كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

والمصنف والشارح وغيرهم
وعنه عليه الجزية إذا كان لكافر ويحتمله كلام الخرقي وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين والزركشي
فائدة : لا تجب على عبد المسلم الذمي قال المصنف والشارح بغير خلاف علمناه وقطع به غيرهما
قال في الفروع ولا تلزم عبدا وعنه لمسلم جزم به في الروضة وأنها تسقط بإسلام أحدهما
وفي التبصرة عن الخرقي تلزم عبدا مسلما عن عبده
فعلى المذهب تلزم المعتق بعضه بقدر ما فيه من الحرية قاله الأصحاب
فائدتان
إحداهما : في وجوب الجزية على عبد ذمي أعتقه مسلم أو كافر روايتان منصوصتان وأطلقهما في الفروع فيما إذا كان المعتق مسلما
إحداهما : تجب عليه الجزية وهو الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
قال الزركشي هذا الصحيح المشهور من الروايتين
قال المصنف والشارح وإذا عتق لزمته الجزية لما يستقبل سواء كان معتقه مسلما أو كافرا هذا الصحيح عن أحمد انتهيا
وقال في الوجيز وغيره وتؤخذ ممن صار أهلا لها في آخر الحول وهو ظاهر ما قدمه في المحرر وجزم به الخرقي
والرواية الثانية لا جزية عليه قال الخلال هذا قول قديم رجع عنه ووهنها وعنه رواية ثالثة لا جزية عليه إذا كان المعتق له مسلما
الثانية قال الإمام أحمد المكاتب عبد فيعطى حكمه
قوله : ولا فقير يعجز عنها
هذا المذهب وعليه الأصحاب نص عليه وفيه احتمال تجب عليه ويطالب بها إذا أيسر لأنه من أهل القتال
فعلى المذهب لو كان معتملا وجبت عليه على الصحيح من المذهب
قال في الفروع تجب على الأصح
قال في القواعد أشهر الروايتين الوجوب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك

الذهب والحاوي الكبير والبلغة والخلاصة والكافي والوجيز وغيرهم
قال الزركشي وهي أبعد دليلا وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير
وعنه لا تجب وهي ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في المحرر والزركشي
وقال في الرعاية الكبرى ولا تجب على فقير عاجز لا حرفة له أو له حرفة لا تكفيه نص عليه
وقال في مكان آخر وتلزم الفقير المحترف الحرفة التي تقوم بكفايته كل سنة
فائدة : تجب الجزية على الخنثى المشكل جزم به في الحاوي الصغير وتذكرة ابن عبدوس والمغني والشرح وقدمه في الرعايتين
وقيل لا تجب عليه
قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر وجزم به في الحاوي الكبير والكافي وهذا المذهب وأطلقهما في الفروع
فعلى القول الثاني لو بان رجلا أخذت منه للمستقبل فقط على الصحيح من المذهب وقطع به من ذكره منهم القاضي
وقال في الفروع ويتوجه وللماضي
قوله : ومن بلغ أو أفاق أو استغنى وكذا لو عتق وقلنا عليه الجزية فهو من أهلها بالعقد الأول
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب
قال الزركشي هذا المشهور وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع وجزم به في الحاوي وغيره
وقال القاضي في موضع من كلامه هو مخير بين العقد وبين أن يرد إلى مأمنه فيجاب إلى ما يختار
قوله : ويؤخذ منه في آخر الحول بقدر ما أدرك
يعني إذا بلغ أو أفاق أو استغنى في أثناء الحول وكذا لو عتق في أثنائه على الصحيح من المذهب مطلقا وعنه لا جزية على عتيق مسلم وعنه وعتيق ذمي جزم به في الروضة
قوله : ومن كان يجن ثم يفيق لفقت إفاقته فإذا بلغت حولا أخذت منه
هذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين وقدمه في

النظم إذا لم يتعسر ضبطه
وقيل يعتبر الغالب فيما لا ينضبط أمره
وقال المصنف والشارح إذا كان يجن ويفيق لا يخلو عن ثلاثة أحوال
أحدها أن يكون غير مضبوط مثل من يفيق ساعة من أيام أو من يوم فيعتبر حاله بالأغلب
الثاني أن يكون مضبوطا مثل من يجن يوما ويفيق يومين أو أقل أو أكثر إلا أنه مضبوط ففيه وجهان
أحدهما يعتبر الأغلب من حاله
والوجه الثاني تلفق إفاقته فعلى هذا الوجه في أخذ الجزية وجهان
أحدهما تلفق أيامه فإذا بلغت حولا أخذت منه
والثاني يؤخذ منه في آخر كل حول بقدر ما أفاق منه
وإن كان يجن ثلث الحول ويفيق ثلثيه أو بالعكس ففيه الوجهان
فإذا استوت إفاقته وجنونه مثل من يجن يوما ويفيق يوما أو يجن نصف الحول ويفيق نصفه عادة لفقت إفاقته لأنه تعذر الأغلب
الحال الثالث أن يجن نصف حول ثم يفيق إفاقة مستمرة أو يفيق نصفه ثم يجن جنونا مستمرا فلا جزية عليه في الثاني وعليه في الأول الجزية بقدر ما أفاق كما تقدم انتهيا
قوله : وتقسم الجزية بينهم فيجعل على الغني ثمانية وأربعون درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرون درهما وعلى الفقير اثنا عشر درهما
وقد تقدم أن مرجع الجزية والخراج إلى اجتهاد الإمام على الصحيح من المذهب فله أن يزيد وينقص على قدر ما يراه فلا تفريع عليه
وتفريع المصنف هنا على القول بأن الجزية مقدرة بمقدار لا يزاد عليه ولا ينقص منه وهذا التقدير على هذه الرواية لا نزاع فيه وهو تقدير عمر رضي الله عنه وجزم به في المحرر وغيره
فائدة : يجوز أن يأخذ عن كل اثني عشر درهما دينارا أو قيمتها نص عليه لتعلق حق الآدمي فيها
قوله : والغني منهم من عده الناس غنيا في ظاهر المذهب
وهو المذهب كما قال وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المغني والمحرر وغيرهما وقدمه في المحرر وغيره وصححه في الخلاصة وغيرها

وقيل الغني من ملك نصابا وحكى رواية
وقيل من ملك عشرة آلاف درهم ذكره الزركشي
وقيل الغني من ملك عشرة آلاف دينارا وهي مائة ألف درهم ومن ملك دونها إلى عشرة آلاف درهم فمتوسط ومن ملك عشرة آلاف فما دونها ففقير قدمه في الخلاصة
وأما المتوسط فهو المتوسط عرفا جزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم وتقدم القول الذي قدمه في الخلاصة
قوله : ومتى بذلوا الواجب عليهم لزم قبوله وحرم قتالهم
ويلزم الإمام أيضا دفع من قصدهم بأذى ولا مطمع بالذب عمن بدار الحرب
قال في الترغيب والمنفردون ببلد غير متصل ببلدنا يجب ذب أهل الحرب عنهم على الأشبه انتهى
ولو شرطنا أن لا نذب عنهم لم يصح الشرط
ويأتي ذلك في أثناء الباب الآتي بعده عند قوله: وعلى الإمام حفظهم والمنع من أذاهم
قوله : ومن أسلم بعد الحول سقطت عنه الجزية
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به في المغني والشرح والمحرر وغيرهم بل أكثرهم قطع به وقدمه في الفروع
قال في الإيضاح لا تسقط بالإسلام
قلت: وهذا ضعيف
ومنع في الانتصار وجوبها أصلا وأنها مراعاة
قوله : وإن مات بعد الحول أخذت من تركته
هذا المذهب وعليه معظم الأصحاب منهم الخرقي وأبو بكر وابن حامد والقاضي في المجرد والأحكام السلطانية وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر وغيره وصححه في الفروع وغيره
قال المصنف والشارح هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله
وقال القاضي في الخلاف يسقط ونصره
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لو مات في أثناء الحول أنها تسقط وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع وقيل تجب بقسطه

فوائد
الأولى وكذا الحكم خلافا ومذهبا إذا طرأ مانع بعد الحول كالجنون وغيره
الثانية قوله : تؤخذ الجزية في آخر الحول ويمتهنون عند أخذها ويطال قيامهم وتجر أيديهم
قال أبو الخطاب ويصفعون عند أخذها نقله الزركشي ولا يقبل منهم إرسالها مع غيرهم لزوال الصغار عنهم كما لا يجوز تفريقها بنفسه
قال ابن منجا في شرحه على قول المصنف ويمتهنون عند أخذها فإن قيل المذكور مستحق أو مستحب
قيل فيه خلاف ويتفرع عليه عدم جواز التوكيل إن قيل هو مستحق لأن العقوبة لا تدخلها النيابة وكذا عدم صحة ضمان الجزية لأن البراءة تحصل بأداء الضامن فتفوت الإهانة وإن قيل هو مستحب انعكست هذه الأحكام انتهى
وقال في الرعاية الكبرى وهل للمسلم أن يتوكل لذمي في أداء جزيته أو أن يضمنها أو أن يحيل الذي عليه بها يحتمل وجهين أظهرهما المنع كما سبق انتهى
قلت: فعلى المنع يعايى بها في الضمان والحوالة والوكالة
وأما صاحب الفروع وغيره فأطلقوا الامتهان
الثالثة لا يصح شرط تعجيله ولا يقتضيه الإطلاق على الصحيح من المذهب
قال الأصحاب لا نأمن نقض الأمان فيسقط حقه من العوض وقدمه في الفروع وعند أبي الخطاب يصح ويقتضيه الإطلاق
قوله : ويجوز أن يشترط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين بلا نزاع
قوله : ويبين أيام الضيافة وقدر الطعام والإدام والعلف وعدد من يضاف
إذا شرط عليهم الضيافة فيشترط تبيين ذلك لهم كما ذكره المصنف ويبين لهم المنزل وما هو على الغنى والفقر على الصحيح من المذهب في ذلك كله اختاره القاضي وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى
وقيل يجوز إطلاق ذلك كله وقدمه في الكافي واختاره
وقيل تقسم الضيافة على قدر جزيتهم ذكره في الرعاية والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وعبارتهم كعبارة المصنف وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل يجوز إطلاق ذلك كله وقدمه في الكافي واختاره

قال في المغني والشرح فإن شرط الضيافة مطلقا صح في الظاهر
قال أبو بكر إن أطلق قدر الضيافة فالواجب يوم وليلة وأطلقهما في الفروع
وقيل يقسم الضيافة على قدر جزيتهم ذكره في الرعاية وجزم به في المذهب والكافي والحاوي الكبير
قوله : ولا يجب ذلك من غير شرط
هذا الصحيح من المذهب قدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والنظم والفروع والحاوي الكبير وغيرهم
وقال القاضي يجب وصححه المصنف والشارح
وقال في الرعايتين ويلزم يوم وليلة بلا شرط وقيل وأطلقهما في الحاوي الصغير قال في الرعايتين ولا يزيد على ثلاثة أيام
فائدة : لو جعل الضيافة مكان الجزية صح على الصحيح من المذهب اختاره القاضي واقتصر عليه في المغني وقدمه في الشرح ونصره لكن يشترط أن يكون قدرها أقل من الجزية إذا قلنا الجزية مقدرة الأقل
وقيل لا يصح العقد على ذلك جزم به في الرعاية الكبرى والفصول وأطلقهما في الفروع
قوله : وإذا تولى إمام فعرف قدر جزيتهم وما شرط عليهم أقرهم عليه
وكذا لو قامت بينة بذلك وكذلك لو كان ذلك ظاهرا على الصحيح من المذهب واعتبر في المستوعب ثبوته
قوله : وإن لم يعرف رجع إلى قولهم
يعني وله تحليفهم
هذا المذهب قدمه في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاويين وغيرهم وجزم به في الكافي وغيره
وعند أبي الخطاب أنه يستأنف العقد معهم
قال في الهداية وعندي أنه يستأنف عقد الذمة معهم على ما يؤدى إليه اجتهاده وأطلقهما في المحرر والفروع
فعلى المذهب إن تبين كذبهم رجع عليهم

باب أحكام أهل الذمة
فائدة : لا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين بذل الجزية والتزام أحكام الملة من جريان أحكام المسلمين عليهم
فلذلك قال المصنف يلزم الإمام أن يأخذهم بأحكام المسلمين في ضمان النفس والمال والعرض وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه
وهذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وعنه إن شاء لم يقم عليهم حد زنى بعضهم على بعض اختاره ابن حامد ومثله القطع بسرقة بعضهم من بعض
قوله : ويلزمهم التميز عن المسلمين في شعورهم بحذف مقادم رؤوسهم
قال في الفروع لا كعادة الأشراف
قال في الرعاية وقيل هو حلق شعر التحذيف من العذار والنزعتين
فائدة : قوله : وكناهم فلا يكتنوا بكنى المسلمين كأبي القاسم وأبي عبد الله
وكذا أبو الحسن وأبو بكر وأبو محمد ونحوها وكذا الألقاب كعز الدين ونحوه يمنعون من ذلك كله قاله الشيخ تقي الدين
وقد كنى الإمام أحمد طبيبا نصرانيا فقال يا أبا إسحاق
ونقل أبو طالب لا بأس به فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسقف نجران يا أبا الحارث أسلم تسلم وقال عمر رضي الله عنه يا أبا حسان
قال في الفروع ويتوجه احتمال وتخريج بالجواز للمصلحة ويحمل ما روى عليه
قوله: ولا تجوز بداءتهم بالسلام
هذا المذهب وعليه الأصحاب وفيه احتمال تجوز للحاجة
قال في الآداب رأيته بخط الزريراني وقد قال الإمام أحمد لا يعجبني
فعلى المذهب لو سلم عليه ثم علم أنه ذمي استحب أن يقول رد على سلامي
فائدتان
إحداهما : مثل بداءتهم بالسلام قوله: لهم كيف أصبحت وكيف أمسيت وكيف أنت وكيف حالك نص عليه وجوزه الشيخ تقي الدين

وقال في الفروع ويتوجه يجوز بالنية كما قاله الخرقي يقول أكرمك الله قال نعم يعني بالإسلام
الثانية يجوز قوله: هداك الله زاد أبو المعالي وأطال بقاءك ونحوه
قوله : وإن سلم أحدهم قيل له وعليكم
يعني أنه بالواو في وعليكم أولى وهو المذهب وعليه عامة الأصحاب
قال في الرعاية الكبرى والآداب الكبرى واختار أصحابنا بالواو
قلت: جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والبلغة والشرح والنظم والوجيز وشرح ابن منجا والرعايتين والحاويين ونهاية ابن رزين ومنتخب الأدمى وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم
قال ابن القيم في بدائع الفوائد وأحكام الذمة له والصواب إثبات الواو وبه جاءت أكثر الروايات وذكرها الثقات الإثبات انتهى
وقيل الأولى أن يقول عليكم بلا واو وجزم به في الإرشاد والمحرر وتذكرة ابن عبدوس وأطلقهما في الفروع
فائدتان
إحداهما : إذا سلموا على مسلم لزمه الرد عليهم قاله الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين يرد تحيته وقال يجوز أن يقول له أهلا وسهلا وجزم في موضع آخر بمثل ما قاله الأصحاب
الثانية كره الإمام أحمد مصافحتهم قيل له فإن عطس أحدهم يقول له يهديكم الله قال إيش يقال له كأنه لم يره
وقال القاضي ظاهره أنه لم يستحبه كما لا يستحب بداءته بالسلام
وقال الشيخ تقي الدين فيه الروايتان قال والذي ذكره القاضي يكره وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وابن عقيل وإنما بقي الاستحباب
وإن شمته كافر أجابه
قوله : وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والمحرر والنظم وشرح ابن منجا
إحداهما : يحرم وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع

والرواية الثانية لا يحرم فيكره وقدمه في الرعاية والحاويين في باب الجنائز ولم يذكر رواية التحريم
وذكر في الرعايتين والحاويين رواية بعدم الكراهة فيباح وجزم به ابن عبدوس في تذكرته
وعنه يجوز لمصلحة راجحة كرجاء إسلامه اختاره الشيخ تقي الدين ومعناه اختيار الآجري وأن قول العلماء يعاد ويعرض عليه الإسلام
قلت: هذا هو الصواب وقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم صبيا يهوديا كان يخدمه وعرض عليه الإسلام فأسلم
نقل أبو داود أنه إن كان يريد أن يدعوه إلى الإسلام فنعم
وحيث قلنا يعزيه فقد تقدم ما يقول في تعزيتهم في آخر كتاب الجنائز ويدعو بالبقاء وكثرة المال والولد
زاد جماعة من الأصحاب منهم صاحب الرعايتين والحاويين والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم قاصدا كثرة الجزية
وقد كره الإمام أحمد الدعاء بالبقاء ونحوه لكل أحد لآنه شيء فرغ منه
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله
ويستعمله ابن عقيل وغيره وذكره الأصحاب هنا
تنبيه ظاهر قوله : ويمنعون من تعلية البنيان على المسلمين
أنه سواء كان المسلم ملاصقا أو لا وسواء رضي الجار بذلك أو لا وهو صحيح
قال أبو الخطاب وابن عقيل لأنه حق لله زاد ابن الزاغوني يدوم بدوام الأوقات ولو اعتبر رضاه سقط حق من يحدث بعده
قال في الفروع فدل أن قسمة الوقف قسمة منافع لا تلزم لسقوط حق من يحدث بعده
قال الشيخ تقي الدين وكذا لو كان البناء لمسلم وذمي لآن ما لا يتم اجتناب المحرم إلا باجتنابه فمحرم
فائدة : لو خالفوا وفعلوا وجب هدمه
قوله : وفي مساواتهم وجهان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والمذهب الأحمد
أحدهما لا يمنعون قال ابن عبدوس في تذكرته ولا يعلون على جار مسلم وصححه

في التصحيح وجزم به في الوجيز
والوجه الثاني يمنعون جزم به في المنور ونهاية ابن رزين ونظمها
قوله : وإن ملكوا دارا عالية من مسلم لم يجب نقضها
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقيل يجب نقضها وهو احتمال في المغني وغيره
ولو انهدمت هذه الدار أو هدمت لم تعد عالية على الصحيح من المذهب وقيل بلى
فائدة : وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو بنى مسلم دارا عند دورهم دون بنيانهم
قوله : ويمنعون من إحداث الكنائس والبيع
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إجماعا
واستثنى الأصحاب ما اشترطوه فيما فتح صلحا على أنها لنا
فائدة : في لزوم هدم الموجود منها في العنوة وقت فتحها وجهان وهما في الترغيب إن لم يقر به أخذ بجزية وإلا لم يلزم
قال الشيخ تقي الدين وبقاؤه ليس تمليكا فيأخذه لمصلحة
وأطلق الخلاف في المغني والشرح والفروع
أحدهما لا يلزم وهو المذهب صححه في النظم وقدمه في الكافي وإليه مال في المغني والشرح
والوجه الثاني يلزم واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى جواز هدمها مع عدم الضرر علينا
وقيل يمنع من هدمها
قال في الرعاية الكبرى وهو أشهر قال في الفروع كذا قال
قوله : ولا يمنعون من رم شعثها
هذا المذهب جزم به في الهداية وإدراك الغاية وتجريد العناية والكافي وقال رواية واحدة
وقال في الرعايتين هذا أصح وقدمه في الفروع والمحرر والنظم وغيرهم
وعنه المنع من ذلك اختاره الأكثر
قال ابن هبيرة كمنع الزيادة

قال في المحرر ونصرها القاضي في خلافه وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والحاويين
قوله : وفي بناء ما استهدم منها ولو كلها روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة والرعايتين والحاويين والقواعد الفقهية
إحداهما : المنع من ذلك وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع والكافي والنظم وإليه ميله في المغني والشرح ونصره القاضي في خلافه
قال ابن هبيرة اختاره الأكثر
قال ناظم المفردات ويمنع من بنائها إذا انهدمت وهو من المفردات
والرواية الثانية يجوز ذلك قال في الخلاصة ويبنون ما استهدم على الأصح وقال في القواعد الفقهية عن الخلاف بناء على أن الإعادة هل هي استدامة أو إنشاء
وقيل إن جاز بناؤها جاز بناء بيعة مستهدمة ببلد فتحناه
قال في القواعد ولو فتح بلد عنوة وفيه كنيسة منهدمة فهل يجوز بناؤها فيه طريقان
أحدهما المنع منه مطلقا
والثاني بناؤه على الخلاف
فائدتان
إحداهما : حكم المهدوم ظلما حكم المهدوم بنفسه على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر
وقيل يعاد المهدوم ظلما قال في الفروع وهو أولى
الثانية قوله : ويمنعون من إظهار المنكر وضرب الناقوس والجهر بكتابهم
يعني يجب المنع من ذلك كله
ويمنعون أيضا من إظهار عيد وصليب ورفع صوت على ميت
قال الشيخ تقي الدين ويمنعون من إظهار الأكل والشرب في رمضان
واختاره ابن الصيرفي ونقله عن القاضي
قال في القواعد الأصولية وقد يكون هذا مبنيا على تكليفهم قال والأظهر يمنعون مطلقا وإن قلنا بعدم تكليفهم انتهى
قلت: هذا مما يقطع به لأن المنع من إظهار ذلك فقط

وتقدم نظير ذلك فيمن أبيح له الفطر من المسلمين في أول كتاب الصيام بعد قوله: وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر
قال في الفروع وإن أظهروا بيع مأكول في رمضان منعوا ذكره القاضي
ولا يجوز أن يتعلموا الرمي وظاهره لا في غير سوقنا إن اعتقدوا حله
ويمنعون أيضا من إظهار الخمر والخنزير فإن أظهروهما أتلفناهما وإلا فلا نص عليه
ويمنعون أيضا من شراء المصحف
وقال في المغني والشرح والرعاية وغيرهم وكتاب حديث وفيه زاد في الرعاية وامتهان ذلك ولا يصحان أومأ إليهما أحمد رحمه الله
وقيل في الفقه والحديث وجهان
واقتصر في عيون المسائل على المصحف وسنن النبي صلى الله عليه وسلم
ويكره أن يشتروا ثوبا مطرزا بذكر الله أو كلامه
قال في الرعاية قلت: ويحتمل التحريم والبطلان
ويكره للإمام تعليمهم القرآن لا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
والمنصوص التحريم على ما يأتي قريبا والأول المذهب قدمه في الفروع وهو اختيار القاضي
قال في الرعاية وتعليمهم بعض العلوم الشرعية يحتمل وجهين والكراهة أظهر انتهى
قوله : ويمنعون من دخول الحرم
هذا المذهب نص عليه مطلقا وعليه الأصحاب ولو غير مكلف
وقيل لهم دخوله وأومأ إليه في رواية الأثرم ووجه في الفروع احتمالا بالمنع من المسجد الحرام لا الحرم لظاهر الآية
وقيل يمنعون من دخول الحرم إلا لضرورة
وقال ابن الجوزي يمنعون من دخوله إلا لحاجة
قال ابن تميم في أواخر اجتناب النجاسة ليس للكافر دخول الحرمين لغير ضرورة وقطع به ابن حامد
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنهم لا يمنعون من دخول حرم المدينة وهو صحيح فيجوز وهو المذهب
قال في الفروع هذا الأشهر

قال في الرعاية قلت: بإذن مسلم
وقيل يمنعون أيضا اختاره القاضي في بعض كتبه وحكي عن ابن حامد وقدمه في الرعاية الكبرى
فائدة : قوله : ويمنعون من الإقامة بالحجاز كالمدينة واليمامة وخيبر
اعلم أن الحجاز هو الحاجز بين تهامة ونجد كمكة والمدينة واليمامة وخيبر والينبع وفدك وما والاها من قراها
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومنه تبوك ونحوها وما دون المنحنى وهو عقبة الصوان
قوله : فإن دخلوا للتجارة لم يقيموا في موضع واحد اكثر من أربعة أيام
هذا أحد الوجهين اختاره القاضي
والوجه الثاني لا يقيمون أكثر من ثلاثة أيام وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والكافي والهادي والمنور ومنتخب الأدمى ونهاية ابن رزين ونظمها وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم
فعليهما إن كان له دين حال أجبر غريمه على وفائه فإن تعذر وفاؤه لمطل أو تغيب فينبغي أن تجوز له الإقامة ليستوفي حقه
قلت: لو أمكن الاستيفاء بوكيل منع من الإقامة
وإن كان دينه مؤجلا لم يمكن من الإقامة ويوكل من يستوفيه
قلت: فينبغي أن يمكن من الإقامة إذا تعذر الوكيل
فائدة : قوله : وعنه إن مرض لم يخرج حتى يبرأ
يعني يجوز إقامته حتى يبرأ وهذا بلا نزاع
ويأتي كلامه في الرعاية وتجوز الإقامة أيضا لمن يمرضه
قوله : وإن مات دفن به
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والشرح والمحرر والوجيز وغيرهم
وفيه وجه لا يدفن به
وقال في الرعاية قلت: إن شق نقل المريض والميت جاز إبقاء المريض ودفن الميت وإلا فلا.

قوله : وهل لهم دخول المساجد
يعني مساجد الحل بإذن مسلم على روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
إحداهما : ليس لهم دخولها مطلقا وهو المذهب جزم به في المنور ونظم نهاية ابن رزين وقدمه في الفروع والمحرر وإدراك الغاية
قال في الرعاية المنع مطلقا أظهر
والرواية الثانية يجوز بإذن مسلم كاستئجاره لبنائه ذكره المصنف في المغني والمذهب
قال في الشرح جاز في الصحيح من المذهب
قال في الكافي وتبعه ابن منجا هذا الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى وصححه في التصحيح
وعنه يجوز بإذن مسلم إذا كان لمصلحة
وقدم في الحاوي الكبير الجواز لحاجة بإذن مسلم
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز لهم دخولها بلا إذن مسلم وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر وغيرهما
قال المصنف والشارح هذا أصح
قال في الرعاية هذا أظهر وحكى المصنف وغيره رواية بالجواز
وعنه يجوز بلا إذن إذا كان لمصلحة ذكرها بعضهم
وقال في المستوعب هل يجوز لأهل الذمة دخول مساجد الحل على روايتين
فظاهر الإطلاق وكلام القاضي يقتضي جوازه مطلقا لسماع القرآن والذكر ليرق قلبه ويرجى إسلامه
وقال أبو المعالي إن شرط المنع في عقد ذمتهم منعوا وإلا فلا
وروى أحمد عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لا يدخل مساجدنا بعد عامنا هذا غير أهل الكتاب وخدمهم
قال في الفروع فيكون لنا رواية بالتفرقة بين الكتابي وغيره
تنبيه قال في الآداب الكبرى بعد ذكره الخلاف ظهر من هذا أنه هل يجوز لكافر دخول مساجد الحل فيه روايتان ثم هل الخلاف في كل كافر أو في أهل الذمة فقط فيه طريقتان وهذا محل الخلاف مع إذن مسلم لمصلحة أو لا يعتبر أو يعتبر إذن المسلم فقط فيه ثلاث طرق انتهى

وقال في الفروع بعد ذكر الروايتين ثم منهم من أطلقها يعني الرواية الثانية ومنهم من قيدها بالمصلحة ومنهم من جوز ذلك بإذن مسلم ومنهم اعتبرهما معا انتهى
فعلى القول بالجواز هل يجوز دخولها وهو جنب فيه وجهان وأطلقهما في الفروع والآداب الكبرى والرعاية الكبرى في باب الغسل والقواعد الأصولية والرعاية الصغرى في مواضع الصلاة والحاوي الصغير وتقدم هذا هناك
تنبيه حيث قلنا بالجواز فإنه مقيد بأن لا يقصد ابتذالها بأكل ونوم ذكره في الأحكام السلطانية
فائدتان
إحداهما : يجوز استئجار الذمي لعمارة المساجد على الصحيح من المذهب وجزم به المصنف وغيره
وكلام القاضي في أحكام القرآن يدل على أنه لا يجوز
الثانية يمنعون من قراءة القرآن على الصحيح من المذهب نص عليه وقال القاضي في التخريج لا يمنعون
قال في القواعد الأصولية هذا يحسن أن يكون مبنيا على أنهم هل هم مخاطبون بفروع الإسلام
ويأتي هل يصح إصداق الذمية إقراء القرآن في الصداق
قوله : وإن اتجر ذمي إلى غير بلده ثم عاد فعليه نصف العشر وإن اتجر حربي إلينا أخذ منه العشر
هذا المذهب فيهما مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والمنور والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم
وذكر في الترغيب وغيره رواية يلزم الذمي العشر وجزم به في الواضح
وذكر ابن هبيرة عنه يجب العشر على الحربي ما لم يشترط أكثر
وفي الواضح يؤخذ من الحربي الخمس
وقيل لا يؤخذ من تاجر الميرة المحتاج إليها شيء إذا كان حربيا اختاره القاضي
وذكر المصنف والشارح أن للإمام ترك العشر عن الحربي إذا رآه مصلحة
وقال ابن عقيل الصحيح أنه لا يجوز أخذ شيء من ذلك إلا بشرط وتراض بينهم وبين الإمام
وقال القاضي في شرحه الصغير الذمي غير التغلبي يؤخذ منه الجزية وفي غيرها روايتان .

إحداهما : لا شيء عليهم غيرها اختاره شيخنا
والثانية عليهم نصف العشر في أموالهم
وعلى ذلك هل يختص ذلك بالأموال التي يتجرون بها إلى غير بلدنا على روايتين
إحداهما : يختص بها
والثانية يجب في ذلك وفيما لا يتجرون به من أموالهم وثمارهم ومواشيهم
قال وأهل الحرب إذا دخلوا إلينا تجارا بأمان أخذ منهم العشر دفعة واحدة سواء عشروا هم أموال المسلمين إذا دخلت إليهم أم لا ؟
وعنه إن فعلوا ذلك بالمسلمين فعل بهم وإلا فلا انتهى.
وأخذ العشر منهم من المفردات قال ناظمها:
والكافر التاجر إن مر على ... عاشرنا نأخذ عشرا انجلى
حتى ولو لم ذا عليهم شرطا ... أو لم يبيعوا عندنا ما سقطا
أو لم يكونوا يفعلون ذاك بنا ... هذا هو الصحيح من مذهبنا
انتهى
تنبيه شمل كلام المصنف الذمي التغلبي وهو صحيح وهو المذهب
قال المصنف والشارح وهو ظاهر كلام الخرقي وهو أقيس وقدمه في الفروع والنظم والكافي وذلك ضعف ما على المسلمين
وعنه يلزم التغلبي العشر نص عليه وجزم به في الترغيب بخلاف ذمي غيره
وقيل لا شيء عليه قدمه في المحرر والرعايتين والحاويين
قال الناظم وهو بعيد
فوائد
إحداها : الصحيح من المذهب أن المرأة التاجرة كالرجل في جميع ما تقدم وعليه جماهير الأصحاب وقدمه في المغني والشرح والفروع والمحرر وغيرهم
قال الزركشي هذا المذهب
وقال القاضي ليس على المرأة عشر ولا نصف عشر إلا إذا دخلت الحجاز تاجرة فيجب عليها ذلك لمنعها منه
قال المصنف لا نعرف هذا التفصيل عن أحمد ولا يقتضيه مذهبه
الثانية الصغير كالكبير على الصحيح من المذهب وقيل لا يلزمه شيء
الثالثة يمنع دين الذمي نصف العشر كما يمنع الزكاة إن ثبت ذلك ببينة

الرابعة لو كان معه جارية فادعى أنها زوجته أو ابنته فهل يصدق أم لا فيه روايتان وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح والزركشي
إحداهما : يصدق قدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين
قلت: وهو الصواب لأن ذلك لا يعرف إلا من جهته
والثانية لا يصدق وقال في الروضة لا عشر في زوجته وسريته
قوله : ولا يؤخذ من أقل من عشرة دنانير
هذا الصحيح من المذهب سواء كان التاجر ذميا أو حربيا نص عليه وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمحرر وصححه في النظم واختاره القاضي وغيره
وقيل لا يؤخذ من أقل من عشرين دينارا وهو رواية عن أحمد وأطلقهما في الكافي
وقيل تجب في تجارتيهما
قلت: اختاره ابن حامد وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين وهو ظاهر كلام الخرقي
وأطلق الأول والثالث في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
وذكر في التبصرة عن القاضي أنه قال إن بلغت تجارته دينارا فأكثر وجب فيه
إذا علمت ذلك فالصحيح أن الحربي مساو للذمي في هذه الأقوال
قال في الفروع بعد أن ذكر هذه الأقوال في الذمي وإن اتجر حربي إلينا وبلغت تجارته كذمي انتهى
ونقل صالح اعتبار العشرين للذمي والعشرة للحربي
وقال القاضي أبو الحسين يعشر للذمي بعشرة وللحربي خمسة انتهى
وقيل يجب في نصف ما يجب في مقداره من الذمي
قوله : ويؤخذ في كل عام مرة
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح ونصراه
قال في الكافي هذا الصحيح وصححه في النظم أيضا
وقال ابن حامد يؤخذ من الحربي كلما دخل إلينا واختاره الآمدي وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير ونهاية ابن رزين ونظمها
وظاهر الحاوي الكبير الإطلاق

فائدة : لا يعشر ثمن الخمر والخنزير على الصحيح من المذهب نص عليه قدمه في الفروع والحاويين والمحرر والرعاية الصغرى
وعنه يعشران جزم به في الروضة والغنية وزادوا أنه يؤخذ عشر ثمنه وأطلقهما في الكافي والرعاية الكبرى
وخرج المجد يعشر ثمن الخمر دون الخنزير
قوله : وعلى الإمام حفظهم والمنع من أذاهم واستنقاذ من أسر منهم
يلزم الإمام حمايتهم من مسلم وذمي وحربي جزم به المصنف والشارح وصاحب الرعايتين والحاويين والوجيز والمحرر وغيرهم
وأما استنقاذ من أسر منهم فجزم المصنف هنا بلزومه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز والرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه في الشرح وقال هو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في النظم
وقال القاضي إنما يجب فداؤهم إذا استعان بهم الإمام في القتال فسبوا
قال المصنف والشارح والزركشي وهو المنصوص عن أحمد
قوله : وإن تحاكم بعضهم مع بعض أو استعدى بعضهم على بعض خير بين الحكم بينهم وبين تركهم
هذا إحدى الروايات أعني الخيرة في الحكم وعدمه وبين الاستعداء وعدمه قال في المحرر والفروع وهو الأشهر عنه
قال الزركشي وهو المشهور وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين
وعنه يلزمه الأعداء والحكم بينهم قدمه في المحرر وأطلقهما في الكافي
وعنه يلزمه إن اختلفت الملة وإلا خير وأطلقهن في الفروع
وعنه إن تظالموا في حق آدمي لزمهم الحكم وإلا فهو مخير قال في المحرر وهو أصح عندي
وقال في الروضة في إرث المجوس يخير إذا تحاكموا إلينا واحتج بأنه التخيير
قال في الفروع فظاهر ما تقدم أنهم على الخلاف لأنهم أهل ذمة ويلزمهم حكمنا لا شريعتنا

تنبيه متى قلنا له الخيرة جاز له أن يعدى ويحكم بطلب أحدهما على الصحيح من المذهب
وعنه لا يجوز إلا باتفاقهما كما لو كانوا مستأمنين اتفاقا
فائدتان
إحداهما : لا يحضر يهوديا يوم السبت ذكره ابن عقيل أي لبقاء تحريمه وفيه وجهان أو لا يحضره مطلقا لضرره بإفساد سبته
قال ابن عقيل ويحتمل أن السبت مستثنى من عمل في إجارة ذكر ذلك في الفروع واقتصر عليه قاله في المحرر وشرحه والنظم
وقال في الرعايتين والحاويين وفي بقاء تحريم يوم السبت عليهم وجهان
ويأتي هذا أيضا في باب الوكالة
الثانية لو تحاكم إلينا مستأمنان خير في الحكم وعدمه بلا خلاف أعلمه
قوله : وإن تبايعوا بيوعا فاسدة وتقابضوا لم ينقض فعلهم وإن لم يتقابضوا فسخه سواء كان قد حكم بينهم حاكمهم أو لا
الصحيح من المذهب أنهم إذا لم يتقابضوا بيوعهم وكانت فاسدة يفسخها
ولو كان قد ألزمهم حاكمهم بذلك وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
وقيل إذا ترافعوا إلينا بعد أن ألزمهم حاكمهم بالقبض نفذ حكمه وهذا لالتزامهم بحكمه لا للزومه لهم
قال في الفروع والأشهر هنا أنه لا يلزمهم حكمه لأنه لغو لعدم وجود الشرط وهو الإسلام وأطلقهما في الرعايتين
وقال في الرعاية الكبرى وقيل هما روايتان
وقال في الحاويين وإن ألزمهم حاكمهم القبض احتمل نقضه وإمضاؤه انتهى
وعنه في الخمر المقبوضة دون ثمنها يدفعه المشتري إلى البائع أو وارثه بخلاف خنزير لحرمة عينه فلو أسلم الوارث فله الثمن قاله في المبهج والمستوعب والترغيب والرعايتين والحاويين لثبوته قبل إسلامه ونقله أبو داود
قوله : وإن تهود نصراني أو تنصر يهودي لم يقر ولم يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه

هذه إحدى الروايات قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في الوجيز وقدمه في الهداية والخلاصة وإدراك الغاية
ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله فلا يقر على غير الإسلام
وعنه يقر مطلقا وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره الخلال وصاحبه أبو بكر وقدمه في الرعايتين والحاويين والنظم وأطلقهن في الشرح
وعنه يقر على أفضل مما كان عليه كيهودي تنصر في وجه ذكره في الوسيلة
قال الشيخ تقي الدين اتفقوا على التسوية بين اليهودية والنصرانية لتقابلهما وتعارضهما وأطلقهن في الفروع والمحرر وتجريد العناية
تنبيهان
أحدهما حيث قلنا لا يقر فيما تقدم وأبي هدد وضرب وحبس على الصحيح من المذهب
قال ابن منجا هذا المذهب واختاره وجزم به في المحرر والفروع وقدمه في الرعايتين والحاويين ويحتمل أن يقبل وهو رواية في الشرح وأطلقهما
الثاني حيث قلنا يقتل فهل يستتاب فيه وجهان وأطلقهما في المغني والشرح
قلت: الأولى الاستتابة لا سيما إذا قلنا لا يقبل منه إلا الإسلام
قوله : "وإن انتقل إلى غير دين أهل الكتاب" يعني اليهود والنصارى "أو انتقل المجوسي إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر" إذا انتقل الكتابي إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه هذا المذهب
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا
قلت: ونص عليه وجزم به ابن منجا في شرحه وصاحب الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاويين
وعنه يقر على دين يقر أهله عليه كما إذا تمجس وهو قول في الرعاية وغيرها
فعلى المذهب لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف نص عليه أحمد واختاره الخلال وصاحبه وجزم به ابن منجا في شرحه والمصنف هنا وقدمه في الرعايتين والحاويين
وعنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه
وعنه يقبل منه أحد ثلاثة أشياء الإسلام أو الدين الذي كان عليه أو دين أهل الكتاب وأطلقهن في المغني والمحرر والشرح والفروع.

وأما إذا انتقل المجوسي إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه ولم يقبل منه إلا الإسلام فإن أبى قتل وهو المذهب وإحدى الروايات جزم به ابن منجا في شرحه والرعايتين والحاويين واختاره الخلال وصاحبه
وعنه يقبل منه الإسلام أو دين أهل الكتاب
وعنه أو دينه الأول وأطلقهن في الفروع
قوله : وإن انتقل غير الكتابي إلى دين أهل الكتاب أقر
إذا انتقل غير الكتابي إلى دين أهل الكتاب فلا يخلو إما أن يكون مجوسيا أو غير مجوسي فإن كان غير مجوسي فالصحيح من المذهب أنه يقر
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين
قال في الفروع وإن انتقل غير كتابي ومجوسي إلى دينهما قبل البعث فله حكمها وكذا بعدها
وعنه إن لم يسلم قتل وعنه وإن تمجس انتهى
ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام
فإن لم يسلم قتل وهو رواية عن أحمد ذكرها الأصحاب
وإن كان مجوسيا فانتقل إلى دين أهل الكتاب فالصحيح من المذهب أنه يقر نص عليه
قال ابن منجا هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين
ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام وهو رواية عن أحمد رحمه الله
وعنه رواية ثالثة لا يقبل منه إلا الإسلام أو دينه الذي كان عليه وهو قول في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في المغني والشرح والمحرر والفروع
قوله : فإن تمجس الوثني فهل يقر على روايتين
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن منجا
إحداهما : يقر عليه وهو المذهب صححه في التصحيح
قال الشارح وهو أولى وقدمه في الرعايتين والحاويين والفروع وتقدم لفظه
والثانية لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف
تنبيه ذكر الأصحاب أنه لو تهود أو تنصر أو تمجس كافر قبل البعثة وقبل التبديل أقر بلا نزاع وأخذت منه الجزية بلا نزاع

وإن كان قبل البعثة وبعد التبديل فهل هو كما قبل التبديل أو كما بعد البعثة فيه خلاف سبق في باب الجزية
وإن كان بعد البعثة أو قبلها وبعد التبديل على القول بأنه كما بعد البعثة فهذا محل هذه الأحكام المذكورة هنا والخلاف إنما هو في هذا الأخير فليعلم ذلك صرح به الأصحاب منهم صاحب المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقد تقدم في أول باب عقد الذمة التنبيه على بعض ذلك في كلام المصنف رحمه الله وغيره
فائدة : قوله : وإذا امتنع الذمي من بذل الجزية أو التزام أحكام الملة انتقض عهده
بلا نزاع لكن قال المصنف وتبعه الشارح ينتقض عهده بشرط أن يحكم به حاكم
قال الزركشي ولم أر هذا الشرط لغيره انتهى
وكذا لو أبى من الصغار انتقض عهده قاله الشيخ تقي الدين
وكذا لو لحق بدار الحرب مقيما بها على الصحيح من المذهب
قال في الفروع هذا الأشهر وجزم به في الحاويين والرعايتين والمغني والشرح وغيرهم
وقيل لا ينتقض عهده بذلك
وكذا لو قاتل المسلمين انتقض عهده بلا خلاف
قوله : وإن تعدى على مسلم بقتل أو قذف أو زنا أو قطع طريق أو تجسس أو إيواء جاسوس أو ذكر الله تعالى أو كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم بسوء فعلى روايتين
وكذلك لو فتن مسلما عن دينه أو أصاب مسلمة باسم نكاح ونحوهما وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والبلغة والشرح وغيرهم ولم يذكر القذف في الكافي والهادي والبلغة بل عدا ذلك ثمانية ولم يذكراه
إحداهما : ينتقض عهده بذلك في غير القذف وهو المذهب سواء شرط عليهم أو لا اختاره القاضي والشريف أبو حفص وصححه في النظم
قال الزركشي ينتقض على المنصوص والمختار للأصحاب
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وغيرهم

وقدمه في مسبوك الذهب والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقيد أبو الخطاب القتل بالعمد وهو حسن وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر كلام جماعة الإطلاق
والصواب الأول والظاهر أنه مراد من أطلق
والرواية الثانية لا ينتقض عهده بذلك ما لم يشترط عليهم لكن يقام
عليه الحد فيما يوجبه ويقتص منه فيما يوجب القصاص ويعزر فيما سوى ذلك بما ينكف به أمثاله عن فعله
وذكر في الوسيلة إن لم ننقضه في غير ذكر الله أو كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم بسوء وشرط عليه فوجهان
وقال في الرعاية قلت: ويحتمل النقض بمخالفة الشرط
وأما القذف فالمذهب أنه لا ينقض عهده به نص عليه في رواية وقدمه في المحرر والفروع وصححه في النظم
وعنه ينقض ذكرها المصنف هنا وجماعة من الأصحاب
قال ابن منجا هذا المذهب وهو أولى وجزم به في الوجيز وتجريد العناية وقدمه في الرعايتين والحاويين
وذكر هذه الرواية في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم قال الزركشي وحكى أبو محمد رواية في المقنع بالنقض ولعله أراد مخرجه
تنبيه حكى الروايتين في القذف وغيره المصنف رحمه الله وجماعة كثيرة من الأصحاب
وقال في المحرر وإن قذف مسلما لم ينقض نص عليه
وقيل بلى وإن فتنه عن دينه وعدد ما تقدم انتقض نص عليه
وقيل فيه روايتان بناء على نصه في القذف والأصح التفرقة انتهى
وقال في تجريد العناية إذا زنى بمسلمة وعدد ما تقدم انتقض عهده نصا وخرج لا من قذف مسلم نصا وقدم هذه الطريقة في الفروع
فائدة : حكم ما إذا سحره فآذاه في تصرفه حكم القذف نص عليهما
قوله : وإن أظهر منكرا أو رفع صوته بكتابه ونحوه لم ينتقض عهده
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب

قال الشارح قال غير الخرقي من أصحابنا لا ينتقض عهده
قال الزركشي هذا اختيار الأكثر وصححه في النظم وغيره وقدمه في المحرر وغيره واختاره القاضي وغيره
وظاهر كلام الخرقي أنه ينتقض إن كان مشروطا عليهم وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والفروع
فائدة : وكذا حكم كل ما شرط عليهم فخالفوه
تنبيه محل الخلاف بين الخرقي والجماعة إذا اشترط عليهم
قال الزركشي لا خلاف فيما أعلم أنه إذا لم يشترط عليهم لا ينتقض به عهدهم وإن اشترط عليهم فقولان اختيار الخرقي واختيار الأكثر
وقال في الفروع وإن أتى بما منع منه في الفصل الأول فهل يلزم تركه بعقد الذمة فيه وجهان وإن لزم أو شرط تركه ففي نقضه وجهان
وذكر ابن عقيل روايتين وذكر في مناظراته في رجم يهوديين زنيا يحتمل نقض العهد وينتقض بإظهار ما أخذ عليهم ستره مما هو دين لهم فكيف بإظهار ما ليس بدين انتهى
وذكر جماعة الخلاف مع الشرط فقط
قال ابن شهاب وغيره يلزم أهل الذمة ما ذكر في شروط عمر وذكره ابن رزين
لكن قال ابن شهاب من أقام من الروم في مدائن الشام لزمتهم هذه الشروط شرطت عليهم أو لا قال وما عدا الشام فقال الخرقي إن شرط عليهم في عقد الذمة انتقض العهد بمخالفته وإلا فلا لأنه قال ومن نقض العهد بمخالفة شيء مما صولحوا عليه حل ماله ودمه
وقال الشيخ تقي الدين في نصراني لعن مسلما تجب عقوبته بما يردعه وأمثاله عن ذلك وفي مذهب أحمد وغيره قول يقتل لكن المعروف في المذاهب الأربعة القول الأول انتهى كلام صاحب الفروع
قوله : ولا ينتقض عهد نسائه وأولاده بنقض عهده
هذا المذهب وسواء لحقوا بدار الحرب أو لا نقله عبد الله وجزم به في المغني والمحرر والرعايتين والحاويين والنظم والوجيز وغيرهم
وقدمه في الفروع وقال جزم به جماعة
وقال في العمدة ولا ينتقض عهد نسائه وأولاده إلا أن يذهب بهم إلى دار الحرب
قلت: وهو الصواب

وذكر القاضي في الأحكام السلطانية أنه ينتقض في أولاده كولد حادث بعد نقضه بدار الحرب نقله عبد الله
ولم يقيد في الفصول والمحرر الولد الحادث بدار الحرب
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا ينتقض عهدهم ولو علموا بنقض عهد أبيهم أو زوجهن ولم ينكروه وهو أحد الوجهين
وقيل ينتقض إذا علموا ولم ينكروا وقدمه في الرعاية الكبرى وجزم به في الصغرى كالهدنة
قلت: والظاهر أن محلهما في المميز وأطلقهما في الفروع
فائدة : لو جاءنا بأمان فحصل له ذرية عندنا ثم نقض العهد فهو كذمي ذكره في المنتخب واقتصر عليه في الفروع
وتقدم نقض عهده في ذريته في المهادنة
وكذا من لم ينكر عليهم أو لم يغير لهم أو لم يخبر به الإمام ونحوه في باب الهدنة
قوله : وإذا انتقض عهده خير الإمام فيه كالأسير الحربي
فيخير فيه كما تقدم في أثناء كتاب الجهاد
هذا المذهب قال في الفروع وهو الأشهر واختاره القاضي وقدمه في الشرح وجزم به ابن منجا في شرحه
وقيل يتعين قتله وهو ظاهر كلام الخرقي قال في المحرر والنظم هذا المنصوص
قلت: هو المذهب وقدمه في النظم والرعايتين والحاويين وأطلقهما في الفروع والمحرر
وقيل من نقض العهد بغير القتال ألحق بمأمنه
وقيل يتعين قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم
قلت: وهذا هو الصواب وجزم به في الإرشاد وابن البنا في الخصال وصاحب المستوعب والمحرر والنظم وغيرهم واختاره القاضي في الخلاف
وذكر الشيخ تقي الدين أن هذا هو الصحيح من المذهب
قال الزركشي يتعين قتله على المذهب وإن أسلم
قال الشارح وقال بعض أصحابنا فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل بكل حال وذكر أن أحمد نص عليه

فائدتان
إحداهما : محل هذا الخلاف فيمن انتقض عهده ولم يلحق بدار الحرب فأما إن لحق بدار الحرب فإنه يكون كالأسير الحربي قولا واحدا جزم به في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الكبير وغيرهم وفي ماله الخلاف الآتي قاله الزركشي وغيره
وتقدم إذا رق بعد لحوقه بدار الحرب وله مال في بلد الإسلام ما حكمه في باب الأمان
الثانية لو أسلم من انتقض عهده حرم قتله ذكره جماعة منهم صاحب الرعاية وقدمه في الفروع وقال والمراد غير الساب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل ولو أسلم على ما تقدم
وقال في المستوعب عمن حرم قتله وكذا يحرم رقه
وكذا قال في الرعاية وإن رق ثم أسلم بقي رقه
وذكر الشيخ تقي الدين أن أحمد قال فيمن زنى بمسلمة يقتل قيل له فإن أسلم قال يقتل وإن أسلم هذا قد وجب عليه
وقال الشيخ تقي الدين أيضا فيمن قهر قوما من المسلمين ونقلهم إلى دار الحرب ظاهر المذهب أنه يقتل ولو بعد إسلامه وأنه أشبه بالكتاب والسنة كالمحارب
قوله : وماله فيء في ظاهر كلام الخرقي
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد فينقض عهده في ماله كما ينتقض عهده في نفسه وهو المذهب صححه في المحرر وقدمه في الفروع ذكراه في أثناء باب الأمان وقدمه في النظم في باب نقض العهد وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الكبير والخلاصة ونهاية ابن رزين ونظمها
وقال أبو بكر يكون لورثته فلا ينتقض عهده في ماله فإن لم يكن له ورثة فهو فيء وهو رواية عن أحمد
قال في الرعاية وعنه إرث فإذا تاب قبل قتله دفع إليه وإن مات فلوارثه وأطلقهما في المغني والشرح والحاوي الصغير والمذهب وشرح ابن منجا
وقال وقيل الخلاف المذكور مبني على انتقاض العهد في المال بنقضه في صاحبه فإن قيل ينتقض كان فيئا وإن قيل لا ينتقض انتقل إلى الورثة انتهى
قلت: هذه طريقة صاحب الرعايتين والحاويين وجماعة

كتاب البيع
مدخل...
كتاب البيعقوله : وهو مبادلة المال بالمال لغرض التملك
اعلم أن للبيع معنيان معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح فمعناه في اللغة دفع عوض وأخذ معوض عنه
وقال ابن منجا في شرحه أراد المصنف هنا بحده بيان معنى البيع في اللغة
وقال في المستوعب البيع في اللغة عبارة عن الإيجاب والقبول إذا تناول عينين أو عينا بثمن
وأما معناه في الاصطلاح فقال القاضي وابن الزاغوني وغيرهما هو عبارة عن الإيجاب والقبول إذا تضمن عينين للتمليك
وقال في المستوعب هو عبارة عن الإيجاب والقبول إذا تضمن مالين للتمليك فأبدل العينين بمالين ليحترز عما ليس بمال
ولا يطرد الحدان أي كل واحد منهما غير مانع لدخول الربا ويدخل القرض على الثاني ولا ينعكسان أي كل واحد منهما غير جامع لخروج المعاطاة وخروج المنافع وممر الدار ونحو ذلك
قال المصنف ويدخل فيه عقود سوى البيع
وقال في الرعاية الكبرى هو بيع عين ومنفعة وما يتعلق بذلك
وقال الزركشي حد المصنف هنا حد شرعي لا لغوي انتهى
قلت: وهو مراده لأنه بصدد ذلك لا بصدد حده في اللغة
فدخل في حده بيع المعاطاة لكن يرد عليه القرض والربا فليس بمانع وتابعه على هذا الحد صاحب الحاوي الكبير والفائق
وقال في النظم هو مبادلة المال بالمال بقصد التملك بغير ربا
وقال المصنف والشارح هو مبادلة المال بالمال تمليكا وتملكا
وقال في الوجيز هو عبارة عن تمليك عين مالية أو منفعة مباحة على التأبيد بعوض مالي
ويرد عليه أيضا الربا والقرض

وبالجملة قل أن يسلم حد
قلت: لو قيل هو مبادلة عين أو منفعة مباحة مطلقا بأحدهما كذلك على التأييد فيهما بغير ربا ولا قرض لسلم
فائدة : اشتقاقه عند الأكثر من الباع لأن كل واحد منهما يمد باعه للأخذ منه
قال الزركشي ورد من جهة الصناعة
قال المصنف وغيره ويحتمل أن كل واحد منهما كان يبايع صاحبه أي يصافحه عند البيع ولذلك يسمى البيع صفقة
وقال ابن رزين في شرحه البيع مشتق من الباع وكان أحدهم يمد يده إلى صاحبه ويضرب عليها ومنه قول عمر البيع صفقة أو خيار انتهى
وقيل هو مشتق من البيعة قال الزركشي وفيه نظر إذ المصدر لا يشتق من المصدر ثم معنى البيع غير معنى المبايعة
وقال في الفائق هو مشتق من المبايعة بمعنى المطاوعة لا من الباع انتهى
قوله : وله صورتان إحداهما: الإيجاب والقبول فيقول البائع بعتك أو ملكتك ونحوهما
مثل وليتك أو شركتك فيه
ويقول المشتري ابتعت أو قبلت وما في معناهما
مثل تملكت وما يأتي من الألفاظ التي يصح بها البيع وهذا المذهب وعليه الأصحاب
وعنه لا ينعقد بدون بعت واشتريت لا غيرهما ذكرها في التلخيص وغيره
فوائد
إحداها : لو قال بعتك بكذا فقال أنا آخذه بذلك لم يصح وإن قال أخذته منك أو بذلك صح نقله مهنا
الثانية لا ينعقد البيع بلفظ السلف والسلم قاله في التلخيص في باب السلم وظاهر كلام الإمام أحمد في رواية المروذي لا يصح البيع بلفظ السلم ذكره في القاعدة الثامنة والثلاثين
وقيل يصح بلفظ السلم قاله القاضي
الثالثة قال في التلخيص في باب الصلح في انعقاد البيع بلفظ الصلح تردد فيحتمل الصحة وعدمها
وقال في الفروع ويصح بلفظ الصلح على ظاهر كلامه في المحرر والفصول وقاله في الترغيب

قوله : فإن تقدم القبول الإيجاب جاز في إحدى الروايتين
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر وشرح ابن منجا
إحداهما : يجوز أي يصح وهو المذهب سواء تقدم بلفظ الماضي أو بلفظ الطلب كقوله: بعني ثوبك أو ملكنيه فيقول بعتك جزم به في الوجيز وغيره وصححه في التصحيح والنظم وغيرهما واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهما
والرواية الثانية لا يجوز أي لا يصح اختارها أكثر الأصحاب قاله في الفروع كالنكاح
قال في النكت نصره القاضي وأصحابه
قال القاضي هذه الرواية هي المشهورة واختاره أبو بكر وغيره
قال ابن هبيرة هذه أشهرهما عن أحمد انتهى
وجزم به المبهج وغيره وصححه في الخلاصة وغيرها وهو من مفردات المذهب
وعنه إن تقدم القبول على الإيجاب بلفظ الماضي صح وإن تقدم بلفظ الطلب لم يصح
قال في المغني والحاويين فإن تقدم بلفظ الماضي صح وإن تقدم بلفظ الطلب فروايتان
وقال في الشرح والفائق إن تقدم بلفظ الماضي صح في أصح الروايتين وإن تقدم بلفظ الطلب فروايتان
وقطع في الكافي بالصحة إن تقدم بلفظ الماضي وعدم الصحة إن تقدم بلفظ الطلب
تنبيه محل الخلاف وهو مراد المصنف إذا كان بلفظ الماضي المجرد عن الاستفهام أو بلفظ الطلب لا غير كما تقدم أما لو كان بلفظ المضارع أو كان بلفظ الماضي المستفهم به مثل قوله: أبتعني هذا بكذا أو أتبيعني هذا بكذا فيقول بعتك لم يصح نص عليه حتى يقول بعد ذلك ابتعت أو قبلت أو اشتريت أو تملكت ونحوها
فوائد
الأولى لو قال البائع للمشتري اشتره بكذا أو ابتعه بكذا فقال اشتريته أو ابتعته لم يصح حتى يقول البائع بعده بعتك أو ملكتك قاله في الرعاية
قال في النكت وفيه نظر ظاهر والأولى أن يكون كتقدم الطلب من المشتري وأنه دال على الإيجاب والبذل انتهى
الثانية لو قال بعتك أو قبلت إن شاء الله صح بلا نزاع أعلمه وجزم به في المغني وغيره في آخر باب الإقرار

ويأتي نظيره في النكاح ويأتي ذلك في باب ما يحصل به الإقرار
الثالثة قوله: وإن تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه
قيد الأصحاب قوله:م ولم يتشاغلا بما يقطعه بالعرف
قوله : والثاني المعاطاة
الصحيح من المذهب صحة بيع المعاطاة مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وهو المعمول به في المذهب
وقال القاضي لا يصح إلا في الشيء اليسير
وعنه لا يصح مطلقا وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهن في التلخيص والبلغة
تنبيهات
أحدها بيع المعاطاة كما مثل المصنف ومثل ما لو ساومه سلعة بثمن فيقول خذها أو هي لك أو قد أعطيتكها أو يقول كيف تبيع الخبز فيقول
كذا بدرهم فيقول خذ درهما أو زن ونحو ذلك مما يدل على البيع والشراء قاله في الرعاية
وقال أيضا ويصح بشرط خيار مجهول كما في المقبوض على وجه السوم والخيار مع قطع ثمنه عرفا وعادة
قال في الفروع مثل المعاطاة وضع ثمنه عادة وأخذه
الثاني كلام المصنف كالصريح في أن بيع المعاطاة لا يسمى إيجابا وقبولا وصرح به القاضي وغيره فقال الإيجاب والقبول للصيغة المتفق عليها
قال الشيخ تقي الدين عبارة أصحابنا وغيرهم تقتضي أن المعاطاة ونحوها ليست من الإيجاب والقبول وهو تخصيص عرفي
قال والصواب أن الإيجاب والقبول اسم لكل تعاقد فكل ما انعقد به البيع من الطرفين سمى إثباته إيجابا والتزامه قبولا
الثالث ظاهر كلام المصنف أنه لا يصح البيع بغير الإيجاب والقبول بالألفاظ المتقدمة بشرطها والمعاطاة وهو صحيح وهو المذهب وعليه القاضي والأصحاب
واختار الشيخ تقي الدين صحة البيع بكل ما عده الناس بيعا من متعاقب ومتراخ من قول أو فعل

فائدتان
إحداهما : الصحيح من المذهب أن الهبة كبيع المعطاة على ما يأتي في بابه
قال في الفروع ومثله الهبة
وقال في المغني والشرح والنظم والرعاية الكبرى وغيرهم وكذا الهبة والهدية والصدقة
وذكر ابن عقيل وغيره صحة الهبة سواء صححنا بيع المعاطاة أو لا انتهى
فمتى قلنا بالصحة يكون تجهيزه لبنته بجهاز إلى زوجها تمليكا في أصح الوجهين قاله في الفروع
قال الشيخ تقي الدين تجهيز المرأة بجهاز إلى بيت زوجها تمليك
قال القاضي قياس قولنا في بيع المعاطاة أنها تملكه بذلك وأفتى به بعض أصحابنا
الثانية لا بأس بذوق المبيع عند الشراء نص عليه لقول ابن عباس وقال الإمام أحمد مرة لا أدري إلا أن يستأذن نص عليه
قوله : فإن كان أحدهما مكرها لم يصح
هذا البيع هذا المذهب بشرطه وعليه الأصحاب
وقال في الفائق قلت: ويحتمل الصحة وثبوت الخيار عند زوال الإكراه
فوائد
إحداها : قوله : التراضي به وهو أن يأتيا به اختيارا
لو أكره على وزن مال فباع ملكه لذلك كره الشراء وصح على الصحيح من المذهب والروايتين وهو بيع المضطر
ونقل حنبل تحريمه وكراهيته
واختار الشيخ تقي الدين الصحة من غير كراهة ذكره عنه في الفائق
الثانية بيع التلجئة والأمانة وهو إن يظهرا بيعا لم يريداه باطنا بل خوفا من ظالم دفعا له باطل ذكره القاضي وأصحابه والمصنف والشارح وصاحب الفروع والرعاية وغيرهم وهو من مفردات المذهب
وقال في الرعاية ومن خاف ضيعة ماله أو نهبه أو سرقته أو غصبه أو أخذه منه ظلما صح بيعه
قال في الفروع عن كلامه وظاهره أنه لو أودع شهادة فقال اشهدوا على أني أبيعه أو أتبرع له به خوفا أو تقية أنه يصح ذلك خلافا لمالك في التبرع

قال الشيخ تقي الدين من استولى على مال غيره ظلما بغير حق فطلبه صاحبه فجحده أو منعه إياه حتى يبيعه فباعه على هذا الوجه فهذا مكره بغير حق
الثالثة لو أسرا الثمن ألفا بلا عقد ثم عقده بألفين ففي أيهما الثمن فيه وجهان وأطلقهما في الفروع في باب الصداق والرعاية الكبرى قطع ناظم المفردات أن الثمن الذي أسراه وهو من المفردات وحكاه أبو الخطاب وأبو الحسين عن القاضي
والذي قطع به القاضي في الجامع الصغير أن الثمن ما أظهراه ولو عقداه سرا بثمن وعلانية بأكثر فقال الحلواني هو كالنكاح اقتصر عليه في الفروع ذكره في كتاب الصداق
الرابعة في صحة بيع الهازل وجهان وأطلقهما في الفروع وصحح في الفائق البطلان واختاره القاضي وجزم به المصنف والشارح وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى
قال في القواعد الأصولية والفقهية والمشهور البطلان
وقيل لا يبطل اختاره أبو الخطاب قاله في القواعد الأصولية والفقهية وقال في الانتصار يقبل منه بقرينة
الخامسة من قال لآخر اشترني من زيد فإني عبده فاشتراه فبان حرا لم يلزمه العهدة حضر البائع أو غاب على الصحيح من المذهب نقله الجماعة كقوله: اشتر منه عبده هذا ويؤدب هو وبائعه لكن ما أخذه المقر غرمه نص عليهما
وسأله ابن الحكم عن رجل يقر بالعبودية حتى يباع فقال يؤخذ البائع والمقر بالثمن فإن مات أحدهما أو غاب أخذ الآخر بالثمن واختاره الشيخ تقي الدين
قلت: وهو الصواب
قال في الفروع يتوجه هذا في كل غار وما هو ببعيد
ولو كان الغار أنثى حدت ولا مهر نص عليه ويلحق الولد
السادسة لو أقر أنه عبده فرهنه قال في الفروع فيتوجه كبيع
قلت: وهو الصواب
ولم ينقل عن أحمد فيه إلا رواية ابن الحكم المتقدمة وقال بها أبو بكر
قوله : الثاني أن يكون العاقد جائز التصرف وهو المكلف الرشيد
الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب اشتراط التكليف والرشد في صحة البيع من حيث الجملة
وعنه يصح تصرف المميز ويقف على إجازة وليه
وعنه يصح مطلقا ذكرها الفخر إسماعيل البغدادي
وقال في الانتصار وعيون المسائل ذكر أبو بكر صحة بيعه ونكاحه

قوله : إلا الصبي المميز والسفيه فإنه يصح تصرفهما بإذن وليهما في إحدى الروايتين
وهي المذهب وعليه الأصحاب
والرواية الأخرى لا يصح تصرفهما إلا في الشيء اليسير وأطلقهما في المغني والشرح وأطلق وجهين في الكافي والتلخيص وأطلقهما في السفيه في باب الحجر والهداية والمذهب والخلاصة والكافي
تنبيه يستثنى من محل الخلاف عدم وقف تصرف السفيه
قال في الفروع والسفيه مثل المميز إلا في عدم وقفه يعني أن لنا رواية في المميز بصحة تصرفه ووقوفه على إجازة الولي بخلاف السفيه
ويستثنى أيضا من الخلاف في المميز والمراهق تصرفه للاختبار فإنه يصح قولا واحدا جزم به في الفروع والرعاية وغيرهما
قلت: ظاهر كلام كثير من الأصحاب إجراء الخلاف فيه
تنبيه ظاهر كلام المصنف عدم صحة تصرف غير المميز مطلقا
أما في الكثير فلا يصح قولا واحدا ولو أذن فيه الولي
وأما في اليسير فالصحيح من المذهب صحة تصرفه وهو الصواب قطع به في المغني والشرح
وقيل لا يصح وجزم به في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع
فائدة : يصح تصرف العبد والأمة بغير إذن السيد فيما يصح فيه تصرف الصغير بغير إذن وليه قاله الأصحاب
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله أن تصرف الصبي والسفيه لا يصح بغير إذن وليهما إلا في الشيء اليسير كما قال المصنف وهو الصحيح في الجملة وهو المذهب وعليه الأكثر
ونقل حنبل إن تزوج الصغير فبلغ أباه فأجازه جاز
قال جماعة ولو أجازه هو بعد رشده لم يجز
ونقل أبو طالب وأبو الحارث وابن مشيش صحة عتقه إذا عقله
وكذا قال في عيون المسائل يصح عتقه وأن أحمد قاله
وقدم في التبصرة صحة عتق المميز
وذكر في المبهج والترغيب في صحة عتق المحجور عليه وابن عشر وابنة تسع روايتين

وقال في الموجز في صحة عتق المميز روايتان
وقال في الانتصار والهداية والمذهب والخلاصة والمصنف في هذا الكتاب في باب الحجر وغيرهم في صحة عتق السفيه روايتان
ويأتي بعض ذلك في أول كتاب العتق
وقال ابن عقيل الصحيح عن أحمد عدم صحة عقوده وأن شيخه القاضي قال الصحيح عندي في عقوده كلها روايتان
وقدم في التبصرة صحة عتق مميز وسفيه ومفلس
ونقل حنبل إذا بلغ عشرا تزوج وزوج وطلق
وفي طريقة بعض أصحابنا في صحة تصرف مميز ونفوذه بلا إذن ولى وإبرائه وإعتاقه وطلاقه روايتان انتهى
وشراء السفيه في ذمته واقتراضه لا يصح على الصحيح من المذهب وقيل يصح ويأتي أحكام السفيه في باب الحجر
وأما الصبي فله أحكام كثيرة متفرقة في الفقه ذكر أكثرها في القواعد الأصولية ويأتي بعضها في كلام المصنف في وصيته وتزويجه وطلاقه وظهاره وإيلائه وإسلامه وردته وشهادته وإقراره وغير ذلك
وفي قبول المميز والسفيه وكذا العبد هبة ووصية بدون إذن ثلاثة أوجه
ثالثها يصح من العبد دون غيره نص عليه قاله في الفروع
وذكر في المغني أنه يصح قبول المميز وكذا قبضه واختاره أيضا الشارح والحارثي وفيه احتمال وأطلقهما في الرعايتين والحاويين في السفيه والمميز وأطلقهما في الفائق في الصغير
قلت: الصواب الصحة في الجميع ويقبل من مميز
قال أبو الفرج ودونه هدية أرسل بها وإذنه في دخول الدار ونحوها
وفي جامع القاضي ومن فاسق وكافر وذكره القرطبي إجماعا
وقال القاضي في موضع يقبل منه إن ظن صدقه بقرينة وإلا فلا قال في الفروع وهذا متجه
تنبيه قوله : الثالث أن يكون المبيع مالا وهو ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة
فتقييده بما فيه منفعة احترازا عما لا منفعة فيه كالحشرات ونحوها
وتقييده المنفعة بالإباحة احترازا عما فيه منفعة غير مباحة كالخمر والخنزير ونحوهما

وتقييده بالإباحة لغير ضرورة احترازا عما فيه منفعة مباحة لضرورة كالكلب ونحوه قاله ابن منجا وقال فلو قال المصنف لغير حاجة لكان أولى لأن اقتناء الكلب يحتاج إليه ولا يضطر فمراده بالضرورة الحاجة
وقال الشارح وقوله : لغير ضرورة احترازا من الميتة والمحرمات التي تباح في حال المخمصة والخمر التي تباح لدفع اللقمة بها انتهى
قلت: وهو أقعد من كلام ابن منجا وهو مراد المصنف
تنبيه دخل في كلام المصنف صحة بيع مجاز في ملك غيره ومعين من حائط يجعله بابا ومن أرضه يصنعه بئرا أو بالوعة وعلو بيت معين يبنى عليه بناء موصوفا ولو لم يكن البيت مبنيا على أصح الوجهين قاله في الرعاية وجزم به ابن عبدوس في تذكرته والهداية والخلاصة والحاوي الكبير
وقيل لا يصح إذا لم يكن مبنيا وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب الصلح
قوله : فيجوز بيع البغل والحمار
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وحكاه في التلخيص والبلغة إجماعا
وقال الأزجي في النهاية القياس أنه لا يجوز بيعهما إن قلنا بنجاستهما وخرجه ابن عقيل قولا
قوله : ودود القز
الصحيح من المذهب جواز بيع دود القز وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير من الأصحاب وقال أبو الخطاب في انتصاره لا يجوز بيعه
قوله : وبزره
يعني إذا لم يدب هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والفروع وغيرهم
وفيه وجه لا يجوز بيعه ما لم يدب وجزم به في عيون المسائل واختاره القاضي وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق
فائدة : إذا دب بزر القز فهو من دود القز حكمه حكمه كما تقدم

قوله : والنحل منفردا وفي كواراته
يجوز بيع النحل منفردا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني ومسبوك الذهب والمغني والتلخيص والبلغة والشرح والمحرر والحاويين والوجيز والمنور وغيرهم وصححه في الفروع وقدمه في الرعايتين وقيل لا يصح
قوله : وفي كواراته
الصحيح من المذهب أنه يجوز بيع النحل مع كواراته جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والحاوي الصغير والمنور وغيرهم وصححه في الفروع والرعايتين
وقيل لا يصح قال القاضي لا يصح بيعها في كواراتها وأطلقهما في المغني والتلخيص والبلغة والشرح والحاوي الكبير
فعلى المذهب فيها يشترط أن يشاهد النحل داخلا إليها عند الأكثر قاله في الفروع وقيل لا يشترط وقدمه في الرعايتين
قال في الكبرى بعد أن قدم هذا في بيعه منفردا وقيل إذا رأياه فيها وعلما قدره وأمكن أخذه وقيل إن رأياه يدخلها وإلا فلا
فائدة : قال في التلخيص والبلغة وجماعة لا يصح بيع الكوارة بما فيها من عسل ونحل واقتصر عليه في الفائق وقدمه في الرعايتين وجزم به في الحاوي الصغير
وقال في الفروع وظاهر كلام بعضهم صحة ذلك انتهى
قلت: اختاره في الرعايتين
وأما إذا كان مستورا بأقراصه فإنه لا يجوز بيعه جزم به في المغني والشرح والرعاية الكبرى والحاوي الكبير وغيرهم
فائدتان
إحداهما : ذكر الخرقي أن الترياق لا يؤكل لأن فيه لحوم الحيات فعلى هذا لا يجوز بيعه لأن نفعه إنما يحصل بالأكل وهو محرم فخلا من نفع مباح ولا يجوز التداوي به ولا بسم الأفاعي
فأما السم من الحشائش والنبات فإن كان لا ينتفع به أو كان يقتل قليله لم يجز بيعه لعدم نفعه وإن انتفع به وأمكن التداوي بيسيره كالسقمونيا ونحوها جاز بيعه

الثانية يصح بيع علق لمص دم وديدان تترك في الشص لصيد السمك على الصحيح من المذهب صححه في المغني والشرح والنظم والحاوي الكبير وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل لا يصح وأطلقهما في الفروع والفائق
قوله : ويجوز بيع الهر والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد وكذا سباع الطير في إحدى الروايتين
هذا المذهب صححه في التصحيح والكافي والنظم وغيرهم واختاره المصنف والشارح وابن رزين في شرحه
قال الحارثي في شرحه الأصح جواز بيع ما يصلح للصيد وقدمه ابن رزين في شرحه والحاوي الكبير وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وغيرهم
والأخرى لا يجوز اختارها أبو بكر وابن أبي موسى وصاحب الهدى
قال في القواعد الفقهية لا يجوز بيع الهر في أصح الروايتين واختاره في الفائق في الهر وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية والزركشي وكذا الفائق في غير الهر
وقيل يجوز فيما قيل بطهارته منها
وقيل يجوز بيع المعلم منها دون غيره ويحتمله كلام المصنف هنا
لكن الأولى أنه أراد ما يصلح أن يقبل التعليم وهو محل الخلاف
فعلى المذهب في جواز بيع فراخه وبيضه وجهان وأطلقهما في الفروع وأطلقهما في الرعاية في البيض
أحدهما يجوز فيما إذا كان البيض ينتفع به بأن يصير فراخا اختاره المصنف والشارح وصححه في النظم وقدمه في الكافي والحاوي الكبير وابن رزين
قال الزركشي إن قبل التعليم جاز على الأشهر كالجحش الصغير
وقيل لا يجوز بيعهما
قال القاضي لا يجوز بيع البيض لنجاسته ورده المصنف والشارح
تنبيه قوله : التي تصلح للصيد عائد إلى سباع البهائم فقط وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وتعليلهم يدل عليه لا إلى الهر والفيل
وقال في الفروع وفي بيع هر وما يعلم من الصيد أو يقبل التعليم كفيل وفهد وباز إلى آخره

وقال بعد ذلك فإن لم يقبل الفيل والفهد التعليم لم يجز بيعه كأسد وذئب ودب وغراب
فلعله أراد أن تعليم كل شيء بحسبه فتعليم الفيل للركوب والحمل عليه ونحوهما وتعليم غيره للصيد لا أنه أراد تعليم الفيل للصيد فإن هذا لم يعهد ولم يذكره الأصحاب فيما يصاد به على ما يأتي ولشيخنا عليه كلام في حواشي الفروع
فوائد
الأولى في جواز بيع ما يصاد عليه كالبومة التي يجعلها شباشا لتجمع الطيور إليها فيصيدها الصياد وجهان وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح والرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع والحاوي الكبير وكذا حكم اللقلق
أحدهما يجوز قدمه ابن رزين في شرحه وكذا قدم الجواز في اللقلق
والثاني لا يجوز
الثانية بيع القرد إن كان لأجل اللعب به لم يصح على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية والمستوعب
وقيل يصح مع الكراهة قدمه في الحاوي الكبير وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله كراهة بيع القردة وشراءها
فإن كان لأجل حفظ المتاع ونحوه فقيل يصح اختاره ابن عقيل وقدمه في الحاوي الكبير وتقدم نص أحمد
قلت: وهو الصواب وعمومات كلام كثير من الأصحاب تقتضي ذلك
وقيل لا يصح قال المصنف والشارح هو قياس قول أبي بكر وابن أبي موسى واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المستوعب والرعايتين والفائق
وظاهر المغني والشرح والفروع الإطلاق
وقال في آداب الرعايتين يكره اقتناء قرد لأجل اللهو واللعب وقيل مطلقا
قلت: الصواب تحريم اللعب
الثالثة يصح بيع طير لأجل صوته كالهزار والبلبل والببغاء ذكره جماعة منهم صاحب المستوعب والمصنف والشارح وصاحب الرعايتين والحاويين والنظم وشرح ابن رزين وقدمه في الفروع

وقال الشيخ تقي الدين يجوز بيعه إن جاز حبسه وفي جواز حبسه احتمالان ذكرهما ابن عقيل
وقال في الموجز لا تصح إجارة ما قصد صوته كديك وقمري
قال في التبصرة لا تصح إجارة ما لا ينتفع به كغنم ودجاج وقمري وبلبل
وقال في الفنون يكره
قوله : ويجوز بيع العبد المرتد والمريض
أما المرتد فيجوز بيعه بلا نزاع ونص عليه إلا أن صاحب الرعاية قال يجوز بيعه مع جواز استتابته وإلا فلا
فائدة : لو جهل المشتري أنه مرتد فله الأرش سواء قتل أو لا وفيه احتمال أن له الثمن كله
وأما المريض فالصحيح من المذهب جواز بيعه مطلقا وعليه الأصحاب
وقيل إن كان مأيوسا منه لم يجز بيعه وإلا جاز
قوله : وفي بيع الجاني والقاتل في المحاربة ولبن الآدميات وجهان
أما بيع الجاني فأطلق في صحة بيعه وجهين وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين
أحدهما يصح وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب صححه في التصحيح والشرح والنظم وغيرهم وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والحاوي الكبير والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى والفائق وغيرهم
قال في القاعدة الثالثة والخمسين هو قول أكثر الأصحاب
وقيل لا يصح بيعه اختاره أبو الخطاب في الانتصار قاله في أول القاعدة الثالثة والخمسين
فعلى المذهب سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ على النفس وما دونها ثم ينظر فإن كان البائع معسرا بأرش الجناية فسخ البيع وقدم حق المجني عليه لتعلقه به وإن كان موسرا بالأرش لزمه وكان المبيع بحاله لأنه بالخيار بين أن يفديه أو يسلمه فإذا باعه فقد اختار فداءه
وأما المشتري إذا لم يعلم فله الخيار بين أخذ الأرش أو الرد فإن عفا عن الجناية قبل طلبها سقط الرد والأرش وإذا قتل ولم يعلم المشتري بأن دمه مستحق تعين الأرش لا غير وهو من المفردات

ويأتي هذا بعينه في كلام المصنف في آخر خيار العيب
فائدة : السرقة جناية
ويأتي هل يجوز بيع المدبر والمكاتب وأم الولد في أبوابها
وأما بيع القاتل في المحاربة يعني إذا تحتم قتله فأطلق المصنف فيه وجهين وأطلقهما في الكافي والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
أحدهما يصح وهو المذهب صححه في المغني والشرح والنظم والتصحيح وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في المستوعب والحاوي الكبير
والوجه الثاني لا يصح قال القاضي إذا قدر عليه قبل التوبة لم يصح بيعه لأنه لا قيمة له انتهى
ومحل الخلاف إذا تحتم قتله فأما إذا تاب قبل القدرة عليه فحكمه حكم الجاني على ما مر
تنبيه ألحق في الرعاية الكبرى من تحتم قتله في كفر بمن تحتم قتله في المحاربة
وأما بيع لبن الآدميات فأطلق المصنف فيه وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والتلخيص والبلغة والفروع والرعايتين والحاويين وتجريد العناية
أحدهما يصح مطلقا وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه المصنف والشارح والناظم وصاحب التصحيح وغيرهم وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى واختاره ابن حامد وابن عبدوس في تذكرته
والوجه الثاني لا يصح مطلقا قال المصنف والشارح ذهب جماعة من أصحابنا إلى تحريم بيعه وجزم به في المنور وقدمه في المحرر
فعليه لو أتلفه متلف ضمنه على الصحيح من المذهب ويحتمل أن لا يضمنه كالدمع والعرق قاله القاضي ونقله في شرح المحرر للشيخ تقي الدين
وقيل يصح من الأمة دون الحرة وأطلقهن في الفائق وأطلق الإمام أحمد رحمه الله الكراهة
فائدة : لا يجوز بيع لبن الرجل ذكره القاضي محل وفاق وتابعه الشيخ تقي الدين على ذلك
قلت: وفي تقييد بعض الأصحاب ذلك بالآدميات إيماء إلى ذلك

فائدة : لا يصح بيع من نذر عتقه على الصحيح من المذهب قال في الفروع الأشهر منعه وجزم به في المحرر والفائق والمنور وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الرعايتين والنظم
وقال القاضي وصاحب المنتخب في بيعه نظر
وقال في الرعايتين من عنده بعد أن قدم عليه الصحة قلت: إن علقه بشرط صح بيعه قبله
زاد في الكبرى ويحتمل وجوب الكفارة وجهين وجزم بما اختاره في الرعاية صاحب الحاوي الصغير
وقال الناظم وقيل قبيل الشرط بعه
قوله : وفي جواز بيع المصحف روايتان
وأطلقهما في المذهب والتلخيص والبلغة وتجريد العناية
إحداهما : لا يجوز ولا يصح وهو المذهب على ما اصطلحناه
قال الإمام أحمد لا أعلم في بيعه رخصة وجزم به في الوجيز واختاره المصنف والشارح وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والنظم والكافي وابن رزين في شرحه ونصره
الرواية الثانية يجوز بيعه ويكره صححه في التصحيح ومسبوك الذهب والخلاصة وجزم به في المنور وإدراك الغاية ومنتخب الأدمى
قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر وقدمه في الهداية والمستوعب والهادي والمحرر والرعاية الصغرى والحاويين والفائق ونظم المفردات وهو منها واختاره ابن عبدوس في تذكرته
وعنه رواية ثالثة يجوز من غير كراهة ذكرها أبو الخطاب وأطلقهن في الفروع
فائدة :
حكم إجارته حكم بيعه خلافا ومذهبا وكذا رهنه قاله ناظم المفردات وغيره ويأتي في آخر كتاب الوقف جواز بيعه إذا تعطلت منافعه
قوله : وفي كراهة شرائه وإبداله روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي والتلخيص والبلغة والفائق والحاويين

إحداهما : لا يكره وهو المذهب فقد رخص الإمام أحمد في شرائه وجزم به في الوجيز والمنور وصححه في التصحيح
قال في الفروع الأصح أنهما لا يحرمان وقدمه في المحرر والشرح واختار ابن عبدوس كراهة الشراء وعدم كراهة الإبدال
والرواية الثانية يكره قدمه في الرعايتين
وعنه يحرم ولم يذكرها بعضهم
وذكر أبو بكر في المبادلة هل هي بيع أم لا على روايتين
وأنكر القاضي ذلك وقال هي بيع بلا خلاف وإنما اختار الإمام أحمد إبدال المصحف بمثله لأنه لا يدل على الرغبة عنه ولا على الاستبدال به بعوض دنيوي بخلاف أخذ ثمنه ذكره في القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة
وتقدم نظير ذلك في أواخر كتاب الزكاة بعد قوله: وإن باعه بنصاب من جنسه بنى على حوله
تنبيه محل الخلاف في ذلك إذا كان مسلما فأما إن كان كافرا فلا يجوز بيعه له قولا واحدا وإن ملكه بإرث أو غيره ألزم بإزالة ملكه عنه
وتقدم التنبيه على ذلك في أواخر نواقض الوضوء
ويأتي في أثناء الرهن هل تجوز القراءة فيه من غير إذن ربه وهل يلزمه بذله للقراءة فيه
قوله : ولا يجوز بيع الكلب
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطعوا به
وقال الحارثي في شرحه في كتاب الوقف عند قول المصنف ولا يصح وقف الكلب والصحيح اختصاص النهي عن البيع بما عدى كلب الصيد بدليل رواية حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد والإسناد جيد قال فيصح وقف المعلم لأن بيعه جائز انتهى
ويأتي ذلك في كتاب الوقف
قال الزركشي ومال بعض أصحابنا المتأخرين إلى جواز بيعه
وتأتي أحكام الكلب المباح واقتناؤه في باب الموصى به
قوله : ولا يجوز بيع السرجين النجس
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وخرج قول بصحة بيعه من الدهن النجس

قال مهنا سألت أبا عبد الله عن السلم في البعر والسرجين فقال لا بأس
وأطلق ابن رزين في بيع النجاسة وجهين
وأطلق أبو الخطاب جواز بيع جلد الميتة
قال في الفروع فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها ولا فرق ولا إجماع كما قيل ذكره في باب الآنية وتقدم ذلك
وتقدم أيضا على المنع هل يجوز إيقاد النجاسة في أوائل كتاب الطهارة
وتقدم في باب الآنية هل يجوز بيع جلد الميتة قبل الدبغ أو بعده
قوله : ولا الأدهان النجسة
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب
قال في المذهب والكافي وغيرهما هذا ظاهر المذهب
قال المصنف الشارح والناظم وغيرهم هذا الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المستوعب والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم
وعنه يجوز بيعها لكافر يعلم نجاستها ذكرها أبو الخطاب في باب الأطعمة ومن بعده
وخرج أبو الخطاب والمصنف وصاحب التلخيص وغيرهم جواز بيعها حتى لمسلم من رواية جواز الاستصباح بها على ما يأتي من تخريج المصنف في كلامه
وقيل يجوز بيعها إن قلنا تطهر بغسلها وإلا فلا قاله في الرعاية
قلت: هذا المذهب ولا حاجة إلى حكايته قولا ولهذا قال في المحرر والحاويين وغيرهم على القول بأنها تطهر يجوز بيعها ولم يحكوا خلافا
وقيل يجوز بيعها إن جاز الاستصباح بها ولعله القول المخرج المتقدم لكن حكاهما في الرعاية
تنبيه قال ابن منجا في شرحه مراد المصنف بقوله: في الرواية الثانية يعلم نجاستها اعتقاده للطهارة قال لأن نفس العلم بالنجاسة ليس شرطا في بيع الثوب النجس فكذا هنا
قال في المطلع وقوله: يعلم نجاستها بمعنى أنه يجوز له في شريعته الانتفاع بها
قلت: ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب اشتراط إعلامه بنجاسته لا غير سواء اعتقد طهارته أو لا وهو كالصريح في كلام صاحب التلخيص فيه فإنه قال وعنه يباع لكافر بشرط أن يعلم بالحال
وقال في الهداية وغيره بشرط أن يعلمه أنها نجسة

وقد استدل لهذه الرواية بما يوافق ما نقول فإنهم استدلوا بقول أبي موسى لتوا به السويق وبيعوه ولا تبيعوه من مسلم وبينوه
وقال في الكافي ويعلم بحاله لأنه يعتقد حله
قوله : وفي جواز الاستصباح بها روايتان
وأطلقهما في الهداية والإيضاح والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والتلخيص والمحرر وابن تميم والرعاية الصغرى والحاويين والشرح وشرح ابن منجا والفائق والمذهب الأحمد والفروع
إحداهما : يجوز وهو المذهب صححه في التصحيح والخلاصة والرعاية الكبرى وغيرهم
قال الزركشي هذا أشهر الروايتين ونصرها في المغني واختاره الخرقي والشيخ تقي الدين وغيرهما وجزم به في الإفادات في باب النجاسة
والرواية الثانية لا يجوز الاستصباح بها جزم به في الوجيز
فائدتان
إحداهما : حيث جوزنا الاستصباح بها فيكون على وجه لا تتعدى نجاسته إما بأن يجعل في إبريق ويصب منه في المصباح ولا يمس وإما بان يدع على رأس الجرة التي فيها الدهن سراجا مثقوبا ويطينه على رأس إناء الدهن وكلما نقص دهن السراج صب فيه ماء بحيث يرفع الدهن فيملأ السراج وما أشبهه قاله جماعة ونقله طائفة عن الإمام أحمد
قلت: الذي يظهر أن هذا ليس شرطا في صحة البيع وظاهر كلام الفروع أنه جعله شرطا عند القائلين به
الثانية لا يجوز الاستصباح بشحوم الميتة ولا بشحم الكلب والخنزير ولا الانتفاع بشيء من ذلك قولا واحدا عند الأصحاب ونص عليه
واختار الشيخ تقي الدين جواز الانتفاع بالنجاسات وقال سواء في ذلك شحم الميتة وغيره وهو قول للشافعي وأومأ إليه في رواية ابن منصور
تنبيه قوله : ويتخرج على ذلك جواز بيعها
أن المصنف وغيره خرجوا جواز البيع من رواية جواز الاستصباح بها

تنبيه شمل قوله : الرابع أن يكون مملوكا له
الأسير لو باع ملكه وهو صحيح صرح به في الفروع وغيره
قوله : فإن باع ملك غيره بغير إذنه أو اشترى بعين ماله شيئا بغير إذنه لم يصح
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم
وعنه يصح ويقف على إجازة المالك اختاره في الفائق وقال لا قبض ولا إقباض قبل الإجازة
قال بعض الأصحاب في طريقته يصح ويقف على إجازة المالك ولو لم يكن له مجيز في الحال
وعنه صحة تصرف الغاصب
ويأتي حكم تصرفات الغاصب الحكمية في بابه في أول الفصل الثامن
قوله : وإن اشترى له في ذمته بغير إذنه صح
إذا اشترى له في ذمته فلا يخلو إما أن يسميه في العقد أو لا فإن لم يسمه
في العقد صح العقد على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر والوجيز والفائق والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم
قال الزركشي هذا المذهب المعروف المشهور
قال في الفروع صح على الأصح وقدمه في التلخيص والبلغة والرعاية الكبرى وعنه لا يصح
وإن سماه في العقد فالصحيح من المذهب أنه لا يصح جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره واختاره القاضي وغيره
وقيل حكمه حكم ما إذا لم يسمه وهو ظاهر كلام المصنف فإن قوله: وإن اشترى له في ذمته بغير إذنه يشمل ذلك وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره المصنف
قال في الفائدة العشرين: إذا تصرف له في الذمة دون المال فطريقان
أحدهما فيه الخلاف الذي في تصرف الفضولي قاله القاضي وابن عقيل في موضع وأبو الخطاب في الانتصار
والثاني الجزم بالصحة هنا وهو قول الخرقي والأكثرين وقاله القاضي وابن عقيل في موضع آخر

واختلف الأصحاب هل يفتقر إلى تسميته في العقد أم لا فمنهم من قال لا فرق منهم ابن عقيل وصاحب المغني
ومنهم من قال إن سماه في العقد فهو كما لو اشترى له بعين ماله ذكره القاضي وأبو الخطاب في انتصاره في غالب ظني وابن المنى وهو مفهوم كلام صاحب المحرر انتهى
فائدة : لو اشترى بمال نفسه سلعة لغيره ففيه طريقان عدم الصحة قولا واحدا وهي طريقة القاضي في المجرد وأجرى الخلاف فيه كتصرف الفضولي وهو الأصح قاله في الفائدة: العشرين
قوله : فإن أجازه من اشترى له ملكه وإلا لزم من اشتراه
يعني حيث قلنا بالصحة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في المحرر والشرح والبلغة والوجيز والمنور والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم
وعنه لا يملكه من اشتري له ولو أجازه ذكرها في الرعايتين
وقال في الكبرى بعد ذلك إن قال بعتك هذا فقال اشتريته لزيد فأجازه لزمه ويحتمل أن لا يلزم المشتري انتهى
وقدم هذا في التلخيص إلغاء للإضافة
تنبيه حيث قلنا يملكه بالإجازة فإنه يدخل في ملكه من حين العقد على الصحيح من المذهب جزم به القاضي في الجامع والمصنف في المغني في مسألة نكاح الفضولي وقدمه في الفروع
وقيل من حين الإجازة جزم به صاحب الهداية
قال في القواعد الفقهية ويشهد لهذا الوجه أن القاضي صرح بأن حكم الحاكم المختلف فيه إنما يفيد صحة المحكوم به وانعقاده من حين العقد وقبل الحكم كان باطلا انتهى
فائدة : لو قال بعته لزيد فقال اشتريته له بطل على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية الكبرى ويحتمل أن يلزمه إن أجازه
قال في الفروع وإن حكم بصحته بعد إجازته صح من الحكم ذكره القاضي وهو الذي ذكره في القواعد قبل ذلك مستشهدا به
قال في الفروع ويتوجه أنه كالإجازة
يعني أن فيه الوجهين المتقدمين هل يدخل من حين العقد أو الإجازة
وقال في الفصول في الطلاق في نكاح فاسد إنه يقبل الانبرام والإلزام بالحكم والحكم لا ينشئ الملك بل يحققه

فائدة : لو باع ما يظنه لغيره فظهر له كالإرث والوكالة صح البيع على الصحيح
قال في التلخيص صح على الأظهر وقدمه في المغني في باب الرهن
وقيل لا يصح وجزم به في المنور وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين والفائق والقواعد الفقهية والأصولية والمغني في آخر الوقف
وقيل الخلاف روايتان ذكرهما أبو المعالي وغيره
قال القاضي أصل الوجهين من باشر امرأة بالطلاق يعتقدها أجنبية فبانت امرأته أو واجه بالعتق من يعتقدها حرة فبانت أمته في وقوع الطلاق والحرية روايتان
ولابن رجب في قواعده قاعدة في ذلك وهي القاعدة الخامسة والستون فيمن تصرف في شيء يظن أنه لا يملكه فتبين أنه كان يملكه
قوله : ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وعنه يصح ذكرها الحلواني واختارها الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى
وذكره قولا عندنا
قلت: والعمل عليه في زمننا
وقد جوز الإمام أحمد رحمه الله إصداقها وقاله المجد وتأوله القاضي على نفعها فقط وعنه يصح الشراء دون البيع
وعنه يصح لحاجته
قوله : كأرض الشام والعراق ومصر ونحوها
الصحيح من المذهب أن مصر مما فتح عنوة ولم يقسم جزم به صاحب الفروع وغيره من الأصحاب وقال في الرعاية وكمصر في الأشهر فيها
فائدة : لو حكم بصحة البيع حاكم أو رأى الإمام المصلحة فيه فباعه صح لأنه مختلف فيه قاله المصنف والشارح وإن أقطع الإمام هذه الأرض أو وقفها فقيل يصح وقال في النوادر لا يصح
قلت: الصواب أن حكم الوقف حكم البيع وأطلقهما في الفروع
وقال الشيخ تقي الدين لو جعلها الإمام فيئا صار ذلك حكما باقيا فيها دائما وأنها لا تعود إلى الغانمين
تنبيه يحتمل قوله: إلا المساكن
أنها سواء كانت محدثة بعد الفتح أو من جملة الفتح وهو اختيار جماعة من الأصحاب

قاله في الفروع ويحتمله كلامه في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم
نقل ابن الحكم فيمن أوصى بثلث ملكه وله عقار في أرض السواد قال لا تباع أرض السواد إلا أن تباع آلتها
ونقل المروذي المنع قال في الفروع وظاهر كلام القاضي والمنتخب وغيرهما التسوية وجزم به صاحب المحرر انتهى
والذي قدمه في الفروع التفرقة فقال وبيع بناء ليس منها وغرس محدث يجوز
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكلام أكثر الأصحاب لأن الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل والمصنف لم يذكر إلا ما فتح عنوة فأما المحدث فما دخل ليستثني
ونقل المروذي ويعقوب المنع لأنه بيع وهو ذريعة
وذكر ابن عقيل الروايتين في البناء وجوزه في غرس
وما قدمه في الفروع هو ظاهر كلامه في الكافي فإنه قال فأما المساكن في المدائن فيجوز بيعها لأن الصحابة رضي الله عنهم اقتطعوا الخطط في الكوفة والبصرة في زمن عمر رضي الله عنه وبنوها مساكن وتبايعوها من غير نكير فكانت إجماعا انتهى
واقتصر على هذا الدليل
قلت: وهذا هو الصواب
الثاني قوله : وأرض من العراق فتحت صلحا
يعني أنه يجوز بيع هذه الأرض لكن بشرط أن يكون لأهلها كما مثله المصنف ولا يصح بيع ما فتح عنوة ونحوه وكذلك كل أرض أسلم أهلها عليها كالمدينة وشبهها لأنها ملكهم
وقول المصنف ولا يصح بيع ما فتح عنوة لكون عمر وقفها وكذا حكم كل مكان وقف كما تقدم وليس كل ما فتح صلحا يصح بيعه بل لا بد أن تكون موقوفة
قوله : ويجوز إجارتها
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب
وعنه لا يجوز ذكرها القاضي وابن عقيل وصاحب المنتخب وغيرهم
واختار في الترغيب إجارتها مؤقتة
قوله : ولا يجوز بيع رباع مكة ولا إجارتها
هذا هو المذهب المنصوص وهو مبني على أن مكة فتحت عنوة على الصحيح من الطريقتين

والصحيح من المذهب أنها فتحت عنوة وعليه الأصحاب وعنه فتحت صلحا
وقال ابن عبدوس في تذكرته وأكثر مكة فتح عنوة
فعلى المذهب لا يجوز بيع رباعها وهي المنزل ودار الإقامة ولا إجارتها وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل يجوز اختاره المصنف والشارح
واختار الشيخ تقي الدين جواز بيعها فقط واختاره ابن القيم في الهدى
وعنه يجوز الشراء لحاجة
وعلى المذهب أيضا لو سكن بأجرة لم يأثم بدفعها على الصحيح من الروايتين جزم به المصنف والشارح
وعنه إنكار عدم الدفع جزم به القاضي لالتزامه
وقال الإمام أحمد رحمه الله لا ينبغي لهم أخذه
قلت: يعايى بهذه المسألة
وأطلقهما في الفروع وقال يتوجه مثله فيمن عامل بعينه ونحوها في الزيادة عن رأس ماله
وقال الشيخ تقي الدين هي ساقطة يحرم بذلها ومن عنده فضل نزل فيه لوجوب بذله وإلا حرم نص عليه
نقل حنبل وغيره سواء العاكف فيه والباد وأن مثله السواد وكل عنوة
وعلى الرواية الثانية في أصل المسألة يجوز البيع والإجارة بلا نزاع لكن يستثنى من ذلك بقاع المناسك كالمسعى والمرمى ونحوهما بلا نزاع
والطريقة الثانية إنما يحرم بيع رباعها وإجارتها لأن الحرم حريم البيت والمسجد الحرام وقد جعله الله للناس سواء العاكف فيه والباد فلا يجوز لأحد التخصص بملكه وتحجيره لكن إن احتاج إلى ما في يده منه سكنه وإن استغنى عنه وجب بذل فاضله للمحتاج إليه وهو مسلك ابن عقيل في نظرياته وسلكه القاضي في خلافه
واختاره الشيخ تقي الدين وتردد كلامه في جواز البيع فأجازه مرة ومنعه أخرى
فائدة : الحرم كمكة على الصحيح من المذهب جزم به المصنف والشارح وصاحب الرعاية وغيرهم وقدمه في الفروع
وعنه له البناء فيه والانفراد به
فائدة أخرى: لا خراج على مزارع مكة لأنه جزية الأرض
وقال في الانتصار على الأولى بل كسائر أرض العنوة وهو من المفردات
قال المجد لا أعلم من أجاز ضرب الخراج عليها سواه

قوله : ولا يجوز بيع كل ماء عد كمياه العيون ونقع البئر ولا ما في المعادن الجارية كالقار والملح والنفط ولا ما ينبت في أرضه من الكلاء والشوك
هذا مبني على أصل وهو أن الماء العد والمعادن الجارية والكلأ النابت في أرضه هل تملك بملك الأرض قبل حيازتها أم لا يملك فيه روايتان
إحداهما : لا تملك قبل حيازتها بما تراد له وهو المذهب
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز والخلاصة وغيرهما وقدمه في الهداية والتلخيص والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم
والرواية الثانية تملك ذلك بمجرد ملك الأرض اختاره أبو بكر
قال في القاعدة الخامسة والثمانين وأكثر النصوص عن أحمد تدل على الملك وأطلقهما في المذهب
وتأتي هاتان الروايتان في كلام المصنف في باب إحياء الموات وكثير من الأصحاب ذكروهما هناك
فعلى المذهب لا يجوز لمالك الأرض بيع ذلك ولا يملك بعقد البيع لكن يكون مشتريه أحق به من غيره
وعلى المذهب أيضا من أخذ منه شيئا ملكه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب لكن لا يجوز له دخول ملك غيره بغير إذن ربه ولو استأذنه حرم منعه إن لم يحصل ضرر
واختار ابن عقيل أنه لا يملكه بأخذه وخرجه رواية من أن النهي يمنع التمليك
وعلى الرواية الثانية يجوز لمالك الأرض التصرف فيه بسائر ما ينقل الملك لأنه متولد من أرضه وهي مملوكة له
وجوز ذلك الشيخ تقي الدين في مقطع محسوب عليه يريد تعطيل ما يستحقه من زرع وبيع الماء
قال في الاختيارات ويجوز بيع الكلأ ونحوه والموجود في أرضه إذا قصد استنباته
وعلى الرواية الثانية أيضا لا يدخل الظاهر منه في بيع الأرض إلا بشرط سواء قال بحقوقها أو لا صرح به الأصحاب
وذكر المجد احتمالا يدخل فيه جعلا للقرينة العرفية كاللقط
وله الدخول لرعي كلأ وأخذه ونحوه إذا لم يحوط عليه بلا ضرر نقله ابن منصور وقال لأنه ليس لأحد أن يمنعه
وعنه مطلقا نقله المروذي وغيره [وعنه عكسه وهو].

قوله : إلا أنه لا يجوز له الدخول في ملك غيره بغير إذنه
قال في الحاوي في إحياء الموات وكذا قال غيره من الأصحاب ولا شك في تناولها ما هو محوطا وما ليس بمحوط ونص على الإطلاق من رواية مهنا
وقيد في المغني في إحياء الموات بالمحوط وهو المنصوص من رواية ابن منصور وهذا لا يختلف المذهب فيه قال فيفيد كون التقييد أشبه بالمذهب
قال والصحيح أن الإذن فيما عدا المحوط لا يعتبر بحال انتهى
وقال في القاعدة الثالثة والعشرين هل يجوز أخذ ذلك بغير إذنه على وجهين
ومن الأصحاب من قال الخلاف في غير المحوط فأما المحوط فلا يجوز بغير خلاف انتهى
وعنه عكسه يعني لا يفعل ذلك مطلقا وكرهه في التعليق والوسيلة والتبصرة
تنبيهات
أحدها ذكر المصنف هنا والمجد وغيرهما رواية بجواز بيع ذلك مع عدم الملك في ذلك كله
قال في القاعدة السابعة والثمانين ولعله من باب المعاوضة عما يستحق تملكه انتهى
قلت: صرح الشارح أن الخلاف الذي ذكره المصنف هنا مبني على الملك وعدمه
الثاني يأتي في آخر كتاب الصيد لو حصل في أرضه سمك أو عشش فيه طائر أنه لا يملكه بذلك فلا يجوز بيعه على الصحيح وقيل يملكه
الثالث محل الخلاف المتقدم إذا لم يحزه فأما إذا حازه فإنه يملكه بلا نزاع
الرابع ظاهر قوله : لا يجوز بيع ما في المعادن الجارية أن المعادن الباطنة كمعادن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والكحل والفيروزج والزبرجد والياقوت وما أشبهها تملك بملك الأرض التي هي فيها ويجوز بيعها سواء كان موجودا خفيا أم حدث بعد أن ملكها وهذا المذهب وعليه الأصحاب
وقال في الرعاية الكبرى سواء كان ذلك فيها خفيا أو حدث ذلك فيها بعد أن ملكها
تنبيه ظاهر قوله : فلا يجوز بيع الآبق
أنه سواء كان المشتري قادرا عليه أو لا وهو الصحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام الأكثر
قال في الفروع والأشهر المنع
وقيل يصح بيعه لقادر على تحصيله كالمغصوب اختاره المصنف والشارح والناظم

وغيرهم وجزموا به وذكره القاضي في موضع من كلامه وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى
قلت: وهو الصواب
فعلى هذا القول إن عجز عن تحصيله كان له الفسخ كالمغصوب
وظاهر كلامه أيضا وكلام غيره أنه لو اشتراه يظن أنه لا يقدر على تحصيله فبان بخلاف ذلك وحصله أنه لا يصح وهو أحد الوجهين
قلت: وهو الصواب
وقيل يصح وأطلقهما في القواعد الفقهية والأصولية
وفي المغني احتمال بالفرق بين من يعلم أن المبيع يفسد بالعجز عن التسليم فيفسد وبين من لا يعلم ذلك فيصح
قوله : ولا الطير في الهواء
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقيل يجوز بيعه والحالة هذه إذا كان يألف المكان والرجوع إليه واختاره في الفنون وقال هو قول الجماعة وأنكره من لم يحقق
فائدة : لو كان البرج مغلقا ويمكن أخذ الطير منه أو كان السمك في مكان له يمكن أخذه فلا يخلو إما أن تطول المدة في تحصيله بحيث لا يمكن أخذه إلا بتعب ومشقة أو لا تطول المدة فإن لم تطل المدة في تحصيله جاز بيعه جزم به في المغني والشرح والرعايتين والحاويين وغيرهم وقاله القاضي رحمه الله وغيره
وظاهر كلامه في الفروع أن فيه وجهين
وإن طالت المدة ويمكن تسليمه لكن لا يحصل إلا بتعب ومشقة فالصحيح من المذهب جواز بيعه وصححه المصنف والشارح وقدمه في الشرح والفائق
وقال القاضي لا يجوز بيعه والحالة هذه وأطلقهما في الفروع
وأما إذا طالت المدة ولم يسهل أخذه بحيث يعجز عن تسليمه لم يصح البيع لعجزه عن تسليمه في الحال وللجهل بوقت تسليمه وهذا المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وقال وظاهر الواضح وغيره يصح وهو ظاهر تعليل أحمد بجهالته
قوله : ولا المغصوب إلا من غاصبه أو من يقدر على أخذه
بيع المغصوب من غاصبه صحيح بلا نزاع وبيعه ممن يقدر على أخذه من الغاصب صحيح على الصحيح من المذهب وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم

قال في الفروع وكذا القادر عليه على الأصح وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير
وعنه لا يصح قدمه في الفائق والرعاية الصغرى
فعلى المذهب لو عجز عن تحصيله فله الفسخ
قوله : السادس أن يكون معلوما برؤية
يعني من المتعاقدين
يصح البيع بالرؤية وهي تارة تكون مقارنة للبيع وتارة تكون غير مقارنة فإن كانت مقارنة لجميعه صح البيع بلا نزاع وإن كانت مقارنة لبعضه فإن دلت على بقيته صح البيع نص عليه فرؤية أحد وجهي ثوب تكفي فيه إذا كان غير منقوش وكذا رؤية وجه الرقيق وظاهر الصبرة المتساوية الأجزاء من حب وتمر ونحوهما وما في الظروف من مائع متساوي الأجزاء وما في الأعدال من جنس واحد ونحو ذلك
ولا يصح بيع الأنموذج بأن يريه صاعا ويبيعه الصبرة على أنها من جنسه على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع وغيره
وقيل ضبط الأنموذج كذكر الصفات نقل جعفر فيمن يفتح جرابا ويقول الباقي بصفته إذا جاء على صفته ليس له رده
قلت: وهو الصواب
قال في الفروع قال القاضي وغيره وما عرفه بلمسه أو شمه أو ذوقه فكرؤيته
وعنه يشترط أن يعرف المبيع تقريبا فلا يصح شراء غير جوهري جوهرة
وقيل ويشترط شمه وذوقه
قوله : فإذا اشترى ما لم يره ولم يوصف له أو رآه ولم يعلم ما هو أو ذكر له من صفته ما لا يكفي في السلم لم يصح البيع
إذا لم ير المبيع فتارة يوصف له وتارة لا يوصف فإن لم يوصف له لم يصح البيع على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وعنه يصح نقلها حنبل واختاره الشيخ تقي الدين في موضع من كلامه
واختاره في الفائق وضعفه الشيخ تقي الدين في موضع آخر
تنبيه محل هذا إذا ذكر جنسه فأما إذا لم يذكر جنسه فلا يصح رواية واحدة قاله القاضي وغيره
وإن وصف له فتارة يذكر له من صفته ما يكفي في السلم وتارة يذكر ما لا يكفي في

السلم فإن ذكر له من صفته ما لا يكفي في السلم لم يصح البيع على الصحيح من المذهب كما قدمه المصنف هنا وعليه الأصحاب
وعنه يصح وهو من مفردات المذهب
فعلى هذه الرواية والرواية التي اختارها الشيخ تقي الدين في عدم اشتراط الرؤية له خيار الرؤية على أصح الروايتين وله أيضا فسخ العقد قبل الرؤية على الصحيح من المذهب
وقال ابن الجوزي لا فسخ له كإمضائه
وليس له الإجازة قبل الرؤية قاله المصنف والشارح وصاحب الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وللبائع أيضا الخيار إذا باع ما لم يره وقلنا بصحته على تلك الرواية عند الرؤية ذكره المصنف والشارح وغيرهما
فائدتان
إحداهما : لو قال بعتك هذا البغل بكذا فقال اشتريته فبان فرسا أو حمارا لم يصح على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
وقيل يصح وله الخيار قدمه في الرعاية الكبرى
الثانية قال في الرعايتين وعنه يصح البيع بلا رؤية ولا صفة وللمشتري خيار الرؤية وخياره في مجلس الرؤية
وقيل بل على الفور وأطلقهما في الفائق
وعنه لا خيار له إلا بعيب قال في الفائق وهو بعيد
وذكر في الرعايتين فيما إذا رأى عينا وجهلها أو ذكر له من الصفة ما لا يكفي في السلم رواية الصحة وقال وله خيار الرؤية على الفور وقيل في مجلس الرؤية انتهى
وقال في المغني والشرح وابن رزين إذا قلنا بصحة بيع الغائب يثبت الخيار عند رؤية المبيع ويكون على الفور
وقيل يتقيد بالمجلس الذي وجدت فيه الرؤية انتهى
وقال في الفروع وللمشتري الفسخ إذا ظهر بخلاف رؤية سابقة أو صفة على التراخي إلا بما يدل على الرضا من سوم ونحوه لا بركوبه الدابة في طريق الرد
وعنه على الفور
وعليهما متى أبطل حقه من رده فلا أرش في الأصح انتهى
قوله : وإن ذكر له من صفته ما يكفي في السلم أو رآه ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا يتغير فيه ظاهرا صح في أصح الروايتين

وهو المذهب وعليه الأصحاب
والرواية الأخرى لا يصح حتى يراه
تنبيه ظاهر قوله : أو رآه ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا يتغير فيه ظاهرا أنه لو عقد عليه بعد ذلك بزمن يحتمل التغير فيه وعدمه على السواء أنه لا يصح العقد وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل يصح جزم به في المغني والشرح
وأما إذا عقده بعد الرؤية بزمن يتغير فيه ظاهرا لم يصح البيع
فائدة : متى قلنا يصح البيع بالصفة صح بيع الأعمى وشراؤه نص عليه كتوكيله
وقال في المغني والشرح فإن أمكن معرفة المبيع بالذوق أو بالشم صح بيع الأعمى وشراؤه وإن لم يمكن جاز بيعه بالصفة كالبصير وله خيار الخلف في الصفة انتهيا
وقال في الكافي فإن عدمت الصفة وأمكن معرفة المبيع بذوق أو شم صح وإلا فلا
قوله : ثم إن وجده لم يتغير فلا خيار له وإن وجده متغيرا فله الفسخ
يسمى هذا خيار الخلف في الصفة لأنه وجد الموصوف بخلاف الصفة
واعلم أن للمشتري الفسخ إن وجده متغيرا أو وجده على خلاف ما وصفه له على الصحيح من المذهب مطلقا
وقيل له الفسخ مع القبض ويكون على التراخي إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضا من سوم ونحوه لا بركوبه الدابة في طريق الرد
وعنه على الفور وعليهما متى أبطل حقه من الرد فلا أرش في أصح الوجهين قاله في الفروع وتقدم كلامه في الرعاية والشرح
قوله : والقول في ذلك قول المشتري مع يمينه
يعني إذا وجده متغيرا أو على خلاف ما وصفه له وهذا المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية وغيرهما قال في الرعاية وفيه نظر
وقال المجد ذكر القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل بعموم كلامه إذا اختلفا في صفة المبيع هل يتحالفان أو القول قول البائع فيه روايتان وسيأتي
قال في النكت بعد أن قدم أن القول قول المشتري ويتوجه فيه قولان أحدهما يقدم قول البائع والثاني يتحالفان
قال وجعل الأصحاب المذهب هنا قول المشتري مع أن المذهب عندهم فيما إذا قال بعتني هذين بمائة قال بل أحدهما بخمسين أو بمائة أن القول قول البائع لأن الأصل عدم بيع

الآخر مع أن الأصل السابق موجود هنا وهو مشكل انتهى
فائدة : البيع بالصفة نوعان
أحدهما بيع عين معينة مثل أن يقول بعتك عبدي التركي ويذكر صفاته فهذا ينفسخ العقد عليه برده على البائع وتلفه قبل قبضه ويجوز التفرق قبل قبض الثمن وقبض المبيع كبيع الحاضر
الثاني بيع موصوف غير معين مثل أن يقول بعتك عبدا تركيا ثم يستقصي صفات السلم فيصح على الصحيح من المذهب قطع به في الجامع الكبير والمستوعب والمغني والشرح والوجيز وغيرهم
قال في النكت قطع به جماعة
قال في الرعاية صح البيع في الأقيس وذلك لأنه في معنى السلم
فمتى سلم إليه عبدا على غير ما وصفه له فرده على ما وصفه له فأبدله لم يفسد العقد لأن العقد لم يقع على عين هذا
وقيل لا يصح البيع وحكاه الشيخ تقي الدين رواية وهو ظاهر ما ذكره في التلخيص لأنه اقتصر عليه
وقيل لا يصح إن كان في ملكه وإلا فلا واختاره الشيخ تقي الدين
وقد يؤخذ هذا من كلام المصنف في قوله: ولا يصح بيع ما لا يملكه ليمض ويشتره ويسلمه وأطلقهن في الفروع
فعلى المذهب لا يجوز التفرق عن مجلس العقد قبل قبض المبيع أو قبض ثمنه على الصحيح من المذهب وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى وجزم به في الوجيز
وقال القاضي يجوز وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب في أول باب السلم
قال في الفروع فظاهره لا يعتبر تعيين ثمنه وظاهر المستوعب وغيره يعتبر
قال في الفروع وهو أولى ليخرج عن بيع دين بدين وأطلق الوجهين في الفروع
فائدة : ذكر القاضي وأصحابه أنه لا يصح استصناع سلعة لأنه باع ما ليس عنده على غير وجه السلم واقتصر عليه في الفروع
وقالوا أيضا لا يصح بيع ثوب نسج بعضه على أن ينسج بقيته وعللوا تبعا للقاضي بأن بيع المنسوج بيع عين والباقي موصوف في الذمة ولا يصح أن يكون الثوب الواحد بعضه بيع عين وبعضه مسلم فيه لأن الباقي سلم في أعيان وذلك لا يجوز ولأنه بيع وسلم واستئجار فاللحمة غائبة فهي مسلم فيه والنسج استئجار واقتصر على ذلك في المستوعب والحاويين والفروع وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى وقال وقيل يصح بيعه إلى المشتري إن صح جمع بين بيع وإجارة منه بعقد واحد لأنه بيع وسلم أو شرط فيه نفع البائع انتهى

فإن أحضر اللحمة وباعها مع الثوب وشرط على البائع نسجها فعلى الروايتين في اشتراط منفعة البائع على ما يأتي ذكره في المستوعب والحاويين وغيرهم
قوله : ولا يجوز بيع الحمل في البطن ولا اللبن في الضرع
بيع الحمل في البطن نهى الشارع عنه فلا يصح بيعه إجماعا وهو بيع المجر ونهى الشارع أيضا عنه قال أبو عبيد هو بسكون الجيم وقال أبو عبيدة والقتيبي هو بفتحها والمعنى واحد
ونهى الشارع أيضا عن بيع المضامين والملاقيح قال أبو عبيد الملاقيح الأجنة والمضامين ما في أصلاب الفحول
وقال ابن الأعرابي المجر ما في بطن الناقة والمجر الربا والمجر القمار والمجر المحاقلة والمزابنة انتهى
وقيل المضامين ما في بطونها والملاقيح ما في ظهورها
وعلى التفسيرين هو غير عسب الفحل عند الأكثرين لأن عسب الفحل هو أن يؤجر الفحل لينزو على أنثى غيره وظاهر ما في التلخيص أن الذي في الظهور هو عسب الفحل
وقال في الفروع بيع الحمل في البطن هو بيع المضامين وهو المجر انتهى
وعلى كل حال لا يجوز بيع عسب الفحل وهو ضرابه بلا نزاع ويأتي في الإجارة حكم إجارته
وأما بيع اللبن في الضرع فلا يصح قطع به الأصحاب إلا أن الشيخ تقي الدين قال إن باعه لبنا موصوفا في الذمة واشترط كونه من شاة أو بقرة معينة جاز
وحكى ابن رزين في نهايته في جواز بيعه خلافا وأطلقه
قوله : ولا المسك في الفأر
يعني لا يصح بيعه وهو المذهب وقطع به الأصحاب إلا أن صاحب الفروع وجه تخريجا واحتمالا بالجواز
وقال لأنها وعاء له يصونه ويحفظه فيشبه ما مأكوله في جوفه وتجار ذلك يعرفونه فيها فلا غرر اختاره صاحب الهدى
قلت: وهو قوي في النظر
قوله : ولا الصوف على الظهر
يعني لا يصح بيعه وهو المذهب وعليه الأصحاب
وعنه يجوز بشرط جزه في الحال

قلت: وفيه قوة
وأطلقهما في المذهب وقدمه ابن عبدوس في تذكرته بأن يكون متصلا بحي
قلت: حيث قلنا بطهارته والانتفاع به لا يشترط ذلك وهو ظاهر كلام الأكثر
فائدة : لو اشتراه بشرط القطع وتركه حتى طال فحكمه حكم الرطبة إذا طالت على ما يذكره في باب بيع الأصول والثمار وذكره المصنف والشارح
قوله : ولا يجوز أن يبيع عبدا غير معين
بلا نزاع
قوله : ولا عبدا من عبيد ولا شاة من قطيع
هذا المذهب وعليه الأصحاب وصرحوا به
وظاهر كلام الشريف أبي جعفر وأبي الخطاب أنه يصح إن تساوت قيمتهم
قلت: هذا كالمتعذر وجوده
وقال في الانتصار في مسألة تعيين النقود إن ثبت للثياب عرف وصفة صح إطلاق العقد عليها كالنقود أومأ إليه الإمام أحمد
وفي المفردات يصح بيع عبد من ثلاثة أعبد بشرط الخيار
فائدة : لا يصح بيع المغروس في الأرض الذي يظهر ورقه فقط كاللفت والفجل والجزر والقلقاس والبصل والثوم ونحو ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المغني والشرح وغيرهما ذكراه في باب بيع الأصول والثمار
وقيل يصح واختاره الشيخ تقي الدين وقال اختاره بعض أصحابنا واختاره في الفائق
قال في الرعايتين قلت: ويحتمل الصحة وله الخيار بعد قلعه
قال في الفائق وخرجه ابن عقيل على روايتي الغائب
قال الطوفي في شرح الخرقي والاستحسان جوازه لأن الحاجة داعية إليه والغرر يندفع باجتهاد أهل الخبرة والدراية به وهو مذهب مالك انتهى
قوله : ولا شجرة من بستان ولا هؤلاء العبيد إلا واحدا غير معين ولا هذا القطيع إلا شاة
بلا نزاع ونص عليه
فائدة : لا يجوز بيع العطاء قبل قبضه لأنه غرر ومجهول ولا بيع رقعة به وعنه يبيعها

بعوض مقبوض
تنبيه قوله : فإن باعه قفيزا من هذه الصبرة صح
مقيد بأن تكون الصبرة أكثر من قفيز وهو الظاهر من كلامهم ومقيد أيضا بأن تكون أجزاؤها متساوية فلو اختلفت أجزاؤها لم يصح البيع على الصحيح من المذهب كصبرة بقال القرية والمحدر من قرية إلى قرية يجمع ما يبيع به من البر مثلا أو الشعير المختلف الأوصاف.
وقيل يصح من ذلك صبرة بقال القرية ويحتمله كلام المصنف
وقال ابن رزين في شرحه وإن باع نصفها أو ثلثها أو جزءا منها صح مطلقا لظاهر النصوص
وقيل إن اختلفت أجزاؤها كصبرة بقال القرية لم يصح انتهى
وهذه المسألة غير مسألة المصنف فيما يظهر
فائدتان
إحداهما : لو تلفت الصبرة كلها إلا قفيزا كان هو المبيع قاله الأصحاب
الثانية لو فرق قفزان الصبرة المتساوية الأجزاء أو باع أحدهما مبهما صح قدمه في الرعاية
قال في القاعدة الخامسة بعد المائة ظاهر كلام القاضي الصحة لأنه ذكر في الخلاف صحة إجارة عين من أعيان متقاربة النفع لأن المنافع لا تتفاوت كالأعيان انتهى
قلت: وهو الصواب ويحتمل أن لا يصح صححه في التلخيص وهما احتمالان مطلقان في الفروع والقواعد
قوله : وإن باعه الصبرة إلا قفيزا لم يصح
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب قال في المغني والشرح والفروع وغيرهم لم يصح في ظاهر المذهب
وعنه يصح وهو قوي وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
تنبيه محل الخلاف إذا لم يعلما قفزانها فأما إن علما قفزانها فيصح بلا نزاع قاله في المستوعب وغيره وهو واضح
فائدة : لا يشترط معرفة باطن الصبرة وكذا لا يشترط تساوي موضوعها على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وشرطه أبو بكر في التنبيه إلا أن يكون يسيرا
فعلى المذهب إن ظهر تحتها ربوة ونحوها خير المشتري بين الرد والإمساك كما لو وجد باطنها رديئا نص عليه

ويحتمل أن يرجع بمثل ما فات قاله ابن عقيل وإن ظهر تحتها حفرة أو باطنها خير من ظاهرها فلا خيار للمشتري وللبائع الخيار إن لم يعلم على الصحيح من المذهب ويحتمل أن لا خيار له قاله المصنف ويحتمل أن يأخذ منها ما حصل من الانخفاض قاله ابن عقيل
واختار صاحب التلخيص أن حكم المسألة الأولى حكم ما لو باعه أرضا على أنها عشرة أذرع فبانت تسعة وحكم الثانية حكم ما لو باعه على أنها عشرة فبانت أحد عشر
فائدة : استثناء صاع من ثمرة بستان كاستثناء قفيز من صبرة قاله الأصحاب
وأطلق الخلاف في هذه المسألة في المستوعب والمحرر والفائق وغيرهم وجزم أبو محمد الجوزي بالصحة فيها
ويأتي قريبا إذا استثنى مشاعا من صبرة أو بستان ونحوه كثلث وربع
قوله : أو ثمرة الشجرة إلا صاعا لم يصح
في هذه المسألة طريقان
أحدهما أن حكم استثناء صاع من شجرة كاستثناء قفيز من صبرة وهي طريقة المصنف والشارح وصاحب المستوعب والرعايتين وجزم به في الوجيز وأطلق الروايتين فيها في المستوعب
والطريق الثاني صحة استثناء صاع من شجرة ولو منعنا من صحته في الصبرة وهي طريقة القاضي في شرحه وجامعه الصغير وقاسها على سواقط الشاة وقدمها في الفروع فهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة ورد المصنف والشارح ذلك
قوله : وإن باعه أرضا إلا جريبا أو جريبين من أرض يعلمان جربانها صح وكان مشاعا فيها وإلا لم يصح
يعني وإن لم يعلما جربانها لم يصح وكذلك الحكم لو باعه ذراعا من ثوب
واعلم أنهما إذا علما الجربان والأذرع في الثوب صح البيع وكان مشاعا وإن لم يعلما ذلك لم يصح على الصحيح من المذهب
قال في الفروع فيهما لم يصح في الأصح ذكره صاحب المحرر لأنه لا معينا ولا مشاعا وجزم به في المغني والشرح والفائق وغيرهم
وقيل يصح وهو من المفردات
ولو قال بعتك من هذا الثوب من هذا الموضع إلى هنا صح فإن كان القطع لا ينقصه قطعاه وإن كان ينقصه وتشاحا صح وكانا شريكين فيه على الصحيح من المذهب
وقال القاضي لا يصح وعلله بأنه لا يمكن تسليم المبيع إلا بضرر يدخل عليهما واقتصر

على قول القاضي في المستوعب والحاوي الكبير
قال في الرعاية الكبرى وهو بعيد
فائدة : لو باعه عشرة أذرع وعين الابتداء دون الانتهاء لم يصح البيع نص عليه ومثله لو قال بعتك نصف هذه الدار التي تليني ذكره المجد وغيره
قوله : وإن باعه حيوانا مأكولا إلا رأسه وجلده وأطرافه صح
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر والفائق والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وهو من مفردات المذهب وقيل لا يصح
فوائد
الأولى لو أبى المشتري ذبحه لم يجبر عليه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب ويلزمه قيمة ذلك على التقريب نص عليه
وقيل يجبر وهو احتمال في الرعاية
وقال في الفروع ويتوجه أنه متى لم يذبحه يكون له الفسخ وإلا فقيمته ولعله مرادهم انتهى
الثانية للمشتري الفسخ بعيب يختص هذا المستثنى ذكره في الفنون وقدمه في الفروع وقال ويتوجه لا فسخ له
الثالثة لو باعه الجلد والرأس والأطراف منفردة لم يصح وإن صح استثناؤه جزم به في المغني والشرح والفروع وغيرهم لعدم اعتياده عرفا ولأن الاستثناء استبقاء وهو يخالف العقد المبتدأ لجواز استبقاء المتاع في الدار المبيعة إلى رفعه المعتاد وبقاء ملك النكاح على المعتدة من غيره والمرتدة ولصحة بيع الورثة أمة موصى بحملها دون حملها
قلت: الذي يظهر أن مرادهم بعدم الصحة إذا لم تكن الشاة للمشتري فإن كانت للمشتري فيتخرج على الوجهين فيما إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها لمن الأصل له إلا أن يعثر على فرق بينهما
الرابعة لو استثنى جزءا مشاعا معلوما من شاة صح على الصحيح من المذهب
قال في الفروع صح على الأصح ونصره المصنف والشارح واختاره ابن عقيل وغيرهم
قال في المستوعب وهو الصحيح عندي
وعنه لا يصح اختاره القاضي وقاسه على استثناء الشحم

وأطلق وجهين في التلخيص وغيره ورد قياس القاضي بأن الشحم مجهول ولا جهالة هنا
وحمل ابن عقيل كلام القاضي على أنه استثنى ربع لحم الشاة لا ربعها مشاعا ثم اختار الصحة في ذلك أيضا
الخامسة لو استثنى مشاعا من صبرة أو حائط كثلث وربع أو جزء كثلاثة أثمانه صح البيع والاستثناء على الصحيح من المذهب
قال المصنف والشارح ذكره أصحابنا
قال في الفروع صح على الأصح وقال أبو بكر وابن أبي موسى لا يصح
قوله : وإن استثنى حمله لم يصح
هذا المذهب وعليه الأصحاب
قال في الفروع لم يصح في ظاهر المذهب وعنه يصح نقلها ابن القاسم وسندي وأطلقهما في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم قال ناظم المفردات
حمل المبيع كالإما يستثني ... أطراف شاة هكذا في المغني
فائدة : لو استثنى الحمل في العتق صح قولا واحدا على ما يأتي في بابه قاله غير واحد من الأصحاب قال في الرعاية صح على الأصح
فوائد
إحداها : استثناء رطل لحم أو شحم كاستثناء الحمل على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقال أبو الوفاء المذهب صحة استثناء رطل من لحم
الثانية يصح بيع حيوان مذبوح ويصح بيع لحمه فيه ويصح بيع جلده وحده
هذا المذهب في ذلك كله قدمه في الفروع واختاره الشيخ تقي الدين وغيره
وقال في التلخيص وغيره لا يصح بيع اللحم في الجلد ولا بيع الجلد مع اللحم قبل السلخ اكتفاء برؤية الجلد ويصح بيع الرءوس والأكارع والسموط
قال الشيخ تقي الدين يجوز بيعه مع جلده جميعا كما قبل الذبح ومنعه بعض متأخري الفقهاء ظانا أنه بيع غائب بدون رؤية ولا صفة

قال ولذلك يجوز بيع اللحم وحده والجلد وحده
الثالثة لو باع جارية حاملا بحر صح البيع على الصحيح اختاره المصنف والشارح قال في الفائق صح في أصح الوجهين
وقال القاضي لا يصح وقدمه في الرعاية الكبرى وقال إن فيه روايتين
وأطلقهما وأطلق وجهين في القاعدة الثالثة والثلاثين
الرابعة قال المصنف وصاحب التلخيص والشارح والناظم وابن حمدان وغيرهم لو عد ألف جوزة ووضعها في كيل ثم فعل مثل ذلك بلا عد لم يصح ونص عليه
قوله : ويصح بيع الباقلا والجوز واللوز في قشرته والحب المشتد في سنبله
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة وقطعوا به إلا أنه قال في التلخيص يصح على المشهور عنه وسواء كان في إبقائه صلاح ظاهر أو لم يكن
قوله : السابع أن يكون الثمن معلوما
يشترط معرفة الثمن حال العقد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة البيع وإن لم يسم الثمن وله ثمن المثل كالنكاح
فائدتان
إحداهما : يصح البيع بوزن صنجة لا يعلمان وزنها وبصبرة ثمنا على الصحيح من المذهب
قال في الفروع ويصح في الأصح وصححه في الترغيب في الثانية
وقيل لا يصح فيهما ويحتمله كلام المصنف هنا وأطلقهما في الرعايتين والحاويين في الأولى
ومثل ذلك ما يسع هذا الكيل لكن المنصوص هنا الصحة
الثانية لو باعه سلعة معلومة بنفقة عبده شهرا صح ذكره القاضي في خلافه واقتصر عليه في القاعدة الثانية والسبعين
قوله : فإن باعه السلعة برقمها
لم يصح هذا المذهب وعليه الأصحاب
وعنه يصح واختاره الشيخ تقي الدين

تنبيه مراده بقوله: برقمها إذا كان مجهولا عندهما أو عند أحدهما بدليل قوله: أن يكون الثمن معلوما وهو واضح
أما إذا كان الرقم معلوما فإن البيع صحيح ويدخل في قوله: معلوما
وقد نص عليه المصنف في الفصل السادس في باب الخيار في البيع
قوله : أو بألف ذهبا وفضة
لم يصح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وبناه القاضي وغيره على إسلام ثمن واحد في جنسين
ويأتي الخلاف في ذلك في باب السلم
ووجه في الفروع الصحة ويلزمه النصف ذهبا والنصف فضة بناء على اختيار ابن عقيل فيما إذا أقر بمائة ذهبا وفضة فإنه صحح إقراره بذلك مناصفة
قوله : أو بما ينقطع به السعر
أي لا يصح وهو المذهب وعليه الأصحاب
وعنه يصح واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله
قوله : أو بما باع به فلان
لم يصح وهو المذهب وعليه الأصحاب
وعنه يصح واختاره الشيخ تقي الدين وقال هو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله
قوله : أو بدينار مطلق وفي البلد نقود لم يصح
إذا باعه بدينار مطلق وفي البلد نقود فلا يخلو إما أن يكون فيها نقد غالب أو لا
فإن كان فيها نقد غالب فظاهر كلام المصنف أن البيع لا يصح به إذا أطلق وهو أحد الوجهين وهو ظاهر ما جزم به الشارح وقدمه في الفروع
والوجه الثاني يصح وينصرف إليه وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والمنور والفائق والحاويين والوجيز وغيرهم
قال في الفروع وهو الأصح وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته
وإن لم يكن في البلد نقد غالب فالصحيح من المذهب أنه لا يصح كما جزم به المصنف هنا وجزم به في المغني والشرح والمحرر والمنور والفائق والوجيز والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم وقدمه في الفروع وعنه يصح

فعلى هذه الرواية يكون له الوسط على الصحيح وعنه الأدنى
قال في الرعاية وقيل إذا اختلفت النقود فله أقلها قيمة
قوله : وإن قال بعتك بعشرة صحاحا أو أحد عشر مكسرة أو بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة لم يصح
يعني ما لم يتفرقا على أحدهما وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
ويحتمل أن يصح وهو لأبي الخطاب واختاره في الفائق
قال أبو الخطاب قياسا على قوله: في الإجارة إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم
وفرق بعض الأصحاب بينهما بأن ذلك جعالة وهذا بيع ويغتفر في الجعالة ما لا يغتفر في البيع ولأن العمل الذي يستحق به الأجرة لا يملك وقوعه إلا على أحد الصفتين فتتعين الأجرة المسماة عوضا فلا يفضي إلى التنازع والبيع بخلافه قاله المصنف والشارح
قال الزركشي وفي قياس أبي الخطاب والفرق نظر لأن العلم بالعوض
في الجعالة شرط كما هو في الإجارة والبيع والقبول في البيع إلا على إحدى الصفتين فيتعين ما يسمى لها انتهى
ويأتي هل هذا يتعين في بيعه أم لا في أول باب الشرط في البيع
قوله : وإن باعه الصبرة كل قفيز بدرهم والقطيع كل شاة بدرهم والثوب كل ذراع بدرهم صح البيع
وهذا المذهب وعليه الجمهور
قال في الفروع ويصح في الأصح وجزم به في المغني والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والفائق وغيرهم
وقيل لا يصح
وفي الرعاية الصغرى والحاوي الصغير هنا سهو لكونهما قالا وإن باعه صبرة كل قفيز بدرهم صح إن جهلا ذلك عند العقد وإن علما فوجهان وإن جهله المشتري وجهل علم بائعه به صح وخير وقيل يبطل انتهيا
وهذا الحكم إنما هو في بيع الصبرة جزافا على ما يأتي فلعل في النسخ غلطا

فوائد
إحداها : يصح بيع الصبرة جزافا إذا جهلها البائع والمشتري نص عليه ولو علم قدرها البائع وحده حرم بيعها على الصحيح من المذهب نص عليه واختاره الخرقي وأبو بكر في التنبيه وابن ابي موسى وغيرهم
قال الزركشي هذا منصوص أحمد وعليه الأصحاب وقدمه في المستوعب والمغني والشرح وغيرهم
وعنه مكروه اختاره القاضي في المجرد وصاحب الفائق فيه وأطلقهما في الفروع
فعلى القول بالكراهة يقع العقد لازما نص عليه
وعلى القول بالتحريم لا يبطل العقد وله الرد على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والمغني والشرح وهو ظاهر كلامه في رواية ابن الحكم
وقال القاضي وأصحابه هذا بمنزلة التدليس والغش له الرد ما لم يعلم أن البائع يعلم قدره جزم به في المحرر والنظم والزركشي وابن رزين وغيرهم
وقال في الرعاية الكبرى إن جهله المشتري وحده وجهل علم بائعه به صح وخير فيه
وقيل لا يصح وإن علم البائع به صح ولزم انتهى
وقال أبو بكر وابن أبي موسى يبطل البيع وقدمه في الترغيب والحاوي الكبير وغيرهم
قال الزركشي قطع به طائفة من الأصحاب
الفائدة الثانية علم المشتري وحده مثل علم البائع وحده وقدمه في الفروع وقال كما لم يفرقوا في الغبن بين البائع والمشتري وقدمه الزركشي
وقدم ابن عقيل في مفرداته أن المغلب في العلم البائع بدليل العيب لو علمه المشتري وحده جاز ومع علمهما يصح وفي الرعاية وجهين
قال في الفروع وهو ظاهر الترغيب وغيره وذكرهما جماعة في المكيل
الفائدة الثالثة لو علم قدر الصبرة البائع والمشتري فقيل حكمهما حكم علم البائع وحده على ما تقدم وقدمه في الحاوي الكبير
قال الزركشي فعموم كلام الخرقي يقتضي المنع من ذلك وجزم أبو بكر في التنبيه بالبطلان
وقال القاضي البيع صحيح لازم [وهذا الصحيح من المذهب قطع به المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره].
وقال في الرعاية الكبرى وإن علماه إذن فوجهان

فائدة : يصح بيع دهن في ظرف معه موازنة كل رطل بكذا إذا علما قدر كل واحد منهما وإن جهلا زنة كل واحد منهما أو أحدهما فوجهان وأطلقهما في الفروع
وصحح المجد الصحة إن علما زنة الظرف فقط وجزم في الرعاية الكبرى بعدم الصحة فيهما واختاره القاضي
وصحح المصنف والشارح الصحة مطلقا وهو الصحيح من المذهب
وإن احتسب بزنة الظرف على المشتري وليس مبيعا وعلما مبلغ كل منهما صح وإلا فلا لجهالة الثمن
وإن باعه جزافا بظرفه أو دونه صح
وإن باعه إياه في ظرفه كل رطل بكذا على أن يطرح منه وزن الظرف صح
قال المجد لا نعلم فيه خلافا وذكر قول حرب لأحمد الرجل يبيع الشيء في ظرفه مثل قطن في جواليق فيزنه ويلقي للظرف كذا وكذا قال أرجو أن لا بأس به لا بد للناس من ذلك
ثم قال المجد وحكينا عن القاضي خلاف ذلك
قال في الفروع ولم أجده ذكر الأقوال إلا قول القاضي الذي ذكره الشيخ إذا باعه معه انتهى
وإذا اشترى سمنا أو زيتا في ظرف فوجد فيه ربا صح في الباقي بقسطه وله الخيار ولم يلزمه بدل الرب جزم به المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم
قوله : وإن باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم
وكذا من الثوب كل ذراع بدرهم لم يصح وهو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به المستوعب والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم
وقيل يصح قال ابن عقيل وهو الأشبه كبيع الصبرة كل قفيز بدرهم لأن من وإن أعطت البعض فما هو بعض مجهول بل قد جعل لكل جزء معلوم منها ثمنا معلوما فهو كما لو قال قفيزا منها انتهى
وهو احتمال في المغني والشرح وقالا بناء على قوله: في الإجارة إذا أجره كل شهر بدرهم واختاره في الفائق
وقال في عيون المسائل إذا باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم صح لتساوي أجزائها بخلاف بيعه من الدار كل ذراع بدرهم لاختلاف أجزائها ثم قال بعد ذلك إذا باعه من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح لأنه لم يبعه كلها ولا قدرا معلوما منها بخلاف قوله: أجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم فإنه يصح هنا في الشهر الأول فقط للعلم به وبقسطه من الأجرة

قوله : وإن باعه بمائة درهم إلا دينارا لم يصح ذكره القاضي
وهو المذهب وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم
ويجيء على قول الخرقي إنه يصح
يعني إذا أقر واستثنى عينا من ورق أو ورقا من عين على ما ذكره المصنف عنه في كتاب الإقرار أنه يصح فيجيء هنا كذلك
قال ابن منجا ولقائل أن يقول الصحة في الإقرار اختلف الأصحاب في تعليلها فعللها بعضهم باتحاد النقدين وكونهما قيم الأشياء وأروش الجنايات
وعللها بعضهم بأن قيمة الذهب يعلمها كثير من الناس فإذا استثنى أحدهما من الآخر لم يؤد إلى الجهالة غالبا
قال وعلى كلا التعليلين لا يجيء صحة البيع على قول الخرقي في الإقرار لأن المفسد للبيع الجهل في حال العقد ألا ترى أنه إذا باعه برقمه لم يصح للجهل به حال العقد وإن علم بعده
وعلى كلا التعليلين لا يخرج الثمن عن كونه مجهولا حالة العقد وفارق هذا الإقرار لأن الإقرار بالمجهول يصح قال وهذا قول متجه لا دافع له انتهى
قلت: فيما قاله نظر فإن قوله: على كلا التعليلين لا يخرج الثمن عن كونه مجهولا حالة العقد غير مسلم فإن كثيرا من الناس بل كلهم إلا قليلا يعلم قيمة الدينار من الدراهم فلا تحصل الجهالة حالة العقد لغالب الناس على التعليل الثاني
قوله : وفي تفريق الصفقة
في تفريق الصفقة وجهين
أحدهما لو باع مجهولا ومعلوما هذا يصح أطلق كثير من الأصحاب الجهل
قال في الفروع يجهل قيمته مطلقا
قال في التلخيص والبلغة مجهولا لا مطمع في معرفة قيمته
وقال في الرعايتين وإن جمع بين معلوم ومجهول وقيل يتعذر علم قيمته انتهى
فأما إن قال لكل واحد كذا ففيه وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق
قال في التلخيص أصل الوجهين إن قلنا العلة اتحاد الصفقة لم يصح البيع وإن قلنا العلة جهالة الثمن في الحال صح البيع

وعلى التعليل الأول يدخل الرهن والهبة والنكاح ونظائرها
وذكر التعليلين في الفروع وجزم ابن عبدوس في تذكرته بالصحة في المعلوم
قلت: هو الصواب
فائدة : لو باعه بمائة ورطل خمر فسد البيع وخرج في الانتصار صحته على رواية
قوله : الثانية باع مشاعا بينه وبين غيره كعبد مشترك بينهما أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما فيصح في نصيبه بقسطه على الصحيح من المذهب وللمشتري الخيار إذا لم يكن عالما
هو المذهب كما قال وعليه جماهير الأصحاب وصححه في المغني والشرح والنظم وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم
قال في الفروع صح في ظاهر المذهب اختاره الأكثر
وعنه لا يصح وهما وجهان في المغني والشرح والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم
فعلى المذهب له الأرش إذا لم يكن عالما وأمسك بالقسط فيما ينقص بالتفريق ذكره في المغني في الضمان
قوله : الثالثة باع عبده وعبد غيره بغير إذنه أو عبدا وحرا أو خلا وخمرا ففيه روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والبلغة والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم
أولاهما لا يصح اختاره المصنف والشارح وصححه في التصحيح والخلاصة والنظم وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاويين
والأخرى يصح في عبده وفي الخل بقسطه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححه في التلخيص وغيره وجزم به في المنور وغيره واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر والفائق والفروع وقال هذا ظاهر المذهب واختاره الأكثر
واختار في الترغيب والبلغة وغيرهما أنه إن علم بالخمر ونحوه لم يصح
قال في التلخيص لم يصح رواية واحدة
وقال الأزجي إن كان ما لا يجوز العقد عليه غير قابل للمعاوضة بالكلية كالطريق بطل البيع وعلى قياسه الخمر وإن كان قابلا للصحة ففيه الخلاف
قال في أواخر القواعد ولا يثبت ذلك في المذهب

فعلى المذهب يأخذ العبد والخل بقسطه على الصحيح
قال في الفروع هذا الأشهر وقيل يأخذه بالثمن كله
قال القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول في باب الضمان يصح العقد بكل الثمن أو يرد
قال في أواخر القواعد وهذا في غاية الفساد اللهم إلا أن يخص هذا بمن كان عالما بالحال وأن بعض المعقود عليه لا يصح العقد عليه فيكون قد دخل على بدل الثمن في مقابلة ما يصح العقد عليه خاصة كما نقول فيمن أوصى لحي وميت يعلم موته أن الوصية كلها للحي
فعلى الأول يأخذ عبد البائع بقسطه على قدر قيمة العبدين
وذكر القاضي وابن عقيل وجها في باب الشركة والكتابة من المجرد والفصول أن الثمن يقسط على عدد المبيع لا القيم ذكراه فيما إذا باع عبدين أحدهما له والآخر لغيره كما لو تزوج امرأتين
قال في آخر القواعد وهو بعيد جدا ولا أظنه يطرد إلا فيما إذا كان جنسا
واحدا ويأخذ الخل بأن يقدر الخمر خلا على قول كالحر يقدر عبدا جزم به في البلغة وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق
قلت: وهو الصواب
وقيل بل يعتبر قيمة الخمر عند أهلها
قال ابن حمدان قلت: إن قلنا نضمن لهم انتهى
قلت: وهذا ضعيف وأطلقهما في التلخيص والفروع
فائدتان
إحداهما : متى صح البيع كان للمشتري الخيار ولا خيار للبائع على الصحيح من المذهب
وقال الشيخ تقي الدين يثبت له الخيار أيضا ذكره عنه في الفائق
الثانية قال المصنف والشارح وغيرهما والحكم في الرهن والهبة وسائر العقود إذا جمعت ما يجوز وما لا يجوز كالحكم في البيع إلا أن الظاهر فيها الصحة لأنها ليست عقود معاوضة فلا توجد جهالة العوض فيها وقد تقدم كلامه في التلخيص
قوله : وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه بثمن واحد فهل يصح على وجهين
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن منجا
أحدهما يصح وهو المذهب نص عليه وصححه في التصحيح والنظم واختاره ابن

عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور وغيره وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين والفائق
والثاني لا يصح جزم به في الوجيز وهو عجيب منه إذ المنصوص الأول قال في الرعاية الكبرى هذا أقيس
فوائد
منها مثل هذه المسألة خلافا ومذهبا لو باع عبديه الاثنين بثمن واحد لكل واحد منهما عبد وكذا لو اشتراهما منهما لكن قدم في الرعاية الكبرى في المسألة الأخيرة عدم الصحة لتعدد العقد حكما ثم قال وقيل يصح إن صح تفريق الصفقة وهو قياس نص أحمد انتهى
فعلى المذهب في المسائل الثلاث يقسط الثمن على قدر القيمة على الصحيح من المذهب
وذكر في المنتخب وجها في المسألة الأخيرة يقسط الثمن على قدر القيمة على الصحيح من المذهب
وذكر في المنتخب وجها في المسألة الأخيرة يقسط الثمن على عددهما
قال في الفروع فيتوجه مثله في غيرها
ومنها لو كان لاثنين عبدان مفردان لكل واحد منهما عبد فباعهما لرجلين صفقة واحدة لكل واحد عبدا معينا بثمن واحد ففي صحة البيع وجهان
أحدهما يصح وهو الصحيح من المذهب نص عليه وقيل لا يصح
فعلى المذهب يقسمان الثمن على قدر قيمتي العبدين على الصحيح من المذهب
وذكر القاضي وابن عقيل وجها يقتسمانه على عدد رؤوس المبيع ذكره في القاعدة الخامسة عشر بعد المائة
ومنها الإجارة مثل ذلك خلافا ومذهبا
ومنها لو اشتبه عبده بعبد غيره أقرع بينهما ولم يصح بيع أحدهما قبل القرعة قدمه في الرعاية الكبرى وهو احتمال للقاضي في خلافه
وقيل يصح إن أذن شريكه
وقيل بل يبيعه وكيلهما أو أحدهما بإذن الآخر أوله ويقسم الثمن بينهما بقيمة العبدين
قال القاضي في خلافه هذا أجود ما يقال فيه كما قلنا في زيت اختلط بزيت لآخر وأحدهما أجود من الآخر

قوله : وإن جمع بين بيع وإجارة أو بيع وصرف
يعني بثمن واحد صح فيهما في أحد الوجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة
أحدهما يصح وهو المذهب نص عليه قال الناظم هو الأقوى صححه في التصحيح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور
قال الشيخ تقي الدين يجوز الجمع بين البيع والإجارة في عقد واحد في أظهر قوله:م وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع والفائق
والثاني لا يصح وقدمه في الرعايتين والحاويين
قال في الخلاصة لو اشترى ثوبا ودراهم بدينار أو اشترى دارا وسكنى دار بمائة لم يصح في الأصح وهما روايتان في الفروع وغيره
فعلى المذهب يقسط العوض عليهما قولا واحدا كما قال المصنف هنا
فائدتان
إحداهما : لو جمع بين بيع وخلع بعوض واحد فالحكم كما تقدم في الجمع بين البيع والإجارة أو البيع والصرف قاله في الفروع وغيره
الثانية لو جمع بين بيع ونكاح بعوض واحد فقال زوجتك ابنتي وبعتك داري بمائة صح في النكاح على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والمغني والشرح والمحرر والنظم والحاويين والفائق والرعاية الصغرى وفي الكبرى في موضع
قال في الفروع صح في الأصح وقيل لا يصح
وقال في الرعاية الكبرى في موضع وإن جمع بين بيع ونكاح بطلا وقيل يصحان انتهى
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة وغيرهم إذا جمع بين مختلفي الحكم كالإجارة والبيع والنكاح والبيع فالعقد صحيح على أحد الوجهين
فجعلوا الجمع بين النكاح والبيع كالجمع بين الإجارة والبيع
فعلى المذهب يصح البيع أيضا على الصحيح واختاره المصنف وجزم به في الوجيز
وقيل لا يصح اختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الرعاية الكبرى في موضع وأطلقهما في المستوعب والكافي والمغني والشرح والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والحاوي الكبير والفائق والرعاية الكبرى في موضع .

قوله : وإن جمع بين كتابة وبيع فكاتب عبده وباعه شيئا صفقة واحدة بطل البيع
هذا الصحيح من المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والوجيز والفائق والمنور وغيرهم واختاره القاضي وابن عقيل في البيوع وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين
وقيل يصح وقيل الصحة منصوص احمد واختاره القاضي وابن عقيل في النكاح وأبو الخطاب
والأكثرون اكتفوا باقتران البيع بشرطه وهو كون المشتري مكاتبا يصح معاملته للسيد قاله في القاعدة السادسة والخمسين وأطلقهما في المستوعب
قوله : وفي الكتابة وجهان
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع والفائق والنظم والرعاية الكبرى في موضع
قال الشارح وهل تبطل الكتابة ينبني على الروايتين في تفريق الصفقة
إحداهما : يصح وهو الصحيح من المذهب صححه في المغني والحاويين واختاره ابن عبدوس في تذكرته
والوجه الثاني لا يصح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الحاويين والرعاية الصغرى وفي الكبرى في موضع
فائدة : تتعدد الصفقة بتعدد البائع أو المشتري أو المبيع أو بتفصيل الثمن على الصحيح قدمه في الرعايتين
قال ابن الزاغوني في المبسوط نص أحمد أن شراء الاثنين من الواحد عقدان وصفقتان
وقال الحارثي لو باع اثنان نصيبهما من اثنين صفقة واحدة فقال أصحابنا هي بمثابة أربع عقود وجزم به في المغني والشرح وقالا هي أربعة عقود إذ عقد الواحد مع الاثنين عقدان انتهيا
وقيل لا تتعدد بحال وأطلقهما في الحاويين
وقيل تتعدد بتعدد البائع فقط
قال في الرعاية الكبرى وإن اتحد الوكيل دون الموكل أو بالعكس فاحتمالان والأظهر الاعتبار بالموكل فإن قال لاثنين بعتكما هذا فقبل أحدهما وقلنا تتعدد الصفقة بتعدد المشتري ففي الصحة وجهان يأتي ذلك في باب الشفعة محررا إن شاء الله

قوله : ولا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها
هذا الصحيح من المذهب بشرطه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقيل يصح مع التحريم وهو رواية في الفائق وأطلقهما والتفريع على الأول
تنبيهات
الأول محل الخلاف إذا لم تكن حاجة فإن كان ثم حاجة صح البيع جزم به في الفروع وغيره
والحاجة هنا كالمضطر إلى الطعام والشراب إذا وجده يباع والعريان إذا وجد السترة تباع وكذا كفن الميت ومؤنة تجهيزه إذا خيف عليه الفساد بالتأخير وكذا لو وجد أباه يباع وهو مع من لو تركه معه رحل وفاته الشراء
وكذا على الصحيح لو لم يجد مركوبا وكان عاجزا أو لم يجد الضرير قائدا ووجد ذلك يباع
وقال ابن عقيل ويحتمل أن لا يصح
وقال في الفائق ولو كان الشراء لآلة الصلاة أو المشتري أباه جاز في أحد الوجهين
قال ابن تميم لا بأس بشراء ماء للطهارة بعد أذان الجمعة وكذا قال في الرعاية وزاد وله شراء السترة كما تقدم
الثاني مراده بقوله : بعد ندائها النداء الثاني الذي عند أول الخطبة وهذا المذهب وعليه الأصحاب
وعنه ابتداء المنع من النداء الأول وهو الذي يقال عند المنارة
وعنه المنع من أول دخول الوقت وقدمه في المنتخب وهذه الرواية في عيون المسائل
والروايتان للقاضي والتلخيص والبلغة والترغيب والرعايتين والحاويين وغيرهم بالزوال
وأطلق هذه الرواية والرواية الأولى في التلخيص والبلغة
الثالث مفهوم قوله : من تلزمه الجمعة أنها إذا لم تلزمه يصح بيعه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يصح
وعنه لا يصح من مريض ونحوه دون غيره
فعلى المذهب يباح على الصحيح
وقيل يكره وجزم به الزركشي وغيره في الأسواق
الرابع ظاهر كلام المصنف أنه لو كان أحد المتعاقدين تلزمه الجمعة أن البيع لا يصح

وهو صحيح وهو المذهب واختاره ابن عقيل وصاحب التلخيص وغيرهما وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل يصح
وقال المصنف والشارح فإن كان أحدهما مخاطبا بها دون الآخر حرم على المخاطب وكره للآخر ويحتمل أن يحرم وهذا هو الذي قدمه في الفروع
قال في الفصول يحرم على من تجب عليه ويأثم فقط كالمحرم يشتري صيدا من محل ثمنه حلال للمحل والصيد حرام على المحرم قال في الفروع كذا قال
الخامس ظاهر كلام المصنف أيضا أنه لو وجد الإيجاب قبل النداء والقبول بعده أنه يصح وهو قول في الرعاية وغيرها
والصحيح من المذهب أن حكمه حكم صدور البيع بعد النداء جزم به في التلخيص وغيره
قال في الفروع وأحد شقيه كهو وقدمه في الرعاية واختاره ابن عقيل في الفنون
السادس ظاهر تقييده بالجمعة صحة البيع بعد نداء غيرها من الصلوات من غير تحريم فشمل صورتين
إحداهما : إذا لم يتضيق الوقت فالصحيح من المذهب أن لا يحرم وعليه الأصحاب
وقيل يحرم وهو احتمال لابن عقيل
قلت: ويحتمل أن يحرم إذا فاتته الجماعة بذلك وتعذر عليه جماعة أخرى حيث قلنا بوجوبها
والثانية إذا تضيق حرم البيع وفي صحته وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين
إحداهما : لا يصح قال في الرعاية البطلان أقيس
قال في الفائق بعد ذكر حكم الجمعة ولو ضاق وقت صلاة فكذا حكمه في التحريم والانعقاد وجزم به الناظم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وهو الصواب وقواعد المذهب تقتضي ذلك وهي شبيهة بانعقاد النافلة مع ضيق الوقت عن الفريضة كما تقدم
والوجه الثاني يصح مع التحريم قال في الرعاية وهو أشهر
فوائد
إحداها : لو اختار إمضاء عقد بيع الخيار بعد النداء صح على الصحيح من المذهب قال في الفروع صح في الأصح وجزم به في التلخيص والرعاية الكبرى والزركشي
وقيل لا يصح

الثانية تحرم المناداة والمساومة ونحوهما مما يشغل حيث قلنا يحرم البيع
الثالثة يستوي في ذلك بيع الكثير والقليل وهو ظاهر كلام المصنف وغيره وصرح به الوجيز وغيره وكثير من الأصحاب
قوله : ويصح النكاح وسائر العقود في أصح الوجهين
وهو المذهب وصححه في الفروع والشرح والرعاية الصغرى والحاويين والنظم والزركشي وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره
وقيل لا يصح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والتلخيص والبلغة والرعاية الكبرى والفائق وغيرهم
قوله : ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمرا ولا بيع السلاح في الفتنة ولأهل الحرب
وهذا المذهب نقله الجماعة وعليه الأصحاب
قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب وقدمه في الفروع وغيره ويحتمل أن يصح مع التحريم
وعدم صحة بيع العصير لمن يتخذه خمرا من المفردات
تنبيه محل هذا الخلاف إذا علم أنه يفعل به ذلك على الصحيح
وقيل أو ظنه واختاره الشيخ تقي الدين وهو ظاهر نقل ابن الحكم
قلت: وهو الصواب
فائدة : مثل ذلك في الحكم بيع المأكول والمشروب لمن يشرب عليه المسكر وكذا الأقداح لمن يشرب بها وكذا الجوز والبيض ونحوهما للقمار وكذا بيع الأمة والغلام لمن عرف بوطء الدبر أو للغناء أما بيع السلاح لأهل العدل كقتال البغاة وقطاع الطريق فجائز
قوله : ولا يصح بيع عبد مسلم لكافر
هذا المذهب في الجملة نص عليه وعليه الأصحاب وذكر بعض الأصحاب في طريقته رواية بصحة بيعه لكافر كمذهب أبي حنيفة ويؤمر ببيعه أو كتابته
قوله : إلا أن يكون ممن يعتق عليه فيصح في إحدى الروايتين
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والكافي والهادي والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والفائق
إحداهما : يصح وهو المذهب

قال في الرعاية الكبرى في أواخر العتق وإن اشترى الكافر أباه المسلم صح على الأصح وعتق واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وإليه ميل الشارح
قلت: وهو الصواب
والرواية الثانية لا يصح جزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص وقال نص عليه وقدمه الناظم وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب
ويأتي في باب الولاء إذا قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عني وعلي ثمنه هل يصح أم لا
ويأتي في كتاب العتق إذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم وهو موسر هل يسري إلى باقيه أم لا
فائدة : لو وكل مسلم كافرا في شراء عبد مسلم لم يصح على الصحيح من المذهب جزم به في الرعايتين والحاويين وتذكرة ابن عبدوس والفائق
وقيل يصح مطلقا وأطلقهما الناظم
وقيل يصح إن سمي الموكل في العقد وإلا فلا وأطلقهن في الفروع
وقال في الواضح إن كفر بالعتق وكل من يشتريه له ويعتقه
وقال في الانتصار لا يبيع الكافر آبقا ويوكل فيه لمن هو في يده
وتقدم في أواخر كتاب الجهاد هل يبيع من استرق من الكفار للكفار في كلام المصنف وتقدم المذهب في ذلك
قوله : وإن أسلم عبد الذمي أجبر على إزالة ملكه عنه بلا نزاع وليس له كتابته
هذا أحد الوجهين وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الشرح وقال هو أولى وصححه في النظم في أواخر باب الكتابة
قال ابن منجا هذا المذهب وقدمه في الفروع في باب التدبير وقدمه في الهداية والخلاصة في باب الكتابة
وقال القاضي له ذلك جزم به في الوجيز
وحكى في الفروع عن أبي بكر أنها تكفي
قال في الرعايتين والحاوي الصغير صح في أصح الوجهين ويكفي في الأصح وأطلقهما في الكافي والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والحاوي الكبير والفائق وأطلقهما في المذهب في باب الكتابة

ويأتي إذا أسلم عبده أو أم ولده في باب التدبير وفي الاكتفاء بالكتابة إذا ورثه الوجهان خلافا ومذهبا
فائدة : قيل يدخل العبد المسلم في ملك الكافر ابتداء في سبع مسائل
إحداها : الإرث
الثانية استرجاعه بإفلاس المشتري يعني لو اشترى عبدا كافرا من كافر ثم أسلم العبد وأفلس المشتري وحجر عليه
الثالثة إذا رجع في هبته لولده يعني لو وهب الكافر عبده الكافر لولده المسلم ثم أسلم العبد ورجع في هبته
الرابلاعة إذا رد عليه بعيب يعني إذا باعه ثم أسلم وظهر به عيب فرده وحكى في القواعد فيه وفيما يشابهه وجهين
الخامسة إذا قال الكافر لمسلم أعتق عبدك المسلم عني وصححناه على ما يأتي في باب الولاء
السادسة إذا كاتب عبده ثم أسلم ثم عجز عن نفسه على قول
السابعة إذا اشترى من يعتق عليه على ما تقدم
قلت: وتأتي ثامنة وهي جواز شرائه ويؤمر ببيعه وكتابته على رواية ذكرها بعض الأصحاب في طريقته
وتاسعة وهي ما إذا ملكه الحربي وقلنا إنه يملك مالنا بالاستيلاء على ما تقدم في قسمة الغنيمة
وعاشرة وهي إذا استولد المسلم أمة الكافر قاله ابن رجب في القاعدة الخمسين وقال يملك الكافر المصاحف بالإرث ويرده عليه بعيب ونحوه وبالقهر
وحادية عشر وهي إذا باع الكافر عبدا كافرا بشرط الخيار مدة وأسلم العبد فيها
قلت: وقد قال الشيخ تقي الدين في شرح المحرر هل يملك الكافر فسخ العقد بإفلاس المشتري أو عيب الثمن أو بخيار أو إذا وهبه لابنه المسلم أم لا قياس المذهب يملكه ولا يقر في ملكه لأن في منعه من ذلك إبطال حق العقد قال وفيه نظر انتهى
ويؤخذ من كلامه صورة أخرى وهي ما إذا وجد ثمنه معيبا وقلنا الدراهم والدنانير تتعين بالتعيين وكانت معينة وردها وكان قد أسلم قبل ذلك
فتكون اثني عشر مسألة
فائدة: قوله: ولا يجوز بيع الرجل على بيع أخيه وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة أنا أعطيك مثلها بتسعة ولا شراء الرجل على شراء أخيه وهو أن

يقول لمن باع سلعة بتسعة عندي فيها عشرة ليفسخ البيع ويعقد معه
وهذا بلا نزاع فيهما ويتصور ذلك في مسألتين الأولى في خيار المجلس والثانية في خيار الشرط
وجزم به في الفروع والرعاية وغيرها
قال ابن رجب في شرح الأربعين النووية في شرح الحديث الخامس والثلاثين وظاهر كلام أحمد في رواية ابن مشيش قال ومال إلى القول بأنه عام في الحالين انتهى يعني في مدة الخيار وبعدها قال وهو قول طائفة من أصحابنا وهو أظهر انتهى وعلله تبعا لميل غيرهم
وأما قبل العقد فهو سومه على سوم أخيه على ما يأتي
قوله : فإن فعل فهل يصح على وجهين
وهما روايتان في الفروع وغيره وأطلقهما في الهداية والمحرر والرعايتين والحاويين والمستوعب
أحدهما لا يصح أعني البيع الثاني وهو المذهب صححه في التصحيح
قال في المذهب ومسبوك الذهب البيع باطل في ظاهر المذهب
قال في الفروع لم يصح على الأصح
قال في الرعاية الكبرى أشهرهما البطلان واختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الخلاصة والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الشرح والكافي
والوجه الثاني يصح اختاره القاضي وأبو الخطاب
وقال الشيخ تقي الدين يحرم الشراء على شراء أخيه فإن فعل كان للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة وأخذ الزيادة أو عوضها
فائدتان
إحداهما : سومه على سوم أخيه محرم مع الرضى صريحا على الصحيح من المذهب وقيل يكره ذكره في الرعاية الكبرى
فعلى المذهب يصح البيع على الصحيح من المذهب
وقيل لا يصح وهو ظاهر ما جزم به ابن عبدوس في تذكرته
وظاهر الرعاية الصغرى والحاوي الصغير أن في صحة البيع روايتان وإن حصل الرضى ظاهرا لم يحرم السوم على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في التلخيص وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل يحرم كرضاه صريحا

قال المصنف لو قيل بالتحريم هنا لكان وجها حسنا وصححه الناظم
فعليه لو تساوى الأمران لم يحرم على الصحيح جزم به المصنف والشارح وغيرهما
وقيل يحرم أيضا
وأما إذا ظهر منه ما يدل على عدم الرضى فإنه لا يحرم قولا واحدا
وقسم في عيون المسائل السوم على سوم اخيه كالخطبة على خطبة أخيه على ما يأتي إن شاء الله تعالى
الثانية سوم الإجارة كالبيع ذكره في الانتصار وذكره عنه في الفروع في آخر التصرف في المبيع
قلت: وكذا استئجاره على إجارة أخيه حيث قلنا بخيار المجلس فيها
وقال الشيخ تقي الدين في شرح المحرر قلت: واستئجاره على استئجار أخيه واقتراضه على اقتراض أخيه ولتهابه على اتهاب أخيه مثل شرائه على شراء اخيه أو شرائه على لتهابه أو شرائه على إصداقه ونحو ذلك بحيث تختلف جهة الملك
قوله : وفي بيع الحاضر للبادي روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص والمحرر وشرح ابن منجا والفائق والزركشي
إحداهما : يحرم ولا يصح بشروطه وهو المذهب
قال في المغني والشرح والفروع حرم وفسد العقد رضوا بذلك أم لا في ظاهر المذهب
قال الناظم وهو الأظهر واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور ونظم المفردات والخرقي وهو منها وقدمه في الحاويين والكافي
والرواية الثانية يكره ويصح قدمه في الخلاصة والرعايتين
وعنه يحرم ويصح ذكرها في الرعاية الكبرى وغيره
قال الزركشي وجعل ابن منجا في شرحه الصحة على القول بزوال النهي والبطلان على القول ببقائه قال وليس بشيء وإنما الروايتان على القول ببقاء النهى انتهى
قلت: ما قاله ابن منجا قاله المصنف في المغني والشارح
فالرواية الواردة عن أحمد تدل على ذلك وبها استدلا
قال الشارح بعد أن قدم المذهب والنهي عنه ونقل ابن شاقلا أن الحسن بن علي المصري سأل أحمد رحمه الله عن بيع حاضر لباد فقال لا بأس به فقال له الخبر الذي جاء

بالنهي؟ قال كان ذلك مرة قال فظاهر هذا أن النهي اختص بأول الإسلام لما كان عليهم من الضيق في ذلك انتهى
فعلى المذهب يشترط لعدم الصحة خمس شروط كما ذكره المصنف وهو أن يحضر البادي لبيع سلعته بسعر يومها جاهلا بسعرها ويقصده الحاضر وتكون بالمسلمين حاجة إليها فاجتماع هذه الشروط يحرم البيع ويبطله على المذهب كما تقدم فإن اختل منها شرط صح البيع على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
ولم يذكر الإمام أحمد رحمه الله في الشروط أن يكون بالمسلمين حاجة إليها
قوله : ويقصده الحاضر
هذا شرط لكن يشترط فيه أن يكون عارفا بالسعر على الصحيح من المذهب وعنه لا يعرفه
قوله : جاهلا بسعرها
يعني البادي وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يشترط جهله بالسعر
قوله : أن يحضر البادي لبيع سلعته
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وعنه حكم ما إذا وجه بها البادي إلى الحاضر ليبيعها له حكم حضور البادي ليبيعها نقله ابن هانئ
ونقل المروذي أخاف أن يكون ممن جزم بهما الخلال وهو ظاهر كلام الخرقي لعدم ذكره له
قوله : بسعر يومها
زاد بعضهم في هذا الشرط أن يقصد البيع بسعر يومها حالا لا نسيئة نقله الزركشي ولم يذكر الخرقي بسعر يومها
قوله : وأما شراؤه له فيصح رواية واحدة
وهو المذهب وعليه الأصحاب ونقل ابن هانئ لا يشتري له وتقدم أول الباب بيع التلجئة والهازل ونحوهما فليعاود
فائدة : الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه أن النهي في هذه المسألة باق
وعنه زواله وقال كان ذلك مرة والتفريع على الأول

قوله : ومن باع سلعة بنسيئة لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقدا إلا أن تكون قد تغيرت صفتها
هذه مسألة العينة فعلها محرم على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب
وعند أبي الخطاب يحرم استحسانا ويجوز قياسا وكذا قال في الترغيب لم يجز استحسانا وفي كلام القاضي وأصحابه القياس صحة البيع
قال في الفروع ومرادهم أن القياس خولف لدليل راجح فلا خلاف إذا في المسألة وحكى الزركشي بالصحة قولا
وذكر الشيخ تقي الدين أيضا أنه يصح البيع الأول إذا كان بيانا بلا مواطأة وإلا بطلا وأنه قول أحمد
قال في الفروع ويتوجه أن مراد من أطلق هذا إلا أنه قال في الانتصار إذا قصد بالأول الثاني يحرم وربما قلنا ببطلانه
وقال أيضا يحتمل إن قصد أن لا يصحا وإن سلم فالبيع الأول خلا عن ذريعة الربا
تنبيه قوله : لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقدا
قاله أبو الخطاب والمصنف في المغني والشارح والناظم وصاحب الوجيز والرعاية وغيرهم
والصحيح من المذهب لا يشترط في التحريم أن يشتريها بنقد بل يحرم شراؤها سواء كان بنقد أو نسيئة
قال في الفروع إذا لم يقله أحمد والأكثر بل ولو كان بعد حل أجله نقله ابن القاسم وسندي
فوائد
إحداها : لو اشتراها بعرض أو كان بيعها الأول بعرض فاشتراها بنقد جاز
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا
قال في الفروع فإن كان بغير جنسه جاز انتهى
وإن باعها بنقد واشتراها بنقد آخر فقال الأصحاب يجوز قاله المصنف والشارح وفي الانتصار وجه لا يجوز إلا إذا كان بعرض فلا يجوز إذا كان بنقدين مختلفين واختاره المصنف والشارح
قلت: وهو الصواب
الثانية من مسائل العينة لو باعه شيئا بثمن لم يقبضه ذكره القاضي وأصحابه وهو

ظاهر كلام الإمام أحمد ثم اشتراه بأقل مما باعه نقدا أو غير نقد على الخلاف المتقدم لم يصح
الثالثة عكس العينة مثلها في الحكم وهي أن يبيع السلعة بثمن حال ثم يشتريها بأكثر نسيئة على الصحيح من المذهب نص عليه قدمه في المغني والشرح والفروع والفائق
ونقل أبو داود يجوز بلا حيلة
ونقل المروذي فيمن باع شيئا ثم وجده يباع أيشتريه بأقل مما باعه قال لا ولكن بأكثر لا بأس
قال المصنف ويحتمل أن يجوز له شراؤها بجنس الثمن بأكثر منه إذا لم تكن مواطأة ولا حيلة بل وقع اتفاقا من غير قصد
قوله : فإن اشتراه أبوه أو ابنه جاز
مراده إذا لم يكن حيلة فإن كان حيلة لم يجز وكذا يجوز له الشراء من غير مشتريه لا من وكيله
قال في الفائق قلت: بشرط عدم المواطأة انتهى
قلت: وهو مراد الأصحاب
فائدة : لو احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بمائة وخمسين فلا بأس نص عليه وهو المذهب وعليه الأصحاب وهي مسألة التورق
وعنه يكره وعنه يحرم اختاره الشيخ تقي الدين
فإن باعه لمن اشترى منه لم يجز وهي العينة نص عليه
قوله : وإن باع ما يجري فيه الربا نسيئة ثم اشترى منه بثمنه قبل قبضه من جنسه أو ما لا يجوز بيعه نسيئة لم يجز
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
واختار المصنف الصحة مطلقا إذا لم يكن حيلة وقال قياس مسألة العينة أخذ عين جنسه واختاره في الفائق
واختار الشيخ تقي الدين الصحة إذا كان ثم حاجة وإلا فلا
تنبيه شمل كلام المصنف مسألتين
إحداهما : أن يبيعه كيل بر إلى شهر بمائة ثم يشتري بثمنه بعد استحقاقه
منه برا فلا يجوز قال في التلخيص قاله أصحابنا ونص عليه
الثانية أن يأخذ بالثمن منه شعيرا أو غيره مما يجري فيه الربا نسيئة فلا يجوز

فوائد الباب
يحرم التسعير ويكره الشراء به على الصحيح من المذهب وإن هدد من خالفه حرم وبطل العقد على الصحيح من المذهب صححه في الفروع والرعاية الكبرى وقدمه في الرعاية الصغرى وقيل لا يبطل العقد بأحدهما
هل الوعيد إكراه أم لا
ويحرم قوله: بع كالناس على الصحيح من المذهب وفيه وجه لا يحرم
وأوجب الشيخ تقي الدين إلزامهم المعاوضة بمثل الثمن وقال لا نزاع فيه لأنها مصلحة عامة لحق الله تعالى
وكره الإمام أحمد البيع والشراء من مكان ألزم الناس بهما فيه لا الشراء ممن اشترى منه
وكره أيضا الشراء بلا حاجة من جالس على الطريق ومن بائع مضطر ونحوه
وقال في المنتخب لبيعه بدون ثمنه
ويحرم الاحتكار في قوت الآدمي فقط على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل لا يحرم
وعنه يحرم أيضا فيما يأكله الناس وعنه أو يضرهم ادخاره بشرائه في ضيق
وقال المصنف من بلده لا جالبا والأول قدمه في الفروع وقاله القاضي وغيره
ويصح شراء محتكر على الصحيح من المذهب
وفي الترغيب احتمال بعدم الصحة
وفي كراهة التجارة في الطعام إذا لم يرد الحكرة روايتان وأطلقهما في الفروع
قال في الرعاية الكبرى ومن جلب شيئا أو استغله من ملكه أو مما استأجره أو اشتراه زمن الرخص ولم يضيق على الناس إذن أو اشتراه من بلد كبير كبغداد والبصرة ومصر ونحوها فله حبسه حتى يغلو وليس محتكرا نص عليه وترك ادخاره لذلك أولى انتهى
وقال القاضي يكره إن تربص به السعر لا جالبا بسعر يومه
نقل عبد الله وحنبل الجالب أحسن حالا وأرجو أن لا بأس ما لم يحتكر
وقال لا ينبغي أن يتمنى الغلاء
وقال في الرعاية يكره واختاره الشيخ تقي الدين
ويجبر المحتكر على بيعه كما يبيع الناس فإن أبى وخيف التلف فرقه الإمام ويردون مثله
قال في الفروع ويتوجه قيمته
قلت: وهو قوي

وكذا سلاح لحاجة قاله الشيخ تقي الدين
قلت: وأولى
ولا يكره ادخار قوت لأهله ودوابه نص عليه ونقل جعفر سنة وسنتين ولا ينوي التجارة فأرجو أن لا يضيق
ومن ضمن مكانا ليبيع فيه ويشتري وحده كره الشراء منه بلا حاجة ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق ذكره الشيخ تقي الدين

باب الشروط في البيع
تنبيه قوله : وهي ضربان صحيح وهو ثلاثة أنواع أحدها شرط مقتضي البيع كالتقابض وحلول الثمن ونحوه
بلا نزاع ويأتي لو جمع بين شرطين من هذا
قوله : الثاني شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله أو الرهن أو الضمين به أو صفة في المبيع نحو كون العبد كاتبا أو خصيا أو صانعا أو مسلما أو الأمة بكرا أو الدابة هملاجة والفهد صيودا فيصح الشرط بلا نزاع فإن وفى به هو في جميع ما تقدم وإلا فلصاحبه الفسخ
يعني إذا لم يتعذر الرد فأما إن تعذر الرد تعين له الأرش وإن لم يتعذر الرد فظاهر كلامه أنه ليس له إلا الفسخ لا غير وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلامه في الشرح وشرح ابن منجا والوجيز
قال الزركشي في الرهن وهو ظاهر كلام الخرقي والقاضي وأبي الخطاب وصاحب التلخيص والسامري وأبي محمد
والصحيح من المذهب أن له الفسخ أو أرش فقد الصفة جزم به في المنور وغيره واختاره ابن عبدوس وغيره
قال الزركشي ويحكي عن ابن عقيل في العمدة وقدمه في المحرر والفروع والنظم والرعايتين والفائق وأطلقهما الزركشي
تنبيه قوله : أو الرهن أو الضمين به
من شرط صحته أن يكونا معينين فإن لم يعينهما لم يصح وليس له طلبهما بعد العقد لمصلحته ويلزم بتسليم رهن المعين إن قيل يلزم بالعقد
وفي المنتخب هل يبطل بيع ببطلان رهن فيه لجهالة الثمن أم لا كمهر في نكاح فيه احتمالان

فائدة : ومن الشروط الصحيحة أيضا لو شرطها تحيض او اشترط الدابة لبونا أو الأرض خراجها كذا ذكره القاضي واقتصر عليه في الفروع فيهما وجزم به في الكافي والمغني والشرح وقال ابن شهاب إن لم تحض طبعا ففقده يمنع النسل وإن كان لكبر فعيب لأنه ينقص الثمن
وجزم في التلخيص أنه لا يصح شرط كونها لبونا قال في الرعاية وهو أشهر
قوله : وإن شرطها ثيبا كافرة فبانت بكرا مسلمة فلا فسخ
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به في الوجيز والنظم وغيرهم وصححه في الفائق وغيره وقدمه في الفروع وغيره
ويحتمل أن له الفسخ لأن له فيه قصدا
قلت: وهو قوي
واختاره ابن عبدوس في تذكرته ونصره المصنف في المغني وقدمه في الحاوي الكبير وأطلقهما في الكافي فيما إذا شرطها كافرة فبانت مسلمة
تنبيه مما يحتمله كلام المصنف لو شرطها ثيبا فبانت بكرا أو شرطها كافرة فبانت مسلمة وأكثر الأصحاب إنما مثلوا بذلك فلذلك حمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف عليه
قلت: يمكن حمله على ظاهره ويكون ذلك من باب التنبيه على ما مثله الأصحاب ولذلك أجراه الشارح على ظاهره
فائدة : لو شرطه كافرا فبان مسلما فظاهر ما قدمه في الفروع أن له الفسخ
قال شيخنا في حواشيه وهو مشكل من جهة المعنى لأن العلة المذكورة في الكافرة موجودة في الكافر
وقال أبو بكر حكمه حكم ما إذا شرطها كافرة فبانت مسلمة
قال في الرعاية هذا أقيس
قال في التلخيص هذا أظهر الوجهين
قلت: وهو الصحيح
وذكر ابن الجوزي فيما إذا شرطه كافرا فبان مسلما روايتين
قوله : وإن شرط الطائر مصوتا أو أنه يجيء من مسافة معلومة صح
إن شرط الطائر مصوتا فقدم المصنف الصحة وهو المذهب على ما اصطلحناه جزم به في العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي واختاره المصنف وابن عبدوس في تذكرته قال الشارح الأولى جوازه

قال في الفائق صح في أصح الوجهين وجزم به في العمدة وقدمه في الكافي
قال القاضي لا يصح قال في الرعاية الكبرى وهو الأشهر قال الناظم وهو الأقوى وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والمحرر والمنور وإدراك الغاية وقدمه في الحاويين
قلت: وهذا المذهب
وقد وافق على ذلك في الهادي وأطلقهما في الرعاية الصغرى والفروع وشرح ابن منجا
وإن شرط أن يجيء من مسافة معلومة فقدم المصنف هنا الصحة وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي
قال الشارح وهو أولى
قال في الفائق صح في أصح الوجهين
واختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في إدراك الغاية والكافي
وقال القاضي لا يصح وصححه في المذهب ومسبوك الذهب
قال في الرعاية الكبرى أشهرهما بطلانه وأطلقهما في المستوعب والخلاصة والمغني والتلخيص والمحرر والرعاية الصغرى والحاويين والفروع وشرح ابن منجا
فتلخص في المسألتين طرق يصح الشرط فيهما لا يصح فيهما لا يصح في الأولى وفي الثانية الخلاف لا يصح في الأولى ويصح في الثانية وهو المذهب الصحيح
فائدتان
إحداهما : لو شرط الطائر يبيض أو يوقظه للصلاة أو الأمة حاملا فحكمهن كالمسألتين المتقدمتين عند صاحب الفروع
وأما إذا شرط في الطائر أنه يبيض فقال المصنف في المغني الأولى الصحة
قلت: وهو الأولى وقيل لا يصح
وإن شرط أنه يوقظه للصلاة فالصحيح من المذهب أنه لا يصح قال في الفائق بطل في أصح الوجهين
قال في الرعاية الكبرى الأشهر البطلان وقدمه في الحاويين وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والشرح وغيرهم
وقيل يصح ونسبه في الحاويين إلى اختيار المصنف

وقد قدم في الكافي أنه إذا شرط أنه يصيح في وقت من الليل أنه يصح وأما إذا شرط أنه يصيح في أوقات معلومة فإنه يجري مجرى التصويت في القمري ونحوه قاله المصنف والشارح
وإن شرط الأمة حاملا فالصحيح من المذهب الصحة وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى
قلت: وهو أولى
وقال القاضي قياس المذهب لا يصح وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وصاحب المنور فيه وصححه الأزجي في نهايته وقدمه في التلخيص وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
وأما إذا شرط الدابة حاملا فقال في الرعاية الكبرى أشهر الوجهين البطلان وقيل يصح الشرط
الثانية لو شرط أنها لا تحمل ففاسدن وإن شرطها حائلا فبانت حاملا فله الفسخ في الأمة بلا نزاع ولا فسخ له في غيرها من البهائم على الصحيح من المذهب
وقيل بلى كالأمة
وقال في الرعاية والحاوي ليس بعيب في البهائم إن لم يضر اللحم
ويأتي ذلك في العيوب في الباب الذي بعد هذا
قوله : الثالث أن يشترط البائع نفعا معلوما في البيع كسكنى الدار شهرا أو حملان البعير إلى موضع معلوم
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وهو المعمول به في المذهب وهو من المفردات
وعنه لا يصح قال في القواعد وحكى عنه رواية لا يصح وأطلقهما في الرعاية الصغرى
تنبيه يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق اشتراط وطء الأمة ودواعيه فإنه لا يصح قولا واحدا صرح به الأصحاب وهو مراد المصنف وغيره
فائدة : يجوز للبائع إجارة ما استثناه وإعارته مدة استثنائه كالعين المؤجرة
إذا بيعت وإن تلفت العين فإن كان بفعل المشتري فعليه أجرة مثله وإن كان بتفريطه فهو كتلفها بفعله نص عليه وقال يرجع على المبتاع بأجرة المثل
قال القاضي معناه عندي يضمنه بالقدر الذي نقصه البائع لأجل الشرط ورده المصنف والشارح

وإن كان التلف بغير فعله وتفريطه لم يضمن على الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما قدمه في الفروع واختاره المصنف والشارح وقواه الناظم وهو احتمال في الرعاية
وقال القاضي يضمن وجزم به في الفائق والحاويين والرعاية الكبرى وقالوا نص عليه ورده المصنف والشارح
فعلى قول القاضي يضمنه بما نقص جزم به في الفروع
وقال في الرعاية الكبرى وإن تلف بلا تفريطه ولا فعله ضمن نفعه المذكور بأجرة مثله نص عليه فيقوم المبيع بنفعه وبدونه فما نقص من قيمته أخذ من ثمنه بنسبته
وقيل بل ما نقصه البائع بالشرط انتهى
فائدة : لو أراد المشتري أن يعطي البائع ما يقوم مقام المبيع في المنفعة أو يعوضه عنها لم يلزمه قبوله فإن تراضيا على ذلك جاز
قوله : أو يشترط المشتري نفع البائع في المبيع كحمل الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وتفصيله
الواو هنا بمعنى أو تقديره كحمل الحطب أو تكسيره وخياطة الثوب أو تفصيله بدليل قوله: وإن جمع بين شرطين لم يصح
فلو جعلنا الواو على بابها كان جمعا بين شرطين ولا يصح ذلك
واعلم أن الصحيح من المذهب صحة اشتراط المشتري نفع البائع في المبيع وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه قال أبو بكر وابن حامد المذهب جوازه
وسواء كان حصادا أو جز رطبة أو غيرهما
قال الزركشي هو المختار للأكثرين
قال في الهداية والمستوعب والفائق هذا ظاهر المذهب نص عليه وكذا قال في القواعد الفقهية والحاوي الكبير في غير شرط الحصاد
قال القاضي لم أجد بما قال الخرقي رواية في المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الشرح وغيره وصححه في الفروع وغيره وهو من مفردات المذهب
وعنه لا يصح صححه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في التلخيص والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
فائدة : حكى كثير من الأصحاب فيما إذا اشترط المشتري نفع البائع في المبيع الروايتين وقطعوا بصحة شرط البائع نفعا معلوما في المبيع وفرقوا بينهما بأن في اشتراط نفع البائع جمعا بين بيع وإجارة فقد جمع بين بيعتين في بيعة وهو منهي عنه

وأما اشتراط منفعة المبيع فهو استثناء بعض أعيان المبيع وكما لو باع أمة مزوجة او مؤجرة أو شجرة عليها ثمرة قد بدا صلاحها
تنبيه فعلى الصحة لا بد من معرفة النفع لأنه بمنزلة الإجارة فلو شرط الحمل إلى منزله وهو لا يعرفه لم يصح ذكره المصنف وغيره
قوله : وذكر الخرقي في جز الرطبة إن شرطه على البائع لم يصح
وجعله ابن أبي موسى المذهب وقدمه في في القواعد الفقهية
قال المصنف فيخرج ها هنا مثله وخرجه قبله أبو الخطاب وابن الجوزي وجماعة
واعلم أنه اختلف في كلام الخرقي فقيل يقاس عليه ما أشبهه من اشتراط منفعة البائع وهو الذي ذكره المصنف وهؤلاء الجماعة وهو الصواب فإنه نقل عن الإمام أحمد رحمه الله رواية توافق من خرج ذكرها صاحب التلخيص والمجد وصاحب الفروع وغيرهم واختارها في الرعاية الكبرى كما تقدم وإليه ميل الزركشي وغيره
وقيل تختص مسألة الخرقي بما يفضي الشرط فيه إلى التنازع لا غير
قال المصنف والشارح وهو أولى الوجهين
أحدهما أنه قال في موضع آخر ولا يبطل البيع بشرط واحد
الثاني أن المذهب صحة اشتراط منفعة البائع في المبيع
وأطلق هذين القولين عن كلام الخرقي في الكافي
قال في نهاية ابن رزين وقيل لا يصح شرط جز الرطبة عليه
فخرج هنا مثله وليس بشيء
وتبعه في تجريد العناية وناظم النهاية
قال ابن رزين في شرحه هذا التخريج ضعيف بعيد يخالف القواعد والأصول
وخرج ابن رجب في قواعده صحة الشرط في النكاح
قال وهو ظاهر كلام أكثر المتأخرين ولذلك استشكلوا مسألة الخرقي في حصاد الزرع انتهى
فعلى المذهب في أصل المسألة يلزم البائع فعل ما وقع عليه الشرط وله أن يقيم غيره بعمله فهو كالأجير فإن مات أو تلف أو استحق فللمشتري عوض ذلك نص عليه ولو أراد البائع بذل العوض عنه لم يلزم المشتري قبوله وإن أراد المشتري أخذ العوض عنه لم يلزم البائع بذله فلو رضيا بعوض النفع ففي جوازه وجهان وأطلقهما في المغني والشرح والفروع
أحدهما يجوز جزم به في الرعاية وقدمه ابن رزين في شرحه.

قلت: وهو الصواب
والثاني يجوز
قوله : وإن جمع بين شرطين لم يصح
هذا المذهب وعليه الأصحاب
وعنه يصح اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله قاله في الفائق
تنبيه محل الخلاف إذا لم يكونا من مصلحة العقد فأما إن كانا من مصلحته فإنه يصح على الصحيح من المذهب
اختاره القاضي في
شرحه والمصنف وصاحب التلخيص والمجد والشارح وغيرهم وردوا غيره
وعنه لا يصح اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل في التذكرة
قال في المستوعب والحاويين لا يجوز شرطان في بيع فإن فعل بطل العقد سواء كانا من الشروط الفاسدة أو الصحيحة وقدماه
وقال في الرعاية الكبرى لو شرط شرطين فاسدين أو صحيحين لو انفردا بطل العقد ويحتمل صحته دون شروطه المذكورة
وقال في الصغرى وإن جمع في عقد شرطين ينافيانه بطل
فظاهره أنهما إذا كانا من مصلحته لا يبطل كالأول وأما إذا كان الشرطان فأكثر من مقتضاه فإنه يصح قولا واحدا
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم يصح بلا خلاف
فائدتان
إحداهما : روى عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه فسر الشرطين المنهي عنهما بشرطين فاسدين وكذا فسره به بعض الأصحاب ورده في التلخيص بأن الواحد لا يؤثر في العقد فلا حاجة إلى التعدد
ويجاب بأن الواحد في تأثيره خلاف والاثنان لا خلاف في تأثيرهما قاله الزركشي
وروى عن الإمام أحمد أنه فسرهما بشرطين صحيحين ليسا من مصلحة العقد ولا مقتضاه وهو المذهب على ما تقدم
قال القاضي في المجرد هما شرطان مطلقا يعني سواء كانا صحيحين أو فاسدين أو من غير مصلحة وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد وكذا قال ابن عقيل في التذكرة على ما تقدم قريبا
الثانية يصح تعليق الفسخ بشرط على المذهب اختاره القاضي في التعليق وصاحب

المبهج وقدمه في الفروع
وقال أبو الخطاب والمصنف لا يصح
وذكر في الرعاية إذا أجر هذه الدار كل شهر بدرهم فإذا مضى شهر فقد فسختها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ صحيح على الأصح
قال في الفصول والمغني في الإقرار لو قال بعتك إن شئت فشاء وقبل صح
ويأتي في الخلع تعليقه على شيء
قوله : في الشروط الفاسدة أحدها أن يشترط أحدهما على صاحبه عقدا آخر كسلف أو قرض أو بيع أو إجارة أو صرف للثمن أو غيره فهذا يبطل البيع
وهو الصحيح من المذهب قال المصنف والشارح والزركشي هذا المشهور في المذهب
قال في الفروع لم يصح على الأصح
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في الوجيز والكافي والمنور وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين
ويحتمل أن يبطل الشرط وحده وهي رواية عن الإمام أحمد وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المذهب والمحرر والفائق
فائدة : هذه المسألة هي مسألة بيعتين في بيعة المنهي عنها قاله الإمام أحمد وجزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع
وعنه البيعتان في بيعة إذا باعه بعشرة نقدا وبعشرين نسيئة جزم به في الإرشاد والهداية وغيرهم
وعنه بل هذا شرطان في بيع
وقال في العمدة البيعتان في البيعة أن يقول بعتك هذا بعشرة صحاح أو بعشرين مكسرة أو يقول بعتك هذا على أن تبيعني هذا أو تشتري مني هذا انتهى فجمع فيهما بين الروايتين
ونقل أبو داود إن اشتراه بكذا إلى شهر كل جمعة درهمان قال هذا بيعان في بيع وربما قال بيعتان في بيعة
قوله : الثاني شرط ما ينافي مقتضى البيع نحو أن يشرط أن لا خسارة عليه أو متى نفق المبيع وإلا رده أو أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق أو إن أعتق فالولاء له أو يشرط أن يفعل ذلك فهذا باطل في نفسه

على الصحيح من المذهب إلا ما استثنى وعليه الأصحاب وتأتي الرواية في ذلك والكلام عليها
وهل يبطل البيع على روايتين وأطلقهما في الهداية والإيضاح
والمذهب والمستوعب والكافي والمغني والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والشرح والفائق وغيرهم
إحداهما : لا يبطل البيع وهو الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والمنور وغيرهما وصححه في التصحيح والنظم وغيرهما واختاره المصنف والشارح وغيرهما
قال القاضي المنصوص عن الإمام أحمد أن البيع صحيح وهو ظاهر كلام الخرقي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره
قال في القاعدة الخامسة والثلاثين لو شرط أن لا يبيع ولا يهب وإن باعها فالمشتري أحق بها فنص أحمد على الصحة وقال ونصوصه صريحة بصحة هذا البيع والشرط ومنع الوطء وذكر نصوصا كثيرة
والرواية الثانية يبطل البيع قال في الفروع اختاره القاضي وأصحابه وصححه في الخلاصة
فعلى المذهب للذي فات غرضه الفسخ أو أرش ما نقص من الثمن بإلغائه مطلقا على الصحيح جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل يختص ذلك بالجاهل بفساد الشرط دون العالم جزم به في الفائق
وقيل لا أرش له بل يثبت له الخيار بين الفسخ والإمضاء لا غير وهو احتمال في المغني والشرح
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا ظاهر المذهب
قوله : إلا إذا اشترط العتق ففي صحته روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والفروع والحاويين والزركشي
إحداهما : يصح وهو المذهب صححها في التصحيح والفائق والقواعد الفقهية قال في النظم وهو الأقوى
قال الزركشي في الكفارات المذهب من الروايتين عند الأصحاب جواز ذلك وصحته وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في المحرر والرعايتين
والرواية الثانية لا يصح قدمه في إدراك الغاية

قال الزركشي في الكفارات هو ظاهر كلام الوجيز
فعلى هذه الرواية لا يبطل البيع عند المصنف وغيره ويبطل عند أبي الخطاب في خلافه وغيره
فعلى المذهب يجبر عليه إن أباه كما قال المصنف لأنه حق لله كالنذر وهو الصحيح
قال الناظم هو الأقوى وقدمه في الفروع والرعايتين قال الزركشي هذا المشهور
وقيل هو حق للبائع واختاره ابن عبدوس في تذكرته
وحكى بعضهم الخلاف روايتين
فيثبت له خيار الفسخ وله إسقاطه مجانا وله الأرش إن مات العبد ولم يعتقه
نقل الأثرم إن أبى عتقه فله أن يسترده وإن أمضى فلا أرش في الأصح قاله في الفروع
وأطلق الخلاف في المستوعب والكافي والمغني والشرح والمحرر والحاويين والفائق والقواعد الفقهية
فعلى المذهب لو امتنع من العتق وأصر فقال في القواعد الفقهية يتوجه أن يعتقه الحاكم عليه فلو بادر المشتري وباعه بشرط العتق أيضا لم يصح قدمه في نهاية أبي المعالي للتسلسل وصححه الأزجي في نهايته
وقيل يصح وأطلقهما في القاعدة الرابعة والعشرين وقال عندي أن هذا الخلاف مرتب على أن الحق هل هو لله ويجبر عليه إن أبى أو للبائع فعلى الأول هو كالمنذور عتقه وعلى الثاني يسقط الفسخ لزوال الملك وللبائع الرجوع بالأرش فإن هذا الشرط ينقص به الثمن عادة
ويحتمل أن يثبت له الفسخ لسبق حقه انتهى
تنبيه قول المصنف: "وعنه فيمن باع جارية وشرط على المشتري إن باعها فهو أحق بها بالثمن أن البيع جائز ومعناه والله أعلم أنه جائز مع فساد الشرط
يعني أن ظاهر هذه الرواية صحة الشرط لسكوته عن فساده فبين المصنف رحمه الله معناه
روى المروذي عنه أنه قال هو في معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا شرطان في بيع " يعني أنه فاسد
وروى عنه إسماعيل أنه قال البيع صحيح واتفق عمر وابن مسعود رضي الله عنهما على صحته
قال المصنف يحتمل أن يحمل كلام أحمد في رواية المروذي على فساد الشرط وفي

رواية إسماعيل على جواز البيع فيكون البيع صحيحا والشرط فاسدا وهو موافق لأكثر الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين نقل عن ابن سعيد فيمن باع شيئا وشرط عليه إن باعه فهو أحق به بالثمن جواز البيع والشرط
وسأله أبو طالب عمن اشترى أمة بشرط أن يتسرى بها لا للخدمة قال لا بأس به
قال الشيخ تقي الدين روى عنه نحو عشرين نصا على صحة هذا الشرط
قال وهذا من أحمد يقتضي أنه إذا شرط على البائع فعلا أو تركا في البيع مما هو مقصود للبائع أو للمبيع نفسه صح البيع والشرط كاشتراط العتق
فاختار الشيخ تقي الدين صحة هذا الشرط بل اختار صحة العقد والشرط
في كل عقد وكل شرط لم يخالف الشرع لأن إطلاق الاسم يتناول المنجز والمعلق والصريح والكناية كالنذر وكما يتناوله بالعربية والعجمية انتهى
وأطلق ابن عقيل وغيره في صحة هذا الشرط ولزومه روايتين
ونقل حرب ما نقله الجماعة لا بأس بشرط واحد
فائدتان
إحداهما : لو شرط على المشتري وقف المبيع فالصحيح من المذهب أنه يلحق بالشروط المنافية لمقتضى البيع وقدمه في الفروع وهو ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب
وقيل حكمه حكم العتق إذا شرطه على المشتري كما تقدم
الثانية محل هذه الشروط أن تقع مقارنة للعقد
قال في الفروع وإن شرط ما ينافي مقتضاه قال ابن عقيل وغيره في العقد وقال بعد ذلك بأسطر ويعتبر مقارنة الشرط ذكره في الانتصار ويتوجه أنه كالنكاح
ويأتي كلام الشيخ تقي الدين وغيره فيما إذا شرط عند عقد النكاح شرطا في أول باب شروط النكاح
قوله : وإن شرط رهنا فاسدا ونحوه
مثل أن يشترط خيارا أو أجلا مجهولين أو نفع بائع ومبيع إن لم يصحا أو تأخير تسليمه بلا انتفاع وكذا فناء الدار لا بحق طريقها فهل يبطل البيع على وجهين
بناء على الروايتين في شرط ما ينافي مقتضى العقد خلافا ومذهبا وقد علمت أن المذهب عدم البطلان
فائدة : لو علق عتق عبده على بيعه فباعه عتق وانفسخ البيع نص عليه في رواية الجماعة

قال في القواعد الفقهية ولم ينقل عنه في ذلك خلاف انتهى
وهذا المذهب وعليه الأصحاب من حيث الجملة
وقال في المذهب وغيره عتق العبد على قول أصحابنا
وتردد فيه الشيخ تقي الدين في موضع وله فيه طريقة أخرى تأتي
قال العلامة ابن رجب في قواعده اختلف الأصحاب في تخريج كلام الإمام أحمد رحمه الله على طرق
أحدها أنه مبني على القول بأن الملك لم ينقل من البائع في مدة الخيار فأما على القول بالانتقال وهو الصحيح فلا يعتق وهي طريقة أبي الخطاب في انتصاره واختاره في الرعاية الكبرى وهو احتمال في الحاوي وغيره
قال ابن رجب وفي هذه الطريقة ضعف وبينه
الثاني أن عتقه على البائع لثبوت الخيار له فلم تنقطع علقته عن المبيع بعد وهي طريقة القاضي وابن عقيل وأبي الخطاب
الثالث أن يعتق على البائع عقب إيجابه وقبل قبول المشتري وهي طريقة ابن أبي موسى وصاحب المستوعب والمصنف في المغني والشارح وصاحب التلخيص وغيرهم لأنه علقه على بيعه وبيعه الصادر منه هو الإيجاب فقط ولهذا سمي بائعا
قال ابن رجب وفيه نظر وهو كما قال
الرابع أنه يعتق على البائع في حالة انتقال الملك إلى المشتري حيث يترتب على الإيجاب والقبول انتقال الملك وثبوت العتق فيتدافعان وينفذ العتق لقوته وسرايته دون انتقال الملك وهي طريقة أبي الخطاب في رؤوس المسائل
قال ابن رجب ويشهد له تشبيه أحمد له بالمدبر والوصية
الخامس أنه يعتق بعد انعقاد البيع وصحته وانتقال المبيع إلى المشتري ثم ينفسخ البيع بالعتق على البائع وصرح بذلك القاضي في خلافه وابن عقيل في عمد الأدلة والمجد وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وتشبيهه بالوصية
وسلك الشيخ تقي الدين طريقا سادسا فقال إن كان المعلق للعتق قصده اليمين دون التبرر بعتقه أجزأه كفارة يمين لأنه إذا باعه خرج عن ملكه فبقي كنذره إلا أن يعتق عبد غيره فتجزئه الكفارة وإن قصد به التبرر صار عتقا مستحقا كالنذر فلا يصح بيعه ويكون العتق معلقا على صورة البيع كما لو قال لما لا يحل بيعه إذا بعته فعلى عتق رقبة أو قال لأم ولده إن بعتك فأنت حرة انتهى كلام ابن رجب
فلقد أجاد وأفاد وله على هذه الطرق اعتراضات ومؤاخذات لا يليق ذكرها هنا وذلك في القاعدة السابعة والخمسين

ويأتي في أواخر باب الإقرار بالحمل لو قال لعبده إن أقررت بك لزيد فأنت حر أو فأنت حر ساعة إقراري
قوله : الثالث أن يشترط شرطا يعلق البيع كقوله: بعتك إن جئتني بكذا أو إن رضي فلان
فلا يصح البيع وهو المذهب وعليه الأصحاب
قال في الفائق ففاسد قاله أصحابنا لكونه عقد معاوضة ثم قال ونقل عن الإمام أحمد تعليقه فعلا منه قال شيخنا هو صحيح وهو المختار انتهى
قوله : أو يقول للمرتهن إن جئتك بحقك وإلا فالرهن لك يعني مبيعا بما لك عندي من الحق فلا يصح البيع ولا الشرط في الرهن
وهذا المذهب جزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم وجزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم ونص عليه ببطلان الشرط وهذا معنى قوله: عليه أفضل الصلاة والسلام: "لا يغلق الرهن".
وقال الشيخ تقي الدين لا يبطل الثاني وإن لم يأته صار له وفعله الإمام
قاله في الفائق وقال قلت: فعليه غلق الرهن استحقاق المرتهن له بوضع العقد لا بالشرط كما لو باعه منه ذكره في باب الرهن
وأما صحة الرهن ففيه روايتان يأتيان مع الشرط في كلام المصنف في باب الرهن في آخر الفصل الأول
فائدتان
إحداهما : لو قبل المرتهن ذلك فهو امانة عنده إلى ذلك الوقت ثم يصير مضمونا لأن قبضه صار بعقد فاسد ذكره القاضي وابن عقيل
وقال في القواعد الفقهية والمنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحسن بن هارون أنه لا يضمنه بحال ذكره القاضي في الخلاف لأن الشرط يفسد فيصير وجوده كعدمه
الثانية يصح شرط رهن المبيع على ثمنه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب فيقول بعتك على أن ترهنه بثمنه
وقيل لا يصح واختاره ابن حامد والقاضي
ولو قال إن أو إذا رهنتنيه فقد بعتك فبيع معلق بشرط

وأجاب أبو الخطاب وأبو الوفاء إن قال بعتك على أن ترهنني لم يصح وإن قال إذا رهنتنيه على ثمنه وهو كذا فقد بعتك فقال اشتريت ورهنتها عندك على الثمن صح الشراء والرهن
قوله : إلا بيع العربون
الصحيح من المذهب أن بيع العربون صحيح وعليه أكثر الأصحاب
ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والتلخيص والشرح والفروع والمستوعب وغيرهم وهو من مفردات المذهب
وعند أبي الخطاب لا يصح وهو رواية عن أحمد
قال المصنف وهو القياس وأطلقهما في الخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق
لكن قال في الرعاية الكبرى المنصوص الصحة في العقد والشرط
قوله : وهو أن يشتري شيئا ويعطي البائع درهما ويقول إن أخذته وإلا فالدرهم لك
الصحيح من المذهب أن هذه صفة بيع العربون ذكره الأصحاب وسواء وقت أو لم يوقت جزم به في المغني والشرح والمستوعب وغيرهم وقدمه في الفروع
وقيل العربون أن يقول إن أخذت المبيع وجئت بالباقي وقت كذا وإلا فهو لك جزم به في الرعايتين والحاويين والفائق
فائدة : إجارة العربون كبيع العربون قاله الأصحاب
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أن الدرهم للبائع أو للمؤجر إن لم يأخذ السلعة أو يستأجرها وصرح بذلك الناظم وناظم المفردات وهو ظاهر كلام الشارح وقاله شيخنا في حواشي الفروع
وقال في المطلع يكون للمشتري مردودا إليه إن لم يتم البيع وللبائع محسوبا من الثمن إن تم البيع ولم أر من وافقه
قوله : وإن قال بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث وإلا فلا بيع بيننا فالبيع صحيح نص عليه
وهو المذهب وعليه الأصحاب يعني أن البيع والشرط صحيحان فإن مضي الزمن الذي وقته له ولم ينقده الثمن انفسخ العقد على الصحيح من المذهب وجزم به في المغني والشرح والرعاية الكبرى والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وقيل يبطل البيع بفواته.

قوله : وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب لم يبرأ
وكذا لو باعه وشرط البراءة من عيب كذا إن كان وهذا المذهب في ذلك بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال هذا ظاهر المذهب
قال أبو الخطاب وجماعة لأنه خيار يثبت بعد البيع فلا يسقط كالشفعة واعتمد عليه في عيون المسائل
وعنه يبرأ إلا أن يكون البائع علم العيب فكتمه واختاره الشيخ تقي الدين
ونقل ابن هانئ إن عينه صح
ومعناه نقل ابن القاسم وغيره لا يبرأ إلا أن يخبره بالعيوب كلها لأنه مرفق في البيع كالأجل والخيار
وقال في الانتصار الأشبه بأصولنا نظر الصحة كالبراءة من المجهول وذكره هو وغيره رواية وذكره في الرعاية قولا وهو تخريج في الكافي والمغني والشرح
قال في المستوعب خرج أصحابنا الصحة من البراءة من المجهول واختاره في الفائق
تنبيهان
أحدهما ظاهر قول المصنف لم يبرأ أن هذا الشرط لا تأثير له في البيع وأنه صحيح وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع هذا ظاهر المذهب
وقيل يفسد البيع به وهو تخريج لأبي الخطاب وصاحب الكافي والمحرر
قال الشارح وغيره وعن الإمام أحمد في الشروط الفاسدة روايتان إحداهما: يفسد بها العقد فيدخل فيها هذا البيع انتهى
الثاني ظاهر كلام المصنف وغيره أن العيب الظاهر والباطن سواء وهو صحيح صرح به في الرعاية الكبرى
وقال في الفروع وفيه في عيب باطن وخرج لا يعرف عوره احتمالان
وقال أيضا وإن باعه على أنه به وأنه بريء منه صح
قوله : وإن باعه دارا على أنها عشرة أذرع فبانت أحد عشر فالبيع باطل
وهو إحدى الروايتين اختاره ابن عقيل
قال الناظم وهو اولى وقدمه في الشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق وشرح ابن رزين

وعنه أنه صحيح جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وقدمه في المحرر وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمغني والتلخيص وشرح ابن منجا والرعاية الكبرى والفروع
فعلى الرواية الأولى لا تفريع
وعلى الرواية الثانية إلزامه للبائع كما قاله المصنف
تنبيه ظاهر قوله : ولكل واحد منهما الفسخ
أنه سواء سلمه البائع الزائد مجانا أو لا وهو أحد الوجهين قدمه في الرعاية الكبرى والفائق
والوجه الثاني أن محل الفسخ إذا لم يعطه الزائد مجانا وإن أعطاه إياه مجانا فليس له الفسخ وهو الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وتذكرة ابن عبدوس وشرح ابن رزين وقدمه في الفروع
قوله : فإن اتفقا على إمضائه جاز
يعني على إمضاء البيع فللمشتري أخذه بثمنه وقسط الزائد فإن رضي المشتري بالأخذ أخذ العشرة والبائع شريك له بالذراع وهل للبائع خيار الفسخ على وجهين وأطلقهما في المغني والشرح والفروع
أحدهما له الفسخ قال الشارح أولاهما له الفسخ وقدمه ابن رزين في شرحه
والوجه الثاني لا خيار وإليه ميل المصنف في المغني فإنه رد تعليل الوجه الأول
قوله : وإن بانت تسعة اذرع فهو باطل
وهو إحدى الروايتين قدمه في الشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق وقواه الناظم
وعنه أنه صحيح وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وقدمه في المحرر وأطلقهما في المذهب والمستوعب والتلخيص وشرح ابن منجا والرعاية الكبرى والفروع
فعلى الرواية الأولى لا تفريع
وعلى الرواية الثانية النقص على البائع وللمشتري الخيار بين الفسخ وأخذ المبيع بقسطه من الثمن
وإن اتفقا على تعويضه عنه جاز فإن أخذه المشتري بقسطه من الثمن فللبائع الخيار بين الرضى بذلك وبين الفسخ فإن بذل له المشتري جميع الثمن لم يملك الفسخ

فوائد
إحداها : حكم الثوب إذا باعه على أنه عشرة فبان أحد عشر أو تسعة حكم الدار والأرض على ما تقدم خلافا ومذهبا قطع به في المغني والشرح والفروع وغيرهم
الثانية لو باعه صبرة على أنها عشرة أقفزة فبانت أحد عشر فالبيع صحيح جزم به في المغني والشرح والفروع وغيرهم والزائد للبائع مشاعا ولا خيار للمشتري
وإن بانت تسعة فالبيع صحيح وينقص من الثمن بقدره ولا خيار له على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
وقيل له الخيار وأطلقهما في المغني والشرح والرعاية الكبرى
الثالثة المقبوض بعقد فاسد لا يملك به ولا ينفذ تصرفه فيه على الصحيح من المذهب جزم به المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره وخرج أبو الخطاب نفوذ تصرفه فيه من الطلاق في نكاح فاسد
فعلى المذهب يضمنه كالغصب ويلزمه رد النماء المنفصل والمتصل وأجرة مثله مدة بقائه في يده وإن نقص ضمن نقصه وإن تلف فعليه ضمانه بقيمته
وإن كانت أمه فوطئها فلا حد عليه وعليه مهر مثلها وأرش بكارتها والولد حر وعليه قيمته يوم وضعه وإن سقط ميتا لم يضمن وعليه ضمان نقص الولادة
وإن ملكها الواطئ لم تصر أم ولد على الصحيح من المذهب وقيل بلى قال ذلك كله المصنف والشارح وغيرهما
ويأتي هذا بأتم منه في أواخر الخيار في البيع فيما يحصل به القبض وذكر الخلاف فيه والله أعلم

باب الخيار في البيع
تنبيهات
الأول يستثنى من عموم قوله : أحدهما خيار المجلس ويثبت في البيع والكتابة
فإنها بيع ولا يثبت فيها خيار المجلس على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر وقد ذكره المصنف وغيره من الأصحاب في باب الكتابة وفيه خلاف يأتي في ذلك الباب
فالأولى أن يقال عموم كلام المصنف هنا مخصوص بكلامه في الكتابة
الثاني يستثني أيضا لو تولى طرفي العقد فإنه لا يثبت فيه خيار المجلس على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى وغيرهم وصححه في الفروع وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم

وقيل يثبت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه ابن رزين في شرحه
قال الأزجي في النهاية وهو الصحيح وأطلقهما الزركشي
فعلى هذا الوجه يلزم العقد بمفارقة الموضع الذي وقع العقد فيه على الصحيح جزم به في المغني والشرح والرعاية وشرح ابن رزين والفائق وغيرهم
وقيل لا يحصل اللزوم إلا بقوله: اخترت لزوم العقد ونحوه وأطلقهما الزركشي
الثالث وكذلك حكم الهبة إذا تولى طرفيها واحد قاله في الفائق وغيره
الرابع ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لو اشترى من يعتق عليه ثبوت خيار المجلس له وهو أحد الوجهين
والوجه الثاني لا خيار له
قال الأزجي في نهايته الظاهر من المذهب عدم ثبوت الخيار في شراء من يعتق عليه وجزم به ابن عبدوس في تذكرته والزركشي وأطلقهما في التلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية
الخامس وكذا الخلاف في حق البائع في هذه المسألة
وقيل يثبت له الخيار وإن منعناه من المشتري قاله في الرعاية
وقال الزركشي وفي سقوط حق صاحبه وجهان
قوله : ويثبت في البيع
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وقطع به أكثرهم
وفي طريقة بعض الأصحاب رواية لا يثبت خيار المجلس في بيع وعقد معاوضة
تنبيه ظاهر قوله : ويثبت في البيع أنه سواء كان فيه خيار شرط أو لا وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلامه في الفروع والوجيز وغيرهما
وقيل لا يثبت فيه خيار المجلس
ويأتي في خيار الشرط إن ابتدأه من حين العقد على الصحيح من المذهب وأطلقهما في التلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والفائق
وفائدة : الواجهين هل ابتداء مدة خيار الشرط من حين العقد أو من حين التفرق
فعلى الأول يكون من حين التفرق
وعلى الثاني من حين العقد قاله في التلخيص وغيره
قوله : والإجارة
يثبت خيار المجلس في الإجارة مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب

وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والشرح والمحرر والوجيز والفائق وغيرهم وقدمه في الكافي والفروع والزركشي وغيرهم
وقيل لا يثبت في إجارة تلي العقد وهو وجه في الكافي وأطلقهما في الحاوي الكبير وأطلق في الرعاية الكبرى الوجهين في الإجارة في الذمة
وجزم في الحاوي الكبير بثبوت الخيار فيها
قوله : ويثبت في الصرف والسلم
وهو المذهب قال في الفروع يثبت على الأصح قال الناظم هذا الأولى وصححه المصنف والشارح وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الكافي والزركشي وغيرهما
وعنه لا يثبت فيهما وجزم به ناظم نهاية ابن رزين وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وتجريد العناية وغيرهم
وخص القاضي الخلاف في كتاب الروايتين في الصرف وتردد في السلم هل يلحق بالصرف أو ببقية البياعات على احتمالين
فائدة : قال المصنف والشارح وغيرهما ويثبت في الصرف والسلم وما يشترط فيه القبض في المجلس كبيع مال الربا بجنسه على الصحيح
وقال في الفروع وعلى الأصح وما يشترط فيه قبض كصرف وسلم
وقال في الرعاية الكبرى وفي الصرف والسلم
وقيل وبقية الربوي بجنسه روايتان
قوله : ولا يثبت في سائر العقود إلا في المساقاة
وكذا المزارعة والحوالة والسبق في أحد الوجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
وأطلقهما في الحوالة في الحاوي الكبير
أحدهما لا يثبت فيهن وهو المذهب جزم به في الوجيز وصححه في التصحيح وقدمه في الفروع والشرح وقدمه الزركشي في غير الحوالة وقدمه في الحاوي الكبير في المساقاة والمزارعة

والوجه الثاني يثبت فيهن الخيار
قال الزركشي يثبت في الحوالة إن قيل هي بيع لا إن قيل هي إسقاط أو عقد مستقل انتهى
وعلى هذا الوجه لا يثبت الخيار إلا للمحيل لا غير
تنبيهات
الأول الخلاف هنا في المساقاة والمزارعة مبني على الخلاف في كونهما لازمين أو جائزين على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وابن حمدان وغيرهم
فإن قلنا هما جائزان وهو المذهب على ما يأتي فلا خيار فيهما وإن قلنا هما لازمان دخلهما الخيار
وقيل الخلاف هنا على القول بلزومهما وجزم به في الحاوي الكبير
وكذا حكم السبق والرمي وجزم به في الحاوي الكبير
فعلى القول بأنهما جعالة وهو المذهب فلا خيار فيهما وعلى القول بلزومهما يدخلهما الخيار
وقيل الخلاف على القول بلزومهما وجزم به في الحاوي الكبير
الثاني شمل قوله : ولا يثبت في سائر العقود غير ما استثناه مسائل:
منها الهبة وهي تارة تكون بعوض وتارة تكون بغير عوض فإن كانت بعوض ففي ثبوت الخيار فيهما روايتان مبنيتان على أنها هل تصير بيعا أو يغلب فيها حكم الهبة على ما يأتي في أول باب الهبة قاله المصنف والشارح وغيرهما وجزم في التلخيص والخلاصة والبلغة بأن الخيار يثبت فيهما
قال في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم فإن شرط فيها عوضا فهي كالبيع
فقد يقال ظاهر كلام المصنف هنا أن الخيار لا يثبت فيها ويحتمل أن يقال لم تدخل هذه المسألة في كلام المصنف لأنها نوع من البيع على الصحيح وهو أولى
وقال القاضي الموهوب له يثبت له الخيار على التأبيد بخلاف الواهب
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وفيه نظر
وقال ابن عقيل الواهب بالخيار إن شاء أقبض وإن شاء منع فإذا أقبض فلا خيار له وكذا قال غيره
وإن كانت بغير عوض فهي كالوصية لا يثبت فيها خيار استغناء بجوازها جزم به المصنف والشارح وابن حمدان وصاحب الحاوي وغيرهم
ومنها القسمة وظاهر كلامه هنا أنه لا يثبت فيها وهو أحد الوجهين

قال الأزجي في نهايته القسمة إفراز حق على الصحيح فلا يدخلها خيار المجلس وإن كان فيها رد احتمل أن يدخلها خيار المجلس انتهى
والوجه الثاني يدخلها خيار المجلس وهو الصحيح من المذهب
قال في الفروع وفي الأصح وفي قسمة
وقطع القاضي في التعليق وابن الزاغوني بثبوت الخيار فيها مطلقا وقطع به في الرعاية إن قلنا هي بيع وكذا الزركشي
قال القاضي في المجرد ولا يدخلها خيار حيث قلنا هي إفراز
قال في الحاوي الكبير إن كان فيها رد فهي كالبيع يدخلها الخياران معا وإن لم يكن فيها رد وعدلت السهام ووقعت القرعة نظرت فإن كان القاسم الحاكم فلا خيار لأنه حكم وإن كان أحد الشريكين لم يدخلها خيار لأنها إفراز حق وليست ببيع انتهى وقاله ابن عقيل أيضا
ومنها الإقالة فلا يثبت فيها خيار المجلس على الصحيح من المذهب لأنها فسخ وإن قلنا هي بيع ثبت
وقال في التلخيص ويحتمل عندي أن لا يثبت ويأتي ذلك في الإقالة
ومنها الأخذ بالشفعة فلا خيار فيها على الصحيح من المذهب كما هو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم واختاره المصنف والقاضي وابن عقيل وصاحب التلخيص وغيرهم ذكره الحارثي في الشفعة
وقيل فيها الخيار وهو احتمال في المغني والشرح وغيرهما وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والقواعد
ومنها سائر العقود اللازمة غير ما تقدم كالنكاح والوقف والخلع والإبراء والعتق على مال والرهن والضمان والإقالة لراهن وضامن وكفيل قاله في الرعاية فلا يثبت في شيء من ذلك خيار المجلس
وذكر في الحاوي الكبير فيما إذا قالت طلقني بألف فقال طلقتك بها طلقة احتمالين احدهما عدم الخيار مطلقا والثاني يثبت له الخيار في الامتناع من قبض الألف ليكون الطلاق رجعيا
ومنها جميع العقود الجائزة كالجعالة والشركة والوكالة والمضاربة والعارية والوديعة والوصية قبل الموت ونحو ذلك فلا يثبت فيها خيار المجلس
التنبيه الثالث مراده بقوله : مالم يتفرقا بأبدانهما
التفرق العرفي قاله الأصحاب وقد ضبط ذلك بعرف كل مكان بحسبه فلو كان في فضاء واسع او مسجد كبير أو سوق فقيل يحصل التفرق بأن يمشي أحدهما مستدبرا صاحبه خطوات

جزم به ابن عقيل وقدمه المصنف والشارح وجزم به في المستوعب وشرح ابن رزين والحاويين
وقيل بل يبعد عنه بحيث لا يسمع كلامه عادة جزم به في الكافي والنظم
وإن كانا في سفينة كبيرة صعد أحدهما على اعلاها ونزل الآخر إلى أسفلها وإن كانت صغيره خرج أحدهما منها ومشى
وإن كانا في دار كبيرة فتحصل المفارقة بخروجه من بيت إلى بيت أو إلى مجلس أو صفة ونحو ذلك بحيث يعد مفارقا وإن كانت صغيرة فإن صعد أحدهما السطح أو خرج منها فقد فارقه
ولو أقاما في مجلس وبنى بينهما حاجز من حائط أو غيره لم يعد تفرقا جزم به في المستوعب والمغني والشرح وصاحب الحاوي وغيرهم
التنبيه الرابع ظاهر كلام المصنف أن الفرقة تحصل بالإكراه وفيه طريقان
أحدهما طريقة الأكثر منهم المصنف في الكافي قال الزركشي وهو أجود وهي أن الخلاف جار في جميع مسائل الإكراه فقيل يحصل بالعرف مطلقا وهو ظاهر كلام المصنف وجماعة وقدمه الزركشي
وقيل لا يحصل به مطلقا اختاره القاضي وجزم به في الفصول والمستوعب والحاويين وصححه في الرعاية الكبرى وقدمه في التلخيص
فعليه يبقى الخيار في مجلس زال عنهما الإكراه فيه حتى يفارقاه وأطلقهما في الفائق
والوجه الثالث إن أمكنه ولم يتكلم بطل خياره وإلا فلا وهو احتمال في التلخيص
الطريق الثاني إن حصل الإكراه لهما جميعا انقطع خيارهما قولا واحدا وإن حصل لأحدهما فالخلاف فيه وهي طريقة المصنف في المغني والشارح وابن رزين في شرحه وذكر في الأولى احتمالا
وقال في الفروع ولكل من البائعين الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو كرها وفي بقاء خيار المكره وجهان انتهى
فائدة : ذكر ابن عقيل من صور الإكراه لو رأيا سبعا أو ظالما خافاه فهربا منه أو حملهما سيل أو ريح وفرقت بينهما وقدم في الرعاية الكبرى أن الخيار لا يبطل في هذه الصور وجزم بما قال ابن عقيل وابن رزين في شرحه ونص عليه
فوائد
الأولى لو مات احدهما في خيار المجلس انقطع الخيار نص عليه جزم به في التلخيص والفروع والنظم والفائق وغيرهم

وقيل لا يبطل ويحتمله كلام الخرقي وأطلقهما الزركشي
وقال في الرعاية بطل الخيار إن قلنا لا يورث وإن قلنا يورث لم يبطل انتهى
ويأتي هل يورث خيار المجلس أم لا عند إرث خيار الشرط
وأما خيار صاحبه ففي بطلانه وجهان وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى في موضعين
أحدهما لا يبطل
قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
قال في الرعاية الكبرى لا يبطل إن قلنا يورث وإلا بطل
والوجه الثاني يبطل
الثانية لو جن قبل المفارقة والاختيار فهو على خياره إذا أفاق على الصحيح من المذهب وجزم به في المستوعب والتلخيص والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية
وقيل وليه أيضا يليه في حال جنونه قاله في الرعاية
وقال الشارح إن جن أو أغمي عليه قام أبوه أو وصيه أو الحاكم مقامه
وقيل من أغمي عليه قام الحاكم مقامه
الثالثة لو خرس أحدهما قامت إشارته مقام نطقه فإن لم تفهم إشارته قام وليه مقامه
الرابعة خيار الشرط كخيار المجلس فيما إذا جن أو أغمي عليه أو خرس
الخامسة لو ألحق بالعقد خيارا بعد لزومه لم يلحق على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقال في الفائق ويتخرج لحوقه من الزيادة وبعده وهو المختار انتهى وهو رواية في الرعاية وغيرها
ويأتي ذلك في كلام المصنف بعد المواضعة ويأتي نظيرها في الرهن والصداق
السادسة تحرم الفرقة خشية الاستقالة على الصحيح من المذهب
قال في الفروع وتحرم على الأصح قال في الفائق لا تحل في أصح الروايتين
قال في الرعاية الكبرى وإن مشى أحدهما أو فر ليلزم العقد قبل استقالة الآخر وفسخه ورضاه حرم وبطل خيار الآخر في الأشهر فيهما واختاره أبو بكر والمصنف وجزم به في مسبوك الذهب
وعنه لا يحرم قدمه في المستوعب والحاويين وأطلقهما في المذهب والقواعد
تنبيه مفهوم قوله : ولكل واحد من المتبايعين الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما

أنهما إذا تفرقا بأبدانهما يلزم البيع ويبطل خيارهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب إلا أن القاضي قال في موضع ما يفتقر إلى القبض لا يلزم إلا بقبضه ويأتي ذلك في آخر الباب
قوله : إلا أن يتبايعا على أن لا خيار بينهما أو يسقط الخيار بعده فيسقط في إحدى الروايتين
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة والحاويين
إحداهما : يسقط الخيار فيهما وهو المذهب
قال في الرعاية الكبرى يسقط على الأقيس قال في الفائق يسقط في أصح الروايتين وجزم به في الوجيز والمنور ونهاية ابن رزين وقدمه في الهادي والمحرر والفروع وغيرهم واختاره ابن أبي موسى والقاضي في كتابه الروايتين والشيرازي والمصنف والشارح وابن رزين وغيرهم
والرواية الثانية لا يسقط فيهما وهو ظاهر كلام الخرقي ونصره القاضي وأصحابه وقدمه في الخلاصة
وعنه رواية ثالثة لا يسقط في الأولى ويسقط في الثانية وأطلقهن في تجريد العناية
فعلى القول بالسقوط لو أسقط أحدهما الخيار أو قال لا خيار بيننا سقط خياره وحده وبقي خيار صاحبه
وعلى المذهب لا يبطل العقد إذا شرط فيه أن لا خيار بينهما على الصحيح من المذهب
قال الزركشي وهو الأظهر وهو ظاهر كلام الخرقي وقيل يبطل العقد
فائدة : لو قال لصاحبه اختر سقط خياره على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وعنه لا يسقط وهو احتمال في المغني والشرح وغيرهما
وأما الساكت فلا يسقط خياره قولا واحدا
فائدة : قوله : في خيار الشرط فيثبت فيها وإن طالت
هذا بلا نزاع وهو من مفردات المذهب فلو باعه ما لا يبقى إلى ثلاثة أيام كطعام رطب بشرط الخيار ثلاثا فقال القاضي يصح الخيار ويباع ويحفظ ثمنه إلى المدة
قلت: لو قيل بعدم الصحة لكان متجها وهو أولى
ثم رأيت الزركشي نقل عن الشيخ تقي الدين أنه قال يتوجه عدم الصحة من وجه في الإجارة أي من وجه عدم صحة اشتراط عدم الخيار في الإجارة تلي العقد قال ومنه إن تلف المبيع يبطل الخيار انتهى

قوله : ولا يجوز مجهولا في ظاهر المذهب
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يجوز
وهما على خيارهما إلا أن يقطعاه أو تنتهي مدته وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
تنبيه ظاهر كلام المصنف هنا أنه لو شرطه إلى الحصاد والجذاذ أنه لا يجوز لأنه مجهول وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما وهو ظاهر كلامه في الوجيز وظاهر ما قدمه في الفروع وصححه في التصحيح
والرواية الثانية يجوز هنا وإن منعناه في المجهول لأنه معروف في العادة ولا يتفاوت كثيرا واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفائق
قلت: وهو الصواب
وأطلقهما المصنف في هذا الكتاب في باب السلم والمحرر والخلاصة
فائدتان
إحداهما : إذا شرط الخيار مدة على أن يثبت يوما ولا يثبت يوما فقيل يصح مطلقا وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل يصح مطلقا وهو احتمال في المغني
وقيل يصح في اليوم الأول اختاره ابن عقيل وجزم به المذهب وقدمه في الفائق وأطلقهن في الفروع
الثانية لو شرط خيار الشرط حيلة ليربح فيما أقرضه لم يجز نص عليه وعليه الأصحاب
قلت: وأكثر الناس يستعملونه في هذه الأزمنة ويتداولونه فيما بينهم فلا حول ولا قوة إلا بالله
قوله : ولا يثبت إلا في البيع والصلح بمعناه بلا نزاع
تنبيهات
الأول مفهوم قوله : ويثبت في الإجارة في الذمة أو على مدة لا تلي العقد
أنها لو وليت العقد لا يثبت فيها خيار وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب

قال في التلخيص وهو أقيس وصححه في النظم وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل يثبت قاله القاضي في كتاب الإجارة في الجامع الصغير
قال في الفائق اختاره شيخنا وهو المختار انتهى وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين
الثاني قوله : ويثبت في الإجارة في الذمة هكذا قال الأصحاب
وقال في الرعاية الكبرى قلت: إن لم يجب الشروع فيه عقيب العقد
الثالث ظاهر كلام المصنف أن خيار الشرط لا يثبت إلا فيما ذكره وهو البيع والصلح بمعناه والإجارة وجزم به في الوجيز وهو المذهب إلا في القسمة فإنه يثبت فيها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقطع به القاضي في التعليق وقدمه المجرد في شرحه
وقال ابن عقيل يثبت إن كان فيها رد عوض وإلا فلا
وقال القاضي في المجرد ولا يدخل القسمة خيار إن قلنا هي إفراز كما قال في خيار المجلس
وقدم في الرعاية الكبرى أنه يثبت في الحوالة انتهى وجزم به في المستوعب
وقيل يثبت في الضمان والكفالة اختاره ابن حامد وابن الجوزي
وفي طريقة بعض الأصحاب يثبت خيار الشرط فيما يثبت فيه خيار. المجلس.
وجزم به في المذهب فقال خيار الشرط يثبت فيما يثبت فيه خيار المجلس
وقال الشيخ تقي الدين يجوز خيار الشرط في كل العقود
قوله : وإن شرطاه إلى الغد لم يدخل في المدة
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يدخل
قال في مسبوك الذهب وإن قال بعتك ولي الخيار إلى الغد فله إن يفسخ إلى أن يبقى من الغد أدنى جزء وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
قوله : وإن شرطاه مدة فابتداؤها من حين العقد
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه المصنف والشارح وغيرهما ويحتمل أن يكون من حين التفرق وهو وجه وجزم به في نهاية ابن رزين ونظمها وجزم به ابن رزين في شرحه وأطلقهما في الهداية والمذهب والرعاية الكبرى والحاويين
فلو قلنا من حين العقد فصرحا باشتراطه من حين التفرق أو بالعكس ففي صحة ذلك

وجهان أظهرهما بطلانه في القسم الأول وصحته في الثاني قاله في التلخيص والرعاية وغيرهما
وقال في الرعاية قلت: إن علم وقت التفرق فهو أول خيار الشرط وإن جهل في العقد ولا يصح شرط عكسها إلا أن يصح
قوله : وإن شرط الخيار لغيره جاز وكان توكيلا له فيه وإن شرط الخيار لأحدهما دون صاحبه جاز
يجوز أن يشترط الخيار لهما ولأحدهما ولغيرهما لكن إذا شرطه لغيره فتارة يقول له الخيار دوني وتارة يقول الخيار لي وله وتارة يجعل الخيار له ويطلق
فإن قال له الخيار دوني فالصحيح من المذهب أنه لا يصح وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الكافي والتلخيص والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والمنور ومنتخب الأزجي والفائق وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره واختاره القاضي وغيره وظاهر كلام الإمام أحمد صحته واختاره المصنف والشارح
فعلى هذا هل يختص الحكم بالوكيل أو يكون له وللموكل ويلغى قوله: دوني؟ تردد شيخنا في حواشيه
قال في الفروع قلت: ظاهر كلام المصنف والشارح أنه يكون للوكيل وللموكل فإنهما قالا بعد ذكر المسائل كلها فعلى هذا يكون الفسخ لكل واحد من المشترط ووكيله الذي شرط له الخيار
وإن قال الخيار لي وله صح قولا واحدا
وإن جعل الخيار له وأطلق صح على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح وجزم به في الحاوي الكبير
قال في الفائق وقال الشيخ وغيره صحيح وهو ظاهر ما جزم به في المنور وتجريد العناية وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه في تصحيح المحرر
وقيل لا يصح اختاره القاضي في المجرد وجزم به في الكافي وأطلقهما في المحرر والخلاصة والنظم والفروع والفائق
قوله : وكان توكيلا له فيه
حيث صححناه يكون خيار الفسخ له ولموكله فلا ينفرد به الوكيل وقطع به الأكثر
قال في الفروع ويكون توكيلا لأحدهما في الفسخ وقيل للموكل إن شرطه لنفسه وجعله وكيلا انتهى

وهي عبارة مشكلة والخلاف هنا لا يأتي فيما يظهر فإنا حيث جعلناه توكيلا لا بد أن يكون في شيء يسوغ له فعله وقوله: "ويكون توكيلا لأحدهما في الفسخ" لعله أرادا كلا منهما يعني في المسألتين الأخيرتين وهو مشكل أيضا
ولشيخنا على هذا كلام كثير في حواشيه لم يثبت فيه على شيء
فائدة : أما خيار المجلس فيختص الوكيل لأنه الحاضر فإن حضر الموكل في المجلس وحجر على الوكيل في الخيار رجعت حقيقة الخيار إلى الموكل في أظهر الاحتمالين قاله في التلخيص وجزم به في الفروع في باب الوكالة
ويأتي هناك شيء يتعلق بهذا
قوله : ولمن له الخيار الفسخ من غير حضور صاحبه ولا رضاه
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وأطلقوا
وقال المجد في شرحه هو ظاهر كلام الأصحاب
ونقل أبو طالب له الفسخ برد الثمن وجزم به الشيخ تقي الدين رحمه الله كالشفيع
قلت: وهذا الصواب الذي لا يعدل عنه خصوصا في زمننا هذا وقد كثرت الحيل
ويحتمل أن يحمل كلام من أطلق على ذلك وخرج أبو الخطاب ومن تبعه من عزل الوكيل أنه لا يفسخ في غيبته حتى يبلغه في المدة
قال في القاعدة الثالثة والستين وفيه نظر فإن من له الخيار يتصرف في الفسخ
قوله : وإن مضت المدة ولم يفسخاه بطل خيارهما
يعني ولزم البيع وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقيل لا يلزم بمضي المدة اختاره القاضي لأن مدة الخيار ضربت لحق له لا لحق عليه فلم يلزم الحكم بمضي المدة كمضي الأجل في حق المولي
فعلى هذا ينبغي أن يقال إذا مضت المدة يؤمر بالفسخ وإن لم يفعل فسخ عليه الحاكم كما قلنا في المولي على ما يأتي
قوله : وينتقل الملك إلى المشتري بنفس العقد في أظهر الروايتين
وكذا قال في الهداية والمستوعب والتلخيص وغيرهم وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب
قال في القواعد الفقهية وهي المذهب الذي عليه الأصحاب
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا ظاهر المذهب

قال في المحرر هذا أشهر الروايتين قال في الفائق هذا أصح الروايتين
قال في الرعاية الكبرى وإذا ثبت الملك في المبيع للمشتري ثبت في الثمن للبائع انتهى
لا لا ينتقل الملك عن البائع حتى ينقضي الخيار
فعليها يكون الملك للبائع
وقال في القواعد الفقهية ومن الأصحاب من حكى أن الملك يخرج عن البائع ولا يدخل إلى المشتري قال وهو ضعيف
فائدة : حكم انتقال الملك في خيار المجلس حكم انتقاله في خيار الشرط خلافا ومذهبا
تنبيه لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها العلامة ابن رجب رحمه الله في قواعده وغيره
منها لو اشترى من يعتق عليه أو زوجته فعلى المذهب يعتق وينفسخ نكاحها وعلى الثانية لا يثبت ذلك
ومنها لو حلف لا يبيع فباع بشرط الخيار خرج على الخلاف قدمه في القواعد وقال ذكره القاضي
وأنكر المجد ذلك وقال يحنث على الروايتين
قلت: وهو الصواب
وأما الأخذ بالشفعة فلا يثبت في مدة الخيار على كلا الروايتين عند أكثر الأصحاب ونص عليه في رواية حنبل
فمنهم من علل بأن الملك لم يستقر بعد ومنهم من علل بأن الأخذ بالشفعة يسقط حق البائع من الخيار فلذلك لم يجز المطالبة به في مدته وهو تعليل القاضي في خلافه
فعلى هذا لو كان الخيار للمشتري وحده تثبت الشفعة
وذكر أبو الخطاب احتمالان بثبوت الشفعة مطلقا إذا قلنا بانتقال الملك إلى المشتري
قال في الفروع تفريعا على المذهب
قال أبو الخطاب وغيره ويأخذ بالشفعة ويأتي ذلك في آخر الشفعة في أول الفصل الأخير من كلام المصنف
ومنها لو باع أحد الشريكين شقصا بشرط الخيار فباع الشفيع حصته في مدة الخيار فعلى المذهب يستحق المشتري الأول انتزاع شقص الشفيع من يد مشتريه لأنه شريك الشفيع حالة بيعه
وعلى الثانية يستحقه البائع الأول لأن الملك باق له
ومنها لو باع عبدا بشرط الخيار وأهل هلال الفطر وهو في مدة الخيار فعلى المذهب الفطرة على المشتري وعلى الثانية على البائع

ومنها لو باع نصابا من الماشية بشرط الخيار حولا فعلى المذهب زكاته على المشتري وعلى الثانية على البائع
ومنها الكسب والنماء المنفصل في مدته فعلى المذهب هو للمشتري على الصحيح من المذهب أمضيا العقد أو فسخاه
وعنه إن فسخ أحدهما فالنماء المنفصل للبائع وعنه وكسبه
وعلى الثاني للبائع وقيل هما للمشتري إن ضمنه
وستأتي هذه المسألة في كلام المصنف
ومنها مؤنة المبيع من الحيوان والعبيد فعلى المذهب على المشتري وعلى الثانية على البائع
ومنها لو تلف المبيع في مدة الخيار فإن كان بعد القبض أو لم يكن فيها فمن مال المشتري على المذهب ومن مال البائع على الثانية على ما يأتي في كلام المصنف
ومنها لو تعيب في مدة الخيار فعلى المذهب لا يرد بذلك إلا أن يكون غير مضمون على المشتري لانتفاء القبض وعلى الثانية له الرد بكل حال
ومنها لو باع الملتقط اللقطة بعد الحول بشرط الخيار ثم جاء ربها في مدة الخيار فإن قلنا لم ينتقل الملك فالرد واجب وإن قلنا بانتقاله فوجهان جزم في الكافي بالوجوب
قلت: ويتوجه عدم الوجوب وتكون له القيمة أو المثل
ومنها لو باع محل صيدا بشرط الخيار ثم أحرم في مدته فإن قلنا بانتقال الملك عنه فليس له الفسخ لأنه ابتداء ملك على الصيد وهو ممنوع منه وإن قلنا لم ينتقل الملك عنه فله ذلك ثم إن كان في يده المشاهدة أرسله وإلا فلا
ومنها لو باعت الزوجة الصداق قبل الدخول بشرط الخيار ثم طلقها الزوج فإن قلنا بانتقال الملك عنها ففي لزوم استردادها وجهان
قلت: الأولى عدم لزوم استردادها وإن قلنا لم يزل عنها استرده وجها واحدا
ومنها لو باع أمة بشرط الخيار ثم فسخ البيع وجب على البائع الاستبراء على المذهب وعلى الثانية لا يلزمه لبقاء الملك
ومنها لو اشترى أمة بشرط الخيار واستبرأها في مدته فإن قلنا الملك لم ينتقل إليه لم يكفه ذلك الاستبراء وإن قلنا بانتقاله فقال في الهداية والمغني وغيرهما يكفي
وذكر في الترغيب والمحرر وجهين لعدم استقرار الملك
ومنها التصرف في مدة الخيار والوطء ويأتيان في كلام المصنف قريبا

فائدة : الحمل وقت العقد مبيع على الصحيح من المذهب جزم به المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره
قال في القواعد الفقهية قال القاضي وابن عقيل إن قلنا للحمل حكم فهو داخل في العقد ويأخذ قسطا من العوض وإن قلنا لا حكم له لم يأخذ قسطا وكان حكمه حكم النماء المنفصل فلو ردت العين بعيب فإن قلنا له حكم رد مع الأصل وإلا كان حكمه حكم النماء
قال وقياس المذهب يقتضي أن حكمه حكم الأجزاء لا حكم الولد المنفصل فيجب رده مع العين وأن لا حكم له وهو أصح انتهى
وذكر في أول القاعدة الرابعة والثمانين أن القاضي وابن عقيل وغيرهما قالوا الصحيح من المذهب أن له حكما انتهى
وعنه الحمل نماء فترد الأم بعيب بالثمن كله قطع به في الوسيلة واقتصر عليه في الفروع
فعلى المذهب هل هو كأحد عينين أو بيع للأم لا حكم له فيه روايتان ذكرهما في المنتخب في الصداق وقد تقدم كلام ابن رجب
وقال القاضي في المجرد في أثناء التفليس وإن كانت حين البيع حاملا ثم أفلس المشتري فله الرجوع فيها وفي ولدها لأنها إذا كانت حاملا حين البيع فقد باع عينين وقد رجع فيهما
قوله : فما حصل من كسب أو نماء منفصل فهو له أمضيا العقد أو فسخاه
هذا مبني على المذهب وهو أنه ينتقل الملك إلى المشتري وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في القواعد وغيرها وقدمه في الفروع
وعنه إن فسخ أحدهما فالنماء المنفصل للبائع وعنه والكسب
وعلى الرواية الثانية يكون للبائع
وقيل هما للمشتري إن ضمنه وتقدم ذلك في الفوائد
وقال في القاعدة الثانية والثمانين لو فسخ البيع في مدة الخيار وكان له نماء متصل فخرج في المستوعب والتلخيص وجهين كالفسخ بالعيب
وذكر القاضي في خلافه وابن عقيل في عمده أن الفسخ بالخيار فسخ للعقد من أصله لأنه لم يرض فيه بلزوم البيع بخلاف الفسخ بالعيب ونحوه
فعلى هذا يرجع بالنماء المنفصل في الخيار بخلاف العيب انتهى
ويأتي في خيار العيب هل الحمل والطلع أو الحب يصير زرعا زيادة متصلة أو منفصلة

قوله : وليس لواحد منهما التصرف في المبيع في مدة الخيار إلا بما يحصل به تجزئة المبيع وإن تصرفا ببيع أو هبة ونحوهما لم ينفذ تصرفهما
اعلم أن تصرف المشتري والبائع في مدة الخيار محرم عليهما سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما أو لغيرهما قاله كثير من الأصحاب وقطع به جماعة
قال في الفروع وفي طريقة بعض الأصحاب للمشتري التصرف ويكون رضي منه بلزومه
وقال في القواعد والمنصوص عن الإمام أحمد في رواية أبي طالب أن للمشتري التصرف فيه بالاستقلال على القول بأن الملك ينتقل إليه وهو المذهب
وعلى الرواية الثانية يجوز التصرف للبائع وحده لأنه مالك ويملك الفسخ انتهى
فعلى الأول إن تصرف المشتري فتارة يكون الخيار له وحده وتارة يكون غير ذلك فإن كان الخيار له وحده فالصحيح من المذهب نفوذ تصرفه
قال في الفروع نفذ على الأصح وجزم به في الكافي والمغني والمحرر والشرح والنظم والحاويين والفائق والمنور وغيرهم وقدمه في القواعد الفقهية وقال ذكره أبو بكر والقاضي وغيرهما
قال الزركشي وقاله أبو الخطاب في الانتصار
وعنه لا ينفذ تصرفه وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى واحتمال في التلخيص
وإن لم يكن الخيار له وحده وتصرف فالصحيح من المذهب أنه لا ينفذ قدمه في المغني والشرح وصححاه وقدمه في الفروع والقواعد الفقهية
وعنه ينفذ تصرفه وعنه تصرفه موقوف ذكرها ابن أبي موسى فمن بعده وجزم به في القاعدة الثالثة والخمسين فقال تصرف المشتري في مدة الخيار له وللبائع المنصوص عن أحمد أنه موقوف على إمضاء البيع وكذلك ذكره أبو بكر في التنبيه وهو ظاهر كلام القاضي في خلافه انتهى
وقال بعض الأصحاب في طريقته وإذا قلنا بالملك قلنا بانتقال الثمن إلى البائع قال في الفروع وقاله غيره
تنبيه محل هذا الخلاف إذا كان تصرفه مع غير البائع فأما إن تصرف مع البائع فالصحيح أنه ينفذ جزم به في المحرر والحاويين والفائق والمنور ومنتخب الأدمى وغيرهم
وعنه لا ينفذ وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكثير من الأصحاب وقدمه في الرعاية

وأطلقهما في الفروع وقال بناء على دلالة التصرف على الرضى وللقاضي في المجرد احتمالان
وإن تصرف البائع لم ينفذ تصرفه سواء كان الخيار له وحده أو لا وهذا الصحيح من المذهب وجزم به المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق والفروع وقال أطلقه جماعة وهو من المفردات
قال في القاعدة الخامسة والخمسين وأما نفوذ التصرف فهو ممنوع على الأقوال كلها صرح به الأكثرون من الأصحاب لأنه لم يتقدمه ملك انتهى
وقيل ينفذ إن قيل الملك له والخيار له قال الناظم
ومن أفردوه بالخيار يكن له ... التصرف يمضي منه دون تصدد
وقال المصنف والشارح ينفذ تصرف البائع إن قلنا إن البيع لا ينقل الملك وكان الخيار لهما أو للبائع وقطع به في القواعد الفقهية
وذكر الحلواني في التبصرة أن تصرفه ينفذ
تنبيه ومحل الخلاف في تصرفهما إذا لم يحصل لأحدهما إذن من الآخر أو تصرف المالك منهما بإذن الآخر أو تصرف وكيلهما صح على الصحيح من المذهب
قال في الفروع نفذ في الأصح فيهما وجزم به في الحاويين وقدمه في المغني والشرح
وقيل لا ينفذ وهو احتمال في المغني والشرح
فائدة : لو أذن البائع للمشتري في التصرف فتصرف بعد الإذن وقبل العلم فهل ينفذ تصرفه يخرج على الوجوه التي في الوكيل على ما يأتي وأولى وجزم القاضي في خلافه بعدم النفوذ
تنبيه ظاهر قوله : وليس لواحد منهما التصرف في المبيع في مدة الخيار
أن للبائع التصرف في الثمن المعين أو غيره إذا قبضه وهو ظاهر كلامه في المحرر والشرح وشرح ابن منجا والفروع وغيره لعدم ذكرهم للمسألة
والذي قطع به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين والعناية وإدراك الغاية وتجريد العناية وجمع كثير أنه يحرم التصرف في الثمن كالمثمن سواء قلنا في المبيع ما قلنا في الثمن أو لا ولم يحكوا في ذلك خلافا لكن ذكر في الفروع في باب التصرف في المبيع بعد أن ذكر ما يمنع التصرف فيه وما لا يمنع فقال والثمن الذي ليس في الذمة كالمثمن وإلا فله أخذ بدله لاستقراره انتهى
فقد تؤخذ هذه المسألة من عموم كلامه هناك

ويأتي أيضا فيما إذا قال لا أسلم المبيع حتى أقبض ثمنه في فائدة: هل له المطالبة بالنقد إذا كان الخيار لهما أو لأحدهما فهي غير هذه المسألة التي هنا والله أعلم
قوله : ويكون تصرف البائع فسخا للبيع وتصرف المشتري إسقاطا لخياره في أحد الوجهين
وهما روايتان في المغني والشرح والفروع وغيرهم ووجهان عند كثير من الأصحاب وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب في غير الوطء والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والرعاية الكبرى والحاوي الكبير وغيرهم
واعلم أنه إذا تصرف البائع فيه لم يكن فسخا على الصحيح من المذهب ونص عليه
قال في الفروع ليس تصرف البائع فسخا على الأصح
قال في القواعد الفقهية وهي أصح وجزم به أبو بكر والقاضي في خلافه وصاحب المحرر فيه وصححه في التصحيح وقدمه في الفائق وهو من مفردات المذهب
وعنه يكون فسخا جزم به القاضي في المجرد والحلواني في الكفاية وابن عبدوس في تذكرته وصاحب الوجيز وغيرهم ورجحه ابن عقيل والمصنف في المغني وقدمه في الشرح والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
وقيل تصرفه بالوطء فسخ جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والكافي
قال في القواعد وممن صرح أن الوطء اختيار القاضي في المجرد وحكاه في الخلاف عن أبي بكر قال ولم أجده فيه
وأما تصرف المشتري ووطؤه وتقبيله ولمسه بشهوة وسومه ونحو ذلك
فهو إمضاء وإبطال لخياره على الصحيح من المذهب صححه المصنف والشارح والناظم وصاحب التصحيح وغيرهم وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الفروع والفائق والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
وعنه لا يكون إمضاء ولا يبطل خياره بشيء من ذلك وهو وجه في الشرح وغيره
قال في التلخيص وعلى كلا الوجهين في تصرف البائع والمشتري لا يصح تصرفهما لأن في طرفه الفسخ لا بد من تقدمه على العقد وفي طرف الرضى يمتنع لتعلق حق الآخر
قوله : وإن استخدم المبيع لم يبطل خياره في أصح الروايتين
وفي نسخة الوجهين وعليهما شرح ابن منجا وهو المذهب صححه في النظم وابن منجا في شرحه وتصحيح المحرر وقدمه في الحاوي الكبير
والرواية الثانية يبطل خياره قال في الخلاصة والحاوي الصغير يبطل خياره على

الأصح وقدمه في الهداية والمستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى وجزم به في المنور والمنتخب
قال في الوجيز وإن استخدم المبيع للاستعلام لم يبطل خياره
فدل كلامه أنه لو استخدمه لغير الاستعلام يبطل وعبارة جماعة من الأصحاب كذلك وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والشرح والرعاية الكبرى والفروع
وذكر جماعة قولا إن استخدمه للتجربة بطل وإلا فلا منهم صاحب الرعاية والفروع والفائق وغيرهم وذكروه قولا ثالثا وهو احتمال في المغني والشرح
فظاهر كلامهم أن الخلاف يشمل الاستخدام للتجربة وهو بعيد
قال في الحاويين وما كان على وجه التجربة للمبيع كركوب الدابة لينظر سيرها أو الطحن عليها ليعلم قدر طحنها أو استخدام الجارية في الغسل والطبخ والخبز لا يبطل الخيار رواية واحدة
وقال في الرعاية وله تجربته واختباره بركوب وطحن وحلب وغيرها وتقدم كلامه في الوجيز
قال في المنور ومنتخب الأزجي وتصرفه بكل حال رضى إلا لتجربة
قال الشارح فأما ما يستعلم به المبيع كركوب الدابة ليختبر فراهتها والطحن على الرحى ليعلم قدره ونحو ذلك فلا يدل على الرضى ولا يبطل به الخيار انتهى
قلت: الصواب أن الاستخدام للاختبار يستوي فيه الآدمي وغيره ولا تشمله الرواية المطلقة وقطع بما قلنا في الكافي وغيره
ومنشأ هذا القول أن حربا نقل عن أحمد أن الجارية إذا غسلت رأسه أو غمزت رجله أو طبخت له أو خبزت يبطل خياره
فقال المصنف والشارح يمكن أن يقال ما قصد به من استخدام أن تجربة المبيع لا يبطل الخيار كركوب الدابة ليعلم سيرها وما لا يقصد به ذلك يبطل الخيار كركوب الدابة لحاجته انتهى
قوله : وكذلك إن قبلته الجارية ولم يمنعها لم يبطل الخيار
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وسواء كان بشهوة أو بغيرها
وقال أبو الخطاب ومن تبعه ويحتمل أن يبطل إن لم يمنعها وقدم هذه الطريقة في الفروع وجزم بها في المغني والشرح والفائق وغيرهم
وقيل محل الخلاف فيما إذا كان لشهوة أما إذا كان لغير شهوة لم يبطل قولا واحدا وجزم به في الحاويين وغيرهما وقال نص عليه.

وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه وقدمه في الرعاية الصغرى
قوله : وإن أعتقه المشتري نفذ عتقه وبطل خيارهما وكذلك إذا تلف المبيع
إذا أعتق المشتري العبد المبيع نفذ عتقه وهذا مبني على أن المبيع ينتقل إلى المشتري في مدة الخيار وهو المذهب كما تقدم فيصح عتقه وهو من المفردات ويبطل خيارهما على الصحيح من المذهب اختاره الخرقي وأبو بكر وقدمه في المحرر والشرح والفروع والفائق والرعاية
وعنه لا يبطل خيار البائع وله الفسخ والرجوع بالقيمة يوم العتق وقدمه في الكافي وأطلقهما في الهادي والتلخيص والمستوعب والحاوي
فائدة : على القول بأن الملك لا ينتقل عن البائع لو أعتقه ينفذ عتقه كالمشتري وأما إذا تلف المبيع في مدة الخيار فلا يخلو إما أن يكون قبل قبضه أو بعده فإن كان قبل قبضه وكان مكيلا أو موزونا أو معدودا أو مزروعا انفسخ البيع على ما يأتي آخر الباب وكان من ضمان البائع إلا أن يتلفه المشتري فيكون من ضمانه ويبطل خياره وفي خيار البائع الروايتان
وإن كان المبيع غير ذلك ولم يمنع البائع المشتري من قبضه فالصحيح من المذهب أنه من ضمان المشتري على ما يأتي
وإن كان تلفه بعد قبضه في مدة الخيار فهو من ضمان المشتري وهي مسألة المصنف ويبطل خياره على الصحيح من المذهب
قال في الفروع يبطل خيار المشتري في الأشهر وجزم به المغني والشرح وغيرهما
وقيل لا يبطل خياره وهذه طريقة المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم
وأما خيار البائع فيبطل على الصحيح من المذهب اختاره الخرقي وأبو بكر وغيرهما وقدمه في المحرر والفائق والنظم وجزم به في المنور ومنتخب الأدمى
وعنه لا يبطل خيار البائع وله الفسخ والرجوع بالقيمة أو مثله إن كان مثليا اختارها القاضي وابن عقيل وحكاه في موضع من الفصول عن الأصحاب.
وقدمها في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير والخلاصة وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والهادي والفروع والحاوي الكبير والزركشي
تنبيه قوله : والرجوع بالقيمة
تكون القيمة وقت التلف على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية وقيل وقت القبض
وأصل الوجهين انتقال الملك قاله في التلخيص والفروع

فائدة جليلة:
لو انفسخ البيع بعد قبضه بعيب أو خيار أو انتهت مدة العين المستأجرة أو أقبضها الصداق وطلقها قبل الدخول ففي ضمانه على من هو في يده أوجه
أحدها حكم ضمانه بعد زوال العقد حكم ضمان المالك الأول قبل التسليم إن كان مضمونا عليه كان مضمونا له وإلا فلا وهي طريقة أبي الخطاب والمصنف في الكافي في آخرين
فعلى هذا إن كان عوضا في بيع أو نكاح وكان متميزا لم يضمن على الصحيح وإن كان غير متميز ضمن وإن كان في إجارة ضمن بكل حال
الثاني إن كان انتهاء العقد بسبب يستقل به من هو في يده كفسخ المشتري أو شارك فيه الآخر كالفسخ منهما فهو ضامن له وإن استقل به الآخر كفسخ البائع وطلاق الزوج فلا ضمان لأنه حصل في يد هذا بغير سبب ولا عدوان وهذا ظاهر ما ذكره في المغني في مسألة الصداق وعلى هذا يتوجه ضمان العين المستأجرة بعد انتهاء المدة
الثالث حكم الضمان بعد الفسخ حكم ما قبله فإن كان مضمونا فهو
مضمون وإلا فلا فيكون البيع بعد فسخه مضمونا لأنه كان مضمونا على المشترى بحكم العقد ولا يزول الضمان بالفسخ صرح بذلك القاضي في خلافه
ومقتضى هذا ضمان الصداق على المرأة وهو ظاهر كلام المجد وأنه لا ضمان في الإجارة على الراد وصرح به القاضي وغيره حتى قال القاضي وأبو الخطاب لو عجل أجرتها ثم انفسخت قبل انتهاء المدة فله حبسها حتى يستوفي الأجرة ولا يكون ضامنا
الرابع لا ضمان في الجميع ويكون المبيع بعد فسخه أمانة محضة صرح به أبو الخطاب في انتصاره واختاره القاضي في المجرد وابن عقيل في الصداق بعد الطلاق
الخامس الفرق بين أن ينتهي العقد أو يطلق الزوج وبين أن ينفسخ العقد ففي الأول يكون أمانة محضة لأن حكم الملك ارتفع وعاد ملكا للأول وفي الفسخ يكون مضمونا
وممن صرح بذلك الأزجي في نهايته وصاحب التلخيص وهو ظاهر كلام ابن عقيل في مسائل الرد بالعيب وصرح بأنه يضمن نقصه فيما قبل الفسخ وبعده بالقيمة لارتفاع العقد ذكر ذلك في القاعدة الثالثة والأربعين
قوله : وحكم الوقف حكم البيع في أحد الوجهين
وهذا المذهب صححه في التصحيح والكافي والمغني والشرح والزركشي وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وفي الآخر حكم العتق صححه في النظم وقدمه في الرعايتين وإدراك الغاية وأطلقهما

في المستوعب والتلخيص والحاويين والفائق
قوله : وإن وطئ المشتري الجارية فأحبلها صارت أم ولده وولده حر ثابت النسب
هذا مبني على أن الملك ينتقل إليه في مدة الخيار وهو المذهب
وأما إذا قلنا لا ينتقل إليه ففيه الخلاف الآتي في البائع قاله في القواعد الفقهية
وقال المصنف والشارح وإن قلنا إن الملك لا ينتقل إليه لا حد عليه أيضا وعليه المهر وقيمة الولد وإن علم التحريم وأن ملكه غير ثابت فولده رقيق
قوله : وإن وطئها البائع فكذلك إن قلنا البيع ينفسخ بوطئه
وتقدم هل يكون تصرف البائع فسخا للبيع وأن الصحيح يكون فسخا
وقوله : وإن قلنا لا ينفسخ فعليه المهر وولده رقيق
قد تقدم أن المذهب لا ينفسخ العقد بتصرفه
وقوله : إلا إذا قلنا الملك له
وتقدم أن المذهب لا يكون الملك له في مدة الخيار
قوله : ولا حد فيه على كل حال
هذا اختيار المصنف والشارح والمجد في محرره والناظم وصاحب الحاوي وصححوه في كتاب الحدود وقدمه في الرعايتين والفروع هناك وإليه ميل ابن عقيل وحكاه بعض الأصحاب رواية عن الإمام أحمد
قلت: وهو الصواب
فعلى هذا يكون ولده حرا ثابت النسب ولا يلزمه قيمة ولا مهر عليه وتصير أم ولد له
وقال أصحابنا عليه الحد إذا علم زوال ملكه وأن البيع لا ينفسخ بالوطء وهو المنصوص وهو المذهب وهو من مفرداته ويأتي ذلك في حد الزنا أيضا
قوله : إذا علم أن البيع لا ينفسخ
هكذا قيده بعض الأصحاب وقالوا إن اعتقد أن البيع ينفسخ بوطئه فلا حد عليه لأن تمام الوطء قد وقع في ملكه فتمكنت الشبهة
وقال أكثر الأصحاب عليه الحد إذا كان عالما بالتحريم وهو المنصوص عن أحمد في رواية مهنا وهو اختيار أبي بكر وابن حامد والأكثرين قاله في القواعد الفقهية

ومحل وجوب الحد أيضا عند الأصحاب إذا كان عالما بتحريم الوطء أما إذا كان جاهلا بتحريمه فلا حد عليه كما سيأتي في شروط الزنا
فعلى قول الأصحاب إن علم التحريم فولده رقيق لا يلحقه نسبه وأن لم يعلم لحقه النسب وولده حر وعليه قيمته يوم ولادته وعليه المهر ولا تصير أم ولد له
قوله : ومن مات منهما بطل خياره ولم يورث
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم
ويتخرج أن يورث كالأجل وخيار الرد بالعيب وهو لأبي الخطاب وذكره في عيون المسائل في مسألة حل الدين بالموت رواية
تنبيه مراده من قوله : ولم يورث إذا لم يطالب الميت فأما إن طالب في حياته فإنه يورث نص عليه وعليه الأصحاب
فائدة : خيار المجلس لا يورث على الصحيح من المذهب نص عليه
وقيل كالشرط وفي خيار صاحبه وجهان وأطلقهما في الفروع قال في الرعاية وخيار المجلس يحتمل وجهين
أحدهما يبطل وهو الصحيح قدمه في المغني وشرح ابن رزين
والوجه الثاني لا يبطل وهو احتمال في المغني
فائدة : حد القذف لا يورث إلا بمطالبة الميت في حياته كخيار الشرط على الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه الأصحاب
وفي الانتصار رواية لا يورث حد قذف ولو طلبه مقذوف كحد زنا
ويأتي كلام المصنف في باب القذف ويأتي هل تورث المطالبة بالشفعة في كلام المصنف في آخر الفصل الخامس من باب الشفعة
وتقدم إذا علق عتق عبده على بيعه في الباب قبله في الشروط الفاسدة
قوله : الثالث خيار الغبن ويثبت في ثلاث صور أحدها إذا تلقى الركبان فاشترى منهم أو باع لهم فلهم الخيار إذا هبطوا السوق وعلموا أنهم قد غبنوا
أعلمنا المصنف رحمه الله هنا أنه إذا تلقى الركبان واشترى منهم وباع لهم أن البيع صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه
وعنه أنه باطل اختاره أبو بكر
فعلى المذهب يثبت لهم الخيار بشرطه سواء قصد تلقيهم أو لم يقصده وهو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب

وقيل لا خيار لهم إلا إذا قصد تلقيهم وهو احتمال في المغني والشرح
قوله : وعلموا أنهم قد غبنوا
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لهم الخيار وإن لم يغبنوا
قوله : غبنا يخرج عن العادة
يرجع الغبن إلى العرف والعادة على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب
وقيل يقدر الغبن بالثلث اختاره أبو بكر وجزم به في الإرشاد.
قال في المستوعب والمنصوص أن الغبن المثبت للفسخ ما لا يتغابن الناس بمثله وحده أصحابنا بقدر ثلث قيمة المبيع انتهى
وقيل يقدر بالسدس
وقيل يقدر بالربع ذكره ابن رزين في نهايته
وظاهر كلام الخرقي أن الخيار يثبت بمجرد الغبن وإن قل قاله الشارح وغيره وهو ظاهر ما قدمه في المستوعب
وقد قال أبو يعلى الصغير في موضع من كلامه له الفسخ بغبن يسير كدرهم في عشرة بالشرط ويأتي ذلك بعد تعدد العيوب
قوله : الثانية في النجش وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليضر المشتري
أفادنا المصنف رحمه الله أن بيع النجش صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وعنه يبطل اختاره أبو بكر قاله المصنف
وقال في التنبيه لا يجوز النجش
وعنه يقع لازما فلا فسخ من غير رضا ذكره في الانتصار في البيع الفاسد هل ينقل الملك
فعلى المذهب يثبت للمشتري الخيار بشرطه وسواء كان ذلك بمواطأة من البائع أو لا وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقيل لا خيار له إلا إذا كان بمواطأة من البائع

فائدتان
إحداهما : لو نجش البائع فزاد أو واطأ فهل يبطل البيع وإن لم يبطله في الأولى فيه وجهان وأطلقهما في الفروع والفائق
أحدهما لا يبطل البيع وهو الصحيح وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وهو كالصريح في كلام المصنف والشارح وقدمه الزركشي وقال هذا المشهور
والوجه الثاني يبطل البيع قاله في الرعايتين والحاويين
وعنه لا يصح بيع النجش كما لو زاد فيه البائع أو واطأ عليه
قال في الرعاية الكبرى أو زاد زيد بإذنه في أصح الوجهين وقدمه في المحرر وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس
الثانية لو أخبر أنه اشتراها بكذا وكان زائدا عما اشتراها به لم يبطل البيع وكان له الخيار على الصحيح من المذهب
وقال في الإيضاح يبطل مع علمه
تنبيه قال في الفروع وقولهم في النجش ليغر المشترى لم يحتجوا لتوقف الخيار عليه وقال وفيه نظير
وأطلقوا الخيار فيما إذا أخبر بأكثر من الثمن
لكن قال بعضهم لأنه في معنى النجش فيكون القيد مرادا وشبه ما إذا خرج ولم يقصد التلقي وسبق أن المنصوص الخيار انتهى
قلت: قال في الرعاية ويحرم أن يزيد في سلعة من لا يريد شراءها وقيل بل ليغر مشتريها الغر بها
وقال ابن منجا في شرحه وزاد المصنف أن يكون الذي زاد معروفا بالحذق ولا بد منه انتهى ولم نره لغيره
وقال الزركشي وزاد بعض أصحابنا في تفسيره فقال ليغر المشتري وهو حسن انتهى
فائدة : قال الزركشي وغيره حكم زيادة المالك في الثمن كأن يقول أعطيته في هذه السلعة كذا وهو كاذب حكم نجشه انتهى
قوله : الثالثة المسترسل
يثبت للمسترسل الخيار إذا غبن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات وعنه لا يثبت

فوائد
الأولى المسترسل هو الذي لا يحسن أن يماكس قاله الإمام أحمد وفي لفظ عنه هو الذي لا يماكس
قال المصنف والشارح هو الجاهل بقيمة السلعة ولا يحسن المبايعة
قال في التلخيص والنظم وغيرهما هو الذي لا يعرف سعر ما باعه أو اشتراه
فصرحا أن المسترسل يتناول البائع والمشتري وأنه الجاهل بالبيع كما قاله الإمام أحمد
وقال في الرعاية الكبرى هو الجاهل بقيمة المبيع بائعا كان أو مشتريا وقال في الفروع في باب خيار التدليس في حكم مسألة كما لم يفرقوا في الغبن بين البائع والمشتري فتلخص أن المسترسل هو الجاهل بالقيمة سواء كان بائعا أو مشتريا
قال في المذهب لو جهل الغبن فيما اشتراه لعجلته وهو لا يجهل القيمة ثبت له الخيار أيضا وجزم به في النظم
وقال في الرعاية الكبرى لو عجل في العقد فغبن فلا خيار له انتهى
وعنه يثبت أيضا لمسترسل إلى البائع لم يماكسه اختاره الشيخ تقي الدين وذكره في المذهب
وقال في الانتصار له الفسخ ما لم يعلمه أنه غال وأنه مغبون فيه انتهى
الثانية قال المجد في شرحه يثبت خيار الغبن إلى المسترسل في الإجارة كما في البيع إلا أنه إذا فسخ وقد مضى بعض المدة يرجع عليه بأجرة المثل للمدة لا بقسطه من المسمى لأنه لو رجع عليه بذلك لم يستدرك ظلامة الغبن فارق ما لو ظهر على عيب في الإجارة ففسخ فإنه يرجع عليه بقسطه من المسمى لأنه يستدرك ظلامته بذلك لأنه يرجع بقسطه منها معيبا فيرتفع عنه الضرر بذلك
قال المجد نقلت:ه من خط القاضي على ظهر الجزء الثلاثين من تعليقه
الثالثة الغبن محرم نص عليه ذكره أبو يعلى الصغير وقدمه في الفروع وجزم به في الفنون وقال إن أحمد قال أكرهه
وقال في الرعاية الكبرى يكره تلقي الركبان وقيل يحرم وهو أولى انتهى
الرابعة هل غبن أحدهما في مهر مثله كبيع أو لا فسخ فيه احتمالان في التعليق للقاضي والانتصار لأبي الخطاب وفي عيون المسائل منع وتسليم
ثم فرق وقال ولهذا لا يرد الصداق عندهم وفي وجه لنا بعيب يسير ويرد المبيع بذلك
قلت: الصواب أنه لا يفسخ بل يقع العقد لازما

ويأتي قريب من ذلك في أواخر باب الشروط في النكاح وباب العيوب في النكاح
الخامسة يحرم تغرير مشتر بأن يسومه كثيرا ليبذل قريبا منه ذكره الشيخ تقي الدين واقتصر عليه في الفروع وهو الصواب
قال الشيخ تقي الدين وإن دلس مستأجر على مؤجر وغيره حتى استأجره بدون القيمة فله أجرة المثل
وفي مفردات ابن عقيل في المسألة الأولى كقوله: وأنه كالغش والتدليس سواء ثم سلم أنه لا يحرم
السادسة لو قال عند البيع لا خلابة فالصحيح من المذهب أن له الخيار إذا خلبه قدمه في الفروع وقال المصنف وغيره لا خيار له
قوله : الرابع خيار التدليس بما يزيد به الثمن كتصرية اللبن في الضرع وتحمير وجه الجارية وتسويد شعرها وتجعيده وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها
قال في الرعاية وكذا تحسين وجه الصبرة ونحوها وتصنيع النساج وجه الثوب وصقال الإسكاف وجه المتاع ونحوه فهذا يثبت للمشتري خيار الرد بلا نزاع وظاهره أنه لو حصل ذلك من غير قصد التدليس لا خيار له وهو أحد الوجهين وهو احتمال في المغني والشرح ومالا إليه
الوجه الثاني يثبت بذلك أيضا اختاره القاضي واقتصر عليه في الفائق وجزم به في الكافي وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين وذكر من صور المسألة تحمير الوجه من الخجل أو التعب وأطلقهما في الفروع.
وقيل لا يثبت إلا بحمرة الخجل والتعب ونحوهما وهو أولى من الأول ومال إليه المصنف والشارح
فائدة : لو سود كف العبد أو ثوبه ليظن أنه كاتب أو حداد أو علف الشاة أو غيرها ليظن أنها حامل لم يثبت للمشتري بذلك خيار على الصحيح من المذهب وقيل يثبت
قوله : ويرد مع المصراة عوض اللبن صاعا من تمر
يتعين التمر في الرد بشرطه ولو زادت قيمته على المصراة أو نقصت عن قيمة اللبن على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل يجزئ القمح أيضا اختاره الشيرازي لحديث رواه البيهقي
وقال الشيخ تقي الدين يعتبر في كل بلد صاع من غالب قوته

فائدتان
إحداهما : علل أبو بكر وجوب الصاع بأن لبن التصرية اختلط بلبن حدث في ملك المشتري فلما لم يتميز قطع عليه أفضل الصلاة والسلام المشاجرة بينهما بإيجاب صاع
الثانية لو اشترى أكثر من مصراة رد مع كل واحدة صاعا صرح به في الفائق وغيره
قلت: وهو داخل في عموم كلامهم
تنبيه قوله : فإن لم يجد التمر فقيمته في موضعه
أي في موضع العقد صرح به الأصحاب ولو زادت على قيمة المصراة نص عليه أحمد رحمه الله
قوله : فإن كان اللبن بحاله لم يتغير رده وأجزأه
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره ونصره الشارح وغيره واختاره المصنف وغيره
قال القاضي الأشبه أنه يلزم البائع قبوله
قال في الرعاية الكبرى لزم البائع قبوله في الأقيس واقتصر عليه
ويحتمل أنه لا يجزئه إلا التمر وهو أحد الوجهين وصححه في الخلاصة والبلغة والنظم وقدمه في الهداية والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم ويشمله كلام الخرقي وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والكافي والزركشي وغيرهم
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله : لم يتغير رده أنه إذا تغير لا يلزم البائع قبوله وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع والرعاية واختاره القاضي والكافي وغيرهم
وقيل يجزئه رده ويلزم البائع قبوله اختاره القاضي
الثاني لو علم التصرية قبل الحلب فردها قبل حلبها لم يلزمه شيء
قوله : ومتى علم التصرية فله الرد
فظاهره أنه سواء كان قبل مضي ثلاثة أيام أو بعدها ما لم يرض كسائر التدليس وهذا قول أبي الخطاب
قال المصنف والشارح هذا القياس
قال ابن رزين في شرحه هذا أقيس قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في

الكافي والنظم وإدراك الغاية
قال الزركشي ويتخرج من قول أبي الخطاب قول آخر أن الخيار على الفور كالعيوب لأن فيها قولا كذلك انتهى
وقال القاضي ليس له ردها إلا بعد ثلاث منذ علم ويكون على الفور بعدها وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد وجزم به في الوجيز وصححه في الخلاصة وقدمه في المستوعب وشرح ابن رزين والحاوي الكبير والمذهب ومسبوك الذهب وقال فيهما إذا لم يتبين التصرية إلا بعد ثلاث فوجهان
أحدهما يثبت الرد عند تبين التصرية والآخر تكون مدة الخيار ثلاثا انتهى
قلت: الذي يظهر من تعليله بكلام القاضي أنه إذا لم يعلم إلا بعد ثلاث أن خياره يكون على الفور
وظاهر كلام ابن أبي موسى أنه متى علم التصرية ثبت له الخيار في الأيام الثلاثة إلى تمامها قاله المصنف في المغني والشارح عنه وقال في الكافي وقال ابن أبي موسى إذا علم التصرية فله الخيار إلى تمام ثلاثة أيام من حين البيع وقدمه في الرعاية الكبرى
لكن قال الزركشي ولا عبرة بما أوهمه كلام أبي محمد في الكافي أن ابتداء الثلاثة على قول ابن أبي موسى من حين البيع وأطلقهن في المغني والشرح وتجريد العناية
واعلم أن الصحيح من المذهب أنه متى علم التصرية يخير ثلاثة أيام منذ علم جزم به في المجرد والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الأزجي وقدمه في الفروع والفائق والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
قال المصنف والشارح والعمل بالخبر أولى
قال الزركشي هذا ظاهر الحديث وعليه المعتمد ويحتمله كلام ابن أبي موسى والفرق بين هذا وبين قول القاضي أن الخيرة على قول القاضي تكون بعد الأيام الثلاثة وتكون على هذا على الفور وعلى المذهب تكون الخيرة في الأيام الثلاثة
تنبيه ظاهر قوله : فله الرد أنه ليس له سواه أو الإمساك مجانا وهو الصحيح من المذهب
قال الزركشي هو المشهور عند الأصحاب وجزم به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى والفائق وغيرهم
وقيل يخير بين الإمساك مع الأرش وبين الرد وجزم به أبو بكر في التنبيه والمبهج والتلخيص والترغيب والبلغة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وتذكرة ابن عبدوس ومال إليه صاحب الروضة ونقله ابن هانئ وجزم به في المستوعب والحاوي الكبير في التصرية لأنهما حكياه عن أبي بكر واقتصرا عليه وقدماه في غير التصرية لكن قالا ظاهر كلام

غير أبي بكر من أصحابنا أنه ليس له إلا الرد أو الإمساك لا غير
قوله : وإن صار لبنها عادة لم يكن له الرد في قياس قوله: إذا اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج لم يملك الرد
واعلم أنه إذا صار لبنها عادة لم يكن له الرد وجزم به كل من ذكرها
وأما إذا اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج وهو الأصل المقيس عليه فالصحيح من المذهب أنه لا خيار للمشتري نص عليه
قال ابن عقيل في الفصول بشرط أن يكون طلاقها رجعيا
قلت: لعله مراد المصنف والمذهب
وقال ابن عقيل أيضا في طلاق بائن فيه عدة احتمالان
قلت: الذي يظهر إن كانت العدة بقدر الاستبراء أنه لا خيار له
وقال في الرعاية من عنده إن اشترى معتدة من طلاق أو موت جاهلا ذلك فله ردها أو الأرش
تنبيه قوله : فطلقها الزوج هكذا أطلق أكثر الأصحاب وقال في الرعايتين والفائق فلو طلقت قبل علمه زال نص عليه فقيد الطلاق بعدم العلم
قال شيخنا والأول أظهر
فائدة :
لو اشتراها ولم يعلم بكونها مزوجة خير بين الرد أو الإمساك مع الأرش وإن كان عالما فلا خيار له وليس له منع زوجها من وطئها بحال
قوله : وإن كانت التصرية في غير بهيمة الأنعام فلا رد له في أحد الوجهين
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والهادي والتلخيص والشرح والزركشي والحاوي الكبير
أحدهما لا رد له وهو ظاهر الوجيز
قال ابن البنا تبعا لشيخه القاضي هذا قياس المذهب
قال ابن رزين في شرحه هذا أقيس
والوجه الثاني له الرد وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير واختاره ابن عقيل وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر والفروع وشرح ابن رزين

قوله : ولا يلزمه بدل اللبن
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وقالوا في تعليله لأنه لا يعتاض عنه في العادة
قال في الفروع كذا قالوا وليس بمانع انتهى
وقيل إن جاز بيع لبن الأمة غرمه ذكره في الرعاية
قلت: ويخرج عليه غيره بل أولى
قوله : ولا يحل للبائع تدليس سلعته ولا كتمان عيبها
أما التدليس فحرام بلا نزاع
وأما كتمان العيب فالصحيح من المذهب أنه حرام وعليه أكثر الأصحاب وهو الصواب وذكره الترمذي عن العلماء وذكر أبو الخطاب أنه يكره
قال في التبصرة الكراهة نص عليها أحمد وجزم به في المذهب وقدمه في الرعايتين والفائق لكن اختار الأول
قال في التلخيص والمشهور صحة البيع مع الكراهة انتهى
قلت: الذي يظهر أن مراد الإمام أحمد رحمه الله بالكراهة التحريم
قوله : فإن فعل فالبيع صحيح
يعني إذا كتم العيب أو دلسه وباعه وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وعنه لا يصح نقل حنبل بيعه مردود واختاره أبو بكر
قال في الحاوي الكبير وهو ظاهر منصوص الإمام أحمد
وفي رواية حنبل إذا دلس البائع العيب وباع فتلف المبيع في يد المشتري بغير فعله فإنه يرجع على البائع بجميع الثمن وقوله: وقال أبو بكر إن دلس العيب فالمبيع باطل قيل له فما تقول في المصراة فلم يذكر جوابا
قال الشارح وابن منجا في شرحه فدل على رجوعه
قلت: أكثر الأصحاب يحكي أن هذا اختيار أبي بكر ولم يذكروا أنه رجع
فائدة : قال الشيخ تقي الدين وكذا لو أعلمه بالعيب ولم يعلما قدره فإنه يجوز عقابه بإتلافه والتصدق به إذا دلسه وقال أفتى به طائفة من أصحابنا
قوله : الخامس خيار العيب وهو النقص
العيب هو ما ينقص قيمة المبيع عادة على الصحيح من المذهب

وقال في الترغيب وغيره هو ما ينقص قيمة المبيع نقيصة يقتضي العرف سلامة المبيع عنها غالبا
قوله : وعيوب الرقيق من فعله كالزنى والسرقة والإباق والبول في الفراش وكذا شربه الخمر والنبيذ إذا كان مميزا
نص عليه
أناط المصنف رحمه الله الحكم في ذلك بالتمييز وهو أحد الوجهين وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر والرعاية الصغرى والحاويين والوجيز والمنور والفائق وتذكرة ابن عبدوس وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم
وزاد بعضهم فقال إذا تكرر قال في الرعاية وبوله في فراشه مرارا
والوجه الثاني يشترط أن يكون ذلك من ابن عشر فصاعدا وهو المذهب نص عليه وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه مع أن كلام من تقدم ذكره لا يأباه جزم به في المغني والشرح
قال في الكافي فأما العيوب المنسوبة إلى فعله ككذا وكذا فإن كانت من مميز جاوز العشر فهي عيب وقدمه في الفروع
وقال في الرعاية الكبرى وزنى ممن له عشر سنين أو أكثر وقيل إن دام زنى مميز أو سرقته أو إباقه أو شربه الخمر أو بوله في فراشه انتهى
وقال في الواضح يشترط أن يكون بالغا
وقيل يشترط في البول أن يكون من كبير
وتكرر شرط الناظم أن يكون من كبير ولم يذكر التكرار
قوله : كالمرض وذهاب جارحة أو سن أو زيادتهما ونحو ذلك
كالخصي ولو زادت قيمته ولكن يفوته غرض صحيح مباح والإصبع الزائدة والعمى والعور والحول والخوص والسبل وهو زيادة في الأجفان والطرش والخرس والصمم والقرع والصنان والبهاق والبرص والجذام والفالج والكلف والتحمر والعفل والقران والفتق والرتق والاستحاضة والجنون والسعال والبحة وكثرة الكذب والتخنيث وكونه خنثى والثآليل والبثور وآثار القروح والجروح والشجاج والجدري والحفر وهو الوسخ يركب أصول الأسنان والثلوم فيها وذهاب بعض أسنان الكبير وهو مراد المصنف والوشم وتحريم عام كأمة مجوسية

قال في الفروع وظاهر كلامهم بخلاف أخته من الرضاع وحماته ونحوهما وقرع شديد من كبير وهو متجه انتهى
وكون الثوب غير جديد ما لم يظهر عليه أثر الاستعمال ذكره في الواضح واقتصر عليه في الفروع
والزرع والغرس والإجارة
قال في الرعاية وشامات ومحاجم في غير موضعها وشرط مشين
ومنها إهمال الأدب والوقار في أماكنها نص عليه ذكره الخلال
قلت: لعل المراد في غير الجلب والصغير
ومنها الاستطالة على الناس ذكره المصنف والشارح وصاحب عيون المسائل وغيرهم
ومنها الحمق من كبير على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه
الأصحاب وهو ارتكاب الخطأ على بصيرة
وقال المصنف والشارح وحمق شديد واعتبر القاضي وغيره العادة
ومنها حمل الأمة دون الدابة قال في الرعاية والحاوي إن لم يضر اللحم
وتقدم في أول باب الشروط في البيع
ومنها عدم ختان عبد كبير مطلقا على الصحيح من المذهب وجزم به في التلخيص والحاوي وغيرهما وقدمه في الفروع
وقال المصنف والشارح وصاحب الفائق إن كان العبد الكبير مجلوبا فليس بعيب وإلا فعيب
ومنها عثرة المركوب وكدمه وقوة رأسه وحرنه وشموسه وكيه أو بعينه ضفرة أو بأذنه شق قد خيط أو بحلقه تعاتع أو غدة أو عقدة أو به زور وهو نتوء الصدر عن البطن أو بيده أو رجله شقاق أو بقدمه فرع وهو نتوء وسط القدم أو به وخس وهو ورم حول الحافر أو كوع أو العروق في الرجلين عن قدميهما أو كوع وهو انقلاب أصابع القدمين عليهما أو بعقبهما صكك وهو تقاربهما وقيل اصطكاكهما أو انتفاخهما أو بالفرس خسف وهو كون إحدى عينيه زرقاء والأخرى كحلاء
ومنها كونه أعسر على الصحيح من المذهب
قال في الفروع والمراد ولا يعمل باليمنى عملها المعتاد وإلا فزيادة خير
وقال المصنف في المغني كونه أعسر ليس بعيب لعمله بإحدى يديه

وقال الشيخ تقي الدين والجار السوء عيب
قال في الفروع وظاهر كلامهم وبئر ونحوه غير معتاد بالدار قال وقاله جماعة في زماننا
قال في الرعاية واختلاف الأضلاع والأسنان وطول إحدى يدي الأنثى وخرم شنوفها
ومنها أكل الطين ذكره جماعة لأنه لا يطلبه إلا من به مرض نقله عنهم ابن عقيل ذكره في الفروع في باب الأطعمة
قلت: وهو الصواب وقطع به في الرعاية وغيرها
وقاله في التلخيص والترغيب وغيرهما
وكون الدار ينزلها الجند عيب
وعبارة القاضي وجدها منزولة قد نزلها الجند
قال القاضي وصاحب الترغيب والحاوي ومن تابعهم لو اشترى قرية فوجد فيها سبعا أو حية عظيمة فهو عيب ينقص الثمن
وقال ابن الزاغوني ومن تبعه وجدها كان السلطان ينزلها ليس عيبا ونقص القيمة به عادة إن عين لذلك الثلث وكان مستسلما فله الفسخ للغبن لا للعيب
وأجاب أبو الخطاب لا يجوز الفسخ لهذا الأمر المتردد انتهى
وليس الفسق من جهة الاعتقاد أو الفعل أو التغفيل بعيب على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع
وفي قوله : أو التغفيل نظر لأنه قد تقدم أن شرب الخمر من المميز عيب
وقيل هو عيب في الثلاثة
قال في الفائق ولو ظهر العبد فاسقا مع إسلامه فله الرد سواء كان فسقه لبدعة أو غيرها ذكره في الفصول
قال وكذا لو ظهر متوانيا في الصلاة والمختار ما ذكره ابن عقيل انتهى
والثيوبة ليست بعيب على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
منهم القاضي وغيره وقدمه في المغني والشرح والحاوي وجزم به في الكافي وغيره
وقال ابن عقيل إن ظهرت ثيبا مع إطلاق العقد فهو عيب وأطلقهما في الفروع
وليس معرفة الغناء والكفر بعيب على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والكافي والشرح والرعاية
وقال ابن عقيل الغناء في الأمة عيب وكذا الكفر وأطلقهما في الفروع
وقال في الفائق وعدم نبات عانة الأمة ليس بعيب على الصحيح من المذهب نص عليه.

وجزم به في الكافي والمغني والشرح وقدمه في الفروع
وقيل هو عيب قال ابن عقيل هو عيب لمخالفة الجبلة فيه
قلت: وهو الصواب
وفي الانتصار ليس عيبا مع بقاء القيمة وليس عجمة اللسان والفأفاء والتمتام والأرت والقرابة بعيب وكذلك الألثغ جزم به في الفروع والرعاية الكبرى في موضع وقال في موضع اللثغ وغنة الصوت عيب
فائدة : قال في الانتصار ومفردات أبي يعلى الصغير لا فسخ بعيب يسير كصداع وحمى يسيرة وسقوط آيات يسيرة في المصحف للعادة كغير يسير ولو من ولي
قال أبو يعلى ووكيل وقال في ولي ووكيل لو كثر الغبن بطل
وقال أيضا يوجب الرجوع عليهما
وذكر أيضا الفسخ بعيب يسير وأن المهر مثله في وجه وأن له الفسخ بغبن يسير كدرهم في عشرة بالشرط
وتقدم ظاهر كلام الخرقي في الغبن
وفي مفردات أبي الوفاء وغيره أيضا لا فسخ بعيب أو غبن يسير فإن الكثير يمنع الرشد ويوجب السفه فالرجوع على ولي ووكيل
قال الإمام أحمد من اشترى مصحفا فوجده ينقص الآية والآيتين ليس هذا عيبا لا يخلو المصحف من هذا
وفي جامع القاضي بعد هذا النص قال الآية كغبن يسير
قال وأجود من هذا أنه لا يسلم عادة من ذلك كيسير التراب والعقد في البر
قوله : فمن اشترى معيبا لم يعلم عيبه
هكذا عبارة غالب الأصحاب وقال أبو الخطاب في الانتصار فمن اشترى معيبا لم يعلم عيبه أو كان عالما به ولم يرض به
قوله : فله الخيار بين الرد والإمساك مع الأرش
هذا المذهب مطلقا أعني سواء تعذر رده أو لا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب
وعنه ليس له الأرش إلا إذا تعذر رده اختاره صاحب الفائق والشيخ تقي الدين رحمه الله
قال وكذلك يقال في نظائره كالصفقة إذا تفرقت قال الزركشي وهو الأصح

واختار شيخنا في حواشي الفروع أنه إذا دلس العيب خير بين الرد والإمساك مع الأرش وإن لم يدلس العيب خير بين الرد والإمساك بلا أرش
وعنه لا رد ولا أرش لمشتر وهبه بائع ثمنا أو أبرأه منه كمهر في رواية وأطلقهما في القاعدة السابعة والستين
قال واختار القاضي في خلافه أنه إذا رده لم يرجع عليه بشيء مما أبرأه منه
ويتخرج التفريق بين الهبة والإبراء فيرجع في الهبة دون الإبراء لو ظهر هذا المبيع معيبا بعد أن تعيب عنده فهل له المطالبة بأرش العيب فيه وجهان
أحدهما تخريجه على الخلاف في رده
والطريق الآخر تمتنع المطالبة وجها واحدا وهو اختيار ابن عقيل
ويأتي في كتاب الصداق ما يشابه هذا
فائدتان
إحداهما : لو ظهر بالمأجور عيبا فقال المصنف والمجد والشارح وغيرهم قياس المذهب أن حكمه حكم المبيع جزم به ناظم المفردات وهو منها
والصحيح من المذهب أنه لا أرش له
ويأتي ذلك في الإجارة عند قوله: وإن وجد العين معيبة بأتم من هذا
الثانية إذا اختار الإمساك مع الأرش فيحتمل أن يأخذه من غير الثمن مع بقائه لأنه فسخ أو إسقاط وقاله القاضي في موضع من خلافه
ويحتمل أن يأخذه من حيث شاء البائع لأنه معاوضة وقاله القاضي أيضا في موضع من خلافه
قلت: وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وأطلقهما في التلخيص والرعاية والفروع والزركشي
قال ابن رجب في القاعدة التاسعة والخمسين واختلف الأصحاب يعني في أخذ أرش العيب فمنهم من يقول هو فسخ العقد في مقدار العيب ورجوع بقسطه من الثمن ومنهم من يقول هو عوض عن الجزء الفائت ومنهم من قال هو إسقاط لجزء من الثمن في مقابلة الجزء الفائت الذي تعذر تسليمه
وكل من هذه الأقوال الثلاثة قاله القاضي في موضع من خلافه
وينبني على الخلاف في أن الأرش فسخ أو إسقاط الجزء من الثمن أو معاوضة أنه إن كان فسخا أو إسقاطا لم يرجع إلا بقدره من الثمن ويستحق جزءا من غير الثمن مع بقائه بخلاف ما إذا قلنا إنه معاوضة انتهى

وقد صرح المصنف والشارح وغيرهما أن الأرش عوض عن الجزء الفائت في المبيع
وقال في القاعدة المذكورة أعلاه إذا قلنا هو عوض عن الفائت فهل هو عوض عن الجزء نفسه أو عن قيمته ذهب القاضي في خلافه إلى أنه عوض عن القيمة وذهب ابن عقيل في فنونه وابن المنى إلى أنه عوض عن العين الفائتة
وينبني على ذلك جواز المصالحة عنه بأكثر من قيمته
فإن قلنا المضمون العين فله المصالحة عنها بما شاء وإن قلنا القيمة لم يجز أن يصالح عنها بأكثر من جنسها انتهى
فائدة : لو أسقط المشتري خيار الرد بعوض بذله له البائع وقبله جاز على حسب ما يتفقان عليه وليس من الأرش في شيء ذكره القاضي وابن عقيل في الشفعة ونص الإمام أحمد رحمه الله على مثله في خيار المعتقة تحت عبد قاله في القاعدة التاسعة والخمسين
قوله : وهو قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به
وقال في الرعاية بعد أن ذكر الأول وقيل قدره من الثمن كنسبة ما ينقص العيب من القيمة إلى تمامها لو كان سليما يوم العقد
قوله : وما كسب فهو للمشتري
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم المصنف في المغني والشرح وقالا لا نعلم فيه خلافا
وعنه للبائع ونفاها الزركشي
ولا يلتفت إلى ما قال عنه صاحب الكافي في حكاية الخلاف فيه فقد ذكر الرواية جماعة
قوله : وكذلك نماؤه المنفصل
وهو المذهب وعليه الأصحاب
وعنه لا يرده إلا مع نمائه وإن قلنا لا يرد كسبه
وقال في القواعد الفقهية ونقل ابن منصور كلاما يدل على أن اللبن وحده يرد عوضه لحديث المصراة
فائدة : لو حدث حمل بعد الشراء فهل هو نماء منفصل أو متصل جزم المصنف والشارح هنا أنه زيادة منفصلة
وقال القاضي وابن عقيل في الصداق هو زيادة متصلة

ثم اختلفا فقال القاضي يجبر الزوج على قبولها إذا بذلتها المرأة وخالفه ابن عقيل في الآدميات
وقال القاضي في التفليس ينبني على أن الحمل هل له حكم أم لا فإن قلنا له حكم فهو زيادة منفصلة وإلا فهو زيادة متصلة كالسمن
وقال في التلخيص الأظهر أنه يتبع في الرجوع كما يتبع في المبيع ذكره في القاعدة الثانية والثمانين
وأما إذا حملت وولدت بعد الشراء فهو نماء منفصل بلا نزاع
وظاهر كلام المصنف هنا أنه ترد أمه دونه وهو رواية عن أحمد اختارها الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في رؤوس مسائلهما
قال الزركشي قاله القاضي في تعليقه فيها وأظن وهو قول في الفروع كما لو كان حرا وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره
والصحيح من المذهب أنه إذا ردها لا يردها إلا بولدها فيتعين له الأرش وجزم به في المحرر والمنور وغيرهما وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعاية والفائق والزركشي وغيرهم
فائدة : للأصحاب في الطلع هل هو نماء منفصل أو متصل طرق
أحدها هو زيادة متصلة مطلقا جزم به القاضي وابن عقيل في الصداق وكذا في الكافي وجعل كل ثمرة على شجرة زيادة متصلة
الثاني زيادة منفصلة مطلقا ذكره القاضي وابن عقيل في موضع من التفليس والرد بالعيب وذكره في المغني احتمالا وحكاه في الكافي عن ابن حامد
الثالث المؤبر زيادة منفصلة وغيره زيادة متصلة صرح به القاضي وابن عقيل أيضا في التفليس والرد بالعيب وذكره منصوص أحمد رحمه الله
الرابع غير المؤبر زيادة متصلة بلا خلاف وفي المؤبر وجهان وهي طريقة الترتيب في الصداق
الخامس المؤبرة زيادة متصلة وجها واحدا وفي غير المؤبرة وجهان واختار ابن حامد أنها منفصلة وهي طريقة في الكافي في التفليس
وأما الحب إذا صار زرعا والبيضة إذا صارت فرخا فأكثر الأصحاب على أنها داخلة في النماء المنفصل قاله القاضي وابن عقيل
وذكر المصنف وجها وصححه أنه من باب تغير ما يزيل الاسم لأن الأول استحال وكذا قال ابن عقيل في موضع آخر
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن النماء المنفصل للبائع وهو صحيح وهو المذهب وعليه

جماهير الأصحاب قال الزركشي هذا قول عامة الأصحاب
وقال ابن عقيل النماء المتصل كالمنفصل فيكون للمشتري قيمتهما
وقال الشيرازي النماء المنفصل للمشتري واختاره الشيخ تقي الدين
قال في القاعدة الثمانين ونص عليه في رواية ابن منصور واختاره ابن عقيل أيضا
فعلى هذا يقوم على البائع
وقال في الفروع وفي المغني في النماء المتصل في مسألة صبغه ونسجه له أرشه إن رده انتهى
والذي في المغني فله أرشه لا غير
قوله : ووطء الثيب لا يمنع الرد فله ردها ولا يحسب عليه وطؤها
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ويجوز له بيعها مرابحة بلا خيار قاله في الانتصار وغيره
وعنه وطؤها يمنع ردها اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ذكره عنه في الفائق
قال أبو بكر في التنبيه لا ترد الأمة بعد وطئها ويأخذ أرش العيب مطلقا
وعنه له ردها بمهر مثلها وأطلقهما في الرعاية والحاوي
فائدتان
إحداهما : حدوث العيب بعد العقد وقبل القبض كالعيب قبل العقد فيما ضمانه على البائع كالمكيل والموزون والمعدود والمزروع والثمرة على رؤوس النخل ونحوه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره
وقال جماعة لا أرش إلا أن يتلفه آدمي فيأخذه منه
وحدوث العيب قبل القبض من ضمان المشتري مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وعنه عهدة الحيوان ثلاثة أيام وعنه ستة
وقال في المبهج وبعد الستة
والمذهب لا عهدة قال الإمام أحمد لا يصح فيه حديث
الثانية لو اشترى متاعا فوجده خيرا مما اشترى فعليه رده إلى بائعه كما لو وجده أردأ كان له رده نص عليه قاله في الرعاية والحاوي وغيرهما
قلت: لعل محل ذلك إذا كان البائع جاهلا به

قوله : وإن وطئ البكر أو تعيبت عنده فله الأرش
يعني يتعين له الأرش وهو إحدى الروايات
قال ابن أبي موسى وهي الصحيحة عن أحمد
وقال ابن منجا في شرحه هذا الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في المحرر والنظم واختاره أبو بكر وابن أبي موسى وأبو الخطاب في خلافه
وعنه أنه يخير بين الأرش وبين رده وأرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن نقلها الجماعة عن الإمام أحمد
قال في التلخيص والترغيب والبلغة عليها الأصحاب زاد في التلخيص وهي المشهورة قال الزركشي هي أشهرهما
واختارها أبو الخطاب في الانتصار والقاضي أبو الحسين والمصنف وإليها ميل الشارح وصححها القاضي في الروايتين واختارها الخرقي فيما إذا لم يدلس العيب وجزم به في الخلاصة وقدمه في الهداية والمستوعب والرعايتين والحاويين والفائق وقال هو المذهب وأطلقهما في المذهب والكافي والشرح والفروع وغيرهم
وعنه يلزمه أيضا مهر البكر
تنبيهان
أحدهما أرش العيب الحادث عنده هو ما نقصه مطلقا
الثاني على رواية التخيير يلزم المشتري إذا رده أرش العيب الحادث عنده ولو أمكن زوال العيب على الصحيح من المذهب
وعنه لا يلزمه أرشه إن أمكن زواله قبل رده وإن زال بعد الرد ففي رجوع مشتر على بائع بما دفعه إليه احتمالان وأطلقهما في الفروع
قلت: الذي يظهر عدم الرجوع
قوله : قال الخرقي إلا أن يكون البائع دلس العيب فيلزمه رد الثمن كاملا
وهو المذهب أعني فيما إذا دلس البائع العيب
قال الزركشي هو المذهب المنصوص المعروف
قال في الفروع ونصه له رده بلا أرش إذا دلس البائع العيب
قال في القواعد الفقهية هذا المنصوص
قال الشيخ تقي الدين يرجع المشتري بالثمن على الأصح

قال في الكافي والمنصوص أنه يرجع بالثمن ولا شيء عليه
قلت: نص عليه في رواية حنبل وابن القاسم وقدمه في الكافي والمستوعب والشرح وشرح ابن رزين والحاوي
قال القاضي ولو تلف المبيع عنده ثم علم أن البائع دلس العيب رجع بالثمن كله نص عليه في رواية حنبل
قال الإمام أحمد رحمه الله في رجل اشترى عبدا فأبق وأقام البينة إن كان إباقه موجودا في يد البائع يرجع على البائع بجميع الثمن لأنه غرر بالمشتري ويتبع البائع عبده حيث كان انتهى
قلت: وهذا هو الصواب الذي لا يعدل عنه
فعلى هذا قال المصنف والشارح وصاحب الفائق سواء كان التلف من فعل الله أو من فعل المشتري أو من فعل أجنبي أو من فعل العبد وسواء كان مذهبا للجملة أو لبعضها
قال في الفائق قلت: لم ينص أحمد على جهات الإتلاف والمنقول هو في الإباق انتهى
وقال في القواعد وهذا التفصيل بين أن يكون التلف بانتفاعه أو بفعل الله كما حمل القاضي عليه رواية ابن منصور أصح وهذا ظاهر كلام أبي بكر
قال المصنف هنا ويحتمل أن يلزمه عوض العين إذا تلفت وأرش البكر إذا وطئها لقوله: عليه أفضل الصلاة والسلام الخراج بالضمان وكما يجب عوض لبن المصراة
يعني بهذا الاحتمال إذا دلس البائع العيب واختاره المصنف وأبو الخطاب في الانتصار وإليه ميل الشارح
قال الزركشي وهذا هو الصواب وقدمه في المحرر وحكاه رواية وكذلك صاحب التلخيص لكنه إنما حكاها في التلف في أن المشتري لا يرجع إلا بالأرش
قال في القاعدة الثانية والثمانين وحكى طائفة من المتأخرين رواية بذلك
فائدة : لو كان كاتبا أو صائغا فنسي ذلك عند المشتري فهو عيب حدث اختاره المصنف والشارح وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق
وعنه يرده مجانا ونص عليه في الكتابة وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير وجزم به في المستوعب والتلخيص وقال نص عليه
قوله : وإن أعتق العبد أي غير عالم بعيبه رجع بأرشه
يعني يتعين له الأرش ويكون ملكا له وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب
قال جماعة من الأصحاب منهم صاحب التلخيص والرعاية وغيرهما وإن أعتقه عن

واجب وعيبه لا يمنع الإجزاء فله أرشه
وعنه إن أعتقه عن واجب جعل الأرش في الرقاب وإن كان غير واجب كان له
وحكى جماعة منهم المصنف والشارح وصاحب الفائق هذه الرواية مطلقا يعني سواء كان العتق عن واجب أو غيره فإن الأرش يكون في الرقاب ورده القاضي وغيره
قال في الفروع ويحتمل أن لا أرش
ويتخرج من خيار الشرط أن يفسخ ويغرم القيمة ذكره كثير من الأصحاب
تنبيه في قوله : وإن أعتق العبد إشارة إلى أنه لو عتق عليه للقرابة لا أرش له وهو صحيح وجزم به في الفروع
قلت: لو قيل بوجوب الأرش لكان متجها بل فيه قوة
قوله : أو تلف المبيع رجع بأرشه
يعني يتعين له الأرش وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ويتخرج أن يفسخ ويغرم القيمة
وخرج القاضي في خلافه أنه يملك الفسخ ويرد بدلها من رد المشتري أرش العيب الحادث عنده وذكر أنه قياس المذهب وتابعه عليه أبو الخطاب في انتصاره وجزم به ابن عقيل في فصوله من غير خلاف
وقال ابن رجب عن المذهب هو ضعيف ذكره في القاعدة التاسعة والخمسين
قوله : وكذلك إن باعه غير عالم بعيبه
يعني يتعين له الأرش وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والشرح والحاوي وغيرهم واختاره القاضي والمصنف والشارح وغيرهم
ويتخرج من خيار الشرط أن يفسخ ويغرم القيمة
وذكر أبو الخطاب رواية أخرى فيمن باعه ليس له شيء إلا أن يرد إليه المبيع فيكون له حينئذ الرد أو الأرش وهو ظاهر كلام الخرقي قاله المصنف والشارح والزركشي وغيرهم وكذا إن أخذ المشتري الثاني من المشتري الأول الأرش فله الأرش من البائع الأول
فائدة : لو باعه المشتري لبائعه كان له رده على البائع الثاني ثم للثاني رده عليه وفائدته اختلاف الثمنين وهذا المذهب وفيه احتمال أن لا رد هنا
قوله : وكذلك إن وهبه
أي غير عالم بالعيب يعني يتعين له الأرش وهو المذهب جزم به القاضي وغيره.

وقدمه في المحرر والفروع
وعنه الهبة كالبيع فيها الروايتان وأطلقهما في الشرح
ويتخرج من خيار الشرط أن يفسخ ويغرم القيمة
فائدة : حيث زال ملكه عنه وأخذ الأرش فإنه يقبل قوله: في قيمته ذكره في المنتخب واقتصر عليه في الفروع.
قوله : وإن فعله عالما بعيبه فلا شيء له
وكذا لو تصرف فيه بما يدل على الرضى أو عرضه للبيع أو استغله وهو المذهب في ذلك كله وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وذكره ابن أبي موسى والقاضي وغيرهما واختلف كلام ابن عقيل فيه
وعنه له الأرش في ذلك كله
قال في الرعاية الكبرى والفروع وهو أظهر لأنه وإن دل على الرضى فمع الأرش كإمساكه
قال في القاعدة العاشرة بعد المائة هذا قول ابن عقيل وقال عن القول الأول فيه بعد
قال المصنف وقياس المذهب أن له الأرش بكل حال
قال في التلخيص وذهب إليه بعض أصحابنا
قلت: وهو الصواب
قال في الشرح والفائق ونص عليه في الهبة والبيع
قوله : وإن باع بعضه فله أرش الباقي
يعني يتعين له الأرش في الباقي وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه المصنف والشارح وغيرهما
قال المصنف والشارح وذلك إذا كان المبيع عينا واحدة أو عينين ينقصهما التفريق ثم قالا وقد ذكر أصحابنا في غير هذا الموضع فيما إذا كان المبيع عينين ينقصهما التفريق لا يجوز رد أحدهما وحده
وإن كان المبيع عينين لا ينقصهما التفريق فهل له رد العين الباقية في ملكه يتخرج على الروايتين في تفريق الصفقة
وحملا كلام الخرقي على ما إذا دلس البائع العيب كما تقدم انتهيا
وعنه له رده بقسطه اختاره الخرقي وهو قول المصنف
وقال الخرقي له رد ملكه منه بقسطه من الثمن أو أرش العيب بقدر ملكه منه

قال ابن منجا في شرحه والمنصوص جواز الرد كما قال الخرقي
وبنى القاضي وابن الزاغوني وغيرهما الروايتين على تفريق الصفقة
قال القاضي وسواء كان المبيع عينا واحدة أو عينين
قال المصنف والشارح والتفصيل الذي ذكرنا أولى
ومثل ابن الزاغوني بالعينين
فائدة : قول الخرقي ولو باع المشتري بعضها قال الزركشي يحتمل أن يعود الضمير إلى بعض السلعة المبيعة وعلى هذا شرح ابن الزاغوني فإذن يكون اختيار الخرقي جواز رد الباقي وكذا حكى أبو محمد عنه
وعلى هذا إن حصل بالتشقيص نقص رد أرشه من كلامه السابق إلا مع التدليس
ويحتمل أن يرجع إلى بعض السلعة المدلسة وعلى هذا لا يكون في كلامه تعرض لرد الباقي فيما إذا كان المبيع غير مدلس انتهى
قوله : وفي أرش المبيع الروايتان
يعني الروايتين المتقدمتين فيما إذا باع الجميع غير عالم بعيبه
وتقدم أن الصحيح من المذهب يتعين له الأرش
ونص الإمام أحمد هنا لا شيء له مع تدليسه
قوله : وإن صبغه أو نسجه فله الأرش
يعني يتعين له الأرش وهذا المذهب
قال في الكافي هذا المذهب
قال في الفائق يتعين له الأرش في أصح الروايتين وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في الهداية والخلاصة والمغني والكافي والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والفروع وإدراك الغاية وغيرهم
وعنه له الرد ويكون شريكا بصبغه ونسجه وأطلقهما في المذهب
فعلى الرواية الثانية لا يجبر البائع على بذل عوض الزيادة ولا يجبر المشتري على قبوله لو بذله البائع على الصحيح فيهما قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم في الأولى وجزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع في الثانية وفي الأولى رواية يجبر قال الشارح رحمه الله وهو بعيد وفي الثانية وجه يجبر أيضا

فوائد
إحداها : لو أنعل الدابة وأراد ردها بالعيب نزع النعل فإن كان النزع يعيبها لم ينزع ولم يكن له قيمة النعل على البائع على أظهر الاحتمالين قاله في التلخيص والرعاية الكبرى
وهل يكون إهمالا للنعل أو تمليكا حتى لو سقط كان للبائع أو للمشتري فيه احتمالان وأطلقهما في التلخيص والرعاية الكبرى
قلت: الأولى أن يكون تركه إهمالا حتى لو سقط كان للمشتري
الثانية لو اشترى حلي فضة بوزنه دراهم فوجده معيبا جاز له رده وليس له أخذ الأرش جزم به في المغني والشرح والمحرر والرعاية والحاوي وغيرهم
قال في القاعدة التاسعة والخمسين وهو الصحيح
قلت: فيعايى بها
فإن حدث به عيب عند المشتري فعنه يرده ويرد أرش العيب الحادث عنده ويأخذ ثمنه وقدمه في الرعاية الكبرى
وقال القاضي ليس له رده لإفضائه إلى التفاضل ورده المصنف والشارح
قال في الفائق وقول القاضي ضعيف
والرواية الثانية يفسخ الحاكم البيع ويرد البائع الثمن ويطالب بقيمة الحلى لأنه لا يمكن إهمال العيب ولا أخذ الأرش وهذا المذهب قدمه في الفروع والفائق وأطلقهما في المغني والشرح
واختار المصنف أن الحاكم إذا فسخ وجب رد الحلى وأرش نقصه واختاره في التلخيص والفائق
الثالثة لو باع قفيزا مما يجري فيه الربا بمثله فوجد أحدهما بما أخذه عيبا ينقص قيمته دون كيله لم يملك أخذ أرشه لئلا يفضي إلى التفاضل
والحكم فيه كما ذكرنا في الحلى بالدراهم
قال في الفروع وله الفسخ في ربوي بجنسه مطلقا للضرورة
وعنه له الأرش
وقيل من غير جنسه على مد عجوة
وفي المنتخب يفسخ العقد بينهما ويأخذ الجيد ربه ويدفع الردى ء إليه انتهى
وقال في القواعد لو اشترى ربويا بجنسه فبان معيبا ثم تلف قبل رده ملك الفسخ ويرد بدله ويأخذ الثمن انتهى
الرابعة لو باع شيئا بذهب ثم أخذ عنه دراهم ثم رده المشتري بعيب قديم رجع

المشتري بالذهب لا بالدراهم نص عليه
ويأتي نظيرها في آخر باب الإجارة
قوله : وإن اشترى ما مأكوله في جوفه فكسره فوجده فاسدا فإن لم يكن له مكسورا قيمة كبيض الدجاج رجع بالثمن كله
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب
قال المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم هذا ظاهر المذهب
قال الزركشي هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وعنه لا شيء للمشتري إلا مع شرط البائع سلامته وقدمه ابن رزين في شرحه
قوله : وإن كان له مكسورا قيمة كبيض النعام وجوز الهند وكذا البطيخ الذي فيه نفع ونحوه فله أرشه
يعني يتعين له الأرش وهو إحدى الروايات وقدمه في الرعايتين والحاويين
وعنه يخير بين أرشه وبين رده ورد ما نقص وأخذ الثمن وهذا المذهب
قال الزركشي هذا أعدل الأقوال واختاره الخرقي والمصنف وصاحب التلخيص والشارح وجزم به في الوجيز وقدمه في الهداية والخلاصة والتلخيص والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن رزين وإدراك الغاية وغيرهم
وقيل يتعين له الأرش إذا زاد في الكسر على قدر الاستعلام وإن لم يزد خير وهو رواية في الشرح
وعنه ليس له رده ولا أرش في ذلك كله يعني إلا أن يشترط البائع سلامته وأطلقهن في المذهب والأولى وجه فيه وتخريج في الهداية
وقال في الفروع في الذي لمكسوره قيمة فعنه له الأرش وعنه له رده وخيره الخرقي بينهما انتهى
فالرواية الثانية التي ذكرها لم أرها لغيره
تنبيه قوله : فكسره فوجده فاسدا اعلم أنه إذا كسر الذي لمكسوره قيمة فتارة يكسره كسرا لا تبقى له معه قيمة وتارة يكسره كسرا لا يمكن استعلام المبيع بدونه وتارة يكسره كسرا يمكن استعلامه بدونه
فإن كسره كسرا لا تبقى له معه قيمة فهنا يتعين له الأرش قولا واحدا
وإن كسره كسرا يمكن استعلامه بدونه فظاهر كلام المصنف في قوله: ورد ما نقصه أنه يرد أرش الكسر وهو الصحيح وهو ظاهر ما جزم به الخرقي وجزم به في الوجيز وغيره

والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقدمه في التلخيص والبلغة وشرح ابن رزين والرعاية الكبرى والمغني والشرح ونصراه
وقال القاضي عندي له الرد بلا أرش عليه لكسره لأنه حصل بطريق استعلام العيب والبائع سلطه عليه وأطلقهما في الفروع
وقيل يخرج على الروايتين فيما إذا تعيب عند المشتري على ما تقدم ذكره في التلخيص والبلغة
وإن كسره كسرا يمكن استعلامه بدونه فهو على الروايتين فيما إذا تعيب عند المشتري على ما تقدم
قال الزركشي نعم على قول القاضي في الذي قبله إذا رده هل يلزمه أرش الكسر أم لا يلزمه إلا الزائد على استعلام المبيع محل تردد انتهى
قال المصنف والشارح وابن رزين حكمه حكم الذي قبله عند الخرقي والقاضي انتهوا
قلت: يشبه ما قال الزركشي ما قالوا فيما إذا وكله في بيع شيء فباعه بدون ثمن المثل أو بأنقص مما قدره وقلنا يصح ويضمن النقص فإن في قدره وجهان
أحدهما هو ما بين ما باع به وثمن المثل
والثاني هو ما بين ما يتغابن به الناس وما لا يتغابنون على ما يأتي في الوكالة
قوله : ومن علم العيب ثم أخر الرد لم يبطل خياره إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضى من التصرف ونحوه
اعلم أن خيار العيب على التراخي ما لم يوجد منه ما يدل على الرضى على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجبر المشتري على رده أو أرشه لتضرر البائع بالتأخير
وعنه أنه على الفور قطع به القاضي في الجامع الكبير في موضع منه
قال في التلخيص وقيل عنه رواية أنه على الفور انتهى
وقيل السكوت بعد معرفة العيب رضى
تنبيه قوله : إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضى من التصرف ونحوه مبني على الصحيح من المذهب وقد تقدم رواية اختارها جماعة أنه لو تصرف فيه بما يدل على الرضى أن له الأرش عند قوله: وإن فعله عالما بعيبه فلا شيء له
وقوله : من التصرف ونحوه كاختلاف المبيع ونحو ذلك لم يمنع الرد لأنه ملكه فله أخذه

قال في عيون المسائل أو ركبها لسقيها أو علفها
وقال المصنف في المغني والشارح وغيرهما إن استخدم المبيع لا للاختبار بطل رده بالكثير وإلا فلا
قال المصنف وقد نقل عن الإمام أحمد رحمه الله في بطلان خيار الشرط بالاستخدام روايتان فكذا يخرج هنا واختاره
وقال هو قياس المذهب وقدمه في المستوعب وذكر في التنبيه ما يدل عليه فقال والاستخدام والركوب لا يمنع أرش العيب إذا ظهر قبل ذلك أو بعده والإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل إنما نص أنه يمنع الرد فدل أنه لا يمنع الأرش
وقيل ركوب الدابة لردها رضى ذكره في الفائق وغيره
فائدتان
إحداهما : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في شرح المحرر لو اشترى رجل سلعة فأصاب بها عيبا ولم يختر الفسخ ثم قال إنما أبقيتها لأنني لم أعلم أن لي الخيار لم يقبل منه ذكره القاضي أصلا في المعتقة تحت عبد إذا قالت لم أعلم أن لي الخيار
وخالفه ابن عقيل في مسألة المعتقة ووافقه في مسألة الرد بالعيب انتهى
الثانية خيار الخلف في الصفة على التراخي قاله في المحرر والرعاية والفروع والفائق وغيرهم
وتقدم ذلك مستوفى عند بيع الموصوف في كتاب البيع وكذا الخيار لإفلاس المشتري قاله في المحرر والفائق والرعاية والحاوي وغيرهم
وتقدم أن الشيخ تقي الدين رحمه الله قال يخير في خيار العيب على الرد أو الأرش إن تضرر البائع فكذا هنا
قوله : وإن اشترى اثنان شيئا وشرطا الخيار أو وجداه معيبا فرضي أحدهما فللآخر الفسخ
هذا المذهب فيهما وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والحاوي وغيرهم ونصره المصنف والشارح وغيرهما كما لو ورثا خيار عيب
وعنه ليس لهما ذلك فيهما قاله في الرعاية من عنده في مسألة الشراء إن قلنا هو كعقدين فله الرد وإلا فلا
وتقدم في أواخر كتاب البيع أنه كعقدين على الصحيح من المذهب ويأتي في الشفعة

تنبيه قال في الفروع وقياس الأول للحاضر منهما نقد نصف ثمنه وقبض نصفه وإن نقده كله قبض نصفه وفي رجوعه الروايتان ذكره في الوسيلة وغيرها
وعلى الأول لو قال بعتكما فقال أحدهما قبلت جاز وإن سلمنا فكملاقاة فعله ملك غيره وهنا لاقى فعله ملك نفسه ذكره بعضهم في طريقته
فائدتان
إحداهما : لو اشترى واحد من اثنين شيئا وظهر به عيب فله رده عليهما ورد نصيب أحدهما وإمساك نصيب الآخر لأنه يرد على البائع جميع ما باعه ولم يحصل برده تشقيص لأنه كان مشقصا قبل البيع
وقال في الرعاية ويحتمل المنع ثم قال من عنده وإن قلنا هو كعقدين جاز وإلا فلا
الثانية لو ورث اثنان خيار عيب فرضي أحدهما سقط حق الآخر في الرد
قوله : وإن اشترى واحد معيبين صفقة واحدة فليس له إلا ردهما أو إمساكهما والمطالبة بالأرش
وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الأزجي واختاره القاضي وقدمه في الشرح والنظم والرعايتين والحاويين وشرح ابن منجا
وعنه له رد أحدهما بقسطه من الثمن وأطلقهما في الفروع
قوله : وإن تلف أحدهما فله رد الباقي بقسطه
هذا إحدى الروايتين جزم به في الوجيز ومنتخب الأزجي وقدمه في الرعايتين والحاويين وشرح ابن منجا وصححه الناظم
وعنه يتعين له الأرش وأطلقهما في الشرح
قال ابن منجا في شرحه وحكى المصنف في المغني أن الرد هنا مبني على الروايتين في أحدهما
فعلى هذا إن قلنا ليس له رد أحدهما فليس رد الباقي إذا تلف أحدهما انتهى
قوله : والقول في قيمة التالف قوله: مع يمينه
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم
قال في الفروع قبل قول المشتري في قيمته في الأصح وصححه في النظم وغيره وقدمه في الرعايتين والفائق والحاوي وغيرهم
وقيل القول قول البائع في قيمته

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28