كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي

مَكْشُوفَ الرَّأْسِ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ ، وَلَا أَنَّهُ يَخْلَعُهَا بَعْدَ وُضُوئِهِ ثُمَّ يَلْبَسُهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ ، وَهَذَا مُرَادُ ابْنِ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ فِي الْعِمَامَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَبِسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ ؟ عَنْهُ رِوَايَتَانِ ، أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ فَتَبْعُدُ إرَادَتُهُ جِدًّا ، فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ الْكَلَامِ الْمُحْتَمَلِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الظَّاهِرِيَّةِ وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ دَاوُد فِي الْخُفِّ أَيْضًا وَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ خِلَافٍ بِالِاحْتِمَالِ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ .

وَيُشْتَرَطُ لِلْجَبِيرَةِ الطَّهَارَةُ ( و ش ) وَعَنْهُ لَا ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالشَّيْخُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ شَدَّ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةِ نَزَعَ فَإِنْ خَافَ تَيَمَّمَ ، وَقِيلَ يَمْسَحُ ( و ش ) وَقِيلَ : هُمَا ، وَكَذَا لَوْ تَعَدَّى بِالشَّدِّ مَحَلَّ الْحَاجَةِ وَخَافَ ، وَإِنْ كَانَ شَدَّ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا حَائِلًا ، فَإِنْ كَانَ جَبِيرَةً جَازَ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ، وَكَذَا لُبْسُهُ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً وَعَكْسُهُ ، وَقِيلَ أَوْ مَسَحَ فِيهَا جَبِيرَةً فِي رِجْلَيْهِ ( م 10 ) وَسَبَقَ ذَلِكَ
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ شَدَّ يَعْنِي الْجَبِيرَةَ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا حَائِلًا فَإِنْ كَانَ جَبِيرَةً جَازَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ، وَكَذَا لَوْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً أَوْ عَكْسُهُ ، وَقِيلَ : أَوْ مَسَحَ فِيهَا جَبِيرَةً فِي رِجْلَيْهِ انْتَهَى .
( قُلْت ) تَقَدَّمَ حُكْمُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ صَحَّحْنَا ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهَا وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهَا هُنَا اسْتِطْرَادًا ، وَلِذَلِكَ قَالَ وَسَبَقَ ذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ قَوْلًا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا وَذَكَرَ هُنَا قَوْلًا ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لَمْ يَذْكُرْهَا هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَالدَّوَاءُ كَجَبِيرَةٍ ، وَلَوْ جَعَلَ فِي شِقٍّ قَارًا وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ فَعَنْهُ يَتَيَمَّمُ ، لِلنَّهْيِ عَنْ الْكَيِّ مَعَ ذِكْرِهِمْ كَرَاهَةَ الْكَيِّ ، وَعَنْهُ لَهُ الْمَسْحُ ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ يَغْسِلُهُ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ خَافَ تَلَفًا صَلَّى وَأَعَادَ ( م 11 )
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ جَعَلَ فِي شِقٍّ قَارًا وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ فَعَنْهُ يَتَيَمَّمُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْكَيِّ مَعَ ذِكْرِهِمْ كَرَاهَةَ الْكَيِّ ، وَعَنْهُ لَهُ الْمَسْحُ ، وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ يَغْسِلُهُ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ خَافَ تَلَفًا صَلَّى وَأَعَادَ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يُجْزِئُهُ فَيَتَيَمَّمُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ مَذْكُورٌ فِي الْفُصُولِ .

وَيَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً ، وَالْمُسَافِرُ سَفَرَ الْقَصْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ ثُمَّ يَخْلَعُ ( م ) [ وَقِيلَ فِي الْمُسَافِرِ ] لَا تَوْقِيتَ فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ رُفْقَةٍ ، أَوْ تَضَرُّرَ رَفِيقِهِ بِانْتِظَارٍ تَيَمَّمَ ، فَلَوْ مَسَحَ وَصَلَّى أَعَادَ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : يَمْسَحُ كَالْجَبِيرَةِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْسَحَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ كَغَيْرِهِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ ، وَقِيلَ : لَا يَمْسَحُ وَمَنْ أَقَامَ عَاصِيًا كَمَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِسَفَرٍ فَأَقَامَ مَسَحَ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي : هَلْ هُوَ كَعَاصٍ بِسَفَرِهِ فِي مَنْعِ التَّرْخِيصِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حَدَثِهِ بَعْدَ لُبْسِهِ ( وَ ) أَيْ مِنْ وَقْتِ جَوَازِ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ ، فَلَوْ مَضَى مِنْ الْحَدَثِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ؛ أَوْ ثَلَاثَةٌ ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا وَلَمْ يَمْسَحْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ، وَمَا لَمْ يُحْدِثْ لَا تُحْتَسَبُ الْمُدَّةُ ، فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ لُبْسِهِ يَوْمًا عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ ثُمَّ أَحْدَثَ اسْتَبَاحَ بَعْدَ الْحَدَثِ الْمُدَّةِ ، وَانْتِهَاءُ الْمُدَّةِ وَقْتُ جَوَازِ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ ، وَعَنْهُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ ، وَانْتِهَاؤُهَا وَقْتُ الْمَسْحِ ، وَإِنْ مَسَحَ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ أَتَمَّ عَلَى بَقِيَّةِ مَسْحِ مُقِيمٍ و ) وَفِي الْمُبْهِجِ مَسْحُ مُسَافِرٍ إنْ كَانَ مَسَحَ مُسَافِرًا فَوْقَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَإِنْ مَسَحَ أَقَلَّ مِنْ مَسْحِ مُقِيمٍ ثُمَّ سَافَرَ فَكَذَلِكَ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( هـ ) وَعَنْهُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ مَسْحِ مُسَافِرٍ ، قَالَ الْخَلَّالُ : نَقَلَهُ أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا ، وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَتَوَجَّهُ إنْ صَلَّى بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ غَلَبُ جَانِبِهِ ، قَالَ فِي الْخِلَافِ مُلْزِمًا لِمَنْ قَالَ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ : لَوْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ أَحَدَ خُفَّيْهِ وَسَافَرَ ثُمَّ مَسَحَ الْأُخْرَى فِي السَّفَرِ ، فَعِنْدَهُمْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ ، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ شَكَّ فِي ابْتِدَائِهِ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا ،

وَإِنْ أَحْدَثَ مُقِيمًا وَمَسَحَ مُسَافِرًا أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ ( و ) وَعَنْهُ مَسْحُ مُقِيمٍ ذَكَرَهَا فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ ، وَجَعَلَهَا لِمَنْ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُحْرِمْ بِالصَّلَاةِ ، وَقِيلَ : إنْ مَضَى وَقْتُ صَلَاةٍ ثُمَّ سَافَرَ أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ ، وَإِنْ شَكَّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَمْسَحْ ( و ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغُسْلُ ، فَإِنْ مَسَحَ فَبَانَ بَقَاؤُهَا صَحَّ وُضُوءُهُ ، وَقِيلَ : لَا ، كَمَا يُعِيدُ مَا صَلَّى بِهِ مَعَ شَكِّهِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ .
وَتَمْسَحُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَنَحْوُهَا فِي الْمَنْصُوصِ كَغَيْرِهَا ( و م ) وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ ( و هـ ) وَقِيلَ : إنَّهَا لَا تَمْسَحُ إلَّا بِقَدْرِ مَا تُصَلِّي بِطَهَارَتِهَا ذَاتُ الْغُسْلِ ثُمَّ تَخْلَعُ .
( و ش ) وَمَتَى انْقَطَعَ الدَّمُ اسْتَأْنَفَتْ الْوُضُوءَ ، وَجْهًا وَاحِدًا كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بِخِلَافِ ذِي الطُّهْرِ الْكَامِلِ يَخْلَعُ الْخُفَّ ، أَوْ تَنْقَضِي الْمُدَّةُ ، وَمَنْ غَسَلَ صَحِيحًا وَتَيَمَّمَ لِجُرْحٍ ، فَهَلْ يَمْسَحُ الْخُفَّ ؟ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : هُوَ كَالْمُسْتَحَاضَةِ ، وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِ أَعْلَى الْخُفِّ ، وَقِيلَ : قَدْرِ النَّاصِيَةِ مِنْ الرَّأْسِ ، وَقِيلَ : هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَقِيلَ : جَمِيعُهُ ( و م ) لَا قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ ( هـ ) أَوْ مَا سُمِّيَ مَسْحًا ش ) وَيُجْزِئُ مَسْحُ أَكْثَرِ الْعِمَامَةِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَيُسْتَحَبُّ إمْرَارُ يَدِهِ مَرَّةً مِنْ أَصَابِعِهِ إلَى سَاقِهِ ، وَلَا يُجْزِئُ أَسْفَلُهُ وَعَقِبُهُ ( و ) وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ ( هـ ) وَمَسْحُهُ بِأُصْبُعٍ أَوْ حَائِلٍ أَوْ غَسْلُهُ كَالرَّأْسِ ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ مَسْحِهِ وَغَسْلِهِ

وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمِ مَاسِحٍ ، أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ابْتَدَأَ الطَّهَارَةَ ، وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ ( هـ م و ) وَهَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَالَاةِ ؟ ( و م ) جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ ، أَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ ؟ جَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ ، وَيَرْفَعُهُ فِي الْمَنْصُوصِ ( و ) أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ ، أَوْ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ ، وَإِنْ تَبَعَّضَتْ فِي الثُّبُوتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ؛ وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَهُ فِي الْخِلَافِ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ ( م 12 ) وَهُوَ كَقُدْرَةِ الْمُتَيَمِّمِ عَلَى الْمَاءِ وَقِيلَ كَسَبْقِ الْحَدَثِ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : إنْ رَفَعَ الْعِمَامَةَ يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ لِلْمَشَقَّةِ ، قَالَ أَحْمَدُ إذَا زَالَتْ عَنْ رَأْسِهِ فَلَا بَأْسَ مَا لَمْ يَفْحُشْ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : مَا لَمْ يَرْفَعْهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ ، وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ تَبْطُلُ لِظُهُورِ شَيْءٍ مِنْ رَأْسِهِ ، وَخُرُوجِ الْقَدَمِ أَوْ بَعْضِهِ إلَى سَاقِ الْخُفِّ كَخَلْعِهِ ( وَ ) مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمُ فِدْيَةٌ ثَانِيَةٌ ، لِأَنَّ ظُهُورَ بَعْضِ الْقَدَمِ كَظُهُورِهِ هُنَا ، وَعَنْهُ لَا ، وَعَنْهُ لَا بِبَعْضِهِ

( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمِ مَاسِحٍ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ابْتَدَأَ الطَّهَارَةَ وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ ، وَهَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَالَاةِ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ ، أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ ؟ جَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ ، وَيَرْفَعُهُ فِي الْمَنْصُوصِ ، أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ أَوْ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ وَإِنْ تَبَعَّضَتْ فِي الثُّبُوتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ؟ اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَقَالَهُ فِي الْخِلَافِ فِيهِ أَوْجُهٌ انْتَهَى .
( اعْلَمْ ) أَنَّ الْأَصْحَابَ اخْتَلَفُوا فِي بِنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طُرُقٍ أَطْلَقَهَا الْمُصَنِّفُ ( فَقِيلَ ) هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُوَالَاةِ ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، فَعَلَى هَذَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ فَوَاتِ الْمُوَالَاةِ أَجْزَأَهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا ، لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِالْمُوَالَاةِ ، وَإِنْ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ ابْتَدَأَ الطَّهَارَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُوَالَاةَ فَرْضٌ ، وَضَعَّفَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ ( قَالَ ) الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ : وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ ، وَإِنَّمَا تُبِيحُ الصَّلَاةَ كَالتَّيَمُّمِ ، فَإِذَا ظَهَرَتْ الرِّجْلَانِ ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ السَّابِقِ ( قَالَ ) الزَّرْكَشِيّ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ أَيْضًا فِي تَوْقِيتِ الْمَسْحِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ تَرْفَعُ الْحَدَثَ : إلَّا عَنْ الرِّجْلَيْنِ ، انْتَهَى ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي التَّعْلِيقِ كَمَا قَالَ ، وَقِيلَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ

يَرْفَعُ الْحَدَثَ ، وَقَطَعَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ ، الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ ( وَقَالَ ) هُوَ وَأَبُو الْمَعَالِي بْنُ مُنَجَّى وَحَفِيدُهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِمْ : هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ ، انْتَهَى .
( قُلْتُ ) وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الطُّرُقِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ نَصَّ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، فَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَنْ الرِّجْلَيْنِ ، وَعَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَبَعَّضُ ، فَإِذَا خَلَعَ عَادَ الْحَدَثُ إلَى الرِّجْلَيْنِ فَيَسْرِي إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ ، فَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ ، وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَنُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ لِإِطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بِالِاسْتِئْنَافِ بَلْ ( قِيلَ ) إنَّهُ مَنْصُوصُهُ ، قَالَ فِي الْكَافِي : أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ تَبْطُلُ الطَّهَارَةُ لِأَنَّ الْمَسْحَ أُقِيمَ مَقَامَ الْغَسْلِ ، فَإِذَا زَالَ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ فِي الْقَدَمَيْنِ ، فَتَبْطُلُ فِي جَمِيعِهَا لِكَوْنِهَا لَا تَتَبَعَّضُ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَ الطَّرِيقَتَيْنِ ابْنُ تَمِيمٍ ( وَقِيلَ ) مَبْنِيَّةٌ عَلَى صِحَّةِ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ ، فَإِنْ قُلْنَا : يَصِحُّ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَ غَسْلُ قَدَمَيْهِ ، وَإِلَّا ابْتَدَأَ الطَّهَارَةَ ( وَاعْلَمْ ) أَنَّ فِي صِحَّةِ طَهَارَةِ مَنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَجْهَيْنِ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ الصِّحَّةُ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ إجْزَاءَ مَسْحِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ قَدَمَيْهِ ( وَقِيلَ ) مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ وَإِنْ تَبَعَّضَتْ فِي الثُّبُوتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ

( قُلْتُ ) قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ : فَإِنْ قِيلَ : لَا تَبَعُّضَ فِي الصِّحَّةِ فَيَصِحَّانِ جُزْءًا فَجُزْءًا ، وَلَا يَتَبَعَّضَانِ فِي الِانْتِقَاضِ ، انْتَهَى .
تَنْبِيهَانِ ( الْأَوَّلُ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اللَّاتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أُصُولًا ( قَالَ ) الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ ، فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا فِي الْوُضُوءِ جَوَّزَ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ ، وَمَنْ أَوْجَبَهَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ إذَا فَاتَتْ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ غَسْلُهُمَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ خِلَافُ ذَلِكَ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ وَبَنَوْهَا عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ تَتَبَعَّضُ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا كَالْغَسْلِ وَإِذَنْ إمَّا أَنْ نَقُولَ الْحَدَثُ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ الرِّجْلَيْنِ فَيُغْسَلَانِ بِحُكْمِ الْحَدَثِ السَّابِقِ ، أَوْ نَقُولَ ارْتَفَعَ وَعَادَ إلَيْهِمَا فَقَطْ وَأَمَّا الْمَذْهَبُ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عِنْدَ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَبَنَاهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَلَى شَيْئَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ حَدَثَ الرِّجْلَيْنِ رَفْعًا مُؤَقَّتًا ( وَالثَّانِي ) أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَبَعَّضُ انْتَهَى ، فَظَاهِرُ هَذَا بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ كُلَّ رِوَايَةٍ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلٍ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ خَلَعَ مَا مَسَحَهُ أَوْ ظَهَرَ بَعْضُ مَحَلِّ فَرْضِهِ فِي رَأْسِهِ أَوْ قَدَمِهِ أَوْ تَمَّتْ مُدَّتُهُ تَوَضَّأَ ثَانِيًا إنْ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ ، وَقِيلَ أَوْ لَمْ تَفُتْ ، وَقُلْنَا الْمَسْحُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ ، وَعَنْهُ يُجْزِئُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ ، وَمَحِلُّ الْجَبِيرَةِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي اعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ ، وَقِيلَ بَلْ هَذَا إنْ قُلْنَا الْمَسْحُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مَعَ الْمُوَالَاةِ وَعَدَمِهَا ،

وَإِنْ قُلْنَا يَرْفَعُهُ تَوَضَّأَ ، وَقِيلَ بَلْ هَذَا إنْ قُلْنَا يُجْزِئُ كُلُّ عُضْوٍ بِنِيَّتِهِ ، وَإِلَّا تَوَضَّأَ انْتَهَى .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ لَعَلَّهُ " وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ " لِأَنَّ الرَّأْسَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ سَقْطٌ وَتَقْدِيرُهُ وَإِنْ ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ أَوْ رَأْسُهُ وَهُوَ أَوْلَى ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرِّوَايَةُ وَرَّدَتْ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا كَانَ وَاحِدًا ذَكَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ اُنْتُقِضَ بَعْضُ الْعِمَامَةِ فَرِوَايَتَانِ ( م 13 )
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ انْتَقَضَ بَعْضُ الْعِمَامَةِ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ ، وَأَطْلَقَهُمَا هُوَ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ ( إحْدَاهُمَا ) يَبْطُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهَا الْمَجْدُ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي شَرْحَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَلَوْ انْتَقَضَ بَعْضُ عِمَامَتِهِ وَفَحُشَ وَقِيلَ وَلَوْ دَوْرَةً بَطَلَ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا تَبْطُلُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ الْقَاضِي : لَوْ اُنْتُقِضَ مِنْهَا كَوْرٌ وَاحِدٌ بَطَلَ ، وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ فِي مَحَلَّ الْخِلَافِ طَرِيقَتَيْنِ مَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ .

وَإِنْ نَزَعَ خُفًّا فَوْقَانِيًّا مَسَحَهُ ، فَعَنْهُ يَلْزَمُهُ نَزْعُ التَّحْتَانِيِّ ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ فَيَتَوَضَّأُ ، أَوْ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ عَلَى الْخِلَافِ ( م 14 ) وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ ( و هـ م ) فَيَتَوَضَّأ أَوْ يَمْسَحُ التَّحْتَانِيَّ مُفْرَدًا عَلَى الْخِلَافِ ، وَكُلٌّ مِنْ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ بَدَلٌ مُسْتَقِلٌّ عَنْ الْغَسْلِ ، وَقِيلَ : الْفَوْقَانِيُّ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ ، وَالتَّحْتَانِيُّ كَلِفَافَةٍ ، وَقِيلَ : الْفَوْقَانِيُّ بَدَلٌ عَنْ التَّحْتَانِيِّ ، وَالتَّحْتَانِيُّ بَدَلٌ عَنْ الْقَدَمِ ، وَقِيلَ : هُمَا كَظِهَارَةٍ وَبِطَانَةٍ .
وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِ الْقَدَمِ مَحِلَّهَا لَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْأَصَحِّ ، لِهَذَا لَوْ غَسَلَهَا فِيهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا مَحِلَّهَا مَسَحَ ، وَإِنْ زَالَتْ الْجَبِيرَةُ فَكَالْخَفِّ ( و م ش ) وَقِيلَ طَهَارَتُهُ بَاقِيَةٌ قَبْلَ الْبُرْءِ ( و هـ ) اخْتَارَهُ شَيْخُنَا مُطْلَقًا كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ .

( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَزَعَ خُفًّا فَوْقَانِيًّا مَسَحَهُ ، فَعَنْهُ يَلْزَمُهُ نَزْعُ التَّحْتَانِيِّ فَيَتَوَضَّأُ أَوْ يَغْسِلُ قَدَمَهُ عَلَى الْخِلَافِ ، وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ ، فَيَتَوَضَّأُ أَوْ يَمْسَحُ التَّحْتَانِيَّ مُفْرَدًا عَلَى الْخِلَافِ انْتَهَى .
( اعْلَمْ ) أَنَّ قَرِينَةَ قَوْلِهِ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّ الْإِتْيَانَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ يَقْتَضِي قُوَّةَ الْخِلَافِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْحَابُ اخْتَارُوا إحْدَاهُمَا ، وَالْمُصَنَّفِ تَابَعَ الْمَجْدَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ ، وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحَيْهِمَا ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ عَدَمَ اللُّزُومِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى لَكِنْ قَالَ : الْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ : يَعْنِي بِهِ فِيهِمَا الَّذِي فِيمَا إذَا ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ ، أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ .
فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابُ نَوَاقِضِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ ، وَالْمُرَادُ إلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ وَيَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ وَلَوْ نَادِرًا كَاسْتِحَاضَةٍ ( م ) وَقِيلَ : لَا يَنْقُضُ رِيحُ قُبُلٍ ( و هـ ) وَقِيلَ مِنْ ذَكَرٍ .
وَفِي خُرُوجِ مَا يَجْعَلُهُ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بِلَا بَلَّةٍ كَقُطْنَةٍ أَوْ مِيلٍ فِيهَا وَقِيلَ وَمَعَ بَلَّةٍ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا خُرُوجُ بَوْلٍ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَمُجَرَّدُ الْحُقْنَةِ أَوْجُهٌ : الثَّالِثُ يُنْقَضُ مِنْ دُبُرِهِ ، وَكَذَا لَوْ دَبَّ مَاؤُهُ ، أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ ، أَوْ مَنِيُّ امْرَأَةٍ وَلَمْ يُخَرَّجْ ذَلِكَ ( م 1 - 3 ) وَإِنْ خَرَجَ تَوَضَّأَتْ وَقِيلَ تَغْتَسِلُ لِمَنِيِّهِ ، وَإِنْ خَرَجَ مَعَهُ مَنِيُّهَا فَكَبَقِيَّةِ الْمَنِيِّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيمَا يَحْمِلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَرَفِهِ خَارِجًا ، أَوْ لَا .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ طَرَفُهُ خَارِجًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ ، أَوْ خَرَجَ نَقَضَ ، وَأَفْسَدَ الصَّوْمَ ، وَإِنْ كَانَ طَرَفُهُ خَارِجًا فَلَا ، إلَّا مَعَ بَلَّةٍ وَرَائِحَةٍ ، فَيَنْقُضُ ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ بَقِيَ بَعْضُهُ خَارِجًا ، أَوْ بَلَغَ بَعْضَ خَيْطٍ فَوَصَلَ الْمَعِدَةَ ثَبَتَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاةٌ ، وَلَا طَوَافٌ .
وَإِنْ ظَهَرَتْ مَقْعَدَتُهُ يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهَا بَلَلًا ، وَقِيلَ أَوْ يَجْهَلُهُ ، وَلَمْ يَنْفَصِلْ انْتَقَضَ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَكَذَا طَرَفُ مُصْرَانٍ ، أَوْ رَأْسِ دُودَةٍ .
وَلَوْ صَبَّ دُهْنًا فِي أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يُنْتَقَضْ ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ فِيهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ( و هـ ) خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي .
وَفِي نَجَاسَةِ دُهْنٍ قَطَّرَهُ فِي إحْلِيلِهِ وَجْهَانِ ، لِنَجَاسَةِ بَاطِنِهِ ، أَوْ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ فَلَمْ يَتَنَجَّسْ بِهِ ، كَنُخَامَةِ الْحَلْقِ ، وَهُوَ مَخْرَجُ الْقَيْءِ ( م 4 ) وَفِي الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ طَهَارَةُ حَصَاةٍ خَرَجَتْ مِنْ الدُّبُرِ وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ .

بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ ( مَسْأَلَةٌ 1 - 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي خُرُوجِ مَا يَحْمِلُهُ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بِلَا بَلَّةٍ كَقُطْنَةٍ أَوْ مِيلٍ وَمُجَرَّدِ الْحُقْنَةِ أَوْجُهٌ : الثَّالِثُ يُنْقَضُ مِنْ دُبُرهِ وَكَذَا لَوْ دَبَّ مَاؤُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ أَوْ مَنِيِّ امْرَأَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ ، انْتَهَى .
اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) لَوْ احْتَشَى فِي قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ قُطْنًا أَوْ مِيلًا ثُمَّ خَرَجَ بِلَا بَلَّةٍ فَقِيلَ لَا يُنْقَضُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقِيلَ يُنْقَضُ صَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَخُرُوجُهُ بِلَا بَلَّةٍ نَادِرٌ جِدًّا ، بَلْ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ عَلَى الظَّنِّ وَأَطْلَقَهُمَا الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ ، وَقِيلَ : إذَا خَرَجَ مِنْ الدُّبُرِ خَاصَّةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُجَرَّدِ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ ، وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ ) لَوْ احْتَقَنَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْحُقْنَةِ شَيْءٌ أَوْ دَبَّ مَاؤُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ أَوْ مَنِيُّ امْرَأَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَقِيلَ لَا يُنْقَضُ ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُحْتَقِنُ أَدْخَلَ رَأْسَ الزَّرَّاقَةِ نُقِضَ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي الْمَنِيِّ ، وَالْحُقْنَةِ مِثْلُهُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ : يُنْقَضُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ قَوِيٌّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُنْقَضُ إذَا كَانَتْ الْحُقْنَةُ فِي الدُّبُرِ دُونَ الْقُبُلِ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ

الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ وَتَعْلِيلِهِ ، وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْفُصُولِ فِي الْحُقْنَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَفِي نَجَاسَةِ دُهْنٍ قَطَّرَهُ فِي إحْلِيلِهِ وَجْهَانِ لِنَجَاسَةِ بَاطِنِهِ ، أَوْ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ فَلَمْ يَتَنَجَّسُ بِهِ ، كَنُخَامَةِ الْحَلْقِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْقَيْءِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ عُبَيْدَانَ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَنْجُسُ ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَطَعَ بِهِ فِي بَحْثِهِ ( قُلْتُ ) هِيَ قَرِيبَةُ الشَّبَهِ مِنْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ ( وَالْوَجْهُ ) الثَّانِي يَنْجُسُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ خَرَجَ ، لِأَنَّهُ يُخَالِطُهُ وَيَكْتَسِبُ مِنْهُ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( قُلْتُ ) إنْ خَرَجَ الدُّهْنُ بِبَلَلٍ نَجِسَ ، وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى ، وَخُرُوجُهُ بِلَا بَلَلٍ بَعِيدٌ جِدًّا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الثَّانِي ) خُرُوجُ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ ( ش ) وَخُرُوجُ نَجَاسَةٍ فَاحِشَةٍ فِي نُفُوسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ ، فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ، نَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ : الْمُذْهَبَ كُلُّ أَحَدِ بِحَسَبِهِ ( م هـ ) وَعَنْهُ يَنْقُضُ الْيَسِيرُ ( و هـ ) وَقَالَ شَيْخُنَا : لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا ( و م ش ) وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ فِي غَيْرِ الْقَيْءِ ، وَإِنْ شَرِبَ مَاءً وَقَذَفَهُ فِي الْحَالِ فَنَجَسٌ كَالْقَيْءِ ، وَذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ، وَمِنْهُمْ الْقَاضِي ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ إنْ تَغَيَّرَ كَدُهْنٍ قَطَّرَهُ فِي إحْلِيلِهِ .
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ : لَا يَنْقُضُ بَلْغَمٌ كَثِيرٌ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ( و هـ ) وَعَنْهُ بَلَى ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ ، وَأَصْلُهَا هَلْ يُفْطِرُ الصَّائِمَ ؟ لَنَا : إنَّهَا تُخْلَقُ مِنْ الْبَدَنِ كَبَلْغَمِ الرَّأْسِ ، فَإِنْ قِيلَ : الْبَلْغَمُ يَخْتَلِطُ بِنَجَاسَةِ الْمَعِدَةِ فَيَنْجُسُ كَمَاءٍ شَرِبَهُ ثُمَّ قَاءَهُ ؛ قِيلَ : الْبَلْغَمُ يَتَمَيَّزُ مِنْ نَجَاسَةٍ تُجَاوِرُهُ ، وَالنَّجَاسَةُ الَّتِي مَعَهُ لَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَكُنْ كَثِيرَةً ، وَفَارَقَ مَاءً شَرِبَهُ ثُمَّ قَاءَهُ ، لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي الْجَوْفِ خَالَطَتْهُ أَجْزَاءٌ نَجِسَةٌ لَا تُمَيَّزُ عَنْهُ ، فَيَصِيرُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ ، كَذَا قَالَ : لَكِنْ فِيهِ إنَّ مَا قَاءَهُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِوُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ ، وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ، قَالُوا : لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ بِوُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ لَا بِالِاسْتِحَالَةِ ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ فِي دُهْنٍ قُطِّرَ فِي إحْلِيلِهِ ، وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِهِ .
وَيَنْقُضُ دَمٌ كَثِيرٌ مَصَّهُ عَلَقٌ أَوْ قُرَادٌ ، لَا ذُبَابٌ وَبَعُوضٌ ، لِقِلَّتِهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ : إنْ كَانَ صَغِيرًا كَذُبَابٍ وَبَعُوضٍ لَمْ يَنْقُضْ ، وَإِلَّا نَقَضَ ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الدَّمُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِقُطْنَةٍ وَنَحْوِهَا نَقَضَ ( و هـ ) وَلَا يَنْقُضُ

عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حَصَاةٌ ، وَلَا قِطْعَةُ لَحْمٍ ، وَلَا دُودٌ ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ ، وَلَا يَنْقُضُ عِنْدَهُمْ الْقَيْءُ إلَّا مِلْءَ الْفَمِ ، وَإِنْ غَلَبَ الرِّيقَ الدَّمُ لَمْ يَنْقُضْ عِنْدَهُمْ ، وَإِنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَفَتَحَ غَيْرَهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : أَسْفَلُ الْمَعِدَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ الْمُعْتَادِ ، وَقِيلَ إلَّا فِي النَّقْضِ بِرِيحٍ مِنْهُ ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ ، وَفِي إجْزَاءِ الِاسْتِجْمَارِ ، وَقِيلَ حَتَّى مَعَ بَقَاءِ الْمَخْرَجِ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَأَحْكَامُ الْمَخْرَجِ بَاقِيَةٌ ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ : إلَّا أَنْ يَكُونَ سَدّ حَلْقَهُ ، فَسَبِيلُ الْحَدَثِ الْمُنْفَتِحِ وَالْمَسْدُودِ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى .

( مَسْأَلَةٌ 5 ) وَخُرُوجُ نَجَاسَةٍ فَاحِشَةٍ فِي أَنْفُسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ .
وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْمَذْهَبُ كُلُّ أَحَدٍ بِحَسْبِهِ ، انْتَهَى ، ( الرِّوَايَةُ الْأُولَى ) اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : هَذَا الْأَظْهَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ ، وَغَيْرِهِمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : هِيَ الصَّحِيحَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ ( قَالَ ) الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، قَالَ الْخَلَّالُ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ حَدَّ الْفَاحِشِ مَا اسْتَفْحَشَهُ كُلُّ إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مَا يَفْحُشُ فِي الْقَلْبِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : " وَفِي إجْزَاءِ الِاسْتِجْمَارِ وَقِيلَ حَتَّى مَعَ بَقَاءِ الْمَخْرَجِ وَجْهَانِ " يَعْنِي إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَفَتَحَ غَيْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ فِيهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُجْزِئُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَالشِّيرَازِيُّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ .

( الثَّالِثُ ) زَوَالُ الْعَقْلِ أَوْ تَغْطِيَتُهُ ( و ) وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ تَلَجَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ ، إلْحَاقًا بِالْغَالِبِ عَلَى الْأَصَحِّ ، إلَّا النَّوْمَ الْيَسِيرَ ( و م ) عُرْفًا وَقِيلَ : مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ هَيْئَتِهِ كَسُقُوطٍ ، وَقِيلَ مَعَ بَقَاءِ نَوْمِهِ ، وَعَنْهُ وَالْكَثِيرُ مِنْ جَالِسٍ ( و ش ) إنْ اعْتَمَدَ بِمَقْعَدَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ ، وَهَلْ يُنْتَقَضُ مِنْ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ ( هـ ) فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 7 - 8 ) وَعَنْهُ الْقَائِمُ كَجَالِسٍ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَإِنْ رَأَى رُؤْيَا فَهُوَ كَثِيرٌ ( هـ ش ) وَعَنْهُ : لَا ، وَهِيَ أَظْهَرُ .
وَمُسْتَنِدٌ وَمُتَّكِئٌ وَمُحْتَبٍ كَمُضْطَجَعٍ ، وَعَنْهُ لَا ( و هـ ر ش ) وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يَنْقُضُ نَوْمٌ مُطْلَقًا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا إنْ ظَنَّ بَقَاءَ طُهْرِهِ .

( مَسْأَلَةٌ 7 و 8 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يَنْقُضُ النَّوْمُ مِنْ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 ) هَلْ يَنْقُضُ النَّوْمُ مِنْ الْقَائِمِ أَوْ يَلْحَقُ بِالْجَالِسِ ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ( إحْدَاهُمَا ) : هُوَ كَالْجَالِسِ فَلَا يَنْقُضُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ فِي الْكَافِي : الْأَوْلَى إلْحَاقُ الْقَائِمِ بِالْجَالِسِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالنَّظْمِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ( فَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : يُنْقَضُ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يُنْقَضْ مِنْ الْجَالِسِ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، ابْنُ رَزِينٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُقَاوِمُ الْأُولَى فِي التَّرْجِيحِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 ) نَوْمُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْجَالِسِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) يَنْقُضُ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، قَالَ فِي الْكَافِي : الْأَوْلَى إلْحَاقُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ بِالْمُضْطَجِعِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَشَرْحِ

ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يَنْقُضُ ، وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، ابْنُ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .

( الرَّابِعُ ) مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ عَلَى الْأَصَحِّ ( و ش ) وَعَنْهُ عَمْدًا ، وَعَنْهُ ، مَعَ شَهْوَةٍ ، وَعَنْهُ مَعَهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ ( و م ) وَعَنْهُ لَا يُنْقَضُ طُهْرُ امْرَأَةٍ بِمَسِّ فَرْجِ أُنْثَى ( م ر ) كإسكتيها ، وَعَنْهُ لَا يَنْقُضُ بِمَسِّ دُبُرٍ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَهِيَ أَظْهَرُ ( و م ) وَعَنْهُ يَنْقُضُ مَسُّ الْحَشَفَةِ ، وَعَنْهُ الثَّقْبُ ، وَعَنْهُ وَلَا مَسُّ ذَكَرِ مَيِّتٍ وَمَيِّتَةٍ وَصَغِيرٍ ، وَقِيلَ : دُونَ سَبْعٍ ، وَيَنْقُضُ مَسُّهُ بِيَدِهِ ، وَعَنْهُ وَبِذِرَاعِهِ وَعَنْهُ بِكَفِّهِ فَقَطْ ( و م ش ) فَفِي حَرْفِ كَفِّهِ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ يَنْقُضُ مَسُّهُ بِفَرْجٍ ( ح ) وَالْمُرَادُ : لَا ذَكَرُهُ بِذَكَرِ غَيْرِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي ، وَفِي مَسِّ ذَكَرٍ بَائِنٍ أَوْ مَحِلِّهِ رِوَايَتَانِ ( 10 و 11 ) وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي يَنْقُضُ مَحِلُّهُ ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّكَرِ الْبَائِنِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْخِتَانَيْنِ لِأَنَّهُ كَيَدٍ بَائِنَةٍ ، بِخِلَافِ فَرْجٍ بَائِنٍ ، وَالْقُلْفَةُ كَالْحَشَفَةِ ، وَلَا يَنْقُضُ مَسُّهَا بَعْدَ قَطْعِهَا لِزَوَالِ الِاسْمِ وَالْحُرْمَةِ ، وَالْمَسُّ بِزَائِدٍ يَنْقُضُ ، وَعَنْهُ لَا ، كَمَسٍّ زَائِدٍ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يَنْقُضُ مَسُّ أَحَدِ فَرْجَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ إلَّا مَسَّ رَجُلٍ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ ، أَوْ مَسَّ امْرَأَةٍ قُبُلَهُ لَهَا ، وَلَا يَسْتَجْمِرُ فِيهِ ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ ، وَلَا يَنْقُضُ يَسِيرُ نَجَاسَةٍ سِوَى بَوْلٍ وَغَائِطٍ ، وَقِيلَ يُنْتَقَضُ بِانْتِشَارِهِ بِنَظَرٍ ، أَوْ فِكْرٍ ، وَفِي مَسِّ فَرْجِ بَهِيمَةٍ احْتِمَالٌ ، وَحُكِيَ عَنْ اللَّيْثِ ، وَأَشَلُّ كَصَحِيحٍ ، وَقِيلَ كَزَائِدٍ .

( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْفَرْجِ بِيَدِهِ ، وَعَنْهُ يَنْقُضُ مَسُّهُ بِكَفِّهِ ، فَفِي حَرْفِ كَفِّهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَنْقُضُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَنْقُضُ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ .
( مَسْأَلَةٌ 10 وَ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي مَسِّ ذَكَرٍ بَائِنٍ أَوْ مَحِلِّهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10 ) مَسُّ الذَّكَرِ الْبَائِنِ هَلْ يَنْقُضُ أَمْ لَا ؟ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْهَادِي وَالْمُقْنِعِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَابْنُ مُنَجَّى ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَالزَّرْكَشِيِّ فِي شُرُوحهمْ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : لَا يَنْقُضُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : عَدَمُ النَّقْضِ أَقْوَى ، لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ ، وَالْمَظِنَّةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ ، فَقَالُوا : يَنْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ الْمُتَّصِلِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ يَنْقُضُ مَسُّهُ وَلَوْ مُنْفَصِلًا فِي وَجْهٍ ، انْتَهَى ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَنْقُضُ جَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ ( تَنْبِيهٌ ) حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَحَكَاهُ وَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ

وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11 ) حُكْمُ مَسِّ مَحِلِّهِ حُكْمُ مَسِّهِ وَهُوَ بَائِنٌ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَقَدْ عَلِمْتَ الْمَذْهَبَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، فَكَذَا فِي هَذِهِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي يَنْقُضُ مَحِلُّهُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ : لَوْ جَبَّ الذَّكَرَ فَمَسَّ مَحَلَّ الْجَبِّ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ شَاخِصٌ ، وَاكْتَسَى بِالْجِلْدِ ، لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الذَّكَرِ ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ، انْتَهَى ، فَقَدَّمَ ابْنُ عُبَيْدَانَ هَذَا .

( الْخَامِسُ ) لَمْسُهُ أُنْثَى لِشَهْوَةٍ ( و هـ ) وَعَنْهُ مُطْلَقًا ( و ش ) وَعَنْهُ عَكْسُهُ ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ، وَشَيْخُنَا ، وَلَوْ بَاشَرَ مُبَاشَرَةً فَاحِشَةً ( هـ ) وَقِيلَ إنْ انْتَشَرَ يَنْقُضُ ، وَإِذَا لَمْ يَنْقُضْ مَسُّ فَرْجِ أُنْثَى اُسْتُحِبَّ الْوُضُوءُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا لِشَهْوَةٍ ، وَكَذَا لَمْسُهَا لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ ( م ) وَفِي الْمَيْتَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْعَجُوزِ [ وَذَاتِ ] الْمَحْرَمِ وَجْهَانِ ( م 12 - 15 ) وَلَا نَقْضَ مَعَ حَائِلٍ ، وَأَمْرَدَ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَعَنْهُ بَلَى فِيهِمَا لِشَهْوَةٍ ( و م ) وَلَا لَمْسُ سِنٍّ وَشَعْرٍ وَظُفْرٍ فِي الْأَصَحِّ ( م ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَكَذَا اللَّمْسُ بِهِ ، وَهُوَ مُتَوَجَّهٌ ، وَكَذَا مَسُّ ذَكَرٍ بِظُفْرٍ ، وَلَا مَلْمُوسَ ( ش ) وَمَمْسُوسُ فَرْجِهِ ( و ) عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَمْسٌ زَائِدٌ ، وَبِهِ ، كَأَصْلِيٍّ فِي الْأَصَحِّ ، وَكَذَا أَشَلُّ ، وَقِيلَ : يَنْقُضُ مَسُّ رَجُلٍ رَجُلًا ، أَوْ امْرَأَةٍ لِشَهْوَةٍ ، فَيَنْقُضُ مَسُّ أَحَدِهِمَا كَخُنْثَى ، وَمَسُّهُ لَهُمَا .

( مَسْأَلَةٌ 12 - 15 ) قَوْلُهُ : وَفِي مَسِّ الْمَيْتَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْعَجُوزِ وَالْمَحْرَمِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَنْقُضُ مَسُّ الْمَرْأَةِ ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12 ) مَسُّ الْمَيْتَةِ هَلْ يَنْقُضُ كَالْحَيَّةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : هِيَ كَالْحَيَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ ، وَالْكَافِي ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْإِفَادَاتِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّم ، وَابْنُ الْبَنَّا ، وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَنْقُضُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13 ) الصَّغِيرَةُ هَلْ هِيَ كَالْكَبِيرَةِ ، أَمْ لَا يَنْقُضُ مَسُّهَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَحَدُهُمَا هِيَ كَالْكَبِيرَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَنَصَرَهُ ( وَالْوَجْهُ ) الثَّانِي لَا يَنْقُضُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ( تَنْبِيهٌ ) صَرَّحَ الْمَجْدُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّ الطِّفْلَةِ ، وَإِنَّمَا يَنْقُضُ لَمْسُ الَّتِي تُشْتَهَى ( قُلْت ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ ، وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ

الثَّالِثَةُ 14 ) مَسُّ الْعَجُوزِ هَلْ يَنْقُضُ كَغَيْرِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ أَحَدُهُمَا هِيَ كَغَيْرِهَا فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَسُّهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْإِفَادَاتِ وَالزَّرْكَشِيُّ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَنْقُضُ ( قُلْت ) وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ إذًا الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِحُصُولِ الشَّهْوَةِ ، وَهِيَ أَهْلٌ لِذَلِكَ .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 15 ) هَلْ مَسُّ الْمَحْرَمِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ أَمْ لَا يَنْقُضُ مَسُّهَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، ( أَحَدُهُمَا ) هِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَهُوَ ضَعِيفٌ ( تَنْبِيهٌ ) حَكَى الْخِلَافَ فِي الْعَجُوزِ وَالْمَحْرَمِ رِوَايَتَيْنِ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ .

السَّادِسُ ) أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ عَلَى الْأَصَحِّ ( ح ) وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ ، قَالَ : وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ ، لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ ، وَعَنْهُ لَا يُعِيدُ مَعَ الْكَثْرَةِ ، وَعَنْهُ مُتَأَوَّلٌ ، وَقِيلَ فِيهِ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْأَثَرُ ، بِخِلَافِ تَرْكِهِ الطُّمَأْنِينَةَ ، وَتَوْقِيتَ مَسْحٍ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَمَعْنَاهُ كَلَامُ شَيْخِنَا ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُعِيدُ مُتَأَوِّلٌ مُطْلَقًا ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَجْهًا فِي " الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ " وَأَنَّ نَصَّ أَحْمَدَ خِلَافُهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا أُعَنِّفُ مَنْ قَالَ شَيْئًا لَهُ وَجْهٌ وَإِنْ خَالَفْنَاهُ .
وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَجْهَيْنِ فِي تَرْكِ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ مُتَأَوِّلًا .
وَفِي بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ الْمَرَقِ وَاللَّبَنِ رِوَايَتَانِ ( م 16 و 17 ) وَلَا يَنْقُضُ طَعَامٌ مُحَرَّمٌ ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَعَنْهُ اللَّحْمُ ، وَعَنْهُ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَبَقِيَّةُ النَّجَاسَاتِ ، يُخَرَّجُ عَلَيْهِ ، حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَقَالَ شَيْخُنَا : الْخَبِيثُ الْمُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَلَحْمِ السِّبَاعِ أَبْلَغُ مِنْ الْإِبِلِ ، فَالْوُضُوءُ مِنْهُ أَوْلَى ، قَالَ : وَالْخِلَافُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَحْمَ الْإِبِلِ تَعَبُّدِيٌّ ، أَوْ عُقِلَ مَعْنَاهُ .

( مَسْأَلَةٌ 16 وَ 17 ) قَوْلُهُ فِي النَّقْضِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ وَفِي بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمَرَقِ وَاللَّبَنِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى فِيهِ مَسْأَلَتَانِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 16 ) فِي اللَّبَنِ هَلْ هُوَ فِي النَّقْضِ كَاللَّحْمِ أَمْ لَا يَنْقُضُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْإِرْشَادِ ، وَالْمُجَرَّدِ ، وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي ، وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَنْقُضُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : اخْتَارَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا : قَالَ الزَّرْكَشِيّ : اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُصُولِهِ ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ ، قَالَ النَّاظِمُ ، هَذَا الْمَنْصُورُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : هَذَا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : هُوَ كَاللَّحْمِ ، قَدَّمَهُ فِي الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ ( تَنْبِيهٌ ) حَكَى الْأَصْحَابُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ ، وَحَكَاهَا فِي الْإِرْشَادِ وَجْهَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 17 ) فِي الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ هَلْ هُمَا فِي النَّقْضِ كَاللَّحْمِ ، أَمْ لَا يَنْقُضَانِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُجَرَّدِ ، وَالْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي ، وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَابْنِ عُبَيْدَانَ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَنْقُضُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ

وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى النَّقْضِ بِاللَّحْمِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ فَقَالَ : وَالصَّحِيحُ لَا يَنْقُضُ ، وَإِنْ قُلْنَا يَنْقُضُ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : يَنْقُضُ ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ طَرِيقَتَيْنِ ، هَلْ يَلْحَقُ بِاللَّبَنِ أَمْ بِاللَّحْمِ ، فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَعَلُوا حُكْمَ اللَّبَنِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَاحِدًا ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ حَكَى الْخِلَافَ فِي إلْحَاقِهَا بِاللَّبَنِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ .
( تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ ) حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ ، وَكَذَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْفَائِقِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَحَكَى أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( الثَّانِي ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ : وَفِي بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمَرَقِ رِوَايَتَانِ ، فَجَعَلَ الْخِلَافَ عَلَى اللَّبَنِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَحُكْمُ سَائِرِ أَجْزَائِهِ غَيْرَ اللَّحْمِ ، وَالْكِرْشِ ، وَالدُّهْنِ وَالْمَرَقِ وَالْمُصْرَانِ وَالْجِلْدِ حُكْمُ الطِّحَالِ وَالْكَبِدِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَفِي سَنَامِهِ ، وَدُهْنِهِ ، وَمَرَقِهِ ، وَكِرْشِهِ ، وَمُصْرَانِهِ ، وَقِيلَ وَجِلْدِهِ ، وَعَظْمِهِ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ رِوَايَتَانِ .
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَفِي شُحُومِهَا وَجْهَانِ ، وَحَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ .
( مَسْأَلَةٌ 18 وَ 19 ) قَوْلُهُ وَفِي اسْتِحْبَابِ

الْوُضُوءِ لِلْقَهْقَهَةِ وَلِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عُبَيْدَانَ فِيهِمَا .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ

( السَّابِعُ ) غُسْلُ الْمَيِّتِ ، وَعَنْهُ لَا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وَ ) كَمَا لَوْ يَمَّمَهُ ، وَفِيهِ قَوْلٌ ، وَفِي غُسْلِ بَعْضِهِ احْتِمَالٌ ، وَلَا يَنْقُضُ ، نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ ، لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ حَمْلِ الْجِنَازَةِ ، لَيْسَ يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَغْتَسِلُ مِنْ الْحِجَامَةِ ، لَيْسَ يَثْبُتُ ، وَالْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ لَيْسَ يَثْبُتُ ، وَفِي هَذَيْنِ رِوَايَةٌ أُخْرَى ، فَيَتَوَجَّهُ فِي الْحَمْلِ ، لِتَسْوِيَةِ أَحْمَدَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ .

( الثَّامِنُ ) الرِّدَّةُ ( و ش ) فِي التَّيَمُّمِ ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ ، [ لِقَوْلِهِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ مُبِيحٌ ، وَلَا إبَاحَةَ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ ، وَالْوُضُوءُ رَافِعٌ ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا ، وَلَا نَصَّ فِيهَا ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ ، وَالطَّهَارَةُ الْكُبْرَى زَالَ حُكْمُهَا ، فَرَجَعَ إلَى أَصْلِهِ ، لِأَنَّهُ طَارِئٌ بِخِلَافِ الْحَدَثِ ، وَلِأَنَّهَا كَالْحَدَثِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ ] وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ تَبْطُلُ .
وَلَا يَنْقُضُ غَيْبَةٌ وَنَحْوُهَا ، نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَحَكَى رِوَايَةً وَاقْتَصَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ عَلَى النَّقْضِ بِالْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ ، وَكُلِّ مَا أَوْجَبَ غُسْلًا كَإِسْلَامٍ وَإِيلَاجٍ بِحَائِلٍ أَوْجَبَ وُضُوءًا وَقِيلَ : وَلَوْ مَيِّتًا ( و )

وَلَا يُنْقَضُ بِقَهْقَهَةٍ فِي صَلَاةٍ فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ ( هـ ) وَفِي اسْتِحْبَابِهِ وَلِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَجْهَانِ ( م 18 - 19 ) وَسَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ التَّجْدِيدِ مَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لَهُ ، وَالْمَنْصُوصُ .
( مَسْأَلَةٌ 18 و 19 ) وَقَوْلُهُ وَفِي اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِلْقَهْقَهَةِ وَلِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عُبَيْدَانَ فِيهِمَا .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 18 ) : هَلْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِلْقَهْقَهَةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُسْتَحَبُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ ، وَالْوَجْهُ ( الثَّانِي ) يُسْتَحَبُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ( قُلْتُ ) وَهُوَ قَوِيٌّ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 19 ) هَلْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ ، وَالزَّرْكَشِيُّ أَحَدُهُمَا لَا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُسْتَحَبُّ ، وَفِيهِ قُوَّةٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ ، وَلَكِنْ صِحَّةُ الْأَحَادِيثِ تُبْطِلُ هَذِهِ الشُّبْهَةَ .

وَلَا يُنْقَضُ بِإِزَالَةِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَنَحْوِهِ .

وَمَنْ شَكَّ فِي طَهَارَةٍ أَوْ حَدَثٍ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ ، وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ( م ) كَمَنْ بِهِ وَسْوَاسٌ ( و ) وَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَهُوَ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا ، وَقِيلَ : يَتَطَهَّرُ ، كَمَا لَوْ جَهِلَهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا رَفْعًا لِحَدَثٍ وَنَقْضًا لِطَهَارَةٍ ، كَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَهُمَا ، فَإِنْ جَهِلَ أَوْ أَسْبَقَهُمَا أَوْ عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا : فَهَلْ هُوَ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ ضِدِّهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ ( م 20 - 21 ) وَإِنْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً وَفِعْلَ حَدَثٍ فَضِدُّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا ، وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ حَدَثٍ وَلَا يَدْرِي الْحَدَثَ عَلَى طُهْرٍ أَمْ لَا فَمُتَطَهِّرٌ مُطْلَقًا ، وَعَكْسُ هَذِهِ الصُّورَةِ بِعَكْسِهَا .

مَسْأَلَةٌ 20 وَ 21 ) قَوْلُهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا ، رَفْعًا لِحَدَثٍ وَنَقْضًا لِطَهَارَةٍ ، فَعَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَهُمَا ، فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا أَوْ عَيَّنَ وَقْتًا ، لَا يَسَعُهُمَا ، فَهَلْ هُوَ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ ضِدِّهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ ، وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ جَهِلَ فَاعِلُهَا حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا ، أَوْ عَيَّنَ لَهُمَا وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا فَهَلْ هُوَ بَعْدَهُمَا كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ بِضِدِّهِ ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 20 ) إذَا جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا ( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ .
( الْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَجَمَاعَةٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ .
( تَنْبِيهٌ ) مَعْنَى جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا إذَا جَهِلَ حَالَ الطَّهَارَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا بَعْدَ زَوَالٍ مَثَلًا ، وَحَالَ الْحَدَثِ هَلْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ عَنْ حَدَثٍ أَوْ عَنْ تَجْدِيدٍ ؟ وَهَلْ كَانَ الْحَدَثُ عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ عَنْ حَدَثٍ آخَرَ وَجَهِلَ أَيْضًا الْأَسْبَقَ مِنْهُمَا ؟ قَالَ الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ : فَإِنْ وُجِدَ الْفِعْلَانِ وَفُقِدَ الِابْتِدَاءُ لَمْ يَخْلُ : إمَّا أَنْ يَفْقِدَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مِثَالٌ فِقْدَانه فِيهِمَا أَنْ يَقُولَ إنِّي أَتَحَقَّقُ أَنِّي بَعْدَ الزَّوَالِ تَوَضَّأْتُ وُضُوءًا لَا أَدْرِي عَنْ حَدَثٍ كَانَ أَوْ تَجْدِيدًا وَإِنِّي بُلْتُ وَلَا أَدْرِي كُنْتُ حِينَ الْبَوْلِ مُحْدِثًا أَوْ

مُتَطَهِّرًا وَلَا أَعْلَمُ السَّابِقَ مِنْ الْفِعْلَيْنِ ، فَهَذَا يَكُونُ عَلَى عَكْسِ حَالِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ ، انْتَهَى وَعَلَّلَهُ بِتَعْلِيلٍ جَيِّدٍ ، فَهَذِهِ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 21 ) إذَا عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا فَهَلْ يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ ضِدِّهِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ ( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَالَيْنِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ فِعْلَهُمَا فِي وَقْتٍ لَا يَتَّسِعُ لَهُمَا تَعَارَضَ هَذَا الْيَقِينُ وَسَقَطَ ، وَكَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ طَهَارَةٍ ، قَالَ فِي النُّكَتِ وَأَظُنُّ أَنَّ أَبَا الْمَعَالِي وَجِيهَ الدِّينِ أَخَذَ اخْتِيَارَهُ مِنْ هَذَا ، وَنَزَّلَ كَلَامَ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ ، انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا ( قُلْتُ ) الصَّوَابُ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّ تَعَيُّنَ الطَّهَارَةِ قَدْ عَارَضَهُ يَقِينُ الْحَدَثِ ، وَعَكْسُهُ فَيَسْقُطَانِ ، فَيَتَوَضَّأُ احْتِيَاطًا ، لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلصَّلَاةِ بِيَقِينٍ مِنْ الطَّهَارَةِ إذَا مَا قِيلَ ذَلِكَ مَشْكُوكٌ بِمَا حَصَلَ بَعْدَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ الصَّلَاةُ ( ع ) فَلَوْ صَلَّى مَعَهُ لَمْ يَكْفُرْ ( هـ ) وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَجِلْدِهِ وَحَوَاشِيهِ لِشُمُولِ الْمُصْحَفِ لَهُ ، بِدَلِيلِ الْبَيْعِ ، وَلَوْ بِصَدْرِهِ ( و ) وَقِيلَ : كِتَابَتِهِ ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ ، لِشُمُولِ اسْمِ الْمُصْحَفِ لَهُ فَقَطْ ، لِجَوَازِ جُلُوسِهِ عَلَى بِسَاطٍ : عَلَى حَوَاشِيهِ كِتَابَةٌ ، كَذَا قَالَ ، وَالْأَصَحُّ وَلَوْ بِعُضْوٍ رَفَعَ حَدَثَهُ وَقُلْنَا يَرْتَفِعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( م 22 ) وَيَجُوزُ حَمْلُهُ بِعِلَاقَتِهِ ، أَوْ فِي غِلَافِهِ ، أَوْ كُمِّهِ وَتَصَفُّحِهِ بِهِ ، وَبِعُودٍ ، وَمَسُّهُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ ( و هـ ) كَحَمْلِهِ رُقًى وَتَعَاوِيذَ فِيهَا قُرْآنٌ ( و ) وَلِأَنَّ غِلَافَهُ لَيْسَ بِمُصْحَفٍ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، وَعَنْهُ لَا ، وَقِيلَ إلَّا لِوَرَّاقٍ ، لِلْحَاجَةِ وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ مَسُّ صَبِيٍّ لَوْحًا كُتِبَ فِيهِ ، وَعَنْهُ وَمَسُّهُ الْمَكْتُوبَ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ رِوَايَةً ، وَمَسُّهُ الْمُصْحَفِ ، وَيَجُوزُ فِي الْأَشْهَرِ حَمْلُ خُرْجٍ فِيهِ مَتَاعٌ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ ، وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ مَسُّ ثَوْبٍ رُقِمَ بِهِ ، وَفِضَّةٍ نُقِشَتْ بِهِ ( هـ ) وَظَاهِرُهُ فِيهَا وَلَوْ لِكَافِرٍ ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ ( و م ) وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ خَاتَمٌ فِضَّةٌ ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْجَوَازِ وَيَأْتِي حُكْمُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْخَاتَمِ ، وَالْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ فِي زَكَاةِ الْأَثْمَانِ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ ، وَكِتَابَةِ تَفْسِيرٍ وَنَحْوِهِ ( وَ ) وَقِيلَ : وَهُمَا فِي حَمْلِهِ ، وَقِيلَ : وَفِي مَسِّ الْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ ، وَذَكَرَ فِي الْخِلَافِ مِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِي الرَّجُلِ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ وَالْكِتَابَةَ لِلْحَاجَةِ فَيَكْتُبُ ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَكْرَهُهُ ، وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ مِنْ حَمْلِ ذَلِكَ ، وَمَسِّهِ ، وَيَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ مَسُّ الْمَنْسُوخِ ، وَتِلَاوَتُهُ ، وَالْمَأْثُورِ عَنْ اللَّهِ ، وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ( و ) وَيَحْرُمُ مَسُّهُ بِعُضْوٍ نَجَسٍ

لَا بِغَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَكَذَا مَسُّ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِنَجَسٍ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ تَوَسُّدَهُ ، وَفِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ ( م 23 ) وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ ( م 24 ) الَّتِي فِيهَا قُرْآنٌ ، وَالْإِكْرَاهُ ، قَالَ أَحْمَدُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ : إنْ خَافَ سَرِقَةً فَلَا بَأْسَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا مَدَّ الرِّجْلَيْنِ إلَى جِهَةِ ذَلِكَ ، وَتَرْكُهُ أَوْلَى وَيُكْرَهُ ، وَكَرِهَهُ الْحَنَفِيَّةُ ، وَكَذَا فِي مَعْنَاهُ اسْتِدْبَارُهُ ، وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ إسْنَادَ الظَّهْرِ إلَى الْقِبْلَةِ ، فَهُنَا أَوْلَى ، لَكِنْ اقْتَصَرَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِقْبَالِهَا ، فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ { فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ } .
وَلِأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَى الْكَعْبَةِ : وَرَبِّ هَذِهِ الْكَعْبَةِ { لَقَدْ لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا وَمَا وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ } ، وَلِأَحْمَدَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ : { بَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدِي ظُهُورِنَا إلَى قِبْلَتِهِ إذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ التَّخَطِّي وَرَمْيُهُ إلَى الْأَرْضِ بِلَا وَضْعٍ ، وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ ، بَلْ هُوَ بِمَسْأَلَةِ التَّوَسُّلِ أَشْبَهُ ، وَقَدْ رَمَى رَجُلٌ بِكِتَابٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَغَضِبَ .
وَقَالَ : هَكَذَا يُفْعَلُ بِكَلَامِ الْأَبْرَارِ .
وَيُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ( و م ش ) نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ لَا ( و هـ ) كَتَطْيِيبِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ كَكِيسِهِ الْحَرِيرِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْرٌ يَسِيرٌ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ ، كَالطِّرَازِ وَالذَّيْلِ ، وَالْجَيْبِ ، كَذَا قَالُوا ، وَقِيلَ : لَا

يُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ لِلنِّسَاءِ ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، كَكُتُبِ الْعِلْمِ فِي الْأَصَحِّ ، وَاسْتَحَبَّ الْآمِدِيُّ تَطْيِيبَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَيَّبَ الْكَعْبَةَ ، وَهِيَ دُونَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَطْيِيبِ الْمَسَاجِدِ ، وَالْمُصْحَفُ أَوْلَى .
وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ : يَحْرُمُ كَتْبُهُ بِذَهَبٍ ، لِأَنَّهُ مِنْ زَخْرَفَةِ الْمُصْحَفِ ، وَيُؤْمَرُ بِحَكِّهِ ، فَإِنْ كَانَ تَجَمَّعَ مِنْهُ مَا يُتَمَوَّلُ زَكَّاهُ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يُزَكِّيهِ إنْ كَانَ نِصَابًا ، وَلَهُ حَكُّهُ ، وَأَخْذُهُ .
وَاسْتِفْتَاحُ الْفَأْلِ فِيهِ ، فَعَلَهُ ابْنُ بَطَّةَ ، وَلَمْ يَرَهُ غَيْرُهُ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَاخْتَارَهُ ، وَيَحْرُمُ كَتْبُهُ حَيْثُ يُهَانُ بِبَوْلِ حَيَوَانٍ ، أَوْ جُلُوسٍ ، وَنَحْوِهِ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا إجْمَاعًا ، فَتَجِبُ إزَالَتُهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يَنْبَغِي تَعْلِيقُ شَيْءٍ فِيهِ قُرْآنٌ يُسْتَهَانُ بِهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَيُكْرَهُ كِتَابَتُهُ ، زَادَ بَعْضُهُمْ فِيمَا هُوَ مَظِنَّةُ بَذْلِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ غَيْرِهِ مِنْ الذِّكْرِ فِيمَ لَمْ يُدَنَّسْ ، وَإِلَّا كُرِهَ شَدِيدًا ، وَيَحْرُمُ دَوْسُهُ ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ حَائِطِ الْمَسْجِدِ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرُهُ : يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ ذِكْرٌ وَغَيْرُهُ ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُلْهِي الْمُصَلِّيَ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ شِرَاءَ ثَوْبٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ يُجْلَسُ عَلَيْهِ وَيُدَاسُ ، وَمَا تَنَجَّسَ أَوْ كُتِبَ عَلَيْهِ بِنَجِسٍ غُسِلَ ، قَالَ فِي الْفُنُونِ : يَلْزَمُ غَسْلُهُ .
وَقَالَ : فَقَدْ جَازَ غَسْلُهُ وَتَحْرِيقُهُ لِنَوْعِ صِيَانَةٍ وَقَالَ إنْ قَصَدَ بِكَتْبِهِ بِنَجِسٍ إهَانَتَهُ فَالْوَاجِبُ قَتْلُهُ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ الصَّحَابَةَ حَرَّقَتْهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، لَمَّا جَمَعُوهُ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : ذَلِكَ لِتَعْظِيمِهِ وَصِيَانَتِهِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَاوُد رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ : دَفَنَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ بَيْنَ

الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ ، وَبِإِسْنَادٍ عَنْ طَاوُسٍ إنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُحَرِّقَ الْكُتُبَ ، وَقَالَ : إنَّ الْمَاءَ وَالنَّارَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ بَلِيَ مُصْحَفٌ لَهُ فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَدَفَنَهُ ، وَقِيلَ : يُدْفَنُ كَمَا لَوْ بَلِيَ الْمُصْحَفُ أَوْ انْدَرَسَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي كَرَاهَةِ نَقْطِهِ وَشَكْلِهِ وَكِتَابَةِ الْأَعْشَارِ فِيهِ وَأَسْمَاءِ السُّوَرِ وَعَدَدِ الْآيَاتِ رِوَايَتَانِ ( م 25 ) وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ نَقْطُهُ ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلنَّاسِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ وَكَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ شَكْلَهُ كَنَقْطِهِ ، وَعَلَيْهِ تَعْلِيلُ أَحْمَدَ ، قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَحْمَدَ : تُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ كَذَا وَكَذَا ؟ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي مَا هُوَ ؟ قَالَ الْخَلَّالُ : يَعْنِي لَا أَدْرِي كَرَاهَتَهُمْ لِذَلِكَ مَا هُوَ ، إلَّا أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ ، وَاحْتَجَّ الْخَلَّالُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ .
وَقَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ عَنْ جَوَازِهِ ، وَكَرَاهَتِهِ ، وَقَدْ رَوَى خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّازُ وَهُوَ إمَامٌ مَشْهُورٌ بِإِسْنَادِهِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا { لَا تَقُولُوا سُورَةُ الْبَقَرَةِ ، وَلَا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ ، وَلَا سُورَةُ النِّسَاءِ ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ ، وَلَكِنْ قُولُوا : السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ ، وَاَلَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ } قَالَ الْقَاضِي : وَظَاهِرُ كَرَاهَتِهِ ، وَهُوَ أَشْبَهُ ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ يُعَضِّدُهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ } قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : جَوَازُ ذَلِكَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا ، وَكَرِهَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ .
وَيَجُوزُ تَقْبِيلُهُ ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ ، لِفِعْلِ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْوَقْفَ

فِيهِ ، وَفِي جَعْلِهِ عَلَى عَيْنَيْهِ ، لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِفْعَةٌ وَإِكْرَامٌ ، لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْقُرْبُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَدْخَلٌ ، لَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ إلَّا بِتَوْقِيفٍ ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ عَنْ الْحَجَرِ : لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُك مَا قَبَّلْتُك ، وَلَمَّا قَبَّلَ مُعَاوِيَةُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا ، فَقَالَ : إنَّمَا هِيَ السُّنَّةُ ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ رِوَايَةً تُكْرَهُ ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقَامُ لَهُ ، لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَذُكِرَ عِنْدَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ، مِنْ عِلَّةٍ فَاسْتَوَى جَالِسًا ، وَقَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُونَ فَيُتَّكَأَ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَنِدًا فَأَزَالَ ظَهْرَهُ .
وَقَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنَّهُ تَجْرِي ذِكْرَى الصَّالِحِينَ وَنَحْنُ مُسْتَنِدُونَ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ ، فَأَخَذْتُ مِنْ هَذَا حُسْنَ الْأَدَبِ فِيمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عِنْدَ ذِكْرِ إمَامِ الْعَصْرِ مِنْ النُّهُوضِ لِسَمَاعِ تَوْقِيعَاتِهِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا أَوْلَى .
وَقَالَ شَيْخُنَا : إذَا اعْتَادَ النَّاسُ قِيَامَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَهُوَ أَحَقُّ ، وَيَجُوزُ : كِتَابَةُ آيَتَيْنِ فَأَقَلَّ إلَى الْكُفَّارِ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ ، قَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَفِي النِّهَايَةِ لِحَاجَةِ التَّبْلِيغِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِلَافِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا بَأْسَ بِتَضْمِينِهِ

لِمَقَاصِدَ تُضَاهِي مَقْصُودَهُ تَحْسِينًا لِلْكَلَامِ ، كَأَبْيَاتٍ فِي الرَّسَائِلِ لِلْكُفَّارِ مُقْتَضِيَةٍ الدِّعَايَةَ ، وَلَا يَجُوزُ فِي نَحْوِ كُتُبِ الْمُبْتَدِعَةِ ، بَلْ فِي الشِّعْرِ لِصِحَّةِ الْقَصْدِ ، وَسَلَامَةِ الْوَضْعِ ، وَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ( و م ش ) نَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ ؛ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَغْزُوَ وَمَعَهُ مُصْحَفٌ ، وَقِيلَ : إلَّا مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامِ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ بِدُونِهَا ( و هـ ) .

( مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ فِي حَمْلِ الْمُصْحَفِ " وَالْأَصَحُّ لَا يَجُوزُ مَسُّهُ لِعُضْوٍ رَفَعَ حَدَثَهُ وَقُلْنَا يَرْفَعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ " انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَرْتَفِعُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ : لَا يَكُونُ مُتَطَهِّرًا إلَّا بِغَسْلِ الْجَمِيعِ .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَلَوْ طَهُرَ بَعْضُ عُضْوٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسُّ بِهِ لِأَنَّ الْمَاسِّ غَيْرُ طَاهِرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ ، انْتَهَى ، فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ ذَلِكَ الْعُضْوِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَرْتَفِعُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : لَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ عَنْ عُضْوٍ لَمْ يَمَسَّهُ بِهِ قَبْلَ إكْمَالِ الطَّهَارَةِ فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ لِتَكْمِيلِهِ تَيَمَّمَ لِلْبَاقِي وَلَمَسَهُ بِهِ ، وَقِيلَ لَهُ لَمْسُهُ قَبْلَ إكْمَالِهِ بِالتَّيَمُّمِ ، بِخِلَافِ الْمَاءِ ، وَهُوَ سَهْوٌ ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ ، انْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : هُوَ سَهْوٌ ، وَنَسَبَ الْقَوْلَ إلَى ابْنِ عَقِيلٍ ، فَقَالَ وَلَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ عَنْ عُضْوٍ لَمْ يَمَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ حَتَّى تَكْمُلَ طَهَارَتُهُ ، فَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ لِتَكْمِيلِهَا تَيَمَّمَ لِمَا بَقِيَ ، ثُمَّ لَمَسَهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَهُ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَهَا بِالتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْمَاءِ ، وَهُوَ سَهْوٌ انْتَهَى .
تَنْبِيهَانِ ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ " وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةِ مَسُّ صَبِيٍّ لَوْحًا كُتِبَ فِيهِ " انْتَهَى ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ مَسُّ اللَّوْحِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَفِي مَسِّ الصِّبْيَانِ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ رِوَايَتَانِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، فَظَاهِرُهُ جَوَازُ مَسِّ اللَّوْحِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُنَوِّرُ وَ ( الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يَجُوزُ

، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ : لَا بَأْسَ بِمَسِّهِ لِبَعْضِ الْقُرْآنِ ، وَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ .
وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُمْنَعَ مَنْ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ فَصَاعِدًا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةِ مَسِّ ثَوْبٍ رُقِمَ بِهِ ، وَفِضَّةٍ نُقِشَتْ بِهِ ، انْتَهَى .
ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَيْضًا أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الْجَوَازِ ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا رِوَايَتَانِ ، أَوْ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي الثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ بِالْقُرْآنِ : وَقِيلَ وَجْهَانِ ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ فِي الْفِضَّةِ الْمَنْقُوشَةِ ( إحْدَاهُمَا ) : لَا يَجُوزُ ، نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَسُّ الدَّرَاهِمِ بِيَدِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي صُرَّةٍ فَلَا بَأْسَ ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَالَ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الْكَاغَدِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي ابْنُ مُنَجَّى عَلَى مَا يَأْتِي ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : يَجُوزُ نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْمَطَالِبِ وَابْنِ مَنْصُورٍ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ مَسُّ الدَّرَاهِمِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَوَازُ ، قَالَ النَّاظِمُ عَنْ الدِّرْهَمِ الْمَنْقُوشِ : هَذَا الْمَنْصُورُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ .
وَقَالَ

الْقَاضِي فِي التَّخْرِيجِ مَا لَا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ : غَالِبًا مِنْ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ الْمَنْقُوشِ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ لَا يَجُوزُ مَسُّهُ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ، وَاخْتَارَ الْجَوَازَ أَبُو الْمَعَالِي ابْنُ مُنَجَّى فِي النِّهَايَةِ وَاخْتَارَ أَيْضًا فِيهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ ثَوْبٍ كُتِبَ فِيهِ قُرْآنٌ ، وَقَالَ وَجْهًا وَاحِدًا وَقَطَعَ الْمَجْدُ بِالْجَوَازِ فِي مَسِّ الْخَاتَمِ الْمَرْقُومِ فِيهِ انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 23 ) قَوْلُهُ " وَكَرِهَ أَحْمَدُ تَوَسُّدَهُ يَعْنِي الْمُصْحَفَ وَفِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ " : ( أَحَدُهُمَا ) يَحْرُمُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، نَقَلَهُ عَنْهُمَا فِي الْآدَابِ ، ثُمَّ رَأَيْته فِيهِمَا فِي أَوَاخِرِ الِاعْتِكَافِ ، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : يَحْرُمُ الِاتِّكَاءُ عَلَى الْمُصْحَفِ ، وَعَلَى كُتُبِ الْحَدِيثِ ، وَمَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ اتِّفَاقًا ، انْتَهَى وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَحْرُمُ ، بَلْ يُكْرَهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ .
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : كَرِهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَضَعَ الْمُصْحَفَ تَحْتَ رَأْسِهِ ، فَيَنَامَ عَلَيْهِ ، قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ ابْتِذَالًا لَهُ وَنُقْصَانًا مِنْ حُرْمَتِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 24 ) قَوْلُهُ : " وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ " يَعْنِي الَّتِي فِيهَا قُرْآنٌ ، يَعْنِي أَنَّ فِي جَوَازِ تَوَسُّدِهَا وَعَدَمِهِ الْوَجْهَيْنِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْأَذَانَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) يَحْرُمُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ أَيْضًا ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) يُكْرَهُ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا .
( مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : " وَفِي كَرَاهَةِ نَقْطِهِ وَشَكْلِهِ وَكِتَابَةِ الْأَعْشَارِ فِيهِ وَأَسْمَاءِ السُّوَرِ وَعَدَدِ الْآيَاتِ رِوَايَتَانِ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى

وَالْوُسْطَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي النَّقْطِ ، وَقَالَ : وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ كَالْأَخْمَاسِ ، وَالْأَعْشَارِ ، وَعَدَدِ آيِ السُّوَرِ ، انْتَهَى ، ( إحْدَاهُمَا ) : لَا يُكْرَهُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَقَبْلَهَا بِكَثِيرٍ ، وَإِنَّمَا تُرِكَ ذَلِكَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي نَقْطَهُ ، وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلنَّاسِ ، وَمَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ الْمُنَادِي وَشَكْلَهُ أَيْضًا ( قُلْتُ ) وَهُوَ قَوِيٌّ وَ ( الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : يُكْرَهُ لِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً ، بَلْ أَكْثَرُ بِاعْتِبَارِ تَعْدَادِ الْمَسَائِلِ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهِمَا فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .

197 بَابُ الْغُسْلِ وَمُوجِبُهُ سِتَّةٌ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْ مَخْرَجِهِ بِلَذَّةٍ ، وَلَوْ دَمًا ، وَعَنْهُ وَبِغَيْرِهَا ( و ش ) وَيُخْلَقُ مِنْهُ الْحَيَوَانُ ، لِخُرُوجِهِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ ، وَيَنْقُصُ بِهِ جُزْءٌ مِنْهُ ، وَبِهَذَا يَضْعُفُ مُكْثِرُهُ ، فَجُبِرَ بِالْغُسْلِ ، وَإِنْ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ فَحَبَسَهُ وَجَبَ ، وَعَنْهُ لَا ، حَتَّى يَخْرُجَ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( و ) فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ وَالْفِطْرِ وَغَيْرِهِمَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ( م 1 ) وَعَلَيْهِمَا أَيْضًا إنْ خَرَجَ بَعْدَ غُسْلِهِ أَوْ خَرَجَتْ بَقِيَّةُ مَنِيٍّ اغْتَسَلَ لَهُ : لَمْ يَجِبْ ( و م ) وَعَنْهُ يَجِبُ ( و ش ) وَعَنْهُ إنْ خَرَجَ بَوْلُهُ ( و هـ ) وَعَنْهُ بَعْدَهُ ، وَكَذَا لَوْ جَامَعَ فَلَمْ يُنْزِلْ وَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةِ ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَغْتَسِلُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : قِيَاسُ الْمَنِيِّ انْتِقَالُ حَيْضٍ ، وَإِنْ انْتَبَهَ بَالِغٌ أَوْ مَنْ يُحْتَمَلُ بُلُوغُهُ فَوَجَدَ بَلَلًا جَهِلَ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَجَبَ ( م ش ) كَتَيَقُّنِهِ ( و ) وَعَنْهُ مَعَ الْحُلْمِ ، وَعَنْهُ لَا ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَعَلَى الْأُولَى يَغْسِلُ يَدَيْهِ وَثَوْبَهُ احْتِيَاطًا ، وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ لَا يَجِبُ ، وَلِهَذَا قَالُوا : وَإِنْ وَجَدَهُ يَقَظَةً وَشَكَّ فِيهِ تَوَضَّأَ ، وَلَا يَلْزَمُ غَسْلُ ثَوْبِهِ ، وَلَا يَدَيْهِ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ حُكْمُ غَيْرِ الْمَنِيِّ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ حُكْمِهِمَا ، وَخَيَّرَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ بَيْنَ حُكْمِ الْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ ، وَإِنْ سَبَقَ نَوْمَهُ بَرْدٌ أَوْ نَظَرٌ وَنَحْوُهُ لَمْ يَجِبْ ، وَعَنْهُ يَجِبُ ، وَعَنْهُ مَعَ الْحُلْمِ وِفَاقًا ، وَإِنْ تَيَقَّنَهُ مَذْيًا فَلَا ( هـ ) وَإِنْ رَأَى مَنِيًّا بِثَوْبٍ يَنَامُ فِيهِ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ لَا بِظَاهِرِهِ لِجَوَازِهِ مِنْ غَيْرِهِ اغْتَسَلَ وَيَعْمَلُ فِي الْإِعَادَةِ بِالْيَقِينِ ، وَقِيلَ بِظَنِّهِ .
وَلَا يَجِبُ بِحُلْمٍ بِلَا بَلَلٍ ، وَلَا بِمَنِيٍّ فِي ثَوْبٍ يَنَامُ فِيهِ اثْنَانِ عَنْ الْأَصَحِّ فِيهِمَا ( و ) وَفِي الْأُولَى رِوَايَةٌ يَجِبُ إنْ وَجَدَ لَذَّةَ

الْإِنْزَالِ ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ انْتَبَهَ ثُمَّ خَرَجَ إذَنْ لَزِمَهُ ، وَإِنْ وَجَبَ بِالِاحْتِلَامِ تَبَيَّنَّا وُجُوبَهُ مِنْ الِاحْتِلَامِ ، فَيُعِيدُ مَا صَلَّى بَعْدَ الِانْتِبَاهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ
بَابُ الْغُسْلِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ فَحَبَسَهُ وَجَبَ ، وَعَنْهُ لَا ، حَتَّى يَخْرُجَ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ وَالْفِطْرِ وَغَيْرِهِمَا ؟ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى " وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِيمَنْ بَعْدَهُ ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( قُلْت ) وَهُوَ بَعِيدٌ .
وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : يَثْبُتُ ذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْتِزَامًا ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ .

وَتَغْيِيبُ حَشَفَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ ( و ) أَوْ قَدْرِهَا لِعَدَمٍ بِلَا حَائِلٍ ، وَقِيلَ وَمَعَهُ ( و ش ) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَرَارَةً ( هـ ) وَالْمَذْهَبُ وَلَوْ نَائِمًا وَمَجْنُونًا ، وَقِيلَ : وَلَوْ مَيِّتًا فَيُعَادُ غُسْلُهُ ، كَمَنْ اسْتَدْخَلَتْهُ فِي قُبُلٍ ، وَالْأَصَحُّ أَصْلِيٌّ مِنْ آدَمِيٍّ ، ( و ) أَوْ غَيْرِهِ ( هـ ) نَصَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَمَكَةٍ ، وَقِيلَ حَيٌّ ( و هـ ) وَكَذَا دُبُرٌ فِي الْمَنْصُوصِ ( و ) وَقِيلَ : عَلَى الْوَاطِئِ ، وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ غَيْرُ بَالِغٍ ( هـ ) وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ إنْ أَرَادَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْغُسْلِ ، أَوْ الْوُضُوءِ ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ شَهِيدًا ، وَعَدَّ بَعْضُهُمْ هَذَا قَوْلًا ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مُرَادُ الْمَنْصُوصِ ، أَوْ يُغْسَلُ لَهُ لَوْ مَاتَ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ لِوُجُوبِهِ مُجَامَعَةَ مِثْلِهِ ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ لِلذَّكَرِ إذَا كَانَ ابْنَ عَشْرٍ ، وَالْأُنْثَى بِنْتَ تِسْعٍ ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَبْلَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ، لَيْسَ عَنْهُ خِلَافُهُ وَيَجِبُ الْوُضُوءُ بِمُوجِبَاتِهِ ( و ) وَجَعَلَ شَيْخُنَا مِثْلَهُ مَسْأَلَةَ الْغُسْلِ إلْزَامُهُ بِاسْتِجْمَارٍ ، وَنَحْوِهِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ لَا نُسَمِّيهِ جُنُبًا ، لِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ ، ثُمَّ إنْ وَجَدَ شَهْوَةً لَزِمَهُ ، وَإِلَّا أُمِرَ بِهِ لِيَعْتَادَهُ ، وَأَنَّ الْمَيِّتَةَ يُعَادُ غُسْلُهَا لِلصَّلَاةِ ، وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ ، وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْأُولَى مِثْلُهُ ، وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فَكَوَطْءِ بَهِيمَةٍ ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْحَدِّ بِوَطْءِ بَهِيمَةٍ ، وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ : لِي جِنِّيٌّ يُجَامِعُنِي كَالرَّجُلِ فَلَا غُسْلَ ، لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ وَالِاحْتِلَامِ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : فِي قَوْله تَعَالَى : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِنِّيَّ يَغْشَى الْمَرْأَةَ كَالْإِنْسِيِّ

فِي حَاشِيَةِ الْمَتْنِ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ : إذَا كَانَ مَنْ يُجَامِعُ مِثْلَهُ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ أَوْ تِسْعٍ

وَإِسْلَامُ الْكَافِرِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : جُنُبٌ ، وَقِيلَ ( يَجِبُ ) بِالْكُفْرِ ، وَالْإِسْلَامُ شَرْطٌ ، فَعَلَى الْأَشْهَرِ لَوْ وُجِدَ سَبَبُهُ فِي كُفْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ لَهُ غُسْلٌ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : أَسْبَابُهُ الْمُوجِبَةُ لَهُ فِي الْكُفْرِ كَثِيرَةٌ ، وَبَنَاهُ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى مُخَاطَبَتِهِمْ ، بِالْفُرُوعِ ، وَيَلْزَمُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ كَالْوُضُوءِ ، فَلَوْ اغْتَسَلَ فِي كُفْرِهِ أَعَادَ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا ، لَا إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهُ ، وَقَالَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ طَاعَةً فِي الْكُفْرِ إذَا أَسْلَمَ ، وَأَنَّهُ كَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا مُعْتَقِدًا حِلَّهَا ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَقِيلَ : لَا غُسْلَ عَلَى كَافِرٍ مُطْلَقًا ( و م ) كَغُسْلِ حَائِضٍ لِوَطْئِهِ فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ أَحْمَدُ : وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا وَجَبَ ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ ، وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ إسْلَامٍ لِغُسْلٍ وَلِغَيْرِهِ ، وَلَوْ اسْتَشَارَ مُسْلِمًا فَأَشَارَ بِعَدَمِ إسْلَامِهِ ، أَوْ أَخَّرَ عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُرْتَدًّا ، وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَالْمَوْتُ ، وَهُوَ تَعَبُّدٌ [ لَا ] عَنْ حَدَثٍ ( ش )

وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ ، وَقِيلَ : بِانْقِطَاعِهِ ( و هـ ر ) وَعَلَيْهِمَا يُخَرَّجُ غُسْلُ شَهِيدٍ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي احْتِمَالَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ ، لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ بِالْمَوْتِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُوجِبٍ ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ ، وَقِيلَ بِانْقِطَاعِهِ ، وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ غُسْلُ شَهِيدَةٍ انْتَهَى .
وَقَالَ فِي بَابِ غُسْلِ الْمَيِّتِ فِي غُسْلِ الشَّهِيدِ : وَيُغَسَّلُ لِجَنَابَةٍ ، أَوْ طُهْرٍ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَسَبَقَتْ أَسْئِلَةُ النَّهْيِ ، فَذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهَا تُغَسَّلُ إذَا كَانَتْ شَهِيدَةً ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ وُجُوبَ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهَا وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ ثَانِيًا أَنَّهَا لَا تُغَسَّلُ إذَا لَمْ تَطْهُرْ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ أَوَّلًا الْمَجْدَ وَابْنَ حُمَيْدَانِ وَالنَّاظِمَ وَغَيْرَهُمْ ، وَتَابَعَ ثَانِيًا الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَمَنْ تَبِعَهُ ، فَحَصَلَ مَا حَصَلَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَعَنْهُ وَالْوِلَادَةُ ( وَ ) وَالْوَلَدُ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي غُسْلِهِ مَعَ دَمٍ وَجْهَانِ ( م 2 )
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : " وَالْوَلَدُ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي غُسْلِهِ مَعَ دَمٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى " وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ( أَحَدُهُمَا ) : يُغَسَّلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمُنَاسَبَتِهِ الدَّمَ وَمُخَالَطَتِهِ لَهُ ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ غَالِبًا بَعْدَ خُرُوجِهِ ، فَعَلَّقْنَا الْحُكْمَ عَلَى الْمَظِنَّةِ وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَا يُغَسَّلُ .

وَفِي اسْتِحْبَابِ غُسْلِ حَائِضٍ لِجَنَابَةٍ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَيَصِحُّ وَعَنْهُ : لَا ( و ش ) وَعَنْهُ يَجِبُ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي اسْتِحْبَابِ غُسْلِ حَائِضٍ لِجَنَابَةٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) يُسْتَحَبُّ لِذَلِكَ .
قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : وَيُسْتَحَبُّ غُسْلُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ .
انْتَهَى .
وَ ( الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يُسْتَحَبُّ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ( قُلْت ) وَهُوَ قَوِيٌّ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ غُسْلُهَا لِجَنَابَةٍ حَالَ الْحَيْضِ ، وَعَنْهُ يَصِحُّ ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ، وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ .

وَيُمْنَعُ جُنُبٌ مِنْ قِرَاءَةِ آيَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، زَادَ الْخَطَّابِيُّ ، وَعَنْ أَحْمَدَ يَجُوزُ آيَةٌ وَنَحْوُهَا وَلَا يَجُوزُ آيَاتٌ يَسِيرَةٌ لِلتَّعَوُّذِ .
وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ الْجَوَازِ لَا يَحْصُلُ التَّحَدِّي بِآيَةٍ ، وَاثْنَتَيْنِ ، وَلِهَذَا جَوَّزَ الشَّرْعُ لِلْجُنُبِ الْحَائِضِ تِلَاوَتَهُ ، لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ ، وَيَجُوزُ بَعْضُ آيَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ش ) وَلَوْ كَرَّرَ : مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ، وَلَهُ تَهْجِئَةٌ فِي الْأَصَحِّ ، فَيَتَوَجَّهُ بُطْلَانُ صَلَاةٍ بِتَهْجِئَةٍ ، هَذَا الْخِلَافُ فِي الْفُصُولِ : تَبْطُلُ لِخُرُوجِهِ عَنْ نَظْمِهِ وَإِعْجَازِهِ ، وَلَهُ قِرَاءَةٌ لَا تُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ لِأَسْرَارِهَا فِي ظَاهِرِ نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : لَهُ تَحْرِيكُ شَفَتِهِ بِهِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْحُرُوفَ ، وَلَهُ قَوْلُ مَا وَافَقَ قُرْآنًا وَلَمْ يَقْصِدْهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالذِّكْرُ ، وَعَنْهُ مَا أُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ ، لِأَنَّهُ فِي الْقُرْآنِ .
وَفِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، وَعَلَّلَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِأَنَّهُ كَلَامٌ مَجْمُوعٌ ، وَكَرِهَ شَيْخُنَا الذِّكْرَ لَهُ ؛ لَا لِحَائِضٍ ، وَقِيلَ : مَتَى قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ مَعْنَى غَيْرِ التِّلَاوَةِ جَازَ ( و هـ ) وَلَهُ دُخُولُ مَسْجِدٍ ( و ش ) وَقِيلَ : لِحَاجَةٍ ، وَيُمْنَعُ سَكْرَانُ .
وَفِي الْخِلَافِ جَوَابٌ : لَا وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ ، وَالْمُرَادُ تَتَعَدَّى ( وَ ) كَظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ قَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَيَمَّمُ لَهَا لِلْعُذْرِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَمَجْنُونٌ ، وَقِيلَ فِيهِ يُكْرَهُ كَصَغِيرٍ ، وَفِيهِ فِي النَّصِيحَةِ يُمْنَعُ لِلَّعِبِ ، لَا لِصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْخِلَافِ مَنْعَ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجَنَّبَ الصِّبْيَانُ الْمَسَاجِدَ ، وَلِلْجُنُبِ اللُّبْثُ فِيهِ بِوُضُوءٍ ، وَعَنْهُ لَا ( وَ ) وَفِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ يَجُوزُ لِجُنُبٍ مُطْلَقًا وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ

أَحْمَدَ وَإِنْ تَعَذَّرَ وَاحْتَاجَ فَبِدُونِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ { وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَهُمْ الْمَسْجِدَ } ، كَمُسْتَحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا وَيَأْمَنُونَ تَلَوُّثَهُ وَعِنْدَ أَبِي الْمَعَالِي وَالشَّيْخِ يَتَيَمَّمُ ( و ش ) كَلُبْثِهِ لِغُسْلِهِ فِيهِ وَفِيهِ قَوْلٌ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مُصَلَّى الْعِيدِ مَسْجِدٌ ( و ش ) لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ حَقِيقَةً ؛ لَا مُصَلَّى الْجَنَائِزِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، وَلَمْ يَمْنَعْ فِي النَّصِيحَةِ حَائِضًا مِنْ مُصَلَّى الْعِيدِ ، وَمَنَعَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، { وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِرَجْمِ مَاعِزٍ فِي الْمُصَلَّى ، قَالَ جَابِرٌ : رَجَمْنَاهُ فِي الْمُصَلَّى } ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَنَهَى عَنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسْجِدِ ، أَوْ يُسْتَقَادُ فِيهِ أَوْ تُنْشَدُ فِيهِ الْأَشْعَارُ ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ، وَلَهُ انْقِطَاعٌ ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ ، وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ ، وَيُمْنَعُ فِي الْمَنْصُوصِ كَافِرٌ الْقِرَاءَةَ ( هـ ) وَلَوْ رُجِيَ إسْلَامُهُ ( ش ) وَنَقَلَ مُهَنَّا أَكْرَهُ أَنْ يَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : جَعَلَهُ فِي حُكْمِ الْجُنُبِ .

فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ ( وَ ) فِي يَوْمِهَا لِحَاضِرِهَا إنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ لَا لِامْرَأَةٍ ، وَقِيلَ : وَلَهَا ( و ش ) وَعَنْهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ ، وَلَا يُشْتَرَطُ وَكَذَا الْعِيدُ الْغُسْل لِلْعِيدِ ( وَ ) لِحَاضِرِهَا إنْ صَلَّى ، وَقِيلَ إنْ صَلَّى جَمَاعَةً ، وَفِي التَّلْخِيصِ لِمَنْ حَضَرَهُ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ ( و م ش ) وَإِنَّ مِثْلَهُ الزِّينَةُ ، وَالطِّيبُ ، لِأَنَّهُ يَوْمُ الزِّينَةِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ ، وَعَنْهُ لَهُ الْغُسْلُ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَتِهِ ( و م ش ) وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي جَمِيعِهَا أَوْ بَعْدَ نِصْفِهَا ، كَالْأَذَانِ ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ ، فَيَجِيءُ مِنْ قَوْلِهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ يَخْتَصُّ بِالسَّحَرِ كَأَذَانٍ ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُسُوفٍ ، وَاسْتِسْقَاءٍ فِي الْأَصَحِّ ( و ش ) وَمِنْ غُسْلِ مَيِّتٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( و ) وَعَنْهُ يَجِبُ مِنْ كَافِرٍ ، وَقِيلَ : وَمُسْلِمٍ ، وَلِجُنُونٍ ، وَإِغْمَاءٍ ، وَاسْتِحَاضَةٍ ( و ) وَعَنْهُ يَجِبُ لَهُنَّ ، وَلِإِحْرَامٍ حَتَّى حَائِضٌ وَنُفَسَاءَ ( و ) .
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ : لَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا ، وَجَعَلَهُ دَاوُد فَرْضًا لِلنُّفَسَاءِ ، وَاسْتَحَبَّهُ لِغَيْرِهَا وَأَوْجَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الدَّمَ بِتَرْكِهِ ، وَيُسْتَحَبُّ لِدُخُولِ مَكَّةَ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ حَتَّى لِحَائِضٍ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا لَا ، وَمِثْلُهُ اغْتِسَالُ الْحَجِّ ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ، وَطَوَافِ زِيَارَةٍ وَوَدَاعٍ ( وَ ) فِي الْكُلِّ ، وَمَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ ، وَرَمْيِ جِمَارٍ ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي الثَّلَاثَةِ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ ، وَلِدُخُولِ الْحَرَمِ ، وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَالسَّعْيِ وَفِيهِ وَالْإِشَارَةِ وَالْمَذْهَبِ : وَلَيَالِي مِنًى ، وَعَنْهُ ، وَلِحِجَامَةٍ ( و هـ ) وَقِيلَ وَلِدُخُولِ الْمَدِينَةِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : وَلِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مُسْتَحَبٍّ ، وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ ، وَقِيلَ : وَغُسْلُ الْمَيِّتِ ( و ق ) وَيَتَيَمَّمُ فِي الْأَصَحِّ لِحَاجَةٍ ( و ش ) نَقَلَهُ صَالِحٌ فِي الْإِحْرَامِ ، وَقِيلَ : بَلْ لِغَيْرِهِ ، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُ ( م هـ ) وَيَتَيَمَّمُ لِمَا يُسْتَحَبُّ

الْوُضُوءُ لَهُ لِعُذْرٍ ( وَ ) وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ لَا لِغَيْرِ الْعُذْرِ ، وَتَيَمُّمُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَدِّ السَّلَامِ يُحْتَمَلُ عَدَمُ الْمَاءِ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي رَدِّ السَّلَامِ ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِئَلَّا يَفُوتَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ ، فَقِيلَ لَهُ فَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي كَمَالِ الرَّدِّ فَلَمَّا خَافَ فَوْتَهُ كَمُلَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ الْقُدْرَةِ ؟ فَأَجَابَ إنَّهُ إنَّمَا كَمُلَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِجَوَازِهِ بِلَا طَهَارَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا ؟ وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ مُطْلَقًا ، لِأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فَخَفَّ أَمْرُهَا ، وَسَبَقَ فِي مِثْلِهِ التَّجْدِيدُ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ .

فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ [ وَهُوَ ] كَامِلٌ بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ وَغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلَاثًا وَمَا لَوَّثَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ( وَ ) كَامِلًا ( و م ش ) وَعَنْهُ يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ ( و هـ ) إنْ كَانَتَا فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ ، وَعَنْهُ سَوَاءٌ وَيُرْوَى رَأْسُهُ ، وَالْأَصَحُّ ثَلَاثًا ( وَ ) ثُمَّ بَقِيَّةُ بَدَنِهِ ، قِيلَ مَرَّةً ( و م ) وَقِيلَ ثَلَاثًا ( م 4 ) وَيُدَلِّكُهُ ، وَيَتَيَامَنُ ، وَيُعِيدُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ بِمَكَانٍ آخَرَ ، وَقِيلَ لَا يُعِيدُ ( و هـ ) لَا لِطِينٍ وَنَحْوِهِ ( و ش ) كَالْوُضُوءِ ( وَ ) وَيُجْزِئُ بِنِيَّةٍ ( هـ ) وَتَعْمِيمُ بَدَنِهِ حَتَّى شَعْرٍ وَفِيهِ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ وَبَاطِنُهُ ( م ر ) وَالْأَصَحُّ لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يَلْزَمُهَا غَسْلُ الشَّعْرِ النَّازِلِ مِنْ رَأْسِهَا لِلْحَرَجِ ، وَيَكْفِي الظَّنُّ فِي الْإِسْبَاغِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُحَرِّكُ خَاتَمَهُ لِيَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ وَسَبَقَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ ، وَيَأْتِي فِي الشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَالتَّسْمِيَةِ كَالْوُضُوءِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : فِي صِفَةِ الْغُسْلِ " ثُمَّ بَقِيَّةُ بَدَنِهِ ، قِيلَ : مَرَّةً وَقِيلَ : ثَلَاثًا " انْتَهَى ( أَحَدُهُمَا ) : يَغْسِلُهُ مَرَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَمَاعَةٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَ ( الْقَوْلُ الثَّانِي ) : يُغْسَلُ ثَلَاثًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ .

وَلَا يَجِبُ مُوَالَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ ( و هـ ) كَالتَّرْتِيبِ ( و ) وَلِلْحَاجَةِ إلَى تَفْرِيقِهِ كَثِيرًا وَكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ بِإِعَادَتِهِ وَلِخَبَرِ اللُّمْعَةِ وَظَاهِرِ النَّصِّ ، وَلَا مُعَارِضَ ، وَحَيْثُ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ فِيهِ أَوْ فِي وُضُوءٍ وَقُلْنَا لَا يَجُوزُ فَلَا بُدَّ لِلْإِتْمَامِ مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ ( ش ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ قُرْبُ الْفِعْلِ مِنْهَا ، كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ ، فَدَلَّ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةِ الْحَجِّ فِي دُخُولِ مَكَّةَ .

وَيَجِبُ نَقْضُ الشَّعْرِ لِحَيْضٍ ( خ ) لَا لِجَنَابَةٍ ( وَ ) فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا .
وَيُسْتَحَبُّ السِّدْرُ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيُّ وَكَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ يَجِبُ ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَأَنْ تَأْخُذَ مِسْكًا فَتَجْعَلَهُ فِي قُطْنَةٍ أَوْ شَيْءٍ وَتَجْعَلَهُ فِي فَرْجِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِينًا لِيَقْطَعَ الرَّائِحَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ الطِّينَ .
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي غُسْلِ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ كَمَيِّتٍ ، قَالَ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ مَعْنَاهُ يَجِبُ مَرَّةً ، وَيُسْتَحَبُّ ثَلَاثًا وَيَكُونُ السِّدْرُ وَالطِّيبُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ لَا يَجِبُ طِيبٌ إجْمَاعًا ،

وَيُسْتَحَبُّ فِي غُسْلِ الْكَافِرِ السِّدْرُ كَإِزَالَةِ شَعْرِهِ وَأَوْجَبَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ ، وَيَرْتَفِعُ حَدَثٌ قَبْلَ زَوَالِ نَجَاسَةٍ ( وَ ) كَالطَّهَارَةِ ، وَعَنْهُ بَلْ مَعَهَا .

وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ عِرَاقِيَّةً نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( و م ش ) وَأَوْمَأَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ أَنَّهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْمَاءِ ، اخْتَارَهُ فِي الْخِلَافِ ، وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ ، لَا مُطْلَقًا ( هـ ) وَيَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ وَهُوَ رُبْعُهُ ، وَيُجْزِئُ فِي الْمَنْصُوصِ دُونَهُمَا ( وَ ) وَفِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ ( م 5 )
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَهُوَ رُبْعُهُ وَيُجْزِئُ فِي الْمَنْصُوصِ دُونَهُمَا وَفِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ( أَحَدُهُمَا ) : يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَا يُكْرَهُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ لِفِعْلِ السَّلَفِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .

وَإِنْ نَوَى الْحَدَثَيْنِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَوْ الْأَكْبَرِ وَقَالَهُ الْأَزَجِيُّ ارْتَفَعَا ، وَعَنْهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ ( خ ) وَقِيلَ يَكْفِي وُجُودُ تَرْتِيبِهِ وَمُوَالَاتِهِ ، وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْتَفِعْ غَيْرُهُ ( م ش ) فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ ارْتَفَعَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ عَكْسُهُ كَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : وَقِيلَ يَجِبُ الْوُضُوءُ ، وَلَوْ نَوَتْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا بِغُسْلِهَا حِلَّ الْوَطْءِ صَحَّ ، وَقِيلَ لَا ، لِأَنَّهَا نَوَتْ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ .
وَهُوَ الْوَطْءُ ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ ، وَعَنْهُ لِلرَّجُلِ غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءٌ لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ ، وَعَنْهُ يَغْسِلُ يَدَهُ ، وَيَتَمَضْمَضُ ( و هـ ) وَلِمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ ( وَ ) وَلَا يُكْرَهُ فِي الْمَنْصُوصِ تَرْكُهُ فِي ذَلِكَ ( وَ ) وَلِنَوْمٍ ، وَفِي كَلَامِهِ مَا ظَاهِرُهُ وُجُوبُهُ ، قَالَهُ شَيْخُنَا : وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ فِي الْأَصَحِّ ( هـ )

وَلَا يُسَنُّ لِحَائِضٍ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ بَلْ بَعْدَهُ ، وَمَنْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ لَمْ يَعُدَّهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِتَعْلِيلِهِمْ بِخِفَّةِ الْحَدَثِ ، أَوْ بِالنَّشَاطِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا يَتَوَضَّأُ لِمَبِيتِهِ عَلَى إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ ، وَغُسْلُهُ عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَفْضَلُ

وَكَرِهَ أَحْمَدُ بِنَاءَ الْحَمَّامِ وَبَيْعَهُ وَإِجَارَتَهُ ، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي ، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى غَيْرِ الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ كَسْبُ الْحَمَّامِيِّ .
وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ الصَّحِيحُ لَا ، وَلَهُ دُخُولُهُ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا ، يُكْرَهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْغُنْيَةِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَدْخُلْهُ لِخَوْفِ وُقُوعِهِ فِي مُحَرَّمٍ ، وَإِنْ عَلِمَهُ حَرُمَ .
وَفِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ لَهُ دُخُولُهُ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ غَالِبًا ، وَلِلْمَرْأَةِ دُخُولُهُ لِعُذْرٍ ، وَإِلَّا حَرُمَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَرِهَهُ بِدُونِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ دُخُولُهُ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ يُصْلِحُهَا الْحَمَّامُ ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَائِشَةَ الْمَشْهُورِ .
وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ مَعَ الْعُذْرِ : تَعَذُّرُ غُسْلِهَا فِي بَيْتِهَا لِتَعَذُّرِهِ ، أَوْ خَوْفِ ضَرَرِهِ وَنَحْوِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لَا يُعْتَبَرُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ ، وَقِيلَ اعْتِيَادُ دُخُولِهَا عُذْرٌ لِلْمَشَقَّةِ ( خ ) وَقِيلَ لَا تَتَجَرَّدُ ، فَتَدْخُلُهُ بِقَمِيصٍ خَفِيفٍ ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ ، فَإِنَّ الْمَرُّوذِيَّ ذَكَرَ لَهُ قَوْلَ ابْنِ أَسْلَمَ : لَا تَخْلَعُ قَمِيصًا ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { الْمَرْأَةُ إذَا خَلَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا هَلَكَتْ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى } قُلْت فَأَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ أَنْتَ ؟ قَالَ مَا أَحْسَنُ مَا احْتَجَّ بِهِ ، وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا ، وَلَهُ طُرُقٌ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ، وَلَعَلَّهُ حَسَنٌ .
وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمَرْأَةِ تَبِيتُ عِنْدَ أَهْلِهَا : الْخِلَافُ ، وَالظَّاهِرُ رِوَايَةُ الْمَرُّوذِيِّ الْمَذْكُورَةُ الْمَنْعُ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ عَنْ إِسْحَاقَ يُكْرَهُ ، وَلَا يُكْرَهُ قُرْبَ الْغُرُوبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ ، خِلَافًا لِلْمِنْهَاجِ لِانْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ .
وَيُكْرَهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَنَقَلَ

صَالِحٌ : لَا تُعْجِبُنِي الْقِرَاءَةُ : وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خَفَضَ صَوْتَهُ .
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِ فَقَالَ : الْقِرَاءَةُ بِكُلِّ مَكَان حَسَنٌ ، وَلَيْسَ الْحَمَّامُ بِمَوْضِعِ قِرَاءَةٍ فَمَنْ قَرَأَ الْآيَاتِ فَلَا بَأْسَ .
وَالْأَشْهَرُ يُكْرَهُ السَّلَامُ ( هـ ) وَقِيلَ وَالذِّكْرُ ( خ ) وَسَطْحِهِ ، وَنَحْوِهِ كَبَقِيَّتِهِ ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَصَلَاةٍ .

وَهَلْ ثَمَنُ الْمَاءِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَيْهَا ، أَوْ مَاءُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ ، أَوْ عَكْسُهُ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ ( م 6 ) وَمَاءُ الْوُضُوءِ كَالْجَنَابَةِ ( م 7 ) وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَيَتَوَجَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ شِرَاءُ ذَلِكَ لِرَقِيقِهِ ، وَلَا يَتَيَمَّمُ فِي الْأَصَحِّ .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ ثَمَنُ الْمَاءِ عَلَى الزَّوْجِ ، أَوْ عَلَيْهَا ، أَوْ مَاءُ الْجَنَابَةِ فَقَطْ عَلَيْهِ ، أَوْ عَكْسُهُ فِيهِ أَوْجُهٌ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي آخِرِ الْحَيْضِ : وَثَمَنُ مَاءِ الْحَيْضِ عَلَى الزَّوْجِ فِي وَجْهٍ ، وَعَلَى الزَّوْجَةِ فِي آخَرَ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهَا فِي الْفُصُولِ ( أَحَدُهُمَا ) : هُوَ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدْ صَارَ عَادَةً وَعُرْفًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَقَبْلَهَا بِكَثِيرٍ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ : إنْ احْتَاجَتْ إلَى شِرَاءِ الْمَاءِ فَثَمَنُهُ عَلَيْهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي هَذَا الْبَابِ : وَثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ عَلَى الزَّوْجِ ، وَقِيلَ عَلَى الزَّوْجَةِ ، انْتَهَى .
وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : عَلَى الزَّوْجَةِ ، قَالَ فِي الْوَاضِحِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَ ( الْوَجْهُ الثَّالِثُ ) عَلَيْهِ مَاءُ الْجَنَابَةِ فَقَطْ ، لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ سَبَبُهُ ( الْوَجْهُ الرَّابِعُ ) مَاءُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَنَحْوِهِمَا عَلَيْهِ دُونَ مَاءِ الْجَنَابَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ وَمَاءُ الْوُضُوءِ كَالْجَنَابَةِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، انْتَهَى ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجَنَابَةِ ، فَكَذَا هُنَا ، بَلْ أَوْلَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ .

وَيُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي مُسْتَحَمٍّ وَمَاءٍ عُرْيَانًا قَالَ شَيْخُنَا : عَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِهِ ، عَنْهُ لَا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وَ ) وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يُعْجِبُنِي ، إنَّ لِلْمَاءِ سُكَّانًا .
وَاحْتَجَّ أَبُو الْمَعَالِي لِلتَّحْرِيمِ خَلْوَةً بِهَذَا الْخَبَرِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّ أَحْمَدَ كَرِهَهُ شَدِيدًا ، وَسَبَقَ فِي الِاسْتِطَابَةِ كَشْفُهَا بِلَا حَاجَةٍ خَلْوَةً .

بَابُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ بَدَلٌ مَشْرُوعٌ إجْمَاعًا لِكُلِّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَاءِ ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ ( وَ ) وَقَالَ الشَّيْخُ فِيهِ : إنْ احْتَاجَ ، وَكَوَطْءِ حَائِضٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْوَاطِئِ جِرَاحٌ ( م ) أَوْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ ابْتِدَاءً ( هـ ) وَقِيلَ يَحْرُمُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً ، وَصَحَّحَهَا ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ ، وَهَلْ يُكْرَهُ لِمَنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ ( و م ) فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) حَضَرًا وَسَفَرًا ( وَ ) وَقِيلَ مُبَاحًا طَوِيلًا لِعَادِمِ الْمَاءِ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَ ) وَعَنْهُ سَفَرًا ، فَعَلَى الْأُولَى يُعِيدُ عَلَى الْأَصَحِّ ( و م )
بَابُ التَّيَمُّمِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُكْرَهُ لِمَنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، هَلْ يُكْرَهُ الْوَطْءُ لِعَادِمِ الْمَاءِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُذَهَّبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْأَوْلَى إصَابَتُهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ يُفْعَلُ بِهِ كُلُّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَاءِ مِنْ صَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ وَطَوَافٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِهَا .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَصَحَّحَهُ أَبُو الْمَعَالِي .

أَوْ لِخَائِفٍ بِاسْتِعْمَالِهِ ضَرَرًا فِي بَدَنِهِ ، أَوْ بَقَاءِ شَيْنٍ ، أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ ( و ) وَعَنْهُ بَلْ خَوْفُ التَّلَفِ ( ح ) وَيَأْتِي بَيَانُ الْخَوْفِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ .

وَإِنْ عَجَزَ مَرِيضٌ عَنْ حَرَكَةٍ وَعَمَّنْ يُوَضِّئُهُ فَكَعَادِمٍ .

وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ إنْ انْتَظَرَ مَنْ يُوَضِّئُهُ فَالْأَصَحُّ يَتَيَمَّمُ ، وَيُصَلَّى وَلَا إعَادَةَ أَوْ ضَرَرَ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ أَوْ حَيَوَانٍ ( وَ ) وَقِيلَ لَهُ ، أَوْ فَوْتَ رُفْقَتِهِ أَوْ مَالِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا بِفَوْتِ الرُّفْقَةِ لِفَوْتِ الْأُلْفَةِ وَالْأُنْسِ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَوْ خَافَتْ امْرَأَةٌ عَلَى نَفْسِهَا فُسَّاقًا نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، بَلْ يَحْرُمُ خُرُوجُهَا إلَيْهِ ، وَعَنْهُ لَا أَدْرِي ، وَقِيلَ يُعِيدُ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَوْ احْتَاجَهُ لِعَجِينٍ أَوْ طَبْخٍ ، وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ مَنْ اشْتَدَّ خَوْفُهُ جُنُبًا وَيُعِيدُ .

وَفِي وُجُوبِ حَبْسِ الْمَاءِ لِتَوَقُّعِ عَطَشِ غَيْرِهِ كَخَوْفِ عَطَشِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ ، وَهُمَا فِي خَوْفِهِ عَطَشُ نَفْسِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ ( م 2 و 3 ) وَيَشْرَبُهُ مَعَ عَطَشِهِ إذَنْ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ يَشْرَبُ مَاءً نَجِسًا ، وَقِيلَ : لَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِعَطْشَانَ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ يَجْمَعَهُ وَيَشْرَبَهُ فَإِطْلَاقُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ، وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْمَاءِ يَمَّمَهُ رَفِيقُهُ الْعَطْشَانُ ، وَغَرِمَ ثَمَنَهُ مَكَانَهُ وَقْتَ إتْلَافِهِ لِوَرَثَتِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ غُرْمَهُ مَكَانَهُ فَمِثْلُهُ ، وَقِيلَ الْمَيِّتُ أَوْلَى بِهِ ، وَقِيلَ رَفِيقُهُ إنْ خَافَ الْمَوْتَ .

مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي وُجُوبِ حَبْسِ الْمَاءِ لِتَوَقُّعِ عَطَشِ غَيْرِهِ كَخَوْفِ عَطَشِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ ، وَهُمَا فِي خَوْفِهِ عَطَشَ نَفْسِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) : هَلْ يَجِبُ حَبْسُ الْمَاءِ لِتَوَقُّعِ عَطَشِ غَيْرِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ ، أَحَدُهُمَا : لَا يَجِبُ بَلْ يُسْتَحَبُّ قَالَ الْمَجْدُ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : يَجِبُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَشَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ : الْوَجْهَانِ فِيهَا أَيْضًا ، ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ .
وَقَالَ أَيْضًا : وَلَوْ خَافَ أَنْ يَعْطَشَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ أَوْ أَهْلُهُ أَوْ عَبْدُهُ أَوْ أَمَتُهُ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ إلَيْهِ ، وَقِيلَ : بَلَى بِثَمَنِهِ إنْ وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِ الْعَطْشَانِ ، وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ الْوُجُوبُ أَيْضًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ ضَعِيفٌ جِدًّا فِيمَا يَظْهَرُ .

وَهَلْ يُؤْثِرُ أَبَوَيْهِ لِغُسْلٍ وَوُضُوءٍ وَيَتَيَمَّمُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَعَنْهُ فِي غَازٍ بِقُرْبِهِ الْمَاءُ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَتَيَمَّمُ وَيُؤَخِّرُ
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُؤْثِرُ أَبَوَيْهِ لِغُسْلٍ وَوُضُوءٍ وَيَتَيَمَّمُ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالْفَائِقِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا كَانَ لِلْحَيِّ فَآثَرَ بِهِ غَيْرَهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ مَعَ وُجُودِهِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخَذَهُ أَوْ عَدِمَ الْمَاءَ جَازَ التَّيَمُّمُ عَلَى الْأَصَحِّ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا : لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدْ قَدَّمَ ابْنُ عُبَيْدَانَ عَدَمَ جَوَازِ بَذْلِهِ لِغَيْرِهِ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي : فَإِنْ آثَرَ بِهِ وَتَيَمَّمَ لَمْ يَصِحَّ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ تَعَيَّنَ ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : إنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ، لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِنَفْسِهِ ، وَلَا يَجُوزُ بَذْلُهُ لِغَيْرِهِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : فَإِنْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ ، فَإِنْ تَيَمَّمَ مَعَ بَقَائِهِ لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ مَنْ وُهِبَ لَهُ فَهُوَ كَإِرَاقَتِهِ ، انْتَهَى ، وَكَلَامُهُمْ عَامٌّ فِي الْأَبِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : يَجُوزُ .

وَفِي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ رِوَايَتَانِ ( م هـ ) وَيَأْتِي فِي صَوْمِ الْمَرِيضِ
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : فِي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ، وَذَلِكَ كَالْخَائِفِ فَوْتَ عَدُوِّهِ إذَا تَوَضَّأَ ( إحْدَاهُمَا ) : يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ ، فَقَالَ : وَلِطَالِبِ عَدُوٍّ يَخَافُ فَوْتَ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ ، يَعْنِي كَصَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا اشْتَدَّ ، وَعَنْهُ لَا ، وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لَهُ ، انْتَهَى ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، فَقَالَ : وَلِلْغَازِي التَّيَمُّمُ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ إذَا خَافَ فَوْتَ مَطْلُوبِهِ بِطَلَبِ الْمَاءِ ، انْتَهَى ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : وَمَنْ خَافَ فَوْتَ غَرَضِهِ الْمُبَاحِ بِطَلَبِ الْمَاءِ تَيَمَّمَ ، وَصَلَّى وَأَعَادَ ، وَقِيلَ : إنْ كَانَ الْمَاءُ فِي عَمَلِهِ أَعَادَ ، وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى ، وَاخْتَارَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ ، أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( تَنْبِيهٌ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى مَا إذَا خَافَ فَوْتَ عَدُوِّهِ ، وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا خَافَ فَوْتَ غَرَضِهِ غَيْرِ الْعَدُوِّ لِيَحْصُلَ عَدَمُ التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِهِ ، وَلَكِنَّ كَلَامَهُ عَامٌّ .

وَخَوْفِ نَزْلَةٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ لِبَرْدٍ مُبِيحٌ ، وَلَا إعَادَةَ ( و هـ م ) وَعَنْهُ بَلَى ( و ش ) وَعَنْهُ حَضَرًا ، وَفِي أَيِّهِمَا فَرْضُهُ ؟ وَجْهَانِ ( م 6 ) .
وَإِنْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يُبَحْ ، وَقِيلَ : مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَخَوْفُ نَزْلَةٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَبَرْدٍ مُبِيحٍ وَلَا إعَادَةَ ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَعَنْهُ حَضَرًا ، وَفِي أَيِّهِمَا فَرْضُهُ ، وَجْهَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( أَحَدُهُمَا ) : الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَإِلَّا لَمَّا كَانَ فِي إعَادَتِهَا كَبِيرُ فَائِدَةٍ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ لَوْ حُبِسَ فِي الْحَضَرِ تَيَمَّمَ ، وَلَا يُعِيدُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيَتَخَرَّجُ فِي الْإِعَادَةِ رِوَايَةٌ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى التَّيَمُّمِ ، لِشِدَّةِ الْبَرْدِ أَنَّهُ يُعِيدُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ ، ثُمَّ قَالَ فَإِذَا قُلْنَا يَجِبُ الْإِعَادَةُ كَانَتْ الثَّانِيَةُ فَرْضَهُ ، لِأَنَّهَا هِيَ الْكَامِلَةُ ، وَلِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْأُولَى فَرْضَهُ لَسَقَطَ بِهَا فَرْضُهُ ، وَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ ، انْتَهَى فَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ النَّجِسَةِ وَقَالَ يُعِيدُ فَأَيُّهُمَا فَرْضُهُ ، قَالَ شَيْخُنَا أَبُو يَعْلَى الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا قُلْنَا فِيمَنْ تَيَمَّمَ حَضَرًا لِعَدَمِ الْمَاءِ ، أَوْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ شَدِيدٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَرْضُ سَقَطَ بِالْأُولَى لَمَا كَانَ لِإِيجَابِ الثَّانِيَةِ مَعْنًى ، فَلَمَّا وَجَبَتْ الثَّانِيَةُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأُولَى وَجَبَتْ لِشَغْلِ الْوَقْتِ ، لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ ، كَالْحُجَّةِ الْفَاسِدَةِ ، انْتَهَى ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ، فَقَدْ قَطَعَ هُوَ وَشَيْخُهُ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ فَرْضُهُ ، فَوَافَقَ مَا قُلْنَا ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : الْأُولَى فَرْضُهُ .

وَيَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ ( وَ ) عَادَةُ مَكَانِهِ ، وَكَذَا بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ش ) كَضَرَرٍ يَسِيرٍ فِي بَدَنِهِ مِنْ صُدَاعٍ وَبَرْدٍ فَهَاهُنَا أَوْلَى ، وَعَنْهُ لَوْ كَثُرَتْ وَلَمْ يُجْحَفْ بِهِ ( ح )

وَإِنْ احْتَمَلَ وُجُودَهُ لَزِمَهُ طَلَبُهُ كَظَنِّهِ ( وَ ) عَنْهُ لَا ( و هـ ) كَعَدَمِهِ ( وَ ) وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ إنْ ظَنَّ عَدَمَهُ ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَلَا أَثَرَ لِطَلَبِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ ، فَعَلَى الْأُولَى إنْ رَأَى مَا يَشُكُّ مَعَهُ فِي الْمَاءِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ ، وَقِيلَ لَا ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ لِتَوَجُّهِ الطَّلَبِ ، وَإِنْ دُلَّ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا عُرْفًا وَعَنْهُ أَوْ بَعِيدًا ( و م ) لَزِمَهُ قَصْدُهُ فِي الْوَقْتِ .

وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ قَرْضًا وَكَذَا ثَمَنُهُ ، وَالْمُرَادُ وَلَهُ مَا يُوفِيهِ ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا : وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ هِبَةً فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ : إنَّ لَهُ يَتَعَزَّزُ ، وَعَكْسُهُ ثَمَنُهُ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ اقْتِرَاضُ ثَمَنِهِ ، وَعَنْهُ وَاتِّهَابُهُ وَحَبْلٌ وَدَلْوٌ كَالْمَاءِ ، وَيَلْزَمُ قَبُولُهُمَا عَارِيَّةً ، وَفِي طَلَبِهِمَا وَاتِّهَابِ الْمَاءِ وَجْهَانِ ( م 7 و 8 ) وَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ مِنْ رَفِيقِهِ فِي الْأَشْهَرِ و هـ ش ) وَفِي الْمُغْنِي إنْ دُلَّ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 وَ 8 ) قَوْلُهُ : " وَحَبْلٌ وَدَلْوٌ كَالْمَاءِ ، وَيَلْزَمُ قَبُولُهُمَا عَارِيَّةً ، وَفِي طَلَبِهِمَا وَاتِّهَابِ الْمَاءِ وَجْهَانِ " انْتَهَى ، يَعْنِي فِي لُزُومِ طَلَبِ الْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَاتِّهَابِ الْمَاءِ ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 ) هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ الدَّلْوِ وَالْحَبْلِ ، أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) : يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ ذَلِكَ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 ) هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ اتِّهَابِ الْمَاءِ أَمْ لَا ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهَا ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ : وَقِيلَ يَجِبُ اقْتِرَاضِ الثَّمَنِ ، وَعَنْهُ أَوْ اتِّهَابُهُ ، انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ فِي غَيْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَكَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ يُشْعِرُ بِالْفَرْعِ الثَّانِي .

وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ إلَى أَرْضِهِ لِحَرْثٍ وَصَيْدٍ وَنَحْوِهِ حَمَلَهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ إنْ أَمْكَنَهُ ، وَتَيَمَّمَ إنْ فَاتَتْ حَاجَتُهُ بِرُجُوعِهِ ، وَلَا يُعِيدُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا .

وَمَنْ أَرَاقَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ ، أَوْ شَرِبَهُ فِيهِ ، أَوْ مَرَّ بِهِ فِيهِ ، وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ : وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أَوْ بَاعَهُ فِيهِ ، أَوْ وَهَبَهُ حَرُمَ ، وَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ ( م 9 ) لَوْ فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ) وَتَيَمَّمَ ، وَصَلَّى ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ هِبَةً فَتَيَمَّمَ ، وَقَدْ تَلِفَ وَصَلَّى فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ ( م 10 و 11 ) وَقَوْلُنَا وَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا لَا يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمْ ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ ، فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّ تَوَجُّهَ الْفَرْضِ وَتَعَلُّقَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ ، كَتَصَرُّفِهِ فِيمَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ ، وَتَصَرُّفِ الْمَدِينِ ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ .

( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : " وَمَنْ أَرَاقَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ مَرَّ بِهِ فِيهِ وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ ، أَوْ بَاعَهُ فِيهِ أَيْ فِي الْوَقْتِ أَوْ وَهَبَهُ حَرُمَ وَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ " انْتَهَى ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا : وَقَوْلُنَا وَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ ، أَشْهَرُهُمَا لَا يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَأَبُو الْمَعَالِي ، وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : لَمْ يَصِحَّ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ فَهُوَ حَقٌّ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : يَصِحُّ ، لِأَنَّ تَوَجُّهَ الْفَرْضِ وَتَعَلُّقَهُ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ ، كَتَصَرُّفِهِ فِيمَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ ، وَتَصَرُّفِ الْمَدِينِ ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَهَذَا احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ .
( مَسْأَلَةٌ 10 وَ 11 ) قَوْلُهُ : " بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ هِبَةً فَتَيَمَّمَ وَقَدْ تَلِفَ وَصَلَّى فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ " انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10 ) إذَا تَصَرَّفَ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَهَلْ تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرَاقَةِ وَالْهِبَةِ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ وَالْهِبَةِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يُعِيدُ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَرَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ فِي

الْفُصُولِ فِي الْإِرَاقَةِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) : يُعِيدُ جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ فِي الْإِرَاقَةِ وَالْهِبَةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْمُرُورِ بِهِ وَالْإِرَاقَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الصُّغْرَى فِي الْمُرُورِ بِهِ ، وَقِيلَ يُعِيدُ إنْ أَرَاقَهُ وَلَا يُعِيدُ إنْ مَرَّ بِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11 ) إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ قَبُولِ الِاتِّهَابِ وَلَمْ يَقْبَلْ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا يُعِيدُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ تَرَكَ مَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَتَحْصِيلُهُ مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَعَادَ ، انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعِيدُ ( قُلْت ) وَهُوَ قَوِيٌّ .

وَإِنْ نَسِيَهُ بِمَحَلٍّ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ أَعَادَ عَلَى الْأَصَحِّ ( و ش ) كَمَا لَوْ نَسِيَ الرَّقَبَةَ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ ( و ) وَيَتَوَجَّهُ فِيهَا تَخْرِيجٌ ، وَلِهَذَا سَوَّى الْأَصْحَابُ بَيْنَهُمَا .
وَنِسْيَانُ السُّتْرَةِ كَمَسْأَلَتِنَا عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْقِيَامِ ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ لَوْ نَسِيَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَالطَّهَارَةَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ، كَذَا هُنَا قِيلَ : إنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بَدَلًا لَهُ ، فَأَجَابَ يَجِبُ مِثْلُهُ هُنَا لِمُسَاوَاتِهِ لَهَا ، وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ بِهِ ، وَيَتَوَجَّهُ أَوْ ثَمَنُهُ ، وَقِيلَ يُعِيدُ مَنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ وَبِهِ الْمَاءُ وَقَدْ طَلَبَهُ ، وَمَنْ بَانَ بِقُرْبِهِ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا .

وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ ، أَوْ أَدْرَجَهُ أَحَدٌ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ ، أَوْ ضَلَّ عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كَانَ عَرَفَهَا فَوَجْهَانِ ( م 12 - 14 )

مَسْأَلَةٌ 12 - 14 ) : قَوْلُهُ وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ أَوْ أَدْرَجَهُ أَحَدٌ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ ضَلَّ عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كَانَ عَرَفَهَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12 ) إذَا ضَلَّ عَنْ الْمَاءِ الَّذِي فِي رَحْلِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَهَلْ يُعِيدُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا : يُعِيدُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْأَصَحِّ ، انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِ الْمَجْدِ ، بَلْ الْإِعَادَةُ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوْلَى ، فَإِنَّهُ اخْتَارَ هُوَ وَغَيْرُهُ الْإِعَادَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذِهِ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِيهَا مُفَرِّطًا ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعِيدُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13 ) إذَا أَدْرَجَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، أَحَدُهَا يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعِيدُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ ، فَقَالَ : وَاَلَّذِي يَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُفَرِّطًا ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 14 ) وَلَوْ ضَلَّ عَنْهُ مَوْضِعُ الْبِئْرِ الَّتِي يَعْرِفُهَا وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعِيدُ ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ كَالنَّاسِي وَذَكَرَ فِي

الْفُصُولِ احْتِمَالًا أَنَّهُ كَالنَّاسِي يُعِيدُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ سَيِّدٌ مَعَ عَبْدِهِ فَنَسِيَ الْعَبْدُ حَتَّى صَلَّى سَيِّدُهُ بِالتَّيَمُّمِ ، فَقِيلَ : لَا يُعِيدُ ، لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ ، وَقِيلَ كَالنَّاسِي : كَنِسْيَانِهِ رَقَبَةً مَعَ عَبْدِهِ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ ( م 15 ) وَيَتَوَجَّهُ فِيهَا تَخْرِيجٌ .
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ فَقِيلَ لَا يُعِيدُ ، لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ ، وَقِيلَ كَالنَّاسِي ، كَنِسْيَانِهِ رَقَبَةً مَعَ عَبْدِهِ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يُعِيدُ ، لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ يُعِيدُ إذَا جَهِلَ الْمَاءَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَيَقْتَضِيهِ مَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ ، وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا أُدْرِجَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مِنْ جُمْلَةِ رَحْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَالْجَرِيحُ ، وَنَحْوُهُ الْمُحْتَاجُ وَيَغْسِلُ غَيْرَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ ( هـ م ) وَقِيلَ وَيُمْسَحُ الْجُرْحُ بِالتُّرَابِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَضْبِطُهُ إنْ قَدَرَ ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبٍ وَمُوَالَاةٍ ، أَمْ لَا ، فَلَا يُعِيدُ غُسْلَ الصَّحِيحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 16 ) وَقَالَ شَيْخُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَرْتِيبَ ، وَلُبْسُهُ خُفًّا وَمَسْحُهُ إذَا أَحْدَثَ كَمُسْتَحَاضَةٍ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ مَسْحِهِ فَهَلْ هُوَ فَرْضُهُ ( و م ) أَوْ التَّيَمُّمُ ؟ ( و ش ) فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 17 ) وَعَنْهُ هُمَا .
وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنُ هَانِئٍ مَسْحُ الْبَشَرَةِ لِعُذْرٍ كَجَرِيحٍ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَأَنَّهُ أَوْلَى

( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يَلْزَمُهُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبٍ وَمُوَالَاةٍ ، أَمْ لَا فَلَا يُعِيدُ غُسْلَ الصَّحِيحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي إذَا تَوَضَّأَ وَبِهِ جُرْحٌ فِي بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَرَادَ التَّيَمُّمَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ لَهُ حِينَ وُصُولِهِ فِي الْوُضُوءِ إلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ الْمَجْرُوحِ يُرَتِّبُ وَيُوَالِي كَالْوُضُوءِ الْكَامِلِ ، أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ( أَحَدُهُمَا ) : يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ تَابَعُوا الْمَجْدَ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَمَّا الْجَرِيحُ الْمُتَوَضِّئُ فَعِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ إلَى مَا بَعْدَهُ حَتَّى يَتَيَمَّمَ لِلْجُرْحِ نَظَرًا لِلتَّرْتِيبِ وَأَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ مَعَ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ اُعْتُبِرَتْ الْمُوَالَاةُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُرَتِّبُهُ غَيْرُ الْجُنُبِ وَنَحْوُهُ وَيُوَالِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا إنْ جُرِحَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ وَلَا مُوَالَاةٌ فِي ذَلِكَ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ أَصَحُّ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ التَّرْتِيبُ وَكَذَا الْمُوَالَاةُ وَجْهًا وَاحِدًا وَعَلَّلَهُ بِعِلَلٍ جَيِّدَةٍ وَمَالَ إلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُرَتِّبَ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ

أَبْعَاضِ الْوُضُوءِ بِتَيَمُّمٍ بِدْعَةٌ ، انْتَهَى ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ أَوْجَبُوهُمَا وَأَنَّ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالْمَجْدَ وَالشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَجَمَاعَةً لَمْ يُوجِبُوهُمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ وَالصَّوَابُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) عَلَى الْمُقَدَّمِ يَكُونُ مَحَلُّ التَّيَمُّمِ فِي مَكَانِ الْعُضْوِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ بَدَلًا عَنْهُ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِي وَجْهِهِ لَزِمَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلًا ثُمَّ يُكْمِلُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ وَجْهِهِ خُيِّرَ بَيْنَ غَسْلِ صَحِيحِ وَجْهِهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ الْبَاقِي وَبَيْنَ أَنْ يَتَيَمَّمَ ثُمَّ يَغْسِلَ صَحِيحَ وَجْهِهِ ثُمَّ يُكْمِلَ وُضُوءَهُ وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ فِي عُضْوٍ آخَرَ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا قَبْلَهُ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَجْهِ وَإِنْ كَانَ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ احْتَاجَ فِي كُلِّ عُضْوٍ إلَى تَيَمُّمٍ فِي مَحَلِّ غَسْلِهِ لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَيْضًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ مَعَ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَيُبْطِلَ تَيَمُّمَهُ مَعَ وُضُوئِهِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ إنْ اُعْتُبِرَتْ الْمُوَالَاةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ مَسْحِهِ فَهَلْ هُوَ فَرْضُهُ أَوْ التَّيَمُّمُ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ مَسْحِهِ بِالْمَاءِ وَمَسَحَهُ فَهَلْ الْمَسْحُ فَرْضُهُ ، أَوْ التَّيَمُّمُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ ( أَحَدُهُمَا ) : يُجْزِئُهُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ ، فَيَكُونُ الْفَرْضُ الْمَسْحَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : لَوْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ وَيَخَافُ مِنْ غَسْلِهِ فَمَسْحُهُ بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ التَّيَمُّمِ ، وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ ،

اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ ، وَقَالَ هَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَعَنْهُ : هُمَا ، يَعْنِي أَنَّ فَرْضَهُ الْمَسْحُ وَالتَّيَمُّمُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَأَطْلَقَ الْأُولَى ، وَهَذِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْجُرْحُ طَاهِرًا ، فَأَمَّا إنْ كَانَ نَجِسًا فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ ، قَوْلًا وَاحِدًا وَقَالَهُ غَيْرُهُ .

وَإِنْ وَجَدَ الْجُنُبُ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَائِهِ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ ( و ش ) ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي ، وَكَذَا الْمُحْدِثُ فِي الْأَصَحِّ ( و ش ) وَفِي النَّوَادِرِ رِوَايَتَانِ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمُ ، أَوَّلًا ، وَلَا تَلْزَمُ إرَاقَتُهُ ، وَفِي الْوَاضِحِ الرِّوَايَتَانِ .

فَصْلٌ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ فَرْضٍ ( م ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، خِلَافًا لِشَيْخِنَا ، إنْ انْتَبَهَ أَوَّلَ الْوَقْتِ ، وَقَالَ فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْحَمَّامِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يَفُوتَ الْوَقْتُ كَالْغُلَامِ ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا أَوْلَادُهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ حَتَّى تَغْسِلَهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَالْأَظْهَرُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي خَارِجَ الْحَمَّامِ ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ ، وَبَعْدَ الْوَقْتِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا .

قَالَ الْأَصْحَابُ : وَكَذَا جِنَازَةُ ، وَعَنْهُ بَلَى ( و هـ ) وَيُرِيدُ بِهِ فَوْتَهَا مَعَ الْإِمَامِ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَإِنْ أَمْكَنَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ ، فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ ، وَعَنْهُ : وَعِيدَ ، ( و هـ ) وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ وَجَدَا الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِمَا لَمْ تَبْطُلْ ، بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ .
وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ ( و هـ ) اخْتَارَ شَيْخُنَا وَجُمُعَةٍ ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَصْلًا لِلْمَنْعِ ، وَأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا .

وَإِنْ وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ ، أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ ، أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَوْ دَلَّهُ ثِقَةٌ فَقِيلَ : يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي ( و ق ) وَقِيلَ : لَا ، كَقُدْرَتِهِ عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ، إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ ( م 18 - 21 ) وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ .

مَسْأَلَةٌ 18 - 21 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ ، أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ ، أَوْ دَلَّهُ ثِقَةٌ فَقِيلَ : يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي ، وَقِيلَ لَا ، كَقُدْرَتِهِ عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ ، انْتَهَى .
اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 18 ) إذَا وَصَلَ الْمُسَافِرُ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) : يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَيَمَّمُ وَيُجْزِئُهُ ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَقَالَ : مَا أَدَقُّ هَذَا النَّظَرُ .
وَلَوْ طَرَدَهُ فِي الْحَضَرِ لَكَانَ قَدْ أَجَادَ وَأَصَابَ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَكَذَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ 19 وَالثَّالِثَةُ 20 وَالرَّابِعَةُ 21 كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ وَجَزَمَ بِالتَّيَمُّمِ ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى ، وَقَدَّمَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ ، وَأَطْلَقَ فِي الثَّانِيَةِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ : وَإِنْ قَدَرَ عَلَى نُزُولِهِ الْبِئْرَ ، وَمَا يَنْزِلُ بِهِ إلَيْهِ وَنَحْوِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ فَاتَهُ الْوَقْتُ وَلَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَعُدْ وَكَذَلِكَ رَاكِبُ السَّفِينَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِيمَا إذَا

عَلِمَ الْمَاءَ قَرِيبًا وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَوْ دَلَّهُ ثِقَةٌ هَلْ يَتَيَمَّمُ مُرَاعَاةً لِلْوَقْتِ أَوْ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ ، وَيَتَوَضَّأُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ ، وَقَطَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا عُرْفًا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ فِي الْوَقْتِ ، فَظَاهِرُهُ هُنَا أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ وَيَتَيَمَّمُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا بِحُكْمٍ فِي مَوْضِعٍ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ .

وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ وَتُرَابٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي التَّيَمُّمِ فِي حَضَرٍ عُذْرٌ نَادِرٌ وَغَيْرُ مُتَّصِلٍ فَأَعَادَ كَمَا لَوْ مُنِعَ مِنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ ؟ فَأَجَابَ بِالرِّوَايَتَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَدَمِ صَلَّى فَرْضًا فَقَطْ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَتَوَجَّهُ فِعْلُ مَا شَاءَ ، لِأَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ مَعَ الْعَجْزِ ، وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ ، كَذَا قَالَ وَجَزَمَ جَدُّهُ وَجَمَاعَةٌ بِخِلَافِهِ ، وَلَا إعَادَةَ وَعَنْهُ بَلَى ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( و ش م ر ) وَلَوْ بِتَيَمُّمٍ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ ، فَعَلَيْهِ إنْ قَدَرَ فِيهَا خَرَجَ ، وَإِلَّا فَكَمُتَيَمِّمٍ يَجِدُ الْمَاءَ وَكَذَا مُتَيَمِّمٌ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا ، فِي إعَادَتِهِ خِلَافٌ ، وَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَقِيلَ الْأُولَى وَقِيلَ هُمَا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ ، وَقِيلَ : لَا بِعَيْنِهَا وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ صَلَاتُهُ ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ ، وَيَقْضِي ( و هـ ) وَتَبْطُلُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ ( وَ ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَبِخُرُوجِ الْوَقْتِ رِوَايَتَانِ ( م 22 ) وَبِغُسْلِ مَيِّتٍ مُطْلَقًا وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِهِ ، وَالْأَصَحُّ وَبِالتَّيَمُّمِ ، وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِأَحَدِهِمَا مَعَ أَمْنِ تَفَسُّخِهِ ؛
مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ : فِيمَنْ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا تُرَابًا : وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَبِخُرُوجِ الْوَقْتِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، الْبَعْضُ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ ، هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ فِيهَا ؟ أَفِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، إحْدَاهُمَا لَا تَبْطُلُ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَبْطُلُ

وَيَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ بَدَنٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( ح ) لِعَدَمِ مَاءٍ ، أَوْ ضَرَرٍ ، وَلَا إعَادَةَ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ لِعَدَمٍ ، وَفِي النِّيَّةِ لِتَيَمُّمِهِ لَهَا وَجْهَانِ وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَابْنُ عَقِيلٍ ( م 23 ) قَالَ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ يَسْرِي مَنْعُهَا كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ إلَّا ظُفْرًا ، لَمْ يَجُزْ دُخُولُ مَسْجِدٍ ، وَرَفْعُهَا كَمَنْعِ مُحْدَثٍ مَسَّ مُصْحَفٍ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ كَبَطْنِهِ وَصَدْرِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ سُتْرَةٍ كَالْمَكَانِ وَحُكِيَ قَوْلٌ .
مَسْأَلَةٌ 23 ) وَيَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ بَدَنٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ مَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ وَلَا إعَادَةَ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَعَنْهُ لِعَدَمٍ ، وَفِي النِّيَّةِ لِتَيَمُّمِهِ لَهَا وَجْهَانِ ، الْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) : تَجِبُ النِّيَّةُ لَهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي مَوْضِعٍ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ ، فِي الْفُصُولِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ لَهَا كَمُبَدِّلِهِ ، وَهُوَ الْغُسْلُ ، بِخِلَافِ تَيَمُّمِ الْحَدَثِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .
( تَنْبِيهٌ ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ أَيْ مَنْعُ الصِّحَّةِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِالنِّيَّةِ ، وَكَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُ الْوُجُوبِ .

وَيَتَيَمَّمُ بِتُرَابٍ طَهُورٍ لَهُ غُبَارٌ وَالْأَصَحُّ غَيْرُ مُحْرَقٍ ( و ش ) وَعَنْهُ وَبِسَبْخَةٍ ( و ش ) وَعَنْهُ وَرَمْلٍ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ لَهُمَا غُبَارٌ .
وَعَنْهُ فِيهِمَا لِعَدَمِ تُرَابٍ ، وَقِيلَ وَبِمَا تَصَاعَدَ عَلَى الْأَرْضِ لِعَدَمٍ لَا مُطْلَقًا ( هـ ) وَلَا بِمُتَّصِلٍ بِهَا كَنَبَاتٍ ( م ) وَمَا تَيَمَّمَ بِهِ كَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ ، وَقِيلَ يَجُوزُ كَمَا تَيَمَّمَ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ وَتُرَابٍ مَغْصُوبٍ كَالْمَاءِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تُرَابُ مَسْجِدٍ ( و ش ) وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ ، فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِتُرَابِ زَمْزَمَ ، مَعَ أَنَّهُ مَسْجِدٌ ، وَقَالُوا يُكْرَهُ إخْرَاجُ حَصَى الْمَسْجِدِ وَتُرَابِهِ لِلتَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ وَالْكَرَاهَةُ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابِ الْغَيْرِ جَازَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِلْإِذْنِ فِيهِ عَادَةً وَعُرْفًا ، كَالصَّلَاةِ فِي أَرْضِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ دَوَاتِهِ : هَذَا مِنْ الْوَرَعِ الْمُظْلِمِ .
وَاسْتَأْذَنَ هُوَ فِي مَكَان آخَرَ فَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْكِتَابَةِ الْكَثِيرَةِ ، وَقَدْ تَيَمَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْجِدَارِ ، حَمَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَنَّهُ لِإِنْسَانٍ يَعْرِفُهُ وَيَأْذَنُ فِيهِ ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ أَنَّ تُرَابَ الْغَيْرِ يَأْذَنُ فِيهِ مَالِكُهُ عَادَةً وَعُرْفًا بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَسْجِدِ ، وَقَدْ قَالَ الْخَلَّالُ فِي الْأَدَبِ : التَّوَقِّي أَنْ لَا يُتَرِّبَ الْكِتَابَ إلَّا مِنْ الْمُبَاحَاتِ ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَجِيءُ مَعَهُ بِشَيْءٍ ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ تُرَابِ الْمَسْجِدِ ، وَإِنْ خَالَطَ التُّرَابَ رَمْلٌ وَنَحْوُهُ فَكَالْمَاءِ ، وَقِيلَ يُمْنَعُ ( و ش ) وَلَوْ تَيَمَّمَ عَلَى شَيْءٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ جَازَ وَلَوْ وَجَدَ تُرَابًا ( م ) وَلَا يَتَيَمَّمُ بِطِينٍ ، قَالَ فِي الْخِلَافِ بِلَا خِلَافٍ ، بَلْ يُجَفِّفُهُ إنْ أَمْكَنَهُ ، وَالْأَصَحُّ فِي الْوَقْتِ

وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فِي الْمَنْصُوص ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ ( م 24 ) وَأَعْجَبَ أَحْمَدُ حَمْلَ تُرَابٍ لِلتَّيَمُّمِ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ لَا وَهُوَ أَظْهَرُ .
( مَسْأَلَةٌ 24 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يَلْزَمُهُ ، قُلْت : وَهُوَ قَوِيٌّ .

وَصِفَتُهُ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ ، وَيَعْتَبِرَ مَعَهُ تَعْيِينَ الْحَدَثِ كَمَا يَأْتِي ، وَقِيلَ : إنْ ظَنَّ فَائِتَةً فَلَمْ تَكُنْ أَوْ بَانَ غَيْرُهَا لَمْ يَصِحَّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ إنْ نَوَى التَّيَمُّمَ فَقَطْ صَلَّى نَفْلًا .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : إنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ ، أَوْ فَرْضَ الطَّهَارَةِ فَوَجْهَانِ ، وَقِيلَ يَصِحُّ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ ( و هـ ) ثُمَّ يُسَمِّي ، وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ مُفَرِّجَتَيْ الْأَصَابِعِ ، وَاحِدَةً يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ ، وَكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ضَرْبَتَيْنِ : وَاحِدَةً لِوَجْهِهِ ، وَأُخْرَى لِيَدَيْهِ إلَى مِرْفَقَيْهِ ، وَحَكَى رِوَايَةً وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ ( هـ ش م ر )

وَمَسَحَ جَمِيعَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ، وَالنِّيَّةُ فَرْضُ ( وَ ) وَفِيمَا تَحْتَ شَعْرٍ خَفِيفٍ وَجْهَانِ ( م 25 ) وَلَا يُسْتَحَبُّ مَضْمَضَةٌ ، وَاسْتِنْشَاقٌ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ ، وَالْمُرَادُ يُكْرَهُ ، وَالتَّسْمِيَةُ كَالْوُضُوءِ ( وَ ) وَعَنْهُ سُنَّةٌ ، وَكَذَا التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ ( وَ ) وَقِيلَ سُنَّةٌ ، وَقِيلَ : التَّرْتِيبُ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَلِهَذَا يُجْزِئُهُ مَسْحُ بَاطِنِ أَصَابِعِهِ مَعَ مَسْحِ وَجْهِهِ ، وَلَا يَجِبَانِ فِي تَيَمُّمِ حَدَثٍ أَكْبَرَ ، وَقِيلَ بَلَى ( و ش ) وَقِيلَ الْمُوَالَاةُ ، وَإِنْ تَيَمَّمَ بِبَعْضِ يَدِهِ ، أَوْ بِحَائِلٍ فَكَالْوُضُوءِ ، وَكَذَا لَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ ، وَاخْتَارَ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يَصِحُّ ، لِعَدَمِ قَصْدِهِ .
مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : وَمَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ، وَالنِّيَّةُ فَرْضٌ وَفِيمَا تَحْتَ شَعْرٍ خَفِيفٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يَجِبُ مَسْحُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ : وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَيَمْسَحُ مَا أَمْكَنَ مَسْحُهُ مِنْ ظَاهِرِ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ ، وَقِيلَ مَا نَزَلَ مِنْ ذَقَنِهِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ ، قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ مَحَلُّ التَّيَمُّمِ جَمِيعُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْوَجْهِ ، مَا عَدَا الْفَمَ وَالْأَنْفَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ : وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ ، فَلَا يَسْقُطُ سِوَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ .

وَإِنْ سَفَّتْ الرِّيحُ غُبَارًا فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنْ فَصَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ ، أَوْ مَسَحَ بِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ صَحَّ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ نَقَلَهُ مِنْ الْيَدِ إلَى الْوَجْهِ أَوْ عَكْسه فَفِيهِ تَرَدُّدٌ .

وَلَوْ نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ فَقِيلَ يَصِحُّ ، وَقِيلَ إنْ مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ ، وَقِيلَ لَا ( م 26 و 27 ) وَقِيلَ إنْ تَيَمَّمَ بِيَدٍ ، أَوْ أَمَرَّ الْوَجْهَ عَلَى التُّرَابِ لَمْ يَصِحَّ .
( مَسْأَلَةٌ 26 وَ 27 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ فَقِيلَ يَصِحُّ ، وَقِيلَ إنْ مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ ، وَقِيلَ لَا ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ( أَحَدُهُمَا ) : يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْمَجْدِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا الشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : إنْ مَسَحَ أَجْزَأَ ، وَإِلَّا فَلَا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَالرَّأْسِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ : وَعِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُمِرَّ يَدَهُ ، لِأَنَّ مُرُورَ التُّرَابِ عَلَى الْوَجْهِ لَا يُسَمَّى مَسْحًا ، حَتَّى يُمِرَّ مَعَهُ الْيَدَ أَوْ شَيْئًا يَتْبَعُهُ التُّرَابُ ، انْتَهَى ، قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِيَارَ الشَّيْخِ وَهُوَ ابْنُ عَقِيلٍ فَعَلَى هَذَا : إنْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ أَجْزَأَ لِحُصُولِ مَسْحٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ ، انْتَهَى ، وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ إذَا لَمْ يَمْسَحْ ، وَمَعَ الْمَسْحِ أَطْلَقَ احْتِمَالَيْنِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ : مَسْأَلَةُ 26 مَا إذَا نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ وَلَمْ يَمْسَحْهُ بِيَدَيْهِ ، وَمَسْأَلَةُ 27 مَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَمَسَحَهُ بِيَدَيْهِ .

فَصْلٌ وَإِنْ تَيَمَّمَ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ نَاوِيًا أَحَدَهُمَا اخْتَصَّ بِهِ ( هـ ش م ر ) نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِحَدَثٍ وَنَسِيَ الْجَنَابَةَ ثُمَّ طَافَ لَمْ يُجْزِهِ ، وَإِنْ نَوَاهُمَا أَجْزَأَ .

وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِهِمَا فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَقِيلَ كَالْوُضُوءِ ، وَقِيلَ مَا نَوَاهُ ، لِأَنَّهُ مُبِيحٌ ( م 28 ) وَمَنْ نَوَى شَيْئًا اسْتَبَاحَهُ وَمِثْلُهُ وَدُونَهُ ( و م ش ) فَالنَّذْرُ دُونَ مَا وَجَبَ شَرْعًا .
وَقَالَ شَيْخُنَا : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ .
وَفَرْضُ كِفَايَةٍ دُونَ فَرْضِ عَيْنٍ ، وَفَرْضُ جِنَازَةٍ أَعْلَى مِنْ نَافِلَةٍ ، وَقِيلَ يُصَلِّيهَا بِتَيَمُّمٍ نَافِلَةً .
وَقَالَ شَيْخُنَا : يَتَخَرَّجُ لَا يُصَلِّي نَافِلَةً بِتَيَمُّمٍ جِنَازَةً ، لِأَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَ الطَّهَارَةَ لَهَا أَوْكَدَ .
وَيُبَاحُ الطَّوَافُ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ فِي الْأَشْهَرِ ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ كَانَ الطَّوَافُ فَرْضًا .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي لَا ، وَلَا تُبَاحُ نَافِلَةٌ بِنِيَّةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَطَوَافٍ وَنَحْوِهِمَا فِي الْأَشْهَرِ .
مَسْأَلَةٌ 28 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِهِمَا يَعْنِي الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ وَالْأَصْغَرَ فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَقِيلَ كَالْوُضُوءِ ، وَقِيلَ مَا نَوَاهُ ، لِأَنَّهُ مُبِيحٌ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ وَنَوَى أَحَدَهُمَا فَإِنْ قُلْنَا فِي الْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُهُ عَمَّا لَمْ يَنْوِهِ فَهُنَا لَا يُجْزِئُهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى ، وَإِنْ قُلْنَا يُجْزِئُ هُنَاكَ فَهَلْ يُجْزِئُ هُنَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا : يُجْزِئُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَالْوُضُوءِ ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُ هُنَا ، وَإِنْ أَجْزَأَ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا مَا نَوَاهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ ، وَالْوُضُوءَ رَافِعٌ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ .

وَإِنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ فَلَهُ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : وَجَمِيعُ النَّوَافِلِ ، لِأَنَّهَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ فَلَهُ الْقِرَاءَةُ لَا الْعَكْسُ ، وَلَا يَسْتَبِيحُهُمَا بِنِيَّةِ اللُّبْثِ ، وَقِيلَ فِي الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ ، وَتُبَاحُ الثَّلَاثَةُ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ لَا الْعَكْسُ ، وَقِيلَ : بَلَى .
وَإِنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ مُصْحَفٍ فَفِي نَفْلِ طَوَافٍ وَجْهَانِ ( م 29 ) وَفِي الْمُغْنِي إنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ ، أَوْ لُبْثٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ لَمْ يُسْتَبَحْ غَيْرُهُ ، كَذَا قَالَ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِيهِ بُعْدٌ ، وَقِيلَ مَنْ نَوَى الصَّلَاةَ فَنَفْلُهَا فَقَطْ ، وَعَنْهُ وَأَعْلَى مِنْهُ ( و هـ ) إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فَرْضًا بِتَيَمُّمِهِ لِجِنَازَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقِيلَ : إنْ أَطْلَقَ نِيَّةَ الصَّلَاةِ صَلَّى فَرْضًا ، وَإِنْ نَوَى فَرِيضَةً وَقِيلَ وَعَيَّنَهَا فَلَهُ فِعْلُ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ قَبْلَهَا عَلَى الْأَصَحِّ ، وَالتَّنَفُّلُ قَبْلَهَا ( م ) ثُمَّ يُصَلِّيهَا بِهِ ( م ) وَمَا شَاءَ إلَى آخِرِ وَقْتِهَا عَنْ أَيِّ شَيْءٍ تَيَمَّمَ ، وَقِيلَ : لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمٌ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ وَنَجَاسَةٍ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ ، لِتَجَدُّدِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِتَجَدُّدِ الْوَقْتِ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ، وَقِيلَ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إلَى دُخُولِ آخَرَ ، وَقِيلَ لَا يَجْمَعُ فِي وَقْتِ الْأُولَى ، وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ مُطْلَقًا ، لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا فِي الْمَنْصُوصِ ، وَكَذَا إنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ ، وَحَائِضٌ لِوَطْءٍ ، وَنَحْوُهُمَا ، فِي بُطْلَانِهِ لِذَلِكَ بِخُرُوجِهِ الْخِلَافُ ، وَكَذَا إنْ اسْتَبَاحُوا ذَلِكَ بِالتَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ هُنَا .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَكَذَا إنْ تَيَمَّمَ عَنْ نَجَاسَةِ بَدَنِهِ .

( مَسْأَلَةٌ 29 ) فَإِنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ مُصْحَفٍ فَفِي نَفْلِ طَوَافٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، أَحَدُهُمَا : لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ جِنْسَ الطَّوَافِ أَعْلَى مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ .

وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِيهَا فَقِيلَ تَبْطُلُ ، وَقِيلَ لَا لِخُرُوجِهِ فِي الْجُمُعَةِ ، وَقِيلَ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا ( م 30 ) ، وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لِطَوَافٍ وَجِنَازَةٍ وَنَافِلَةٍ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ كَالْفَرِيضَةِ ، وَعَنْهُ إنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ ثُمَّ جِيءَ بِأُخْرَى فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ يُمْكِنُهُ التَّيَمُّمُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا حَتَّى يَتَيَمَّمَ لَهَا .
وَإِلَّا صَلَّى ، قَالَ الْقَاضِي : هَذَا لِلِاسْتِحْبَابِ ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لِلْإِيجَابِ ، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إذَا تَعَدَّدَ بِالْوَقْتِ فَوَقْتُ كُلِّ صَلَاةِ جِنَازَةٍ قَدْرُ فِعْلِهَا ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا ، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَوَاصِلَ هُنَا كَتَوَاصُلِ الْوَقْتِ لِلْمَكْتُوبَةِ ، قَالَ وَعَلَى قِيَاسِهِ مَا لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ ، وَطَوَافٍ فَعَلَى هَذَا : النَّوَافِلُ الْمُوَقِّتَةُ كَالْوِتْرِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَالْكُسُوفِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لَهَا بِخُرُوجِ وَقْتِ تِلْكَ النَّافِلَةِ ، وَالنَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا تَوَاصُلُ الْفِعْلِ كَالْجِنَازَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُهَا إلَى وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ تِلْكَ النَّافِلَةِ ( م 31 ) وَعَنْهُ لَا يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ فَرْضَيْنِ ( و م ش ) اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ فَعَلَيْهَا لَهُ فِعْلُ غَيْرِهِ ، مِمَّا شَاءَ ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ ، وَقِيلَ : لَا يَطَأُ بِتَيَمُّمِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَطَأَ قَبْلَهَا ، ثُمَّ لَا يُصَلِّي بِهِ

مَسْأَلَةٌ 30 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِيهَا فَقِيلَ تَبْطُلُ ، وَقِيلَ لَا ، كَخُرُوجِهِ فِي الْجُمُعَةِ ، وَقِيلَ كَوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا : تَبْطُلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بُطْلَانُهَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ انْتَهَى ، وَهُوَ كَمَا قَالَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ شَرْطًا .
وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ، وَقَدْ خَرَّجَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ عَلَى رِوَايَةِ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ .
( مَسْأَلَةٌ 31 ) قَوْلُهُ : فَعَلَى هَذِهِ النَّوَافِلِ الْمُؤَقَّتَةِ كَالْوِتْرِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَالْكُسُوفِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لَهَا بِخُرُوجِ وَقْتِ تِلْكَ النَّافِلَةِ ، وَالنَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا تَوَاصُلُ الْفِعْلِ فِيهَا كَالْجِنَازَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُهَا إلَى وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ تِلْكَ النَّافِلَةِ ، انْتَهَى ، هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ تَيَمُّمَهُ لِجِنَازَةٍ يَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى أُخْرَى ، إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ لَا يُمْكِنُهُ التَّيَمُّمُ فِيهِ ، ( أَحَدُهُمَا ) : يَمْتَدُّ وَقْتُهَا إلَى وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ تِلْكَ النَّافِلَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي حُكْمُهَا حُكْمُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ، فَيُعْتَبَرُ تَوَاصُلُ الْفِعْلِ ، قُلْت وَهُوَ أَقْرَبُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَعَنْهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ فَرْضَيْنِ ، فَعَلَيْهَا لَهُ فِعْلُ غَيْرِهِ مِمَّا شَاءَ ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ ، انْتَهَى ، فَقَوْلُهُ : وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ انْتَهَى فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الصَّوَابُ .

وَيَتَيَمَّمُ لِكُلِّ وَقْتٍ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو بَكْرٍ : تَفْتَقِرُ كُلُّ نَافِلَةٍ إلَى تَيَمُّمٍ ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَإِنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَفِي صَلَاتِهِ بِهِ عَلَى أُخْرَى وَجْهَانِ فِي الْمُذَهَّبِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ إنْ تَعَيَّنَتَا لَمْ يُصَلِّ ، وَإِلَّا صَلَّى ( م 32 )
( مَسْأَلَةٌ 32 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى أُخْرَى وَجْهَانِ فِي الْمُذَهَّبِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ إنْ تَعَيَّنَتَا لَمْ يُصَلِّ ، وَإِلَّا صَلَّى ، انْتَهَى ، يَعْنِي أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضٌ ، فَبَنَى الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَسَائِلَ مِنْ جُمْلَتِهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذَهَّبِ ، فَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ : وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَا يُصَلِّي إلَّا فَرْضًا وَاحِدًا ، وَيَنْتَفِلُ ، فَإِنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَهَلْ يُصَلِّي عَلَى أُخْرَى ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَا وَجَدَ نَصًّا صَرِيحًا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ إلَّا فِي كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذَهَّبِ ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَفِي إجْزَاءِ تَيَمُّمٍ وَجْهَانِ م 33 ) وَعَنْهُ يُصَلِّي بِهِ إلَى حَدَثِهِ ( و هـ ) اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا فَيَرْفَعُ الْحَدَثَ فِي الْأَصَحِّ لَنَا وَلِلْحَنَفِيَّةِ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ ؛ وَيَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ وَقْتِهِ ، وَلِنَفْلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا سَبَبَ لَهُ وَقْتَ النَّهْيِ ، وَعَلَى مَا قَبْلَهَا لَا ، فَيَتَيَمَّمُ لِلْفَائِتَةِ إذَا أَرَادَ فِعْلَهَا ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، إذَا ذَكَرَهَا وَهُوَ أَوْلَى ، وَلِلْكُسُوفِ عِنْدَ وُجُودِهِ ، وَلِلِاسْتِسْقَاءِ إذَا اجْتَمَعُوا ، وَلِلْجِنَازَةِ إذَا غُسِّلَ الْمَيِّتُ أَوْ يُمِّمَ لِعَدَمٍ ، فَيُقَالُ شَخْصٌ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُيَمَّمَ غَيْرُهُ وَفِي الِانْتِصَارِ يَرْفَعُهُ مُؤَقَّتًا عَلَى رِوَايَةٍ بِالْوَقْتِ ، وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ بِمَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ ، وَعَنْ أَكْبَرَ بِمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ ، وَعَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بِحَدَثَيْهِمَا ، فَلَوْ تَيَمَّمَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ لَهُ ثُمَّ أَجْنَبَتْ فَلَهُ الْوَطْءُ لِبَقَاءِ حُكْمِ تَيَمُّمِ الْحَيْضِ ، وَالْوَطْءُ إنَّمَا يُوجِبُ حَدَثَ الْجَنَابَةِ ، وَإِنْ وَطِئَ تَيَمَّمَ أَيْضًا عَنْ نَجَاسَةِ الذَّكَرِ ، إنْ نَجَّسَتْهُ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا

مَسْأَلَةٌ 33 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَفِي إجْزَاءِ تَيَمُّمٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى وَهَذَا أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ إلَّا فَرِيضَةً وَاحِدَةً أَحَدُهُمَا : لَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ تَيَمُّمٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْزِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ ، قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَةَ : قُلْت فَعَلَيْهَا مَنْ نَسِيَ صَلَاةَ فَرْضٍ مِنْ يَوْمٍ كَفَاهُ لِصَلَاةِ الْخَمْسِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ ، وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ وَجَهِلَ عَيْنَهُمَا أَعَادَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ كَانَتَا مُتَّفِقَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ ، وَجَهِلَ جِنْسَهُمَا ، صَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ ، وَكَذَا إنْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ وَجَهِلَهُمَا ، وَقِيلَ يَكْفِي صَلَاةٌ بِتَيَمُّمَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْ يَوْمٍ ، فَلِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمُّمٌ ، وَقِيلَ فِي الْمُخْتَلِفَتَيْنِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِتَيَمُّمٍ ، وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِتَيَمُّمٍ آخَرَ ، انْتَهَى .

وَلَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ ( وَ ) وَعَنْهُ حَتَّى يَضِيقَ ، وَتَأْخِيرُهُ أَفْضَلُ ( وَ ) وَعَنْهُ وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ ( خ ) الْمَاءِ ، وَعَنْهُ أَوْ عَلِمَهُ ، وَقِيلَ : إنْ عَلِمَ وُجُودَهُ أَخَّرَ فَقَطْ ( و ش ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ يَجِبْ إعَادَتُهَا ( وَ ) وَعَنْهُ يُسَنُّ ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ صَلَاةِ جِنَازَةٍ ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ ، وَإِنْ لَزِمَ إعَادَةُ غُسْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( م 34 ) وَإِنْ قَدَرَ فِي تَيَمُّمِهِ بَطَلَ ، وَكَذَا بَعْدَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ ، ذَكَرَ بَعْضُهُمْ ( ع ) خِلَافًا لِأَبِي سَلِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ ، وَرِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ ، ذَكَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ عَنْ مَالِكٍ وَتَعَجَّبَ أَحْمَدُ مِنْهُ .
وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِيهَا بَطَلَتْ ( و هـ ) وَقِيلَ : يَتَطَهَّرُ ، وَيَبْنِي ، وَعَنْهُ يَمْضِي ( و م ش ) اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ، فَيَجِبُ ، وَقِيلَ هُوَ أَفْضَلُ ، وَقِيلَ خُرُوجُهُ أَفْضَلُ ( و ش ) وَإِنْ عَيَّنَ نَفْلًا أَتَمَّهُ ، وَإِلَّا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَقَلِّ الصَّلَاةِ .

مَسْأَلَةٌ 34 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا وَعَنْهُ يُسَنُّ ، وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ صَلَاةِ جِنَازَةٍ ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ ، وَإِنْ لَزِمَ إعَادَةُ غَسْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَلَوْ يُمِّمَ الْمَيِّتُ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وُجِدَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَزِمَ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَفِيهِ وَجْهٌ هُوَ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَلْزَمُ تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ .
وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَزِمَ تَغْسِيلُهُ ، انْتَهَى ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ عَدَمُ لُزُومِ غَسْلِهِ ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا : وَلَوْ يُمِّمَ مَيِّتًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ ، لِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ مُمْكِنٌ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى إبْطَالِ الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ كَوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ : فَإِنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ قَدْ يُمِّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ يَخْرُجُ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَيُغَسَّلُ الْمَيِّتُ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْضِيَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا نَقُولُ فِي صَلَاةِ الْوَقْتِ ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَوَقَّفَ .
وَقَالَ الْخَلَّالُ : الْحُكْمُ فِيهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ ، انْتَهَى ، وَقَدَّمَ ابْنُ عُبَيْدَانَ طَرِيقَتَهُ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ : قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِيهِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ ، أَحَدُهُمَا : يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَيُغَسَّلُ الْمَيِّتُ ، وَتُعَادُ الصَّلَاةُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَمْضِي فِي الصَّلَاةِ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، انْتَهَى .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ

كَغَيْرِهِمَا ، فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً قَدْ مَنَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِتَصْحِيحِهَا .

وَمَتَى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَلَوْ انْقَلَبَ الْمَاءُ فِيهَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : إنْ عَلِمَ بِتَلَفِهِ فِيهَا بَقِيَ تَيَمُّمُهُ .
وَقَالَهُ الشَّيْخُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَمَّا فَرَغَ شَرَعَ فِي طَلَبِهِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ ، وَعَلَيْهَا لَوْ وَجَدَ فِي صَلَاةٍ عَلَى مَيِّتٍ يُمِّمَ بَطَلَتْ ، وَغُسِّلَ فِي الْأَصَحِّ ، فِيهِمَا وَيَلْزَمُ مَنْ تَيَمَّمَ لِقِرَاءَةٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِهِ التَّرْكُ ( وَ ) وَحُكِيَ وَجْهٌ ، وَالطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ إنْ وَجَبَتْ الْمُوَالَاةُ .
وَمَنْ تَيَمَّمَ وَعَلَيْهِ مَا يَجُوزُ مَسْحُهُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِخَلْعِهِ فِي الْمَنْصُوصِ ( ح ) وَإِنْ بَذَلَ مَاءً لِلْأُولَى مِنْ حَيٍّ وَمَيِّتٍ فَالْمَيِّتُ أَحَقُّ ( و ش ) وَعَنْهُ الْحَيُّ ، فَيُقَدَّمُ الْحَائِضُ ، وَقِيلَ الْجُنُبُ ( و هـ ) وَقِيلَ الرَّجُلُ ، وَقِيلَ : يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا ، وَقِيلَ : يُقْرَعُ ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَحَقُّ ، وَقِيلَ الْمَيِّتُ ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدُهُ ( و ش ) وَيُقَدَّمُ جُنُبٌ عَلَى مُحْدِثٍ ، وَقِيلَ سَوَاءٌ ، وَقِيلَ الْمُحْدِثُ ، إلَّا أَنْ يَكْفِيَ مَنْ تَطَهَّرَ بِهِ مِنْهُمَا ، وَإِنْ كَفَاهُ فَقَطْ قُدِّمَ ، وَقِيلَ الْجُنُبُ ، وَإِنْ تَطَهَّرَ بِهِ غَيْرَ الْأُولَى أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ ، وَعِنْدَ شَيْخُنَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي الْمَاءِ الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ ، لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ التَّشْقِيصِ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهَدْيِ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُؤْثِرَ مَالِكُ الْمَاءِ مَنْ يَتَوَضَّأُ ، وَيَتَيَمَّمُ هُوَ .

الْمَذْهَبُ : نَجَاسَةُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا ( م ) وَعَنْهُ غَيْرُ شَعْرٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَشَيْخُنَا ( و هـ ) وَتُغْسَلُ نَجَاسَةُ كَلْبٍ ( و ش ) نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : وُلُوغُهُ ( و م ) تَعَبُّدًا سَبْعًا ( و م ش ) وَعَنْهُ ثَمَانِيًا ، بِتُرَابٍ فِي أَيِّ غَسْلَةٍ شَاءَ ، وَهَلْ الْأُولَى أَوْلَى ، أَوْ الْآخِرَةُ ، أَوْ سَوَاءٌ ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ ( م 1 ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ غَسَلَهُ ثَمَانِيًا فَفِي الثَّامِنَةِ أَوْلَى ، وَلَا يَكْفِي ذَرُّهُ عَلَى الْمَحَلِّ ، فَيُعْتَبَرُ مَائِعٌ يُوصِلُهُ إلَيْهِ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَالتَّلْخِيصِ ( و ش ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَ ذَرُّهُ وَيَتْبَعَهُ الْمَاءُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .

بَابُ ذِكْرِ النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا بِتُرَابٍ فِي أَيِّ غَسْلَةٍ شَاءَ ، وَهَلْ الْأُولَى أَوْلَى أَوْ الْأَخِيرَةُ أَوْ سَوَاءٌ فِيهِ رِوَايَاتٌ ، انْتَهَى ( إحْدَاهُنَّ ) الْأُولَى أَنْ يَكُونَ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ الْأَوْلَى جَعَلَهُ فِي الْأُولَى إنْ غَسَلَ سَبْعًا قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ : لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ جَعْلُهُ فِي الْأَخِيرَةِ أَوْلَى ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ الْكُلُّ سَوَاءٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذَهَّبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَبِنَاءً عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنَّ غَسْلَهُ ثَمَانِيًا فَفِي الثَّامِنَةِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ .

وَهَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِهِ ، أَمْ مُسَمَّى التُّرَابِ ، أَمْ مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّهُ ، أَمْ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ ( م 2 ) ، وَالنَّجَاسَةُ مِنْ كَلْبٍ وَكِلَابٍ وَاحِدَةٌ ، وَيُحْسَبُ الْعَدَدُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ قَبْلَ زَوَالِهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ بَلْ يُعِيدُهُ ، وَعَنْهُ اسْتِحْبَابُ التُّرَابِ ( و هـ م ) وَقِيلَ : إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ ، وَقِيلَ : يَجِبُ فِي إنَاءٍ ، وَحَكَى رِوَايَةً ، وَكَذَا نَجَاسَةُ خِنْزِيرٍ فِي الْأَصَحِّ ( و ش م ر ) وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ فِيهِ عَدَدًا ، وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمُ هُوَ شَرٌّ مِنْ الْكَلْبِ ، وَقِيلَ : لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدٌ ، حَكَاهُ ابْنُ شِهَابٍ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذَهَّبِ رِوَايَةً ( و هـ )
( مَسْأَلَةٌ 2 ) وَقَوْلُهُ وَهَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِهِ أَمْ مُسَمَّى التُّرَابِ أَمْ مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّ ، أَمْ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ انْتَهَى ، هَذِهِ الْأَوْجُهُ فَتَاوَى لِلْأَصْحَابِ أَفْتَوْا بِهَا ( أَحَدُهَا ) يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِالتُّرَابِ ، وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْخَطَّابِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكْفِي مُسَمَّى التُّرَابِ مُطْلَقًا وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الزَّاغُونِيِّ ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَكْفِي مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّ دُونَ غَيْرِهِ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ يَكْفِي مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ .

وَهَلْ يَقُومُ أُشْنَانٌ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ : لِعَدَمٍ مَقَامَ تُرَابٍ ؟ ( و ق ) فِيهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) لَا غَسْلَةَ ثَامِنَةً ، وَعَنْهُ بَلَى ( و ق ) وَقِيلَ : فِيمَا يَخَافُ تَلَفَهُ ، وَيَغْسِلُ مَا نَجُسَ بِبَعْضِ الْغَسَلَاتِ مَا بَقِيَ بَعْدَ تِلْكَ الْغَسْلَةِ ( و ش ) وَقِيلَ : مَعَهَا ، وَعَلَيْهِمَا بِتُرَابٍ إنْ لَمْ يَكُنْ غَسَلَ بِهِ ، وَقِيلَ : سَبْعًا بِتُرَابٍ .

( مَسْأَلَةٌ 3 ) وَهَلْ يَقُومُ أُشْنَانٌ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ لِعَدَمِ مَقَامِ تُرَابٍ ، فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) : يُجْزِئُ ذَلِكَ ، وَيَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ ، هَذَا أَقْوَى الْوُجُوهِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَالْفُصُولِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى التُّرَابِ قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ ، هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : قِيلَ لِعُذْرٍ انْتَهَى ، الْمَذْهَبُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنُ حَامِدٍ فَإِنَّهُ قَالَ : إنَّمَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ التُّرَابِ عِنْدَ عَدَمِهِ أَوْ فَسَادِ الْمَغْسُولِ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدْ اخْتَارَ الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمَحَلَّ إذَا تَضَرَّرَ بِالتُّرَابِ يَسْقُطُ التُّرَابُ .

وَبَاقِي النَّجَاسَاتِ سَبْعًا ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ ثَلَاثًا ، اخْتَارَهُ فِي الْعُمْدَةِ ، وَعَنْهُ الْمُعْتَبَرُ زَوَالُ الْعَيْنِ بِمُكَاثِرَتِهَا ، اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ ( وَ ) وَعَنْهُ لَا عَدَدَ فِي بَدَنٍ ، وَعَنْهُ يَجِبُ إلَّا فِي خَارِجٍ مِنْ السَّبِيلِ ، وَفِي اعْتِبَارِ التُّرَابِ عَلَى الْأُولَى ، وَقِيلَ وَالثَّانِيَةُ رِوَايَتَانِ ( م 4 ) وَنَصُّهُ لَا فِي السَّبِيلِ
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَبَاقِي النَّجَاسَاتِ سَبْعًا ، وَعَنْهُ ثَلَاثًا ، وَفِي اعْتِبَارِ التُّرَابِ عَلَى الْأُولَى وَقِيلَ الثَّانِيَةُ ، رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، أَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالْمُذَهَّبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخِلَافِيَّةِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْهَادِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنُ مُنَجَّى ، وَالْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ التُّرَابُ ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ ، وَابْنُ الْبَنَّا فِي عُقُودِهِ ، وَالشِّيرَازِيُّ فِي إيضَاحِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ الشَّارِحُ : وَفِي تَعْلِيلِهِمْ لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ نَظَرٌ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ التُّرَابُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : هَذَا الْمَشْهُورُ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ يُشْتَرَطُ فِي وَجْهٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ .

وَتَطْهُرُ نَجَاسَةُ أَرْضٍ وَالْمَنْصُوصُ وَنَحْوُ صَخْرٍ ، وَأَجْرِنَةٍ وَحَمَّامٍ بِالْمُكَاثِرَةِ ، وَعَنْهُ إنْ انْفَصَلَ الْمَاءُ ( و هـ ) وَقِيلَ بِالْعَدَدِ مِنْ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ ( و ش ) وَعَنْهُ وَمِنْ غَيْرِ الْبَوْلِ

وَالْمُنْفَصِلُ عَنْ مَحَلٍّ طَاهِرٍ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : بِطَهَارَتِهِ عَنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ مَعَ عَدَمِ تَغَيُّرِهِ ، لِأَنَّهُ وَارِدٌ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَحْتَمِلُ رِوَايَتَيْنِ فِيمَا أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ ، يُحْتَمَلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَالَ : إذَا غَسَلَ ثَوْبَهُ فِي إجَّانَةٍ طَهُرَ ، وَقَالَ : الْمُنْفَصِلُ عَنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ مِنْ الْأَرْضِ طَاهِرٌ ، وَقَالَ : يَغْسِلُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ مَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ ، فَعَلَى هَذَا إنَّمَا حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ ، وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ لَمْ يَحِلَّهُ غَيْرَ الْعُضْوِ الَّذِي لَاقَاهُ فَلَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : هَذَا مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي نَجَاسَةِ الْمُزَالِ بِهِ النَّجَاسَةُ مُطْلَقًا : حَالَ اتِّصَالِهِ ، وَانْفِصَالِهِ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ ، وَعَنْ أَحْمَدَ طَهَارَةُ مُنْفَصِلٍ عَنْ أَرْضِ أَعْيَانٍ النَّجَاسَةُ فِيهِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ .
وَفِي طَهَارَةِ الْمَحَلِّ مَعَ نَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ وَجْهَانِ ، جَزَمَ فِي الِانْتِصَارِ بِنَجَاسَتِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَلْوَانِيِّ وَصَرَّحَ الْآمِدِيُّ بِطَهَارَتِهِ ، وَمَعْنَاهُ كَلَامِ الْقَاضِي ( م 5 ) وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ فِي غَيْرِ الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ الْعَصْرُ ، مَعَ إمْكَانِهِ فِيمَا يَشْرَبُ نَجَاسَتَهُ ، أَوْ دَقُّهُ أَوْ تَثْقِيلُهُ ( و هـ ش ) وَفِي تَجْفِيفِهِ وَجْهَانِ ( م 6 )

( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَفِي طَهَارَةِ الْمَحَلِّ مَعَ نَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ وَجْهَانِ قَالَ الْمُصَنِّفُ جَزَمَ فِي الِانْتِصَارِ بِنَجَاسَتِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَلْوَانِيِّ ، وَصَرَّحَ الْآمِدِيُّ بِطَهَارَتِهِ ، وَمَعْنَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَمَا انْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ مُتَغَيِّرًا بِهَا فَهُوَ وَالْمَحَلُّ نَجِسَانِ وَإِنْ اسْتَوْفَى الْعَدَدَ .
وَقَالَ الْآمِدِيُّ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ ، انْتَهَى ، فَقَدَّمَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ .
وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ لَمَّا نَصَرَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ طَاهِرٌ : وَلَنَا أَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ الْمُتَّصِلِ فَيَجِبُ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِي الطَّهَارَةِ ، وَالنَّجَاسَةِ ، كَمَا لَوْ أَرَاقَ مَاءً مِنْ إنَاءٍ وَلَا يَلْزَمُ الْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ ، لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ تَصَوُّرَ ذَلِكَ ، بَلْ نَقُولُ مَا دَامَتْ الْغُسَالَةُ مُتَغَيِّرَةً فَالْمَحَلُّ لَمْ يَطْهُرْ ، انْتَهَى .
وَقَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) وَفِي تَجْفِيفِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يُجْزِئُ تَجْفِيفُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْزِئُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ : وَجَفَافُهُ كَعَصْرِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ .

وَإِنْ طَهُرَ مَاءٌ نَجِسٌ فِي إنَاءٍ لَمْ يَطْهُرْ مَعَهُ ، فَإِذَا انْفَصَلَ فَغَسْلَةٌ ، وَقِيلَ يَطْهُرُ تَبَعًا كَالْمُحْتَفَرِ مِنْ الْأَرْضِ ، وَقِيلَ إنْ مَكَثَ بِقَدْرِ الْعَدَدِ ، وَكَذَا الثَّوْبُ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ عَصْرُهُ ، أَوْ إنَاءٌ غُمِسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ ، وَاعْتِبَارُ تَكْرَارِ غَسْلِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ ، وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ وَخَضْخَضَتُهُ فِيهِ ، وَقِيلَ بَلَى .
وَفِي الْمُغْنِي إنْ مَرَّ عَلَيْهِ أَجْزَاءً لَمْ تُلَاقِهِ ، وَإِنْ كَاثَرَ مَا فِيهِ نَمَاءٌ كَثِيرٌ لَمْ يَطْهُرْ الْإِنَاءُ فِي الْمَنْصُوصِ بِدُونِ إزَالَتِهِ .

وَإِنْ وَضَعَ ثَوْبًا فِي إنَاءٍ ثُمَّ غَمَرَهُ بِمَاءٍ وَعَصَرَهُ فَغَسْلَةٌ يَبْنِي عَلَيْهَا وَيَطْهُرُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( وَ ) لِأَنَّهُ وَارِدٌ كَصَبِّهِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ ، وَعَنْهُ لَا يَطْهُرُ ، لِأَنَّ مَا يَنْفَصِلُ بِعَصْرِهِ لَا يُفَارِقُهُ عَقِبَهُ ، وَعَنْهُ بَلَى إنْ تَعَذَّرَ بِدُونِهِ .

وَإِنْ عَصَرَ الثَّوْبَ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ مِنْهُ فَوَجْهَانِ ( م 7 ) وَيَطْهُرُ مَا غَسَلَهُ مِنْهُ ( وَ ) فَإِنْ أَرَادَ غَسْلَ بَقِيَّتِهِ غَسَلَ مَا لَاقَاهُ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَصَرَ الثَّوْبَ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ مِنْهُ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ( إحْدَاهُمَا ) : لَا يَطْهُرُ حَتَّى يُخْرِجَهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَطْهُرُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْتُ : وَهُوَ الصَّوَابُ .

وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ ، أَوْ رِيحٍ ، أَوْ هُمَا عَجْزًا ( وَ ) قَالَ جَمَاعَةٌ أَوْ يُشَقُّ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ الْمَحَلُّ ، وَقِيلَ يَكْتَفِي بِالْعَدَدِ ، وَقِيلَ بَلَى ، كَطَعْمٍ فِي الْأَصَحِّ ( وَ ) فَعَلَى الْأَوَّلِ يَطْهُرُ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُعْفَى عَنْهُ ، وَقِيلَ فِي زَوَالِ لَوْنِهَا فَقَطْ وَجْهَانِ .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ : إنْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْبَاغَ الدِّيبَاجِ الرُّومِيِّ مِنْ دِمَاءِ الْآدَمِيِّينَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يُبَاحُ لَهُ لُبْسُهُ ، وَمُرَادُهُ مَا لَمْ يُغْسَلْ ، لِأَنَّهُ قَالَ إنْ صُبِغَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَمْ يَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهِ حَتَّى يُغْسَلَ ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بَقَاءُ اللَّوْنِ ، لِأَنَّهُ عَرَضٌ كَالرَّائِحَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِمِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي التُّرَابِ تَقْوِيَةً لِلْمَاءِ ، فَعَلَى هَذَا أَثَرُ الْمِدَادِ يُلَطَّخُ بِعَسَلِ قَصَبٍ ثُمَّ يُحَطُّ فِي الشَّمْسِ ، ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَصَابُونٍ ، وَيُلَطَّخُ أَثَرُ الْحِبْرِ بِخَرْدَلٍ مَصْحُونٍ مَعْجُونٍ بِمَاءٍ ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَصَابُونٍ ، وَأَثَرُ الْخَوْخِ بِلَبَنٍ حَامِضٍ وَكِشْكٍ حَامِضٍ ، أَوْ يُنْقَعُ الْمَكَانُ بِمَاءِ بَصَلٍ ، ثُمَّ يُحَطُّ فِي الشَّمْسِ ، ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَصَابُونٍ ، وَأَثَرُ الزَّعْفَرَانِ يُلْقَى فِي قُرْطُمٍ مَدْقُوقٍ ، قَدْ غَلَى عَلَى النَّارِ ، أَوْ فِي تِبْنٍ مَغْلِيٍّ ، وَأَثَرُ الْقَطْرَانِ يُلْقَى فِي لَبَنِ حَلِيبٍ مَغْلِيٍّ ، وَأَثَرُ الزِّفْتِ يُعْرَكُ بِالطَّحِينَةِ جَيِّدًا ، وَأَثَرُ التُّوتِ الشَّامِيِّ يُنْحَرُ بِالْكِبْرِيتِ ، وَأَثَرُ الزَّيْتِ يُفَتَّرُ زَيْتُ طِيبٍ عَلَى النَّارِ ، ثُمَّ يُسْقَى بِهِ الْمَكَانُ ، ثُمَّ يُلَطَّخُ الْمَكَانُ بِالصَّابُونِ ، ثُمَّ يُجَفَّفُ فِي الشَّمْسِ ، ثُمَّ يُغْسَلُ ، وَأَثَرُ الرُّمَّانِ يُعْرَكُ بِلَيْمُونٍ أَخْضَرَ مَشْوِيٍّ ، وَمَاءٍ ، وَأَثَرُ الدَّمِ يُذْبَحُ عَلَيْهِ فَرْخُ حَمَامٍ وَيُعْرَكُ بِدَمِهِ ثُمَّ

يُغْسَلُ ذَلِكَ ، وَأَثَرُ الْجَوْزِ يُنْقَعُ فِي بَوْلِ حِمَارٍ ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَصَابُونٍ .

وَيَجِبُ الْحَتُّ وَالْقَرْصُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ : إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ بِهِمَا ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ النَّجَاسَةُ مِمَّا يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَدُ ؟ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ ( م 8 )
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ شَكَّ هَلْ النَّجَاسَةُ مِمَّا يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَدُ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، قُلْت الصَّوَابُ : عَدَمُ الْوُجُوبِ ، وَهُوَ الْأَصْلُ ، وَالِاحْتِيَاطُ : الْفِعْلُ .

وَلَا تَطْهُرُ أَرْضٌ بِشَمْسٍ ، أَوْ رِيحٍ ، أَوْ جَفَافٍ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بَلَى ( و هـ ) وَقِيلَ وَغَيْرُهَا ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي حَبْلِ غَسِيلٍ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ : وَإِحَالَةُ التُّرَابِ لَهَا وَنَحْوِهِ كَشَمْسٍ ، وَقَالَ : إذَا أَزَالَهَا التُّرَابُ عَنْ النَّعْلِ : فَعَنْ نَفْسِهِ إذَا خَالَطَهَا أَوْلَى ، كَذَا قَالَ ، وَلَا بِالِاسْتِحَالَةِ أَوْ نَارٍ ، وَعَنْهُ بَلَى ( و هـ ) فَحَيَوَانٌ مُتَوَلِّدٌ مِنْ نَجَاسَةٍ كَدُودِ الْجُرُوحِ وَالْقُرُوحِ ، وَصَرَاصِرُ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ ، لَا مُطْلَقًا نَصَّ عَلَيْهِ ( و ش ) وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ فِي نَجَاسَةِ وَجْهِ تَنُّورٍ سُجِرَ بِنَجَاسَةٍ ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ يُغْسَلُ ، وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَرْبٍ لَا بَأْسَ ، وَعَلَيْهِمَا يُخَرَّجُ عَمَلُ زَيْتٍ نَجِسٍ صَابُونًا وَنَحْوَهُ ، وَتُرَابُ جَبَلٍ بِرَوْثِ حِمَارٍ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلْ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ فِي رِوَايَةٍ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ تَنَجَّسَ التَّنُّورُ بِذَلِكَ طَهُرَ بِمَسْحِهِ بِيَابِسٍ ، فَإِنْ مُسِحَ بِرَطْبٍ تَعَيَّنَ الْغُسْلُ ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ ، وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ يُسْجَرُ التَّنُّورُ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى ذَلِكَ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ الرِّوَايَةَ صَرِيحَةٌ فِي التَّطْهِيرِ بِالِاسْتِحَالَةِ ، وَأَنَّ هَذَا مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْمَسْحِ إذَا لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ ، كَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْجِسْمِ الصَّقِيلِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّ نَجَاسَةَ الْجَلَّالَةِ وَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ نَجَاسَةٌ مُجَاوِرَةٌ وَقَالَ : فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ مِنْ دَقِيقِ النَّظَرِ كَذَا قَالَ .

وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ الْجَوْفِ طَاهِرٌ ، لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ صِفَةٌ بِالْمَحَلِّ ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : مَا اسْتَتَرَ فِي الْبَاطِنِ اسْتِتَارَ خِلْقَةٍ لَيْسَ بِنَجِسٍ ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِحَمْلِهِ ، كَذَا قَالَ ، وَيَأْتِي فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ، وَالْقَصْرُ مَلٌّ وَدُخَانُ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهِمَا نَجِسٌ ، وَعَلَى الثَّانِي طَاهِرٌ ، وَكَذَا مَا تَصَاعَدَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ النَّجِسِ إلَى الْجِسْمِ الصَّقِيلِ ثُمَّ عَادَ فَقَطَّرَ فَإِنَّهُ نَجِسٌ عَلَى الْأَوَّلِ ، لِأَنَّهُ نَفْسُ الرُّطُوبَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ ، وَإِنَّمَا يَتَصَاعَدُ فِي الْهَوَاءِ كَمَا يَتَصَاعَدُ بُخَارُ الْحَمَّامَاتِ فَدَلَّ أَنَّ مَا يَتَصَاعَدُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَنَحْوِهَا طَهُورٌ ، وَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافُ .

فَصْلٌ وَالْخَمْرُ نَجِسَةٌ ( وَ ) فَإِنْ انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا طَهُرَتْ فِي الْمَنْصُوصِ ( وَ ) وَفِي التَّعْلِيقِ : لَا نَبِيذَ تَمْرٌ ، لِأَنَّ فِيهِ مَاءً ، وَدَنُّهَا مِثْلُهَا .
وَيَتَوَجَّهُ فِيمَا لَمْ يُلَاقِ الْخَلَّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ وَجْهَانِ ( م 9 ) .
وَفِي الْفُنُونِ شَذْرَةٌ غَرِيبَةٌ فِي اسْتِحَالَةِ الْخَمْرِ فِي الثَّوْبِ خَلًّا : بِأَنْ تَشَرَّبَ خَمْرًا ثُمَّ تُرِكَ مَطْوِيًّا فَيَتَخَلَّلُ فِيهِ ، بِأَنْ حَمُضَ ، بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ نَزَلَ خَلًّا .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَيَتَوَجَّهُ فِيمَا لَمْ يُلَاقِ الْخَلَّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ دَنَّ الْخَمْرِ مِثْلُهَا فِي الطَّهَارَةِ ، فَتَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا مُطْلَقًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ، فَيَطْهُرُ مَا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا فَلَا تَحِلُّ ( و ش ) فَفِي النَّقْلِ أَوْ التَّفْرِيغِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ أَوْ إلْقَاءِ جَامِدٍ فِيهَا وَجْهَانِ ( م 10 ) فِي الْوَسِيلَةِ فِي آخِرِ الرَّهْنِ رِوَايَةٌ تَحِلُّ ( و م ر ) عَنْهُ يُكْرَهُ ( و م ر ) وَعَنْهُ يَجُوزُ ( و هـ ) وَعَلَيْهِمَا تَطْهُرُ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ ، وَأَنَّ عَلَيْهَا لَا تَطْهُرُ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَفِي إمْسَاكِ خَمْرٍ لِيَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ أَوْجُهٌ ، ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي خَمْرَةِ الْخَلَّالِ ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَعَلَى الْمَنْعِ يَطْهُرُ عَلَى الْأَصَحِّ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَيَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا فَلَا تَحِلُّ ، فَفِي النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ أَوْ إلْقَاءِ جَامِدٍ فِيهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ فِي الْفَائِقِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ فِي النَّقْلِ ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ مُوجَزَةٌ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ( أَحَدُهُمَا ) : لَا يَطْهُرُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : يَطْهُرُ كَمَا لَوْ نَقَلَهَا لِغَيْرِ قَصْدِ التَّخْلِيلِ وَتَخَلَّلَتْ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ تَطْهُرُ بِالنَّقْلِ فَقَطْ ، وَهُوَ أَصَحُّ ، ثُمَّ قَالَ قُلْت : وَكَذَا إنْ كَشَفَ الزِّقَّ فَتَخَلَّلَ بِشَمْسٍ ، أَوْ ظِلٍّ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَفِي إمْسَاكِ خَمْرٍ لِيَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ أَوْجُهٌ ، ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي خَمْرِ الْخَلَّالِ وَهُوَ أَشْهَرُ ، انْتَهَى ، الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا أَطْلَقَ لِقُوَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ مَشْهُورًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ .

وَإِنْ اُتُّخِذَ عَصِيرًا لِلْخَمْرِ فَلَمْ يَتَخَمَّرْ وَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ فَفِي حِلِّهِ الرِّوَايَتَانِ ، وَالْخَلُّ الْمُبَاحُ أَنْ يَصُبَّ عَلَى الْعِنَبِ أَوْ الْعَصِيرِ خَلًّا قَبْلَ غَلَيَانِهِ ، حَتَّى لَا يَغْلِيَ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، قِيلَ لَهُ : فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ خَلٌّ فَغَلَى ؟ قَالَ يُهْرَاقُ ؛

وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ قِيلَ طَاهِرَةٌ ( و هـ ش ) وَقِيلَ نَجِسَةٌ ، وَقِيلَ إنْ أُمِيعَتْ ( م 11 )
مَسْأَلَةٌ 11 ) وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ قِيلَ طَاهِرَةٌ ، وَقِيلَ نَجِسَةٌ ، وَقِيلَ إنْ أُمِيعَتْ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهَا ) هِيَ نَجِسَةٌ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي طَاهِرَةٌ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ نَجِسَةٌ إنْ أُمِيعَتْ وَإِلَّا فَلَا .

وَلَا يَطْهُرُ بَاطِنُ حَبٍّ نُقِعَ فِي نَجَاسَةٍ بِتَكْرَارِ غَسْلِهِ ، وَتَجْفِيفِهِ كُلَّ مَرَّةٍ ( وَ ) كَعَجِينٍ ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَمِثْلُهُ إنَاءٌ تَشَرَّبَ نَجَاسَةً ، وَسِكِّينٌ سُقِيَتْ مَاءً نَجِسًا ، وَمِثْلُهُ لَحْمٌ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْجَلَّالَةِ طَهَارَتَهُ ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَاعْتُبِرَ أَنَّهُ يَغْلِي كَالْعَصْرِ لِلثَّوْبِ ، وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عَدَدٌ

وَلَا يَطْهُرُ جِسْمٌ صَقِيلٌ بِمَسْحِهِ ( و ش ) وَعَنْهُ بَلَى ، اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ ( و م هـ ) وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا هَلْ يَطْهُرُ أَوْ يُعْفَى عَمَّا بَقِيَ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَعَنْهُ يَطْهُرُ سِكِّينٌ مِنْ دَمِ الذَّبِيحَةِ فَقَطْ ، وَيَطْهُرُ لَبَنٌ وَتُرَابٌ نَجِسٌ بِبَوْلٍ وَنَحْوِهِ ، وَقِيلَ لَا ؛ وَقِيلَ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ ، كَمَا لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَعْيَانًا ، وَطُبِخَ ثُمَّ غُسِلَ ظَاهِرُهُ ، وَالْأَصَحُّ وَبَاطِنُهُ إنْ سُحِقَ لِوُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ ، وَقِيلَ يَطْهُرُ بِالنَّارِ وَلَا يَطْهُرُ دُهْنٌ نَجِسٌ بِغَسْلِهِ فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ يَطْهُرُ زِئْبَقٌ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ .

وَإِنْ خَفِيَتْ نَجَاسَةُ غَسْلٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَ غَسْلَهَا نَصَّ عَلَيْهِ ( وَ ) وَعَنْهُ يَكْفِي الظَّنُّ فِي مَذْيٍ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَفِي غَيْرِهِ ، وَلَا يَلْزَمُ تَطْهِيرُ مَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ بِالنَّضْحِ ( وَ )

وَمَنْ غَسَلَ فَمَه مِنْ قَيْءٍ بَالِغٍ فَيَغْسِلُ كُلَّ مَا هُوَ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا : فَهَلْ يُبَالِغُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ دُخُولَ الْمَاءِ ؟ أَوْ مَا لَمْ يَظُنَّ ؟ أَوْ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَاتٌ ( م 12 ) وَلَا يَبْتَلِعُ شَرَابًا قَبْلَ غَسْلِهِ ، لِأَكْلِهِ النَّجَاسَةَ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ غَسَلَ فَمَهُ مِنْ قَيْءٍ بَالِغٍ ، لِيَغْسِلَ كُلَّ مَا هُوَ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَهَلْ يُبَالِغُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ دُخُولَ الْمَاءِ ، أَوْ مَا لَمْ يَظُنَّ ، أَوْ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ ، يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَاتٌ ، انْتَهَى ، قُلْت الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ غَالِبَ الْأَحْكَامِ مَنُوطَةٌ بِالظُّنُونِ .

وَإِنْ تَنَجَّسَ أَسْفَلَ خُفٍّ أَوْ حِذَاءٍ بِالْمَشْيِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ ، أَوْ طَرَفُهُ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَمْ يَجُزْ دَلْكُهُ ، أَوْ حَكُّهُ بِشَيْءٍ ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( و ش م ر و هـ ) فِي الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ ، وَعَنْهُ يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ بَوْلٍ وَغَائِطٍ ( و م ر ) وَزَادَ وَدَمٍ ، وَعَنْهُ وَغَيْرِهِمَا ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَعَنْهُ وَتَطْهُرُ بِهِ ( خ ) اخْتَارَهُمَا جَمَاعَةٌ ، وَقِيلَ يُجْزِئُ مِنْ الْيَابِسَةِ لَا الرَّطْبَةِ ، وَقِيلَ كَذَا الرَّجُلُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَاخْتَارَهُ ، وَذَيْلُ الْمَرْأَةِ قِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ يُغْسَلُ ( وَ ) وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ يَطْهُرُ بِمُرُورِهِ عَلَى طَاهِرٍ يُزِيلُهَا ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( م 13 )
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ تَنَجَّسَ أَسْفَلَ خُفٍّ أَوْ حِذَاءٍ بِالْمَشْيِ لَمْ يَجُزْ دَلْكُهُ ، أَوْ حَكُّهُ بِشَيْءٍ ، وَعَنْهُ يُجْزِئُ ، مِنْ غَيْرِ بَوْلٍ وَغَائِطٍ ، وَعَنْهُ وَغَيْرِهِمَا ، انْتَهَى ، وَصَوَابُهُ وَعَنْهُ وَمِنْهُمَا وَجَعْلُ " فِي " مَكَانَ " مِنْ " فِي الرِّوَايَتَيْنِ أَوْضَحُ .
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ تَنَجُّسِ أَسْفَلِ خُفٍّ أَوْ حِذَاءٍ بِالْمَشْيِ : وَذَيْلُ الْمَرْأَةِ قِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ يُغْسَلُ ، وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ يَطْهُرُ بِمُرُورِهِ عَلَى طَاهِرٍ يُزِيلُهَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) : حُكْمُهُ حُكْمُ الْخُفِّ فِي الْحِذَاءِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّسْهِيلِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ ذَيْلُ ثَوْبِ آدَمِيٍّ أَوْ إزَارِهِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُغْسَلُ ، وَإِنْ قُلْنَا يَطْهُرُ الْخُفُّ وَالْحِذَاءُ بِالدَّلْكِ ، وَالْمُرُورِ ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، قُلْت : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، حَيْثُ اقْتَصَرُوا عَلَى الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ قَالَ الْقَاضِي لَا يَطْهُرُ بِغَيْرِ الْغُسْلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً .

وَإِنْ نَضَحَ بَوْلَ غُلَامٍ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامًا بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَغْمُرَهُ بِمَاءٍ ، وَإِنْ لَمْ يَقْطُرْ أَجْزَأَهُ وَطَهُرَ ( هـ م ) لَا بَوْلَ جَارِيَةٍ ( وَ ) نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ ابْنُ رَزِينٍ بِطَهَارَةِ بَوْلِهِ ، وَقَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا : لَكِنْ قَالَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا ، كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ : إذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ فِيهِ مَنِيٌّ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَلَمْ يَفْرُكْهُ يُعِيدُ ، كَذَا قَالَ .

وَمَا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْ الطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ نَجِسٌ ( هـ ) فِي الطَّيْرِ ، قَالَ أَحْمَدُ : يَجْتَنِبُ مَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ، وَعَنْهُ غَيْرُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ فِي الطَّيْرِ : لَا يُعْجِبُنِي عِرْقُهُ إنْ أَكَلَ الْجِيَفَ .
فَدَلَّ أَنَّهُ كَرِهَهُ لِأَكْلِهِ النَّجَاسَةَ فَقَطْ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَمَالَ إلَيْهِ .
وَفِي الْخِلَافِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ ، ثُمَّ قَالَ .
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا كَالسِّبَاعِ ، وَذَكَرَ الرِّوَايَةَ بَعْدَ هَذَا ، وَقَالَ : فَحَكَمَ بِنَجَاسَةِ الْعِرْقِ ، وَعَنْهُ طَاهِرٌ ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ( و م ش )

وَالْهِرَّةُ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ طَاهِرٌ ( وَ ) وَقِيلَ فِيمَا دُونَهَا مِنْ طَيْرٍ ، وَقِيلَ وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ ، وَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُ ذَلِكَ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِرِّ خِلَافًا ( هـ ) لِتَشْبِيهِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهَا بِالطَّوَّافِينَ وَالطَّوَّافَاتِ ، وَهُمْ الْخَدَمُ ، أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ } وَلِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ كَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ كَالْحَيَّةِ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، فَدَلَّ أَنَّ مِثْلَ الْهِرِّ كَهِيَ .

وَلَبَنُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ قِيلَ نَجِسٌ ( و ش ) نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِي لَبَنِ حِمَارٍ ، قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي لَبَنِ سِنَّوْرٍ ، لِأَنَّهُ كَلَحْمٍ مُذَكًّى لَا يُؤْكَلُ مِثْلُهُ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ ( و م ) كَلَبَنِ آدَمِيٍّ ، وَمَأْكُولٍ ، وَكَذَا مَنِيُّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ نَجِسِ الْبَوْلِ ، غَيْرِ آدَمِيٍّ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ مِنْ مَأْكُولٍ ( م 14 - 16 )

مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَلَبَنُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ قِيلَ نَجِسٌ ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِي لَبَنِ حِمَارٍ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي لَبَنِ سِنَّوْرٍ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ ، وَكَذَا مَنِيُّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ نَجِسِ الْبَوْلِ ، غَيْرِ آدَمِيٍّ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ مِنْ مَأْكُولٍ ، انْتَهَى فِيهِ مَسَائِلُ .
( الْمَسْأَلَةُ 14 الْأُولَى ) : لَبَنُ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ : هَلْ هُوَ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْعَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) : هُوَ نَجِسٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
قَطَعَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَغَيْرِهِ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) : طَاهِرٌ .
( تَنْبِيهٌ ) حُكْمُ بَيْضِهِ حُكْمُ لَبَنِهِ ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ .
( الْمَسْأَلَةُ 15 الثَّانِيَةُ ) : مَنِيُّ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ النَّجَسِ الْبَوْلُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ : هَلْ هُوَ طَاهِرٌ ، أَوْ نَجِسٌ ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ ( أَحَدُهُمَا ) : هُوَ نَجِسٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمَا ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي طَاهِرٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي .
( الْمَسْأَلَةُ 16 الثَّالِثَةُ ) مَنِيُّ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَةِ بَوْلِهِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ أَوْ طَاهِرٌ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( أَحَدُهُمَا ) هُوَ نَجِسٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ قُلْتُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ حَكَمُوا بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ حِينَ حَكَمُوا بِنَجَاسَةِ الْبَوْلِ ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) : هُوَ

طَاهِرٌ ، وَفِيهِ بُعْدٌ ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ قَوْلًا بِطَهَارَةِ مَنِيِّ مَأْكُولٍ دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .

وَمَنِيُّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ ( و ش ) كَالْبُصَاقِ ، وَعَنْهُ نَجِسٌ ، ( و هـ ) وَعَنْهُ كَالْبَوْلِ ( و م ) وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَنِيِّ خَصِيٍّ ، لِاخْتِلَاطِهِ بِمَجْرَى بَوْلِهِ ، وَقِيلَ : وَقْتُ جِمَاعٍ ، وَقِيلَ مِنْ الْمَرْأَةِ .

وَالْمَذْيُ نَجِسٌ ، ( وَ ) وَلَا يَطْهُرُ بِنَضْحِهِ ( وَ ) وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ ( هـ ) وَعَنْهُ بَلَى فِيهِمَا وَهَلْ يُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ ( و هـ ش ) أَوْ ذَكَرُهُ ( و م ) أَوْ أُنْثَيَيْهِ ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ ( م 17 ) وَأُجِيبَ عَنْ أَمْرِهِ بِغُسْلِهِمَا بِمَنْعِ صِحَّتِهِ ، ثُمَّ لِتَبْرِيدِهِمَا وَتَلْوِيثِهِمَا غَالِبًا ، لِنُزُولِهِ مُتَسَبْسِبًا
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : فِي الْمَذْيِ إذَا قُلْنَا يُغْسَلُ فَهَلْ يُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ ، أَوْ ذَكَرُهُ فَقَطْ ، أَوْ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَيْهِ ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ ( إحْدَاهُنَّ ) يُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ فَقَطْ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجِبُ غُسْلُ مَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ ، وَمَا لَمْ يُصِبْهُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يُغْسَلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَالْقَاضِي ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ ، وَقَالَ بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى فِي الْقِسْمِ الثَّانِي طَاهِرٌ مِنْ بَابِ الْمِيَاهِ ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ .

وَالْوَدْيُ نَجِسٌ ( وَ ) وَعَنْهُ كَمَذْيٍ ، وَبَلْغَمِ الْمَعِدَةِ ( ش ) وَرُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ ( ق ) وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ وَمَنِيُّهُ طَاهِرٌ ( ش و هـ ) فِي غَيْرِ الطَّيْرِ إلَّا الدَّجَاجَ ، وَالْبَطَّ ، وَعَنْهُ نَجَاسَةُ ، ذَلِكَ ، وَقِيلَ هُمَا فِي بَلْغَمِ الرَّأْسِ إنْ انْعَقَدَ وَازْرَقَّ ، وَبَلْغَمُ صَدْرٍ ، وَقِيلَ فِيهِ نَجِسٌ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَالْأَشْهَرُ طَهَارَتُهُمَا ( وَ ) وَبَوْلُ سَمَكٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ طَاهِرٌ ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُ ( و هـ م ) وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً نَجِسٌ ( و ش ) وَمَاءُ قُرُوحٍ نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ تَغَيَّرَ ، وَمَا سَالَ مِنْ الْفَمِ وَقْتَ النَّوْمِ طَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ .

فَصْلٌ وَدُودُ الْقَزِّ وَالْمِسْكِ وَفَأْرَتِهِ طَاهِرٌ ( وَ ) وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فَأْرَتُهُ طَاهِرَةٌ ، وَيُحْتَمَلُ نَجَاسَتُهَا ، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ ، لَكِنَّهُ يَنْفَصِلُ بِطَبْعِهِ كَالْجَنِينِ ، وَهُوَ صُرَّةُ الْغَزَالِ ، وَقِيلَ مِنْ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ لَهَا أَنْيَابٌ .
وَفِي التَّلْخِيصِ فَيَكُونُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ .
وَفِي الْفُنُونِ مَا يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَسْتَحِيلُ عِرْقًا ، كَمَا أَحَالَ فِي النَّحْلِ الشَّهْدَ ، وَمِنْ دَمِ الْغِزْلَانِ الْمِسْكُ ، وَيَأْتِي فِي زَكَاةِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ ، وَهَلْ الزَّبَادُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ ، أَوْ عِرْقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ ؟ فِيهِ خِلَافٌ ( م 18 ) وَالْعَنْبَرُ ، قِيلَ : هُوَ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فَيَبْتَلِعَهُ بَعْضُ دَوَابِّهِ ، فَإِذَا ثَمِلَتْ مِنْهُ قَذَفَتْهُ رَجِيعًا فَيَقْذِفُهُ الْبَحْرُ إلَى سَاحِلِهِ ، وَقِيلَ : طَلٌّ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَتُلْقِيهِ الْأَمْوَاجُ إلَى السَّاحِلِ ، وَقِيلَ : رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ تُشْبِهُ الْبَقَرَةَ ، وَقِيلَ : هُوَ جَثَا مِنْ جَثَا الْبَحْرِ أَيْ زَبَدٌ ، وَقِيلَ هُوَ فِيمَا يَظُنُّ يَنْبُعُ مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ ( م 19 )

( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ الزَّبَادُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ ، أَوْ عِرْقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ ، فِيهِ خِلَافٌ ، انْتَهَى ، الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ، فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ ، وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ قَوْلٌ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ ( عَبَّرَ ) بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الزَّبَادُ عَلَى وَزْنِ سَحَابٍ مَعْرُوفٌ ، وَغَلِطَ الْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ فِي قَوْلِهِمْ الزَّبَادُ دَابَّةٌ يُجْلَبُ مِنْهَا الطِّيبُ ، وَإِنَّمَا الدَّابَّةُ السِّنَّوْرُ ، وَالزَّبَادُ الطِّيبُ ، وَهُوَ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ تَحْتَ ذَنَبِهَا عَلَى الْمَخْرَجِ فَتُمْسَكُ الدَّابَّةُ وَتُمْنَعُ الِاضْطِرَابَ ، وَيُسْلَتُ ذَلِكَ الْوَسَخُ الْمُجْتَمِعُ هُنَاكَ بِلِيطَةٍ ، أَوْ خِرْقَةٍ ، انْتَهَى ، وَلَمْ يُفْصِحْ بِكَوْنِ الدَّابَّةِ بَرِّيَّةً أَوْ بَحْرِيَّةً ، وَلَكِنْ بِقَوْلِهِ وَسَخٌ دَلَّ أَنَّهُ غَيْرُ لَبَنٍ ، وَأَنَّهُ مِنْ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ ، وَقَدْ شُوهِدَ ذَلِكَ كَثِيرًا .
وَقَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ فِي مُفْرَدَاتِهِ قَالَ الشَّرِيفُ الْإِدْرِيسِيُّ الزَّبَادُ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ يُجْمَعُ مِنْ بَيْنِ أَفْخَاذِ حَيَوَانٍ مَعْرُوفٍ يَكُونُ بِالصَّحْرَاءِ ، يُصَادُ وَيُطْعَمُ اللَّحْمَ ، ثُمَّ يَعْرَقُ فَيَكُونُ مِنْ عِرْقٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ حِينَئِذٍ ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْهِرِّ الْأَهْلِيِّ ، انْتَهَى ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ : وَالْعَنْبَرُ قِيلَ هُوَ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ ، فَيَبْتَلِعُهُ بَعْضُ دَوَابِّهِ فَإِذَا ثَمِلَتْ مِنْهُ قَذَفَتْهُ رَجِيعًا فَيَقْذِفُهُ الْبَحْرُ إلَى سَاحِلِهِ ، وَقِيلَ طَلٌّ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَتُلْقِيهِ الْأَمْوَاجُ إلَى السَّاحِلِ ، وَقِيلَ رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ تُشْبِهُ الْبَقَرَةَ ، وَقِيلَ هُوَ جُثًى مِنْ جُثَى الْبَحْرِ ، أَيْ زَبَدٌ ، وَقِيلَ هُوَ فِيمَا يَظُنُّ بِنَبْعٍ مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ ، انْتَهَى ،

الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ لَمَّا لَمْ يَجِدْ إلَى تَصْحِيحِ ذَلِكَ طَرِيقًا أَتَى بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَتْ فِي الْمُذَهَّبِ ، وَإِنَّمَا هِيَ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَهِيَ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الْعَنْبَرُ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ ، وَمَعْنَى دَسَرَهُ دَفَعَهُ وَرَمَى بِهِ إلَى السَّاحِلِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي كِتَابِ السَّلَمِ أَخْبَرَنِي عَدَدٌ مِمَّنْ أَثِقُ بِخَبَرِهِ أَنَّهُ نَبَاتٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَنَبَاتِ الْبَحْرِ ، قَالَ : وَقِيلَ إنَّهُ يَأْكُلُهُ حُوتٌ فَيَمُوتُ فَيُلْقِيهِ الْبَحْرُ فَيَنْشَقُّ بَطْنُهُ ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ ، وَحَكَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ بِمَنْزِلَةِ الْحَشِيشِ فِي الْبَرِّ ، وَقِيلَ هُوَ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ فَيَنْكَسِرُ فَيُلْقِيهِ الْمَوْجُ إلَى السَّاحِلِ ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيُّ .
وَقَالَ ابْنُ الْمُحِبِّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ ، وَقَالَ وَفِي كِتَابِ الْحَيَوَانِ لِأَرِسْطُو : إنَّ الدَّابَّةَ الَّتِي تُلْقِي الْعَنْبَرَ مِنْ بَطْنِهَا تُشْبِهُ الْبَقَرَةَ ، انْتَهَى ، وَقِيلَ هُوَ رَجِيعُ سَمَكَةٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُحِبِّ حَدِيثًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { الْعَنْبَرُ مِنْ دَابَّةٍ كَانَتْ بِأَرْضِ الْهِنْدِ تَرْعَى فِي الْبَرِّ ثُمَّ إنَّهَا صَارَتْ إلَى الْبَحْرِ } رَوَاهُ الشِّيرَازِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، وَالسِّيرَافِيُّ فِي الْغَايَةِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ ، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعَنْبَرُ رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ ، أَوْ نَبْعُ عَيْنٍ فِيهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ فِي مُفْرَدَاتِهِ قَالَ ابْنُ حَسَّانَ الْعَنْبَرُ رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ ، وَقِيلَ هُوَ شَيْءٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فَيَأْكُلُهُ بَعْضُ دَوَابِّ الْبَحْرِ فَإِذَا امْتَلَأَتْ مِنْهُ قَذَفَتْهُ رَجِيعًا .
وَقَالَ ابْنُ سَيْنَاءَ الْعَنْبَرُ

فِيمَا نَظُنُّ نَبْعُ عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ : إنَّهُ زَبَدُ الْبَحْرِ ، أَوْ رَوْثُ دَابَّةٍ بَعِيدٌ ، انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ جُمَيْعٍ وَالشَّرِيفُ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَجِيعُ دَابَّةٍ فَقَدْ أَخْطَأَ .
وَقَالَ الشَّرِيفُ أَيْضًا فِي مُفْرَدَاتِهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَحَصَ عَنْهُ كَفَحْصِي ، وَاَلَّذِي أَجْمَعُ عَلَيْهِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ وَمِنْ الْمُسَافِرِينَ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ عُيُونٍ تَنْبُعُ مِنْ أَسْفَلِ الْبَحْرِ مِثْلُ مَا يَنْبُعُ الْقَارُ فَتُلْقِيهِ الْأَمْوَاجُ إلَى الشَّطِّ ، انْتَهَى ، قَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ .

وَدَمُ السَّمَكِ طَاهِرٌ فِي الْأَصَحِّ ( و هـ ) وَيُؤْكَلُ ( وَ ) وَدَمُ الْقَمْلِ وَالْبَقِّ وَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِ طَاهِرٌ ( و هـ ) وَعَنْهُ نَجِسٌ ، يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ

وَهَلْ الْعَلَقَةُ يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ أَوْ الْبَيْضَةُ تَصِيرُ دَمًا نَجِسَةً ؟ ( هـ م ) وَجْهَانِ ( م 20 - 21 ) وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْعَلَقَةِ رِوَايَتَيْنِ ، وَالْوَجْهَانِ فِي دَمِ شَهِيدٍ ، وَعَلَيْهِمَا يُسْتَحَبُّ بَقَاؤُهُ ، فَيُعَايَا بِهَا ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ ( م 22 ) ( و هـ ) وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَالتَّلْخِيصُ نَجَاسَةُ بَيْضِ مَذِرٍ .

( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ وَهَلْ الْعَلَقَةُ يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ ، أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ ، وَالْبَيْضُ يَصِيرُ دَمًا نَجِسَةً وَجْهَانِ ، انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) : الْعَلَقَةُ الَّتِي يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ أَوْ حَيَوَانٌ ظَاهِرٌ هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذَهَّبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَاهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا هِيَ نَجِسَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ نَجَاسَتُهَا قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ نَجِسَةٌ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي طَاهِرَةٌ صَحَّحَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 21 ) الْبَيْضَةُ تَصِيرُ دَمًا هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ أَحَدُهُمَا : هِيَ نَجِسَةٌ قَالَ الْمَجْدُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَلَقَةِ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي طَاهِرَةٌ صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ .
( مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ : وَالْوَجْهَانِ فِي دَمِ شَهِيدٍ وَعَلَيْهِمَا يُسْتَحَبُّ بَقَاؤُهُ وَقِيلَ طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهَا هُوَ طَاهِرٌ صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي نَجِسٌ قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ هُوَ طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ قُلْت وَهُوَ أَوْلَى مِنْهُمَا .

وَلَا يَنْجُسُ عَلَى الْأَصَحِّ آدَمِيٌّ ( هـ ) وَقِيلَ مُسْلِمٌ بِمَوْتِهِ ، فَلَا يَنْجُسُ مَا غَيَّرَهُ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : قَالَ أَصْحَابُنَا رِوَايَةُ التَّنْجِيسِ حَيْثُ اعْتَبَرَ كَثْرَةَ الْمَاءِ لِخَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ، لَا لِنَجَاسَةٍ فِي نَفْسِهِ ، قَالَ : وَلَا يَصِحُّ كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ ، وَعَنْهُ يَنْجُسُ طَرَفُهُ ، صَحَّحَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَأَبْطَلَ قِيَاسَ الْجُمْلَةِ عَلَى الطَّرَفِ فِي النَّجَاسَةِ بِالشَّهِيدِ ، فَإِنَّهُ يَنْجُسُ طَرَفُهُ بِقَطْعِهِ ، وَلَوْ قُتِلَ كَانَ طَاهِرًا ، أَوْ لِأَنَّ لِلْجُمْلَةِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِلطَّرَفِ ، بِدَلِيلِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ ، وَلَا عَلَى الْأَصَحِّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ ( و هـ م ) وَقِيلَ يَنْجُسُ وَلَا يَنْجُسُ مَا مَاتَ فِيهِ ( و ش ) وَقِيلَ إنْ شَقَّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ ، وَلَا يُكْرَهُ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ، وَلَا يَنْجُسُ دُودُ مَأْكُولٍ تَوَلَّدَ مِنْهُ ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ نَجَّسَهُ عِنْدَ الْخَصْمِ ، وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ طَاهِرٌ ( و هـ م ) وَعَنْهُ نَجِسٌ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ ، وَعَنْهُ وَغَيْرُهُ ( و ش ) وَهُوَ نَجِسٌ مِمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا يُؤْكَلُ ، وَقِيلَ : طَاهِرٌ مِنْ خُفَّاشٍ ، وَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِي الطَّيْرِ لِلْمَشَقَّةِ ( و هـ ) وَلِلْوَزَغِ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فِي الْمَنْصُوصِ ( ش ) كَالْحَيَّةِ ( وَ ) لَا لِلْعَقْرَبِ ( وَ ) وَفِي الرِّعَايَةِ فِي دُودِ الْقَزِّ ، وَبِزْرِهِ وَجْهَانِ ، وَأَنَّ سُمَّ الْحَيَّةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ طَهَارَتُهُ كَسُمِّ مَأْكُولٍ ، وَنَبَاتٍ طَاهِرٍ ، وَيَنْجُسُ ضُفْدَعٌ وَنَحْوُهُ مِنْ بَحْرِيٍّ مُحَرَّمٍ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ ( هـ ) نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ وَجْهَانِ هَلْ يَنْجُسُ غَيْرُ الْمَائِيِّ ؟ ؟

وَيُعْفَى عَلَى الْأَصَحِّ عَنْ يَسِيرِ دَمٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ ( وَ ) وَقِيلَ مِنْ بَدَنِهِ ، وَفِي يَسِيرِ دَمِ حَيْضٍ أَوْ خَارِجِ السَّبِيلِ وَحَيَوَانٍ طَاهِرٍ لَا يُؤْكَلُ وَجْهَانِ ( م 23 - 25 ) وَفِي دَمِ حَيَوَانٍ نَجِسٍ احْتِمَالٌ ( هـ ) وَعَنْهُ طَهَارَةُ قَيْحٍ وَمِدَّةٍ ، وَصَدِيدٍ ، وَدَمٍ .

مَسْأَلَةٌ 23 - 25 ) قَوْلُهُ : وَيُعْفَى عَلَى الْأَصَحِّ عَنْ يَسِيرِ دَمٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَقِيلَ مِنْ بَدَنِهِ وَفِي يَسِيرِ دَمِ حَيْضٍ أَوْ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ وَحَيَوَانٌ طَاهِرٌ لَا يُؤْكَلُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 23 ) يَسِيرُ دَمِ الْحَيْضِ وَكَذَا دَمُ النِّفَاسِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ ( أَحَدُهُمَا ) : يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لِإِطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، بَلْ لَوْ قِيلَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ غَيْرِهِ لَكَانَ مُتَّجَهًا لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ ، وَكَثْرَةِ وُجُودِهِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ ، فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 24 ) الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ هَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ الزَّرْكَشِيّ ، أَحَدُهُمَا : لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ، وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، قُلْت : وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَنْ اخْتَارَ عَدَمَ الْعَفْوِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرِ الْأَصْحَابِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 25 ) يَسِيرُ دَمِ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ( أَحَدُهُمَا )

يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْكَافِي ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ ، وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ مُنَجَّى وَالتَّسْهِيلِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، فَإِنَّهُمَا قَالَا وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ ، وَتَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعَفْوِ : مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ .

وَعِرْقُ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ ( خ ) وَلَوْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُؤْكَلُ ( وَ ) لِأَنَّ الْعُرُوقَ لَا تَنْفَكُّ مِنْهُ ، فَيَسْقُطُ حُكْمُهُ ، لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَبَرَ سَاقَهُ بِنَجَاسَةٍ نَجَاسَتُهُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : الْمُحَرَّمُ مِنْ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ الْقَاضِي فَأَمَّا الدَّمُ الَّذِي يَبْقَى فِي خُلَلِ اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ ، وَمَا يَبْقَى فِي الْعُرُوقِ فَمُبَاحٌ ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ إلَّا دَمَ الْعُرُوقِ ، قَالَ شَيْخُنَا : لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي الْعَفْوِ عَنْهُ ، وَأَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ الْمَرَقَةَ ، بَلْ يُؤْكَلُ مَعَهَا .

وَمَا ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ مِنْ طِينِ شَارِعٍ طَاهِرٌ ( ق ) وَعَنْهُ نَجِسٌ ، وَفِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَيَسِيرِ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ ( م 26 و 27 ) وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ فَأَصَابَ شَيْئًا رَطْبًا غُبَارٌ نَجِسٌ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ النَّجَاسَةَ بِهِ ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي الْعَفْوَ عَنْهُ ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْيَسِيرِ ، لِأَنَّ التَّحَرُّزَ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ ، وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ .

( مَسْأَلَةٌ 26 وَ 27 ) قَوْلُهُ : وَمَا ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ مِنْ طِينِ شَارِعٍ طَاهِرٌ ، وَعَنْهُ نَجِسٌ ، وَفِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَيَسِيرِ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 26 ) إذَا ظُنَّتْ نَجَاسَةُ طِينِ شَارِعٍ وَقُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا : يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ " يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي الْأَصَحِّ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ مِنْ عِنْدِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَلَمْ أَعْرِفْ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ قَوْلًا صَرِيحًا ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : اخْتَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا نَجَاسَةَ طِينِ الشَّوَارِعِ ، وَجَعَلَ فِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهَا وَجْهَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 27 ) هَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهًا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا : يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِهَا ، وَبُخَارِهَا ، مَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَابْنُ تَمِيمٍ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ : يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ ، مَا لَمْ يَتَكَاثَفْ ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَقِيلَ مَا لَمْ يُجْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ ، أَوْ تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ ، انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .

وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ بَوْلِ خُفَّاشٍ ، وَنَبِيذٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ ( هـ ) وَوَدْيٍ ، وَقَيْءٍ ، وَبَوْلِ بَغْلٍ ، وَحِمَارٍ ، وَعَرَقِهِ وَسُؤْرِهِ وَجَلَّالَةٍ قَبْلَ حَبْسِهَا ، وَعَنْهُ بَلَى ( و هـ ) وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ إنْ نَجُسَ بَوْلُ مَأْكُولٍ وَرَوْثُهُ ذَكَرَهَا شَيْخُنَا فِي بَوْلِ فَأْرٍ ، وَعَنْهُ سُؤْرُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، فَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ ، فَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفًّا ثُمَّ أَحْدَثَ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ وَصَلَّى بِهِ فَهُوَ لَبِسَ عَلَى طَهَارَةٍ لَا يُصَلَّى بِهَا .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ بَوْلِ خُفَّاشٍ وَنَبِيذٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَوَدْيٍ ، وَقَيْءٍ ، وَبَوْلِ بَغْلٍ ، وَحِمَارٍ ، وَعَرَقِهِ ، وَسُؤْرِهِ ، وَجَلَّالَةٍ قَبْلَ حَبْسِهَا ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ إنْ نَجُسَ بَوْلُ مَأْكُولٍ وَرَوْثُهُ ، وَذَكَرَهَا شَيْخُنَا فِي بَوْلِ فَأْرٍ ، انْتَهَى ، ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْعَفْوُ عَنْ يَسِيرِ بَوْلِ الْمَأْكُولِ وَرَوْثِهِ إذَا قُلْنَا يَنْجُسُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَغَيْرُهُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ ، وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَزَادَ وَمَنِيِّهِ وَقَيْئِهِ .

وَإِنْ أَكَلَتْ هِرَّةٌ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَقِيلَ يَنْجُسُ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ ، وَقِيلَ إنْ غَابَتْ ، وَقِيلَ وَاحْتُمِلَ تَطْهِيرُ فَمِهَا ، وَكَذَا أَفْوَاهُ الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ ( م 28 - 30 )

257 ( مَسْأَلَةٌ 28 - 30 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَكَلَتْ هِرَّةٌ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَقِيلَ نَجِسٌ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ ، وَقِيلَ إنْ غَابَتْ ، وَقِيلَ وَاحْتَمَلَ تَطْهِيرَ فَمِهَا ، وَكَذَا أَفْوَاهُ ، الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ ، انْتَهَى ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ : ( مَسْأَلَةُ 28 ) الْهِرَّةِ ( مَسْأَلَةُ 29 ) أَفْوَاهِ الْأَطْفَالِ ( مَسْأَلَةُ 30 ) أَفْوَاهِ الْبَهَائِمِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْهِرَّةَ إذَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَلَا يَخْلُو : إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ غَيْبَتِهَا أَوْ قَبْلَهَا ؟ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ غَيْبَتِهَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْكَافِي ، وَالْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَقِيلَ نَجِسٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : وَالْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهَا إنْ وَلَغَتْ عَقِيبَ الْأَكْلِ نَجِسٌ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ بِزَمَنٍ يَزُولُ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ بِالرِّيقِ لَمْ يَنْجُسْ ، قَالَ وَكَذَلِكَ جَعَلَ الرِّيقَ مُطَهِّرًا أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ ، وَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ، وَكُلُّ بَهِيمَةٍ طَاهِرَةٌ كَذَلِكَ ، انْتَهَى ، وَاخْتَارَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَجَزَمَ فِي الْفَائِقِ أَنَّ أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ طَاهِرَةٌ ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ بِنْتِ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ أَنَّ أَبَاهَا سُئِلَ عَنْ أَفْوَاهِ الْأَطْفَالِ فَقَالَ الشَّيْخُ : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْهِرِّ : { إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ } قَالَ الشَّيْخُ : وَهُمْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ ، فَشَبَّهَ الْهِرَّ بِهِمْ فِي الْمَشَقَّةِ ، انْتَهَى ، وَقِيلَ طَاهِرٌ إنْ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ وُرُودُهَا عَلَى مَاءٍ يُطَهِّرُ فَمَهَا ، وَإِلَّا فَنَجِسٌ ، وَقِيلَ طَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ

قَدْرَ مَا يُطَهِّرُ فَمَهَا ، وَإِلَّا فَنَجِسٌ ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ بَعْضُ قَوْلِ الْمَجْدِ الْمُتَقَدِّمِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَإِنْ كَانَ الْوُلُوغُ قَبْلَ غَيْبَتِهَا فَقِيلَ طَاهِرٌ ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، قَالَ الْآمِدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقِيلَ نَجِسٌ ، اخْتَارَهُ ، الْقَاضِي ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمَجْدُ بِمَا يَحْتَمِلُ دُخُولَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْكَافِي ، وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، فَهَذِهِ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَصْحِيحِهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ فِي الْأَطْعِمَةِ ، وَلَا غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ ( و م ش ) وَخَالَفَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ فِيهَا ، وَذَكَرَهُ قَوْلًا فِي الْمُذَهَّبِ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا حَرَّمَ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي مَرَقَةِ الْقِدْرِ أَوْ مَائِعٍ آخَرَ ، أَوْ فِي السِّكِّينِ ، أَوْ غَيْرِهِ ؟ وَكَانَتْ أَيْدِي الصَّحَابَةِ تَتَلَوَّثُ بِالْجُرْحِ ، وَالدُّمَّلِ ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ التَّحَرُّزُ مِنْ الْمَائِعِ حَتَّى يَغْسِلُوهُ ، وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى بِبَعْرِ الْفَأْرِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الدَّمِ ، وَهُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ صَاحِبِ النَّظْمِ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ شَدِيدًا دِيَاسَ الزَّرْعِ بِالْحَمِيرِ لِنَجَاسَةِ بَوْلِهَا وَرَوْثِهَا ، وَقَالَ : لَا يَنْبَغِي .
وَالْكَثِيرُ قَدَّرَ مَا نُقِضَ ( هـ ) فِي تَقْدِيرِ الْمُغَلَّظَةِ بِعَرْضِ الْكَفِّ .
وَالْمُخَفَّفَةِ وَهِيَ مَا تَعَارَضَ فِيهَا نَصَّانِ بِدُونِ رُبْعِ الْمَحَلِّ ، وَيُضَمُّ فِي الْأَصَحِّ مُتَفَرِّقٌ بِثَوْبٍ ، وَقِيلَ أَوْ شَيْئَيْنِ .

وَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُ الْفَأْرِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ ، لِأَنَّهُ يُنْسَى ، وَحَكَى رِوَايَةً : وَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ أَوْ سِنَّوْرَةٌ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَنْضَمُّ دُبُرُهُ إذَا وَقَعَ فِي مَائِعٍ فَخَرَجَتْ حَيَّةً فَطَاهِرٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : لَا ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ : هُوَ أَشْبَهُ ، وَالْأَوَّلُ أَصْلَحُ لِلنَّاسِ ، وَكَذَا فِي جَامِدٍ ، وَهُوَ مَا يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا فِيهِ ، وَقِيلَ : إذَا فُتِحَ وِعَاؤُهُ لَمْ يُسَلَّ ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ وَقَعَتْ وَمَعَهَا رُطُوبَةٌ فِي دَقِيقٍ وَنَحْوِهِ أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا ، وَإِنْ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَنْضَبِطْ حَرُمَ ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ .

وَلَا يَجُوزُ إزَالَةُ نَجَاسَةٍ إلَّا بِمَاءٍ طَهُورٍ ( و م ش ) وَقِيلَ مُبَاحٍ ( خ ) وَقِيلَ أَوْ طَاهِرٍ ، وَعَنْهُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ كَخَلٍّ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا ( و هـ ) قَالَ : وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ طَعَامٍ ، أَوْ شَرَابٍ فِي إزَالَتِهَا ، لِإِفْسَادِ الْمَالِ ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ مَعْنَاهُ ، وَقَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَغَيْرُهُ ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الدِّبَاغِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ النِّيَّةُ ( وَ ) لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا التَّرْكُ ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُزِيلُهَا لَمْ يَتَيَمَّمْ لَهَا ، فَلَمْ تُعْتَبَرْ النِّيَّةُ كَسَائِرِ التُّرُوكِ ، وَلِهَذَا غُسَالَةُ النَّجَاسَةِ مَعَ النِّيَّةِ وَعَدَمِهَا سَوَاءٌ ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءُ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا ، وَلِأَنَّهَا نَقْلُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ ، فَهِيَ كَرَدِّ وَدِيعَةٍ ، وَمَغْصُوبٍ ، وَإِطْلَاقِ مُحْرِمٍ صَيْدًا ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَقِيلَ فِي بَدَنٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : فِي طَهَارَتِهِ بِصَوْبِ الْغَمَامِ ، وَفِعْلِ مَجْنُونٍ ، وَطِفْلٍ احْتِمَالَانِ ، وَلَا يُعْقَلُ لِلنَّجَاسَةِ مَعْنًى ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ .

بَابُ الْحَيْضِ وَهُوَ دَمُ طَبِيعَةٍ ، يُمْنَعُ الطَّهَارَةُ لَهُ ( و ) وَالْوُضُوءُ ، وَالصَّلَاةُ ( ع ) وَلَا تَقْضِيهَا ( ع ) قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ : فَإِنْ أَحَبَّتْ أَنْ تَقْضِيَهَا ؟ قَالَ : لَا ، هَذَا خِلَافٌ ، فَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يُكْرَهُ ، لَكِنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عِكْرِمَةَ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ، لِأَنَّهَا نُسُكٌ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ ، فَيُعَايَا بِهَا ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ وَصْفَهُ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنُقْصَانِ الدِّينِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ يَقْتَضِي أَنْ لَا تُثَابَ عَلَيْهَا ، أَوْ لِأَنَّ نِيَّتَهَا [ أَيْ كَأَنَّ عَقْدَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا هُوَ ] تَرْكُهَا زَمَنَ الْحَيْضِ ، وَفَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ أَيْضًا الصَّوْمَ ( ع ) وَتَقْضِيهِ ( ع ) هِيَ ، وَكُلُّ مَعْذُورٍ بِالْأَمْرِ السَّابِقِ لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فِي الْأَشْهَرِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ يَقْضِيهِ مُسَافِرٌ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ ، وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، كَذَا قَالَ وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ الطَّوَافَ ( و ) وَعِنْدَ شَيْخِنَا بِلَا عُذْرٍ ، وَعَنْهُ يَصِحُّ ، وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ ( و هـ ) وَلَا يَلْزَمُهَا بَدَنَةٌ ( هـ ) وَسُنَّةُ الطَّلَاقِ ، وَقِيلَ : لَا بِسُؤَالِهَا كَالْخُلْعِ ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ ، وَمِثْلُهُ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ وَمَسَّ الْمُصْحَفِ ( و ) وَقِيلَ : لَا ، وَحَكَى رِوَايَةً ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، قَالَ إنْ ظَنَّتْ نِسْيَانَهُ وَجَبَتْ ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ كَرَاهَتَهَا [ الْقِرَاءَةَ ] لَهَا ، وَلِجُنُبٍ ، وَعَنْهُ لَا يَقْرَآنِ وَهِيَ أَشَدُّ ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ فِيهَا أَحَادِيثُ كَرَاهِيَةٍ لَيْسَتْ قَوِيَّةً ، وَكَرِهَهَا لَهَا وَيَمْنَعُ اللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ ( و ) وَقِيلَ : لَا بِوُضُوءٍ ، وَقِيلَ : وَيَمْنَعُ دُخُولَهُ ، وَحَكَى رِوَايَةً كَخَوْفِهَا تَلْوِيثَهُ فِي الْأَشْهَرِ ، وَنَصُّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ : تَمُرُّ وَلَا تَقْعُدُ

وَالْوَطْءَ ( ع ) وَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ فِي ظَاهِرِ مَا يَأْتِي ( ش )
بَابُ الْحَيْضِ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ عَنْ الْحَائِضِ : وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ، لِأَنَّهَا نُسُكٌ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ فَيُعَايَا بِهَا ، انْتَهَى ، رَدَّ شَيْخُنَا وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي كَوْنِهَا تَقْضِي ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا تَطُوفُ الْحَائِضُ ، فَإِذَا طَافَتْ فَإِنَّهَا لَا تُصَلِّي حَتَّى تَطْهُرَ ، وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْضًا ، قُلْت وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ وَجْهَانِ فِي قَضَائِهِمَا ، اخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَدَمَ الْقَضَاءِ ، وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاصِّ ، وَالْجُرْجَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، وَحُكِيَ عَنْ الْأَصْحَابِ ، الْقَضَاءُ .

وَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ أُبِيحَ فِعْلُ الصَّوْمِ ( و م ش ) وَطَلَاقٌ ( و ش و هـ ) فِيهِمَا إنْ انْقَطَعَ لِأَقَلِّهِ وَلَمْ يَمْضِ وَقْتُ صَلَاةٍ ، وَكَذَا الْوَطْءُ عِنْدَهُ فِي الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ وَقِرَاءَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ( خ ) وَلَمْ يُبِحْ الْبَاقِيَ قَبْلَ غُسْلِهَا .

وَلَوْ أَرَادَ وَطْأَهَا فَادَّعَتْ حَيْضًا وَأَمْكَنَ قَبَّلَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( ش ) فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَجْلِسِهِ ، لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ الطَّلَاقِ ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْمَلَ بِقَرِينَةٍ وَأَمَارَةٍ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ : اتَّفَقُوا عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ : تَزُفُّ الْعَرُوسَ إلَى زَوْجِهَا تَقُولُ : هَذِهِ زَوْجَتُك وَعَلَى اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا بِذَلِكَ وَعَلَى تَصْدِيقِهَا فِي قَوْلِهَا : أَنَا حَائِضٌ ، وَقَوْلِهَا : قَدْ طَهُرْت ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَأَبُو دَاوُد فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَرَادَ اسْتِبْرَاءَهَا فَادَّعَتْ حَيْضًا أَيْضًا ، قَالَ : يُعْجِبُنِي أَنْ يَحْتَاطَ ، وَيَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَرَى دَلَائِلَهُ ، رُبَّمَا كَذَبَتْ ، وَتُغَسَّلُ الْمُسْلِمَةُ الْمُمْتَنِعَةُ قَهْرًا ، وَلَا نِيَّةَ هُنَا لِلْعُذْرِ ، كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ زَكَاةٍ ، وَالصَّحِيحُ لَا تُصَلِّي بِهِ ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَيُغَسِّلُ الْمَجْنُونَةَ ، وَيُتَوَجَّهُ وَيَنْوِيهِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : يُحْتَمَلُ أَنْ يُغَسِّلَهَا لِيَطَأَهَا ، وَيَنْوِيَ غُسْلَهَا تَخْرِيجًا عَلَى الْكَافِرَةِ ، وَيَأْتِي غُسْلُ الْكَافِرَةِ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِيهَا : لَا نِيَّةَ ، لِعَدَمِ تَعَذُّرِهَا ، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ، وَأَنَّهَا تُعِيدُهُ إذَا فَاقَتْ ، وَأَسْلَمَتْ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْكَافِرَةِ : إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ ، لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ ، فَيَجِبُ عَوْدُهُ إذَا أَسْلَمَتْ ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ ، فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ .

وَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْ الْحَائِضِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ ، وَعَنْهُ لَا بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ ، لِخَوْفِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ ، وَقِيلَ يَلْزَمُ سَتْرُ الْفَرْجِ .

وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ بِحَائِلٍ أَوْ لَا لَزِمَهُ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُهُ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ نِصْفُهُ فِي إدْبَارِهِ ، وَعَنْهُ بَلْ فِي أَصْفَرَ ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ بَلْ لِعُذْرٍ ، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا كَوْنَهُ مَضْرُوبًا ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَفِي الْقِيمَةِ وَغَيْرُ مُكَلَّفٍ وَجْهَانِ ( م 1 - 2 ) وَذَكَرَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ هَلْ الدِّينَارُ هُنَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ اثْنَا عَشَرَ ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَمُرَادُهُ إذَا أَخْرَجَ دَرَاهِمَ كَمْ يُخْرِجُ ؟ وَإِلَّا فَلَوْ أَخْرَجَ ذَهَبًا لَمْ يَعْتَبِرْ قِيمَتَهُ بِلَا شَكٍّ ، وَهُوَ كَفَّارَةٌ .
قَالَ الْأَكْثَرُ : يَجُوزُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ ، كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا ، وَمَنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَتِهِ ، قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَكَذَا صَدَقَةٌ مُطْلَقَةٌ ، وَيَأْتِي أَوَّلَ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ ، وَذَكَرُوا فِي صَرْفِ الْوَقْتِ الْمُنْقَطِعِ رِوَايَةً إلَى الْمَسَاكِينِ ، قَالُوا : لِأَنَّهُمْ مَصْرِفٌ لِلصَّدَقَاتِ ، وَحُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا .
فَإِذَا وَجَدَ صَدَقَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةِ الْمَصْرِفِ انْصَرَفَتْ إلَيْهِمْ ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً مُطْلَقَةً ، وَعَلَّلُوا رِوَايَةَ صَرْفِهِ إلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ الصَّدَقَاتِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ ، وَكَذَا قَالُوا فِيمَا إذَا أَوْصَى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ أَنَّ الْمَسَاكِينَ مَصَارِفُ الصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ ، وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ ( و ) وَكَالْوَطْءِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ غُسْلِهَا فِي الْمَنْصُوصِ ، وَنَاسٍ ، وَجَاهِلٍ ، وَمُكْرَهٍ ، وَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ .
قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ : بِنَاءً عَلَى الصَّوْمِ ، وَالْإِحْرَامِ ، وَبَانَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ كَرَّرَ الْوَطْءَ فِي حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ أَنَّهُ فِي تَكْرَارِ الْكَفَّارَةِ كَالصَّوْمِ .

مَسْأَلَةٌ 1 - 2 ) قَوْلُهُ : فِي أَحْكَامِ كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهَا قَالَ فَفِي إجْزَاءِ الْقِيمَةِ وَوُجُوبِهَا عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَهَلْ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا لَا تُجْزِئُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ فِي إخْرَاجِ الْقِيمَةِ كَالزَّكَاةِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِي الزَّكَاةِ ، وَقَدَّمَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ هُنَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ : الْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ كَالزَّكَاةِ ، انْتَهَى ، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُجْزِئُ كَالْخَرَاجِ ، وَالْجِزْيَةِ صَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْفِضَّةِ عَنْ الذَّهَبِ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَالَ : مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ هَذَا ، انْتَهَى ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ ، حَكَاهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ قَالَ : فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَحُكْمُهُ فِي إخْرَاجِ قِيمَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا حُكْمُ الزَّكَاةِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ ، أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ ، وَحَكَاهُ فِي الْفَائِقِ رِوَايَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : انْبَنَى عَلَى وَطْءِ الْجَاهِلِ ، وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ عَلَى الْجَاهِلِ ، انْتَهَى ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ،

وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمَنْفِيِّ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .

وَفِي سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَعَنْهُ يَلْزَمُ بِوَطْءِ دُبُرٍ ، ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ .
( مَسْأَلَةُ 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ رِوَايَتَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، إحْدَاهُمَا لَا تَسْقُطُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ قَالَ : تَسْقُطُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ بِالْعَجْزِ ، وَلَا يَسْقُطُ غَيْرُهَا بِالْعَجْزِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، وَالْيَمِينِ ، وَكَفَّارَاتِ الْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ : وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا ، انْتَهَى ، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ دُخُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَسْقُطُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ : وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ تَسْقُطُ كَفَّارَةُ وَطْءِ الْحَائِضِ بِالْعَجْزِ عَلَى الْأَصَحِّ ، انْتَهَى ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَعَنْهُ تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا كُلِّهَا ، لَا عَنْ بَعْضِهَا ، لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهَا ، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى بَعْضِ صَاعٍ فِي الْفِطْرَةِ .

وَبَدَنُ الْحَائِضِ وَعَرَقُهَا ، وَسُؤْرُهَا طَاهِرٌ ، وَكَذَا لَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَعَجْنُهَا ، وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَلَا وَضْعُ يَدَيْهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَائِعَاتِ ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ ( ع ) سَأَلَهُ حَرْبٌ : تُدْخِلُ يَدَهَا فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ ، وَخَلٍّ ، وَتَعْجِنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَا يَفْسُدُ مِنْ الْمَائِعَاتِ بِمُلَاقَاتِهِ بَدَنَهَا ، وَإِلَّا تَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِيهَا ، وَفِي الْمَرْأَةِ الْجُنُبِ .

فَصْلٌ وَلَا حَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ ( و ) وَقِيلَ عَشْرٍ ، وَعَنْهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قِيلَ تَقْرِيبٌ ، وَقِيلَ تَحْدِيدٌ ( م 4 )

( مَسْأَلَةُ 4 ) قَوْلُهُ : وَلَا حَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ ، وَقِيلَ عَشْرٍ ، وَقِيلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ، قِيلَ تَقْرِيبٌ ، وَقِيلَ تَحْدِيدٌ ، انْتَهَى ، الْقَوْلُ بِالتَّحْدِيدِ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَالْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْعُمْدَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالنِّهَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ : لَا حَيْضَ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : وَأَقَلُّ سِنٍّ تَحِيضُ لَهُ الْمَرْأَةُ تِسْعُ سِنِينَ كَامِلَةً ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ : وَالْمُرَادُ كَمَالُ التِّسْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ : أَوَّلُ أَوْقَاتِ إمْكَانِهِ أَوَّلُ السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَأَقَلُّهُ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي ذَلِكَ تَقْرِيبٌ ، قُلْت وَهُوَ أَظْهَرُ ، فِي كَلَامِ غَيْرِ الْمُصَنِّفِ ، وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ الْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا حَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ ، وَقِيلَ عَشْرٍ ، وَقِيلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ كَالصَّرِيحِ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : قِيلَ تَقْرِيبٌ ، وَقِيلَ تَحْدِيدٌ كَالْمُنَاقِضِ لَهُ ، لَكِنْ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْخِلَافِ انْتَفَى التَّصْرِيحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ إعَادَةُ الْخِلَافِ إلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَيُرَشِّحُهُ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْخِلَافِ لَكِنَّ الْخِلَافَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَمْ نَرَهُ أَيْضًا .

وَلِانْقِطَاعِهِ غَايَةٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( هـ ش ) هَلْ هِيَ سِتُّونَ سَنَةً ، أَوْ خَمْسُونَ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ خَمْسُونَ لِلْعَجَمِ و م ) وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ ، وَعَنْهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ ( م 5 )

مَسْأَلَةُ 5 ) قَوْلُهُ : وَلِانْقِطَاعِهِ حَدٌّ ، هَلْ هُوَ سِتُّونَ سَنَةً أَوْ خَمْسُونَ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ خَمْسُونَ ، وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ ، وَعَنْهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، انْتَهَى ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ أَكْثَرِ سِنِّ الْحَيْضِ خَمْسِينَ أَمْ سِتِّينَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : أَكْثَرُهُ خَمْسُونَ مُطْلَقًا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الدِّرَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي ، وَالتَّرْغِيبِ وَنَظْمِ هِدَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَهُوَ مِنْهَا وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ : هُوَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ : وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ ، قَالَ فِي نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ أَكْثَرُهُ خَمْسُونَ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمَنْهَجِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ : اخْتَارَهَا الشِّيرَازِيُّ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَكْثَرُهُ سِتُّونَ سَنَةً ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ ، وَالْإِيضَاحِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ ، وَالْعُمْدَةِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيُّ وَالتَّسْهِيلِ ، وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي دُرُوسِ الْمَسَائِلِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ : هِيَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ ، وَالْقَاضِي ، وَعَنْهُ خَمْسُونَ لِلْعَجَمِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَعَنْهُ الْخَمْسُونَ لِلْعَجَمِ ، وَالنَّبَطِ وَنَحْوِهِمْ ، وَالسِّتُّونَ لِلْعَرَبِ وَنَحْوِهِمْ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيّ ، وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ ، وَهَذِهِ فِي الْفُصُولِ فِي

الْعَدَدِ ، وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ ، وَصَحَّحَهَا فِي الْكَافِي قُلْت : وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا قَالَ فِي الْمُغْنِي فِي الْعَدَدِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَتَى بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا عَنْ عَادَتِهَا مَرَّاتٍ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَقَدْ صَارَتْ آيِسَةً ، وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرَاهُ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ عَلَى الصَّحِيحِ ، انْتَهَى ، فَلِلشَّيْخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ اخْتِيَارَاتٍ ، وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَنَاظِمُهُ ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، فَعَلَيْهَا تَصُومُ وُجُوبًا عَلَى الصَّحِيحِ ، قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ ، وَعَنْهُ اسْتِحْبَابًا ، ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِ سِنِّ الْحَيْضِ .

وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ( و ش ) وَعَنْهُ يَوْمٌ ، لَا ثَلَاثَةٌ ( هـ ) وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ ( م ) ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَكْسَهُ ( ع )

وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ( و م ش ) وَعَنْهُ سَبْعَةَ عَشَرَ ، ( هـ )

وَغَالِبُهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ ( و )

وَأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَعَنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ( و ) وَقِيلَ عَلَيْهِمَا : وَلَيْلَةٌ ، وَعَنْهُ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ ، كَأَكْثَرِهِ ، وَعَنْهُ إلَّا فِي الْعِدَّةِ ، وَأَقَلُّ زَمَنِ الْحَيْضِ أَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ خَالِصًا لَا تَتَغَيَّرُ مَعَهُ الْقُطْنَةُ إذَا احْتَشَتْ بِهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ ، نَقَلَ أَبُو بَكْرٍ هِيَ طَاهِرٌ إذَا رَأَتْ الْبَيَاضَ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ الطُّهْرُ سَاعَةً ، وَعَنْهُ أَقَلُّهُ سَاعَةٌ ، وَعَنْهُ يَوْمٌ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَقَالَ إلَّا أَنْ تَرَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

وَلَا حَيْضَ مَعَ الْحَمْلِ نَصَّ عَلَيْهِ ( و هـ ) وَعَنْهُ بَلَى ، ذَكَرَهَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّمِيمِيُّ ، وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَشَيْخُنَا ، وَاخْتَارَهَا وَهِيَ أَظْهَرُ ، ذَكَرَ عُبَيْدَةُ بْنُ الطَّيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ إِسْحَاقَ نَاظَرَ أَحْمَدَ ، وَرَجَعَ إلَى قَوْلِهِ هَذَا ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد لَا تَلْتَفِتُ إلَى الدَّمِ الْأَسْوَدِ ، وَتُصَلِّي ، قِيلَ لَهُ : فَتَغْتَسِلُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذَا عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ ، وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ ، لَا لِلْوُجُوبِ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا مَا أَطْلَقَهُ الشَّارِعُ عُمِلَ بِمُطْلَقِ مُسَمَّاهُ وَوُجُودِهِ ، وَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُهُ ، وَتَحْدِيدُهُ بَعْدَهُ فَلِهَذَا عِنْدَهُ الْمَاءُ قِسْمَانِ : طَاهِرٌ طَهُورٌ ، وَنَجَسٌ

وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ ، وَأَكْثَرِهِ ، مَا لَمْ تَصِرْ مُسْتَحَاضَةً ، وَلَا لِأَقَلِّ سِنِّهِ وَأَكْثَرِهِ ، وَلَا لِأَقَلِّ السَّفَرِ ، لَكِنَّ خُرُوجَهُ إلَى بَعْضِ عَمَلِ أَرْضِهِ ، وَخُرُوجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى قُبَاءَ لَا يُسَمَّى سَفَرًا ، وَلَوْ كَانَ بَرِيدًا ، وَلِهَذَا لَا يَتَزَوَّدُ ، وَلَا يَتَأَهَّبُ لَهُ أُهْبَتَهُ ، هَذَا مَعَ قِصَرِ الْمُدَّةِ ، فَالْمَسَافَةُ الْقَرِيبَةُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ سَفَرٌ ، لَا الْبَعِيدَةُ فِي الْقَلِيلَةِ ، وَلَا حَدَّ لِلدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ ، فَلَوْ كَانَ أَرْبَعَةَ دَوَانِقَ ، أَوْ ثَمَانِيَةً خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا ، لَا دِرْهَمًا أَسْوَدَ عُمِلَ بِهِ فِي الزَّكَاةِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَلَا تَأْجِيلَ فِي الدِّيَةِ ، وَأَنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِيهَا ، وَالْخُلْعُ فَسْخٌ مُطْلَقًا ، وَالْكَفَّارَةُ فِي كُلِّ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ قَاعِدَةٌ مَعْرُوفَةٌ ، وَقَالَ فِي قَاعِدَةٍ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَعَيَّنَتْ بِالنَّصِّ مُطْلَقًا ، وَاَلَّتِي تَعَيَّنَتْ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ تَأْجِيلُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ هَذَا ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَجِّلُهَا ، وَعُمَرُ أَجَّلَهَا فَأَيَّهُمَا رَأَى الْإِمَامُ فَعَلَ ، وَإِلَّا فَإِيجَابُ أَحَدِهِمَا لَا يُسَوَّغُ ، وَلَهُ فِي تَقْدِيرِ الدِّيَاتِ وَأَنْوَاعِهَا كَلَامٌ يُنَاسِبُ هَذَا ، فَإِنَّ حُكْمَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ تَارَةً يَكُونُ عَامًّا فِي أَمْثَالِهَا ، وَتَارَةً يَكُونُ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ يَتَعَلَّقُ بِالْأَئِمَّةِ وَالِاجْتِهَادِ ، كَحُكْمِهِ فِي السَّلَبِ : هَلْ هُوَ مُطْلَقٌ ، أَمْ مُعَيَّنٌ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ اُسْتُحِقَّ بِشَرْطِهِ

فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأَةُ بِدَمٍ أَسْوَدَ وَالْأَصَحُّ وَأَحْمَرَ ( و ) وَفِي صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ وَجْهَانِ ( م 6 ) تَجْلِسُ بِرُؤْيَتِهِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِمُضِيِّ أَقَلِّهِ ، تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَقَلَّ الْحَيْضِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ ، وَإِنْ انْقَطَعَ لِدُونِ أَقَلِّهِ فَلَا حَيْضَ وَلِأَقَلِّهِ حَيْضٌ ، وَإِنْ جَاوَزَ أَقَلَّهُ اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ ، وَلَمْ تَجْلِسْ مَا جَاوَزَهُ حَتَّى يَتَكَرَّرَ ثَلَاثًا ، فَتَجْلِسَ فِي الرَّابِعِ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَقِيلَ فِي الثَّالِثِ ، وَعَنْهُ يَتَكَرَّرُ مَرَّتَيْنِ فَتَجْلِسُ فِي الثَّالِثِ ، وَقِيلَ فِي الثَّانِي ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَإِنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَقْتَضِيهِ ، وَيَصِيرُ عَادَةً ، وَتُعِيدُ وَاجِبَ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ قَبْلَ تَكْرَارِهِ احْتِيَاطًا ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا يَجِبُ إعَادَةٌ .
مَسْأَلَةُ 6 ) قَوْلُهُ : وَالْمُبْتَدَأَةُ بِدَمٍ أَسْوَدَ ، وَالْأَصَحُّ وَأَحْمَرَ ، وَفِي صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ ( أَحَدُهُمَا ) حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّمِ الْأَسْوَدِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ أَيْضًا ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَجْلِسُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي شَرْحِهِمَا ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ .

وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ تَكْرَارِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ ، ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ ، وَأَطْلَقَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي إبَاحَتِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، هِيَ كَمُسْتَحَاضَةٍ .
وَإِنْ انْقَطَعَ فَفِي كَرَاهَتِهِ إلَى تَمَامِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ رِوَايَتَانِ ( م 7 ) فَإِنْ عَادَ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ .
وَلَا عَادَةَ بِمَرَّةٍ ( خ ) وَعَنْهُ تَجْلِسُ غَالِبَ الْحَيْضِ ، وَعَنْهُ عَادَةَ نِسَائِهَا ، وَعَنْهُ أَكْثَرَهُ ، اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي ( و ) وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، الرِّوَايَاتُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ ، وَإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَهُ فَمُسْتَحَاضَةٌ .
( مَسْأَلَةُ 7 ) قَوْلُهُ : فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ تَكْرَارِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فَإِنْ انْقَطَعَ فَفِي كَرَاهَتِهِ إلَى تَمَامِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ بِالْوَضْعِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ ( إحْدَاهُمَا ) : يُكْرَهُ إنْ أَمِنَ الْعَنَتَ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي بَابِ النِّفَاسِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُبَاحُ وَطْؤُهَا فِي طُهْرِهَا يَوْمًا فَأَكْثَرَ قَبْلَ تَكْرَارِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي أَحْكَامِ النِّفَاسِ وَهُوَ الصَّوَابُ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32