كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

قوله: "وهل يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم على وجهين".
يعني بسلاح البغاة وكراعهم صرح به الأصحاب وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والحاوي.
أحدهما: لا يجوز إلا عند الضرورة وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم والرعايتين.
وقدمه في الفروع.
والثاني: يجوز مطلقا جزم به في الوجيز.
فائدة : المراهق منهم والعبد كالخيل قاله في الترغيب.
قوله: "ولا يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريح".
اعلم أنه يحرم قتل مدبرهم وجريحهم بلا نزاع.
ولا يتبع مدبرهم على الصحيح من المذهب مطلقا.
وقيل في آخر القتال ذكره في الرعايتين.
قلت يتوجه أن يقال إن خيف من اجتماعهم ورجوعهم تبعهم.
فعلى المذهب إن فعل ففي القود وجهان.
وأطلقهما في المغني والكافي والشرح والرعاية الكبرى والفروع.
أحدهما: يقاد به وهو ظاهر كلام المصنف والشارح الآتي.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
والثاني: لا يقاد به.
قلت وهو الصواب لاختلاف العلماء في ذلك فأنتج شبهة.
فائدة : قال في المستوعب المدبر من انكسرت شوكته لا المتحرف إلى موضع.
وقال في المغني والشرح يحرم قتل من ترك القتال.
قوله: "ومن أسر من رجالهم حبس حتى تنقضي الحرب ثم يرسل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهما.

وقيل يخلى إن أمن عوده.
وقال في الترغيب لا يرسل مع بقاء شوكتهم.
قلت وهو الصواب.
ولعله مراد من أطلق.
فعلى هذا لو بطلت شوكتهم ولكن يتوقع اجتماعهم في الحال ففي إرساله وجهان.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قلت الصواب عدم إرساله.
وقيل يجوز حبسه ليخلي أسيرنا.
قوله: "فإن أسر صبي أو امرأة فهل يفعل به ذلك أو يخلى في الحال يحتمل وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا .
أحدهما: يفعل به كما يفعل بالرجل وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: يخلى في الحال.
صححه المصنف والشارح.
قلت الصواب النظر إلى ما هو أصلح من الإمساك والإرسال.
ولعل الوجهين مبنيان على ذلك.
قوله: "ولا يضمن أهل العدل ما أتلفوه عليهم حال الحرب من نفس أو مال بلا نزاع".
وتقدم في كفارة القتل هل يجب على القاتل كفارة أم لا.
وقوله: "وهل يضمن البغاة ما أتلفوه على أهل العدل في الحرب على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما لا يضمنون وهو المذهب.
صححه في المغني والشرح والنظم.

قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور والمنتخب وغيرهما.
وقدمه في الكافي والفروع وغيرهما.
قلت فيعايى بها.
والرواية الثانية: يضمنون.
صححه في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز.
فعلى الرواية الثانية في القود وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى قلت إن ضمن المال احتمل القود وجهين انتهى.
قلت الصواب وجوب القود.
والوجهان أيضا في تحتم القتل بعدها قاله في الفروع.
فائدة : قوله: "وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو خراج أو جزية لم يعد عليهم ولا على صاحبه".
الصحيح من المذهب أنه يجزئ دفع الزكاة إلى الخوارج والبغاة.
نص عليه في الخوارج إذا غلبوا على بلد وأخذوا منه العشر وقع موقعه.
قال القاضي في الشرح هذا محمول على أنهم خرجوا بتأويل.
وقال في موضع إنما يجزئ أخذهم إذا نصبوا لهم إماما.
قال في الفروع وظاهر كلامه في موضع من الأحكام السلطانية أنه لا يجزئ الدفع إليهم اختيارا.
وعن الإمام أحمد رحمه الله التوقف فيما أخذه الخوارج من الزكاة.
وقال القاضي وقد قيل تجوز الصلاة خلف الأئمة الفساق ولا يجوز دفع الأعشار والصدقات إليهم ولا إقامة الحدود.
وعن الإمام أحمد رحمه الله نحوه.

قوله: "وإن ادعى ذمي دفع جزيته إليهم لم تقبل إلا ببينة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفيه احتمال تقبل بلا بينة إذا كان بعد الحول.
قوله: "وإن ادعى إنسان دفع خراجه إليهم فهل تقبل بغير بينة على وجهين".
عبارته في الهداية والمذهب والخلاصة كذلك.
فقد يقال شمل كلامه مسألتين.
إحداهما: إذا كان مسلما وادعى ذلك فأطلق في قبول قوله بلا بينة وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح والفروع والزركشي.
أحدهما: لا يقبل إلا ببينة صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يقبل مع يمينه صححه في النظم.
وجزم به في المنور.
والمسألة الثانية: إذا كان ذميا وأطلق في قبول قوله بلا بينة وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الكبرى.
أحدهما لا يقبل وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والزركشي وغيرهما.
والوجه الثاني: يقبل قوله مع يمينه جزم به في المنور.
وهو ظاهر ما صححه في النظم.
قال الزركشي وغيره وقيل يقبل بعد مضي الحول.
قوله: "وتجوز شهادتهم ولا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره".
هذا المذهب فيهما وعليه جماهير الأصحاب.

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وقال ابن عقيل تقبل شهادتهم ويؤخذ عنهم العلم ما لم يكونوا دعاة.
ذكره أبو بكر.
وذكر في المغني والترغيب والشرح أن الأولى رد كتابه قبل الحكم به.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أن ابن عقيل وغيره فسقوا البغاة.
فائدة : لو ولي الخوارج قاضيا لم يجز قضاؤه عند الأصحاب.
وفي المغني والشرح احتمال بصحة قضاء الخارجي دفعا للضرر كما لو أقام الحد أو أخذ جزية وخراجا وزكاة.
قوله: "وإن استعانوا بأهل الذمة فأعانوهم انتقض عهدهم إلا أن يدعوا أنهم ظنوا أنه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك فلا ينتقض عهدهم".
إذا قاتل أهل الذمة مع البغاة فلا يخلو إما أن يدعوا شبهة أو لا.
فإن لم يدعوا شبهة كما ذكره المصنف وغيره انتقض عهدهم على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
والهادي والبلغة والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل لا ينتقض.
فعلى المذهب يصيرون كأهل الحرب.
وعلى الثاني يكون حكمهم حكم البغاة.
وعلى الثاني أيضا في أهل عدل وجهان.
قال في الفروع وقيل لا ينتقض عهدهم ففي أهل عدل وجهان انتهى.
قلت الذي يظهر أن العكس أولى وهو أنهم إذا قاتلوا مع البغاة وقلنا ينتقض عهدهم فهل ينتقض عهدهم إذا قاتلوا مع أهل العدل هذا ما يظهر.
وإن ادعوا شبهة كظنهم وجوبه عليهم ونحوه لم ينتقض عهدهم على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب في نقض عهدهم وجهان.

قوله: "ويغرمون ما أتلفوه من نفس ومال".
يعني أهل الذمة إذا قاتلوا وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به أكثرهم منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقال في الفروع ويضمنون ما أتلفوه في الأصح.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا يضمنون.
وقال في الرعاية الكبرى قلت وإن انتقض عهدهم فلا يضمن.
تنبيه: قوله: "وإن استعانوا بأهل الحرب وأمنوهم لم يصح أمانهم وأبيح قتلهم".
يعني لغير الذين أمنوهم فأما الذين أمنوهم فلا يباح لهم ذلك وهو ظاهر.
قوله: "وإن أظهر قوم رأي الخوارج ولم يجتمعوا لحرب لم يتعرض لهم".
بل تجري الأحكام عليهم كأهل العدل.
قال في الفروع ذكره جماعة.
قلت منهم أبو بكر وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والشرح والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وإدراك الغاية والمنور والمنتخب وتجريد العناية ونهاية ابن رزين وغيرهم.
وسأله المروزي عن قوم من أهل البدع يتعرضون ويكفرون قال لا تعرضوا لهم.
قلت وأي شيء تكره أن يحبسوا قال لهم والدات وأخوات.
وقال في رواية ابن منصور الحرورية إذا دعوا إلى ما هم عليه إلى دينهم فقاتلهم وإلا فلا يقاتلون.
وسأله إبراهيم الأطروش عن قتل الجهمي قال أرى قتل الدعاة منهم.
ونقل بن الحكم أن مالكا رحمه الله قال عمرو بن عبيد يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
قال الإمام أحمد رحمه الله أرى ذلك إذا جحد العلم.
وذكر له المروذي عمرو بن عبيد قال كان لا يقر بالعلم وهذا كافر.

وقال له المروذي الكرابيسي يقول من لم يقل لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر فقال هو الكافر.
فوائد:
الأولى: قوله : "فإن سبوا الإمام عزرهم".
وكذا لو سبوا عدلا فلو عرضوا للإمام أو للعدل بالسب ففي تعزيرهم وجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمغني والشرح والكافي.
أحدهما: يعزر.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في المنور.
والوجه الثاني: لا يعزر.
قال في المذهب فإن صرحوا بسب الإمام عزرهم.
الثانية: قال الإمام أحمد رحمه الله في مبتدع داعية له دعاة أرى حبسه.
وكذا قال في التبصرة على الإمام منعهم وردعهم ولا يقاتلهم إلا أن يجتمعوا لحربه فكبغاة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله أيضا في الحرورية الداعية يقاتل كبغاة.
ونقل ابن منصور يقاتل من منع الزكاة وكل من منع فريضة فعلى المسلمين قتاله حتى يأخذوها منه.
واختاره أبو الفرج والشيخ تقي الدين رحمه الله وقال أجمعوا أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة متواترة من شرائع الإسلام يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله كالمحاربين وأولى.
وقال في الرافضة شر من الخوارج اتفاقا.
قال وفي قتل الواحد منهما ونحوهما وكفره روايتان والصحيح جواز قتله كالداعية ونحوه.
الثالثة: من كفر أهل الحق والصحابة رضي الله عنهم واستحل دماء المسلمين بتأويل فهم خوارج بغاة فسقة قدمه في الفروع.
وعنه هم كفار.
قلت وهو الصواب والذي ندين الله به.
قال في الترغيب والرعاية وهي أشهر.
وذكر ابن حامد أنه لا خلاف فيه.
وذكر ابن عقيل في الإرشاد عن أصحابنا تكفير من خالف في أصل كخوارج وروافض ومرجئة.

وذكر غيره روايتين فيمن قال لم يخلق الله المعاصي أو وقف فيمن حكمنا بكفره وفيمن سب صحابيا غير مستحل وأن مستحله كافر.
وقال في المغني يخرج في كل محرم استحل بتأويل كالخوارج ومن كفرهم فحكمهم عنده كمرتدين.
قال في المغني هذا مقتضى قوله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله نصوصه صريحة على عدم كفر الخوارج والقدرية والمرجئة وغيرهم وإنما كفر الجهمية لا أعيانهم.
قال وطائفة تحكي عنه روايتين في تكفير أهل البدع مطلقا حتى المرجئة والشيعة المفضلة لعلي رضي الله عنه.
قال ومذاهب الأئمة الإمام أحمد وغيره رحمهم الله مبنية على التفضيل بين النوع والعين.
ونقل محمد بن عوف الحمصي من أهل البدع الذين أخرجهم النبي عليه الصلاة والسلام من الإسلام القدرية والمرجئة والرافضة والجهمية فقال لا تصلوا معهم ولا تصلوا عليهم.
ونقل محمد ابن منصور الطوسي من زعم أن في الصحابة خيرا من أبي بكر رضي الله عنه فولاه النبي صلى الله عليه وسلم فقد افترى عليه وكفر فإن زعم بأن الله يقر المنكر بين أنبيائه في الناس فيكون ذلك سبب ضلالتهم.
ونقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله من قال علم الله مخلوق كفر.
ونقل المروذي القدري لا نخرجه عن الإسلام.
وقال في نهاية المبتدئ من سب صحابيا مستحلا كفر وإلا فسق.
وقيل وعنه يكفر.
نقل عبد الله فيمن شتم صحابيا القتل أجبن عنه ويضرب ما أراه على الإسلام.
وذكر ابن حامد في أصوله كفر الخوارج والرافضة والقدرية والمرجئة.
وقال من لم يكفر من كفرناه فسق وهجر وفي كفره وجهان.
والذي ذكره هو وغيره من رواية المروذي وأبي طالب ويعقوب وغيرهم أنه لا يكفر.
وقال من رد موجبات القرآن كفر ومن رد ما تعلق بالأخبار والآحاد الثابتة فوجهان وأن غالب أصحابنا على كفره فيما يتعلق بالصفات.

وذكر ابن حامد في مكان آخر إن جحد أخبار الآحاد كفر كالمتواتر عندنا يوجب العلم والعمل فأما من جحد العلم بها فالأشبه لا يكفر ويكفر في نحو الإسراء والنزول ونحوه من الصفات.
وقال في إنكار المعتزل استخراج قلبه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وإعادته في كفرهم به وجهان بناء على أصله في القدرية الذين ينكرون علم الله وأنه صفة له وعلى من قال لا أكفر من لا يكفر الجهمية.
الرابعة قوله وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو طلب رئاسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى.
وهذا بلا خلاف أعلمه.
لكن قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن جهل قدر ما نهبته كل طائفة من الأخرى تساوتا كمن جهل قدر المحرم من ماله أخرج نصفه والباقي له.
وقال أيضا أوجب الأصحاب الضمان على مجموع الطائفة وإن لم يعلم عين المتلف.
وقال أيضا وإن تقاتلا تقاصا لأن المباشر والمعين سواء عند الجمهور.
الخامسة لو دخل أحد فيهما ليصلح بينهما فقتل وجهل قاتله ضمنته الطائفتان.

باب حكم المرتد
.
فائدتان :
إحداهما: قوله "فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته".
قال ابن عقيل في الفصول أو جحد صفة من صفاته المتفق على إثباتها.
الثانية: قوله: "أو سب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم كفر".
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا لو كان مبغضا لرسوله صلى الله عليه وسلم أو لما جاء به اتفاقا.
تنبيه: قوله: "فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو اتخذ لله صاحبة أو ولدا أو جحد نبيا أو كتابا من كتب الله أو شيئا منه أو سب الله أو رسوله كفر بلا نزاع في الجملة".
ومراده إذا أتى بذلك طوعا ولو هازلا وكان ذلك بعد أن أسلم طوعا.
وقيل وكرها.
قلت ظاهر كلام الأصحاب أن هذه الأحكام مترتبة عليه حيث حكمنا بإسلامه طوعا أو كرها.

وأطلقهما في الفروع.
وقال والأصح بحق يعني إذا أكره على الإسلام لا بد أن يكون بحق على الأصح.
فائدة : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا الحكم لو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا.
قال جماعة من الأصحاب أو سجد لشمس أو قمر.
قال في الترغيب أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين.
وقيل أو كذب على نبي أو أصر في دارنا على خمر أو خنزير غير مستحل.
وقال القاضي رأيت بعض أصحابنا يكفر جاحد تحريم النبيذ والمسكر كله كالخمر ولا يكفر بجحد قياس اتفاقا للخلاف بل سنة ثابتة.
قال ومن أظهر الإسلام وأسر الكفر فمنافق وإن أظهر أنه قائم بالواجب وفي قلبه أن لا يفعل فنفاق وهل يكفر على وجهين.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب لا يكفر إلا منافق أسر الكفر.
قال ومن أصحابنا من أخرج الحجاج بن يوسف عن الإسلام لأنه أخاف أهل المدينة وانتهك حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال في الفروع فيتوجه عليه يزيد بن معاوية ونحوه.
ونص الإمام أحمد رحمه الله بخلاف ذلك وعليه الأصحاب وأنه لا يجوز التخصيص باللعنة خلافا لأبي الحسين وابن الجوزي وغيرهما.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر كلامه الكراهة.
قوله: "وإن ترك شيئا من العبادات الخمس تهاونا لم يكفر".
يعني إذا عزم على أن لا يفعله أبدا استتيب وجوبا كالمرتد فإن أصر لم يكفر ويقتل حدا.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه يكفر إلا بالحج لا يكفر بتأخيره بحال.
وعنه يكفر بالجميع نقلها أبو بكر.
واختارها هو وبن عبدوس في تذكرته.
وعنه يختص الكفر بالصلاة وهو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

قال ابن شهاب هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في الفروع.
وقال اختاره الأكثر.
وعنه يختص الكفر بالصلاة والزكاة.
وعنه يختص بالصلاة والزكاة إذا قاتل عليهما الإمام.
وجزم به بعض الأصحاب.
وعنه لا يكفر ولا يقتل بترك الصوم والحج خاصة.
وتقدم ذلك في أول كتاب الصلاة وباب إخراج الزكاة مستوفى بأتم من هذا.
قوله: "فمن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء وهو بالغ عاقل مختار أيضا دعي إليه ثلاثة أيام يعني وجوبا وضيق عليه فإن لم يتب قتل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال في النظم هذا أشهر الروايتين.
قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب.
وعنه لا تجب الاستتابة بل تستحب ويجوز قتله في الحال.
قال في الفروع وعنه لا تجب استتابته.
وعنه ولا تأجيله.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر.
تنبيه: يستثنى من ذلك رسول الكفار إذا كان مرتدا بدليل رسولي مسيلمة.
ذكره بن القيم رحمه الله في الهدى.
قلت فيعايى بها.
فائدة : قال ابن عقيل في الفنون فيمن ولد برأسين فلما بلغ نطق أحد الرأسين بالكفر والآخر بالإسلام إن نطقا معا ففي أيهما يغلب احتمالان.
قال والصحيح إن تقدم الإسلام فمرتد.

قوله: "وإن عقل الصبي الإسلام صح إسلامه وردته".
يعني إذا كان مميزا.
وهذا المذهب كما قال المصنف هنا.
وقاله الشارح وصاحب التلخيص في باب اللقطة والفروع وغيرهم.
قال في القواعد الأصولية هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في المنور وغيره.
وقد أسلم الزبير بن العوام رضي الله عنه وهو بن ثمان سنين وكذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
حكاه في التلخيص في باب اللقطة وقاله عروة.
وعنه يصح إسلامه دون ردته.
قال في الفروع وهي أظهر.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وعنه لا يصح شيء منهما حتى يبلغ.
وعنه يصح ممن بلغ عشرا.
وجزم به في الوجيز.
واختاره الخرقي والقاضي في المجرد في صحة إسلامه.
قال الزركشي هو المذهب المعروف والمختار لعامة الأصحاب حتى إن جماعة منهم أبو محمد في المغني والكافي جزموا بذلك انتهى.
وقدمه في المحرر.
وعنه يصح ممن بلغ سبعا.
فعلى هذه الروايات كلها يحال بينه وبين الكفار.
قال في الانتصار ويتولاه المسلمون ويدفن في مقابرهم وأن فريضته مترتبة على صحته كصحته تبعا وكصوم مريض ومسافر رمضان.
قوله: "وإن أسلم".
يعني الكافر صغيرا كان أو كبيرا وإن كان ظاهره في الصغير.
ثم قال لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الإسلام.
وهذا المذهب قال أبو بكر والعمل عليه.

وجزم به ابن منجا في شرحه.
وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وعنه يقبل منه.
وعنه يقبل منه إن ظهر صدقه وإلا فلا.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يقبل من الصبي ولا يجبر على الإسلام.
قال أبو بكر هذا قول محتمل لأن الصبي في مظنة النقص فيجوز أن يكون صادقا قال والعمل على الأول.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال لكافر أسلم وخذ ألفا فأسلم ولم يعطه فأبى الإسلام يقتل وينبغي أن يفي.
قال وإن أسلم على صلاتين قبل منه وأمر بالخمس.
قوله: "ولا يقتل حتى يبلغ ويجاوز ثلاثة أيام من وقت بلوغه".
وهذا المذهب وعليه عامة الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال في الروضة تصح ردة مميز فيستتاب فإن تاب وإلا قتل وتجري عليه أحكام البلغ وغير المميز ينتظر بلوغه فإن بلغ مرتدا قتل بعد الاستتابة.
وقيل لا يقتل حتى يبلغ مكلفا انتهى.
قوله: "ومن ارتد وهو سكران لم يقتل حتى يصحو ويتم له ثلاثة أيام من وقت ردته".
تصح ردة السكران على الصحيح من المذهب.
قال أبو الخطاب في الهداية هذا أظهر الروايتين واختاره عامة شيوخنا.
قال الناظم هذا أظهر قولي الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هذا المشهور.
وصححه في تجريد العناية.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع في كتاب الطلاق.
وعنه لا تصح ردته.
اختاره الناظم في كتاب الطلاق.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الطلاق.

وأطلقهما في المذهب والخلاصة والشرح.
قوله: "لم يقتل حتى يصحو وتتم له ثلاثة أيام من وقت ردته".
وهو أحد القولين اختاره الخرقي.
وجزم به في الشرح وشرح ابن منجا وغيرهم.
والصحيح من المذهب أن ابتداء الأيام الثلاثة من حين صحوه.
وجزم به في الوجيز وتجريد العناية.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قوله : "وهل تقبل توبة الزنديق ومن تكررت ردته أو من سب الله أو رسوله والساحر".
يعني الذي يكفر بسحره على روايتين.
وأطلقهما الزركشي.
إحداهما: لا تقبل توبته ويقتل بكل حال.
وهو المذهب صححه في التصحيح وإدراك الغاية.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين وغيرهم.
وهو اختيار أبي بكر والشريف وأبي الخطاب وابن البنا والشيرازي في الزنديق.
قال القاضي في التعليق هذا الذي نصره الأصحاب.
وهو اختيار أبي الخطاب في خلافه في الساحر.
وقطع به القاضي في تعليقه والشيرازي في ساب الرسول صلى الله عليه وسلم والخرقي في قوله من قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم قتل.
والأخرى تقبل توبته كغيره.
وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وهو اختيار الخلال في الساحر ومن تكررت ردته والزنديق وآخر قولي الإمام أحمد رحمه الله.
وهو اختيار القاضي في روايتيه فيمن تكررت ردته.
وظاهر كلامه في تعليقه في ساب الله تعالى.
وعنه لا تقبل إن تكررت ردته ثلاثا فأكثر وإلا قبلت.

وقال في الفصول عن أصحابنا لا تقبل توبته إن سب النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حق آدمي لا يعلم إسقاطه وأنها تقبل إن سب الله تعالى لأنه يقبل التوبة في خالص حقه.
وجزم به في عيون المسائل وغيرها لأن الخالق منزه عن النقائص فلا يلحق به بخلاف المخلوق فإنه محل لها ولهذا افترقا.
وعنه مثلهم فيمن ولد على الفطرة ثم ارتد ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
تنبيه: محل الخلاف في الساحر حيث يحكم بقتله بذلك على ما يأتي في آخر الباب.
فوائد .
الأولى: حكم من تنقص النبي صلى الله عليه وسلم حكم من سبه صلوات الله وسلامه عليه على الصحيح من المذهب ونقله حنبل.
وقدمه في الفروع.
وقيل ولو تعريضا.
نقل حنبل من عرض بشيء من ذكر الرب فعليه القتل مسلما كان أو كافرا وأنه مذهب أهل المدينة.
وسأله ابن منصور ما الشتيمة التي يقتل بها قال نحن نرى في التعريض الحد.
قال فكان مذهبه فيما يجب فيه الحد من الشتيمة التعريض.
الثانية: محل الخلاف المتقدم في عدم قبول توبتهم وقبولها في أحكام الدنيا من ترك قتلهم وثبوت أحكام الإسلام.
فأما في الآخرة فإن صدقت توبته قبلت بلا خلاف.
ذكره ابن عقيل والمصنف والشارح وجماعة.
وقدمه في الفروع.
وفي إرشاد ابن عقيل رواية لا تقبل توبة الزنديق باطنا وضعفها وقال كمن تظاهر بالصلاح إذا أتى معصية وتاب منها.
وذكر القاضي وأصحابه رواية لا تقبل توبة داعية إلى بدعة مضلة اختارها أبو إسحاق بن شاقلا.
وقال ابن عقيل في إرشاده نحن لا نمنع أن يكون مطالبا بمن أضل.
قال في الفروع وظاهر كلام غيره لا مطالبة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد بين الله أنه يتوب على أئمة الكفر الذين هم أعظم من أئمة البدع.

وقال في الرعاية من كفر ببدعة قبلت توبته على الأصح.
وقيل إن اعترف بها.
وقيل لا تقبل من داعية.
الثالثة: الزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر ويسمى منافقا في الصدر الأول.
وأما من أظهر الخير وأبطن الفسق فكالزنديق في توبته في قياس المذهب قاله في الفروع.
وذكره ابن عقيل وحمل رواية قبول توبة الساحر على المتظاهر وعكسه بعكسه.
قال في الفروع يؤيده تعليلهم للرواية المشهورة بأنه لم يوجد بالتوبة سوى ما يظهره.
قال وظاهر كلام غيره تقبل وهو أولى في الكل انتهى.
الرابعة: تقبل توبة القاتل على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وذكر القاضي وأصحابه رواية لا تقبل توبته.
فعلى المذهب لو اقتص من القاتل أو عفي عنه هل يطالبه المقتول في الآخرة فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال الإمام بن القيم رحمه الله في الداء والدواء وغيره بعد ذكر الروايتين والتحقيق في المسألة أن القتل يتعلق به ثلاث حقوق حق لله وحق للمقتول وحق للولي فإذا أسلم القاتل نفسه طوعا واختيارا إلى الولي ندما على ما فعل وخوفا من الله وتوبة نصوحا سقط حق الله بالتوبة وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح أو العفو وبقي حق المقتول يعوضه الله تعالى عنه يوم القيامة عن عبده التائب المحسن ويصلح بينه وبينه فلا يذهب حق هذا ولا تبطل توبة هذا انتهى وهو الصواب.
قوله: "وتوبة المرتد إسلامه وهو أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا أن تكون ردته بإنكار فرض أو إحلال محرم أو جحد نبي أو كتاب أو انتقل إلى دين من يعتقد أن محمدا بعث إلى العرب خاصة فلا يصح إسلامه حتى يقر بما جحده ويشهد أن محمدا بعث إلى العالمين أو يقول أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام".
يعني يأتي بذلك مع الإتيان بالشهادتين إذا كان ارتداده بهذه الصفة وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع.
وعنه يغني قوله محمد رسول الله عن كلمة التوحيد.

وعنه يغني ذلك عن مقر بالتوحيد اختاره المصنف.
قال في الفروع ويتوجه احتمال يكفي التوحيد ممن لا يقر به كالوثني لظاهر الأخبار ولخبر أسامة بن زيد رضي الله عنهما وقتله الكافر الحربي بعد قوله لا إله إلا الله لأنه مصحوب بما يتوقف على الإسلام ومستلزم له.
وذكر بن هبيرة في الإفصاح يكفي التوحيد مطلقا ذكره في حديث جندب وأسامة قال فيه إن الإنسان إذا قال لا إله إلا الله عصم بها دمه ولو ظن السامع أنه قالها فرقا من السيف بعد أن يكون مطلقا.
فوائد .
الأولى: نقل أبو طالب في اليهودي إذا قال قد أسلمت وأنا مسلم وكذا قوله أنا مؤمن يجبر على الإسلام قد علم ما يراد منه.
وقاله القاضي أبو يعلى وابن البنا وغيرهما من الأصحاب.
وذكر في المغني احتمالا أن هذا في الكافر الأصلي ومن جحد الوحدانية أما من كفر بجحد نبي أو كتاب أو فريضة أو نحو هذا فإنه لا يضر مسلما بذلك.
وفي مفردات أبي يعلى الصغير لا خلاف أن الكافر لو قال أنا مسلم ولا أنطق بالشهادة يقبل منه ولا يحكم بإسلامه.
الثانية: لو أكره ذمي على إقراره به لم يصح لأنه ظلم.
وفي الانتصار احتمال يصح.
وفيه أيضا يصير مسلما بكتابة الشهادة.
الثالثة: لا يعتبر في أصح الوجهين إقرار مرتد بما جحده لصحة الشهادتين من مسلم ومنه بخلاف التوبة من البدعة ذكره فيها جماعة.
ونقل المروذي في الرجل يشهد عليه بالبدعة فيجحد ليست له توبة إنما التوبة لمن اعترف فأما من جحد فلا.
الرابعة: يكفي جحده لردته بعد إقراره بها على الصحيح من المذهب كرجوعه عن حد لا بعد بينة بل يجدد إسلامه.
قال جماعة يأتي بالشهادتين.
وفي المنتخب الخلاف.
نقل بن الحكم فيمن أسلم ثم تهود أو تنصر فشهد عليه عدول فقال لم أفعل وأنا مسلم قبل قوله هو أبر عندي من الشهود.

قوله: "وإن مات المرتد فأقام وارثه بينة أنه صلى بعد الردة حكم بإسلامه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة.
قوله: "ولا يبطل إحصان المسلم بردته".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع ويؤخذ بحد فعله في ردته نص عليه كقبل ردته.
وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم.
وظاهر ما نقله مهنا واختاره جماعة أنه إن أسلم لا يؤخذ به كعبادته.
وعنه الوقف.
وقال في الفروع أيضا ولا يبطل إحصان قذف ورجم بردة فإذا أتى بهما بعد إسلامه حد خلافا لكتاب ابن رزين في إحصان رجم.
قوله: "ولا عباداته التي فعلها في إسلامه يعني لا تبطل إذا عاد إلى الإسلام".
العبادات التي فعلها قبل ردته لا تخلو إما أن تكون حجا أو صلاة في وقتها أو غير ذلك.
فإن كانت حجا فالصحيح من المذهب أنه لا يلزمه قضاؤه بل يجزئ الحج الذي فعله قبل ردته نص عليه.
قال المجد في شرحه هذا الصحيح من المذهب.
وقدمه الإمام بن القيم وبن عبيدان وصاحب الحاوي الكبير وغيرهم.
وجزم به الشارح هنا.
وعنه يلزمه اختاره القاضي.
وجزم به ابن عقيل في الفصول في كتاب الحج.
وجزم به في الإفادات لابن حمدان.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وذكره في الحج.
وأطلقهما في المحرر والرعاية الكبرى.
وأما الصلاة إذا أسلم بعدها في وقتها فحكمها حكم الحج على الصحيح من المذهب خلافا ومذهبا.
وقال القاضي لا يعيد الصلاة وإن أعاد الحج لفعلها في إسلامه الثاني.

وأما غيرهما من العبادات فقال الأصحاب لا تبطل عبادة فعلها في الإسلام.
إذا عاد إلى الإسلام ولا قضاء عليه إلا ما تقدم من الحج والصلاة.
قال في الرعاية إن صام قبل الردة ففي القضاء وجهان.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة فليعاود.
قوله: "ومن ارتد عن الإسلام لم يزل ملكه بل يكون موقوفا وتصرفاته موقوفة فإن أسلم ثبت ملكه وتصرفاته وإلا بطلت".
الظاهر أن هذا بناء منه على ما قدمه في باب ميراث أهل الملل من أن ميراث المرتد فيء.
واعلم أن مال المرتد إذا مات مرتدا لا يخلو إما أن نقول يرثه ورثته من المسلمين أو ورثته من دينه الذي اختاره أو يكون فيئا على ما تقدم في باب ميراث أهل الملل.
فإن قلنا يرثه ورثته من المسلمين أو من الدين الذي اختاره فإن تصرفه في ملكه في حال ردته كالمسلم ويقر بيده وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال أبو الخطاب في الانتصار لا قطع بسرقة مال مرتد لعدم عصمته.
وإن قلنا يكون فيئا ففي وقت مصيره فيئا ثلاث روايات.
إحداهن: يكون فيئا حين موته مرتدا وهذا الصحيح من المذهب.
قاله في الفروع وقدمه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وهو ظاهر ما قدمه المصنف في باب ميراث أهل الملل.
والرواية الثانية: يصير فيئا بمجرد ردته.
اختارها أبو بكر وأبو إسحاق وبن أبي موسى وصاحب التبصرة والطريق الأقرب وهو قول المصنف.
وقال أبو بكر يزول ملكه بردته ولا يصح تصرفه فإن أسلم رد إليه تمليكا مستأنفا.
والرواية الثالثة: يتبين بموته مرتدا كونه فيئا من حين الردة.
فعلى الصحيح من المذهب يمنع من التصرف فيه قاله القاضي وأصحابه منهم أبو الخطاب وأبو الحسين وأبو الفرج.
قال في الوسيلة نص عليه.
وقدمه في الفروع.

ونقل بن هانئ يمنع منه.
فإذا قتل مرتدا صار ماله في بيت المال.
واختار المصنف والشارح وغيرهما على هذه الرواية أن تصرفه يوقف ويترك عند ثقة كالرواية الثالثة.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال ابن منجا وغيره المذهب لا يزول ملكه بردته ويكون ملكه موقوفا وكذلك تصرفاته على المذهب انتهى.
قال في الفروع وجعل في الترغيب كلام القاضي وأصحابه وكلام المصنف واحدا.
وكذا ذكره القاضي في الخلاف.
وتبعه ابن البنا وغيره على ذلك.
وذكر أن الإمام أحمد رحمه الله نص عليه.
لكن لم يقولوا إنه يترك عند ثقة بل قالوا يمنع منه.
وهذا معنى كلام ابن الجوزي.
فإنه ذكر أنه يوقف تصرفه فإن أسلم بعد ذلك وإلا بطل وأن الحاكم يحفظ بقية ماله.
قالوا فإن مات بطلت تصرفاته تغليظا عليه بقطع ثوابه بخلاف المريض.
وقيل إن لم يبلغ تصرفه الثلث صح.
وقال في المحرر ومن تبعه على الرواية الأولى التي قدمها وهي المذهب يقر بيده وتنفذ فيه معاوضاته وتوقف تبرعاته وترد بموته مرتدا لأن حكم الردة حكم المرض المخوف.
وإنما لم ينفذ من ثلثه لأن ماله يصير فيئا بموته مرتدا ولو كان قد باع شقصا أخذ بالشفعة.
وقيل يصح تبرعه المنجز وبيع الشقص المشفوع.
واختاره في الرعايتين.
زاد في الكبرى فإن أسلم اعتبر من الثلث.
وعلى الثانية يجعل في بيت المال ولا يصح تصرفه فيه.
لكن إن أسلم رد إليه ملكا جديدا.
وعليها أيضا لا نفقة لأحد في الردة ولا يقضى دين تجدد فيها فإن أسلم ملكه إذن وإلا بقي فيئا.
وعلى الثالثة يحفظه الحاكم وتوقف تصرفاته كلها.

ويحتمله كلام المصنف أيضا.
فإن أسلم أمضيت وإلا تبينا فسادها.
وعلى الأولى والثالثة ينفق منه على من تلزمه نفقته وتقضى ديونه فإن أسلم أخذه أو بقيته ونفذ تصرفه وإلا بطل.
قال في الرعاية الكبرى وعلى الروايات الثلاث يقضى منه ما لزمه قبل ردته من دين ونحوه وينفق عليه منه مدة الردة وقاله غيره.
فائدة : إنما يبطل تصرفه لنفسه فلو تصرف لغيره بالوكالة صح ذكره القاضي وابن عقيل.
قوله: "وتقضى ديونه وأروش جناياته وينفق على من يلزمه مؤنته".
قد تقدم ذلك بناء على بعض الروايات دون بعض.
قوله: "وما أتلف من شيء ضمنه".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويتخرج في الجماعة الممتنعة المرتدة أن لا تضمن ما أتلفته.
وهو احتمال في الهداية.
وعنه إن فعله في دار الحرب أو في جماعة مرتدة ممتنعة لا يضمن.
اختاره الخلال وصاحبه أبو بكر والمصنف والشيخ تقي الدين رحمه الله وغيرهم.
قوله: "وإذا أسلم فهل يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في ردته على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والشرح وشرح ابن منجا .
إحداهما: لا يلزمه وهو المذهب قاله القاضي وابن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهم.
قال في التلخيص والبلغة هذا أصح الروايتين.
وجزم به الآدمي في منتخبه وغيره.
وقدمه في الرعاية الصغرى وابن تميم والحاوي.

والرواية الثانية: يلزمه صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وجزم به في الإفادات في الصلاة والزكاة والصوم والحج.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
لكن قال المذهب عدم اللزوم.
فعلى هذه لو جن بعد ردته لزمه قضاء العبادة زمن جنونه على الصحيح من المذهب قلت فيعايى بها.
وقيل لا يلزمه.
وأما إذا حاضت المرتدة فإن الوجوب يسقط عنها قولا واحدا.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة عند قوله ولا تجب على كافر.
تنبيه: مفهوم كلامه أنه يلزمه قضاء ما ترك من العبادات قبل ردته وهو صحيح وهو المذهب قاله في الفروع.
وجزم به في الإفادات في كتاب الصلاة.
وقدمه بن حمدان في رعايته الكبرى وابن تميم.
وعنه لا يلزمه اختاره في الفائق.
قال في التلخيص والبلغة هذا أصح الروايتين.
وقدمه في الرعاية الصغرى.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة ونقض الوضوء.
تقدم في باب نواقض الوضوء.
قوله: "وإذا ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب ثم قدر عليهما لم يجز استرقاقهما ولا استرقاق أولادهما الذين ولدوا في دار الإسلام". بلا نزاع ومن لم يسلم منهم قتل بلا نزاع.
فائدة : لو لحق مرتد بدار الحرب فهو وما معه كحربي.
والمذهب المنصوص لا يتنجز جعل ما بدارنا فيئا إن لم يصر فيئا بردته.
وقيل يتنجز.
قوله: "ويجوز استرقاق من ولد بعد الردة".
وهذا المذهب سواء ولد في دار الإسلام أو دار الحرب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.

وهو ظاهر كلام الخرقي.
واختاره أبو بكر في الخلاف والقاضي وأبو الخطاب والشريف وابن البنا والشيرازي وبن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وتجريد العناية وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يجوز استرقاقهم.
وهو احتمال في المغني وغيره.
وذكره ابن عقيل رواية.
واختاره ابن حامد.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لو كان قبل الردة حملا أن حكمه حكم ما لو حملت به بعد الردة.
وهو أحد الوجهين وظاهر كلام الخرقي.
واختاره المصنف في المغني والشارح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والصحيح من المذهب أنه لا يسترق وإن استرق من حملت به بعد الردة قدمه في الفروع.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر.
فإنه قال ومن لم يسلم منهم قتل إلا من علقت به أمة في الردة فيجوز أن يسترق.
وجزم به في الكافي.
فوائد .
الأولى: لو مات أبو الطفل أو الحمل أو أبو المميز أو مات أحدهما في دارنا فهو مسلم على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية الجماعة.
وقطع به الأصحاب إلا صاحب المحرر ومن تبعه.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يحكم بإسلامه.

قال ابن القيم رحمه الله في أحكام الذمة وهو قول الجمهور وربما ادعى فيه إجماع معلوم متيقن.
واختاره شيخنا تقي الدين رحمه الله انتهى.
وذكر في الموجز والتبصرة رواية لا يحكم بإسلامه بموت أحدهما.
نقل أبو طالب في يهودي أو نصراني مات وله ولد صغير فهو مسلم إذا مات أبوه ويرثه أبواه ويرث أبويه.
ونقل جماعة إن كفله المسلمون فمسلم ويرث الولد الميت لعدم تقدم الإسلام واختلاف الدين ليس من جهته.
وقيل لا يحكم بإسلامه إذا كان مميزا والمنصوص خلافه.
الثانية: مثل ذلك في الحكم لو عدم الأبوان أو أحدهما بلا موت كزنا ذمية ولو بكافر أو اشتباه ولد مسلم بولد كافر نص عليهما وهذا المذهب.
وقال القاضي أو وجد بدار حرب.
قلت يعايى بذلك.
وقيل للإمام أحمد رحمه الله في مسألة الاشتباه تكون القافة في هذا قال ما أحسنه.
وإن لم يكفرا ولدهما ومات طفلا دفن في مقابرنا نص عليه واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم "فأبواه يهودانه".
قال الناظم كلقيط.
قال في الفروع ويتوجه كالتي قبلها ورد الأول.
وقال ابن عقيل المراد به يحكم بإسلامه ما لم يعلم له أبوان كافران ولا يتناول من ولد بين كافرين لأنه انعقد كافرا.
قال في الفروع كذا قال.
قال ويدل على خلاف النص الحديث.
وفسر الإمام أحمد رحمه الله الفطرة فقال التي فطر الله الناس عليها شقي أو سعيد.
قال القاضي المراد به الدين من كفر أو إسلام.
قال وقد فسر الإمام أحمد رحمه الله هذا في غير موضع.
وذكر الأثرم معناه على الإقرار بالوحدانية حين أخذهم من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم وبأن له صانعا ومدبرا وإن عبد شيئا غيره وسماه بغير.
اسمه وأنه ليس المراد على الإسلام لأن اليهودي يرثه ولده الطفل إجماعا.
ونقل يوسف الفطرة التي فطر الله العباد عليها.

وقيل له في رواية الميموني هي التي فطر الله الناس عليها الفطرة الأولى قال نعم.
وأما إذا مات أبو واحد ممن تقدم في دار الحرب فإنا لا نحكم بإسلامه على الصحيح من المذهب.
وقيل حكمه حكم دارنا.
قال في المحرر وفيه بعد.
الثالثة: لو أسلم أبوا من تقدم أو أحدهما لا جده ولا جدته حكمنا بإسلامه أيضا.
وتقدم إذا سبي الطفل منفردا أو مع أحد أبويه أو معهما في كلام المصنف في أثناء كتاب الجهاد فليعاود.
قوله: "وهل يقرون على كفرهم على روايتين".
يعني من ولد بعد الردة.
قال في الفروع وهل يقرون بجزية أم الإسلام ويرق أم القتل فيه روايتان.
وأطلقهما في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والزركشي والحاوي وشرح ابن منجا وغيرهم.
إحداهما: يقرون وهو المذهب.
جزم به في الوجيز.
واختاره القاضي في روايتيه.
وصححه في التصحيح.
والرواية الثانية: لا يقرون فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف اختاره أبو بكر.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والكافي لاقتصارهما على حكاية هذه الرواية وهي رواية الفضل بن زياد.
وجزم به في المذهب والخلاصة.
وقال في المغني وتبعه في الشرح مع حكاية الروايتين إذا وقع أبو الولد في الأسر بعد لحوقه بدار الحرب فحكمه حكم أهل الحرب وإن بذل الجزية وهو في دار الحرب أو وهو في دار الإسلام لم نقرها لانتقاله إلى الكفر بعد نزول القرآن انتهيا.
قال الزركشي وهذه طريقة لم نرها لغيره.
فائدتان :
إحداهما: أطفال الكفار في النار.
على الصحيح من المذهب نص عليه مرارا.

وقدمه في الفروع.
واختاره القاضي وغيره.
وعنه الوقف.
واختار ابن عقيل وابن الجوزي أنهم في الجنة كأطفال المسلمين ومن بلغ منهم مجنونا نقل ذلك في الفروع.
وقال بن حمدان في نهاية المبتدئين وعنه الوقف.
اختاره ابن عقيل وابن الجوزي وأبو محمد المقدسي انتهى.
قلت الذي ذكره في المغني أنه نقل رواية الوقف واقتصر عليها.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله تكليفهم في القيامة للأخبار.
ومثلهم من بلغ منهم مجنونا فإن جن بعد بلوغه فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال وظاهره يتبع أبويه بالإسلام كصغير فيعايى بها.
نقل ابن منصور فيمن ولد أعمى أبكم أصم وصار رجلا هو بمنزلة الميت هو مع أبويه وإن كانا مشركين ثم أسلما بعد ما صار رجلا قال هو معهما.
قال في الفروع ويتوجه مثلهما من لم تبلغه الدعوة وقاله شيخنا.
وذكر في الفنون عن أصحابنا لا يعاقب.
وفي نهاية المبتدى لا يعاقب.
وقيل بلى إن قيل بحظر الأفعال قبل الشرع.
وقال ابن حامد يعاقب مطلقا ورده في الفروع.
الثانية: لو ارتد أهل بلد وجرى فيه حكمهم فهي دار حرب فيغنم مالهم وأولادهم الذين حدثوا بعد الردة.
قوله: "والساحر الذي يركب المكنسة فتسير به في الهواء ونحوه".
كالذي يدعي أن الكواكب تخاطبه.
يكفر ويقتل.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح قاله أصحابنا.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والهادي والمحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.

وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يكفر اختاره ابن عقيل.
وجزم به في التبصرة.
وكفره أبو بكر بعمله.
قال في الترغيب عمله أشد تحريما.
وحمل ابن عقيل كلام الإمام أحمد رحمه الله في كفره على معتقده وأن فاعله يفسق ويقتل حدا.
فائدة : من اعتقد أن السحر حلال كفر قولا واحدا.
قوله: "فأما الذي يسحر بالأدوية والتدخين وسقي شيء يضر فلا يكفر ولا يقتل ولكن يعزر هذا المذهب".
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والمحرر والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال القاضي والحلواني إن قال سحري ينفع وأقدر على القتل به قتل ولو لم يقتل به.
فعلى المذهب يعزر تعزيرا بليغا بحيث لا يبلغ به القتل على الصحيح من المذهب.
وقيل له تعزيره بالقتل.
قوله: "ويقتص منه إن فعل ما يوجب القصاص".
وكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في الفروع ويقاد منه إن قتل غالبا وإلا الدية.
وكذا قال المصنف وغيره في كتاب الجنايات.
وتقدم ذلك محررا هناك في القسم الثامن.
قوله: "فأما الذي يعزم على الجن ويزعم أنه يجمعها فتطيعه فلا يكفر ولا يقتل ولكن يعزر وهذا المذهب".
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الشرح وشرح ابن رزين .
وذكر ابن منجا أنه قول غير أبي الخطاب.

وذكره أبو الخطاب في السحرة الذين يقتلون.
وكذلك القاضي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين.
وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع.
فعلى المذهب يعزر تعزيرا بليغا لا يبلغ به القتل على الصحيح من المذهب.
وقيل يبلغ بتعزيره القتل.
فوائد .
الأولى: حكم الكاهن والعراف كذلك خلافا ومذهبا قاله في الفروع.
وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
فالكاهن هو الذي له رئي من الجن يأتيه بالأخبار.
والعراف هو الذي يحدس ويتخرص.
وقال في الترغيب الكاهن والمنجم كالساحر عند أصحابنا وأن ابن عقيل فسقه فقط إن قال أصبت بحدسي وفراهتي.
الثانية: لو أوهم قوما بطريقته أنه يعلم الغيب فللإمام قتله لسعيه بالفساد.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله التنجيم كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية من السحر.
قال ويحرم إجماعا وأقر أولهم وآخرهم أن الله يدفع عن أهل العبادة والدعاء ببركته ما زعموا أن الأفلاك توجبه وأن لهم من ثواب الدارين ما لا تقوى الأفلاك على أن تجلبه.
الثالثة المشعبذ الظاهر أنه هو والقائل بزجر الطير والضارب بحصى وشعير وقداح زاد في الرعاية والنظر في ألواح الأكتاف إن لم يكن يعتقد إباحته وأنه يعلم به يعزر ويكف عنه وإلا كفر.
الرابعة: يحرم طلسم ورقية بغير عربي.
وقيل يكفر.
وقال في الرعايتين والحاوي ويحرم الرقى والتعويذ بطلسم وعزيمة واسم كوكب وخرز وما وضع على نجم من صورة أو غيرها.
الخامسة: توقف الإمام أحمد رحمه الله في حل المسحور بسحر وفيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.

قال المصنف في المغني توقف الإمام أحمد رحمه الله في الحل وهو إلى الجواز أميل.
وسأله مهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها قال لا بأس.
قال الخلال إنما كره فعاله ولا يرى به بأسا كما بينه مهنا.
وهذا من الضرورة التي تبيح فعلها.
وقال في الرعايتين والحاوي ويحرم العطف والربط وكذا الحل بسحر.
وقيل يكره الحل.
وقيل يباح بكلام مباح.
السادسة: قال في عيون المسائل ومن السحر السعي بالنميمة والإفساد بين الناس وذلك شائع عام في الناس.
وذكر في ذلك حكايات حصل بها القتل.
قال في الفروع وما قاله غريب ووجهه أنه يقصد الأذى بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة فأشبه السحر ولهذا يعلم بالعادة والعرف أنه يؤثر وينتج ما يعمله السحر أو أكثر فيعطي حكمه تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين لا سيما إن قلنا يقتل الآمر بالقتل على رواية سبقت فهنا أولى أو الممسك لمن يقتل فهذا مثله انتهى.
السابعة: هذه الأحكام كلها في الساحر المسلم.
فأما الساحر الكتابي فلا يقتل على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الهداية قال أصحابنا لا يقتل نص عليه.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والبلغة والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه يقتل.
قال في المحرر وعنه ما يدل على قتله.
قال في الهداية ويتخرج من عموم قوله في رواية يعقوب بن بختان الزنديق والساحر كيف تقبل توبتهما أن يقتلا.
وقال في الرعايتين وقيل لا يقتل الذمي.
وقال في الكبرى وقيل يقتل لنقضه العهد.

كتاب الأطعمة
كتاب الأطعمة
...
كتاب الأطعمة.
قوله: "والأصل فيها الحل فيحل كل طعام طاهر لا مضرة فيه من الحبوب والثمار وغيرها" حتى المسك.
وقد سأله الشالنجي عن المسك يجعل في الدواء ويشربه قال لا بأس وهذا المذهب.
وقال في الانتصار حتى شعر.
وقال في الفنون الصحناء سحيق المسك منتن في غاية الخبث.
تنبيه: دخل في كلام المصنف حل أكل الفاكهة المسوسة والمدودة وهو كذلك.
ويباح أيضا أكل دودها معها.
قال في الرعاية يباح أكل فاكهة مسوسة ومدودة بدودها أو باقلاء بذبابة وخيار وقثاء وحبوب وخل بما فيه.
وهو معنى كلامه في التلخيص.
قال في الآداب وظاهر هذا أنه لا يباح أكله منفردا.
وذكر بعضهم فيه وجهين.
وذكر أبو الخطاب في بحث مسألة ما لا نفس له سائلة لا يحل أكله وإن كان طاهرا من غير تفصيل.
قوله: "فأما النجاسات كالميتة والدم وغيرهما وما فيه مضرة من السموم ونحوها فمحرمة".
ويأتي ميتة السمك ونحوه في أول باب الذكاة.
فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة أن السموم نجسة محرمة وكذا ما فيه مضرة.
وقال في الواضح والمشهور أن السم نجس.
وفيه احتمال لأكل رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام من الذراع المسمومة.
وقال في التبصرة ما يضر كثيره يحل يسيره.

قوله: "والحيوانات مباحة إلا الحمر الأهلية وما له ناب يفترس به".
سوى الضبع محرم على الصحيح من المذهب سواء بدأ بالعدوان أو لا نص عليه وعليه جمهور الأصحاب.
وقطع به أكثرهم وقدمه في الفروع.
وقيل لا يحرم إلا إذا أبدأ بالعدوان.
قوله: "كالأسد والنمر والذئب والفهد والكلب والخنزير وبن آوى والسنور وبن عرس والنمس والقرد".
مراده هنا بالسنور السنور الأهلي بدليل ما يأتي في كلامه.
والصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أنه محرم.
قال الإمام أحمد رحمه الله ليس يشبه السباع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس في كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى إلا الكراهة.
وجعله الإمام أحمد رحمه الله قياسا وأنه قد يقال يعمها اللفظ.
تنبيه: شمل قوله فيما له ناب يفترس به الدب وهو محرم على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال ابن رزين في مختصره النهاية لا يحرم.
وقال في الرعاية الكبرى ويحرم دب.
وقيل كبير له ناب نص عليه.
قال في الفروع وهو سهو قال الإمام أحمد رحمه الله إن لم يكن له ناب فلا بأس به يعني إن لم يكن له ناب في أصل خلقته.
فظن أنه إن لم يكن له ناب في الحال لصغره وإن كان يحصل له ناب بعد ذلك وليس الأمر كذلك.
وقال في الحاوي ويحرم دب.
وقال بن أبي موسى كبير.
فظاهر هذا موافق لما قاله في الرعاية.
إلا أن قوله نص عليه سهو.
وشمل كلام المصنف أيضا الفيل وهو كذلك فيحرم على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل حنبل هو سبع ويعمل بأنيابه كالسبع.
ونقل عنه جماعة يكره.

قوله: "وما يأكل الجيف".
يعني يحرم وهو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
ونقل عبد الله وغيره يكره.
وجعل فيه الشيخ تقي الدين رحمه الله روايتي الجلالة.
وقال عامة أجوبة الإمام أحمد رحمه الله ليس فيها تحريم.
وقال إذا كان ما يأكلها من الدواب السباع فيه نزاع أو لم يحرموه والخبر في الصحيحين فمن الطير أولى.
قوله: "كالنسر والرخم واللقلق وكذا العقعق وغراب البين والأبقع".
الصحيح من المذهب تحريم غراب البين والأبقع وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
ونقل حرب في الغراب لا بأس به إن لم يأكل الجيف.
وقيل لا يحرمان إن لم يأكلا الجيف.
قال الخلال الغراب الأسود والأبقع مباحان إذا لم يأكلا الجيف.
قال وهذا معنى قول أبي عبد الله.
قوله: "وما يستخبث".
أي تستخبثه العرب وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وعند الإمام أحمد رحمه الله وقدماء أصحابه لا أثر لاستخباث العرب وإن لم يحرمه الشرع حل واختاره.
وقال أول من قال يحرم الخرقي وأن مراده ما يأكل الجيف لأنه تبع الشافعي رحمه الله وهو حرمه بهذه العلة.
فعلى المذهب الاعتبار بما يستخبثه ذوو اليسار من العرب مطلقا على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأصح ذوو اليسار.
وقدمه في الرعاية الصغرى.
وقيل ما كان يستخبث على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
جزم به في الرعاية الكبرى والحاويين.
وقالوا في القرى والأمصار.

وجزم به بن عبدوس في تذكرته في القرى.
وقيل ما يستخبث مطلقا.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقال جماعة من الأصحاب ما يستخبثه ذوو اليسار والمروءة.
وجزم به في المستوعب والبلغة.
قوله: "كالقنفذ نص عليه".
وعلل الإمام أحمد رحمه الله القنفذ بأنه بلغه بأنه مسخ أي لما مسخ على صورته دل على خبثه.
قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله: "والفأر".
لكونها فويسقة نص عليه والحيات.
لأن لها نابا من السباع نص عليه.
والعقارب نص عليه.
ومن المحرم أيضا الوطواط نص عليه وهو الخشاف والخفاش.
قال في الرعاية ويحرم خفاش ويقال خشاف وهو الوطواط.
وقيل بل غيره.
وقيل الخفاش صغير والوطواط كبير رأسه كرأس الفأرة وأذناه أطول من أذنيها وبين جناحيه في ظهره مثل كيس يحمل فيه تمرا كثيرا وطبوع وقراد انتهى.
قال في الحاوي والخشاف هو الوطواط.
وكذلك يحرم الزنبور والنحل على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر في الإرشاد رواية لا يحرم الزنبور والنحل.
وقال في الروضة يكره الزنبور.
وقال في التبصرة في خفاش وخطاف وجهان.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الخشاف.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هل هي للتحريم فيه وجهان.
تنبيه: دخل في قوله والحشرات الذباب.
وهو الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.

وقال في الروضة يكره.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
وقد تقدم أكل دود الفاكهة ونحوها قريبا.
فائدة : لو اشتبه مباح ومحرم غلب التحريم قاله في التبصرة.
قوله: "وما تولد من مأكول وغيره كالبغل والسمع ولد الضبع من الذئب والعسبار ولد الذئبة من الذيخ.
وهو ذكر الضبعان الكثير الشعر وهذا بلا نزاع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو تميز كحيوان من نعجة نصفه خروف ونصفه كلب.
تنبيه: مفهوم كلامه أن المتولد من المأكولين مباح وهو صحيح كبغل من وحش وخيل لكن ما تولد من مأكول طاهر كذباب الباقلاء فإنه يؤكل تبعا لا أصلا في أصح الوجهين فيهما.
وقال ابن عقيل يحل بموته.
قال ويحتمل كونه كذباب وفيه روايتان.
قال الإمام أحمد رحمه الله في الباقلاء المدود يجتنبه أحب إلي وإن لم يتقذره فأرجو.
وقال عن تفتيش التمر المدود لا بأس به إذا علمه.
والمذهب تحريم الذباب.
جزم به في الكافي وغيره.
وصححه في الفروع والنظم.
وقيل لا يحرم.
وأطلقهما في المحرر وغيره وتقدم معناه.
قوله: "وفي الثعلب والوبر وسنور البر واليربوع روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية والزركشي وتجريد العناية وغيرهم.
أما الثعلب فيحرم على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح أكثر الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله تحريم الثعلب.
ونقل عبد الله رحمه الله لا أعلم أحدا أرخص فيه إلا عطاء وكل شيء اشتبه عليك فدعه.
قال الناظم هذا أولى.

وصححه في التصحيح.
وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية يباح.
قال ابن عقيل في التذكرة والثعلب مباح في أصح الروايتين.
واختارها الشريف أبو جعفر والخرقي.
وأطلقهما في الكافي.
وأما سنور البر فالصحيح من المذهب أنه محرم صححه في التصحيح.
قال الناظم هذا أولى.
قال في الفروع ويحرم سنور بر على الأصح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
والرواية الثانية يباح.
وأطلقهما في الكافي والإشارة للشيرازي والبلغة والمحرر.
وأما الوبر واليربوع فالصحيح من المذهب أنهما مباحان.
قال في الفروع لا يحرم وبر ويربوع على الأصح.
وصححه في التصحيح.
واختاره المصنف والشارح وبن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الكافي.
قال ابن رزين في نهايته يباح اليربوع.
والرواية الثانية يحرمان.
وجزم في الوجيز بتحريم اليربوع.
وقال القاضي يحرم الوبر.
وأطلق الخلاف في المحرر.
فوائد .
الأولى في هدهد وصرد روايتان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي والفروع والكافي والمغني والشرح.
إحداهما يحرمان.

قال الناظم هذه الرواية أولى.
وجزم به في المنور.
وجزم به في المنتخب في الأولى.
والرواية الثانية لا يحرم.
اختاره بن عبدوس في تذكرته.
الثانية في الغداف والسنجاب وجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين والنظم والفروع.
أحدهما يحرمان.
صححه في الرعاية الكبرى وتصحيح المحرر.
وجزم في الوجيز بتحريم الغداف.
قال أبو بكر في زاد المسافر لا يؤكل الغداف.
وقال الخلال الغداف محرم ونسبه إلى الإمام أحمد رحمه الله.
والوجه الثاني لا يحرمان.
وجزم في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة بأن الغداف لا يحرم.
وقال القاضي يحرم السنجاب.
ومال المصنف والشارح إلى إباحة السنجاب.
الثالثة قال في الرعاية الكبرى في السنور والفنك وجهان أصحهما يحرم.
الرابعة في الخطاف وجهان.
وأطلقهما في التبصرة والرعايتين والحاويين والمحرر.
وجزم في النظم في موضع بالتحريم.
وقال في موضع آخر الأولى التحريم.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن رزين .
قال في الفروع ويحرم على الأصح وقيل لا يحرم.
الخامسة قال جماعة من الأصحاب منهم صاحب المستوعب وما لم يكن ذكر في نص الشرع ولا في عرف العرب يرد إلى أقرب الأشياء شبها به فإن كان بالمستطاب أشبه ألحقناه به وإن كان بالمستخبث أشبه ألحقناه.
وقال في التبصرة والرعاية أو مسمى باسم حيوان خبيث.

قوله وما عدا هذا مباح كبهيمة الأنعام والخيل.
الخيل مباحة مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وفي البرذون رواية بالوقف.
قوله والزرافة.
يعني أنها مباحة وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
منهم أبو بكر وبن أبي موسى.
قال في الفروع وتباح في المنصوص.
وجزم به في الكافي والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قال الشارح هذا أصح.
وقيل لا يباح.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة.
قال في المستوعب وهو سهو.
قال في المحرر وحرمها أبو الخطاب وأباحها الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه الوقف.
قوله والأرنب.
يعني أنه مباح وهو المذهب.
جزم به في المحرر والنظم والوجيز ونهاية ابن رزين والمنور ومنتخب الآدمي والكافي والشرح والنظم وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يباح.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قوله والضبع.
أعني أنه مباح وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والبلغة والمحرر والمغني والشرح والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وتجريد العناية والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وعنه لا يباح ذكرها بن البنا.
وقال في الروضة إن عرف بأكل الميتة فكالجلالة.
قلت وهو أقرب إلى الصواب.
قوله والزاغ وغراب الزرع.
يعني أنهما مباحان وهو المذهب وعليه الأصحاب.
تنبيه غراب الزرع أحمر المنقار والرجل.
وقيل غراب الزرع والزاغ شيء واحد.
وقيل غراب الزرع أسود كبير.
تنبيه آخر دخل في قول المصنف وسائر الطير الطاووس وهو مباح لا أعلم فيه خلافا.
ودخل أيضا الببغاء وهي مباحة صرح بذلك في الرعاية.
قوله وجميع حيوانات البحر يعني مباحة إلا الضفدع والحية والتمساح.
أما الضفدع فمحرمة بلا خلاف أعلمه ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وأما الحية فجزم المصنف هنا أنها محرمة وهو المذهب.
وجزم به في العمدة وشرح ابن منجا والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وصححه في النظم.
وقدمه في الشرح.
وقيل يباح.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة ويباح حيوان البحر جميعه إلا الضفدع والتمساح فظاهر كلامهم إباحة الحية.
قال في المحرر ويباح حيوان البحر كله إلا الضفدع وفي التمساح روايتان.
فظاهره الإباحة.
وهو ظاهر تذكرة بن عبدوس وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاويين.

وأطلقهما في الفروع.
وأما التمساح فجزم المصنف هنا أنه محرم وهو الصحيح من المذهب.
قال في الفروع في المستثنى من المباح من حيوان البحر والتمساح على الأصح وصححه في النظم.
وجزم به القاضي في خصاله ورءوس المسائل والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الكافي وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه يباح.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وما عدا هذه الثلاثة فمباح على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الكافي والمحرر والفروع وغيرهم.
وقال ابن حامد وإلا الكوسج.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
ذكرها في الخلاصة والرعاية وغيرهما.
واختاره جماعة من الأصحاب مع ابن حامد.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وقال أبو علي النجاد لا يباح من البحري ما يحرم نظيره في البر كخنزير الماء وإنسانه وكذا كلبه وبغله وحماره ونحوها.
وحكاه ابن عقيل عن أبي بكر النجاد.
وحكاه في التبصرة والنظم وغيرهما رواية.
قال في الفروع وذكر في المذهب روايتين.
ولم أره فيه فلعل النسخة مغلوطة.
قوله وتحرم الجلالة التي أكثر علفها النجاسة ولبنها وبيضها حتى تحبس.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.

وأطلق في الروضة وغيرها تحريم الجلالة وأن مثلها خروف ارتضع من كلبة ثم شرب لبنا طاهرا.
قال في الفروع وهو معنى كلام غيره.
وعنه يكره ولا يحرم.
وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
قوله وتحبس ثلاثا.
يعني تطعم الطاهر وتمنع من النجاسة وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يحبس الطائر ثلاثا والشاة سبعا وما عدا ذلك أربعين يوما.
وحكى في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم رواية أن ما عدا الطائر يحبس أربعين يوما.
وعنه تحبس البقرة ثلاثين يوما ذكره في الواضح.
قال في الفروع وهو وهم وقاله بن بطة.
وجزم به في الروضة.
وقيل يحبس الكل أربعين.
وهو ظاهر رواية الشالنجي.
فائدتان :
إحداهما كره الإمام أحمد رحمه الله ركوبها وعنه يحرم.
الثانية يجوز له أن يعلف النجاسة الحيوان الذي لا يذبح أو لا يحلب قريبا.
نقله عبد الله وبن الحكم واحتج بكسب الحجام وبالذين عجنوا من آبار ثمود.
ونقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله تحريم علفها مأكولا.
وقيل يجوز مطلقا كغير مأكول على الأصح.
وخصهما في الترغيب بطاهر محرم كهر.
قوله وما سقي بالماء النجس من الزرع والثمر محرم.
وينجس بذلك وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.

وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الكبير والفروع وغيرهم.
وقال ابن عقيل ليس بنجس ولا محرم بل يطهر بالاستحالة كالدم يستحيل لبنا.
وجزم به في التبصرة.
فوائد .
منها يكره أكل التراب والفحم.
جزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم.
ومنها كره الإمام أحمد رحمه الله أكل الطين لضرره.
ونقل جعفر كأنه لم يكرهه.
وذكر بعضهم أن أكله عيب في المبيع نقله ابن عقيل لأنه لا يطلبه إلا من به مرض.
ومنها ما تقدم في باب الوليمة كراهة الإمام أحمد رحمه الله للخبز الكبار ووضعه تحت القصعة والخلاف في ذلك.
ومنها لا بأس بأكل اللحم النيء نقله مهنا.
وكذا اللحم المنتن نقله أبو الحارث.
وذكر جماعة فيهما يكره.
وجعله في الانتصار في الثانية اتفاقا.
قلت الكراهة في اللحم المنتن أشد.
ومنها يكره أكل الغدة وأذن القلب على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقال أبو بكر وأبو الفرج يحرم.
ونقل أبو طالب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أذن القلب وهو هكذا.
وقال في رواية عبد الله كره النبي صلى الله عليه وسلم أكل الغدة.
ومنها كره الإمام أحمد رحمه الله حبا ديس بالحمر وقال لا ينبغي أن يدوسوه بها.
وقال حرب كرهه كراهية شديدة.
وهذا الحب كطعام الكافر ومتاعه على ما ذكره المجد.
ونقل أبو طالب لا يباع ولا يشترى ولا يؤكل حتى يغسل.
ومنها كره الإمام أحمد رحمة الله أكل ثوم وبصل وكراث ونحوه ما لم ينضج بالطبخ وقال لا يعجبني.
وصرح بأنه كرهه لمكان الصلاة في وقت الصلاة.

ومنها يكره مداومة أكل اللحم قاله الأصحاب.
قوله ومن اضطر إلى محرم مما ذكرنا حل له منه ما يسد رمقه.
يجوز له الأكل من المحرم مطلقا إذا اضطر إلى أكله على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يحرم عليه الميتة في الحضر ذكره في الرعاية.
وذكره الزركشي رواية.
وعنه إن خاف في السفر أكل وإلا فلا اختاره الخلال.
تنبيهان .
أحدهما الاضطرار هنا أن يخاف التلف فقط على الصحيح من المذهب.
نقل حنبل إذا علم أن النفس تكاد تتلف.
وقدمه في الفروع.
وجزم به الزركشي وغيره.
وقيل أو خاف ضررا.
وقال في المنتخب أو مرضا أو انقطاعا عن الرفقة.
قال في الفروع ومراده ينقطع فيهلك كما ذكره في الرعاية.
وذكر أبو يعلى الصغير أو زيادة مرض.
وقال في الترغيب إن خاف طول مرضه فوجهان.
الثاني قوله: "حل له منه ما يسد رمقه يعني ويجب عليه أكل ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وفاقا.
واختاره ابن حامد.
وجزم به في المحرر وغيره.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والقواعد الأصولية وغيرهم.
قال الزركشي هذا المشهور من الوجهين.
وقيل يستحب الأكل.
ويحتمله كلام المصنف هنا.
قال في الرعاية والحاوي وقيل يباح.

وأطلقهما في المغني والشرح.
قوله وهل له الشبع على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح.
إحداهما ليس له ذلك ولا يحل له إلا ما يسد رمقه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هذا ظاهر كلام الخرقي واختيار عامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
الرواية الثانية له الأكل حتى يشبع اختاره أبو بكر.
وقيل له الشبع إن دام خوفه وهو قوي.
وفرق المصنف وتبعه جماعة بين ما إذا كانت الضرورة مستمرة فيجوز له الشبع وبين ما إذا لم تكن مستمرة فلا يجوز.
فوائد .
إحداها هل له أن يتزود منه مبني على الروايتين في جواز شبعه قاله في الترغيب.
وجوز جماعة التزود منه مطلقا.
قلت وهو الصواب وليس في ذلك ضرر.
قال المصنف والشارح أصح الروايتين يجوز له التزود.
ونقل ابن منصور والفضل بن زياد يتزود إن خاف الحاجة.
جزم به في المستوعب.
واختاره أبو بكر.
وهو الصواب أيضا.
الثانية يجب تقديم السؤال على أكل المحرم على الصحيح من المذهب نقله أبو الحارث.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إنه يجب ولا يأثم وأنه ظاهر المذهب.
الثالثة ليس للمضطر في سفر المعصية الأكل من الميتة كقاطع الطريق والآبق على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال صاحب التلخيص له ذلك.

وهو ظاهر كلام المصنف وجماعة.
الرابعة حكم المحرمات حكم الميتة فيما تقدم.
قوله فإن وجد طعاما لا يعرف مالكه وميتة أو صيدا وهو محرم فقال أصحابنا يأكل الميتة.
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والوجيز وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
لأن في أكل الصيد ثلاث جنايات صيده وذبحه وأكله وأكل الميتة فيه جناية واحدة.
ويحتمل أن يحل له الطعام والصيد إذا لم تقبل نفسه الميتة.
قال في الفنون قال حنبلي الذي يقتضيه مذهبنا خلاف ما قاله الأصحاب.
وقال في الكافي الميتة أولى إن طابت نفسه وإلا أكل الطعام لأنه مضطر.
وفي مختصر ابن رزين يقدم الطعام ولو بقتاله ثم الصيد ثم الميتة.
فوائد .
الأولى لو وجد لحم صيد ذبحه محرم وميتة أكل لحم الصيد.
قاله القاضي في خلافه.
لأن كلا منهما فيه جناية واحدة ويتميز الصيد بالاختلاف في كونه مذكى.
قال في القاعدة الثانية عشر بعد المائة وفيما قاله القاضي نظر وعلله ثم قال وجدت أبا الخطاب في انتصاره اختار أكل الميتة وعلله بما قاله.
ولو وجد بيض صيد فظاهر كلام القاضي أنه يأكل الميتة ولا يكسره ويأكله لأن كسره جناية كذبح الصيد.
الثانية لو وجد المحرم صيدا وطعاما لا يعرف مالكه ولم يجد ميتة أكل الطعام على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وقيل يخير.
وهو احتمال في المحرر.

قلت يتوجه أن يأكل الصيد لأن حق الله مبني على المسامحة بخلاف حق الآدمي كما في نظائرها.
الثالثة لو اشتبهت مسلوختان ميتة ومذكاة ولم يجد غيرهما تحرى المضطر فيهما على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين.
وقيل له الأكل بلا تحر.
الرابعة لو وجد ميتتين مختلف في إحداهما أكلها دون المجمع عليها.
قوله وإن لم يجد إلا طعاما لم يبذله مالكه فإن كان صاحبه مضطرا إليه فهو أحق به بلا نزاع.
لكن لو خاف في المستقبل فهل هو أحق به أم لا فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قلت الأولى النظر إلى ما هو أصلح.
وقال في الرعاية الكبرى يحتمل وجهين أظهرهما إمساكه.
فائدة : حيث قلنا إن مالكه أحق فهل له إيثاره.
قال في الفروع ظاهر كلامهم أنه لا يجوز.
وذكر صاحب الهدى في غزوة الطائف أنه يجوز وأنه غاية الجود.
قوله وإلا لزمه بذله بقيمته نص عليه.
ولو كان المضطر معسرا وفيه احتمال لاابن عقيل.
تنبيهان .
إحداهما ظاهر قوله وإلا لزمه بذله بقيمته أنه لو طلب زيادة لا تجحف ليس له ذلك وهو أحد الوجهين وهو الصحيح منهما اختاره المصنف.
وجزم به الشارح في موضعين.
والوجه الآخر له ذلك اختاره القاضي.
وأطلقهما في الفروع.
قال الزركشي وعلى كلا القولين لا يلزمه أكثر من ثمن مثله.
وقال في عيون المسائل والانتصار قرضا بعوضه.
وقيل مجانا.

واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله كالمنفعة في الأشهر.
الثاني: قوله: فإن أبى فللمضطر أخذه قهرا ويعطيه قيمته.
كذا قال جماعة.
وقال جماعة ويعطيه ثمنه.
وقال في المغني ويعطيه عوضه.
قال الزركشي وهو أجود.
وقال في الفروع فإن أبى أخذه بالأسهل ثم قهرا وهو مراد المصنف وغيره.
قوله فإن منعه فله قتاله.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب في قتاله وجهان.
ونقل عبد الله أكره مقاتلته.
وقال في الإرشاد فإن لم يقدر على أخذه منه إلا بمقاتلته لم يقاتله فإن الله يرزقه.
فوائد .
الأولى لو بادر صاحب الطعام فباعه أو رهنه فقال أبو الخطاب في الانتصار في الرهن يصح ويستحق أخذه من المرتهن والبائع مثله.
قال في القاعدة الثالثة والخمسين ولم يفرق بين ما قبل الطلب وبعده.
قال والأظهر أنه لا يصح البيع بعد الطلب لوجوب الدفع بل لو قيل لا يصح بيعه مطلقا مع علمه باضطراره لم يبعد وأولى لأن هذا يجب بذله ابتداء لإحياء النفس انتهى.
الثانية لو بذله بأكثر ما يلزمه أخذه وأعطاه قيمته يعني من غير مقاتلة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يقاتله.
الثالثة لو بذله بثمن مثله لزمه قبوله على الصحيح من المذهب.
وقال ابن عقيل لا يلزم معسرا على احتمال.
الرابعة لو امتنع المالك من البيع إلا بعقد ربا فظاهر كلام الخرقي وجماعة أنه يجوز أخذه منه قهرا.

ونص عليه بعض الأصحاب قاله الزركشي وقال نعم إن لم يقدر على قهره دخل في العقد وعزم على أن لا يتم عقد الربا فإن كان البيع نساء عزم على أن العوض الثابت في الذمة قرضا.
وقال بعض المتأخرين لو قيل إن له أن يظهر صورة الربا ولا يقاتله ويكون كالمكره فيعطيه من عقد الربا صورته لا حقيقته لكان أقوى قاله الزركشي.
قوله فإن لم يجد إلا آدميا مباح الدم كالحربي والزاني المحصن حل قتله وأكله.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في الترغيب يحرم أكله وما هو ببعيد.
قوله وإن وجد معصوما ميتا ففي جواز أكله وجهان.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم.
أحدهما لا يجوز وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح اختاره الأكثر.
وكذا قال في الفروع.
وجزم به في الإفصاح وغيره.
قال في الخلاصة والرعايتين والحاويين لم يأكله في الأصح.
قال في الكافي هذا اختيار غير أبي الخطاب.
قال في المغني اختاره الأصحاب.
والوجه الثاني يجوز أكله وهو المذهب على ما اصطلحناه.
صححه في التصحيح.
واختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف والشارح.
قال في الكافي هذا أولى.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع.
فائدتان :
إحداهما يحرم عليه أكل عضو من أعضائه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به.

وقال في الفنون عن حنبل إنه لا يحرم.
الثانية من اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه لدفع برد أو حر أو استقاء ماء ونحوه وجب بذله مجانا على الصحيح من المذهب.
صححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين.
وقيل يجب له العوض كالأعيان.
وقال في الفصول في الجنائز يقدم حي اضطر إلى سترة لبرد أو مطر على تكفين ميت فإن كانت السترة للميت احتمل أن يقدم الحي أيضا ولم يذكر غيره.
قوله ومن مر بثمر على شجر لا حائط عليه نص عليه ولا ناظر عليه فله أن يأكل منه ولا يحمل.
هذا المذهب مطلقا.
قال المصنف والشارح هذا المشهور في المذهب.
قال في القاعدة الحادية والسبعين هذا الصحيح المشهور من المذهب.
قال في الهداية اختاره عامة شيوخنا.
وقال في خلافة الصغير اختاره عامة أصحابنا.
وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
ولم يذكر في الموجز لا حائط عليه.
ولم يذكر في الوسيلة لا ناظر عليه.
وعنه لا يحل له ذلك إلا لحاجة.
وأطلقهما في المذهب والخلاصة.
وعنه يأكل المتساقط ولا يرمي بحجر ولم يثبتها القاضي.
وعنه لا يحل ذلك مطلقا إلا بإذن المالك.
حكاها ابن عقيل في التذكرة.
وعنه لا يحل له ذلك إلا لضرورة.
ذكرها جماعة كالمجموع المجني.

وعنه يباح في السفر دون الحضر.
قال الزركشي وقد تحمل على رواية اشتراط الحاجة.
وجوزه في الترغيب لمستأذن ثلاثا للخبر.
فائدتان :
إحداهما ليس له رمي الشجر بشيء ولا يضر به ولا يحمل نص عليه.
الثانية حيث جوزنا له الأكل فإنه لا يضمن ما أكله على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وعنه يضمنه اختاره في المبهج.
وحيث جوزنا الأكل فالأولى تركه إلا بإذن قاله المصنف وغيره.
قوله وفي الزرع وشرب لبن الماشية روايتان.
يعني إذا أبحنا الأكل من الثمار.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والبلغة والمحرر والشرح والرعايتين والفروع والحاويين وشرح ابن منجا والزركشي والقواعد الفقهية ونهاية ابن رزين .
إحداهما له ذلك كالثمرة وهو المذهب.
قال ناظم المفردات هذا الأشهر.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وغيرهما.
وصححه في التصحيح.
واختاره أبو بكر في لبن الماشية.
والرواية الثانية ليس له ذلك.
صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز.
قال في إدراك الغاية وتجريد العناية له ذلك في رواية.
فائدة : قال المصنف ومن تابعه يلحق بالزرع الباقلاء والحمص وشبههما مما يؤكل رطبا بخلاف الشعير ونحوه مما لم تجر العادة بأكله.
قال الزركشي وهو حسن.

وقال ولهذه المسألة التفات إلى ما تقدم من الزكاة من الوضع لرب المال عند خرص الثمرة الثلث أو الربع ولا يترك له من الزرع إلا ما العادة أكله فريكا.
قوله ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به يوما وليلة.
هذا المذهب بشرطه الآتي.
ونص عليه في رواية الجماعة وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع ليلة والأشهر ويوما نقله الجماعة.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل الواجب ليلة فقط.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وإدراك الغاية ونهاية ابن رزين وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
لكن قال الأول الأشهر.
وهو أيضا من مفردات المذهب.
وقيل ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة.
اختاره أبو بكر وبن أبي موسى.
وهو من المفردات.
ونقل علي بن سعيد عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على وجوب الضيافة للغزاة خاصة على من يمرون بهم ثلاثة أيام.
ذكره بن رجب في شرح الأربعين النواوية وصاحب الفروع.
وهو من مفردات المذهب أيضا.
وتقدم في أواخر باب عقد الذمة هل يجب عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين مطلقا أو بالشرط.
تنبيه في قوله المجتاز به إشعار بأن يكون مسافرا وهو صحيح فلا حق لحاضر وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.

فإن عبارتهم مثل عبارة المصنف.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين.
والوجه الثاني هو كالمسافر.
قال في الفروع وظاهر نصوصه وحاضر وفيه وجهان للأصحاب انتهى.
فائدة : يشترط للوجوب أيضا أن يكون المجتاز في القرى.
فإن كان في الأمصار لم تجب الضيافة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وعنه الأمصار كالقرى.
قال في الفروع وفي مصر روايتان منصوصتان.
تنبيه: مفهوم قوله ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به أنها لا تجب للذمي إذا اجتاز بالمسلم وهو صحيح وهو المذهب.
وهو ظاهر كلامه في المحرر وغيره من الأصحاب.
قال بن رجب في شرح النواوية وخص كثير من الأصحاب الوجوب بالمسلم.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاويين والفروع.
وعنه هو كالمسلم في ذلك.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهو قول في النظم.
وقدمه بن رجب في شرح النواوية وقال هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله فإن أبى فللضيف طلبه به عند الحاكم بلا نزاع.
وهو من مفردات المذهب.
فائدة : إذا امتنع من الضيافة الواجبة عليه جاز له الأخذ من ماله على الصحيح من المذهب ولا يعتبر إذنه.
قال في القواعد ولا يعتبر إذنه في أصح الروايتين نقلها علي بن سعيد.
ونقل حنبل لا يأخذ إلا بعلمهم يطالبهم بقدر حقه.
قلت النفس تميل إلى ذلك.
وقدمه في الشرح.

قوله ويستحب ضيافته ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وتقدم قول أنها تحب ثلاثة أيام.
اختاره أبو بكر وبن أبي موسى.
قوله ولا يجب عليه إنزاله في بيته إلا أن لا يجد مسجدا أو رباطا يبيت فيه.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وأوجب ابن عقيل في مفرداته إنزاله في بيته مطلقا كالنفقة.
وهو من مفردات المذهب.
فوائد .
الأولى الضيافة قدر كفايته مع الأدم على الصحيح من المذهب.
وأوجب الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى المعروف عادة قال كزوجة وقريب ورقيق.
وفي الواضح ولفرسه أيضا تبن لا شعير.
قال في الفروع ويتوجه وجه يعني ويجب شعير كالتبن كأهل الذمة في ضيافتهم المسلمين.
الثانية من قدم لضيفانه طعاما لم يجز لهم قسمه لأنه إباحة.
ذكره في الانتصار وغيره.
واقتصر عليه في الفروع.
وتقدم في الوليمة أنه يحرم أخذ الطعام بلا إذن على الصحيح.
الثالثة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله من امتنع من أكل الطيبات بلا سبب شرعي فهو مذموم مبتدع وما نقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه امتنع من أكل البطيخ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم له فكذب.

باب الذكاة
.
قوله لا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه بغير ذكاة.
إن كان مما لا يعيش إلا في البر فهذا لا نزاع في وجوب تذكية المقدور عليه منه إلا ما استثنى.
وإن كان مأواه البحر ويعيش في البر ككلب الماء وطيره والسلحفاة ونحو ذلك فهذا

أيضا لا يباح المقدور عليه منه إلا بالتذكية وهذا المذهب مطلقا إلا ما استثني وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
قال الزركشي هذا إحدى الروايتين واختيار عامة الأصحاب.
والرواية الثانية وعن بعض الأصحاب أنه صححها تحل ميتة كل بحري انتهى.
وقال ابن عقيل في البحري يحل بذكاة أو عقر لأنه ممتنع كحيوان البر.
وجزم المصنف وغيره بأن الطير يشترط ذبحه.
قوله إلا الجراد وشبهه والسمك وسائر مالا يعيش إلا في الماء فلا ذكاة له.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ولو كان طافيا.
وعنه في السرطان وسائر البحري أنه يحل بلا ذكاة.
وقال ابن منجا في شرحه ظاهر كلام المصنف في المغني أنه لا يباح بلا ذكاة انتهى.
وعنه في الجراد لا يؤكل إلا أن يموت بسبب ككبسه وتغريقه.
وعنه يحرم السمك الطافي.
ونصوص الإمام أحمد رحمه الله لا بأس به ما لم يتقذره.
وهذه الرواية تخريج في المحرر.
وعنه لا تباح ميتة بحري سوى السمك.
قال الزركشي وهو ظاهر اختيار جماعة.
وعنه يحرم سمك وجراد صاده مجوسي ونحوه صححه ابن عقيل.
وتقدم ذلك وأطلقهما في المحرر.
وقال ابن عقيل ما لا نفس له سائلة يجري مجرى ديدان الخل والباقلاء فيحل بموته قال ويحتمل أنه كالذباب وفيه روايتان.
فوائد .
الأولى حيث قلنا بالتحريم لم يكن نجسا على الصحيح من المذهب.
وعنه بلى.
وعنه نجس مع دم.
الثانية كره الإمام أحمد رحمه الله شي السمك الحي لا الجراد.
وقال ابن عقيل فيهما يكره على الأصح.
ونقل عبد الله في الجراد لا بأس به ما أعلم له ولا للسمك ذكاة.

الثالثة يحرم بلعه حيا على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الفروع.
وذكره بن حزم إجماعا.
وقال المصنف يكره.
قوله ويشترط للذكاة شروط أربعة.
أحدها أهلية الذابح وهو أن يكون عاقلا.
ليصح قصده التذكية ولو كان مكرها.
ذكره في الانتصار وغيره.
قال في الفروع ويتوجه فيه كذبح مغصوب.
وقد دخل في كلام المصنف رحمه الله الأقلف وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا تصح ذكاته.
فائدة : قال في الفروع ظاهر كلام الأصحاب هنا لا يعتبر قصد الأكل.
وقال القاضي في التعليق لو تلاعب بسكين على حلق شاة فصار ذبحا ولم يقصد حل أكلها لم تبح.
وعلل ابن عقيل تحريم ما قتله محرم لصوله بأنه لم يقصد أكله كما لو وطئه آدمي إذا قتل.
وقال في المستوعب كذبحه.
وذكر الأزجي عن أصحابنا إذا ذبحه ليخلص مال غيره منه بقصد الأكل لا التخلص للنهي عن ذبحه لغير مأكلة.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في بطلان التحليل لو لم يقصد الأكل أو قصد حل يمينه لم يبح.
ونقل صالح وجماعة اعتبار إرادة التذكية.
قال في الفروع وظاهره يكفي.
وقال في الترغيب هل يكفي قصد الذبح أم لا بد من قصد الإحلال فيه وجهان.
قوله مسلما أو كتابيا ولو حربيا فتباح ذبيحته ذكرا كان أو أنثى.
وهذا المذهب في الجملة وعليه الأصحاب.

وعنه لا تباح ذبيحة بني تغلب ولا من أحد أبويه غير كتابي.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى فيهما.
أما ذبيحة بني تغلب فالصحيح من المذهب إباحتها وعليه الأكثر.
قال ابن منجا هذا المذهب.
قال الشارح وهو الصحيح.
قال في الفروع في باب المحرمات في النكاح وتحل مناكحة وذبيحة نصارى بني تغلب على الأصح.
وقيل هما في بقية اليهود والنصارى من العرب انتهى.
واختار المصنف وغيره إباحة ذبيحة بني تغلب.
وعنه لا تباح.
قال الزركشي وهي المشهورة عند الأصحاب.
وأطلقهما الخرقي والرعايتين والحاويين.
وتقدم نظير ذلك فيهم في باب المحرمات في النكاح.
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم وفي نصارى العرب روايتان وأطلقوهما.
وأما من أحد أبويه غير كتابي فظاهر كلام المصنف أنه قدم إباحة ذبحه وهو إحدى الروايتين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقدمه في النظم كالمصنف.
واختاره الشيخ تقي الدين وبن القيم رحمهما الله.
والصحيح من المذهب أن ذبيحته لا تباح.
قال في المغني والشرح قال أصحابنا لا تحل ذبيحته.
قال في الفروع في باب المحرمات في النكاح ومن أحد أبويه كتابي فاختار دينه فالأشهر تحريم مناكحته وذبيحته.
وقال في الرعاية الصغرى ولا تحل ذكاة من أحد أبويه الكافرين مجوسي أو وثني أو كتابي لم يختر دينه.
وعنه أو اختار.
قال في الرعايتين قلت إن أقر حل ذبحه وإلا فلا.

وقال في الرعاية الكبرى قلت فإن انتقل كتابي أو غيره إلى دين يقر أهله بكتاب وجزية وأقر عليه حلت ذكاته وإلا فلا.
وقال في المحرر في باب عقد الذمة وأخذ الجزية ومن أقررناه على تهود أو تنصر متجدد أبحنا ذبيحته ومناكحته وإذا لم نقره عليه بعد المبعث وشككنا هل كان منه قبله أو بعده قبلت جزيته وحرمت مناكحته وذبيحته انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله كل من تدين بدين أهل الكتاب فهو منهم سواء كان أبوه أو جده قد دخل في دينهم أو لم يدخل وسواء كان دخوله بعد النسخ والتبديل أو قبل ذلك وهو المنصوص الصريح عن الإمام أحمد رحمه الله وإن كان بين أصحابه خلاف معروف وهو الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم بلا نزاع بينهم.
وذكر الطحاوي أنه إجماع قديم انتهى.
وجزم في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والحاويين وغيرهم أن ذبيحة من أحد أبويه غير كتابي غير مباحة.
قال الشارح قال أصحابنا لا تحل ذبيحة من أحد أبويه غير كتابي.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وكذلك صيده.
وقال في الترغيب في الصائبة روايتان.
مأخذهما هل هم فرقة من النصارى أم لا.
ونقل حنبل من ذهب مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه قال هم يسبتون جعلهم رضي الله عنه بمنزلة اليهود وكل من يصير إلى كتاب فلا بأس بذلك.
وقيل لا يصح أن يذبح اليهودي الإبل في الأصح.
وعنه لا تصح ذبيحة الأقلف الذي لا يخاف بختانه.
ونقل حنبل في الأقلف لا صلاة له ولا حج وهي من تمام الإسلام.
ونقل فيه الجماعة لا بأس.
وقال في المستوعب يكره من جنب ونحوه.
ونقل صالح وغيره لا بأس.
ونقل حنبل لا يذبح الجنب.
ونقل أيضا في الحائض لا بأس.
وقال في الرعاية وعنه تكره ذبيحة الأقلف والجنب والحائض والنفساء.

قوله ولا تباح ذكاة مجنون ولا سكران.
أما المجنون فلا تباح ذكاته بلا نزاع.
وأما السكران فالصحيح من المذهب أن ذبيحته لا تباح.
وعنه تباح.
وتقدم ذلك مستوفى في أول كتاب الطلاق.
قوله ولا طفل غير مميز.
إن كان غير مميز فلا تباح ذبيحته.
فإن كان مميزا أبيحت ذبيحته على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
فأناط أكثر الأصحاب الإباحة بالتمييز.
وقال في الموجز والتبصرة لا تباح ذبيحة بن دون عشر.
وقال في الوجيز تباح إن كان مراهقا.
قوله ولا مرتد.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل عبد الله تحل ذكاة مرتد إلى أحد الكتابين.
قوله الثاني الآلة وهو أن يذبح بمحدد سواء كان من حديد أو حجر أو قصب أو غيره إلا السن والظفر بلا نزاع.
قوله فإن ذبح بآلة مغصوبة حل في أصح الوجهين.
وهما روايتان.
والصحيح من المذهب الحل.
وصححه في المغني والنظم وابن منجا في شرحه.
قال القاضي وغيره يباح لأنه يباح الذبح بها للضرورة.
وجزم به في الوجيز وغيره.

وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الادمي.
والوجه الثاني لا تحل.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع.
فوائد .
الأولى مثل الآلة المغصوبة سكين ذهب ونحوها.
ذكره في الانتصار والموجز والتبصرة.
واقتصر عليه في الفروع.
الثانية يباح المغصوب لربه وغيره إذا ذكاه غاصبه أو غيره سهوا أو عمدا طوعا أو كرها بغير إذن ربه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يحرم عليه فغيره أولى كغاصبه اختاره أبو بكر.
وقيل إنه ميتة حكاه في الرعاية الكبرى بعد الروايتين.
والذي يظهر أنه عين الرواية الثانية.
الثالثة لو أكره على ذكاة ملكه ففعل حل أكله له ولغيره.
الرابعة لو أكرهه ربه على ذبحه فذبحه حل مطلقا.
تنبيه ظاهر قوله إلا السن أنه يباح الذبح بالعظم وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما.
قال المصنف في المغني مقتضى إطلاق الإمام أحمد رحمه الله إباحة الذبح به قال وهو أصح.
وصححه الشارح والناظم.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
قال في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم وتجوز الذكاة بكل آلة لها حد يقطع وينهر الدم إلا السن والظفر.
قدمه في الكافي وقال هو ظاهر كلامه.
والرواية الثانية لا يباح الذبح به.

قال ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين في الفائدة: السادسة بعد ذكر الحديث وهذا تنبيه على عدم التذكية بالعظام إما لنجاسة بعضها وإما لتنجيسه على مؤمني الجن.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
قال في الترغيب يحرم بعظم ولو بسهم نصله عظم.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين والفروع.
قوله الثالث أن يقطع الحلقوم والمريء.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب في خلافه.
وعنه يشترط مع ذلك قطع الودجين.
اختاره أبو بكر وبن البنا.
وجزم به في الروضة.
واختاره أبو محمد الجوزي.
قال في الكافي الأولى قطع الجميع.
وعنه يشترط مع قطع الحلقوم والمريء قطع أحد الودجين.
وقال في الإيضاح الحلقوم والودجين.
وقال في الإشارة المريء والودجين.
وقال في الرعاية والكافي أيضا يكفي قطع الأوداج فقطع أحدهما مع الحلقوم أو المريء أولى بالحل.
قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وذكره في الأولى رواية.
وذكر وجها يكفي قطع ثلاث من الأربعة وقال إنه الأقوى.
وسئل عمن ذبح شاة فقطع الحلقوم والودجين لكن فوق الجوزة فأجاب هذه المسألة فيها نزاع والصحيح أنها تحل.
قلت وهو ظاهر كلام الأصحاب حيث أطلقوا الإباحة بقطع ذلك من غير تفصيل.

فائدة : قال في الفروع وكلام الأصحاب في اعتبار إبانة ذلك بالقطع محتمل قال ويقوى عدمه.
وظاهره لا يضر رفع يده إن أتم الذكاة على الفور.
واعتبر في الترغيب قطعا تاما فلو بقي من الحلقوم جلدة ولم ينفذ القطع وانتهى الحيوان إلى حركة المذبوح ثم قطع الجلدة لم يحل.
قوله وإن نحره أجزأه بلا نزاع.
قوله والمستحب أن ينحر البعير ويذبح ما سواه.
هذا المذهب مطلقا وعليه الجمهور.
قال المصنف والشارح لا خلاف بين أهل العلم في استحباب ذلك.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وذكر في الترغيب رواية أن البقر تنحر أيضا.
وعند ابن عقيل ينحر ما صعب وضعه بالأرض أيضا.
وعنه يكره ذبح الإبل.
وعنه لا يؤكل.
قوله فإن عجز عن ذلك مثل أن يند البعير أو يتردى في بئر فلا يقدر على ذبحه صار كالصيد إذا جرحه في أي موضع أمكنه فقتله حل أكله.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وذكر أبو الفرج أنه يشترط أن يقتل مثله غالبا.
قوله إلا أن يموت بغيره مثل أن يكون رأسه في الماء فلا يباح.
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يباح إذا كان الجرح موجبا.

قوله وإن ذبحها من قفاها وهو مخطئ فأتت السكين على موضع ذبحها وهي في الحياة يعني الحياة المستقرة أكلت.
وهذا المذهب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمستوعب والمحرر والوجيز والحاويين وغيرهم.
وقدمه في النظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه يؤكل وإن لم يكن فيه حياة مستقرة.
ويحتمله كلام المصنف هنا.
وقال المصنف والشارح إن كان الغالب نفاذ ذلك لحدة الآلة وسرعة القطع فالأولى إباحته وإلا فلا.
وذكر في الترغيب والرعايتين رواية يحرم مع حياة مستقرة.
وقال في الفروع وهو ظاهر ما رواه الجماعة.
فائدة : قال القاضي معنى الخطأ أن تلتوي الذبيحة عليه فتأتي السكين على القفا لأنها مع التوائها معجوز عن ذبحها في محل الذبح فسقط اعتبار المحل كالمتردية في بئر فأما مع عدم التوائها فلا يباح ذلك انتهى.
والصحيح من المذهب أن الخطأ أعم من ذلك.
قاله المجد ومن بعده.
قوله وإن فعله عمدا فعلى وجهين وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع.
إحداهما تباح إذا أتت السكين على الحلقوم والمريء بشرط أن تبقى فيها حياة مستقرة قبل قطعهما وهو المذهب.
اختاره القاضي والشيرازي وغيرهما.
وصححه في المغني والشرح والتصحيح وابن منجا في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في الكافي والمنور ومنتخب الادمي وغيرهم.
والرواية الثانية لا تباح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
وصححه في الرعايتين وتصحيح المحرر والنظم.

وقدمه الزركشي وقال هو منصوص الإمام أحمد رحمه الله.
وهو مفهوم كلام الخرقي.
تنبيه شرط الحل حيث قلنا به أن تكون الحياة مستقرة حالة وصول السكين إلى موضع الذبح ويعلم ذلك بوجود الحركة القوية قاله القاضي.
ولم يعتبر المجد وغيره القوة.
قال الزركشي وقوة كلام الخرقي وغيره تقتضي أنه لا بد من علم ذلك.
وقال أبو محمد إن لم يعلم ذلك فإن كان الغالب البقاء لحدة الآلة وسرعة القطع فالأولى الإباحة وإن كانت الآلة كالة وأبطأ القطع لم تبح.
وتقدم قريبا.
فائدتان :
إحداهما لو التوى عنقه كان كمعجوز عنه قاله القاضي كما تقدم.
وقيل هو كالذبح من قفاه.
الثانية لو أبان الرأس بالذبح لم يحرم على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وحكى أبو بكر رواية بتحريمه.
قوله وكل ما وجد فيه سبب الموت كالمنخنقة والمتردية والنطيحة وأكيلة السبع إذا أدرك ذكاتها وفيها حياة مستقرة أكثر من حركة المذبوح حلت وإن صارت حركتها كحركة المذبوح لم تحل.
هكذا قال في الرعاية الكبرى وتذكرة ابن عبدوس.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقيل تزيد على حركة المذبوح.
وقال في الفروع وما أصابه سبب الموت من منخنقة وموقوذة ومتردية ونطيحة وأكيلة سبع فذكاه وحياته يمكن زيادتها حل.
وقيل بشرط تحركه بيد أو طرف عين ونحوه.
وقيل أو لا انتهى.
وقال في المحرر والنظم والوجيز والمنور وغيرهم إذا أدرك ذكاة ذلك وفيه حياة يمكن أن تزيد على حركة المذبوح حل بشرط أن يتحرك عند الذبح ولو بيد أو رجل أو طرف عين أو مصع ذنب ونحوه.

فهذا موافق للقول الأول الذي ذكره في الفروع.
وقيل لا يشترط تحركه إذا كانت فيه حياة مستقرة أكثر من حركة المذبوح.
وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب.
وقدمه في الرعاية.
وقال في المغني والصحيح أنها إذا كانت تعيش زمنا يكون الموت بالذبح أسرع منه حلت بالذبح وأنها متى كانت مما لا يتيقن موتها كالمريضة أنها متى تحركت وسال دمها حلت انتهى.
ونقل الأثرم وجماعة ما علم موته بالسبب لم يحل.
وعنه ما يمكن أن يبقى معظم اليوم يحل وما يعلم موته لأقل منه فهو في حكم الميت.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الكبير.
ذكروه في باب الصيد.
وعنه يحل إذا ذكى قبل موته ذكره أبو الحسين.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وفي كتاب الآدمي البغدادي يشترط حياة يذهبها الذبح جزم به في منتخبه.
واختاره أبو محمد الجوزي.
وعنه إن تحرك ذكرها في المبهج.
ونقله عبد الله والمروذي وأبو طالب.
وعنه ما يتيقن أنه يموت من السبب حكمه حكم الميتة مطلقا.
اختاره بن أبي موسى قاله الزركشي.
وقال في الترغيب لو ذبح وشك في الحياة المستقرة ووجد ما يقارب الحركة المعهودة في التذكية المعتادة حل في المنصوص.
قال وأصحابنا قالوا الحياة المستقرة ما جاز بقاؤها أكثر اليوم.
وقالوا إذا لم يبق فيه إلا حركة المذبوح لم يحل.
فإن كان التقييد بأكثر اليوم صحيحا فلا معنى للتقييد بحركة المذبوح للحظر وكذا بعكسه فإن بينهما أمدا بعيدا.

قال وعندي أن الحياة المستقرة ما ظن بقاؤها زيادة على أمد حركة المذبوح لمثله سوى أمد الذبح.
قال وما هو في حكم الميت كمقطوع الحلقوم ومبان الحشوة فوجودها كعدم على الأصح انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الأظهر أنه لا يشترط شيء من هذه الأقوال المتقدمة بل متى ذبح فخرج منه الدم الأحمر الذي يخرج من المذكي المذبوح في العادة ليس هو دم الميت فإنه يحل أكله وإن لم يتحرك انتهى.
فائدة : حكم المريضة حكم المنخنقة على الصحيح من المذهب خلافا ومذهبا.
وقيل لا تعتبر حركة المريضة وإن اعتبرناها في غيرها.
وتقدم كلامه في المغني صريحا وحكم ما صاده بشبكة أو شرك أو أحبولة أو فخ أو أنقذه من مهلكة كذلك.
قوله الرابع أن يذكر اسم الله عند الذبح.
اعلم أن الصحيح من المذهب أن ذكر اسم الله يكون عند حركة يده.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال جماعة من الأصحاب يكون عند الذبح أو قبله قريبا فصل بكلام أو لا واختاروه.
وعنه يجزئ إذا فعل ذلك إذا كان الذابح مسلما.
وذكر حنبل عكس هذه الرواية لأن المسلم فيه اسم الله تعالى.
تنبيه ذكر المصنف أن ذكر اسم الله عند الذبح شرط وهو المذهب في الجملة وعليه الأصحاب.
وعنه التسمية سنة.
نقل الميموني الآية في الميتة وقد رخص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكل ما لم يسم عليه.
وتأتي هذه الرواية في كلام المصنف قريبا.

قوله وهو أن يقول بسم الله لا يقوم غيرها مقامها.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
ونص عليه في رواية أبي طالب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يكفي تكبير الله تعالى ونحوه كالتسبيح والتحميد.
وهو احتمال للمصنف والمجد.
تنبيه: قوله: "لا يقوم غيرها مقامها.
يحتمل أن يريد الإتيان بها بأي لغة كانت مع القدرة على الإتيان بها بالعربية وهو صحيح وهو المذهب.
قدمه في الفروع.
وجزم به في المغني والشرح.
ويحتمل أن لا يجزيه إلا التسمية بالعربية مع القدرة عليها.
وصححه في الرعايتين والحاويين.
وقطع به القاضي وقال هو المنصوص.
قوله إلا الأخرس فإنه يومئ إلى السماء.
تباح ذبيحة الأخرس إجماعا.
وقال الأصحاب يشير عند الذبح إلى السماء.
وهو من مفردات المذهب.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا بد من الإشارة إلى السماء لأنها علم على قصده التسمية.
وقال المصنف في المغني ولو أشار إشارة تدل على التسمية وعلم ذلك كان كافيا.
قلت وهو الصواب.
قوله فإن ترك التسمية عمدا لم تبح وإن تركها سهوا أبيحت.
هذا المذهب فيهما.
وذكره بن جرير إجماعا في سقوطها سهوا.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال الناظم هذا الأشهر.

قال في الهداية إن تركها عمدا فأكثر الروايات أنها لا تحل وإن تركها سهوا فأكثر الروايات أنها تحل.
قال الزركشي هذا قول الأكثرين الخرقي والقاضي في روايتيه وأبو محمد وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاويين.
قال في المذهب والخلاصة لا يباح إلا بالتسمية على الصحيح من الروايتين فإن تركها سهوا أبيحت على الصحيح من الروايتين.
وعنه تباح في الحالين يعني أنها سنة.
اختاره أبو بكر قاله الزركشي.
وتقدم ذكر هذه الرواية ولفظها.
وعنه لا تباح فيهما.
قدمه في الفروع.
واختاره أبو الخطاب في خلافه.
قال في إدراك الغاية والتسمية شرط في الأظهر.
وعنه مع الذكر.
فوائد .
إحداها يشترط قصد التسمية على ما يذبحه فلو سمى على شاة وذبح غيرها.
بتلك التسمية لم تبح وكذا لو رأى قطيعا فسمى وأخذ شاة فذبحها بالتسمية الأولى لم يجزئه.
ويأتي عكسه في الصيد.
الثانية ليس الجاهل هنا كالناسي كالصوم ذكره ولد الشيرازي في منتخبه.
وقطع به الزركشي.
الثالثة يضمن أجير ترك التسمية إن حرمت بتركها.
واختار في النوادر الضمان لغير شافعي.
قال في الفروع ويتوجه تضمينه النقص إن حلت.
الرابعة يستحب أن يكبر مع التسمية فيقول بسم الله والله أكبر على الصحيح من المذهب ونص عليه.
وقيل لا يستحب كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح من المذهب فيهما نص عليه.
وقيل تستحب الصلاة عليه أيضا.
وقال في المنتخب لا يجوز ذكره مع التسمية شيئا.

قوله وتحصل ذكاة الجنين بذكاة أمه إذا خرج ميتا أو متحركا كحركة المذبوح وسواء أشعر أو لم يشعر.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والمحرر والشرح والنظم والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال ابن عقيل في الواضح في القياس ما قاله أبو حنيفة رحمه الله لا يحل جنين بتذكية أمه أشبه لأن الأصل الحظر.
وقال في فنونه لا يحكم بذكاته إلا بعد الانفصال.
ذكره في القاعدة الرابعة والثمانين.
ونقل الميموني إن خرج حيا فلا بد من ذبحه.
وعنه يحل بموته قريبا.
تنبيه حيث قلنا يحل فيستحب ذبحه قاله الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه لا بأس.
قوله وإن كان فيه حياة مستقرة لم يبح إلا بذبحه.
وهذا المذهب أشعر أو لم يشعر.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاويين والفروع.
وقيل هو كالمنخنقة.
اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والزركشي.
وعنه إن مات قريبا حل.
وتقدم كلام ابن عقيل في واضحه وفنونه.
فائدة : لو كان الجنين محرما مثل الذي لم يؤكل أبوه لم يقدح في ذكاة الأم.
ولو وجئ بطن أمه فأصاب مذبح الجنين تذكي والأم ميتة ذكره الأصحاب.
نقله عنهم في الانتصار.

قوله ويكره توجيه الذبيحة إلى غير القبلة.
ويسن توجيهها إلى القبلة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل محمد الكحال يجوز لغير القبلة إذا لم يتعمده.
فائدة : يستحب أن يكون المذبوح على شقه الأيسر ورفقه به ويحمل على الآلة بالقوة وإسراعه بالشحط.
وفي كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره إيماء إلى وجوب ذلك وما هو ببعيد.
قوله وأن يكسر عنق الحيوان أو يسلخه حتى يبرد.
وكذا لا يقطع عضوا منه حتى تزهق نفسه.
يعني يكره ذلك وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وكرهه الإمام أحمد رحمه الله.
نقل حنبل لا يفعل.
وقال القاضي وغيره يحرم فعل ذلك وما هو ببعيد.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الإحسان واجب على كل حال حتى في حال إزهاق النفوس ناطقها وبهيمها فعليه أن يحسن القتلة للآدميين والذبحة للبهائم.
وقال في الترغيب يكره قطع رأسه قبل سلخه.
ونقل حنبل أيضا لا يفعل.
قال في الرعاية وعنه لا يحل.
فائدة : نقل ابن منصور عن الإمام أحمد رحمه الله أكره نفخ اللحم.
قال المصنف في المغني مراده الذي للبيع لأنه غش.
وتقدم حكم أكل أذن القلب والغدة في باب الأطعمة.
قوله وإذا ذبح حيوانا ثم غرق في ماء أو وطى ء عليه شيء يقتله مثله فهل يحل على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر وتجريد العناية وشرح ابن منجا .
إحداهما لا يحل وهو المذهب نص عليه.

قال المصنف هذا المشهور.
قال في الفروع هذا الأشهر.
واختاره الخرقي وأبو بكر.
قال في الكافي وهو المنصوص وصححه في النظم والتصحيح.
وجزم به الشيرازي وصاحب الوجيز والأدمي في منتخبه والمنور.
وقدمه في الفروع.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية يحل.
قال المصنف والشارح وبه قال أكثر أصحابنا المتأخرين.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي وهو الصواب.
وقدمه في الرعايتين والحاويين.
والحكم فيما إذا رماه فوقع في ماء الآتي في باب الصيد كهذه المسألة إذا كان الجرح موجبا على الصحيح من المذهب.
قوله وإذا ذبح الكتابي ما يحرم عليه يعني يقينا كذي الظفر.
مثل الإبل والنعامة والبط وما ليس بمشقوق الأصابع لم يحرم علينا هذا أحد الوجهين أو الروايتين.
جزم به الشارح وابن منجا في شرحه والأدمي في منتخبه وقدمه في النظم وصححه في التصحيح.
قال في الرعاية الكبرى وهي أظهر.
قال في الحاويين وهو الصحيح.
والرواية الثانية يحرم علينا.
قال في الحاوي الكبير لفقد قصد الذكاة منه.
جزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين.
قال في الحاوي الصغير وحكى عن الخرقي في كلام مفرد وهو سهو إنما المحكي عنه في المسألة الآتية.
اللهم إلا أن يكون قد حكى عنه في المكانين أو تكون النسخة مغلوطة وهو الظاهر.

وأطلقهما في الفروع.
فائدة : قال في الرعاية الكبرى والفروع ولو ذبح الكتابي ما ظنه حراما عليه ولم يكن حل أكله.
قال المصنف والشارح وإن ذبح شيئا يزعم أنه يحرم عليه ولم يثبت أنه محرم عليه حل.
قال في المحرر لا يحرم من ذبحه ما نتبينه محرما عليه كحال الرئة ونحوها.
ومعنى المسألة أن اليهود إذا وجدوا الرئة لاصقة بالأضلاع امتنعوا من أكلها زاعمين تحريمها ويسمونها اللازقة وإن وجدوها غير لازقة بالأضلاع أكلوها.
قوله: وإذا ذبح حيوانا غيره لم تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم وهو شحم الثرب والكليتين.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره ابن حامد.
وحكاه عن الخرقي في كلام مفرد.
وهو المذهب اختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح وصاحب الحاويين.
وصححه في الخلاصة والنظم وشرح ابن منجا .
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعايتين والحاويين.
واختار أبو الحسن التميمي والقاضي تحريمه.
قال في الواضح اختاره الأكثر.
قال في المنتخب وهو ظاهر المذهب.
قال في عيون المسائل هو الصحيح من مذهبه.
تنبيه: قال في المحرر وغيره فيه وجهان.
وقيل روايتان.
وقطع في الفروع أنهما روايتان.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع.
فعلى القول بعدم التحريم لنا أن نتملكها منهم.

فائدتان :
إحداهما لا يحل لمسلم أن يطعمهم شحما من ذبحنا نص عليه لبقاء تحريمه.
جزم به المجد وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال ابن عقيل في كتاب الروايتين نسخ في حقهم أيضا انتهى.
وتحل ذبيحتنا لهم مع اعتقادهم تحريمها لأن الحكم لاعتقادنا.
الثانية في بقاء تحريم يوم السبت عليهم وجهان.
وأطلقهما في المحرر وشرحه والنظم والرعايتين والحاويين.
ذكروه في باب عقد الذمة وفائدتهما حل صيدهم فيه وعدمه قاله الناظم.
قلت وظاهر ما تقدم في باب أحكام الذمة أن من فوائد الخلاف لو شكى عليهم لا يحضروا يوم السبت إذا قلنا ببقاء التحريم.
وقد قال ابن عقيل لا يحضر يهوديا يوم سبت لبقاء تحريمه عليهم.
قوله وإن ذبح لعيده أو ليتقرب به إلى شيء مما يعظمونه لم يحرم.
نص عليه وهو المذهب.
جزم به في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاويين والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقال الزركشي هذا مذهبنا.
وعنه يحرم اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال ابن منجا في شرحه وقال ابن عقيل في فصوله عندي أنه يكون ميتة لقوله تعالى {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[ المائدة: من الآية3].
تنبيه محل ما تقدم إذا ذكر اسم الله عليه فأما إذا ذكر اسم غير الله عليه فقال في المحرر والحاوي الكبير فيه روايتان منصوصتان أصحها عندي تحريمه.
قال في الفروع ويحرم على الأصح أن يذكر غير اسم الله تعالى.
وقطع به المصنف وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا يحرم.
ونقل عبد الله لا يعجبني ما ذبح للزهرة والكواكب والكنيسة وكل شيء ذبح لغير الله وذكر الآية.

قوله ومن ذبح حيوانا فوجد في بطنه جرادا أو طائرا فوجد في حوصلته حبا أو وجد الحب في بعر الجمل لم يحرم.
هذا الصحيح من المذهب.
نقل أبو الصقر الطافي أشد من هذا وقد رخص فيه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال المصنف هذا هو الصحيح.
قال في الفروع لم يحرم على الأصح.
وجزم به في الوجيز والأدمي في منتخبه وغيرهما.
وقدمه في الكافي والمحرر وغيرهما.
وعنه يحرم صححه في النظم.
وقدمه في الرعايتين والحاويين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقال في عيون المسائل يحرم جراد في بطن سمك لأنه من صيد البر وميتته حرام لا العكس لحل ميتة صيد البحر.
فوائد .
إحداها مثل ذلك في الحكم لو وجد سمكة في بطن سمكة.
الثانية يحرم بول طائر كروثه على الصحيح من المذهب.
وأباحه القاضي في كتاب الطب وذكر رواية في بول الإبل.
ونقل الجماعة فيه لا يباح.
وكلام القاضي في الخلاف يدل على حل بوله وروثه قاله في الفروع.
وقال في المغني يباح رجيع السمك ونحوه.
الثالثة يحل مذبوح منبوذ بموضع يحل ذبح أكثر أهله ولو جهلت تسمية الذابح.
الرابعة الذبيح إسماعيل عليه السلام على أصح الروايتين.

كتاب الصيد
كتاب الصيد
...
كتاب الصيد .
فوائد .
إحداها حد الصيد ما كان ممتنعا حلالا لا مالك له.
قاله بن أبي الفتح في مطلعه.
وقيل ما كان متوحشا طبعا غير مقدور عليه مأكولا بنوعه.
قال الزركشي هذا الحد أجود.
الثانية الصيد مباح لقاصده على الصحيح من المذهب واستحبه بن أبي موسى ويكره لهوا.
الثالثة الصيد أطيب المأكول قاله في التبصرة.
وقدمه في الفروع.
وقال الأزجي في نهايته الزراعة أفضل المكاسب.
وقال في الفروع في باب من تقبل شهادته قال بعضهم وأفضل المعايش التجارة.
قلت قال في الرعاية الكبرى أفضل المعايش التجارة وأفضلها في البز والعطر والزرع والغرس والماشية وأبغضها التجارة في الرقيق والصرف انتهى.
قال في الفروع ويتوجه قول الصنعة باليد أفضل.
قال المروذي سمعت الإمام أحمد رحمه الله وذكر المطاعم يفضل عمل اليد.
وقال في الرعاية أيضا أفضل الصنائع الخياطة وأدناها الحياكة والحجامة ونحوهما وأشدها كراهية الصبغ والصباغة والحدادة ونحوها انتهى.
وقال بن هانئ إنه سئل عن الخياطة وعمل الخوص أيهما أفضل قال كل ما نصح فيه فهو حسن.
قال المروذي حثني أبو عبد الله على لزوم الصنعة للخير.
الرابعة يستحب الغرس والحرث.
ذكره أبو حفص والقاضي قال واتخاذ الغنم.

قوله ومن صاد صيدا فأدركه حيا حياة مستقرة لم يحل إلا بالذكاة.
مراده بالاستقرار بأن تكون حركته فوق حركة المذبوح مطلقا وأن يتسع الوقت لتذكيته.
فإذا كانت حركته فوق حركة المذبوح واتسع الوقت لتذكيته لم يبح إلا بالذكاة على الصحيح من المذهب.
جزم به الخرقي في الخلاصة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وعنه يحل بموته قريبا اختاره القاضي.
وعنه دون معظم يوم.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وقدمه في الرعايتين والحاويين.
وفي التبصرة دون نصف يوم.
وأما إذا أدرك وحركته كحركة المذبوح أو وجده ميتا فيأتي في كلام المصنف.
فائدة : لو اصطاد بآلة مغصوبة كان الصيد للمالك.
جزم به ناظم المفردات وهو منها.
وتقدم ذلك مستوفى محررا في باب الغصب.
قوله فإن خشي موته ولم يجد ما يذكيه به أرسل الصائد له عليه حتى يقتله في إحدى الروايتين.
كالمتردية في بئر واختاره الخرقي.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين فإن لم يجد ما يذبحه به فأشلى الجارح عليه فقتله حل أكله في أصح الروايتين.
وصححه في التصحيح أيضا.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
قال في التبصرة أباحه القاضي وعامة أصحابنا.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الأخرى لا يحل حتى يزكيه وهو المذهب.

قدمه في المحرر والفروع.
وصححه الناظم.
واختاره أبو بكر وابن عقيل.
قال الزركشي هو الراجح لظاهر حديث عدي بن حاتم وأبي ثعلبة الخشني رضي الله عنهما.
قوله فإن لم يفعل وتركه حتى مات لم يحل.
وهذا مبني على الرواية التي اختارها الخرقي وهو الصحيح عليها.
واختاره المصنف والشارح وأبو الخطاب في الهداية.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقال القاضي يحل.
قال الشارح وحكى عن القاضي أنه قال في هذا يتركه حتى يموت فيحل انتهى.
قال في الهداية فقال شيخنا يحل أكله.
قال الزركشي أظن اختاره القاضي في المجرد.
وأطلقهما في المذهب والرعايتين والحاويين.
فائدة : لو امتنع الصيد على الصائد من الذبح بأن جعل يعدو منه يومه حتى مات تعبا ونصبا فذكر القاضي أنه يحل.
واختار ابن عقيل أنه لا يحل لأن الإتعاب يعينه على الموت فصار كالماء.
وظاهر الفروع الإطلاق.
قوله وإن رمى صيدا فأثبته ثم رماه آخر فقتله لم يحل ولمن أثبته قيمته مجروحا على قاتله إلا أن يصيب الأول مقتله.
دون الثاني أو يصيب الثاني مذبحه فيحل وعلى الثاني ما خرق من جلده.
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يحل مطلقا ذكره في الواضح.

وقال في الترغيب إن أصاب مذبحه ولم يقصد الذبح لم يحل وإن قصده فهو ذبح ملك غيره بلا إذنه يحل على الصحيح.
مأخذهما هل يكفي قصد الذبح أم لا بد من قصد الإحلال.
قوله وعلى الثاني ما خرق من جلده.
يعني إذا أصاب الأول مقتله أو كان جرحه موجبا أو أصاب الثاني مذبحه وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المغني فيما إذا أصاب الثاني مذبحه عليه أرش ذبحه كما لو ذبح شاة لغيره.
قال الزركشي وهو أصوب في النظر.
قال في المنتخب على الثاني ما نقص بذبحه كشاة الغير.
وقال في الترغيب وعلى الثاني ما بين كونه حيا مجروحا وبين كونه مذبوحا وإلا قيمته بجرح الأول.
فوائد .
الأولى لو أدرك الأول ذكاته فلم يذكه حتى مات فقيل يضمنه كالأولى.
قدمه في الرعايتين والحاويين.
وصححه في تصحيح المحرر.
واختار المجد في محرره يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول لا غير.
قال في الفروع وهو أولى.
وقال القاضي يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرحين مع أرش ما نقصه بجرحه.
وأطلقهن في المحرر والفروع والزركشي.
فلو كانت قيمته عشرة فنقصه كل جرح عشرا لزمه على الأول تسعة وعلى الثاني أربعة ونصف وعلى الثالث خمسة.
فلو كان عبد أو شاة للغير ولم يوجباه وسريا تعين الأخيران ولزم الثاني عليهما ذلك.
وكذا الأول على الثالث وعلى الثاني بقية قيمته سليما.
الثانية لو أصاباه معا حل بينهما كذبحه مشتركين.
وكذا لو أصابه واحد بعد واحد ووجداه ميتا وجهل قاتله فإن قال الأول أنا أثبته ثم قتلته أنت فتضمنه لم يحل لاتفاقهما على تحريمه ويتحالفان ولا ضمان.

فإن قال لم نثبته قبل قوله لأن الأصل الامتناع ذكر ذلك في المنتخب.
وقال في الترغيب متى تشاقا في إصابته وصفتها أو احتمل إثباته بهما أو بأحدهما لا بعينيه فهو بينهما.
ولو إن رمى أحدهما لو انفرد أثبته وحده فهو له ولا يضمن الآخر.
ولو إن رمى أحدهما موح واحتمل الآخر احتمل أنه بينهما واحتمل أن نصفه للموحي ونصفه الآخر بينهما.
ولو وجد ميتا موحيا وترتبا وجهل السابق حرم.
وإن ثبت بهما لكن عقب الثاني وترتبا فهل هو للثاني أو بينهما يحتمل وجهين.
ونقل بن الحكم إن أصاباه جميعا فذكياه جميعا حل وإن ذكاه أحدهما فلا.
الثالثة لو رماه فأثبته ملكه كما تقدم ولو رماه مرة أخرى فقتله حرم لأنه مقدور عليه.
وهو المذهب بالشروط المتقدمة في أصل المسألة.
وقال القاضي في الخلاف يحل وذكر رواية.
وكذا لو أوحاه الثاني بعد إيحاء الأول فيه الروايتان.
قوله ومتى أدرك الصيد متحركا كحركة المذبوح فهو كالميت.
وكذا لو كان فوق حركة المذبوح ولكن لم يتسع الوقت لتذكيته.
ومتى أدركه ميتا حل بشروط أربعة.
أحدها أن يكون الصائد من أهل الذكاة.
شمل كلامه البصير والأعمى وهو صحيح وهو المذهب.
وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
وقطع كثير من الأصحاب بصحة ذكاته منهم صاحب الرعايتين والحاويين وقالا من حل ذبحه حل صيده.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل في صيد الأعمى المنع.
وقيل يشترط أن يكون الصائد بصيرا.
وجزم به في الوجيز.

قوله فإن رمى مسلم ومجوسي صيدا أو أرسلا عليه جارحا أو شارك كلب المجوسي كلب المسلم في قتله لم يحل بلا نزاع.
فائدة : لو وجد مع كلبه كلبا آخر وجهل حاله هل سمى عليه أم لا وهل استرسل بنفسه أم لا أو جهل حاله مرسله هل هو من أهل الصيد أم لا ولا يعلم أيهما قتله أو لم يعلم أنهما قتلاه معا أو علم أن المجهول هو القاتل لم يبح قولا واحدا.
وإن علم حال الكلب الذي وجده مع كلبه وأن الشرائط المعتبرة قد وجدت فيه حل.
ثم إن كان الكلبان قتلاه معا فهو لصاحبهما.
وإن علم أن أحدهما قتله فهو لصاحبه.
وإن جهل الحال فإن كان الكلبان متعلقان به فهو بينهما.
وإن كان أحدهما متعلقا به فهو لصاحبه وعلى من حكم له به اليمين.
وإن كان الكلبان ناحية فقال المصنف وغيره يقف الأمر حتى يصطلحا.
وحكى احتمالا بالقرعة فمن قرع حلف وهو قياس المذهب فيما إذا تداعيا عينا ليست في يد أحد.
فعلى الأول إن خيف فساده بيع واصطلحا على ثمنه.
قوله وإن أصاب سهم أحدهما يعني المسلم والمجوسي المقتل دون الآخر فالحكم له.
هذا المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يحل.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
جزم به في الروضة كإسلامه بعد إرساله.
قال الشارح ويجيء على قول الخرقي أنه لا يباح فإنه قال إذا ذبح فأتى على المقاتل فلم تخرج الروح حتى وقعت في الماء لم تؤكل.
فائدة : هل الاعتبار في حالة الصيد بأهلية الرامي وفي سائر الشروط حال الرمي أو حال الإصابة فيه وجهان.
أحدهما الاعتبار بحال الإصابة.
وبه جزم القاضي في خلافه في كتاب الجنايات وأبو الخطاب في رؤوس المسائل.

فلو رمى سهما وهو محرم أو مرتد أو مجوسي ثم وقع السهم بالصيد وقد حل أو أسلم حل أكله ولو كان بالعكس لم يحل.
الوجه الثاني الاعتبار بحال الرمي.
قاله القاضي في كتاب الصيد.
وذكره في القاعدة التاسعة والعشرين بعد المائة.
قوله وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل ولم يكره.
وهو المذهب ذكره أبو الخطاب وأبو الوفاء وبن الزاغوني.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
ونصره المصنف والشارح.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وصححه في النظم.
وعنه لا يحل.
قوله وإن أرسله المجوسي فزجره مسلم لم يحل.
هذا المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل إن زاد عدوه حل وإلا فلا.
قوله الثاني الآلة وهي نوعان محدد فيشترط له ما يشترط لآلة الذكاة ولا بد من جرحه به فإن قتله بثقله لم يبح.
كشبكة وفخ وبندقة ولو شدخه نقله الميموني ولو قطعت حلقومه ومريئه.
قوله وإن صاد بالمعراض أكل ما قتل بحده دون عرضه.
إذا قتله بحده أبيح بلا نزاع.
وإن قتله بعرضه لم يبح مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.

وقال في المستوعب والترغيب ولم يجرحه لم يبح.
فظاهر كلامهما أنه إذا جرحه بعرضه يباح.
قال في الفروع وهو ظاهر نصوصه.
قوله وإن نصب مناجل أو سكاكين وسمى عند نصبها فقتلت صيدا أبيح.
إذا سمى عند نصبها وقتلت صيدا فلا يخلو إما أن يجرحه أو لا.
فإن جرحه حل بلا نزاع أعلمه.
وإن لم يجرحه لم يحل على الصحيح من المذهب نص عليه.
وهو ظاهر ما جزم به في المذهب والمصنف هنا وغيره.
وقدمه في الفروع.
وقيل يحل مطلقا.
ويحتمله كلام المصنف هنا.
قال في الفروع ويتوجه عليه حل ما قبلها.
تنبيه حيث قلنا يحل فظاهره ولو ارتد الناصب أو مات.
قال في الفروع وهو كقولهم إذا ارتد أو مات بين رميه وإصابته.
قوله وإن قتل بسهم مسموم لم يبح إذا غلب على الظن أن السم أعان على قتله.
وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والبلغة والمحرر والمغني والشرح والنظم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقال في الفروع وإن قتله بسهم فيه سم قال جماعة وظن أنه أعانه حرم.
ونقل ابن منصور إذا علم أنه أعان لم يأكل.
قال وليس مثل هذا من كلام الإمام أحمد رحمه الله بمراد.
وفي الفصول إذا رمى بسهم مسموم لم يبح لعل السم أعان عليه فهو كما لو شارك السهم تغريق بالماء.
ومن أتى بلفظ الظن كالهداية والمذهب والمقنع والمحرر وغيرهم فمراده احتمال الموت ولهذا علله من علله منهم كالشيخ وغيره باجتماع المبيح والمحرم كسهمي مسلم ومجوسي.

وقالوا فأما إن علم أن السم لم يعن على قتله لكون السم أوحى منه فمباح.
ولو كان الظن بمراد لكان الأولى.
فأما إن لم يغلب على الظن أن السم أعان فمباح.
ونظير هذا من كلامهم في شروط البيع فإن رأياه ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا يتغير فيه ظاهرا.
وقولهم في العين المؤجرة يغلب على الظن بقاء العين فيها وقد سبق ذلك.
وقال في الكافي وغيره إذا اجتمع في الصيد مبيح ومحرم مثل أن يقتله بمثقل ومحدد أو بسهم مسموم أو بسهم مسلم ومجوسي أو بسهم غير مسمى عليه أو كلب مسلم وكلب مجوسي أو غير مسمى عليه أو غير معلم أو اشتركا في إرسال الجارحة عليه أو وجد مع كلبه كلبا لا يعرف مرسله أو لا يعرف حاله أو مع سهمه سهما كذلك لم يبح واحتج بالخبر " وإن وجدت معه غيره فلا تأكل " وبأن الأصل الحظر وإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله انتهى.
وقال في الترغيب يحرم ولو مع جرح موح لا عمل للسم معه لخوف التضرر به.
وكذا قال في الفصول وقال لا نأمن أن السم تمكن من بدنه بحرارة الحياة فيقتل أو يضر آكله وهما حرام وما يؤدي إليهما حرام انتهى كلام صاحب الفروع ونقله.
وقد قال في الخلاصة فإن رمى بسهم مسموم لم يحل.
قوله ولو رماه فوقع في ماء أو تردى من جبل أو وطى ء عليه شيء فقتله لم يحل إلا أن يكون الجرح موحيا كالذكاة فهل يحل على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين ونهاية ابن رزين وتجريد العناية.
إحداهما لا يحل وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم وخصال ابن البنا وشرح ابن رزين .
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع هذا الأشهر.
وهو الذي ذكره الخرقي والشيرازي.
واختاره أبو بكر.
وجزم به في الكافي.

وجزم به في الوجيز في باب الذكاة.
وقدمه في الفروع وإدراك الغاية.
والثانية يحل.
قال المصنف والشارح وبه قال أكثر أصحابنا المتأخرين.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي وهو الصواب.
وصححه ابن عقيل في الفصول وصاحب تصحيح المحرر.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز في هذا الباب فناقض.
وتقدم نظير ذلك في أواخر باب الذكاة في قول المصنف وإذا ذبح الحيوان ثم غرق في ماء.
وقال في الوجيز فيما إذا رماه في الهواء فوقع في ماء أو تردى من جبل أو وطى ء عليه شيء لم يبح إلا أن يكون الجرح موجبا فيباح.
وذكر في باب الذكاة إذا ذبح الحيوان ثم غرق في ماء أو وطى ء عليه ما يقتله مثله حرم.
قال وكذا في الصيد.
فالذي يظهر أنه سها في ذلك فإن الأصحاب سووا بين المسألتين ولا سيما وصاحب الوجيز يقول في باب الذكاة وكذا الصيد.
تنبيه محل الخلاف إذا كان الماء أو التردي يقتله مثله فلو لم يكن بقتله مثله أبيح بلا نزاع.
فائدة : قطع المصنف أن الجرح إذا لم يكن موحيا ووقع في ماء أنه لا يباح وهو صحيح خشية أن الماء أعان على قتله.
ولا يحكم بنجاسة الماء لحكمنا على كل واحد بأصله.
ذكره ابن عقيل في فصوله.
قاله في القاعدة الخامسة عشر.
قوله وإن رماه في الهواء فوقع على الأرض فمات حل.
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم.

وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وصححه في النظم.
وعنه لا يحل إلا إذا كان الجرح موحيا.
جزم به في الروضة.
قوله وإن رمى صيدا فغاب عنه ثم وجده ميتا لا أثر به غير سهمه حل.
وكذا لو رماه على شجرة أو جبل فوقع على الأرض هذا المذهب.
قال في الفروع حل على الأصح.
قال المصنف والشارح وهذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن منجا في شرحه وغيره هذا المذهب.
قال في القاعدة الثالثة عشر هذا أصح الروايات.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايات.
واختيار الخرقي والقاضي والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما وأبي محمد وغيرهم.
وقال بعد ذلك هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وعنه إن كانت الجراحة موحية حل وإلا فلا.
وعنه إن وجده في يومه حل وإلا فلا.
وعنه إن وجده في مدة قريبة حل وإلا فلا.
وعنه لا يحل مطلقا.
ونقل ابن منصور إن غاب نهارا حل وإن غاب ليلا لم يحل.
قال ابن عقيل وغيره لأن الغالب من حال الليل تخطف الهوام.
قال الزركشي وهي رواية خامسة كراهة ما غاب مطلقا.
فائدة : مثل ذلك في الحكم لو عقر الكلب الصيد ثم غاب عنه ثم وجده وحده أما لو وجده بفم كلبه أو وهو يعبث به أو وسهمه فيه حل.
جزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم.

تنبيه: قوله: "وإن وجد به غير أثر سهمه مما يحتمل أن يكون أعان على قتله لم يبح".
نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ولم يقولوا ظن كسهم مسموم.
قال ويتوجه التسوية لعدم الفرق وأن المراد بالظن الاحتمال.
فائدة : لو غاب قبل عقره ثم وجده وسهمه أو كلبه عليه فقال في المنتخب الحكم كذلك.
وهو معنى ما في المغني وغيره.
وقال في المنتخب أيضا وعنه يحرم.
وذكرها في الفصول كما لو وجد سهمه أو كلبه ناحية.
قال في الفروع كذا قال وتبعه في المحرر.
وقال في الفروع وفيه نظر على ما ذكره هو وغيره من التسوية بينها وبين التي قبلها على الخلاف.
وظاهر رواية الأثرم وحنبل حله.
وهو معنى ما جزم في الروضة.
قوله: "وإن ضربه فأبان منه عضوا وبقيت فيه حياة مستقرة لم يبح ما أبان منه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الفصول والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه إن ذكى حل كبقيته.
قوله: "وإن بقي معلقا بجلده حل بلا نزاع".
وإن أبانه ومات في الحال حل الجميع.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.

قال الزركشي هو المشهور والمختار لعامة الأصحاب أبي بكر والقاضي والشريف وأبي الخطاب والشيرازي وابن عقيل وابن البنا.
وعنه لا يباح ما أبان منه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخرقي.
تنبيه: قوله: "وأما ما ليس بمحدد كالبندق والحجر والعصي والشبكة والفخ فلا يباح ما قتل به لأنه وقيذ".
قال الأصحاب ولو شدخه ونقله الميموني.
ولو قطعت حلقومه ومريئه.
ولو خرقه لم يحل نقله حرب.
فأما إن كان له حد كصوان فهو كالمعراض.
قاله في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قوله: "النوع الثاني الجارحة فيباح ما قتلته إذا كانت معلمة إلا الكلب الأسود البهيم".
فالأسود البهيم هو الذي لا بياض فيه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الرعاية هنا وهو مالا بياض فيه في الأشهر.
قال المصنف وغيره هو الذي لا يخالط لونه لون سواه.
وقال أيضا لو كان بين عينيه نكتتان تخالفان لونه لم يخرج بهما عن البهيم وأحكامه.
قال الشارح هو الذي لا لون فيه سوى السواد.
وحكاه في الرعاية والفروع قولا غير الأول.
وعنه إن كان بين عينيه بياض لم يخرج بذلك عن كونه بهيما.
ويأتي كلامه في المغني.
واختاره المجد في شرحه.
وصححه بن تميم.
وتقدم ذلك في أواخر باب صفة الصلاة.
فائدة : قوله: "فلا يباح صيده".

نص عليه لأنه شيطان فهو العلة والسواد علامة كما يقال إذا رأيت صاحب السلاح فاقتله فإنه مرتد فالعلة الردة.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أن صيده محرم مطلقا وعليه الأصحاب ونص عليه.
وقطع به أكثر الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وهو من مفردات المذهب.
ونقل إسماعيل بن سعيد الكراهة.
وعنه ومثله ما بين عينيه بياض.
جزم به المصنف في المغني.
واختاره المجد هنا كما تقدم.
ذكره في الفروع.
وظاهر كلامه أن ما بين عينيه بياض لا يسمى بهيما قولا واحدا.
ولكن هل يلحق في الحكم به أو لا.
وكثير من الأصحاب يحكي الخلاف في البهيم ويذكر الرواية الثانية كما تقدم.
فائدة : يحرم اقتناؤه قولا واحدا.
قاله جماعة من الأصحاب للأمر بقتله.
قال في الفروع فدل على وجوبه.
وذكره الشيخ هنا.
وذكر الأكثر إباحته يعني إباحة قتله.
ونقل موسى بن سعيد لا بأس عليه.
وقد قال الأصحاب يحرم اقتناء الخنزير والانتفاع به قال ولم أجد أحدا صرح بوجوب قتله.
نقل أبو طالب لا بأس.
ويؤخذ من كلام أبي الخطاب وغيره أن الكلب العقور مثل الكلب الأسود البهيم إلا في قطع الصلاة.
وهو متجه وأولى لقتله في الحرم.
قال في الغنية يحرم تركه قولا واحدا ويجب قتله لدفع شره عن الناس ودعوى نسخ

القتل مطلقا إلا المؤذي دعوى بلا برهان ويقابله قتل الكل انتهى كلام صاحب الفروع.
وأما ما لا يباح اقتناؤه ولا أذى فيه فقال المصنف لا يباح قتله.
وقيل يكره فقط اختاره المجد.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وتقدم المباح من الكلاب في باب الموصى به.
قوله: "والجوارح نوعان ما يصيد بنابه كالكلب والفهد".
كثير من الأصحاب اقتصر على ذكر هذين.
وزاد في الهداية والمذهب والترغيب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم النمر.
وظاهر تذكرة ابن عبدوس وغير ذلك.
فتعليمه بثلاثة أشياء أن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر.
قال في المغني لا في وقت رؤية الصيد.
قال في الوجيز بأن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا أزجر لا في حال مشاهدته للصيد.
قوله: "وإذا أمسك لم يأكل ولا يعتبر تكرار ذلك منه".
وهو المذهب اختاره الشريف أبو جعفر وغيره.
وجزم به في الهداية والخلاف له والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والفروع وغيرهم.
وقيل يعتبر التكرار.
وهو ظاهر ما قطع به في الحاويين.
فعلى هذا هل يعتبر تكراره ثلاثا فيباح في الرابعة وهو الصحيح.
اختاره المصنف في المغني والشارح والقاضي وغيرهم.
وقدمه في النظم والفروع.
أو يكفي التكرار مرتين فيباح في الثالثة.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز فإنه قال ويعتبر تكراره منه.
وأطلقهما في الحاويين.
أو المرجع في ذلك إلى العرف من غير تقدير بمرة أو مرات؟.

وهو قول ابن البنا في الخصال فيه ثلاثة أقوال.
وأطلقهن الزركشي.
وقال المصنف في المغني لا أحسب هذه الخصال تعتبر في غير الكلب فإنه الذي يجيب صاحبه إذا دعاه وينزجر إذا زجره والفهد لا يجيب داعيا وإن عد متعلما فيكون التعليم في حقه ترك الأكل خاصة أو ما يعده به أهل العرف معلما.
ولم يذكر الآدمي البغدادي في منتخبه ترك الأكل.
قوله: "فإن أكل بعد تعليمه لم يحرم ما تقدم من صيده".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في المحرر والنظم والفروع لم يحرم على الأصح.
قال في القاعدة السادسة لا يحرم على الصحيح.
وجزم به في المغني والكافي والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وعنه يحرم واختاره بعضهم.
قلت وهو بعيد.
وأطلقهما في الرعايتين والحاويين وحكياهما وجهين.
قوله: "ولم يبح ما أكل منه في إحدى الروايتين وهو المذهب".
قال في الفروع فالمذهب يحرم.
قال في المغني والمحرر والشرح والنظم وغيرهم هذا الأصح.
قال في الكافي هذا أولى.
قال في الرعايتين والحاويين حرم على الأصح.
قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
والرواية الأخرى يحل مع الكراهة.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر.
وعنه يباح.
وقيل يحرم إذا أكل منه حين الصيد.

جزم به ابن عقيل.
وقيل يحرم إذا أكل منه قبل مضيه.
فائدتان :
إحداهما: لو شرب من دمه لم يحرم نص عليه وعليه الأصحاب.
وقال في الانتصار من دمه الذي جرى.
الثانية: لا يخرج بأكله عن كونه معلما على الصحيح من المذهب.
وفيه احتمال لا يبقى معلما بأكله.
ويحتمله كلام الخرقي.
قوله: "والثاني ذو المخلب كالبازي والصقر والعقاب والشاهين فتعليمه بأن يسترسل إذا أرسل ويجيب إذا دعي ولا يعتبر ترك الأكل بلا نزاع".
قال في الرعاية يحل الصيد بكل حيوان معلم.
قوله: "ولا بد أن يجرح الصيد فإن قتله بصدمته أو خنقه لم يبح".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به القاضي في الجامع والشريف أبو جعفر والشيرازي والمصنف في المغني وصاحب البلغة والوجيز وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس فيهما.
وجزم به في النظم في الصدم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة لم يحل في الأصح.
وقال ابن حامد يباح.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره أبو محمد الجوزي.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلقهما في المحرر.
وأطلقهما في النظم في الخنق.

قوله: "وما أصاب فم الكلب هل يجب غسله على وجهين".
وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
أحدهما يجب غسله وهو المذهب.
صححه في النظم.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاويين والخلاصة.
والوجه الثاني لا يجب غسله بل يعفى عنه.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز.
قلت فيعايى بها.
قوله: "فإن استرسل الكلب أو غيره بنفسه لم يبح صيده وإن زجره".
هذا المذهب رواية واحدة عند أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال ابن عقيل إن استرسل بنفسه فزجره فروايتان.
وقال في الروضة إذا استرسل الطائر بنفسه فصاد وقتل حل أكله منه أو لا بخلاف الكلب.
قوله: "إلا أن يزيد في عدوه بزجره فيحل".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم كلام ابن عقيل إذا استرسل بنفسه فزجره.
قوله: "وإن أرسل كلبه أو سهمه إلى هدف فقتل صيدا أو أرسله يريد الصيد ولا يرى صيدا لم يحل صيده إذا قتله".
وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.

وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وقيل يحل.
وهو احتمال في الهداية.
قوله: "وإن رمى حجرا يظنه صيدا فأصاب صيدا لم يحل".
وهو أحد الوجهين.
جزم به في الوجيز ومنتخب الادمي البغدادي.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وإدراك الغاية وغيرهم.
ويحتمل أن يحل.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
واختاره المصنف والناظم.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين والفروع.
فائدة : لو رمى ما ظنه أو علمه غير صيد فأصاب صيدا لم يحل على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في الفروع والزركشي.
وقيل يحل وهو احتمال في الكافي.
وقال في الترغيب إن ظنه آدميا أو صيدا محرما لم يبح.
قوله: "وإن رمى صيدا فأصاب غيره أو رمى صيدا فقتل جماعة حل الجميع".
بلا نزاع أعلمه.
لكن لو أرسل كلبه إلى صيد فصاد غيره فالصحيح من المذهب أنه يحل ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع والمذهب إنه يحل.
وفي مختصر ابن رزين يحرم ما قتله الكلب لا السهم.
تنبيه: قوله: "وإن رمى صيدا فأثبته".
ملكه بلا نزاع أعلمه.

وتقدم في أول الباب ما إذا رماه بعده آخر أو رماه هو أيضا وأحكامهما.
قوله: "وإن لم يثبته فدخل خيمة إنسان فأخذه فهو لآخذه".
فظاهره أنه لا يملكه من دخل في خيمته إلا بأخذه.
وهو أحد الوجوه والمذهب منهما.
وهو ظاهر ما جزم به في المغني والشرح والوجيز والنظم.
وقيل يملكه بمجرد دخول الخيمة.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة فهو لصاحب الخيمة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين.
قال في تصحيح المحرر هذا المذهب.
وأطلقهما في الفروع.
وقال في الترغيب إن دخل الصيد داره فأغلق بابه أو دخل برجه فسد المنافذ أو حصلت سمكة في بركته فسد مجرى الماء فقيل يملكه.
وقيل إن سهل تناوله منه وإلا فكتحجير للإحياء.
قال في الفروع ويحتمل اعتبار قصد التملك بغلق وسد.
والظاهر أن هذا الاحتمال من كلام صاحب الترغيب.
فعلى الأول ما يبنيه الناس من الأبرجة فيعشش بها الطيور يملكون الفراخ إلا أن تكون الأمهات مملوكة فهي لأربابها نص عليه.
فائدتان :
إحداهما: مثل هذه المسألة لو دخلت ظبية داره فأغلق بابه وجهلها أو لم يقصد تملكها.
ومثلها أيضا إحياء أرض بها كنز قاله في الفروع.
الثانية قوله: "ولو وقع في شبكته صيد فخرقها وذهب بها فصاده آخر فهو للثاني".
بلا نزاع ونص عليه.
قوله: "وإن كان في سفينة فوثبت سمكة فوقعت في حجره فهي له دون صاحب السفينة".
هذا المذهب كمن فتح حجره للأخذ.

جزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والشرح وشرح ابن رزين والوجيز والمنور والمنتخب وشرح ابن منجا وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وقيل لا يملكها إلا بأخذها فهي قبله مباحة.
وأطلقهما في الفروع.
وقال المصنف والشارح أيضا إن كانت وثبت بفعل إنسان لقصد الصيد فهي للصائد دون من وقعت في حجره وقطعا به وبالأول أيضا.
فائدتان :
إحداهما: لو وقعت السمكة في السفينة فهي لصاحب السفينة ذكره بن أبي موسى.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
واقتصر عليه المصنف والشارح.
قال الزركشي وقياس القول الآخر أنها تكون قبل الأخذ على الإباحة وهو كما قال.
الثانية: قوله: "وإن صنع بركة ليصيد بها السمك فما حصل فيها ملكه".
بلا نزاع أعلمه ونص عليه.
وكذا لو نصب خيمة لذلك أو فتح حجره للأخذ أو نصب شبكة أو شركا نص عليه أو فخا أو منجلا أو حبسه جارح له أو بإلجائه لضيق لا يفلت منه.
قوله: "وإن لم يقصد بها ذلك لم يملكه بلا نزاع".
قوله: "وكذلك إن حصل في أرضه سمك أو عشش فيها طائر لم يملكه ولغيره أخذه".
هذا المذهب.
قال في الرعاية الكبرى ولغيره أخذه على الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاويين والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
ونقل صالح وحنبل فيمن صاد من نخلة بدار قوم فهو له فإن رماه ببندقة فوقع فيها فهو لأهلها.

قال في الفروع كذا قال الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الترغيب ظاهر كلامه يملكه بالتوحل ويملك الفراخ.
ونقل صالح فيمن صاد من نخلة بدار قوم هو للصياد.
فخرج في المسألة وجهان أصحهما يملكه وإنما لم يضمنه في الأولة في الإحرام لأنه لم يوجد منه فعل يوجب ضمانا لا لأنه ما ملكه.
وكذا قال في عيون المسائل من رمى صيدا على شجرة في دار قوم فحمل نفسه فسقط خارج الدار فهو له وإن سقط في دارهم فهو لهم لأنه حريمهم.
وقال في الرعاية لغيره أخذه على الأصح.
والمنصوص أنه للمؤجر.
وذكر أبو المعالي إن عشش بأرضه نحل ملكه لأنها معدة لذلك.
وفي منتخب الآدمي البغدادي إلا أن يعد حجره وبركته وأرضه له.
وسبق كلامهم في زكاة ما يأخذه من المباح أو من أرضه وقلنا لا يملكه أنه يزكيه اكتفاء بملكه وقت الأخذ كالعسل.
قال في الفروع وهو كالصريح في أن النحل لا يملك بملك الأرض وإلا لملك العسل.
ولهذا قال في الرعاية في الزكاة وسواء أخذه من أرض موات أو مملوكة أو لغيره.
قوله: "ويكره صيد السمك بالنجاسة".
هذا إحدى الروايتين واختاره أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي هذا المشهور.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والشرح والنظم ومنتخب الآدمي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاويين.
وعنه يحرم وهو المذهب على ما اصطلحناه.
نقله الأكثر عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الفروع.
وقال في المبهج: في الصيد بالنجاسة وبمحرم: روايتان.

فوائد .
الأولى: لو منعه الماء حتى صاده حل أكله نقله أبو داود.
وقال في الرعاية ويحرم.
ونقل حنبل لا يصاد الحمام إلا أن يكون وحشيا.
الثانية: تحل الطريدة وهي الصيد بين قوم يأخذونه قطعا وكذلك الناد ونص عليه.
ويكره الصيد من وكره.
ولا يكره الصيد بليل ولا صيد فرخ من وكره ولا بما يسكر نص على ذلك.
وظاهر رواية بن القاسم لا يكره الصيد من وكره.
وأطلق في الترغيب وغيره كراهته.
وفي مختصر ابن رزين يكره الصيد ليلا.
الثالثة: لا بأس بشبكة وفخ ودبق.
قال الإمام أحمد رحمه الله وكل حيلة.
وذكر جماعة يكره بمثقل كبندق.
وكذا كره الشيخ تقي الدين رحمه الله الرمي بالبندق مطلقا لنهي عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ونقل ابن منصور وغيره لا بأس ببيع البندق ويرمي بها الصيد لا للعبث.
وأطلق بن هبيرة أنه معصية.
قوله: "وإذا أرسل صيدا وقال أعتقتك لم يزل ملكه عنه".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح ظاهر المذهب لا يزول ملكه عنه قاله أصحابنا.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يزول ملكه عنه وإليه ميل الشارح.
وقال ابن عقيل ولا يجوز أعتقتك في حيوان مأكول لأنه فعل الجاهلية.
فعلى المذهب لو اصطاد صيدا فوجد عليه علامة مثل قلادة في عنقه أو وجد في أذنه

قطعا لم يملكه لأن الذي صاده أولا ملكه.
وكذلك إن وجد طائرا مقصوص الجناح ويكون لقطة.
قوله: "الرابع التسمية عند إرسال السهم أو الجارحة فإن تركها لم يبح سواء تركها عمدا أو سهوا في ظاهر المذهب".
وهو المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ونظم المفردات.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه إن نسيها على السهم أبيح وإن نسيها على الجارحة لم يبح.
وعنه تشترط مع الذكر دون السهو.
وذكره بن جرير إجماعا نقلها حنبل.
قال الخلال سهى حنبل في نقله.
وعنه تشترط التسمية من مسلم لا من كافر.
تم بحمد الله وحسن توفيقه
طبع الجزء العاشر من كتاب
الإنصاف في مطابع دار إحياء التراث العربي بيروت
الزاهر أدامها الله لطبع المزيد من الكتب النافعة
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.

المجلد الحادي عشر
كتاب الأيمان

باب الأيمان
...
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الأيمان
فائدة: الحلف على المستقبل إرادة تحقيق خبر في المستقبل ممكن بقول يقصد به الحث على فعل الممكن أو تركه.
والحلف على الماضي اما بر وهو الصادق أو غموس وهو الكاذب أو لغو..
قال صاحب الرعاية وهو مالا اجر له فيه ولا اثم عليه ولا كفارة.
وقيل اليمين جمله خبرية تؤكد بها أخرى خبرية وهما كشرط وجزاء.
وياتي ذلك في الفصل الثاني.
قوله: "واليمين التي تجب بها الكفارة هي اليمين بالله تعالى أو صفه من صفاته".
كوجه الله نص عليه وعظمته وعزته، وإرادته، وقدرته، وعلمه فتنعقد بذلك اليمين
وتجب الكفارة ولو نوى مقدوره أو معلومة أو مراده على الصحيح من المذهب المنصوص عنه.
وقيل: لا تجب الكفارة إذا نوى بقدرة الله مقدورة وبعلم الله معلومة وبإرادة الله مراده.
وياتي أيضا ذلك قريبا.
قوله: "الثاني ما يسمى به غيره واطلاقه ينصرف إليه سبحانه كالرحمن والرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرازق ونحوه فهذا إن نوى بالقسم به اسم الله تعالى أو أطلق فهو يمين وان نوى غيره فليس بيمين".
هذا الذي ذكره في الرحمن من انه يسمى به غيره وانه ان نوى به غيره ليس بيمين اختاره ابن عبدوس في تذكرته.

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
والصحيح من المذهب أن الرحمن من أسماء الله الخاصة به التي لا يسمى بها غيره.
قال المصنف والشارح: هذا أولى.
قال في الفروع والرحمن يمين مطلقا على الأصح.
قال الزركشي هذا الصحيح.
وجزم به في البلغة والمحرر والنظم والوجيز.
وأما الرب والخالق والرازق فالصحيح من المذهب ما قاله المصنف من أنها من الأسماء المشتركة وأنه إذا نوى بها القسم وأطلق انعقدت به اليمين وإن نوى غيره فليس بيمين.
جزم به في الشرح وشرح ابن منجا.
وجزم به في الهداية والوجيز والحاوى في الرب والرازق.
وجزم به في المذهب والخلاصة في الرب.
وقدمه في الرعايتين في "الرب" "والرازق".
وقدمه في الفروع في الجميع.
وخرجها في التعليق على رواية "أقسم".
وقال طلحة العاقولى إن أتى بذلك معرفا نحو والخالق والرازق كان يمينا مطلقا لأنه لا يستعمل في التعريف إلا في اسم الله تعالى.
وقيل يمين مطلقا.
قال في الرعاية الكبرى وقيل والخالق والرازق يمين بكل حال.
قوله: "فأما ما لا يعد من أسمائه كالشيء والموجود".
وكذا الحى والواحد والكريم.
"فإن لم ينو به الله تعالى" فليس بيمين "وان نواه كان يمينا".
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والشرح والنظم والفروع والزركشي وغيرهم.
وقال القاضي وابن البنا لا يكون يمينا أيضا.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.

قوله: "وإن قال وحق الله وعهد الله وإيم الله وأمانة الله وميثاقه وقدرته وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته ونحوه".
كإرادته وعلمه وجبروته فهي يمين وهذا المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والوجيز وغيرهم في "ايم الله".
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافى والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وقطع به جميع الأصحاب في غير "إيم الله" و"قدرته" وجمهورهم قطع به في غير "إيم الله".
وعنه لا يكون إيم الله يمينا إلا بالنية.
وقيل إن نوى بقدرته مقدوره وبعلمه معلومة وبارادته مراده لم يكن يمينا كما تقدم.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
والمنصوص خلافه.
وذكر ابن عقيل الروايتين في قوله "على عهد الله وميثاقه".
والمذهب أنه يمين مطلقا.
فائدة: يكره الحلف بالأمانة.
جزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وفيه حديث مرفوع رواه أبو داود.
قال الزركشي قلت وظاهر رواية الأثر والحديث التحريم.
قوله: "وإن قال والعهد والميثاق وسائر ذلك".
كالأمانة والقدرة والعظمة والكبرياء والجلال والعزة.
"ولم يضفه إلى الله تعالى لم يكن يمينا إلا أن ينوي صفة الله تعالى".
إذا نوى بذلك صفته تعالى كان يمينا قولا واحدا.
وإن أطلق لم يكن يمينا على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.

وهو ظاهر كلام الخرقى.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وصححه في النظم وغيره.
واختاره ابن عبدوس وغيره.
وعنه لا يكون يمينا إلا إذا نوى.
اختاره أبو بكر قاله في الهداية.
وأطلقهما في الشرح والرعايتين والحاوى الصغير والزركشي وغيرهم.
قوله: "وإن قال لعمرو الله كان يمينا".
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافى والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب.
قوله: "وقال أبو بكر لا يكون يمينا إلا أن ينوي".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله: "وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة".
وكذا لو حلف بسورة منه أو آية هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف هذا قياس المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عليه بكل آية كفارة.
وهو الذي ذكره الخرقى.
قال في الفروع ومنصوصه بكل آية كفارة إن قدر.

قال الزركشي: نص عليه في رواية حرب وغيره.
وحمله المصنف على الاستحباب.
قال الزركشي وقول الإمام أحمد للوجوب أقرب لأن أحمد رحمه الله إنما نقله لكفارة واحدة عند العجز انتهى..
وعنه عليه بكل آية كفارة وإن لم يقدر.
وذكر في الفصول وجها عليه بكل حرف كفارة..
وقال في الروضة أما إذا حلف بالمصحف فعليه كفارة واحدة رواية واحدة.
فائدة: قال ابن نصر الله في حواشيه: لو حلف بالتوراة والانجيل ونحوهما من كتب الله فلا نقل فيها والظاهر أنها يمين انتهى.
قوله: "وإن قال أحلف بالله أو أشهد بالله أو أقسم بالله كان يمينا".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والكافى والمغنى والشرح والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوى الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وعنه لا يكون يمينا إلا بالنية واختاره أبو بكر.
فائدة: لو قال حلفت بالله أو أقسمت بالله أو آليت بالله أوشهدت بالله فهو كقوله أحلف بالله أو أقسم بالله أو أشهد بالله خلافا ومذهبا.
لكن لو قال: نويت ب "أقسمت بالله" الخبر عن قسم ماض أو ب "أقسم" الخير عن قسم يأتي دين ويقبل في الحكم في أحد الوجهين.
اختاره المصنف والشارح وهو الصحيح.
والوجه الثاني: لا يقبل.
اختاره القاضي.
وأطلقهما الزركشي.
قوله: وإن قال أعزم بالله كان يمينا.
وهو أحد الوجهين.
قال في الفروع قال جماعة والعزم وهو المذهب.
ومال إليه الشارح.

وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وتذكره ابن عبدوس والمنور وغيرهم.
قال الزركشي: هو قول الجمهور.
وقال المصنف والشارح وذكر أبو بكر في قوله أعزم بالله ليس بيمين مع الإطلاق لأنه لم يثبت له عرف الشرع ولا الاستعمال.
فظاهره: أنه غير يمين لأن معناه اقصد بالله لأفعلن.
قوله: "وإن لم يذكر اسم الله".
يعنى: فيما تقدم كقوله "أحلف" أو "أشهد" أو "أقسم" أو "حلفت" أو "أقسمت" أو "شهدت" لم يكن يمينا إلا إذا لم يذكر اسم الله ونوى به اليمين كان يمينا بلا نزاع.
وإن لم ينو فقدم المصنف أنه لا يكون يمينا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
واختاره أبو بكر قاله الزركشي.
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب.
وعنه: يكون يمينا.
نصره القاضي وغيره.
واختاره الخرقى وأبو بكر قاله في الهداية.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب الشريف وابو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل والشيرازي وغيرهم.
وصححه في الخلاصة والنظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافى والرعايتين والحاوى الصغير.
وقال المصنف والشارح عزمت وأعزم ليس يمينا ولو نوى لأنه لا شرع ولا لغة ولا فيه دلالة عليه ولو نوى.
قال ابن عقيل رواية واحدة.
قلت ظاهر كلام المصنف هنا أن فيها الروايتين لكن أكثرهم لم يذكر ذلك.
فائدتان:
إحداهما: لو قال "قسما بالله لأفعلن" كان يمينا وتقديره أقسمت قسما بالله وكذا قوله ألية بالله بلا نزاع في ذلك.

ويأتي في كلام المصنف إذا قال علي يمين أو نذر هل يلزمه الكفارة أم لا.
الثانية لو قال "آليت بالله" أو "آلى بالله" أو "الية بالله" أو "حلفا بالله" أو قسما بالله فهو حلف سواء نوى به اليمين أو أطلق كما لو قال "اقسم بالله" وحكمه حكم ذلك في تفصيله..
قاله المصنف والشارح.
قوله: "وحروف القسم الباء والواو والتاء".
فالباء يليها مظهر ومضمر والواو يليها مظهر فقط والتاء في الله خاصة على ما ياتي.
وظاهر كلام المصنف أن هذه حروف القسم لا غير وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال في المستوعب ها الله حرف قسم.
والصحيح من المذهب أنها يمين بالنية.
قوله: "والتاء في اسم الله تعالى خاصة".
بلا نزاع وهو يمين مطلقا وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وفي المغنى احتمال في "تالله لأقومن" يقبل قوله بنية أن قيامه بمعونة الله.
وقال في الترغيب: إن نوى بالله أثق ثم ابتدأ "لأفعلن" احتمل وجهين باطنا.
قال في الفروع وهو كطلاق.
قوله: "ويجوز أن يكون القسم بغير حروف القسم فيقول الله لافعلن بالجر والنصب" بلا نزاع..
"فإن قال الله لأفعلن مرفوعا كان يمينا إلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوى به اليمين".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع فإن نصبه بواو أو رفعه معها أو دونها فيمين إلا أن يريدها عربى.
وقيل أو عامي.
وجزم به في الترغيب مع رفعه.
وقال القاضي في القسامة ولو تعمده لم يضر لأنه لا يحيل المعنى.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله: الأحكام تتعلق بما اراده الناس بالالفاظ الملحونة كقوله "حلفت بالله" رفعا أو نصبا "والله بأصوم وبأصلى" ونحوه وكقول الكافر "أشهد أن محمد رسول.

الله برفع الأول ونصب الثاني وأوصيت لزيدا بمائة وأعتقت سالم ونحو ذلك وهو الصواب.
وقال أيضا من رام جعل جميع الناس في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصلح شرعا.
فائدة: يجاب فى الإيجاب بإن خفيفة وثقيلة وباللام وبنونى التوكيد المخففة والمثقلة وبقد والنفى بما وإن في معناها وبلا وتحذف لا لفظا ونحو والله أفعل.
وغالب الجوابات وردت في الكتاب العزيز.
قوله: ويكره الحلف بغير الله تعالى.
هذا أحد الوجهين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به أبو علي وابن البنا وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوى الصغير.
ويحتمل أن يكون محرما وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
ونصره المصنف والشارح.
وعنه يجوز.
ذكرها في المحرر والرعايتين والحاوى والفروع وغيرهم.
وذكرها في الشرح قولا.
فائدة: تنقسم الأيمان إلى خمسة أقسام وهي أحكام التكليف كالطلاق على ما تقدم.
أحدها: واجب كالذي ينجى بها انسانا معصوما من هلكه وكذا إنجاء نفسه مثل الذي تتوجه عليه أيمان القسامة في دعوى القتل عليه وهو بريء ونحوه.
الثاني: مندوب وهو الذي تتعلق به مصلحه من الإصلاح بين المتخاصمين أو إزاله حقد من قلب مسلم عن الحالف أو غيره أو دفع شر.
فإن حلف على فعل طاعه أو ترك معصية: فوجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع وشارح الوجيز.
أحدهما: ليس بمندوب صححه في النظم.

قلت وهو الصواب.
وإليه ميل شارح الوجيز.
والوجه الثاني: مندوب.
اختاره بعض الأصحاب.
وقدمه بن رزين في شرحه.
الثالث: مباح كالحلف على فعل مباح أو ترك مباح والحلف على الخبر بشيء هو صادق فيه أو يظن أنه صادق.
الرابع: مكروه وهو الحلف على مكروة أو ترك مندوب.
ويأتي حلفه عند الحاكم.
الخامس: محرم وهو الحلف كاذبا عالما.
ومنه الحلف على فعل معصية أو ترك واجب.
قوله: "ولا تجب الكفارة باليمين به سواء أضافه إلى الله مثل قوله ومعلوم الله وخلقه ورزقه وبيته أو لم يضفه مثل والكعبة وأبي".
اعلم أن الصحيح من المذهب أن الكفارة لا تجب بالحلف بغير الله تعالى إذا كانت بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل الحلف بخلق الله ورزقه يمين فنية مخلوقه ومرزوقه كمقدورة على ما تقدم.
والتزم ابن عقيل أن معلوم الله يمين لدخول صفاته.
وأما الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم المصنف هنا: عدم وجوب الكفارة وهو اختياره.
واختاره أيضا الشارح وابن منجا في شرحه والشيخ تقى الدين رحمه الله.
وجزم به في الوجيز.
وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر وقدمه.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله مثله.
وهو من مفردات المذهب.
وحمل المصنف ما روى عن الإمام أحمد رحمه الله على الاستحباب.

تنبيه: ظاهر قوله خاصة إن الحلف بغيره من الأنبياء لا تجب به الكفارة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
والتزم ابن عقيل وجوب الكفارة بكل نبى.
قلت وهو قوي في الإلحاق.
فائدة: نص الإمام أحمد رحمه الله على كراهة الحلف بالعتق والطلاق.
وفي تحريمه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يحرم.
اختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وقال ويعزر وفاقا لمالك.
والوجه الثاني لا يحرم.
واختاره الشيخ تقي الدين أيضا في موضع آخر بل ولا يكره.
قال وهو قول غير واحد من أصحابنا.
قوله: "ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط.
أحدها أن تكون اليمين منعقدة وهي اليمين التي يمكن فيها البر والحنث وذلك الحلف على مستقبل ممكن".
بلا نزاع في ذلك في الجملة.
فائدة: لا تنعقد يمين النائم والطفل والمجنون ونحوهم.
وفي معناهم السكران وحكى المصنف فيه قولين.
ولا تنعقد يمين الصبي قبل البلوغ على الصحيح من المذهب.
جزم به الزركشي والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قلت ويتخرج انعقادها من مميز.
ويأتي حكم المكره.
وأما الكافر: فتنعقد يمينه وتلزمه الكفارة وإن حنث في كفره.
قوله: فأما اليمين على الماضى فليست منعقدة وهي نوعان يمين الغموس وهى التى يحلف بها كاذبا عالما بكذبه".
يمين الغموس لا تنعقد على الصحيح من المذهب.

نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح ظاهر المذهب لا كفارة فيها.
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب.
قال الزركشى: وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه فيها الكفارة ويأثم كما يلزمه عتق وطلاق وظهار وحرام ونذر قاله الأصحاب فيكفر كاذب في لعانه.
ذكره في الانتصار.
وأطلقهما في الهداية.
قوله: "ومثله الحلف على مستحيل كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه".
اعلم انه إذا علق اليمين على مستحيل فلا يخلوا اما ان يعلقها بفعله أو يعلقها بعدم فعله.
فإن علقها بفعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة مثل ان يقول والله ان طرت أو لا طرت أو صعدت السماء أو شاء الميت أو قلبت الحجر ذهبا أو جمعت بين الضدين أو رددت امس أو شربت ماء الكوز ولا ماء فيه ونحوه.
فقال في الفروع هذا لغو وقطع به.
ذكره في الطلاق فى الماضى والمستقبل.
وجزم به في المحرر في تعليق الطلاق بالشروط.
وان علق يمينه على عدم فعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة نحو والله لاصعدن السماء أو ان لم اصعد أو لا شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو ان لم اشربه أو لاقتلنه ف إذا هو ميت علمه أو لم يعلم ونحو ذلك ففيه طريقان.
أحدهما: فيه ثلاثة اوجه كالحلف بالطلاق على ذلك.
احدها وهو الصحيح منها تنعقد وعليه الكفارة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوى.
ذكروه في تعليق الطلاق بالشروط.
والثاني لا تنعقد ولا كفارة عليه.

والثالث: لا تنعقد في المستحيل لذاته ولا كفارة عليه فيه وتنعقد في المستحيل عادة في آخر حياته.
وقيل ان وقته ففي آخر وقته ذكره ابو الخطاب اتفاقا في الطلاق.
والطريق الثاني: لا كفارة عليه بذلك مطلقا.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وأطلق الطريقين في الفروع في باب الطلاق في الماضي والمستقبل.
والذي قدمه في المحرر والرعايتين والحاوى ان حكم اليمين بذلك حكم اليمين بالطلاق على ما تقدم في باب الطلاق في الماضي والمستقبل.
وقال المصنف والشارح في المستحيل عقلا كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه.
قال أبو الخطاب لا تنعقد يمينه ولا تجب بها كفارة.
وقال القاضي تنعقد موجبة للكفارة في الحال.
وقال المصنف والشارح في المستحيل عادة كصعود السماء والطيران وقطع المسافة البعيدة في المدة القليلة إذا حلف على فعله انعقدت يمينه ووجبت الكفارة.
ذكره القاضي وابو الخطاب واقتصرا عليه انتهيا.
قوله: "والثاني لغو اليمين وهو ان يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه فلا كفارة فيها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه فيه الكفارة وليس من لغو اليمين على ما يأتي.
فائدة: قال في المحرر والحاوى الصغير والفروع وغيرهم وان عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه فهو كمن حلف على مستقبل وفعله ناسيا.
قال في القواعد الأصولية قال جماعة من اصحابنا محل الروايتين في غير الطلاق والعتاق اما الطلاق والعتاق فيحنث جزما.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله: الخلاف في مذهب الإمام أحمد رحمه الله في الجميع.
وقال في الفروع وغيره وقطع جماعة فيما إذا عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه بحنثه.

وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله هذا ذهول لأن ابا حنيفة ومالكا رحمهما الله يحنثان الناسى ولا يحنثان هذا لأن تلك اليمين انعقدت وهذه لم تنعقد.
وهذا الصحيح من المذهب.
فيدخل في ذلك الطلاق والعتاق واليمين المكفرة.
وتقدم ذلك في آخر تعليق الطلاق بالشروط فيما إذا حلف على شيء وفعله ناسيا ان المذهب الحنث في الطلاق والعتاق وعدمه في غيرهما فكذا هنا الصحيح من المذهب انه إذا حلف يظن صدق نفسه فبان بخلافه يحنث في طلاق وعتاق ولا يحنث في غيرهما.
وقال في الفروع وغيره وقطع جماعة بحنثه هنا في طلاق وعتق.
زاد في التبصرة مثله في المسألة بعدها وكل يمين مكفرة كاليمين بالله تعالى.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله حتى عتق وطلاق وهل فيهما لغو على قولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع ومراده ما سبق.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله عن قول من قطع بحنثه في الطلاق.
والعتاق هنا هو ذهول بل فيه الروايتان.
تنبيه محل ذلك إذا عقد اليمين في زمن ماض على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله وكذا لو عقدها في زمن مستقبل ظانا صدقه فلم يكن كمن حلف على غيره يظن انه يطيعه فلم يفعل أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك.
وقال إن المسألة على روايتين كمن ظن امرأة أجنبية فطلقها فبانت امرأته ونحوها مما يتعارض فيه التعيين الظاهر والقصد.
فلو كانت يمينه بطلاق ثلاث ثم قال أنت طالق مقرى بها أو مؤكدا له لم يقع وان كان منشئا فقد اوقعه بمن يظنها اجنبية ففيها الخلاف انتهى.
ومثله في المستوعب وغيره بحلفه ان المستقبل زيدا وما كان كذا وكان كذا فكمن فعل مستقبلا ناسيا.
قوله: "الثاني ان يحلف مختارا فان حلف مكرها لم تنعقد يمينه وهو المذهب".

جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الآدمي.
قال الناظم: هذا المنصور.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
وعنه تنعقد.
ذكرها ابو الخطاب نقله عنه الشارح.
وقال في القاعدة السابعة والعشرين لو اكره على الحلف بيمين لحق نفسه فحلف دفعا للظلم عنه لم تنعقد يمينه ولو اكره على الحلف لدفع الظلم عن غيره فحلف انعقدت يمينه.
ذكره القاضي في شرح المذهب.
وفي الفتاوى الرجبيات عند ابى الخطاب لا تنعقد وهو الأظهر انتهى.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره.
قوله: "وإن سبقت اليمين على لسانه من غير قصد اليها كقوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه فلا كفارة عليه".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع فلا كفارة على الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في الشرح والنظم.
قال في الرعاية الكبرى فلا كفارة في الأشهر.
وعنه عليه الكفارة مطلقا.
وعنه لا كفارة في الماضي.
وجزم به في المحرر والحاوى الصغير والزركشي.
وقال في الرعاية الصغرى فلا كفارة في الأشهر وفي المستقبل روايتان.
وقال في المحرر والحاوى الصغير والزركشي لا كفارة فيه إن كان في الماضي وإن كان في المستقبل: فروايتان.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف ان هذا ليس من لغو اليمين بل لغو اليمين ان يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه كما قاله قبل ذلك.
وهو احدى الروايتين.
وقدمه في الرعايتين.

والرواية الثانية: ان هذا لغو اليمين فقط.
وهو الصحيح من المذهب.
وجزم به في المحرر والحاوى الصغير والوجيز والعمدة مع ان كلامه يحتمل ان يشمل الشيئين.
واطلقهما في الفروع والهداية والمذهب.
وقيل كلاهما لغو اليمين.
وقطع الشارح ان قوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه من غير قصد من لغو اليمين.
وقدم فيما إذا حلف على شيء يظنه فتبين خلافه أنه من لغو اليمين أيضا.
قال الزركشي الخرقى يجعل لغو اليمين شيئين.
أحدهما: أن لا يقصد عقد اليمين كقوله لا والله وبلى والله وسواء كان في الماضي أو المستقبل.
والثاني: أن يحلف على شيء فيبين بخلافه.
وهي طريقة بن أبى موسى وغيره.
وهي في الجملة ظاهر المذهب.
والقاضي يجعل الماضي لغوا قولا واحدا وفي سبق اللسان في المستقبل روايتين.
وأبو محمد عكسه فجعل سبق اللسان لغوا قولا واحدا وفي الماضي روايتان.
ومن الأصحاب من يحكي روايتين في الصورتين ويجعل اللغو في إحدى الروايتين هذا دون هذا وفي الأخرى عكسه.
وجمع أبو البركات بين طريقتي القاضي وأبى محمد.
فحكى في المسألة ثلاث روايات.
فإذا سبق على لسانه في الماضي "لا والله" و"بلى والله" في اليمين معتقدا أن الأمر كما حلف عليه فهو لغو اتفاقا.
وإن سبق على لسانه اليمين في المستقبل أو تعمد اليمين على أمر يظنه كما حلف عليه فتبين بخلافه فثلاث روايات كلاهما لغو وهو المذهب الحنث في الماضي دون ما سبق على لسانه وعكسه.
وقد تلخص في المسألة خمس طرق.
والمذهب منهما في الجملة قول الخرقى انتهى.

تنبيه: شمل قوله: "الثالث الحنث في يمينه بان يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله مختارا ذاكرا".
ما لو كان فعله معصية أو غيرها.
فلو حلف على فعل معصية فلم يفعلها فعليه الكفارة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشى هذا قول العامة.
وقيل لا كفارة في ذلك.
ويأتي عند قوله وإن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها تحريم فعله وانه لا كفارة مع فعله على الصحيح وفروع أخر.
قوله: "وإن فعله مكرها أو ناسيا فلا كفارة عليه".
إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها فلا كفارة عليه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
لعدم إضافة الفعل إليه بخلاف الناسى.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
قال الناظم هذا المنصور.
وعنه عليه الكفارة.
وقيل هو كالناسى.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال في المحرر ويتخرج أن لا يحنث إلا في الطلاق والعتق.
وقال الشارح والمكره على الفعل ينقسم قسمين.
أحدهما: أن يلجأ إليه مثل من حلف لا يدخل دارا فحمل فأدخلها.
أو لا يخرج منها فأخرج محمولا ولم يمكنه الامتناع فلا يحنث.
الثاني: أن يكره بالضرب والتهديد والقتل ونحوه.
فقال أبو الخطاب فيه روايتان كالناسى انتهى.
قال الزركشي في المكره بغير الالجاء روايتان.

والذي نصره أبو محمد عدم الحنث.
وإن كان الإكراه بالإلجاء لم يحنث إذا لم يقدر على الامتناع وإن قدر فوجهان الحنث وعدمه.
وأما إذا فعله ناسيا فالصحيح من المذهب أنه لا كفارة عليه وعليه جماهير الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الهداية اختاره أكثر شيوخنا.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
واختاره الخلال وصاحبه.
قال في الفروع اختاره الأكثر وذكره المذهب.
قال الزركشي وصاحب القواعد الأصولية وهو المذهب عند الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه عليه الكفارة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا حنث بفعله ناسيا ويمينه باقية.
قال في الفروع وهذا أظهر.
وقدمه في الخلاصة.
وهو في الإرشاد عن بعض أصحابنا.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته ذكره في أول "كتاب الأيمان".
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله وقال إن رواتها بقدر رواية التفرق وإن هذا يدل على أن الإمام أحمد رحمه الله جعله حالفا لا معلقا والحنث لا يوجب وقوع المحلوف به.
قال في القواعد الأصولية على هذه الرواية قال الأصحاب يمينه باقية بحالها.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط في فصل مسائل متفرقة.
فائدة: حكم الجاهل المحلوف عليه حكم الناسى على ما تقدم.
والفاعل في حال الجنون قيل كالناسى والمذهب عدم حنثه مطلقا.
قال الزركشى وهو الأصح.

قوله: "وإن حلف فقال ان شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلا باليمين".
يعنى بذلك في اليمين المكفرة كاليمين بالله والنذر والظهار ونحوه لا غير وهذا المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف ويحتمله كلام الخرقى.
وجزم به في المحرر والوجيز.
وقدمه في الشرح والفروع والنظم وأصول بن مفلح.
وقال عند الأئمة الأربعة.
وقال ويشترط الاتصال لفظا أو حكما كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه.
وعنه لا يحنث إذا قال إن شاء الله مع فصل يسير ولم يتكلم.
وجزم به في عيون المسائل.
وهو ظاهر كلام الخرقى.
وعنه لا يحنث إذا استثنى في المجلس.
وهو في الإرشاد عند بعض أصحابنا.
قال في المبهج ولو تكلم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير ومن حلف قائلا إن شاء الله قصدا فخالف لم يحنث وإن قالها في المجلس فروايتان.
وقال في الرعاية الكبرى ومن حلف بيمين وقال معها إن شاء الله مع قصده له في الأصح ولم يفصل بينهما بكلام اخر أو سكوت يمكنه الكلام فيه فخالف لم يحنث وإن قالها في المجلس فروايتان.
وعنه يقبل إلحاقه بها قبل طول الفصل انتهى.
فائدتان
إحداهما: قال في الفروع وكلام الأصحاب يقتضي إن رده إلى يمينه لم ينفعه لوقوعها وتبين مشيئة الله.
واحتج به الموقع في أنت طالق إن شاء الله.
قال أبو يعلى الصغير في اليمين بالله ومشيئة الله تحقيق مذهبنا أنه يقف على ايجاد فعل أو تركه فالمشيئة متعلقة على الفعل ف إذا وجد تبينا أنه شاءه وإلا فلا وفي الطلاق المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع له وهو الوقوع.
الثانية: يعتبر نطقه بالاستثناء إلا من خائف نص عليه الإمام أحمد رحمه الله.

ولم يقل في المستوعب خائف.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يعتبر قصد الاستثناء وهو ظاهر كلام الخرقى وصاحب المحرر وجماعة وهو احد الوجهين.
ذكره ابن البناوبناه على أن لغو اليمين عندنا صحيح وهو ما كان على الماضى وإن لم يقصده.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
ولو أراد تحقيقا لارادته ونحوه لعموم المشيئة.
والوجه الثاني يعتبر قصد الاستثناء اختاره القاضي.
وجزم به في البلغة والوجيز والنظم.
وصححه في الرعاية الكبرى.
وتقدم لفظه في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير.
قال الزركشي واشترط القاضي وأبو البركات وغيرهما مع فصل الاتصال أن ينوى الاستثناء قبل تمام المستثنى منه.
وظاهر بحث أبى محمد أن المشترط قصد الاستثناء فقط حتى لو نوى عند تمام يمينه صح استثناؤه قال وفيه نظر.
واطلقهما في الفروع.
وذكر في الترغيب وجها اعتبار قصد الاستثناء أول الكلام.
فائدتان:
أحداهما: مثل ذلك في الحكم لو حلف وقال إن أراد الله وقصد بالارادة المشيئة لا إن أراد محبته.
ذكره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
الثانية لو شك في الاستثناء فالأصل عدمه مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله الأصل عدمه ممن عادته الاستثناء واحتج بالمستحاضة تعمل بالعادة والتمييز ولم تجلس أقل الحيض والأصل وجوب العبادة.
قوله: و إذا حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها استحب له الحنث والتكفير.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدم في الترغيب أن بره وإقامته على يمينه أولى.

قلت وهو ضعيف مصادم للأحاديث والآثار الواردة في ذلك.
فائدة: يحرم الحنث إن كان معصية بلا نزاع.
وإن حلف ليفعلن شيئا حراما أو محرما وجب أن يحنث ويكفر على ما تقدم قريبا.
وإن فعله أثم بلا كفارة.
قدمه في الرعايتين والحاوى.
وقيل بلى.
ولا يجوز تكفيره قبل حنثه المحرم على ما ياتي قدمه في الرعاية.
وقيل بلى.
والبر في الندب أولى وكذا الحنث في المكروه مع الكفارة.
يتخير في المباح قبلها وحفظ اليمين أولى.
قاله في الرعايتين والحاوى.
قال الناظم:
ولا ندب في الايلا ليفعل طاعة.
ولا ترك عصيان على المتجود.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله ولو حلف لا يغدر كفر للقسم لا لغدره مع أن الكفارة لا ترفع إثمه.
قوله: ولا يستحب تكرار الحلف.
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الفروع ولا يستحب تكرار حلفه فقيل يكره.
ونقل حنبل لا يكثر الحلف فانه مكروه.
لكن يشترط فيه أن لا يبلغ حد الافراط فان بلغ ذلك كره قطعا.
قوله: و إذا دعى إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فان حلف فلا باس هذا المذهب.
قال في الفروع فالأولى افتداء يمينه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافى والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
وقيل يكره حلفه.
ذكره في الفروع.

قال المصنف والشارح قال اصحابنا تركه أولى فيكون مكروها انتهى.
وقيل يباح.
ونقله حنبل كعند غير الحاكم.
واطلقهما شارح الوجيز.
قال في الفروع ويتوجه فيه يستحب لمصلحة كزيادة طمأنينة وتوكيد الامر وغيره.
ومنه قوله عليه افضل الصلاة والسلام لعمر عن صلاة العصر والله ما صليتها تطييبا منه لقلبه.
وقال بن القيم رحمه الله في الهدى عن قصة الحديبية فيها جواز الحلف.
بل استحبابه على الخبر الديني الذي يريد تاكيده وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعا وأمره الله بالحلف على تصديق ما أخبر به في ثلاث مواضع من القران في سورة يونس وسبأ والتغابن.
قوله: "وان حرم امته أو شيئا من الحلال غير زوجته كالطعام واللباس وغيرهما أو قال ما أحل الله على حرام أو لا زوجة له لم تحرم وعليه كفارة يمين إن فعله".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والكافى والمغنى والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
ويحتمل أن يحرم تحريما تزيله الكفارة.
وهو لابي الخطاب في الهداية.
وتقدم إذا حرم زوجته في باب صريح الطلاق وكنايته فليعاود.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك في الحكم لو علقه بشرط نحو إن أكلته فهو على حرام.
جزم به في الرعاية وغيره ونقله أبو طالب.
قال في الإنتصار وكذا طعامى على كالميته والدم.
قال المصنف والشارح وإن قال هذا الطعام على حرام فهو كالحلف على تركه.

الثانية: لا يغير اليمين حكم المحلوف على الصحيح من المذهب.
وقال في الانتصار يحرم حنثه وقصده لا المحلوف في نفسه ولا ما رآه خيرا.
وقال في الإفصاح يلزم الوفاء بالطاعة وأنه عند الإمام أحمد رحمه الله لا يجوز عدول القادر إلى الكفارة.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله لم يقل أحد إنها توجب إيجابا أو تحرم تحريما لا ترفعه الكفارة.
قال والعقود والعهود متقاربة المعنى أو متفقة ف إذا قال أعاهد الله أني أحج العام فهو نذر وعهد ويمين ولو قال أعاهد الله أن لا أكلم زيدا فيمين وعهد لا نذر فالأيمان إن تضمنت معنى النذر وهو أن يلتزم لله قربه لزمه الوفاء وهي عقد وعهد ومعاهدة لله لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه.
وإن تضمنت معنى العقود التي بين الناس وهو أن يلتزم كل من المتعاقدين للآخر ما اتفقا عليه فمعاقدة ومعاهدة يلزم الوفاء بها.
ثم إن كان العقد لازما لم يجز نقضه وإن لم يكن لازما خير ولا كفارة في ذلك لعظمه.
ولو حلف لا يغدر كفر للقسم لا لغدره مع أن الكفارة لا ترفع إثمه بل يتقرب بالطاعات انتهى.
قوله: فان قال هو يهودي أو كافر أو مجوسى أو هو يعبد الصليب أو يعبد غير الله أو بريء من الله تعالى أو من الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم إن فعل ذلك فقد فعل محرما بلا نزاع وعليه كفارة إن فعل في إحدى الروايتين.
وهو المذهب سواء كان منجزا أو معلقا صححه في التصحيح.
قال الزركشي هذا أشهر الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار جمهور الأصحاب والقاضى والشريف وأبى الخطاب والشيرازي وابن عقيل وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
والآخر لا كفارة عليه.
اختاره المصنف والناظم.
وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح وشرح ابن منجا.

ونقل حرب التوقف.
فائدة: مثل ذلك في الحكم خلافا ومذهبا لو قال اكفر بالله أو لا يراه الله في موضع كذا إن فعل كذا ففعله ونحو ذلك.
واختار المصنف والشارح أنه لا كفارة عليه بقوله لا يراه الله في موضع كذا.
وقال القاضي والمجد وغيرهما عليه الكفارة وهو المذهب نص عليه.
وحكى الشيخ تقى الدين رحمه الله عن جده المجد أنه كان يقول إذا حلف بالالزامات كالكفر اليمين بالحج والصيام ونحو ذلك من الإلزامات كانت يمينه غموسا ويلزمه الحلف عليه ذكره في طبقات بن رجب.
وقال في الانتصار وكذا الحكم لو قال والطاغوت لأفعلنه لتعظيمه له معناه عظمته إن فعلته وفعله لم يكفر ويلزمه كفارة بخلاف هو فاسق إن فعله لاباحته في حال.
قوله: "وإن قال أنا استحل الزنى أو نحوه".
كقوله أنا استحل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير واستحل ترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام فعلى وجهين بناء على الروايتين في التي قبلها.
وقد علمت المذهب منهما.
وأجرى في الفروع وغيره الروايتين في ذلك وهما مخرجتان.
قوله: "وإن قال عصيت الله أو أنا أعصى الله في كل ما أمرني به أو محوت المصحف إن فعلت فلا كفارة فيه".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم وأجرى ابن عقيل الروايتين في قوله محوت المصحف لإسقاطه حرمته وعصيت الله في كل ما أمرني به.
واختار وجوب الكفارة في قوله "محوت المصحف".
واختار في المحرر في قوله "محوت المصحف" وعصيت الله في كل ما أمرني به أنه يمين يلزمه فيه الكفارة إن حنث لدخول التوحيد فيه.
فوائد:
إحداهما: لو قال "لعمرى لأفعلن" أو لا فعلت أو قطع الله يديه ورجليه أو أدخله الله النار فهو لغو نص عليه.

الثانية: لا يلزمه ابرار القسم على الصحيح من المذهب كاجابة سؤال بالله تعالى.
وقيل يلزمه.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله انما تجب على معين فلا تجب إجابة سائل يقسم على الناس انتهى.
الثالثة: لو قال بالله لتفعلن كذا فيمين على الصحيح من المذهب.
وقال في المغنى والشرح هي يمين إلا أن ينوى.
وأسألك بالله لتفعلن يعمل بنيته.
قال في الفروع ويتوجه في إطلاقه وجهان انتهى.
والكفارة على الحالف على الصحيح من المذهب.
وحكى عنه أنها تجب على الذي حنثه حكاه سليم الشافعي.
قال في الفروع وروي عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على إجابة من سأل بالله وذكره.
قوله: "وإن قال عبد فلان حر لأفعلن فليس بشيء".
وكذا قوله مال فلان صدقة ونحوه لأفعلن وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وعنه عليه كفارة ان حنث كنذر المعصية.
وأطلقهما في المغنى والشرح.
قوله: "وإن قال أيمان البيعة تلزمني فهي يمين رتبها الحجاج".
قال بن بطة ورتبها أيضا المعتمد على الله من الخلفاء العباسيين لأخيه الموفق بالله لما جعله ولى عهده.
"تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال".
لا تشمل إيمان البيعة إلا ما ذكره المصنف على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمغنى والشرح والمحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل وتشتمل أيضا على الحج.

وجزم به في المستوعب والكافي والنظم.
قوله: "فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها وإلا فلا شيء عليه".
إذا كان يعرفها الحالف ونواها انعقدت يمينه بما فيها على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والخلاصة.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن لا تنعقد بحال إلا في الطلاق والعتاق.
وقال في الترغيب إن علمها لزمه عتق وطلاق.
وقيل تنعقد في الطلاق والعتاق والصدقة ولا تنعقد اليمين.
وجزم به في الوجيز.
قوله: "وإلا فلا شيء عليه".
يعني إذا لم يعرفها بأن كان يجهلها ولم ينوها وهذا المذهب.
أومأ إليه الخرقي وذكره القاضي وغيره.
وجزم به في الخلاصة والكافي والوجيز والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والفروع وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وفيه وجه يلزمه موجبها نواها أو لم ينوها.
وهو ظاهر كلام القاضي في خلافه.
وصرح به القاضي في بعض تعاليقه وقال لأن من أصلنا وقوع الطلاق والعتاق بالكتابة بالخط وإن لم ينوه.
نقله في القاعدة الرابعة بعد المائة.
وإن نواها وجهلها فلا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقيل ينعقد بما فيها إذا نواها جاهلا لها.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.

فوائد:
الأولى: قال في المستوعب وقد توقف شيوخنا القدماء عن الجواب في هذه المسألة.
فقال بن بطة كنت عند الخرقى وسأله رجل عمن قال "أيمان البيعة تلزمني" فقال لست أفتي فيها بشيء ولا رأيت أحدا من شيوخنا أفتى في هذه اليمين وكان أبي يعني الحسين الخرقي يهاب الكلام فيها.
ثم قال أبو القاسم إلا أن يلتزم الحالف بها بجميع ما فيها من الأيمان.
فقال له السائل عرفها أو لم يعرفها قال نعم عرفها أو لم يعرفها انتهى.
وقال القاضي إذا قال أيمان البيعة تلزمني إن لم يلزمه في الأيمان المترتبه المذكورة كان لاغيا ولا شيء عليه وإن نوى بذلك الأيمان انعقدت.
الثانية: لو قال أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت ذلك وفعله لزمته يمين الظهار والطلاق والعتاق والنذر إذا نوى ذلك على الصحيح من المذهب.
ويلزمه حكم اليمين بالله تعالى أيضا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
قال المجد: وقياس المشهور عن أصحابنا في يمين البيعة أنه لا يلزمه شيء حتى ينويه ويلتزمه أو لا يلزمه شيء بالكلية حتى يعلمه.
والفرق بين اليمين بالله وغيرها ذكره في القاعدة الرابعة بعد المائة.
وألزم القاضي في الخلاف الحالف بكل ذلك ولو لم ينوه.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر ما جزم به في تذكرة ابن عبدوس.
وصححه في النظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا تشمل اليمين بالله تعالى وإن نوى.
قال المجد ذكر القاضي اليمين بالله تعالى والنذر مبني على قولنا بعدم تداخل كفارتهما.
فأما على قولنا بالتداخل فيجزئه لهما كفارة يمين.
ذكره عنه في القواعد.
الثالثة: لو حلف بشيء من هذه الخمسة فقال له آخر يميني مع يمينك أو أنا على مثل يمينك يريد التزام مثل يمينه لزمه ذلك إلا في اليمين بالله تعالى فإنه على وجهين وأطلقهما في المحرر والفروع.

أحدهما: لا يلزمه حكمها.
قاله القاضي واقتصر عليه في الفروع.
وجزم به في الكافي.
والثاني: يلزمه حكمها.
صححه في النظم وتصحيح المحرر.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يلزمه حكم كل يمين مكفرة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا قوله أنا معك ينوي في يمينه انتهى.
وإن لم ينو شيئا لم تنعقد يمينه.
جزم به المصنف والشارح.
قوله: "وإن قال علي نذر أو يمين إن فعلت كذا وفعله".
فقال أصحابنا عليه كفارة يمين.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والشرح والنظم والوجيز والحاوي وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقيل في قوله علي يمين يكون يمينا بالنية.
جزم به في الرعاية الصغرى.
وقدمه في الكبرى.
واختار المصنف أنه لا يكون يمينا مطلقا.
فقال في المغني والكافي وإن قال علي يمين ونوى الخبر فليس بيمين على أصح الروايتين.
وإن نوى القسم فقال أبو الخطاب هي يمين.
وقال الشافعي رحمه الله ليس بيمين وهذا أصح.
وجزم بهذا الأخير في الكافي.
وأطلقهن في الفروع.
وقال ويتوجه على القولين تخريج إن أراد إن فعلت كذا وفعله وتخريج لأفعلن.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله وهذه لام القسم فلا تذكر إلا معه مظهرا أو مقدرا وتقدم إذا قال قسما بالله أو "أليه بالله".

فائدتان:
إحداهما: إذا قال حلفت ولم يكن حلف فقال الإمام أحمد رحمه الله هي كذبه ليس عليه يمين.
قال المصنف في المغنى والكافي والشارح هذا المذهب.
وقدمه في الكافي والمغنى والشرح والرعايتين وغيرهم.
واختاره أبو بكر وغيره.
وعنه عليه كفارة لأنه أقر على نفسه.
وتقدم نظير ذلك في الطلاق في باب صريح الطلاق وكنايته.
الثانية: تقدم انعقاد يمين الكافر.
وياتي اخر الباب بما يكفر به.
قوله: "فصل في كفارة اليمين وهي تجمع تخييرا وترتيبا فيخير فيها بين ثلاثة أشياء إطعام عشرة مساكين".
وسواء كان جنسا أو أكثر.
"أو كسوتهم".
ويجوز أن يطعم بعضا ويكسو بعضا على الصحيح من المذهب نص عليه.
وفيه قول قاله أبو المعالي لا يجوز ذلك كبقيه الكفارات من جنسين وكعتق مع غيرة أو إطعام وصوم.
قال في القاعدة الحادية بعد المائة وفيه وجه لا يجزئ.
ذكرة المجد في شرح الهداية في باب زكاة الفطر.
قوله: "والكسوة للرجل ثوب يجزئه ان يصلي فيه وللمرأة درع وخمار".
الصحيح من المذهب انه يلزمه من الكسوة ما يجزئ صلاة الأخذ فيه مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وقال في التبصرة: ما يجزئ صلاة الفرض فيه.
وكذا نقل حرب يجوز فيه الفرض.
تنبيه ظاهر كلام المصنف اجزاء ما يسمى كسوة ولو كان عتيقا وهو صحيح إذا لم تذهب قوته.

جزم به في الفروع وغيره.
وقال في المغنى والشرح يجزئ الحرير.
وقال في الترغيب يجزئ ما يجوز للأخذ لبسه.
فائدة: لو أطعم خمسة وكسا خمسة أجزأه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج عدم الإجزاء كإعطائه في الجبران شاة وعشرة دراهم.
وتقدم ذلك قريبا.
ولو أطعمه بعض الطعام وكساه بعض الكسوة لم يجزئه.
وإن اعتق نصف عبد وأطعم خمسة مساكين أو كساهم لم يجزئه.
ولو أتى ببعض واحد من الثلاثه ثم عجز عن تمامه فقال المصنف وجماعه ليس له التتميم بالصوم.
قال الزركشي وقد يقال بذلك كما في الغسل والوضوء مع التيمم.
وأجاب عنه المصنف.
ورده الزركشي.
وتقدم في الظهار إذا اعتق نصفي عبدين.
قوله: "فمن لم يجد فصيام ثلاثه أيام".
لا ينتقل إلى الصوم إلا إذا عجز عجزا كعجزة عن زكاة الفطر على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم به الخرقى والزركشي وغيرهما.
وقيل كعجزة عن الرقبه في الظهار على ما تقدم في كتاب الظهار.
وهو ظاهر كلامه في الشرح.
وتقدم هناك أيضا هل الاعتبار في الكفارة بحاله الوجوب أو بأغلظ الاحوال؟ في كلام المصنف.
قوله: "متتابعة".
على الصحيح من المذهب.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وجوب التتابع في الصيام إذا لم يكن عذر.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب.

قال الزركشى هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه له تفريقها.
فائدة: لو كان له مال غائبا ويقدر على الشراء بنسيئه لم يجزئه الصوم على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر.
قال الزركشى بلا نزاع أعلمه.
وقيل يجزئه فعل الصوم.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في الظهار.
وإن لم يقدر على الشراء مع غيبة ماله أجزأة الصوم على الصحيح من المذهب.
صححه في الرعايتين.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يجزئه الصوم.
قدمه الزركشى وقال هو مقتضى كلام الخرقى ومختار عامة الأصحاب حتى إن أبا محمد وأبا الخطاب والشيرازي وغيرهم جزموا بذلك.
وتقدم ذلك وغيرة مستوفى في كفارة الظهار.
وتقدم هناك إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق هل يلزمه الانتقال أم لا؟.
قوله: إن شاء قبل الحنث وإن شاء بعده.
هذا المذهب بلا ريب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والمحرر والوجيز وغيرهم من الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الواضح على رواية حنثه بعزمه على مخالفه يمينه بنيته لا يجوز بل لا يصح.
وفيه رواية لا يجوز التكفير قبل الحنث بالصوم لأنه تقديم عبادة كالصلاة.
واختار بن الجوزى في التحقيق أنه لا يجوز كحنث محرم في وجه.
وأما الظهار وما في حكمه فلا يجوز له فعل ذلك إلا بعد الكفارة على ما مضى في بابه.

فوائد:
إحداها: حيث قلنا بالجواز فالتقديم والتأخير سواء في الفضيلة على الصحيح من المذهب.
قال في القواعد الأصولية وغيره هذا المذهب.
اختاره المصنف وغيره.
وعنه التكفير بعد الحنث أفضل.
وقاله بن أبى موسى.
قلت وهو الصواب للخروج من الخلاف.
وعورض بتعجيل النفع للفقراء.
ونقل بن هانئ قبله أفضل.
ونقل بن منصور تقدم الكفارة واجبه فله أن يقدمها قبل الحنث لا تكون أكثر من الزكاة.
الثانية: ظاهر كلام المصنف أن التخيير جار إن كان الحنث حراما.
وهو ظاهر كلام الخرقى وكثير من الأصحاب وهو أحد الوجهين.
والوجه الثاني: لا يجزئه التكفير قبل الحنث.
قدمه في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما الزركشي وتقدم قريبا.
الثالثة: الكفارة قبل الحنث محللة لليمين للنص.
الرابعة: لو كفر بالصوم قبل الحنث لفقره ثم حنث وهو موسر فقال المصنف في المغنى والشارح وغيرهما لا يجزئه لأنا تبينا أن الواجب غير ما أتى به.
قال في القاعدة الخامسة وإطلاق الأكثر مخالف لذلك لأنه كان فرضه في الظاهر.
الخامسة: نص الإمام أحمد رحمه الله على وجوب كفارة اليمين والنذر على الفور إذا حنث وهو الصحيح من المذهب.
وقيل لا يجبان على الفور.
قال ذلك بن تميم والقواعد الأصولية وغيرهما.
وتقدم ذلك في أول باب إخراج الزكاة.
قوله: "ومن كرر إيمانا قبل التكفير فعليه كفارة واحدة".
يعنى إذا كان موجبها واحدا.

وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي.
وذكر أبو بكر أن الإمام أحمد رحمه الله رجع عن غيره.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
قال ناظم المفردات هذا الأشهر.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لكل يمين كفارة كما لو اختلف موجبها.
ومحل الخلاف إذا لم يكفر.
أما إن كفر بحنثه في أحدها ثم حنث في غيرها فعليه كفارة ثانية بلا ريب.
قوله: "والظاهر أنها إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة وإن كانت على أفعال فعليه لكل يمين كفارة".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
حكاها في الفروع وغيره.
فالذي على فعل واحد نحو والله لا قمت والله لا قمت وما أشبهه.
والذي على أفعال نحو والله لا قمت والله لا قعدت وما أشبهه.
واختاره في العمدة.
ونقل عبد الله أعجب إلى أن يغلظ على نفسه إذا كرر الأيمان أن يعتق رقبة فان لم يمكنه أطعم.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك في الحكم الحلف بنذور مكررة أو بطلاق مكفر قاله الشيخ تقى الدين رحمه الله.
نقل بن منصور فيمن حلف نذورا كثيرة مسماة إلى بيت الله ان لا يكلم اباه أو اخاه فعليه كفارة يمين.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله فيمن قال الطلاق يلزمه لأفعل كذا وكرره لم يقع أكثر من طلقة إذا لم ينو انتهى.

الثانية: لو حلف يمينا على اجناس مختلفة فعليه كفارة واحدة حنث في الجميع أو في واحد وتنحل يمينه في البقية.
قوله: "وان كانت الأيمان مختلفة الكفارة كالظهار واليمين بالله تعالى فلكل يمين كفارتها".
بلا نزاع لانتفاء التداخل لعدم الاتحاد.
قوله: "وكفارة العبد الصيام وليس لسيده منعه منه".
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وقيل إن حلف باذنه فليس له منعه وإلا كان له منعه.
وكذا الحكم في نذره.
قاله في الفروع وغيره.
فائدة: اعلم أن تكفير العبد بالمال في الحج والظهار والأيمان ونحوها للأصحاب فيها طرق.
أحدها: البناء على ملكه وعدمه.
فان قلنا يملك فله التكفير بالمال في الجملة وإلا فلا.
وهي طريقة القاضي وأبى الخطاب وابن عقيل وأكثر المتأخرين
لأن التكفير بالمال يستدعي ملك المال ف إذا كان هذا غير قابل للملك بالكلية ففرضه الصيام خاصة.
وعلى القول بالملك فانه يكفر بالإطعام.
وهل يكفر بالعتق على روايتين.
وهل يلزمه التكفير بالمال أو يجوز له مع اجزاء الصيام.؟
قال بن رجب في الفوائد المتوجه ان كان في ملكه مال فأذن له السيد.بالتكفير منه لزمه ذلك وإن لم يكن في ملكه بل اراد السيد ان يملكه ليكفر لم يلزمه كالحر المعسر إذا بذل له مال.
قال وعلى هذا يتنزل ماذكره صاحب المغنى من لزوم التكفير بالمال في الحج ونفى اللزوم في الظهار.
الطريقه الثانية: في تكفيرة بالمال باذن السيد روايتان مطلقتان سواء قلنا يملك أو لا يملك.
حكاها القاضي في المجرد عن شيخه بن حامد وغيرة من الأصحاب.
وهي طريقة أبي بكر.

فوجه عدم تكفيرة بالمال مع القول بالملك أن تملكه ضعيف لا يحتمل المواساة.
ووجه تكفيرة بالمال مع القول بانتفاء ملكه له مأخذان.
أحدهما: أن تكفيره بالمال إنما هو تبرع له من السيد وإباحه والتكفير عن الغير لا يشترط دخوله في ملك المكفر عنه كما نقول في رواية في كفارة المجامع في رمضان إذا عجز عنها وقلنا لا يسقط تكفير غيرة عنه الا باذنه جاز ان يدفعها إليه وكذلك في سائر الكفارات على إحدى الروايتين
ولو كانت قد دخلت في ملكه لم يجز ان يأخذها هو لأنه لا يكون حينئذ اخراجا للكفارة.
والمأخذ الثاني: أن العبد ثبت له ملك قاصر بحسب حاجته إليه وإن لم يثبت له الملك المطلق التام فيجوز أن يثبت له في المال المكفر به ملك يبيح له التكفير بالمال دون بيعه وهبته كما أثبتنا له في الأمة ملكا قاصرا أبيح له به التسري بها دون بيعها وهبتها.
وهذا اختيار الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وقال الزركشي في باب الفدية ذهب كثير من متقدمي الأصحاب إلى ان له التكفير باذن السيد وإن لم نقل بملكه بناء على أحد القولين من أن الكفارة لا يشترط دخولها في ملك المكفر عنه وأنه يثبت له ملك خاص بقدر ما يكفر انتهى.
وقال في "كتاب الظهار" ظاهر كلام أبى بكر وطائفة من متقدمي الأصحاب وإليه ميل أبى محمد جواز تكفيره بالمال بإذن السيد وإن لم نقل إنه يملك ولهم مدركان.
أحدهما: أنه يملك القدر المكفر به ملكا خاصا.
والثاني: ان الكفارة لا يلزم أن تدخل في ملك المكفر انتهى.
ووجه التفريق بين العتق والاطعام أن التكفير بالعتق يحتاج إلى ملك بخلاف الإطعام ذكره بن أبى موسى.
ولهذا لو أمر من عليه الكفارة رجلا أن يطعم عنه ففعل أجزأ.
ولو أمره أن يعتق عنه ففي إجزائه عنه روايتان.
ولو تبرع الوارث بالإطعام الواجب عن مورثه صح.
ولو تبرع عنه بالعتق لم يصح.
ولو أعتق الأجنبي عن الموروث لم يصح ولو أطعم عنه فوجهان.
وقال في الفروع ويكفر العبد بالإطعام بإذنه.
وقيل ولو لم يملك وفيه بعتق روايتان.
اختار أبو بكر ومال إليه المصنف وغيره جواز تكفيره بالعتق.

قال في الفروع فان جاز وأطلق ففي عتقه نفسه وجهان انتهى.
وأطلقهما في المغنى والشرح والقواعد الأصولية.
قلت الصواب الجواز والأجزاء.
قال الزركشى جاز ذلك على مقتضى قول أبي بكر.
تنبيه: حيث جاز له التكفير باذن السيد فقال القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم يلزمه التكفير وقال المصنف في الكفارات لا يلزمه على كلا الروايتين وإن أذن له سيده.
وقال الزركشى في الظهار تردد الأصحاب في الوجوب والجواز وتقدم معناه قريبا.
الطريقه الثالثة: أنه لا يجزئ التكفير بغير الصيام بحال على كلا الطريقتين
وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في كتاب الظهار وصاحب التلخيص وغيرهما لأنه وإن قلنا يملك فملكه ضعيف فلا يكون مخاطبا بالتكفير بالمال بالكليه فلا يكون فرضه غير الصيام بالأصالة بخلاف الحر العاجز فإنه قابل للتمليك التام.
قال بن رجب ومن هنا والله أعلم قال الخرقى في العبد إذا حنث ثم عتق لا يجزئه التكفير بغير الصوم بخلاف الحر المعسر إذا حنث ثم أيس.
وقال أيضا في العبد إذا فاته الحج يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوما.
وقال في الحر المعسر يصوم في الإحصار صيام المتمتع.
قوله: "ومن نصفه حر فحكمه في الكفارة حكم الأحرار".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح ونصراه والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يكفر بالمال.
فائدة: يكفر الكافر ولو كان مرتدا بغير الصوم لأن يمينه تنعقد كالمسلم كما تقدم.

باب جامع الأيمان
:
قوله: يرجع في الأيمان إلى النية.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال القاضي يقدم عموم لفظه على النية احتياطا.

تنبيه: قوله يرجع في الأيمان إلى النية مقيد بأن يكون الحالف بها غير ظالم نص عليه على ما تقدم وأن يحتملها لفظه مطلقا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين.
وجزم به أبو محمد الجوزي.
وصححه في تصحيح المحرر.
وقال في المحرر وجماعة ويقبل منه في الحكم إذا قرب الإحتمال وإن قوى بعده منه لم يقبل وإن توسط فروايتان.
وأطلقهما في الفروع.
وتقدم ذلك في أول باب التأويل في الحلف.
وتقدم تصوير بعض مسائل من ذلك وذكر الخروج من مضايق الأيمان مستوفى في باب التأويل في الحلف في أوله وأخره فليراجع.
قوله: فإن لم يكن له نية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به الخرقى والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الفروع وقدم السبب على النية الخرقى والإرشاد والمبهج.
وحكى رواية.
وقدمه القاضي بموافقته للوضع.
وعنه يقدم عموم لفظه على سبب اليمين احتياطا.
وذكر القاضي وعلى النية أيضا انتهى.
وقال الزركشي اعتمد عامة الأصحاب تقديم النية على السبب.
وعكس ذلك الشيرازي فقدم السبب على النية انتهى.
قلت وقطع به في الإرشاد.
وقول صاحب الفروع وقدم الخرقى السبب على النية غير مسلم.
وقال الزركشي أيضا لما تكلم على كلام الخرقى إذا لم ينو شيئا لا ظاهر اللفظ ولا غير ظاهره رجع إلى سبب اليمين وما هيجها أي أثارها.
فإذا حلف لا يأوى مع امرأته في هذه الدار وكان سبب يمينه غيظا من جهة الدار لضرر لحقه من جيرانها أو منة حصلت عليه بها ونحو ذلك اختصت يمينه بها كما هو مقتضى اللفظ.

وإن كان لغيظ من المرأة يقتضى جفاءها ولا أثر للدار فيه تعدى ذلك إلى كل دار للمحلوف عليها بالنص وما عداها بعلة الجفاء التي اقتضاها السبب.
وكذلك إذا حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ولا يكلم زيدا لشربه الخمر فزال الظلم وترك زيد شرب الخمر جاز له الدخول والكلام لزوال العلة المقتضية لليمين.
وكلام الخرقى يشمل ما إذا كان اللفظ خاصا والسبب يقتضي التعميم كما مثلناه أولا أو كان اللفظ عاما والسبب يقتضي التخصيص كما مثلناه ثانيا.
ولا نزاع بين الأصحاب فيما علمت في الرجوع إلى السبب المقتضى للتعميم واختلف في عكسه.
فقيل فيه وجهان.
وقيل روايتان.
وبالجملة فيه قولان أو ثلاثة.
أحدها: وهو المعروف عن القاضي في التعليق وفي غيره واختيار عامة أصحابه الشريف وأبى الخطاب في خلافيهما يؤخذ بعموم اللفظ وهو مقتضى نص الإمام أحمد رحمه الله وذكره.
والقول الثاني: وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي محمد وحكى عن القاضي في موضع يحمل اللفظ العام على السبب ويكون ذلك السبب مبنيا على أن العام أريد به خاص.
والقول الثالث: لا يقتضي التخصيص فيما إذا حلف لا يدخل البلد لظلم راه فيه ويقتضي التخصيص فيما إذا دعى إلى غداء فحلف لا يتغدى أو حلف لا يخرج عبده ولا زوجته إلا بإذنه والحال يقتضى ما داما كذلك.
وقد أشار القاضي إلى هذا التعليق انتهى كلام الزركشى.
وقال في القاعده الرابعه والعشرين بعد المائه وتبعه في القواعد الأصوليه هل يخص اللفظ العام بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضى له أم يقضى بعموم اللفظ فيه وجهان.
أحدهما: العبرة بعموم اللفظ.
اختاره القاضي في الخلاف والآمدي وأبو الفتح الحلواني وأبو الخطاب وغيرهم.
وأخذوه من نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية علي بن سعيد فيمن حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه ثم زال الظلم.
قال الإمام أحمد رحمه الله النذر يوفي به.
والوجه الثاني: العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.

وهو الصحيح عند صاحب المغنى والبلغة والمحرر.
لكن المجد استثنى صورة النهر وما أشبهها كمن حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ثم زال الظلم.
فجعل العبرة في ذلك بعموم اللفظ.
وعدى المصنف الخلاف إليها.
ورجحه ابن عقيل في عمد الأدلة وقال هو قياس المذهب.
وجزم به القاضي في موضع من المجرد.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة وذكره.
قال في القواعد وهذا أحسن.
وقد يكون لحظ هذا جده.
قوله: "وإن حلف ليقضينه حقه غدا فقضاه قبله لم يحنث إذا قضاه قبل الغد لم يحنث إذا قصد أن لا يجاوزه قولا واحد".
وكذا لا يحنث أيضا إذا كان السبب يقتضيه وإلا حنث على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعند القاضي وأصحابه لا يحنث ولو كان السبب لا يقتضيه أيضا.
وتقدم كلام الزركشي ونقله.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو حلف لآكلن شيئا غدا أو لابيعنه أو لافعلنه.
فأما إن حلف لأقضينه حقه غدا وقصد مطله فقضاه قبله حنث.
قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا ونوى اليوم لم يحنث بالدخول في غيره".
ويقبل قوله في الحكم على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وعنه لا يقبل في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى.

قوله: "وإن دعى إلى غداء فحلف لا يتغدى اختصت يمينه به إذا قصده".
وهذا المذهب.
قال في الفروع لم يحنث بغيره على الأصح.
وجزم به في المغنى والمجد والشرح والوجيز وشرح ابن منجا وغيرهم.
وجزم به القاضي في الكفاية.
وعنه يحنث.
قوله: "وإن حلف لا يشرب له الماء من العطش يقصد قطع المنة أو كان السبب قطع المنة".
حنث بأكل خبزه واستعاره دابته وكل ما فيه المنة.
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وذكر ابن عقيل لا أقل كقعوده في ضوء ناره.
تنبيه: قوله: "وإن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوبا حنث".
وكذا إن انتفع بثمنه.
ومفهومه أنه لو انتفع بشيء من مالها غير الغزل وثمنه أنه لا يحنث وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في المغنى والشرح.
وقدمه في الفروع.
وقيل يحنث بقدر منته فأزيد.
جزم به في الترغيب.
وفي التعليق والمفردات وغيرهما يحنث بشئ منها لأنه لا يمحو منتها إلا بالامتناع مما يصدر عنها مما يتضمن منة ليخرج مجرى الوضع العرفى.
وكذا سوى الآدمي البغدادي في منتخبه بينها وبين التي قبلها وإنه يحنث بكل ما فيه منة.
وقال في الروضة إن حلف لا يأكل له خبزا والسبب المنة حنث بأكل غيره كائنا ما كان وأنه إن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس عمامة أو عكسه إن كانت امتنت بغزلها حنث بكل ما يلبسه منه انتهى.

وكذا منع ابن عقيل الحالف على خبز غيره من لحمه ومائه.
قوله: "وإن حلف لا يأوي معها في دار يريد جفاءها ولم يكن للدار سبب هيج يمينه فأوى معها في غيرها حنث".
وكذا لو حلف فقال لا عدت رأيتك تدخلينها ينوي منعها حنث ولو لم يرها.
ونقل بن هانئ أقل الأيواء ساعة.
وجزم به في الترغيب.
قوله: "وإن حلف لعامل لا يخرج إلا بإذنه فعزل أو على زوجته فطلقها أو على عبده فاعتقه ونحوه يريد ما دام كذلك".
انحلت يمينه وإن لم تكن له نيه انحلت يمينه أيضا ذكره القاضي لأن الحال تصرف اليمين إليه.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
قال المصنف هنا هذا أولى لأن السبب يدل على النيه فصار كالمنوى سواء.
وذكر القاضي أيضا في موضع آخر أن السبب إذا كان يقتضى التعميم عممناها به وإن اقتضى الخصوص مثل من نذر لا يدخل بلدا لظلم راه فيه فزال الظلم فقال الإمام أحمد رحمه الله النذر يوفى به.
قال في الفروع ومع السبب فيه روايتان.
ونصه يحنث.
وتقدم كلام الزركشى وصاحب القواعد.
وقال في المغنى والشرح وإن لم يكن له فيه نيه فكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضى روايتين وذكراه.
قوله: "وإن حلف لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى فلان القاضي فعزل انحلت يمينه إن نوى ما دام قاضيا".
قال بن نصر الله في حواشيه على الفروع قوله انحلت يمينه فيه نظر لأن المذهب عود الصفه فيحمل على أنه نوى تلك الولاية وذلك النكاح ونحوه انتهى.
قوله: "وإن لم ينو احتمل وجهين".
وهما روايتان وهما كالوجهين المتقدمين في المسألة التي قبلها.
أحدهما: تنحل يمينه.
صححه في التصحيح.

وهو ظاهر كلامه في الوجيز وظاهر ما اختاره المصنف اولاً.
والوجه الثاني: لا تنحل يمينه.
قال في الفروع ونصه يحنث.
قال القاضي قياس المذهب لا تنحل يمينه.
وتقدم كلام الزركشي وصاحب القواعد لأن هذه المسائل من جملة القاعدة.
وقال في الترغيب إن كان السبب أو القرائن تقتضي حالة الولاية اختص بها وإن كانت تقتضي الرفع إليه بعينه مثل أن يكون مرتكب المنكر قرابة الوالي مثلا وقصد إعلامه بذلك لأجل قرابته تناول اليمين حال الولاية والعزل وإلا فوجهان.
فعلى الوجه الأول لو رأى المنكر في ولايته فأمكنه رفعه فلم يرفعه إليه حتى عزل لم يبر برفعه إليه في حال عزله.
وهل يحنث بعزله فيه وجهان.
واطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
أحدهما: يحنث بعزله.
قلت وهو أولى.
والوجه الثاني: لا يحنث بعزله.
وإن مات قبل إمكان رفعه إليه حنث أيضا على الصحيح.
قدمه في المغنى والشرح.
وقيل لا يحنث.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
قلت وهو أولى.
وأطلقهما في الفروع.
وأما على الوجه الثاني وهو كون يمينه لا تنحل في أصل المساله لو رفعه إليه بعد عزله بر بذلك.
فائدة: إذا لم يعين الوالي إذن ففي تعيينه وجهان في الترغيب للتردد بين تعيين العهد والجنس وتابعه في الفروع.
وقال في الترغيب أيضا لو علم به بعد علمه فقيل فات البر كما لو رآه معه.
وقيل لا لإمكان صورة الرفع.
فعلى الأول هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان.

وكذا قوله جوابا لقولها تزوجت علي كل امرأة لي طالق تطلق على نصه.
وقطع به جماعه أخذا بالأعم من لفظ وسبب.
قوله: "فإن عدم ذلك يعني النيه وسبب اليمين وما هيجها رجع إلى التعيين هذا المذهب".
جزم به هنا في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي.
وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم وصححه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يقدم الإسم شرعا أو عرفا أو لغه على التعيين.
وقال في الهدايه والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة فإن عدم النيه والسبب رجعنا إلى ما يتناوله الإسم.
فإن اجتمع الإسم والتعيين أو الصفه والتعيين غلبنا التعيين.
فإن اجتمع الإسم والعرف فقال في المذهب والخلاصة فأيهما يغلب فيه وجهان.
قال في الهداية فقد اختلف أصحابنا فتارة غلبوا الاسم وتاره غلبوا العرف.
قال في الفروع وذكر يوسف بن الجوزى النيه ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغه انتهى.
وقال في المذهب الأحمد النيه ثم السبب ثم التعيين ثم إلى ما يتناوله الاسم وإن كان للفظ عرف غالب حمل كلام الحالف عليه.
قوله: "فإذا حلف لا يدخل دار فلان هذه فدخلها وقد صارت فضاء أو حماما أو مسجدا أو باعها أو لا لبست هذا القميص فجعله سراويل أو رداء أو عمامة ولبسه أو لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا أو امراة فلان أو صديقه فلانا أو غلامه سعدا فطلقت الزوجة وزالت الصداقه وعتق العبد وكلمهم أو لا أكلت لحم هذا الحمل فصار كبشا أو لا أكلت هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا نص عليه أو خلا أو لا اكلت هذا اللبن فتغير أو عمل منه شيء فأكله حنث في ذلك كله".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب منهم ابن عقيل في التذكرة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو اصح.

قال في الفروع بعد ان ذكر ذلك كله وغيره إذا فعل ذلك ولا نية ولا سبب حنث.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى وغيرهم.
ويحتمل أن لا يحنث.
واختاره ابن عقيل.
واختار القاضي والمصنف والشارح أنه لو حلف لا أكلت هذه البيضة فصارت فرخا أو لا أكلت هذه الحنطة فصارت زرعا فأكله أنه لا يحنث.
قالا وعلى قياسه لو حلف لا شربت هذا الخمر فصار خلا.
فاستثنوا هذه المسائل من أصل هذه القاعدة.
قال الزركشي وعن ابن عقيل أنه طرد القول حتى في البيضة والزرع.
قال الزركشي ولعله أظهر.
قلت وهو المذهب كما تقدم.
فائدة: "لو حلف لا يدخل دار فلان ولم يقل هذه أو لا أكلت التمر الحديث فعتق أو الرجل الصحيح فمرض أو لا دخلت هذه السفينة فنقضت ثم أعيدت ففعل حنث بلا نزاع في ذلك إلا أن في السفينة احتمالا بعدم الحنث".
قوله: "فان عدم ذلك يعني النية وسبب اليمين وما هيجها والتعيين رجعنا إلى ما يتناوله الاسم".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وصححه في المحرر والنظم والحاوى وغيرهم.
وقيل يقدم ما يتناوله الاسم على التعيين وتقدم ذلك.
وتقدم كلام يوسف بن الجوزي فإنه يقدم النية ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغة.
فائدة: "الاسم يتناول العرفى والشرعى واللغوي فيقدم اللفظ الشرعي والعرفي على اللغوي على الصحيح من المذهب".
جزم به في المحرر والنظم.
وقدمه في الرعايتين والحاوى الصغير.

وقيل عكسه.
وقال ابن عبدوس في تذكرته يقدم الاسم عرفا ثم شرعا ثم لغة.
فأفادنا تقديم العرفي على الشرعي.
وقدم ولد بن الجوزي العرف ثم اللغة كما تقدم.
قوله: "واليمين المطلقة تنصرف إلى الموضوع الشرعي وتتناول الصحيح منه ف إذا حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا أو لا ينكح فنكح نكاحا فاسدا لم يحنث".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به الخرقي وفي الوجيز وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار من الأوجه.
وعنه يحنث في البيع وحده.
وقيل يحنث في بيع ونكاح مختلف فيه.
واختاره بن أبي موسى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أنه يحنث إذا باع بيعا صحيحا بشرط الخيار وهو كذلك وهو المذهب مطلقا.
وقال القاضي في الخلاف لو باع بشرط الخيار هل يحنث ينبني على نقل الملك وعدمه.
وأنكر ذلك المجد عليه.
ذكره في القاعدة السابعة والخمسين.
فائدة: لو حلف لا يحج فحج حجا فاسدا حنث.
قاله في الفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قوله: "إلا أن يضيف اليمين إلى شيء لا يتصور فيه الصحة مثل أن يحلف لا يبيع الخمر أو الحر فيحنث بصورة البيع".
هذا المذهب.
قال المصنف والشارح وابن منجا في شرحه هذا أولى.

قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في المحرر والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يحنث مطلقا.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
وذكر القاضي فيمن قال لامرأته إن سرقت مني شيئا وبعتينيه فأنت طالق ففعلت لم تطلق.
وقال القاضي أيضا لو قال إن طلقت فلانة الأجنبية فانت طالق فوجد لم تطلق.
فائدتان:
أحداهما: الشراء مثل البيع في ذلك على الصحيح من المذهب.
وخالف في عيون المسائل في سرقت مني شيئا وبعتينيه كما لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا.
الثانية: لو حلف لا تسريت فوطئ جاريته حنث.
ذكره أبو الخطاب كحلفه لا يطأ.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقال القاضي لا يحنث حتى ينزل فحلا كان أو خصيا.
ونقل بن منصور إن حلف وليست في ملكه حنث بالوطء وإن حلف وقد ملكها حنث بالوطء بشرط أن لا يعزل.
قاله في الفروع وغيره.
وعنه إن عزل لم يحنث.
وعنه في مملوكة وقت حلفه انتهى.
قوله: "وإن حلف لا يصوم لم يحنث حتى يصوم يوما".
هذا أحد الوجوه.
وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب والشرح وشرح ابن منجا.

وقدمه في الرعايتين.
واختاره المجد في محرره.
وجزم به في الهداية والخلاصة.
وقيل يحنث بالشروع الصحيح وهو المذهب.
اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والفروع وقال قاله الأصحاب.
وقيل يحنث بالشروع الصحيح إن قلنا يحنث بفعل بعض المحلوف.
فائدتان:
إحداهما: لو حلف لا يصوم صوما لم يحنث حتى يصوم يوما بلا نزاع.
الثانية لو حلف لا يحج حنث بإحرامه على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يحنث إلا بفراغه من أركانه.
قوله: "وإن حلف لا يصلى لم يحنث حتى يصلى ركعة".
يعني بسجدتيها هذا أحد الوجوه.
اختاره أبو الخطاب.
قال ابن منجا في شرحه هذا أصح.
وقال القاضي إن حلف لا صليت صلاة لم يحنث حتى يفرغ مما يقع عليه اسم الصلاة وإن حلف لا يصلي حنث بالتكبير.
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع والنظم.
وقيل يحنث إن قلنا حنث بفعل بعض المحلوف.
وهو احتمال للمصنف.
وقيل لا يحنث حتى تفرغ الصلاة كقوله صلاة أو صوما وكحلفه ليفعلنه اختاره في المحرر.
وقيل يحنث بصلاة ركعتين.
وهو رواية في الشرح لأنه أقل ما يقع عليه اسم الصلاة على رواية.
وقال في الترغيب على الأول والثاني يخرج إذا أفسده.

فوائد:
الأولى: لو كان حال حلفه صائما أو حاجا ففي حنثه وجهان.
وأطلقهما في الرعاية.
قال في الفروع وفي حنثه باستدامة الثلاثة وجهان.
يعني الصلاة والصوم والحج.
الثانية: شمل قوله لا يصلى صلاة الجنازة ذكره أبو الخطاب وغيره واقتصر عليه في الفروع.
قال المجد وغيره والطواف ليس بصلاة مطلقة ولا مضافة فلا يقال صلاة الطواف.
وفي كلام الإمام أحمد رحمه الله الطواف صلاة.
وقال أبو الحسين وغيره عن قوله عليه أفضل الصلاة والسلام الطواف بالبيت صلاة يوجب أن يكون الطواف بمنزلة الصلاة في جميع الأحكام إلا فيما استثناه وهو النطق.
وقال القاضي وغيره الطواف ليس بصلاة في الحقيقة لأنه أبيح فيه الكلام والأكل وهو مبني على المشي فهو كالسعي.
الثالثة: قوله: "وإن حلف لا يهب زيدا شيئا ولا يوصي له ولا يتصدق عليه ففعل ولم يقبل زيد حنث".
بلا نزاع أعلمه.
لكن قال في الموجز والتبصرة والمستوعب مثله في البيع قاله في الفروع.
والذي رأيته في المستوعب فإن حلف لا يبيع فباع ولم يقبل المشتري لم يحنث.
وقال القاضي مثل قول صاحب الموجز والتبصرة في إن بعتك فأنت حر.
وقال في الترغيب إن قال لآخر إن اشتريته فهو حر فاشتراه عتق من بائعه سابقا للقبول.
وجزم في النظم وغيره أنه إذا حلف لا يبيع ولا يؤجر ولا يزوج فأوجب ولم يقبل الآخر أنه لا يحنث.
قوله: "وإن حلف لا يتصدق عليه فوهبه لم يحنث".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والبلغة والمحرر والنظم والمغنى والشرح وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث.

قوله: "وإن حلف لا يهبه فتصدق عليه حنث".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي والمصنف والشارح وقدماه.
وصححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز.
قال في تصحيح المحرر هذا المذهب.
وقيل لا يحنث.
اختاره أبو الخطاب في الهداية.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
واطلقهما في المذهب والفروع والحاوى الصغير والرعايتين.
تنبيه محل الخلاف في صدقه التطوع.
أما الصدقة الواجبة والنذر والكفارة والضيافة الواجبة فلا يحنث قولا واحدا.
قوله: "وان أعاره لم يحنث".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الكافي وغيره.
وصححه في المغنى وغيره.
وقيل يحنث.
قدمه في الهداية.
وهو ظاهر ما قدمه في المحرر.
وصححه في الخلاصة.
وأطلقهما في الفروع والمذهب والحاوي والرعايتين والنظم.

قوله: "وان وقف عليه حنث".
وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع.
وقيل لا يحنث كصدقة واجبة ونذر وكفارة وتضييفه وإبرائه.
قوله: "وإن أوصى له لم يحنث".
بلا نزاع أعلمه.
قوله: "وإن باعه وحاباه حنث".
وهو المذهب صححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الهداية.
ويحتمل أن لا يحنث.
وهو لابي الخطاب في الهداية.
واختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور.
وأطلقهما في المذهب والشرح والمحرر والفروع والحاوي الصغير والرعايتين والنظم.
فائدة: لو أهدى إليه حنث على الصحيح من المذهب.
وقال أبو الخطاب لا يحنث.
قوله: "و إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم أو المخ أو الكبد أو الطحال أو القلب أو الكرش أو المصران أو الآلية أو الدماغ أو القانصة لم يحنث".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال القاضي يحنث بأكل الشحم الذي على الظهر والجنب وفي تضاعيف اللحم وهو لحم.

ولا يحنث بأكله من حلف لا يأكل شحما على ما يأتي.
وكذلك الحكم في أنه لا يحنث بأكله الكلية والكارع فلا يحنث في ذلك كله إلا أن ينوي اجتناب الدسم فإذا نوي ذلك حنث.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لو أكل لحم الراس أو لحما لا يؤكل أنه يحنث.
وهو أحد الوجهين.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والنظم.
قال أبو الخطاب يحنث بأكل لحم الخد.
قال الزركشي وهو مناقض لاختياره في الهداية فيما إذا حلف لا يأكل رأسا لم يحنث إلا بأكل رأس جرت العادة بأكله منفردا فغلب العرف.
قال في الخلاصة يحنث بأكل لحم الراس في الأصح.
وأطلقهما في المحرر والحاوي في أكل لحم لا يؤكل.
قال الزركشي ظاهر كلام الخرقى أنه يحنث بأكل كل لحم فتدخل اللحوم المحرمة كلحم الخنزير ونحوه.
وهو أشهر الوجهين وبه قطع أبو محمد انتهى.
وجزم ابن عبدوس في تذكرته أنه يحنث بلحم الراس وبلحم غير مأكول.
قال في المذهب حنث بأكل الرأس في ظاهر المذهب.
والوجه الثاني: لا يحنث حتى ينويه.
قال الزركشي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله واختيار القاضي أنه لا يحنث بأكل خد الرأس.
وحكى عن بن أبي موسى في ذلك كله.
ذكره المصنف والشارح وقالا لو أكل اللسان احتمل وجهين.
وأطلقهما في النظم والرعايتين والفروع.
قال الزركشي لا يحنث بأكل اللسان على أظهر الاحتمالين.
وقال في الكافي لو حلف لا يأكل لحما تناولت يمينه أكل اللحم المحرم.
وقال أبو الخطاب لا يحنث بأكل رأس لم تجر العادة بأكله منفردا.
وقال في المغنى إن أكل رأسا أو كارعا فقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا يحنث
وقدمه في الشرح.

قال القاضي لأن اسم اللحم لا يتناول الرءوس والكوارع.
وياتي في كلام المصنف في الفصل الآتي إذا حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا.
قوله: "وإن أكل المرق لم يحنث".
هذا الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لم يحنث في الأصح.
وصححه ابن منجا في شرحه ونصره المصنف والشارح.
قال الزركشي وهو الصواب.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قال في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح لا يعجبني لأن طعم اللحم قد يوجد في المرق.
قال أبو الخطاب هذا على سبيل الورع.
قال والأقوى لا يحنث انتهى.
وقال بن أبي موسى والقاضي يحنث.
قال الزركشي فناقض القاضي.
وأطلقهما في الرعايتين والنظم.
قوله: "وإن حلف لا يأكل الشحم فأكل شحم الظهر حنث".
وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقى وأبي الخطاب.
ومال إليه المصنف والشارح.
قال الزركشي هو اختيار أكثر الأصحاب والقاضي والشريف وأبى الخطاب والشيرازي وابن عقيل.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا يحنث اختاره بن حامد والقاضي وقال الشحم هو الذي يكون في الجوف من شحم الكلى أو غيره.

قال الزركشي وهو الصواب.
وقال القاضي أيضا وإن أكل من كل شيء من الشاة من لحمها الأحمر والأبيض والآلية والكبد والطحال والقلب فقال شيخنا يعني به بن حامد لا يحنث لأن اسم الشحم لا يقع عليه.
قال في الفروع وهل بياض اللحم كسمين ظهر وجنب وسنام لحم أو شحم فيه وجهان.
واطلق الوجهين في أصل المسألة في النظم.
فائدة: لو حلف لا يأكل شحما حنث بأكل الآلية لا اللحم الأحمر على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال القاضي ومن وافقه ليست الآلية شحما ولا لحما.
وقال الخرقي يحنث بأكل اللحم الأحمر.
وقال غيره من الأصحاب لا يحنث وهو المذهب كما تقدم.
وتأتي مسألة الخرقى في كلام المصنف.
قوله: "وإن حلف لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو سمنا أو كشكا أو مصلا أو جبنا لم يحنث".
وكذا لو أكل أقطا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في أكل الزبد.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والنظم.
والحاوي الصغير والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين.
وقال القاضي يحتمل أن يقال في الزبد إن ظهر فيه لبن حنث بأكله.
وإلا فلا كما لو حلف لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
وهو ظاهر ما جزم به المصنف وغيره في قوله إذا حلف لا يأكل فأكله مستهلكا في غيره.
وقال في الرعايتين وعنه إن أكل الجبن أو الأقط أو الزبد حنث.
قوله: "وإن حلف على الزبد والسمن فأكل لبنا لم يحنث" وهو المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز

والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في شرح ابن منجا.
وقال المصنف والشارح إن أكل لبنا لم يظهر فيه الزبد لم يحنث وإن كان الزبد فيه ظاهرا حنث.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى فأكل حليبا أو مخيضا أو جامدا لم يظهر زبده لم يحنث.
فائدة: لو حلف لا يأكل زبدا فأكل سمنا لم يحنث وفي عكسه وجهان قاله في الرعايتين.
وجزم في الكافي أنه لا يحنث أيضا.
قوله: "وإن حلف على الفاكهة فأكل من ثمر الشجر كالجوز واللوز والرمان حنث" إن أكل من ثمر الشجر رطبا حنث بلا نزاع.
وإن أكل منه يابسا كحب الصنوبر والعناب والزبيب والتمر والتين والمشمش اليابس والاجاص ونحوه حنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع هذا الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والحاوي والرعايتين والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح.
وقيل لا يحنث بأكل ذلك.
وهو احتمال في المغنى والشرح كالحبوب.
فائدتان:
إحداهما: الزيتون ليس من الفاكهة وكذلك البلوط وسائر ثمر الشجر البرى الذي يستطاب كالزعرور الأحمر وثمر القيقب والعفص وحب الآس ونحوه قاله المصنف والشارح وغيرهما.

ووجه في الفروع وجها في الزيتون والبلوط والزعرور أنه فاكهة.
قلت وحب الآس والقيقب كذلك.
والبطم ليس بفاكهة على الصحيح من المذهب.
ويحتمل أنه منها ذكره المصنف والشارح.
الثانية: الثمرة تطلق على الرطبه واليابسه شرعا ولغه قاله في الفروع.
قال وهذا معنى قولهم في السرقه منها وغيره.
وفي طريقه لبعض الأصحاب في السلم اسم الثمرة إذا أطلق للرطبة ولهذا لو أمر وكيله بشراء ثمرة فاشترى ثمرة يابسه لم تلزمه.
وكذا في عيون المسائل وغيرها الثمر اسم للرطب.
قوله: "وإن أكل البطيخ حنث".
هذا المذهب اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
ويحتمل أن لا يحنث.
وهما وجهان مطلقان في المغنى والمحرر والشرح والرعايتين والنظم والحاوى الصغير وغيرهم.
فائدة: قوله: ولا يحنث بأكل القثاء والخيار بلا نزاع.
وكذا لا يحنث بأكل القرع والباذنجان لأنهما من الخضر.
وكذا لا يحنث بأكل ما يكون في الأرض كالجزر واللفت والفجل والقلقاس والسوطل ونحوه.
قوله: وإن حلف لا يأكل رطبا فأكل مذنبا.
وهو الذي بدأ فيه الإرطاب من ذنبه وباقيه بسر حنث وهو المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يحنث اختاره ابن عقيل.

قوله: "وان أكل تمرا أو بسرا أو حلف لا يأكل تمرا" فأكل رطبا أو دبسا أو ناطفا لم يحنث".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر في المبهج رواية بأنه يحنث فيما إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل تمرا.
قوله: "وإن حلف لا يأكل أدما حنث بأكل البيض والشواء والجبن والملح والزيتون واللبن وسائر ما يصطبغ به فإنه يحنث به".
وكذا إذا اكل الملح على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأشهر وملح.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز.
وقيل الملح ليس بادم وما هو ببعيد.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير.
قوله: "وفي التمر وجهان".
وأطلقهما في الهدايه والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والكافي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: هو من الأدم.
وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وهو الصواب.
والوجه الثانى: ليس من الأدم فلا يحنث بأكله.
جزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وهو ظاهر كلام الآدمي في منتخبه.
وقال في الفروع ويتوجه على هذين الوجهين الزبيب ونحوه.
قال وهو ظاهر كلام جماعة.
قلت وهو الصواب وأن ذلك مما يؤتدم به.
وجزم في المغنى والكافى والشرح وغيرهما أنه لا يحنث بأكل الزبيب.
قالوا لأنه من الفاكهة.

فوائد:
الأولى: لو حلف لا يأكل طعاما حنث بأكل كل ما يسمى طعاما من قوت وأدم وحلواء وجامد ومائع.
وفي ماء ودواء وورق شجر وتراب ونحوها وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قال في الرعاية وفي الماء والدواء وجهان.
قلت الصواب أنه لا يحنث بأكل شيء من ذلك ولا يسمى شيء من ذلك طعاما في العرف.
قال في تجريد العناية لا يسمى ذلك طعاما في الأظهر.
وصححه الناظم.
الثانية: لو حلف لا يأكل قوتا حنث بأكل خبز وتمر وتين ولحم ولبن ونحوه على الصحيح من المذهب مطلقا.
قدمه في المغنى والشرح والفروع.
قال في الرعاية الكبرى والقوت ما تبقى معه البنية كخبز وتمر وزبيب ولبن ونحو ذلك.
وكذا قال في النظم.
قال في تجريد العناية لا يختص بقوت بلده في الأظهر انتهى.
ويحتمل أن لا يحنث إلا بما يقتاته أهل بلده.
وإن أكل سويقا أو استف دقيقا أو حبا يقتات بخبزه حنث على الصحيح من المذهب.
ويحتمل أن لا يحنث بأكل الحب.
وإن أكل عنبا أو حصرما أو خلا لم يحنث.
الثالثة: قال في الفروع والعيش يتوجه فيه عرفا الخبز وفي اللغة العيش للحياة فيتوجه ما يعيش به فيكون كالطعام انتهى.
الرابعة: قوله: وإن حلف لا يلبس شيئا فلبس ثوبا أو درعا.أو جوشنا أو خفا أو نعلا حنث بلا نزاع.
وإن حلف لا يلبس ثوبا حنث كيفما لبسه ولو تعمم به ولو ارتدى بسراويل أو ائتزر بقميص لإبطيه وتركه على رأسه ولا بنومه عليه.
وإن تدثر به فوجهان وأطلقهما في الفروع.
جزم ابن عبدوس في تذكرته بعدم الحنث.

وإن قال قميصا فائتزر لم يحنث وإن ارتدى فوجهان.
واطلقهما في الفروع.
جزم في المغنى إنه يحنث وهو ظاهر الرعاية.
وإن حلف لا يلبس قلنسوة فلبسها في رجله لم يحنث لأنه عبث وسفه.
الخامسة: قوله: "وإن حلف لا يلبس حليا فلبس حلية ذهب أو فضة أو جوهر حنث بلا نزاع".
ويحنث أيضا بلبس خاتم في غير الخنصر وجها واحدا.
ووجه في الفروع عدم الحنث.
قلت وهو الصواب في لبس الوسطى والسبابة والإبهام فأما في الخنصر فلا نزاع فيه.
السادسة: قوله: "وإن لبس عقيقا أو سبجا لم يحنث بلا نزاع".
قلت لو قيل بحنثه بلبسه العقيق لما كان بعيدا.
ولا يحنث أيضا بلبس الحرير مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقال في الوسيلة تحنث المرأة بلبس الحرير.
قوله: "وان لبس الدراهم والدنانير في مرسلة فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
والهادى والمغنى والبلغة والمحرر وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما: لا يحنث بلبسه.
وهو ظاهر ما جزم به في الكافى فإنه ذكر ما يحنث به من ذلك ولم يذكرهما وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والثاني: يحنث بلبسه وهو من الحلى.
اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور.
قلت وهو الصواب.
قال في الإرشاد لو لبس ذهبا أو لؤلؤا وحده حنث.
وقال بعض الأصحاب محل الخلاف إذا كانا مفردين.

فوائد:
الأولى: في لبسه منطقه محلاة وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: هي من الحلى.
اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
قلت وهو الصواب.
والوجه الثاني: ليست من الحلى فلا يحنث بلبسها.
قلت ويحتمل أن يرجع في ذلك إلى العرف وعادة من يلبسها هي والدراهم والدنانير.
الثانية: قوله: "وإن حلف لا يركب دابة فلان ولا يلبس ثوبه ولا يدخل داره فركب دابة عبده ولبس ثوبه ودخل داره أو فعل ذلك فيما استأجره فلان حنث بلا نزاع".
لكن لو دخل دارا استعارها السيد لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يحنث بدخول الدار المستعارة.
ولو ركب دابة استعارها لم يحنث قولا واحدا كما قاله المصنف.
الثالثة: لو حلف لا يدخل مسكنه حنث بدخول ما استأجره أو استعاره للسكنى وفي حنثه بدخول مغصوب أو في دار له لكنها لغير السكنى وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه لا يحنث بدخول الدار المغصوبة.
وقال في الترغيب والبلغة والأقوى إن كانت سكنه مرة حنث.
وظاهر المغنى أنه يحنث بدخول الدار المغصوبة.
وجزم به الناظم.
وقال في الرعاية الكبرى وإن قال لا أسكن مسكنه ففيما لا يسكنه من ملك أو يسكنه بغصب فيه وجهان ويحنث بسكنى ما سكنه منه بغصب.
الرابعة: لو حلف لا يدخل ملك فلان فدخل ما استأجره فهل يحنث فيه وجهان في الانتصار.
قلت الصواب أنه لا يحنث وهو المتعارف بين الناس وإن كان مالك المنافع.

قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها حنث".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل إن رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان.
قوله: "وإن دخل طاق الباب احتمل وجهين".
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم.
وهي من جملة مسائل من حلف على فعل شيء ففعل بعضه على ما تقدم في آخر تعليق الطلاق بالشروط.
وقد صرح المصنف بهذه المسألة هناك.
أحدهما: يحنث بذلك مطلقا وهو ظاهر ما اختاره الأكثر على ما تقدم هناك.
والوجه الثاني: لا يحنث به مطلقا وهو ظاهر كلامه في منتخب الآدمي.
وهذا المذهب على ما تقدم.
وقدمه بن رزين في شرحه.
وقال القاضي لا يحنث إذا كان بحيث إذا أغلق الباب كان خارجا وهو الصواب.
صححه ابن منجا في شرحه.
وجزم به في الوجيز.
وقال في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى وإن دخل طاق الباب بحيث إذا أغلق كان خارجا منها فوجهان.
اختار القاضي الحنث ذكره عنه في المستوعب.
فائدة: لو وقف على الحائط فعلى وجهين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والنظم.
قلت الصواب عدم الحنث.
وقدم بن رزين في شرحه الحنث.
قوله: "وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان".
بلا نزاع أعلمه.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
ولو صلى به إماما ثم سلم من الصلاة لم يحنث نص عليه.
وإن ارتج عليه في الصلاه ففتح عليه الحالف لم يحنث بذلك.
فائدة: لو كاتبه أو أرسل إليه رسولا حنث إلا أن يكون أراد أن لا يشافهه.

وروى الأثرم عنه ما يدل على أنه لا يحنث بالمكاتبة إلا أن تكون نيته أو سبب يمينه يقتضى هجرانه وترك صلته.
واختاره المصنف والشارح.
والأول عليه الأصحاب.
وإن أشار إليه ففيه وجهان.
أحدهما: يحنث اختاره القاضي.
والثاني: لا يحنث اختاره أبو الخطاب.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وصححه في النظم.
فإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع لتشاغله وغفلته حنث نص عليه.
وإن سلم على المحلوف عليه حنث.
وتقدم الكلام على هذا والذي قبله في كلام المصنف في تعليق الطلاق بالكلام فليعاود.
قوله: "وان زجره فقال تنح أو اسكت حنث".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا.
وقدمه في المغنى والشرح.
وقال المصنف قياس المذهب انه لا يحنث لأن قرينه صلته هذا الكلام بيمينه تدل على إرادة كلام يستأنفه بعد انقضاء هذا الكلام المتصل كما لو وجدت النيه حقيقة.
فائدة: لو حلف لا يسلم عليه فسلم على جماعة هو فيهم وهو لا يعلم به ولم يرده بالسلام فحكى الأصحاب في حنثه روايتان.
والمنصوص في رواية مهنا الحنث.
قال في القواعد ويشبه تخريج الروايتين على مسأله من حلف لا يفعل شيئا ففعله جاهلا بأنه المحلوف عليه.
قوله: "وإن حلف لا يبتدئه بكلام فتكلما جميعا معا حنث".
هذا أحد الوجهين والمذهب منهما.
وجزم به في الشرح وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي.
وقيل لا يحنث.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوى الصغير والمنور والرعايتين.

وصححه الناظم.
وأطلقهما في الفروع.
فائدة: "لو حلف لا كلمته حتى يكلمنى أو يبدأنى بالكلام فتكلما معا".
حنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز والحاوى الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين.
وقيل لا يحنث واختاره في الرعايتين.
قوله: "وإن حلف لا يكلمه حينا فذلك ستة أشهر نص عليه".
وهو المذهب مطلقا نص عليه.
جزم به الخرقى وصاحب الإرشاد والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايه الصغرى والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قال الزركشى نص عليه الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وقدمه في الرعايه الكبرى والفروع.
وقيل إن عرفه فللأبد كالدهر والعمر.
وقال في الفروع ويتوجه أقل زمن.
تنبيه: محل الخلاف إذا أطلق ولم ينو شيئا.
قوله: "وإن قال زمنا أو دهرا أو بعيدا أو مبليا رجع إلى أقل ما يتناوله اللفظ".
وكذا طويلا وهذا الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب وغيره.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم والفروع.
وقدمه في الرعاية الكبرى في بعيد وملى وطويل.
وقال القاضي هذه الألفاظ كلها مثل الحين إلا بعيدا أو مليا فانه على أكثر من شهر.

وقدمه في الرعايتين في زمن ودهر.
وجزم به في المنور.
وعند بن أبى موسى إذا حلف لا يكلمه زمانا لم يكلمه ثلاثة أشهر.
قوله: "وإن قال عمرا احتمل ذلك".
يعني أنه كزمن ودهر وبعيد ومليء وهو الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وجزم به في الرعايتين والحاوي.
واحتمل أن يكون أربعين عاما.
قال المصنف والشارح هذا قول حسن.
وقال القاضي هو مثل حين كما تقدم.
وجزم به في الوجيز.
قوله: "وإن قال الأبد والدهر".
يعني معرفا بالألف واللام فذلك على الزمان كله.
وكذا العمر على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغنى والمحرر والشرح والنظم.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وقيل إن العمر كالحين.
وقيل أربعون سنة.
فائدة: "الزمان كالحين على الصحيح من المذهب".
اختاره القاضي وأبو الخطاب.
وقدمه في النظم والفروع والرعايتين.
واختار جماعة إنه على الزمان كله منهم المصنف والشارح والمجد في محرره.
وحكى عن بن أبى موسى أنه ثلاثة أشهر.
وأما الذي قاله في الإرشاد فإنما هو فيما إذا حلف لا يكلمه زمانا فإنه لا يكلمه ثلاثة أشهر.
قوله: "والحقب ثمانون سنة".
وجزم به في الخلاصة والوجيز وشرح ابن منجا.

وصححه في تجريد العناية.
قال في الهداية والمذهب وأما الحقب فقيل ثمانون سنة واقتصر عليه.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه.
وقدمه في الرعايتين.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
وقال القاضي هو أدنى زمان.
وقدم في الفروع أن حقبا أقل زمان.
وقيل الحقب أربعون سنة.
قال في الرعايتين قلت ويحتمل أنه كالعمر.
وقيل الحقب للأبد.
فائدة: لو قال إلى الحول فحول كامل لا تتمته.
أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله ذكره في الانتصار.
قوله: "والشهور اثنا عشر شهرا عند القاضي".
قال الشارح عند القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في تجريد العناية.
وعند أبى الخطاب ثلاثة أشهر كالأشهر والأيام وهو المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والحاوي الصغير والرعايتين.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
قوله: "والأيام ثلاثة".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع.
وقيل للقاضي في مسألة أكثر الحيض اسم الأيام يلزم الثلاثة إلى العشرة لأنك تقول أحد عشر يوما ولا تقول أياما فلو تناول اسم الأيام ما زاد على العشرة حقيقة لما جاز نفيه.

فقال قد بينا أن اسم الأيام يقع على ذلك والأصل الحقيقة.
يعني قوله تعالى : {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] ، {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:24] ، {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184].
وقال زفر بن الحارث:
وكنا حسبنا كل سوداء تمرة ... ليالي لاقينا جذاما وحميرا
قال القاضي فدل أن "الأيام والليالي" لا تختص بالعشرة.
قوله: "وإن حلف لا يدخل باب هذه الدار فحول ودخله حنث".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل إن رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان كما تقدم.
فائدة: لو حلف لا يدخل هذه الدار من بابها فدخلها من غير الباب لم يحنث.
ويتخرج أن يحنث إذا أراد بيمينه اجتناب الدار ولم يكن للباب سبب هيج يمينه قاله المصنف والشارح وهو قوى.
قوله: "وإن حلف لا يكلمه إلى حين الحصاد انتهت يمينه بأوله".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
قال ابن منجا وغيره هذا المذهب.
جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يتناول جميع مدته.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وتقدم ما يشابه ذلك في الخيار في البيع.
وياتي نظيره في الإقرار.
وهذه قاعدة كليه ذكرها الأصحاب.
قوله: "وإن حلف لا مال له وله مال غير زكوى أو دين على الناس حنث".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوى الصغير والنظم.

وقدمه في الشرح والفروع.
قال في القاعدة الحاديه والعشرين بعد المائه قال الأصحاب يحنث.
وعنه لا يحنث إلا بالنقد.
وعنه إذا نذر الصدقه بجميع ماله انما يتناول نذره الصامت من ماله.
ذكرها بن أبي موسى.
قال في الواضح المال ما تناوله الناس عادة بعقد شرعى لطلب الربح مأخوذ من الميل من يد إلى يد ومن جانب إلى جانب.
قال والملك يختص الأعيان من الأموال ولا يعم الدين.
فعلى المذهب لا يحنث باستئجاره عقارا أو غيره وفي مغصوب عاجز عنه وضائع أيس منه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال المصنف والشارح فإن كان له مال مغصوب حنث وإن كان له مال ضائع ففيه وجهان الحنث عدمه.
فإن ضاع على وجه قد أيس من عوده كالذي سقط في بحر لم يحنث.
ويحتمل أن لا يحنث في كل موضع لا يقدر على أخذ ماله كالمجحود والمغصوب والدين الذي على غير مليء انتهيا.
فائدة: لو تزوج لم يحنث لأن ما تملكه ليس بمال.
وكذلك إن وجب له حق شفعه.
قوله: "وإن حلف لا يفعل شيئا فوكل من يفعله حنث إلا أن ينوي".
هذا المذهب مطلقا.
وعليه جماهير الأصحاب.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به أكثرهم منهم الخرقى والمصنف والشارح والناظم وابن منجا وصاحب الوجيز والمنتخب والزركشى وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
قال في الانتصار وغيره اقام الشرع أقوال الوكيل وأفعاله مقام الموكل في العقود وغيرها.
قال في الترغيب فلو حلف لا يكلم من اشتراه أو تزوجه زيد حنث بفعل وكيله.

نقل بن الحكم أن حلف لا يبيعه شيئا فباع ممن يعلم أنه يشتريه للذي حلف عليه حنث.
وقال في الإرشاد وإن حلف لا يفعل شيئا فأمر غيره بفعله حنث إلا أن تكون عادته جارية بمباشرة ذلك الفعل بنفسه ويقصد بيمينه أن لا يتولى هو فعله بنفسه فأمر غيرة بفعله لم يحنث.
قال في المفردات إن حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث وإلا فلا.
فائدة: لو توكل الحالف فيما حلف أن لا يفعله وكان عقدا فإن أضافه إلى موكله لم يحنث.
ولا بد في النكاح من الإضافه كما تقدم في الوكالة والنكاح وإن أطلق في ذلك كله فوجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوى الصغير.
وإن حلف لا يكفل مالا فكفل بدنا وشرط البراءة وعند المصنف أولا لم يحنث قاله في الفروع.
قوله: "وإن حلف على وطء امراته تعلقت يمينه بجماعها وإن".
حلف على وطء دار تعلقت يمينه بدخولها راكبا أو ماشيا أو حافيا أو منتعلا.
لا أعلم فيه خلافا.
قوله: "وإن حلف لا يشم الريحان فشم الورد والبنفسج والياسمين أو لا يشم الورد والبنفسج فشم دهنهما أو ماء الورد فالقياس أنه لا يحنث".
ولا يحنث إلا بشم الريحان الفارسي.
واختاره القاضي والمصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز.
وقال بعض أصحابنا يحنث وهو المذهب.
قال في الفروع حنث في الأصح.
واختاره أبو الخطاب.
وقدمه في الهدايه والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى.

قوله: "وإن حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا حنث عند الخرقي".
وهو المذهب تقديما للشرع واللغه.
قال في المذهب حنث في ظاهر المذهب.
قال المصنف هذا ظاهر المذهب.
قال في الخلاصة حنث في الأصح.
قال الزركشي هذا المشهور.
وهو اختيار الخرقى والقاضي وعامة أصحابه.
وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغنى والكافي والشرح ونصراه.
وقدمه في الفروع.
ولم يحنث عند بن أبي موسى إلا أن ينوي.
قال الزركشى ولعله الظاهر.
قال في القواعد ولعله ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والقواعد الفقهيه.
قوله: "وإن حلف لا يأكل رأسا ولا بيضا حنث بأكل رؤوس الطيور والسمك وبيض السمك والجراد عند القاضي.
وهو المذهب جزم به في الوجيز".
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
قال في الخلاصة حنث بأكل السمك والطير في الأصح.
وعند أبي الخطاب لا يحنث إلا بأكل رأس جرت العادة بأكله منفردا أو بيض يزايل بائضه حال الحياة.
وكذا ذكر القاضي في موضع من خلافه ان يمينه تختص بما يسمى رأسا عرفا.
واختاره المصنف والشارح في البيض.
وقال في الواضح والإقناع في الرءوس هل يحنث بأكل كل رأس اختاره الخرقى أم برءوس بهيمه الأنعام فيه روايتان.
وقال في الترغيب إن كان بمكان العادة إفراده بالبيع فيه حنث فيه أو في غير مكانه وجهان نظرا إلى أصل العادة أو عادة الحالف.

قوله: "وإن حلف لا يدخل بيتا فدخل مسجدا أو حماما أو بيت شعر أو أدم أو لا يركب فركب سفينة حنث عند أصحابنا".
وهو المذهب نص عليه تقديما للشرع واللغة.
قال الشارح هذا المذهب فيما إذا دخل مسجدا أو حماما.
قال في القواعد الفقهية فالمنصوص في رواية مهنا أنه يحنث وأنه لا يرجع في ذلك إلى نيته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وحنثه بدخول المسجد والحمام والكعبة من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا يحنث.
وقال الشارح والأولى أنه لا يحنث إذا دخل ما لا يسمى بيتا في العرف كالخيمة.
قوله: "وإن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح أو ذكر الله لم يحنث".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في القواعد المشهور أنه لا يحنث.
وتوقف في رواية.
قوله: "وإن دق عليه إنسان فقال {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر:46] يقصد تنبيهه".
يعني يقصد بذلك القرآن لم يحنث.
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.
وذكر بن الجوزي في المذهب وجهين في حنثه.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه إذا لم يقصد تنبيهه أعني إن لم يقصد بذلك القرآن يحنث وهو صحيح لأنه من كلام الناس.
وقد صرح به جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشارح.
فائدة: حقيقة الذكر ما نطق به فتحمل يمينه عليه.
ذكره في الإنتصار.
واقتصر عليه في الفروع.

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الكلام يتضمن فعلا كالحركة ويتضمن ما يقترن بالفعل من الحروف والمعاني.
فلهذا يجعل القول قسيما للفعل تارة وقسما منه تارة أخرى.
وينبنى عليه من حلف لا يعمل عملا فقال قولا كالقراءة ونحوها هل يحنث فيه وجهان في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
قال بن أبي المجد في مصنفه لو حلف لا يعمل عملا فتكلم حنث.
وقيل لا.
وقال القاضي في الخلاف في المشي في صلاته في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام أفعل ذلك يرجع إلى القول والفعل لأن القراءة فعل في الحقيقة.وليس إذا كان لها اسم أخص به من الفعل يمتنع أن تسمى فعلا.
قال أبو الوفاء وإن حلف لا يسمع كلام الله فقرأ القرآن حنث إجماعا.
قوله: "وإن حلف ليضربنه مائة سوط فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر في يمينه".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال بن الجوزي في التبصرة اختاره أصحابنا.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وجزم به في الهداية والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه والفروع والرعايتين والحاوى.
وعنه يبر اختاره بن حامد كحلفه ليضربنه بمائة سوط.
قوله: "وإن حلف لا يأكل شيئا فأكله مستهلكا في غيره مثل أن حلف لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه أو لا يأكل بيضا فأكل ناطفا أو لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر أو لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث".
يشتمل كلام المصنف هنا على مسائل:
منها: لو حلف لا يأكل لبنا فإنه يحنث بأكل كل لبن ولو من صيد وآدمية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه فيهما ما تقدم في مسألة الخبز والماء وإن أكل زبدا لم يحنث على الصحيح من المذهب كما قطع به المصنف هنا إذا لم يظهر فيه طعمه ونص عليه

وجزم به في منتخب الآدمي وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم المصنف قبل ذلك بأنه لا يحنث مطلقا وذكر الذي ذكره هنا احتمالا للقاضي.
ولعل كلام الأصحاب في تلك المسألة محمول على ما إذا لم يظهر فيه طعمه كما صرحوا به هنا.
أو يقال الزبد ليس فيه شيء من اللبن مستهلكا.
ولذلك لم يذكر هذه الصورة في الوجيز هنا ولا جماعة غيره.
وقال في الترغيب وعن الإمام أحمد رحمه الله في حنثه بزبد وأقط وجبن روايتان.
وأما إذا ظهر طعمه فيه فإنه يحنث.
ومنها: لو حلف لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه لم يحنث وإن ظهر فيه طعمه حنث بلا خلاف أعلمه.
ومنها: لو حلف لا يأكل بيضا فأكل ناطفا لم يحنث قولا واحدا.
وقال في القاعدة الثانية والعشرين لو حلف لا يأكل شيئا فاستهلك في غيره ثم أكله قال الأصحاب لا يحنث ولم يخرجوا فيه خلافا.
وقد يخرج فيه وجه بالحنث.
وقد أشار إليه ابو الخطاب.
ومنها: لو حلف لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع لا يحنث بأكل اللحم الأحمر على الأصح.
قال المصنف وهو الصحيح.
قال الشارح وهو قول غير الخرقى من أصحابنا.
قال الزركشي وقال عامة الأصحاب لا يحنث.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
"وقال الخرقى يحنث بأكل اللحم الأحمر وحده".
وهو ظاهر كلام أبى الخطاب وأطلقهما في المذهب.

وتقدم إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم أو غيره أو لا يأكل الشحم فأكل شحم الظهر ونحو ذلك.
ومنها: لو حلف لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في الفروع لم يحنث على الأصح.
قال الشارح والأولى أنه لا يحنث.
وجزم به فى الوجيز ومنتخب الآدمي والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وهو تخريج فى الهداية.
وقال غير الخرقي يحنث بأكل حنطة فيها حبات شعير.
قال في الخلاصة والترغيب حنث فى الأصح.
وقدمه فى الهداية والمذهب.
وأطلق وجهين في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع وذكر أبو الخطاب وغيره في حنثه وجهين.
وقال في الترغيب يحنث بلا خلاف إن كان غير مطحون.
وغلط من نقل وجهين مطلقين.
وإن كان مطحونا لم يحنث نقله في القواعد الفقهية.
وقال في الفروع وفي الترغيب إن طحنه لم يحنث وإلا حنث في الأصح انتهى.
قلت قطع ابن عبدوس في تذكرته أنه لا يحنث إذا أكل ذلك غير مطحون ويحنث إذا أكله دقيقا أو سويقا.
فقال لو حلف لا آكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث بل بدقيقه وسويقه وشربهما أو بالعكس.
قوله: "وإن حلف لا يأكل سويقا فشربه أو لا يشربه فأكله فقال الخرقى يحنث".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الخلاصة حنث في الأصح.
وقدمه بن رزين في شرحه.

وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا فيمن حلف لا يشرب نبيذا فثرد فيه فأكله لا يحنث.
قال فى المحرر وغيره روى مهنا لا يحنث.
وصححه في النظم.
واطلق الروايتين في الشرح والرعايتين والفروع.
قال أبو الخطاب والمصنف هنا فيخرج في كل ما حلف لا يأكله فشربه أولا يشربه فأكله وجهان.
وأطلقهما في المذهب.
وقال القاضي إن عين المحلوف عليه يحنث وإن لم يعينه لم يحنث.
قاله في المجرد.
وجزم به فى الوجيز.
وأطلقهن الزركشى والمحرر والحاوى.
وقال القاضي فى كتاب الروايتين محل الخلاف مع التعيين إما مع عدمه فلا يحنث قولا واحدا.
وقال في الترغيب محل الخلاف مع ذكر المأكول والمشروب وإلا حنث.
فائدة: لو حلف لا يشرب فمص قصب السكر أو الرمان لم يحنث نص عليه.
وكذا لو حلف لا يأكل فمصه.
وهذا المذهب اختاره بن أبي موسى وغيره.
وقدمه في المغنى والكافى والشرح وغيرهم.
وجزم به في النظم وغيره.
واقتصر عليه بن رزين في شرحه.
ويجيء على قول الخرقى أنه يحنث.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وكذا الحكم لو حلف لا يأكل سكرا فتركه في فيه حتى ذاب وابتلعه.قاله المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
قوله: "وإن حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه وإن ذاقه ولم يبلعه لم يحنث".
بلا نزاع.

وإن حلف لا ذاقه حنث بأكله وشربه.
قال في الرعايه وفيمن لا ذوق له نظر.
وإن حلف لا يأكل مائعا فأكله بالخبز حنث بلا نزاع في ذلك.
قوله: "وإن حلف لا يتزوج ولا يتطهر ولا يتطيب فاستدام ذلك لم يحنث".
وقطع به الأصحاب.
قال المصنف والشارح لأنه لا يطلق اسم الفعل على مستديم هذه الثلاثه فلا يقال تزوجت شهرا ولا تطهرت شهرا ولا تطيبت شهرا وإنما يقال منذ شهر ولم ينزل الشارع استدامه التزوج والتطيب منزله ابتدائهما في تحريمه في الإحرام.
قوله: "وإن حلف لا يركب ولا يلبس فاستدام ذلك حنث".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقدمه في الفروع.
قال أبو محمد الجوزى في اللبس إن استدامه حنث إن قدر على نزعه.
قال القاضي وابن شهاب وغيرهما الإخراج والنزع لا يسمى سكنا ولا لبسا ولا فيه معناه.
وتقدم إذا حلف لا يصوم وكان صائما أو لا يحج في حال حجه أو حلف على غيره لا يصلى وهو في الصلاة.
فائدة: وكذا الحكم لو حلف لا يلبس من غزلها وعليه منه شيء نص عليه.
وكذا لو حلف لا يقوم وهو قائم ولا يقعد وهو قاعد ولا يسافر وهو مسافر.
وكذا لو حلف لا يطأ ذكره في الانتصار.
ولا يمسك ذكره القاضي في الخلاف.
أو حلف أن لا يضاجعها على فراش فضاجعته ودام نص عليه.
أو حلف أن لا يشاركه فدام ذكره في الروضة.
قال في الفروع عن القاضي وابن شهاب وغيرهما والنزع جماع لاشتماله على إيلاج وإخراج فهو شطره.
وجزم المجد في منتهى الغاية لا يحنث المجامع إن نزع في الحال.
وجعله محل وفاق في مسألة الصوم لأن اليمين أوجبت الكف في المستقبل فتعلق الحكم بأول أسباب الإمكان بعدها

وجزم به القاضي لأن مفهوم يمينه لا استدمت الجماع انتهى.
وتقدم في باب تعليق الطلاق مسائل كثيرة قريبة من هذا.
قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا وهو داخلها فأقام فيها حنث عند القاضي".
وهو المذهب نص عليه.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعايتين والحاوى.
ولم يحنث عند أبي الخطاب.
وأطلقهما في المغنى والمحرر والشرح وشرح ابن منجا.
قوله: "وإن حلف لا يدخل على فلان بيتا فدخل فلان عليه فأقام معه فعلى وجهين".
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم.
أحدهما: يحنث.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في تصحيح النظم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى.
والوجه الثانى لا يحنث.
تنبيه: محل الخلاف في المسألتين إذا لم يكن له نية قاله في الوجيز وغيره.
قوله: "وإن حلف لا يسكن دارا أو لا يساكن فلانا وهو مساكنه ولم يخرج في الحال حنث إلا أن يقيم لنقل متاعه أو يخشى على نفسه الخروج فيقيم إلى أن يمكنه وإن خرج دون متاعه وأهله حنث إلا أن يودع متاعه أو يعيره أو يزول ملكه عنه وتأبى امرأته الخروج معه ولا يمكنه اكراهها فيخرج وحده فلا يحنث".

هذا المذهب في ذلك كله.
قال في الفروع فإن أقام الساكن أو المساكن حتى يمكنه الخروج بحسب العادة لا ليلا ذكره في التبصره والشيخ يعنى به المصنف بنفسه وبأهله ومتاعه المقصود لم يحنث.
وجزم به في الوجيز والهدايه والمذهب والمحرر والنظم والخلاصة.
وقدمه في الشرح وغيره.
وعليه جماهير الأصحاب.
وقال المصنف يحنث إن لم ينو النقلة.
وظاهر نقل بن هانئ وغيره وهو ظاهر الواضح وغيره لو ترك له بها شيئا حنث.
وقيل إن خرج بأهله فقط فسكن بموضع آخر لم يحنث.
قال الشارح والأولى إن شاء الله تعالى أنه إذا انتقل بأهله فسكن في موضع آخر أنه لا يحنث وإن بقي متاعه في الدار الأولى لأن مسكنه حيث حل أهله به ونوى الإقامة انتهى.
واختاره المصنف.
وقيل أو خرج وحده بما يتاثث به فلا يحنث اختاره القاضي.
قوله: "وإن حلف لا يساكن فلانا فبنيا بينهما حائطا وهما متساكنان حنث".
هذا المذهب صححه فى النظم.
وقدمه فى المحرر والفروع.
وجزم به فى الشرح وقال لا نعلم فيه خلافا.
وقيل لا يحنث.
قال فى المحرر وإن تشاغل هو وفلان ببناء الحاجز بينهما وهما متساكنان حنث.
وقيل لا يحنث.
وأطلقهما فى الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى.
فائدة: لو حلف لا أساكنه فى هذه الدار وهما غير متساكنين فبنيا بينهما حائطا وفتح كل واحد منهما بابا لنفسه وسكناها لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغنى الشرح وصححاه.
وقدمه فى الفروع.
وقيل يحنث.

قال الشارح ويحتمله قياس المذهب لكونه عين الدار.
قوله: "وإن كان فى الدار حجرتان كل حجرة تختص ببابها ومرافقها فسكن كل واحد حجرة لم يحنث.
وهو المذهب جزم به في المغنى والشرح والوجيز والفروع
وقال إذا لم يكن نية ولا سبب.
قال في الفنون فيمن قال انت طالق ان دخلت على البيت ولا كنت لي زوجه إن لم تكتبي لي نصف مالك فكتبته له بعد ستة عشر يوما يقع الثلاث وإن كتبت له لأنه يقع باستدامه المقام فكذا استدامة الزوجية
قوله: "وإن حلف ليخرجن من هذه البلدة فخرج وحده دون أهله بر".
وهو المذهب المشهور.
قال في الفروع والأشهر يبر بخروجه وحده.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز.
قال في الرعايه يبر بخروجه بمتاعه المقصود.
وقيل لا يبر بخروجه وحده.
وقال في الفروع ويتوجه أنها كحلفه لا يسكن الدار.
قوله: "وإن حلف ليخرجن من هذه الدار فخرج دون أهله لم يبر".
هذا المذهب جزم به في الشرح وشرح ابن منجا والوجيز.
قال في الفروع فهو كحلفه لا يسكن الدار على ما تقدم.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو حلف لا ينزل في هذه الدار ولا يأوي إليها نص عليهما وكذا لو حلف ليرحلن من البلد".
قوله: "وإن حلف ليخرجن من هذه البلده أو ليرحلن عن هذه الدار ففعل فهل له العود؟ على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمغني والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم.
إحداهما له العود ولم يحنث إذا لم تكن نية ولا سبب وهو المذهب.
قال في الفروع لم يحنث بالعود إذا لم تكن نية ولا سبب على الأصح.
قال في المذهب لم يحنث على الصحيح من المذهب.

قال في الخلاصة إذا رحل انحلت اليمين على الأصح.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يحنث بالعود.
قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا فحمل فأدخلها وأمكنه الامتناع فلم يمتنع أو حلف لا يستخدم رجلا فخدمه وهو ساكت فقال القاضي يحنث".
وهو المذهب نص عليه.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وجزم به الآدمي في منتخبه والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
ويحتمل أن لا يحنث.
وهما وجهان مطلقان في المذهب.
وأطلقهما في الأولى في الهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدم في المحرر أنه لا يحنث في الثانية.
وقال الشارح إن كان الخادم عبده حنث وإن كان عبد غيره لم يحنث.
وجزم به الناظم.
تنبيه: مفهوم كلامه أنه إذا لم يمكنه الامتناع أنه لا يحنث وهو صحيح.
وهو المكره وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنه يحنث.
وهو وجه في الرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى المذهب يحنث بالاستدامة على الصحيح.
وقيل لا يحنث.
وتقدم بعض أحكام المكره في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط.
فعلى الوجه الثاني في المسألة الأولى وهو احتمال المصنف لو استدام ففي حنثه وجهان.
وأطلقهما في المذهب والخلاصة والمحرر والنظم والزركشي.

إحداهما: يحنث.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وهو الصواب.
والثاني لا يحنث.
قوله: "وإن حلف ليشربن الماء أو ليضربن غلامه غدا فتلف المحلوف عليه قبل الغد حنث عند الخرقي".
وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي والمحرر.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع والزركشي.
وقال هذا المذهب المنصوص.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يحنث.
وهو تخريج في المغني والشرح.
وقال في الترغيب لا يحنث على قول أبي الخطاب.
فعلى المذهب يحنث حال تلفه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يحنث في آخر الغد.
وهو أيضا تخريج في المغني والشرح.
وقيل يحنث إذا جاء الغد ذكره الزركشي وغيره.
تنبيهان:
أحدهما: محل الخلاف في أصل المسألة إذا تلف بغير اختيار الحالف.
فأما إن تلف باختياره كما إذا قتله ونحوه فإنه يحنث قولا واحدا.
وفي وقت حنثه الخلاف المتقدم.
الثاني: مفهوم كلامه أنه لو تلف في الغد ولم يضربه أنه يحنث وشمل صورتين.
إحداهما: أن لا يتمكن من ضربه في الغد فهو كما لو مات من يومه على ما تقدم.
قاله المصنف والشارح.
الثانية: أن يتمكن من ضربه ولم يضربه فهذا يحنث قولا واحدا

فوائد:
منها: لو ضربه قبل الغد لم يبر على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقال القاضي يبر لأن يمينه للحنث على ضربه ف إذا ضربه اليوم فقد فعل المحلوف عليه وزيادة.
قلت قريب من ذلك إذا حلف ليقضينه غدا فقضاه قبله على ما تقدم في أول الباب.
ومنها: لو ضربه بعد موته لم يبر.
ومنها: لو ضربه ضربا لا يؤلمه لم يبر أيضا.
ومنها: لو جن الغلام وضربه بر.
قوله: "وإن مات الحالف لم يحنث".
إذا مات الحالف فلا يخلو إما أن يكون موته قبل الغد أو في الغد.
فإن مات قبل الغد لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لم يحنث في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والخرقي والزركشي وغيرهم من الأصحاب.
وقيل يحنث.
وكذا الحكم لو جن الحالف فلم يفق إلا بعد خروج الغد.
وإن مات في الغد فالصحيح من المذهب أنه يحنث نص عليه.
قال الزركشي المذهب أنه يحنث.
قدمه في الفروع.
وقيل لا يحنث مطلقا.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقيل إن تمكن من ضربه حنث وإلا فلا.
قال الزركشي ولم أر هذه الأقوال مصرحا بها في هذه المسألة بعينها لكنها تؤخذ من مجموع كلام أبي البركات انتهى.
قال في المغني والشرح وإن مات الحالف في الغد بعد التمكن من ضربه حنث وجها واحدا.

فائدتان:
إحداهما: لو حلف ليضربن هذا الغلام اليوم أو ليأكلن هذا الرغيف اليوم فمات الغلام أو تلف الرغيف فيه حنث عقب تلفهما على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث في آخره.
وأما إذا لم يمت الغلام ولا تلف الرغيف لكن مات الحالف فإنه يحنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويحنث بموته على الأصح بآخر حياته.
وجزم به في الوجيز.
وقيل لا يحنث بموته.
فعلى المذهب وقت حنثه آخر حياته.
الثانية: لو حلف ليفعلن شيئا وعين وقتا أو أطلق فمات الحالف أو تلف المحلوف عليه قبل أن يمضي وقت يمكن فعله فيه حنث نص عليه كإمكانه.
وهذه المسألة أعم من المسألة الأولى.
قوله: "وإن حلف ليقضينه حقه فأبرأه فهل يحنث وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: لا يحنث.
صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم.
والوجه الثاني: يحنث.
قال في الهداية بناء على ما إذا أكره ومنع من القضاء في الغد هل يحنث على الروايتين.
قال الشارح وهذان الوجهان مبنيان على ما إذا حلف على فعل شيء فتلف قبل فعله قاله في الفروع.
وإن حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل مطلقا فقيل كمسألة التلف.

وقيل لا يحنث في الأصح.
وقال في الترغيب أصلهما إذا منع من الإيفاء في الغد كرها لا يحنث على الأصح.
وأطلق في التبصرة فيهما الخلاف.
قوله: "وإن مات المستحق فقضى ورثته لم يحنث".
اختاره أبو الخطاب.
وقدمه في الهداية والمحرر والنظم والمستوعب والشرح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقال القاضي يحنث لأنه تعذر قضاؤه فأشبه ما لو حلف ليضربنه غدا فمات اليوم.
وأطلقهما في المذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع بعد مسألة البراءة وكذا إن مات ربه فقضى لورثته.
وكذا قال في الرعايتين والحاوي.
قوله: "وإن باعه بحقه عرضا لم يحنث عند بن حامد".
وهو المذهب.
قال في الفروع وإن أخذ عنه عرضا لم يحنث في الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم.
وحنث عند القاضي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي.
فائدة: لو حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم أو قبل مضيه أو مات ربه فقضاه لورثته لم يحنث على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وقيل يحنث.
وقيل لا يحنث إلا مع البراءة أو الموت قبل الغد.
قال في الفروع لو حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل مطلقا فقيل كمسألة التلف.
وقيل لا يحنث في الأصح انتهى.

قوله: "وإن حلف ليقضينه حقه عند رأس الهلال فقضاه عند غروب الشمس في أول الشهر بر" بلا نزاع.
وكذا الحكم لو قال مع رأس الهلال أو إلى رأس الهلال أو إلى استهلاله أو عند رأس الشهر أو مع رأسه قاله الشارح.
قال المصنف والشارح لو شرع في عده أو كيله أو وزنه فتأخر القضاء لم يحنث لأنه لم يترك القضاء.
قالا وكذلك لو حلف ليأكلن هذا الطعام في هذا الوقت فشرع في أكله فيه وتأخر الفراغ لكثرته لم يحنث.
قوله: "فقضاه عند غروب الشمس في أول الشهر".
هكذا قال الشارح وغيره.
وجمهور الأصحاب قالوا فقضاه عند غروب الشمس من آخر الشهر.
وقال في الرعاية الكبرى فقضاه قبل الغروب في آخره بر.
وقيل بل في أوله.
فجعلهما قولين.
والذي يظهر أنه لا تنافي بينهما وأنه قول واحد لكن العبارة مختلفة.
فائدة: لو أخر ذلك مع إمكانه حنث على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تعتبر المقارنة فتكفي حالة الغروب وإن قضاه بعده حنث.
قوله: "وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي فهرب منه حنث نص عليه".
في رواية جعفر بن محمد وهو المذهب.
قال بن الجوزي في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال الخرقي لا يحنث.
قال في الرعايتين وهو أصح.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.

وقدمه في المستوعب.
وأطلقهما في الخلاصة.
وجزم في الكافي بأنه إذا فارقه الغريم بإذنه أو قدر على منعه من الهرب فلم يفعل حنث.
ومعناه في المستوعب.
واختاره في المحرر والمغني.
وجعله مفهوم كلام الخرقي يعني في الإذن له.
قال في الوجيز وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك فهرب منه وأمكنه متابعته وإمساكه فلم يفعل حنث.
قوله: "وإن فلسه الحاكم وحكم عليه بفراقه خرج على الروايتين في الإكراه".
قال في المغني والشرح والفروع والزركشي وغيرهم فهو كالمكره.
وجزم في الوجيز بأنه لا يحنث.
تنبيه: مفهوم كلامه أنه إذا فلسه ولم يحكم عليه بفراقه وفارقه لعلمه بوجوب مفارقته أنه يحنث وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
وقيل هو كالمكره وما هو ببعيد.
فائدة: قال الشارح وغيره إذا حلف لأفارقنك حتى أستوفي حقي ففيه عشر مسائل.
إحداها" أن يفارقه مختارا فيحنث سواء أبرأه من الحق أو بقي عليه.
الثانية" أن يفارقه مكرها فإن فارقه بكونه حمل مكرها لم يحنث وإن أكره بالضرب والتهديد لم يحنث.
وفي قول أبي بكر يحنث.
وفي الناسي تفصيل ذكر فيما مضى.
الثالثة: أن يهرب منه بغير اختياره فلا يحنث على الصحيح من المذهب.
وعنه يحنث.
الرابعة: أذن له الحالف في المفارقة فمفهوم كلام الخرقي أنه يحنث.
وقيل لا يحنث.
قال القاضي وهو قول الخرقي.

ورده المصنف والشارح.
الخامسة: فارقه من غير إذن ولا هرب على وجه يمكنه ملازمته والمشي معه أو إمساكه فهي كالتي قبلها.
السادسة: قضاه قدر حقه ففارقه ظنا أنه قد وفاه فخرج رديئا فيخرج في حنثه روايتا الناسي.
وكذا إن وجدها مستحقة فأخذها ربها.
وإن علم بالحال حنث.
السابعة: تفليس الحاكم له على ما تقدم مفصلا.
الثامنة: أحاله الغريم بحقه ففارقه حنث.
فإن ظن أنه قد يريد بذلك مفارقته ففارقه خرج على الروايتين ذكره أبو الخطاب.
قال المصنف والصحيح أنه يحنث هنا.
فأما إن كانت يمينه لا فارقتك ولي قبلك حق فأحاله به ففارقه لم يحنث.
وإن أخذ به ضمينا أو كفيلا أو رهنا ففارقه حنث بلا إشكال.
التاسعة: قضاه عن حقه عرضا ثم فارقه فقال بن حامد لا يحنث.
قال المصنف والشارح وهو أولى.
وقال القاضي يحنث.
فلو كانت يمينه لا فارقتك حتى تبرأ من حقي أو ولي قبلك حق لم يحنث وجها واحدا.
العاشرة: وكل في استيفاء حقه فإن فارقه قبل استيفاء الوكيل حنث.
فائدتان:
إحداهما: لو قال "لا فارقتني حتى أستوفي حقي منك ففارقه المحلوف عليه مختارا حنث".
وإن أكره على فراقه لم يحنث.
وإن فارقه الحالف مختارا حنث إلا على ما ذكره القاضي في تأويل كلام الخرقي.
الثانية: لو حلف لا فارقتك حتى أوفيك حقك" فأبرأه الغريم منه فهل يحنث على وجهين بناء على المكره.
وإن كان الحق عينا فوهبها له الغريم فقبلها حنث.
وإن قبضها منه ثم وهبها إياه لم يحنث.

وإن كانت يمينه لا أفارقك ولك في قبلي حق لم يحنث إذا أبرأه أو وهب العين له.

باب النذر
:
فائدتان:
إحداهما: لا نزاع في صحة النذر ولزوم الوفاء به في الجملة.
وهو عبارة عما قال المصنف وهو أن يلزم نفسه لله تعالى شيئا.
يعني إذا كان مكلفا مختارا.
الثانية: النذر مكروه على الصحيح من المذهب لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام "النذر لا يأتي بخير".
قال بن حامد لا يرد قضاء ولا يملك به شيئا محدثا.
وجزم به في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
قال الناظم وليس بسنة ولا محرم.
وتوقف الشيخ تقي الدين رحمه الله في تحريمه.
ونقل عبد الله نهى عنه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
وقال بن حامد المذهب أنه مباح.
وحرمه طائفة من أهل الحديث.
قوله: "ولا يصح إلا من مكلف مسلما كان أو كافرا".
يصح النذر من المسلم مطلقا بلا نزاع.
ويصح من الكافر مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي والنظم والحاوي الصغير وغيرهم ونص عليه في العبادة.
وقال في الفروع ولا يصح إلا من مكلف ولو كافرا بعبادة نص عليه.
وقيل منه بغيرها.
مأخذه أن نذره لها كالعبادة لا اليمين.
قال في الرعايتين ويصح من كل كافر.
وقيل بغير عبادة.

فعلى هذا القول يصح منه بعبادة.
قال في القواعد الأصولية يحسن بناؤه على أنهم مخاطبون بفروع الإسلام.
وعلى القول الآخر إن نذره للعبادة عبادة وليس من أهل العبادة.
تنبيه: قوله: ولا يصح إلا بالقول فإن نواه من غير قول لم يصح بلا نزاع.
قال في الفروع وظاهره لا تعتبر له صيغة خاصة.
يؤيده ما يأتي في رواية بن منصور فيمن قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين.
قال وظاهر كلام جماعة أو الأكثر يعتبر قوله لله علي كذا أو علي كذا.
ويأتي كلام ابن عقيل إلا مع دلالة الحال.
وقال في المذهب بشرط إضافته فيقول لله علي.
وقد قال في الرعاية الصغرى وغيره وهو قول يلتزم به المكلف المختار لله حقا بعلي لله أو نذرت لله.
قوله: "ولا يصح في محال ولا واجب فلو قال لله علي صوم أمس أو صوم رمضان لم ينعقد".
لا يصح النذر في محال ولا واجب على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قاله المصنف وغيره.
وحكى في المغني احتمالا.
وجعل في الكافي قياس المذهب ينعقد النذر في الواجب وتجب الكفارة إن لم يفعله.
وقال في المغني في موضع قياس قول الخرقي الانعقاد وقول القاضي عدمه انتهى.
وذكر في الكافي احتمالا بوجوب الكفارة في نذر المحال كيمين الغموس.
ويأتي إذا نذر صوم نصف يوم.
قوله: "والنذر المنعقد على خمسة أقسام".
أحدها النذر المطلق وهو أن يقول لله علي نذر فيجب فيه كفارة يمين.
وكذا قوله لله علي نذر إن فعلت كذا ولا نية له.
قوله: "الثاني نذر اللجاج والغضب وهو ما يقصد به المنع من شيء غيره أو الحمل عليه كقوله إن كلمتك فلله علي الحج أو صوم سنة أو عتق عبدي أو الصدقة بمالي فهذا يمين يتخير بين فعله والتكفير".

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28