كتاب : شرح منتهى الإرادات
المؤلف : منصور بن يونس بن إدريس البهوتي

فَحُكْمُهُ ) أَيْ : نَصِيبُهُ الَّذِي وُقِفَ لَهُ ( كَبَقِيَّةِ مَالِهِ ) الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْهُ مُورِثُهُ ( فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهِ ) وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ .
؛ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ انْتِظَارِهِ ، صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ ، وَقِيلَ : يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْإِقْنَاعِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ

( وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ ) أَيْ : وَرَثَةِ مَنْ يَرِثُ مِنْهُ الْمَفْقُودُ ( الصُّلْحُ عَلَى مَا زَادَ عَنْ نَصِيبِهِ ) أَيْ : الْمَفْقُودِ ( فَيَقْتَسِمُونَهُ ) عَلَى حَسْبِ اتِّفَاقِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ ( كَأَخٍ مَفْقُودٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ ) كَأَنْ تَمُوتَ أُخْتُ الْمَفْقُودِ زَمَنَ انْتِظَارِهِ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخِيهَا الْمَفْقُودِ ( مَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ ) مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ .
( وَ ) مَسْأَلَةُ ( الْمَوْتِ ) مِنْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ، وَهُمَا مُتَوَافِقَانِ بِالْأَتْسَاعِ فَاضْرِبْ تُسْعَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى تَصِحُّ ( مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ لِلزَّوْجِ ) مِنْهَا ( ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ) مِنْ ضَرْبِ تِسْعَةِ مِنْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فِي اثْنَيْنِ وَفْقَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ ( وَلِلْأُمِّ تِسْعَةٌ ) ؛ لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَةً مَسْأَلَةُ حَيَاتِهِ فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقَ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ ( وَلِلْجَدِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ تِسْعَةٌ ) وَهِيَ سُدُسُ الْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسِينَ ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ ( وَلِلْأُخْتِ مِنْهَا ) أَيْ : مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ ( ثَلَاثَةٌ ) ؛ لِأَنَّ لَهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَاحِدًا فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقَ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ ( وَلِلْمَفْقُودِ سِتَّةٌ ) مِثْلَا أُخْتِهِ ( يَبْقَى ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسِينَ ( تِسْعَةٌ ) زَائِدَةٌ عَنْ نَصِيبِ الْمَفْقُودِ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا فَلَهُمْ الصُّلْحُ عَلَيْهَا لِمَا تَقَدَّمَ

( وَ ) لِوَرَثَةِ غَيْرِ الْمَفْقُودِ الصُّلْحُ ( عَلَى كُلِّ الْمَوْقُوفِ إنْ حَجَبَ ) الْمَفْقُودُ ( أَحَدًا ) مِنْهُمْ ( وَلَمْ يَرِثْ ) كَجَدٍّ وَشَقِيقٍ ، وَأَخٍ لِأَبٍ مَفْقُودٍ .
فَمَسْأَلَةُ حَيَاتِهِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمٌ وَلِلشَّقِيقِ سَهْمَانِ وَمَسْأَلَةُ مَوْتِهِ مِنْ اثْنَيْنِ لِكُلِّ مِنْهُمَا سَهْمٌ فَاضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى يَحْصُلُ سِتَّةٌ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلشَّقِيقِ ثَلَاثَةٌ يَفْضُلُ وَاحِدٌ لَا حَقَّ لِلْمَفْقُودِ فِيهِ فَلِلْجَدِّ وَالشَّقِيقِ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا ( أَوْ كَانَ ) الْمَفْقُودُ ( أَخًا ) لِلْمَيِّتِ ( لِأَبٍ عَصَّبَ أُخْتَهُ ) الَّتِي لِأَبٍ فَقَطْ ( مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ) فَمَسْأَلَةُ حَيَاتِهِ مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ وَلِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ وَاحِدٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْمَوْتِ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلشَّقِيقَةِ كَذَلِكَ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَاحِدٌ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ .
فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي سَبْعَةٍ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ .
لِلزَّوْجِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَلِلشَّقِيقَةِ كَذَلِكَ يَبْقَى اثْنَانِ مَوْقُوفَانِ فَلِلْوَرَثَةِ الصُّلْحُ عَلَيْهِمَا

( وَإِنْ بَانَ ) الْمَفْقُودُ ( مَيِّتًا ) وَلَمْ يَتَحَقَّقْ إنَّهُ أَيْ : مَوْتَهُ ( قَبْلَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فَالْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ) لِلشَّكِّ فِي حَيَاةِ الْمَفْقُودِ حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فَلَا يَرِثُ مِنْهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ أَخَذَ حَقَّهُ وَدَفَعَ الْبَاقِي لِمُسْتَحِقِّهِ ( وَمَفْقُودَانِ فَأَكْثَرُ كَخَنَاثَى فِي تَنْزِيلِ ) فَزَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ مَفْقُودَتَانِ فَمَسْأَلَةُ حَيَاتِهِمَا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَحَيَاةُ أَحَدِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَمَوْتُهُمَا مِنْ سِتَّةٍ فَاضْرِبْ ثُلُثَ السَّنَةِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ تَكُنْ ثُلْثُمِائَةٍ وَتِسْعِينَ وَأَعْطِ الزَّوْجَ وَالْأَبَوَيْنِ حُقُوقَهُمْ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ مَضْرُوبَةً فِي اثْنَيْنِ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَفْقَ الْبَاقِي .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ مَفْقُودُونَ عَمِلْتَ لَهُمْ أَرْبَعَ مَسَائِلَ وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً عَمِلْتَ لَهُمْ خَمْسَ مَسَائِلَ وَعَلَى هَذَا

( وَمَنْ أُشْكِلَ نَسَبُهُ ) وَرُجِيَ انْكِشَافُهُ ( فَكَمَفْقُودٍ ) فَإِذَا وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَحَمَلَتْ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا وُقِفَ لِلْحَمْلِ نَصِيبُهُ مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ إلْحَاقِهِ بِهِ .
فَإِنْ لَمْ يَرْجُ انْكِشَافَهُ بِأَنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْوَاطِئُونَ ، أَوْ عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ فَأُشْكِلَ عَلَيْهِمْ وَنَحْوِهِ لَمْ يُوقَفْ لَهُ شَيْءٌ ( وَمَنْ قَالَ : ابْنَيْ أَمَتَيْهِ ) اللَّتَيْنِ لَا زَوْجَ لَهُمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهِمَا وَكَذَا لَوْ كَانَا مِنْ أَمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَا تَوْأَمَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ابْنِي ) وَأَمْكَنَ كَوْنُهُمَا مِنْهُ ( ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا ) مِنْهُ ( فَيُعَيِّنُهُ ) لِئَلَّا يَضِيعَ نَسَبُهُ ( فَإِنْ مَاتَ ) قَبْلَ تَعْيِينِهِ ( فَوَارِثُهُ ) يُعَيِّنُهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) تَعْيِينُ وَارِثٍ لَهُ ( أَرَى الْقَافَةَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ مِنْهُمَا تَعَيَّنَ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) أَنْ يَرَى الْقَافَةَ بِمَوْتِهِ أَوْ عَدَمَهَا ( عَتَقَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَا رَقِيقَيْهِ بِقُرْعَةٍ ) كَمَا لَوْ قَالَ : أَحَدُهُمَا حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ ( وَلَا يَتَّزِع فِي نَسَبٍ ) قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ " فِي ثَلَاثَةٍ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ " قَالَ : لَا أَعْرِفُهُ صَحِيحًا وَأَوْهَنَهُ .
وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ فِي الْقَافَةِ أَعْجَبُ إلَيَّ يَعْنِي مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ( وَلَا يَرِثُ ) مِنْ عَتَقَ بِقُرْعَةٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ الْمَيِّتُ أَحَدُهُمَا ابْنِي وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَا وَارِثُهُ وَلَمْ تُلْحِقْهُ الْقَافَةُ بِهِ ، ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ الْإِرْثِ .
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ دُخُولُهَا فِي النَّسَبِ ( وَلَا يُوقَفُ ) لَهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى انْكِشَافُ حَالِهِ لِتَعَذُّرِ الْأَسْبَابِ الْمُزِيلَةِ لِإِشْكَالِهِ ( وَيُصْرَفُ نَصِيبُ ابْنٍ لِبَيْتِ الْمَالِ ) لِلْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَالٌ لَمْ يُعْلَمْ مَالِكُهُ أَشْبَهَ الْمُخَلَّفَ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ

يُعْلَمْ لَهُ وَارِثٌ .

( بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ ) وَالْخُنْثَى مِنْ خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَ فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ ( وَهُوَ مَنْ لَهُ شَكْلُ ذَكَرِ رَجُلٍ وَ ) شَكْلُ ( فَرْجِ امْرَأَةٍ ) أَوْ ثُقْبٌ فِي مَكَانِ الْفَرْجِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ ، وَكَذَا مَنْ لَا آلَةَ لَهُ عَلَى مَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَلَا يَكُونُ أَبًا وَلَا أُمًّا وَلَا جَدًّا وَلَا جَدَّةً وَلَا زَوْجًا وَلَا زَوْجَةً ( وَيُعْتَبَرُ أَمْرُهُ ) فِي تَوْرِيثِهِ مَعَ إشْكَالِ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ( بِبَوْلِهِ ) مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا ( فَسَبَقَهُ ) أَيْ : الْبَوْلُ ( مِنْ أَحَدِهِمَا ) قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : رَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ ؟ قَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ } .
وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أُتِيَ بِخُنْثَى مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ وَرِّثُوهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَبُولُ مِنْهُ } وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبَوْلِ أَعَمُّ الْعَلَامَاتِ لِوُجُودِهِ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَسَائِرُ الْعَلَامَاتِ إنَّمَا تُوجَدُ بَعْدَ الْكِبَرِ ( وَإِنْ خَرَجَ ) الْبَوْلُ ( مِنْهُمَا ) أَيْ : مِنْ شَكْلِ الذَّكَرِ وَشَكْلِ الْفَرْجِ ( مَعًا ) فَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ ( اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا ) قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ قَدْرًا وَعَدَدًا ؛ لِأَنَّهُ لِأَحَدِ الْعَلَامَتَيْنِ فَاعْتَبِرْ بِهِمَا كَالسَّبَقِ ( فَإِنْ اسْتَوَيَا ) فِي قَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْبَوْلِ ( فَ ) هُوَ ( مُشْكِلٌ ) مِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ الْتَبَسَ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ أَنَّ أَضْلَاعَهُ تُعَدُّ فَإِنْ كَانَتْ سِتَّةَ عَشَرَ فَهُوَ ذَكَرٌ وَإِنْ كَانَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ أُنْثَى .
قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَمَا أَشْكَلَ حَالُهُ وَلَمَا اُحْتِيجَ إلَى مُرَاعَاةِ الْمَبَالِ ( فَأَرْجَى كَشْفُهُ ) أَيْ : إشْكَالُهُ ( لِصِغَرِ ) الْخُنْثَى ( وَمَنْ مَعَهُ ) مِنْ الْوَرَثَةِ ( الْيَقِينُ ) مِنْ التَّرِكَةُ وَهُوَ مَا يَرِثُهُ

بِكُلِّ تَقْدِيرٍ ( وَوَقَفَ الْبَاقِي ) مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَبْلُغَ ( لِتَظْهَرَ ذُكُورِيَّتُهُ بِنَبَاتِ لِحْيَتِهِ أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ ذَكَرِهِ ) زَادَ فِي الْمُغْنِي وَكَوْنُهُ مَنِيَّ رَجُلٍ ( أَوْ ) لِتَظْهَرَ ( أُنُوثِيَّتَهُ بِحَيْضٍ أَوْ تَفَلُّكَ ثَدْيٍ ) أَيْ : اسْتِدَارَتِهِ ( أَوْ سُقُوطِهِ ) أَيْ : الثَّدْيِ نُصَّ عَلَيْهِمَا ( أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ فَرْجٍ فَإِنْ مَاتَ ) الْخُنْثَى قَبْلَ بُلُوغٍ ( أَوْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ ) أَيْ : عَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذُكُورِيَّتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ ( أَخَذَ نِصْفَ إرْثِهِ ) الَّذِي يَرِثُهُ ( بِكَوْنِهِ ذَكَرًا فَقَطْ كَوَلَدِ أَخِي الْمَيِّتِ أَوْ عَمِّهِ ) أَيْ : الْمَيِّتِ فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ عَنْ وَلَدَيْ أَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ أَحَدُهُمَا ذَكَرٌ وَالْآخَرُ خُنْثَى أَخَذَ الْخُنْثَى رُبُعَ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَكَرًا أَخَذَ نِصْفَهُ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ النِّصْفِ وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلْخُنْثَى وَاحِدٌ وَلِلذَّكَرِ ثَلَاثَةٌ ( أَوْ ) أَخَذَ الْخُنْثَى نِصْفَ إرْثِهِ بِكَوْنِهِ ( أُنْثَى فَقَطْ كَوَلَدِ أَبٍ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ) إذْ لَوْ كَانَ أُنْثَى لَأَخَذَ السُّدُسَ وَعَالَتْ الْمَسْأَلَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا سَقَطَ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ الْمَالَ فَيُعْطَى نِصْفَ السُّدُسِ .
وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْخُنْثَى سَهْمَانِ وَلِكُلِّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ

( وَإِنْ وَرِثَ ) الْخُنْثَى ( بِهِمَا ) أَيْ : بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ ( تَسَاوَيَا كَوَلَدِ أُمٍّ فَلَهُ السُّدُسُ مُطْلَقًا ) أَيْ : سَوَاءٌ ظَهَرَتْ ذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى إشْكَالِهِ ( أَوْ مُعْتَقٌ ) بِأَنْ كَانَ الْمَيِّتُ عَتِيقًا لِلْخُنْثَى ( فَ ) الْخُنْثَى ( عَصَبَةٌ مُطْلَقًا ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ لَا يَخْتَلِفُ مِيرَاثَهُ مِنْ عَتِيقِهِ بِذَلِكَ ( وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا ) أَيْ : بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ ( مُتَفَاضِلًا عَمِلْتَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ ) أَيْ : الْخُنْثَى ( ذَكَرٌ ، ثُمَّ ) عَمِلْتهَا ( عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى ، ثُمَّ تَضْرِبُ إحْدَاهَا ) أَيْ : إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا ( أَوْ ) تَضْرِبُ ( وَفْقَهَا ) أَيْ : وَفْقَ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى إنْ تَوَافَقَتَا وَتَجْتَزِئُ بِإِحْدَاهُمَا ) أَيْ : الْمَسْأَلَتَيْنِ ( إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ ) تَجْتَزِئُ ( بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا وَتَضْرِبُهَا ) أَيْ : الْجَامِعَةَ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ حَاصِلُ ضَرْبِ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى فِي التَّبَايُنِ أَوْ فِي وَفْقِهَا عِنْدَ التَّوَافُقِ وَأَحَدُ الْمُتَمَاثِلَتَيْنِ وَأَكْثَرُ الْمُتَنَاسِبَتَيْنِ ( فِي اثْنَيْنِ ) عَدَدِ حَالَيْ الْخُنْثَى ( ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ ) فَهُوَ ( مَضْرُوبٌ فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا أَوْ ) فِي وَفْقِهَا إنْ تَوَافَقَتَا أَوْ تَجْمَعُ مَالَهُ ) أَيْ : مَنْ لَهُ شَيْءٌ ( مِنْهُمَا ) أَيْ : الْمَسْأَلَتَيْنِ ( إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ ) أَيْ : وَإِنْ تَنَاسَبَتْ الْمَسْأَلَتَانِ ( فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَقَلِّ الْعَدَدَيْنِ ) فَهُوَ مَضْرُوبٌ فِي ) مَخْرَجِ ( نِسْبَةِ أَقَلِّ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى ) وَهُوَ وَفْقُ الْأَكْثَرِ .
( ثُمَّ يُضَافُ ) حَاصِلُ الضَّرْبِ ( إلَى مَالِهِ مِنْ أَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا ) وَيُسَمَّى هَذَا مَذْهَبُ الْمَنْزِلَيْنِ .
فَفِي ابْنٍ وَبِنْتٍ وَوَلَدٍ خُنْثَى مَسْأَلَةُ الذُّكُورَةِ مِنْ خَمْسَةٍ وَالْأُنُوثَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ اضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى لِلتَّبَايُنِ تَكُنْ عِشْرِينَ ثُمَّ فِي اثْنَيْنِ تَبْلُغْ أَرْبَعِينَ ،

لِلْبِنْتِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ وَسَهْمَانِ فِي أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ لَهَا تِسْعَةٌ وَلِلذَّكَرِ سَهْمَانِ فِي خَمْسَةٍ وَسَهْمَانِ فِي أَرْبَعَةٍ يَجْتَمِعُ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَلِلْخُنْثَى سَهْمَانِ فِي أَرْبَعَةٍ وَسَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ تَكُنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ( وَإِنْ نَسَبْتَ نِصْفَ مِيرَاثِهِ ) أَيْ : مِيرَاثَيْ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ مَسْأَلَتَيْ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ إنْ وَرِثَ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ ( إلَى جُمْلَةِ التَّرِكَةِ ثُمَّ بَسَطْتَ الْكُسُورَ الَّتِي تَجْتَمِعُ مَعَك مِنْ مَخْرَجٍ يَجْمَعُهَا ) أَيْ : الْكُسُورَ ( صَحَّتْ مِنْهُ ) أَيْ : الْمَخْرَجِ الْجَامِعِ لَهَا ( الْمَسْأَلَةُ ) فَفِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَوَلَدٍ خُنْثَى لِلزَّوْجِ مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورَةِ الرُّبُعُ وَمِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثَةِ الرُّبُعُ وَمَجْمُوعُهُمَا النِّصْفُ فَأَعْطِهْ نِصْفَهَا وَهُوَ الرُّبُعُ لِلْأُمِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورَةِ السُّدُسُ وَمِنْ الْأُنُوثَةِ ثُمُنٌ وَنِصْفُ ثُمُنٍ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثُلُثٌ وَسُدُسُ ثُمُنٍ فَأَعْطِهَا نِصْفَهُ وَهُوَ سُدُسٌ وَنِصْفُ سُدُسِ ثُمُنٍ وَلِلْخُنْثَى مِنْ الذُّكُورَةِ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَمِنْ الْأُنُوثَةِ نِصْفٌ وَنِصْفُ ثُمُنٍ وَمَجْمُوعُهُمَا مَالٌ وَثُمُنٌ وَسُدُسُ ثُمُنٍ فَأَعْطِهِ نِصْفَ ذَلِكَ وَهُوَ نِصْفُ ثُلُثِ ثُمُنٍ وَرُبُعُ ثُمُنٍ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْكُسُورُ مِنْ مَخَارِجِهَا وَجَدْتَهَا تَخْرُجُ مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ ، لِلزَّوْجِ رُبُعُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُمِّ سُدُسُهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَنِصْفُ ثُمُنِهَا وَاحِدٌ فَيَجْتَمِعُ لَهَا سَبْعَةَ عَشَرَ .
وَلِلْخُنْثَى نِصْفُهَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثُ ثُمُنِهَا أَرْبَعَةٌ وَرُبُعُ ثُمُنِهَا ثَلَاثَةٌ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ ( وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ نَزَّلْتَهُمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ ) فَلِلْخُنْثَيَيْنِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَلِلثَّلَاثَةِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأَرْبَعَةِ سِتَّة عَشَرَ وَهَكَذَا كُلَّمَا زَادَ وَاحِدٌ تَضَاعَفَ عَدَدُ أَحْوَالِهِمْ ( فَمَا بَلَغَ مِنْ ضَرْبِ الْمَسَائِلِ ) بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ عِنْدَ التَّبَايُنِ وَإِلَّا فَفِي الْوَفْقِ وَتُسْقِطُ الْمُمَاثِلَ

وَالدَّاخِلَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ ( تَضْرِبُهُ فِي عَدَدِ أَحْوَالِهِمْ وَتَجْمَعُ مَا حَصَلَ لَهُمْ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ قَبْلَ الضَّرْبِ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ .
هَذَا إنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَة ) كَابْنٍ وَوَلَدَيْنِ خُنْثَيَيْنِ فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ حَالُ ذُكُورَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثٍ وَحَالُ أُنُوثَةٍ وَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَحَالَانِ ذَكَرَانِ وَ أُنْثَى وَهُمَا مِنْ خَمْسَةٍ فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسَةٌ وَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْحَاصِلُ فِي خَمْسَةٍ بِسِتِّينَ وَأَسْقِطْ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى لِلتَّمَاثُلِ ثُمَّ اضْرِبْ السِّتِّينَ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ تَبْلُغْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ ، لِلِابْنِ مِنْ الذُّكُورِيَّةِ ثُلُثُ السِّتِّينَ عِشْرُونَ وَمِنْ الْأُنُوثَةِ نِصْفُهَا ثَلَاثُونَ وَمِنْ مَسْأَلَةِ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى خُمُسَاهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَكَذَلِكَ مِنْ الْأُخْرَى يَجْتَمِعُ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ لِكُلِّ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ مِنْ الذُّكُورِيَّةِ ثُلُثُ السِّتِّينَ عِشْرُونَ وَمِنْ الْأُنُوثِيَّةِ رُبُعُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِنْ مَسْأَلَتَيْ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَالِامْتِحَانُ بِجَمْعِ الْأَنْصِبَاءِ ( وَإِنْ كَانُوا ) أَيْ : الْخَنَاثَى ( مِنْ جِهَاتٍ جَمَعَتْ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمْ ( فِي الْأَحْوَالِ ) كُلِّهَا ( وَقَسَمَتْهُ عَلَى عَدَدِهَا ) أَيْ : الْأَحْوَالِ ( فَمَا خَرَجَ ) بِالْقِسْمَةِ ( فَ ) هُوَ ( نَصِيبُهُ ) كَوَلَدِ خُنْثَى وَوَلَدِ أَخٍ خُنْثَى وَعَمٍّ .
فَإِنْ كَانَ الْخُنْثَيَانِ ذَكَرَيْنِ فَالْمَالُ لِابْنٍ وَإِنْ كَانَا أُنْثَيَيْنِ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْعَمِّ الْبَاقِي .
وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَوَلَدُ الْأَخِ أُنْثَى فَالْمَالُ لِلْوَلَدِ .
وَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأَخِ ذَكَرًا وَالْوَلَدُ أُنْثَى فَلِلْوَلَدِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَخِ فَالْمَسَائِلُ مِنْ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ فَاكْتَفِ بِاثْنَيْنِ وَاضْرِبْهُمَا فِي أَرْبَعَةٍ عَدَدِ

الْأَحْوَالِ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، لِلْوَلَدِ الْمَالُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَالنِّصْفُ فِي حَالَيْنِ فَاقْسِمْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهُ سِتَّةٌ ، وَلِوَلَدِ الْأَخِ النِّصْفُ أَرْبَعَةٌ فِي حَالٍ فَقَطْ ، فَاقْسِمْهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهُ وَاحِدٌ ، وَلِلْعَمِّ كَذَلِكَ ، وَلَوْ جَمَعْتَ مَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مِمَّنْ صَحَّتْ مِنْهُ قَبْلَ الضَّرْبِ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْمِثَالِ لَحَصَلَ ذَلِكَ ؛ فَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا إذَا كَانَا مِنْ جِهَةٍ أَوْ جِهَتَيْنِ ، بَلْ أَيُّهُمَا عَمِلْتَ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَالَيْنِ صَحَّ الْعَمَلُ

( وَإِنْ صَالَحَ ) خُنْثَى ( مُشْكِلٌ مَنْ مَعَهُ ) مِنْ الْوَرَثَةِ ( عَلَى مَا وَقَفَ لَهُ ) مِنْ الْمَالِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ ( صَحَّ ) صُلْحُهُ مَعَهُمْ ( إنْ صَحَّ تَبَرُّعُهُ ) بِأَنْ بَلَغَ وَرَشَدَ ، ؛ لِأَنَّهُ جَائِزُ التَّصَرُّفِ إذَنْ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا رَشِيدًا فَلَا يَصِحُّ صُلْحُهُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزِ التَّصَرُّف وَكَخُنْثَى مُشْكِلٍ مَنْ لَا ذَكَرَ لَهُ وَلَا فَرْجَ ) لَهُ ( وَلَا فِيهِ عَلَامَةُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ) وَقَدْ وُجِدَ مَنْ لَيْسَ فِي قُبُلِهِ مَخْرَجٌ ، لَا ذَكَرٌ وَلَا فَرْجٌ ، بَلْ لَحْمَةٌ نَاتِئَةٌ كَالرَّبْوَةِ يَرْشَحُ الْبَوْلُ مِنْهَا رَشْحًا عَلَى الدَّوَامِ ، وَآخَرُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ مِنْهُ يَتَغَوَّطُ وَمِنْهُ يَبُولُ ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ أَصْلًا لَا قُبُلَ وَلَا دُبُرَ ، وَإِنَّمَا يَتَقَايَأُ مَا يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ وَهُوَ وَمَا أَشْبَهَهُ فِي مَعْنَى الْخُنْثَى ، غَيْرُ أَنَّهُ لَا يُغَيَّرُ بِمَا لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

جَمْعُ غَرِيقٍ ( وَمَنْ عَمِيَ ) أَيْ : خَفَى حَالُ ( مَوْتِهِمْ ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيَّهمْ مَاتَ أَوَّلًا ، كَالْهَدْمَى وَمَنْ وَقَعَ بِهِمْ طَاعُونٌ ، وَأُشْكِلَ أَمْرُهُمْ ( إذَا عَلِمَ مَوْتَ مُتَوَارِثَيْنِ مَعًا ) أَيْ : فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ ( فَلَا إرْثَ ) لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَيًّا حِينَ مَوْتِ الْآخَرِ ، وَشَرْطُ الْإِرْثِ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ الْمُوَرِّثِ ( وَإِنْ جَهِلَ أَسْبَقَ ) الْمُتَوَارِثَيْنِ مَوْتًا .
يَعْنِي لَمْ يَعْلَمْ ( هَلْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ لَا ؟ أَوْ عَلِمَ ) أَسْبَقَهُمَا ( ثُمَّ نَسِيَ ، أَوْ ) عَلِمَ مَوْتَ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا .
وَ ( جَهِلُوا عَيْنَهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ وَرَثَةُ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( سَبْقَ ) مَوْتِ ( الْآخَرِ وَرِثَ كُلُّ مَيِّتٍ صَاحِبَهُ ) فِي قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ .
قَالَ الشَّعْبِيُّ " وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ عَامَ عَمَوَاسَ فَجَعَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ يَمُوتُونَ عَنْ آخِرِهِمْ فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ .
فَأَمَرَ عُمَرُ : أَنْ وَرِّثُوا بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) قَالَ أَحْمَدُ : أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ .
وَرُوِيَ عَنْ إيَاسٍ الْمُزَنِيّ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ عَنْ قَوْمٍ وَقَعَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ .
فَقَالَ : يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا } ( مِنْ تِلَادِ مَالِهِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ .
أَيْ : قَدِيمِ مَالِهِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ ( دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ مَعَهُ ) لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الدُّورُ ( فَيُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا مَاتَ أَوَّلًا يُوَرَّثُ الْآخَرُ مِنْهُ ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا وَرِثَهُ عَلَى الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ ، ثُمَّ يَصْنَعُ بِالثَّانِي كَذَلِكَ ) ثُمَّ بِالثَّالِثِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهُوا .
( فَفِي أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيْدٍ وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو ) مَاتَا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا أَوْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ أَوْ جَهِلُوا عَيْنَهُ وَلَمْ يَدَّعِ وَرَثَةُ وَاحِدٍ سَبْقَ مَوْتَ الْآخَرِ ( فَيَصِيرُ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( لِمَوْلَى الْآخَرِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْرَضُ مَوْتُ مَوْلَى زَيْدٍ ابْتِدَاءً فَيَرِثُهُ أَخُوهُ .
ثُمَّ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ .

ثُمَّ يُعْكَسُ ( فَفِي زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَابْنِهِمَا ) غَرِقُوا أَوْ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ وَنَحْوَهُ فَمَاتُوا ، وَجَهِلَ الْحَالَ وَلَا تَدَاعِي ( وَخَلَّفَ ) الزَّوْجُ ( امْرَأَةً أُخْرَى ) غَيْرَ الَّتِي غَرِقَتْ وَنَحْوَهُ ، مَعَهُ ( وَ ) خَلَّفَ أَيْضًا ( أُمًّا وَخَلَّفَتْ ) الزَّوْجَةُ الَّتِي غَرِقَتْ وَنَحْوَهُ مَعَهُ ( ابْنًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَبًا ، وَ ) تَصِحُّ ( مَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ) وَأَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ، لِلزَّوْجَتَيْنِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ تُبَايِنُهُمَا ، فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ ( لِلزَّوْجَةِ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثَةٌ ) وَهِيَ نِصْفُ الثُّمُنِ .
( وَلِلْأَبِ ) أَيْ : أَبِي الزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ ( سُدُسٌ وَلِابْنِهَا الْحَيِّ مَا بَقِيَ ) فَمَسْأَلَتُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَسِهَامُهَا ثَلَاثَةٌ فَ ( تُرَدُّ مَسْأَلَتُهَا ) السِّتَّةُ ( إلَى وَفْقِ سِهَامِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( بِالثُّلُثِ ) مُتَعَلِّقٌ بِوَفْقِ ( اثْنَيْنِ ) بَدَلٌ مِنْ وَفْقِ أَوْ عَطْفِ بَيَانٍ ، أَيْ : تُرَدُّ السِّتَّة لِاثْنَيْنِ ( وَلِابْنِهِ ) الَّذِي مَاتَ مَعَهُ ( أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ ) مِنْ مَسْأَلَةِ أَبِيهِ تُقَسَّمُ عَلَى وَرَثَةِ الِابْنِ الْأَحْيَاءِ ( لِأُمِّ أَبِيهِ ) مِنْ ذَلِكَ ( سُدُسٌ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ وَمَا بَقِيَ ) وَهُوَ الثُّلُثَانِ ( لِعَصَبَتِهِ ) أَيْ : الِابْنِ ( مِنْ سِتَّةٍ تُوَافِقُ سِهَامَهُ ) الْأَرْبَعَةَ وَثَلَاثِينَ ( بِالنِّصْفِ فَ ) رُدَّ السِّتَّةَ لِنِصْفِهَا ثَلَاثَةٍ ، وَ ( اضْرِبْ ثَلَاثَةً ) وَهِيَ وَفْقُ مَسْأَلَةِ الِابْنِ ( فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ اثْنَيْنِ ) يَحْصُلُ سِتَّةٌ ( ثُمَّ ) اضْرِبْ السِّتَّةَ ( فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ) أَيْ : مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ وَهِيَ ( ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَكُنْ ) الْأَعْدَادُ الَّتِي تَبْلُغُهَا بِالضَّرْبِ ( مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةَ وَثَمَانِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ ) لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ الْأَحْيَاءِ وَهُمْ : أَبُوهَا وَابْنُهَا مِنْ ذَلِكَ نِصْفُ ثُمُنِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، لِأَبِيهَا ثَلَاثَةٌ وَلِابْنِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِزَوْجَتِهِ الْحَيَّةِ نِصْفُ ثُمُنِهِ

ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، وَلِوَرَثَةِ ابْنِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا بَقِيَ وَهُوَ مِائَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ ، لِجَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ مِنْ ذَلِكَ سُدُسُهُ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ كَذَلِكَ وَلِعَصَبَتِهِ مَا بَقِيَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ( وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ ) اثْنَيْ عَشَرَ ، وَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأَبِ السُّدُسُ اثْنَانِ ، وَلِلِابْنَيْنِ مَا بَقِيَ سَبْعَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ ، فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَتَصِحُّ مِنْ ( أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ) لِلزَّوْجِ مِنْهَا الرُّبُعُ سِتَّةٌ ، وَلِلْأَبِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ ( فَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْهَا ) أَيْ : مِنْ تَرِكَةِ زَوْجَتِهِ ( مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ) لِزَوْجَتِهِ الْحَيَّةِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ ، وَمَا بَقِيَ لِعَصَبَتِهِ ( وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ ) الْمَيِّتَةِ ( مِنْهَا ) أَيْ : تَرِكَةِ أُمِّهِ ( مِنْ سِتَّةٍ ) لِجَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ السُّدُسُ ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ كَذَلِكَ ، وَالْبَاقِي لِعَصَبَتِهِ .
وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالسُّدُسِ فَتَرُدُّ لِاثْنَيْنِ ، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ تُبَايِنُ سِهَامَهُ فَتَبْقَى بِحَالِهَا ( فَدَخَلَ وَفْقُ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ ) وَهُوَ ( اثْنَانِ فِي مَسْأَلَتِهِ ) أَيْ : الِابْنِ وَهِيَ سِتَّةٌ ( فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ ) لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ الْأَحْيَاءِ مِنْ ذَلِكَ الرُّبُعُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ لِزَوْجَتِهِ رُبُعُهَا تِسْعَةٌ وَلِأُمِّهِ سُدُسُهَا سِتَّةٌ وَالْبَاقِي لِعَصَبَتِهِ .
وَلِأَبِ الزَّوْجَةِ سُدُسُ الْمِائَةِ وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَلِابْنِهَا الْحَيِّ نِصْفُ الْبَاقِي وَهُوَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَلِوَرَثَةِ ابْنِهَا الْمَيِّتِ كَذَلِكَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ لِجَدَّتِهِ لِأَبِيهِ سُدُسُهُ سَبْعَةٌ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ كَذَلِكَ ، وَالْبَاقِي لِعَصَبَتِهِ ( وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ ) الْمَيِّتِ ( مِنْ ثَلَاثَةٍ ) لِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَاحِدٌ

وَلِأَبِيهِ الْبَاقِي اثْنَانِ .
( فَمَسْأَلَةُ أُمِّهِ مِنْ سِتَّةٍ ) لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا الْوَاحِدُ ( وَلَا مُوَافَقَةَ وَمَسْأَلَةُ أَبِيهِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ) تُوَافِقُ سَهْمَيْهِ بِالنِّصْفِ فَرَدَّ مَسْأَلَتَهُ لِنِصْفِهَا سِتَّةٍ وَهِيَ مُمَاثِلَةٌ لِمَسْأَلَةِ الْأُمِّ ( فَاجْتَزِئْ بِضَرْبِ وَفْقِ ) عَدَدِ ( سِهَامِهِ ) وَهِيَ ( سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ يَكُنْ ) الْحَاصِلُ ( ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ) لِلْأُمِّ ثُلُثُهَا .
سِتَّةٌ تُقَسَّمُ عَلَى مَسْأَلَتِهَا وَالْبَاقِي لِلْأَبِ اثْنَا عَشَرَ تُقَسَّمُ عَلَى مَسْأَلَتِهِ

( وَإِنْ ادَّعَوْهُ ) أَيْ : ادَّعَى وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ ، مِنْ نَحْوِ هَدْمَى وَغَرْقَى سَبْقَ ، مَوْتِ صَاحِبِهِ ( وَلَا بَيِّنَةَ ) بِالدَّعْوَى ( أَوْ ) كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَ ( تَعَارَضَتَا ) أَيْ : الْبَيِّنَتَانِ ( تَحَالَفَا وَلَمْ يَتَوَارَثَا ) نَصًّا .
وَهُوَ قَوْلُ الصِّدِّيقِ وَزَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُنْكِرٌ لِدَعْوَى الْآخَرِ .
فَإِذَا تَحَالَفَا سَقَطَتْ الدَّعْوَى .
فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ السَّبْقُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْلُومًا وَلَا مَجْهُولًا .
أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ مَوْتَهُمَا مَعًا ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَدَّعُوا ذَلِكَ ( فَفِي امْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا .
فَقَالَ زَوْجُهَا : مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا ) أَيْ : أَنَا وَابْنِي ( ثُمَّ ) مَاتَ ( ابْنِي فَوَرِثْتُهُ ) وَحْدِي ( وَقَالَ أَخُوهَا مَاتَ ابْنُهَا ) أَوَّلًا ( فَوَرِثَتْهُ ) أَيْ : وَرِثَتْ مِنْهُ ( ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا ) وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ تَعَارَضَتَا ( حَلَفَ كُلٌّ ) مِنْ زَوْجِهَا وَأَخِيهَا ( عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ ( وَكَانَ مُخَلَّفُ الِابْنِ لِأَبِيهِ ) وَحْدَهُ ( وَمُخَلَّفُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ ) وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ ( وَلَوْ عَيَّنَ وَرَثَةُ كُلٍّ ) مِنْ وَرَثَةٍ مَيِّتَيْنِ ( مَوْتَ أَحَدِهِمَا ) بِوَقْتٍ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ( وَشَكُّوا ، هَلْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ ؟ وَرِثَ مَنْ شَكَّ فِي ) وَقْتِ ( مَوْتِهِ مِنْ الْآخَرِ ) إذْ الْأَصْلُ بَقَاؤُهُ

( وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ ) كَأَخَوَيْنِ ( عِنْدَ الزَّوَالِ أَوْ نَحْوِهِ ) كَشُرُوقِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ : الْمُتَوَارِثَيْنِ الْمَيِّتَيْنِ كَذَلِكَ ( بِالْمَشْرِقِ ) كَالسِّنْدِ .
( وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ كَفَارِسٍ ) ( وَرِثَ مَنْ بِهِ ) أَيْ : الْمَغْرِبِ ( مَنْ الَّذِي ) مَاتَ ( بِالْمَشْرِقِ لِمَوْتِهِ ) أَيْ : الَّذِي بِالْمَشْرِقِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ : قَبْلَ الَّذِي بِالْمَغْرِبِ ( بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الزَّوَالِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالْمَشْرِقِ قَبْلَ كَوْنِهِ بِالْمَغْرِبِ وَلَوْ مَاتَا عِنْدَ ظُهُورِ الْهِلَالِ .
قَالَ فِي الْفَائِقِ : فَتَعَارَضَ فِي الْمَذْهَبِ ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ كَالزَّوَالِ .

( بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ ) جَمْعُ مِلَّةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَهِيَ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ وَمِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ اخْتِلَافُ الدِّينِ ف ( لَا يَرِثُ مُبَايِنٌ فِي دِينٍ ) لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا { لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ أَيْضًا بِغَيْرِ الْوَلَاءِ .
.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَمُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ " أَنَّهُمْ وَرَّثُوا الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ وَلَمْ يُوَرِّثُوا الْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ " وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ( إلَّا بِالْوَلَاءِ ) فَيَرِثُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْكَافِرِ بِهِ ، وَالْكَافِرُ مِنْ الْمُسْلِمِ بِهِ .
لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا { لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَلِأَنَّ وَلَاءَهُ لَهُ وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ

( وَ ) إلَّا إذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِ ( مُوَرِّثِهِ الْمُسْلِمِ ) فَيَرِثُ مِنْهُ نَصًّا ( وَلَوْ ) كَانَ الْوَارِثُ ( مُرْتَدًّا ) حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ .
ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ ( بِتَوْبَةٍ أَوْ ) كَانَ ( زَوْجَةٌ ) وَأَسْلَمَتْ ( فِي عِدَّةٍ ) قَبْلَ الْقَسْمِ نَصًّا .
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ لِحَدِيثِ { مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ } رَوَاهُ سَعِيدٌ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { كُلُّ قَسْمٍ قُسِّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِّمَ وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ .
وَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ عَنْ عُثْمَانَ ( أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ فَلَهُ نَصِيبُهُ .
فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ " رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ .
وَالْحِكْمَةُ فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ قُسِمَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ وَرِثَ مِمَّا بَقِيَ دُونَ مَا قُسِمَ ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَتَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَاحْتَازَهَا ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَسْمِهَا .
وَ ( لَا ) يَرِثُ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ إنْ كَانَ ( زَوْجًا ) لِانْقِطَاعِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ عَنْهُ بِمَوْتِهَا بِخِلَافِهَا .
وَكَذَا لَا تَرِثُ هِيَ مِنْهُ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ عِدَّتِهَا

( وَلَا ) يَرِثُ ( مَنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ أَوْ نَحْوِهِ ) كَابْنِهِ وَأَخِيهِ ( قَبْلَ الْقَسْمِ ) لِمِيرَاثِ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرَبِ وَوَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّأْلِيفِ عَلَيْهِ ، فَوُرِّثَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ .
الْعِتْقُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ

( وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا ذِمِّيٌّ وَالْآخَرُ حَرْبِيٌّ أَوْ ) أَنَّ أَحَدَهُمَا ( مُسْتَأْمَنٌ وَالْآخَرُ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ إنْ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ ) ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ مِنْ النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَوْرِيثَهُمْ وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمْ قِيَاسٌ ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا وَمَفْهُومُ حَدِيثِ { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الدَّارُ فَيَبْعَثُ مَالُ ذِمِّيٍّ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ حَيْثُ عَلِمَ ( وَهُمْ ) أَيْ : الْكُفَّارُ ( مِلَلٌ شَتَّى لَا يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ .
لِحَدِيثِ { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } وَهُوَ مُخَصَّصٌ لِلْعُمُومَاتِ وَقَالَ الْقَاضِي .
الْكُفْرُ ثَلَاثُ مِلَلٍ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ وَدِينُ مَنْ عَدَاهُمْ ؛ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَرُدَّ بِافْتِرَاقِ حُكْمِهِمْ ، فَإِنَّ الْمَجُوسَ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ وَغَيْرَهُمْ لَا يُقِرُّ بِهَا ، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْبُودَاتِهِمْ وَمُعْتَقِدَاتِهِمْ وَآرَائِهِمْ ، يَسْتَحِلُّ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ وَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا

( وَلَا ) يَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ( بِنِكَاحٍ ) أَيْ : عَقْدِ تَزْوِيجٍ ( لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا ) وَلَوْ اعْتَقَدُوهُ كَالنَّاكِحِ لِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَكَالْمَجُوسِ يَتَزَوَّجُ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا التَّزْوِيجِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ كَعَدَمِهِ .
فَإِنْ كَانُوا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَاعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ تَوَارَثُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ أَنْكِحَتِنَا كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ انْقَضَتْ وَنَحْوِهِ

( وَمُخَلَّفُ ) اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ : مَتْرُوكُ ( مُكَفَّرٍ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ : مَنْ اعْتَقَدَ أَهْلُ الشَّرْعِ أَنَّهُ كَافِرٌ ( بِبِدْعَةٍ كَجَهْمِيٍّ ) وَاحِدُ الْجَهْمِيَّةِ أَتْبَاعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ الْقَائِلُ بِالتَّعْطِيلِ ( وَنَحْوِهِ ) كَالْمُشَبِّهَةِ ( إذَا لَمْ يَتُبْ ) مِنْ بِدْعَتِهِ الَّتِي كَفَرَ بِهَا فَيْءٌ : وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ يُكَفَّرُ مُجْتَهِدُهُمْ الدَّاعِيَةُ ( وَ ) مُخَلَّفُ ( مُرْتَدٍّ ) لَمْ يَتُبْ ( وَزِنْدِيقٍ وَهُوَ الْمُنَافِقُ ) الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ ( فَيْءٌ ) يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ وَلَا أَقَارِبُهُ الْكُفَّارُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ غَيْرِهِمْ ، ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُمْ فِي حُكْمِهِمْ وَلَا يُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ لَوْ كَانَ امْرَأَةً ( وَلَا يَرِثُونَ ) أَيْ : الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ بِبِدْعَةٍ أَوْ وَرِدَّةٍ أَوْ زَنْدَقَةٍ ( أَحَدًا ) مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ .
فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ حُكْمُ دِينٍ مِنْ الْأَدْيَانِ

( وَيَرِثُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ ) مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ نِكَاحَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ ( أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ ) إنْ أَمْكَنَ نَصًّا .
وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ .
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ .
فَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ أُخْتًا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا فِي الْآيَتَيْنِ ، كَالشَّخْصَيْنِ ، وَلِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ تَرِثُ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً لَا تَحْجُبُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ، وَلَا تُرَجَّحُ بِهَا فَتَرِثُ بِهِمَا مُجْتَمِعَيْنِ كَزَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ ( فَلَوْ خَلَّفَ ) مَجُوسِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ ( أُمَّهُ وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ ) بِأَنْ تَزَوَّجَ الْأَبُ بِنْتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا الْمَيِّتَ ( وَ ) خَلَّفَ مَعَهَا ( عَمَّا وَرِثَتْ الثُّلُثَ بِكَوْنِهَا أُمًّا وَ ) وَرِثَتْ ( النِّصْفَ بِكَوْنِهَا أُخْتًا وَالْبَاقِي ) بَعْدَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ ( لِلْعَمِّ ) لِحَدِيثِ { أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا } ( فَإِنْ كَانَ مَعَهَا ) أَيْ : الْأُمِّ الَّتِي هِيَ أُخْتٌ ( أُخْتٌ أُخْرَى لَمْ تَرِثْ ) الْأُمُّ الَّتِي هِيَ أُخْتٌ ( بِكَوْنِهَا أُمًّا إلَّا السُّدُسَ ؛ لِأَنَّهَا أَنْجَبَتْ بِنَفْسِهَا ) مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا أُخْتًا ( وَبِ ) الْأُخْتِ ( الْأُخْرَى ) عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ ؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ .
( وَلَوْ أَوْلَدَ ) مَجُوسِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ ( بِنْتَهُ بِنْتًا بِتَزْوِيجٍ فَخَلَّفَهُمَا وَ ) خَلَّفَ مَعَهُمَا ( عَمَّا .
فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا بِنْتَاهُ ( وَالْبَقِيَّةُ لِعَمِّهِ ) تَعْصِيبًا وَلَا إرْثَ لِلْكُبْرَى بِالزَّوْجِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهَا لَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ( فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ ) أَيْ : الْأَبِ ( فَالْمَالُ ) الَّذِي تُخَلِّفُهُ الْكُبْرَى كُلُّهُ ( لِلصُّغْرَى ؛ لِأَنَّهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ ) فَتَصِيرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُخْتٌ عَصَبَةٌ مَعَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا بِنْتٌ ( فَإِنْ مَاتَتْ ) الصُّغْرَى ( قَبْلَ الْكُبْرَى

فَلَهَا ) أَيْ : الْكُبْرَى مِنْ مَالِ الصُّغْرَى ( ثُلُثٌ وَنِصْفٌ ) بِكَوْنِهَا أُمًّا وَأُخْتًا ( وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ ) تَعْصِيبًا ( ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَ ) الْأَبُ ( الصُّغْرَى ) وَهِيَ بِنْتُهُ وَبِنْتُ بِنْتِهِ ( فَوَلَدَتْ بِنْتًا ) وَخَلَّفَهُنَّ ( وَخَلَّفَ مَعَهُنَّ عَمَّا فَلِبَنَاتِهِ ) الثَّلَاثِ ( الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لَهُ ) أَيْ : لِلْعَمِّ تَعْصِيبًا ( وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ ) أَيْ : الْأَبِ ( بِنْتُهُ الْكُبْرَى ) عَنْ بِنْتِهَا وَبِنْتِ بِنْتِهَا وَهُمَا أُخْتَاهَا ( فَلِلْوُسْطَى ) الَّتِي هِيَ بِنْتُهَا ( النِّصْفُ ) بِكَوْنِهَا بِنْتًا ( وَمَا بَقِيَ ) بَعْدَ النِّصْفِ فَهُوَ ( لَهَا وَلِلصُّغْرَى ) سَوِيَّةً بِكَوْنِهِمَا أُخْتَيْنِ مَعَ بِنْتٍ ( فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ) لِلْوُسْطَى ثَلَاثَةٌ وَلِلصُّغْرَى وَاحِدٌ فَهَذِهِ بِنْتُ بِنْتٍ وَرِثَتْ مَعَ بِنْتٍ فَوْقَ السُّدُسِ ( وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ ) أَيْ : الْأَبِ ( الْوُسْطَى ) مِنْ الْبَنَاتِ ( فَالْكُبْرَى ) بِالنِّسْبَةِ لِلْوُسْطَى ( أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَالصُّغْرَى ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا ( بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ .
فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ لَهُمَا بِالتَّعْصِيبِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ مَعَ بِنْتٍ فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ لِلْكُبْرَى اثْنَانِ وَلِلصُّغْرَى أَرْبَعَةٌ ( فَلَوْ مَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهَا ) أَيْ : بَعْدَ الْوُسْطَى ( فَأُمُّ أُمِّهَا أُخْتٌ لِأَبٍ فَلَهَا الثُّلُثَانِ ) النِّصْفُ ؛ لِأَنَّهَا أُخْتٌ لِأَبٍ وَالسُّدُسُ ؛ لِأَنَّهَا جَدَّةٌ ( وَمَا بَقِيَ ) فَهُوَ ( لِلْعَمِّ ) تَعْصِيبًا .
( وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِنْتُهُ الصُّغْرَى ) مَعَ بَقَاءِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى ( فَلِلْوُسْطَى ) مِنْ الصُّغْرَى ( بِأَنَّهَا أُمٌّ سُدُسٍ ) لِاحْتِجَابِهَا عَنْ الثُّلُثِ إلَيْهِ بِنَفْسِهَا وَبِأُمِّهَا ؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ ( وَلَهُمَا ) أَيْ : الْوُسْطَى وَالْكُبْرَى ( ثُلُثَانِ ) بَيْنَهُمَا ( بِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِلْأَبِ وَمَا بَقِيَ لِلْعَمِّ ) تَعْصِيبًا .
وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ ، لِلْوُسْطَى ثَلَاثَةٌ وَلِلْكُبْرَى اثْنَانِ وَلِلْعَمِّ وَاحِدٌ ( وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى ) شَيْئًا بِالْجُدُودَةِ ( لِأَنَّهَا جَدَّةٌ

مَعَ أُمٍّ ) فَانْحَجَبَتْ بِهَا عَنْ فَرْضِ الْجَدَّاتِ ( وَكَذَا لِوَلَدٍ مُسْلِمٍ ذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرِهَا ) مِمَّنْ يَكُونُ وَلَدُهَا ذَاتَ قَرَابَتَيْنِ بِأَكْثَرَ ( بِشُبْهَةِ ) نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ فَيَرِثُ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ ( وَيَثْبُتُ النَّسَبُ ) لِلشُّبْهَةِ .

أَيْ : بَيَانُ مَنْ يَرِثُ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ ، وَمَنْ لَا يَرِثُ ( وَيَثْبُتُ ) الْإِرْثُ ( لَهُمَا ) أَيْ : لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ ( فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ ) سَوَاءٌ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ .
قَالَ فِي الْمُغْنِي : بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ .
.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ .
وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ ، وَيَمْلِكُ إمْسَاكَهَا بِالرَّجْعَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَلَا وَلِيَ وَنَحْوُهُ .
فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا تَوَارُثَ لَكِنْ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَرِثَتْهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعَبِ ، يَعْنِي أَوَتُرِيدُ

( وَ ) يَثْبُتُ الْمِيرَاثُ ( لَهَا ) أَيْ : الْمُطَلَّقَةِ مِنْ مُطَلِّقِهَا ( فَقَطْ ) أَيْ : دُونَهُ لَوْ مَاتَتْ هِيَ ( مَعَ تُهْمَتِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا ) الْمِيرَاثَ ( بِأَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ وَنَحْوِهِ ) مِمَّا تَقَدَّمَ فِي عَطَايَا الْمَرِيضِ ( ابْتِدَاءً ) بِلَا سُؤَالِهَا ( أَوْ سَأَلَتْهُ ) طَلَاقًا ( أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ عَلَّقَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ الْبَائِنَ ( عَلَى مَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا ) كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ ( وَنَحْوَهَا ) كَالصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَكَلَامُ أَبِيهَا وَحَكَاهُ قَوْلًا فِي الرِّعَايَةِ فِي الْأَبَوَيْنِ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( عَلَى مَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ عَقْلًا كَأَكْلٍ وَنَحْوِهِ ) كَنَوْمٍ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( عَلَى مَرَضِهِ أَوْ ) عَلَى ( فِعْلٍ لَهُ ) كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَفَعَلَهُ فِيهِ ) أَيْ : الْمَرَضِ الْمَخُوفِ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( عَلَى تَرْكِهِ ) أَيْ : تَرْكِ فِعْلٍ لَهُ بِأَنْ قَالَ : إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ وَنَحْوَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( فَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ ) وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ ( أَوْ ) عَلَّقَ ( إبَانَةَ ) زَوْجَةٍ ( ذِمِّيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ عَلَى إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ ) فَأَسْلَمَتْ أَوْ عَتَقَتْ ( أَوْ عَلِمَ ) الزَّوْجُ الْمَرِيضُ كَذَلِكَ ( أَنَّ سَيِّدَهَا ) أَيْ : زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ( عَلَّقَ عِتْقَهَا بَعْدُ ، فَأَبَانَهَا الْيَوْمَ أَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ ) الْمَخُوفِ ( أَنَّهُ أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ وَكَّلَ فِيهَا ) أَيْ : فِي إبَانَتِهَا وَلَوْ فِي صِحَّتِهِ ( مَنْ يُبِينُهَا مَتَى شَاءَ فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ) الْمَخُوفِ ( أَوْ قَذَفَهَا فِي صِحَّتِهِ وَلَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ ) الْمَخُوفِ ( أَوْ وَطِئَ ) الزَّوْجُ ( غَافِلًا ) وَلَوْ صَبِيًّا لَا مَجْنُونًا ( حَمَاتَهُ ) أَيْ : بِمَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ ( وَلَوْ لَمْ يَمُتْ بِهِ ) الزَّوْجُ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ ( أَوْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ بَلْ لُسِعَ أَوْ أُكِلَ ) أَيْ : أَكَلَهُ سَبُعٌ وَنَحْوُهُ ( وَلَوْ )

كَانَ كَذَلِكَ ( قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ) أَيْ : الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَتَرِثُهُ ( مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ) غَيْرَهُ ( أَوْ تَرْتَدُّ ) فَلَا تَرِثُهُ ( وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ) أَنْ ارْتَدَّتْ أَوْ طَلُقَتْ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ ؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِاخْتِيَارِهَا مَا يُنَافِي نِكَاحَ الْأَوَّلِ وَالْأَصْلُ إرْثُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ مُبِينِهَا الْمُتَّهَمِ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ ( أَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ فَبَتَّهَا ) وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ( أَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَ أُمَّهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ فَوَرِثَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ) وَرَوَى عُرْوَةُ ( أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : لَئِنْ مِتَّ لَأَرَّثْتُهَا مِنْكَ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ ) وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ ( لَا تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ ) فَمَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ زَمَنَ عُثْمَانَ .
وَلِأَنَّ الْمُطَلِّقَ قَصَدَ قَصْدًا فَاسِدًا فِي الْمِيرَاثِ فَعُورِضَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْقَاتِلِ

( وَ ) يَثْبُتُ الْإِرْثُ ( لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ مَعَ زَوْجَتِهِ ( فَقَطْ ) أَيْ : دُونَهَا ( إنْ فَعَلْت بِمَرَضِ مَوْتِهَا الْمَخُوفِ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا مَا دَامَتْ مُعْتَدَّةً إنْ اُتُّهِمَتْ ) بِقَصْدِ حِرْمَانِهِ كَإِدْخَالِهَا ذَكَرَ أَبِي زَوْجِهَا أَوْ ابْنِهِ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ إرْضَاعِهَا ضَرَّتَهَا الصَّغِيرَةَ وَنَحْوِهِ .
؛ لِأَنَّهَا إحْدَى الزَّوْجَيْنِ فَلَمْ يُسْقِطْ فِعْلُهَا مِيرَاثَ الْآخَرِ كَالزَّوْجِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا انْقَطَعَ مِيرَاثُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْإِنْصَافِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ كَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ .
حَيْثُ أَطْلَقُوا وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْإِقْنَاعِ .
وَقَالَ : إنَّهُ أَصْوَبُ مِمَّا فِي التَّنْقِيحِ ( وَإِلَّا ) تُتَّهَمُ الزَّوْجَةُ بِقَصْدِ حِرْمَانِهِ الْإِرْثَ بِأَنْ دَبَّ زَوْجُهَا الصَّغِيرُ أَوْ ضَرَّتَهَا الصَّغِيرَةُ فَارْتَضَعَ مِنْهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ ( سَقَطَ مِيرَاثُهُ ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ ( كَفَسْخِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَتْ ) ؛ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا لِلْفِرَارِ .
قَالَ الْقَاضِي .

وَكَذَا لَوْ ثَبَتَتْ عُنَّةُ زَوْجٍ فَأُجِّلَ سَنَةً وَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى مَرِضَتْ آخِرَ الْحَوْلِ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا انْقَطَعَ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا

( وَيَقْطَعُهُ ) أَيْ : التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا أَيْ : الزَّوْجَيْنِ ( إبَانَتُهَا فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ ) بِأَنْ أَبَانَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضٍ غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ غَيْرِ الْمَخُوفِ ( أَوْ فِيهِ ) أَيْ : مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ ( بِلَا تُهْمَةٍ بِأَنْ سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ ) فَأَجَابَهَا إلَيْهِ ، وَمِثْلُهُ الطَّلَاقُ عَلَى عِوَضٍ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ ( أَوْ ) سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ ( الثَّلَاثَ ) فَأَجَابَهَا إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا فِرَارَ مِنْهُ ( أَوْ ) سَأَلَتْهُ ( الطَّلَاقَ ) مُطْلَقًا ( فَثَلَّثَهُ ، أَوْ عَلَّقَهَا ) أَيْ : الثَّلَاثَ ( عَلَى فِعْلٍ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ ) شَرْعًا وَعَقْلًا كَخُرُوجِهَا مِنْ دَارِهِ ، وَنَحْوِهِ ( فَفَعَلَتْ عَالِمَةً بِهِ ) أَيْ : التَّعْلِيقِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ مِنْهُ .
فَإِنْ جَهِلَتْ التَّعْلِيقَ وَرِثَتْ ، ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ ( أَوْ ) عَلَّقَ الثَّلَاثَ ( فِي صِحَّتِهِ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ ) كَكُسُوفِ الشَّمْسِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ ( فَوُجِدَ ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ ( فِي مَرَضِهِ ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ( أَوْ كَانَتْ ) الْمُبَانَةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ ( لَا تَرِثُ ) حِينَ طَلَاقِهِ لِمَانِعٍ مِنْ رِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ ( كَأَمَةٍ وَذِمِّيَّةٍ ) طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ ( وَلَوْ عَتَقَتْ ) الْأَمَةُ ( وَأَسْلَمَتْ ) الذِّمِّيَّةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا تَرِثُ ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ فَارًّا

( وَمَنْ أَكْرَهَ وَهُوَ عَاقِلٌ ) وَلَوْ صَبِيًّا ( وَارِثٌ ) مِنْ زَوْجِ الْمُكْرَهَةِ ( وَلَوْ نَقَصَ إرْثُهُ أَوْ انْقَطَعَ ) لِحَاجِبٍ أَوْ قِيَامِ مَانِعٍ ( امْرَأَةِ أَبِيهِ أَوْ ) أَكْرَهَ امْرَأَةَ ( جَدِّهِ فِي مَرَضِهِ ) أَيْ : الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ ، وَكَذَا امْرَأَةَ ابْنِهِ وَابْنِ ابْنِهِ ( عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا ) كَوَطْئِهَا ( لَمْ يَقْطَعْ ) ذَلِكَ ( إرْثُهَا ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ حَصَلَ فِي مَرَضِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ فَلَمْ يَقْطَعْ إرْثَهَا كَمَا لَوْ أَبَانَهَا زَوْجُهَا ( إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ ) أَيْ : الْأَبِ وَالْجَدِّ ( امْرَأَةً تَرِثُهُ سِوَاهَا ) فَيَنْقَطِعُ إرْثُ مَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ إذَنْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَفَّرْ عَلَى الْمُكْرَهِ لَهَا بِفَسْخِ النِّكَاحِ شَيْءٌ مِنْ الْإِرْثِ ( أَوْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ أَيْ : قَصْدِ حِرْمَانِهَا الْإِرْثَ ) ( حَالَ الْإِكْرَاهِ ) لَهَا عَلَى الْوَطْءِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ إذْ ذَاكَ .

وَإِنْ طَاوَعَتْ امْرَأَةُ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ عَلَى وَطْءٍ يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لَمْ تَرِثْ ؛ لِأَنَّهَا شَارَكَتْهُ فِيمَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ كَمَا لَوْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الْبَيْنُونَةَ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ لَهَا زَائِلَ الْعَقْلِ حِينَ الْإِكْرَاهِ انْقَطَعَ إرْثُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُ صَحِيحٌ .
وَكَذَا حُكْمُ وَطْءِ مَرِيضٍ أُمَّ زَوْجَتِهِ أَوْ جَدَّتَهَا لَكِنْ لَا أَثَرَ هُنَا لِمُطَاوَعَةِ الْمَوْطُوءَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لِلزَّوْجَةِ فِيهِ .
وَشَمِلَ الْعَاقِلَ الْبَالِغَ وَغَيْرَهُ

( وَتَرِثُ مَنْ تَزَوَّجَهَا مَرِيضٌ مُضَارَّةً ) لِوَرَثَتِهِ ( لِيُنْقِصَ ) بِتَزْوِيجِهَا ( إرْثَ غَيْرِهَا ) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مَرِيضَةٌ مُضَارَّةً لِوَرَثَتِهَا فَيَرِثُ مِنْهَا زَوْجُهَا

( وَمَنْ جَحَدَ إبَانَةَ امْرَأَةٍ ادَّعَتْهَا ) عَلَيْهِ إبَانَةً تَقْطَعُ التَّوَارُثَ ثُمَّ مَاتَ ( لَمْ تَرِثْهُ إنْ دَامَتْ ) الْمَرْأَةُ ( عَلَى قَوْلِهَا ) أَنَّهُ أَبَانَهَا ( إلَى مَوْتِهِ ) لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا مُقِيمَةٌ تَحْتَهُ بِلَا نِكَاحٍ .
فَإِنْ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَرِثَتْهُ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ ، وَلَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ ؛ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فِيهِ إذَنْ .
وَفِيهِ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ

( وَمَنْ قَتَلَهَا ) أَيْ : زَوْجَتَهُ ( فِي مَرَضِهِ ) الْمَخُوفِ ( ثُمَّ مَاتَ ) مِنْهُ ( لَمْ تَرِثْهُ ) لِخُروُجِهَا مِنْ حَيِّزِ التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ .
وَظَاهِرِهِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهَا لِئَلَّا تَرِثَهُ

( وَمَنْ خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدٌ أَوْ ) نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ ( مُنْقَطِعٌ قَطْعًا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَجُهِلَ مَنْ يَرِثُ ) مِنْهُنَّ وَهِيَ مِنْ نِكَاحِهَا صَحِيحٌ وَلَمْ يَنْقَطِعْ بِمَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ ( أَخْرَجَ ) مَنْ لَا يَرِثُ مِنْهُنَّ ( بِقُرْعَةٍ ) وَالْمِيرَاثُ لِلْبَاقِي نُصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مِنْ آدَمِيٍّ .
فَتُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْقُرْعَةُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ كَالْعِتْقِ .

وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ زَوْجَتَيْنِ مَدْخُولٍ بِهِمَا غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ أَرَدْت فُلَانَةَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَفِي الْمُغْنِي : لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ، ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ كَالطَّلَاقِ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَرِيضِ امْرَأَةٌ أُخْرَى سِوَى هَاتَيْنِ فَلَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ وَلِلِاثْنَتَيْنِ نِصْفُهُ

( وَإِنْ طَلَّقَ مِنْهُنَّ ) بِقَصْدِ حِرْمَانِ إرْثِهِ ( أَرْبَعًا ) كُنَّ مَعَهُ ( وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ ) مِنْهُ ( وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ ) ثُمَّ مَاتَ ( وَرِثَ ) مِنْهُ ( الثَّمَانِ ) الْأَرْبَعُ الْمُطَلَّقَاتُ وَالْأَرْبَعُ الْمَنْكُوحَاتِ ( مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْمُطَلَّقَاتُ ) أَوْ يَرْتَدِدْنَ ( فَلَوْ كُنَّ ) أَيْ : الْمُطَلَّقَاتُ ( وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا وَرِثَ الْخَمْسَ ) مِنْهُ ( عَلَى السَّوَاءِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُبَانَةَ لِلْفِرَارِ وَارِثَةٌ بِالزَّوْجِيَّةِ ، فَكَانَتْ أُسْوَةُ مَنْ سِوَاهَا .
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

أَيْ : بَيَانُ الْعَمَلِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ .
وَأَمَّا إقْرَارُ الْجَمِيعِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ سِوَى مَا تَقَدَّمَ ( إذَا أَقَرَّ كُلُّ الْوَرَثَةِ وَهُمْ ) أَيْ الْمُقِرُّونَ ( مُكَلَّفُونَ ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ ( وَلَوْ أَنَّهُمْ ) أَيْ : الْمُنْحَصِرُ فِيهِمْ الْإِرْثُ ( بِنْتٌ ) لِإِرْثِهَا بِفَرْضٍ وَرَدٍّ ( أَوْ ) كَانُوا ( لَيْسُوا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ ) ( بِ ) وَارِثٍ ( مُشَارِكٍ ) لِمَنْ أَقَرَّ فِي الْمِيرَاثِ كَابْنٍ لِلْمَيِّتِ يُقِرُّ بِابْنٍ آخَرَ ( أَوْ ) أَنْ يُقِرَّ بِوَارِثٍ ( مُسْقِطٍ ) لَهُ ( كَأَخٍ ) لِلْمَيِّتِ ( أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ ) كَانَ الِابْنُ الْمُقَرُّ بِهِ ( مِنْ أَمَتِهِ ) أَيْ : الْمَيِّتِ نَصًّا ( فَصَدَّقَ ) مُقَرٌّ بِهِ مُكَلَّفٌ مُقِرًّا ( أَوْ كَانَ ) الْمُقَرُّ بِهِ ( صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ) وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ ( ثَبَتَ نَسَبُهُ إنْ كَانَ ) نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ ( مَجْهُولًا ) وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُنَازِعْ الْمُقِرُّ فِي نَسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ فَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ فَلَيْسَ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ ( وَلَوْ مَعَ مُنْكَرٍ لَا يَرِثُ ) مِنْ الْمَيِّتِ ( لِمَانِعٍ ) قَامَ بِهِ مِنْ نَحْوِ رِقٍّ أَوْ قَتْلٍ ( وَ ) يَثْبُتُ أَيْضًا ( إرْثُهُ ) مِنْ الْمَيِّتِ ( إنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ( مَانِعٌ ) مِنْ نَحْوِ رِقٍّ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَيِّتِ فِي مِيرَاثِهِ وَالدُّيُونُ الَّتِي لَهُ وَعَلَيْهِ وَدَعَاوِيهِ وَبَيِّنَاتُهُ وَالْأَيْمَانُ الَّتِي لَهُ وَعَلَيْهِ فَكَذَا فِي النَّسَبِ ( وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ زَوْجٍ وَمَوْلًى إنْ وَرِثَا ) كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَزَوْجٍ وَوَلِيٍّ فَأَقَرَّتْ الْبِنْتُ بِأَخٍ لَهَا فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى بِهِ لِيَثْبُتَ نَسَبُهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ

( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) أَيْ : يُوجَدُ مَنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ ( إلَّا زَوْجَةٌ أَوْ زَوْجٌ فَأَقَرَّ بِوَلَدٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِهِ فَصَدَّقَهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُ إمَامٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ ) ؛ لِأَنَّ مَا فَضُلَ عَنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ الْمُتَوَلِّي لِأَمْرِهِ فَقَامَ مَقَامَ الْوَارِثِ مَعَهُ لَوْ كَانَ

( وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ ) أَيْ : الْوَارِثِ الْمُشَارِكِ أَوْ الْمُسْقِطِ لِلْمُقِرِّ ( بَعْضُ الْوَرَثَةِ ) فَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ ( فَشَهِدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ ) أَيْ : الْوَرَثَةِ ( أَوْ ) شَهِدَ عَدْلَانِ ( مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ ) أَيْ : الْمُقَرَّ بِهِ ( وَلَدُ الْمَيِّتِ أَوْ ) شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ ( أَقَرَّ بِهِ أَوْ ) شَهِدَ أَنَّهُ أَيْ : الْمُقَرَّ بِهِ ( وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ) أَيْ : الْمَيِّتِ ( ثَبَتَ نَسَبُهُ وَوِرْثُهُ ) لِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ بِهِ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِمَا أَشْبَهَ سَائِرَ الْحُقُوقِ ( وَإِلَّا ) يَشْهَدُ بِهِ عَدْلَانِ مَعَ إقْرَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِهِ ( ثَبَتَ نَسَبُهُ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ( مِنْ مُقِرٍّ وَارِثٍ فَقَطْ ) أَيْ : دُونَ الْمَيِّتِ وَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ .
؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقٌّ أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَزِمَهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ

( فَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا لِلْمُقِرِّ ، وَمَاتَ ) الْمُقِرُّ ( عَنْهُ ) وَحْدَهُ ( أَوْ ) مَاتَ الْمُقِرُّ ( عَنْهُ وَعَنْ بَنِي عَمٍّ وَرِثَهُ الْمُقَرُّ بِهِ ) ؛ لِأَنَّ بَنِي الْعَمِّ مَحْجُوبُونَ بِالْأَخِ ( وَ ) إنْ مَاتَ الْمُقِرُّ ( عَنْهُ ) أَيْ : عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ ( وَعَنْ أَخٍ ) لَهُ ( مُنْكِرٍ فَإِرْثُهُ ) أَيْ : الْمُقِرِّ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ : الْمُنْكِرِ وَالْمُقَرِّ بِهِ بِالسَّوِيَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ ( وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ( تَبَعًا مِنْ وَلَدِ مُقِرٍّ مُنْكِرٍ ) أَيْ : الْوَلَدِ ( لَهُ ) أَيْ : لِلْمُقَرِّ بِهِ ( فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ ) ؛ لِأَنَّهَا لَازِمٌ بِثُبُوتِ أُخُوَّةِ أَبِيهِ ( وَإِنْ صَدَّقَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ ) وَكَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا حَالَ إقْرَارِ الْمُكَلَّفِ قُبِلَ ( ثَبْتِ نَسَبِهِ ) لِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ إذَنْ وَإِنْ مَاتَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ قَبْلَ تَكْلِيفِهِ وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ثَبَتَ نَسَبُ مُقَرٍّ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ صَارَ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِوَارِثٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ثُمَّ مَاتَ الْمُنْكِرُ فَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ .
؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ صَارَ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ ( فَلَوْ مَاتَ ) الْمُقَرُّ بِهِ ( وَلَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُقِرِّ اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ ) لِلْمُقِرِّ حَتَّى يَرِثَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ ( وَإِلَّا ) يُصَدِّقُهُ وَارِثٌ ( فَلَا ) يَرِثُ مِنْهُ

( وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ مَيِّتٍ بِأَنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِنَسَبِهِ عَدْلَانِ ( أَخَذَ ) الْمُقَرُّ بِهِ ( الْفَاضِلَ بِيَدِ الْمُقِرِّ ) عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى مُقْتَضَى إقْرَارِهِ ( إنْ فَضَلَ ) بِيَدِهِ ( شَيْءٌ ) عَنْ نَصِيبِهِ ( أَوْ ) أَخَذَ مَا فِي يَدِهِ ( كُلَّهُ إنْ سَقَطَ ) الْمُقَرُّ ( بِهِ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ لَهُ فَلَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ

( فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( بِأَخٍ ) لَهُمَا ( فَلَهُ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ( ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ ) أَيْ : الْمُقِرِّ لِتَضَمُّنِ إقْرَارِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ وَفِي يَدِهِ نِصْفُهَا فَيَفْضُلُ بِيَدِهِ سُدُسٌ لِلْمُقَرِّ بِهِ

( وَ ) إنْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ ( بِأُخْتٍ فَ ) لَهَا ( خُمُسُهُ ) أَيْ : مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ ، ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ خُمْسَيْ الْمَالِ .
وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ النِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ يَفْضُلُ بِيَدِهِ خُمُسٌ فَلَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهَا

( وَ ) إنْ أَقَرَّ ( ابْنُ ابْنٍ ) لِلْمَيِّتِ ( بِابْنٍ ) لَهُ ( فَ ) لَهُ ( كُلُّ مَا فِي يَدِهِ ) أَيْ : الْمُقِرِّ ، ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِانْحِجَابِهِ عَنْ الْإِرْثِ

( وَمَنْ خَلَّفَ أَخًا مِنْ أَبٍ وَأَخًا مِنْ أُمٍّ فَأَقَرَّا بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُ ) لِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ بِهِ ( وَأَخَذَ ) الْمُقَرُّ بِهِ ( مَا بِيَدِ ذِي الْأَبِ ) كُلِّهِ لِحَجْبِهِ بِهِ ، بِخِلَافِ الْأَخِ لِأُمٍّ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ لِأَبٍ وَحْدَهُ أَخَذَ الْمُقَرُّ بِهِ مَا بِيَدِهِ ) لِمَا تَقَدَّمَ ( وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ( مِنْ الْمَيِّتِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِهِ كُلُّ الْوَرَثَةِ وَلَا شَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ وَحْدَهُ ، أَوْ ) أَقَرَّ ( بِأَخٍ سِوَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ بِيَدِهِ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِمَا ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا التُّسْعَ .
فَيَبْقَى بِيَدِهِ نِصْفُ التُّسْعِ وَهُوَ ثُلُثُ السُّدُسِ الَّذِي بِيَدِهِ

( وَ ) طَرِيقُ ( الْعَمَلِ ) فِي مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ ( بِضَرْبِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ) إنْ تَبَايَنَتَا ( وَتُرَاعَى الْمُوَافَقَةُ ) إنْ كَانَتْ ، فَتَرُدُّ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى وَفْقِهَا وَتَضْرِبُهُ فِي الْأُخْرَى .
وَإِنْ تَدَاخَلَتَا اكْتَفَيْت بِالْكُبْرَى ، أَوْ تَمَاثَلَتَا اكْتَفَيْتَ بِإِحْدَاهُمَا ، ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ تَخْرُجَ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ عَدَدٍ وَاحِدٍ ( وَتَدْفَعُ ) لِ ( لِمُقِرِّ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ) مَضْرُوبًا ( فِي ) مَسْأَلَةِ ( الْإِنْكَارِ ) أَوْ وَفْقِهَا ( وَ ) تَدْفَعُ ( لِمُنْكِرٍ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ) مَضْرُوبًا ( فِي ) مَسْأَلَةِ ( الْإِقْرَارِ ) أَوْ وَفْقِهَا ، وَتَجْمَعُ مَا حَصَلَ لِلْمُقِرِّ وَالْمُنْكِرِ مِنْ الْجَامِعَةِ ( وَ ) تَدْفَعُ ( لِمُقَرٍّ بِهِ مَا فَضَلَ ) مِنْ الْجَامِعَةِ ( فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْنِ بِأَخَوَيْنِ فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ ) أَيْ : الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِهِ ( فَصَارُوا ثَلَاثَةً ) وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالْإِنْكَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ .
( فَتَضْرِبُ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي ) مَسْأَلَةِ ( الْإِنْكَارِ تَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلْمُنْكِرِ سَهْمٌ مِنْ ) مَسْأَلَةِ ( الْإِنْكَارِ ) تَضْرِبُهُ ( فِي ) مَسْأَلَةِ ( الْإِقْرَارِ ) وَذَلِكَ ( أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُقِرِّ سَهْمٌ مِنْ ) مَسْأَلَةِ ( الْإِقْرَارِ ) تَضْرِبُ ( فِي ) مَسْأَلَةِ ( الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةً .
وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إنْ صَدَّقَ الْمُقِرُّ مِثْلُ سَهْمِهِ ) ثَلَاثَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ( وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَ ) لَهُ ( مِثْلُ سَهْمِ الْمُنْكِرِ ) أَرْبَعَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ( وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ مَا فَضَلَ ) مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ ( وَهُمَا سَهْمَانِ حَالَ التَّصْدِيقِ ) مِنْ الثَّالِث ( سَهْمٌ حَالَ الْإِنْكَارِ ) مِنْهُ

( وَمَنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ ) لَهُ ( بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ ) بِأَنْ قَالَ : هَذَانِ أَخَوَايَ أَوْ هَذَا أَخِي وَهَذَا أَخِي ، وَلَمْ يَسْكُتْ بَيْنَهُمَا وَنَحْوُهُ ( ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَلَوْ اخْتَلَفَا ) أَيْ : الْمُقَرُّ بِهِمَا بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ ؛ لِأَنَّ نَسَبَهُمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ مَنْ هُوَ كُلُّ الْوَرَثَةِ قَبْلَهُمَا ( وَ ) إنْ أَقَرَّ ( بِأَحَدِهِمَا ) أَيْ : الْأَخَوَيْنِ ( بَعْدَ الْآخَرِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا إنْ كَانَا تَوْأَمَيْنِ ) وَلَا يُلْتَفَتُ لِإِنْكَارِ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا سَوَاءٌ تَجَاحَدَا مَعًا أَوْ جَحَدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِمَا ، فَإِنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ ( وَإِلَّا ) يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ ( لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الثَّانِي ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ثَانِيًا ( حَتَّى يُصَدِّقَ ) عَلَى ذَلِكَ ( الْأَوَّلُ ) أَيْ : الْمُقَرُّ بِهِ أَوَّلًا لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ ( وَلَهُ ) أَيْ : الْأَوَّلِ مَعَ إنْكَارِ الثَّانِي ( نِصْفُ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ ) مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ( وَلِلثَّانِي ) أَيْ : الْمُقَرِّ بِهِ ثَانِيًا ( ثُلُثُ مَا بَقِيَ ) بِيَدِ الْمُقِرِّ ، ؛ لِأَنَّهُ الْفَضْلُ ، ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ نَحْنُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ .
وَإِنْ كَذَبَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ وَصَدَقَ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي ثَبَتَ نَسَبُ الثَّلَاثَةِ ( وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ وَرَثَةِ ) مَيِّتٍ ( بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ فَلَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ مِنْ التَّرِكَةِ ( مَا فَضُلَ بِيَدِهِ ) أَيْ : الْمُقِرِّ ( عَنْ حِصَّتِهِ ) فَمَنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ دَفَعَ إلَيْهَا ثَمَنَ مَا بِيَدِهِ ( فَلَوْ مَاتَ ) الِابْنُ ( الْمُنْكِرُ ) لِلزَّوْجَةِ ( فَأَقَرَّ ابْنُهُ ) أَيْ : الْمُنْكِرِ ( بِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( كَمُلَ إرْثُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ لِاعْتِرَافِهِ بِظُلْمِ أَبِيهِ لَهَا بِإِنْكَارِهِ ( وَإِنْ ) أَقَرَّ بِهَا أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَ ( مَاتَ ) الِابْنُ الْآخَرُ قَبْلَ إقْرَارِهِ وَ ( قَبْلَ إنْكَارِهِ ثَبَتَ إرْثُهَا ) وَلَوْ أَنْكَرَهَا وَرَثَةُ هَذَا الِابْنِ الْمَيِّتُ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنْكِرَ لَهَا مِنْ وَرَثَةِ زَوْجِهَا

( وَإِنْ قَالَ مُكَلَّفٌ ) لِمُكَلَّفٍ ( مَاتَ أَبِي وَأَنْتَ أَخِي أَوْ ) كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ .
فَقَالُوا لِمُكَلَّفٍ : ( مَاتَ أَبُونَا وَنَحْنُ أَبْنَاؤُهُ فَقَالَ ) مَقُولٌ لَهُ ( هُوَ ) أَيْ : الْمَيِّتُ ( أَبِي وَلَسْت أَخِي ) أَوْ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ : هُوَ أَبِي وَلَسْتُمْ إخْوَتِي ( لَمْ يُقْبَلْ إنْكَارُهُ ) ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ أَوَّلًا نَسَبَ الْمَيِّتَ إلَيْهِ بِأَنَّهُ أَبُوهُ .
وَأَقَرَّ بِمُشَارَكَةِ الْمُقِرِّ لَهُ فِي مِيرَاثِهِ بِطَرِيقِ الْأُخُوَّةِ ، فَلَمَّا أَنْكَرَ أُخُوَّتَهُ لَمْ يَثْبُتْ إقْرَارُهُ بِهِ ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ أَبُوهُ دُونَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ .
كَمَا لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ

( وَ ) إنْ قَالَ مُكَلَّفٌ لِآخَرَ : ( مَاتَ أَبُوك وَأَنَا أَخُوك فَقَالَ ) مَقُولٌ لَهُ ( لَسْت أَخِي فَالْكُلُّ ) أَيْ : كُلُّ مُخَلَّفِ الْمَيِّتِ ( لِلْمُقَرِّ بِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ بِأَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ أَبُوهُ فَثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ ، ثُمَّ ادَّعَى مُشَارَكَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ لِلْأَوَّلِ .
فَلَا تُقْبَلُ بِمُجَرَّدِهَا

( وَ ) لَوْ قَالَ مُكَلَّفٌ لِآخَرَ : ( مَاتَتْ زَوْجَتِي وَأَنْتَ أَخُوهَا فَقَالَ ) مَقُولٌ لَهُ : هِيَ أُخْتِي .
وَ ( لَسْت ) أَنْتَ ( بِزَوْجِهَا قُبِلَ إنْكَارُهُ ) أَيْ : الْأَخِ زَوْجِيَّةَ الْمُقِرِّ بِهَا ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا الْإِشْهَادُ فَلَا تَكَادُ تَخْفَى ، وَيُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا .

فَصْلٌ إذَا أَقَرَّ وَارِثٌ فِي مَسْأَلَةٍ عَوْلٍ بِمَنْ أَيْ : بِوَارِثِ ( يُزِيلُهُ ) أَيْ : الْعَوْلَ ( كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ ) لِغَيْرِ أُمٍّ .
فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ ، لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الْأُخْتَيْنِ سَهْمَانِ ( أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا ) أَيْ : الْأُخْتَيْنِ ( بِأَخٍ ) مُسَاوٍ لَهُمَا فَيَعْصِبُهُمَا وَيَزُولُ الْعَوْلُ وَتَصِحُّ مَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ .
لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ .
وَالْمَسْأَلَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ ( فَأَضْرِبْ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ ) ثَمَانِيَةً ( فِي ) مَسْأَلَةِ ( الْإِنْكَارِ ) سَبْعَةً ( تَبْلُغُ سِتَّةً وَخَمْسِينَ .
وَاعْمَلْ ) فِي الْقِسْمَةِ ( عَلَى مَا ذُكِرَ ) بِأَنْ تَضْرِبَ مَا لِلْمُنْكِرِ مِنْ الْإِنْكَارِ فِي الْإِقْرَارِ ، وَمَا لِلْمُقِرِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فَ ( لِلزَّوْجِ ) مِنْ الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ثَمَانِيَةٌ ( أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ .
وَلِلْمُنْكِرَةِ ) سَهْمَانِ مِنْ سَبْعَةٍ فِي ثَمَانِيَةٍ ( سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْمُقِرَّةِ ) سَهْمٌ مِنْ الْإِقْرَارِ يُضْرَبُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ( سَبْعَةٌ وَلِلْأَخِ ) الْمَقَرِّ بِهِ الْبَاقِي وَهُوَ ( تِسْعَةٌ فَإِنْ صَدَّقَهَا ) أَيْ : الْمُقِرَّةَ ( الزَّوْجُ فَهُوَ يَدَّعِي أَرْبَعَةً ) تَتِمَّةُ النِّصْفِ عَلَى مَا بِيَدِهِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ ( وَالْأَخُ يَدَّعِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ) مِثْلَيْ مَا لِلْأُخْتِ الْمُقِرَّةِ ( فَاقْسِمْ التِّسْعَةَ ) الْفَاضِلَةَ بِيَدِ الْمُقَرِّ بِهِ ( عَلَى مُدَّعَاهُمَا ) أَيْ : الزَّوْجِ وَالْأَخُ وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَالتِّسْعَةُ نِصْفُهَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مُدَّعَاهُ فَ ( لِلزَّوْجِ سَهْمَانِ ) مِنْ التِّسْعَةِ ؛ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ أَرْبَعَةٌ ( وَلِلْأَخِ ) مِنْهَا ( سَبْعَةٌ ) ؛ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِنْ أَقَرَّتَا الْأُخْتَانِ بِالْأَخِ وَكَذَّبَهُمَا الزَّوْجُ دَفَعَ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةً .
وَلِلْأَخِ أَرْبَعَةَ عَشَرَةَ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ مُقِرُّونَ بِهَا لِلزَّوْجِ وَهُوَ يُنْكِرُهَا وَفِيهَا

ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ تَقِرَّ بِيَدِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ بِإِنْكَارِ الْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي : يُعْطَى لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا ، وَلِلْأُخْتَيْنِ نِصْفُهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْهُمْ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لِلْأَخِ .
لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ .
الثَّالِث : تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مَالِكٌ .
وَالْأَوَّلُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا ( فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ) أَيْ : الْأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَالزَّوْجِ ( أُخْتَانِ لِأُمٍّ ) وَأَقَرَّتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ بِأَخٍ مُسَاوٍ لَهَا فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ تِسْعَةٍ .
لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ سَهْمَانِ .
وَلِلْأُخْتَيْنِ لِغَيْرِهَا أَرْبَعَةٌ .
وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالْأَثْلَاثِ فَإِذَا أَرَدْتَ الْعَمَلَ ( ضَرَبْتَ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ) وَهُوَ ثُلُثُهَا ثَمَانِيَةٌ ( فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ) تِسْعَةٌ تَبْلُغُ ( اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ) وَكَذَا لَوْ ضَرَبْتَ ثُلُثَ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَ ( لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ ) مَسْأَلَةِ ( الْإِنْكَارِ ) مَضْرُوبَةٌ ( فِي وَفْقِ ) مَسْأَلَةِ ( الْإِقْرَارِ ) وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ تَبْلُغُ ( أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَلِوَلَدِي الْأُمِّ ) سَهْمَانِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ثَمَانِيَةٌ تَبْلُغُ ( سِتَّة عَشَرَ .
وَلِلْمُنْكِرَةِ ) مِنْ الْأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ ( مِثْلُهُ ) أَيْ : سِتَّة عَشَرَ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي ثَمَانِيَةٍ ( وَلِلْمُقِرَّةِ ) بِالْأَخِ مِنْهُمَا ( ثَلَاثَةٌ ) ؛ لِأَنَّ لَهُمَا سَهْمًا مِنْ الْإِقْرَارِ فِي وَفْقِ الْإِنْكَارِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ( فَيَبْقَى مَعَهَا ) أَيْ : الْمُقِرَّةِ ( ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْأَخِ مِنْهَا ) أَيْ : الثَّلَاثَةِ عَشَرَ ( سِتَّةٌ ) مِثْلَا مَا لِلْمُقِرَّةِ بِهِ ( يَبْقَى ) بِيَدِهَا ( سَبْعَةٌ لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَشِبْهِهَا ) مِمَّا يَبْقَى فِيهِ

بِيَدِ الْمُقِرِّ مَا لَا يَدَّعِيه أَحَدٌ ( تَقَرُّ بِيَدِ مَنْ أَقَرَّ ) لِبُطْلَانِ إقْرَارِهِ بِإِنْكَارِ الْمُقَرِّ لَهُ هَذَا إنْ كَذَّبَ الزَّوْجُ الْمُقِرَّةَ ( فَإِنْ صَدَّقَ الزَّوْجُ ) الْمُقِرَّةَ عَلَى إقْرَارِهَا بِالْأَخِ ( فَهُوَ يَدَّعِي اثْنَيْ عَشَرَ ) مُضَافَةً إلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ لِيَكْمُلَ لَهُ تَمَامُ نِصْفِ الِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ( وَالْأَخُ يَدَّعِي سِتَّةً ) مِثْلَيْ أُخْتِهِ وَفِي كَلَامِهِ هُنَا فِي شَرْحِهِ نَظَرٌ ( يَكُونَانِ ) أَيْ : مُدَّعِي الزَّوْجِ وَمُدَّعِي الْأَخِ ( ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَاضْرِبْهَا ) أَيْ : الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ( فِي الْمَسْأَلَةِ ) أَيْ : الِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ( ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ ) الْبَاقِيَةَ بِيَدِ الْمُقِرَّةِ ( لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهَا ) أَيْ : الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ( وَلَا تُوَافِقُهَا ) وَحَاصِلُ ضَرْبِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَتِسْعُونَ ( ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ) فَهُوَ ( مَضْرُوبٌ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ) فَهُوَ ( مَضْرُوبٌ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ .
وَعَلَى هَذَا يُعْمَلُ كُلُّ مَا وَرَدَ ) فَلِلزَّوْجِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ، وَلَهُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ عَشَرَ اثْنَا عَشَرَ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَخَمْسِينَ يَجْتَمِعُ لَهُ خَمْسُمِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ .
وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِمِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ وَلِلْمُنْكِرَةِ كَذَلِكَ وَلِلْمُقِرَّةِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الثَّمَانِيَةِ عَشَرَ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ وَتَتَّفِقُ السِّهَامُ بِالسُّدُسِ فَرُدَّ الْمَسْأَلَةَ إلَى سُدُسِهَا مِائَتَيْنِ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَكُلَّ نَصِيبٍ إلَى سُدُسِهِ .

أَيْ : بَيَانُ الْحَالَةِ الَّتِي يَرِثُ فِيهَا ، وَالْحَالَةِ الَّتِي لَا يَرِث فِيهَا ( لَا يَرِثُ مُكَلَّفٌ أَوْ غَيْرُهُ ) كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ ( انْفَرَدَ ) بِقَتْلِ مُوَرِّثِهِ ( أَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ مُوَرِّثِهِ وَلَوْ ) كَانَ الْقَتْلُ الْمُنْفَرِدُ بِهِ أَوْ الْمُشَارَكُ فِيهِ ( بِسَبَبٍ ) كَحَفْرِ نَحْوِ بِئْرٍ أَوْ نَصْبِ نَحْوِ سِكِّينٍ ، أَوْ وَضْعِ حَجَرٍ أَوْ رَشِّ مَاءٍ أَوْ إخْرَاجِ نَحْوِ جَنَاحٍ لِطَرِيقٍ أَوْ جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ مِنْ بَهِيمَةٍ ( إنْ لَزِمَهُ ) أَيْ : الْقَاتِلُ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ ( قَوَدٌ أَوْ دِيَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ ) لِحَدِيثِ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { : لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ } رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَأَحْمَدُ .
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ .
رَوَاهُ ابْنُ اللَّبَّانِ بِإِسْنَادِهِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَهُ فَلَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ( فَلَا تَرِثُ مَنْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ مِنْ الْغُرَّةِ شَيْئًا وَلَا مَنْ سَقَى وَلَدَهُ وَنَحْوَهُ دَوَاءً أَوْ أَدَّبَهُ ) أَيْ : وَلَدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ وَنَحْوَهُمَا ( أَوْ قَصَدَهُ أَوْ بَطَّأَ سِلْعَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَمَاتَ ) ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ أَنَّ مَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ وَنَحْوَهُ أَوْ قَصَدَهُ أَوْ بَطَّأَ سِلْعَتَهُ لِحَاجَتِهِ يَرِثُهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِقْنَاعِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ ( وَمَا لَا يُضْمَنُ ) مِنْ الْقَتْلِ ( بِشَيْءِ مِنْ هَذَا ) أَيْ : مِنْ قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ ( كَالْقَتْلِ ) لِمُوَرِّثِهِ ( قِصَاصًا أَوْ حَدًّا أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ) كَالصَّائِلِ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْقَتْلِ ( وَ ) كَقَتْلِ ( الْعَادِلِ الْبَاغِي وَعَكْسِهِ ) أَيْ : قَتْلِ الْبَاغِي الْعَدْلَ فِي الْحَرْبِ ( فَلَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ أَطْعَمَهُ أَوْ سَقَاهُ بِاخْتِيَارِهِ فَأَفْضَى إلَى تَلَفِهِ .

بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( لَا يَرِثُ رَقِيقٌ وَلَوْ ) كَانَ ( مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يُورَثُ ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا مَنَعَ كَوْنَهُ مَوْرُوثًا .
فَمَنَعَ كَوْنَهُ وَارِثًا كَالْمُرْتَدِّ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يُورَثُ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِهِ وَأَكْسَابِهِ فِي حَيَاتِهِ ، فَكَذَا بَعْدَ مَمَاتِهِ .
وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَلَكَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَأَكْثَرَ ( وَيَرِثُ مُبَعَّضٌ وَيُورَثُ وَيُحْجَبُ ) وَيُعْصَبُ ( بِقَدْرِ جُزْئِهِ الْحُرِّ ) وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ .
وَ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ( لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ( هُوَ كَالْحُرِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ فِي تَوْرِيثِهِ وَالْإِرْثِ مِنْهُ وَغَيْرِهِمَا ) وَلَنَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ بَعْضُهُ { : يَرِثُ وَيُورَثُ عَلَى قَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ } وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ لِكُلِّ بَعْضٍ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْآخَرُ مِثْلَهُ وَقِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ

( وَكَسْبُهُ ) بِجُزْئِهِ الْحُرِّ لِوَرَثَتِهِ ( وَإِرْثُهُ بِهِ ) أَيْ : بِجُزْئِهِ الْحُرِّ ( لِوَرَثَتِهِ ) دُونَ مَالِكِ بَاقِيهِ ( فَابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ ، وَ ) مَعَهُ ( أُمٌّ وَعَمٌّ حُرَّانِ ) لَوْ كَانَ الِابْنُ كَامِلَ الْحُرِّيَّةِ كَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلَهُ الْبَاقِي ، وَهُوَ نِصْفٌ وَثُلُثٌ ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ ( فَلَهُ ) أَيْ : الِابْنِ مَعَ نِصْفِ حُرِّيَّتِهِ ( نِصْفُ مَالِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا ) كُلَّهُ ( وَهُوَ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَلِلْأُمِّ رُبُعٌ ) ؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْحُرَّ يَحْجُبُهَا عَنْ سُدُسٍ ، فَنِصْفُهُ الْحُرُّ يَحْجُبُهَا عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ ، فَلَهَا سُدُسٌ وَنِصْفُ سُدُسٍ وَمَجْمُوعُهُمَا رُبُعٌ ( وَالْبَاقِي ) وَهُوَ ثُلُثٌ ( لِلْعَمِّ ) تَعْصِيبًا ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُبَعَّضِ خَمْسَةٌ وَلِلْعَمِّ أَرْبَعَةٌ ( وَكَذَا ) كُلُّ عَصَبَةٍ نِصْفُهُ حُرٌّ مَعَ ذِي فَرْضٍ يَنْقُصُ بِهِ نَصِيبُهُ فَ ( إنْ لَمْ يَنْقُصْ ذُو فَرْضٍ بِعَصَبَةٍ كَجَدَّةٍ وَعَمٍّ ) حُرَّيْنِ ( مَعَ ابْنٍ نِصْفُهُ حُرٌّ .
فَلَهُ ) أَيْ : الِابْنِ ( نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ إرْثِ الْجَدَّةِ ) وَهُوَ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ .
وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلْجَدَّةِ اثْنَانِ وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ وَلِلْعَمِّ خَمْسَةٌ ( وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ) أَيْ : الْمُبَعَّضِ ( مَنْ يُسْقِطُهُ ) أَيْ : الْمُبَعَّضَ ( بِحُرِّيَّتِهِ التَّامَّةِ كَأُخْتٍ ) لِلْمَيِّتِ ( وَعَمٍّ حُرَّيْنِ ) مَعَ ابْنٍ مُبَعَّضٍ ( فَلَهُ ) أَيْ : الِابْنِ ( نِصْفُ ) التَّرِكَةِ ( وَلِلْأُخْتِ نِصْفُ مَا بَقِيَ ) بَعْدَ مَا أَخَذَهُ الِابْنُ ( فَرْضًا ، وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ ) بَعْدَهُمَا تَعْصِيبًا .
وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، لِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ وَلِلْعَمِّ سَهْمٌ ( وَبِنْتٌ ) لِلْمَيِّتِ ( وَأُمٌّ نِصْفُهُمَا حُرٌّ ، وَ ) مَعَهُمَا ( أَبٌ حُرٌّ ) كُلُّهُ ( لِلْبِنْتِ نِصْفُ مَا لَهَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَهُوَ رُبُعٌ ) ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُ النِّصْفَ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً ( وَلِلْأُمِّ مَعَ حُرِّيَّتِهَا وَرِقِّ الْبِنْتِ ثُلُثٌ .
وَ ) لَهَا ( السُّدُسُ مَعَ حُرِّيَّةِ الْبِنْتِ فَقَدْ حَجَبَتْهَا ) أَيْ : الْأُمُّ (

بِحُرِّيَّتِهَا ) أَيْ : الْبِنْتِ ( عَنْ السُّدُسِ فَبِنِصْفِهَا ) أَيْ : حُرِّيَّةِ الْبِنْتِ ( حَجَبَتْهَا ) أَيْ : الْأُمَّ ( عَنْ نِصْفِهِ ، يَبْقَى لَهَا ) أَيْ : الْأُمِّ ( الرُّبُعُ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَلَهَا بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا نِصْفُهُ ) أَيْ : الرُّبُعِ ( وَهُوَ ثُمُنٌ وَالْبَاقِي ) وَهُوَ نِصْفٌ وَثُمُنٌ ( لِلْأَبِ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا ) وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ اثْنَانِ وَلِلْأَبِ خَمْسَةٌ ( وَإِنْ شِئْت نَزَّلْتَهُمْ ) أَيْ : الْوَرَثَةَ فِيهِمْ مُبَعَّضُونَ ( أَحْوَالًا كَتَنْزِيلِ الْخَنَاثَى ) الْوَارِثِينَ وَمَنْ مَعَهُمْ .
فَفِي الْمِثَالِ مَسْأَلَةُ حُرِّيَّةِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا وَمَسْأَلَةُ رِقِّهِمَا مِنْ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْأَبِ وَمَسْأَلَةُ حُرِّيَّةِ الْبِنْتِ وَحْدَهَا مِنْ اثْنَيْنِ لَهَا النِّصْفُ فَرْضًا وَالْبَاقِي لِلْأَبِ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا .
وَمَسْأَلَةُ حُرِّيَّةِ الْأُمِّ وَحْدَهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْأَبِ اثْنَانِ وَغَيْرُ السِّتَّةِ دَاخِلٌ فِيهَا فَتَكْتَفِي بِهَا وَتَضْرِبُهَا فِي أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ فِي حَالَتَيْنِ فَتَقْسِمُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهَا سِتَّةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ فِي حَالٍ وَالثُّلُثُ فِي حَالٍ اثْنَا عَشَرَ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَلَهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى ثَمَانِيَةٍ

( وَإِذَا كَانَ ) فِي الْوَرَثَةِ ( عَصَبَتَانِ نِصْفُ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( حُرٌّ ) سَوَاءٌ ( حَجَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ ) مَعَهُ ( أَوْ لَا ) يَحْجُبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ ( كَأَخَوَيْنِ وَابْنَيْنِ لَمْ تَكْمُلْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا ) ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكْمُلُ بِمَا يُسْقِطُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُنَافِيه .
وَلَوْ كَمُلَتْ لَمْ يَظْهَرْ لِلرِّقِّ فَائِدَةٌ ، فَفِي ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ وَعَمٍّ نِصْفُ كُلٍّ حُرٌّ لِلِابْنِ نِصْفٌ وَلِابْنِ الِابْنِ رُبُعٌ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ وَنَحْوِهِ ( وَلَهُمَا ) أَيْ : أَخَوَيْ الْمَيِّتِ أَوْ ابْنَيْهِ إذَا كَانَ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا حُرًّا ( مَعَ عَمٍّ ) حُرٍّ ( أَوْ نَحْوِهِ ) كَابْنِ عَمٍّ ( ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ) بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا ( بِالْخِطَابِ ) بِأَنْ تَقُولَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : لَكَ الْمَالُ لَوْ كُنْتً حُرًّا وَأَخُوكَ رَقِيقًا ، أَوْ نِصْفُهُ لَوْ كُنْتُمَا حُرَّيْنِ فَيَكُونُ لَكَ رُبُعٌ وَثُمُنٌ ( وَالْأَحْوَالِ ) بِأَنْ تَقُولَ : مَسْأَلَةُ حُرِّيَّتِهِمَا مِنْ اثْنَيْنِ وَرِقِّهِمَا أَوْ رِقِّ أَحَدِهِمَا مَعَ حُرِّيَّةِ الْآخَرِ مِنْ وَاحِدٍ وَتَكْتَفِي بِاثْنَيْنِ ، وَتَضْرِبُهُمَا فِي أَرْبَعَةٍ تَكُونُ ثَمَانِيَةً ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ الْمَالُ فِي حَالٍ وَنِصْفُهُ فِي حَالٍ ، فَإِذَا قَسَّمْت ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةٍ خَرَجَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَ لِلْعَمِّ اثْنَانِ ( وَلِابْنٍ وَبِنْتٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ ) مَعَ ( عَمٍّ ) حُرٍّ ( خَمْسَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ) ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ حُرِّيَّتِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَحُرِّيَّةِ الِابْنِ وَحْدَهُ مِنْ وَاحِدٍ ، وَكَذَا رِقُّهُمَا .
وَمَسْأَلَةُ حُرِّيَّتِهَا وَحْدَهَا مِنْ اثْنَيْنِ .
فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَاضْرِبْهَا فِي أَحَدِ الْأَحْوَالِ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .
لِلِابْنِ الْمَالُ فِي حَالٍ وَثُلُثَاهُ فِي حَالٍ ، فَاقْسِمْ أَرْبَعِينَ عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهُ عَشَرَةٌ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ فِي حَالٍ وَالثُّلُثُ فِي حَالٍ ، فَاقْسِمْ عِشْرِينَ عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهَا خَمْسَةٌ وَمَجْمُوعُ عَشَرَةِ الِابْنِ وَخَمْسَةِ

الْبِنْتِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الْأَرْبَعَةِ وَعِشْرِينَ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ تِسْعَةٌ

( وَ ) ابْنٍ وَبِنْتٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ ( مَعَهُمَا أُمٌّ وَعَمٌّ ) حُرَّانِ ( فَلَهَا ) أَيْ : الْأُمِّ ( السُّدُسُ وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ أَصْلِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَلِلْبِنْتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ) وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ ، ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ حُرِّيَّتِهِمَا تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنِ عَشَرَةٌ وَلِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ ، وَمَسْأَلَةُ رِقِّهِمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْعَمِّ اثْنَانِ .
وَمَسْأَلَةُ حُرِّيَّةِ الِابْنِ مِنْ سِتَّةٍ ، وَكَذَا مَسْأَلَةُ حُرِّيَّةِ الْبِنْتِ ، وَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ فَاضْرِبْهَا فِي أَرْبَعَةٍ عَدَدُ الْأَحْوَالِ تَبْلُغْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ .
لِلْأُمِّ السُّدُسُ اثْنَيْ عَشَرَ ، ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ نِصْفِ حُرِّيَّةِ الِابْنَيْنِ يَحْجُبُهَا عَنْ نِصْفِ السُّدُسِ ، فَنِصْفُهُمَا بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ حُرٍّ يَحْجُبُهَا عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ عَلَى اخْتِيَارِهِ فِي الْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ .
وَاخْتَارَ فِي الْإِقْنَاعِ لَهَا السُّدُسُ وَرُبُعُ السُّدُسِ فَيَكُونُ لَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تَكْمُلُ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ .
وَلِلِابْنِ سِتُّونَ فِي حَالٍ وَأَرْبَعُونَ فِي حَالٍ ، فَاقْسِمْ مِائَةً عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْبِنْتِ عِشْرُونَ فِي حَالٍ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فِي حَالٍ ، فَاقْسِمْ سِتَّةً وَخَمْسِينَ عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ .
وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ ( وَلِلْأُمِّ مَعَ الِابْنَيْنِ ) الَّذِينَ نِصْفُهُمَا حُرٌّ ( سُدُسٌ ) لِمَا تَقَدَّمَ ( وَلِزَوْجَةٍ ) مَعَهُمَا ( ثُمُنٌ ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ كَانَ لَهَا رُبُعٌ ، فَحَجَبَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهِ عَنْ نِصْفِ الثُّمُنِ وَخَالَفَ فِيهِ فِي الْإِقْنَاعِ أَيْضًا

( وَابْنَانِ نِصْفُ أَحَدِهِمَا قِنٌّ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا تَنْزِيلًا لَهُمَا وَحَطًّا بِأَحْوَالِهِمَا ) ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُرِّيَّةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَالرِّقِّ مِنْ وَاحِدٍ .
فَاضْرِبْ الِاثْنَيْنِ فِي عَدَدِ الْحَالَيْنِ تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، لِكَامِلِ الْحُرِّيَّةِ الْمَالُ فِي حَالٍ وَنِصْفُهُ فِي حَالٍ .
فَاقْسِمْ سِتَّةً عَلَى اثْنَيْنِ يَخْرُجُ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُبَعَّضِ النِّصْفُ فِي حَالٍ فَلَهُ رُبُعٌ

( وَإِنْ هَايَأَ مُبَعَّضٌ سَيِّدَهُ أَوْ قَاسَمَهُ ) أَيْ : سَيِّدَهُ ( فِي حَيَاتِهِ فَكُلُّ تَرِكَتِهِ ) أَيْ : الْمُبَعَّضِ ( لِوَرَثَتِهِ ) أَيْ : الْمُبَعَّضِ .
؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ مَعَهُ حَقٌّ .

وَإِذَا اشْتَرَى الْمُبَعَّضُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ رَقِيقًا وَأَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَيَرِثُهُ وَحْدَهُ حَيْثُ يَرِثُ ذُو الْوَلَاءِ كَذَلِكَ .
أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ .
فَصْلٌ وَيَرِدُ عَلَى ذِي فَرْضٍ بَعْضُهُ حُرٌّ ( وَ ) عَلَى ( عَصَبَةٍ ) بَعْضُهُ حُرٌّ ( إنْ لَمْ يُصِبْهُ ) مِنْ التَّرِكَةِ ( بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مِنْ نَفْسِهِ لَكِنْ أَيُّهُمَا ) أَيْ : ذِي فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ ( اسْتَكْمَلَ بِرَدِّ أَزْيَدَ مِنْ قَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مِنْ نَفْسِهِ مُنِعَ مِنْ الزِّيَادَةِ ) عَلَى قَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مِنْ نَفْسِهِ ( وَرُدَّ عَلَى غَيْرِهِ إنْ أَمْكَنَ ) بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ لَمْ يُصِبْهُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مِنْ الْمَالِ ( وَإِلَّا ) يُمْكِنُ ذَلِكَ ( فَ ) الْبَاقِي لِذِي الرَّحِمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الشَّرْحِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَ ( لِبَيْتِ الْمَالِ فَلِبِنْتٍ نِصْفُهَا حُرٌّ ) وَلَا وَارِثَ مَعَهَا غَيْرَهَا ( نِصْفٌ بِفَرْضٍ وَرُدَّ ) الرُّبُعُ فَرْضًا .
وَالْبَاقِي رَدًّا وَمَا بَقِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ ( وَلِابْنٍ مَكَانَهَا ) أَيْ : الْبِنْتِ ( النِّصْفُ بِعُصُوبَةٍ ، وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ ) وَلِابْنَيْنِ نِصْفُهُمَا حُرٌّ إنْ لَمْ نُوَرِّثْهُمَا الْمَالَ كُلَّهُ ، بَلْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ( الْبَقِيَّةُ ) وَهِيَ رُبُعٌ رَدًّا ( مَعَ عَدَمِ عَصَبَةٍ ) غَيْرِهِمَا ( وَلِبِنْتٍ وَجَدَّةٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ الْمَالُ نِصْفَانِ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ وَلَا يُرَدُّ هُنَا ) عَلَيْهِمَا ( عَلَى قَدْرِ فَرْضَيْهِمَا لِئَلَّا يَأْخُذَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَوْقَ نِصْفِ التَّرِكَةِ وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِمَا ) أَيْ : الْبِنْتِ وَالْجَدَّةِ ( الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا بِقَدْرِ فَرْضَيْهِمَا لِفَقْدِ الزِّيَادَةِ الْمُمْتَنِعَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ ، وَهِيَ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهَا ( وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثُلُثِهِمَا ) أَيْ : الْبِنْتِ وَالْجَدَّةِ لَهُمَا ( الثُّلُثَانِ بِالسَّوِيَّةِ ) بَيْنَهُمَا ( وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ ) لِئَلَّا يَأْخُذَ مَنْ ثُلُثُهُ حُرٌّ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْإِرْثِ .

بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرُّهُ وَدَوْرُهُ وَهُوَ لُغَةً : الْمِلْكُ وَشَرْعًا : ( ثُبُوتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ ) أَيْ : عُصُوبَةٍ ثَابِتَةٍ ( بِعِتْقٍ أَوْ تَعَاطِي سَبَبِهِ ) كَاسْتِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ .
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ } أَيْ : الْأَدْعِيَاءُ { فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } وَحَدِيثُ { لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ } وَحَدِيثُ { مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ } وَحَدِيثُ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } وَغَيْرِهَا ( فَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا ، أَوْ ) أَعْتَقَ ( بَعْضَهُ فَسَرَى إلَى الْبَاقِي أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ ) رَقِيقٌ ( بِرَحِمٍ ) كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ إذَا مَلَكَهُ ( أَوْ ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ ( عِوَضٍ ) بِأَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَعَتَقَ عَلَيْهِ ، فَلَهُ وَلَاؤُهُ نَصًّا .
وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ : أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً وَنَحْوَهُ ( أَوْ ) عَتَقَ عَلَيْهِ ( بِكِتَابَةٍ ) بِأَنْ كَاتَبَهُ فَأَدَّى إلَيْهِ ( أَوْ ) عَتَقَ عَلَيْهِ ( بِتَدْبِيرٍ ) بِأَنْ قَالَ لَهُ : إذَا مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوَهُ وَمَاتَ فَخَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ ( أَوْ ) عَتَقَ عَلَيْهِ ( بِإِيلَادٍ ) كَأُمِّ وَلَدٍ ( أَوْ ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ ( وَصِيَّةٍ ) بِأَنْ وَصَّى بِعِتْقِهِ فَنَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ ( فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ ) لِحَدِيثِ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

( وَ ) لَهُ أَيْضًا الْوَلَاءُ ( عَلَى أَوْلَادِهِ ) أَيْ : الْعَتِيقِ ( مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ ) لِمُعْتِقِهِ ( أَوْ ) غَيْرِهِ وَعَلَى أَوْلَادٍ مِنْ ( سُرِّيَّةٍ ) لِلْعَتِيقِ تَبَعًا لَهُ .
فَإِنْ كَانُوا مِنْ حُرَّةِ الْأَصْلِ أَوْ مَجْهُولَةِ النَّسَبِ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَمَةِ الْغَيْرِ فَتَبَعٌ لِأُمِّهِمْ حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا غُرُورَ ( وَ ) لَهُ الْوَلَاءُ ( عَلَى مَنْ لَهُ ) أَيْ : الْعَتِيقُ وَلَاؤُهُ كَعُتَقَائِهِ ( أَوْ لَهُمْ ) أَيْ : أَوْلَادِ الْعَتِيق مِمَّنْ سَبَقَ ( وَإِنْ سَفُلُوا وَلَاؤُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ نِعْمَتِهِمْ وَبِسَبَبِهِ عَتَقُوا ، وَلِأَنَّهُمْ فَرْعُهُ وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ أَصْلَهُ .
فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَ عِتْقَهُمْ ، وَسَوَاءٌ الْحَرْبِيُّ وَغَيْرُهُ لِعُمُومِ حَدِيثِ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } فَإِذَا جَاءَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا فَالْوَلَاءُ بِحَالِهِ ، وَإِنْ سُبِيَ الْمُعْتَقُ لَمْ يَرِثْ مَا دَامَ عَبْدًا .
فَإِنْ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ ، وَلَهُ الْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقه

وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ ( حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ سَائِبَةً كَ ) قَوْلِهِ : ( أَعْتَقْتُك سَائِبَةً أَوْ ) قَالَ : أَعْتَقْتُك ( وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك ) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ { الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ } فَكَمَا لَا يَزُولُ نَسَبُ إنْسَانٍ وَلَا وَلَدٍ عَنْ فِرَاشٍ بِشَرْطٍ لَا يَزُولُ وَلَاءٌ عَنْ عَتِيق بِذَلِكَ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : إنِّي أَعْتَقْت عَبْدًا لِي فَجَعَلْته سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا .
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ وَإِنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يُسَيِّبُونَ ، وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ .
فَإِنْ تَأَثَّمْتَ أَوْ تَحَرَّجْتَ مِنْ شَيْءٍ فَنَحْنُ نَقْبَلُهُ وَنَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ) ( أَوْ ) أَعْتَقَهُ ( فِي زَكَاتِهِ أَوْ ) فِي ( نَذْرِهِ أَوْ ) فِي ( كَفَّارَتِهِ ) فَلَهُ وَلَاؤُهُ لِمَا تَقَدَّمَ ، وَلِأَنَّهُ مُعْتَقٌ عَنْ نَفْسِهِ ، بِخِلَافِ مَنْ أَعْتَقَهُ سَاعٍ مِنْ زَكَاةٍ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ ( إلَّا إذَا أَعْتَقَ مُكَاتَبٌ ) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ( رَقِيقًا ) فَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ دُونَ الْمُعْتِقِ ( أَوْ كَاتَبَهُ ) أَيْ : كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ رَقِيقًا بِإِذْنِ سَيِّدٍ ( فَأَدَّى ) الثَّانِي مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَوَّلِ ( فَ ) الْوَلَاءُ ( لِلسَّيِّدِ ) فِيهِمَا ، ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالْآلَةِ لِلْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، وَلِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ فَلَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ

( وَلَا يَصِحُّ ) أَنْ يُعْتِقَ الْمُكَاتَبُ أَوْ يُكَاتِبَ الْمُكَاتَبُ ( بِدُونِ إذْنِهِ ) أَيْ : إذْنِ سَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَظِّهِ

( وَلَا يَنْتَقِلُ ) الْوَلَاءُ ( إنْ بَاعَ ) السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ ( الْمَأْذُونَ ) لَهُ فِي الْعِتْقِ ( فَعَتَقَ ) الْمَأْذُونُ لَهُ ( عِنْدَ مُشْتَرِيه ) .
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ : مَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ الْأَوَّلِ

( وَيَرِثُ ذُو ) أَيْ : صَاحِبُ ( وَلَاءٍ بِهِ ) أَيْ : الْوَلَاءِ ( عِنْدَ عَدَمِ نَسِيبِ وَارِثٍ ) مُسْتَغْرِقٍ ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ } رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَرَوَاهُ الْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى .
وَالْمُشَبَّهُ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ .
وَأَيْضًا فَالنَّسَبُ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ ؛ لِأَنَّهُ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ وَتَرْكُ الشَّهَادَةِ وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ ، وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِالْوَلَاءِ

( ثُمَّ ) يَرِثُ بِوَلَاءٍ ( عَصَبَتُهُ ) أَيْ : الْمُعْتِقِ ( بَعْدَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ) نَسَبًا كَابْنٍ وَأَبٍ وَأَخٍ وَعَمٍّ لِغَيْرِ أُمٍّ ذَكَرًا كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ أُنْثَى ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ فَالْمِيرَاثُ لِمَوْلَى الْمُعْتِقِ ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ لِمَوْلَى الْمَوْلَى ثُمَّ عَصَبَتِهِ كَذَلِكَ أَبَدًا .
لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ { أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ ابْنًا لَهَا وَأَخًا ثُمَّ تُوُفِّيَ مَوْلَاهَا ، فَأَتَى أَخُو الْمَرْأَةِ وَابْنُهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِيرَاثِهِ فَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ أَخُوهَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَرَّ جَرِيرَةً كَانَتْ عَلَيَّ وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ }

( وَمَنْ لَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ عَتِيق وَالْآخَرُ حُرُّ الْأَصْلِ ) كَأَنْ تَزَوَّجَ حُرُّ الْأَصْلِ بِعَتِيقَةٍ أَوْ عَتِيقٍ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ ( أَوْ ) كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ عَتِيقًا وَالْآخَرُ ( مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ) لِأَحَدٍ ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ تَبِعَهَا وَلَدُهَا لَوْ كَانَ أَبُوهُ رَقِيقًا فِي انْتِفَاءِ الرِّقِّ .
فَفِي انْتِفَاءِ الْوَلَاءِ وَحْدَهُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ حُرَّ الْأَصْلِ فَالْوَلَدُ يَتْبَعُهُ إذْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِمَوْلَى أَبِيهِ فَلَأَنْ يَتْبَعَهُ فِي سُقُوطِ الْوَلَاءِ عَنْهُ أَوْلَى .
وَمَجْهُولُ النَّسَبِ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ .
أَشْبَهَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَالْأَصْلُ فِي الْآدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْوَلَاءِ فَلَا يُتْرَكُ هَذَا الْأَصْلُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ بِالْوَهْمِ كَمَا لَمْ يُتْرَكْ فِي حَقِّ الْأَبِ

( وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ عَنْ ) مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ ( حَيٍّ بِأَمْرِهِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتَقٍ عَنْهُ ) كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ .
وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ حَيٍّ ( بِدُونِهِ ) أَيْ : أَمْرِهِ لَهُ فَلِمُعْتِقٍ ( أَوْ ) أَعْتَقَ رَقِيقَهُ ( عَنْ مَيِّتٍ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقٍ ) لِحَدِيثِ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } وَلِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ مُعْتَقٍ عَنْهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَهُ وَالثَّوَابُ لِمُعْتَقٍ عَنْهُ ( إلَّا مَنْ أَعْتَقَهُ وَارِثٌ ) أَوْ وَصِيٌّ ( عَنْ مَيِّتٍ لَهُ تَرِكَةٌ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ ) أَيْ : الْمَيِّتِ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ ( فَ ) وَلَاؤُهُ ( لِلْمَيِّتِ ) لِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْهُ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ، وَهُوَ احْتِيَاجُ الْمَيِّتِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعِتْقُ ) كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ ( أَطْعَمَ ) الْوَارِثُ ( أَوْ كَسَا ) عَشْرَةَ مَسَاكِينَ ( وَيَصِحُّ عِتْقُهُ ) أَيْ : الْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ كَفَّرَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِالْعِتْقِ ( وَإِنْ تَبَرَّعَ ) وَارِثٌ ( بِعِتْقِهِ عَنْهُ ) أَيْ : الْمَيِّتِ ( وَلَا تَرِكَةَ ) لِلْمَيِّتِ ( أَجْزَأَ ) الْعِتْقُ عَنْهُ ( كَ ) تَبَرُّعِهِ بِ ( إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ ) فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ عَنْ مَيِّتٍ ( وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِمَا ) أَيْ : الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ أَجْنَبِيٌّ ( أَوْ ) تَبَرَّعَ ( بِعِتْقٍ أَجْنَبِيٌّ أَجْزَأَ ) كَقَضَائِهِ عَنْهُ دَيْنًا

( وَلِمُتَبَرِّعٍ ) وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِعِتْقٍ ( الْوَلَاءُ ) وَالْأَجْرُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ نَصًّا ( وَمَنْ قَالَ ) لِمَالِكِ عَبْدٍ ( أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي ) فَقَطْ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ : أَعْتِقْ عَبْدَكَ ( عَنِّي مَجَّانًا أَوْ ) قَالَ لَهُ : أَعْتِقْهُ عَنِّي ( وَثَمَنُهُ عَلَيَّ فَلَا ) يَجِبُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : مَالِكِ الْعَبْدِ ( أَنْ يُجِيبَهُ ) أَيْ : السَّائِلَ إلَى عِتْقِ عَبْدِهِ ، ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ ( وَإِنْ فَعَلَ ) بِأَنْ أَعْتَقَ الْمَقُولُ لَهُ الْعَبْدَ الَّذِي قَالَ لَهُ أَعْتِقْهُ ( وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِهِ ) أَيْ : مُفَارَقَتِهِ الْمَجْلِسَ ( عَتَقَ وَالْوَلَاءُ ) عَلَيْهِ ( لِمُعْتَقٍ عَنْهُ ) كَمَا لَوْ قَالَ : أَطْعِمْ أَوْ اُكْسُ عَنِّي ( وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ : الْقَائِلَ لِلْمَقُولِ لَهُ ( ثَمَنُهُ ) أَيْ : الْعَبْدِ ( بِالْتِزَامِهِ ) بِأَنْ قَالَ لَهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ( وَيُجْزِئُهُ ) أَيْ : الْقَائِلَ هَذَا الْعِتْقُ ( عَنْ وَاجِبٍ ) عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ ( مَا لَمْ يَكُنْ ) الْعَبْدُ ( قَرِيبَهُ ) أَيْ : مِنْ ذِي رَحِمِ الْقَائِلِ الْمَحْرَمِ لَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْزِئُهُ

( وَ ) إنْ قَالَ لِرَبِّ عَبْدٍ : ( أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ ) وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي ( أَوْ زَادَ : عَنْكَ ) بِأَنْ قَالَ : أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ ( فَفَعَلَ ) أَيْ : فَأَعْتَقَهُ ( عَتَقَ وَلَزِمَ قَائِلًا ثَمَنُهُ ) لِمُعْتِقِهِ لِفِعْلِهِ .
مَا جُوعِلَ عَلَيْهِ ( وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعْتَاقِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ بِهِ الْمُعْتِقُ .
فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَصْرِفُهُ إلَيْهِ فَبَقِيَ لِلْمُعْتِقِ لِحَدِيثِ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } ( وَيُجْزِئُهُ ) أَيْ : الْمُعْتِقَ هَذَا الْعِتْقُ ( عَنْ وَاجِبٍ ) عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ

( وَلَوْ قَالَ ) لِمَالِكِ قِنٍّ ( اُقْتُلْهُ وَعَلَيَّ كَذَا فَلَغْوٌ ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مُحَرَّمٍ

( وَإِنْ قَالَ كَافِرٌ ) لِمُسْلِمٍ ( أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ ) أَيْ : أَعْتَقَهُ عَنْ الْكَافِرِ ( صَحَّ ) عِتْقُهُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ زَمَنًا يَسِيرًا وَلَا يَسْتَلِمُهُ ، فَاغْتُفِرَ يَسِيرُ هَذَا الضَّرَرِ لِتَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِلْأَبَدِ ( وَوَلَاؤُهُ لِلْكَافِرِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ كَالنَّائِبِ عَنْهُ ( وَيَرِثُ ) الْكَافِرُ ( بِهِ ) أَيْ : بِالْوَلَاءِ مِنْ الْمُعْتَقِ الْمُسْلِمِ ( وَكَذَا كُلُّ مَنْ بَايَنَ دِينَ مُعْتَقِهِ ) لِعُمُومِ حَدِيثِ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } وَرُوِيَ ( إرْثُ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ بِالْوَلَاءِ ) عَنْ عَلِيٍّ .
وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ ( الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ )

( إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ ) أَيْ : بَاشَرْنَ عِتْقَهُ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَيْ : عَتِيقَ مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ ( أَوْ ) مَنْ ( كَاتَبْنَ ) فَأَدَّى وَعَتَقَ ( أَوْ ) مَنْ ( كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ ) أَيْ : مُكَاتَبَ مَنْ كَاتَبَهُ النِّسَاءِ إذَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ ( وَأَوْلَادَهُمْ ) أَيْ : أَوْلَادَ مَنْ تَقَدَّمَ أَنَّ لَهُنَّ وَلَاؤُهُ مِنْ أَمَةٍ أَوْ عَتِيقَةٍ ( أَوْ مَنْ جَرُّوا ) أَيْ : مَعَاتِيقَهُنَّ وَأَوْلَادُهُمْ ( وَلَاءَهُ ) بِعِتْقِهِمْ إيَّاهُ .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ .
لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { مِيرَاثُ الْوَلَاءِ لِلْكُبْرِ مِنْ الذُّكُورِ } وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ .
وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ مُشَبَّهٌ بِالنَّسَبِ فَالْمُعْتَقُ مِنْ الْعَتِيق بِمَنْزِلَةِ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ ، فَوَلَدُهُ مِنْ الْعَتِيق بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ أَخِيهِ أَوْ وَلَدِ عَمِّهِ .
وَلَا يَرِثُ مِنْهُمْ إلَّا الذُّكُورُ خَاصَّةً وَأَمَّا إرْثُ الْمَرْأَةِ مِنْ عَتِيقِهَا وَعَتِيقِهِ وَمُكَاتَبِهَا وَمُكَاتَبِهِ فَبِلَا خِلَافٍ ؛ لِأَنَّهَا مُنْعِمَةٌ بِالْإِعْتَاقِ كَالرَّجُلِ .
فَوَجَبَ أَنْ تُسَاوِيَهُ فِي الْإِرْثِ

( وَمَنْ نَكَحَتْ عَتِيقَهَا ) وَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ ( فَهِيَ الْقَائِلَةُ : إنْ أَلِدُ أُنْثَى فَلِيَ النِّصْفُ ) مِنْ الْإِرْثِ ( وَ ) إنْ أَلِدُ ( ذَكَرًا فَ ) لِي ( الثُّمُنُ .
وَإِنْ لَمْ أَلِدْ ) شَيْئًا بِأَنْ أَجْهَضْتُ حَمْلِي ( فَ ) لِي ( الْجَمِيعُ ) أَيْ : الرُّبُعُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْبَاقِي بِالْوَلَاءِ

( وَلَا يَرِثُ بِهِ ) أَيْ : الْوَلَاءِ ( ذُو فَرْضٍ غَيْرَ أَبٍ ) لِمُعْتِقٍ مَعَ ابْنِهِ ( أَوْ جَدٍّ ) لِمُعْتِقٍ ( مَعَ ابْنٍ ) لَهُ أَوْ ابْنِ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ ، فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا ( سُدُسًا )

( وَ ) غَيْرَ ( جَدٍّ ) لِمُعْتِقٍ وَإِنْ عَلَا ( مَعَ إخْوَةٍ ) لَهُ ، فَيَرِثُ الْجَدُّ مَعَهُمْ ( ثُلُثًا إنْ كَانَ ) الثُّلُثُ ( أَحَظَّ لَهُ ) أَيْ : الْجَدِّ بِأَنْ زَادَ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ ، وَإِلَّا قَاسَمَهُمْ كَأَخٍ نَصًّا .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ فَالْأَحَظُّ مِنْ ثُلُثٍ الْبَاقِيَ أَوْ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا قَاسَمَ كَالنَّسَبِ

( وَتَرِثُ عَصَبَةٌ مُلَاعَنَةٌ عَتِيق ابْنِهَا ) ؛ لِأَنَّ عَصَبَةَ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ عَصَبَةُ أُمِّهِ

( وَلَا يُبَاعُ ) وَلَاءٌ ( وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُوقَفُ وَلَا يُوصَى بِهِ ) لِحَدِيثِ { الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ } رَوَاهُ الْخَلَّالُ .

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْذَنَ لِعَتِيقِهٍ فَيُوَالِيَ مَنْ يَشَاءُ .
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُورَثُ بِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ كَالْقَرَابَةِ .

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَ مَوَالِيهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ ( وَلَا يُورَثُ ) الْوَلَاءُ عَنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ ( وَ إنَّمَا يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَةِ السَّيِّدِ ) أَيْ : الْمُعْتِقِ ( إلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِ عَتِيقِهِ وَهُوَ ) أَيْ : الْمَذْكُورُ ( الْمُرَادُ بِالْكُبْرِ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ

( فَلَوْ مَاتَ سَيِّدٌ ) أَيْ : مُعْتِقٌ ( عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ ) مَاتَ ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ : الِابْنَيْنِ ( عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( فَإِرْثُهُ لِابْنِ سَيِّدِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ إلَيْهِ ( وَإِنْ مَاتَا ) أَيْ : ابْنَا السَّيِّدِ ( قَبْلَ الْعَتِيق وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ : الِابْنَيْنِ ( ابْنًا ) وَاحِدًا ( وَ ) خَلَّفَ ( الْآخَرُ أَكْثَرَ ) مِنْ ابْنٍ كَتِسْعَةٍ ( ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَإِرْثُهُ ) بَيْنَ أَوْلَادِ الِابْنَيْنِ ( عَلَى عَدَدِهِمْ كَالنَّسَبِ ) .
قَالَ أَحْمَدُ : يُرْوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إذْ الْوَلَاءُ لَا يُورَثُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا يَرِثُونَهُ بِهِ كَمَا يَرِثُونَ بِالنَّسَبِ لِحَدِيثِ { الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ } وَحَدِيثِ { الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ } فَعَصَبَةُ السَّيِّدِ إنَّمَا تَرِثُ مَالَ عَتِيقِهِ بِوَلَاءِ مُعْتِقِهِ لَا نَفْسِ الْوَلَاءِ

( وَلَوْ اشْتَرَى أَخٌ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا ) أَوْ أَخَاهُمَا وَنَحْوَهُ عَتَقَ عَلَيْهِمَا بِالْمِلْكِ ( فَمَلَكَ ) الْأَبُ وَالْأَخُ وَنَحْوَهُ ( قِنًّا ) فَأَعْتَقَهُ ( ثُمَّ مَاتَ ) الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ ( الْعَتِيقُ ) لِلْأَبِ ( وَرِثَهُ الِابْنُ ) أَوْ الْأَخُ ( بِالنَّسَبِ دُونَ أُخْتِهِ ) فَلَا تَرِثُ مِنْهُ بِالْوَلَاءِ ) ؛ لِأَنَّ عَصَبَةَ الْمُعْتِقِ مِنْ النَّسَبِ تُقَدَّمُ عَلَى مَوْلَى الْمُعْتَقِ وَيُرْوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ ( سَأَلْتُ عَنْهَا سَبْعِينَ قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْعِرَاقِ فَأَخْطَئُوا فِيهَا ) ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ ( وَلَوْ مَاتَ الِابْنُ ثُمَّ ) مَاتَ ( الْعَتِيق وَرِثَتْ ) بِنْتُ مُعْتِقِ الْعَتِيق وَمَوْلَاتُهُ ( مِنْهُ ) أَيْ : الْعَتِيق بِالْوَلَاءِ ( بِقَدْرِ عِتْقِهَا مِنْ الْأَبِ ) الْمُعْتِقِ لِلْعَتِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ ( وَالْبَاقِي ) مِنْ تَرِكَةِ عَتِيقِ أَبِيهَا ( بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُعْتِقِ أُمِّهَا إنْ كَانَتْ أُمُّهَا عَتِيقَةً )

وَلَوْ اشْتَرَيَا أَخَاهُمَا فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَمَاتَ الْأَخُ الْمُعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَخَلَّفَ ابْنَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ أَخِيهَا ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِي الْمُعْتِقِ فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا بِنْتَهُ فَنِصْفُ إرْثِ الْعَبْدِ لِلْأُخْتِ ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ مُعْتَقِهِ وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ دُونَ بِنْتِ الْأَخِ

( وَمَنْ خَلَّفَتْ ابْنًا وَعَصَبَةً ) مِنْ إخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ ( وَلَهَا عَتِيقٌ فَوَلَاؤُهُ ) أَيْ : الْعَتِيقِ ( وَإِرْثُهُ لِابْنِهَا إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ ) أَيْ : ابْنَهَا ( نَسِيبٌ ) لِلْعَتِيقِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا ( وَعَقْلُهُ ) أَيْ : الْعَتِيقِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : الِابْنِ ( وَعَلَى عَصَبَتِهَا ) لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَتَقَدَّمَ ( فَإِنْ بَادَ ) أَيْ : انْقَرَضَ ( بَنُوهَا ) وَإِنْ سَفُلُوا فَوَلَاءُ عَتِيقِهَا ( لِعَصَبَتِهَا دُونَ عَصَبَتِهِمْ ) أَيْ : بَنِيهَا ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : ( اخْتَصَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ فِي مَوْلَى صَفِيَّةَ فَقَالَ عَلِيٌّ : مَوْلَى عَمَّتِي وَأَنَا أَعْقِلُ عَنْهُ .
فَقَالَ الزُّبَيْرُ : مَوْلَى أُمِّي وَأَنَا أَرِثُهُ .
فَقَضَى عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ بِالْعَقْلِ ، وَقَضَى لِلزُّبَيْرِ بِالْمِيرَاثِ ) رَوَاهُ سَعِيدٌ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ .

وَمَنْ خَلَّفَ بِنْتَ مَوْلَاهُ وَمَوْلَى أَبِيهِ فَقَطْ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ .
؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمُبَاشِرِ عِتْقِهِ فَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِ أَبِيهِ .
وَبِنْتُ مَوْلَاهُ لَيْسَتْ عَصَبَةً لَهُ .

وَإِنْ خَلَّفَ مُعْتَقَ أَبِيهِ وَمُعْتَقَ جَدِّهِ وَلَيْسَ هُوَ مُعْتَقًا فَمِيرَاثُهُ لِمُعْتَقِ أَبِيهِ إنْ كَانَ ابْنَ مُعْتَقَةٍ أَوْ سَرِيَّةً ثُمَّ لِعَصَبَةِ مُعْتَقِ أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ .

أَيْ : الْوَلَاءِ ( مَنْ بَاشَرَ ) عِتْقًا بِأَنْ قَالَ لِقِنٍّ : أَنْتَ حُرٌّ ( أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ ) قِنٌّ بِرَحِمٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ ( لَمْ يَزُلْ وَلَاؤُهُ ) عَنْهُ ( بِحَالٍ ) لِحَدِيثِ { إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ }

( فَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً ) لِغَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَوْلَدَهَا ( فَوَلَاءُ مَنْ تَلِدُ لِمَوْلَى أُمِّهِ ) أَيْ : زَوْجَةِ الْعَبْدِ فَيَعْقِلُ عَنْ أَوْلَادِ مُعْتَقِهِ وَيَرِثُهُمْ إذَا مَاتُوا ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا أَحْرَارًا بِسَبَبِ عِتْقِ أُمِّهِمْ ( فَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبَ ) أَيْ : الْعَبْدَ الَّذِي هُوَ أَبُو أَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ ( سَيِّدُهُ ) فَلَهُ وَلَاؤُهُ ( وَجَرُّ وَلَاءِ وَلَدِهِ ) عَنْ مَوْلَى أُمِّهِ الْعَتِيقَةِ ؛ لِأَنَّهُ بِعِتْقِهِ صَلُحَ لِلِانْتِسَابِ إلَيْهِ وَعَادَ وَارِثًا وَوَلِيًّا ، فَعَادَتْ النِّسْبَةُ إلَيْهِ وَإِلَى مَوَالِيهِ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْمُلَاعِنِ وَلَدَهُ ؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ لِلْأَبِ فَكَذَا الْوَلَاءُ .
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ الزُّبَيْرِ ( أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ خَيْبَرَ رَأَى فِتْيَةً لُعْسًا فَأَعْجَبَهُ ظُرْفُهُمْ وَجَمَالُهُمْ فَسَأَلَ عَنْهُمْ فَقِيلَ لَهُ : إنَّهُمْ مَوَالِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَبُوهُمْ مَمْلُوكٌ لِآلِ الْحُرْقَةِ فَاشْتَرَى الزُّبَيْرُ أَبَاهُمْ فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ لِأَوْلَادِهِ انْتَسِبُوا إلَيَّ فَإِنَّ وَلَاءَكُمْ لِي فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ : الْوَلَاءُ لِي ؛ لِأَنَّهُمْ عَتَقُوا بِعِتْقِ أُمِّهِمْ .
فَاحْتَكَمُوا إلَى عُثْمَانَ .
فَقَضَى بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ .
فَاجْتَمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ ( وَاللَّعْسُ : سَوَادٌ فِي الشَّفَتَيْنِ تَسْتَحْسِنُهُ الْعَرَبُ

( وَلَا يَعُودُ ) الْوَلَاءُ الَّذِي جَرَّهُ مَوْلَى الْأَبِ ( لِمَوْلَى الْأُمِّ بِحَالٍ ) أَيْ : وَلَوْ انْقَرَضَ مَوَالِي الْأَبِ .
فَالْوَلَاءُ لِبَيْتِ الْمَالِ دُونَ مَوَالِي الْأُمِّ لِجَرَيَانِ الْوَلَاءِ مَجْرَى النَّسَبِ لِلْخَبَرِ .

وَمَا وَلَدَهُ بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أَبِيهِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ ، فَيَعُودُ لِمَوْلَى الْأُمِّ .
فَإِنْ عَادَ الْأَبُ فَاسْتَلْحَقَهُ عَادَ لِمَوَالِي الْأَبِ .

وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِجَرِّ الْوَلَاءِ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ : كَوْنُ الْأَبِ رَقِيقًا حِينَ وِلَادَةِ أَوْلَادِهِ ، وَكَوْنُ الْأُمِّ مَوْلَاةً .
وَعِتْقُ الْعَبْدِ .
فَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّقِّ لَمْ يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ بِحَالٍ .
وَإِنْ اخْتَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ وَمَوْلَى الْأُمِّ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ : سَيِّدُهُ مَاتَ حُرًّا بَعْدَ جَرِّ الْوَلَاءِ وَأَنْكَرَهُ مَوْلَى الْأُمِّ فَقَوْلُهُ : لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ .
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ

( وَ ) كَذَا ( لَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِ مُكَاتَبٍ مَيِّتٍ ) لَهُ أَوْلَادٌ مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ ( أَنَّهُ أَدَّى ) قَبْلَ مَوْتِهِ ( وَعَتَقَ لِيَجُرَّ الْوَلَاءَ ) إلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ ( وَإِنْ عَتَقَ جَدٌّ ) أَيْ : جَدُّ أَوْلَادِ الْعَتِيقَةِ ( وَلَوْ ) كَانَ عِتْقُهُ ( قَبْلَ ) عِتْقِ ( أَبٍ ) لِأَوْلَادِ الْعَتِيقَةِ ( لَمْ يَجُرَّهُ ) أَيْ : وَلَاءَ أَوْلَادِ وَلَدِهِ مِنْ مَوْلَى أُمِّهِمْ نَصًّا .
؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَلَاءِ لِمُسْتَحِقِّهِ ، وَإِنَّمَا خُولِفَ لِمَا وَرَدَ فِي الْأَبِ ، وَالْجَدُّ لَا يُسَاوِيهِ ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِغَيْرِهِ كَالْأَخِ

( وَلَوْ مَلَكَ وَلَدُهُمَا ) أَيْ : الْعَبْدِ وَالْعَتِيقَةِ ( أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ) بِالْمِلْكِ ( وَلَهُ وَلَاؤُهُ ) أَيْ : أَبِيهِ ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِمِلْكِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَ عِتْقَهُ ( وَ ) لَهُ ( وَلَاءُ إخْوَتِهِ ) مِنْ أُمِّهِ الْعَتِيقَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ فَيَنْجَرُّ وَلَاؤُهُمْ إلَيْهِ ( وَيَبْقَى وَلَاءُ نَفْسِهِ ) أَيْ : الَّذِي مَلَكَ أَبَاهُ ( لِمَوْلَى أُمِّهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ ( كَمَا لَا يَرِثُ نَفْسَهُ ) وَشَذَّ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فَقَالَ : يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ ( فَلَوْ أَعْتَقَ هَذَا الِابْنُ ) أَيْ : ابْنُ عَبْدٍ مِنْ عَتِيقَة ( عَبْدًا ) مَعَ بَقَاءِ رِقِّ أَبِيهِ ( ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ ) بَعْدَ أَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهُ إلَيْهِ ( ثَبَتَ لَهُ وَلَاؤُهُ ) أَيْ : وَلَاءُ أَبِي مُعْتِقِهِ لِمُبَاشَرَتِهِ عِتْقَهُ ( وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ ) وَإِخْوَتِهِ عَلَى أَبِيهِمْ ( فَصَارَ كُلٌّ ) مِنْ الْوَلَدِ الْمُعْتِقِ لِلْعَتِيقِ وَمَعْتِقِ أَبِي مُعْتِقِهِ ( مَوْلَى الْآخَرِ ) فَالِابْنُ مَوْلَى مُعْتِقِ أَبِيهِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ وَالْعَتِيق مَوْلَى مُعْتِقِهِ ؛ لِأَنَّهُ جَرَّ وَلَاءَهُ بِعِتْقِهِ إيَّاهُ ( مِثْلُهُ ) فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَوْلَى الْآخَرِ

( لَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدًا كَافِرًا ) فَأَسْلَمَ ( وَسَبَى سَيِّدَهُ فَأَعْتَقَهُ ) فَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ وَلَاءُ صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ .
وَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِالْوَلَاءِ ( فَلَوْ سَبَى الْمُسْلِمُونَ الْعَتِيقَ الْأَوَّلَ ) قَبْلَ إسْلَامِهِ ( فَرَقَّ ثُمَّ عَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ ثَانِيًا ) وَحْدَهُ ، ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ الْأَوَّلَ بَطَلَ بِاسْتِرْقَاقِهِ ، فَلَمْ يَعُدْ بِإِعْتَاقِهِ ( وَلَا يَنْجَرُّ إلَى ) الْمُعْتَقِ إلَّا خَيْرُ مَا لِ ) لْمُعْتِقِ ( الْأَوَّلِ قَبْلَ رِقِّهِ ) أَيْ : الْعَتِيق ( ثَانِيًا مِنْ وَلَاءِ وَلَدٍ وَمِنْ ) وَلَاءِ ( عَتِيقٍ ) ؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ الْعَتِيقِ الْأَوَّلِ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ ، وَكَذَا عَتِيقُ ذِمِّيٍّ وَعَتِيقُ الْمُسْلِمِ إذَا اُسْتُرِقَّ ثُمَّ عَتَقَ عَادَ وَلَاؤُهُ لِلْأَوَّلِ .
جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ ،

وَإِنْ تَزَوَّجَ وَلَدُ مُعْتَقِهِ مُعْتَقَةً وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا فَاشْتَرَى جَدَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَانْجَرَّ إلَيْهِ وَلَاءُ الْأَبِ وَسَائِرِ أَوْلَادِ جَدِّهِ ، وَهُمْ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ وَوَلَاءُ جَمِيعِ مُعْتِقِيهِمْ وَيَبْقَى وَلَاءُ الْمُشْتَرِي لِمَوَالِي أُمِّ أَبِيهِ

( وَإِذَا اشْتَرَى ابْنٌ ) مُعْتَقَةً ( وَبِنْتٌ مُعْتَقَةَ أَبُوهُمَا نِصْفَيْنِ ) سَوِيَّةً ( عَتَقَ ) عَلَيْهِمَا ( وَوَلَاؤُهُ لَهُمَا ) أَيْ : لِوَلَدَيْهِ نِصْفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ ( وَجَرَّ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ ) ؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ تَابِعٌ لِوَلَاءِ الْوَالِدِ ( وَيَبْقَى نِصْفُهُ ) أَيْ : نِصْفُ وَلَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا ( لِمَوْلَى أُمِّهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ كَمَا لَا يَرِثُ نَفْسَهُ ( فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَرِثَاهُ ) أَيْ : ابْنُهُ وَبِنْتُهُ ( أَثْلَاثًا بِالنَّسَبِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلَاءِ ( وَإِنْ مَاتَتْ الْبِنْتُ بَعْدَهُ ) أَيْ : الْأَبِ ( وَرِثَهَا أَخُوهَا بِهِ ) أَيْ : بِالنَّسَبِ كَمَا تَقَدَّمَ ( فَإِنْ مَاتَ ) أَخُوهَا بَعْدَهَا ( فَلِمَوْلَى أُمِّهِ نِصْفُ ) تَرِكَتِهِ ( وَلِمَوْلَى أُخْتِهِ نِصْفٌ ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ( وَهُمْ ) أَيْ : مَوَالِي الْأُخْتِ ( الْأَخُ وَمَوْلَى الْأُمِّ فَيَأْخُذُ مَوْلَى أُمِّهِ نِصْفَهُ ) أَيْ : النِّصْفَ وَهُوَ رُبُعٌ ؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْأُخْتِ بَيْنَ الْأَخِ وَمَوْلَى الْأُمِّ نِصْفَيْنِ ( ثُمَّ يَأْخُذُ ) مَوْلَى الْأُمِّ ( الرُّبُعَ الْبَاقِي ) مِنْ التَّرِكَةِ ( وَهُوَ الْجُزْءُ الدَّائِرُ ) سُمِّيَ بِذَلِكَ ( لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْأَخِ وَعَادَ إلَيْهِ ) وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ دَائِرًا : أَنَّهُ يَدُورُ أَبَدًا فِي كُلِّ دَوْرَةٍ يَصِيرُ لِمَوْلَى الْأُمِّ نِصْفُهُ .
وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْفَدَ كُلُّهُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ .
فَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّ مَكَانَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ ابْنَتَانِ .
فَاشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا أَبَاهَا عَتَقَ عَلَيْهَا وَجَرَّ إلَيْهَا وَلَاءَ أُخْتِهَا .
فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ وَالْبَاقِي لِمُعْتِقَتِهِ بِالْوَلَاءِ .
فَإِنْ مَاتَتْ الَّتِي لَمْ تَشْتَرِهِ بَعْدَهُ فَمَالُهَا لِأُخْتِهَا نِصْفُهُ بِالنَّسَبِ وَنِصْفُهُ بِالْوَلَاءِ لِكَوْنِهَا مَوْلَاةَ أَبِيهَا ، وَإِنْ مَاتَتْ الْمُشْتَرِيَةُ لَهُ فَلِأُخْتِهَا النِّصْفُ بِالنَّسَبِ وَالْبَاقِي لِمَوْلَى أُمِّهَا ، وَلَوْ اشْتَرَتَا أَبَاهُمَا

نِصْفَيْنِ عَتَقَ عَلَيْهِمَا وَجَرَّ إلَى كُلِّ وَاحِدَة نِصْفَ وَلَاءِ أُخْتِهَا .
فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَمَالُهُ بَيْنَهُمَا بِالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ .
فَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا بَعْدُ فَلِأُخْتِهَا النِّصْفُ بِالنَّسَبِ وَنِصْفُ الْبَاقِي بِمَا جَرَّ الْأَبُ إلَيْهَا مِنْ وَلَاءِ نِصْفِهَا فَصَارَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَالِهَا وَالرُّبُعُ الْبَاقِي لِمَوْلَى أُمِّهَا .
فَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ أَبِيهَا فَمَالُهَا لَهُ .
فَإِنْ مَاتَ فَلِلْبَاقِيَةِ نِصْفُ مِيرَاثِهِ بِالنَّسَبِ وَنِصْفُ الْبَاقِي وَهُوَ الرُّبُعُ ؛ لِأَنَّهَا مَوْلَاةُ نِصْفِهِ وَيَبْقَى الرُّبُعُ لِمَوَالِي الْبِنْتِ الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ ، فَنِصْفُهُ لِهَذِهِ الْبِنْتِ ؛ لِأَنَّهَا مَوْلَاةُ نِصْفِ أُخْتِهَا فَصَارَ لَهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِ مِيرَاثِهِ وَنِصْفُهُ لِمَوَالِي أُخْتِهَا الْمَيِّتَةِ ، وَهُمْ أُخْتُهَا وَمَوْلَى أُمِّهَا فَنِصْفُهُ لِمَوْلَى أُمِّهَا وَهُوَ الرُّبُعُ ، وَالرُّبُعُ الْبَاقِي يَرْجِعُ إلَى هَذِهِ الْمَيِّتَةِ .
فَهَذَا الْجُزْءُ دَائِرٌ ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمَيِّتَةِ وَعَادَ إلَيْهَا فَيُعَطَّى لِمَوْلَى الْأُمِّ .
وَلَا يَرِثُ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ أَحَدًا مِنْ مَوَالِيهِ مِنْ فَوْقِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَتِيقًا .

كِتَابُ الْعِتْقِ لُغَةً : الْخُلُوصُ ، وَمِنْهُ عِتَاقُ الْخَيْلِ وَالطَّيْرِ أَيْ : خَالِصُهَا ، وَسُمِّيَ الْبَيْتُ الْحَرَامُ عَتِيقًا لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ ( وَهُوَ ) شَرْعًا ( تَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ ) أَيْ : الذَّاتِ ( وَتَخْلِيصُهَا مِنْ الرِّقِّ ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ خُصَّتْ بِهِ الرَّقَبَةُ مَعَ وُقُوعِهِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لَهُ كَالْغُلِّ فِي رَقَبَتِهِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ .
فَإِذَا عَتَقَ فَكَأَنَّ رَقَبَتَهُ أُطْلِقَتْ مِنْ ذَلِكَ .
يُقَالُ : عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَعْتَقْتُهُ أَنَا ، فَهُوَ عَتِيق وَمُعْتَقٌ وَهُمْ عُتَقَاءُ ، وَأَمَةٌ عَتِيق وَعَتِيقَةٌ .
وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّتِهِ وَحُصُولِ الْقُرْبَةِ بِهِ .
لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } وَقَوْلِهِ : { فَكُّ رَقَبَةٍ } وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ ، حَتَّى إنَّهُ لَيُعْتِقُ الْيَدَ بِالْيَدِ وَالرِّجْلَ بِالرِّجْلِ وَالْفَرْجَ بِالْفَرْجِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( وَ ) هُوَ ( مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ ، وَجَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِكَاكًا لِمُعْتِقِهِ مِنْ النَّارِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ مِنْ ضَرَرِ الرِّقِّ وَمِلْكِ نَفْسِهِ وَمَنَافِعِهِ وَتَكْمِيلِ أَحْكَامِهِ وَتَمْكِينِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ وَمَنَافِعِهِ عَلَى حَسَبِ اخْتِيَارِهِ ( وَأَفْضَلُهَا ) أَيْ : الرِّقَابُ لِلْعِتْقِ ( أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا ) أَيْ : أَعَزُّهَا فِي نُفُوسِ أَهْلِهَا ( وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا ) نَصًّا وَظَاهِرَةً وَلَوْ كَافِرَةً وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ لَكِنْ يُثَابُ عَلَى عِتْقِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ ( وَ ) عِتْقُ ( ذَكَرٍ ) أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ أُنْثَى سَوَاءٌ كَانَ مُعْتِقُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْفِكَاكِ مِنْ النَّارِ ( وَتَعَدُّدٌ ) وَلَوْ مِنْ إنَاثٍ ( أَفْضَلُ ) مِنْ وَاحِدٍ وَلَوْ ذَكَرًا

( وَسُنَّ عِتْقُ ) مَنْ لَهُ كَسْبٌ لِانْتِفَاعِهِ بِمِلْكِهِ كَسْبَهُ ( وَ ) سُنَّ ( كِتَابَةُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا }

( وَكُرِهَا ) أَيْ : الْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ ( إنْ كَانَ ) الْعَتِيقُ ( لَا قُوَّةَ لَهُ وَلَا كَسْبَ ) لِسُقُوطِ نَفَقَتِهِ بِإِعْتَاقِهِ فَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ وَيَحْتَاجُ إلَى الْمَسْأَلَةِ

( أَوْ ) كَانَ ( يَخَافُ مِنْهُ ) إنْ أُعْتِقَ ( زِنًا أَوْ فَسَادَ ) فَيُكْرَهُ عِتْقُهُ وَكَذَا إنْ خِيفَ رِدَّتُهُ وَلُحُوقُهُ بِدَارِ حَرْبٍ ( وَإِنْ عُلِمَ ) مِنْهُ ( أَوْ ظُنَّ ذَلِكَ مِنْهُ حَرُمَ ) ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْحَرَامِ ( وَصَحَّ الْعِتْقُ ) وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ ظَنِّهِ لِصُدُورِ الْعِتْقِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ أَشْبَهَ عِتْقَ غَيْرِهِ

( وَيَحْصُلُ ) الْعِتْقُ ( بِقَوْلٍ ) مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ كَالطَّلَاقِ وَيَنْقَسِمُ الْقَوْلُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ( وَصَرِيحُهُ لَفْظُ عِتْقٍ .
وَ ) لَفْظُ ( حُرِّيَّةٍ ) لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِمَا فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا ( كَيْفَ صُرِفَا ) كَقَوْلِهِ لِقِنِّهِ : أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك أَوْ أَنْتَ عَتِيق أَوْ مُعْتَقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ أَوْ أَعْتَقْتُك فَيُعْتَقُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ .
قَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ لَقِيَ امْرَأَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ : تَنَحِّي يَا حُرَّةُ فَإِذَا هِيَ جَارِيَتُهُ قَالَ : قَدْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ .
وَقَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِخَدَمٍ قِيَامٍ فِي وَلِيمَةٍ مُرُّوا أَنْتُمْ أَحْرَارٌ ، وَكَانَ فِيهِمْ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا .
قَالَ : هَذَا بِهِ عِنْدِي تُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِهِ

( غَيْرَ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ وَاسْمِ فَاعِلٍ ) كَقَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ : حَرِّرْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ ، أَوْ هَذَا مُحَرِّرٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَوْ مُعْتِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ .
فَلَا يُعْتَقُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ أَوْ وَعْدٌ أَوْ خَبَرٌ عَنْ غَيْرِهِ .
وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا صَالِحًا لِلْإِنْشَاءِ وَلَا إخْبَارًا عَنْ نَفْسِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ .
وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ لَوْ قَالَ لَهُ : أَنْتَ عَاتِقٌ عَتَقَ

( وَيَقَعُ ) الْعِتْقُ ( مِنْ هَازِلٍ ) كَالطَّلَاقِ .
وَ ( لَا ) يَقَعُ ( مِنْ نَائِمٍ وَنَحْوِهِ ) كَمُغْمًى عَلَيْهِ وَمَجْنُونٍ وَمُبَرْسَمٍ لِعَدَمِ عَقْلِهِمْ مَا يَقُولُونَ وَكَذَا حَاكٍ وَفَقِيهٍ يُكَرِّرُهُ فَتُعْتَبَرُ إرَادَةُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ لَا نِيَّةُ النَّفَاذِ وَالْقُرْبَةُ

( وَلَا ) يَقَعُ عِتْقٌ ( إنْ ) قَالَ سَيِّدٌ لِرَقِيقِهِ : أَنْتَ حُرٌّ .
وَ ( نَوَى بِالْحُرِّيَّةِ عِفَّتَهُ وَكَرَمَ خُلُقِهِ وَنَحْوَهُ ) كَصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ .
وَكَذَا لَوْ قَالَ : مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ .
أَيْ : إنَّكَ لَا تُطِيعُنِي ، وَلَا تَرَى لِي عَلَيْك حَقًّا وَلَا طَاعَةً ؛ لِأَنَّهُ نَوَى بِكَلَامِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ فَانْصَرَفَ إلَيْهِ .
وَإِنْ طَلَبَ اسْتِحْلَافَهُ حَلَفَ وَوَجْهُ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِمَا أَرَادَهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ تُمْدَحُ بِمِثْلِ هَذَا .
يُقَالُ : امْرَأَةٌ حُرَّةٌ أَيْ : عَفِيفَةٌ .
وَيُقَالُ لِكَرِيمِ الْأَخْلَاقِ حُرٌّ .
قَالَتْ : سُبَيْعَةُ تَرْثِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، وَلَا تَسْأَمَا أَنْ تَبْكِيَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ عَلَى حُرٍّ كَرِيمِ الشَّمَائِلِ

( وَ ) إنْ قَالَ سَيِّدٌ لِرَقِيقِهِ : ( أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَوْ ) أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا ( الْبَلَدِ يُعْتَقُ مُطْلَقًا ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُعْتِقَ فِي زَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَمْ يُعَدَّ رَقِيقًا فِي غَيْرِهِمَا

( وَكِنَايَتُهُ ) أَيْ : الْعِتْقِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا ( مَعَ نِيَّتِهِ ) أَيْ : الْعِتْقِ .
قُلْت : أَوْ قَرِينَةٌ كَسُؤَالِ عِتْقٍ كَالطَّلَاقِ ( خَلَّيْتُك أَوْ أَطْلَقْتُك وَالْحَقْ بِأَهْلِك ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ الْحَاءِ ( وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ وَلَا سَبِيلَ لِي ) عَلَيْك ( أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي ) عَلَيْك ( أَوْ لَا مِلْكَ لِي ) عَلَيْك ( أَوْ لَا رِقَّ لِي ) عَلَيْك ( أَوْ ) لَا ( خِدْمَةَ لِي عَلَيْك ، وَفَكَكْت رَقَبَتَك وَوَهَبْتُك لِلَّهِ ، وَرَفَعْتُ يَدِي عَنْك إلَى اللَّهِ وَأَنْتَ لِلَّهِ أَوْ ) أَنْتَ ( مَوْلَايَ أَوْ ) أَنْتَ ( سَائِبَةً وَمَلَّكْتُك نَفْسَك .
وَ ) مِنْ الْكِنَايَةِ .
قَوْلُ السَّيِّدِ ( لِأَمَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ .
أَوْ ) أَنْتِ ( حَرَامٌ ) .
وَفِي الِانْتِصَارِ .
وَكَذَا اعْتَدِّي .
وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي لَفْظِ الظِّهَارِ ( وَ ) مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ قَوْلُ السَّيِّدِ ( لِمَنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ أَبَاهُ ) مِنْ رَقِيقِهِ بِأَنْ كَانَ السَّيِّدُ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةٍ مَثَلًا .
وَالرَّقِيقُ ابْنَ ثَلَاثِينَ فَأَكْثَرَ ( أَنْتَ أَبِي أَوْ ) قَالَ لِرَقِيقِهِ الَّذِي يُمْكِنُ كَوْنُهُ ابْنَهُ ( أَنْتَ ابْنِي ) فَيُعْتَقُ بِذَلِكَ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ ( وَلَوْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوف ) لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ .

وَ ( لَا ) عِتْقَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ ( لِكِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ) أَيْ : هَذَا الْقَوْلِ ( عِتْقَهُ ) لِتَحَقُّقِ كَذِبِ هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُرِّيَّةٌ كَقَوْلِهِ : هَذَا الطِّفْلُ أَبِي أَوْ الطِّفْلَةُ هَذِهِ أُمِّي .
وَكَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ .
: هَذِهِ ابْنَتِي .
أَوْ قَالَ لَهَا وَهُوَ أَسَنُّ مِنْهُ هَذِهِ أُمِّي لَمْ تَطْلُقْ كَذَلِكَ هُنَا ( كَ ) قَوْلِهِ : لِرَقِيقِهِ ( أَعْتَقْتُك ) مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ ( أَوْ ) أَنْتَ حُرٌّ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ ( وَ ) كَقَوْلِهِ : ( أَنْتِ بِنْتِي لِعَبْدِهِ وَ ) كَقَوْلِهِ ( : أَنْتَ ابْنِي لِأَمَتِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ مَعْلُومٌ كَذِبُهُ ، وَشَرْطُ الْعِتْقِ بِالْقَوْلِ كَوْنُهُ مِنْ مَالِكٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ ( وَ ) يَحْصُلُ الْعِتْقُ ( بِمِلْكٍ ) مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وَغَيْرِهِ ( لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ ) كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ .
وَإِنْ عَلَا وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَأَخِيهِ وَأُخْتِهِ وَوَلَدِهِمَا وَإِنْ نَزَلَ .
وَعَمِّهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالٍ وَخَالَتِهِ وَافَقَهُ فِي دِينِهِ أَوْ لَا .
قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ : هُوَ آكَدُ مِنْ التَّعْلِيقِ .

فَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ ذِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ عَلَى مِلْكِهِ فَمَلَكَهُ عَتَقَ بِمِلْكِهِ لَا بِتَعْلِيقِهِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْمَمْلُوكُ ( حَمْلًا ) كَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَةَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ الْحَامِلَ مِنْهُ .
لِحَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا { مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ } رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَقَالَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَأَمَّا حَدِيثُ { لَا يُجْزِئُ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ : فَقَوْلُهُ : ( فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : ( فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ) بِشِرَائِهِ كَمَا يُقَالُ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ ، وَالضَّرْبُ هُوَ الْقَتْلُ وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَلَا يُعْتَقُ ابْنُ عَمِّهِ وَنَحْوِهِ بِمِلْكِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ .
وَلَا يُعْتَقُ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ كَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَابْنِهِ مِنْ رَضَاعٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي عِتْقِهِمْ وَلَا هُمْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَيَبْقُونَ عَلَى الْأَصْلِ وَكَذَا الرَّبِيبَةُ وَأُمُّ الزَّوْجَةِ وَابْنَتُهَا .
قَالَ الزُّهْرِيُّ : جَرَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ يُبَاعُ الْأَخُ مِنْ الرَّضَاعِ ( وَأَبٌ وَابْنٌ مِنْ زِنًا كَأَجْنَبِيَّيْنِ ) فَلَا عِتْقَ بِمِلْكِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ نَصًّا لِعَدَمِ أَحْكَامِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالْحَجْبِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ ، وَوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ وَثُبُوتِ الْوِلَايَةِ ، وَكَذَا أَخٌ وَنَحْوُهُ مِنْ زِنًا

( وَيُعْتَقُ حَمْلٌ لَمْ يُسْتَثْنَ ) أَيْ : لَمْ يَسْتَثْنِهِ مُعْتِقُ أُمِّهِ ( بِعِتْقِ أُمِّهِ ) لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ .
فَفِي الْعِتْقِ أَوْلَى ( وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ ) أَيْ : الْحَمْلَ رَبُّ الْأَمَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ مُوصًى بِحَمْلِهَا لِغَيْرِهِ فَأَعْتَقَهَا فَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى الْحَمْلِ ( إنْ كَانَ ) مُعْتِقُهَا ( مُوسِرًا ) بِقِيمَةِ الْحَمْلِ يَوْمَ عِتْقِهِ كَفِطْرَةٍ ( وَيَضْمَنُ ) مُعْتِقُهَا ( قِيمَتَهُ ) أَيْ : الْحَمْلِ ( لِمَالِكِهِ ) الْمُوصَى لَهُ بِهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ حَيًّا ، فَإِنْ اسْتَثْنَى الْحَمْلَ مُعْتِقُ أُمِّهِ لَمْ يُعْتَقْ .
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ .
قَالَ أَحْمَدُ .
: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْعِتْقِ .
وَلَا أَذْهَبُ إلَيْهِ فِي الْبَيْعِ .
وَلِحَدِيثِ { الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ } وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ فِي أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمُعَوَّضِ لِيُعْلَمَ هَلْ يُقَابِلُ الْعِوَضَ أَوْ لَا

( وَيَصِحُّ عِتْقُهُ ) أَيْ : الْحَمْلِ ( دُونَهَا ) أَيْ : دُونَ أُمِّهِ نَصًّا ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَرِدِ ، وَلِهَذَا تُورَثُ عَنْهُ الْغُرَّةُ إذَا ضَرَبَ بَطْنَ أُمِّهِ فَأَسْقَطَتْهُ كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ ، وَيَرِثُ

( وَمَنْ مَلَكَ بِغَيْرِ إرْثٍ ) كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَغَنِيمَةٍ ( جُزْءًا ) كَثِيرًا .
أَوْ قَلِيلًا ( مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ ) بِمِلْكٍ ( وَهُوَ ) أَيْ : الْمَالِكُ لِلْجُزْءِ ( مُوسِرٌ بِقِيمَةٍ بَاقِيَةٍ فَاضِلَةٍ ) عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ ( كَفِطْرَةٍ ) أَيْ : عَنْ نَفَقَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ نَحْوِ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ ( يَوْمَ مِلْكِهِ ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوسِرٍ ( عَتَقَ ) عَلَيْهِ ( كُلُّهُ وَعَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ جُزْءَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِ كُلِّهِ ) فَيُقَوَّمُ كَامِلًا لَا عِتْقَ فِيهِ وَتُؤْخَذُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مِنْهَا لِفِعْلِهِ سَبَبَ الْعِتْقِ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَقَصْدًا إلَيْهِ ، فَسَرَى وَلَزِمَهُ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ مُوسِرًا بِقِيمَةِ بَاقِيهِ كُلِّهِ ( عَتَقَ مَا يُقَابِلُ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ ) مِمَّنْ مَلَكَ جُزْأَهُ بِغَيْرِ الْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَتَقَ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ فَقَطْ ( وَ ) إنْ مَلَكَ جُزْأَهُ ( بِإِرْثٍ لَمْ يَعْتِقْ ) عَلَيْهِ ( إلَّا مَا ) أَيْ : الْجُزْءُ الَّذِي ( مَلَكَهُ وَلَوْ ) كَانَ ( مُوسِرًا ) بِقِيمَةِ بَاقِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ إلَى إعْتَاقِهِ لِحُصُولِ مِلْكِهِ بِدُونِ فِعْلِهِ وَقَصْدِهِ

( وَمَنْ ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ ( مَثَّلَ ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ .
قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ مَثَّلْتُ بِالْحَيَوَانِ أُمَثِّلُ تَمْثِيلًا إذَا قَطَعْت أَطْرَافَهُ وَالْعَبْدُ إذَا جَدَعْتَ أَنْفَهُ وَنَحْوَهُ ( وَلَوْ ) كَانَ التَّمْثِيلُ ( بِلَا قَصْدٍ بِرَقِيقِهِ فَجَدَعَ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ أَوْ نَحْوُهُمَا ) كَمَا لَوْ خَصَاهُ ( أَوْ خَرَقَ ) عُضْوًا مِنْهُ كَكَفِّهِ بِنَحْوِ مِسَلَّةٍ ( أَوْ حَرَّقَ ) بِالنَّارِ ( عُضْوًا مِنْهُ ) كَإِصْبَعِهِ ( عَتَقَ ) نَصًّا بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ { أَنَّ زِنْبَاعًا أَبَا رَوْحٍ وَجَدَ غُلَامًا لَهُ مَعَ جَارِيَتِهِ .
فَقَطَعَ ذَكَرَهُ وَجَدَعَ أَنْفَهُ .
فَأَتَى الْعَبْدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ .
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا حَمَلَك عَلَى مَا فَعَلْت ؟ قَالَ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا .
قَالَ : اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ( وَلَهُ ) أَيْ : سَيِّدُ الْعَتِيق بِالتَّمْثِيلِ ( وَلَاؤُهُ ) نَصًّا لِعُمُومِ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } ( وَكَذَا لَوْ اسْتَكْرَهَهُ ) أَيْ : الْقِنَّ سَيِّدُهُ ( عَلَى الْفَاحِشَةِ ) بِأَنْ فَعَلَهَا بِهِ مُكْرَهًا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُثْلَةِ ( أَوْ وَطِئَ ) سَيِّدٌ أَمَةً ( مُبَاحَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لِصِغَرٍ فَأَفْضَاهَا ) أَيْ : خَرَقَ مَا بَيْنَ سَبِيلَيْهَا فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ .

قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ : وَلَوْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ ، وَسَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ وَضَمِنَ قِيمَةَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ( وَلَا عِتْقَ بِخَدْشٍ وَضَرْبٍ وَلَعْنٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَلَا قِيَاسَ يَقْتَضِيه

( وَمَالُ مُعْتِقٍ بِغَيْرِ أَدَاءٍ ) مِنْ قِنٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ بِخِلَافِ مُكَاتَبٍ أَدَّى مَا عَلَيْهِ فَبَاقِي مَا بِيَدِهِ لَهُ ( عِنْدَ عِتْقٍ لِسَيِّدٍ ) مُعْتِقٍ لَهُ .
رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَنَسٍ .
لِحَدِيثِ الْأَثْرَمِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّهُ قَالَ لِغُلَامِهِ عُمَيْرٍ : ( يَا عُمَيْرُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَك عِتْقًا هَنِيئًا فَأَخْبِرْنِي بِمَالِكَ .
فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ غُلَامَهُ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِمَالٍ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ } ( وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ كَانَ لِسَيِّدِهِ .
فَأَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا فَبَقِيَ مِلْكُهُ الْآخَرُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ .
وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَالْمَالُ لِلْعَبْدِ } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ قَالَ أَحْمَدُ يَرْوِيه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ كَانَ صَاحِبَ فِقْهٍ .
فَأَمَّا الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ بِالْقَوِيِّ .

فَصْلٌ وَمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مُشَاعًا كَنِصْفٍ وَنَحْوِهِ كَعُشْرٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ ( أَوْ ) أَعْتَقَ جُزْءًا ( مُعَيَّنًا ) كَيَدٍ وَرِجْلٍ وَإِصْبَعٍ وَنَحْوِهَا ( غَيْرَ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ وَنَحْوِهَا ) كَدَمْعٍ وَعَرَقٍ وَرِيقٍ وَلَبَنٍ وَمَنِيٍّ وَبَيَاضٍ وَسَوَادٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَلَمْسٍ وَذَوْقٍ ( مِنْ رَقِيقٍ ) يَمْلِكُهُ ( عَتَقَ كُلُّهُ ) لِحَدِيثِ { مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالٍ } وَكَالطَّلَاقِ ، وَلِأَنَّ مَبْنَى الْعِتْقِ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( وَمَنْ أَعْتَقَ كُلَّ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ( وَلَوْ ) كَانَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ ( أُمَّ وَلَدٍ ) بِأَنْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَّةُ بِهِمَا فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِمَا كَمَا يَأْتِي ( أَوْ ) كَانَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ ( مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ الْمُعْتِقُ لَهُ كَافِرًا أَوْ ) لَمْ يُعْتِقْهُ كُلَّهُ بَلْ أَعْتَقَ ( نَصِيبَهُ ) مِنْهُ فَقَطْ .
أَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ نَصِيبِهِ بِأَنْ كَانَ لَهُ فِيهِ نِصْفُهُ فَأَعْتَقَ رُبُعَهُ ( وَهُوَ ) أَيْ : الْمُعْتِقُ ( يَوْمَ عِتْقِهِ ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ( مُوسِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ ) لَهُ فِطْرَةٌ ( بِقِيمَةِ بَاقِيهِ ) أَيْ : حَقِّ شَرِيكِهِ فِيهِ ( عَتَقَ كُلُّهُ عَلَى مُعْتِقِ ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ ( وَلَوْ مَعَ رَهْنِ شِقْصِ الشَّرِيكِ ) وَكَوْنُهُ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ : الْمُعْتِقِ ( قِيمَتُهُ ) أَيْ : الشِّقْصِ الْمَرْهُونِ لِغَيْرِهِ تُجْعَلُ رَهْنًا ( مَكَانُهُ ) بِيَدِ مُرْتَهِنٍ .
لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ ، فَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا قَدْ عَتَقَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

( وَيَضْمَنُ شِقْصَ ) عِتْقٍ عَلَى شَرِيكٍ بِالسِّرَايَةِ ( مِنْ مُكَاتَبٍ ) بِالْحِصَّةِ ( مِنْ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا ) يَوْمَ عِتْقِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّفْوِيتِ عَلَى رَبِّهِ ، وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ شَرِيكٍ لِنَصِيبِهِ بَعْدَ سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا بِعِتْقِ الْأَوَّلِ لَهُ .
وَتَسْتَقِرُّ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ مُوسِرًا بِقِيمَةِ بَاقِيهِ كُلِّهِ ( فَ ) لَا يُعْتَقُ مِنْ شِقْصِ شَرِيكِهِ إلَّا ( مَا قَابَلَ مَا هُوَ ) أَيْ : الْمُعْتِقُ ( مُوسِرٌ بِهِ ) مِنْ قِيمَتِهِ ( وَالْمُعْسِرُ يُعْتَقُ حَقُّهُ ) إذَا أَعْتَقَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ ( فَقَطْ وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا قَدْ عَتَقَ } وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ رَجَعَا إلَى قَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ .
فَإِنْ كَانَ الرَّقِيقُ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ تَأَخَّرَ تَقْوِيمُهُ زَمَنًا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْقِيَمُ فَقَوْلُ مُعْتِقٍ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا زَادَ عَنْ قَوْلِهِ : كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ تُوجِبُ زِيَادَةَ قِيمَتِهِ إلَّا إنْ كَانَ الْقِنُّ يُحْسِنُهَا وَلَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ تَعَلُّمُهَا فِيهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ فَقَوْلُ شَرِيكٍ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِالْعَيْبِ

( وَمَنْ لَهُ نِصْفُ قِنٍّ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِثَالِثٍ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ مُوسِرَانِ مِنْهُمْ ) أَيْ : الشُّرَكَاءِ ( حَقَّهُمَا مِنْهُ مَعًا ) بِأَنْ وَكَّلَا فِي عِتْقِهِ وَاحِدًا أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَأَعْتَقَهُ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ ( تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِ الْبَاقِي ) أَيْ : حَقِّ الشَّرِيكِ الثَّالِث ؛ لِأَنَّ عِتْقَ نَصِيبِ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا إتْلَافٌ لِرِقِّهِ وَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ ( وَ ) تَسَاوَيَا فِي ( وَلَائِهِ ) أَيْ : حَقِّ الثَّالِثِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي عِتْقِهِ عَلَيْهِمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُعْتَقِينَ مُوسِرًا فَقَطْ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ نَصِيبُ الثَّالِث وَلَهُ وَحْدَهُ وَلَاؤُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ لَا يَسْرِي عِتْقُهُ

( وَ ) قَوْلُ شَرِيكٍ فِي رَقِيقٍ ( أَعْتَقْتُ نَصِيبَ شَرِيكِي لَغْوٌ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصَرُّفَ لَهُ فِيهِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَالْوَكَالَةِ فِيهِ ( كَقَوْلِهِ لِقِنِّ غَيْرِهِ : أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي أَوْ ) أَنْتَ حُرٌّ ( فِيهِ ) أَيْ : مَالِي فَلَا يُعْتَقُ عَلَى قَائِلٍ ( وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصَرُّفَ لَهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ

( وَ ) إنْ قَالَ شَرِيكٌ فِي رَقِيقٍ : ( أَعْتَقْت النَّصِيبَ يَنْصَرِفُ إلَى مِلْكِهِ ) مِنْ الرَّقِيقِ ( ثُمَّ يَسْرِي ) إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا بِقِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ نَصِيبَهُ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي دَارٍ بَيْنَهُمَا قَالَ أَحَدُهُمَا : بِعْتُك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ لَا يَجُوزُ إنَّمَا لَهُ الرُّبُعُ مِنْ النِّصْفِ حَتَّى يَقُولَ نَصِيبِي

( وَلَوْ وَكَّلَ شَرِيكٌ شَرِيكَهُ ) فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ( فَأَعْتَقَ ) الْوَكِيلُ ( نِصْفَهُ ) أَيْ : الْقِنِّ ( وَلَا نِيَّةَ ) لَهُ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ نِصْفَ نَفْسِهِ وَلَا نِصْفَ مُوَكِّلِهِ ( انْصَرَفَ ) الْعِتْقُ ( إلَى نَصِيبِهِ ) أَيْ : الْمُعْتِقِ دُونَ مُوَكِّلِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَنْوِيَهُ لِمُوَكِّلِهِ ( وَأَيُّهُمَا ) أَيْ : الشَّرِيكَيْنِ ( سَرَى عَلَيْهِ الْعِتْقُ ) بِعِتْقِ النِّصْفِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ شَرِيكِهِ ( لَمْ يَضْمَنْهُ ) أَيْ : نَصِيبَ الشَّرِيكِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَاهُ مَعًا .

( وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْ شَرِيكَيْنِ ( مُوسِرَيْنِ إنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ ) مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا ( عَتَقَ الْمُشْتَرَكُ لِاعْتِرَافِ كُلٍّ ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ ( بِحُرِّيَّتِهِ فَصَارَ كُلٌّ مُدَّعِيًا عَلَى شَرِيكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهِ ) فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا .
( وَ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ ( يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا ) لِلْآخَرِ ( لِلسِّرَايَةِ ) فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا تَسَاقَطَ حَقَّاهُمَا لِتَمَاثُلِهِمَا ( وَوَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ) دُونَهُمَا ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَدَّعِيه أَشْبَهَ الْمَالَ الضَّائِعَ ( مَا لَمْ يَعْتَرِفْ أَحَدٌ بِعِتْقِ ) كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ ( فَيَثْبُتُ لَهُ ) وَلَاؤُهُ ( وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ ) أَيْ : قِيمَةَ حِصَّتِهِ لِاعْتِرَافِهِ وَسَوَاءٌ كَانَا عَدْلَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الِاعْتِرَافِ وَالدَّعْوَى

( وَيَعْتِقُ حَقَّ ) شَرِيكٍ ( مُعْسِرٍ فَقَطْ مَعَ يَسْرَةِ ) الشَّرِيكِ ( الْآخَرِ ) إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ لِاعْتِرَافِ الْمُعْسِرِ أَنَّ نَصِيبَهُ صَارَ حُرًّا بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ الْمُوسِرِ لِسِرَايَةِ عِتْقِهِ إلَى حِصَّةِ الْمُعْسِرِ وَأَمَّا الْمُوسِرُ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ الْمُعْسِرَ الَّذِي يَسْرِي عِتْقُهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَعَتَقَ وَحْدَهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعْسِرِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِإِيجَابِ قِيمَةِ حِصَّتِهِ لَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ بَيِّنَةٌ سِوَاهُ حَلَفَ الْمُوسِرُ وَبَرِئَ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُعْسِرِ فِي نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ وَلَا لِلْمُوسِرِ أَيْضًا ، فَإِنْ عَادَ الْمُعْسِرُ فَاعْتَرَفَ بِالْعِتْقِ ثَبَتَ لَهُ وَلَاءُ حِصَّتِهِ وَإِنْ عَادَ الْمُوسِرُ فَاعْتَرَفَ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُعْسِرُ مَعَ إنْكَارِ الْمُعْسِرِ لِعِتْقِ نَصِيبِهِ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ أَيْضًا وَعَلَى الْمُوسِرِ غَرَامَةُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ وَلَهُ الْوَلَاءُ عَلَى جَمِيعِهِ ( وَمَعَ عُسْرَتِهِمَا ) أَيْ : الشَّرِيكَيْنِ الْمُدَّعِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْآخَرَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ ( لَا يُعْتَقُ مِنْهُ ) أَيْ : الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ ( شَيْءٌ ) ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْمُعْسِرِ لَا يَسْرِي إلَى شَرِيكِهِ فَلَا اعْتِرَافَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِعِتْقِ نَصِيبِهِ وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى شَرِيكِهِ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ ، فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا ( وَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ فَشَهِدَا ) أَيْ : شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى شَرِيكِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ ( فَمَنْ حَلَفَ مَعَهُ ) أَيْ : الرَّقِيقِ ( الْمُشْتَرَكِ ) بَيْنَهُمَا ( عَتَقَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا إلَى نَفْسِهِ وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا ضَرَرًا فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُشْتَرَكُ مَعَ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْصُلُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ بِلَا

يَمِينٍ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَدْلًا دُونَ الْآخَرِ حَلَفَ مَعَ شَهَادَةِ الْعَدْلِ وَصَارَ نِصْفُهُ حُرًّا ( وَأَيُّهُمَا ) أَيْ : الشَّرِيكَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ ( مَلَكَ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ الْمُعْسِرِ شَيْئًا عَتَقَ ) عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( وَلَمْ يَسْرِ ) الْعِتْقُ ( إلَى نَصِيبِهِ ) خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ لِمَا مَلَكَهُ حَصَلَ بِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي إعْتَاقَهُ بَلْ يَعْتَرِفُ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُخَلِّصٌ لَهُ مِمَّنْ يَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ ، وَإِنْ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ وَصَدَّقَ الْآخَرَ فِي شَهَادَتِهِ بَطَلَ الْبَيِّعَانِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ وَلَاءُ نِصْفِهِ ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُنَازِعُ فِيهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُصَدِّقُ الْآخَرَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ

( وَمَنْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ : إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ ) أَيْ : أَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْمُوسِرُ نَصِيبَهُ ( عَتَقَ الْبَاقِي ) مِنْ الْمُشْتَرَكِ ( بِالسِّرَايَةِ عَلَيْهِ مَضْمُونًا ) عَلَى الْمُوسِرِ بِقِيمَتِهِ لِسَبْقِ السِّرَايَةِ فَمَنَعَتْ عِتْقَ الشَّرِيكِ الْمُعَلَّقِ ، وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْمُوسِرِ ( وَإِنْ كَانَ ) الْمَقُولُ لَهُ إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ ( مُعْسِرًا ) وَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ ( عَتَقَ عَلَى كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( نَصِيبُهُ ) الْمُبَاشِرُ بِالتَّنْجِيزِ وَالْآخَرُ بِالتَّعْلِيقِ

( وَإِنْ ) قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ ( : إنْ أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِك فَفَعَلَ ) أَيْ : أَعْتَقَ نَصِيبَهُ ( عَتَقَ ) الْمُشْتَرَكُ ( عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا ) أَيْ : مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ لِوُجُودِ الْعِتْقِ مِنْهُمَا مَعًا كَمَا لَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ

وَإِنْ قَالَ : إنْ أَعْتَقْتُ نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَ إعْتَاقِك فَأَعْتَقَ مَقُولٌ لَهُ نَصِيبَهُ وَقَعَ عِتْقُهُمَا مَعًا وَلَا ضَمَانَ .

( وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ : إنْ صَلَّيْت مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ فَصَلَّتْ كَذَلِكَ ) أَيْ : مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ ( عَتَقَتْ ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَغَا قَوْلُهُ قَبْلَهُ

( وَ ) مَنْ قَالَ لِقِنِّهِ ( : إنْ أَقْرَرْتُ بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ فَأَقَرَّ بِهِ لَهُ ) أَيْ : لِزَيْدٍ ( صَحَّ إقْرَارُهُ ) لَهُ ( فَقَطْ ) دُونَ الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ

( وَ ) إنْ قَالَ لِقِنِّهِ ( : إنْ أَقْرَرْتُ بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ سَاعَةَ إقْرَارِي فَفَعَلَ ) أَيْ : أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ ( لَمْ يَصِحَّا ) أَيْ : لَا الْإِقْرَارُ وَلَا الْعِتْقُ لِتَنَافِيهِمَا

( وَيَصِحُّ شِرَاءُ شَاهِدَيْنِ ) أَوْ أَحَدِهِمَا ( مِنْ ) أَيْ : رَقِيقٍ ( رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا ) عَلَى سَيِّدِهِ ( بِعِتْقِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِمَا كَانْتِقَالِهِ ) أَيْ : مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا بِعِتْقِهِ ( لَهُمَا بِغَيْرِ شِرَاءٍ ) كَهِبَةٍ وَلَا وَلَاءَ لَهُمَا عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّ الْمُعْتِقَ غَيْرُهُمَا وَأَنَّهُمَا مُخَلِّصَانِ لَهُ مِمَّنْ يَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا ( وَمَتَى رَجَعَ بَائِعٌ ) فَاعْتَرَفَ بِعِتْقِهِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَيْهِ مَعَ رَدِّ الشَّهَادَةِ ( رَدَّ ) الْبَائِعُ ( مَا أَخَذَهُ ) ثَمَنًا لِاعْتِرَافِهِ بِقَبْضِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ( وَاخْتَصَّ بِإِرْثِهِ ) بِالْوَلَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ بَقِيَ الشَّاهِدَانِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا ( وَيُوقَفُ ) إرْثُهُ ( إنْ رَجَعَ الْكُلُّ ) أَيْ : الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعِتْقِهِ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَنْ إنْكَارِهِ الْعِتْقَ بَعْدَ بَيْعِهِ ( حَتَّى يَصْطَلِحَا ) عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمْ ( وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدٌ ) مِنْهُمْ بِأَنْ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَنْ إنْكَارِ عِتْقِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ ( فَ ) إرْثُهُ ( لِبَيْتِ الْمَالِ ) لِإِقْرَارِ كُلٍّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَشْبَهَ سَائِرَ الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ .

فَصْلٌ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ ( كَ ) قَوْلِهِ : ( إنْ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ ) ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ وَكَذَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ رَأْسُ الْحَوْلِ وَنَحْوُهُ وَلَا يَعْتِقُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ بِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا كَالطَّلَاقِ ( وَلَا يَمْلِكُ ) السَّيِّدُ ( إبْطَالَهُ ) أَيْ : التَّعْلِيقَ ( مَا دَامَ مِلْكُهُ ) عَلَى الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لَازِمَةٌ أَلْزَمَهَا نَفْسَهُ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا بِالْقَوْلِ كَالنَّذْرِ وَلَوْ اتَّفَقَ السَّيِّدُ وَالرَّقِيقُ عَلَى إبْطَالِهِ لَمْ يَبْطُلْ بِذَلِكَ ( وَلَا يَعْتِقُ ) مَقُولٌ لَهُ إنْ أَعْطَيْتَنِي أَوْ أَدَّيْتَ لِي أَلْفًا ( بِإِبْرَاءِ ) سَيِّدِهِ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُبْرِئَهُ مِنْهُ وَلَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ بِذَلِكَ .
( وَ ) إنْ أَدَّى مَقُولٌ لَهُ ذَلِكَ ( أَلْفًا عَتَقَ وَمَا فَضُلَ عَنْهُ ) أَيْ : الْأَلْفِ بِيَدِ رَقِيقٍ ( فَلِسَيِّدِهِ ) كَالْمُنَجَّزِ عِتْقُهُ وَمَا يَكْتَسِبُهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِسَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُهُ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ يَحْسِبُ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأَلْفِ فَإِذَا كَمُلَ أَدَاؤُهُ عَتَقَ وَلَا يَكْفِيه إعْطَاؤُهُ مِنْ مِلْكِهِ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ

( وَلَهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( أَنْ يَطَأَ ) أَمَةً عَلَّقَ عِتْقَهَا بِصِفَةٍ قَبْلَ وُجُودِهَا ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعِتْقِ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ إبَاحَةَ الْوَطْءِ كَالِاسْتِيلَادِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهَا اشْتَرَتْ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَمَلَكَتْ أَكْسَابَهَا وَمَنَافِعَهَا

( وَ ) لِلسَّيِّدِ أَنْ ( يَقِفْ ) رَقِيقًا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ قَبْلَهَا .
( وَ ) أَنْ ( يَنْقُلَ مِلْكَ مَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ ) بِصِفَةٍ ( قَبْلَهَا ) ثُمَّ إنْ وُجِدَتْ وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ لَمْ يَعْتِقْ لِحَدِيثِ { لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ وَلَا بَيْعَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ } وَلِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ عِتْقُهُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ ( وَإِنْ عَادَ مِلْكُهُ ) أَيْ : الْمُعَلَّقُ بِشِرَائِهِ أَوْ إرْثِهِ وَنَحْوِهِ ( وَلَوْ بَعْدَ وُجُودِهَا ) أَيْ : الصِّفَةِ ( حَالَ زَوَالِهِ ) أَيْ : مِلْكِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ( عَادَتْ ) الصِّفَةُ فَيُعْتَقُ إنْ وُجِدَتْ فِي مِلْكِهِ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ وُجِدَا فِي مِلْكِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا زَوَالُ مِلْكٍ وَلَا وُجُودُ صِفَةٍ حَالَ زَوَالٍ وَلَا يُعْتَقُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ بِكَمَالِهَا كَالْجُعَلِ فِي الْجَعَالَةِ

( وَيَبْطُلُ ) التَّعْلِيقُ ( بِمَوْتِهِ ) أَيْ : الْمُعَلَّقِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ زَوَالًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْعَوْدِ ( فَقَوْلُهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ لِرَقِيقِهِ ( إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ لَغْوٌ ) كَقَوْلِهِ : لِعَبْدِ غَيْرِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَكَقَوْلِهِ : إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ بَيْعِي لَكَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَلِأَنَّهُ إعْتَاقٌ لَهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُعْتَقْ بِهِ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ ( وَيَصِحُّ ) قَوْلُ مَالِكِ رَقِيقٍ لَهُ ( أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ) كَمَا لَوْ وَصَّى بِإِعْتَاقِهِ ، أَوْ بِأَنْ تُبَاعَ سِلْعَتُهُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا ( فَلَا يَمْلِكُ وَارِثٌ بَيْعَهُ ) أَيْ : الرَّقِيقِ الْمَقُولِ لَهُ ذَلِكَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ : مُضِيِّ الشَّهْرِ ( كَ ) مَا لَا يَمْلِكُ وَارِثٌ بَيْعَ ( مُوصًى بِعِتْقِهِ ) أَيْ : الرَّقِيقِ الْمَقُولِ لَهُ ذَلِكَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ : قَبْلَ عِتْقِهِ ( أَوْ ) أَيْ : وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَ مُوصًى بِهِ ( لِمُعَيَّنٍ قَبْلَ قَبُولِهِ ) أَيْ : الْمُوصَى لَهُ بِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ ( وَكَسْبِهِ ) أَيْ : الْمَقُولِ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرَيْنِ ( بَعْدَ الْمَوْتِ ) أَيْ : مَوْتِ سَيِّدِهِ ( وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لِلْوَرَثَةِ ) كَكَسْبِ أُمِّ الْوَلَدِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا

( وَكَذَا ) قَوْلُ سَيِّدٍ لِرَقِيقِهِ : ( اخْدِمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ ) فَيُعْتَقُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ ( فَلَوْ أَبْرَأَهُ زَيْدٌ مِنْ الْخِدْمَةِ ) بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ ( عَتَقَ فِي الْحَالِ ) أَيْ : حَالَ إبْرَاءِ زَيْدٍ لَهُ مِنْ الْخِدْمَةِ لِبَرَاءَتِهِ مِنْهَا بِهِبَتِهَا لَهُ ( وَإِنْ جَعَلَهَا ) أَيْ : الْخِدْمَةَ ( لِكَنِيسَةٍ ) بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ : اخْدِمْ الْكَنِيسَةَ سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ ( وَهُمَا ) أَيْ : السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ ( كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَهَا ) أَيْ : قَبْلَ خِدْمَتِهَا السَّنَةَ وَبَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ ( عَتَقَ مَجَّانًا ) أَيْ : فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخِدْمَةِ الْمَشْرُوطَةِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا فَبَطَلَ اشْتِرَاطُهَا كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْبَاطِلَةِ

( وَ ) مَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ ( : إنْ خَدَمْت ابْنِي حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَخَدَمَهُ حَتَّى كَبِرَ وَاسْتَغْنَى عَنْ رَضَاعٍ عَتَقَ ) وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ زَمَنِ الْخِدْمَةِ فَمَنْ قَالَ لِقِنِّهِ : أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَ زَيْدًا مُدَّةَ حَيَاتِك صَحَّ لِحَدِيثِ سَفِينَةَ قَالَ : ( كُنْتُ مَمْلُوكًا لِأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ : أَعْتَقْتُكَ وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْك أَنْ تَخْدُمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْتَ فَقُلْت : إنْ لَمْ تَشْتَرِطِي عَلَيَّ مَا فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْتُ فَأَعْتِقِينِي وَاشْتَرِطِي عَلَيَّ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّ الْقِنَّ وَمَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ وَاسْتَثْنَى مَنَافِعَهُ فَقَدْ أَخْرَجَ الرَّقَبَةَ وَبَقِيَتْ الْمَنْفَعَةُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ عِلْمُ زَمَنِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالثَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا

( وَ ) مَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ ( : إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَفَعَلَهُ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ : إنْ صَلَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَصَلَّى ( فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا ) لِوُجُودِ شَرْطِ التَّدْبِيرِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ لَمْ يُعْتَقْ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ظَرْفًا لِوُقُوعِ الْحُرِّيَّةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي سَبْقَ وُجُودِ شَرْطِهَا ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ الْجَزَاءَ

( وَيَصِحُّ ) مِنْ حُرٍّ ( لَا مِنْ رَقِيقٍ تَعْلِيقُ عِتْقِ قِنِّ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ نَحْوِ ) قَوْلِهِ : ( إنْ مَلَكْت فُلَانًا ) فَهُوَ حُرٌّ ( أَوْ ) قَوْلِهِ : ( كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ ) فَإِذَا مَلَكَهُ عَتَقَ لِإِضَافَةِ الْعِتْقِ إلَى حَالٍ يَمْلِكُ عِتْقَهُ فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الطَّلَاقُ .
وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ لِلَّهِ وَلَيْسَ فِيهِ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا قَالَهُ رَقِيقٌ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ حِينَ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ فَهُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَلِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ .

وَ ( لَا ) يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِ قِنِّ غَيْرِهِ ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ : غَيْرِ مِلْكِهِ لَهُ ( نَحْوَ ) قَوْلِهِ : ( إنْ كَلَّمْتُ عَبْدَ زَيْدٍ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يُعْتَقُ إنْ مَلَكَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِتَنْجِيزِهِ فَلَمْ يُعْتَقْ بِتَعْلِيقِهِ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْعِتْقِ

( وَ ) إنْ قَالَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ ( أَوَّلُ ) قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ ( أَوْ ) قَالَ ( : آخِرُ قِنٍّ ) أَمْلِكُهُ حُرٌّ ( أَوْ ) قَالَ : أَوَّلُ أَوْ آخِرُ مَنْ ( يَطْلُعُ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ فَلَمْ يَمْلِكْ ) إلَّا وَاحِدًا عَتَقَ ( أَوْ ) لَمْ ( يَطْلُعْ إلَّا وَاحِدٌ عَتَقَ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ ، وَلَا مِنْ شَرْطِ الْآخَرِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ أَوَّلٌ .
وَلِذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ( وَلَوْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا .
أَوَّلًا وَآخِرًا ) عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ وَكَذَا لَوْ طَلَعَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعًا نَصًّا

( أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ : أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ ) وَلَدَيْنِ ( حَيَّيْنِ مَعًا عَتَقَ وَاحِدٌ ) مِنْهُمَا ( بِقُرْعَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُمَا غَيْرُهُمَا فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ فِيهِمَا فَإِمَّا أَنْ يُعْتَقَا أَوْ يُعْتَقَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُعَيَّنَ بِقُرْعَةٍ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ الْمُعَلَّقُ إنَّمَا أَرَادَ عِتْقَ وَاحِدٍ فَقَطْ .
( وَ ) إنْ قَالَ لِأَمَتِهِ ( آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا لَمْ يُعْتَقْ الْأَوَّلُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ فِيهِ ( وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ وَلَدَتْ ) وَلَدًا ( حَيًّا عَتَقَ الثَّانِي ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ فِيهِ ( وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَشْكَلَ الْآخَرُ ) مِنْهُمَا ( أُخْرِجَ بِقُرْعَةٍ ) لِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا الْعِتْقَ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ

( وَ ) إنْ قَالَ لِأَمَتِهِ ( : أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ أَوْ ) قَالَ : ( إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ ) وَلَدَتْ وَلَدًا ( حَيًّا لَمْ يُعْتَقْ الْحَيُّ ) ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ إنَّمَا وُجِدَتْ فِي الْمَيِّتِ وَلَيْسَ مَحِلَّ الْعِتْقِ فَانْحَلَّتْ بِهِ الْيَمِينُ

( وَ ) إنْ قَالَ لِإِمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ( أَوَّلُ أَمَةٍ ) لِي تَطْلُعُ ( أَوْ ) أَوَّلُ ( امْرَأَةٍ لِي تَطْلُعُ ) فَالْأَمَةُ ( حُرَّةٌ أَوْ ) الْمَرْأَةُ ( طَالِقٌ فَطَلَعَ الْكُلُّ ) مِنْ إمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ مَعًا ( أَوْ ) طَلَعَ ( ثِنْتَانِ ) مِنْهُنَّ ( مَعًا عَتَقَ ) مِنْ الْإِمَاءِ وَاحِدَةً بِقُرْعَةٍ ( وَطَلُقَ ) مِنْ الزَّوْجَاتِ ( وَاحِدَةٌ بِقُرْعَةٍ ) لِمَا تَقَدَّمَ

( وَ ) إنْ قَالَ : ( آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبِيدًا ثُمَّ مَاتَ فَآخِرُهُمْ حُرٌّ مِنْ حِينِ شِرَائِهِ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ فِيهِ وَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ مَا دَامَ السَّيِّدُ حَيًّا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ قِنًّا بَعْدَ الَّذِي فِي مِلْكِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْآخَرُ فَإِذَا مَاتَ عُلِمَ يَقِينًا آخِرُ مَا اشْتَرَاهُ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ ( وَكَسْبُهُ ) أَيْ : الَّذِي تَبَيَّنَ عِتْقُهُ ( لَهُ ) مِنْ حِين شِرَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ

( وَيَحْرُمُ ) عَلَى مَنْ قَالَ : آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ ( وَطْءُ أَمَةٍ ) اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ ( حَتَّى يَمْلِكَ غَيْرَهَا ) لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَمْلِكَ بَعْدَهَا قِنًّا فَتَكُونُ حُرَّةً مِنْ حِينِ شِرَائِهَا ، فَيَكُونُ وَطْؤُهُ فِي حُرَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَا يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ إلَّا بِشِرَائِهِ غَيْرَهَا وَمَنْ قَالَ لِقِنِّهِ : إنْ لَمْ أَضْرِبْك عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ مَثَلًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَقْتًا لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّ وَلَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ ( وَيَتْبَعُ مُعْتَقَةٍ بِصِفَةٍ ) عُلِّقَ عِتْقُهَا عَلَيْهَا ( وَلَدُهَا ) فَيُعْتَقُ بِعِتْقِهَا ( إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ حَالَ عِتْقِهَا ) بِوُجُودِ الصِّفَةِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وُجِدَ فِيهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ أَشْبَهَتْ الْمُنَجَّزَ عِتْقُهَا ( أَوْ ) كَانَتْ حَامِلًا بِهِ ( حَالَ تَعْلِيقِهِ ) أَيْ : الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ التَّعْلِيقِ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا فَسَرَى التَّعْلِيقُ إلَيْهِ .
فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ حَيٌّ عَتَقَ كَأُمِّهِ كَمَا لَوْ عَتَقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ وَ ( لَا ) يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ ( مَاءٌ ) أَيْ : وَلَدٌ ( حَمَلَتْهُ وَوَضَعَتْهُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ : بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ ؛ لِأَنَّهَا .
لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حَالَ التَّعَلُّقِ وَلَا حَالَ الْعِتْقِ

( وَ ) إنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ ( أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ .
يُعْتَقُ بِلَا شَيْءٍ ) عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَجَعَلَ عَلَيْهِ عِوَضًا لَمْ يَقْبَلْهُ فَعَتَقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ

( وَ ) إنْ قَالَ لَهُ : أَنْتَ حُرٌّ ( عَلَى أَلْفٍ أَوْ ) أَنْتَ حُرٌّ ( بِأَلْفٍ أَوْ ) أَنْتَ حُرٌّ ( عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا أَوْ ) قَالَ لَهُ ( : بِعْتُك نَفْسَك بِأَلْفٍ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَقْبَلَ ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضٍ فَلَا يُعْتَقُ بِدُونِ قَبُولِهِ وَ ( عَلَى ) تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْعِوَضِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُك عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا } وَقَالَ { : فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا } وَنَحْوَهُ

( وَ ) إنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ ( : أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً ) وَنَحْوِهَا ( يُعْتَقُ ) فِي الْحَالِ ( بِلَا قَبُولِ ) الْقِنِّ ( وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةِ حَيَاتِهِ أَوْ ) اسْتَثْنَى ( نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً ) فَيَصِحُّ لِخَبَرِ سَفِينَةَ ( وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا ) أَيْ : الْخِدْمَةِ ( مِنْ الْعَبْدِ وَ ) مِنْ ( غَيْرٍ ) نَصًّا .
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ : لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَبِيعِ الْإِجَارَةُ ( وَإِنْ مَاتَ ) السَّيِّدُ ( فِي أَثْنَائِهَا ) أَيْ : مُدَّةِ الْخِدْمَةِ الْمُعَيَّنَةِ ( رَجَعَ الْوَرَثَةُ ) أَيْ : وَرَثَةُ السَّيِّدِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : الْعَتِيقِ الْمُسْتَثْنَى خِدْمَتُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ( بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ ) أَيْ : بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ .
فَإِذَا تَعَذَّرَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ الْعِوَضِ رَجَعَ إلَى قِيمَةٍ كَالنِّكَاحِ ( وَلَوْ بَاعَهُ ) أَيْ : الْقِنَّ ( سَيِّدُهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ صَحَّ ) ذَلِكَ ( وَعَتَقَ ) ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعْلِيقِ ( وَلَهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( وَلَاؤُهُ ) لِعُمُومِ { الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ }

( وَ ) إنْ قَالَ لِقِنِّهِ ( : جَعَلْتُ عِتْقَك إلَيْكَ أَوْ خَيَّرْتُك ) فِي عِتْقِك ( وَنَوَى ) بِذَلِكَ ( تَفْوِيضَهُ ) أَيْ : الْعِتْقِ ( إلَيْهِ ) أَيْ : الْقِنِّ ( فَأَعْتَقَ ) الْقِنُّ ( نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَتَقَ ) وَإِلَّا فَلَا .
قَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَيَتَوَجَّهُ كَطَلَاقٍ

( وَ ) إنْ قَالَ قِنٌّ لِآخَرَ ( : اشْتَرِنِي مِنْ سَيِّدِي بِهَذَا الْمَالِ وَأَعْتِقْنِي فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ ) أَيْ : الْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ الْعَبْدُ وَأَعْتَقَهُ ( لَمْ يَصِحَّا ) أَيْ : الشِّرَاءُ وَالْعِتْقُ لِشِرَائِهِ بِعَيْنِ مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ وَلَمْ يَنْفُذْ الْعِتْقُ ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَمْلُوكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ فَمَالُهُ ( وَإِلَّا ) يَشْتَرِهِ بِعَيْنِ الْمَالِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَعْتَقَهُ مَعَ الشِّرَاءِ وَ ( عَتَقَ وَلَزِمَ مُشْتَرِيه ) الثَّمَنُ ( الْمُسَمَّى ) فِي الْبَيْعِ .
وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَدَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ فَمِلْكُ السَّيِّدِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثَّمَنِ وَوَلَاؤُهُ لِمُشْتَرٍ .

( وَإِذَا قَالَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ ) ( أَوْ ) قَالَ : ( كُلُّ عَبْدٍ لِي ) حُرٌّ ( أَوْ ) قَالَ : ( كُلُّ مَمَالِيكِي ) حُرٌّ ( أَوْ ) كُلُّ ( رَقِيقِي حُرٌّ يُعْتَقُ مُدَبَّرُوهُ وَمُكَاتَبُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَشِقْصٌ يَمْلِكُهُ وَعَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ ) نَصًّا وَلَوْ اسْتَغْرَقَهُمْ دَيْنُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ لِعُمُومِ لَفْظِهِ فِيهِمْ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُمْ

( وَ ) إنْ قَالَ : ( عَبْدِي حُرٌّ أَوْ ) قَالَ : ( أَمَتِي حُرَّةٌ أَوْ ) قَالَ : ( زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا ) مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ إمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ بِأَنْ أَطْلَقَ ( عِتْقَ ) الْكُلِّ مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ إمَائِهِ ( وَطَلَّقَ الْكُلَّ ) مِنْ زَوْجَاتِهِ نَصًّا ( ؛ لِأَنَّهُ ) أَيْ : لَفْظُ عَبْدِي أَوْ أَمَتِي أَوْ زَوْجَتِي ( مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ ) الْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ أَوْ الزَّوْجَاتِ .
قَالَ أَحْمَدُ : فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ .
لَوْ كَانَ لَهُ نِسْوَةٌ فَقَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ : يَقَعُ عَلَيْهِنَّ الطَّلَاقُ .
لَيْسَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِ : إحْدَى الزَّوْجَاتِ طَالِقٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِكُلِّ نِعْمَةٍ ، وقَوْله تَعَالَى : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ } وَحَدِيثِ { صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَرْدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً } .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَكَذَا إنْ قَالَ : كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ( وَ ) إنْ قَالَ ( أَحَدُ عَبْدَيَّ ) حُرٌّ ( أَوْ ) قَالَ أَحَدُ ( عَبِيدِي حُرٌّ أَوْ ) قَالَ ( بَعْضُهُمْ ) أَيْ : عَبِيدِي حُرٌّ ( وَلَمْ يَنْوِهِ ) أَيْ : يُعَيِّنْهُ بِالنِّيَّةِ ( أَوْ عَيَّنَهُ ) بِلَفْظِهِ ( وَنَسِيَهُ ) أَقْرَعَ ( أَوْ أَدَّى أَحَدُ مُكَاتِبِيهِ ) مَا عَلَيْهِ ( وَجَهِلَ ) الْمُؤَدِّيَ ( وَمَاتَ بَعْضُهُمْ ) أَيْ : الْعَبِيدِ أَوْ الْمُكَاتَبِينَ ( أَوْ ) مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ لَا أَيْ : وَلَمْ يَمُتْ بَعْضُهُمْ وَلَا السَّيِّدُ ( أَقْرَعَ ) السَّيِّدُ بَيْنَهُمْ ( أَوْ ) أَقْرَعَ ( وَارِثُهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ بَيْنَهُمْ ( فَمَنْ خَرَجَ ) مِنْهُمْ ( بِالْقُرْعَةِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ حِينِ الْعِتْقِ ) وَكَسْبُهُ لَهُ ؛ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ جَمِيعَهُمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ( وَمَتَى بَانَ لِنَاسٍ ) أَيْ : مَنْ أَعْتَقَ مُعَيَّنًا وَنَسِيَهُ ( أَوْ ) بَانَ ( لِجَاهِلٍ ) أَيْ : فِيمَا إذَا أَدَّى إلَيْهِ

إحْدَى مُكَاتَبِيهِ مَا عَلَيْهِ وَجَهِلَهُ ( أَنَّ عَتِيقَهُ أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ ) الَّذِي أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ أَيْ : ظَهَرَ إنَّهُ الْعَتِيقُ ( وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُخْرِجِ ) لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْعَتِيق غَيْرُهُ ( إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِالْقُرْعَةِ ) فَإِنْ حَكَمَ بِهَا أَوْ كَانَتْ بِأَمْرِ حَاكِمٍ عَتَقَا ؛ لِأَنَّ فِي إبْطَالِ عِتْقِ الْمُخْرِجِ نَقْضًا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلٌ فِيهِ

( وَ ) لَوْ قَالَ مَالِكُ رَقِيقَيْنِ : ( أَعْتَقْتُ هَذَا لَا بَلْ هَذَا عَتَقَا ) جَمِيعًا ( وَكَذَا إقْرَارُ وَارِثٍ ) بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ أَعْتَقَ هَذَا لَا بَلْ هَذَا ، فَيَعْتِقَانِ لِمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ

( وَإِنْ أَعْتَقَ ) مَالِكُ رَقِيقَيْنِ ( أَحَدَهُمَا بِشَرْطٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ) قَبْلَ وُجُودِهِ ( أَوْ بَاعَهُ ) أَيْ : بَاعَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ : قَبْلَ الشَّرْطِ ( عَتَقَ الْبَاقِي ) مِنْهُمَا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْعِتْقِ دُونَ الْمَيِّتِ أَوْ الْمَبِيعِ ( كَقَوْلِهِ ) أَيْ : الْمَالِكِ ( لَهُ وَلِأَجْنَبِيٍّ ) أَحَدُكُمَا حُرٌّ ( أَوْ ) قَوْلِهِ لِقِنِّهِ وَ ( بَهِيمَةٍ أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَيُعْتَقُ ) قِنُّهُ ( وَحْدَهُ وَكَذَا الطَّلَاقُ ) إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ : إحْدَاكُمَا طَالِقٌ غَدًا مَثَلًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ بَانَتْ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ : إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَيَأْتِي مُوَضَّحًا فِي الطَّلَاقِ .

( وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ ) أَيْ : مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ ، وَمِثْلُهُ مَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَنْ قُدِّمَ لِقَتْلٍ أَوْ حَبْسٍ لَهُ أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ وَنَحْوَهُ ( جُزْءًا مِنْ ) رَقِيقٍ ( مُخْتَصٍّ بِهِ أَوْ ) مِنْ رَقِيقٍ ( مُشْتَرَكٍ أَوْ دَبَّرَهُ ) أَيْ : دَبَّرَ جُزْءًا مِنْ مُخْتَصٍّ بِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ ( وَمَاتَ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُ ) أَيْ : الرَّقِيقَ أَوْ الْمُدَبَّرَ بَعْضُهُ ( كُلَّهُ عَتَقَ ) كُلُّهُ بِالسِّرَايَةِ إلَى بَاقِيهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ .
؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُعْتِقِ الثُّلُثَ مَالُهُ مِلْكٌ تَامٌّ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالتَّبَرُّعِ وَغَيْرِهِ أَشْبَهَ عِتْقَ الصَّحِيحِ الْمُوسِرِ ( وَلِشَرِيكٍ فِي ) رَقِيقٍ ( مُشْتَرَكٍ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَرِيضٍ ( مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ ) أَيْ : الشَّرِيكِ ( مِنْ قِيمَتِهِ ) أَيْ : الْمُشْتَرَكِ يَوْمَ عِتْقِهِ يُعْطَى لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ )

( فَلَوْ مَاتَ ) الرَّقِيقُ الَّذِي أَعْتَقَ سَيِّدُهُ جُزْءًا مِنْهُ فِي مَرَضِهِ ( قَبْلَ سَيِّدِهِ عَتَقَ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ ) أَيْ : ثُلُثِ مَالِ سَيِّدِهِ ( مِنْهُ ) كَمَا لَوْ لَمْ يَمُتْ فَيُورَثُ عَنْ كَسْبِهِ بِمَا عَتَقَ مِنْهُ

( وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ ) الْمَخُوفِ ( سِتَّةَ ) أَعْبُدٍ أَوْ إمَاءٍ ( قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ ) ظَاهِرًا ( ثُمَّ ظَهَرَ ) عَلَى مُعْتِقِهِمْ ( دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ ) أَيْ : السِّتَّةَ ( بِيعُوا ) كُلُّهُمْ ( فِيهِ ) أَيْ : الدَّيْنِ ، لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ عِتْقِهِمْ لِظُهُورِ الدِّينِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَالْهِبَةِ ، وَخَفَاءُ الدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِهِ ( وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ) الدَّيْنُ ( بَعْضَهُمْ ) أَيْ : السِّتَّةَ ( بِيعَ ) مِنْهُمْ ( بِقَدْرِهِ ) أَيْ : الدَّيْنِ ( مَا لَمْ يَلْتَزِمْ وَارِثُهُ ) أَيْ : الْمُعْتِقِ ( بِقَضَائِهِ ) أَيْ : الدَّيْنِ ( فِيهِمَا ) أَيْ : فِيمَا إذَا اسْتَغْرَقَهُمْ الدَّيْنُ جَمِيعَهُمْ وَمَا اسْتَغْرَقَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ الْتَزَمَ بِقَضَائِهِ عَتَقُوا ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ الْعِتْقِ الدَّيْنُ فَإِذَا سَقَطَ بِقَضَاءِ الْوَارِثِ وَجَبَ نُفُوذُ الْعِتْقِ ( وَإِنْ ) لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَ ( لَمْ يَعْلَمْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ ) أَيْ : السِّتَّةِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ عِتْقَ جَمِيعِهِمْ ( عَتَقَ ثُلُثُهُمْ ) فَقَطْ ( فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ) أَيْ : الْمَيِّتِ ( مَالٌ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( يَخْرُجُونَ ) أَيْ : السِّتَّةُ ( مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ مَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ ) أَيْ : تَبَيَّنَ عِتْقُهُ مِنْ حِينِ أَعْتَقَهُمْ الْمَيِّتُ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِهِ .
وَقَدْ بَانَ أَنَّهُمْ ثُلُثُ مَالِهِ ، وَخَفَاءُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْمَالِ عَلَيْنَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَ الْعِتْقِ مَوْجُودًا مِنْ حِينِهِ ، وَمَا كَسَبُوهُ بَعْدَ عِتْقِهِمْ لَهُمْ .
وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِمْ وَارِثٌ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَبَاطِلٌ ( وَإِلَّا ) يَظْهَرُ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ( جَزَّأْنَاهُمْ ثَلَاثَةَ ) أَجْزَاءٍ ( كُلُّ اثْنَيْنِ جُزْءٌ ، وَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَبِسَهْمَيْ رِقٍّ .
فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ ) مِنْهُمْ ( عَتَقَ وَرَقَّ الْبَاقُونَ ) لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ { أَنَّ رَجُلًا مِنْ

الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ فِي مَرَضِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ ، فَجَزَّأَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَسَائِرُ أَصْحَابِ السُّنَنِ .
.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَلِأَنَّ فِي تَفْرِيقِ الْعِتْقِ ضَرَرًا فَوَجَبَ جَمْعُهُ بِالْقُرْعَةِ كَالْقِسْمَةِ .
وَإِنْ سَلَّمْنَا مُخَالَفَتَهُ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ .
عَنْ الْهُوَى ، وَإِنْكَارُ الْقُرْعَةِ مَرْدُودٌ بِوُرُودِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِهَا ( وَإِنْ كَانُوا ) أَيْ : الْعُتَقَاءُ فِي الْمَرَضِ ( ثَمَانِيَةً ) وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ ( فَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ بِسَهْمَيْ حُرِّيَّةٍ وَخَمْسَةٍ رِقٍّ وَسَهْمٍ لِمَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ وَإِنْ شَاءَ جَزَّأَهُمْ أَرْبَعَةَ ) أَجْزَاءٍ ( وَأَقْرَعَ ) بَيْنَهُمْ ( بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَثَلَاثَةِ رِقٍّ ثُمَّ أَعَادَهَا ) أَيْ : الْقُرْعَةَ بَيْنَ السِّتَّةِ ( لِإِخْرَاجِ مَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ ) لِيَظْهَرَ الْعَتِيقُ مِنْ غَيْرِهِ ( وَكَيْفَ أَقْرَعَ جَازَ ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ خُرُوجُ الثُّلُثِ بِالْقُرْعَةِ كَيْفَ اتَّفَقَ

( وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ وَ ) وَقِيمَةُ ( الْآخَرِ ثَلَثُمِائَةٍ جَمَعْتَ الْخَمْسَمِائَةِ فَجَعَلْتهَا الثُّلُثَ ) لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ كَسْرٌ فَتَعْسُرُ النِّسْبَةُ إلَيْهِ ( ثُمَّ أَقْرَعْتَ ) بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ لِتَمْيِيزِ الْعَتِيق مِنْهُمَا ( فَإِنْ وَقَعَتْ ) الْقُرْعَةُ ( عَلَى الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَتَانِ ضَرَبْتهَا فِي ثَلَاثَةٍ ) مَخْرَجُ الثُّلُثِ كَمَا تَعْمَلُ فِي مَجْمُوعِ الْقِيمَةِ ( تَكُنْ سِتَّمِائَةٍ ثُمَّ نَسَبْتَ مِنْهُ ) أَيْ : الْمَضْرُوبِ ( الْخَمْسَمِائَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا الثُّلُثُ تَقْدِيرًا ( فَيُعْتَقُ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَمِائَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ السِّتِّمِائَةِ ( وَإِنْ وَقَعَتْ ) الْقُرْعَةُ ( عَلَى ) الْعَبْدِ ( الْآخَرِ عَتَقَ ) مِنْهُ ( خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ ) ؛ لِأَنَّك تَضْرِبُ قِيمَةَ ثَلَثِمِائَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ تَكُنْ تِسْعَمِائَةٍ فَتَنْسِبُ مِنْهَا الْخَمْسَمِائَةِ تَكُنْ خَمْسَةَ أَتْسَاعِهَا ( وَكُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ هَذَا الْبَابِ فَسَبِيلُهُ ) أَيْ : طَرِيقُهُ ( أَنْ يُضْرَبَ فِي ثَلَاثَةٍ ) مَخْرَجُ الثُّلُثِ ( لِيَخْرُجَ ) صَحِيحًا ( بِلَا كَسْرٍ )

( وَإِنْ أَعْتَقَ ) مَرِيضٌ عَبْدًا ( مُبْهَمًا مِنْ ) أَعْبُدٍ ( ثَلَاثَةٍ ) لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا ( فَمَاتَ أَحَدُهُمْ ) أَيْ : الثَّلَاثَةِ ( فِي حَيَاتِهِ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( أُقْرِعَ بَيْنَهُ ) أَيْ : الْمَيِّتِ ( وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ ) ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ إنَّمَا تَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ مُعَيَّنًا ( فَإِنْ وَقَعَتْ ) الْقُرْعَةُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : الْمَيِّتِ ( رُقَّا ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَ وَاحِدًا .
( وَ ) إنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ ( عَلَى أَحَدِهِمَا ) أَيْ : الْحَيَّيْنِ ( عَتَقَ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ ) عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْعَبْدُ الْمَيِّتُ هَلَكَ قَبْلَهُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ وَفْقَ الثُّلُثِ فَلَا إشْكَالَ .
وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَالزَّائِدُ هَلَكَ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا يُعْتَقُ مِنْ الْآخَرِ شَيْءٌ .
لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ إلَّا وَاحِدًا ( وَإِنْ أَعْتَقَ ) مَرِيضٌ ( الثَّلَاثَةَ ) وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ ( فِي مَرَضِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِمْ ) أَيْ : الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ ( فَمَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَهُ ) أَيْ : الْمُوصِي ( وَقَبْلَ عِتْقِهِمْ .
أَوْ دَبَّرَهُمْ ) أَيْ : الثَّلَاثَةِ ( أَوْ ) دَبَّرَ ( بَعْضَهُمْ وَوَصَّى بِعِتْقِ الْبَاقِي ) مِنْهُمْ وَلَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ ( فَمَاتَ أَحَدُهُمْ .
أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ ) أَيْ : بَيْنَ الْمَيِّتِ ( وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمْ مُبْهَمًا إلَّا أَنَّ الْمَيِّتَ هُنَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَوَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ عَتَقَ مِنْ أَحَدِ الْحَيَّيْنِ تَتِمَّةُ الثُّلُثِ بِالْقُرْعَةِ .

التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ أَيْ : مَوْتِ الْمُعَلَّقِ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ .
يُقَالُ : دَابَرَ يُدَابِرُ إذَا مَاتَ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : مُشْتَقٌّ إدْبَارُهُ مِنْ الدُّنْيَا وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي شَيْءٍ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ وَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ وَغَيْرِهِمَا غَيْرَ الْعِتْقِ .
فَهُوَ لَفْظٌ يَخْتَصُّ بِهِ الْعِتْقُ بَعْدَ الْمَوْتِ ( فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ بِهِ ) أَيْ : التَّدْبِيرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ التَّدْبِيرِ فِي الْجُمْلَةِ .
وَسَنَدُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ { أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَاحْتَاجَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي ؟ فَبَاعَهُ مِنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَقَالَ أَنْتَ أَحْوَجُ مِنْهُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ) أَيْ : التَّدْبِيرِ ( مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ ) فَيَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَفَلَسٍ وَمِنْ مُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ ، وَيُعْتَبَرُ لِعِتْقِ مُدَبَّرٍ خُرُوجُهُ ( مِنْ ثُلُثِهِ ) أَيْ : مَالِ السَّيِّدِ الْمُدَبَّرِ يَوْمَ مَوْتِهِ نَصًّا ، ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ .
أَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ فَنَفَذَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَالْهِبَةِ فِي الصِّحَّةِ ، وَالِاسْتِيلَادُ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ .

فَإِنْ اجْتَمَعَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ تَسَاوَيَا .
؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا عِتْقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرُ قُدِّمَ الْعِتْقُ لِسَبْقِهِ

( وَإِنْ قَالَا ) أَيْ : شَرِيكَانِ فِي عَبْدٍ ( لِعَبْدِهِمَا ) مَثَلًا ( إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَبَاقِيهِ ) يَعْتِقُ ( بِمَوْتِ الْآخَرِ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ .
فَيَنْصَرِفُ إلَى مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ .
كَقَوْلِهِ : رَكِبُوا دَوَابَّهُمْ وَلَبِسُوا ثِيَابَهُمْ .
أَيْ : كُلُّ إنْسَانٍ رَكِبَ دَابَّتَهُ وَلَبِسَ ثَوْبَهُ .
وَإِنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُ الْأَوَّلِ عَتَقَ كُلُّهُ بِالسِّرَايَةِ كَمَا سَبَقَ آنِفًا ( وَصَرِيحُهُ ) أَيْ : التَّدْبِيرِ ( لَفْظُ عِتْقٍ وَ ) لَفْظُ ( حُرِّيَّةٍ مُعَلَّقَيْنِ بِمَوْتِهِ ) أَيْ : السَّيِّدِ كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ عَتِيق بَعْدَ مَوْتِي وَنَحْوِهِ ( وَلَفْظُ تَدْبِيرٍ ) كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ( وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا ) أَيْ : الْعِتْقُ وَالْحُرِّيَّةُ الْمُعَلَّقَيْنِ بِمَوْتِهِ .
وَالتَّدْبِيرُ ( غَيْرُ أَمْرٍ ) كَدَبِّرْ ( وَمُضَارِعٍ ) كَ يُدَبِّرُ ( وَاسْمُ فَاعِلٍ ) كَمُدَبِّرٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ ( وَتَكُونُ كِنَايَاتُ عِتْقٍ مُنَجَّزٍ ) كِنَايَاتٌ ( لِتَدْبِيرٍ إنْ عُلِّقَتْ بِالْمَوْتِ ) كَقَوْلِهِ : إنْ مِتَّ فَأَنْتَ لِلَّهِ أَوْ فَأَنْتَ مَوْلَايَ أَوْ فَأَنْتَ سَائِبَةٌ

( وَيَصِحُّ ) التَّدْبِيرُ ( مُطْلَقًا ) أَيْ : غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَلَا مُعَلَّقٍ ( كَ ) قَوْلِهِ ( أَنْتَ مُدَبَّرٌ وَ ) يَصِحُّ ( مُقَيَّدًا كَ ) قَوْلِهِ : ( إنْ مِتُّ فِي عَامِي ) هَذَا ( أَوْ ) مِتُّ فِي ( مَرْضِي هَذَا فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ) فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى مَا قَالَ ، إنْ مَاتَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي قَالَهَا عَتَقَ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَلَا .
( وَ ) يَصِحُّ التَّدْبِيرُ أَيْضًا ( مُعَلَّقًا كَ ) قَوْلِهِ ( إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ) أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَنَحْوَهُ .
فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا وَإِلَّا فَلَا .
( وَ ) يَصِحُّ التَّدْبِيرُ أَيْضًا ( مُؤَقَّتًا كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ الْيَوْمَ أَوْ ) أَنْتَ مُدَبَّرٌ ( سَنَةً ) فَيَكُونُ مُدَبَّرًا تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ مَاتَ سَيِّدُهُ فِيهَا عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا

( وَ ) إنْ قَالَ لِقِنِّهِ : ( إنْ ) شِئْتَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ( أَوْ مَتَى ) شِئْتَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ( أَوْ إذَا شِئْتَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَشَاءَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ ) وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ ( صَارَ مُدَبَّرًا ) لِوُجُودِ شَرْطِهِ ( وَإِلَّا ) يَشَأْ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ ( فَلَا ) يَصِيرُ مُدَبَّرًا .
؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُ التَّدْبِيرِ بَعْدَ الْمَوْتِ .

وَإِنْ قَالَ : إنْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَقَرَأَهُ جَمِيعَهُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا وَإِنْ قَرَأَ بَعْضَهُ فَلَا .
بِخِلَافِ إنْ قَرَأْت قُرْآنًا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَيَصِيرُ مُدَبَّرًا بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِ .
لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى عَرَّفَهُ بِالْأَلِفْ وَاللَّامِ الِاسْتِغْرَاقِيَّة وَقَرِينَةُ الْحَالِ تَقْتَضِي قِرَاءَةَ جَمِيعِهِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ تَرْغِيبَهُ فِي قِرَاءَتِهِ فَعَادَ إلَى جَمِيعِهِ .
وَفِي الثَّانِيَةِ نَكَّرَهُ فَاقْتَضَى بَعْضَهُ ( وَلَيْسَ ) التَّدْبِيرُ ( بِوَصِيَّةٍ ) بَلْ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ ( فَلَا يَبْطُلُ ) التَّدْبِيرُ ( بِإِبْطَالٍ وَ ) لَا ( رُجُوعٍ ) كَقَوْلِهِ : إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ، حَيْثُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ .
وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لَهُ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ ، وَلَا تَقِفُ الْحُرِّيَّةُ عَلَى قَبُولِهِ وَاخْتِيَارِهِ وَيَتَنَجَّزُ عِتْقُهُ عَقِبَ الْمَوْتِ .
وَلَوْ كَانَ وَصِيَّةً لَصَحَّ إبْطَالُهُ وَرُجُوعُهُ عَنْهُ

( وَيَصِحُّ وَقْفُ مُدَبَّرٍ وَهِبَتُهُ وَبَيْعُهُ وَلَوْ ) كَانَ الْمُدَبَّرُ ( أَمَةً أَوْ ) كَانَ بَيْعُهُ ( فِي غَيْرِ دَيْنٍ ) نَصًّا .
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ : صَحَّتْ أَحَادِيثُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ بِاسْتِقَامَةِ الطُّرُقِ ، وَإِذَا صَحَّ الْخَبَرُ اُسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ رَأْيِ النَّاسِ .
وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ وَثَبَتَ بِقَوْلِ الْمُعْتِقِ فَلَمْ يَمْنَعْ الْبَيْعَ ، كَقَوْلِهِ : إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ يَمْنَعْ الْبَيْعَ فِي الْحَيَاةِ كَالْوَصِيَّةِ .
وَمَا ذُكِرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ وَلَا يُشْتَرَى } فَلَمْ يَصِحَّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ .
؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا ثَبَتَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ سَيِّدِهَا وَلَيْسَ بِتَبَرُّعٍ ، وَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَبَاعَتْ عَائِشَةُ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا ( وَمَتَى عَادَ ) الْمُدَبَّرُ إلَى مِلْكِ مَنْ دَبَّرَهُ ( عَادَ التَّدْبِيرُ ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي عَوْدِ الصِّفَةِ فِي الْعِتْقِ فِي الْحَيَاةِ وَالطَّلَاقِ

( وَإِنْ جَنَى ) مُدَبَّرٌ ( بِيعَ ) أَيْ : جَازَ بَيْعُهُ ( فِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ فَدَى ) أَيْ : فَدَاهُ سَيِّدُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَقِيمَتِهِ ( بَقِيَ تَدْبِيرُهُ ) بِحَالِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ ( وَإِنْ بِيعَ بَعْضُهُ ) أَيْ : الْمُدَبَّرُ فِي جِنَايَةٍ ( فَبَاقِيهِ ) الَّذِي لَمْ يُبَعْ ( مُدَبَّرٌ ) بِحَالِهِ ( وَإِنْ مَاتَ ) سَيِّدٌ مُدَبَّرٌ ( قَبْلَ بَيْعِهِ ) وَفِدَائِهِ أَيْ : الْمُدَبَّرِ ( عَتَقَ إنْ وَفَّى ثُلُثُهُ ) أَيْ : مَالِ السَّيِّدِ ( بِهَا ) أَيْ : الْجِنَايَةِ

( وَمَا وَلَدَتْهُ ) مُدَبَّرَةٌ ( بَعْدَهُ ) أَيْ : التَّدْبِيرِ فَوَلَدُهَا ( بِمَنْزِلَتِهَا ) سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ حِين التَّدْبِيرِ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَهُ .
لِقَوْلِ عُمَرَ وَابْنِهِ وَجَابِرٍ ( وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ بِمَنْزِلَتِهَا ) وَلَا يُعْلَمُ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ .
وَلِأَنَّ الْأُمَّ اسْتَحَقَّتْ الْحُرِّيَّةَ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ فِي الْحَيَاةِ وَالْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ آكَدُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ( وَيَكُونُ ) وَلَدُهَا ( مُدَبَّرًا بِنَفْسِهِ ) فَلَوْ مَاتَتْ الْمُدَبَّرَةُ أَوْ زَالَ مِلْكُ سَيِّدِهَا عَنْهَا لَمْ يَبْطُلْ التَّدْبِيرُ فِي وَلَدِهَا فَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ بَاقِيَةٌ .
وَمَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ لَا يَتْبَعُهَا فِيهِ كَالِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ ( فَلَوْ قَالَتْ ) مُدَبَّرَةٌ ( : وَلَدْتُ بَعْدَهُ ) أَيْ : التَّدْبِيرِ فَيَتْبَعَنِي وَلَدِي ( وَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا ) فَقَالَ : وَلَدَتْ قَبْلَهُ ( فَقَوْلُهُ ) أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رِقِّ الْوَلَدِ وَانْتِفَاءُ الْحُرِّيَّةِ عَنْهُ

( وَإِنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِمُدَبَّرَةٍ وَوَلَدِهَا ) بِأَنْ لَمْ يَخْرُجَا جَمِيعًا مِنْ ثُلُثِ مَالِ السَّيِّدِ ( أَقْرَعَ ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا كَمُدَبَّرَيْنِ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا ( وَلَهُ ) أَيْ : سَيِّدِ مُدَبَّرَةٍ ( وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ) حَالَ تَدْبِيرِهَا سَوَاءٌ كَانَ يَطَؤُهَا قَبْلَ تَدْبِيرِهَا أَوْ لَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ( أَنَّهُ دَبَّرَ أَمَتَيْنِ لَهُ وَكَانَ يَطَؤُهُمَا ) قَالَ أَحْمَدُ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَ ذَلِكَ غَيْرَ الزُّهْرِيِّ ، وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وَقِيَاسًا عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ

( وَ ) لِلسَّيِّدِ ( وَطْءُ بِنْتِهَا ) أَيْ : وَطْءُ بِنْتِ الْمُدَبَّرَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ ( إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ أُمَّهَا ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ فِيهَا ؛ وَاسْتِحْقَاقِهَا الْحُرِّيَّةَ لَا يَزِيدُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ أُمِّهَا وَأَمَّا بِنْتُ الْمُكَاتَبَةِ فَأُلْحِقَتْ بِأُمِّهَا وَأُمُّهَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فَكَذَلِكَ بِنْتُهَا ( وَيَبْطُلُ تَدْبِيرُهَا بِإِيلَادِهَا ) أَيْ : وِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا مَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ .
؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّدْبِيرِ الْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ وَالِاسْتِيلَادِ الْعِتْقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا أَوْ مَدِينًا .
فَالِاسْتِيلَادُ أَقْوَى .
فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ بِهِ الْأَضْعَفُ كَمِلْكِ الرَّقَبَةِ إذَا طَرَأَ عَلَى النِّكَاحِ ( وَوَلَدٍ مُدَبَّرٍ مِنْ أَمَةِ نَفْسِهِ ) إنْ جَازَ لَهُ التَّسَرِّي عَلَى مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مُوَضَّحًا ( كَهُوَ ) أَيْ : كَأَبِيهِ ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْحُرِّ مِنْ أَمَتِهِ يَتْبَعُهُ فِي الْحُرِّيَّةِ دُونَ أُمِّهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ ، فَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ وَكَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ ( وَ ) وَلَدِهِ ( مِنْ غَيْرِهَا كَأُمِّهِ ) حُرِّيَّةً وَرِقًّا

( وَمَنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَهُ ) صَحَّ ( أَوْ ) كَاتَبَ ( أُمَّ وَلَدِهِ ) صَحَّ ( أَوْ دَبَّرَ مُكَاتَبَهُ صَحَّ ) قَالَ الْحَسَنُ { : دَبَّرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ خَادِمًا لَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تُكَاتِبَهُ فَكَتَبَ الرَّسُولُ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ كَاتِبِيهِ فَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ فَذَاكَ وَإِنْ حَدَثَ بِكِ حَادِثٌ عَتَقَ } قَالَ : وَأُرَاهُ قَالَ مَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَيْ : مِنْ الْكِتَابَةِ لَهُ ) وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالِاسْتِيلَادَ أَوْ التَّدْبِيرَ أَسْبَابٌ لِلْعِتْقِ فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَاسْتِيلَادِ الْمُكَاتَبَةِ

( وَعَتَقَ ) مُكَاتَبٌ دَبَّرَهُ سَيِّدُهُ أَوْ مُدَبَّرٌ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ ( بِأَدَاءِ ) مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ وَمَا بَقِيَ بِيَدِهِ لَهُ وَبَطَلَ تَدْبِيرُهُ ( فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهُ ) أَيْ : قَبْلَ أَدَائِهِ ( وَثُلُثُهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( يَحْتَمِلُ مَا عَلَيْهِ ) أَيْ : الْمُكَاتَبِ مِنْ الْكِتَابَةِ ( عَتَقَ كُلُّهُ ) بِالتَّدْبِيرِ وَمَا بِيَدِهِ لِلْوَرَثَةِ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ ( وَإِلَّا ) يَحْتَمِلَ ثُلُثُهُ مَا عَلَيْهِ كُلَّهُ ( فَبِقَدْرِ مَا يَحْتَمِلُهُ ) ثُلُثُهُ يُعْتَقُ مِنْهُ ( وَسَقَطَ عَنْهُ ) مِنْ الْكِتَابَةِ ( بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فِيمَا بَقِيَ ) عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ .
فَإِنْ خَرَجَ نِصْفُهُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ نِصْفُهُ وَسَقَطَ نِصْفُ كِتَابَتِهِ وَيَبْقَى نِصْفُهُ ، وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ وَقْتَ مَوْتِ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا

( أَوْ كَسْبُهُ ) أَيْ : الْمُدَبَّرِ الَّذِي كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ ( إنْ عَتَقَ ) كُلُّهُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ : لِسَيِّدِهِ كَالْمُدَبَّرِ الْمَحْضِ ( أَوْ ) بَعْضُ كَسْبِهِ الَّذِي ( بِقَدْرِ عِتْقِهِ ) إنْ لَمْ يَخْرُجْ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ ( لَا لِبْسُهُ لِسَيِّدِهِ ) فَهُوَ تَرِكَةٌ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَيْ : السَّيِّدِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَا بَعْدَهُ ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا .
وَأُمُّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا وَيَسْقُطُ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْكِتَابَةِ وَمَا بِيَدِهَا لِسَيِّدِهَا لَا لِبْسُهَا

( وَمَنْ دَبَّرَ شِقْصًا ) مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ ( لَمْ يَسِرِ ) تَدْبِيرُهُ ( إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ ) مُعْسِرًا كَانَ الْمُدَبِّرُ أَوْ مُوسِرًا ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ فَلَمْ يَسِرِ كَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِدُخُولِ الدَّارِ ، بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُ آكَدُ فَإِنْ مَاتَ مُدَبِّرُ شِقْصِهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ .
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ سِرَايَتِهِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( فَإِنْ أَعْتَقَهُ ) أَيْ : الْمُشْتَرَكَ الْمُدَبَّرَ بَعْضُهُ ( شَرِيكُهُ ) الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْهُ ( سَرَى عِتْقُهُ ) إنْ كَانَ مُوسِرًا ( إلَى ) الشِّقْصِ ( الْمُدَبَّرِ مَضْمُونًا ) عَلَى الْمُعْتِقِ بِقِيمَتِهِ ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ

( وَلَوْ أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ ) لِكَافِرٍ ( أَوْ ) أَسْلَمَ ( قِنٌّ ) لِكَافِرٍ ( أَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبٌ لِكَافِرٍ أُلْزِمَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ ) عَنْهُ لِئَلَّا يَبْقَى مِلْكُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ مَعَ إمْكَانَ بَيْعِهِ بِخِلَافِ أُمِّ وَلَدٍ ( فَإِنْ أَبَى ) الْكَافِرُ إزَالَةَ مِلْكِهِ عَمَّنْ أَسْلَمَ ( بِيعَ ) أَيْ : بَاعَهُ الْحَاكِمُ ( عَلَيْهِ ) إزَالَةً لِمِلْكِهِ عَنْهُ .
لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا }

( وَمَنْ أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ فَشَهِدَ بِهِ ) رَجُلَانِ ( عَدْلَانِ أَوْ ) رَجُلٌ ( عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ ) رَجُلٌ عَدْلٌ وَ ( حَلَفَ مَعَهُ الْمُدَبَّرُ حُكِمَ بِهِ ) أَيْ : التَّدْبِيرِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إتْلَافَ مَالٍ ، وَالْمَالُ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ

( وَيَبْطُلُ ) تَدْبِيرٌ ( بِقَتْلِ مُدَبَّرٍ سَيِّدَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا أَجَّلَ لَهُ فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَحِرْمَانِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَتَعْتِقُ مُطْلَقًا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ .

وَإِنْ جَرَحَ رَقِيقٌ سَيِّدَهُ فَدَبَّرَهُ ثُمَّ سَرَى الْجُرْحُ إلَيْهِ وَمَاتَ عَتَقَ وَتَقَدَّمَ .

وَإِنْ ارْتَدَّ سَيِّدُ مُدَبَّرٍ وَدَبَّرَهُ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَتَدْبِيرُهُ بِحَالِهِ .
وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ لَمْ يَعْتِقْ .

الْكِتَابَةُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْمُكَاتَبَةِ مِنْ الْكَتْبِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ لِأَنَّهَا تُجْمَعُ نُجُومًا .
وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَرَّازُ كَاتِبًا ، أَوْ ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَكْتُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ كِتَابًا بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ .
وَشَرْعًا ( بَيْعُ سَيِّدٍ رَقِيقَهُ ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( نَفْسَهُ ) أَيْ : الرَّقِيقِ ( بِمَالٍ ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى خِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِ ( فِي ذِمَّتِهِ ) أَيْ : الرَّقِيقِ لَا مُعَيَّنٍ ( مُبَاحٍ ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى آنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( مَعْلُومٍ ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى مَجْهُولٍ ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ ، وَلَا يَصِحُّ مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ ( يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ ) فَلَا تَصِحُّ بِجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى التَّنَازُعِ ( مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا ) أَيْ : أَكْثَرَ مِنْ نَجْمَيْنِ ( بِعِلْمِ قِسْطٍ ) أَيْ : مَبْلَغِ ( كُلِّ نَجْمٍ ) بِمَا عُقِدَ عَلَيْهِ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرِهِمَا ( وَمُدَّتِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكَتْبِ وَهُوَ الضَّمُّ .
فَوَجَبَ افْتِقَارُهَا إلَى نَجْمَيْنِ لِيُضَمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِمَا لِكُلِّ نَجْمٍ مِنْ الْقِسْطِ وَالْمُدَّةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ جَهْلُهُ إلَى التَّنَازُعِ .
وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْأَنْجُمِ .
فَلَوْ جُعِلَ نَجْمٌ شَهْرًا وَآخَرُ سَنَةً أَوْ جُعِلَ قِسْطَ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَالْآخَرَ خَمْسِينَ وَنَحْوَهُ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْعِلْمُ بِقَدْرِ الْأَجَلِ وَقَسْطُهُ وَقَدْ حَصَلَ بِذَلِكَ .
وَالنَّجْمُ هُنَا الْوَقْتُ .
فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ الْحِسَابَ وَإِنَّمَا تَعْرِفُ الْأَوْقَاتَ بِطُلُوعِ النَّجْمِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : إذَا سُهَيْلٌ أَوَّلَ اللَّيْلِ طَلَعَ فَابْنُ اللَّبُونِ الْحِقُّ وَالْحِقُّ الْجَذَعُ أَوْ يَبِيعُ سَيِّدٌ رَقِيقَهُ نَفْسَهُ ( بِمَنْفَعَةٍ ) مُنَجَّمَةٍ ( عَلَى أَجَلَيْنِ ) فَأَكْثَرَ ، كَأَنْ يُكَاتِبَهُ فِي الْمُحَرَّمِ عَلَى خِدْمَتِهِ فِيهِ وَفِي رَجَبٍ أَوْ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ عَيَّنَهُمَا .
فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ سَنَةٍ

مُعَيَّنَةٍ لَمْ تَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ نَجْمٌ وَاحِدٌ .
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْكِتَابَةِ .
لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } وَحَدِيثِ بَرِيرَةَ وَحَدِيثِ { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) لِكِتَابَةٍ ( أَجَلٌ لَهُ وَقَعَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ فِيهِ ) فَيَصِحُّ تَوْقِيتُ النَّجْمَيْنِ بِسَاعَتَيْنِ .
قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْأَصَحِّ .
وَفِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةُ وَلَكِنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ لَكِنَّ السَّلَمَ أَضْيَقُ وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْإِقْنَاعِ

( وَتَصِحُّ ) الْكِتَابَةُ ( عَلَى خِدْمَةٍ مُفْرَدَةٍ ) كَأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ رَجَبَ وَشَعْبَانَ ( أَوْ ) عَلَى خِدْمَةٍ ( مَعَهَا مَالٌ إنْ كَانَ ) الْمَالُ ( مُؤَجَّلًا وَلَوْ أَثْنَائِهَا ) أَيْ : مُدَّةِ الْخِدْمَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ يُؤَدِّيه فِي أَثْنَائِهِ وَآخِرِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ الشَّهْرَ كَانَ عَقِبَ الْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ فِي قَوْلٍ .
وَإِنْ عَيَّنَ الشَّهْرَ صَحَّ .
وَلَوْ اتَّصَلَ بِالْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْحُلُولِ فِي غَيْرِ الْخِدْمَةِ لِلْعَجْزِ عَنْهُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهَا .
وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدِّينَارِ قَبْلَ الْخِدْمَةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِالْعَقْدِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ فِي الْمُحَرَّمِ عَلَى دِينَارٍ إلَى صَفَرٍ وَعَلَى خِدْمَتِهِ رَجَبٍ .
وَإِنْ جَعَلَ مَحَلَّهُ نِصْفَ رَجَبٍ أَوْ انْقِضَاءَهُ صَحَّ كَمَا تَقَدَّمَ ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ الْحَاصِلِ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا فَيَكُونُ مَحَلُّهَا غَيْرَ مَحَلِّ الدِّينَارِ

( وَتُسَنُّ ) الْكِتَابَةُ ( لِمَنْ ) أَيْ : رَقِيقٍ ( عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا ) لِلْآيَةِ ( وَهُوَ ) أَيْ : الْخَيْرُ ( الْكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ ) قَالَ أَحْمَدُ : الْخَيْرُ صِدْقٌ وَصَلَاحٌ وَوَفَاءٌ بِمَالِ الْكِتَابَةِ .
وَنَحْوِهِ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِي ذَلِكَ .
وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ { لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ } وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ فَلَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ

( وَتُكْرَهُ ) الْكِتَابَةُ ( لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ ) لِئَلَّا يَصِيرَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ وَيَحْتَاجَ إلَى الْمَسْأَلَةِ

( وَتَصِحُّ ) الْكِتَابَةُ ( لِمُبَعَّضٍ ) بِأَنْ يُكَاتِبَ السَّيِّدُ بَعْضَ عَبْدِهِ مَعَ حُرِّيَّةِ بَعْضِهِ .
( وَ ) تَصِحُّ كِتَابَةُ رَقِيقٍ ( مُمَيِّزٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَبَيْعُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَصَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَالْمُكَلَّفِ .
وَإِيجَابُ سَيِّدِهِ الْكِتَابَةَ لَهُ إذْنٌ لَهُ فِي قَبُولِهَا بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ لَكِنْ يُعْتَقَانِ بِالتَّعْلِيقِ ، إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُمَا عَلَى الْأَدَاءِ صَرِيحًا .
وَ ( لَا ) تَصِحُّ الْكِتَابَةُ ( مِنْهُ ) أَيْ : الْمُمَيِّزِ بِأَنْ يُكَاتِبَ مُمَيِّزٌ رَقِيقَهُ ( إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ ) ؛ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ الْمُمَيِّزِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَالْبَيْعِ

( وَلَا ) تَصِحُّ كِتَابَةٌ ( مِنْ ) سَيِّدٍ ( غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ ) كَسَفِيهٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ كَالْبَيْعِ ( وَلَا ) أَيْ : وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةٌ ( بِغَيْرِ قَوْلٍ ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ لَا تَمَكُّنَ فِيهَا صَرِيحًا ( وَتَنْعَقِدُ ) الْكِتَابَةُ ( بِ ) قَوْلِ سَيِّدٍ لِرَقِيقِهِ ( كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَبُولِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْكِتَابَةَ .
لِأَنَّهُ لَفْظُهَا الْمَوْضُوعُ لَهَا فَانْعَقَدَتْ بِمُجَرَّدِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ ( فَإِذَا أَدَّيْتَ ) إلَيَّ مَا كَاتَبْتُك عَلَيْهِ ( فَأَنْتَ حُرٌّ ) ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُوجِبُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ .
فَتَثْبُتُ عِنْدَ تَمَامِهِ كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ وُضِعَ لِلْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ ، فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى لَفْظِ الْعِتْقِ كَالتَّدْبِيرِ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُخَارَجَةِ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ ، عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُحْتَمَلَ يَنْصَرِفُ بِالْقَرَائِنِ إلَى أَحَدِ مَعَانِيهِ .
وَمَالُ الْمُكَاتَبِ حَالَةَ الْكِتَابَةِ لِسَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُكَاتَبُ ( وَمَتَى أَدَّى ) الْمُكَاتَبُ ( مَا عَلَيْهِ ) مِنْ كِتَابَةٍ ( فَقَبَضَهُ ) مِنْهُ ( سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ ) أَيْ : السَّيِّدُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَتَقَ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ .
عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثِ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ ، جَمِيعَ كِتَابَتِهِ ، وَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ كِتَابَتِهِ لَا يَبْقَى عَبْدًا ( أَوْ أَبْرَأَهُ ) أَيْ : الْمُكَاتَبَ ( سَيِّدُهُ ) مِنْ كِتَابَتِهِ ( أَوْ ) أَبْرَأَهُ ( وَارِثٌ ) لِسَيِّدِهِ ( مُوسِرٌ مِنْ حَقِّهِ ) مِنْ كِتَابَتِهِ ( عَتَقَ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنْ أَدَّى الْبَعْضَ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ بَرِئَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فِيمَا بَقِيَ لِلْخَبَرِ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُعْسِرًا وَأَبْرَأَ مِنْ حَقِّهِ عَتَقَ

نَصِيبُهُ فَقَطْ بِلَا سِرَايَةٍ ( وَمَا فَضُلَ بِيَدِهِ ) أَيْ : الْمُكَاتَبِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ ( فَلَهُ ) أَيْ : الْمُكَاتَبِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ

( وَتَنْفَسِخُ ) الْكِتَابَةُ ( بِمَوْتِهِ ) أَيْ : الْمُكَاتَبِ ( قَبْلَ أَدَائِهِ ) جَمِيعَ كِتَابَتِهِ سَوَاءٌ خَلَّفَ وَفَاءً أَوْ لَا ( وَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ ) نَصًّا .
؛ لِأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ كَمَا لَوْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ .
وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَبَطَلَ ، وَقَتْلُهُ كَمَوْتِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَلَا قِصَاصَ إنْ قَتَلَهُ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ سَيِّدُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ شَيْءٌ لَكَانَ لَهُ ، وَمَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ لِزَوَالِ الْكِتَابَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ وَارِث وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ أَجْنَبِيًّا فَلِسَيِّدِهِ قِيمَتُهُ ( وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَجِّلَهَا ) أَيْ : الْكِتَابَةَ الْمُؤَجَّلَةَ قَبْلَ حُلُولِهَا لِسَيِّدِهِ ( وَيَضَعُ ) السَّيِّدُ ( عَنْهُ ) أَيْ : الْمُكَاتَبِ ( بَعْضَهَا ) أَيْ : الْكِتَابَةِ فَلَوْ كَانَ النَّجْمُ مِائَةً وَعَجَّلَ مِنْهُ أَوْ صَالَحَهُ عَنْهُ عَلَى سِتِّينَ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي صَحَّ .
؛ لِأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلَيْسَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ .
لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ ، وَمَا يُؤَدِّيهِ إلَى سَيِّدِهِ كَسْبُ عَبْدِهِ .
وَإِنَّمَا جَعَلَ الشَّرْعُ هَذَا الْعَقْدَ وَسِيلَةً إلَى الْعِتْقِ وَأَوْجَبَ فِيهِ التَّأْجِيلَ مُبَالَغَةً فِي تَحْصِيلِ الْعِتْقِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الْمُكَاتَبِ .
فَإِذَا عَجَّلَ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ بِهِ بَعْضُ مَا عَلَيْهِ كَانَ أَبْلَغَ فِيهِ حُصُولُ الْعِتْقِ وَأَخَفَّ عَلَى الْعَبْدِ وَبِهَذَا فَارَقَ سَائِرَ الدُّيُونِ ، وَيُفَارِقُ الْأَجَانِبَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَبْدُهُ ، فَهُوَ أَشْبَهُ بِعَبْدِهِ الْقِنِّ .
وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الْأَجَلِ وَالدَّيْنِ ، كَأَنْ حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ : فَقَالَ أَخِّرْهُ إلَى كَذَا وَأَزِيدُكَ كَذَا لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ الْمُحَرَّمِ

( وَيَلْزَمُ سَيِّدًا ) عَجَّلَ لَهُ مُكَاتَبُهُ كِتَابَتَهُ ( أَخْذُ مُعَجَّلِهِ بِلَا ضَرَرٍ ) عَلَى السَّيِّدِ فِي قَبْضِهَا وَيَعْتِقُ ( فَإِنْ أَبَى ) السَّيِّدُ أَخْذَهَا ( جَعَلَهَا إمَامٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ ) رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ، وَلِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ .
فَإِذَا قَدَّمَهُ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فَسَقَطَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ .
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ بِبَيْتِ الْمَالِ ضَاعَ عَلَى السَّيِّدِ لِقِيَامِ قَبْضِ الْإِمَامِ مَقَامَ قَبْضِهِ ، لِامْتِنَاعِهِ بِلَا حَقٍّ فَإِذَا كَانَ ضَرَرٌ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا كَأَنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِطَرِيقٍ مَخُوفٍ أَوْ احْتَاجَتْ إلَى مَخْزَنٍ كَالطَّعَامِ وَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْتِزَامُ ضَرَرٍ وَلَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ ، وَلَا يُعْتَقُ بِبَذْلِهِ إذًا

( وَمَتَى بَانَ بِعِوَضٍ دَفَعَهُ ) مُكَاتَبٌ لِسَيِّدِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ ( عَيْبٌ فَلَهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( أَرْشُهُ ) إنْ أَمْسَكَهُ ( أَوْ عَوَّضَهُ ) أَيْ : الْمَعِيبَ ( بِرَدِّهِ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ يَقْتَضِي سَلَامَةَ عِوَضِهَا وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا فَوَجَبَ أَرْشُ الْعَيْبِ أَوْ عِوَضُ الْمَعِيبِ جَبْرًا لِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْعَقْدِ ( وَلَمْ يَرْتَفِعْ عِتْقُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ بِعِوَضٍ فَلَا يُبْطِلُهُ رَدُّ الْعِوَضِ بِالْعَيْبِ كَالْخُلْعِ

( وَلَوْ أَخَذَ سَيِّدُهُ ) أَيْ : الْمُكَاتَبِ مِنْهُ ( حَقَّهُ ظَاهِرًا ثُمَّ قَالَ ) السَّيِّدُ ( هُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَانَ ) مَا دَفَعَهُ ( مُسْتَحَقًّا ) أَيْ : مَغْصُوبًا وَنَحْوَهُ ( لَمْ يُعْتَقْ ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ ، وَإِنَّمَا قَالَ : هُوَ حُرٌّ اعْتِمَادًا عَلَى صِحَّةِ الْقَبْضِ ( وَإِنْ ادَّعَى ) السَّيِّدُ ( تَحْرِيمَهُ ) أَيْ : مَا أَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يُقْبِضَهُ لَهُ ، بِأَنْ قَالَ : لَا أَقْبِضُهُ ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ أَوْ سَرِقَةٌ وَنَحْوُهُ وَأَنْكَرَهُ الْمُكَاتَبُ ( قُبِلَ ) قَوْلُ السَّيِّدِ ( بِبَيِّنَةٍ ) وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَنْ لَا يَقْتَضِيَ دَيْنَهُ مِنْ حَرَامٍ ، وَلَا يَأْمَنُ رُجُوعَ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ بِهِ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ لِلسَّيِّدِ بَيِّنَةٌ ( حَلَفَ الْعَبْدُ ) أَنَّهُ مَلَكَهُ ( ثُمَّ يَجِبُ ) عَلَى السَّيِّدِ ( أَخْذُهُ وَيُعْتَقُ ) الْمُكَاتَبُ ( بِهِ ) أَيْ : بِأَخْذِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مَلَكَهُ ( ثُمَّ يَلْزَمُهُ ) أَيْ : السَّيِّدَ ( رَدُّ ) مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ حَرَامٌ ( إلَى مَنْ أَضَافَهُ إلَيْهِ ) إنْ كَانَ أَضَافَهُ لِمُعَيَّنٍ بِأَنْ قَالَ غَصَبَهُ مِنْ زَيْدٍ فَيَرُدَّهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ .
وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْمُكَاتَبِ ( وَإِنْ نَكَلَ ) مُكَاتَبٌ عَنْ الْحَلِفِ أَنَّ مَا بِيَدِهِ مِلْكُهُ ( حَلَفَ سَيِّدُهُ ) أَنَّهُ حَرَامٌ وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ .

( وَلَهُ ) أَيْ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنَانِ : دَيْنُ الْكِتَابَةِ وَدَيْنٌ عَنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ نَحْوِهِ ( قَبَضَ مَا لَا يَفِي بِدَيْنِهِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ ) بِأَنْ يَنْوِيَ السَّيِّدُ بِمَا يَقْبِضُهُ أَنَّهُ عَنْ غَيْرِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ ( وَ ) لَهُ ( تَعْجِيزُهُ ) إذَا قَبَضَ مَا بِيَدِهِ عَنْ غَيْرِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ مَا يُوَفِّي كِتَابَتَهُ مِنْهُ وَ ( لَا ) يَمْلِكُ السَّيِّدُ تَعْجِيزَهُ ( قَبْلَ أَخْذِهِ ذَلِكَ ) الَّذِي بِيَدِهِ بِنِيَّةِ كَوْنِهِ ( عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ ) لِأَنَّ بِيَدِهِ مَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ ( وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ سَيِّدِهِ ) دُونَ الْمُكَاتَبِ الدَّافِعِ .
( وَفَائِدَتُهُ ) أَيْ اعْتِبَارِ قَصْدِ السَّيِّدِ ( يَمِينَهُ ) أَيْ السَّيِّدِ ( عِنْدَ النِّزَاعِ ) أَيْ الِاخْتِلَافِ فِي نِيَّتِهِ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِهَا .
وَهَذَا مَعْنَى مَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ .
وَتَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ : لَوْ قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ كَانَ عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أَوْ الْمُبَرِّئُ وَالْقَوْلُ قَوْلٌ فِي النِّيَّةِ .
قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ : فَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ لَا لِسَيِّدِهِ وَقَالَ عَمَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ : وَفِيهِ نَظَرٌ .

فَصْلٌ وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ كَسْبَهُ وَنَفْعَهُ وَكُلَّ تَصَرُّفٍ يُصْلِحُ مَالَهُ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَاسْتِدَانَةٍ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وُضِعَتْ لِتَحْصِيلِ الْعِتْقِ .
وَلَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِأَدَاءِ عِوَضِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْأَدَاءُ إلَّا بِالتَّكَسُّبِ .
وَهَذَا أَقْوَى أَسْبَابِهِ .
.
وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ { تِسْعَةَ أَعْشَارِ الرِّزْقِ فِي التِّجَارَةِ } ( وَتَتَعَلَّقُ ) اسْتِدَانَتُهُ ( بِذِمَّتِهِ ) أَيْ ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ ( يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقٍ ) لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ كَسْبَهُ صَارَتْ ذِمَّتُهُ قَابِلَةً لِلِاشْتِغَالِ وَلِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ .
فَلَيْسَ مِنْ سَيِّدِهِ غَرَرٌ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ ( وَسَفَرُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( كَ ) سَفَرِ ( غَرِيمٍ ) فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( أَخْذُ صَدَقَةٍ ) وَاجِبَةٍ وَمُسْتَحَبَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَفِي الرِّقَابِ } وَإِذَا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فَالْمُسْتَحَبَّةُ أَوْلَى .
( وَيَلْزَمُ ) مُكَاتَبًا ( شَرَطَ ) سَيِّدٌ عَلَيْهِ ( تَرْكَهُمَا ) أَيْ السَّفَرِ وَأَخْذِ الصَّدَقَةِ ( كَ ) مَا يَلْزَمُ ( الْعَقْدَ ) أَيْ عَقْدُ الْكِتَابَةِ ( فَيَمْلِكُ ) سَيِّدُهُ ( تَعْجِيزَهُ ) بِسَفَرِهِ أَوْ أَخْذِهِ الصَّدَقَةَ عِنْدَ شَرْطِ تَرْكِهِمَا لِحَدِيثِ { الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ } وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ .
قَالَ أَحْمَدُ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ( هُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) إنْ رَأَيْتَهُ يَسْأَلُ تَنْهَاهُ فَإِنْ قَالَ لَا أَعُودُ لَمْ يَرُدَّهُ عَنْ كِتَابَتِهِ فِي مَرَّةٍ .
فَظَاهِرُهُ إنْ خَالَفَ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ .

وَلَا يَصِحُّ ( شَرْطُهُ ) أَيْ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ ( نَوْعَ تِجَارَةٍ ) كَأَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَّجِرُ إلَّا فِي نَوْعِ كَذَا لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ ، كَشَرْطِهِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَّجِرَ

( وَ ) يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ ( أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ ) وَزَوْجَتِهِ ( وَرَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ التَّابِعِ لَهُ ) فِي كِتَابَتِهِ مِنْ كَسْبِهِ ( كَ ) وَلَدِهِ ( مِنْ أَمَتِهِ ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَابِعَةٌ لِلْكَسْبِ وَكَسْبُ مَنْ ذُكِرَ كُلُّهُ لِلْمُكَاتَبِ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُهُ تَابِعًا لَهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ زَوْجَتِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ ( فَإِنْ ) عَجَزَ مُكَاتَبٌ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ( وَلَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزِهِ لَزِمَتْهُ ) أَيْ السَّيِّدَ ( النَّفَقَةُ ) عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَلِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِ أَرِقَّائِهِ

( وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ ) وَلَوْ وُلِدَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ وَلَيْسَ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ ( وَيَتْبَعُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبُ وَلَدُهُ فِي كِتَابَتِهِ ( مِنْ أَمَةِ سَيِّدِهِ بِشَرْطِهِ ) أَيْ اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ فِي الْعَقْدِ ، لِحَدِيثِ { الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ } فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَوَلَدُهُ قِنٌّ لِسَيِّدِهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ ( وَنَفَقَتُهُ ) أَيْ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ ( مِنْ مُكَاتِبِهِ وَلَوْ ) كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ ( لِسَيِّدِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( عَلَى أُمِّهِ ) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا وَكَسْبُهُ لَهَا .

( وَلَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( أَنْ يَقْتَصَّ لِنَفْسِهِ ) وَلَوْ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ ( مِنْ جَانٍ عَلَى طَرَفِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ مَالٍ لَكَانَ لَهُ .
فَكَذَا بَدَلُهُ .
وَ ( لَا ) يَمْلِكُ أَنْ يَقْتَصَّ ( مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِهِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ سَيِّدِهِ بِإِتْلَافِ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ بِلَا إذْنِهِ ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَزَ فَيَعُودُ الرَّقِيقُ إلَى سَيِّدِهِ نَاقِصًا .
وَلِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَاصِرٌ عَلَى مَا يَبْتَغِي بِفِعْلِهِ الْمَصْلَحَةَ دُونَ غَيْرِهِ وَلَهُ خَتْنُهُمْ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِمْ .

( وَلَا ) يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ ( أَنْ يُكَفِّرَ بِمَالٍ ) إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ زَكَاةُ وَلَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ حُرٍّ .
وَيُبَاحُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ لِحَاجَتِهِ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا أَنْ ( يُسَافِرَ ) مُكَاتَبٌ ( لِجِهَادٍ ) لِتَفْوِيتِ حَقِّ سَيِّدِهِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ( أَوْ يَتَزَوَّجَ ) إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ حَدِيثِ { أَيُّمَا عَبْدٍ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ } وَلِأَنَّ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ ضَرَرًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى أَدَاءِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ مِنْ كَسْبِهِ وَرُبَّمَا عَجَزَ وَرَقَّ فَيَرْجِعُ نَاقِصَ الْقِيمَةِ ( أَوْ يَتَسَرَّى ) إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى السَّيِّدِ وَرُبَّمَا أَحْبَلَهَا فَتَتْلَفُ أَوْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا فِي أَدَاءِ الْكِتَابَةِ ( أَوْ يَتَبَرَّعَ ) إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ سَيِّدِهِ بِمَالِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ عَلَى مَالِهِ ( أَوْ يُقْرِضَ ) إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ فَرُبَّمَا أَفْلَسَ الْمُقْتَرِضُ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَوْ هَرَبَ ( أَوْ يُحَابِيَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ) لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي مَعْنَى التَّبَرُّعِ ( أَوْ يَرْهَنَ أَوْ يُضَارِبَ أَوْ يَبِيعَ نَسَاءً وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ يَهَبَ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ يُزَوِّجَ رَقِيقَهُ أَوْ يَحُدُّهُ أَوْ يُعْتِقَهُ وَلَوْ بِمَالٍ أَوْ يُكَاتِبَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ) فِي الْكُلِّ لِأَنَّ حَقَّ سَيِّدِهِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهُ إذْ رُبَّمَا عَجَزَ فَعَادَ إلَيْهِ كُلُّ مَا فِي مِلْكِهِ .
فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَإِذَا أَذِنَ زَالَ الْمَانِعُ ( وَالْوَلَاءُ ) عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ الْمُكَاتَبُ أَوْ كَاتَبَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَأَدَّى مَا عَلَيْهِ ( لِلسَّيِّدِ ) لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ كَوَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ .

( وَلَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( تَمَلُّكُ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ ) كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَخَالِهِ ( بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَ ) لَهُ ( شِرَاؤُهُمْ وَفِدَاؤُهُمْ ) إذَا جَنَوْا وَهُمْ بِيَدِهِ ( وَلَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِمَالِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِحُرِّيَّتِهِمْ بِتَقْدِيرِ عِتْقِهِ وَالْعِتْقُ مَطْلُوبٌ شَرْعًا ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ ( كَسْبُهُمْ ) أَيْ مَنْ صَارَ إلَيْهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ لِأَنَّهُمْ عَبِيدُهُ أَشْبَهُوا الْأَجَانِبَ ( وَلَا يَبِيعُهُمْ ) أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْمُكَاتَبُ ذَوِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا فَلَا يَمْلِكُهُ مُكَاتَبًا ( فَإِنْ عَجَزَ رَقُّوا مَعَهُ ) لِأَنَّهُمْ مِنْ مَالِهِ فَيَصِيرُونَ لِلسَّيِّدِ كَعَبِيدِهِ الْأَجَانِبِ .
( وَإِنْ أَدَّى عَتَقُوا مَعَهُ ) لِكَمَالِ مِلْكِهِ فِيهِمْ وَزَوَالِ تَعَلُّقِ حَقِّ سَيِّدِهِ عَنْهُمْ ( وَكَذَا وَلَدُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( مِنْ أَمَتِهِ ) لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ رَقَّ وَلَدُهُ مَعَهُ وَإِنْ أَدَّى عَتَقَ مَعَهُ وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَتَقَدَّمَ ( وَإِنْ أَعْتَقَ ) أَيْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ بِلَا أَدَاءً ( صَارُوا ) أَيْ ذُو رَحِمِ الْمُكَاتَبِ وَوَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ ( أَرِقَّاءَ لِلسَّيِّدِ ) كَرَقِيقِهِ الْأَجْنَبِيِّ .
إذْ مَا بِيَدِهِ مُعْتَقٌ بِغَيْرِ أَدَاءً لِسَيِّدِهِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ ) كَأَبِي سَيِّدِهِ وَعَمِّهِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ ( وَإِنْ عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ أَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بِلَا أَدَاءً ( عَتَقَ ) مَنْ بِيَدِهِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ لِزَوَالِ تَعَلُّقِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ عَنْهُ وَخُلُوصِ مِلْكِهِ لِلسَّيِّدِ

( وَوَلَدُ مُكَاتَبَةٍ وَلَدَتْهُ بَعْدَهَا ) أَيْ كِتَابَتِهَا ( يَتْبَعُهَا ) أَيْ أُمَّهُ الْمُكَاتَبَةُ ( فِي عِتْقٍ بِأَدَاءِ ) مَالِ الْكِتَابَةِ لِسَيِّدِهَا ( أَوْ ) أَعْتَقَهَا بِ ( إبْرَاءٍ ) مِنْ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ مِنْ السَّيِّدِ بِالِاخْتِيَارِ .
أَشْبَهَ الِاسْتِيلَادَ .
وَلَا يَتْبَعُهَا مَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ ( وَلَا ) يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ ( بِإِعْتَاقِهَا ) بِدُونِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ كَغَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ

( وَلَا ) يَعْتِقُ وَلَدُ مُكَاتَبَةٍ ( إنْ مَاتَتْ ) قَبْلَ أَدَاءِ مَالِ كِتَابَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْهُ لِبُطْلَانِ الْمُكَاتَبَةِ بِمَوْتِهَا وَكَغَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ ( وَوَلَدُ بِنْتِهَا ) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ ( كَوَلَدِهَا ) فَيَعْتِقُ إذَا عَتَقَتْ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَ ( لَا ) يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ ( وَلَدُ ابْنِهَا ) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ غَيْرِ أَمَتِهِ لِأَنَّ وَلَدَهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ دُونَ أَبِيهِ

( وَإِنْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ) لِمِلْكِ الْمُكَاتَبِ مَا يَشْتَرِيهِ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَغَيْرِهِ وَلِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ .
وَيَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِي غَيْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ

( وَإِنْ اسْتَوْلَدَ ) مُكَاتَبٌ ( أَمَتَهُ ) ثُمَّ عَتَقَ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ ( صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ بَيْعُهَا لِأَنَّ وَلَدَهَا لَهُ حُرْمَةُ الْحُرِّيَّةِ ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَعْتِقُ بِعِتْقِ أَبِيهِ أَشْبَهَ وَلَدَ الْحُرِّ مِنْ أَمَتِهِ ( وَعَلَى سَيِّدِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( بِجِنَايَتِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ وَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( أَرْشُهَا ) لِأَنَّ السَّيِّدَ مَعَ مُكَاتَبِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَمْثِيلٌ بِهِ فَإِنْ كَانَ عَتَقَ كَمَا سَبَقَ وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ .
( وَ ) عَلَى سَيِّدٍ لِمُكَاتَبِهِ ( بِحَبْسِهِ مُدَّةً ) لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ ( أَرْفَقُ الْأَمْرَيْنِ بِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( مِنْ إنْظَارِ مِثْلِهَا ) أَيْ مُدَّةَ حَبْسِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِتَابَةِ ( أَوْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ) زَمَنَ حَبْسِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ مَلْحُوظٌ فِيهِ حَظُّ الْكَاتِبِ وَقَدْ تَنَازَعَ فِيهِ أَمْرَانِ فَاعْتُبِرَ أَحَظُّهَا لَهُ لِذَلِكَ .

وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَقْدِ كِتَابَةٍ شَرْطُ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ نَصًّا لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمِلْكِ كَرَاهِنٍ يَطَأُ بِشَرْطٍ .
ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، وَلِأَنَّ بُضْعَهَا مِنْ جُمْلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا اسْتَثْنَى نَفْعَهُ صَحَّ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى مَنْفَعَةً أُخْرَى ، وَجَازَ وَطْؤُهُ لَهَا لِأَنَّهَا أَمَتُهُ وَهِيَ فِي جَوَازِ وَطْئِهِ لَهَا كَغَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ لِاسْتِثْنَائِهِ ( وَلَا ) يَصِحُّ شَرْطُ وَطْءِ ( بِنْتٍ لَهَا ) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ فِيهَا بِالتَّبَعِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا حَالَ الْعَقْدِ فَيَشْتَرِطُهُ ( فَإِنْ وَطِئَهَا ) أَيْ مُكَاتَبَةً ( بِلَا شَرْطٍ ) فَلَهَا الْمَهْرُ ( أَوْ ) وَطِئَ ( بِنْتَهَا ) أَيْ بِنْتَ مُكَاتَبَتِهِ ( الَّتِي فِي مِلْكِهِ أَوْ ) وَطِئَ ( أَمَتَهَا ) أَيْ أَمَةَ مُكَاتَبَتِهِ ( فَلَهَا ) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ ( الْمَهْرُ ) عَلَى سَيِّدِهَا .
( وَلَوْ ) كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ الْمُكَاتَبَةُ أَوْ ابْنَتُهَا أَوْ أَمَتُهَا ( مُطَاوِعَةً ) لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا لَيْسَ إذْنًا فِيهِ .
وَلِهَذَا لَوْ رَأَى مَالِكُ مَالٍ مَنْ يُتْلِفُهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ ضَمَانُهُ ( وَمَتَى تَكَرَّرَ ) وَطْؤُهُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ( وَكَانَ قَدْ أَدَّى ) الْمَهْرَ ( لِمَا قَبْلَهُ ) مِنْ الْوَطْءِ ( لَزِمَهُ ) مَهْرٌ ( آخَرُ ) لِوَطْئِهِ بَعْدَ أَدَاءِ مَهْرِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى مَهْرَ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ الْوَطْءَ الثَّانِي وَطْءٌ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ أَدَّى مَهْرًا لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ ( فَلَا ) يَلْزَمُهُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْمَوْطُوءَةِ مَمْلُوكَتَهُ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ سَيِّدِ الْمُكَاتَبَةِ ( قِيمَةُ أَمَتِهَا إنْ أَوْلَدَهَا ) لِإِتْلَافِهِ لَهَا بِمَنْعِهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا .
وَ ( لَا ) يَلْزَمُهُ قِيمَةُ ( بِنْتِهَا ) إنْ أَوْلَدَهَا لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مَمْنُوعَةً مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا فَلَمْ يَفُتْ عَلَيْهَا شَيْءٌ بِاسْتِيلَادِهَا بِخِلَافِ أَمَتِهَا

( وَلَا ) يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَيْضًا ( قِيمَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَوْ ) أَمَةِ ( مُكَاتَبَتِهِ ) إنْ اسْتَوْلَدَهَا .
لِأَنَّ وَلَدَ السَّيِّدِ كَجُزْءٍ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ قِيمَتِهِ لِرَقِيقِهِ .
فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ وَلَدِهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ وَلَا بِنْتِهَا

( وَيُؤَدَّبُ ) مَنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ بِلَا شَرْطٍ أَوْ بِنْتَهَا أَوْ أَمَتَهَا أَوْ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ ( إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ ) لِفِعْلِهِ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ ( وَتَصِيرُ ) مُكَاتَبَتُهُ أَوْ بِنْتُهَا أَوْ أَمَتُهَا أَوْ أَمَةُ مُكَاتَبِهِ ( إنْ وَلَدَتْ ) مِنْ سَيِّدِهَا سَوَاءٌ شَرَطَ وَطْءَ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ لَا ( أُمَّ وَلَدٍ ) لِأَنَّهَا أَمَتُهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا دِرْهَمٌ ( ثُمَّ إنْ أَدَّتْ ) مُكَاتَبَتُهُ الَّتِي أَوْلَدَهَا ( عَتَقَتْ ) وَكَسْبُهَا لَهَا وَلَا تَنْفَسِخُ كِتَابَتُهَا بِاسْتِيلَادِهَا ( وَإِنْ مَاتَ ) سَيِّدُهَا .
( وَ ) بَقِيَ ( عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهَا سَقَطَ وَعَتَقَتْ ) بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ ( وَمَا بِيَدِهَا لِوَرَثَتِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ ( وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ ) لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِغَيْرِ أَدَاءً

( وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ سَيِّدٌ مُكَاتَبَهُ ) فَلَهُ كُلُّ مَا بِيَدِهِ ( وَعِتْقُهُ ) أَيْ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ ( فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ ) لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا بِصَيْرُورَتِهِ حُرًّا ( وَلَوْ ) كَانَ عِتْقُهُ ( فِي غَيْرِ كَفَّارَةٍ ) وَيَصِحُّ عِتْقُهُ فِي الْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ وَيَأْتِي

( وَمَنْ كَاتَبَهَا شَرِيكَانِ ) فِيهَا ( ثُمَّ وَطِئَهَا فَلَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( مَهْرٌ ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ ، لَهَا فَيَضْمَنُهَا لَهَا مُتْلِفًا كَالْأَجْنَبِيِّ ( وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ ) فَتَبْقَى عَلَى كِتَابَتِهَا ( وَيَغْرَمُ ) مَنْ صَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ ( لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهَا ) مُكَاتَبَةً لِسَرَيَانِ الِاسْتِيلَادِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ، وَكِتَابَتُهَا بِحَالِهَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْهَا .
( وَ ) يَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ ( نَظِيرَهَا ) أَيْ حِصَّتَهُ ( مِنْ وَلَدِهَا ) لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ .
وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْوَلَدِ

( وَإِنْ أُلْحِقَ ) وَلَدُ مُكَاتَبَةٍ وَطِئَهَا سَيِّدَاهَا ( بِهِمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِمَا ) لِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُ سِرَايَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى وَكِتَابَتُهَا بِحَالِهَا .
فَإِنْ أَدَّتْ إلَيْهِمَا عَتَقَتْ فِي حَيَاتِهِمَا وَمَا بِيَدِهَا لَهَا ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ ( يَعْتِقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ) لِأَنَّ نِصْفَهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ ( وَ ) يَعْتِقُ ( بَاقِيهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ ) لِمَا سَبَقَ .

وَيَصِحُّ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الْمُكَاتَبِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِقِصَّةِ بَرِيرَةَ حِينَ اشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ بِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي الْقِصَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَجَزَتْ ، بَلْ اسْتِعَانَتُهَا بِهَا دَلِيلُ بَقَاءِ كِتَابَتِهَا وَيُقَاسُ عَلَى الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا ( وَلِمُشْتَرٍ ) مُكَاتَبًا ( جَعَلَ لَهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ ( الرَّدُّ أَوْ الْأَرْشُ ) لِأَنَّهَا عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ بِمِلْكِهِ نَفْعَهُ وَكَسْبَهُ ( وَهُوَ ) أَيْ الْمُشْتَرِي إنْ أَمْسَكَ ( كَبَائِعٍ فِي عِتْقٍ بِأَدَاءٍ ) لِلُزُومِ الْكِتَابَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِنَقْلِ الْمِلْكِ فِيهِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( الْوَلَاءُ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى إلَيْهِ وَعَتَقَ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ ( وَ ) مُشْتَرٍ كَبَائِعٍ فِي ( عَوْدِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( قِنًّا بِعَجْزِهِ ) عَنْ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْبَائِعِ

( فَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ ) وَاحِدٍ ( مِنْ مُكَاتِبِي شَخْصٍ ) الْآخَرَ ( أَوْ ) اشْتَرَى كُلٌّ مِنْ مُكَاتِبِي شَخْصَيْنِ ( اثْنَيْنِ الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ ) لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ شِرَاءُ الْعَبِيدِ فَصَحَّ شِرَاؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ كَشِرَائِهِ لِلْقِنِّ وَبَطَلَ شِرَاءُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى تَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ ( فَإِنْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا ) أَيْ الْبَيْعَيْنِ ( بَطَلَا ) لِاشْتِبَاهِ الصَّحِيحِ بِالْبَاطِلِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ وَجُهِلَتْ السَّابِقَةُ وَيُرَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى كِتَابَتِهِ

( وَإِنْ أُسِرَ ) أَيْ إنْ أَسَرَ الْكُفَّارُ الْمُكَاتَبَ ( فَاشْتُرِيَ ) مِنْهُمْ أَوْ وَقَعَ فِي قَسْمِ أَحَدِ الْغَانِمِينَ ( فَأَحَبَّ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ ) مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ ( بِمَا اشْتَرَى بِهِ ) فَلَهُ ذَلِكَ وَكِتَابَتُهُ بِحَالِهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُحِبَّ السَّيِّدُ أَخْذَهُ بِذَلِكَ مِنْهُ بَقِيَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ ( فَإِذَا أَدَّى ) الْمُكَاتَبُ ( لِمُشْتَرِيهِ ) أَوْ لِمَنْ وَقَعَ فِي قِسْمَتِهِ ( مَا بَقِيَ ) عَلَيْهِ ( مِنْ كِتَابَتِهِ عَتَقَ ) لِلُزُومِ الْكِتَابَةِ ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْأَسْرِ كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى ( وَوَلَاؤُهُ لَهُ ) أَيْ لِمُشْتَرِيهِ لِعِتْقِهِ فِي مِلْكِهِ ( وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( بِمُدَّةِ الْأَسْرِ ) الَّتِي هُوَ فِيهَا عِنْدَ الْكُفَّارِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَفْرِيطِهِ وَلَا فِعْلِهِ ( فَلَا يَعْجِزُ ) الْمُكَاتَبُ ( حَتَّى يَمْضِيَ ) عَلَيْهِ ( بَعْدَ الْأَجَلِ مِثْلُهَا ) أَيْ مُدَّةِ الْأَسْرِ فَتُلْغَى مُدَّةُ الْأَسْرِ ، وَيُبْنَى عَلَى مَا مَضَى

( وَعَلَى مُكَاتَبٍ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ ) فِدَاءُ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَعَ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ فِي الْمُعَامَلَاتِ .
فَكَذَا فِي الْجِنَايَاتِ ( أَوْ ) أَيْ وَعَلَى مُكَاتَبٍ جَنَى عَلَى ( أَجْنَبِيٍّ فِدَاءُ نَفْسِهِ ) لِأَنَّهُ الْجَانِي وَقَدْ مَلَكَ نَفْعَهُ وَكَسْبَهُ .
أَشْبَهَ الْحُرَّ ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَر مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يَفْدِي نَفْسَهُ ( بِقِيمَتِهِ فَقَطْ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ ، لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَالْقِيمَةُ بَدَلٌ مِنْ رَقَبَتِهِ ( مُقَدِّمًا ) فِدَاءَ نَفْسِهِ ( عَلَى ) دَيْنِ ( كِتَابَتِهِ ) لِتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ ، وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْكِتَابَةِ بِذِمَّتِهِ ، وَلِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ الْقِنِّ فَلَأَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمُكَاتَبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى

( فَإِنْ أَدَّى ) مُكَاتَبٌ جَانٍ كِتَابَتَهُ ( مُبَادِرًا ) قَبْلَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ ( وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ ) فِي مَالِهِ ( عَتَقَ ) لِصِحَّةِ أَدَائِهِ ، لِأَنَّهُ قَضَى حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ كَقَضَاءِ مَدِينٍ بَعْضَ غُرَمَائِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ( وَاسْتِقْرَارُ الْفِدَاءِ ) أَيْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَا بَعْدَهُ .
فَإِنْ سَأَلَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَحَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لَمْ يَصِحَّ دَفْعُهُ إلَى سَيِّدِهِ ، فَلَا يَعْتِقُ بِهِ وَارْتَجَعَهُ حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ .
لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ مُسْتَقِرٌّ وَدَيْنَ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ

( وَإِنْ قَتَلَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبَ الْجَانِيَ ( سَيِّدُهُ لَزِمَهُ ) مَا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهَا وَقِيمَتِهِ ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ مَحَلَّ تَعْلِيقِهَا وَهُوَ رَقَبَةُ الْجَانِي ( وَكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبَ الْجَانِيَ السَّيِّدُ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِإِتْلَافِهِ مَالِيَّتَهُ بِعِتْقِهِ ( وَيَسْقُطُ ) أَرْشُ جِنَايَتِهِ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ أَوْ عِتْقِهِ إيَّاهُ ( إنْ كَانَتْ ) جِنَايَتُهُ ( عَلَى سَيِّدِهِ ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَالِيَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ دَيْنُ نَفْسِهِ

( وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ ) جَانٍ عَنْ فِدَاءِ نَفْسِهِ ( وَهِيَ ) أَيْ الْجِنَايَةُ ( عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ ) أَيْ سَيِّدِهِ ( تَعْجِيزُهُ ) أَيْ عَوْدُهُ إلَى الرِّقِّ ، لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ حَقٌّ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ رَقَبَتُهُ ( وَإِنْ فَدَاهُ ) فَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ ( وَإِلَّا بِيعَ فِيهَا ) أَيْ الْجِنَايَةِ ( قِنًّا ) أَيْ غَيْرَ مُكَاتَبٍ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ بِتَعْلِيقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِرَقَبَتِهِ ( وَيَجِبُ فِدَاءُ جِنَايَتِهِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ ( بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( أَوْ أَرْشِهَا ) أَيْ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا مَوْضِعَ لَهَا .
وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِهَا

( وَإِنْ عَجَزَ ) مُكَاتَبٌ ( عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ ) لِأَنَّ حُكْمَهُ كَالْأَحْرَارِ فَيُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ ، لِأَنَّهُ حَالُ يَسَارِهِ .
وَخَرَجَ بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْإِتْلَافَاتِ وَتَقَدَّمَ ( فَيُقَدِّمُهَا ) أَيْ دُيُونَ الْمُعَامَلَةِ عَلَى دَيْنِ كِتَابَتِهِ إنْ كَانَ ( مَحْجُورًا عَلَيْهِ ) بِأَنْ ضَاقَتْ دُيُونُهُ عَنْهَا وَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَحَجَرَ عَلَيْهِ ( بَعْدَ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( فَلِهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( مَالٌ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ ) بِعَوْدِهِ إلَى الرِّقِّ ( بِخِلَافِ أَرْشِ ) جِنَايَةٍ لِتَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ ( وَ ) بِخِلَافِ ( دَيْنِ كِتَابَةٍ ) لِأَنَّهُ بَدَلُ رَقَبَتِهِ ( وَيَشْتَرِطُ رَبُّ دَيْنٍ ) مُعَامَلَةً ( وَ ) رَبُّ ( أَرْشٍ ) جِنَايَةً فِي تَرِكَةِ مُكَاتَبٍ ( بَعْدَ مَوْتِهِ ) فَيَتَحَاصَّانِ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ ( وَلِ ) لْمُكَاتَبِ ( غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ ) مِنْ دَيْنِ كِتَابَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ كَالْحُرِّ .

مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ ( لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ ) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا تَحْصِيلُ الْعِتْقِ فَكَأَنَّ السَّيِّدَ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ ، وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِاسْتِدْرَاكِ مَا يَحْصُلُ لِلْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْغَبْنِ وَالسَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ دَخَلَا فِيهِ مُتَطَوِّعَيْنِ رَاضِيَيْنِ بِالْغَبْنِ ( وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا فَسْخَهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ ( وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ ) كَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا كَبَاقِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ .
وَخَرَجَ بِالْمُسْتَقْبَلِ الْمَاضِي وَالْحَاضِرُ ، كَإِنْ كُنْت عَبْدِي وَنَحْوِهِ فَقَدْ كَاتَبْتُك ( وَلَا تَنْفَسِخُ ) الْكِتَابَةُ ( بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَلَا جُنُونِهِ وَلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ ) لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ ( وَيَعْتِقُ ) الْمُكَاتَبُ ( بِأَدَاءٍ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ) أَيْ السَّيِّدِ مِنْ وَلِيِّهِ وَكَوَكِيلِهِ أَوْ الْحَاكِمِ مَعَ غَيْبَةِ سَيِّدِهِ ( أَوْ ) بِأَدَاءٍ إلَى ( وَارِثِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلْوَارِثِ كَمَا لَوْ وَصَّى بِمَا عَلَيْهِ لِشَخْصٍ فَأَدَّى إلَيْهِ

( وَإِنْ حَلَّ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ ( نَجْمٌ ) مِنْ كِتَابَتِهِ ( فَلَمْ يُؤَدِّهِ فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ ) كَمَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( بِلَا حُكْمِ ) حَاكِمٍ كَرَدِّ الْمَعِيبِ

( وَيَلْزَمُ ) سَيِّدًا ( إنْظَارُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ فَسْخِ كِتَابَتِهِ ( ثَلَاثًا ) إنْ اسْتَنْظَرَهُ الْمُكَاتَبُ ( لِبَيْعِ عَرْضٍ وَلِمَالٍ غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَلِدَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ ) لِمَالٍ ( مُودَعٍ ) قَصْدًا لِحَظِّ الْمُكَاتَبِ وَالرِّفْقِ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالسَّيِّدِ .

وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ وَبِإِذْنِهِ يَكْتُبُ الْحَاكِمُ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ الْمُكَاتَبُ يَأْمُرُهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ يُثْبِتُ عَجْزَهُ لِيَفْسَخَ السَّيِّدُ أَوْ وَكِيلُهُ .
فَإِنْ قَدَرَ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَمْ يَحْضُرْ وَلَمْ يُوَكِّلْ مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَمَضَى زَمَنُ السَّيْرِ عَادَةً فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ ( وَلِمُكَاتَبٍ قَادِرٍ عَلَى كَسْبٍ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ ) بِتَرْكِ التَّكَسُّبِ لِأَنَّ دَيْنَ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ عَلَيْهِ ، وَمُعْظَمُ الْقَصْدِ بِالْكِتَابَةِ تَخْلِيصُهُ مِنْ الرِّقِّ .
فَإِذَا لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ ( إنْ لَمْ يَمْلِكْ ) الْمُكَاتَبُ ( وَفَاءً ) لِكِتَابَتِهِ فَإِنْ مَلَكَهُ لَمْ يَمْلِكْ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ وَهُوَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا مَعَ حُصُولِ سَبَبِهَا بِلَا كُلْفَةٍ وَ ( لَا ) يَمْلِكُ مُكَاتَبٌ ( فَسْخَهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ لِلُزُومِهَا ( فَإِنْ مَلَكَهُ ) أَيْ الْوَفَاءَ مُكَاتَبٌ ( أُجْبِرَ عَلَى أَدَائِهِ ) لِسَيِّدِهِ ( ثُمَّ عَتَقَ ) بِأَدَائِهِ وَلَا يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ لِلْخَبَرِ ، وَلِجَوَازِ أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ أَدَائِهِ فَيَفُوتُ عَلَى السَّيِّدِ

( فَإِنْ مَاتَ ) مُكَاتَبٌ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْوَفَاءِ ( انْفَسَخَتْ ) وَلَوْ مَلَكَ وَفَاءً لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا فَمَالُهُ جَمِيعُهُ لِسَيِّدِهِ ( وَيَصِحُّ فَسْخُهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ ( بِاتِّفَاقِهِمَا ) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَسَيِّدِهِ فَيَصِحُّ أَنْ يَتَقَايَلَا أَحْكَامَهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْكَافِي .
وَفِي الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى

( وَلَوْ زَوَّجَ ) السَّيِّدُ ( امْرَأَةً تَرِثُهُ ) إنْ مَاتَ ( مِنْ مُكَاتَبِهِ وَصَحَّ ) النِّكَاحُ بِأَنْ قُلْنَا الْكَفَاءَةُ شَرْطٌ لِلُّزُومِ لَا لِلصِّحَّةِ ، أَوْ حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ ( ثُمَّ مَاتَ ) السَّيِّدُ ( انْفَسَخَ النِّكَاحُ ) لِمِلْكِهَا زَوْجَهَا أَوْ بَعْضَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا ( وَكَذَا لَوْ وَرِثَ ) زَوْجٌ حُرٌّ ( زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ ) زَوْجَةً ( غَيْرَهَا ) أَوْ جُزْءًا مِنْهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ .
لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ فَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ أَبْطَلَهُ

( وَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ ) السَّيِّدُ ( إلَى مَنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ) كُلَّهَا ( رُبْعَهَا ) أَمَّا وُجُوبُ الْإِيتَاءِ بِلَا تَقْدِيرٍ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَأَمَّا كَوْنُهُ رُبْعَ مَالِ الْكِتَابَةِ فَلِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي قَوْله تَعَالَى : { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } قَالَ { رُبْعُ الْكِتَابَةِ } .
وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَنْ عَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ إيتَاؤُهُ بِالشَّرْعِ مُوَاسَاةً فَكَانَ مُقَدَّرًا كَالزَّكَاةِ .
وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمُكَاتَبِ وَفَارَقَتْ الْكِتَابَةُ فِي ذَلِكَ سَائِرَ الْعُقُودِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا الرِّفْقُ بِالْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

( وَلَا يَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبَ ( قَبُولُ بَدَلِهِ ) أَيْ رُبْعِ مَالِ الْكِتَابَةِ إنْ دَفَعَهُ سَيِّدُهُ لَهُ ( مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ) الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَأَعْطَاهُ عَنْ رُبْعِهَا دَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ ، أَوْ أَعْطَاهُ عَنْهَا عُرُوضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْتِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَا مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الْإِيتَاءِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَتَسَاوَيَا فِي الْإِجْزَاءِ كَالزَّكَاةِ ، وَغَيْرُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ أُلْحِقَ بِهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى مِنْ عَيْنِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ

( فَلَوْ وَضَعَ ) السَّيِّدُ عَنْ مُكَاتَبِهِ مِنْ مَالِ كِتَابَتِهِ ( بِقَدْرِهِ ) أَيْ الرُّبْعِ جَازَ لِتَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ الْآيَةَ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّفْعِ وَأَعْوَنُ عَلَى حُصُولِ الْعِتْقِ ( أَوْ عَجَّلَهُ ) أَيْ إيفَاءَ الرُّبْعِ لِلْمُكَاتَبِ سَيِّدُهُ ( جَازَ ) لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ وَكَالزَّكَاةِ وَوَقْتُ الْوُجُوبِ : عِنْدَ الْعِتْقِ لِمَا تَقَدَّمَ .
وَقَالَ عَلِيٌّ ( الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ وَالْإِيتَاءُ مِنْ الثَّانِي ) فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ إيتَائِهِ الرُّبْعَ فَهُوَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ .
فَإِنْ ضَاقَتْ عَنْهُ وَعَنْ دُيُونِهِ تَحَاصُّوا

( وَلِسَيِّدٍ الْفَسْخُ ) لِلْكِتَابَةِ ( بِعَجْزِ مُكَاتَبٍ عَنْ رُبْعِهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ ، لِحَدِيثِ الْأَثْرَمِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَعَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ قَالُوا { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ دِرْهَمٌ } .
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عِوَضٌ عَنْ الْمُكَاتَبِ فَلَا يَعْتِقُ قَبْلَ أَدَاءِ جَمِيعِهَا ، وَلِأَنَّهُ لَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ لَسَرَى إلَى بَاقِيهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ بِالْعِتْقِ .
وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { إذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ .
وَيُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِحِصَّةِ مَا أَدَّى بِهِ حُرٌّ وَمَا بَقِيَ دِيَةُ عَبْدٍ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُكَاتَبٍ لِرَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِكِتَابَتِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ، وَأَدَّى لِلْمُقِرِّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَتَوْفِيقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقِيَاسِ .
وَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ { كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ مُكَاتَبٍ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِينَارٌ }

( وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُصَالِحَ سَيِّدَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ ) مِنْ كِتَابَتِهِ ( بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا ( لَا مُؤَجَّلًا ) لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ، وَلَا أَنْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضٍ إنْ جَرَى بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ رِبَا نَسِيئَةٍ

( وَمَنْ أُبْرِئَ ) مِنْ الْمُكَاتَبَيْنِ ( مِنْ كِتَابَتِهِ ) كُلِّهَا ( عَتَقَ ) لِمَفْهُومِ حَدِيثِ { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } لِأَنَّهُ مَعَ الْبَرَاءَةِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَلِأَنَّ الْبَرَاءَةَ فِي مَعْنَى الْأَدَاءِ ، بِجَامِعِ سُقُوطِ الْحَقِّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ

( وَإِنْ أُبْرِئَ ) مُكَاتَبٌ ( مِنْ بَعْضِهَا ) كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَأَبْرَأَهُ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ ( فَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ ) مِنْ الْأَلْفِ ، فَإِذَا أَدَّى عَتَقَ .

وَاحِدٍ ، كَأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَيْنِ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى سَنَتَيْنِ كُلُّ سَنَةٍ مِائَةً ، كَمَا لَوْ بَاعَهُمْ كَذَلِكَ لِوَاحِدٍ ( وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ ) بَيْنَهُمْ ( عَلَى الْقِيَمِ ) أَيْ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ ( يَوْمَ الْعَقْدِ ) لِأَنَّهُ زَمَنُ الْمُعَاوَضَةِ لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا أَوْ اشْتَرَى عَبِيدًا وَرَدَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ بِعَيْبٍ ( وَيَكُونُ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ) مِنْ الْعِوَضِ ( يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا وَيَعْجِزُ بِعَجْزِهِ عَنْهَا ) أَيْ قَدْرِ حِصَّتِهِ ( وَحْدَهُ ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَوْا عَبْدًا ، وَإِنْ شَرْط عَلَيْهِمْ ضَمَانَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ، وَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ ، وَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ سَقَطَ مَا عَلَيْهِ نَصًّا ، وَكَذَا إنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ بَعْضَهُمْ

( وَإِنْ أَدَّوْا ) مَا كُوتِبُوا عَلَيْهِ جَمِيعَهُ ( وَاخْتَلَفُوا ) بَعْدَ أَدَائِهِ ( فِي قَدْرِ مَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمْ ، بِأَنْ قَالَ أَكْثَرُهُمْ قِيمَةً : أَدَّيْنَا عَلَى قَدْرِ قِيَمِنَا .
وَقَالَ الْأَقَلُّ قِيمَةً : أَدَّيْنَا عَلَى السَّوَاءِ فَبَقِيَتْ لَنَا عَلَى الْأَكْثَرِ قِيمَةُ بَقِيَّتِهِ ( فَ ) الْقَوْلُ ( قَوْلُ مُدَّعِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ ) أَيْ قَدْرَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ

( وَيَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ ) السَّيِّدُ ( بَعْضَ عَبْدِهِ ) كَنِصْفِهِ كَالْبَيْعِ وَيَجِبُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى سَيِّدِهِ مِنْ كَسْبِهِ بِحَسَبِ مَا لَهُ فِيهِ مِنْ الرِّقِّ ، وَيُؤَدِّي فِي الْكِتَابَةِ بِحَسَبِ مَا كُوتِبَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى سَيِّدُهُ بِتَأْدِيَةِ الْجَمِيعِ فِي الْكِتَابَةِ ( فَإِنْ أَدَّى ) عَلَيْهِ ( عَتَقَ كُلُّهُ ) أَيْ مَا كُوتِبَ فِيهِ لِأَدَائِهِ وَالْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ ، كَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ .

وَيَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ أَلْفٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ الْأَلْفِ الْأَوَّلِ .
فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ أَدَاءِ شَيْءٍ صَحَّ .
فَكَذَا إذَا جَعَلَ عِتْقَهُ عِنْدَ أَدَاءِ بَعْضِ كِتَابَتِهِ وَيَبْقَى الْآخَرُ دَيْنًا عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ .
كَمَا لَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِهِ .
وَكَذَا شَرْطُهُ عَلَيْهِ خِدْمَةً مَعْلُومَةً بَعْدَ الْعِتْقِ

( وَ ) يَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ ( شِقْصًا ) لَهُ ( مِنْ مُشْتَرَكٍ ) عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ( بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ) مُوسِرًا كَانَ الشَّرِيكُ أَوْ مُعْسِرًا .
لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى نَصِيبِهِ فَصَحَّ كَبَيْعِهِ ، وَلِأَنَّهُ مِلْكٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ فَصَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَالْكَامِلِ ، وَكَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا وَلَا يُمْنَعُ الْكَسْبَ وَأَخْذُ الصَّدَقَةِ بِجُزْئِهِ الْمُكَاتَبِ .
وَلَا يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ كَمَا لَوْ وَرِثَ الْمُبَعَّضُ شَيْئًا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَإِنْ هَايَأَ مَالِكُ الْبَقِيَّةِ فَكَسَبَ فِي نَوْبَتِهِ شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ الْمُكَاتَبُ وَإِنْ لَمْ يُهَايِئْهُ .
فَمَا كَسَبَهُ بِجُمْلَتِهِ فَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِ الْجُزْءِ الْمُكَاتَبِ مِنْهُ وَلِسَيِّدِهِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ الْبَاقِي لِأَنَّهُ كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْمَمْلُوكِ ( وَيَمْلِكُ ) الْمُكَاتَبُ بَعْضُهُ ( مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ ) أَيْ الْجُزْءِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْكِتَابَةِ

( فَإِذَا أَدَّى ) الْمُكَاتَبُ بَعْضَ ( مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ ) لِمَنْ كَاتَبَهُ ( وَ ) أَدَّى ( لِ ) لِشَرِيكِ ( الْآخَرِ ) الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ ( مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ عَتَقَ ) كُلُّهُ ( إنْ كَانَ مَنْ كَاتَبَهُ ) أَيْ كَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ ( مُوسِرًا ) بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهُ ( مُوسِرًا ) بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ : الْجُزْءِ الْمُكَاتَبِ بِالْأَدَاءِ ، وَالْآخَرِ بِالسِّرَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى مَنْ كَاتَبَهُ شَيْئًا حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ مِنْهُ ، سَوَاءٌ أَذِنَ الشَّرِيكُ فِي كِتَابَتِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ .
فَلَوْ أَدَّى الْكِتَابَةَ مِنْ جَمِيعِ كَسْبِهِ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ دَفَعَ مَا لَيْسَ لَهُ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الشَّرِيكِ الَّذِي كَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَأَدَّى إلَيْهِ ( قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ ) لِأَنَّ عِتْقَهَا عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَهُ بِالْعِتْقِ .
أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِهِ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ .
فَإِنْ كَانَ الَّذِي كَاتَبَهُ مُعْسِرًا لَمْ يُعْتِقْ سِوَى نَصِيبَهُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِبَعْضِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَتَقَ بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ ( وَإِنْ أَعْتَقَهُ الشَّرِيكُ ) الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ أَيْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ ( قَبْلَ أَدَائِهِ ) كِتَابَتَهُ ( عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ ) بِالسِّرَايَةِ ( إنْ كَانَ مُوسِرًا ) بِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُ مُكَاتَبًا ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ ( قِيمَةُ مَا لِلشَّرِيكِ ) الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ ( مُكَاتَبًا ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ سِوَى نَصِيبُهُ وَيَبْقَى نَصِيبُ شَرِيكِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ .
فَإِذَا أَدَّاهَا كَمُلَتْ حُرِّيَّتُهُ عَلَيْهِمَا وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا عَتَقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا

( وَلَهُمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ ( كِتَابَةُ عَبْدِهِمَا ) سَوَاءٌ تَسَاوَى مِلْكُهُمَا فِيهِ ؛ أَوْ تَفَاضَلَ ( عَلَى تَسَاوٍ ) فِي مَالِ الْكِتَابَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَاهُ عَلَى أَلْفَيْنِ لِكُلٍّ أَلْفٌ .
( وَ ) عَلَى ( تَفَاضُلٍ ) كَأَنْ يُكَاتِبَاهُ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ لِوَاحِدٍ أَلْفَانِ وَلِآخَرَ أَلْفٌ سَوَاءٌ كَاتَبَاهُ فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا يَعْقِدُ عَلَى نَصِيبِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ فَجَازَ أَنْ يَخْتَلِفَا فِي الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ ( وَلَا يُؤَدِّي إلَيْهِمَا إلَّا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا ) فَلَا يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ .
وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ .
لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِيهِ فَيَتَسَاوَيَانِ فِي كَسْبِهِ ، وَحَقُّهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي يَدِهِ تَعَلُّقًا وَاحِدًا ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا مِنْهُ بِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ .
فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ .
وَلِلْمَفْضُولِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ .
فَإِنْ عَجَزَ فَلَهُمَا الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ ، فَإِنْ فَسَخَا أَوْ أَمْضَيَا أَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَمْضَى الْآخَرُ جَازَ

( فَإِنْ كَاتَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ ) فِي صَفْقَتَيْنِ ( فَوَفَّى ) الْمُكَاتَبُ ( أَحَدَهُمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ .
ظَاهِرُهُ .
وَلَوْ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً ( أَوْ أَبْرَأَهُ ) مِنْهُ ( عَتَقَ نَصِيبُهُ خَاصَّةً إنْ كَانَ ) الْمُوَفِّي أَوْ الْمُبَرِّئُ ( مُعْسِرًا ) بِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ ( كُلُّهُ ) بِالسِّرَايَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ ، مُكَاتَبًا وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ

( وَإِنْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً ) فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ( فَوَفَّى أَحَدَهُمَا ) أَيْ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَهُ عَلَيْهِ ( بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِمَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ تَعَلُّقًا وَاحِدًا .
( وَإِنْ كَانَ ) وَفَّى أَحَدَهُمَا ( بِإِذْنِهِ ) أَيْ الْآخَرِ ( عَتَقَ نَصِيبُهُ ) لِصِحَّةِ الْقَبْضِ .
لِأَنَّ الْمَنْعَ لَحِقَ الشَّرِيكَ الْآخَرِ وَقَدْ زَالَ بِالْإِذْنِ ( وَسَرَى ) الْعِتْقُ ( إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ ) مَنْ اسْتَوْفَى كِتَابَتَهُ ( مُوسِرًا وَضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ مُكَاتَبًا ) لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ بَاقِيًا عَلَى كِتَابَتِهِ ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ كُلُّهُ وَمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ كَوْنِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِقَدْرِ مَا قَبَضَهُ صَاحِبُهُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ الَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ .
لِأَنَّ نِصْفَهُ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ .
وَنِصْفَهُ بِالسِّرَايَةِ فَحِصَّةُ مَا عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ وَحِصَّةُ مَا عَتَقَ بِالسِّرَايَةِ لِلسَّيِّدِ

( وَإِنْ كَاتَبَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا ) لَهُمْ ( فَادَّعَى الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ ) كُلِّهِمْ ( فَأَنْكَرَهُ ) أَيْ الْأَدَاءَ ( أَحَدُهُمْ ) وَأَقَرَّ الْآخَرَانِ ( شَارَكَهُمَا ) الْمُنْكِرُ ( فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ ) مِنْ الْعَبْدِ فَلَوْ كَانُوا كَاتَبُوهُ عَلَى ثُلْثِمِائَةٍ مَثَلًا فَاعْتَرَفَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِقَبْضِ مِائَتَيْنِ وَأَنْكَرَ الثَّالِثُ قَبْضَ الْمِائَةِ شَارَكَهُمَا فِي الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اعْتَرَفَا بِقَبْضِهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ فَثَمَنُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَلِأَنَّ مَا بِيَدِ الْعَبْدِ لَهُمْ وَمَا أَخَذَاهُ كَانَ بِيَدِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيهِ بِالسَّوِيَّةِ ( وَنَصُّهُ ) أَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ( تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُنْكِرِ بِقَبْضِ الْمِائَةِ ، لِأَنَّهُمَا شَهِدَا لِلْعَبْدِ بِأَدَاءِ مَا يَعْتِقُ بِهِ .
أَشْبَهَا الْأَجْنَبِيَّيْنِ ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ رُجُوعُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَلَيْهِمَا بِحِصَّتِهِ مِمَّا قَبَضَاهُ ، وَإِلَّا لِمَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا بِهَا مَغْرَمًا فَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَشْهَدَا .
أَخَذَ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا ثُلُثَيْ مِائَةٍ وَمِنْ الْعَبْدِ تَمَامَهَا ، وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِينَ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَنْكَرَ الثَّالِثُ الْكِتَابَةَ فَقَوْلُهُ : بِيَمِينِهِ وَنَصِيبُهُ رَقِيقٌ إذَا حَلَفَ .
وَإِنْ كَانَ شَرِيكَاهُ عَدْلَيْنِ وَشَهِدَا عَلَيْهِ .
قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَجُرَّانِ بِهَا إلَى أَنْفُسِهِمَا نَفْعًا

( وَمَنْ قَبِلَ كِتَابَةً ) مِنْ سَيِّدِهِ ( عَنْ نَفْسِهِ .
وَ ) عَنْ رَقِيقٍ لِسَيِّدِهِ ( غَائِبٍ ) بِأَنْ قَالَ سَيِّدٌ لِبَعْضِ أَرِقَّائِهِ : كَاتَبْتُك وَفُلَانًا الْغَائِبَ عَلَى كَذَا .
فَقَبِلَ الْمُخَاطَبُ لِنَفْسِهِ وَلِلْغَائِبِ ( صَحَّ ) ذَلِكَ ( كَتَدْبِيرٍ ) مَعَ غَيْبَةِ الْمُدَبَّرِ بِجَامِعِ كَوْنِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ سَبَبَيْنِ لِلْعِتْقِ ، وَإِنْ انْفَرَدَتْ الْكِتَابَةُ بِشُرُوطٍ لَيْسَتْ لِلتَّدْبِيرِ ( فَإِنْ أَجَازَ الْغَائِبُ ) مَا قَبِلَهُ لَهُ الْحَاضِرُ مِنْ الْكِتَابَةِ انْعَقَدَتْ لَهُمَا وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَبِلَ الْحَاضِرُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُجِزْ الْغَائِبُ مَا قَبِلَهُ الْحَاضِرُ ( لَزِمَهُ ) أَيْ الْحَاضِرَ ( الْكُلُّ ) الَّذِي كُوتِبَا عَلَيْهِ لِحُصُولِ الْقَبُولِ مِنْ الْحَاضِرِ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ .
وَيَتَوَجَّهُ كَفُضُولِيٍّ وَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ .

فِي كِتَابَتِهِ كَأَنْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ كَاتَبَهُ عَلَى كَذَا فَأَنْكَرَ سَيِّدُهُ ( فَقَوْلُ مُنْكِرٍ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا

( وَ ) إنْ اخْتَلَفَا ( فِي قَدْرِ عِوَضِهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ كَقَوْلِ السَّيِّدِ كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفٍ فَيَقُولُ الْمُكَاتَبُ : بَلْ عَلَى سِتِّمِائَةٍ فَقَوْلُ سَيِّدٍ بِيَمِينِهِ نَصًّا لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي عِوَضِ الْكِتَابَةِ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهَا وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ عَدَمُ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَا صَارَ إلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِي الْمُكَاتَبِ وَكَسْبِهِ أَنَّهُ لِلسَّيِّدِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهِ ، الثَّانِي أَنَّ التَّحَالُفَ فِي الْبَيْعِ يُفِيدُ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ هُنَا إذْ فَائِدَتُهُ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَرُدَّ الْعَبْدُ إلَى الرِّقِّ إذَا لَمْ يَرْضَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ .
وَهَذَا حَاصِلٌ بِحَلِفِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ .
وَإِنَّمَا قُدِّمَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ وَهُنَا الْأَصْلُ مَعَ السَّيِّدِ ، إذْ الْأَصْلُ مِلْكُهُ لِلْعَبْدِ وَكَسْبُهُ .
وَإِذَا حَلَفَ السَّيِّدُ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا وَسَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ

( أَوْ ) اخْتَلَفَا فِي ( جِنْسِهِ ) أَيْ مَالِ الْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ : كَاتَبْتُك عَلَى مِائَةٍ دِينَارٍ ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ : بَلْ عَلَى مِائَةٍ دِرْهَمٍ ( أَوْ ) اخْتَلَفَا فِي ( أَجَلِهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ : كَاتَبْتُك عَلَى مِائَتَيْنِ عَلَى شَهْرَيْنِ كُلِّ شَهْرٍ مِائَةٌ ، فَقَالَ الْعَبْدُ بَلْ كُلِّ سَنَةٍ مِائَةٌ .
فَقَوْلُ سَيِّدٍ بِيَمِينِهِ لِمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ ) اخْتَلَفَا فِي ( وَفَاءِ مَالِهَا ) بِأَنْ قَالَ الْعَبْدُ : وَفَّيْتُك كِتَابَتِي فَعَتَقْت وَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ ( فَقَوْلُ سَيِّدٍ ) بِيَمِينِهِ .
وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَبْرَأَهُ مِنْهَا فَأَنْكَرَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ

( وَإِنْ قَالَ ) السَّيِّدُ ( قَبَضْتهَا ) أَيْ الْكِتَابَةَ ( إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ ) قَبَضْتهَا إنْ ( شَاءَ زَيْدٌ عَتَقَ ) الْمُكَاتَبُ ( وَلَمْ يُؤَثِّرْ ) الِاسْتِثْنَاءُ ( وَلَوْ ) كَانَ ( فِي مَرَضِهِ ) لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ .
وَلِأَنَّ قَوْلَهُ قَبَضْتُهَا مَاضٍ وَلَا يُمْكِنُهُ تَعْلِيقُهُ ، لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ عَلَى صِفَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ عَنْهَا بِالشَّرْطِ ( وَيَثْبُتُ الْأَدَاءُ ) لِلْكِتَابَةِ ( وَيَعْتِقُ ) بِهِ الْمُكَاتَبُ ( بِشَاهِدٍ ) أَيْ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ ( مَعَ امْرَأَتَيْنِ أَوْ ) بِشَهَادَةِ رَجُلٍ عَدْلٍ مَعَ ( يَمِينِ ) مُكَاتَبٍ كَسَائِرِ الدُّيُونِ .

( الْفَاسِدَةُ كَ ) الْكِتَابَةِ ( عَلَى خَمْرٍ أَوْ ) عَلَى ( خِنْزِيرٍ أَوْ ) عَلَى شَيْءٍ ( مَجْهُولٍ ) كَثَوْبٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ الصِّفَةِ فِي أَنَّهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبُ ( إذَا أَدَّى ) مَا سُمِّيَ فِيهَا ( عَتَقَ ) سَوَاءٌ صَرَّحَ بِالصِّفَةِ بِأَنْ قَالَ : إذَا أَدَّيْت إلَى ذَلِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَا .
لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْكِتَابَةِ فَهُوَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ وَكَالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَإِذَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَعْطَاهُ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِالصِّفَةِ وَمَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ .
وَ ( لَا ) يَعْتِقُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ ( إنْ أُبْرِئَ ) الْمُكَاتَبُ مِمَّا عَلَيْهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ .
لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ( وَيُتْبَعُ وَلَدٌ ) فِي كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ فِيهَا بِالْأَدَاءِ أَشْبَهَ الصَّحِيحَةَ .
وَ ( لَا ) يُتْبَعُ ( كَسْبٌ فِيهَا ) أَيْ الْفَاسِدَةِ فَمَا بِيَدِهِ حِينَ عَتَقَ لِسَيِّدِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَبِيَدِهِ مَالٌ ( وَلِكُلٍّ ) مِنْ سَيِّدٍ وَرَقِيقٍ ( فَسْخُهَا ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَلْزَمُ حُكْمُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ صِفَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ ، لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ وَتَابِعَةٌ لَهَا وَالْمُعَاوَضَةُ هِيَ الْمَقْصُود .
فَإِذَا بَطَلَتْ الْمُعَاوَضَةُ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ بَطَلَتْ الصِّفَةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ فِي الصِّفَةِ الْفَاسِدَةِ التَّصَرُّفَ فِي كَسْبِهِ وَأَخْذِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ كَالصَّحِيحَةِ وَإِذَا كَاتَبَ عَدَدًا كِتَابَةً فَاسِدَةً فَأَدَّى إلَيْهِ أَحَدُهُمْ عَتَقَ كَالصَّحِيحَةِ .
وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فِي الْفَاسِدَةِ أَدَاءُ رُبْعِ الْكِتَابَةِ وَلَا شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا بِالصِّفَةِ .
أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ : إذَا أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ ( وَتَنْفَسِخُ ) الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ ( بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَجُنُونِهِ وَحَجْرٍ عَلَيْهِ

لِسَفَهِهِ ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ ، وَأَيْضًا فَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حُكْمُ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ ، وَهِيَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ .
وَيَمْلِكُ السَّيِّدُ أَخْذَ مَا بِيَدِ الْمُكَاتَبِ فِي الْفَاسِدَةِ .

الْأَحْكَامُ جَمْعُ حُكْمٍ ، وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُفِيدُ فَائِدَةً شَرْعِيَّةً .
وَأَصْلُ ( أُمٍّ ) أُمَّهَةٌ ، وَلِذَلِكَ جُمِعَتْ عَلَى أُمَّهَاتِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ ، وَعَلَى أُمَّاتٍ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ ، وَالْهَاءُ فِي أُمَّهَةٌ ، زَائِدَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَيَجُوزُ التَّسَرِّي إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وَفَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَهِيَ ) أَيْ أُمُّ الْوَلَدِ ( شَرْعًا مَنْ وَلَدَتْ مَا فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ خَفِيفَةً مِنْ مَالِكٍ ) لَهَا ( وَلَوْ ) كَانَ مَالِكًا ( بَعْضَهَا ) أَوْ جُزْءًا يَسِيرًا ( أَوْ ) كَانَ مَالِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا ( مُكَاتَبًا ) إنْ أَدَّى ، فَإِنْ عَجَزَ عَادَتْ قِنًّا ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْأَمَةُ ( مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ ) أَيْ مَالِكِهَا كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ وَكَمَجُوسِيَّةٍ وَثَنِيَّةٍ وَكَوَطْئِهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ ( أَوْ ) وَلَدَتْ مِنْ أَبِي مَالِكِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا نَصًّا فَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَطِئَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ بِاسْتِيلَادِهَا لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِوَطْءِ ابْنِهِ لَهَا ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ فَأَشْبَهَ وَطْءَ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَمْلِكُهَا وَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَيَعْتِقُ وَلَدُهَا عَلَى أَخِيهِ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمِهِ وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِالْأَبِ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27