كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

أن الباقي من الكتابة بعد موت سيده يطالب به ويؤخذ منه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل ابن هانئ إن أدى بعض كتابته ثم مات السيد يحسب من ثلثه ما بقي من كتابة العبد ويعتق.
وتقدم في أول باب الولاء إذا أدى المكاتب بعض الكتابة للورثة هل يكون الولاء للسيد أو للورثة.
قوله: فإن حل نجم فلم يؤده فلسيده الفسخ.
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه لا يعجز حتى يحل نجمان.
وهو ظاهر كلام الخرقى قال القاضي وهو ظاهر كلام أصحابنا.
قال في الهداية وهو اختيار أبى بكر والخرقى ونصره في المغنى.
وعنه لا يعجز حتى يقول قد عجزت.
ذكرها ابن أبى موسى وروى عنه أنه إن أدى أكثر مال الكتابة لم يرد إلى الرق واتبع بما بقي.
وقال في عيون المسائل ليس له الفسخ قبل حلول نجم ولا بعده مع قدرة العبد على الأداء كالبيع.
وقال في الترغيب إن غاب العبد بلا إذن سيده لم يفسخ ويرفع الأمر إلى حاكم البلد الذي هو فيه ليأمره بالأداء أو يثبت عجزه فحينئذ يملك الفسخ.
وقاله في الرعاية أيضا وقال وقيل إن لم يتفقا فسخها الحاكم.
فعلى المذهب يلزمه إنظاره ثلاثة أيام قاله الأصحاب كبيع عرض ومثله مال غائب دون مسافة قصر يرجو قدومه ودين حال على ملئ ومودع.
قال في الفروع وأطلق جماعة لا يلزم السيد استيفاؤه قال فيتوجه مثله في غيره.
فائدة: حيث جوزنا له الفسخ فإنه لا يحتاج إلى حكم حاكم.
قوله: وليس للعبد فسخها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.

وعنه له ذلك.
قال في الفروع وحكى عن الإمام أحمد رحمه الله للعبد فسخها.
قال الزركشي ووقع في المقنع والكافي رواية بأن للعبد فسخها.
قال والظاهر أنه وهم والذي ينبغي حمل ذلك عليه أن له الفسخ إذا امتنع من الأداء وهذا كما قال ابن عقيل والشيرازي وابن البنا إنها لازمة من جهة السيد جائزة من جهة العبد.
وفسروا ذلك بأن له الامتناع من الأداء فيملك السيد الفسخ انتهى.
فائدة: لو اتفقا على فسخها جاز جزم به في الكافي وغيره.
قال في الفروع ويتوجه لا يجوز كحق الله.
قوله: ولو زوج ابنته من مكاتبه ثم مات انفسخ النكاح.
يعني إذا كانت وارثة من أبيها وكان النكاح صحيحا وهذا المذهب جزم به في الشرح وغيره.
قال ابن منجا هذا المذهب وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم ويحتمل أن لا يفسخ حتى يعجز.
فائدة: الحكم في سائر الورثة من النساء إذا كانت زوجة له كالحكم في البنت وكذا لو تزوج رجل مكاتبة فورثها أو بعضها انفسخ نكاحه.
ويأتي إذا ملك الحر زوجته أو بعضها في باب المحرمات في النكاح.
قوله: ويجب على سيده أن يؤتيه ربع مال الكتابة إن شاء وضعه عنه وإن شاء قبضه ثم دفعه إليه.
الصحيح من المذهب وجوب إيتاء العبد ربع مال الكتابة وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وذكر في الروضة رواية وقدمها أنه لا يجب وأن الأمر في الآية للاستحباب.
وظاهر مختصر ابن رزين أن فيه خلافا فإنه قال وعنه يعتق بملك ثلاثة أرباعها إن لزم إيتاء الربع.
قال في الفائق قلت وفي وجو به نظر للاختلاف في مدلول الآية وفي التقدير انتهى.
قلت ظاهر الآية وجوب الإيتاء لكن ذلك غير مقدر فأي شيء أعطاه فقد سقط الوجوب عنه وامتثل وقد فسرها ابن عباس رضي الله عنهما بذلك.

هذا ما لم يصح الحديث فإن صح الحديث فلا كلام.
فائدة: إن أعطاه السيد من جنس مال الكتابة لزمه قبوله على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يلزمه إلا إذا كان منها لظاهر الآية.
وإن أعطاه من غير جنسها مثل أن يكاتبه على دراهم فيعطيه دنانير أو عروضا لم يلزمه قبوله على الصحيح من المذهب.
وقيل يلزمه وهو احتمال في المغنى والشرح.
قلت والنفس تميل إلى ذلك.
قوله: وإن أدى ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع عتق ولم تنفسخ الكتابة في قول القاضي وأصحابه.
واختاره أبو بكر قال في الكافي قال أصحابنا إذا أدى ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع عتق.
قال في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم إذا أدى ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع لم يجز للسيد الفسخ.
وظاهر كلام الخرقى أنه لا يعتق حتى يؤدي جميعها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو المذهب.
قال في المستوعب هي المشهورة وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي واختاره المصنف وغيره.
قال في المحرر وظاهر قول أبى الخطاب عدم العتق ومنع السيد من الفسخ.
وقد تقدم لفظه في الهداية وغيره.
وقال في الفروع فإن أدى ثلاثة أرباع المال وعنه أو أكثر منه وعجز عن الباقي لم يعتق ولسيده فسخها في أنص الروايتين فيهما.
وقال في الترغيب وفي عتقه بالتقاص روايتان ولم يذكر العجز.
قال ولو أبرأه من بعض النجوم أو أداه إليه لم يعتق به على الأصح وأنه لو كان على سيده مثل النجوم عتق على الأصح انتهى.
وقال في الفائق ولو أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في أحد الوجهين اختاره الشيخ.

وقال أبو بكر والقاضي يعتق وللسيد الفسخ نص عليه وقيل لا انتهى.
وقال في الرعايتين فإن أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في الأصح ولسيده الفسخ نص عليه وقيل لا.
وقال في الحاوي الصغير فإن أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في الأصح ولسيده الفسخ نص عليه.
وقال أبو بكر لم يجز للسيد الفسخ.
وصحح في النظم أنه لا يعتق ويملك الفسخ نص عليه.
وقال أبو الخطاب لا يملك.
قوله: وإن كاتب عبيدا له كتابة واحدة بعوض واحد صح ويقسط العوض بينهم على قدر قيمتهم يوم العقد ويكون كل واحد منهم مكاتبا بقدر حصته يعتق بأدائها ويعجز بالعجز عنها وحده.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية اختاره القاضي وأصحابه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح ونصراه وقالا هذا أصح قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال أبو بكر العوض بينهم على عددهم ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة واختاره ابن أبى موسى.
قال في القاعدة الثالثة: عشر بعد المائة ونقل مهنا ما يشهد لذلك وذكر الاختلاف في مأخذ هذا القول.
فائدة: لو شرط عليهم في العقد ضمان كل واحد منهم عن الباقين فسد الشرط وصح العقد قدمه في المغنى والشرح والرعاية.
وعنه صحة الشرط أيضا ذكرها أبو الخطاب.
وخرجه ابن حامد وجها بناء على الروايتين في ضمان الحر لمال الكتابة على ما تقدم في باب الضمان.
ويذكرون المسألة هنا كثيرا.
قوله: وإن اختلفوا بعد الأداء في قدر ما أدى كل واحد منهم فالقول قول من يدعى أداء قدر الواجب عليه.

جزم به في الفروع والنظم.
قال الشارح هذا إذا أدوا وعتقوا فقال من كثرت قيمته أدينا على قدر قيمتنا وقال الآخر أدينا على السواء فبقيت لنا على الأكثر قيمة بقية.
فمن جعل العوض بينهم على عددهم قال القول قول من يدعى التسوية ومن جعل على كل واحد قدر حصته فعنده وجهان.
أحدهما: القول قول من يدعى التسوية.
والثاني القول قول من يدعى أداء قدر الواجب عليه.
وجزم بهذا القول في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير والنظم.
وأطلق الوجهين في الرعايتين والفائق وقالا وقيل يصدق من ادعى أداء ما عليه إذا أنكر ما زاد.
قوله: ويجوز له أن يكاتب بعض عبده فإذا أدى عتق كله.
قاله أبو بكر وجزم به في المغنى والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
فإن كان كاتب نصفه أدى إلى سيده مثلى كتابته لأن نصف كسبه يستحقه سيده بما فيه من الرق إلا أن يرضى سيده بتأدية الجميع عن الكتابة فيصح.
قوله: ويجوز كتابة حصته من العبد المشترك بغير إذن شريكه.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
واختار في الرعاية أنه لا بد من إذن الشريك إذا كان معسرا.
فائدة: قوله: فإذا أدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الآخر عتق كله.
هذا صحيح لكن يكون لسيده من كسبه بقدر ما كوتب منه على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وعنه يوما ويوما.
قوله: وإن أعتق الشريك قبل أدائه عتق عليه كله إن كان موسرا وعليه قيمة نصيب المكاتب.
وهذا المذهب نص عليه في رواية بكر ابن محمد واختاره الخرقى وحكاه القاضي في كتاب الروايتين عن أبى بكر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والنظم.

وقال القاضي لا يسرى إلى نصف المكاتب إلا أن يعجز فيقوم عليه حينئذ ويسرى العتق.
قال المصنف والشارح واختاره أبو بكر.
فعلى هذا إن أدى كتابته عتق الباقي بالكتابة وكان ولاؤه بينهما.
وعلى المذهب يضمن للشريك نصف قيمته مكاتبا على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الخرقى وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه في النظم وجزم به في المغنى.
وعنه يضمنه بالباقي من كتابته.
قال في المستوعب قال ابن أبي موسى فعلى هذه يكون الولاء بينهما لكل واحد منهما بقدر ما عتق عليه وجزم به الزركشي.
فكأن ابن أبى موسى قال يعتق على من أدى إليه المكاتب بمقدار ما أدى إليه ويعتق الباقي على من أعتق ويكون الولاء بينهما بقدر ما عتق على كل واحد منهما.
قوله: وإن كاتبا عبدهما جاز سواء كان على التساوي أو التفاضل ولا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على التساوي فإذا كمل أداءه إلى أحدهما: قبل الآخر عتق كله عليه وإن أدى إلى أحدهما: دون صاحبه لم يعتق إلا أن يكون بإذن الآخر فيعتق ويحتمل أن لا يعتق.
قال الشارح إذا كان العبد لاثنين فكاتباه معا سواء تساويا في العوض أو اختلفا فيه وسواء اتفق نصيباهما فيه أو اختلفا وسواء كان في عقد واحد أو عقدين صح.
ثم قال ولا يجوز أن يختلفا في التنجيم ولا في أن يكون لأحدهما: من النجوم قبل النجم الأخير أكثر من الآخر في أحد الوجهين لأنه لا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على السواء ولا يجوز تقديم أحدهما: بالأداء على الآخر واختلافهما في ميقات النجوم وقدر المؤدي يفضي إلى ذلك.
والثاني يجوز لأنه يمكن أن يعجل لمن تأخر نجمه قبل محله ويعطى من قل نجمه أكثر من الواجب له ويمكن أن يأذن له أحدهما: في الدفع إلى الآخر قبله أو أكثر منه.
ثم قال وليس للمكاتب أن يؤدي إلى أحدهما: أكثر من الآخر ذكره القاضي.
قال المصنف لا أعلم فيه خلافا.
فإن قبض أحدهما: دون الآخر شيئا لم يصح القبض وللآخر أن يأخذ منه حصته إذا لم يأذن له فإن أذن ففيه وجهان ذكرهما أبو بكر.

أحدهما: يصح وهو أصح إن شاء الله تعالى.
والثاني لا يصح اختاره أبو بكر انتهى كلام الشارح.
وقال في المحرر وإن كاتب اثنان عبدهما على التساوي أو التفاضل جاز ولم يؤد إليهما إلا على قدر ملكيهما فإن خص أحدهما: بالأداء لم يعتق نصيبه إلا أن يكون بإذن الآخر فإنه على وجهين انتهى.
فقول المصنف فإذا كمل أداءه إلى أحدهما: قبل الآخر عتق كله عليه يعني إذا كاتباه منفردين وكان موسرا.
وقوله: وإن أدى إلى أحدهما: دون صاحبه إلى آخره محمول على ما إذا كاتباه كتابة واحدة بأن يوكلا من يكاتبه أو يوكل أحدهما: الآخر فيكاتبه صفقة واحدة.
فكلام المصنف فيه إيهام.
وتحرير المسألة ما قاله في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم أنهما إذا كاتباه منفردين فأدى إلى أحدهما: ما كاتبه عليه أو أبرأه من حصته عتق نصيبه خاصة إن كان معسرا وإن كان موسرا عتق عليه جميعه ويكون ولاؤه له ويضمن حصة شريكه.
وإن كاتباه كتابة واحدة فأدى إلى أحدهما: مقدار حقه بغير إذن شريكه لم يعتق منه شيء فإن أدى بإذن شريكه فهل يعتق نصيب المؤدي إليه على وجهين.
ويحمل كلام المصنف الأخير هنا على ذلك.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
فقدم المصنف هنا أنه يعتق نصيب المؤدي إليه وهو المذهب وقدمه في الخلاصة والفروع والفائق وغيرهم وصححه المصنف والشارح والناظم.
قال ابن منجا هذا المذهب.
ويحتمل أن لا يعتق ولو أذن له الآخر وهو الوجه الثاني واختاره أبو بكر.
فعلى المذهب إذا أدى ما عليه من مال الكتابة بإذن الآخر عتق نصيبه.
ويسرى إلى باقيه إن كان موسرا وعليه قيمة حصة شريكه وهذا قول الخرقى وغيره ويضمنه في الحال بنصف قيمته مكاتبا مبقى على ما بقى من كتابته وولاؤه كله له.
وقال أبو بكر والقاضي لا يسرى العتق في الحال وإنما يسرى عند عجزه.
فعلى قوله: ما يكون باقيا على الكتابة فإن أدى إلى الآخر عتق عليهما وولاؤه لهما وما يبقى في يده من كسبه فهو له وإن عجز وفسخت كتابته قوم على الذي أدى إليه وكان ولاؤه كله له.

فائدتان :
إحداهما: قال القاضي ويطرد قول أبى بكر في دين بين اثنين أذن أحدهما: للآخر في قبض نصيبه لا يقبض إلا بقسط حقه منه.
وقال أبو الخطاب لا يرجع الشريك في الأصح كمسألتنا.
الثانية: لو كاتب ثلاثة عبدا فادعى الأداء إليهم فأنكره أحدهم شاركهما فيما أقرا بقبضه قاله الأصحاب الخرقى فمن بعده ونص الإمام أحمد رحمه الله تقبل شهادتهما عليه وقطع به الخرقى وغيره وهو المذهب.
وقال في المغنى والشرح والمحرر وغيرهم قياس المذهب لا تقبل شهادتهما عليه واختاره ابن أبى موسى وصاحب الروضة.
قلت وهو الصواب.
قوله: وإن اختلفا في الكتابة فالقول قول من ينكرها بلا نزاع.
وقوله: وإن اختلفا في قدر عوضها فالقول قول السيد.
في إحدى الروايتين وهو المذهب.
قال القاضي هذا المذهب نص عليه في رواية الكوسج.
وجزم به الخرقى وصاحب العمدة والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره وهو من مفردات المذهب.
وعنه القول قول المكاتب اختارها جماعة منهم الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وصححها ابن عقيل في التذكرة.
وعنه يتحالفان اختارها أبو بكر وقال اتفق الشافعي وأحمد رحمهما الله على أنهما يتحالفان ويترادان وأطلقهن في الفائق والزركشي.
فعلى رواية التحالف إن تحالفا قبل العتق فسخ العقد إلا أن يرضى أحدهما: بما قال صاحبه وإن تحالفا بعد العتق رجع السيد بقيمته ورجع العبد بما أداه.
قوله: وإن اختلفا في وفاء مالهما فالقول قول السيد بلا نزاع.
قوله: فإن أقام العبد شاهدا وحلف معه أو شاهدا وامرأتين ثبت الأداء وعتق.

هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب بناء على أن المال وما يقصد به المال يقبل فيه شاهد ويمين على ما يأتي والخلاف بينهما هنا في أداء المال.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يقبل في النجم الأخير إلا رجلان لترتب العتق على شهادتهما وبناء على أن العتق لا يقبل فيه إلا رجلان ذكره في الترغيب وغيره.
قوله: والكتابة الفاسدة مثل أن يكاتبه على خمر أو خنزير يغلب فيها حكم الصفة.
وكذا لو كان العوض مجهولا أو شرط فيها ما ينافيها وقلنا تفسد بفساد الشرط في وجه على ما تقدم يغلب حكم الصفة في كل ذلك في أنه إذا أدى عتق ولكل واحد منهما الفسخ فهي جائزة من الطرفين.
وهذا المذهب في ذلك كله وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه قاله في القواعد الأصولية.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق وصححه في النظم وغيره وجزم به في المحرر والوجيز والهداية والمذهب والخلاصة والرعاية والحاوي وغيرهم.
وعنه بطلان الكتابة مع تحريم العوض اختاره أبو بكر وابن عقيل.
قال في القاعدة السابعة والأربعين وهو الأظهر.
قال في القواعد الأصولية المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن العقد يبطل من أصله وأول القاضي وأبو الخطاب النص.
وقال القاضي في الخلاف الكبير المغلب في الكتابة على عوض مجهول المعاوضة بدليل أنه يعتق بالأداء إلى الوارث.
فائدتان :
إحداهما: قال في القواعد الأصولية قول الأكثرين إن الكتابة إذا لم تكن منجمة باطلة من أصلها مع قولهم: في الكتابة على عوض مجهول يغلب فيها حكم الصفة مشكل جدا وكان الأولى إذا كان العوض معلوما أن يغلب فيها حكم الصفة أيضا.
الثانية: قال المصنف وتبعه الشارح وغيره إذا كانت الكتابة الفاسدة بعوض محرم فإنها تساوي الصحيحة في أربعة أحكام.

أحدها: أنه يعتق بأداء ما كوتب عليه مطلقا.
الثاني إذا أعتقه بالأداء لم يلزمه قيمة نفسه ولم يرجع على سيده.
الثالث يملك المكاتب التصرف في كسبه وله أخذ الصدقات والزكوات.
الرابع: إذا كاتب جماعة كتابة فاسدة فأدى أحدهم حصته عتق على قول من قال إنه يعتق في الكتابة الصحيحة بأداء حصته ومن لا فلا هنا وتفارق الصحيحة في ثلاثة أحكام.
أحدها: إذا أبرأه لم يصح ولم يعتق على الصحيح من المذهب واختار في الانتصار إن أتى بالتعليق لم يعتق بالإبراء وإلا عتق.
الثاني: لكل واحد منهما فسخها.
الثالث لا يلزم السيد أن يؤدي إليه شيئا من الكتابة على الصحيح من المذهب جزم به في المغنى والشرح والوجيز.
والوجه الثاني يلزمه وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
قوله: وتنفسخ بموت السيد وجنونه والحجر للسفه.
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقاله القاضي وأصحابه في الانفساخ بالموت.
وقال أبو بكر لا تنفسخ بالموت ولا بالجنون ولا بالحجر ويعتق بالأداء إلى الوارث.
قال المصنف والأولى أنها لا تبطل بالحجر والجنون وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
قوله: وإن فضل عن الأداء فضل فهو لسيده.
يعنى في الكتابة الفاسدة وهو المذهب اختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وأبو الخطاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والوجيز وقدمه في الشرح. وقال القاضي ما في يد المكاتب وما يكسبه وما يفضل في يده بعد الأداء فهو له وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق.
وأطلق في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفائق الوجهين فيما يكسبه.
وكلامه في الرعايتين والحاوي كالمتناقض فإنهما جزما بأن لسيده أخذ ما معه قبل الأداء وما فضل بعده وقالا قبل ذلك وفي تبعية الكسب وجهان.

قوله: وهل يتبع المكاتبة ولدها فيها؟ على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح ابن منجا.
أحدهما: لا يتبعها قال المصنف في المغنى والشارح هذا أقيس وأصح وكذا قال ابن رزين في شرحه.
الثاني يتبعها قدمه في الكافي.
وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
قال في القاعدة الحادية والعشرين إن قلنا هو جزء منها تبعها وإن قلنا هو كسب ففيه وجهان بناء على سلامة الأكساب في الكتابة الفاسدة.
فائدة: هل تصير أم ولد إذا أولدها فيها أم لا على وجهين.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم.
وفي الصحة هنا وجه ذكره القاضي وإن منعناها في غيره.

باب أحكام أمهات الأولاد
:
تنبيه: عموم قوله: وإذا علقت الأمة من سيدها.
يشمل سواء كانت فراشا أو مزوجة وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغنى والشرح وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
ونقل حرب وابن أبى حرب فيمن أولد أمته المزوجة أنه لا يلحقه الولد.
فائدة: في إثم واطئ أمته المزوجة جهلا وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب عدم الإثم وتأثيمه ضعيف.
قوله: فوضعت منه ما تبين فيه بعض خلق الإنسان صارت بذلك أم ولد.
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمبهج والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والفائق والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه لا بد أن يكون له أربعة أشهر واحتج بحديث ابن مسعود رضي الله عنه في عشرين ومائة يوم ينفخ فيه الروح وتنقضي به العدة وتعتق الأمة إذا دخل في الخلق الرابع.

وقدم في الإيضاح ستة أشهر.
ونقل الميموني إن لم تضع وتبين حملها في بطنها عتقت وأنه يمنع من نقل الملك لما في بطنها حتى يعلم.
قوله: فإذا مات عتقت وإن لم يملك غيرها هذا بلا نزاع.
ومحل هذا إذا لم يجز بيعها على المذهب.
أما إن جاز بيعها فقطع المصنف وغيره بأنها لا تعتق بموته.
قال الزركشي وظاهر إطلاق غيره يقتضي العتق ولهذا قدمه ابن حمدان فقال وقيل إن جاز بيعها لم تعتق عليه بموته.
ويأتي بعض ذلك عند ذكر الخلاف في جواز بيعها.
قوله: وإن وضعت جسما لا تخطيط فيه مثل المضغة فعلى روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والمحرر والشرح والفائق والحاوي الصغير.
إحداهما: لا تصير بذلك أم ولد وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقى وصححه في النظم وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية: تصير به أم ولد صححه في التصحيح وقدمه في الرعاية الصغرى والخلاصة وقال لا تنقضي به العدة وجزم به في الوجيز.
قال في المذهب فإن وضعت جسما لا تخطيط فيه فقال الثقات من القوابل هو مبدأ خلق الإنسان ففيه ثلاث روايات.
إحداهن لا تصير أم ولد والثانية: تصير والثالثة: تصير أم ولد إلا في العدة فإنها لا تنقضي بذلك.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل إن وضعت قطعة لحم لم يبن فيها خلق آدمى فثلاث روايات.
الثالثة: تعتق ولا تنقضي به العدة انتهى.
وقيل ما تجب فيه عدة تصير به أم ولد وإن كان علقة.
وقيل تصير أم ولد بما لا تنقضي به العدة انتهى.
وقيل لا تصير أم ولد بما لا تنقضي به عدتها ذكره أيضا.
قال المصنف والشارح إذا وضعت مضغة لم يظهر فيها شيء من خلق.
الآدمى فشهدت ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية تعلقت بها الأحكام.

وجزم به الزركشي وإن لم يشهدن بذلك لكن علم أنه مبدأ خلق آدمى بشهادتهن أو غيرها ففيه روايتان.
فهذه الصورة محل الروايتين وكذا قيد ابن منجا كلام المصنف بذلك.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنها لا تصير أم ولد بوضع علقة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تصير أم ولد بوضعها أيضا ونص عليه في رواية مهنا ويوسف ابن موسى.
وقدم الأول في الرعاية الكبرى وتقدم كلامه في العلقة.
قوله: وإن أصابها في ملك غيره بنكاح أو غيره ثم ملكها حاملا عتق الجنين ولم تصر أم ولد.
هذا المذهب قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في الفائق هذا المذهب ورواه إسحاق ابن منصور عن الإمام أحمد رحمه الله وكلام الخرقى يقتضي ذلك.
وجزم به القاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل في التذكرة والشيرازي في المبهج وصاحب الوجيز وغيرهم.
واختاره المصنف وغيره وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والفروع والفائق.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه تصير أم ولد ولو كان قد ملكها بعد وضعها منه نقلها ابن أبى موسى.
قال المصنف ولم أجد هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله إنما نقل مهنا عنه الوقف.
وعنه تصير أم ولد إذا ملكها حاملا بشرط أن يطأها فيه واختارها أبو الخطاب.
وقال القاضي إن ملكها حاملا ولم يطأها حتى وضعت لم تصر أم ولد وإن وطئها حال حملها فإن كان بعد أن كمل الولد وصار له خمسة أشهر لم تصر بذلك أم ولد أيضا.
وإن وطئها قبل ذلك صارت أم ولد وجزم به في الفصول.
وقال ابن حامد تصير أم ولد إذا ملكها حاملا بشرط أن يطأها في ابتداء الحمل أو بوسطه.
وقيل إنه روى عن الإمام أحمد رحمه الله وهو قريب من قول القاضي.
فعلى الرواية الأولى والثانية: لو أقر بولد من أمته أنه ولده ثم مات ولم يبين هل استولده في ملكه أو قبله وأمكنا ففي كونها أم ولد وجهان.

وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق والنظم هنا.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا في آخر كتاب الإقرار وهما احتمالان في الهداية والمذهب.
أحدهما: تكون أم ولد وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه أيضا في الرعاية في آخر الباب وإدراك الغاية.
والثاني لا تكون أم ولد صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز في آخر كتاب الإقرار.
فعلى هذا يكون له عليه الولاء وفيه نظر قاله في المغنى.
وتأتي المسألة في كلام المصنف في آخر كتاب الإقرار.
فائدة: حسنة لو قال لجاريته يدك أم ولدى أو قال لولدها يدك ابني صح ذكره في الانتصار في طلاق جزء واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه: ظاهر قوله: أو غيره.
أن الخلاف شامل لما لو وطئها بزنا ثم ملكها.
وقد صرح به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال الشريف وأبو الخطاب والمصنف والشارح إذا أصابها بذلك فإنها لا تصير أم ولد بذلك قولا واحدا.
فائدة: نص الإمام أحمد رحمه الله فيمن اشترى جارية حاملا من غيره فوطئها أن الولد لا يلحق بالواطئ ولكن يعتق عليه لأن الماء يزيد في الولد.
وجزم به في المغنى والشرح والفائق والروضة وغيرهم ونقله الأثرم ومحمد ابن حبيب ونقل صالح وغيره يلزمه عتقه فيعايى بها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يستحب ذلك وفي وجوبه خلاف في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
وقال أيضا يعتق ويحكم بإسلامه وأنه يسرى كالعتق ولا يثبت نسبه.
تنبيه: تقدم في آخر باب قسمة الغنائم إذا وطىء جارية من المغنم ممن له فيها حق أو لولده فأولدها ما حكمه؟
وتقدم في باب الوقف إذا وطىء الجارية الموقوفة عليه فأحبلها وحكمها.
وتقدم في باب الهبة إذا أحبل جارية ولده في فصل وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء.

قوله: وأحكام أم الولد أحكام الأمة في الإجارة والاستخدام والوطء وسائر أمورها إلا فيما ينقل الملك في رقبتها كالبيع والهبة والوقف أو ما تراد له كالرهن.
الصحيح من المذهب أنه لا يجوز ولا يصح بيع أم الولد وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقطع به كثير منهم وحكى جماعة الإجماع على ذلك.
وعنه ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة ولا عمل عليه.
قلت قال في الفنون يجوز بيعها لأنه قول علي ابن أبى طالب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم وإجماع التابعين لا يرفعه واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفائق وهو الأظهر.
قال فتعتق بوفاة سيدها من نصيب ولدها إن كان لها ولد أو بعضها مع عدم سعته ولو لم يكن لها ولدا فكسائر رقيقه وكذا قال في المغنى والشرح وشرح ابن رزين والفائق.
قال في الفروع بعد ذكر الرواية فقيل لا تعتق بموته.
ونفى هذه الرواية في الحاوي الصغير ولم يثبتها وتأولها.
وحكى بعضهم هذا القول إجماع الصحابة.
وتقدم في أواخر التدبير أنه لا يصح تدبيرها على الصحيح من المذهب وتقدم في أوائل كتاب الوقف هل يصح وقف أم الولد أم لا؟
وتقدم أيضا في أواخر باب الهبة هل يصح هبة أم الولد أم لا؟ فليراجعا.
فائدة: هل لهذا الخلاف شبهة فيه نزاع والأقوى فيه شبهة.
قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله وأنه ينبنى عليه لو وطىء معتقدا تحريمه هل يلحقه نسبه أو يرجم المحصن أما التعزير فواجب انتهى وتابعه في الفروع.
قوله: ثم إن ولدت من غير سيدها فلولدها حكمها في العتق بموت سيدها سواء عتقت أو ماتت قبله.
يعني إذا ولدت من زوج أو غيره بعد أن صارت أم ولد من سيدها وسواء عتقت أمه قبل موت السيد أو ماتت في حياة السيد فإن حكم الولد: حكمها إن مات سيدها عتق معها ويجوز فيه من التصرفات ما يجوز فيها ويمتنع فيه ما يمتنع فيها.
وكذا ولد المدبرة لا يبطل الحكم فيه بموت أمه جزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وقال في الانتصار هل يبطل عتق المدبر وأم الولد بموتهما قبل السيد أم لا؟ لأنه لا مال لهما.

اختلف كلامه فيه ويظهر الحكم في ولدهما.
وقال في القاعدة الثانية والثلاثين على القول بأن ولد المدبرة يتبعها قال الأكثرون يكون مدبرا بنفسه لا بطريق التبع وقد نص على أن الأم لو عتقت في حياة السيد لم يعتق الولد حتى تموت.
فعلى هذا لو رجع في تدبير الأم وقلنا له ذلك بقي الولد مدبرا وهذا قول القاضي وابن عقيل.
وقال أبو بكر هو تابع محض إن عتقت عتق وإن رقت رق وهو ظاهر كلام ابن أبى موسى انتهى.
وتقدم ذلك في باب المدبر عند قوله: وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها.
أما ولد المكاتبة إذا ماتت فإنه يعود رقيقا.
تنبيه: ظاهر قوله: ثم إن ولدت.
أن الولد لو كان موجودا قبل إيلادها من سيدها لا يعتق بموت السيد وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع لا يعتق على الأصح وقدمه في المغنى والشرح وغيرهما.
وعنه يعتق خرجها المصنف والشارح من ولد المدبرة الذي كان قبل التدبير على ما تقدم في بابه.
قوله: وإن مات سيدها وهي حامل منه فهل تستحق النفقة لمدة حملها؟ على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح وشرح ابن منجا والفائق وغيرهم.
إحداهما: تستحق النفقة صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير لها النفقة على أصح الروايتين وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: لا تستحقها هذا يشبه ما إذا مات عن امرأة حامل هل تستحق النفقة لمدة حملها على روايتين.
ومبنى الخلاف على الخلاف في نفقة الحامل هل هي للحمل أو للحامل؟
فإن قلنا هي للحمل فلا نفقة لها ولا للأمة الحامل لأن الحمل له نصيب في الميراث.
وإن قلنا للحامل فالنفقة على الزوج أو السيد انتهى.
قلت ويأتي في كلام المصنف في كتاب النفقات هل تجب النفقة لحملها أو لها من

أجله على روايتين والصحيح من المذهب أنها تجب للحمل.
قوله: وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها.
يعني إذا كان ذلك قدر أرش جنايتها وهذا المذهب.
قال الزركشي وابن منجا هذا المذهب وجزم به الخرقى وصاحب الوجيز وقدمه في الهداية والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه عليه فداؤها بأرش الجناية كله حكاها أبو بكر وقدمه في النظم والفائق وأطلقهما في المحرر.
فعلى المذهب يفديها بقيمتها يوم الفداء قاله الأصحاب وتجب قيمتها معيبة بعيب الاستيلاد.
قوله: وإن عادت فجنت فداها أيضا.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب أبى بكر والقاضي وأصحابه والمصنف وغيرهم حتى قال أبو بكر ولو جنت ألف مرة وقطع به الخرقى وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق والمغنى والشرح ونصراه.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وعنه يتعلق الفداء الثاني وما بعده بذمتها حكاها أبو الخطاب وقدمه في المستوعب والترغيب وأطلقهما في المذهب.
وقال في الفائق قلت المختار عدم إلزامه جنايتها.
فعلى الرواية الثانية: قال في الرعاية قلت يرجع الثاني على الأول بما يخصه مما أخذه.
تنبيه: أطلق المصنف هذه الرواية وكذا أطلقها أبو الخطاب في الهداية والمصنف في الكافي والمجد في المحرر وغيرهم.
وقيدها القاضي في كتاب الروايتين والمصنف والمغني والشارح حاكين ذلك عن أبى الخطاب وابن حمدان في رعايتيه بما إذا فداها أولا بقيمتها.
قال الزركشي ومقتضى ذلك أنه لو فداها أولا بأقل من قيمتها لزمه فداؤها ثانيا بما بقي من القيمة بلا خلاف.
فائدة: قال المصنف والشارح وإن جنت جنايات وكانت كلها قبل فداء شيء منها: تعلق

أرش الجميع برقبتها ولم يكن على السيد في الجنايات كلها إلا قيمتها أو أرش جميعها وعليه الأقل منهما.
ويشترك المجنى عليهم في الواجب لهم فإن لم يف بها تحاصوا فيها بقدر أروش جناياتهم.
تنبيه: قوله: وإن قتلت سيدها عمدا فعليها القصاص.
مقيد بما إذا لم يكن لها منه ولد فإن كان لها منه ولد لم يجب القصاص على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقد صرحوا به في باب شروط القصاص بقولهم: ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه سقط القصاص فلو قتل امرأته وله منها ولد سقط عنه القصاص.
ونقل مهنا يقتلها أولاده من غيرها.
قال المصنف والشارح وهي مخالفة لأصول مذهبه والصحيح لا قصاص عليها.
قال في الرعاية ولوليه مع فقد ابنهما القود وقيل مطلقا.
قوله: فإن عفوا على مال أو كانت الجناية خطأ فعليها قيمة نفسها.
هذا إحدى الروايتين وهو قول الخرقى والمصنف في كتبه والقاضي وجماعة من أصحابه.
والصحيح من المذهب أنه يلزمها الأقل من قيمتها أو ديته نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والقواعد الفقهية وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال ناظم المفردات :
إن قتلت في الحكم أم الولد ... سيدها في خطأ للرشد
أو كان عمدا فعفوا للمال ... قيمتها تلزم في المقال
أو دية فأنقص الأمرين ... يلزمها إذ ذاك في الحالين
قال الزركشي ولعل إطلاق الأولين محمول على الغالب إذ الغالب أن قيمة الأمة لا تزيد على دية الحر انتهى.
قال الأصحاب سواء قلنا الدية تحدث على ملك الورثة أو لا.
وفي الروضة دية الخطأ على عاقلتها لأن عند آخر جزء مات من السيد عتقت ووجب الضمان.
فائدة: وكذا إن قتلته المدبرة وقلنا تعتق على ما تقدم في آخر باب المدبر.

قوله: وتعتق في الموضعين.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي فيما عللوه به نظر لأن الاستيلاد كما أنه سبب للعتق بعد الموت كذلك النسب سبب للإرث فكما جاز تخلف الإرث مع قيام السبب بالنص فكذلك ينبغي أن يتخلف العتق مع قيام سببه لأنه مثله.
وقد قيل في وجه الفرق إن الحق وهو الحرية لغيرها فلا تسقط بفعلها بخلاف الإرث فإنه محض حقها وأورد عليه المدبرة يبطل تدبيرها إذا قتلت سيدها وإن كان الحق لغيرها وأجيب بضعف السبب في المدبرة.
قوله: ولا حد على قاذفها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه.
وعنه عليه الحد وعنه عليه الحد إن كان لها ابن لأنه أراده.
قال الزركشي وينبغي إجراء الروايتين فيما إذا كان لها زوج حر وكذلك ينبغي إجراؤهما في الأمة القن.
ونظير ذلك لو قذف أمه أو ذمية لها ابن أو زوج مسلمان فهل يحد على روايتين ذكرهما المجد وغيره.
وينبغي أن يقيد الابن والزوج بأن يكونا حرين انتهى.
قوله: وإذا أسلمت أم ولد الكافر أو مدبرته منع من غشيانها وحيل بينه وبينها بلا نزاع.
ومقتضى ذلك أن ملكه باق عليهما وأنهما لم يعتقا.
أما في أم الولد فهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي وهو المذهب المختار لأبي بكر والقاضي وأبى الخطاب والشريف والشيرازي وغيرهم.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وقدمه في المذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.

وعنه تعتق في الحال بمجرد إسلامها نقلها مهنا قاله المصنف في الكافي.
قال الزركشي ولا أعلم له سلفا في ذلك.
وعنه أنها تستسعى في حياته وتعتق نقلها مهنا قاله القاضي ولم يثبتها أبو بكر فقال أظن أن أبا عبد الله أطلق ذلك لمهنا على سبيل المناظرة للوقت.
وأما المدبرة فحكمها حكم المدبر إذا أسلم وقد ذكره المصنف في باب التدبير وتقدم الكلام على ذلك مستوفى فليراجع.
وظاهر كلام المصنف أن رواية الاستسعاء عائدة إلى أم الولد والمدبرة.
والمنقول أنها في أم الولد وحملها ابن منجا على ظاهرها وجعلها على القول بعدم جواز بيع المدبرة.
قوله: وأجبر على نفقتها إن لم يكن لها كسب.
هذا المذهب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقال المصنف والصحيح أن نفقتها على سيدها والكسب له يصنع به ما شاء وعليه نفقتها على التمام سواء كان لها كسب أو لم يكن وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقى قاله الزركشي.
قلت وهو الصواب.
وعنه لا تلزمه نفقتها بحال وتستسعى في قيمتها ثم تعتق كما تقدم.
وذكر القاضي أن نفقتها في كبسها والفاضل منه لسيدها.
فإن عجز كبسها عن نفقتها فهل يلزم السيد تمام نفقتها على روايتين وتبع القاضي جماعة من الأصحاب.
قوله: وإذا وطىء أحد الشريكين الجارية فأولدها صارت أم ولد له وولده حر وعليه قيمة نصيب شريكه.
لا يلزمه إلا قيمة نصيب الشريك فقط على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والمنور وهو ظاهر كلام الخرقى.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه يلزمه مع ذلك نصف مهرها.
وعنه يلزمه مع نصف المهر نصف قيمة الولد.

وقال القاضي إن وضعته بعد التقويم فلا شيء فيه لأنها وضعته في ملكه وإن وضعته قبل ذلك فالروايتان واختار اللزوم قاله الزركشي.
قوله: وإن كان معسرا كان في ذمته.
هذا المذهب نص عليه واختاره الخرقى وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح وغيرهم.
وعند القاضي في الجامع الصغير وأبى الخطاب في الهداية إن كان معسرا لم يسر استيلاده فلا يقوم عليه نصيب شريكه بل يصير نصفها أم ولد ونصفها قن باق على ملك الشريك.
فعلى هذا القول هل ولده حر أو نصفه؟ فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه حر كله.
ثم وجدت الزركشي قال ذلك قال ابن رزين في شرحه وهو أصح
قوله: فإن وطئها الثاني بعد ذلك فأولدها فعليه مهرها فإن كان عالما فولده رقيق وإن جهل إيلاد شريكه أو أنها صارت أم ولد له فولده حر وعليه فداؤه يوم الولادة ذكره الخرقي.
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وهذا مبني على الصحيح من المذهب في المسألة التي قبلها.
وعلى قول القاضي وأبى الخطاب تكون أم ولد لهما من مات منهما عتق حقه ويتكمل عتقها بموت الآخر.
وتقدم في باب الكتابة ما يشابه ذلك في قول المصنف وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها وما يشابهها أيضا ما إذا كاتب حصته وأعتق الشريك قبل أدائه فليراجع.
قوله: وإن أعتق أحدهما: نصيبه بعد ذلك.
يعني بعد حكمنا بأنها صارت أم ولد لهما على قول القاضي وأبى الخطاب.
وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه على وجهين.
أحدهما: يقوم عليه وهو المذهب.
قال في الفروع مضمونا عليه على الأصح.

قال المصنف والشارح وهو أولى وأصح إن شاء الله تعالى.
قال ابن منجا في شرحه وهو أصح وأقوى.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
والوجه الثاني لا يقوم عليه بل يعتق مجانا.
وقيل لا يعتق إلا ما أعتقه ولا يسرى إلى نصيب شريكه والله سبحانه وتعالى أعلم.
تم بحمد الله وحسن توفيقه طبع المجلد
السابع من كتاب الإنصاف في مطابع دار إحياء
التراث العربي بيروت الزاهرة أدامها الله
لطبع المزيد من الكتب النافعة والحمد لله
رب العالمين

المجلد الثامن
كتاب النكاح

باب النكاح
...
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
فائدتان
إحداهما : النكاح له معنيان معنى في اللغة ومعنى في الشرع.
فمعناه في اللغة "الوطء" قاله الأزهري وقيل: للتزويج: "نكاح، لأنه سبب الوطء".
قال أبو عمرو: "غلام ثعلب الذي حصلناه عن ثعلب عن الكوفيين والمبرد عن البصريين أن النكاح في أصل اللغة هو اسم للجمع بين الشيئين" قال الشاعر:
أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يجتمعان؟
وقال الجوهري: "النكاح الوطء وقد يكون العقد ونكحتها ونكحت هي أي تزوجت".
وعن الزجاج: "النكاح في كلام العرب بمعنى الوطء والعقد جميعا" وموضع نكح في كلامهم لزوم الشيء الشيء راكبا عليه.
قال بن جنى: سألت أبا على الفارسي عن قولهم نكحها.
فقال: "فرقت العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء فإذا قالوا نكح فلانة أو بنت فلان أرادوا تزويجها والعقد عليها".
وإذا قالوا "نكح امرأته لم يريدوا إلا المجامعة لأن بذكر امرأته وزوجته تستغنى عن العقد".
قال الزركشي فظاهره الاشتراك كالذي قبله وأن القرينة تعين.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: معناه في اللغة: "الجمع والضم على أتم الوجوه" فإن كان اجتماعا بالأبدان فهو الإيلاج الذي ليس بعده غاية في اجتماع البدنين وإن كان اجتماعا بالعقود فهو الجمع بينهما على الدوام واللزوم ولهذا يقال استنكحه المذى إذا لازمه وداومه انتهى.
ومعناه في الشرع: "عقد التزويج فهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح" اختاره المصنف والشارح وابن عقيل وبن البنا.
والقاضي في التعليق في كون المحرم لا ينكح لما قيل له إن النكاح حقيقة في الوطء قال إن كان في اللغة حقيقة في الوطء فهو في عرف الشرع للعقد.

قاله الزركشي وجزم به الحلواني وأبو يعلى الصغير قاله في الفروع.
قال الحلواني هو في الشريعة عبارة عن العقد بأوصافه وفي اللغة عبارة عن الجمع وهو الوطء.
قال ابن عقيل الصحيح انه موضوع للجمع وهو في الشريعة في العقد أظهر استكمالا ولا نقول إنه منقول نقله بن خطيب السلامية في تعليقه على المحرر وقدمه ابن منجا في شرحه وصاحب الرعاية الكبرى والفروع.
وذلك لأنه أشهر في الكتاب والسنة.
وليس في الكتاب لفظ النكاح بمعنى الوطء إلا قوله: تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [ البقرة: 230] على المشهور.
ولصحة نفيه عن الوطء فيقال هذا سفاح وليس بنكاح وصحة النفي دليل المجاز.
وقيل:هو حقيقة في الوطء مجاز في العقد.
اختاره القاضي في أحكام القرآن وشرح الخرقي والعمدة وأبو الخطاب في الانتصار وصاحب عيون المسائل وأبو يعلى الصغير.
قاله الزركشي وبن خطيب السلامية لما تقدم عن الأزهري وغلام ثعلب والأصل عدم النقل.
قال أبو الخطاب وتحريم من عقد عليها الأب استفدناه من الإجماع والسنة وهو بالإجماع القطعى في الجملة.
وقيل: هو مشترك يعنى أنه حقيقة في كل واحد منهما بانفراده وعليه الأكثر.
قال في الفروع والأشهر أنه مشترك.
قال القاضي في المحرر قاله الزركشي والجامع الكبير.
قال بن خطيب السلامية الأشبه بأصولنا ومذهبنا أنه حقيقة في العقد والوطء جميعا في الشريعة لقولنا بتحريم موطأة الأب من غير تزويج لدخولها في قوله: تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 23] وذلك لورودها في الكتاب العزيز والأصل في الإطلاق الحقيقة.
قال بن خطيب السلامية قال أبو الحسين النكاح عند الإمام أحمد رحمه الله حقيقة في الوطء والعقد جميعا وقاله أبو حكيم.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وقيل: هو حقيقة فيهما معا فلا يقال هو حقيقة على أحدهما بانفراده بل على مجموعهما فهو من الألفاظ المتواطئة.

قال بن رزين والأشبه أنه حقيقة في كل واحد باعتبار مطلق الضم لأن التواطؤ خير من الاشتراك والمجاز لأنهما على خلاف الأصل انتهى.
وقال بن هبيرة وقال مالك وأحمد رحمهما الله هو حقيقة في العقد والوطء جميعا وليس أحدهما أخص منه بالآخر انتهى.
مع أن هذا اللفظ محتمل أن يريد به الاشتراك.
وقال في الوسيلة كما قال بن هبيرة وذكر أنه عند الإمام أحمد رحمه الله كذلك انتهى.
والفرق بين الاشتراك والتواطؤ أن الاشتراك يقال على كل واحد منهما بانفراده حقيقة بخلاف المتواطئ فإنه لا يقال حقيقة إلا عليهما مجتمعين لا غير والله أعلم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هو في الإثبات لهما وفي النهي لكل منهما بناء على أنه إذا نهى عن شيء نهى عن بعضه والأمر به أمر بكله في الكتاب والسنة والكلام فإذا قيل مثلا انكح ابنة عمك كان المراد العقد والوطء.
وإذا قيل لا تنكحها تناول كل واحد منهما.
الثانية : قال القاضي المعقود عليه في النكاح المنفعة أي الانتفاع بها لا ملكها وجزم به في الفروع.
قال القاضي أبو الحسين في فروعه والذي يقتضيه مذهبنا أن المعقود عليه في النكاح منفعة الاستمتاع وأنه في حكم منفعة الاستخدام.
قال صاحب الوسيلة المعقود عليه منفعة الاستمتاع.
وقال القاضي في أحكام القرآن المعقود عليه الحل لا ملك المنفعة.
قال في القاعدة السادسة والثمانين ترددت عبارات الأصحاب في مورد عقد النكاح هل هو الملك أو الاستباحة فمن قائل هو الملك.
ثم ترددوا هل هو ملك منفعة البضع أو ملك الانتفاع بها؟
وقيل: بل هو الحل لا الملك ولهذا يقع الاستمتاع من جهة الزوجة مع أنه لا ملك لها.
وقيل: بل المعقود عليه الازدواج كالمشاركة ولهذا فرق الله سبحانه وتعالى بين الازدواج وملك اليمين.
وإليه ميل الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فيكون من باب المشاركات لا المعاوضات.
قوله : "النكاح سنة".
اعلم أن للأصحاب في ضبط أقسام النكاح طرقا.

أشهرها واصحها أن الناس في النكاح على ثلاثة أقسام.
القسم الأول : من له شهوة ولا يخاف الزنى فهذا النكاح في حقه مستحب على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين.
قال الشارح وغيره هذا المشهور في المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والمحرر والفروع وغيرهم.
وعنه أنه واجب على الإطلاق.
اختاره أبو بكر وأبو حفص البرمكي وبن أبي موسى.
وقدمه ناظم المفردات وهو منها.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير. وحمل القاضي الرواية الثانية على من يخشى على نفسه مواقعة المحظور بترك النكاح.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا فرق في ذلك بين الغنى والفقير وهو صحيح وهو المذهب نص عليه.
نقل صالح يقترض ويتزوج.
وجزم به بن رزين في شرحه وقدمه في الفروع والفائق.
قال الآمدي يستحب في حق الغني والفقير والعاجز والواجد والراغب والزاهد فإن الإمام أحمد رحمه الله تزوج وهو لا يجد القوت.
وقيل: لا يتزوج فقير إلا عند الضرورة.
وقيده بن رزين في مختصره بموسر وجزم به في النظم.
قلت وهو الصواب في هذه الأزمنة واختاره صاحب المبهج.
ويأتي كلامه في تعداد الطرق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيه نزاع في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
القسم الثاني: من ليس له شهوة كالعنين ومن ذهبت شهوته لمرض أو كبر أو غيره.
فعموم كلام المصنف هنا أنه سنة في حقه أيضا.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وهو إحدى الروايتين والوجهين.
واختاره القاضي في المجرد في باب الطلاق والخصال وبن عبدوس في تذكرته وجزم به في البلغة وغيره.

والقول الثاني هو في حقهم مباح وهو الصحيح من المذهب.
اختاره القاضي في المجرد في باب النكاح وابن عقيل في التذكرة وبن البنا وبن بطة. وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن رزين وتجريد العناية وجزم به في المنور.
قال في منتخبه يسن للتائق وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح والنظم والمستوعب وشرح ابن منجا والفروع والفائق.
وقيل: يكره وما هو ببعيد في هذه الأزمنة.
وحكى عنه يجب وهو وجه في الترغيب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله كلام صاحب المحرر يدل على أن رواية وجوب النكاح منتفية في حق من لا شهوة له.
وكذلك قال القاضي وابن عقيل والأكثرون.
ومن الأصحاب من طرد فيه رواية الوجوب أيضا.
نقله صاحب الترغيب وهو مقتضى إطلاق الأكثرين.
ويأتي التنبيه على ذلك في تعداد الطرق.
القسم الثالث: من خاف العنت.
فالنكاح في حق هذا واجب قولا واحدا إلا أن ابن عقيل ذكر رواية أنه غير واجب. ويأتي كلامه في تعداد الطرق.
قال الزركشي ولعله أراد بخوف العنت خوف المرض والمشقة لا خوف الزنى فإن العنت يفسر بكل واحد من هذه.
تنبيهات.
أحدها: العنت هنا هو الزنى على الصحيح.
وقيل:هو الهلاك بالزنى ذكره في المستوعب.
الثاني : مراده بقوله: إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور إذا علم وقوع ذلك أو ظنه قاله الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه إذا علم وقوعه فقط.
الثالث : هذه الأقسام الثلاثة هي أصح الطرق وهي طريقة المصنف والشارح وغيرهما.
قال الزركشي هي الطريقة المشهورة.

وقال ابن شيخ السلامية في نكته على المحرر ذكر غير واحد من أصحابنا في وجوب النكاح روايتين واختلفوا في محل الوجوب.
فمنهم من أطلقه ولم يقيده بحال وهذه طريقة أبي بكر وأبي حفص وبن الزاغوني.
قال في مفرداته النكاح واجب في إحدى الروايتين.
وكذلك أطلقه القاضي أبو يعلى الصغير في مفرداته وأبو الحسين وصاحب الوسيلة.
وقد وقع ذلك في كلام الإمام أحمد رحمه الله لما سئل عن التزويج فقال أراه واجبا.
وأشار إلى هذا أبو البركات حيث قال وعنه الوجوب مطلقا.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
قلت وهو ضعيف جدا فيمن لا شهوة له.
قال ومنهم من خص الوجوب بمن يجد الطول ويخاف العنت.
قال في المستوعب فهذا يجب عليه النكاح رواية واحدة.
وكذا قال في الترغيب وبن الجوزى وأبو البركات.
وعليها حمل القاضي إطلاق الإمام أحمد رحمه الله وأبي بكر.
قلت وقيده ابن عقيل بذلك أيضا وأن الشيخ تقي الدين رحمه الله قال وظاهر كلام أحمد والأكثرين أن ذلك غير معتبر.
واختار ابن حامد عدم الوجوب حتى في هذه الحالة.
قلت الذي يظهر أن هذا خطأ من الناقل عنه.
ومن أصحابنا من أجرى الخلاف فيه.
فحكى ابن عقيل في التذكرة في وجوب النكاح على من يخاف العنت ويجد الطول روايتين.
ومنهم من جعل محل الوجوب في الصورة الأولى وهذه الصورة.
ومنهم من جعل الخلاف في الصورة الثانية وهو من يجد الطول ولا يخاف العنت وله شهوة.
فها هنا جعل محل الخلاف غير واحد وحكوا فيه روايتين وهذه طريقة القاضي وأبي البركات.
وقطع الشيخ موفق الدين رحمه الله بعدم الوجوب من غير خلاف وكذلك القاضي في الجامع الكبير وابن عقيل في التذكرة.
واختاره بن حامد والشريف أبو جعفر.

قالوا ويدل على رجحانها في المذهب أن الإمام أحمد رحمه الله لم يتزوج حتى صار له أربعون سنة مع أنه كان له شهوة.
ومنهم من جعل محل الوجوب في الصورتين المتقدمتين وفي صورة ثالثة وهو من يجد الطول ولا شهوة له حكاه في الترغيب.
قال أبو العباس وكلام القاضي وتعليله يقتضي أن الخلاف في الوجوب ثابت وإن لم يكن له شهوة.
ومنهم من جعل محل الوجوب القدرة على النفقة والصداق.
قال في المبهج النكاح مستحب وهل هو واجب أم لا ينظر فيه.
فإن كان فقيرا لا يقدر على الصداق ولا على ما يقوم بأود الزوجة لم يجب رواية واحدة.
وإن كان قادرا مستطيعا ففيه روايتان لا يجب وهي المنصورة والوجوب. قال قلت ونازعه في ذلك كثير من الأصحاب.
ومنهم من أضاف قيدا آخر فجعل الوجوب مختصا بالقدرة على نكاح الحرة.
قال أبو العباس إذا خشي العنت جاز له التزوج بالأمة مع أن تركه أفضل أو مع الكراهة وهو يخاف العنت فيكون الوجوب مشروطا بالقدرة على نكاح الحرة.
قلت قدم في الفروع أنه لا يجب عليه نكاح الحرة.
قال القاضي وبن الجوزي والمصنف وغيرهم يباح ذلك والصبر عنه أولى.
وقال في الفصول في وجوبه خلاف.
واختار أبو يعلى الصغير الوجوب.
قلت الصواب أنه يجب إذا لم يجد حرة.
ومنهم من جعل الوجوب من باب وجوب الكفاية لا العين.
قال أبو العباس ذكر أبو يعلى الصغير في ضمن مسألة التخلي لنوافل العبادة إنا إذا لم نوجبه على كل واحد فهو فرض على الكفاية.
قلت وذكر أبو الفتح بن المنى أيضا أن النكاح فرض كفاية فكان الاشتغال به أولى كالجهاد.
قال وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان تركناه للحرج والمشقة انتهى.
وانتهى كلام بن خطيب السلامية مع ما زدنا عليه فيه.

فوائد
الأولى: حيث قلنا بالوجوب فإن المرأة كالرجل في ذلك أشار إليه أبو الحسين وأبو حكيم النهرواني وصاحب الوسيلة قاله بن خطيب السلامية.
الثانية: على القول بالوجوب لا يكتفي بمرة واحدة في العمر على الصحيح من المذهب.
قال بن خطيب السلامية في النكت جمهور الأصحاب أنه لا يكتفي بمرة واحدة بل يكون النكاح في مجموع العمر لقول الإمام أحمد رحمه الله ليست العزوبة في شيء من أمر الإسلام.
وقدم في الفروع أنه لا يكتفي بمرة واحدة.
وقال أبو الحسين في فروعه إذا قلنا بالوجوب فهل يسقط الأمر به في حق الرجل والمرأة بمرة واحدة أم لا؟
ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يسقط لقول الإمام أحمد في رواية المروذي ليست العزوبة من الإسلام وهذا الاسم لا يزول بمرة وكذا قاله صاحب الوسيلة وأبو حكيم النهرواني.
وفي المذهب لابن الجوزي وغيره يكتفي بالمرة الواحدة لرجل وامرأة وجزم به في عيون المسائل وقال هذا على رواية وجوبه.
ونقل بن الحكم أن الإمام أحمد رحمه الله قال المتبتل هو الذي لم يتزوج قط.
قلت وينبغي أن يتمشى هذا الخلاف على القول بالاستحباب أيضا.
وهو ظاهر كلامه في الفروع بخلاف صاحب النكت.
الثالثة: وعلى القول بوجوبه إذا زاحمه الحج الواجب.
فقد تقدم لو خاف العنت من وجب عليه الحج في كتاب الحج.
وذكرنا هناك الحكم والتفصيل فليراجع.
الرابعة: في الاكتفاء بالعقد استغناء بالباعث الطبعي عن الشرعي وجهان ذكرهما في الواضح وأطلقهما في الفروع والفائق.
قال ابن عقيل في المفردات قياس المذهب عندي يقتضي إيجابه شرعا كما يجب على المضطر تملك الطعام والشراب وتناولهما.
قال بن خطيب السلامية في نكته على المحرر وحيث قلنا بالوجوب فالواجب هو العقد وأما نفس الاستمتاع فقال القاضي لا يجب بل يكتفي فيه بداعية الوطء وحيث أوجبنا الوطء فإنما هو لإيفاء حق الزوجة لا غير انتهى.
الخامسة: ما قاله أبو الحسين هل يكتفي عنه بالتسري فيه وجهان.
وتابعه في الفروع وأطلقهما في الفائق والزركشي.

قال بن أبي المجد في مصنفه ويجزئ عنه التسري في الأصح.
قال في القواعد الأصولية والذي يظهر الاكتفاء.
قال بن نصر الله في حواشي الزركشي أصحهما لا يندفع فليتزوج فأمر بالتزوج.
قال ابن خطيب السلامية فيه احتمالان ذكرهما ابن عقيل في المفردات وبن الزاغوني.
ثم قال ويشهد لسقوط النكاح قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] انتهى.
قلت وهو الصواب.
وقال بعض الأصحاب الأظهر أن الوجوب يسقط به مع خوف العنت وإن لم يسقط مع غيره.
السادسة : على القول باستحبابه هل يجب بأمر الأبوين أو بأمر أحدهما به.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح وأبي داود إن كان له أبوان يأمرانه بالتزويج أمرته أن يتزوج أو كان شابا يخاف على نفسه العنت أمرته أن يتزوج.
فجعل أمر الأبوين له بذلك بمنزلة خوفه على نفسه العنت.
قال الإمام أحمد رحمه الله والذي يحلف بالطلاق لا يتزوج أبدا إن أمره أبوه تزوج.
السابعة : وعلى القول أيضا بعدم وجوبه هل يجب بالنذر.
صرح أبو يعلى الصغير في مفرداته أنه يلزمه بالنذر.
قلت وهو داخل في عمومات كلامهم في نذر التبرر.
الثامنة : يجوز له النكاح بدار الحرب للضرورة على الصحيح من المذهب. ونقل بن هانئ لا يتزوج وإن خاف.
وإن لم تكن به ضرورة للنكاح فليس له ذلك على الصحيح.
قال بن خطيب السلامية في نكته ليس له النكاح سواء كان به ضرورة أو لا؟
قال الزركشي فعلى تعليل الإمام أحمد رحمه الله لا يتزوج ولا مسلمة ونص عليه في رواية حنبل ولا يطأ زوجته إن كانت معه ونص عليه في رواية الأثرم وغيره.
وعلى مقتضى تعليله: له أن يتزوج آيسة أو صغيرة فإنه علل وقال من أجل الولد لئلا يستعبد.
وقال في المغني في آخر الجهاد وأما الأسير فظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لا يحل له التزوج ما دام أسيرا.
وأما الذي يدخل إليهم بأمان كالتاجر ونحوه فلا ينبغي له التزوج.
فإن غلبت عليه الشهوة أبيح له نكاح المسلمة وليعزل عنها ولا يتزوج منهم انتهى.

وقيل: يباح له النكاح مع عدم الضرورة.
وأطلقهما في الفروع فقال وله النكاح بدار حرب ضرورة وبدونها وجهان وكرهه الإمام أحمد رحمه الله وقال لا يتزوج ولا يتسرى إلا أن يخاف عليه.
وقال أيضا ولا يطلب الولد.
ويأتي هل يباح نكاح الحربيات أم لا في باب المحرمات في النكاح.
تنبيه: حيث حرم نكاحه بلا ضرورة وفعل وجب عزله وإلا استحب عزله ذكره في الفصول.
قلت فيعايى بها.
قوله : "والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة".
يعني حيث قلنا يستحب وكان له شهوة وهذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال أبو يعلى الصغير لا يكون أفضل من التخلي إلا إذا قصد به المصالح المعلومة أما إذا لم يقصدها فلا يكون أفضل.
وعنه التخلي لنوافل العبادة أفضل كما لو كان معدوم الشهوة حكاها. أبو الحسين في التمام وبن الزاغوني واختارها ابن عقيل في المفردات وهي احتمال في الهداية ومن تابعه.
وذكر أبو الفتح بن المنى أن النكاح فرض كفاية فكان الاشتغال به أولى كالجهاد كما تقدم.
قوله : "ويستحب تخير ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية" بلا نزاع.
ويستحب أيضا أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف على الصحيح من المذهب جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الهداية والمستوعب وإدراك الغاية والفائق والأولى أن لا يزيد على نكاح واحدة.
قال الناظم وواحدة اقرب إلى العدل.
قال في تجريد العناية هذا الأشهر.
قال ابن خطيب السلامية جمهور الأصحاب استحبوا أن لا يزيد على واحدة.
قال بن الجوزي إلا أن لا تعفه واحدة انتهى.
وقيل: المستحب اثنان كما لو لم تعفه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله فإنه قال يقترض ويتزوج. ليته إذا تزوج اثنتين يفلت.

وهو ظاهر كلام ابن عقيل في مفرداته.
قال بن رزين في النهاية يستحب أن يزيد على واحدة وأطلقهما في الفروع.
قوله : "ويجوز لمن أراد خطبة امرأة النظر".
هذا المذهب أعني أنه يباح.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وتجريد العناية.
وقيل: يستحب له النظر.
جزم به أبو الفتح الحلواني وابن عقيل وصاحب الترغيب وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
قال الزركشي وجعله ابن عقيل وبن الجوزي مستحبا وهو ظاهر الحديث.
فزاد بن الجوزي.
قال بن رزين في شرحه يسن إجماعا كذا قال.
وأطلق الوجهين بن خطيب السلامية.
وقال قلت ويتعين تقييد ذلك بمن إذا خطبها غلب على ظنه إجابته إلى نكاحها.
وقاله ابن رجب في تعليقه على المحرر ذكره عنه في القواعد الأصولية.
قلت وهو كما قال وهو مراد الإمام والأصحاب قطعا.
قوله : "النظر إلى وجهها".
يعني فقط من غير خلوة بها هذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله جزم به في البلغة والوجيز ونظم المفردات.
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وشرح بن رزين وتجريد العناية.
قال الزركشي صححها القاضي في المجرد وابن عقيل.
وهو من مفردات المذهب.

وعنه له النظر إلى ما يظهر غالبا كالرقبة واليدين والقدمين وهو المذهب.
قال في تجريد العناية هذا الأصح ونصره الناظم.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وحمل كلام الخرقي وأبي بكر الآتي على ذلك وجزم به في العمدة.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وأطلقهما في الكافي.
وقيل: له النظر إلى الرقبة والقدم والرأس والساق.
وعنه له النظر إلى الوجه والكفين فقط حكاها ابن عقيل وحكاه بعضهم قولا بناء على أن اليدين ليستا من العورة.
قال الزركشي وهي اختيار من زعم ذلك.
قال القاضي في التعليق المذهب المعول عليه إلى المنع من النظر ما هو عورة ونحوه.
قال الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وجوز أبو بكر النظر إليها في حال كونها حاسرة.
وحكى ابن عقيل رواية بأن له النظر إلى ما عدا العورة المغلظة ذكرها في المفردات.
والعورة المغلظة هي الفرجان وهذا مشهور عن داود الظاهري.
تنبيه حيث أبحنا له النظر إلى شيء من بدنها فله تكرار النظر إليه وتأمل المحاسن كل ذلك إذا أمن الشهوة قيده بذلك الأصحاب.
تنبيه: آخر مقتضى قوله: ويجوز لمن أراد خطبة امرأة أن محل النظر قبل الخطبة وهو صحيح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وينبغي أن يكون النظر بعد العزم على نكاحها وقبل الخطبة.
فائدتان
إحداهما: قال الإمام أحمد رحمه الله إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولا فإن حمد سأل عن دينها فإن حمد تزوج وإن لم يحمد يكون رده لأجل الدين ولا يسأل أولا عن الدين فإن حمد سأل عن الجمال فإن لم يحمد ردها فيكون رده للجمال لا للدين.
الثانية: قال بن الجوزي ومن ابتلى بالهوى فأراد التزوج فليجتهد في نكاح التي ابتلى بها إن صح ذلك وجاز وإلا فليتخير ما يظنه مثلها.
قوله : "وله النظر إلى ذلك وإلى الرأس والساقين من الأمة المستامة".
يعني له النظر إلى ما يظهر غالبا وإلى الرأس والساقين منها وهو المذهب جزم به في

الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمستوعب.
وعنه ينظر سوى عورة الصلاة جزم به في الكافي فقال ويجوز لمن أراد شراء جارية النظر منها إلى ما عدا عورتها.
وقيل: ينظر غير ما بين السرة والركبة.
قال الناظم هذا المقدم.
وقيل: حكمها في النظر كالمخطوبة.
ونقل حنبل لا بأس أن يقلبها إذا أراد شراءها من فوق ثيابها لأنها لا حرمة لها.
قال القاضي أجاز تقليب الظهر والصدر بمعنى لمسه من فوق الثياب.
قوله : "ومن ذوات محارمه".
يعني يجوز له النظر من ذوات محارمه إلى ما لا يظهر غالبا وإلى الرأس والساقين وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
واعلم أن حكم ذوات محارمه حكم الأمة المستامة في النظر خلافا ومذهبا على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر.
وعنه لا ينظر من ذوات محارمه إلى غير الوجه ذكرها في الرعاية وغيرها.
وعنه لا ينظر منهن إلا إلى الوجه والكفين.
فائدتان
إحداهما: حكم المرأة في النظر إلى محارمها حكمهم في النظر إليها قاله في الفروع وغيره.
الثانية: ذوات محارمه من يحرم نكاحها عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح فلا ينظر إلى أم المزني بها ولا إلى ابنتها ولا إلى بنت الموطوأة بشبهة.
قاله المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
قوله : "وللعبد النظر إليهما من مولاته".
يعني إلى الوجه والكفين وهذا أحد القولين.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وتجريد العناية وغيرهم.

وصححه في النظم واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والشرح والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
والصحيح من المذهب أن للعبد النظر من مولاته إلى ما ينظر إليه الرجل من ذوات محارمه على ما تقدم خلافا ومذهبا قدمه في الفروع وجزم به في الكافي.
وعنه المنع من النظر للعبد مطلقا نقله بن هانئ وهو قول في الرعاية الكبرى.
قال الشارح وهو قول بعض أصحابنا وما هو ببعيد.
فائدة : قال في الفروع وظاهر كلامهم لا ينظر عبد مشترك ولا ينظر الرجل أمة مشتركة لعموم منع النظر إلا من عبدها وأمته انتهى.
وقال بعض الأصحاب للعبد المشترك بين النساء النظر إلى جميعهن لوجود الحاجة بالنسبة إلى الجميع.
وجزم به في تجريد العناية فقال ولعبد ولو مبعضا نظر وجه سيدته وكفيها.
وذكر المصنف في فتاويه أنه يجوز لهن جميعهن النظر إليه لحاجتهن إلى ذلك بخلاف الأمة المشتركة بين رجال ليس لأحد منهم النظر إلى عورتها.
قوله : "ولغير أولي الإربة من الرجال كالكبير والعنين ونحوهما النظر إلى ذلك".
يعني إلى الوجه والكفين وهذا أحد الوجهين صححه في النظم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل: حكمهم حكم العبد مع سيدته في النظر وهو المذهب قدمه في الفروع.
قال في الكافي والمغني حكمهم حكم ذي المحارم في النظر وقطع به.
وقيل: لا يباح لهم النظر مطلقا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب أن الخصى والمجبوب لا يجوز لهما النظر إلى الأجنبية وهو صحيح وهو المذهب.
قال الأثرم استعظم الإمام أحمد رحمه الله إدخال الخصيان على النساء.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.

قال ابن عقيل: لا تباح خلوة النساء بالخصيان ولا بالمجبوبين لأن العضو وإن تعطل أو عدم فشهوة الرجال لا تزول من قلوبهم ولا يؤمن التمتع بالقبل وغيرها وكذلك لا يباح خلوة الفحل بالرتقاء من النساء لهذه العلة انتهى.
وقيل: هما كذى محرم وهو احتمال في الهداية.
قال في الفروع ونصه لا.
وقال في الانتصار الخصى يكسر النشاط ولهذا يؤمن على الحرم.
قوله : "وللشاهد والمبتاع النظر إلى وجه المشهود عليها ومن تعامله".
هذا أحد الوجهين وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه ينظر إلى وجهها وكفيها إذا كانت تعامله.
وذكر بن رزين أن الشاهد والمبتاع ينظران إلى ما يظهر غالبا.
فائدة ألحق في الرعايتين والحاوي الصغير المستأجر بالشاهد والمبتاع.
زاد في الرعاية الكبرى والمؤجر والبائع.
ونقل حرب ومحمد بن أبي حرب في البائع ينظر كفها ووجهها إن كانت عجوزا رجوت وإن كانت شابة تشتهي أكره ذلك.
تنبيه إباحة نظر هؤلاء مقيد بحاجتهما.
فائدة: من ابتلى بخدمة مريض أو مريضة في وضوء أو استنجاء أو غيرهما فحكمه حكم الطبيب في النظر والمس نص عليه.
وكذا لو حلق عانة من لا يحسن حلق عانته نص عليه وقاله أبو الوفاء وأبو يعلى الصغير.
قوله : "وللصبي المميز غير ذي الشهوة النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه هو كالمحرم وأطلق في الكافي في المميز روايتين.
قوله : "فإن كان ذا شهوة فهو كذى المحرم".
وهو المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وغيره.

وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه أنه كالأجنبي وأطلقهما في الكافي والفائق والقواعد الأصولية.
وقيل: كالطفل ذكره في الرعاية الكبرى.
قلت وهو ضعيف جدا.
وقال في الرعاية الصغرى فهو كذى محرم.
وعنه كأجنبي بالغ.
فائدتان
إحداهما: حكم بنت تسع حكم المميز ذي الشهوة على الصحيح من المذهب.
وذكر أبو بكر قول الإمام أحمد في رواية عبد الله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغت المحيض فلا تكشف إلا وجهها ويديها.
ونقل جعفر في الرجل عنده الأرملة واليتيمة لا ينظر وأنه لا بأس بنظر الوجه بلا شهوة.
الثانية: لا يحرم النظر إلى عورة الطفل والطفلة قبل السبع ولا لمسها نص عليه.
ونقل الأثرم في الرجل يضع الصغيرة في حجره ويقبلها إن لم يجد شهوة فلا بأس.
ولا يجب سترهما مع أمن الشهوة جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال في الفائق ولا بأس بالنظر إلى طفلة غير صالحة للنكاح بغير شهوة.
وهل هو محدود بدون السبع أو بدون ما تشتهي غالبا على وجهين.
قوله : "وللمرأة مع المرأة والرجل مع الرجل النظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة".
يجوز للمرأة المسلمة النظر من المرأة المسلمة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف هنا وصاحب الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى.
والصحيح من المذهب أنها لا تنظر منها إلا إلى غير العورة.
وجزم به في المحرر والنظم والفروع والفائق والمنور.
ولعل من قطع أولا أراد هذا.
لكن صاحب الرعاية غاير بين القولين وهو الظاهر.

ومرادهم بعورة المرأة هنا كعورة الرجل على الخلاف صرح به الزركشي في شرح الوجيز.
وأما الكافرة مع المسلمة فالصحيح من المذهب أن حكمها حكم المسلمة مع المسلمة جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح ونصراه وصححه في الكافي وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه لا تنظر الكافرة من المسلمة ما لا يظهر غالبا.
وعنه هي معها كالأجنبي قدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وقالوا نص عليه.
وقطع به الحلواني في التبصرة.
واستثنى القاضي أبو يعلى على هذه الرواية الكافرة المملوكة لمسلمة فإنه يجوز أن تظهر على مولاتها كالمسلمة وأطلقهما في المذهب.
فائدة: يجوز أن تكون الكافرة قابلة للمسلمة للضرورة وإلا فلا نص عليه.
وأما الرجل مع الرجل ولو كان أمرد فالمذهب أنه لا ينظر منه إلا ما بين السرة والركبة وعليه الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره.
وقدمه في الرعاية الكبرى وقال وقيل: ينظر غير العورة.
فيحتمل أنه كالأول لكن عند صاحب الرعاية أنه أعم من الأول.
قوله : "ويباح للمرأة النظر من الرجل إلى غير العورة".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والفائق والمحرر.
وقال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه يباح لها النظر منه إلى ما يظهر غالبا.
وعنه لا يباح النظر إليه وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وقطع به بن البنا واختاره أبو بكر قاله القاضي نقله الشيخ تقي الدين رحمه الله في شرح المحرر.

وقال ابن عقيل أيضا يحرم النظر.
ونقل القاضي أيضا عن أبي بكر الكراهة.
وقال الشيخ تقي الدين في شرح المحرر ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والقاضي كراهة نظرها إلى وجهه وبدنه وقدميه واختار الكراهة.
وقيل: لا يحرم النظر إلى ما يظهر غالبا وقت مهنة وغفلة.
تنبيه قال في الفروع أطلق الأصحاب إباحة النظر للمرأة إلى غير العورة من الرجل.
ونقل الأثرم يحرم النظر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عقيل في الفنون قال أبو بكر لا تختلف الرواية أنه لا يجوز لهن.
قال في الفروع ويؤيد الأول أن الإمام أحمد رحمه الله لم يجب بالتخصيص في الأخبار التي في المسألة.
وقال القاضي في الروايتين: يجوز لهن رواية واحدة لأنهن في حكم الأمهات في الحرمة والتحريم فجاز مفارقتهن في هذا القدر بقية النساء.
قلت: وهذا أولى.
فوائد
منها: يجوز النظر من الأمة وممن لا تشتهى كالعجوز والبرزة والقبيحة ونحوهم إلى غير عورة الصلاة على الصحيح من المذهب.
واختار المصنف والشارح جواز النظر من ذلك إلى ما لا يظهر غالبا.
وقال في الرعاية الكبرى ويباح نظر وجه كل عجوز برزة همة ومن لا يشتهي مثلها غالبا وما ليس بعورة منها ولمسه ومصافحتها والسلام عليها إن أمن على نفسه ومعناه في الرعاية الصغرى والحاوي.
ونقل حنبل إن لم تختمر الأمة فلا بأس.
وقيل: الأمة القبيحة كالحرة والجميلة.
ونقل المروذي لا ينظر إلى المملوكة كم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل؟
ونقل ابن منصور لا تنتقب الأمة ونقل أيضا تنتقب الجميلة.
وكذا نقل أبو حامد الخفاف.
قال القاضي لكن يمكن حمل ما أطلقه على ما قيده.
قلت الصواب أن الجميلة تنتقب وأنه يحرم النظر إليها كما يحرم النظر إلى الحرة الأجنبية.

تنبيه : حيث قلنا يباح ففي تحريم تكرار نظر وجه مستحسن وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت: الصواب التحريم.
ومنها: الخنثى المشكل في النظر إليه كالمرأة تغليبا لجانب الحظر ذكره ابن عقيل.
قال في الفروع ويخرج وجه من ستر العورة في الصلاة أنه كالرجل.
وقال في الرعاية وإن تشبه خنثى مشكل بذكر أو أنثى أو مال إلى أحدهما فله حكمه في ذلك.
وقال قلت لا يزوج بحال فإن خاف الزنى صام أو استمنى وإلا فهو مع امرأة كالرجل ومع رجل كامرأة.
ومنها: ظاهر كلام المصنف وأكثر الأصحاب أنه لا يجوز للرجل النظر إلى غير من تقدم ذكره فلا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصدا وهو صحيح وهو المذهب.
وجوز جماعة من الأصحاب نظر الرجل من الحرة الأجنبية إلى ما ليس بعورة صلاة.
وجزم به في المستوعب في آدابه وذكره الشيخ تقي الدين رواية.
قال القاضي المحرم ما عدا الوجه والكفين.
وصرح القاضي في الجامع أنه لا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة.
ثم قال النظر إلى العورة محرم وإلى غير العورة مكروه.
وهكذا ذكر ابن عقيل وأبو الحسين.
وقال أبو الخطاب لا يجوز النظر لغير من ذكرنا إلا أن القاضي أطلق هذه العبارة وحكى الكراهة في غير العورة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة رواية عن الإمام أحمد يكره ولا يحرم.
وقال ابن عقيل لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة انتهى.
قلت وهذا الذي لا يسع الناس غيره خصوصا للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم وهو مذهب الشافعي.
ويأتي في آخر العدد هل يجوز أن يخلو بمطلقته أو أجنبية أم لا.
قوله : "ويجوز النظر إلي الغلام لغير شهوة".
النظر إلى الأمرد لغير شهوة على قسمين.
أحدهما : أن يأمن ثوران الشهوة.

فهذا يجوز له النظر من غير كراهة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم وقاله أبو حكيم وغيره ولكن تركه أولى صرح به ابن عقيل.
قال وأما تكرار النظر فمكروه.
وقال أيضا في كتاب القضاء تكرار النظر إلى الأمرد محرم لأنه لا يمكن بغير شهوة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن كرر النظر إلى الأمرد أو داومه وقال إني لا أنظر بشهوة فقد كذب في ذلك.
وقال القاضي نظر الرجل إلى وجه الأمرد مكروه.
وقال ابن البنا النظر إلى الغلام الأمرد الجميل مكروه نص عليه وكذا قال أبو الحسين.
القسم الثاني: أن يخاف من النظر ثوران الشهوة.
فقال الحلواني يكره وهل يحرم على وجهين.
وحكى صاحب الترغيب ثلاثة أوجه التحريم وهو مفهوم كلام صاحب المحرر فإنه قال يجوز لغير شهوة إذا أمن ثورانها.
واختاره الشيخ تقي الدين فقال أصح الوجهين لا يجوز كما أن الراجح في مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز وإن كانت الشهوة منتفية لكن يخاف ثورانها.
وقال المصنف في المغني إذا كان الأمرد جميلا يخاف الفتنة بالنظر إليه لم يجز تعمد النظر إليه.
قال في الفروع ونصه يحرم النظر خوف الشهوة.
والوجه الثاني الكراهة وهو الذي ذكره القاضي في الجامع وجزم به الناظم.
والوجه الثالث الإباحة وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكثير من الأصحاب.
والمنقول عن الإمام أحمد رحمه الله كراهة مجالسة الغلام الحسن الوجه.
وقال في الرعاية الكبرى ويحرم النظر إلى الأمرد لشهوة ويجوز بدونها مع منها.
وقيل: وخوفها.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وإن خاف ثورانها فوجهان.
فائدة: قال ابن عقيل يحرم النظر مع شهوة تخنيث وسحاق وإلى دابة يشتهيها ولا يعف عنه وكذا الخلوة بها.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام غيره.

فوائد
منها قوله: "ولا يجوز النظر إلي أحد ممن ذكرنا لشهوة".
وهذا بلا نزاع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن استحله كفر إجماعا.
وكذا لا يجوز النظر إلى أحد ممن تقدم ذكره إذا خاف ثوران الشهوة نص عليه واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
ومنها: معنى الشهوة التلذذ بالنظر.
ومنها: لمس من تقدم ذكره كالنظر إليه على قول.
وعلى قول آخر هو أولى بالمنع من النظر واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير وهو الصواب وأطلقهما في الفروع.
ومنها : صوت الأجنبية ليس بعورة على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ليس بعورة على الأصح.
قال بن خطيب السلامية قال القاضي الزريراني الحنبلي في حواشيه على المغني هل صوت الأجنبية عورة فيه روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد رحمه الله ظاهر المذهب ليس بعورة انتهى.
وعنه أنه عورة اختاره ابن عقيل فقال يجب تجنب الأجانب الاستماع من صوت النساء زيادة على ما تدعو الحاجة إليه لأن صوتها عورة انتهى.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح يسلم على المرأة الكبيرة فأما الشابة فلا تنطق.
قال القاضي إنما قال ذلك من خوف الافتتان بصوتها وأطلقهما في المذهب.
وعلى كلا الروايتين يحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة جزم به في المستوعب والرعاية والفروع وغيرهم.
قال القاضي يمنع من سماع صوتها.
وقال ابن عقيل في الفصول يكره سماع صوتها بلا حاجة.
قال بن الجوزي في كتاب النساء له سماع صوت المرأة مكروه.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا ينبغي للمرأة أن تخفض من صوتها إذا كانت في قراءتها إذا قرأت بالليل.
ومنها: إذا منعنا المرأة من النظر إلى الرجل فهل تمنع من سماع صوته ويكون حكمه حكم سماع صوتها؟

قال القاضي في الجامع الكبير قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا لا يعجبني أن يؤم الرجل النساء إلا أن يكون في بيته يؤم أهله أكره أن تسمع المرأة صوت الرجل.
قال بن خطيب السلامية في نكته وهذا صحيح لأن الصوت يتبع الصورة ألا ترى أنه لما منع من النظر إلى الأجنبية منع من سماع صوتها.
كذلك المرأة لما منعت من النظر إلى الرجل منعت من سماع صوته.
قال بن خطيب السلامية في نكتة لم تزل النساء تسمع أصوات الرجال والفرق بين النساء والرجال ظاهر.
ومنها: تحرم الخلوة لغير محرم للكل مطلقا ولو بحيوان يشتهي المرأة وتشتهيه هي كالقرد ونحوه.
ذكره ابن عقيل وبن الجوزي والشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال الخلوة بأمرد حسن ومضاجعته كامرأة ولو كان لمصلحة تعليم وتأديب ومن يقر موليه عند من يعاشره كذلك ملعون ديوث ومن عرف بمحبتهم أو معاشرة بينهم منع من تعليمهم.
وقال بن الجوزي كان السلف يقولون الأمرد أشد فتنة من العذارى.
قال ابن عقيل الأمرد ينفق على الرجال والنساء فهو شبكة الشيطان في حق النوعين.
ومنها: كره الإمام أحمد رحمه الله مصافحة النساء وشدد أيضا حتى لمحرم وجوزه لوالد.
قال في الفروع ويتوجه ولمحرم.
وجوز الإمام أحمد رحمه الله أخذ يد عجوز وفي الرعاية وشوهاء.
وسأله ابن منصور يقبل ذات المحارم منه قال إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه لكن لا يفعله على الفم أبدا الجبهة والرأس.
ونقل حرب فيمن تضع يدها على بطن رجل لا تحل له قال لا ينبغي إلا لضرورة.
ونقل المروذي أتضع يدها على صدره قال ضرورة.
قوله : "ولكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن الآخر ولمسه من غير كراهة".
هذا المذهب مطلقا حتى الفرج وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.

وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والنظم والحاوي الصغير والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل: يكره لهما نظر الفرج جزم به في الكافي وقدمه في الرعايتين.
وقال الآمدي في فصوله وليس للزوج النظر إلى فرج امرأته في إحدى الروايتين نقله بن خطيب السلامية.
وقيل: يكره لهما عند الجماع خاصة.
وجزم في المستوعب بأنه يكره النظر إلى فرجها حال الطمث فقط وجزم به في الرعايتين وزاد في الكبرى وحال الوطء.
فائدتان
إحداهما: قال القاضي في الجامع يجوز تقبيل فرج المرأة قبل الجماع ويكره بعده وذكره عن عطاء.
الثانية: ليس لها استدخال ذكر زوجها وهو نائم بلا إذنه ولها لمسه وتقبيله بشهوة وجزم به في الرعاية وتبعه في الفروع وصرح به ابن عقيل.
وقال لأن الزوج يملك العقد وحبسها ذكراه في عشرة النساء.
ومر بي في بعض التعاليق قول إن لها ذلك ولم أستحضر الآن في أي كتاب هو.
قوله : "وكذلك السيد مع أمته".
حكم السيد مع أمته المباحة له حكم الرجل مع زوجته في النظر واللمس خلافا ومذهبا.
تنبيه في قول المصنف مع أمته نظر لأنه يدخل في عمومه أمته المزوجة والمجوسية والوثنية ونحوهن وليس له النظر إلى واحدة منهن ولا لمسها لما سيذكر في موضعه.
وجعل كثير من الأصحاب مكان أمته سريته.
قال ابن منجا وفيه نظر أيضا لأنه يحرم عليه أمته التي ليست سرية والحال أن له النظر إليها ولمسها فلذلك قال بعض الأصحاب منهم المصنف في الكافي والناظم وصاحب المنور وغيرهم أمته المباحة وهو أجود مما تقدم انتهى.
قلت وهو مراد المصنف وغيره.
فائدتان
إحداهما: لو زوج أمته جاز له النظر منها إلى غير العورة على الصحيح من المذهب جزم به في الفائق وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.

وقال في الترغيب هو كمحرم ونقل حنبل كأمة غيره.
الثانية: يكره النظر إلى عورة نفسه قاله في الترغيب وغيره.
وقال في المستوعب وغيره يستحب أن لا يديمه.
وقال الأزجى في نهايته يعرض ببصره عنها لأنه يدل على الدناءة انتهى.
وتقدم في باب الاستنجاء هل يكره مس فرجه مطلقا أو في حال التخلي.
قوله : :ولا يجوز التصريح:.
وهو ما لا يحتمل غير النكاح.
بخطبة المعتدة ولا التعريض.
وهو ما يفهم منه النكاح مع احتمال غيره.
بخطبة الرجعية بلا نزاع.
قوله : "ويجوز في عدة الوفاة يعني التعريض".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الانتصار والمفردات إن دلت على اقترانهما كمتحابين قبل موت الزوج منعنا من تعريضه في العدة.
قوله : "ويجوز في عدة البائن بطلاق ثلاث" بلا نزاع.
وهل يجوز في عدة البائن بغير الثلاث على وجهين.
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما لا يجوز جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في المحرر.
الثاني يجوز وهو المذهب جزم به في العمدة.
وصححه في التصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان المعرض أجنبيا.
فأما من كانت في عصمته فإنه يباح له التعريض والتصريح بلا نزاع.
قوله : "ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه إن أجيب".
هذا المذهب يعني يحرم وعليه جماهير الأصحاب.

قال بن خطيب السلامية قاله أصحابنا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والشرح والنظم والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل: يكره اختاره أبو حفص.
قال بن خطيب السلامية في نكته والشريف أبو جعفر قاله في الفائق والزركشي.
فعلى المذهب يصح العقد على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه لا يصح اختاره أبو بكر قاله بن خطيب السلامية.
وقال الزركشي قال أبو بكر البيع على بيع أخيه باطل نص عليه.
فخرج ابن عقيل وغيره بطلان النكاح للنهى.
قوله : "ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه إن أجيب".
واعلم أنه إذا أجيب تصريحا فلا كلام.
وإن أجيب تعريضا فظاهر كلام المصنف هنا أنه لا يحل له أيضا كالتصريح وهو المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقي وصححه الناظم.
واختاره المصنف في المغني والشارح وجزم به في الوجيز.
وعنه يجوز.
قال القاضي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله إباحة خطبتها.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أن له أن يخطب على خطبة الذمي مطلقا لأنه ليس بأخيه وهو صحيح نص عليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية علي بن سعيد.
فائدة: قوله : "وإن رد حل" بلا نزاع.
وكذا إن ترك الخطبة أو أذن له.
وكذا إن سكت عنه عند القاضي في المجرد وابن عقيل وقدمه الزركشي وعن القاضي سكوت البكر رضى.
قوله : "وإن لم يعلم بالحال فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا والفروع والفائق وتجريد العناية والزركشي.
إحداهما: يجوز وهو الصحيح وهو ظاهر ما نقله الميموني.

وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور.
والثاني : لا يجوز وهو ظاهر كلامه في العمدة.
فائدة : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو خطبت المرأة أو وليها لرجل ابتداء فأجابها فينبغي أن لا يحل لرجل آخر خطبتها إلا أنه أضعف من أن يكون هو الخاطب.
ونظير الأولى أن تخطبه امرأة أو وليها بعد أن يخطب هو امرأة فإن هذا إيذاء للمخطوب في الموضعين كما أن ذاك إيذاء للخاطب وهذا بمنزلة البائع على بيع أخيه قبل انعقاد العقد وذلك كله ينبغي أن يكون حراما.
فائدة: أخرى: لو أذنت لوليها أن يزوجها من رجل بعينه احتمل أن يحرم على غيره خطبتها كما لو خطب فأجابت ويحتمل أن لا يحرم لأنه لم يخطبها أحد قال ذلك القاضي أبو يعلى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذا دليل من القاضي على أن سكوت المرأة عند الخطبة ليس بإجابة بحال.
قوله : "والتعويل في الرد والإجابة عليها إن لم تكن مجبرة".
بلا نزاع وإن كانت مجبرة فعلى الولي.
هذا المذهب سواء رضيت أو كرهت جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع والزركشي.
صرح به القاضي وابن عقيل.
وقال المصنف والشارح لو أجاب ولي المرأة فكرهت المجاب واختارت.
غيره سقط حكم إجابة وليها وإن كرهته ولم تختر سواه فينبغي أن يسقط حكم الإجابة وإن أجابت ثم رجعت زال حكم الإجابة.
قوله : "ويستحب عقد النكاح مساء يوم الجمعة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية يستحب عقده يوم الجمعة أو الخميس والمساء أولى.
قوله : "وأن يخطب قبل العقد بخطبة بن مسعود".
وهذا المذهب أيضا وعليه الأصحاب والعمل عليه قديما وحديثا.
وقال الشيخ عبد القادر إن أخر الخطبة عن العقد جاز انتهى.
قلت ينبغي أن يقال مع النسيان بعد العقد.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يزيد على خطبة بن مسعود رضي الله عنه وهو

المذهب وعليه الأصحاب وقاله في العمدة ويقرأ ثلاث آيات وذكرها.
وقال في عيون المسائل يأتي بخطبة بن مسعود رضي الله عنه بالآيات الثلاث وإن الله أمر بالنكاح ونهى عن السفاح فقال مخبرا وآمرا: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32].
وقال الشيخ عبد القادر ويستحب أن يزيد هذه الآية أيضا.
فائدتان
إحداهما: كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى إذا حضر العقد ولم يسمع الخطبة انصرف.
والمجزئ منها أن يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
الثانية: قال بن خطيب السلامية في نكته على المحرر وقع في كلام القاضي في الجامع ما يقتضي أنه يستحب أن يتزوج في شوال.
فائدة في خصائصه صلى الله عليه وسلم
كان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بأي عدد شاء فيكون قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [(الأحزاب: 50] ناسخا لقوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] قاله في الفروع.
وقال في الرعاية كان له أن يتزوج بأي عدد شاء إلى أن نزل قوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] فتكون هذه الآية ناسخة للآية الأولى.
وقال القاضي الآية الأولى تدل على أن من لم تهاجر معه من النساء لم تحل له.
قال في الفروع فيتوجه احتمال أنه شرط في قراباته في الآية لا الأجنبيات انتهى.
وكان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بلا ولي ولا شهود وفي زمن الإحرام أيضا قدمه في الفروع.
قال القاضي في الجامع الكبير ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني جواز النكاح له بلا ولي ولا شهود وفي زمن الإحرام.
وأطلق أبو الحسين ووالده وغيرهما وجهين.
وقال بن حامد لم يكن له النكاح بلا ولي ولا شهود ولا زمن الإحرام مباحا.
وكان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بلفظ الهبة جزم به في الفصول والمستوعب والرعاية الكبرى وقدمه في الفروع.
وقد جزم بن الجوزي بجوازه عن الإمام أحمد رحمه الله وعنه الوقف.
وكان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بلا مهر جزم به الأصحاب وجزم به بن الجوزي عن العلماء.
وكان صلى الله عليه وسلم واجبا عليه السواك والأضحية والوتر على الصحيح. من المذهب جزم به في المستوعب والرعاية الكبرى وخصال بن البنا والعدة للشيخ عبد الله كتيلة وقدمه في الفصول.

قال الزركشي وجوب السواك اختيار القاضي وابن عقيل.
وقيل: ليس بواجب عليه ذلك اختاره بن حامد ذكره عنه في الفصول.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى في السواك في بابه.
وقال في الفصول وكان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم ركعتا الفجر.
وقال في الرعاية وكان واجبا عليه الضحى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا غلط ولم يكن صلى الله عليه وسلم يواظب على الضحى باتفاق العلماء بسنته.
وكان صلى الله عليه وسلم واجبا عليه قيام الليل ولم ينسخ على الصحيح من المذهب ذكره أبو بكر وغيره.
وقال القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل: نسخ جزم به في الفصول والمستوعب.
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لو ادعى عليه كان القول قوله: من غير يمين وإن ادعى هو بحق كان القول قوله: من غير يمين قاله أبو البقاء العكبري نقله عنه بن خطيب السلامية في نكته على المحرر.
وأوجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه بين فراقه والإقامة معه.
قال في الفروع وظاهر كلامهم أنه صلى الله عليه وسلم في وجوب التسوية في القسم كغيره وذكره في المجرد والفنون والفصول.
وظاهر كلام بن الجوزي أنه غير واجب.
وفي المنتقى احتمالان.
قال أصحابنا القاضي وغيره وفرض عليه صلى الله عليه وسلم إنكار المنكر إذا رآه على كل حال.
قال في الرعاية فرض عليه إنكار المنكر إذا رآه على كل حال وغيره في حال دون حال.
قلت حكى ذلك قولا بن البناء في خصاله واقتصر عليه.
قال في المستوعب وقيل: فرض عليه إنكار المنكر واقتصر عليه.
ومنع صلى الله عليه وسلم من الرمز بالعين والإشارة بها وإذا لبس لأمة الحرب أن لا ينزعها حتى يلقى العدو.
ومنع صلى الله عليه وسلم أيضا من الشعر والخط وتعلمهما.
واختار ابن عقيل انه صرف عن الشعر كما أعجز عن الكتابة قال ويحتمل أن يجتمع الصرف والمنع.

ومنع صلى الله عليه وسلم من نكاح الكتابية كالأمة مطلقا على الصحيح من المذهب وقاله بن شاقلا وبن حامد والقاضي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وجزم به في المستوعب والرعاية الكبرى والفصول.
وعنه لم يمنع واختاره الشريف.
وقال في عيون المسائل يباح له صلى الله عليه وسلم ملك اليمين مسلمة كانت أو مشركة.
وتقدم في أواخر باب ذكر أهل الزكاة حكم الصدقة.
وأبيح له صلى الله عليه وسلم الوصال وخمس خمس الغنيمة.
قال المصنف وإن لم يحضر.
وأبيح له صلى الله عليه وسلم الصفي من الغنم ودخول مكة محلا ساعة.
وجعلت تركته صلى الله عليه وسلم صدقة.
قال في الفروع وظاهر كلامهم لا يمنع من الإرث.
وقال في عيون المسائل لا يرث ولا يعقل بالإجماع.
وله صلى الله عليه وسلم أخذ الماء من العطشان.
ويلزم كل واحد أن يقيه بنفسه وماله فله طلب ذلك.
وحرم على غيره نكاح زوجاته فقط.
وجوز بن حامد وغيره نكاح من فارقها في حياته.
وهن أزواجه في الدنيا والآخرة.
وهن أمهات المؤمنين يعني في تحريم النكاح.
والنجس منا طاهر منه ذكره في الفنون وغيره وقدمه في الفروع.
وفي النهاية لأبي المعالي وغيرها ليس بطاهر.

وهو صلى الله عليه وسلم طاهر بعد موته بلا نزاع بين العلماء بخلاف غيره فإن فيه خلافا على ما تقدم في باب إزالة النجاسة.
ولم يذكر الأصحاب هذه المسألة هنا.
وذكر ابن عقيل أنه لم يكن له فيئ في شمس ولا قمر لأنه نوراني والظل نوع ظلمة.
وكانت تجتذب الأرض أثفاله انتهى.
وساوى الأنبياء في معجزاتهم وانفرد بالقرآن والغنائم وجعلت له الأرض مسجدا وترابها طهورا والنصر بالرعب مسيرة شهر.
وبعث إلى الناس كافة وكل نبي إلى قومه.
ومعجزاته صلى الله عليه وسلم باقية إلى يوم القيامة وانقطعت معجزات الأنبياء بموتهم.
وتنام عينه ولا ينام قلبه فلا نقض بنومه مضطجعا.
وتقدم ذلك في نواقض الوضوء.
ويرى من خلفه كما يرى من أمامه.
قال الإمام أحمد رحمه الله وجمهور العلماء هذه الرؤية رؤية العين حقيقة.
ولم يكن لغيره أن يقتل إلا بإحدى ثلاث وكان له ذلك صلوات الله وسلامه عليه نص عليه في رواية أبي داود والدفن بالبنيان مختص به قالت عائشة لئلا يتخذ قبره مسجدا.
وقال جماعة لوجهين.
أحدهما قوله : "ويدفن الأنبياء حيث يموتون" رواه الإمام أحمد رحمه الله.
والثاني لئلا تمسه أيدي العصاة والمنافقين.
وقال أبو المعالي وزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحبة للرجال والنساء قال في الفروع وهو ظاهر كلام غيره.
قلت فيعايى بها.

وقال بن الجوزي على قول أكثر المفسرين في قوله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] لا تهد لتعطى أكثر هذا الأدب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وأنه لا إثم على أمته في ذلك.
قال الإمام أحمد رحمه الله خص النبي صلى الله عليه وسلم بواجبات ومحظورات ومباحات وكرامات.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه خص بصلاة ركعتين بعد العصر واختاره ابن عقيل.
قال ابن بطة: كان خاصا به وكذا أجاب القاضي.
قال في الفروع ويتوجه أن صلاته قاعدا بلا عذر كصلاته قائما خاص به.
قال: وظاهر كلامهم أنه لو كان لنبي مال أنه تلزمه الزكاة.
وقيل: للقاضي الزكاة طهرة والنبي مطهر قال باطل بزكاة الفطر ثم بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بأنهم مطهرون ولو كان لهم مال لزمتهم الزكاة.

باب أركان النكاح وشروطه
.
قوله : "ولا ينعقد الإيجاب إلا بلفظ النكاح" و"التزويج".
والقبول أن يقول قبلت هذا النكاح أو هذا التزويج.
ومن ألفاظ صيغ القبول تزوجتها.
قال في الفروع أو رضيت هذا النكاح.
اعلم أن الصحيح من المذهب أن النكاح لا ينعقد إلا بالإيجاب والقبول بهذه الألفاظ لا غير وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يصح وينعقد بالكناية أيضا.
وخرجه ابن عقيل في عمد الأدلة من جعله عتق الأمة صداقها.
وخرجه بعضهم من قول الخاطب والولي نعم فإنه لم يقع من المتخاطبين لفظ صريح.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينعقد بما عده الناس نكاحا بأي لغة ولفظ وفعل كان قال ومثله كل عقد.
وقال الشرط بين الناس ما عدوه شرطا فالأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع وتارة باللغة وتارة بالعرف وكذلك العقود انتهى نقله صاحب الفروع.
وقال بن خطيب السلامية في نكته على المحرر قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن خطه نقلت الذي عليه أكثر العلماء أن النكاح ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج قال وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وقياس مذهبه وعليه قدماء أصحابه فإن الإمام أحمد رحمه الله نص في غير موضع على أنه ينعقد بقوله: جعلت عتقك صداقك وليس في هذا اللفظ.

إنكاح ولا تزويج ولم ينقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه خصه بهذين اللفظين وأول من قال من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله فيما علمت أنه يختص بلفظ الإنكاح والتزويج بن حامد وتبعه على ذلك القاضي ومن جاء بعده لسبب انتشار كتبه وكثرة أصحابه وأتباعه انتهى.
وقال في الفائق وقال شيخنا قياس المذهب صحته بما تعارفاه نكاحا من هبة وتمليك ونحوهما أخذا من قول الإمام أحمد رحمه الله أعتقتك وجعلت عتقك صداقك.
قال في الفائق وهو المختار.
ثم قال قلت ليس في كلام الإمام أحمد تخصيص ما ذكره الأصحاب إلا قوله: إذا وهبت نفسها فليس بنكاح.
ثم قال والأظهر أن في صحته بلفظ الهبة ونحوها روايتين أخذا من قول ابن عقيل في الفصول في الخصائص من كتاب النكاح واختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله هل النكاح بلفظ الهبة من خصائصه صلى الله عليه وسلم أم لا انتهى كلام صاحب الفائق.
وسئل الشيخ تقي الدين رحمه الله عن رجل لم يقدر أن يقول إلا قبلت تجويزها بتقديم الجيم فأجاب بالصحة بدليل قوله: جوزتي طالق فإنها تطلق انتهى.
قلت يكتفي منه بقوله: قبلت على ما يأتي ويكون هذا قول الأصحاب وهو المذهب.
فائدة لو قال الولي للزوج زوجتك فلانة بفتح التاء هل ينعقد النكاح.
توقف فيها ناصح الإسلام بن أبي الفهم.
وبعض الأصحاب فرق بين العارف باللغة والجاهل كقوله: أنت طالق إن دخلت الدار بفتح الهمزة وكسرها منهم الشيخ محيي الدين يوسف بن الجوزي وأفتى المصنف بصحته مطلقا.
وقال في الرعاية يصح جهلا أو عجزا وإلا احتمل وجهين.
وقال في الفروع في أوائل باب صريح الطلاق وكنايته يتوجه أن هذه المسألة كمثل ما لو قال لامرأته كلما قلت لي شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق ثلاثا على ما يأتي في أوائل باب صريح الطلاق وكنايته.
ويأتي هناك لو قال لها أنت طالق بفتح التاء.
وهذه حادثة وقعت بحران زمن بن الصيرفي فسأل عنها العلماء ذكرها في النوادر.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أن النكاح ينعقد إذا وجد الإيجاب والقبول سواء وقع من هازل أو ملجأ أو غيرهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
فائدة: لا يصح تعليق النكاح على شرط مستقبل قاله الأصحاب على ما يأتي في كلام المصنف في باب الشروط في النكاح فيما إذا علق ابتداء النكاح على شرط.

قال ابن رجب إنما قال الأصحاب ذلك ليخرجوا الشروط الحاضرة والماضية مثل قوله: زوجتك هذا المولود إن كان أنثى أو زوجتك ابنتي إن كانت عدتها قد انقضت أو إن كنت وليها وهما يعلمان ذلك فإنه يصح وكذلك تعليقه بمشيئة الله تعالى فإنه يصح.
قال بن شاقلا لا نعلم فيه خلافا لأنه شرط موجود إذا الله شاءه حيث استجمعت أركانه وشروطه.
وكذلك لو قال زوجتك ابنتي إن شئت فقال قد شئت وقبلت.
فإنه يصح لأنه شرط موجب العقد ومقتضاه لأن الإيجاب إذا صدر كان القبول إلى مشيئة القابل مقارنة للقبول ولا يتم العقد بدونه انتهى.
قوله : "بالعربية لمن يحسنها".
الصحيح من المذهب أنه لا ينعقد إلا بالعربية لمن يحسنها جزم به في الوجيز والفائق والمنور ومنتخب الأزجى وقدمه في المحرر والفروع.
واختار المصنف انعقاده بغيرها.
واختاره الشارح أيضا وقال هو أقيس.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق وغيرهم.
وجزم به في التبصرة.
قوله : "فإن قدر على تعلمهما بالعربية لم يلزمه في أحد الوجهين".
يعني إذا قلنا لا ينعقد النكاح إلا بالعربية لمن يحسنها وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والنظم.
أحدهما: لا يلزمه تعلمهما وينعقد بلسانه بمعناهما الخاص لهما وهو المذهب اختاره القاضي وبن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الفصول والوجيز والمنور وغيرهم.
ونصره المصنف والشارح وقدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين والفروع والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني: يلزمه.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن قدر أن يتعلم ذلك بالعربية لزمه في أصح الوجهين.
وقدمه في الهداية والمستوعب.

قوله : "فإن اقتصر على قول قبلت أو قال الخاطب للولي. أزوجت قال نعم وللمتزوج أقبلت قال نعم صح ذكره الخرقي".
نص عليه وهو المذهب.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله قطع به الجمهور ونصره الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
ويحتمل أن لا يصح فيهما.
قال ابن عقيل وهو الأشبه بالمذهب لعدم لفظ الإنكاح والتزويج.
واختار الصحة في اقتصاره على قول قبلت دون اقتصاره على قوله: نعم في الإيجاب أو القبول.
فائدتان
إحداهما: لو أوجب النكاح ثم جن قبل القبول بطل العقد كموته نص عليه.
ولو أوجبه ثم أغمى عليه قبل القبول فهل يبطل العقد فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يبطل وهو الصحيح جزم به في المغني والكافي والشرح والرعاية والفائق وشرح بن رزين.
والوجه الثاني: لا يبطل قال القاضي في الجامع هذا قياس المذهب.
قلت ويتوجه الصحة إذا قال في المجلس.
الثانية: ينعقد نكاح الأخرس بإشارة مفهومة نص عليه وكذا بكتابة ذكره الأصحاب.
وكلام المصنف وغيره ممن لم يذكر المسألة وأطلق في قولهم لا ينعقد الإيجاب إلا بلفظ الإنكاح مرادهم القادر على النطق فأما مع العجز المطلق فيصح وأما الكتابة في حق القادر على النطق فلا ينعقد بها النكاح مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل: ينعقد ذكرهما في المحرر وغيره وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال في الرعاية الكبرى الأظهر المنع مع حضوره والصحة مع غيبته.
قوله : "وإن تقدم القبول الإيجاب لم يصح".
هذا المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والبلغة والمنور والمحرر وقال رواية واحدة.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.

وهو من مفردات المذهب.
وذكر ابن عقيل وجماعة رواية بالصحة منهم صاحب الفائق إذا تقدم بلفظ الماضي أو الأمر قال الناظم:
وإن يتقدم لم نصححه بتة
ولو صححوا تقديمه لم أبعد
وقال في الرعاية من عنده لو قال زوجني فقال زوجتك أو قال له الولي تزوجت فقال تزوجت صح.
وقال المصنف ويحتمل أن يصح إذا تقدم بلفظ الطلب.
تنبيه قوله : "وإن تراخى عنه صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه" يعني في العرف.
قوله : "فإن تفرقا قبله بطل الإيجاب".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يبطل وعنه لا يبطل مع غيبة الزوج.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أخذت هذه الرواية من قوله: في رواية أبي طالب في رجل مشى إليه قوم فقالوا زوج فلانا فقال قد زوجته على ألف فرجعوا إلى الزوج فأخبروه فقال قد قبلت هل يكون هذا نكاحا قال نعم فأشكل هذا النص على الأصحاب.
فقال القاضي هذا حكم بصحته بعد التفرق عن مجلس العقد.
قال وهو محمول على أنه قد كان وكل من قبل العقد عنه ثم أخبر بذلك فأمضاه.
ورده ابن عقيل وقال رواية أبي طالب تعطى أن النكاح الموقوف صحيح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد أحسن ابن عقيل وهو طريقة أبي بكر فإن هذا ليس تراخيا للقبول وإنما هو تراخ للإجازة.
تنبيه ظاهر قوله : "وشروطه خمسة أحدها تعيين الزوجين".
لو خطب امرأة فأوجب له النكاح في غيرها فقبل يظنها مخطوبته أنه لا يصح وهو صحيح نص عليه.
فائدة قوله : "فإذا قال زوجتك بنتي وله بنات لم يصح حتى يشير إليها أو يسميها أو يصفها بما تتميز به وإن لم يكن له إلا ابنة واحدة صح".
بلا نزاع في ذلك في الجملة لكن لو عينا في الباطن واحدة وعقدا عليها العقد باسم غير متميز نحو أن يقول بنتي وله بنات أو يسميها باسم وينويها في الباطن غير مسماة ففي الصحة وجهان اختار القاضي في موضع الصحة.

واختار أبو الخطاب والقاضي أيضا في موضع آخر البطلان.
ومأخذه أن النكاح يشترط له الشهادة ويتعذر الإشهاد على النية.
وعن أبي حفص العكبري إن كانت المسماة غلطا لم يحل نكاحها لكونها مزوجة أو غير ذلك صح النكاح وإلا فلا.
ذكر ذلك في القاعدة الخامسة بعد المائة.
قوله : "الثاني رضا الزوجين فإن لم يرضيا أو أحدهما لم يصح إلا الأب له تزويج أولاده الصغار والمجانين وبناته الأبكار بغير إذنهم".
اعلم أن في تزويج الأب أولاده الصغار عشر مسائل.
إحداها أولاده الذكور العقلاء الذين هم دون البلوغ والكبار المجانين فله تزويجهم سواء أذنوا أو لا وسواء رضوا أم لا بمهر المثل أو بزيادة عليه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في كل واحد منهما وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وذكر القاضي في إجبار مراهق عاقل نظر.
قلت الصواب عدم إجباره.
وقيل: له تزويج الصغير إن احتاج إليه قاله القاضي في المجرد.
وحمله ابن عقيل على المراهق والأكثر على الحاجة مطلقا على ما يأتي قريبا.
وقال في الانتصار يحتمل في بن تسع يزوج بإذنه سواء كان أبوه أو ولى غيره.
وقال صاحب الفروع يتوجه أنه كأنثى أو كعبد.
وقال أبو يعلى الصغير يحتمل أنه كثيب وإن سلمناه فلا مصلحة له وإذنه ضيق لا يكفي صمته.
وقيل: لا يزوج لهما بأكثر من مهر المثل اختاره القاضي.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الصداق.
وقيل: لا يجبر المجنون البالغ بحال اختاره أبو بكر.
وقيل: يجبره مع الشهوة وإلا فلا اختاره القاضي.
وقيل: لا يزوجه إلا الحاكم ذكره في الرعاية.
قلت تقديم الحاكم على الأب قول ساقط.
ويأتي هل لوصي الصغير الإجبار عند قوله: "ووصيه في النكاح بمنزلته".

فوائد
منها: ما قاله القاضي في الجامع الكبير إن تزويج الطفل والمعتوه ليس بإجبار إنما الإجبار في حق من له إذن واختيار انتهى.
ومنها: لو كان يخنق في الأحيان لم يجز تزويجه إلا بإذنه.
ومنها: ليس للابن الصغير إذا زوجه الأب خيار إذا بلغ على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وغيرها وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وظاهر كلام بن الجوزي أن له الخيار.
ومنها: للأب قبول النكاح للمجنون والصغير وله أن يفوضه إلى الصغير.
قال في الفروع إن صح بيعه وطلاقه.
وقال في الرعاية ويصح قبول المميز بإذن وليه نص عليه.
قال في المغني والشرح فإن كان الغلام بن عشر وهو مميز فقياس المذهب جواز تفويض القبول إليه.
ومنها: حيث قلنا يزوج الصغير والمجنون فيكون بواحدة وفي أربع وجهان وأطلقهما في الفروع.
وظاهر المغني والشرح الإطلاق.
قال القاضي في المجرد قياس المذهب أنه لا يزوجه أكثر من واحدة.
قلت وهو الصواب وجزم به في المذهب.
وقال القاضي في الجامع الكبير له تزويج ابنه الصغير بأربع.
قال بن نصر الله في حواشيه وهو أظهر.
وجزم به بن رزين في شرحه وقال إذا رأى فيه مصلحة.
وهو مراد من أطلق ويأتي حكم سائر الأولياء في تزويجهم لهما.
المسألة الثانية: أولاده الذكور العاقلين البالغين ليس له تزويجهم.
يعني بغير إذنهم بلا نزاع إلا أن يكون سفيها ففي إجباره وجهان.
وأطلقهما في الرعايتين والفروع والبلغة والحاوي الصغير في هذا الباب.
قلت الأولى الإجبار إن كان أصلح له.
وتقدم ذلك أيضا في باب الحجر بأتم من هذا فليراجع.

المسألة الثالثة: ابنته البكر التي لها دون تسع سنين فله تزويجها بغير إذنها ورضاها بلا نزاع وحكاه بن المنذر إجماعا.
المسألة الرابعة: البكر التي لها تسع سنين فأزيد إلى ما قبل البلوغ له تزويجها بغير إذنها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به الخرقي والمصنف في العمدة وصاحب الوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح وقالا هذا المشهور.
وقدمه أيضا في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه لا يجوز تزويج ابنة تسع سنين إلا بإذنها.
قال الشريف أبو جعفر هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي وهي أظهر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والقواعد الأصولية وغيرهم.
واختار أبو بكر والشيخ تقي الدين رحمهما الله عدم إجبار بنت تسع سنين بكرا كانت أو ثيبا.
قال في رواية عبد الله إذا بلغت الجارية تسع سنين فلا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بإذنها.
قال بعض المتأخرين من الأصحاب وهو الأقوى.
المسألة الخامسة: البكر البالغة له إجبارها أيضا على الصحيح من المذهب مطلقا وهو ظاهر ما قدمه المصنف هنا حيث قال وبناته الأبكار.
وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وابنه أبو الحسين وأبو الخطاب في خلافه والشريف وبن البنا والمصنف والشارح وغيرهم.
وصححه في المذهب والخلاصة وجزم به في العمدة والوجيز.
قال في الإفصاح هذا أظهر الروايتين.
وقدمه في الهداية والمستوعب والبلغة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع.
وقال وتجبر عند الأكثر بكر بالغة.
وعنه لا يجبرها اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفائق وهو الأصح.
قال الزركشي هي أظهر.
وقدمه بن رزين في شرحه وأطلقهما في المحرر والشرح.

فعلى المذهب يستحب إذنها وكذا إذن أمها قاله في النظم غيره.
السادسة: البكر المجنونة له إجبارها مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل له إجبارها إن كان يملك إجبارها وهي عاقلة وإلا فلا وهو ظاهر الخلاف لأبي بكر.
فائدة لو كان وليها الحاكم فله تزويجها في وجه إذا اشتهته.
قاله في الرعاية وقال وإن كان وليها غير الحاكم والأب زوجها الحاكم.
وقيل: بل يزوجها وليها.
قلت وهو الصواب.
وقد قال المصنف رحمه الله هنا لسائر الأولياء تزويج المجنونة إذا ظهر منها الميل إلى الرجال.
السابعة: الثيب المجنونة الكبيرة له إجبارها على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع له إجبارها في الأصح.
وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى والمغني والشرح وصححاه.
وقيل: لا تجبر ألبتة اختاره أبو بكر.
الثامنة : الثيب العاقلة التي لها دون تسع سنين له إجبارها على الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب منهم صاحب الانتصار والمحرر والرعاية وقدمه في الفروع.
وقيل: ليس له إجبارها.
قلت فعلى هذا لا تزوج ألبتة حتى تبلغ تسع سنين فيثبت لها إذن معتبرة.
التاسعة: الثيب العاقلة التي لها تسع سنين فأكثر ولم تبلغ فأطلق المصنف في جواز إجبارها وجهين وهما كذلك عند الأكثرين.
وعند أبي الخطاب في الانتصار والمجد ومن تابعهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والمحرر والشرح والقواعد الأصولية.
أحدهما ليس له إجبارها وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
منهم بن بطة وصاحبه أبو جعفر بن المسلم وبن حامد والقاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والمصنف وغيرهم.

وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه له إجبارها اختاره أبو بكر.
وقدمه في النظم والرعاية الصغرى والفائق.
العاشرة: الثيب البالغة العاقلة ليس له إجبارها بلا نزاع.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح في قوله: فإن لم يرضيا أو أحدهما لم يصح إلا الأب له تزويج أولاده الصغار والمجانين وبناته الأبكار بغير إذنهم أن الجد ليس له الإجبار وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر في الواضح رواية أن الجد يجبر كالأب.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقدمه بن رزين في شرحه.
فائدتان
إحداهما: للصغيرة بعد تسع سنين إذن صحيحة معتبرة حيث قلنا لا تجبر أو تجبر لأجل استحباب إذنها على الصحيح من المذهب نص عليه.
ونقله عبد الله وابن منصور وأبو طالب وأبو الحارث وبن هانئ والميموني والأثرم وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به القاضي في تعليقه وجامعه ومجرده وابن عقيل في فصوله وتذكرته وأبو الخطاب في خلافه والشريف أبو جعفر وبن البنا ونصبهما الشيرازي للخلاف.
وهو ظاهر كلام أبي بكر وجزم به ناظم المفردات.
وقال في القواعد الأصولية وهو الذي ذكره أبو بكر وبن حامد وبن أبي موسى والقاضي ولم يذكروا فيه خلافا.
وكذا أكثر أصحاب القاضي انتهى.
واختاره بن شهاب في عيون المسائل وبن بكروس وبن الجوزي في التحقيق.
نقله في تصحيح المحرر عن جده وقدمه في الفروع وقال نقله واختاره الأكثر.
قال الزركشي هي أنصهما وأشهرهما عن الإمام أحمد.
قال في التسهيل وإذن بنت تسع سنين معتبر في الأظهر.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وهو من مفردات المذهب.
وذكر أبو الخطاب وغيره رواية لا إذن لها وصححه في النظم.

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا أعلم أحدا ذكرها قبله مع أنه لم يذكرها في رؤوس المسائل.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
الثانية: حيث قلنا بإجبار المرأة ولها إذن أخذ بتعينها كفؤا على الصحيح من المذهب.
قال الشيخ تقي الدين هذا ظاهر المذهب.
قلت وهو الصواب الذي لا يعدل عنه.
نقل أبو طالب إن أرادت الجارية رجلا وأراد الولي غيره اتبع هواها.
وجزم به في المغني والبلغة والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفائق زاد في الرعاية الكبرى إن كانت رشيدة غير مجبرة.
وقيل: يؤخذ بتعيين الولي وأطلقهما في الفروع.
وتقدم ما يشابه ذلك في أواخر الباب الذي قبله عند قوله: والتعويل في الرد والإجابة عليها إن لم تكن مجبرة.
قوله : "والسيد له تزويج إمائه الأبكار والثيب".
وهذا بلا نزاع بين الأصحاب.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا تجبر الأمة الكبيرة.
قال الشيخ تقي الدين ظاهر هذا أنه لا تجبر الأمة الكبيرة بناء على أن منفعة البضع ليس بمال.
لكن مراد المصنف وغيره ممن أطلق هنا غير المكاتبة فإنه ليس له إجبارها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وفي مختصر بن رزين وجه له إجبارها.
فائدتان
إحداهما: لو كان نصف الأمة حرا ونصفها رقيقا لم يملك مالك الرق إجبارها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وذكر القاضي في موضع من كلامه أن للسيد إجبارها وتبعه ابن عقيل والحلواني وابنه.
وهو ضعيف جدا قال بعضهم وهو وهم.

الثانية: لو كان بعضها معتقا اعتبر إذنها وإذن مالك البقية كما لو كانت لاثنين ويقول كل واحد منهما زوجتكها ولا يقول زوجتك بعضها.
قاله ابن عقيل في الفصول وبن الجوزي في المذهب والفخر في الترغيب واقتصر عليه في الفروع لأن النكاح لا يقبل التبعيض والتجزيئ بخلاف البيع والإجارة.
قوله : "وعبيده الصغار" يعني له تزويجهم بغير إذنهم.
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
ويحتمل أن لا يملك إجبارهم وهو لأبي الخطاب.
وحكاه في عيون المسائل رواية وهو في الانتصار وجه.
والحكم في العبد المجنون الكبير كذلك.
قوله : "ولا يملك إجبار عبده الكبير".
يعني العاقل هذا هو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يملكه.
قوله : "ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها إلا المجنونة لهم تزويجها إذا ظهر منها الميل إلى الرجال".
وهذا المذهب جزم به في المحرر والنظم واختاره أبو الخطاب وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل: ليس لهم ذلك مطلقا وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقال القاضي لا يزوجها إلا الحاكم قاله المصنف والشارح.
وقال في الفروع وذكر القاضي وغيره وجها يجبرها الحاكم.
وأطلقهن الزركشي وأطلق الأول والأخير في الرعاية.
فوائد
إحداها: لو لم يكن لها ولي إلا الحاكم زوجها على الصحيح من المذهب.
واختاره بن حامد وأبو الخطاب.
قال في الفروع يجبر حاكم في الأصح.
وقيل: ليس له ذلك وأطلقهما في المغني والشرح.

وقال في المغني وتبعه في الشرح وكذلك ينبغي أن يملك تزويجها إن قال أهل الطب إن علتها تزول بتزويجها لأن ذلك من أعظم مصالحها.
الثانية: تعرف شهوتها من كلامها ومن قرائن أحوالها كتتبعها الرجال وميلها إليهم وأشباه ذلك.
الثالثة: إن احتاج الصغير العاقل والمجنون المطبق البالغ إلى النكاح زوجهما الحاكم بعد الأب والوصي على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع فيهما وجزم به في الرعاية في المجنون.
وظاهر الإيضاح لا يزوجهما أيضا وإن لم يحتاجا إليه فليس له تزويجهما على الصحيح من الوجهين.
قدمه في المغني والكافي والشرح وشرح بن رزين.
قال في الرعاية عن المجنون وهو الأظهر.
وقيل: يزوجهما الحاكم.
وقال القاضي في المجرد تزويج الصغير العاقل لأنه يلي ماله.
وأطلقهما في الفروع فيهما وأطلقهما في الرعاية في المجنون.
تنبيهان
أحدهما ألحق في الترغيب والرعاية جميع الأولياء غير الأب والوصي بالحاكم في جواز تزويجهما عند الحاجة والخلاف مع عدمها.
والصحيح من المذهب أن هذه الأحكام مخصوصة بالحاكم قدمه في الفروع.
وجزم به في المغني والشرح إلا أنهما قالا ينبغي أن يجوز تزويجه إذا قال أهل الطب إن في ذلك ذهاب علته لأنه من أعظم مصالحه.
الثاني: المراد هنا مطلق الحاجة سواء كانت الحاجة للنكاح أو غيره.
وكذلك أطلق الحاجة كثير من الأصحاب وصرح به في المغني وغيره.
قال في الفروع وهو أظهر.
وقال ابن عقيل في الفصول وغيره الحاجة هنا هي الحاجة إلى النكاح لا غير.
قوله : "وليس لهم تزويج صغيرة بحال".
هذا إحدى الروايات جزم به في العمدة وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والنظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال الزركشي ولا عبرة بما قاله ابن منجا في شرحه.

وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لهم ذلك ولها الخيار إذا بلغت ولو كان قبل تسع سنين.
فعليها يفيد الحل والإرث وبقية أحكام النكاح على الصحيح جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع.
وقال في الفصول لا يفيد الإرث.
وقال الزركشي ظاهر كلام بن أبي موسى لا يفيدهما لأنه جعله موقوفا.
ومال إليه الزركشي.
وعنه رواية ثالثة لهم تزويج ابنة تسع سنين بإذنها.
اعلم أن هذه الرواية مفرعة على ما تقدم من كون ابنة تسع هل لها إذن معتبرة أم لا.
وتقدم أن الصحيح من المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله الذي عليه أكثر الأصحاب أن لها إذن معتبرة فتكون هذه الرواية هي المذهب وهو كذلك.
قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وناظم المفردات.
قال في تجريد العناية ولغيرهما تزويج بنت تسع سنين على الأصح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الفروع وشرح بن رزين.
قال الزركشي في شرح المحرر والوجيز هذا هو المذهب.
وجزم به القاضي أبو الحسين في فروعه.
وأطلقهن في الكافي والمحرر والبلغة.
وقد بنى في المحرر والنظم والفروع والزركشي وغيرهم هذا الخلاف هنا على الخلاف في ابنة تسع هل لها إذن معتبرة أم لا كما تقدم.
وظاهر كلامه في الرعايتين والحاوي الصغير عدم البناء حيث أطلقوا الخلاف هناك وقدموا هنا عدم تزويجهم مطلقا.
تنبيه قال في الفروع وعنه لهم تزويجها كالحاكم.
فظاهر هذا أن للحاكم تزويج الصغيرة وإن منعنا غيره من الأولياء بلا خلاف.
ولا أعلم له على ذلك موافقا بل صرح في المستوعب والرعاية وغيرهما بغير ذلك ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
ومع ذلك له وجه لأنه أعلم بالمصالح من غيره من الأولياء لكن يحتاج إلى موافق ولعله كالأب فسبق القلم.

وكذا قال شيخنا نصر الله في حواشيهما.
وذكر شيخنا أنه ظاهر كلام القاضي في المجرد.
تنبيه آخر المراد بقوله: في الرواية الثانية ولها الخيار إذا بلغت البلوغ المعتاد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلامه.
وقيل: إنه بلوغ تسع سنين قطع به بن أبي موسى والشيرازي.
قوله : "وإذن الثيب الكلام" بلا نزاع في الجملة.
وإذن البكر الصمات.
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم ولكن نطقها أبلغ.
وقيل: يعتبر النطق في غير الأب.
واختاره القاضي في التعليق في مسألة إجبار البالغة وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
فائدتان
إحداهما: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يعتبر في الاستئذان تسمية الزوج على وجه تقع المعرفة به ولا يشترط تسمية المهر على الصحيح نقله الزركشي.
الثانية: قال في الترغيب وغيره لا يشترط الإشهاد على إذنها.
وكذا قال بن المنى في تعليقه لا تعتبر الشهادة على رضى المرأة.
وقدمه في الفروع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وفي المذهب خلاف شاذ يشترط الإشهاد على إذنها انتهى.
وإن ادعت الإذن فأنكر ورثته صدقت.
وقال في الفروع ولا تشترط الشهادة بخلوها عن الموانع الشرعية واقتصر عليه.
قوله : "ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم".
أما الوطء المباح فلا خلاف في أنها ثيب به.
وأما الوطء بالزنى وذهاب البكارة به فالصحيح من المذهب أنه كالوطء المباح في اعتبار الكلام في إذنها وعليه الأصحاب.
قال الزركشي صرح به الأصحاب.
قلت بل أولى إن كانت مطاوعة.
قال في الفروع والأصح ولو بزنا.

وقيل: حكمها حكم الأبكار.
قلت لعل صاحب هذا القول أراد إذا كانت مكرهة وإلا فلا وجه له.
قوله : "فأما زوال البكارة بإصبع أو وثبة فلا تغير صفة الإذن".
وكذا الوطء في الدبر على الصحيح من المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب.
وعنه تغير صفة الإذن فيعتبر النطق في الكل.
قلت لو قيل بالفرق بين من ذهبت بكارتها بإصبع أو وثبة وبين من وطئت في دبرها مطاوعة فيكفى الصمت في الأولى دون الثانية لكان له وجه قوي.
فائدتان
إحداهما: حيث حكمنا بالثيوبة لو عادت البكارة لم يزل حكم الثيوبة ذكره القاضي في الحاكم وذكره غيره أيضا لأن المقصود من الثيوبة حاصل لها وذكره أبو الخطاب محل وفاق.
الثانية: لو ضحكت البكر أو بكت كان كسكوتها قاله الأصحاب.
وقال في الرعاية قلت فإن بكت كارهة فلا إلا أن تكون مجبرة انتهى.
قلت وهو الصواب فإن البكاء تارة يكون من شدة الفرح وتارة يكون لشدة الغضب وعدم الرضى بالواقع.
فإن اشتبه في ذلك نظرنا إلى دمعها فإن كان من السرور كان باردا وإن كان من الحزن كان حارا ذكره البغوي عن بعض أهل العلم في تفسير قوله: تعالى في مريم {وَقَرِّي عَيْناً} .
فإن قيل كان يمكنها النطق إذا كرهت.
قلنا وكان يمكنها النطق بالإذن إذا رضيت ولكنها لما كانت مطبوعة على الحياء في النطق عم الرضى والكراهة.
قوله : "الثالث الولي فلا نكاح إلا بولي".
هذا المذهب أعنى الولي شرط في صحة النكاح وعليه الأصحاب ونص عليه قال الزركشي لا يختلف الأصحاب في ذلك.
وعنه ليس الولي بشرط مطلقا.
وخصها المصنف وجماعة بالعذر لعدم الولي والسلطان.
فعلى المذهب "لو زوجت المرأة نفسها أو غيرها لم يصح".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.

وعنه يجوز لها تزويج نفسها ذكرها جماعة من الأصحاب.
وعنه أن لها أن تأمر رجلا يزوجها.
وعنه لها تزويج أمتها ومعتقتها.
وهذه الرواية لم يثبتها القاضي ومنعها.
وذكر الزركشي لفظ الإمام أحمد رحمه الله في ذلك ثم قال وفي أخذ رواية من هذا نظر لكن عامة المتأخرين على إثباتها.
قوله : "فيخرج منه صحة تزويج نفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة".
يعني على رواية أن لها تزويج أمتها ومعتقتها.
وخرجه أبو الخطاب في الهداية والمجد والمحرر وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا التخريج غلط.
قال الزركشي وصاحب تجريد العناية عن هذا التخريج ليس بشيء.
وفرق القاضي وعامة الأصحاب على رواية تزويج أمتها ومعتقتها بين تزويج أمتها وتزويج نفسها وغيرها بأن التزويج على الملك لا يحتاج إلى أهلية الولاية بدليل تزويج الفاسق مملوكته.
تنبيه :فعلى المذهب يزوج أمتها بإذنها من يزوجها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يزوجها أي رجل أذنت له هذا إذا كانت رشيدة.
فأما المحجور عليها فيزوج أمتها وليها في مالها خاصة قاله في المغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم وقطعوا به.
وعلى المذهب إذا زوجها وليها بإذنها فلا بد من نطقها بالإذن ثيبا كانت أو بكرا.
وعلى المذهب أيضا لو زوجت بغير إذن وليها فهو نكاح الفضولي وفيه طريقان.
أحدهما فيه الخلاف الذي في تصرف الفضولي على ما تقدم في كتاب البيع.
وتقدم أن الصحيح من المذهب البطلان وهذه طريقة القاضي والأكثرين وهي الصحيحة من المذهب.
والطريق الثاني: القطع ببطلانه.
وهي طريقة أبي بكر وبن أبي موسى.
ونص الإمام أحمد رحمه الله على التفريق بين البيع والنكاح في رواية بن القاسم.
فعلى القول بفساد النكاح وهو المذهب لا يحل الوطء فيه وعليه فراقها فإن أبى

فسخه الحاكم فإن وطى ء فلا حد عليه على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الكافي والمغني والشرح ونصراه.
وعنه عليه الحد وحكى عن بن حامد وأطلقهما في الفائق.
فائدة لو حكم بصحته حاكم لم ينقض على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين وصححه المجد في شرحه.
وقيل: ينقض خرجه القاضي.
وهو قول الاصطخري من الشافعية.
وأطلقهما في الفائق والفروع فقال وهل يثبت بنص فينتقض حكم من حكم بصحته فيه وجهان وفي الوسيلة روايتان.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف في قوله: وعنه لها تزويج أمتها ومعتقتها أن المعتقة كالأمة وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال المصنف والشارح وهو أصح واختاره بن أبي الحجر من أصحابنا والشيخ تقي الدين رحمه الله.
وعنه لا تلي نكاح المعتقة وأطلقهما في الفروع.
فعلى الأولى إن طلبت وأذنت زوجتها فلو عضلت زوج وليها.
لكن في إذن السلطان وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قلت قاعدة المذهب تقتضي عدم إذنه.
وعلى الثانية يزوجها بدون إذنها أقرب عصبتها ثم السلطان ويجبرها من يجبر سيدتها.
قلت الأولى على هذه الرواية أن لا تجبر المعتقة الكبيرة.
وقال في الترغيب المعتقة في المرض هل يزوجها قريبها فيه وجهان.
قال الزركشي وقيل: يملك إجبارها من يملك إجبار سيدتها التي أعتقتها.
قال وهو بعيد وهو كما قال في الكبيرة.
وظاهر كلامه في المغني والشرح أنه ليس له ولاية إجبار في تزويج المعتقة مطلقا.
قوله : "وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة أبوها ثم أبوه وإن علا ثم ابنها ثم ابنه وإن سفل".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.

وعنه يقدم الابن وابنه على الأب والجد.
ذكره بن المنى في تعليقه وأخذه أبو الخطاب في انتصاره من قول الإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل العصبة فيه من أحرز المال.
وخرجه الشيخ تقي الدين رحمه الله من رواية تقديم الأخ على الجد لاشتراكهما في المعنى.
وعنه يقدم الابن على الجد اختاره بن أبي موسى والشيرازي.
قال في الفروع وعنه عليها تقديم الأخ على الجد.
وعنه سواء وذكر الزركشي رواية ثالثة بتقديم الجد على الأخ على هذه الرواية وأطلقهن.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها بتساوي الابن والأب والجد وبن الابن.
وخرجه بعضهم من رواية استواء الأخ والجد.
قوله : "ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها".
هذا إحدى الروايتين وهو المذهب عند المتأخرين اختاره جماعة منهم أبو بكر والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في العمدة وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه هما سواء وهو المذهب عند المتقدمين جزم به الخرقي وبن عبدوس في تذكرته وصاحب الوجيز وغيرهم.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي وهو المذهب عند الجمهور والخرقي وبن أبي موسى والقاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي وبن البنا وغيرهم.
وقدمه في المستوعب وشرح بن رزين وناظم المفردات وهو منها.
فائدتان
إحداهما: وكذا الحكم في أولاد الإخوة من الأبوين والأب والأعمام من الأبوين والأب وأولادهم وهلم جرا.
الثانية: لو كانا ابني عم أحدهما أخ لأم فحكمهما حكم الأخ من الأبوين والأخ من الأب على ما تقدم عند القاضي وجماعة من الأصحاب وقدمه في الرعاية.
وقال المصنف والشارح هما سواء ولا مزية للأخوة من الأم لانفرادها بالإرث.
وزاد قول القاضي وهو كما قالا.

قوله : "ثم المولى المنعم ثم عصباته الأقرب فالأقرب".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يقدم أبو المعتقة على ابنها في تزويج أمتها وعتيقتها وهو ظاهر كلام الخرقي.
قوله : "ثم السلطان".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه من أسلمت على يد إنسان فهو أحق بتزويجها من السلطان.
فوائد
منها: السلطان هنا هو الإمام أو الحاكم أو من فوض إليه ذكره المصنف والشارح والزركشي وغيرهم.
وإذا استولى أهل البغي على بلد جرى حكم سلطانهم وقاضيهم في ذلك مجرى الإمام وقاضيه قاله المصنف والشارح وغيرهم.
ومنها: قال الزركشي المشهور أنه لا يزوج والي البلد وهو إحدى الروايتين واختاره القاضي وغيره.
وعنه يزوج عند عدم القاضي.
لكن القاضي أبو يعلى حمل هذه الرواية على أنه إذا أذن له في التزويج والشيخ تقي الدين رحمه الله حملها على ظاهرها.
ومنها: قال الزركشي أيضا إذا لم يكن للمرأة ولي فعنه وهو ظاهر كلام الأصحاب لا بد من الولي مطلقا.
حتى قال القاضي أبو يعلى الصغير في رجل وامرأة في سفر ليس معهما ولي ولا شهود لا يجوز أن يتزوج بها وإن خاف الزنى بها.
قلت وليس بظاهر مع خوف الزنى.
وعنه والي البلد أو كبيره يزوج اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقدمه في النظم.
قال في الفروع والصحيح ما نقل عن الإمام أحمد رحمه الله وغيره يزوجها ذو السلطان في ذلك المكان كالعضل فإن تعذر وكلت.
وعنه ثم عدل قدمه في الرعاية.

تنبيه: قوله: "فأما الأمة فوليها سيدها".
هذا بلا نزاع ولو كان فاسقا أو مكاتبا.
وتقدم أن لسيدها أن يجبرها إلا أن تكون مكاتبة على الصحيح من المذهب.
قوله : "فإن كانت لامرأة فوليها ولي سيدتها".
هذا مبني على الصحيح من المذهب أن المرأة لا عبارة لها في النكاح.
وتقدم الخلاف في ذلك قريبا.
قوله : "ويشترط في الولي الحرية".
هذا المذهب نص عليه في رواية عبد الله وصالح وإسحاق بن هانئ وعليه الأصحاب.
وقال في الانتصار ويحتمل أن يلي على ابنته ثم جوزه بإذن سيده.
وذكر في عيون المسائل احتمالا بالصحة.
وقال في الروضة هل للعبد ولاية على قرابته فيه روايتان.
قال في القواعد الأصولية والأظهر أنه يكون وليا.
قوله : "والذكورية".
وهو أيضا مبني على الصحيح من المذهب.
وتقدم في أول الفصل هل لها تزويج نفسها أم لا.
قوله : "واتفاق الدين".
يأتي بيان ذلك في كلام المصنف قريبا عند قوله: ولا يلي كافر نكاح مسلمة بحال وعكسه.
قوله : "وهل يشترط بلوغه وعدالته على روايتين".
أما اشتراط البلوغ فأطلق المصنف فيه الخلاف وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي.
إحداهما: يشترط بلوغه نص عليه في رواية ابن منصور والأثرم وعلى بن سعيد وحرب وهو المذهب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في المذهب يشترط بلوغه في أصح الروايتين.

قال الزركشي هذه الرواية هي المشهورة نقلا واختيارا ويحتمله كلام الخرقي.
قال في القواعد الأصولية هذا المذهب نص عليه واختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن رزين والفروع وغيرهم.
قال في الكافي وهو أولى.
والرواية الثانية: لا يشترط بلوغه.
فعليها يصح تزويج بن عشر.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا بلغ عشرا زوج وتزوج قدمه في القواعد الأصولية وعنه اثني عشر.
وأما اشتراط العدالة فأطلق المصنف فيها روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما: يشترط عدالته وهو المذهب.
قال في المذهب يشترط في أصح الروايتين وصححه بن أبي موسى والأزجي وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر وشرح بن رزين والفروع.
والرواية الثانية: لا تشترط العدالة فيصح تزويج الفاسق وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه ذكر الطفل والعبد والكافر ولم يذكر الفاسق.
فعلى المذهب يكفي مستور الحال على الصحيح من المذهب.
وحمل صاحب التصحيح كلام المصنف عليه.
وجزم به في الكافي والمحرر والمنور وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
وقيل: تشترط العدالة ظاهرا وباطنا وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع.
تنبيه: محل الخلاف في اشتراط العدالة في غير السلطان.
أما السلطان فلا يشترط في تزويجه العدالة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع وأجرى أبو الخطاب الخلاف فيه أيضا.

فائدتان
إحداهما: اشترط في المحرر والوجيز والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم الرشد في الولي.
واشترط في الواضح كونه عارفا بالمصالح لا شيخا كبيرا جاهلا بالمصلحة.
وقاله القاضي وابن عقيل وغيرهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الرشد هنا هو المعرفة بالكفء ومصالح النكاح ليس هو حفظ المال فإن رشد كل مقام بحسبه.
واشترط في الرعاية أن لا يكون مفرطا فيها ولا مقصرا ومعناه في الفصول فإنه جعل العضل مانعا وإن لم يفسق لعدم الشفقة وشرط الولي الإشفاق.
الثانية: لا تزول الولاية بالإغماء والعمى على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والمغني والشرح في العمى وقدمه في الرعاية.
قلت وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وقيل: تزول بذلك.
ولا تزول بالسفه بلا خلاف أعلمه.
وإن جن أحيانا أو أغمى عليه أو نقص عقله بنحو مرض أو أحرم انتظر زوال ذلك نقله بن الحكم في المجنون.
ولا ينعزل وكيلهم بطريان ذلك.
وكذا إن أحرم وكيل ثم حل قاله في الفروع.
وقال في الرعاية فإن أغمى عليه ثلاثة أيام أو جن متفرقا أو نقص عقله بمرض أو غيره أو أحرم فهل الأبعد أولى أو الحاكم أو هو فينتظر فيبقى وكيله يحتمل أوجها وكذا يخرج لو توكل المحل ثم أحرم ثم حل انتهى.
قوله : "وإن عضل الأقرب زوج الأبعد".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يزوج الحاكم اختاره أبو بكر.
فائدة: العضل منع المرأة التزوج بكفؤها إذا طلبت ذلك ورغب كل منهما في صاحبه سواء طلبت ذلك بمهر مثلها أو دونه قاله الأصحاب.

وتقدم إذا اختارت كفؤا واختار الولي غيره أنه يقدم الذي اختارته فإن امتنع من تزويجه كان عاضلا عند قوله: وللسيد تزويج إمائه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله من صور العضل إذا امتنع الخطاب من خطبتها لشدة الولي.
قوله : "وإن غاب غيبة منقطعة زوج الأبعد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يزوج الحاكم ذكرها في الرعايتين والحاوي.
وخرجها أبو الخطاب من عضل الولي وتابعه في المحرر.
تنبيه: محل الخلاف إذا كانت المرأة حرة.
فأما إن كانت أمة فإن الحاكم هو الذي يزوجها.
قاله القاضي في التعليق مدعيا أنه قياس المذهب.
وهو ظاهر كلام الخرقي حيث قال زوجها من هو أبعد منه من عصبتها.
قوله : "وهي ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة في ظاهر كلامه".
وهذا المذهب نص عليه في رواية عبد الله.
واختاره المصنف والمجد والشارح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال الخرقي ما لا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه كمن هو في أقصى الهند بالنسبة إلى الشام ومصر ونحوهما.
قال الزركشي وهذا يحتمل لبعده وهو الظاهر.
ويحتمل وإن كان قريبا فيكون في معنى العاضل.
وبالجملة فقد أومأ الإمام أحمد رحمه الله إلى هذا في رواية الأثرم انتهى.
وقال القاضي ما لا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة واحدة كسفر الحجاز.
وتبعه أبو الخطاب في خلافه وجزم به بن هبيرة في الإفصاح.
وعن الإمام أحمد رحمه الله إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأبعد.
قال المصنف هنا فيحتمل أنه أراد ما تقصر فيه الصلاة وكذا قال أبو الخطاب.
قال في المستوعب وحدها أبو الخطاب بما جعله الشرع بعيدا.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأخ.

قال الزركشي وقيل: يكتفي بمسافة القصر لأن الإمام أحمد رحمه الله اعتبر البعد في رواية أبي الحارث وأطلق انتهى.
وقيل: ما تستضر به الزوجة اختاره ابن عقيل قاله في المستوعب.
قلت وهو الصواب.
وقيل: ما يفوت به كفء راغب.
قلت وهو قوي أيضا.
فائدة: من تعذرت مراجعته كالمأسور والمحبوس أو لم يعلم مكانه فحكمه حكم البعيد قاله في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال في الكافي إن لم يعلم وجود الأقرب بالكلية حتى زوج الأبعد يخرج على وجهين من انعزال الوكيل قبل علمه.
قال بعض الأصحاب وفيه نظر لأن الوكيل تثبت له ولاية التصرف قبل العزل ظاهرا وباطنا بخلاف هذا.
وقال الزركشي ظاهر كلام الخرقي أن شرط تزويج الأبعد الغيبة المذكورة فلو لم يعلم أقريب هو أم بعيد لم يزوج الأبعد وهو ظاهر إطلاق غيره.
وقال أبو محمد في المغني يزوج الأبعد والحال هذه.
وكذلك إذا علم أنه قريب ولكن لا يعلم مكانه وهو حسن مع أن كلام الخرقي لا يأباه انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذلك لو كان الولي مجهولا لا يعلم أنه عصبة ثم عرف بعد العقد.
وكذا قال ابن رجب لو زوجت بنت الملاعنة ثم استلحقها الأب.
قال في القواعد الأصولية لو لم يعلم وجود الأقرب حتى زوج الأبعد خرجها في الكافي على روايتي انعزال الوكيل قبل علمه بالعزل.
ورجح أبو العباس وشيخنا يعني به ابن رجب الصحة هنا.
وقد يقال كلام صاحب الكافي ليس في هذه الصورة لأنه لم يذكر الخلاف إلا فيما إذا كان الأقرب فاسقا أو مجنونا وعادت ولايته بزوال المانع. فزوج الأبعد من غير علم بعود ولاية الأقرب.
وإذا لم يعلم الولي بالأقرب بالكلية لم يتعرض لها.
وقد يفرق بينهما بأن النسيب الأقرب إذا لم يعلم لم ينسب الأبعد إلى تفريط فهو غير مقدور على استئذانه فسقط الاستئذان بعدم العلم.

فالأبعد حينئذ غير منسوب إلى تفريط بخلاف ما إذا كان الأقرب فيه مانع وزال فإن الأبعد ينسب إلى تفريط إذا كان يمكنه حال العقد معرفة حال الأقرب انتهى.
قوله : "ولا يلي كافر نكاح مسلمة بحال".
يعني لا يكون وليا لها إلا إذا أسلمت أم ولده في وجه.
وهذا الوجه هو المذهب جزم به في الإيضاح والوجيز والنظم وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب في الانتصار وبن البنا في خصاله وهو ظاهر ما جزم به في الفروع فإنه قال ولا يلي كافر نكاح مسلمة غير نحو أم ولد.
وقيل: لا يليه اختاره الخرقي والمصنف والشارح وبن نصر الله في حواشيه وغيرهم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح في ذلك أن الذمي لا يلي نكاح مكاتبته ومدبرته وهو أحد الوجهين.
والخلاف هنا كالخلاف في أم الولد ذكره في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو ظاهر كلامه في الفروع وقد تقدم لفظه.
وظاهر كلام المصنف الفرق بين أم الولد وبين المكاتبة والمدبرة.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم لكن لم أر قولا صريحا بالفرق.
وظاهر كلام المصنف أيضا أو صريحه أنه لا يلي نكاح ابنته المسلمة وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في الفروع وغيره وذكره ابن عقيل في ولاية فاسق يليه عليها وذكره بن رزين وأطلقهما في الرعاية الصغرى.
فعلى القول بأنه يليه فهل يباشره ويعقده بنفسه أو يباشره مسلم بإذنه أو يباشره حاكم بإذنه فيه ثلاثة أوجه.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
إحداهن : يباشره بنفسه وهو الصحيح صححه في المغني والشرح والنظم وقاله الأزجي وهو كالصريح في كلام المصنف هنا وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين وهو ظاهر كلام بن رزين في شرحه.

الثاني: يعقده مسلم بإذنه.
والثالث: يعقده الحاكم بإذنه.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
نقل حنبل لا يعقد يهودي ولا نصراني عقد نكاح مسلمة.
وقيل: يعقده الحاكم بغير إذنه ذكره في الرعاية الصغرى.
قوله : "ويلي الذمي نكاح موليته الذمية من الذمي".
هذا المذهب المقطوع به عند الأصحاب ولم يفرقوا بين اتحاد دينهم أو تباينه.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله في جواز كون النصراني يلي نكاح اليهودية وعكسه وجهين من توارثهما وقبول شهادة بعضهم على بعض بناء على ان الكفر هل هو ملة واحدة أو ملل مختلفة فيه الخلاف المتقدم في باب ميراث أهل الملل.
قوله : "وهل يليه من مسلم على وجهين".
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
أحدهما: يليه أعنى يكون وليا وهو المذهب اختاره أبو الخطاب والمصنف والمجد والشارح وغيرهم.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والفروع والرعاية الصغرى.
والوجه الثاني: لا يليه نص عليه في رواية حنبل.
واختاره بن أبي موسى والقاضي في التعليق والجامع والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي بل اختاره القاضي وأصحابه.
قاله ناظم المفردات.
وقدمه في الرعاية الكبرى وناظم المفردات وهو منها.
قلت ينبغي أن يكون هذا المذهب للنص عن الإمام.
فعلى المذهب له أن يباشر التزويج ويعقد النكاح بنفسه على الصحيح كما تقدم صححه في المغني والنظم والشرح.
وهو كالصريح في كلام المصنف هنا.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين.
وقيل: يباشره ويعقده مسلم بإذنه.

وقيل: يباشره الحاكم بإذنه.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
وقيل: يعقده الحاكم بغير إذنه كما تقدم في التي قبلها فإنهما في الحكم سواء.
وعلى الوجه الثاني لا يلي مالها على قياسه قاله القاضي.
وقال في الانتصار في شهادتهم يلي مالها على قياسه.
وفي تعليق بن المنى في ولاية الفاسق لا يلي على مالها كافر إلا عدل في دينه ولو سلمناه فلئلا يؤدي إلى القدح في نسب نبي أو ولي ويدل عليه ولاية المال.
فائدة يشترط في الذمي إذا كان وليا الشروط المعتبرة في المسلم.
قوله : "وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب أو زوج أجنبي لم يصح".
هذا المذهب بلا ريب وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره وقدمه في المغني والشرح وغيرهما.
وعنه يصح ويقف على إجازة الولي ولا نظر للحاكم على الصحيح من المذهب.
وقيل: إن كان الزوج كفؤا أمر الحاكم الولي بالإجازة فإن أجازه وإلا صار عاضلا فيجيزه الحاكم.
أجاب به المصنف قال الزركشي وفيه نظر.
واعلم أن هاتين المسألتين وأشباههما حكمهما حكم بيع الفضولي على ما تقدم في باب البيع ذكره الأصحاب.
فائدتان
إحداهما: لو تزوج الأجنبي لغيره بغير إذنه فقيل هو كفضولي فيه الخلاف المتقدم.
وقيل: لا يصح هنا قولا واحدا كذمته.
قلت وهي بمسألة الفضولى أقرب فتلحق بها.
وأطلقهما في المستوعب والفروع.
وعلى كلا الطريقين لا يصح النكاح على الصحيح.
الثانية لو زوج الولي موليته التي يعتبر إذنها بغير إذنها فهو كزواج الأجنبي بغير إذن الولي قاله في المستوعب وغيره.
قوله : "ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضرا".
الصحيح من المذهب جواز الوكالة في النكاح وجواز توكيل الولي سواء كان مجبرا أو غير مجبر أبا كان أو غيره بإذن الزوجة وبغير إذنها وهو ظاهر المصنف هنا.

وقدمه في المغني والشرح والكافي ونصراه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع في هذا الباب.
وقدمه في المحرر في باب الوكالة والنظم والفائق.
قال الزركشي هذا اختيار الشيخين وغيرهما.
وقيل: لا يوكل غير مجبر بلا إذنها إلا الحاكم وقدمه في الفروع في باب الوكالة فتناقض.
وخرج القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول هذه على الروايتين في توكيل الوكيل من غير إذن الموكل وقالا من لا يجوز له الإجبار يكون كالوكيل في التوكيل ورده المصنف والشارح.
وقال في الترغيب لو منعت الولي من التوكيل امتنع ورده المصنف أيضا وغيره.
وقيل: لا يوكل مجبر أيضا بلا إذنها إن كان لها إذن معتبرة ذكره في الرعايتين.
فوائد
الأولى: يجوز التوكيل مطلقا ومقيدا.
فالمطلق مثل أن يوكله في تزويج من يرضاه أو من يشاء ونحوهما.
والمقيد مثل أن يوكله في تزويج رجل بعينه ونحوه.
وهذا المذهب نص عليه وجزم به في المغني والشرح والكافي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل: يعتبر التعيين لغير المجبر.
وقيل: يعتبر التعيين للمجبر وغيره.
الثانية: ما قاله المصنف والشارح وابن حمدان وغيرهم أنه يثبت للوكيل مثل ما يثبت للموكل فإن كان له الإجبار ثبت لوكيله وإن كانت ولايته ولاية مراجعة احتاج الوكيل إلى إذنها ومراجعتها في زواجها لأنه نائب عنه فيثبت له مثل ما يثبت لمن ينوب عنه.
وكذا الحكم في السلطان والحاكم يأذن لغيره في التزويج فيكون المأذون له قائما مقامه.
وقال المصنف والشارح في باب الوكالة والذي يعتبر إذنها فيه للوكيل هو غير ما يوكل فيه الموكل بدليل أن الوكيل لا يستغني عن إذنها في التزويج فهو كالموكل في ذلك.
وتقدم التنبيه على ذلك في باب الوكالة.
الثالثة: يشترط في وكيل الولي ما يشترط في الولي نفسه على الصحيح من المذهب فلا يصح أن يكون الوكيل فاسقا ونحوه وهو من مفردات المذهب.

وقيل: يصح توكيل فاسق وعبد وصبي مميز.
ولا يشترط في وكيل الزوج عدالته على الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب وابن عقيل وبن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح وقالا هو أولى وهو القياس وهو ظاهر كلام طائفة من الأصحاب وقدمه في الكافي.
وقيل: تشترط عدالته اختاره القاضي وقدمه بن رزين في شرحه والرعاية الكبرى.
قال في التلخيص اختاره أصحابنا إلا ابن عقيل.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين والفروع والفائق.
وقد تقدم ذلك في أوائل باب الوكالة.
الرابعة: يتقيد الولي ووكيله المطلق بالكفء إن اشترطت الكفاءة.
ذكره في الترغيب.
الخامسة: ليس للوكيل المطلق أن يتزوجها لنفسه فإن فعل فهو كتزويج الفضولي على ما تقدم.
قال في القاعدة السبعين ليس له ذلك على المعروف من المذهب.
وحكى بن أبي موسى أنه إن أذن له الولي في التوكل فوكل غيره فزوجه صح وكذا إن لم يأذن له وقلنا للوكيل أن يوكل مطلقا.
وأما من ولايته بالشرع كالولي والحاكم وأمينه فله أن يزوج نفسه ولو قلنا ليس لهم أن يشتروا من المال.
ذكره القاضي في خلافه وألحق الوصي بذلك.
قال في القواعد الأصولية والفقهية وفيه نظر فإن الوصي يشبه الوكيل لتصرفه بالإذن.
قال وسواء في ذلك اليتيمة وغيرها صرح به القاضي في ذلك وذلك حيث يكون لها إذن معتبر انتهى.
ويجوز تزويج الوكيل لولده.
السادسة: يعتبر أن يقول الولي أو وكيله لوكيل الزوج زوجت فلانة لفلان أو زوجت موكلك فلانا فلانة ولا يقول زوجتها منك ويقول الولي قبلت تزويجها أو نكاحها لفلان فإن لم يقل لفلان فوجهان في الترغيب وتابعه في الفروع.
وقال في الرعاية إن قال قبلت هذا النكاح ونوى أنه قبله لموكله ولم يذكره صح.
قلت يحتمل ضده بخلاف البيع انتهى.
وتقدم ذلك أيضا في أوائل باب الوكالة.

قوله : "ووصيه في النكاح بمنزلته".
فتستفاد ولاية النكاح بالوصية إذا نص على التزويج كالأب صرح به في الكافي وغيره.
ويجبر من يجبره الموصى وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وابنه أبو الحسين وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي وبن البنا والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع والزركشي والنظم وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب فيهما.
وقيل: ليس له أن يجبر فلا يزوج من لا إذن لها اختاره أبو بكر وبن أبي موسى قاله في الفروع.
وعنه لا تستفاد ولاية النكاح بالوصية اختاره أبو بكر قاله الزركشي كالحضانة قاله في المغني والكافي.
ومال بن نصر الله في حواشي الفروع إلى صحة الوصية بالحضانة.
وأخذ من تعليل المصنف أيضا.
وعنه لا تستفاد بالوصية إذا كان للموصى عصبة حكاها القاضي في الجامع الكبير واختاره بن حامد.
وتقدم التنبيه على ذلك في أثناء باب الموصى إليه.
فائدتان
إحداهما: هل يسوغ للموصى الوصية به أو يوكل فيه.
قال في الترغيب فيه الروايتان المتقدمتان.
وقال في النوادر ظاهر المذهب جوازه.
وتقدم في باب الموصى إليه هل للوصي أن يوصي أم لا وفي باب الوكالة هل له أن يوكل أم لا.
الثانية: حكم تزويج صبي صغير بالوصية حكم تزويج الأنثى بها على الصحيح من المذهب جزم به في النوادر وقاله في المغني والشرح وغيرهما.
أعني إذا أوصى إليه أن يزوجه هل له أن يجبره.
قال الخرقي ومن زوج غلاما غير بالغ أو معتوها لم يجز إلا أن يزوجه والده أو وصى ناظر له في التزويج وجزم به الزركشي.

قال في الفروع وظاهر كلام القاضي وصاحب المحرر للوصي مطلقا تزويجه.
يعني سواء كان وصيا في التزويج أو في غيره.
وجزم به الشيخ تقي الدين رحمه الله وأنه قولهما أن وصي المال يزوج الصغير.
قال في الفروع والأول أظهر كما لا يزوج الصغيرة.
وقال في الرعاية الكبرى يزوجه ويجبره بعد أبيه وصيه.
وقيل: ثم الحاكم.
قلت بل بعد الأب وهو أظهر انتهى.
وتقدم هل لسائر الأولياء غير الأب والوصي تزويجه أم لا بعد قوله: ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا خيار للصبي إذا بلغ وهو كذلك.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وقال القاضي وجدت في رقعة بخط أبي عبد الله جواب مسألة إذا زوج الصغير وصيه ثبت نكاحه وتوارثا فإن بلغ فله الخيار انتهى.
قوله : "وإذا استوى الأولياء في الدرجة صح التزويج من كل واحد منهم" بلا نزاع.
"والأولى تقديم أفضلهم ثم أسنهم" ثم يقرع.
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الرعاية قدم الأفضل في العلم والدين والورع والخبرة بذلك ثم الأسن ثم من قرع انتهى.
وقال بن رزين في مختصره يقدم الأعلم ثم الأسن ثم الأفضل ثم القرعة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي أنه لا أثر للسن هنا وأصحابنا قد اعتبروه.
قوله : "فإن تشاحوا أقرع بينهم فإن سبق غير من وقعت له القرعة فزوج صح في أقوى الوجهين".
وكذا قال في الهداية والمستوعب والحاوي وهو المذهب.
قال في المذهب ومسبوك الذهب صح في أصح الوجهين.

قال في الخلاصة والرعايتين والفروع صح في الأصح.
قال الناظم هذا أظهر الوجهين.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يصح ذكره أبو الخطاب ومن بعده.
تنبيه محل الخلاف إذا أذنت لهم.
فأما إن أذنت لواحد منهم تعين ولم يصح نكاح غيره.
جزم به في الفروع وغيره من الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى وعنه إن أجازه من عينته صح وإلا فلا.
فائدة: قال الأزجى في النهاية وإذا استوت درجة الأولياء فالولاية ثابتة لكل واحد منهم على الكمال والاستقلال.
فعلى هذا لو عضل الكل أثموا ولو عضل واحد منهم دعى إلى النكاح فإن لم يجب فهل يعصى ينبني هذا على الشاهد الذي لم يتعين هل يعصى بالامتناع والأصح أنه لا يحكم بالعصيان لأن امتناعه لا تأثير له في توقف النكاح بحال إذ غيره يقوم مقامه.
قوله : "وإن زوج اثنان ولم يعلم السابق فسخ النكاحان".
هذا إحدى الروايتين وهو المذهب جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره أبو بكر في خلافه والمصنف في المغني.
فعلى هذا يفسخه الحاكم على الصحيح من المذهب.
وقاله القاضي في المجرد والتعليق والجامع الصغير وبن الزاغوني وأبو الخطاب والمصنف والمجد والشارح والناظم وغيرهم.
وقدمه في الفروع وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال بن خطيب السلامية في نكته هذا المشهور.
وقال القاضي أيضا في المجرد وابن عقيل في الفصول يفسخه كل واحد من الزوجين أو من جهة الحاكم.
وهو صريح في أن للزوجين الفسخ بأنفسهما.
وقاله في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.

ويحتمله كلام المصنف هنا.
قال الزركشي ولعلهم أرادوا بإذن الحاكم.
وعن أبي بكر يطلقانها حكاه عنه بن شاقلا.
قلت هذا أحوط.
قال بن خطيب السلامية في نكته فعلى هذا هل ينقص هذا الطلاق العدد لو تزوجها بعد ذلك ينبغي أن لا يكون كذلك لأنه لا يتيقن وقوع الطلاق به.
وعنه النكاح مفسوخ بنفسه فلا يحتاج إلى فاسخ ذكره في النوادر.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن منصور ما أرى لواحد منهما نكاحا وقدمه في التبصرة.
وقال بن أبي موسى يبطل النكاحان وهو أظهر وأصح.
والرواية الثانية من أصل المسألة يقرع بينهما اختارها النجاد والقاضي في التعليق والشريف وأبو الخطاب والشيرازي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والزركشي.
فعلى هذه الرواية من قرع منهما جدد نكاحه بإذنها كما قاله المصنف هنا وهو الصحيح.
جزم به في الكافي والمحرر والنظم وغيرهم.
قال الزركشي قال أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد من خرجت له القرعة جدد نكاحه.
وعنه هي للقارع من غير تجديد عقد اختاره أبو بكر النجاد ونقله ابن منصور قاله في الفروع.
قال الزركشي هذا ظاهر كلام الجمهور بن أبي موسى والقاضي وأصحابه.
وصرح به القاضي في الروايتين وابن عقيل.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والقواعد.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ومال إليه في القواعد الفقهية.
لكن اختلف نقل الزركشي وصاحب الفروع عن أبي بكر النجاد كما ترى.
وأطلق الروايتين في الفروع والمذهب.
فعلى القول بأنه يجدد نكاحه قال المصنف ينبغي أن لا تجبر المرأة على نكاح من خرجت له القرعة بل لها أن تتزوج من شاءت منهما ومن غيرهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وليس هذا بالجيد فإنا على هذا القول إذا أمرنا المقروع بالفرقة وقلنا لها أن لا تزوج القارع خلت منهما فلا يبقى بين الروايتين فرق. ولا

يبقى للقرعة أثر أصلا بل تكون لغوا وهذا تخليط.
وإنما على هذا القول يجب أن يقال هي زوجة القارع بحيث يجب عليه نفقتها وسكناها ولو مات ورثته لكن لا يطؤها حتى يجدد العقد فيكون تجديد العقد لحل الوطء فقط هذا قياس المذهب.
أو يقال إنه لا يحكم بالزوجية إلا بالتجديد ويكون التجديد واجبا عليه وعليها كما كان الطلاق واجبا على الآخر وليس في كلام الإمام أحمد رحمه الله. تعرض للطلاق ولا لتجديد الآخر النكاح فإن القرعة جعلها الشارع حجة وبينة تفيد الحل ظاهرا كالشهادة والنكول ونحوهما انتهى.
وعلى رواية أنه يقرع بينهما أيضا يعتبر طلاق صاحبه على الصحيح كما قاله المصنف فإن أبى طلق الحاكم عليه.
قال في الفروع وعلى الأصح ويعتبر طلاق صاحبه فإن أبى فحاكم.
واختاره النجاد والقاضي في الروايتين والجامع والخلاف وأبو الخطاب والمصنف والمجد وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والنظم وغيرهم.
قال بن خطيب السلامية في نكته وهذا أقرب.
قال في القواعد وفي هذا ضعف.
فإن طلق قبل الدخول فهل يجب لها نصف المهر على أحدهما ويعين بالقرعة أم لا يجب لها شيء على وجهين.
وحكى عن أبي بكر أنه اختار أنه لا شيء لها وبه أفتى أبو علي النجاد ذكره في آخر القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة.
وعنه لا يؤمر بالطلاق ولا يحتاج إليه حكاها بن البناء وغيره.
وقدمه في القواعد وقال هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل وابن منصور انتهى.
وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل.
وهو ظاهر كلام بن أبي موسى.
وقدمه الزركشي وأطلقهما في المستوعب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وعنه من قرع فهو الزوج وفي اعتبار طلاق الآخر وجهان.
وقيل: روايتان.

وقيل: من قرع جدد عقدا بإذنها وطلق الآخر مجانا فإن أبى طلق عليه الحاكم قال في الكبرى في الأصح.
قال في القواعد قال طائفة من الأصحاب يجدد الذي خرجت له القرعة النكاح لتحل له بيقين.
وحكاه القاضي في كتاب الروايتين عن أبي بكر أحمد بن سليمان النجاد ثم رده بأنه لا يبقى حينئذ معنى للقرعة.
فوائد
الأولى: إذا جهل أسبق العقدين ففيه مسائل.
منها: إذا علم عين السابق ثم جهل فهذه محل الخلاف السابق.
ومنها: لو علم السبق ونسى السابق فالصحيح من المذهب إجراء الخلاف فيها كالتي قبلها وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي لا إشكال في جريان الروايتين في هذه الصورة.
وكذلك قال في المستوعب والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: يقف الأمر حتى يتبين اختاره أبو بكر وابن حمدان في الرعاية الكبرى.
فرع: لو أقرت المرأة لأحدهما لم يقبل على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والنظم لم يقبل على الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم وعنه يقبل.
ومنها: لو جهل كيف وقعا.
فقيل هي على الروايتين وهو الصحيح واختاره أبو الخطاب والمصنف والمجد وصاحب المستوعب وغيرهم.
قال الزركشي واختاره القاضي فيما أظن.
وعند القاضي في التعليق الكبير يبطلان على كل حال.
وكذا قال ابن حمدان في الرعايتين إلا أنه حكى في الكبرى قولا بالبطلان ظاهرا وباطنا.
ومنها: لو جهل وقوعهما معا فهي على الروايتين على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع.
وقيل: يبطلان.
ومنها: لو علم وقوعهما معا بطل على الصحيح من المذهب.

وقطع به أبو الخطاب وبن البناء والمصنف والمجد وابن حمدان وصاحب الفروع وغيرهم من الأصحاب.
وذكر القاضي في كتاب الروايتين أنه يقرع بينهما على رواية الإقراع وذكره في خلافه احتمالا.
قال المجد في شرح الهداية ولا أظن هذا الاحتمال إلا خلاف الإجماع انتهى.
قال بن بردس شيخ شيخنا قال شيخنا أبو الفرج فيمن تزوج أختين في عقد يختار إحداهما وهذا يعضد ما قاله القاضي انتهى.
الثانية: إذا أمر غير القارع بالطلاق فطلق فلا صداق عليه جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
الثالثة: لو فسخ النكاح أو طلقها فقال أبو بكر لا مهر لها عليهما حكاها عنه بن شاقلا والمصنف والشارح وغيرهم.
وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل.
وأفتى به النجاد حكاه عنه أبو الحسن الخرزي.
وحكاه رواية في الفروع وغيره.
ونقل مهنا لها نصف الصداق يقترعان عليه وهو المذهب نص عليه.
وقدمه في الفروع فقال ونصه لها نصف المهر يقترعان عليه.
وعنه لا انتهى.
وظاهر المغني والشرح إطلاق الروايتين.
وحكى في القواعد في وجوب نصف المهر على من خرجت له القرعة وجهين.
الرابعة: لو ماتت المرأة قبل الفسخ والطلاق فلأحدهما نصف ميراثها فيوقف الأمر حتى يصطلحا قدمه في الشرح.
وقيل: يقرع بينهما فمن قرع حلف وورث.
قلت هذا أقرب وهما احتمالان في المغني.
لكن ذكر على الثاني أنه يحلف.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكلا الوجهين لا يخرج على المذهب.
أما الأول فلأنا لا نقف الخصومات قط.
وأما الثاني فكيف يحلف من قال لا أعرف الحلل.
وإنما المذهب على رواية القرعة أيهما قرع فله الميراث بلا يمين.

وأما على قولنا لا يقرع فإذا قلنا إنها تأخذ من أحدهما نصف المهر بالقرعة فكذلك يرثها أحدهما بالقرعة بطريق الأولى.
وأما إن قلنا لا مهر لها فهنا قد يقال بالقرعة أيضا انتهى.
الخامسة لو مات الزوجان كان لها ربع ميراث أحدهما فإن كانت قد أقرت بسبق أحدهما فلا ميراث لها من الآخر وهي تدعى ربع ميراث من أقرت له.
فإن كان قد ادعى ذلك أيضا دفع إليها ربع ميراثها.
وإن لم يكن ادعى ذلك وأنكر الورثة فالقول قولهم مع أيمانهم فإن نكلوا قضى عليهم.
وإن لم تكن أقرت بسبق أحدهما احتمل ان يحلف ورثة كل واحد منهما وتبرأ واحتمل أن يقرع بينهما فمن خرجت قرعته فلها ربع ميراثه.
وأطلقهما في المغني والشرح.
ونقل حنبل في رجل له ثلاث بنات زوج إحداهن من رجل ثم مات الأب ولم يعلم أيتهن زوج يقرع بينهن فأيتهن أصابتها القرعة فهي زوجته وإن مات الزوج كانت هي الوارثة.
قال في القواعد عن الوجه بالقرعة يتعين القول به فيما إذا أنكر الورثة العلم بالحال ويشهد له نص الإمام أحمد في رواية حنبل وغيره وذكره.
السادسة لو ادعى كل واحد منهما أنه السابق فأقرت لأحدهما ثم فرق بينهما وقلنا بوجوب المهر وجب على المقر له دون صاحبه لإقراره لها به وإقرارها ببراءة صاحبه.
وإن ماتا ورثت المقر له دون صاحبه لذلك.
وإن ماتت هي قبلهما احتمل ان يرثها المقر له كما ترثه واحتمل أن لا يقبل إقرارها له كما لم تقبله في نفسها وأطلقهما في المغني والشرح.
وإن لم تقر لأحدهما إلا بعد موته فهو كما لو أقرت له في حياته وليس لورثة واحد منهما الإنكار لاستحقاقها.
وإن لم تقر لواحد منهما أقرع بينهما وكان لها ميراث من تقع القرعة عليه.
وإن كان أحدهما قد أصابها وكان هو المقر له أو كانت لم تقر لواحد منهما فلها المسمى لأنه مقر لها به وهي لا تدعى سواه.
وإن كانت مقرة لآخر فهي تدعى مهر المثل وهو يقر لها بالمسمى فإن استويا أو اصطلحا فلا كلام.
وإن كان مهر المثل أكثر حلف على الزائد وسقط.
وإن كان المسمى لها أكثر فهو مقر لها بالزيادة وهي تنكرها فلا تستحقها.

فائدة: قوله: "وإذا زوج السيد عبده الصغير من أمته جاز له أن يتولى طرفي العقد" بلا نزاع.
وكذا أيضا لو زوج بنته المجبرة بعبده الصغير وقلنا يصح وهو الصحيح من المذهب.
وقيل: لا يصح تزويج عبده بابنته.
وكذا لو زوج وصى في نكاح صغير بصغيرة تحت حجره.
وقيل: يختص الجواز بما إذا زوج عبده بأمته.
قوله : "وكذلك ولي المرأة مثل بن العم والمولى والحاكم إذا أذنت له في نكاحها".
يعني أنه يجوز له أن يتولى طرفي العقد وهذا المذهب.
اختاره القاضي في المجرد والجامع الصغير والمصنف والشارح وبن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في العمدة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه لا يجوز حتى يوكل غيره في أحد الطرفين بإذنها قاله في المنور.
اختاره الخرقي وأبو حفص البرمكي وبن أبي موسى والقاضي في تعليقه والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وقدمه ابن عقيل في الفصول.
قال في المذهب لم يصح في أصح الروايتين.
قال الزركشي هذه الرواية أشهرهما وأنصهما نص عليه في رواية ثمانية من أصحابه وجزم به في المنور.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والبلغة.
وقيل: يجوز تولي طرفيه لغير زوج.
وقيل: لا يجوز إلا إذا كان الولي هو الإمام ذكره أبو حفص البرمكي.
قال ابن عقيل متى قلنا لا يصح من الولي تولي طرفي العقد لم يصح عقد وكيله له إلا الإمام إذا أراد أن يتزوج امرأة ليس لها ولي فإنه يتزوجها بولاية أحد نوابه لأنهم نواب عن المسلمين لا عنه انتهى.
وأطلق في الترغيب روايتين في تولي طرفيه ثم قال وقيل: تولي طرفيه يختص بالمجبر.

فائدتان
إحداهما: من صور تولي الطرفين لو وكل الزوج الولي أو الولي الزوج أو وكلا واحدا.
فعلى المذهب وهو جواز تولى الطرفين يكفي قوله: زوجت فلانا فلانة أو تزوجتها إن كان هو الزوج على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع والزركشي وقال هو المشهور من الوجهين.
وقيل: يعتبر إيجاب وقبول جزم به في البلغة فيقول زوجت نفسي فلانة وقبلت هذا النكاح ونحوه وأطلقهما في المغني والشرح.
الثانية: لا يجوز لولي المجبرة كبنت عمه المجنونة وعتيقته المجنونة نكاحها بلا ولي غيره أو حاكم ذكره في المحرر وغيره.
قال الزركشي لا يجوز بلا نزاع.
وقال في الرعاية كبنت عمه المجنونة.
وقيل: وعتيقته المجنونة.
قوله : "وإذا قال السيد لأمته أعتقتك وجعلت عتقك صداقك صح".
هذا المذهب نص عليه.
قال الزركشي هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله والمشهور عنه رواه عنه اثني عشر رجلا من أصحابه منهم ابناه عبد الله وصالح ومنهم الميموني والمروذي وبن القاسم وحرب.
وهو المختار لجمهور الأصحاب الخرقي وأبو بكر والشريف أبو جعفر والقاضي في موضع.
قال في التعليق هو المشهور من قول الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الإرشاد والوجيز والعمدة والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والمحرر والفروع والقواعد الفقهية والرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه: لا يصح حتى يستأنف نكاحها بإذنها فإن أبت ذلك فعليها قيمتها.

اختاره بن حامد والقاضي في خلافه وروايتيه وأبو الخطاب في كتبه الثلاثة وابن عقيل في الفصول وقال إنه الأشبه بالمذهب.
وصححه في المذهب والخلاصة.
قال ابن رجب في قواعده فمنهم من مأخذه انتفاء لفظ النكاح الصريح وهو بن حامد ومنهم من مأخذه انتفاء تقدم الشرط.
فعلى الرواية الثانية يكون مهرها العتق.
وقيل: بل مهر المثل ذكره في الرعاية.
فعلى المذهب يصح عقد النكاح منه وحده.
وقال بن أبي موسى إحدى الروايتين أنه يستأنف العقد عليها بإذنه دون.
إذنها ورضاها لأن العقد وقع على هذا الشرط فيوكل من يعقد له النكاح بأمره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو حسن.
وكلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية المروذي يدل عليه لمن تأمله.
فوائد
الأولى: لهذه المسألة صور.
منها: ما ذكره المصنف هنا ونقله صالح وغيره.
ومنها: لو قال جعلت عتق أمتي صداقها أو جعلت صداق أمتي عتقها أو قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها أو أعتقتها على أن عتقها صداقها أو أعتقتك على أن أتزوجك وعتقك صداقك نص عليهما وهذا المذهب في ذلك كله لكن يشترط أن يكون متصلا بذلك نص عليه وأن يكون بحضرة شاهدين إن اشترطناهما.
وقال بن حامد لا يصح ذلك إلا مع قوله: أيضا وتزوجتها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتوجه أن لا يصح العتق إذا قال جعلت عتقك صداقك فلم تقبل لأن العتق لم يصر صداقا وهو لم يوقع غير ذلك.
ويتوجه أن لا يصح وإن قبلت لأن هذا القبول لا يصير به العتق صداقا فلم يتحقق ما قال.
ويتوجه في قوله: "قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها" أنها إن قبلت صارت زوجة وإلا عتقت مجانا أو لم تعتق بحال انتهى.
الثانية: قوله : "فإن طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف قيمتها" بلا نزاع.
ونقله الجماعة لكن إذا لم تكن قادرة فهل ينتظر القدرة أو يستسعى فيه روايتان منصوصتان.

وأطلقهما في الفروع وشرح بن رزين.
قال القاضي والمصنف في المغني والشارح أصلهما المفلس إذا كان له حرفة هل يجبر على الاكتساب على الروايتين فيه.
وتقدم في باب الحجر أن الصحيح من المذهب أنه يجبر فيكون الصحيح هنا أنها تستسعى.
الثالثة: لو أعتقت المرأة عبدها على أن يتزوجها بسؤاله أولا عتق مجانا.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في الفصل الأول من كتاب الصداق.
وإن قال أعتق عبدك عني على أن أزوجك ابنتي أو أمتي ففعل عتق ولزمه قيمته لأن الأموال لا يستحق العقد عليها بالشرط.
قال القاضي وأبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم لأنه سلف في نكاح.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتوجه صحة السلف في العقود كما يصح في غيره ويصير العقد مستحقا على المستسلف إن فعل وإلا قام الحاكم مقامه ولأن هذا بمنزلة الهبة المشروط فيها الثواب.
الرابعة: المكاتبة والمدبرة والمعلق عتقها بصفة كالقن في جعل عتقهن صداقهن.
ذكره القاضي وابن عقيل وغيرهما من الأصحاب لأن أحكام الرق ثابتة فيهن كالقن.
وذكر أبو الحسين احتمالا في المكاتبة أنه لا يصح بدون إذنها.
قال العلامة ابن رجب وهو الصحيح لأن الإمام أحمد رحمه الله نص في رواية المروذي أنها لا تجبر على النكاح.
وأما المعتق بعضها فصرح القاضي في المجرد بأنها كالقن في ذلك وتبعه ابن عقيل والحلواني.
وأما أم الولد فقطع القاضي في المجرد والجامع وابن عقيل والأكثرون أنها كالقن وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية الأثرم فإنه قال في رجل يعتقها ويتزوجها فقال نعم يعتقها ويتزوجها لأن أحكامها أحكام الإماء.
وهذا العتق المعجل ليس هو المستحق بالموت.
ولهذا يصح كتابتها على الصحيح من المذهب.
وقيل: لا يصح جعل عتقها صداقها.
وصرح به القاضي على ظهر خلافه معللا بأن عتقها مستحق عليه فيكون الصداق هو تعجيله وذلك لا يكون صداقا.
قال الخلال: قال هارون المستملي لأحمد أم ولد أعتقها مولاها وأشهد على تزويجها

ولم يعلمها قال لا حتى يعلمها قلت فإن كان قد فعل قال يستأنف التزويج الآن وإلا فإنه لا تحل له حتى يعلمها فلعلها لا تريد أن تتزوج وهي أملك بنفسها فيحتمل ذلك ويحتمل أنه أعتقها منجزا ثم عقد عليها النكاح وهو ظاهر لفظه.
الخامسة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو أعتقها وزوجها لغيره وجعل عتقها صداقها فقياس المذهب صحته ويحتمل أن يكون ذلك مخصوصا بالسيد.
السادسة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو قال أعتقت أمتي وزوجتكها على ألف فقياس المذهب جوازه فإنه مثل قوله: أعتقتها وأكريتها منك سنة بألف وهذا بمنزلة استثناء الخدمة.
السابعة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا قال أعتقتك وتزوجتك على ألف فينبغي أن يصح النكاح هنا إذا قيل به في إصداق العتق بطريق أولى وعلله.
الثامنة قال الأزجي في النهاية إذا قال السيد لأمته أعتقتك على أن تتزوجي بي فقالت رضيت بذلك نفذ العتق ولم يلزمها الشرط بل هي بالخيار في الزواج وعدمه.
وقال ابن عقيل يحتمل عندي أن يلزمها والأول أصح.
التاسعة: قال القاضي لو قال الأب ابتداء زوجتك ابنتي على عتق أمتك فقال قبلت لم يمتنع أن يصح.
قوله : "الرابع الشهادة فلا ينعقد إلا بشاهدين".
احتياطا للنسب خوف الإنكار وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أن الشهادة ليست من شروط النكاح ذكرها أبو بكر في المقنع وجماعة وأطلقهما أكثرهم.
وقيد المجد وجماعة من الأصحاب بما إذا لم يكتموه فمع الكتم تشترط الشهادة رواية واحدة وذكره بعضهم إجماعا.
وقال الزركشي وهو والله أعلم من تصرف المجد ولذلك جعله ابن حمدان قولا انتهى.
قوله : "عدلين ذكرين بالغين عاقلين وإن كانا ضريرين".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح بن رزين وغيرهم.
وعنه ينعقد بحضور فاسقين ورجل وامرأتين ومراهقين عاقلين.

قال في الفروع وأسقط رواية الفسق أكثرهم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هي ظاهر كلام الخرقي.
وأخذها في الانتصار من رواية مثنى.
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله إذا تزوج بولي وشهود غير عدول يفسد من النكاح شيء فلم ير أنه يفسد من النكاح شيء.
وقيل: ينعقد بحضور كافرين مع كفر الزوجة وقبول شهادة بعضهم على بعض ويأتي نحوه قريبا.
وأطلق الروايتين في الشرح.
تنبيه: يحتمل أن يريد المصنف بقوله: عدلين ظاهرا وباطنا وهو أحد الوجهين واحتمال في التعليق للقاضي وقدمه في الرعايتين.
ويحتمل أن يريد عدلين ظاهرا لا باطنا فيصح بحضور مستوري الحال وإن لم نقبلهما في الأموال وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي وهو المشهور من الوجهين.
قال بن رزين ويصح من مستوري الحال رواية واحدة لأن الأصل العدالة وصححه في البلغة.
وجزم به القاضي في المجرد والتعليق في الرجعة منه والشيرازي وبن البنا وابن عقيل حاكيا له عن الأصحاب والمصنف في الكافي والمغني والشارح وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والفروع.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وقيل: يكفي مستوري الحال إن ثبت النكاح بهما.
وقال في المنتخب يثبت بهما مع اعتراف متقدم.
وقال في الترغيب لو تاب في مجلس العقد فكمستور الحال.
فعلى المذهب لو عقد بمستوري الحال ثم تبين بعد العقد أنهما كانا فاسقين حالة العقد فقال القاضي وابن عقيل تبين أن النكاح لم ينعقد.
وقال المصنف والشارح ينعقد لوجود شرط النكاح ظاهرا.
قال بن البنا ولا يكفي في إثبات العقد عند الحاكم إلا من عرفت عدالته ظاهرا وباطنا انتهى.
وهو صحيح بناء على اشتراط ذلك في الشهادة.

قوله : "ولا ينعقد نكاح مسلم بشهادة ذميين".
هذا المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله المشهور عند الأصحاب.
واختاره جماهيرهم.
ويتخرج أن ينعقد إذا كانت المرأة ذمية وهو لأبي الخطاب.
قال في الرعاية وفيه بعد.
وهو مخرج من رواية قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض على ما يأتي.
قال بن رزين وإن قلنا تقبل شهادة بعضهم على بعض صح النكاح بشهادة ذميين إذا كانت المرأة ذمية.
قوله : "وهل ينعقد بحضور عدوين أو ابني الزوجين أو أحدهما على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والهادي والبلغة والمحرر والشرح والنظم وشرح بن رزين وابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي والفروع وغيرهم.
أحدهما: ينعقد بحضور عدوين وهو المذهب اختاره بن بطة وبن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
قال في تجريد العناية لا ينعقد في رواية.
والوجه الثاني لا ينعقد بحضور عدوين.
وأما عدم انعقاده بحضور ابني الزوجين أو أحدهما فهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم في كتاب الشهادات.
وصححه في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم هناك.
والوجه الثاني: ينعقد بهما وبأحدهما اختاره بن بطة وبن عبدوس في تذكرته والأدمي في منتخبه.
قال في تجريد العناية لا ينعقد في رواية.
قال في الفروع وفي شهادة عدوى الزوجين أو أحدهما أو الولي وجهان وفي متهم لرحم روايتان.

وقال في الرعاية وفي عدوى الزوج أو الزوجة أو عدوهما أو عدوى الولي أو بابني الزوجين أو ابني أحدهما أو أبويهما أو أبوي أحدهما أو عدوهما وأجنبي وكل ذي رحم محرم من أحد الزوجين أو من الولي.
وقيل: في العدوين وابني الزوجين أو أحدهما روايتان انتهى.
قوله :" الخامس كون الرجل كفؤا لها في إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والبلغة والشرح.
إحداهما هي شرط لصحة النكاح وهي المذهب عند أكثر المتقدمين.
قال الزركشي هذا المنصوص المشهور والمختار لعامة الأصحاب من الروايتين.
وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقطع به الخرقي.
وقدمه في الهادي والرعايتين والحاوي الصغير.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه ليست بشرط يعني للصحة بل شرط في اللزوم.
قال المصنف هنا وهي أصح وهو المذهب عند أكثر المتأخرين.
واختاره أبو الخطاب في خلافه والمصنف وبن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم.
وجزم به في العمدة والوجيز والمنور.
قال في الرعايتين وهي أولى للآثار وقدمه في المحرر والفروع.
قلت وهو الصواب الذي لا يعدل عنه.
فعلى الأولى الكفاءة حق لله تعالى وللمرأة والأولياء حتى من يحدث.
وعلى الثانية حق للمرأة والأولياء فقط.
قوله : "لكن إن لم ترض المرأة والأولياء جميعهم فلمن لم يرض الفسخ فلو زوج الأب بغير كفء برضاها فللإخوة الفسخ".
هذا كله مفرع على الرواية الثانية وهو الصحيح نص عليه.
جزم به القاضي في الجامع الكبير والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وناظم المفردات.
وصححه في النظم وغيره وقدمه في الفروع.

قال الزركشي هذا الأشهر.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يملك إلا بعد الفسخ مع رضى المرأة والأقرب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى الأول له الفسخ في الحال ومتراخيا ذكره القاضي وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن يكون على التراخي في ظاهر المذهب لأنه خيار لنقص في المعقود عليه.
فعلى هذا يسقط خيارها بما يدل على الرضى من قول أو فعل وأما الأولياء فلا يثبت إلا بالقول.
فائدة: قال الزركشي لو عقده بعضهم ولم يرض الباقون فهل يقع العقد باطلا من أصله أو صحيحا على روايتين حكاهما القاضي في الجامع الكبير أشهرهما الصحة.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا من قوله: فلمن لم يرض الفسخ ولا يكون الفسخ إلا بعد الانعقاد وهو ظاهر كلام غيره أيضا.
وقال الزركشي في موضع آخر إذا زوجها الأب بغير كفء وقلنا الكفء ليس بشرط ففي بطلان النكاح روايتان البطلان كنكاح المحرمة والمعتدة والصحة كتلقي الركبان.
وقيل: إن علم بفقد الكفاءة لم يصح وإلا صح.
وقيل: يصح إن كانت الزوجة كبيرة لاستدراك الضرر.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله طريقة المجد في المحرر أن الصفات الخمس معتبرة في الكفاءة قولا واحدا ثم هل يبطل النكاح فقدها أو لا يبطله لكن يثبت الفسخ أو يبطله فقد الدين والمنصب ويثبت الفسخ فقد الثلاثة على ثلاث روايات وهي طريقته انتهى.
قوله : "والكفاءة الدين والمنصب".
يعني لا غير وهذا إحدى الروايتين جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
واختاره بن أبي موسى وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه أن الحرية والصناعة واليسار من شروط الكفاء أيضا وهو المذهب اختاره القاضي في تعليقه والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والفروع.

وأطلقهما في الهداية والمذهب والبلغة والشرح والنظم.
وذكر القاضي في المجرد أن فقد الثلاثة لا يبطل النكاح قولا واحدا.
وأما فقد الدين والمنصب فقيل يبطل رواية واحدة.
وقيل: فيه روايتان وقيل: المبطل فقد المنصب ذكره بن خطيب السلامية في نكته.
قال ابن عقيل الذي يقوي عندي وهو الصحيح أن فقد شرط واحد مبطل وهو النسب وما عدا ذلك لا يبطل النكاح.
واختار المصنف والشارح أن "الحرية" من شروط الكفاءة.
واختار الشيرازي أن اليسار من شروط الكفاءة.
وقال الشيخ تقي الدين لم أجد نصا عن الإمام أحمد رحمه الله ببطلان النكاح لفقر أو رق ولم أجد أيضا عنه نصا بإقرار النكاح مع عدم الدين والمنصب خلافا واختار أن النسب لا اعتبار به في الكفاءة.
وذكر بن أبي موسى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه.
واستدل الشيخ تقي الدين رحمه الله بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].
وقيل: الكفاءة النسب فقط وهو توجيه للقاضي في المجرد.
وقال بعض المتأخرين من الأصحاب إذا قلنا الكفاءة حق لله تعالى اعتبر الدين فقط قال وكلام الأصحاب فيه تساهل وعدم تحقيق.
قال في الفروع كذا قال.
قلت هذا كلام ساقط ولم يفهم معنى كلام الأصحاب.
فائدتان
إحداهما: المنصب هو النسب وأما اليسار فهو بحسب ما يجب للمرأة.
وقيل: تساويهما فيه.
قال الزركشي معنى الكفاءة في المال أن يكون بقدر المهر والنفقة.
قال القاضي وأبو محمد في المغني لأنه الذي يحتاج إليه في النكاح.
ولم يعتبر في الكافي إلا النفقة فقط.
واعتبر ابن عقيل أن يكون بحيث لا يغير عليها عادتها عند أبيها في بيته.
الثانية: لا تعتبر هذه الصفات في المرأة وليست الكفاءة شرط في حقها للرجل.
وفي الانتصار احتمال يخير معتق تحته أمة.

وفي الواضح احتمال يبطل النكاح بعتق الزوج الذي تحته أمة بناء على الرواية فيما إذا استغنى عن نكاح الأمة بحرة فإنه يبطل.
ويأتي ذلك في أوائل الفصل الثالث من باب الشروط في النكاح.
قوله : "والعرب بعضهم لبعض أكفاء".
هذا المذهب صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
وجزم به في العمدة والوجيز وغيرهما وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وعنه "لا تزوج قرشية بغير قرشي ولا هاشمية بغير هاشمي".
قدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع هذه الرواية مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.
ورد الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الرواية وقال ليس في كلام الإمام.
أحمد رضي الله عنه ما يدل عليها وإنما المنصوص عنه في رواية الجماعة أن قريشا بعضهم لبعض أكفاء قال وذكر ذلك بن أبي موسى والقاضي في خلافه وروايتيه وصححها فيه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا ومن قال "إن الهاشمية لا تزوج بغير هاشمي" بمعنى أنه لا يجوز ذلك فهذا مارق من دين الإسلام إذ قصة تزويج الهاشميات من بنات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن بغير الهاشميين ثابت في السنة ثبوتا لا يخفى فلا يجوز أن يحكى هذا خلافا في مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه وليس في لفظه ما يدل عليه انتهى.
وعنه ليس ولد الزنى كفؤا لذات نسب كعربية واقتصر عليه الزركشي وأضافه إلى المصنف.
فائدة ليس مولى القوم كفؤا لهم على الصحيح من المذهب اختاره القاضي في الروايتين والمصنف والشارح وغيرهم.
وعنه أنه كفء لهم وأطلقهما الزركشي.
تنبيه: قوله- على رواية أن الحرية من شروط الكفاءة لا تزوج حرة بعبد.
قال الزركشي قلت ولا لمن بعضه رقيق انتهى.
فلو وجدت الكفاءة في النكاح حال العقد بأن يقول سيد العبد بعد إيجاب النكاح له قبلت له هذا النكاح وأعتقته فقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس المذهب صحته.
قال ويتخرج فيه وجه آخر بمنعها.
ويأتي ما يتعلق بذلك عند قوله: إذا عتقت الأمة وزوجها حر.

أما إن كان قد مسه رق أو أباه فالصحيح من المذهب جواز تزويجه بحرة الأصل اختاره بن أبي موسى والمصنف والشارح وغيرهم.
وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الانتصار وقدمه في الفروع.
وقال في الرعاية فلا تزوج به في رواية انتهى.
وعنه لا تزوج به اختاره ابن عقيل.
فائدة التانئ في قوله: ولا بنت تانئ.
هو صاحب العقار.
وقيل: الكثير المال قاله الزركشي والبزاز بياع البز.
تنبيه ظاهر قوله: على رواية أن الحرية والصناعة واليسار من شروط الكفاءة "فلا تزوج حرة بعبد ولا بنت بزاز بحجام ولا بنت تانئ بحائك ولا موسرة بمعسر".
أنه يشمل كل صناعة رديئة وهو قول القاضي في الجامع والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الرعاية ومال إليه الزركشي.
واقتصر بعضهم على هذه الثلاثة.
وقيل: نساج كحائك.
فائدة: لو زالت البكارة المذكورة بعد العقد فلها الفسخ على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره كعتقها تحت عبد.
وقيل: ليس لها الفسخ كطول حرة من نكاح أمة وكوليها.
وفيه خلاف في الانتصار.
قال الزركشي يعزى لأبي الخطاب أن للولي الفسخ أيضا.
ويحتمله كلام شيخه في التعليق.
وقدم في الانتصار أن مثل الولي من ولد من الأولياء في ذلك وأنه إن طرأ نسب فاستلحق شريف مجهولة أو طرأ صلاح فاحتمالان.
وتقدم عند قوله: وإذن الثيب الكلام لا يشترط الإشهاد على إذنها ولا الشهادة بخلوها من الموانع.

باب المحرمات في النكاح
.
فائدة: قوله : "والبنات من حلال أو حرام".
وكذا ابنته المنفية بلعان ومن شبهة.
ويكفي في التحريم أن يعلم أنها بنته ظاهرا وإن كان النسب لغيره قاله القاضي في التعليق.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في استدلاله أن الشبه كاف في ذلك قاله الزركشي.
تنبيهات
الأول: شمل قوله: "والعمات".
عمة أبيه وأمه لدخولها في عماته وعمة العم لأب لأنها عمة أبيه لا عمة العم لأم لأنها أجنبية منه.
وتحرم خالة العمة لأم ولا تحرم خالة العمة لأب لأنها أجنبية.
وتحرم عمة الخالة لأب لأنها عمة الأم ولا تحرم عمة الخالة لأم لأنها أجنبية.
الثاني : قوله : "القسم الثاني المحرمات بالرضاع ويحرم ما يحرم بالنسب سواء".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال بن البنا في خصاله والوجيز وغيرهما إلا أم أخيه وأخت ابنه فإنهما يحرمان من النسب ولا يحرمان بالرضاع وقاله الأصحاب.
لكن أم أخيه إنما حرمت من غير الرضاع من جهة أخرى لكونها زوجة أبيه وذلك من جهة تحريم المصاهرة لا من جهة تحريم النسب.
وكذلك أخت ابنه إنما حرمت لكونها ربيبة فلا حاجة إلى استثنائهما.
وقد قال الزركشي وغيره من الأصحاب والصواب عند الجمهور عدم استثنائهما.
وقال في القاعدة الثانية والخمسين بعد المائة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يثبت به تحريم المصاهرة فلا يحرم على الرجل نكاح أم زوجته وابنتها من الرضاع ولا على المرأة نكاح أبي زوجها وابنه من الرضاع.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن بدينا في حليلة الابن من الرضاع لا يعجبني أن يتزوجها يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
وليس على هذا الضابط إيراد صحيح سوى المرتضعة بلبن الزنا.

والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابنه عبد الله أنها محرمة كالبنت من الزنى فلا إيراد إذن انتهى.
الثالث: قوله : "القسم الثالث المحرمات بالمصاهرة وهن أربع أمهات نسائه فيحرمن بمجرد العقد على البنت".
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وعنه أمهات النساء كالربائب لا يحرمن إلا بالدخول ببناتهن ذكرها الزركشي.
الرابع: دخل في قوله : "وحلائل آبائه".
كل من تزوجها أبوه أو جده لأبيه أو لأمه من نسب أو رضاع وإن علا سواء دخل بها أو لم يدخل طلقها أو مات عنها أو افترقا بغير ذلك.
ودخل في قوله: وأبنائه يعني وحلائل أبنائه كل من تزوجها أحد من.
أولاده أو أولاد أولاده وإن نزلوا سواء كانوا من أولاد البنين أو البنات من نسب أو رضاع.
الخامس: ظاهر قوله : والربائب وهن بنات نسائه اللاتي دخل بهن.
أنه سواء كانت الربيبة في حجره أو لا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل: لا تحرم إلا إذا كانت في حجره.
اختاره ابن عقيل وهو ظاهر القرآن.
فائدة: يحرم عليه بنت بن زوجته نقله صالح وغيره.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يعلم فيه نزاعا.
ذكره في القاعدة الثانية والخمسين بعد المائة.
ولا تحرم زوجة ربيبه ذكره القاضي في المجرد وابن عقيل في الفنون ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن مشيش.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا أعلم فيه نزاعا.
ويباح للمرأة بن زوجة ابنها وبن زوج ابنتها وبن زوج أمها وزوج زوجة أبيها وزوج زوجة أبيها ذكره في الرعايتين والوجيز.
قوله : "فإن متن قبل الدخول فهل تحرم بناتهن على روايتين".
يعني إذا ماتت المعقود عليها قبل الدخول ولها بنت وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة.
إحداهما: لا يحرمن وهو المذهب صححه في التصحيح.

واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما وحكاه بن المنذر إجماعا.
والرواية الثانية: يحرمن اختاره أبو بكر في المقنع.
فائدتان
إحداهما: مثل ذلك في الحكم لو أبانها بعد الخلوة وقبل الدخول خلافا ومذهبا قاله في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والوجيز وغيرهم.
قال الزركشي إذا طلق بعد الخلوة وقبل الوطء فروايتان أنصهما وهو الذي قطع به القاضي في الجامع الكبير وفي موضع في الخصال وبن البنا والشيرازي ثبوت حكم الربيبة.
والثانية: وهي اختيار أبي محمد وابن عقيل والقاضي في المجرد وفي الجامع في موضع لا يثبت.
وقدم في المغني أنها لا تحرم وصححه في موضع آخر.
قلت وصححه في المستوعب والشرح في كتاب الصداق وهو المذهب.
الثانية : قطع المصنف وغيره من الأصحاب في المباشرة ونظر الفرج بعدم التحريم.
قال الزركشي وقد يقال بعدم التحريم بناء على تقرر الصداق.
ويأتي أيضا التنبيه على الخلوة فيما يقرر الصداق في بابه.
ولا يثبت التحريم باستدخال ماء الرجل نص عليه في التعليق في اللعان.
قوله : "ويثبت تحريم المصاهرة بالوطء الحلال والحرام".
أما ثبوت تحريم المصاهرة بالوطء الحلال فإجماع.
ويثبت بوطء الشبهة على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وحكاها بن المنذر إجماعا وقدمه في الفروع وقيل: لا يثبت وأطلقهما في المذهب.
وحكاية هذا الوجه منه عجيب فإنه جزم بأن الوطء في الزنى كالنكاح الصحيح وأطلق وجهين في الوطء بشبهة.
فائدة : ظاهر كلام الخرقي أن وطء الشبهة ليس بحلال ولا حرام فقال وطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة.

وصرح القاضي في تعليقه أنه حرام.
وأما ثبوته بالوطء الحرام فهو المذهب نص عليه في رواية جماعة.
وذكر القاضي في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار أنه يثبت تحريم المصاهرة بوطء الدبر بالاتفاق.
جزم به في الهداية والخلاصة والمستوعب والمغني والترغيب والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في المذهب إذا وطى ء امرأة بزنا كان كالوطء في النكاح.
وقيل: لا يثبت تحريم المصاهرة بوطء الدبر.
ونقل بشر بن محمد: لا يعجبنى.
ونقل الميموني إنما حرم الله بالحلال على ظاهر الآية والحرام مباين للحلال.
وقال الشيخ تقي الدين الوطء الحرام لا ينشر تحريم المصاهرة.
واعتبر في موضع آخر التوبة حتى في اللواط وحرم بنته من الزنى وقال إن وطء بنته غلطا لا ينشر لكونه لم يتخذها زوجة ولم يعلن نكاحا.
تنبيه: شمل قوله : "الحرام".
الوطء في قبلها ودبرها وهو كذلك قاله الأصحاب كما تقدم.
فلو زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمها وابنتها كوطء الحلال والشبهة.
ولو وطى ء أم امرأته أو بنتها حرمت عليه امرأته نص عليه ولكن لا تثبت محرمية ولا إباحة النظر.
قوله : "فإن كانت الموطوأة ميتة أو صغيرة فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
أحدهما: لا يثبت التحريم بذلك وهو المذهب.
اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه بن رزين في شرحه.
وقاله القاضي في خلافه في وطء الصغيرة وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وصححه الزركشي في الصغيرة.
والوجه الثاني: يثبت به التحريم وقاله القاضي في الجامع في الصغيرة.

وهو ظاهر ما جزم به في المنور فيها.
تنبيه: مراده بالصغيرة الصغيرة التي لا يوطأ مثلها قاله الأصحاب.
قوله : "وإن باشر امرأة أو نظر إلى فرجها أو خلا بها بشهوة".
يعني في الحرام أو لمسها بشهوة فعلى روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في المغني والشرح فيما إذا باشر الأمة بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة.
وأطلقهما في الكافي في القبلة واللمس بشهوة والنظر إلى الفرج.
وقطع في المغني والشرح بعدم التحريم فيما إذا باشر حرة.
وقالا وذكر أصحابنا في جميع الصور الروايتين من غير تفصيل.
والتفصيل أقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى.
إحداهما: لا ينشر الحرمة وهو المذهب.
قال في المذهب ومسبوك الذهب لم ينشر في أصح الروايتين.
وصححه في التصحيح والزركشي وجزم به في الوجيز.
وقال المصنف والشارح والصحيح أن الخلوة بالمرأة لا تنشر الحرمة.
والرواية الثانية: تنتشر الحرمة بذلك.
تنبيه مفهوم قوله: أو نظر إلى فرجها أنه لو نظر إلي غيره من بدنها لشهوة لا ينشر الحرمة وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه ينشر ذكره أبو الحسين ونقله الميموني وبن هانئ.
قال المصنف والشارح وقال بعض أصحابنا لا فرق بين النظر إلى الفرج وسائر البدن لشهوة.
والصحيح خلاف ذلك ثم قالا لا خلاف نعلمه في ان النظر إلى الوجه لا يثبت الحرمة.
فائدة حكم مباشرة المرأة للرجل أو نظرها إلى فرجه أو خلوتها به لشهوة حكم الرجل على ما تقدم خلافا ومذهبا.
قوله : "وإن تلوط بغلام حرم على كل واحد منهما أم الآخر وبنته".
يعني أنه يحرم باللواط ما يحرم بوطء المرأة وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية والمستوعب هذا قول أصحابنا.

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح ابن رزين.
وهو من مفردات المذهب.
وعند أبي الخطاب هو كالوطء دون الفرج يعني كالمباشرة دون الفرج على ما تقدم من الخلاف.
قال المصنف والشارح وهو الصحيح.
قال في الفروع اختاره جماعة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في مسألة التلوط أن الفاعل لا يتزوج بنت المفعول فيه ولا أمه.
قال وهو قياس جيد.
قال فأما تزوج المفعول فيه بأم الفاعل ففيه نظر ولم ينص عليه.
قال بن رزين في شرحه وقيل: لا ينشر الحرمة البتة وهو أشبه انتهى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن دواعي اللواط ليست كاللواط وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع.
وذكر ابن عقيل وبن البنا أنه كاللواط وأطلقهما في الرعاية.
فائدة السحاق بين النساء لا ينشر الحرمة ذكره ابن عقيل في مفرداته محل وفاق.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس المنصوص في اللواط أنه يخرج على الروايتين في مباشرة الرجل الرجل بشهوة.
قوله : "القسم الرابع الملاعنة تحرم على الملاعن على التأبيد إلا أن يكذب نفسه فهل تحل على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
إحداهما: لا تحل بل تحرم على التأبيد وهو المذهب.
نقلها الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه جماهير الأصحاب.
وصححه في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه المصنف في هذا الكتاب في باب اللعان.
قال الشارح المشهور في المذهب أنها باقية على التحريم المؤبد والعمل عليه وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير في باب اللعان.

وقدمه في الفروع أيضا.
والرواية الثانية تباح له قاله بن رزين وهو أظهر.
قال الشارح وهنا في باب اللعان وهذه الرواية شذ بها حنبل عن أصحابه.
قال أبو بكر لا نعلم أحدا رواها غيره.
قال المصنف ينبغي أن تحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق الحاكم بينهما.
فأما إن فرق بينهما فلا وجه لبقاء النكاح بحاله انتهى.
وعنه تباح بنكاح جديد أو ملك يمين إن كانت أمة.
ويأتي هذا في اللعان أيضا مستوفى فليراجع.
فعلى المذهب لو وقع اللعان بعد البينونة أو في نكاح فاسد فهل يفيد التحريم المؤبد أم لا فيه وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم ذكروه في اللعان.
أحدهما: تحرم أيضا على التأبيد وهو الصحيح قدمه في الكافي.
والوجه الثاني: لا يتأبد التحريم في المسألتين قدمه بن رزين في شرحه.
فائدة ذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في كتاب التحليل أن الرجل إذا قتل رجلا ليتزوج امرأته أنها لا تحل له أبدا.
وسئل عن رجل خبث امرأة على زوجها حتى طلقت ثم تزوجها.
أجاب يعاقب مثل هذا عقوبة بليغة والنكاح باطل في أحد قولي العلماء في مذهب الإمام مالك والإمام أحمد وغيرهما رحمهم الله ويجب التفريق فيه.
فوائد
إحداها: إذا فسخ الحاكم نكاحه لعنة أو عيب فيه يوجب الفسخ لم تحرم على التأبيد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الأصحاب.
وقدمه في الفروع ذكره في باب العيوب.
وعنه تحرم على التأبيد كاللعان.
الثانية: قوله: "فيحرم الجمع بين الأختين وبين المرأة وعمتها أو خالتها".
بلا نزاع وسواء كانت العمة والخالة حقيقة أو مجازا كعمات آبائها وخالاتهم وعمات أمهاتها وخالاتهن وإن علت درجتهن ولو رضيتا من نسب أو رضاع.
وخالف الشيخ تقي الدين رحمه الله في الرضاع فلم يحرم الجمع مع الرضاع.

فعلى المذهب كل شخصين لا يجوز لأحدهما أن يتزوج الآخر لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى لأجل القرابة لا يجوز الجمع بينهما قاله الأصحاب.
قال الإمام أحمد رحمه الله خال ابنها بمنزلة خالها.
وكذا يحرم عليه الجمع بين عمة وخالة بأن ينكح امرأة وينكح ابنة أمها فيولد لكل واحد منهما بنت.
ويحرم أيضا الجمع بين خالتين بأن ينكح كل واحد منهما أم الآخر فتولد لكل واحد منهما بنت.
ويحرم أيضا الجمع بين عمتين بأن ينكح كل واحد منهما أم الآخر فيولد لكل واحد منهما بنت.
الثالثة: لا يكره الجمع بين بنتي عميه أو عمتيه أو ابنتي خاليه أو خالتيه أو بنت عمه وبنت عمته على الصحيح من المذهب.
جزم به في المستوعب والوجيز وغيرهما.
وقدمه في الرعاية وغيرها.
كما لا يكره جمعه بين من كانت زوجة رجل وبنته من غيرها.
وعنه يكره جزم به في الكافي فيكون هذا المذهب.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي.
وحرمه في الروضة قال لأنه لا نص فيه ولكن يكره قياسا.
يعني على الأختين قاله في الفروع.
الرابعة: لو تزوج أخت زيد من أبيه وأخته من أمه في عقد واحد صح ذكره في الرعاية وغيره.
الخامسة: لو كان لكل رجل بنت ووطئا أمة فألحق ولدها بهما فتزوج رجل بالأمة وبالبنتين فقد تزوج أم رجل وأختيه ذكره ابن عقيل واقتصر عليه في الفروع.
قلت فيعايي بها وقد نظمها بعضهم لغزا.
قوله : "وإن تزوجهما في عقد لم يصح".
وكذا لو تزوج خمسا في عقد واحد وهذا المذهب فيهما وعليه الأصحاب.
ونص عليه في رواية صالح وأبي الحارث.
ولكن نقل ابن منصور إذا تزوج أختين في عقد يختار إحداهما.
وتأوله القاضي على أنه يختارها بعقد مستأنف.
وقال في آخر القواعد وهو بعيد وخرج قولا بالاقتراع.

قوله : "وإن تزوجهما في عقدين أو تزوج إحداهما في عدة الأخرى سواء كانت بائنا أو رجعية فنكاح الثانية باطل".
يعني إذا كان يحرم الجمع بينهما وهذا بلا نزاع.
لكن لو جهلت الأولى فسخا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغني والشرح وتذكرة بن عبدوس وقالا بطلا.
قال بن أبي موسى الصحيح بطلان النكاحين.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقرع بينهما فمن خرجت لها القرعة فهي الأولى.
قال في الرعاية من عنده قلت فمن قرعت جدد عقدها بإذنها.
فعلى المذهب يلزم أحدهما نصف المهر يقترعان عليه على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكر ابن عقيل رواية لا يلزمه لأنه مكره.
واختاره أبو بكر فقال اختياري أن يسقط المهر إذا كان مجبرا على الطلاق قبل الدخول.
قلت فعلى الأول يعايي بها إذا أجبر على الطلاق.
قوله : "وإن اشتراهن في عقد واحد صح".
يعني لو اشترى أختين أو امرأة وعمتها أو خالتها في عقد واحد صح.
قوله : "فإن وطى ء إحداهما لم تحل له الأخرى حتى يحرم على نفسه الأولى".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه ليس بحرام ولكن ينهى عنه.
أثبتها القاضي وجماعة من أصحابه والمصنف والمجد وابن حمدان وصاحب الفروع وغيرهم.
ومنع الشيخ تقي الدين رحمه الله أن يكون في المسألة رواية بالكراهة وقال من قال عن أحمد رحمه الله إنه قال لا يحرم بل يكره فقد غلط عليه ومأخذه الغفلة عن دلالات الألفاظ ومراتب الكلام وأحمد رحمه الله إنما قال لا أقول إنه حرام ولكن ينهى عنه وكان يهاب قول الحرام إلا فيما فيه نص وقد بين ذلك القاضي في العدة.
فائدة: قال في القاعدة السادسة والثلاثين بعد المائة الجمع بين المملوكتين في الاستمتاع بمقدمات الوطء قال ابن عقيل يكره ولا يحرم ويتوجه أن يحرم.

أما إذا قلنا إن المباشرة بشهوة كالوطء في تحريم الأختين حتى تحرم الأولى فلا إشكال انتهى.
تنبيه: في قوله: "فإن وطى ء إحداهما لم تحل له الأخرى" إشعار بجواز وطء إحداهما ابتداء قبل تحريم الأخرى وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وابن عقيل والمصنف بل والشارح والمجد وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال في البلغة والمحرر والفروع والأصح جوازه.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة هذا المشهور وهو أصح ومنع أبو الخطاب في الهداية من وطء واحدة منهما قبل تحريم الأخرى.
وقطع به في المذهب والخلاصة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في القواعد ونقل بن هانئ عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه وهو راجع إلى تحريم إحداهما مبهمة.
وقيل: يكره ذلك.
فائدة حكم المباشرة من الإماء فيما دون الفرج والنظر إلى الفرج بشهوة فيما يرجع إلى تحريم أختها كحكمه في تحريم الربيبة على ما تقدم قدمه في المغني والشرح.
وقال والصحيح أنها لا تحرم بذلك لأن الحل ثابت فلا يحرم إلا الوطء فقط.
تنبيهان
الأول: قوله : "فإن وطى ء إحداهما لم تحل له الأخرى" فلو خالف ووطئ الأخرى لزمه أن يمسك عنهما حتى يحرم إحداهما على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع.
قال في القواعد الفقهية هذا الأظهر فيكون الممنوع منهما واحدة مبهمة.
وأباح القاضي في المجرد وطء الأولى بعد استبراء الثانية والثانية هي المحرمة عليه.
الثاني: قوله: "لم تحل له حتى يحرم على نفسه الأولى" بإخراج عن ملكه أو تزويج ويعلم أنها ليست بحامل وهذا بلا نزاع في الجملة.
وقال ابن عقيل لا يكفي في إباحة الثانية مجرد إزالة ملكه عنها بل لا بد أن تحيض حيضة وتنقضي فتكون الحيضة كالعدة.
وتبعه على ذلك صاحب الترغيب والمحرر وغيرهما.
وجزم به الزركشي وغيره.

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس هذا القيد في كلام الإمام أحمد رحمه الله وعامة الأصحاب انتهى.
ولا يكفي استبراؤها بدون زوال الملك على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقال ابن عقيل ينبغي أن يكتفي بذلك إذ به يزول الفراش المحرم للجمع.
ثم في الاكتفاء بتحريمها بكتابة أو رهن أو بيع بشرط الخيار وجهان.
وأطلقهما في الفروع والقواعد الأصولية.
وأطلقهما في المحرر والحاوي في الكتابة.
قطع في الكافي والمغني والشرح أن الأخت لا تباح إذا رهنها أو كاتبها وهو ظاهر كلام الخرقي والمصنف هنا.
قال الزركشي هذا الأشهر في الرهن.
وقال ظاهر إطلاق الإمام أحمد رحمه الله وكثير من الأصحاب الاكتفاء بزوال الملك ولو أمكنه الاسترجاع كهبتها لولده أو بيعها بشرط الخيار.
وجزم بن رزين في شرحه أنه إذا رهنها أو كاتبها أو دبرها لا تباح أختها.
وقدم في الرعايتين أنه يكفي كتابتها واختاره القاضي وغيره.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وابن عقيل في الجميع حيث قال فإن وطى ء إحداهما لم تحل الأخرى حتى يحرم الموطوأة بما لا يمكن أن يرفعه وحده وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
ولو أزال ملكه عن بعضها فقال الشيخ تقي الدين رحمه الله كفاه ذلك وهو قياس قول أصحابنا.
الثالثة: شمل قوله : "بإخراج عن ملكه".
الإخراج بالبيع وغيره وقد صرح به الأصحاب.
فيحتمل أن يقال هذا منهم مبني على القول بجواز التفريق على ما مر في كتاب الجهاد.
لكن يعكر على ذلك ما قبل البلوغ فإنه ليس فيه نزاع.
ويحتمل أن يقال يجوز البيع هنا للحاجة والمصلحة وإن منعناه في غيره.
قال العلامة ابن رجب أطلق الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب تحريم الثانية حتى يخرج الأولى عن ملكه ببيع أو غيره.
فإن بنيت هذه المسألة على ما ذكره الأصحاب في التفريق لزم أن لا يجوز التفريق بغير العتق فيما دون البلوغ وبعده على روايتين.

ولم يتعرضوا هنا لشيء من ذلك.
ولعله مستثنى من التفريق المحرم للحاجة وإلا لزم تحريم هذه الأمة بلا موجب انتهى.
وسبقه إلى ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
قلت فيعايي بها.
قوله : "فإن عادت إلى ملكه لم يصب واحدة منهما حتى يحرم الأخرى".
سواء كان وطى ء الثانية أو لا وهذا المذهب.
قال في الفروع هذا ظاهر نصوصه واختاره الخرقي.
قال في القاعدة الأربعين هذا الأشهر وهو المنصوص.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي ونظم المفردات.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال الزركشي فإن عادت بعد وطء الأخرى فالمنصوص في رواية جماعة وعليه عامة الأصحاب اجتنابهما حتى يحرم إحداهما.
وإن عادت قبل وطء الأخرى فظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقي وكثير من الأصحاب أن الحكم كذلك.
واختار المصنف والشارح والناظم أنها إن عادت قبل وطء أختها فهي المباحة دون أختها.
واختار المجد في المحرر أنها إذا رجعت إليه بعد أن وطى ء الباقية أنه يقيم على وطئها ويجتنب الراجعة وإن رجعت قبل وطء الباقية وطى ء أيتهما شاء.
قال بن نصر الله هذا إذا عادت إليه على وجه لا يجب الاستبراء عليه أما إن وجب الاستبراء لم يلزمه ترك أختها حتى يستبرئها.
قوله : "وإن وطىء أمته ثم تزوج أختها لم يصح عند أبي بكر".
وهو المذهب.
قال القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وحكاه في الفروع وغيره رواية.
اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الخلاصة والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وجزم به في المنور وناظم المفردات وهو منها.

وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه يصح ذكره أبو الخطاب في الهداية.
وحكاهما في الفروع وغيره رواية ونقلها حنبل وجزم به في الوجيز وصححه في النظم وأطلقهما في المذهب والفروع.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو أعتق سريته ثم تزوج أختها في مدة استبرائها.
قوله : "ولا يطأ حتى يحرم الموطوأة".
يعني على القول بالصحة والموطوأة هي أمته وهذا الصحيح من المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وجزم به في المستوعب وغيره.
وعنه يحرمان معا حتى يحرم إحداهما.
فوائد
إحداها: مثل هذا الحكم لو تزوج أخت أمته بعد تحريمها ثم رجعت الأمة إليه لكن النكاح بحاله قاله في المحرر والفروع.
وقدم في المغني والشرح أن حل وطء الزوجة باق.
وإن أعتق أمته ثم تزوج أختها في مدة استبرائها ففي صحة العقد الروايتان المتقدمتان وله نكاح أربع سواها في أصح الوجهين.
قاله في الفروع وجزم به في المحرر وغيره.
وقاله القاضي في الجامع والخلاف وبن المنى.
ونصره أبو الخطاب في خلافه الصغير كما قبل العتق.
وقيل: لا يجوز التزمه القاضي في التعليق في موضع قياسا على المنع من تزوج أختها.
قلت وهو ضعيف جدا.
الثانية: لو ملك أختين مسلمة ومجوسيه فله وطء المسلمة.
ذكره في التبصرة واقتصر عليه في الفروع.
الثالثة: لو اشترى أخت زوجته صح ولا يطؤها في عدة الزوجية فإن فعل فالوجهان المتقدمان.
وهل دواعي الوطء كالوطء فيه الوجهان وأطلقهما في الفروع.
والصحيح من المذهب أن دواعي الوطء كالوطء.
وقدم بن رزين في شرحه إباحة المباشرة والنظر إلى الفرج بشهوة.

تنبيهان
أحدهما: تقدم في آخر كتاب الطهارة إذا اشتبهت أخته بأجنبية.
الثاني: قوله : "ولا يحل للحر أن يجمع بين اكثر من أربع ولا للعبد أن يتزوج بأكثر من اثنتين" بلا نزاع.
ومفهوم قوله : "وإن طلق إحداهن لم يجز أن يتزوج أخرى حتى تنقضي عدتها".
أنها لو ماتت جاز تزوج غيرها في الحال وهو صحيح نص عليه.
فلو قال أخبرتني بانقضاء عدتها فكذبته فله نكاح أختها وبدلها في أصح الوجهين.
قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وقيل: ليس له ذلك.
فعلى الأول لا تسقط السكنى والنفقة ونسب الولد بل الرجعة قاله الأصحاب.
فائدتان
إحداهما: قوله : "ولا يحل للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين".
بلا نزاع ونص عليه في رواية الجماعة منهم صالح وابن منصور ويعقوب بن بختان.
لكن لو كان نصفه فأكثر حرا جاز له أن يتزوج ثلاثا على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في البلغة والمستوعب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي.
وقيل: هو كالعبد.
ويأتي في آخر نفقة الأقارب والمماليك هل للعبد أن يتسرى بإذن سيده أم لا.
الثانية: اختلف عن الإمام أحمد رحمه الله في جواز تسري العبد بأكثر من اثنتين فنقل عنه الميموني الجواز.
قلت وهو الصواب وهو ظاهر كلام الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والنظم وغيرهم في آخر باب نفقة الأقارب والمماليك.
ونقل أبو الحارث المنع كالنكاح.
قال في القواعد الأصولية ولم يختلف عنه في أن عتق العبد وسريته يوجب تحريمها عليه.
واختلف عنه في عتق العبد وزوجته هل ينفسخ به النكاح على ما يأتي محررا في آخر الباب الآتي بعده.

قوله : "وتحرم الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقال في الانتصار ظاهر نقل حنبل في التوبة لا يحرم تزوجها قبل التوبة.
قال ابن رجب وأما بعد التوبة فلم أر من صرح بالبطلان فيه وكلام ابن عقيل يدل على الصحة حيث خص البطلان بعد انقضاء العدة انتهى.
وقال بعض الأصحاب لا يحرم تزوجها قبل التوبة إن نكحها غير الزاني ذكره أبو يعلى الصغير.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه لا يشترط توبة الزاني بها إذا نكحها وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغني والشرح.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يشترط توبته ذكره بن الجوزي عن أصحابنا.
فوائد
الأولى: توبة الزانية أن تراود على الزنى فتمتنع على الصحيح من المذهب نص عليه.
وروى عن عمر وبن عباس رضي الله عنهما ونصره ابن رجب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل: توبتها كتوبة غيرها من الندم والاستغفار والعزم على أن لا تعود واختاره المصنف وغيره وقدمه في الفروع.
الثانية : لو وطى ء بشبهة أو زنا لم يجز في العدة نكاح أختها ولا يطؤها إن كانت زوجته نص عليه على الصحيح من المذهب.
وفي جواز وطء أربع غيرها والعقد عليهن وجهان وأطلقهما في الفروع والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي والرعاية الكبرى في موضع.
إحداهما: لا يجوز وهو صحيح اختاره أبو بكر في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار وابن عقيل.
وقدمه في المغني والشرح والزركشي واختاره.
والوجه الثاني: يجوز جزم به في المستوعب.
وقدمه في الرعاية في مكان آخر.

وهو احتمال في المغني والشرح في المسألتين.
وقال القاضي في التعليق يمنع من وطء الأربع حتى يستظهر بالزانية حمل واستبعده المجد.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة وهو كما قال المجد لأن التحريم هنا لأجل الجمع بين خمس فيكفي فيه أن يمسك عن واحدة منهن حتى يستبرئ وصرح به صاحب الترغيب.
ويأتي في نكاح الكفار لو أسلم على أكثر من أربع نسوة فاختار أربعا هل يعتزل المختارات حتى تنقضي عدة المفارقات أم لا.
الثالثة: يجوز في مدة استبراء العتيقة نكاح أربع سواها قاله القاضي في الجامع والخلاف وبن المنى.
ونصره أبو الخطاب في خلافه الصغير كما قبل العتق وجزم به في المستوعب وزاد الأمة.
وقيل: لا يجوز التزمه القاضي في التعليق في موضع قياسا على المنع من تزوج أختها.
الرابعة: لو وطئت امرأة بشبهة حرم نكاحها في العدة لغير الواطئ بلا نزاع.
فلو خالف وفعل لم يصح ويباح له بعد انقضاء العدة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه إن نكح معتدة من زوج بنكاح فاسد ووطئ حرمت عليه أبدا.
وأما للواطئ فعنه تحرم عليه إن كانت قد لزمتها عدة من غيره وإلا أبيحت.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو أصح.
قال في الفروع وهي أشهر واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
قال الزركشي في العدد وعلى هذا الأصحاب كافة ما عدا أبا محمد.
وعنه تباح له مطلقا ذكرها الشيخ تقي الدين رحمه الله واختاره هو والمصنف وصححه في النظم.
فيكون هذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة لكن الأصحاب على خلافه.
وعنه لا تباح له مطلقا حتى تفرغ عدتها ذكرها في المحرر وقدمه في الرعاية.
قال في الكافي ظاهر كلام الخرقي تحريمها على الواطئ.
قال المصنف وهو قياس المذهب.
قال في الفروع وفي هذا القياس نظر وأطلقهن في الفروع.
ويأتي بعض ذلك في العدة عند قوله: وإن أصابها بشبهة.

قوله : "ولا يحل لمسلم نكاح كافرة إلا حرائر أهل الكتاب".
يشمل مسألتين.
إحداهما : حرائر أهل الكتاب وهما قسمان ذميات وحربيات.
فالذميات يبحن بلا نزاع في الجملة.
وأما الحربيات فالصحيح من المذهب حل نكاحهن مطلقا جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعاية الصغرى والفروع واختاره القاضي في المجرد وغيره.
وقيل: يحرم نكاح الحربية مطلقا وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في البلغة والمحرر والحاوي الصغير.
وقيل: يجوز في دار الإسلام لا في دار الحرب وإن اضطر وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله في غير رواية واختيار ابن عقيل.
وقيل: بالجواز في دار الحرب مع الضرورة.
قال الزركشي وهو اختيار طائفة من الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد أيضا.
وقال المصنف ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في الأسير المنع.
وتقدم في أوائل كتاب النكاح هل يتزوج بدار الحرب للضرورة أم لا.
وقال ناظم المفردات إذا كانت الكافرة أمها حربية لم يبح نكاحها.
فعلى المذهب الأولى تركه على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل: يكره واختاره القاضي والشيخ تقي الدين وقال هو قول أكثر العلماء كذبائحهم بلا حاجة.
والمسألة الثانية: حرائر غير أهل الكتاب فلا يحل نكاحهن مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب جزم به في الكافي وغيره وقدمه في المغني وغيره.
وذكر القاضي وجها أن من دان بصحف شيث وإبراهيم والزبور تحل نساؤهم ويقرون بالجزية كأهل الكتابين.
قوله : "فإن كان أحد أبويها غير كتابي فهل تحل على روايتين".
وأطلقهما في المحرر وشرح ابن منجا.
إحداهما: لا تحل وهي المذهب اختاره الخرقي وأبو بكر في الشافي والمقنع وبن أبي موسى والقاضي في المجرد والجامع والخلاف وابن عقيل في الفصول وأبو جعفر

وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وبن البنا والمصنف في الكافي والشارح وبن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
قال في الفروع والأشهر تحريم مناكحته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
والرواية الثانية تحل ذكرها كثير من الأصحاب وحكاها في المغني احتمالا.
قال الزركشي ولم أر عن الإمام أحمد بذلك نصا.
قلت لا يلزم من عدم رؤيته أن لا يكون فيها نصا فقد أثبتها الثقات.
وحكى بن رزين رواية ثالثة إن كان أبوها كتابيا أبيحت وإلا فلا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو خطأ.
تنبيهان
أحدهما: محل الخلاف فيما إن كان أحد أبويها غير كتابي إذا اختارت هي دين أهل الكتاب.
أما إن اختارت غيره فلا تباح قولا واحدا.
الثاني: فعلى كلا الروايتين في أصل المسألة لو كان أبويها غير كتابيين واختارت هي دين أهل الكتاب فظاهر كلام المصنف هنا التحريم رواية واحدة وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: عنه لا تحرم وجزم به في المغني والشرح على الرواية الثانية.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله اعتبارا بنفسه وقال هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في عامة أجوبته.
قلت وهو الصواب.
فائدتان
إحداهما: لا ينكح مجوسي كتابية على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل: بلى.
وينكح كتابي مجوسية على الصحيح من المذهب.
وقيل: لا ينكحها اختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية: لو ملك كتابي مجوسية فله وطؤها على الصحيح.
قدمه في الرعايتين وقيل: لا يجوز له ذلك.

قوله : "أو كانت من نساء بني تغلب فهل تحل على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والخرقي.
ذكره أكثرهم في باب عقد الذمة.
إحداهما تحل وهو المذهب بلا ريب صححه في المغني والشرح والتصحيح.
قال المصنف تبعا لإبراهيم الحربي هذه الرواية آخر قوليه.
وهو ظاهر ما قطع به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية لا تحل.
قال الزركشي هذه الرواية أشهر عند الأصحاب.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن نساء العرب من اليهود والنصارى غير بني تغلب يحل نكاحهن وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: حكمهن حكم نساء بني تغلب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وتقدم قريبا من ذلك في باب عقد الذمة.
قوله : "وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه في رواية أكثر من عشرين نفسا قاله أبو بكر وعنه يجوز.
وردها الخلال وقال إنما توقف الإمام أحمد رحمه الله فيها ولم ينفذ له قول.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين.
قوله : "ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف العنت ولا يجد طولا لنكاح حرة ولا ثمن أمة".
لا يباح للحر المسلم نكاح الأمة المسلمة إلا بوجود الشرطين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في التبصرة لا يحرم على المسلم نكاح الإماء المسلمات ولو عدم الشرطان أو أحدهما.
ولم يذكر الإمام أحمد رحمه الله غير خوف العنت.

وحمل أبو يعلى الصغير رواية مهنا على أن خوف العنت ليس بشرط في صحة نكاح الأمة وإنما هو على سبيل الاختيار والاستحباب.
ويأتي في الباب الذي يلي هذا بعد قوله: "وإن تزوج أمة يظنها حرة هل يكون أولاد الحر من الأمة أرقاء أم لا".
تنبيه: ذكر المصنف رحمه الله من الشرطين أن لا يجد ثمن أمة.
وقاله كثير من الأصحاب منهم القاضي في المجرد وابن عقيل وأبو الخطاب في الهداية والمجد في المحرر وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والشرح والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال في الرعاية وهو أظهر.
وظاهر كلام الخرقي عدم اشتراطه.
وهو ظاهر إطلاق القاضي في تعليقه وطائفة من الأصحاب.
وقدمه في الرعايتين والفروع وجزم به في المنور.
وقال في البلغة والترغيب لو كان قادرا على شراء أمة ففي جواز نكاح الأمة وجهان.
فائدة قال الزركشي فسر العنت القاضي أبو يعلى وأبو الحسين وابن عقيل والشيرازي وأبو محمد بالزنى.
وكذا صاحب المستوعب.
وفسره بذلك في الترغيب والبلغة وقال فلو كان يقدر على الصبر لكن يؤدي صبره إلى مرض جاز له نكاح الأمة.
وفسره المجد في محرره وصاحب الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم بعنت العزوبة إما لحاجة المتعة وإما للحاجة إلى خدمة المرأة لكبر أو سقم أو غيرهما وقالوا نص عليه.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقال ولم يذكر جماعة الخدمة.
وأدخل القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما الخصي والمجبوب إذا كان له شهوة يخاف معها من التلذذ بالمباشرة حراما وهو عادم للطول وهو ظاهر كلام المصنف والخرقي وغيرهما.
وقال في الرعاية ولا يصح نكاح حر مسلم غير مجبوب أمة مسلمة إلا بشرطين.
تنبيه: عموم قوله : "ولا يجد طولا لنكاح حرة".
يشمل الحرة المسلمة والكتابية وهو كذلك وهو المذهب وعليه الأصحاب وأطلق الإمام أحمد رحمه الله الحرة.

وصرح به القاضي في المجرد وابن عقيل والمصنف وغيرهم.
وفي الانتصار احتمال حرة مؤمنة لظاهر الآية.
وتوقف الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب.
وقال في الترغيب في حرة كتابية وجهان.
ويشمل قوله: ولا ثمن أمة المسلمة والكتابية.
وهو صحيح وهو المذهب.
وقد أطلق الأمة أبو الخطاب وصاحب المذهب ومسبوك الذهب. والمستوعب والخلاصة والمصنف والمجد في محرره والشارح وابن حمدان وغيرهم.
وقيد القاضي وابن عقيل الأمة بالإسلام.
فوائد
الأولى: وجود الطول هو أن لا يملك مالا حاضرا على الصحيح من المذهب.
وفسر الإمام أحمد رحمه الله الطول بالسعة.
قال القاضي في المجرد عدم الطول أن لا يجد صداق حرة.
زاد ابن عقيل ولا نفقتها وهو أولى إذا علم ذلك ولم يملك مالا حاضرا ووجد من يقرضه أو رضيت الحرة بتأخير صداقها أو بدون مهرها لم يلزمه وجاز له نكاح الأمة جزم به في المغني والشرح واختاره القاضي والأزجي وقدمه في الفروع.
وقيل: إن رضيت بتأخير صداقها أو بدون مهرها لزمه.
وقيل: إن رضيت بدون مهر مثلها لزمه وإلا فلا.
ولو وهب له الصداق لم يلزمه قبوله.
الثانية: قال المصنف وتبعه الشارح وذلك بشرط أن لا يجحف بماله فإن أجحف بماله جاز له نكاح الأمة ولو كان قادرا على نكاح الحرة بهذه الصفة.
وقال في الترغيب ما لا يعد سرفا.
الثالثة: لو وجد حرة لا توطأ لصغرها أو كانت زوجته غائبة جاز له نكاح الأمة على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وجزم به في الرعاية في الزوجة واختاره القاضي.
وقيل: لا يجوز وهو احتمال في الرعاية الصغرى.
قال بن أبي موسى ليس لحر تحته حرة أن يتزوج عليها أمة لا أعلم فيه خلافا وللعبد الذي تحته حرة أن يتزوج عليها أمة قولا واحدا.

ولو كانت زوجته مريضة جاز له أيضا نكاح الأمة على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وذكر في الترغيب وجهين.
الرابعة: قال في الترغيب نكاح من بعضها حر أولى من نكاح الأمة لأن إرقاق بعض الولد أولى من إرقاق جميعه.
قوله : "وإن تزوجها وفيه الشرطان ثم أيسر أو نكح حرة فهل يبطل نكاح الأمة على روايتين".
وأطلقهما فيهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في المغني والشرح في الأخيرة.
إذا تزوج الأمة وفيه الشرطان ثم أيسر لم يبطل نكاح الأمة على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي هذا هو المذهب المنصوص المجزوم به عند عامة الأصحاب انتهى.
وصححه في التصحيح والنظم والمصنف والشارح وقالا هذا ظاهر المذهب.
وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
والرواية الثانية: يبطل.
وخرجها القاضي وغيره من رواية صحة نكاح الحرة على الأمة واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين.
وإذا نكح حرة على الأمة لم يبطل نكاح الأمة أيضا على الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والنظم وابن رجب في القاعدة التاسعة بعد المائة وجزم به في الوجيز واختاره بن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية: يبطل.
قدمهما في الرعايتين وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وقال في المنتخب يكون ذلك طلاقا فيهما لا فسخا.
ونقله ابن منصور فيما إذا تزوج حرة على أمة يكون طلاقا للأمة لقول بن عباس رضي الله عنهما.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب أنه لو زال خوف العنت لا يبطل نكاح الأمة وجزم به في الرعاية.
وقال في الترغيب والبلغة حكمه حكم ما إذا أيسر ونكح حرة على ما تقدم قاله في القاعدة السابعة.

قوله : "وإن تزوج حرة أو أمة فلم تعفه ولم يجد طولا لحرة أخرى فهل له نكاح أمة أخرى على روايتين".
إذا تزوج حرة فلم تعفه فأطلق المصنف في جواز نكاح أمة عليها الروايتين.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
إحداهما: يجوز له ذلك إذا كان فيه الشرطان قائمين وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والنظم وغيرهما واختاره بن عبدوس وغيره وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يجوز قطع به بن أبي موسى وغيره.
فعلى المذهب لو جمع بينهما في عقد واحد صح.
وعلى الثانية لا يصح.
ونقل ابن منصور يصح نكاح الحرة عليها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تحرر لأصحابنا في تزويج الأمة على الحرة ثلاث طرق.
أحدها: المنع رواية واحدة ذكرها بن ابي موسى والقاضي وابن عقيل وغيرهم.
قال القاضي هذا إذا كان يمكنه وطء الحرة فإن لم يمكنه جاز.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذه الطريق هي عندي مذهب الإمام أحمد رحمه الله وعليها يدل كلامه.
الطريق الثاني: إذا لم تعفه فيه روايتان وهي طريقة أبي الخطاب ومن حذا حذوه.
الطريق الثالث: في الجمع روايتان كما ذكر المجد انتهى.
وقال في الفائدة الأخيرة من القواعد لو تزوج حر خائف العنت غير واجد للطول حرة تعفه بانفرادها وأمة في عقد واحد صح نكاح الحرة وحدها وهو ظاهر كلام القاضي في المجرد وهو أصح.
وقيل: يصح جمعهما قاله القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما انتهى.
وإذا تزوج أمة فلم تعفه فالصحيح من المذهب جواز نكاح ثانية بشرطه ثم ثالثة كذلك ثم رابعة كذلك وعليه أكثر الأصحاب.
اختاره ابن عقيل في التذكرة والمصنف والشارح وبن عبدوس في تذكرته وغيرهم.

قال الزركشي هذا أنص الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقطع به الخرقي وصاحب العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يجوز له ذلك.
اختاره أبو بكر والقاضي في المجرد.
فائدتان
إحداهما: إذا قلنا له نكاح أربع جاز له أن ينكحهن دفعة واحدة إذا علم أنه لا يعفه إلا ذلك صرح به القاضي.
قال الزركشي وقد يقال إن كلام الخرقي يقتضيه.
وقال في الفروع والمحرر وغيرهما فإن لم تعفه واحدة فثانية ثم ثالثة ثم رابعة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تلخص لأصحابنا في تزوج الإماء ثلاث طرق.
أحدها: طريقة القاضي في الجامع والخلاف وهي أنه لا يتزوج أكثر من واحدة إلا إذا خشي العنت بأن لا يمكنه وطء التي تحته ومتى أمكنه وطؤها لم يجز.
قال بن خطيب السلامية فهل يجعل وجود زوجة يمكن وطؤها أمنا من العنت والمسألة عنده رواية واحدة.
وكذلك عنده إذا كان تحته حرة سواء.
الطريق الثاني: إذا كان فيه الشرطان فله أن يتزوج أربعا وإن كان متمكنا من وطء الأولى وهذا معنى خوف العنت وهي طريقة أبي محمد ولم يذكر الخرقي إلا ذلك.
وكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي الحل وإن كان قادرا على الوطء.
الطريق الثالث المسألة في مثل هذا على روايتين وهي طريقة بن أبي موسى انتهى.
الثانية: قوله : "وللعبد نكاح الأمة.
ومثله المكاتب والمعتق بعضه على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية والفروع وغيرهما.
قال في الفروع مع أن الشيخ وغيره علل مسألة العبد بالمساواة فيقتضي المنع فيهما وفي المعتق بعضه.
قوله : "وهل له يعني العبد أن ينكحها على حرة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا.

إحداهما يجوز وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المجرد والفروع والحاوي الصغير.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية: لا يجوز صححه في المذهب ومسبوك الذهب والرعاية الكبرى وقدمه في الرعاية الصغرى.
قوله : "فإن جمع بينهما في العقد جاز".
يعني على الرواية الأولى قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه.
وعلى الرواية الثانية لا يجوز ويفسد النكاحان على الصحيح من المذهب.
وقيل: يفسد نكاح الأمة وحده وقدمه في الرعايتين.
وأطلق الوجهين في المحرر والحاوي الصغير.
ونقل ابن منصور يصح في الحرة.
وفي الموجز في العبد رواية يصح في الأمة وكذا في التبصرة لفقد الكفاءة.
وقال إن لم تعتبر الكفاءة صح فيهما وهو رواية في المذهب.
قوله : "ويتخرج أن لا يجوز".
قال الشارح بناء على قوله: لا يجوز نكاح الأمة على حرة.
تنبيه: تقدم قول المصنف لو تزوج الحر أمة على حرة بشرطه هل يجوز أم لا.
ولكن لو طلق الحرة طلاقا بائنا جاز له نكاح الأمة في عدتها مع وجود الشرطين.
ذكره القاضي في خلافه ونص عليه في رواية مهنا.
وخرج المجد في شرح الهداية وجها بالمنع إذا منعنا من الجمع في صلب النكاح مع الغيبة ونحوها.
فائدة: الحر الكتابي كالمسلم في نكاح الأمة جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
لكن قال في الترغيب والبلغة وغيرهما إن اعتبرنا إسلام الأمة في حق المسلم اعتبرنا كونها كتابية في حق الكتابي.
وقال في الوسيلة المجوسي كالكتابي في نكاح الأمة.
وقال في المجموع وكل كافر كمسلم في نكاح الأمة.
وتقدم قريبا إذا ملك كتابي مجوسية هل له وطؤها أم لا.

قوله : "ولا للحر أن يتزوج أمته ولا أمة ابنه".
لا يجوز للحر نكاح أمته بلا خلاف وكذا لو كان له بعضها صرح به في الرعاية وليس له نكاح أمة ابنه على الصحيح من المذهب.
ذكره القاضي ومن بعده وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقيل: يجوز.
تنبيه: قال ابن رجب لا يجوز للأب الحر نكاح أمة ولده.
ذكره القاضي ومن بعده وذكروا أصله في المذهب وهو وجوب إعفاف الابن أباه عند حاجته إلى النكاح.
وإذا وجب عليه إعفافه كان واجدا للطول.
قال وعلى هذا المأخذ لا فرق بين أن يزوجه بأمته أو أمة غيره وصرح به القاضي في الجامع ولا فرق حينئذ بين الأب والجد من الطرفين.
وكذلك يلزم في سائر من يلزم إعفافه من الأقارب على الخلاف فيه وصرح به ابن عقيل في الفصول.
ولو كان الابن معسرا لا يقدر على إعفاف أبيه فهل للأب حينئذ أن يتزوج بأمته.
ذكر أبو الخطاب في انتصاره احتمالين الجواز لانتفاء وجوب الإعفاف والمنع لشبهة الملك.
وخرج أيضا رواية بجواز نكاح الأب أمة ولده مطلقا من رواية عدم وجوب إعفافه.
وللأصحاب في المنع مأخذ آخر ذكره القاضي أيضا والأصحاب.
وهو أن الأب له شبهة الملك في مال ولده وشبهة الملك تمنع من النكاح كالأمة المشتركة وأمة المكاتب.
وعلى هذا المأخذ يختص المنع بأمة الابن وهل يدخل فيه الجد وإن علا من الطرفين فيه نظر.
قال وللمنع مأخذ ثالث وهو أن الأب إذا تزوج أمة ولده فأولدها فهل تصير بذلك مستولدة وينعقد ولده حرا أم لا تصير مستولدة وينعقد رقيقا.
ذكر القاضي أن الولد ينعقد رقيقا لأن وطأه بعقد النكاح ليس تصرفا في مال ولده بحكم الأبوة بل هو تصرف بعقد يشاركه فيه الأجانب فينعقد الولد رقيقا ولا تصير مستولدة.
قال وهذا مع القول بصحة النكاح ظاهر وأما مع ظن صحته ففيه نظر.
وأما مع العلم ببطلانه فبعيد جدا.
وتردد ابن عقيل في فنونه في ثبوت حرية الولد واستيلاده كتردده في حكم النكاح.

واستشكل القول ببطلانه مع رق الولد وعدم الاستيلاد وكان أولا أفتى بالرق وعدم ثبوت الاستيلاد مستندا إلى صحة النكاح.
قال ابن رجب وهذا يقتضي أنه إذا حكم بفساد النكاح لزم حرية الولد واستيلاد أمه.
قال وهو أظهر كما لو نكح أحد الشريكين الأمة المشتركة ثم استولدها وحينئذ يصير مأخذ المنع من النكاح معرضا للانفساخ بحصول الولد الذي هو مقصود العقد فلا يصح انتهى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره جواز تزويج الابن بأمة والده وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور.
وجزم به الوجيز وغيره وصححه في الفروع وغيره.
وقيل: لا يجوز.
فعلى المذهب لو تزوجها ثم قال لها إذا مات أبي فأنت طالق ثم مات الأب فهل يقع الطلاق فيه وجهان.
أحدهما يقع اختاره القاضي في الجامع والخلاف وابن عقيل في عمد الأدلة وأبو الخطاب لأن الموت يترتب عليه وقوع الطلاق والملك سبق انفساخ النكاح فقد سبق نفوذ الطلاق الفسخ فنفذ.
والوجه الثاني لا يقع اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول لأن الطلاق قارن المانع وهو الملك فلم ينفذ.
وقدمه المصنف في باب الطلاق في الماضي والمستقبل ويأتي هناك إن شاء الله محررا.
ومثل هذه المسألة لو تزوج أمة وقال إن اشتريتك فأنت طالق فيه الوجهان وإن قلنا ينتقل الملك مع الخيار وهو الصحيح لم يقع الطلاق.
وإن قلنا لا ينتقل وقع الطلاق وجها واحدا ذكره أبو الخطاب.
فائدة لا يجوز للمرأة نكاح عبد ولدها على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يجوز.
تنبيه: مفهوم قوله: ولا للحر أن يتزوج أمة ابنه.
جواز تزوج الأب بأمة ولده إن كان رقيقا وهو صحيح بلا نزاع فيه.
وكذا يجوز للمرأة نكاح عبد ولدها إذا كانت رقيقة.
فائدة قوله: "وإن اشترى الحر زوجته وكذا بعضها انفسخ نكاحها وإن اشتراها ابنه" وكذا بعضها "فعلى وجهين".

وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح.
أحدهما: ينفسخ وهو المذهب صححه في التصحيح.
قال في الفروع ينفسخ على الأصح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والوجه الثاني: لا ينفسخ.
فائدتان
إحداهما: كذا الحكم لو اشتراها أو بعضها مكاتبة خلافا ومذهبا قاله في الرعاية والوجيز والفروع وغيرهم إلا أن الخلاف هنا وجهان.
الثانية: حكم شراء الزوجة أو ولدها أو مكاتبها للزوج حكم شراء الزوج أو ولده أو مكاتبه للزوجة.
فلو بعثت إلى زوجها تخبره أني قد حرمت عليك ونكحت غيرك وعليك نفقتي ونفقة زوجي فهذه امرأة ملكت زوجها وتزوجت بن عمها فيعايي بها.
وتقدم جواز تزويج بنته بعبده عند تولي طرفي العقد.
ويأتي ذلك في أواخر باب التأويل في الحلف بأتم من هذا.
قوله: ومن جمع بين محرمة ومحللة في عقد واحد فهل يصح فيمن تحل على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر.
إحداهما: يصح فيمن تحل وهو المذهب.
قال المصنف والشارح والمنصوص صحة نكاح الأجنبية وصححه في التصحيح وتجريد العناية.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
واختاره القاضي في تعليقه والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
والرواية الثانية: لا يصح اختاره أبو بكر.

فائدة لو تزوج أما وبنتا في عقد واحد ففيه وجهان.
أحدهما: يبطل النكاحان معا وهو المذهب.
اختاره القاضي وابن عقيل والمصنف في المغني والشارح وغيرهم.
والوجه الثاني: يبطل نكاح الأم وحدها ذكره في الكافي.
وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين.
وصححه في الفائدة الأخيرة من القواعد.
وأطلقهما في الكافي والقواعد الفقهية في التاسعة بعد المائة.
قوله : "ومن حرم نكاحها حرم وطؤها بملك اليمين إلا إماء أهل الكتاب".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز وطء إماء غير أهل الكتاب.
وذكره بن أبي شيبة في كتابه عن سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار فلا يصح ادعاء الإجماع مع مخالفة هؤلاء.
قوله : "ولا يحل نكاح خنثى مشكل حتى يتبين أمره نص عليه".
في رواية الميموني وهو المذهب اختاره أبو بكر وابن عقيل.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل: يحل نكاحه ذكره في الرعاية.
وقال الخرقي إذا قال أنا رجل لم يمنع من نكاح النساء ولم يكن له أن ينكح بغير ذلك بعد وإن قال أنا امرأة لم تنكح إلا رجلا.
واختاره القاضي في الروايتين.
فعلى هذا لو قال أنا رجل وقبلنا قوله: في ذلك في النكاح فهل يثبت. في حقه سائر أحكام الرجال تبعا للنكاح ويزول بذلك إشكاله أم يقبل قوله: في حقوق الله تعالى وفيما عليه من حقوق الآدميين دون ماله منها لئلا يلزم قبول قوله: في استحقاقه بميراث ذكر وديته فيه وجهان.
ذكره في القاعدة الثالثة والثلاثين بعد المائة.
قوله : "فإن تزوج امرأة ثم قال أنا امرأة انفسخ نكاحه".
هذا تفريع على قول الخرقي والصحيح أنه يقبل قوله: في ذلك.
واختاره المصنف والمجد وغيرهما وقدمه الزركشي.

وقال القاضي لا يقبل قوله: أنا امرأة بعد قوله: أنا رجل وعلله بأنه يريد أن يسقط عنه مهر المرأة وهذا ظاهر كلام أبي الخطاب وابن عقيل قاله الزركشي.
وفي نكاحه لما يستقبل الوجهان الآتيان بعد.
فوائد
الأولى: على قول الخرقي لو لم يكن متزوجا ورجع عن قوله: الأول بأن قال أنا رجل ثم قال أنا امرأة أو عكسه فظاهر كلام الخرقي والأصحاب أن له نكاح ما عاد إليه قاله في المحرر وهو الصحيح.
قال في الفروع فلو عاد عن قوله: الأول فله نكاح ما عاد إليه في الأصح.
وقال في المحرر يمنع من نكاح الصنفين عندي.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام أبي محمد في الكافي.
الثانية: قال ابن عقيل في الفنون لا يجوز الوطء في الفرج الزائد.
قلت إذا زوجناه على أنه أنثى لم يستبعد جواز وطئه فيه كما يجوز مباشرته في سائر بدنه غير دبره.
الثالثة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يحرم في الجنة زيادة العدد ولا الجمع بين المحارم وغيره والله أعلم.

باب الشروط في النكاح
.
فائدتان
إحداهما: الشروط المعتبرة في النكاح في هذا الباب محل ذكرها صلب العقد قاله في المحرر وغيره.
وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس والنظم.
وقاله القاضي في موضع من كلامه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا لو اتفقا عليه قبل العقد في ظاهر المذهب.
وقال على هذا جواب الإمام أحمد رحمه الله في مسائل الحيل لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك تناولا واحدا.
قال الزركشي وهذا ظاهر إطلاق الخرقي وأبي الخطاب وأبي محمد وغيرهم.
قال وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في فتاويه إنه ظاهر المذهب ومنصوص الإمام أحمد رحمه الله وقول قدماء أصحابه ومحققي المتأخرين انتهى.

قلت وهو الصواب الذي لا شك فيه.
الثانية لو وقع الشرط بعد العقد ولزومه فالمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يلزمه.
قال ابن رجب ويتوجه صحة الشرط فيه بناء على صحة الاستثناء منفصلا بنية بعد اليمين لا سيما والنكاح تصح الزيادة فيه في المهر بعد عقده بخلاف البيع ونحوه.
قوله : "وهي قسمان صحيح مثل اشتراط زيادة في المهر أو نقد. معين أو لا يخرجها من دارها أو بلدها أو أن لا يتزوج ولا يتسرى عليها".
فهذا صحيح لازم إن وفى به وإلا فلها الفسخ هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر الأثر والقياس يقتضي منعه من فعل ذلك الشرط الصحيح.
وحكى القاضي أبو الحسين عن شيخه أبي جعفر رواية أنه لا يصح شرط أن لا يسافر بها ولا يتزوج ولا يتسرى عليها.
ويأتي في الصداق بعد قوله: وإذا تزوجها على صداقين سر وعلانية لحوق الزيادة في الصداق بعد العقد على الصحيح من المذهب.
فوائد
إحداها: اختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة شرط أن لا يتزوج عليها أو إن تزوج عليها فلها أن تطلق نفسها.
الثانية: ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالا على أن لا يتزوج أما الزوج فمطلقا وأما الزوجة فبعد موت زوجها ومن لم يف بالشرط لم يستحق العوض لأنها هبة مشروطة بشرط فتنتفي بانتفائه.
وقال المجد في شرحه لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده فالشرط باطل في قياس المذهب.
ووجهه أنه ليس في ذلك غرض صحيح بخلاف حال الحياة واقتصر في الفروع على ذكر رواية أبي الحارث.
وتقدم في باب الموصى له لو أوصى لأم ولده على أن لا تتزوج.
الثالثة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو خدعها فسافر بها ثم كرهته لم يكن له أن يكرهها بعد ذلك.

قال بن نصر الله في حواشيه على الفروع هذا إذا لم تسقط حقها واضح أما لو أسقطت حقها من الشرط احتمل أن يكون لها الرجوع فيه كهبة حقها من القسم واحتمل أن لا يكون لها العودة فيه كما لو أسقطت حقها من بعض مهرها المسمى والفرق واضح فذكره انتهى.
قلت الصواب أنها إذا أسقطت حقها يسقط مطلقا.
وقال أيضا لو شرط أن لا يخرجها من منزل أبويها فمات الأب فالظاهر أن الشرط يبطل.
ويحتمل أن لا يخرجها من منزل أمها إلا أن تتزوج الأم.
ولو تعذر سكنى المنزل لخراب أو غيره فهل يسقط حقها من الفسخ بنقلها عنه أفتيت بأنه إن نقلها إلى منزل ترتضيه هي فلا فسخ وإن نقلها إلى منزل لا ترتضيه فلها الفسخ ولم أقف فيه على نقل انتهى.
قلت الصواب أن له أن يسكن بها حيث أراد سواء رضيت أو لا لأنه الأصل والشرط عارض وقد زال فرجعنا إلى الأصل وهو محض حقه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن شرط لها أن يسكنها بمنزل أبيه فسكنت ثم طلبت سكنى منفردة وهو عاجز لا يلزمه ما عجز عنه بل لو كان قادرا ليس لها على قول في مذهب الإمام أحمد رحمه الله غير ما شرطت لها.
قال في الفروع كذا قال.
قال والظاهر أن مرادهم صحة الشرط في الجملة بمعنى ثبوت الخيار لها بعدمه لا أنه يلزمها لأنه شرط لحقها لمصلحتها لا لحقه لمصلحته حتى يلزم في حقها ولهذا لو سلمت نفسها من شرطت دارها فيها أو في داره لزم انتهى.
وقال بن القيم رحمه الله في الهدى الشرط العرفي كالمشروط لفظا وأطال في ذلك.
قوله : "وإن شرط لها طلاق ضرتها فقال أبو الخطاب هو صحيح".
جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير إذا شرط لها طلاق ضرتها وقلنا يصح في رواية ويحتمل أنه باطل لما ذكر المصنف من الحديث.
قال المصنف وهو الصحيح.
وقال لم أر ما قاله أبو الخطاب لغيره.

قلت قد حكاه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقال ذكره جماعة.
وصحح ما صححه المصنف في النظم وشرح بن رزين.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف فإنه قال ويصح شرط طلاق ضرتها في رواية وذكره جماعة وقيل: باطل.
فوائد
الأولى: حكم شرط بيع أمته حكم شرط طلاق ضرتها على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح.
قال في الفروع وهو الأشهر ومثله بيع أمته.
الثانية: حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار أو البلد ونحو ذلك لم يجب. الوفاء به على الزوج صرح به الأصحاب لكن يستحب الوفاء به وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية عبد الله.
ومال الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط ويجبره الحاكم على ذلك وهو ظاهر كلام الخرقي.
وصرح أبو بكر في التنبيه أنه لا يجوز للزوج مخالفة ما شرط عليه.
ونص عليه في رواية حرب فيمن تزوج امرأة وشرط لها أن لا يخرجها من قريتها ثم بدا له أن يخرجها قال ليس له أن يخرجها.
وقد ذكر الزركشي في شرح المحرر فيما إذا شرطت دارها أو بلدها وجها بأنه يجبر على المقام معها.
وذكر أيضا أنه لا يتزوج ولا يتسرى إلا بإذنها في وجه إذا شرطته.
إذا علمت ذلك فلها الفسخ بالنقلة والتزويج والتسري كما قال المصنف.
فأما إن أراد نقلها وطلب منها ذلك فقال القاضي في الجامع لها الفسخ بالعزم على الإخراج وضعفه الشيخ تقي الدين.
وقال العزم المجرد لا يوجب الفسخ إذ لا ضرر فيه وهو صحيح ما لم يقترن بالهم طلب نقلة.
الثالثة: لو شرطت أن لا تسلم نفسها إلا بعد مدة معينة لم يصح ذكره ابن عقيل في المفردات وأبو الخطاب في الانتصار.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس المذهب صحته كاشتراط تأخير التسليم في البيع والإجارة وكما لو اشترطت أن لا يخرجها من دارها.

الرابعة: ذكر أبو بكر في التنبيه من الشروط اللازمة إذا شرط أن لا يفرق بينها وبين أبويها وأولادها أو ابنها الصغير وأن ترضعه.
وكذا ذكر بن أبي موسى أنها إذا شرطت أن لها ولدا ترضعه فلها شرطها.
وقطع به في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال في القاعدة الثانية والسبعين ولو شرطت عليه نفقة ولدها وكسوته صح وكان من المهر.
قال بن نصر الله في حواشيه وظاهره لا يشترط مع ذلك تعيين مدة كنفقة الزوجة وكسوتها فإنه ذكرها بعدها انتهى.
قلت ليس كذلك والفرق بين المسألتين واضح.
الخامسة: هذه الشروط الصحيحة إنما تلزم في النكاح الذي شرطت فيه.
فأما إن بانت منه ثم تزوجها ثانيا لم تعد هذه الشروط في هذا العقد الثاني بل يبطل حكمها إذا لم يذكرها فيه ذكره المجد في شرحه وجزم به في الفروع.
قال ابن رجب ويتخرج عودها في النكاح الثاني إذا لم يكن استوفى عدد الطلاق لزم فيه كل ما كان ملتزما بالعقد الأول.
السادسة: خيار الشرط على التراخى لا يسقط إلا بما يدل على الرضى من قول أو تمكين منها مع العلم قطع به الأصحاب منهم صاحب المحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم ذكروه في باب العيوب في النكاح.
قوله : "القسم الثاني فاسد وهو ثلاثة أنواع أحدها ما يبطل النكاح وهو ثلاثة أشياء أحدها نكاح الشغار وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما".
هذا المذهب سواء قالا وبضع كل واحدة مهر الأخرى أولا وعليه الأصحاب.
وعنه يصح العقد ويفسد الشرط وهو تخريج في الهداية.
فعليه لها مهر المثل.
قوله : "فإن سموا مهرا صح نص عليه".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي عليه عامة الأصحاب صححه الناظم وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.

وقال الخرقي لا يصح.
وقاله أبو بكر في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار.
وذكره القاضي في الجامع وابن عقيل رواية.
وقيل: لا يصح إن قال مع ذلك وبضع كل واحدة مهر الأخرى وإن لم يقل ذلك صح.
واختاره في المحرر وبن عبدوس في تذكرته.
قال في الرعاية وهو أولى.
قال في الفروع وظاهر كلام بن الجوزي يصح معه بتسمية.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها واختاره أن بطلانه لاشتراط عدم المهر.
قال وهو الذي عليه قول الإمام أحمد رحمه الله وقدماء أصحابه كالخلال وصاحبه.
تنبيه: مراده بقوله: فإن سموا مهرا صح أن يكون المهر مستقلا غير قليل ولا حيلة نص عليه.
وقيل: يصح إن كان مهر المثل وإلا فلا.
فعلى المذهب لو سمى لإحداهما مهر ولم يسم للأخرى شيء فسد نكاح من لم يسم لها صداق لا غير.
قال المصنف والشارح وهذا أولى.
وقال أبو بكر يفسد النكاح فيهما.
وجزم به في الرعاية الصغرى وقدمه في الكبرى.
فائدة: لو جعلا بضع كل واحدة ودراهم معلومة صداق الأخرى لم يصح على الصحيح.
وقيل: يبطل الشرط وحده.
قوله : "الثاني نكاح المحلل وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها طلقها".
الصحيح من المذهب أن نكاح المحلل باطل مع شرطه نص عليه وعليه الأصحاب وعنه يصح العقد ويبطل الشرط ذكرها جماعة.
قال الزركشي وخرج القاضي أبو الخطاب رواية ببطلان الشرط وصحة العقد من اشتراط الخيار.
وخرجها ابن عقيل من الشروط الفاسدة.
قوله : "فإن نوى ذلك من غير شرط لم يصح أيضا في ظاهر المذهب".
قال الزركشي نص عليه وعليه الأصحاب وهو كما قال.

وقيل: يكره ويصح وذكره القاضي.
وحكاه الشريف وأبو الخطاب ومن تبعهما رواية.
ومنع ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويؤخذ من الصحيح من المذهب أنه لا يعتبر أن يكون الشرط في العقد. فلو نوى قبل العقد ولم يرجع عنها فهو نكاح محلل وإن رجع عنها ونوى عند العقد أنه نكاح رغبة صح.
قاله المصنف وغيره.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وكلام غيره أن المرأة إذا نوت ذلك لا يؤثر في العقد وهو الصحيح.
وقال في الواضح نيتها كنيته.
وقال في الروضة نكاح المحلل باطل إذا اتفقا.
فإن اعتقدت ذلك باطنا ولم تظهره صح في الحكم وبطل بينها وبين الله تعالى انتهى.
ويصح النكاح إلى الممات قاله الأصحاب.
فائدة: لو اشترى عبدا وزوجه بمطلقته ثلاثا ثم وهبها العبد أو بعضه ليفسخ نكاحها لم يصح.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا طلقها ثلاثا وأراد أن يراجعها فاشترى عبدا وزوجه بها فهذا الذي نهى عنه عمر رضي الله عنه يؤدبان جميعا وهذا فاسد ليس بكفء وهو شبه المحلل.
قال في الفروع وتزويجه المطلقة ثلاثا لعبده بنية هبته أو بيعه منها ليفسخ النكاح كنية الزوج ومن لا فرقة بيده ولا أثر لنيته.
وقال ابن عقيل في الفنون فيمن طلق زوجته الأمة ثلاثا ثم اشتراها لتأسفه على طلاقها حلها بعبد في مذهبنا لأنه يقف على زوج وإصابة ومتى زوجها مع ما ظهر من تأسفه عليها لم يكن قصده بالنكاح إلا التحليل والقصد عندنا يؤثر في النكاح بدليل ما ذكره أصحابنا إذا تزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج من البلد لم يصح ذكره في الفروع.
قال المصنف والشارح ويحتمل أن يصح النكاح إذا لم يقصد العبد التحليل.
وقال العلامة بن القيم في أعلام الموقعين لو أخرجت من مالها ثمن مملوك فوهبته لبعض من تثق به فاشترى به مملوكا ثم خطبها على مملوكه فزوجها منه فدخل بها المملوك ثم وهبها إياه انفسخ النكاح ولم يكن هناك تحليل مشروط ولا منوى ممن تؤثر نيته وشرطه وهو الزوج فإنه لا أثر لنية الزوجة ولا الولي.

قال وقد صرح أصحابنا بأن ذلك يحلها.
فقال في المغنى فإن تزوجها مملوك ووطئها أحلها انتهى.
وهذه الصورة غير التي منع منها الإمام أحمد رحمه الله فإنه منع من حلها إذا كان المطلق الزوج واشترى العبد وزوجه بإذن وليها ليحلها انتهى.
قوله : الثالث نكاح المتعة وهو أن يتزوجها إلي مدة.
الصحيح من المذهب أن نكاح المتعة لا يصح وعليه الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وعنه يكره ويصح ذكرها أبو بكر في الخلاف وأبو الخطاب وابن عقيل وقال رجع عنها الإمام أحمد رحمه الله.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله توقف الإمام أحمد رحمه الله عن لفظ الحرام ولم ينفه.
قال المصنف والشارح وغير أبي بكر يمنع هذا ويقول المسألة رواية واحدة.
وقال في المحرر ويتخرج أن يصح ويلغو التوقيت.
فائدة: لو نوى بقلبه فهو كما لو شرطه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الفروع وقطع الشيخ فيها بصحته مع النية ونصه والأصحاب على خلافه انتهى.
وقيل: يصح وجزم به في المغنى والشرح وقالا هذا قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي كما لو نوى إن وافقته وإلا طلقها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لم أر أحدا من الأصحاب قال لا بأس به.
وما قاس عليه لا ريب أنه موجب العقد بخلاف ما تقدم فإنه ينافيه لقصده التوقيت.
قوله : "ونكاح شرط فيه طلاقها في وقت".
الصحيح من المذهب أنه إذا شرط في النكاح طلاقها في وقت حكمه حكم نكاح المتعة وعليه الأصحاب ونص عليه.
ويتخرج أن يصح النكاح ويبطل الشرط قاله المصنف والشارح.
قوله : "أو علق ابتداءه على شرط كقوله: زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها".
الصحيح من المذهب بطلان العقد في ذلك وشبهه.

قال في الفروع إذا علق ابتداءه على شرط فسد العقد على الأصح كالشرط وصححه المصنف والشارح وجزم به في الوجيز وغيره.
قال في المحرر وغيره ولا يصح تعليقه على شرط مستقبل.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وعنه العقد صحيح وبعدها القاضي وأبو الخطاب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ذكر القاضي وغيره روايتين والأنص من كلامه جوازه.
قال ابن رجب ورواية الصحة أقوى.
قال في الفائق ولا يصح تعليقه على شرط مستقبل.
وعنه يصح نصره شيخنا وهو المختار انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قوله: في المحرر ولا يصح تعليقه بشرط مستقبل أظن قصد بذلك الاحتراز عن تعليقه بمشيئة الله تعالى ودخل في ذلك قوله: إذا قال زوجتك هذا المولود إن كان أنثى أو زوجتك بنتي إن كانت انقضت عدتها أو إن لم تكن زوجت ونحو ذلك من الشروط الحاضرة والماضية.
وكذلك ذكر الجد الأعلى أنه لا يجوز تعليقه على شرط مستقبل ولم أرها لغيرهما انتهى.
وتقدم كلام ابن رجب في قواعده في أول باب أركان النكاح فليراجع.
قوله : "النوع الثاني أن يشترط أن لا مهر لها ولا نفقة أو أن يقسم لها أكثر من امرأته الأخرى أو أقل فالشرط باطل ويصح النكاح".
وكذا لو شرط أحدهما عدم الوطء وهذا المذهب نص عليهما.
وصححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل: يبطل النكاح أيضا.
وقيل: يبطل إذا شرطت عليه أن لا يطأها.
قال ابن عقيل في مفرداته ذكر أبو بكر فيما إذا شرط أن لا يطأ أو أن لا ينفق أو إن فارق رجع بما أنفق روايتين يعني في صحة العقد.

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويحتمل صحة شرط عدم النفقة.
قال لا سيما إذا قلنا إنه إذا أعسر الزوج ورضيت به أنها لا تملك المطالبة بالنفقة بعد.
واختار فيما إذا شرط أن لا مهر فساد العقد وأنه قول أكثر السلف.
واختار أيضا الصحة فيما إذا شرط عدم الوطء كشرط ترك ما تستحقه.
وقال أيضا لو شرطت مقام ولدها عندها ونفقته على الزوج كان مثل اشتراط الزيادة في الصداق ويرجع في ذلك إلى العرف كالأجير بطعامه وكسوته.
قوله : "الثالث أن يشترط الخيار أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما فالشرط باطل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره واختاره بن عبدوس وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه صحة الشرط نقلها ابن منصور وبعدها القاضي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة العقد والشرط فيما إذا شرط الخيار.
قوله : "وفي صحة النكاح روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغنى في الثانية والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
إحداهما: يصح وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وغيره واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا شرط الخيار كما تقدم عنه.
والرواية الثانية: لا يصح وقدمه في المغنى في الأولى.
فائدة: لو شرط الخيار في الصداق فقيل هو كشرط الخيار في النكاح على ما تقدم.
وقيل: يصح هنا وأطلقهما في الفروع.
وقطع المصنف والشارح بصحة النكاح على ما تقدم وهو الصواب وأطلقا في الصداق ثلاثة أوجه.
صحة الصداق مع بطلان الخيار وصحة الصداق وثبوت الخيار فيه وبطلان الصداق.

قوله : "وإن شرطها كتابية فبانت مسلمة فلا خيار له".
هذا المذهب صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
واختاره بن عبدوس وغيره.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والشرح والكافي.
وقال أبو بكر له الخيار وقاله في الترغيب.
قال الناظم وهو بعيد.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
فائدة وكذا الحكم لو تزوجها يظنها مسلمة ولم تعرف بتقدم كفر فبانت كافرة قاله في المحرر والحاوي الصغير والرعايتين والفروع وغيرهم.
وأطلقوا الخلاف هنا كما أطلقوه في التي قبلها في الشرح والرعاية والفروع وغيرهم.
وجزم هنا في الكافي والمغني والشرح وغيرهم أن له الخيار.
قوله : "وإن شرطها أمة فبانت حرة فلا خيار له".
هذا المذهب وعليه الجمهور.
قال في الفروع فلا فسخ في الأصح.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعاية والوجيز وغيرهم وقيل: له الخيار.
فائدة وكذلك الحكم في كل صفة شرطها فبانت أعلا منها عند الجمهور.
وقال في المستوعب إن شرطها ثيبا فبانت بكرا فله الفسخ.
قوله : "وإن شرطها بكرا أو جميلة أو نسيبة أو شرط نفى العيوب التي لا ينفسخ بها النكاح فبانت بخلافه فهل له الخيار علي وجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح والمحرر والفروع والحاوي الصغير وبن رزين في غير البكر.
إحداهما: له الخيار واختاره صاحب الترغيب والبلغة والناظم وبن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين رحمه الله وقدمه في الرعايتين وهو الصواب.
والثاني: ليس له الخيار جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه بن رزين في البكر وجزم به في المستوعب في النسيبة.

وقيل: له الخيار في شرط النسب خاصة إذا فقد.
وقال في الفنون فيما إذا شرطها بكرا فبانت بخلافه يحتمل فساد العقد لأن لنا قولا إذا تزوجها على صفة فبانت بخلافها ببطلان العقد.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويرجع على الغار.
فائدة: إذا شرطها بكرا وقلنا ليس له خيار فاختار ابن عقيل في الفصول وقاله في الإيضاح إنه يرجع بما بين المهرين.
قال في الفروع ويتوجه مثله بقية الشروط.
قلت وهو الصواب في الجميع.
قوله : "وإن تزوج أمة يظنها حرة".
وكذا لو شرطها حرة فبانت أمة.
"فأصابها وولدت منه فالولد حر ويفديهم بمثلهم يوم ولادتهم ويرجع بذلك على من غره ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له نكاح الإماء وإن كان ممن يجوز له ذلك فله الخيار فإن رضي بالمقام معها فما ولدت بعد ذلك فهو رقيق".
اعلم أنه إذا تزوج أمة يظنها حرة أو شرطها حرة واعتبر في المستوعب مقارنة الشرط للعقد واختاره قبله القاضي فبانت أمة فلا يخلو إما أن يكون ممن يجوز له نكاح الإماء أولا.
فإن كان ممن لا يجوز له نكاح الإماء فالمذهب أن النكاح باطل كما لو علم بذلك وعليه الأصحاب وقطعوا به وقدمه في الفروع وقال وعند أبي بكر يصح فلا خيار.
واعلم أن قول أبي بكر إنما حكى عنه فيما إذا شرطها أمة فبانت حرة كما تقدم.
وذكر القاضي في الجامع أنه قياس قوله: فيما إذا شرطها كتابية فبانت مسلمة ثم فرق بينهما.
فالذي نقطع به أن نقل صاحب الفروع هنا عن أبي بكر إما سهو أو يكون هنا نقص وهو أولى.
ويدل على ذلك أنه قال بعده وبناه في الواضح على الخلاف في الكفاءة فهذا لا يلائم المسألة والله أعلم.
وإن كان ممن يجوز له نكاح الإماء فله الخيار كما قال المصنف.
وظاهره وظاهر كلام جماعة إطلاق الظن فيدخل فيه ظنه أنها حرة الأصل أو عتيقة.

وقطع في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والمنور والفروع وغيرهم أنه لا خيار له إذا ظنها عتيقة وهذا المذهب ولعله مراد من أطلق.
وظاهر كلام الزركشي التنافي بين العبارتين.
وقدم في الترغيب أنه لو ظنها حرة لا خيار له.
وقيل: لا خيار لعبد وهو احتمال في المغني والشرح.
وقيل: لا فسخ مطلقا حكاه في الرعاية الصغرى.
فإذا اختار المقام تقرر عليه المهر المسمى كاملا على الصحيح من المذهب.
وقيل: ينسب قدر مهر المثل إلى مهر المثل كاملا فيكون له بقدر نسبته من المسمى يرجع به على من غره.
فائدة: لو أبيح للحر نكاح أمة فنكحها ولم يشترط حرية أولاده فهم أرقاء لسيدها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أن ولد العربي يكون حرا وعلى أبيه فداؤه ذكره الزركشي في آخر كتاب النفقات على الأقارب.
وإن شرط حرية الولد فقال في الروضة في إرث غرة الجنين إن شرط زوج الأمة حرية الولد كان حرا وإن لم يشرط فهو عبد انتهى.
ذكره في الفروع في أواخر باب مقادير ديات النفس.
قال بن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين في الجزء الثالث في الحيل المثال الثالث والسبعون إذا شرط الزوج على السيد حرية أولاده صح وما ولدته فهم أحرار.
قوله : "والولد حر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقال ينعقد حرا باعتقاده.
قال ابن عقيل ينعقد حرا كما يعد ولد القرشي قرشيا.
وعنه الولد بدون الفداء رقيق.
قوله : "ويفديهم".
هذا المذهب قاله في المغني وغيره.
قال الشارح وهو الصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يلزمه فداؤهم.
قال الزركشي نقل ابن منصور لا فداء عليه لانعقاد الولد حرا.

وعنه أنه يقال له افتد أولادك وإلا فهم يتبعون الأم.
قال المصنف والشارح فظاهر هذا أنه خيره بين فدائهم وبين تركهم رقيقا.
فعلى المذهب يفديهم بقيمتهم على الصحيح اختاره المصنف والشارح وصاحب التلخيص وابن منجا.
وقدمه في الفروع في باب الغصب لأنه أحاله عليه وجزم به في الوجيز.
وعنه يفديهم بمثلهم في القيمة قدمه في الفائق واختاره أبو بكر.
قاله المصنف والشارح ويحتمله كلام المصنف هنا.
وعنه يضمنهم بأيهما شاء اختاره أبو بكر في المقنع.
وعنه يفديهم بمثلهم في صفاتهم تقريبا اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
والخلاف هنا كالخلاف المذكور في باب الغصب فيما إذا اشترى الجارية من الغاصب أو وهبها له ووطئها وهو غير عالم فإن الأصحاب أحالوه عليه.
قوله : "يوم ولادتهم".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه وقت الخصومة.
فائدتان
إحداهما: لا يضمن منهم إلا من ولد حيا في وقت يعيش لمثله سواء عاش أو مات بعد ذلك.
الثانية: ولد المكاتبة مكاتب ويغرم أبوه قيمته على الصحيح من الروايتين.
والمعتق بعضها يجب لها البعض فيسقط وولدها يغرم أبوه قدر رقه.
تنبيه: قوله : "فبانت أمة".
يعني بالبينة لا غير على الصحيح من المذهب.
وقيل: وبإقرارها أيضا.
قوله : "وإن كان عبدا فولده أحرار ويفديهم إذا عتق".
فيكون الفداء متعلقا بذمته وهو المذهب.
جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع وشرح ابن منجا.

وقيل: يتعلق برقبته وهو رواية في الترغيب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذا هو المتوجه قولا واحدا لأنه ضمان جناية محضة.
وأطلقهما في المغني والشرح.
وقيل: يتعلق بكسبه فيرجع به سيده في الحال.
قوله : "ويرجع بذلك على من غره".
بلا نزاع كأمره بإتلاف مال غيره بأنه له فلم يكن له ذكره في الواضح.
لكن من شرط رجوعه على من غره أن يكون قد شرط له أنها حرة مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: إن كان الشرط مقارنا للعقد رجع وإلا فلا.
اختاره القاضي وقطع به في المستوعب فقال الشرط الثالث أن يشترط حريتها في نفس العقد فأما إن تقدم ذلك على العقد فهو كما لو تزوجها مطلقا من غير اشتراط الحرية فلا يثبت له خيار الفسخ انتهى.
وقال في المغني والشرح ويرجع أيضا بذلك على من غره مع إيهامه بقرينة حريتها.
وفي المغني أيضا ولو كان الغار أجنبيا كوكيلها.
قال في الفروع وما ذكره في المغني هو إطلاق نصوصه وقاله أبو الخطاب.
وقاله أيضا فيما إذا دلس غير البائع.
قال الزركشي وظاهر كلام أحمد رحمه الله في رواية حرب يقتضي الرجوع مع الظن وهو اختيار أبي محمد وأبي العباس إذ الصحابة الذين قضوا بالرجوع لم يستفصلوا.
ويحقق ذلك أن الأصحاب لم يشترطوا ذلك في الرجوع في العيب انتهى.
فائدة: لمستحق الفداء مطالبة الغار ابتداء نص عليه وجزم به في المحرر والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الرعاية قلت كما لو مات عبدا أو عتيقا أو مفلسا.
وجعل الشيخ تقي الدين رحمه الله في المسألة روايتين.
قال ابن رجب وكذلك أشار إليه جده في تعليقه على الهداية.
قال ابن رجب رحمه الله وهو الأظهر.
ويرجع هذا إلى أن المغرور هل يطالب إبتداء بما يستقر ضمانه على الغار أم لا يطالب به سوى الغار كما نص عليه في رواية جماعة هنا.

ومتى قلنا يخير بين مطالبة الزوج والغار فلا فرق بين أن يكون أحدهما موسرا والآخر معسرا أو يكونا موسرين.
وإن قلنا لا يجوز سوى مطالبة الغار ابتداء وكان الغار معسرا والآخر موسرا فهل يطالب هنا فيه تردد.
وقد تشبه المسألة بما إذا كانت عاقلة القاتل خطأ ممن لا تحمل العقل فهل يحمل القاتل الدية أم لا انتهى.
تنبيهان
الأول: سكوت المصنف عن ذكر المهر يدل على أنه لا يرجع به وهو إحدى الروايتين اختاره أبو بكر.
قال القاضي الأظهر أنه لا يرجع لأن الإمام أحمد رحمه الله قال كنت أذهب إلى حديث على رضى الله عنه ثم هبته وكأني أميل إلى حديث عمر رضي الله عنه فحديث علي رضي الله عنه بالرجوع بالمهر وحديث عمر رضي الله عنه بعدمه.
والرواية الثانية: يرجع به أيضا اختاره الخرقي.
قال الزركشي اختاره القاضي وأبو محمد يعني به المصنف وغيرهما.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والزركشي وغيرهم.
قلت وهو المذهب.
فعلى هذه الرواية يجب المهر المسمى على الصحيح من المذهب.
وعنه مهر المثل اختاره المصنف.
ويأتي ذلك في آخر كتاب الصداق في النكاح الفاسد.
الثاني: قوله : "ويرجع بذلك على من غره".
إن كان الغار السيد عتقت إذا أتى بلفظ الحرية وزالت المسألة.
وإن كان بغير لفظ الحرية لم تعتق ولم يجب له شيء إذ لا فائدة في وجوب شيء له ويرجع به عليه.
لكن إن قلنا إن الزوج لا يرجع بالمهر وجب للسيد وإن كان الغار للأمة رجع عليها على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
واختاره القاضي وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وقيل: لا يرجع عليها وأطلقهما الزركشي.
نقل بن الحكم لا يرجع عليها.

قال المصنف ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لا يرجع عليها.
قال الزركشي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية جماعة لا يرجع عليها.
فعلى الأول هل يتعلق بذمتها أو برقبتها فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال المصنف والشارح وبن رزين في شرحه والزركشي هل يتعلق برقبتها أو بذمتها على وجهي استدانة العبد بدون إذن سيده.
وتقدم ذلك في أواخر باب الحجر وأن الصحيح أنه يتعلق برقبته.
وقال القاضي قياس قول الخرقي أنه يتعلق بذمتها لأنه قال في الأمة إذا خالعت زوجها بغير إذن سيدها يتبعها به إذا عتقت فكذا هنا.
وإن كانت الغارة مكاتبة فلا مهر لها في أصح الوجهين.
قاله في الفروع وجزم به في المغني والشرح.
وإن كان الغار أجنبيا فالصحيح من المذهب أنه يرجع عليه.
ونص عليه في رواية عبد الله وصالح.
وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وظاهر كلام القاضي عدم الرجوع عليه فإنه قال الغار وكيلها أو هي نفسها قاله الزركشي.
وإن كان الغار الوكيل رجع عليه في الحال.
وإن كان الغرر منها ومن وكيلها فالضمان بينهما نصفان قاله في المستوعب وغيره.
ويأتي نظيرها في الغرر بالعيب.
فائدة: قوله : "وإن تزوجت رجلا على أنه حر أو تظنه حرا فبان عبدا فلها الخيار".
بلا نزاع ونص عليه.
ولكن لو شرطت صفة غير ذلك فبان أقل منها فلا خيار لها على الصحيح من المذهب.
وقيل: لو شرطته نسيبا لم يخل بكفاءة فلم تكن فلا فسخ لها.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل: في النسب ولو كان مماثلا لها.
وفي الجامع الكبير وغره شرط حرية ونسب.
واختاره الشيخ تقي الدين كشروطه وأولى لملكه طلاقها.

قوله : "وإن عتقت الأمة وزوجها حر فلا خيار لها في ظاهر المذهب".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي وهو المذهب المنصوص والمختار بلا ريب وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه المجد والناظم وغيرهما.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والهداية وغيرهم.
وعنه لها الخيار وقدمه في المحرر.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور وهما وجهان مطلقان في الخلاصة.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره أن لها الخيار في الفسخ تحت حر وإن كان زوج بريرة عبدا لأنها ملكت رقبتها فلا يملك عليها إلا باختيارها.
ويأتي قريبا إذا عتق بعضها أو بعضه هل يثبت لها الخيار أم لا.
فائدة: لو عتق العبد وتحته أمة فلا خيار له على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الانتصار احتمال بأن له الخيار وحكاه عن الإمام الشافعي رحمه الله.
وفي الواضح احتمال ينفسخ بناء على غناه عن أمة بحرة.
وذكر غيره وجهين إن وجد طولا.
وفي الواضح أيضا احتمال يبطل بناء على الرواية فيما إذا استغنى عن نكاح الأمة بحرة فإنه يبطل.
وتقدم ذلك في الكفاءة قبل قوله: والعرب بعضهم لبعض أكفاء.
فعلى المذهب قال المصنف والشارح لا خيار له لأن الكفاءة تعتبر فيه لا فيها فلو تزوج امرأة مطلقا فبانت أمة فلا خيار له ولو تزوجت رجلا مطلقا فبان عبدا فلها الخيار فكذلك في الاستدامة.
قال في الفروع كذا قال.
قوله : "وإن كان عبدا فلها الخيار".
بلا نزاع في المذهب.
وحكاه بن المنذر وبن عبد البر وغيرهما إجماعا.
فلها الفسخ بغير حكم حاكم بلا نزاع.

قوله : "وإن عتق قبل فسخها أو مكنته من وطئها بطل. خيارها فإن ادعت الجهل بالعتق وهو مما يجوز جهله أو الجهل بملك الفسخ فالقول قولها".
إذا عتق قبل فسخها سقط خيارها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الزركشي وقيل: إنه وقع للقاضي وابن عقيل ما يقتضي أنه لا يسقط.
ويأتي قريبا في كلام المصنف إذا عتقا معا.
وأما إذا مكنته من وطئها مختارة وادعت الجهل بالعتق وهي ممن يجوز خفاء ذلك عليها مثل أن يعتقها وهو في بلد آخر ونحوه أو ادعت الجهل بملك الفسخ فقدم المصنف هنا قبول قوله: ولكن مع يمينها ولها الخيار وهو إحدى الروايتين.
وحكاه المصنف في المغني عن القاضي وأصحابه.
وحكاه في الكافي عن القاضي وأبي الخطاب.
وحكاه في الشرح عن القاضي وهو قول في الرعاية واختاره جماعة.
وجزم به في مسبوك الذهب والمنور.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والحاوي الصغير.
قال في الرعاية الصغرى فلها الفسخ في الأصح.
وقال الخرقي يبطل خيارها علمت أو لم تعلم وهو المذهب نص عليه في رواية الجماعة فيهما.
قال الزركشي هذا نص الروايتين واختيار الخرقي وبن أبي موسى والقاضي في المجرد والجامع وقدمه في المغني والشرح.
وينبني عليهما وطء الصغيرة المجنونة على الصحيح من المذهب.
وقيل: لا يسقط خيارها على الروايتين.
وقيل: إن ادعت جهلا بعتقه فلها الفسخ.
فإن ادعت جهلا بملك الفسخ فليس لها الفسخ وجزم به في الوجيز وجزم به في المحرر في الأولى وأطلق في الثانية الروايتين.
وقال الزركشي تقبل دعواها الجهل بالعتق فيما إذا وطئها والخيار بحاله هذا المذهب المشهور لعامة الأصحاب.
وعن القاضي في الجامع الكبير يبطل خيارها.

وقال في الرعاية الكبرى فإن لم تختر حتى عتق أو وطى ء طوعا مع علمها بالخيار فلا خيار لها وكذا مع جهلها به.
وقيل: لا يبطل فإن لم تعلم هي عتقها حتى وطئها فوجهان.
فإن ادعت جهلا بعتقه أو بعتقها أو بطلب الفسخ ومثلها يجهله فلها الفسخ إن حلفت.
وعنه لا فسخ انتهى.
تنبيه: قوله : "وإن ادعت الجهل بالعتق وهو مما يجوز جهله".
هذا الصحيح.
وقيل: ما لم يخالفها ظاهر.
قلت وهو الصواب وأطلقهما في الفروع.
فوائد
إحداها: حكم مباشرته لها حكم وطئها وكذا تقبيلها إذ مناطها ما يدل على الرضى قاله الزركشي وهو صحيح.
الثانية: يجوز للزوج الإقدام على الوطء إذا كانت غير عالمة.
قال المجد في شرحه قياس مذهبنا جوازه.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين وفيما قاله نظر والأظهر تخريجه على الخلاف.
يعني الذي ذكره في أصل القاعدة فإنه لا يجوز الإقدام عليه.
الثالثة: لو بذل الزوج لها عوضا على أنها تختاره جاز نص عليه في رواية مهنا ذكره أبو بكر في الشافي.
قال ابن رجب رحمه الله وهو راجع إلى صحة إسقاط الخيار بعوض.
وصرح الأصحاب بجوازه في خيار البيع.
الرابعة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو شرط المعتق عليها دوام النكاح تحت حر أو عبد إذا أعتقها فرضيت لزمها ذلك.
قال ويقتضيه مذهب الإمام أحمد رحمه الله فإنه يجوز العتق بشرط.
قال في القاعدة الرابعة والثلاثين إذا عتقت الأمة المزوجة لم تملك منفعة البضع إنما يثبت لها الخيار تحت العبد.
قال ومن قال بسراية العتق قال قد ملكت بضعها فلم يبق لأحد عليها ملك فصار الخيار لها في المقام وعدمه حرا كان أو عبدا.

قال وعلى هذا لو استثنى منفعة بضعها للزوج صح ولم تملك الخيار حرا كان أو عبدا ذكره الشيخ.
قال وهو مقتضى المذهب انتهى.
والظاهر أنه أراد بالشيخ الشيخ تقي الدين أو سقط ذكره في الكتابة.
قوله : "وخيار المعتقة على التراخي ما لم يوجد منها ما يدل على الرضى".
بلا خلاف في ذلك.
ويأتي خيار العيب هل هو على التراخي أو على الفور في أواخر الباب الآتي بعد هذا.
تنبيه ظاهر قوله : "فإن كانت صغيرة أو مجنونة فلها الخيار إذا بلغت وعقلت".
أنه ليس لها خيار قبل البلوغ وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والوجيز والحاوي وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
وقيل: لها الخيار إذا بلغت تسعا وهو المذهب.
قال في الفروع إذا بلغت سنا يعتبر قوله: فيه خيرت.
وذكره القاضي في المجرد وجزم به في المستوعب وصرح بأنها بنت تسع.
وكذا صرح به بن البنا في العقود فقال إذا كانت صغيرة فعتقت فهي على الزوجية إلى أن تبلغ حدا يصح إذنها وهي التسع سنين فصاعدا انتهى.
وقال ابن عقيل إذا بلغت سبعا بتقديم السين.
وقال الشيخ تقي الدين اعتبار صحة إذنها بالتسع أو السبع ضعيف لأن هذا ولاية استقلال وولاية الاستقلال لا تثبت إلا بالبلوغ كالعفو عن القصاص والشفعة وكالبيع بخلاف ابتداء العقد فإنه يتولاه الولي بإذنها فتجتمع الولايتان وبينهما فرق انتهى.
قوله : "فإن طلقت قبل اختيارها وقع الطلاق وبطل خيارها".
يعني إذا كان طلاقا بائنا.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال القاضي طلاقه موقوف فإن اختارت الفسخ لم يقع وإلا وقع.
وقيل: هذا إن جهلت عتقها.
وأطلق في الترغيب في وقوعه وجهين.

قوله: "وإن عتقت المعتدة الرجعية فلها الخيار".
بلا نزاع سواء عتقت ثم طلقت أو طلقت ثم عتقت في عدتها فإن رضيت بالمقام فهل يبطل خيارها على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح.
أحدهما: يبطل وهو المذهب اختاره المصنف وغيره.
وصححه في التصحيح والمذهب فقال سقط خيارها في أصح الوجهين.
قال الناظم هذا أشهر الوجهين وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يبطل خيارها.
قوله : "ومتى اختارت المعتقة الفرقة بعد الدخول فالمهر للسيد".
بلا نزاع سواء كان مسمى المهر أو مهر المثل إن لم يكن مسمى.
قوله : "وإن كان قبله فلا مهر".
هذا المذهب جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع والحاوي الصغير.
وقال أبو بكر لسيدها نصف المهر.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها مهنا.
وجزم به في الرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة.
فعليها إن لم يكن فرض وجبت المتعة حيث يجب لوجوبه له فلا يسقط بفعل غيره.
قوله : "وإن أعتق أحد الشريكين وهو معسر فلا خيار لها".
هذا الصحيح من المذهب نص عليه اختاره بن أبي موسى والقاضي والمصنف وغيرهم.
قال في مسبوك الذهب لم يثبت لها خيار في ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذه الرواية هي المختارة من الروايتين.
وجزم به الخرقي وصاحب الخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.

وعنه حكمها حكم عتقها كلها واختاره أبو بكر في الخلاف.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والبلغة.
فعلى المذهب لو زوج مدبرة له لا يملك غيرها قيمتها مائة بعبد على مائتين مهرا ثم مات السيد عتقت ولا فسخ لها قبل الدخول لئلا يسقط المهر أو يتنصف فلا تخرج من الثلث فيرق بعضها فيمتنع الفسخ.
ذكره في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قلت فيعايي بها.
وهي مستثناة من كلام المصنف وغيره ممن أطلق.
فائدة: لو عتقت الأمة وزوجها بعضه حر معتق فلا خيار لها قدمه في الفروع.
وقيل: لها الخيار جزم به في الترغيب والرعاية الكبرى.
فلو عتق بعضها والزوج بعضه معتق فلا خيار لها على الصحيح قدمه في الفروع.
وعنه لها الخيار.
وعنه لها الخيار إن كانت حريتها أكثر.
وصحح في البلغة والرعاية الكبرى عدم الخيار إذا كانا متساويين في الحرية.
وقدمه في الرعاية الصغرى.
وأطلق فيما إذا تساويا في العتق في الحاوي الصغير وجهين.
قوله : "وإن عتق الزوجان معا فلا خيار لها".
يعني إذا قلنا لا خيار للمعتقة تحت حر وهذا المذهب.
قال القاضي في بعض كتبه هذا قياس المذهب.
واختاره أبو بكر والمصنف والمجد والشارح وغيرهم.
وصححه في التصحيح والحاوي.
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه لها الخيار.
وقال الزركشي هي أنصهما.
وصححها القاضي في كتاب الروايتين وهي قول في الرعاية وقدمه في المحرر.

قال في القاعدة السابعة والخمسين فيه روايتان منصوصتان.
وعنه ينفسخ نكاحها نقلها الجماعة.
قال المصنف في المغني ومعناه والله أعلم أنه إذا وهب لعبده سرية وأذن له في التسري بها ثم أعتقهما جميعا صارا حرين وخرجت عن ملك العبد فلم يكن له إصابتها إلا بنكاح جديد.
هكذا روى جماعة من أصحابه فيمن وهب لعبده سرية أو اشترى له سرية ثم أعتقها لا يقر بها إلا بنكاح جديد.
وأما إذا كانت امرأته فعتقا لم ينفسخ نكاحه بذلك لأنه إذا لم ينفسخ باعتاقها وحدها فلئلا ينفسخ باعتاقهما معا أولى.
ويحتمل أن الإمام أحمد رحمه الله إنما أراد بقوله: انفسخ نكاحهما أن لهما فسخ النكاح.
وهذا يخرج على الرواية التي تقول بأن لها الفسخ إذا كان زوجها حرا قبل العتق انتهى.
قال العلامة بن القيم رحمه الله وهذا تأويل بعيد جدا من لفظ الإمام أحمد رحمه الله فإن كلام الإمام أحمد في رواية بن هانئ وحرب ويعقوب بن بختان إذا زوج عبده من أمته ثم أعتقهما لا يجوز أن يجتمعا حتى يجددا النكاح.
فرواه الثلاثة بلفظ الواحد وهو أنه زوج عبده من أمته ثم قوله: حتى يجدد النكاح مع قوله: زوج صريح في أنه نكاح لا تسر.
قال وللبطلان وجه دقيق وهو أنه إنما زوجها بحكم الملك لهما وقد زال ملكه عنهما بخلاف تزويجها لعبد غيره.
ولهذا كان في وجوب المهر في هذه المسألة نزاع.
فقيل لا يجب المهر بحال.
وقيل: يجب ويسقط.
والمنصوص أنه يجب ويتبع به بعد العتق بخلاف تزويجها لعبد غيره انتهى.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28