباعهما وإن قهر زوجته وملكها وباعها صح لبقاء ملكه عليها انتهى
ومنعه ابن عبدوس في تذكرته في الزوجة
الثانية لو سبى بعضهم أولاد بعض وباعوهم صح البيع قاله في الفروع
قوله : وإن خاف نقض العهد منهم نبذ إليهم عهدهم
بلا نزاع ويجب إعلامهم قبل الإغارة عليهم على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به كثير منهم بخلاف الذمي إذا خيف منه الخيانة لم ينقض عهده
وقال في الترغيب إن صدر من المهادنين خيانة فإن علموا أنها خيانة اغتالهم وإلا فوجهان
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم في الهدى في غزوة الفتح إن أهل العهد إذا حاربوا في ذمة الإمام وعهده صاروا بذلك أهل حرب نابذين لعهده فله أن يبيتهم وإنما يعلمهم إذا خاف منهم الخيانة وأنه ينتقض عهد الجميع إذا لم ينكروا عليهم

فوائد
إحداها : ينتقض عهد النساء والذرية بنقض عهد رجالهم تبعا لهم
الثانية لو نقض الهدنة بعض أهلها فأنكر عليهم الباقون بقول أو فعل ظاهر أو أعلموا الإمام بذلك كان الناقض من خالف منهم دون غيرهم وإن سكتوا عما فعله الناقض ولم ينكروه ولم يكاتبوا الإمام انتقض عهد الكل ويأتي نظير ذلك في نقض العهد
الثالثة يجوز قتل رهائنهم إذا قتلوا رهائننا جزم به ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والحاويين
وعنه لا يجوز وأطلقهما في المحرر والفروع والنظم
الرابعة متى مات الإمام أو عزل لزم من بعده الوفاء بعقده على الصحيح من المذهب لأنه عقده باجتهاده فلا ينتقض باجتهاد غيره
وجوز ابن عقيل وغيره نقض ما عقده الخلفاء الأربعة نحو صلح بني تغلب لاختلاف المصالح باختلاف الأزمنة

باب عقد الذمة
تنبيه تقدم أول باب الهدنة أن عقد الذمة لا يصح إلا من الإمام أو نائبه على الصحيح من المذهب وتقدم هناك قولان آخران
فائدة : يجب عقدها إذا اجتمعت الشروط ما لم يخف غائلة منهم
قوله : لا يجوز عقدها إلا لأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ومن وافقهم في التدين بالتوراة والإنجيل كالسامرة والفرنج ومن له شبهة كتاب وهم المجوس
لا يجوز عقد الذمة إلا لهؤلاء الذين ذكرهم المصنف على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وعنه يجوز عقدها لجميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب نقلها الحسن بن ثواب
وذكر القاضي وجها أن من دان بصحف شيث وإبراهيم والزبور تحل نساؤهم ويقرون بجزية
قال في الفروع في باب المحرمات في النكاح ويتوجه أخذ الجزية منهم ولو لم تحل نساؤهم.
واختار الشيخ تقي الدين في الرد على الرافضي أخذ الجزية من الكل وأنه لم يبق أحد من مشركي العرب بعد نزول الجزية بل كانوا قد أسلموا
وقال في الاعتصام بالكتاب والسنة من أخذها من الجميع أو سوى بين المجوس وأهل الكتاب فقد خالف ظاهر الكتاب والسنة

قوله : فأما الصابئ فينظر فيه فإن انتسب إلي أحد الكتابين فهو من أهله وإلا فلا
هذا اختيار المصنف والشارح وجماعة من الأصحاب وجزم به ابن البنا في عقوده وابن منجا في شرحه
قال في الرعاية الكبرى والصابئ إن وافق اليهود والنصارى في دينهم وكتابهم فهو منهم وإلا فهو كعابد وثن
وقيل بل يقتل مطلقا إن قال الفلك حي ناطق والكواكب السبعة آلهة
والصحيح من المذهب أن حكمهم حكم من تدين بالتوراة والإنجيل مثل السامرة والفرنج
قال الإمام أحمد هم جنس من النصارى
وجزم به في الهداية وتذكرة ابن عقيل والمذهب ومسبوك الذهب والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاويين وإدراك الغاية وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم أنهم يوافقون النصارى فحكمهم حكمهم لكن يخالفونهم في الفروع
قال في الحاوي وغيره وجزم به في الخلاصة وغيرها تؤخذ الجزية منهم وقدمه في الفروع
وقال الإمام أحمد أيضا في موضع آخر بلغني أنهم يسبتون فإذا أسبتوا فهم من اليهود
ونقل حنبل من ذهب مذهب عمر فإنه قال هم يسبتون جعلهم بمنزلة اليهود
وقال في الترغيب في ذبيحة الصابئة روايتان مأخذهما هل هم من النصارى أم لا
فائدة : صفة عقد الذمة أن يقول أقررتكم بالجزية والاستسلام أو ما يؤدي ذلك فيقول أقررتكم على ذلك أو نحوهما هذا الصحيح من المذهب وقيل يعتبر فيه ذكر قدر الجزية وفي الاستسلام وجهان ذكرهما في الترغيب
قوله : ومن تهود أو تنصر بعد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم أو ولد بين أبوين لا تقبل الجزية من أحدهما فعلى وجهين
وهما روايتان إذا تهود أو تنصر بعد بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فالصحيح من المذهب أن الجزية تقبل منه وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي وصححه المصنف والشارح وصاحب التصحيح
قال في الوجيز وإن انتقل إلى دين أهل الكتاب غير مسلم أقر وقدمه في الفروع
وعنه لا يقبل منه الجزية ولا تقبل منه إلا الإسلام أو السيف صححه في النظم وقدمه

في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
وقال في الرعاية الكبرى قلت: من صار كتابيا بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو جهل وقته لا تقبل جزيته
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لو تهود أو تنصر قبل بعث نبينا صلى الله عليه وسلم تقبل منه الجزية وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
واختار القاضي وغيره في التبصرة أن الجزية لا تقبل منه مطلقا
وذكر في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والترغيب أنه لو تنصر أو تهود قبل البعثة وبعد التبديل لا تقبل منه الجزية وإلا قبلت
وأطلقه هو والأول في البلغة والرعايتين والحاوي الصغير
فائدة : حكم من تمجس بعد البعثة أو قبلها بعد التبديل أو قبله حكم من تنصر أو تهود على ما تقدم ويأتي الكلام على ذلك بأتم من هذا في آخر باب أحكام الذمة بعد قوله: وإن تهود نصراني أو تنصر يهودي لم يقر
قوله : وأما إذا ولد بين أبوين لا تقبل الجزية من أحدهما
يعني واختار دين من تقبل منه الجزية فأطلق المصنف في قبول الجزية منه وجهين وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والخلاصة
أحدهما تقبل منه الجزية وتعقد له الذمة وهو المذهب صححه في المغني والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة والتصحيح والشرح والنظم وغيرهم وقدمه في الكافي والمحرر والفروع وغيرهم
والوجه الثاني لا تقبل منه الجزية ولا يقبل منه غير الإسلام ذكره أبو الخطاب فمن بعده
قوله : ولا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقيل تقبل منهم الجزية للآية وكحربي منهم لم يدخل في الصلح إذا بذلها على الصحيح وظاهر المذهب خلافه قاله الزركشي
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنها لا تؤخذ منهم ولو بذلوها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به

وفي المغني ومن تابعه احتمال تقبل إذا بذلوها
فائدة : ليس للإمام نقض عهدهم وتجديد الجزية عليهم على الصحيح من المذهب لأن عقد الذمة مؤبد وقد عقده عمر رضي الله عنه معهم هكذا وعليه أكثر الأصحاب
واختار ابن عقيل جواز ذلك لاختلاف المصلحة باختلاف الأزمنة وقد فعله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وجعل ذلك جماعة كالخراج والجزية
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله
وجزم القاضي في الخلاف بالفرق وكلام المصنف في هذا الكتاب وغيره يقتضيه
قوله : ويؤخذ ذلك من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم
وكذا زمناهم ومكافيفهم وشيوخهم ونحوهم وهذا المذهب في ذلك كله واختاره جماهير الأصحاب وهو من المفردات وفيه وجه لا يؤخذ من هؤلاء قال المصنف هذا أقيس فالمأخوذ منه جزية باسم الصدقة فمصرفه مصرف الجزية
وقال في الفروع الأظهر إن قيل إنها كالزكاة في المصرف أخذت ممن لا جزية عليهم كالنساء ونحوهم وإلا فلا انتهى
فعلى المذهب لا يؤخذ من فقير ولا ممن له مال غير زكوي
قوله : ومصرفه مصرف الجزية
هذا المذهب اختاره القاضي والمصنف والشارح والناظم وغيرهم وجزم به في المنور وقدمه في الفروع
وقال الخرقي مصرف الزكاة وهو رواية ثانية عن أحمد جزم به في الفصول وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وأطلقهما في المحرر والزركشي
قوله : ولا تؤخذ من كتابي غيرهم
كمن تنصر من العرب من تنوخ وبهراء أو تهود من كنانة وحمير أو تمجس من تميم ونحوهم
وهذا أحد الوجهين اختاره المصنف والشارح وذكر أن أحمد نص عليه وجزم به في الوجيز وهو ظاهر كلام الخرقي
وقال القاضي تؤخذ من نصارى العرب ويهودهم
كبني تغلب وهو المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وإدراك الغاية وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين وصححه في النظم

قال الزركشي والمنصوص أن من كان من العرب من أهل الجزية وأباها إلا باسم الصدقة مضعفة وله شوكة يخشى الضرر منها تجوز مصالحتهم على ما صولح عليه بنو تغلب وهو الصواب وعليه يحمل إطلاق أحمد أولا وإطلاق القاضي ومن تبعه ولهذا قطع به أبو البركات وعليه استقر قول أبي محمد في المغني إلا أنه شرط مع ذلك أن يكون المأخوذ بقدر ما يجب عليهم من الجزية أو أزيد وليس هذا في كلام أحمد ولا مشترط في بني تغلب انتهى
فائدة : يجوز للإمام مصالحة مثلهم ممن يخشى ضرره بشوكة من العرب إذا أبى دفعها إلا باسم الصدقة مضعفة نص عليه وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والفروع وغيرهم
قوله : ولا جزية على صبي ولا امرأة ولا مجنون ولا زمن ولا أعمى
وكذا لا جزية على شيخ فان بلا نزاع فيهم
ويأتي كلام الشيخ تقي الدين
وكذا لا جزية على راهب على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقيل عليه الجزية وهو احتمال للمصنف ولا يبقى بيده مال إلا بلغته فقط ويؤخذ ما بيده قاله الشيخ تقي الدين
قال ويؤخذ منهم ما لنا كالرزق الذي للديور والمزارع إجمالا قال ويجب ذلك
وقال أيضا ومن له تجارة أو زراعة وهو مخالط لهم أو معاونهم على دينهم كمن يدعو إليه من راهب وغيره فإنها تلزمه إجماعا وحكمه حكمهم بلا نزاع
تنبيه قال المصنف والشارح الجزية الوظيفة المأخوذة من الكافر لإقامته بدار الإسلام في كل عام
قال الزركشي وظاهر هذا التفريع أن الجزية أجرة الدار مشتقة من جزاه بمعنى قضاه
قال في الأحكام السلطانية مشتق من الجزاء إما جزاء على كفرهم لأخذها منهم صغارا أو جزاء على أماننا لهم لأخذها منهم رفقا
قال الشيخ تقي الدين وهذا أصح
قال الزركشي وهو يرجع إلى أنها عقوبة أو أجرة
قوله : ولا عبد
هذا الصحيح من المذهب مطلقا نص عليه وحكاه ابن المنذر إجماعا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم واختاره أبو بكر والقاضي

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28