كتاب :شذرات الذهب في أخبار من ذهب
المؤلف:عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي

القشيري وأحمد بن منصور المغربي توفي في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة
وفيها محمد بن محمد بن الخشاب الكاتب أحد الفضلاء فمن شعره
( أراك اتخذت سواكا أراك ** لكيما أراك وأنسى سواك )
( سواك فما أشتهي أن أرى ** فهب لي رضابا وهب لي سواك )
ومن هنا أخذ القائل
( ما أردت الأراك إلا لأني ** إن ذكرت الأراك قلت أراكا )
( وهجرت السواك إلا لأني ** إن ذكرت السواك قلت سواكا )
وقال الآخر
( طلبت منك سواكا ** وما طلبت سواكا )
( وما طلبت أراكا ** إلا أردت أراكا )
وكان حسن الخط والترسل له حظ من العربية وكان يضرب به المثل في الكذب ووضع الخيالات والحكايات المستحيلات منهمكا على الشرب مع كبر سنه
وفيها محمد بن مزاح الأزدي من شعره في ثقيل
( لنا صديق زائد ثقله ** فظفره كالجبل الراسي )
( تحمل منه الأرض أضعاف ما ** تحمله من سائر الناس )
ولبعض الأندلسيين
( ليس بإنسان ولكنه ** تحسبه الناس من الناس )
( أثقل في أنفس إخوانه ** من جبل راس على راس )
وفيها أبو إسحق الضرير إبراهيم بن محمد الطليطلي وهو القائل
( أتاك العذار على غرة ** فإن كنت في غفلة فانتبه )
( وقد كنت تأتي زكاة الجمال ** فصار شجاعا تطوقت به )
وفيها أبو الحسن محمد بن الحسن أبو علي بن أبي جعفر الطوسي شيخ الشيعة وعالمهم وابن شيخهم وعالمهم رحلت إليه طوائف الشيعة من كل جانب إلى العراق

وحملوا إليه وكان ورعا عالما كثير الزهد وأثنى عليه السمعاني وقال العماد الطبري لو جازت على غير الأنبياء صلاة صليت عليه
وفيها أبو منصور بن الجواليقي موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن البغدادي الحنبلي قال ابن رجب هو شيخ أهل اللغة في عصره ولد في ذي الحجة سنة خمس وستين وأربعمائة وسمع الحديث الكثير من أبي القسم بن البسري وأبي طاهر بن أبي الصقر وابن الطيوري وخلق وبرع في علم اللغة والعربية ودرس العربية في النظامية بعد شيخه أبي زكريا مدة ثم قربه المقتفى لأمر الله تعالى فاختص بإمامته في الصلوات وكان المقتفى يقرأ عليه شيئا من الكتب وانتفع به وبان أثره في توقيعاته وكان من أهل السنة المحامين عنها ذكر ذلك ابن شافع وقال ابن السمعاني في حقه إمام اللغة والأدب وهو من مفاخر بغداد وهو متدين ثقة ورع غزير الفضل كامل العقل مليح الخط كثير الضبط صنف التصانيف وانتشرت عنه وشاع ذكره ونقل بخطه الكثير وكذلك قال عنه تلميذه ابن الجوزي وقال وقرأت عليه كتابه المعرب وغيره من تصانيفه وقال ابن خلكان صنف التصانيف وانتشرت عنه مثل شرح كتاب أدب الكاتب وكتاب المعرب وتتمة درة الغواص للحريري وكان يصلى بالمقتفى بالله فدخل عليه وهو أول ما دخل فما زاد على أن قال السلام على أمير المؤمنين فقال ابن التلميذ النصراني وكان قائما وله ادلال الخدمة والطب ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا شيخ فلم يلتفت إليه ابن الجواليقي وقال يا أمير المؤمنين سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية وروى الحديث ثم قال يا أمير المؤمنين لو حلف حالف أن نصرانيا أو يهوديا لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه لما لزمته كفارة لأن الله تعالى ختم على قلوبهم ولن يفك ختم الله إلا الإيمان فقال صدقت وأحسنت وكأنما ألجم ابن التلميذ بحجر مع فضله وغزارة أدبه وقال المنذري سمع منه جماعة منهم ابن ناصر وابن السمعاني وابن الجوزي وأبو اليمن الكندي وتوفي سحر يوم الأحد خامس عشر المحرم ودفن بباب حرب عند والده

رحمهما الله تعالى

سنة إحدى وأربعين وخمسمائة

فيها أخذت الفرنج طرابلس المغرب بالسيف ثم عمروها
وفيها توفي أبو البركات إسماعيل بن الشيخ أبي أحمد بن محمد النيسابوري ثم البغدادي شيخ الشيوخ وله ست وسبعون سنة روى عن أبي القسم بن البسري وطائفة وكان مهيبا جليلا وقورا مصونا
وفيها حنبل بن علي أبو جعفر البخاري الصوفي سمع من شيخ الإسلام بهراة وصحبه وببغداد من أبي عبد الله النعالي توفي بهراة في شوال
وفيها زنك الأنابك عماد الدين صاحب الموصل وحلب ويعرف أبوه بالحاجب قسيم الدولة اق سنقر التركي ولي شحنكية بغداد في آخر دولة المستظهر بالله ثم نقل إلى الموصل وسلم إليه السلطان محمود ولده فرخشاه الملقب بالخفاجي ليربيه ولهذا قيل له أتابك وكان فارسا شجاعا ميمون النقيبة شديد البأس قوي المراس عظيم الهيبة فيه ظلم وزعارة ملك الموصل وحلب وحماة وحمص وبعلبك والرها والمعرة قتله بعض غلمانه وهو نائم وهربوا إلى قلعة جعبر ففتح لهم صاحبها علي بن مالك العقيلي وكان زنكي سامحه الله حسن الصورة أسمر مليح العينين قد وخطه الشيب وجاوز الستين قتل في ربيع الآخر وتملك الموصل بعده ابنه غازي وتملك حلب وغيرها ابنه الآخر نور الدين محمود
وفيها أبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري الأندلسي البلنسي المحدث رحل إلى المشرق وسافر في التجارة إلى الصين وكان فقيها عالما متقنا سمع أبا عبد الله النعالي وطراد بن محمد وطائفة وسكن أصبهان مدة ثم بغداد وتفقه على الغزالي وتوفي في المحرم
وفيها سبط الخياط الإمام أبو محمد عبد الله بن علي البغدادي المقرئ الفقيه

الحنبلي النحوي شيخ المقرئين بالعراق وصاحب التصانيف ولد سنة أربع وستين وأربعمائة وسمع من أبي الحسين بن النقور وطائفة وقرأ القرآن على جده الزاهد أبي منصور والشريف عبد القادر وطائفة وبرع في العربية على ابن فاخر وأم بمسجد حرده بضعا وخمسين سنة وقرأ عليه خلق وكان من أندى الناس صوتا بالقرآن توفي في ربيع الآخر وكان الجمع في جنازته يفوت الإحصاء قاله في العبر وقال ابن الجوزي قرأت عليه القرآن والحديث الكثير ولم أسمع قارئا قط أطيب صوتا منه ولا أحسن أداءا على كبر سنه وكان كثير التلاوة لطيف الأخلاق ظاهر الكياسة والظرافة وحسن المعاشرة للعوام والخواص قويا في السنة وكان طول عمره منفردا في مسجده وقال ابن شافع سار ذكر سبط الخياط في الأغوار والأنجاد ورأس أصحاب الإمام أحمد وصار واحد وقته ونسيج وحده لم أسمع في جميع عمري من يقرأ الفاتحة أحسن ولا أفصح منه وكان جمال العراق بأسره ظريفا كريما لم يخلف مثله في أكثر فنونه وقال ابن نقطة كان شيخ العراق يرجع إلى دين وثقة وأمانة وكان ثقة صالحا من أئمة المسلمين وله شعر حسن فمنه
( يا من تمسك بالدنيا ولذتها ** وجد في جمعها بالكد والتعب )
( هلا عمرت لدار سوف تسكنها ** دار القرار وفيها معدن الطلب )
( فغن قليل تراها وهي داثرة ** وقد تمزق ما جمعت من نشب )
وقوله أيضا
( أيها الزائرون بعد وفاتي ** جدثا ضمني ولحدا عميقا )
( سترون الذي رأيت من الموت ** عيانا وتسلكون الطريقا )
وقوله أيضا
( الفقه علم به الأديان ترتفع ** والنحو عز به الإنسان ينتفع )
( ثم الحديث إذا ما رمته فرج ** من كل معنى به الإنسان يبتدع )


( ثم الكلام فذره فهو زندقة ** وخرقة فهو خرق ليس يرتفع )
قال ابن الجوزي توفي بكرة الاثنين ثاني عشر ربيع الآخر وتوفي في غرفته التي في مسجده فحط تابوته بالحبال من سطح المسجد وأخرج إلى جامع القصر فصلى عليه عبد القادر وما رأيت جمعا أكثر من جمعه ودفن في دكة الإمام أحمد عند جده أبي منصور
وفيها أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي أخو زاهر توفي في جمادى الآخرة عن ست وثمانين سنة سمع القشيري وأبا حامد الأزهري ويعقوب الصرفي وطبقتهم وطائفة بهراة وببغداد والحجاز وأملى مدة وكان خيرا متواضعا متعبدا لا كأخيه وتفرد في عصره قاله في العبر

سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

فيها غزا نور الدين محمود بن زنكي فافتتح ثلاث حصون للفرنج بأعمال حلب
وفيها كان الغلاء المفرط بل وقبلها بسنوات بإفريقية
وفيها توفي أبو الحسن بن الأبنوسي أحمد بن أبي محمد عبد الله بن علي البغدادي الشافعي الوكيل سمع أبا القاسم بن البسري وطبقته وتفقه وبرع وقرأ الكلام والاعتزال ثم لطف الله به وتحول سنيا توفي في ذي الحجة عن بضع وسبعين سنة
وفيها أبو جعفر البطروجي أحمد بن عبد الرحمن الأندلسي أحد الأئمة روى عن أبي عبد الله الطلاعي وأبي علي الغساني وطبقتهما وكان إماما عاقلا بصيرا بمذهب مالك ودقائقه إماما في الحديث ومعرفة رجاله وعلله له مصنفات مشهورة ولم يكن في وقته بالأندلس مثله ولكنه كان قليل العربية رث الهيئة خاملا توفي في المحرم


وفيها أبو بكر بن الأشقر أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال روى عن المهتدي بالله والصريفيني وكان خيرا صحيح السماع توفي في صفر
وفيها عوان بن علي بن حماد بن صدقة الجبائي ويقال له الجبي أيضا نسبة إلى قرية بسواد بغداد عند العفر على طريق خراسان المقرئ الفقيه الحنبلي أبو محمد ولد سنة ثلاث وستين وأربعمائة بالجبة المذكورة وقدم بغداد فسمع بها من أبي محمد التميمي وأبي عبد الله بن البسري وجماعة وقرأ بالروايات على الشريف عبد القاهر المكي وابن سوار وتفقه على أبي سعد المخرمي وأحكم الفقه وأعاد لشيخه المذكور وأقرأ القرآن وحدث وانتفع به الناس قرأ عليه جماعة وحدث عنه آخرون منهم ابن السمعاني قال ابن الجوزي كان خيرا دينا ذا ستر وصيانة وعفاف وطرائق محمودة على سبيل السلف الصالح توفي يوم الأحد سادس عشرى ذي القعدة ودفن من الغد بمقبرة أبي بكر غلام الخلال إلى جانبه
وفيها علي بن عبد السيد أبو القسم بن العلامة أبي نصر بن الصباغ الشاهد سمع من الصريفيني كتاب السبعة سبعة لابن مجاهد وعدة أجزاء وكان صالحا حسن الطريقة توفي في جمادى الأولى
وفيها عمر بن ظفر أبو حفص المغازلي مفيد بغداد سمع أبا القسم بن البسري فمن بعده وأقرأ القرآن مدة وكتب الكثير توفي في شعبان
وفيها أبو عبد الله الحداني القاضي محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب الواسطي المغازلي سمع من محمد بن محمد بن مخلد الأزدي والحسن بن أحمد الغندجاني وطائفة وأجاز له أبو غالب بن بشران اللغوي وطبقته وكان ينوب في الحكم بواسط
وفيها أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي ثم اللاذقي ثم الدمشقي الفقيه الشافعي الأصولي الأشعري سمع من أبي بكر الخطيب

وتفقه على الفقيه نصر المقدسي وسمع ببغداد من رزق الله وعاصم وبأصبهان من ابن شكرويه ودرس بالغزالية ووقف وقوفا وأفتى وأشغل وصار شيخ دمشق في وقته توفي في ربيع الأول وله أربع وتسعون سنة وآخر أصحابه ابن أبي لقمة قال ابني شهبة كان منقبضا عن الدخول على السلاطين ودفن بمقابر باب الصغير
وفيها أبو السعادات بن الشجري هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة الشريف العلوي الحسيني البغدادي النحوي صاحب التصانيف قال ابن خلكان كان إماما في النحو واللغة وأشعار العرب وأيامها وأحوالها كامل الفضائل متضلعا من الأدب صنف فيه عدة تصانيف فمن ذلك كتاب الأمالي وهو أكبر تآليفه وأكثرها إفادة أملاه في أربعة وثمانين مجلسا وهو يشتمل على فوائد جمة من فنون الأدب وختمه بمجلس قصره على أبيات من شعر المتنبي تكلم عليها وذكر ما قاله الشراح فيها وزاد من عنده ما سنح له وهو من الكتب الممتعة ولما فرغ من إملائه حضر إليه أبو محمد بن الخشاب والتمس منه سماعه عليه فلم يجبه إلى ذلك فعاداه ورد عليه في مواضع من الكتاب ونسبه فيها إلى الخطأ فوقف أبو السعادات على ذلك الرد فرد عليه في رده وبين وجوه غلطه وجمعه كتابا سماه الانتصار وهو على صغر حجمه مفيد جدا وسمعه عليه الناس وجمع أيضا كتابا سماه الحماسة ضاهى به حماسة أبي تمام وهو كتاب غريب أحسن فيه وله في النحو عدة تصانيف وله ما اتفق لفظه واختلف معناه وشرح اللمع لابن جني وشرح التصريف الملوكي وكان حسن الكلام حلو الألفاظ فصيحا جيد البيان والتفهيم وقرأ الحديث بنفسه على جماعة منهم ابن المبارك الصيرفي وابن نبهان الكاتب وغيرهما وحكى أبو البركات عبد الرحمن بن الأنباري في كتاب مناقب الأدباء أن العلامة الزمخشري لما قدم بغداد قاصدا للحج مضى إلى زيارته شيخنا أبو السعادات بن الشجري ومضينا إليه معه فلما اجتمع به أنشده قول المتنبي


( واستكبر الأخبار قبل لقائه ** فلما التقينا صغر الخبر الخبر )
ثم أنشده بعد ذلك
( كانت مساءلة الركبان تخبرني ** عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر )
( حتى التقينا فلا والله ما سمعت ** أذني بأطيب مما قد رأى بصري )
وهذان البيتان منسوبان لابن هانئ الأندلسي قال ابن الأنباري فقال العلامة الزمخشري روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم عليه زيد الخيل قال له يا زيد ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون ما وصف لي غيرك قال ابن الأنباري فخرجنا من عنده ونحن نعجب كيف يستشهد الشريف بالشعر والزمخشري بالحديث وهو رجل أعجمي وكان أبو السعادات نقيب الطالبيين بالكرخ نيابة عن والده الطاهر وله شعر حسن فمن شعره قوله في ابن جهير الوزير
( هذي السديرة والغدير الطافح ** فاحفظ فؤادك أنني لك ناصح )
( يا سدرة الوادي الذي إن ضله ** الساري هداه نشره المتفاوح )
( هل عائد قبل الممات لمغرم ** عيش تقضي في ظلالك صالح )
( ما أنصف الرشأ الضنين بنظرة ** لما دعى مصغي الصبابة طامح )
( شط المزار به وبوئ منزلا ** بصميم قلبك فهو دان نازح )
( غصن يعطفه النسيم وفوقه ** قمر يحف به ظلام جانح )
( وإذا العيون تساهمته لحاظها ** لم يرو منه الناظر المتراوح )
( ولقد مررنا بالعقيق وشاقنا ** فيه مراتع للمها ومسارح )
) ظلنا به نبكي فكم من مضمر ** وجدا أذاع هواه دمع سافح )
( برت الشئون رسومها فكأنما ** تلك العراص المقفرات نواضح )
( يا صاحبي تأملا حييتما ** وسقى دياركما الملث الرائح )
( أدمى بدت لعيوننا أم ربرب ** أم خردا كفا لهن رواجح )


( أم هذه مقل الصرار بدت لنا ** خلل البراقع أم قنا وصفائح )
( لم تبق جارحة وقد واجهننا ** إلا وهن لبازهن جوارح )
( كيف ارتجاع القلب من أسر الهوى ** ومن الشقاوة أن يراض القارح )
ثم خرج إلى المديح وكان بينه وبين ابن حكينا الشاعر تنافس جرت العادة به بين أهل الفضائل فلما وقف على شعره عمل فيه
( يا سيدي والذي أراحك من ** نظم قريض يصدي به الفكر )
( مالك من جدك النبي سوى ** أنك ما ينبغي لك الشعر )
وكانت ولادته في شهر رمضان سنة خمسين وأربعمائة وتوفي يوم الخميس ثاني عشرى رمضان ودفن من الغد في داره بالكرخ من بغداد رحمه الله تعالى

سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

في ربيع الأول نازلت الفرنج دمشق في عشرة آلاف فارس وستين ألف راجل فخرج المسلمون من دمشق للمصاف فكانوا مائة وثلاثين ألف رجل وعسكر البلد فاستشهد نحو المائتين ثم برزوا في اليوم الثاني فاستشهد جماعة وقتل من الفرنج عدد كثير فلما كان في اليوم الخامس وصل غازي بن أتابك وأخوه نور الدين في عشرين ألفا إلى حماه وكان أهل دمشق في الاستغاثة والتضرع إلى الله تعالى وأخرجوا المصحف العثماني إلى صحن الجامع وضج الناس والنساء والأطفال فأغاثهم وركب قسيس الفرنج وفي عنقه صليب وفي يديه صليبان وقال أنا قد وعدني المسيح إلى أخذ دمشق فاجتمعوا حوله وحمل على البلد فحمل عليه المسلمون فقتلوه وقتلوا جماعة وأحرقوا الصلبان ووصلت النجدة فانهزمت الفرنج وأصيب منهم خلق
وفيها كان شدة القحط بإفريقية فانتهز رجال صاحب صقلية الفرصة فأقبل في مائتين وخمسين مركبا فهرب منه صاحب المهدية فأخذها الملعون بلا ضربة ولا طعنة وصار للفرنج من طرابلس المغرب إلى قريب تونس


وفيها توفي أبو تمام أحمد بن أبي العز محمد بن المختار بن المؤيد بالله الهاشمي العباسي البغدادي السفار نزيل خراسان سمع أبا جعفر بن المسلمة وغيره وتوفي في ذي القعدة بنيسابور عن بضع وتسعين سنة
وفيها أبو إسحق الغنوي نسبة إلى غنى بن أعصر إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقي الصوفي الفقيه الشافعي سمع رزق الله التميمي وتفقه على الغزالي وغيره وكان ذا سمت ووقار وعبادة وهو راوي خطب ابن نباتة توفي في ذي الحجة عن خمس وثمانين سنة
وفيها قاضي العراق أبو القسم الزينبي علي بن نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد بن علي العباسي الحنفي سمع من أبيه وعمه وطراد وكان ذا عقل ووقار ورزانة وعلم وشهامة ورأي أعرض عنه في الآخر المقتفي وجعل معه في القضاء ابن المرخم ثم مرض ومات يوم الأضحى
وفيها صالح بن شافع بن صالح بن حاتم بن أبي عبد الله الجيلي الحنبلي الفقيه المعدل أبو المعالي ولد ليلة الجمعة لست خلون من المحرم سنة أربع وسبعين وأربعمائة وسمع من أبي منصور الخياط والطيوري وغيرهما وصحب ابن عقيل وغيره من الأصحاب وتفقه ودرس قال ابن الميداني في تاريخ القضاة كان فقيها زاهدا من سروات الناس وقال المنذري كان أحد الفضلاء والشهود وحدث عنه الحافظان أبو القسم الدمشقي وأبو سعد بن السمعاني توفي يوم الأربعاء سادس عشر رجب ودفن في دكة الإمام أحمد وذكر ابن الجوزي أنه دفن على ابن عقيل
وفيها المبارك بن كامل بن أبي غالب محمد بن أبي طاهر الحسين بن محمد البغدادي الطغري المحدث الحنبلي مفيد العراق أبو بكر ويعرف أبوه بالخفاف ولد يوم الخميس ثاني عشر ذي الحجة سنة خمس وتسعين وأربعمائة وقرأ القرآن بالروايات وسمع الحديث الكثير وأول سماعه سنة ست وخمسمائة وعنى بهذا الشأن سمع

من أبي القسم بن بنان وابن نبهان وغيرهما قال ابن الجوزي وما زال يسمع العالي والنازل ويتتبع الأشياخ في الروايات وينقل السماعات فلو قيل أنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ لما رد القائل وجالس الحفاظ وكتب بخطه الكثير وانتهت إليه معرفة المشايخ ومقدار ما سمعوا والإجازات إلا أنه كان قليل التحقيق فيما ينقل من السماع مجازفة لكونه يأخذ عن ذلك ثمنا وكان فقيرا إلى ما يأخذ وكان كثير التزويج والأولاد وله كتاب سلوة الأحزان نحو ثلاثمائة جزء وأكثر وكان صدوقا توفي يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى ودفن بالشونيزية
وفيها الجوزقاني الحسين بن إبراهيم بن حسين بن جعفر الهمذاني كان حافظا عالما بما يحويه
ومن مصنفاته كتاب الموضوعات أجاد فيه
قاله ابن ناصر الدين
وفيها ابن بجنك أحمد بن محمد بن الفضل بن عمر بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني حافظ مشهور عمدة نقله ابن ناصر الدين أيضا
وفيها أبو الدر ياقوت الرومي التاجر عتيق بن البخاري حدث بدمشق ومصر وبغداد عن الصريفيني بمجالس المخلص وغير ذلك توفي بدمشق في شعبان
وفيها أبو الحجاج القندلاوي يوسف بن دوباس المغربي المالكي كان فقيها عالما صالحا حلو المجالسة شديد التعصب للأشعرية صاحب تخرق على الحنابلة قتل في سبيل الله في حصار الفرنج لدمشق مقبلا غير مدبر بالنيرب أول يوم جاءت الفرنج وقبره يزار بمقبرة باب الصغير خرج راجلا مع أصحابه لقتال الفرنج فقال له معين الدين يا شيخ أن الله قد عزرك ليس لك قوة على القتال أنا أكفيك فقال قد بعت واشتري لا أقيله ولا أستقيله وقرأ { إن الله اشترى } الآية ومضى نحو الربوة فالتقاه طلب الفرنج فقتلوه وحمل إلى باب الصغير وقبره من جانب المصلى قريبا من الحائط وعليه بلاطة منقورة فيها شرح حاله ورآه بعض أصحابه في المنام فقال له ما فعل الله بك قال أنا في جنات مع قوم على سرر متقابلين

سنة أربع وأربعين وخمسمائة

فيها توفي القاضي ناصح الدين أبو بكر الأرجاني أحمد بن محمد بن الحسين - قاضي تستر وحامل لواء الشعر بالمشرق وله ديوان مشهور روى عن ابن ماجه الأبهري وتوفي في ربيع الأول وقد شاخ وأرجان مشددا بلد صغير من عمل الأهواز قاله في العبر وقال ابن خلكان منبت شجرته أرجان وموطن أسرته تستر وعسكر مكرم من خورستان وهو وإن كان في العجم مولده فمن العرب محتده سلفه القديم من الأنصار لم تسمح بنظيره سالف الأعصار أوسى الاس خزرجية قسي النطق إياديه فارسي القلم وفارس ميدانه وسلمان برهانه من أبناء فارس الذين نالوا العلم المتعلق بالثريا جمع بين العذوبة والطيب في الري والريا انتهى كلام العماد
وقال ابن خلكان أيضا وكان فقيها شاعرا وفي ذلك يقول
( أنا أشعر الفقهاء غير مدافع ** في العصر أو أنا أفقه الشعراء )
( شعري إذا ما قلت دونه الورى ** بالطبع لا بتكلف الألقاء )
( كالصوت في ظل الجبال إذا علا ** للسمع هاج تجاوب الأصداء )
ومن شعره أيضا
( شاور سواك إذا نابتك نائبة ** يوما وإن كنت من أهل المشورات )
( فالعين تنظر منها ما نأى ودنا ** ولا ترى نفسها إلا بمرآة )
ومن شعره وهو معنى غريب
( رثا لي وقد ساويته في نحو له ** خيالي لما لم يكن لي راحم )
( فدلس بي حتى طرقت مكانه ** وأوهمت الفى أنه بي حالم )
( وبتنا ولم يشعر بنا الناس ليلة ** أنا ساهر في جفنه وهو نائم )
وله أيضا
( لو كنت أجهل ما علمت لسرني ** جهلي كما قد ساءني ما أعلم )


( كالصقر يرتع في الرياض وإنما ** حبس الهزار لأنه يترنم )
وله ديوان شعر فيه كل معنى لطيف ومولده سنة ستين وأربعمائة وتوفي بمدينة تستر وقيل بعسكر مكرم رحمه الله تعالى
وفيها أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق الهروي الحنفي العبد الصالح راوي الصحيح عن الدارمي وعن الداودي عاش خمسا وثمانين سنة
وفيها الأمير معين الدين انز الطغتكيني مقدم جيش دمشق ومدبر الدولة وكان عاقلا سايسا حسن الديانة ظاهر الشجاعة كثير الصدقات وهو مدفون بقبته التي بين دار البطيخ والشامية توفي في ربيع الآخر وله مدرسة بالبلد
وفيها الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله العبيدي الرافضي صاحب مصر بويع يوم مصرع ابن عمه لأمر فاستولى عليه أحمد بن الأفضل أمير الجيوش وضيق عليه فعمل عليه الحافظ وجهز من قتله واستقل بالأمور وعاش سبعا وسبعين سنة وكان يعتريه القولنج فعمل شبر ماه الديلمي طبلا مركبا من المعادن السبعة إذا ضربه من به داء القولنج خرج منه ريح متتابع واستراح مات في جمادى الأولى وكانت دولته عشرين سنة إلا خمسة أشهر وقام بعده ابنه الظافر
وفيها أبو الفضل القاضي عياض بن موسى بن عياض العلامة اليحصبي السبتي المالكي الحافظ أحد الأعلام ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة وأجاز له أبو علي الغساني وأبو محمد بن عتاب وطبقتهما ولى قضاء سبتة مدة ثم قضاء غرناطة وصنف التصانيف البديعة وسمع من أبي علي بن سكرة وغيره ومن مصنفاته الشفاء الذي لم يسبق إلى مثله ومنها مشارق الأنوار في غريب الصحيحين والموطأ وكان إمام وقته في علوم شتى مفرطا في الذكاء وله شعر حسن منه قوله
( الله يعلم أني منذ لم أركم ** كطائر خانه ريش الجناحين )
( فلو قدرت ركبت البحر نحوكم ** فإن بعدكم عني جنى حيني )
وقوله


( أنظر إلى الزرع وخاماته ** تحكي وقد ماست أمام الرياح )
( كتيبة خضراء مهزومة ** شقائق النعمان فيها جراح )
وبالجملة فإنه كان عديم النظير حسنة من حسنات الأيام شديد التعصب للسنة والتمسك بها حتى أمر بإحراق كتب الغزالي لأمر توهمه منها وما أحسن قول من قال فيه
( ظلموا عياضا وهو يحلم عنهم ** والظلم بين العالمين قديم )
( جعلوا مكان الراء عينا في اسمه ** كي يكتموه وإنه معلوم )
( لولاه ما فاحت أباطح سبتة ** والنبت حول خبائها معدوم )
وفيها أبو بكر عبد الله بن عبد الباقي بن التبان الواسطي ثم البغدادي أبو بكر الفقيه الحنبلي ويسمى محمد وأحمد أيضا قال ابن الجوزي كان من أهل القرآن سمع من أبي الحسين بن الطيوري وتفقه على ابن عقيل وناظر وأفتى ودرس وكان أميا لا يكتب توفي في شوال عن تسعين سنة ودفن بمقبرة باب حرب رحمه الله تعالى انتهى وقال ابن شافع كان مذهبيا جيدا وخلافيا مناظرا ومن أهل القرآن بقي على حفظه لعلومه إلى أن مات وله تسعون سنة أو أزيد وقال ابن النجار سمع منه المبارك بن كامل وأبو الفضل بن شافع
وفيها غاز السلطان سيف الدين صاحب الموصل وابن صاحبها زنكي بن اق سنقر كان فيه دين وخير وشجاعة وإقدام توفي في جمادى الآخرة وقد نيف على الأربعين وتملك بعده أخوه قطب الدين مودود

سنة خمس وأربعين وخمسمائة

فيها أخذت العربان ركب العراق وراح للخاتون أخت السلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار وتمزق الناس ومات خلق جوعا وعطشا
وفيها توفي الرئيس أبو علي الحسين بن علي الشحامي النيسابوري روى

عن الفضل بن المحب وجماعة توفي بمرو في شعبان
وفيها أبو المفاخر الحسن بن الليث الواعظ كان يعيد الدرس خمسين مرة ويقول لمن لم يعد كذلك لم يستقر جلس ببغداد وأنشد
( أهوى عليا وإيماني محبته ** كم مشرك ذمه من سيفه وكفي )
( إن كنت ويحك لم تسمع مناقبه ** فاسمعه من هل أتى يا ذا الغبي وكفى )
وفيها عبد الملك بن أبي نصر الجيلاني ثم البغدادي الشافعي كان صالحا يأوي الخرب ليس له مسكن معلوم ولا قوت مفهوم تفقه على الروياني وغيره قاله ابن الأهدل
وفيها أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن علي الدينوري ثم البغدادي البيع سمع أبا نصر الزينبي وعاصم بن الحسن وجماعة وتوفي في شوال

سنة ست وأربعين وخمسمائة

فيها انفجر بثق النهروان الذي أصلحه بهزور
وفيها توفي أبو نصر الفامي عبد الرحمن بن عبد الجبار الحافظ محدث هراة وله أربع وسبعون سنة وكان خيرا متواضعا فاضلا ثقة مأمونا مؤرخا سمع شيخ الإسلام ونجيب بن ميمون وطبقتهما
وفيها زاكي بن علي القطيعي أبو الفضائل قتيل الريم وأسير الهوى من شعره
( عيناك لحظهما أمضى من القدر ** ومهجتي منهما أضحت على خطر )
( يا أحسن الناس لولا أنت أبخلهم ** ماذا يضرك لو متعت بالنظر )
( جد بالخيال وإن ضنت يداك به ** لا تبتلي مقلتي بالدمع والسهر )
وفيها أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن أبي القسم القشيري خطيب نيسابور ومسندها سمع من جده حضورا ومن جدته فاطمة بنت الشيخ أبي علي

الدقاق ويعقوب بن أحمد الصيرفي وطائفة روى الكتب الكبار كالبخاري ومسند أبي عوانة ومات في شوال عن سبع وثمانين سنة
وفيها القاضي أبو بكر بن العربي محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي المالكي الحافظ أحد الأعلام وعالم أهل الأندلس ومسندهم ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة ورحل مع أبيه سنة خمس وثمانين ودخل الشام فسمع من الفقيه نصر المقدسي وأبي الفضل بن الفرات وببغداد من أبي طلحة النعالي وطراد وبمصر من الخلعي وتفقه على الغزالي وأبي بكر الشاشي والطرطوشي وكان من أهل اليقين في العلوم والاستبحار فيها مع الذكاء المفرط ولى قضاء إشبيلية مدة وصرف فأقبل على نشر العلوم وتصنيفه في التفسير والحديث والفقه والأصول قاله في العبر وقال ابن ناصر الدين رحل مع أبيه أبي محمد الوزير فسمع من خلق كثير كان من الثقات الأثبات والأئمة المشهورين وله عدة مصنفات وقال ابن بشكوال في كتاب الصلة هو الإمام الحافظ المتبحر ختام علماء الأندلس وآخر أئمتها وحفاظها لقيته بمدينة إشبيلية ضحوة يوم الاثنين ثاني جمادى الآخرة سنة ست عشرة وخمسمائة فأخبرني أنه رحل إلى الشرق مع أبيه يوم الأحد مستهل ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربعمائة وأنه دخل الشام ولقي بها أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي وتفقه عنده ودخل بغداد وسمع بها من جماعة من أعيان مشايخها ثم دخل الحجاز فحج في موسم سنة تسع وثمانين ثم عاد إلى بغداد وصحب بها أبا بكر الشاشي وأبا حامد الغزالي وغيرهما من العلماء والأدباء ثم صدر عنهم ولقي بمصر والإسكندرية جماعة من المحدثين فكتب عنهم واستفاد منهم وأفادهم ثم عاد إلى الأندلس سنة ثلاث وتسعين وقدم إلى إشبيلية بعلم كثير لم يدخل به أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق وكان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها والجمع لها مقدما في المعارف كلها متكلما في أنواعها ناقدا في جميعها حريصا على أدائها ونشرها ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة ولين الكنف وكثرة

الاحتمال وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود واستقضى ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ أحكامه وكانت له في الظالمين صورة مرهوبة ثم صرف عن القضاء وأقبل على نشر العلم وبثه وسألته عن مولده فقال ولدت يوم الخميس ثاني عشرى شعبان سنة ثمانين وأربعمائة وتوفي بالغدوة ودفن بمدينة فاس في شهر ربيع الآخر رحمه الله تعالى انتهى وقال ابن خلكان وهذا الحافظ له مصنفات منها كتاب عارضة الأحوذي في شرح الترمذي وغيره من الكتب
وتوفي ولده بمصر منصرفا عن الشرق في السفرة التي كان والده المذكور صحبه وذلك في المحرم سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة وكان من أهل الآداب الواسعة والبراعة والكتابة رحمه الله تعالى ومعنى عارضة الأحوذي فالعارضة القدرة على الكلام يقال فلان شديد العارضة إذا كان ذا قدرة على الكلام والأحوذي الخفيف في المشي لحذقه وقال الأصمعي الأحوذي المشمر في الأمور القاهر لها الذي لا يشذ عليه منها شيء انتهى كلام ابن خلكان ملخصا
وفيها نوشتكين الرضواني مولى ابن رضوان المرسي شيخ صالح متودد روى عن علي بن البسري وعاصم وتوفي في ذي القعدة عن اثنتين وثمانين سنة
وفيها أبو الوليد بن الدباغ يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيره اللخمي الأندلسي الأندي بالضم وسكون النون نسبة إلى أندة مدينة بالأندلس محدث الأندلس كان حافظا متقنا مصنفا ثقة نبيلا متفننا إماما رأسا في الحديث وطرقه ورجاله وهو تلميذ أبي علي بن سكرة عاش خمسا وستين سنة
وفيها الجنيد بن يعقوب بن الحسن بن الحجاج بن يوسف الجيلي الفقيه الحنبلي الزاهد أبو القسم ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة بناحية من أرض جيلا ثم قدم بغداد وأقام بباب الأزج وقرأ الفقه على يعقوب الزينبي والأدب على ابن الجواليقي وسمع الحديث من أبي محمد بن التميمي والقاضي أبي الحسين وغيرهما وحدث باليسير وكتب بخطه الكثير وكان فاضلا دينا حسن الطريقة جمع

كتابا كبيرا في استقبال القبلة ومعرفة أوقات الصلاة وروى عنه ابن عساكر والسمعاني قال ابن لبيدة عنه كان صادقا زاهدا ثبتا لم يعرف عليه الأخير وتوفي يوم الأربعاء سادس عشرى جمادى الآخرة وصلى عليه الشيخ عبد القادر
وفيها أو في التي قبلها وجزم به ابن رجب عبد الملك بن عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي الأنصاري الشيرازي ثم الدمشقي القاضي بهاء الدين بن شرف الإسلام بن الشيخ أبي الفرج وقد تقدم ذكر أبيه وجده تفقه ودرس وأفتى وناظر وكان إماما فاضلا مناظرا مستقلا متفننا على مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة بحكم ما كان عليه عند إقامته بخراسان لطلب العلم والتقدم وكان يعرف اللسان الفارسي مع العربي وهو حسن الحديث في الجد والهزل توفي يوم الاثنين سابع رجب وكان له يوم مشهود ودفن في جوار أبيه في مقابر الشهداء بالباب الصغير قاله حمزة بن القلانسي في ذيل تاريخ دمشق
وفيها عبد الله بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن السامري الفقيه الحنبلي أبو الفتح ولد يوم الاثنين ثاني عشرى ذي الحجة سنة خمس وثمانين وأربعمائة وسمع الكثير من ثابت بن بندار وابن حشيش وجعفر السراج وغيرهم وتفقه على أبي الخطاب الكلوذاني وحدث اليسير وروى عنه جماعة توفي في ليلة الاثنين ثالث عشرى محرم سنة خمس وأربعين وخمسمائة ودفن من الغد بمقبرة باب حرب قاله ابن رجب
وفيها أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الأواني الراذاني بالراء والمعجمة نسبة إلى راذان قرية ببغداد ثم البغدادي الفقيه الحنبلي الواعظ الزاهد ولد بأوانا قرية على عشرة فراسخ من بغداد سمع من ابن بيان وابن حشيش وابن ناصر ولازمه إلى أن مات وتفقه على أبي سعد المخرمي ووعظ وتقدم ولما توفي ابن الزاغوني أخذ عنه حلقته بجامع المنصور في النظر والوعظ وطلبها ابن الجوزي فلم يعطها لصغر سنه وسمع منه ابن السمعاني وأثنى عليه قال ابن الجوزي توفي يوم الأربعاء

رابع صفر ودفن من الغد إلى جانب ابن شمعون بمقبرة الإمام أحمد وكان موته فجأة فإنه دخل إلى بيته ليتوضأ لصلاة الظهر فقاء فمات وكان قد تزوج وعزم تلك الليلة على الدخول بزوجته
وفيها أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الفتح محمد بن علي بن محمد الحلواني الفقيه الحنبلي الإمام وقد سبق ذكر أبيه ولد سنة تسعين وأربعمائة وتفقه على أبيه وأبي الخطاب وبرع في الفقه وله تفسير القرآن في أحد وأربعين جزءا وروى عن أبيه وعلي بن أيوب البزار والمبارك بن عبد الجبار وخلق وذكره ابن شافع وابن النجار وأثنيا عليه وذكره ابن الجوزي وقال كان يتجر في الخل ويقتنع به ولم يقبل من أحد شيئا وتوفي يوم الاثنين سلخ ربيع الأول وصلى عليه من الغد الشيخ عبد القادر

سنة سبع وأربعين وخمسمائة

فيها توفي أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الأندلسي نزيل إسكندرية كان أديبا فاضلا حكيما فيلسوفا ماهرا في الطب ورد القاهرة واتصل بوزير الآمر ثم نقم عليه وحبسه ثم أطلقه فقصد يحيى بن تميم صاحب القيروان فحسنت حاله عنده ومن تصانيفه كتاب الأدوية المفردة والانتصار في أصول الفقه وغير ذلك ومن شعره
( قد كنت جارك والأيام ترهبني ** ولست أرهب غير الله من أحد )
( فنافستني الليالي فيك ظالمة ** وما حسبت الليالي من ذوي الحسد )
وفيها أبو عبد الله بن غلام الفرس محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد الداني المقرئ الأستاذ أخذ القراءات عن ابن داود وابن الدش وأبي الحسن بن شفيع وغيرهم وسمع من أبي علي الصدفي وتصدر للإقراء مدة ولتعليم العربية وكان مشاركا في علوم جمة صاحب تحقيق وإتقان وولى خطابة بلده ومات في المحرم عن خمس وسبعين سنة


وفيها القاضي الأرموي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الفقيه الشافعي ولد ببغداد سنة تسع وخمسين وأربعمائة وسمع أبا جعفر بن المسلمة وابن المأمون وابن المهتدي ومحمد بن علي الخياط وتفرد بالرواية عنهم وكان ثقة صالحا تفقه على الشيخ أبي إسحق وانتهى إليه علو الإسناد بالعراق توفي في رجب وقد تولى قضاء دير العاقول في شبيبته وكان يشهد في الآخر
وفيها محمد بن منصور الحرضي النيسابوري شيخ صالح سمع القشيري ويعقوب الصيرفي والكبار ومات في شعبان
وفيها السلطان مسعود غياث الدين أبو الفتح بن محمد بن ملكشاه بن الب أرسلان بن جعفر بيك السلجوقي رباه بالموصل الأمير مودود ثم أفسق القرسقي ثم جوس بك فلما تمكن أخوه السلطان محمود طمعه جوس بك في السلطنة فجمع وحشد والتقى أخاه فانكسر مسعود ثم تنقلت به الأحوال واستقل بالملك سنة ثمان وعشرين وامتدت أيامه وكان منهمكا في اللهو واللعب كثير المزاح لين العريكة سعيدا في دنياه سامحه الله تعالى وعاش خمسا وأربعين سنة ومات في جمادى الآخرة وكان قد آذى المقتفى في الآخر فقنت عليه شهرا فمات قاله في العبر

سنة ثمان وأربعين وخمسمائة

فيها توفي ابن الطلاية أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن أحمد البغدادي الحنبلي الوراق الزاهد العابد سمع من عبد العزيز الأنماطي وغيره وانفرد بالجزء التاسع من المخلصيات حتى أضيفت عليه وقد زاره السلطان مسعود في مسجده بالحربية فتشاغل عنه بالصلاة وما زاده على أن قال يا مسعود اعدل وادع لي الله أكبر وأحرم بالصلاة فبكى السلطان وأبطل المكوس والضرائب وتاب وكان الشيخ من أعاجيب دهره في الاستقامة لازم مسجده سبعين سنة لم يخرج منه

إلا للجمعة وكان متقللا من الدنيا متعبدا لا يفتر ليلا ولا نهارا لم يكن في زمنه أعبد منه لازم ذلك حتى انطوى طاقين قانعا بثوب خام وجرة ماء وكسر يابسة رحمه الله تعالى
وفيها الرفاء عين النهار أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسي الشاعر المشهور كان شيعيا هجاء فائق النظم له ديوان شعر وكان أبوه ينشد الأشعار ويغني في أسواق طرابلس ونشأ أبو الحسين المذكور وحفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة والآداب وقال الشعر وقدم دمشق فسكنها وكان شيعيا كثير الهجاء خبيث اللسان ولما كثر ذلك منه سجنه بورى بن أتابك طغتكين صاحب دمشق مدة وعزم على قطع لسانه ثم شفعوا فيه فنفاه وكان بينه وبين ابن القيسراني مكاتبات وأجوبة ومهاجاة وكانا مقيمين بحلب ومتنافسين في صناعتهما كما جرت عادة المتماثلين ومن شعره من جملة قصيدة
( وإذا الكريم رأى الخمول نزيله ** في منزل فالحزم أن يترحلا )
( كالبدر لما أن تضاءل جد في ** طلب الكمال فحازه متنقلا )
( سفها لحلمك إن رضيت بمشرب ** زيف ورزق الله قد ملأ الملا )
( ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا ** أفلا فليت بهن ناصية الفلا )
( فارق ترق كالسيف سل فبان في ** متينه ما أخفى القراب وأخملا )
( لا تحسبن ذهاب نفسك ميتة ** ما الموت إلا أن تعيش مذللا )
( للقفر لا للفقر هبها إنما ** مغناك ما أغناك أن تتوسلا )
( ا ترض من دنياك ما أدناك من ** دنس وكن طيفا جلا ثم انجلى )
وهي طويلة كلها حسن ومن محاسن شعره القصيدة التي أولها
( من ركب البدر في صدر الرديني ** ومره السحر في حد اليماني )
( وأنزل النير الأعلى إلى فلك ** مداره في القباء الخسرواني )
( طرف رنا أم قراب سل صارمه ** وأغيد ماس أم أعطاف خطى )


( أذلني بعد عز والهوى أبدا ** يستعبد الليث للظبي الكناسي )
( أما وذائب مسك من ذوائبه ** على أعالي القضيب الخيزراني )
( وما يحن عقيقي الشفاه من الريق ** الرحيقي والثغر الجماني )
( لو قيل للبدر من في الأرض تحسده ** إذا تجلى لقال ابن الفلاني )
( أربي على بشيء من محاسنه ** تألفت بين مسموع ومرئي )
( أباء فارس في لين الشآم مع الظرف ** العراقي والنطق الحجازي )
( وما المدامة بالألباب أفتك من ** فصاحة البدو في ألفاظ تركي )
وله أيضا
( أنكرت مقلته سفك دمي ** وعلا وجنته فاحترقت )
( لا تخالوا خاله في خده ** قطرة من دم جفني نطفت )
( داك من نار فؤادي جذوة ** فيه ساخت وانطفت ثم طفت )
وكانت ولادته سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بطرابلس ووفاته في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بحلب ودفن بجبل جوشن وزرت قبره ووجدت عليه مكتوبا
( من زار قبري فليكن موقنا ** أن الذي ألقاه يلقاه )
( فيرحم الله امرءا زارني ** وقال لي يرحمك الله )
ومنير بضم الميم وكسر النون وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء انتهى ما قاله ابن خلكان ملخصا
وفيها رحار الفرنجي صاحب صقلية هلك في ذي القعدة بالخوانيق وامتدت أيامه
وفيها حمد بن عبد الرحمن بن محمد الأزجي القاضي أبو علي سمع من أبي محمد التميمي وغيره وتفقه على أبي الخطاب الكلوذاني وولى قضاء المدائن وغيرها ذكره ابن السمعاني فقال أحد فقهاء الحنابلة وقضاتهم كتبت عنه يسيرا توفي

يوم السبت سابع عشر شعبان
وفيها أبو الفتح الكروخي بالفتح وضم الراء آخره معجمة نسبة إلى كروخ بلد بنواحي هراة عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل الهروي الرجل الصالح راوي جامع الترمذي كان ورعا ثقة كتب بالجامع نسخة ووقفها وكان يعيش من النسخ حدث ببغداد ومكة وعاش ستا وثمانين سنة توفي في ذي الحجة
وفيها أبو الحسن البلخي علي بن الحسن الحنفي الواعظ الزاهد درس بالصادرية ثم جعلت له دار الأمير طرخان مدرسة وقام عليه الحنابلة لأنه تكلم فيهم وكان يلقب برهان الدين وكان زاهدا معرضا عن الدنيا وهو الذي قام في ابطال حي علي خير العمل من حلب وكان معظما مفخما في الدولة درس أيضا بمسجد خاتون ومدرسته داخل الصدرية قاله في العبر
وفيها أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي محدث بغداد كان خيرا متواضعا متقنا مكثرا صاحب حديث وإفادة روى عن أبي نصر الزينبي وحلق وتوفي في المحرم عن أربع وثمانين سنة
وفيها القاضي أبو المعالي الحسن بن محمد بن أبي جعفر البلخي الشافعي تفقه على البغوي وروى عنه أبو سعد بن السمعاني وأثنى عليه وذكر أنه توفي في رمضان قاله الأسنوي
وفيها عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن عمر بن زيد عماد الدين أبو محمد النيهي بكسر النون وسكون التحتية وهاء نسبة إلى نيه بلد صغيرة بين سجستان واسفرائن الشافعي قال ابن السمعاني في الأنساب كان إماما فاضلا عالما عاملا حافظا للمذهب راغبا في الحديث ونشره دينا مباركا كثير الصلاة والعبادة حسن الأخلاق تفقه على البغوي وتخرج عليه جماعة كثيرة من العلماء وروى الحديث عن جماعة وحضرت مجالس أماليه بمرو مدة مقامي وقال غيره كان شيخ الشافعية بتلك الديار وله كتاب في المذهب وقف عليه ابن الصلاح

وانتخب منه غرائب وتوفي في شعبان
وفيها عبد الرحمن بن محمد البوشنجي الخطيبي الفقيه الشافعي تفقه على أبي نصر بن القشيري وغيره واحترق في فتنة الغز بمرو في المنارة قاله ابن الأهدل
وفيها الملك العادل علي بن السلار الكردي ثم المصري وزير الظافر أقبل من ولاية الإسكندرية إلى القاهرة ليأخذ الوزارة بالقهر فدخل وحكم ففر الوزير نجم الدين سليم بن مصال وجمع العساكر وجاء فجهز ابن السلار جيشا لحربه فالتقوا بدلاص
فقتل ابن مصال وطيف برأسه في سنة أربع وأربعين وكان ابن السلار سنيا شافعيا شجاعا مقداما بنى للسلفي مدرسة معروفة لكنه جبار عنيد ظالم شديد البأس صعب المراس وكان زوج أم عباس بن باديس فقتله نصر بن عباس هذا على فراشه بالقاهرة في المحرم وولى عباس الملك
وفيها الشهرستاني الأفضل محمد بن عبد الكريم بن أحمد أبو الفتح الشافعي المتكلم صاحب التصانيف أخذ علم النظر والأصول عن أبي القسم الأنصاري وأبي نصر بن القشيري ووعظ ببغداد وظهر له القبول التام قال في العبر واتهم بمذهب الباطنية وقال ابن قاضي شهبة صنف كتبا كثيرة منها نهاية الإقدام في علم الكلام وكتاب الملل والنحل وتلخيص الأقسام لمذاهب الأعلام وقال ابن خلكان كان إماما مبرزا فقيها متكلما واعظا توفي في شعبان وقال ابن الأهدل سمع الحديث من ابن المديني وكتب عنه ابن السمعاني وعظم صيته في الدنيا وشهرستان اسم لثلاث مدن الأولى بين نيسابور وخوارزم والثانية قصبة ناحية نيسابور والثالثة مدينة على نحو ميلين من أصبهان انتهى
وفيها أبو علي محمد بن عبد الله بن محمد البسطامي الشافعي المعروف بإمام بغداد كان فقيها مناظرا وشاعرا مجيدا تفقه على الكيا الهراسي وسمع من ابن العلاف ولم يحدث شيئا وتوفي سلخ ثمان وأربعين وخمسمائة ذكره ابن السمعاني


وفيها أبو طاهر السنجي بالكسر والسكون نسبة إلى سنج بجيم قرية بمرو محمد بن محمد بن عبد الله المروزي الحافظ خطيب مرو تفقه على أبي المظفر السمعاني وعبد الرحمن البزاز وسمع من طائفة ولقى ببغداد ثابت بن بندار وطبقته ورحل مع أبي بكر بن السمعاني وكان ذا معرفة وفهم مع الثقة والفضل والتعفف توفي في شوال عن بضع وثمانين سنة
وفيها أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكشميهني المروزي الخطيب شيخ الصوفية ببلده وآخر من روى عن محمد بن أبي عمران صحيح البخاري عاش ستا وثمانين سنة
وفيها أبو عبد الله بن القيسراني محمد بن نصر بن صعير بن خالد الأديب حامل لواء الشعر في عصره تولى إدارة الساعات التي بدمشق مدة ثم سكن حلب وكان عارفا بالهيئة والنجوم والهندسة والحساب مدح الملوك والكبار وعاش سبعين سنة ومات بدمشق قال ابن خلكان كان ابن منير ينسب إلى التحامل على الصحابة رضوان الله عليهم ويميل إلى التشيع فكتب إليه ابن القيسراني وقد بلغه أنه هجاه قوله
( ابن منير هجوت مني ** حبرا أفاد الورى صوابه )
( ولم تضيق بذاك صدري ** فإن لي أسوة الصحابة )
ومن محاسن شعره قوله
( كم ليلة بت من كاسي وريقته ** نشوان أمزج سلسالا بسلسال )
( وبات لا تحتمي عنه مراشفه ** كأنما ثغره ثغر بلا وال )
وقوله في مدح خطيب
( شرح المنبر صدرا ** لتلقيك رحيبا )
( أترى ضم خطيبا ** منك أم ضمخ طيبا )
وقوله في الغزل


( بالسفح من لبنان لي ** قمر منازله القلوب )
( حملت تحيته الشمال ** فردها عني الجنوب )
( فرد الصفات غريبها ** والحسن في الدنيا غريب )
( لم أنس ليلة قال لي ** لما رأى جسمي يذوب )
( بالله قل لي من أعلمك ** يا فتى قلت الطبيب )
وكانت ولادته بعكا سنة سبع وثمانين وأربعمائة وتوفي ليلة الأربعاء حادي عشرى شعبان بدمشق ودفن بمقبرة باب الفراديس
وفيها محمد بن يحيى العلامة أبو سعد النيسابوري محي الدين شيخ الشافعية وصاحب الغزالي انتهت إليه رياسة المذهب بخراسان وقصده الفقهاء من البلاد وصنف التصانيف منها المحيط في شرح الوسيط وهو القائل
( وقالوا يصير الشعر في الماء حية ** إذا الشمس لاقته فما خلته صدقا )
( فلما التوى صدغاه في ماء وجهه ** وقد لسعا قلبي تيقنته حقا )
توفي في رمضان شهيدا على يد الغز قبحهم الله عن اثنتين وسبعين سنة ورثاه جماعة منهم علي البيهقي فقال
( يا سافكا دم عالم متبحر ** قد طار في أقصى الممالك صيته )
( بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف ** من كان محيي الدين كيف تميته )
وفيها محمود بن الحسين بن بندار أبو نجيح الطلحي الواعظ المحدث الحنبلي سمع الحديث الكثير وطلبه بنفسه وقرأ وسمع بأصبهان كثيرا من يحيى بن مندة الحافظ وغيره ورحل إلى بغداد وسمع بها من ابن الحصين والقاضي أبي الحسين وكتب بخطه كثيرا وخطه حسن متقن ووعظ وقال الشعر وسمع منه ابن سعدون القرطبي وحدث عنه محمد بن مكي الأصبهاني بها وغيره
وفيها نصر بن أحمد بن مقاتل السوسي ثم الدمشقي روى عن أبي القسم بن أبي العلاء وجماعة وكان شيخا مباركا توفي في ربيع الأول


وفيها هبة الله بن الحسين بن أبي شريك الحاسب مات ببغداد في صفر سمع من أبي الحسين بن النقور وكان حشريا مذموما
وفيها أبو الحسين المقدسي الزاهد صاحب الأحوال والكرامات دون الشيخ الضياء سيرته في جزء وقبره بحلب يرار

سنة تسع وأربعين وخمسمائة

فيها في صفر أخذ نور الدين دمشق من مجير الدين ابق بن محمد بن بوري بن طغتكين على أن يعوضه بحمص فلم يتم وأعطاه بالس فغضب وسار إلى بغداد وبنى بها دارا فاخرة وبقي بها مدة وكانت الفرنج قد طمعوا في دمشق بحيث أن نوابهم استعرضوا من بدمشق من الرقيق فمن أحب المقام تركوه ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهرا وكان لهم على أهل دمشق القطيعة كل سنة فلطف الله واستمال نور الدين أحداث دمشق فلما جاء ونازلها استنجد آبق بالفرنج وسلم إليه الناس البلد من شرقيه وحاصر آبق في القلعة ثم نزل بعد أيام وبعث المقتفى عهدا بالسلطنة لنور الدين وأمره بالمسير إلى مصر وكان مشغولا بحرب الفرنج
وفيها توفي الظافر بالله أبو منصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي الرافضي بقي في الولاية خمسة أعوام ووزر له ابن مصال ثم ابن السلار ثم عباس ثم إن عباسا وابنه نصرا قتلا الظافر غيلة في دارهما وجحداه في شعبان وأجلس عباس في الدست الفائز عيسى بن الظافر صغيرا وكان الظافر شابا لعابا منهمكا في الملاهي والقصف فدعاه نصر إليه وكان يحب نصرا فجاءه متنكرا معه خويدم فقتله وطمره وكان من أحسن أهل زمانه عاش اثنتين وعشرين سنة وقال ابن شهبة في تاريخ الإسلام بنى الظافر الجامع الظافري داخل باب زويلة ودعاه عباس وكان خصيصا به إلى داره التي هي اليوم مدرسة الحنفية وتعرف بالسيفية فقتله ومن معه ليلا وأقام ولده الفائز عيسى ثم اطلع أهل القصر على القصة فكاتبوا

الصالح فقصد القاهرة ومعه جيش فهرب نصر بن عباس وأبوه وكان قد دبر ذلك أسامة بن منقذة فخرج معهما ودخل الصالح القاهرة وأتوا إلى الدار فأخرجوا الظافر من تحت بلاطة وحملوه إلى تربتهم التي في القصر وكاتبت أخت الظافر الفرنج بعسقلان وشرطت لهم مالا على إمساك عباس فخرجوا عليه فصادفوه فقتلوه وأمسكوا نصرا وجعلوه في قفص من حديد وأرسلوه إلى القاهرة فقطعوا يديه وقرضوا جسمه بالمقاريض وصلبوه على باب زويلة وبقي سنة ونصفا مصلوبا انتهى
وفيها أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي صفي الدين النيسابوري سمع من جده ومن جده لأمه طاهر الشحامي ومحمد بن عبيد الله الصرام وطبقتهم وكان رأسا في معرفة الشروط حدث بمسند أبي عوانة ومات من الجوع بنيسابور في فتنة الغز وله خمس وسبعون سنة قاله في العبر
وفيها عبيد الله بن المظفر الباهلي الأندلسي خدم السلطان محمد بن ملكشاه وأنشأ له مرستانا يحمل على الجمال في الأسفار وكان شاعرا خليعا له ديوان شعر سماه نهج الوضاعة يذكر فيه مثالب الشعراء الذين كانوا بدمشق وكان يهاجي أهل عصره ويرثي من يموت حبابا للمجون والهزل وكان يجلس على دكان بجيرون للطب ويدمن شرب الخمر ولما مات ابن القيسراني رثاه بقوله
( مذ توفي محمد القيسراني ** هجرت لذة الكرا أجفاني )
( لم يفق بعده الفؤاد من الحزن ** ولا مقلتي من الهملان )
في أبيات كثيرة فيها مجون ولما مات رثاه عرقلة الدمشقي بقوله
( يا عين سحى بدمع ساكب ودم ** على الحكيم الذي يكنى أبا الحكم )
( قد كان لا رحم الرحمن شيبته ** ولا سقى قبره من صيب الديم )
( شيخا يرى الصلوات الخمس نافلة ** ويستحل دم الحجاج في الحرم )
وفيها عبد الخالق بن زاهر بن طاهر أبو منصور الشحامي الشروطي المستملى

سمع من جده وأبي بكر بن خلف وطبقتهما وهلك في العقوبة والمطالبة في فتنة الغز وله أربع وسبعون سنة وكان يملي ويستملي في الآخر
وفيها الحافظ دادا النجيب أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الحسين بن محمد بن دادا الجرباذقاني المنعوت بالمنتجب كان ذا علم ودين أثنى عليه ابن نقطة وغيره قاله ابن ناصر الدين
وفيها أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي الدمشقي سمع أبا القسم المصيصي وسمع نصر المقدسي مدة
وفيها أبو الفتح الهروي محمد بن عبد الله بن أبي سعد الصوفي الملقب بالشيرازي أحد الذين جاوزوا المائة صحب شيخ الإسلام وغيره وكان من كبار الصالحين
وفيها أبو المعمر الأنصاري المبارك بن أحمد الأزجي الحافظ سمع أبا عبد الله النعالي فمن بعده وله معجم في مجلد وكان سريع القراءة معتنيا بالرواية
وفيها المظفر بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن جهير الوزير ابن الوزير بن الوزير أبو نصر بن أبي القسم ولى وزارة المقتفى سبع سنين وعزل سنة اثنتين وأربعين وتوفي في ذي الحجة عن نيف وستين سنة
وفيها مؤيد الدولة بن الصوفي الدمشقي وزير صاحب دمشق آبق كان ظلوما غشوما فسر الناس بموته ودفن بداره بدمشق
وفيها أبو المحاسن البرمكي نصر بن المظفر الهمذاني ويعرف بالشخص العزيز سمع أبا الحسين بن النقور وعبد الوهاب بن مندة وتفرد في زمانه وقصده الطلبة

سنة خمسين وخمسمائة

فيها توفي أبو العباس الإقليشي أحمد بن معد بن عيسى التجيبي الأندلسي الداني سمع أبا الوليد بن الدباغ وطائفة وبمكة من الكروخي وكان زاهدا عارفا علامة

متقنا صاحب تصانيف وله شعر في الزهد ومن تصانيفه كتاب النجم
وفيها أحمد الحريزي كان عاملا للمقتفى على نهر الملك وكان من أظلم العالم يظهر الدين ويجلس على السجادة وبيده مسبحة يسبح بها ويقرأ القرآن ويعذب الناس بين يديه يعلق الرجال بأرجلهم والنساء بثديهن ويومي إلى الجلاد الرأس الوجه دخل إلى الحمام فدخل عليه ثلاثة فضربوه بالسيوف حتى قطعوه فحمل إلى بغداد ودفن بها فأصبح وقد خسف بقبره قاله ابن شهبة
وفيها أبو عثمان الغضا يرى إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري روى عن طاهر بن محمد الشحامي وطائفة وكان ذا رأي وعقل عمر تسعين سنة
وفيها سعيد بن أحمد بن الإمام أبي محمد الحسن بن أحمد البغدادي أبو القسم الحنبلي سمع ابن البسري وأبا نصر الزينبي وعاش ثلاثا وثمانين سنة توفي في ذي الحجة
وفيها أبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب سمع رزق الله التميمي والحميدي ومات في صفر
وفيها محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر الحافظ الثقة البغدادي السلامي أبو الفضل محدث العراق ولد سنة سبع وستين وأربعمائة وسمع علي بن البسري وأبا طاهر بن أبي الصقر والبانياسي وطبقتهم وأجاز له من خراسان أبو صالح المؤذن والفضل بن المحب وأبو القسم بن عليك وطبقتهم وعنى بالحديث بعد أن برع في الفقه وتحول من مذهب الشافعي إلى مذهب الحنابلة قال ابن النجار كان ثقة ثبتا حسن الطريقة متدينا فقيرا متعففا نظيفا نزها وقف كتبه وخلف ثيابا خلقة وثلاثة دنانير ولم يعقب وقال فيه أبو موسى المديني الحافظ هو مقدم أصحاب الحديث في وقته ببغداد وقال ابن رجب كان والده شابا تركيا محدثا فاضلا من أصحاب أبي بكر الخطيب الحافظ توفي في شبيبته وأبو الفضل هذا صغير فكفله جده لأمه أبو حكيم الحيري الفرضي فأسمعه في صغره شيئا يسيرا من الحديث وأشغله بحفظ القرآن

والفقه على مذهب الشافعي ثم أنه صحب أبا زكريا التبريزي اللغوي وقرأ عليه الأدب واللغة حتى مهر في ذلك ثم جد في سماع الحديث وصاحب ابن الجواليقي وكان في أول الأمر أبو الفضل أميل إلى الأدب وابن الجواليقي أميل إلى الحديث وكان الناس يقولون يخرج ابن ناصر لغوي بغداد وابن الجواليقي محدثها فانعكس الأمر فصار ابن ناصر محدث بغداد وابن الجواليقي لغويها وخالط ابن ناصر الحنابلة ومال إليهم وانتقل إلى مذهبهم لمنام رأى فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له عليك بمذهب الشيخ أبي منصور الخياط قال السلفي سمع ابن ناصر معنا كثيرا وهو شافعي أشعري ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع ومات عليه وله جودة حفظ وإتقان وهو ثبت إمام وقال ابن الجوزي كان حافظا ضابطا مفتيا ثقة من أهل السنة لا مغمز فيه وكان كثير الذكر سريع الدمعة وهو الذي تولى تسميعي الحديث وعنه أخذت ما أخذت من علم الحديث قرأت عليه ثلاثين سنة ولم أستفد من أحد كاستفادتي منه وقال ابن رجب ومن غرائب ما حكى عن ابن ناصر أنه كان يذهب إلى أن السلام على الموتى يقدم فيه لفظة عليكم فيقال عليكم السلام لظاهر حديث أبي حري الهجيمي وذكر في بعض تصانيفه أن الحداد على الميت بترك الطيب والزينة لا يجوز للرجال ويجوز للنساء على أقاربهن ثلاثة أيام دون زيادة عليها ويجب على المرأة على زوجها المتوفى أربعة أشهر وعشرا انتهى
وفيها عبد الملك بن محمد بن عبد الملك اليعقوبي المؤدب أبو الكرم ولد بعد السبعين والأربعمائة وسمع من أبي الثرى وأبي الغنائم بن المهتدي وغيرهما وحدث وسمع منه ابن الخشاب وابن شافع وكان رجلا صالحا من خيار أصحابنا الحنابلة تفقه على ابن عقيل وسمع الحديث الكثير ومن شعره
( يا أهل ودي وما أهلا دعوتكم ** بالحق لكنها العادات والنوب )
( أشبهتم الدهر في تلوين صبغته ** فكلكم حائل الألوان منقلب )


وفيها أبو الكرم السهروردي المبارك بن الحسن البغدادي شيخ المقرئين ومصنف المصباح في القراءات العشر كان خيرا صالحا قرأ عليه خلق كثير أجاز له أبو الغنائم بن المأمون والصريفيني وطائفة وسمع من إسماعيل بن مسعدة ورزق الله التميمي وقرأ القراءات على عبد السيد بن عتاب وعبد القاهر العباسى وطائفة وانتهى إليه علو الإسناد في القراءات وتوفي في ذي الحجة
وفيها محلى بن جميع قاضي القضاة بالديار المصرية أبو المعالي القرشي المخزومي الشافعي الأرشوفي الأصل المصري تفقه على الفقيه سلطان المقدسي تلميذ الشيخ نصر وبرع وصار من كبار الأئمة وقال الحافظ زكي الدين المنذري أن أبا المعالي تفقه من غير شيخ وتفقه عليه جماعة منهم العراقي شارح المهذب وتولى قضاء الديار المصرية سنة سبع وأربعين ثم عزل لتغير الدول في أوائل سنة تسع وأربعين ومن تصانيفه الذخائر قال الأسنوي وهو كثير الفروع والغرائب إلا أن ترتيبه غير معهود متعب لمن أراد استخراج المسائل منه وفيه أيضا أوهام وقال الأذرعي أنه كثير الوهم قال ويستمد من كلام الغزالي ويعزوه إلى الأصحاب قال وذلك عادته ومن تصانيفه أيضا أدب القضاء سماه العمدة ومصنف في الجهر بالبسملة وله مصنف في المسألة السريجية اختار فيه عدم الوقوع وله مصنف في جواز اقتداء بعض المخالفين ببعض في الفروع قاله ابن شهبة وتوفي في ذي القعدة

سنة إحدى وخمسين وخمسمائة

فيها كما قال في الشذور كثر الحريق ببغداد في المحال ودام
وفيها توفي أبو العباس أحمد بن الفرج بن راشد بن محمد المدني الوراق البغدادي الحنبلي الحجة القاضي من أهل المدينة قرية فوق الأنبار ولد في عشر ذي الحجة سنة تسعين وأربعمائة وقرأ القرآن بالروايات على مكي بن أحمد الحنبلي وغيره وتفقه على عبد الواحد بن سيف وسمع من أبي منصور محمد

ابن أحمد الخازن وغيره وشهد عند قاضي القضاة الزينبي وولى القضاء بدحيل مدة وحدث وروى عنه ابن السمعاني وغيره وتوفي يوم السبت سادس ذي الحجة ودفن من الغد بمقبرة باب حرب
وفيها أبو القسم الحمامي إسماعيل بن علي بن الحسين النيسابوري ثم الأصبهاني الصوفي مسند أصبهان وله أكثر من مائة سنة سمع تسع وخمسين وأربعمائة من أبي مسلم محمد بن مهريرد وتفرد بالسماع من جماعة وسمع منه السلفي وقال يوسف بن أحمد الحافظ أخبرنا الشيخ المعمر الممتع بالعقل والسمع والبصر وقد جاوز المائة أبو القسم الصوفي ومات في سابع صفر
وفيها أبو القسم بن البن الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي الدمشقي تفقه على نصر المقدسي وسمع من أبي القسم المصيصي والحسن بن أبي الحديد وجماعة وتوفي في ربيع الآخر عن خمس وثمانين سنة
وفيها عبد القاهر بن عبد الله الوأواء الحلبي الشاعر شرح ديوان المتنبي
وفيها أبو بكر عتيق بن أحمد الأزدي الأندلسي الأوز يولي حج فسمع من طراد الزينبي وهو آخر من حدث عنه بالمغرب توفي بأوزيولة وله أربع وثمانون سنة
وفيها القاضي أبو محمد عبد الله بن ميمون بن عبد الله الكوفن المالكاني وكوفن بكاف مضمومة وواو ساكنة بعدها نون قرية من ابيورد ومالكان قيل إنها اسم قرية أيضا وقال ابن السمعاني كان فقيها شافعيا فاضلا له باع طويل في المناظرة والجدل ومعرفة تامة بهما تفقه على والدي وسمع منه ولد في حدود سنة تسعين وأربعمائة قال ابن باطيش ومات بابيورد ليلة الاثنين ثامن ذي القعدة
وفيها أو في التي قبلها وبه جزم الأسنوي علي بن معصوم بن أبي ذر المغربي الشافعي قال ابن السمعاني إمام فاضل عالم بالمذهب بحر في الحساب ولد بقلعة بني

حماد من بلاد بجاية سنة تسع وثمانين وأربعمائة واستوطن العراق وتفقه على الفرج الخريني ثم انتقل إلى خراسان ومات باسفرائن في شعبان
وفيها أبو الحسن علي بن أحمد بن محمويه البرذي الشافعي المقرئ الزاهد نزيل بغداد قرأ بأصبهان على أبي الفتح الحداد وأبي سعد المطرز وغيرهما وسمع من ابن مردويه وببغداد من أبي القسم الربعي وأبي الحسين بن الطيوري وبرع في القراءات والمذهب وصنف في القراءات والزهد والفقه وكان رأسا في الزهد والورع توفي في جمادى الآخرة وقد قارب الثمانين
وفيها علي بن الحسين الغزنوي الواعظ الملقب بالبرهان كان فصيحا وله جاه عريض وكان شيعيا وكان السلطان مسعود يزوره وبنى له رباطا بباب الأزج واشترى له قرية من المسترشد وأوقفها عليه قال ابن الجوزي سمعته ينشد
( كم حسرة لي في الحشا ** من ولد إذا نشا )
( وكما أردت رشده ** فما نشا كما نشا )
وكان يعظم السلطان ولا يعظم الخليفة فلما مات السلطان مسعود أهين الغزنوي ومنع من الوعظ وأخذ جميع ما كان بيده فاستشفع إلى الخليفة في القرية الموقوفة عليه فقال ما يرضى أن يحقن دمه وكان يتمنى الموت مما لاقى من الذل بعد العز وألقى كبده قطعا مما لاقى
وفيها الفقيه الزاهد الصالح عمر بن عبد الله بن سليمان بن السري اليمني توفي بمكة حاجا روى طاهر بن يحيى المعمراني أنه كان قد أصابه بثرات في وجهه فارتحل إلى جبلة متطببا فرأى ليلة قدومه إليها عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فقال له يا روح الله امسح وجهي فمسحه فأصبح معافى قاله ابن الأهدل
وفيها أبو عبد الله بن الرطبي محمد بن عبيد الله بن سلامة الكرخي كرخ جدان المعدل روى عن أبي القسم بن البسري وأبي نصر الزينبي وتوفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة


وفيها أبو البيان نبا بن محمد بن محفوظ القرشي الشافعي اللغوي الدمشقي الزاهد شيخ الطائفة البيانية بدمشق ويعرف بابن الحوراني كان كبير القدر عالما عاملا زاهدا تقيا خاشعا ملازما للعلم والعمل والمطالعة كثير العبادة والمراقبة سلفي المعتقد كبير الشأن بعيد الصيت ملازما للسنة صاحب أحوال ومقامات سمع أبا الحسن علي بن الموازيني وغيره وله تآليف ومجاميع ورد على المتكلمين وأذكار مسجوعة وأشعار مطبوعة وأصحاب ومريدون وفقراء بهديه يقتدون كان هو والشيخ رسلان شيخي دمشق في عصرهما وناهيك بهما قاله في العبر ودخل يوما إلى الجامع الأموي فرأى جماعة في الحائط الشمالي يثلبون أعراض الناس فقال اللهم كما أنسيتهم ذكرك فأنسهم ذكري وقال السخاوي قبره يزار بباب الصغير ولم يذكره ابن عساكر في تاريخه ولا ابن خلكان في الأعيان توفي في وقت الظهر يوم الثلاثاء ثاني ربيع الأول ودفن من الغد وشيعه خلق عظيم انتهى

سنة ثنتين وخمسين وخمسمائة

فيها كما قال في الشذور وقعت زلازل في الشام تهدمت منها ثلاثة عشر بلدا من بلاد الإسلام حلب وحماه وشيزر وكفرطاب وفامية وحمص والمعرة وتل حران وخمسة من بلاد الكفر حصن الأكراد وعرقة واللاذقية وطرابلس وأنطاكية فأما حماة فهلك أكثرها وأما شيزر فما سلم منها إلا امرأة وخادم لها وهلك الباقون وأما حلب فهلك منها خمسمائة نفس وأما كفر طاب فما سلم منها أحد وأما فامية فهلكت وساخت قلعتها وهلك من حمص خلق كثير وهلك بعض المعرة وأما تل حران فإنه انقسم نصفين وظهر من وسطه نواويس وبيوت وأما حصن الأكراد وعرقة فهلكتا جميعا وهلكت اللاذقية فسلم منها نفر ونبع فيها جومة ماء حمئة وهلك أكثر أهل طرابلس وأكثر أنطاكية انتهى


وفيها كما قال في العبر خرجت الإسماعيلية على حجاج خراسان فقتلوا وسبوا واستباحوا الركب وصبح الضعفاء والجرحى إسماعيل شيخ ينادي يا مسلمين ذهبت الملاحدة فأبشروا ومن هو عطشان سقيته فبقي إذا كلمه أحد جهز عليه فهلكوا إلى رحمة الله كلهم واشتد القحط بخراسان وتخربت بأيدي الغز ومات سلطانها سنجر وغلب كل أمير على بلد واقتتلوا وتعثرت الرعية الذين نجوا من القتل
وفيها هزم نور الدين الفرنج على صفد وكانت وقعة عظيمة
وفيها انقرضت دولة الملثمين بالأندلس لم يبق منهم إلا جزيرة ميورقة
وفيها أخذ نور الدين من الفرنج غزة وبانياس وملك شيزر من بني منقذ
وفيها توفي القاضي أبو بكر بن محمد بن عبد الله اليافعي حضر موته صاحب البيان وقال ماتت المروءة أخذ الفقه عن ريد البقاعي وكان عالما شاعرا روى عن ابنه وخاله كتاب رسالة الشافعي ومختصر المرني وولى قضاء اليمن وكان له ولد يقال له محمد مات في حياته فرثاه وقال
( جوار الله خير من جواري ** له دار لكل خير دار )
وكان للقاضي أبو بكر جاه عظيم عند الملوك خلص فقهاء اليمن من الخراج والمظالم ولما قدم القاضي الرشيد من مصر الى اليمن أكرمه كرامة عظيمة قاله ابن الأهدل
وفيها أبو علي الخرار أحمد بن أحمد بن علي الحريمي سمع أبا الغنائم محمد بن الدقاق ومالكا البانياسي وتوفي في ذي الحجة وعوضه نصيبين فتملكها إلى أن مات في شعبان وطالت أيامه بها وخلف ذرية فخملوا
وفيها أحمد سنجر السلطان الأعظم معز الدين أبو الحرث ولد السلطان ملكشاه بن الب أرسلان بن جعفر بيك السلجوقي صاحب خراسان وأجل ملوك العصر وأعرقهم نسبا وأقدمهم ملكا وأكثرهم جيشا واسمه بالعربي أحمد بن الحسن بن محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق وخطب له بالعراق والشام والجزيرة

وأذربيجان وأران والحرمين وخراسان وما وراء النهر وغزنة وعاش ثلاثا وسبعين سنة قال ابن خلكان أول ما ناب في المملكة عن أخيه بركيا روق سنة تسعين وأربعمائة ثم استقل بالسلطنة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ولقب حينئذ بالسلطان وكان قبل ذلك يلقب بالملك المظفر وكان وقورا مهيبا ذا حياء وكرم وشفقة على الرعية وكان مع كرمه المفرط من أكثر الناس مالا اجتمع في خزانته من الجوهر ألف وثلاثون رطلا وهذا ما لم يملكه خليفة ولا ملك فيما نعلم توفي في ربيع الأول ودفن في قبة بناها وسماها دار الآخرة وقد تضعضع ملكه في آخر أيامه وقهرته الغر ورأى الهوان ثم من الله عليه وخلص قاله في العبر
وفيها أبو عبد الله بن خميس الحسين بن نصر الموصلي الجهني الملقب بتاج الإسلام أخذ الفقه عن الغزالي وقضى برحبة ملك بن طوق ثم رجع إلى الموصل وصنف كثيرا وسكن قرية في الموصل وراء القرية التي فيها العين المعروفة بعين الفتاوة التي ينفع الاستحمام بها من الفالج والريح البارد مشهورة هناك قاله ابن الأهدل
وفيها عبد الصبور بن عبد السلام ابو صابر الهروى التاجر روى جامع الترمذي ببغداد عن ابي عامر الازردى وكان صالحا خيرا
وفيها عبد الملك بن مسرة أبو مروان اليحصبي المستثمري ثم القرطبي أحد الأعلام قال ابن بشكوال كان ممن جمع الله له الحديث والفقه مع الأدب البارع والدين والورع والتواضع أخذ الموطأ عن أبي عبد الله بن الطلاع سماعا وغيره وتوفي في شعبان
وفيها عثمان بن علي السكندري أبو عمرو مسند بخارى كان إماما ورعا عالما عابدا متعففا تفرد بالرواية عن أبي المظفر عبد الكريم الأبرقي وسمع من عبد الواحد الزبيري المعمر وطائفة ومات في شوال عن سبع وثمانين سنة
وفيها عمر بن عبد الله الحري المقرئ أبو حفص سمع الكثير وروى عن طراد وطبقته وتوفي في شعبان


وفيها صدر الدين أبو بكر الخجندي محمد بن عبد اللطيف بن محمد المهلبي الأزدي ثم الأصفهاني كان إماما فاضلا مناظرا شافعيا صدر العراق في زمانه على الإطلاق جوادا مهيبا متقدما عند السلاطين يصدرون عن رأيه ورد بغداد وتولى تدريس النظامية ووعظ بها وبجامع القصر وكان كوزير ذا حشمة أشبه منه بالعلماء يمشي والسيوف حوله مشهورة خرج من بغداد إلى أصبهان فنزل بقرية بين همذان والكرخ فنام وهو في عافية فأصبح ميتا وذلك في شوال فحمل إلى أصبهان ودفن بسيلان ذكره ابن السمعاني والذهبي
وأما ولده عبد اللطيف بن محمد بن عبد اللطيف فكان رئيس أصبهان في العلم وكان فقيها فاضلا مقدما معظما عند الرعايا والسلاطين تفقه على أبيه ودرس بعده وأفتى ووعظ وأنشأ وسمع وحدث مات بهمذان بعد عوده من الحجاز في أحد الربيعين سنة ثمانين وخمسمائة وهو ابن ثمان وأربعين سنة وحمل إلى أصبهان ودفن بها ذكره التفليسي
وأما حفيده فهو أبو بكر محمد بن عبد اللطيف الشافعي كان فقيها بارعا رئيسا كبيرا عريقا في الفضل والرياسة انتهى إليه رياسة الشافعية بأصبهان بعد موت أبيه وورد بغداد فأنعم عليه الخليفة بما لم ينعم به على أحد من أمثاله ورتب له ما يفوت الحصر وتولى نظر النظامية والنظر في أحوال الفقهاء ثم خرج مع الوزير إلى أصبهان واستولى عليها وولى الخليفة بها سنقر الطويل من أمراء بغداد وأذن لابن الخجندي في المقام بها فجرت بينه وبين الأمير سنقر وحشة فيقال أنه دس عليه من قتله وذلك في أحد الجمادين سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وسمع شيئا من الحديث إلا أنه لم يبلغ سن الرواية عنه ذكره ابن باطيش وغيره
وفيها أبو المظفر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سعدان الحنبلي الأزجي الفقيه سمع الحديث من القاضي الحسين وأبي العز بن كادس وتفقه على القاضي أبي الحسين وأبي بكر الدينوري ولازمه وروى عنه أحمد بن طارق وكتب

عنه المبارك بن كامل بغير إسناد في معجمه قال صدقة بن الحسين في تاريخه كان فقيها كيسا من أصحاب أبي بكر الدينوري توفي في ذي القعدة ودفن بباب حرب
وفيها محمد بن خذداذ بن سلامة بن خذداذ العراقي الماموني المباردي الحداد الكاتب الفقيه الحنبلي الأديب أبو بكر بن أبي محمد ويعرف بنقاش المبارد سمع من نصر بن النضر والحسين بن طلحة وأبي نصر الزينبي وأبي الخطاب وكتب خطا حسنا قال ابن النجار كان فقيها مناظرا أصوليا تفقه على أبي الخطاب وعلق عنه مسائل الخلاف وقرأ الأدب وقال الشعر وكان صدوقا وتوفي ليلة الخميس مستهل جمادى الآخرة وصلى عليه من الغد ودفن بباب حرب وقيد ابن نقطة خذداذ بدال مهملة بين ذالين معجمتين
وفيها أبو بكر بن الزاغوني محمد بن عبيد الله بن نصر البغدادي المجلد سمع أبا القسم بن البسري وأبا نصر الزينبي والكبار وصار مسند العراق وكان صالحا مرضيا إليه المنتهى في التجليد اصطفاه الخليفة لتجليد خزانة كتبه توفي في ربيع الآخر وله أربع وثمانون سنة
وفيها أبو الحسن محمد بن المبارك وكنيته أبو البقاء بن محمد بن عبد الله بن محمد المعروف بابن الخل الفقيه الشافعي البغدادي تفقه على أبي بكر الشاشي وبرع في العلم وكان يجلس في مسجده الذي بالرحبة شرقي بغداد لا يخرج منه إلا بقدر الحاجة يفتي ويدرس وكان قد تفرد بالفتوى بالمسئلة السريجية ببغداد وصنف كتابا سماه توجيه التنبيه على صورة الشرح لكنه مختصر وهو أول من شرح التنبيه لكن ليس فيه طائل وله كتاب في أصول الفقه وسمع الحديث من أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن أبي طلحة وأبي عبد الله الحسين البسري وغيرهما وروى عنه الحافظ أبو سعد السمعاني وغيره وكان يكتب خطا جيدا منسوبا وكانت الناس يحتالون على أخذ خطه في الفتاوي من غير حاجة إليها بل لأجل الخط لا غير

فكثرت عليه الفتوى وضيقت عليه أوقاته ففهم ذلك فصار يكسر القلم ويكتب جواب الفتوى به فانصرفوا عنه وقيل أن صاحب الخط المليح هو أخوه والله أعلم وتوفي ببغداد ونقل إلى الكوفة ودفن بها
وكان أخوه أبو الحسين أحمد بن المبارك فقيها فاضلا وشاعرا ماهرا ذكره العماد الكاتب في كتابه خريدة القصر وأثنى عليه وأورد له مقاطيع من شعره ودو بيت فمن ذلك قوله في بعض الوعاظ
( ومن الشقاوة أنهم ركنوا إلى ** نزغات ذاك الأحمق التمتام )
( شيخ يبهرج دينه بنفاقه ** ونفاقه منهم على أقوام )
( وإذا رأى الكرسي تاه بنفسه ** أي أن هذا منصبي ومقامي )
( ويدق صدرا ما انطوى إلا على ** غل يواريه بكف عظام )
( ويقول إيش أقول من حصر به ** لا لازدحام عبارة وكلام )
وله دو بيت
( هذا ولهى وقد كتمت الولها ** صونا لوداد من هوى النفس لها )
( يا آخر محنتي ويا أولها ** آيات غرامي فيك من أولها )
وله
( ساروا وأقام في وادي الكمد ** لم يلق كما لقيت منهم أحد )
( شوق وجوى ونار وجد تقد ** مالي جلد ضعفت مالي جلد )
وله
( ما ضر حداة عيسهم لو وقفوا ** لم يبق غداة بينهم لي رمق )
( قلب قلق وأدمع تستبق ** أو هي جلدي من الفراق الفرق )
وكانت ولادته سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة وتوفي في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة قاله ابن خلكان


وفيها أبو القسم نصر بن نصر الطبري الواعظ روى عن أبي القسم بن البسري وطائفة وتوفي في ذي الحجة عن سبع وثمانين سنة

سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة

فيها كما قال ابن الأثير نزل ألف وسبعمائة من الإسماعيلية على روق كبير التركمان فأسرع عسكر التركمان فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف فلم ينج منهم إلا تسعة أنفس فلله الحمد
وفيها توفي مسند الدنيا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي ثم الهروي الماليني الصوفي الزاهد سمع الصحيح ومسند الدارمي وعبد بن حميد من جمال الإسلام الداودي في سنة خمس وستين وأربعمائة وسمع من أبي عاصم الفضيل ومحمد بن أبي مسعود وطائفة وصحب شيخ الإسلام الأنصاري وخدمه وعمر إلى هذا الوقت وقدم بغداد فازدحم الخلق عليه وكان خيرا متواضعا متوددا حسن السمت متين الديانة محبا للرواية توفي سادس ذي القعدة ببغداد وله خمس وتسعون سنة قاله في العبر وقال ابن شهبة في تاريخ الإسلام حمله أبوه من هراة إلى بوشنج فسمع صحيح البخاري وغيره من جمال الإسلام الداودي عزم على الحج وهيأ ما يحتاج إليه فأصبح ميتا وكان آخر كلمة قالها { يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين } ودفن بالشونيزية وعمر حتى ألحق الأصاغر بالأكابر انتهى
وفيها أبو الفتح سالم بن عبد الله بن عبد الملك الشيباني الفقيه الحنبلي الزاهد صحب أبا بكر الدينوري وسمع من الشريف أبي العر بن المختار وأبي الغنائم النرسي وغيرهما قال ابن شافع كان فقيها زاهدا مخمولا ذكره عند أبناء الدنيا رفيعا عند الله وصالحي عبادة توفي ليلة الأربعاء سابع شعبان ودفن بباب حرب
وفيها الإمام العلامة عبد الله بن يحيى الصعبي عن ثمان وسبعين أو إحدى

وثمانين سنة وكان مدرس سهقنه وقد تفقه عليه خلق باليمن وكان صاحب البيان يحبه ويقول له شيخ الشيوخ وحضر جنازته يوم مات روى أن أناسا وقعوا عليه في طريق فضربوه بالسيوف فلم تقطع سيوفهم فسئل عن ذلك فقال كنت أقرأ سورة يس قال ابن سمرة والمشهور أنه كان يقرأ قوله تعالى { ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم } فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين وحفظا من كل شيطان مارد وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم أن بطش ربك لشديد إلى آخر السورة وتسمى آيات الحفظ وسببه أنه وجدها معلقة في عنق شاة والذئاب تلاعبها لا تضرها صنف الصعبي كتاب التعريف في الفقه واحتراز المذهب وكان يقوم بكفايته وما يحتاج إليه رجل من مشايخ بني يحيى من يافع قال اليافعي رحمه الله تعالى يافع يقولون أهل يحيى وأهل عيسى وأهل موسى ثلاثة بطون لهم عز وشرف فأهل موسى أخوالي وفيهم الكرم والمشيخة وأهل يحيى أخوال بني عمي وفيهم العز والنجدة ولا يزال الحرب بينهم وبين أعدائهم وفيهم الفقيه الولي أبو بكر البحيري الذي كان السلطان المؤيد في طوعه واستدرك الفقيه حسين علي اليافعي وغلطه في ثنائه عليه ونسبه أي البحيري إلى الزندقة لكونه من أتباع ابن عربي والله أعلم بحاله قاله ابن الأهدل
وفيها كوتاه الحافظ أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الأصبهاني توفي في شعبان عن سبع وسبعين سنة وحدث عن رزق الله التميمي وأبي بكر ابن ماجة الأبهري وخلق قال أبو موسى المديني أوحد وقته في علمه وطريقته وتواضعه حدثنا لفظا وحفظا على منبر وعظه وقال غيره كان جيد المعرفة حسن الحفظ ذا عفة وقناعة وإكرام للغرباء وقال ابن ناصر الدين كان إماما حافظا من أولاد المحدثين كان ابن عساكر يفخم أمره وأثنى عليه ابن السمعاني وغيره انتهى
وفيها علي بن عساكر بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الخشاب صحب الفقيه نصر المقدسي وسمع منه سنة سبعين وأربعمائة ثم سمع بدمشق من أبي عبد الله

ابن أبي الحديد توفي في سن أبي الوقت صحيح الذهن والجسم وتوفي في شوال
وفيها العلامة أبو حفص الصفار عمر بن أحمد بن منصور النيسابوري روى عن أبي بكر بن خلف وأبي المظفر موسى بن عمران وطائفة ولقبه عصام الدين كان من كبار الشافعية يذكر مع محمد بن يحيى ويزيد عليه بالأصول قال ابن السمعاني إمام بارع مبرز جامع لأنواع من العلوم الشرعية سديد السيرة مكثرا مات يوم عيد الأضحى
وفيها الفقيه الإمام الورع الزاهد عمر بن إسماعيل بن يوسف اليمني أخذ عن الإمام زيد بن الحسن الغايشي المهذب وأصول الفقه وصحب يحيى بن أبي الخير صاحب البيان في الطلب قاله ابن الأهدل
وفيها نصر بن منصور الحراني عرف بابن العطار كان تاجرا كبيرا كثير المال قارئا للقرآن يكسو العراة ويفك الأسرى ويسمع الحديث ويزور الصالحين قال العكبري رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت امسح بيدك على عيني فإنها تؤلمني فقال امض إلى أبي نصر بن العطار يمسح على عينك فقلت في نفسي أدع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأروح إلى رجل من أبناء الدنيا وعاودته القول وقلت يا رسول الله امسح على عيني فقال أما سمعت الحديث أن الصدقة لتقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل وهذا نصر قد صافحت يده يد الحق سبحانه وتعالى امض إليه فانتبهت ومضيت إليه فلما رآني قام حافيا وقال ما الذي رأيته في المنام ومسح على عيني وقرأ المعوذات فذهب الألم قال وذهبت إحدى عيني نصر قال فخرجت يوما إلى جامع السلطان لأصلي الجمعة فجلست على جانب دجلة لأتوضأ وإذا بفقير عليه أطمار رثة فتقدمت إليه وقلت له امسح على عيني فمسح عليها فعادت صحيحة فدفعت إليه منديلا فيه دنانير فقال ما لي به حاجة إن كان معك رغيف خبز فقمت واشتريت له خبزا ورجعت فلم أره فكان نصر بعد ذلك لا يمشي إلا وفي كمه الخبز إلى أن مات
وفيها يحيى بن سلامة الحصكفي الخطيب صاحب ديوان الشعر والخطب

الفقيه الشافعي معين الدين المعروف بالخطيب قال ابن خلكان والحصكفي بكسر الحاء المهملة نسبة إلى حصن كيفا قلعة حصينة بطنزة بطاء مهملة مفتوحة ونون ساكنة وزاي معجمة وهي بلدة صغيرة بديار بكر فوق الجزيرة انتهى نشأ معين الدين هذا بحصن كيفا وقدم بغداد فقرأ الفقه حتى أجاد فيه وقرأ الأدب على الخطيب أبي زكريا التبريزي شارح المقامات ثم رجع إلى بلاده واستوطن ميافارقين وتولى بها الخطابة وانتصب للإفتاء والاشتغال وانتفع عليه الناس قال العماد في الخريدة كان علامة الزمان في علمه ومعري العصر في نثره ونظمه ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة قاله الأسنوي وقال ابن شهبة في تاريخ الإسلام له الترصيع البديع والتجنيس والنفيس والتطبيق والتحقيق واللفظ الجزل الرقيق والمعنى السهل العميق والتقسيم المستقيم والفضل السائر المقيم فمن قوله في مليح في خصره زنار
( قد شد بالميم الألف ** من جسمه ميم ألف )
( فقلت إذ مر بنا ** بخوط بان منعطف )
وكان الحصكفي يتشيع وله الخطب المليحة والرسائل المنتقاة انتهى

سنة أربع وخمسين وخمسمائة

فيها كما قال في الشذور وقع في قرى بغداد برد كان في البردة خمسة أرطال ووزنوا واحدة فبلغت تسعة أرطال وانفتح القورح وجاء الماء فأحاط بالسور ثم فتح فتحة ودخل فأغرق كثير من محال من نهر معلا وهدم ما لا يحصى من الدور وغرقت مقبرة الإمام أحمد بن حنبل وكانت آية عجيبة
وفيها سار عبد المؤمن في مائة ألف فنازل المهدية برا وبحرا فأخذها من الفرنج بالأمان ولكن ركبوا البحر وكان شتاء فغرق أكثرهم


وفيها أقبلت الروم في جموع عظيمة وقصدوا الشام فالتقاهم المسلمون وانتصروا ولله الحمد وأسر ابن أخت ملك الروم
وفيها توفي ابن قفرجل أبو القسم أحمد بن المبارك بن عبد الباقي البغدادي الذهبي القطان روى عن عاصم بن الحسن وجماعة
وفيها أبو جعفر العباسي أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي نقيب الهاشميين بمكة روى عن أبي علي الشافعي وحدث ببغداد وأصبهان وكان صالحا متواضعا فاضلا مسندا توفي في شعبان عن ست وثمانين سنة وثلاثة أشهر وسماعه في الخامسة من أبي علي
وفيها أحمد بن معالي ويسمى عبد الله أيضا ابن بركة الحربي الحنبلي تفقه على أبي الخطاب الكلوذاني وبرع في النظر قال ابن الجوزي كان له فهم حسن وفطنة في المناظرة وسمعت درسه مدة وكان قد انتقل إلى مذهب الشافعي ثم عاد إلى مذهب أحمد ووعظ وقال صدقة كان شيخا كبيرا وقد نيف على الثمانين فقيها مناظرا عارفا له مخالطة مع الفقهاء ومعاشرة مع الصوفية وكان يتكلم كلاما حسنا إلا أنه كان متلونا في المذهب توفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى وصلى عليه الشيخ عبد القادر ودفن بمقبرة باب حرب وكان سبب موته أنه ركب دابة فانحنى في مضيق ليدخل فاتكأ بصدره على قربوس السرج فأثر فيه وانضم إلى ذلك اسهال فضعفت القوة وكان مرضه يومين أو ثلاثة رحمه الله تعالى وله تعليقة في الفقه
وفيها أحمد بن مهلهل بن عبيد الله بن أحمد البرداسي الحنبلي قال ابن النجار هو من قرية برداس بسكون الراء من بلد اسكاف المقرئ الزاهد الضرير أبو العباس كان من أهل القرآن والزهد والعبادة روى عن أبي طالب اليوسفي وغيره وكان أبو الحسن بن البرداسي يقول كان هذا الشيخ يصلي في كل يوم أربعمائة ركعة وتوفي يوم الخميس غرة جمادى الأولى ودفن بباب حرب وقال ابن النجار كان منقطعا في مسجد لا يخالط أحدا مشتغلا بالله عز وجل وكان الإمام المقتفى

يزوره وكذلك وزيره ابن هبيرة والناس كافة يتبركون به وكان قد قرأ طرفا صالحا من الفقه على أبي الخطاب الكلوذاني ثم على أبي بكر الدينوري وسمع الحديث من أبي غالب الباقلاني وغيره وحدث باليسير وروى عنه ابن شافع والباقداري قاله ابن رجب
وفيها أبو زيد جعفر بن زيد بن جامع الحموي الشامي مؤلف رسالة البرهان التي رواها عنه ابن الزبيدي وكان صالحا عابدا صاحب سنة وحديث روى عن ابن الطيوري واليوسفي وغيرهما وتوفي في ذي الحجة وقد شاخ
وفيها أبو علي الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله العباسي الهاشمي المقرئ الأديب الحنبلي ولد في حادي عشر شوال سنة سبع وسبعين وأربعمائة وقرأ القرآن وسمع قديما من أبي غالب البقال الباقلاني وابن العلاف وغيرهما وكان فيه لطف وظرف وأدب ويقول الشعر الحسن مع دين وخير وجمع سيرة المسترشد وسيرة المقتفى وجمع لنفسه مشيخة وجمع كتابا سماه سرعة الجواب ومداعبة الأحباب أحسن فيه وقال ابن النجار كان أديبا فاضلا صالحا متدينا صدوقا روى عنه ابن الأخضر وغيره وذكره ابن السمعاني ومن شعره ما كتبه
( أجزت للسادة الأخيار ما سألوا ** فليروا عني بلا بخس ولا كذب )
( مما أحبوه من شعر ومن خبر ** ومن جميع سماعاني من الكتب )
( وليحذروا السهو والتصحيف من غلط ** ويسلكوا سنة الحفاظ في الأدب )
ومن شعره أيضا
( يا ذا الذي أضحى يصول ببدعة ** وتشيع وتمشعر وتمعزل )
( لا تنكرن الحنبلي ونسبتي ** فعليهما يوم المعاد معولي )
( إن كان ذنبي حب مذهب أحمد ** فليشهد الثقلان أني حنبلي )
قاله ابن رجب
وفيها أبو عبد الله سعيد بن الحسين بن شنيف بن محمد الديلمي الدار قزي

الأمين الحنبلي ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة وسمع من أبي عبد الله الحسين بن محمد السراج الفقيه والحسين بن طلحة النعالي وابن الطيوري وغيرهم لا من أبي الخطاب الكلوذاني وسمع الحديث من أبي غالب الباقلاني وغيره وحدث باليسير وروى عنه ابن شافع وتفقه في المذهب وكان إماما بجامع دار القز وأمينا للقاضي بمجلسه وكان شيخا صالحا ثقة وروى عنه جماعة منهم ابنه أبو عبد الله الحسين وتوفي ليلة السبت رابع عشر ذي الحجة ودفن من الغد بمقبرة باب حرب رحمه الله تعالى
وفيها أبو الحسن بن أبي البركات محمد بن أحمد بن علي بن عبد الله بن الابرادي البغدادي الفقيه الحنبلي تفقه على ابن عقيل وسمع منه ومن أبيه وابن الفاعوس وحدث باليسير وسمع من أبي الفضل بن شافع وتوفي يوم الجمعة خامس شعبان وقد اشتبه على بعض الناس وفاته بوفاة أبيه
وفيها محمد شاه ابن السلطان محمود بن محمد بن ملك شاه أخو ملكشاه السلجوقي توفي بعلة السل وله ثلاث وثلاثون سنة وكان كريما عاقلا وهو الذي حاصر بغداد من قريب واختلف الأمراء من بعده فطائفة لحقت بأخيه ملكشاه وطائفة لحقت بسليمان شاه

سنة خمس وخمسين وخمسمائة

فيها تملك سليمان شاه همذان وذهب ملكشاه إلى أصبهان فمات بها
وفيها المقتفى لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله بن الأمير محمد بن القائم العباسي أمير المؤمنين كان عالما فاضلا دينا حليما شجاعا مهيبا خليقا للإمارة كامل السؤدد كان لا يجري في دولته أمر وأن صغر إلا بتوقيعه وكتب أيام خلافته ثلاث ربعات ووزر له علي بن طراد ثم أبو نصر بن جهير ثم علي بن صدقة ثم ابن هبيرة وحجبه أبو المعالي بن الصاحب

ثم جماعة بعده وكان أدم اللون بوجهه أثر جدري مليح الشيبة عظيم الهيبة ابن حبشية كانت دولته خمسا وعشرين سنة توفي في ربيع الأول عن ست وستين سنة وقد جدد باب الكعبة واتخذ لنفسه من العقيق تابوتا دفن فيه قاله في العبر وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء بويع له بالخلافة عند خلع أخيه وعمره أربعون سنة وسبب تلقبه بالمقتفى أنه رأى في منامه قبل أن يستخلف بستة أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له سيصل هذا الأمر إليك فاقتف بي قلقب المقتفى لأمر الله وبعث السلطان محمود بعد أن أظهر العدل ومهد بغداد فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دواب وأثاث وذهب وستور وسرادق ولم يترك في اصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس وثمانية أبغال برسم الماء فيقال انهم بايعوا المقتفى على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر وكان صاحب سياسة جدد معالم الإمامة ومهد رسوم الخلافة وباشر الأمور بنفسه وغزا غير مرة وامتدت أيامه وقال أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي في كتاب المناقب العباسية كانت أيام المقتفى نضرة بالعدل زهرة بفعل الخيرات وكان على قدم من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه وكان في أول أمره متشاغلا بالدين ونسخ العلوم وقراءة القرآن ولم ير مع سماحته ولين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة في شهامته وصرامته وشجاعته مع ما خص به من زهده وورعه وعبادته ولم تزل جيوشه منصورة حيث يممت وقال ابن الجوزي من أيام المقتفى عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء ولم يبق لها منازع وقبل ذلك من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلبين من الملوك وليس للخليفة معهم إلا اسم الخلافة ومن سلاطين دولته السلطان سنجر صاحب خراسان والسلطان نور الدين الشهيد محمود صاحب الشام وكان شجاعا كريما محبا للحديث وسماعه معتنيا بالعلم مكرما لأهله ولما دعا المقتفى الإمام أبا منصور بن الجواليقي النحوي ليجعله إماما يصلي به دخل عليه فما زاد على أن قال السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وكان ابن التلميذ النصراني

الطبيب قائما فقال ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا شيخ فلم يلتفت إليه ابن الجواليقي وقال يا أمير المؤمنين سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية وروى الحديث ثم قال لو حلف حالف أن نصرانيا أو يهوديا لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه لما لزمته كفارة لأن الله ختم على قلوبهم ولن يفك ختم الله إلا الإيمان فقال المقتفي صدقت وأحسنت وكأنما الجم ابن التلميذ بحجر مع غزارة أدبه
وفيها توفي الفائز صاحب مصر واقيم بعده العاضد
وفيها أبو بكر أحمد بن غالب بن أحمد بن غالب بن عبد الله الحربي الفقيه الحنبلي الفرضي المعدل سمع الحديث من ابن قريش وغيره وتفقه وبرع في المذهب قال ابن النجار كان أحد الفقهاء حافظا لكتاب الله تعالى له معرفة بالفرائض والحساب والنجوم وأوقات الليل والنهار وشهد عند قاضي القضاة الزينبي وتولى قضاء دجيل مدة ثم عزل حدث باليسير وسمع منه عبد المغيث الحربي وغيره وتوفي يوم الأحد يوم عيد الاضحى ودفن بمقبرة الأمام أحمد
وفيها العميد بن القلانسي صاحب التاريخ ابو يعلى حمزة بن راشد التميمي الدمشقي الكاتب صاحب تاريخ دمشق انتهى به إلى هذه السنة حدث عن سهل ابن بشير الاسفرائني وولى رياسة البلد مرتين وكان يسمى أيضا المسلم توفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة
وفيها أبو يعلى بن الجبري حمزة بن علي بن هبة الله التغلبي الدمشقي البزاز سمع أبا القسم المصيصي ونصر المقدسي مات في جمادي الأولى عن بضع وثمانين سنة وكان لا بأس به قاله في العبر
وفيها ثقة الملك الحلبي الحسن بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة سافر إلى مصر وتقدم عند الصالح بن رزيل وناب فيها ومن شعره قوله من أبيات
( يفنى الزمان وآمالي مصرمة ** ومن أحب على مطل وأملاق )
( واضيعة العمر لا الماضي انتفعت به ** ولا حصلت على شيء من الباقي )


الطبيب قائما فقال ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا شيخ فلم يلتفت إليه ابن الجواليقي وقال يا أمير المؤمنين سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية وروى الحدث ثم لو حلف حالف أن نصرانيا أو يهوديا لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه لما لزمته كفارة لأن الله ختم على قلوبهم ولن يفك ختم الله إلا الإيمان فقال المقتفي صدقت وأحسنت وكأنما الجم ابن التلميذ بحجر مع غزارة أدبه
وفيها توفي الفائر صاحب مصر واقيم بعده العاضد
وفيها أبو بكر أحمد بن غالب بن أحمد بن غالب بن عبد الله الحربي الفقيه الحنبلي الفرضي المعدل سمع الحديث من ابن قريش وغيره وتفقه وبرع في المذهب قال ابن النجار كان أحد الفقهاء حاظفا لكتاب الله تعالى له معرفة بالفرائض والحساب والنجوم وأوقات الليل والنهار وشهد عند قاضي القضاة الزينبي وتولى قضاء دجيل مدة ثم عزل حدث باليسير وسمع منه عبد المغيث الحربي وغيره وتوفي يوم الأحد يوم عيد الاضحى ودفن بمقبرة الأمام أحمد
وفيها العميد بن القلانسي صاحب التاريخ ايو يعلى حمزة بن راشد التميمي الدمشقي الكاتب صاحب تاريخ دمشق انتهى به إلى هذه السنة حدث عن سهل ابن بشير الاسفرائني وولى رياسة البلد مرتين وكان يسمى أيضا المسلم توفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة
وفيها أبو يعلي بن الجبري حمزة بن علي بن هبة الله التغلبي الدمشقي البزار سمع أبا القسم المصيصي ونصر المقدسي مات في جمادي الأولى عن بضع وثمانين سنة وكان لا بأس به قاله في العبر
وفيها ثقة الملك الحلبي الحسن بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة سافر إلى مصر وتقدم عند الصالح بن رزيل وناب فيها ومن شعره قوله من أبيات
) يفنى الزمان وآمالي مصرمة ** ومن أحب على مطل وأملاق )
) واضيعة العمر لا الماضي انتفعت به ** ولا حصلت على شيء من الباقي )


وفيها خسرو شاه سلطان غزنة تملك بعد أبيه بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم ابن مسعود بن محمود بن سبكتكين وكان عادلا سايسا مقربا للعلماء وكانت دولته تسع سنين وتملك بعده ولده ملكشاه
وفيها أبو جعفر الثقفي قاضي العراق عبد الواحد بن أحمد بن محمد وقد ناهز الثمانين ولي قضاء الكوفة مدة وسمع من أبي النشري ثم ولاه المستنجد في هذا العام قاضي القضاة فتوفي في آخر العام وولي بعده ابنه جعفر
وفيها الفائز بنصر الله أبو القسم عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي أقيم في الخلافة بعد قتل أبيه وله خمس سنين فحمله الوزير عباس على كتفه وقال يا أمراء هذا ولد مولاكم وقد قتل مولاكم أخواه فقتلتهما كما ترون فبايعوا هذا الطفل فقالوا سمعنا وأطعنا وضجوا ضجة واحدة ففزع الصبي وبال واختل عقله فيما قيل من تلك الضجة وصار يتحرك ويصرع وتوفي في رجب في هذه السنة وكان الحل والربط لعباس فلما هرب عباس وقتل كان الأمر للصالح طلايع بن رزبك
وفيها علوي الاسكاف الحنبلي كان شيخا صالحا من أصحاب أبي الحسن بن الزاغوني وكان يقرأ في كتاب الخرقي توفي في يوم الجمعة رابع عشرى جمادي الآخرة
وفيها الشريف الخطيب أبو المظفر محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن النويلي العباسي الهاشمي الحنبلي المعدل كان مولده سنة سبعين وأربعمائة وروى عن طراد وأبي نصر الزينبي والعاصمي وغيرهم وحدث وسمع منه جماعة وكان جليل القدر من رجالات الهاشميين ذا أدب وعلم وله نظم قاله ابن رجب
وفيها أبو الفتوح الطائي محمد بن أبي جعفر محمد بن علي الهمداني صاحب الأربعين سمع فند بن عبد الرحمن الشعراني واسمعيل بن الحسن الفرائضي وطائفة بخراسان والعراق والجبال وتوفي في شوال عن خمس وثمانين سنة


وفيها خسرو شاه سلطان غزنة تملك بعد أبيه بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم ابن مسعود بن محمود بن سبكتكين وكان عدلا سايسا مقربا للعلماء وكانت دولته تسع سنين وتملك بعده ولده ملكشاه
وفيها أبو جعفر الثقفي قاضي العراق عبد الواحد بن أحمد بن محمد وقد ناهز الثمانين ولي قضاء الكوفة مدة وسمع من أبي النشري ثم ولاه المستجد في هذا العام قاضي القضاة فتوفي في آخر العام ولي بعده ابنه جعفر
وفيها الفائز بنصر الله أبو القسم عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي أقيم في الخلافة بعد قتل أبيه وله خمس سنين فحمله الوزير عباس على كتفه وقال يا أمراء هذا ولد مولاكم وقد قتل مولاكم أخواه فقتلهما كما ترون فبايعوا هذا الطفل فقالوا سمعنا وأطعنا وضجوا ضجة واحدة ففزع الصبي وبال واتل عقله فيما قيل من تلك الضجة وصار يتحرك ويصرع وتوفي في رجب في هذه السنة وكان الحل والربط لعباس فلما هرب عباس وقتل كان الأمر للصالح طلايع بن رزبك
وفيها علوي الاسكاف الحنبلي كان شيخا صالحا من أصحاب أبي الحسن بن الزاغوني وكان يقرأ في كتاب الخرقي توفي في يوم الجمعة رابع عشرى جمادي الآخرة
وفيها الشريف الخطيب أبو المظفر محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن النوبلي العباسي الهاشمي الحنبلي المعدل كان مولده سنة سبعين وأربعمائة وروى عن طراد وأبي نصر الزينبي والعاصمي وغيرهم وحدث وسمع منه جماعة وكان جليل القدر من رجالات الهاشميين ذا أدب وعلم وله نظم قاله ابن رجب
وفيها أبو الفتوح الطائي محمد بن أبي جعفر محمد بن علي الهمداني صاحب الأربعين سمع فند بن عبد الرحمن الشعراني واسمعيل بن الحسن الفرائضي وطائفة بخراسان والعراق والجبال وتوفي في شوال عن خمس وثمانين سنة

سنة ست وخمسين وخمسمائة

فيها توفي أبو حكيم النهرواني ابراهيم بن دينار بن أحمد بن الحسين بن حامد ابن إبراهيم النهرواني الرزاز الفقيه الحنبلي الفرضي الزاهد الحكيم الورع ولد سنة ثمانين وأربعمائة وسمع الحديث من أبي الحسن بن العلاف وأبي عثمان بن ملة وأبي الخطاب وبرع في المذهب والخلاف والفرائض وأفتى وناظر وكانت له مدرسة
بناها بباب الازج وكان يدرس ويقيم بها وفي آخر عمره فوضت إليه المدرسة التي بناها ابن السمحل بالمأمونية ودرس بها أيضا وقرأ عليه العلم خلق كثير وانتفعوا به منهم ابن الجوزي وقال قرأت عليه القرآن والمذهب والفرائض وممن قرأ عليه السامري صاحب المستوعب ونقل عنه في تصانيفه قال ابن الجوزي وكان زاهدا عابدا كثير الصوم يضرب به المثل في الحلم والتواضع من العلماء العاملين مؤثرا للخمول ما رأينا له نظيرا في ذلك يقوم الليل ويصوم النهار ويعرف المذهب والمناظرة وله الورع العظيم وكان يكسب بيده وإذا خاط ثوبا فأعطى الأجرة مثلا قيراطا اخذ منه حبة ونصفا ورد الباقي وقال خياطتي لا تساوي أكثر من هذه ولا يقبل من أحد شيئا وقال ابن رجب صنف تصانيف في المذهب والفرائض وشرح الهداية كتب منه تسع مجلدات ولم يكمله وحدث وسمع منه جماعة منهم ابن الجوزي وعمر بن علي القرشي الدمشقي وله نظم حسن منه قوله
( يا دهر أن جارت صروفك واعتدت ** ورميتني في ضيقة وهوان )
( أني أكون عليك يوما ساخطا ** وقد استفدت معارف الإخوان )
وتوفي يوم الثلاثاء بعد الظهر ثالث عشر جمادي الآخرة ودفن قريبا من بشر الحافي رحمهما الله تعالى
وفيها علاء الدين الحسين بن الحسين الغوري سلطان الغور وتملك بعده ولده سيف الدين محمد

سنة ست وخمسين وخمسمائة

فيها توفي أبو حكيم النهرواني ابرايم بن دينار بن أحمد بن الحسين بن حامد ابن إبراهيم النهرواني الرزاز الفقيه الحنبلي الفرضي الزاهد الحكيم الورع ولد سنة ثمانين وأربعمائة وسمع الحديث من أبي الحسن بن العلاف وأبي عثمان بن ملة وأبي الخطاب وبرع في المذهب والخلاف والفرائض وأفتى وناظر وكانت له مدرسة
بناها بباب الازح وكان يدرس ويقيم بها وفي آخر عمره فوضت إليه المدرسة التي بناها ابن السمحل بالمأمونية ودرس بها أيضا وقرأ عليه العلم خلق كثير وانتفعوا به منهم ابن الجوزي وقال قرأت عليه القرآن والمذهب والفرائض وممن قرأ عليه السامري صاحب المستوعب ونقل عنه في تصانيفه قال ابن الجوزي وكان زاهدا عابدا كثير الصوم يضرب به المثل في الحلم والتواضع من العلماء العاملين مؤثرا للخمول ما رأينا له نظيرا في ذلك يقوم الليل ويصوم النهار ويعرف المذهب والمناظرة وله الورع العظيم وكان يكسب بيده وإذا خاط ثوبا فاعطى الأجرة مثلا قيراطا اخذ منه حبة ونصفا ورد الباقي وقال خياطتي لا تساوي أكثر من هذه ولا يقبل من أحد شيئا وقال ابن رجب صنف تصانيف في المذهب والفرائض وشرح الهداية كتب منه تسع مجلدات ولم يكمله وحدث وسمع منه جماعة منهم ابن الجوزي وعمر بن علي القرشي الدمشقي وله نظم حسن منه قوله
) يا دهر أن جارت ضروفك واعتدت ** ورمتني في ضيقة وهوان )
) أني أكون عليك يوما ساخطا ** وقد استفدت معارف الإخوان )
وتوفي يوم الثلاثاء بعد الظهر ثالث عشر جمادي الآخرة ودفن قريبا من بشر الحافي رحمهما الله تعالى
وفيها علاء الدين الحسين بن الحسين الغوري سلطان الغور وتملك بعده ولده سيف الدين محمد


وفيها سليمان شاه بن السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي كان أهوج أخرق فاسقا بل زنديقا يشرب الخمر في نهار رمضان فقبض عليه الأمراء في العام الماضي ثم خنق في ربيع الآخر من السنة
وفيها طلايع بن رزيك الارمني ثم المصري الملك الصالح وزير الديار المصرية غلب على الأمور في سنة تسع وأربعين وكان أديبا شاعرا فاضلا شيعيا جوادا ممدحا ولما بايع العاضد زوجه بابنته ونقص أرزاق الأمراء فعملوا عليه بإشارة العاضد وقتلوه في الدهليز في رمضان وكان في نصر التشيع كالسكة المحماة كان يجمع الفقهاء ويناظرهم على الإمامة وعلى القدر وله مصنف في ذلك سماه الاجتهاد في الرد على أهل العناد قرر فيه قواعد التشيع وجامع الصالح الذي بباب زويلة منسوب إليه وبنى آخر بالقرافة وتربة إلى جانبه وهو مدفون بها ومن شعره
( ومهفهف ثمل القوام سرت إلى ** أعطافه النشوات من عينيه )
( ماضي اللحاظ كأنما سلت يدي ** سيفى غداة الروع من جفنيه )
( قد قلت إذا خط العذار بمسكه ** في خده ألفين لا لاميه )
( ما الشعر دب بعارضيه وإنما ** أصداغه نفضت على خديه )
( الناس طوع يدي وأمري نافذ ** فيهم وقلبي الآن طوع يديه )
( فأعجب لسلطان يعم بعدله ** ويجوز سلطان الغرام عليه )
( والله لولا اسم الفرار وانه ** مستقبح لفررت منه إليه )
وفيها أبو الفتح بن الصابوني عبد الوهاب بن محمد المالكي المقرئ الخفاف من قرية المالكية روى عن النعالي وابن البطر وطبقتهما وكتب وحصل وجمع أربعين حديثا وقرأ القراءات على زيدان الحلواني وتصدر للأقراء وكان قيما بالفن توفي في صفر عن أربع وسبعين سنة
وفيها الوزير جلال الدين أبو الرضا محمد بن أحمد بن صدقة وزر للراشد بالله وكان فيه خير ودين توفي في شعبان عن ثمان وخمسين سنة


وفيها سليمان شاه بن السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي كان أهوج أخرق فاسقا بل زنديقا يشرب الخمر في نهار رمضان فقبض عليه الأمراء في العام الماضي ثم خنق في ربيع الآخر من السنة
وفيها إطلاع بن رزيك الارمني ثم المصري الملك الصالح وزير الديار المصرية غلب على الأمور في سنة تسع وأربعين وكان أديبا شاعرا فاضلا شيعيا جوادا ممدحا ولما بايع العاضد زوجه بابنته ونقص أرزاق الأمراء فعملوا عليه بإشارة العاضد وقتلوه في الدهليز في رمضان وكان في نصر التشيع كالسكة المحماة كان يجمع الفقهاء ويناظرهم على الإمامة وعلى القدر وله مصنف في ذلك سماه الاجتهاد في الرد على أهل العناد قرر فيه قواعد التشيع وجامع الصالح الذي بباب زويلة منسوب إليه وبنى آخر بالقرافة وتربة إلى جانبه وهو مدفون بها ومن شعره
) ومهفهف ثمل القوام سرت إلى ** أعطافه النشوات من عينيه )
) ماضي اللحاظ كأنما سلت يدي ** سفي غداة ة الروع من جفنيه )
) قد قلت إذا خط العذار بمكسه ** في خده ألفين لا لاميه )
) ما الشعر دب بعارضيه وإنما ** أصداغه نفضت على خديه )
) الناس طوع يدي وأمري نافذ ** فيهم وقلبي الآن طوع يديه )
) فأعجب لسلطان يعم بعدله ** ويجوز سلطان الغرام عليه )
) والله لولا اسم الفرار وانه ** مستقبح لفررت منه إليه )
وفيها أبو الفتح بن الصابوني عبد الوهاب بن محمد المالكي المقرئ الخفاف من قرية المالكية روى عن النعالي وابن البطر وطبقتهما وكتب وحصل وجمع أربعين حديثا وقرأ القراءات على زيدان الحلواني وتصدر للأقراء وكان قيما بالفن توفي في صفر عن أربع وسبعين سنة
وفيها الوزير جلال الدين أبو الرضا محمد بن أحمد بن صدقة وزر للراشد بالله وكان فيه خير ودين توفي في شعبان عن ثمان وخمسين سنة


وفيها ابن المارح أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي البغدادي روى عن أبي نصر الزينبي وجماعة وتوفي في ذي القعدة
وفيها الخاقان محمود بن محمد التركي سلطان ما وراء النهر وابن بنت السلطان ملكشاه السلجوقي سار بالغرفي وسط السنة وغزا نيسابور شهرين وكان كالمقهور مع الغز فهرب منهم إلى صاحب نيسابور المؤيد ثم خلاه المؤيد قليلا وسمله وحبسه

سنة سبع وخمسين وخمسمائة

فيها توفي أبو يعلي حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي الدمشقي روى عن نصر المقدسي ومكي الزميلي وجماعة وكان شيخا مباركا حسن السمت توفي في صفر عن أربع وثمانين سنة وتفرد برواية الموطأ
وفيها زمرد خاتون المحترمة صفوة الملوك بنت الأمير جادلي أخت الملك دقاق صاحب دمشق لامه وزوجة تاج الملك بروي وأم ولديه شمس الملوك اسمعيل ومحمود سمعت من أبي الحسن بن قبيس واستنسخت الكتب وحفظت القرآن وبنت المدرسة الخاتونية بصنعاء دمشق ثم تزوجها أتا بك زنكي فبقيت معه تسع سنين فلما قتل حجت وجاورت بالمدينة ودفنت بالبقيع وهي التي ساعدت على قتل ولدها اسمعيل لما كثر فساده وسفكه للدماء ومواطأته الفرنج على بلاد المسلمين ولما جاورت بالمدينة المنورة قل ما بيدها فكانت تغربل القمح والشعير وتطحن وتتقوت بأجرتها وكانت كثيرة البر والصدقة والصوم والصلاة رحمها الله تعالى
وأما خاتون بنت انز زوجة الملك نور الدين فتأخرت ولها مدرسة بدمشق وخانقاه معروفة على نهر بانياس
وفيها عبد الرحمن بن سالم التنوخي الواعظ اجتمعت له الفصاحة والصباحة ومواعظه مبكية مضحكة وكلماته بالوعد والوعيد مهلكة إذا وعظ كانت عباراته


وفيها ابن المارح أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي البغدادي روى عن أبي نصر الزينبي وجماعة وتوفي في ذي القعدة
وفيها الخاقان محمود بن محمد التركي سلطان ما وراء النهر وابن بنت السلطان ملكشاه السلجوقي سار بالغزفي وسط السنة وغزا نيسابور شهرين وكان كالمقهور مع الغز فهرب منهم إلى صاحب نيسابور المؤيد ثم خلاه المؤيد قليلا وسمله وحبسه

سنة سبع وخمسين وخسممائة

فيها توفي أبو يعلي حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي الدمشقي روى عن نصر المقدسي ومكي الزميلي وجماعة وكان شيخا مباركا حسن السمت توفي في صفر عن أربع وثمانين سنة وتفرد برواية الموطأ
وفيها زمرد خاتون المحترمة صفوة الملوكبنت الأمير جادلي أخت الملك دقاق صاحب دمشق لامه وزوجة تاج الملك بروي وأم ولديه شمس لملوك اسمعيل ومحمود سمعت من أبي الحسن بن قبيس واستنسخت الكتب وحفظت القرآن وبنت المدرسة الخاتونية بصنعاء دمشق ثم تزوجها أتا بك زنكب فبقيت معه تسع سننين فلما قتل حجت وجاورت بالمدينة ودفنت بالبقيع وهي التي ساعدت على قتل ولدها اسمعيل لما كثر فساده وسفكه للدماء ومواطأته الفرنج على بلاد المسلمين ولما جاورت بالمدينة المنورة قل ما بيدها فكانت تغربل القمح والشعير وتطحن وتتقوت بأجرتها وكانت كثيرة البر والصدقة والصلاة رحمها الله تعالى
وأما خاتون بنت انزز وجة الملك نور الدين فتأخرت ولها مدرسة بدمشق وخانقاه معروفة على نهر بانياس
وفيها عبد الرحمن بن سالم التنوخي الواعظ اجتمعت له الفصاحة والصباحة ومواعظه مبكية وكلماته بالوعد والوعيد مهلكة إذا وعظ كانت عباراته


أرق من عبرات الباكين وإذا أنشد كانت غرره مثل ثغور الضاحكين فهو كما قال الحريري يقرع الاسماع بزواجر وعظه ويطبع الاسجاع بجواهر لفظه وكان شحاذا حواشا قلما يخلو شركه من صيد حتى لو رآه الحريري لم يذكر أبا زيد أنشد في عزاء صدر الدين اسمعيل شيخ الشيوخ ببغداد
( يا أخلائي وحقكم ** ما بقا من بعدكم فرح )
( أي صدر في الزمان لنا ** بعد صدر الدين ينشرح )
قال ابن عساكر كان أبوه منجما وكان عبد الرحمن ينشد الشعر في الأسواق خرج إلى بغداد وأظهر الزهد وعاد إلى دمشق وصعد إليه على المنبر طفل فامده على يديه وقال
( هذا صغير ما جنى صغيرة ** فهل كبير يركب الكبائرا )
فضج الناس بالبكاء مات بدمشق ودفن بقاسيون قاله ابن شهبة في تاريخ الإسلام
وفيها أبو مروان عبد الملك بن زهير بن عبد الملك الاشبيلي طبيب عبد المؤمن وصاحب التصانيف أخذ عن والده وبرع في الصناعة وهو الذي صنفه الدرياق السبعيني صفة لعبد المؤمن
وفيها الشيخ عدي بن مسافر بن اسمعيل الشامي ثم الهكاري الزاهد قطب المشايخ وبركة الوقت وصاحب الأحوال والكرامات صحب الشيخ عقيلا المنيحي والشيخ حماد الدباس وعاش تسعين سنة ولأصحابه فيه عقيدة تتجاوز الحد قاله في العبر وقال ابن الأهدل له كرامات عظيمة منها انه إذا ذكر على الأسد وقف وإذا ذكر على موج البحر سكن والى ذلك أشار الشيخ العارف الصديق أبو محمد المقرئ المعروف والده بالمدوخ في وسيلته الجامعة فقال
( بجاه عدي ذلك ابن مسافر ** به تسكن الأمواج في لجج البحر )
( وان قتلته لليث لم يخط خطوة ** ولا الشبر من قاع ولا البعض من شبر )


أرق من عبرات الباكين وإذا أنشد كانت غرره مثل ثغور الضاحكين فهو كما قال الحريري يقرع الاسماع بزواحر وعظه ويطبع الاسجاع بجواهر لفظه وكان شحاذا حواشا قلما يخلو شركه من صيد حتى لو رآه الحريري لم يذكر أبا زيد أنشد في عزاء صدر الدين اسمعيل شيخ الشيوخ ببغداد
) با أخلاقي وحقكم ** ما بقا من بعدكم فرح )
) أي صدر في الزمان لنا ** بعد صدر الدين ينشرح )
قال ابن عساكر كان أبوه منجما وكان عبد الرحمن ينشد الشعر في الأسواق خرج إلى بغداد وأظهر الزهاد وعاد إلى دمشق وصعد إليه على المنبر طفل فامده على يديه وقال
) هذا ضغير ما جنى ضغيرة ** فهل كبير يركب الكبائرا )
فضج الناس بالبكاء مات بدمشق ودفن بقاسيون قاله ابن شبهة في تاريخ الإسلام
وفيها أبو مروان عبد الملك بن زهير بن عبد الملك الاشبيلي طبيب عبد المؤمن وصاحب التصانيف أخذ عن والده وبرع في الصناعة وهو الذي صنف الدرياق السبعيني صفة لعبد المؤمن
وفيها الشيخ عدي بن مسافر بن اسمعيل الشامي ثم الهكاري الزاهد قطب المشايخ وبركة الوقت وصاحب الأحوال والكرامات صحب الشيخ عقيلا المنيحي والشيخ حماد الدباس وعاش تسعين سنة ولأصحابه فيه عقيدة تتجاوز الحد قاله في العبر وقال ابن الأهدل له كرامات عظيمة منها انه إذا ذكر على الأسد وقف وإذا ذكر على موج البحر سكن والى ذلك أشار الشيخ العارف الدصيق أبو محمد المقرئ المعروف والده بالمدوخ في وسيلته الجامعة فقال
) بحاه عدي ذلك ابن مسافر ** به تسكن الأمواج في لجج البحر )
) وان قتلته لليث لم يخط خطوة ** ولا الشبر من قاع ولا البعض من شبر )

وقال السخاوي أصله من قرية بشوف الاكراد تسمى بيت فار ولد بها والبيت الذي ولد فيه يزار الى اليوم وصحب الشيخ عقيل المنيحي والشيخ حماد الدباس وأبا النجيب السهروردي وعبد القادر الجيلي وأبا الوفاء الحلواني وأبا محمد الشنبكي وقال ابن شهبة في تاريخه كان فقيها عالما وهو أحد أركان الطريقة سلك في المجاهدة وأحوال البداية طريقا صعبا تعذر على كثير من المشايخ سلوكه وكان الشيخ عبد القادر يثنى عليه كثيرا ويشهد له بالسلطنة على الأولياء وكان في أول أمره في الجبال مجردا سائحا وانتمى إليه عالم عظيم قال عمر بن محمد خدمت الشيخ عدي سبع سنين شهدت له فيها خارقات أحدها اني صببت على يديه ماء فقال لي ما تريد قلت أريد تلاوة القرآن ولا أحفظ منه غير الفاتحة وسورة الإخلاص فضرب بيده في صدري فحفظت القرآن كله في وقتي وخرجت من عنده وأنا أتلوه بكماله وقال لي يوما اذهب إلى الجزيرة السادسة بالبحر المحيط تجد بها مسجدا فادخله ترفيه شيخا فقل له يقول لك الشيخ عدي بن مسافر احذر الاعتراض ولا تختر لنفسك أمرا لك فيه إرادة فقلت يا سيدي وأني لي بالبحر المحيط فدفعني بين كتفي فإذا أنا بجزيرة والبحر محيط بها وثم مسجد فدخلته فرأيت شيخا مهيبا يفكر فسلمت عليه وبلغته الرسالة فبكى وقال جزاه الله خيرا فقلت يا سيدي ما الخبر فقال اعلم أن أحد السبعة الخواص في النزع وطمحت نفسي وإرادتي أن أكون مكانه ولم تكمل خطرتي حتى أتيتني فقلت له يا سيدي وأني لي بالوصول إلى جبل هكار فدفعني بين كتفي فإذا أنا بزاوية الشيخ عدي فقال لي هو من العشرة الخواص ذكر ذلك القطب اليونيني في ذيله
وفيها أبو نصر محمد الفروخي الكاتب كان أديبا فاضلا من شعره
( يا رب عفوك أنني في معشر ** لا أبتغي منهم سواك ملاذا )
( هذا ينافق ذا وذا ويغتاب ذا ** ويسب هذا ذا ويشتم ذا ذا )
وفيها الشيخ الأمام المحدث سيد الحفاظ سراج الدين أبو الحسن علي بن أبي


وقال السخاوي أصله من قرية بشوف الاكراد تسمى بيت فار ولد بها والبيت الذي ولد فيه يزار اليوم وصحب الشيخ عقيل المنيحي والشيخ حماد الدباس وأبا النجيب السهرودي وعبد القادر الحنبلي وأبا الوفاء الحلواني وأبا محمد الشنبكي وقال ابن شبهة في تاريخه كان فقيها عالما وهو أحد أركان الطريقة سلك في المجاهدة وأحوال البداية طريقا صعبا تعذر على كثير من المشايخ سلوكه وكان الشيخ عبد القادر يثنى عليه كثيرا ويشهد له بالسلطنة على الأولياء وكان في أول أمره في الجبال مجردا سائحا وانتمى إليه عالم عظيم قال عمر بن محمد خدمت الشيخ عدي سبع سنين شهدت له فيها خارقات أحدها انبي صببت على يديه ماء فقال لي ما أريد قلت أريد تلاوة القرآن ولا أحفظ من غير الفاتحة وسورة الإخلاص فضرب بيده في صدري فحفظت القرآن كله في وقتي وخرجت من عنده وأنا أتلوه بكماله وقال لي يوما اذهب إلى الجزيرة السادسة بالبحر المحيط تجد بها مسجدا فادخله ترفيه شيخا فقل له يقول لك الشيخ عدي بن مسافر احذر الاعتراض ولا تختر لنفسك أمر لك فيه إرادة فقلت يا سيدي وأني بالبحر المحيط فدفعني بين كتفي فإذا أنا بجزيرة والبحر محيط بها وثم مسجد فدخلته فرأيت شيخا مهيبا بفكر فسلمت عيه وبلغته الرسالة فبكى وقال جزاه الله خيرا فقلت يا سيدي ما الخبر فمقال اعلم أن أحد السبعة الخواص في النزع وطمحت نفسي وإرادتي أن أكون مكانه ولم تكمل خطرتي حتى أتيتني فقلت له يا سيدي وأني لي بالوصول إلى جبل هكار فدفعني بين كتفي فإذا أنا بزاوية الشيخ عدي فقال لي هو من العشرة الخواص ذكر ذلك القطب اليونيني في ذيله
وفيها أبو نصر محمد الفروخي الكاتب كان أديبا فاضلا من شعره
) يا رب عفوك أنني في معشر ** لا أبتغي منهم سواك ملاذا )
) هذا ينافق ذا وذا ويغتاب ذا ** ويسب هذا ذا ويشتم ذا ذا )
وفيها الشيخ الأمام المحدث سيد الحفاظ سراج الدين أبو الحسن علي بن أبي

بكر بن حمير اليمني الهمذاني روى عنه الأمام يحيى بن أبي الخير وجماعة من ذي أشرف البخاري وسنن أبي داود وانتشر عنه الحديث بقطر اليمن وعنه أخذ أحمد ابن عبد الله القريطي قال الأمام يحيى بن أبي الخير ما رأيت ولا سمعت بمثله وله كتاب الزلازل والأشراط قاله ابن الأهدل
وفيها هبة الله بن أحمد الشبلي بن المظفر القصار المؤذن توفي في سلخ السنة عن ثمان وثمانين سنة وبه ختم السماع من أبي نصر الزينبي
وفيها أبو بكر هبة الله بن أحمد الحفار روى عن رزق الله التميمي وتوفي في شوال كلاهما ببغداد

سنة ثمان وخمسين وخمسمائة

فيها سار جيش المستنجد فالتقوا آل دبيس الأسديين أصحاب الحلة فالتقوهم فخذلت أسد وقتل من العرب نحو أربعة آلاف وقطع دابرهم فلم تقم لهم بعدها قائمة
وفيها سار نور الدين الشهيد لقتال الفرنج وكانوا عزموا على حمص فترفعوا وفرق في يوم مائتي ألف دينار وكتب إليه النواب أن الصدقات كثيرة للفقهاء والفقراء والصوفية فلو استعنت بها ثم تعوضهم عنها فغضب وكتب إليهم { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } وهل أرجو النصر إلا بهؤلاء وهل تنصرون إلا بضعفائكم فكتبوا إليه فتقترض من أرباب الأموال ثم نوفيهم فبات مفكرا فرأى في منامه إنسانا ينشد
( احسنوا ما دام أمركم ** نافذا في البدو والحضر )
( واغنموا أيام دولتكم ** إنكم منها على خطر )
فقام مرعوبا مستغفرا مما خطر له وكتب لا حاجة لي بأموال الناس وعاد الفرنج إلى بلادهم


بكر بن حمير اليمني الهمذاني روى عنه الأمام يحيى بن أبي الخير وجماعة من ذي أشرف البخاري وسنن أبي داود وانتشر عنه الحديث بقطر اليمن وعنه أخذ أحمد ابن عبد الله القريطي قال الأمام يحيى بن أبي الخير ما رأيت ولا سمعت بمثله وله كتاب الزلازل والأشراط قاله ابن الأهدل
وفيها هبة الله بن أحمد الشبلي بن المظفر القصار المؤذن توفي في سلخ السنة عن ثمان وثمانين سنة وبه ختم السماع من أبي نصر الزينبي
وفيها أبو بكر هبة الله بن أحمد الخفار روى عن رزق الله التميمي وتوفي في شوال كلاهما ببغداد

سنة ثمان وخمسين وخمسمائة

فيها سار جيش المتنجد فالتقوا آل دبيس الأسد بين أصحاب الحلة فالتقوهم فخذلت أسد وقتل من العرب نحو الأربعة آلاف وقطع دابرهم فلم تقم لهم بعدها قائمة
وفيها سار نور الدين الشهيد الفرنج وكانوا عزموا على حمص فترفعوا وفرق في يوم مائي ألف دينار وكتب إليه النواب أن الصدقات كثيرة للفقهاء والفقراء والصوفية فلو استعنت بها ثم تعوضهم عناه فغضب وكتب إليهم ) { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } ) وهل أرجو النصر إلا بهؤلاء وهل تنرون إلا بضعفائكم فكتبوا إليه فتقترض من أرباب الأموال ثم نوفيهم فبات مفكرا فرأى في منامه إنسانا ينشد
) احسنوا ما دام أمركم ** نافذا في البدو والحضر )
) واغنموا أيام دولتكم ** إنكم منها على خطر )
فقام مرعوبا مستغفرا مما خطر له وكطتب لا حاجة لي بأموال الناس وعاد الفرنج إلى بلادهم


وفيها توفي الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ الموفق وله سبع وستون سنة وكان خطيب جماعيل ففر بدينه من الفرنج مهاجرا إلى الله ونزل بمسجد أبي صالح الذي بظاهر باب شرقي ثم صعد إلى الجبل لتوخم
ناحية باب شرقي عليهم ونزل هو وولداه بسفح قاسيون وكانوا يعرفون بالصالحية لنزولهم بمسجد أبي صالح فسميت الصالحية بهم وكانت تسمى أولا قرية الجبل وقيل قرية النخل لنخل كان بها كثيرا وكان زاهدا صالحا قانتا لله صاحب جد وصدق وحرص على الخير وهو الذي بني الدير بالصالحية
وفيها أحمد بن جعفر الدبيثي مصغرا نسبة إلى دبيثا قرية بواسط البيع ابن عم الحافظ أبي عبد الله الدبيثي قدم بغداد وكان قد ضمن البيع بواسط ثم عطل عنه وصودر وروى ببغداد شيئا من شعره وأورد له ابن النجار في تاريخه قوله
( يروم صبرا وفرط الوجد يمنعه ** وسلوه ودواعي الشوق تردعه )
( إذا استبان طريق الرشد واضحة ** عن الغرام فيثنيه ويرجعه )
( مشحونة بالجوى والشوق أضلعه ** ومفعم القلب بالأحزان مترعه )
ومنها
( عاثت يد البين في قلبي تقسمه ** على الهوى وعلى الذكرى توزعه )
( كأنما آلت الأيام جاهدة ** لما تبدد شملي لا تجمعه )
( روعت يا دهر قلبي كم تذوقه ** من الأسى وفؤادي كم تجرعه )
وهي طويلة والظاهر انه عارض فيها قصيدة ابن زريق المشهورة
وفيها شهر دار بن شيرويه بن شهر دار بن شيرويه الديلمي المحدث الشافعي أبو منصور قال ابن السمعاني كان حافظا عارفا بالحديث فهما عارفا بالأدب ظريفا سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكي السلا وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي وعاش خمسا وسبعين سنة خرج أسانيد لكتاب والده المسمى بالفردوس في ثلاث مجلدات ورتبه ترتيبا حسنا وسماه الفردوس الكبير


وفيها توفي الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ الموفق وله سبع وستون سنة وكان خطيب جماعيل ففر بدينه من الفرنج مهاجرا إلى الله ونزل بمسجد أبي صالح الذي بظاهر باب شرقي ثم صعد إلى الجبل لتوخم
ناحية باب شرقي عليهم ونزل هو وولداه بسفح قاسيون وكانوا يعرفون بالصالحية لنزولهم بمسجد أبي صالح فسميت الصالحية بهم وكانت تسمى أولا قرية الجبل وقيل قرية النخل كان بها كثيرا وكان زاهدا صالحا قاتنا الله صاحب جد وصدق وحرص على الخير وهو الذي بني الديار بالصالحية
وفيها أحمد بن جعفر والدبيثي مصغرا نسبة إلى دبيثا قرية بواسط البيع ابن عم الحافظ أبي عبد الله الدبيثي قدم بغداد وكان قد ضمن البيع بواسط ثم عطل عنه وصودر وروى ببغداد شيئا من شعره وأورد له ابن الجار في تاريخه قوله
) يروم صبرا وفرط الوجد يمنعه ** وسلوه ودواعي الشوق تردعه )
) إذا استبان طريق الرشد واضحة ** عن الغرام فيثنيه ويرجعه )
) مشحونة بالجوى والشوق أضلعه ** ومفعم القلب بالأحزان مترعه )
ومنها
) عاثت يد البين في قلبي تقسمه ** على الهوى وعلى الذكرى توزعه )
) كأنما آلت الأيام جاهدة ** لما تبدد شملي لا تجمعه )
) روعت يا دهر قلبي كم تذوقه ** من الأسى وفؤادي كم تجرعه )
وهي طويلة والظاهر انه عارض فيها قصيدة ابن زريق المشهورة
وفيها شهر دار بن شيرويه بن شهر دار بن شيرويه الديلمي المحدث الشافعي أبو منصور قال ابن السمعاني كان حافظا عارفا بالحديث فهما عارفا بالأدب ظريفا سمع أبا وعبدوس بن عبد الله ومكي السلا وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي وعاش خمسا وسبعين سنة خرج أسانيد لكتاب والده المسمى بالفردوس في ثلاث مجلدات ورتبه ترتيبا الفردوس الكبير


وفيها عبد المؤمن الكومي التلمساني صاجب المغرب والأندلس كان أبوه صانعا في الفخار فصار أمره إلى ما صار وكان ابيض مليحا ذا جسم عمم تعلوه حمرة أسود الشعر معتدل القامة وضيئا جهوري الصوت فصيحا عذب المنطق لا يراه أحد إلا أحبه بديهة وكان في الآخر شيخا أنقى وقد سبق شيء من أخباره في ترجمة ابن تومرت وكان ملكا عادلا سايسا عظيم الهيبة عالي الهمة كثير المحاسن متين الديانة قليل المثل وكان يقرأ كل يوم سبعا من القرآن العظيم ويجتنب لبس الحرير ويصوم الاثنين والخميس ويهتم بالجهاد والنظر في الملك كأنما خلق له وكان سفاكا لدماء من خالفه سأل أصحابه مسألة ألقاها عليهم فقالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا فلم ينكر ذلك عليهم فكتب بعض الزهاد هذين البيتين ووضعهما تحت سجادته وهما
( يا ذا الذي قهر الأنام بسيفه ** ماذا يضرك أن تكون إلها )
( الفظ بها فيما لفظت فانه ** لم يبق شيء أن تقول سواها )
فلما رآها وجم وعظم أمرهما وعلم أن ذلك بكونه لم ينكر على أصحابه قولهم لا علم لنا إلا ما علمتنا فكان عبد المؤمن يتزيا بزي لعامة ليقف على الحقائق فوقعت عيناه على شيخ عليه سيما الخير فتفرس فيه انه قائل البيتين فقال له أصدقني أنت قائل البيتين قال أنا هو قال لم فعلت ذلك قال قصدت إصلاح دينك فدفع إليه ألف دينار فلم يقبلها ومن شعره وقد كثر الثوار عليه
( لا تحفلن بما قالوا وما فعلوا ** أن كنت تسمو إلى العليا من الرتب )
( وجرد السيف فيما أنت طالبه ** فما تردد صدور الخيل بالكتب )
ومات عازيا بمدينة سلا في جمادي الآخرة رحمه الله تعالى
وفيها أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن عمار بن أحمد بن علي بن عبدوس الحراني الفقيه الحنبلي الزاهد العارف الواعظ ولد سنة عشر أو إحدى عشرة وخمسمائة


وفيها عبد المؤمن الكومي التلمساني صاجب المغرب والأندلس كان أبوه صانعا في الفخار فصار أمره إلى ما صار وكان مليحا ذا جسم عم تعلوه وحمرة أسود الشعر معتدل القامة وضيئا جهوري الصوت فصيحا عذب المنطق لا يراه أحد إلا أحبه بديهة وكان في الآخر شيخا أنقى وقد سبق شيء من أخباره في ترجمة ابن تومرت وكان ملكا عادلا ساسيا عظيم الهيبة عالي الهمة كثير المحاسن متين الديانة قليل المثل وكان يقرأ كل يوم سبعا من القرآن العظيم ويجتنب لبس الحرير ويصوم الاثنين والخميس ويهتم بالجهاد والنظر في الملك كأنما خلق له وكان سفاكا لدماء من خالفه سأل أصحابه مسألة ألقاها عليهم فقالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا فلم ينكر ذلك عليهم فكتب بعض الزهاد هذين البيتين ووضعهما تحت سجادته وهما
) يا ذا الذي قهر الأنام بسيفه ** ماذا يضرك أن تكون إلها )
) الفظ بها فيما لفظت فانه ** لم يبق شيء من أن تقول سواها )
فلما رآها وجم وعظم أمرهما وعلم أن ذلك بكونه لم ينكر على أصحابه قولهم لا علم لمنا إلا ما علمتنا فكان عبد المؤمن يتزيا بزي لعامة ليقف على الحقائق فوقعت عيناه على شيخ عيه سيما الخير فتفرس فيه انه قائل البيتين فقال له أصدقني أنت قائل البيتين قال أنا هو قال لم فعلت ذلك قال قصدت إصلاح دينك فدفع إليه ألف دينار فلم يقبلها ومن شعره وقد كثر الثوار عليه
) ى تحفلن بما قالوا وما فعلوا ** أن كنت تسمو إلى العليا من الرتب )
) وجرد السيف فيما أنت طالبه ** فما تردد صدور الخيل بالكتب )
ومات عازيا بمدينة سلا في جمادي الآخرة رحمه الله تعالى
وفيها أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن عمار بن أحمد بن علي بن عبدوس الحراني الفقيه الحنبلي الزاهد العارف الواعظ ولد سنة عشر أو إحدى عشرة وخمسمائة


وسمع ببغداد من ابن ناصر وغيره وتفقه وبرع في الفقه والتفسير والوعظ والغالب على كلامه التذكير وعلوم المعاملات وله تفسيرا كبير مشحون بهذا الفن وله كتاب المذهب في المذهب ومجالس وعظية فيها كلام حسن قرأ عليه قرنه أبو الفتح نصر الله بن عبد العزيز وجالسه الشيخ فخر الدين بن تيمة في أول اشتغاله وقال عنه كان نسيج وحده في علم التذكير والاطلاع على علم التفسير وله فيه التصانيف البديعه والمبسوطات الوسيعة وسمع منه الحديث أبو المحاسن عمر بن علي القرشي الدمشقي بحران وقال هو إمام الجامع بحران من أهل الخير والصلاح والدين قال وانشدني لنفسه
( سألت حبيبي وقد زرته ** ومثلي في مثله يرغب )
( فقلت حديثك مستظرف ** ويعجب منه الذي تعجب )
( أراك ظريفا مليح الجواب ** فصيح الخطاب فما تطلب )
( فهل فيك من خلة تزدري ** بها الصد والهجر هل يقرب )
( فقال أما قد سمعت المقال ** مغنية الحي ما تطرب )
وقوله
( قرة عين من صدف ** بعزمه عن الصدف )
( ثم اقتنى الدر الذي ** من ناله نال الشرف )
توفي رحمه الله تعالى في آخر نهار عرفة وقيل ليلة عيد النحر سنة تسع وخمسين وحمسمائة كما جزم به ابن رجب
( وفيها سديد الدولة بن الانباري صاحب ديوان الانشاء ببغداد وهو محمد ابن عبد الكريم بن إبراهيم الشيباني الكاتب البليغ أقام في الانشاء خمسين سنة وناب في الوزارة ونفذ رسولا وكان ذار أي وحزم وعقل عاش نيفا وثمانين سنة وكانت رسائله بديعة المعاني متينة المباني عذبة المجاني ومدحته الشعراء منهم إلارجاني بقصيدة أولها


وسمع ببغداد من ابن ناصر وغيره وتفقه وبرع في الفقه والتفسير والوعظ والغالب على كلامه التذكير وعلوم المعاملات وله تفسيرا كبير مشحون بهذا الفن وله كتاب المذهب ومجالس وعظية فيها كلام حسن قرأ عليه قرنه أبو الفتح نصر الله بن عبد العزيز وجالسه الشيخ فخر الدين والاطلاع على علم التفسير وله فيه التصانيف البديعه والمبسوطات الوسيعة وسمع منه الحديث أبو المحاسن عمر بن علي القرشي الدمشقي بحران وقال هو إمام الجامع بحران من أهل الخير والصلاح والدين قال وانشدني لنفسه
) سألت حبيبي وقد زرته ** ومثلي في مثله يرغب )
) فقلت حديثك مستظرف ** ويعجب منه الذي تعجب )
) أراك ظريفا مليح الجواب ** فصيح الخطاب فما تطلب )
) فهل فيك من خلة تزدري ** بها الصد والهجر هل يقرب )
) فقال أما قد سمعت المقال ** مغنية الحي ما تطرب )
وقوله
) قرة عين من صدف ** بعزمه عن الصدف )
) ثم اقتنى الدر الذي ** من ناله نال الشرف )
توفي رحمه الله تعالى في آخر نهار عرفة وقيل ليلة عيد النحر سنة تسع وخمسين وحمسمائة كما جزم به ابن رجب
) وقيها سديد الدولة ابن الانباري صاحب ديوان الانشاء ببغداد وهو محمد ابن عبد الكريم بن إبراهيم الشيباني الكاتب البليغ أقام في الانشاء خمسين سنة وناب في الوزارة ونفذ رسولا وكان ذار أي وحزم وعقل عاش نيفا وثمانين سنة وكانت رسائله بديعة المعاني متينة المباني عذبة المجاني ومدحته الشعراء منهم إلا رجاني بقصيدة أولها


( إلى خيال خيال في الظلام سرى ** نظيره في خفاء الشخص إذ نظرا )
ومنها
( معقرب الصدغ تحكي نور غرته ** بدر بدا بظلام الليل معتكرا )
( منسافر القلب من صدري إليه هوى ** ما عاد قط ولم أسمع له خبرا )
( وهو المسيء اختيارا إذا نوى سفرا ** وقد رأى طالعا في العقرب القمرا )
وكانت بينه وبين الحريري مكاتبات ومراسلات
وفيها الجواد جمال الدين أبو جعفر محمد بن علي الاصبهاني وزير صاحب الموصل أتابك زنكي كان رئيسا نبيلا مفخما دمث الأخلاق سمحا كريما مفضالا متنوعا في أفعال البر والقرب مبالغا في ذلك وقد وزر أيضا لولد زنكي سيف الدين غازي ثم لأخيه قطب الدين مدة ثم قبض عليه في هذه السنة وحبسه ومات في العام الآتي فنقل ودفن بالبقيع ولقد حكى ابن الأثير في ترجمة الجواد هذا مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها
وفيها المؤيد محمد الالوسي بفتح الهمزة وضم اللام ومهملة نسبة إلى ألوس ناحية عند حديثه الفرات وقال ابن السمعاني عند طرسوس كان يتزيا بزي الأجناد وله المعاني المتبكرة فمن ذلك قوله في قلم
( قلم يفل الجيش وهو عرمرم ** والبيض ما سلت من الأغماد )
( وهبت له الآجام حين نشا بها ** كرم السيول وهيبة الآساد )
وما أظن انه قيل في القلم أحسن منهما
وفيها يحيى بن سعيد النصراني أوحد زمانه في معرفة الطب والأدب له ستون مقامة ضاهى بها مقامات الحريري ومن شعره في الشيب
( نفرت هند من طلائع شيي ** واعترتها سآمة من وجومي )
( هكذا عادة الشياطين ينفرن ** إذا ما بدت رجوم النجوم )
( وفيها أبو الخير العمراني يحيى بن أبي الخير بن سالم اليماني صاحب البيان ولد


) إلى خيال خيال في الظلام سرى ** نظيره في خفاء الشخص إذ نظرا )
ومنها
) معقرب الصدغ تحكي نور غرته ** بد بدا بظلام الليل معتكرا )
) منسافر القلب من صدري إليه هوى ** ما عاد قط ولم أسمع له خبرا )
) وهو المسيء اختيارا إذا نوى سفرا ** وقد رأى طالعا في العقرب القمرا )
وكانت بينه وبين الحريري مكاتبات ومراسلات
وفيها الجواد جمال الدين أبو جعفر محمد بن علي الاصبهاني وزير صاحب الموصل أتابك زنكي رئيسا نبيلا مفخما دمث الأخلاق سمحا كريما مفضالا متنوعا في أعفال البر والقرب مبالغا في ذلك وقد وزر أيضا لود زنكي سيف الذين غازي ثم لأخيه قطب الدين مدة ثم قبض عليه في هذه السنة وحبسه ومات في العام الاتي فنقل ودفن بالبقيع ولقد حكى ابن الأثير في ترجمة الجواد هذا مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها
وفيها المؤيد محمد الالوسيبفتح الهمزة وضم اللام ومهملة نسبة إلى ألوس ناحية عند حديثه الفرات وقال ابن السمعاني عند طسوس كان يتزيا بزي الأجناد وله المعاني المتبكرة فمن ذلك قوله في قلم
) قلم بفل الجيش وهو عرمرم ** والبيض ما سلت من الأغماد )
) وهبت له الآجام حين نشا بها ** كرم السيول وهيبة الآساد )
وما أظن انه قيل في القلم أحسن منهما
وفيها يحيى بن سعيد النصراني أو حد زمانه في معرفة الطب والأدب له ستون مقامة ضاهي بها مقامات الحريري ومن شعره في للشيب
) نفرت هند من طلائع شبي ** واعترتها سآمة من وجومي )
) هكذا عادة الشياطين ينفرن ** إذا ما بدت رجوم النجوم )
) وفيها أبو الخير العمراني يحيى بن أبي الخير بن سالم اليماني صاحب البيان ولد

سنة تسع وثمانين وأربعمائة وتفقه على جماعات منهم زيد البقاعي وكان شيخ الشافعية ببلاد اليمن وكان إماما زاهدا ورعا عالما خيرا مشهور الاسم بعيد الصيت عارفا بالفقه وأصوله والكلام والنحو من أعرف أهل الأرض بتصانيف الشيخ أبي إسحق الشيرازي ويحفظ المهذب عن ظهر قلب وقيل انه كان يقرؤه في كل ليلة وكان ورده في كل ليلة أكثر من مائة ركعة بسبع القرآن العظيم
ورحل إليه الطلبة من البلاد ومن تصانيفه البيان في نحو عشر مجلدات وهو كاسمه وفيه قيل
( لله شيخ من بني عمران ** قد شاد قصر العلم بالأركان )
( يحيى لقد أحيا الشريعة هاديا ** بزوائد وغرائب وبيان )
( هو درة اليمن الذي ما مثله ** من أول في عصرنا أو ثان )
وكان حنبلي العقيدة شافعي الفروع كما قال ابن الأهدل كاجري صاحب كتاب الشريعة قال ابن شبهة وغيره وله في علم الكلام كتاب الانتصار في الرد على القدرية الاشرار ينصر فيه عقيدته وتحامل فيه الأشاعرة واختصر الأحياء وله كتاب السؤال عما في المهذب من الأشكال وانتقل في آخر أمره من سير إلى ذي سفال ثم مات بها مبطونا شهيدا وما ترك فريضة في جملة مرضه ونازع ليلتين وهو يسأل عن أوقات الصلاة ومحاسنه ومصنفاته كثيرة رحمه الله تعالى

سنة تسع وخمسين وخمسمائة

فيها كسر نور الدين الشهيد الفرنج واسر صاحب إنطاكية وصاحب طرابلس وفتح حارم
وفيها سار أسد الدين شيركوه من دمشق إلى مصر يأمر نور الدين إعانة للأمير شاور ومعه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب وهو الذي صار إليه ملك مصر كما سيأتي وكان نجم الدين أيوب بن شادي السعدي وأخوه شيركوه من بلد العجم أصلهم أكراد وكانوا من بلد يقال له دوين ونجم الدي 00 ن الأكبر


سنة تسع وثمانين وأربعمائة وتفقه على جماعات منهم زيد البقاعي وكان شيخ الشافعية ببلاد اليمن وكان إماما زاهدا ورعا عالما خيرا مشهور الاسم بعيد الصيت عارفا بالفقه وأصوله والكلام والنحو من أعرف أهل الأرض بتصانيف الشيخ أبي إسحق الشيرازي ويحفظ المهذب عن ظهر قل وقيل انه كان يقرؤه في كل ليلة وكان ورده في كل ليلة أكثر من مائة ركعة بسبع القرآن العظيم
ورحل إليه الطلبة من البلاد ومن تصانيفه البيان في نحو عشر مجلدات وهو كاسمه وفيه قيل
) لله شيخ من بني عمران ** قد شاد قصر العلم بالأركان )
) يحيى لقد أحيا الشريعة هاديا ** بزوائد وغرائب وبيان )
) هو درة اليمن الذي ما مثله ** من أول في عصرنا أو ثان )
وكان حنبلي العقيدة شافعي الفروع كما قال ابن الأهدل كا جرى صاحب كتاب الشريعة قال ابن شبهة وغيره وله في علم الكلام كتاب الانتصار في الرد على القدرية الاشرار ينصر فيه عقيدته وتحامل فيه على الاشرار ينصر فيه عقيدته وتحامل فيه على الاشاعرة واختصر الأحياء وله كتاب السؤال عما في المهذب من الأشكال وانتقل في آخر أمره من سير إلى ذي سفال ثم مات بها مبطونا شهيدا وما ترك فريضة في جملة مرضه ونازع ليلتين وهو يسأل عن أوقات الصلاة ومحاسنه ومصنفاته كثيرة رحمه الله تعالى

سنة تسع وخمسين وخمسمائة

فيها كسر نور الدين الشهيد واسر صاحب إنطاكية وصاحب طرابلس وفتح حارم
وفيها سار أسد الدين شيركوه من دمشق إلى مصر بأمور نور الدين إعانة للأمير شاور ومعه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب وهو الذي صار إليك ملك مصر كما سيأتي وكان نجم الدين أيوب بن شادي السعدي وأخوه شيركوه من بلد العجم أصلهم أكراد وكانوا من بلد من يقال له دوين ونجم الدي 00 ن إلا كبر

قدما العراق وخدما مجاهد الدين بهروز ولما ثم لزنكي أمره ذهب إليه نور الدين وأخوه فلما قتل قتل زنكي وقصد نور الدين دمشق كاتبهما أن يساعداه وكانا صارا من أكابر أمراء دمشق ووعدهما بأشياء فساعداه على فتحها ووفي لهما وصارا عنده في منزلتة عاليه خصوصا نجم الدين فلما وصل إلى مصر بالعساكر وخرج أليهما ضرغام فالتقوا على باب القاهرة في هذه السنة فقتل ضرغام واستقام أمر شاور ثم ظهر من شاور الغدر وكتب إلى الفرنج يستنجدهم فجاؤا إلى بلبيس وحصروا أسد الدين شيركوه ولم يقدروا عليه خصوصا لما جاءهم الصريخ بما تم على دين الصليب بوقعة حارم فصالحوا أسد الدين وردوا ورجع هو إلى الشام ثم لا زالت تتنقل به وبابن أخيه الأحوال إلى أن صار ابن أخيه ملك مصر
وفيها توفي أبو سعد عبد الوهاب بن الحسن الكرماني بقية شيوخ نيسابور روى عن أبي بكر بن خلف وموسى بن عمران وأبي سهل عبد الملك الرسي وتفرد عنهم وعاش تسعا وسبعين سنة
وفيها أبو المعالي الحسن الوركاني بالفتح والسكون نسبة إلى وركان محلة بأصبهان الفقيه الشافعي كان سريا مفتيا للفريقين وله طريقة في الخلاف
وفيها السيد أبو الحسن علي بن حمزة العلوي الموسوي مسند هراة سمع أبا عبد الله العمرى ونجيب بن ميمون وأبا عامر الازدي وطائفة وعاش نيفا وتسعين سنة
وفيها أبو الخير الباغبان بفتح الموحدتين وسكون المعجمة نسبة إلى حفظ الباغ وهو البستان محمد بن أحمد بن محمد الاصبهاني المقدر سمع عبد الوهاب بن مندة وجماعة وكان ثقة مكثرا توفي في شوال
وفيها الزاغولي الحافظ محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم ابن عبد الله بن يعقوب المروزي كان حافظا ثقة عمدة له مؤلفات منها مؤلف واحد في أكثر من أربعمائة مجلد قاله ابن ناصر الدين والزاغولي بضم المعجمة نسبة إلى


قدما العراق وخدما مجاهد الدين بهروز ولما لزنكي أمره ذهب إليه نور الدين وأخوه فلما قتل قتل زنكي وقصد نور الدين دمشق كاتبهما أن يساعداه وكانا صارا من أكابر أمراء دمشق ووعدهما بأشياء فساعداه على فتحها ووفي لها وصارا عنده في منزلته عاليه خصوصا نجم الدين فلما وصل إلى مصر بالعساكر وخرج أليهما ضرغام فالتقوا على باب القاهرة في هذه السنة فقتل ضرغام واستقام أمر شاور ثم ظهر من شاور الغدر وكتب إلى الفرنج يستنجدهم فجاؤا إلى بلبيس وحصروا أسد الدين شيركوه ولم يقدروا عليه خصوصا لما جاءهم الضريخ بما تم على دين الصليب بوقعة حارم فصالحوا أسد الدين وردوا ورجع هو إلى الشام ثم لا زالت تتنقل به وبابن أخيه الأحوال إلى أن صار ابن أخيه ملك مصر
وفيها توفي أبو سعد عبد الوهاب بن الحسن الكرماني بقية شيوخ نيسابور روى عن أبي بكر بن خلف وموسى بن عمران وأبي سهل عبد الملك الرسي وتفرد عنهم وعاش تسعا وتسعين وسبعين سنة
وفيها أبو المعالي الحسن الوركاني بالفتح والسكون نسبة إلى وركان محلة بأصبهان الفقيه الشافعي كان سريا مفتيا للفريقين وله طريقة في الخلاف
وفيها السيد أبو الحسن علي بن حمزة العلوي الموسوي مسند هراة سمع أبا عبد الله المعمري ونجيب بن ميمون وأبا عامر الازدي وطائفة وعاش نيفا وتسعين سنة
وفيها أبو الخر الباغبان بفتح الموحدتين وسكون المعجمة نسبة إلى حفظ الباغ وهو البستان محمد بن أحمد بن محمد الاصبهاني المقدر سمع عبد الوهاب بن مندة وجماعة وكان ثقة مكثرا توفي في وشوال
وفيها الزاغولي الحافظ محمد بن الحسين بن محمد بن الحسيم بن علي بن إبراهيم ابن عبد الله بن يعقوب المروزي كان حافظا ثقة عمدة له مؤلفات منها مؤلف واحد في أكثر من أربعمائة مجلد قاله ابن ناصر الدين والزاغولي بضم المعجمة نسبة إلى

زاغولة قرية من قرى بنج دية
وفيها نصر بن خلف السلطان أبو الفضل صاحب سجستان عمر مائة سنة ملك منها ثمانين سنة وكان عادلا حسن السيرة مطيعا للسلطان سنجر

سنة ستين وخمسمائة

فيها وقعت فتنة هائلة بأصبهان بين صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وغيره من أصحاب المذاهب سببها التعصب للمذهب فخرجوا للقتال وبقى الشر والقتل ثمانية أيام قتل فيها خلق كثير وأحرقت أماكن كثيرة
وفيها فوض نور الدين دمشق إلى صلاح الدين يوسف بن أيوب فأظهر السياسة وهذب الأمور
وفيها فتح نور الدين بانياس عنوة
وفيها توفي أبو العباس بن الحطية أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام اللخمي الفاسي المقرئ الصالح الناسخ ولد سنة ثمان وسبعين وحج وقرأ القراءات على ابن الفحام وبرع فيها وكان لأهل مصر فيه اعتقاد كثير توفي في المحرم ودفن بالقرافة
وفيها أمير ميران أخو السلطان نور الدين أصابه سهم في عينه على حصار بانياس فمات منه بدمشق رحمه الله تعالى
وفيها أبو الندى حسان بن تميم الزيات رجل حاج صالح روى عن نصر المقدسي وتوفي في رجب عن بضع وثمانين سنة وروت عنه كريمة
وفيها أبو المظفر العلكي سعيد بن سهل الوزير النيسابوري ثم الخوارزمي وزير خوارزم شاه روى مجالس عن أحمد المديني ونصر الله الخشنامي وحج وتزهد واقام بدمشق بالسمساطية وكان صالحا متواضعا توفي في شوال


زاغولة قرية من قرى بنج دية
وفيها نصر بن خلف السلطان أبو الفضل صاحب سجستان عمر مائة سنة ملك منها ثمانين سنة وكان عادلا حسن السيرة مطيعا للسلطان سنجر

سنة ستين وخمسمائة

فيها وقعت فتنة بأصبهان بين صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وغيره من أصحاب المذاهب سببها التعصب للمذهب فخرجوا للقتال وبقى الشر والقتل ثمانية أيام قتل فيها خلق كثير وأحرقت وأماكن كثيرة
وفيها فوض نور الدين دمشق إلى صلاح الدين يوسف بن أيوب فأظهر السياسة وهذب الأمور
وفيها فتح نور الدين بانياس عنوة
وفيها توفي أبو العباس بن الحطية أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام اللخمي الفاسي المقرئ الصالح الناسخ ولد سنة ثمان وسبعين وحج وقرا القراءات على ابن الفحام وبرع فيها وكان لأهل مصر فيه اعتقاد كثير توفي في المحرم ودفن بالقرافة
وفيها أمير ميران أخو السلطان نور الدين أصابه سهم في عينه على حصار بانياس فمات بدمشق رحمه الله تعالى
وفيها أبو الندى حسان بن تميم الزيات رجل حاج صالح روى عن نصر المقدسي وتوفي في رجب عن بضع وثمانين سنة وروت عنه كريمة
وفيها أبو المظفر لعلكي سعيد بن سهل الوزير النيسابوري ثم الخوارزمي وزير خوارزم شاه روى مجالس عن أحمد المديني ونصر الله الخشنامي وحج وتزهد واقام بدمشق بالسمساطية وكان صالحا متواضعا توفي في شوال


وفيها أبو المعمر الهاط حذيفة بن سعد الأزجي الوزان روى عن أبي الفضل ابن خيرون وجماعة وتوفي في رجب
وفيها رستم بن علي بن شهريار صاحب مازندران استولى في العام الماضي على بسطام وقومس وآتسعت مملكته مات في ربيع الأول وتملك بعده ابنه علاء الدين حسن
وفيها عبد الله بن سعد بن الحسين بن الهاطر العطار الحنبلي وهو حذيفة المتقدم كان اسمه حذيفة فغيره وصار يكتب عبد الله قرأ القرآن بالروايات على أبي الخطاب بن الجراح وغيره وسمع الحديث من ابن طلحة وغيره وتفقه على أبي الخطاب الكلوذاني وحدث وروى عنه أبو جعفر السهروردي وغيره توفي يوم الاثنين ثامن رجب وصلى عليه الشيخ عبد القادر الكيلاني من الغد ودفن بباب حرب
وفيها أبو الحسين اللباد علي بن أحمد الاصبهاني سمع أبا بكر بن ماجه ورزق الله التميمي وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف وتوفي في شوال
وفيها أبو القسم بن البزري عمر بن محمد الشافعي جمال الإسلام إمام جزيرة ابن عمر وفقيهها ومفتيها ومدرسها رحل إلى بغداد وأخذ عن الغزالي والكبار وجماعة وبرع في المذهب ودقائقه وصنف كتابا في حل مشكلات المهذب وكان من أهل العلم والدين بمحل رفيع قال ابن خلكان كان أحفظ من بقي في الدنيا على ما يقال لمذهب الشافعي انتفع به خلق كثير ولم يخلف بالجزيرة مثله ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة وتوفي في أحد الربيعين والبزري منسوب إلى عمل البزر وهو الدهن من حب الكتان
وفيها أبو عبد الله الحراني محمد بن عبد الله بن العباس المعدل ببغداد سمع رزق الله التميمي وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري وطراد بن محمد وكان أديبا فاضلا ظريفا توفي في جمادي الأولى


وفيها أبو المعمر حذيفة بن سعد الازجي الوزان روى عن أبي الفضل ابن خيرون وجماعة وتوفي في رجب
وفيها رستم بن علي بن شهريار صاحب مازندران استولى في العام الماضي على بسطام وقومس واتسعت مملكته مات في ربيع الأول وتملك بعده ابنه علاء الدين حسن
وفيها عبد الله بن سعد بن الحسين بن الهاطر العطار الحنبلي وهو حذيفة المتقدم كان اسمه حذيفة فغيره وصار يكتب عبد الله قرأ القرآن بالروايات على أبي الخطاب بن الجراح وغيره وسمع الحديث من ابن طلحة وغيره وتفقه على أبي الخطاب الكلوذاني وحدث وروى عنه أبو جعفر السهرودي وغيره توفي يوم الاثنين ثامن رجب وصلى عليه الشيخ عبد القادر الكيلاني من الغد ودفن باب حرب
وفيها أبو الحسين اللباد علي بن أحمد الاصبهاني سمع أبا بكر بن ماجه ورزق الله التميمي وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف وتوفي في شوال
وفيها أبو القسم بن البزري عمر بن محمد الشافعي جمال الإسلام إمام جزيرة ابن عمر وفقيهها ومفتيها ومدرسها رحل إلى بغداد وأخذ عن الغزالي والكبار وجماعة وبرع في المذهب ودقائقه وصنف كتابا في حل مشكلات المهذب وكان من أهل العلم والدين بمحل رفيع قال ابن خلكان كان أحفظ من بقي في الدنيا على ما يقال لمذهب الشافعي انتفع به خلق كثير ولم يخلف بالجزيرة مثله ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة وتوفي في أحد الربيعين والبزري منسوب إلى عمل البزر وهو الدهن من حب الكتان
وفيها أبو عبد الله الحراني محمد بن عبد الله بن العباس المعدل ببغداد سمع رزق الله التميمي وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري وطراد بن محمد وكان أديبا فاضلا ظريفا توفي في جمادي الأولى


وفيها القاضي أبو يعلي الصغير الحنبلي محمد بن أبي حازم محمد بن القاضي أبي يعلى الكبير بن الفراء البغدادي شيخ المذهب تفقه على أبيه وعمه أبي الحسين وكان مناظرا فصيحا مفوها ذكيا ولي قضاء واسط مدة ثم عزل منها فلزم منزله وأضر بأخرة قال ابن رجب ولد يوم السبت لثمان عشرة من شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة وسمع الحديث من أبي البركات العاقولي وأبي علي الثكلي وغيرهما وأجازه الحريري صاحب المقامات ودرس وناظر في شبيبته وكان ذا ذكاء مفرط وذهن ثاقب وفصاحة حسن العبارة ظهر علمه في الآفاق ورأى من تلاميذه من ناظر ودرس وأفتى في حياته ومما كتبه إلى بعض العلماء فلو أن للكرم مقلة لكان هو انسانها أو للمجد لغة لكان هو لسانها أو لسؤدد دهرا لكان هو ربيع لزمانه وللشرف عمرا كان صفو ريعانه وللأجواد شهبا لكان هو الشمس التي إذا ظهرت خفيت الكواكب لظهورها وإذا تأملها الراؤون ردت أبصارهم عن شعاعها ونورها ولابن الجوزي فيه مدائح كثيرة وله مصنفات كثيرة منها المفردات والتعليقة في مسائل الخلاف وشرح المذهب و كتاب النكت والإشارات وقرأ عليه المذهب جماعة كثيرة منهم ابو اسحاق الصقال وابو العباس القطيعى وابو البقال العكبري ويحيى بن الربيع الشافعي وسمع منه جماعة كثيرة أيضا وتوفي ليلة السبت سحر خامس جمادي الأولى
وفيها أبو طالب العلوي الشريف محمد بن محمد بن محمد بن أبي زيد الحسني البصري نقيب الطالبين بالبصرة روى عن علي التستري وجعفر العبداني وجماعة واستفاد به ابن هبيرة لسماع السنن توفي في ربيع الأول عن إحدى وتسعين سنة
وفيها أبو الحسن بن التلميذ أمين الدولة هبة الله بن صاعد المصري البغدادي شيخ قومه وقسيسهم لعنهم الله وشيخ الطب وجالينوس العصر وصاحب التصانيف مات في ربيع الأول وله أربع وتسعون سنة قاله في العبر وقال صاحب أنموذج


وفيها القاضي أبو يعلي الصغير الحنبلي محمد بن أبي حازم محمد بن القاضي أبي يعلى الكبير بن الفراء البغدادي شيخ المذهب تفقه على أبيه وعمه أبي الحسين وكان مناظرا فصيحا مفوها ذكيا ولي قضاء واسط مدة ثم عزل منها فلزم منزله وأضر بأخرة قال ابن رجب ولد يوم السبت لثمان عشرة من شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة وسمع الحديث من أبي البركات العاقولي وأبي علي الثكلي وغيرهما وأجازه الحريري صاحب المقامات ودرس وناظر في شبيبته وكان ذا ذكاء مفرط وذهن ثاقب وفصاحة حسن العبارة ظهر علمه في الآفاق ورأى من تلاميذه من ناظر ودرس وأفتى في حياته ومما كتبه إلى بعض العلماء فلو أن للكرم مقلة لكان هو انسانها أو للمجد لغة لكان هو لسانها أو لسؤدد دهرا لكان هو ربيع لزمانه وللشرف عمرا كان صفو ريعانه وللأجواد شبها لكان هو الشمس التي إذا ظهرت خفيت الكواكب لظهورها وإذا تأملها الراؤون ردت أبصارهم عن شعاعها ونورها ولابن الجوزي فيه مدائح كثيرة وله مصنفات كثيرة منها المفردات والتعيقة في مسائل الخلاف وشرح المذهب و كتاب النكت والإشارات وقرأ البقال العكبري ويحيى بن الربيع الشافعي وسمع منه جماعة كثيرة أيضا وتوفي ليلة السبت سحر خامس جمادي الأولى
وفيها أبو طالب العلوي الشريف محمد بن محمد بن أبي زيد الحسني البصري نقيب الطالبيت بالبصرة روى عن علي التستري وجعفر البعاداني وجماعة واستفاد به ابن هبيرة لسماع السنن توفي في ربيع الأول عن إحدى وتسعين سنة
وفيها أبو الحسن بن التلميذ أمين الدولة هبة الله بن صاعد المصري البغدادي شيخ قومه وقسيسهم لعنهم الله وشيخ الطب وجالينوس العصر وصاحب التصانيف مات في ربيع الأول وله أربع وتسعون سنة قاله في العبر وقال صاحب أنموذج

الأعيان كان شيخا زيني المنظر عذب المجتلي والمجتني لطيف الروح ظريف الشخص مصنف الفكر حازم الرأي والله يهدي من يشاء بفضله ويضل به يريد بعدله وله لغز في ميزان
( ما واحد مختلف الأسماء ** يعدل في الأرض وفي السماء )
( يحكم بالقسط بلا مراء ** أعمى يرى الإرشاد كل راء )
( اخرس لا من علية وداء ** يغني عن التصريح بالإيماء )
( يجيب أن ناداه ذو امتراء ** بالخفض والرفع عن النداء )
( يفصح أن علق في الهواء ** )
وقوله مختلف الأسماء يعني ميزان الشمس الاسطرلاب وميزان الكلام النحو وميزان الشعر العروض
وفيها باغي أرسلان بن الداشمنت صاحب ملطية جرى بينه وبين جاره قلج أرسلان حروب عديدة ثم مات وولى بعده ابن أخيه إبراهيم بن محمد فصالح قلج أرسلان
وفيها الوزير عون الدين أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد الشيباني وزير المقتفي وابنه ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة بالسواد ودخل بغداد شابا فطلب العلم وتفقه على مذهب الأمام أحمد بن حنبل وسمع الحديث وقرأ القراءات وشارك في الفنون وصار من فضلاء زمانه ثم احتاج فدخل في الكتابة وولى مشارفة الخزانة ثم ترقي وولى ديوان الخواص ثم استوزره المقتفي فبقي وزيرا إلى أن مات وكان شامة بين الوزراء لعدله ودينه وتواضعه ومعرفته روى عن أبي عثمان بن ملة وجماعة ولما ولاه المقتفى امتنع من لبس خلعة الحرير وحلف ان لا يلبسها وذا شيء لا يفعله قضاة زماننا ولا خطباؤهم وكان مجلسه معمورا بالعلماء والفقهاء والبحث وسماع الحديث شرح صحيح البخاري ومسلم وألف كتاب العبادات في مذهب أحمد ومات شهيدا مسموما في جمادي الأولى ووزر بعده


الأعيان كان شيخا زيني المنظر عذب المجتلي والمجتني لطيف الروح ظريف الشخص مصنف الفكر حازم الرأي والله يهدي من يشاء بفضله ويضل به يريد بعد له وله لغز في ميزان
) ما واحد مختلف الأسماء ** يعدل في الأرض وفي السماء )
) يحكم بالقسط بلا مراء ** أعمى يرى الإرشاد كل راء )
) اخرس لا من علية وداء ** يغني عن التصريح بالإيماء )
) يجيب أن ناداه ذو امتراء ** بالخفض والرفع عن النداء )
) يفصح أن علق في الهواء ** )
وقوله مختلف الأسماء يعني ميزان الشمس الاسطرلاب وميزان الكلام النحو ومير أن الشعر العروض
وفيها باغي أرسلان بن الدار شمند صاحب ملطية جرى بينه وبين جاره قلج أسرلان حروب عديدة ثم مات وولى بعده ابن أخيه إبراهيم بن محمد فصالح قلج أرسلان
وفيها الوزير عون الدين أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد الشيباني وزير المقتفي وابنه ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة بالسواد ودخل بغداد شابا فطلب العلم وتفقه على مذهب الأمام أحمد بن حنبل وسمع الحديث وقرأ القراءات وشارك في الفنون وصار من فضلاء زمانه ثم احتاج فدخل في الكتابة وولى مشارفة الخزانة ثم ترقي وولى ديوان الخواص ثم استوزره المقتفي فبقي وزيرا إلى أن مات وكان شامة بين الوزراء لعدله ودينه وتواضعه ومعرفته روى عن أبي عثمان بن ملة وذا شيء لا يفعله قضاة زماننا ولا خطباؤهم وكان مجلسه معمورا بالعلماء والفقهاء والبحث وسماع الحديث شرح صحيح البخاري ومسلم وألف كتاب العبادات في مذهب أحمد شهيدا مسموما في جمادي الأولى ووززر بعده

شرف الدين أبو جعفر بن البلدي قاله في العبر
وقال ابن رجب صحب أبا عبد الله محمد بن يحيى الزبيدي الواعظ الزاهد من حداثته وكمل عليه فنونا من العلوم الادبية وغيرها واخذ عنه التأله والعبادة وانتفع بصحبته حتى أن الزبيدي كان يركب جملا ويعتم بفوطة ويلويها تحت حنكة وعليه جبة صوف وهو مخضوب بالحناء فيطوف بأسواق بغداد ويعظ الناس وزمام جملة بيد ابن هبيرة وهو ايضا معتم بفوطة من قطن قد لواها تحت حنكه وعليه قميص قطن خام قصير الكم والذيل وكلما وصل الزبيدي موضعا اشار ابن هبيرة بمسبحته ونادى برفيع صوته لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير
وقال ابن الجوزي كانت له معرفة حسنة بالنحو واللغة والعروض وصنف في تلك العلوم وكان شديدا في اتباع السنة وسير السلف وقال ابن رجب صنف الوزير أبو المظفر كتاب الافصاح عن معاني الصحاح في عدة مجلدات وهو شرح صحيح البخاري ومسلم ولما بلغ فيه إلى حديث ( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ) شرح الحديث وتكلم على معنى الفقه وآل به الكلام إلى ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين وقد أفرده الناس من الكتاب وجعلوه بمفرده مجلدة وسموه بكتاب الافصاح وهو قطعة منه وهذا الكتاب صنفه في ولايته الوزارة واعتنى به وجمع عليه أئمة المذاهب وأوفدهم من البلدان إليه لأجله بحيث أنفق على ذلك مائة ألف دينار وثلاثة عشر ألف دينار وحدث به واجتمع الخلق العظيم لسماعه عليه واشتغل به الفقهاء في ذلك الزمان على اختلاف مذاهبهم واستدعاه المقتفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة إلى داره وقلده الوزارة وخلع عليه وخرج في أبهة عظيمة ومشى أرباب الدولة وأصحاب المناصب بين يديه وهو راكب وحضر القراء والشعراء وكان يوما مشهودا وقرىء عهده وخوطب فيه بالوزير العالم العادل عون الدين جلال الإسلام صفى الأمام


شرف الدين أبو جعفر بن البلدي قاله في العبر
وقال ابن رجب صحب أنا عبد الله محمد بن يحيى الزبيدي الواعظ الزاهد من حداثته وكمل عليه فنونا من العلوم الادبية وغيرها واخذ عنه التأله والعبادة وانتفع بصحبته حتى أن الزبيدي كان يركب جملا ويعتم بفوطة ويلويها تحت حنكة وعليه جبة صوف وهو مخضوب بالحناء فيطوف بأسواق بغداد ويعظ الناس وزمام جملة بيد ابن هبيرة خام قصير معتم بفوطة من قطن قد لواها تحت حنكة وعليه قميص قطن خام قصير الكم والذيل وكلما وصل الزبيدي ابن هبيرة بمسبحته ونادى برفيع صوته لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير
وقال ابن الجوزي كانت له معرفة حسنة بالنحو واللغة والعروض وصنف في تلك العلوم وكان شديدا في اتباع السنة وسير السلف وقال ابن رجب صنف الوزير أبو المظفر كتاب الافصاح عن معاني الصحاح في عدة مجلدات وهو شرح صحبحي البخاري ومسلم ولما بلغ فيه إلى حديث ) من يرد الله يه خيرا يفقه في الدين ) شرح الحديث وتكلم على معنى الفقه وال به الكلام إلى ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين وقد أفرده الناس من الكتاب وجعلوه بمفرده مجلدة وسموه بكتاب الافصاح وهو قطعة منه وهذا الكتاب صنفه في ولايته الوزارة واعتنى به وجمع عليه أئمة المذاهب وأوفدهم من البلدان إليه لأجله بحيث أنفق على ذلك مائة ألف دينار وثلاثة عشر ألف دينار وحدث به واجتمع الخلق العظيم لسماعه عليه واشتغل به الفقهاء في ذلك الزمان على اختلاف مذاهبهم واستدعاه المقتفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة إلى داره وقلده الوزارة وخلع عليه وخرج في أبهة عظيمة ومشى أرباب الدولة وأصحاب المناصب بين يديه وهو راكب وحضر القراء والشعراء وكان يوما مشهودا وقر عهده وخوطب فيه بالوزير العالم العادل عون الدين جلال الإسلام صفى الأمام

شرف الأنام معز الدولة مجير الملة عماد الأمة مصطفى الخلافة تاج الملوك والسلاطين صدر الشرق والغرب سيد الوزراء وقال يوما لا تقولوا في ألقابي سيد الوزراء فإن الله تعالى سمى هارون وزيرا وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن وزيريه من أهل السماء جبريل وميكائيل ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر وقال مرة في وزارته والله لقد كنت أسأل الله الدنيا لأخدم بما يرزقنيه منها العلم وأهله وكان سبب هذا انه ذكر في مجلسه مفردات الإمام احمد التي تفرد بها عن الثلاثة فادعي أبو محمد الاشيري المالكي إنها رواية عن مالك ولم يوافقه على ذلك أحد وأحضر الوزير كتب مفردات أحمد وهي منها والمالكي مقيم على دعواه فقال له الوزير بهيمة أنت أما تسمع هؤلاء يشهدون بانفراد أحمد بها والكتب المصنفة وأنت تنازع وتفرق المجلس فلما كان المجلس الثاني واجتمع الخلق للسماع أخذ ابن شافع في القراءة فمنعه الوزير وقال كان الفقيه أبو محمد جرى في مسألة أمس على ما لا يليق به من العدول عن الأدب والانحراف عن نهج النظر حتى قلت تلك الكلمة أي قوله أنت بهيمة وها أنا فليقل لي كما قلت له فلست بخير منكم ولا أنا إلا كأحدكم فضج المجلس بالبكاء وارتفعت الأصوات بالدعاء والثناء وأخذ الاشيري يعتذر ويقول أنا المذنب والاولى بالاعتذار من مولانا الوزير ويقول القصاص القصاص فقال يوسف الدمشقي إذا فالفداء فقال له الوزير له حكمه فقال الاشيري نعمك على كثيرة فأي حكم بقي لي فقال قد جعل الله لك الحكم علينا فقال علي بقية دين منذ كنت بالشام فقال الوزير يعطي مائة دينار لا براء ذمته وذمتي فأحضرت له وقال ابن الجوزى كان يتحدث بنعم الله عليه ويذكر في منصبه شدة فقره القديم فيقول نزلت يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به ودخل عليه يوما تركي فقال لحاجبه ما قلت لك أعط هذا عشرين دينارا وكرا من الطعام وقل له لا تحضر ههنا فقال قد أعطيناه فقال عد وأعطه وقل له لا تحضر ثم التفت إلى الجماعة فقال هذا كان سجنه في القرى فقتل


شرف الأنام معز الدول مجير الملة عماد الأمة مصطفى الخلافة تاج الملوك والسلاطين صدر الشرق والغرب سيد الوزراء وقال يوما لا تقولوا في ألقابي سيد الوزراء فان الله تعالى سمى هارون وزيرا وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن وزيريه من أهل السماء جبريل وميكائيل ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر وقال مرة في وزارته والله لقد كنت أسأل الله الدنيا لأخدم بما يرزقنيه منها العلم وأهله وكان سبب هذا انه ذكر في مجلسه مفردات الأمام احمد التي تفرج بها عن الثى لاثة فادعي أبو محمد الاشيري المالكي إنها رواية عن مالك ولم يوافقه على أحد وأحضر الوزير كتب مفردات أحمد وهي منها والمالكي مقيم على دعواه فقال له الوزير بهيمة أنت ما تسمع هؤلاء يشهدون بانفراد أحمد بها والكتب المصنفة وأنت تنازع وتفرق المجلس فلما كان المجلس الثاني وإجتمع الخلق للسماع أهذ ابن شافع في القراءة فمنعه الوزير وقال كان الفقيه أبو محمد جرى في مسأله أمس على ما لا يليق به من العدول عن الأدب والانحراف عن نهج النظر حتى قلت تلك الكلمة أي قوله أنت بهيمة وها أنا فليقل لي كما قلت له فلست بخير منكم ولا أنا إلا كأحدكم فضج المجلس بالبكاء وارتفعت الأصوات بالدعاء والثناء وأخذ الاشيري يعتذر ويقول أنا المذنب والاولى بالاعتذار من مولانا الوزير ويقول القصاص القصاص فقال يوسف الدمشقي إذا فالفداء فقال له الوزير له حكمه فقال الاشيري نعمك على كثيرة فأي حكم بقي لي فقال قد جعل الله لك الحكم علينا فقال علي بقية دين منذ كنت بالشام فقال الوزير يعطي مائة دينار لا براء ذمته وذكتي فأحضرت له وقال ابن الجوزى كان يتحدث بنعم الله عليه ويذكر في منصبه شدة فقرة القديم فيقول نزلت يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به ودخل عليه يوما تركي فقال لحاجبه ما فلت لك أعط هذا عشرين دينارا وكرا من الطعام وقل له لا تحضر ههنا فقال قد أعطيناه فقال عد وأعطه وقل له لا تحضر ثم التفت إلى الجماعة فقال هذا كان سجنه في القرى فقتل

قتيل قريب من قريتنا فآخذ مشايخ القرى وآخذني مع الجماعة وأمشاني مع الفرس وبالغ في أذاي وأوثقني وضربني على رأسي وهو مكشوف عدة مقارع ثم أخذ من واحد شيئا وأطلقه ثم قال لي شيء معك قلت ما معي شيء وما نقمت عليه إلا أني سألته في الطريق أن يمهلني حسبما أصلى الفرض فما أجابني وضربني وقال ابن الجوزى كنا نجلس إلى ابن هبيرة فيملى علينا كتابه الافصاح فبينا نحن كذلك إذ قدم علينا رجل ومعه رجل أدعى عليه انه قتل أخاه فقال له عون الدين أقتلته قال نعم جرى بيني وبينه كلام فقتلته فقال الخصم سلمه إلينا حتى نقتله فقد أقر بالقتل فقال عون الدين أطلقوه ولا تقتلوه قالوا كيف ذلك وقد قتل أخانا قال فتبيعونيه فاشتراه منهم بستمائة دينار وسلم الذهب إليهم وذهبوا وقال للقاتل اقعد عندنا لا تبرح قال فجلس عندهم وأعطاه الوزير خمسين دينارا قال فقلنا للوزير لقد أحسنت إلى هذا وعملت معه أمرا عظيما وبالغت في الإحسان إليه فقال الوزير منكم أحد يعلم أن عيني اليمنى لا أبصر بها شيئا فقلنا معاذ الله فقال بلى والله أتدرون ما سبب ذلك قلنا لا قال هذا الذي خلصته من القتل جاء إلى وأنا في الدور ومعي كتاب من الفقه اقرأ فيه ومعه سلة فاكهة فقال أحمل هذه السلة قلت له ما هذا شغلي فاطلب غيري فشاكلني ولكمني فقلع عيني ومضى ولم أره بعد ذلك إلى يومي هذا فذكرت ما صنع بي فأردت أن أقابل اساءته إلى بالإحسان مع القدرة وقال صاحب سيرته كنا
عنده يوما المجلس غاص بولاة الدين والدنيا وأعيان الاماثل وأبن شافع يقرأ عليه الحديث إذا فجأنا من باب السنر وراء ظهر الوزير صراخ بشع وصياح مرتفع فاضطرب له المجلس فارتاع الحاضرون والوزير ساكن ساكت حتى أنهى ابن شافع قراءة الإسناد ومتنه ثم أشار الوزير إلى الجماعة أن على رسلكم وقام ودخل الستر ولم يلبث أن خرج فجلس وتقدم بالقراءة فدعا له ابن شافع والحاضرون وقالوا قد أزعجنا ذلك الصياح فإن رأى مولانا أن


قتيل من قريتنا فآخذ مشايخ القرى وآخذني مع الجماعة وأمشاني مع الفرس وبالغ في أذاي وأوثقني وضربني على رأسي وهو مكشوف عدة مقارع ثم أخذ من واحد شيئا وأطلقته ثم قال أي شيء معك قلت ما معي شيء وما نقمت عليه إلا أني سألته في الطريق أن يمهلني حسبما أصلى الفرض فما أجابني وضربني وقال ابن الجوزى كنا نجلس إلى ابن هبيرة فيملى علينا كتابه الافصاح فبينا نحن كذلك إذ قدم علينا رجل ومعه رجل أدعى عليه انه قتل أخاه فقال له عون الدين أقتللته قال نعم جرى بيني وبينه كلام فقتلته فقال الخصم سلمه إلينا حتى نقتله فقد أمر بالقتل فقال عون الدين أطلقوه ولا تقتلوه قالوا كيف ذلك وقد قتل أخانا قال فتبيعونيه فاشتراه منهم بسستمائة دينارا وسلم الذهب إليهم وذهبوا وقال للقاتل اقعد عندنا لا تبرح قال فجلس عندهم وأعطاه الوزير خمسين دينرا قال فقلنا للوزير لقد أحسنت إلى هذا وعملت معه أمرا عظيما وبالغت في الإحسان إليه فقال للوزير منكم أحد يعلم أن عيني اليمنى لا أبصر بها شيئا فقلنا معاذ الله فقال بلى والله أتدرون ما سبب ذلك قلنا لا قال هذا الذي خلصته من القتل جاء إلى وأنا في الدور ومعي كتاب من الفقه اقرأ فيه ومعه لسة فاكهة فقال أحمل هذه السلة قلت له ما هذا شغلي فاطلب غيري فشاكلني ولكمني فقلع عيني ومضى ولم أره بعد ذلك إلى يومي هذا فذكرت ما صنع بي فأردت أن أقابل اساءته إلى بالإحسان مع القدرة وقال صاحب سيرته كنا
عنده يوما المجلس غاض بولاة الدين والدنيا وأعيان الاماثل وأين شافع يقرأ عليه الحديث إذا فجأنا من باب السنر وراء ظهر الوزير صراخ بشع وصياح مرتفع فاضطرب له المجلس فارتاع الحاضرون والوزير ساكن ساكت حتى أنهى ابن شافع قراءة الإسناد ومتنه ثم أشار الوزير إلى الجماعة أن على رسلكم وقام ودخل الستر ولم يلبث أن خرج فجلس وتقدم بالقراءة فدعا له ابن شافع والحاضرون وقالوا قد أزعجنا ذلك الصياح فإن رأى مولانا أن

يعرفنا سببه فقال الوزير حتى ينتهي المجلس وعاد ابن شافع إلى القراءة حتى غابت الشمس وقلوب الجماعة متعلقة بمعرفة الحال فعاودوه فقال كان لي ابن صغير مات حين سمعتم الصياح عليه ولولا تعين الأمر علي بالمعروف في الإنكار عليهم ذلك الصياح لما قمت عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فعجب الحاضرون من صبره وقال في كتاب الافصاح في الخضر الذي لقيه موسى عليه السلام قيل كان ملكا وقيل بشرا وهو الصحيح ثم قيل انه عبد صالح ليس بنبي وقيل بل نبي هو الصحيح والصحيح عندنا انه حي وأنه يجوز أن يقف على باب أحدنا مستعطيا له أو غير ذلك وقال ابن الجوزى أنشدنا لنفسه
( يلذ بهذا العيش من ليس يعقل ** ويزهد فيه الالمعى المحصل )
( ما عجب نفس أن ترى الرأي إنما العجيبة ** نفس مقتضى الرأي تفعل )
( إلى الله أشكو همة دنيوية ** ترى النص إلا إنها تتأول )
( ينهنهها موت الشباب فترعوى ** ويخدعها روح الحياة فتغفل )
( وفي كل جزء ينقضى من زمانها ** من الجسم جزء مثله يتحلل )
( فنفس الفتى في سهوها وهي تنقضى ** وجسم الفتى في شغله وهو يعمل )
( قال وأنشدنا لنفسه
( والوقت أنفس ما عنيت بحفظه ** وأراه أسهل ما عليك يضيع )
( قال وأنشدنا لنفسه أيضا
( الحمد لله هذا العين لا الأثر ** ما الذي باتباع الحق ينتظر )
( وقت يفوت وأشغال معوقة ** وضعف عزم ودار شأنها الغير )
( والناس ركضى إلى مهوى مصارعهم ** وليس عندهم من ركضهم خبر )
( تسعى بها خادعات من سلامتهم ** فيبلغون إلى المهوى وما شعروا )
( والجهل اصل فساد الناس كلهم ** والجهل اصل عليه يخلق البشر )
( إنما العلم عن ذي الرشد يطرحه ** كما عن الطفل يوما تطرح السرر )


يعرفنا سببه فقال الوزير حتى ينتهي المجلس وعاد ابن شافع إلى القراءة حتى غابت الشمس وقلوب الجماعة متعلقة بمعرفة الحال فعاودوه فقال كان لي ابن صغير مات حين سمعتم الصياح عليه ولولا تعين الأمر علي بالمعروف في الإنكار عليهم ذلك الصياح لما قمت عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فعجب الحاضرون من صبره وقال في كتاب الافصاح في الخضر الذي لقيه موسى عليه السلام قيل كان ملكا وقيل بشرا وهو الصحيح ثم قيل انه عبد صالح ليس بني وقيل بل نبي هو الصحيح والصحيح عندنا انه حي وأنه يجوز أن يقف على باب أحدنا مستعطيا له أو غير ذلك وقال ابن الجوزى أنشدنا لنفسه
) بلد بهذا العيش من ليس يعقل ** ويزهد فيه الالمعى المحصل )
) ما عجب نفس أن ترى الرأي إنما العجيبة ** نفس مقتضى الرأي تفعل )
) إلى الله أشكو همة دنيوية ** ترى النص إلا إنها تتأول )
) ينهنهها موت الشباب فترعوى ** ويخدمها روح الحياة فتغفل )
) وقي كل جزء ينقضى من زمانها ** من الجسم جزء مثله يتحلل )
) فنفس الفتى في سهوها وهي تنقضى ** وجسم الفتى في شغله وهو يعمل )
) قال وأنشدنا لنفسه
) والوقت أنفس ما عنيت بحفظه ** وأراه أسهل ما عليك يضيع )
) قال وأنشدنا لنفسه أيضا
) الحمد الله هذا العين لا الأثر ** مما الذي باتباع الحق ينتظر )
) وقت يفوت وأشغال معوقة ** وضعف عزم ودار شأنها الغير )
) والناس ركضى إلى مهوى مصارعهم ** وليس عندهم من ركضهم خبر )
) تسعى بها خادعات من سلامتهم ** فيبلغون إلى المهوى وما شعروا )
) والجهل اصل فساد الناس كلهم ** والجهل اصل عليه يخاق البشر )
) إنما العلم عن ذي الرشد يطرحه ** كما عن الطفل يوما تطرح السرر )


( وأصعب الداء داء لا يحس به ** كالدق يضعف حسا وهو يستعر )
( وإنما لم تحس النفس موبقها ** لأن أجزاءه قد عمها الضرر )
وذكر ياقوت الحموي في معجمه بإسناد له أن الوزير عرضت عليه جارية فائقة الحسن وأظهر له في المجلس من أدبها وحسن كتابتها وذكائها وظرفها ما أعجبه فأمر فاشتريت له بمائة وخمسين دينارا وأمر أن يهيأ لها منزل وجارية وان يحمل لها من الفرش والآنية والثياب ما تحتاج إليه ثم بعد ثلاثة أيام جاءه الذي باعها وشكا له ألم فراقها فضحك وقال له لعلك تريد ارتجاع الجارية قال إي والله وهذا الثمن بحاله لم أتصرف فيه وأبرزه فقال الوزير ولا نحن تصرفنا في المثمن ثم قال لخادمه ادفع إليه الجارية وما عليها وجميع ما في حجرتها ودفع إليه الخرقة التي فيها الثمن وقال استعينا به على شأنكما فاكثرا من الدعاء له فأخذها وخرج وحكى عنه انه كان إذا مد السماط أكثر ما يحضر الفقراء والعميان فلما كان ذات يوم وأكل الناس وخرجوا بقي رجل ضرير يبكي ويقول سرقوا متاعي ومالي غيره ووالله ما أقدر على ثمن مداس فقام الوزير من مجلسه ولبس مداسه وجاء إلى الضرير فوقف عنده وخلع مداسه والضرير لا يعرف وقال له البس هذا وابصره قدر رجلك فلبسه وقال نعم كأنه مداسي ومضى الضرير ورجع الوزير إلى مجلسه وهو يقول سلمت منه أن يقول أنت سرقته وأخبار الوزير رحمه الله تعالى ومناقبه كثيرة جدا وقد مدحه الشعراء فأكثروا منهم الحيص بيص وابن بختيار الإبله وابن التعاويذي والعماد الكاتب وخلق كثير قال ابن الجوزى كان الوزير يتأسف على ما مضى من زمانه ويندم على ما دخل فيه ثم صار يسأل الله عز وجل الشهادة ونام ليلة الأحد ثالث عشر جمادي الأولى في عافية فلما كان وقت السحر حضر طبيب كان يخدمه فسقاه شيئا فيقال أنه سم فمات وسقى الطبيب بعده بنحو ستة أشهر سما فكان يقول سقيت كما سقيت وحملت جنازة


) وأصعب الداء لا يحس به ** كالدق يضعف حسا وهو يستعر )
) وإنما لم تحس النفس موبقها ** لأن أجزاءه قد عمها الضرر )
وذكر ياقوت الحموي في معجمه بإسناد له أن الوزير عرضت عليه جارية فائقة الحسن وأظهر له في المجلس من أدبها وحسن كتابتها وذكائها وظرفها ما أعجبه فأمر فاشتريت له بمائة وخمسين دينارا وأمر أن يهيأ لها منزل وجارية وان يحمل لها من الفرش والآنية والثياب ما تحتاج إليه بعد ثلاثة أيام جاءه الذي بعها وشكا له ألم فراقها فضحك وقال له لعلك تريد ارتجاع الجارية قال إي والله وهذا الثمن بحاله لم أتصرف فيه وأبرزه فقال الوزير ولا نحن تصرفنا في المثمن ثم قال لخادمه ادفع إليه الجارية وما عليها وجميع ما في حجرتها ودفع إليه الخرفة التي فيها الثمن وقال استعينا به على شأنكما فاكثرا من الدعاء له فأخذها وخرج وحكى عنه انه كان إذا مد السماط أكثر ما يحضر الفقراء والعميان فلما كان ذات يوم وأكل الناس وخرجوا بقي رجل ضرير يبكي ويقول سرقوا متاعي ومالي غيره ووالله ما أقدر على ثمن مداس فقام الوزير من مجلسه ولبس مداسة وجاء إلى الضرير فوقف عنده وخلع مداسه والضرير لا يعرف وقال له البس هذا وابصره قدر رجلك فلبسه وقال نعم كأنه مداسي ومضى الضرير ورجع الوزير إلى مجلسه وهو يقول سلمت منه أن يقول أنت سرقته وأخبار الوزير رحمه الله تعالى ومناقبه كثيرة جدا وقد مدحه الشعراء فأكثروا منهم الحيض بيض وابن بختار الإبله وابن التعاويذي والعماد الكاتب وخلق كثير قال ابن الجوزى كان الوزير يتأسف على ما مضى من زمانه ويندم على ما دخل فيه ثم صار يسأل الله عز وجل الشهادة ونام ليلة الأحد ثالث عشر جمادي الأولى في عافية فلما كان وقت السحر حضر طبيب كان يخدمه فسقاه شيئا فيقال أنه سم فمات وسقى الطبيب بعده بنحو ستة أشهر يما فكان يقول سقيت كما سقيت وحملت جنازة

الوزير إلى جامع القصر وصلى عليه ثم حمل إلى مدرسته التي أنشأها بباب البصرة فدفن بها وغلقت يومئذ أسواق بغداد وخرج جمع لم نره لمخلوق قط وكثر البكاء عليه رحمه الله تعالى رحمة واسعة

سنة إحدى وستين وخمسمائة

وفيها ظهر ببغداد الرفض والسب وعظم الخطب
وفيها أخذ نور الدين من الفرنج حصن صافيتا
وفيها توفي القاضي الرشيد أبو الحسن أحمد بن القاضي الرشيد أبي الحسن علي الغساني الاسواني بضم الهمزة على الصحيح الشافعي كان من ذوي الفضل والرياسة وأسوان قرية بصعيد مصر وله ديوان شعر ومصنفات ولأخيه القاضي المهذب ديوان شعر أيضا والمهذب أشعر والرشيد أعلم بسائر الفنون قتله الوزير شاور ظلما وذلك أنه لما دخل اليمن رسولا مدح ملوكها فقال في علي بن حاتم الهمداني قصيدته التي يقول فيها
( وإن جهلت حقى رعانف خندف ** فقد عرفت فضلى غطاريف همدان )
فكتب بذلك داعي الإسماعيلية إلى صاحب مصر فأخذ جميع موجوده ثم قتله شاور
وفيها الحسن بن علي القاضي المهذب صنف كتاب الأنساب في عشرين مجلدا ومن شعره
( أقصر فديتك عن لومي وعن عذلي ** أولا فخذلي أمانا من ظبي المقل )
( من كل طرف مريض الجفن ينشد لي ** يا رب رام بنجد من بني ثعل )
( أن كان فيه لنا وهو السقيم شفا ** فربما صحت الأجساد بالعلل )
( وفيها الحسن بن عبد الله الأصفهاني الشيخ الصالح كان كثير البكاء ولم يكن أصبهان أزهد منه قال وقفت على علي بن شاده وهو يتكلم على الناس فلما كان


الوزير إلى جامع القصر وصلى عليه ثم حمل إلى مدرسته التي أنشأها بباب البصرة فدفن بها وغلقت يومئذ أسواق بغداد وخرج جمع لم نره لمخلوق قط وكثر البكاء عليه رحمه الله تعالى واسعة

سنة إحدى وستين وخمسمائة

وفيها ظهر ببغداد الرفض والسب وعظم الخطب
وفيها أخذ نور الدين من الفرنج حصن صافيتا
وفيها توفي القاضي الرشيد أبو الحسن أحمد بن القاضي الرشيد أبي الحسن علي الغساني الاسواني بضم الهمزة على الصحيح الشافعي كان من ذوي الفضل والرياسة وأسوان قرية بصعيد وله ديوان شعر ومصنفات ولأخيه القاضي المهذب ديوان شعر أيضا والمهذب أشع والرشيد أعلم بسائر الفنون قتله الوزير شاور ظلما وذلك أنه لما دخل اليمن رسولا مدح ملوكها فقال في علي بن حاتم الهمداني فصيدته إلى يقول فيها
) وإن جهلت حقى رعانف خندف ** فقد عرفت فضلى غطاريف همدان )
فكتب بذلك داعي الإسماعيلية إلى صاحب مصر فأخذ جميع موجوده ثم قتله شاور
وفيها الحسن بن علي القاضي المهذب صنف كتاب الأنساب في عشرين مجلدا ومن شعره
) أقصر فديتك عن لومي وعن عذلي ** أولا فخذلني أمانا من ظبي المقل )
) من كل طرف مريض الجفن ينشد لي ** يا رب رام بنجد من بني ثعل )
) أن كان فيه لنا وهو السقيم شفا ** فربما صحت الأجساد بالعلل )
) وفيها الحسن بن عبد الله الأصفهاني الشيخ الصالح كان كثير البكاء ولم يكن أصبهان أزهد منه قال وقفت على علي بن شاده وهو يتكلم على الناس فلما كان


الليل رأيت رب العزة في المنام فقال يا أبا حسن وقفت على مبتدع وسمعت كلامه لاحرمنك النظر في الدنيا فاستيقظ وعيناه مفتوحتان لا يبصر بهما شيئا ومات قال الحميدي سمعت الفضيل بن عياض يقول من وقر صاحب بدعة أورثه الله العمى قبل موته
وفيها الحسن بن عباس الاصبهاني الفقيه الشافعي مسند أصبهان سمع أبا عمرو ابن مندة ومحمود الكوسج وطائفة وتفرد ورحل إليه وكان زاهدا ورعا بكاء خاشعا فقيها مفتيا محققا تفقه به جماعة
وفيها عبد الله بن رفاعة بن غدير الشافعي أبو محمد السعدي المصري قاضي الحيرة كان فقيها ماهرا في الفرائض والمقدرات صالحا دينا تفقه على القاضي الخلعي ولازمه وهو آخر من حدث عنه ثم ترك القضاء واعتزل في القرافة مشتغلا بها بالعبادة قال في العبر توفي في ذي القعدة عن أربع وتسعين سنة كاملة وقد ولى القضاء بمصر وطلب أن يعفى فأعفى
وفيها أبو محمد الاشيري كالكريمي نسبة إلى أشير حصن بالمغرب عبد الله ابن محمد المقرئ الصنهاجي الفقيه المالكي الحافظ روى عن أبي الحسن الجدامى والقاضي عياض وكان عالما بالحديث وطرقه وبالنحو واللغة والنسب كثير الفضائل وقبره ظاهر ببعلبك
وفيها أبو طالب ابن العجمي عبد الرحمن بن الحسن الحلبي الفقيه الشافعي تفقه ببغداد على الشاشي وأسعد الميهني وسمع من ابن بيان وله بحلب مدرسة كبيرة عاش إحدى وثمانين سنة ومات في شعبان
وفيها الشيخ عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكى دوست بن أبي عبد الله عبد الله بن يحيى بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الحوزى ابن عبد الله المحصن بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب الجيلاني نسبة إلى جيل وهي بلاد متفرقة من وراء طبرستان وبها ولد ويقال لها أيضا جيلان


الليل رأيت رب العزة في المنام فقال يا أبا حسن وقفت على مبتدع وسمعت كلامه لا حر منك النظر في الدنيا فاستيقظ وعيناه مفتوحان لا يبصر بهما شيئا ومات قال الحميدي سمعت الفضيل بن عياض يقول من وقر صاحب بدعة أو رثه الله العمى قبل موته
وفيها الحسن بن عباس الاصبهاني الفقيه الشافعي مسند أصبهان سمع أبا عمرو ابن مندة ومحمود الكوسج وطائفة وتفرد ورحل إليه وكان زاهدا ورعا بكاء خاشعا فقيها مفتيا محققا تفقه به جماعة
وفيها عبد الله بن رفاعة بن غدير الشافعي أبو محمد السعدي المصري قاضي الحيرة كان فقيها ماهرا في الفرائض والمقدرات صالحا دينا تفقه على القاضي الخلعي ولازمه وهو آخر من حدث عنه ثم ترك القضاء واعتزل في القرافة مشتغلا بها بالعبادة قال في العبر توفي في ذي القعدة عن أربع وتسعين سنة كاملة وقد ولى القضاء بمصر وطلب أن يعفى فأعفى
وفيها أبو محمد الاشيري كالكريمي نسبة إلى أشير حصن بالمغرب عبد الله ابن محمد المقرئ الصنهاجي الفقيه المالكي الحافظ روى عن أبي الحسن الجدامى والقاضي عياض وكان عالما بالحديث وطرقه وبالنحو واللغة والنسب كثير الفضائل وقبره ظاهر ببعلبك
وفيها أبو طالب ابن العجمي عبد الرحمن بن الحسن الحلبي الفقيه الشافعي تفقه ببغداد على الشاشي وأسعد الميهني وسمع من ابن بيان وله بحلب مدرسة كبيرة عاش إحدى وثمانين سنة ومات في شعبان
وفيها الشيخ عبد القادر بن أبي صالح بن عبد الله بن جنكى دوست بن أبي عبد الله عبد الله بن يحيى بن محمد بن داود بن موسى الحوزى ابن عبد الله المحصن بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب الجيلاني في نسبة إلى جبل وهي بلاد متفرقة من وراء طبرستان وبها ولد ويقال لها أيضا جيلاني

وكيلان وهو سبط أبي عبد الله الصومعي من جلة مشايخ جيلان أمه أم الخير بنت أبي عبد الله وأخوه الشيخ أبو أحمد عبد الله أصغر منه سنا نشأ في العلم والخير ومات بجيلان شابا وعمته الصالحة أم عائشة استسقى بها أهل جيلان فلم يسقوا فكنست رحبة بيتها وقالت يا رب كنست رحبه بيتي فرش أنت فمطروا كأفواه القرب كان شيخ الشيوخ الشيخ عبد القادر نحيف الجسم عريض الصدر عريض اللحية أسمر مدور الحاجبين ذا صوت جهوري وسمت بهي ولما ترعرع وعلم أن طلب العلم فريضة شمر ساق الاجتهاد في تحصيله وسارع في تحقيق فروعه وأصوله بعد أن اشتغل بالقرآن حتى أتقنه ثم تفقه في مذهب الأمام أحمد بن حنبل علي أبي الوفاء بن عقيل وأبي الخطاب وأبي الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى والمبارك المخرمي وسمع الحديث من جماعة وعلوم الأدب من آخرين وصحب حماد الدباس وأخذ عنه علم الطريقة بعد أن لبس الخرقة من أبي سعد المبارك المخرمي وفاق أهل وقته في علوم الديانة ووقع له القبول التام مع القدم الراسخ في المجاهدة وقطع دواعي الهوى والنفس ولما أراد الله إظهاره أضف إلى مدرسة أستاذه أبي سعد المخرمي فعمرها وما حولها وأعانه الأغنياء بأموالهم والفقراء بأنفسهم فكملت في سنة ثمان وعشرين ثم تصدر فيها للتدريس والوعظ والتذكير وقصد بالزيارات والنذور من الآفاق وصنف وأملى وسارت بفضله الركبان ولقب بمجمع الفريقين وموضح الطريقين وكريم الجدين ومعلم العراقين وتلمذ له أكثر الفقهاء في زمنه ولبس منه الخرقة المشايخ الكبار وصار قطب الوجود وأكبر شيوخ اليمن وغيرها تنتسب إليه وكراماته تخرج عن الحد وتفوت الحصر والعد وله نظم فائق رائق وتاب على يده معظم أهل بغداد وأسلم معظم اليهود والنصارى على يديه قال الشيخ موفق الدين وقد سئل عن الشيخ عبد القادر أدركناه في آخر عمره فأسكننا مدرسته إلى أن قال ولم اسمع عن أحد يحكي عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه ولا رأيت أحدا يعظمه الناس من أجل


وكيلان وهو سبط أبي عبد الله الصومعي من جلة مشايخ جيلان أمه أم الخير بنت أبي عبد الله وأخوه الشيخ أبو أحمد عبد الله أصغر منه سنا نشأ في العلم والخير ومات بجيلان شابا وعمنه الصالحة أم عائشة استسقى بها أهل جيلان فلم يسقوا فكنست رحبة بيتها وقالت يا رب كنست رحبه بتي فرش أنت فمطروا كأفواه القرب كان شيخ الشيوخ الشيخ عبد القادر نحيف الجسم عريض الصدر عريض اللحية أسمر مدور الحاجبين ذا صوت جهوري وسمت بهي ولما ترعرع وعلم أن طلب العلم فريضة شمر ساق الاجتهاد في تحصيله وسازع في تحقيق فروعه وأصوله بعد أن اشتغل بالقرآن حتى أتقنه ثم تفقه في مذهب الأمام أحمد بن حنبل علي أبي الوفاء بن عقيل وأبي الخطاب وأبي الحسين محمد بن القاضي أبي يعلي والمبارك المخرمي وسمع الحديث من جماعة وعلوم الأدب من آخرين وصحب حماد الدباس وأخذ عنه علم الطريقة بعد أن لبس الخرقة من أبي سعد المبارك المخرمي وفاق أهل وقته في علوم الديانة ورقع له القبول التام مع القدم الراسخ في المجاهدة وقطع دواعي الهوى والنفس ولما أراد الله إظهاره أضف إلى مدرسة أستاذه أبي سعد المخرمي فعمرها وما حولها وأعانه الأغنياء بأموالهم والفقراء بأنفسهم فكملت في سنة ثمان وعشرين ثم تصدر فيها للتدريس والوعظ والتذكير وقصد بالزيارات والنذور من الآفاق وصنف وأملى وسارت بفضله الركبان ولقب بمجمع الفريقين وموضح الطريقين وكريم الجدين ومعلم العراقين وتلمذ له أكثر الفقهاء في ومنه ولبس منه الخرقة المشايخ الكبار وصار قطب الوجود وأكبر شيوخ اليمن وغيرها تنسب إليه وكراماته تخرج عن الحد وتفوت الحصر والعد وله نظم فائق رائق وتاب على يده معظم أهل بغداد وأسلم معظم اليهود والنصارى على يديه قال الشيخ موفق الدين وقد سئل عن الشيخ عبد القادر أدركناه في آخر عمره فأسكننا مدرسته إلى أن قال ولم اسمع عن أحد يحكي عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه ولا رأيت أحدا يعظمه الناس من أجل

الدين أكثر منه وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام ما نقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر إلا الشيخ عبد القادر وقال ابن النجار قال الشيخ عبد القادر فتشت الأعمال كلها فما وجدت فيها أفضل من إطعام الطعام أو دلو كانت الدنيا بيدي فأطعمها الجياع وقال الخلق حجابك عن نفسك ونفسك حجاب عن ربك ما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك ومادمت ترى نفسك لا ترى ربك وقال ابن السمعاني هو إمام الحنابلة وشيخهم في عصره فقيه صالح دين خير كثير الذكر دائم الفكر سريع الدمعة كتبت عنه وكان يسكن بباب الازج في المدرسة التي بنيت له وقال ابن رجب ظهر الشيخ عبد القادر للناس وجلس للوعظ بعد العشرين وخمسمائة وحصل له القبول التام من الناس واعتقدوا ديانته وصلاحه وانتفعوا بكلامه وانتصر أهل السنة بظهوره واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته وهابه الملوك فمن دونهم وصنف الشطنوفي المصري في أخبار عبد القادر ومناقبه ثلاث مجلدات ذكر فيه بإسناده إلى موسى بن الشيخ عبد القادر قال سمعت والدي يقول خرجت في بعض سياحاتي الى البرية ومكثت أياما لا أجد ماء فاشتد بى العطش فأظلتنى سحابة ونزل علي منها شيء يشبه الندى فرويت ثم رأيت نورا أضاء به الأفق وبدت لي صورة ونوديت منها يا عبد القادر أنا ربك وقد أحللت لك المحرمات أو قال ما حرمت على غيرك فقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم اخسأ يالعين فإذا ذلك النور ظلام وتلك الصورة دخان ثم خاطبني وقال يا عبد القادر نجوت مني بعلمك بحكم ربك وقوتك في أحوال منازلاتك ولقد أضللت بهذه الواقعة سبعين من أهل الطريق فقلت لربي الفضل والمنة قال فقيل له كيف علمت انه شيطان قال بقوله قد حللت لك المحرمات وذكر فيه أيضا الحكاية المعروفة عن الشيخ عبد القادر انه قال قدمي هذه على رقبة كل ولي لله ساقها عنه من طرق متعددة قال ابن رجب أحسن ما قيل في هذا الكلام ما ذكره السهروردي في عوارفه انه من شطحات الشيوخ التي لا يقتدى بهم فيها ولا تقدح في مقاماتهم ومنازلهم فكل


الدين أكثر منه وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام ما نقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر إلا الشيخ عبد القادر وقال ابن النجار قال الشيخ عبد القادر فتشت الأعمال كلها فما وجدت فيها أفضل من إطعام الطعام أو دلو كانت الدنيا بيدي فأطعمها الجياع وقال الخلق حجابك عن نفسك ونفسك حجاب عن ربك ما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك ومادمت ترى نفسك لا ترى ربك وقال ابن السمعاني هو إمام الحنابلة وشيخهم في عصره فقيه صالح دين خير كثير اذكر دائم الفكر سريع الدمعة كتبت عنه وكان يسكن بباب الازج في المدرسة التي بنيت له وقال ابن رجب ظهر الشيخ عبد القادر للناس وجلس للوعظ بعد العشرين وخمسمائة وحصل له القبول التام من الناس واعتقد واديانته وصلاحه وانتفعوا بكلامه وانتصر أهل السنة بظهوره واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته وهابه الملوك فمن دونهم وصنف الشطنوفي المصري في أخبار عبد القادر ومناقبه ثلاث مجلدات ذكر فيه بإسناده إلى موسى بن الشيخ عبد القادر ومناقبه ثلاث مجلدات ذكر فيه بإسناده إلى موسى بن الشيخ عبد القادر قال سمعت والدي يقول خرجت في بعض سياحاتي ونزل على منها شيء يشبه الندى فرويت ثم رأيت نورا أضاء به الأفق وبدت لي صورة ونوديت منها يا عبد القادر نان ربك وقد أحللت لك المحرمات أو قال ما حرمت على غيرك فقلت أعوذ بالله من الشياطان الرجيم اخسأ يالعين فإذا ذلك النور ظلام وتلك الصورة دخان ثم خاطبني وقال يا عبد القادر نجوت مني بعلمك بحكم ربك وقوتك في أحوال منازلاتك ولقد أضللت بهذه الواقعة سبعين من أهل الطريق فلت لربي الفضل والمنة قال فقيل له كيف علمت انه شيطان قال بقوله قد حللت لك المحرمات وذكر فيه أيضا الحكاية المعروفة عن الشيخ عبد القادر انه قال قدمي هذه عى رقبة كل ولي لله ساقها عنه من طرق متعددة قال ابن رجب أحسن ما قيل في هذا الكلام ما ذكره السهرودي في عوارفه انه من شطحات الشيوخ التي لا يقتدى بهم فيها ولا تقدح في مقاماتهم ومنازلهم فكل

أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم وقال ابن رجب أيضا وكان الشيخ عبد القادر متمسكا في مسائل الصفات والقدر ونحوهما بالسنة مبالغا في الرد على من خالفها قال في كتابه الغنية المشهور وهو بجهة العلو مستو على العرش محتو على الملك يحيط علمه بالأشياء إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال انه في السماء على العرش كما قال { الرحمن على العرش استوى } وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش قال وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف وذكر كلاما طويلا وذكر نحو هذا في سائر الصفات وذكر الشيخ أبو زكريا يحيى بن يوسف الصرصري الشاعر المشهور عن شيخه العارف علي بن إدريس أنه سأل الشيخ عبد القادر فقال يا سيدي هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل فقال ما كان ولا يكون انتهى ما أورد ابن رجب ونقل عن الشيخ عبد القادر انه قال كنت اقتات الخرنوب والشوك وقامة البقل وورق الخس من جانب النهر والشط وبلغت بي الضائقة في غلاء نزل ببغداد إلى أن بقيت أياما لم آكل فيها طعاما بل كنت أتتبع المنبوذات أطعمها فخرجت يوما من شدة الجوع إلى الشط لعلى أجد ورق الخس أو البقل أو غير ذلك فأتقوت به فما ذهبت إلى موضع إلا وغيري قد سبقني إليه وإذا وجدت الفقراء يتزاحمون عليه فأتركه حياء فرجعت أمشي وسط البلد فلا أدرك منبوذا إلا وقد سبقت إليه حتى وصلت إلى مسجد بسوق الريحانيين ببغداد وقد أجهدني الضعف وعجزت عن التماسك فدخلت إليه وقعدت في جانب منه وقد كدت أصافح الموت إذ دخل شاب أعجمي ومعه خبز رصافي وشواء وجلس يأكل فكنت أكاد كلما رفع يده باللقمة أن افتح في من شدة الجوع حتى أنكرت ذلك على نفسي


أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم وقال ابن رجب أيضا وكان الشيخ عبد القادر متمسكا في مسائل الصفات والقدر ونحوهما بالسنة مبالغا في الرد على من خالفهما قال في كتابه الغنيمة المشهورة وهو بجهة العلو مستو على العرش محتو على الملك يحيط علمه بالآشياء إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر في السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال انه في السماء على العرض كما قال ) { الرحمن على العرش استوى } ) وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش قال وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف وذكر كلاما طويلا وذكر نحو هذا في سائر الصفات وذكر الشيخ أبو زكريا يحيى بن يوسف الصرصري الشاعر المشهور عن شيخه العارف علي بن إدريس أنه سأل الشيخ عبد القادر فقال يا سديي هل كان لله ولي غير اعتقاد أحمد بن حنبل فقال ما كان ولا يكون انتهى ما أورد ابن رجب ونقل عن الشيخ عبد القادر انه قال كنت اقتات الخرنوب والشوك وما قامة البقل وورق الخس من جانب النهر والشط وبلغت بي الضائقة في غلاء نزل ببغداد إلى أن بقيت أياما لم آكل فيها طعاما بل كنت أتتبع المنبوذات أطعمها فخرجت يوما من شدة الجوع إلى الشط لعلى أجد ورق الخس أو البقل أو غير ذلك فأتقوت به فما ذهبا إلى موضع إلا وغيري قد سبقني إليه وإذا وجدت الفقراء يتزاحمون عليه فأترك حياء فرجعت أمشي وسط البلد فلا أدرك منبوذا إلا وقد سبقت إليه حتى وصلت إلى مسجد بسوق الريحانيين ببغداد وقد أجهدني الضعف وعجزن عن التماسك فدخلت إليه وقعدت في جانب منه وقد كدت أصافح الموت إذا دخل شاب أعجمي ومعه خبز رصافي وشواء وجلس يأكل فكنت أكاد كلما رفع يده بالقمة أن افتح في من شدة الجوع حتى أنكرت ذلك على نفسي

وقلت ما هذا إذ التفت إلى العجمي فرآني فقال باسم الله يا أخي فأبيت فأقسم علي فبادرت نفسي فخالفتها وأقسم أيضا فأجبته فأكلت فأخذ يسائلني من أين أنت وبمن تعرف فقلت أنا متفقه من جيلان فقال وأنا من جيلان فهل تعرف شابا جيلانيا يسمى عبد القادر يعرف بأبي عبد الله الصومعي الزاهد فقلت أنا هو فاضطرب وتغير وجهه وقال والله لقد وصلت إلى بغداد ومعي بقية ففقة لي فسألت عنك فلم يرشدني أحد ونفدت نفقتي ولي ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلا مما كان لك معي وقد حلت لي الميتة وأخذت من وديعتك هذا الخبز والشواء فكل طيبا فإنما هو لك وأنا ضيفك الآن بعد أن كنت ضيفي فقلت له وما ذاك فقال أمك وجهت لك معي ثمانية دنانير فاشتريت منها هذا للاضطرار وانا معتذر إليك فسكنته وطيبت نفسه ودفعت إليه باقي الطعام وشيئا من الذهب برسم النفقة فقبله وانصرف قال وكنت أشتغل بالعلم فيطرقني الحال فأخرج إلى الصحاري ليلا أو نهارا وأصرخ وأهج على وجهي فصرخت ليلة فسمعني العيارون ففزعوا فجاءوا فعرفوني فقالوا عبد القادر المجنون افزعتنا وكان ربما أغشى على فيلفوني ويحسبون أني مت من الحال التي تطرقني وربما أردت الخروج من بغداد فيقال لي أرجع فان للناس فيك منفعة وقال ابن النجار سمعت عبد الرازق بن الشيخ عبد القادر يقول ولد والدي تسعا وأربعين ولدا سبع وعشرون ذكورا والباقي إناث ومات الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى بعد عتمة ليلة السبت عاشر ربيع الآخر وفرغ من تجهيزه ليلا وصلى عليه ولده عبد الوهاب في جماعة من حضر من أولاده وأصحابه وتلامذته ثم دفن في رواق مدرسته ولم يفتح باب المدرسة حتى علا النهار وأهرع الناس للصلاة على قبره وزيارته وكان يوما مشهودا انتهى وبلغ تسعين سنة


0 وقلت ما هذا إذا التفت إلى العجمي فرآني فقال بأسم الله يا أخي فأبيت فأقسم علي فبادرت نفسي فخالفتها وأقسم أيضا فأجبته فأكلت فأخذ يسائلني من أين أنت وبمن تعرف فقلت أنا متفقه من جيلان فقال وأنا من جيلان فهل تعرف شابا جيلانيا يسمى عبد القادر يعرف بأبي عبد الله الصومعي الزاهد فقلت أنا هو فاضطرب وتغير وجهه وقال والله لقد وصلت إلى بغداد ومعي بقية تفقه لي فسألت عنك فلم يرشدني أحد ونفدت نفقتي ولي ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلا مما كان لك معي وقد حلت لي الميتة وأخذت من وديعتك هذا الخبز والشواء فكل طيبا فأنما هو لك وأنا ضيفك الآن بعد أن كنت ضيفي فقلت له وما ذاك فقال أمك وجهت لك معي ثمانية دنانير فاشتريت منها هذا للاضرار واما معتذر إليك فسكنته وطيبت نفسه ودفعت إليه باقي الطعام وشيئا من الذهب برسم النفقة فقبله وانصرف قال وكنت أشتغل بالعلم فيطرقني الحال فأخرج إلى الصحاري ليلا ونهارا وأصرخ وأهج على وجهي فصرخت ليلة فسمعني العيارون ففزعوا فجاءوا فعرفوني فقالوا عبد القادر المجنون افزعتنا وكان ربما أغشى على فيلفوني ويحسبون أني مت من الحال التي تطرقني وربما أردت الخروج من بغداد فياق لي أرجع فان للناس فيك منفعة وقال ابن النجار سمعت عبد الرازق بن الشيخ عبد القادر يقول ولد والدي تسعا وأربعين ولدا سبع وعشرون ذكورا والباقي إناث ومات الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى بعد عتمة ليلة السبت عاشر ربيع الآخر وفرع من تجهيزه ليلا وصلى عليه ولده عبد الوهاب في جماعة من حضر من أولاده وأصحابه وتلامذته ثم دفن في رواق مدرسته ولم يتفح باب المدرسة حتى علا النهار وأهرع الناس للصلاة على قبره وزيارته وكان يوما مشهودا انتهى وبلغ تسعين سنة

سنة اثنتين وستين وخمسمائة

فيها سار أسد الدين شيركوه المسير الثاني إلى مصر بمعظم جيش نور الدين فنازل الجزيرة شهرين و إستنجد وزير مصر شاور بالفرنج فدخلوا في النيل من دمياط و إلتقوا فانتصر أسد الدين وقتل ألوف من الفرنج قال إبن الأثير هو من اعجب ما ورخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج وقال في العبر ثم إستولى أسد الدين على الصعيد وتقوى بخراجها وأقامت الفرنج بالقاهرة حتى إستراشوا ثم قصدوا الأسكندرية وقد أخذها صلاح الدين فحاصروه أربعة أشهر ثم كر أسد الدين منجدا له فترحلت الملاعين وصالح شاور أسد الدين على خمسين ألف دينار اخذها ونزل الى الشام
وفيها على الصحيح توفي أحمد بن علي الغساني الأسواني عرف بالرشيد وتقدم الكلام عليه في السنة الماضية والصحيح وفاته هنا الكاتب الشاعر الفقيه النحوي اللغوي المنطقي المهندس الطبيب الموسيقي المنجم كان مفتيا وألف تآليف التحق فيها بالأوائل منها كتاب منية الألمعي وبينة المدعي يشتمل على علوم كثيرة ومنها المقامات على نسق مقامات الحريري وغير ذلك قال ابن شهبة في تاريخ الإسلام وكان مع جلالته أسود الجلد ذا شفة غليظة سمج الخلق قصيرا حكى ياقوت عه انه انقطع عن أصحابه يوما فحكى لهم أنه مر بموضع وإذا امرأة شابة حسنة نظرت إليه نظر مطمع له في نفسها فتوهم انه وقع منها بموقع فأشارت إليه بطرفها فتبعها حتى دخلت دارا وأشارت إليه فدخل وكشفت عن وجهها فإذا هي كالقمر ليلة تمامه ثم نادت ياست الدار فنزلت إليها طفلة كفلقة القمر فقالت لها أن عدت تبولين في الفراش خليت سيدنا القاضي يأكلك ثم قالت لا أعدمني الله فضلك يا سيدنا القاضي فخرجت وأنا خزيان قال فيه محمود بن قادوس
( أن قلت من نار خلقت وفقت كل الناس فهما ** )

سنة اثنتين وستين وخمسمائة

فيها سار أسد الدين المسير الثاني إلى مصر بمعظم جيش نور الدين فنازل الجزيرة شهرين و إستنجد وزير مصر ساور بالفرنج فدخلوا في النيل من دمياط و إلتقوا فانتصر أسد الدين وقتل ألوف من الفرنج قال إبن الأثير هو من اعجب ما ورخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج وقال في العبر ثم إستولى أسد الدين على الصعيد وتقوى بخراجها وأقامت الفرنج بالقاهرة حتى إستراشوا ثم قصدوا الأسكندرية وقد أخذها صلاح الدين فحاصروه أربعة أشهر ثم كر أسد الدين منجدا له فترحلت الملاعين وصالح شاور أسد الدين على خمسين ألف دينار اخذها ونزل الشام
وفيها على الصحيح توفي لأحمد بن علي الغساني الأسواني عرف بالرشيد وتقدم الكلام عليه في السنة الماضية والصحيح وفاته هنا الكاتب الشاعر الفقيه النحوي اللغوي المنطقي المهندس الطبيب الموسيقي المنجم كان مفتيا وألف تآليف التحق فيها بالأوائل منها كتاب منية الألمعي وبينة المدعي يشتمل على علوم كثيرة ومنها المقامات على نسق مقامات الحريري وغير ذلك قال ابن شبهة في تاريخ الإسلام وكان مع جلالته أسود الجلد ذا شفة غليظة سمج قصيرا حكى ياقوتت عه انه انقطع عن أصحابه يوما فحكى لهم أنه مر بموضع وإذا امرأة شابة حسنة نظرت إليه نظر مطمع له في نفسها فتوهم انه وقع منها بموقع فأشارت إليه بطرفها فتبعها حتى دخلت دارا وأشارت إليه فدخل وكشفت عن وجهها فإذا هي كالقمر ليلة تمامه ثم نادت ياست الدار فنزلت إليها طفلة كفلقة القمر فقالت لها أن عدت تبولين في الفراش خليت سيدنا القاضي يأكلك ثم قالت لا أعد مني الله فضلك يا سيدنا القاضي فخرجت وأنا خزيان قال فيه محمود بن قادوس
) أن قلت من نار خلقت وقفت كل الناس فهما ** )


( قلنا صدقت فما الذي ** أطفاك حتى صرت فحما )
ذهب رسولا إلى اليمن فأقام وتولى القضاء بها وضربت له السكة على الوجه الواحد قل هو الله أحد وعلى الآخر الأمام أبو الخير أحمد ثم قبض عليه وأنفذ مكبلا في الحديد إلى قوص فحبسه ابن طرخان في المطبخ ثم ورد كتاب الصالح بالإحسان إليه وأحضره مكرما فلما نزل شيركوه بالأسكندرية خرج بين يدي صلاح الدين وقاتل بين يديه وبلغ ذلك شاور فطلبه فلما حضر أركبه على جمل وعلى رأسه طرطور ووراؤه نفاط ينادي عليه والرشيد ينشد
( إن كان عندك يا زمان بقية ** مما تهين به الكرام فهاتها )
ثم يتلو القرآن ثم أمر به أن يصلب شنقا فلما أحضر للشنق جعل يقول للذي يولى ذلك عجل فلا رغبة لكريم في حياة بعد هذه الحال فصلب ثم بعد حين قتل شاور فلما أرادوا دفنه حفروا له قبرا فوجدوا الرشيد مدفونا فيه فدفنا معا ثم نقل كل واحد منهما إلى تربة بالقرافة وكان الساعي في صلبه الفقيه عمارة اليمنى وقال هذا أبو الفتن ثم أن الفقيه عمارة صلب كما سيأتي فأن المجازاة من جنس العمل والمرء مقتول بما قتل به ولما كان باليمن كتب إليه أخوه المهذب
( يا ربع أين ترى الأحبة يمموا ** هل انجدوا من بعدنا أم اتهموا )
( نزلوا من العين السواد وان نأوا ** ومن الفؤاد مكان ما أتكلم )
( رحلوا وفي القلب المعنى بعدهم ** وجد على مر الزمان مخيم )
( رحلوا وقد لاح الصباح وإنما ** تسرى إذا جن الظلام الأنجم )
وهي طويلة فأجابه الرشيد
( رحلوا فلا خلت المنازل منهم ** ونأوا فلا سلت الجوانح عنهم )
( وسروا وقد كتموا الغداة مسيرهم ** وضياء نور الشمس مالا يكتم )
( وتبدلوا ارض العقيق عن الحمى ** روت جفوني أي ارض يمموا )


) قلنا صدقت فما الذي ** أطفاك حتى صرت فحما )
ذهب رسولا إلى اليمن فأقام وتولى القضاء بها وضربت له السكة على الوجه الواحد قل هو الله أحمد وعلى الآخر الأمام أبو الخير أحمد ثم قبض عليه وأنفذ مكبلا في الحديث إلى قوص فحسبه ابن طرخان في المطبخ ثم ورد كتاب الصالح بالإحسان إليه وأحضره مكرما فلما نزل شيركوه بالأسكندرية خرج بين يدي صلاح الدين وقاتل بين يديه وبلغ ذلك شاور فطلبه فلما حضر أركبه على جمل وعلى رأسه طرطور ووراؤه نفاط ينادي عليه والرشيد ينشد
) إن كان عندك يا زمان بقية ** مما تهين به الكرام فهاتها )
ثم يتلو القرآن ثم أمر به أن يصلب شنقا فلما أحضر للشنق جعل يقول للذي يولى ذلك عجل فلا رغبة لكريم في حياة بعد هذه الحال فصلب ثم بعد حين قتل شاور فلما أرادوا ودفنه حفروا له قبرا فوجدوا الرشيد مدفونا فيه فدفنا معا ثم نقل كل واحد منهما إلى تربة بالقرافة وكان الساعي في صلبه الفقيه عمارة اليمنى وقال هذا أبو الفتن ثم أن الفقيه عمارة صلب كما سيأتي فأن المجازاة من جنس العمل والمرء مقتول بما قتل به ولما كان باليمن كتب إليه أخوه المهذب
) يا ربع أين ترى الأحبة يمموا ** هل انجدوا من بعدنا أم اتهموا )
) نزلوا من العين السواد وان نأوا ** ومن الفؤاد مكان ما أتكلم )
) رحلوا وفي القلب المنى بعدهم ** وجد على مر الزمان مخيم )
) رحلوا وقد لاح الصباح وإنما ** تسرى إذا جن الظلام الأنجم )
وهي طويلة فأجابه الرشيد
) رحلوا فلا خلت المنازل منهم ** ونأوا فلا سلت الجوانح عنهم )
) وسروا وقد كتموا الغداة مسيرهم ** وضياء نور الشمس مالا يكتم )
) وتبدلوا ارض العقيق عن الحمى ** روت جفوني أي ارض يمموا )


( نزلوا العذيب وإنما هي مهجتي ** نزلوا وفي قلبي المعنى خيموا )
( ما ضرهم لو ودعوا من أودعوا ** نار الغرام وسلموا من أسلموا )
( هم في الحشا إن اعرقوا أو أشأموا ** أو أيمنوا أو أنجدوا أو أتهموا )
( لا ذنب لي في البعد أعرفه سوى ** أني حفظت العهد لما خنتم )
( فأقمت حين ظعنتم وعدلت لما جرتم ** وسهرت لما بنتم )
وفيها خطيب دمشق أبو البركات الخضر بن شبل بن عبد الحارثي الدمشقي الفقيه الشافعي درس بالغزالية والمجاهدية وبنى له نور الدين مدرسته التي عند باب الفرج فدرس بها وتعرف الآن بالعمادية لأنه درس بها بعده العماد الكاتب فاشتهرت به قرأ على أبي الوحش سبيع صاحب الاهوازي وسمع من أبي الحسن بن الموازيني وأخذ عنه ابن عساكر وقال كان سديد الفتوى واسع الحفظ ثبتا في الرواية ذا ثروة ظاهرة وكان عالما بالمذهب ويتكلم في الأصول والخلاف مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة وتوفي في ذي القعدة ودفن بباب الفراديس
وفيها عبد الجليل بن ابي أسعد الهروي أبو محمد المعدل مسند هراة تفرد بالرواية عن عبد الرحمن كلار وغيره وعاش اثنتين وتسعين سنة وهو أكبر شيخ للحافظ عبد القادر الرهاوي
وفيها الحافظ أبو سعد السمعاني تاج الإسلام عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي الشافعي محدث المشرق وصاحب التصانيف الكثيرة والفوائد الغزيرة والرحلة الواسعة عمل معجم شيوخه في عشر مجلدات كبار قال ابن النجار سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ وهذا شيء لم يبلغه أحد قال وكان ظريفا واسع الرحلة صدوقا ثقة دينا جميل


) نزلوا العذيب وإنما هي مهجتي ** نزلوا وفي قلبي المعنى خيموا )
) ما ضرهم لو ودعوا من أودعوا ** نار الغرام وسلموا من أسلموا )
) هم في الحشا إن اعرقوا أو أشأموا ** أو أيمنوا أو أنجدوا أو أتهموا )
) لا ذنب لي في البعد أعرفه سوى ** أني حفظت العهد لما ختم )
) فأقمت حين ظغنتم وعدلت لما جرتم وسهرت لما بنتم ** )
وفيها خطيب دمشق أبو البركات الخضر بن شبل بن عبد الحارثي الدمشقي الفقيه الشافعي درس بالغزالية والمجاهدية وبنى له نور الدين مدرسته التي عند باب الفرج فدرس بها وتعرف الآن بالعمادية لأنه درس بها بعده العماد الكاتب فاشتهرت به قرأ على أبي الوحش سبيع صاحب الاهوازي وسمع من أبي الحسن بن الموازيني وأخذ عنه ابن عساكر وقال كان سديد الفتوى واسع الحفظ ثبتا في الرواية ذا ثروة ظاهرة وكان عالما بالمذهب ويتكلم في الأصول والخلاف مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة وتوفي في ذي القعدة ودفن بباب الفراديس
وفيها عبد الجليل بن اب أسعد الهروي أبو محمد المعدل مسند هراة تفرد بالرواية عن عبد الرحمن كلا وغيره وعاش اثنتين وتسعين سنة وهو أكبر شيخ للحافظ عبد القادر الرهاوي
وفيها الحافظ أبو سعد السمعاني تاج الإسلام عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي الشافعي محدث المشرق وصاحب التصانيف الكثيرة والفوائد الغزيرة والرحلة الواسعة عمل معجم شيوخه في عشر مجلدات كبار قال ابن النجار سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ وهذا شيء لم يبلغه أحد قال وكان ظريفا واسع الرحلة صدوقا ثقة دينا جميل

السيرة مليح التصانيف وسرد ابن النجار تصانيفه وذكر أنه وجدها بخطه فمنها الذيل على تاريخ الخطيب أربعمائة طاقة تاريخ مرو خمسمائة طاقة طراز الذهب في أدب الطلب مائة وخمسون طاقة وغير ذلك
انتهى ولد في شعبان سنة ست وخمسمائة وتوفي في غرة ربيع الأول بمرو
وفيها أبو شجاع البسطامي عمر بن محمد بن عبد الله الحافظ المفسر الواعظ المفتي الأديب المتفنن وله سبع وثمانون سنة سمع أبا القسم احمد بن محمد الخليلي وجماعة وانتهت إليه مشيخة بلخ وتفقه عليه جماعة مع الدين والورع تفرد برواية الشمائل ومسند الهيثم وابن كليب ومن تصانيفه كتاب لقطات العقول
وفيها قيس بن محمد بن عاصم السويقي الاصبهاني المؤذن الصوفي رحل وسمع ببغداد من أبي غالب بن الباقلاني وابن الطيوري وجماعة
وفيها ابن اللحاس أبو المعالي محمد بن محمد بن محمد بن الحيان الحريمي العطار سمع من طراد وطائفة وهو آخر من روى بالأجازة عن أبي القسم بن البسري وكان صالحا ثقة ظريفا لطيفا توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة
وفيها محمد بن الحسن بن حمدون صاحب التذكرة الحمدونية ولاه المستنجد ديوان الزمام ووقف المستنجد على كتابه فوجد فيه حكايات توهم غضاضة من الدولة فأخذ من دست منصبه وحبس إلى أن رمس
وفيها أبو طالب بن خضير المبارك بن علي البغدادي الصيرفي المحدث كتب الكثير عن أبي الحسن بن العلاف وطبقته وبدمشق عن هبة الله بن ألاكفاني وعاش ثمانين سنة وتوفي في ذي الحجة
وفيها مسند الآفاق مسعود الثقفي الرئيس المعمر أبو الفرج بن الحسن بن الرئيس المعتمد أبي عبد الله القسم بن الفضل الاصبهاني رحلة العصر توفي في رجب وله مائة سنة أجاز له عبد الصمد بن المأمون وأبو بكر الخطيب وسمع


السيرة مليح التصانيف وسرد ابن النجار تصانيفه وذكر أنه وجدها بخطه فمنها الذيل على تاريخ الخطيب أربعمائة طاقة تاريخ مرو وخمسمائة طاقة طراز الذهب في أدب الطلب مائة وخمسون طاقة وغير ذلك
انتهى ولد في شعبان سنة ست وخمسمائة وتوفي في غرة ربيع الأول بمور
وفيها أبو شجاع البسطامي عمر بن محمد بن عبد الله الحافظ المفسر الواعظ المفتي الأديب المتفنن وله سبع وثمانون سنة سمع أبا القسم احمد بن محمد الخليلي وجماعة وانتهت إليه مشيخة بلخ وتفقه عليه جماعة مع الدين والورع تفرد براوية الشمائل ومسند الهيثم وابن كليب ومن تصانيفه كتاب لقطات العقول
وفيها قيس بن محمد بن عاصم السويقي الاصبهاني المؤذن الصوفي رحل وسمع ببغداد من أبي غالب بن الباقلاني وابن الطيوري وجماعة
وفيها ابن اللحاس أبو المعالي محمد بن محمد بن محمد بن الحيان الحريمي العطار سمع من طراد وطائفة وهو آخر من روى بالأجازة عن أبي القسم بن البسري وكان صالحا ثقة ظريفا لطيفا توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة
وفيها محمد بن الحسن بن حمدون صاحب التذكرة والحمدونية ولاه المستنجد ديوان الزمام ووقف المستنجد على كتابه فوجد فيه حكايات توهم غضاضة من الدولة فأخذ من دست منصبه وحبس إلى أن رمس
وفيها أبو طالب نب خضير المبارك بن علي البغدادي الصير في المحدث كتب الكثير عن أبي الحسن بن العلاف وطبقته وبدمشق عن هبة الله بن ألا كفاني وعاش ثمانين سنة وتوفي في ذي الحجة
وفيها مسند الآفاق مسعود الثقفي الرئيس المعمر أبو الفرج بن الحسن بن الرئيس المعتمد أبي عبد الله القسم بن الفضل الاصبهاني رحلة العصر توفي في رجب وله مائة سنة أجاز له عبد الصمد بن المأمون وأبو بكر الخطيب وسمع

من جده وعبد الوهاب بن مندة وطبقتهما
وفيها هبة الله الحسن بن هلال الدقاق مسند العراق البغدادي سمع عاصم ابن الحسن وأبا الحسن الانباري وعمر نحوا من تسعين سنة توفي في المحرم وكان شيخا لا بأس به متدنيا قاله في العبر
وفيها الصاين العساكري هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الحافظ الفقيه الشافعي كان ثقة عمدة وجزم ابن ناصر الدين بوفاته في التي بعدها قال في بديعته
( ساد الفقيه الصاين العساكري ** ثناؤه ذا جامع المآثر )

سنة ثلاث وستين وخمسمائة

فيها أعطى نور الدين حمص وأعمالها لنائبه أسد الدين فبقيت بيد أولاده مائة سنة
وفيها توفي الباجسرائي بكسر الجيم وسكون المهملة نسبة إلى باجسرا بلد بنواحي بغداد التاني بمثناة فوقية وبالنون نسبة إلى التنائية وهي الدهقنة ويقال لصاحب الضياع والعقار أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة روى عن أبي البطر وطائفة توفي في رمضان وكان ثقة
وفيها أبو العباس أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف القطيعي الفقيه الحنبلي الواعظ ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة تقريبا وسمع الحديث بنفسه بعدما كبر من عبد الخالق بن يوسف والفضل بن سهل الاسفرائيني وابن ناصر الحافظ وغيرهم وتفقه على القاضي أبي حازم ولازمه حتى برع في الفقه وأفتى وناظر ووعظ ودرس وأشغل الطلبة وأفاد وقال ابن النجار برع في الفقه وتكلم في مسائل الخلاف وكان حسن المناظرة جريئا في الجدل ويعظ الناس على المنبر توفي يوم الأربعاء ثامن عشر رمضان ودفن بالحلة شرقي بغداد وهو والد أبي


من جده وعبد الوهاب وعبد الوهاب بن مندة وطبقتهما
وفيها هبة الله الحسن بن هلال الدقاق مسند العراق البغدادي سمع عاصم ابن الحسن وأبا الحسن الانباري وعمر نحوا من تسعين سنة توفي في المحرم وكان شيخا لا بأس به متدنيا قاله في العبر
وفيها الصاين العساكري هية الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الحافظ الفقيه الشافعي كان ثقة عمدة وجزم ابن ناصر الدين وبوفاته في التي بعدها قال قي بديعته
) ساد الفقيه الصاين العساكري ** ثناؤه ذا جامع المآثر )

سنة ثلاث وستين وخمسمائة

فيها أعطى نور الدين حمص وأعمالها لنائبه أسد الدين فبقيت بيد أولاده مائة سنة
وفيها توفي الباجسرائي بكسر الجيم وسكون المهملة نسبة إلى باجسرا بلد بنواحي بغداد التاني بمثناة فوقية وبالنون نسبة إلى التنائية وهي الدهقنة ويقال لصاحب الضياع والعقار أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة روى عن أبي البطر وطائفة توفي في رمضان وكان ثقة
وفيها أبو العباس أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف القطيعي الفقيه الحنبلي الواعظ ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة تقريبا وسمع الحديث بنفسه بعدما كبر من عبد الخالق بن يوسف والفضل بن سهل الاسفرائيني وابن ناصر الحافظ وغيرهم وتفقه على القاضي أبي حازم ولازمه حتى برع في الفقه وأفتى وناظر ووعظ ودرس وأشغل الطلبة وأفاد وقال ابن النجار برع في الفقه وتكلم في مسائل الخلاف وكان حسن المناظرة جرئيا في الجدل ويعظ الناس على المنبر توفي في يوم الأربعاء ثامن عشر رمضان ودفن بالحلة شرقي بغداد وهو والد أبي

الحسن القطيعي صاحب التاريخ ولم يسمع من والده هذا إلا حديثا واحدا وذكر أن له مصنفات كثيرة قال ابن رجب منها كتاب الشمول في النزول
وفيها أبو بكر أحمد بن المقرب الكرخي روى عن النعالي وطراد وطائفة وكان ثقة متوددا توفي في ذي الحجة وله ثلاث وثمانون سنة
وفيها قاضي القضاة أبو البركات جعفر بن قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي ولي قضاء العراق سبع سنين ولما مات ابن هبيرة ناب في الوزارة مضافا إلى القضاء فاستفظع ذلك وقد روى عن أبي الحصين وعاش ستا وأربعين سنة وتوفي في جمادي الآخرة
وفيها شاكر بن أبي الفضل الاسواري الاصبهاني سمع أبا الفتح السودرحاى وأبا مطيع وجماعة وتوفي في أواخر رمضان
وفيها أبو محمد الطامذي عبد الله بن علي الاصبهاني المقرئ العالم الزاهد المعمر روى عن طراد وجعفر بن محمد العباداني والكبار وتوفي في شعبان والطامذي بفتح الطاء المهملة والميم وبمعجمة نسبة إلى طامذ قرية بأصبهان
وفيها أبو النجيب السهروردي عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عموية والسهروردي بضم السين المهملة وسكون الهاء وفتح الراء والواو وسكون الراء الثانية ومهملة نسبة إلى سهرورد بلد عند زنجان الصوفي القدوة الواعظ العارف الفقيه الشافعي أحد الأعلام قدم بغداد وسمع علي بن نبهان وجماعة وكان إماما في الشافعية وعلما في الصوفية قال ابن الأهدل هو البكرى القرشي بينه وبين أبي بكر الصديق اثنا عشر رجلا بلغ مبلغا في العلم حتى لقب مفتي العراقين وقدوة الفريقين وكان شرح أحوال القوم ويتطيلس ويلبس لباس العلماء ويركب البغلة وترفع بين يديه الغاشية مر يوما على جزار وقد علق شاة مسلوخة فوقف الشيخ وقال ان هذه الشاة تقول إنها ميتة فغشى على الجزار وتاب على يد الشيخ انتهى وقال ابن قاضي شهبة حرر المذهب وأفتى وناظر


الحسن القطيعي صاحب التاريخ ولم يسمع من والده هذا إلا حديثا واحدا وذكر أن له مصنفات كثيرة قال ابن رجب منها كتاب الشمول في النزول
وفيها أبو بكر أحمد بن المقرب الكرخي روى عن النعالي وطراد وطائفة وكان ثقة متوددا توفي في ذي الحجة وله ثلاث وثمانون سنة
وفيها قاضي القضاة أبو البركات جعفر بن قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي ولي قضاء العراق سبع سنين ولما مات ابن هبيرة ناب في الوزارة مضافا إلى القضاء فاستفظع ذلك وقد روى عن أبي الحصين وعاش ستا وأربعين سنة وتوفي في جمادي الآخرة
وفيها شاكر بن أبي الفضل الاسواري الاصبهاني سمع أبا بالفتح السودرحاى وأبا مطيع وجماعة وتوفي في أواخر رمضان
وفيها أبو محمد الطامذي عبد الله بن علي الاصبهاني المقرئ العالم الزاهد المعمر روى عن طراد وجعفر بن محمد البعاداني والكبار وتوفي في شعبان والطامذي بفتح الطاء المهملة والميم وبمعجمة نسبة إلى طامذ قرية بأصبهان
وفيها أبو النجيب السهرودي عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عموية والسهرودي بضم السين المهملة وسكون الهاء وفتح الراء والواو وسكون الراء الثانية ومهملة نسبة إلى سهرود بلد عند زنجان الصوفي القدوة الواعظ العارف الفقيه الشافعي أحد الأعلام قدم بغداد وسمع علي بن نبهان وجماعة وكان إماما في الشافعية وعلما في الصوفية قال ابن الأهدل هو الكبرى القرشي بنيه وبين أبي بكر الصديق اثنا عشر رجلا بلغ مبلغا في العلم حتى لقب مفتي العراقين وقدوة الفريقين وكان شرح أحوال القوم ويتطيلس ويلبس لباس العلماء ويركب البغلة وترفع بين يديه الغاشية مر يوما على جزار وقد علق شاة مسلوخة فوقف الشيخ وقال ابن هذه الشاة تقول إنها ميتة فغشى على الجواز وتاب على يد الشيخ انتهى وقال ابن قاضي شبهة حرر المذهب وأفتى وناظر

وروى الحديث عن جماعة ثم مال إلى المعاملة فصحب الشيخ حماد الدباس وأحمد الغزالي وبني ببغداد رباطا ومدرسة واشتغل بالوعظ والتذكير والدعاء إلى الله تعالى والتحذير ودرس بالنظامية سنتين وكانت له محافيظ جيدة في التفسير وفي الفقه واصوله وأصول الدين وأخذ عند خلائق مولده في صفر سنة تسعين وأربعمائة تقريبا وتوفي في جمادي الآخرة انتهى وقال الأسنوي ظهرت بركته على أصحابه وصار شيخ العراق في وقته وبنى الخربة التي كان يأوى إليها رباطا وسكنه جماعة من صالحى أصحابه وبنى إلى جانبه مدرسة وصار ملاذا يعتصم به الخائف من الخليفة فمن دونه وتوجه إلى الشام سنة سبع وخمسين وخمسمائة لزيارة بيت المقدس فلم يتفق له ذلك لأنفساخ الهدنة بين المسلمين والفرنج خذلهم الله تعالى فأقام بدمشق مدة يسيرة وعقد له مجلس الوعظ وأكرم الملك العادل مورده وعاد إلى بغداد فتوفي بها يوم الجمعة وقت العصر سابع جمادي الآخرة ودفن بكرة الغد في مدرسته انتهى
وفيها زين الدين صاحب اربل علي بن كوجك بن بكتكين التركماني الفارس المشهور والبطل المذكور ولقب بكوجك وهو بالعربي اللطيف القد والقصير وكان مع ذلك معروفا بالقوة المفرطة والشهامة وهو ممن حاصر المقتفي وخرج عليه ثم حسنت طاعته وكان جوادا معطاء فيه عدل وحسن سيرة ويقال إنه تجاوز المائة وتوفي في ذي الحجة
وفيها أبو الحسن بن تاج القراء علي بن عبد الرحمن الطوسي ثم البغدادي روى عن أبي عبد الله البانياسي وجماعة وكان صوفيا كبيرا توفي في صفر عن سن عالية
وفيها أبو الحسن بن الصابي محمد بن إسحق بن محمد بن هلال بن الحسن ( ) البغدادي من بيت كتابة وأدب سمع النعالي وغيره وكان ثقة توفي في ربيع الاول عن اثنتين وثمانين سنة


وروى الحديث عن جماعة ثم مال إلى المعاملة فصحب الشيخ حماد الدباس وأحمد الغزالي وبني ببغداد باطا ومدرسة واشتغل بالوعظ والتذكير والدعاء إلى الله تعالى والتحذير ودرس بالنظامية سنتين وكانت له محافيظ جيدة في التفسير وفي الفقه واصوله وأصول الدين وأخذ عند خلائق مولده في صفر سنة تسعين وأربعمائة تقريبا وتوفي في جمادي الآخرة انتهى وقال الأسنوي ظهرت بركته على أصحابه وصار شيخ العراق في وقته وبنى الخربة التي كان يأوى إليها رابطا وسكنه جماعة من صالحى أصحابه وبنى إلى جانبه مدرسة وصار ملاذا يعتصم به الخائف من الخليفة فمن دونه وتوجه إلى الشام سنة سبع وخمسين وخمسمائة لزيارة بيت المقدس فلم يتفق له ذلك لأنفساح الهدنة بين المسلمين والفرنج خذ لهم الله تعالى فأقام بدمشق مدة يسيرة وعقد له مجلس الوعظ وأكرم الملك العاجل مورده وعاد إلى بغداد فتوفي بها يوم الجمعة وقت العصر سابع جمادي الآخرة ودفن بكرة الغد في مدرسته انتهى
وفيها زين الدين صاحب اربل علب بن كوجك بن بكتكين التركماني الفارس المشهور والبطل المذكور ولقب بكوجك وهو بالعربي اللطيف القد والقصير وكان مع ذلك معروفا بالقوة المفرطة والشهامة وهو ممن حاصر المقتفي وخرج عليه ثم حسنت طاعته وكان جوادا معطاء فيه عدل وحسن سيرة ويقال إنه تجاوز المائة وتوفي في ذي الحجة
وفيها أبو الحسن بن تاج القراء علي بن عبد الرحمن الطوسي ثم البغدادي روى عن أبي عبد الله البانياسي وجماعة وكان صوفيا كبيرا توفي في صفر عن سن عالية
وفيها أبو الحسن بن الصابي بن إسحق بن محمد بن هلال بن الحسن البغدادي من بيت كتابه وأدب سمع النعالي وغيره وكان ثقة توفي في ربيع الاوى ل عن اثنتين وثمانين سنة


وفيها أبو الفتح محمد بن عبد المجيد السمرقندي صاحب التعليقة والمعترض والمختلف على مذهب ابي حنيفة وكان من فرسان الكلام شحيحا بكلامه كانوا يوردون عليه الأسئلة وهو عالم بجوابها فلا يذكره شحا لئلا يستفاد منه وينقطع ولا يذكرها ترك المناظرة إلى أن مات
وفيها الجياني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله بن ياسر الأنصاري الاندلسي تفقه بدمشق على نصر الله المصيصي وأدب بها قال ابن عساكر ثم زاملني إلى بغداد وسمع من ابن الحسين وبمرو من أبي منصور الكراعي وبنيسابور من سهل المسجدي وطائفة ثم سكن في الآخر حلب وكان ذا معرفة جيدة بالحديث
وفيها الشريف الخطيب أبو الفتوح ناصر بن الحسين الحسيني المصري شيخ الاقراء قرأ على أبي الحسين الخشاب وغيره وتصدر للأقراء وحدث عن محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي وتوفي يوم عيد الفطر وله إحدى وثمانون سنة
وفيها نفيسة البزازة وأسمها أيضا فاطمة بنت محمد بن علي البغدادية روت عن النعالي وطراد وتوفيت في ذي الحجة
وفيها الصائن أبو الحسين هبة الله بن محفوظ بن صصري الدمشقي التغلبي سمع الكثير ومات بدمشق ودفن بباب توما عند أهله وكان صالحا ثقة
وفيها هبة الله بن أبي عبد الله بن كامل بن حبيش البغدادي الصوفي الفقيه الحنبلي أبو علي سمع من القاضي أبي بكر بن عبد الباقي وغيره وتفقه علي أبي علي بن القاضي وتقدم على جماعة من المتصوفة وكان من أهل الدين توفي في المحرم ودفن بمقبرة الأمام احمد قريبا من بشر الحافي ذكر ابن الجوزى وغيره


وفيها أبو الفتح محمد بن عبد المجيد السمر قندي صاحب التعليقة والمعترض والمختلف على مذهب وكان من فرسان الكلام شحيحا بكلامه كانوا يوردون عليه الأسئلة وهو عالم بجوابها فلا يذكره شحا لئلا يستفاد منه وينقطع ولا يذكرها ترك المناظرة إلى أن مات
وفيهت الجياني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله بن ياسر الأنصاري الاندلسي تفقه بدمشق على نصر الله المصيصي وأدب بها قال ابن عساكر ثم زاملني إلى بغداد وسمع من ابن الحسين وبمرو من أبي منصور الكراعي وبنيسابور من سهل المسجدي وطائفة ثم سكن في الآخر حلب وكان ذا معرفة جيدة بالحديث
وفيها الشريف الخطيب أبو الفتوح ناصر بن الحسين الحسيني المصري شيخ الاقراء علي أبي الحسين الخشاب وغيره وتصدر للأقراء وحدث من محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي وتوفي عيد الفطر وله إحدى وثمانون سنة
وفيها نفيسة البزازة وأسمها أيضا فاطمة بنت محمد بن علي البغدادية روت عن النعالي وطراد وتوفيت في ذي الحجة
وفيها الصائن أبو الحسين هبة الله بن محفوظ بن صصري الدمشقي التغلبي سمع الكثير ومات بدمشق ودفن بباب توما عند أهله وكان صالحا ثقة
وفيها هبة الله بن أبي عبد الله بن كامل بن حبيش البغدادي الصوفي الفقيه الحنبلي أبو علي سمع من القاضي أبي بكر بن عبد الباقي وغيره وتفقه علي أبي علي بن القاضي وتقدم على جماعة من المتصوفة وكان من أهل الدين توفي في المحمر ودفن بمقبرة الأمام قريبا من بشر الحافي ذكر ابن الجوزى وغيره

سنة أربع وستين وخمسمائة

فيها سار أسد الدين سيره الثالث إلى مصر وذلك أن الفرنج قصدوا الديار المصرية وملكوا بلبيس واستباحوها ثم حاصروا القاهرة وأخذوا كل ما كان خارج السور فبذل شاور لملك الفرنج مرى ألف ألف دينار ويعجل له بعضها فأجاب فحمل إليه مائة ألف دينار وكاتب نور الدين واستصرخ به وسود كتابة وجعل في طيه ذوائب نساء القصر وواصل الكتب يستحثه وكان بحلب فساق إليه أسد الدين من حمص فأخذ يجمع العساكر ثم توجه في عسكر لجب يقال كانوا سبعين الفا من بين فارس وراجل فتقهقر الفرنج ودخلوا القاهرة في ربيع الآخر وجلس أسد الدين في دست الحكم وخلع عليه العاضد خلع السلطنة وعهد إليه بوزارته وقبض على شاور فأرسل إليه العاضد يطلب رأس شاور فقطع وأرسل إليه فلم ينشب أسد الدين
شيركوه ومعناه بالعربي الجبل بن شادي بن مروان الملك المنصور بعد شهرين أقام في الوزارة شهرين وأياما وكان أحد الأبطال يضرب بشجاعته المثل وكان الفرنج يهابونه ولقد حاصروه وبلبيس ولها سور فلم يجسروا أن يناجزوه خوفا منه وكان كثير الأكل للحوم الغليظة فكانت تورث عليه التخم والخوانيق فاعتراه خانوق فمات منه فجأة ودفن بظاهر القاهرة إلى أن توفي أخوه نجم الدين أيوب فحملا جميعا إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وقلد العاضد منصبه ابن أخيه صلاح الدين بن يوسف بن نجم الدين ولقبه بالملك الناصر
وفيها آبق الملك المظفر محي الدين صاحب دمشق قبل نور الدين وابن صاحبها جمال الدين محمد بن تاج الملوك بورى التركي ثم الدمشقي ولد ببعلبك في أمرة أبيه عليها وولى دمشق بعد أبيه خمس عشرة سنة وملكوه وهو دون البلوغ وكان المدبر لدولته أنز فلما مان أنز انبسطت يد آبق ودبر الأمور

سنة أربع وستين وخمسمائة

فيها سار أسد الدين سيره الثالث إلى مصر وذلك أن الفرنج قصدوا الديار المصرية وملكوا بلبيس واستباحوها ثم حاصروا القاهرة وأخذوا كل ما كان خارج السور فبذل شاور لملك الفرنج مرى ألف ألف دينار ويعجل له بعضها فأجاب فحمل إليه مائة ألف دينار وكاتب نور الدين واستصرخ به وسود كتابة وجعل في طيه ذوائب نساء القصر وواصل الكتب يستحثه وكان بجلب فساق إليه أسد الدين من حمص فأخذ يجمع العساكر ثم توجه عسكر لجب يقال كانوا سبعين الفاا من بين فارس وراجل فتقهقر الفرنج ودخلوا القاهرة في ربعي الآخر وجلس أسد الدين في دست الحكم وخلع عليه العاضد خلع السلطنة وعهد إليه بوزارته وقبض على شاور فأرسل إليه العاضد يطلب رأس شاور فقطع وأرسل إليه فلم ينشب أسد الدين
شيركوه ومعناه بالعربي الجبل بن شادي بن مروان الملك المنصور بعد شهرين أقام في الوزارة شهرين وأياما وكان أحد الأبطال يضرب بشجاعته المثل وكان الفرنج يهابونه ولدق حاصروه وببلبيس ولها سور فلم يجسروا أن يناجزوه خوفا منه وكان كثير الأكل للحوم الغليظة فكانت تورث عليه التخم والخوانيق فاعتراه خانوق فمات منه فجأة ودفن بظاهر القاهرة إلى أن توفي أخوه نجم الدين أيوب فحملا جميعا إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وقلد العاضد منصبه ابن أخيه صلاح الدين بن يوسف بن نجم الدين ولقبه بالملك الناصر
وفيها آبق الملك المظفر محي الدين صاحب دمشق قبل نور الدين وابن صاحبها جمال الدين محمد بن تاج الملوك بورى التركي ثم الدمشقي ولد ببعلبك في أمرة أبيه عليها وولى دمشق بعد أبيه خمس عشرة سنة وملكوه وهو دون البلوغ وكان المدبر لدولته أنز فلما مان أنز انبسطت يد آبق ودبر الأمور

الوزير الرئيس أبو الفوارس المسيب بن علي بن الصوفي ثم غضب عليه وأبعده إلى صرخد واستوزر أخاه أبا البيان حيدرة مدة ثم أقدم عطاء بن حفاظ من بعلبك وقدمه على العسكر وقتل حيدرة ثم قتل عطاء ولما انفصل عن دمشق توجه إلى بالس ثم إلى بغداد فأقطعه المقتفي خبزا وأكرم مورده
وفيها شاور بن مجير بن نزار السعدي أبو شجاع ولاه ابن رزبك أمرة الصعيد فتمكن وكان شهما شجاعا مقداما ذا هيبة فحشد وجمع وتوثب علي مملكة الديار المصرية وظفر بالعادل رزبك بن الصالح طلايع من رزبك وزير العاضد فقتله ووزر بعده فلما خرج عليه ضرغام فر إلى الشام فأكرمه نور الدين وأعانه على عوده إلى منصبه فاستعان بالفرنج على دفع أسد الدين عنه وجرت له أمور طويلة وفي الآخر وثب عليه خرد بك النوري فقتله في جمادي الأولى لأن أسد الدين تمارض فعاده شاور فقبضوا عليه وقتلوه كما تقدم
وفيها أبو محمد عبد الخالق بن أسد الدمشقي الحنفي المحدث مدرس الصادرية والمعتبية روى عن عبد الكريم بن حمزة وإسماعيل بن السمرقندي وطبقتهما ورحل إلى بغداد وأصبهان وخرج لنفسه المعجم ومن شعره
( قال العواذل ما أسم من ** أضنى فؤادك قلت أحمد )
( قالوا أتحمده وقد ** أضنى فؤادك قلت أحمد )
وفيها سعد الله بن نصر بن سعيد المعروف بابن الدجاجي وبابن الحيواني الفقيه الحنبلي المقرئ الواعظ الصوفي الأديب أبو الحسن ويلقب مهذب الدين ولد في رجب سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة وقرأ بالروايات على أبي الخطاب الكلوذاني وغيره وتفقه على أبي الخطاب حتى برع وروى عن ابن عقيل كتاب الانتصار لأهل السنة قال ابن الخشاب هو فقيه واعظ حسن الطريقة سمعت منه وقال ابن الجوزى تفقه ودرس وناظر ووعظ


الوزير الرئيس أبو الفوارس المسيب بن علي بن الصوفي ثم غضب عليه وأبعده إلى صرخد واستوزره أخاه أبا البيان حيدرة مدة ثم أقدم عطاء بن حفاظ من بعلبك وقدمه على العسكر وقتل حيدرة ثم قتل عطاء ولما انفصل عن دمشق توجه إلى بالس ثم إلى بغداد فأقطعه المقتفي خبزا وأكرم مورده
وفيها شاور بن مجير بن نزار السعدي أبو شجعاع ولاده ابن رزبك أمرة الصعيد فتمكن وكان شهما شجاعا مقداما ذا هيبة فحشد وجمع وتوثب علي مملكة الديار المصرية وظفر بالعادل رزبك بن الصالح طلايع بنرزبك وزير العاضد فقتله ووزر بعده فلما خرج عليه ضرغام فر إلى الشام فأكرمه نور الدين وأعانه على عوده إلى منصبه فاستعان بالفرنج على دفع أسد الدين عنه وجرت له أمور طويلة وفي الآخر وثب عليه خرد بك النوري فقتله في جمادي الأولى لأن أسد الدين تمارض فعاده شاور فقبضوا عليه وقتلوه كما تقدم
وفيها أبو محمد عبد الخالق بن أسد الدمشقي الحنفي المحدث مدرس الصادرية والمعتبية روى عن عبد الكريم بن حمزة وإسماعيل بن السمر قندي وطبقتهما ورحل إلى بغداد وأصبهان وخرج لنفسه المعجم ومن شعره
) قال العواذل ما أسم من ** أضنى فؤادك قلت أحمد )
) قالوا أتحمده وقد ** أضنى فؤادك قلت أحمد )
وفيها سعد الله بن نصر بن سعيد المعروف بابن الدجاجي وبابن والحيواني الفقيه الحنبلي المقرئ الواعظ الصوفي الأديب أبو الحسن ويلقب مهذب الدين ولد في رجب سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة وقرأ بالروايات علي أبي الخطاب الكلوذاني وغيره وتفقه علي أبي الخطاب حتى برع وروى عن ابن عقيل كتاب الانتصار لأهل السنة قال ابن الخشاب هو فقيه واعظ حسن الطريقة سمعت منه وقال ابن الجوزى تفقه ودرس وناظر ووعظ

وكان لطيف الكلام حلو الإيراد ملازما لمطالعة العلم إلى أن مات وقال ابن نقطة حدثنا عنه جماعة من شيوخنا وكان ثقة وقال ابن الجوزى سئل في مجلس وعظه وأنا أسمع عن أخبار الصفات فنهى عن التعرض وأمر بالتسليم وأنشد
( أبي الغائب الغضبان يا نفس أن يرضي ** وأنت التي صيرت طاعته فرضا )
( فلا تهجري من لا تطيقين هجره ** وان هم بالهجران خديك والارضا )
ومن شعره
( ملكتم مهجتي بيعا ومقدرة ** فأنتم اليوم أغلالي وأغلى لي )
( علوت فخرا ولكني ضنيت هوى ** وأنتم اليوم أعلالي وأعلا لي )
( أوصى لي البين أن أسقي بحبكم ** فقطع البين أوصالي وأوصى لي )
توفي يوم الاثنين ثاني عشر شعبان ودفن بمقبرة الرباط ثم نقل بعد خمسة أيام فدفن على والديه بمقبرة الأمام أحمد
وفيها أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي شيخ المقرئين بالأندلس ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة وقرأ القراءات على ابن داود ولازمه أكثر من عشر سنين وكان زوج أمه فأكثر عنه وهو أثبت الناس فيه وروى الصحيحين وسنن أبي داود وغير ذلك قال الأبار كان منقطع القرين في الفضل والزهد والورع مع العدالة والتواضع والأعراض عن الدنيا والتقلل منها صواما قواما كثير الصدقة انتهت إليه الرياسة في صناعة الاقراء وحدث عن جلة لا يحصون وتوفي في رجب
وفيها القاضي زكي الدين أبو الحسن علي بن القاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي قاضي دمشق هو وأبوه وجده واستعفى من القضاء فاعفى وسار فحج من بغداد وعاد إليها فتوفي بها وله سبع وخمسون سنة
وفيها أبو الفتح بن البطي الحاجب محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان


وكان لطيف الكلام حلو الإيراد ملازما لمطالعة العلم إلى أن مات وقال ابن نقطة حدثنا عنه جماعة من شيوخنا وكان ثقة وقال ابن الجوزى سئل في مجلس وعظه وأنا أسمغ عن أخبار الصفات فنهى عن التعرض وأمر بالتسليم وأنشد
) أبي الغائب الغضبان يا نفس أن يرضي ** وأنت التي صيرت طاعته فرضا )
) فلا تهجري من لا تطيقين هجره ** وان هم بالهجران خديك والارضا )
ومن شعره
) ملكتم مهجتي بيعا ومقدرة ** فأنتم اليوم أغلالي وأغلى لي )
) علوت فخرا ولكني ضنيت هوى ** وأنتم اليوم أعلالي وأعلا لي )
) أوصى لي البين أن أسقي بحبكم ** فقطع البين أو صالى وأوصى لي )
توفي في يوم الاثنين ثاني عشر شعبان ودفن بمقبرة الرباط ثم نقل بعد خمسة أيام فدفن على والديه بمقبرة الأمام أحمد
وفيها أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي شيخ المقرئين بالأندلس ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة وقرأ القراءات علي ابن داود ولازمه أكثر من عشر سنين وكان زوج أمه فأكثر عنه وهو أثبت الناس فيه وروى الصحيحين وسنن أبي داود وغير ذلك قال الأبار كان منقطع القرين في الفضل والزهد والورع مع العدالة والتواضع والأعراض عن الدنيا والتقلل منها صواما قواما كثير الصدقة انتهت إليه الرياسة في صناعة الاقراء وحدث عن جلة لا يحصون وتوفي في رجب
وفيها القاضي ذكي الدين أبو الحسن علي بن القاضي المنتجب أن المعالي محمد بن يحيى القرشي قاضي دمشق هو أبوه وجده واستعفى من القضاء فاعفى وسار فحج من بغداد وعاد إليها فتوفي بها وله سبع وخمسون سنة
وفيها أبو الفتح بن البطي الحاجب محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان

البغدادي مسند العراق وله سبع وثمانون سنة أجاز له أبو نصر الزينبي وتفرد بذلك وبالرواية عن البانياسي وعاصم بن الحسن وعلي بن محمد بن محمد الأنباري والحميدي وخلق وكان دينا عفيفا محبا للرواية صحيح الأصول توفي في جمادي الأولى
وفيها أبو عبد الله الفارقي الزاهد محمد بن عبد الملك نزيل بغداد كان يعظ ويذكر من كلفه وللناس فيه اعتقاد وكان صاحب أحوال وكرامات ومجاهدات ومقامات عاش ثمانين سنة
وفيها القاضي أبو المعالي محمد بن علي بن الحسن القرشي العثماني صاحب الفنون في أنواع العلم هنأ صلاح الدين بن أيوب بفتح حلب بقصيدة هائلة منها
( وفتحك القلعة الشهباء في صفر ** مبشر بفتوح القدس في رجب )
فكان كما قال قاله ابن الأهدل
وفيها محمد بن المبارك بن الحسين بن إسماعيل البغدادي الفقيه الحنبلي القاضي أبو البركات المعروف بابن الحصرى ذكره ابن الجوزى وقال صديقنا ولد سنة عشر وخمسمائة وقرأ القرآن وسمع الحديث من ابن البناء وغيره وتفقه على القاضي أبي يعلى وناظر وولى القضاء بقرية عبد الله من واسط توفي رحمه الله تعالى فجأة في رجب
وفيها معمر بن عبد الواحد الحافظ أبو أحمد بن الفاخر القرشي العبشمي الأصبهاني المعدل عاش سبعين سنة سمع من أبي الفتح الحداد وأبي المحاسن الروياني وخلق وببغداد من أبي الحصين وعنى بالحديث وجمعه ووعظ بأصبهان وأملى وقدم بغداد مرات يسمع أولاده وتوفي في ذي القعدة بطريق الحجاز وكان ذا قبول ووجاهة


البغدادي مسند العراق وله سبع وثمانون سنة أجاز أبو نصر الزينبي وتفرد بذلك وبالرواية عن البانياسي وعاصم بن الحسن وعلي بن محمد بن محمد الأنباري والحميدي وخلق وكان دينا عفيفا محبا للرواية صحيح الأصول توفي في جمادي الأولى
وفيها أبو عبد الله الفارقي الزاهد محمد بن عبد الملك نزيل بغداد كان يعظ ويذكر من كلفه ولناس فيه اعتقاد وكان صاحب أحوال وكرامات ومجاهدات ومقامات عاش ثمانين سنة
وفيها القاضي أبو المعالي محمد بن علي بن الحسن القرشي العثماني صاحب الفنون في أنواع العلم هنأ صلاح الدين بن أيوب بفتح حلب بقصيدة هائلة منها
) وفتحك القلعة الشهباء في صفر ** مبشر بفتوح القدس في رجب )
فكان كما قال
قاله ابن الهدل
وفيها محمد بن المبارك بن الحسين بن إمساعيل البغدادي الفقيه الحنبلي القاضي أبو البركات المعروف وقرا القرآن وسمع الحديث من ابن البناء وغيره وتفقه علي القاضي أبي يعلى وناظر وولى القضاء بقرية عبد الله من واسط توفي رحمه الله تعالى فجأة في رجب
وفيها معمر بن عبد الواحد الحافظ أبو الحافظ أبو أحمد بن الفخر القرشي العبشمي الأصبهاني المعدل عاش سبعين سنة سمع من أبي الفتح الحداد وأبي المحاسن الروياني وخلق وببغداد من أبي الحصين وغنى بالحديث وجمعه ووعظ بأصبهان وأملى وقدم بغداد مرات يسمع أولاده وتوفي في ذي القعدة بطريق الحجاز وكان ذا قبول ووجاهة

سنة خمس وستين وخمسمائة

في شوال منها كانت الزلزلة العظمي بالشام وقع معظم دمشق وشرفات جامع بني أمية ووقع نصف قلعة حلب والبلد وهلك من أهلها ثمانون ألفا ووقعت قلعة حصن الاكراد ولم يبق لسورها أثر
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي ثم البغدادي الحافظ الفقيه الحنبلي أحد العلماء المعدلين والفضلاء والمحدثين سمع قاضي المارستان وطبقته وقرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط وغيره ولازم أبا الفضل الحافظ ابن ناصر وكان يقتفي أثره ويسلك مسلكه قال ابن النجار كان حافظا متقنا ضابطا محققا حسن القراءة صحيح النقل ثبتا حجة نبيلا ورعا متدينا تقيا متمسكا بالسنة على طريق السلف صنف تاريخا على السنين بدأ فيه بالسنة التي توفي فيها أبو بكر الخطيب وهي سنة ثلاث وستين وأربعمائة إلى بعد الستين وخمسمائة انتهى
وتوفي يوم الأربعاء بعد الظهر ثالث أيام ودفن على أبيه في دكة الأمام أحمد وله خمس وأربعون سنة
وفيها أبو بكر بن النقور عبد الله بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد البغدادي البزاز ثقة محدث من أولاد الشيوخ سمع العلاف وابن الطيوري وطائفة وطلب بنفسه مع الدين والورع والتحري وتوفي في شعبان وله اثنتان وثمانون سنة
وفيها أبو المكارم بن هلال عبد الواحد بن أبي طاهر محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال الازدي سمع من عبد الكريم الكوطائي ومن النسيب وغيرهما وكان رئيسا جليلا كثير العبادة والبر وتوفي في جمادي الآخرة وأجاز له الفقيه نصر

سنة خمس وستين وخمسمائة

في شوال منها كانت الزلزل ة العظمي بالشام وقع معظم دمشق وشرفات جامع بني أمية ووقع نصف قلعة حلب والبلد وهلك من أهلها ثمانون والفا ووقعت قلعة حصن الاكراد ولم يبق لسورها أثر
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي ثم البغدادي الحافظ الفقيه الحنبلي أحد العلماء المعدلين والفضلاء والمحدثين سمع قاضي المارستان وطبقته وقرأ القراءات علي أبي محمد سبط الخياط وغيره ولازم أبا الفضل الحافظ ابن ناصر وكان يقتفي أثره ويسلك مسلكه قال ابن النجار كان حافظا متقنا ضابطا محققا حسن القراءة صحيح النقل ثبتا حجة نبيلا ورعا متدينا تقيا متمسكا بالسنة على طريق السلف صنف تاريخا على السنين بدأ فيه بالسنة التي توفي فيها أبو بكر الخطيب وهي سنة ثلاث وستين وأربعمائة إلى بعد الستين وخمسمائة انتهى
وتوفي يوم الأربعاء بعد الظهر ثالث أيام ودفن على أبيه في دكة الأمام أحمد وله خمس وأربعون سنة
وفيها أبو بكر بن القنور عبد الله بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد البغدادي البزاز ثقة محدث من أولاد الشيوخ سمع العلاف وابن الطيوري وطائفة وطلب بنفسه مع الدين والورع والتحري وتوفي في شعبان وله اثنتان وثمانون سنة
وفيها أبو المكارم بن هلال عبد الواحد بن أبي طاهر محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال الازدي سمع من عبد الكريم الكوطائي ومن النسيب وغيرهما وكان رئيسا جليلا كثير العبادة والبر وتوفي في جمادي الآخرة وأجاز له الفقيه نصر


وفيها علي بن روان بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حمير الكندي البغدادي النحوي الأديب الحنبلي شمس الدين سمع أبا الحسن ابن عم الشيخ تاج الدين وقرأ وكتب الطباق بخطه على يحيى بن البنا وغيره وقرأ النحو و اللغة على إبن الجواليقي ثم قدم دمشق وأدرك شرف الإسلام إبن الجيلي وصحبه وكان أعلم باللغة والنحو من إبن عمه أبي اليمن ومن شعره
( درت عليك غوادي المزن يا دار ** ولا عفت منك آيات وآثار )
( دعاء من لعبت أيدي الغرام به ** وساعدتها صبابات وتذكار )
وفيها على ما قاله إبن الأهدل إبن عدي مصنف كتاب الكامل في الضعفاء كان حافظ وقته واليه المنتهى في فنه خلا أن فيه لحنا لأنه كان فيه عجمة ولا يعرف العربية انتهى
وفيها فورجة أبو القسم محمود بن عبد الكريم الأصبهاني التاجر روى عن أبي بكر بن ماجه وسليمان الحافظ وأبي عبد الله الثقفي وغيرهم وتوفي بأصبهان في صفر وبه ختم جزء لوين
وفيها مودود السلطان قطب الدين الأعرج صاحب الموصل وابن صاحبها أتابك زنكي تملك بعد أخيه سيف الدين غازي فعدل وأحسن السيرة توفي في شوال عن نيف وأربعين سنة وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة وكان محببا إلى الرعية

سنة ست وستين وخمسمائة

فيها سار نور الدين إلى سنجار ففتحها وسلمها إلى ابن أخيه عماد الدين زنكي ثم سار وفتح الموصل وأعطى الشيخ عمر ستين ألف دينار وأمره بعمارة الجامع النوري وسط البلد
وفيها قتل الوزير أبو جعفر بن البلذي لأن المستضئ الخليفة لما ولى الخلافة


وفيها علي بن روان بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حمير الكندي البغدادي النحوي الأديب الحنبلي شمس الدين سمع أبا الحسن ابن عم الشيخ تاج الدين وقرأ وكتب الطباق يخطه على يحيى بن البنا وغيره وقرأ النحو اللغة على إبن الجو اليقي ثم قدم دمشق وأدرك شرف الإسلام إبن الجيلي وصحبه وكان أعلم باللغة والنحو من إبن عمه أبي اليمن ومن شعره
) درت عليك غوادي المزن يا دارا ** ولا عفت منك آيات وآثار )
) دعاء من لعبت أيدي الغرام به ** وساعدتها صبابات وتذكار )
وفيها على ما قاله إبن الأهدل إبن عدي مصنف كتاب الكامل في الضعفاء كان حافظ وقته واليه المنتهى في فنه خلا أن فيه لحنا لأنه كان فيه عجمة ولا يعرف العربية انتهى
وفيها فورجة أبو القسم محمود بن عبد الكريم الأصبهاني التاجر روى عن أبي بكر بن ماجه وسليمان الحافظ وأبي عبد الله الثقفي وغيرهم وتوفي بأصبهان في صفر وبه ختم جزء لوين
وفيها مودود السلطان قطب الدين الأعرج صاحب الموصل وابن صاحبها أتابك زنكي تملك بعد أخيه سيف الدين غازي فدعل وأحسن السيرة توفي في شوال عن نيف وأربعين سنة وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة وكان محببا إلى الرعية

سنة ست وستين وخمسمائة

فيها سار نور الدين إلى سنجار ففتحها وسلمها إلى ابن أخيه عماد الدين زنكي ثم سار وفتح الموصل وأعطى الشيخ عمر ستين ألف دينار وأمره بعمارة الجامع النوري وسط البلد
وفيها قتل الوزير أبو جعفر بن البلذي لأن المستضئ الخليفة لما ولى الخلافة


في هذا العام استوزر أبا محمد بن عبد الله بن رئيس الرؤساء فانتقم من ابن البلدي وقتله وألقى في دجلة ن
وفيها أبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ثم الهمذاني ولد بالري سنة إحدى وثمانين وأربعمائة وسمع بها من المقومي وبالدون من عبد الرحمن بن أحمد الدوني وبهمذان من عبدوس وبالكرخ من السلارمكى وبساوه من الكامخي وروى الكثير وكان رجلا جيدا عريا من العلوم قاله في العبر توفي بهمذان في ربيع الآخر
وفيها أبو مسعود الحاجي عبد الرحيم بن أبي الوفاء علي بن أحمد الأصبهاني الحافظ المعدل سمع من جده غانم البرجي ورحل فسمع بنيسابور من السيروي وببغداد من ابن الحصين توفي في شوال في عشر الثمانين
وفيها محمد بن حامد بن حمد بن عبد الواحد بن علي بن أبي مسلم الأصبهاني الواعظ الحنبلي أبو سعيد ويعرف برمس سمع أبا مسعود السورحاني ويحيى ابن مندة وغيرهما وحدث ببغداد وغيرها وكان من أعيان الوعاظ وله القبول التام عند العوام توفي في سلخ شعبان
وفيها النفيس بن مسعود بن أبي الفتح بن سعيد بن علي المعروف بابن صعوة السلامي الفقيه الحنبلي أبو محمد قرأ القراءات وتفقه على أبي الفتح بن المنى ووعظ واحتضر في شبابه فتوفي يوم الثلاثاء تاسع شوال ودفن بمقبرة الأمام أحمد قال المنذري تكلم في مسائل الخلاف وسمع من غير واحد قال وصعوة بفتح الصاد وسكون العين المهملتين وبعدها تاء تأنيث لقب لجده
وفيها فتيان بن مباح بن حمد بن حمد بن سليمان بن المبارك بن الحسين السلمي الحراني الضرير الفقيه الحنبلي أبو الكرم قدم بغداد وسمع الحديث من أبي البركات الانماطي وصالح بن شافع وغيرهما وتفقه بمذهب الأمام أحمد وعاد إلى بلده فأفتى ودرس به إلى أن مات وسمع منه أبو المحاسن القاضي القرشي وفخر


في هذا العام استوزر أبا محمد بن عبد الله بن رئيس الرؤاسء فانتقم من ابن البلدي وقتله وألفى في دجلة ن
وفها أبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ثم الهمذاني ولد بالري سنة إحدى وثمانين وأربعمائة وسمع بها من المقومي وبالدون من عبد الرحمن بن أحمد الدوني وبهمذان من عبدوس وبالكرخ من السلارمكى وبساوه من الكامخي وروى الكثير وكان رجلا جيدا عربا من العلوم قاله في العبر توفي بهمذان في ربيع الآخر
وفيها أبو مسعود الحاجي عبد الرحيم بن أبي الوفاء بن أحمد الأصبهاني الحافظ المعدل سمع من جده غانم البرجي ورحل فسمع بنيسابور من السيروي وببغداد من ابن الحصين توفي في شوال في عشر الثمانين
وفيها محمد بن حامد بن حمد بن عبد الواحد بن علي بن أبي مسلم الأصبهاني الواعظ الحنبلي أبو سعيد ويعرف برمس سمع أبا مسعود السورحاني ويحيى ابن مندة وغيرهما وحدث ببغداد وغيرها وكان من أعيان الوعاظ وله القبول التام عند العوام توفي في سلخ شعبان
وفيها النفيس بن مسعود بن أبي الفتح بن سعيد ن علي المعروف بابن صعرة السلامي الفقيه الحنبلي أبو محمد قرأ القراءات وتفقه علي أبي ا لفتح بن المنى ووعظ واحتضر في شبابه فتوفي يوم الثلاثاء تاسع شوال ودفن بمقبرة الأمام أحمد قال المنذري تكلم في مسائل الخلاف وسمع من غير واحد قال وصعوة بفتح الصاد وسكون العين المهملتين وبعدها تاء تأنيث لقب لجده
وفيها فتيان بن مباح بن حمد بن حمد بن سليمان بن المبارك بن الحسين السلمي الحراني الضرير الفقيه الحنبلي أبو الكرم قدم بغداد وسمع الحديث من أبي البركات الانماطي وصالح بن شافع وغيرهما وتفقه بمذهب الأمام أحمد وعاد إلى بلده فأفتى ودرس به إلى أن مات وسمع منه أبو المحاسن القاضي القرشي وفخر


الدين بن تميمة وقال في أول تفسيره وقد ذكر شيوخه في العلم فأول كنت برهة مع شيخنا الأمام الورع أبو الكرم فتيان بن مباح وكان طويل الباع في علم اللغة والإعراب لا يشق غباره في علم القرآن ومعاناة المعاني فهما في الأحكام ومواقع الحلال والحرام انتهى
وفيها محمد بن أسعد بن محمد بن نصر الفقيه الحنفي المعروف بابن الحكيم البغدادي الواعظ درس بالطرخانية والصادرية وبنى له معين الدين مدرسة شرح المقامات ودفن بباب الصغير ومن شعره
( الدهر يوضع عامدا ** فيلا ويرفع قدر نملة )
( فإذا تنبه للمنام ** وقام للنوام نم له )
وفيها أبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة المرسي نزيل شاطبة مكثر عن أبي علي الصوفي واليه صارت عامة أصوله وسمع أيضا من أبي محمد بن عتاب وحج فسمع من ابن غزال ورزين العبدري قال الأبار كان عارفا بالأثر مشاركا في التفسير حافظا للفروع بصيرا باللغة والكلام فصيحا مفوها مع الوقار والسمت والصيام والخشوع ولي قضاء شاطبة وحدث وصنف ومات في أول العام وله سبعون سنة
وفيها يحيى بن ثابت بن بندار أبو القسم البغدادي البقال سمع من طراد والنعالي وجماعة وتوفي في ربيع الأول وقد نيف على الثمانين
وفيها المستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي العباسي خطب له أبوه بولاية العهد سنة سبع وأربعين واستخلف سنة خمس وخمسين وعاش ثمانيا وأربعين سنة وأمه طاووس الكرجية أدركت دولته قال السيوطي في تاريخ الخلفاء كان موصوفا بالعدل والرفق أطلق من المكوس شيئا كثيرا بحيث لم يترك بالعراق مكسا وكان شديدا على المفسدين سجن رجلا كان يسعى بالناس مدة فحضر رجل وبذل


الدين بن تميمة وقال في أول تفسيره وقد ذكر شيوخه في العلم فأول كنت برهة مع شخنا الأمام الورع أبو اكرم فتيان بن مباح وكان طويل الباع في علم اللغة والإعراب لا يشق غباره في علم القرآن ومعاناة المعاني فهما في الأحكام مواقع الحلال والحرام انتهى
وفيها محمد بن أسعد بن محمد بن نصر الفقيه المعروف بابن الحكيم البغدادي الواعظ درس بالطرخانية والصادرية وبنى له معين الدين مدرسة شرح المقامات ودفن بباب الصغير ومن شعره
) الدهر يوضع عامدا ** فيلا ويرفع قدر نملة )
) فإذا تنبه للمنام ** وقام للنوام نم له )
وفيها أبو عبد الله بن محمد بن يسوف المرسي نزيل شاطبة مكثر عن أبي علي الصوفي واليه صارت عامة أصوله وسمع أيضا من أبي محمد بن أبي عتاب وحج فسمع من ابن غزال ورزين البعدري قال الأبار كان عارفا بالأثر مشاركا في التفسير حافظا للفروع بصيرا باللغة والكلام فصيحا مفوها مع الوقار والسمت والصيام والخشوع ولي قضاء شاطبة وحدث وصنف ومات في أول العام وله سبعون سنة
وفيها يحيى بن ثابت بن بندار أبو القسم البغدادي البقال سمع من طراد والنعالي وجماعة وتوفي في ربيع الأول وقد نيف على الثمانين
وفيها المستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي العباسي خطب له أبوه بولاية العهد سنة سبع وأربعين واستخلف سنة خمس وخمسين وعاش ثمانيا وأربعين سنة وأمه طاووس الكرجبة أدركت دولته قال السيوطي في تاريخ الخلفاء كان موصوفا بالعدل والرفق أطلق من المكوس شيئا كثيرا بحيث لم يترك بالعراق مكسا وكان شديدا على المفسدين سجن رجلا كان يسعى بالناس مدة فحضر رجل وبذل

فيه عشرة آلاف درهم فقال أنا أعطيك عشرة آلاف دينارا ودلني على آخر مثله لأحبسه وألف شره وقال ابن النجار كان المستنجد موصوفا بالفهم الثاقب والرأي الصائب والذكاء الغالب والفضل الباهر والعدل الظاهر له نظم بديع ونثر بليغ ومعرفة بعمل آلات الفلك والأسطرلاب وغير ذلك ومن شعره في بخيل
( وباخل أشعل في بيته ** تكرمة منه لنا شمعه )
( فما جرت من عينها دمعة ** حتى جرت من عينه دمعة )
توفي في ثامن ربيع الآخر
وفيها ابن الخلال القاضي الأديب موفق الدين يوسف بن محمد المصري صاحب دواوين الانشاء للخلفاء وهو شيخ القاضي الفاضل ومن شعره
( عذبت ليال بالعذيب خوال ** وحلت مواقف بالوصال حوال )
( ومضت لذاذات تقضي ذكرها ** تصبي الخلى وتستهيم السالي )
( وجلت موردة الخدود فأوثقت ** في الصبوة الخالي بحسن الخال )
( قالوا سراة بني هلال أصلها ** صدقوا كذاك البدر فرع هلال )
توفي في جمادي الآخرة وقد شاخ وولى بعده القاضي الفاضل

سنة سبع وستين وخمسمائة

فيها تجاسر صلاح الدين بن أيوب وقطع خطبة العاضد العبيدي وكان قبل هذا كالمتحكم له وخطب للخليفة العباسي المستضئ فمات العاضد عقيب ذلك قيل انه مات غبنا وأظهر صلاح الدين الحزن عليه وجلس للعزاء ثم تسلم القصر وما حوى ثم حول أولاد المعتضد وخاصته إلى مكان آخر ورتب لهم كفايتهم ولما وصل أبو سعد بن أبي عصرون رسولا بذلك إلى بغداد زينت وكان يوما مشهودا وكانت الخطبة العباسية قد قطعت من مصر منذ مائتي سنة


فيه عشرة آلاف درهم فقال أنا أعطيك عشرة آلاف دينارا ودلني على آخر مثله لأحبسه وألف شره وقال ابن النجار كان المستنجد موصوفا بالفهم الثاقب والرأي الصائب والذكاء الغالب والفضل الباهر والعدل الظاهر له نظم بديع ونثر بليغ ومعرفة بعمل آلات الفلك والأسطرلاب وغير ذلك ومن شعره في بخيل
) وباخل أشعل في بيته ** تكرمة منه لنا شمعه )
) فما جرت من عينها دمعة ** حتى جرت من عينه دمعة )
توفي في ثامن ربيع الآخر
وفيها ابن الخلال القاضي الأديب موفق الدين يوسف بن محمد المصري صاحب دواوين الانشاء للخلفاء وهو شيخ القاضي الفاضل ومن شعره
) عذبت ليال بالعذيب خوال ** وحلت مواقف بالوصال حوال )
) ومضت لذاذات تقضي ذكرها ** تصبي الخلى وتستهيم السالي )
) وجلت مووردة الخدود فأوثقت ** في الصبوة الخالي بحسن الخال )
) قالوا سراة بني هلال أصلها ** صدقوا كذاك البدر فرع هلال )
توفي في جمادي الآخرة وقد شاخ وولى بعده القاضي الفاضل

سنة سبع وستين وخمسمائة

فيها تجاسر صلاح الدين بن أيوب وقطع خطبة العاضد العبيدي وكان قبل هذا كالمتحكم له وخطب للخليفة العباسي المستضئ فمات العاضد عقيب ذلك قيل انه مات غبنا وأظهر صلاح الدين الحزن الحزن عليه وجلس للعزاء ثم تسلم القصر وما حوى ثم حول أولاد المعتضد وخاصته إلى مكان آخر ورتب لهم كفايتهم ولما وصل أبو سعد بن أبي عصرون رسولا بذلك إلى بغداد زينت وكان يوما مشهودا وكانت الخطبة العباسية قد قطعت من مصر منذ مائتي سنة

وتسع سنين بخطبة بني عبيد أهل المذهب الردئ ثم أرسل الخليفة بالخلع الفائقة الرائقة لنور الدين محمود بن زنكي ولنائبه صلاح الدين وكان فيما أرسل لنور الدين طوق ذهب وزنه ألف مثقال وحصانان وسيفان قلد بهما إشارة إلى الجمع له بين مصر والشام
وفيها وقعت الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين وعزم على قصده فكتب إليه صلاح الدين بالطاعة فزالت الوحشة بينهما
وفيها اتخذ نور الدين الحمام الهوادى في جميع البلاد في الابراج تنقل الاخبار فكانت من بلاد النوبة الى همذان وكان اهم ما عنده قلع الفرنج من السواحل
وفيها توفي أحمد بن محمد الحريمي العطار روى عن النعالي وجماعة ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة
وفيها حسان بن نمير عرف بعرقلة كان شيخا خليعا مطبوعا أعور العين منادما اختص بصلاح الدين وكان قد وعده صلاح الدين أنه إذا أخذ مصر يعطيه ألف دينارا فلما أخذها كتب إليه
( قل للصلاح معيني عند أعساري ** يا ألف مولاي أين الألف دينار )
( أخشى من الأسر أن حاولت أرضكم ** وما تفي جنة الفردوس بالنار )
( فجد بها عاضديات موفرة ** من بعض ما خلف الطاغي أخو العاري )
( حمرا كأسيافكم غرا كخيلكم ** عتقا ثقالا كأعدائي وإطماري )
فجهز له ألفا وأخذ له من أخوته مثلها فجاءه الموت فجأة فلم ينتفع بفجأة الغناء ومن شعره
( يقولون لم أرخصت شعرك في الورى ** فقلت لهم إذا مات أهل المكارم )
( أجازي على الشعر الشعير وأنه ** كثير إذا حصلته من بهائم )
وفيها العلامة أبو محمد بن الخشاب عبد لله بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن


وتسع سنين بني عبيد أهل المذهب الردئ ثم أرسل الخليفة بالخلع الفائقة الرائقة لنور الدين محمود بن نزكي ولنائبه صلاح الدين وكان فيما أرسل لنور الدين طوق ذهب وزنه ألف مثقال وحصانان وسيفان قلد بهما إشارة إلى الجمع له بين مصر والشام
وفيها وقعت الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين وعزم على قصده فكتب إليه صلاح الدين بالطاعة فزالت الوحشة بينهما
وفيها توفي أحمد بن محمد الحريمي العطار روى عن النعالي وجماعة ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة
وفيها حسان بن نمير عرف بعرقلة كان شيخا خليعا مطبوعا أعور العين منادما اختص بصلاح الدين وكان قد وعده صلاح الدين أنه إذا أخذ مصر يعطيه ألف دينارا فلما أخذها كتب إليه
) قل للصلاح معيني عند أعساري ** يا ألف مولاي أين الألف دينار )
) أخشى من الأسرار أن حاولت أرضكم ** وما تفي جنة الفردوس بالنار )
) فجد بها عاضديات موفرة ** من بعض ما خلف الطاغي أخو العاري )
) حمرا كأسيافكم غرا كخيلكم ** عتقا ثقالا كأعدائي وإطماري )
فجهز له ألفا وأخذ له من أخوته مثلها فجاءه الموت فجأة فلم ينتفع بفجأة الغناء ومن شعره
) ) يقولون لم أرخصت شعرك في الورى ** فقلت لهم إذا مات أهل المكارم )
) أجازي على الشعر الشعير وأنه ** كثير إذا حصلته من بهائم )
وفيها العلامة أبو محمد بن الخشاب عبد لله بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن

نصر البغدادي النحوي المحدث الفقيه الحنبلي ولد سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وسمع من علي بن الحسين الربعي وابن النرسي ثم طلب بنفسه وأكثر عن أبي الحصين وطبقته وقرأ الكثير وكتب بخطه المليح المتقن وأخذ العربية عن ابن الشجري وابن الجواليقي وأتقن العربية واللغة والهندسة وغير ذلك وصنف التصانيف وكان إليه المنتهى في حسن القراءة وسرعتها وفصاحتها مع الفهم والعذوبة وانتهت إليه الإمامة في النحو وكان ظريفا مزاحا قذرا وسخ الثياب يستقى في جرة مكسورة وما تأهل قط ولا تسرى توفي في رمضان قاله في العبر وقال ابن النجار كان أعلم أهل زمانه بالنحو حتى يقال انه كان في درجة أبي علي الفارسي قال وكانت له معرفة بالحديث واللغة والمنطق والفلسفة والحساب والهندسة وما من علم من العلوم إلا كانت له فيه يد حسنة وقال ياقوت الحموي رأيت قوما من نحاة بغداد يفضلونه على أبي علي الفارسي قال وسمع الحديث الكثير وتفقه فيه وعرف صحيحه من سقيمه وبحث عن أحكامه وتبحر في علومه وقال ابن الأخضر دخلت عليه يوما وهو مريض وعلى صدره كتاب ينظر فيه قلت ما هذا قال ذكر ابن جني مسئلة في النحو واجتهد أن يستشهد عليها ببيت من الشعر فلم يحضره وأني لأعرف على هذه المسئلة سبعين بيتا من الشعر كل بيت من قصيدة وكان عالما بالتفسير والحديث و الفرائض والحساب والقراءات وقال ابن القطيعي انتهى إليه معرفة علوم جمة أنهاها وشرح الكثير من علومه وكان ضنينا بها مع لطف مخالطة وعدم تكبر واطراح تكلف مع تشدد في السنة وتظاهر بها في محافل علومه ينتصر لمذهب أحمد ويصرح ببراهينه وحججه على ذلك وقال مسعود بن البادر كنت يوما بين يدى المستضى فقال لى كل من تعرفه قد ذكرنا بنفسه ووصل إليه برنا إلا ابن الخشاب فاعتذرت عنه بعذر اقتضاه الحال ثم خرجت فعرفت ابن الخشاب ذلك فكتب إليه هذين البيتين

نصر البغدادي النحوي المحدث الفقيه الحنبلي ولد سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وسمع من علي بن الحسين الربعي وابن النرسي ثم طلب بنفسه وأكثر عن أبي الحصين وطبقته وقرأ الكثير وكتب بخطه المليح المتقن وأخذ العربية عن ابن الشجري وابن الجواليقي وأتقن العربية واللغة والهندسة وغير ذلك وصنف التصانيف وكان إليه المنتهى في حسن القراءة وسرعتها وفصاحتها مع الفهم والعذوبة وانتهت إليه الإمامة في النحو وكان ظريفا مزاحا قذرا وسخ الثياب يستقى في جرة مكسورة وما تأهل قط ولا تسرى توفي في رمضان قاله في العبر وقال انب النجار كان أعلم أهل زمانه بالنحو حتى يقال انه كان في درجة أبي علي الفارسي قال وكانت له معرفة بالحديث واللغة والمنطق والفلسفة والحساب والهندسة وما من علم من العلوم إلا كانت له فيه يد حسنة وقال ياقوت الحموي رأيت قوما من نحاة بغداد يفضلونه على أبي علي الفارسي قال وسمع الحديث الكثير وتفقه فيه وعرف صحيحه من سقيمه وبحث عن أحكامه وتبحر في علومه وقال انب الأخضر دخلت عليه يوما وهو مريض وعلى صدره كتاب ينظر فيه قلت ما هذا ذكر ابن جبنى مسئلة في النحو واجتهد أن يستشهد عليها ببيت من الشعر فلم يحضره وأني لأعرف على هذه المسئلة سبعين بيتا من الشعر كل بيت من قصيدة وكان عالما بالتفسير والحديث الفرائض والحساب والقراءات وقال ابن القطيعي انتهى إليه معرفة علوم جمة أنهاها وشرح الكثير من علومه وكان ضنينا بها مع لطف مخالطة وعدم تكبر واطراح تكلف مع تشدد في السنة وتظاهر بها في محافل علومه ينتصر لمذهب أحمد ويصرح ببراهينه وحججه على ذلك وقال مسعود ووصل إليه برنا إلا ابن الخشاب فاعتذرت عنه بعذر اقتضاه الحال ثم خرجت فعرفت ابن الخشاب ذلك فكتب إليه هذين البيتين


( ورد الورى سلسال جودك فارتووا ** فوقفت دون الورد وقفة حائم )
( ظمآن اطلب خفة من زحمة ** والورد لا يزداد غير تزاحم )
( قال ابن البادر فعرضتهما على المستضئ فأرسل إليه بمائتي دينار وقال لو زادنا زدناه وقال ابن رجب ويقال انه كان بخيلا مقترا على نفسه وكان يعتم العمة فيبقي معتما أشهرا تتسخ أطرافها من عرقه فتسود وتتقطع من الوسخ وترمي عليها العصافير ذرقها وكان إذا رفعها عن رأسه ثم أراد لبسها تركها على رأسه كيف اتفق فتجئ عذبتها تارة من تلقاء وجهه وتارة عن يمينه وتارة عن شماله ولا يغيرها فإذا قيل له في ذلك يقول ما استوت العمة على رأس عاقل قط وكان رحمه الله تعالى ظريفا مزاحا ذا نوادر فمن نوادره أن بعض أصحابه سأله يوما فقال القفا يمد أو يقصر فقال يمد ثم يقصر ولابن الخشاب شعر كثير حسن فمنه ما ألغزه في كتاب
( وذي أوجه لكنه غير بائح ** بسر وذو الوجهين ليس يطهر )
( تناديك بالأسرار أسرار وجهه ** فتسمعها مادمت بالعين تبصر )
ومنه لغز في شمعة
( صفراء لا من سقم مسها ** كيف وكانت أمها الشافيه )
( عارية باطنها مكتس ** فأعجب لها عارية كاسية )
قال ابن الجوزى مرض ابن الخشاب نحوا من عشرين يوما فدخلت عليه قبل موته بيومين وقد يئس من نفسه فقال لي عند الله أحتسب نفسي وتوفي يوم الجمعة ثالث رمضان ودفن بمقبرة الأمام أحمد قريبا من بشر الحافي رضى الله عنهما
وفيها أبو محمد عبد الله بن منصور بن الموصلي البغدادي المعدل سمع من النعالي وتفرد بديوان المتنبي عن أبي البركات الوكيل وعاش ثمانين سنة
وفيها العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ لدين الله عبد

المجيد بن محمد بن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي المصري الرافضي خاتمة خلفاء الباطنية ولد في أول سنة ست وأربعين وخمسمائة وأقامه الصالح ابن رزبك بعد هلاك الفائز وفي أيامه قدم حسين بن نزار بن المستنصر العبيدي في جموع من العرب فلما قرب غدر به أصحابه وقبضوا عليه وحملوه إلى العاضد فذبحه صبرا ورد أن موت العاضد كان بإسهال مفرط وقيل مات غما لما سمع بقطع خطبته وقيل بل كان له خاتم مسموم فامتصه وخسر نفسه وعاش إحدى وعشرين سنة
وفيها أبو الحسن بن النعمة علي بن عبد الله بن خلف الأنصاري الاندلسي المريي ثم البلنسي أحد الأعلام توفي في رمضان وهو في عشر الثمانين روى عن أبي علي بن سكرة وطبقته وتصدر ببلنسية لأقراء القراءات والفقه والحديث والنحو قال الأبار كان عالما حافظا للفقه والتفاسير ومعاني الآثار مقدما في علم اللسان فصيحا مفوها ورعا فاضلا معظما دمث الأخلاق انتهت إليه رياسة الفتوى والاقراء وصنف كتابا كبيرا في شرح سنن النسائي بلغ فيه الغاية وكان خاتمة العلماء بشرق الأندلس
وفيها أبو المطهر القسم بن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل الأصبهاني الصيدلاني بفتح أوله وسكون الياء التحتية نسبة إلى بيع الأدوية والعقاقير روى عن رزق الله التميمي والقسم بن الفضل الثقفي وتوفي في جمادي الأولى وقد نيف على التسعين
وفيها أبو عبد الله بن الفرس محمد بن عبد الرحيم الانصاري الخزرجي الغرناطي تفقه على أبيه وقرأ عليه القراءات وسمع أبا بكر بن عطية وسمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب وطبقته وصار رأسا في الفقه والحديث والقراءات توفي في شوال ببلنسية وله ست وستون سنة


وفيها أبو حامد البروي الطوسي الفقيه الشافعي محمد بن محمد تلميذ محمد ابن يحيى وصاحب التعليقة المشهورة في الخلاف كان إليه في المنتهى في معرفة الكلام والنظر والبلاغة والجدل بارعا في معرفة مذهب الأشعري قدم بغداد وشغب على الحنابلة وأثار الفتنة ووعظ بالنظامية وبعد صيته فأصبح ميتا فيقال أن الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلوى مسمومة وقيل أن البروي قال لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية قاله في العبر والبروي بفتح الموحدة وتشديد الراء المضمومة نسبة إلى بروية جد
وفيها أبو المكارم الباوراى المبارك بن محمد بن المعمر الرجل الصالح روى عن ابن البطر والطرثيثي وتوفي في جمادي الآخرة
وفيها أبو جعفر مكي بن محمد بن هبيرة البغدادي الأديب الحنبلي كان فاضلا عارفا بالأدب نظم مختصر الخرقي وقرأ مرات بنواحي الموصل قال ابن رجب وأظنه أخو الوزير أبي المظفر وكان يلقب فخر الدولة وكأنه خرج من بغداد بعد موت الوزير
وفيها أبو الفتح نصر الله بن عبد الله بن مخلوف بن ملامس الأزهري الأسكندري الملقب القاضي الأعز كان سناطا لا لحية وكان شاعرا مجيدا مدحه السلفي وصحب السلفي وانتفع بصحبته ودخل اليمن وامتدح أمير عدن فأجزل عطيته ثم غرق ما معه وعاد إليه عريانا فأنشده قصيدته التي أولها
فيصدرنا وقد نادي السماح ببادئ ** فعدنا إلى مغناك والعود أجمل )
فأحسن إليه أيضا ومن شعره
( الفكر في الرزق كيف يأتي ** شيء به تتعب القلوب )
( وحامل الهم ذو دعاء ** في علم ما تحجب الغيوب )
( فإن ألمت بك الرزايا ** أو قرعت بابك الخطوب )
( فجنب الناس وادع من لا ** تكشف إلا به الكروب )


( من يسأل الناس يحرموه ** وسائل الله لا يخيب )
وفيها الأمام أبو بكر يحيى بن سعدون الأزدي القرطبي المقرئ النحوي نزيل الموصل وشيخها قرأ القراءات على جماعة منهم ابن الفحام بالأسكندرية وسمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب وبمصر من أبي صادق المديني وببغداد من ابن الحصين وقد أخذ عن الزمخشري وبرع في العربية والقراءات وتصدر فيهما وكان ثقة ثبتا صاحب عبادة وورع وتبحر في العلوم توفي يوم الفطر عن اثنتين وثمانين سنة

سنة ثمان وستين وخمسمائة

فيها دخل قراوش مملوك تقى الدين عمر بن شاه شاه ابن أخي السلطان صلاح الدين بن أيوب المغرب فنازل طرابلس المغرب وافتتحها وكانت للفرنج
وفيها سار شمس الدولة أخو صلاح الدين فافتتح اليمن وقبض على المتغلب عليها عبد النبي الزنديق وقام صيت الدولة الأيوبية قال في السمط الغالي الثمن في إخبار ملوك اليمن وهم أي بنو أيوب سبعة الملك المعظم توران بن أيوب والملك العزيز أخوه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب والملك المعز ولده إسمعيل وسيف الإسلام أتابك سنقر بحكم الاتابكية لولد سيده الملك الناصر أيوب ثم الملك الناصر أيوب بعده ثم الملك المعظم سليمان بن تقي الدين ثم الملك المسعود صلاح الدين يوسف بن الملك الكامل فهؤلاء سبعة ستة منهم من بني أيوب والسابع مملوكهم انتهى
وفيها التقي قلج بن لاون الأرمني والروم فهزمهم وكان نور الدين قد استخدم ابن لاون وأقطعه سيس وظهر له نصحه وكان الكلب شديد النصح

لنور الدين معينا له على الفرنج ولما ليم نور الدين في إعطائه سيس قال استعين به وأريح عسكري وأجعله سدا بيننا وبين صاحب القسطنطينية
وفيها سار نور الدين فافتتح مرعش ثم دخل الموصل قلج أرسلان
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف الدار قزي نسبة إلى دار القز محلة ببغداد الحنبلي المقرئ أسند من بقى في القراءات لكنه لم يكن ماهرا بها قرأ علي ابن سوار وثابت بن بندار وعاش ستا وتسعين سنة
وفيها أرسلان خوارزم شاه بن أنس خوارزم شاه ابن محمد رد من قتال الخطا فمرض ومات فتملك بعده ابنه محمود فغضب ابنه الأكبر خوارزم شاه علاء الدين تكس وقصد ملك الخطا فبعث معه جيشا فهرب محمود واستولى هو على خوارزم فالتجأ محمود إلى صاحب نيسابور المؤيد فنجده فالتقيا فانهزم هؤلاء وأسر المؤيد وذبح بين يدي تكس صبرا وقتل أم أخيه وذهب محمود إلى غياث الدين صاحب الفور فأكرمه
وفيها الدكز ملك أذريبجان وهمذان كان عاقلا حميد السيرة واسع المملكة وكان ابن امرأته أرسلان شاه بن طغرل السلجوقي هو السلطان والدكز أتا بكه لكنه كان من تحت حكمه وولى بعده ابنه محمد البهلوان
وفيها الأمير نجم الدين أيوب بن شادي الدويني بضم الدال المهملة وكسر الواو وتحتية ونون نسبة إلى مدينة بأذربيجان وهو والد الملوك صلاح الدين وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاه شاه وتاج الملوك بورى وست الشام وربيعة خاتون وأخو الملك أسد الدين شب به فرسه فحمل إلى داره ومات بعد أيام في ذي الحجة وكان يلقب بالأجل الأفضل وكان أول ولاية تولاها قلم تكريت بتولية عتاب بن مسعود السلجوقي فقتل أخوه أسد الدين رجلا فأخرجا منها فخرجا إلى الموصل فأحسن أليهما عماد الدين بن زنكي الأتابك والأتابك اسم لمن يربى الملك وهو والد نور الدين وهو يومئذ متحكم


السلجوقية فولى نجم الدين قلعة بعلبك فبنى بها نجم الدين خانقاه للصوفية وهي المعروفة اليوم بالمنجمية وكان نجم الدين صالحا حسن السيرة كريم السريرة ولما تولى ولده صلاح الدين مصر استدعى أباه وكان بدمشق في خدمة نور الدين محمود بن زنكي فاستأذنه فأذن له فلما قدم على ولده صلاح الدين أراد أن يخلع الأمر إليه فكره ولما مات نجم الدين دفن عند أخيه بالقاهرة ثم نقلا سنة تسع وسبعين إلى المدينة النبوية
وفيها المؤيد أبي به بن عبد الله السنجري صاحب نيسابور قتل في هذا العام
وفيها جعفر بن عبد الله بن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني الحنفي أبو منصور روى عن أبي مسلم السمناني وابن الطيوري وتوفي في جمادي الآخرة
وفيها ملك النحاة أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي الفقيه الاصولي المصنف في الأصلين والنحو وفنون الأدب استوطن دمشق آخرا وتوفي بها عن ثمانين سنة وكان لقب نفسه ملك النحاة ويغضب على من لا يدعوه بذلك وله ديوان شعر ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة طنانة واتفق أهل عصره على فضله ومعرفته قال في العبر كان نحويا بارعا وأصوليا متكلما وفصيحا متفوها كثير العجب والتيه قدم دمشق واشتغل بها وصنف في الفقه والنحو والكلام وعاش ثمانين سنة وكان رئيسا ماجدا انتهى وكان شافعيا قال ابن شهبة تفقه على أحمد الأشنهى تلميذ المتولي وقرأ أصول الفقه على ابن برهان وأصول الدين علي أبي عبد الله القيرواني والخلاف على أسعد الميهني والنحو على الفصيحي وبرع فيه وسافر إلى خراسان والهند ثم سكن واسط مدة وأخذ عنه جماعة من أهلها ثم استوطن دمشق وصنف في النحو كتبا كثيرة وصنف في الفقه كتابا سماه الحاكم ومختصرين في الأصلين وتوفي بدمشق في شوال


ودفن بباب الصغير
وفيها الحافظ عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن حمدان بن موسى الأصبهاني أبو الخير كان من الأئمة الحفاظ الامجاد ومن محفوظه فيما قيل الصحيحان بالإسناد تكلم فيه أبو موسى المديني وغيره من النقاد قاله ابن ناصر الدين
وفيها أبو جعفر الصيدلاني محمد بن الحسن الأصبهاني له إجازة من بيني الهرثمية تفرد بها وسمع من شيخ الإسلام وطبقته بهراة ومن سليمان الحافظ وطبقته بأصبهان توفي في ذي القعدة قاله في العبر

سنة تسع وستين وخمسمائة

فيها ثارت الفرنج لموت نور الدين الملك العادل أبو القسم محمود بن زنكي ابن أق سنقر تملك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة وكان مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة وكان أجل ملوك زمانه وأعدلهم وأدينهم وأكثرهم جهادا وأسعدهم في دنياه وآخرته هزم الفرنج غير مرة وأخافهم وجرعهم المر وكان أولا متحكما لملوك السلاجقة ثم استقل وكان في الإسلام زيادة ببقائه افتتح من بلاد الروم عدة حصون ومن بلاد الفرنج ما يزيد على خمسين حصنا وكان أسمر طويلا مليحا تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليما من التكبر خائفا من الله قل أن يوجد في الصلحاء مثله فضلا عن الملوك ختم الله له بالشهادة ونوله الحسنى أن شاء وزيادة وخطب له في الدنيا وأزال الأذان بحي على خير العمل وبنى المدارس وسور دمشق وأسقط ما كان يؤخذ من جميع المكوس وبنى المكاتب للأيتام ووقف عليها الأوقاف وبنى الربط والبيمارستان واقطع العرب الاقطاعات لئلا يتعرضوا للحاج وبنى الخانات والربط وكان حسن الخط كثير المطالعة مواظبا على الصلوات الخمس كثير تلاوة القرآن لم تسمع منه

كلمة فحش ذو عقل متين يحب الصالحين ويزورهم في أماكنهم قال ابن الأثير طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام والى يومنا هذا فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز ملكا أحسن سيرة منه ولا أكثر تحريا للعدل والإنصاف ثم ذكر زهده وعدله وفضله وجهاده واجتهاده وكان لا يأكل ولا يشرب ولا يتصرف في شيء يخصه إلا من ملك اشتراه من سهمه من غنائم الكفار ولم يلبس حريرا قط ولا ذهبا ولا فضة كان كثير الصيام وله أوراد في النهار والليل وكان يقدم أشغال المسلمين عليها ثم يتمم وكان يلعب بالكرة في ميدان دمشق فجاء رجل فوقف بإزائه فقال للحاجب سله ما حاجته فقال لي مع نور الدين حكومة فرمى الصولجان من يده وجاء إلى مجلس القاضي كمال الدين الشهرزورى وقال له لا تنزعج وأسلك معي ما تسلكه مع آحاد الناس فلما حضر سوى بينه وبين خصمه وتحاكما فلم يثبت للرجل عليه حق وكان يدعى ملكا في يد نور الدين فقال نور الدين للقاضي هل ثبت له على حق قال لا قال فاشهدوا أني قد وهبت الملك له وقد كنت أعلم انه لا حق له عندي وإنما حضرت معه لئلا يقال عني أني طلبت إلى مجلس الشرع فأبيت وبنى دار العدل وكان يجلس في كل أسبوع أربعة أيام ويحضر عنده الفقهاء ويأمر بإزالة الحجاب والبواب حتى يصل اليه الشيخ الكبير والضعيف ويسأل الفقهاء عما أشكل وإذا حضر الحرب شد تركاشين وحمل قوسين وبنى جامعه بالموصل وفوض أمره إلى الشيخ عمر الملا وكان من الأخيار وإنما قيل الملا لأنه كان يملأ أتون الآجر ويتقوت بالأجرة وليس عليه غير قميص ولا عمامة ولا يملك شيئا فقيل له أن هذا لا يصح لمثل هذا العمل فقال إذا وليت بعض الأجناد لا يخلو من الظلم وهذا الشيخ لا يظلم فإن ظلم كان الظلم عليه فدفع إلى الشيخ ستين ألف دينار وقيل ثلثمائة ألف دينار فتم بناؤه في ثلاث سنين فلما دخل نور الدين إلى الموصل دخله وصلى فيه ووقف عليه قرية فدخل عليه الملا وهو

جالس على دجلة وترك بين يديه دفاتر الخرج وقال يا مولانا اشتهي أن تنظر فيها فقال نور الدين يا شيخ نحن عملنا هذا لله تعالى دع الحساب ليوم الحساب ثم رمى الورق إلى دجلة ووقع في يده ملك من ملوك الفرنج فبذل في نفسه مالا عظيما فشاور الأمراء فأشاروا ببقائه في الأسر خوفا من شره فقال له نور الدين احضر المال فأحضر ثلثمائة ألف دينار فأطلقه فلما وصل إلى بلده مات وطلب الأمراء سهمهم فقال ما تستحقون شيئا لأنكم أشرتم بغير الفداء وقد جمع الله تعالى بين الحسنيين الفداء وموت اللعين فبنى بذلك الفداء المارستان الذي بدمشق والمدرسة ودار الحديث ووقف عليها الأوقاف وذكر المطري في كتابه تاريخ المدينة أن السلطان محمود رأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة ثلاث مرات وهو يقول له في كل واحدة منها يا محمود انقذني من هذين الشخصين لشخصين أشقرين تجاهه فاستحضر وزيره قبل الصبح فأخبره فقال له هذا أمر حدث في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ليس له غيرك فتجهز وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك حتى دخل المدينة على غفلة فلما زار طلب الناس عامة للصدقة وقال لا يبقي بالمدينة أحد إلا جاء فلم يبق إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس نازلان في الناحية التي قبلة حجرة النبي صلى الله عليه وسلم من خارج المسجد عند دار آل عمر بن الخطاب التي تعرف اليوم بدار العشرة رضي الله عنهم قالا نحن في كفاية فجد في طلبهما حتى جيء بهما فلما رآهما قال للوزير هما هذان فسألهما عليهما حتى أفضي إلى العقوبة فأقرا أنهما من النصاري وصلا لكي ينقلا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحجرة الشريفة ووجدهما قد حفرا نقبا تحت الأرض من تحت حائط المسجد القبلي يجعلان التراب في بئر عندهما في البيت فضرب أعناقهما عند الشباك الذي في شرقي حجرة

النبي صلى الله عليه وسلم خارج المسجد ثم أحرقا وركب متوجها إلى الشام راجعا فصاح به من كان نازلا خارج السور واستغاثوا وطلبوا أن يبنى لهم سورا يحفظهم فأمر ببناء هذا السور الموجود اليوم ومثل هذا لا يجري إلا على يد ولي الله تعالى توفي رحمه الله تعالى بعلة الخوانيق وأشار عليه الأطباء بالفصد فامتنع وكان مهيبا فما روجع ودفن في بيت كان يخلو فيه بقلعة دمشق ثم نقل إلى مدرسته التي عند سوق الخواصين وروى أن الدعاء عند قبره مستجاب ويقال انه دفن معه ثلاث شعرات من شعر لحيته صلى الله عليه وسلم فينبغي لمن زاره أن يقصد زيارة شيء منه صلى الله عليه وسلم ولما مات كان عمره نيفا وخمسين سنة وقام بعده بالملك ولده الصالح إسماعيل ولما استظهر السلطان صلاح الدين بن أيوب على بلاد الشام كلها تركه في حلب حتى توفي سنة سبع وسبعين وكان لموته وقع عظيم في قلوب الناس لصلاحه أيضا
وفيها النقيب أبو عبد الله أحمد بن علي الحسيني الأديب نقيب الطالبيين روى عن أبي الحسين بن الطيوري وجماعة وتوفي في جمادي الأولى
وفيها أبو اسحق بن قرقول الحافظ إبراهيم بن يوسف الوهراني الجمري وجمرة اسم قريته سمع الكثير وعاش أربعا وستين سنة وكان من أئمة أهل المغرب فقيها مناظرا متفننا حافظا للحديث بصيرا بالرجال قال ابن ناصر الدين كان ثقة مأمونا
وفيها الحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمذاني المقرئ الحنبلي الأستاذ شيخ همذان وقارئها وحافظها رحل وحمل القراءات والحديث عن الحداد وقرأ بواسط على القلانسي وببغداد على جماعة وسمع من ابن بيان وطبقته وبخراسان من الفراوي وطبقته قال الحافظ عبد القادر الرهاوي شيخنا أبو العلاء أشهر من أن يعرف بل يتعذر وجود مثله في أعصار كثيرة

وأول سماعه من الدونى في سنة خمس وتسعين وأربعمائة برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير وله التصانيف في الحديث والرقائق وله في ذلك مجلدات كبيرة منها كتاب زاد المسافر في الحديث والقراءات خمسون مجلدا قال وكان إماما في العربية سمعت أن من جملة ما حفظ في اللغة كتاب الجمهرة وخرج له تلامذة في العربية أئمة منهم إنسان كان يحفظ كتاب الغريبين للهروي ثم أخذ عبد القادر يصف مناقب أبي العلاء ودينه وكرمه وجلالته وأنه أخرج جميع ما ورثه وكان أبوه تاجرا وانه سافر مرات ماشيا يحمل كتبه على ظهره ويبيت في المساجد ويأكل خبز الدخن إلى أن نشر الله ذكره في الآفاق وقال ابن رجب ولد بكرة يوم السبت رابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وقال ابن السمعاني في حقه حافظ متقن مقرئ فاضل حسن السيرة مرضى الطريقة عزيز النفس سخي بما يملك مكرم للغرباء يعرف القراءات والحديث والأدب معرفة حسنة سمعت منه وذكره ابن الجوزى في طبقات الأصحاب وذكر في آخر كتابه التلقيح أن أبا العلاء كان هو محدث عصره ومقرئه وكان لا يغشى السلاطين ولا تأخذه في الله لومة لائم ولا يمكن أحدا أن يعمل في محلته منكرا ولا شماعا وتوفي ليلة الخميس لسبع عشرة بقيت من جمادي الأولى ببغداد
وفيها دهبل بن علي بن منصور بن إبراهيم بن عبد الله المعروف بابن كاره البغدادي الحريمي الخباز أبو الحسن الحنبلي ولد سنة خمس وتسعين وأربعمائة وسمع من ابن البسرى وابن نبهان وغيرهما قال الشيخ موفق الدين كان فقيها من فقهاء أصحابنا وكان شيخا صالحا وقال أبو المحاسن العرسي كان فقيها حسنا فاضلا زاهدا صادقا ثقة وذكر غيره أنه أضر بآخره وقال ابن رجب روى عنه ابن الأخضر وجماعة وتوفي ليلة الثلاثاء لليلتين خلتا من المحرم ودفن بمقبرة باب حرب


وفيها أبو محمد بن الدهان سعيد بن المبارك البغدادي النحوي ناصح الدين صاحب التصانيف الكثيرة ألف شرحا للإيضاح في ثلاث وأربعين مجلدة وسكن الموصل وأضر بآخره وكان سيبويه زمانه تصدر للاشتغال خمسين سنة وعاش بضعا وسبعين سنة
وفيها أبو محمد عبد الصمد بن بديل بن الخليل الجيلي المقرئ الحنبلي قال ابن القطيعي قدم بغداد ونزل باب الازج وقرئ عليه القرآن بالروايات الكثيرة ورواها عن أبي العلاء الهمداني وكان عالما ثقة ثبتا فقيها مفتيا وكان اشتغاله بالفقه على والدي رحمه الله وناظر ودرس وأفتى وكتب إلي وأنا مسافر كتابا ذكر لي فيه ما أحببت ذكره لبركته الله الله كن مقبلا مديما على شئونك مشتغلا بما أنت بصدده ولا تكن مضيعا أنفاسا معدودة وأعمارا محسوبة واجعل مالا يعنيك دبر أذنك وأغمض عينك عما ليس من حظها وأطلب من ريحانه ما حل لك ودع ما حرم عليك وبذلك تغلب شيطانك وتحوز مطالبك والسلام توفي رحمه الله سنة تسع وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة أحمد بالقرب من بشر الحافي رضي الله عنهما انتهى
وقال ابن النجار صحب القاضي أبا يعلى وتفقه عليه وكان خصيصا به وأنه توفي يوم السبت سلخ ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وخمسمائة
وفيها أبو بكر عبد الرحمن المقرئ بن الأسعد الغياثي الفقيه الحنبلي ويعرف بالأعز البغدادي كان في ابتداء أمره يغني وله صوت حسن ثم تاب وحسنت توبته وقرأ القرآن في زمن يسير وتعلم الخط في أيام قلائل وحفظ كتاب الخرقي وأتقنه وقرأ مسائل الخلاف على جماعة من الفقهاء وكان ذكيا جدا يحفظ في يوم واحد مالا يحفظ غيره في شهر وسمع من عبد الوهاب الانماطي وسعد الخير الانماطي وتكلم في مسائل الخلاف وسافر إلى الشام وسكن دمشق مدة وأم بالحنابلة في جامعها ثم توجه إلى ديار مصر فاستوطنها إلى

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21