كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

قوله : "إلا أن يتأخر لعذر".
الصحيح من المذهب: أن غير الإمام لا يؤم إلا أن يتأخر الإمام ويضيق.
الوقت قال في الفروع: هذا الأشهر وجزم به ابن تميم والفائق وقال في الكافي: يجوز أن يؤم غير الإمام مع غيبته كفعل أبي بكر وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما.
قوله: "فإن لم يعلم عذرة انتظر وروسل ما لم يخش خروج الوقت".
إذا تأخر الإمام عن وقته المعتاد روسل إن كان قريبا ولم يكن مشقة وإن كان بعيدا ولم يغلب على الظن حضوره صلوا وكذا لو ظن حضوره ولكن لا ينكر ذلك ولا يكرهه قاله صاحب الفروع وابن تميم.
فائدتان.
إحداهما : حيث قلنا يحرم أن يؤم قبل إمامه فلو خالف وأم فقال في الفروع وظاهره لا يصح وقال في الرعاية الكبرى: ولا يؤم فإن فعل صح ويكره ويحتمل البطلان للنهي انتهى.
الثانية: لو جاء الإمام بعد شروعهم في الصلاة فهل يجوز تقديمه ويصير إماما والإمام مأموما لأن حضور إمام الحي يمنع الشروع فكان عذرا بعد الشروع أم لا يجوز تقديمه أم يجوز للإمام ألأعظم فقط فيه روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد قاله في الفروع وأطلقهن فيه وقيل ثلاثة أوجه.
وتقدم ذلك في آخر باب النية في كلام المصنف عند قوله: "وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم حضر في أثناء الصلاة" وتقدم المذهب في ذلك مستوفى.
قوله : "فإن صلى ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد استحب له إعادتها".
وكذا لو جاء مسجدا في غير وقت نهي ولم يقصده للإعادة وأقيمت هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والمحرر وغيرهما وقدمه.
في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق والحواشي وغيرهم ولو كان صلى جماعة وهو من المفردات.
وقال في الهداية والمستوعب وغيرهما: استحب إعادتها مع إمام الحي.
واختار الشيخ تقي الدين لا يعيدها من بالمسجد وغيره بلا سبب قال في الفروع: وهو ظاهر كلام بعضهم وعنه تجب الإعادة وعنه تجب مع إمام الحي وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "إلا المغرب".
الصحيح من المذهب: أنه لا يستحب إعادة المغرب وعليه جماهير الأصحاب وعنه

يعيدها صححها ابن عقيل وبن حمدان في الرعاية وقطع به في التسهيل.
فعليها يشفعها برابعة على الصحيح يقرأ فيها بالحمد وسورة كالتطوع نص عليه في رواية أبي داود وقيل لا يشفعها قال في الفائق: وهو المختار.
فعلى القول بأنه يشفعها لو لم يفعل انبنى على صحة التطوع بوتر على ما تقدم قاله في الفروع وغيره.
فائدتان.
إحداهما: حيث قلنا يعيد فالأولى فرض نص عليه كإعادتها منفردا لا أعلم فيه خلافا في المذهب وينوي المعادة نفلا ثم وجدت الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية قال: وإذا صلى مع الجماعة نوى بالثانية معادة وكانت الأولى فرضا والثانية نفلا على الصحيح وقيل: الفرض أكملهما وقيل ذلك إلى الله انتهى فيحتمل أنه أراد أن القولين الأخيرين للعلماء ويحتمل أنه أراد أنهما في المذهب.
الثانية : يكره قصد المساجد لإعادة الجماعة زاد بعض الأصحاب ولو كان صلى وحده ولأجل تكبيرة الإحرام لفوتها له لا لقصد الجماعة نص على الثلاث.
وأما دخول المسجد وقت نهي للصلاة معهم: فينبني على فعل ما له سبب على ما تقدم قاله في الفروع وبن تميم وغيرهما وقال في التلخيص لا يستحب دخوله وقت نهي للصلاة مع إمام الحي ويحرم مع غيره ويخير مع إمام الحي إذا كان غير وقت نهي ولا يستحب مع غيره.
[وقال القاضي يستحب الدخول وقت النهي للإعادة مع إمام الحي] ويستحب مع غيره فيما سوى الفجر والعصر فإنه يكره دخول المسجد بعدها ونقله الأثرم وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين قريبا.
قوله : "ولا تكره إعادة الجماعة في غير المساجد الثلاثة".
معنى إعادة الجماعة أنه إذا صلى الإمام الراتب ثم حضر جماعة لم يصلوا فإنه يستحب لهم أن يصلوا جماعة وهذا المذهب يعني أنها لا تكره وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المغني والمستوعب والوجيز والشرح وناظم المفردات وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والفائق وغيرهم وهو من المفردات وقيل تكره وقاله القاضي في موضع من كلامه وقال في الفروع: ويتوجه احتمال تكره في غير مساجد الأسواق وقيل تكره بالمساجد العظام وقاله القاضي في الأحكام السلطانية وقيل: لا يجوز.
تنبيه : الذي يظهر أن مراد من يقول "يستحب أو لا يكره" نفي الكراهة لا أنها غير واجبة إذ المذهب أن الجماعة واجبة فإما أن يكون مرادهم نفي الكراهة وقالوه لأجل المخالف أو

يكون على ظاهره لكن ليصلوا في غيره.
فائدة : لو أدرك ركعتين من الرباعية المعادة لم يسلم مع إمامه بل يقضي ما فاته نص عليه وهذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وبن تميم وجزم به في التلخيص وغيره وقال الآمدي: له أن يسلم معه.
تنبيه : مفهوم قوله : "ولا تكره إعادة الجماعة في غير المساجد الثلاثة أنها".
تكره في المساجد الثلاثة وهي مسجد مكة والمدينة والأقصى وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد وهو مفهوم كلامه في الوجيز فإنه قال: وإعادة جماعة تقام إلا المغرب بمسجد غير الثلاثة هو فيه وكذا في التسهيل وهو ظاهر ما جزم به ناظم المفردات وقدمه في النظم وهو من المفردات.
والرواية الثانية: لا تكره إلا في مسجدي مكة والمدينة فقط وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمنور وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين والفائق قال المجد: هي الأشهر عن أحمد وذكره المصنف عن الأصحاب.
والرواية الثالثة: تستحب الإعادة أيضا فيهن اختاره المصنف والشارح وأطلق الكراهة وعدمها في المسجدين في المحرر.
والرواية الرابعة : تستحب الإعادة فيهن مع ثلاثة فأقل قال في الرعاية: وفيه بعد للخبر.
قوله : "وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".
بلا نزاع فلو تلبس بنافلة بعد ما أقيمت الصلاة لم تنعقد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر اختيار المجد وغيره وقيل تصح وهما مخرجان من الروايتين فيمن شرع في النفل المطلق وعليه فوائت على ما تقدم في آخر شروط الصلاة وتقدم نظير ذلك بعد قضاء الفرائض في شروط الصلاة فليعاود وأطلقهما في الفائق والفروع في باب الأذان وابن تميم.
قوله : "وإن أقيمت وهو في نافلة أتمها إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يتمها وإن خشي فوات الجماعة خفيفة ركعتين إلا أن يشرع في الثالثة فيتم الأربع نص عليه لكراهة.
الاقتصار على ثلاث أو لا يجوز قاله في الفروع في باب الأذان وقال ابن تميم وبن حمدان وصاحب الفائق وغيرهم: وإن سلم من الثالثة جاز نص عليه وأطلقهما في الهداية وقال ابن تميم إذا أقيمت الصلاة وهو في نافلة ولم يخف فوت ما يدرك به الجماعة أتمها وقال في الرعاية: وإن خاف فوتها وقيل أو فوت الركعة الأولى منها مع الإمام قطعه وعنه بل يتمه ويسلم من اثنتين ويلحقهم وعنه يتمه وإن خاف الفوات انتهى.

وقال ابن منجا في شرحه: ظاهر كلام المصنف أنه أراد فوت جميع الصلاة وقال صاحب النهاية فيها المراد بالفوات فوات الركعة الأولى وكل متجه انتهى.
وقال في الفروع: ويتم النافلة من هو فيها ولو فاتتة ركعة وإن خشي فوات الجماعة قطعها.
فائدتان .
إحداهما : قال في الفروع: ولا فرق على ما ذكروه في الشروع في نافلة بالمسجد أو خارجه ولو ببيته وقد نقل أبو طالب إذا سمع الإقامة وهو في بيته فلا يصلي ركعتي الفجر ببيته ولا بالمسجد.
الثانية : لو جهل الإقامة فكجهل وقت نهي في ظاهر كلامهم.
قال في الفروع: لأنه أصل المسألة قال: وظاهر كلامهم ولو أراد الصلاة مع غير ذلك الإمام قال: ويتوجه احتمال كما لو سمعها في غير المسجد الذي يصلي فيه فإنه يبعد القول به.
قوله : "ومن كبر قبل سلام إمامه فقد أدرك الجماعة".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وهو المعمول به في المذهب قال في النكت: في الجمع قطع به الأصحاب قال المجد في شرحه: هذا إجماع من أهل العلم.
وقيل: لا يدركها إلا بركعة وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى واختاره الشيخ تقي الدين وذكره رواية عن أحمد وقال اختاره جماعة من أصحابنا وقال وعليها إن تساوت الجماعة فالثانية من أولها أفضل قال في الفروع: ولعل مراده ما نقله صالح وأبو طالب وابن هانئ في قوله: صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة" أنه مثل قوله: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" إنما يريد بذلك فضل الصلاة وكذلك يدرك فضل الحج.
قال صاحب المحرر: ومعناه أصل فضل الجماعة لا حصولها فيما سبق به فإنه فيه منفرد حسا وحكما إجماعا.
تنبيه : ظاهر كلامه: أنه يدركها بمجرد التكبير قبل سلامه سواء جلس أو لم يجلس وهو صحيح وهو المذهب وقال بعض الأصحاب يدركها بشرط أن يجلس بعد تكبيره وقبل سلامه.
وحمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف عليه وظاهر كلام المصنف أيضا أنه لا يدركها إذا كبر بعد سلام الإمام من الأولى وقبل سلامه من الثانية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقيل يدركها وأطلقهما في الفائق وعنه يدركها أيضا إذا كبر بعد سلامه من الثانية إذا سجد للسهو بعد السلام وكان تكبيره قبل سجوده.

فائدتان.
إحداهما: لا يقوم المسبوق قبل سلام إمامه من الثانية فلو خالف وقام قبل سلامه لزمه العود فيقوم بعد سلامه منها إن قلنا بوجوبها وأنه لا يجوز مفارقته بلا عذر فإن لم يعد خرج من الائتمام وبطل فرضه وصار نفلا زاد بعضهم صار نفلا بلا إمام وهذا أحد الوجوه قدمه ابن تميم وبن مفلح في حواشيه.
والوجه الثاني : يبطل ائتمامه ولا يبطل فرضه إن قيل بمنع المفارقة لغير عذر وأطلقهما في الفائق.
والوجه الثالث: تبطل صلاته رأسا فلا يصح له نفل ولا فرض وهو احتمال في مختصر ابن تميم وأطلقهن في الفروع والرعاية ثم قال: بعد حكاية الأقوال الثلاثة وقلت إن تركه عمدا بطلت صلاته وإلا بطل ائتمامه فقط.
الثانية : يقوم المسبوق إلى القضاء بتكبير مطلقا على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل: إن أدركه في التشهد الأخير لم يكبر عند قيامه.
وقيل: لا يكبر من كان جالسا لمرض أو نفل أو غيرهما ذكره في الرعاية الكبرى وقال في الصغرى: فإذا سلم إمامه قام مكبرا نص عليه وقيل لا فظاهر هذا القول أنه لا يكبر عند قيامه مطلقا.
قوله : "ومن أدرك الركوع أدرك الركعة".
هذا المذهب مطلقا سواء إدرك معه الطمأنينة أو لا إذا اطمأن هو وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل: يدركها إن أدرك معه الطمأنينة وأطلقهما في المغني والشرح والرعاية الكبرى وابن تميم وبن عقيل والمستوعب والحاويين تبعا لابن عقيل.
وقال ابن رجب في القاعدة الثالثة: إذا أدرك الإمام في الركوع بعد فوات قدر الإجزاء منه هل يكون مدركا له في الفريضة ظاهر كلام القاضي وبن عقيل تخريجها على الوجهين إذا قلنا لا يصح اقتداء المفترض بالمتنفل قال ابن عقيل: ويحتمل أن تجري الزيادة مجرى الواجب في باب الاتباع خاصة إذ الأتباع قد يسقط الواجب كما في المسبوق ومصلى الجمعة من امرأة وعبد ومسافر انتهى.
فعلى المذهب: عليه أن يأتي بالتكبير في حال قيامه وتقدم في أول باب صفة الصلاة لو أتى به أو ببعضه راكعا أو قاعدا هل تنعقد.
فائدة : إن شك هل أدرك الإمام راكعا أم لا لم يدرك الركعة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وذكر في التلخيص وجها أنه يدركها وهو من المفردات لأن الأصل بقاء ركوعه.

قوله : "وأجزأته تكبيرة واحدة".
يعني تكبيرة الإحرام فتجزئه عن تكبيرة الركوع وهذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الكافي والمغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يعتبر معها تكبيرة الركوع اختارها جماعة من الأصحاب منهم ابن عقيل وبن الجوزي في المذهب.
قال في المستوعب: وإن أدركه في الركوع فقد أدرك الركعة إذا كبر تكبيرتين للإحرام وللركوع قال في الرعاية الصغرى: وإن لحقه راكعا لحق الركعة وكبر للإحرام قائما نص عليه ثم كبر للركوع على الأصح إن أمكن وكذا قال في الكبرى: وقال: إن أمكن وأمن فوته وقال إن ترك الثانية ولم ينوها بالأولة بطلت صلاته وعنه يصح ويجزئ وقيل إن تركها عمدا بطلت صلاته وإن تركها سهوا صحت وسجد له في الأقيس انتهى.
فائدتان.
إحداهما: لو نوى بالتكبيرة الواحدة تكبيرة الإحرام والركوع لم تنعقد الصلاة على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين والتلخيص وغيرهم واختاره القاضي وغيره وعنه تنعقد اختاره ابن شاقلا والمصنف والمجد والشارح قال في الحاوي الكبير: وإن نواهما بتكبيرة واحدة أجزأه في ظاهر المذهب نص عليه وأطلقهما ابن تميم والفائق والحاوي الصغير.
قال في القواعد الفقهية: ومن الأصحاب من قال: إن قلنا تكبيرة الركوع.
سنة أجزأته وإن قلنا واجبة لم يصح التشريك قال: وفيه ضعف وهذه المسألة تدل على أن تكبيرة الركوع تجزئ في حال القيام خلاف ما يقوله المتأخرون انتهى.
الثانية : لو أدرك إمامه في غير الركوع استحب له الدخول معه والصحيح من المذهب والمنصوص أنه ينحط معه بلا تكبيرة جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره وقيل يكبر وأطلقهما ابن تميم والفائق.
قوله : "وما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته وما يقضيه أولها".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وجزم به في الهداية والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وبن تميم والفائق وغيرهم وعنه ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته وما يقضيه آخرها.
تنبيه : لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها ابن رجب في قواعده وغيره.
فمنها: محل الاستفتاح فعلى المذهب يستفتح فيما يقضيه وعلى الثانية فيما أدركه.

وهذا الصحيح من المذهب وقال القاضي في شرح المذهب لا يشرع الاستفتاح على كلا الروايتين لفوت محله.
ومنها: التعوذ إذا قلنا هو مخصوص بأول ركعة فعلى المذهب يتعوذ فيما يقضيه وعلى الثانية فيما أدركه.
قلت: الصواب هنا أن يتعوذ فيما أدركه على الروايتين ولم أر أحدا من الأصحاب قاله وأما على القول بمشروعيته في كل ركعة فتلغو هذه الفائدة ومنها صفة القراءة في الجهر والإخفات فإذا فاتته ركعتان من المغرب والعشاء جهر في قضائهما من غير كراهة نص عليه في رواية الأثرم وإن أم فيهما وقلنا بجوازه سن له الجهر بناء على المذهب وعلى الثانية لا جهر هنا وتقدمت المسألة في صفة الصلاة عند قوله: "ويجهر الإمام بالقراءة" بأتم من هذا.
ومنها: مقدار القراءة وللأصحاب فيه طريقان.
أحدهما : إن أدرك ركعتين من الرباعية فإنه يقرأ في المقضيتين بالحمد وسورة معها على كلا الروايتين قال ابن أبي موسى: لا يختلف قوله: في ذلك وذكر الخلال أن قوله: استقر عليه قال المصنف في المغني: هو قول الأئمة الأربعة لا نعلم عنهم فيه خلافا وذكره الآجري عن أحمد.
الثاني : يبني قراءته على الخلاف في أصل المسألة ذكره ابن هبيرة وفاقا للأئمة الأربعة وقاله الآجري وهي طريقة القاضي ومن بعده قال في الفروع: وجزم به جماعة وذكره ابن أبي موسى.
قال العلامة ابن رجب في فوائده: وقد نص عليه الإمام أحمد في رواية الأثرم وأومأ إليه في رواية حرب وغيره واختاره المجد وأنكر الطريقة الأولى وقال لا يتوجه إلا على رأي من رأى قراءة السورة في كل ركعة أو على رأي من رأى قراءة السورة في الأخريين إذا نسيها في الأوليين وقال أصول الأئمة تقتضي الطريقة الثانية صرح به جماعة قال ابن رجب قلت: وقد أشار الإمام أحمد إلى مأخذ ثالث وهو الاحتياط للتردد فيهما وقراءة السورة سنة مؤكدة فيحتاط لها أكثر من الاستفتاح والتعوذ انتهى.
ومنها: لو أدرك من الرباعية ركعة فعلى المذهب يقرأ في الأوليين بالحمد وسورة وفي الثالثة: بالحمد فقط ونقل عنه الميموني يحتاط ويقرأ في الثلاثة بالحمد وسورة قال الخلال رجع عنها أحمد.
ومنها: قنوت الوتر إذا أدركه المسبوق مع من يصليه بسلام واحد فإنه يقع في محله ولا يعيد على المذهب وعلى الثانية يعيده في آخر ركعة يقضيها.
ومنها: تكبيرات العيد الزوائد إذا أدرك المسبوق الركعة الثانية فعلى المذهب يكبر في

المقضية سبعا وعلى الثانية خمسا.
ومنها: إذا سبق ببعض تكبيرات صلاة الجنازة.
فعلى المذهب: يتابع الإمام في الذكر الذي هو فيه ثم يقرأ في أول تكبيرة يقضيها وعلى الثانية: لا يتابع الإمام بل يقرأ الفاتحة خلف الإمام.
ومنها: محل التشهد الأول في حق من أدرك من المغرب أو من رباعية ركعة فالصحيح من المذهب أنه يتشهد عقيب ركعة على كلا الروايتين وعليه الجمهور منهم الخلال وأبو بكر والقاضي قال الخلال: استقرت الروايات عليها وقدمه في الفروع والمحرر وقال في الأصح: عنه وعنه يتشهد عقيب ركعة في المغرب فقط وعنه يتشهد عقيب ركعتين في الكل نقلها حرب وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما ابن تميم والشارح.
وقال المصنف والشارح: الكل جائز ورده ابن رجب.
واختلف في بناء هاتين الروايتين فقيل هما مبنيتان على الروايتين في أصل المسألة إن قلنا ما يقضيه أول صلاته لم يجلس إلا عقب ركعتين وإن قلنا ما يقضيه آخرها تشهد عقيب ركعة وهي طريقة ابن عقيل في الفصول وأومأ إليه في رواية حرب.
وقيل: هما مبنيتان على القول بأن ما يدركه آخر صلاته وهي طريقة المجد ونص على ذلك صريحا في رواية عبد الله والبرقاني.
ومنها: تطويل الركعة الأولى على الرواية الثانية وترتيب السورتين في الركعتين ذكره ابن رجب تخريجا له وقال أيضا فأما رفع اليدين إذا قام من التشهد الأول إذا قلنا باستحبابه فيحتمل أن يرفع إذا قام إلى الركعة المحكوم بأنها ثالثة سواء قام عن تشهد أو غيره ويحتمل أن يرفع إذا قام من تشهده الأول المعتد به سواء كان عقيب الثانية أو لم يكن قال: وهو أظهر انتهى.
ومنها: التورك مع إمامه والصحيح من المذهب أنه يتورك مع إمامه على الرواية الأولى كما يتورك إذا قضى قال في الفروع: وعلى الأولى يتورك مع إمامه كما يقضيه في الأصح وعنه يفترش وعنه يخير وهو وجه في الرعاية.
فائدة: قال في الفروع: ومقتضى قوله: "إنه هل يتورك مع إمامه أو يفترش؟" أن هذا القعود هل هو ركن في حقه على الخلاف وقال القاضي في التعليق القعود الفرض ما يفعله آخر صلاته ويعقبه السلام وهذا معدوم هنا فجرى مجرى التشهد الأول على أن العقود هل هو ركن في حقه بعد سجدتي السهو من آخر صلاته وليس بفرض كذا هنا.
وقال المجد: لا يحتسب له بتشهد الإمام الأخير إجماعا لا من أول صلاته ولا من آخرها ويأتي فيه بالتشهد الأول فقط لوقوعه وسطا ويكرره حتى يسلم إمامه.
وقال في الرعاية الكبرى: وعنه من سبق بركعتين لا يتورك إلا في الآخر وحده وقيل: في

الزائدة على ركعتين يتورك إذا قضى ما سبق به وقيل: هل يوافق إمامه في توركه أم يخير بينهما فيه روايتان انتهى.
قوله : "ولا تجب القراءة على المأموم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب نص عليه وقطع به كثير منهم وعنه تجب القراءة عليه ذكرها الترمذي والبيهقي وبن الزاغوني واختارها الآجري نقل الأثرم لا بد للمأموم من قراءة الفاتحة ذكره ابن أبي موسى في شرح الخرقي وقال إن كثيرا من أصحابنا لا يعرف وجوبها حكاه في النوادر قال في الفروع: هذه الرواية أظهر.
وقيل: تجب في صلاة السر وحكاه عنه ابن المنذر وأطلقهما ابن تميم ونقل أبو داود يقرأ خلفه في كل ركعة إذا جهر قال: في الركعة الأولى يجزئ وقيل تجب القراءة في سكتات الإمام وما لا يجهر فيه.
تنبيه : قوله: "ولا تجب القراءة على المأموم معناه أن الإمام يتحملها عنه".
وإلا فهي واجبة عليه هذا معنى كلام القاضي وغيره واقتصر عليه في الفروع وغيره.
فائدة : يتحمل الإمام عن المأموم قراءة الفاتحة وسجود السهو والسترة على ما تقدم قال في التلخيص: وغيره وكذا التشهد الأول إذا سبقه بركعة وسجود التلاوة ودعاء القنوت.
قوله : "ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام".
هذا المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم وقيل يجب في سكتات الإمام كما تقدم.
تنبيهات.
الأول قوله: "ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام" يعني أن القراءة بالفاتحة وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال الشيخ تقي الدين هل الأفضل قراءته للفاتحة للاختلاف في وجوبها أم بغيرها لأنه استمع الفاتحة ومقتضى نصوص الإمام أحمد وأكثر أصحابه أن القراءة بغيرها أفضل نقل الأثرم فيمن قرأ خلف إمامه إذا فرغ الفاتحة يؤمن قال: لا أدري ما سمعت ولا أرى بأسا وظاهره التوقف ثم بين أنه سنة انتهى.
قال في جامع الاختيارات: مقتضى هذا إنما يكون غيرها أفضل إذا سمعها وإلا فهي أفضل من غيرها.
الثاني : أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أن تفريق قراءة الفاتحة في سكتات الإمام لا يضر وهو صحيح وهو المذهب ونص عليه وتقدم التنبيه على ذلك في صفة الصلاة.

الثالث : أفادنا المصنف أيضا أن للإمام سكتات وهو صحيح قال المجد ومن تابعه: هما سكتتان على سبيل الاستحباب إحداهما تختص بأول ركعة.
للاستفتاح والثانية سكتة يسيرة بعد القراءة كلها ليرد إليه نفسه لا لقراءة الفاتحة خلفه على ظاهر كلام الإمام أحمد.
قال الشيخ تقي الدين: استحب الإمام أحمد في صلاة الجهر سكتتين عقيب التكبير للاستفتاح وقبل الركوع لأجل الفصل ولم يستحب أن يسكت سكتة تسع قراءة المأموم ولكن بعض الأصحاب استحب ذلك انتهى.
وقال في المطلع: سكتات الإمام ثلاث في الركعة الأولى قبل الفاتحة وبعدها وقبل الركوع واثنتان في سائر الركعات بعد الفاتحة وقبل الركوع انتهى وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أنه يستحب أن يسكت الإمام بعد الفاتحة بقدر قراءة المأموم جزم به في الكافي وبن تميم والفائق والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الفروع وعنه يسكت قبل الفاتحة وعنه لا يسكت لقراءة المأموم وهو ظاهر كلام المجد ومن تابعه والشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى كما تقدم.
قال في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير: ويقف قبل الحمد ساكتا وبعدها وعنه بل قبلها وعنه بل بعدها وعنه بل بعد السورة قدر قراءة المأموم الحمد.
فائدة : لا تكره القراءة في سكتة الإمام لتنفسه نقله ابن هانئ عن أحمد واختاره بعض الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال الشيخ تقي الدين: لا يقرأ في حال تنفسه إجماعا قال في الفروع: كذا قال.
تنبيهان.
أحدهما: قوله: "وما لا يجهر فيه".
يعني أنه يستحب للمأموم أن يقرأ في سكتات الإمام وفيما لا يجهر فيه.
فيقرأ فيما يجهر فيه في سكتات الإمام الفاتحة أو غيرها على ما تقدم ويقرأ بها أيضا فقط في غير الأوليين ويقرأ بالفاتحة وغيرها في الأوليين فيما لا يجهر فيه نص عليه.
الثاني : ظاهر قوله: "ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام" أنه لا يستحب للمأموم القراءة حال جهر الإمام وهو صحيح بل يكره على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية والحاوي وغيرهم وعنه يستحب بالحمد اختاره المجد وهو ظاهر كلام ابن هبيرة وقاله أحمد في رواية إبراهيم ابن أبي طالب وقيل يحرم قال الإمام أحمد: لا يقرأ وقال أيضا لا يعجبني وقدمه ابن تميم.
وقيل: يحرم وتبطل الصلاة به أيضا اختاره ابن حامد وأومأ إليه أحمد.

قوله : "أو لا يسمعه لبعده".
يعني أنه يستحب أن يقرأ إذا لم يسمع الإمام لبعده وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي: اختاره الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: لا يقرأ وحكاه الزركشي وغيره رواية وأطلقهما في مختصر ابن تميم والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين وتجريد العناية.
فعلى المذهب: لو سمع همهمة الإمام ولم يفهم ما يقول لم يقرأ على الصحيح من المذهب نقلها الجماعة عن الإمام أحمد وقدمه في الفروع والرعاية وعنه يقرأ نقلها عبد الله واختارها الشيخ تقي الدين قال في الفروع: وهي أظهر.
قلت: وهو الصواب وأطلقهما الزركشي.
قوله : "فإن لم يسمعه لطرش فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعاية الصغرى والحاويين وكذا في الرعاية الكبرى في باب صلاة.
الجماعة وشرح المجد وبن منجا والنظم وبن تميم والفروع وتجريد العناية.
أحدهما : يستحب أن يقرأ إذا كان قريبا بحيث لا يشغل من إلى جنبه وهو المذهب اختاره المصنف قال في الرعاية الكبرى: في صفة الصلاة قرأ في الأقيس وجزم به في الإفادات.
والوجه الثاني: لا يقرأ بل يكره جزم به في الوجيز وصححه في التصحيح قال في مجمع البحرين: هذا أولى.
تنبيه : منشأ الخلاف كون الإمام أحمد رحمه الله سئل عن الأطرش أيقرأ قال: لا أدري فقال الأصحاب: يحتمل وجهين فبعض الأصحاب حكى الخلاف في الكراهة والاستحباب مطلقا منهم أبو الخطاب ومن تابعه وهو ظاهر كلام المصنف هنا وبعضهم خص الخلاف بما إذا خلط على غيره منهم ابن حمدان في رعايته والمصنف في المغني.
قال في مجمع البحرين: الوجهان إذا كان قريبا لا يمنعه إلا الطرش وكذا أضافه الشيخ يعني به المصنف في المقنع وإضافة الحكم إلى سبب تقتضي استقلاله لكن لا يفهم من لفظ الشيخ الحكم على الوجه الثاني: ما هو لتوسط الإباحة بينهما.
فإن اجتمع مع الطرش البعد قرأ بطريق الأولى على ما تقدم فأما إن قلنا لا يقرأ البعيد الذي لا يسمع لم يقرأ صاحب الطرش هنا قولا واحدا وكذا قال المجد في شرحه.

قوله : "وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
اعلم أن للأصحاب في محل الخلاف طرقا.
أحدها : أن محل الخلاف في حال سكوت الإمام فأما في حال قراءته فلا يستفتح ولا يستعيذ رواية واحدة وهي طريقة المصنف في المغني والشارح.
وصاحب الفائق وبن حمدان في رعايته الكبرى في باب صفة الصلاة.
قال الشيخ تقي الدين: من الأصحاب من قال ذلك.
الطريق الثاني : أن محل الروايتين يختص حالة جهر الإمام وسماع المأموم له دون حالة سكتاته وهي طريقة القاضي في المجرد والخلاف والطريقة نقله عنه المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين.
قال الشيخ تقي الدين: المعروف عند أصحاب الإمام أحمد أن النزاع في حالة الجهر لأنه بالاستماع يحصل مقصود القراءة بخلاف الاستفتاح والتعوذ وقطع به في المحرر وغيره.
الطريق الثالث: أن الخلاف جار في حال جهر الإمام وسكوته وهو ظاهر كلام المصنف هنا وأبي الخطاب وبن الجوزي وغيرهم وهو كالصريح في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم لكونهم حكوا الروايتين مطلقتين ثم حكوا رواية بالتفرقة.
قلت: وهذه الطريقة هي الصحيحة فإن الناقل مقدم على غيره والتفريع عليها فإحدى الروايات أنه يستحب له أن يستفتح ويستعيذ مطلقا جزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين في صلاة الجماعة والحاويين.
والرواية الثانية: يكره أن يستفتح ويستعيذ مطلقا صححه في التصحيح واختاره الشيخ تقي الدين.
وعنه رواية ثالثة إن سمع الإمام كرها وإلا فلا جزم به في المنور وقدمه في المحرر وصححه ابن منجا في شرحه قال في الرعاية الكبرى: في باب صفة الصلاة ولا يستفتح ولا يتعوذ مع جهر إمامه على الأصح قال في النكت: هذا هو المشهور.
وعنه رواية رابعة يستحب أن يستفتح ويكره أن يتعوذ اختاره القاضي في الجامع قال في مجمع البحرين: وهو الأقوى وأطلقهن في الفروع.
فائدة : قال ابن الجوزي: قراءة المأموم وقت مخافته إمامه أفضل من استفتاحه وغلطه الشيخ تقي الدين وقال قول أحمد وأكثر الأصحاب الاستفتاح أولى لأن استماعه بدل عن قراءته وقال الآجري أختار أن يبدأ بالحمد أولها "بسم الله الرحمن الرحيم" وترك الاستفتاح لأنها فريضة وكذا قال القاضي في الخلاف: فيمن أدركه في ركوع صلاة العيد لو أدرك القيام رتب الأذكار فلو لم يتمكن من جميعها بدأ بالقراءة لأنها فرض انتهى.

قوله : "ومن ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده".
اعلم أن ركوع المأموم أو سجوده أو غيرهما قبل إمامه عمدا محرم على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل مكروه واختاره ابن عقيل.
فعلى المذهب لا تبطل صلاته بمجرد ذلك على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور واختاره القاضي وغيره قال في الفصول: ذكر أصحابنا فيها روايتين والصحيح لا تبطل قال في الفروع: والأشهر لا تبطل إن عاد إلى متابعته حتى أدركه فيه وعنه تبطل إذا فعله عمدا ذكرها الإمام أحمد في رسالته وقدمه الشارح فقال وتبطل صلاته في ظاهر كلام الإمام أحمد فإنه قال: ليس لمن سبق الإمام صلاة لو كان له صلاة لرجي له الثواب ولم يخش عليه العقاب قال في الحواشي: اختاره بعض أصحابنا.
وأما إذا فعل ذلك سهوا أو جهلا فإنها لا تبطل على الصحيح من المذهب ولو قلنا تبطل بالعمدية وقيل: تبطل ذكره ابن حامد وغيره.
قوله : "فإن لم يفعل عمدا بطلت صلاته عند أصحابنا إلا القاضي".
يعني إذا ركع أو سجد قبل إمامه عمدا أو سهوا ثم ذكر فإن عليه أن.
يرفع ليأتي به بعد إمامه فإن لم يفعل عمدا حتى أدركه الإمام فيه قال الأصحاب: بطلت صلاته وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع: اختاره الأكثر وقدمه هو وغيره وهو من المفردات.
وقال القاضي: لا تبطل واختاره جماعة من الأصحاب وصححه ابن الجوزي في المذهب وذكر في التلخيص أنه المشهور وعلله القاضي وغيره بأن العادة أن المأموم يسبق الإمام بالقدر اليسير يعني يعفى عنه كفعله سهوا أو جهلا وقيل تبطل بالركوع فقط وقال المجد إذا تعمد سبقه إلى الركن عالما بالنهي وقلنا لا تبطل صلاته لم يعد ومتى عاد بطلت صلاته على كلا الوجهين قال: لأنه قد زاد ركوعا أو سجودا عمدا وذلك يبطل عندنا قولا واحدا انتهى وهي من المفردات أيضا وجزم به ابن تميم على قول القاضي قال في الرعاية: وفيه بعد.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف: أنه إذا لم يعد سهوا أن صلاته لا تبطل وهو صحيح وهو المذهب وكذا الجاهل ويعتد به وقيل تبطل منهما أيضا.
قوله : "وإن ركع ورفع قبل إمامه عالما عمدا فهل تبطل صلاته على وجهين".
وأطلقهما في الفروع وبن تميم والشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا.
أحدهما تبطل وهو الصحيح من المذهب نص عليه اختاره القاضي وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز والمحرر والمنور وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق.

الوجه الثاني: لا تبطل وذكر في التلخيص أنه أشهر فعليه يعتد بتلك الركعة صرح به ابن تميم وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية الكبرى وبنيا هما.
وغيرهما الخلاف في أصل المسألة على قولنا بالصحة فيما إذا اجتمع معه في الركوع في المسألة السابقة.
فائدة .
حكى الآمدي والسامري في المستوعب وبن الجوزي في المذهب وصاحب الفروع وغيرهم الخلاف روايتين وحكاه في الهداية والخلاصة وبن تميم وغيرهم وجهين.
قوله : "وإن كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته بلا نزاع وهل تبطل تلك الركعة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والفروع.
إحداهما : تبطل وهو المذهب قال في المذهب: لا يعتد له بتلك الركعة في أصح الروايتين قال في الرعايتين والحاويين: ويعيد الركعة على الأصح وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والمغني والشرح والفائق.
والرواية الثانية: لا تبطل قدمه ابن تميم قال في الفائق: وخرج منها صحة صلاته عمدا انتهى.
ومحل الخلاف في هذه المسألة إذا لم يأت بها مع إمامه فأما إن أتى بذلك مع إمامه صحت ركعته جزم به ابن تميم قال ابن حمدان: يعيدها إن فاتته مع الإمام.
قوله : "وإن ركع أو رفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه بطلت صلاته إلا الجاهل والناسي تصح صلاتهما وتبطل تلك الركعة".
لعدم اقتدائه بإمامه فيها قال في الفروع: وتبطل الركعة ما لم يأت بذلك مع إمامه.
فوائد.
الأولى: مثال ما إذا سبقه بركن واحد كامل أن يركع ويرفع قبل ركوع إمامه ومثال ما إذا سبقه بركنين أن يركع ويرفع قبل ركوعه ثم يسجد قبل رفعه كما قاله المصنف فيهما.
الثانية : الركوع كركن على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقيل كركنين وقال في الرعاية والسجدة وحدها كالركوع فيما قلنا وقيل بل السجدتان.
الثالثة : ذكر المصنف هنا حكم سبق المأموم للإمام في الأفعال فأما سبقه له في الأقوال فلا يضر سوى بتكبيرة الإحرام وبالسلام.
فأما تكبيرة الإحرام فإنه يشترط أن يأتي بها بعد إمامه فلو أتى بها معه لم يعتد بها على

الصحيح من المذهب مطلقا وعنه يعتد بها إن كان سهوا.
وأما السلام فإن سلم قبل إمامه عمدا بطلت وإن كان سهوا لم تبطل ولا يعتد بسلامه وتقدم ذلك في كلام المصنف في أول سجود السهو.
قال في الرعاية: ولا يعتد بسلامه وجها واحدا وقال في المستوعب إذا سبق المأموم إمامه في جميع الأقوال لم يضره إلا تكبيرة الإحرام فإنه يشترط أن يأتي بها بعده والمستحب أن يتأخر عنه بما عداها.
الرابعة : الأولى أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد شروع الإمام قاله ابن تميم وغيره وقال المصنف في المغني والشارح وبن رزين في شرحه وبن الجوزي في المذهب وغيرهم يستحب أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد فراغ الإمام مما كان فيه انتهى.
فإن وافقه في غير تكبيرة الإحرام كره ولم تبطل صلاته على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال في المبهج تبطل وقيل تبطل بالركوع.
فقط وقيل تبطل بسلامه مع إمامه واختاره في الرعاية إن سلم عمدا وتقدم سبقه في الأفعال والأقوال.
الخامسة : قال ابن رجب في شرح البخاري: الأولى أن يسلم المأموم عقيب فراغ الإمام من التسليمتين فإن سلم بعد الأولى جاز عند من يقول إن الثانية غير واجبة ولم يجز عند من يرى أن الثانية: واجبة لا يخرج من الصلاة بدونها انتهى.
وظاهره مشكل ولعله أراد أن الأولى سلام المأموم عقيب فراغ الإمام من كل تسليمة وأنه إن سلم المأموم الثانية بعد سلام الإمام الأولى وقبل الثانية ترتب الحكم الذي ذكره.
" السادسة " في تخلف المأموم عن الإمام عكس ما تقدم قال في الفروع: وغيره وإن تخلف عنه بركن بلا عذر فكالسبق به على ما تقدم ولعذر يفعله ويلحقه وفي اعتداده بتلك الركعة الروايتان المتقدمتان في الجاهل والناسي في قوله: "وهل تبطل تلك الركعة على روايتين".
وإن تخلف عن إمامه بركنين بطلت صلاته إن كان لغير عذر وإن كان لعذر كنوم وسهو وزحام إن أمن فوت الركعة الثانية أتى بما تركه وتبعه وصحت ركعته وإن لم يأمن فوت الركعة الثانية تبع إمامه ولغت ركعته والتي تليها عوض لتكميل ركعة مع إمامه على صفة ما صلاها وهذا الصحيح من المذهب وعنه يحتسب بالأولى.
قال الإمام أحمد: في مزحوم أدرك الركوع ولم يسجد مع إمامه حتى فرغ قال: يسجد سجدتين للركعة الأولى ويقضي ركعة وسجدتين لصحة الأولى ابتداء فعلى الثاني كركوعين وعنه يتبعه مطلقا وجوبا وتلغو أولاه وعنه عكسه فيكمل الأولى وجوبا ويقضي الثانية بعد السلام كمسبوق وعنه يشتغل بما فاته إلا أن يستوي الإمام قائما في الثانية فتلغو الأولى قال ابن تميم: إذا تخلف عن الإمام بركنين فصاعدا بطلت صلاته وإن كان بركن واحد فثلاثة أوجه الثالث إن كان ركوعا بطل وإلا فلا.

وعلى المذهب الأول لو زال عذر من أدرك ركوع الأولى وقد رفع إمامه من ركوع الثانية تابعه في السجود فتتم له ركعة ملفقة من ركعتي إمامة يدرك بها الجمعة.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: لا يعتد له بهذا السجود فيأتي بسجدتين آخرتين والإمام في تشهده وإلا عند سلامه ثم في إدراك الجمعة الخلاف.
وإن ظن تحريم متابعة إمامه فسجد جهلا اعتد له به كسجود من يظن إدراك المتابعة ففاتت وقيل لا يعتد به لأن فرضه الركوع ولا تبطل لجهله.
فعلى الأولى: إن أدركه في التشهد ففي إدراكه الجمعة الخلاف وإن أدركه في ركوع الثانية تبعه فيه وتمت جمعته وإن أدركه بعد رفعه منه تبعه وقضي كمسبوق يأتي بركعة فتتم له جمعة أو بثلاث تتم بها رباعية أو يستأنفها على الروايات المتقدمة.
وعلى الثاني: أنه لا يعتد بسجوده إن أتى به ثم أدركه في الركوع تبعه وصارت الثانية أولاه وأدرك بها جمعة وإن أدركه بعد رفعه تبعه في السجود فيحصل القضاء والمتابعة معا وتتم له ركعة يدرك بها الجمعة وقيل لا يعتد به لأنه معتد به للإمام من ركعة فلو اعتد به للمأموم من غيرها اختل معنى المتابعة فيأتي بسجود آخر وإمامه في التشهد وإلا بعد سلامه.
ومن ترك متابعة إمامه مع علمه بالتحريم بطلت صلاته وإن تخلف بركعة فأكثر لعذر تابعه وقضى كمسبوق وكما في صلاة الخوف وعنه تبطل.
تنبيه : مراده بقوله: "ويستحب للإمام تخفيف الصلاة مع إتمامها" إذا لم يؤثر المأموم التطويل فإن آثر المأموم التطويل استحب.
قال في الرعاية: إلا أن يؤثر المأموم وعددهم محصور.
قوله : "وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية".
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه الأصحاب في الجملة لكن قال في الفروع: ويتوجه هل يعتبر التفاوت بالآيات أم بالكلمات والحروف يتوجه كعاجز عن الفاتحة على ما تقدم في باب صفة الصلاة قال: ولعل المراد لا أثر لتفاوت يسير ولو في تطويل الثانية على الأولى لأن الغاشية أطول من سبح وسورة الناس أطول من الفلق وصلى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بذلك وإلا كره.
فائدتان.
إحداهما: لو طول قراءة الثانية على الأولى فقال أحمد يجزئه وينبغي أن لا يفعل.
الثانية : يكره للإمام سرعة تمنع المأموم من فعل ما يسن فعله.
وقال الشيخ تقي الدين: يلزمه مراعاة المأموم إن تضرر بالصلاة أول الوقت أو آخره

ونحوه وقال ليس له أن يزيد على القدر المشروع وقال ينبغي له أن يفعل غالبا ما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يفعله غالبا ويزيد وينقص للمصلحة كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يزيد وينقص أحيانا.
قوله : "ولا يستحب انتظار داخل وهو في الركوع في إحدى الروايتين".
وأطلقهما في المذهب ومجمع البحرين والفائق.
إحداهما: يستحب انتظاره بشرطه وهو المذهب جزم به في الكافي والوجيز والمنور والمنتخب والإفادات وقدمه في الفروع والهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر وبن تميم والرعايتين والحاويين والشرح.
وصححه في التصحيح والمجد في شرحه ونصره المصنف والشارح واختاره القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في رؤوس مسائلهما والرعاية.
الثانية : لا يستحب انتظاره فيباح قال في الفروع: اختاره جماعة منهم القاضي في المجرد وبن عقيل قال في مجمع البحرين والشيخ: يعني به المصنف وعنه رواية ثالثة يكره وتحتمله الرواية الثانية للمصنف هنا وقال في الفروع ويتوجه ببطلانها تخريج من تشريكه في نية خروجه من الصلاة وتخريج من الكراهة هنا في تلك.
فعلى المذهب: إنما يستحب الانتظار بشرط أن لا يشق على المأمومين ذكره جمهور الأصحاب ونص عليه وقال جماعة من الأصحاب يستحب ما لم يشق أو يكثر الجمع منهم المجد والمصنف في الكافي وغيره والشارح وقال جماعة من الأصحاب ما لم يشق أو يكثر الجمع أو يطول وجزم به في الرعايتين والحاويين.
تنبيه : قوله: "ولا يستحب انتظار داخل" نكرة في سياق النفي فيعم أي داخل كان وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وبن تميم والرعاية الكبرى.
وقيل يشترط أن يكون ذا حرمة قال المصنف والشارح: إنما ينتظر من كان من أهل العلم والفضل ونحوه ويحتمل أن يكون من كلام القاضي فإنه معطوف عليه.
قلت: وهذا القول ضعيف على إطلاقه.
وقال ابن عقيل: لا بأس بانتظار من كان من أهل الديانات والهيئات في غير مساجد الأسواق وقيل ينتظر من عادته يصلي جماعة.
قلت: وهو قوي.
وقال القاضي في موضع من كلامه: يكره تطويل القراءة والركوع انتظارا.
لأحد في مساجد الأسواق وفي غيرها لا بأس بذلك لمن جرت عادته بالصلاة معه من أهل الفضل ولا يستحب.

فائدة : حكم الانتظار في غير الركوع حكمه في الركوع على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وصرح جماعة أن حال القيام كالركوع في هذا منهم المصنف في الكافي والرعايتين والحاويين وقطع المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير ومجمع البحرين بأن التشهد كالركوع على الخلاف لئلا تفوته صلاة الجماعة بالكلية زاد في مجمع البحرين والاستحباب هنا أظهر لئلا تفوت الداخل الجماعة بالكلية ثم قال قلت: ولآنه مظنة عدم المشقة لجلوسهم وإن كان عدمها شرطا في الانتظار حيثما جاز لآن الذين معه أعظم حرمة وأسبق حقا انتهى.
وقال في التلخيص: ومتى أحس بداخل استحب انتظاره على أحد الوجهين وقال ابن تميم وإن أحس به في التشهد فوجهان وقال القاضي لا ينتظره في السجود وقال في الرعاية الكبرى ويسن للإمام أن ينتظر في قيامه وركوعه وقيل وتشهده وقيل وغيره ممن دخل مطلقا ليصلي.
قوله : "وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها وبيتها خير لها".
الصحيح من المذهب: كراهة منعها من الخروج إلى المسجد ليلا أو نهارا جزم به في الشرح والفائق وقدمه في الفروع وقال في المغني: ظاهر الخبر منع الرجل من منعها فظاهر كلامه تحريم المنع.
قال المجد في شرحه: متى خشي فتنة أو ضررا منعها قال في مجمع البحرين.
ومتى خشي فتنة أو ضررا جاز منعها أو وجب قال ابن الجوزي: فإن خيف فتنة نهيت عن الخروج قال القاضي: مما ينكر خروجها على وجه يخاف منه الفتنة وقال ابن تميم وبن حمدان في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير: يكره منعها إذا لم يخف فتنة ولا ضررا وقال في النصيحة يمنعن من العيد أشد المنع مع زينة وطيب ومفتنات وقال منعهن في هذا الوقت من الخروج انفع لهن وللرجال من جهات.
ومتى قلنا لا تمنع فبيتها خير لها وتقدم أول الباب هل يسن لهن حضور الجماعة أم لا.
فائدتان.
إحداهما: ذكر جماعة من الأصحاب كراهة تطيبها إذا أرادت حضور المسجد وغيره وقال في الفروع: وتحريمه أظهر لما تقدم وهو ظاهر كلام جماعة.
الثانية : السيد مع أمته كالزوج مع زوجته في المنع وغيره فأما غيرهما فقال في الفروع:

فإن قلنا بما جزم به ابن عقيل وغيره إن من بلغ رشيدا له أن ينفرد بنفسه ذكرا كان أو أنثى فواضح لكن إن وجد ما يمنع الخروج شرعا فظاهر أيضا.
وعلى المذهب ليس للأنثى أن تنفرد وللأب منعها منه لأنه لا يؤمن دخول من يفسدها ويلحق العار بها وبأهلها فهذا ظاهر في أن له منعها من الخروج وقول أحمد الزوج أملك من الأب يدل على أن الأب ليس كغيره في هذا فإن لم يكن أب قام أولياؤها مقامه أطلقه المصنف قال في الفروع: والمراد المحارم استصحابا للحضانة.
وعلى هذا في الرجال ذوي الأرحام كالخال أو الحاكم الخلاف في الحضانة.
وقال أيضا في الفروع: ويتوجه إن علم أنه لا مانع ولا ضرر حرم المنع على ولى أو على غير أب انتهى.
قوله : "السنة أن يؤم القوم أقرؤهم أي لكتاب الله ثم أفقههم".
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات وعنه يقدم الأفقه على الأقرأ إن قرأ ما يجزئ في الصلاة اختاره ابن عقيل وحكى ابن الزاغوني عن بعض الأصحاب أنه رأى تقديم الفقيه على القارئ.
فائدتان.
إحداهما: يقدم الأقرأ الفقيه على الأفقه القارئ على الصحيح من المذهب قدمه في النظم وقيل عكسه.
فعلى المذهب: في أصل المسألة يقدم الأجود قراءة على الأكثر قرآنا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية والفائق وتجريد العناية والنظم وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره واختاره المصنف والمجد والشارح وغيرهم.
وقيل: يقدم أكثرهم قرآنا اختاره صاحب روضة الفقه.
الثانية : من شرط تقديم الأقرأ حيث قلنا به أن يكون عالما فقه صلاته فقط حافظا للفاتحة وقيل يشترط مع ذلك أن يعلم أحكام سجود السهو.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره: لو كان القارئ جاهلا بما يحتاج إليه في الصلاة ولكن يأتي بها في العادة صحيحة أنه يقدم على الفقيه قال الزركشي: هو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي والأكثرين وهو أحد الوجهين.
والوجه الثاني: أن الأفقه الحافظ من القرآن ما يجزئه في الصلاة يقدم على ذلك وهو المذهب نص عليه وهو ظاهر كلامه في الوجيز وجزم به في المحرر واختاره ابن عقيل وحسنه المجد في شرحه قال في مجمع البحرين وهو أولى وقدمه في الفروع والفائق وأطلقهما ابن تميم.

فائدة.
قوله: "ثم أفقههم" يعني إذا استويا في القراءة قدم الأفقه وكذا لو استويا في الفقه قدم أقرأهما ولو استويا في جودة القراءة قدم أكثرهما قرآنا ولو استويا في الكثرة قدم أجودهما ولو كان أحد الفقيهين أفقه أو أعلم بأحكام الصلاة قدم ويقدم قارئ لا يعرف أحكام الصلاة على فقيه أمي.
قوله : "ثم أسنهم".
يعني إذا استووا في القراءة والفقه قدم أسنهم وهذا المذهب جزم به في الهداية والأيضاح والمبهج والخرقي والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمنتخب والمذهب الأحمد وإدراك الغاية واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه ابن الجوزي في المذهب ومسبوك المذهب وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين.
وظاهر كلام الإمام أحمد تقديم الأقدم هجرة على الأسن جزم به في الإفادات والنظم وتجريد العناية والمنور وقدمه في الكافي والمحرر والفائق وصححه الشارح قال الزركشي: اختاره الشيخان وجزم به في النهاية ونظمها وتجريد العناية بتقديم الأقدم إسلاما على الأسن وقال ابن حامد: يقدم الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن عكس ما قال المصنف: هنا وأطلقهن ابن تميم.
قوله : "ثم أقدمهم هجرة ثم أشرفهم".
هذا أحد الوجوه حكاه في التلخيص وجزم به في المبهج والإيضاح والنظم والإفادات وتجريد العناية والمنور والمنتخب وقدمه في الفائق واختاره الشيخ تقي الدين وبن عبدوس في تذكرته.
والوجه الثاني : يقدم الأشرف على الأقدم هجرة وهو المذهب وجزم به الخرقي والهداية والمذهب والخلاصة والوجيز والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين واختاره المصنف كما تقدم.
وقيل: يقدم الأتقى على الأشرف ولم يقدم الشيخ تقي الدين بالنسب ذكره عن أحمد وهو ظاهر كلامه في الإيضاح.
فائدة : قيل الأقدم هجرة: من هاجر بنفسه جزم به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن رزين وقيل السبق بآبائه قال الآمدي: الهجرة منقطعة في وقتنا وإنما يقدم بها من كان لآبائه سبق وقيل السبق بكل منهما قطع به في مجمع البحرين والزركشي وقدمه ابن تميم والرعاية الكبرى والحاوي الكبير والحواشي وأطلقهن في الفروع.
وأما الأشرف: فقال في الفروع: والمراد به القرشي وقاله المجد وهو ظاهر ما قدمه في

الرعاية وقدمه الزركشي قال في مجمع البحرين ومعنى الشرف الأقرب فالأقرب منه عليه أفضل الصلاة والسلام فيقدم العرب على غيرهم ثم قريش ثم بنو هاشم وكذلك أبدا وقال ابن تميم ومعنى الشرف علو النسب والقدر قاله بعض أصحابنا واقتصر عليه.
قلت: وقطع به المغني والكافي والشرح والفائق وغيرهم.
فائدة : السبق بالإسلام كالهجرة وقاله في الفروع وغيره.
قوله : "ثم أتقاهم".
يعني بعد الأسن والأشرف والأقدم هجرة الأتقى وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والإفادات والرعاية الصغرى والحاويين والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع والمغني والشرح والرعاية الكبرى وغيرهم وقيل يقدم الأتقى على الأشرف كما تقدم وهو.
احتمال للمصنف واختاره الشيخ تقي الدين كما تقدم وهو الصواب.
وقيل: يقدم الأعمر للمسجد على الأتقى والأورع وجزم به في المبهج والإيضاح والفصول وزاد أو يفضل على الجماعة المنعقدة قدمه في الرعاية وقيل بل الأعمر للمسجد الراعي له والمتعاهد لأموره.
فائدة: ذكر في الهداية والمذهب والمستوعب وحواشي الفروع والزركشي وغيرهم أن الأتقى والأورع سواء وقال في الرعاية الكبرى ثم الأتقى ثم الأورع ثم من قرع وعنه يقسم بينهما.
قوله : "ثم من تقع له القرعة".
يعني بعد الأتقى وهو إحدى الروايتين وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمذهب الأحمد والكافي والتلخيص والبلغة والوجيز والحاوي الكبير وتجريد العناية والإفادات والمنتخب واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والقواعد الفقهية وعنه يقدم من اختاره الجماعة على القرعة قدمه ابن تميم والفائق وجزم به في المبهج والإيضاح والنظم.
قال في المغني والشرح: فإن استووا في التقوى أقرع بينهم نص عليه فإن كان أحدهما يقوم بعمارة المسجد وتعاهده فهو أحق به وكذلك إن رضي الجيران أحدهما دون الآخر.
قال الزركشي: فإن استووا في التقوى والورع قدم أعمرهم للمسجد وما رضي به الجيران أو أكثرهم فإن استووا في القرعة قال في مجمع البحرين: ثم بعد الأتقى من يختاره الجيران أو أكثرهم لمعنى مقصود شرعا ككونه أعمر للمسجد أو أنفع لجيرانه ونحوه مما يعود بصلاح المسجد وأهله ثم القرعة انتهى وأطلقهما في المستوعب والحاوي الصغير والفروع.

فعلى الرواية الثانية: لو اختلفوا في اختيارهم عمل باختيار الأكثر فإن استووا فقيل يقرع.
قلت: وهو أولى.
وقيل: يختار السلطان الأولى وأطلقهما في الفروع.
فعلى القول باختيار السلطان لا يتجاوز المختلف فيهما على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية الكبرى وقيل للسلطان أن يختار غيرهما ذكره في الرعاية وهما احتمالان مطلقان في الفروع.
تنبيه : قولي في الرواية الثانية: من اختاره الجماعة هكذا قال في الفروع: ومختصر ابن تميم وغيرهما وقال في الرعاية الكبرى: من رضيه وأراده المصلون وقيل: الجماعة وقيل: الجيران وقيل أكثرهم.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أن القرعة بعد الأتقى والأورع أو من تختاره الجماعة على الرواية الأخرى وهو صحيح وقيل يقدم بحسن خلقه جزم به في الرعاية في موضع وكذلك ابن تميم وقيل يقدم أيضا بحسن الخلقة وأطلقهما ابن تميم.
فائدة : تحرير الصحيح من المذهب في الأولى بالتقديم في الإمامة فالأولى الأقرأ جودة العارف فقه صلاته ثم القارئ كذلك ثم الأفقه ثم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة والأسبق بالإسلام ثم الأتقى والأورع ثم من يختاره الجيران ثم القرعة.
واعلم أن الخلاف إنما هو في الأولوية لا في اشتراط ذلك ووجوبه على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقطعوا به ونص عليه ولكن يكره تقديم غير الأولى ويأتي بإتم من هذا قريبا.
قوله : "وصاحب البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة".
يعني أنهما أحق بالإمامة من غيرهما ممن تقدم ذكره إذا كان ممن تصح إمامته قاله في مجمع البحرين والزركشي وغيرهما قال في الرعاية قلت: إن صلحا للإمامة بهم مطلقا وإن كان أفضل منهما وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل هما أحق من غيرهما مع التساوي ووجه في الفروع أنه يستحب لهما أن يقدما أفضل منهما.
فائدة : لهما تقديم غيرهما ولا يكره نص عليه وعنه يكره تقديم أبويهما مطلقا فغيرهما أولى أن يكره وكذا الخلاف في إذن من استحق التقديم غيرهما ويأتي قريبا بأعم من هذا.
فائدة : المعير والمستأجر أحق بالإمامة من المستعير والمؤجر على الصحيح من المذهب وقيل عكسه وقدم في الرعايتين والحاويين أن المستعير أولى من المالك قال الزركشي قلت: ويخرج أن المستعير أولى إن قلنا العارية هبة منفعة وأطلقهما ابن تميم في المؤجر والمستأجر.

قوله : "إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان".
يعني فيكون أحق بالإمامة من صاحب البيت ومن إمام المسجد وهو الصحيح من المذهب وعليه الجمهور نص عليه وقيل هما أحق منه واختاره ابن حامد في صاحب البيت وأطلقهما في التلخيص في صاحب البيت والسلطان.
فائدة : لو كان البيت لعبد فسيده أحق منه بالإمامة قاله في الكافي وغيره وهو واضح لآن السيد صاحب البيت ولو كان البيت للمكاتب كان أولى قاله في الرعاية الكبرى وقيل يقدمان في بيتهما على غير سيدهما.
قوله : "والحر أولى من العبد ومن المكاتب ومن بعضه حر".
وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر.
والفائق والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وعنه لا يقدم عليه إلا إذا تساويا وقيل: إذا لم يكن أحدهما: إماما راتبا ذكره في الرعاية.
فائدتان .
إحداهما : العبد المكلف أولى من الصبي إذا قلنا تصح إمامته بالبالغين قاله في الرعاية.
الثانية : أفادنا المصنف رحمه الله أن إمامة العبد صحيحة من حيث الجملة وهو صحيح لا أعلم فيه خلافا في المذهب إلا ما يأتي في إمامته في صلاة الجمعة بل ولا يكره بالأحرار نص عليه.
قوله: "والحاضر أولى من المسافر".
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والفائق وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعاية وغيرهم وقال القاضي إن كان فيهم إمام فهو أحق بالإمامة قال القاضي: وإن كان مسافرا وجزم به ابن تميم.
فوائد.
الأولى: لو أتم الإمام المسافر الصلاة صحت صلاة المأموم المقيم على الصحيح من المذهب وعليه عامة الأصحاب ونص عليه في رواية الميموني وبن منصور وعند أبي بكر إن أتم المسافر ففي صحة صلاة المأموم روايتا متنفل بمفترض وذكرهما القاضي.
وقال ابن عقيل: وغيره ليس بجيد لأنه الأصل فليس بمتنفل.
قال في مجمع البحرين: أنكر عامة الأصحاب قول أبي بكر في صحة صلاته خلفه روايتين لأنه في الأخيرتين متنفل لسقوطهما بالترك لا إلى بدل ومنعه.
الأصحاب لأن القصر عندنا رخصة فإذا لم يختره تعين الفرض الأصلي وهو الأربع ونقل صالح التوقف فيها وقال دعها انتهى.

وقال أبو الخطاب في الانتصار: يجوز في رواية لصحة بناء مقيم على نية مسافر وهو الإمام.
الثانية : إذا أتم المسافر كره تقديمه للخروج من الخلاف وإن قصر لم يكره الاقتداء به قال في مجمع البحرين: إجماعا.
الثالثة : لو كان المقيم إماما لمسافر ونوى المسافر القصر صحت صلاته على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل في الفصول إن نوى المسافر القصر احتمل أن لا يجزئه وهو أصح لوقوع الأخريين منه بلا نية ولأن المأموم إذا لزمه حكم المتابعة لزمه نية المتابعة كنية الجمعة ممن لا تلزمه خلف من يصليها واحتمل أن يجزئه لأن الإتمام لزمه حكما.
الرابعة : الحضري أولى من البدوي والمتوضئ أولى من المتيمم.
قوله : "والبصير أولى من الأعمى في أحد الوجهين".
وهما روايتان فالخلاف عائد إليهما فقط وأطلقهما في التلخيص والفائق.
أحدهما : البصير أولى وهو المذهب قال المصنف: وهو أولى قال في المذهب: هذا أصح الوجهين قال في البلغة والبصير: أولى منه على الأصح قال في الهداية والبصير: أولى من الأعمى عندي وجزم به في الوجيز والإفادات وتجريد العناية والنهاية ونظمها واختاره الشيرازي وقدمه في الفروع والمحرر والشرح والخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي وإدراك الغاية.
الوجه الثاني : هما سواء اختاره القاضي وقدمه في المستوعب وقيل: الأعمى أولى من البصير وهو رواية عن أحمد في الرعاية وغيرها.
فائدة : لو كان الأعمى أصم صحت إمامته على الصحيح من المذهب قدمه في الكافي والمغني وصححه فيهما وقدمه في الشرح وشرح ابن رزين.
وقال: بعض الأصحاب لا يصح وجزم به في الإيضاح وأطلقهما في الفروع وبن تميم والنظم ومجمع البحرين والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة : لو أذن الأفضل للمفضول ممن تقدم ذكره لم تكره إمامته على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل: تكره وهو رواية في صاحب البيت وإمام المسجد كما تقدم.
وفي رسالة أحمد في الصلاة رواية مهنا لا يجوز أن يقدموا إلا أعلمهم وأخوفهم وإلا لم يزالوا في سفال وكذا قال في الغنية.
وقال الشيخ تقي الدين: يجب تقديم من يقدمه الله ورسوله ولو مع شرط واقف بخلافه انتهى.
فإمامة المفضول بدون إذن الفاضل مكروهة على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل:

الأخوف أولى وقال في الفروع: وأطلق بعضهم النص ولعل المراد سوى إمام المسجد وصاحب البيت فإنه يحرم وذكر بعضهم يكره قال في الفروع: واحتج جماعة منهم القاضي والمجد على منع إمامة الأمي بالأقرأ بأمر الشارع بتقديم الأقرأ فإذا قدم الأمي خولف الأمر ودخل تحت النهي وكذا احتج في الفصول مع قوله: يستحب للإمام إذا استخلف أن يرتب كما يرتب الإمام في أصل الصلاة كالإمام الأول لأنه نوع إمامة.
قوله : "وهل تصح إمامة الفاسق والأقلف على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والخلاصة والتلخيص والبلغة وبن تميم والفائق.
أما الفاسق ففيه روايتان.
إحداهما : لا تصح وهو المذهب سواء كان فسقه من جهة الاعتقاد أو من جهة الأفعال من حيث الجملة وعليه أكثر الأصحاب قال ابن الزاغوني: هي اختيار المشايخ قال الزركشي: هي المشهورة واختيار ابن أبي موسى.
والقاضي والشيرازي وجماعة قال في المذهب ومسبوك الذهب والرعايتين والحاوي الصغير ومجمع البحرين: لا يصح في أصح الروايتين قال في الحاوي الكبير: هي الصحيحة من المذهب قال ابن هبيرة: هي الأشهر قال الناظم: الأولى ونصرها أبو الخطاب والشريف أبو جعفر واختارها أبو بكر والآمدي والمجد وغيرهما وجزم به ابن عقيل في التذكرة وغيره.
قال في الوجيز: ولا تصح إمامة الفاسق وهو المشهور وقدمه في الفروع والمستوعب وغيرهما قال الشيخ تقي الدين: لا تصح خلف أهل الأهواء والبدع والفسقة مع القدرة.
والرواية الثانية: تصح وتكره وعنه تصح في النفل جزم به جماعة قال ابن تميم: ويصح النفل خلف الفاسق رواية واحدة قاله بعض أصحابنا والظاهر أن مراده المجد فإنه قال: ذلك وعنه لا تصح خلف فاسق بالاعتقاد بحال.
فعلى المذهب: يلزم من صلى خلفه الإعادة سواء علم بفسقه وقت الصلاة أو بعدها وسواء كان فسقه ظاهرا أو لا وهذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والزركشي وبن تميم ومجمع البحرين ونص عليه في رواية صالح والأثرم وهو ظاهر كلامه في الكافي.
وقال ابن عقيل: لا إعادة إذا جهل حاله مطلقا كالحدث والنجاسة وفرق بينهما في مجمع البحرين بأن الفاسق يعلم بالمانع في حقه بخلاف المحدث الناسي إذ لو علم لم تصح خلفه بحال.
وقيل: إن كان فسقه ظاهرا أعاد وإلا فلا للعذر وصححه المصنف والمجد وجزم به الخرقي والوجيز وقال في الرعاية: الأصح أن يعيد خلف المعلن وفي غيره روايتان وقيل إن علم لما سلم فوجهان وإن علم قبله فروايتان.
قال في المحرر والفائق: وإن ائتم بفاسق من يعلم فسقه فعلى روايتين وقيل يعيد لفسق

إمامه المجرد وقيل تقليدا فقط.
فائدة : المعلن بالبدعة هو المظهر لها ضد الإسرار كالمتكلم بها والداعي إليها والمناظر عليها وهكذا فسره المصنف والشارح وغيرهما.
وقال القاضي: المعلن بالبدعة من يعتقدها بدليل وضده من يعتقدها تقليدا وقال المقلد لا يكفر ولا يفسق.
فوائد .
الأولى : تصح إمامة العدل إذا كان نائبا لفاسق على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر قال الزركشي: وغيره هذا الصحيح من الروايتين وقدمه في الفروع وجزم به في الرعاية الكبرى وعنه لا تصح لأنه لا يستنيب من لا يباشر وقيل إن كان المستنيب عدلا وحده فوجهان صححه الإمام أحمد وخالف القاضي وغيره فعلى المذهب لا يعيد نص عليه وعنه يعيد.
الثانية : قال في الفروع: وظاهر كلامهم لا يؤم فاسق فاسقا وقاله القاضي وغيره لأنه يمكنه رفع ما عليه من النقص.
قلت: وصرح به ابن تميم وبن حمدان فقالا ولا يؤم فاسق مثله.
الثالثة : حيث قلنا لا تصح الصلاة خلفه فإنه يصلي معه خوف أذى ويعيد نص عليه وإن نوى الانفراد ووافقه في أفعالها لم يعدها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وعنه يعيد.
تنبيه : يستثنى من كلام المصنف وغيره صلاة الجمعة فإنها تصلي خلفه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال: كثير منهم يصلي خلفه صلاة الجمعة رواية واحدة لكن بشرط عدم جمعة أخرى خلف عدل قاله في مجمع البحرين وغيره وعنه لا يصلي الجمعة أيضا خلفه وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب.
قال ابن تميم: وسوى الآمدي بين الجمعة وغيرها في تقديم الفاسق فعلى.
المذهب: لا يلزمه إعادتها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى: هي أشهر وعنه من أعادها فمبتدع مخالف للسنة ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلفه وعنه يعيدها جزم به في المذهب ومسبوك الذهب وصححه ابن عقيل وغيره قال الزركشي: فيعاد على المذهب قال في الحاويين: هذا الصحيح عندي وصححه في مجمع البحرين قال في الفروع: ذكر غير واحد الإعادة ظاهر المذهب كغيرها.
قلت: ممن قاله هو في حواشيه.

وقدمه في الرعايتين نقل ابن الحكم أنه كان يصلي الجمعة ثم يصلي الظهر أربعا قال: فإن كانت الصلاة فرضا فلا تضر صلاتي وإن لم تكن كانت تلك الصلاة ظهرا أربعا.
ونقل أبو طالب أيما أحب إليك أصلي قبل الصلاة أو بعدها قال: بعد الصلاة ولا أصلي قبل.
قال القاضي في الخلاف: يصلي الظهر بعد الجمعة ليخرج من الخلاف وأطلق الروايتين وهما الإعادة وعدمها ابن تميم.
فائدة : ألحق المصنف بالجمعة صلاة العيدين وتابعه في الشرح والنظم ومجمع البحرين والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقال في الرعاية الكبرى ويصلي الجمعة وقيل والعيد.
قال ابن عقيل: لا يقتدى بالفاسق في غير الجمعة ولم يذكرهما في الفروع.
فوائد .
إحداها : حكم من صلى الجمعة ونحوها في بقعة غصب للضرورة حكم صلاة الجمعة خلف الفاسق ذكره في الفروع وقال وذكرهما ابن عقيل وصاحب المحرر فيمن كفر باعتقاده ويعيد.
وتقدم التنبيه على ذلك في آخر باب اجتناب النجاسة.
الثانية: تصح الصلاة خلف إمام لا يعرفه على الصحيح من المذهب وعنه لا تصح وروى عنه أنه لا يصلى إلا خلف من يعرف قال أبو بكر: وهذا على الاستحباب.
الثالثة: قال المجد وبن تميم وبن حمدان وصاحب مجمع البحرين والتلخيص وغيرهم: تصح الصلاة خلف من خالف في الفروع لدليل أو تقليد نص عليه ما لم يعلم أنه ترك ركنا أو شرطا على ما يأتي.
قال المجد- لمن قال لا تصح-: هذا خرق لإجماع من تقدم من الصحابة فمن بعدهم قال في الفروع: ومراد الأصحاب ما لم يفسق بذلك وذكر ابن أبي موسى في الصلاة خلف شارب نبيذ معتقدا حله روايتين وذكر أنه لا يصلى خلف من يقول الماء من الماء وقيل ولا خلف من يجيز ربا الفضل كبيع درهم بدرهمين للإجماع الآن على تحريمها.
ويأتي قريبا إذا ترك الإمام ركنا أو شرطا.
وأما الأقلف فأطلق المصنف في صحة إمامته روايتين وهما روايتان عند الأكثر وقدم في الرعاية أنهما وجهان وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص والبلغة وبن تميم والرعايتين والحاوي الكبير والشرح وشرح ابن منجا.
إحداهما : تصح مع الكراهة وهو المذهب جزم به في الخلاصة والمحرر والإفادات،

والوجيز والمذهب الأحمد والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع والفائق وبن تميم وصححه في التصحيح والنظم ومجمع البحرين واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية : لا تصح صححه في الحاوي الصغير وهي من المفردات وقدمه في المستوعب.
وقيل: تصح إمامة الأقلف المفتوق قلفته وخص في الحاوي الكبير وغيره الخلاف بالأقلف المرتتق وقيل: إن كثرت إمامته لم تصح وإلا صحت.
فائدتان .
إحداهما : هل المنع من صحة إمامته لترك الختان الواجب أو لعجزه عن غسل النجاسة فيه وجهان قاله في الرعاية.
قال ابن تميم: اختلف الأصحاب في مأخذ المنع.
فقال بعضهم: تركه الختان الواجب فعلى هذا إن قلنا بعدم الوجوب أو سقط القول به لضرر صحت إمامته.
وقال جماعة آخرون: هو عجزه عن شرط الصلاة وهو التطهر من النجاسة فعلى هذا لا تصح إمامته إلا بمثله إن لم يجب الختان انتهى.
قال في مجمع البحرين: إن كان تاركا للختان من غير خوف ضرر وهو يعتقد وجوبه فسق على الأصح وفيه الروايتان لفسقه لا لكونه أقلف وإن تركه تأولا أو خائفا على نفسه التلف لكبر ونحوه صحت إمامته انتهى.
قلت: الذي قطع به المصنف والشارح وبن منجا وغيرهم أن المنع لعجزه عن غسل النجاسة.
الثانية: تصح إمامة الأقلف بمثله قدمه في الرعاية والحواشي قال ابن تميم: تصح إمامته بمثله إن لم يجب الختان انتهى.
وقيل: لا تصح مطلقا وأطلقهما في الفروع وقيل تصح في التراويح إذا لم يكن قارئ غيره.
قوله : "وفي إمامة أقطع اليدين وجهان".
وحكاهما الآمدي روايتين وأطلقهما في المذهب والتلخيص والبلغة والشرح وبن تميم والرعايتين والحاويين والنظم.
إحداهما : تصح مع الكراهة وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والإفادات واختاره القاضي وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني : لا تصح اختاره أبو بكر.
تنبيه : منشأ الخلاف كون الإمام أحمد سئل عن ذلك فتوقف.

فائدتان .
إحداهما : حكم أقطع الرجلين أو أحدهما: أو أحد اليدين حكم أقطع اليدين كما تقدم قاله في الفروع والحاوي الكبير والإفادات وغيرهم وأطلق في الرعايتين والحاوي الصغير الخلاف في أقطع اليدين أو الرجلين ثم قال وقيل: أو إحداهن.
واختار المصنف صحة إمامه أقطع أحد الرجلين دون أقطعهما وتبعه الشارح وأطلق في الفائق الخلاف في أقطع يد أو رجل فظاهره أن إمامة أقطعهما لا تصح قولا واحدا.
وصرح بصحة إمامه أقطع اليد أو الرجل بمثله وأطلق في المحرر في أقطع اليد أو الرجل الوجهين.
الثانية : قال ابن عقيل: تكره إمامة من قطع أنفه ولم يذكره الأكثر وإنما ذكروا الصحة.
قوله : "ولا تصح الصلاة خلف كافر".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل تصح إن أسر الكفر وعنه لا يعيد خلف مبتدع كافر ببدعته وحكى ابن الزاغوني رواية بصحة صلاة الكافر بناء على صحة إسلامه بها وبنى على صحة صلاته صحة إمامته على احتمال.
قال الزركشي: وهو بعيد وتقدم ذلك في كتاب الصلاة عند قوله: "وإذا صلى الكافر حكم بإسلامه".
فائدتان.
إحداهما: لو قال: بعد سلامه من الصلاة هو كافر وإنما صلى تهزؤا فنص أحمد يعيد المأموم كمن ظن كفره أو حدثه فبان بخلافه وقيل لا يعيد كمن جهل حاله.
الثانية : لو علم من إنسان حال رده وحال إسلام أو حال إفاقة وحال جنون كره تقديمه فإن صلى خلفه ولم يعلم على أي الحالين هو أعاد على الصحيح قدمه في الرعاية الكبرى وقيل لا يعيد وقيل إن علم قبل الصلاة إسلامه وشك في ردته فلا إعادة وأطلقهن في مختصر ابن تميم والفروع.
تنبيه : دخل في قوله: "ولا أخرس عدم صحة إمامته بمثله وبغيره".
أما إمامته بغيره: فلا تصح قولا واحدا عند الجمهور وقيل تصح إمامة من طرأ عليه الخرس دون الأصلي ذكره في الرعاية.
وأما إمامته بمثله: فالصحيح من المذهب: أن إمامته لا تصح وعليه جمهور الأصحاب قال في مجمع البحرين: اختاره أكثر الأصحاب منهم القاضي والآمدي وبن عقيل والمصنف في المغني وجزم به وغيرهم وجزم به في المذهب والمستوعب والتلخيص وغيرهم وعبارة كثير من الأصحاب كعبارة المصنف وقدمه في الفروع والرعايتين وقال القاضي في

الأحكام السلطانية والمصنف في الكافي يصح أن يؤم مثله وجزم به في الحاويين قال الشارح: هذا قياس المذهب وهو أولى كالأمي والعاجز عن القيام يؤم مثله وأطلقهما في الفائق وبن تميم.
تنبيه : دخل في قوله: "ولا من به سلس البول" عدم صحة إمامته بمثله.
وبغيره أما بغيره فلا تصح إمامته به وأما بمن هو مثله فالصحيح من المذهب الصحة جزم به في الهداية والمذهب والكافي والعمدة والشرح والحاوي الكبير قال في المستوعب: ولا تصح إمامة من به سلس البول لمن لا سلس به وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته فإنه قال: ولا يؤم أخرس ولا دائم حدثه وعاجز عن ركن وأنثى بعكسهم.
وقال في المحرر: ومن عجز عن ركن أو شرط لم تصح إمامته بقادر عليه وقدمه ابن تميم وقيل تصح جزم به في الخلاصة والوجيز وصححه الناظم وهو ظاهر ما جزم به في التلخيص وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في الفروع.
قوله : "ولا عاجز عن الركوع والسجود والقعود".
الواو هنا بمعنى أو وكذلك العاجز عن الشرط وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والمذهب وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره واختار الشيخ تقي الدين الصحة قاله في إمامة من عليه نجاسة يعجز عن إزالتها.
فائدة : يصح اقتداؤه بمثله قاله ابن عقيل في التذكرة وبن الجوزي في المذهب والمستوعب وغيرهم قال الشارح: وقياس المذهب صحته واقتصر عليه ومنع ابن عقيل في المفردات الإمامة جالسا مطلقا.
فائدة : قال في الفروع: ولا خلاف أن المصلي خلف المضطجع لا يضطجع وتصح بمثله.
قوله : "ولا تصح خلف عاجز عن القيام".
حكم العاجز عن القيام حكم العاجز عن الركوع أو السجود على ما تقدم.
قوله : "إلا إمام الحي المرجو زوال علته".
الصحيح من المذهب أن إمامة إمام الحي وهو الإمام الراتب العاجز عن.
القيام لمرض يرجى زواله جالسا صحيحة وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وهو من المفردات وقال القاضي لا تصح ومنع ابن عقيل في المفردات الإمامة جالسا مطلقا كما تقدم.
قوله : "ويصلون وراءه جلوسا".
هذا المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز وغيرهما.

وقدمه في الفروع وغيره وهو من المفردات قال القاضي: هذا استحسان والقياس لا يصح وعنه يصلون قياما ذكرها في الإيضاح واختاره في النصيحة والتحقيق.
قوله : "فإن صلوا قياما صحت صلاتهم في أحد الوجهين".
يعني على القول بأنهم يصلون جلوسا وهما روايتان وأطلقهما في المغني والشرح والفائق والنظم.
أحدهما : تصح وهو المذهب قال في الفروع: صحت على الأصح قال في المذهب: ومسبوك الذهب هذا المشهور في المذهب قال في البلغة: صحت في الأصح قال في التلخيص والحاويين: صحت في أصح الوجهين وصححه المجد في شرحه وناظم المفردات وبن رزين في شرحه قال الزركشي: قطع به القاضي في التعليق فيما أظن واختاره عمر بن بدر المغاربي في التصحيح الكبير اختاره في النصيحة والتحقيق وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والهداية والرعايتين.
والوجه الثاني: لا تصح وهو ظاهر كلام الخرقي قال ابن الزاغوني: اختاره أكثر المشايخ قاله الزركشي وقيل تصح إذا جهل وجوب الجلوس وإلا لم تصح وهو احتمال للمصنف.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم كلام المصنف: أن إمام الحي إذا لم يرج زوال علته أن إمامته لا تصح وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وفي الإيضاح والمنتخب إن لم يرج صحت مع إمام الحي قائما.
الثانية : مفهوم كلام المصنف أيضا أنها لا تصح مع غير إمام الحى وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه تصح أيضا وإن لم يرج زوال علته قال في الفائق: إلا إمام الحي والإمام الكبير.
قوله : "وإن ابتدأ بهم الصلاة قائما ثم اعتدل فجلس أتموا خلفه قياما".
بلا نزاع ولم يجز الجلوس نص عليه وذكر الحلواني ولو لم يكن إمام الحي.
فوائد.
الأولى: لو ارتج على المصلي في الفاتحة وعجز عن إتمامها فهو كالعاجز عن القيام في أثناء الصلاة يأتي بما يقدر عليه ولا يعيدها ذكره ابن عقيل في الفصول قال في الفروع: ويؤخذ منه ولو كان إماما والصحيح من المذهب أنه يستخلف وعليه جماهير الأصحاب وتقدم ذلك في باب النية وفي صفة الصلاة فيما إذا ارتج على الإمام أيضا.

الثانية : إذا ترك الإمام ركنا أو شرطا عنده وحده وهو عالم بذلك لزم المأموم الإعادة على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب كالإمام قال في المستوعب: يعيد إن علم في الصلاة وإلا فلا ورده في الفروع وقال يتوجه مثله في إمام يعلم حدث نفسه.
وإن كان الركن والشرط المتروك يعتقده المأموم ركنا وشرطا دون الإمام.
لم يلزمه الإعادة على الصحيح من المذهب قدمه ابن تميم والشارح ومال إليه واختاره المصنف والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر: لو فعل الإمام ما هو محرم عند المأموم دونه مما يسوغ فيه الاجتهاد صحت صلاته خلفه وهو المشهور عن أحمد.
وقال في موضع آخر: الروايات المنقولة عن أحمد لا توجب اختلافا دائما ظواهرها أن كل موضع يقطع فيه بخطأ المخالف يجب الإعادة وما لا يقطع فيه بخطأ المخالف لا يوجب الإعادة وهو الذي عليه السنة والآثار وقياس الأصول انتهى وعنه يعيد قال في الفروع: اختاره جماعة.
قلت: صححه الناظم وجزم به في الإفادات وقدمه في المحرر واختاره ابن عقيل وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين.
وقال في المستوعب: إن كان في وجوبه عند المأموم روايتان ففي صلاته خلفه روايتان قال في الفروع: كذا قال.
تنبيه : محل الخلاف في هذه المسألة إذا علم الماموم وهو في الصلاة فأما إذا علم بعد سلامه فلا إعادة هذا هو الصحيح قال في الفروع: لا يعيد وهو الأصح وقدمه في الرعاية وقيل يعيد أيضا.
فائدة : لو ترك المصلي ركنا أو شرطا مختلفا فيه بلا تأويل ولا تقليد أعاد الصلاة على الصحيح من المذهب ذكره الآجري إجماعا وعنه لا يعيد وعنه يعيد اليومين والثلاثة قال في الفروع: وعنه لا يعيد إن طال.
قوله : "ولا تصح إمامة المرأة للرجل".
هذا المذهب مطلقا قال في المستوعب هذا الصحيح من المذهب ونصره المصنف واختاره أبو الخطاب وبن عبدوس في تذكرته وجزم به في الكافي والمحرر والوجيز والمنور والمنتخب وتجريد العناية والإفادات وقدمه في.
الفروع والرعايتين والحاويين والنظم ومجمع البحرين والشرح والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي وعنه تصح في النفل وأطلقهما ابن تميم وعنه تصح في التراويح نص عليه وهو الأشهر عند المتقدمين.
قال أبو الخطاب وقال أصحابنا: تصح في التراويح قال في مجمع البحرين: اختاره أكثر

الأصحاب قال الزركشي: منصوص أحمد واختيار عامة الأصحاب يجوز أن يؤمهم في صلاة التراويح انتهى وهو الذي ذكره ابن هبيرة عن أحمد وجزم به في الفصول والمذهب والبلغة وقدمه في التلخيص وغيره وهو من المفردات ويأتي كلامه في الفروع.
قال القاضي في المجرد: ولا يجوز في غير التراويح.
فعلى هذه الرواية قيل يصح إن كانت قارئة وهم أميون جزم به في المذهب والفائق وبن تميم والحاويين.
قال الزركشي: وقدمه ناظم المفردات والرعاية الكبرى وقيل إن كانت أقرأ من الرجال وقيل إن كانت أقرأ وذا رحم وجزم به في المستوعب وقيل إن كانت ذا رحم أو عجوز واختار القاضي يصح إن كانت عجوزا قال في الفروع: واختار الأكثر صحة إمامتها في الجملة لخبر أم ورقة العام والخاص والجواب عن الخاص رواه المروذي بإسناد يمنع الصحة وإن صح فيتوجه حمله على النفل جمعا بينه وبين النهي ويتوجه احتمال في الفرض والنهي تصح مع الكراهة انتهى.
فائدة : حيث قلنا تصح إمامتها بهم فإنها تقف خلفهم لأنه أستر ويقتدون بها هذا الصحيح قدمه في الفروع والفائق ومجمع البحرين والزركشي والرعاية الكبرى وجزم به في المذهب والمستوعب.
قلت: فيعايى بها.
وعنه تقتدى هي بهم في غير القراءة فينوي الإمامة أحدهم اختاره القاضي.
في الخلاف فقال إنما يجوز إمامتها في القراءة خاصة دون بقية الصلاة.
قلت: فيعايى بها أيضا.
قوله : "ولا تصح إمامة الخنثى للرجال ولا للخناثى".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وحكى ابن الزاغوني احتمالا بصحة إمامته بمثله للتساوي.
قال ابن تميم: وقال بعض أصحابنا: يقتدي الخنثى بمثله وهو سهو قال في الرعاية: وفيه بعد وقيل بل هو سهو.
تنبيهان.
أحدهما: يجوز أن يؤم الخنثى الرجال فيما يجوز للمرأة أن تؤم فيه الرجل على ما تقدم.
الثاني : مفهوم كلام المصنف صحة إمامة الخنثى بالنساء وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل لا تصح وأطلقهما في التلخيص وقال أبو حفص العكبري لا تصح صلاته في جماعة قال القاضي: رأيت لأبي جعفر البرمكي أن الخنثى لا تصح صلاته في

جماعة لأنه إن قام مع الرجال احتمل أن يكون امرأة وإن قام مع النساء أو وحده أو ائتم بامرأة احتمل أن يكون رجلا وإن أم الرجال احتمل أن يكون امرأة قال الزركشي قلت: وهذا ظاهر إطلاق الخرقي انتهى.
قلت: وفيه نظر إذ ليس مراد الخرقي بقوله وإن صلى خلف مشرك أو امرأة أو خنثى مشكل أعاد العموم قطعا فإن إمامة المرأة بالمرأة صحيحة كما صرح به بعد بل مراده ولا تصح صلاة من صلى خلفهم من حيث الجملة.
وأيضا فإنه ليس في كلامه أن الخنثى يكون مأموما ورد على من يقول لا تصح صلاة جماعة لو أم امرأة وكانت خلفه فإن صلاتهما صحيحة لأنه إن.
كان رجلا صحت صلاتهما وإن كانت امرأة صحت إمامته بها لأن القائل بذلك أدخل في حصره إمامته بقوله وإن أم الرجال احتمل أن يكون امرأة لكنه ما ذكر إذا أم امرأة ولكن تسمى جماعة في ذلك.
قال في الفروع: وإن قلنا: لا تؤم خنثى نساء وتبطل صلاة امرأة بجنب رجل لم يصل جماعة.
فعلى المذهب: وهو صحة إمامة الخنثى بالمرأة فالصحيح من المذهب أنها تقف وراءه وقال ابن عقيل إذا أم الخنثى نساء قام وسطهن.
فائدة: لو صلى رجل خلف من يعلمه خنثى ثم بان بعد الصلاة رجلا لزمته الإعادة على الصحيح من المذهب وفيه وجه لا يعيد إذا علمه خنثى أو جهل إشكاله.
قوله : "ولا إمامة الصبي لبالغ إلا في النفل على إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الشرح والنظم وبن تميم والفائق والمحرر.
اعلم أن إمامة الصبي تارة تكون في الفرض وتارة تكون في النفل فإن كانت في الفروض فالصحيح من المذهب أنها لا تصح وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه تصح اختارها الآجري وحكاها في الفائق تخريجا واختاره وأطلقهما ابن تميم.
وقال ابن عقيل: يخرج في صحة إمامة ابن عشر وجه بناء على القول بوجوب الصلاة عليه.
وإن كان في النفل فالصحيح من المذهب أنها تصح قال في المستوعب والحاوي الكبير: صح في أصح الروايتين قال في الفروع: وتصح على الأصح اختاره الأكثر وكذا قال المجد ومجمع البحرين: وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والبلغة وتذكرة ابن عبدوس والحاوي الصغير والمنور.
والمنتخب والإفادات واختاره أبو جعفر وأكثر الأصحاب قاله في التصحيح الكبير.
والرواية الثانية : لا تصح في النفل أيضا قال في الوجيز: ولا تصح إمامة صبي ولا امرأة إلا بمثلهم وأطلقهما في التعليق الكبير وانتصار أبي الخطاب والكافي والمحرر والنظم.

فائدة : قال في الفروع والقواعد الأصولية- تبعا لصاحب مجمع البحرين-: ظاهر المسألة ولو قلنا يلزمه الصلاة وصرح به ابن البنا في العقود فقال لا تصح وإن قلنا تجب عليه وبناؤهم المسألة على أن صلاته نافلة تقتضي صحة إمامته إن لزمته قال: ذلك في مجمع البحرين من عنده قال في الفروع: وهو متجه وصرح به غير واحد وجها انتهى.
قلت: قد تقدم أن ابن عقيل خرج وجها بصحة إمامة ابن عشر إن قلنا بوجوب الصلاة عليه وصرح به القاضي أيضا فقال لا يجوز أن يؤم في الجمعة ولا في غيرها ولو قلنا تجب عليه نقله ابن تميم في الجمعة ويأتي.
وقال بعض الأصحاب: تصح في التراويح إذا لم يكن غيره قارئا وجها واحدا قال في القواعد الأصولية: تنبيه: مفهوم قول المصنف لبالغ صحة إمامته بمثله وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال في المنتخب عن ابن الشيرازي لا تصح إمامته بمثله.
قوله : "ولا تصح إمامة محدث ولا نجس يعلم ذلك".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال في الإشارة تصح إمامة المحدث والنجس إن جهله المأموم وعلمه الإمام وبناه القاضي في الخلاف أيضا على إمامة الفاسق لفسقه بذلك وقال الشيخ تقي الدين وتصح إمامة من عليه نجاسة يعجز عن إزالتها بمن ليس عليه نجاسة.
قوله : "فإن جهل هو والمأموم حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأموم وحده".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يعيد المأموم أيضا اختاره أبو الخطاب في الانتصار قال القاضي: وهو القياس لولا الأثر عن عمر وابنه وعثمان وعلي.
تنبيه: مفهوم كلامه: أنه لو علم الإمام بذلك أو المأموم فيها أن صلاته باطلة فيستأنفها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يبنى المأموم نقل بكر بن محمد يبنون جماعة أو فرادى فيمن صلى بعض الصلاة وشك في وضوئه لم يجزه حتى يتيقن أنه كان على وضوء ولا تفسد صلاتهم إن شاؤوا قدموا واحدا وإن شاؤوا صلوا فرادى.
قال القاضي: نص أحمد على أن علمهم بفساد صلاته لا يوجب عليهم إعادة انتهى وأما الإمام فصلاته باطلة في المسألتين.
فائدة : لو علم مع الإمام واحد أعاد جميع المأمومين على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب واختار القاضي والمصنف والشارح وصاحب الحاويين أنه لا يعيد إلا العالم فقط وكذا نقل أبو طالب إن علمه اثنان وأنكر هو إعادة الكل واحتج بخبر ذي اليدين.
قوله : "ولا تصح إمامة الأمي".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه تصح وقيل: تصح صلاة القارئ خلفه في النافلة

وجوز المصنف وتبعه الشارح اقتداء من يحسن قدر الفاتحة بمن لا يحسن قرآنا.
قلت: وهو الصواب.
قال ابن تميم: وفيه نظر وقال في الرعاية: ولا يصح اقتداء العاجز عن النصف الأول من الحمد بالعاجز عن النصف الآخر ولا عكسه.
قوله : "إلا بمثله".
الصحيح من المذهب صحة إمامة الأمي بمثله وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم قال الزركشي: هو المعروف من مذهبنا وقيل لا تصح اختاره بعض الأصحاب وقيل تصح إذا لم يمكنه الصلاة خلف قارئ جزم به في المستوعب وقال في الرعاية بعد حكاية الأقوال الثلاثة وقيل تكره إمامتهم وتصح مطلقا وقيل إن كثر ذلك منع الصحة وإلا فلا وقيل لا تصح مطلقا ويأتي قريبا في الأرت والألثغ وصحة إمامتهما وعدمها وإن كانا داخلين في كلام المصنف وتقدم كلام المصنف والشارح في التي قبلها.
فائدتان.
إحداهما: لو اقتدى قارئ وأمي بأمي فإن كانا عن يمينه أو الأمي عن يمينه صحت صلاة الإمام والأمي وبطلت صلاة القارئ على الصحيح.
وإن كانا خلفه أو القارئ عن يمينه والأمي عن يساره فسدت صلاتهما جزم به في المستوعب وغيره وفسدت صلاة الإمام أيضا على الصحيح من المذهب قال الزركشي: فإن كانا خلفه فإن صلاتهما تفسد وهل تبطل صلاة الإمام فيه احتمالان أشهرهما البطلان.
وقال في الرعايتين: فإن كانا خلفه بطل فرض القارئ في الأصح وبقي نفلا وقيل: لا يبقى فتبطل صلاتهم وقيل إلا الإمام انتهى.
وفي المذهب وجه آخر حكاه ابن الزاغوني أن الفساد يختص بالقارئ ولا تبطل صلاة الأمي.
قال ابن الزاغوني: واختلف القائلون بهذا الوجه في تعليله فقال بعضهم لآن القارئ تكون صلاته نافلة فما خرج من الصلاة فلم يصر الأمي بذلك فذا.
وقال بعضهم: صلاة القارئ باطلة على الإطلاق لكن اعتبار معرفة هذا على الناس أمر يشق ولا يمكن الوقوف عليه فعفى عنه للمشقة انتهى.
قال الزركشي: ويحتمل أن الخرقي اختار هذا الوجه فيكون كلامه على إطلاقه انتهى.
قال ابن تميم: فإن كان خلفه بطل فرض القارئ وفي بقائه نفلا وجهان فإن قلنا بصحة صلاة الجميع صحت وإن قلنا لا تصح بطلت صلاة المأموم وفي صلاة الإمام وجهان.

وقال في الفروع: فإن بطل فرض القارئ فهل تبقى نفلا فتصح صلاتهم أم لا يبقى فتبطل أم تبطل إلا صلاة الإمام فيه أوجه.
الثانية : الآمي نسبة إلى الأم وقيل المراد بالأمي الباقي على أصل ولادة أمه لم يقرأ ولم يكتب وقيل نسبة إلى أمة العرب.
قوله : "وهو من لا يحسن الفاتحة أو يدغم حرفا لا يدغم أو يبدل حرفا أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى".
فاللحن الذي يحيل المعنى كضم التاء أو كسرها من أنعمت أو كسر كاف إياك قال في الرعاية وقلنا: تجب قراءتها وقيل أو قراءة بدلها انتهى فلو فتح همزة اهدنا فالصحيح من المذهب أن هذا لحن يحيل المعنى قال في الفروع: يحيل في الأصح قال في مختصر ابن تميم: يحيل في أصح الوجهين وقيل فتحها لا يحيل المعنى.
فائدة: لو قرأ قراءة تحيل المعنى مع القدرة على إصلاحها متعمدا حرم عليه فإن عجز عن إصلاحها قرأ من ذلك فرض القراءة وما زاد تبطل الصلاة بعمده ويكفر إن اعتقد إباحته ولا تبطل إن كان لجهل أو نسيان أو أنه جعلا له كالمعدوم فلا يمنع إمامته وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: هذا اختيار ابن حامد والقاضي وأبي الخطاب وأكثر أصحابنا وقدمه في الفروع ومجمع البحرين وغيره.
وقال أبو إسحاق ابن شاقلا: هو ككلام الناس فلا يقرؤه وتبطل الصلاة به وأطلقهما في الرعاية وخرج بعض الأصحاب من قول أبي إسحاق عدم جواز قراءة ما فيه لحن يحيل معناه مع عجزه عن إصلاحه وكذا إبدال حرف لا يبدل.
فإن سبق لسانه إلى تغيير نظم القرآن بما هو منه على وجه يحيل معناه كقوله "إن المتقين في ضلال وسعر" ونحوه لم تبطل صلاته على الصحيح ونص عليه في رواية محمد بن الحكم وإليه ميله في مجمع البحرين وقدمه ابن تميم والرعاية ولا يسجد له وعنه تبطل نقلها الحسن بن محمد وهو قول في الرعاية ومنها أخذ ابن شاقلا قوله: قاله بن تميم وأطلقهما في مجمع البحرين.
تنبيه : ظاهر قوله: "أو يبدل حرفا" أنه لو أبدل ضاد المغضوب عليهم والضالين بظاء مشالة أن لا تصح إمامته.
وهو أحد الوجوه قال في الكافي: هذا قياس المذهب واقتصر عليه وجزم به ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: تصح قدمه في المغني والشرح واختاره القاضي وأطلقهما في الرعايتين والحاويين وقيل تصح مع الجهل قال في الرعاية الكبرى قلت: إن علم الفرق بينهما لفظا

ومعنى بطلت صلاته وإلا فلا وأطلقهن في الفروع.
فائدة : الأرت هو الذي يدغم حرفا لا يدغم أو حرفا في حرف وقيل من يلحقه دغم في كلامه والألثغ الذي يبدل حرفا بحرف لا يبدل به كالعين بالزاي وعكسه أو الجيم بالشين أو اللام أو نحوه وقيل: من أبدل حرفا بغيره قال ذلك في الرعاية: وغيره فالصحيح من المذهب لا تصح إمامة الأرت والألثغ كما تقدم وظاهر كلام ابن البنا صحة إمامتهما مع الكراهة وقال الآمدي يسير ذلك لا يمنع الصحة ويمنع كثيره.
قوله : "وتكره إمامة اللحان".
يعني الذي لا يحيل المعنى وهذا المذهب وعليه الأصحاب ونقل إسماعيل بن إسحاق الثقفي لا يصلي خلفه.
تنبيهان.
أحدهما: قال في مجمع البحرين: وقول الشيخ ويكره إمامة اللحان أي الكثير اللحن لا من يسبق لسانه باليسير فقد لا يخلو من ذلك إمام أو غيره.
الثاني : أفادنا المصنف بقوله وتكره إمامة اللحان صحة إمامته مع الكراهة وهو المذهب مطلقا والمشهور عند الأصحاب وقال ابن منجا في شرحه فإن تعمد ذلك لم تصح صلاته لآنه مستهزئ ومتعمد قال في الفروع: وهو ظاهر كلام ابن عقيل في الفصول: قال: وكلامهم في تحريمه يحتمل وجهين أولهما يحرم وقال ابن عقيل في الفنون في التلحين المغير للنظم يكره لقوله يحرم لأنه أكثر من اللحن قال الشيخ تقي الدين: ولا بأس بقراءته عجزا قال في الفروع: ومراده غير المصلى.
قوله: "والفأفاء" الذي يكرر الفاء والتمتام الذي يكرر التاء ولا يفصح ببعض الحروف تكره إمامتهم.
وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكى قول لا تصح إمامتهم حكاه ابن تميم.
قلت: قال في المبهج: والتمتام والفأفاء تصح إمامتهم بمثلهم ولا تصح بمن هو أكمل منهم قلت: وهو بعيد.
تنبيه : قوله: "ومن لا يفصح ببعض الحروف" كالقاف والضاد وتقدم قريبا إذا أبدل الضاد ظاء.
قوله: "وأن يؤم نساءا أجانب لا رجل معهن".
يعني يكره هذا المذهب مطلقا قدمه في الفروع وقيل ولا رجل معهن قريب لإحداهن جزم به في الوجيز وقيل ولا رجل معهن محرما وجزم به في الإفادات ومجمع البحرين وفسر كلام المصنف بذلك وقال في الفصول آخر الكسوف يكره للشواب وذوات

الهيئة الخروج ويصلين في بيوتهن فإن صلى بهم رجل محرم جاز وإلا لم يجز وصحت الصلاة وعنه يكره في الجهر فقط مطلقا.
فائدة : قال في الفروع: كذا ذكروا هذه المسألة وظاهره كراهة تنزيه فيهن هذا في موضع الإجازة فيه فلا وجه إذن لاعتبار كونه مسببا ومحرما مع أنهم احتجوا أو بعضهم بالنهي عن الخلوة بالأجنبية فيلزم منها التحريم والرجل الأجنبي لا يمنع تحريمها على خلاف يأتي آخر العدد والآول أظهر للعرف والعادة في إطلاقهم الكراهة ويكون المراد الجنس فلا تلزم الأحوال ويعلل بخوف الفتنة وعلى كل حال لا وجه لاعتبار كونه فيها انتهى.
وقد تقدم كلامه في الفصول قريبا قال الشارح: ويكره أن يؤم نساء أجانب لا رجل معهن ولا بأس أن يؤم ذوات محارمه.
قوله : "أو قوما أكثرهم له كارهون".
يعني يكره وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وجزم بعضهم بأن تركه أولى وقيل يفسد صلاته نقل أبو طالب لا ينبغي أن يؤمهم قال الشيخ تقي الدين: أتى بواجب ونحوه مقاوم صلاته فلم تقبل إذ الصلاة المقبولة ما يثاب عليها وهذا القول من مفردات المذهب وقال في الرعاية وقيل: إن تعمده.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم قوله: "أكثرهم له كارهون" أنه لو كرهه النصف لا يكره.
أن يؤمهم وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر كلام كثير منهم وقيل يكره أيضا.
قال المصنف والشارح: فإن استوى الفريقان فالأولى أن لا يؤمهم إزالة لذلك الاختلاف وأطلق ابن الجوزي فيما إذا استويا وجهين.
الثاني : ظاهر كلام المصنف: أن الكراهة متعلقة بالإمام فقط فلا يكره الائتمام به وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن عقيل في الفصول يكره له الإمامة ويكره الائتمام به.
فائدتان.
إحداهما: قال الأصحاب: يشترط أن يكونوا يكرهونه بحق قال في الفروع: قال الأصحاب: يكره لخلل في دينه أو فضله اقتصر عليه في الفصول والغنية وغيرهما قال الشيخ تقي الدين: إذا كان بينهم معاداة من جنس معاداة اهل الأهواء والمذاهب لم ينبغ أن يؤمهم لآن المقصود بالصلاة جماعة ائتلافهم بلا خلاف وقال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين يكرهونه لشحناء بينهم في أمر دنيوي ونحوه وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب.

الثانية : لو كانوا يكرهونه بغير حق كما لو كرهوه لدين أو سنة لم تكره إمامته على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب واستحب القاضي أن لا يؤمهم صيانة لنفسه.
قوله : "ولا بأس بإمامة ولد زنى".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وعنه لا بأس بإمامته إذا كان غير راتب وهو قول في الرعاية وعدم كراهة إمامته من مفردات المذهب.
قوله : "والجندي".
يعني لا بأس بإمامته وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه أحب إلى أن يصلي خلف غيره.
إحداهما: لا بأس بإمامة اللقيط والمنفي بلعان والخصي والأعرابي نص عليه والبدوي إن سلم دينهم وصلحوا لها قال في الفائق: وكذا الأعرابي في أصح الروايتين وعنه تكره إمامة البدوي قاله في الرعاية.
الثانية: فائدة غريبة قال أبو البقاء: تصح الصلاة خلف الخنثى واقتصر عليه في الفائق وقال في النوادر: تنعقد الجماعة والجمعة بالملائكة وبمسلمي الجن وهو موجود زمن النبوة قال في الفروع: كذا قالا والمراد في الجمعة من لزمته لأن المذهب لا تنعقد الجمعة بآدمي لا تلزمه كمسافر وصبي فهنا أولى انتهى وقال ابن حامد الجن كالإنس في العبادات والتكليف قال: ومذهب العلماء إخراج الملائكة عن التكليف والوعد والوعيد قال في الفروع: وقد عرف مما سبق من كلام ابن حامد وأبي البقاء أنه يعتبر لصحة صلاته ما يعتبر لصحة صلاة الآدمي.
قوله : "ويصح ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها".
مثل أن يكون عليه ظهر أمس فأراد قضاءها فائتم به من عليه ظهر اليوم في وقتها وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع: يصح على الأصح قال في المغني والشرح: أصح الروايتين الصحة نص عليه في رواية ابن منصور واختاره الخرقي وهذا هو المذهب عندي رواية واحدة وغلط من نقل غيرها قال في الرعايتين والحاوي الكبير: وهو أظهر قال الناظم: هو أصح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصاحب الفائق وجزم به في الوجيز والإفادات قال في الفصول: تصح لأنه اختلاف في الوقت فقط وعنه لا تصح

نقلها صالح وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الكبير والخلاصة وجزم به في المنور وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص والمذهب الأحمد وبن تميم والفائق والحاوي الصغير.
فائدتان.
إحداهما: حكم ائتمام من يقضي الصلاة بمن يؤديها حكم ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها عكس مسألة المصنف خلافا ومذهبا وهذا هو الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وبن تميم والرعاية وغيرهم.
وقال ابن عقيل في الفصول: يصح القضاء خلف الأداء وفي العكس روايتان وكذا في المذهب فإنه أطلق الخلاف في المسألة الأولى وقطع في هذه المسألة بالصحة وقال وجها واحدا وقال في الرعاية وقيل: إن قضى فرضا خلف من يؤديه صح على الأصح وإن أداه خلف من يقضيه لم يصح على الأصح.
الثانية : مثل ذلك أيضا ائتمام قاضي ظهر يوم بقاضي ظهر يوم آخر خلافا ومذهبا على الصحيح من المذهب قاله في الفروع وغيره وقيل يصح هنا وجها واحدا قال ابن تميم: كما لو كانا ليوم واحد.
تنبيه : قوله : "وائتمام المتوضئ بالمتيمم".
هذه المسألة وجدتها في نسخة مقروءة على المصنف من أولها إلى آخرها وعليها خطه وأكثر النسخ ليس فيها ذلك والحكم صحيح وصرح به الأصحاب.
فائدة : لا يؤم من عدم الماء والتراب من تطهر بأحدهما ويأتم المتوضى ء بالماسح على كل حال قاله في الرعاية وغيرها.
قوله : "ويصح ائتمام المفترض بالمتنفل في إحدى الروايتين".
اختارها صاحب الفصول والتبصرة والمصنف والشارح والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
والرواية الأخرى لا يصح وهي المذهب وعليها جماهير الأصحاب قال في مجمع البحرين: لا يصح في أقوى الروايتين اختارها أصحابنا قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم اختارها أكثر الأصحاب.
قلت: منهم القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب وصاحب التلخيص والمحرر وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي وبن تميم وقيل: يصح للحاجة وهي كونه أحق بالإمامة ذكره الشيخ تقي الدين.

فائدة : عكس هذه المسألة وهو ائتمام المتنفل بالمفترض يصح وقطع به أكثر الأصحاب قال المصنف وتبعه الشارح: لا نعلم في صحتها خلافا قال في الفروع: يصح على الأصح وعنه لا يصح قال في الرعاية وقيل: يصح على الأصح.
قوله : "ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر في إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والشرح وبن تميم والفائق والحاوي الصغير.
إحداهما: لا يصح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في مجمع البحرين: لا يصح في أقوى الروايتين اختاره أصحابنا قال في الفروع: بعد قوله: ولا يصح ائتمام مفترض بمتنفل اختاره الأكثر وعنه يصح والروايتان في ظهر خلف عصر ونحوها عن بعضهم قال الشارح: بعد ذكره الروايتين فيمن يصلي الظهر بمن يصلي العصر وهذا فرع على صحة إمامة المتنفل بالمفترض وقد مضى ذكرها انتهى وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الكبير والنظم.
والرواية الثانية: يصح اختارها ابن عقيل في الفصول والمصنف وصاحب الفائق والشيخ تقي الدين وصححه في التصحيح الكبير.
فائدة: عكس هذه المسألة وهو ائتمام من يصلي العصر بمن يصلي الظهر مثل التي قبلها في الحكم قاله في المستوعب والتلخيص قال في الفروع: والروايتان في ظهر خلف عصر ونحوها عن بعضهم فشمل كلامه ائتمام من يصلي الظهر بمن يصلي العشاء وعكسه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: عدم صحة صلاة الجمعة أو الفجر خلف من يصلي رباعية تامة أو ثلاثية وعدم صحة صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء قولا واحدا وهو أحد الطريقتين قال الشارح: وغيره لا تصح رواية واحدة واختاره في المستوعب وغيره وهو معنى ما في الفصول وغيره وقدمه في الفروع والفائق والرعاية.
والطريقة الثانية: الخلاف أيضا جار هنا كالخلاف فيما قبله وأطلق الطريقتين ابن تميم واختار المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين والفائق والشيخ تقي الدين: الصحة هنا قال المجد: صح على منصوص أحمد قال الشيخ تقي الدين: هي أصح الطريقتين وقيل: تصح إلا المغرب خلف العشاء فإنها لا تصح وحكى الشيخ تقي الدين في صلاة الفريضة خلف صلاة الجنازة روايتين واختار الجواز.
فعلى القول بالصحة مفارقة المأموم عند القيام إلى الثالثة ويتم لنفسه ويسلم قبله وله أن ينتظره ليسلم معه هذا هو الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
قال في التلخيص: هذا الأخير في المذهب وقطع به المجد في شرحه ومجمع البحرين ونصراه قال في الترغيب: يتم وقيل: أو ينتظره قال في التلخيص: يحتمل أن يفارقه ويحتمل

أن يتخير بين انتظار الإمام والمفارقة قال ابن تميم: هل ينتظره أو يسلم قبله فيه وجهان أحدهما يسلم قبله والثاني إن شاء سلم وإن شاء انتظر قال في الرعاية: وهل يتم هو لنفسه ويسلم أو يصبر ليسلم معه فيه وجهان وفي تخييره بينهما احتمال وقيل وجه.
قال في الفروع: وكذا يعني على الصحة في أصل المسألة إن استخلف في الجمعة صبيا أو من أدركه في التشهد خيروا بينهما أو قدموا من يسلم بهم حتى يصلي أربعا ذكره أبو المعالي.
وقال القاضي في الخلاف: وغيره إن استخلف في الجمعة من أدركه في التشهد إن دخل معهم بنية الجمعة على قول أبي إسحاق صح وإن دخل بنية الظهر لم يصح لأنه ليس من أهل فرضها ولا أصلا فيها وخرجه المجد في شرحه ومجمع البحرين وغيرهم على ظهر مع عصر وأولى لاتحاد وقتهما انتهى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أيضا: عدم صحة صلاة المأموم إذا كانت أكثر من صلاة الإمام كمن يصلي الظهر أو المغرب خلف من يصلي الفجر أو من يصلي العشاء خلف من يصلي التراويح وهو الصحيح وهو المذهب جزم به في المستوعب والشرح قال في الرعاية: لم يصح في الأقوى وقدمه في الفروع وقيل: يصح فيهما ونص الإمام أحمد على الصحة في التراويح.
قال في الفائق: وتشرع عشاء الآخرة خلف إمام التراويح نص عليه ومنعه في المستوعب وهو ضعيف انتهى.
وقال ابن تميم: وإن صلى الظهر أربعا خلف من يصلي الفجر فطريقان قطع بعضهم بعدم الصحة ومنهم من أجراه على الخلاف انتهى.
وأطلق في الكافي الخلاف بصحة الصلاة خلف من يصلي التراويح.
فعلى القول بالصحة: يتم إذا سلم إمامه كمسبوق ومقيم خلف قاصر اختاره المصنف واقتصر عليه في الفروع.
وعلى القول بالصحة أيضا: لا يجوز الاستخلاف إذا سلم الإمام قاله القاضي وغيره ونقله صالح في مقيمين خلف قاصر لأن الأول لا يتم بالمسبوق فكذا بناء بيوم لأن تحريمته اقتضت انفراده فيما يقضيه وإذا ائتم بغيره بطلت كمنفرد صار مأموما ولكمال الصلاة جماعة بخلافه في سبق الحدث وأما صلاة الظهر خلف مصلي الجمعة مثل أن يدركهم في التشهد فقال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: قياس المذهب أنه ينبني على جواز بناء الظهر على نية الجمعة فإن قلنا بجوازه صح الاقتداء وجها واحدا وجزم به ابن تميم وإن قلنا بعدم البناء خرج الاقتداء على الروايتين فيمن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر وقال ابن تميم: وقد

اختار الخرقي جواز الاقتداء مع منعه من بناء الظهر على الجمعة فهذا يدل على أن مذهبه جواز ائتمام المفترض بالمتنفل ومصلى الظهر بمصلى العصر.
قال ابن تميم: واعتذر له بكونه لم يدرك ما يعتد به فيخرج منه صحة الدخول إذا أدرك ما يعتد به مع اختلاف الصلاة انتهى.
قوله : "السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام فإن وقفوا قدامه لم تصح".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وذكر الشيخ تقي الدين وجها قالوه وتصح مطلقا قال في الفروع: والمراد وأمكن الاقتداء وهو متجه انتهى.
وقيل: تصح في الجمعة والعيد والجنازة ونحوها لعذر اختاره الشيخ تقي الدين وقال من تأخر بلا عذر فلما أذن جاء فصلى قدامه عذر واختاره في الفائق وقال قلت وهو مخرج من تأخر المرأة في الإمامة انتهى.
قلت: وفيه نظر.
تنبيهان.
أحدهما: ظاهر قوله: "فإن وقفوا قدامه لم تصح" أن عدم الصحة متعلق بالمأموم فقط فلا تبطل صلاة الإمام وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الرعايتين وقيل تبطل أيضا وأطلقهما في الحاويين وبن تميم والفروع.
وقال في النكت: الأولى أن يقال إن نوى الإمامة من يصلي قدامه مع علمه لم تنعقد صلاته كما لو نوت المرأة الإمامة بالرجال لأنه لا يشترط أن ينوي الإمامة بمن يصح اقتداؤه به وإن نوى الإمامة ظنا واعتقادا أنهم يصلون خلفه فصلوا قدامه انعقدت صلاته عملا بظاهر الحال كما لو نوى الإمامة من عادته حضور جماعة عنده على ما تقدم.
الثانية : أطلق المصنف هنا: عدم صحة الصلاة قدام الإمام ومراده غير حول الكعبة فإنه إذا استداروا حول الكعبة والإمام منها على ذراعين والمقابلون له على ذراع صحت صلاتهم نص عليه قال المجد في شرحه لا أعلم فيه خلافا قال أبو المعالي وبن منجا صحت إجماعا قال القاضي في الخلاف: أومأ إليه في رواية أبي طالب انتهى هذا إذا كان في جهات أما إن كان في جهة فلا يجوز تقدم المأموم عليه على الصحيح من المذهب وقيل يجوز وهو من المفردات.
وقال أبو المعالي: إن كان خارج المسجد بينه وبين الكعبة مسافة فوق بقية جهات المأمومين فهل يمنع الصحة كالجهة الواحدة أم لا على وجهين.
ومراده أيضا: صلاة الخوف في شدة الخوف فإنها تنعقد مع إمكان المتابعة ويعفى عن التقدم على الإمام نص عليه الأصحاب منهم صاحب الفروع والرعايتين والحاويين

والمصنف والشارح وغيرهم.
وقال في الفصول: يحتمل أن يعفى ولو لم يذكره غيره.
قال ابن حامد: لا تنعقد ورجحه المصنف وتقدم أول الباب وقال في صلاة الخوف ومراده إذا لم يكن داخل الكعبة فلو كان داخلها فجعل ظهره إلى ظهر إمامه صحت إمامته به لأنه لم يعتقد خطأه وإن جعل ظهره إلى وجه إمامه لم تصح لأنه مقدم عليه وإن تقابلا منها صحت على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع: صحت في الأصح وجزم به أبو المعالي وبن منجا وهو من المفردات وقيل لا تصح وأطلقهما في الفائق والرعايتين والحاويين وبن تميم ومجمع البحرين والتلخيص.
فائدة : قوله : "وإن كان واحدا وقف عن يمينه".
بلا نزاع لكن لو بان عدم صحة مصافته لم تصح الصلاة قال في الفروع: والمراد والله أعلم ممن لم يحضره أحد فيجيء الوجه تصح منفردا ونقل.
أبو طالب في رجل أم رجلا قام عن يساره يعيد وإن صلى الإمام وحده وظاهره تصح منفردا دون المأموم قال في الفروع: وإنما يستقيم على الصلاة بنية الإمام ذكره صاحب المحرر.
قوله : "فإن وقف عن يساره لم تصح".
يعني إذا لم يكن عن يمينه أحد فإن كان عن يمينه أحد صحت كما جزم به المصنف هنا فإن لم يكن عن يمينه أحد فالصحيح من المذهب أن صلاته لا تصح إذا صلى ركعة منفردا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وهو من المفردات وعنه تصح اختاره أبو محمد التميمي قال في الفروع: وهو أظهر قال في المبهج والفائق وقال الشريف: تصح مع الكراهة قال الشارح: وهو القياس قال في الفروع: اختاره الشيخ يعني به المصنف ولم أره في كتبه.
قلت: وهذا القول هو الصواب.
وقيل: تصح إن كان خلفه صف وإلا فلا وهو احتمال للمصنف وقدمه ابن رزين في شرحه.
فائدة : قال ابن تميم: لو انقطع الصف عن يمينه أو خلفه فلا بأس وإن كان الانقطاع عن يساره فقال ابن حامد إن كان بعده مقام ثلاث رجال بطلت صلاته وجزم به في الرعاية الكبرى وقال في الفروع ولا بأس بقطع الصف عن يمينه أو خلفه وكذا إن بعد الصف منه نص عليه انتهى.
تنبيه : ظاهر قوله : "وإن أم امرأة وقفت خلفه" أنه ليس لها موقف إلا خلف الإمام وهو

صحيح وقال في الفروع وإن وقفت عن يساره فظاهر كلامهم إن لم تبطل صلاتها ولا صلاة من يليها أنها كالرجل وكذا ظاهر كلامهم يصح إن وقفت عن يمينه.
قال في الفروع: ويتوجه الوجه في تقديمها أمام النساء انتهى.
قال في المستوعب: وإذا كان المأموم رجلا واحدا فموقفه عن يمين الإمام فإن كان امرأة وحدها فموقفها خلف الإمام فظاهر كلامه أن صلاتها لا تصح إذا وقفت عن يمين الإمام لأنه جعل لها موقفا كما جعل للرجل موقفا.
فوائد .
الأولى: قال القاضي في التعليق: لو كان الإمام رجلا عريانا والمأموم امرأة فإنها تقف إلى خلفه.
قلت: فيعايى بها.
الثانية : لو أم رجل خنثى صح على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور قال في مجمع البحرين: وغيره هذا ظاهر المذهب وقيل لا يصح اختاره أبو بكر وأبو حفص.
فعلى المذهب قيل يقف عن يمينه قال المجد في شرحه: والصحيح عندي على أصلنا أنه يقف عن يمينه لأن وقوف المرأة جنب الرجل غير مبطل ووقوفه خلفه فيه احتمال كونه رجلا فذا ولا يختلف المذهب في البطلان به قال: ومن تدبر هذا منهم علم أن قول القاضي وبن عقيل سهو على المذهب انتهى.
قال الشارح: فالصحيح أنه يقف عن يمينه وقيل يقف خلفه اختاره القاضي وبن عقيل وقدمه ابن تميم والرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع.
قوله : "فإن اجتمع أنواع يقدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء".
أي على سبيل الاستحباب وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الشرح والوجيز والرعايتين والحاويين وبن تميم والمنتخب والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع والنظم.
وعنه تقدم المرأة على الصبي فالخنثى بطريق أولى ذكرها ابن الجوزي وجزم به في الإفادات.
فائدة : قال المجد في شرحه وتابعه في مجمع البحرين: اختيار أكثر الأصحاب في الخناثى جواز صلاتهم صفا.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قالا فإن بنيناه على أن وقوف الرجل مع المرأة لا يبطل ولا يكون فذا كما يجيء عن

القاضي فلا إشكال في صحته وأما إذا أبطلنا صلاة من يليها كقول أبي بكر أو جعلناه معها فذا كقول ابن حامد وأبي الخطاب وأكثر الأصحاب بعد القول جدا بجعل الخناثى صفا لتطرق الفساد إلى بعضهم بالأمرين أو أحدهما.
والذي يمكن أن يوجه به قولهم كون الفساد هنا أنها تقع في حق مكلف غير معين وذلك لا يلتفت إليه كالمني والريح من واحد غير معين فإنا لا نوجب غسلا ولا وضوءا كذا هنا.
قال المجد في شرحه: والصحيح عندي فساد صلاتهم صفا لشككنا في انعقاد صلاة كل منهم منفردا والأصل عدمه وإن نظرنا إليهم مجتمعين فقد شككنا في الانعقاد في البعض فيلزمهم الإعادة ولا يمكن إلا بإعادة الجميع فيلزمهم ذلك ليخرجوا من العهدة بتعين كقوله في الجمعة لغير حاجة إذا جهلت السابقة انتهيا وتابعهما في الفروع.
قال في التلخيص: والخناثى يقفون خلف الرجال.
وعندي أن صلاة الخناثى جماعة إنما تصح إذا قلنا بصحة صلاة من يلي المرأة إذا صلت في صف الرجال فأما على قول من يبطلها من أصحابنا فلا تصح للخناثى جماعة لأن كل واحد منهم يحتمل أن يكون رجلا إلى جنب امرأة.
وإن لم يقفوا صفا باحتمال الذكورية فيكون فذا فإذا حكمنا بالصحة وقفوا كما قلنا انتهى.
قوله : "وكذلك يفعل في تقديمهم إلى الإمام إذا اجتمعت جنائزهم".
وهذا المذهب أيضا نقله الجماعة وجزم به في الوجيز والمنتخب والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره ولكن يقدم الصبي على العبد اختارها الخلال وعنه تقدم المرأة على الصبي اختارها الخرقي وبن عقيل ونصره القاضي وغيره وهو من مفردات المذهب.
وقيل: تقدم المرأة على الصبي والعبد وهو خلاف ما ذكره غير واحد إجماعا ويأتي ذلك أيضا في كتاب الجنائز بأتم من هذا عند قوله: "ويقدم إلى الإمام أفضلهم".
فائدتان.
إحداهما: السنة أن يتقدم في الصف الأول أولو الفضل والسن وأن يلي الإمام أكملهم وأفضلهم قال الإمام أحمد: يلي الإمام الشيوخ وأهل القرآن ويؤخر الصبيان.
لكن لو سبق مفضول هل يؤخر الفاضل جزم المجد أنه لا يؤخر وقال في مجمع البحرين قد تقدم في صفة الصلاة أن أبي بن كعب أخر قيس بن عبادة من الصف الأول ووقف مكانه وقال في النكت بعد أن ذكر النقل في المسألة في صلاة الجنازة فظهر من ذلك أنه هل يؤخر المفضول بحضور الفاضل أو لا يؤخر أو يفرق بين الجنس والأجناس أو يفرق بين مسألة الجنائز ومسألة الصلاة فيه أقوال انتهى.
قلت: الذي قطع به العلامة ابن رجب في القاعدة الخامسة والثمانين: جواز تأخير الصبي

عن الصف الفاضل وإذا كان في وسط الصف وقال صرح به القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وعليه حمل فعل أبي بن كعب بقيس بن عبادة انتهى.
وتقدم التنبيه على ذلك في أول صفة الصلاة ويأتي بعضه في آخر باب صلاة الجمعة.
الثانية : لو اجتمع رجال أحرار وعبيد قدم الأحرار على الصحيح من المذهب وعنه يقدم العبد على الحر إذا كان دونه.
قوله : "ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة أو محدث يعلم حدثه فهو فذ".
أما إذا لم يقف معه إلا كافر فإنه يكون فذا بلا خلاف أعلمه وكذا لو وقف معه مجنون.
وأما إذا لم يقف معه إلا امرأة فالصحيح من المذهب أنه يكون فذا وذكره المجد وصاحب مجمع البحرين عن أكثر الأصحاب منهم ابن حامد وأبو الخطاب وبن البنا والمصنف وأبو المعالي وقدمه في الرعايتين والنظم وهو من المفردات.
وعنه لا يكون فذا اختاره القاضي وبن عقيل وأطلقهما في المحرر والشرح وبن تميم والفائق والحاويين قال في الفروع: وإن وقفت مع رجل فقال جماعة فذ وعنه لا.
فائدتان.
إحداهما: حكم وقوف الخنثى المشكل حكم وقوف المرأة على ما تقدم.
الثانية : لو وقفت امرأة مع رجل فإنها تبطل صلاة من يليها ولا تبطل صلاة من خلفها ولا أمامها على الصحيح من المذهب قدمه في الهداية والخلاصة والفروع والرعايتين والحاويين والشرح والفائق والكافي وغيرهم قال في الفروع: ذكره ابن حامد واختاره وذكر ابن عقيل رواية.
تبطل صلاة من يليها قال في الفصول: هو الأشبه وأن أحمد توقف وذكره الشيخ تقي الدين في المنصوص عن أحمد واختاره أبو بكر ذكره في المحرر والفروع والرعاية وغيرهم.
وقيل: تبطل أيضا صلاة من خلفها واختاره ابن عقيل في الفصول أيضا قال الشارح وقال أبو بكر: تبطل صلاة من يليها ومن خلفها قال في الرعاية: وفيه بعد وأطلق الأول والثالث ابن تميم.
وقيل: تبطل أيضا صلاة من أمامها واختاره ابن عقيل أيضا في الفصول.
تنبيه : هذا الحكم في صلاتهم فأما صلاتها فالصحيح من المذهب أنها لا تبطل وعليه أكثر الأصحاب قال ابن تميم: صحيحة عند أصحابنا وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وقال ابن الشريف وبن عقيل: تبطل هذا الأشبه بالمذهب

عندي وهو من المفردات.
وأما إذا لم يقف معه إلا محدث يعلم حدثه فالصحيح من المذهب أنه يكون فذا وعليه الأصحاب وكذا لو وقف معه نجس.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف: أنه إذا لم يعلم حدثه بل جهله وجهل مصافته أيضا أنه لا يكون فذا وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وجزم به في الفائق وبن تميم والشرح وقدمه في الفروع وقال القاضي وغيره حكمه حكم جهل المأموم حدث الإمام على ما سبق.
قوله : "وكذلك الصبي إلا في النافلة".
يعني لو وقف مع رجل خلف الإمام كان الرجل فذا إلا في النافلة فإنه لا يكون فذا وتصح مصافته وهذا الصحيح من المذهب فيهما وهو من المفردات.
واعلم أن حكم مصافة الصبي حكم إمامته على الصحيح من المذهب وعليه.
جماهير الأصحاب وقيل تصح مصافته وإن لم تصح إمامته اختاره ابن عقيل قال في القواعد الأصولية: وما قاله أصوب.
فعلى هذا القول يقف الرجل والصبي خلفه قال في الفروع: وهو أظهر.
وعلى المذهب يقفان عن يمينه او من جانبيه نص عليه.
وقيل: تصح إمامته دون مصافته ذكره في الرعاية.
قوله : "ومن جاء فوجد فرجة وقف فيها".
يعني إذا كانت مقابلته فإن كانت غير مقابلة له يمشي إليها عرضا كره على الصحيح وعنه لا يكره.
فائدة : لو كان الصف غير مرصوص دخل فيه نص عليه كما لو كانت فرجة.
قوله : "فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام فإن لم يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه".
الصحيح من المذهب إذا لم يجد فرجة وكان الصف مرصوصا أن له أن يخرق الصف ويقف عن يمين الإمام إذا قدر جزم به ابن تميم وقيل بل يؤخر واحدا من الصف إليه وقيل: يقف فذا اختاره الشيخ تقي الدين.
قال في النكت: وهو قوي بناء على أن الأمر بالمصافة إنما هو مع الإمكان وإذا لم يقدر أن يقف عن يمين الإمام فله أن ينبه من يقوم معه بكلام أو نحنحة أو إشارة بلا خلاف أعلمه ويتبعه ويكره جذبه على الصحيح من المذهب نص عليه قال في الفروع: ويكره جذبه في المنصوص قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: اختاره ابن عقيل وصححه المجد

وغيره ونصره أبو المعالي وغيره.
وقيل: لا يكره واختاره المصنف ويحتمله كلامه هنا قال في مجمع.
البحرين: اختاره الشيخ وبعض أصحابنا وجزم به في الإفادات قال ابن عقيل: جوز أصحابنا جذب رجل يقوم معه وقيل يحرم وهو من المفردات قال في الفروع والشرح: اختاره ابن عقيل.
قال: ولو كان عبده أو ابنه لم يجز لأنه لا يملك التصرف فيه حال العبادة كالأجنبي قال في الرعاية: وفي جواز جذبه وجهان وقال في الفائق وإذا لم يجد من يقف معه فهل يخرق الصف ليصلي عن يمين الإمام أو يؤخر واحدا من الصف أو يقف فذا على أوجه اختار شيخنا الثالث انتهى ومراده بشيخنا الشيخ تقي الدين.
وقال الشيخ تقي الدين: لو حضر اثنان وفي الصف فرجة فأنا أفضل وقوفهما جميعا أو يسد أحدهما الفرجة وينفرد الآخر رجح أبو العباس الاصطفاف مع بقاء الفرجة لأن سد الفرجة مستحب والاصطفاف واجب.
قوله : "وإن صلى ركعة فذا لم تصح".
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي: هو المشهور وجزم به في الشرح والوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع والمحرر وغيرهما وهو من المفردات وعنه تصح مطلقا وعنه تصح في النفل فقط وهو احتمال في تعليق القاضي وبناه في الفصول على من صلى بعض الصلاة منفردا ثم نوى الائتمام وعنه تبطل إن علم النهي وإلا فلا ويكون وأنه يصح صلاتهم تلفيقا قال في الفروع: وذكره بعضهم قولا وهو معنى قول بعضهم لعذر.
قلت: قال في الرعاية: وقيل: يقف فذا مع ضيق الموضع أو ارتصاص الصف وكراهة أهله دخوله انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: وتصح صلاة الفذ لعذر انتهى.
وقيل: لا تصح إن كان لغير غرض وإلا صحت وقيل يقف فذا في الجنازة اختاره القاضي في التعليق وبن عقيل وأبو المعالي وبن منجا قال فإنه أفضل أن يقف صفا ثالثا وجزم به في الإفادات قال في الفصول فتكون مسألة معاياة ويأتي قريبا إذا صلت امرأة واحدة خلف امرأة.
تنبيهان.
أحدهما: حيث قلنا يصح في غير الجنازة فالمراد مع الكراهة قال في الفروع وقال:

ويتوجه يكره إلا لعذر وهو ظاهر كلام شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين.
قلت: وهو الصواب.
مفهوم كلام المصنف في قوله: "وإن صلى ركعة فذا لم تصح" أنه إذا لم تفرغ الركعة حتى دخل معه آخر أو دخل هو في الصف أنه لا يكون فذا وأن صلاته صحيحة وهو كذلك وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل تبطل بمجرد إحرامه فذا اختاره في الروضة وذكره رواية.
فائدة : قال ابن تميم: إذا صلى ركعة من الفرض فذا بطل اقتداؤه ولم تصح صلاته فرضا وفي بقائها نفلا وجهان وقال في الفائق: وهل تبطل الصلاة أو الركعة وحدها على روايتين اختار أبو حفص البرمكي الثانية.
قوله : "وإن ركع فذا ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام صحت صلاته.
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قال الزركشي: هذا المنصوص المشهور المجزوم به وعنه لا تصح قال في المستوعب: كان القياس أنها تنعقد الركعة لحديث أبي بكرة وعنه لا تصح إن علم النهي وإلا صحت وهو.
ظاهر كلام الخرقي قال في مجمع: البحرين وغيره وقال القاضي في شرحه الصغير: إذا كبر للإحرام دون الصف طمعا في إدراك الركعة جاز وإلا فوجهان أصحهما لا يجوز.
قوله : "وإن رفع ولم يسجد صحت".
يعني إذا ركع المأموم فذا ثم دخل في الصف راكعا والإمام قد رفع رأسه من الركوع ولم يسجد فالصحة مطلقا إحدى الروايات وهي المذهب جزم به في الوجيز وشرح ابن رزين قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والحواشي واختاره الشيخ تقي الدين.
وقيل: إن علم النهي لم تصح وإلا صحت وهو رواية عن أحمد نص عليها وجزم به في الإفادات والطوفي في شرحه وقدمه في المغني ونصره وحمل هو والشارح كلام الخرقي عليه.

قال الزركشي: صرف أبو محمد كلام الخرقي عن ظاهره وحمله على ما بعد الركوع ليوافق المنصوص وجمهور الأصحاب وأطلقهما في التلخيص والبلغة ومجمع البحرين والفائق.
وعنه رواية ثالثة لا تصح مطلقا اختارها المجد في شرحه وقدمها في الرعايتين والحاويين وبن تميم وإدراك الغاية قال في المذهب: بطلت في أصح الروايتين والحاويين وأطلقهن في الفروع والشرح والكافي والزركشي.
تنبيه : مفهوم قوله: "وإن رفع ولم يسجد صحت" أنه لو رفع وسجد إمامه قبل دخوله في الصف أو قبل وقوف آخر معه أن صلاته لا تصح وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور.
قال الزركشي: لم تصح تلك الركعة بلا نزاع وهل يختص البطلان بها حتى لو دخل الصف بعدها أو انضاف إليه آخر ويصح ما بقي ويقضي تلك الركعة أم لا تصح الصلاة رأسا وهو المشهور فيه روايتان منصوصتان حكاهما أبو حفص واختار هو أنه يعيد ما صلى خلف الصف انتهى.
وقال في المنتخب والموجز: حكمه حكم ما لو رفع الإمام ولم يسجد قال في الفائق وقال الحلواني: تصح ولو سجد.
قوله : "وإن فعله لغير عذر لم تصح".
وهو المذهب قال في مجمع البحرين: هذا ظاهر المذهب قال في الفروع: وإن فعله لغير عذر لم تصح في الأصح قال في الفائق: ولو فعله لغير غرض فهو باطل في أصح الوجهين وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم قال الزركشي: لا تنعقد الصلاة على المختار من الوجهين لأبي الخطاب والشيخين.
وقيل: حكمه حكم فعله لعذر قدمه في الكافي وأطلقهما في التلخيص والشرح وبن تميم والرعايتين والحاويين والمغني وقال الزركشي وقيل تنعقد صلاته وتصح إن زالت فذوذيته قبل الركوع وإلا فلا وأطلق في الفصول فيما إذا كان لغرض في إدراك الركعة وجهين لخبر أبي بكرة قال في الفروع: ولعل المراد قبل رفع الإمام.
فائدة : مثال فعل ذلك لغير غرض أن لا يخاف فوت الركعة قاله في المستوعب وغيره.
فائدة : لو زحم في الركعة الثانية من الجمعة فأخرج من الصف وبقي فذا فإنه ينوي مفارقة الإمام لأنها مفارقة لعذر ويتمها جمعة لإدراكه معه ركعة كالمسبوق فإن أقام على متابعة إمامه وتابعه فذا صحت معه قدمه في الرعاية وعنه يلزمه إعادتها ظهرا قدمه ابن تميم وأطلقهما في الفروع ومجمع البحرين وقيل: بل يكملها بعد صلاة الإمام جمعة وإن كان قد صلاها معه.

قوله : "وإذا كان المأموم يرى من وراء الإمام صحت صلاتهم به إذا اتصلت الصفوف".
عمومه يشمل إذا كانا في المسجد أو كانا خارجين عنه أو كان المأموم وحده خارجا عن المسجد فإن كان في المسجد فلا يشترط اتصال الصفوف بلا خلاف قاله الآمدي وحكاه المجد إجماعا قال في النكت وغيره وقطع به الأصحاب وإن كان خارجا عنه أو المأموم وحده فاشترط المصنف هنا اتصال الصفوف مع رؤية من وراء الإمام وجزم به الخرقي والكافي والمغني ونهاية أبي المعالي والمذهب الأحمد والشرح والوجيز والرعاية الصغرى والحاويين والمنور وغيرهم.
والصحيح من المذهب: أنه لا يشترط اتصال الصفوف إذا كان يرى الإمام أو من وراءه في بعضها وأمكن الاقتداء ولو جاوز ثلاثمائة ذراع وجزم به أبو الحسين وغيره وذكره المجد في شرحه الصحيح من المذهب.
قال الزركشي: وهو ظاهر كلام غير الخرقي من الأصحاب.
قال في النكت: قطع به غير واحد وهو ظاهر ما جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع والرعاية وبن تميم.
فائدتان.
إحداهما: يرجع في اتصال الصفوف إلى العرف على الصحيح من المذهب: حيث قلنا باشتراطه جزم به في الكافي ونهاية أبي المعالي وبن منجا في شرحه وصاحب الفائق وقدمه في الفروع ومختصر ابن تميم وقال في التلخيص والبلغة: اتصال الصفوف أن يكون بينهما ثلاثة أذرع وقيل: متى كان بين الصفين ما يقوم فيه صف آخر فلا اتصال اختاره المجد وهو معنى كلام القاضي وغيره للحاجة للركوع والسجود حيث اعتبر اتصال الصفوف.
وفسر المصنف في المغني اتصال الصفوف ببعد غير معتاد لا يمنع الاقتداء وفسره الشارح ببعد غير معتاد بحيث يمنع إمكان الاقتداء لأنه لا نص فيه ولا إجماع فرجع إلى العرف.
قال في النكت: عن تفسير المصنف والشارح تفسير اتصال الصفوف بهذا التفسير غريب وإمكان الاقتداء لا خلاف فيه انتهى وقيل يمنع شباك ونحوه وحكى رواية في التلخيص وغيره.
وقد يكون الاتصال حسا مع اختلاف البنيان كما إذا وقف في بيت آخر عن يمين الإمام فلا بد من اتصال الصف بتواصل المناكب أو وقف على علو عن يمينه والإمام في سفل فالاتصال بموازاة رأس أحدهما ركبة الآخر.
تنبيه : قال الزركشي: هذا فيما إذا تواصلت الصفوف للحاجة كالجمعة ونحوها أما لغير حاجة بأن وقف قوم في طريق وراء المسجد وبين أيديهم من المسجد أو غيره ما يمكنهم فيه

الاقتداء لم تصح صلاتهم على المشهور انتهى.
الثانية : لو كان بين الإمام والمأموم نهر قال جماعة من الأصحاب: مع القرب الصحيح وكان النهر تجري فيه السفن أو طريق ولم تتصل فيه الصفوف إن صحت الصلاة فيه لم تصح الصلاة على الصحيح من المذهب وعند أكثر الأصحاب قال في الفروع: اختاره الأكثر.
قال المصنف والشارح: اختار الأصحاب عدم الصحة وكذا قال في النكت والحواشي: وقطع به أبو المعالي في النهاية وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي: أما إن كان بينهما طريق فيشترط لصحة الاقتداء اتصال الصفوف على المذهب وعنه يصح الاقتداء به اختاره المصنف وغيره وإليه ميل الشارح.
قال المجد: هو القياس لكنه ترك للآثار وصححه الناظم وقدمه ابن تميم.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين وعنه يصح مع الضرورة اختارها أبو حفص وعنه يصح في النفل.
ومثال ذلك: إذا كان في سفينة وإمامه في أخرى مقرونة بها لأن الماء طريق وليست الصفوف متصلة قاله الأصحاب قال في الفروع: والمراد في غير صلاة الخوف كما ذكره القاضي وغيره وإن كانت السفينة غير مقرونة لم تصح نص عليه في رواية أبي جعفر محمد بن يحيى الطيب وعليه الأصحاب وخرج الصحة من الطريق وألحق الآمدي النار والبئر بالنهر قاله أبو المعالي في الشوك والنار وألحق في المبهج النار والسبع بالنهر.
قال الشارح: وغيره وإن كانت صلاة جمعة أو عيد أو جنازة لم يؤثر ذلك فيها وتقدم في اجتناب النجاسة جواز صلاة الجمعة والعيد وغيرهما في الطريق وغيره للضرورة.
قوله : "وإن لم ير من وراءه لم تصح".
شمل ما إذا كانا في المسجد أو كانا خارجين عنه أو كان المأموم وحده خارجا عنه فإن كان فيه لكنه لم يره ولم ير من وراءه ويسمع التكبير فعموم كلام المصنف هنا يقتضي عدم الصحة وهو إحدى الروايات.
قال ابن منجا في شرحه: هو ظاهر المغني وصححه في النهاية والخلاصة وقدمه في الحاويين في غير الجمعة وقال: نص عليه وقدمه في الهداية وبن تميم والفائق وعنه تصح إذا سمع التكبير وهي المذهب اختاره القاضي قال ابن عقيل: الصحيح الصحة وصححه في الكافي وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين وجزم به في الإفادات وأطلقهما في المذهب ومجمع البحرين والمذهب الأحمد.

وعنه يصح في النفل دون الفرض وعنه لا يضر المنبر مطلقا وعنه لا يضر للجمعة ونحوها نص عليه فمن الأصحاب من قال: هذا قاله على رواية عدم اعتبار المشاهدة ومنهم من خص الجمعة ونحوها فقال: يجوز فيها ذلك على كلا الروايتين نظرا للحاجة ومنهم من ألحق بذلك البناء إذا كان لمصلحة المسجد قال في النكت والرعاية وقيل: إن كان المانع لمصلحة المسجد صح وإلا لم تصح.
قلت: قطع في الرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم بصحة صلاة الجمعة إذا سمع التكبير مع عدم رؤية الإمام ومن خلفه وقدمه في الرعاية الكبرى.
قلت: وهو كالإجماع وفعل الناس ذلك مع عدم الرؤية بالمنبر ونحوه من غير نكير وأما إذا لم يره ولا من وراءه ولم يسمع التكبير فإنه لا يصح اقتداؤه قولا واحدا وإن كان ظاهر كلام المصنف لكن يحمل على سماع التكبير لعدم الموافق على ذلك.
وإن كانا خارجين عن المسجد أو كان المأموم خارج المسجد والإمام في المسجد ولم يره ولا من وراءه ولكن سمع التكبير فالصحيح من المذهب لا يصح قدمه في الفروع والرعاية الكبرى والمحرر والفائق وبن تميم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وعنه يصح قال أحمد: في رجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة أرجو أن لا يكون به بأس.
قلت: وهو عين الصواب في الجمعة ونحوها للضرورة.
وعنه يصح في النفل وعنه يصح في الجمعة خاصة وعنه وإن كان الحائل حائط المسجد لم يمنع وإلا منع وأما إن كان يراه من وراءه فقد تقدم في أول المسألة.
فائدتان.
إحداهما: لو منع الحائل الاستطراق دون الرؤية كالشباك لم يؤثر على الصحيح من المذهب كما تقدم وحكى في التبصرة رواية بتأثيره وذكره الآمدي وجها.
الثانية : تكفي الرؤية في بعض الصلاة صرح به الأصحاب.
قوله : "ولا يكون الإمام أعلى من المأمومين".
يعني يكره وهذا الصحيح من المذهب مطلقا وعليه الأكثر منهم القاضي والشريف أبو جعفر والمجد وصاحب المستوعب وعنه يكره اختاره أبو الخطاب وعنه لا يكره إن أراد التعليم وإلا كره اختاره ابن الزاغوني.
قوله : "فإن فعل وكان كثيرا فهل تصح صلاته على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وبن تميم.

إحداهما : تصح وهو المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والإفادات والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق واختاره القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والمجد في شرحه والناظم قال في مجمع البحرين: لم تبطل في أصح الوجهين.
والوجه الثاني : لا تصح اختاره ابن حامد وقدمه في التلخيص قال الناظم: وهو بعيد فوائد.
إحداها : لا بأس بالعلو اليسير كدرجة المنبر ونحوها قاله المصنف والمجد وبن تميم وغيرهم وأطلق في المذهب والمستوعب وغيرهما الكراهة.
الثانية : مقدار الكثير ذراع على الصحيح قاله القاضي واقتصر عليه ابن تميم وقدمه في الفروع والرعاية وقطع المصنف والمجد أن اليسير كدرجة المنبر ونحوها كما تقدم وقال أبو المعالي في شرح الهداية: مقداره قدر قامة المأموم وقيل: ما زاد على علو درجة وهو كقول المصنف والمجد.
الثالثة : لو ساوى الإمام بعض المأمومين صحت صلاته وصلاتهم على الصحيح.
من المذهب: وفي صحة صلاة النازلين عنهم الخلاف المتقدم وللمصنف احتمال ببطلان صلاة الجميع.
الرابعة : لا بأس بعلو المأمومين على الإمام مطلقا على الصحيح من المذهب نص عليه كسطح مسجد ونحوه وعنه اختصاص الجواز بالضرورة وقيل يباح مع اتصال الصفوف نص عليه قاله في الرعاية.
قوله : "ويكره للإمام أن يصلي في طاق القبلة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يكره كسجوده فيه وعنه تستحب الصلاة فيه.
تنبيه : محل الخلاف في الكراهة إذا لم تكن حاجة فإن كان ثم حاجة كضيق المسجد لم يكره رواية واحدة كما صرح به المصنف هنا.
ومحل الخلاف أيضا إذا كان المحراب يمنع مشاهدة الإمام فإن كان لا يمنعه كالخشب ونحوه لم يكره الوقوف فيه قاله ابن تميم وبن حمدان.
فائدتان.
إحداهما: يباح اتخاذ المحراب على الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب وعنه ما يدل على الكراهة واقتصر عليه ابن البنا وعنه يستحب اختاره الآجري وبن عقيل وقطع به ابن الجوزي في المذهب وبن تميم في موضع وقدمه في الآداب الكبرى.

الثانية : يقف الإمام عن يمين المحراب إذا كان المسجد واسعا نص عليه قاله ابن تميم وبن حمدان.
قوله : "وأن يتطوع في موضع المكتوبة إلا من حاجة".
يعني يكره وهذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل تركه أولى كالمأموم.
قوله: "ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات وعنه لا يكره لهم ذلك كالإمام وكالمنبر.
تنبيه : محل الخلاف إذا لم تكن حاجة فإن كان ثم حاجة لم يكره الوقوف بينهما.
فائدة : قوله: "إذا قطعت صفوفهم" أطلق ذلك كغيره وكأنه يرجع إلى العرف قال ابن منجا في شرحه: شرط بعض أصحابنا أن يكون عرض السارية ثلاثة أذرع لأن ذلك هو الذي يقطع الصف ونقله أبو المعالي أيضا وقال في الفروع ويتوجه أكثر من ثلاثة أو العرف ومثل نظائره.
تنبيه : مفهوم قوله: "ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة" أن القعود اليسير لا يكره وهو صحيح وهو المذهب وعنه يكره.
قوله : "وإذا صلت امرأة بنساء قامت وسطهن".
هذا مما لا نزاع فيه لكن لو صلت أمامهن وهن خلفها فالصحيح من المذهب أن الصلاة تصح قال في الفروع: والأشهر يصح تقديمها قال الزركشي: هذا أشهر الروايتين وقيل يتعين كونها وسطا فإن خالفت بطلت الصلاة وأطلقهما ابن تميم.
وتقدم موجبه لصاحب الفروع عند قوله: "وإن أم امرأة".
فائدة : لو أمت امرأة واحدة أو أكثر لم يصح وقوف واحدة منهن خلفها منفرده على الصحيح من المذهب: قطع به القاضي في التعليق واقتصر عليه في مجمع البحرين وقدمه في الفروع وصحح المصنف في الكافي الصحة.
قلت: فيعايى بها وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "ويعذر في ترك الجمعة والجماعة المريض".
بلا نزاع ويعذر أيضا في تركهما لخوف حدوث المرض.

فائدتان.
إحداهما: إذا لم يتضرر بإتيانها راكبا أو محمولا أو تبرع أحد به أو بأن يقود أعمى لزمته الجمعة على الصحيح من المذهب: وقيل: لا تلزمه كالجماعة وأطلقهما ابن تميم ونقل المروذي في الجمعة يكتري ويركب وحمله القاضي على ضعف عقب المرض فأما مع المرض فلا يلزمه لبقاء العذر ونقل أبو داود فيمن يحضر الجمعة فيعجز عن الجماعة يومين من التعب قال: لا أدري.
الثانية : تجب الجماعة على من هو في المسجد مع المرض والمطر قاله ابن تميم.
قوله : "أو بحضرة طعام هو محتاج إليه".
بلا نزاع والصحيح من المذهب أن له أن يأكل حتى يشبع نص عليه وقدمه في الفروع والحواشي والرعاية الكبرى وعنه يأكل ما يسكن نفسه فقط وأطلقهما ابن تميم وجزم به جماعة في الجمعة منهم ابن تميم قال في مجمع البحرين: ويأكل تبعه في إحدى الروايتين في الجماعة لا الجمعة.
والرواية الثانية: بقدر ما يسكن نفسه ويسد رمقه كأكل خائف فوات الجمعة.
قلت: هذا إذا رجى إدراكها انتهى.
والذي يظهر أن هذا مراد الأصحاب والإمام أحمد وإلا فما كان في الخلاف فائدة.
قال ابن حامد: إن بدأ بالطعام ثم أقيمت الصلاة ابتدر إلى الصلاة قال في الفروع: ولعل مراده مع عدم الحاجة.
قوله : "والخائف من ضياع ماله".
كشرود دابته وإباق عبده ونحوه أو يخاف عليه من لص أو سلطان أو نحوه.
قوله : "أو فواته".
كالضائع فدل عليه في مكان أو قدم به من سفر لكن قال المجد: الأفضل ترك ما يرجو وجوده ويصلي الجمعة مع الجماعة.
قوله : "أو ضرر فيه".
كاحتراق خبزه أو طبيخه أو أطلق الماء على زرعه ويخاف إن تركه فسد ونحوه قال المجد: والأفضل فعل ذلك وترك الجمعة والجماعة وهذا المذهب في ذلك كله ولو تعمد سبب ضرر المال.

وقال ابن عقيل: يعذر في ترك الجمعة إذا تعمد السبب قال: كسائر الحيل لإسقاط العبادات قال في الفروع: كذا أطلق واستدل وعنه إن خاف ظلما في ماله فليجعله وقاية لدينه ذكره الخلال.
فائدة: ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها أو مال استؤجر على حفظه وكنطارة بستان ونحوه أو تطويل الإمام.
قوله : "أو موت قريبه".
بلا نزاع ونص عليه قال في مجمع البحرين: إذا لم يكن عنده من يسد مسده في أموره.
فائدة: ويعذر أيضا في تركها لتمريض قريبه ونقل ابن منصور فيه وليس له من يخدمه وأنه لا يترك الجمعة وقال في النصيحة: وليس له من يخدمه إلا أن يتضرر ولم يجد بدا من حضوره ومثله موت رقيقه أو تمريضه.
تنبيه : قوله : "أو من فوات رفقته".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقيده بعضهم بأن يكون في سفر مباح إنشاءا واستدامة منهم ابن تميم وبن حمدان.
قوله: "أو غلبة النعاس".
هذا المذهب فيهما وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وعد في الكافي الأعذار ثمانية ولم يذكر فيها غلبة النعاس.
تنبيه : يشترط في غلبة النعاس أن يخاف فوت الصلاة في الوقت وكذا مع الإمام مطلقا على الصحيح من المذهب: جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وقيل ذلك عذر في ترك الجماعة والجمعة قدمه ابن تميم وجزم به في مجمع البحرين.
وقيل: ليس ذلك عذر فيهما ذكره في الفروع.
وقطع ابن الجوزي في المذهب وصاحب الوجيز أنه يعذر فيهما بخوفه بطلان وضوئه بانتظارهما.
فائدة : قال المجد وصاحب مجمع البحرين وغيرهما: الصبر والتجلد على دفع النعاس ويصلي معهم أفضل.
قوله : "والأذى بالمطر والوحل".
وكذا الثلج والجليد هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه ذلك عذر في السفر فقط.

قوله : "والريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة".
اشترط المصنف في الريح أن تكون شديدة باردة وهو أحد الوجهين وجزم به ابن تميم وبن حمدان في رعايتيه والحاويين والمذهب.
الوجه الثاني: يكفي كونها باردة فقط وهو المذهب وقدمه في الفروع وجزم به في الفائق.
واشترط المصنف أيضا أن تكون الليلة مظلمة وهو المذهب وعليه الجمهور ولم يذكر بعض الأصحاب مظلمة.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب: أن هذه أعذار صحيحة في ترك الجمعة والجماعة مطلقا خلا الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة وعنه في السفر لا في الحضر وقال في الفصول يعذر في الجمعة بمطر وخوف وبرد وفتنة قال في الفروع: كذا قال.
فوائد .
إحداها : نقل أبو طالب من قدر أن يذهب في المطر فهو أفضل وذكره أبو المعالي ثم قال: لو قلنا يسعى مع هذه الأعذار لأذهبت الخشوع وجلبت السهو فتركه أفضل.
قال في الفروع: ظاهر كلام أبي المعالي أن كل ما أذهب الخشوع كالحر المزعج عذر ولهذا جعله أصحابنا كالبرد المؤلم في منع الحكم وإلا فلا.
الثانية : قال ابن عقيل في المفردات: تسقط الجمعة بأيسر عذر كمن له عروس تجلى عليه قال في الفروع: في آخر الجمعة كذا قال.
الثالثة : قال أبو المعالي: الزلزلة عذر لأنها نوع خوف.
الرابعة : من الأعذار من يكون عليه قود إن رجا العفو عنه على الصحيح من المذهب مطلقا قدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به في الرعايتين والحاويين وقيل ليس بعذر إذا رجاه على مال فقط وأطلقهما ابن تميم قال في الفروع: ولم يذكر هذه المسألة جماعة.
وأما من عليه حد الله أو حد قذف فلا يعذر به قولا واحدا قاله في.
الفروع ويتوجه في حد القذف أنه عذر إن رجا العفو.
الخامسة : ذكر بعض الأصحاب أن فعل جميع الرخص أفضل من تركها غير الجمع وتقدم أن المجد وغيره قال: التجلد على دفع النعاس ويصلي معهم أفضل وأن الأفضل ترك ما يرجوه لا ما يخاف تلفه وتقدم كلام أبي المعالي قريبا ونقل أبي طالب.
السادسة : لا يعذر بمنكر في طريقه نص عليه لأن المقصود لنفسه لا قضاء حق لغيره وقال في الفصول كما لا يترك الصلاة على الجنازة لأجل ما يتبعها من نوح وتعداد في أصح الروايتين وكذا هنا قال في الفروع: كذا قال.
السابعة : لا يعذر أيضا بجهل الطريق إذا وجد من يهديه.

الثامنة : لا يعذر أيضا بالعمى إذا وجد من يقوده وقال في الفنون الإسقاط به هو مقتضى النص وقال في الفصول: المرض والعمى مع عدم القائد لا يكون عذرا في حق المجاور في الجامع وللمجاور للجامع لعدم المشقة وتقدم هل يلزمه إذا تبرع له من يقوده أول الفصل.
قال القاضي في الخلاف: وغيره ويلزمه إن وجد ما يقوم مقام القائد كمد الحبل إلى موضع الصلاة.
التاسعة : يكره حضور المسجد لمن أكل ثوما أو بصلا أو فجلا أو نحوه حتى يذهب ريحه على الصحيح من المذهب وعنه يحرم وقيل: فيه وجهان.
قال في الفروع: وظاهره ولو خلى المسجد من آدمي لتأذي الملائكة قال: والمراد حضور الجماعة ولو لم تكن بمسجد ولو في غير صلاة قال: ولعله مراد قوله في الرعاية وهو ظاهر الفصول وتكره صلاة من أكل ذا رائحة كريهة مع بقائها أراد دخول المسجد أولا.
وقال في المغني: في الأطعمة يكره أكل كل ذي رائحة كريهة لأجل رائحته أراد دخول المسجد أولا واحتج بخبر المغيرة أنه لا يحرم لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام لم يخرجه من المسجد وقال إن لك عذرا قال في الفروع: وظاهره أنه لا يخرج وأطلق غير واحد أنه يخرج منه مطلقا.
قال في الفروع: لكن إن حرم دخوله وجب إخراجه وإلا استحب قال: ويتوجه مثله من به رائحة كريهة ولهذا سأله جعفر بن محمد عن النفط أيسرج به قال: لم أسمع فيه شيئا ولكن يتأذى برائحته ذكره ابن البنا في أحكام المساجد

باب صلاة أهل الأعذار
.
قوله: "ويصلي المريض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين صل قائما".
وهذا بلا نزاع مع القدرة عليه وكذا يلزمه لو أمكنه القيام معتمدا على شيء أو مستندا على حائط أو غيره وعند ابن عقيل لا يلزمه اكتراء من يقيمه ويعتمد عليه.
فائدة : لو قدر على قيام في صورة راكع لحدب أو كبر أو مرض ونحوه لزمه ذلك بقدر ما أمكنه ويأتي كلام ابن عقيل في الأحدب.
قوله : "فإن لم يستطع فقاعدا".
بلا نزاع وكذا إن كان يلحقه بالقيام ضرر أو زيادة مرض أو تأخر برء ونحوه فإنه يصلي قاعدا على الصحيح من المذهب وعنه لا يصلي قاعدا إلا إذا عجز عن القيام رويناه وأسقط القاضي القيام بضرر متوهم وأنه لو تحمل الصيام والقيام حتى زاد مرضه أثم ونقل عبد الله إذا كان قيامه يوهنه ويضعفه أحب إلي أن يصلي قاعدا.
وقال أبو المعالي: يصلي شيخ كبير قاعدا إن أمكن معه الصوم.

فائدتان.
إحداهما: لو كان في سفينة أو بيت قصير سقفه وتعذر القيام والخروج أو خاف عدوا إن انتصب قائما صلى جالسا على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل يصلي قائما ما أمكنه لأنه إن جلس جلس منحنيا ثم إذا ركع فقيل يستحب أن يزيد قليلا وقيل يزيد فإن عجز حني رقبته قال في الفروع: فظاهره يجب وجزم بالثاني ابن تميم وبن حمدان وأطلقهما في الفروع.
الثانية : حيث قلنا "يصلي قاعدا" فإنه يتربع استحبابا على الصحيح من المذهب وعنه يجب التربع وعنه إن أطال القراءة تربع وإلا افترش وحيث تربع فإنه يثني رجليه كالمتنفل قاعدا على ما مر لكن إن قدر أن يرتفع إلى حد الركوع لزمه ذلك وإلا ركع قاعدا قاله أبو المعالي في النهاية وصاحب الرعاية.
وقال ابن تميم: ويثني رجليه في سجوده وفي الركوع روايتان وتقدم الصحيح من المذهب هل يثني رجليه في ركوعه كسجوده أم لا في باب صلاة التطوع.
تنبيه : ظاهر قوله: "فإن لم يستطع فعلى جنب" أنه لو لم يشق القعود عليه أنه لا يصلي على جنب بل يصلي قاعدا وهو أحد الوجهين.
والصحيح من المذهب: أنه يصلي على جنبه إذا شق عليه الصلاة قاعدا ولو بتعديه بضرب ساقه ونحوه وعليه أكثر الأصحاب ويحتمله كلام المصنف.
فائدة : حيث جاز له الصلاة على جنبه فالأفضل أن يكون على جنبه الأيمن وليس بواجب على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: يلزمه الصلاة على جنبه الأيمن.
قوله: "فإن صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة صحت صلاته في أحد الوجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في المستوعب والرعاية الكبرى وبن تميم وبن منجا في شرحه.
إحداهما : تصح صلاته وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والعمدة والتلخيص والمحرر والإفادات والوجيز وإدراك الغاية وتجريد العناية وصححه في مجمع البحرين ونصره وقدمه في الكافي والفروع والفائق والنظم قال الزركشي: هذا الأشهر.
والوجه الثاني : لا يصح ونصره المصنف ومال إليه قال في الشرح: عدم الصحة أظهر وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وهو ظاهر ما جزم به في المنور والمنتخب والمذهب

الأحمد لأنهم ما أباحوا الصلاة على الظهر إلا مع العجز عن الصلاة على جنبه وعنه يخير نقل الأثرم وغيره يصلي كيف شاء كلاهما جائز ونقل صالح وبن منصور يصلي على ما قدر وتيسر له انتهى.
فعلى المذهب: يكره فعل ذلك قطع به في الفروع والرعاية وقال في الهداية والمذهب وغيرهما يكون تاركا للمستحب قال في مجمع البحرين: يكون تاركا للأولى.
تنبيه : محل الخلاف إذا كان قادرا على الصلاة على جنبه وصلى على ظهره أما إذا لم يقدر على الصلاة على جنبه فإن صلاته صحيحة على ظهره بلا نزاع.
فائدة : قال في مجمع البحرين: فعلى القول بالصحة صلاته على جنبه الأيسر أفضل من استلقائه في أصح الوجهين وعكسه ظاهر كلام القاضي وأبي الخطاب.
قوله : "ويومئ بالركوع والسجود".
يعني مهما أمكنه وهذا المذهب نص عليه وقال أبو المعالي: أقل ركوعه مقابلة وجهه ما وراء ركبته من الأرض أدنى مقابلة وتتمتها الكمال.
فائدة : لو سجد قدر ما أمكنه على شيء رفعه كره وأجزأه نص عليهما وعنه يخير وذكر ابن عقيل رواية لا يجزئه كيده انتهى.
والصحيح من المذهب: أنه لا بأس بسجوده على وسادة ونحوها وعنه هو أولى من الإيماء.
قوله : "فإن عجز عنه أومأ بطرفه".
هذا المذهب بلا ريب ويكون ناويا مستحضرا للفعل والقول إن عجز عنه بقلبه وقال في التبصرة صلى بقلبه أو طرفه وقال القاضي في الخلاف وتبعه في المستوعب أومأ بعينيه وحاجبيه أو قلبه وقاس على الإيماء برأسه وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة لا يلزمه الإيماء بطرفه وهو متجه لعدم ثبوته انتهى قال في النكت: عن كلام القاضي وصاحب المستوعب ظاهره الاكتفاء بعمل القلب ولا يجب الإيماء بالطرف وليس ببعيد ولعل مراده أو بقلبه إن عجز عن الإيماء بطرفه وقال الشيخ تقي الدين: لو عجز المريض عن الإيماء برأسه سقطت عنه الصلاة ولا يلزمه الإيماء بطرفه وهو رواية عن أحمد.
فائدة : قال ابن عقيل في الفنون: الأحدب يجدد للركوع نية لكونه لا يقدر عليه كمريض لا يطيق الحركة يجدد لكل فعل وركن قصدا ك فلك فإنه يصلح في العربية للواحد والجمع بالنية.
قوله : "ولا تسقط الصلاة".

يعني بحال من الأحوال وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال في الكافي كما قال هنا وزاد "ما دام عقله ثابتا" قال في النكت: فيحتمل أنه إذا عجز عن الإيماء بطرفه سقطت الصلاة ويكون قوله: "ولا تسقط الصلاة ما دام عقله".
ثابتا على الوجه المذكور وهو قدرته على الإيماء بطرفه ويدل عليه أن الظاهر أنه ينوي بقلبه مع الإيماء بطرفه انتهى.
وعنه تسقط الصلاة والحالة هذه اختارها الشيخ تقي الدين وضعفها الخلال.
قوله : "فإن قدر على القيام أو القعود في أثنائها انتقل إليه وأتمها".
وهذا بلا نزاع لكن إن كان لم يقرأ قام فقرأ وإن كان قد قرأ قام وركع بلا قراءة ويبني على إيمائه ويبني عاجز فيهما.
ولو طرأ عجز فأتم الفاتحة في انحطاطه أجزأ إلا من بريء فأتمها في ارتفاعه فإنه لايجزئه قطع به أكثر الأصحاب قال في الفروع: ويتوجه من عدم الإجزاء بالتحريمة منحطا لا تجزئه وقال المجد لا تجزئه التحريمة.
فوائد.
إحداها: لو قدر على الصلاة قائما منفردا وجالسا في الجماعة خير بينهما على الصحيح من المذهب: قطع به في الكافي والمجد في شرحه ومجمع البحرين والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع والنكت وبن تميم والرعاية الكبرى وغيرهم قال في النكت: قدمه غير واحد وقيل صلاته في الجماعة أولى وقيل تلزمه الصلاة قائما.
قلت: وهو الصواب لأن القيام ركن لا تصح الصلاة إلا به مع القدرة عليه وهذا قادر والجماعة واجبة تصح الصلاة بدونها وقعودهم خلف إمام الحي لدليل خاص ثم وجدت أبا المعالي قدم هذا.
وتقدم لو كان به ريح ونحوه ويقدر على حبسه حال القيام ولا يقدر على حبسه حال الركوع والسجود فهل يركع ويسجد أو يومئ في باب الحيض عند قوله: "وكذلك من به سلس البول".
الثانية : لو قال: إن أفطرت في رمضان قدرت على الصلاة قائما وإن صمت صليت قاعدا أو قال: إن صليت قائما لحقني سلس البول أو امتنعت علي القراءة وإن صليت قاعدا امتنع السلس فقال أبو المعالي: يصلي قاعدا فيهما لما فيه من الجمع بينهما في الأولى ولسقوط القيام في النفل ولا صحة مع ترك القراءة والحدث.
وقال في النكت: ومقتضى إطلاق كلام المجد أنه يصلي قائما.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
الثالثة : لو عجز المريض عن وضع جبهته على الأرض وقدر على وضع بقية أعضاء

السجود لم يلزمه وضع ذلك على الصحيح من المذهب لأنه إنما وجب تبعا وقيل يلزمه قاله في القاعدة الثامنة.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإذا قال ثقات من العلماء بالطب للمريض إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك فله ذلك" إلا أنه لا يقبل إلا قول ثلاثة فصاعدا قال في الفائق" له الصلاة كذلك إذا قال: أهل الخبرة إنه ينفعه.
قال في المحرر: ويجوز لمن به رمد أن يصلي مستلقيا إذا قال: ثقات الطب إنه ينفعه وكذا قال ابن تميم: وغيره قال ابن مفلح في حواشيه: ظاهر كلام الشيخ وجماعة أنه لا يقبل إلا قول ثلاثة وقال ابن منجا في شرحه وليس بمراد انتهى.
قلت: الذي يظهر أن مراد المصنف الجنس مع الصفة وليس مراده العدد إذ لم يقل باشتراط الجمع في ذلك أحد من الأصحاب فيما وقفت عليه من كلامهم وأيضا فإن ظاهر كلام المصنف متفق عليه وإنما مفهومه عدم القبول في غير الجمع وليس بمراد.
واعلم أن الصحيح من المذهب جواز فعل ذلك بقول مسلم ثقة إذا كان طبيبا حاذقا فطنا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس والإفادات والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم وقيل يشترط اثنان وتقدم ظاهر كلام المصنف وغيره.
فوائد.
إحداها: حيث قبلنا قول الطبيب فإنه يكفي فيه غلبة الظن على الصحيح من المذهب وقيل يشترط لقبول خبره أن يكون عن يقين.
قلت: وهو بعيد جدا.
الثانية : قوله: "ولا تجوز الصلاة في السفينة قاعدا لقادر على القيام".
بلا نزاع ولو كانت سائرة ويجوز إقامة الجماعة فيها على الصحيح من المذهب: وعنه لا تقام إن صلوا جلوسا نص عليه حكاه ابن أبي موسى.
الثالثة : لو كان في السفينة ولا يقدر على الخروج منها صلى على حسب حاله فيها وأتى بما يقدر عليه من القيام وغيره على ما تقدم وكلما دارت انحرف إلى القبلة في الفرض على الصحيح من المذهب: وقيل: لا تجب كالنفل على الأصح فيه.
قلت: فيعايى بها على هذا القول وعلى القول الثاني في النافلة.
[وتقدم هذا في باب استقبال القبلة.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف صحة الصلاة في السفينة مع القدرة على الخروج منها وهو الصحيح من المذهب وعنه لا تصح].

قوله : "وتجوز صلاة الفرض على الراحلة خشية التأذي بالوحل".
وكذا بالمطر وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا تصح واختاره في الإرشاد.
قوله : "وهل يجوز ذلك للمريض على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والخلاصة وبن تميم والإرشاد.
إحداهما : لا يجوز وهو المذهب نقله الأكثر واختاره أيضا أكثر الأصحاب قال المجد وصاحب الفروع ومجمع البحرين: اختاره أكثر الأصحاب وصححه في الرعايتين وصححه في النظم إذا لم يتضرر وقدمه في الفروع والمستوعب ومجمع البحرين وغيرهم.
والرواية الثانية : يجوز صححه في التصحيح واختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في المحرر والفائق والحواشي.
قلت: وهو الصواب.
وعنه يجوز إذا لم يستطع النزول نص عليها في رواية إسحاق بن إبراهيم قال في الفروع: ولم يصرح بخلافه وجزم به في الفصول وغيره.
وقيل: إن زاد تضرره جاز وإلا فلا وجزم به في الشرح وقدمه في النظم.
قال المجد: والصحيح عندي أنه متى تضرر بالنزول أو لم يكن له من يساعده على نزوله وركوبه صلى عليها وإن لم يتضرر به كان كالصحيح انتهى.
وقال في المذهب: إن كانت صلاته عليها كصلاته على الأرض لم يلزمه النزول فإن كان إذا نزل أمكنه أن يأتي بالأركان أو بعضها أو لم يكن ذلك ممكنا على الراحلة لزمه النزول إذا كان لا يشق عليه مشقة شديدة فإن كانت المشقة متوسطة فعلى روايتين.
وتقدم في باب استقبال القبلة صفة الصلاة على الراحلة في الفرض وغيره.
فوائد.
إحداها: أجرة من ينزله للصلاة كماء الوضوء على ما تقدم ذكره أبو المعالي.
الثانية : لو خاف المريض بالنزول أن ينقطع عن رفقته إذا نزل أو يعجز عن ركوبه إذا نزل صلى عليها كالخائف على نفسه بنزوله من عدو ونحوه.
الثالثة : وكذا حكم غير المريض ذكره جماعة من الأصحاب منهم القاضي.
وبن عقيل ونقل معناه ابن هانئ ولا إعادة عليه ولو كان عذرا نادرا.
وذكر ابن أبي موسى إن لم يستقبل لم يصح إلا في حال المسايفة.
قال في الفروع ومقتضى كلام الشيخ يعني به المصنف جوازه لخائف ومريض.

الرابعة : لو كان في ماء وطين أومأ كمصلوب ومربوط على الصحيح من المذهب وعنه يسجد على متن الماء كالغريق على الصحيح من المذهب فيه وقيل في الغريق يومئ والصحيح من المذهب أنه لا إعادة على واحد من هؤلاء وعنه يعيد الكل.
الخامسة : لو أتى بالمأمور الذي عليه وصلى على الراحلة بلا عذر قائما أو صلى في السفينة من أمكنة الخروج منها وهي واقفة أوسائرة صح على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وعنه لا تصح وقطع به في المستوعب والمغني وغيرهما في الراحلة وقدمه أبو المعالي وغيره.
وقال في الفصول: في السفينة هل تصح كما لو كانت واقفة أم لا كالراحلة فيه روايتان انتهى.
وحكم العجلة والمحفة ونحوهما في الصلاة فيها حكم الراحلة والسفينة على ما تقدم على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع ومجمع البحرين.
قال ابن تميم: وفي الصلاة على العجلة من غير عذر وجهان أصحهما الصحة قال في الفروع: وقطع جماعة لا تصح هنا كمعلق في الهواء من غير ضرورة.
قال في مجمع البحرين: المنع هنا أوجه من المنع هناك قال ابن عقيل: لا تصح في العجلة لأنها غير مستقرة كالأرجوحة مع أنه اختار الصحة على الراحلة والسفينة كما تقدم قال في مجمع البحرين: وما قاله بعيد جدا لكون السفينة فوق الماء وظهر الحيوان أقرب إلى التزلزل وعدم القرار من جماد معظمه على الأرض فهي أولى بالصحة انتهى.
قال في الفروع: فظاهر ما جزم به أبو المعالي وغيره أنها تصح في الواقفة وجزم أبو المعالي وغيره أنه لا يصح السجود وأنها لا تصح في أرجوحة لعدم تمكنه عرفا قال ابن عقيل وبن شهاب: ومثلها زورق صغير.
وجزم المجد في شرحه أنها لا تصح في أرجوحة ولا من معلق في الهواء وساجد على هواء أو ماء قدامه أو على حشيش أو قطن أو ثلج ولم يجد حجمه ونحو ذلك لعدم إمكان المستقر عليه انتهى.
فعلى رواية عدم الصحة في السفينة يلزمه الخروج منها للصلاة زاد ابن حمدان وغيره إلا أن يشق على أصحابه نص عليه.
السادسة : لا يشترط كون ما يحاذي الصدر مقرى فلو حاذاه روزنة ونحوها صحت بخلاف ما تحت الأعضاء فلو وضع جبهته على قطن منتفش لم تصح.

قصر الصلاة في السفر
.
تنبيه : اشتمل قول المصنف في قصر الصلاة ومن سافر سفرا مباحا على منطوق ومفهوم والمفهوم ينقسم إلى قسمين مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة.

فالمنطوق جواز القصر في السفر المباح مطلقا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يشترط أن يكون مباحا غير نزهة ولا فرجة اختاره أبو المعالي لأنه لهو بلا مصلحة ولا حاجة وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والمذهب.
ونقل محمد بن العباس يشترط أن يكون سفر طاعة وهو ظاهر كلام بن حامد.
وقال في المبهج: إذا سافر للتجارة مكاثرا في الدنيا فهو سفر معصية.
قال في الرعاية وحواشي ابن مفلح: وفيه نظر.
فعلى المذهب: إن كان أكثر قصده في سفره مباحا جاز القصر على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به المجد ومجمع البحرين وغيرهما قال في الفروع: هو الأصح وقيل لا يجوز ولو تساويا في قصده أو غلب الحظر لم يقصر قولا واحدا.
فوائد .
إحداها : لو نقل سفره المباح إلى محرم امتنع القصر على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره واختاره المجد وغيره وصححه في مجمع البحرين والنظم وغيرهما قال القاضي في التعليق: هو ظاهر كلام أحمد وقيل له القصر وأطلقهما الزركشي.
ولو نقل سفره المحرم إلى مباح كما لو تاب وقد بقي مسافة قصر فله القصر على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقيل لا يقصر وقيل يقصر ولو بقي أقل من مسافة القصر وقطع به ابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب.
الثانية : يجوز الترخص للزاني إذا غرب ولقاطع الطريق إذا شرد ونحوهما على الصحيح من المذهب قال ابن تميم: جاز في أصح الوجهين وقدمه المجد في شرحه ومجمع البحرين وحواشي ابن مفلح والفروع وكلامه فيه بعض تعقيد وقيل لا يجوز لهم الترخص وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
الثالثة : يجوز القصر والترخص للمسافر مكرها على الصحيح من المذهب كالأسير وعنه لا يقصر المكره وقال الخلال إن أكره على سفر في دار الإسلام قصر وفي دار الحرب لا يقصر ومتى صار الأسير في بلد الكفار أتم نص عليه وفيه وجه يقصر.
الرابعة : تقصر الزوجة والعبد تبعا للزوج والسيد في نيته وسفره على الصحيح من المذهب.
قلت: فيعايى بها.
وفيها وجه في النوادر لا قصر وقدمه في الرعاية الكبرى لكن قال الآول أقيس وأشهر وذكر أبو المعالي تعتبر نية من لها أن تمتنع قال: والجيش مع الأمير والجندي مع أميره إن

كان رزقهم من مال أنفسهم ففي أيهما تعتبر نيته فيه وجهان وإن لم يكن رزقهم في مالهم كالأجير والعبد لشريكين ترجح نية إقامة أحدهما.
الخامسة : يقصر من حبس ظلما أو حبسه مرض او مطر ونحوه على الصحيح من المذهب بخلاف الأسير قال في الفروع: ويحتمل أن يبطل حكم سفره لوجود صورة الإقامة.
قال أبو المعالي: كقصره لوجود صورة السفر في التي قبلها.
وأما المفهوم فمفهوم الموافقة وهو ما إذا كان سفره مستحبا أو واجبا كسفر الحج والجهاد والهجرة وزيارة الإخوان وعيادة المرضى وزيارة أحد المسجدين والوالدين ونحوه فيجوز القصر فيه بلا نزاع.
ومفهوم المخالفة يشمل قسمين.
القسم الأول: سفر المعصية فلا يجوز القصر فيه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم واختار الشيخ تقي الدين جواز القصر فيه ورجحه ابن عقيل في بعض المواضع وقاله بعض المتأخرين.
فعلى المذهب: لا يجوز له القصر ولا أكل الميتة إذا اضطر إليه على الصحيح من المذهب ونص عليه قال في التلخيص: وعليه الأصحاب.
وقيل: يجوز له أكل الميتة ولا يمنع منه اختاره في التلخيص وحكاه في الفروع رواية وقال هي أظهر.
فعلى المذهب: إن خاف على نفسه قيل له تب وكل.
ويأتي في أول الحجر إذا سافر وعليه دين يحل في سفره أو هو حال هل له الترخص أم لا.
فائدة : قال في الرعاية الكبرى: لا يترخص من قصد مشهدا أو مسجدا غير المساجد الثلاثة أو قصد قبرا غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت: أو نبي غيره وجزم بهذا في الرعاية الصغرى.
قال في التلخيص: قاصد المشاهد وزيارتها لا يترخص انتهى وجزم به في النظم والصحيح من المذهب جواز الترخص قاله في المغني وغيره.

القسم الثاني: السفر المكروه فلا يجوز القصر فيه صرح به ابن منجا في شرحه وقاله ابن عقيل في السفر إلى المشاهد قال في الفروع: وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قلت: قال في الهداية: إذا سافر سفرا في غير معصية فله أن يقصر وكذا في الخلاصة.
فظاهرهما جوز المسح في السفر المكروه قال: في تذكرة ابن عبدوس ويسن لمسافر لغير معصية انتهى ومن يجيز القصر في سفر المعصية فهنا بطريق أولى.
قوله : "يبلغ ستة عشر فرسخا".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط في جواز القصر أن تكون مسافة السفر ستة عشر فرسخا برا أو بحرا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يشترط أن يكون عشرين فرسخا حكاها ابن أبي موسى فمن بعده.
واختار الشيخ تقي الدين جواز القصر في مسافة فرسخ وقال أيضا إن حد فتحديده ببريد أجود.
وقال المصنف والشيخ تقي الدين: أيضا لا حجة للتحديد بل الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه.
فوائد.
إحداها: الصحيح من المذهب: أن مقدار المسافة تقريب لا تحديد قال في الفروع: وظاهر كلامهم تقريبا وهو أولى.
قلت: هذا مما لا يشك فيه.
وقال أبو المعالي: المسافة تحديد قال ابن رجب في شرح البخاري: الأميال تحديد نص عليه الإمام أحمد.
الثانية : الستة عشر فرسخا يومان قاصدان وذلك أربعة برد والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال هاشمية وبأميال بني أمية ميلان ونصف والميل اثنا عشر ألف قدم قاله القاضي وغيره وقطع به في الفروع وغيره وذلك ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة قطع به في الفروع وغيره وقال أبو الفرج ابن أبي الفهم الميل أربعة آلاف ذراع بالواسطي انتهى.
وقيل: هو ألف خطوة بخطى الجمل.
وقدم في الرعاية أنه ألفا خطوة ثم قال: قلت: يحتمل أن يكون الخلاف باختلاف خطوتيه ثم قال وقيل: الميل ألف باع كل باع أربعة أذرع فقط كل ذراع أربعة وعشرون إصبعا كل إصبع ست حبات شعير بطون بعضها إلى بطون بعض عرض كل شعيرة ست شعرات برذون انتهى.

وقال الحافظ العلامة ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري: وقيل: الميل ثلاثة آلاف ذراع نقله صاحب البيان وقيل: ثلاثة آلاف وخمسمائة وصححه ابن عبد البر ثم قال: الذراع الذي ذكر: قد حرر بذراع الحديد المستعمل الآن في مصر والحجاز في هذه الأعصار ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن فعلى هذا فالميل بذراع الحديد على القول المشهور خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعا قال: وهذه فائدة نفيسة قل من تنبه إليها انتهى.
الثالثة : قال الجوهري: الميل من الأرض منتهى مد البصر وقيل حده أن ينظر إلى الشخص في أرض مسطحة فلا يدرى هو رجل أو امرأة أهو ذاهب أم هو آت.
الرابعة : المعتبر نية المسافة لا حقيقتها فلو رجع قبل استكمالها فلا إعادة عليه على الصحيح من المذهب: وعنه يعيد من لم يبلغ المسافة حكاها القاضي في شرحه قال: وهي أصح وهي من المفردات.
ولو شك في قدر المسافة لم يقصر فلو خرج لطلب آبق ونحوه على أنه متى وجده رجع لم يقصر ولو بلغ مسافة القصر على الصحيح من المذهب نص عليه واختار ابن أبي موسى وبن عقيل القصر ببلوغ المسافة وإن لم ينوها وجزم به في المستوعب كنية بلد بعينه يجهل مسافته ثم علمها فإنه يقصر بعد علمه كجاهل بجواز القصر ابتداء.
ويأتي إذا سافر غير مكلف سفرا طويلا ثم كلف في أثنائه بعد قوله: "وإذا أقام لقضاء حاجته".
الخامسة : لا يقصر سائح ولا هائم لا يقصد مكانا معينا جزم به في الرعاية الصغرى قال في الكبرى: لا يترخص في الأصح وقال كذا لا يترخص تائه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أن أهل مكة ومن حولهم كغيرهم إذا ذهبوا إلى عرفة ومزدلفة ومنى وهو صحيح فلا يجوز لهم القصر ولا الجمع على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر وقدمه في الفائق وقال لا يجمعون ولا يقصرون عند جمهور أصحابنا واختار أبو الخطاب في العبادات الخمس والشيخ تقي الدين جواز القصر والجمع لهم فيعايى بها واختار المصنف جواز الجمع فقط قال في الفروع: وهو الأشهر عن أحمد فيعايى بها.
تنبيهات.
أحدها: ظاهر قوله: إذا فارق بيوت قريته أنه لا بد أن يفارق البيوت العامرة والخربة وهو وجه اختاره القاضي والصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه لا يشترط أن يفارق

البيوت الخربة بل له القصر إذا فارق البيوت العامرة سواء وليها بيوت خربة أو البرية ويحتمله كلام المصنف هنا.
أما إن ولي البيوت الخربة بيوت عامرة فلا بد من مفارقة البيوت الخربة والعامرة التي تليها قال أبو المعالي: وكذا لو جعل الخراب مزارع وبساتين يسكنه أهله ولو في فصل النزهة.
الثاني : مفهوم كلامه أنه لا يقصر إلا إذا فارق البيوت سواء كانت داخل السور أو خارجه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل: له القصر إذا فارق سور بلده ولو لم يفارق البيوت قدمه في الفائق.
الثالث : ظاهر كلامه أيضا وكثير من الأصحاب جواز القصر إذا فارق بيوت قريته سواء اتصل به بلد آخر أولا واعتبر أبو المعالي انفصاله ولو بذراع موجود في كلام المجد وغيره لا يتصل وقال في الرعاية الكبرى: وإذا تقاربت قريتان أو حلتان فهما كواحدة وإن تباعدتا فلا.
فائدتان.
إحداهما: قال أبو المعالي: لو برزوا بمكان لقصد الاجتماع ثم بعد اجتماعهم ينشئون السفر من ذلك المكان فلا قصر حتى يفارقوه قال في الفروع: وظاهر كلامهم يقصرون وهو متجه انتهى.
الثانية: يعتبر في سكان القصور والبساتين مفارقة ما نسبوا إليه عرفا واعتبر أبو المعالي وأبو الوفاء مفارقة من صعد جبلا المكان المحاذي لرءوس الحيطان ومفارقة من هبط لأساسها لأنه لما اعتبر مفارقة البيوت إذا كانت محاذية اعتبر هنا مفارقة سمتها.
قوله : "وهو أفضل من الإتمام".
وهذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقيل الإتمام أفضل.
قوله : "وإن أتم جاز".
يعني من غير كراهة وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وقيل لا يجوز الإتمام قال في الفائق: وعنه التوقف وعنه لا يعجبني الاتمام وقيل يكره الاتمام اختاره الشيخ تقي الدين قال في الفروع: وهو أظهر.
قلت: ويحتمله كلام المصنف.
قال في القاعدة الثالثة: وعن أبي بكر أن الركعتين الأخيرتين تنفل، لا يصح اقتداء المفترض به فيهما وهو متمش على أصله وهو عدم اعتبار نية القصر ويأتي عنه اشتراط النية هل الأصل في صلاة المسافر أربع أو ركعتان؟.
فائدة : يوتر في السفر ويصلى سنة الفجر أيضا ويخير في غيرها هذا المذهب.

وقال الشيخ تقي الدين: يسن ترك التطوع بغير الوتر وسنة الفجر قيل للإمام أحمد التطوع في السفر قال: أرجو أنه لا بأس به وأطلق أبو المعالي التخيير في النوافل والسنن الراتبة.
قلت: هو فعل كثير من السلف.
ونقل ابن هانئ يتطوع أفضل وجزم به في الفصول والمستوعب والرعاية وغيرهم واختاره الشيخ تقي الدين في غير الرواتب ونقله بعضهم إجماعا قال في الفائق: لا بأس بتنفل المسافر نص عليه.
قوله : "فإن أحرم في الحضر ثم سافر أو في السفر ثم أقام لزمه أن يتم".
هذا المذهب بلا ريب فيهما قال في الفروع: ومن أوقع بعض صلاته مقيما كراكب سفينة أتم وجعلها القاضي وغيره أصلا لمن ذكر صلاة سفر في حضر.
وقيل: إن نوى القصر مع علمه بإقامته في اثنائها صح.
فعلى المذهب: لو كان مسح فوق يوم وليلة بطلت في الأشهر لبطلان الطهارة ببطلان المسح.
فائدتان.
إحداهما: لو دخل وقت الصلاة على مقيم ثم سافر أتمها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في الحواشي: هو قول أصحابنا وهو من المفردات وعنه يقصر اختاره في الفائق وحكاه ابن المنذر إجماعا كقضاء المريض ما تركه في الصحة ناقصا وكوجوب الجمعة على العبد الذي عتق بعد.
الزوال وكالمسح على الخفين وقيل إن ضاق الوقت لم يقصر وعنه إن فعلها في وقتها قصر اختارها ابن أبي موسى.
الثانية : لو قصر الصلاتين في السفر في وقت أولاهما ثم قدم قبل دخول وقت الثانية أجزأه على الصحيح من المذهب: وقيل لا يجزئه ومثله لو جمع بين الصلاتين في وقت أولاهما بتيمم ثم دخل وقت الثانية: وهو واجد للماء.
قوله : "وإذا ذكر صلاة حضر في سفر أو صلاة سفر في حضر لزمه أن يتم".
هذا المذهب فيهما نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يقصر فيما إذا ذكر صلاة سفر في حضر.
وحكى وجه يقصر أيضا في عكسها اعتبارا بحالة أدائها كصلاة صحة في مرض وهو خلاف ما حكاه الإمام أحمد وبن المنذر إجماعا.

قوله : "أو أئتم بمقيم أو بمن يشك فيه لزمه أن يتم".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يلزمه الإتمام إلا إذا أدرك معه ركعة فأكثر اختارها في الفائق فعليها يقصر من ادرك التشهد في الجمعة.
وعلى المذهب يتم نص عليه قال في الفروع: ويتوجه تخريج من صلاة الخوف يقصر مطلقا كما خرج بعضهم إيقاعها مرتين على صحة اقتداء مفترض بمتنفل.
فائدة : لو نوى المسافر القصر حيث يحرم عليه عالما به كمن نوى القصر خلف مقيم عالما فالصحيح من المذهب: أن صلاته لا تنعقد لنيته ترك المتابعة ابتداء كنية مقيم القصر ونية مسافر وعقد الظهر خلف إمام جمعة نص عليه.
وقيل: تنعقد لآنه لا يعتبر للإتمام تعيينه بنية فيتم تبعا كما لو كان غير.
عالم وإن صح القصر بلا نية قصر قال في الرعاية وتابعه في الفروع: وغيره وتتخرج الصحة في العبد إن لم تجب عليه الجمعة وإن صلى المسافر خلف من يصلي الجمعة ونوى القصر لزمه الإتمام على الصحيح من المذهب.
وقال أبو المعالي: يتجه أن تجزئه إن قلنا الجمعة ظهر مقصورة قال أبو المعالي: وغيره وإن ائتم من يقصر الظهر بمسافر أو مقيم يصلي الصبح أتم.
قوله : "أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها لزمه أن يتم".
إذا أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت إن كان فسادها عن غير حدث الإمام لزمه إتمامها قولا واحدا وإن كان فسادها لكون الإمام بان محدثا بعد السلام لزمه الإتمام أيضا وإن بان محدثا قبل السلام ففي لزوم الإتمام وجهان وأطلقهما في التلخيص والفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين وقال في الرعاية الكبرى في موضع اخر: فله القصر في الأصح.
قال ابو المعالي: إن بان محدثا مقيما معا قصر وكذا إن بان حدثه أولا لا عكسه.
فائدتان.
إحداهما: لو صلى مسافر خائف بالطائفة الاولى: ركعة ثم أحدث واستخلف مقيما لزم الطائفة الثانية الإتمام لائتمامهم بمقيم وأما الطائفة الاولى فإن نووا مفارقة الأول قصروا وإن لم ينووا مفارقته أتموا لائتمامهم بمقيم قاله في مجمع البحرين والفروع وغيرهما.
الثانية : لو ائتم من له القصر جاهلا حدث نفسه بمقيم ثم علم حدث نفسه فله القصر لأنه باطل لا حكم له.

قوله : "أو لم ينو القصر يعنى عند الإحرام لزمه أن يتم".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط في جواز القصر أن ينويه عند الإحرام وعليه جماهير الأصحاب وقال أبو بكر: لا يحتاج القصر والجمع إلى نية واختاره الشيخ تقي الدين واختاره جماعة من الأصحاب في القصر.
قال ابن رزين في شرحه: والنصوص صريحة في أن القصر أصل فلا حاجة إلى نيته قال في الفروع: والأشهر ولو نوى الإتمام ابتداء لأنه رخصة فيتخير مطلقا كالصوم.
قال الزركشي قلت: قد ينبني على ذلك فعل الأصل في صلاة المسافر الأربع وجوز له ترك ركعتين فإذا لم ينو القصر لزمه الأصل ووقعت الأربع فرضا أو أن الأصل في حقه ركعتان وجوز له أن يزيد ركعتين تطوعا فإذا لم ينو القصر فله فعل الأصل وهو ركعتان فيه روايتان المشهور منهما الأول والثاني: أظنه اختيار أبي بكر.
وينبني على ذلك إذا ائتم به مقيم هل يصح بلا خلاف أو هو كالمفترض خلف المتنفل.
ويشترط أيضا أن يعلم أن إمامه إذن مسافر ولو بأمارة وعلامة كهيئة لباس لأن إمامه نوى القصر عملا بالظن لأنه يتعذر العلم ولو قال: إن قصر قصرت وإن أتم أتممت لم يضر.
ثم في قصره إن سبق إمامه الحدث قبل علمه بحاله وجهان لتعارض الأصل والظاهر وأطلقهما في الفروع ومختصر ابن تميم قال في الرعاية: وله القصر في الأصح وقدمه في المغني والشرح.
فائدة: لو استخلف الإمام المسافر مقيما لزم المأمومون الإتمام لأنهم باقتدائهم التزموا حكم تحريمته ولأن قدوم السفينة بلده يوجب الإتمام وإن لم يلتزمه.
وتقدم إذا استخلف مسافر مقيما في الخوف وإذا استخلف مقيم مسافرا لم يكن معه قصر.
فوائد.
منها: لو شك في الصلاة هل نوى القصر أم لا لزمه الإتمام وإن ذكر فيما بعد أنه كان نوى لوجود ما يوجب الإتمام في بعضها فكذا في جميعها قاله الأصحاب وقال المجد ينبغي عندي أن يقال فيه من التفصيل ما يقال فيمن شك هل أحرم بفرض أو نفل.
ومنها : لو ذكر من قام إلى ثالثة سهوا قطع فلو نوى الإتمام أتم وأتى له بركعتين سوى ما سها به فإنه يلغو ولو كان من سها إماما بمسافر تابعه إلا أن يعلم سهوه فتبطل صلاته بمتابعته ويتخرج لا تبطل.
ومنها : لو نوى القصر فأتم سهوا ففرضه الركعتان والزيادة سهو يسجد لها على الصحيح من المذهب وقيل: لا.
قلت: فيعايى بها.

ومنها: لو نوى القصر ثم رفضه ونوى الإتمام جاز قال ابن عقيل: وتكون الأوليان فرضا وإن فعل ذلك عمدا مع بقاء نية القصر بطلت صلاته في أحد الوجهين وأطلقهما في مختصر ابن تميم والفروع والرعاية الكبرى.
قلت: الصواب الجواز وفعله دليل بطلان نية القصد.
قوله : "من له طريقان طريق بعيد وطريق قريب فسلك البعيد فله القصر".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل لا يقصر إلا لغرض لا في سلوكه سوى القصر وخرجه ابن عقيل وغيره على سفر النزهة ورده في الفروع قال في الرعاية: وقيل: لا يقصر إن سلكه ليقصر فقط ثم قال وقلت: ومثله بقية رخص السفر.
قوله : "أو ذكر صلاة سفر في آخر فله القصر".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه.
في الفروع والمغني والشرح وغيرهم وصححه الزركشي وغيره ونصره المجد وغيره وقيل: يلزمه الإتمام وهو احتمال في المغني وغيره وصححه في الرعاية الكبرى ونظم نهاية ابن رزين وأطلقهما ابن تميم والمحرر والفائق والرعاية الصغرى والحاويين.
فائدة : قال في الفروع: لو ذكرها في إقامة متخللة أتم وقيل يقصر لأنه لم يوجد ابتداء وجوبها فيه انتهى.
والذي يظهر: أن مراده بالإقامة المتخللة التي يتم فيها الصلاة في أثناء سفره ومراده أيضا إذا كان سفرا واحدا بدليل قوله: قبل ذلك "ومن ذكر صلاة حضر في سفر أو عكسه" وقال في الرعاية: وإن نسيها في سفر ثم ذكرها في حضر ثم قضاها في سفر آخر أتمها.
فيحتمل أن صاحب الفروع أراد هذا ويكون قوله: "ومن ذكر صلاة سفر في حضر وأراد قضاءها في الحضر".
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم كلام المصنف- وهو من مفهوم الموافقة أنه لو ذكر الصلاة في ذلك السفر: أنه يقصر بطريق أولى وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل يلزمه الإتمام لأنه مختص بالأداء كالجمعة ونقل المروذي ما يدل عليه قاله المجد وهو من المفردات.
الثاني : ظاهر قوله: "أو ذكر صلاة سفر" أنه لو تعمد المسافر ترك الصلاة حتى خرج وقتها أو ضاق عنها أنه لا يقصر وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين والمنور ونظم المفردات قدمه في الرعاية الكبرى وبن تميم والفائق وقاله المجد في شرحه ومجمع البحرين.

قال في الفروع: وأخذ صاحب المحرر من تقييد المسألة يعني التي قبل هذه.
بالناسي ومما ذكره ابن أبي موسى في التي قبلها يعني إذا سافر بعد وجوبها عليه على ما تقدم أنه يتم من تعمد تأخيرها بلا عذر حتى ضاق وقتها عنها وقاسه على السفر المحرم وقاله الحلواني فإنه اعتبر أن تفعل في وقتها.
وقال القاضي في التعليق: في وجوب الصلاة بأول الوقت إن سافر بعد خروج وقتها لم يقصرها لأنه مفرط ولا تثبت الرخصة مع التفريط في المرخص فيه انتهى.
قال شيخنا في حواشي الفروع: لا يصلح أن يكون ما ذكره الحلواني مأخذا لمسألة المحرر لأنه جزم بعدم قصرها وجزم بأنه إذا نسي صلاة في سفر فذكرها أنه يقصرها فعلم أنه لا يشترط للقصر كونها مؤداة لأنه لو اعتبره لم يصح قصرالمنسية انتهى.
قلت: في قول شيخنا نظر لأنه إنما استدل على صاحب الفروع بما إذا نسيها وصاحب الفروع إنما قال: إذا تركها عمدا وأنه مقاس على السفر المحرم وأن الحلواني قال: ذلك ولا يلزم من تجويز الحلواني قصرها إذا نسيها أن يقصرها إذا تركها عمدا.
قال ابن رجب: ولا يعرف في هذه المسألة كلام للأصحاب إلا أن بعض الأئمة المتأخرين ذكر أنه لا يجوز القصر واستشهد على ذلك بكلام جماعة من الأصحاب في مسائل وليس فيما ذكره حجة انتهى وأراد بذلك المجد.
قال في النكت: ولم أجد أحدا ذكرها قبل صاحب المحرر انتهى.
وقيل: له القصر ولو تعمد التأخير وهو احتمال في ابن تميم وقال وهو ظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف واختاره في الفائق وإليه ميل ابن رجب ونصره في النكت ورد ما استدل به المجد قال ابن البنا في شرح المجد: من أخر الصلاة عمدا في السفر وقضاها في السفر فله القصر كالناسي قال: فلم يفرق أصحابنا بينهما وإنما يختلفان في المأثم انتهى.
قال ابن رجب: وهو غريب جدا وذكر القاضي أبو يعلى الصغير في شرح المذهب نحوه وقال في النكت: وعموم كلام الأصحاب يدل على جواز القصر في هذه المسألة وصرح به بعضهم وذكره في الرعاية وجها وهو ظاهر اختياره في المغني وذكر عنه ما يدل على ذلك وجعل ناظم المفردات إتمام الصلاة إذا تركها عمدا حتى يخرج وقتها من المفردات فقال:
وهكذا في الحكم من إذا ترك ... صلاته حتى إذا الوقت انفرك
وكان عمدا فرضه الإتمام ... وليس كالناسي يا غلام
وهو قد قال هيأتها على الصحيح الأشهر ... وكأنه اعتمد على ما في المحرر
قوله : "إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإلا قصر".
هذا إحدى الروايات عن أحمد اختارها الخرقي وأبو بكر والمصنف قال في الكافي:

هي المذهب قال في المغني: هذا المشهور عن أحمد ونصرها في مجمع البحرين قال ابن رجب في شرح البخاري: هذا مذهب أحمد المشهور عنه واختيار أصحابه وجعله أبو حفص البرمكي مذهب أحمد من غير خلاف عنه وتأول كل ما خالفه مما روى عنه وجزم به في العمدة وناظم المفردات وهو منها وقدمه الناظم.
وعنه إن نوى الإقامة أكثر من عشرين صلاة أتم وإلا قصر وهذه الرواية هي المذهب قال ابن عقيل: هذه المذهب قال في عمدة الأدلة والقاضي في خلافه: هذه أصح الروايتين واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإيضاح والإفادات والوجيز والمنور ونهاية ابن رزين ونظمها ومنتخب الأدمى وقدمه في الفروع والهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص وبن تميم والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر.
وعنه إن نوى الإقامة أكثر من تسعة عشر صلاة أتم وإلا قصر قدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهن في مجمع البحرين.
وقال في النصيحة: إن نوى الإقامة فوق ثلاثة أيام أتم وإلا قصر.
فائدتان.
إحداهما: يحسب يوم الدخول والخروج من المدة على الصحيح من المذهب وعنه لا يحسبان منها.
الثانية : لو نوى المسافر إقامة مطلقة أو أقام ببادية لا يقام بها أو كانت لا تقام فيها الصلاة لزمه الإتمام على الصحيح من المذهب جزم به في الفائق وغيره وقدمه في الفروع وبن تميم والرعاية وغيرهم.
وقيل: لا يلزمه الإتمام إلا أن يكون بموضع تقام فيه الجمعة وقيل أو غيرها ذكره أبو المعالي وقال في التلخيص والبلغة: إقامة الجيش للغزو لا تمنع الترخص وإن طالت لفعله عليه أفضل الصلاة والسلام.
قال في النكت: يشترط في الإقامة التي لا تقطع السفر إذا نواها الإمكان بأن يكون موضع لبث وقرار في العادة فعلى هذا لو نوى الإقامة بموضع لا يمكن لم يقصر لأن المانع نية الإقامة في بلده ولم توجد وقال أبو المعالي في شرح الهداية: فإن كان لا يتصور الإقامة فيها أصلا كالمفازة ففيه وجهان انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين: وغيره إن له القصر والفطر وإنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن.

قوله : "وإذا أقام لقضاء حاجة".
قصر أبدا يعني إذا لم ينو الإقامة ولا يعلم فراغ الحاجة قبل فراغ مدة القصر وهذه الصورة يجوز فيها القصر بلا خلاف وإن ظن أن الحاجة لا تنقضي إلا بعد مضي مدة القصر فالصحيح من المذهب أنه لا يجوز له.
القصر قدمه في الفروع والرعاية وقيل له ذلك جزم به في الكافي ومختصر ابن تميم قال في الحواشي: وهو الذي ذكره ابن تميم وغيره.
فوائد.
إحداها: لو نوى إقامة بشرط مثل أن يقول إن لقيت فلانا في هذا البلد أقمت فيه وإلا فلا لم يصر مقيما بذلك ثم إن لم يلقه فلا كلام وإن لقيه صار مقيما إذا لم يفسخ نيته الأولى فإن فسخها قبل لقائه أو حال لقائه فهو مسافر فيقصر بلا نزاع وإن فسخها بعد لقائه فهو كمن نوى الإقامة المانعة من القصر ثم نوى السفر قبل تمام الإقامة هل له القصر قبل شروعه في السفر على وجهين قاله ابن تميم والرعاية وقدمه في مجمع البحرين.
والصحيح من المذهب: أنه لا يجوز له القصر حتى يشرع في السفر ويكون كالمبتدئ له كما لو تمت مدة الإقامة وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد ومجمع البحرين.
قال في الفروع: واختار الأكثر يقصر إذا سافر كما لو تمت مدة الإقامة.
والوجه الثاني: ونقله صالح أنه يقصر من حين نوى السفر فأبطل النية الأولى بمجرد النية لأنها تثبت بها وأطلقهما في الفروع.
الثانية : لو مر بوطنه أتم مطلقا على الصحيح من المذهب ونص عليه وعنه يقصر إذا لم يكن له حاجة سوى المرور.
ولو مر ببلد له فيه امرأة أو تزوج فيه أتم على الصحيح من المذهب نص عليه وعنه يتم أيضا إذا مر ببلد له فيه أهل أو ماشية وهي من المفردات.
وقيل: أو مال.
وقال في عمد الأدلة: لا مال منقول وقيل إن كان له به ولد أو والد أو دار قصر وفي أهل غيرهما أو مال وجهان.
الثالثة : لو فارق وطنه بنية رجوعه بقرب لحاجة لم يترخص حتى يرجع ويفارقه نص عليه وكذا إن رجع عليه لغرض الاجتياز به فقط لكونه في طريق مقصده على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره قال المجد ومجمع البحرين: هذا ظاهر مذهبنا.
وأما على قولنا "يقصر المجتاز على وطنه" فيقصر هنا في خروجه منه أولا وعوده إليه واجتيازه به.
قال في مجمع البحرين قلت: وهو ظاهر عبارة الكافي انتهى.

وإذا فارق أولا وطنه بنية المضي بلا عود ثم بدا له العود لحاجة فترخصه قبل نية عوده جائز وبعدها غير جائز لا في عوده ولا في بلده حتى يفارقه على الصحيح من المذهب: قدمه في مجمع البحرين وقال: ذكره القاضي وقدمه في الفروع.
وعنه يترخص في عوده إليه لا فيه كنية طارئة للإقامة بقرية قريبة منه.
قال المجد: ويقوى عندي أنه لا يقصر إذا دخل وطنه ولكن يقصر في عوده إليه.
الرابعة : لا ينتهي حكم السفر ببلوغ البلد الذي يقصده إلا إذا لم ينو الإقامة هذا الصحيح من المذهب: نص عليه قال في مجمع البحرين: اختاره أكثر الأصحاب قال الزركشي: هو المنصوص والمختار للأكثر وقيل بلى.
الخامسة : لو سافر من ليس بمكلف من كافر وحائض سفرا طويلا ثم كلف بالصلاة في أثنائه فله القصر مطلقا فيما بقي وقيل يقصر إن بقي مسافة القصر وإلا فلا واختاره في الرعايتين.
السادسة : لو رجع إلى بلد أقام به إقامة مانعة ترخص مطلقا حتى فيه نص عليه لزوال نية إقامته كعوده مختارا على الصحيح من المذهب وقيل كوطنه.
فائدة : كل من جاز له القصر جاز له الفطر ولا عكس لأن المريض ونحوه لا مشقة عليه في الصلاة بخلاف الصوم وقد ينوي المسافر مسيرة يومين ويقطعهما من الفجر إلى الزوال مثلا فيفطر وإن لم يقصر أشار إليه ابن عقيل لكنه لم يذكر الفطر قال في الفروع: فقد يعايى بها وقال أيضا ولعل ظاهر ما سبق أن من قصر جمع لكونه في حكم المسافر قال: وظاهر ما ذكروه في باب الجمع لا يجمع.
وقال القاضي في الخلاف: في بحث المسألة إذا نوى إقامة أربعة أيام له الجمع لا ما زاد وقيل للقاضي: إذا لم يجمع إقامة لا يقصر لأنه لا يجمع فقال لا يسلم هذا بل له الجمع انتهى.
وقال في الفروع: وهل يمسح مسح مسافر من قصر قال الأصحاب: كالقاضي وغيره هو مسافر ما لم يفسخ أو ينوي الإقامة أو يتزوج أو يقدر على أهل.
وقال الأصحاب: منهم ابن عقيل الأحكام المتعلقة بالسفر الطويل أربعة القصر والجمع والمسح ثلاثا والفطر قال ابن عقيل: فإن نوى إقامة تزيد على أربعة أيام صار مقيما وخرج عن رخصة السفر ويستبيح الرخص ولا يخرج عن حكم السفر إذا نوى ما دونها.
تنبيه : مفهوم قوله: "والملاح الذي معه أهله وليس له نية الإقامة ببلد ليس له الترخص" أنه إذا لم يكن معه أهله له الترخص وهو المذهب وهو صحيح وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم ولم يعتبر القاضي في موضع من كلامه في الملاح ومن في حكمه كون أهله معه فلا يترخص وحده قال في الفروع: وهو خلاف نصوصه.

فعلى قول القاضي وعلى المذهب أيضا فيما إذا كان معه أهله مع عدم الترخص من المفردات قال الأصحاب: لتفويت رمضان بلا فائدة لأنه يقضيه في السفر وكما تقعد امرأته مكانها كمقيم.
فائدة : قال في الرعاية: ومثل الملاح من لا أهل له ولا وطن ولا منزل يقصده ولا يقيم بمكان ولا يأوي إليه انتهى.
وتقدم أن الهائم والسائح والتائه لا يترخصون.
فائدتان .
إحداهما : المكاري والراعي والفيج والبريد ونحوهم كالملاح لا يترخصون على الصحيح من المذهب: ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات وقيل عنه يترخصون وإن لم يترخص الملاح اختاره المصنف وقال سواء كان معه أهله أو لا لأنه مسافر مشقوق عليه بخلاف الملاح واختاره أيضا الشارح وأبو المعالي وبن منجا وإليه ميل صاحب مجمع البحرين وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
الثانية : الفيج بالفاء المفتوحة والياء المثناة من تحت الساكنة والجيم رسول السلطان مطلقا وقيل: رسول السلطان إذا كان راجلا وقيل: هو الساعي قاله أبو المعالي وقيل: هو البريد.
قوله : "فصل في الجمع ويجوز الجمع بين الظهر والعصر والعشاءين في وقت إحداهما لثلاثة أمور السفر الطويل".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط لجواز الجمع في السفر أن تكون مدته مثل مدة القصر وعليه الأصحاب وقيل ويجوز أيضا الجمع في السفر القصير ذكره في المبهج وأطلقهما.
تنبيه : يؤخذ من قول المصنف ويجوز الجمع أنه ليس بمستحب وهو كذلك بل تركه أفضل على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد وصاحب مجمع البحرين ونص عليه وقدمه في الفروع وغيره وعنه الجمع أفضل اختاره أبو محمد الجوزي وغيره كجمعي عرفة ومزدلفة وعنه التوقف.
قوله : "في وقت إحداهما".
الصحيح من المذهب: جواز الجمع في وقت الأولى كالثانية وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي: هو المشهور المعمول به في المذهب قال في مجمع البحرين: هذا المشهور عن أحمد وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.

وقيل: لا يجوز الجمع للمسافر إلا في وقت الثانية إذا كان سائرا في وقت الأولى اختاره الخرقي وحكاه ابن تميم وغيره رواية وحمله بعض الأصحاب على الاستحباب قاله في الحواشي.
وقيل: لا يجوز الجمع إلا لسائر مطلقا وقال ابن أبي موسى الأظهر من مذهبه أن صفة الجمع فعل الأولى آخر وقتها وفعل الثانية أول وقتها.
وقال الشيخ تقي الدين: الجمع بين الصلاتين في السفر يختص بمحل الحاجة لا أنه من رخص السفر المطلقة كالقصر.
وقال: أيضا في جواز الجمع للمطر في وقت الثانية وجهان لأنا لا نثق بدوام المطر إلى وقتها.
وقيل: لا يصح جمع المستحاضة إلا في وقت الثانية فقط قاله في الرعاية.
تنبيه : ظاهر قوله: "السفر الطويل" أنه لا يجوز الجمع للمكي ومن قاربه بعرفة ومزدلفة ومنى وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه واختار أبو الخطاب في العبادات الخمس والمصنف والشيخ تقي الدين جواز الجمع لهم وتقدم ذلك قريبا أول الباب في القصر.
قوله : "والمرض الذي يلحقه بترك الجمع فيه مشقة وضعف".
الصحيح من المذهب: أنه يجوز الجمع للمرض بشرطه وعليه الأصحاب وعنه لا يجوز له الجمع ذكرها أبو الحسين في تمامه وبن عقيل.
وقال: بعضهم إن جاز له ترك القيام جاز له الجمع وإلا فلا.
فوائد .
منها : يجوز الجمع للمرض للمشقة بكثرة النجاسة على الصحيح من المذهب نص عليه وذكر في الوسيلة رواية لا يجوز وهو ظاهر كلام المصنف وغيره وقال أبو المعالي هو كمريض.
ومنها : يجوز الجمع أيضا لعاجز عن الطهارة والتيمم لكل صلاة جزم به في الرعاية والفروع.
ومنها : يجوز الجمع للمستحاضة ومن في معناها على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل لا يجوز وعنه إن اغتسلت لذلك جاز وإلا فلا.
وتقدم وجه أنه لا يجوز لها الجمع إلا في وقت الثانية.
ومنها : يجوز الجمع أيضا للعاجز عن معرفة الوقت كالأعمى ونحوه قال في الرعاية: أومأ إليه.

ومنها : ما قاله في الرعاية وغيرها يجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة كخوفه على نفسه أو حرمه أو ماله أو غير ذلك انتهى.
وقد قال أحمد: في رواية محمد بن مشيش الجمع في الحضر إذا كان عن ضرورة مثل مرض أو شغل قال القاضي: أراد بالشغل ما يجوز معه ترك الجمعة والجماعة من الخوف على نفسه أو ماله.
قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: وهذا من القاضي يدل على أن أعذار الجمعة والجماعة كلها تبيح الجمع.
وقالا أيضا: الخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام الإمام أحمد كالمرض ونحوه وأولى للخوف على ذهاب النفس والمال من العدو قال في الفروع وشرحه: ويتوجه أن مراد القاضي غير غلبة النعاس.
قلت: صرح بذلك في الوجيز فقال ويجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة عدا نعاس ونحوه.
وقال في الفائق: بعد كلام القاضي قلت إلا النعاس وجزم في التسهيل بالجواز في كل ما يبيح ترك الجمعة.
واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع للطباخ والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله ومال غيره بترك الجمع.
قوله : "والمطر الذي يبل الثياب".
ومثله الثلج والبرد والجليد.
واعلم أن الصحيح من المذهب: جواز الجمع لذلك من حيث الجملة بشرطه نص عليه وعليه الأصحاب وقيل لا يجوز الجمع وهو رواية عن أحمد.
تنبيه : مراده بقوله الذي يبل الثياب أن يوجد معه مشقة قاله الأصحاب.
ومفهوم كلامه أنه إذا لم يبل الثياب لا يجوز الجمع وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقيل: يجوز الجمع للطل.
قلت: وهو بعيد وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "إلا أن جمع المطر يختص العشاءين في أصح الوجهين".
وهما روايتان وهذا المذهب بلا ريب نص عليه في رواية الأثرم وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو الخطاب في رؤوس المسائل فإنه جزم به فيها.
والوجه الآخر يجوز الجمع كالعشاءين اختاره القاضي وأبو الخطاب في الهداية،

والشيخ تقي الدين وغيرهم ولم يذكر ابن هبيرة عن أحمد غيره وجزم به في نهاية ابن رزين ونظمها والتسهيل وصححه في المذهب وقدمه في الخلاصة وإدراك الغاية وأطلقهما في مسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة وخصال ابن البنا والطوفي في شرح الخرقي والحاويين.
فعلى الثاني: لا يجمع الجمعة مع العصر في محل يبيح الجمع قال القاضي أبو يعلى الصغير وغيره: ذكروه في الجمعة ويأتي هناك.
قوله : "وهل يجوز لأجل الوحل".
على وجهين عند الأكثر وهما روايتان عند الحلواني وأطلقهما في الهداية والخلاصة والبلغة وشرح ابن منجا والرعايتين والحاويين والفائق والمحرر والشرح.
أحدهما : يجوز وهو المذهب قال القاضي قال أصحابنا: الوحل عذر يبيح الجمع قال في مجمع البحرين: هذا ظاهر المذهب قال ابن رزين: هذا أظهر وأقيس وصححه ابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب والمصنف في المغني وصاحب التلخيص وشرح المجد والنظم وبن تميم والتصحيح وغيرهم وجزم به الشريف وأبو الخطاب في رؤوس مسائلهما والمبهج وتذكرة ابن عبدوس والإفادات والتسهيل وغيرهم وقدمه في الفروع والكافي ومجمع البحرين وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني: لا يجوز وجزم به في الوجيز وهو ظاهر كلامه في العمدة فإنه قال: ويجوز الجمع في المطر بين العشاءين خاصة وقيل يجوز إذا كان معه ظلمة وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى.
فائدتان .
إحداهما : لم يقيد الجمهور الوحل بالبلل وذكر الشريف وأبو الخطاب في رؤوس مسائلهما وغيرهما أن الجواز مختص بالبلل.
الثانية : إذا قلنا يجوز للوحل فمحله بين المغرب والعشاء فلا يجوز بين الظهر والعصر وإن جوزناه للمطر على الصحيح قدمه في الفروع وأطلق بعضهم الجواز.
قوله : "وهل يجوز لأجل الريح الشديدة الباردة".
على وجهين عند الأكثر وهما روايتان عند الحلواني.
واعلم أن الحكم هنا كالحكم في الوحل خلافا ومذهبا فلا حاجة إلى إعادته.
فائدة : الصحيح أن ذلك مختص بالعشاءين ذكره غير واحد زاد في المذهب والمستوعب والكافي مع ظلمة وأطلق الخلاف كالمصنف في التلخيص والمحرر.

قوله : "وهل يجوز لمن يصلي في بيته أو في مسجد طريقه تحت ساباط على وجهين".
وكذا لو ناله شيء يسير وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والخلاصة والتلخيص والبلغة وشرح ابن منجا والمحرر والشرح وبن تميم والرعايتين والحاويين والحواشي والفائق وتجريد العناية.
أحدهما : يجوز وهو المذهب قال القاضي: هذا ظاهر كلام أحمد وصححه في التصحيح ونصره في مجمع البحرين.
قال في المنور: ويجوز لمطر يبل الثياب ليلا وجزم به في النظم ونهاية ابن رزين وإدراك الغاية وقدمه في الفروع والنظم وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني : لا يجوز اختاره ابن عقيل وجزم به في الوجيز وصححه في المذهب ومسبوك الذهب وهو ظاهر كلامه في العمدة كما تقدم.
وقيل: يجوز الجمع هنا لمن خاف فوت مسجد أو جماعة جمع.
قال المجد: هذا أصح وجزم به في الإفادات والحاويين وقدمه في الرعايتين مع أنهم أطلقوا الخلاف في غير هذه الصورة كما تقدم.
وقدم أبو المعالي يجمع الإمام واحتج بفعله عليه أفضل الصلاة والسلام.
فائدة : لا يجوز الجمع لعذر من الأعذار سوى ما تقدم على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع لتحصيل الجماعة وللصلاة في حمام مع جوازها فيه خوف فوت الوقت ولخوف يخرج في تركه أي مشقة.
قوله : "ويفعل الأرفق به من تأخير الأولى إلى وقت الثانية أو تقديم الثانية إليها".
هذا أحد الأقوال مطلقا اختاره الشيخ تقي الدين وقال هو ظاهر المذهب المنصوص عن أحمد وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وشرح ابن منجا.
وقيل: يفعل المريض الأرفق به من التقديم والتأخير وهو أفضل ذكره ابن تميم وصاحب الفائق والمصنف وغيرهم زاد المصنف فإن استويا عنده فالأفضل التأخير.
وقال ابن رزين: ويفعل الأرفق إلا في جمع المطر فإن التقديم أفضل.
وعنه جمع التأخير أفضل جزم به في المحرر والإفادات ومجمع البحرين والمنور وتجريد العناية وقدمه في المستوعب والنظم والحواشي وقال ذكره جماعة قال الشارح:

لأنه أحوط وفيه خروج من الخلاف وعملا بالأحاديث كلها.
قال الزركشي: المنصوص وعليه الأصحاب أن جمع التأخير أفضل ذكره في جمع السفر.
وقال في روضة الفقه: الأفضل في جمع المطر التأخير وقيل جمع التأخير أفضل في السفر دون الحضر جزم به في الهداية والخلاصة وقدمه ابن تميم في حق المسافر وقال نص عليه.
وقال الآمدي: إن كان سائرا فالأفضل التأخير وإن كان في المنزل فالأفضل التقديم وقال في المذهب: الأفضل في حق من يريد الارتحال في وقت الأولى ولا يغلب على ظنه النزول في وقت الثانية أن يقدم الثانية: وفي غير هذه الحالة الأفضل تأخير الأولى إلى دخول وقت الثانية انتهى.
وقيل: جمع التقديم أفضل مطلقا وقيل جمع التقديم أفضل في جمع المطر نقله الأثرم وجمع التأخير أفضل في غيره وجزم به في الكافي والحاويين وقدمه ابن تميم والرعايتين.
وقال الشيخ تقي الدين: في جواز الجمع للمطر في وقت الثانية وجهان لأنا لا نثق بدوامه كما تقدم عنه.
قلت: ذكر في المبهج وجها بأنه لا يجمع مؤخرا بعذر المطر نقله ابن تميم وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد وظاهر الفروع إطلاق هذه الأقوال.
فعلى القول بأنه يفعل الأرفق به عنده فلو استويا فقال في الكافي وبن منجا في شرحه الأفضل التأخير في المرض وفي المطر التقديم وتقدم كلام المصنف في المرض.
قوله : "وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط نية الجمع".
يعني أحدها نية الجمع وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل: لا تشترط النية للجمع اختاره أبو بكر كما تقدم في كلام المصنف والشيخ تقي الدين وقدمه ابن رزين وأطلقهما ابن تميم والمستوعب وتقدم ذلك.
قوله : "عند إحرامها".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط أن يأتي بالنية عند إحرام الصلاة الأولى وعليه أكثر الأصحاب.
ويحتمل أن تجزئه النية قبل سلامها.
وهو وجه اختاره بعض الأصحاب قال في المذهب: وفي وقت نية الجمع هذه وجهان أصحهما أنه ينوي الجمع في أي جزء كان من الصلاة الأولى من حين تكبيرة الإحرام إلى أن

يسلم وأطلقهما في المستوعب.
وقيل: تجزئه النية بعد السلام منها وقبل إحرام الثانية ذكره ابن تميم عن أبي الحسين وقيل تجزئه النية عند إحرام الثانية اختاره في الفائق وقيل محل النية إحرام الثانية لا قبله ولا بعده ذكره ابن عقيل وجزم في الترغيب باشتراط النية عند إحرام الأولى وإحرام الثانية أيضا قال ابن تميم: ومتى قلنا.
محل النية الأولى فهل تجب في الثانية على وجهين وقال في الحواشي ومتى قلنا محل النية الأولى لم تجب في الثانية وقيل: تجب.
قوله : "وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء".
اعلم أن الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم أنه تشترط الموالاة في الجمع في وقت الأولى واختار الشيخ تقي الدين عدم اشتراط الموالاة وأخذه من رواية أبي طالب والمروذي للمسافر أن يصلي العشاء قبل مغيب الشفق وعلله الإمام أحمد بأنه يجوز له الجمع.
وأخذه أيضا من نصه في جمع المطر إذا صلى أحداهما في بيته والصلاة الأخرى في المسجد فلا بأس.
تنبيه: قوله: "وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء" هكذا قال" كثير من الأصحاب منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم ومجمع البحرين والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره زاد جماعة فقالوا: لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء إذا أحدث والتكبير في أيام العيد أو ذكر يسير منهم صاحب التلخيص والبلغة فيها وهو قول في الرعاية.
وقال المصنف في المغني والشارح: المرجع في اليسير والكثير إلى العرف لا حد له سوى ذلك قال: وقدره بعض أصحابنا بقدر الإقامة والوضوء والصحيح أنه لا حد له وقدم ما قاله المصنف في المغني وبن تميم وحواشي ابن مفلح.
قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: والمرجع في طوله إلى العرف وإنما قرب تحديده بالإقامة والوضوء لأن هذا هو محل الإقامة وقد يحتاج إلى الوضوء فيه وهما من مصالح الصلاة ولا تدعو الحاجة غالبا إلى غير ذلك.
ولا إلى أكثر من زمنه انتهيا وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
قال ابن رزين في شرحه: وهو أقيس وقال في الرعاية الكبرى: وإن فرق بينهما عرفا أو أزيد من قدر وضوء معتاد أو إقامة صلاة بطل.
واعتبر ابن عقيل في الفصول الموالاة وقال معناها أن لا يفصل بينهما بصلاة ولا كلام لئلا يزول معنى الاسم وهو الجمع.

وقال أيضا: إن سبقه الحدث في الثانية وقلنا تبطل به فتوضأ أو اغتسل ولم يطل ففي بطلان جمعه احتمالان.
وحكى القاضي في شرحه الصغير وجها أن الجمع يبطله التفريق اليسير.
فعلى الأول قال في النكت: هذا إذا كان الوضوء خفيفا فأما من طال وضوءه بأن يكون الماء منه على بعد بحيث يطول الزمان فإنه يبطل جمعه انتهى وفي كلام الرعاية المتقدم إيماء إليه وقطع به الزركشي وغيره.
قوله : "فإن صلى السنة بينهما بطل الجمع في إحدى الروايتين".
وهي المذهب صححه في التصحيح والخلاصة والنظم ومجمع البحرين والفائق والزركشي وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور وقدمه في الفروع والمغني والمحرر والشرح وحواشي ابن مفلح وشرح ابن رزين.
والرواية الثانية: لا تبطل كما لو تيمم قال الطوفي في شرح الخرقي: أظهر القول دليلا على عدم البطلان إلحاقا للسنة الراتبة بجزء من الصلاة لتأكدها.
وأما صلاة غير الراتبة: فيبطل الجمع عند الأكثر وقطعوا به.
وقال في الانتصار: يجوز التنفل أيضا بينهما.
ونقل أبو طالب لا بأس أن يتطوع بينهما قال القاضي في الخلاف: رواية أبي طالب تدل على صحة الجمع وإن لم تحصل الموالاة.
وتقدم أن الشيخ تقي الدين لا يشترط الموالاة في الجمع.
وأطلق الروايتين في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة وبن تميم والرعايتين والحاويين.
تنبيه : محل الخلاف إذا لم يطل الصلاة فإن أطالها بطل الجمع رواية واحدة قاله الزركشي وغيره وتقدم نظيره في الوضوء.
فائدة : يصلي سنة الظهر بعد صلاة العصر من غير كراهة قاله أكثر الأصحاب.
وقيل: لا يجوز وقيل إن جمع في وقت العصر لم يجز وإلا جاز لبقاء الوقت إذن ويصلى في جمع ولتقديم سنة العشاء بعد سنة المغرب على الصحيح وقال ابن عقيل الأشبه عندي أن يؤخرها إلى دخول وقت العشاء وذكر الأول احتمالا.
قوله : "وأن يكون العذر موجودا عند افتتاح الصلاتين وسلام الأولى".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب

والكافي والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والإفادات والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس والفائق والشرح وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وشرح المجد ومجمع البحرين وحواشي ابن مفلح وغيرهم قال ابن تميم: وسواء قلنا باعتبار نية الجمع أم لا.
وقيل: لا يشترط وجود العذر عند سلام الأولى قال ابن عقيل: لا أثر لانقطاعه عند سلام الأولى إذا عاد قبل طول الفصل وأطلقهما ابن تميم وقيل يشترط وجود العذر في جميع الصلاة الأولى اختاره صاحب التبصرة.
فوائد .
منها : لو أحرم بالأولى مع قيام المطر ثم انقطع ولم يعد فإن لم يحصل منه وحل بطل الجمع وإلا إن حصل منه وحل وقلنا يجوز الجمع لأجله لم.
تبطل جزم به ابن تميم وبن مفلح في حواشيه وقال في الرعاية الكبرى وإن حصل به وحل فوجهان انتهى.
ولو شرع في الجمع مسافر لأجل السفر فزال سفره ووجد وحل أو مرض أو مطر بطل الجمع.
ومنها : يعتبر بقاء السفر والمرض حتى يفرغ من الثانية فلو قدم في أثنائها أو صح أو أقام بطل الجمع على الصحيح من المذهب: كالقصر وجزم به في العمدة فقال واستمرار العذر حتى يشرع في الثانية فيتمها نفلا وقيل تبطل وقيل لا يبطل الجمع كانقطاع المطر في الأشهر.
والفرق أن نتيجة المطر وحل فتبعه وهما في المعنى سواء قاله في الفروع.
وقال في الحواشي: والفرق أنه لا يتحقق انقطاع المطر لاحتمال عوده في أثناء الصلاة وقد يخلفه عذر مبيح وهو الوحل بخلاف مسألتنا انتهى.
ومنها : ذكر المصنف ثلاث شروط وبقي شرط رابع وهو الترتيب لكن تركه لوضوحه.
قوله : "وإن جمع في وقت الثانية كفاه نية الجمع في وقت الأولى ما لم يضق عن فعلها".
هذا المذهب وعليه الأكثر قاله في الفروع قال في مجمع البحرين: هذا ظاهر المذهب قال الشارح: متى جمع في وقت الثانية فلا بد من نية الجمع في وقت الأولى وموضعها في وقت الأولى من أوله إلى أن يبقى منه قدر ما يصليها هكذا ذكره أصحابنا انتهى.
وقال المجد: وإن جمع في وقت الثانية اشترطت نية الجمع قبل أن يبقى من وقت الأولى بقدرها لفوات فائدة: الجمع وهو التخفيف بالمقارنة بينهما وقاله غيره وقدمه في الفروع وبن تميم.
وقيل: يصح ولو بقي قدر تكبيرة من وقتها أو ركعة قال ابن البنا في.
العقود: وقت النية إذا

أخر من زوال الشمس أو غروبها إلى أن يبقى من وقت الأولى قدر ما ينويها فيه لأنه به يكون مدركا لها أداء.
قوله : "واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية منهما".
لا أعلم فيه خلافا.
قوله : "ولا يشترط غير ذلك".
مراده غير الترتيب فإنه يشترط بينهما مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجعله في الكافي والمغني ونهاية أبي المعالي أصلا لمن قال: بعدم سقوط الترتيب بالنسيان في قضاء الفوائت.
قال في النكت: فدل على أن المذهب لا يسقط بالنسيان.
وقيل: يسقط الترتيب بالنسيان لأن إحداهما هنا تبع لاستقرارهما كالفوائت وقدمه ابن تميم والفائق قال المجد في شرحه وتبعه الزركشي-: الترتيب معتبر هنا لكن بشرط الذكر كترتيب الفوائت.
ووجه في الفروع منها تخريجا بالسقوط مطلقا.
وقيل: ويسقط الترتيب أيضا بضيق وقت الثانية كفائتة مع مؤداة وإن كان الوقت لها أداء قاله القاضي في المجرد.
تنبيه : أخرج بقوله ولا يشترط غير ذلك الموالاة فلا تشترط على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل تشترط فيأثم بالتأخير عمدا وتكون الأولى قضاء ولا يقصرها المسافر.
وقدم أبو المعالي أنه لا يأثم به وأما الصلاة فصحيحة بكل حال كما لو صلى الأولى في وقتها مع نية الجمع ثم تركه.
فعلى المذهب: لا بأس بالتطوع بينهما نص عليه وعنه منعه.
فائدة : لا يشترط اتخاذ الإمام ولا المأموم في صحة الجمع على الصحيح من.
المذهب: فلو صلى الأولى وحده ثم صلى الثانية إماما أو مأموما أو تعدد الإمام بأن صلى بهم الأولى وصلى الثانية إمام آخر أو بعدد المأموم في الجمع بأن صلى معه مأموم في الأولى وصلى في الأخرى مأموم آخر أو نوى الجمع المعذور من الإمام والمأموم كمن نوى الجمع خلف من لا يجمع أو بمن لا يجمع صح على الصحيح من المذهب: قال في الفروع: صح في الأشهر قال الإمام أحمد: إذا صلى إحدى صلاتي الجمع في بيته والأخرى مع الإمام فلا بأس [وصححه

ابن تميم وقدم في الرعاية عدم اتخاذه الإمام وقال ابن عقيل يعتبر اتخاذه المأموم] قال في الرعاية: يعتبر في الأصح وقيل: يعتبر اتخاذ الإمام والمأموم أيضا ذكره في الرعاية.
قوله : "فصل في صلاة الخوف قال الإمام أبو عبد الله صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف من خمسة أوجه أو ستة كل ذلك جائز لمن فعله".
وفي رواية عن الإمام أحمد من ستة أوجه أو سبعة قال الزركشي: وقيل: أكثر من ذلك.
فمن ذلك إذا كان العدو في جهة القبلة صف الإمام المسلمين خلفه صفين.
يعني فأكثر فهذه صفة ما صلى عليه أفضل الصلاة والسلام في عسفان.
فيصلي بهم جميعا إلى أن يسجد فيسجد معه الصف الذي يليه ويحرس الآخر حتى يقوم الإمام إلى الثانية: فيسجد ويلحقه.
الصحيح من المذهب: أن الأولى أن الصف المؤخر هو الذي يحرس أولا كما قال المصنف قال في النكت: هو الصواب واختاره المجد في شرحه.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والنظم وتذكره ابن عبدوس والتسهيل وحواشي ابن مفلح وبن تميم وغيرهم وقدمه في الفروع ومجمع البحرين وتجريد العناية.
وقال القاضي وأصحابه: يحرس الصف الأول أولا لأنه أحوط قال في مجمع البحرين: ذكره أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والإفادات والحاويين وإدراك الغاية والفائق وغيرهم قال ابن تميم وبن حمدان وغيرهما: وإن صف في نوبة غيره فلا بأس.
فوائد.
إحداها: قال في الرعاية الكبرى: يكون كل صف ثلاثة أو أكثر وقيل: أو أقل ولم أره لغيره.
الثانية : لو تأخر الصف المقدم وتقدم الصف المؤخر كان أولى للتسوية في فضيلة الموقف وجزم به في المغني والشرح والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وبن تميم وقيل يجوز من غير أفضلية جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين وأطلقهما في الفروع.
الثالثة : لو حرس بعض الصف أو جعلهم الإمام صفا واحدا جاز.
الرابعة : لا يجوز أن يحرس صف واحد في الركعتين.
الخامسة : يشترط في صلاة هذه الصفة أن لا يخافوا كمينا وأن يكون قتالهم مباحا سواء كان حضرا أو سفرا وأن يكون المسلمون يرون الكفار لخوف هجومهم.

قوله : "الوجه الثاني إذا كان العدو في غير جهة القبلة جعل طائفة حذاء العدو".
بلا نزاع لكن يشترط في الطائفة أن تكفي العدو زاد أبو المعالي بحيث يحرم فرارها فلا يشترط في الطائفة عدد على كلا القولين وهذا المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الخرقي والمبهج والإيضاح والعقود لابن البنا والمحرر والإفادات والوجيز والنظم وتجريد العناية والمنور والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم لإطلاقهم الطائفة.
قال في مجمع البحرين: هذا القياس وصححه في الفائق وبن تميم.
قال المصنف: والأولى أن لا يشترط عدد وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وقيل يشترط كون كل طائفة ثلاثة فأكثر قال في الرعاية الكبرى: وهو أشهر وجزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة وقدمه في مجمع البحرين وقيل يكره أن تكون الطائفة أقل من ثلاثة اختاره القاضي والمجد في شرحه وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب.
ويأتي في أوائل كتاب الحدود مقدار الطائفة.
فائدة : لو فرط الإمام في ذلك أو فيما فيه حظ للمسلمين أثم ويكون قد أتى صغيره هذا الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع تبعا لصاحب الفصول ولا يقدح في الصلاة إن قارنها على الأشبه قال في الفصول وتبعه في الفروع.
وقيل: يفسق بذلك وإن لم يتكرر منه كالمودع والوصي والأمين إذا فرط في الأمانة ذكره ابن عقيل وقال: وتكون الصلاة معه مبنية على إمامة الفاسق وأطلقهما ابن تميم.
قلت: إن تعمد ذلك فسق قطعا وإلا فلا.
قال في الفروع: ويتوجه في المودع والوصي والأمين إذا فرط هذا الخلاف وأطلقهما في الرعاية.
قوله : "فإذا قاموا إلى الثانية ثبت قائما وأتمت لأنفسها أخرى وسلمت ومضت إلى العدو".
الركعة الثانية" التي تتمها لنفسها تقرأ فيها بالحمد وسورة وتنوي المفارقة لأن من ترك المتابعة ولم ينو المفارقة تبطل صلاته ويلزمها أيضا أن تسجد لسهو إمامها الذي وقع منه قبل المفارقة عند فراغها.
قلت: فيعايى بها.
والصحيح من المذهب: أنها بعد المفارقة منفردة قدمه في الفروع وبن تميم وقال ابن حامد هي منوية وأما الطائفة الثانية: فهي منوية في كل صلاته فيسجدون لسهوه فيما أدركوه

وفيما فاتهم كالمسبوق ولا يسجدون لسهوهم ومنع أبو المعالي انفراده فإن من فارق إمامه فأدركه مأموم بقي على حكم إمامته.
تنبيه : قوله : "ثبت قائما يعني يطيل القراءة حتى تحضر الطائفة الأخرى".
قوله : "وجاءت الطائفة الأخرى فصلت معه الركعة الثانية".
فيقرأ الإمام إذا جاؤوا الفاتحة وسورة إن لم يكن قرأ وإن كان قرأ قرأ بقدر الفاتحة وسورة ولا يؤخر القراءة إلى مجيئها قال ابن عقيل: لأنه لا يجوز السكوت ولا التسبيح ولا الدعاء ولا القراءة بغير الفاتحة لم يبق إلا القراءة بالفاتحة وسورة طويلة قال في الفروع: كذا قال: لا يجوز أي يكره.
فائدة : يكفي إدراكها لركوعها ويكون ترك الإمام المستحب وفي الفصول فعل مكروها.
قوله : "فإذا جلس للتشهد أتمت لأنفسها أخرى وتشهدت وسلم بهم".
هذا المذهب أعني أنها تتم صلاتها إذا جلس الإمام للتشهد ينتظرهم حتى.
يسلم بهم وعليه جماهير الأصحاب وجزم به الخرقي والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية وبن تميم وغيرهم.
وقيل: له أن يسلم قبلهم وجزم به الناظم قال ابن أبي موسى: لو أتمت بعد سلامه جاز وقيل: تقضي الطائفة بعد سلامه وهو ظاهر كلام أبي بكر في التنبيه.
فوائد.
الأولى: تسجد الطائفة الثانية معه لسهوه ولا تعيده لأنها تنفرد عنه وهذا المذهب وجعلها القاضي وبن عقيل كمسبوق وقيل إن سها في حال انتظارها أو سهت بعد مفارقته فهل يثبت حكم القدوة وإذا لحقوه في التشهد هل يعتبر تجديد نية الاقتداء فيه خلاف مأخوذ ممن زحم عن سجود إذا سها فيما يأتي به أو سها إمامه قبل لحوقه أو سها المنفرد ثم دخل في جماعة وفيه وجهان قاله أبو المعالي وأوجب أبو الخطاب سجود السهو على المزحوم لانفراده بفعله وقياس قوله في الباقي كذلك.
قال المجد: وانفراد أبو الخطاب عن أكثر أصحابنا وعامة العلماء أن انفراد المأموم بما لا يقطع قدوته متى سهى فيه أو به حمله عنه الإمام ونص عليه أحمد في مواضع لبقاء حكم القدوة.
وأما الطائفة الأولى: فهي في حكم الائتمام قبل مفارقته إن سها لزمهم حكم سهوه وسجدوا له وإن سهوا لم يلحقهم حكم سهوهم وإذا فارقوه صاروا منفردين لا يلحقهم سهوه وإن سهوا سجدوا قاله في الكافي وهو مشكل بما تقدم في آخر باب السهو أن المسبوق لو سهى مع الإمام أنه يسجد.

الثانية : هذه الصلاة بهذه الصفة اختارها الإمام أحمد وأصحابه حتى قطع بها كثير منهم وقدموها على الوجه الثالث : الآتي بعد وفضلوها عليه وفعلها عليه أفضل الصلاة والسلام بذات الرقاع.
الثالثة : هذه الصفة تفعل وإن كان العدو في جهة القبلة على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع والفائق وبن تميم وقال القاضي وأبو الخطاب وجماعة من شروط هذه الصلاة بهذه الصفة كون العدو في غير جهة القبلة وجزم به في المستوعب قال المجد: نص أحمد محمول على ما إذا لم تكن صلاة عسفان لاستئثار العدو وقول القاضي محمول على ما إذا كانت صلاة عسفان.
قوله : "وإن كانت الصلاة مغربا صلى بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة".
بلا نزاع ونص عليه ولو صلى بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين عكس الصفة الأولى صحت على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ونص عليه وفي الفروع تخريج بفسادها من بطلانها إذا فرقهم أربع فرق.
قوله : "وإن كانت رباعية غير مقصورة صلى بكل طائفة ركعتين".
بلا نزاع ولو صلى بطائفة ركعة وبالأخرى ثلاثا صح ولم يخرج فيها في الفروع وخرج ابن تميم البطلان وهو احتمال في الرعاية.
قوله : "وهل تفارقه الأولى في التشهد أو في الثالثة على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والحاويين والفائق والزركشي والشرح.
أحدهما : تفارقه عند فراغ التشهد وهو المذهب جزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والخلاصة وبن تميم والرعايتين وغيرهم وصححه في التصحيح وتجريد العناية.
والوجه الثاني: تفارقه في الثالثة قال في مجمع البحرين: هذا أصح الوجهين.
فعلى المذهب: ينتظر الإمام الطائفة الثانية جالسا يكرر التشهد فإذا أتت قام زاد أبو المعالي تحرم معه ثم ينهض بهم.
وعلى الوجه الثاني: يكون الانتظار في الثالثة فيقرأ سورة مع الفاتحة على الصحيح من المذهب.
قلت: فيعايى بها.
وفيها احتمال لابن عقيل في الفنون: يكرر الفاتحة.

فائدة : لا تتشهد الطائفة الثانية بعد ثالثة المغرب على الصحيح من المذهب لأنه ليس محل تشهدها وقيل: تتشهد معه إن قلنا تقضي ركعتين متواليتين لئلا تصلي المغرب بتشهد واحد.
قلت: فعلى الأول إن قلنا تقضي ركعتين متواليتين يعايى بها لكن يظهر بعد هذا أن يقال لا تتشهد بعد الثالثة: وإذا قضت تقضي ركعتين متواليتين ويتصور في المغرب أيضا ست تشهدات بأن يدرك المأموم الإمام في التشهد الأول فيتشهد معه ويكون على الإمام سجود سهو محله بعد السلام فيتشهد معه ثلاث تشهدات ثم يقضي فيتشهد عقيب ركعة وفي آخر صلاته ولسهو لما يجب سجوده بعد السلام بأن يسلم قبل إتمام صلاته فيعايى بها.
قوله : "وإن فرقهم أربع فرق فصلى بكل طائفة ركعة صحت صلاة الأوليين".
لمفارقتهما قبل الانتظار الثالث وهو المبطل ذكر هذا التعليل ابن حامد وغيره قال ابن عقيل: وغيره سواء احتاج إلى هذا التفريق أو لا.
قوله : "وبطلت صلاة الإمام والأخريين إن علمتا بطلان صلاته".
وهذا المذهب في المسألتين وعليه أكثر الأصحاب وقال المجد في شرحه والصحيح عندي على أصلنا إن كان هذا الفعل لحاجة صحت صلاة الكل كحاجتهم.
إلى ثلاثمائة بإزاء العدو والجيش أربعمائة لجواز الانفراد لعذر والانتظار إنما هو تطويل قيام وقراءة وذكر وإن كان لغير حاجة صحت صلاة الأولى لجواز مفارقتها بدليل جواز صلاته بالثانية الركعات الثلاث وبطلت صلاة الإمام والثانية لانفرادها بلا عذر وهو مبطل على الأشهر وبطلت صلاة الثالثة والرابعة لدخولهما في صلاة باطلة قال ابن تميم: وهو أحسن.
وقيل: تبطل صلاة الكل بنية صلاة محرم ابتداؤها.
وقيل: تصح صلاة الإمام فقط وجزم به القاضي في الخلاف ووجه في الفروع بطلان صلاة الأولى والثانية: لانصرافهما في غير محله.
تنبيه : مفهوم قوله: وبطلت صلاة الإمام والأخريين إن علمتا بطلان صلاته أنهما إذا جهلتا بطلان صلاته تصح صلاتهما وهو صحيح وهو المذهب بشرط أن يجهل الإمام أيضا بطلان صلاته اختاره ابن حامد وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال ابن تميم: وينبغي أن يعتبر جهل الإمام أيضا وقيل لا تبطل ولو لم يجهل الإمام بطلان صلاته.
قال في الفروع: وفيه نظر ولهذا قيل لا تصح كحدثه.
وقيل: لا تصح صلاتهم ولو جهلوا للعلم بالمفسد.
قال المجد: وهو أقيس على أصلنا والجهل بالحكم لا تأثير له كالحدث قال في مجمع البحرين: قلت ولو قال: قائل ببطلان صلاة الجميع إذا لم يكن التفريق لحاجة ولم يعذر

المأمومون لجهلهم لم يبعد.
قوله : "الوجه الثالث أن يصلى بطائفة ركعة ثم تمضي إلى العدو وتأتي الأخرى فيصلي بها ركعة ويسلم وحده وتمضي هي ثم تأتي الأولى فتتم صلاتها ثم تأتي الأخرى فتتم صلاتها".
وهذا بلا نزاع لكن إذا أتمتها الطائفة الأولى تلزمها القراءة فيما تقضيه.
على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع ومجمع البحرين وبن تميم.
وقال القاضي في جامعه الصغير: لا قراءة عليها بل إن شاءت قرأت وإن شاءت لم تقرأ لأنها مؤتمة بالإمام حكما انتهى.
ولو زحم المأموم أو نام حتى سلم إمامه قرأ فيما يقضيه نص عليه وعلى قول القاضي لا يحتاج إلى قراءة قاله ابن تميم وصاحب الفروع.
قلت: فيعايى بها على قول فيهما.
وأما الطائفة الأخرى: فتلزمها القراءة فيما تقضيه وجها واحدا.
فائدتان.
إحداهما: هذه الصلاة بهذه الصفة وردت في حديث ابن عمر رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد وأبو داود وغيرهم وليست مختارة عند الإمام أحمد والأصحاب بل المختار عندهم الوجه الثاني كما تقدم.
الثانية : لو قضت الطائفة الأخرى ركعتها حين تفارق الإمام وسلمت ثم مضت وأتت الأولى فأتمت كخبر ابن مسعود صح وهذه الصفة أولى عند بعض الأصحاب قاله في الفروع واقتصر عليه قال ابن تميم وهو أحسن.
قوله : "الوجه الرابع أن يصلى بكل طائفة صلاة ويسلم بها".
تصح الصلاة بهذه الصفة على الصحيح من المذهب وإن منعنا اقتداء المفترض بالمتنفل نص عليه وقدمه في الفروع والرعاية وبن تميم والفائق وقال هو أصح وغيرهم وبناه القاضي وغيره على اقتداء المفترض بالمتنفل.
وهذه الصفة فعلها عليه أفضل الصلاة والسلام رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي بكرة.
قوله : "الوجه الخامس أن يصلى الرباعية المقصورة تامة وتصلى.
معه كل طائفة ركعتين ولا يقضي شيئا فتكون له تامة ولهم مقصورة".

الصحيح من المذهب: أن الصلاة بهذه الصفة صحيحة نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال المجد لا تصح لاحتمال سلامه من كل ركعتين فتكون الصفة التي قبلها قال وتبعه في مجمع البحرين: فلا يجوز إثبات هذه الصفة مع الشك والاحتمال ونصراه وهذه الصفة فعلها عليه أفضل الصلاة والسلام في ذات الرقاع رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم.
قلت: فعلى المذهب يعايى بها.
فائدتان.
إحداهما: لو قصر الصلاة الجائز قصرها وصلى بكل طائفة ركعة بلا قضاء صح في ظاهر كلامه قدمه في الفروع والرعاية ومجمع البحرين وبن تميم والفائق وقال وهو المختار واختاره المصنف وهو من المفردات.
قال في الفروع: ومنع الأكثر صحة هذه الصفة قال الشارح: وهذا قول أصحابنا ومال إليه قال الزركشي: هذا المشهور.
قال القاضي: الخوف لا يؤثر في نقص الركعات.
قال في الكافي: كلام أحمد يقتضي أن يكون من الوجوه الجائزة إلا أن أصحابه قالوا لا تأثير للخوف في عدد الركعات وحملوا هذه الصفة على شدة الخوف انتهى.
وهذا هو الوجه السادس.
قال الشارح: وذكر شيخنا.
"الوجه السادس : أن يصلى بكل طائفة ركعة ولا يقضى شيئا".
وكذا قال ابن منجا في شرحه: وكان بعض مشايخنا يقول: الوجه السادس.
إذا اشتد الخوف وهذه الصفة صلاها عليه أفضل الصلاة والسلام بذي قرد رواه النسائي والأثرم من حديث ابن عباس وحذيفة وزيد بن ثابت وغيرهم.
الثانية : تصح صلاة الجمعة في الخوف فيصلي بطائفة ركعة بعد حضورها الخطبة فيشترط لصحتها حضور الطائفة الأولى لها وقيل أو الثانية قاله في الفروع والرعاية وإن أحرم بالتي لم تحضرها لم تصح حتى يخطب لها ويعتبر أن تكون كل طائفة أربعين بناء على اشتراطه في الجمعة وتقضي كل طائفة ركعة بلا جهر.
قال في الفروع: ويتوجه أن تبطل إن بقي منفردا بعد ذهاب الطائفة كما لو نقص العدد وقيل يجوز هنا للعذر لأنه مترقب للطائفة الثانية.
قال أبو المعالي: وإن صلاها كخبر ابن عمر جاز.
وأما صلاة الاستسقاء: فقال أبو المعالي- واقتصر عليه في الفروع- تصلى ضرورة

كالمكتوبة وكذا الكسوف والعيد إلا أنه آكد من الاستسقاء.
قوله : "ويستحب أن يحمل معه في الصلاة من السلاح ما يدفع به عن نفسه ولا يثقله كالسيف والسكين".
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ويحتمل أن يجب وهو وجه اختاره صاحب الفائق ونصره المصنف وحكاه أبو حكيم النهرواني عن أبي الخطاب.
قال الشارح: هذا القول أظهر وقال في مجمع البحرين قلت أما على بعض الوجوه فيما إذا حرست إحدى الطائفتين: وهي في حكم الصلاة فينبغي أن يجب قولا واحدا لوجوب الدفع عن المسلمين وأما في غير ذلك فإن قلنا يجب الدفع عن النفس فكذلك وإلا كان مستحبا انتهى.
وقال في المنتخب: هل يستحب فيه روايتان نقل ابن هانئ لا بأس وقيل يجب مع عدم أذى مطر أو مرض ولو كان السلاح مذهبا ولا يشترط حمله قولا واحدا وقال في الفروع ويتوجه فيه تخريج واحتمال.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم قوله: "ولا يثقله" أنه إذا أثقله لا يستحب حمله في الصلاة كالجوشن وهو صحيح بل يكره قاله الأصحاب.
الثاني : يستثنى من كلام المصنف ما لا يثقله ولكن يمنعه من إكمال الصلاة كالمغفر أو يؤذي غيره كالرمح إذا كان متوسطا فإن حمل ذلك لا يستحب بل يكره على الصحيح من المذهب إلا من حاجة وقد جزم المصنف والشارح وغيرهما بأنه لا يستحب.
وقال ابن عقيل في الفصول: يكره ما يمنعه من استيفاء الأركان قال في الفروع: ومراده استيفاؤها على الكمال وقال في الفصول في مكان آخر إلا في حرب مباح قال في الفروع كذا قال: ولم يستثن في مكان آخر.
فائدتان.
إحداهما: يجوز حمل النجس في هذه الحال للحاجة جزم به في الفروع قال المصنف والشارح: ولا يجوز حمل نجس إلا عند الضرورة كمن يخاف وقوع الحجارة والسهام وقال في الرعاية ويسن حمل كذا وقيل: يجب مع عدم أذى وإن كان السلاح مذهبا وقيل أو نجسا من عظم أو جلد أو عصب وريش وشعر ونحو ذلك.

وقال في المستوعب: ولا يجوز أن يحمل في الصلاة سلاحا فيه نجاسة فلعله أراد مع عدم الحاجة جمعا بين الأقوال لكن ظاهر الرعاية أن في المسألة خلافا.
وحيث حمل ذلك وصلى ففي الإعادة روايتان ذكرهما في الفروع وأطلقهما وقال في الرعاية من عنده يحتمل الإعادة وعدمها وجهين.
قلت: يعطى لهذه المسألة حكم نظائرها مثل ما لو تيمم خوفا من البرد وصلى على ما تقدم.
الثانية : قال ابن عقيل: حمل السلاح في غير الخوف في الصلاة محظور وقاله القاضي وقال القاضي أيضا: من رفع الجناح عنهم رفع الكراهة عنهم لأنه مكروه في غير العذر قال في الفروع: وظاهر كلام الأكثر ولا يكره في غير العذر وهو أظهر انتهى.
قوله : "وإذا اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة وغيرها يومئون إيماء على الطاقة".
فأفادنا المصنف رحمه الله: أن الصلاة لا تؤخر في شدة الخوف وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه له التأخير إذا احتاج إلى عمل كثير.
قال في الفائق: وفي جواز تأخير الصلاة عن وقتها لقتال روايتان قال في الرعاية: رجع أحمد عن جواز تأخيرها حال الحرب قال في التلخيص: والصحيح الرجوع قال في مجمع البحرين: فعلى المذهب فالحكم في صلاة تجمع مع ما بعدها فإن كانت أولى المجموعتين فالأولى تأخيرها والخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام أحمد كالمرض ونحوه.
قوله : "فإن أمكنهم افتتاح الصلاة إلى القبلة فهل يلزمهم ذلك على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمغني والشرح والفائق وبن تميم.
إحداهما : لا يلزمهم وهي المذهب صححه في التصحيح قال في المستوعب: أصحهما لا يجب قال في الخلاصة والبلغة: ولا يجب على الأصح قال في التلخيص وتجريد العناية: ولا يلزم على الأظهر.
قال ابن منجا في شرحه: والصحيح لا يجب وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين وغيرهم واختاره أبو بكر.
والرواية الثانية : يلزمهم قال الزركشي: هذا المشهور وجزم به الخرقي وفي الوجيز.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم كلام المصنف أنه إذا لم يمكنه افتتاح الصلاة متوجها إليها أنه لا يلزمه.

وهو صحيح وهو المذهب رواية واحدة عن أكثر الأصحاب وحكى أبو بكر في الشافي وبن عقيل رواية باللزوم والحالة هذه وهو بعيد وكيف يلزم شيء لا يمكن فعله وقدم هذه الطريقة في الرعاية ويحتمله كلام الخرقي.
قال ابن تميم: وفي وجوب افتتاح الصلاة إلى القبلة روايتان قال بعض أصحابنا: ذلك مع القدرة ولا يجب ذلك مع العجز رواية واحدة.
وقال عبد العزيز في الشافي: يجب ذلك مع القدرة ومع عدم الإمكان روايتان وذكر ابن عقيل ذلك انتهى.
الثاني : ظاهر كلام المصنف أن صلاة الجماعة والحالة هذه تنعقد وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهادي ونص عليه في رواية حرب قال المصنف والشارح: قاله الأصحاب قال في الفروع: تنعقد نص عليه في المنصوص فدل على أنها تجب وهو ظاهر ما احتجوا به انتهى واختار ابن حامد والمصنف أنها لا تنعقد.
وقيل: تنعقد ولا تجب قال في مجمع البحرين: وليس ببعيد قال: وهو ظاهر كلام الأصحاب من قولهم ويجوز أن يصلوا جماعة فعلى المذهب يعفى عن تقدم الإمام وعن العمل الكثير بشرط إمكان المتابعة ويكون سجوده أخفض من ركوعه ولا يجب سجوده على دابته وله الكر والفر والضرب والطعن ونحو ذلك للمصلحة ولا يزول الخوف إلا بانهزام الكل.
قوله : "ومن هرب من عدو هربا مباحا أو من سيل أو من سبع كالنار فله أن يصلى كذلك".
وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقيل: إن كثر دفع العدو من سيل وسبع وسقوط جدار ونحوه أبطل الصلاة.
فائدة : مثل السيل والسبع خوفه على نفسه أو أهله أو ماله أو ذبه عنه على الصحيح من المذهب: أو خوفه على غيره.
وعنه لا يصلى كذلك لخوفه على غيره والصحيح من المذهب أنه لا يصلي كذلك لخوفه على مال غيره وعنه بلى.
قوله : "وهل لطالب العدو الخائف فوته الصلاة كذلك على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص والبلغة والشرح وبن تميم والحاويين.
إحداهما : تجوز له الصلاة كذلك وهو المذهب وصححه في التصحيح قال في النظم: يجوز في الأولى ونصره في مجمع البحرين قال في تجريد العناية: يجوز على الأظهر وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور والمنتخب وقدمه الخرقي في المستوعب

والفروع والمحرر والرعايتين والفائق وغيرهم وهو من المفردات.
والرواية الثانية : لا يجوز اختارها القاضي وصححها ابن عقيل قال في الخلاصة: ولا يصليها إلا إذا كان طالبا للعدو على الأصح وقيل إن خاف عوده عليه صلى كخائف وإلا فكآمن قاله ابن أبي موسى وجزم به الشارح ونقل أبو داود في القوم يخافون فوت الغارة فيؤخرون الصلاة حتى تطلع الشمس أو يصلون على دوابهم قال: كل أرجو.
فوائد .
إحداها : من خاف كمينا أو مكيدة أو مكروها إن تركها صلى صلاة خوف قال ابن تميم وبن حمدان وغيرهما: رواية واحدة ولا يعيد على الصحيح قدمه في الرعاية وبن تميم وعنه تلزمه الإعادة.
الثانية : يجوز التيمم مع وجود الماء للخائف فوت عدوه كالصلاة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع هنا فيعايى بها.
وعنه لا يجوز وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقال في الفروع في باب التيمم وفي فوت مطلوبه روايتان.
الثالثة : يجوز للخائف فوت وقت الوقوف بعرفة صلاة الخوف على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع واختاره الشيخ تقي الدين وهو الصواب وهو احتمال وجه في الرعاية قال ابن أبي المجد: في مصنفه صلى ماشيا في الأصح.
الرابعة : لو رأى سوادا فظنه عدوا أو سبعا فتيمم وصلى ثم بان بخلافه ففي الإعادة وجهان ذكرهما المجد وغيره وصحح عدم الإعادة لكثرة البلوى بذلك في الأسفار بخلاف صلاة الخوف فإنها نادرة في نفسها.
وقيل: يقدم الصلاة ولا يصلي صلاة خائف وهو احتمال وجه في الرعاية أيضا.
وقيل: يؤخر الصلاة إلى أمنه وهو احتمال أيضا في مختصر ابن تميم وأطلقهن في الفروع وبن تميم وهن أوجه في الفروع.
قوله : "ومن صلى صلاة الخوف لسواد ظنه عدوا فبان أنه ليس بعدو فعليه الإعادة".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل لا إعادة عليه.
وذكره ابن هبيرة رواية وقال في التبصرة إذا ظنوا سوادا عدوا لم يجز أن يصلوا صلاة الخوف.
فائدة : لو ظهر أنه عدو ولكنه يقصد غيره فالصحيح من المذهب أنه لا إعادة عليه لوجود سبب الخوف بوجود عدو يخاف هجومه كما لا يعيد من خاف عدوا في تخلفه عن رفيقه فصلاها ثم بان أمن الطريق وقيل عليه الإعادة.

قوله : "أو بينه وبينه ما يمنعه فعليه الإعادة".
وهو المذهب أيضا وعليه أكثر الأصحاب وقيل لا إعادة عليه وقيل لا إعادة إن خفي المانع وإلا أعاد.
فائدتان .
إحداهما : لو خاف هدم سور أو طم خندق إن صلى آمنا صلى صلاة خائف ما لم يعلم خلافه على الصحيح من المذهب: وقال ابن عقيل: يصلي آمنا ما لم يظن ذلك.
الثانية : صلاة النفل منفردا يجوز فعلها كالفرض وتقدم في أول باب سجود السهو هل يسجد للسهو في اشتداد الخوف.

باب صلاة الجمعة
.
فائدتان.
إحداهما: سميت جمعة لجمعها الخلق الكثير قدمه المجد وبن رزين وغيرهما.
وقال ابن عقيل في الفصول: إنما سميت جمعة لجمعها الجماعات قدمه في المستوعب ومجمع البحرين والحاويين وهو قريب من الأول.
وقيل: لجمع طين آدم فيها قال في مجمع البحرين: وهو أولى وقيل لأن آدم جمع فيها خلقه رواه أحمد وغيره مرفوعا.
قال الزركشي: واشتقاقها قيل: من اجتماع الناس للصلاة قاله ابن دريد وقيل بل لاجتماع الخليقة فيه وكمالها ويروى عنه عليه أفضل الصلاة والسلام أنها سميت بذلك لاجتماع آدم فيه مع حواء في الأرض.
الثانية : الجمعة أفضل من الظهر بلا نزاع وهي صلاة مستقلة على الصحيح من المذهب لعدم انعقادها بنية الظهر ممن لا تجب عليه ولجوازها قبل الزوال لا أكثر من ركعتين قال أبو يعلى الصغير وغيره فلا يجمع في محل يبيح الجمع وليس لمن قلدها أن يؤم في الصلوات الخمس ذكره في الأحكام السلطانية وقدمه في الفروع والفائق وغيرهما وجزم به في مجمع البحرين.
وعنه هي ظهر مقصورة وأطلقهما في التلخيص والرعاية.
قال في الانتصار والواضح وغيرهما: الجمعة هي الأصل والظهر بدل زاد بعض الأصحاب رخصة في حق من فاتته وذكر أبو إسحاق وجهين هل هي فرض الوقت أو الظهر فرض الوقت لقدرته على الظهر بنفسه بلا شرط ولهذا يقضي من فاتته ظهرا وقطع القاضي في الخلاف وغيره بأنها فرض الوقت عند أحمد لأنها المخاطب بها والظهر بدل وذكر كلام أبي

إسحاق ويبدأ بالجمعة خوف فوتها ويترك فجرا فائتة نص عليه.
وقال في القصر: قد قيل إن الجمعة تقضى ظهرا ويدل عليه أنها قبل فواتها لا يجوز الظهر وإذا فاتت الجمعة لزمت الظهر قال: فدل أنها قضاء للجمعة.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم قوله: "وهي واجبة على كل مسلم مكلف".
أنها لا تجب على غير المكلف فلا تجب على المجنون بلا نزاع ولا على الصبي لكن إن لزمته المكتوبة لزمته الجمعة على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في الفروع وقيل لا تجب عليه وإن وجبت عليه المكتوبة اختاره المجد وقال: هو كالإجماع وصححه ابن تميم وصاحب مجمع البحرين والقواعد الأصولية والزركشي وتقدم هذا في كتاب الصلاة.
الثاني : مفهوم قوله: "مستوطن ببناء" أنها لا تجب على غير مستوطن ولا على مستوطن بغير بناء كبيوت الشعر والحراكى والخيام ونحوها وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدم الأزجي صحتها ووجوبها على المستوطنين بعمود أو خيام واختاره الشيخ تقي الدين قال في الفروع: وهو متجه وهو من مفردات المذهب واشترط الشيخ تقي الدين في موضع آخر من كلامه أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية ويأتي ذلك في كلام المصنف صريحا.
قوله : "ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ".
هذا المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والخرقي وبن رزين في شرحه وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعاية الصغرى.
وعنه المعتبر إمكان سماع النداء قدمه في المذهب ومسبوك الذهب.
والرعاية الكبرى وبن تميم وزاد فقال: المعتبر إمكان سماع النداء غالبا انتهى وعنه بل المعتبر سماع النداء لإمكانه وهو ظاهر ما جزم به ابن رزين وصاحب تجريد العناية.
وقال في الهداية: إذا كان مستوطنا يسمع النداء أو بينه وبين موضع ما تقام فيه الجمعة فرسخ وتابعه على ذلك في الخلاصة والمحرر والنظم والإفادات والحاويين والمنور وإدراك الغاية وغيرهم.
وعنه إن فعلوها ثم رجعوا لبيوتهم لزمتهم وإلا فلا وأطلق الأولى والثالثة في التلخيص والبلغة وأطلق الأولى والثانية والرابعة في المستوعب.
تنبيهان.
أحدهما: أطلق أكثر الأصحاب ذكر الفرسخ وقال بعضهم: فرسخ تقريبا وهو الصواب.

الثاني : أكثر الأصحاب يحكي الروايتين الأوليين كما تقدم.
وقال في الفائق: والمعتبر إمكان السماع فيحد بفرسخ وعنه بحقيقته.
وقال ابن تميم: بعد أن قدم الرواية الثانية وعنه تحديده بالفرسخ فما دون فمن الأصحاب من حكى ذلك رواية ثانية ومنهم من قال: هما سواء الصوت قد يسمع عن فرسخ.
فائدة : فعلى رواية أن المعتبر إمكان سماع النداء فمحله إذا كان المؤذن صيتا والأصوات هادئة والرياح ساكنة والموانع منتفية.
تنبيهان.
أحدهما: قوله: ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ إذا حددنا بالفرسخ أو باعتبار إمكان السماع فالصحيح من المذهب: أن ابتداءه من موضع الجمعة قدمه في الفروع والحواشي.
وعنه ابتداؤه من أطراف البلد صححه المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين والنظم وجزم به في التلخيص والبلغة والوجيز وقدمه في الرعاية الكبرى والزركشي وأطلقهما ابن تميم والفائق ويكون إذا قلنا من مكان الجمعة من المنارة ونحوها نص عليه وقال أبو الخطاب: المعتبر من أيهما وجد من مكان الجمعة أو من أطراف البلد.
الثاني : محل الخلاف في التقدير بالفرسخ أو إمكان سماع النداء أو سماعه أو ذهابهم ورجوعهم في يومهم إنما هو في المقيم بقرية لا يبلغ عددهم ما يشترط في الجمعة أو فيمن كان مقيما في الخيام ونحوها أو فيمن كان مسافرا دون مسافة قصر فمحل الخلاف في هؤلاء وشبههم أما من هو في البلد التي تقام فيها الجمعة فإنها تلزمه ولو كان بينه وبين موضع الجمعة فراسخ سواء سمع النداء أو لم يسمعه وسواء كان بنيانه متصلا أو متفرقا إذا شمله اسم واحد.
فوائد.
الأولى: حيث قلنا تلزم من تقدم ذكره وسعى إليها أو كان في موضع الجمعة من غير أهلها وإنما هو فيها لتعلم العلم أو شغل غيره غير مستوطن أو كان مسافرا سفرا لا قصر معه فإنما يلزمهم بغيرهم لا بأنفسهم على ما يأتي في بعضها من الخلاف ولا تنعقد بهم لئلا يصير التابع أصلا وفي صحة إمامتهم وجهان ووجههما كونها واجبة عليهم وكونها لا تنعقد بهم وأطلقهما في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق والحواشي وأطلقهما في مجمع البحرين في المقيم غير المستوطن.
أحدهما : لا تصح إمامتهم وهو الصحيح وهو ظاهر كلام القاضي وصححه في النظم وجزم به في الإفادات.
والثاني : تصح إمامتهم وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وأبي بكر لأنهما عللا منع إمامة

المسافر فيها بأنها لا تجب عليه قاله في مجمع البحرين.
الثانية : لو سمع النداء أهل قرية صغيرة من فوق فرسخ لعلو مكانها أو لم يسمعه من دونه لجبل حائل أو انخفاضها فعلى الخلاف المتقدم قاله في الفروع وقدم ابن تميم في المسألة الأولى الوجوب وقدم في الرعاية الكبرى في المسألتين الأخيرتين عدم الوجوب.
فإن قلنا: الاعتبار به في المنخفضة أو من كان بينهم حائل لزمهم قصد الجمعة.
وإن قلنا: الاعتبار بالسماع فيها فقال القاضي تجعل كأنها على مستوى من الأرض ولا مانع فإن أمكن سماع النداء وجبت عليه وإلا فلا وقيل لا تجب عليه بحال.
الثالثة : لو وجد قريتان متقاربتان ليس في كل واحدة العدد المعتبر لم يتمم العدد منهما لعدم استيطان المتمم.
ولا يجوز تجميع أهل بلد كامل في ناقص على الصحيح من المذهب واختار المجد الجواز إذا كان بينهما كما بين البنيان ومصلى العيد لعدم خروجهم عن حكم بعضهم وجزم به في مجمع البحرين تبعا للمجد.
الرابعة : لو وجد العدد في كل واحدة من البلدتين فالأولى تجميع كل قوم في بلدهم وقيل يلزم القوم قصد مصر بينها وبينهما فرسخ فأقل ولو كان فيهما العدد المعتبر وحكى رواية.
قوله : "ولا تجب على مسافر".
يحتمل أن مراده المسافر السفر الطويل فإن كان ذلك مراده وهو الظاهر فالصحيح من المذهب كما قال: وعليه الأصحاب ولم يجز أن يؤم فيها وهو من المفردات.
وقال الشيخ تقي الدين: يحتمل أن تلزمه تبعا للمقيمين قال في الفروع.
وهو متجه وهو من المفردات وذكر بعض أصحابنا وجها وحكى رواية تلزمه بحضورها في وقتها ما لم يتضرر بالانتظار وتنعقد به ويؤم فيها وهو من المفردات أيضا.
فعلى المذهب: لو أقام مدة تمنع القصر ولم ينو استيطانا فالصحيح من المذهب أن الجمعة تلزمه بغيره قدمه في الفروع وقال إنه الأشهر وجزم به في المستوعب والمحرر والزركشي في موضع وغيرهم.
وعنه لا تلزمه جزم به في التلخيص وغيره وهو ظاهر ما في الكافي وهو من المفردات وأطلقهما ابن تميم والفائق.
ويحتمل أن يكون مراد المصنف ما هو أعم من ذلك فيشمل المسافر سفرا قصيرا فوق فرسخ.
والصحيح من المذهب: أنها لا تجب عليه ولا تلزمه وجزم به في الفروع.

وقيل: تلزمه بغيره وجزم به في المستوعب والمحرر والزركشي وأطلقهما ابن تميم والفائق.
قوله : "ولا عبد".
يعني لا تجب عليه وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي: هذا أشهر الروايات وأصحها عند الأصحاب.
وعنه تجب عليه اختارها أبو بكر وهي من المفردات وأطلقهما في المستوعب.
فعليها يستحب أن يستأذن سيده ويحرم على سيده منعه فلو منعه خالفه وذهب إليها وقال ابن تميم وحكى الشيخ رواية الوجوب وقال لا يذهب بغير إذنه.
وعنه تجب عليه بإذن سيده وهي من المفردات أيضا.
وعلى المذهب: لا يجوز أن يؤم فيها على الصحيح وهو من المفردات قاله ناظمها وعنه يجوز أن يؤم فيها.
فائدة : المدبر والمكاتب والمعلق عتقه بصفة كالقن في ذلك وأما المعتق بعضه فظاهر قول: "المصنف ولا تجب على عبد" وجوبها عليه لأنه ليس بعبد وظاهر قوله في أول الباب حرا أنها لا تجب عليه لأنه ليس بحر وفيه خلاف والصحيح من المذهب أنها لا تجب عليه مطلقا وقيل تلزمه إذا كان بينه وبين سيده مهايأة وكانت الجمعة في نوبته وأطلقهما ابن تميم.
وأما إذا قلنا: بوجوبها على القن فالمعتق بعضه بطريق أولى.
قوله: "ولا امرأة".
يعني لا تجب عليها وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وحكى الأزجي في نهايته رواية بوجوبها على المرأة.
قلت: وهذه من أبعد ما يكون وما أظنها إلا غلطا وهو قول لا يعول عليه ولعل الإجماع على خلافه في كل عصر ومصر ثم وجدت ابن المنذر حكاه إجماعا [ووجدت ابن رجب في شرح البخاري غلط من قاله] ولعله أراد إذا حضرتها والخنثى كالمرأة.
قوله : "ومن حضرها منهم أجزأته".
بلا نزاع ولم تنعقد به ولم يجز أن يؤم فيها وهذا مبني على عدم وجوبها عليهم أما المرأة فلا نزاع فيها وتقدم حكم المسافر.
وأما العبد: إذا قلنا: لا تجب عليه فالصحيح من المذهب كما قال المصنف: أنها لا

تنعقد به ولم يجز أن يؤم فيها وعنه تنعقد به ويجوز أن يؤم فيها والحالة هذه وتقدم إذا قلنا تجب عليه.
وكذلك الصبي المميز قال في الفروع: ومميز كعبد وهو من المفردات فإن قلنا تجب عليه انعقدت به وأم فيها وإلا فلا هذا الصحيح وقال القاضي لا تنعقد بالصبي ولا يجوز أن يؤم فيها وإن قلنا تجب عليه قال: وكذا لا يجوز أن يؤم في غيرها وإن قلنا تجب عليه قاله ابن تميم.
فائدتان.
إحداهما: كل من لم تجب عليه الجمعة لمرض أو سفر أو اختلف في وجوبها عليه كالعبد ونحوه فصلاة الجمعة أفضل في حقه ذكره ابن عقيل وغيره واقتصر عليه في الفروع.
قلت: لو قيل إن كان المريض يحصل له ضرر بذهابه إلى الجمعة أن تركها أولى لكان أولى.
الثانية : قوله : "ومن سقطت عنه لعذر إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به".
قال في مجمع البحرين: نحو المرض والمطر ومدافعة الأخبثين والخوف على نفسه أو ماله ونحو ذلك فلو حضرها إلى آخرها ولم يصلها أو انصرف لشغل غير دفع ضرره كان عاصيا أما لو اتصل ضرره بعد حضوره فأراد الانصراف لدفع ضرره جاز عندنا لوجود المسقط كالمسافر سواء.
لكن كلام الشيخ هنا عام يدخل فيه المسافر ومن دام ضرره بمطر ونحوه فإنه لا تجب عليه ويجوز له الانصراف على ما حكاه الأصحاب فيكون مراده التخصيص وهو ما إذا لم يذهبوا حتى جمعوا فإنه يوجد المسقط في حقهم وهو اشتغالهم بدفع ضررهم فبقي الوجوب بحاله فيخرج المسافر فإن سفره هو المسقط وهو باق ذكره المجد.
قلت: وهو ضعيف لأنه يقتضي أن الموجب هو حضورهم وتجميعهم فيكون علة نفسه انتهى كلام صاحب مجمع البحرين.
وقال في موضع آخر: مراده الخاص إن أراد بالحضور حضور مكانها وإن أراد فعلها فخلاف الظاهر انتهى.
قوله : "ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام لم تصح صلاته".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب فإن ظن أنه يدركها لزمه السعي إليها وإن ظن أنه لا يدركها انتظر حتى يتيقن أن الإمام قد صلى وفرغ ثم يصلي وفي مختصر ابن تميم احتمال أنه متى ضاق الوقت عن إدراك الجمعة فله الدخول في صلاة الظهر وهو قول في

الفروع وقال وسبق وجه أن فرض الوقت الظهر فعليه تصح مطلقا.
وقيل: إن أخر الإمام الجمعة تأخيرا منكرا فللغير أن يصلي ظهرا وتجزئه عن فرضه جزم به المجد في شرحه وقال: هو ظاهر كلام أحمد لخبر تأخير الأمراء الصلاة عن وقتها وتبعه ابن تميم وقيده ابن أبي موسى بالتأخير إلى أن يخرج أول الوقت.
فائدة : وكذا الحكم لو صلى الظهر أهل بلد مع بقاء وقت الجمعة فلا تصح على الصحيح من المذهب وقيل تصح.
قوله : "والأفضل لمن لا تجب عليه الجمعة أن لا يصلى الظهر حتى يصلي الإمام".
وهذا بلا نزاع وأفادنا أنهم لو صلوا قبل صلاة الإمام أن صلاتهم صحيحة وظاهره سواء زال عذرهم أو لا وهو كذلك وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب في غير الصبي إذا بلغ وعنه لا تصح مطلقا قبل صلاة الإمام اختارها أبو بكر في التنبيه وفي الإمامة في الشافي واختاره ابن عقيل في المريض.
وقيل: لا تصح إن زال العذر قبل صلاة الإمام وإلا صحت وهو رواية في الترغيب وقال ابن عقيل: من لزمته الجمعة بحضوره لم تصح صلاته قبل صلاة الإمام انتهى وقال القاضي في موضع: من تعليقه نقله ابن تميم.
فعلى المذهب: لو حضر الجمعة فصلاها كانت نفلا في حقه على الصحيح.
وقيل: فرضا وقال في الرعاية قلت فتكون الظهر إذن نفلا.
وأما الصبي: إذا بلغ قبل صلاة الإمام فالصحيح من المذهب أن صلاته لا تصح قال في الفروع: لا تصح في الأشهر وقيل تصح كغيره وهو ظاهر كلام المصنف وقال في الفروع والأصح فيمن دام عذره كامرأة تصح صلاته قولا واحدا.
وقيل: الأفضل له التقديم قال: ولعله مراد من أطلق انتهى.
فائدة : لا يكره لمن فاتته الجمعة أو لمن لم يكن من أهل وجوبها صلاة الظهر في جماعه على الصحيح من المذهب: وجزم به في مجمع البحرين وغيره وقال في الفروع ولا يكره لمن فاتته أو لمعذور الصلاة جماعة في المصر وفي مكانها وجهان وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان ولم يكرهه أحمد ذكره القاضي قال وما كان يكره إظهارها.
ونقل الأثرم وغيره لا يصلي فوق ثلاثة جماعة ذكره القاضي وبن عقيل وغيرهما وقال ابن عقيل وكره قوم التجميع للظهر في حق أهل العذر لئلا يضاهي بها جمعة أخرى احتراما

للجمعة المشروعة في يومها كامرأة وهو من المفردات.
قوله : "ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال".
مراده إذا لم يخف فوت رفقته فإن خاف فوتهم جاز قاله المصنف والشارح والمجد وأبو الخطاب وغيرهم من الأصحاب وقد تقدم ما يعذر فيه في ترك الجمعة والجماعة.
فإذا لم يكن عذر لم يجز السفر بعد الزوال حتى يصلي على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب بناء على استقرارها بأول وقت وجوبها.
قال في الفروع: فلهذا خرج الجواز مع الكراهة ما لم يحرم لعدم الاستقرار.
قوله : "ويجوز قبله".
يعني وبعد الفجر لأنه ليس بوقت للزوم على الصحيح على ما يأتي وهذا المذهب قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب قال في مجمع البحرين: هذا أصح الروايات واختاره المصنف وبن عبدوس في تذكرته وقدمه في المستوعب والفائق والنظم.
وعنه لا يجوز جزم به في الوجيز والمنور وقدمه في المحرر والرعايتين وشرح ابن رزين وإدراك الغاية وصححه ابن عقيل.
وعنه يجوز للجهاد خاصة جزم به في الإفادات والكافي وقدمه في الشرح.
قال في المغني: وهو الذي ذكره القاضي وهذا يكون المذهب على ما أسلفناه في الخطبة وأطلقهن في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص والبلغة وبن تميم والحاويين وشرح الطوفي والفروع.
وأطلق في الكافي في غير الجهاد الروايتين.
وقال الطوفي في شرحه قلت: ينبغي أن يقال لا يجوز له السفر بعد الزوال أو حين يشرع في الأذان لها لجواز أن يشرع في ذلك في وقت صلاة العيد على الصحيح من المذهب ولا نزاع في تحريم السفر حينئذ لتعلق حق الله بالإقامة وليس ذلك بعد الزوال انتهى.
تنبيهات.
الأول: هذا الذي قلنا من ذكر الروايات هو أصح الطريقتين أعني أن محل الروايات فيما إذا سافر قبل الزوال وبعد طلوع الفجر وعليه أكثر.
الأصحاب وهو ظاهر ما قطع به المصنف هنا لأنه ليس وقت وجوبها على ما يأتي قريبا قال المجد الروايات الثلاث: مبنية على أن الجمعة تجب بالزوال وما قبله وقت رخصة وجواز لا وقت وجوب وهو أصح الروايتين.
وعنه تجب بدخول وقت جوازها فلا يجوز السفر فيه قولا واحدا انتهى.

وقدمه في الفروع وابن تميم وقال: وذكر القاضي في موضع منع السفر بدخول وقت فعل الجمعة وجعل الاختلاف فيما قبل ذلك انتهى.
الثاني : محل الخلاف في أصل المسألة إذا لم يأت بها في طريقه فأما إن أتى بها في طريقه فإنه يجوز له السفر من غير كراهة.
الثالث : إذا قلنا برواية الجواز فالصحيح أنه يكره قدمه في الفروع وغيره قال بعض الأصحاب: يكره رواية واحدة قال الإمام أحمد: قل من يفعله إلا رأى ما يكره وقال في الفروع: وظاهر كلام جماعة لا يكره.
قوله : "ويشترط لصحة الجمعة أربعة شروط أحدها الوقت وأوله أول وقت صلاة العيد".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه قال في الفروع: اختاره الأكثر قال الزركشي: اختاره عامة الأصحاب.
قلت: منهم القاضي وأصحابه.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وهو من المفردات.
وقال الخرقي: يجوز فعلها في الساعة السادسة وهو رواية عن أحمد اختارها أبو بكر وبن شاقلا والمصنف وهو من المفردات أيضا.
واختار ابن أبي موسى يجوز فعلها في الساعة الخامسة وجزم به في الإفادات.
وهو في نسخة من نسخ الخرقي وجزم بها عنه في الهداية والمذهب والمستوعب والحاويين وأبو إسحاق ابن شاقلا وغيرهم وهو من المفردات.
وذكر ابن عقيل في عمد الأدلة والمفردات عن قوم من أصحابنا يجوز فعلها بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس وهو من المفردات.
وقال في الفائق: وقال ابن أبي موسى بعد صلاة الفجر وهو من المفردات.
وتلخيصه أن كل قول قبل الزوال فهو من المفردات.
وعنه أول وقتها بعد الزوال اختارها الآجري وهو الأفضل.
فائدة : الصحيح من المذهب: أنها تلزم بالزوال وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي: اختاره الأصحاب.
وعنه تلزم بوقت العيد اختارها القاضي قال في مجمع البحرين: اختارها القاضي وأبو حفص المغازلي وأطلقهما ابن تميم.
وتقدم أن صاحب الفروع ذكر: هل تستقر بأول وقت وجوبها أو لا تستقر حتى يحرم بها؟.

قوله : "وإن خرج وقد صلوا ركعة: أتموها جمعة".
وهذا المذهب. وعليه الأصحاب. وعنه يعتبر الوقت فيها كلها إلا السلام.
قوله : "وإن خرج قبل ركعة فهل يتمونها ظهرا أو يستأنفونها؟ على وجهين".
وأطلقهما في الكافي والمحرر والفروع وابن تميم وشرح ابن منجا والزركشي ومجمع البحرين والفائق والحواشي والحاويين وشرح المجد.
أحدهما : يتمونها ظهرا وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وجزم به في المذهب والوجيز وقدمه في النظم والرعايتين.
والوجه الثاني : يستأنفونها ظهرا قال في المغني: قياس قول الخرقي تستأنف ظهرا. ولم يحك خلافا.
قال الطوفي في شرحه: الوجهان مبنيان على قول أبي إسحاق والخرقي الآتيان.
قال الشارح: فعلى قياس قول الخرقي تفسد صلاته ويستأنفها ظهرا. وعلى قياس قول أبي إسحاق: يتمها ظهرا.
تنبيه : في كلام المصنف إشعار أن الوقت إذا خرج قبل ركعة لا يجوز إتمامها جمعة وهو رواية عن أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب الوجيز وغيرهما وقدمه ابن رزين في شرحه واختاره المصنف قال ابن منجا في شرحه: هو قول أكثر أصحابنا وليس كما قال.
وعنه يتمونها جمعة وهو المذهب نص عليه قاله ابن تميم وابن حمدان قال في الفروع: هو ظاهر المذهب.
قال القاضي وغيره: من تلبس بها في وقتها أتمها جمعة قياسا على سائر الصلوات وقالوا: هو المذهب واختاره أبو بكر وابن حامد وابن أبي موسى والقاضي وأصحابه قال في المذهب: أتمها جمعة على الصحيح من المذهب.
قال المجد: اختاره الأصحاب إلا الخرقي وتبعه في مجمع البحرين وسبقهما الفخر في التلخيص وقدمه في المحرر والنظم وبن تميم والرعايتين والفروع والفائق وناظم المفردات وهو منها.
فعلى المذهب لو بقي من الوقت قدر الخطبة والتحريمة لزمهم فعلها وإلا لم يجز وكذا يلزمهم إن شكوا في خروجه عملا بالأصل.
وعليه لو دخل وقت المغرب وهو فيها فهو كدخول وقت العصر قدمه في الرعاية الكبرى وقيل يبطل وجها واحدا وأطلقهما في الفروع وبن تميم والظاهر أن مرادهم إذا جوزنا الجمع بين الجمعة والعصر وجمع جمع تأخير.

قوله : "الثاني: أن يكون بقرية يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا يجوز إقامتها في غير ذلك".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدم الأزجي صحتها ووجوبها على المستوطنين بعمود أو خيام واختاره الشيخ تقي الدين قال في الفروع: وهو متجه واشترط الشيخ تقي الدين في موضع من كلامه أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية وهو من المفردات وقد تقدم ذلك عند قوله: "مستوطنين".
قوله: "ويجوز إقامتها في الأبنية المتفرقة إذا شملها اسم واحد وفيما قارب البنيان من الصحراء".
وهو المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل لا يجوز إقامتها إلا في الجامع قال ابن حامد: هي في غير مسجد لغير عذر باطلة وقال القاضي في الخلاف: كلام أحمد يحتمل الجواز ولو بعد وأن الأشبه بتأويله المنع كالعيد يجوز فيما قرب لا فيما بعد قال ابن عقيل: إذا أقيمت في صحراء استخلف من يصلي بالضعفة.
قوله : "الثالث: حضور أربعين من أهل القرية في ظاهر المذهب".
وكذا قال في الفروع والشرح والفائق وغيرهم وهو المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب ونصروه قال ابن الزاغوني: اختاره عامة المشايخ.
وعنه تنعقد بثلاثة اختارها الشيخ تقي الدين.
وعنه تنعقد في القرى بثلاثة وبأربعين في أهل الأمصار نقلها ابن عقيل قال في الحاويين: وهو الأصح عندي.
وعنه تنعقد بحضور سبعة نقلها ابن حامد وأبو الحسين في رؤوس مسائله.
وعنه تنعقد بخمسة وعنه تنعقد بأربعة وعنه لا تنعقد إلا بحضور خمسين.
تنبيه : حيث اشترطنا عددا من هذه الأعداد فيعد الإمام منهم على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في المذهب وغيره وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين والتلخيص وغيرهم قال في مجمع البحرين والزركشي: هذا أصح الروايتين.
وعنه يشترط أن يكون زائدا عن العدد وهو من المفردات قال في الحاويين: وهل يشترط كون الإمام من جملة العدد على كل رواية فيه روايتان أصحهما لا يشترط حكاه أبو الحسين في رؤوس المسائل وأطلقهما في الفائق.
فعلى الرواية الثانية: لو بان الإمام محدثا ناسيا له لم يجزهم إلا أن يكونوا بدونه العدد المعتبر قال في الفروع ويتخرج لا يجزيهم مطلقا قال المجد بناء على رواية أن صلاة المؤتم بناس حدثه يفيد إلا أن يكون قرأ خلفه بقدر الصلاة صلاة انفراد.

فوائد .
لو رأى الإمام اشتراط عدد دون المأمومين فنقص عن ذلك لم يجز أن يؤمهم ولزمه استخلاف أحدهم ولو رآه المأمومون دون الإمام لم يلزم واحدا منهما ولو أمر السلطان أن لا يصلي إلا بأربعين لم يجز بأقل من ذلك العدد ولا أن يستخلف لقصر ولايته ويحتمل أن يستخلف أحدهم.
قوله : "فإن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا ظهرا".
هذا المذهب نص عليه جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين والفائق ومجمع البحرين وغيرهم قال الشارح: المشهور في المذهب أنه يشترط كمال العدد في جميع الصلاة قال أبو بكر: لا أعلم خلافا عن أحمد إن لم يتم العدد في الصلاة والخطبة أنهم يعيدون الصلاة انتهى.
وقيل: يتمونها ظهرا اختاره القاضي وقيل يتمونها جمعة وقيل يتمونها جمعة إن بقي معه اثني عشر.
ويحتمل أنهم إن نقصوا قبل ركعة أتموا ظهرا وإن نقصوا بعد ركعة أتموا جمعة. واختاره المصنف. وقال: هو قياس المذهب كمسبوق. قال بعضهم: وهو قياس قول الخرقي. وقال في مجمع البحرين: احتمال المصنف إنما هو على قول ابن شاقلا في المسبوق. لأنه لم يذكر النية كقول الخرقي. انتهى.
وفرق ابن منجا بينهما بأن المسبوق أدرك ركعة من جمعة تمت شرائطها وصحت. فجاز البناء عليها بخلاف هذه.
قال في الفروع: وفرق غير المصنف بأنها صحت من المسبوق تبعا كصحتها ممن لم يحضر الخطبة تبعا. انتهى.
فائدة : لو نقصوا ولكن بقي العدد المعتبر أتموا جمعة. قال أبو المعالي: سواء كانوا سمعوا الخطبة أو لحقوهم قبل نقصهم. بلا خلاف كبقائه مع السامعين. وجزم به غير واحد. قال في الرعاية وابن تميم وغيرهما: لو أحرم بثمانين رجلا قد حضر الخطبة منهم أربعون ثم انفضوا وبقي معه من لم يحضرها: أتموا جمعة قال في الفروع وظاهر كلام بعضهم خلافه.
قوله : "ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة".
بلا خلاف أعلمه وإن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا إذا كان قد نوى الظهر في قول الخرقي وهو المذهب وروى عن أحمد حكاه ابن عقيل وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع والنظم والمستوعب والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين والفائق,

وإدراك الغاية وغيرهم وصححه الحلواني قال ابن تميم وبن مفلح في حواشيه: هذا أظهر الوجهين.
وقال أبو إسحاق ابن شاقلا: ينوي جمعة ويتمها ظهرا. وذكره ابن عقيل رواية عن أحمد. وهي من المفردات. قال القاضي في موضع من التعليق: هذا المذهب وهو ظاهر العمدة فإنه قال فمن أدرك منها ركعة أتمها جمعة وإلا أتمها ظهرا انتهى.
قال المجد في شرحه وهو ضعيف: فإنه فر من اختلاف النية ثم التزمه في البناء والواجب العكس أو التسوية ولم يقل أحد من العلماء بالبناء مع اختلاف يمنع الاقتداء. انتهى.
قال في مجمع البحرين: قوله بعيد جدا ينقض بعضه بعضا وأطلقهما في الكافي والهداية قال الزركشي: وقيل إن مبني الوجهين أن الجمعة هل هي ظهر مقصورة أو صلاة مستقلة؟ فيه وجهان على ما تقدم أول الباب.
وقيل: لا يجوز إتمامها ولا يصح لاختلاف النية. قال ابن منجا وغيره: وقال بعض أصحابنا: لا يصليها مع الإمام لأنه إن نوى الظهر خالف نية إمامه وإن نوى الجمعة وأتمها ظهرا فقد صحت له الظهر من غير نيتها.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة أو الفنون: لا يجوز أن يصليها ولا ينويها ظهرا لأن الوقت لا يصلح فإن دخل نوى جمعة وصلى ركعتين ولا يعتد بها.
تنبيهان.
أحدهما: قال ابن رجب في شرح الترمذي: إنما قال أبو إسحاق: ينوي جمعة ويتمها أربعا وهي جمعة لا ظهر لكن لما قال: "يتمها أربعا" ظن الأصحاب أنها تكون ظهرا وإنما هي جمعة قال ابن رجب: وأنا وجدت له مصنفا في ذلك لأن صلاة الجمعة كصلاة العيد فصلاة العيد إذا فاتته صلاها أربعا. انتهى.
الثاني : ظاهر قوله : "وإن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا" أنه لا يصح إتمامها جمعة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب قال ابن عقيل: لا يختلف الأصحاب فيه قال في النكت: قطع به أكثر الأصحاب.
وعنه يتمها جمعة ذكرها أبو بكر وأبو حكيم في شرحه قياسا على غيرها من الصلوات ولأن من لزمه أن يبنى على صلاة الإمام بإدراك ركعة لزمه بإدراك أقل منها كالمسافر يدرك المقيم.
وأجيب بان المسافر إدراكه إدراك إلزام وهذا إدراك إسقاط للعدد فافترقا وبأن الظهر ليس من شرطها الجماعة بخلاف مسألتنا.
فائدة : إن كان الإمام صلى الجمعة قبل الزوال لم يصح دخول من فاتته معه على الصحيح من الوجهين جزم به في الشرح والتلخيص وغيرهما لأنها في حقه ظهرا ولا يجوز

قبل الزوال فإن دخل انعقدت نفلا.
والوجه الثاني: يصح أن يدخل بنية الجمعة ثم يبنى عليها ظهرا حكاه القاضي في الروايتين والآمدي عن ابن شاقلا ويجب أن يصادف ابتداء صلاته زوال الشمس على هذا.
قوله : "ومن أحرم مع الإمام ثم زحم عن السجود سجد على ظهر إنسان أو رجله".
هذا المذهب يعني أنه يلزمه ذلك إن أمكنه نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وصححوه ومجمع البحرين وبن تميم وابن منجا في شرحه وغيرهم. وقال ابن عقيل: لا يسجد على ظهر أحد ولا على رجله ويومئ غاية الإمكان.
وعنه إن شاء سجد على ظهره وإن شاء انتظر زوال الزحام والأفضل السجود ويحتمله كلام المصنف وغيره.
فائدتان.
إحداهما : لو احتاج إلى موضع يديه وركبتيه أيضا فهل يجوز وضعهما- إذا قلنا بجوازه في الجبهة-؟ فيه وجهان.
أحدهما : لا يجوز قال المجد في شرحه: هذا الأقوى عندي وهو قول إسحاق بن راهويه.
والوجه الثاني : يجوز وهو ظاهر كلام الإمام أحمد. وقدمه في مجمع البحرين وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعاية الكبرى قال ابن تميم: والتفريع على الجواز قال أبو المعالي: وإن لم يمكنه السجود إلا على متاع غيره صحت كهذه المسألة وجعل طرف المصلي وذيل الثوب أصلا للجواز.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن التخلف عن السجود مع الإمام لمرض أو غفلة بنوم أو غيره أو سهو ونحوه كالمتخلف بالزحام واختار بعض الأصحاب الفرق بينهما فيسجد المزحوم إذا أمن فوات الثانية ولا يسجد الساهي بحال بل تلغى ركعته.
قوله : "فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام".
بلا نزاع بشرطه.
قوله : "إلا أن يخاف فوت الثانية فيتابع الإمام فيها وتصير أولاه فتلغو الأولى ويتمها جمعة".

هذا المذهب والصحيح من الروايات جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمغني والتلخيص والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وابن منجا في شرحه وابن تميم وقال: هذا أصح قال الشارح: هذا قياس المذهب واقتصر عليه.
وعنه لا يتابعه بل يشتغل بسجود الأولى وعنه: رواية ثالثة تلغو الأولى ويتابع الإمام وإن لم يخف فوت الثانية ولا يشتغل بسجود.
فوائد .
ولو أدرك مع الإمام ما تنعقد به فأحرم ثم زحم عن السجود أو نسيه وأدرك القيام وزحم عن الركوع والسجود حتى سلم أو توضأ لحدث وقلنا: يبني ونحو ذلك استأنف ظهرا على الصحيح من المذهب نص عليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وبن أبي موسى والخرقي والقاضي قاله الزركشي وعنه يتمها ظهرا وعنه جمعة واختاره الخلال في المسألة الأولى.
وعنه يتم جمعة من زحم عن سجود أو نسيه لإدراكه الركوع كمن أتى بالسجود قبل سلام إمامه على الصحيح من الروايتين لأنه أتى به في جماعة والإدراك الحكمي كالحقيقي كحمل الإمام السهو عنه وإن أحرم فزحم وصلى فذا لم تصح.
وإن أخرج في الثانية: فإن نوى مفارقته أتم جمعة وإلا فعنه يتم جمعة وعنه يعيد لأنه فذ في ركعة وأطلقهما في الفروع والرعاية والمغني والشرح.
تنبيه : قوله : "إلا أن يخاف فوت الثانية".
الاعتبار في فوت الثانية بغلبة الظن فمن غلب على ظنه الفوت فتابع إمامه فيها ثم طول لم يضره ذلك وإن غلب على ظنه عدم الفوت فبادر الإمام فركع لم يضره الإمام قاله ابن تميم وغيره.
فعلى المذهب من أصل المسألة: لو زال عذر من أدرك ركوع الأولى وقد رفع إمامه من ركوع الثانية تابعه في السجود فتتم له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه يدرك بها الجمعة على الصحيح من المذهب فيعايى بها.
ولو لم نقل بالتلفيق فيمن نسي أربع سجدات من أربع ركعات لتحصيل الموالاة بين ركوع وسجود معتبر.
وقيل: لا يعتد له بهذا السجود وهو ظاهر كلام القاضي في المجرد فيأتي بسجدتين أخريين والإمام في تشهده وإلا عند سلامه ثم في إدراكه الجمعة الخلاف وتقدم ذلك في صلاة الجماعة بعد قوله: "إذا ركع ورفع قبل ركوعه".
فائدتان.
إحداهما: لو زحم عن الركوع والسجود فهو كالمزحوم عن السجود فيشتغل بقضاء

ذلك ما لم يخف فوت الثانية على ما تقدم.
وفيه وجه تلغو ركعته بكل حال وعلى هذا الوجه: إن زحم عن الركوع وحده فوجهان.
أحدهما : يأتي به ويلحقه اختاره القاضي.
والثاني : تلغو ركعته وأطلقهما ابن تميم.
الثانية : لو زحم عن الجلوس للتشهد فقال ابن حامد: يأتي به قائما ويجزيه وقال ابن تميم: الأولى انتظار زوال الزحام وقدمه في الرعاية.
قوله : "فإن لم يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته".
بلا نزاع "وإن جهل تحريمه فسجد ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه وصحت جمعته".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يتمها ظهرا وأطلقهما ابن تميم.
فعلى القول بأنه يتمها ظهرا: فهل يستأنف أو يبني؟ على وجهين وأطلقهما ابن تميم قدم في الرعاية أنه يبني.
تنبيه : أفادنا المصنف رحمه الله الاعتداد بسجوده وهو صحيح وهو المذهب كسجوده يظن إدراك المتابعة ففاتت واختاره أبو الخطاب وغيره وقيل: لا يعتد به اختاره القاضي لأن فرضه الركوع ولم يبطل لجهله.
فعلى هذا القول: لو أتى بالسجود ثم أدركه في ركوع الثانية تبعه فصارت الثانية أولاه وأدرك بها الجمعة.
فوائد.
إحداها : لو سجد جاهلا تحريم المتابعة ثم أدركه في ركوع الثانية: تبعه فيه وتمت جمعته وإن أدركه بعد رفعه تبعه وقضى كمسبوق يأتي بركعة فتتم له جمعة قاله في الفروع. وقال ابن تميم: إن أدرك معه السجود فيها فهل تكمل به الأولى؟ على وجهين. فإن قلنا: تكمل حصل له ركعة ويقضى أخرى بعد سلام الإمام. وتصح جمعته. انتهى.
الثانية : قال أبو الخطاب وجماعة يسجد للسهو كذلك. وقال المصنف وغيره: لا يسجد. قال ابن أبي تميم: وهو أظهر قال في مجمع البحرين: خالف أبو الخطاب أكثر الأصحاب.
الثالثة : قال في الفروع: فإن أدركه بعد رفعه وتبعه في السجود فيحصل القضاء والمتابعة معا وتتم له ركعة يدرك بها الجمعة.
وقيل: لا يعتد اختاره القاضي في المجرد لأنه معتد به للإمام من ركعة فلو اعتد به المأموم من غيرها احتمل معنى المتابعة فيأتي بسجود آخر وإمامه في التشهد وإلا بعد سلامه انتهى.

وتقدم ذلك كله بأبسط من هذا في باب صلاة الجماعة.
قوله : "الرابع أن يتقدمها خطبتان".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يجزئه خطبة واحدة.
فائدتان.
إحداهما: هاتان الخطبتان بدل عن ركعتين على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأكثر قال في الرعاية الكبرى: قلت هذا إن قلنا: إنها ظهر مقصورة وإن قلنا إنها صلاة تامة فلا. انتهى.
وقيل ليستا بدلا عنهما.
الثانية : لا تصح الخطبة بغير العربية مع القدرة على الصحيح من المذهب. وقيل: تصح. وتصح مع العجز قولا واحدا ولا تعبر عن القراءة بكل حال.
قوله : "من شرط صحتهما: حمد الله".
بلا نزاع فيقول: "الحمد لله" بهذا اللفظ قطع به الأصحاب منهم المجد في شرحه وابن تميم وابن حمدان وغيرهم قال في النكت: لم أجد فيه خلافا.
قوله : "والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب واختار المجد: يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أو يشهد أنه عبد الله ورسوله فالواجب عنده ذكر الرسول لا لفظ الصلاة واختار الشيخ تقي الدين: أن الصلاة عليه عليه أفضل الصلاة والسلام واجبة لا شرط وأوجب في مكان آخر الشهادتين وأوجب أيضا الصلاة عليه مع الدعاء الواجب وتقديمها عليه لوجوب تقديمه عليه أفضل الصلاة والسلام على النفس والسلام عليه في التشهد وقيل: لا يشترط ذكره.
فائدتان.
إحداهما : ظاهر كلام المصنف: عدم وجوب السلام عليه مع الصلاة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب. وظاهر رواية أبي طالب: وجوب الصلاة والسلام.
الثانية : يشترط في الخطبتين أيضا دخول وقت الجمعة ولم يذكره بعضهم منهم المصنف والمجد في محرره.
قوله : "وقراءة آية".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط لصحة الخطبتين قراءة آية مطلقا في كل خطبة نص عليه وعليه أكثر الأصحاب لأنها بدل من ركعتين.

وعنه لا تجب قراءة اختاره المصنف وصححه ابن رزين في شرحه.
وقيل: لا تجب قراءة في الثانية ذكره في التلخيص واختاره الشيخ صدقة بن الحسن البغدادي الحنبلي في كتابه نقله عنه في مجمع البحرين.
وعنه يجزئ بعض آية وهو ظاهر كلام الخرقي وهو تخريج ابن عقيل من صحة خطبة الجنب.
وقيل: يجزئ بعضها في الخطبة الأولى.
وقيل: يجزئ بعضها في الخطبة الثانية.
وللمجد احتمال يجزئ بعض آية تفيد مقصود الخطبة كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} وقاله القاضي في موضع من كلامه ذكره عنه ابن تميم قال في تجريد العناية: وهو الأظهر عندي وقال أبو المعالي: لو قرأ آية لا تستقل بمعنى أو حكم كقوله {ثُمَّ نَظَرَ} أو {مُدْهَامَّتَانِ} لم يكف ذلك وهو احتمال المجد أيضا وقاله القاضي أيضا في موضع من كلامه ومثله بقوله {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} ذكره عنه ابن تميم أيضا قال في تجريد العناية أيضا وهو الأظهر عندي.
فائدة: لو قرأ ما يتضمن الحمد والموعظة ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كفى على الصحيح وقال أبو المعالي: فيه نظر لقول أحمد "لا بد من خطبة" ونقل ابن الحكم: لا تكون خطبة إلا كما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أو خطبة تامة.
قوله : "والوصية بتقوى الله".
يعني يشترط في الخطبتين الوصية بتقوى الله وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يشترط ذلك في الثانية فقط وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال في الثانية "وقرأ ووعظ" ولم يقل: في الأول "ووعظ" وقدم ابن رزين في شرحه والمصنف احتمال لا يجب إلا حمد الله تعالى والموعظة فقط.
وذكر أبو المعالي والشيخ تقي الدين: أنه لا يكفي ذم الدنيا وذكر الموت زاد أبو المعالي: الحكم المعقولة التي لا تتحرك لها القلوب ولا تنبعث بها إلى الخير.
فلو اقتصر على قوله: "أطيعوا الله واجتنبوا معاصيه" فالأظهر لا يكفي ذلك وإن كان فيه توصية لأنه لا بد من اسم "الخطبة" عرفا ولا تحصل باختصار يفوت به المقصود.
فوائد.
منها: أوجب الخرقي وبن عقيل الثناء على الله تعالى واختاره صدقة بن الحسن البغدادي في كتابه وجعله شرطا نقله عنه في مجمع البحرين والمذهب خلافه.

ومنها : يستحب أن يبدأ بالحمد ويثني بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويثلث بالموعظة ويربع بقراءة آية على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يجب ترتيب ذلك وأطلقهما الزركشي وابن تميم والرعاية والتلخيص والبلغة لكن حكاهما احتمالين فيهما.
ومنها : يشترط أيضا الموالاة بين أجزاء الخطبتين وبينهما وبين الصلاة على الصحيح من المذهب قطع به المجد وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل: لا يشترط.
ومنها : يشترط تقدمهما على الصلاة بلا نزاع.
ومنها : يشترط أيضا الموالاة بين أجزاء الخطبة قولا واحدا وحكى بعضهم قولا.
ومنها : يشترط أيضا النية ذكره في الفنون وهو ظاهر كلام غيره قاله في الفروع.
ومنها : تبطل الخطبة بكلام يسير محرم على الصحيح من المذهب.
وقيل: لا تبطل كالأذان وأولى وأطلقهما في الفروع وإن حرم الكلام لأجل الخطبة وتكلم فيها لم تبطل به قولا واحدا.
ومنها : الخطبة بغير العربية كالقراءة وهل يجب إبدال عاجز عن القراءة بذكر أم لا؟ لحصول معناها من بقية الأركان فيه وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم وابن حمدان وهما احتمالان مطلقان في شرح الزركشي.
قلت: الصواب الوجوب.
قوله : "وحضور العدد المشترط".
يعني في القدر الواجب من الخطبة وكذا سائر شروط الجمعة.
فوائد.
منها: يعتبر للخطيب رفع الصوت بها بحيث يسمع العدد المعتبر فإن لم يحصل سماع لعارض من نوم أو غفلة أو مطر أو نحوه صحت وتقدم أنها لا تصح بغير العربية مع القدرة على الصحيح وإن كان لبعد أو خفض صوته لم تصح ولو كانوا طرشا أو عجما وكان عربيا سميعا صحت وإن كانوا كلهم صما فذكر المجد تصح وجزم به ابن تميم وقال غير المجد لا تصح وجزم به في الرعاية وظاهر الفروع الإطلاق.
وإن كان فيهم صم وفيهم من يسمع ولكن الأصم قريب ومن يسمع بعيد فقيل: لا تصح لفوات المقصود [وهو أولى وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاويين وغيرهما وهو ظاهر] قدمه في الرعاية وهو أولى في موضع وذكر بعد ذلك ما يدل على إطلاق الخلاف.
وقيل: تصح وأطلقهما في التلخيص وبن تميم والفروع والنكت والزركشي.

وإن كانوا كلهم خرسا مع الخطيب فالصحيح من المذهب أنهم يصلون ظهرا لفوات الخطبة صورة ومعنى.
قلت: فيعايى بها.
وفيه وجه يصلون جمعة ويخطب أحدهم بالإشارة فيصح كما تصح جميع عباداته من صلاته وإمامته وظهاره ولعانه ويمينه وتلبيته وشهادته وإسلامه وردته ونحو ذلك.
قلت: فيعايى بها أيضا.
فائدة : لو انفضوا عن الخطيب وعادوا وكثر التفرق عرفا فقيل يبني على ما تقدم من الخطبة وقيل: يستأنفها وهذا الوجه ظاهر كلام أكثر الأصحاب لاشتراطهم سماع العدد المعتبر للخطبة وقد انتفى.
قال في المذهب: فإن انفضوا ثم عادوا قبل أن يتطاول الفصل صلاها جمعة.
فمفهومه أنه إذا تطاول الفصل لا يصلي جمعة ما لم يستأنف الخطبة وجزم به في النظم والمغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وصححه في التلخيص وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين.
وقال ابن عقيل في الفصول: إن انفضوا لفتنة أو عدو ابتدأها كالصلاة ويحتمل أن لا تبطل كالوقت يخرج فيها ويحتمل أن يفرق بينهما بأن الوقت يتقدم ويتأخر للعذر وهو الجمع.
قوله : "وهل يشترط لهما الطهارة وأن يتولاهما من يتولى الصلاة على روايتين".
أطلق المصنف في اشتراط الطهارة للخطبتين أعني الكبرى والصغرى الروايتين وأطلقهما في المذهب والشرح.
إحداهما: لا يشترطان وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
قاله في الفروع اختاره الأكثر قال في مجمع البحرين: لا يشترط لهما الطهارتان في أصح الروايتين اختاره أكثرنا.
قال في تجريد العناية: وخطبتين ولو من جنب نصا وصححه في التصحيح والنظم واختاره الآمدي وأبو الخطاب وبن عقيل وبن البنا والمجد وغيرهم وجزم به في الوجيز والإفادات وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الهداية والخلاصة والكافي والمغني والتلخيص والمحرر وبن تميم وبن رزين في شرحه والرعايتين والحاويين والفروع والفائق والزركشي وقال جزم الأكثر بعدم اشتراط الطهارة الصغرى القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي والمجد وغيرهم.
والرواية الثانية: يشترط لهما الطهارة قدمه في المستوعب قال في الحواشي: قدمه في المستوعب وغيره.

وعنه رواية ثالثة: يشترط لهما الطهارة الكبرى دون الصغرى قال في الفروع: اختاره جماعة قال المصنف: الأشبه بأصول المذهب اشتراط الطهارة الكبرى قال في التلخيص والبلغة: والصحيح عندي أن الطهارة من الجنابة تشترط لهما قال الشريف: هو قياس قول الخرقي قال الزركشي: وكأنه أخذه من عدم اعتداده بأذان الجنب وقال في البلغة قال جماعة: من الأصحاب فلو خطب جنبا جاز بشرط أن يكون خارج المسجد.
قلت: قاله القاضي في جامعه وتعليقه وقدمه في التلخيص وجزم به في المذهب والمستوعب وقال: يتوضأ ويخطب في المسجد.
فعلى المذهب: تجزئ خطبة الجنب على الصحيح من المذهب ونص عليه وهو عاص بقراءة الآية لأن لبثه لا تعلق له بواجب العبادة كصلاة من معه درهم غصب.
وقيل: لا تجزئ وهو تخريج في المحرر كتحريم لبثه وإن عصى بتحريم.
القراءة فهو متعلق بفرض لها فهو كصلاته بمكان غصب قاله في الفروع.
وقال في الفصول: نص أحمد أن الآية لا تشترط وهو أشبه أو جواز قراءة الآية للجنب وإلا فلا وجه له.
وقال في الفنون: أو عمد الأدلة يحمل على الناسي إذا ذكر اعتد بخطبته بخلاف الصلاة وستر العورة وإزالة النجاسة كطهارة صغرى.
وقال في مجمع البحرين: فعلى المذهب: لا يجوز له أن يخطب في المسجد عالما بحدث نفسه إلا أن يكون متوضأ فإذا وصل القراءة اغتسل وقرأ إن لم يطل أو استناب من يقرأ ذكره ابن عقيل وبن الجوزي وغيرهما.
فإن قرأ جنبا أو خطب في المسجد عالما من غير وضوء صح مع التحريم.
وقال المجد في شرحه: والتحقيق صحة خطبة الجنب في المسجد إذا توضأ ثم اغتسل قبل القراءة وكان ناسيا للجنابة وإن عدم ذلك كله خرج على الصلاة في الموضع الغصب قال ابن تميم: وهذا بناء على منع الجنب من قراءة آية أو بعضها وعدم الإجزاء في الخطبة بالبعض ومتى قلنا: يجزئ بعض آية أو تعيين الآية ولا يمنع الجنب من ذلك أو لا تجب القراءة في الخطبة خرج في خطبته وجهان قياسا على أذانه.
فائدة: حكم ستر العورة وإزالة النجاسة حكم الطهارة الصغرى في الإجزاء وعدمه قاله في الفروع وأبو المعالي وبن منجا.
وقال القاضي: يشترط ذلك واقتصر عليه ابن تميم وأطلق المصنف الروايتين في اشتراط تولي الصلاة من تولى الخطبة وأطلقهما في المذهب والمستوعب.
إحداهما : لا يشترط ذلك وهو المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر وبن تميم وبن رزين في شرحه والرعاية الصغرى والحاويين

والفروع والفائق.
قال في مجمع البحرين: صحت أو جاز في أصح الروايتين.
قال في التلخيص: من سننهما أن يتولاهما من يتولى الصلاة على المشهور.
قال في البلغة: سنة على الأصح وصححه في التصحيح.
فعليهما لو خطب مميز ونحوه وقلنا لا تصح إمامته فيها ففي صحة الخطبة وجهان وأطلقهما في الفروع والرعاية ومختصر ابن تميم وبينا الخلاف على القول بصحة أذانه.
قلت: الصواب عدم الصحة لأن المذهب المنصوص أنها بدل عن ركعتين كما تقدم.
والرواية الثانية: يشترط قدمه في الرعاية الكبرى ونسب الزركشي إلى صاحب التلخيص أنه قال: هذا الأشهر وليس كما قال: وقد تقدم لفظه.
قال ابن أبي موسى: لا تختلف الرواية أن ذلك شرط مع عدم العذر فأما مع العذر فعلى روايتين وفي المغني احتمالان مطلقان مع عدم العذر.
وعنه رواية ثالثة أن ذلك شرط إن لم يكن عذر جزم به في الإفادات وقدمه في المغني والكافي قال في الفصول: هذا ظاهر المذهب قال في الشرح: هذا المذهب وأطلقهن في تجريد العناية.
فائدة : وكذا الحكم والخلاف إذا تولى الخطبتين أو إحداهما اثنان على الصحيح وقيل: إن جاز في التي قبلها فهنا وجهان وهي طريقة ابن تميم وبن حمدان وقطع ابن عقيل والمجد في شرحه بالجواز قال في النكت: يعايى بها فيقال: عبادة واحدة بدعة محضة تصح من اثنين فعلى المذهب لو قلنا تصح لعذر لا يشترط حضور النائب الخطبة كالمأموم لتعينها عليه على الصحيح من المذهب: وعنه يشترط حضوره لأنه لا تصح جمعة من لا يشهد الخطبة إلا تبعا كالمسافر وأطلقهن في الفائق والكافي والمغني.
فائدة : لو أحدث الخطيب في الصلاة واستخلف من لم يحضر الخطبة صح.
في أشهر الوجهين قاله في الفروع ولو لم يكن صلى معه على أصح الروايتين إن أدرك معه ما تتم به جمعته وكونه يصح ولو لم يكن صلى معه من المفردات.
وإن أدركه في التشهد فسبق في ظهر مع عصر.
وإن منعنا الاستخلاف أتموا فرادى قيل ظهرا لأن الجماعة شرط كما لو نقص العدد وقيل جمعة بركعة معه كمسبوق قدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل: جمعة مطلقا لبقاء حكم الجماعة لمنع الاستخلاف وأطلقهن في الفروع وبن تميم.
وإن جاز الاستخلاف فأتموا فرادى لم تصح جمعتهم ولو كان في الثانية كما لو نقص العدد.

وإن جاز أن يتولى الخطبة غير الإمام اعتبرت عدالته على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وقال ابن عقيل: يحتمل أن يتخرج روايتان.
فوائد .
إحداها : قوله: "ومن سننها أن يخطب على منبر أو موضع عال".
بلا نزاع لكن يكون المنبر عن يمين مستقبلي القبلة كذا كان منبره عليه أفضل الصلاة والسلام وكان ثلاث درج وكان يقف على الثالثة التي تلي مكان الاستراحة ثم وقف أبو بكر على الثانية: ثم عمر على الأولى تأدبا ثم وقف عثمان مكان أبي بكر ثم وقف على موقف النبي صلى الله عليه وسلم ثم في زمن معاوية قلعة مروان وزاد فيه ست درج فكان الخلفاء يرتقون ست درج ويقفون مكان عمر.
وأما إذا وقف الخطيب على الأرض فإنه يقف عن يسار مستقبلي القبلة بخلاف المنبر قاله أبو المعالي.
الثانية : قوله: "ويسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم".
بلا نزاع ويسلم أيضا على من عنده إذا خرج.
الثالثة : رد هذا السلام وكل سلام مشروع فرض كفاية على الجماعة المسلم عليهم على الصحيح من المذهب: وقيل: سنة وهو من المفردات كابتدائه وفيه وجه غريب ذكره الشيخ تقي الدين يجب.
الرابعة : لو استدبر الخطيب السامعين صحت الخطبة على الصحيح من المذهب: وقيل: لا تصح وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان.
الخامسة : يستحب أن ينحرف المأمومون إلى الخطبة لسماعها وقال أبو بكر: ينحرفون إليه إذا خرج ويتربعون فيها ولا تكره الحبوة على الصحيح من المذهب نص عليه وكرههما المصنف والمجد.
السادسة : قوله: "ثم يجلس إلى فراغ الأذان".
الصحيح من المذهب: أن الأذان الأول مستحب وقال ابن أبي موسى الأذان المحرم للبيع واجب ذكره بعضهم رواية.
وقال بعض الأصحاب: يسقط الفرض يوم الجمعة بأول أذان.
وقال ابن البنا في العقود: يباح الأذان الأول ولا يستحب.
وقال المصنف: ومن سنن الخطبة الأذان لها إذا جلس الإمام على المنبر قال في مجمع البحرين: إن أراد مشروع من حيث الجملة أو في هذا الموضع فلا كلام وإن أراد به سنة يجوز تركه فليس كذلك بغير خلاف.

ثم قال: قلت: فإن صليناها قبل الزوال فلم أجد لأصحابنا في الأذان الأول كلاما فيحتمل أن لا يشرع ويحتمل أن يشرع كالثاني انتهى.
وأما وجوب السعي إليها: فيأتي حكمه والخلاف فيه عند قوله: "ويبكر إليها ماشيا".
قوله : :ويجلس بين الخطبتين".
الصحيح من المذهب: أن جلوسه بين الخطبتين سنة وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه أنه شرط جزم به في النصيحة وقاله أبو بكر النجاد.
فائدتان .
إحداهما : حيث جوزنا الخطبة جالسا على ما يأتي بعد ذلك فالمستحب أن يجعل بين الخطبتين سكتة بدل الجلسة قاله الأصحاب.
الثانية : تكون الجلسة خفيفة جدا قال جماعة: بقدر سورة الإخلاص وحكاه في الرعاية قولا وجزم به في التلخيص فلو أبى الجلوس فصل بينهما بسكتة.
قوله : "ويخطب قائما".
الصحيح من المذهب: أن الخطبة قائما سنة نص عليه وعليه جمهور الأصحاب قاله في الحواشي وغيره قال الزركشي: هذا المشهور عند الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وعنه شرط جزم به في النصيحة وقدمه في الفائق.
فوائد .
منها : قوله: "ويعتمد على سيف أو قوس أو عصى".
بلا نزاع وهو مخير بين أن يكون ذلك في يمناه أو يسراه ووجه في الفروع توجيها يكون في يسراه وأما اليد الأخرى فيعتمد بها على حرف المنبر أو يرسلها وإذا لم يعتمد على شيء أمسك يمينه بشماله أو أرسلهما.
ومنها : قوله: "ويقصر الخطبة" هذا بلا نزاع لكي تكون الخطبة الثانية أقصر قاله القاضي في التعليق والواقع كذلك.
ومنها : يرفع صوته حسب طاقته.
ومنها : قوله: "ويدعو للمسلمين" يعني عموما وهذا بلا نزاع ويجوز لمعين مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل: يستحب للسلطان وما هو ببعيد والدعاء له مستحب في الجملة حتى قال الإمام احمد وغيره: لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها لإمام عادل لأن في صلاحه صلاح للمسلمين قال في المغني وغيره: وإن دعا لسلطان المسلمين فحسن وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان.

ومنها : لا يرفع يديه في الدعاء والحالة هذه على الصحيح من المذهب.
قال الشيخ تقي الدين: هذا أصح الوجهين لأصحابنا وقيل يرفعهما وجزم به في الفصول وهو من المفردات وقيل لا يستحب قال المجد: هو بدعة.
قوله : "ولا يشترط إذن الإمام".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يشترط وعنه يشترط إن قدر على إذنه وإلا فلا قال في الإفادات: تصح بلا إذن الإمام مع العجز عنه وعنه يشترط لوجوبها لا لجوازها ونقل أبو الحارث والشالنجي إذا كان بينه وبين المصر قدر ما يقصر فيه الصلاة جمعوا ولو بلا إذن.
تنبيه : حيث قلنا: يشترط إذنه فلو مات ولم يعلم بموته إلا بعد الصلاة لم تلزم الإعادة على أصح الروايتين للمشقة.
قال ابن تميم: هذا أصح الروايتين وصححهما في الحواشي.
وعنه عليهم الإعادة لبيان عدم الشرط اختاره أبو بكر.
قال في التلخيص: ومع اعتباره فلا تقام إذا مات حتى يبايع عوضه وأطلقهما في الفروع قال في الرعاية: وإن علم موته بعد الصلاة ففي الإعادة روايتان وقيل: مع اعتبار الإذن وقيل: إن اعتبرنا الإذن أعادوا وإلا فلا وقيل إن اعتبر إذنه فمات لم تقم حتى يبايع عوضه.
فائدتان.
إحداهما: لو غلب الخوارج على بلد فأقاموا فيه الجمعة فنص أحمد على جواز.
اتباعهم قاله ابن عقيل قال القاضي: ولو قلنا من شرطها الإمام إذا كان خروجهم بتأويل سائغ وقال ابن أبي موسى: إذا غلب الخارجي على بلد وصلى فيه الجمعة أعيدت ظهرا.
الثانية : إذا فرغ من الخطبة نزل وهل ينزل عند لفظة الإقامة أو إذا فرغ بحيث يصل إلى المحراب عند قولها يحتمل وجهين قاله في التلخيص وتبعه في الفروع وبن تميم في أول صفة الصلاة.
أحدهما : ينزل عند لفظ الإقامة قدمه في الرعايتين والحاويين.
والثاني : ينزل عند فراغه.
قوله : "ويستحب أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في النظم وتذكرة ابن عبدوس والمنور والمنتخب والتسهيل وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر وبن تميم والرعايتين والحاويين والفروع وشرح ابن رزين والفائق ومجمع البحرين وغيرهم.
وعنه: يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة "سبح" اختاره أبو بكر في التنبيه

وأطلقهما في المذهب والتلخيص.
وعنه يقرأ في الأولى بسبح وفي الثانية "بالغاشية" قدمه في تجريد العناية قال المصنف والشارح وبن تميم وبن رزين في شرحه وغيرهم: وإن قرأ في الأولى "بسبح" وفي الثانية "بالغاشية" فحسن وقال الخرقي: يقرأ بالحمد وسورة وقال في الوجيز: يصليها ركعتين جهرا.
فوائد .
يستحب أن يقرأ في فجر يوم الجمعة في الركعة الأولى "الم السجدة" وفي الثانية {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ} قال الشيخ تقي الدين: لتضمنهما ابتداء خلق.
السماوات والأرض وخلق الإنسان إلى أن يدخل الجنة أو النار انتهى وتكره المداومة عليهما على الصحيح من المذهب: نص عليه.
قال الإمام أحمد: لئلا يظن أنها مفضلة بسجدة وقال جماعة من الأصحاب: لئلا يظن وجوبها وقيل: تستحب المداومة عليهما قال ابن رجب في شرح البخاري: ورجحه بعض الأصحاب وهو أظهر انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: ويكره تحريه قراءة سجدة غيرها قال ابن رجب: وقد زعم بعض المتأخرين من أصحابنا أن تعمد قراءة سورة سجدة غير {الم تَنْزِيلُ} في يوم الجمعة بدعة قال: وقد ثبت أن الأمر بخلاف ذلك.
فائدة : الصحيح من المذهب: أنه يكره قراءة سورة الجمعة في ليلة الجمعة زاد في الرعاية والمنافقين وعنه لا يكره.
تنبيه : قد يقال: إن مفهوم قول المصنف "وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة" لا يجوز إقامتها في أكثر من موضعين ولو كان هناك حاجة وهو قول لبعض الأصحاب وذكره القاضي في كتاب التخريج وهو بعيد جدا والصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب جواز إقامتها في أكثر من موضعين للحاجة قال في النكت: هذا المذهب عند الأصحاب وهو المنصور في كتب الخلاف انتهى ويحتمله كلام المصنف هنا قال الزركشي: هو المشهور ومختار الأصحاب وأطلقهما في الفائق وعنه لا يجوز إقامتها في أكثر من موضع واحد وأطلقهما في المحرر.
قوله : "ولا يجوز مع عدمها".
يعني لا يجوز إقامتها في أكثر من موضع واحد إذا لم يكن حاجة وهذا المذهب وعليه الأصحاب قال في النكت: هذا هو المعروف في المذهب.
وعنه يجوز مطلقا وهو من المفردات وحمله القاضي على الحاجة.
فائدتان.
إحداهما: الحاجة هنا الضيق أو الخوف من فتنة أو بعد وقال ابن عقيل في الفصول إن

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28