كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

فائدتان
إحداهما لو خالع حاملا فأبرأته من نفقة حملها فلا نفقة لها ولا للولد حتى تفطمه.
نقل المروذي إذا أبرأته من مهرها ونفقتها ولها ولد فلها النفقة عليه إذا فطمته لأنها قد أبرأته مما يجب لها من النفقة فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم الخرقي.
وقال القاضي إنما صحت المخالعة على نفقة الولد وهي للولد دونها لأنها في حكم المالكة لها وبعد الوضع تأخذ أجرة رضاعها.
فأما النفقة الزائدة على هذا من كسوة الطفل ودهنه ونحوه فلا يصح أن تعاوض به لأنه ليس لها ولا في حكم ما هو لها.
قال الزركشي وكأنه يخصص كلام الخرقي.
الثانية يعتبر في ذلك كله الصيغة فيقول خلعتك أو فسخت.
أو فاديت على كذا فتقول قبلت أو رضيت ويكفي ذلك على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وقيل: وتذكره.
قوله : "ويصح الخلع بالمجهول".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع وغيره هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هو المذهب المعمول به.
وقال أبو بكر لا يصح وقال هو قياس قول الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به أبو محمد الجوزي وأنه كالمهر.
والعمل والتفريع على الأول.
قوله : "فإذا خالعها على ما في يدها من الدراهم أو ما في بيتها من المتاع فله ما فيهما فإن لم يكن فيهما شيء فله ثلاثة دراهم وأقل ما يسمى متاعا".
إن كان في يدها شيء من الدراهم فهي له لا يستحق غيرها.
وظاهر كلامه ولو كان دون ثلاثة دراهم وهو صحيح.
وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والفروع وقدمه الزركشي.
وقيل: يستحق ثلاثة دراهم كاملة.
وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح.
وأما إذا لم يكن في يدها شيء فجزم المصنف هنا بأن له ثلاثة دراهم.

وجزم به غيره ونص عليه.
وقال الزركشي الذي يظهر أن له ما في يدها فإن لم يكن في يدها شيء فله أقل ما يتناوله الاسم انتهى.
ويأتي كلامه في المحرر.
وإذا لم يكن في بيتها متاع فجزم المصنف هنا أنه يلزمها أقل ما يسمى متاعا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وقال القاضي يرجع عليها بصداقها.
وقاله أصحاب القاضي أيضا قاله المصنف والشارح.
وقيل: إذا لم تغره فلا شيء عليها.
قوله : "وإن خالعها على حمل أمتها أو ما تحمل شجرتها فله ذلك فإن لم تحملا فقال الإمام أحمد رحمه الله ترضيه بشيء".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وقال القاضي لا شيء له.
وتأول كلام الإمام أحمد ترضيه بشيء على الاستحباب.
وفرق بين هذه المسألة ومسألة الدراهم والمتاع حيث يرجع هناك إذا لم يجد شيئا وهنا لا يرجع وصححه في النظم وقدمه في تجريد العناية.
وقال ابن عقيل له مهر المثل.
وقال أبو الخطاب له المهر المسمى لها.
وقيل: يبطل الخلع هنا وإن صححناه في التي قبلها.
وقال في المحرر ومن تابعه ما معناه وإن جعلا العوض ما لا يصح مهرا لغرر أو جهالة صح الخلع به إن صححنا الخلع بغير عوض ووجب فيما لا يجهل حالا ومآلا كثوب ودار ونحوهما أدنى ما يتناوله الاسم.
وأما فيما يتبين في المال كخمل أمتها وما تحمل شجرتها وآبق منقطع خبره وما في بيتها من متاع أو ما في يدها من الدراهم فله ما ينكشف ويحصل منه ولا شيء عليها لما يتبين عدمه إلا ما كان بتغريرها كمسألة المتاع والدراهم.

وأما إن قلنا باشتراط العوض في الخلع ففيه خمسة أوجه.
أحدها: وهو ظاهر كلامه صحة الخلع بالمسمى كما سبق لكن يجب أدنى ما يتناوله الاسم لما يتبين عدمه وإن لم تكن غرته كحمل الأمة والشجر.
الثاني: صحته بمهرها فيما يجهل حالا ومآلا وصحته بالمسمى فيما يرجى تبيينه فإن تبين عدمه رجع إلى مهرها.
وقيل: إذا لم تغره فلا شيء عليها.
الثالث: فساد المسمى وصحة الخلع بقدر مهرها.
وقيل: إذا لم تغره فلا شيء عليها.
الرابع: بطلان الخلع قاله أبو بكر.
الخامس: بطلانه بالمعدوم وقت العقد كما يحمل شجرها وصحته مع الموجود يقينا أو ظنا.
ثم هل يجب المسمى أو قدر المهر أو يفرق بين المتبين مآلا وبين غيره مبني على ما سبق انتهى.
قوله: "فإن خالعها على عبد فله أقل ما يسمى عبدا وإن قال إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق طلقت بأي عبد أعطته إياه طلاقا بائنا وملك العبد نص عليه".
إذا خالعها على عبد فله أقل ما يسمى عبدا على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمغني والشرح.
وقيل: يجب مهرها.
وقال القاضي يلزمها عبد وسط.
قال في المحرر والفروع والحاوي وإن خالعها على عبد مطلق فله الوسط إن قلنا به في المهر وإلا فهل له أي عبد اعطته أو قدر مهرها والخلع أباطل ينبني على ما سبق.
وأما إذا قال لها إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق فالصحيح من المذهب أنها تطلق بأي عبد أعطته يصح تمليكه نص عليه وجزم في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي يلزمها عبد وسط فلو أعطته معيبا أو دون الوسط فله رده وأخذ بدله والبينونة بحالها.

فائدتان
إحداهما: لو أعطته عبدا مدبرا أو معلقا عتقه بصفة وقع الطلاق قاله في المغني والشرح وغيرهما.
الثانية: لو بان مغصوبا أو حرا قال في الرعايتين والحاوي وغيرهم أو مكاتبا لم تطلق كتعليقه على هروى فتعطيه مرويا قاله في الفروع.
وجزم به في المحرر.
وجزم به في المغني والشرح في موضع وقدماه في آخر وصححه في النظم وغيره.
وعنه يقع الطلاق وله قيمته قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل: يلزمها قدر مهرها.
وقيل: يبطل الخلع.
قال في الرعاية الكبرى ويحتمل أن تجب قيمة الحر كأنه عبد.
وقال بن عبدوس في تذكرته وغيره إن بان مكاتبا فله قيمته وإن بان حرا أو مغصوبا لم تطلق كقوله: هذا العبد انتهى.
ويأتي نظيرها في كلام المصنف قريبا فيما إذا قال إن أعطيتيني هذا العبد فأنت طالق.
قوله : "وإن قال إن أعطيتيني هذا العبد فأنت طالق فأعطته إياه طلقت وإن خرج معيبا فلا شيء له".
تغليبا للشرط هذا المذهب نص عليه.
واختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل: له الرد وأخذ القيمة بالصفة سليما اختاره القاضي.
وقال في المستوعب بعد أن قدم ما قاله المصنف وذكر الخرقي أنه إذا خالعها على ثوب فخرج معيبا أنه مخير بين أن يأخذ أرش العيب أو قيمة الثوب ويرده فيكون في مسألتنا كذلك انتهى.
وقال في الترغيب في رجوعه بأرشه وجهان وأنه لو بان مستحق الدم فقتل فأرش عيبه وقيل: قيمته نقله في الفروع.

قلت قال في المستوعب فإن خالعته على عبد فوجده مباح الدم بقصاص أو غيره فقتل رجع عليها بأرش العيب ذكره القاضي.
وذكر بن البنا أنه يرجع بقيمته.
قوله : "وإن خرج مغصوبا لم يقع الطلاق".
وكذا لو بان حرا وهذا المذهب.
جزم به الوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقع وله قيمته وكذلك في التي قبلها.
يعني فيما إذا قال إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق فأعطته عبدا مغصوبا.
وجزم بهذه الرواية في الروضة وغيرها فقال لو خالعته على عبد فبان حرا أو مغصوبا أو بعضه صح ورجع بقيمته أو قيمة ما خرج.
قوله : "وإن قال إن أعطيتيني ثوبا هرويا فأنت طالق فأعطته مرويا لم تطلق" بلا نزاع.
قوله : "وإن خالعته على مروي".
بأن قالت اخلعني على هذا الثوب المروي فبان هرويا فله الخيار بين رده وإمساكه هذا أحد الوجهين.
جزم به في الوجيز والرعاية الكبرى.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وعند أبي الخطاب ليس له غيره إن وقع الخلع منجزا على عينه.
اختاره في الهداية وهو المذهب.
بناء على أنه قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وهذا يقتضي حكاية وجهين في كل من الكتب الثلاثة في الخلع المنجز على عوض معين إذا بانت الصفة المعينة مخالفة وأن المقدم منهما في ذلك فيها أنه ليس له غيره وأن المؤخر منها فيها أنه يخير في ذلك بين رده وإمساكه وليس فيها ولا في بعضها حكايتهما في ذلك.

بل في المحرر والنظم في باب الصداق أنه إذا ظهر فيه على عيب أو نقص صفة شرطت فيه أنه يخير بين الأرش يعني مع الإمساك أو الرد وأخذ القيمة كاملة.
ثم حكوا رواية أخرى بأنه لا ارش مع إمساكه ولم يحكيا غيره في الباب المذكور.
ثم ذكرا في باب الخلع مسألة الصداق المعلق على عوض معين وقدما أنه لا شيء له غيره إن بان بخلاف الصفة المعينة.
ثم حكيا قولا بأن له رده وأخذ قيمته بالصفة سليما كما لو نجز الخلع عليه.
ومقتضى هذا أنه لا خلاف عندهما في الخلع المنجز وأنه يخير بين ما ذكر سواء كان بلفظ الخلع أو الطلاق.
وفي الفروع في باب الصداق أنه إن بان عوض الخلع المنجز معيبا أو ناقصا صفة شرطت فيه أن حكمه حكم المبيع واقتصر على ذلك.
ومقتضاه أنه يخير إذا وجده معيبا أو ناقصا كما ذكر بين إمساكه ورده.
ولم يتعرض للمسألة في باب الخلع اكتفاء بما ذكره في باب الصداق.
فهذا هو المجزوم به فيها في الكتب الثلاثة مع الجزم به أيضا في الوجيز والرعاية الكبرى والمقدم من الوجهين المذكورين في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والرعاية الصغرى وغيرها.
والوجه الآخر إنما هو اختيار لأبي الخطاب في الهداية كما حكاه عنه فيها جماعة من الأصحاب.
فتبين بذلك أن المذهب منهما فيها حينئذ هو الوجه الأول الذي جزم به بعض الأصحاب وقدمه بعضهم أيضا منهم المؤلف.
لا أنه هو الوجه الثاني منهما عنده وجزم به في بعض كتبه تبعا لغيره والله أعلم.
قوله : "إذا قال إن أعطيتيني أو إذا أعطيتيني أو متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق كان على التراخي أي وقت أعطته ألفا طلقت".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب لأن الشرط لازم من جهته لا يصح إبطاله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس بلازم من جهته كالكتابة عنده.
ووافق على شرط محض كقوله: إن قدم زيد فأنت طالق.
وقال التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكتابة وقول من قال التعليق لازم

دعوى مجردة انتهى.
ويأتي هذا وغيره في أوائل باب تعليق الطلاق بالشروط.
تنبيه: مراده بقوله: أي وقت أعطته ألفا طلقت بحيث يمكنه قبضه صرح به في المنتخب والمغني والشرح وغيرهم.
ومراده أن تكون الألف وازنة بإحضاره ولو كانت ناقصة بالعدد وازنتها في قبضه وملكه.
وفي الترغيب وجهان في إن أقبضتيني فأحضرته ولم يقبضه فلو قبضه فهل يملكه فيقع الطلاق بائنا أم لا يملكه فيقع رجعيا فيه احتمالان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه يكون بائنا بالشرط المتقدم.
وقيل: يكفي عدد متفق برأسه بلا وزن لحصول المقصود فلا يكفي وازنة ناقصة عددا وهو احتمال في المغني والشرح.
قلت وهذا القول هو المعروف في زمننا وغيره.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله في الزكاة يقويه.
والسبيكة لا تسمى دراهم.
قوله : "وإن قالت اخلعني بألف أو على ألف أو طلقني بألف أو على ألف".
وكذا لو قالت ولك ألف إن طلقتني أو خالعتني أو إن طلقتني فلك على ألف ففعل بانت.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل: يشترط من الزوج أيضا ذكر العوض ويستحق الالف.
يعني من غالب نقد البلد.
فوائد
الأولى: يشترط في ذلك أن يجيبها على الفور على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف لقوله: ففعل وقدمه في الفروع.
وقيده بالمجلس في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى فقال بانت إن كان في المجلس وإلا لم يقع شيء.
وقيل: إن قالت اخلعني بألف فقال في المجلس طلقتك طلقت مجانا انتهى.
وقيده بالمجلس أيضا في الترغيب في قوله: إن طلقتني فلك ألف فقال خالعتك أو طلقتك انتهى.

وقيل: لا تشترط الفورية بل يكون على التراخي وجزم به في المنتخب.
الثانية: لها أن ترجع قبل أن يجيبها قاله في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل: يثبت خيار المجلس فيمتنع من قبض العوض ليقع رجعيا.
وقال في الترغيب في خلعتك أو اخلعني ونحوهما على كذا يعتبر القبول في المجلس إن قلنا الخلع فسخ بعوض وإن قلنا هو فسخ منه مجرد فكالإبراء والإسقاط لا يعتبر فيه قبول ولا عوض فتبين بقوله: فسخت أو خلعت.
الثالثة: لا يصح تعليقه بقوله: إن بذلت لي كذا فقد خلعتك قاله في الفروع.
وقال في باب الشروط في البيع ويصح تعليق الفسخ بشرط ذكره في التعليق والمبهج.
وذكر أبو الخطاب والشيخ لا.
قال في الرعاية فيما إذا أجره كل شهر بدرهم إذا مضى شهر فقد فسخها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ على الأصح انتهى.
قال ابن نصر الله في حواشيه عدم الصحة أظهر لأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضى المتعاقدين فلا يصح تعليقه بشرط كالبيع انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقوله: إن طلقتني فلك كذا أو أنت بريء منه ك إن طلقتني فلك علي ألف وأولى.
وليس فيه النزاع في تعليق البراءة بشرط.
أما لو التزم دينا لا على وجه المعاوضة كإن تزوجت فلك في ذمتي ألف أو جعلت لك في ذمتي ألفا لم يلزمه عند الجمهور.
قال القاضي محب الدين بن نصر الله في حواشي الفروع وقوله: لا يصح تعليقه بقوله: إن بذلت لي كذا قد ذكر المصنف في القسم الثاني من الشروط في البيع ما نصه ويصح تعليق الفسخ بشرط ذكره في التعليق والمبهج.
وذكر أبو الخطاب والشيخ تقي الدين رحمه الله لا يصح.
قال صاحب الرعاية فيما إذا اجره كل شهر بدرهم إذا مضى شهر فقد فسخها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ على الأصح انتهى.
فأقر صاحب الرعاية هناك ولم يتعقبه.
وجزم هنا بعدم الصحة وهو الأظهر كما قاله بن نصر الله وعلله بأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضى المتعاوضين فلم يصح تعليقه بشرط كالبيع.
الرابعة: لو قالت طلقني بألف إلى شهر فطلقها قبله فلا شيء له نص عليه وإن قالت

من الآن إلى شهر فطلقها قبله استحقه على الصحيح من المذهب وذكر القاضي أنه يستحق مهر مثلها.
الخامسة: لو قالت طلقني بألف فقال خلعتك فإن قلنا هو طلاق استحقه وإلا لم يصح هذا هو الصحيح من المذهب.
وقيل: هو خلع بلا عوض.
وتقدم كلامه في الرعاية الكبرى.
وقال في الروضة يصح وله العوض لأن القصد أن تملك نفسها بالطلقة وقد حصل بالخلع.
وعكس المسألة بأن قالت اخلعني بألف فقال طلقتك يستحقها إن قلنا هو طلاق وإلا فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح.
أحدهما: لا يستحق شيئا وهو الصواب وقدمه بن رزين في شرحه.
قال في الرعاية الكبرى وقيل: إن قالت اخلعني بألف فقال في المجلس طلقتك طلقت مجانا كما تقدم.
فإن لم يستحق ففي وقوعه رجعيا احتمالان وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح.
قلت الصواب أنه يقع رجعيا.
وعلى القول الآخر لا يقع بها شيء.
قوله : "وإن قالت طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا استحقها".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل: إن قال أنت طالق ثلاثا بألف استحق ثلث الألف فقط.
وقال بن عبدوس في تذكرته وإن قالت طلقني واحدة بألف أو على ألف فقال أنت طالق ثلاثا بألف أخذها والأقوى إن رضيت أخذها وأن أبت لم تطلق انتهى.
تنبيه: وكذا الحكم لو طلقها اثنتين قاله في الروضة.
فائدة: لو قالت طلقني واحدة بألف فقال أنت طالق وطالق وطالق بانت بالأولى على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته واختاره القاضي في المجرد.

قلت فيعايي بها.
وقيل: تطلق ثلاثا.
قلت هذا موافق لقواعد المذهب والأول مشكل عليه.
قال في القواعد الأصولية لو قالت له زوجته التي لم يدخل بها طلقني بألف فقال أنت طالق وطالق وطالق فقال القاضي في المجرد تطلق هنا واحدة وما قاله في المجرد بعيد على قاعدة المذهب.
وخالفه في الجامع الكبير فقال تطلق هنا ثلاثا بناء على قاعدة المذهب أن الواو لمطلق الجمع.
ثم ناقض فذكر في نظيرتها أنها تطلق واحدة.
ومن الأصحاب من وافقه في بعض الصور وخالفه في بعضها.
ومنهم من قال ما قاله سهو على المذهب ولا فرق عندنا بين قوله: أنت طالق ثلاثا وبين قوله: أنت طالق وطالق وطالق.
وهو طريق صاحب المحرر في تعليقه على الهداية انتهى.
فعلى المذهب لو ذكر الألف عقيب الثانية بانت بها والأولى رجعية ولغت الثالثة.
قوله : "وإن قالت طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة لم يستحق شيئا ووقعت رجعية".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن يستحق ثلث الألف.
وهو لأبي الخطاب وهو رواية في التبصرة وتقع بائنة.
قوله : "وإن لم يكن بقي من طلاقها إلا واحدة ففعل استحق الألف علمت أو لم تعلم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاله المصنف والشارح.
ويحتمل أن لا يستحق إلا ثلثه إذا لم يعلم وهو للمصنف هنا.
قوله : "وإن كان له امرأتان مكلفة" يعني رشيدة "وغير مكلفة".
يعني وكانت مميزة "فقال أنتما طالقتان بألف إن شئتما فقالتا قد شئنا لزم المكلفة نصف الألف وطلقت بائنا".
الصحيح من المذهب أنه يلزمها نصف الألف.

اختاره أبو بكر وبن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والفروع وغيرهم.
وعند بن حامد يقسط الألف على قدر مهريهما.
وذكره المصنف والشارح ظاهر المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
قوله : "ووقع الطلاق بالأخرى رجعيا ولا شيء عليها".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا مشيئة لها.
فعلى هذا لا تطلق واحدة منهما كما لو كانت غير مميزة.
قال المصنف والشارح وغيرهما وكذلك المحجور عليها للسفه حكمها حكم غير المكلفة.
فائدتان
إحداهما: لو قالت له زوجتاه طلقنا بألف فطلق إحداهما بانت بقسطها من الألف.
ولو قالته إحداهما فطلاقه رجعي ولا شيء له صححه في المحرر وقدمه في الكافي.
قال في المغني قياس قول أصحابنا لا يلزم الباذلة هنا شيء.
وقال القاضي هي كالتي قبلها.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به بن رزين في شرحه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع.
الثانية: لو قالت طلقني بألف على أن لا تطلق ضرتي أو على أن تطلقها صح شرطه وعوضه فإن لم يف استحق في الأصح الأقل منه أو المسمى قاله في الفروع وغيره.
قوله : "وإن قال لامرأته أنت طالق وعليك ألف طلقت ولا شيء عليها".
يعني أن ذلك ليس بشرط ولا كالشرط على الصحيح من المذهب لكن إذا قبلت فتارة تقبل في المجلس وتارة لا تقبل.
فإن قبلت في المجلس بانت منه واستحقه وله الرجوع قبل قبولها على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وجعله المصنف رحمه الله في المغني كإن أعطيتيني ألفا فأنت طالق كما تقدم قريبا.

وإن لم تقبل في المجلس فالصحيح من المذهب أنها تطلق مجانا رجعيا ولا شيء عليها نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم ابن عقيل.
وجزم به في الوجيز والمنور والشرح وشرح ابن منجا.
بل قطع به أكثر الأصحاب.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل: لا تطلق حتى تختار ذكره في الرعايتين.
ولم أره في غيرهما والظاهر أنه التخريج.
وقال القاضي لا تطلق.
قال في الفروع وخرج من نظيرتها في العتق عدم الوقوع.
قوله : "وإن قال على ألف أو بألف فكذلك".
يعني أن ذلك ليس بشرط ولا كالشرط على الصحيح من المذهب.
لكن إن قبلت في المجلس بانت منه واستحق الألف وله الرجوع قبل قبولها كالأولى وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وجعله في المغني كإن أعطيتيني ألفا فأنت طالق كما تقدم.
قال في المحرر في الصور الثلاث وقيل: إذا جعلناه رجعيا بلا قبول فكذلك إذا قبل.
وإن لم يقبل فالصحيح من المذهب أنه يقع رجعيا ولا شيء عليها وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتجريد العناية وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وجزم به في القواعد في قوله: بألف.
ويحتمل أن لا تطلق حتى تختار فيلزمها الألف.
وهو قول القاضي في المجرد نقله عنه ابن منجا في شرحه وغيره.
واختاره ابن عقيل نقله عنه في المحرر وغيره.
وقال القاضي في موضع من كلامه لا تطلق إلا إذا قال بألف فلا تطلق حتى تختار ذلك واختاره الشارح.
ونقل المصنف في المغني والشارح وابن منجا عن القاضي أنه قال لا تطلق في قوله: على ألف حتى تختار.

قال في الفروع وخرج عدم الوقوع من نظيرتهن في العتق.
وقال القاضي في موضع من كلامه أيضا إنها لا تطلق إلا في قوله: لها أنت طالق بألف نقله عنه في المحرر وغيره.
وقال ابن عقيل لا تطلق في الصورتين الأولتين وتطلق في الأخيرة.
فائدة: لا ينقلب الطلاق الرجعي بائنا ببذلها الألف في المجلس في الصور الثلاث على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: بل في الصورتين الأخيرتين فقط.
قلت فيعايي بهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله مع أن علي للشرط اتفاقا وقال المصنف في المغني ليست للشرط ولا للمعاوضة لعدم صحة قوله: بعتك ثوبي على دينار.
قوله : "وإن خالعته في مرض موتها فله الأقل من المسمى أو ميراثه منها".
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح وابن منجا والخرقي والزركشي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل: إذا خالعته على مهرها فللورثة منعه ولو كان أقل من ميراثه منها.
قوله : "وإن طلقها في مرض موته وأوصى لها بأكثر من ميراثها لم تستحق أكثر من ميراثها وإن خالعها في مرضه أو حاباها فهو من رأس المال".
قد تقدم في أواخر باب الهبة إذا عاوض المريض بثمن المثل للوارث وغيره وإذا حابى وارثه أو أجنبيا فليعاود.
قوله : "وإذا وكل الزوج في خلع امرأته مطلقا فخالع بمهرها فما زاد صح بلا نزاع وإن نقص من المهر رجع على الوكيل بالنقص" ويصح الخلع.
هذا المذهب وأحد الأقوال اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في الرعايتين وتجريد العناية وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير.

ويحتمل أن يخير بين قبوله ناقصا وبين رده وله الرجعة.
وهذا الاحتمال للقاضي وأبي الخطاب.
وقيل: يجب مهر مثلها وهو احتمال للقاضي أيضا.
وقيل: لا يصح الخلع وقدمه الناظم وصححه وإليه ميل المصنف والشارح وهو ظاهر قول بن حامد والقاضي.
وأطلق الأول والأخير في المحرر والشرح.
وأطلق الأول والثالث والرابع في الفروع والثاني لم يذكره فيه.
فائدة: لو خالع وكيله بلا مال كان الخلع لغوا مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل: يصح إن صح الخلع بلا عوض وإلا وقع رجعيا.
وأما وكيلها فيصح خلعه بلا عوض.
قوله : "وإن عين له العوض فنقص منه لم يصح الخلع عند بن حامد".
وهو المذهب اختاره القاضي وأبو الخطاب والمصنف والشارح.
وصححه في الرعايتين والنظم وقدمه في الخلاصة وجزم به في المنور.
وقال أبو بكر يصح ويرجع على الوكيل بالنقص.
قال في الفائدة العشرين هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن منجا في شرحه هذا أصح وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والحاوي الصغير والفروع.
قوله : "وإن وكلت المرأة في ذلك فخالع بمهرها فما دون أو بما عينته فما دون صح بلا نزاع وإن زاد لم يصح".
هذا أحد الأقوال وجعله ابن منجا في شرحه المذهب وصححه الناظم.
ويحتمل أن يصح وتبطل الزيادة.
يعني أنها لا تلزم الوكيل.
وقيل: لا تصح في المعين وتصح في غيره.
وقيل: تصح وتلزم الوكيل الزيادة وهو المذهب صححه في الرعايتين.
وجزم به في الهداية والمذهب والحاوي الصغير والوجيز.
وقدمه في المغني والكافي والشرح.

وقال القاضي في المجرد عليها مهر مثلها ولا شيء على وكيلها لأنه لم يقبل العقد لها لا مطلقا ولا لنفسه بخلاف الشراء.
وأطلقهن في الفروع إلا الثاني فإنه لم يذكره.
وقال في المستوعب إذا وكلته وأطلقت لا يلزمها إلا مقدار المهر المسمى فإن لم يكن فمهر المثل.
وقال فيما إذا زاد على ما عينت له يلزم الوكيل الزيادة.
وقال بن البنا يلزمها أكثر الأمرين من مهر مثلها أو المسمى.
فائدتان
إحداهما: لو خالف وكيل الزوج أو الزوجة جنسا أو حلولا أو نقد بلد فقيل حكمه حكم غيره فيه الخلاف المتقدم.
قال القاضي القياس أن يلزم الوكيل الذي أذن فيه ويكون له ما خالع به ورده المصنف.
وقيل: لا يصح الخلع مطلقا.
قال المصنف والشارح القياس أنه لا يصح هنا.
قال في الكافي والرعاية لا يصح وأطلقهما في الفروع.
الثانية: لو كان وكيل الزوج والزوجة واحدا وتولى طرفي العقد كان حكمه حكم النكاح قاله في الفروع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ولا يتولى طرفي الخلع وكيل واحد وخرج جوازه.
قوله : "وإن تخالعا تراجعا بما بينهما من الحقوق".
يعني حقوق النكاح وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنها تسقط.
واستثنى الأصحاب منهم المصنف والمجد والشارح وصاحب الفروع وغيرهم نفقة العدة.
زاد في المحرر والفروع وغيرهما وهو مراد غيرهم وبقية ما خولع ببعضه.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "وعنه أنها تسقط" يعني حقوق النكاح.
أما الديون ونحوها فإنها لا تسقط قولا واحدا قاله الأصحاب منهم المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهم.

الثانية: مفهوم قوله: وإن تخالعا أنهما لو تطالقا تراجعا بجميع الحقوق قولا واحدا وهو صحيح صرح به ابن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهما.
قوله : "وإن اختلفا في قدر العوض أو عينه أو تأجيله فالقول قوله: مع يمينها".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وصححه في البلغة وغيره.
ويتخرج أن القول قول الزوج خرجه القاضي وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله حكاها القاضي أيضا.
وقيل: القول قول الزوج إن لم يجاوز مهرها.
ويحتمل أن يتحالفا إن لم يكن بلفظ طلاق ويرجعا إلى المهر المسمى إن كان وإلا إلى مهر المثل إن لم يكن مسمى وهو لأبي الخطاب.
قوله : "وإن علق طلاقها بصفة ثم خالعها أو أبانها بثلاث أو دونها فوجدت الصفة ثم عاد فتزوجها فوجدت الصفة" طلقت نص عليه.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم.
ويتخرج أن لا تطلق بناء على الرواية في العتق واختاره أبو الحسن التميمي.
وجزم في الروضة بالتسوية بين العتق والطلاق.
وقال أبو الخطاب وتبعه في الترغيب الطلاق أولى من العتق.
وحكاه بن الجوزي رواية والشيخ تقي الدين وحكاه أيضا قولا.
وجزم به أبو محمد الجوزي في كتابه الطريق الأقرب في العتق والطلاق.
فائدة: وكذا الحكم إن قال إن بنت منى ثم تزوجتك فأنت طالق فبانت ثم تزوجها قاله في الفروع.

وقال في التعليق احتمالا لا يقع كتعليقه بالملك.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن طلق واحدة ثم قال إن راجعتك فأنت طالق ثلاثا إن كان هذا القول تغليظا عليها في أن لا تعود إليه فمتى عادت إليه في العدة وبعدها طلقت.
قوله : "وإن لم توجد الصفة حال البينونة عادت رواية واحدة".
هكذا قال الجمهور.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله رواية أن الصفة لا تعود مطلقا.
يعني سواء وجدت حال البينونة أو لا.
قلت وهو الصحيح في منهاج الشافعية.
فوائد
الأولى: يحرم الخلع حيلة لإسقاط عين طلاق ولا يقع على الصحيح من المذهب.
جزم به بن بطة في مصنف له في هذه المسألة وذكره عن الآجري وجزم به في عيون المسائل والقاضي في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار وقال هو محرم عند أصحابنا.
وكذا قال المصنف في المغني هذا فعل حيلة على إبطال الطلاق المعلق والحيل خدع لا تحل ما حرم الله.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله خلع الحيلة لا يصح على الأصح كما لا يصح نكاح المحلل لأنه ليس المقصود منه الفرقة وإنما قصد به بقاء المرأة مع زوجها كما في نكاح المحلل والعقد لا يقصد به نقيض مقصوده وقدمه في الفروع.
وقيل: يحرم ويقع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ويحرم الخلع حيلة ويقع في أصح الوجهين.
قال في الفروع وشذ في الرعاية فذكره.
قلت غالب الناس واقع في هذه المسألة وكثيرا ما يستعملونها في هذه الأزمنة ففي هذا القول فرج لهم.
واختاره بن القيم في أعلام الموقعين ونصره من عشرة أوجه.
وقال في الفروع ويتوجه أن هذه المسألة وقصد المحلل التحليل وقصد أحد المتعاقدين قصدا محرما كبيع عصير ممن يتخذه خمرا على حد واحد فيقال في كل منهما ما قيل في الأخرى.
الثانية: لو اعتقد البينونة بذلك ثم فعل ما حلف عليه فحكمه حكم مطلق أجنبية فتبين أنها امرأته على ما يأتي في آخر باب الشك في الطلاق ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.

فلو لقى امرأته فظنها أجنبية فقال لها أنت طالق ففي وقوع الطلاق روايتان وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
إحداهما: لا يقع.
قال ابن عقيل وغيره العمل على أنه لا يصح.
وجزم به في الوجيز واختاره أبو بكر.
والرواية الثانية: يقع جزم به في تذكرة ابن عقيل والمنور وغيرهما.
قال في تذكرة بن عبدوس دين ولم يقبل حكما انتهى.
وقال في القواعد الأصولية قال أبو العباس لو خالع وفعل المحلوف عليه بعد الخلع معتقدا أن الفعل بعد الخلع لم يتناوله يمينه أو فعل المحلوف عليه معتقدا زوال النكاح ولم يكن كذلك فهو كما لو حلف على شيء بظنه فبان بخلافه وفيه روايتان يأتيان في كتاب الأيمان.
وقد جزم المصنف هناك أنه لا يحنث.
قلت ومما يشبه اصل هذا ما قاله الأصحاب في الصوم لو أكل ناسيا واعتقد الفطر به ثم جامع فإنهم قالوا حكمه حكم الناسي.
وقد اختار جماعة من الأصحاب في هذه المسألة أنه لا يكفر منهم بن بطة والآجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق بل قالوا عن غير بن بطة إنه لا يقضي أيضا والله أعلم.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا رحمه الله خلع اليمين هل يقع رجعيا أو لغوا وهو أقوى فيه نزاع لأن قصده ضده كالمحلل.
الثالثة: قال بن نصر الله في حواشيه على الفروع قال في المغني في الكتابة قبل مسألة ما لو قبض من نجوم كتابته شيئا استقبل به حولا.
فقال فصل وإذا دفع إليه مال كتابته ظاهرا فقال له السيد أنت حر أو قال هذا حر ثم بان العوض مستحقا لم يعتق بذلك لأن ظاهره الإخبار عما حصل له بالأداء ولو ادعى المكاتب أن سيده قصد بذلك عتقه وأنكر السيد فالقول قول السيد مع يمينه لأن الظاهر معه وهو أخبر بما نوى انتهى.
الثالثة: لو أشهد على نفسه بطلاق ثلاث ثم استفتى فأفتى بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة مستنده ويقبل قوله: بيمينه أن مستنده في إقراره ذلك مما يجهله مثله.

لأن حلفه على المستند دون الطلاق ولم يسلم ضمنا فهو وسيلة له يغتفر فيه ما لا يغتفر في المقصود لأنه دونه وإن كان سببا له بمعنى توقفه عليه لا أنه مؤثر فيه بنفسه وإلا لكان علة فاعلية لا سببية ووسيلة.
ودليله قصة بانت سعاد حيث أقر بذلك كعب بن زهير رضي الله عنه. لاعتقاده أنها بانت منه بإسلامه دونها فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بأنها لم تبن وأن ذلك لا يضره تغليبا لحق الله تعالى على حقها وهو قريب عهد بالإسلام وذلك قرينة جهله بحكمه في ذلك ولم يقصد به إنشاءه وإلا لما ندم عليه متصلا به وإنما ندم على ما أقر به لتوهمه صحة وقوعه وقياسه الخلع وبقية حقوق الله تعالى المحضة أو الغالب له فيها حق على حق غيره تعالى لأن حقه مبني على المسامحة وحق غيره على المشاححة بدليل مسامحة النبي صلى الله عليه وسلم له بهجره له قبل إسلامه وهو حربي وهو الشاعر الصحابي كعب بن زهير فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله قبله فبلغ ذلك أخاه مالك بن زهير فأتى إليه فأخبره بذلك فأسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسلم معه فامتدحه بالبردة المذكورة في القصة وحقه عليه الصلاة والسلام من حق الله بدليل سهم خمس الخمس والفئ والغنيمة وكسبهما أو أحدهما.
ذكره الشيخ تقي الدين وغيره واقتصر عليه في الفروع.
ذكره في أواخر باب صريح الطلاق وكنايته.
الرابعة: قال بن نصر الله في حاشيته قلت ومما يؤيد ذلك ويقويه ما قاله الشيخ الموفق في المغني والشارح وصاحب الفروع وغيرهم أن السيد إذا أخذ حقه من المكاتب ظاهرا ثم قال هو حر ثم بان مستحقا أنه لا يعتق كما تقدم نقله في باب الكناية.
الخامسة: ذكر ابن عقيل في واضحه أنه يستحب إعلام المستفتي بمذهب غيره إن كان أهلا للرخصة كطالب التخلص من الربا فيدله على من يرى التحيل للخلاص منه والخلع بعدم وقوع الطلاق انتهى.
ونقل القاضي أبو الحسين في فروعه في كتاب الطهارة عن الإمام أحمد رحمه الله أنهم جاءوه بفتوى فلم تكن على مذهبه فقال عليكم بحلقة المدنيين.
ففي هذا دليل على أن المفتي إذا جاءه المستفتي ولم يكن له عنده رخصة فله أن يدله على صاحب مذهب له فيه رخصة.
وذكر في طبقاته قال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله وسئل عن الرجل يسأل عن الشيء في المسائل فهل عليه شيء من ذلك؟
فقال إذا كان الرجل متبعا أرشده إليه فلا بأس.

قيل له فيفتى بقول مالك وهؤلاء قال لا إلا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وما روى عن الصحابة رضي الله عنهم فإن لم يكن فعن التابعين انتهى.
ويأتي التنبيه على ذلك في أواخر كتاب القضاء في أحكام المفتي.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

كتاب الطلاق
كتاب الطلاق...
كتاب الطلاقفائدة: قوله : "وهو حل قيد النكاح".
وكذا قال غيره وقال في الرعاية الكبرى حل قيد النكاح أو بعضه بوقوع ما يملكه من عدد الطلقات أو بعضها.
وقيل: هو تحريم بعد تحليل كالنكاح تحليل بعد تحريم.
قوله : "ويباح عند الحاجة إليه ويكره من غير حاجة وعنه أنه يحرم ويستحب إذا كان في بقاء النكاح ضررا".
اعلم أن الطلاق ينقسم إلى أحكام التكليف الخمسة وهي الإباحة والاستحباب والكراهة والوجوب والتحريم.
فالمباح يكون عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة أو لسوء عشرتها وكذا للتضرر منها من غير حصول الغرض بها فيباح الطلاق في هذه الحالة من غير خلاف أعلمه.
والمكروه إذا كان لغير حاجة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمغني والهادي والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنه يحرم وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وعنه يباح فلا يكره ولا يحرم.
والمستحب وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها وكونها غير عفيفة ولا يمكن إجبارها على فعل حقوق الله تعالى فهذه يستحب طلاقها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه يجب لكونها غير عفيفة ولتفريطها في حقوق الله تعالى.
قلت وهو الصواب.
وذكر في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم أن المستحب هو فيما إذا كانت مفرطة في حق زوجها ولا تقوم بحقوقه.
قلت وفيه نظر.

فائدتان
إحداهما: زنى المرأة لا يفسخ النكاح نص عليه.
ونقل المروذي فيمن يسكر زوج أخته يحولها إليه.
وعنه أيضا يفرق بينهما قال الله المستعان.
الثانية: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه.
والمحرم وهو طلاق الحائض أو في طهر أصابها فيه على ما يأتي إن شاء الله تعالى في باب سنة الطلاق وبدعته.
والواجب وهو طلاق المولى بعد التربص إذا أبى الفيئة وطلاق الحكمين إذا رأيا ذلك قاله الأصحاب.
ذكر المصنف الثلاثة الأول هنا والرابع ذكره في باب سنة الطلاق وبدعته والخامس ذكره في باب الإيلاء.
فائدة: لا يجب الطلاق في غير ذلك على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجب الطلاق إذا أمره أبوه به وقاله أبو بكر في التنبيه.
وعنه يجب بشرط أن يكون أبوه عدلا.
وأما إذا أمرته أمه فنص الإمام أحمد رحمه الله لا يعجبني طلاقه ومنعه الشيخ تقي الدين رحمه الله منه ونص الإمام أحمد رحمه الله في بيع السرية إن خفت على نفسك فليس لها ذلك وكذا نص فيما إذا منعاه من التزويج.
قوله : "ومن الصبي العاقل يصح طلاق المميز العاقل".
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في القواعد الأصولية والأصحاب على وقوع طلاقه وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية الجماعة منهم عبد الله وصالح وابن منصور والحسن بن ثواب والأثرم وإسحاق بن هانئ والفضل بن زياد وحرب والميموني.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال الزركشي هذا اختيار عامة الأصحاب الخرقي وأبي بكر وبن حامد والقاضي وأصحابه كالشريف وأبي الخطاب وابن عقيل وغيرهم.
قال في المذهب يقع طلاق المميز في أصح الروايتين وجزم به في الوجيز وغيره.

وقدمه في الهداية والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يصح منه حتى يبلغ.
وجزم به الآدمي والبغدادي وصاحب المنور.
واختاره بن أبي موسى وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم وإدراك الغاية.
قال في العمدة ولا يصح الطلاق إلا من زوج مكلف مختار.
وأطلقهما في مسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة وتجريد العناية.
وعنه يصح من بن عشر سنين.
نقل صالح إذا بلغ عشرا يتزوج ويزوج ويطلق واختاره أبو بكر.
وفي طريقة بعض الأصحاب في طلاق مميز روايتان.
وعنه يصح من بن اثنتي عشرة سنة.
قال الشارح أكثر الروايات تحديد من يقع طلاقه من الصبيان بكونه يعقل وهو اختيار القاضي.
وروى أبو الحارث عن الإمام أحمد رحمه الله إذا عقل الطلاق جاز طلاقه ما بين عشر إلى ثنتي عشرة.
وهذا يدل على أنه لا يقع ممن له دون العشر وهو اختيار أبي بكر.
وتقدم شيء من ذلك في أول كتاب البيع.
وتقدم في أوائل الخلع في كلام المصنف هل يصح طلاق الأب لزوجة ابنه الصغير.
قوله : "ومن زال عقله بسبب يعذر فيه كالمجنون والنائم والمغمى عليه والمبرسم لم يقع طلاقه".
هذا صحيح لكن لو ذكر المغمى عليه والمجنون بعد أن أفاقا أنهما طلقا وقع الطلاق نص عليه.
قال المصنف هذا فيمن جنونه بذهاب معرفته بالكلية.
فأما المبرسم ومن به نشاف فلا يقع.
وقال في الروضة المبرسم والمسوس إن عقلا الطلاق لزمهما.
قال في الفروع ويدخل في كلامهم من غضب حتى أغمى عليه أو غشى عليه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يدخل ذلك في كلامهم بلا ريب.

وقال الشيخ تقي الدين أيضا إن غيره الغضب ولم يزل عقله لم يقع الطلاق لأنه ألجأه وحمله عليه فأوقعه وهو يكرهه ليستريح منه فلم يبق له قصد. صحيح فهو كالمكره ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله ولا يلزمه نذر الطاعة فيه.
قوله : "وإن زال بسبب لا يعذر فيه كالسكران ففي صحة طلاقه روايتان".
وأطلقهما الخرقي والحلواني في كتاب الوجهين والروايتين وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والمذهب الأحمد والبلغة والمحرر والشرح والرعايتين والزبدة والحاوي الصغير وشرح ابن منجا وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
إحداهما : يقع وهو المذهب اختاره أبو بكر الخلال والقاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر وإدراك الغاية ونهاية بن رزين.
وجزم به في الخلاصة والعمدة والمنور ومنتخب الآدمي والوجيز وقدمه في الفروع وشرح بن رزين.
قال في القاعدة الثانية بعد المائة هذا المشهور من المذهب.
قال بن مفلح في أصوله تعتبر أقواله وأفعاله في الأشهر عن الإمام أحمد رحمه الله وأكثر أصحابه وقدمه.
وقال الطوفي في شرح مختصره هذا المشهور بين الأصحاب.
والرواية الثانية لا يقع اختاره أبو بكر عبد العزيز في الشافي وزاد المسافر وابن عقيل ومال إليه المصنف والشارح وبن رزين في شرحه.
واختاره الناظم والشيخ تقي الدين وناظم المفردات وقدمه وهو منها وجزم به في التسهيل.
قال الزركشي ولا يخفى أن أدلة هذه الرواية أظهر.
نقل الميموني كنت أقول يقع حتى تبينته فغلب على أنه لا يقع.
ونقل أبو طالب الذي لا يأمر بالطلاق إنما أتى خصلة واحدة والذي يأمر به أتى باثنتين حرمها عليه وأباحها لغيره.
ولهذا قيل إنها آخر الروايات.
قال الطوفي في شرح الأصول هذا أشبه.
وعنه الوقف.
قال الزركشي وفي التحقيق لا حاجة إلى ذكر هذه الرواية لأن الإمام أحمد رحمه الله حيث توقف فللأصحاب قولان وقد نص على القولين واستغنى عن ذكر الرواية.

قلت ليس الأمر كذلك بل توقفه لقوة الأدلة من الجانبين فلم يقطع فيها بشيء.
وحيث قال بقول فقد ترجح عنده دليله على غيره فقطع به.
قوله: "وكذلك تخرج في قتله وقذفه وسرقته وزناه وظهاره وإيلائه".
وكذا قال في الهداية وكذا بيعه وشراؤه وردته وإقراره ونذره وغيرها قاله المصنف وغيره.
اعلم أن في أقوال السكران وأفعاله روايات صريحات عن الإمام أحمد رحمه الله.
إحداهن: أنه مؤاخذ بها فهو كالصاحي فيها وهو المذهب.
جزم به في المنور وقدمه في الفروع.
قال في القاعدة الثانية بعد المائة السكران يشرب الخمر عمدا فهو كالصاحي في أقواله وأفعاله فيما عليه في المشهور من المذهب بخلاف من سكر ببنج ونحوه انتهى.
وتقدم كلام بن مفلح في أصوله.
والرواية الثانية: أنه ليس بمؤاخذ بها فهو كالمجنون في أقواله وأفعاله واختاره الناظم.
وقدمه المصنف في هذا الكتاب في إقراره في كتاب الإقرار.
وكذا قدمه كثير من الأصحاب في الإقرار على ما يأتي.
قال ابن عقيل هو غير مكلف.
والرواية الثالثة: أنه كالصاحي في أفعاله وكالمجنون في أقواله.
والرواية الرابعة: أنه في الحدود كالصاحي وفي غيرها كالمجنون.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني تلزمه الحدود ولا تلزمه الحقوق وهذا اختيار أبي بكر فيما حكاه عنه القاضي نقله الزركشي.
والرواية الخامسة: أنه فيما يستقل به مثل قتله وعتقه وغيرهما كالصاحي وفيما لا يستقل به كبيعه ونكاحه ومعاوضاته كالمجنون حكاها بن حامد.
قال القاضي وقد أومأ إليها في رواية البرزاطي فقال لا أقول في طلاقه شيئا قيل له فبيعه وشراؤه فقال أما بيعه وشراؤه فغير جائز.
وأطلقهن في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال الزركشي قلت ونقل عنه إسحاق بن هانئ ما يحتمل عكس الرواية الخامسة فقال لا أقول في طلاق السكران وعتقه شيئا ولكن بيعه وشراؤه جائز.
وعنه لا تصح ردته فقط حكاها بن مفلح في أصوله.
ويأتي الخلاف في قتله في باب شروط القصاص في كلام المصنف.

فوائد
الأولى: حد السكران الذي تترتب عليه هذه الأحكام هو الذي يخلط في كلامه وقراءته ويسقط تمييزه بين الأعيان ولا يشترط فيه أن يكون بحيث لا يميز بين السماء والأرض ولا بين الذكر والأنثى قاله القاضي وغيره في رواية حنبل فقال السكران الذي إذا وضع ثيابه في ثياب غيره فلم يعرفها أو وضع نعله في نعالهم فلم يعرفه وإذا هذي في أكثر كلامه وكان معروفا بغير ذلك.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل: يكفي تخليط كلامه ذكره أكثرهم في باب حد السكر.
وضبطه بعضهم فقال هو الذي يختل في كلامه المنظوم ويبيح بسره المكتوم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وزعم طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله أن النزاع في وقوع طلاقه إنما هو في النشوان فأما الذي تم سكره بحيث لا يفهم ما يقول فإنه لا يقع به قولا واحدا.
قال والأئمة الكبار جعلوا النزاع في الجميع.
الثانية: قال جماعة من الأصحاب لا تصح عبادة السكران.
قال الإمام أحمد رحمه الله ولا تقبل صلاته أربعين يوما حتى يتوب للخبر وقاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
الثالثة: محل الخلاف في السكران عند جمهور الأصحاب إذا كان آثما في سكره وهو ظاهر كلام المصنف هنا فإن قوله: فإن زال عقله بسبب لا يعذر فيه يدل عليه.
فأما إن أكره على السكر فحكمه حكم المجنون هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال بن مفلح في أصوله والمعذور بالسكر كالمغمى عليه.
وقال القاضي في الجامع الكبير في كتاب الطلاق فأما إن أكره على شربها احتمل أن يكون حكمه حكم المختار لما فيه من اللذة واحتمل أن لا يكون حكمه حكم المختار لسقوط المأثم عنه والحد.
قال وإنما يخرج هذا على الرواية التي تقول إن الإكراه يؤثر في شربها.

فأما إن قلنا لا يؤثر الإكراه في شربها فحكمه حكم المختار انتهى.
قوله : "ومن شرب ما يزيل عقله لغير حاجة ففي صحة طلاقه روايتان".
اعلم أن كثيرا من الأصحاب ألحقوا بالسكران من شرب أو أكل ما يزيل عقله لغير حاجة كالمزيلات للعقل غير الخمر من المحرمات والبنج ونحوه فجعلوا فيه الخلاف الذي في السكران منهم بن حامد وأبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف هنا وفي الكافي والمغني والشارح وابن منجا في شرحه وصاحب التصحيح وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والزبدة.
ومن أطلق الخلاف في السكران أطلقه هنا إلا صاحب الخلاصة فإنه جزم بالوقوع من السكران.
وأطلق الخلاف هنا وصحح في التصحيح الوقوع فيهما.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه كالسكران.
قال لأنه قصد إزالة العقل بسبب محرم.
وقال في الواضح إن تداوى ببنج فسكر لم يقع.
وصححه في القاعدة الثانية بعد المائة.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة.
قال في الجامع الكبير إن زال عقله بالبنج نظرت فإن تداوى به فهو معذور ويكون الحكم فيه كالمجنون.
وإن تناول ما يزيل عقله لغير حاجة كان حكمه كالسكران والتداوي حاجة انتهى.
قلت ظاهر كلام المصنف أنه إذا تناوله لحاجة أنه لا يقع.
وصرح به المصنف في المغني وغيره.
واعلم أن الصحيح من المذهب أن تناول البنج ونحوه لغير حاجة إذا زال العقل به كالمجنون لا يقع طلاق من تناوله نص عليه لأنه لا لذة فيه.
وفرق الإمام أحمد رحمه الله بينه وبين السكران فألحقه بالمجنون.
وقدمه في النظم والفروع وهو ظاهر ما قدمه في المحرر ومال إليه.
قال في المنور لا يقع من زائل العقل إلا بمسكر محرم.
وهو الظاهر من كلام الخرقي فإنه قال وطلاق الزائل العقل بلا سكر لا يقع.
قال الزركشي قد يدخل ذلك في كلام الخرقي.

وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن أثم بسكر ونحوه فروايتان ثم ذكر حكم البنج ونحوه.
فائدتان
إحداهما: قال الزركشي ومما يلحق بالبنج الحشيشة الخبيثة.
وأبو العباس يرى أن حكمها حكم الشراب المسكر حتى في إيجاب الحد.
وهو الصحيح إن أسكرت أو كثيرها وإلا حرمت وعزر فقط فيها في الأظهر ولو طهرت.
وفرق أبو العباس بينها وبين البنج بأنها تشتهي وتطلب فهي كالخمر بخلاف البنج.
فالحكم عنده منوط باشتهاء النفس لها وطلبها.
الثانية: قال في القاعدة الثانية بعد المائة لو ضرب برأسه فجن لم يقع طلاقه على المنصوص وعلله.
قوله : "ومن أكره على الطلاق بغير حق لم يقع طلاقه".
هذا المذهب مطلقا نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب.
وعنه يشترط في الوقوع أن يكون المكره بكسر الراء ذا سلطان.
قوله : "وإن هدده بالقتل أو أخذ المال ونحوه قادر يغلب على ظنه وقوع ما هدده به فهو إكراه".
هذا المذهب صححه في النظم وغيره.
واختاره ابن عقيل في التذكرة وبن عبدوس في تذكرته وغيرهما.
وجزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وإليه ميل المصنف والشارح.
وعنه لا يكون مكرها حتى ينال بشيء من العذاب كالضرب والخنق وعصر الساق نص عليه في رواية الجماعة.
واختاره الخرقي والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.

وجزم به في الإرشاد وقدمه في الخلاصة وهو من المفردات.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير في تهديده بغير القتل والقطع.
وقطع في المحرر والحاوي أن الطلاق لا يقع إذا هدده بالقتل أو القطع.
وقدم في الرعايتين أنه يقع إذا هدد بهما.
وعنه إن هدده بقتل أو قطع عضو فإكراه وإلا فلا.
قال القاضي في كتاب الروايتين التهديد بالقتل إكراه رواية واحدة.
وتبعه المجد في المحرر والحاوي الصغير وزاد وقطع طرف كما تقدم عنهما.
فوائد
الأولى: يشترط للإكراه شروط.
أحدها: أن يكون المكره بكسر الراء قادرا بسلطان أو تغلب كاللص ونحوه.
الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه مع عجزه عن دفعه وهربه واختفائه.
الثالث: أن يكون ما يستضر به ضررا كثيرا كالقتل والضرب الشديد والحبس والقيد الطويلين وأخذ المال الكثير.
زاد في الكافي والإخراج من الديار.
وأطلق جماعة الحبس وقدمه في الرعاية الصغرى.
وقال المصنف والشارح وأما الضرب اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به فليس بإكراه وإن كان في ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه وغضا له وشهرة له في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره انتهيا.
فأما السب والشتم والإخراق فلا يكون إكراها رواية واحدة.
قاله المصنف والشارح وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل: إخراق من يؤلمه ذلك إكراه وهو ظاهر كلامه في الواضح.
قال القاضي في الجامع الكبير الإكراه يختلف فلا يكون إكراها رواية واحدة في حق كل أحد ممن يتألم بالشتم أو لا يتألم.
قال ابن عقيل وهو قول حسن.
وقال بن رزين في مختصره لا يقع الطلاق من مكره لا بشتم وتوعد لسوقة.

الثانية : ضرب ولده وحبسه ونحوهما إكراه لوالده على الصحيح من المذهب صححه في الفروع والقواعد الأصولية وغيرهما.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما فلا يقع طلاق الوالد.
وقيل: ليس بإكراه له.
قال في الفروع ويتوجه أن ضرب والده ونحوه وحبسه كضرب ولده.
قال في القواعد الأصولية ويتوجه تعديته إلى كل من يشق عليه تعديته مشقة عظيمة من والد وزوجة وصديق.
الثالثة : لو سحر ليطلق كان إكراها قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قلت بل هو منه أعظم الإكراهات.
ذكره بن القيم والشيخ تقي الدين وبن نصر الله وغيرهم وهو واضح وهو المذهب الصحيح.
الرابعة : ينبغي للمكره بفتح الراء إذا أكره على الطلاق وطلق أن يتأول فإن ترك التأويل بلا عذر لم يقع الطلاق على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح ونصراه.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقيل: تطلق وأطلقهما في الفروع والقواعد الأصولية.
قال في الرعاية الكبرى وقيل: إن نوى المكره ظلما غير الظاهر نفعه تأويله وإن ترك ذلك جهلا أو دهشة لم يضره وإن تركه بلا عذر احتمل وجهين انتهى.
وقال الزركشي ولا نزاع عند العامة أنه إذا لم ينو الطلاق ولم يتأول بلا عذر أنه لا يقع.
ولابن حمدان احتمال بالوقوع والحالة هذه انتهى.
وكذا الحكم لو أكره على طلاق مبهمة فطلق معينة.
وقال في الانتصار هل يقع لغوا أو يقع بنية الطلاق فيه روايتان.
يعني أن طلاق المكره هل هو لغو لا حكم له أو هو بمنزلة الكناية إن نوى الطلاق وقع وإلا فلا.
وفيه الخلاف كما سيأتي ذلك في الفائدة السادسة والخمسين صريحا فيهما.

الخامسة: لو قصد إيقاع الطلاق دون دفع الإكراه وقع الطلاق على الصحيح من المذهب صححه القاضي وجماعة من المتأخرين.
ويحتمل أن لا يقع وهما احتمالان في الجامع الكبير.
قال الزركشي لو أكره فطلق ونوى به الطلاق فقيل لا يقع وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل: إن نوى وقع وإلا فلا كالكناية حكاهما في الانتصار.
وحكى شيخه عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على روايتين وجعل الأشبه الوقوع أورده أبو محمد مذهبا.
السادسة: الإكراه على العتق واليمين ونحوهما كالإكراه على الطلاق على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تنعقد يمينه.
قال في الفروع ويتوجه غيرها مثلها.
قوله : "ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا".
قلت ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله وهو المذهب.
واختار أبو الخطاب أنه لا يقع حتى يعتقد صحته.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في المذهب وهو الصحيح عندي واختاره صاحب التلخيص.
قال في الحاوي الصغير حمله أصحابنا على أن طلاقه يقع وإن اعتقد فساد النكاح.
وقال أبو الخطاب كلام الإمام أحمد رحمه الله محمول على من اعتقد صحة النكاح إما باجتهاد أو تقليد.
فأما من اعتقد بطلانه فلا يقع طلاقه انتهى.
فائدتان
إحداهما: حيث قلنا بالوقوع فيه فإنه يكون طلاقا بائنا.
قاله في الرعاية والفروع والنظم والمحرر وغيرهم.
قلت فيعايي بها.
الثانية: يجوز الطلاق في النكاح المختلف فيه في الحيض ولا يسمى طلاق بدعة.
قلت فيعايي بها.

تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يقع الطلاق في نكاح مجمع على بطلانه وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يقع اختاره أبو بكر في التنبيه.
فائدة: الصحيح من المذهب أنه لا يقع الطلاق في نكاح فضولي قبل إجازته وإن بعد بها وعليه الأصحاب وفيه احتمال بالوقوع.
ذكره صاحب الرعاية الكبرى من عنده.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن طلاق الفضولي كبيعه.
ذكره في الفروع في باب أركان النكاح.
قوله : "وإذا وكل في الطلاق من يصح توكيله صح طلاقه".
قال في الفروع وإن صح طلاق مميز صح توكيله.
وذكر ابن عقيل رواية اختارها أبو بكر يعني ولو صح طلاقه لم يصح توكيله نص عليهما.
ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
قوله : "وله أن يطلق متى شاء إلا أن يحد له الزوج حدا".
أو يفسخ أو يطأ.
الصحيح من المذهب أن الوطء عزل للوكيل وعليه الأصحاب.
وقيل: لا ينعزل به وهو رواية في الفروع.
ذكره في باب الوكالة وقال في بطلانها بقبلة خلاف.
قوله : "ولا يطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعل إليه".
جزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز.
وقيل: له أن يطلق أكثر من واحدة إن لم يحد له حدا.
قال في الهداية والمستوعب فله أن يطلق متى شاء وما شاء إلا أن يحد في ذلك حدا.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في النظم.
فائدة: لو وكله في ثلاث فطلق واحدة أو وكله في واحدة فطلق ثلاثا طلقت واحدة بلا خلاف أعلمه ونص عليه.
وإن خيره من ثلاث ملك اثنتين فأقل ولا يملك بالإطلاق تعليقا.
ذكره في الفروع في باب صريح الطلاق وكنايته.

ويأتي في آخره أيضا هل يقع من الوكيل بالكناية إذا وكله بالصريح أم لا.
قوله : "وإن وكل اثنين فيه فليس لأحدهما الانفراد به إلا بإذنه".
وهذا بلا نزاع.
قوله : "فإن وكلهما في ثلاث فطلق أحدهما أكثر من الآخر وقع ما اجتمعا عليه".
فلو طلق أحدهما واحدة والآخر أكثر فواحدة نص عليه وعليه الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى وفيه نظر.
فائدتان
إحداهما: ليس للوكيل المطلق الطلاق وقت بدعة فإن فعل حرم ولم يقع صححه الناظم.
وقيل: يحرم ويقع قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف حيث قال وله أن يطلق متى شاء.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمستوعب كما تقدم قريبا.
وأطلقهما في المحرر والفروع.
الثانية: تقبل دعوى الزوج أنه رجع عن الوكالة قبل إيقاع الوكيل الطلاق عند أصحابنا قاله في المحرر وغيره وقدمه في الفروع.
وذكر في المجرد والفصول في تعليق الوكالة أن الإمام أحمد رحمه الله نص في رواية أبي الحارث أنه لا يقبل إلا ببينة.
وجزم به في الترغيب والأزجي في عزل الموكل.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال وكذا دعوى عتقه ورهنه ونحوه.
وعادة كثير من المصنفين ذكر الوكالة في الطلاق في آخر باب صريح الطلاق وكنايته عند قوله: أمرك بيدك ونحوه.
قوله : "وإن قال لامرأته طلقي نفسك فلها ذلك كالوكيل".
إذا قال لها طلقي نفسك صح ذلك كتوكيل الأجنبي فيه بلا نزاع.
فإن نوى عددا فهو على ما نوى وإن أطلق من غير نية لم تملك إلا واحدة على ما يأتي في كلام المصنف في آخر باب صريح الطلاق وكنايته.

ويأتي في كلام المصنف هناك لو قال لها طلقي نفسك فقالت اخترت نفسي.
ويأتي هناك ما تملك بقوله: لها طلاقك بيدك أو وكلتك في الطلاق وصفة طلاقها وفروع أخر مستوفاة محررة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن لها أن تطلق نفسها في مجلس الوكالة وبعده ما لم يبطل حكم الوكالة كالوكيل الأجنبي وك أمرك بيدك وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر ما في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه ورجحه في الكافي.
قال في الرعايتين وهو أولى وجزم به ابن منجا في شرحه.
وقال القاضي إذا قال لامرأته طلقي نفسك تقيد بالمجلس.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين وجزم به في المنور.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع.
ويأتي في آخر باب صريح الطلاق وكنايته في كلام المصنف إذا قال لها أمرك بيدك أو اختاري نفسك هل يتقيد بالمجلس أو لا.
وتأتي أيضا هذه المسألة هناك.

باب سنة الطلاق وبدعته
.
قوله : "السنة أن يطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه ثم يدعها حتى تنقضي عدتها". وهذا بلا نزاع.
ولو طلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار كان حكم ذلك حكم جمع الثلاث في طهر واحد.
قال الإمام أحمد رحمه الله طلاق السنة واحدة ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض.
قوله : "وإن طلق المدخول بها في حيضتها أو طهر أصابها فيه فهو طلاق بدعة محرم ويقع".
الصحيح من المذهب أن طلاقها في حيضها أو طهر أصابها فيه محرم ويقع نص عليهما وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين وتلميذه ابن القيم رحمهما الله لا يقع الطلاق فيهما.
قال الشيخ تقي الدين اختار طائفة من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله عدم الوقوع في الطلاق المحرم.

وقال أيضا ظاهر كلام بن أبي موسى أن طلاق المجامعة مكروه وطلاق الحائض محرم.
تنبيه: مراده بقوله: أو طهر أصابها فيه إذا لم يستبن حملها فإن استبان حملها فلا سنة لطلاقها ولا بدعة على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
والعلة في ذلك احتمال أن تكون حاملا فيحصل الندم فإن كان الحمل مستبينا فقد طلق وهو على بصيرة فلا يخاف أمرا يتجدد معه الندم.
فوائد
الأولى: قال في المحرر وكذا الحكم لو طلقها في آخر طهر لم يصبها فيه.
يعني أنه طلاق بدعة ومحرم ويقع.
وتبعه شارحه على ذلك وصاحب الحاوي الصغير.
وسبقهم إليه القاضي في المجرد.
وجماهير الأصحاب على أنه مباح والحالة هذه إلا على رواية أن القروء الأطهار.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا.
الثانية: أكثر الأصحاب على أن العلة في منع الطلاق من الحيض هي تطويل العدة.
وخالفهم أبو الخطاب فقال لكونه في زمن رغبته عنها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقد يقال إن الأصل في الطلاق النهي عنه فلا يباح إلا وقت الحاجة وهو الطلاق الذي تتعقبه العدة لأنه بدعة.
الثالثة: اختلف الأصحاب في الطلاق في الحيض هل هو محرم لحق الله فلا يباح وإن سألته إياه أو لحقها فيباح بسؤالها فيه وجهان.
قال الزركشي والأول ظاهر إطلاق الكتاب والسنة.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره.
لكن الذي جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم أن خلع الحائض زاد في المحرر وغيره وطلاقها بسؤالها غير محرم ولا بدعة ذكره أكثرهم في كتاب الخلع.
وقال بن عبدوس في تذكرته ولا سنة لخلع ولا بدعة بل لطلاق بعوض.
وتقدم ذلك أيضا في باب الحيض عند قوله: ويمنع سنة الطلاق.
الرابعة: العلة في تحريم جمع الثلاث سد الباب على نفسه وعدم المخرج.
وقال بعضهم هل العلة في النهي عن جمع الثلاث التحريم المستفاد منها أو تضييع الطلاق لا فائدة له وينبني على ذلك تحريم جمع الطلقتين.

الخامسة: قال في الترغيب تحمل المرأة بماء الرجل في معنى الوطء قال وكذا وطؤها في غير القبل لوجوب العدة.
قلت وفيه نظر ظاهر.
قوله : "وتستحب رجعتها".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنها واجبة ذكرها في الموجز والتبصرة والترغيب وهو قول في الرعايتين فيما إذا وطى ء في طهر طلقها فيه.
وعنه أنها واجبة في الحيض اختارها في الإرشاد والمبهج.
فائدتان
إحداهما: لو علق طلاقها بقيامها فقامت حائضا فقال في الانتصار هو طلاق مباح.
وقال في الترغيب هو طلاق بدعي.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين.
وذكر المصنف إن علق الطلاق بقدوم زيد فقدم في حيضها فبدعة ولا إثم.
قلت مقتضى كلام أبي الخطاب في الانتصار أنه مباح بل أولى بالإباحة وهو أولى.
وجزم في الرعاية الصغرى بأنه إذا وقع ما كان علقه وهي حائض أنه يحرم ويقع.
الثانية: طلاقها في الطهر المتعقب للرجعة بدعة في ظاهر المذهب واختاره الأكثر قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقدمه في الفروع وصححه في الرعاية والقواعد وغيرهما.
قلت فيعايي بها.
وعنه يجوز زاد في الترغيب ويلزمه وطؤها.
قوله : "وإن طلقها ثلاثا في طهر لم يصبها فيه كره وفي تحريمه روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والهادي والكافي.
إحداهما: يحرم وهو المذهب نص عليه في رواية بن هانئ وأبي داود والمروذي وأبي بكر بن صدقة وأبي الحارث وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في العمدة والوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.

قال الشيخ تقي الدين وصاحب الفروع اختاره الأكثر.
قلت منهم أبو بكر وأبو حفص والقاضي والشريف وأبو الخطاب والقاضي أبو الحسين والمصنف والشارح وابن منجا في شرحه وبن رزين في شرحه.
قال في المذهب ومسبوك الذهب أصح الروايتين أنه يحرم.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والفروع.
والرواية الثانية: ليس بحرام اختارها الخرقي وقدمها في الروضة والمحرر والنظم والحاوي الصغير وجزم به في المنور.
قال الطوفي ظاهر المذهب أنه ليس ببدعة قلت ليس كما قال.
وعنه الجمع في الطهر بدعة والتفريق في الأطهار من غير مراجعة سنة.
فعلى الرواية الثانية يكون الطلاق على هذه الصفة مكروها.
ذكره جماعة من الأصحاب منهم المصنف هنا وقدمه في الفروع.
ونقل أبو طالب هو طلاق السنة وقدمه في الرعايتين.
وعلى المذهب ليس له أن يطلق ثانية وثالثة قبل الرجعة على الصحيح من المذهب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله اختارها أكثر الأصحاب كأبي بكر والقاضي وأصحابه قال وهو أصح.
وعنه له ذلك قبل الرجعة.
فائدة: لو طلق ثانية وثالثة في طهر واحد بعد رجعة أو عقد لم يكن بدعة بحال على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وقدمه في الفروع.
وقدم في الانتصار رواية تحريمه حتى تفرغ العدة.
وجزم به في الروضة فيما إذا رجع.
قال لأنه طول العدة وأنه معنى نهيه تعالى بقوله: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231].
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن طلاقها اثنتين ليس كطلاقها ثلاثا وهو صحيح اختاره المصنف والشارح وقدمه في الفروع.
وقيل: حكمه حكم الطلاق الثلاث جزم به في المحرر وتذكرة بن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في القواعد الأصولية.

وقال وقد يحسن بناء روايتي تحريم الطلاق من غير حاجة على أصل قاله أبو يعلي في تعليقه الصغير وأبو الفتح بن المنى وهو أن النكاح لا يقع إلا فرض كفاية وإن كان ابتداء الدخول فيه سنة انتهى.
وقال بعض الأصحاب مأخذ الخلاف أن العلة في النهي عن جمع الثلاث هل هي التحريم المستفاد منها أو تضييع الطلاق لا فائدة له فينبني على ذلك جمع الطلقتين.
فائدة: إذا طلقها ثلاثا متفرقة بعد أن راجعها طلقت ثلاثا بلا نزاع في المذهب وعليه الأصحاب منهم الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وإن طلقها ثلاثا مجموعة قبل رجعة واحدة طلقت ثلاثا وإن لم ينوها على الصحيح من المذهب نص عليه مرارا وعليه الأصحاب بل الأئمة الأربعة رحمهم الله وأصحابهم في الجملة.
وأوقع الشيخ تقي الدين رحمه الله من ثلاث مجموعة أو متفرقة قبل رجعة طلقة واحدة وقال لا نعلم أحدا فرق بين الصورتين.
وحكى عدم وقوع الطلاق الثلاث جملة بل واحدة في المجموعة أو المتفرقة عن جده المجد وأنه كان يفتي به أحيانا سرا.
ذكره عنه في الطبقات لأنه محجور عليه إذن فلا يصح كالعقود المحرمة لحق الله تعالى.
[وظاهره ولو وجب عليه فراقها لإمكان حصوله بخلع بعوض يعارض لفظ الطلاق ونيته فضلا عن حصوله بنفس طلقة واحدة أو طلقات].
وقال عن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إيقاع الثلاث إنما جعله. لإكثارهم منه فعاقبهم على الإكثار منه لما عصوا بجمع الثلاث فيكون عقوبة من لم يتق الله من التعزير الذي يرجع فيه إلى اجتهاد الأئمة كالزيادة على الأربعين في حد الخمر لما أكثر الناس منها وأظهروه ساغت الزيادة عقوبة انتهى.
واختاره الحلي وغيره من المالكية لحديث صحيح في مسلم يقتضي أن المراد بالثلاث في ذلك ثلاث مرات لا أن المراد بذلك ثلاث تطليقات.
فعليه لو أراد به الإقرار لزمته الثلاث اتفاقا إن امتنع صدقه وإلا فظاهرا فقط.
واختاره أيضا بن القيم وغيره في الهدى وغيره وكثير من أتباعه.
قال بن المنذر هو مذهب أصحاب بن عباس رضي الله عنهما كعطاء وطاوس

وعمرو بن دينار رحمهم الله نقله الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر في فتح الباري شرح البخاري.
وحكى المصنف عن عطاء وطاوس وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء وعمرو بن دينار أنهم كانوا يقولون من طلق البكر ثلاثا فهي واحدة.
وقال القرطبي في تفسيره على قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] اتفق أئمة الفتوى على لزوم إيقاع الثلاث وهو قول جمهور السلف وشذ طاوس وبعض أهل الظاهر فذهبوا إلى أن الطلاق الثلاث في كلمة واحدة يقع واحدة ويروى هذا عن محمد بن إسحاق والحجاج بن أرطأة.
وقال بعد ذلك ولا فرق بين أن يوقع ثلاثا مجتمعة في كلمة أو متفرقة في كلمات ثلاث.
وقال بعد ذلك ذكر محمد بن أحمد بن مغيث في وثائقه أن الطلاق ينقسم إلى طلاق سنة وطلاق بدعة فطلاق البدعة أن يطلقها في حيض أو ثلاثا في كلمة واحدة فإن فعل لزمه الطلاق.
ثم اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مطلق كم يلزمه من الطلاق فقال علي وبن مسعود رضي الله عنهما يلزمه طلقة واحدة وقاله بن عباس رضي الله عنهما وقال قوله: ثلاثا لا معنى له لأنه لم يطلق ثلاث مرات.
وقاله الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما ورويناه عن بن وضاح.
وقال به من شيوخ قرطبة بن زنباع ومحمد بن بقي بن مخلد ومحمد بن عبد السلام الخشني فقيه عصره وأصبغ بن الحباب وجماعة سواهم.
وقد يخرج بقياس من غير ما مسألة من المدونة ما يدل على ذلك وذكره وعلل ذلك بتعاليل جيدة انتهى.
فوقوع الواحدة في الطلاق الثلاث الذي ذكرناه هنا لكونه طلاق بدعة لا لكون الثلاث واحدة.
قوله : "وإن كانت المرأة صغيرة أو آيسة أو غير مدخول بها أو حاملا قد استبان حملها فلا سنة لطلاقها ولا بدعة إلا في العدد".
هذا إحدى الروايات.
قال الشارح فهؤلاء كلهن ليس لطلاقهن سنة ولا بدعة من جهة الوقت في قول أصحابنا انتهى وقدمه في النظم.

وعنه لا سنة لهن ولا بدعة لا في العدد ولا في غيره وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وصححه في الهداية والمذهب.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المستوعب.
وعنه سنة الوقت تثبت للحامل وهو قول الخرقي.
فلو قال لها أنت طالق للبدعة طلقت بالوضع لأن النفاس زمن بدعة كالحيض.
ونقل ابن منصور ولا يعجبني أن يطلق حائضا لم يدخل بها.
فعلى الرواية الثانية وهي المذهب لو قال لمن اتصفت ببعض هذه الصفات أنت طالق للسنة طلقة وللبدعة طلقة وقع طلقتان إلا أن ينوي في غير الآيسة إذا صارت من أهل ذلك الوصف فيدين على الصحيح من المذهب. وذكر في الواضح وجها أنه لا يدين.
وهل يقبل في الحكم يخرج على وجهين ذكرهما القاضي.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمغني والشرح.
وظاهر كلامه في المنور أنه لا يقبل في الحكم.
والوجه الثاني : يقبل.
قال المصنف والشارح هذا أشبه بمذهب الإمام أحمد رحمه الله لأنه فسر كلامه بما يحتمله.
فائدة لو قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق طلقة للسنة وطلقة للبدعة طلقت طلقة في الحال وطلقة في ضد حالها الراهنة قاله الأصحاب.
قوله : "وإن قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق للسنة في طهر لم يصبها فيه طلقت في الحال" بلا نزاع.
وظاهر قوله : "وإن كانت حائضا طلقت إذا طهرت".
سواء اغتسلت أولا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في البلغة هذا أصح الوجهين.
قال الزركشي هذا المذهب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل: لا تطلق حتى تغتسل اختاره بن أبي موسى.
قال الزركشي ولعل مبنى القولين على أن العلة في المنع من طلاق الحائض إن قيل

تطويل العدة وهو المشهور أبيح الطلاق بمجرد الطهر.
وإن قيل الرغبة عنها لم تبح رجعتها حتى تغتسل لمنعها منها قبل الاغتسال انتهى.
ويأتي في باب الرجعة ما يقرب من ذلك وهو ما إذا طهرت من الحيضة الثالثة ولم تغتسل هل له رجعتها أم لا.
قوله : "وإن قال لها أنت طالق للبدعة وهي حائض أو في طهر أصابها فيه طلقت في الحال وإن كانت في طهر لم يصبها فيه طلقت إذا أصابها أو حاضت".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
لكن ينزع في الحال بعد إيلاج الحشفة لوقوع طلاق ثلاث عقيب ذلك.
فإن استدام ذلك حد العالم وعذر الجاهل قاله الأصحاب.
وقال في المحرر وعندي أنها تطلق طلقتين في الحال إذا كان زمن السنة وقلنا الجمع بدعة بناء على اختياره من أن جمع طلقتين بدعة.
قوله : "وإن قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة طلقت ثلاثا في طهر لم يصبها فيه في إحدى الروايتين".
قال المصنف والشارح هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين.
وفي الأخرى تطلق في الحال واحدة وتطلق الثانية والثالثة في طهرين في نكاحين إن أمكن.
واختارها جماعة.
وعنه تطلق ثلاثا في ثلاثة أطهار لم يصبها فيهن وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير.
تنبيه: قال القاضي وأبو الخطاب في الهداية وبن الجوزي في المذهب والسامري في المستوعب وغيرهم وقوع الثلاث في طهر لم يصبها فيه مبنى على الرواية التي قال فيها إن جمع الثلاث يكون سنة.
فأما على الرواية الأخرى فإذا طهرت طلقت واحدة وتطلق الثانية والثالثة في نكاحين آخرين أو بعد رجعتين.
وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله هذا القول فقال في رواية مهنا إذا قال لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة قد اختلفوا فيه.

فمنهم من يقول يقع عليها الساعة واحدة فلو راجعها تقع عليها تطليقة أخرى وتكون عنده على أخرى وما يعجبني قولهم هذا.
قال القاضي وأبو الخطاب فيحتمل أن الإمام أحمد رحمه الله أوقع الثلاث لأن ذلك عنده سنة ويحتمل أنه أوقعها لوصفه الثلاث بما لا تتصف به فألغى الصفة وأوقع الثلاث كما لو قال لحائض أنت طالق في الحال للسنة.
وقال في رواية أبي الحارث ما يدل على هذا.
فإنه قال يقع عليها الثلاث ولا معنى لقوله: للسنة.
قال ابن منجا في شرحه وفي هذا الاحتمال نظر لأنه لو ألغى قوله: للسنة. وجب أن تطلق في الحال حائضا كانت أو طاهرا مجامعة أو غير مجامعة لأنه إذا ألغى قوله: للسنة بقي أنت طالق وهو موجب لما ذكره.
ولقائل أن يقول إن وقوع الثلاث يمكن تخريجه على غير ذلك وهو أنه لما كانت البدعة على ضربين أحدهما من جهة العدد والأخرى من جهة الوقت فحيث جمع الزوج بين الثلاث وبين السنة كان ذلك قرينة في إرادته السنة من حيث الوقت لا من حيث العدد فلا تلحظ في الثلاث السنة لعدم إرادته له ويصير كما لو قال أنت طالق ثلاثا ويلحظ السنة في الوقت لإرادته له فلا تطلق إلا في طهر لم يصبها فيه انتهى.
فائدة: لو قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق ثلاثا نصفها للسنة ونصفها للبدعة طلقت طلقتين في الحال وطلقت الثالثة في ضد حالها الراهنة وهذا الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الفروع هذا الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وقدمه في الرعايتين والنظم.
وهو ظاهر ما قدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وقال بن أبي موسى تطلق الثلاث في الحال لتبعيض كل طلقة انتهى.
وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا للسنة والبدعة وأطلق.
ولو قال طلقتان للسنة وواحدة للبدعة أو عكسه فهو على ما قال.
فإن أطلق ثم قال نويت ذلك إن فسر نيته بما يقع في الحال طلقت وقبل قوله: لأنه يقتضي الإطلاق لأنه غير متهم فيه.
وإن فسرها بما يوقع طلقة واحدة ويؤخر اثنتين دين ويقبل في الحكم على الصحيح.
قال المصنف والشارح هذا أظهر.
وقيل: لا يقبل في الحكم لأنه فسر كلامه بأخف مما يلزمه حالة الإطلاق وأطلقهما في الفروع.

ولو قال أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة طلقت في الحال طلقتين على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والرعاية.
ويحتمل أن يقع طلقة ويتأخر اثنتان إلى الحال الأخرى.
قوله : "وإن قال لها أنت طالق في كل قرء وهي من اللائي لم يحضن لم تطلق حتى تحيض فتطلق في كل حيضة طلقة".
بلا نزاع لكن تستثنى الحائض التي لم يدخل بها.
والصحيح من المذهب أن القرء هو الحيض على ما يأتي في باب العدة.
قوله : "وإن قلنا القرء الأطهار".
وهي مسألة المصنف فهل تطلق في الحال طلقة.
أطلق المصنف فيه وجهين.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
إحداهما: تطلق في الحال طلقة وهو المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة.
والوجه الثاني: لا تطلق إلا في طهر بعد حيض متجدد.
فوائد
إحداها: حكم الحامل كحكم اللائي لم يحضن على ما تقدم.
وأما الآيسة فتطلق طلقة واحدة على كل حال قاله القاضي واقتصر عليه المصنف والشارح وغيرهما.
الثانية قوله: "وإن قال أنت طالق أحسن الطلاق وأجمله فهو كقوله: أنت طالق للسنة".
وكذا قوله: أقرب الطلاق وأعدله وأكمله وأفضله وأتمه وأسنه ونحوه.
وكذا قوله: طلقة جليلة أو سنية ونحوه.
وإن قال أقبح الطلاق واسمجه وكذا أفحش الطلاق وأردأه أو أنتنه ونحوه.
فهو كقوله: للبدعة إلا أن ينوي أحسن أحوالك أو أقبحها أن تكوني مطلقة فيقع في الحال بلا نزاع.

لكن لو نوى بأحسنه زمن البدعة لشبهه بخلقها القبيح أو بأقبحه زمن السنة لقبح عشرتها ونحوه ففي الحكم وجهان.
وأطلقهما في الفروع وأطلقهما أيضا في المغني والشرح.
قال في الرعاية الكبرى وقيل: إن قال في أحسن الطلاق ونحوه أردت طلاق البدعة وفي أقبح الطلاق ونحوه أردت طلاق السنة قبل قوله: في الأغلظ عليه ودين في الأخف.
وهل يقبل حكما خرج فيه وجهان انتهى.
الثالثة: قوله : "وإن قال أنت طالق طلقة حسنة قبيحة طلقت في الحال".
وكذلك لو قال أنت طالق في الحال للسنة وهي حائض أو قال أنت طالق للبدعة في الحال وهي في طهر لم يصبها فيه بلا نزاع فيهما.

باب صريح الطلاق وكنايته
.
فائدة: لو قال: "امرأتي طالق" وأطلق النية أو قال عبدي حر أو أمتي حرة وأطلق النية طلق جميع نسائه وعتق جميع عبيده وإمائه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وهو من مفردات المذهب.
واختار المصنف وصاحب الفائق أنه لا تطلق إلا واحدة ولا يعتق إلا واحدة وتخرج بالقرعة.
وتقدم هذا أيضا في أواخر كتاب العتق بعد قوله: وإن قال كل مملوك لي حر.
قوله : "وصريحه لفظ الطلاق وما يتصرف منه".
يعني أن صريح الطلاق هو لفظ الطلاق وما تصرف منه لا غير.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وصححه المصنف والشارح وابن منجا في شرحه والناظم.
واختاره بن حامد.
قال في الهداية وهو الأقوى عندي.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
وقال الخرقي صريحه ثلاثة ألفاظ الطلاق والفراق والسراح وما تصرف منهن.

وقال أبو بكر ونصره القاضي واختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وبن البناء.
قال في الواضح اختاره الأكثر.
وجزم به القاضي في الجامع الصغير وابن عقيل في التذكرة.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والبلغة وإدراك الغاية.
وأطلقهما في الفصول والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والهادي والرعاية الكبرى.
وعنه أنت مطلقة ليست صريحة ذكرها أبو بكر لاحتمال أن يكون طلاقا ماضيا.
قال الزركشي ويلزمه ذلك في طلقتك.
وقيل: طلقتك ليست صريحة أيضا بل كناية.
قال في الفروع فيتوجه عليه أنه يحتمل الإنشاء والخبر وعلى الأول هو إنشاء.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الصيغ إنشاء من حيث إنها هي التي أثبتت الحكم وبها تم وهي إخبار لدلالتها على المعني الذي في النفس.
وفي الكافي احتمال في أنت الطلاق أنها ليست بصريحة.
وقيل: إن لفظ الإطلاق نحو قوله: أطلقتك صريح وهو احتمال للقاضي ورده المصنف والشارح.
وأطلق في المستوعب والبلغة فيه وجهين.
فوائد
إحداها: لو قال لها أنت طالق بفتح التاء طلقت على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر وابن عقيل لا تطلق.
قال في الفروع ويتوجه الخلاف على المسألة الآتية.
الثانية: لو قال لزوجته كلما قلت لي شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق ثلاثا فهذه وقعت زمن بن جرير الطبري رحمه الله تعالى فأفتى فيها بأنه لا يقع إذا علقه بأن قال لها أنت طالق ثلاثا إن أنا طلقتك.
وقال في الفروع طلقت ولو علقه.
وجزم في المستوعب بأنها تطلق إذا قال بكسر التاء وقاله.
وقال في موضع إذا قاله وعلقه بشرط تطلق.

وإن فتح التاء مذكرا فحكى ابن عقيل عن القاضي أنها تطلق لأنه واجهها بالإشارة والتعيين فسقط حكم اللفظ.
نقله في المستوعب وقال حكى عن أبي بكر أنه قال في التنبيه إنها لا تطلق قال ولم أجدها في التنبيه.
وذكر كلام بن جرير لابن عقيل فاستحسنه وقال لو فتح التاء تخلص.
وقال في الفروع ولو كسر التاء تخلص وبقي معلقا ذكره ابن عقيل.
قال بن الجوزي وله التمادي إلى قبيل الموت.
وقيل: لا يقع عليه شيء لأن استثناء ذلك معلوم بالقرينة.
قال بن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد وفيه وجه آخر أحسن من وجهي بن جرير وابن عقيل وهو جار على أصول المذهب وهو تخصيص اللفظ العام بالنية كما لو حلف لا يتغدى ونيته غداء يومه قصر عليه ولو حلف لا يكلمه ونيته تخصيص الكلام بما يكرهه لم يحنث إذا كلمه بما يحبه ونظائره كثيرة وعلله بتعاليل جيدة.
قلت وهو الصواب.
الثالثة: من صريح الطلاق أيضا إذا قيل له أطلقت أمرأتك قال نعم على الصحيح من المذهب كما يأتي في كلام المصنف قريبا.
جزم به في الكافي هنا وغيره وقدمه الزركشي وغيره.
ويحتمل أن لا يكون صريحا قاله الزركشي.
تنبيه قوله: "وما تصرف منه".
يستثنى من ذلك الأمر والمضارع.
وقد تقدم نظيره في أول كتاب العتق والتدبير.
وكذا قوله: أنت مطلقة بكسر اللام اسم فاعل.
قوله : "فمتى أتى بصريح الطلاق وقع نواه أو لم ينوه".
أما إذا نواه فلا نزاع في الوقوع.
وأما إذا لم ينوه فالصحيح من المذهب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب أنه يقع مطلقا.
وعنه لا يقع إلا بنية أو قرينة غضب أو سؤالها ونحوه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب وقوع الطلاق من الهازل واللاعب كالجاد وهو صحيح نص عليه الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب وصرحوا به وكذلك المخطئ قاله الناظم وغيره.

فائدة: لا يقع من النائم كما تقدم في كلام المصنف في كتاب الطلاق ولا من الحاكي عن نفسه ولا من الفقيه الذي يكرره ولا من الزائل العقل إلا ما تقدم من السكران ونحوه على الخلاف.
قوله : وإن نوى بقوله: أنت طالق من وثاق أو أراد أن يقول طاهر فسبق لسانه أو أراد بقوله: مطلقة من زوج كان قبله لم تطلق وإن ادعى ذلك دين.
الصحيح من المذهب أنه إذا ادعى ذلك يدين فيما بينه وبين الله تعالى وعليه الأصحاب.
وعنه لا يدين حكاها ابن عقيل في بعض كتبه والحلواني كالهازل على أصح الروايتين.
قوله : "وهل يقبل في الحكم على روايتين إلا أن يكون في حال الغضب أو بعد سؤالها الطلاق فلا يقبل".
قولا واحدا وأطلق الروايتين في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والبلغة والفروع وشرح ابن منجا وتجريد العناية.
إحداهما: يقبل وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المغني والشرح والكافي إلا في قوله: أردت أنها مطلقة من زوج كان قبلي وكان كذلك فأطلق فيها وجهين.
والرواية الثانية: لا يقبل في الأظهر.
قال في إدراك الغاية لم يقبل في الحكم في الأظهر.
قال في الخلاصة لم يقبل في الحكم على الأصح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وفيما إذا قال أردت أنها مطلقة من زوج كان قبلي وجه ثالث أنه يقبل إن كان وجد وإلا فلا.
قلت وهو قوي.
ويأتي ذلك أيضا في أول باب الطلاق في الماضي والمستقبل عند قوله: فإن قال أردت أن زوجا قبلي طلقها.
فائدة: مثل ذلك خلافا ومذهبا لو قال أنت طالق وأراد أن يقول إن قمت فترك الشرط ولم يرد به طلاقا قاله في الفروع وغيره.

ويأتي في كلام المصنف في أول باب تعليق الطلاق بالشروط إذا قال أنت طالق ثم قال أردت إن قمت وقيل: لا يقبل هنا.
قوله : "ولو قيل له أطلقت امرأتك قال نعم وأراد الكذب طلقت".
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال بن أبي موسى تطلق في الحكم فقط.
وتقدم احتمال ذكره الزركشي أن هذه الصيغة ليست بصريح في الطلاق كما لو قال كنت طلقتها.
وكذا الحكم لو قيل له امرأتك طالق فقال نعم أو ألك امرأة فقال قد طلقتها فلو قال أردت أني طلقتها في نكاح آخر دين.
وفي الحكم وجهان إن كان وجد قدم في الرعاية أنه لا يقبل.
ولو قيل له أأخليتها فقال نعم فكناية.
فائدتان
إحداهما: لو أشهد عليه بطلاق ثلاث ثم استفتى فأفتى بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة مستنده ويقبل قوله: بيمينه لأن مستنده في إقراره ذلك ممن يجهله مثله.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واقتصر عليه في الفروع.
وتقدم ذلك في آخر باب الخلع أيضا.
الثانية: لو قال قائل لعالم بالنحو ألم تطلق امرأتك فقال نعم لم تطلق وإن قال بلى طلقت ذكره الناظم وغيره.
ويأتي نظير ذلك في أوائل باب ما يحصل به الإقرار ولم يفرقوا هناك بين العالم وغيره والصواب التفرقة.
تنبيه: مفهوم قوله: ولو قيل له ألك امرأة قال لا وأراد الكذب لم تطلق.
أنه لو لم يرد الكذب أنها تطلق.
ومثله قوله: ليس لي امرأة أو لست لي بامرأة ونوى الطلاق وهو صحيح لأنه كناية على الصحيح من المذهب نص عليه.

قال الزركشي هذا هو المشهور من الرواية.
وجزم به في الهداية والمذهب والمغني والشرح.
وقدمه في المحرر والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وصححه الناظم.
ونقل أبو طالب إذا قيل ألك امرأة فقال لا ليس بشيء.
فأخذ المجد من إطلاق هذه الرواية أنه لا يلزمه طلاق ولو نوى يكون لغوا وحملها القاضي على أنه لم ينو الطلاق.
فعلى المذهب لو حلف بالله على ذلك فقد توقف الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا عن الجواب فيحتمل وجهين.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع والزركشي.
وقال مبناهما على أن الإنشاءات هل تؤكد فيقع الطلاق أو لا تؤكد إلا الخبر فتتعين خبرية هذا فلا يقع الطلاق.
قال بن عبدوس ذلك كناية وإن أقسم بالله.
قوله : "وإن لطم امرأته أو أطعمها أو سقاها".
وكذا لو ألبسها ثوبا أو أخرجها من دارها أو قبلها ونحو ذلك وقال هذا طلاقك طلقت إلا أن ينوي أن هذا سبب طلاقك ونحو ذلك.
اعلم أنه إذا فعل ذلك فلا يخلو إما أن ينوي به طلاقها أو لا.
فإن نوى به طلاقها طلقت وإن لم ينوه وقع أيضا لأنه صريح على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقال في الفروع فنصه صريح.
وقال في الرعايتين فإن فعل ذلك وقع نص عليه.
وقال في المستوعب والبلغة منصوص الإمام أحمد رحمه الله أنه يقع نواه أو لم ينوه.
قال في الكافي فهو صريح ذكره بن حامد.
وذكر القاضي أنه منصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي كلام الخرقي يقتضيه.
وقطع به في الخلاصة وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي واختاره بن حامد وغيره.
وعنه أنه كناية.
قال في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي وغيرهم وقيل: لا يلزمه حتى ينويه.

قال القاضي يتوجه أنه لا يقع حتى ينويه نقله في البلغة.
وقدم المصنف والشارح أنه كناية ونصراه.
وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الخلاف.
قال الزركشي: ويحتمله كلام الخرقي ويكون اللطم قائما مقام النية لأنه يدل على الغضب.
فعلى المذهب وهو الوقوع من غير نية لو فسره بمحتمل غيره قبل وقاله ابن حمدان والزركشي.
وقال وعلى هذا فهذا قسم برأسه ليس بصريح.
قال في الترغيب والبلغة لو أطعمها أو سقاها فهل هو كالضرب فيه وجهان.
فعلى المذهب: لو نوى أن هذا سبب طلاقك دين فيما بينه وبين الله تعالى. وهل يقبل في الحكم على وجهين وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يقبل وهو الصحيح اختاره في الهداية وصححه في الخلاصة وجزم به في المحرر والنظم والحاوي والوجيز والمصنف وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يقبل في الحكم.
فائدة: لو طلق امرأة أو ظاهر منها أو آلى ثم قال سريعا لضرتها أشركتك معها أو أنت مثلها أو أنت كهي أو أنت شريكتها فهو صريح في الضرة في الطلاق والظهار على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الظهار في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه فيهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وعنه أنه فيهما كناية وأطلقهما في الفروع.
وأما الإيلاء فلا يصير بذلك موليا من الضرة مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به المصنف.
وقدمه في المقنع في باب الإيلاء وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى في آخر باب الإيلاء.
وعنه أنه صريح في حق الضرة أيضا فيكون موليا منها أيضا نص عليه وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم واختاره القاضي.
وعنه أنه كناية فيكون موليا منها إن نواه وإلا فلا.
وأطلقهن في الفروع.

وتأتي مسألة الإيلاء في كلام المصنف في باب الإيلاء.
قوله : "وإن قال أنت طالق لا شيء أو ليس بشيء أو لا يلزمك شيء طلقت".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا وجزم به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع وإن قال أنت طالق لا شيء وقع في الأصح.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير أعني في قوله: أنت طالق لا شيء فقط وقيل: لا تطلق.
فائدة: وكذا الحكم لو قال أنت طالق طلقة لا تقع عليك أو طالق طلقة لا ينقص بها عدد الطلاق.
قوله : "وإن قال أنت طالق أو لا أو طالق واحدة أو لا لم يقع".
أما إذا قال أنت طالق أو لا فالصحيح من المذهب أنه لا يقع وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم ويحتمل أن يقع.
وأما إذا قال أنت طالق واحدة أو لا فقدم المصنف هنا عدم الوقوع وهو أحد الوجهين قدمه في المغني والشرح ونصراه وردا قول من فرق بينهما قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وصححه في تصحيح المحرر.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
ويحتمل أن يقع وهو الوجه الثاني وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز فإنه ذكر عدم الوقوع في الأولى ولم يذكره في هذه.
وجزم به في المنور وتذكرة بن عبدوس.
قال في الخلاصة فقيل تطلق واحدة واقتصر عليه.

وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قوله : "وإن كتب طلاق امرأته".
يعني صريح الطلاق "ونوى الطلاق وقع".
إذا كتب صريح الطلاق ونوى به الطلاق وقع الطلاق على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم وقع رواية واحدة.
وجزم به المصنف وصاحب الخلاصة والوجيز وغيرهم.
لأنه إما صريح أو كناية وقد نوى به الطلاق.
قال في الفروع ويتخرج أنه لغو اختاره بعض الأصحاب بناء على إقراره بخطه وفيه وجهان.
قال ويتوجه عليها صحة الولاية بالخط وصحة الحكم به انتهى.
قال في الرعاية ويتخرج أنه لا يقع بخطه شيء ولو نواه بناء على أن الخط بالحق ليس إقرارا شرعيا في الأصح انتهى.
قلت النفس تميل إلى عدم الوقوع بذلك.
واختار في الرعاية الكبرى في حد الإقرار أنه إظهار الحق لفظا أو كناية.
وفي تعليق القاضي ما تقولون في العقود والحدود والشهادات هل تثبت بالكتابة.
قيل المنصوص عنه في الوصية تثبت وهي عقد يفتقر إلى إيجاب وقبول فيحتمل أن تثبت جميعها لأنها في حكم الصريح ويحتمل أن لا تثبت لأنه لا كناية لها فقويت وللطلاق والعتق كناية فضعفا.
قال المجد لا أدري أراد صحتها بالكناية أو تثبيتها بالظاهر.
قال في الفروع ويتوجه أنه أرادهما.
قوله : "وإن لم ينو شيئا فهل يقع على وجهين".
وهما روايتان خرجهما في الإرشاد.
وأطلقهما في المغني والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والنظم والفروع.
أحدهما: هو أيضا صريح فيقع من غير نية وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال ناظم المفردات أدخله الأصحاب في الصريح ونصره القاضي وأصحابه.
وذكره الحلواني عن الأصحاب وصححه في التصحيح.

قال في تجريد العناية وقع على الأظهر.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
والثاني: أنه كناية فلا يقع من غير نية جزم به في الوجيز.
قال في الرعاية وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
وتقدم تخريج بأنه لغو مع النية.
قوله : وإن نوى تجويد خطه أو غم أهله لم يقع.
هذا المذهب يعني أنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى وعليه الأصحاب.
وقد روى أبو طالب فيمن كتب طلاق زوجته ونوى أن يغم أهله قال قد عمل في ذلك يعني أنه يؤاخذ به.
قال المصنف والشارح فظاهر هذا أنه أوقع الطلاق.
ويحتمل أن لا يقع لأنه أراد غم أهله بتوهم الطلاق دون حقيقته فلا يكون ناويا للطلاق.
قوله : "وهل تقبل دعواه في الحكم يخرج على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما: تقبل وهو المذهب.
قال في المغني والشرح هذا أصح الوجهين وصححه في التصحيح.
قال في المحرر والفروع قبل حكما على الأصح.
قال الناظم هذا أجود.
قال في تجريد العناية قبل على الأظهر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
والرواية الثانية: لا يقبل.
قوله : "وإن كتبه بشيء لا يبين لم يقع".
هذا الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال في تجريد العناية لم يقع على الأظهر.

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال أبو حفص يقع.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
فوائد
الأولى: لو كتبه على شيء لا يثبت عليه خط كالكتابة على الماء والهواء لم يقع بلا خلاف عند أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع وذكر في المغني الوجه لأبي حفص فيما إذا كتبه بشيء لا يبين هنا.
فالصورة الأولى صفة المكتوب به والصورة الثانية صفة المكتوب عليه قاله في البلغة وغيره.
فأجرى المصنف الخلاف في المكتوب عليه كما هو في المكتوب به.
قلت الشارح مثل كلام المصنف بصفة المكتوب عليه فقال مثل أن يكتبه بإصبعه على وسادة أو في الهواء وكذا قال الناظم.
الثانية: لو قرأ ما كتبه وقصد القراءة ففي قبوله حكما الخلاف المتقدم فيما إذا قصد تجويد خطه أو غم أهله ذكره في الترغيب.
الثالثة: يقع الطلاق من الأخرس وحده بالإشارة.
فلو فهمها البعض فكناية وتأويله مع صريح كالنطق وكنايته طلاق.
ولا يقع الطلاق بغير لفظ إلا في الكناية والأخرس بالإشارة على ما تقدم فيهما.
قوله : "وصريح الطلاق في لسان العجم بهشتم بكسر الباء والهاء وسكون الشين وفتح التاء فإن قاله العربي وهو لا يفهمه أو نطق الأعجمي بلفظ الطلاق وهو لا يفهمه لم يقع بلا نزاع وإن نوى موجبه فعلى وجهين".
وأطلقهما في الخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي.
أحدهما: لا يقع وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي والمنور.
وقدمه في الكافي والمحرر والنظم والفروع وغيرهم.

قال في القاعدة الرابعة بعد المائة والمنصوص في رواية أبي الحارث أنه لا يلزمه الطلاق وهو قول القاضي وابن عقيل والأكثرين انتهى.
والوجه الثاني: يقع جزم به في المذهب وقدمه في الهداية والمستوعب.
وقال في الانتصار وعيون المسائل والمفردات من لم تبلغه الدعوة فهو غير مكلف ويقع طلاقه.
فائدة: لو قاله العجمي وقع ما نواه فإن زاد بسيار بأن قال أنت بهشتم بسيار طلقت ثلاثا.
وقدمه في الفروع وجزم به في المغني والشرح ونصراه.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم يقع ما نواه وجزم به في الرعايتين.
ونقله ابن منصور وقال كل شيء بالفارسية على ما نواه لأنه ليس له حد مثل كلام عربي.
قوله : "والكنايات نوعان ظاهرة وهي سبعة أنت خلية وبرية وبائن وبتة وبتلة وأنت حرة وأنت الحرج".
هذا المذهب أعنى أنها السبعة.
وكذا أعتقتك وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: ابنتك ك أنت بائن وهو ظاهر كلامه في المستوعب.
فإنه قال فإن قيل أبنتك مثل بائن ويحتمل أظهرتك كما يحتمل خلية من حيزه.
قلنا قد وجد في بعض الألفاظ أبنتك ولأنه أظهر في الإبانة من خلية فاستوى تصريفه.
ولأننا قد بينا أن في أطلقتك وجهين للمعنيين المختلفين فإن وجد مثله جوزناه انتهى.
وجعل أبو بكر لا حاجة لي فيك وباب الدار لك مفتوح ك أنت بائن.
وجعل الشريف أبو جعفر أنت مخلاة ك أنت خلية.
وفرق بينهما ابن عقيل فقال لأن الرجعية يقع عليها اسم مخلاة بطلقة ويحسن أن يقال للزوج خلها بطلقة.
وأيضا فإن الخلية هي الخالية من زوج والرجعية ليست خالية انتهى.

وقال في المستوعب فإن قيل مخلاة وخليتك وخلية بمعنى واحد فلم ألحقتموها بالخفية.
قلنا قد كان القياس يقتضي ذلك مثل مطلقة وطلقتك وطالق ولكن تركناه للتوقيف الذي تقدم ذكره ولم نجدهم ذكروا إلا خلية انتهى.
وقال ابن عقيل في الكنايات الظاهرة أنت طالق لا رجعة لي عليك.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وقدمه في الرعايتين.
وقيل: هي صريحة في طلقة كناية ظاهرة فيما زاد.
واختاره بن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين رحمه الله وقال هذه اللفظة صريحة في الإيقاع كناية في العدد فهي مركبة من صريح وكناية انتهى.
قلت فيعايي بها.
وعنه تقع بها طلقة بائنة.
وعنه أن قوله: أنت حرة ليست من الكنايات الظاهرة بل من الخفية.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في المستوعب.
وعنه أن أعتقتك ليست من الكنايات الظاهرة.
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم.
قوله : "وخفية نحو اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي وخليتك وأنت مخلاة وأنت واحدة ولست لي بامرأة واعتدي واستبرئي واعتزلي وما أشبهه"
ك لا حاجة لي فيك وما بقي شيء وأغناك الله والله قد أراحك مني وجرى القلم ونحوه.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وتقدم اختيار أبي جعفر في أنت مخلاة.
وعنه أن اعتدى واستبرئي ليستا من الكنايات الخفية.
وقال ابن عقيل إذا قالت له طلقني فقال إن الله قد طلقك هذا كناية خفية أسندت إلى دلالتي الحال وهي ذكر الطلاق وسؤالها إياه.
وقال ابن القيم الصواب أنه إن نوى وقع الطلاق وإلا لم يقع لأن قوله: الله قد طلقك إن أراد به شرع طلاقك وأباحه لم يقع وإن أراد أن الله أوقع عليك الطلاق وأراده

وشاءه فهذا يكون طلاقا فإذا احتمل الأمرين لم يقع إلا بالنية انتهى.
ونقل أبو داود إذا قال فرق الله بيني وبينك في الدنيا والآخرة قال إن كان يريد أنه دعاء يدعو به فأرجو أنه ليس بشيء.
فلم يجعله شيئا مع نية الدعاء.
قال في الفروع فظاهره أنه شيء مع نية الطلاق أو الإطلاق بناء على أن الفراق صريح أو للقرينة.
قال ويوافق هذا ما قاله شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين في إن أبرأتيني فأنت طالق فقالت أبرأك الله مما تدعى النساء على الرجال فظن أنه يبرأ فطلق فقال يبرأ.
فهذه المسائل الثلاث الحكم فيها سواء.
وظهر أن في كل مسألة قولين هل يعمل بالإطلاق للقرينة وهي تدل على النية أم تعتبر النية.
ونظير ذلك إن الله قد باعك أو قد أقالك ونحو ذلك انتهى.
قوله : "واختلف في قوله: الحقي بأهلك وحبلك على غاربك وتزوجي من شئت وحللت للأزواج ولا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك هل هي ظاهرة أو خفية على روايتين".
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والنظم والحاوي.
وأطلقهما في الخمسة الأخيرة في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح والفروع.
وأما ألحقي بأهلك فالصحيح من المذهب أنها من الكنايات الخفية صححه المصنف والشارح.
قال في الفروع خفية على الأصح.
وهو ظاهر كلامه في العمدة فإنه لم يذكرها في الظاهرة.
وهو ظاهر كلامه في المنور ومنتخب الآدمي البغدادي.
وقيل: هي كناية ظاهرة وعليه أكثر الأصحاب.
وهو ظاهر ما جزم به الخرقي.
وقطع به في الجامع الصغير والمبهج والهداية والمذهب والخلاصة وإدراك الغاية وتذكرة بن عبدوس.
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله والمختار لأكثر الأصحاب.

وقدمه في الرعايتين والزبدة وصححه في تصحيح المحرر.
وأما الخمسة الباقية فإحدى الروايتين أنها من الكنايات الظاهرة صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والزبدة وشرح بن رزين.
والرواية الثانية: هي خفية وجزم به في المنور.
وهو ظاهر ما جزم به في منتخب الآدمي وقدمه في إدراك الغاية.
واختار بن عبدوس في تذكرته أن حبلك على غاربك وتزوجي من شئت وحللت للأزواج من الكنايات الظاهرة وأن قوله: لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك خفية.
فائدة وكذا الحكم خلافا ومذهبا في قوله: غط شعرك وتقنعي وفي الفراق والسراح وجهان.
وأطلقهما في الفروع يعني على القول بأنهما ليسا من الصرائح.
أحدهما: هما من الكنايات الظاهرة جزم به الزركشي.
والثاني: هما من الكنايات الخفية وجزم به في المغني والشرح.
قوله : "ومن شرط وقوع الطلاق أن ينوي بها الطلاق".
الصحيح من المذهب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله أن من شرط وقوع الطلاق بالكنايات أن ينوي بها الطلاق إلا ما استثنى على ما يأتي بعد ذلك قريبا.
قال الزركشي هذا قول جمهور الأصحاب القاضي وأصحابه والشيخين وغيرهم ونص عليه انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقع الطلاق بالظاهرة من غير نية اختاره أبو بكر.
وذكر القاضي أنه ظاهر كلام الخرقي.
قال في الرعاية وفي هذه الرواية بعد.
فعلى المذهب يشترط أن تكون النية مقارنة للفظ على الصحيح.
قدمه في الفروع فقال ولا يقع بكناية إلا بنية مقارنة للفظ.
وقاله المصنف والشارح وصاحب المنور.
وقيل: يشترط أن يقارن أول اللفظ.

قال في تجريد العناية ومن شرطها مقارنة أول اللفظ في الأصح.
وجزم به الآدمي البغدادي في منتخبه.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال في الرعايتين ولا يقع بكناية طلاق إلا بنية قبله أو مع أول اللفظ أو جزء غيره.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
قوله : "إلا أن يأتي به في حال الخصومة والغضب فعلى روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح والنظم والرعايتين وشرح ابن منجا.
إحداهما: يقع وإن لم يأت بالنية وهو المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال الزركشي طلقت على المشهور والمختار لكثير من الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية لا يقع إلا بالنية صححه في التصحيح.
قال في الخلاصة لم يقع في الأصح وجزم به ابو الفرج وغيره.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وقال الشارح ويحتمل أن ما كان من الكنايات لا يستعمل في غير الفرقة إلا نادرا نحو قوله: أنت حرة لوجه الله أو اعتدى أو استبرئي رحمك أو حبلك على غاربك أو أنت بائن وأشباه ذلك أنه يقع في حال الغضب.
وجواب السؤال من غير نية وما كثر استعماله لغير ذلك نحو اخرجي واذهبي وروحي وتقنعي لا يقع الطلاق به إلا بنية انتهى.
قوله : "وإن جاءت جوابا لسؤالها الطلاق فقال أصحابنا يقع بها الطلاق".
وهو المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يقع إلا بنية.
واختار المصنف الفرق فقال والأولى في الألفاظ التي يكثر استعمالها لغير الطلاق نحو اخرجي واذهبي وروحي أنه لا يقع بها طلاق حتى ينويه ومال إليه الشارح.
فائدة: لو ادعى أنه ما أراد الطلاق أو أراد غيره دين ولم يقبل في الحكم مع سؤالها أو خصومة وغضب على أصح الروايتين قاله في الفروع وغيره.

قوله : "ومتى نوى بالكنايات الطلاق وقع بالظاهرة ثلاث وإن نوى واحدة".
وهذا المذهب بلا ريب.
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا ظاهر المذهب.
واختاره بن أبي موسى والقاضي وغيرهما.
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله والمختار لأكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمستوعب والرعايتين والنظم والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يقع ما نواه اختاره أبو الخطاب في الهداية.
وجزم به في العمدة والمنور وقدمه في المحرر والحاوي الصغير فيدين فيه.
فعليها إن لم ينو شيئا وقع واحدة وفي قبوله في الحكم روايتان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والنظم.
قلت الصواب أنه يقبل في الحكم ويكون رجعيا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه ما يدل على أنه يقع بها واحدة بائنة.
وهن أوجه مطلقة في المذهب ومسبوك الذهب.
وتقدم رواية اختارها أبو بكر أنه لا تشترط النية في وقوع الطلاق بالكنايات الظاهرة.
فوائد
الأولى: وكذلك الروايات الثلاث في قوله: أنت طالق بائن أو طالق البتة أو أنت طالق بلا رجعة قاله في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وتقدم الكلام أيضا على قوله: أنت طالق بلا رجعة في الكنايات الظاهرة.
الثانية: لو قال أنت طالق واحدة بائنة أو واحدة بتة وقع رجعيا على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقع طلقة بائنة وعنه يقع ثلاثا.
وقدم في الرعايتين أنه إذا قال أنت طالق طلقة بائنة أنها تقع.
ثم قال وعنه رجعية.

الثالثة: لو قال أنت طالق واحدة ثلاثا وقع ثلاث على الصحيح من المذهب.
وقال في الفصول عن أبي بكر في قوله: أنت طالق ثلاثا واحدة يقع واحدة لأنه وصف الواحدة بالثلاث.
قال في الفروع وليس بصحيح لأنه إنما وصف الثلاث بالواحدة فوقعت الثلاث ولغا الوصف وهو أصح.
الرابعة: كره الإمام أحمد رحمه الله أن يفتى في الكنايات الظاهرة وتوقف وإنما توقف لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في ذلك.
قوله : "ويقع بالخفية ما نواه".
هذا المذهب مطلقا جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمنور والخلاصة وغيرهم.
قال الزركشي لا نزاع عندهم أن الخفية يقع بها ما نواه وليس كما قال.
وقدمه في الهداية والمستوعب والنظم وغيرهم.
وقال الناظم:
وتطليقة رجعية في المجرد.
واستثنى القاضي والمصنف والشارح قوله: أنت واحدة فإنه لا يقع بها إلا واحدة وإن نوى ثلاثا.
وعند بن أبي موسى يقع بالخفية ثلاثا وإن نوى واحدة.
ذكره عنه في الهداية والمستوعب.
تنبيه: قوله: "فإن لم ينو عددا وقع واحدة".
يعني رجعية إن كان مدخولا بها وإلا بائنة.
قوله : "فأما ما لا يدل على الطلاق نحو كلي واشربي واقعدي واقربي وبارك الله عليك وأنت مليحة أو قبيحة فلا يقع بها طلاق وإن نواه".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: هو كناية في كلي واشربي.
وتقدم إذا قال لها: "لست لي بامرأة" أو :ليست لي امرأة" عند قوله: "ولو قيل له ألك امرأة؟ فقال: لا".

قوله : "وكذا قوله: أنا طالق".
يعني لا يقع به طلاق وإن نواه.
فإن زاد فقال أنا منك طالق فذلك.
على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
واختاره بن حامد وغيره.
ويحتمل أنه كناية وهو لأبي الخطاب.
قال في الرعاية عن هذا الاحتمال فيقع إذا.
ثم قال قلت إن نوى إيقاعه وقع وإلا فلا.
قوله : وإن قال أنا منك بائن أو حرام فهل هو كناية أو لا على وجهين.
وكذا قوله: أنا منك بريء.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والفروع وشرح ابن منجا وبن رزين.
أحدهما: هو لغو صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية في قوله: أنا منك بريء.
والوجه الثاني: هو كناية صححه في المذهب ومسبوك الذهب وقدمه في الرعاية الصغرى في الجميع وقدمه في الكبرى والحاوي الصغير في الأولتين.
وأصل الخلاف في ذلك أن الإمام أحمد رحمه الله سئل عن ذلك فتوقف.
فائدة لو أسقط لفظ منك فقال أنا بائن أو حرام فخرج المصنف والشارح من كلام القاضي فيها وجهين هل هما كناية أو لغو.
قال في الفروع وكذا مع حذفه منك بالنية في احتمال ذكره في الانتصار انتهى.
قلت ظاهر كلام الأصحاب أنه لغو.
قوله : "وإن قال أنت علي حرام أو ما أحل الله علي حرام ففيه ثلاث روايات".
وكذا قوله: "الحل على حرام".
إحداهن: أنه ظهار وهو المذهب في الجملة.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب هذا المشهور في المذهب.

وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية : هو كناية ظاهرة.
حتى نقل حنبل والأثرم الحرام ثلاث حتى لو وجدت رجلا حرم امرأته عليه وهو يرى أنها واحدة فرقت بينهما.
قال في الفروع مع أن أكثر الروايات كراهة الفتيا بالكنايات الظاهرة.
قال في المستوعب لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم كما تقدم.
قال الزركشي الرواية الثانية أنه ظاهر في الظهار فعند الإطلاق ينصرف إليها وإن نوى يمينا أو طلاقا انصرف إليه لاحتماله لذلك انتهى.
والرواية الثانية: هو يمين.
قال الزركشي الثالثة أنه ظاهر في اليمين فعند الإطلاق ينصرف إليه وإن نوى الطلاق أو الظهار انصرف إلى ذلك انتهى.
وأطلقهن في الكافي.
وعنه رواية رابعة أنه كناية خفية.
تنبيه: ظاهر قوله: "إحداهن أنه ظهار وإن نوى الطلاق".
هذا الأشهر في المذهب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم هذا المشهور في المذهب.
وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وغيرهم.
وعنه يقع ما نواه وجزم به في المنور.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.

وأطلقهما في الرعايتين والفروع.
ويأتي أيضا في كلام المصنف إذا قال أنت علي حرام في باب الظهار.
فائدتان
إحداهما: لو قال لها أنت علي حرام ونوى في حرمتك على غيري فكطلاق.
قاله في الترغيب وغيره واقتصر عليه في الفروع.
الثانية: لو قال علي الحرام أو يلزمني الحرام أو الحرام يلزمني فهو لغو لا شيء فيه مع الإطلاق وفيه مع قرينة أو نية وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قلت الصواب أنه مع النية أو القرينة كقوله: أنت علي حرام.
ثم وجدت بن رزين في شرحه قدمه.
وقال في الفروع ويتوجه الوجهان إن نوى به طلاقا وأن العرف قرينة ذكره في أول باب الظهار.
قلت الصواب أنه مع النية أو القرينة كقوله: أنت علي حرام.
قوله : "وإن قال ما أحل الله علي حرام أعني به الطلاق فقال الإمام أحمد رحمه الله تطلق امرأته ثلاثا وعنه أنه ظهار".
الصحيح من المذهب أن ذلك طلاق وعليه عامة الأصحاب.
قال في الفروع والمذهب أنه طلاق بالإنشاء وعنه أنه ظهار.
فعلى المذهب قطع المصنف هنا بما قال الإمام أحمد رحمه الله أنها تطلق ثلاثا مطلقا وهو إحدى الروايتين.
وقدمه في الهداية والخلاصة والشرح والنظم والرعايتين وقال إن حرمت الرجعية وقاله ابن عقيل ذكره عنه في المستوعب.
والرواية الثانية: أنها تطلق واحدة إن لم ينو أكثر.
جزم به في الوجيز والمنور.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والحاوي والفروع.
قوله : "وإن قال أعني به طلاقا طلقت واحدة" هذا المذهب.
قال في الفروع والمذهب أنه طلاق بالإنشاء.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز والمنور.

وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه أنه ظهار.
فائدتان
إحداهما: لو قال أنت علي حرام أعني به الطلاق وقلنا الحرام صريح في الظهار فقال في القاعدة الثانية والثلاثين فهل يلغو تفسيره ويكون ظهارا أو يصح ويكون طلاقا على روايتين انتهى.
قلت الذي يظهر أنه طلاق قياسا على نظيرتها المتقدمة.
الثانية: لو قال فراشي علي حرام فإن نوى امرأته فظهار وإن نوى فراشه فيمين.
نقله بن هانئ واقتصر عليه في الفروع.
وقوله: "وإن قال أنت علي كالميتة والدم وقع ما نواه من الطلاق والظهار واليمين".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه يقع ما نواه سوى الظهار جزم به في عيون المسائل.
وقال في المغني والشرح والفروع وغيرهم وإن نوى به الظهار احتمل أن يكون ظهارا كما قلنا في قوله: أنت علي حرام.
واحتمل أن لا يكون ظهارا كما لو قال أنت علي كظهر البهيمة أو كظهر أبي انتهيا.
فائدة: لو نوى الطلاق ولم ينو عددا وقعت واحدة.
قطع به المصنف في المغني والشارح وقالا لأنه من الكنايات الخفية.
قوله : "وإن لم ينو شيئا فهل يكون ظهارا أو يمينا على وجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما: يكون ظهارا وهو المذهب صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين هذه اشهر.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
والثاني: يكون يمينا قدمه في الرعايتين والخلاصة.

قوله : "فإن قال حلفت بالطلاق وكذب لزمه إقراره في الحكم" هذا المذهب.
قال في المذهب ومسبوك الذهب والفروع لزمه حكما على الأصح.
وجزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والوجيز وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
واختاره القاضي وأبو الخطاب وغيرهما.
وعنه لا يلزمه إقراره في الحكم.
ويأتي نظير ذلك في كتاب الإيمان قبيل حكم الكفارة.
قوله : "ولا يلزمه فيما بينه وبين الله".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه يلزمه اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في المستوعب وهما وجهان في الإرشاد.
قوله : "وإن قال لامرأته أمرك بيدك فلها أن تطلق نفسها ثلاثا وإن نوى واحدة".
هذا المذهب لأنه كناية ظاهرة وأفتى به الإمام أحمد رحمه الله مرارا.
وجزم به ابن عقيل في تذكرته وبن عبدوس في تذكرته وصاحب الوجيز وناظم المفردات والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه ليس لها أن تطلق أكثر من واحدة ما لم ينو أكثر قاله في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب.
وقطع به صاحب التبصرة وأطلقهما في المحرر.

قوله : "وهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب.
وجزم به في الكافي والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وخرج أبو الخطاب أنه مقيد بالمجلس كما يأتي في كلام المصنف قريبا.
قوله : "وإن قال لها اختاري نفسك لم يكن لها أن تطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعل إليها أكثر من ذلك".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه في اختاري غير مكرر يقع ثلاثا.
وعنه إن خيرها فقالت طلقت نفسي تطلق ثلاثا.
فائدة: لو كرر لفظ الخيار بأن قال اختاري اختاري اختاري فإن نوى إفهامها وليس نيته ثلاثا فواحدة قاله الإمام أحمد رحمه الله.
وإن أراد ثلاثا فثلاث قاله الإمام أحمد أيضا رحمه الله.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وإن أطلق فواحدة اختاره القاضي.
وعنه ثلاثا ذكره المصنف والشارح.
قوله : "وليس لها أن تطلق إلا ما دامت في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه إلا أن يجعله لها أكثر من ذلك".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا اختيار القاضي والأكثرين.
وعنه أنه على الفور جوابا لكليهما وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل: هو على التراخي ذكره في الرعاية وهو تخريج لأبي الخطاب ويأتي في كلام المصنف.

قوله : "وإن جعل لها الخيار اليوم كله أو جعل أمرها بيدها فردته أو رجع فيه أو وطئها بطل خيارها".
هذا المذهب وهو كما قال وعليه الأصحاب.
وخرج أبو الخطاب في كل مسألة وجها مثل حكم الأخرى.
يعني من حيث التراخي والفورية لا من حيث العدد.
مع أن كلام أبي الخطاب يحتمل أن يكون في العدد أيضا قال معناه ابن منجا في شرحه.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على التفرقة بينهما فلا يتجه التخريج.
وقيل: الوطء لا يبطل خيارها ذكره في الرعاية.
قوله : "ولفظه الأمر والخيار كناية في حق الزوج يفتقر إلى نية".
لفظ الأمر من الكنايات الظاهرة ولفظة الخيار من الكنايات الخفية يفتقر إلى نية وكونه بعد سؤالها الطلاق ونحوه.
وقد تقدم الخلاف في قدر ما يقع بكل واحدة منهما.
وتقدم رواية اختارها أبو بكر أن الكنايات الظاهرة لا يحتاج الوقوع فيها إلى نية.
فكذا لفظة الأمر هنا.
قوله : "فإن قبلته بلفظ الكناية نحو اخترت نفسي افتقر إلى نيتها أيضا".
فإن قبلته بلفظ الصريح بأن قالت طلقت نفسي وقع من غير نية.
لو جعل ذلك لها بلفظ الكناية كقوله: لها اختاري نفسك أو أمرك بيدك فهو توكيل منه لها فإن أوقعته بالصريح كقوله: طلقت نفسي فجزم المصنف هنا بالوقوع وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقطع به كثير منهم منهم المصنف والمغني والشارح وصاحب الوجيز وغيرهم.
وتقدم قريبا رواية أنه لو خيرها فقالت طلقت نفسي ثلاثا أنها تطلق ثلاثا.
وحكى في الترغيب في الوقوع وجهين فيما إذا أتى الزوج بالكناية وأوقعت هي بالصريح كعكسها على ما يأتي في كلام المصنف بعد هذا.
فوائد
إحداها: يقع الطلاق بإيقاع الوكيل بصريح أو كناية بنية.
وفي وقوعه بكناية بنية ممن وكل فيه بصريح وجهان وأطلقهما في الفروع وكذا عكسه في الترغيب وتبعه في الفروع.

وأطلقهما في الأولى في الرعايتين والحاوي.
قلت الصواب الوقوع كالمرأة.
الثانية تقدم أنه هل تقبل دعوى الموكل بأنه رجع قبل إيقاع وكيله أم لا في كتاب الطلاق.
الثالثة لا يقع الطلاق بقوله: اخترت ولو نوت حتى تقول نفسي أو أبوى أو الأزواج.
ونقل ابن منصور إن اختارت زوجها فواحدة وإن اختارت نفسها فثلاثة.
قوله: "وإن اختلفا في نيتها فالقول قولها وإن اختلفا في رجوعه فالقول قوله".
لا أعلم في ذلك خلافا.
قوله : "وإن قال طلقي نفسك فقالت اخترت نفسي ونوت الطلاق وقع".
هذا المذهب صححه في المغني والشرح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
ويحتمل أن لا يقع وهو لأبي الخطاب ووجه اختاره بعض الأصحاب.
وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي وتقدم قريبا عكسها.
قوله : "وليس لها أن تطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعل لها أكثر منها".
إما بلفظه أو نيته وهذا المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والنظم وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تطلق ثلاثا إن نواها هو ونوتها هي.
فوائد
الأولى: لو قال لها طلقي نفسك ثلاثا طلقت ثلاثا بنيتها على الصحيح من المذهب.
وقيل: تطلق ثلاثا ولو لم تنوها.
وقيل: لا تطلق إلا واحدة ولو نوت ثلاثا.
الثانية: هل قوله: طلقي نفسك مختص بالمجلس كقوله: اختاري نفسك أو على التراخي كأمرك بيدك فيه وجهان.

وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما : يكون على التراخي وهو الصحيح رجحه المصنف والكافي والمغني قال في الرعايتين وهو أولى.
والوجه الثاني: يختص بالمجلس قدمه في الرعايتين.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
الثالثة : قال في المحرر والرعايتين والفروع وغيرهم لو قال ذلك لأجنبي كان ذلك على التراخي في الجميع يعني في الأمر والاختيار والطلاق.
وحكم الأجنبي إذا وكل حكمها فيما تقدم خلافا ومذهبا إلا في التراخي على ما تقدم.
وتقدمت أحكام توكيل الأجنبي والمرأة في أواخر كتاب الطلاق فليعاود.
الرابعة: تملك المرأة بقوله: طلاقك بيدك أو وكلتك في الطلاق.
ما تملك بقوله: لها أمرك بيدك فلا يقع بقوله: أنت طالق أو أنت مني طالق أو طلقتك على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية.
وقيل: يقع بالنية.
وقال في الروضة صفة طلاقها طلقت نفسي أو أنا منك طالق وإن قالت أنا طالق لم يقع.
قوله : "وإن قال وهبتك لأهلك فإن قبلوها فواحدة".
يعني رجعية نص عليه وإن ردها فلا شيء.
هذا المذهب قال الزركشي هذا المشهور في المذهب.
قال المصنف والشارح هذه المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب وجزم به ناظمها.
وعنه إن قبلوها فثلاث وإن ردوها فواحدة.
يعني رجعية قدمه في الخلاصة.
وعنه إن قبلوها فثلاث وإن ردوها فواحدة بائنة.
وعند القاضي يقع ما نواه.

فوائد
الأولى: تعتبر النية من الواهب والموهوب ويقع أقلهما إذا اختلفا في النية على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
قال في البلغة وبكل حال لا بد من النية لأنه كناية فتقديره مع النية أنت طالق إن رضي أهلك أو رضى فلان انتهى.
وعنه لا تعتبر النية في الهبة ذكره القاضي.
الثانية: لو باعها لغيره كان لغوا على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به الأكثر.
وقال في الترغيب في كونه كناية كالهبة وجهان.
الثالثة: لو نوى بالهبة والأمر والخيار الطلاق في الحال وقع قاله الأصحاب.
الرابعة: من شرط وقوع الطلاق مطلقا التلفظ به فلو طلق في قلبه لم يقع بلا خلاف أعلمه.
نقل بن هانئ إذا طلق في نفسه لا يلزمه ما لم يتلفظ به أو يحرك لسانه.
قال في الفروع وظاهره ولو لم يسمعه.
قال ويتوجه كقراءة صلاة على ما تقدم في باب صفة الصلاة عند قوله: ويسر بالقراءة بقدر ما يسمع نفسه.
الخامسة: قوله: "وكذلك إذا قال وهبتك لنفسك".
قاله الأصحاب وقال المصنف وابن حمدان وغيرهما وكذا الحكم لو وهبها لأجنبي.
قال الزركشي وقد ينازع في ذلك فإن الأجنبي لا حكم له عليها بخلاف نفسها أو أهلها والله أعلم بالصواب.

المجلد التاسع
تابع كتاب الطلاق
باب ما يختلف به عدد الطلاق...
بسم الله الرحمن الرحيم.
باب ما يختلف به عدد الطلاق.
قوله: "يملك الحر ثلاث طلقات وإن كان تحته أمة ويملك العبد اثنتين وإن.
كان تحته حرة".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هذا نص الروايتين وأشهرهما عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعليه الأصحاب.
وعنه أن الطلاق بالنساء فيملك زوج الحرة ثلاثا وإن كان عبدا وزوج الأمة اثنتين.
وإن كان حرا فعليها يعتبر طريان الرق بالمرأة.
وقال الزركشي والأحاديث في هذا الباب ضعيفة والذي يظهر من الآية الكريمة أن كل.
زوج يملك الثلاث مطلقا انتهى.
قلت وهو قوي في النظر.
وعلى المذهب لو علق العبد الثلاث بشرط فوجد بعد عتقه طلقت ثلاثا على الصحيح.
من المذهب.
وقيل تطلق اثنتين ويملك الثالثة.
وإن علق الثلاث بعتقه لغت الثالثة قدمه في الرعاية.
قال في الفروع لغت في الأصح.
وقيل بل تقع وقيل إن قلنا يصح تعليقه على ملكه وقع وإلا فلا.
ولو علق بعد طلقة ملك تمام الثلاث.
ولو علق بعد طلقتين زاد في الرعاية والفروع أو عتقا معا لم يملك ثالثة على.
الصحيح من المذهب.
قال في البلغة لو عتق بعد طلقتين لم يملك نكاحها على الأصح.
قال في الرعاية أظهر الروايتين المنع وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وعنه يملك.

عليها طلقة ثالثة فتحل له.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في آخر باب الرجعة والكلام عليه مستوفى إن شاء الله.
تعالى.
تنبيه: قد يقال شمل كلام المصنف ما لو كان حرا حال الزواج ثم صار رقيقا بأن يلحق.
الذمي بدار الحرب فيسترق وقد كان طلق اثنتين وقلنا ينكح عبد حرة نكحها هنا وبقي له.
طلقة ذكره المصنف ومن تابعه وفي الترغيب وجهان.
قلت ويأتي عكس ذلك بأن تلحق الذمية بدار الحرب ثم تسترق وكان زوجها ممن.
يباح له نكاح الإماء هل يملك عليها ثلاثا أو طلقتين؟.
فائدة المعتق بعضه كالحر على الصحيح من المذهب ونص عليه وجزم به في المغنى.
والبلغة والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
وقال في الكافي هو كالقن.
قوله: "وإن قال أنت الطلاق أو الطلاق لي لازم".
وكذا قوله الطلاق يلزمني أو يلزمني الطلاق أو على الطلاق ونحوه ونوى الثلاث.
طلقت ثلاثا.
وإن لم ينو شيئا أو قال أنت طالق ونوى الثلاث ففيه روايتان.
اعلم أن الصحيح من المذهب أن قوله "أنت الطلاق" أو "الطلاق لي لازم" أو "يلزمني.
الطلاق" أو "علي الطلاق" ونحوه صريح في الطلاق منجزا كان أو معلقا بشرط أو محلوفا به.
نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم لكن هل هو صريح في الثلاث أو في.
واحدة يأتي ذلك.
وقيل: ذلك كناية.
قال في القواعد الفقهية وتبعه في الأصولية لو نوى به ما دون الثلاث فهل يقع به ما نواه.
خاصة أو يقع به الثلاث ويكون ذلك صريحا في الثلاث فيه طريقان للأصحاب انتهى.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أن قوله "الطلاق يلزمني" ونحوه يمين باتفاق العقلاء.
والأمم والفقهاء وخرجه على نصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وهو خلاف صريحها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا إن حلف به نحو "الطلاق لي لازم" ونوى النذر.
كفر عند الإمام أحمد رحمه الله ذكره عنه في الفروع في كتاب الأيمان ونصره في أعلام.
الموقعين هو والذي قبله.

وقد ذكر أن أخا الشيخ تقي الدين رحمه الله اختار عدم الكفارة فيهما وهو مذهب بن.
حزم.
فعلى المذهب إذا لم ينو شيئا فأطلق المصنف هنا في وقوع الثلاث أو وقوع واحدة
الروايتين وأطلقهما في القواعد الأصولية وابن منجا في شرحه.
إحداهما تطلق ثلاثا صححها في التصحيح.
قال في الروضة وهو قول جمهور أصحابنا ونص عليها الإمام أحمد رحمه الله في رواية.
مهنا واختارها أبو بكر.
والرواية الأخرى تطلق واحدة وهو المذهب اختاره المصنف وقال هو الأشبه وإليه.
ميل الشارح وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في المحرر.
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
فوائد.
إحداها قال في الواضح أنت طلاق كأنت الطلاق وقال معناه في الانتصار قاله في.
الفروع.
[الثانية سأل هارون الرشيد القاضي يعقوب أبا يوسف الحنفي والكسائي عن رفع "ثلاث".
ونصبه في قوله:
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم
فأنت طلاق والطلاق عزيمة ... ثلاثا ومن يخرق أعق وأظلم
فبيني بها إن كنت غير رفيقة ... وما لامرئ بعد الثلاثة مقدم
فماذا يلزمه فيهما.
فقالا إن رفع ثلاثا الأولى طلقت واحدة فقط لأنه قال لها أنت طلاق وأطلق فأقله.
واحدة ثم أخبر ثانيا بأن الطلاق التام العزيمة ثلاث.
وإن نصبها طلقت ثلاثا لأن معناه أنت طالق ثلاثا وما بينهما جملة معترضة.
وقال الجمال بن هشام الأنصاري من أئمتنا في مغني اللبيب ما نصه وأقول إن الصواب
أن كلا منهما محتمل لوقوع الثلاث والواحدة أما الرفع فلأن ال في الطلاق إما لمجاز الجنس
نحو زيد الرجل أي هو الرجل المعتمد عليه المعتد به في الرجال وإما للعهد الذكري
كمثلها في قوله تعالى {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل:16] أي وهذا الطلاق المذكور عزيمته
ثلاث ولا تكون للجنس الحقيقي لأنه لا يلزم منه الإخبار عن العام بالخاص كالحيوان إنسا.
فهو باطل إذ ليس كل حيوان إنسانا ولا كل طلاق عزيمة أو ثلاثا فعلى العهدية تقع الثلاث
وعلى الجنسية تقع الواحدة كما قد قاله الكسائي وأبو يوسف تبعا له

وأما النصب فلأنه محتمل لكونه مفعولا به أو مفعولا مطلقا أو مصدرا وحينئذ يقتضي
وقوع الثلاث إذ المعنى فأنت طالق ثلاثا ثم اعترض بينهما بقوله والطلاق عزيمة أو لكونه
حالا من الضمير المستتر في عزيمة وحينئذ فلا يلزم منه وقوع الثلاث لأن المعنى والطلاق.
عزيمة إذا كان ثلاثا فإنما يقع ما نواه وهذا ما يقتضيه معنى هذه اللفظة مع قطع النظر عن شيء
آخر
فأما الذي قد نواه هذا الشاعر المعين بقوله في شعره المذكورين فيه فهو الثلاث بدليل
البيت الثالث من قوله في شعره المذكورين فيه
فإن نوى واحدة في محل الثلاث بلا تزويج أو كناية ظاهرة أو عكسه أو لم ينو شيئا بل
أطلق فاحتمالان أظهرهما يعمل باليقين والورع التزام المشكوك فيه بإيقاعه يقينا والأصل بقاء
النكاح وتمام الثلاث فلا يزول الشك فيهما انتهى والله أعلم.
الثالثة لو قال الطلاق يلزمني ونحوه لا أفعل كذا وفعله وله أكثر من زوجة فإذا كان
هناك نية أو سبب يقتضي التعميم أو التخصيص عمل به ومع فقد السبب والنية خرجها بعض
الأصحاب على الروايتين في وقوع الثلاث بذلك على الزوجة الواحدة لأن الاستغراق في الطلاق
يكون تارة في نفسه وتارة في محله.
وفرق بعضهم بينهما بأن عموم الطلاق من باب عموم المصدر لأفراده وعموم الزوجات
يشبه عموم المصدر لمفعولاته وعمومه لأفراده أقوى من عمومه لمفعولاته لأنه يدل على أفراده
بذاته عقلا ولفظا وإنما يدل على مفعولاته بواسطة مثاله لفظ الأكل والشرب فإنه يعم أنواع
الأكل والشرب وهو أبلغ من عموم المأكول إذا كان عاما فلا يلزم من عمومه لأفراده وأنواعه
عمومه لمفعولاته.
ذكر مضمون ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقوي في موضع آخر وقوع الطلاق بجميع الزوجات دون وقوع الثلاث بالزوجة الواحدة.
وفرق بينهما بأن وقوع الطلاق الثلاث بالزوجة الواحدة محرم بخلاف وقوع الطلاق بالزوجات.
المتعددات انتهى.
قال في الروضة إن قال إن فعلت كذا فامرأتي طالق وقع بالكل وبمن بقي وإن قال.
"علي الطلاق لأفعلن" ولم يذكر المرأة فالحكم على ما تقدم انتهى.
وأما إذا قال "أنت طالق" ونوى الثلاث فأطلق المصنف هنا في وقوع الثلاث الروايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والقواعد الفقهية.
إحداهما تطلق ثلاثا وهو المذهب على ما اصطلحناه صححه في الشرح والتصحيح.

قال الزركشي: ولعلها أظهر وجزم به في المنور وإليه ميل المصنف وقدمه في المحرر.
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والأخرى واحدة وهو المذهب عند أكثر المتقدمين وهي اختيار الخرقي والقاضي.
وقال عليها الأصحاب.
واختارها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل في التذكرة والشيرازي.
وغيرهم.
قال في الرعاية الصغرى وقيل هي أصح وجزم به في الوجيز.
فعلى الثانية لو قال أنت طالق وصادف قوله ثلاثا موتها أو قارنه وقع واحدة وعلى.
الأولى ثلاث لوجود المفسر في الحياة قاله في الترغيب.
فائدتان
إحداهما لو قال أنت طالق طلاقا أو طالق الطلاق ونوى ثلاثا طلقت ثلاثا.
بلا خلاف أعلمه وإن أطلق وقع في الأولى طلقة وكذا في الثانية على الصحيح من المذهب.
وعنه بل تطلق ثلاثا.
الثانية لو أوقع طلقة ثم قال جعلتها ثلاثا ولم ينو استئناف طلاق بعدها فواحدة ذكره.
في الموجز والتبصرة واقتصر عليه في الفروع.
قوله: "وإن قال أنت طالق واحدة ونوى ثلاثا لم تطلق إلا واحدة في أحد.
الوجهين".
وهو المذهب صححه في المذهب والشرح والتصحيح والفروع فقال طلقت واحدة.
في الأصح.
وجزم به في المغني والكافي والوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في الرعايتين.
والحاوي الصغير.
والوجه الثاني تطلق ثلاثا وأطلقهما في الهداية والمحرر والنظم والمستوعب.
تنبيه: محل الخلاف في هذه المسألة إذا قلنا في المسألة التي قبلها يقع الطلاق الثلاث.
فأما إن قلنا تطلق هناك واحدة فهنا تطلق واحدة بطريق أولى.
فائدتان
إحداهما قوله "وإن قال أنت طالق هكذا وأشار بأصابعه الثلاث طلقت.
ثلاثا وإن قال أردت بعدد المقبوضتين قبل منه".

بلا خلاف أعلمه لكن إذا لم يقل هكذا بل أشار فقط فطلقة واحدة.
قدمه في الفروع وجزم به في الرعايتين زاد في الكبرى ولم يكن له نية.
وتوقف الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب واقتصر عليه في الترغيب فقال توقف الإمام.
أحمد رحمه الله فيها.
الثانية قوله "وإن قال أنت طالق واحدة بل هذه ثلاثا طلقت الأولى.
واحدة والثانية ثلاثا".
بلا نزاع ولو قال "أنت طالق بل هذه" طلقتا نص عليه وإن قال "هذه أو هذه وهذه.
طالق" وقع بالثالثة وإحدى الأولتين ك"هذه أو هذه بل هذه طالق".
وقيل يقرع بين الأولى والأخريين ك"هذه بل هذه أو هذه طالق".
وقيل يقرع بين الأولتين والثالثة.
قوله: "وإن قال أنت طالق كل الطلاق أو أكثره أو جميعه أو منتهاه أو طالق.
كألف أو بعدد الحصا أو القطر أو الريح أو الرمل أو التراب طلقت ثلاثا".
أما إذا قال ذلك في غير أكثر الطلاق فإنها تطلق ثلاثا قطع به الأصحاب ونص عليه الإمام.
أحمد رحمه الله في "كألف".
وقال في الانتصار والمستوعب يأثم بالزيادة.
وأما أكثره فجزم المصنف هنا بأنها تطلق به ثلاثا وهو المذهب جزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني في موضع والكافي والهادي والبلغة
والرعايتين والحاوي والمحرر والنظم والمنور والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وإدراك
الغاية وغيرهم.
قال في تجريد العناية هذا الأشهر.
وجزم به الشارح في موضع تبعا للمصنف.
وقيل تطلق واحدة وجزم به في المغني في موضع آخر فقال تطلق واحدة في قياس
المذهب واقتصر عليه وتبعه في الشرح في موضع وجزم به ابن رزين في شرحه وأطلقهما في
الفروع.
فوائد
إحداها لو قال "أنت طالق أقصى الطلاق" طلقت ثلاثا ك"منتهاه وغايته".
وقال في الرعاية الكبرى أظهر الوجهين أنها تطلق ثلاثا واختاره في المستوعب.
وقيل تطلق واحدة وهو الصحيح من المذهب كأشده وأطوله وأعرضه اختاره القاضي.

ذكره عنه في المستوعب وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين وأطلقهما في البلغة.
والرعاية الصغرى والحاوي والفروع.
الثانية لو نوى كألف في صعوبتها فهل يقبل في الحكم فيه الخلاف المتقدم وقدم في.
الرعايتين أنه لا يقبل.
الثالثة لو قال أنت طالق إلى مكة ولم ينو بلوغها طلقت في الحال جزم به بعض.
المتأخرين.
قال في القواعد الأصولية ولكن ينبغي أن يحمل الكلام على جهة صحيحة وهو إما أنه.
يحمل على معنى أنت طالق إن دخلت إلى مكة أو إذا خرجت إلى مكة فإن حمل على.
الأول لم تطلق إلا بالدخول إليها وهذا أولى لبقاء نفي النكاح وإن حمل على الثاني كان.
حكمها حكم ما لو قال "إن خرجت إلى العرس أو إلى الحمام بغير إذني فأنت طالق" فخرجت.
إلى ذلك تقصده ولم تصل إليه ولو قال "أنت طالق بعد مكة" طلقت في الحال.
ويأتي التنبيه على ذلك في باب الطلاق في الماضي والمستقبل عند قوله "وإن قال أنت طالق إلى شهر".
قوله: "وإن قال أنت طالق أشد الطلاق طلقت واحدة".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في.
الفروع وغيره.
وذكر ابن عقيل في الفنون في آخر المجلد التاسع عشر أن بعض أصحابنا قال في "أشد.
الطلاق" ك"أقبح الطلاق" يقع طلقة في الحيض أو ثلاثا على احتمال وجهين وقال كيف.
يسوي بين أشد الطلاق وأهون الطلاق.
قوله: "أو أغلظه أو أطوله أو أعرضه أو ملء الدنيا طلقت واحدة إلا أن ينوي.
ثلاثاً".
بلا نزاع ونقله ابن منصور.
قوله: "وإن قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث طلقت اثنتين".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني.
والشرح والفروع وغيرهم.
"ويحتمل أن تطلق ثلاثا".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وخرج وجه بأنها تطلق واحدة ولو لم يقل نويتها من مسألة الإقرار الآتية في آخر.
الكتاب إلغاء للطرفين.

قوله "وإن قال أنت طالق طلقة في طلقتين ونوى طلقة مع طلقتين طلقت.
ثلاثا" بلا نزاع.
قوله: "وإن نوى موجبة عند الحساب وهو يعرفه طلقت طلقتين" بلا نزاع.
وإن لم يعرفه فكذلك عند ابن حامد.
يعني وإن لم يعرف موجبه عند الحساب ونواه وهذا المذهب.
قال الناظم هذا أصح واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
"وعند القاضي تطلق واحدة".
واقتصر عليه في المغني وجزم به في الوجيز وأطلقهما في الهداية والمذهب.
والمستوعب والبلغة والشرح والفروع.
وقال في المنور ومنتخب الآدمي وإن قال واحدة في اثنتين لزم الحاسب اثنتان وغيره.
ثلاثا ولم يفصل.
فائدة لو قال الحاسب أو غيره أردت واحدة قبل قوله على الصحيح من المذهب.
وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين ونصروه وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
وقال القاضي تطلق امرأة الحاسب اثنتان.
قوله: "وإن لم ينو وقع بامرأة الحاسب طلقتان".
هذا المذهب اختاره أبو بكر وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المذهب والمغني.
والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل تطلق واحدة وهو احتمال في الهداية.
وقيل تطلق ثلاثا وتقدم كلامه في المنور والمنتخب.
قوله: "وبغيرها طلقة".
يعني بغير امرأة الحاسب إذا لم ينو شيئا وهو الصحيح.
جزم به في الكافي والوجيز وابن رزين في شرحه وقدمه في المغني والشرح وظاهر.
كلامه في المغني أن عليه الأصحاب.
"ويحتمل أن تطلق ثلاثا".
وتقدم كلامه في المنور والمنتخب.

وقيل تطلق امرأة العامي ثلاثا دون غيره.
وقيل تطلق اثنتين اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهن في الفروع.
فائدة قال المصنف ولم يفرق أصحابنا في ذلك بين أن يكون المتكلم بذلك ممن له عرف.
بهذا اللفظ أم لا.
والظاهر إن كان المتكلم بذلك ممن عرفهم أن في ها هنا بمعنى "مع" وقعت الثلاث لأن
كلامهم يحمل على عرفهم والظاهر إرادته وهو المتبادر إلى الفهم من كلامه انتهى.
وجزم بهذا في الرعايتين.
فائدة لو قال أنت طالق نصف طلقة في نصف طلقة طلقت طلقة بكل حال قاله في.
الرعاية الكبرى.
فائدة أخرى لو قال أنت طالق مثل ما طلق زيد زوجته وجهل عدده طلقت واحدة.
على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وجزم به ابن عبدوس في.
تذكرته.
وقيل بل تطلق بعدد ما طلق زيد.
وأطلقهما في المحرر والنظم وشرح المحرر.
قوله: "إذا قال أنت طالق نصف طلقة أو نصفي طلقة أو نصف طلقتين.
طلقت طلقة".
بلا نزاع أعلمه.
قلت ويحتمل أن تطلق طلقتين في الأخيرة وهو قوله "أنت طالق نصف طلقتين" لأن.
اللفظ يحتمل إرادة النصف من كل طلقة منهما.
وقال في القواعد الأصولية إذا قال أنت طالق نصف طلقة طلقت طلقة.
جزم به الأصحاب ونص عليه في رواية صالح والأثرم وأبي الحارث وأبي داود قال.
ولم أجد أحدا من الأصحاب اشترط في وقوع الطلاق بذلك النية وفيه نظر لأن التعبير بالبعض.
عن الكل من صفات المتكلم ويستدعي قصده لذلك المعنى بالضرورة وإلا لم يصح أن يعبر به.
عنه انتهى.
ويأتي في هذا الباب الذي يليه "إذا قال أنت طالق ثلاثا إلا ربع طلقة".
قوله: "وإن قال نصفي طلقتين أو ثلاثة أنصاف طلقة طلقت طلقتين".
وإذا قال لها "أنت طالق نصفي طلقتين" طلقت طلقتين.

هذا المذهب وقطع به الأصحاب.
وقال في الفروع ولو قال ثلاثة أنصاف طلقة فثنتان.
وقيل واحدة كنصفي ثنتين أو نصف ثنتين.
فظاهره أنه جزم بوقوع واحدة في قوله أنت طالق نصفي طلقتين ولم أره لغيره لأن
الصحيح من المذهب فيها أنها تطلق ثنتين.
ثم ظهر لي أن في الكلام تقديما وتأخيرا حصل ذلك من الناسخ أو من تخريج غلط أو
يكون على هذا تقدير الكلام لو قال أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة فثنتان كنصفي ثنتين وقيل.
واحدة كنصف ثنتين.
وأما قوله "ثلاثة أنصاف طلقة" فالصحيح من المذهب أنها تطلق طلقتين كما قطع به
المصنف هنا وعليه جماهير الأصحاب وقيل تطلق واحدة.
فائدة خمسة أرباع طلقة أو أربعة أثلاث طلقة ونحوه كثلاثة أنصاف طلقة على ما تقدم.
خلافا ومذهبا.
قوله: "وإن قال ثلاثة أنصاف طلقتين طلقت ثلاثا".
هذا المذهب نص عليه في رواية مهنا وصححه الناظم وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح
والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه الجمهور.
ويحتمل أن تطلق طلقتين اختاره ابن حامد.
قال الناظم وليس بمبعد.
وقال في الفروع ويتوجه مثلها ثلاثة أرباع ثنتين وقال في الروضة يقع اثنتان.
قوله: "وإن قال نصف طلقة ثلث طلقة سدس طلقة أو نصف وثلث.
وسدس طلقة طلقت طلقة".
هذا المذهب جزم به الأصحاب في الأولى وقطع به أكثرهم في الثالثة.
وفي الترغيب وجه تقع ثلاثا في الثانية وفي كل مالا يزيد على واحدة إذا جمع.
قوله: "وإذا قال لأربع أوقعت بينكن".

وكذا قوله "عليكن طلقة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا وقع بكل واحد.
طلقة".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والنظم والفروع
والحاوي الصغير.
وعنه إذا قال أوقعت بينكن ثلاثا ما أرى إلا قد بن منه واختاره أبو بكر والقاضي.
قال في الرعاية الصغرى وعنه إن أوقع ثنتين وقع اثنتان وإن أوقع ثلاثا أو أربعا فثلاث.
قال ابن عبدوس في تذكرته والأقوى يقع ثلاثة في غير الأولى.
قوله: "وإن قال أوقعت بينكن خمسا فعلى الأول يقع بكل واحدة طلقتان".
وكذا لو أوقع ستا أو سبعا أو ثمانيا.
وعلى الثانية يقع ثلاث.
وإن أوقع تسعا فأزيد فثلاث على كلا الروايتين.
فائدة لو قال أوقعت بينكن طلقة وطلقة وطلقة فثلاث على كلا الروايتين على.
الصحيح من المذهب.
قلت فيعايى بها.
وقيل واحدة على الرواية الأولى.
قال في القواعد الأصولية في هذه المسألة طريقان.
أحدهما يقع بكل واحدة ثلاث على الروايتين وهو طريق صاحب الترغيب وقدمه.
صاحب المحرر وقاله في المغني وغيره.
والطريق الثاني حكمها حكم ما لو قال بينكن أو عليكن ثلاثا قال وهذا الطريق أقرب.
إلى قاعدة المذهب انتهى.
فائدة قوله "وإن قال نصفك أو جزء منك أو أصبعك أو أذنك طالق.
طلقت" بلا نزاع.
لكن لو قال "أصبعك أو يدك طالق" ولا يد لها ولا إصبع أو قال إن قمت فيمينك.
طالق" فقامت بعد قطعها ففي وقوع الطلاق وجهان.
وأطلقهما في المحرر وشرحه والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وقال
بناء على أنه هل هو بطريق السراية أو بطريق التعبير بالبعض عن الكل كذا قال شارح المحرر.

قال الزركشي: إذا أضاف الطلاق إلى عضو فهل يقع عليها جملة تسمية للكل باسم.
البعض وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قاله القاضي أو على العضو [أو البعض] نظرا لحقيقة.
اللفظ ثم يسري تغليبا للتحريم فيه وجهان وبنى عليهما المسألة.
أحدهما تطلق [فيهما] جزم به في المنور.
والثاني لا تطلق بهما.
واختار ابن عبدوس في تذكرته أنها تطلق في الثانية ولا تطلق في الأولى.
قوله: "وإن قال دمك طالق طلقت".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والخلاصة.
وشرح ابن منجا وشرح المحرر والشارح وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز واختاره ابن.
عبدوس في تذكرته.
قال الناظم هذا أولى وقدمه في المحرر والفروع.
وقيل لا تطلق وجزم به في الترغيب.
قال في المستوعب قال ابن البنا لا تطلق واقتصر عليه وأطلقهما في الرعايتين.
والحاوي الصغير.
فائدة لو قال "لبنك أو منيك طالق" فقيل هما كالدم اختاره في الرعاية.
قال في الفروع ومني كدم.
وقيل بعدم الوقوع قدمه في الرعاية وجزم به في المستوعب في اللبن.
نسب تقديمه إلى صاحب الفروع فيه.
واختاره في الرعاية وغيرها.
وقيل بعدم الوقوع فيهما وقدمه في الرعاية والفروع وغيرهما.
وجزم به في المستوعب والمغني في موضعين في اللبن.
وينبغي أن يقال عن هذا القول إنه قدمه في الفروع أيضا فإنه مدلوله كما لا يخفى على.
من تأمله فإنه قال فيه وقيل تطلق بسن وظفر وشعر وقيل وسواد وبياض ولبن ومني.
كدم وفيه وجه وجزم به في الترغيب انتهى.
ففهم بعضهم منه أن قوله ولبن ومني مرفوعان استئنافا وليس كذلك فإنه لم يسبق له في.
الفروع ذكر حكم الدم بل الظاهر جرهما عطفا على ما قبلهما وحينئذ يستقيم الكلام.
ويؤيده الجزم في المغني فيها بعدم الوقوع في اللبن في موضعين منه كما نقلته عنه هنا.
وعنه جزم المستوعب حيث قاس الشعر والظفر والسن والدمع والعرق في عدم الوقوع بها عليها.

وإذا كان كذلك في اللبن ففي المني كذلك أيضا لاشتراكهما عند صاحب الفروع في.
الحكم والمعنى أيضا وإن اختلف الحكم نظرا للتقديرين السابقين في حل قول الفروع.
فليتأمل].
قوله: "وإن قال شعرك أو ظفرك أو سنك طالق لم تطلق".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل تطلق وهو احتمال في المحرر ووجه في المذهب وأطلقهما فيه.
فائدة لو قال سوادك أو بياضك طالق لم تطلق على الصحيح من المذهب جزم به.
في الكافي والرعاية الكبرى وقدمه في الفروع وغيره وقيل تطلق.
قوله: "وإن أضافه إلى الريق والدمع والعرق والحمل لم تطلق".
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الانتصار هل يقع ويسقط القول بإضافته إلى صفة كسمع وبصر [ونحوهما] إن
قلنا تسمية [الكل] الجزء عبارة عن الجميع [كناية أو مجازا] وهو ظاهر كلامه [يعني الإمام أحمد]
صح وإن قلنا بالسراية فلا.
قوله: "وإن قال روحك طالق طلقت".
وهو المذهب قال في المذهب ومسبوك الذهب وإن قال "روحك طالق" وقع الطلاق.
في أصح الوجهين.
اختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر والشرح.
والنظم وتجريد العناية.
"وقال أبو بكر لا تطلق".
فقال لا يختلف قول الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يقع طلاق و[لا] ظهار و[لا] عتق.
و[لا] حرام بذكر الشعر والظفر والسن والروح وبذلك أقول انتهى.
وجزم به في الوجيز وهذا ظاهر ما قدمه في الفروع فأنه قال وإن طلق جزءا مبهما أو.
مشاعا أو معينا أو عضوا طلقت نص عليه.
وعنه وكذا الروح اختاره أبو بكر وابن الجوزي وجزم به في التبصرة انتهى.
وما ذكره عن أبي بكر فيه نظر ويرده ما نقله [آنفا وما نقله] هو عنه [في محل آخر أيضا].
ثم وجدت ابن نصر الله في حواشي الفروع نقل عن القاضي علاء الدين بن مغلي أنه.

جزم بأن هذا يغلب على صاحب الفروع في الكلام يعني قوله وكذا الروح وأنه معطوف على قوله جزءا معينا وأن مراده أنها تطلق بالروح على هذه الرواية لكنه وهم في عزوها إلى أبي بكر انتهى وهو كما قال.
قال شيخنا في حواشي الفروع الظاهر أن ذكر أبي بكر سهو.
وقال في الرعاية الكبرى والنص عدم الوقوع.
قال في المستوعب توقف الإمام أحمد رحمه الله فيها.
وأطلقهما في المستوعب والكافي والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
وهذا بناء على أن الإشارة في قوله في الفروع وكذا الروح إلى آخره إلى الوقوع في المسألة التي قبلها وهو الظاهر من العبارة وقد أوله به ابن نصر الله في حاشيته عليه فجعل مرجع الإشارة فيه هو قوله بخلاف زوجتك بعض وليتي أي فلا تطلق في هذه المسألة الأخرى المشبهة بها فيه لها.
فالتشبيه في أصل انتفاء الحكم وإن اختلف منطق الانتفاءين حينئذ فيكون المقدم في الفروع هو الوقوع في الروح وكذا مسألة الحياة الآتية بعدها.
إن قيل إن قوله فيه وكذا الحياة عطف على قوله وكذا الروح وقيل إنه عطف على جملة قوله وكذا الروح فيكون قد حكى فيه الخلاف فيها.
والراجح فيه عدم الوقوع عنده كما جعله ابن نصر الله في حواشيه عليه مقتضى كلامه فيها خلافا لما سيأتي قريبا من الجزم بالوقوع.
فوائد .
إحداها لو قال حياتك طالق طلقت كبقائك أو نفسك بسكون الفاء لا بفتحها فإنه كريحك وهواؤك ورائحتك وظاهر الفروع أنها لا تطلق وجعله ابن نصر الله في حاشيته عليه مقتضى كلامه فيه وكمسألة الروح والدم وإن كان المذهب فيهما الوقوع كما ذكر.
والذي ينبغي أن يقال إن فيها الخلاف كالروح والدم ونحوهما فينبغي أن يكون المذهب فيها كلها عدم الوقوع كإضافة الطلاق إلى السواد والبياض ونحوهما كالرائحة لكونها أعراضا والحياة عرض باتفاق المتكلمين كالبقاء والروح والروح والرائحة والريح والهواء بخلاف الروح.
وهذا ما ظهر لي من تحرير هذا المحل وكما هو في كتب غيرنا كالشافعية وغيرهم لكن الحياة عرض كالهواء لا يستغني الحيوان عنها كالروح والدم والبقاء والنفس بالسكون لا بالفتح بخلاف السواد والبياض ونحوهما فإن الحيوان يعيش بدونها لا بدون جميع الأعراض كلها وليس الكلام فيها جميعا.

الثانية قال في الفروع هنا لو قال أنت طالق شهرا أو بهذا البلد صح ويكمل بخلاف بقية العقود انتهى.
فالظاهر أنه وضع هذه المسألة هنا لكونها شبيهة بتطليق عضو منها فكما أنها تطلق كلها بتطليق عضو منها أو ببعضها فكذلك تطلق أيضا في هذه المسألة.
في جميع الشهور والبلدان في قوله بخلاف بقية العقود نظر ظاهر كالفسوخ.
الثالثة حكم العتق في ذلك كله حكم الطلاق.
قوله : وإذا قال لمدخول بها أنت طالق أنت طالق طلقت طلقتين إلا أن ينوي بالثانية التأكيد أو إفهامها.
ويشترط في التأكيد أن يكون متصلا وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه مع الإطلاق وجه كالإقرار ونقل أبو داود في قوله اعتدى اعتدى مرتين فأراد الطلاق هي طلقة.
قال في القواعد الأصولية وظاهر هذا النص أنه لا يتكرر الطلاق إذا لم ينو التكرار.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن قال الطلاق يلزمه لا فعل كذا وكرره لم يقع أكثر من طلقة إذا لم ينو.
قال في الفروع فيتوجه مثله إن قمت فأنت طالق وكرره ثلاثا.
وحكى الشيخ يعني به المصنف وقوع الثلاث بذلك إجماعا وكان الفرق بينهما أنه يلزمه من الشرط الجزاء فيقع الثلاث معا للتلازم ولا ربط لليمين ذكره في آخر كتاب الأيمان.
فوائد
الأولى لو قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق ونوى بالثالثة تأكيد الأولى لم يقبل ووقع ثلاثا لعدم اتصال التأكيد وإن أكد الثانية بالثالثة صح وإن أطلق فطلقة واحدة جزم به المغني والشرح وقدمه في الرعاية.
وقيل ثلاث ذكره في الرعاية.
الثانية لو قال أنت طالق طالق طالق طلقت واحدة ما لم ينو أكثر جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع وقال وظاهر ما جزم به في الترغيب أنه إن أطلق تكرر فإنه قال فيه لو قال أنت طالق طالق طالق قبل أيضا قصد التأكيد قاله في القواعد الأصولية.
وقال في الرعاية بعد أن ذكر أحكام أنت طالق أنت طالق والتفصيل إن قال أنت طالق طالق طالق أو أنت طالق طالق أنت طالق وقصد التأكيد.
الثالثة لو قال أنت طالق وطالق وطالق وقال أردت تأكيد الأولى بالثانية لم يقبل.

قوله وإن قال أردت تأكيد الثانية بالثالثة دين.
وهل يقبل في الحكم على روايتين وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قال في القواعد الأصولية قبل منه لمطابقتها لها في لفظها ومعناها معا وجزم به وقدمه ابن رزين في شرحه وكذا الحكم في الفاء وثم فإن غاير بين الأحرف مثل إن قال أنت طالق وطالق أو ثم طالق أو فطالق لم يقبل قوله في إرادة التأكيد قولا واحدا.
الرابعة لو قال أنت مطلقة أنت مسرحة أنت مفارقة وقال أردت تأكيد الأولى بالثانية والثالثة قبل قوله جزم به في المغني والكافي والفروع والقواعد الأصولية وغيرهم.
وإن أتى بالواو فقال أنت مطلقة ومسرحة ومفارقة فهل يقبل منه إرادة التأكيد فيه احتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والقواعد الأصولية وقدم ابن رزين في شرحه عدم القبول.
قوله: وإن قال أنت طالق فطالق أو ثم طالق أو بل طالق أو طالق طلقة بل طلقتين أو بل طلقة أو طالق طلقة بعدها طلقة أو قبل طلقة طلقت طلقتين.
وقوع طلقتين بقوله أنت طالق فطالق أو ثم طالق أو بل طالق لا أعلم.
فيه خلافا إلا رواية في المحرر بوقوع طلقة واحدة في قوله أنت طالق بل طالق ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة بل طلقتين هو الصحيح من المذهب كما قطع به المصنف وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر وابن الزاغوني تطلق ثلاثا.
ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة بل طلقة هو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تطلق واحدة فقط ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة قبل طلقة أو بعدها طلقة هو الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأصح يقع اثنتان.
وجزم به في الكافي والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب في بعدها طلقة.
وقدمه أيضا في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل تطلق واحدة اختاره القاضي.

ويأتي قريبا إذا قلنا تطلق اثنتين هل يقعان معا أو متعاقبتان فيما إذا كانت الزوجة غير مدخول بها ويأتي نظير ذلك في باب الإقرار بالمجمل.
فائدتان
إحداهما لو ادعى أنه أراد قبلها طلقة في نكاح آخر وزوج آخر دين وفي الحكم قيل يقبل وقيل لا يقبل.
وقيل يقبل إن وجد ذلك وإلا فلا.
قلت وهو الصواب.
قال في المغني والشرح والصحيح أنه لا يقبل إذا لم يكن وجد.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية لو ادعى أنه أراد بقوله بعدها طلقة سأوقعها دين على الصحيح من المذهب وفي الحكم روايتان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية وحكاهما وجهين.
وقال في الروضة لا يقبل في الحكم وفي قبوله في الباطن روايتان انتهى.
قلت الصواب القبول.
قوله: وإن كانت غير مدخول بها بانت بالأولى ولم يلزمها ما بعدها.
يعني فيما تقدم من المسائل فدخل في كلامه أنت طالق طلقة بعدها طلقة أو قبل طلقة وكذا حكم أنت طالق طلقة بعد طلقة فلا يقع عنده بغير المدخول بها إلا واحدة وهو أحد الوجهين وهو المذهب.
قال في الفروع وهو أشهر وتوقف الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقيل يقعان معا فيقع اثنتان بالمدخول بها وغيرها واختارها أبو الخطاب وغيره في قوله طلقة بعد طلقة.
وجزم به في المذهب والمستوعب وزاد عليها قبل طلقة وأطلقهما في الفروع.
قوله: وإن قال أنت طالق طلقة قبلها طلقة فكذلك عند القاضي.
حتى تبين بطلقة في غير المدخول بها وهو المذهب.
قال في الفروع وهو أشهر وتوقف الإمام أحمد رحمه الله ونصره الشارح.

وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعند أبي الخطاب تطلق اثنتين.
واختاره أبو بكر وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وصححه المصنف.
وظاهر المستوعب والمحرر والفروع الإطلاق.
وأما المدخول بها في هذه المسألة فالصحيح من المذهب أنها تطلق طلقتين.
قال في الفروع الأصح يقع اثنتان وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وقيل تطلق واحدة اختاره القاضي في الخلاف نقله عنه ابن البنا ذكر ذلك في المستوعب على ما تقدم.
قوله: وإن قال لها أنت طالق طلقة معها طلقة أو مع طلقة أو طالق وطالق طلقت طلقتين.
وقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة معها طلقة أو مع طلقة لا نزاع فيه في المذهب في المدخول بها وغيرها ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق وطالق لغير المدخول بها هو الصحيح من المذهب ونص عليه في رواية صالح والأثرم وغيرهما لأن الواو ليست للترتيب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه تبين غير المدخول بها في الأولى بناء على أن الواو للترتيب قاله ابن أبي موسى وغيره.
قال القواعد الأصولية وفي بناء ابن أبي موسى نظر بل الأولى في تعليل أنها تبين بالأولى أنها إنشاء والإنشاءات يترتب معناها على ثبوت لفظها.
وقال في الفروع ويتوجه وجه أنها تبين بالأولى ولو لم تكن الواو للترتيب.
قوله: والمعلق كالمنجز في هذا.
وهذا المذهب سواء قدم الشرط أو أخره أو كرره.
فلو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طالق ثم طالق فدخلت.
الدار طلقت طلقة واحدة إن كانت غير مدخول بها وثلاثا إن كانت مدخولا بها وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال المصنف في المغني وتبعه الشارح ذهب القاضي إلى وقوع طلقتين في الحال في حق المدخول بها وتبقى الثالثة معلقة بالدخول قالا وهو ظاهر الفساد وأبطلاه وقالا أيضا ذهب القاضي فيما إذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق فطالق فطالق أو طالق ثم طالق ثم طالق.

باب الاستثناء في الطلاق
قوله: حكي عن أبي بكر رحمه الله أنه لا يصح الاستثناء في الطلاق.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قول أبي بكر رواية منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله ولكن أكثر أجوبته كقول الجمهور ولا تفريع عليه.
قال في القواعد الأصولية وأكثر الأصحاب خصوا قول أبي بكر بالاستثناء في عدد الطلاق دون عدد المطلقات ومنهم من حكى عنه إبطال الاستثناء في الطلاق مطلقا قال وهو ظاهر انتهى.
قلت ويحتمله كلام المصنف هنا وقطع في الفروع بالأول.
وقال في الترغيب لو قال أربعتكن طوالق إلا فلانة لم يصح على الأشبه لأنه صرح بالأربع وأوقع عليهن ولو قال أربعتكن إلا فلانة طوالق صح الاستثناء انتهى.
قلت وهو ضعيف.
قوله: والمذهب أنه يصح استثناء ما دون النصف.

وهو المذهب كما قال بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
قوله: "ولا يصح فيما زاد عليه".
وهو المذهب أيضا كما قال المصنف وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
قال صاحب الفروع في أصوله واستثناء الأكثر باطل عند الإمام أحمد رحمه الله وأصحابه وقيل يصح واختاره أبو بكر الخلال.
فائدة يصح الاستثناء في الطلقات والمطلقات والأقارير ونحو ذلك إلا ما حكي عن أبي بكر وصاحب الترغيب كما تقدم قريبا.
قوله: "وفي النصف وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والبلغة والشرح والمحرر والنظم والفروع والقواعد الأصولية.
أحدهما يصح وهو المذهب.
قال بن هبيرة الصحة ظاهر المذهب.
وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر والرعايتين والحاوي الصغير واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الإرشاد والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وهو ظاهر كلام ابن عقيل في التذكرة في الطلاق والإقرار فإنه ذكر فيهما لا يصح استثناء الأكثر واقتصر عليه.
والوجه الثاني لا يصح.
قال في تجريد العناية لا يصح استثناء مثل على الأظهر.
قال الناظم الفساد أجود.
ونقله أبو الطيب الشافعي عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الطوفي في مختصر الروضة وهو الصحيح من مذهبنا.
ونصره شارحه الشيخ علاء الدين العسقلاني في مختصر مختصر الطوفي وهو صاحب تصحيح المحرر واختاره ابن عقيل في فصوله.
ويأتي نظير ذلك في باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره.
تنبيه: أكثر الأصحاب حكوا الخلاف وجهين وقال أبو الفرج وصاحب الروضة والخلاصة هما روايتان.
وذكر أبو الطيب الشافعي عن الإمام أحمد رحمه الله رواية بالمنع كما تقدم.

قوله "وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين أو خمسا إلا ثلاثا طلقت ثلاثا".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب بناء على عدم صحة استثناء الأكثر.
وقيل تطلق اثنتان بناء على القول الآخر وأطلقهما في الرعايتين.
قلت لو قيل تطلق ثلاثا في قوله خمسا إلا ثلاثا وإن أوقعنا في الأولى طلقتين لكان له وجه لأن لنا وجها أن الاستثناء لا يعود إلا إلى ما يملكه وهو هنا لا يملك إلا ثلاث طلقات وقد استثناها فلا يصح فكأنه قد استثنى الجميع كقوله أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا بخلاف ما إذا استثنى اثنتين من ثلاث.
قوله: "وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ربع طلقة طلقت ثلاثا".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به القاضي في الجامع الكبير وصاحب المغني والشرح والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قال في القواعد الأصولية تطلق ثلاثا في أصح الوجهين وصححه ابن عقيل في الفصول.
وقيل تطلق طلقتين اختاره القاضي نقله عنه في الفصول.
وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: "وإن قال أنت طالق طلقتين إلا واحدة فعلى وجهين".
مبنيين على صحة استثناء النصف وعدمه وقد تقدم المذهب في ذلك.
قوله: وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة فهل تطلق ثلاثا أو اثنتين على وجهين.
وأطلقهما في المحرر والفروع.
أحدهما تطلق اثنتين وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم لأن الاستثناء من الاستثناء عندنا صحيح واستثناء النصف صحيح على المذهب كما تقدم.
والوجه الثاني تطلق ثلاثا.
قال المصنف والشارح وغيرهما لا يصح الاستثناء من الاستثناء في الطلاق إلا في هذه المسألة فإنه يصح إذا أجزنا النصف وإن قلنا لا يصح وقع الثلاث.
فائدة لو قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة إلا واحدة طلقت اثنتين على الصحيح من المذهب لأنه استثنى من الواحدة المستثناة واحدة فيلغو الاستثناء الثاني ويصح الأول جزم به ابن رزين في شرحه.

وقيل تطلق ثلاثا لأن الاستثناء الثاني معناه إثبات طلقة في حقها لكون الاستثناء من النفي إثباتا فيقع فيقبل ذلك في إيقاع طلاقه وإن لم يقبل في نفيه.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قوله: وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة أو طالق وطالق وطالق إلا واحدة أو طلقتين وواحدة إلا واحدة أو طلقتين ونصفا إلا طلقة طلقت ثلاثا وهو المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في النظم والهداية والمذهب والخلاصة في أنت طالق طلقتين وواحدة إلا واحدة أو طلقتين ونصفا إلا طلقة طلقت ثلاثا وهو المذهب.
"ويحتمل أن تطلق طلقتان".
وقدمه في المستوعب في الجميع وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
لكن صاحب الرعايتين قدم أن الاستثناء بعد العطف بالواو يعود إلى الكل وقطع في الهداية والخلاصة أن الاستثناء بعد العطف لا يعود إلا إلى الأخيرة فإذا قال أنت طالق وطالق وطالق إلا واحدة طلقت ثلاثا وقدمه في المستوعب وصححه في المغني.
قال في القواعد الأصولية وما قاله في المغني ليس بجار على قواعد المذهب.
وقطع القاضي أبو يعلى بوقوع طلقتين في قوله أنت طالق وطالق وطالق إلا واحدة كما قدمه بن حمدان وقطع به ابن عقيل في الفصول أيضا.
لكن ذكر في المستوعب عن القاضي أنها تطلق ثلاثا في هذه وفي الجميع.
واختار الشارح وقوع الثلاث في الأولى وأطلق الخلاف في الباقي وأطلق الخلاف في المذهب في الأولى وفي قوله طلقتين ونصفا إلا طلقة.
فإذا قلنا تطلق ثلاثا في قوله طالق وطالق وطالق إلا واحدة لو أراد استثناء من المجموع دين وفي الحكم وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
وظاهر كلامه في المنور أنه لا يقبل في الحكم فإنه قال دين واقتصر عليه.

[قال ابن رزين في التهذيب كل موضع فسر قوله فيه بما يحتمله فإنه يدين فيه فيما بينه وبين الله دون الحكم انتهى.
ونقله أيضا عنه في تصحيح المحرر وغيره].
قلت الصواب قبوله.
[قال الشيخ في مختصره هداية أبي الخطاب فإن قال أردت استثناء الواحدة من الثلاث قبل.
وهذا الجزم من الشيخ الموفق مع إطلاق أبي الخطاب للخلاف على ما نقله المؤلف أحسن ما يستند إليه في تصحيح الوجه الثاني وهو القبول والله أعلم].
فائدة لو قال أنت طالق اثنتين واثنتين إلا اثنتين طلقت ثلاثا جزم به القاضي في الجامع الكبير وغيره.
وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين.
ويحتمل أن تطلق اثنتين قال ابن رزين في شرحه هذا أقيس.
وإن قال "اثنتين واثنتين إلا واحدة" فالذي جزم به القاضي في الجامع الكبير أنها تطلق اثنتين بناء على قاعدته.
وقاعدة المذهب أن الاستثناء يرجع إلى ما يملكه وأن العطف بالواو يصير الجملتين جملة واحدة.
وأبدى المصنف في المغني احتمالين.
أحدهما ما قاله القاضي.
والثاني لا يصح الاستثناء.
وإن فرق بين المستثنى والمستثنى منه فقال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا واحدة وواحدة وواحدة قال في الترغيب وقعت الثلاث على الوجهين.
قوله: وإن قال أنت طالق ثلاثا واستثنى بقلبه إلا واحدة وقعت الثلاث.
أما في الحكم فلا يقبل قولا واحدا.
وأما في الباطن فالصحيح من المذهب أنه لا يدين كما هو ظاهر كلام المصنف وعليه جماهير الأصحاب وجزم به السامري في فروقه وصاحب الوجيز والمستوعب وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والنظم والزركشي وغيرهم.

واختاره المجد في محرره وغيره.
وقال أبو الخطاب يدين واختاره الحلواني.
قال في عيون المسائل لأنه لا اعتبار في صريح النطق على الصحيح من المذهب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: "وإن قال نسائي طوالق واستثنى واحدة بقلبه لم تطلق".
فيقبل فيما بينه وبين الله تعالى قولا واحدا.
وظاهر كلام المصنف أنه يقبل في الحكم أيضا وهو الصحيح من الروايتين والمذهب منهما اختاره الشارح وصححه في النظم.
وظاهر ما جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر واختاره القاضي وجزم به الزركشي والمنور.
والرواية الثانية لا يقبل اختاره ابن حامد.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدتان
إحداهما لو قال "نسائي الأربع طوالق" واستثنى واحدة بقلبه طلقت في الحكم على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر.
ولم تطلق في الباطن وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل تطلق أيضا وهو الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به الزركشي والخرقي.
وقال في الترغيب لو قال أربعتكن طوالق إلا فلانة لم يصح على الأشبه لأنه صرح وأوقع ويصح أربعتكن إلا فلانة طوالق وتقدم ذلك في أول الباب.
الثانية يعتبر للاستثناء والشرط ونحوهما اتصال معتاد لفظا وحكما كانقطاعه بتنفس ونحوه قاله القاضي وغيره واختاره في الترغيب.
وقطع به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والنظم وتجريد العناية والمنور وغيرهم.
ويعتبر أيضا نيته قبل تكميل ما ألحقه به.
قال في القواعد الأصولية وهو المذهب.

[وقيل يصح بعد تكميل ما ألحقه به] قطع به في المبهج والمستوعب والمغني والشرح.
قال في الترغيب هو ظاهر كلام أصحابنا.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال دل عليه كلام الإمام أحمد رحمه الله وعليه متقدمو أصحابه.
وقال لا يضر فصل يسير بالنية وبالاستثناء انتهى.
وقيل محله في أول الكلام قاله في الترغيب توجيها من عنده.
وسأله أبو داود عمن تزوج امرأة فقيل له ألك امرأة سوى هذه فقال كل امرأة لي طالق فسكت فقيل إلا فلانة قال إلا فلانة فإني لم أعنها فأبى أن يفتي فيه.
ويأتي في تعليق الطلاق إذا علقه بمشيئة الله تعالى.

باب الطلاق في الماضي والمستقبل
.
قوله: "إذا قال لامرأته أنت طالق أمس أو قبل أن أنكحك ينوي الإيقاع وقع".
هذا المذهب اختاره أبو بكر وحكاه القاضي عن الإمام أحمد رحمه الله وجزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
ووقوع الطلاق بقصد وقوعه أمس من مفردات المذهب.
وجعله القاضي وحفيده كمسألة ما إذا لم ينو إلا نية.
وعنه يقع إن كانت زوجته أمس.
نقل مهنا إذا قال أنت طالق أمس وإنما تزوجها اليوم فليس هذا بشيء فمفهومه أنها إن كانت زوجته بالأمس طلقت.
قوله: "وإن لم ينو لم يقع في ظاهر كلامه".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال ناظم المفردات عليه الأكثر وهو من المفردات.

وقال القاضي يقع وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله فيلغو ذكر أمس.
وحكي عن أبي بكر لا يقع إذا قال أنت طالق أمس ويقع إذا قال قبل أن أنكحك.
قال القاضي رأيته بخط أبي بكر في جزء مفرد.
وحمل القاضي قول أبي بكر رحمه الله على أنه يتزوجها بعد ذلك ثانيا فيبين وقوعه الآن.
قال المصنف والشارح في تعليل قول أبي بكر لأن أمس لا يمكن وقوع الطلاق فيه.
وقبل تزوجها متصور الوجود فإنه يمكن أن يتزوجها ثانيا وهذا الوقت قبله فوقع في الحال كما لو قال أنت طالق قبل قدوم زيد.
قوله: "فإن قال أردت أن زوجا قبلي طلقها أو طلقتها أنا في نكاح قبل هذا قبل منه إذا احتمل الصدق في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله".
أما فيما بينه وبين الله تعالى فيدين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يدين فيهما باطنا حكاها الحلواني وابن عقيل.
وأما في الحكم فظاهر كلام المصنف هنا أنه يقبل أيضا وهو مقيد بما إذا لم تكذبه قرينة من غضب أو سؤالها الطلاق ونحوه فلا يقبل قولا واحدا وكلام المصنف هو المذهب وإحدى الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى.
وقال في الرعاية الصغرى قبل حكما إلا أن يعلم من غير جهته ولعله سهو أو نقص من الكاتب وإنما هذا الشرط على التخريج الآتي.
والرواية الثانية لا يقبل.
وقال في المحرر ويتخرج إذا قلنا تطلق بلا نية أن لا يقبل منه في الحكم إلا أن يعلم من غير جهته وتبعه في الرعاية الكبرى وأطلق الروايتين في الفروع وغيره.
وتقدم نظير ذلك في أول باب صريح الطلاق وكنايته عند قوله وإن نوى بقوله أنت طالق من وثاق أو مطلقة من زوج كان قبلي.
وتقدم تحرير ذلك فليعاود فإن الأصحاب ذكروا أن الحكم فيهما واحد.
تنبيه: ظاهر قوله قبل منه إذا احتمل الصدق أي وجوده أنه يشترط أن يكون قد وجد ذلك منه أو من الزوج الذي قبله.
هذا المذهب واختاره القاضي وغيره [وهو قول أبي الخطاب وقدمه في الشرح].
قال في المحرر والرعاية والنظم والحاوي والوجيز وغيرهم إذا أمكن.

[قال في الترغيب هو قياس المذهب.
وقال القاضي يقبل مطلقا] وقدمه في الفروع.
وهل يشترط أيضا ثبوته عند الحاكم أو إن تداعيا عنده أو لا مطلقا أو يشترط في الحكم دون التدين باطنا وهو الأظهر فيه خلاف.
لكن فرق بين إمكان الصوت ولو لم يكن وجد شيء مطلقا وبين الوجود نفسه سواء اشترط ثبوته في نفس الأمر أو عند الحاكم للحكم أو للتدين مثلا.
فكل من ذلك مسألة مستقلة بنفسها خلافا لمن يجعل الخلف لفظيا في ذلك كله.
قوله: "فإن مات أو جن أو خرس قبل العلم بمراده فهل تطلق على وجهين".
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا تطلق وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني تطلق.
والخلاف هنا مبني على الخلاف المتقدم في اشتراط النية في أصل المسألة.
فإن قيل تشترط النية هناك وهو المذهب لم تطلق هنا لأن شرط وقوع الطلاق النية ولم يتحقق وجودها.
وإن قيل لا تشترط النية هنا طلقت هناك قاله الأصحاب منهم المصنف والشارح وابن منجا وغيرهم.
قوله: وإن قال أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم قبل مضي شهر لم تطلق.
كذا إذا قدم مع الشهر وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
حتى قال المصنف والشارح في المسألة الأولى لم تطلق بغير اختلاف من أصحابنا.
وقيل هما كقوله أنت طالق أمس وجزم به الحلواني.
فائدة قال في القواعد الأصولية في هذه المسألة جزم بعض أصحابنا بتحريم وطئها من حين عقد الصفة إلى حين موته.
وقال في المستوعب قال بعض أصحابنا يحرم عليه وطؤها من حين عقد هذه الصفة إلى

حين موته لأن كل شهر يأتي يحتمل أن يكون شهر وقوع الطلاق فيه ولم يذكر خلافه.
قوله: "وإن قدم بعد شهر وجزء يقع الطلاق فيه تبينا وقوعه فيه".
بلا نزاع وكان وطؤه محرما فإن كان وطى ء لزمه المهر.
فوائد
الأولى: لها النفقة من حين التعليق إلى أن يتبين وقوع الطلاق.
قلت فيعايى بها.
الثانية: قوله "وإن خالعها بعد اليمين بيوم وكان الطلاق بائنا ثم قدم زيد بعد الشهر بيومين صح الخلع وبطل الطلاق".
وهذا صحيح لا خلاف فيه لأن الطلاق لم يصادفها إلا بائنا والبائن لا يقع عليها الطلاق.
وقوله "وإن قدم بعد شهر وساعة وقع الطلاق دون الخلع".
بلا خلاف عليها لكن إذا لم يقع الخلع ترجع بالعوض.
وقوله "وكان الطلاق بائنا".
احترازا من الطلاق الرجعي فإنه يصح الخلع مطلقا أعني قبل وقوع الطلاق وبعده ما لم تنقض عدتها.
الثالثة وكذا الحكم لو قال أنت طالق قبل موتي بشهر لكن لا إرث لبائن لعدم التهمة.
ولو قال "إذا مت فأنت طالق قبله بشهر" لم يصح ذكره في الانتصار لأنه أوقعه بعده فلا يقع قبله لمضيه.
قوله: وإن قال أنت طالق قبل موتي طلقت في الحال.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في التبصرة تطلق في جزء يليه موته كقبيل موتى.
فوائد
إحداها قوله وإن قال بعد موتي أو مع موتي لم تطلق.
بلا نزاع عند الأصحاب ونص عليه.
لكن قال في القواعد يلزم على قول ابن حامد الوقوع هنا في قوله مع موتي لأنه أوقع الطلاق مع الحكم بالبينونة فإيقاعه مع سبب الحكم أولى انتهى.

الثانية لو قال أنت طالق يوم موتي ففي وقوع الطلاق وجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما تطلق في أوله وهو الصواب وصححه في النظم وجزم به في المنور.
والثاني لا تطلق.
الثالثة لو قال أطولكما حياة طالق فبموت إحداهما يقع الطلاق بالأخرى إذن على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق وقت يمينه.
قوله: "وإن تزوج أمة أبيه ثم قال إذا مات أبي أو اشتريتك فأنت طالق فمات أبوه أو اشتراها لم تطلق".
وهو أحد الوجهين اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي والنظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
ويحتمل أن تطلق.
وهو المذهب وهو رواية في التبصرة.
قال في الشرح وهذا أظهر.
قال أبو الخطاب في الهداية وهذا الصحيح.
قال في الرعايتين طلقت في الأصح.
واختاره القاضي في الخلاف والجامع والشريف وابن عقيل في عمد الأدلة وغيرهم وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في المستوعب وقواعد ابن رجب وتجريد العناية.
وتقدم التنبيه على ذلك في باب المحرمات في النكاح.
فائدة لو قال إذا ملكتك فأنت طالق فمات الأب أو اشتراها لم تطلق على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لا تطلق في الأصح.
قال في المحرر والحاوي الصغير لم تطلق وجها واحدا وجزم به في الرعاية الصغرى.
قال في القواعد الفقهية في القاعدة السابعة والخمسين لو قال زوج الأمة لها إن ملكتك فأنت طالق ثم ملكها لم تطلق قاله الأصحاب وجها واحدا.

ولا يصح لأن ابن حامد يلزمه القول هنا بالوقوع لاقترانه بالانفساخ انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى ولو كان قال إذا ملكتك فأنت طالق وقلنا الملك في زمن الخيارين للمشتري لم تطلق واقتصر عليه وقيل تطلق.
وفي عيون المسائل احتمال يقع الطلاق في مسألة الشراء بناء على أن الملك هل ينتقل زمن الخيار وفيه روايتان.
تنبيه: مراده بقوله "فإن كانت مدبرة فمات أبوه وقع الطلاق والعتق معا".
إذا كانت تخرج من الثلث.
قوله: وإن قال أنت طالق لأشربن الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه أو لأقتلن فلانا الميت أو لأصعدن السماء أو لأطيرن أو إن لم أصعد السماء ونحوه طلقت في الحال.
هذا تعليق بعدم وجود المستحيل وعدم فعله.
ومن جملة أمثلته إن لم أشرب ماء الكوز ولا ماء فيه أو إن لم أطر وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه المصنف والشارح.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب في موضع من كلامه لا تنعقد يمينه.
وحكى في الهداية عن القاضي أنها لا تنعقد فلا يقع به الطلاق.
وقيل تطلق في المستحيل لذاته وفي المستحيل عادة تطلق في آخر حياته.
وقيل إن وقته كقوله لأطيرن اليوم ونحوه طلقت في آخر وقته وذكره أبو الخطاب اتفاقا وإن أطلق طلقت في الحال.
وقيل إن علم موته حنث وإلا فلا لتوهم عود الحياة الفانية.
فائدة لو قال لا طلعت الشمس فهو كقوله لأصعدن السماء.
قوله: "وإن قال أنت طالق إن شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو صعدت السماء أو شاء الميت أو البهيمة".
هذا تعليق بوجود مستحيل وفعله وهو قسمان مستحيل عادة ومستحيل لذاته.
فالمستحيل عادة كما مثل المصنف.
ومن جملة أمثلته أنت طالق لا طرت أو إن طرت أو لا شربت ماء الكوز ولا ماء فيه.

أو "إن قلبت الحجر ذهبا" ونحوه.
والمستحيل لذاته كقوله أنت طالق إن رددت أمس أو جمعت بين الضدين أو شربت الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه ونحوه فهذان القسمان لا تطلق بهما في أحد الوجهين وهو المذهب وصححه في المغني والشرح والتصحيح والنظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وتطلق في الآخر وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
وقيل تطلق في المستحيل لذاته لا في المحال في العادة.
فائدة حكم العتق والحرام والظهار والنذر حكم الطلاق في ذلك.
وأما اليمين بالله تعالى فكذلك على أصح الوجهين قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وأطلقهما في الفروع.
ويأتي الكلام عليه في كلام المصنف في كتاب الأيمان في الفصل الثاني.
قوله: "وإن قال أنت طالق اليوم إذا جاء غد فعلى الوجهين".
يعني المتقدمين قبله وأطلقهما في الشرح.
أحدهما لا تطلق مطلقا بل هو لغو وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي في المجرد وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وصححه في التصحيح.
والثاني تطلق في الحال اختاره القاضي أيضا ذكره الشارح.
قال في الوجيز طلقت انتهى.
وقيل تطلق في غد.
تنبيه: قال ابن منجا في شرحه وظاهر كلام المصنف فيما حكاه عن القاضي أن الطلاق لا يقع هنا مع قطع النظر عن تخريجه على تعليق الطلاق بشرط مستحيل.
قال المصنف في المغني اختيار القاضي أن الطلاق يقع في الحال انتهى.
قلت قد ذكر الشارح عن القاضي قولين عدم الطلاق مطلقا ووقوع الطلاق في الحال كما ذكرته عنه.
فائدتان
إحداهما لو قال "أنت طالق ثلاثا على مذهب السنة والشيعة واليهود والنصارى" فقال القاضي في الدعاوى من حواشي التعليق تطلق ثلاثا لاستحالة الصفة لأنه لا مذهب لهم.

ولقصده التأكيد انتهى.
قلت ويقرب من ذلك قوله أنت طالق ثلاثا على سائر المذاهب لاستحالة الصفة والظاهر أنه أراد التأكيد بل هذه أولى من التي قبلها ولم أرها للأصحاب.
وقال أبو نصر بن الصباغ والدامغاني من الشافعية تطلق في الحال.
وقال أبو منصور بن الصباغ وسمعت من رجل فقيه كان يحضر عند أبي الطيب أن القاضي قال لا يقع لأنه لا يكون قد أوقع ذلك على المذاهب كلها.
قال أبو منصور لا بأس بهذا القول.
الثانية قوله "إذا قال أنت طالق غدا أو يوم السبت أو في رجب طلقت بأول ذلك".
بلا نزاع ويجوز له الوطء قبل وقوعه.
وإن قال أنت طالق اليوم أو في هذا الشهر طلقت في الحال.
بلا خلاف أعلمه.
وكذا لو قال أنت طالق في الحول طلقت أيضا بأوله على الصحيح من المذهب قدمه في المستوعب والرعاية والفروع وغيرهم.
وعنه لا يقع إلا في رأس الحول اختاره ابن أبي موسى.
قال في الفروع وهو أظهر.
قوله: "فإن قال أردته في آخر هذه الأوقات دين".
إذا قال أنت طالق غدا أو يوم السبت وقال أردت في آخر ذلك فقطع المصنف هنا أنه يدين وهو أحد الوجهين أو الروايتين ذكرهما في الرعايتين وجزم به في المغني والشرح والوجيز وشرح ابن منجا وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع والمنصوص أنه لا يدين وقدمه في المحرر ومال إليه الناظم.
قلت هذا المذهب.
وأطلقهما في الهداية والفروع.
وأما ما عدا هاتين المسألتين فقطع المصنف أيضا أنه يدين وهو المذهب.
قال في الفروع دين في الأصح.
قال في الرعاية الكبرى دين في الأظهر.
قال في الحاوي دين في أصح الوجهين وجزم به في المغني والشرح والرعاية الصغرى والوجيز والنظم وغيرهم.

وقيل لا يدين وقدم في القواعد الأصولية أنه لا يدين إذا قال أنت طالق يوم كذا وقال أردت آخره.
قوله: وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي فيما عدا المسألتين الأولتين وأطلقهما في شرح ابن منجا في الجميع وأطلقهما في الفروع في أنت طالق اليوم أو غدا أو شهر كذا.
أحدهما يقبل وهو الصحيح من المذهب صححه في المغني والشرح والتصحيح والنظم وابن أبي المجد في مصنفه واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
والثانية لا يقبل صححه في الخلاصة وجزم به في المنور.
قال في الوجيز دين فيه.
وقدم في الرعايتين أنه لا يقبل إذا قال غدا أو يوم كذا وجزم به في الحاوي الصغير.
فائدتان.
إحداهما قال في بدائع الفوائد فائدة:
ما يقول الفقيه أيده اللـ ... ـه وما زال عنده إحسان
في فتى علق الطلاق بشهـ ... ـر قبل ما قبل قبله رمضان
في هذا البيت ثمانية أوجه.
أحدها هذا:.
والثاني بعد ما بعد بعده.
والثالث قبل ما بعد بعده.
والرابع بعد ما قبل قبله فهذه أربعة متقابلة.
الخامس قبل ما بعد قبله.
السادس بعد ما قبل بعده.
السابع بعد ما بعد قبله.
الثامن قبل ما قبل بعده.
وتلخيصها أنك إن قدمت لفظة بعد جاء أربعة.
أحدها أن كلها بعد.
الثاني بعدان وقبل.
الثالث قبلان وبعد.

الرابع بعدان بينهما قبل.
وإن قدمت لفظة قبل فكذلك.
وضابط الجواب عن الأقسام أنه إذا اتفقت الألفاظ فإن كانت قبل وقع الطلاق في الشهر الذي تقدمه رمضان بثلاثة شهور فهو ذو الحجة فكأنه قال أنت طالق في ذي الحجة لأن المعنى أنت طالق في شهر رمضان قبل قبل قبله فلو كان رمضان قبله طلقت في شوال.
ولو قال قبل قبله طلقت في ذي القعدة.
وإن كانت الألفاظ كلها بعد طلقت في جمادى الآخرة لأن المعنى أنت طالق في شهر يكون رمضان بعد بعد بعده.
ولو قال رمضان بعده طلقت في شعبان.
ولو قال بعد بعده طلقت في رجب.
وإن اختلفت الألفاظ وهي ست مسائل فضابطها أن كل ما اجتمع فيه قبل وبعد فألغهما نحو قبل بعده وبعد قبله واعتبر الثالث.
فإذا قال قبل ما بعد بعده أو بعد ما قبل قبله فألغ اللفظين الأولين يصير كأنه قال أولا بعده رمضان فيكون شعبان.
وفي الثاني كأنه قال قبله رمضان فيكون شوالا.
وإن توسطت لفظة بين مضادين لها نحو قبل بعد قبله وبعد قبل بعده فألغ اللفظين الأولين ويكون شوالا في الصورة الأولى كأنه قال في شهر قبله رمضان وشعبان في الثانية كأنه قال بعده رمضان.
وإذا قال بعد بعد قبله أو قبل قبل بعده وهي تمام الثمانية طلقت في الأولى في شعبان كأنه قال بعده رمضان وفي الثانية في شوال كأنه قال قبله رمضان انتهى.
الثانية لو قال أنت طالق اليوم أو غدا أو أنت طالق غدا أو بعد غد طلقت في أسبق الوقتين قاله الأصحاب.
قوله: وإن قال أنت طالق اليوم وغدا وبعد غد أو في اليوم وفي غد وفي بعده فهل تطلق ثلاثا أو واحدة على وجهين.
أحدهما تطلق واحدة كقوله أنت طالق كل يوم ذكره في الانتصار وصحح هذا الوجه في التصحيح.
والوجه الثاني تطلق ثلاثا كقوله أنت طالق في كل يوم ذكره أيضا في الانتصار.
وقيل تطلق في الأولى واحدة وفي الثانية ثلاثا وهو المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وجزم به في.

الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة في الأولى وقدموه في الثانية.
وأطلقهن ابن منجا في شرحه وأطلق الوجهين فيهما في المغني والشرح والفروع.
وقال ويتوجه أن يخرج أنت طالق كل يوم أو في كل يوم على هذا الخلاف.
ويأتي في كلام المصنف إذا قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار فأنت طالق في تعليق الطلاق بالشروط في فصل تعليقه بالمشيئة فإن بعضهم ذكرها هنا.
قوله: وإن قال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم طلقت في آخر جزء منه.
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم.
قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الفروع.
وقال أبو بكر لا تطلق قدمه في الخلاصة والرعايتين والنظم.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والحاوي الصغير.
فائدة لو أسقط اليوم الأخير فقط فقال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك فحكمها حكم المسألة التي قبلها خلافا ومذهبا قاله في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ولو أسقط اليوم الأول فقط فقال أنت طالق إن لم أطلقك اليوم طلقت بلا خلاف.
لكن في وقت وقوعه وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
أحدهما تطلق في آخره قدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني تطلق بعد خروجه.
ولو أسقط اليوم الأول والأخير فقال أنت طالق إن لم أطلقك فيأتي في كلام المصنف في أول الباب الآتي بعد هذا.
فائدة لو قال لزوجاته الأربع أيتكن لم أطأها الليلة فصواحباتها طوالق ولم يطأ تلك الليلة واحدة منهن فالمشهور عند الأصحاب أنهن يطلقن ثلاثا ثلاثا قاله في القاعدة الستين بعد المائة.
وحكى أبو بكر وجها وجزم به أولا أن إحداهن تطلق ثلاثا والبواقي طلقتين طلقتين وعلله.
فعلى هذا الوجه ينبغي أن يقرع بينهن فمن خرجت عليها قرعة الثلاث حرمت بدون زوج وإصابة قاله في القواعد.

قوله: "وإن قال أنت طالق يوم يقدم زيد فماتت غدوة وقدم بعد موتها يعني في ذلك اليوم فهل وقع بها الطلاق على وجهين".
وأطلقهما ابن منجا في شرحه والناظم.
أحدهما وقع بها الطلاق وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والمغني والشرح وجزم في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني لا يقع بها الطلاق.
وأما إذا قدم ليلا أو نهارا أو حيا أو ميتا أو طائعا أو مكرها فيأتي في كلام المصنف في آخر الباب.
فعلى المذهب تطلق من أول النهار جزم به في المغني والشرح وقدمه في المحرر والحاوي.
وقيل تطلق عقيب قدومه وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في الفروع.
وكذا الحكم لو قدم وهي حية في وقت وقوع الطلاق الوجهان.
قوله: "وإن قال أنت طالق في غد إذا قدم زيد فماتت قبل قدومه لم تطلق".
هذا أحد الوجهين وهو احتمال في الهداية وصححه في المستوعب وجزم به في الكافي والشرح والنظم والوجيز وغيرهم.
والوجه الثاني تطلق وهو المذهب.
قال في المستوعب ذكر أصحابنا أنه يحكم بطلاقها بناء على ما إذا نذر أن يصوم.
غدا إذا قدم زيد فقدم وقد أكل فإنه يلزمه قضاؤه لأن نذره قد انعقد انتهى.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر فإنه قال إذا قال أنت طالق في غد إذا قدم زيد فقدم فيه طلقت ولم يفرق بين موتها وعدمه.
وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المذهب.
فعلى المذهب يقع الطلاق عقيب قدومه على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وجزم به في الشرح.
وقال أبو الخطاب تطلق من أول الغد وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الفروع.
وقيل محل هذا إذا قدم والزوجان حيان.

فائدتان
إحداهما لو قدم زيد والزوجان حيان طلقت قولا واحدا لكن في وقت وقوعه الوجهان المتقدمان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يكون وقت قدومه وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وهو ظاهر ما قطع به الشارح في بحثه.
والوجه الثاني تطلق من أول الغد اختاره أبو الخطاب كما تقدم.
الثانية قوله "وإن قال أنت طالق اليوم غدا طلقت اليوم واحدة إلا أن يريد طالق اليوم وطالق غدا فتطلق اثنتين".
بلا خلاف أعلمه.
وإن أراد نصف طلقة اليوم ونصفها غدا طلقت طلقتين على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم وغيرهم وقدمه في المغني والشرح.
وقيل تطلق واحدة وهو احتمال للقاضي.
ولم يذكر هذه المسألة في الفروع.
قوله: "فإن نوى نصف طلقة اليوم وباقيها غدا احتمل وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا.
أحدهما تطلق واحدة وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والنظم وقدمه في المحرر والفروع.
والوجه الثاني تطلق اثنتين.
قوله: "وإن قال أنت طالق إلى شهر" وكذا إلى حول طلقت عند انقضائه.
هذا المذهب بشرطه وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والمغني والشرح والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه يقع في الحال وهو مذهب أبي حنيفة.
قوله: "إلا أن ينوي طلاقها في الحال".
يعني فتطلق في الحال وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.

وحكى ابن عقيل مع النية الروايتين المتقدمتين مع عدم النية وكقوله أنت طالق إلى مكة على ما تقدم في باب ما يختلف به عدد الطلاق وإن قال بعد مكة وقع في الحال.
قوله: "وإن قال أنت طالق في آخر الشهر طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه".
هذا أحد الوجوه واختاره الأكثر وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح وصححه.
وقيل تطلق بغروب شمس الخامس عشر منه.
وقيل تطلق في آخر جزء منه قدمه في الفروع وهو الصواب.
قلت وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قوله: "أو أول آخره".
يعني لو قال أنت طالق في أول آخر الشهر طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه وهو المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في الوجيز والمنور.
وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والشرح والقواعد الأصولية.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر تطلق بغروب شمس الخامس عشر منه.
قلت وعلى قياس قوله تطلق بالزوال منه يوم الخامس عشر إذا تبين أنه كان ناقصا.
فعلى المذهب يحرم وطؤه في تاسع وعشرين ذكره بن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب.
قال في الفروع ويتوجه تخريج لا يحرم.
قوله: وإن قال في آخر أوله طلقت في آخر يوم من أوله.
هذا أحد الوجوه.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في المغني والشرح هذا أصح وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وجزم به في الوجيز.
وقيل تطلق بطلوع فجر أول يوم منه وهو المذهب.

قال في الفروع طلقت بفجر أول يوم منه في الأصح وجزم به في المنور وقدمه في المحرر.
وقال أبو بكر تطلق بغروب شمس الخامس عشر منه.
وقال في الرعاية إذا قال أنت طالق في غرة الشهر أو أوله وأراد أحدهما دين في الأظهر وفي الحكم وجهان وقيل روايتان.
وقال في المغني والشرح الثلاث الليالي الأول تسمى غررا.
قوله: وإن قال إذا مضت سنة فأنت طالق طلقت إذا مضى اثني عشر شهرا بالأهلة بلا نزاع ويكمل الشهر الذي حلف في أثنائه بالعدد.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يكمل الكل بالعدد وأطلقهما في المحرر.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى مثل تلك الساعة.
وتقدم نظير ذلك في باب الإجارة عند قوله وإذا أجره في أثناء شهر سنة.
قوله: "وإن قال إذا مضت السنة فأنت طالق طلقت بانسلاخ ذي الحجة".
بلا خلاف أعلمه.
قال ابن رزين وكذا الحكم إذا أشار فقال أنت طالق في هذه السنة.
فائدة لو قال "أردت بالسنة اثني عشر شهرا" دين وهل يقبل في الحكم على روايتين وهما وجهان في المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع.
إحداهما يقبل وهو المذهب جزم به في المغني والشرح والمنور وتذكرة ابن عبدوس.
والرواية الثانية لا يقبل وصححه الناظم.
قوله: "وإن قال أنت طالق في كل سنة طلقة طلقت الأولى في الحال والثانية في أول المحرم وكذا الثالثة فإن قال أردت بالسنة اثني عشر شهرا دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين".
وأطلقهما ابن منجا في شرحه والنظم.
إحداهما يقبل وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وصححه في المغني والشرح.

قال في الفروع قبل في الحكم على الأصح.
والرواية الثانية لا يقبل.
تنبيه: محل هذا إذا بقيت في عصمته.
أما لو بانت منه ودامت حتى مضت السنة الثالثة ثم تزوجها لم يقع الطلاق ولو نكحها في السنة الثالثة أو الثانية وقعت الطلقة عقب العقد جزم به في الفروع.
قال في المغني اقتضى قول أكثر أصحابنا وقوع الطلاق عقب تزوجه بها إذا.
تزوجها في أثناء السنة الثانية لأنه جزء من السنة الثانية التي جعلها ظرفا للطلاق.
قال وقال القاضي تطلق بدخول السنة الثالثة وإن كان نكاحها في السنة الثالثة طلقت بدخول السنة الرابعة انتهى.
ومحل هذا أيضا على المذهب.
فأما على قول أبي الحسن التميمي ومن وافقه فتنحل الصفة بوجودها في حال البينونة فلا تعود بحال.
قوله: وإن قال أردت أن يكون ابتداء السنين المحرم دين ولم يقبل في الحكم.
وهو المذهب قطع به القاضي وصاحب المنور وابن عبدوس في تذكرته.
وقال المصنف في المغني والأولى أن يخرج فيه روايتان.
قال في المحرر على روايتين وأطلقهما في الفروع.
وهما وجهان مطلقان في الرعايتين والنظم.
قوله: "وإن قال أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم ليلا لم تطلق إلا أن يريد باليوم الوقت فتطلق".
بلا خلاف ومفهومه أنه إذا أطلق النية لا تطلق بقدومه ليلا وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل تطلق.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير والمحرر فكنية الوقت.
وقيل كنية النهار يعنون أن المقدم أنها تطلق مع إطلاق النية وقدمه في النظم.
تنبيه: مفهوم قوله "فقدم ليلا" أنه لو قدم نهارا طلقت وهو صحيح بلا خلاف إذا قدم حيا عند الجمهور.

وقال الخلال يقع قولا واحدا.
وقال ابن حامد إن كان القادم ممن لا يمتنع من القدوم بيمينه كالسلطان والحاج والأجنبي حنث ولا يعتبر علمه ولا جهله.
وإن كان ممن يمتنع باليمين من القدوم كقرابة لهما أو لأحدهما أو غلام لأحدهما فجهل اليمين أو نسيها فالحكم فيه كما لو حلف على فعل نفسه ففعله جاهلا أو ناسيا فيه روايتان كذلك هنا على ما يأتي آخر الباب الآتي.
فعلى المذهب في وقت وقوع الطلاق وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما تطلق من أول النهار وهو المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
والوجه الثاني تطلق عقيب قدومه.
وفائدة الخلاف الإرث وعدمه.
وتقدم إذا قدم وقد ماتت في ذلك اليوم في هذا الباب فليعاود.
قوله: "وإن قدم به ميتا أو مكرها لم تطلق".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والهداية والمذهب والخلاصة وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر في التنبيه تطلق وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
ومحل الخلاف إذا لم تكن نية.
أما مع النية فيحمل الكلام عليها بلا إشكال.

باب تعليق الطلاق بالشروط
.
فائدة يصح تعليق الطلاق مع تقدم الشرط وكذا إن تأخر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يتنجز إن تأخر الشرط ونقله ابن هانئ في العتق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وتأخر القسم كأنت طالق لأفعلن كالشرط وأولى بأن لا يلحق.
وذكر ابن عقيل إذا قال أنت طالق وكرره أربعا ثم قال عقيب الرابعة إن قمت طلقت ثلاثا لأنه لا يجوز تعليق ما لا يملك بشرط.
وتقدم في آخر باب ما يختلف به عد الطلاق ما يتعلق بذلك.

قوله "ولا يصح من الأجنبي فلو قال إن تزوجت فلانة أو إن تزوجت امرأة فهي طالق لم تطلق إذا تزوجها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه.
"وعنه تطلق" قال في الفروع وعنه صحة قوله لزوجته من تزوجت عليك فهي طالق أو قوله لعتيقته إن تزوجتك فأنت طالق أو قوله لرجعيته إن راجعتك فأنت طالق ثلاثا وإن أراد التغليظ عليها.
وقال في الرعاية الكبرى وإن قال لعتيقته إن تزوجتك فأنت طالق أو لامرأته إن تزوجت عليك عمرة أو غيرها فهي طالق فتزوجهما طلقتا.
ثم قال قلت إن صح تعليق الطلاق بالنكاح وإلا فلا.
فجزم بالوقوع في هاتين الصورتين وفرق من عنده وجزم بهما غيره.
وقدم في الفروع أن تعليقه من أجنبي كتعليقه عتقا بملك ثم قال والمذهب لا يصح مطلقا.
قوله: "وإن علق الزوج الطلاق بشرط لم تطلق قبل وجوده".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تطلق مع تيقن وجود الشرط قبل وجوده.
وخص الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الرواية بالثلاث لأنه الذي يضره كمتعة.
تنبيه: في قوله لم تطلق قبل وجودها إشعار بأن الشرط ممكن وهو كذلك.
فأما ما يستحيل وجوده فيذكر في أماكنه.
وقد تقدم في أثناء الباب الذي قبله.
ومفهوم كلامه أن الطلاق يقع بوجود شرطه وهو صحيح ونص عليه وليس فيه بحمد الله خلاف.
قوله: فإن قال عجلت ما علقته لم يتعجل.
هذا المذهب لأنه علقه فلم يملك تغييره وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يتعجل إذا عجله وهو ظاهر بحث الشيخ تقي الدين رحمه الله فإنه قال فيما قاله جمهور الأصحاب نظر.
وأطلقهما في البلغة قال في الفروع ويتوجه مثله دين.

فائدتان
إحداهما إذا علق الطلاق على شرط لزم وليس له إبطاله.
هذا المذهب وعليه والأصحاب قاطبة وقطعوا به.
وذكر في الانتصار والواضح رواية بجواز فسخ العتق المعلق على شرط.
قال في الفروع ويتوجه ذلك في طلاق ذكره في باب التدبير.
قلت وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا لو قال إن أعطيتيني.
أو إذا أعطيتيني أو متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق أن الشرط ليس بلازم من جهته كالكتابة عنده.
قال في الفروع ووافق الشيخ تقي الدين رحمه الله على شرط محض ك إن قدم زيد فأنت طالق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضه فهو معاوضة ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكناية وقول من قال التعليق لازم دعوى مجردة انتهى.
وتقدم ذلك أيضا في أثناء باب الخلع.
الثانية لو فصل بين الشرط وحكمه بكلام منتظم نحو أنت طالق يا زانية إن قمت لم يضر ذلك على الصحيح من المذهب.
وقيل يقطعه كسكتة وتسبيحة وهو احتمال للقاضي.
قوله: "وإن قال أنت طالق ثم قال أردت إن قمت دين ولم يقبل في الحكم نص عليه".
وهو المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز وشرح ابن منجا وقدمه في المغني والشرح والمحرر.
قال في الهداية والكافي والنظم يخرج على روايتين.
قلت صرح في المستوعب أن فيها روايتين وأطلقهما هو وصاحب المذهب ولكن حكاهما وجهين.
وقدم هذه الطريقة في الفروع وأطلق الخلاف وقال وقيل لا يقبل انتهى.
وهذه طريقة المصنف وغيره.
وتقدم نظير ذلك في أول باب صريح الطلاق وكنايته إذا قال لها.
أنت طالق ثم قال أردت من وثاق أو أن أقول طاهر فسبق لساني أو أنها مطلقة من زوج كان قبله.

قوله "وأدوات الشرط ستة إذ وإذا ومتى ومن وأي وكلما".
أدوات الشرط ست لا غير وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقد تقدم في باب الخلع أن قوله أنت طالق وعليك ألف أو على ألف أو بألف أن ذلك كإن أعطيتيني ألفا عند المصنف.
وقد تقدم حكم ذلك هناك.
قوله: "وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا كلما" بلا نزاع وفي متى وجهان.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا يقتضي التكرار وهو المذهب اختاره المصنف وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والعمدة والبلغة وغيرهم وقدمه في المستوعب والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
والوجه الثاني يقتضي التكرار اختاره أبو بكر في التنبيه وابن عبدوس في تذكرته.
فائدة من وأي المضافة إلى الشخص يقتضيان عموم ضميرهما فاعلا كان أو مفعولا.
قوله: وكلها على التراخي إذا تجردت عن لم.
وكذا إذا تجردت عن نية الفورية أيضا أو قرينة.
فأما إذا نوى الفورية أو كان هناك قرينة تدل على الفورية فإنه يقع في الحال ولو تجردت عن لم.
قوله: فإن اتصل بها صارت على الفور.
يعني إذا اتصل بالأدوات لم صارت على الفور.
وهو مقيد أيضا بما إذا لم تكن نية أو قرينة تدل على التراخي.
فإن نوى التراخي أو كان هناك قرينة تدل عليه كانت له.
قوله: فإن اتصل بها صارت على الفور إلا إن.
هذا المذهب في إن مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وعنه يحنث بعزمه على الترك جزم به في الروضة لأنه أمر موقوف على القصد والقصد هو النية ولهذا لو فعله ناسيا أو مكرها لم يحنث لعدم القصد فأثر فيه تعيين النية كالعبادات من الصوم والصلاة إذا نوى قطعها ذكره في الواضح.

قوله "وفي "إذا" وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والمحرر والشرح والفروع وتجريد العناية.
أحدهما هي على الفور وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والعمدة والمنور ومنتخب الآدمي.
والثاني أنها على التراخي اختاره القاضي.
قال في المذهب ومسبوك الذهب في التمثيل إذا لم أطلقك فأنت طالق كان على التراخي في أصح الروايتين فأطلقا أولا وصححا هنا.
تنبيه: قطع المصنف بأن باقي الأدوات غير إن وإذا على الفور وإذا اتصل بها لم وهو المجزوم به عند الأصحاب في كلما ومتى وأي المضافة إلى الوقت وأما أي المضافة إلى الشخص ومن ففيهما وجهان.
أحدهما أنهما على الفور إذا اتصلت بهما من ولم وهو المذهب جزم به المصنف هنا وجزم به في المغني والكافي والهادي والعمدة والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
والوجه الثاني أنهما على التراخي نصره الناظم وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال الشارح الذي يظهر أن من على التراخي إذا اتصل بها لم.
قال في الفروع يتوجهان في مهما فإن اقتضت الفورية فهي كمتى.
قوله: فإذا قال إن قمت أو إذا قمت أو من قام منكن أو أي وقت قمت أو متى قمت أو كلما قمت فأنت طالق فمتى قامت طلقت بلا نزاع وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق إلا في كلما وفي متى في أحد الوجهين.
المتقدمين قريبا وقد علمت المذهب منهما.
قوله: "ولو قال كلما أكلت رمانة فأنت طالق أو كلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت ثلاثا".بلا نزاع "ولو جعل مكان "كلما" "إن أكلت" لم تطلق إلا اثنتين".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا تطلق إلا واحدة.

قوله: "ولو علق طلاقها على صفات ثلاث فاجتمعن في عين واحدة مثل أن يقول إن رأيت رجلا فأنت طالق وإن رأيت.أسود فأنت طالق وإن رأيت فقيها فأنت طالق فرأت رجلا أسود فقيها طلقت ثلاثا".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا تطلق إلا واحدة مع الإطلاق ذكره عنه في القاعدة التاسعة عشرة بعد المائة.
قوله: "وإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها لم تطلق إلا في آخر جزء من حياة أحدهما إلا أن يكون له نية".
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنه متى عزم على الترك بالكلية حنث حال عزمه ذكرها الزركشي وغيره.
وذكر في الإرشاد رواية يقع بعد موته.
ومحل الخلاف إذا لم ينو وقتا فأن نوى وقتا أو قامت قرينة بفورية تعلقت اليمين به.
وتقدم في الباب الذي قبله إذا قال لها أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم أو طالق اليوم إن لم أطلقك أو طالق إن لم أطلقك اليوم فليعاود.
فائدتان .
إحداهما إذا كان المعلق طلاقا بائنا لم يرثها إذا ماتت وترثه هي نص عليه في رواية أبي طالب.
قال في الفروع ويتخرج لا ترثه من تعليقه في صحته على فعلها فيوجد في مرضه قال والفرق ظاهر.
وقال في الروضة في إرثهما روايتان لأن الصفة في الصحة والطلاق في المرض وفيه روايتان.
الثانية لا يمنع من وطئها قبل فعل ما حلف عليه على الصحيح من المذهب وعنه يمنع.
قوله: "وإن قال من لم أطلقها أو أي وقت لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها فيه طلقت".

ومتى مثل أي في ذلك والمصنف جعل هنا من لم أطلقها مثل قوله أي وقت لم أطلقك وهو أحد الوجهين.
وجزم به في الوجيز وشرح ابن منجا.
والوجه الثاني أن من كإن لم أطلقك على ما تقدم قبل هذه المسألة.
قال الشارح هذا الذي يظهر لي وتقدم ذلك وأطلقهما في المحرر والفروع.
قوله: "وإن قال إذا لم أطلقك فأنت طالق فهل تطلق في الحال يحتمل وجهين".
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما تطلق في الحال كأي ومتى وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والعمدة والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
والوجه الثاني أنها على التراخي نصره القاضي وصححه في المذهب ومسبوك الذهب.
وهذان الوجهان مبنيان على قولنا في إذا هل هي على الفور أو التراخي إذا اتصلت بها لم على ما تقدم.
قوله: "وإن قال العامي أن دخلت الدار فأنت طالق بفتح الهمزة فهو شرط".
هذا المذهب كنيته جزم به في الوجيز وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع.
وقال أبو بكر يقع في الحال إن كان دخول الدار قد وجد قبل ذلك.
قوله: "وإن قاله عارف بمقتضاه طلقت في الحال".
يعني إن كان وجد وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
"وحكي عن الخلال أنه إذا لم ينو مقتضاه فهو شرط أيضا".
وفيه في الترغيب وجه يقع في الحال ولو لم يوجد الشرط.
وقال القاضي تطلق سواء دخلت أو لم تدخل من عارف وغيره.
وقال ابن أبي موسى لا تطلق إذا لم تكن دخلت قبل ذلك لأنه إنما طلقها لعلة فلا يثبت الطلاق بدونها.
وكذلك أفتى ابن عقيل في فنونه فيمن قيل له زنت زوجتك فقال هي طالق ثم تبين أنها لم تزن أنها لا تطلق وجعل السبب كالشرط اللفظي وأولى ذكره في القاعدة الحادية والخمسين بعد المائة.

قوله "وإن قال إن قمت فأنت طالق طلقت في الحال".
لأن الواو ليست جوابا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل إن الواو كالفاء نقله في الفروع عن صاحب الفروع وهو القاضي أبو الحسين والله أعلم.
قوله: "فإن قال أردت الجزاء أو أردت أن أجعل قيامها وطلاقها شرطين لشيء ثم أمسكت دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين".
وهما وجهان في الرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والرعايتين والفروع وظاهر المحرر وغيره القبول.
وكذا الحكم لو قال أردت إقامة الواو مقام الفاء قاله في المستوعب وغيره.
فائدتان
إحداهما لو قال إن قمت أنت طالق من غير فاء ولا واو كان كوجود الفاء على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح ونصراه وقدمه في المحرر والفروع.
وقيل إن نوى الشرط وإلا وقع في الحال.
الثانية لو قال أنت طالق وإن دخلت الدار وقع الطلاق في الحال.
فإن قال أردت الشرط دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين.
وأطلقهما في المغني والشرح.
قلت الصواب عدم القبول.
وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق وإن دخلت الأخرى فمتى دخلت الأولى طلقت سواء دخلت الأخرى أو لا ولا تطلق الأخرى.
وإن قال أردت جعل الثاني شرطا لطلاقها أيضا طلقت بكل واحدة منهما.
فإن قال أردت دخول الثانية شرطا لدخول الثانية فهو على ما أراده.
وإن قال إن دخلت الدار أو إن دخلت هذه الأخرى فأنت طالق فقال المصنف والشارح فقد قيل لا تطلق إلا بدخولهما.
قالا ويحتمل أن تطلق بأحدهما أيهما كان.

ولو قال "أنت طالق لو قمت" كان ذلك شرطا بمنزلة قوله إن قمت قدمه في المغني والشرح وجزم به الكافي.
وقيل يقع الطلاق في الحال.
وإن قال أردت أن أجعلها جوابا دين.
وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين وأطلقهما في المغني والشرح.
قال في الكافي فإن قال أردت الشرط قبل منه لأنه محتمل.
قوله: وإن قال إن قمت فقعدت فأنت طالق أو إن قعدت إذا قمت أو إن قعدت إن قمت لم تطلق حتى تقوم ثم تقعد.
وكذا قوله إن قعدت متى قمت وهذا المذهب ويسميه النحاة اعتراض الشرط على الشرط فيقتضي تقديم المتأخر وتأخير المتقدم لأنه جعل الثاني في اللفظ شرطا للذي قبله والشرط يتقدم المشروط.
فلو قال لامرأته إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتيني فأنت طالق لم تطلق حتى تسأله ثم يعدها ثم يعطيها لأنه شرط في العطية الوعد وفي الوعد السؤال فكأنه قال إن سألتيني فوعدتك فأعطيتك قاله في المستوعب والمغني والشرح وفوائد بن قاضي الجبل وغيرهم.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب في ذلك كله أنها لا تطلق حتى تقوم ثم تقعد وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المستوعب والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع وغيرهم.
وذكر القاضي إن كان الشرط ب إذا كان كالأول وإن كان بإن كان كالواو فيكون قوله إن قعدت إن قمت كقوله إن قعدت وقمت عنده على ما يأتي بعد هذا فتطلق بوجودهما كيفما وجدا.
قال لأن أهل العرف لا يعرفون ما يقوله أهل العربية.
ورده المصنف وذكر جماعة من الأصحاب في الفاء وثم رواية كالواو فيكون قوله إن قمت فقعدت أو ثم قعدت كقوله إن قمت وقعدت على هذه الرواية.
قال في القواعد الأصولية ويتخرج لنا رواية أنها تطلق بوجود أحدهما ولو قلنا بالترتيب بناء على أن الطلاق إذا كان معلقا على شرطين أنها تطلق بوجود أحدهما.
قوله: وإن قال إن قمت وقعدت فأنت طالق طلقت بوجودهما كيفما كان.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والشرح والفروع وغيره وصححه المصنف وغيره.

وعنه تطلق بوجود أحدهما إلا أن ينوي.
قال الشارح وهذه الرواية بعيدة جدا تخالف الأصول ومقتضى اللغة والعرف وعامة أهل العلم.
وخرجه القاضي وجها بناه على إحدى الروايتين فيمن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه.
وخرج في القواعد الأصولية قولا بعدم الوقوع حتى تقوم ثم تقعد بناء على أن الواو للترتيب.
فائدة وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال أنت طالق لا قمت وقعدت قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
قوله: وإن قال إن قمت أو قعدت فأنت طالق طلقت بوجود أحدهما.
بلا خلاف أعلمه ولو قال أنت طالق لا قمت ولا قعدت فالمذهب أنها تطلق بوجود أحدهما.
قال في الفروع تطلق بوجود أحدهما في الأصح وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله اتفاقا.
وقيل لا تطلق بوجود أحدهما.
قوله: في تعليقه بالحيض إذا قال إذا حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض.
يعني تطلق من حين ترى دم الحيض وهذا المذهب نص عليه في رواية مهنا.
قال في الوجيز وغيره طلقت بأول حيض متيقن وجزم به في الخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم وتذكرة ابن عبدوس والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال في المحرر طلقت بأول الحيضة المستقبلة.
وقال في الانتصار والفنون والترغيب والبلغة والرعايتين تطلق بتبينه بمضي أقله.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب طلقت بأول جزء تراه من الدم في الظاهر فإذا اتصل الدم أقل الحيض استقر وقوعه.
تنبيه: ظاهر قوله وإن قال إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر.
أنه لا يشترط في وقوع الطلاق غسلها بل مجرد ما تطهر تطلق وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححه في النظم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.

وقيل لا تطلق حتى تغتسل ذكره ابن عقيل رواية من أول حيضة مستقبلة.
قوله: وإن قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق.
احتمل أن تعتبر نصف عادتها وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وقدمه في المغني والشرح وصححه.
واحتمل أنها متى طهرت تبينا وقوع الطلاق في نصفها.
وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع.
واحتمل أن يلغو قوله نصف حيضة.
فيصير كقوله إن حضت.
وحكى هذا عن القاضي وهو احتمال في الهداية وقدمه في الخلاصة فيتعلق طلاقها بأول الدم.
وقيل يلغو النصف ويصير كقوله إن حضت حيضة.
وقيل إذا حاضت سبعة أيام ونصفا طلقت اختاره القاضي وقدمه في الرعايتين وأطلق الأول وهذا في الفروع.
فقال إذا قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق فمضت حيضة مستقرة وقع لنصفها وفي وقوعه ظاهرا بمضي سبعة أيام ونصف أو لنصف العادة فيه وجهان.
قوله: وإن قال إذا طهرت فأنت طالق طلقت إذا انقطع الدم.
وهذا المذهب نص عليه في رواية إبراهيم الحربي وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكر أبو بكر في التنبيه قولا لا تطلق حتى تغتسل.
قوله: وإذا قالت حضت وكذبها قبل قولها في نفسها.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والعمدة والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والرعايتين.
وعنه لا يقبل قولها فتعتبر البينة فيختبرنها بإدخال قطنة في الفرج زمن دعواها الحيض فإن ظهر دم فهي حائض اختاره أبو بكر.

قلت وهو الصواب إن أمكن لأنه يمكن التوصل إلى معرفته من غيرها فلم يقبل فيه مجرد قولها كدخول الدار.
فعلى المذهب هل تستحلف فيه وجهان وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن رزين والفروع وغيرهم يأتيان في باب اليمين في الدعاوي.
قوله: وإن قال إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت قد حضت وكذبها طلقت دون ضرتها.
هذا المذهب جزم به في الخلاصة والمغني والشرح والوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا تطلق إلا ببينة كالضرة فتختبر كما تقدم.
واختاره أبو بكر وهو المختار إن أمكن.
لكن قال في الهداية لا عمل عليه.
وعنه إن أخرجت على خرقة دما طلقت الضرة اختاره في التبصرة وحكاه عنه القاضي.
والخلاف في يمينها كالخلاف المتقدم في التي قبلها.
تنبيه: قوله في آخر الفصل فيما إذا قال كلما حاضت إحداكن فضرائرها طوالق فقلن قد حضنا وصدقهن طلقن ثلاثا ثلاثا.
وإن صدق واحدة لم تطلق وطلقت ضراتها طلقة طلقة.
وإن صدق اثنتين طلقت كل واحدة منهما طلقة وطلقت المكذبتان طلقتين بلا نزاع.
وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة ثلاثا بلا نزاع أيضا وتطلق أيضا كل واحدة من المصدقات طلقتين طلقتين.
فائدة لو قال إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان فالصحيح من المذهب أنهما لا تطلقان حتى تحيض كل واحدة منهما حيضة اختاره المصنف والشارح.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل تطلقان بحيضة واحدة من إحداهما.
وقيل لا تطلقان مطلقا بناء على أنه لا يقع الطلاق المعلق على مستحيل.
وقيل تطلقان بالشروع فيهما قاله القاضي أبو يعلى وغيره.
قال في الفروع والأشهر تطلق بشروعها وأطلقهن في القواعد الأصولية.
تنبيه: هذه المسألة مبنية على قاعدة أصولية وهي إذا لم ينتظم الكلام إلا بارتكاب مجاز.

إما بارتكاب مجاز الزيادة أو بارتكاب مجاز النقصان فارتكاب مجاز النقصان أولى لأن الحذف في كلام العرب أكثر من الزيادة كرره جماعة من الأصوليين وهذا موافق للقول الأول.
فتقدير الكلام على هذا إن حاضت كل واحدة منكما حيضة ويكون كقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: من الآية4] أي فاجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة.
والقول الرابع في المسألة مبني على ارتكاب مجاز الزيادة فيلغو قوله حيضة واحدة لأن حيضة واحدة من امرأتين محال فكأنه قال إن حضتما فأنتما طالقتان.
قوله: في تعليقه بالحمل إذا قال إن كنت حاملا فأنت طالق فتبين أنها كانت حاملا.
بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر إن كانت توطأ أو لأقل من أكثر من مدة الحمل إن لم تكن توطأ فإن تبين وقوع الطلاق من حين اليمين إلا أن يطأها بعد اليمين وتلده لستة أشهر فصاعدا من أول وطئه فلا تطلق في الأصح عند أصحابنا قاله في المحرر وغيره.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع لم يقع في الأصح انتهى.
وقيل يقع وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
والمنصوص عنه أنه إن ظهرالحمل أو خفي فولدت لغالب المدة تسعة أشهر فما دون طلقت بكل حال.
صحح القاضي في موضع من الجامع هذه الرواية قاله في القواعد.
قوله: وإن قال إن لم تكوني حاملا فأنت طالق فهي بالعكس.
فتطلق في كل موضع لا تطلق فيه في المسألة الأولى ولا تطلق في كل موضع تطلق فيه في المسألة الأولى وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي والنظم.
وقال في المحرر وقيل بعدم العكس في الصورة المستثناة وأنها لا تطلق لئلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق.
وقال في الكافي والمغني والشرح وكل موضع يقع الطلاق في التي قبلها لا يقع هنا وكل موضع لا يقع ثم يقع هنا لأنها ضدها إلا إذا أتت بولد لأكثر من ستة أشهر وأقل من أربع سنين فهل يقع هنا فيه وجهان.
أحدهما تطلق لأن الأصل عدم الحمل قبل الوطء.
والثاني لا تطلق لأن الأصل عدم بقاء النكاح وأطلقهما في الرعاية.

قوله: "ويحرم وطؤها قبل استبرائها في إحدى الروايتين إن كان الطلاق بائنا".
يعني في المسألتين.
أما المسألة الأولى فالصحيح من المذهب أنه يحرم وطؤها منذ حلف قدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وجزم به في المنور.
وعنه لا يحرم وطؤها عقيب اليمين ما لم يظهر بها حمل قدمه في المحرر والنظم وهو ظاهر كلامه في الوجيز فإنه ما ذكر التحريم إلا في المسألة الثانية.
وأما المسألة الثانية فالصحيح من المذهب أنه يحرم وطؤها.
قال في الرعايتين والفروع يحرم الوطء على الأصح حتى يظهر حمل أو تستبرئ أو تزول الريبة وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي الصغير والمنور والنظم.
وعنه لا يحرم الوطء ذكرها أبو الخطاب.
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله إن كان بائنا.
أنه لو كان رجعيا لا يحرم الوطء وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
واختار القاضي التحريم أيضا ولو كان رجعيا سواء قلنا الرجعية مباحة أو محرمة.
الثاني قوله "ويحرم وطؤها قبل استبرائها".
الصحيح من المذهب أن الاستبراء يحصل بحيضة موجودة أو مستقبلة أو ماضية لم يطأ بعدها صححه المصنف وغيره وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في الشرح الرعايتين والفروع.
وعنه تستبرأ بثلاثة أقراء ذكرها القاضي ومن بعده.
وقيل لا يحصل الاستبراء بحيضة موجودة ولا ماضية وذكره في الترغيب عن أصحابنا.
فوائد
إحداها لو قال "إذا حملت فأنت طالق" لم يقع إلا بحمل متجدد.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزموا به منهم صاحب الرعايتين والفروع وغيرهم واختاره في المحرر.
لكن قدم أنها إذا بانت حاملا تطلق في ظاهر كلامه وتبعه في الحاوي ولم يعرج على ذلك الأصحاب بل جعلوه خطأ.

فعلى المذهب لا يطأ حتى تحيض ثم يطأ في كل طهر مرة على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والفروع والحاوي.
وعنه يجوز أكثر.
وقال في المحرر وعندي أنه لا يمنع من قربانها مرة في أول مرة.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل هل يحرم وطؤها في كل طهر أكثر من مرة على روايتين.
الثانية قوله "وإن قال إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق واحدة وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق طلقتين فولدت ذكرا وأنثى طلقت ثلاثا".
بلا نزاع وإن ولدت ذكرا فطلقة.
وإن ولدت ذكرين فقطع في الرعاية الصغرى وتبعه في الحاوي الصغير أنها تطلق طلقتين وحكاه في الرعاية الكبرى وجها.
وقيل تطلق طلقة فقط قدمه في الرعاية الكبرى.
قلت وهو الصواب.
والقول بأنها تطلق طلقتين ضعيف جدا.
ولو كان مكان قوله "إن كنت حاملا" "إن كان حملك" لم تطلق إذا كانت حاملا بهما على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور منهم القاضي في المجرد وأبو الخطاب وجزم به في الوجيز والفروع وغيرهما.
قال في القواعد الأصولية قال الأصحاب لا تطلق وعللوه بأن حملها ليس بذكر ولا أنثى بل بعضه هكذا وبعضه هكذا انتهى.
وقال القاضي في الجامع في وقوع الطلاق وجهان بناء على الروايتين فيمن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه من غزلها.
الثالثة يستحق الذكر والأنثى الوصية في المسألة الأولى ولا يستحقان في المسألة الثانية بأن يقول في الأولى إن كنت حاملا بذكر فله مائة وإن كنت حاملا بأنثى فلها مائتان فولدت ذكرا وأنثى استحق كل واحد وصيته.
ويقول في الثانية إن كان حملك ذكرا فله مائة وإن كان أنثى فله مائتان فولدت ذكرا وأنثى لم يستحقا شيئا من الوصية.
قوله: في تعليقه بالولادة "إذا قال إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا ثم أنثى طلقت بالأول وبانت بالثاني ولم تطلق به ذكره أبو بكر".

وهو المذهب.
قال المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وهو الصحيح.
قال ابن رجب في قواعده وعليه أصحابنا.
قال في النكت وعليه أكثر الأصحاب.
قلت منهم أبو بكر وأبو حفص والقاضي وأصحابه والمصنف وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال ابن حامد تطلق به يعني بالثاني أيضا.
وقال في منتخب الشيرازي وأومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب ونقل أبو بكر هي ولادة واحدة.
قال أبو بكر في زاد المسافر وفيها نظر.
ونقل ابن منصور هذا على نية الرجل إذا أراد بذلك تطليقة وإنما أراد ولادة واحدة.
وأنكر قول سفيان إنه يقع عليها بالأول ما علق به وتبين بالثاني ولا تطلق به كما قاله الأصحاب.
قال ابن رجب في القواعد ورواية ابن منصور أصح وهو المنصوص.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأن الحالف إنما حلف على حمل واحد وولادة واحدة والغالب أن لا يكون إلا ولدا واحدا لكنه لما كان ذكرا مرة وأنثى أخرى نوع التعليق عليه فإذا ولدت هذا الحمل ذكرا وأنثى لم يقع به المعلق بالذكر والأنثى جميعا بل المعلق بأحدهما فقط لأنه لم يقصد إلا إيقاع أحد الطلاقين وإنما ردده لتردد كون المولود ذكرا أو أنثى وينبغي أن يقع أكثر الطلاقين إذا كان القصد تطليقها بهذا الوضع سواء كان ذكرا أو أنثى لكنه أوقع بولادة أحدهما أكثر من الآخر فيقع به أكثر المعلقين انتهى.
ذكره في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة.
تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام ابن حامد أنه لا عدة عليها بعد وضع الثاني.
وصرح الناظم في حكاية قول ابن حامد أنها بوضع الحمل الثاني تطلق وتنقضي به العدة وصرح به في الرعايتين وغيرهما.
وهو يدل على ضعف هذا القول لأن كل طلاق لا بد له من عدة متعقبة وعلى هذا يعايى بها.
فيقال على أصلنا طلاق بعد الدخول ولا مانع والزوجان مكلفان لا عدة فيه.

ويعايى بها من وجه آخر.
فيقال طلاق بلا عوض دون الثلاث بعد الدخول في نكاح صحيح لا رجعة فيه.
وقد يقال عدة بعد الطلاق تسبق البينونة فلم تخل من عدة متعينة إما حقيقة أو حكما.
وبهذا قال بن الجوزي في حكاية قول ابن حامد تطلق الثالثة لقرب زمان البينونة والوقوع فلم يجعل زمانها زمانها ذكر ذلك في النكت.
الثاني قوله "فولدت ذكرا ثم أنثى".
احترازا مما إذا ولدتهما معا فإنها تطلق ثلاثا والحالة هذه بلا نزاع أعلمه غير الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن تبعه.
ومراده أيضا أن لا يكون بين الولدين ستة أشهر فأكثر فإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر فالثاني حمل مستأنف بلا خلاف بين الأمة فلا يمكن أن تحبل بولد بعد ولد قاله القاضي في الخلاف وغيره في الحامل لا تحيض وفي الطلاق به الوجهان إلا أن يقول لا تنقضي به عدة فيقع الثلاث.
وكذا في أصح الوجهين إن ألحقناه به لثبوت وطئه به فتثبت الرجعة على أصح الروايتين فيها.
واختار في الترغيب أن الحمل لا يدل على الوطء المحصل للرجعة.
قوله: فإن أشكل كيفية وضعها وقعت واحدة بيقين ولغا ما زاد.
وهو المذهب.
قال في القواعد الفقهية هذا أظهر.
قال في النكت وهو أصح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح ونصراه والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
"وقال القاضي قياس المذهب أن يقرع بينهما".
قال في منتخب الشيرازي أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وهو أظهر وجزم به في المنور واختاره ابن عقيل.
قال في القواعد ومأخذ الخلاف أن القرعة لا مدخل لها في إلحاق الطلاق لأجل الأعيان المشتبهة فمن قال بالقرعة هنا جعل التعيين إحدى الصفتين وجعل وقوع الطلاق لازما لذلك ومن منعها نظر إلى أن القصد بهما هنا هو اللازم وهو الوقوع ولا مدخل للقرعة فيه وهو الأظهر انتهى.

فائدتان
إحداهما: إذا قال إن ولدت فأنت طالق فألقت ما تصير به الأمة أم ولد طلقت وإلا فلا فإن قالت قد ولدت فأنكر كان القول قوله.
قال القاضي وأصحابه هذا إن لم يقر بالحمل.
وإن شهد النساء بما قالت طلقت ذكره القاضي وأصحابه وقالوا هذا ظاهر كلامه.
قال في القواعد المشهور الوقوع وجزم به القاضي في خلافه وتبعه الشريف أبو جعفر وأبو المواهب العكبري وأبو الخطاب والأكثرون.
وقيل تطلق إذا كان مثلها يلد ذكره في الرعاية.
وقال في المحرر ويتخرج أن لا تطلق حتى يشهد من يثبت ابتداء الطلاق بشهادته كمن حلف بالطلاق ما غصب أو لا غصب كذا ثم ثبت عليه الغصب برجل وامرأتين أو شاهد ويمين لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وذكره في الفصول والمنتخب والمستوعب والمغني.
وقدمه في الفروع وغيره وجزم به القاضي في المجرد وغيره.
وقيل تطلق واختاره ابن عبدوس في تذكرته والسامري.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال المجد في شرحه عندي أن قياس قول من عفا عن الجاهل والناسي في الطلاق أن لا يحكم عليه به ولو ثبت الغصب برجلين ذكره في القاعدة الثالثة والثلاثين بعد المائة.
وحكاهما القاضي في خلافه في كتاب القطع في السرقة روايتين.
الثانية لو قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثة معا طلقت ثلاثا وإن ولدتهم متعاقبين طلقت بالأول وانقضت العدة بالثاني ولا تطلق على الصحيح من المذهب.
وقال ابن حامد تطلق به كما تقدم عنه في قوله إن ولدت.
ولو قال أنت طالق مع انقضاء عدتك لم تطلق وإن لم يقل ولدا بل قال كلما ولدت فأنت طالق فكذلك عند أبي الخطاب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
واختار في المحرر أنها تطلق واحدة.
قلت وهو الصواب وأطلقهما في الفروع.

قوله: "وإذا قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال إن قمت فأنت طالق فقامت طلقت طلقتين".
بلا نزاع وكذا لو نجزه بعد التعليق إذ التعليق مع وجود الصفة تعليق في أصح الوجهين قاله في الرعاية والحاوي وغيرهما.
لكن لو قال عنيت بقولي هذا أنك تكونين طالقا بما أوقعته عليك ولم أرد إيقاع طلاق سوى ما باشرتك به دين.
وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين وأطلقهما في المستوعب والكافي والمغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع.
قلت الصواب أنه لا يقبل لأنه خلاف الظاهر إذ الظاهر أن هذا تعليق للطلاق بشرط الطلاق ولم يعلل في الكافي بغيره.
تنبيه: مراده بقوله في تعليقه بالطلاق وإن قال كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق طلقت طلقتين إن كانت مدخولا بها.
وإن كانت غير مدخول بها لم تطلق الطلقة المعلقة.
ومراده أيضا بقوله كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم وقع عليها طلاقه بمباشرة أو سبب طلقت ثلاثا إذا وقعت الأولى والثانية رجعيتين.
ولو قال كلما أوقعت عليك طلاقي فأنت طالق فهو كقوله كلما طلقتك فأنت طالق على الصحيح وعليه جماهير الأصحاب.
وقال القاضي إن وقع عليها طلاق بصفة عقدها قبل هذه اليمين أو بعدها لم تطلق غيره وعلل بأنه لم يوقعه وإنما هو وقع وقدمه في الرعاية.
قال المصنف والشارح وفيه نظر.
وقال في المستوعب وعندي أن حكم ما يقع عليها بصفة عقدها قبل هذه اليمين كما قال وحكم ما يقع عليها بصفة عقدها بعد هذه اليمين حكم طلاقه المنجز انتهى.
قوله: "وإن قال كلما وقع عليك طلاقي أو إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم قال أنت طالق فلا نص فيها".
وقال أبو بكر والقاضي تطلق ثلاثا وهو الصحيح عند أكثر الأصحاب.
قال في المستوعب قاله أصحابنا وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال ابن عقيل تطلق بالطلاق المنجز ويلغو ما قبله.

وهو قياس نص الإمام أحمد رحمه الله وأبي بكر في أن الطلاق لا يقع في زمن ماض وقدمه في النظم وأطلقهما في المحرر.
وقيل لا تطلق مطلقا قاله بعض الأصحاب واختاره بن سريج وغيره من الشافعية ونسبت هذه المسألة إليه.
فعلى الأول وهو وقوع الثلاث يقع بالمنجز واحدة ثم يتمم من المعلق على الصحيح وجزم به في المغني والمحرر والمنور والشرح والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قال في الترغيب اختاره الجمهور قال في المستوعب قاله أصحابنا.
فعلى هذا إن كانت غير مدخول بها لم تطلق إلا واحدة.
وقيل تقع الثلاث معا فتطلق المدخول بها وغيرها ثلاثا.
وقيل تقع الثلاث المعلقة فيقع بالمدخول بها وغيرها ثلاثا أيضا.
فوائد
إحداها لو قال إن وطئتك وطئا مباحا أو إن أبنتك أو فسخت نكاحك أو راجعتك أو إن ظاهرت أو آليت منك أو لاعنتك فأنت طالق قبله ثلاثا ففعل طلقت ثلاثا على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الكبرى.
قال في الترغيب تلغو صفة القبلية وفي إلغاء الطلاق من أصله الوجهان في التي قبلها.
قال في الفروع ويتوجه الأوجه يعني في التي قبلها.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل لا تطلق في أبنتك وفسخت نكاحك بل تبين بالإبانة والفسخ.
ويحتمل أن يقعا معا ويحتمل أن يقع في الظهار لصحته من الأجنبية فكذا في الإيلاء إذا صح من الأجنبية في وجه وكذا في اللعان إن وقعت الفرقة على تفريق حاكم انتهى.
الثانية لو قال كلما طلقت ضرتك فأنت طالق ثم قال مثله للضرة ثم طلق الأولة طلقت الضرة طلقة بالصفة والأولة اثنتين طلقة بالمباشرة ووقوعه بالضرة تطليق لأنه أحدث فيها طلاقا بتعليقه طلاقا ثانيا.
وإن طلق الثانية فقط طلقتان طلقة.
ومثل هذه المسألة قوله إن طلقت حفصة فعمرة طالق أو كلما طلقت حفصة فعمرة طالق ثم قال إن طلقت عمرة فحفصة طالق أو كلما طلقت عمرة فحفصة طالق فحفصة كالضرة في المسألة التي قبلها.
وعكس المسألة قوله لعمرة إن طلقتك فحفصة طالق ثم قال لحفصة إن طلقتك فعمرة طالق فحفصة هنا كعمرة هناك.

وقال ابن عقيل في المسألة الأولى: أرى متى طلقت عمرة طلقت بالمباشرة وطلقت بالصفة أن يقع على حفصة أخرى بالصفة في حق عمرة فيقع الثلاث عليهما وأن قول أصحابنا في كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ووجد رجعيا يقع الثلاث يعطي استيفاء الثلاث في حق عمرة لأنها طلقت طلقة بالمباشرة وطلقة بالصفة والثالثة بوقوع الثانية وهذا بعينه موجود في طلاق عمرة المعلق بطلاق حفصة انتهى.
الثالثة لو علق ثلاثا بتطليق يملك فيه الرجعة ثم طلق واحدة طلقت ثلاثا في أصح الوجهين قاله في الفروع وقدمه في الرعاية الكبرى وجزم بمعناه في الرعاية الصغرى والحاوي.
وقيل لا يقع شيء.
قال في الرعاية وهو بعيد.
وأما قبل الدخول فيقع ما نجزه.
وأما طلاقها بعوض فلا يقع غيره.
قوله: "وإن قال كلما طلقت واحدة منكن فعبد من عبيدي حر وكلما طلقت اثنتين فعبدان حران وكلما طلقت ثلاثا فثلاثة أحرار وكلما طلقت أربعا فأربعة أحرار ثم طلقهن جميعا عتق خمسة عشر عبدا".
هذا المذهب صححه في المغني والشرح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم واختاره القاضي وغيره.
وقيل عشرة وهو احتمال لأبي الخطاب في الهداية.
قال في المحرر والنظم وهو خطأ.
قال الشارح وهذا غير صحيح.
ويحتمل أن لا يعتق غير أربعة قاله المصنف.
وقيل يعتق ثلاثة عشر.
وقيل يعتق سبعة عشر قال الشارح وهو غير سديد.
وقيل يعتق عشرون وهو احتمال لأبي الخطاب أيضا في الهداية.
قال الشارح أيضا وهو غير سديد.
تنبيه: قوله: "إلا أن يكون له نية".
يعني في جميع الأوجه فيؤاخذ بما نوى.

فائدة لو جعل مكان كلما إن لم يعتق إلا أربع.
قال في الفروع وهو أظهر.
وقيل يعتق عشرة وهو المذهب جزم به في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي وقدمه في الفروع.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله في تداخل الصفات عند قوله إن أكلت رمانة فأنت طالق وإن أكلت نصف رمانة فأنت طالق وأنها لا تطلق هناك إلا واحدة.
تنبيه: ظاهر قوله: "وإن قال لامرأته إذا أتاك طلاقي فأنت طالق ثم كتب إليها إذا أتاك كتابي فأنت طالق فأتاها الكتاب طلقت طلقتين".
أنه لو أتى بعض الكتاب وفيه الطلاق ولم ينمح ذكره أنها لا تطلق وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل تطلق.
قال في الكافي والرعاية فإن أتاها وقد ذهبت حواشيه أو محى ما فيه سوى الطلاق طلقت وإن ذهب الكتاب إلا موضع الطلاق فوجهان.
قوله: "فإن قال أردت أنك طالق بذلك الطلاق الأول دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين".
وهما وجهان مطلقان في الرعايتين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والفروع.
إحداهما يقبل في الحكم وهو الصحيح صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وإليه ميل الشارح.
قلت وهو الصواب.
والثانية لا يقبل في الحكم.
قال الآدمي في منتخبه دين باطنا وقال في المنور دين.
فائدتان
إحداهما لو كتب إليها إذا قرأت كتابي هذا فأنت طالق فقرئ عليها وقع إن كانت لا تحسن القراءة وإن كانت تحسن فوجهان في الترغيب.
الثانية قوله في تعليقه بالحلف "إذا قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق إن قمت أو دخلت الدار طلقت في الحال".

اعلم أنه إذا حلف بطلاقها ثم أعاده أو علقه بشرط وفي ذلك الشرط حث أو منع والأصح أو تصديق خبر أو تكذيبه سوى تعليقه بمشيئتها أو حيض أو طهر تطلق في الحال طلقة في مرة.
ومن الأصحاب من لم يستثن غير هذه الثلاثة ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واختار العمل بعرف المتكلم وقصده في مسمى اليمين وأنه موجب نصوص الإمام أحمد رحمه الله وأصوله.
قوله: في تعليقه بالحلف "وإن قال أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج فهل هو حلف فيه وجهان".
يعني إن قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج.
وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
أحدهما ليس بحلف فيكون شرطا محضا وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل وصححه في التصحيح والبلغة.
قال في القواعد الأصولية هذا أصح الوجهين وقدمه في المحرر والرعايتين والفروع.
والوجه الثاني هو حلف فتطلق في الحال اختاره أبو الخطاب.
وجزم به في الهداية والمذهب وقدمه في المستوعب وأطلقهما في الحاوي الصغير.
تنبيه: مراده بقوله "وإن قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق أو قال إن كلمتك فأنت طالق وأعاده مرة أخرى طلقت واحدة وإن أعاده ثلاثا طلقت ثلاثا".
إذا لم يقصد بإعادته إفهامها فإن قصد بذلك إفهامها لم تطلق سوى الأولى قاله الأصحاب.
ويأتي الكلام على هذه المسألة آخر الفصل مستوفى لمعنى مناسب.
قوله: "وإن قال لامرأتيه إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان وأعاده طلقت كل واحدة طلقة فإن كانت إحداهما غير مدخول بها فأعاده بعد ذلك" يعني: بعد الطلقة الأولى "لم تطلق واحدة منهما".
بلا خلاف أعلمه لكن لو تزوج بعد ذلك البائن ثم حلف بطلاقها فاختار المصنف أنها لا تطلق وهو معنى ما جزم به في الكافي وغيره لأنه لا يصح الحلف بطلاقها لأن الصفة لم تنعقد لأنها بائن.
وكذا جزم في الترغيب فيما تخالف المدخول بها غيرها أن التعليق بعد البينونة لا يصح.

قال في الفروع: والأشهر تطلق كالأخرى طلقة طلقة.
ولو جعل كلما بدل إن طلقت كل واحدة ثلاثا ثلاثا طلقت عقب حلفه ثانيا وطلقتين لما نكح البائن وحلف بطلاقها لأن كلما للتكرار قال ذلك في الفروع.
وقال وفرض المسألة في المغني في كلما قال ما تقدم ذكره في إن وكذا فرضها في الشرح.
وقال في القاعدة السابعة والخمسين لو قال لامرأتيه وإحداهما غير مدخول بها إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ثم قاله ثانيا طلقتا طلقة طلقة على المذهب المشهور وانعقدت اليمين مرة ثانية في حق المدخول بها وفي انعقادها في غير المدخول بها وجهان.
أحدهما تنعقد وهو قول أبي الخطاب والمجد ومقتضى ما قاله القاضي وابن عقيل في مسألة الكلام الآتية.
والثاني لا تنعقد اختاره صاحب المغني.
فإن أعاده ثالثا قبل تجديد نكاح البائن لم تطلق واحدة منهما على كلا الوجهين.
فإن تزوج البائن ثم حلف بطلاقها وحدها فعلى الوجه الثاني لا تطلق وتطلق الأخرى طلقة لوجود الحلف بطلاقها قبل نكاح الثانية والحلف بطلاق البائنة بعد طلاقها فكمل الشرط في حق الأولى.
وعلى الوجه الأول تطلق كل واحدة منهما طلقة طلقة ذكره الأصحاب.
فائدة لو كان له امرأتان حفصة وعمرة فقال إن حلفت بطلاقكما فعمرة طالق ثم أعاده لم تطلق واحدة منهما.
وإن قال بعد ذلك إن حلفت بطلاقكما فحفصة طالق طلقت عمرة.
فإن قال بعد هذا إن حلفت بطلاقكما فعمرة طالق لم تطلق واحدة منهما.
فإن قال بعده إن حلفت بطلاقكما فحفصة طالق طلقت حفصة.
وعلى هذا فقس.
قوله: في تعليقه بالكلام "إذا قال إن كلمتك فأنت طالق فتحقق ذلك أو زجرها فقال تنحي أو اسكتي أو قال إن قمت فأنت طالق طلقت".
هذا المذهب ما لم ينو غيره جزم به في المحرر والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
في النظم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وصححه.

قوله: "ويحتمل أن لا يحنث بالكلام المتصل بيمينه لأن إتيانه به يدل على إرادته الكلام المنفصل عنها".
قلت وهذا هو الصواب.
ويأتي آخر الفصل إذا قال إن كلمتك فأنت طالق وأعاده.
قوله: "وإن قال إن بدأتك بالكلام فأنت طالق فقالت إن بدأتك به فعبدي حر انحلت يمينه إلا أن ينوي".
وهذا المذهب قال في الفروع انحلت يمينه على الأصح.
قال المصنف والشارح هكذا ذكره أصحابنا.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
"ويحتمل أن يحنث ببداءته إياها بالكلام في وقت آخر لأن الظاهر أنه أراد ذلك بيمينه".
وهذا الاحتمال للمصنف.
قلت وهو قوي جدا.
قوله: "وإن قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته فلم يسمع لتشاغله أو غفلته أو كاتبته أو راسلته حنث".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه في التشاغل والغفلة والذهول.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم كتكليمها غيره وهو يسمع تقصده به.
وعنه لا يحنث إذا كاتبته أو راسلته وهو احتمال في المغني والشرح كنية غيره وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة لو أرسلت إنسانا يسأل أهل العلم عن مسألة حدثت فجاء الرسول فسأل المحلوف عليه لم يحنث قولا واحدا قاله المصنف والشارح.
قوله: "وإن أشارت إليه احتمل وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
زاد في المستوعب والرعاية سواء أشارت بيد أو بعين.

أحدهما لا يحنث وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والنظم واختاره ابن عبدوس.
قال الشارح وهذا أولى وجزم به في الوجيز والمنور واختاره أبو الخطاب وغيره.
والوجه الثاني يحنث اختاره القاضي.
ويأتي بعض ذلك في باب جامع الأيمان.
قوله: "وإن كلمته سكران أو أصم بحيث يعلم أنها كلمته أو مجنونا يسمع كلامها حنث".
هذا المذهب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع.
وقيل لا يحنث اختاره القاضي وغيره.
وقدمه في الأصم في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وصححه في الخلاصة وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يحنث بتكليمها السكران فقط.
وأطلق في السكران وجهين في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
فائدة وكذلك الحكم إن كلمت صبيا يسمع ويعلم أنه مكلم حنث.
فأما إن جنت هي وكلمته لم يحنث لأن القلم مرفوع عنها فلم يبق لكلامها حكم.
ولو كلمته وهي سكرى حنث لأن حكمها حكم الصاحي وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه في المغني والشرح.
وقيل لا يحنث لأنه لا عقل لها.
قوله: "وإن كلمته ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو نائما لم يحنث".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه وفي المحرر والفروع.
وقال أبو بكر يحنث.
وذكره رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.

قوله: "وإن قال لامرأتيه إن كلمتما هذين فأنتما طالقتان وكلمت كل واحدة واحدا منهما طلقتا".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وتذكرة ابن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ويحتمل أن لا يحنث حتى تكلما جميعا كل واحد منها وهو تخريج لأبي الخطاب.
قال الشارح وهو أولى.
قال ابن عبدوس في تذكرته والأقوى لا يقع وأطلقهما في المغني والفروع.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم نحنثه ببعض المحلوف فأما إن حنثناه ببعض المحلوف حنثناه هنا قولا واحدا.
فائدة هذه المسألة من جملة قاعدة وهي إذا وجدنا جملة ذات أعداد موزعة على جملة أخرى فهل تتوزع أفراد الجملة الموزعة على أفراد الأخرى أو كل فرد منها على مجموع الجملة الأخرى وهي على قسمين.
الأول أن توجد قرينة تدل على تعيين أحد الأمرين فلا خلاف في ذلك.
فمثال ما دلت القرينة فيه على توزيع الجملة على الجملة الأخرى فيقابل كل فرد كامل بفرد يقابله إما لجريان العرف أو دلالة الشرع على ذلك وإما لاستحالة ما سواه أن يقول لزوجتيه إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان فإذا أكلت كل واحدة منهما رغيفا طلقت لاستحالة أكل كل واحدة الرغيفين أو يقول لعبديه إن ركبتما دابتيكما أو لبستما ثوبيكما أو تقلدتما سيفيكما أو دخلتما بزوجتيكما فأنتما حران فمتى وجد من كل واحد ركوب دابته ولبس ثوبه وتقلد سيفه أو الدخول بزوجته ترتب عليه العتق لأن الانفراد بهذا عرفي وفي بعضه شرعي فيتعين صرفه إلى توزيع الجملة على الجملة ذكره المصنف في المغني.
ومثال ما دلت القرينة فيه على توزيع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى أن يقول رجل لزوجتيه إن كلمتما زيدا أو كلمتما عمرا فأنتما طالقتان فلا تطلقان حتى تكلم كل واحدة منها زيدا وعمرا.
القسم الثاني أن لا يدل دليل على إرادة أحد التوزيعين فهل يحمل التوزيع عند هذا الإطلاق على الأول والثاني في المسألة خلاف.
والأشهر أن يوزع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى إذا أمكن وصرح به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب في مسألة الظهار من نسائه بكلمة واحدة ذكر ذلك ابن رجب في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة.

وتقدم من مسائل القاعدة في باب مسح الخفين والوقف والربا والرهن وغيره.
ومسألة المصنف هنا من القاعدة لكن المذهب هنا خلاف ما قاله في القواعد.
قوله: "وإن قال إن أمرتك فخالفتيني فأنت طالق فنهاها فخالفته لم يحنث إلا أن ينوي مطلق المخالفة".
هذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الخلاصة والشرح والفروع والنظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
ويحتمل أن تطلق مطلقا جزم به في المنور وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقال أبو الخطاب إن لم تعرف حقيقة الأمر والنهي حنث.
قلت وهو قوي جدا.
قال في القواعد الأصولية ولعل هذا أقرب إلى الفقه والتحقيق.
فائدتان .
إحداهما عكس هذه المسألة مثل قوله إن نهيتك فخالفتيني فأنت طالق فأمرها وخالفته لم يذكرها الأصحاب.
وقال في القواعد الأصولية ويتوجه تخريج على هذه المسألة ألا يفرق بينهما بفرق مؤثر ليمتنع التخريج انتهى.
قلت علل المصنف والشارح القول بأنها تطلق بكل حال بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده والنهي عنه أمر بضده انتهيا.
وقد قال معنى ذلك الأصوليون.
الثانية لو قال إن كلمتك فأنت طالق ثم قاله ثانيا طلقت واحدة وإن قاله ثالثا طلقت ثانية وإن قاله رابعا طلقت ثلاثا وتبين غير المدخول بها بطلقة ولم تنعقد يمينه الثانية ولا الثالثة على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في المغني وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وقال في المحرر وعندي تنعقد الثانية بحيث إذا تزوجها وكلمها طلقت إلا على قول التميمي تنحل الصفة مع البينونة فإنها قد انحلت بالثانية لأنه قد كلمها.

ولا يجيء مثله في الحلف بالطلاق لأنه لم ينعقد لعدم إمكان إيقاعه انتهى.
قال في الفروع ويتوجه أنه لا فرق في المعنى بينها وبين مسألة الحلف السابقة فإما لا يصح فيهما وهو أظهر كالأجنبية وإما أن يصح فيهما كما سبق من قول الإمام أحمد رحمه الله.
أما التفرقة بين مسألة الحلف وبين مسألة الكلام كما هو ظاهر كلام بعضهم فلا وجه له من كلام الإمام أحمد رحمه الله ولا معنى يقتضيه ولم أجد من صرح بالتفرقة انتهى.
وقال في القاعدة السابعة والخمسين لو قال لامرأته التي لم يدخل بها إن كلمتك فأنت طالق ثم أعاده طلقت بالإعادة لأنها كلام في المشهور عند الأصحاب.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة قياس المذهب عندي أنه لا يحنث بهذا الكلام وعلله.
فإذا وقع الطلاق بالإعادة ثانيا فهل تنعقد به يمين ثانية أم لا فيه وجهان.
أحدهما لا تنعقد وهو قول القاضي في الجامع والخلاف ومن اتبعه. كالقاضي يعقوب وابن عقيل وهو قياس قول صاحب المغني وله مأخذان وذكرهما.
والوجه الثاني تنعقد اليمين وهو اختيار صاحب المحرر بناء على أن الطلاق يقف وقوعه على تمام الإعادة.
قوله: في تعليقه بالإذن "إذا قال إذا خرجت بغير إذني أو إلا بإذني أو حتى آذن لك فأنت طالق ثم أذن لها فخرجت ثم خرجت بغير إذنه طلقت".
هذا المذهب جزم به في الوجيز والخرقي وصححه في الخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه والزركشي هذا المذهب وقدمه في الهداية والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا تطلق إلا أن ينوي الإذن في كل مرة.
قلت وهو قوي كإذنه في الخروج كلما شاءت نص عليه.
وأطلقهما في المذهب.
وقال في الروضة إن أذن لها بالخروج مرة أو مطلقا أو أذن بالخروج لكل مرة فقال اخرجي متى شئت لم يكن إذنا إلا لمرة واحدة.
والمذهب أنه إذا قال اخرجي كلما شئت يكون إذنا عاما نص عليه.
قوله: وإن أذن لها من حيث لا تعلم فخرجت طلقت.
نص عليه وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
قال في القواعد هذا أشهرهما.

وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا تطلق وهو لأبي الخطاب بناء على ما قاله في عزل الوكيل أنه يصح من غير أن يعلم.
وقال في القاعدة الرابعة والستين ولأبي الخطاب في الانتصار طريقة ثانية وهي أن دعواه الإذن غير مقبولة لوقوع الطلاق في الظاهر فلو أشهد على الإذن نفعه ذلك ولم تطلق.
قال صاحب القواعد وهذا ضعيف.
فائدتان
إحداهما لو قال إلا بإذن زيد فمات زيد لم يحنث إذا خرجت على الصحيح من المذهب وحنثه القاضي وجعل المستثنى محلوفا عليه وجزم به في الرعاية الكبرى.
الثانية لو أذن لها فلم تخرج حتى نهاها ثم خرجت فعلى وجهين.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما تطلق صححه في النظم وجزم به في المنور.
والثاني لا تطلق قال ابن عبدوس في تذكرته لا تطلق.
قال ابن عبدوس في تذكرته لا يقع إذا أذن لها ثم نهى وجهلته.
قوله: "وإن قال إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق فخرجت تريد الحمام وغيره طلقت".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر، والنظم والرعايتين والحاوي وتذكرة ابن عبدوس والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن لا يحنث وأطلقهما في الشرح.
قوله: "وإن خرجت إلى الحمام ثم عدلت إلى غيره طلقت".
هذا المذهب.
قال أبو الخطاب والمصنف والشارح هذا قياس المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره وقدمه في الفروع والخلاصة وغيرهم.

ويحتمل أن لا تطلق وهو لأبي الخطاب.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: في تعليقه بالمشيئة "إذا قال أنت طالق إن شئت أو كيف شئت أو حيث شئت أو متى شئت لم تطلق حتى تقول قد شئت سواء شاءت على الفور أو التراخي".
وهذا المذهب ولو شاءت كارهة جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يقف على المجلس كالاختيار.
وقيل تختص إن بالمجلس دون غيرهما.
وقيل تطلق وإن لم تشأ إذا قال كيف شئت أو حيث شئت دون غيرهما.
فائدة لو رجع قبل مشيئتها لم يصح رجوعه على الصحيح من المذهب كبقية التعاليق.
وعنه يصح كاختاري وأمرك بيدك.
قوله: "وإن قال أنت طالق إن شئت وشاء أبوك لم تطلق حتى يشاءا".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل تطلق بمشيئة أحدهما ذكره في الفروع.
قلت هو بعيد والمشيئة منهما أو من أحدهما على التراخي على الصحيح من المذهب.
وقيل تختص بالمجلس.
فائدة لو قال أنت طالق وعبدي حر إن شاء زيد فشاءهما ولا نية وقعا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
ونقل أبو طالب يقعان ولو تعذرت الإشاءة بموت ونحوه اختاره أبو بكر وابن عقيل.
وحكى عنه أو غاب.
وحكاه في المنتخب عن أبي بكر.

قوله: "وإن قال أنت طالق إن شاء زيد فمات أو جن أو خرس قبل المشيئة لم تطلق".
أما إذا مات أو جن فإنها لا تطلق على الصحيح من المذهب.
قال في المذهب والخلاصة لم يقع في أصح الوجهين وصححه في النظم واختاره ابن حامد وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والشرح والفروع.
واختار أبو بكر في الهداية وابن عقيل أنها لا تطلق حكاه في المغني والشرح عن أبي بكر وحكاه في الرعاية عن ابن عقيل ونقله أبو طالب.
وأما الأخرس فالصحيح من المذهب أنه إن فهمت إشارته فهي كنطقه.
قدمه في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وهو الصواب.
وقيل إن خرس بعد يمينه لم تطلق.
وجزم به المصنف هنا وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح.
فائدة لو غاب لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وحكى عن ابن عقيل تطلق وحكاه في المنتخب عن أبي بكر كما تقدم.
قوله: "وإن شاء وهو سكران خرج على الروايتين المتقدمتين في طلاقه".
ذكره الأصحاب.
واختار المصنف والشارح هنا عدم الوقوع وإن وقع هناك وفرقا بينهما وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
قوله: "وإن كان صبيا يعقل المشيئة فشاء طلقت وإلا فلا".
الصحيح من المذهب: أن الصبي المميز إذا شاء تطلق قال الأصحاب هو كطلاقه.
وتقدم في أوائل كتاب الطلاق أن الصحيح من المذهب أن طلاقه يقع على زوجته.
قال في الفروع والرعاية وإن شاء فميز فكطلاقه.
وجزم بالوقوع في الشرح وغيره.
وعلى الرواية الثانية: لا تطلق كطلاقه في إحدى الروايتين وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.

قوله: "وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد فمات أو جن أو خرس طلقت".
إذا مات أو جن طلقت بلا نزاع وفي وقت الوقوع أوجه.
أحدها يقع في الحال وهو المذهب جزم به في الشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وقدمه في الرعايتين والفروع.
الثاني تطلق آخر حياته جزم به في المنور وقدمه في المحرر والنظم.
الثالث يتبين حنثه من حين حلف.
وذكره القاضي في أنت طالق ثلاثا وثلاثا إن شاء زيد يقع الطلاق وليس باستثناء.
وأما إذا خرس فالصحيح من المذهب أن إشارته المفهومة كنطقه مطلقا.
وقيل إن حصل خرسه بعد يمينه فليس كنطقه وجزم به المصنف هنا وصاحب الوجيز كما تقدم.
وقال الناظم لو قيل بعدم وقوع الطلاق إذا خرس أو جن إلى حين الموت لم يكن ببعيد.
قوله: "وإن قال أنت طالق واحدة إلا أن يشاء زيد ثلاثا فشاء ثلاثا طلقت ثلاثا في أحد الوجهين".
وهو المذهب صححه في المذهب والتصحيح واختاره أبو بكر وجزم به الوجيز وقدمه في الخلاصة والمحرر والفروع والرعايتين.
وفي الآخر لا تطلق يعني لا تطلق غير الواحدة المنجزة لأن الاستثناء من الإثبات نفي.
فائدة وكذا الحكم لو قال أنت طالق واحدة إلا أن تشائي ثلاثا فشاءت ثلاثا ووقوع الثلاث هنا من المفردات ونص عليه.
وكذا عكس هذه المسألة مثلها في الحكم كقوله أنت طالق ثلاثا إلا أن يشاء زيد أو تشائي واحدة فيشاء زيد أو هي واحدة.
قوله: "وإن قال أنت طالق إن شاء الله طلقت وإن قال لأمته أنت حرة إن شاء الله عتقت".
وكذا لو قدم الشرط وهذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة منهم ابن منصور وحنبل والحسن بن ثواب وأبو النضر والأثرم وأبو طالب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وصححه الناظم وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.

وعنه يصح الاستثناء فيهما.
وقال الخرقي أكثر الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله أنه توقف عن الجواب.
قلت ممن نقل ذلك عبد الله وصالح وإسحاق ابن هانئ وأبو الحارث والفضل بن زياد وإسماعيل بن إسحاق.
وحكى عنه أنه يقع العتق دون الطلاق.
حكاه عنه بعض الشافعية وهو أبو حامد الإسفراييني ومن تبعه.
وقطع المجد وغيره بأن ذلك غلط على الإمام أحمد رحمه الله وكذا قال القاضي في خلافه وبينوا وجه الغلط.
وقال في الترغيب يقع الطلاق دون العتق.
وعنه لا يقعان اختاره جماعة من الأصحاب بناء على أنهما من جملة الأيمان.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يكون معناه هي طالق إن شاء الله الطلاق بعد هذا والله لا يشاؤه إلا بتكلمه بعد ذلك.
وقال أيضا إن أراد بذلك وقوع الطلاق عليها بهذا التطليق طلقت لأنه كقوله أنت طالق بمشيئة الله وليس قوله إن شاء الله تعليقا بل تأكيد للوقوع وتحقيق وإن أراد بذلك حقيقة التعليق على مشيئة مستقبله لم يقع به الطلاق حتى يطلق بعد ذلك فإذا طلقها بعد ذلك فقد شاء الله وقوع طلاقها حينئذ وكذا إن قصد بقوله إن شاء الله أن يقع هذا الطلاق الآن فإنه يكون معلقا أيضا على المشيئة فإذا شاء الله وقوعه فيقع حينئذ ولا يشاء الله وقوعه حتى يوقعه ثانيا انتهى.
قال في الترغيب لو قال يا طالق إن شاء الله تعالى تطلق بل هي أولى بالوقوع من قوله إن شاء الله وفي الرعاية في ذلك وجهان.
قوله: "وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء الله طلقت".
وهو المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والفروع.
وقيل لا تطلق.
قوله: "وإن قال إن لم يشأ الله فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.

أحدهما يقع وهو المذهب لتضاد الشرط والجزاء فلغا تعليقه بخلاف المستحيل وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لا يقع اختاره القاضي ذكره في المستوعب.
فائدة وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال أنت طالق ما لم يشأ الله.
قوله: "وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله أو قال أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله فدخلت فهل تطلق على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والمحرر والشرح والفروع والحاوي.
أحدهما لا تطلق صححه في التصحيح وقال لا تطلق من حيث الدليل.
قال وهو قول محققي الأصحاب وجزم به في منتخب الآدمي البغدادي.
والرواية الثانية تطلق وجزم به في الوجيز واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في المذهب والخلاصة.
قال ابن نصر الله في حواشيه أصحهما تطلق وقدمه في الرعايتين.
تنبيه: قال في المحرر والرعاية والنظم والفروع وغيرهم إن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع كقوله أنت طالق لا فعلت أو لأفعلن إن شاء الله وإلا فروايتان.
قال ابن نصر الله في حواشيه وفيه نظر.
يعني في عدم الوقوع إذا نوى رد المشيئة إلى الفعل لأنه علقه على فعل يوجد بمشيئة الله وقد وجد بمشيئة الله فما المانع من وقوعه انتهى.
وقد حرر العلامة ابن رجب في هذه المسألة وفي صيغة القسم كقوله أنت طالق لا تدخلين الدار إن شاء الله أو أنت طالق لتدخلن الدار إن شاء الله ونحوه للأصحاب سبع طرق.
أحدها أن الروايتين في المسألة مطلقا سواء كان الحلف بصيغة القسم أو بصيغة الجزاء.
وهذه الطريقة مقتضى كلام أكثر المتقدمين كأبي بكر والقاضي وابن عقيل وغيرهم.
الطريقة الثانية أن الروايتين في الحلف بصيغة القسم وفي التعليق على شرط يقصد به الحض أو المنع دون التعليق على شرط يقصد به وقوع الطلاق بتة.

وهذه الطريقة اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو مقتضى كلام كثير من الأصحاب.
الطريقة الثالثة أن الروايتين في صيغة التعليق إذا قصد رد المشيئة إلى الطلاق أو أطلق فأما إن رد المشيئة إلى الفعل فإنه ينفعه قولا واحدا.
وكذا إن حلف بصيغة القسم فإنه ينفعه الاستثناء قولا واحدا.
وهي طريقة صاحب المحرر والنظم والفروع وغيرهم كما تقدم.
الطريقة الرابعة أن الروايتين في صورة التعليق بالشرط إذا لم يرد المشيئة إلى الطلاق فإن ردها إلى الطلاق فهو كما لو نجز الطلاق واستثنى فيه.
وهي طريقة صاحب المغني.
وإن أطلق النية فالظاهر رجوعه إلى الفعل دون الطلاق ويحتمل عوده إلى الطلاق وإن رد المشيئة إلى الفعل نفعه قولا واحدا.
وهذه الطريقة توافق طريقة صاحب المحرر إلا أنها مخالفة لها في أنه إذا عاد الاستثناء إلى الطلاق لم ينفع كما لا ينفع في المنجز وهو الذي ذكره ابن عقيل وغيره وهو واضح.
الطريقة الخامسة أن الروايتين محمولتان على اختلاف حالين فإن كان الشرط نفيا لم تطلق نحو أن يقول أنت طالق إن لم أفعل كذا إن شاء الله فلم يفعله فلا يحنث.
فإن كان إثباتا حنث نحو إن فعلت كذا فأنت طالق إن شاء الله.
وهي طريقة صاحب التلخيص.
قال في القواعد الأصولية وهي مخالفة للمذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
الطريقة السادسة طريقة القاضي في الجامع الكبير فإنه قال عندي فيها تفصيل.
ثم ذكر ما مضمونه أنه إذا لم توجد الصفة التي هي الشرط المعلق على الطلاق انبنى الحكم على علة وقوع الطلاق المنجز المستثنى فيه.
فإن قلنا العلة أنه علقه بمشيئة لا يتوصل إليها لم يقع رواية واحدة لأنه علقه بصفتين إحداهما دخول الدار مثلا والأخرى المشيئة وما وجدتا فلا يحنث.

وإن قلنا العلة علمنا بوجود مشيئة الله لوجود لفظ الطلاق انبنى على أصل آخر وهو ما إذا علق الطلاق بصفتين مثل أن يقول إن دخلت الدار وشاء زيد فدخلت ولم يشأ زيد فهل يقع الطلاق على روايتين كذا هنا يخرج على روايتين.
وأما إن وجدت الصفة وهي دخول الدار فإنه ينبني على التعليلين أيضا.
فإن قلنا قد علمنا مشيئة الطلاق وقع رواية واحدة لوجود الصفتين جميعا.
وإن قلنا لم نعلم مشيئته انبنى على ما إذا علقه على صفتين فوجدنا إحداهما ويخرج على الروايتين.
الطريقة السابعة طريقة ابن عقيل في المفردات فإنه جعل الروايتين في وقوع الطلاق بدون وجود الصفة فأما مع وجودها فيقع الطلاق قولا واحدا قاله في القواعد الأصولية.
وهي أضعف الطرق وذكر فسادها من وجهين.
قوله: "وإن قال أنت طالق لرضا زيد أو مشيئته طلقت في الحال" بلا نزاع أعلمه.
فإن قال أردت الشرط دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين.
عند الأكثر وهما وجهان في الرعايتين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين وشرح ابن منجا.
إحداهما يقبل في الحكم وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الفروع قبل حكما على الأصح وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الكافي والمنور وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وهو ظاهر ما قدمه الشارح.
والرواية الثانية لا يقبل جزم به في الوجيز وتجريد العناية.
قال الآدمي في منتخبه دين باطنا.
فائدة: لو قال إن رضي أبوك فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت طلقت لأنه معلق فكان متراخيا ذكره في الفنون.
وقال قال قوم ينقطع بالأول.
ولو قال إن كان أبوك يرضى بما فعلتيه فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت طلقت لأنه علقه على رضى مستقبل وقد وجد بخلاف إن كان أبوك راضيا به لأنه ماض.

قوله: "وإن قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار فأنت طالق أو قال إن كنت تحبينه بقلبك فأنت طالق فقالت أنا أحبه".
فقد توقف أحمد رحمه الله تعالى عنها وقال دعنا من هذه المسائل وكذا قال في الهداية والمستوعب وغيرهما.
وقال القاضي تطلق.
وذكره ابن عقيل مذهبنا ومذهب العلماء كافة سوى محمد بن الحسن.
وجزم به في الوجيز واقتصر عليه في الخلاصة في الأولى وصححه في الثانية وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقال المصنف هنا والأولى أنها لا تطلق إذا كانت كاذبة.
وهو المذهب قدمه في الفروع وجزم به في النظم واختاره ابن عقيل وقال لاستحالته عادة كقوله إن كنت تعتقدين أن الجمل يدخل في خرم الإبرة فأنت طالق فقالت أعتقده فإن عاقلا لا يجوزه فضلا عن اعتقاده.
وقيل لا تطلق مطلقا ذكره في الرعايتين.
وقيل لا تطلق في قوله إن كنت تحبينه بقلبك وإن طلقت في الأولى وهو احتمال في الهداية.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك خلافا ومذهبا لو قال إن كنت تبغضين الجنة فأنت طالق فقالت أنا أبغضها وكذا لو قال إن كنت تبغضين الحياة ونحو ذلك مما يعلم أنها تحبه قاله في المستوعب.
الثانية لو قالت امرأته أريد أن تطلقني فقال إن كنت تريدين أو إذا أردت أن أطلقك فأنت طالق فظاهر الكلام يقتضي أنها تطلق بإرادة مستقبلة ودلالة الحال على أنه أراد إيقاعه للإرادة التي أخبرته بها قاله ابن عقيل في الفنون.
ونصر الثاني العلامة ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين.
قوله: "فصل في مسائل متفرقة".
إذا قال أنت طالق إذا رأيت الهلال طلقت إذا رئي أو أكملت العدة إلا أن ينوي حقيقة رؤيتها فلا يحنث حتى تراه.
إذا نوى حقيقة رؤيتها لم يحنث حتى تراه بلا نزاع أعلمه ويدين بلا نزاع ويقبل قوله في الحكم على الصحيح من المذهب مطلقا.

قال في الفروع قبل حكما على الأصح.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وصححه في المذهب.
وعنه لا يقبل وأطلقهما في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والمستوعب.
وقيل يقبل بقرينة.
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله طلقت إذا رئي الهلال أنها تطلق إذا رئي سواء رئي قبل الغروب أو بعده وهو أحد الوجهين وهو احتمال في المغني والشرح.
والوجه الثاني أنها لا تطلق إلا إذا رئي بعد الغروب وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والرعاية والحاوي.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعاية الكبرى.
الثاني تقدم في أول كتاب الصيام إذا قال أنت طالق ليلة القدر متى تطلق.
فوائد
إحداها لو لم ير الهلال حتى أقمر لم تطلق وهل يقمر بعد ثالثة قدمه في الرعاية الكبرى أو باستدارته أو ببهر ضوئه فيه ثلاثة أقوال.
قال القاضي لا يبهر ضوؤه إلا في الليلة السابعة حكاه عن أهل اللغة وأطلقهن في الكافي والمغني والشرح والفروع.
الثانية لو قال إن رأيت فلانا فأنت طالق فرأته ولو ميتا طلقت ولو رأته في ماء أو في زجاج شفاف طلقت إلا مع نية أو قرينة.
ولو رأته مكرهة لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق.
ولو رأت خياله في ماء أو مرآة لم تطلق.
ولو جالسته وهي عمياء لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
الثالثة ظاهر قوله: "وإن قال من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق فأخبرته به

امرأتاه طلقت الأولى منهما إلا أن تكون الثانية هي الصادقة وحدها فتطلق وحدها.
أنه لو أخبرتاه معا تطلقان وهو صحيح لا أعلم فيه خلافا.
قوله: "وإن قال من أخبرتني بقدومه فهي طالق فكذلك عند القاضي".
يعني أن حكمها حكم المسألة التي قبلها من التفصيل والحكم.
وكذا قال في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وعند أبي الخطاب إن أخبرتاه وقع الطلاق بهما على الأحوال الثلاثة لأن الخبر يدخله الصدق والكذب ويسمى خبرا وإن تكرر والبشارة القصد بها السرور وإنما يكون ذلك مع الصدق ويكون من الأولى لا غير.
وقيل تطلقان مع الصدق فقط واختاره في المحرر.
فائدتان
إحداهما لو قال إن لبست ثوبا فأنت طالق ونوى معينا دين على الصحيح من المذهب.
وقال ابن البنا لا يدين وقدمه في التبصرة وخرجه الحلواني على روايتين.
قال في القاعدة الخامسة والعشرين بعد المائة وشذ طائفة فحكوا الخلاف في تديينه في الباطن منهم الحلواني وابنه.
وكذلك وقع في موضع من مفردات ابن عقيل في الأيمان.
وكذلك وقع للقاضي في المجرد قال المجد وهو سهو انتهى.
ويقبل حكما على الصحيح من المذهب.
وعنه لا يقبل.
وإن لم يقل ثوبا فالحكم كذلك على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله في القواعد وقدمه.
وقيل لا يقبل حكما واختاره القاضي في كتاب الحيل وأطلقهما في الفروع.

وقال في الترغيب وإن حلف لا لبس ونوى معينا دين وفي الحكم روايتان سواء بطلاق أو غيره على الأصح انتهى.
الثانية لو قال إن قربت دار أبيك بكسر الراء من قربت فأنت طالق لم يقع حتى تدخلها وإن قال إن قربت بضم الراء طلقت بوقوفها تحت فنائها ولصوقها بجدارها لأن مقتضاها ذلك قاله في الروضة.
قوله: "وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا". وكذا جاهلا "حنث في الطلاق والعتاق ولم يحنث في اليمين المكفرة في ظاهر المذهب" وهو المذهب.
وقال في القواعد الأصولية هي المذهب عند الأصحاب.
قال في المحرر وهو الأصح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره وقال اختاره الأكثر وذكروه في المذهب.
وعنه يحنث في الجميع.
قدمه في الرعايتين والحاوي ذكروه في أول كتاب الأيمان.
وعنه لا يحنث في الجميع بل يمينه باقية وقدمه في الخلاصة وهو في الإرشاد عن بعض أصحابنا.
قال في الفروع وهذا أظهر.
قلت وهو الصواب.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال إن رواتها بقدر رواة التفريق وإن هذا يدل على أن الإمام أحمد رحمه الله جعله حالفا لا معلقا والحنث لا يوجب وقوع المحلوف به.
واختارها ابن عبدوس في تذكرته أيضا ذكره في أول كتاب الأيمان.
قال في القواعد الأصولية وقال الأصحاب على هذه الرواية يمينه باقية بحالها.
ويأتي أيضا في كلام المصنف إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا في أثناء كتاب الأيمان.
قوله: "وإن حلف لا يدخل على فلان بيتا أو لا يكلمه أو لا يسلم عليه أو لا يفارقه حتى يقضيه حقه فدخل بيتا هو فيه ولم يعلم أو سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم أو قضاه حقه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله بحقه ففارقه ظنا أنه قد بر خرج على الروايتين في الناسي والجاهل".
وكذا قال الشارح وقاله في المحرر في غير الكلام والسلام.
قال الشارح وكذلك إن حلف لا يبيع لزيد ثوبا فوكل زيد من يدفعه إلى من يبيعه فدفعه

إلى الحالف فباعه من غير علمه فهي كالناسي.
وكذلك إن حلف لا يكلم فلانا فسلم عليه يحسبه أجنبيا.
وأطلق في الترغيب الروايات الثلاث فيما إذا حلف أن لا يدخل على فلان فدخل ولم يعلم أو لا يفارقه إلا بقبض حقه فقبضه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله ففارقه يظن أنه قد بريء أو لا يكلمه فسلم عليه وجهله.
وجزم في الوجيز أنه يحنث.
وجزم في المنتخب أنه يحنث بالحوالة.
وذكر المصنف وغيره في باب الضمان أن الحوالة كالقضاء.
وقال في المحرر والفروع وغيرهما لو سلم على جماعة وهو فيهم ولم يعلم وقلنا يحنث كالناسي فهل يحنث هنا على روايتين أصحهما لا يحنث.
وإن علم به فلم ينوه ولم يستثنه بقلبه فروايتان أصحهما يحنث وإن قصده حنث.
وفي الترغيب وجه لا يحنث.
قال في الفروع وذكر جماعة مثلها الدخول على فلان.
وقال ابن منجا في شرحه وإن علم به ونوى السلام على الجميع أو كلامهم حنث رواية واحدة وإن نوى السلام على غيره أو كلام غيره لم يحنث رواية واحدة وإن أطلق فروايتان.
فوائد
الأولى لو حلف على من يمتنع بيمينه وقصد منعه كالزوجة والولد ونحوهما ففعله ناسيا أو جاهلا ففيه الروايات المتقدمة قاله في المحرر والرعايتين والحاوي وجزم به في الكافي وغيره وهو الصحيح.
وقدمه في الفروع.
وجزم في الوجيز أنه يحنث في الطلاق والعتاق دون غيرهما وهو ماش على المذهب في الناسي والجاهل.
وقيل يحنث هنا وإن لم يحنث هناك.
واختار في الترغيب إن قصد أن لا يخالفه لم يحنث الناسي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن حلف على غيره ليفعلنه فخالفه لم يحنث إن قصد إكرامه لا إلزامه به لأنه كالأمر ولا يجب لأمره عليه أفضل الصلاة والسلام أبا بكر رضي الله عنه بوقوفه في الصف ولم يقف ولأن أبا بكر أقسم ليخبرنه بالصواب والخطأ لما فسر الرؤيا فقال لا تقسم لأنه علم أنه لم يقصد الإقسام عليه مع المصلحة المقتضية للكتم.

وقال أيضا: إن لم يعلم المحلوف عليه بيمينه فكالناسي.
قال في الفروع وعدم حنثه هنا أظهر انتهى.
وأما إن قصد بمنعهم أن لا يخالفوه وفعلوه كرها لم يحنث قاله في الرعايتين والحاوي وغيرهم.
الثانية قال في الكافي والوجيز وغيرهما وإن كان الحلف على من لا يمتنع بيمينه كالسلطان والحاج استوى العمد والسهو والإكراه وغيره وقاله في الوجيز والرعاية الكبرى في السلطان.
الثالثة لو فعله في حال جنونه لم يحنث كالنائم على الصحيح من المذهب وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل حكمه حكم الناسي.
الرابعة لو حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال اختاره الأكثر.
وعنه يحنث وقيل هو كالناسي.
قال في المحرر ويتخرج أن لا يحنث إلا في الطلاق والعتاق.
ويأتي معنى ذلك في باب جامع الأيمان.
الخامسة لو حلف لا تأخذ حقك مني فأكره على دفعه إليه أو أخذه منه قهرا حنث جزم به المصنف وغيره لأن المحلوف عليه فعل الأخذ مختارا وإن أكره صاحب الحق على أخذه تخرج على الخلاف إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها خرجه الأصحاب على ذلك.
قوله: "وإن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه لم يحنث".
هذا المذهب ما لم يكن له نية أو سبب أو قرينة.
قال الشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم واختاره أبو الخطاب وغيره قاله المصنف.
وعنه يحنث إلا أن ينوي جميعه.
اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البناء وابن عقيل في التذكرة وغيرهم.
قال في الخلاصة حنث على الأصح.
وأطلقهما في المغني والرعايتين والحاوي الصغير.

قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده أو دخل طاق الباب أو لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه خرج على الروايتين".
وكذا لو حلف لا يبيع عبده ولا يهبه فباع نصفه ووهب نصفه وجزم به الشارح وصاحب الفروع وغيرهما وقاله المجد وغيره في غير مسألة الدار.
قال الزركشي ومن صور المسألة عند الأكثرين القاضي وغيره لو حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده وفيها روايتان منصوصتان.
فالقاضي والأكثرون على التحنيث كمسألة الغزل وأبو بكر وأبو الخطاب اختارا عدم التحنيث.
واختار أبو بكر في مسألة الغزل وغيرها الحنث كالجماعة.
وأطلق في المحرر في مسألة الدار الروايتين.
فائدة: لو حلف لا ألبس من غزلها ولم يقل ثوبا فلبس ثوبا فيه منه أو لا آكل طعاما اشترته فأكل طعاما شوركت في شرائه فقيل هو على الخلاف اختاره القاضي وأبو الخطاب.
وقيل يحنث هنا قولا واحدا وهو الصحيح.
قدمه في الفروع واختاره المجد في محرره والمصنف وجزم به في المغني.
قوله: "وإن حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد أو نسجه أو لا يأكل طعاما طبخه زيد فلبس ثوبا نسجه هو وغيره أو اشترياه أو أكل من طعام طبخاه فعلى روايتين".
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا.
إحداهما يحنث وهو الصحيح من المذهب اختاره أبو بكر وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وتقدم اختيار المجد في المشاركة في الشراء.
واختاره المصنف أيضا واختاره القاضي والشريف وأبو الخطاب وابن البنا وغيرهم في الجميع.
والثانية لا يحنث وبعض الأصحاب قال يحنث قولا واحدا ولم يحك فيها خلافا كما حكى في المسائل المتقدمة منهم القاضي والشريف وأبو الخطاب وابن البنا وغيرهم.

قوله: "وإن اشترى غيره شيئا فخلطه بما اشتراه فأكل أكثر مما اشتراه شريكه حنث وإن أكل مثله فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والفروع ذكره في أواخر جامع الأيمان.
أحدهما لا يحنث وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والثاني يحنث.
تنبيه: مفهوم كلامه أنه لو أكل أقل منه أنه لا يحنث وهو صحيح وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح.
فائدتان
إحداهما لو اشتراه لغيره أو باعه حنث بأكله منه على الصحيح من المذهب وفيه احتمال.
الثانية الشركة والتولية والسلم والصلح على مال شراء.

باب التأويل في الحلف
تنبيه: شمل قوله: "وإن لم يكن ظالما فله تأويله".
أنه لو لم يكن ظالما ولا مظلوما ينفعه تأويله وهو صحيح وهو المذهب اختاره المصنف والشارح وغيرهما وهو ظاهر كلام المجد وغيره.
وقيل لا ينفعه تأويله والحالة هذه حكاه الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله المنع من اليمين به.
ويأتي ما يشبه هذا قريبا في التعريض.
فوائد
الأولى: قوله وإن لم يكن ظالما فله تأويله فعلى هذا ينوي باللباس الليل وبالفراش والبساط الأرض وبالأوتاد الجبال وبالسقف والبناء السماء وبالأخوة أخوة الإسلام وما ذكرت فلانا أي ما قطعت ذكره وما رأيته أي ما ضربت رئته وبنسائي طوالق أي نساؤه الأقارب منه وبجواري أحرار سفنه وبما كاتبت فلانا مكاتبة الرقيق وبما عرفته جعلته عريفا ولا أعلمته أو أعلم السفه ولا سألته حاجة وهي الشجرة الصغيرة ولا أكلت له دجاجة وهي الكبة من الغزل ولا فروجة وهي الدراعة ولا في بيتي فراش وهي الصغار من

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28