كتاب : شرح منتهى الإرادات
المؤلف : منصور بن يونس بن إدريس البهوتي

إنْ قَالَ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ ، وَبِدْعَةٌ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ ) وَلَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا قَبْلُ ( تَطْلُقُ ) الطَّلْقَةَ ( الْأُولَى فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ وَ ) تَطْلُقُ ( الثَّانِيَةَ طَاهِرَةً بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقَدَ وَكَذَا ) تَطْلُقُ ( الثَّالِثَةَ ) أَيْ : بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ ، وَبِدْعَةٌ أَنْتِ ( طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ ، وَالْبِدْعَةِ نِصْفَيْنِ أَوْ لَمْ يَقُلْ نِصْفَيْنِ أَوْ قَالَ بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ ، وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ إذَنْ ) أَيْ : عَقِبَ قَوْلِهِ ذَلِكَ ( ثِنْتَانِ ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَيَكْمُلُ النِّصْفُ وَفِيمَا إذَا قَالَ : بَعْضُهُنَّ ، وَبَعْضُهُنَّ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَا سَوَاءً .
( وَ ) تَقَعُ الطَّلْقَةُ ( الثَّالِثَةُ فِي ضِدِّ حَالِهَا إذَنْ ) أَيْ : الْحَاضِرَةِ لِوُجُودِ شَرْطِهَا ( فَلَوْ قَالَ : أَرَدْتُ تَأَخُّرَ اثْنَتَيْنِ قُبِلَ ) ذَلِكَ مِنْهُ ( حُكْمًا ) لِاحْتِمَالِ لَفْظِهِ لَهُ إذْ الْبَعْضُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ( وَلَوْ ) كَانَ ( قَالَ ) : أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَوَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ أَوْ عَكَسَ ) بِأَنْ قَالَ : طَلْقَتَيْنِ لِلْبِدْعَةِ وَوَاحِدَةً لِلسُّنَّةِ ( فَ ) يَقَعُ الطَّلَاقُ ( عَلَى مَا قَالَ ) إذَا ، وَجَدَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قَرْءٍ طَلْقَةً ، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ فَتَطْلُقَ فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً ) إذْ الْقَرْءُ الْحَيْضُ كَمَا يَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي الْعِدَدِ ( إلَّا ) إنْ كَانَتْ ( غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَبِينُ بِوَاحِدَةٍ ) فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدهَا لَكِنْ إنْ تَزَوَّجَهَا فَحَاضَتْ وَقَعَ إذَنْ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا حِينَ قَوْلِهِ وَقَعَ بِهَا وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ مَدْخُولًا بِهَا كَانَتْ أَوْ لَا .

فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلَهُ أَوْ أَقْرَبَهُ أَوْ أَعْدَلَهُ أَوْ أَكْمَلَهُ أَوْ أَفْضَلَهُ أَوْ أَتَمَّهُ أَوْ أَسَنَّهُ أَوْ ) قَالَ لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ جَلِيلَةً ) وَنَحْوَ ذَلِكَ كَطَلْقَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ حَسَنَةٍ أَوْ مَلِيحَةً أَوْ جَمِيلَةٍ أَوْ كَامِلَةً أَوْ فَاضِلَةً فَهُوَ ( كَ ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( لِلسُّنَّةِ ) ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِلَّا وَقَعَ إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَالْحُسْنِ وَالْكَمَالُ ، وَالْفَضْلِ ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُطَابِقٌ لِلشَّرْعِ مُوَافِقٌ لِلسُّنَّةِ ( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ أَبْشَعَ الطَّلَاقِ أَوْ ( أَقْبَحَهُ أَوْ أَسْمَجَهُ أَوْ أَفْحَشَهُ أَوْ أَرْدَأَهُ أَوْ أَنْتَنَهُ ) وَنَحْوَهُ كَأَوْحَشِهِ أَوْ أَنْجَسِهِ كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ( لِلْبِدْعَةِ ) فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ ، وَإِلَّا فَإِذَا صَارَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ ؛ لِأَنَّ حُسْنَ الْأَفْعَالِ وَقُبْحَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَمَا حَسَّنَهُ فَهُوَ حَسَنٌ وَمَا قَبَّحَهُ فَهُوَ قَبِيحٌ وَقَدْ حَسَّنَ الطَّلَاقَ فِي زَمَنٍ فَسُمِّيَ زَمَانَ السُّنَّةِ ، وَنَهَى عَنْهُ فِي زَمَنٍ فَسُمِّيَ زَمَانَ الْبِدْعَةِ وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ فِي نَفْسِهِ فِي الزَّمَانَيْنِ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا حَسُنَ أَوْ قَبُحَ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَانِهِ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ) بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَقْبَحَهُ وَنَحْوَهُمَا ( أَحْسَنَ أَحْوَالِك أَوْ أَقْبَحَهَا أَنْ تَكُونِي مُطَلَّقَةً فَيَقَعَ فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الصِّفَةَ بَلْ مَعْنًى مَوْجُودًا فِي الْحَالِ ( وَلَوْ قَالَ ) مَنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ ( نَوَيْت بِ ) قَوْلِي ( أَحْسَنَهُ زَمَنَ بِدْعَةٍ شَبَّهَهُ بِخُلُقِهَا ) الْحَسَنِ ( أَوْ ) قَالَ : نَوَيْت ( بِ ) قَوْلِي أَنْتِ طَالِقٌ ( أَقْبَحَهُ وَنَحْوَهُ ) كَأَسْمَجِهِ ( مِنْ سُنَّةٍ لِقُبْحِ عِشْرَتِهَا أَوْ ) قَالَ ( عَنْ أَحْسَنِهِ

وَنَحْوِهِ أَرَدْتُ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ أَوْ ) قَالَ ( عَنْ أَقْبَحِهِ وَنَحْوِهِ أَرَدْتُ طَلَاقَ السُّنَّةِ دِينَ ) فِيمَا بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ( ، وَقُبِلَ حُكْمًا فِي الْأَغْلَظِ ) عَلَيْهِ ( فَقَطْ ) أَيْ : دُونَ الْأَحَقِّ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ : طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ ، ، وَقَالَ : أَرَدْتُ زَمَنَ الْبِدْعَةِ ، وَكَانَتْ حَائِضًا أَوْ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ قُبِلَ ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ لَمْ يُقْبَلْ وَكَذَا إنْ قَالَ أَرَدْتُ بِأَقْبَحِ الطَّلَاقِ مِنْ السُّنَّةِ وَكَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّغْلِيظِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ .

( وَ ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً ) تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِصِفَتَيْنِ مُتَضَادَّتَيْنِ فَلَغَتَا ، وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ .

( أَوْ ) قَالَ لَهَا : أَنْتِ ( طَالِقٌ فِي الْحَالِ لِلسُّنَّةِ ، وَهِيَ حَائِضٌ ) أَوْ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي الْحَالِ لِلْبِدْعَةِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ) إلْغَاءً لِقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقَ الْحَرَجِ فَقَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ طَلَاقُ الْبِدْعَةِ ؛ لِأَنَّ الْحَرَجَ الضِّيقُ ، وَالْإِثْمُ فَكَأَنَّهُ قَالَ : طَلَاقُ الْإِثْمِ ، وَطَلَاقُ الْبِدْعَةِ طَلَاقُ إثْمٍ .

( وَيُبَاحُ خُلْعٌ ، وَطَلَاقٌ بِسُؤَالِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ذَلِكَ عَلَى عِوَضٍ ( زَمَنَ بِدْعَةٍ ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِحَقِّ الْمَرْأَةِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا زَالَ الْمَنْعُ .

يُعْتَبَرُ لِلطَّلَاقِ اللَّفْظُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا إنْ لَمْ يُقَارِنْهَا لَفْظٌ ؛ لِأَنَّهُ الْفِعْلُ الْمُعَبِّرُ عَمَّا فِي النُّفُوسِ مِنْ الْإِرَادَةِ ، وَالْعَزْمِ ، وَالْقَطْعِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِمُقَارَنَةِ اللَّفْظِ لِلْإِرَادَةِ لِحَدِيثِ ( { إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَنْ ثَلَاثٍ : الْخَطَأِ ، وَالنِّسْيَانِ ، وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ } ) ( الصَّرِيحُ ) فِي الطَّلَاقِ ، وَغَيْرِهِ ( مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ ) أَيْ : وَضْعًا لَهُ ( مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ ) أَيْ : وَقَعَ لِمَا يُشَابِهُهُ ، وَيُجَانِسُهُ ( وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الصَّرِيحِ ) فَيَتَعَيَّنُ لَهُ بِالْإِرَادَةِ ( وَصَرِيحُهُ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ( لَفْظُ طَلَاقٍ ) أَيْ : الْمَصْدَرُ فَيَقَعُ بِقَوْلِهِ : أَنْتِ الطَّلَاقُ وَنَحْوِهِ ( وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ ) أَيْ : الطَّلَاقِ كَطَالِقٍ ، وَمُطَلَّقَةٍ ، وَطَلَّقْتُكِ ( غَيْرَ أَمْرٍ ) كَطَلِّقِي .
( وَ ) غَيْرَ ( مُضَارِعٍ ) كَتَطْلُقِينَ ( وَ ) غَيْرَ ( مُطَلِّقَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ ) أَيْ : بِكَسْرِ اللَّامِ فَلَفْظُ الْإِطْلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ نَحْوُ أَطْلَقْتُك لَيْسَ بِصَرِيحٍ .

( فَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( مِنْ مُصَرِّحٍ ) أَيْ : مِمَّنْ أَتَى بِصَرِيحِهِ غَيْرَ حَاكٍ وَنَحْوَهُ ( وَلَوْ ) كَانَ ( هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الطَّلَاقُ هَزْلُهُ ، وَجَدُّهُ سَوَاءٌ فَيَقَعُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " { ثَلَاثَةٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ ، وَالنِّكَاحُ ، وَالرَّجْعَةُ } " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ ( أَوْ ) كَانَ ( فَتَحَ تَاءَ أَنْتِ ) ؛ لِأَنَّهُ ، وَجَّهَهَا بِالْإِشَارَةِ ، وَالتَّعَيُّنِ فَسَقَطَ حُكْمُ اللَّفْظِ ( أَوْ ) كَانَ ( لَمْ يَنْوِهِ ) أَيْ : الطَّلَاقَ ؛ لِأَنَّ إيجَادَ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ الْعَاقِلِ دَلِيلُ إرَادَتِهِ ، وَالنِّيَّةُ لَا تُشْتَرَطُ لِلصَّرِيحِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ غَيْرِهِ .

( وَإِنْ أَرَادَ ) أَنْ يَقُولَ : ( طَاهِرًا أَوْ نَحْوَهُ ) كَإِرَادَتِهِ أَنْ يَقُولَ : طَاعِنًا أَوْ طَامِعًا ( فَسَبَقَ لِسَانُهُ ) بِطَالِقٍ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ طَلَبْتُكِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِطَلَّقْتُك دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا ( أَوْ ) قَالَ ( طَالِقًا ) ، وَأَرَادَ ( مِنْ وَثَاقٍ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ ، وَكَسْرِهَا مَا يُوثَقُ بِهِ الشَّيْءُ مِنْ حَبْلٍ ، وَغَيْرِهِ ( أَوْ ) قَالَ طَالِقًا ، وَأَرَادَ ( مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ ) أَوْ مِنْ نِكَاحٍ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ ( ، وَادَّعَى ذَلِكَ ) أَيْ : أَنَّهُ أَرَادَ مَا ذُكِرَ دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا ( أَوْ قَالَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ قُمْت ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ وَقَعَدْتِ أَوْ نَحْوَهُ ) كَمَا لَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ ، وَقَدِمَ الْحَاجُّ ( فَتَرَكْتُهُ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا دِينَ ) فِيمَا بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِلَفْظِهِ مَعْنَاهُ ( وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ) ذَلِكَ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ عُرْفًا فَتَبْعُدُ إرَادَتُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ قَالَ : أَرَدْت زُيُوفًا أَوْ إلَى شَهْرٍ .

( مَنْ قِيلَ : لَهُ : أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ ؟ فَقَالَ نَعَمْ ) أَوْ قِيلَ : لَهُ : امْرَأَتُكَ طَالِقٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ( ، وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلَقَتْ ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ ؛ لِأَنَّ نَعَمْ صَرِيحٌ فِي الْجَوَابِ ، وَالْجَوَابُ الصَّرِيحُ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ صَرِيحٌ إذْ لَوْ قِيلَ لَهُ : أَلِزَيْدٍ عَلَيْكَ أَلْفٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا .

( وَ ) لَوْ قِيلَ لَهُ ( أَخَلَّيْتَهَا ؟ ، وَنَحْوَهُ ) مِنْ الْكِنَايَاتِ ( فَقَالَ : نَعَمْ فَكِنَايَةٌ ) أَيْ : نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ ، وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ ( وَكَذَا لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَا امْرَأَةَ لِي ) فَهُوَ كِنَايَةٌ .

( فَلَوْ قِيلَ : ) لِزَوْجِ امْرَأَةٍ ( أَلَكَ امْرَأَةٌ ؟ قَالَ : لَا ، ، وَأَرَادَ الْكَذِبَ لَمْ تَطْلُقْ ) ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ مَعَ إرَادَةِ الْكَذِبِ وَكَذَا إنْ نَوَى لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ تُعِفُّنِي ، أَوْ تَخْدُمُنِي وَنَحْوَهُ ، أَوْ أَنِّي كَمَنْ لَا امْرَأَةَ لَهُ ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ .

( وَإِنْ قِيلَ : لِعَالِمٍ بِالنَّحْوِ : أَلَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَكَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ لَمْ تَطْلُقْ ) ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتٌ لِنَفْيِ الطَّلَاقِ ، وَتَطْلُقُ امْرَأَةُ غَيْرِ النَّحْوِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَابِ ( وَإِنْ قَالَ ) الْعَالِمُ بِالنَّحْوِ ، وَغَيْرُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِقْنَاعِ جَوَابًا لِقَوْلِ أَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتَكَ ؟ ( بَلَى ، طَلَقَتْ ) ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ : طَلَّقْتُهَا .

( وَمَنْ أَشْهَدَ ) أَيْ : قَامَتْ ( عَلَيْهِ ) بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارٍ ( بِ ) وُقُوعِ ( طَلَاقٍ ثَلَاثٍ ) لِتَقَدُّمِ يَمِينٍ مِنْهُ تُوهِمُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فِيهَا ، وَنَحْوَ ( ثُمَّ ) اسْتَفْتَى فَ ( أُفْتِيَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ : أَفْتَاهُ عَالِمٌ ( أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) أَيْ : بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ ( لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ ) بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ ( لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ ) فِي إقْرَارِهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِيَمِينِهِ ( أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ ) بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( بِذَلِكَ ) أَيْ : بِسَبَبِ مَا صَدَرَ مِنْهُ مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي تُوهِمُ حِنْثَهُ فِيهَا إنْ كَانَ ( مِمَّنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ ) لِدَلَالَةِ ظَاهِرِ الْحَالِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخْبَرَ بِمَا نَوَى .

( وَإِنْ أَخْرَجَ ) زَوْجٌ ( زَوْجَتَهُ مِنْ دَارِهَا أَوْ لَطَمَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا أَوْ أَسْقَاهَا أَوْ أَلْبَسَهَا أَوْ قَبَّلَهَا ، وَنَحْوَهُ ) بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا ( ، وَقَالَ هَذَا طَلَاقُكِ طَلَقَتْ ) وَكَانَ صَرِيحًا نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ نَفْسَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ فِيهِ لِيَصِحَّ لَفْظُهُ بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَوْقَعْتُ عَلَيْكِ بِهَذَا الْفِعْلِ طَلَاقًا فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ ( فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلٍ ) لِعَدَمِ الْوُقُوعِ ( كَأَنْ نَوَى أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِكِ ) فِي زَمَنٍ بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ ( قُبِلَ حُكْمًا ) لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ .

( وَإِنْ قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( كُلَّمَا قُلْت لِي شَيْئًا ) مِنْ كَلَامٍ ( وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ أَنْتِ ) طَالِقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ ( أَوْ ) قَالَتْ لَهُ ( أَنْتِ طَالِقٌ ) بِكَسْرِ التَّاءِ ( فَقَالَ ) لَهَا ( مِثْلَهُ ) أَيْ : مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ ( طَلَقَتْ ) ؛ لِأَنَّهُ شَافَهَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ ( وَلَوْ عَلَّقَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ بِأَنْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ذَهَبْتِ لِلْهِنْدِ ، وَنَحْوِهِ فَتَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَ لَهَا غَيْرُ الَّذِي قَالَتْهُ لَهُ إذْ الْمُنَجَّزُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَلَهُ التَّمَادِي إلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ ( وَلَوْ نَوَى ) بِقَوْلِهِ جَوَابًا لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي وَقْتِ كَذَا وَنَحْوِهِ ) كَإِرَادَتِهِ إنْ ذَهَبَتْ مَكَانَ كَذَا أَوْ إنْ كُنْت عَلَى صِفَةِ كَذَا ( تَخَصَّصَ بِهِ ) فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ أَوَّلًا لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ وَلَا الثَّانِي حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُهُ وَنَحْوُهُ ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ اللَّفْظِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ سَائِغٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى ، وَنَوَى ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا مُعَيَّنًا أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ ، وَنَوَى بِمَا يَكْرَهُهُ فَلَا يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهُ بِمَا يُحِبُّهُ ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ .

( وَمَنْ طَلَّقَ ) زَوْجَةً لَهُ ( أَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَةٍ ) لَهُ ( ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ لِضَرَّتِهَا شَرَكْتُكِ ) أَوْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا ( أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا ) أَيْ : فِيمَا أَوْقَعْتُ عَلَيْهَا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ ( أَوْ ) قَالَ لِضَرَّتِهَا أَنْتِ ( مِثْلُهَا أَوْ ) قَالَ لِضَرَّتِهَا : أَنْتِ ( كَهِيَ فَ ) هُوَ ( صَرِيحٌ فِيهِمَا ) أَيْ : الطَّلَاقِ ، وَالظِّهَارِ نَصًّا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِجَعْلِهِ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدًا إمَّا بِالشَّرِكَةِ فِي اللَّفْظِ أَوْ بِالْمُمَاثَلَةِ وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا فُهِمَ مِنْهُ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَعَادَهُ بِلَفْظِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ .

( ، وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءٌ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا ( لَيْسَ بِشَيْءٍ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا ( لَا يَلْزَمُكِ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك أَوْ ) طَلْقَةً ( لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ ) ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِجَمِيعِ مَا أَوْقَعَهُ ، أَشْبَهَ اسْتِثْنَاءَ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا فَهُوَ كَذِبٌ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إذَا أَوْقَعَهُ وَقَعَ ، وَيَقَعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ طَلْقَةً ، وَ ( لَا ) يَقَعُ شَيْءٌ ( بِأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا ) لَا أَنْتِ ( طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ فَأَخْرَجَ اللَّفْظَ عَنْ الْإِيقَاعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إيقَاعٌ .

( وَمَنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِمَا يُبَيِّنُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ ؛ لِأَنَّهَا ) أَيْ : الْكِتَابَةَ ( صَرِيحَةٌ فِيهِ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهَا حُرُوفٌ يُفْهَمُ مِنْهَا الْمَعْنَى فَإِذَا أَتَى فِيهَا بِالطَّلَاقِ ، وَفُهِمَ مِنْهَا وَقَعَ كَاللَّفْظِ وَلِقِيَامِ الْكِتَابَةِ مَقَامَ قَوْلِ الْكَاتِبِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَكَانَ فِي حَقِّ الْبَعْضِ بِالْقَوْلِ ، وَفِي حَقِّ آخَرِينَ بِالْكِتَابَةِ إلَى مُلُوكِ الْأَطْرَافِ ( فَلَوْ قَالَ ) كَاتِبُ الطَّلَاقِ ( لَمْ أُرِدْ إلَّا تَجْوِيدَ خَطِّي أَوْ ) لَمْ أُرِدْ ( إلَّا غَمَّ أَهْلِي ) قُبِلَ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَقَدْ نَوَى مُحْتَمِلًا غَيْرَ الطَّلَاقِ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى بِاللَّفْظِ غَيْرَ الْإِيقَاعَ وَإِذَا أَرَادَ غَمَّ أَهْلِهِ يُتَوَهَّمُ الطَّلَاقُ دُونَ حَقِيقَتِهِ لَا يَكُونُ نَاوِيًا لِلطَّلَاقِ ( أَوْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ ، وَقَالَ : لَمْ أَقْصِدْ إلَّا الْقِرَاءَةَ قُبِلَ ) مِنْهُ ذَلِكَ حُكْمًا لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَتَبَهُ بِشَيْءٍ لَا يُبَيِّنُ كَأُصْبُعِهِ عَلَى نَحْوِ وِسَادَةٍ أَوْ فِي الْهَوَاءِ لَمْ يَقَعْ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْهَمْزِ ، وَالْإِشَارَةِ وَلَا يَقَعُ بِهِمَا شَيْءٌ .

( وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( بِإِشَارَةٍ ) مَفْهُومَةٍ ( مِنْ أَخْرَسَ فَقَطْ ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ ( فَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا ) أَيْ : إشَارَةَ الْأَخْرَسِ ( إلَّا بَعْضُ ) النَّاسِ ( فَ ) هِيَ ( كِنَايَةٌ ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ( ، وَتَأْوِيلُهُ ) أَيْ : الْأَخْرَسِ ( مَعَ صَرِيحٍ ) أَيْ : إشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ ، وَ ( كَ ) تَأْوِيلِ غَيْرِ أَخْرَسَ ( مَعَ نُطْقٍ ) بِصَرِيحِ طَلَاقٍ ، وَعُلِمَ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ .

( وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ ) إلَى الْإِسْلَامِ ( لِعَدَمِ الْمَانِعِ ، وَصَرِيحِهِ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ( بِلِسَانِ الْعَجَمِ بهشتم ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْهَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ، وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ ؛ لِأَنَّهَا فِي لِسَانِهِمْ مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ ، أَشْبَهَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي لِسَانِهِمْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ صَرِيحٌ لِلطَّلَاقِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَى خَلَّيْتُكِ فَإِنْ طَلَّقْتُكِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لِمَا كَانَ مَوْضُوعًا ، وَمُسْتَعْمَلًا فِيهِ كَانَ صَرِيحًا ( فَمَنْ قَالَهُ ) أَيْ : بهشتم ( عَارِفًا مَعْنَاهُ وَقَعَ مَا نَوَاهُ ) مِنْ طَلْقَةٍ أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَوَاحِدَةً كَصَرِيحَةٍ بِالْعَرَبِيَّةِ ( فَإِنْ زَادَ ) عَلَى بهشتم ( بِسَيَّارٍ فَثَلَاثٌ ) تَقَعُ ( وَإِنْ أَتَى بِهِ ) أَيْ : لَفْظِ بهشتم مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ ( أَوْ ) أَتَى ( بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ ) الْعَرَبِيِّ ( مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ ) عَلَيْهِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِلَفْظٍ مَعْنَاهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ ( وَلَوْ نَوَى مُوجِبَهُ ) أَيْ : الْقَوْلِ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ اخْتِيَارُهُ لِمَا لَا يَعْلَمُهُ .

فَصْلٌ وَكِنَايَتُهُ أَيْ : الطَّلَاقِ ( نَوْعَانِ ) ظَاهِرَةٌ وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِلْبَيْنُونَةِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ فِيهَا أَظْهَرُ ، وَخَفِيَّةٌ وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ( فَ ) الْكِنَايَةُ ( الظَّاهِرَةُ ) خَمْسَةَ عَشَرَ ( أَنْتِ خَلِيَّةٌ ، وَ ) أَنْتِ ( بَرِيَّةٌ ، وَ ) أَنْتِ ( بَائِنٌ ، وَ ) أَنْتِ ( بَتَّةٌ ، وَ ) أَنْتِ ( بَتْلَةٌ ، وَ ) أَنْتِ ( حُرَّةٌ ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْإِثْمُ ( وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ ، ، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ ، وَحَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ ، وَلَا سَبِيلَ ) لِي عَلَيْكِ ( أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكِ ، وَأَعْتَقْتُكِ ، وَغَطِّي شَعْرَكِ وَتَقَنَّعِي ، وَ ) الْكِنَايَةُ ( الْخَفِيَّةُ ) عِشْرُونَ ( اُخْرُجِي ، وَاذْهَبِي ، وَذُوقِي ، وَتَجَرَّعِي ، وَخَلَّيْتُكِ ، ، وَأَنْتِ مُخْلَاةٌ وَاحِدَةً وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ ، وَاعْتَدِّي ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا ؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْعِدَّةِ فِي الْجُمْلَةِ ( وَاسْتَبْرِئِي ، وَاعْتَزِلِي ، وَشِبْهُهُ ، وَالْحَقِي ) بِهَمْزَةٍ ، وَصْلٍ ، وَفَتْحِ الْحَاءِ ( بِأَهْلِكِ ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيكِ ، وَمَا بَقِيَ شَيْءٍ ، وَأَغْنَاكِ اللَّهُ ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَكِ ، وَاَللَّهُ قَدْ أَرَاحَكِ مِنِّي ، وَجَرَى الْقَلَمُ ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَكَذَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي ، وَبَيْنَكِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَنَظِيرُهُ فِي الْبَرَاءَةِ : أَبْرَأَكِ اللَّهُ ، وَنَظِيرُهُ أَيْضًا : إنَّ اللَّهَ قَدْ بَاعَكِ أَوْ أَقَالَكِ وَنَحْوَهُ ( وَلَفْظُ فِرَاقٍ ، وَ ) لَفْظُ ( سَرَاحٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا ) أَيْ : الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ ( غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ لَفْظِ الصَّرِيحِ ) وَهُوَ الْأَمْرُ وَالْمُضَارِعُ ، وَمُفَرِّقَةٌ ، وَمُسَرِّحَةٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ .

( وَلَا يَقَعُ ) طَلَاقٌ بِكِنَايَةٍ وَلَوْ ظَاهِرَةً إلَّا ( بِنِيَّةٍ ) لِقُصُورِ رُتْبَتِهَا عَنْ الصَّرِيحِ فَوَقْفُ عَمَلِهَا عَلَى النِّيَّةِ تَقْوِيَةٌ لَهَا لِتَلْحَقَهُ فِي الْعَمَلِ وَلِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ فَلَا تَتَعَيَّنُ لَهُ بِدُونِ نِيَّةٍ ( مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ ) أَيْ : لَفْظِ الْكِنَايَةِ فَإِنْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي ابْتِدَائِهِ ، وَعَزَبَتْ عَنْهُ فِي بَاقِيهِ ، وَقَعَ الطَّلَاقُ اكْتِفَاءً بِهَا فِي أَوَّلٍ كَسَائِرِ مَا تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ مِنْ صَلَاةٍ ، وَغَيْرِهَا ، فَإِنْ تَلَفَّظَ بِالْكِنَايَةِ غَيْرَ نَاوٍ لِلطَّلَاقِ ، ثُمَّ نَوَاهُ بِهَا بَعْدُ لَمْ يَقَعْ كَنِيَّةِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا ، وَكَذَا لَوْ قَارَنَتْ النِّيَّةُ الْجُزْءَ الثَّانِي مِنْ الْكِنَايَةِ دُونَ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْإِيقَاعِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ بِلَا نِيَّةٍ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِبَعْضِ أَرْكَانِهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي شَرْحِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَحَكَاهُ فِي الْإِنْصَافِ بِقِيلَ : ، وَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ ، وَمُقْتَضَاهُ لَا فَرْقَ أَنْ تُقَارِنَ أَوَّلَهُ أَوْ غَيْرَهُ .

( وَلَا تُشْتَرَطُ ) لِكِنَايَةِ نِيَّةِ طَلَاقٍ ( حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ ) حَالَ ( غَضَبٍ أَوْ ) حَالَ ( سُؤَالِ طَلَاقِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْحَالِ ( فَلَوْ لَمْ يُرِدْهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ مَنْ أَتَى بِكِنَايَةٍ فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ ( أَوْ أَرَادَ ) بِالْكِنَايَةِ ( غَيْرَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ ( إذَنْ ) أَيْ : حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقِهَا ( دُيِّنَ ) فِيمَا بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ اللَّهِ فَإِنْ صَدَقَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ ( وَلَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ ذَلِكَ ( حُكْمًا ) لِتَأْثِيرِ دَلَالَةِ الْحَالِ فِي الْحُكْمِ كَمَا يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَدْحِ تَارَةً ، وَالذَّمِّ أُخْرَى بِالْقَرَائِنِ وَلِذَا لَوْ قَالَ حَالَ خُصُومَةٍ لَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ كَانَ تَعْرِيضًا بِالْقَذْفِ لِمُخَاصِمِهِ ، وَفِي غَيْرِ خُصُومَةٍ يَكُونُ تَنْزِيهًا لِأُمِّهِ عَنْ الزِّنَا فَتَقُومَ دَلَالَةُ الْحَالِ مَقَامَ الْقَوْلِ فِيهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ .

( ، وَيَقَعُ بِ ) كِنَايَةٍ ( ظَاهِرَةٍ ثَلَاثُ ) طَلْقَاتٍ ( وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً ) ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَعَائِشَةُ وَكَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ الْفُتْيَا فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ مَعَ مَيْلِهِ إلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ ( ، وَ ) يَقَعُ ( بِ ) كِنَايَةٍ ( خَفِيَّةٍ ) طَلْقَةً ( رَجْعِيَّةً فِي مَدْخُولٍ بِهَا ) ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا التَّرْكُ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ دُونَ الْبَيْنُونَةِ ( فَإِنْ نَوَى ) بِخَفِيَّةٍ ( أَكْثَرَ ) مِنْ وَاحِدَةٍ ( وَقَعَ ) مَا نَوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يُنَافِي الْعَدَدَ فَوَجَبَ وُقُوعُ مَا نَوَاهُ بِهِ .

( ، وَقَوْلُهُ أَنَا طَالِقٌ ) أَوْ زَادَ مِنْك لَغْوٌ ( أَوْ ) أَنَا ( بَائِنٌ ) أَوْ زَادَ مِنْك ( أَوْ ) أَنَا ( حَرَامٌ ) أَوْ زَادَ مِنْك ( أَوْ ) أَنَا ( بَرِيءٌ أَوْ زَادَ مِنْك لَغْوٌ ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لَا يَقَعُ لِطَلَاقٍ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ فَلَمْ يَقَعْ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ مِنْك لَمْ يَقَعْ فَكَذَا إذَا زَادَهَا ؛ وَلِأَنَّ الرَّجُلَ فِي النِّكَاحِ مَالِكٌ ، وَالْمَرْأَةَ مَمْلُوكَةٌ فَلَمْ تَقَعْ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِكِ كَالْعِتْقِ وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ الرَّجُلُ بِأَنَّهُ مُطَلَّقٌ بِفَتْحِ اللَّامِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ مَلَّكْت امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّ الطَّلَاقَ لَكِ ، وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْك رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ ، وَالْأَثْرَمُ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ .

( وَ ) قَوْلُهُ ( كُلِي ، وَاشْرَبِي ، وَاقْعُدِي ) ، وَقُومِي ( ، وَقَرِّبِي ، وَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك ، وَأَنْتِ مَلِيحَةٌ ، وَ ) أَنْتِ ( قَبِيحَةٌ ، وَنَحْوَهُ ) كَأَطْعِمِينِي ، وَاسْقِينِي ، وَغَفَرَ اللَّهُ لَك وَمَا أَحْسَنَك ، وَشِبْهَهُ ( لَغْوٌ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ فَلَوْ وَقَعَ بِهِ لَوَقَعَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ ذُوقِي ، وَتَجَرَّعِي فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكَارِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } { ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ } { يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ } فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُلْحِقَ بِهِمَا مَا لَيْسَ مِثْلَهُمَا .

( وَ ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ ) عَلَيَّ حَرَامٌ ( أَوْ الْحِلُّ ) عَلَيَّ حَرَامٌ ( أَوْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى ) بِهِ ( طَلَاقًا ) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِهَا ( كَنِيَّتِهِ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ( بِ ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ) أَوْ أُخْتِي وَنَحْوَهُ ، وَقَوْلُهُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ يَلْزَمُنِي الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ لَازِمٌ لِي مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ .
وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ كِنَايَةٌ مِنْ قَوْلِهِ اُخْرُجِي وَنَحْوَهُ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ ( وَإِنْ قَالَهُ ) أَيْ : مَا تَقَدَّمَ لِزَوْجَةٍ ( مُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ وَنَحْوِهِ ) كَنِفَاسٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ إحْرَامٍ ( ، وَنَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِهِ ) أَيْ : الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ ( فَلَغْوٌ ) لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ لِمُطَابَقَتِهِ الْوَاقِعَ ( وَ ) قَوْلُهُ ( مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ : الطَّلَاقَ يَقَعُ ثَلَاثًا ) نَصًّا ( وَأَعْنِي بِهِ : طَلَاقًا يَقَعُ وَاحِدَةٌ ) نَصًّا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ الْعَهْدِ وَلَا مَعْهُودَ فَيُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَيَتَنَاوَلُ الطَّلَاقَ كُلَّهُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ ذَكَرَهُ مُنَكَّرًا فَيَكُونُ طَلَاقًا وَاحِدًا وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ أَعْنِي بِهِ : طَلَاقًا وَاحِدًا وَكَذَا قَوْلُهُ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ : الطَّلَاقَ أَوْ أَعْنِي بِهِ طَلَاقًا بِخِلَافِ ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ فَلَمْ يَصِرْ طَلَاقًا ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْكِنَايَةُ بِهِ عَنْهُ .
ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ ، وَالْمُبْدِعِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ حَرَامٌ ، وَنَوَى فِي حُرْمَتِك عَلَى غَيْرِهِ فَكَطَلَاقٍ ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ ، وَغَيْرِهِ ، وَمَعْنَاهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَحُرْمَتِك عَلَى غَيْرِي فَهُوَ كَنِيَّتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى طَلَاقًا .

( وَلَوْ قَالَ : فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ ) .
فَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ فَظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى فِرَاشَهُ فَيَمِينٌ ) نَصًّا فَمَتَى جَلَسَ أَوْ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِحِنْثِهِ .
فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمِينٌ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ ، وَالدَّمِ يَقَعُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلَاقٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ كِنَايَةً فِيهِ .
فَإِذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ النِّيَّةُ انْصَرَفَ إلَيْهِ .
فَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَقَعَ وَإِلَّا فَوَاحِدَةً .
( وَ ) مِنْ ( ظِهَارٍ ) كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ( وَ ) مِنْ ( يَمِينٍ ) بِأَنْ يُرِيدَ تَرْكَ وَطْئِهَا لَا تَحْرِيمَهَا وَلَا طَلَاقَهَا فَتَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ ( فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ) مِنْ الثَّلَاثَةِ ( فَ ) هُوَ ( ظِهَارٌ ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ ، وَالدَّمِ .

( وَمَنْ قَالَ حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ ) ؛ لَأَنْ أَفْعَلَ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ أَوْ لَا : فَعَلْته ( ، وَكَذَبَ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ( دُيِّنَ ) فِيمَا بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ اللَّهِ ( وَلَزِمَهُ ) الطَّلَاقُ ( حُكْمًا ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَإِقْرَارِهِ لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ يَقُولُ : كَذَبْتُ وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَتُهُ حَلَفْتَ بِالثَّلَاثِ أَوْ طَلَّقْتَنِي ثَلَاثًا فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً أَوْ قَالَتْ عَلَّقْت طَلَاقِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَقَالَ بَلْ عَمْرٍو فَقَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا تَقُولُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ .

فَصْلٌ ، وَقَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ تَمْلِكُ بِهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ( ثَلَاثًا ) وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ نَصًّا ، وَأَفْتَى بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ .
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٌ فَيَتَنَاوَلُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ : طَلِّقِي نَفْسَك مَا شِئْتِ .

( وَ ) قَوْلُهُ لَهَا ( اخْتَارِي نَفْسَك ) كِنَايَةٌ ( خَفِيَّةٌ ) لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ بِهَا أَيْ : بِاخْتَارِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ( وَلَا ) أَنْ تُطَلِّقَ ( بِ ) بِقَوْلِهِ ( طَلِّقِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ ) طَلْقَةٍ ( وَاحِدَةٍ ) .
قَالَ أَحْمَدُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَعَائِشَةَ قَالُوا إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُمْ بِإِسْنَادِهِ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } ؛ وَلِأَنَّهَا طَلْقَةٌ بِلَا عِوَضٍ لَمْ تُكَمِّلْ عَدَدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا هُوَ وَاحِدَةً فَإِنْ جَعَلَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةً مَلَكَتْهُ ( وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ مَا لَمْ يَحُدَّ لَهَا حَدًّا ) أَيْ : يُقَدِّرُ لَهَا وَقْتًا مُعَيَّنًا فَلَا تَتَجَاوَزُهُ ( أَوْ يَفْسَخُ ) مَا جَعَلَهُ لَهَا ( أَوْ يَطَؤُهَا ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِ ( أَوْ تَرُدُّ هِيَ ) أَيْ : الزَّوْجَةُ فَتُبْطِلُ الْوَكَالَةَ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ ( إلَّا فِي ) قَوْلِهِ ( اخْتَارِي نَفْسَك فَيَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ ) نَصًّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَجَابِرٍ فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَا بِقَاطِعٍ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا كَانَ انْتِقَالًا مِنْ كَلَامٍ إلَى غَيْرِهِ أَوْ تَشَاغَلَا بِصَلَاةٍ بَطَلَ اخْتِيَارُهَا وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِمًا فَرَكِبَ أَوْ مَشَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَعَدَ وَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةٍ فَأَتَمَّتْهَا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا فَإِنْ أَضَافَتْ إلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَإِنْ أَكَلَتْ يَسِيرًا أَوْ سَبَّحَتْ يَسِيرًا أَوْ قَالَتْ : بِسْمِ اللَّهِ أَوْ اُدْعُ إلَى شُهُودٍ أَشْهِدْهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا ( وَيَصِحُّ جَعْلُهُ ) أَيْ : اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا ( لَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ :

الْمَجْلِسِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ لَهَا مَتَى شَاءَتْ كَالْوَكِيلِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا .
( وَ ) يَصِحُّ جَعْلُ أَمْرِهَا بِيَدِهَا وَنَحْوُهُ ( بِجُعْلٍ ) مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ ، فَلَوْ قَالَتْ : اجْعَلْ أَمْرِي بِيَدِي وَلَكَ عَبْدِي هَذَا فَفَعَلَ ، وَقَبْضُهُ مِلْكُهُ ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا وَمَتَى شَاءَتْ تَخْتَارُ مَا لَمْ يَطَأْ أَوْ يَرْجِعْ فَإِنْ رَجَعَ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ .

( وَيَقَعُ ) طَلَاقُ زَوْجَةٍ جَعَلَ إلَيْهَا ( بِكِنَايَتِهَا مَعَ نِيَّتِهِ ) الطَّلَاقَ ( وَلَوْ جَعَلَهُ ) زَوْجُهَا ( لَهَا بِصَرِيحِ ) الطَّلَاقِ فَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَلَمْ تَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يَقَعْ فَلَفْظُ الْأَمْرِ ، وَالْخِيَارِ كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ ، وَالزَّوْجَةِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ نَوَى أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَقَعْ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنْ لَمْ يَنْوِ فَمَا فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُوقِعَهُ وَإِنْ نَوَاهُ دُونَهَا فَقَدْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ وَلَمْ تُوقِعْهُ هِيَ ( وَكَذَا وَكِيلٌ ) فِي طَلَاقٍ .

( وَلَا يَقَعُ ) طَلَاقُ مَنْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا ( بِقَوْلِهَا اخْتَرْتُ بِنِيَّةِ ) الطَّلَاقِ ( حَتَّى تَقُولَ ) اخْتَرْتُ ( نَفْسِي أَوْ ) اخْتَرْتُ ( أَبَوَيَّ أَوْ ) اخْتَرْتُ ( الْأَزْوَاجَ ) أَوْ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيَّ وَنَحْوَهُ فَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ زَوْجِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ نَصًّا لِقَوْلِ عَائِشَةَ { قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ طَلَاقًا } ، وَقَالَتْ { لَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ بَدَأَ بِي فَقَالَ : إنِّي لَمُخْبِرُكِ خَبَرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك ثُمَّ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِي : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ } - حَتَّى بَلَغَ - { فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } .
فَقُلْتُ : أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ ، وَالدَّارَ الْآخِرَةِ .
قَالَتْ : ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ } .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَكَذَا لَا يَقَع عَلَيْهَا بِقَوْلِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ، وَأَنْتِ مِنِّي طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ ، وَصِفَةُ طَلَاقِهَا طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ أَنَا مِنْكَ طَالِقٌ وَإِنْ قَالَتْ : أَنَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ .

( وَمَتَى اخْتَلَفَا ) أَيْ : الزَّوْجَانِ ( فِي ) وُجُودِ نِيَّةٍ ( فَقَوْلٌ مُوقِعٌ ) لِلطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ .
( وَ ) إنْ اخْتَلَفَا ( فِي رُجُوعٍ ) عَنْ جَعْلِ طَلَاقِهَا إلَيْهَا ، وَنَحْوَهُ ( فَ ) الْقَوْلُ ( قَوْلُ الزَّوْجِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ ( وَلَوْ ) كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي رُجُوعٍ ( بَعْدَ إيقَاعِ ) طَلَاقٍ مِمَّنْ جَعَلَ لَهُ ( وَنَصَّ ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ ( أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ) قَوْلُ زَوْجٍ فِي رُجُوعٍ ( بَعْدَهُ ) أَيْ : بَعْدَ إيقَاعِ مَنْ جُعِلَ لَهُ ( إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ رَجَعَ قَبْلَهُ قَالَ ( الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ ) ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ : ( وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ ) أَيْ : عِتْقِ رَقِيقٍ ، وَكُلٌّ فِي بَيْعِهِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ ( وَ ) دَعْوَى ( رَهْنٍ ) أَيْ : رَهْنِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ بَعْدَهُ ( وَنَحْوِهِ ) كَوَقْفِ مَا بَاعَهُ وَكِيلُهُ بَعْدَ بَيْعِ وَكِيلٍ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .

( وَ ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ ( وَهَبْتُكَ ) لِأَهْلِك أَوْ نَفْسِك ، وَنَحْوَهُ كَمَلَكْتُكِ ( لِأَهْلِك أَوْ لِنَفْسِك ) أَوْ لِزَيْدٍ مَثَلًا ( فَمَعَ قَبُولٍ ) مِنْ مَوْهُوبٍ لَهُ ( تَقَعُ ) طَلْقَةٌ ( رَجْعِيَّةٌ ) كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ قَبُولٌ ( فَ ) هُوَ ( لَغْوٌ ) كَقَوْلِ ( بِعْتُهَا ) أَيْ : بِعْتُك نَفْسَك فَلَغْوٌ مُطْلَقًا نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الطَّلَاقِ لِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فِيهِ ، وَالطَّلَاقُ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ لَا يَقْتَضِي الْعِوَضَ كَوَقَفْتُك عَلَى زَيْدٍ أَوْ وَصَّيْت لَهُ بِكِ وَافْتِقَارِ الْوُقُوعِ فِي الْهِبَةِ إلَى النِّيَّةِ ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لِلْبُضْعِ فَافْتَقَرَ إلَى الْقَبُولِ كَاخْتَارِي نَفْسِك ، وَأَمْرُك بِيَدِك وَلَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ ( وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ وَاهِبٍ ) وَهُوَ الزَّوْجُ ( وَ ) نِيَّةُ ( مَوْهُوبٍ ) لَهُ عِنْدَ قَبُولٍ ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ فَاعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ فِيهِ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ ( وَيَقَعُ ) بِقَوْلِ وَهَبْتُك لِنَفْسِك أَوْ أَهْلِك إذَا قَبِلَ ، وَنَوَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَالْآخَرُ طَلْقَةً أَوْ نَوَى أَحَدُهُمَا طَلْقَتَيْنِ وَالْآخَرُ طَلْقَةً ( أَقَلَّهُمَا ) أَيْ : الْعَدَدَيْنِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ دُونَ مَا زَادَ ( وَإِنْ نَوَى ) زَوْجٌ ( بِهِبَتِهِ ) أَيْ : بِقَوْلِ وَهَبْتُكِ لِنَفْسِكِ أَوْ أَهْلِكِ أَوْ زَيْدٍ مَثَلًا ( الطَّلَاقُ ) فِي الْحَالِ ( وَقَعَ أَوْ ) نَوَى بِ ( أَمْرٍ ) أَيْ : بِقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك .
الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَقَعَ ( أَوْ ) نَوَى بِ ( خِيَارٍ ) أَيْ : بِقَوْلِ اخْتَارِي نَفْسَك ( الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَقَعَ ) إذَنْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ .

( وَمَنْ طَلَّقَ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَقَعْ ) طَلَاقُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ ( وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ أَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَقَعَ ) طَلَاقُهُ ( وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ ) فِي ظَاهِرِ نَصِّهِ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ : إذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا لَمْ يَلْفِظْ أَوْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ بِهِ ( بِخِلَافِ قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ ) ، وَذِكْرٍ يَجِبُ فِيهَا فَلَا يُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يُسَمِّعْ بِهِ نَفْسَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَيَتَوَجَّهُ كَقِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ يَعْنِي : أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إذَا حَرَّكَ لِسَانَهُ بِهِ إلَّا إذَا تَلَفَّظَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ ( وَ ) زَوْجٌ ( مُمَيِّزٌ ) يَعْقِلُ الطَّلَاقَ ( وَ ) زَوْجَةٌ ( مُمَيِّزَةٌ ) تَعْقِلُهُ ( كَ ) زَوْجَيْنِ ( بَالِغَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ ) تَفْصِيلُهُ نَصًّا ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ شَيْءٌ صَحَّ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ ، وَأَنْ يَتَوَكَّلَ .

بَابُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( ، وَيُعْتَبَرُ ) عَدَدُهُ ( بِالرِّجَالِ ) حُرِّيَّةً ، وَرِقًّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ وَزَيْدٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ الرِّجَالِ فَاعْتُبِرَ بِهِ كَعَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ ، وَلِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا { طَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، وَقُرْءُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ ، وَتُزَوَّجُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا تَتَزَوَّجُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ } وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا { الْأَمَةُ تَطْلِيقَتَانِ ، وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ .
فَقَالَ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ( فَيَمْلِكُ حُرٌّ ) ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ ( وَ ) يَمْلِكُ ( مُبَعَّضٌ ثَلَاثًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فِي حَقِّهِ لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَكَمُلَ فِي حَقِّهِ ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إثْبَاتُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ كُلِّ مُطَلَّقٍ خُولِفَ فِي كَامِلِ الرِّقِّ ، وَبَقِيَ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْحُرُّ ، وَالْمُبَعَّضُ ( زَوْجَيْ أَمَةٍ ، وَ ) يَمْلِكُ ( عَبْدٌ وَلَوْ طَرَأَ رِقُّهُ ) كَذِمِّيٍّ تَزَوَّجَ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ فَاسْتُرِقَّ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَتَيْنِ ( أَوْ ) كَانَ ( مَعَهُ ) أَيْ : الْعَبْدِ ( حُرَّةٌ ثِنْتَيْنِ ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا لِمَا سَبَقَ وَإِنْ طَلَّقَ الذِّمِّيُّ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ مَلَكَ تَتِمَّةَ الثَّلَاثِ ؛ لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ وَقَعَتَا غَيْرَ مُحَرَّمَتَيْنِ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُمَا بِالرِّقِّ الطَّارِئِ بَعْدَهَا .

( فَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ ) الطَّلَقَاتِ ( الثَّلَاثَ بِشَرْطٍ فَوَجَدَ ) الشَّرْطَ ( بَعْدَ عِتْقِهِ وَقَعَتْ ) الثَّلَاثُ لِمِلْكِهِ لَهَا حِينَ الْوُقُوعِ ( وَإِنْ عَلَّقَهَا ) أَيْ : الثَّلَاثَ ( بِعِتْقِهِ ) بِأَنْ قَالَ : إنْ عَتَقْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( فَعَتَقَ لَغَتْ ) الطَّلْقَةُ ( الثَّالِثَةُ ) ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ ، وَغَيْرِهِ ( وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ مَلَكَ تَمَامَ الثَّلَاثِ ) ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ .
( وَ ) لَوْ عَتَقْت ( بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ ) لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً ؛ لِأَنَّهُمَا وَقَعَتَا مُحَرَّمَتَيْنِ ( أَوْ عَتَقَا ) أَيْ : الزَّوْجُ ، وَالزَّوْجَةُ ( مَعًا ) بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ ( لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً ) لِمَا تَقَدَّمَ .

( ، وَقَوْلُهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ الطَّلَاقُ ) أَوْ أَنْتِ طَلَاقٌ ( أَوْ يَلْزَمُنِي ) الطَّلَاقُ ( أَوْ ) الطَّلَاقُ ( لَازِمٌ لِي أَوْ ) قَالَ الطَّلَاقُ ( عَلَيَّ وَنَحْوَهُ ) كَعَلَيَّ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ ( صَرِيحٌ ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَ ( مُنَجَّزًا ) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَنَحْوِهِ ( أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ ) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَحْوِهِ ( أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ ) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ لَأَقُومَنَّ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي عُرْفِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ : فَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَأَنْتِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا تَمَامًا وَكَوْنُهُ مَجَازًا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ صَرِيحًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا مَحَلَّ لَهُ يَظْهَرُ سِوَى هَذَا الْمَحَلِّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ ( وَيَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعْتَقِدُونَهُ ثَلَاثًا ، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ .
وَيُنْكِرُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَ ثَلَاثًا ( مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ) مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ .

( فَمَنْ مَعَهُ عَدَدٌ ) مِنْ زَوْجَاتِهِ ، وَقَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي ، وَنَحْوَهُ إنْ فَعَلْت كَذَا ، وَفَعَلَهُ ( ، وَثَمَّ ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ : هُنَاكَ ( نِيَّةٌ ) تَقْتَضِي تَعْمِيمًا أَوْ تَخْصِيصًا ( أَوْ ) ثَمَّ ( سَبَبٌ يَقْتَضِي تَعْمِيمًا أَوْ تَخْصِيصًا ) لِبَعْضِ نِسَائِهِ ( عَمِلَ بِهِ ) أَيْ : بِمَا يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ أَوْ التَّخْصِيصَ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي تَعْمِيمًا أَوْ تَخْصِيصًا ( وَقَعَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ ) مِنْ الزَّوْجَاتِ ( طَلْقَةٌ ) ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِبَعْضِهِنَّ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ .

( وَ ) مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ ، وَنَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ ) تَقَعُ بِهَا ( كَنِيَّتِهَا ) أَيْ : الثَّلَاثِ ( بِ ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا ) ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ، فَقَدْ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَاحِدَةً ؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ كَمَا لَوْ نَوَى وَاحِدَةً ( وَ ) قَوْلُهُ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ) أَوْ طَالِقٌ وَاحِدَةً ( بَائِنَةً أَوْ ) طَالِقٌ ( وَاحِدَةً بَتَّةً ) أَوْ وَاحِدَةً تَمْلِكِي بِهَا نَفْسَك ، وَلَا عِوَضَ ( فَ ) وَاحِدَةٌ ( رَجْعِيَّةٌ فِي مَدْخُولٍ بِهَا ، وَلَوْ نَوَى أَكْثَرَ ) مِنْ وَاحِدَةٍ لَوَصَفَهَا بِوَاحِدَةٍ ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ رَجْعِيَّةً فَلَا تَخْرُجُ بِوَصْفِهَا بِذَلِكَ عَنْ أَصْلِهَا وَإِنَّمَا كَانَتْ بَائِنًا بِالْعِوَضِ لِضَرُورَةِ الِافْتِدَاءِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا أَوْ ) طَالِقٌ ( ثَلَاثًا وَاحِدَةً أَوْ طَالِقٌ بَائِنًا أَوْ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ ) طَالِقٌ ( بِلَا رَجْعَةٍ فَثَلَاثٌ ) تَقَعُ بِذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِ بِالْعَدَدِ أَوْ ، وَصْفِهِ الطَّلَاقَ بِمَا يَقْتَضِي الْإِبَانَةَ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا ، وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَثَلَاثٌ ) تَقَعُ ( وَإِنْ أَرَادَ ) الْأُصْبُعَيْنِ ( الْمَقْبُوضَتَيْنِ ، وَيَصْدُقُ فِي إرَادَتِهِمَا ) لِاحْتِمَالِهِ ( فَثِنْتَانِ ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ يَكُونُ تَارَةً بِقَبْضِ الْأَصَابِعِ ، وَتَارَةً بِبَسْطِهَا ، وَالْقَبْضُ يَكُونُ فِي أَوَّلِ الْعَدَدِ دُونَ الْبَسْطِ ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا فَوَاحِدَةٌ ، ) .

( وَمَنْ أَوْقَعَ طَلْقَةً ثُمَّ قَالَ : جَعَلْتُهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ بَعْدَهَا فَ ) طَلْقَةٌ ( وَاحِدَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ ثَلَاثًا ، وَظَاهِرُهُ إنْ أَرَادَ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ وَقَعَ تَتِمَّةُ الثَّلَاثِ .

( وَإِنْ قَالَ : لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( وَاحِدَةً بَلْ هَذِهِ ) مُشِيرًا لِلزَّوْجَةِ الثَّانِيَةِ ( ثَلَاثًا طَلَقَتْ ) الْمُخَاطَبَةُ أَوَّلًا ( وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا ) لِإِيقَاعِهِ بِهِمَا كَذَلِكَ ، وَمِثْلُهُ لِزَيْدٍ عَلَى هَذَا الدِّرْهَمِ بَلْ لِعَمْرٍو هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدِّرْهَمَانِ ، وَلَا يَصِحُّ إضْرَابُهُ عَنْ الْأَوَّلِ ( وَإِنْ قَالَ ) لِإِحْدَاهُمَا ( هَذِهِ ) طَالِقٌ ، وَأَشَارَ إلَيْهَا ( لَا بَلْ هَذِهِ ) مُشِيرًا لِلْأُخْرَى طَلُقَتَا ( أَوْ ) قَالَ لِإِحْدَاهُمَا ( أَنْتِ طَالِقٌ ) ، وَقَالَ لِلْأُخْرَى ( لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتَا ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إضْرَابُهُ عَمَّنْ طَلَّقَهَا أُوَلًا .

( وَإِنْ قَالَ ) مَنْ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ مُشِيرًا إلَيْهِنَّ ( هَذِهِ أَوْ هَذِهِ ) طَالِقٌ ( ، وَهَذِهِ ) طَالِقٌ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( بِالثَّلَاثَةِ ) لِإِيقَاعِهِ بِهَا ( وَ ) وَقَعَ ( بِإِحْدَى الْأَوَّلَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ ( كَ ) مَا لَوْ قَالَ ( هَذِهِ أَوْ هَذِهِ ) طَالِقٌ ( بَلْ هَذِهِ ) طَالِقٌ فَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ ، وَإِحْدَى الْأَوَّلِيَّيْنِ .
( وَ ) إنْ أَشَارَ إلَيْهِنَّ ، وَ ( قَالَ هَذِهِ ) طَالِقٌ ( وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ ) ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( بِالْأُولَى ، وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ كَ ) مَا لَوْ قَالَ ( هَذِهِ ) طَالِقٌ ( بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ ) فَتَطْلُقُ الْأُولَى ، وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْثَرَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ( أَوْ جَمِيعَهُ أَوْ مُنْتَهَاهُ أَوْ غَايَتَهُ أَوْ أَقْصَاهُ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( عَدَدَ الْحَصَى أَوْ ) عَدَدَ ( الْقَطْرِ أَوْ عَدَدَ الرَّمَلِ أَوْ ) عَدَدَ ( الرِّيحِ أَوْ ) عَدَدَ ( التُّرَابِ ، وَنَحْوَهُ ) كَالنُّجُومِ وَالْجِبَالِ ، وَالسُّفُنِ وَالْبِلَادِ فَثَلَاثٌ وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي عَدَدًا ، وَالطَّلَاقُ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ فَأَقَلُّهُ وَاحِدَةٌ وَأَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ الْمَاءِ أَوْ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ لِتَعَدُّدِ أَنْوَاعِهِ ، وَقَطَرَاتِهِ أَشْبَهَ الْحَصَى ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( يَا مِائَةَ طَالِقٍ فَثَلَاثٌ ) تَقَعُ كَقَوْلِهِ : أَنْتِ مِائَةُ طَالِقٌ ( وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ لَفْظَهُ ( وَكَذَا ) أَنْتِ طَالِقٌ ( كَأَلْفٍ وَنَحْوِهِ ) كَمِائَةٍ ( فَلَوْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا ) دُيِّنَ ، وَ ( قِبَلَ حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( أَشَدَّهُ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ( أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( مِلْءَ الْبَيْتِ أَوْ ) مِلْءَ ( الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ عِظَمَهُ ) أَيْ : الْجَبَلِ ( وَنَحْوِهِ ) كَعِظَمِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ ( فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَا يَقْتَضِي عَدَدًا ، وَتَكُونُ رَجْعِيَّةٌ فِي مَدْخُولٍ بِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُكَمِّلَةً لِعَدَدِ الطَّلَاقِ فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ وَقَعَ مَا نَوَاهُ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( مِنْ طَلْقَةٍ إلَى ثَلَاثِ ) طَلَقَاتٍ ( فَ ) طَلْقَتَانِ ( ثِنْتَانِ ) ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ لَا يَدْخُلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ } وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ ، وَثَلَاثٍ فَوَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي بَيْنَهُمَا ( ، وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ ، وَنَوَى طَلْقَةً مَعَهُمَا فَثَلَاثُ ) طَلَقَاتٍ تَقَعُ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَغْلَظِ ( وَإِنْ نَوَى ) بِهَذَا اللَّفْظِ ( مُوجِبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ ، وَ ) هُوَ ( يَعْرِفُهُ أَوْ لَا ) يَعْرِفُهُ ( فَثِنْتَانِ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُهُ عِنْدَهُمْ ( وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ) بِقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ ( وَقَعَ مِنْ حَاسِبٍ طَلْقَتَانِ ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالَةِ إرَادَةِ الضَّرْبِ ( ، وَ ) وَقَعَ ( مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ : الْحَاسِبِ ( طَلْقَةً ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِيقَاعِ اقْتَرَنَ بِالْوَاحِدَةِ ، وَجَعَلَ الِاثْنَتَيْنِ ظَرْفًا وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهِمَا إيقَاعٌ .

وَجُزْءُ طَلْقَةٍ كَهِيَ ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى السِّرَايَةِ كَالْعِتْقِ فَلَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ) طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( ثُلُثَ ) طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( سُدُسَ ) طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ مَا لَا يَتَبَعَّضُ فِي الطَّلَاقِ ذِكْرٌ لِجَمِيعِهِ كَأَنْتِ نِصْفُ طَلْقَةٍ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ جُزْءَ طَلْقَةٍ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ، وَ ( ثُلُثَ ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ ) فَوَاحِدَةٌ لِدَلَالَةِ عَدَمِ ذِكْرِ طَلْقَةٍ مَعَ كُلِّ جُزْءٍ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مِنْ طَلْقَةٍ غَيْرَ مُتَغَايِرَةٍ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( نِصْفَيْهَا ) أَيْ : نِصْفَيْ طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّ نِصْفَيْ الشَّيْءِ كُلُّهُ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ ) فَوَاحِدَةٌ لِدَلَالَةِ حَذْفِ الْعَاطِفِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَنَّ الثَّانِيَ بَدَلٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثَ بَدَلٌ مِنْ الثَّانِي ، وَالْبَدَلُ هُوَ ، وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ أَوْ بَعْضُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ ، وَثُلُثَهَا ، وَسُدُسَهَا ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ طَلْقَةٍ وَلَا تَزِيدُ عَلَيْهَا .

( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( نِصْفُ ) طَلْقَتَيْنِ ( أَوْ ) قَالَ ( ثُلُثَ ) طَلْقَتَيْنِ ( أَوْ ) قَالَ ( سُدُسَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ) قَالَ ( رُبُعَ ) طَلْقَتَيْنِ ( أَوْ ) قَالَ ( ثُمُنَ طَلْقَتَيْنِ ، وَنَحْوَهُ ) كَخُمْسِ أَوْ سُبْعِ أَوْ تُسْعِ أَوْ عُشْرِ طَلْقَتَيْنِ ( فَوَاحِدَةٌ ) تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ ، وَثُلُثَهُمَا ثُلُثَا طَلْقَةٍ ، وَسُدُسَهُمَا ثُلُثُ طَلْقَةٍ ، وَرُبْعَهُمَا نِصْفُ طَلْقَةٍ ، وَثُمْنَهُمَا رُبْعُ طَلْقَةٍ ، وَخَمْسَهُمَا خُمْسَا طَلْقَةٍ ، وَقِسْ عَلَيْهِ ثُمَّ تُكْمَلُ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ ) فَثِنْتَانِ ؛ لِأَنَّ نِصْفَيْ الشَّيْءِ جَمِيعُهُ فَهُوَ كَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ الْأَنْصَافِ طَلْقَةٌ ، وَنِصْفٌ فَيُكْمَلُ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ ) طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ ( أَوْ خَمْسَةِ أَرْبَاعِ ) طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ ( وَنَحْوِهِ ) كَثَمَانِيَةِ أَسْبَاعِ طَلْقَةٍ ( فَثِنْتَانِ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَلْقَةٌ ، وَجُزْءٌ فَيُكْمَلُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ .

( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ ) طَلْقَتَيْنِ فَثَلَاثٌ نَصًّا ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَقَدْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا أَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( أَوْ ) قَالَ ( أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ ) طَلْقَتَيْنِ فَثَلَاثٌ ؛ لِأَنَّهَا ثَمَانِيَةُ أَثْلَاثٍ بِطَلْقَتَيْنِ ، وَثُلُثَيْ طَلْقَةٍ وَيُكْمَلُ ( أَوْ ) قَالَ ( خَمْسَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَتَيْنِ ) فَثَلَاثٌ ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا عَشَرَةُ أَرْبَاعِ بِاثْنَتَيْنِ ، وَنِصْفٌ فَيُكْمَلُ ( وَنَحْوُهُ ) كَسَبْعَةِ أَسْدَاسِ طَلْقَتَيْنِ فَثَلَاثٌ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( نِصْفَ طَلْقَةٍ ، وَثُلُثَ طَلْقَةٍ ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ وَنَحْوَهُ ) كَرُبْعِ طَلْقَةٍ ، وَخُمْسِ طَلْقَةٍ ، وَتُسْعِ طَلْقَةٍ ( فَثَلَاثٌ ) لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ غَيْرِ الَّتِي مِنْهَا الْجُزْءُ الْآخَرُ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَكْرَارِ لَفْظِ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ جُزْءٌ فَتُكْمَلُ ، وَأَيْضًا فَاللَّفْظُ إذَا ذُكِرَ ثُمَّ أُعِيدَ مُنَكَّرًا فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ وَإِنْ أُعِيدَ مُعَرَّفًا فَهُوَ الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } فَالْعُسْرُ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ ، وَالْيُسْرُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ فَلِهَذَا قِيلَ : لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ، وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَلْقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلْقَةٍ ، وَنَحْوُهُ أَوْ ثُلُثُ طَالِقٍ ، وَنَحْوُهُ فَطَلْقَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَنْتِ الطَّلَاقُ صَرِيحٌ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( لِأَرْبَعٍ ) زَوْجَاتِهِ ( أَوْقَعْت بَيْنكُنَّ ) طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا ( أَوْ ) قَالَ لَهُنَّ أَوْقَعْت ( عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا ) وَقَعَ بِكُلِّ طَلْقَةٍ ( أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُ ) بَلْ قَالَ : بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ ( وَقَعَ بِكُلِّ ) وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ( طَلْقَةٌ ) لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ قِسْمَةَ مَا أَوْقَعَهُ بَيْنَهُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّلْقَةِ رُبْعٌ ، وَمِنْ الثِّنْتَيْنِ نِصْفٌ ، وَمِنْ الثَّلَاثِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ ثُمَّ يُكْمَلُ ، وَمِنْ الْأَرْبَعِ وَاحِدَةٌ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِلْأَرْبَعِ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ ( خَمْسًا ) أَيْ : خَمْسَ طَلَقَاتٍ ( أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُ ( وَقَعَ بِكُلِّ ) وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ( ثِنْتَانِ ) ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ خَمْسٍ وَاحِدَةٌ ، وَرُبْعٌ ، وَمِنْ سِتٍّ وَاحِدَةٌ ، وَنِصْفٌ ، وَمِنْ سَبْعٍ وَاحِدَةٌ ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَيُكْمَلُ الْكَسْرَ ، وَمِنْ ثَمَانٍ طَلْقَتَانِ .
( وَ ) إنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ ( تِسْعًا فَأَكْثَرَ ) كَعَشْرِ طَلَقَاتٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ أَوْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُ وَقَعَ ثَلَاثًا لِمَا مَرَّ .

( أَوْ ) قَالَ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ ( طَلْقَةً ، وَطَلْقَةً ، وَطَلْقَةً وَقَعَ ) بِكُلٍّ مِنْهُنَّ ( ثَلَاثُ ) طَلَقَاتٍ ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ اقْتَضَى قَسْمَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَى حِدَتِهَا ثُمَّ يُكْمَلُ الْكَسْرَ ( كَ ) قَوْلِهِ ( طَلْقَتكُنَّ ثَلَاثًا ) قَالَ فِي الشَّرْحِ ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمَدْخُولُ بِهَا ، وَغَيْرُهَا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَإِنْ قَالَ : أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ نِصْفَ طَلْقَةٍ ، وَثُلُثَ طَلْقَةٍ ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ : أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً فَطَلْقَةً ، وَطَلْقَةً أَوْ طَلْقَةً ثُمَّ طَلْقَةً ثُمَّ طَلْقَةً طَلُقْنَ ثَلَاثًا إلَّا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَبِينُ بِالْأَوْلَى .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( نِصْفُك ، وَنَحْوُهُ ) كَثُلُثِك أَوْ خُمْسِك طَالِقٌ طَلُقَتْ ( أَوْ ) قَالَ ( بَعْضُك ) طَالِقٌ طَلُقَتْ ( أَوْ ) قَالَ ( جُزْءٌ مِنْك ) طَالِقٌ طَلُقَتْ .
وَلَوْ زَادَ عَنْ الْأَلْفِ جُزْءٌ وَنَحْوُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى جُمْلَةٍ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الْحِلِّ ، وَالْحُرْمَةِ وَقَدْ وُجِدَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَغُلِّبَ كَاشْتِرَاكِ مُسْلِمٍ ، وَمَجُوسِيٍّ فِي قَتْلِ صَيْدٍ ( أَوْ ) قَالَ ( دَمُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( حَيَاتُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( يَدُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( أُصْبُعُكِ طَالِقٌ وَلَهَا يَدٌ وَأُصْبُعٌ طَلُقَتْ ) لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى جُزْءٍ ثَابِتٍ اسْتَبَاحَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ أَشْبَهَ الْجُزْءَ الشَّائِعَ بِخِلَافِ زَوَّجْتُكَ نِصْفَ بِنْتِي وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( شَعْرُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( ظُفْرُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( سِنُّكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( رِيقُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( دَمْعُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( لَبَنُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( مَنِيُّكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( رَوْحُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( حَمْلُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( سَمْعُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( بَصَرُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( سَوَادُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( بَيَاضُكِ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( نَحْوُهَا ) كَطُولِكِ أَوْ قِصَرِكِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ ، وَظِهَارٌ ، وَعِتْقٌ ، وَحَرَامٌ بِذِكْرِ الشَّعْرِ ، وَالسِّنِّ ، وَالظُّفْرِ ، وَالرُّوحِ ، وَبِذَلِكَ أَقُولُ انْتَهَى ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ لَيْسَتْ عُضْوًا وَلَا شَيْئًا يُسْتَمْتَعُ بِهِ أَشْبَهَتْ السَّمْعَ ، وَالْبَصَرَ ؛ وَلِأَنَّهَا تَزُولُ عَنْ الْجَسَدِ فِي حَالِ سَلَامَةِ الْجَسَدِ وَهِيَ حَالُ النَّوْمِ كَمَا يَزُولُ الشَّعْرُ ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ وَنَحْوَهُ أَجْزَاءٌ تَنْفَصِلُ مِنْهَا حَالَ السَّلَامَةِ أَشْبَهَتْ الرِّيقَ ، وَالْعَرَقَ ، وَالْحَمْلَ .

( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( يَدُكِ وَلَا يَدَ لَهَا طَالِقٌ ) لَمْ تَطْلُقْ لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى مَا لَيْسَ مِنْهَا وَكَذَا إنْ قَالَ لَهَا أُصْبُعُكِ طَالِقٌ وَلَا أُصْبُعَ لَهَا .

( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ قُمْت فَهِيَ ) أَيْ : يَدُكِ ( طَالِقٌ فَقَامَتْ ، وَقَدْ قُطِعَتْ ) يَدُهَا قَبْلَ قِيَامِهَا ( لَمْ تَطْلُقْ ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ وَلَا يَدَ لَهَا كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ إذَنْ ( وَعَتَقَ فِي ذَلِكَ ) أَيْ : الْمَذْكُورِ مِنْ الصُّوَرِ ( كَطَلَاقٍ ) فَإِنْ أُضِيفَ الْعِتْقُ إلَى مَا تَطْلُقُ بِهِ الْمَرْأَةُ كَيَدِهَا وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَشَعْرِهَا .

أَيْ : الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا ( تَطْلُقُ ) زَوْجَةٌ ( مَدْخُولٌ بِهَا ) بِوَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ ( بِ ) قَوْلِ زَوْجِهَا لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْإِيقَاعِ فَيَقْتَضِي الْوُقُوعَ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مِثْلُهُ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِتَكْرَارِهِ تَأْكِيدًا مُتَّصِلًا أَوْ إفْهَامًا ) لِانْصِرَافِهِ عَنْ الْإِيقَاعِ بِنِيَّةِ ذَلِكَ ، وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالْأُولَى نَوَى بِالثَّانِيَةِ الْإِيقَاعَ أَوْ لَا مُتَّصِلًا أَوْ لَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِأَنْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ، وَسَكَتَ مَا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ ثُمَّ أَعَادَهُ لَهَا طَلَقَتْ ثَانِيَةٌ وَلَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ ، وَشَرْطُهُ الِاتِّصَالُ كَسَائِرِ التَّوَابِعِ .

( وَإِنْ ) قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَ ( أَكَّدَ الْأُولَى بِثَالِثَةٍ لَمْ يُقْبَلْ ) لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِالثَّانِيَةِ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ ( وَ ) إنْ أَكَّدَ الْأُولَى ( بِهِمَا ) أَيْ : الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ قُبِلَ لِعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا ، وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ ( أَوْ ) قَالَ أَرَدْت ( تَأْكِيدَ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ قُبِلَ ) لِمَا مَرَّ فَيَقَعُ اثْنَتَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا ( وَإِنْ أَطْلَقَ التَّأْكِيدَ ) بِأَنْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ وَلَمْ يُعَيِّنْ تَأْكِيدَ أُولَى وَلَا ثَانِيَةٍ ( فَوَاحِدَةٌ ) لِانْصِرَافِ مَا زَادَ عَلَيْهَا عَنْ الْإِيقَاعِ بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ ، وَطَالِقٌ فَثَلَاثُ ) طَلْقَاتٍ ( مَعًا ) مَدْخُولًا بِهَا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي الْجَمْعَ بِلَا تَرْتِيبٍ ( ، وَيُقْبَلُ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) إرَادَةُ ( تَأْكِيدِ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ ) لِمُطَابَقَتِهَا لَهَا فِي لَفْظِهَا ، وَ ( لَا ) يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدُ ( أُولَى بِثَانِيَةٍ ) لِعَدَمِ مُطَابَقَتِهَا لَهَا لِاقْتِرَانِهَا بِالْعَاطِفِ دُونَهَا ( وَكَذَا الْفَاءُ ) فَلَوْ قَالَ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ فَتَطْلُقُ مَدْخُولٌ بِهَا ثَلَاثًا ، وَيُقْبَلُ مِنْهُ حُكْمًا تَأْكِيدُ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ لَا أُولَى بِثَانِيَةٍ .
( وَ ) كَذَا ( ثُمَّ ) إذَا قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ، وَأَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ لَا أُولَى بِثَانِيَةٍ .

( وَإِنْ غَايَرَ الْحُرُوفَ ) فَقَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ ، وَطَالِقٌ ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ فَطَالِقٌ وَنَحْوَهُ ( لَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ إرَادَةُ تَأْكِيدٍ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ فِي اللَّفْظِ ( ، وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدٌ فِي ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَنْتِ مُفَارَقَةٌ ) إذَا أَرَادَ تَأْكِيدَ الْأُولَى بِمَا بَعْدَهَا أَوْ الثَّانِيَةِ بِالثَّالِثَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَعَادَ اللَّفْظَ بِمَعْنَاهُ وَ ( لَا ) يُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ التَّأْكِيدِ ( مَعَ وَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ ) بِأَنْ قَالَ : أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ ، وَأَنْتِ مُسَرَّحَةٌ ، وَأَنْتِ مُفَارَقَةٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ فَمُسَرَّحَةٌ فَمُفَارَقَةٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ ثُمَّ مُفَارَقَةٌ ثُمَّ مُسَرَّحَةٌ .
لِأَنَّ حُرُوفَ الْعَطْفِ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ .

( وَإِنْ أَتَى بِشَرْطٍ ) عَقِبَ جُمْلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ .
فَتَطْلُقُ مَدْخُولٌ بِهَا بِالْأُولَى فِي الْحَالِ وَالثَّانِيَةِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ .

( أَوْ ) أَتَى بِ ( اسْتِثْنَاءٍ ) عَقِبَ جُمْلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً .
يَقَعُ اثْنَتَانِ لِاخْتِصَاصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ أَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً .

( أَوْ ) أَتَى بِ ( صِفَةٍ عَقِبَ جُمْلَةٍ ) نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقَةٌ صَائِمَةٌ ( اخْتَصَّ بِهَا ) فَتَطْلُقُ الْأُولَى فِي الْحَالِ وَالثَّانِيَةُ إذَا صَامَتْ ( بِخِلَافِ مَعْطُوفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَيْهِ ) إذَا تَعَقَّبْهُ شَرْطٌ أَوْ صِفَةٌ فَيَعُودَانِ لِلْكُلِّ فَقَوْلُهُ : أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدَمَ فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ .
وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ صَائِمَةٌ فَتَطْلُقُ بِصِيَامِهَا طَلْقَتَيْنِ ، وَيَأْتِي مَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي بَابِهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ فَوَاحِدَةٌ ) نَصًّا .
لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْأُولَى ثُمَّ أَثْبَتَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ فَالْمُثْبَتُ هُوَ الْمَنْفِيُّ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى فَلَا يَقَعُ بِهِ أُخْرَى وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ كَأَنَّهُ نَسِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُوَقَّعَ لَا يَنْفِي فَاسْتَدْرَكَ ، وَأَثْبَتَهُ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُ أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ ارْتَفَعَ بِنَفْيِهِ فَهُوَ إعَادَةٌ لِلْأَوَّلِ لَا اسْتِئْنَافُ طَلَاقٍ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( ثُمَّ طَالِقٌ أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( بَلْ طَالِقٌ أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً بَلْ طَلْقَةً ) فَثِنْتَانِ .
لِأَنَّ حُرُوفَ الْعَطْفِ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَبَلْ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ إذَا كَانَ بَعْدَهَا مُفْرَدٌ كَمَا هُنَا .
لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ وَإِنْ تَحَمَّلَ الضَّمِيرَ ، وَفِي طَلْقَةٍ بَلْ طَلْقَتَيْنِ الْأُولَى دَاخِلَةٌ فِيهِمَا .

( أَوْ ) قَالَ ( طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ ) طَالِقٌ طَلْقَةً ( قَبْلَهَا طَلْقَةٍ وَلَمْ يُرِدْ فِي نِكَاحٍ ) قُبِلَ ذَلِكَ ( أَوْ مِنْ زَوْجٍ قُبِلَ ذَلِكَ ) فَثِنْتَانِ فَإِنْ أَرَادَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ فَوَاحِدَةٌ ( ، وَيُقْبَلُ ) مِنْهُ ذَلِكَ ( حُكْمًا إنْ كَانَ ، وُجِدَ ) نِكَاحٌ أَوْ زَوْجٌ قَبْلَهُ ( أَوْ ) قَالَ : طَالِقٌ طَلْقَةً ( بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ ) طَلْقَةً ( بَعْدَهَا طَلْقَةٍ وَلَمْ يُرِدْ ) بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٍ ( سَيُوقِعُهَا ) عَلَيْهَا بَعْدُ ( وَيُقْبَلُ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) إرَادَةُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ ( فَثِنْتَانِ ) يَقَعَانِ عَلَيْهِ ( لَا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَبِينُ بِ ) الطَّلْقَةِ ( الْأُولَى وَلَا يَلْزَمُهَا مَا بَعْدَهَا ) ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِالْبَيْنُونَةِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ أَوْ ) طَالِقٌ طَلْقَةً ( مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ ) طَالِقٌ ( طَلْقَةً فَوْقَهَا ) طَلْقَةٌ ( أَوْ ) طَلْقَةً ( فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً تَحْتَهَا طَلْقَةٌ أَوْ ) طَلْقَةً ( تَحْتَ طَلْقَةٍ أَوْ ) أَنْتِ ( طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ فَثِنْتَانِ ) مَدْخُولًا بِهَا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا لِإِيقَاعِهِ الطَّلَاقَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي وُقُوعَ طَلْقَتَيْنِ فَوَقَعَتْ مَعًا كَمَا لَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ .
( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ فَ ) طَلْقَةٌ ( وَاحِدَةٌ ) لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ ( مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ) مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ .

( وَمُعَلَّقٌ فِي هَذَا ) الْمَذْكُورِ ( كَمُنَجَّزٍ ) عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ ( فَ ) لَوْ قَالَ ( إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ ، وَطَالِقٌ ) فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا .
؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ ( أَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ ) فَقَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ ، وَطَالِقٌ إنْ قُمْت فَقَامَتْ فَالثَّلَاثُ مَعًا ، وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدُ ، ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ لَا تَأْكِيدُ أُولَى بِثَانِيَةٍ ( أَوْ كَرَّرَهُ ) أَيْ الشَّرْطَ ( ثَلَاثًا بِالْجَزَاءِ ) بِأَنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ ( أَوْ ) قَالَ : إنْ قُمْت ( فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَتَانِ أَوْ ) طَالِقٌ طَلْقَةً ( مَعَ طَلْقَتَيْنِ فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ ) مَعًا لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ ثَلَاثًا ( وَ ) إنْ قَالَ ( إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ ) إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ( ثُمَّ طَالِقٌ فَقَامَتْ فَ ) يَقَعُ بِهَا ( طَلْقَةٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ) ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى فَلَا تَلْحَقُهَا الثَّانِيَةُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا ( فَثِنْتَانِ ) إذَا قَامَتْ لِوُقُوعِ الْأُولَى رَجْعِيَّةً وَهِيَ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ ( وَإِنْ قَصَدَ ) مَوْقِعَ ( إفْهَامِهَا أَوْ ) قَصَدَ ( تَأْكِيدًا فِي مُكَرَّرٍ ) مُتَّصِلٍ ( مَعَ جَزَاءٍ ) كَقَوْلِهِ .
إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقْصِدُ إفْهَامَهَا أَوْ تَأْكِيدًا ( فَوَاحِدَةٌ ) لِصَرْفِهِ عَنْ الْإِيقَاعِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُنَجَّزِ .

( وَهُوَ لُغَةً مِنْ الثَّنْيِ وَهُوَ الرُّجُوعُ ) يُقَالُ : ثَنَى رَأْسَ الْبَعِيرِ إذَا عَطَفَهُ إلَى وَرَائِهِ فَكَأَنَّ الْمُسْتَثْنَى رَجَعَ فِي قَوْلِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ .
وَاصْطِلَاحًا ( إخْرَاجُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ ) أَيْ مَدْخُولِ اللَّفْظِ ( بِ ) لَفْظِ ( إلَّا أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا ) كَغَيْرِ وَسِوَى وَلَيْسَ وَعَدَا وَخَلَا وَحَاشَا ( مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ ) فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ مُوَقَّعٍ لِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنَى مِنْهُ ( وَشُرِطَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ( فِيهِ ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ ( اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ لَفْظٌ يَقْتَضِي رَفْعَ مَا وَقَعَ بِالْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُ الطَّلَاقِ إذَا وَقَعَ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ إذْ الِاتِّصَالُ يَجْعَلُ اللَّفْظَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَ تَمَامِهَا .
وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ التَّعْلِيقُ وَيَكُونُ الِاتِّصَالُ ( إمَّا لَفْظًا ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ مُتَوَالِيًا ( أَوْ ) يَكُونَ ( حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ عَمَّا قَبْلَهُ ( بِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ ) كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ بِخِلَافِ انْقِطَاعِهِ بِكَلَامٍ مُعْتَرِضٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ لَا يَسِيرٍ أَوْ طُولِ كَلَامٍ مُتَّصِلٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَا يُبْطِلُهُ قَالَ الطُّوفِيُّ .
( وَ ) شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا نِيَّةٌ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ فَإِذَا قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يُعْتَدَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ إنْ لَمْ يَنْوِهِ قَبْلَ تَمَامِ قَوْلِهِ : ثَلَاثًا ( وَكَذَا شَرْطٌ مُلْحَقٌ ) أَيْ لَاحِقٌ لِآخِرِ الْكَلَامِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ فَيُشْتَرَطُ اتِّصَالٌ عَادَةً وَنِيَّةً قَبْلَ تَمَامِ أَنْتِ طَالِقٌ .
( وَ ) كَذَا ( عَطْفُ مُغَيِّرٍ ) نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إنْ اتَّصَلَ عَادَةً وَنَوَاهُ قَبْلَ تَمَامِ مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ وَنِيَّةِ الْعَدَدِ حَيْثُ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا صَوَارِفُ لِلَّفْظِ عَنْ مُقْتَضَاهُ فَوَجَبَ مُقَارَنَتُهَا لَفْظًا وَنِيَّةً كَالِاسْتِثْنَاءِ .

( وَيَصِحُّ ) اسْتِثْنَاءٌ فِي نِصْفٍ ( فَأَقَلَّ ) نَصَّا .
؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ أَبَانَ بِهِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُرَادٍ بِالْأَوَّلِ فَصَحَّ كَقَوْلِ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } يُرِيدُ بِهِ الْبَرَاءَةَ مِمَّا سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وقَوْله تَعَالَى : { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا } وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَا يَصِحُّ لِمَا يَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ ( مِنْ مُطَلَّقَاتٍ ) كَزَوْجَتَايَ طَالِقَتَانِ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ .
( وَ ) مِنْ ( طَلْقَاتٍ فَ ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً ) يَقَعُ عَلَيْهَا ( طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِرَفْعِهِ الثَّانِيَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَ ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً ) يَقَعُ اثْنَتَانِ .
( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً ) يَقَعُ اثْنَتَانِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الثِّنْتَيْنِ وَاحِدَةً فَبَقِيَ وَاحِدَةٌ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الثَّلَاثِ فَبَقِيَ اثْنَتَانِ ( أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ ) لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مُؤَكِّدٌ لَهُ ( أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( إلَّا وَاحِدَةً وَإِلَّا وَاحِدَةً ) يَقَعُ ثِنْتَانِ إلْغَاءً لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ( أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً ( وَثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً ) يَقَعُ ثِنْتَانِ لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَتَيْنِ .
؛ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا ( أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ ) لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا ) يَقَعُ ثَلَاثٌ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِلْكُلِّ وَلَا يَصِحُّ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( إلَّا ثِنْتَيْنِ ) يَقَعُ ثَلَاثٌ .
؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( إلَّا جُزْءَ طَلْقَةٍ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَنَحْوِهِمَا ) كَرُبُعٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ سُدُسٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ .
؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَيَكْمُلُ الْبَاقِي مِنْ الطَّلْقَةِ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً ) يَقَعُ ثَلَاثٌ .
؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بَقِيَ اثْنَتَانِ وَاسْتَثْنَاهُمَا مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَا يَصِحُّ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( خَمْسًا ) إلَّا ثَلَاثًا ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا ) يَقَعُ ثَلَاثٌ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ( أَوْ ) قَالَ : أَنْتِ ( طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً ) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ ( أَوْ ) أَنْتِ ( طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً ) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا يَلِيه فَهُوَ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ .
وَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَجْمُوعِ فِي ذَلِكَ دِينَ وَقُبِلَ حُكْمُهُ .
قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ ( إلَّا طَالِقًا أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( ثِنْتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفَ إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ ) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ ( إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثُ ) طَلْقَاتٍ لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ ( كَعَطْفِهِ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ ثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً ، وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَقَعَتْ

الثَّلَاثُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ ) الطَّلْقَاتُ ( الثَّلَاثُ ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِيمَا تَنَاوَلَ فَلَا يَقَعُ بِالنِّيَّةِ مَا ثَبَتَ بِنَصِّ اللَّفْظِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا ، وَإِنْ نَوَى بِالثَّلَاثِ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي غَيْرِ مَا يَصْلُحُ لَهُ فَوَقَعَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَلَغَتْ النِّيَّةُ .

( وَ ) إنْ قَالَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةً ( نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( بِقَلْبِهِ طَلُقْنَ ) كُلُّهُنَّ لِمَا سَبَقَ ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعَ ) بَلْ قَالَ : نِسَائِي طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِقَلْبِهِ ( لَمْ تَطْلُقْ الْمُسْتَثْنَاةُ ) ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ عَامٌّ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ وَاسْتِعْمَالُ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ كَثِيرٌ فَيَنْصَرِفُ اللَّفْظُ بِنِيَّةِ مَا أَرَادَ فَقَطْ .

وَإِنْ سَأَلَتْهُ إحْدَى نِسَائِهِ طَلَاقَهَا فَقَالَ : نِسَائِي طَوَالِقُ وَ ( اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا دُيِّنَ ) ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ عَامٌّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ ( وَلَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ ذَلِكَ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ جَوَابُ سُؤَالِهَا لِنَفْسِهَا فَدَعْوَاهُ صَرْفُهُ عَنْهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ ؛ وَلِأَنَّهَا سَبَبُ الطَّلَاقِ وَسَبَبُ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعُمُومِ بِالتَّخْصِيصِ .

( وَإِنْ ) كَانَتْ ( قَالَتْ ) لَهُ طَلِّقْ نِسَاءَك فَقَالَ : ( نِسَائِي طَوَالِقُ .
طَلُقَتْ ) الْقَائِلَةُ كَبَاقِي نِسَائِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ مَعَ عَدَمِ الْمُخَصِّصِ ( مَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا ) وَلَوْ بِقَلْبِهِ فَلَا تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ يُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ وَيُقْبَلُ مِنْهُ حُكْمًا .
( وَفِي ) كِتَابِ ( الْقَوَاعِدِ ) الْأُصُولِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ اللَّحَّامِ ( قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ ) أَيْ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ لَا إلَى مَا لُفِظَ بِهِ ( وَ ) أَنَّ ( الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدَةً ) أَيْ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ وَثُمَّ ( وَقَالَهُ ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ ( جَمْعٌ ) قَالَ ( الْمُنَقِّحُ وَلَيْسَ ) مَا فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ جَمْعٌ ( عَلَى إطْلَاقِهِ ) بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَلَوْ رَجَعَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ وَقَعَ ثَلَاثٌ ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَالِقًا وَنَحْوُهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ وَلَوْ صُيِّرَا لِعَطْفِ الْجُمَلِ وَاحِدَةً كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً .

أَيْ تَقْيِيدُ الطَّلَاقِ بِالزَّمَنِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ ( إذَا قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَنَوَى ) بِذَلِكَ ( وُقُوعَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ( إذَنْ وَقَعَ ) فِي الْحَالِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ فِي حَقِّهِ ( وَإِلَّا ) يَنْوِ وُقُوعَهُ إذَنْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى إيقَاعَهُ فِي الْمَاضِي ( لَمْ يَقَعْ ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ رَفْعٌ لِلِاسْتِبَاحَةِ وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا فِي الْمَاضِي كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقُ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِيَوْمَيْنِ فَقَدِمَ الْيَوْمَ ( وَلَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خُرِسَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ ) أَيْ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ فَلَا تَزُولُ مَعَ الشَّكِّ فِيمَا أَرَادَهُ ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا أَوْ أَنِّي طَلَّقْتهَا فِي نِكَاحٍ قَبْلَ هَذَا قُبِلَ مِنْهُ إنْ احْتَمَلَ صِدْقَهُ وَلَمْ تُكَذِّبهُ قَرِينَةُ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ .

( وَإِنْ قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ ) أَيْ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا بِالتَّعْلِيقِ بَلْ تَسْتَمِرُّ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِأَجْلِهِ .
( فَإِن قَدِمَ ) زَيْدٌ ( قَبْلَ مُضِيِّهِ ) أَيْ الشَّهْرِ لَمْ يَقَعْ ( أَوْ ) قَدِمَ ( مَعَهُ ) أَيْ مَعَ مُضِيِّ الشَّهْرِ ( لَمْ يَقَعْ ) عَلَيْهِ طَلَاقٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ جُزْءٍ يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ ( وَإِنْ قَدِمَ ) زَيْدٌ ( بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ تَطْلُقُ فِيهِ ) أَيْ يَتَّسِعُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ ) أَيْ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ عَلَى صِفَةٍ فَإِذَا حَصَلَتْ وَقَعَ كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَقَبْلَ مَوْتِكَ بِشَهْرٍ .
( وَ ) تَبَيَّنَ ( أَنَّ وَطْأَهُ ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ ( مُحَرَّمٌ ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا ؛ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ ( وَلَهَا الْمَهْرُ ) بِمَا نَالَ مِنْ فَرْجِهَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا مِنْ حِينِ عَقْدِهِ هَذِهِ الصِّفَةَ إلَى حِينِ مَوْتِهِ فَإِنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَأْتِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَهْرُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ( فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ ) أَيْ التَّعْلِيقِ ( بِيَوْمٍ ) مَثَلًا ( وَقَدِمَ ) زَيْدٌ ( بَعْدَ شَهْرٍ وَيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ ) إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا سَبَقَ ( وَبَطَلَ الطَّلَاقُ ) ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَهَا بَائِنًا بِالْخُلْعِ ( وَعَكْسُهُمَا ) أَيْ يَبْطُلُ الْخُلْعُ وَيَصِحُّ الطَّلَاقُ إنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمَيْنِ وَقَدِمَ زَيْدٌ ( بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ ) مِنْ حِينِ الْيَمِينِ ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ صَادَفَهَا بَائِنًا بِالطَّلَاقِ ( وَإِنْ لَمْ يَقَعْ ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ ( الْخُلْعُ رَجَعَتْ ) الزَّوْجَةُ ( بِعِوَضِهِ ) لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ لَا فِي مُقَابَلَتِهِ ، ( إلَّا الرَّجْعِيَّةَ ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ رَجْعِيًّا بِأَنْ

لَمْ يَكُنْ مُكَمِّلًا لِمَا يَمْلِكُهُ ( فَيَصِحُّ خُلْعُهَا ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ مَا دَامَتْ عِدَّتُهَا .
( وَكَذَا حُكْمُ ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ) فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْمَاضِي ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ وَلَحْظَةٍ تَتَّسِعُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ ( وَلَا إرْثَ لِبَائِنٍ ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالْبَيْنُونَةِ وَ ( عَدَمِ تُهْمَةٍ ) يَحْرُمَانِهَا الْمِيرَاثَ ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ وَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ وَقَدْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ نَحْوِ يَوْمَيْنِ فَلَا تَوَارُثَ ، إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ أَيْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَوْتِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ مِتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَنَحْوَهُ ) كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) التَّعْلِيقُ ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ يَقَعْ قَبْلَهُ ( لِمُضِيِّهِ وَلَا تَطْلُقُ إنْ قَالَ ) لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَعَهُ ) لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَبْقَ نِكَاحٌ يُزِيلُهُ ، الطَّلَاقُ .

( وَإِنْ قَالَ ) : أَنْتِ طَالِقٌ ( يَوْمَ مَوْتِي طَلُقَتْ أَوَّلَهُ ) أَيْ أَوَّلَ الْيَوْمِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ لِصَلَاحِيَةِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ وَلَا مُقْتَضَى لِتَأْخِيرِهِ عَنْ أَوَّلِهِ .
( وَ ) إنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ( قَبْلَ مَوْتِي يَقَعُ فِي الْحَالِ ) وَكَذَا قَبْلَ ، مَوْتِك أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ مَحَلُّ الطَّلَاقِ وَلَا مُقْتَضَى لِلتَّأْخِيرِ ، وَقُبَيْلَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ يَقَعُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي يَلِيهِ الْمَوْتُ ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي يَبْقَى يَسِيرٌ وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ ، فَقَالَ الْقَاضِي : تَطْلُقُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ .

( وَإِنْ قَالَ ) لِامْرَأَتَيْهِ ( أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا يَقَعُ بِالْأُخْرَى ) لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ فِيهَا .

( وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ ) بِشَرْطِهِ وَهُوَ صِحَّةُ نِكَاحِهِ لِلْإِمَاءِ ( ثُمَّ قَالَ ) لَهَا ( إذَا مَاتَ أَبِي أَوْ اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أَوْ اشْتَرَاهَا طَلُقَتْ ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ أَوْ الشِّرَاءَ سَبَبُ مِلْكِهَا وَطَلَاقِهَا ، وَفَسْخُ النِّكَاحِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ فَيَحْصُلُ الطَّلَاقُ زَمَنَ الْمِلْكِ السَّابِقِ عَلَى الْفَسْخِ فَيَثْبُتُ ` حُكْمُهُ ( وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أَوْ اشْتَرَاهَا لَمْ تَطْلُقْ ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ فَيُصَادِفَهَا مَمْلُوكَةً .

( وَلَوْ كَانَتْ ) زَوْجَتُهُ ( مُدَبَّرَةً ) لِأَبِيهِ وَقَالَ لَهَا إنْ مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَمَاتَ أَبُوهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مَعًا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ ) أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْحُرِّيَّةَ يَتَرَتَّبَانِ عَلَى مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَكَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي الرِّقِّ فَتَطْلُقُ أَيْضًا وَفِي تَعْلِيلِهِ هُنَا فِي شَرْحِهِ نَظَرٌ .

( اسْتِعْمَالَ الْقَسَمِ ) بِاَللَّهِ تَعَالَى ( وَيُجْعَلُ جَوَابُ الْقَسَمِ جَوَابَهُ ، ) أَيْ الطَّلَاقِ وَنَحْوَهُ ( فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ ) فَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ وَقَامَ لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا طَلُقَتْ ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنَّ أَخَاك لَعَاقِلٌ فَإِنْ كَانَ أَخُوهَا عَاقِلًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ شَكَّ فِي عَقْلِهِ فَلَا حِنْثَ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ ، وَأَنْتِ طَالِقٌ لَا أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ وَأَكَلَهُ حَنِثَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْته لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَ صَادِقًا .
وَأَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوكِ لَطَلَّقْتُك وَكَانَ صَادِقًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا طَلُقَتْ ، وَإِنْ حَلَفْتُ بِعِتْقِ عَبْدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ .
ثُمَّ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ لَأَقُومَنَّ طَلُقَتْ .
ثُمَّ إنْ لَمْ يَقُمْ عَتَقَ عَبْدُهُ .

( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ ( بِفِعْلِ مُسْتَحِيلٍ عَادَةً ) وَهُوَ مَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَادَةِ وُجُودُهُ ، وَإِنْ ، وَجَدَ خَارِقًا لِلْعَادَةِ ( ك ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ) صَعِدْت السَّمَاءَ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لَا صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ( شَاءَ الْمَيِّتُ ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَاءَ الْمَيِّتُ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ ( الْبَهِيمَةُ ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَاءَتْ الْبَهِيمَةُ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ( طِرْتِ ) وَأَنْتِ طَالِقٌ لَا طِرْتِ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا لَمْ تَطْلُقْ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ بِفِعْلِ ( مُسْتَحِيلٍ لِذَاتِهِ ) وَهُوَ مَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ ( كَ ) قَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ رَدَدْتِ أَمْسِ .
أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ( جَمَعْتِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ ، أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ ، وَلَا مَاءَ فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ ؛ وَلِأَنَّ مَا يَقْصِدُ تَعْلِيقَهُ يُعَلَّقُ بِالْمُحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } ( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ ( عَلَى نَفْيِهِ ) أَيْ الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً أَوْ لِذَاتِهِ ( كَ ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْهُ ) أَيْ مَاءَ الْكُوزِ .
( وَلَا مَاءَ فِيهِ ، أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ .
أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ لَمْ أَصْعَدْهَا .
أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ .
أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ عَلِمَهُ ) أَيْ مَوْتَهُ ( أَوْ لَا .
أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لَأَطِيرَنَّ .
أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ لَمْ أَطِرْ وَنَحْوَهُ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَقْلِبْ الْحَجَرَ فِضَّةً ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ وَنَحْوُهُ ( فِي الْحَالِ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَبِعْ عَبْدِي فَمَاتَ الْعَبْدُ ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى

عَدَمِ الْفِعْلِ الْمُسْتَحِيلِ وَعَدَمُهُ مَعْلُومٌ فِي الْحَالِ وَمَا بَعْدَهُ ؛ وَلِأَنَّ الْحَالِفَ عَلَى فِعْلِ الْمُمْتَنِعِ كَاذِبٌ حَانِثٌ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمُمْتَنِعِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحِنْثُ .

( وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ وَيَمِينٌ بِاَللَّهِ ) تَعَالَى ( كَطَلَاقٍ ) فِيمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ .

( وَ ) قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ لَغْوٌ ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ إذْ لَا يَجِيءُ الْغَدُ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مَحِلُّ الطَّلَاقِ .

( وَ ) لَوْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، أَوْ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ يَقَعُ ثَلَاثٌ ) ؛ لِقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ ، فَإِن لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ .

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا .
أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( يَوْمَ كَذَا وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( بِأَوَّلِهِمَا ) أَيْ طُلُوعِ فَجْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْغَدَ ، وَيَوْمَ كَذَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ ، فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْوُقُوعِ فِيهِ فَإِذَا وَجَدَ مَا يَكُونُ ظَرْفًا لَهُ مِنْهُمَا وَقَعَ كَأَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ حَيْثُ تَطْلُقُ بِدُخُولِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهَا وَالْغَدُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي يَوْمَك أَوْ لَيْلَتَك ( وَلَا يَدِينُ وَلَا يُقْبَلُ ) مِنْهُ ( حُكْمًا إنْ قَالَ أَرَدْت آخِرَهُمَا ) أَيْ الْغَدَ وَيَوْمَ كَذَا ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُهُ .
( وَ ) أَنْتَ طَالِقٌ ( فِي غَدٍ أَوْ فِي رَجَبٍ ) مَثَلًا ( يَقَعُ بِأَوَّلِهِمَا ) لِمَا تَقَدَّمَ وَأَوَّلُ الشَّهْرِ غُرُوبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ ( وَلَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( وَطْءُ ) مُعَلَّقٍ طَلَاقَهَا ، ( قَبْلَ وُقُوعِ ) طَلَاقٍ لِبَقَاءِ نِكَاحٍ .
( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( الْيَوْمَ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي هَذَا الشَّهْرِ يَقَعُ فِي الْحَالِ ) لِمَا سَبَقَ ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْت ) أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ ( فِي آخِرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ ) أَوْ فِي وَقْتِ كَذَا مِنْهَا ( دُيِّنَ وَقُبِلَ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ آخِرَ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَأَوْسَطَهَا ، مِنْهَا كَأَوَّلِهَا فَإِرَادَتُهُ لِذَلِكَ لَا تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِغْرَاقِ الزَّمَنِ لِلطَّلَاقِ لِصِدْقِ قَوْلِ الْقَائِلِ صُمْت فِي رَجَبٍ حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ بِخِلَافِ صُمْتُ رَجَبَ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَأَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا أَوْ غُرَّتِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ مَجِيئِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت آخِرَهُ أَوْ وَسَطَهُ ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ فِي شَهْرِ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ قَبْلَ انْقِضَائِهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا ) وَقَعَ فِي الْحَالِ ( أَوْ قَالَ ) لَهَا أَنْتَ طَالِقٌ ( فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ ) فِي الشَّهْرِ ( الْآتِي وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَلَا مُقْتَضَى لِتَأْخِيرِهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِي بَعْدَهُ فَ ) طَلْقَةٌ ( وَاحِدَةٌ فِي ) الصُّورَةِ ( الْأُولَى ) وَهِيَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ ؛ لِأَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ الْيَوْمَ كَانَتْ طَالِقًا غَدًا وَبَعْدَهُ ( كَقَوْلِهِ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( كُلَّ يَوْمٍ وَ ) يَقَعُ ( ثَلَاثٌ فِي ) الصُّورَةِ ( الثَّانِيَةِ ) وَهِيَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِي بَعْدِهِ ؛ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِفِي وَتَكْرَارَهَا يَدُلُّ عَلَى تَكْرَارِ الطَّلَاقِ ( كَقَوْلِهِ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي كُلِّ يَوْمٍ ) فَيَقَعُ ثَلَاثٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا بَانَتْ بِالْأُولَى فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ) وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي يَوْمِهِ وَقَعَ بِآخِرِهِ ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ يَفُوتُ بِهِ طَلَاقُهَا فَوَجَبَ وُقُوعُهُ فِي آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْيَوْمِ ( أَوْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك ( أَوْ ) أَسْقَطَ ( الْأَوَّلَ ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ( وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي يَوْمِهِ ) وَقَعَ الطَّلَاقُ ( بِآخِرِهِ ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ إنْ فَاتَنِي طَلَاقُك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فِيهِ ، وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ إذَا أَسْقَطَ الْيَوْمَيْنِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ ) مَثَلًا ( يَقَعُ ) الطَّلَاقُ بِهَا ( يَوْمَ قُدُومِهِ مِنْ أَوَّلِهِ ) أَيْ يَوْمَ الْقُدُومِ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ كَذَا ( وَلَوْ مَاتَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا ( غَدْوَةً وَقَدِمَ ) زَيْدٌ ( بَعْدَ مَوْتِهِمَا ) أَوْ أَحَدِهِمَا ( مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ) لَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ فَقَدْ سَبَقَ الْمَوْتُ ( وَلَا يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( إذَا قَدِمَ بِهِ ) أَيْ زَيْدٍ ( مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ ، فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ ( إلَّا بِنِيَّةِ ) حَالِفٍ بِقُدُومِهِ حُلُولٌ بِالْبَلَدِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا ( وَلَا يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( إذَا قَدِمَ ) زَيْدٌ ( لَيْلًا مَعَ نِيَّتِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ بِالْيَوْمِ ( نَهَارًا ) لِتَخْصِيصِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ نَهَارًا فَظَاهِرُهُ تَطْلُقُ قَدِمَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْإِقْنَاعِ لِاسْتِعْمَالِ الْيَوْمِ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ لَا تَطْلُقُ .
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ : وَهُوَ الْمَذْهَبُ .
قَالَ الشِّهَابُ الْفَتُوحِيُّ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَهُوَ أَظْهَرُ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدِ ) أَوْ يَوْمِ كَذَا أَوْ شَهْرِ كَذَا ( إذَا قَدِمَ زَيْدٌ ) مَثَلًا ( فَمَاتَتْ ) فِي الْغَدِ أَوْ يَوْمِ كَذَا أَوْ فِي الشَّهْرِ ( قَبْلَ قُدُومِهِ لَمْ تَطْلُقْ ) ؛ لِأَنَّ ( إذَا ) اسْمٌ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ فَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَقْتَ قُدُومِهِ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مِنْ أَوَّلٍ بِقُدُومِهِ فِيهِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ ( وَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ ) كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا ( وَإِنْ نَوَى فِي كُلِّ يَوْمٍ ) طَلْقَةً ( أَوْ ) نَوَى أَنَّهَا تَطْلُقُ ( بَعْضَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَعْضَهَا غَدًا فَثِنْتَانِ ) تَكْمِيلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ بَعْضَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَعْضَ طَلْقَةٍ غَدًا .
( وَإِنْ نَوَى ) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا ، أَنَّهَا تَطْلُقُ ( بَعْضَهَا ) أَيْ الطَّلْقَةِ ( الْيَوْمَ وَبَقِيَّتَهَا غَدًا فَوَاحِدَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ بِالْبَعْضِ طَلْقَةٌ فَلَا يَبْقَى لَهَا بَقِيَّةٌ تَقَعُ غَدًا كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ بَعْضَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَقِيَّةُ الطَّلْقَةِ غَدًا ( وَأَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ( حَوْلٍ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ( الشَّهْرِ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ( الْحَوْلِ وَنَحْوَهُ ) كَانَتْ طَالِقًا إلَى أُسْبُوعٍ أَوْ الْأُسْبُوعَ ( يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( بِمُضِيِّهِ ) أَيْ الشَّهْرِ أَوْ الْحَوْلِ ، وَنَحْوِهِ .
رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيتًا لِإِيقَاعِهِ كَقَوْلِهِ : أَنَا خَارِجٌ إلَى سَنَةٍ أَيْ بَعْدَهَا ، فَإِذَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ ، وَقَدْ تَرَجَّحَ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِأَنَّهُ جَعَلَ لِلطَّلَاقِ غَايَةً .
وَلَا غَايَةَ لِآخِرِهِ بَلْ لِأَوَّلِهِ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وُقُوعَهُ إذَنْ ) أَيْ حِينَ التَّكَلُّمِ بِهِ ( فَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ ( كَ ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( بَعْدَ مَكَّةَ أَوْ إلَيْهَا ) أَيْ مَكَّةَ ( وَلَمْ

يَنْوِ بُلُوغَهَا ) فَيَقَعُ فِي الْحَالِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَبِدُخُولِهِ ) تَطْلُقُ أَيْ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ .
( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي آخِرِهِ ) أَيْ الشَّهْرِ ( فَفِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ ) تَطْلُقُ أَيْ عِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ ( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي أَوَّلِ آخِرِهِ ) أَيْ الشَّهْرِ ( فَبِفَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ ) أَيْ الشَّهْرِ تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّهُ آخِرَهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَطَأَهَا فِي تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ آخِرُ الشَّهْرِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْ أَوَّلِهِ ( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي آخِرِ أَوَّلِهِ ) أَيْ الشَّهْرِ ( فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ ) أَيْ الشَّهْرِ تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ اللَّيْلَةُ الْأُولَى مِنْهُ وَآخِرُهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ .
وَفِي الْإِقْنَاعِ تَطْلُقُ فِي آخِرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِنْ كَانَ ) تَلَفُّظُهُ بِذَلِكَ ( نَهَارًا وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( إذَا عَادَ النَّهَارُ إلَى مِثْلِ وَقْتِهِ ) الَّذِي تَلَفَّظَهُ فِيهِ مِنْ أَمْسِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) تَلَفُّظُهُ بِذَلِكَ ( لَيْلًا فَ ) إنَّهَا تَطْلُقُ ( بِغُرُوبِ شَمْسِ الْغَدِ ) مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ؛ لِأَنَّهُ إذَنْ يَصْدُقُ أَنَّهُ مَضَى يَوْمٌ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إذَا مَضَتْ سَنَةٌ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ) تَطْلُقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا } أَيْ شُهُورُ السَّنَةِ .
وَتُعْتَبَرُ الشُّهُورُ ( بِالْأَهِلَّةِ ) تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً ( وَيُكَمَّلُ مَا ) أَيْ شَهْرٌ ( حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ ، فَإِنْ تَفَرَّقَ فَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَقَدْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ فَوَجَبَ الِاعْتِبَارُ بِهَا ، كَمَا حَلَفَ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِسَنَةٍ إذَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ قُبِلَ ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ .
( وَ ) إنْ قَالَ ( إذَا مَضَتْ السَّنَةُ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَبِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ ) مِنْ السَّنَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَهَا فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ الْعَهْدِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } وَالسَّنَةُ الْمَعْرُوفَةُ آخِرُهَا ذُو الْحِجَّةِ ( وَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( إذَا مَضَى شَهْرٌ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ) تَطْلُقُ لِمَا مَرَّ .
( وَ ) إنْ قَالَ ( إذَا مَضَى الشَّهْرُ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَبِانْسِلَاخِهِ ) تَطْلُقُ لِمَا سَبَقَ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةٍ ، وَكَانَ تَلَفُّظُهُ ) بِالتَّعْلِيقِ ( نَهَارًا وَقَعَ إذَنْ ) أَيْ فِي الْحَالِ ( طَلْقَةٌ وَ ) وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ ( الثَّانِيَةُ بِفَجْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي ) إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا ( وَكَذَا ) تَقَعُ الطَّلْقَةُ ( الثَّالِثَةُ ) بِفَجْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ .

( وَإِنْ قَالَ ) لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ .
فَفِي أَوَّلِ ) الْيَوْمِ ( الثَّالِثِ ) تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ مَجِيءُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ تَقَعُ ) الطَّلْقَةُ ( الْأُولَى فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَجَلٍ ثَبَتَ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ ثَبَتَ عَقِبَهُ ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ السَّنَةَ طَرَفًا لِلطَّلَاقِ ، فَوَقَعَ فِي أَوَّلِهَا لِعَدَمِ مُقْتَضَى التَّأْخِيرِ .
( وَ ) تَقَعُ الطَّلْقَةُ ( الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ ) الْآتِي عَقِبَهَا ( وَكَذَا ) تَقَعُ الطَّلْقَةُ ( الثَّالِثَةُ ) فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ ( إنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ ) أَوْ رَجْعِيَّةً فِي الْعِدَّةِ لِيُصَادِفَ الطَّلَاقُ مَحَلًّا لِلْوُقُوعِ ( وَلَوْ بَانَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ ( حَتَّى مَضَتْ ) السَّنَةُ ( الثَّالِثَةُ ) بِأَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ يَنْكِحْهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا الثَّالِثَةِ ( ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ) بَعْدَهُمَا ( لَمْ يَقَعَا ) أَيْ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ لِانْقِضَاءِ زَمَنِهَا .
( وَلَوْ نَكَحَهَا ) أَيْ الْمَقُولَ لَهَا ذَلِكَ ( فِي ) السَّنَةِ ( الثَّانِيَةِ أَوْ ) ( الثَّالِثَةِ طَلُقَتْ عَقِبَهُ ) أَيْ عَقِبَ نِكَاحِهَا ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ السَّنَةِ الَّتِي جَعَلَهَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ وَمَحَلًّا لَهُ ، وَكَانَ سَبِيلُهُ أَنْ يَقَعَ فِي أَوَّلِهَا فَمَنَعَ مِنْهُ كَوْنُهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ فَإِذَا عَادَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ ( وَإِنْ قَالَ فِيهَا ) أَيْ مَسْأَلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ ( وَفِي ) صُورَةِ مَا إذَا قَالَ ( إذَا مَضَتْ السَّنَةُ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دِينَ ) ؛ لِأَنَّهَا سَنَةٌ حَقِيقِيَّةٌ ( وَقُبِلَ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ ( وَإِنْ قَالَ أَرَدْت ابْتِدَاءً كَوْنَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ دِينَ ) ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِنِيَّتِهِ ( وَلَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ .

بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ جَمْعُ شَرْطٍ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ ( وَهُوَ ) أَيْ التَّعْلِيقُ طَلَاقًا كَانَ الْمُعَلَّقُ أَوْ غَيْرُهُ ( تَرْتِيبُ شَيْءٍ غَيْرِ حَاصِلٍ ) فِي الْحَالِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ نَذْرٍ وَنَحْوِهِ ( عَلَى شَيْءٍ حَاصِلٍ ) أَيْ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ كَإِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَتْ كَذَلِكَ ( أَوْ ) عَلَى شَيْءٍ ( غَيْرِ حَاصِلٍ ) كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( بِ ) حَرْفِ ( إنْ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهِيَ أُمُّ أَدَوَاتِ الشُّرُوطِ ( أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا ) مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ الْجَازِمَةِ كَمَتَى وَمَهْمَا وَغَيْرِهِمَا كَإِذَا وَلَوْ وَلَا يَكُونُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَاضِيًا وَلِذَلِكَ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ قَلَبَتْهُ مُسْتَقْبَلًا .
( وَيَصِحُّ ) تَعْلِيقٌ ( مَعَ تَقَدُّمِ شَرْطٍ ) كَإِنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ خَلِيَّةٌ بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ ( وَ ) يَصِحُّ تَعْلِيقٌ مَعَ ( تَأَخُّرِهِ ) أَيْ الشَّرْطِ ( بِصَرِيحٍ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَلَسْتِ ( وَبِكِنَايَةٍ ) كَأَنْتِ مُسَرَّحَةٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ ( مَعَ قَصْدِ ) الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَةِ ( وَلَا يَضُرُّ ) أَيْ لَا يَقْطَعُ التَّعْلِيقَ ( فَصْلٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَ ) بَيْنَ ( حُكْمِهِ ) أَيْ جَوَابِهِ ( بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ قُمْتِ ) أَوْ إنْ قُمْتِ يَا زَانِيَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ حُكْمًا ( وَيَقْطَعُهُ ) أَيْ التَّعْلِيقُ ( سُكُوتُهُ ) بَيْنَ شَرْطٍ وَجَوَابِهِ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ وَلَوْ قَلَّ .
( وَ ) يَقْطَعُهُ ( تَسْبِيحُهُ ) أَيْ الْمَعْنَى بَيْنَ شَرْطٍ وَجَزَائِهِ ( وَنَحْوُهُ ) أَيْ التَّسْبِيحُ كَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَكُلِّ مَا لَا يَكُونُ مَعَهُ الْكَلَامُ مُنْتَظِمًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ مُنَجَّزًا .

( وَ ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةٌ رَفْعًا وَنَصْبًا ) أَيْ بِرَفْعِ مَرِيضَةٌ وَنَصْبِهِ ( يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( بِمَرَضِهَا ) لِوَصْفِهَا بِالْمَرَضِ حِينَ الْوُقُوعِ فَهُوَ فِي مَعْنَى إذَا مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ( وَمَنْ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ( وَأَيٌّ ) بِالتَّنْوِينِ ( الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ ( فَاعِلًا ) كَانَ ضَمِيرُهُمَا كَمَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ أَوْ أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ( أَوْ مَفْعُولًا ) كَمَنْ أَقَمْتهَا أَوْ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَيَعُمُّ مَنْ قَامَتْ مِنْهُنَّ فِي الْأُولَيَيْنِ وَمَنْ أَقَامَهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَمَا تَقْتَضِي أَيْ الْمُضَافَةُ إلَى الْوَقْتِ عُمُومِهِ كَقَوْلِهِ : أَيُّ وَقْتٍ قُمْت أَوْ أَقَمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ الْأَوْقَاتِ .

( وَلَا يَصِحُّ ) تَعْلِيقُ طَلَاقٍ ( إلَّا مِنْ زَوْجٍ ) يَصِحُّ تَنْجِيزُهُ مِنْهُ حِينَ التَّعْلِيقِ ( فَ ) مَنْ قَالَ ( إنْ تَزَوَّجْتُ ) امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ إنْ تَزَوَّجَ ( أَوْ عَيَّنَ وَلَوْ عَتِيقَتَهُ ) فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَوْ عَتِيقَتِي فُلَانَةَ ( فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ ) الطَّلَاقُ ( بِتَزَوُّجِهَا ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ .
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } وَحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا طَلَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ .
وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ مَرْفُوعًا { لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ لَوْ نُجِزَ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يَقَعْ فَكَذَا تَعْلِيقُهُ .

( وَإِنْ قَالَ ) لِامْرَأَةٍ ( إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ ) أَيْ الْمَرْأَةُ ( أَجْنَبِيَّةٌ ) أَيْ غَيْرُ زَوْجَةٍ لَهُ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَامَتْ وَهِيَ زَوْجَةٌ ( لَمْ يَقَعْ ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ قَالَ فِي الشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ( كَحَلِفِهِ ) بِطَلَاقٍ ( لَا فَعَلْت كَذَا ) مِنْ قِيَامٍ أَوْ دُخُولِ دَارٍ وَنَحْوِهِ ( فَلَمْ يَبْقَ لَهُ زَوْجَةٌ ) بِأَنْ بِنَّ مِنْهُ أَوْ مُتْنَ ( ثُمَّ تَزَوَّجَ ) امْرَأَةً ( أُخْرَى ) فَأَكْثَرَ ( وَفَعَلَ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ ) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ .

( وَيَقَعُ مَا عَلَّقَ زَوْجٌ ) مِنْ طَلَاقٍ ( بِوُجُودِ شَرْطٍ ) مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ ( لَا قَبْلَهُ ) أَيْ وُجُودِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ أَشْبَهَ الْعِتْقَ ( وَلَوْ قَالَ ) مُعَلِّقٌ ( عَجَلَتَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَمْ يَتَعَجَّلْ ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ فَلَيْسَ لَهُ تَغْيِيرُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ طَلَاقٍ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ وَقَعَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهِيَ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَقَعَ أَيْضًا ( وَإِنْ قَالَ ) زَوْجٌ عَلَّقَهُ ( سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَلَمْ أُرِدْهُ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( إذَنْ ) أَيْ حَالَ إيقَاعِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْأَغْلَظِ عَلَيْهِ بِلَا تُهْمَةٍ .

فَصْلٌ وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ أَيْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي يُؤَدِّي بِهَا مَعْنَاهُ ( الْمُسْتَعْمَلَةُ غَالِبًا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ ( سِتٌّ ) وَهِيَ ( إنْ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ ( وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ( وَأَيُّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ( وَكُلَّمَا ) وَإِمَّا وَمَهْمَا وَمَا وَأَنَّى وَحَيْثُمَا وَلَوْ نَحْوُهَا فَلَمْ يَغْلِبْ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِمَا ( وَهِيَ ) أَيْ كُلَّمَا ( وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ ) بِخِلَافِ مَتَى ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا تَعُمُّ الْأَوْقَاتِ فَهِيَ بِمَعْنَى كُلِّ وَقْتٍ فَمَعْنَى كُلَّمَا قُمْتُ قُمْتَ كُلَّ وَقْتٍ تَقُومُ فِيهِ أَقُومُ فِيهِ وَأَمَّا مَتَى فَهِيَ اسْمُ زَمَانٍ بِمَعْنَى أَيُّ وَقْتٍ وَبِمَعْنَى إذَا فَلَا تَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيَانِهِ وَاسْتِعْمَالُهَا لِلتَّكْرَارِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَهَا فِي غَيْرِهِ كَإِذْ أَوْ أَيُّ وَقْتٍ ( وَكُلُّهَا ) أَيْ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ السِّتِّ ( وَمَهْمَا ) وَحَيْثُمَا ( بِلَا لَمْ أَوْ ) بِلَا ( نِيَّةٍ فَوْرًا وَقَرِينَتِهِ ) أَيْ الْفَوْرِ ( لِلتَّرَاخِي ) ؛ لِأَنَّهَا تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَفِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْهُ وُجِدَ فَقَدْ حَصَلَ الْجَزَاءُ .
( وَ ) كُلُّ الْأَدَوَاتِ ( مَعَ لَمْ لِلْفَوْرِ ) إلَّا مَعَ نِيَّةِ الْفَوْرِ أَوْ قَرِينَتِهِ ( إلَّا إنْ ) فَهِيَ لِلتَّرَاخِي وَلَوْ اقْتَرَنَتْ بِلَمْ ( مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ فَوْرٍ أَوْ قَرِينَةِ ) وَأَمَّا مَعَ نِيَّةِ الْفَوْرِ أَوْ قَرِينَتِهِ فَهِيَ لَمْ فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( إنْ ) قُمْت ( أَوْ إذَا ) قُمْت ( أَوْ مَتَى ) قُمْت ( أَوْ مَهْمَا ) قُمْت ( أَوْ مَنْ ) قَامَتْ مِنْكُنَّ ( أَوْ أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَطَالِقٌ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( بِقِيَامِ ) الزَّوْجَةِ أَيْ عَقِبَهُ وَإِنْ بَعُدَ الْقِيَامُ عَنْ زَمَنِ التَّعْلِيقِ إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةَ فَوْرٍ أَوْ قَرِينَتِهِ ( وَلَا يَقَعُ ) غَيْرُ طَلْقَةٍ ( بِتَكَرُّرِهِ ) أَيْ الْقِيَامِ لِانْحِلَالِ التَّعْلِيقِ بِالْأُولَى ( إلَّا مَعَ كُلَّمَا ) فَيَقَعُ بِتَكَرُّرِهِ لِمَا سَبَقَ ( وَلَوْ قُمْنَ ) أَيْ نِسَاؤُهُ الْأَرْبَعُ ( أَوْ أَقَامَ الْأَرْبَعُ

فِي ) قَوْلِهِ ( أَيَّتُكُنَّ ) قَامَتْ فَطَالِقٌ ( أَوْ ) فِي قَوْلِهِ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا فَطَالِقٌ أَوْ قُمْنَ أَوْ أَقَامَهُنَّ فِي قَوْلِهِ ( مَنْ قَامَتْ ) مِنْكُنَّ فَطَالِقٌ ( أَوْ ) فِي قَوْلِهِ مَنْ ( أَقَمْتُهَا ) مِنْكُنَّ فَطَالِقٌ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا فَطَالِقٌ ( طَلُقْنَ ) كُلُّهُنَّ لِتَعْلِيقِهِ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلِ الْقِيَامِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَعَلَى فِعْلِ الْإِقَامَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ مِنْهُنَّ وَكَذَا عِتْقٌ .

( وَلَوْ قَالَ ) لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ( أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ وَلَمْ يَطَأْ ) وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِي يَوْمِهِ ( طَلُقْنَ ) كُلُّهُنَّ ( ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَهَا ثَلَاثُ ضَرَائِرَ لَمْ يَطَأْنَ فَيَنَالُهَا مِنْهُنَّ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ ( فَإِنْ وَطِئَ ) فِي يَوْمِهِ ( وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ فَقَطْ ( فَثَلَاثٌ ) تَقَعُ بِهَا ( بِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَائِرِهَا ) يُصِيبُهَا مِنْ كُلِّ ضَرَّةٍ لَمْ يَطَأْهَا طَلْقَةٌ ( وَهُنَّ ) أَيْ ضَرَائِرُهَا يَطْلُقْنَ ( ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ضَرَّتَيْنِ لَمْ تُطَأْ ( فَإِنْ وَطِئَ ) فِي يَوْمِهِ ( ثِنْتَيْنِ ) مِنْهُنَّ فَقَطْ ( فَثِنْتَانِ ثِنْتَانِ ) تَقَعَانِ بِالْمَوْطُوءَتَيْنِ لِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَّتَيْهِمَا ( وَهُمَا ) أَيْ اللَّتَانِ لَمْ تُوطَأْ تَطْلُقَانِ ( وَاحِدَةً وَاحِدَةً ) ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ضَرَّةً لَمْ تُوطَأْ ( وَإِنْ وَطِئَ ) مِنْهُنَّ فِي يَوْمِهِ ( ثَلَاثًا وَقَعَ بِالْمَوْطُوءَةِ فَقَطْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً ) ؛ لِأَنَّ لَهُنَّ ضَرَّةً لَمْ تُوطَأْ وَلَمْ يَقَعْ بِاَلَّتِي لَمْ تُوطَأْ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ضَرَّةٌ لَمْ تُوطَأْ وَإِنْ وَطِئَ الْأَرْبَعُ فِي يَوْمِهِ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) بِأَنْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَنٍ ( تَقَيَّدَ بِالْعُمْرِ ) لِقَرِينَةِ التَّرَاخِي وَهِيَ اسْتِحَالَةُ وَطْئِهِنَّ مَعًا كَمَا لَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ أَبَدًا فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قُبَيْلَ مَوْتِهِ وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ فَعَلَى مَا سَبَقَ .

( وَلَوْ قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا ( كُلَّمَا أَكَلْت رُمَّانَةً ) أَوْ تُفَّاحَةً وَنَحْوِهَا ( فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ ) أَوْ نِصْفَ تُفَّاحَةٍ وَنَحْوِهَا ( فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً ) أَوْ تُفَّاحَةً وَنَحْوَهَا ( فَثَلَاثٌ ) لِوُجُودِ صِفَةِ النِّصْفِ مَرَّتَيْنِ وَوُجُودِ صِفَةِ الْكَامِلِ مَرَّةً فَتَطْلُقُ بِكُلِّ صِفَةٍ طَلْقَةً ( وَلَوْ كَانَ بَدَلَ كُلَّمَا أَدَاةٌ غَيْرُهَا ) كَإِنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَكَلْتِ رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا أَوْ مَتَى أَكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً ( فَثِنْتَانِ ) طَلْقَةٌ بِصِفَةِ الْكَامِلِ وَطَلْقَةٌ بِصِفَةِ النِّصْفِ وَلَا تَطْلُقُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَدَوَاتِ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَإِنْ كَانَ نَوَى نِصْفًا مُفْرَدًا عَنْ الرُّمَّانَةِ مِنْ غَيْرِهَا وَثَمَّ قَرِينَةٌ وَقَعَ بِأَكْلِهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ .

( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( عَلَى صِفَاتٍ فَاجْتَمَعْنَ ) أَيْ الصِّفَاتُ ( فِي عَيْنٍ ) وَاحِدَةٍ ( كَ ) قَوْلِهِ ( إنْ رَأَيْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَقَدْ وُجِدَتْ أَشْبَهَ مَا لَوْ وُجِدَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْيَانٍ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ ) قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك ( فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ) فِي الْأُولَى ( أَوْ ) مَاتَ ( أَحَدُهُمْ ) فِي الثَّانِيَةِ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( إذَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الْمَيِّتِ ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ ( مَا لَا يَتَّسِعُ لِإِيقَاعِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ لِفَوَاتِهِ بِالْمَوْتِ وَفِي الثَّانِيَةِ إذَا مَاتَتْ الضَّرَّةُ فَقَدْ فَاتَ الطَّلَاقُ الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ يَمِينُهُ وَهُوَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا دَامَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا لِإِيقَاعِهِ ؛ لِأَنَّ إنْ لِلتَّرَاخِي فَلَهُ تَأْخِيرُهُ مَا دَامَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ فَإِذَا بَقِيَ مَا لَا يَتَّسِعُ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْهُ .
( وَلَا يَرِثُ ) مُعَلِّقٌ زَوْجَةً ( بَائِنًا ) مِنْهُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا عِنْدَ مَوْتِهَا لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ ( وَتَرِثُهُ ) هِيَ إنْ مَاتَ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا عِنْدَ مَوْتِهِ بِلَا سُؤَالِهَا وَكَذَا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا نَصًّا ( وَإِنْ نَوَى ) بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَنَحْوَهُ ( وَقْتًا ) مُعَيَّنًا تَعَلَّقَ بِهِ ( أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرِ تَعَلُّقٍ بِهِ ) فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ فِي الْأُولَى أَوْ مَضَى مَا يُمْكِنُ إيقَاعُ طَلَاقٍ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَفْعَلْ طَلُقَتْ ، وَمَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ وَقْتًا بِلَفْظِهِ وَلَا نِيَّتِهِ فَعَلَى التَّرَاخِي ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّمَانِ كُلِّهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ دُونَ آخَرَ .
قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ السَّاعَةِ { قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( مَتَى لَمْ ) أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ إذَا لَمْ ) أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ ) قَالَ لِنِسَائِهِ ( أَيَّتُكُنَّ ) لَمْ أُطَلِّقْهَا فَهِيَ طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ لَهُنَّ ( مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ ) أَيْ الطَّلَاقِ ( فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْ ) أَيْ لَمْ يُطَلِّقْهَا ( طَلُقَتْ ) لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ الْفَوْرِيَّةَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا قَرِينَةَ تَرَاخٍ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى مَا ) أَيْ زَمَنٌ ( يُمْكِنُ إيقَاعُ ثَلَاثِ ) طَلْقَاتٍ ( مُرَتَّبَةً ) أَيْ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ ( فِيهِ ) أَيْ الزَّمَنِ الْمَاضِي ( وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَمَعَ لَمْ الْفَوْرِيَّةِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى : { كُلَّمَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ } فَتَقْتَضِي تَكْرَارَ الطَّلَاقِ بِتَكْرَارِ الصِّفَةِ وَهِيَ عَدَمُ طَلَاقِهِ لَهَا ( إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا ) يَكُنْ دَخَلَ بِهَا ( بَانَتْ ب ) الطَّلْقَةِ ( الْأُولَى ) فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا .

فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ عَامِّيٌّ أَيْ غَيْرُ نَحْوِيٍّ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْ قُمْت بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ .
فَ ) هُوَ ( شَرْطٌ ) أَيْ تَعْلِيقٌ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ ( كَنِيَّتِهِ ) أَيْ الشَّرْطِ بِأَنْ الْمَفْتُوحَةِ الْهَمْزَةِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِيٍّ ؛ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يُرِيدُ بِهِ إلَّا الشَّرْطَ وَلَا يَعْرِفُ أَنَّ مَعْنَاهُ التَّعْلِيلُ وَلَا يُرِيدُهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ مَا لَا يَعْرِفُهُ وَلَا يُرِيدُهُ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ الْعَرَبِيِّ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُهُ ( وَإِنْ قَالَهُ ) أَيْ أَنْ قُمْتِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ( عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ ) أَيْ التَّعْلِيلِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ وُجِدَ .
قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْت مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَفْتُوحَةَ لُغَةٌ لِلتَّعْلِيلِ فَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ ؛ لِأَنَّك قُمْتِ أَوْ لِقِيَامِكِ .
قَالَ تَعَالَى : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا } وَقَالَ تَعَالَى : { وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا } .

( أَوْ قَالَ ) رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ إذْ قُمْت ) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( وَإِنْ قُمْت أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( وَلَوْ قُمْت طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ فَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ قُمْتِ أَوْ لَا ( وَكَذَا ) تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بِقَوْلِهِ ( إنْ ) قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ لَوْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ ) ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا يُجَابُ بِهَا الشَّرْطُ ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ ) بِقَوْلِي وَأَنْتِ طَالِقٌ ( الْجَزَاءَ ) دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا ( أَوْ ) قَالَ أَرَدْتُ بِأَنْ أَوْ لَوْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَنَّ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَانِ لِشَيْءٍ ) كَعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَوْ ظِهَارِهَا أَوْ نَذْرٍ ( ثُمَّ أَمْسَكْتُ ) عَنْ ذَلِكَ ( دِينَ وَقُبِلَ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا نَوَاهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْجَزَاءِ فَقَالَ إنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَعَبْدِي حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ حَتَّى تَقُومَ وَهِيَ طَالِقٌ ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ هُنَا لِلْحَالِ .
كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى } .
وَكَذَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ دَخَلَتْ وَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ أُخْرَى وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ مَرِيضَةً أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُحَرَّمَةً وَنَحْوَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَهَا كَذَلِكَ ( وَ ) قَوْلُهُ ( أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْتِ كَ ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ قُمْتِ ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ ؛ لِأَنَّ لَوْ تُسْتَعْمَلُ شَرْطِيَّةً كَإِنْ .

( وَإِنْ قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ ( إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُكِ فَمَتَى دَخَلَتْ الْأُولَى ) الدَّارَ ( طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ دَخَلَتْ ضَرَّتُهَا أَوْ لَا وَ ( لَا ) تَطْلُقُ ( الْأُخْرَى ) بِدُخُولِهَا الدَّارَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ طَلَاقَهَا ( بِدُخُولِهَا وَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَعْلَ الثَّانِيَ ) أَيْ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُك ( شَرْطًا لِطَلَاقِهَا ) أَيْ الْأُولَى ( أَيْضًا ) بِأَنْ أَرَادَ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ الْأُولَى وَالْأُخْرَى ( طَلُقَتْ ) الْأُولَى ( ثِنْتَيْنِ ) طَلْقَةً بِدُخُولِهَا وَطَلْقَةً بِدُخُولِ ضَرَّتِهَا ( وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ شَرْطٌ لِطَلَاقِهَا ) أَيْ الثَّانِيَةَ بِأَنْ أَرَادَ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُك فَهِيَ طَالِقٌ ( فَ ) الْأَمْرُ ( عَلَى مَا أَرَادَ ) فَأَيُّهُمَا دَخَلَتْ طَلُقَتْ .
( وَ ) إنْ قَالَ ( إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ ) مَقُولٌ لَهَا ذَلِكَ ( إلَّا بِدُخُولِهِمَا ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ دُخُولَهُمَا شَرْطٌ لِطَلَاقِهَا .

( وَ ) لَوْ أَلْحَقَ شَرْطًا بِشَرْطٍ فَقَالَ ( إنْ قُمْت فَقَعَدْت ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ ) إنْ قُمْتِ ( ثُمَّ قَعَدْتِ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ لِاقْتِضَاءِ الْفَاءِ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ ( أَوْ قَالَ ) ( إنْ قُمْتِ مَتَى قَعَدْتِ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ فَيُقْتَضَى تَأْخِيرُ الْمُتَقَدِّمِ وَتَقْدِيمُ الْمُتَأَخِّرِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْفَاءِ أَيْ إنْ قُمْتِ فَمَتَى قَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ قَعَدْتِ إذَا قُمْتِ أَوْ ) قَالَ إنْ قَعَدْتِ ( مَتَى قُمْتِ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ إنْ قَعَدْتِ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ ) لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ مِنْ اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ .
( وَإِنْ عَكَسَ ذَلِكَ ) فَقَالَ إنْ قَعَدْتِ فَقُمْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ ثُمَّ قُمْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ فَمَتَى قُمْتِ أَوْ إنْ قُمْتِ إذَا قَعَدْتِ أَوْ إنْ قُمْتِ مَتَى قَعَدْتِ أَوْ إنْ قُمْتِ إنْ قَعَدْتِ ( لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقُعُودَ شَرْطًا لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْقِيَامِ وَالشَّرْطُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَشْرُوطَ .
( وَ ) إنْ قَالَ ( أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت وَقَعَدْتِ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لَا قُمْت وَقَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا ) أَيْ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ ( كَيْفَمَا كَانَ ) أَيْ سَوَاءٌ سَبَقَ الْقِيَامُ الْقُعُودَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَلَا تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ قَالَ إنْ قُمْتِ أَوْ قَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ قُمْت وَإِنْ قَعَدْت ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( لَا قُمْتِ وَلَا قَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا ) ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ تَعْلِيقُ الْجَزَاءِ عَلَى أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ .

( وَ ) لَوْ قَالَ ( إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَسْأَلَهُ ثُمَّ يَعِدُهَا ثُمَّ يُعْطِيَهَا ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِيَ شَرْطًا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَهَكَذَا وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ .
قَالَ تَعَالَى : { وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَغْوِيَكُمْ } فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ سَأَلْتِينِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ أَدَاةُ الشَّرْطِ إذَا أَوْ لَنْ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( كُلَّمَا أَجْنَبْتُ فَإِنْ اغْتَسَلْتُ مِنْ حَمَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثًا ) مِنْ الْمَرَّاتِ ( وَاغْتَسَلَ مَرَّةً فِيهِ ) أَيْ الْحَمَّامِ ( فَطَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرَيْنِ وَمَجْمُوعُهُمَا لَمْ يُوجَدْ سِوَى مَرَّةٍ ( وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( ثَلَاثًا مَعَ فِعْلٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ مَعَ كُلِّ جَنَابَةٍ كَمَوْتِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ ) وَدُخُولِ الدَّارِ وَقُدُوم الْحَاجِّ فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَجْنَبْت وَمَاتَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا نَظَائِرُهُ لِقَرِينَةِ الْحَالِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ تَكْرِيرِ التَّالِي .

( وَإِنْ أَسْقَطَ ) مُعَلِّقٌ ( الْفَاءَ مِنْ جَزَاءِ مُتَأَخِّرٍ ) فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ ( فَ ) هُوَ ( كَبَقَائِهَا ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَهَا لِإِتْيَانِهِ بِحَرْفِ الشَّرْطِ فَدَلَّ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ وَتَقْدِيمِ الْفَاءِ .
كَقَوْلِهِ : مَنْ يَعْمَلْ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَذْفُ الْفَاءِ عَلَى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ و التَّأْخِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَمَهْمَا أَمْكَنَ تَصْحِيحُ كَلَامِ الْعَاقِلِ وَصَوْنِهِ عَنْ الْفَسَادِ وَجَبَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ وَقَعَ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَغْلَظِ .

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ أَيْ الطَّلَاقِ بِالْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ( إذَا قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ ( إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( بِأَوَّلِهِ ) أَيْ الْحَيْضِ ( إنْ تَبَيَّنَ ) كَوْنُ الدَّمِ ( حَيْضًا ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَلِذَلِكَ حُكِمَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ فِي مَنْعِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ( وَإِلَّا ) يَتَبَيَّنُ حَيْضًا بِأَنْ نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ ( لَمْ يَقَعْ ) طَلَاقٌ ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ وَكَذَا لَوْ رَأَتْ دَمًا قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ أَوْ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ آيِسَةٌ .
( وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( فِي ) مَا إذَا قَالَ ( إذَا حِضْت حَيْضَةً ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( بِانْقِطَاعِهِ ) أَيْ دَمِ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَهِيَ الْحَيْضَةُ الْكَامِلَةُ .
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ سُنِّيًّا ( وَلَا يُعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ عُلِّقَ ) الطَّلَاقُ ( فِيهَا ) بَلْ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَيْضَةِ وَانْتِهَاؤُهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْحَيْضَةُ الْكَامِلَةُ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( كُلَّمَا حِضْت ) فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا شَرَعَتْ فِي الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَلَمْ تُحْسَبْ مِنْ عِدَّتِهَا ثُمَّ تَطْلُقُ ثَانِيَةً إذَا شَرَعَتْ فِي الثَّانِيَةِ .
وَكَذَا تَطْلُقُ الثَّالِثَةُ إذَا شَرَعَتْ فِيهَا وَيُحْسَبَانِ مِنْ عِدَّتِهَا ( أَوْ زَادَ حَيْضَةً ) بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ طَلُقَتْ ثُمَّ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ أُخْرَى ، ثُمَّ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الثَّالِثَةِ فَكَذَلِكَ .
وَتُحْسَبُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مِنْ عِدَّتِهَا فَ ( تَفْرُغُ عِدَّتُهَا بِآخِرِ حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ ) ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ إذَا طَلُقَتْ بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ كَمَا يَأْتِي ( وَطَلَاقُهُ ) أَيْ الْقَائِلِ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فِي ) حَيْضَةٍ ( ثَانِيَةٍ ) وَثَالِثَةٍ ( غَيْرُ بِدْعِيٍّ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ .
؛ لِأَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْهَا بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى إذْ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكُلُّ طَلَاقِهِ غَيْرُ بِدْعِيٍّ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا مَضَتْ حَيْضَةٌ ) مُسْتَقِرَّةٌ ( تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ لِنِصْفِهَا ) أَيْ عِنْدَ نِصْفِ حَيْضَتِهَا ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالنِّصْفِ وَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِوُجُودِ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ قَدْ تَطُولُ وَقَدْ تَقْصُرُ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا بِمُضِيِّ نِصْفِ عَادَتِهَا .
؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حَيْضَهَا عَلَى السَّوَاءِ وَالْأَحْكَامُ تُعَلَّقُ بِالْعَادَةِ .

( وَمَتَى ادَّعَتْ ) مَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِحَيْضِهَا ( حَيْضًا فَأَنْكَرَ ) زَوْجُهَا حَيْضَهَا ( فَقَوْلُهَا ) بِلَا يَمِينٍ .
؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ عَلَى نَفْسِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } قِيلَ هُوَ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ ، وَلَوْلَا قَبُولُ قَوْلِهَا فِيهِ لَمَا حَرُمَ عَلَيْهَا كَتْمُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَعَ عَدَمِ الْقَبُولِ .
كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ } لَمَّا حَرَّمَ كِتْمَانِهَا دَلَّ عَلَى قَبُولِهَا .
وَلِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا ( كَ ) قَوْلِ زَوْجِهَا ( إنْ أَضْمَرْت بُغْضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَادَّعَتْهُ ) أَيْ إضْمَارَ بُغْضِهِ وَأَنْكَرَ هُوَ فَقَوْلُهَا وَتَطْلُقُ ؟ نَعَمْ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا .
وَ ( لَا ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى زَوْجٍ ( فِي وِلَادَةٍ ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَيْهَا وَأَنْكَرَهَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهَا ( إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ ) فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ رُجِّحَ قَوْلُهَا ( وَلَا ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَيْهِ ( فِي قِيَامٍ وَنَحْوِهِ ) كَقِيَامِ زَيْدٍ وَكَلَامِهِ وَدُخُولِ دَارٍ وَنَظَائِرِهِ .
فَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهَا فَقَوْلُهُ .
؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ ( وَلَوْ أَقَرَّ ) زَوْجٌ ( بِهِ ) أَيْ بِمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا ( طَلُقَتْ وَلَوْ أَنْكَرَتْهُ ) الزَّوْجَةُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتهَا .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ حَائِضٌ ) عِنْدَ التَّعْلِيقِ ( فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ ) طَلُقَتْ نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } أَيْ يَنْقَطِعُ دَمُهُنَّ .
؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَصِحَّةِ الطَّهَارَةِ .
وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَائِضًا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا إذْ لَا وَاسِطَةَ ( وَإِلَّا ) تَكُنْ حَائِضًا حِينَ التَّعْلِيقِ ( فَإِذَا طَهُرَتْ ) أَيْ انْقَطَعَ دَمُهَا ( مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ) طَلُقَتْ ؛ لِأَنَّ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ تَقْتَضِي فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا وَلَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ إلَّا ذَلِكَ فَتَعَلَّقَتْ الصِّفَةُ بِهِ لَكِنْ لَوْ حَصَلَ النَّقَاءُ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَهَلْ تَطْلُقُ ؟ نَعَمْ ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لَا لِلْعُرْفِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَقَالَتْ : حِضْت فَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ وَحْدُهَا ) أَيْ دُونَ ضَرَّتِهَا ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا ، فَإِنْ أَقَامَتْ بِحَيْضِهَا بَيِّنَةً طَلُقَتَا وَإِنْ أَقَرَّ بِحَيْضِهَا طَلُقَتَا أَيْضًا وَلَوْ أَكْذَبَتَاهُ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ( إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَادَّعَتَاهُ ) أَيْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا حَاضَتْ ( فَصَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا ) لِإِقْرَارِهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى نَفْسِهِ ( وَإِنْ أَكْذَبَهُمَا لَمْ تَطْلُقْ ) أَيْ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا .
؛ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِحَيْضِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا .
وَإِقْرَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى ضَرَّتِهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ ( وَإِنْ أَكْذَبَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا فِي حَقِّهَا مَقْبُولٌ وَالزَّوْجُ صَدَّقَ ضَرَّتَهَا فَقَدْ وَجَدَ الْحَيْضَ مِنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَلَمْ تَطْلُقْ الْمُصَدِّقَةُ .
؛ لِأَنَّ قَوْلَ ضَرَّتِهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ .
( وَإِنْ قَالَهُ لِأَرْبَعٍ ) أَيْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ : إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ ( فَادَّعَيْنَهُ ) أَيْ ادَّعَى الْأَرْبَعُ الْحَيْضَ ( وَصَدَّقَهُنَّ ) الزَّوْجُ ( طَلُقْنَ ) كُلُّهُنَّ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ حَيْضُ الْأَرْبَعِ حَيْثُ صَدَّقَهُنَّ عَلَيْهِ ( وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا ) مِنْهُنَّ ( طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ ) وَحْدَهَا لِقَبُولِ قَوْلِهَا فِي حَيْضِهَا ، وَقَدْ صَدَّقَ الزَّوْجُ صَوَاحِبَهَا فَقَدْ وَجَدَ حَيْضَ الْأَرْبَعِ فِي حَقِّهَا بِخِلَافِ الْمُصَدَّقَاتِ .
فَإِنَّ قَوْلَ الْمُكَذَّبَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِنَّ .
فَإِنْ صَدَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ .
لِأَنَّ قَوْلَ الْمُكَذَّبَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّ غَيْرِهَا .

( وَإِنْ قَالَ ) لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ( كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ ) فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ ( أَوْ ) قَالَ لَهُنَّ ( أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ مِنْكُنَّ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ ) أَيْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ الْحَيْضَ ( وَصَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ كَامِلًا ) أَيْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ لَهَا ثَلَاثُ ضَرَائِرَ فَيَأْتِيهَا مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ ( وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ وَكَذَّبَ ثَلَاثًا ( لَمْ تَطْلُقْ ) الْمُصَدَّقَةُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ ضَرَائِرِهَا عَلَيْهَا ( وَطَلَّقَ ضَرَائِرَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً ) مِنْ ضَرَّتِهِنَّ الْمُصَدَّقَةِ لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِتَصْدِيقِهَا ( وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ ) مِنْهُنَّ ( طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ضَرَّةً مُصَدَّقَةً .
( وَ ) طَلُقَتْ ( الْمُكَذَّبَتَانِ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ضَرَّتَيْنِ مُصَدَّقَتَيْنِ ( وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَرْبَعِ ( طَلُقْنَ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ضَرَّتَيْنِ مُصَدَّقَتَيْنِ ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا ) ؛ لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ ضَرَائِرَ مُصَدَّقَاتٍ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ( إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً ) فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ( طَلُقَتَا بِشُرُوعِهِمَا فِي حَيْضَتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَ حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُحَالٌ فَيَلْغُو قَوْلُ حَيْضَةٍ ، وَكَأَنَّهُ قَالَ : إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ .
وَفِيهِ أَوْجُهٌ أُخَرُ أَحَدُهَا : لَا يُطَلَّقَانِ إلَّا بِحَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ .
؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْهُمَا لَا يُمْكِنُ وُجُودُهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : إنْ حِضْتُمَا - كُلُّ وَاحِدَةٍ حَيْضَةً - فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ، وَالثَّانِي تَطْلُقَانِ بِحَيْضَةٍ مِنْ إحْدَاهُمَا عَلَى حَدٍّ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ .
الثَّالِثُ : لَا تَنْعَقِدُ فَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَلَوْ حَاضَتَا ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فَلَا يَقَعُ كَإِنْ صَعَدْتُمَا السَّمَاءَ .

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ حَامِلًا زَمَنَ حَلِفِهِ .
وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( مِنْهُ ) أَيْ زَمَنِ الْحَلِفِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِأَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَلِفِهِ وَيَعِيشَ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تُوطَأْ بَعْدَ حَلِفِهِ وَإِلَّا يَتَبَيَّنُ كَوْنُهَا حَامِلًا حِينَ حَلِفِهِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حَلِفِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ ( أَوْ وَطِئَ بَعْدَهُ ) أَيْ الْحَلِفِ ( وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ أَوَّلِ وَطْئِهِ لَمْ تَطْلُقْ ) لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ .
( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَبِالْعَكْسِ ) مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِذَا وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَلِفِهِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ طَلُقَتْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا .
وَكَذَا إنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ .
؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ حِينِهِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ ، وَالْآخَرُ لَا تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ ( وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا ) أَيْ وَطْءُ زَوْجَةٍ إنْ قَالَ لَهَا : إنْ كُنْت حَامِلًا لِاحْتِمَالِ وَإِنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ( قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ فِيهِمَا ) أَيْ صُورَةِ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ وَقَعَ .
( وَ ) يَحْرُمُ وَطْؤُهَا ( قَبْلَ زَوَالِ رِيبَةٍ ) كَانْتِفَاخِ بَطْنٍ وَحَرَكَتِهِ ( أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ فِي ) الصُّورَةِ ( الثَّانِيَةِ ) وَهِيَ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحْمِلَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْحَلِفِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ فَيَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى إبَاحَةِ الْمُحَرَّمِ ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَيُحَرَّمُ قَبْلَ زَوَالِ رِيبَةٍ وَبَعْدَ ظُهُورِ حَمْلٍ ( إنْ كَانَ ) الطَّلَاقُ ( بَائِنًا ) نَصًّا وَإِلَّا

جَازَ ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الرَّجْعِيَّةِ مُبَاحٌ وَيَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ ( وَيَحْصُلُ ) اسْتِبْرَاءٌ ( بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ أَوْ مُسْتَقْبَلَةٍ أَوْ مَاضِيَةٍ لَمْ يَطَأْ ) بَعْدَهَا أَيْ الْمَاضِيَةِ .
؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا .
قَالَ أَحْمَدُ : فَإِنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا أُرِيَتْ النِّسَاءَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِنَّ انْتَظَرَ عَلَيْهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ غَالِبَ مُدَّةِ الْحَمْلِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ ) حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ إذَا ) حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَتَى حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوَهُ ( لَمْ يَقَعْ ) الطَّلَاقُ ( إلَّا بِ ) حَمْلٍ ( مُتَجَدِّدٍ ) بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْمَوْجُودِ .
لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى وُجُودِ أَمْرٍ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ .
فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَهُ ( وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كَانَ وَطِئَ فِي طُهْرٍ حَلِفَهُ قَبْلَ حَيْضٍ ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَمَلْت ( وَلَا ) يَطَؤُهَا ( أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كُلَّ طُهْرٍ ) لِجَوَازِ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا ( وَ ) إنْ .

قَالَ لَهَا ( إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً وَ ) إنْ كُنْت حَامِلًا ( بِأُنْثَى فَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ ) فَأَكْثَرَ ( فَطَلْقَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الطَّلْقَةَ مَعَ وَصْفِ حَمْلِهَا بِالذُّكُورَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ مَعَ وَصْفِهِ بِالْأُنُوثَةِ وَلَمْ تُوجَدْ الْأُنُوثَةُ فَلَمْ تَطْلُقْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ ( وَ ) إنْ وَلَدَتْ ( أُنْثَى ) فَأَكْثَرَ ( مَعَ ذَكَرٍ فَأَكْثَرَ فَثَلَاثُ ) طَلْقَاتٍ تَقَعُ ثِنْتَانِ بِالْأُنْثَى فَأَكْثَرَ وَوَاحِدَةٌ بِالذَّكَرِ فَأَكْثَرَ لِوُجُودِ شَرْطِ التَّعْلِيقَيْنِ .

( وَإِنْ قَالَ ) لَهَا ( إنْ كَانَ حَمْلُك ) ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ تَطْلُقْ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك ) ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ( فَوَلَدَتْهُمَا ) أَيْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ( لَمْ تَطْلُقْ ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى خَبَرًا عَنْ الْحَمْلِ أَوْ مَا فِي الْبَطْنِ فَيَقْتَضِي حَصْرُهُ فِي أَحَدِهِمَا ، وَلَمْ يَتَمَحَّضْ الْحَمْلُ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى فَلَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ .
( وَلَوْ أَسْقَطَ مَا ) فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ بِأَنْ قَالَ : إنْ كَانَ فِي بَطْنِك ذَكَرٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ، وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ( طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) وَاحِدَةً بِالذَّكَرِ وَاثْنَتَيْنِ بِالْأُنْثَى ( وَمَا عُلِّقَ ) مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِمَا ( عَلَى وِلَادَةٍ يَقَعُ بِإِلْقَاءِ مَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ ) وَهُوَ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ إنْسَانٍ وَلَوْ خَفِيًّا ؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْ مَا يُسَمَّى وَلَدًا لَا بِإِلْقَاءِ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ .
؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى وَلَدًا ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَكُونَ مَبْدَأَ خَلْقِ إنْسَانٍ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَةً وَ ) إنْ وَلَدْت ( أُنْثَى فَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( ثِنْتَيْنِ ) فَوَلَدَتْهُمَا ( فَثَلَاثٌ بِمَعِيَّةٍ ) أَيْ بِوِلَادَتِهَا لَهُمَا مَعًا ( بِحَيْثُ لَا يَسْبِقُ أَحَدَهُمَا ) الْآخَرَ طَلْقَةٌ بِالذَّكَرِ وَاثْنَتَانِ بِالْأُنْثَى وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إذَنْ بِذَلِكَ .
؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ ( وَإِنْ سَبَقَ أَحَدَهُمَا ) أَيْ الْوَلَدَيْنِ الْآخَرَ ( بِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَعَ مَا عُلِّقَ بِهِ ) أَيْ السَّابِقُ .
فَإِنْ سَبَقَ الذَّكَرُ فَطَلْقَةٌ ، وَإِنْ سَبَقَتْ الْأُنْثَى فَطَلْقَتَانِ ( وَبَانَتْ بِ ) الْوَلَدِ ( الثَّانِي ) مِنْهُمَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِهِ إنْ لَمْ يَرْتَجِعْهَا قَبْلَهُ ( وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ ) أَيْ الثَّانِي لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ ، فَلَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ كَإِنْ مِتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( وَكَ ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك ) لِوُجُوبِ تَعَقُّبِ الْوُقُوعِ الصِّفَةَ .
( وَ ) إنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ( بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَقَدْ وَطِئَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْوَضْعَيْنِ ( فَثَلَاثُ ) طَلْقَاتٍ تَقَع لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالْوَطْءِ بَيْنَهُمَا ، فَالثَّانِي حَمْلٌ مُسْتَأْنَفٌ إذْ لَا يُمْكِنُ ادِّعَاءُ أَنْ تَحْمِلَ بِوَلَدٍ بَعْدَ وَلَدٍ ( وَمَتَى أَشْكَلَ سَابِقٌ ) مِنْ وَلَدَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَلَمْ يَدْرِ أَسَبَقَ الذَّكَرُ فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ وَتَبِينُ بِالْأُنْثَى ، أَوْ سَبَقَتْ الْأُنْثَى فَتَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ وَتَبِينُ بِالذَّكَرِ ( فَطَلْقَةٌ ) تَقَعُ ( بِيَقِينٍ وَيَلْغُو مَا زَادَ ( لِلشَّكِّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْوَرَعُ أَنْ يَلْتَزِمَهَا لِاحْتِمَالِ مَا سَبَقَ الْأُنْثَى ، فَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى فَقِيَاسُهُ يَقَعُ الْأَقَلُّ وَمَا زَادَ لِلشَّكِّ فِيهِ وَالْوَرَعُ الْتِزَامُهُ ( وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ تَلِدُهُ ) مِنْهُمَا ( حَيًّا أَوْ مَيِّتًا ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وِلَادَتُهُ ، وَقَدْ وُجِدَتْ .
وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهِ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ وَلَدْت ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ حَيَّيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا حِنْثَ بِ ) وِلَادَةِ ( ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَحَدُهُمَا فَقَطْ حَيٌّ ) ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( كُلَّمَا وَلَدْت ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ زَادَ وَلَدًا ) بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا ( فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ ) أَوْلَادٍ ( مَعًا ) لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمْ غَيْرَهُ ( فَثَلَاثُ ) طَلْقَاتٍ لِتَعَدُّدِ الْوِلَادَةِ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَوْلُودٌ فَيَقَعُ بِكُلِّ وِلَادَةٍ طَلْقَةٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ .
( وَ ) إنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً ( مُتَعَاقِبِينَ ) وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ( طَلُقَتْ بِأَوَّلٍ ) طَلْقَةً ( وَبِثَانٍ ) طَلْقَةً ( وَبَانَتْ بِثَالِثٍ ) وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِهِ ( وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ ) مُتَعَاقِبَيْنِ .

( وَ ) كَأَنْ ( زَادَ لِلسُّنَّةِ ) بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ( فَطَلْقَةٌ بِطُهْرٍ ) مِنْ نِفَاسِهَا ( ثُمَّ ) طَلْقَةٌ ( أُخْرَى بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ) ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ كَمَا سَبَقَ .

أَيْ الطَّلَاقِ ( بِالطَّلَاقِ إذَا قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ ( إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ أَوْقَعَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا ( بَائِنًا ) بِأَنْ كَانَ عَلَى عِوَضٍ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ( لَمْ يَقَعْ مَا عُلِّقَ ) مِنْ طَلَاقٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ عِصْمَةً ( كَ ) مَا لَا يَقَعُ طَلَاقٌ ( مُعَلَّقٌ عَلَى خُلْعٍ ) لِوُجُوبِ تَعَقُّبِ الصِّفَةِ الْمَوْصُوفَ وَالْبَائِنُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ ( وَإِنْ أَوْقَعَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ فِيهِ ( رَجْعِيًّا ) وَقَعَ ثِنْتَانِ طَلْقَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْأُخْرَى بِالصِّفَةِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ تَطْلِيقَهَا شَرْطًا لِطَلَاقِهَا وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ .

( أَوْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِوُقُوعِ طَلَاقِهَا ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا : إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَقَامَتْ .
) رَجْعِيَّةٌ ( وَقَعَ ثِنْتَانِ ) طَلْقَةٌ بِقِيَامِهَا ، وَطَلْقَةٌ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَيْهَا بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ قِيَامُهَا .

( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِطَلَاقِهِ لَهَا ) بِأَنْ قَالَ : إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا : إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ .
فَقَامَتْ فَوَاحِدَةٌ بِقِيَامِهَا ، وَلَا تَطْلُقُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا ( أَوْ ) عَلَّقَهُ بِقِيَامِهَا ثُمَّ ( بِإِيقَاعِهِ ) بِأَنْ قَالَ لَهَا : إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا : إنْ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَقَامَتْ .
فَوَاحِدَةٌ ) بِقِيَامِهَا وَلَا تَطْلُقُ بِتَعْلِيقِ الْإِيقَاعِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَمْ يُوجَدْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ عَلَيْهَا طَلَاقًا بَعْدَ التَّعْلِيقِ .

( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( بِطَلَاقِهَا ثُمَّ بِقِيَامِهَا ) بِأَنْ قَالَ لَهَا : إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ : إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَقَامَتْ .
فَثِنْتَانِ ) وَاحِدَةٌ بِقِيَامِهَا وَأُخْرَى بِتَطْلِيقِهَا الْحَاصِلِ بِالْقِيَامِ ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهَا بِوُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ لَهَا .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ ) لَهَا ( إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَجَّزَهُ .
) أَيْ طَلَاقَهَا ( رَجْعِيًّا ) بِأَنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَطَلَّقَهَا دُونَ مَا يَمْلِكُهُ بِلَا عِوَضٍ ( فَثَلَاثٌ ) وَاحِدَة بِالْمُنَجَّزِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّطْلِيقِ وَالْوُقُوعِ ( فَلَوْ قَالَ أَرَدْت ) بِقَوْلِي إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ( إذَا طَلَّقْتُك طَلُقْتِ ) بِمَا أَوْقَعَتْهُ عَلَيْك ( وَلَمْ أُرِدْ عَقْدَ صِفَةٍ دِينَ ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ ( وَلَا يُقْبَلُ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا ( كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ .
فَثِنْتَانِ ) طَلْقَةٌ بِالْمُنَجَّزِ ، وَأُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ وَلَا تَطْلُقُ أَكْثَرَ ؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَرَّةً .
( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ وَقَعَ ) عَلَيْهَا طَلَاقُهُ ( بِمُبَاشَرَةٍ ) بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ سَبَبٍ ) .
بِأَنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ فَوُجِدَ سَوَاءٌ كَانَ تَعْلِيقُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهَا ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ ( فَثَلَاثٌ ) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ طَلْقَةٌ وَقَعَتْ عَلَيْهَا فَتَطْلُقُ بِهَا الثَّالِثَةَ ( إنْ وَقَعَتْ ) الطَّلْقَةُ ( الْأُولَى وَ ) الطَّلْقَةُ ( الثَّانِيَة رَجْعِيَّتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ .

( وَمَنْ عَلَّقَ ) الطَّلَاقَ ( الثَّلَاثَ بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ) كَأَنْ قَالَ : إنْ طَلَّقْتُكِ طَلَاقًا لَا أَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً ) أَوْ اثْنَتَيْنِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا ( وَقَعَ الثَّلَاثُ ) ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الرَّجْعَةِ هُنَا لِعَجْزِهِ عَنْهَا لَا لِعَدَمِ مِلْكِهَا .

( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( كُلَّمَا ) وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا أَوْ ( إنْ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ ) لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ فَثَلَاثٌ طَلْقَةٌ ) مِنْهَا ( بِالْمُنَجَّزِ وَتَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَهُ ) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ زَوْجٍ مُخْتَارٍ فِي مَحَلِّ نِكَاحٍ صَحِيحٍ ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ كَمَا لَوْ لَمْ تُعْقَدْ هَذِهِ الصِّفَةُ وَلِعُمُومِ النُّصُوصِ وَكَوْنِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ قَبْلَهُ مُحَالٌ لَا يَصِحُّ الْوَصْفُ بِهِ فَلَغَتْ الصِّفَةُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ كَقَوْلِهِ : إذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا تَلْزَمُكِ .
( وَتُسَمَّى ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ( السُّرَيْجِيَّةُ ) ؛ لِأَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ قَالَ فِيهَا فَقَالَ : لَا تَطْلُقُ أَبَدًا ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْوَاحِدَةِ يَقْتَضِي وُقُوعَ ثَلَاثٍ قَبْلَهَا ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ وُقُوعَهَا فَإِثْبَاتُهَا يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهَا فَلَا تَثْبُتُ ؛ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الدَّوْرِ ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ وَقَعَ قَبْلَهَا ثَلَاثٌ فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُهَا وَجَوَابُهُ إلْغَاءُ " قَبْلَهُ " كَمَا سَبَقَ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ تَطْلُقُ بِالْمُنَجَّزِ وَيَلْغُو الْمُعَلَّقُ ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ فِي زَمَنٍ مَاضٍ ( وَيَقَعُ بِمَنْ ) أَيْ بِزَوْجَةٍ ( لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ) وَقَالَ لَهَا ذَلِكَ الطَّلْقَةُ ( الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ ) ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا .

وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُبَاحًا ) فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ أَبَنْتُكِ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ( أَوْ ) إنْ ( فَسَخْت نِكَاحَك ) فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ( أَوْ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْك ) فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ( أَوْ ) قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ ( إنْ رَاجَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا .
ثُمَّ وُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا عُلِّقَ عَلَيْهِ ) الطَّلَاقُ ( وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَغَا قَوْلُهُ قَبْلَهُ ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ فِي أَبَنْتُكِ وَفَسَخْت نِكَاحَكِ بَلْ تَبِينُ بِالْإِبَانَةِ وَالْفَسْخِ انْتَهَى .
فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِقَوْلِهِ : أَبَنْتُكِ وَفَسَخْتُ نِكَاحَكِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَإِذَا لَمْ تَبِنْ بِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ إلْغَاءِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ : إنْ بِنْتِ أَوْ انْفَسَخَ نِكَاحُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا .
ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِمُقْتَضٍ فَلَا تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِبَانَةِ لَمْ يَبْقَ لِلطَّلَاقِ مَحَلٌّ يَقَعُ فِيهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ ( كُلَّمَا طَلَّقْتُ ضَرَّتَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ .
ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى ) فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً ) وَاحِدَةً بِالصِّفَةِ وَهِيَ طَلَاقُ الْأُولَى .
( وَ ) طَلُقَتْ ( الْأُولَى ثِنْتَيْنِ ) وَاحِدَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَوَاحِدَةٌ بِالصِّفَةِ ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِالضَّرَّةِ تَطْلِيقٌ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَوُجُودَ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ ( وَإِنْ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ ) أَيْ الْمَقُولُ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا ( فَقَطْ ) أَيْ وَلَمْ يُطَلِّقْ الْأُولَى بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ( طَلُقَتَا ) أَيْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ ( طَلْقَةً طَلْقَةً ) الْأُولَى بِالصِّفَةِ ، وَالثَّانِيَةُ بِالتَّنْجِيزِ ، وَلَا يَقَعُ بِهَا بِالتَّعْلِيقِ أُخْرَى ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأُولَى وَقَعَ بِالتَّعْلِيقِ السَّابِقِ عَلَى تَعْلِيقِ طَلَاقِ الثَّانِيَة فَلَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِ الثَّانِيَة طَلَاقُهَا .
( وَمِثْلُ ذَلِكَ ) لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ مَثَلًا ( إنْ ) طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ : إنْ ( طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ ) طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ ( أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ ) هُنَا ( كَالضَّرَّةِ فِيمَا قَبْلُ ) فَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَحَفْصَةُ طَلْقَةً ، وَإِنْ طَلَّقَ حَفْصَةَ فَقَطْ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً لِمَا تَقَدَّمَ ( وَعَكْسُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ : إنْ طَلَّقْتُكِ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ .
ثُمَّ ) قَوْلُهُ ( لِحَفْصَةَ : إنْ طَلَّقْتُكِ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ ) فَإِنْ قَالَ لِعَمْرَةَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالصِّفَةِ ، وَطَلُقَتْ حَفْصَةُ وَاحِدَة .
وَإِنْ طَلَّقَ حَفْصَةَ ابْتِدَاءً لَمْ يَقَعْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا طَلْقَةٌ طَلْقَةُ حَفْصَةَ بِالْمُبَاشَرَةِ وَعَمْرَةَ بِالصِّفَةِ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( لِأَرْبَعٍ ) زَوْجَاتِهِ ( أَيَّتُكُنَّ وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقِي فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ ثُمَّ أَوْقَعَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( عَلَى إحْدَاهُنَّ ) أَيْ الْأَرْبَعِ ( طَلُقْنَ كَامِلًا ) أَيْ ثَلَاثًا ، ثَلَاثًا ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْقَعَهُ بِإِحْدَاهُنَّ طَلُقَتْ بِإِيقَاعِهِ طَلْقَةً طَلْقَةً ، وَطَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَة مِنْ صَوَاحِبِهَا بِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا طَلْقَةً ، وَكُلَّمَا يَقَعُ بِوَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْ صَوَاحِبِهَا طَلْقَةٌ فَيَنَالُ كُلَّ وَاحِدَة مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ( كُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً فَعَبْدٌ ) مِنْ عَبِيدِي ( حُرٌّ ) .
( وَ ) كُلَّمَا طَلَّقْتُ ( ثِنْتَيْنِ فَاثْنَانِ ) مِنْ عَبِيدِي حُرَّانِ ( وَ ) كُلَّمَا طَلَّقْتُ ( ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ ) مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ .
( وَ ) كُلَّمَا طَلَّقْتُ ( أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ ) مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ ( ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَوْ مَعًا ) بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ : أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ( عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا ) ؛ لِأَنَّ فِي الزَّوْجَاتِ أَرْبَعَ صِفَاتٍ هُنَّ أَرْبَعٌ فَيَعْتِقُ أَرْبَعَةً وَهُنَّ أَرْبَعُ آحَادٍ فَيَعْتِقُ أَرْبَعَةً وَهُنَّ اثْنَتَانِ وَاثْنَتَانِ فَيَعْتِقُ أَرْبَعَةً وَفِيهِنَّ ثَلَاثٌ فَيَعْتِقُ بِهِنَّ ثَلَاثَةً أَوْ تَقُولُ يُعْتَقُ بِوَاحِدَةٍ وَاحِدٌ ، وَبِثَانِيَةٍ ثَلَاثَةٌ ؛ لِأَنَّ فِيهَا صِفَتَيْنِ هِيَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَعَ الْأُولَى اثْنَتَانِ وَيُعْتَقُ بِثَالِثَةٍ أَرْبَعَةٌ ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَة وَهِيَ مَعَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ ، وَيُعْتَقُ بِرَابِعَةٍ سَبْعَةٌ ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثَلَاثَ صِفَاتٍ هِيَ وَاحِدَة وَهِيَ مَعَ الثَّانِيَةِ اثْنَتَانِ ، وَهِيَ مَعَ الثَّلَاثِ الَّتِي قَبْلَهَا أَرْبَعٌ ( وَإِنْ أَتَى ) ( بَدَلَ ) قَوْلِهِ ( كُلَّمَا بِ ) قَوْلِهِ ( إنْ أَوْ نَحْوِهَا ) كَمَتَى وَإِذَا وَحَيْثُمَا كَقَوْلِهِ : إنْ طَلَّقْتُ وَاحِدَة فَعَبْدِي حُرٌّ وَثِنْتَيْنِ فَاثْنَانِ وَثَلَاثَةً فَثَلَاثَةٌ ، وَأَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ ، ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَوْ مَعًا ( عَتَقَ عَشَرَةُ ) أَعْبُدٍ ؛ لِأَنَّ إنْ غَيْرَ كُلَّمَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ أَتَاكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ .
ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا : إذَا أَتَاكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا ) كِتَابُهُ ( كَامِلًا وَلَمْ يَنْمَحِ ) مِنْهُ ( ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَثِنْتَانِ ) طَلْقَةٌ بِتَعْلِيقِهَا عَلَى الْكِتَابِ ، وَطَلْقَةٌ بِتَعْلِيقِهَا عَلَى إتْيَانِ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ أَتَاهَا بِكِتَابِهِ إلَيْهَا الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِنْ أَتَاهَا بَعْضُ الْكِتَابِ وَفِيهِ الطَّلَاقُ أَوْ أَتَاهَا كُلُّهُ وَقَدْ انْمَحَى مَا فِيهِ أَوْ ذِكْرُ الطَّلَاقِ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا لَوْ ضَاعَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِهَا طَلَاقُهُ ، وَلَا كِتَابُهُ ، بَلْ بَعْضُهُ وَلَا يَثْبُتُ الْكِتَابُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَكِتَابِ الْقَاضِي وَيَكْفِي أَنْ يَشْهَدَا عِنْدَهَا ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ ) بِقَوْلِي إنْ أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَنَّكِ طَالِقٌ ) بِالتَّعْلِيقِ ( الْأَوَّلِ دِينَ ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَكَلَامُهُ يَحْتَمِلُ ( وَقُبِلَ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) لِظُهُورِهِ .

( وَمَنْ كَتَبَ ) لِامْرَأَتِهِ ( إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عَلَيْهَا وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً ) لَا تَقْرَأُ ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يُرَادُ بِقِرَاءَتِهَا ( وَإِلَّا ) تَكُنْ أُمِّيَّةً بَلْ قَارِئَةً ( فَلَا ) تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْرَأْهُ وَالْأَصْلُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ مَا لَمْ تَتَعَذَّرْ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ فُلَانٍ فَقَرَأَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ بِهِ حَنِثَ لِانْصِرَافِ يَمِينِهِ إلَى مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَقِيقَةَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَا .

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، ( ثُمَّ عَلَّقَهُ ) أَيْ طَلَاقَهَا ( بِمَا ) أَيْ بِشَيْءٍ ( فِيهِ حِنْثٌ ) عَلَى فِعْلٍ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ ( مَنْعٌ ) مِنْ فِعْلٍ كَإِنْ قُمْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ ( تَصْدِيقُ خَبَرٍ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ لَقَدْ قُمْتُ أَوْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِصِدْقٌ وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ ( تَكْذِيبُهُ ) أَيْ الْخَبَرِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبًا ( طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) لِوُجُودِ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا تَجَوُّزًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْحَلِفِ وَهُوَ الْحِنْثُ أَوْ الْمَنْعُ أَوْ التَّأْكِيدُ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقًا ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ حُمِلَ عَلَى مَجَازِهِ لِقَرِينَةِ الِاسْتِحَالَةِ و ( لَا ) تَطْلُقُ مَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِالْحَلِفِ بِهِ ( وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا ) أَوْ مَشِيئَةِ غَيْرِهَا قَبْلَهَا ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِحَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوَهُ ) كَالْكُسُوفِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ قَبْلَ وُجُودِهِ ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْحَلِفِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ ) لَهَا ( مَرَّةً ) أُخْرَى ( فَطَلْقَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ حَلِفٌ أَوْ كَلَامٌ ( وَ ) إنْ أَعَادَهُ ( مَرَّتَيْنِ فَثِنْتَانِ ) وَإِنْ أَعَادَهُ ( ثَلَاثًا فَثَلَاثُ ) طَلْقَاتٍ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ وُجِدَ فِيهَا شَرْطُ الطَّلَاقِ وَيَنْعَقِدُ شَرْطُ طَلْقَةٍ أُخْرَى ( مَا لَمْ يَقْصِدْ إفْهَامَهَا فِي ) قَوْلِهِ ( إنْ حَلَفْتُ ) بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهُ مَنْ عَلَّقَهُ بِالْكَلَامِ بِقَصْدِ إفْهَامَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامًا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ ، وَأَخْطَأَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ فِيهَا كَالْأُولَى ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ ( وَتَبِينُ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا ) إذَا أَعَادَهُ ( بِطَلْقَةٍ ) فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا ( وَلَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَة ) و ( لَا ) الثَّالِثَة فِي مَسْأَلَةِ ( الْكَلَامِ ) فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِشُرُوعِهِ فِي كَلَامِهَا فَلَا يَحْصُلُ جَوَابُ الشَّرْطِ إلَّا وَهِيَ بَائِنٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ فَتَنْعَقِدُ يَمِينُهُ الثَّانِيَة ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِهَا ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الْحِنْثِ بِالْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ فِي النِّكَاحِ السَّابِقِ .

( وَ ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ( إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ وَقَعَ بِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( طَلْقَةٌ ) لِمَا سَبَقَ ( وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِإِحْدَاهُمَا ) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ ( فَأَعَادَهُ بَعْدُ ) أَنْ وَقَعَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ ( فَلَا طَلَاقَ ) ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِطَلَاقِ الْبَائِنِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ ( وَلَوْ نَكَحَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا طَلُقَتَا أَيْضًا طَلْقَةً طَلْقَةً ) لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ الثَّانِيَة فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا وَاكْتِفَاءً بِوُجُودِ آخِرِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ لِيَقَعَ الطَّلَاقُ عَقِبَهُ وَاسْتُشْكِلَ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ .
( وَ ) إنْ أَتَى ( بِكُلَّمَا بَدَلَ إنْ ) بِأَنْ قَالَ : كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا ثُمَّ أَعَادَهُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا ثُمَّ نَكَحَ الْبَائِنَ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا ( ثَلَاثًا ) ثَلَاثًا ( طَلْقَةً عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا ) لِعَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَالْيَمِينُ الثَّانِيَةُ مُنْعَقِدَةٌ فَالْيَمِينُ الثَّالِثَةُ الَّتِي تَكَمَّلَتْ بِحَلِفِهِ عَلَى الْمُتَجَدِّدِ نِكَاحُهَا شَرْطٌ لِلْيَمِينِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَيَقَعُ بِهَا طَلْقَتَانِ بِخِلَافِ إنْ فَإِنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى تَنْحَلُّ بِالثَّانِيَةِ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ .

( وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَة مِنْهُمَا ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا لَا بِطَلَاقِهِمَا ( وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ : إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ ) لِحَلِفِهِ بِطَلَاقِهِمَا بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَيْهِ ( ثُمَّ إنْ قَالَ ) بَعْدَهُ ( إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ) لِمَا سَبَقَ ( ثُمَّ إنْ قَالَ ) بَعْدَهُ ( إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَفْصَةُ ) وَحْدَهَا لِمَا مَرَّ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( لِمَدْخُولٍ بِهِمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ أَوْ ) قَالَ كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ ( وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَلِفٌ بِطَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَطَلُقَتَا بِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَبِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ الْأُخْرَى كَذَلِكَ .
( وَإِنْ قَالَ ) لَهُمَا كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا ( فَهِيَ ) طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ ( فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ وَأَعَادَهُ فَطَلْقَةً طَلْقَةً ) بِكُلٍّ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنَّمَا اقْتَضَى طَلَاقَهَا وَحْدَهَا وَمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إلَّا مَرَّةً فَلَا تَطْلُقُ إلَّا طَلْقَةً ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا ( فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ ) وَأَعَادَهُ ( فَطَلْقَةٌ ) تَقَعُ ( بِإِحْدَاهُمَا تُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ ) كَمَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ .
( وَ ) إنْ قَالَ ( لِأَحَدِهِمَا إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِ ضَرَّتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَهُ لِلْأُخْرَى ) أَيْ قَالَ لَهَا مِثْلَ مَا قَالَ لِلْأُولَى ( طَلُقَتْ الْأُولَى ) لِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ ضَرَّتِهَا ( فَإِنْ أَعَادَهُ لِلْأُولَى طَلُقَتْ الْأُخْرَى ) لِمَا مَرَّ .

بِكَسْرِ الْقَافِ مَصْدَرُ قَرِيبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ ( إذَا قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ ( إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقِي أَوْ زَجَرَهَا فَقَالَ : تَنَحِّي أَوْ اُسْكُتِي أَوْ مُرِّي وَنَحْوَهُ ) اتَّصَلَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا طَلُقَتْ مَا لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ سَمِعَهَا تَذْكُرُهُ بِسُوءٍ فَقَالَ الْكَاذِبُ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ حَنِثَ نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهَا ( أَوْ قَالَ لَهَا ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْكَلَامِ ( إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ ) بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ خَارِجٌ عَنْ الْيَمِينِ ( مَا لَمْ يَنْوِ ) كَلَامًا ( غَيْرَهُ ) أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ الْكَلَامِ أَوْ تَرَكَ مُحَادَثَتَهَا أَوْ الِاجْتِمَاعَ بِهَا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ بَدَأْتُكِ بِكَلَامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ ) لَهُ ( إنْ بَدَأْتُكِ بِهِ ) أَيْ بِكَلَامٍ ( فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ ) ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ أَوَّلًا فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ لَهَا بَعْدُ ابْتِدَاءً ( إنْ لَمْ تَكُنْ ) لَهُ ( نِيَّةٌ ) بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَبْدَؤُهَا بِكَلَامٍ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى ( ثُمَّ إنْ بَدَأَتْهُ ) بِكَلَامٍ ( حَنِثَتْ ) أَيْ عَتَقَ عَبْدُهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَإِنْ بَدَأَهَا ) بِكَلَامٍ بَعْدَ قَوْلِهَا إنْ بَدَأْتُكِ بِكَلَامٍ فَعَبْدِي حُرٌّ ( انْحَلَّتْ يَمِينُهَا ) لِمَا سَبَقَ .
( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ طَلَاقَهَا ( بِكَلَامِهَا زَيْدًا ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَكَلَّمَتْهُ ) أَيْ زَيْدًا ( فَلَمْ يَسْمَعْ ) زَيْدٌ كَلَامَهَا ( لِغَفْلَةِ ) زَيْدٍ ( أَوْ شُغْلِهِ ) عَنْهَا ( وَنَحْوَهُ ) كَخَفْضِ صَوْتِهَا أَوْ صِيَاحٍ وَكَانَتْ مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا سَمِعَهَا حَنِثَ ( أَوْ ) كَلَّمَتْهُ ( وَهُوَ ) أَيْ زَيْدٌ ( مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ ) غَيْرَ مَصْرُوعَيْنِ ( أَوْ أَصَمُّ يَسْمَعُ لَوْلَا الْمَانِعُ ) حَنِثَ ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ ( أَوْ كَاتَبَتْهُ ) أَيْ زَيْدًا ( أَيْ رَاسَلَتْهُ وَلَمْ يَنْوِ ) مُعَلِّقٌ ( مُشَافَهَتَهَا ) لَهُ بِالْكَلَامِ حَنِثَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَلَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ } .
وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَمِينِ هِجْرَانُهَا لِزَيْدٍ وَلَا يَحْصُلُ مَعَ مُوَاصَلَتِهِ بِالْكِتَابَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ ، وَإِنْ أَرْسَلَتْ إنْسَانًا يَسْأَلُ أَهْلَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَوْ حَدِيثٍ فَجَاءَ الرَّسُولُ فَسَأَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ بِإِرْسَالِ الرَّسُولِ ( أَوْ كَلَّمَتْ غَيْرَهُ ) أَيْ غَيْرِ زَيْدٍ ( وَزَيْدٌ يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ ) بِهِ ( حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهَا قَصَدَتْهُ وَأَسْمَعَتْهُ كَلَامَهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ خَاطَبَتْهُ وَكَذَا لَوْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ لَا تَسْلِيمَ صَلَاةٍ إنْ لَمْ تَقْصِدْهُ وَ ( لَا ) يَحْنَثُ (

إنْ كَلَّمَتْهُ ) أَيْ زَيْدًا ( مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا ) ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيمَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى إلَى الْمُكَلَّمِ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي حَالٍ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمَاعُ فِيهَا ( أَوْ ) كَلَّمَتْهُ ( وَهِيَ مَجْنُونَةٌ ) فَلَا حِنْثَ ؛ لِأَنَّهَا لَا قَصْدَ لَهَا ( أَوْ أَشَارَتْ إلَيْهِ ) أَيْ زَيْدٍ ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ كَلَامًا شَرْعًا .

( وَ ) مَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ( إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُمَا ( وَاحِدًا ) بِأَنْ كَلَّمَتْ وَاحِدَةً زَيْدًا وَالْأُخْرَى عَمْرًا ( طَلُقَتَا ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهُمَا عَلَى كَلَامِهِمَا لَهُمَا وَقَدْ وُجِدَ أَشْبَهَ قَوْلَ إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا وَنَحْوَهُ ( لَا إنْ قَالَ ) لِامْرَأَتَيْهِ ( إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَكَلَّمْتُمَا عَمْرًا ) فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا ( فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَا ) أَيْ الْمَرْأَتَانِ ( كُلًّا مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهُمَا بِكَلَامِهِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَهَاهَا وَخَالَفَتْهُ وَلَا نِيَّةَ ) لَهُ تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ ( لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُمَا ) أَيْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ؛ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ لِأَمْرِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ فَإِنْ نَوَى مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ حَنِثَ وَقِيَاسُهَا لَوْ قَالَ : إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَمَرَهَا فَخَالَفَتْهُ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ خَرَجْتِ ) بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ زَادَ مَرَّةً ) فَقَالَ إنْ خَرَجْتِ مَرَّةً ( بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَأْذَنْ ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( أَوْ أَذِنَ ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ ( ثُمَّ نَهَاهَا ) ثُمَّ خَرَجَتْ وَلَمْ يَأْذَنْ بَعْدَ نَهْيِهِ طَلُقَتْ لِخُرُوجِهَا بَعْدَ نَهْيِهَا بِلَا إذْنِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخُرُوجَ بِمَنْزِلَةِ خُرُوجٍ ثَانٍ ( أَوْ أَذِنَ ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ ( وَلَمْ تَعْلَمْ ) بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ طَلُقَتْ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُوَ الْإِعْلَامُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا ( أَوْ ) أَذِنَ لَهَا ( وَعَلِمَتْ ) وَخَرَجَتْ ( ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِلَا إذْنِهِ طَلُقَتْ لِخُرُوجِهَا ) بِلَا إذْنِهِ و ( لَا ) يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا ( إنْ أَذِنَ ) لَهَا ( فِيهِ ) أَيْ الْخُرُوجِ ( كُلَّمَا شَاءَتْ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بِإِذْنِهِ مَا لَمْ يُجَدِّدْ حَلِفًا أَوْ يَنْهَاهَا .

( أَوْ قَالَ ) إنْ خَرَجْتِ ( إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ خَرَجَتْ ) فَلَا حِنْثَ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَجَعَلَ الْمُسْتَثْنَى مَحْلُوفًا عَلَيْهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ خَرَجْتِ إلَى غَيْرِ حَمَّامٍ بِلَا إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ ) أَيْ لِلْحَمَّامِ ( وَلِغَيْرِهِ ) طَلُقَتْ ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ ( أَوْ ) خَرَجَتْ ( لَهُ ) أَيْ الْحَمَّامِ ( ثُمَّ بَدَا لَهَا غَيْرُهُ ) كَالْمَسْجِدِ أَوْ دَارِ أَهْلِهَا ( طَلُقَتْ ) ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ يَمِينِهِ مَنْعُهَا مِنْ غَيْرِ الْحَمَّامِ فَكَيْفَ مَا صَارَتْ إلَيْهِ حَنِثَ كَمَا لَوْ خَالَفَتْ لَفْظَهُ ( وَمَتَى قَالَ ) مَنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَخَرَجَتْ ( كُنْتُ أَذِنْتُ ) فِي خُرُوجِهَا وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ ( قُبِلَ ) مِنْهُ ( بِبَيِّنَةٍ ) لَا بِدُونِهَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ .

( وَ ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ قَرُبْت ) بِضَمِّ الرَّاءِ ( دَارَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا ) أَيْ الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا ( وَلُصُوقِهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ ( بِجِدَارِهَا ) أَيْ الدَّارِ .
( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا إنْ قَرِبْت دَارَ كَذَا ( بِكَسْرِ رَاءِ قَرِبْت لَمْ يَقَعْ ) عَلَيْهِ طَلَاقٌ ( حَتَّى تَدْخُلَهَا ) أَيْ الدَّارَ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ كَلَامُ الشَّاشِيِّ كَمَا ذَكَرْته فِي الْحَاشِيَةِ .

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ أَيْ الْإِرَادَةِ .
إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ ( أَوْ إذَا ) شِئْتِ ( أَوْ مَتَى ) شِئْتِ ( أَوْ أَنَّى ) شِئْتِ ( أَوْ أَيْنَ ) شِئْتِ ( أَوْ كَيْفَ ) شِئْتِ ( أَوْ حَيْثُ ) شِئْتِ ( أَوْ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتِ فَشَاءَتْ ) بِلَفْظِهَا لَا بِقَلْبِهَا .
( وَلَوْ ) كَانَتْ ( كَارِهَةً ) وَقَعَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْإِنْصَافِ وَالتَّنْقِيحِ وَلَوْ مُكْرَهَةً وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الصَّوَابُ ( أَوْ ) كَانَتْ مَشِيئَتُهَا ( بَعْدَ تَرَاخٍ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ عَنْ تَعْلِيقِهِ بِهَا ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عُلِّقَ عَلَى الْمَشِيئَةِ فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْعِتْقِ وَالتَّعْلِيقُ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ لِلِزُومِهِ وَإِنْ قَيَّدَ الْمَشِيئَةَ بِوَقْتٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ تَقَيَّدَتْ بِهِ فَلَا يَقَعُ بِمَشِيئَتِهَا بَعْدَهُ و ( لَا ) يَقَعُ ( إنْ قَالَتْ شِئْتُ إنْ شِئْتَ ) وَلَوْ شَاءَ ( أَوْ ) شِئْتُ ( إنْ شَاءَ أَبِي وَلَوْ شَاءَ ) أَبُوهَا ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ وَكَذَا شِئْتُ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَنَحْوَهُ نَصًّا وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَشِيئَةٌ إنَّمَا وُجِدَ مِنْهَا تَعْلِيقُ مَشِيئَتِهَا بِشَرْطٍ وَلَيْسَ تَعْلِيقُهَا بِذَلِكَ مَشِيئَةً .
( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوك ) لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَ ) وَلَوْ شَاءَ أَحَدُهُمَا فَوْرًا وَالْآخَرُ مُتَرَاخِيًا وَقَعَ لِوُجُودِ مَشِيئَتِهِمَا جَمِيعًا .
( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ ) زَيْدٌ ( وَلَوْ ) كَانَ ( مُمَيِّزًا يَعْقِلُهَا ) أَيْ الْمَشِيئَةَ حِينَهَا ( أَوْ ) كَانَ ( سَكْرَانَ أَوْ ) شَاءَ ( بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِمَّنْ خَرِسَ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ ) فَشَاءَ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ لِصِحَّتِهِ مِنْ مُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ وَسَكْرَانَ

وَمِنْ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ وَرَدَّهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي السَّكْرَانِ بِأَنَّ وُقُوعَهُ مِنْهُ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ لِمَعْصِيَتِهِ وَهُنَا التَّغْلِيظُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَعْصِيَةَ مِمَّنْ غَلُظَ عَلَيْهِ و ( لَا ) يَقَعُ الطَّلَاقُ ( إنْ مَاتَ ) زَيْدٌ ( أَوْ غَابَ أَوْ جُنَّ قَبْلَهَا ) أَيْ الْمَشِيئَةِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ .

( وَلَوْ قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( إلَّا أَنْ يَشَاءَ ) فُلَانٌ ( فَمَاتَ ) فُلَانٌ ( أَوْ جُنَّ أَوْ أَبَاهَا ) أَيْ الْمَشِيئَةَ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( إذَنْ ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَعَلَّقَ رَفْعَهُ بِشَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ ( وَإِنْ خَرِسَ ) فُلَانٌ ( وَفُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَكَنُطْقِهِ ) لِقِيَامِهَا مَقَامَهُ .
قُلْت وَكَذَا كِتَابَتُهُ .
( وَإِنْ نَجَّزَ ) طَلْقَةً فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا أَنْ تَشَائِي أَوْ يَشَاءَ زَيْدٌ ثَلَاثًا ( أَوْ عَلَّقَ طَلْقَةً ) فَقَالَ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً ( إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ أَوْ ) يَشَاءَ ( زَيْدٌ ثَلَاثًا أَوْ ) نَجَّزَ أَوَعَلَّقَ ( ثَلَاثًا ) بِأَنْ قَالَ أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( إلَّا أَنْ تَشَائِي وَاحِدَةً أَوْ ) إلَّا أَنْ ( يَشَاءَ ) زَيْدٌ ( وَاحِدَةً فَشَاءَتْ ) هِيَ ( أَوْ شَاءَ ) زَيْدٌ ( ثَلَاثًا فِي ) الْمَسْأَلَةِ ( الْأُولَى وَقَعَتْ ) الثَّلَاثُ لِوُجُودِ شَرْطِهَا ( كَوَاحِدَةٍ ) أَيْ كَمَا تَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ شَاءَتْ هِيَ أَوْ زَيْدٌ وَاحِدَةٌ ( فِي ) الْمَسْأَلَةِ ( الثَّانِيَة ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى صِيغَتِهِ ( وَإِنْ شَاءَتْ ) ثِنْتَيْنِ ( أَوْ شَاءَ ) زَيْدٌ ( ثِنْتَيْنِ ) أَيْ طَلْقَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ( فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشَاءَا ) أَيْ هِيَ أَوْ زَيْدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ وَزَيْدٌ ثِنْتَيْنِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَلَا نِيَّةَ ) لِلْقَائِلِ تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ ( فَشَاءَهُمَا ) زَيْدٌ أَيْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ ( وَقَعَا ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَإِلَّا ) يَشَأْهُمَا بِأَنْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا أَوْ شَاءَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ ( لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ وَالْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَقَدْ وَلِيَهُمَا التَّعْلِيقُ فَتَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى مَشِيئَتِهِمَا وَلَا تَحْصُلُ بِمَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( يَا طَالِقُ ) إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَقَالَ إنَّهُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ ) إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ ( أَوْ ) قَالَ ( عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ) عَتَقَ ( أَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ ) فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ ( أَوْ قَالَ ) أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ ( إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ ) يَشَأْ اللَّهُ ( أَوْ ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ ( مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَعَا ) أَيْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ نَصًّا وَذَكَرَ قَوْلَ قَتَادَةَ قَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ حِينَ أَذِنَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهِ فَبَطَلَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمُسْتَحِيلَاتِ وَلِأَنَّهُ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِي مَحَلٍّ فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِالْمَشِيئَةِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَأْكِيدَ الْوُقُوعِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ قُمْت ) فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ) إنْ شَاءَ اللَّهُ ( أَوْ ) قَالَ ( لِأَمَتِهِ ) مَثَلًا ( إنْ قُمْت أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ ) قَالَ لِامْرَأَتَهُ ( أَنْتِ طَالِقٌ ) إنْ قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَقُومِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَقُومِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( أَوْ ) قَالَ لِأَمَتِهِ مَثَلًا ( أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ قُمْت ) إنْ شَاءَ اللَّهُ ( أَوْ ) أَنْتِ حُرَّةٌ ( إنْ لَمْ تَقُومِي ) إنْ شَاءَ اللَّهُ ( أَوْ ) أَنْتِ حُرَّةٌ ( لَتَقُومِينَ ) إنْ شَاءَ اللَّهُ ( أَوْ ) أَنْتِ حُرَّةٌ ( لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ ) الطَّلَاقُ ( بِهِ ) أَيْ بِفِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ بِتَرْكِهِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا يَمِينٌ ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ فَشَمِلَهُ عُمُومُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ } رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ فَلَهُ ثُنْيَاهُ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلَنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ ؛ لِأَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ عَلِمْنَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَوُجِدَ فَإِنْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( وَإِلَّا ) يَنْوِ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ رَدَّهَا لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ إلَيْهِمَا ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْفِعْلَ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ

فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الدُّخُولِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الطَّلَاقِ .

( وَمَنْ حَلَفَ ) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ( لَا يَفْعَلُ ) كَذَا ( إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ ) زَيْدٌ ( أَنْ لَا يَفْعَلَ ) الْحَالِفُ لِتَعْلِيقِ حَلِفِهِ عَلَى ذَلِكَ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لِمَشِيئَتِهِ ) أَيْ زَيْدٍ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ لِقِيَامِكِ وَنَحْوَهُ ) كَسَوَادِكِ وَبَيَاضِكِ أَوْ سُوءِ خُلُقِكِ أَوْ سِمَنِكِ وَشِبْهِهِ ( يَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ مُعَلَّلٌ بِعِلَّةٍ ( بِخِلَافِ قَوْلِهِ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لِقُدُومِ زَيْدٍ ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلتَّأْقِيتِ نَظِيرُهَا قَوْله تَعَالَى : { أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( لِغَدٍ ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَأْتِيَ الْغَدُ ( وَنَحْوَهُ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ لِحَيْضِكِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَحِيضَ لِمَا سَبَقَ ( فَإِنْ قَالَ فِيمَا ظَاهِرُهُ التَّعْلِيلُ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ أَوْ قِيَامِك وَنَحْوَهُ ( أَرَدْتُ الشَّرْطَ ) أَيْ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ ( قُبِلَ مِنْهُ حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّعْلِيقِ كَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ رَضِيَ أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبَى ) أَبُوهَا أَيْ قَالَ لَا أَرْضَى بِذَلِكَ ( ثُمَّ رَضِيَ ) بَعْدَ إبَائِهِ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُطْلَقٌ فَهُوَ مُتَرَاخٍ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ أَوْ ) إنْ كُنْت ( تُبْغِضِينَ الْجَنَّةَ أَوْ ) إنْ كُنْتِ تُبْغِضِينَ ( الْحَيَاةَ وَنَحْوِهِمَا ) كَالْخُبْزِ وَالطَّعَامِ اللَّذِيذِ وَالْعَافِيَةِ ( فَقَالَتْ أُحِبُّ ) التَّعْذِيبَ بِالنَّارِ ( أَوْ ) قَالَتْ ( أُبْغِضُ ) الْجَنَّةَ وَالْحَيَاةَ وَنَحْوَهُمَا ( لَمْ تَطْلُقْ إنْ قَالَتْ كَذَبْت وَلَوْ قَالَ ) إنْ كُنْت تُحِبِّينَ بِقَلْبِكِ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ ، أَوْ إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ ( بِقَلْبِك ) الْجَنَّةَ وَنَحْوَهَا لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً كَقَوْلِهِ إنْ كُنْتِ تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ فِي خَرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَعْتَقِدُهُ فَإِنْ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَقُلْ : كَذَبْتَ ، فَقَالَ الْقَاضِي تَطْلُقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ لَمْ تَطْلُقْ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً .
وَفِي الْإِنْصَافِ وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إذَا كَانَتْ تَعْقِلُهُ أَوْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَإِنْ قَالَ : إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَوْ تُبْغِضِينَ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ طَلُقَتْ وَإِنْ كَذَبَتْ .

( وَلَوْ قَالَ ) لِامْرَأَتِهِ ( إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِيهِ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ : مَا رَضِيت ثُمَّ قَالَ ( رَضِيت طَلُقَتْ ) لِتَعْلِيقِهِ عَلَى رِضًا مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ وُجِدَ و ( لَا ) تَطْلُقُ ( إنْ قَالَ ) لَهَا ( إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ ) أَيْ بِمَا فَعَلْتِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ : مَا رَضِيتُ ، ثُمَّ قَالَ : رَضِيت ؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ ( وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ ) فِيمَا تَقَدَّمَ ( كَطَلَاقٍ ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ ( وَيَصِحُّ ) تَعْلِيقُ عِتْقٍ ( بِالْمَوْتِ ) وَهُوَ التَّدْبِيرُ لِلْخَبَرِ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ بِمَوْتٍ وَتَقَدَّمَ .

( إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْتِ الْهِلَالَ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( عِنْدَ رَأْسِهِ ) أَيْ الْهِلَالِ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( إذَا رُئِيَ ) الْهِلَالُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ( وَقَدْ غَرُبَتْ الشَّمْسُ ) لَا قَبْلَهُ ( أَوْ تَمَّتْ ) الْعِدَّةُ بِتَمَامِ الشَّهْرِ قَبْلَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْعِلْمُ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ لِحَدِيثِ { إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا } .
وَالْمُرَادُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ وَحُصُولُ الْعِلْمِ فَانْصَرَفَ لَفْظُ الْحَالِفِ إلَى عُرْفِ الشَّرْعِ كَقَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا الدُّعَاءِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ نَحْوِ زَيْدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا عُرْفٌ يُخَالِفُ اللُّغَةَ وَلَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ( وَإِنْ نَوَى الْعِيَانَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَايَنَ أَيْ نَوَى مُعَايَنَةَ الْهِلَالِ ) أَيْ إدْرَاكَهُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ خَاصَّةً مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ( أَوْ ) نَوَى ( حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا قُبِلَ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَرَاهُ فِي الثَّانِيَة أَوْ يُرَى فِي الْأُولَى ( وَهُوَ هِلَالٌ ) أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ( إلَى ) لَيْلَةٍ ( ثَالِثَةٍ ) مِنْ الشَّهْرِ ( ثُمَّ يُقْمِرُ ) بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَيْ يُسَمَّى قَمَرًا فَلَوْ نَوَى حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا لَهُ فَلَمْ تَرَهُ حَتَّى أَقْمَرَ لَمْ يَحْنَثْ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ رَأَيْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْهُ ) مُطَاوَعَةً ( لَا مُكْرَهَةً وَلَوْ ) كَانَ زَيْدٌ ( مَيِّتًا أَوْ فِي مَاءٍ أَوْ زُجَاجٍ ) وَنَحْوِهِ ( شَفَّافٍ ) لَا يَحْجُبُ مَا وَرَاءَهُ ( طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِحَقِيقَةِ رُؤْيَتِهَا فَإِنْ كَانَ الزُّجَاجُ غَيْرَ شَفَّافٍ وَكَانَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهَا لَهُ لِلْحَائِلِ ( إلَّا مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ) تَخُصُّ الرُّؤْيَةَ بِحَالٍ فَلَا تَطْلُقُ إذَا رَأَتْهُ فِي غَيْرِهَا ( وَلَا تَطْلُقُ إنْ رَأَتْ خَيَالَهُ فِي مَاءٍ أَوْ فِي مِرْآةٍ أَوْ جَالِسَةً عَمْيَاءَ ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ مَعَهُ فَيَحْنَثُ إنْ جَالَسَتْهُ عَمْيَاءَ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( مَنْ بَشَّرَتْنِي أَوْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَهُ ) بِهِ ( عَدَدُ ) اثْنَانِ فَأَكْثَرَ مِنْ نِسَائِهِ ( مَعًا طَلُقْنَ ) ذَلِكَ الْعَدَدَ لِوُقُوعِ لَفْظَةِ مَنْ عَلَى الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ قَالَ اللَّه تَعَالَى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } ( وَإِلَّا ) يُبَشِّرْنَهُ أَوْ يُخْبِرْنَهُ مَعًا بَلْ مُرَتَّبَاتٍ ( فَسَابِقَةٌ صَدَقَتْ ) تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ التَّبْشِيرَ حَصَلَ بِإِخْبَارِهَا خَبَرَ صِدْقٍ تَتَغَيَّرُ بِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ مِنْ سُرُورٍ أَوْ غَمٍّ وَالْخَبَرُ الْكَاذِبُ وَمَا بَعْدَ عِلْمِ الْمُخْبَرِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ ( وَإِلَّا ) تَصْدُقُ السَّابِقَةُ ( فَأَوَّلُ صَادِقَةٍ ) مِنْهُنَّ تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ السُّرُورَ أَوْ الْغَمَّ إنَّمَا يَحْصُلُ بِخَبَرِهَا .

{ فَائِدَةٌ } لَوْ قَالَ إنْ ظَنَنْت كَذِبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَظَنَّتْهُ بِهِ طَلُقَتْ .
لَا يُقَالُ الظَّنُّ لَا يَنْتُجُ قَطْعِيًّا فَكَيْفَ تَطْلُقُ ؟ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ حَصَلَ لَكَ الظَّنُّ بِكَذَا إلَخْ .
وَالْحُصُولُ قَطْعِيٌّ فَيَنْتُجُ قَطْعِيًّا .

( وَمَنْ حَلَفَ عَنْ شَيْءٍ ) لَا يَفْعَلُهُ ( ثُمَّ فَعَلَهُ مُكْرَهًا ) لَمْ يَحْنَثْ نَصًّا لِعَدَمِ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ ( أَوْ ) فَعَلَهُ ( مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ مُغَطًّى عَلَى عَقْلِهِ .
( وَ ) أَنْ فَعَلَهُ ( نَاسِيًا ) لِحَلِفِهِ ( أَوْ جَاهِلًا ) أَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ الْحِنْثُ بِهِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَدَخَلَهَا جَاهِلًا أَنَّهَا دَارُ زَيْدٍ أَوْ جَاهِلًا الْحِنْثَ إذَا دَخَلَ ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَ زَيْدٍ فَدَفَعَهُ زَيْدٌ لِآخَرَ لِيَدْفَعَهُ لِمَنْ يَبِيعُهُ فَدَفَعَهُ لِلْحَالِفِ فَبَاعَهُ غَيْرَ عَالِمٍ يَحْنَثُ فِي طَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ فَقَطْ ( أَوْ عَقَدَهَا ) أَيْ الْيَمِينَ ( يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ ) كَمَنْ حَلَفَ لَا فَعَلْتُ كَذَا ظَانًّا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ ( فَبَانَ بِخِلَافِهِ يَحْنَثُ فِي ) حَلِفِهِ بِ ( طَلَاقٍ وَعِتْقٍ ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ وَقَدْ وُجِدَ ، وَلِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَالْإِتْلَافِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ فَلَا يَحْنَثُ فِيهَا نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَدْخُلُ فِي حَدِيثِ { عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ } .
( وَ ) إنْ حَلَفَ عَنْ شَيْءٍ ( لَيَفْعَلَنَّهُ ) كَلَيَقُومَنَّ ( فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا ) عَلَى تَرْكِهِ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لَا يُضَافُ إلَيْهِ ( أَوْ ) تَرَكَهُ ( نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ ) قَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ كَالَّتِي قَبْلَهَا وَقَطَعَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّرْكَ يَكْثُرُ فِيهِ النِّسْيَانُ فَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ .

( وَمَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ ) أَيْ الْحَالِفِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَغُلَامِهِ وَنَحْوِهِمْ ( وَقَصَدَ ) بِيَمِينِهِ ( مَنْعَهُ كَهُوَ ) أَيْ الْحَالِفِ فَمَنْ حَلَفَ عَلَى نَحْوِ زَوْجَتِهِ لَا تَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَتْهَا نَاسِيَةً أَوْ جَاهِلَةً بِيَمِينِهِ فَعَلَى مَا سَبَقَ يَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ ، وَإِنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ وَفَعَلَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ قَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ عَلَى مَنْ لَا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَأَجْنَبِيٍّ وَذِي سُلْطَانٍ حَنِثَ بِالْمُخَالَفَةِ مُطْلَقًا .

( وَ ) إنْ حَلَفَ ( لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يُكَلِّمُهُ أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ ) أَيْ فُلَانٍ ( أَوْ ) حَلَفَ لَا ( يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ ) حَقَّهُ ( فَدَخَلَ ) الْحَالِفُ ( بَيْتًا هُوَ ) أَيْ فُلَانٌ ( فِيهِ ) وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ( أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ ) وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ( أَوْ ) سَلَّمَ ( عَلَى قَوْمٍ هُوَ ) أَيْ فُلَانٌ ( فِيهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ ) الْحَالِفُ ( بِهِ أَوْ قَضَاهُ فُلَانٌ حَقَّهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أَوْ أَحَالَهُ ) فُلَانٌ ( بِهِ ) أَيْ بِحَقِّهِ ( فَفَارَقَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ حَنِثَ ) الْحَالِفُ لِفِعْلِهِ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ قَاصِدًا لَهُ ( إلَّا فِي السَّلَامِ ) إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ .
( وَ ) إلَّا فِي ( الْكَلَامِ ) بِأَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ أَوْ كَلَّمَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا حِنْثَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ بِسَلَامِهِ أَوْ كَلَامِهِ ( وَإِنْ عَلِمَ ) الْحَالِفُ ( بِهِ ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ( فِي سَلَامٍ ) أَوْ كَلَامٍ بِأَنْ عَلِمَهُ فِيهِمْ ( وَلَمْ يَنْوِهِ ) بِالسَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ ( وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ عَالِمًا بِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مُنْفَرِدًا .

( وَ ) إنْ حَلَفَ ( لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ فِعْلَ الْجَمِيعِ فَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِهِ فَمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ الرَّغِيفَ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَدْخُلَهَا بِجُمْلَتِهِ ( و ) إنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ( لَا يَفْعَلُهُ أَوْ ) حَلَفَ عَلَى ( مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ ) لَا يَفْعَلُ شَيْئًا ( وَقَصَدَ مَنْعَهُ ) مِنْ فِعْلِهِ ( وَلَا نِيَّةَ ) تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ ( وَلَا سَبَبَ وَلَا قَرِينَةَ ) تَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ بَعْضِهِ ( فَفَعَلَ ) الْحَالِفُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ( بَعْضَهُ ) كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرَّغِيفَ فَأَكَلَ بَعْضَهُ ( لَمْ يَحْنَثْ ) نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ لَا تَدْخُلُ بَيْتَ أُخْتِهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَهَا كُلَّهَا أَلَا تَرَى أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ : كُلِّي أَوْ بَعْضِي ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَكُونُ بَعْضًا وَالْبَعْضُ لَا يَكُونُ كُلًّا وَسَبَقَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ إلَى عَائِشَةَ فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ } وَالْمُعْتَكِفُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ .

( فَمَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْسَكٍ مَأْكُولًا ) كَرُمَّانَةٍ أَوْ تُفَّاحَةٍ ( لَا آكُلُهُ وَلَا أَلْقَاهُ وَلَا أَمْسِكُهُ فَأَكَلَ بَعْضًا وَرَمَى الْبَاقِي ) أَوْ أَمْسَكَهُ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ كُلَّهُ وَلَمْ يُلْقِهِ كُلَّهُ وَلَمْ يُمْسِكْهُ كُلَّهُ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ دَخَلَ طَاقَ بَابِهَا ) لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا بِجُمْلَتِهِ .

( أَوْ ) حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ ( لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ ) أَيْ غَزْلِهَا لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهُ كُلُّهُ لَيْسَ مِنْ غَزْلِهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهُ بَلْ بَعْضَهُ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ ) أَوْ يُؤَجِّرُهُ وَنَحْوَهُ ( فَبَاعَ أَوْ وَهَبَ ) أَوْ أَجَّرَ وَنَحْوَهُ ( بَعْضَهُ ) أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ وَوَهَبَ بَاقِيَهُ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ كُلَّهُ وَلَا وَهَبَهُ كُلَّهُ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ شَيْئًا فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ ) عَلَى الْحَالِفِ ( بِسَبَبِ الْحَقِّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ نَحْوِهِ ) بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ الْحَالِفَ اقْتَرَضَ مِنْهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ ( دُونَ أَنْ يَقُولَا ) أَيْ الشَّاهِدَانِ ( وَهُوَ ) أَيْ الدَّيْنُ بَاقٍ ( عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ ) لِإِمْكَانِ صِدْقِهِ بِدَفْعِ الْحَقِّ أَوْ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِمَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ .

( وَ ) إنْ حَلَفَ ( لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ ) حَنِثَ لِصَرْفِ يَمِينِهِ إلَى الْبَعْضِ لِاسْتِحَالَةِ شُرْبِ جَمِيعِهِ ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ أَوْ اللَّحْمَ أَوْ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ الْعَسَلَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ اسْمُ جِنْسٍ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ فَيَحْنَثُ بِالْبَعْضِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ فَشَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْهُ حَنِثَ .

( أَوْ ) حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ ( لَا يَلْبِسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ ) أَيْ غَزْلِهَا ( يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَزْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَتَقَدَّمَ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( إنْ لَبِسْت ثَوْبًا أَوْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا ) بِأَنْ قَالَ إنْ لَبِسْت ( فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ) ثَوْبًا ( مُعَيَّنًا قُبِلَ ) مِنْهُ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ وَصِدْقُهُ مُمْكِنٌ ( سَوَاءٌ ) كَانَ حَلِفُهُ ( بِطَلَاقٍ أَمْ بِغَيْرِهِ و ) إنْ حَلَفَ ( لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ ) أَيْ الثَّوْبَ ( أَوْ نَسَجَهُ أَوْ طَبَخَهُ ) أَيْ الطَّعَامَ ( زَيْدٌ فَلَبِسَ ) الْحَالِفُ ( ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ ) أَيْ زَيْدٌ ( وَغَيْرُهُ ) حَنِثَ ( أَوْ ) لَبِسَ ثَوْبًا أَوْ أَكَلَ طَعَامًا ( اشْتَرَيَاهُ أَيْ زَيْدٌ ) وَغَيْرُهُ ( أَوْ ) لَبِسَ ثَوْبًا أَوْ أَكَلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ أَيْ زَيْدٌ لِغَيْرِهِ حَنِثَ ( أَوْ أَكَلَ ) الْحَالِفُ ( مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ ) أَيْ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ ( حَنِثَ ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبِسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ غَيْرِهَا ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ ( وَإِنْ اشْتَرَى غَيْرُهُ ) أَيْ غَيْرُ زَيْدٍ ( شَيْئًا ) انْفَرَدَ بِشِرَائِهِ ( فَخَلَطَهُ ) أَيْ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ ( بِمَا اشْتَرَاهُ هُوَ ) أَيْ زَيْدٌ ( فَأَكَلَ ) الْحَالِفُ مِنْهُ ( أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى شَرِيكُهُ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ يَقِينًا ( وَإِلَّا ) يَأْكُلُ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ غَيْرُ زَيْدٍ ( فَلَا ) حِنْثَ سَوَاءٌ أَكَلَ قَدْرَ مَا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ أَوْ دُونَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ وَلَمْ يُتَيَقَّنْ الْحِنْثُ .

( وَ ) إنْ حَلَفَ ( لَا يَبِيتُ عِنْدَ زَيْدٍ حَنِثَ ب ) مُكْثِهِ عِنْدَهُ ( أَكْثَرَ اللَّيْلِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مَبِيتًا بِخِلَافِ نِصْفِ اللَّيْلِ فَمَا دُونَهُ وَلَا يَحْنَثُ ( إنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت عِنْدَهُ كُلَّ اللَّيْلِ أَوْ ) حَلَفَ لَا أَبَيْت عِنْدَهُ و ( نَوَاهُ ) أَيْ كُلَّ اللَّيْلِ ( فَأَقَامَ عِنْدَهُ بَعْضَهُ ) أَيْ اللَّيْلِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ .

( وَلَا ) يَحْنَثُ ( إنْ حَلَفَ لَا أَبَيْتُ ) بِبَلَدٍ ( أَوْ لَا آكُلُ بِبَلَدٍ فَبَاتَ أَوْ أَكَلَ خَارِجَ بُنْيَانِهِ ) أَيْ الْبَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِتْ أَوْ يَأْكُلْ فِيهِ وَيَحْنَثُ إنْ أَكَلَ أَوْ بَاتَ بِمَسْجِدِهَا ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ خَارِجَهَا قَرِيبًا مِنْهَا عَادَةً وَلَوْ قَالَ : إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي السُّوقِ فَعَبْدِي حُرٌّ وَإِنْ كَانَ عَبْدِي فِي السُّوقِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَكَانَا فِيهِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ تَطْلُقْ الْمَرْأَةُ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ بِالسُّوقِ عَبْدٌ .

( وَهُوَ ) أَيْ التَّأْوِيلُ ( أَنْ يُرِيدَ ) مُتَكَلِّمٌ ( بِلَفْظِهِ مَا ) أَيْ مَعْنَى ( يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ ) أَيْ اللَّفْظِ ( وَلَا يَنْفَعُ ) تَأْوِيلٌ فِي حَلِفٍ ( ظَالِمًا ) بِحَلِفِهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَفِي لَفْظه { الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ } فَمَنْ عِنْدَهُ حَقٌّ وَأَنْكَرَهُ فَاسْتَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَتَأَوَّلَ انْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إلَى ظَاهِرِ الَّذِي عَنَاهُ الْمُسْتَحْلِفُ وَلَمْ يَنْفَعْ الْحَالِفَ تَأْوِيلُهُ ، لِئَلَّا يَفُوتَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ بِالتَّحْلِيفِ وَيَصِيرَ التَّأْوِيلُ وَسِيلَةً إلَى جَحْدِ الْحُقُوقِ و أَكْلِهَا بِالْبَاطِلِ ( وَيُبَاحُ ) التَّأْوِيلُ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ الظَّالِمِ مَظْلُومًا كَانَ أَوْ لَا ظَالِمًا ، رُوِيَ أَنَّ مُهَنَّا وَالْمَرُّوذِيَّ كَانَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هُمَا وَجَمَاعَةٌ مَعَهُمَا ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ الْمَرُّوذِيَّ وَلَمْ يُرِدْ الْمَرُّوذِيُّ أَنْ يُكَلِّمَهُ ، فَوَضَعَ مُهَنَّا أُصْبُعَهُ فِي كَفِّهِ وَقَالَ : لَيْسَ الْمَرُّوذِيُّ هَا هُنَا ، وَمَا يَصْنَعُ الْمَرُّوذِيُّ هَا هُنَا ؟ يُرِيد فِي كَفِّهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحْمَدُ ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يَمْزَحُ وَلَا يَقُولُ إلَّا حَقًّا } وَمِنْهُ { إنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ } .

( فَلَوْ حَلَفَ آكِلٌ مَعَ غَيْرِهِ تَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ ) مِمَّا لَهُ نَوًى كَخُوخٍ وَمِشْمِشٍ عَلَى الْغَيْرِ ( لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى مَا أَكَلْت أَوْ ) حَلَفَ ( لَتُخْبِرَن بِعَدَدِهِ ) أَيْ عَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْتَ ( فَأَفْرَدَ ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ( كُلَّ نَوَاةٍ ) وَحْدَهَا فِيمَا إذَا حَلَفَ لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى مَا أَكَلْت ( أَوْ عَدَّ ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَتُخْبِرَنَّ بِعَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْت ( مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولُ ) نَوَى ( مَا أَكَلَ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا عَدَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَيَطْبُخَنَّ قَدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ مِنْهُ ) أَيْ مِمَّا طَبَخَهُ بِرِطْلِ مِلْحٍ ( فَلَا يَجِدُ فِيهِ طَعْمَ الْمِلْحِ فَصَلَقَ بِهِ بَيْضًا وَأَكَلَهُ ) لَمْ يَحْنَثْ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا وَلْيَأْكُلُنَّ مِمَّا فِي هَذَا الْوِعَاءِ فَوَجَدَ بَيْضًا وَتُفَّاحًا فَعَمِلَ مِنْ الْبَيْضِ نَاطِفًا وَمِنْ التُّفَّاحِ شَرَابًا وَأَكَلَهُ ) لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا فِي الْإِنَاءِ وَلَيْسَ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا حَيْثُ اُسْتُهْلِكَ فَلَمْ يَظْهَرْ طَعْمُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ ( أَوْ ) حَلَفَ ( مَنْ عَلَى سُلَّمٍ لَا نَزَلْت إلَيْكَ ) أَيُّهَا السُّفْلَى ( وَلَا صَعِدْت إلَى هَذِهِ ) الْعُلْيَا .
( وَلَا أَقَمْت مَكَانِي سَاعَةً فَنَزَلَتْ الْعُلْيَا وَصَعِدَتْ السُّفْلَى وَطَلَعَ أَوْ نَزَلَ أَوْ ) حَلَفَ مَنْ عَلَى سُلَّمٍ ( لَا أَقَمْتُ عَلَيْهِ وَلَا نَزَلْت مِنْهُ وَلَا صَعِدْت فِيهِ فَانْتَقَلَ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْكُلِّ ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ ( إلَّا مَعَ حِيلَةٍ ) عَلَى قَصْدِ التَّخَلُّصِ مِنْ الْحَلِفِ ( أَوْ ) إلَّا مَعَ ( قَصْدٍ ) فَمَنْ حَلَفَ لَتُخْبِرَن بِعَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْت وَقَصْدُهُ الْإِخْبَارُ بِكَمِّيَّتِهِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِذَلِكَ وَلَا يَبْرَأُ بِالْحِيلَةِ بِمَا سَبَقَ ، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحِيَلَ غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ ( أَوْ ) مَعَ ( سَبَبٍ ) يَقْتَضِي إرَادَةَ مَعْرِفَةِ الْكَمِّيَّةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَتَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ

نَوَاهُ .

( وَ ) إنْ حَلَفَ ( لَيَقْعُدَنَّ عَلَى بَارِيَةِ بَيْتِهِ وَلَا بِدَاخِلِهِ بَارِيَةً فَأَدْخَلَهُ ) أَيْ بَيْتَهُ ( قَصَبًا وَنَسَجَ ) الْقَصَبَ ( فِيهِ أَوْ نَسَجَ قَصَبًا كَانَ فِيهِ ) بَارِيَةٌ ( حَنِثَ ) لِحُصُولِ الْبَارِيَةِ بِبَيْتِهِ .

( وَ ) إنْ حَلَفَ مَنْ بِمَاءٍ ( لَا أَقَمْتُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْتُ مِنْهُ وَهُوَ ) أَيْ الْمَاءُ ( جَارٍ لَمْ يَحْنَثْ ) أَقَامَ بِهِ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقِفُ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِهِ ( إلَّا بِقَصْدٍ ) بِأَنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُقِيمَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ الْمَاءِ مُطْلَقًا ( أَوْ ) إلَّا ( بِسَبَبٍ ) يَقْتَضِي ذَلِكَ فَيَحْنَثُ ( وَإِنْ كَانَ ) الْمَاءُ ( رَاكِدًا حَنِثَ وَلَوْ حُمِلَ مِنْهُ مُكْرَهًا ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ فَلَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا حَقِيقَةً قَالَ فِي شَرْحِهِ .

( وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ مَا لِفُلَانٍ عِنْدَكَ وَدِيعَةٌ وَهِيَ ) أَيْ وَدِيعَةُ فُلَانٍ ( عِنْدَهُ فَ ) حَلَفَ و ( عَنَى ) أَيْ قَصَدَ ( بِمَا الَّذِي ) فَكَأَنَّهُ قَالَ الَّذِي لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ ( أَوْ نَوَى غَيْرَهَا ) أَيْ مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ غَيْرُ الْمَطْلُوبَةِ ( أَوْ ) نَوَى مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ فِي مَكَانِ كَذَا ( غَيَّرَ مَكَانَهَا أَوْ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ ) بِأَنْ نَوَى لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ إلَّا الْمَطْلُوبَةُ ( فَلَا حِنْثَ ) ؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ ( وَكَذَا لَوْ اسْتَحْلَفَهُ ) ظَالِمٌ ( بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا ) أَيْ شَيْئًا ( يَجُوزُ فِعْلُهُ أَوْ ) اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ أَنْ ( يَفْعَلَ مَا ) أَيْ شَيْئًا ( لَا يَجُوزُ ) لَهُ فِعْلُهُ ( أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ فَحَلَفَ ) بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا ( وَنَوَى بِقَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ عَمَلٍ ) تَعْمَلُهُ كَخِيَاطَةٍ وَغَزْلٍ لَا طَالِقٌ مِنْ عِصْمَتِهِ ( أَوْ ) نَوَى ( بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ ) كَأَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ .
( وَكَذَا إنْ قَالَ ) لَهُ ظَالِمٌ ( قُلْ زَوْجَتِي ) طَالِقٌ إنْ فَعَلَتْ كَذَا ( أَوْ ) قَالَ لَهُ ظَالِمٌ قُلْ ( كُلُّ زَوْجَةٍ لِي طَالِقٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَنَوَى زَوْجَتَهُ الْعَمْيَاءَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ أَوْ الْحَبَشِيَّةَ أَوْ نَحْوَهُ ) كَالرُّومِيَّةِ ( أَوْ نَوَى ) بِقَوْلِهِ ( كُلَّ زَوْجَةٍ تَزَوَّجْتُهَا بِالصِّينِ وَنَحْوِهِ ) كَالْهِنْدِ ( وَلَا زَوْجَةَ لِلْحَالِفِ ) عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي نَوَاهَا فِي الْأُولَى ( وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِمَا نَوَاهُ ) مِنْ الصِّينِ وَنَحْوَهُ لَمْ يَحْنَثْ ( وَكَذَا لَوْ نَوَى إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ كَذَا بِالصِّينِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهُ فِيهَا ) فَلَا حِنْثَ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ ظَالِمٌ ( قُلْ نِسَائِي طَوَالِقُ إنْ كُنْتُ فَعَلْت كَذَا وَنَوَى ) بِنِسَائِهِ ( بَنَاتِهِ أَوْ نَحْوَهُنَّ ) كَأَخَوَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ لَمْ يَحْنَثْ .

( وَلَوْ قَالَ ) لَهُ ظَالِمٌ ( كُلُّ مَا أُحَلِّفُكَ بِهِ فَقُلْ نَعَمْ أَوْ ) قَالَ لَهُ ( الْيَمِينُ الَّتِي أُحَلِّفُكَ بِهَا لَازِمَةٌ لَك قُلْ نَعَمْ فَقَالَ : نَعَمْ وَنَوَى ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ ( بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ ) لَمْ يَحْنَثْ ( وَكَذَا ) لَوْ قَالَ لَهُ ( قُلْ الْيَمِينُ الَّذِي تُحَلِّفُنِي بِهَا ) لَازِمَةٌ لِي ( أَوْ ) قَالَ لَهُ : قُلْ ( أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي ) إنْ كُنْت فَعَلْتُ كَذَا وَقَدْ فَعَلَهُ وَنَحْوَهُ ( فَقَالَ وَنَوَى ) بِالْيَمِينِ ( يَدَهُ أَوْ ) بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ ( الْأَيْدِي الَّتِي تَنْبَسِطُ عِنْدَ الْبَيْعَةِ ) أَيْ مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ بِالْخِلَافَةِ لَمْ يَحْنَثْ ( وَكَذَا ) لَوْ قَالَ لَهُ ( قُلْ الْيَمِينُ يَمِينِي وَالنِّيَّةُ نِيَّتُكِ وَنَوَى بِيَمِينِهِ يَدَهُ وَبِالنِّيَّةِ ) مِنْ قَوْلِهِ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك ( الْبَضْعَةَ ) بِالْفَتْحِ .
قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ أَيْ الْقِطْعَةَ ( مِنْ اللَّحْمِ ) النِّيءِ لَمْ يَحْنَثْ .

( وَكَذَا لَوْ ) قَالَ لَهُ قُلْ ( إنْ كُنْتُ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِالظَّهْرِ مَا يُرْكَبُ مِنْ خَيْلٍ وَنَحْوِهَا ) كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ لَمْ يَحْنَثْ ( وَكَذَا لَوْ ) قَالَ لَهُ : قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُظَاهِرٌ مِنْ زَوْجَتِي و ( نَوَى بِمُظَاهِرٍ ) قَائِلًا ( اُنْظُرْ أَيَّنَا أَشَدُّ ظَهْرًا ) لَمْ يَحْنَثْ .

( وَكَذَا ) لَوْ قَالَ لَهُ ( قُلْ ) إنْ لَمْ أَكُنْ فَعَلْت كَذَا ( وَإِلَّا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ ) وَكَانَ فَعَلَهُ ( وَنَوَى بِالْمَمْلُوكِ الدَّقِيقَ الْمَلْتُوتَ بِالزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ ) لَمْ يَحْنَثْ ( وَكَذَا لَوْ نَوَى بِالْحُرِّ الْفِعْلَ الْجَمِيلَ أَوْ الرَّمْلَ الَّذِي مَا وُطِئَ ) فَلَا حِنْثَ .

( وَ ) كَذَا إنْ قَالَ لَهُ : قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ أَوْ فَجَوَارِيَّ أَحْرَارٌ أَوْ فَمَمَالِيكِي أَحْرَارٌ ، فَقَالَ ذَلِكَ وَنَوَى ( بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ أَوْ الرِّيحَ و ) نَوَى ( بِالْحُرَّةِ السَّحَابَةَ الْكَثِيرَةَ الْمَطَرِ ) ( أَوْ الْكَرِيمَةَ مِنْ النُّوقِ و ) نَوَى ( بِالْأَحْرَارِ الْبَقْلَ و ) نَوَى ( بِالْحَرَائِرِ الْأَيَّامَ ) فَلَا حِنْثَ ( وَمَنْ حَلَفَ ) بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ ( مَا فُلَانٌ هُنَا وَعَيَّنَ مَوْضِعًا لَيْسَ فِيهِ ) فُلَانٌ ( لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ .

( وَ ) مَنْ حَلَفَ ( عَلَى زَوْجَتِهِ لَا سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَرِقَةٍ ( إلَّا بِنِيَّةٍ ) بِأَنْ نَوَى بِالسَّرِقَةِ الْخِيَانَةَ ( أَوْ ) بِ ( سَبَبٍ ) بِأَنْ كَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ خِيَانَتَهَا وَلَوْ حَلَفَ لَيَعْبُدَنَّ اللَّهَ عِبَادَةً يَنْفَرِدُ بِهَا دُونَ جَمِيعِ النَّاسِ فِي وَقْتِ تَلَبُّسِهِ بِهَا بَرَّ بِالطَّوَافِ وَحْدَهُ أُسْبُوعًا بَعْدَ أَنْ يُخْلَى لَهُ الْمَطَافُ .

الشَّكُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا تَرَجُّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ( وَهُوَ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ ) بَيْنَ وُجُودِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَدَدِهِ أَوْ شَرْطِهِ وَعَدَمِهِ .
فَيَدْخُلُ فِيهِ الظَّنُّ وَالْوَهْمُ ( وَلَا يَلْزَمُ ) الطَّلَاقُ ( بِشَكٍّ فِيهِ أَوْ ) شَكٍّ ( فِيمَا عُلِّقَ عَلَيْهِ ) الطَّلَاقُ ( وَلَوْ ) كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ ( عَدَمِيًّا ) كَإِنْ لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ يَوْمَ كَذَا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ، وَشَكَّ فِي قِيَامِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ مُضِيِّهِ فَلَا حِنْثَ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْمُزِيلُ ، كَالْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ فِي الْحَدَثِ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ : لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَحَدِيثُ { دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ } .

( وَسُنَّ تَرْكُ وَطْءٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ ( وَيُبَاحُ ) الْوَطْءُ ( بَعْدَهَا ) أَيْ الرَّجْعَةِ ( وَتَمَامُ التَّوَرُّعِ قَطْعُ الشَّكِّ بِهَا ) أَيْ بِالرَّجْعَةِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ .
لِحَدِيثِ { فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ } ( أَوْ ) قَطْعُ الشَّكِّ ( بِعَقْدٍ ) جَدِيدٍ ( أَمْكَنُ ) لِتَيَقُّنِ الْحِلِّ لِاحْتِمَالِ الْوُقُوعِ ( وَإِلَّا ) يُمْكِنُ رَجْعَةٌ وَلَا عَقْدٌ بِأَنْ كَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مُتَمِّمًا لِعَدَمِ مَا يَمْلِكُهُ ( ف ) قَطْعُ الشَّكِّ ( بِفُرْقَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ ) تَمَامُ الْوَرَعِ ( بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُنْ طَلُقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ) لِئَلَّا تَبْقَى مُعَلَّقَةً مَتْرُوكًا وَطْؤُهَا بِالتَّحَرُّجِ مِنْهُ .
وَمَتَى لَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِهِ .

( وَيُمْنَعُ ) أَيْ وَرَعًا ( حَالِفٌ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً وَنَحْوِهَا ) كَرُمَّانَةٍ أَوْ جُوزَةٍ ( اشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَكْلِ وَاحِدَةٍ ) مِمَّا اشْتَبَهَتْ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا ( وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ ) أَيْ الْحَالِفَ ( بِذَلِكَ ) أَيْ بِأَكْلِهِ وَاحِدَةً مِمَّا اشْتَبَهَتْ بِهِ ( مِنْ الْوَطْءِ ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَأْكُولَ غَيْرُهَا وَيَقِينُ النِّكَاحِ ثَابِتٌ فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنِّ هَذِهِ الثَّمَرَةَ مَثَلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ بَرُّهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَكَلَهَا أَوْ يَأْكُلَ مَا اخْتَلَطَتْ بِهِ كُلِّهِ مِنْ التَّمْرِ .

( وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ ( بَنَى عَلَى الْيَقِينِ ) وَهُوَ الْأَقَلُّ لِمَا سَبَقَ .

( وَ ) مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَجَهِلَ ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَقَعَ وَاحِدَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ زَيْدٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ .
فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ وَيَصْرِفُهُ لِمَا شَاءَ ( فَطَلْقَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَثَمَّ مَنْوِيَّةٌ ) بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنَةً مِنْهُمَا ( طَلُقَتْ ) الْمَنْوِيَّةُ ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا بِنِيَّتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَهَا بِلَفْظِهِ .
فَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ عَنَاهَا وَقَالَ : إنَّمَا عَنَيْتُ ضَرَّتَهَا فَقَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا تُعْرَفْ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ( وَإِلَّا ) يَنْوِ مُعَيَّنَةً ( أُخْرِجَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا ( بِقُرْعَةٍ ) نَصًّا رَوَى عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ( كَمُعَيَّنَةٍ مَنْسِيَّةٍ ) أَيْ كَمَنْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا فَتُمَيَّزُ بِقُرْعَةٍ ( وَكَقَوْلِهِ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِلَّا ) يَكُنْ غُرَابًا ( فَعَمْرَةُ ) طَالِقٌ وَذَهَبَ الطَّائِرُ ( وَجَهِلَ ) أَغُرَابٌ أَمْ غَيْرُهُ ؟ فَيُقْرِعُ بَيْنُهُمَا فَتَطْلُقُ مَنْ أَخْرَجَتْهَا الْقُرْعَةُ ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا عَيْنًا فَهُمَا سَوَاءٌ ، وَالْقُرْعَةُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ لِإِخْرَاجِ الْمَجْهُولِ .
وَإِنْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَكَانَ نَوَى الْمُطَلَّقَةَ حَلَفَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا وَوَرِثَهَا أَوْ لِلْحَيَّةِ وَلَمْ يَرِثْ الْمَيِّتَةَ و إنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ أَحَدَهُمَا أَقْرَعَ .
( وَإِنْ مَاتَ ) قَبْلَ الْقُرْعَةِ ( أَقْرَعَ وَرَثَتُهُ ) لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ ( وَلَا يَطَأُ ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهُ إحْدَاهُمَا وَدَوَاعِيهِ ( قَبْلَهَا ) أَيْ الْقُرْعَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِحْدَاهُمَا يَقِينًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَادِفَهَا ( وَتَجِبُ النَّفَقَةُ ) لِلزَّوْجَتَيْنِ إلَى الْقُرْعَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا مَحْبُوسَتَانِ لِحَقِّهِ فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ ( وَمَتَى ظَهَرَ أَوْ ذُكِرَ ) بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لِإِحْدَاهُمَا ( أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ الْمُخْرَجَةِ ) بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ نِسْيَانِهِ ( رُدَّتْ ) الْمُخْرَجَةُ لِزَوْجِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ فِيهَا بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَالْقُرْعَةُ لَا حُكْمَ لَهَا مَعَ الذِّكْرِ .
فَإِذَا أَعْلَم الْمُطَلَّقَةَ رُجِعَ إلَى

قَوْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا بِالِاشْتِبَاهِ فَإِذَا زَالَ عَنْهَا رُدَّتْ إلَيْهِ كَمَا لَوْ عَلِمَتْ مُذَكَّاةً بَعْدَ أَنْ اشْتَبَهَتْ بِمَيْتَةٍ ( مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ) مُخْرَجَةٌ بِقُرْعَةٍ فَلَا تُرَدُّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ( أَوْ ) مَا لَمْ ( يُحْكَمْ بِالْقُرْعَةِ ) أَوْ يُقْرِعُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُنَّ ؛ لِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ الزَّوْجُ رَفْعَهَا كَسَائِرِ الْحُكُومَاتِ .

( وَ ) مَنْ قَالَ ( لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ) غَدًا ( أَوْ حُرَّةٌ غَدًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ قَبْلَهُ ( أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُمَا ) بِأَنْ بَانَتْ مِنْهُ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ وَنَحْوُهُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْغَدِ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ ( بِالْبَاقِيَةِ ) إذَا دَخَلَ الْغَدُ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ وَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَبْلَ وَقْتِ الْوُقُوعِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَلَا لِلْعِتْقِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ : إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ لِأَمَةٍ وَأَجْنَبِيَّةٍ : إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ .

( وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ ) الْمُزَوَّجَةُ ( حُرِّمَ الْكُلُّ ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُزَوَّجَةُ .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يُقْرَعُ فَأَيَّتَهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَهِيَ الَّتِي تَرِثُهُ .

( وَمَنْ ) لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَ ( قَالَ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَعَمْرَةُ ) طَالِقٌ وَمَضَى الطَّائِرُ ( وَجُهِلَ ) جِنْسُهُ ( لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ) أَيْ حَفْصَةُ وَعَمْرَةَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لَيْسَ غُرَابًا وَلَا حَمَامًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحِنْثِ ، فَلَا يَزُولُ يَقِينُ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ .

( وَإِنْ قَالَ ) عَنْ طَائِرٍ ( إنْ كَانَ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ ) قَالَ فَ ( أَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا مِثْلَهُ ) أَيْ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ ( وَلَمْ يَعْلَمَا ) الطَّائِرَ غُرَابًا أَمْ غَيْرَهُ ( لَمْ تَطْلُقَا ) أَيْ زَوْجَتَاهُمَا ( وَلَمْ تَعْتِقَا ) أَيْ أَمَتَاهُمَا ؛ لِأَنَّ الْحَانِثَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالْحِنْثِ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِبَقَاءِ يَقِينِ نِكَاحِهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى ( وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ ) وَدَوَاعِيهِ لِحِنْثِ أَحَدِهِمَا بِيَقِينٍ وَتَحْرِيمِ امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ أُشْكِلَ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَنِثَ فِي إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لَا بِعَيْنِهَا ( إلَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ ) فَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ خَطَأَ رَفِيقِهِ وَطْءَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِتَيَقُّنِهِ الْحِلَّ وَبَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْمِلْكِ .
وَإِنْ أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْحَانِثُ طَلُقَتْ زَوْجَتَاهُمَا وَعَتَقَتْ أَمَتَاهُمَا لِإِقْرَارِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا ، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ بِذَلِكَ أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ ، وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ الْحِنْثَ فَأَنْكَرَ فَقَوْلُهُ ( أَوْ ) إلَّا أَنْ ( يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ فَيُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْأَمَتَيْنِ ( حِينَئِذٍ ) فَتَعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ كَمَنْ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَنَسِيَهَا وَلَهُ الْوَلَاءُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِلَّتِي كَانَتْ أَمَتَهُ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْأُخْرَى فَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ حَتَّى يَتَصَادَقَا أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدَّعِيهِ .

( وَإِنْ كَانَتْ ) أَمَةٌ ( مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مُوسِرَيْنِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ طَائِرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا ( فَنَصِيبِي حُرٌّ ) وَقَالَ الْآخَرُ إنْ كَانَ غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ ( عَتَقَتْ ) كُلُّهَا ( عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُمَيَّزُ ) مَنْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ ( بِقُرْعَةٍ ) لِيَغْرَمَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ .

( وَ ) إنْ قَالَ ( لِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِحَمَاتِهِ وَلَهَا بِنْتٌ غَيْرُ زَوْجَتِهِ بِنْتُكِ طَالِقٌ ( أَوْ قَالَ سَلْمَى طَالِقٌ وَاسْمُهُمَا ) أَيْ امْرَأَتُهُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ ( سَلْمَى طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ طَلَاقِهِ وَلَا يَمْلِكُ طَلَاقَ غَيْرِهَا ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْأَجْنَبِيَّةَ دِينَ ) أَيْ صُدِّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ وَلَفْظُهُ يَحْتَمِلُهُ ( وَلَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ ذَلِكَ ( حُكْمًا ) فَلَا يَحْكُمُ لَهُ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِطَلَاقِهِ ( إلَّا بِقَرِينَةٍ ) تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَدَفْعِ ظَالِمٍ وَتَخَلُّصٍ مِنْ مَكْرُوهٍ فَيُقْبَلُ حُكْمًا لِوُجُودِ الدَّلِيلِ الصَّارِفِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ زَوْجَتَهُ وَلَا الْأَجْنَبِيَّةَ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ .

( وَإِنْ نَادَى ) مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ هِنْدٌ وَعَمْرَةُ ( مِنْ امْرَأَتَيْهِ هِنْدًا ) وَحْدَهَا ( فَأَجَابَتْهُ ) زَوْجَتُهُ ( عَمْرَةُ أَوْ لَمْ تُجِبْهُ ) عَمْرَةُ ( وَهِيَ الْحَاضِرَةُ ) عِنْدَهُ دُونَ هِنْدٍ ( فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا ) أَيْ عَمْرَةَ ( الْمُنَادَاةَ ) أَيْ هِنْدًا ( طَلُقَتْ ) هِنْدُ ( دُونَ عَمْرَةَ ) لِأَنَّ الْمُنَادَاةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالطَّلَاقِ فَوَقَعَ بِهَا كَمَا لَوْ أَجَابَتْهُ وَعَمْرَةُ لَمْ يَقْصِدْهَا بِالطَّلَاقِ ( وَإِنْ عَلِمَهَا ) أَيْ الْمُجِيبَةَ ( غَيْرَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا ) أَيْ طَلُقَتْ الْمُنَادَاةُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ وَالْمُجِيبَةُ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُنَادَاةِ ( إنْ أَرَادَ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ ) وَهِيَ هِنْدُ ( وَإِلَّا ) يُرِدْ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ ( طَلُقَتْ عَمْرَةُ ) لِمَا تَقَدَّمَ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ هِنْدٍ وَهِيَ الْمُنَادَاةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُوَاجَهَةٍ بِالطَّلَاقِ وَلَا مَنْوِيَّةٌ بِهِ .

( وَإِنْ قَالَ ) زَوْجٌ ( لِمَنْ ) أَيْ امْرَأَةٍ ( ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ ) وَسَمَّى زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ ( أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يُسَمِّهَا ) أَيْ زَوْجَتَهُ بَلْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ فُلَانَةَ ( طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ ) اعْتِبَارًا بِالْقَصْدِ دُونَ الْخِطَابِ ( وَكَذَا عَكْسُهَا ) بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ ، لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ عَلِمَهَا زَوْجَتَهُ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ .
( وَمِثْلُهُ ) أَيْ الطَّلَاقُ ( الْعِتْقُ ) فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ ، إلَّا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يُبْنَى عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ .
قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ : يَا غُلَامُ أَنْتَ حُرٌّ يَعْتِقُ عَبْدُهُ الَّذِي نَوَى ؛ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ أَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً فَبَانَ لَهُ .

( وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَشَكَّ هَلْ هِيَ ) أَيْ الْكَلِمَةُ ( طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا وَلَمْ يُتَيَقَّنْ أَحَدُهُمَا .

( وَإِنْ شَكَّ ) زَوْجٌ ( هَلْ ظَاهَرَ ) مِنْ زَوْجَتِهِ ( أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - ) لَا يَطَؤُهَا ( لَزِمَهُ بِحِنْثٍ ) بِأَنْ وَطِئَهَا ( أَدْنَى كَفَّارَتَيْهَا ) وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَالْأَحْوَطُ أَعْلَاهَا .

وَهِيَ : أَيْ الرَّجْعَةُ بِالْفَتْحِ فِعْلُ الْمُرْتَجِعِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلِهَذَا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى فَتْحِهَا .
وَشَرْعًا ( إعَادَةُ مُطَلَّقَةٍ ) طَلَاقًا ( غَيْرَ بَائِنٍ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ ) قَبْلَ الطَّلَاقِ ( بِغَيْرِ عَقْدٍ ) أَيْ نِكَاحٍ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا } " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ " { وَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا } " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ إذَا طَلَّقَ دُونَ الثَّلَاثِ وَالْعَبْدَ دُونَ الِاثْنَيْنِ أَنَّ لَهُمَا الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ ( إذَا طَلَّقَ حُرٌّ ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ وَهُوَ يَمْلِكُهُ لَا وَلِيُّهُ لَكِنْ ظَاهِرُ الْمُبْدِعِ يُخَالِفُهُ ، كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ الْإِقْنَاعِ ( مَنْ دَخَلَ ) بِهَا ( أَوْ خَلَا بِهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ ) طَلَاقًا ( أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ ) طَلَّقَ ( عَبْدٌ ) مَنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ طَلْقَةً ( وَاحِدَةً بِلَا عِوَضٍ ) مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا غَيْرِهَا فِي طَلَاقِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُطَلِّقِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا فِي عِدَّتِهَا رَجْعَتُهَا .
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنِ سَيِّدِ زَوْجٍ ( وَلِوَلِيِّ مَجْنُونٍ ) طَلَّقَ بِلَا عِوَضٍ دُونَ مَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ ( فِي عِدَّتِهَا رَجْعَتُهَا وَلَوْ كَرِهَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ ذَلِكَ لِقِيَامِ وَلِيِّهِ مَقَامَهُ خَشْيَةَ الْفَوَاتِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا فَلَا رَجْعَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَلَا تُمْكِنُ رَجْعَتُهَا ، وَكَذَا إنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا كَبِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ فَيَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَا رَجْعَةَ لِأَنَّهَا إعَادَةٌ إلَى النِّكَاحِ فَإِذَا لَمْ تَحِلَّ

بِالنِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ لَا تَحِلَّ بِالرَّجْعَةِ إلَيْهِ ، وَكَذَا إنْ طَلَّقَ الْحُرُّ ثَلَاثًا أَوْ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا رَجْعَةَ وَكَذَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لِتَفْتَدِيَ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهَا إمْسَاكٌ لِلْمَرْأَةِ بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا كَالْمَبِيعِ زَمَنَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُرْتَجَعَةُ حُرَّةً عَلَى حُرَّةٍ أَوْ عَلَى أَمَةٍ ( أَوْ أَمَةً ) عَلَى أَمَةٍ أَوْ أَمَةً ( عَلَى حُرَّةٍ ) لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ لَا ابْتِدَاءٌ لَهُ ( أَوْ ) كَانَتْ الرَّجْعِيَّةُ أَمَةً و ( أَبَى سَيِّدُهَا ) رَجْعَتَهَا ( أَوْ ) كَانَتْ الرَّجْعِيَّةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَأَبَى ( وَلِيٌّ ) رَجْعَتَهَا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً مُكَلَّفَةً لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا فَكَذَا سَيِّدُهَا أَوْ وَلِيُّهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعَةِ إرَادَةُ الْإِصْلَاحِ وَالْآيَةُ لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْإِصْلَاحِ وَالْمَنْعِ مِنْ قَصْدِ الْإِضْرَارِ .

وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ ( بِلَفْظِ رَاجَعْتُهَا وَرَجَعْتُهَا وَارْتَجَعْتُهَا وَأَمْسَكْتُهَا وَرَدَدْتُهَا وَنَحْوَهُ ) كَأَعَدْتُهَا لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِلَفْظِ الرَّجْعَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَاشْتَهَرَ هَذَا الِاسْمُ فِيهَا عُرْفًا فَتُسَمَّى رَجْعَةً وَالْمَرْأَةُ رَجْعِيَّةً وَوَرَدَ الْكِتَابُ بِلَفْظِ الرَّدِّ فِي قَوْله تَعَالَى : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } وَبِلَفْظِ الْإِمْسَاكِ فِي - - قَوْله تَعَالَى : { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } وَقَوْلِهِ : { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } وَأُلْحِقَ بِهَا مَا هُوَ بِمَعْنَاهَا ( وَلَوْ زَادَ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ ) زَادَ ( لِلْإِهَانَةِ ) بِأَنْ قَالَ رَاجَعْتُهَا وَنَحْوَهُ لِلْإِهَانَةِ وَكَذَا لِمَحَبَّتِي إيَّاكِ أَوْ لِإِهَانَتِكِ ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالرَّجْعَةِ وَبَيَّنَ سَبَبَهَا ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَجْعَتَهَا إلَى ذَلِكَ ) أَيْ الْمَحَبَّةِ أَوْ الْإِهَانَةِ ( بِفِرَاقِهِ ) إيَّاهَا فَلَا رَجْعَةَ لِحُصُولِ التَّضَادِّ ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تُرَادُ لِلْفِرَاقِ و ( لَا ) يَحْصُلُ بِقَوْلِ مُطَلِّقٍ ( نَكَحْتُهَا أَوْ تَزَوَّجْتُهَا ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ وَالرَّجْعَةُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ فَلَا تَحْصُلُ بِكِنَايَةٍ كَالنِّكَاحِ .

( وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا ) أَيْ الرَّجْعَةِ ( الْإِشْهَادُ ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ كَسَائِرِ حُقُوقِ الزَّوْجِ وَكَذَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ وَلَا رِضَا الْمَرْأَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا عِلْمِهَا إجْمَاعًا لِأَنَّ حُكْمَ الرَّجْعِيَّةِ حُكْمُ الزَّوْجَاتِ وَالرَّجْعَةُ إمْسَاكٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - - : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } وَإِنَّمَا تَشَعَّثَ النِّكَاحُ بِالطَّلْقَةِ وَانْعَقَدَ بِهَا سَبَبُ زَوَالِهِ فَالرَّجْعَةُ تُزِيلُ شَعَثَهُ وَتَقْطَعُ مُضِيَّهُ إلَى الْبَيْنُونَةِ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ ( وَعَنْهُ ) أَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ( بَلَى ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا ( فَ ) عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ( تَبْطُلُ ) الرَّجْعَةُ ( إنْ أَوْصَى ) الزَّوْجُ ( الشُّهُودَ بِكِتْمَانِهَا ) لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي بِسَنَدِهِ إلَى خِلَاسٍ قَالَ : طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ عَلَانِيَةً وَرَاجَعَهَا سِرًّا وَأَمَرَ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَكْتُمَاهَا الرَّجْعَةَ فَاخْتَصَمُوا إلَى عَلِيٍّ فَجَلَدَ الشَّاهِدَيْنِ وَاتَّهَمَهُمَا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةً .

( وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ ) يَمْلِكُ الزَّوْجُ مِنْهَا مَا يَمْلِكُهُ مِمَّنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا ( فَيَصِحُّ أَنْ تُلَاعَن و ) أَنْ ( تَطْلُقَ وَيَلْحَقُهَا ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ ) وَيَرِثُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ إجْمَاعًا وَيَصِحُّ خُلْعُهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا وَنِكَاحُهَا بَاقٍ فَلَا تَأْمَنُ رَجْعَتَهُ لَكِنْ لَا قَسَمَ لَهَا صَرَّحَ بِهِ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ .

( وَلَهَا ) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ ( أَنْ تُشْرِفَ ) أَيْ تَتَعَرَّضَ ( لَهُ ) أَيْ لِمُطَلِّقِهَا بِأَنْ تُرِيَهُ نَفْسَهَا .
( وَ ) لَهَا أَيْضًا أَنْ ( تَتَزَيَّنَ ) لَهُ كَمَا تَتَزَيَّنُ النِّسَاءُ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِإِبَاحَتِهَا لَهُ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُطَلِّقِ ( السَّفَرُ ) بِالرَّجْعِيَّةِ ( وَالْخَلْوَةُ بِهَا وَوَطْؤُهَا ) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ ( وَتَحْصُلُ بِهِ ) أَيْ بِوَطْئِهِ لَهَا ( رَجْعَتُهَا وَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا ) أَيْ الرَّجْعَةَ بِالْوَطْءِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبُ زَوَالِ الْمِلْكِ وَمَعَهُ خِيَارٌ فَتَصَرُّفُ الْمَالِكِ بِالْوَطْءِ فِي مُدَّتِهِ يَمْنَعُ عَمَلَهُ كَوَطْءِ الْبَائِعِ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي قَوْلٍ .

و ( لَا ) تَحْصُلُ رَجْعَتُهَا بِإِنْكَارِ طَلَاقِهَا ؛ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِوُجُودِ حَقِّهِ فِي الرَّجْعَةِ وَلَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ ( بِمُبَاشَرَةِ ) الرَّجْعِيَّةِ دُونَ الْفَرْجِ ( وَ ) لَا ( بِنَظَرٍ لِفَرْجٍ وَكَذَا خَلْوَةٌ لِشَهْوَةٍ إلَّا عَلَى قَوْلٍ ) أَيْ رِوَايَةٍ قَالَ ( الْمُنَقِّحُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ) انْتَهَى قِيَاسًا عَلَى إلْحَاقِهَا بِالْوَطْءِ فِي تَكْمِيلِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ .

( وَتَصِحُّ ) رَجْعَةٌ ( بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ ) حَيْضَةٍ ( ثَالِثَةٍ وَلَمْ تَغْتَسِلْ ) نَصًّا رَوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْحَيْضِ يَمْنَعُ الزَّوْجَ الْوَطْءَ كَمَا يَمْنَعُهُ الْحَيْضُ فَيُحْرَمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُهُ الْحَيْضُ وَيُوجِبُ مَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ كَمَا قَبْلَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَتَنْقَطِعُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ التَّوَارُثِ وَالطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ وَيَأْتِي فِي الْعِدَّةِ .

( وَ ) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ ( قَبْلَ وَضْعِ وَلَدٍ مُتَأَخِّرٍ ) رَجْعَتُهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِعَدَدٍ وَقَبْلَ خُرُوجِ بَقِيَّةِ وَلَدٍ لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ .

و ( لَا ) تَصِحُّ رَجْعَتُهَا ( فِي رِدَّةٍ ) مِنْ مُطَلَّقَةٍ أَوْ مُطَلِّقٍ ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ فَلَا تَصِحُّ مَعَ الرِّدَّةِ كَنِكَاحٍ ، وَكَذَا بَعْدَ إسْلَامِ زَوْجَةٍ أَوْ زَوْجِ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ .

و ( لَا ) يَصِحُّ ( تَعْلِيقُهَا ) أَيْ الرَّجْعَةِ ( بِشَرْطٍ ك ) قَوْلِهِ لَهَا ( كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ ) لِمَا سَبَقَ ( وَلَوْ عَكَسَهُ ) فَقَالَ لِلرَّجْعِيَّةِ كُلَّمَا رَاجَعْتُكِ فَقَدْ طَلَّقْتُكِ ( صَحَّ ) التَّعْلِيقُ ( وَطَلُقَتْ ) كُلَّمَا رَاجَعَهَا لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ .

( وَمَتَى اغْتَسَلَتْ ) رَجْعِيَّةٌ ( مِنْ حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا ) قَبْلَهُ ( بَانَتْ وَلَمْ تَحِلَّ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ) إجْمَاعًا لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } أَيْ الْعِدَّةِ .

( وَتَعُودُ ) إلَيْهِ الرَّجْعِيَّةُ إذَا رَاجَعَهَا وَالْبَائِنُ إذَا نَكَحَهَا ( عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا وَلَوْ ) كَانَ عَوْدُهَا ( بَعْدَ وَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ ) غَيْرِ الْمُطَلِّقِ فِي قَوْلِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَأَبُو مُعَاذٍ وَعِمْرَانُ ابْنُ حُصَيْنٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ؛ وَلِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِيَ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْإِحْلَالِ لِلْأَوَّلِ ، فَلَا يُغَيَّرُ حُكْمُ الطَّلَاقِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالسَّيِّدِ ؛ وَلِأَنَّهُ تَزْوِيجٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّلَاثِ أَشْبَهَ مَا لَوْ رَجَعَتْ إلَيْهِ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي .

( وَإِنْ أَشْهَدَ ) مُطَلِّقٌ رَجْعِيًّا ( عَلَى رَجْعَتِهَا ) فِي الْعِدَّةِ ( وَلَمْ تَعْلَمْ ) هِيَ ( حَتَّى اعْتَدَّتْ وَنَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا ) ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى رَجْعِيَّتَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ وَقُبِلَتْ ( رُدَّتْ إلَيْهِ ) لِثُبُوتِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ، وَأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِيَ فَاسِدٌ لِتَزَوُّجِهِ امْرَأَةً فِي نِكَاحِ غَيْرِهِ ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُصِبْهَا الثَّانِي .
( وَلَا يَطَؤُهَا ) الْأَوَّلُ إنْ أَصَابَهَا الثَّانِي ( حَتَّى تَعْتَدَّ ) مِنْ وَطْءِ الثَّانِي احْتِيَاطًا لِلْأَنْسَابِ ( وَكَذَا إنْ صَدَّقَاهُ ) أَيْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا ، حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُمَا أَبْلَغُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ( وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ رَجْعَتُهُ ) بِبَيِّنَةٍ ( وَأَنْكَرَاهُ ) أَيْ أَنْكَرَ أَيْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ أَنَّهُ رَاجَعَهَا ( رُدَّ قَوْلُهُ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي حَقِّهَا ( وَإِنْ صَدَّقَهُ ) الزَّوْجُ ( الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ ) لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِ نِكَاحِهِ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا إنْ دَخَلَ وَخَلَا بِهَا وَإِلَّا فَنِصْفُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا عَنْهُ ، وَلَا تُسَلَّمُ الْمَرْأَةُ إلَى الْمُدَّعِي ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا بَلْ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ .
قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ ( وَإِنْ صَدَّقَتْهُ ) الْمَرْأَةُ ( لَمْ يُقْبَلْ عَلَى ) الزَّوْجِ ( الثَّانِي ) فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ ( وَلَا يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْأَوَّلِ لَهُ ) أَيْ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ لَهَا بِالدُّخُولِ ( لَكِنْ مَتَى بَانَتْ ) مِنْ الثَّانِي ( عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ ) وَلَا يَطَأُ حَتَّى تَعْتَدَّ لِلثَّانِي إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ قَبْلَ بَيْنُونَتِهَا مِنْ الثَّانِي فَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَبِعَهُ : يَنْبَغِي أَنْ تَرِثَهُ لِإِقْرَارِهِ بِزَوْجِيَّتِهَا وَتَصْدِيقِهَا ، وَإِنْ مَاتَتْ لَا يَرِثُهَا الْأَوَّلُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الثَّانِي بِالْإِرْثِ ، و إنْ

مَاتَ الثَّانِي لَمْ تَرِثْهُ هِيَ لِإِنْكَارِهَا صِحَّةَ نِكَاحِهِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَلَا يُمَكَّنُ الْأَوَّلُ مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا .

( وَمَنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ) بِوِلَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( وَأَمْكَنَ ) بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهِ ( قُبِلَتْ ) دَعْوَاهَا - لِقَوْلِهِ تَعَالَى - : { وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } قِيلَ هُوَ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ .
فَلَوْلَا قَبُولُ قَوْلِهِنَّ لَمْ يَخْرُجْنَ بِكِتْمَانِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ تَخْتَصُّ الْمَرْأَةُ بِمَعْرِفَتِهِ .
فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيهِ كَالنِّيَّةِ مِنْ الْإِنْسَانِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ ، وَإِنْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا فِيهِ رُدَّ قَوْلُهَا ، فَإِنْ مَضَى مَا يُمْكِنُ صِدْقُهَا فِيهِ ثُمَّ ادَّعَتْهُ فَإِنْ بَقِيَتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْمَرْدُودَةِ لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا فِي الْمُدَّةِ كُلِّهَا أَوْ فِيمَا يُمْكِنُ مِنْهَا قُبِلَتْ .
و ( لَا ) تُقْبَلُ دَعْوَاهَا انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ( فِي شَهْرٍ بِحَيْضٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) نَصًّا لِقَوْلِ شُرَيْحٍ إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ وَجَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ النِّسَاءِ الْعُدُولِ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى صِدْقُهُ وَعَدْلُهُ أَنَّهَا رَأَتْ مَا يُحَرِّمُ عَلَيْهَا الصَّلَاةَ مِنْ الطَّمْثِ وَتَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ وَتُصَلِّي فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَةٌ فَقَالَ لَهُ : عَلِيٌّ قالون ، وَمَعْنَاهُ بِالرُّومِيَّةِ أَصَبْتَ وَأَحْسَنْت ، وَإِنَّمَا لَمْ تُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ مَعَ إمْكَانِهِ لِنُدْرَتِهِ بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ .

( وَأَقَلُّ مَا ) أَيْ زَمَنٍ ( تَنْقَضِي عِدَّةُ حُرَّةٍ فِيهِ لِأَقْرَاءٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ) بِلَيَالِيِهَا ( وَلَحْظَةً ) لِمَا سَبَقَ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضُ ، وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، وَأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَيَكُونُ طَلْقُهَا مَعَ آخِرِ الطُّهْرِ وَاللَّحْظَةُ لِتَحَقُّقِ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ الْغُسْلُ اُعْتُبِرَ لَهُ لَحْظَةٌ أَيْضًا .

( وَ ) أَقَلُّ مَا تَنْقَضِي فِيهِ عِدَّةُ ( أَمَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ) بِلَيَالِيِهَا ( وَلَحْظَةً ) وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْفَاسِقَةُ وَالْمَرْضِيَّةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ ؛ لِأَنَّ مَا يُقْبَلُ فِيهِ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالٍ .

( وَمَنْ ) أَيْ مُطَلَّقَةٌ رَجْعِيَّةٌ ( قَالَتْ ابْتِدَاءً ) قَبْلَ دَعْوَى زَوْجِهَا رَجْعَتَهَا ( انْقَضَتْ عِدَّتِي ) فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ .
قُلْت أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ( فَقَالَ ) زَوْجُهَا ( كُنْتُ رَاجَعْتُكِ وَأَنْكَرَتْهُ ) فَقَوْلُهَا : لِأَنَّ دَعْوَاهَا انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا إذَنْ مَقْبُولَةٌ فَصَارَتْ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَمْ تُقْبَلْ .

( أَوْ تَدَاعَيَا مَعًا ) بِأَنْ قَالَتْ : انْقَضَتْ عِدَّتِي .
وَقَالَ الزَّوْجُ : رَاجَعْتُكِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ ( فَ ) الْقَوْلُ ( قَوْلُهَا وَلَوْ صَدَّقَهُ سَيِّدُ أَمَةٍ ) رَجْعِيَّةٍ نَصًّا ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا لَا يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الزَّوْجِ ، و إنْ صَدَّقَتْهُ وَكَذَّبَهُ مَوْلَاهَا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهَا فِي إبْطَالِ حَقِّ السَّيِّدِ ، وَإِنْ عَلِمَ صِدْقَ الزَّوْجِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا تَزْوِيجُهَا ( وَمَتَى رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا ) انْقَضَتْ حَيْثُ قُبِلَ قَوْلُهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ ( قَبْلَ ) رُجُوعِهَا ( كَجَحْدِ أَحَدِهِمَا النِّكَاحَ ) إذَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ ( ثُمَّ يَعْتَرِفُ بِهِ ) أَيْ النِّكَاحِ مُنْكِرُهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْهُ إنْكَارٌ .

( وَإِنْ سَبَقَ ) زَوْجُ رَجْعِيَّةٍ ( فَقَالَ ) لَهَا ( ارْتَجَعْتُكِ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ ) وَأَنْكَرَهَا ( فَقَوْلُهُ ) لِسَبْقِ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ إخْبَارَهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا وَدَعْوَاهَا ذَلِكَ بَعْدَ دَعْوَى الزَّوْجِ الرَّجْعَةَ تَقْصِدُ بِهِ إبْطَالَ حَقِّهِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهَا .

فَصْلٌ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَيْ الزَّوْجَةَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً زَوْجٌ ( حُرٌّ ثَلَاثًا أَوْ ) طَلَّقَهَا زَوْجٌ ( عَبْدٌ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ عَتَقَ ) قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ( لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ ) فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَنَسَخَ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى - - : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } إلَى قَوْلِهِ : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ ، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " { جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ - بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ تَحْتُ - وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ : أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِيَ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ } رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : " { سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَيَتَزَوَّجُهَا آخَرُ فَتُغْلِقُ الْبَابَ وَتُرْخِي السِّتْرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ ؟ قَالَ : لَا حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ } " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ " لَا حَتَّى يُجَامِعَهَا الْآخَرُ " وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا الْعُسَيْلَةُ : هِيَ الْجِمَاعُ ( فِي قُبُلٍ ) لِأَنَّ الْوَطْءَ الْمُعْتَبَرَ شَرْعًا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ ( مَعَ انْتِشَارٍ ) لِحَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ انْتِشَارٍ ( وَلَوْ ) كَانَ الزَّوْجُ الْوَاطِئُ ( مَجْبُوبًا أَوْ خَصِيًّا ) مَعَ بَقَاءِ ذَكَرِهِ ( أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ وَأَدْخَلَتْهُ ) أَيْ ذَكَرَهُ ( فِيهِ ) أَيْ فِي فَرْجِهَا مَعَ انْتِشَارِهِ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجٍ أَشْبَهَ حَالَ إفَاقَتِهِ وَوُجُودِ خَصِيَتَيْهِ ( أَوْ ) كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي (

ذِمِّيًّا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ ) لِحِلِّهَا لَهُ فَيَحِلُّهَا لِمُطَلِّقِهَا الْأَوَّلِ وَلَوْ مُسْلِمًا ( أَوْ ) كَانَ ( لَمْ يُنْزِلْ ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعُسَيْلَةَ هِيَ الْجِمَاعُ ( أَوْ ) كَانَ لَمْ ( يَبْلُغْ عَشْرًا ) لِعُمُومِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ( أَوْ ) كَانَ حِينَ وَطْئِهِ ( ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً ) لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ ( وَيَكْفِي ) فِي حِلِّهَا ( تَغَيُّبُ الْحَشَفَةِ وَ ) تَغْيِيبُ ( قَدْرِهَا ) أَيْ الْحَشَفَةِ ( مِنْ مَجْبُوبِ ) الْحَشَفَةِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَيُفْسِدُ الْحَجَّ أَشْبَهَ تَغْيِيبَ الذَّكَرِ ( وَ ) يَكْفِي فِي حِلِّهَا ( وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِمَرَضِ الزَّوْجَةِ ) أَوْ الزَّوْجِ ( وَ ) وَطْءٌ مُحَرَّمٌ ( لِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَفِي مَسْجِدٍ و ) فِي حَالِ مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا ( لِقَبْضِ مَهْرٍ ) حَالٍّ ( وَنَحْوَهُ ) كَقَصْدِ إضْرَارِهَا بِوَطْءٍ لِعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَضِيقِ فَرْجِهَا ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِمَعْنًى فِيهَا لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - و ( لَا ) يَحِلُّهَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ ( لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ نِكَاحٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ رِدَّةٍ ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِمَعْنًى فِيهَا لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فِي الْحِلِّ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى : { حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَكْفِي فِي حِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَطْؤُهَا ( بِشُبْهَةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى - - : { حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } الْآيَةَ وَهَذَانِ لَيْسَا بِزَوْجٍ .

( وَإِنْ كَانَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا ( أَمَةً فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) لِلْآيَةِ وَيَطَؤُهَا لِلْحَدِيثِ .

( وَلَوْ طَلَّقَ عَبْدٌ طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ ) قَبْلَ ثَانِيَةٍ ( مَلَكَ تَتِمَّةَ ثَلَاثٍ ) لِأَنَّهُ فِي حَالِ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ حُرٌّ فَاعْتُبِرَ حَالُهُ إذَنْ ( كَكَافِرٍ ) حُرٍّ ( طَلَّقَ ) زَوْجَتَهُ ( ثِنْتَيْنِ ثُمَّ رَقَّ ) بَعْدَ سَبْيِهِ فَيَمْلِكُ الثَّالِثَة وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِأَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ كَانَتَا غَيْرَ مُحَرِّمَتَيْنِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُمَا بِمَا طَرَأَ بَعْدَهُمَا كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْعَبْدُ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِوُقُوعِهِمَا مُحَرِّمَتَيْنِ .

( وَمَنْ غَابَ عَنْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَضَرَ فَذَكَرَتْ ) لَهُ ( أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا و ) أَنَّهَا ( انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَأَمْكَنَ ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يَتَّسِعُ لَهُ وَكَذَا لَوْ غَابَتْ عَنْهُ ثُمَّ حَضَرَتْ وَذَكَرَتْ ذَلِكَ ( فَلَهُ نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا ) لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى مَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَنْ نَفْسِهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَقِيقَةً إلَّا مِنْ جِهَتِهَا فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا فِيهِ كَإِخْبَارِهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُنْقَلُ عَنْهُ .
و ( لَا ) يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا ( إنْ رَجَعَتْ ) عَنْ إخْبَارِهَا بِذَلِكَ ( قَبْلَ عَقْدٍ ) عَلَيْهَا لِزَوَالِ الْخَبَرِ الْمُبِيحِ لَهُ ( وَلَا يُقْبَلُ بَعْدَهُ ) أَيْ الْعَقْدِ عَلَيْهَا ( فَلَوْ ) تَزَوَّجَتْ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا بِآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَذَكَرَتْ لِلْأَوَّلِ أَنَّ الثَّانِي وَطِئَهَا و ( كَذَّبَهَا الثَّانِي فِي وَطْءٍ فَقَوْلُهُ ) أَيْ الثَّانِي ( فِي تَنْصِيفِ مَهْرٍ ) إنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا ( وَقَوْلُهَا ) فِي وَطْءٍ ( فِي إبَاحَتِهَا لِلْأَوَّلِ ) إلَّا إنْ قَالَ الْأَوَّلُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَصَابَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ عَادَ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ صِدْقَهَا دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ حِلَّهَا لَمْ تُحَرَّمْ بِكَذِبِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ فِي الْمَاضِي ، وَإِنْ قَالَ مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ أَصَابَهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حِلِّهَا لَهُ خَبَرٌ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ لَا حَقِيقَةُ الْعِلْمِ .

( وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ ) امْرَأَةٌ ( حَاضِرًا وَفَارَقَهَا وَادَّعَتْ إصَابَتَهُ ) إيَّاهَا ( وَهُوَ مُنْكِرُهَا ) أَيْ الْإِصَابَةِ فَقَوْلُهُ فِي تَنْصِيفِ مَهْرٍ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِخَلْوَةٍ وَقَوْلُهَا فِي حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَكُلُّ مَا يَلْزَمُهَا بِالْوَطْءِ ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ النِّكَاحِ ، وَلِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا نِكَاحُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا ( وَمِثْلُ ) الصُّورَةِ ( الْأُولَى ) وَهِيَ مَا إذَا ذَكَرَتْ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا لِلْأَوَّلِ أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا .

( لَوْ جَاءَتْ ) امْرَأَةٌ ( حَاكِمًا وَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا ) بِشَرْطِهِ ( إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُعْرَفُ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَجْهُولَ لَا يَصِحُّ .
وَأَيْضًا الْأَصْلُ صِدْقُهَا وَلَا مُنَازِعَ وَالْإِقْرَارُ لِمُعَيَّنٍ إنَّمَا يُثْبِتُ الْحَقَّ إذَا صَدَقَ مُقِرٌّ لَهُ .

وَهُوَ إفْعَالٌ مِنْ الْأَلِيَّةِ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ يُقَالُ : آلَى يُولِي إيلَاءً وَأَلِيَّةً وَجَمْعُ الْأَلِيَّةِ أَلَايَا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ : يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ يَحْلِفُونَ يُقَال آلَيْتُ مِنْ امْرَأَتِي أُولِي إيلَاءً إذَا حَلَفَ لَا يُجَامِعُهَا حَكَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ ( يُحْرَمُ ) الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ ( كَظِهَارٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى - - : { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا } ( وَكَانَ كُلٌّ ) مِنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ ( طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ آخَرُونَ فِي ظِهَارِ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي الظِّهَارِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَقَتَادَةَ ( وَهُوَ ) أَيْ الْإِيلَاءُ شَرْعًا ( حَلِفُ زَوْجٍ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَتِهِ ) أَيْ اللَّهِ تَعَالَى كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَخَالِقِهِمْ ( عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ ) لَا أَمَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ ( الْمُمْكِنِ جِمَاعُهَا فِي قُبُلٍ أَبَدًا أَوْ يُطْلِقُ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) مُصَرِّحًا بِهَا ( أَوْ يَنْوِيَهَا ) بِأَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا وَيَنْوِيَ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَسَوَاءٌ حَلَفَ فِي حَالِ الرِّضَا أَوْ غَيْرِهِ وَالزَّوْجَةُ مَدْخُولٌ بِهَا أَوْ لَا نَصًّا وَتَأْتِي مُحْتَرَزَاتُ هَذِهِ الْقُيُودِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } الْآيَةَ وَكَانَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَآنِ " يُقْسِمُونَ " مَكَانَ " يُؤْلُونَ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ شَيْئًا فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبهَا السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَيَدَعَهَا لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : كَانَ الْإِيلَاءُ ضِرَارًا عَلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
(

وَيَتَرَتَّبُ حُكْمُهُ ) أَيْ الْإِيلَاءِ ( مَعَ خِصَاءِ ) زَوْجٍ أَيْ قَطْعِ خَصْيَتِهِ دُونَ ذَكَرِهِ ( و ) مَعَ ( جَبٍّ ) أَيْ قَطْعِ ( بَعْضِ ذَكَرِ ) زَوْجٍ إنْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ بِهِ .
( وَ ) مَعَ ( عَارِضٍ ) بِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ ( يُرْجَى زَوَالُهُ كَحَبْسٍ لَا عَكْسُهُ ) فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ مَعَ عَارِضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ بِأَحَدِهِمَا ( كَرَتْقٍ ) وَجَبٍّ .
( وَيُبْطِلُهُ ) أَيْ الْإِيلَاءَ ( جَبُّ ) ذَكَرِهِ ( كُلِّهِ ) بَعْدَ إيلَائِهِ ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ مَعَهُ ابْتِدَاءُ شَيْءٍ امْتَنَعَ مَعَ حُدُوثِهِ دَوَامُ ذَلِكَ الشَّيْءِ ( و ) يُبْطِلُهُ ( شَلَلُهُ ) أَيْ الذَّكَرِ بَعْدَ إيلَائِهِ لِمَا تَقَدَّمَ .
( وَ ) يُبْطِلُهُ ( نَحْوُهُمَا ) كَمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ ( وَكَمُولٍ فِي الْحُكْمِ ) مَنْ ضَرَبَ الْمُدَّةَ وَطَلَبَ الْفَيْئَةَ بَعْدَهَا وَالْأَمْرُ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَفِ وَنَحْوُهُ ( مَنْ تَرَكَ الْوَطْءَ ) فِي قُبُلِ زَوْجَتِهِ ( ضِرَارًا ) بِهَا ( بِلَا عُذْرٍ ) لَهُ ( أَوْ ) أَيْ وَبِلَا ( حَلِفٍ ) عَلَى تَرْك وَطْءٍ ( وَ ) مِثْلُهُ ( مَنْ ظَاهَرَ ) مِنْ امْرَأَتِهِ ( وَلَمْ يُكَفِّرْ ) لِظِهَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ ضَرَّهَا بِتَرْكِ وَطْئِهَا فِي مُدَّةٍ بِقَدْرِ مُدَّةِ الْمُولِي فَلَزِمَهُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ بِحَلِفِهِ وَلِأَنَّ مَا وَجَبَ أَدَاؤُهُ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَجَبَ أَدَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِهِ كَالنَّفَقَةِ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ وَلِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجْعَلُ غَيْرَ الْوَاجِبِ وَاجِبًا إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ ؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَهُ فِي الْإِيلَاءِ لِدَفْعِ حَاجَةِ الْمَرْأَةِ وَإِزَالَةِ ضَرَرِهَا وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْإِيلَاءِ وَعَدَمِهِ .
فَإِنْ قِيلَ فَلَا يَبْقَى لِلْإِيلَاءِ أَثَرٌ فَلِمَ أُفْرِدَ بِبَابٍ ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ أَثَرًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى قَصْدِ الْإِضْرَارِ فَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدُ الْإِضْرَارِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْإِيلَاءُ احْتَجْنَا إلَى دَلِيلٍ سَوَاءٌ يَدُلُّ عَلَى الْمُضَارَةِ .

( وَإِنْ حَلَفَ ) عَلَى زَوْجَتِهِ ( لَا يَطَؤُهَا فِي دُبُرِهَا ) لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَلَا تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِهِ ( أَوْ ) حَلَفَ لَا وَطِئَهَا ( دُونَ فَرْجٍ أَوْ ) حَلَفَ ( لَا جَامَعَهَا إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ يُرِيدُ ) جِمَاعًا ( ضَعِيفًا لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ بِلَا حِنْثٍ ( وَإِنْ أَرَادَ ) بِقَوْلِهِ إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ كَوْنُهُ ( فِي الدُّبُرِ أَوْ دُونَ الْفَرْجِ صَارَ مُولِيًا ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْفَيْئَةِ إلَّا بِالْحِنْثِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ .

( وَمَنْ عَرَفَ مَعْنَى مَا ) أَيْ لَفْظٍ ( لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ ) أَيْ الْوَطْءِ ( وَأَتَى بِهِ ) أَيْ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْوَطْءِ ( وَهُوَ ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ ( لَا نِكْتُكِ ) وَكَذَا مَا يُرَادِفُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مِمَّنْ يُعْرَفُ مَعْنَاهُ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخَلْتُ ذَكَرِي فِي فَرْجِكِ ( أَوْ ) قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخَلْتُ ( حَشَفَتِي فِي فَرْجِكِ و ) قَوْلُهُ ( لِلْبِكْرِ خَاصَّةً ) وَاَللَّهِ ( لَا اقْتَضَضْتُكِ ) بِالْقَافِ صَارَ مُولِيًا فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ غَيْرَ الْوَطْءِ ( لَمْ يُدَيَّنْ مُطْلَقًا ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ نَصٌّ فِي الْوَطْءِ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا .

( وَ ) إنْ قَالَ وَاَللَّهِ ( لَا اغْتَسَلْتُ مِنْك أَوْ ) لَا ( أَفْضَيْتُ إلَيْكِ أَوْ ) لَا ( غَشَيْتُكِ أَوْ ) لَا ( لَمَسْتُكِ أَوْ ) لَا ( أَصَبْتُكِ أَوْ ) لَا ( افْتَرَشْتُكِ أَوْ ) لَا ( وَطِئْتُكِ أَوْ ) لَا ( جَامَعْتُكِ أَوْ ) لَا ( بَاضَعْتُكِ أَوْ ) لَا ( بَاشَرْتُكِ أَوْ ) لَا ( بَاعَلْتُك أَوْ ) لَا ( قَرُبْتُكِ أَوْ ) لَا ( مَسَسْتُكِ أَوْ ) لَا ( أَتَيْتُك صَرِيحٌ حُكْمًا لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة ) حَيْثُ عُرِفَ مَعْنَاهَا لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ عُرْفًا فِي الْوَطْءِ وَفِي الْقُرْآنِ { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ } { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } وَأَمَّا الْوَطْءُ وَالْجِمَاعُ فَهُمَا أَشْهَرُ أَلْفَاظِهِ ( وَيُدَيَّنُ ) فِي لَا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ وَمَا بَعْدَهُ إنْ قَالَ أَرَدْتُ غَيْرَ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ ( مَعَ عَدَمِ قَرِينَةِ ) إيلَاءٍ كَقَوْلِهِ أَرَدْتُ بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ أَوْ بِاللَّمْسِ أَوْ الْإِصَابَةِ فِعْلَهُمَا بِالْيَدِ وَنَحْوَهُ وُكِّلَ إلَى دِينِهِ ( وَلَا كَفَّارَةَ ) عَلَيْهِ إنْ صَدَقَ ( بَاطِنًا ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ .

( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا وَاَللَّهِ ( لَا ضَاجَعْتُكِ أَوْ ) لَا ( دَخَلْتُ إلَيْكِ أَوْ ) لَا قَرُبْتُ فِرَاشَكِ أَوْ لَا ( بِتُّ عِنْدَكِ وَنَحْوَهُ ) كَلَا نِمْتُ عِنْدَكِ أَوْ لَا مَسَّ جِلْدِي جِلْدَك أَوْ لَا جَمَعَ رَأْسِي وَرَأْسَكِ شَيْءٌ ( لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةِ ) إيلَاءٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَيْسَتْ ظَاهِرَةً فِي الْجِمَاعِ كَظُهُورِ مَا قَبْلَهَا ، وَلَمْ يَرِدْ النَّصُّ بِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ ( وَلَا إيلَاءَ بِحَلِفٍ ) عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ ( بِنَذْرٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ ) ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ الْمُطْلَقَ هُوَ الْقَسَمُ ، وَلِهَذَا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ " يُقْسِمُونَ " بَدَلَ " يُؤْلُونَ " وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْغُفْرَانُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى .

( وَلَا ) إيلَاءَ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ ( إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ ( وَ ) إنْ وَطِئْتُكِ ( فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ ) لِمَا مَرَّ ( أَوْ ) فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ ( هَذَا الشَّهْرِ ) لِأَنَّهُ حَلَفَ بِنَذْرٍ .
وَفِي الْإِقْنَاعِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ بِحَلِفٍ بِنَذْرٍ فَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ عِشْرِينَ رَكْعَةً كَانَ مُولِيًا ( أَوْ ) بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ ( لَا وَطِئْتُكِ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ ) لَا وَطِئْتُكِ ( مَغْصُوبَةً أَوْ حَتَّى تَصُومِي نَفْلًا أَوْ ) حَتَّى ( تَقُومِي أَوْ ) حَتَّى ( يَأْذَنَ زَيْدٌ فَيَمُوتَ ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَلِإِمْكَانِ وَطْئِهَا بِدُونِ حِنْثٍ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27