كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي

وَمَنْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ مَهْرِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ سَقَطَ أَوْ تَنَصَّفَ رَجَعَ بِفَائِتِهِ ، كَعَوْدِهِ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَتِهَا الْعَيْنَ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ ، وَعَنْهُ : لَا ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَقْتَضِي ضَمَانًا ، وَعَنْهُ : [ مَعَ ] الْإِبْرَاءِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ مَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : أَصْلُ الْخِلَافِ فِي الْإِبْرَاءِ أَيُّهُمَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ إذَا مَضَى أَحْوَالٌ ، وَهُوَ دَيْنٌ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ ، وَإِنْ وَهَبَتْهُ بَعْضَهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ رَجَعَ بِنِصْفٍ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ ، وَنِصْفِ الْمَوْهُوبِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهَا لَهُ ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ ، وَنِصْفُهُ الَّذِي لَمْ يَسْتَقِرَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : عَلَيْهَا احْتِمَالٌ ، وَلَوْ وَهَبَ الثَّمَنَ لِمُشْتَرٍ فَظَهَرَ مُشْتَرٍ عَلَى عَيْبٍ فَهَلْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ فَلَهُ أَرْشُهُ أَمْ يُرَدُّ وَلَهُ ثَمَنُهُ ؟ وَفِي التَّرْغِيبِ الْقِيمَةُ ؟ فِيهِ الْخِلَافُ .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : فِيمَا إذَا وَهَبَ الثَّمَنَ لِمُشْتَرٍ وَظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ هَلْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ أَمْ لَا ؟ فِيهِ الْخِلَافُ ، يَعْنِي بِهِ الَّذِي قَبْلَهُ فِيمَا إذَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ، فِيمَا يَظْهَرُ .

وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَاءِ الْمَهْرِ فَالرَّاجِعُ لِلزَّوْجِ ، وَقِيلَ : لَهُ .
وَمِثْلُهُ أَدَاءُ ثَمَنٍ ثُمَّ يُفْسَخُ بِعَيْبٍ ، وَرُجُوعِ مُكَاتَبٍ أُبْرِئَ مِنْ كِتَابَتِهِ بِالْإِيتَاءِ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ فِيهِ : لَا يَرْجِعُ .

وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَيَحْلِفُ .
وَفِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ : يَتَحَالَفَانِ ، وَعَنْهُ : قَوْلُ مُدَّعِي مَهْرِ الْمِثْلِ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَفِي الْيَمِينِ وَجْهَانِ ( م 20 ) .
فَلَوْ ادَّعَى دُونَهُ وَادَّعَتْ فَوْقَهُ رُدَّ إلَيْهِ .

مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ قُبِلَ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ .
وَعَنْهُ : قَوْلُ مُدَّعِي مَهْرِ الْمِثْلِ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَفِي الْيَمِينِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَلَمْ يَذْكُرْ الْيَمِينَ ، فَيَخْرُجُ وُجُوبُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ : وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَظَاهِرُ الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَحْلِفُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَجِبُ الْيَمِينُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَقَدَّمَهُ ، ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي : إذَا ادَّعَى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ رُدَّ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا يَمِينًا ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَحَالَفَا فَإِنَّ مَا يَقُولُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ لِلصِّحَّةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ ، إلَّا بِيَمِينٍ مِنْ صَاحِبِهِ كَالْمُنْكِرِ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى ؛ وَلِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي عَدَمِ الظُّهُورِ ، فَشُرِعَ التَّحَالُفُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ .
انْتَهَى .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجْدَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْخِلَافِ ، وَأَنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي لَمْ يَسْتَحْضِرْ الْخِلَافَ حَالَةَ التَّصْنِيفِ ، إذْ الْخِلَافُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَنَّفَ الْمُغْنِي قَبْلَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْخِلَافِ .

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهِ أَوْ وَصْفِهِ فَالرِّوَايَتَانِ لَكِنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ ؛ لِئَلَّا يُمَلِّكَهَا مَا تُنْكِرُهُ ، وَقِيلَ : إنْ قُبِلَ قَوْلُهَا فَمَا عَيَّنَتْهُ ، وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ : إنْ عَيَّنَتْ أُمِّهَا وَعَيَّنَ أَبَاهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ أَبُوهَا ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِمِلْكِهَا لَهُ ، وَإِعْتَاقُهُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ ، وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهَا أَوْ مَهْرِ مِثْلِهَا .
وَفِي الْوَاضِحِ : يَتَحَالَفَانِ ، كَبَيْعٍ ، وَلَهَا الْأَقَلُّ مِمَّا ادَّعَتْهُ أَوْ مَهْرِ مِثْلِهَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي جِنْسِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَالثَّانِيَةُ : قِيمَةُ مَا يَدَّعِيهِ هُوَ .
تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهِ أَوْ وَصْفِهِ فَالرِّوَايَتَانِ ، يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ قَرِيبًا ، وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ ، فَكَذَلِكَ هُنَا .

وَإِنْ ادَّعَتْ التَّسْمِيَةَ فَأَنْكَرَ قُبِلَ فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَعَنْهُ : قَوْلُهُ ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ( م 21 ) .
( مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَتْ التَّسْمِيَةَ فَأَنْكَرَ قُبِلَ فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَعَنْهُ : قَوْلُهُ ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ، انْتَهَى .
يَعْنِي بِقَوْلِهِ " قُبِلَ " أَيْ قَوْلُهَا فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ " قَوْلُهَا " سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ .
إحْدَاهُمَا : الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : الْقَوْلُ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَا يُوَافِقُ الْأَصْلَ ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ يَنْزِعُ إلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ .

فَلَوْ طَلَّقَ وَلَمْ يَدْخُلْ فَفِي تَنَصُّفِهِ أَوْ الْمُتْعَةِ الْخِلَافُ وَعَلَى الْأَوِّلَةِ يَتَنَصَّفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ ، وَقَوْلُهَا فِي قَبْضِهِ .
وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ : قَوْلُهُ ، بِنَاءً عَلَى : كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْتُهُ .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : فَلَوْ طَلَّقَ وَلَمْ يَدْخُلْ فَفِي تَنَصُّفِهِ أَوْ الْمُتْعَةِ الْخِلَافُ ، يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّسْمِيَةِ ، وَمُرَادُهُ بِالْخِلَافِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمُفَوِّضَةِ الْآتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ .

وَإِذَا قَبَضَتْ الْمُسَمَّى الْمُعَيَّنَ ثُمَّ تَنَصَّفَ فَلَهُ نِصْفُهُ حُكْمًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : إنْ اخْتَارَ مِلْكَهُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : أَصْلُهُمَا اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فِيمَنْ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ، فَعَلَى هَذَا مَا يُنْمِي قَبْلَهُ لَهَا ، وَبَيْنَهُمَا عَلَى نَصِّهِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ ( م 22 - 24 ) وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ ، وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي ، وَلَا يَتَصَرَّفُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ ، لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الْوَاهِبِ ، وَلَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَمُتَّصِلَةٍ ، وَفِيهَا تَخْرِيجٌ مِنْ مُنْفَصِلَةٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَيْنِ فِي النَّمَاءِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : لَهَا نَمَاؤُهُ بِتَعْيِينِهِ ، وَعَنْهُ : بِقَبْضِهِ .
فَعَلَى الْمَذْهَبِ : لَهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ قَبْضِهِ .
وَفِي الْكَافِي : أَوْ التَّمْكِينِ مِنْهُ ، فَإِنْ قُلْنَا : يُضْمَنُ الْمُتَمَيِّزُ بِالْعَقْدِ اُعْتُبِرَتْ صِفَتُهُ وَقْتَهُ ، وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ الْمَهْرَ الْمُعَيَّنَ قَبْلَ قَبْضِهِ هَلْ هُوَ بِيَدِهِ أَمَانَةٌ أَوْ مَضْمُونٌ فَمُؤْنَةُ دَفْنِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَبَنَى عَلَيْهِمَا التَّصَرُّفَ وَالنَّمَاءَ وَتَلَفَهُ ، وَعَلَى ضَمَانِهِ هَلْ هُوَ ضَمَانُ عَقْدٍ بِحَيْثُ يَنْفَسِخُ فِي الْمُعَيَّنِ وَيَبْقَى فِي تَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ يَوْمَ الْإِصْدَاقِ أَوْ ضَمَانٌ بِحَيْثُ تَجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ تَلَفِهِ كَعَارِيَّةٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ وَجَمَاعَةً قَالُوا : مَا يَفْتَقِرُ تَوْقِيتُهُ إلَى مِعْيَارٍ ضَمِنَهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، كَبَيْعٍ ، وَالْوَجْهَانِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ .

( مَسْأَلَةٌ 22 - 24 ) قَوْلُهُ : وَإِذَا قَبَضَتْ الْمُسَمَّى الْمُعَيَّنَ ثُمَّ تَنَصَّفَ فَلَهُ نِصْفُهُ حُكْمًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : إنْ اخْتَارَ مِلْكَهُ فَعَلَى هَذَا مَا يَنْمِي قَبْلَهُ لَهَا ، وَبَيْنَهُمَا عَلَى نَصِّهِ ، وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عَفَا فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي ، وَلَا يَتَصَرَّفُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الْوَاهِبِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 22 ) إذَا قَبَضَتْ الْمَهْرَ الْمُعَيَّنَ ثُمَّ تَنَصَّفَ ، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ ، كَالْمِيرَاثِ وَقِيلَ : لَا يَدْخُلُ ، إلَّا إذَا اخْتَارَ مِلْكَهُ .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ، عَلَى الْمَنْصُوصِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ فِيهِ وَجْهَيْنِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ لَعَلَّ أَصْلَهُمَا إسْقَاطُ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ .
انْتَهَى .
وَالصَّحِيحُ أَنَّ إسْقَاطَ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يُسْقِطُهَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 23 ) لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا فَعَلَى الْمَنْصُوصِ فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَفْظِ الْعَفْوِ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَهَذَا مِنْهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) ، لَا يَصِحُّ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 24 ) لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا ، فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَصِحُّ وَلَا يَتَصَرَّفُ وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ ؛ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الْوَاهِبِ ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَدَّمَ حُكْمًا وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَتَصَرَّفُ ،

وَهَذَا الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ .
فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يُطْلِقْ فِيهَا الْخِلَافَ ، بَلْ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ دَفَعَتْهُ زَائِدًا لَزِمَهُ ، وَإِنْ فَاتَ بِتَلَفٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ بِدَيْنٍ أَوْ شُفْعَةٍ أَوْ انْتَقَلَ تَعَيَّنَ قِيمَةُ حَقِّهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَمَتَى تَنَصَّفَ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالنِّكَاحِ فَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 25 ) .
مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : وَمَتَى تَنَصَّفَ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالنِّكَاحِ فَأَيُّهُمَا يُقَدِّمُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقَدِّمُ حَقَّ الشَّفِيعِ ؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ، يُقَدِّمُ حَقَّ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ .
( تَنْبِيهٌ ) .
مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ إلَيْهَا صَدَاقًا .

وَإِنْ زَادَ مِنْ وَجْهٍ وَنَقَصَ مِنْ وَجْهٍ كَعَبْدٍ صَغِيرٍ كَبُرَ وَمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ صِيَاغَةً أُخْرَى ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ ، وَكَذَا حَمْلُ أَمَةٍ ، وَفِي الْبَهِيمَةِ زِيَادَةٌ مَا لَمْ يَفْسُدْ اللَّحْمُ ، وَالزَّرْعُ وَالْغَرْسُ نَقْصٌ لِلْأَرْضِ .
وَلَا أَثَرَ لِمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ كَمَا كَانَ ، أَوْ أَمَةٍ سَمُنَتْ ثُمَّ هَزِلَتْ ثُمَّ سَمُنَتْ ، وَفِيهِمَا فِي الْمُغْنِي وَجْهَانِ ، وَلَا لِارْتِفَاعِ سُوقٍ ، وَلَا لِنَقْلِهَا الْمِلْكَ فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ بِيَدِهَا ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِمَا فِيهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْقِيمَةَ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ خِلَافُهُ ، وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ ، وَكَذَا مَا أُبِّرَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ .

وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَمَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ إنْ قُلْنَا لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زَادَ زِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ ، فَفِي لُزُومِهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلُزُومِهِ قَبُولَ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا وَجْهَانِ ( م 26 و 27 ) وَلَهُ نِصْفٌ مِثْلِيٍّ ، وَيَحْتَمِلُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ مُكَاتَبٍ ، كَبَيْعِهِ ، وَكَإِجَارَةٍ وَتَزْوِيجٍ ، وَكَتَدْبِيرٍ إنْ رَجَعَ فِيهِ بِقَوْلٍ ، فَيَرْجِعُ فِيهِ أَوْ فِي الْقِيمَةِ ، لِلنَّقْصِ .

مَسْأَلَةٌ 26 و 27 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَمَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ إنْ قُلْنَا لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زَادَ زِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ ، فَفِي لُزُومِهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ ، وَلُزُومُهُ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 26 ) إذَا أَصْدَقَهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ وَقُلْنَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ يَلْزَمُهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا : لَا يَلْزَمُهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا قِيمَةَ لَهُ ، وَحَالَةُ الِانْفِصَالِ قَدْ زَادَ فِي مِلْكِهَا .
وَمَالَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَلْزَمُهَا ؛ لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ ( قُلْت ) : وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ مِنْهُ بِمِقْدَارِ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ إنْ قُلْنَا لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زَادَ زِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ .
انْتَهَى .
أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ لَنَا خِلَافًا : هَلْ يُقَابِلُ الْحَمْلُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا ؟ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ فَيُرَاجَعْ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 27 ) هَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
أَحَدُهُمَا : يَلْزَمُهُ قَبُولُ نِصْفِ ذَلِكَ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْغَصْبِ .

وَفِي لُزُومِهَا رَدَّ نِصْفِهِ قَبْلَ تَقْبِيضِ هِبَةٍ وَرَهْنٍ وَفِي مُدَّةِ خِيَارِ بَيْعٍ وَجْهَانِ ( م 28 ) .
مَسْأَلَةٌ 28 ) قَوْلُهُ : وَفِي لُزُومِهَا رَدَّ نِصْفِهِ قَبْلَ تَقْبِيضِ هِبَةِ وَرَهْنٍ وَفِي مُدَّةِ خِيَارِ [ بَيْعٍ ] وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ : وَلَا تُجْبَرُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ، وَقَبْلَ قَبْضِ الْهِبَةِ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : تُجْبَرُ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الثَّلَاثِ ، وَتُسْتَدْرَكُ ظَلَامَتُهُ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : يَلْزَمُهَا الرُّجُوعُ فِي الثَّلَاثِ ، فَتَفْسَخُ الْعَقْدَ .

وَلَوْ أَصْدَقَهَا صَيْدًا ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بِإِرْثٍ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ ، وَإِلَّا فَهَلْ يُقَدِّمُ حَقَّ اللَّهِ فَيُرْسِلُهُ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَةَ النِّصْفِ ؟ أَمْ حَقَّ الْآدَمِيِّ فَيُمْسِكُهُ وَيَبْقَى مِلْكُ الْمُحْرِمِ ضَرُورَةً ؟ أَمْ هُمَا سَوَاءٌ فَيُخَيِّرَانِ ، فَإِنْ أَرْسَلَهُ بِرِضَاهَا غَرِمَ لَهَا وَإِلَّا بَقِيَ مُشْتَرَكًا ؟ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : يَنْبَنِي عَلَى حُكْمِ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ بَيْنَ مُحِلٍّ وَمُحْرِمٍ .
وَفِيهِ الْأَوْجُهُ ( م 29 ) وَإِنْ نَقَصَتْ صِفَتُهُ فَكَذَلِكَ أَوْ نِصْفُهُ نَاقِصًا ، وَعَنْهُ : مَعَ أَرْشِهِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ قَدَّمَهَا : نِصْفُهُ بِأَرْشِهِ بِلَا تَخْيِيرٍ .
( مَسْأَلَةٌ 29 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ أَصْدَقَهَا صَيْدًا ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِإِرْثٍ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ ، وَإِلَّا فَهَلْ يُقَدِّمُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُرْسِلُهُ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَةَ النِّصْفِ ؟ أَمْ حَقَّ الْآدَمِيِّ فَيُمْسِكُهُ وَيَبْقَى مِلْكُ الْمُحْرِمِ ضَرُورَةٌ ؟ أَمْ هُمَا سَوَاءٌ فَيُخَيَّرَانِ فَإِنْ أَرْسَلَهُ بِرِضَاهَا غَرِمَ لَهَا وَإِلَّا بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ يَنْبَنِي عَلَى حُكْمِ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ بَيْنَ مُحِلٍّ وَمُحْرِمٍ .
وَفِيهِ الْأَوْجُهُ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِرْسَالِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَحَقُّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ ، وَدَخَلَ مِلْكُ الْمُحْرِمِ فِي ذَلِكَ ضِمْنًا ضَرُورَةً ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ أَصْدَقَهَا ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ أَوْ أَرْضًا فَبَنَتْهَا وَنَحْوَهُ فَبَذَلَ قِيمَةَ زِيَادَتِهِ لِتَمَلُّكِهِ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا ( م 30 ) .
مَسْأَلَةٌ 30 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَصْدَقَهَا ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ أَوْ أَرْضًا فَبَنَتْهَا وَنَحْوَهَا فَبَذَلَ قِيمَةَ زِيَادَتِهِ لِتَمَلُّكِهِ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا .
انْتَهَى .
مَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ هُوَ الصَّحِيحُ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي .

وَإِنْ تَلِفَ الْمَهْرُ أَوْ نَقَصَ بِيَدِهَا وَثَبَتَ أَنَّهُ بَعْدَ تَنَصُّفِهِ ضَمِنَهُ ، كَتَلَفِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ ، وَكُلُّ فَسْخٍ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : هُوَ كَتَلَفِهِ فِي يَدِهِ قَبْلَ طَلَبِهَا لَهُ .

وَإِنْ فَاتَ النِّصْفُ مُشَاعًا فَلَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي ، وَكَذَا مُعَيَّنًا مِنْ الْمُتَنَصَّفِ .
وَفِي الْمُغْنِي : لَهُ نِصْفُ الْبَقِيَّةِ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْفَائِتِ أَوْ مِثْلُهُ ، وَإِنْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى فِي الذِّمَّةِ فَكَالْمُعَيَّنِ ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِنَمَائِهِ مُطْلَقًا ، وَيَعْتَبِرُ فِي تَقْوِيمِهِ صِفَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَفِي وُجُوبِ رَدِّهِ بِعَيْنِهِ وَجْهَانِ ( م 31 ) .
.
( مَسْأَلَةٌ 31 ) قَوْلُهُ : وَفِي وُجُوبِ رَدِّهِ بِعَيْنِهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالصَّغِيرِ .
أَحَدُهُمَا : يَجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَجِبُ ذَلِكَ .

وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ ، فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ صَحَّ عَفْوُ مَالِكِ التَّبَرُّعِ مِنْهُمَا عَنْ حَقِّهِ ، وَلَا عَفْوَ لِلْأَبِ ، كَعَفْوِهِ عَنْ مَهْرِ ابْنِهِ الرَّاجِعِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْسِبْهُ إيَّاهُ ، وَعَنْهُ : أَنَّهُ الْأَبُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، قَالَ : وَمِثْلُهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ فَيَعْفُو عَنْ نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ الْمَجْنُونَةِ وَالصَّغِيرَةِ .
وَفِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي : بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُوجَزِ .
وَبِكْرٌ بَالِغَةٌ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : أَصْلُهُ هَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِالْبُلُوغِ ؟ وَعَلَى هَذَا وَلَوْ دَخَلَ بِهَا مَا لَمْ تَلِدْ أَوْ تَمْضِي سَنَةٌ بِبَيْتِهِ ، وَأَنَّ عَلَى هَذَا يَنْبَنِي مِلْكَهُ لِقَبْضِ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الْبَالِغِ الرَّشِيدَةِ ، وَقِيلَ : يَمْلِكُهُ فِي الْبِكْرِ ، وَقَدَّمَ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ دَيْنًا ، فَلَا يَعْفُو عَنْ عَيْنٍ ، فَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ فَقَطْ ، وَفِي الْقَبُولِ الْخِلَافُ .
وَسَوَاءٌ فِيهِ عَفْوُهُ وَعَفْوُهَا ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِصِغَرٍ وَكِبَرٍ وَبَكَارَةٍ وَلَا ثُيُوبَةٍ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً : الْوَلِيُّ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا عَفَا مَنْ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ : وَفِي الْقَبُولِ الْخِلَافُ .
يَعْنِي هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ أَمْ لَا ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ .
وَفِيهِ قَوْلَانِ ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ السَّلَمِ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : إنْ قُلْنَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ هِبَةٌ وَالْمَذْهَبُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُولُ ، وَإِنْ قُلْنَا مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ ، قَالَ بَعْضُهُمْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ ؛ لِخُرُوجِ عَفْوِ الْأَبِ .

وَإِذَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَبِهِ ، وَقِيلَ : لَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ ( م 32 ) وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهَا مِنْهُ قَبْلَ فَرْضِهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، لِجَهَالَتِهِ وَإِنْ وَقَفَ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الدُّخُولِ فَكَالْعَفْوِ عَمَّا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ .
مَسْأَلَةٌ 32 ) قَوْلُهُ : إذَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةِ بِفَرْضِهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَبِهِ وَقِيلَ : لَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ .
انْتَهَى .
ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْمَهْرِ فِي الْمُفَوِّضَةِ وَنَحْوِهَا .
( أَحَدُهُمَا ) لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ ، كَالْمُطَالَبَةِ بِفَرْضِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ .

وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرٍ وَإِلَّا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ بِقَدْرِهِ .
فَإِذَا فَرَضَهُ لَزِمَهَا فَرْضُهُ ، كَحُكْمِهِ ، فَدَلَّ أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ [ الْمُحَاكَمَةِ ] وَالْمُطَالَبَةِ كَتَقْدِيرِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالنَّفَقَةِ وَنَحْوِهِ حُكْمٌ ( م ) فَلَا يُغَيِّرُهُ حَاكِمٌ آخَرُ ( م ) مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ ، كَيُسْرِهِ فِي النَّفَقَةِ أَوْ عُسْرِهِ ، وَمَا قَرَّرَهُ الْمُسَمَّى قَرَّرَهُ ، وَمَا أَسْقَطَهُ أَسْقَطَهُ إلَى غَيْرِ مُتْعَةٍ ، وَعَنْهُ : يُقَرِّرُ الْمَوْتُ نِصْفَهُ قَبْلَ تَسْمِيَتِهِ وَفَرْضِهِ .
وَمَا نِصْفُهُ فَعَنْهُ : بِنِصْفِهِ ، وَعَنْهُ : إنْ وَجَبَ ؛ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ ، وَإِنْ وَجَبَ لِفَقْدِهَا سَقَطَ إلَى الْمُتْعَةِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَعَنْهُ : سُقُوطُهُمَا إلَى الْمُتْعَةِ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ( م 33 - 35 ) .
وَمَتَى فُرِضَ فَكَالْمُسَمَّى ، [ وَعَنْهُ : يَسْقُطُ ] وَتَجِبُ الْمُتْعَةُ ، فَإِنْ دَخَلَ فَلَا مُتْعَةَ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي مَوْضِعٍ وَقَالَ : كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْعَمَلُ عِنْدِي عَلَيْهِ لَوْلَا تَوَاتُرُ الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِهِ ، وَعَنْهُ : إلَّا الْمَدْخُولَ بِهَا وَلَهَا مُسَمًّى .
وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَحْبِسِهِ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ إلَّا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا .

مَسْأَلَةٌ 33 - 35 ) قَوْلُهُ فِيمَا يُكَمِّلُ الْمَهْرَ : وَيُسْقِطُهُ وَيُنَصِّفُهُ فِي الْمُفَوِّضَةِ : وَمَا قَرَّرَهُ الْمُسَمَّى قَرَّرَهُ ، وَمَا أَسْقَطَهُ أَسْقَطَهُ .
.
.
وَمَا نَصَّفَهُ فَعَنْهُ يُنَصِّفُهُ ، وَعَنْهُ : إنْ وَجَبَ ؛ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ وَإِنْ وَجَبَ لِفَقْدِهَا سَقَطَ إلَى الْمُتْعَةِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَعَنْهُ : سُقُوطُهُمَا إلَى الْمُتْعَةِ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ .
انْتَهَى .
شَمَلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 33 ) إذَا طَلَّقَ الْمُفَوِّضَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَخْلُو ، إمَّا أَنْ يَكُونَ تَفْوِيضُ بُضْعٍ أَوْ تَفْوِيضُ مَهْرٍ ، فَإِنْ كَانَ تَفْوِيضُ بُضْعٍ فَهَلْ لَهَا الْمُتْعَةُ فَقَطْ أَوْ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : هَذَا أَصَحُّ عِنْدِي ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ : هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَضْعَفُهَا .
وَإِنْ كَانَ تَفْوِيضَ مَهْرٍ وَهِيَ : ( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 34 ) فَهَلْ يَسْقُطُ إلَى الْمُتْعَةِ أَوْ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الزَّرْكَشِيّ .
( إحْدَاهُمَا ) يَجِبُ نِصْفُ مَهْرٍ الْمِثْلِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِي مَوْضِعٍ ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي

وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَقَالَ : هَذَا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : هَذَا أَظْهَرُ ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 35 ) لَوْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَاسِدًا ، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ فَقَطْ أَمْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ .
( إحْدَاهُمَا ) تَجِبُ الْمُتْعَةُ فَقَطْ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ .
اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : فَإِنْ دَخَلَ فَلَا مُتْعَةَ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ وَعَنْهُ إلَّا الْمَدْخُولَ بِهَا وَلَهَا مُسَمًّى .
انْتَهَى .
تَابَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ : وَعَنْهُ : يَجِبُ لِلْكُلِّ إلَّا لِمَنْ دَخَلَ بِهَا .
انْتَهَى .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ : صَوَابُهُ إلَّا مَنْ سَمَّى مَهْرَهَا ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، قَالَ : وَإِنَّمَا هَذَا زَيْغٌ حَصَلَ مِنْ قَلَمِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ ، قَالَ الزبريراني : وَقَدْ وَجَدْت مَا يَدُلُّ عَلَى كَلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ .
انْتَهَى .
وَتَابَعَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ صَاحِبَ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي .

وَفِي سُقُوطِ الْمُتْعَةِ بِهِبَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَجْهَانِ ( م 36 ) وَذَكَرَ الْقَاضِي : لَهَا حَبْسُ رَهْنٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُتْعَةِ ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ ، وَقِيلَ : بِحَالِهَا وَقِيلَ : هُمَا ، فَأَعْلَاهَا خَادِمٌ ، وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ تُجْزِئُهَا لِصَلَاتِهَا ، وَعَنْهُ : يُقَدِّرُهَا حَاكِمٌ ، وَعَنْهُ : هِيَ بِقَدْرِ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا .
مَسْأَلَةٌ 36 ) قَوْلُهُ : وَفِي سُقُوطِ الْمُتْعَةِ بِهِبَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : يَسْقُطُ قَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَسْقُطُ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .

وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا فِي الصِّفَاتِ الْحَسَنَةِ وَالْمَالِ وَالْبَلَدِ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ نِسَائِهَا ، كَأُمٍّ وَخَالَةٍ وَعَمَّةٍ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : مِنْ نِسَاءِ عَصَبَتِهَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا وَحْدَهَا ، فَإِنْ عَدِمَ الْكُلُّ فَأَشْبَهِهَا مِنْ نِسَاءِ بَلَدِهَا ، ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا زِيدَ وَنُقِصَ بِقَدْرِهِ ، وَتُعْتَبَرُ عَادَتُهُمْ ، وَقِيلَ : إلَّا فِي تَأْجِيلِ مَهْرٍ ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ مُهُورُهُنَّ أُخِذَ الْوَسَطُ الْحَالُ .

وَلِلْمَرْأَةِ مُسَمًّى لَهَا أَوْ مُفَوِّضَةً مَنْعَ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ كُلَّ مَهْرِهَا الْحَالِّ ، وَقِيلَ : أَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ، فَتُسَافِرُ بِلَا إذْنِهِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَلَهَا النَّفَقَةُ ، وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وُجُوبَ النَّفَقَةِ بِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ : لَا نَفَقَةَ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، فَإِنْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا تَبَرُّعًا فَدَخَلَ أَوْ خَلَا لَمْ تَمْلِكْ الْمَنْعَ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَلَا نَفَقَةَ ، وَعَكْسُهُ ظُهُورُهُ مَعِيبًا بَعْدَ قَبْضِهِ وَتَسْلِيمِ نَفْسِهَا .

وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ فَقِيلَ : لَا يُفْسَخُ ، كَمَنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً عُسْرَتَهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَقِيلَ : قَبْلَ الدُّخُولِ ( م 37 و 38 ) وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إنْ تَزَوَّجَ مُفْلِسًا وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ عِنْدِي عَرَضٌ وَمَالٌ وَغَيْرُهُ ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ فَلَا فَسْخَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَلَكِنْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا .
وَالْمَنْعُ وَالْفَسْخُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَلَا يَفْسَخُ إلَّا حَاكِمٌ ، فِي الْأَصَحِّ .

مَسْأَلَةٌ 37 و 38 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ فَقِيلَ لَا يُفْسَخُ ، كَمَنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً عُسْرَتَهُ فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَقِيلَ قَبْلَ الدُّخُولِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 37 ) إذَا أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ إذَا كَانَ حَالًّا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهَا الْفَسْخُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُقْنِعِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ : هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
انْتَهَى .
وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُغْنِي قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : لَهَا الْفَسْخُ ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ قَوِيٌّ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 38 ) إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا : لَهَا الْفَسْخُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : لَهَا الْفَسْخُ ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ ، قَالَ فِي التَّصْحِيحِ : هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقِيلَ : إنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الدُّخُولِ انْبَنَى عَلَى مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ صَدَاقِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ قُلْنَا لَهَا ذَلِكَ فَلَهَا الْفَسْخُ ، وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى .

وَإِنْ افْتَرَقَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ بِهِ فَلَا مَهْرَ ، وَظَاهِرُهُ : وَلَوْ بِمَوْتٍ ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ ، وَتَقَرُّرِهِ بِخَلْوَةٍ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : يَسْتَقِرُّ بِهِ ، وَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى ، وَعَنْهُ : مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَكَذَا الْخَلْوَةُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُذْهَبِ رِوَايَةٌ : لَا شَيْءَ بِهَا ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَقِيلَ : لَا يَكْمُلُ .
.

وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ ، فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ فَسَخَهُ حَاكِمٌ ، وَظَاهِرُهُ لَوْ زَوَّجَهَا قَبْلَ فَسْخِهِ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا ( م ) وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهُ .

فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا شُهُودٍ فَفِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ فُرْقَةٍ رِوَايَتَانِ فِي الْإِرْشَادِ ، وَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ ، بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِدُونِهِمَا ( م 39 ) .
وَفِي تَعْلِيقِ ابْنِ الْمُنَى فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا فَاسِدًا لَا يَجُوزُ صَحِيحٌ حَتَّى تَقْضِيَ بِفَسْخِ الْأَوَّلِ ، وَلَوْ سَلَّمْنَا ؛ فَلِأَنَّهُ حَرَامٌ ، وَالْحَرَامُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ .
مَسْأَلَةٌ 39 ) قَوْلُهُ فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا شُهُودٍ فَفِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ فُرْقَةٍ رِوَايَتَانِ فِي الْإِرْشَادِ ، وَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِدُونِهِمَا .
انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ هَذَا .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ .

وَلِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ مَهْرُ الْمِثْلِ ، كَبَدَلِ مُتْلَفٍ ، وَكَذَا الْمُكْرَهَةُ عَلَى الزِّنَا فِي قُبُلٍ وَلَوْ مِنْ مَجْنُونٍ ، وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ، وَعَنْهُ : الْمَهْرُ لِلْبِكْرِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَعَنْهُ : مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ ، وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا رِوَايَةً أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِمُكْرَهَةٍ ، وَاخْتَارَهَا ، وَأَنَّهُ خَبِيثٌ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ : وَلَا بِشُبْهَةٍ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ : الْبُضْعُ إنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى زَوْجٍ أَوْ شَبَهِهِ فَيَمْلِكُهُ بِهِ ، وَفِي دُبُرٍ وَأَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهَانِ ( م 40 و 41 ) وَفِي الِانْتِصَارِ : وَلِمُطَاوِعَةٍ ، وَيَسْقُطُ ، وَعَنْهُ : لَا مَهْرَ لِذَاتِ مَحْرَمٍ ، وَعَنْهُ : تُحَرَّمُ بِنْتُهَا ، كَلِوَاطٍ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بِخِلَافِ مُصَاهَرَةٍ ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ ، قَالَ الشَّيْخُ : وَرَضَاعٍ .

( مَسْأَلَةٌ 40 و 41 ) قَوْلُهُ : وَفِي دُبُرٍ وَأَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 40 ) إذَا وَطِئَ فِي الدُّبُرِ فَهَلْ يَجِبُ بِهِ مَهْرٌ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجِبُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 41 ) لَوْ أَذِنَتْ الْأَمَةُ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَهَا فَهَلْ يَجِبُ الْمَهْرُ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَجِبُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهَا وَوَطِئَهَا وَجَبَ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ ، وَلَوْ كَانَتْ مُطَاوَعَةً وَأَذِنَتْ ، وَإِذْنُ الْأَمَةِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَلَيْسَتْ مُسْتَحِقَّةً لِلْمَهْرِ حَتَّى يَسْقُطَ بِإِذْنِهَا فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ ، بَلْ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ هَذَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا مَهْرَ لَهَا ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَفِي صِحَّتِهِ بُعْدٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَوْ وَطِئَ مَيِّتَةً لَزِمَهُ الْمَهْرُ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ .
وَقِيلَ لِلْقَاضِي : لَوْ لَمْ يَبْطُلْ الْإِحْرَامُ بِالْمَوْتِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ إذَا طُيِّبَ ، فَقَالَ : إنَّمَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا يَتَعَلَّقُ بِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ ، وَبِالْمَوْتِ يَزُولُ ، وَالْمَنْعُ لِحَقِّ اللَّهِ ، لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ ، وَلِأَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ بَقَاءُ التَّحْرِيمِ .
وَيَزُولُ الضَّمَانُ بِالْمَالِ ، كَمَا أَنَّ كَسْرَ عَظْمِ الْمَيِّتِ مُحَرَّمٌ وَلَا ضَمَانَ ، وَوَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ .
فَسَوَّى الْقَاضِي بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْحَدِّ فِي النَّفْيِ ، فَقَدْ يُتَوَجَّهُ مِنْهُ اسْتِوَاؤُهُمَا ، فَيَثْبُتُ فِي هَذَا مَا ثَبَتَ فِي هَذَا .

وَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الشُّبْهَةِ وَالزِّنَا ، لَا بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ فِي الشُّبْهَةِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ .
وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ ، يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي الشُّبْهَةِ لَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ .
وَفِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي الْكِتَابَةِ : يَتَعَدَّدُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، وَوَطْئِهِ مُكَاتَبَتَهُ إنْ اسْتَوْفَتْ مَهْرًا عَنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُغْنِي : لَا يَتَعَدَّدُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ .
وَقَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ ، لِدُخُولِهَا عَلَى أَنْ تَسْتَحِقَّ مَهْرًا .
وَفِيهِ بِكُلِّ وَطْءٍ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ مَهْرٌ إنْ عُلِمَ فَسَادُهُ ، وَإِلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ .
وَفِيهِ : فِي الْكِرْهَةِ : لَا يَتَعَدَّدُ لِعَدَمِ التَّنْقِيصِ ، كَنِكَاحٍ ، وَكَاسْتِوَاءِ مُوضِحَةٍ ، وَفِيهِ .

لَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَوْ سَكَتَتْ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إسْقَاطًا .

وَلَوْ اعْتَرَفَ بِنِكَاحٍ أَوْ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ مِنْهَا فَمَهْرُ مِثْلِهَا ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَمَنْ نِكَاحُهَا بَاطِلٌ إجْمَاعًا كَمُكْرَهَةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ : يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى .
وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَةَ الثَّالِثَةَ : لَا مَهْرَ لِمُحَرَّمَةٍ بِنَسَبٍ .
.

وَمَنْ دَفَعَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا لَزِمَهُ أَرْشُ بَكَارَتِهَا ، وَعَنْهُ : مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَخَرَّجَ مِنْهَا فِي الزَّوْجِ كَذَلِكَ ، وَالْمَذْهَبُ : نِصْفُ الْمُسَمَّى .

وَإِنْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ وَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مِنْ يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ فَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مِنْ يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ .
انْتَهَى .
فِي اسْتِحْقَاقِهَا ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ الْأَوَّلَ كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ ، لَمْ يَتَجَدَّدْ اسْتِحْقَاقُهُ يَوْمَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ ، فَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهَا إلَّا مَهْرٌ وَنِصْفُ ، نَعَمْ حَلَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لِثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ ، وَلَيْسَ بِكَبِيرِ أَمْرٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ ، قُلْت : يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ صَدَاقَ الْأُولَى كَانَ مُؤَجَّلًا ، وَمَحِلُّهُ الْمَوْتُ أَوْ الطَّلَاقُ ، عِنْدَ الْأَصْحَابِ ، فَمَا اسْتَحَقَّتْ قَبْضَهُ إلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَذِهِ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .

تُسْتَحَبُّ بِالْعَقْدِ ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَلَوْ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : ذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّهَا تَجِبُ وَلَوْ بِهَا ، لِلْأَمْرِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : السُّنَّةُ أَنْ يَكْثُرَ لِلْبِكْرِ .
وَيَجِبُ فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ ، قَالَهُ فِي الْإِفْصَاحِ إجَابَةُ مُسْلِمٍ يَحْرُمُ هَجْرُهُ إنْ عَيَّنَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَالْمَنْصُوصُ : وَمَكْسَبُهُ طَيِّبٌ ، وَعَنْهُ : أَنَّهُ سُئِلَ فِيمَنْ عِنْدَهُ الْمُخَنَّثُونَ يَدْعُو بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْسُوا عِنْدَهُ : فَخَيَّرَ ، نَقَلَهُ بَكْرٌ .
وَمَنَعَ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُفَاخِرٍ بِهَا ، أَوْ فِيهَا مُبْتَدِعٌ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَتِهِ ، إلَّا لِرَادٍّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ ، وَإِلَّا أُبِيحَ الْقَلِيلُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : إنْ عَلِمَ حُضُورَ الْأَرْذَالِ وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تُزْرِي بِمِثْلِهِ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ ، وَيَأْتِي مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ .
وَقِيلَ : الْإِجَابَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، وَقِيلَ : مُسْتَحَبَّةٌ ، وَعَنْهُ : إنْ دَعَاهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَإِجَابَتُهُ أَفْضَلُ .
وَيُسْتَحَبُّ ثَانِيَ مَرَّةٍ ، وَيُكْرَهُ فِي الثَّالِثَةِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إنْ أَحَبَّ أَجَابَ فِي الثَّانِي ، وَلَا يُجِيبُ فِي الثَّالِثِ ، وَإِجَابَةُ ذِمِّيٍّ وَمَنْ دَعَا الْجَفَلَى ، نَحْوَ أَذِنْت لِمَنْ شَاءَ ، قِيلَ بِجَوَازِهِمَا ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ ( م 1 و 2 ) وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد : يُجِيبُ دَعْوَةَ الذِّمِّيِّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : يَأْكُلُ عِنْدَ الْمَجُوسِيِّ ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَأْكُلْ مِنْ قُدُورِهِمْ ، وَنَصُّهُ إبَاحَةُ بَقِيَّةِ الدَّعَوَاتِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : تُكْرَهُ دَعْوَةُ الْخِتَانِ ، وَاسْتَحَبَّ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْجَمِيعَ ، كَإِجَابَتِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَبَاحَهَا فِي الْمُوجَزِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَمُثَنَّى : تَجِبُ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ وَكَّدَ إجَابَةَ الدَّعْوَةِ وَسَهَّلَ فِي الْخِتَانِ ، وَعَنْهُ : غَيْرُ الْوَلِيمَةِ ، أَسْهَلُ وَأَخَافُهُ ،

وَاسْتَحَبَّ فِي الْغُنْيَةِ إجَابَةَ وَلِيمَةِ عُرْسٍ ، وَكَرِهَ حُضُورَ غَيْرِهَا إنْ كَانَ كَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُمْنَعُ الْمُحْتَاجُ وَيَحْضُرُ الْغَنِيُّ .
قَالَ : وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ التَّسَرُّعُ إلَى إجَابَةِ الطَّعَامِ وَالتَّسَامُحِ لِأَنَّهُ فِيهِ ذِلَّةٌ وَدَنَاءَةٌ وَشَرَهٌ ، لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ ، وَيَأْتِي ذَلِكَ .
وَيَحْرُمُ فِطْرُ مَنْ صَوْمُهُ وَاجِبٌ ، وَيُفْطِرُ مُتَطَوِّعٌ ، وَقِيلَ : إنْ جَبَرَ قَلْبَ دَاعِيهِ ، وَيُعْلِمُهُمْ بِصَوْمِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ نَصُّهُ : يَدْعُو وَيَنْصَرِفُ وَيَأْكُلُ مُفْطِرٌ إنْ شَاءَ ، قَالَهُ أَحْمَدُ ، وَفِي الْوَاضِحِ : ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وُجُوبُهُ وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَفِي مُنَاظَرَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ : لَوْ غَمَسَ أُصْبُعَهُ فِي مَاءٍ وَمَصَّهَا حَصَلَ بِهِ إرْضَاءُ الشَّرْعِ وَإِزَالَةُ الْمَأْثَمِ بِإِجْمَاعِنَا ، وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ إجَابَةً عُرْفًا ، بَلْ اسْتِخْفَافًا بِالدَّاعِي .
وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامِ ، فَإِنْ عَلِمَ بِقَرِينَةٍ رِضَا مَالِكِهِ فَفِي التَّرْغِيبِ : يُكْرَهُ ، وَيَتَوَجَّهُ : يُبَاحُ ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ ظَنِّهِ رِضَاهُ .
وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ قَبْلَهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ( و ش ) وَأَطْلَقَهَا جَمَاعَةٌ ، وَاسْتَحَبَّهُ فِي الْمُذْهَبِ بَعْدَمَا لَهُ غَمَرٌ ( و م ) وَيُكْرَهُ بِطَعَامٍ ، وَلَا بَأْسَ بِنُخَالَةٍ ، وَغَسَلَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَ [ يُكْرَهُ ] بِدَقِيقِ حِمَّصٍ وَعَدَسٍ وَبَاقِلَاءَ وَنَحْوَهُ ، وَفِي الْمُغْنِي فِي خَبَرِ الْمِلْحِ فِي مَعْنَاهُ مَا يُشْبِهُهُ ، كَدَقِيقِ الْبَاقِلَاءِ ، وَنَحْوَهُ مَا يُجْلَى ، وَالْغَسْلُ لِمَا يُفْسِدُهُ الصَّابُونُ وَالْخَلُّ ، لِلْخَبَرِ ، وَيَلْعَقُ قَبْلَهُ أَصَابِعَهُ أَوْ يَلْعَقُهَا وَيَعْرِضُ الْمَاءَ لِغَسْلِهِمَا ، وَتَقَدُّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ ، وَلَا يَعْرِضُهُ ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَيُسَمِّي ، وَيَأْكُلُ بِيَمِينِهِ ، وَيَحْمَدُ إذَا فَرَغَ ، وَقِيلَ : يُجِيزُ ، قَالَ الْأَصْحَابُ : يَقُولُ : بِسْمِ اللَّهِ .
وَفِي الْخَبَرِ

الْمَشْهُورِ : { فَلْيَقُلْ : بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ } ، قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ زَادَ : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، عِنْدَ الْأَكْلِ كَانَ حَسَنًا ، فَإِنَّهُ أَكْمَلُ ، بِخِلَافِ الذَّبْحِ ، فَإِنَّهُ [ قَدْ ] قِيلَ : لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ جَعَلَ عِنْدَ كُلِّ لُقْمَةٍ يُسَمِّي وَيَحْمَدُ .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ ، وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ ، وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، وَأَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ .
وَيَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ ، مِمَّا يَلِيهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَالطَّعَامُ نَوْعٌ وَاحِدٌ .
وَقَالَ الْآمِدِيُّ : لَا بَأْسَ وَهُوَ وَحْدَهُ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : وَيَخْلَعُ نَعْلَيْهِ ، وَيُكْرَهُ عَيْبُ طَعَامِ ، وَحَرَّمَهُ فِي الْغَنِيَّةِ ، وَنَفْخُهُ فِيهِ وَقَالَ الْآمِدِيُّ : لَا وَهُوَ حَارٌّ [ وَيُكْرَهُ حَارًّا ] ، وَفِعْلُ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَرَفْعُ يَدِهِ قَبْلَهُمْ بِلَا قَرِينَةٍ ، وَمَدْحُ طَعَامِهِ وَتَقْوِيمُهُ ، وَحَرَّمَهُمَا فِي الْغَنِيَّةِ .
وَفِي الْمِنْهَاجِ وَحْدَهُ وَلَا يَسْتَأْذِنُهُمْ فِي ] تَقَدُّمِهِ ، وَتَنَفُّسِهِ فِي إنَاءٍ وَأَكْلِهِ مِنْ وَسَطِهِ وَأَعْلَاهُ ، قَالَ أَحْمَدُ .
وَمُتَّكِئًا ، وَفِي الْغَنِيَّةِ : وَعَلَى الطَّرِيقِ .

مَسْأَلَةٌ 1 و 2 ) قَوْلُهُ : وَإِجَابَةُ ذِمِّيٍّ وَمَنْ دَعَا الْجَفَلَى ، نَحْوَ أَذِنْت لِمَنْ شَاءَ ، قِيلَ بِجَوَازِهِمَا ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : " الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى " إجَابَةُ الذِّمِّيِّ هَلْ تُكْرَهُ أَوْ تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) تُكْرَهُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تُكْرَهُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ : قَالَ أَصْحَابُنَا : لَا يَجِبُ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ ، وَلَكِنْ يَجُوزُ ، قَالَ فِي الْكَافِي : وَتَجُوزُ إجَابَتُهُ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَإِنْ دَعَاهُ الذِّمِّيُّ فَلَا بَأْسَ بِإِجَابَتِهِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَخَرَّجَ الزَّرْكَشِيّ مِنْ رِوَايَةِ عَدَمِ جَوَازِ تَهْنِئَتِهِمْ وَعِيَادَتِهِمْ عَدَمَ الْجَوَازِ هُنَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) إذَا دَعَا الْجَفَلَى هَلْ تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ أَوْ تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) تُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : لَمْ تَجِبْ وَلَمْ تُسْتَحَبَّ ، انْتَهَى .
فَيَحْتَمِلُ الْقَوْلَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تُبَاحُ .

وَقِرَانِهِ فِي التَّمْرِ ، قِيلَ : مُطْلَقًا ، وَقِيلَ : مَعَ شَرِيكٍ لَمْ يَأْذَنْ ( م 3 ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَشَيْخُنَا : وَمِثْلُهُ قِرَانُ مَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَنَاوُلِهِ إفْرَادًا .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَقِرَانُهُ فِي التَّمْرِ قِيلَ : مُطْلَقًا ، وَقِيلَ : مَعَ شَرِيكٍ لَمْ يَأْذَنْ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يُكْرَهُ الْقِرَانُ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ شَرِيكٍ لَمْ يَأْذَنْ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) هُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ كُتُبِهِمَا ، وَالنَّاظِمُ وَالْمُصَنِّفُ فِي آدَابِهِمَا .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي فِي أُصُولِ الْفِقْهِ : لَا يُكْرَهُ الْقِرَانُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ : الْأَوْلَى تَرْكُهُ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : لَا يُكْرَهُ إذَا أَكَلَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَهْلِهِ أَوْ مَنْ أَطْعَمَهُمْ ذَلِكَ ، انْتَهَى .
قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشِّيرَازِيِّ وَابْنِ حَمْدَانَ قَوْلَانِ آخَرَانِ .

نَقَلَ مُهَنَّا : أَكْرَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْخُبْزَ عَلَى الْمَائِدَةِ ، وَسُفْيَانُ يَكْرَهُ أَنْ تُوضَعَ الْقَصْعَةُ الَّتِي عَلَى الْخِوَانِ عَلَى الرَّغِيفِ ، لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْعَجَمِ ، وَحَرَّمَ الْآمِدِيُّ وَضْعَهُ تَحْتَهَا ، وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ ، وَذَكَرَ مَعْمَرٌ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ قَدَّمَ لَهُمْ طَعَامًا فَكَسَّرَ الْخُبْزَ ، قَالَ أَحْمَدُ لِئَلَّا يَعْرِفُوا كَمْ يَأْكُلُونَ .

وَلَهُ قَطْعُ لَحْمٍ بِسِكِّينٍ ، وَالنَّهْيُ لَا يَصِحُّ ، قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَاحْتَجُّوا بِنَهْيٍ ضَعِيفٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ ، وَعَلَى قَوْلِهِ فَيَتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ ( و ش ) بِلَا حَاجَةٍ .

قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ : عَنْ ابْنِ عُمَرَ : تَرْكُ الْخِلَالِ يُوهِنُ الْأَسْنَانَ ، وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَيُّوبَ مَرْفُوعًا قَالَ : { حَبَّذَا الْمُتَخَلِّلُونَ مِنْ الطَّعَامِ ، وَتَخَلَّلُوا مِنْ الطَّعَامِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَى الْمَلَكِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجِدَ مِنْ أَحَدِكُمْ رِيحَ الطَّعَامِ } قَالَ .
الْأَطِبَّاءُ : وَهُوَ نَافِعٌ أَيْضًا لِلِّثَةِ وَمِنْ تَغَيُّرِ النَّكْهَةِ .

نَقَلَ أَبُو دَاوُد : لَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَاهَدَ فِي الطَّعَامِ وَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ ، لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَفْعَلُونَ هَذَا ، وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةٌ : لَا يَتَصَدَّقُ بِلَا إذْنٍ ، وَيَجُوزُ أَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ .
وَفِي الْغُنْيَةِ : يُكْرَهُ مَعَ خَوْفِ تُخَمَةٍ ، وَكَرِهَ شَيْخُنَا أَكْلَهُ حَتَّى يُتْخَمَ ، وَحَرَّمَهُ أَيْضًا ، وَحَرَّمَ أَيْضًا الْإِسْرَافَ ، وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ ، قَالَ أَحْمَدُ فِي أَكْلِهِ قَلِيلًا : مَا يُعْجِبُنِي ، وَقَالَ : مَا أَرَى أَنَّهُ يَجِدُ مِنْ قَلْبِهِ رِقَّةً وَهُوَ يَشْبَعُ ، وَقَالَ : يُؤْجَرُ فِي تَرْكِ الشَّهَوَاتِ .
وَمُرَادُهُ .
مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ ، وَقَالَ لِإِنْسَانٍ يَأْكُلُ مَعَهُ : كُلْ وَلَا تَحْتَشِمْ ، فَإِنَّ الْأَكْلَ أَهْوَنُ مِمَّا يُحْلَفُ عَلَيْهِ .

وَلَا يُكْرَهُ شُرْبُهُ قَائِمًا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَنْ شُرْبِهِ قَائِمًا فِي نَفَسٍ وَنَائِمًا ، قَالَ : أَرْجُو ، وَيَتَوَجَّهُ كَأَكْلٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ قَائِمًا ، وَيَتَوَجَّهُ كَشُرْبٍ ، قَالَهُ شَيْخُنَا .
.

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الشُّرْبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ ، وَاخْتِنَاثَ الْأَسْقِيَةِ ، وَهُوَ قَلْبُهَا ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ ظِلٍّ وَشَمْسٍ ، وَالنَّوْمُ بَعْدَ الْعَصْرِ ، وَعَلَى سَطْحٍ غَيْرِ مُحَجَّرٍ ، وَاسْتَحَبَّ الْقَائِلَةَ نِصْفَ النَّهَارِ وَالنَّوْمَ إذَنْ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَيَجْتَهِدُ فِي الِانْتِبَاهِ قَبْلَ الزَّوَالِ .

وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ ، كَإِطْعَامِ سَائِلٍ وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ وَتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُمْ وَجْهَيْنِ ، وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ ( م 4 ) .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ ، كَإِطْعَامِ سَائِلٍ وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ : وَتَقْدِيمٍ [ وَتَأْخِيرٍ ] يَحْتَمِلُ كَلَامُهُمْ وَجْهَيْنِ ، وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ ، انْتَهَى .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي آدَابِهِ الْكُبْرَى : الْأَوْلَى جَوَازُهُ .
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ : يُكْرَهُ أَنْ يُلْقِمَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ : مِنْ الْآدَابِ أَنْ لَا يُلْقِمَ أَحَدًا يَأْكُلُ مَعَهُ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الطَّعَامِ ، قَالَ فِي الْآدَابِ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ ، لَكِنَّ الْأَدَبَ وَالْأَوْلَى الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ ، لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى طَعَامِهِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ بَعْضِ الضَّيْفَانِ مَا لَدَيْهِ وَنَقْلُهُ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ ، لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِفَاعِلِ ذَلِكَ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّ جَلِيسِهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْقَرِينَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ .
وَقَالَ فِي الْفُنُونِ : كُنْت أَقُولُ : لَا يَجُوزُ لِلْقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَلَا السِّنَّوْرَ ، حَتَّى وَجَدْت فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي الدُّبَّاءِ ، انْتَهَى .

وَإِذَا شَرِبَ نَاوَلَهُ الْأَيْمَنُ ، وَفِي التَّرْغِيبِ : وَكَذَا فِي غَسْلِ يَدِهِ .

وَيُحَرَّمُ أَكْلُهُ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةِ ، كَدُعَائِهِ إلَيْهِ .
نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَوْ مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ وَلَمْ يَحْرُزْهُ عَنْهُ ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ النَّضْرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَامِعِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ : يَجُوزُ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي آخِرِ الْغَصْبِ فِيمَنْ كَتَبَ مِنْ مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ : يَجُوزُ فِي حَقِّ مَنْ يَنْبَسِطُ إلَيْهِ وَيَأْذَنُ لَهُ عُرْفًا ، وَلَيْسَ الدُّعَاءُ إذْنًا لِلدُّخُولِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، خِلَافًا لِلْمُغْنِي .
وَفِي الْغُنْيَةِ : لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ إذْنًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ بِذَلِكَ ، فَيَكُونُ الْعُرْفُ إذْنًا .

فَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا ، وَحَكَى هَلْ لِلسَّبْقِ بِالْقَوْلِ أَوْ الْبَابِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 5 ) ثُمَّ أَقْرَبُهُمَا ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي : جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا .
وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ عَكْسُهُ .
وَفِي الْمُقْنِعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ : يُقَدِّمُ أَسْبَقَهُمَا ثُمَّ أَدْيَنَهُمَا ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا ، وَقِيلَ : الْأَدْيَنُ بَعْدَ الْأَقْرَبِ جِوَارًا ، ثُمَّ يَقْرَعُ ( م 6 ) .

مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا ، وَحَكَى هَلْ السَّبْقُ بِالْقَوْلِ أَوْ الْبَابِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) السَّبْقُ بِالْقَوْلِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَلَا سِيَّمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) السَّبْقُ بِالْبَابِ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ أَتَى فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ ( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : ثُمَّ أَقْرَبُهُمَا ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي : جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ عَكْسُهُ .
وَفِي الْمُقْنِعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ : يُقَدِّمُ أَسْبَقَهُمَا ثُمَّ أَدْيَنَهُمَا ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا ، وَقِيلَ : الْأَدْيَنُ بَعْدَ الْأَقْرَبِ جِوَارًا ، ثُمَّ يَقْرَعُ ، انْتَهَى .
مَا قَالَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي .
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَالْكَافِي وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ : فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا بَابًا ، زَادَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَتَقَدَّمَ إجَابَةُ الْفَقِيرِ مِنْهُمَا ، وَزَادَ فِي الْكَافِي : فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا ، فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا ، فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا .
وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ قَطَعَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
وَفِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : أَدْيَنُ ثُمَّ أَقْرَبُ جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا ثُمَّ قَارَعَ .
وَفِي الْفُصُولِ : إنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَقَالَ أَصْحَابُنَا : يَنْظُرُ أَقْرَبَهُمَا دَارًا فَيُقَدِّمُ فِي الْإِجَابَةِ .
وَفِي الْبُلْغَةِ : فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا ، فَإِنْ اسْتَوَيَا قَدَّمَ أَدْيَنَهُمَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ تَقْدِيمُ

الْأَدْيَنِ ثُمَّ الْأَقْرَبِ جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا ثُمَّ قُرْعَةً .

وَإِنْ عَلِمَ ثُمَّ مُنْكَرًا يَقْدِرُ يُغَيِّرُهُ حَضَرَ وَغَيَّرَهُ ، وَإِلَّا امْتَنَعَ ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ حُضُورِهِ أَزَالَهُ ، فَإِنْ عَجَزَ خَرَجَ ، وَخَرَجَ أَحْمَدُ مِنْ وَلِيمَةٍ فِيهَا آنِيَةُ فِضَّةٍ ، فَقَالَ الدَّاعِي : نُحَوِّلُهَا ، فَلَمْ يَرْجِعْ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ خُيِّرَ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا بَأْسَ .
وَفِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ : لَا يَنْصَرِفُ ، وَقَالَهُ أَحْمَدُ ، وَإِنْ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَى قَوْلٍ أَوْ رِوَايَةٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ .

فَإِنْ سَتَرَ الْجُدُرَ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَصُورَةِ حَيَوَانٍ ، فَعَنْهُ : يُحَرَّمُ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ ، فَفِي جَوَازِ خُرُوجِهِ لِأَجْلِهِ وَجْهَانِ ، ( م 7 و 8 ) وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ وَغَيْرُهُ : مَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ زِيِّ الْعَجَمِ وَشَبَهِهِ فَلَا يَدْخُلُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا بَأْسَ أَنْ لَا يَدْخُلَ ، قَالَ : لَا كَرَيْحَانٍ مُنَضَّدٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْعَجَمِ لِلتَّحْرِيمِ ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ : لَا يَشْهَدُ عُرْسًا فِيهِ طَبْلٌ أَوْ مُخَنَّثٌ أَوْ غِنَاءٌ أَوْ تَسَتُّرُ الْحِيطَانِ ، وَيَخْرُجُ لِصُورَةٍ عَلَى الْجِدَارِ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَالْفَضْلُ : لَا لِصُورَةٍ عَلَى سِتْرٍ لَمْ يَسْتُرْ بِهِ الْجُدُرَ .

مَسْأَلَةٌ 7 و 8 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ سُتِرَ الْجُدُرُ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَصُورَةِ حَيَوَانٍ فَعَنْهُ : يُحَرَّمُ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ ، فَفِي جَوَازِ خُرُوجِهِ لِأَجْلِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 ) إذَا سُتِرَ الْجُدُرُ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَصُورَةِ حَيَوَانٍ فَهَلْ يُحَرَّمُ ذَلِكَ أَمْ يُكْرَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ فِي مَوْضِعٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُحَرَّمُ .
( تَنْبِيهٌ ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ وَاضِحٌ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 ) إذَا قُلْنَا : يُكْرَهُ فَهَلْ يَجُوزُ خُرُوجُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ عُذْرًا فِي الْخُرُوجِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَكُونُ عُذْرًا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْوَاجِبُ لَا يُتْرَكُ لِمَكْرُوهٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ : أَظْهَرُهُمَا لَا يُخَرَّجُ .
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَإِذَا حَضَرَ فَرَأَى سُتُورًا مُعَلَّقَةً لَا صُوَرَ عَلَيْهَا فَهَلْ يَجْلِسُ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، أَصْلُهُمَا هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ مَكْرُوهٌ ؟ فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ : إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ .

وَفِي تَحْرِيمِ دُخُولِهِ مَنْزِلًا [ فِيهِ ] صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَلُبْثِهِ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 9 و 10 ) .
مَسْأَلَةٌ 9 و 10 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَحْرِيمِ دُخُولِهِ مَنْزِلًا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَلُبْثِهِ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9 ) هَلْ يُحَرَّمُ دُخُولُهُ مَنْزِلًا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُحَرَّمُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُحَرَّمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10 ) هَلْ يُحَرَّمُ لُبْثُهُ فِي مَنْزِلٍ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يُحَرَّمُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، حَيْثُ قَالُوا : إذَا رَأَى ذَلِكَ خَرَجَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُحَرَّمُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَالُوا : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَنَصَرُوهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .

وَلَهُ دُخُولُ بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ ، وَعَنْهُ : مَعَ صُورَةٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ تَحْرِيمُ دُخُولِهِ مَعَهُمَا .
وَقَالَهُ شَيْخُنَا ، وَإِنَّهَا كَالْمَسْجِدِ عَلَى الْقَبْرِ ، وَقَالَ : وَلَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ ، لِأَنَّا صَالَحْنَاهُمْ عَلَيْهِ ، وَالْعَابِدُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْغَافِلِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا .

وَيُحَرَّمُ شُهُودُ عِيدٍ لِيَهُودَ أَوْ نَصَارَى ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } نَقَلَهُ مُهَنَّا .
وَقَالَهُ الْآمِدِيُّ ، وَتَرْجَمَهُ الْخَلَّالُ بِالْكَرَاهَةِ ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمَنْعِ أَنْ يَفْعَلَ كَفِعْلِهِمْ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، لَا يَبِيعُ لَهُمْ فِيهَا ، نَقَلَهُ مُهَنَّا ، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا ، وَخَرَّجَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ فِي حَمْلِ التِّجَارَةِ إلَى دَارِ حَرْبٍ ، وَأَنَّ مِثْلَهُ مُهَادَاتُهُمْ لِعِيدِهِمْ ، وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِكَرَاهَةِ التِّجَارَةِ وَالسَّفَرِ إلَى أَرْضِ كُفْرٍ وَنَحْوَهُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا : لَا يُمْنَعُ مِنْهُ إذَا لَمْ يُلْزِمُوهُ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ ، وَيُنْكِرُ مَا يُشَاهِدُهُ مِنْ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِهِ ، قَالَ : وَيُحَرَّمُ بَيْعُ مَا يَعْمَلُونَ بِهِ كَنِيسَةً أَوْ تِمْثَالًا وَنَحْوَهُ ، قَالَ : وَكُلُّ مَا فِيهِ تَخْصِيصٌ لِعِيدِهِمْ وَتَمْيِيزٌ لَهُ فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ مِنْ التَّشَبُّهِ ، وَالتَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ( ع ) قَالَ : وَلَا يَنْبَغِي إجَابَةُ هَذِهِ الْوَلِيمَةِ ، قَالَ : وَلَمَّا صَارَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ وَالزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ لَمْ يَجُزْ لِبْسُهَا ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُشَارِكُهُمْ فِي عِبَادَاتِهِمْ وَشَرَائِعِ دِينِهِمْ ؟ بَلْ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْضُرَ مَوَاسِمَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَخُصُّونَهَا بِهِ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ مُسْلِمٍ فِي ذَلِكَ ، وَيُحَرَّمُ الْأَكْلُ وَالذَّبْحُ ، وَلَوْ أَنَّهُ فَعَلَهُ ، لِأَنَّهُ اعْتَادَهُ وَلِيُفْرِحَ أَهْلَهُ ، وَيُعَزَّرُ إنْ عَادَ .

وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي التَّطَوُّعِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ يَوْمَ عَرَفَةَ إذَا صَادَفَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ، وَمِنْ عَادَتِهِ صِيَامُهُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ : إنْ صَامَهُ مُفْرَدًا فَهَذَا لَا يَتَعَمَّدُ صَوْمَهُ خَاصَّةً ، إنَّمَا كُرِهَ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْجُمُعَةَ ، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : يَصُومُهُ ، وَكَذَا قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ : مَا أُحِبُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْحَلْوَاءَ وَاللَّحْمَ لِمَكَانِ النَّيْرُوزِ ، لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ ، إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ وَقْتًا كَانَ يَفْعَلُ هَذَا فِيهِ ، قَالَ الْقَاضِي : إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ فَضْلِ النَّفَقَةِ يَوْمَ النَّيْرُوزِ ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْظِيمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَإِذَا وَافَقَ عَادَةً فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ ، فَلِهَذَا جَازَ وَمِثْلُهُ هُنَا مُنِعَ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا تَشَبُّهًا بِيَوْمِ الْعِيدِ ، فَإِذَا صَادَفَ عَادَةً فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَلَا يُلْزِمُ عَلَى هَذَا يَوْمَا الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ، لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الصَّوْمَ ، كَزَمَنِ لَيْلٍ وَحَيْضٍ ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يَقْبَلُ الصَّوْمَ ، وَهُوَ الْفَرْضُ ، وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِأَنَّ الصَّوْمَ إذَا وَافَقَ عَادَةً جَازَ وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مَنْهِيًّا عَنْهُ ، بِدَلِيلِ الْخَبَرِ { لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ } قَالَ ابْنُ هَانِئٍ : رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَعْطَى ابْنَهُ دِرْهَمًا يَوْمَ النَّيْرُوزِ وَقَالَ : اذْهَبْ بِهِ إلَى الْمُعَلِّمِ .

وَسُئِلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ الْمُسْلِمِ يُعَلِّمُ وَلَدَ الْمَجُوسِيِّ وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ، قَالَ : لَا يُعْجِبُنِي ، وَأَمَّا مَوْسِمٌ خَاصٌّ ، كَالرَّغَائِبِ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ ، فَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يُكَرِّهُ ، وَكَرِهَهُ شَيْخُنَا ، وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ أَحْمَدَ بِزِيِّ الْأَعَاجِمِ ، قَالَ : وَقَدْ كَرِهَ طَوَائِفُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ كَأَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَأَحْمَدَ صَوْمَ أَعْيَادِهِمْ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ تَعْظِيمٍ لَهَا ، فَكَيْفَ بِتَخْصِيصِهَا بِنَظِيرِ مَا يَفْعَلُونَهُ ؟ بَلْ نَهَى أَئِمَّةُ الدِّينِ عَمَّا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ ، كَمَا يَفْعَلُونَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَوْ فِي رَجَبٍ وَلَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالزِّينَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَكَيْفَ بِأَعْيَادِ الْمُشْرِكِينَ ؟ وَالنَّاهِي عَنْ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ مُطِيعٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِطَعَامٍ غَيْرِهِ ، وَسَبَقَ فِي اللِّبَاسِ التَّشَبُّهُ أَيْضًا .

وَيُكْرَهُ النِّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ ، وَعَنْهُ إبَاحَتُهُمَا ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، كَقَوْلِ الْمُضَحِّي : مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ ، وَعَنْهُ : لَا يُعْجِبُنِي ، هَذِهِ نُهْبَةٌ لَا تُؤْكَلُ .
وَفَرَّقَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ بِذَبْحِهِ زَالَ مِلْكُهُ ، وَالْمَسَاكِينُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَالنَّثْرُ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِهِ ، وَيَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهُ أَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ ، وَقِيلَ بِقَصْدٍ .

وَلَا يُكْرَهُ دُفٌّ فِي عُرْسٍ ، وَالْمَنْصُوصُ : وَنَحْوَهُ .
وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ : وَإِنَّ أَصْحَابَنَا كَرِهُوهُ فِي غَيْرِ عُرْسٍ ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِ عُرْسٍ وَخِتَانٍ ، وَيُكْرَهُ لِرَجُلٍ لِلتَّشَبُّهِ ، وَيُحَرَّمُ كُلُّ مَلْهَاةٍ سِوَاهُ ، كَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ وَرَبَابٍ وَجُنْكٍ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ : سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَتْ لِحُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ ، وَسَأَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ عَنْ النَّفْخِ فِي الْقَصَبَةِ كَالْمِزْمَارِ قَالَ : أَكْرَهُهُ .

وَفِي الْقَضِيبِ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَفِي الْمُغْنِي : لَا يُكْرَهُ إلَّا مَعَ تَصْفِيقٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ رَقْصٍ وَنَحْوَهُ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الطَّبْلَ لِغَيْرِ حَرْبٍ ، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِ ، لِتَنْهِيضِ طِبَاعِ الْأَوْلِيَاءِ وَكَشْفِ صُدُورِ الْأَعْدَاءِ ، وَلَيْسَ عَبَثًا ، وَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ الرِّيَاحَ وَالرُّعُودَ قَبْلَ الْغَيْثِ ، وَالنَّفْخُ فِي الصُّورِ لِلْبَعْثِ .
وَضَرْبُ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ ، وَالْحَجِّ : الْعَجُّ وَالثَّجُّ ، وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ الصَّوْتَ فِي عُرْسٍ ، وَكَذَا الدُّفُّ ، قَالَ الشَّيْخُ : لِنِسَاءٍ ، وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ التَّسْوِيَةُ ، قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ : مَا تَرَى لِلنَّاسِ الْيَوْمَ تَحَرُّكَ الدُّفِّ فِي إمْلَاكٍ أَوْ بِنَاءٍ بِلَا غِنَاءٍ ، فَلَمْ يَكْرَهْ ذَاكَ .
وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ : يَكُونُ فِيهِ جَرْسٌ ، قَالَ : لَا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : لَا بَأْسَ بِالصَّوْتِ وَالدُّفِّ فِيهِ وَأَنَّهُ قَالَ : أَكْرَهُ الطَّبْلَ ، وَهُوَ الْكُوبَةُ ، نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : الطَّبْلُ لَيْسَ فِيهِ رُخْصَةٌ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا فِي مَنْ أَتْلَفَ آلَةَ لَهْوٍ : الدُّفُّ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي النِّكَاحِ ، لِأَمْرِ الشَّارِعِ ، بِخِلَافِ الْعُودِ وَالطَّبْلِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ وَالتَّلَهِّي بِهِ بِحَالٍ .
وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْقَصَائِدِ قَالَ : أَكْرَهُهُ ، وَقَالَ : بِدْعَةٌ لَا يُجَالَسُونَ ، وَكَرِهَ التَّغْبِيرَ ، وَنَهَى عَنْ اسْتِمَاعِهِ وَقَالَ : بِدْعَةٌ وَمُحْدَثٌ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : لَا يُعْجِبُنِي ، وَنَقَلَ يُوسُفُ : لَا يَسْتَمِعُهُ ، وَقِيلَ : هُوَ بِدْعَةٌ ؟ قَالَ : حَسْبُك .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ مَنَعَ مِنْ اسْمِ الْبِدْعَةِ عَلَيْهِ وَمِنْ تَحْرِيمِهِ ، لَا شِعْرٌ مُلَحَّنٌ كَالْحِدَاءِ ، وَالْحَدْوِ لِلْإِبِلِ وَنَحْوَهُ ، وَاحْتَجَّ قَبْلَ هَذَا بِكَرَاهَةِ أَحْمَدَ لَهُ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا سَمِعَهُ زَالَ عَقْلُهُ حُرِّمَ ، وَإِنْ كَانَ تَارَةً وَتَارَةً لَمْ يَكْرَهْ ، ذَكَرَهُ فِي

الْفُنُونِ ، وَيَتَوَجَّهُ : يُكْرَهُ ، قَالَ : وَالْوُعَّاظُ الْمُنْشِدُونَ لِغَزَلِ الْأَشْعَارِ وَذِكْرِ الْعُشَّاقِ كَالْمُغَنِّي وَالنَّائِحِ يَجِبُ تَعْزِيرُهُمْ ، لِأَنَّهُمْ يُهَيِّجُونَ الطِّبَاعَ .
وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَانِسِيُّ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ عَنْ الصُّوفِيَّةِ : لَا أَعْلَمُ أَقْوَامًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ ، قِيلَ : إنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ وَيَتَوَاجَدُونَ ، قَالَ : دَعُوهُمْ يَفْرَحُونَ مَعَ اللَّهِ سَاعَةً ، قِيلَ : فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُغْشَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ : { وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ } وَلَعَلَّ مُرَادَهُ سَمَاعُ الْقُرْآنِ ، وَعَذَّرَهُمْ لِقُوَّةِ الْوَارِدِ ، كَمَا عَذَّرَ يَحْيَى الْقَطَّانَ فِي الْغَشْيِ ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيِّ وَقَدْ سَمِعَ عِنْدَهُ كَلَامَ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَرَأَى أَصْحَابَهُ : مَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْت مِثْلَهُمْ ، وَلَا سَمِعْت فِي عِلْمِ الْحَقَائِقِ مِثْلَ كَلَامِ هَذَا الرَّجُلِ ، وَلَا أَرَى لَك صُحْبَتَهُمْ ، وَقَدْ نَهَى عَنْ كِتَابَةِ كَلَامِ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ وَالِاسْتِمَاعِ لِلْقَاصِّ بِهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ : لِئَلَّا يُلْهُونَهُ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا غَيْرُ ، وَأَنْكَرَ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ بَطَّةَ وَغَيْرُهُمَا هَذَا السَّمَاعَ .
وَفِي الْغُنْيَةِ : يُكْرَهُ تَحْرِيقُ الثِّيَابِ فِي حَقِّ الْمُتَوَاجِدِ عِنْدَ السَّمَاعِ ، قَالَ : وَيَجُوزُ سَمَاعُ الْقَوْلِ بِالْقَضِيبِ ، وَيُكْرَهُ الرَّقْصُ .
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي الْقَضِيبِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يُحَرَّمُ اللَّعِبُ بِالْقَضِيبِ أَمْ لَا ؟ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُحَرَّمُ ، بَلْ يُكْرَهُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُحَرَّمُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ النِّسَاءِ .

يَلْزَمُ الزَّوْجَيْنِ الْعِشْرَةُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَاجْتِنَابُ تَكَرُّهِ بَذْلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ : وَهُوَ الْمُعَاشَرَةُ الْحَسَنَةُ وَالصُّحْبَةُ الْجَمِيلَةُ .
قَالُوا : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي ، لِهَذِهِ الْآيَةِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَحْسِينُ الْخُلُقِ وَالرِّفْقُ ، وَاسْتَحَبَّهُمَا فِي الْمُغْنِي .
وَاحْتِمَالُ الْأَذَى ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رُبَّمَا رُزِقَ مِنْهَا وَلَدًا فَجُعِلَ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا .
قَالَ : وَقَدْ نَدَبَتْ الْآيَةُ إلَى إمْسَاكِ الْمَرْأَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ لَهَا ، وَنَبَّهْت عَلَى مَعْنَيَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْلَمُ وُجُوهَ الصَّلَاحِ فَرُبَّ مَكْرُوهٍ عَادَ مَحْمُودًا ، وَمَحْمُودٍ عَادَ مَذْمُومًا .
( وَالثَّانِي ) أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَجِدُ مَحْبُوبًا لَيْسَ فِيهِ مَا يَكْرَهُ ، فَلْيَصْبِرْ عَلَى مَا يَكْرَهُ لِمَا يُحِبُّ ، وَأَنْشَدُوا فِي هَذَا الْمَعْنَى : وَمَنْ لَمْ يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهُوَ عَاتِبٌ وَمَنْ يَتَتَبَّعْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ يَجِدْهَا وَلَا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرَ صَاحِبُ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرُّ الْمَصُونُ : مُعَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ بِالتَّلَطُّفِ مَعَ إقَامَةِ الْهَيْبَةِ ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْلِمَهَا قَدْرَ مَالِهِ فَتَتَبَسَّطُ فِي الطَّلَبِ ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا احْتَقَرَتْهُ ، وَرُبَّمَا نَفَرَتْ ، وَلَا يُفْشِي إلَيْهَا سِرًّا يَخَافُ مِنْ إذَاعَتِهِ ، وَلَا يُكْثِرُ مِنْ الْهِبَةِ لَهَا ، فَرُبَّمَا اسْتَوْثَقَتْ ثُمَّ نَفَرَتْ ، وَقَدْ رَأَيْنَا جَمَاعَةً أَطْلَعُوا نِسَاءَهُمْ عَلَى الْأَسْرَارِ ، وَسَلَّمُوا إلَيْهِنَّ الْأَمْوَالَ ، لِقُوَّةِ مَحَبَّتِهِمْ

لَهُنَّ ، وَالْمَحَبَّةُ تَتَغَيَّرُ ، فَلَمَّا مَلُّوا أَرَادُوا الْخَلَاصَ فَصَعُبَ عَلَيْهِمْ ، فَصَارُوا كَالْأَسْرَى .
وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَدْخُلَ فِي أَمْرٍ حَتَّى يُدَبِّرَ الْخُرُوجَ مِنْهُ ، وَلْيَكُنْ لِلرَّجُلِ بَيْتٌ وَلِلْمَرْأَةِ بَيْتٌ ، وَلَهُ فِرَاشٌ وَلَهَا فِرَاشٌ ، وَلَا يَلْقَاهَا إلَّا فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ بَيْنَهُمَا ، لِتَتَهَيَّأَ لَهُ ، فَالْبُعْدُ وَقْتَ النَّوْمِ أَصْلٌ عَظِيمٌ ، لِئَلَّا يَحْدُثَ مَا يُنَفِّرُ ، وَعَلَى قِيَاسِهِ اللِّقَاءُ وَقْتَ الْأَوْسَاخِ .
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَنْ نَامَ إلَى جَانِبِ مَحْبُوبِهِ فَرَأَى مِنْهُ مَا يَكْرَهُ سَلَاهُ .
وَحَكَى أَنَّ كِسْرَى نَظَرَ يَوْمًا إلَى مَطْبَخِهِ وَكَيْفَ تُسْلَخُ [ فِيهِ ] الْغَنَمُ فَعَافَتْهُ نَفْسُهُ ، وَبَقِيَ أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ ، فَشَكَا ذَلِكَ إلَى بَزَرْجَمْهَرْ ، فَقَالَ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، الْعِظَامُ عَلَى الْخِوَانِ ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْفِرَاشِ .
وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ : فَإِنَّ عُيُوبَ جَسَدِ الْإِنْسَانِ كَثِيرَةٌ ، وَلِهَذَا أَقُولُ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَرَّدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِيَرَاهُ الْآخَرُ ، وَخُصُوصًا الْعَوْرَاتِ ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَمَّا زَوَّجَ أَسْمَاءَ بْنَ خَارِجَةَ ابْنَتَهُ دَخَلَ عَلَيْهَا لَيْلَةَ بِنَائِهَا فَقَالَ : يَا بُنَيَّةَ إنْ كَانَ النِّسَاءُ أَحَقَّ بِتَأَدُّبِك فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْدِيبِك كُونِي لِزَوْجِك أَمَةً يَكُنْ لَك عَبْدًا ، وَلَا تَقْرَبِي مِنْهُ جِدًّا فَيَمَلُّك أَوْ تَمَلِّيهِ ، وَلَا تُبَاعِدِي مِنْهُ فَتَنْقُلِي عَلَيْهِ ، وَكُونِي لَهُ كَمَا قُلْت لِأُمِّك : خُذِي الْعَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي وَلَا تَنْطِقِي فِي سَوْرَتِي حِينَ أَغْضَبُ وَلَا تَنْقُرِينِي نَقْرَةَ الدُّفِّ مَرَّةً فَإِنَّك لَا تَدْرِينَ كَيْفَ الْمُغَيَّبُ فَإِنِّي رَأَيْت الْحُبَّ فِي الْقَلْبِ وَالْأَذَى إذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَلْبَثْ الْحُبُّ يَذْهَبُ .
وَلْيَكُنْ غَيُورًا .
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ قِيلَ : أَفَرَأَيْت الْحَمْوَ ؟ قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ } وَقَالَ : { أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ

؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاَللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } قَالَ الشَّاعِرُ : لَا يَأْمَنَنَّ عَلَى النِّسَاءِ أَخٌ أَخًا مَا فِي الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ أَمِينُ إنَّ الْأَمِينَ وَإِنْ تَحَفَّظَ جُهْدَهُ لَا بُدَّ أَنَّ بِنَظْرَةٍ سَيَخُونُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد [ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ] لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ ، لَا تُكْثِرْ الْغَيْرَةَ عَلَى أَهْلِك مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ فَتَرْمِي بِالشَّرِّ مِنْ أَجْلِك وَإِنْ كَانَتْ بَرِيئَةً .

وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْحُرَّةِ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا ، وَنَصُّهُ : بِنْتُ تِسْعٍ ، بِطَلَبِهِ فِي بَيْتِهِ .
وَتَسَلُّمُهَا إنْ بَذَلَتْهُ ، فَإِنْ اشْتَرَطَتْ بَيْتَهَا فَفِيهِ أَوْ بَيْتَهُ ، وَلَا لُزُومَ مَعَ مَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ ، كَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ وَصِغَرٍ ، وَلَوْ قَالَ : لَا أَطَأُ .

وَفِي حَائِضٍ احْتِمَالَانِ ( م 1 ) بَلْ نِضْوَةُ الْخِلْقَةِ ، فَلَوْ خَشِيَ عَلَيْهَا اسْتَمْتَعَ كَحَائِضٍ ، وَتُقْبَلُ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ فِي ضِيقِ فَرْجِهَا وَقُرُوحٍ بِهِ ، وَعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَنَحْوَهُ ، وَتَنْظُرُهُمَا وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا ، لِلْحَاجَةِ ، وَمَتَى امْتَنَعَتْ قَبْلَ الْمَرَضِ ثُمَّ حَدَثَ فَلَا نَفَقَةَ ، وَلَوْ أَنْكَرَ أَنَّ وَطْأَهُ يُؤْذِيهَا لَزِمَتْهَا الْبَيِّنَةُ ، وَإِنْ اسْتَمْهَلَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ إمْهَالُهُ الْعَادَةَ ، لَا لِعَمَلِ الْجَهَازِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ .
وَفِي الْغُنْيَةِ : إنْ اسْتَمْهَلَتْ هِيَ وَأَهْلُهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُمْ مَا يَعْلَمُ بِهِ التَّهَيُّؤَ مِنْ شِرَاءِ جَهَازٍ وَتَزَيُّنٍ .
وَوَلَّى مَنْ بِهِ صِغَرٌ أَوْ جُنُونٌ مِثْلَهُ .
بَابُ عِشْرَةِ " مَسْأَلَةٌ 1 " قَوْلُهُ : وَفِي حَائِضٍ احْتِمَالَانِ ، يَعْنِي هَلْ يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا إلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَتْ حَائِضًا أَوْ يُنْتَظَرُ طُهْرُهَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
أَحَدُهُمَا : يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي ، فِي بَابِ الْحَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهُ ( قُلْت ) : وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ لَاتُّجِهَ ، أَوْ يَنْظُرُ إلَى قَرِينَةِ الْحَالِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .

وَتُسَلَّمُ الْأَمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ لَيْلًا ، وَكَذَا نَهَارًا بِشَرْطٍ أَوْ بِبَذْلِ السَّيِّدِ ، فَإِنْ بَذَلَهُ وَقَدْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَوَجْهَانِ ( م 2 ) .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَيُسَلِّمُ الْأَمَةَ لَيْلًا ، وَكَذَا نَهَارًا بِشَرْطٍ أَوْ بِبَذْلِ السَّيِّدِ ، فَإِنْ بَذَلَهُ وَقَدْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَجِبُ تَسْلِيمُهَا ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا ، وَهُوَ قَوِيٌّ .

وَلِلزَّوْجِ حَتَّى الْعَبْدِ السَّفَرُ بِلَا إذْنِهَا وَبِهَا مَا لَمْ تَشْرُطْ بَلَدَهَا أَوْ تَكُنْ أَمَةً ، وَفِي مِلْكِ السَّيِّدِ لَهُ بِلَا إذْنِ زَوْجٍ صَحِبَهُ أَمْ لَا وَجْهَانِ ( م 3 ) وَعَلَيْهِمَا يَنْبَنِي لَوْ بَوَّأَهَا مَسْكَنًا لِيَأْتِيَهَا الزَّوْجُ فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ ؟ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ : .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَلِلزَّوْجِ حَتَّى الْعَبْدِ السَّفَرُ بِلَا إذْنِهَا وَبِهَا مَا لَمْ تَشْتَرِطْ بَلَدَهَا أَوْ تَكُنْ أَمَةً ، وَفِي مِلْكِ السَّيِّدِ لَهُ بِلَا إذْنِ زَوْجٍ صَحِبَهُ أَمْ لَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، نَقَلَهُ الْمَجْدُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ( قُلْت ) : وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا ، وَلَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَصْحَبْهُ ، وَصَحَّحَهُ تَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ .
قَالَ الْمَجْدُ : قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .

وَلَهُ السَّفَرُ بِعَبْدِهِ الْمُزَوَّجِ ، وَاسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا ، وَإِنْ قُلْنَا : النَّفَقَةُ وَالْمَسْكَنُ فِي كَسْبِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ ، وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ : يُمْسِكُهَا ، قَالَ زَوَّجْتنِيهَا وَجَبَ تَسَلُّمُهَا لِلزَّوْجِ ، وَتَحِلُّ لَهُ ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا ، وَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مَهْرِهَا ، وَيَحْلِفُ لِثَمَنٍ زَائِدٍ ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي : لَا مَهْرَ وَلَا ثَمَنَ ، وَلَا يَمِينَ عِنْدَهُ عَلَى الْبَائِعِ ، لِأَنَّهُ لَا يَرَاهَا فِي نِكَاحٍ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ مِثْلَهُ إلَّا فِي الْيَمِينِ ، وَقَالَ : وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْهَا قَضَى عَلَيْهِ وَثَبَتَ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ ، وَإِنْ أَوْلَدَهَا فَهُوَ حُرٌّ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ، وَلَا تُرَدُّ الْأَمَةُ إلَيْهِ ، لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ ، وَنَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : إنْ قُلْنَا : لَا تَحِلُّ لَهُ فَهَلْ هِيَ عَلَى مَالِكِهَا السَّابِقِ أَمْ فِي كَسْبِهَا ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي كَسْبِهَا ، فَإِنْ مَاتَتْ فَلِلْبَائِعِ مِنْهُ قَدْرُ ثَمَنِهَا وَبَقِيَّتُهُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْوَاطِئِ مَاتَتْ حُرَّةً وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَوَرِيثُهَا ، وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا أَخْذُ قَدْرِ ثَمَنِهَا ، لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنْ رَجَعَ الْبَائِعُ فَصَدَّقَهُ لَمْ يُقْبَلْ فِي إسْقَاطِ حُرِّيَّةِ وَلَدٍ وَاسْتِرْجَاعِهَا إنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ، وَيُقْبَلُ فِي غَيْرِهِمَا ، وَإِنْ رَجَعَ الزَّوْجُ ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ ، [ قَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ : ذَكَرَهَا الشَّيْخُ فِي أَوَاخِرِ بَابِ مَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ ] .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ تَحَالَفَا ، فَإِذَا تَحَالَفَا فَلَا مَهْرَ وَلَا ثَمَنَ ، وَتُرَدُّ إلَى سَيِّدِهَا ، قِيلَ : تَرْجِعُ إلَيْهِ رُجُوعَ الْبَائِعِ فِي السِّلْعَةِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ

الثَّمَنُ ، فَيَحْتَاجُ السَّيِّدُ أَنْ يَقُولَ : فَسَخْت الْبَيْعَ وَتَعُودُ مِلْكًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، وَقِيلَ : تَرْجِعُ رُجُوعَ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فَلَمْ يَقْضِهِ ، فَيَبِيعُهَا وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ ، وَمَا فَضَلَ تَحَيَّلَ فِي رَدِّهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا الْبَائِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَفَسَخَ الْبَيْعَ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ وَاسْتَرْجَعَهَا وَكَانَ صَادِقًا حَلَّتْ لَهُ ، وَإِلَّا حَلَّتْ ظَاهِرًا .

وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ فِي قُبُلٍ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْعَجِيزَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي [ كِتَابِهِ ] السِّرُّ الْمَصُونُ : كَرِهَ الْعُلَمَاءُ الْوَطْءَ بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، كَذَا قَالَا ، مَا لَمْ يَضُرَّ أَوْ يَشْغَلُ عَنْ فَرْضٍ ، { وَلَوْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ } ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
وَلَا تَطَوُّعَ بِصَلَاةٍ وَصَوْمٍ إلَّا بِإِذْنِهِ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ ، وَأَنَّهَا تُطِيعُهُ فِي كُلِّ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ الطَّاعَةِ .
وَيُحَرَّمُ وَطْؤُهُ فِي دُبُرٍ ، فَإِنْ تَطَاوَعَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَيُعَزَّرُ عَالِمُ تَحْرِيمِهِ .
وَلَيْسَ لَهَا اسْتِدْخَالُ ذَكَرِهِ وَهُوَ نَائِمٌ بِلَا إذْنِهِ ، بَلْ الْقُبْلَةُ وَاللَّمْسُ لِشَهْوَةٍ ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي اسْتِدْخَالِهِ : لَا يَجُوزُ ، لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْعَقْدَ وَحَبْسَهَا .

وَيُحَرَّمُ عَزْلُهُ بِلَا إذْنِ حُرَّةٍ وَسَيِّدِ أَمَةٍ ، وَقِيلَ : وَأَذِنَهَا ، وَقِيلَ : يُبَاحُ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ عَكْسُهُ وَلَا إذْنَ لِسَرِيَّتِهِ ، وَفِي أُمِّ وَلَدٍ وَجْهَانِ ، فِي التَّرْغِيبِ ( م 4 ) .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ فِي الْعَزْلِ : وَلَا إذْنَ لِسَرِيَّتِهِ ، وَفِي أُمِّ وَلَدٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ جَوَازُ الْعَزْلِ ، لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْإِمَاءِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَسْتَأْذِنُ وَلَا تَسْتَأْذِنُ الْأَمَةُ ضَعِيفٌ جِدًّا .

وَعَلَيْهِ الْوَطْءُ فِي كُلِّ ثُلُثِ سَنَةٍ مَرَّةً إنْ قَدَرَ ، وَقِيلَ : الْعُرْفُ .

وَيَبِيتُ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ عِنْدَ الْحُرَّةِ بِطَلَبِهَا ، وَالْأَمَةُ مِنْ سَبْعٍ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ مِنْ ثَمَانٍ ، وَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي الْبَقِيَّةِ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يَبِيتُ وَحْدَهُ مَا أُحِبُّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ ، وَقَالَهُ فِي سَفَرِهِ وَحْدَهُ ، وَعَنْهُ : لَا يُعْجِبُنِي ، وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ النَّجَّارِ ، عَنْ طَيِّبِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] مَرْفُوعًا { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ ، وَالْمُتَبَتِّلِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ : لَا نَتَزَوَّجُ ، وَالْمُتَبَتِّلَاتِ اللَّاتِي يَقُلْنَ ذَلِكَ ، وَرَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ ، وَالْبَائِتَ وَحْدَهُ } .
طَيِّبٌ قِيلَ : لَا يَكَادُ يُعْرَفُ ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ ، وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ : وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ لِأَحَدِهِمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا ، وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مُولٍ ، وَفِي التَّرْغِيبِ : هُوَ صَحِيحُ الْمَذْهَبِ .

وَالْمُدَّةُ مِنْ تَرْكِهِ ، وَيُعْلَمُ قَصْدُ الْإِضْرَارِ بِقَرَائِنَ ، وَعَنْهُ : لَا يُفَرَّقُ ، وَفِي الْمُغْنِي : هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا ، وَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ وَلَمْ يُكَفِّرْ ، وَعَنْهُ : لَا يَلْزَمُ وَطْءٌ وَلَا مَبِيتٌ إنْ لَمْ يَتْرُكْهُمَا ضِرَارًا ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ ابْنُ عَقِيلٍ قَصْدَ الْإِضْرَارِ بِتَرْكِهِ الْوَطْءَ كَالْمَبِيتِ ، قَالَ : وَكَلَامُ أَحْمَدَ غَالِبًا يَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْقَصْدِ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ ، وَخُرِّجَ كَلَامُ أَحْمَدَ فِي قَصْدِ الْإِضْرَارِ عَلَى الْغَالِبِ ، كَذَا قَالَ ، فَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِيلَاءِ ، وَأَمَّا إذَا اُعْتُبِرَ قَصْدُ الْإِضْرَارِ فَالْإِيلَاءُ دَلَّ عَلَى قَصْدِ الْإِضْرَارِ ، فَيَكْفِي وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدُهُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : خَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ قَوْلًا : لَهَا الْفَسْخُ بِالْغَيْبَةِ الْمُضِرَّةِ بِهَا ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَفْقُودًا ، كَمَا لَوْ كُوتِبَ فَلَمْ يَحْضُرْ بِلَا عُذْرٍ .
وَفِي الْمُغْنِي فِي امْرَأَةِ مَنْ عُلِمَ خَبَرُهُ كَأَسِيرٍ وَمَحْبُوسٍ : لَهَا الْفَسْخُ بِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا ( ع ) قَالَ شَيْخُنَا : لَا إجْمَاعَ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْوَطْءُ لِعَجْزٍ كَالنَّفَقَةِ وَأَوْلَى ، لِلْفَسْخِ بِتَعَذُّرِهِ ( ع ) فِي الْإِيلَاءِ .
وَقَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ ، وَقَالَ أَيْضًا : حُكْمُهُ كَعِنِّينٍ .

وَإِنْ سَافَرَ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ فَأَبَى بِلَا عُذْرٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، قِيلَ : إنْ وَجَبَ الْوَطْءُ ( م 5 ) وَقِيلَ : أَوْ لَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْبَيْتُوتَةِ مَا يَزُولُ مَعَهُ ضَرَرُ الْوَحْشَةِ ، وَيَحْصُلُ مَعَهُ الْأُنْسُ الْمَقْصُودُ بِالزَّوْجِيَّةِ ، فَلَا تَوْقِيتَ ، فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ : .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ سَافَرَ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ فَأَبَى بِلَا عُذْرٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَقِيلَ : إنْ وَجَبَ الْوَطْءُ ، وَقِيلَ : أَوْ لَا ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) : لَهَا ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِوُجُوبِ الْوَطْءِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) : لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ إلَّا إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوَطْءِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ( قُلْت ) : وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا نَقَلَهُ فِي التَّرْغِيبِ .

تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْوَطْءِ ، وَقَوْلُهُ : اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا .
وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ] قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ هَلْ رَوَى كَلِمَةً غَيْرَهَا ] { فِيكُمْ الْمُغَرِّبُونَ ، قُلْت : وَمَا الْمُغَرِّبُونَ ؟ قَالَ الَّذِينَ تُشْرِكُ فِيهِمْ الْجِنُّ } وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْمُرَادُ أَمْرُهُمْ إيَّاهُمْ بِالزِّنَا ، فَجَاءَ أَوْلَادُهُمْ لِغَيْرِ رَشْدَةٍ .
وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَ تَخَلِّيهِ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ .

وَأَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا ، قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ : كُرِهَ ذَلِكَ ، وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي عِلَّةِ مَنْعِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ هَلْ هُوَ لِلْخَارِجِ النَّجِسِ أَوْ لِكَشْفِ الْعَوْرَةِ نَحْوَهَا ؟ فَمَنْ عَلَّلَ بِالْأَوَّلِ أَبَاحَ الْوَطْءَ نَحْوَهَا ، وَالثَّانِي يَمْنَعُهُ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ عَنْ كَعْبٍ : إنَّهُ كَرِهَ الْوَطْءَ فِي السَّفِينَةِ لِأَنَّهَا تَجْرِي عَلَى كَفِّ الرَّحْمَنِ ، وَقَالَ فِي خَبَرٍ غَيْرِ ثَابِتٍ عَنْ مَكْحُولٍ : { لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاخِرَ وَالنَّاخِرَةَ إلَّا عِنْدَ الْوِقَاعِ } .
ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ فِي أَحْكَامِ الْوَطْءِ .

وَتُكْرَهُ كَثْرَةُ الْكَلَامِ ، وَنَزْعُهُ قَبْلَ فَرَاغِهَا ، وَمُتَجَرِّدِينَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَا سُتْرَةَ عَلَيْهِمَا ، احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ مَرْفُوعًا { إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعِيرَيْنِ } وَاحْتَجَّ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّعَرِّي خَلْوَةً ، مَعَ أَنَّهُ احْتَجَّ لِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ سِتْرَهَا عَنْ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ ، وَالْخَلْوَةِ دُونَهُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ لَا يَجِبُ سِتْرُهُمَا عَنْهُمَا .
وَتُحَرَّمُ خَلْوَةً ، بِدَلِيلِ النَّهْيِ عَنْهُ حَالَ الْجِمَاعِ ، فَيَكُونُ مُحَرَّمًا أَيْضًا ، وَكَذَا تَحَدُّثُهُ بِهِ ، وَحَرَّمَهُ فِي الْغُنْيَةِ وَالْآدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ فِي كِتَابِهِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .

وَحَرَّمَ فِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ إفْشَاءَ السِّرِّ .
وَحَرَّمَ فِي الرِّعَايَةِ ، إفْشَاءَ السِّرِّ الْمُضِرِّ ، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ { إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ أَحَدُهُمَا سِرَّ صَاحِبِهِ } وَكَذَا بِمَرْأَى أَحَدٍ .

وَذَكَرَ الشَّيْخُ : يُحَرَّمُ وَلَوْ رَضِيَا وَيُحَرَّمُ جَمْعُهُ بَيْنَهُمَا فِي مَسْكَنٍ ، وَيَجُوزُ بِرِضَاهُمَا ، كَنَوْمِهِ بَيْنَهُمَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ ، وَجَوَّزَ فِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ جَعْلَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ سَكَنِ مِثْلِهَا .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَقِيلَ يُحَرَّمُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَرَافِقِ ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ فَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ الْمَنْعُ ، إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ فَقَطْ ، لِثُبُوتِ حَقِّهَا ، كَالْجِمَاعِ ، وَالسَّرِيَّةُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ .

وَيَجُوزُ نَوْمُ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ بِلَا جِمَاعٍ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ لَهَا ، { لِنَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةَ فِي طُولِ الْوِسَادَةِ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا بَاتَ عِنْدَهَا فِي عَرْضِهَا } .

وَلَهُ إلْزَامُهَا بِتَرْكِ مُحَرَّمٍ وَغَسْلِ نَجَاسَةٍ .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ .
فِي الْمَذْهَبِ .
وَغَسْلِ حَيْضٍ .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي ذِمِّيَّةٍ ، فَفِي وَطْئِهِ بِدُونِهِ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي النِّيَّةِ لَهُ وَالتَّسْمِيَةِ وَالتَّعَبُّدِ بِهِ لَوْ أَسْلَمَتْ وَجْهَانِ ( م 7 و 8 ) .

مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَلَهُ إلْزَامُهَا بِغُسْلِ حَيْضٍ ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي ذِمِّيَّةٍ ، فَفِي وَطْئِهِ بِدُونِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِدُونِ الْغُسْلِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِأَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَجُوزُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَهُوَ أَصَحُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ حَيْثُ قَالَا : وَلِلزَّوْجِ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لَهُ ، لَكِنَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْبَارِ ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 و 8 ) قَوْلُهُ : وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي النِّيَّةِ لَهُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالتَّعَبُّدُ بِهِ لَوْ أَسْلَمَتْ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 ) إذَا قُلْنَا : لَهُ إلْزَامُهَا ، فَهَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ فِيهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجِبَانِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ : وَفِي اعْتِبَارِ التَّسْمِيَةِ فِي غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ وَجْهَانِ ، وَيَصِحُّ مِنْهَا الْغُسْلُ بِلَا نِيَّةٍ ، وَخُرِّجَ ضِدَّهُ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهِمَا ، وَقَدْ قَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ غُسْلَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَاعْتَبَرَ الدِّينَوَرِيُّ فِي تَكَفُّلِ الْكَافِرِ بِالْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ النِّيَّةَ ، وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ هُنَا ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : وَيَحْسُنُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ أَمْ لَا ؟ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْحَيْضِ أَنَّ أَبَا الْمَعَالِي قَالَ : لَا نِيَّةَ لِلْكَافِرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ ، لِعَدَمِ تَعَذُّرِهَا مَآلًا ، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ، وَأَنَّهَا

تُعِيدُهُ إذَا أَفَاقَتْ وَأَسْلَمَتْ ، وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْكَافِرَةِ : إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ ، فَيَجِبُ عَوْدُهُ إذَا أَسْلَمَتْ ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 ) هَلْ لَهَا أَنْ تَتَعَبَّدَ بِهِ لَوْ أَسْلَمَتْ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدْ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْمَعَالِي ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَعَبَّدَ بِهِ ، وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَّزَ لَهَا ذَلِكَ .

وَهَلْ مُنْفَصِلُهُ طَاهِرٌ لِكَوْنِهِ أَزَالَ مَانِعًا ؟ أَوْ طَهُورٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 9 ) وَقِيلَ : وَمِنْ الْجَنَابَةِ طَاهِرٌ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ مُنْفَصِلُهُ طَاهِرٌ لِكَوْنِهِ أَزَالَ مَانِعًا ؟ أَوْ طَهُورٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي غُسْلٍ فِي الْحَيْضِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ .
( إحْدَاهُمَا ) هُوَ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهِّرٍ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) هُوَ طَهُورٌ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ مُطْلَقًا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ : أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ طَهُورٌ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي مَاءِ غُسْلِ الْحَيْضِ رِوَايَتَانِ ، وَقَالَ فِي مَاءِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ : يُحْتَمَلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ وَجْهًا وَاحِدًا ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : إنْ لَزِمَهَا الْغُسْلُ مِنْهُ بِطَلَبِ الزَّوْجِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ ( قُلْت ) : أَوْ السَّيِّدِ ، فَطَاهِرٌ ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدُهُمَا أَوْ طَلَبَهُ وَقُلْنَا : لَا يَجِبُ فَطَهُورٌ .

وَفِي غُسْلِ جَنَابَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 10 ) .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَفِي غُسْلِ جَنَابَةٍ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالنَّجَاسَةِ ، قَالَ النَّاظِمُ : هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ ، انْتَهَى .
وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَقْوَى مِنْ الْأُولَى ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ جَلِيٌّ وَاضِحٌ .
( تَنْبِيهٌ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَخَصَّهُمَا فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمَا بِالذِّمِّيَّةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي أَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَقِيلَ : وَتَنَظُّفٌ وَجْهَانِ كَأَكْلِ مُؤْذٍ رِيحُهُ ( م 11 و 12 ) وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ فِيهِ .
( مَسْأَلَةٌ 11 و 12 ) قَوْلُهُ : وَفِي أَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ ، وَجْهَانِ كَأَكْلِ مُؤْذٍ رِيحُهُ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 11 ) هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى أَخْذِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ إذَا طَالَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ فِي الشَّعْرِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ إجْبَارُهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ إذَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ ، رِوَايَةً وَاحِدَةً ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَكَذَلِكَ الْأَظْفَارُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى أَخْذِ ذَلِكَ ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَقِيلَ : إنْ طَالَ الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ وَجَبَ إزَالَتُهُمَا ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقِيلَ فِي التَّنْظِيفِ وَالِاسْتِحْدَادِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ( تَنْبِيهٌ ) حَكَى الْمُصَنِّفُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ ، وَحَكَاهُمَا فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 12 ) إذَا أَكَلَتْ مَا يُؤْذِي رِيحُهُ فَهَلْ تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ، وَفِيهِ بُعْدٌ ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَأْكُلَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ لَا يَتَأَذَّى بِهِ .

وَتُمْنَعُ ذِمِّيَّةٌ مِنْ سُكْرٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، كَبَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ ، وَعَنْهُ : وَدُونَهُ ، وَفِي التَّرْغِيبِ : وَمِثْلُهُ لَحْمُ خِنْزِيرٍ .

وَلَا تُكْرَهُ عَلَى وَطْءٍ فِي صَوْمِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَا إفْسَادِ صَلَاتِهَا وَسُنَّتِهَا .

وَلَهُ مَنْعُهَا [ مِنْ ] الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ ، وَيُحَرَّمُ بِلَا إذْنِهِ ، فَلَا نَفَقَةَ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : إذَا قَامَ بِحَوَائِجِهَا كُلِّهَا وَإِلَّا لَا بُدَّ لَهَا ، قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ حَبَسَتْهُ بِحَقِّهَا : إنْ خَافَ خُرُوجَهَا بِلَا إذْنِهِ أَسْكَنَهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحْفَظُهَا غَيْرُ نَفْسِهِ حُبِسَتْ مَعَهُ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا أَوْ خِيفَ حُدُوثُ شَرٍّ أُسْكِنَتْ فِي رِبَاطٍ وَنَحْوَهُ ، وَمَتَى كَانَ خُرُوجُهَا مَظِنَّةً لِلْفَاحِشَةِ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ [ تَعَالَى ] يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ ، وَيُسْتَحَبُّ إذْنُهُ فِي خُرُوجِهَا لِمَرَضِ مَحْرَمٍ أَوْ مَوْتِهِ ، وَأَوْجَبَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِلْعِيَادَةِ ، وَقِيلَ : أَوْ نَسِيبٍ وَقِيلَ : لَهَا زِيَارَةُ أَبَوَيْهَا ، كَكَلَامِهِمَا وَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهُمَا مِنْ زِيَارَتِهَا ، فِي الْأَصَحِّ ، وَلَا يَلْزَمُهَا طَاعَةُ أَبَوَيْهَا فِي فِرَاقٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوَهُ ، بَلْ طَاعَةُ زَوْجِهَا أَحَقُّ .

وَلَيْسَ عَلَيْهَا عَجْنٌ وَخَبْزٌ وَطَبْخٌ وَنَحْوَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، خِلَافًا لِلْجُوزَجَانِيِّ ، وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا الْمَعْرُوفَ [ مِنْ ] مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ ، وَخَرَّجَ أَيْضًا الْوُجُوبَ مِنْ نَصِّهِ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ وُجُوبُ الْخِدْمَةِ عَلَيْهَا .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ : { إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ عَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ كُلِّهَا } .
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : عَلَيْهَا أَنْ تَخْدُمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ .

وَيَصِحُّ تَزْوِيجُ مُسْتَأْجَرَةٍ لِرَضَاعٍ ، وَقِيلَ : يَمْلِكُ الْفَسْخَ إنْ جَهِلَهُ ، وَلَهُ الْوَطْءُ ، وَقِيلَ : لَا ، إنْ أَضَرَّ بِلَبَنٍ .

الْقَسْمُ مُسْتَحَقٌّ عَلَى غَيْرِ طِفْلٍ ، فَيَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ ، حَتَّى حَائِضٍ وَمَعِيبَةٍ وَرَتْقَاءَ وَمُظَاهِرٍ مِنْهَا وَمَنْ سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ وَمَجْنُونَةٍ مَأْمُونَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَصَغِيرَةٍ قِيلَ : تُوطَأُ ، وَقِيلَ : مُمَيِّزَةٍ ( م 13 ) فِي الْقَسْمِ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : وَالنَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ ، وَنَصُّهُ : لَا بَأْسَ .
وَقَالَ فِي الْجِمَاعِ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدَعَهُ عَمْدًا يُبْقِي نَفْسَهُ ، لِتِلْكَ لَيْلَةً وَلَيْلَةً ، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : أَوْ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا ، وَالْأَمَةُ نِصْفُ حُرَّةٍ ، وَالْعِتْقُ بَعْضُهَا بِالْحِسَابِ .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ فِي الْقَسْمِ : فَيَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ حَتَّى حَائِضٍ وَكَذَا صَغِيرَةٌ قِيلَ : تُوطَأُ ، وَقِيلَ : مُمَيِّزَةٍ ، انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ أَوْلَى ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَبِيتِ لَيْسَ هُوَ الْوَطْءُ وَحْدَهُ ، بَلْ وَالْأُنْسُ وَنَحْوَهُ ، وَالْمُمَيِّزَةُ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ كَغَيْرِهَا .

وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ ، وَفِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ قِيلَ : يَتِمُّ لِلْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ ، وَقِيلَ : يَسْتَوِيَانِ بِقَطْعٍ أَوْ اسْتِدْرَاكٍ ( م 14 ) وَفِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ : وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ نَوْبَتِهَا اقْتَصَرَتْ عَلَى يَوْمِهَا زَادَ فِي التَّرْغِيبِ : بَدَأَ بِهَا أَوْ بِالْحُرَّةِ .

( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ ، وَفِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ قِيلَ : يَتِمُّ لِلْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ ، وَقِيلَ : يَسْتَوِيَانِ بِقَطْعٍ أَوْ اسْتِدْرَاكٍ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَإِنْ عَتَقَتْ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا أَضَافَ إلَى لَيْلَتِهَا لَيْلَةً أُخْرَى ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا اسْتَأْنَفَتْ الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا ، وَلَمْ يَقْضِ لَهَا مَا مَضَى ، لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَصَلَتْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّهَا ، وَإِنْ عَتَقَتْ وَقَدْ قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا ، انْتَهَى .
وَمَعْنَاهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَزَادَ : إنْ عَتَقَتْ بَعْدَ نَوْبَتِهَا بَدَأَ بِهَا أَوْ بِالْحُرَّةِ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي : فَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ قَبْلَهَا أَضَافَ إلَى لَيْلَتِهَا أُخْرَى ، وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ مُدَّتِهَا اسْتَأْنَفَتْ الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا ، انْتَهَى ( تَنْبِيهَانِ ) : ( الْأَوَّلُ ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي عِبَارَتِهِ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ ، أَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ لَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ ، وَإِذَا عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ فِيهَا الْخِلَافُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : وَلِأَمَةٍ عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ كَقَسْمِهَا ، وَفِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ يُتِمُّهَا عَلَى الرِّقِّ ، انْتَهَى ، بِعَكْسِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ حَمْدَانَ ، وَجَعَلَ لَهَا إذَا عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ قَسَمَ حُرَّةً ، وَاذَا عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ أَنَّهُ يُتِمُّهَا عَلَى الرِّقِّ ، وَرَأَيْت بَعْضَ الْأَصْحَابِ صَوَّبَ ذَلِكَ ، وَأَصْلُ هَذَا مَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَإِذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ

نَوْبَةِ الْحُرَّةِ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ ، وَإِنْ عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ الْحُرَّةِ وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ فَوَجْهَانِ ، فَالْمُصَنِّفُ وَابْنُ حَمْدَانَ جَعَلَا الضَّمِيرَ الْمُنْفَصِلَ فِي قَوْلِهِ " وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ " عَائِدًا إلَى الْأَمَةِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ جَعَلَهُ عَائِدًا إلَى الْحُرَّةِ ، وَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ ، وَقَدْ صَوَّبَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى الْحُرَّةِ ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ ، وَخَطَأُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَمَنْ تَابَعَهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَلِلْقَاضِي مُحِبِّ الدِّينِ بْنِ نَصْرِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيِّ صَاحِبُ الْحَوَاشِي عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُرَّاسَةٌ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ .
وَقَالَ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ : قَوْلُ شَارِحِ الْمُحَرَّرِ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ نَوْبَتِهَا اقْتَصَرَتْ عَلَى يَوْمِهَا ، كَذَا فِي النُّسَخِ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَهُوَ تَصْحِيفٌ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَإِنَّمَا هُوَ " عَلَى نَوْبَتِهَا " ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، إذْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَقَالَ : " عَلَى لَيْلَتِهَا " .

وَيَطُوفُ بِمَجْنُونٍ مَأْمُونٍ وَلِيُّهُ وُجُوبًا ، لَا بِطِفْلٍ ، وَيُحَرَّمُ تَخْصِيصٌ بِإِفَاقَتِهِ ، وَإِنْ أَفَاقَ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِي قَضَاءِ يَوْمِ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى وَجْهَانِ ( م 15 ) وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ لِمَنْ مَعَاشُهُ نَهَارًا وَالنَّهَارُ يَتْبَعُهُ ، وَالْعَكْسُ بِعَكْسِهِ ، وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَهُنَّ وَأَنْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ ، وَيُسْقِطَ حَقَّ مُمْتَنِعَةٍ ، وَلَهُ دُعَاءُ الْبَعْضِ ، وَقِيلَ : [ يَدْعُو ] الْكُلَّ ، أَوْ يَأْتِي الْكُلُّ ، فَعَلَى هَذَا لَيْسَتْ الْمُمْتَنِعَةُ نَاشِزًا ، وَالْحَبْسُ كَغَيْرِهِ ، إلَّا أَنَّهُ إنْ دَعَاهُنَّ لَمْ يَلْزَمْ مَا لَمْ يَكُنْ سَكَنُ مِثْلِهِنَّ .
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَفَاقَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ فَفِي قَضَاءِ يَوْمِ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَقْضِي ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَقْضِي .

وَمَتَى بَدَأَ بِمَبِيتٍ عِنْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ سَفَرٍ بِهَا بِلَا قُرْعَةٍ أَثِمَ وَقَضَى ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا زَمَنَ سَيْرِهِ ، وَيَقْضِي مَعَ الْقُرْعَةِ مَا تَعَقَّبَهُ السَّفَرُ أَوْ تَخَلَّلَهُ مِنْ إقَامَةٍ .
وَفِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ : إنْ لَزِمَهُ إتْمَامُ صَلَاةٍ ، وَقِيلَ : وَزَمَنُ سَيْرِهِ ، وَقِيلَ : فِي سَفَرِ نَقْلَةٍ ، وَقِيلَ [ فِي ] سَفَرٍ قَصِيرٍ ، كَإِقَامَةٍ ، وَسَوَاءٌ عَنَّ لَهُ سَفَرٌ أَبْعَدُ مِنْهُ أَوْ لَا .

وَيَدْخُلُ فِي نَوْبَتِهَا إلَى غَيْرِهَا لَيْلًا لِضَرُورَةٍ ، وَنَهَارًا لِحَاجَةِ ، كَعِيَادَةِ [ مَرِيضٍ ] وَفِي التَّرْغِيبِ : فِيهِمَا لِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ أَوْ لِمَرَضٍ ، فَيُدَاوِيهَا ، وَفِي قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا نَهَارًا وَجْهَانِ ( م 16 ) وَإِنْ لَبِثَ وَلَوْ ضَرُورَةً أَوْ وَطِئَ قَضَاهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقِيلَ : لَا يَقْضِي وَطْئًا بِزَمَنِهِ الْيَسِيرِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ فِيمَنْ دَخَلَ نَهَارًا لِحَاجَةٍ وَلَبِثَ وَجْهَانِ ، وَأَنَّهُ لَا يَقْضِي لَيْلَةَ صَيْفٍ عَنْ لَيْلَةِ شِتَاءٍ ، وَلَهُ قَضَاءُ أَوَّلِ لَيْلٍ عَنْ آخِرِهِ وَعَكْسُهُ ، وَقِيلَ : يَتَعَيَّنُ زَمَنُهُ ، وَيَخْرُجُ نَهَارَ لَيْلٍ قَسَمَ : وَأَوَّلُ لَيْلٍ وَآخِرُهُ ، وَإِلَّا قَضَى الْكَثِيرَ أَوْ غَابَ مِثْلُهُ عَنْ الْأُخْرَى .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَفِي قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا نَهَارًا وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي هَلْ يَقْضِي ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَقْضِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى قَضَاءِ الْجِمَاعِ لَا غَيْرُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَقْضِي ، كَالْجِمَاعِ ، وَهُوَ الْعَدْلُ .

وَإِنْ سَافَرَتْ بِلَا إذْنِهِ ، أَوْ أَبَتْ الْمَبِيتَ أَوْ السَّفَرَ مَعَهُ ، فَلَا قَسْمَ وَلَا نَفَقَةَ ، وَقِيلَ : لَهَا النَّفَقَةُ [ وَقِيلَ لَهَا النَّفَقَةُ ] بِالْوَطْءِ وَإِنْ بَعَثَهَا لِحَاجَتِهِ بَقِيَا ، وَفِيهِمَا لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ : تَبْقَى النَّفَقَةُ ( م 17 ) .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ بَعَثَهَا لِحَاجَتِهِ بَقِيَا ، وَفِيهِمَا لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ بِبَقَاءِ النَّفَقَةِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهَا ) يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَالْخِرَقِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَسْقُطَانِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ فِي مَكَانَيْنِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ ) الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَهُوَ أَنَّ النَّفَقَةَ تَبْقَى وَحْدَهَا ، احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، ( قُلْت ) وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي ، وَأَطْلَقَهَا الزَّرْكَشِيّ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .

وَمَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا خَالِصَةً ، ثُمَّ دَارَ ، وَثَيِّبًا ثَلَاثًا ، وَإِنْ شَاءَتْ وَقِيلَ : أَوْ هُوَ سَبْعًا ، فَعَلَ ، وَقَضَى الْكُلَّ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : الْفَاضِلُ لِلْبَقِيَّةِ ، وَقِيلَ : الْأَمَةُ نِصْفُ حُرَّةٍ .

وَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتَانِ كُرِهَ وَبَدَأَ بِالدَّاخِلَةِ أَوَّلًا ، وَيَقْرَعُ لِلتَّسَاوِي .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : يَبْدَأُ بِالسَّابِقَةِ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا أَقْرَعَ ، وَإِنْ سَافَرَ بِمَنْ قُرِعَتْ دَخَلَ حَقُّ الْعَقْدِ فِي قَسْمِ السَّفَرِ [ إنْ كَانَ السَّفَرُ يَسْتَغْرِقُهُ ] ، فَيَقْضِيهِ لِلْأُخْرَى ، فِي الْأَصَحِّ ، بَعْدَ قُدُومِهِ ، وَقِيلَ : يَقْضِيهِ لَهُمَا ، وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً وَقْتَ قَسْمِهَا أَثِمَ ، وَيَقْضِيهِ مَتَى نَكَحَهَا ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : وَيَجُوزُ بِنَاءُ الرَّجُلِ بِامْرَأَتِهِ فِي السَّفَرِ ، وَرُكُوبُهَا مَعَهُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْنَ الْجَيْشِ ، { لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَلِكَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ } .

لَهَا هِبَةُ قَسْمِهَا بِلَا مَالٍ لِضَرَّةٍ بِإِذْنِهِ ، وَلَوْ أَبَتْ الْمَوْهُوبُ لَهَا ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : وَإِذْنُ سَيِّدِ أَمَةٍ ، لِأَنَّ وَلَدَهَا لَهُ ، أَوْ لَهُ فَيَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ قَالَتْ : خُصَّ بِهَا مَنْ شِئْت ، الْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ ، لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ الْغَيْظَ ، بِخِلَافِ تَخْصِيصِهَا وَاحِدَةً ، وَقِيلَ : لَهُ نَقْلُهُ لِيَلِيَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ ، فَلَوْ وَهَبَتْ رَابِعَةٌ لَيْلَتَهَا ثَانِيَةً ، فَقِيلَ : يَطَأُ ثَانِيَةً ثُمَّ أُولَى ثُمَّ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً ، وَقِيلَ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى أَوَّلًا ، ثُمَّ يُوَالِي لِلثَّانِيَةِ لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ الرَّابِعَةِ ( م 18 ) وَيَقْسِمُ لَهَا مِنْ حِينِ رُجُوعِهَا وَلَوْ فِي بَعْضِ لَيْلَةٍ ، وَلَا يَقْضِيهِ إنْ عَلِمَ بَعْدَ تَتِمَّتِهَا ، وَلَهَا بَذْلُ قَسْمٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِيُمْسِكَهَا ، وَالرُّجُوعُ لِتَجَدُّدِ الْحَقِّ ، وَفِي الْهَدْيِ : يَلْزَمُ وَلَا مُطَالَبَةَ ، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ ، كَمَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْعَدَاوَةِ ، وَمِنْ عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ .

مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَقِيلَ : لَهُ نَقْلُهُ لِيَلِيَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ ، فَلَوْ وَهَبَتْ رَابِعَةٌ لَيْلَتَهَا ثَانِيَةً فَقِيلَ : يَطَأُ ثَانِيَةً ثُمَّ أَوْلَى ثُمَّ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً ، وَقِيلَ : لَهُ وَطْءُ الْأُولَى أَوَّلًا ، ثُمَّ يُوَالِي لِلثَّانِيَةِ لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ الرَّابِعَةِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : إنْ وَهَبَتْ الرَّابِعَةُ الثَّانِيَةَ لَيْلَتَهَا وَكَانَ قَدْ وَصَلَ فِي الدَّوْرِ إلَى الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَبِيتُ وَيَطَأُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا بِلَا نِزَاعٍ فِي الْمُذْهَبِ ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا فَتَسْتَحِقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، فَيَدُورُ عَلَى الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةِ ، وَالصَّوَابُ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ لَيْلَةِ الرَّابِعَةِ ، وَهُوَ الْعَدْلُ ، وَقِيلَ : يَجُوزُ نَقْلُ لَيْلَةِ الرَّابِعَةِ لِيَلِيَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ فَيَبِيتُ ثَانِيَةً قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَ الثَّالِثَةِ ( قُلْت ) : وَهَذَا ضَعِيفٌ ، لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ ظُلْمٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

كَذَا قَالَ : وَإِنْ قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ ، ثُمَّ تَجَدَّدَ حَقُّ رَابِعَةٍ ، بِأَنْ رَجَعَتْ فِي هِبَةٍ ، أَوْ عَنْ نُشُوزٍ ، أَوْ بِنِكَاحٍ ، وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ، ثُمَّ رُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ ، وَبَقِيَّتُهُ لِلثَّالِثَةِ ، فَإِذَا كَمُلَ الْحَقُّ ابْتَدَأَ التَّسْوِيَةَ .

وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ثُمَّ لَيْلَةً لِلْمَظْلُومَةِ ثُمَّ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا يَبِيتُ نِصْفَهَا بَلْ لَيْلَةً ، لِأَنَّهُ حَرَجٌ ، وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ أَبَانَ الْمَظْلُومَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا وَقَدْ نَكَحَ جَدِيدَاتٍ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ وَلَا قَسْمَ لِإِمَائِهِ مُطْلَقًا ، فَيَفْعَلُ مَا شَاءَ ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ زَمَنِ زَوْجَاتِهِ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ : لَكِنْ يُسَوِّي فِي حِرْمَانِهِنَّ .

فَإِنْ نَشَزَتْ بِأَنْ مَنَعَتْهُ حَقَّهُ أَوْ أَجَابَتْهُ مُتَبَرِّمَةً وَعَظَهَا ثُمَّ يَهْجُرُهَا فِي الْكَلَامِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُحَرَّرِ : وَالْمَضْجَعِ ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ كَلَامُ أَحْمَدَ بِالْهَجْرِ بِالْكَلَامِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ هُنَاكَ ، { وَقَدْ هَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا } ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي الْوَاضِحِ يَهْجُرُهَا فِي الْفِرَاشِ ، فَإِنْ أَضَافَ إلَيْهِ الْهَجْرَ فِي الْكَلَامِ وَدُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ عَلَيْهَا جَازَ وَكُرِهَ ، ثُمَّ يَضْرِبُهَا غَيْرَ شَدِيدٍ ، عَشْرَةً فَأَقَلَّ ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَهُوَ حَسْبُهُ ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَعَنْهُ : لَهُ ضَرْبُهَا أَوَّلًا ، وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] { إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ } .
وَلَا يَمْلِكُ تَعْزِيرَهَا فِي حَقِّ اللَّهِ [ عَزَّ وَجَلَّ ] .
وَنَقَلَ مُهَنَّا هَلْ يَضْرِبُهَا عَلَى تَرْكِ زَكَاةٍ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي .
وَفِيهِ ضَعْفٌ ، لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ : يَضْرِبُهَا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ [ عَزَّ وَجَلَّ ] ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ : يَمْلِكُهُ ، وَلَا يَنْبَغِي سُؤَالُهُ لِمَ ضَرَبَهَا ، قَالَهُ أَحْمَدُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : الْأَوْلَى تَرْكُهُ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتْرُكَهُ عَنْ الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { : مَا ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ } .
وَلِمُسْلِمٍ عَنْهَا ، { فِي خُرُوجِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي اللَّيْلِ إلَى الْبَقِيعِ وَأَخْفَاهُ مِنْهَا : وَخَرَجَتْ فِي أَثَرِهِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ : ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْت ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْت ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْت ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْت وَالْإِحْضَارُ

الْعَدْوُ فَسَبَقْته فَدَخَلْت ، فَدَخَلَ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً ؟ قُلْت : لَا شَيْءَ ، قَالَ لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَأَخْبَرْته ، فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي أَوْجَعَتْنِي ، ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ ؟ } .
حَشْيَا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورٌ ، وَالْحَشَا الرَّبْوُ وَالنَّهِيجُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمُسْرِعِ فِي مَشْيِهِ وَالْمُحْتَدِّ فِي كَلَامِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ النَّفَسِ وَتَوَاتُرِهِ ، وَرَابِيَةً أَيْ مُرْتَفِعَةَ الْبَطْنِ ، وَلَهَدَنِي بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ ، يُقَالُ : لَهَدَهُ بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِهَا أَيْ دَفَعَهُ وَيُقَالُ : لَهَزَهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِجَمِيعِ كَفِّهِ فِي صَدْرِهِ ، وَيَقْرُبُ مِنْهُمَا لَكَزَهُ وَوَكَزَهُ .
وَيَمْنَعُ مِنْهَا مَنْ عَلِمَ بِمَنْعِهِ حَقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ ، وَيُحْسِنَ عِشْرَتَهَا ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] { اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْت بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ } وَلِمُسْلِمٍ { وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا } وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ { فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا } .
وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ : سَمِعْت الْقَاضِيَ ] أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ : خَمْسَةٌ تَجِبُ عَلَى النَّاسِ مُدَارَاتُهُمْ : الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ ، وَالْقَاضِي الْمُتَأَوِّلُ ، وَالْمَرِيضُ ، وَالْمَرْأَةُ ، وَالْعَالِمُ لِيُقْتَبَسَ مِنْ عِلْمِهِ .
فَاسْتَحْسَنْت ذَلِكَ .
وَنَقَلَ صَالِحٌ : لَا تَغْلُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُبِّ وَالْبُغْضِ ، وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ : مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِقَلِيلِ مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ أَقَرَّ بِالْكَثِيرِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : مَتَى أَمْسَكَ عَنْ

الْجَاهِلِ عَادَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَقْلِ مُوَبِّخًا لَهُ عَلَى قُبْحِ مَا أَتَى بِهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ لَائِمِينَ لَهُ عَلَى سُوءِ أَدَبِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُجِيبُهُ ، وَمَا نَدِمَ حَلِيمٌ وَلَا سَاكِتٌ .
فَإِنْ شِئْت فَاجْعَلْ سُكُوتَك أَجْرًا وَاحْتِقَارًا ، أَوْ سَبَبًا لِمُعَاوَنَةِ النَّاسِ لَك وَلِئَلَّا تَقَعَ فِي إثْمٍ .
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْتَدَّ وَنَقَلَ أَيْضًا : أَنْ يَحْتَمِلَ مِنْ النَّاسِ مَا يَكُونُ إلَيْهِ .
وَقَالَ ثَعْلَبٌ : الْعَرَبُ تَقُولُ : صَبْرُك عَلَى أَذَى مَنْ تَعْرِفُهُ خَيْرٌ لَك مِنْ اسْتِحْدَاثِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ .
وَكَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ هَذَا الْمَعْنَى ، وَحَدَّثَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ مَا قِيلَ فِي الْعَافِيَةِ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ ، فَقَالَ أَحْمَدُ : الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُلِ .
وَفِي السُّنَنِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا } .
وَلِأَحْمَدَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرٍ عَنْ يَسَارٍ عَنْ { الْحُصَيْنِ بْنِ مُحْصِنٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ذَاتَ زَوْجٍ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُك وَنَارُك } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ .
وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ { أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتْ الْجَنَّةَ } وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرْبَعَةٌ : الْقَصْدُ عِنْدَ الْحِدَّةِ وَلَعَلَّهُ الْجِدَّةُ قَالَ : وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ ، وَالْحِلْمُ عِنْدَ الْغَضَبِ ، وَالرِّفْقُ بِعِبَادِ اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ .
وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَضَائِلُ مَشْهُورَةٌ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : اجْتَمَعَتْ الْحُكَمَاءُ عَلَى أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَهِيَ : لَا

تَحْمِلَنَّ عَلَى قَلْبِك مَا لَا يُطِيقُ وَلَا تَعْمَلْ عَمَلًا لَيْسَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ ، وَلَا تَثِقَنَّ بِامْرَأَةٍ ، وَلَا تَغْتَرَّ بِالْمَالِ وَإِنْ كَثُرَ .

فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا جَوْرَ صَاحِبِهِ أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ قُرْبَ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا ، وَيَكْشِفُ عَنْهُمَا كَمَا يَكْشِفُ عَنْ عَدَالَةٍ وَإِفْلَاسٍ مِنْ جِيرَةٍ بَاطِنَةٍ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ : وَيَلْزَمُهُمَا الْحَقُّ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَتَشَاقَّا بَعَثَ حَكَمَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ [ مُسْلِمَيْنِ ] ، عَدْلَيْنِ .
وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : ذَكَرَيْنِ ، وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالْفِقْهِ وَجْهَانِ ( م 19 و 20 ) وَفِي التَّرْغِيبِ : لَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادٌ ، وَإِنَّ [ مِثْلَهُ ] مَا يُفَوِّضُهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُعِينٍ جُزْئِيٍّ كَقِسْمَةٍ ، وَمِنْ أَهْلِهِمَا أَوْلَى ، يُوَكِّلُهُمَا الزَّوْجَانِ فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ مِنْ جَمْعٍ وَتَفْرِيقٍ بِعِوَضٍ وَدُونَهُ ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا إبْرَاءٌ ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ وَكِيلُهَا بَرِئَ فِي الْخُلْعِ فَقَطْ ، وَإِنْ شَرَطَا مَا لَا يُنَافِي نِكَاحًا لَزِمَ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَا ، كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ نَفَقَةٍ ، وَلِمَنْ رَضِيَ الْعَوْدَ ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى التَّوْكِيلِ ، وَعَنْهُ : بَلَى بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ ، فَإِنْ أَبَيَا جَعَلَهُ الْحَاكِمُ لِلْحَكَمَيْنِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَشَيْخُنَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَلَا يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا بِغَيْبَةِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْأَوْلَى ، وَقِيلَ : وَالثَّانِيَةُ وَيَنْقَطِعُ بِجُنُونِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا ، عَلَى الْأَوْلَى فَقَطْ ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ عَلَى الْمَجْنُونِ .
وَفِي الْمُغْنِي : وَالثَّانِيَةُ ، لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ بَقَاءُ الشِّقَاقِ وَحُضُورُ التَّدَاعِيَيْنِ ، وَهُوَ شَرْطٌ .

مَسْأَلَةٌ 19 ، 20 ) قَوْلُهُ فِي الْحَكَمَيْنِ : وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالْفِقْهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 19 ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْحَكَمَيْنِ الْحُرِّيَّةُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ .
( أَحَدُهُمَا ) يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْحُرِّيَّةُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : حُرَّيْنِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَجَمَاعَةٍ ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الشُّرُوطِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : وَقَالَ الْقَاضِي : يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا حُرَّيْنِ ، قَالَ : وَالْأَوْلَى إنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْحُرِّيَّةُ ، وَإِنْ كَانَا حَكَمَيْنِ اُعْتُبِرَتْ ، انْتَهَى .
وَقَدَّمَ هَذَا فِي الْكَافِي ، وَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 20 ) هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُشْتَرَطُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الشُّرُوطِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُشْتَرَطُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : أَمَّا اشْتِرَاطُ هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِي الْمَذْهَبِ ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي : وَمَتَى كَانَا حَاكِمَيْنِ اشْتَرَطَ كَوْنَهُمَا فَقِيهَيْنِ ، وَإِنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ

جَازَ أَنْ يَكُونَا عَامِّيَّيْنِ ، انْتَهَى .
وَهَذَا الثَّانِي ضَعِيفٌ ، فَهَذِهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .

بَابُ الْخُلْعِ ) يُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، وَتُسْتَحَبُّ الْإِجَابَةُ إلَيْهِ ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي وُجُوبِهِ وَأَلْزَمَ بِهِ بَعْضُ حُكَّامِ الشَّامِ الْمَقَادِسَةُ الْفُضَلَاءُ ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : إذَا كَرِهَتْهُ حَلَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ } { قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُخْتَلِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ } وَقَالَ عُمَرُ : احْبِسْهَا وَلَوْ فِي بَيْتِ الزِّبْلِ .
وَالْمَذْهَبُ : يُكْرَهُ وَيَصِحُّ وَحَالُهُمَا مُسْتَقِيمَةٌ ، وَعَنْهُ : يُحَرَّمُ وَلَا يَصِحُّ ، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا خَوْفَ قَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ { أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ } فَلَا يَجُوزُ انْفِرَادُهُمَا بِهِ ، لِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ " أَنْ يُخَافَا " بِالضَّمِّ ، وَلَا يَصِحُّ ( هـ ) مَعَ مَنْعِهِ حَقَّهَا وَظُلْمِهِ لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ ، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا إنْ قِيلَ هُوَ طَلَاقٌ ، وَقِيلَ : بَائِنًا إنْ صَحَّ بِلَا عِوَضٍ ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِظُلْمِهِ لِتَخْتَلِعَ لَمْ يُحَرَّمْ ( و هـ ش ) وَلَنَا نِزَاعٌ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَلَهُ قَصْدُهُ مَعَ زَانِيَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( م ق ) وَيَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَأَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ وَبَذْلُهُ لِعِوَضِهِ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ مِنْ زَوْجَةٍ ، وَالْأَصَحُّ : وَعَيَّرَهَا إنْ سَمَّى عِوَضَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَضَمِنَهُ ، كَبَذْلِ أَجْنَبِيٍّ عِوَضًا فِي افْتِدَاءِ أَسِيرٍ ، لَا كَإِقَالَةٍ ، وَكَذَا خَلَعَهَا بِمَالِهِ .

وَنَصَّ فِيمَنْ قَالَ : طَلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَهْرِهَا ، فَفَعَلَ بَانَتْ وَلَمْ يَبْرَأْ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى جَهْلِ الزَّوْجِ وَإِلَّا خَلَعَ بِلَا عِوَضٍ ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ : طَلَّقْتهَا إنْ بَرِئْت مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ .

وَلَا يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ بِدَعْوَاهَا السَّفَهَ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةِ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ وَلَيْسَتْ تَحْتَ الْحَجْرِ ، وَيَتَوَجَّهُ : بَلَى مَعَ بَيِّنَةٍ .

وَقَالَ : وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَمَالُهَا بِيَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لَمْ يُصَدِّقْ أَبُوهَا أَنَّهَا كَانَتْ سَفِيهَةً تَحْتَ حَجْرِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ مُمَيِّزَةٌ وَسَفِيهَةٌ أَذِنَ وَلِيُّهُمَا أَوْ لَا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِي تَبَرُّعٍ ، وَجُعِلَ طَلَاقًا وَقَعَ رَجْعِيًّا ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا .

وَخُلْعُ وَلِيُّهَا بِمَالِهَا كَأَجْنَبِيٍّ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ لِأَبٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ ، نَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِيمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ صَغِيرًا بِصَغِيرَةٍ وَنَدِمَ أَبَوَاهُمَا هَلْ تَرَى فِي فَسْخِهِمَا وَطَلَاقِهِمَا عَلَيْهِمَا شَيْءٌ ؟ قَالَ : فِيهِ اخْتِلَافٌ وَأَرْجُو .
وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَهُ قَوْلَانِ ، وَالْعَمَلُ عِنْدِي عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا .

وَخُلْعُ الْأَمَةِ كَاسْتِدَانَتِهَا بِإِذْنِ سَيِّدٍ وَقِيلَ : وَدُونَهَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، فَعَنْهُ : يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا ، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ يَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا ( م 1 ) كَفَوْقِ مَهْرِهَا بِإِذْنٍ مُطْلَقٍ ، وَكَذَا مُكَاتَبَةٌ .
مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَخُلْعُ الْأَمَةِ كَاسْتِدَانَتِهَا ، يَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدٍ ، وَقِيلَ : وَبِدُونِهَا ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، فَعَنْهُ : يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا ، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ تَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا ، انْتَهَى .
مَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
وَالرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَانَةِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْحَجْرِ أَنَّ دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ، وَقَالَ : نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهَا تَتْبَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : إنْ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهَا ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ مِقْيَاسِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا أَمَةٌ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ ، فَيَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِ عِوَضٍ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ بُطْلَانُ الْخُلْعِ ، عَلَى الْمَشْهُورِ ، لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، انْتَهَى .
وَهُوَ وَاضِحٌ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَقِيلَ وَدُونَهَا " الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ " وَقِيلَ وَدُونَهُ " بِضَمِيرِ مُذَكَّرٍ وَأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْإِذْنِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .

وَمَنْ صَحَّ خُلْعُهُ قَبَضَ عِوَضَهُ ، عِنْدَ الْقَاضِي ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَبْدِ : كَمُكَاتَبٍ ، وَقِيلَ : يَقْبِضُهُ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ ( م 2 ) .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ صَحَّ خُلْعُهُ قَبَضَ عِوَضَهُ ، عِنْدَ الْقَاضِي .
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَبْدِ كَمُكَاتَبٍ ، وَقِيلَ : يَقْبِضُهُ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ ، انْتَهَى .
قَوْلُ الْقَاضِي قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ : هَذَا أَصَحُّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَمُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ ، لِكَوْنِهِمَا مَحْجُورًا عَلَيْهِمَا .

وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ ، وَكَذَا الْفَسْخُ ، وَقِيلَ : كِنَايَةٌ .
وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ : لَا ، وَكِنَايَتُهُ نَحْوَ الْإِبَانَةِ وَالتَّبْرِئَةِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : صَرِيحُهُ الْخُلْعُ أَوْ الْفَسْخُ أَوْ الْفِدَاءُ أَوْ بَارَيْتُك ، وَهُوَ بِصَرِيحِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتُهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ ، وَعَنْهُ : مُطْلَقًا ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، قَالَ شَيْخُنَا .
وَعَلَيْهِ دَلَّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ ، وَمُرَادُهُ مَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : رَأَيْت أَبِي كَانَ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ صَحَّ عَنْهُ : [ مَا ] أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ ، وَصَحَّ عَنْهُ : الْخُلْعُ تَفْرِيقٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ ، وَعَنْهُ بِصَرِيحِ خُلْعٍ فَسْخٌ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا ، وَعَنْهُ عَكْسُهُ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ ، وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلَاقٌ ، وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : إلَّا إنْ قُلْنَا : هُوَ طَلْقَةٌ ، وَيَكُونُ بِلَا عِوَضٍ .

وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ ، كَشَرْطِ خِيَارٍ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَهْرِهَا وَقِيلَ : يَصِحُّ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ ، فَقِيلَ : يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَهْرِهَا .
انْتَهَى .
صَوَابُهُ .
" وَقِيلَ يَلْزَمُهَا " ، بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ يَلْزَمُهَا الْمُسَمَّى .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَلْغُو الْمُسَمَّى وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إلَى الشَّخْصِ السَّائِلِ ، فَيَعُمُّ كُلَّ سَائِلٍ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ .

وَإِنْ خَالَعَ بِلَا عِوَضٍ أَوْ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ لَمْ يَصِحَّ ، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِنِيَّةِ طَلَاقٍ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا كَعَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى فِي الْإِقَالَةِ ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ فَسْخًا بِلَا عِوَضٍ ( ع ) وَاخْتَلَفَ فِيهِ كَلَامُهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُهُ .

وَإِنْ تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ لَغَا ، وَقِيلَ : لَهُ قِيمَتُهُ ، وَقِيلَ : مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَيُكْرَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : يُحَرَّمُ وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ .

وَإِنْ جَعَلَا عِوَضَهُ مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا لِجَهَالَةٍ أَوْ عُذْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا يَصِحُّ ، وَإِنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّهُ كَالْمَهْرِ ، وَالْمَذْهَبُ يَصِحُّ ، فَيَجِبُ فِي ظَاهِرِ نَصِّهِ الْمُسَمَّى ، فَفِي حَمْلِ شَجَرَةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ مَا فِي يَدِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَا فِي بَيْتِهَا مِنْ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ وَجَبَ فِيهِ وَفِيمَا يُجْهَلُ مُطْلَقًا ، كَثَوْبٍ وَعَبْدٍ مُطْلَقٍ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ ، وَقِيلَ : يَجِبُ فِيمَا يَجْهَلُ مُطْلَقًا مَهْرُهَا ، وَفِيمَا قَدْ يَتَبَيَّنُ الْمُسَمَّى ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ فَمَهْرُهَا ، وَالْأَصَحُّ : وَإِنْ لَمْ تَغُرَّهُ كَحَمْلِ أَمَةٍ ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ : يَصِحُّ فِي الْكُلِّ بِمَهْرِهَا ، وَعَلَى رِوَايَةٍ صِحَّتُهُ بِلَا عِوَضٍ يَجِبُ الْمُسَمَّى ، كَمَا تَقَدَّمَ ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ ، لِمَا بَانَ عَدَمُهُ ، وَهَلْ يَقَعُ بَائِنًا ؟ يَنْبَنِي عَلَى صِحَّتِهِ بِلَا عِوَضٍ ، قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ ، إلَّا الْغَارَةَ كَمَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْمَتَاعِ ، فَيَجِبُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ، وَمَا يُسَمَّى مَتَاعًا ، ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْغَارَةِ : لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ ، وَإِنْ قُلْنَا فِي عَبْدٍ مُطْلَقٍ : لَهُ الْوَسَطُ فِي الْمَهْرِ ، فَلَهُ هُنَا .

وَإِنْ قَالَ : إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بَانَتْ بِمُسَمَّى عَبْدٍ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : إنْ أَعْطَتْهُ مَعِيبًا أَوْ دُونَ الْوَسَطِ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ ، وَإِنْ بَانَ مَغْصُوبًا لَمْ تَطْلُقْ ، كَتَعْلِيقِهِ عَلَى هَرَوِيٍّ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا ، وَلَوْ كَانَ قَالَ : إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ أَوْ الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ بَانَتْ وَلَوْ بَانَ مَعِيبًا أَوْ مَرْوِيًّا ، وَقِيلَ : لَهُ الرَّدُّ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ بِالصِّفَةِ سَلِيمًا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي رُجُوعِهِ بِأَرْشِهِ وَجْهَانِ .

وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ مُسْتَحِقَّ الدَّمَ فَقُتِلَ فَأَرْشُ عَيْبِهِ ، وَقِيلَ : قِيمَتِهِ ، [ وَأَنَّهُ ] إنْ بَانَ الْمَوْصُوفُ مَعِيبًا طَالَبَهَا بِسَلِيمٍ ، وَإِنْ بَانَ مَغْصُوبًا أَوْ حُرًّا لَمْ تَطْلُقْ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَلَهُ قِيمَتُهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ : لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا أَوْ بَعْضُهُ ، صَحَّ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ مَا خَرَجَ ، وَقِيلَ : وَكَذَا إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : وَإِنْ قَالَ هَذَا الْمَغْصُوبَ فَوَجْهَانِ ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ فَرَجْعِيٌّ ، وَقِيلَ : بَائِنٌ ، وَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ ، وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ الْخَمْرَ فَأَعْطَتْهُ فَرَجْعِيٌّ .

وَإِنْ خَالَعَ بِرَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ رَجَعَ ، قِيلَ : بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ : بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ( م 3 و 4 ) ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَحَوْلَانِ أَوْ بَقِيَّتُهُمَا .
مَسْأَلَةٌ 3 و 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ خَالَعَ بِرَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ رَجَعَ ، قِيلَ : رَجَعَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3 ) إذَا خَالَعَ بِرَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فَهَلْ يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4 ) إذَا قُلْنَا : يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمْ يَوْمًا بِيَوْمٍ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَرْجِعُ يَوْمًا بِيَوْمٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : هَذَا الصَّحِيحُ ( قُلْت ) : وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ .

وَكَذَا بِنَفَقَتِهِ ، وَفِي اعْتِبَارِ قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا وَجْهَانِ ( م 5 ) وَيَصِحُّ بِنَفَقَتِهَا ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقِيلَ : إنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَإِلَّا فَخَلَعَ بِمَعْدُومٍ .

( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا بِنَفَقَتِهِ ، وَفِي اعْتِبَارِ قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : فَإِنْ صَحَّ الْإِطْلَاقُ فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ .
[ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا وَصِفَتُهَا ] وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ ، وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخِلَافِ وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ : لَا يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا وَصِفَتُهَا ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُعْتَبَرُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ عَادَةٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) .
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ بِنَفَقَتِهَا ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقِيلَ : إنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْفُصُولِ ، انْتَهَى .
مُرَادُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، مُجَرَّدُ حِكَايَةِ رِوَايَتَيْنِ ، لَا أَنَّهُ أَطْلَقَهُمَا ، لِأَنَّهُ قَدْ قَدَّمَ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ إلَّا إذَا تَسَلَّمَ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيٌّ فَقَالَ : وَمَتَى تَسَلَّمَ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيٌّ فَلَهَا النَّفَقَةُ ، وَعَنْهُ : تَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ مَنْعِ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا لَوْ بَذَلَتْهُ ، انْتَهَى ( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِقَوْلِهِ إنْ بَذَلْت لِي كَذَا فَقَدْ خَلَعْتُك ، انْتَهَى .
قَطَعَ هُنَا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْخُلْعِ عَلَى شَرْطٍ ، وَقَالَ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ : وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِشَرْطٍ ، ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ : لَا ، قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا أَجَرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ : إذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ فَسَخْتهَا ، إنَّهُ يَصِحُّ ، كَتَعْلِيقِ الْخُلْعِ ، وَهُوَ فَسْخٌ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، انْتَهَى .
فَقَدَّمَ هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ ، وَذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ

اللَّهِ : وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ، لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، فَلَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ ، كَالْبَيْعِ ، انْتَهَى .
( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : " وَيَصِحُّ بِنَفَقَتِهَا " أَطْلَقَ النَّفَقَةَ ، فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَمْ لَا .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ : وَصَرَّحَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَامِلِ الَّتِي تَحِيضُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَهُ مَأْخَذَانِ ، وَذَكَرَهُمَا وَأَطَالَ ، وَحَمَلَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ .

وَإِنْ خَالَعَ حَامِلًا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا صَحَّ ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا لَهُ حَتَّى تَفْطِمَهُ ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : إذَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا ، أَوْ نَفَقَتِهَا وَلَهَا وَلَدٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِ إذَا فَطَمَتْهُ ، لِأَنَّهَا قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ ، فَإِذَا فَطَمَتْهُ فَلَهَا طَلَبُهُ بِنَفَقَتِهِ ، وَكَذَا السُّكْنَى .

وَتُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا ، فَيَقُولُ : خَلَعْتُك أَوْ فَسَخْت أَوْ فَادَيْت عَلَى كَذَا ، فَتَقُولُ : قَبِلْت أَوْ رَضِيت ، وَقِيلَ : وَتَذْكُرُهُ ، فَإِنْ قَالَتْ : اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ ، أَوْ وَلَك أَلْفٌ ، أَوْ طَلِّقْنِي كَذَلِكَ ، أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ ، فَقَالَ عَلَى الْفَوْرِ وَقِيلَ : أَوْ التَّرَاخِي ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ : فِي الْمَجْلِسِ ، وَقَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، فِي إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ خَالَعْتُك أَوْ طَلَّقْتُك ، وَقِيلَ : وَذَكَرَ الْأَلْفَ ، طَلُقَتْ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ ، وَعَنْهُ : إنْ قَالَتْ : اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ ، فَأَخَذَهُ وَسَكَتَ ، بَانَتْ ، وَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ إجَابَتِهَا ، وَقِيلَ : يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ، فَيَمْتَنِعُ مِنْ قَبْضِ الْعِوَضِ لِيَقَعَ رَجْعِيًّا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي : خَلَعْتُك ، أَوْ اخْلَعْنِي ، وَنَحْوَهُمَا ، عَلَى كَذَا ، يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ فِي الْمَجْلِسِ ، إنْ قُلْنَا فَسَخَ بِعِوَضٍ ، وَإِنْ قُلْنَا : هُوَ فَسْخٌ مِنْهُ مُجَرَّدٌ فَكَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولٌ وَلَا عِوَضٌ ، فَتَبِينُ لِقَوْلِهِ فَسَخْت أَوْ خَلَعْت .
وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْفِدَاءِ ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِقَوْلِهِ : إنْ بَذَلْت لِي فَقَدْ خَلَعْتُك قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهَا : إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ كَذَا أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ ، كَإِنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ ، وَأَوْلَى وَلَيْسَ فِيهِ النِّزَاعُ فِي تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ بِشَرْطٍ ، أَمَّا لَوْ الْتَزَمَ دَيْنًا لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ ، كَإِنْ تَزَوَّجْت فَلَكَ فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ ، أَوْ جَعَلْتُ لَك فِي ذِمَّتِي أَلْفًا ، لَمْ يَلْزَمْهُ ، عِنْدَ الْجُمْهُورِ .

وَإِنْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَالَتْ : مِنْ الْآنَ إلَى شَهْرٍ ، فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّهُ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي مَهْرَ مِثْلِهَا ، وَإِنْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي بِهِ ، فَقَالَ : خَلَعْتُك ، فَإِنْ كَانَ طَلَاقًا اسْتَحَقَّهُ ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ، وَقِيلَ : خَلَعَ بِلَا عِوَضٍ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : يَصِحُّ وَلَهُ الْعِوَضُ ، لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ تَمْلِكَ نَفْسَهَا بِالطَّلْقَةِ ، وَحَصَلَ بِالْخُلْعِ .

وَعَكْسُ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ إنْ كَانَ طَلَاقًا ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 6 ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ فَفِي وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا احْتِمَالَانِ ( م 7 ) .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَعَكْسُ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ إنْ كَانَ طَلَاقًا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي لَوْ قَالَتْ اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ : طَلَّقْتُك اسْتَحَقَّهَا إنْ قُلْنَا : الْخُلْعُ طَلَاقٌ ، وَإِنْ قُلْنَا : هُوَ غَيْرُ طَلَاقٍ هَلْ يَسْتَحِقُّهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
أَحَدُهُمَا : لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا صَحِيحًا ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَسْتَحِقُّهَا ( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ فَفِي وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَقَعُ رَجْعِيًّا وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَا يَقَعُ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ .

وَإِنْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ ، أَوْ وَلَك أَلْفٌ ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : أَوْ اثْنَتَيْنِ اسْتَحَقَّهُ ، وَقِيلَ : إنْ قَالَ ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ فَثَلَاثَةٌ ، وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ ، بَانَتْ بِالْأُولَةِ ، وَقِيلَ : بِالْكُلِّ وَإِنْ ذَكَرَهُ عَقِبَ الثَّانِيَةِ بَانَتْ بِهَا وَالْأُولَى رَجْعِيَّةٌ وَلَغَتْ الثَّالِثَةَ ، وَإِنْ قَالَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بِهَا ، وَلَوْ وَصَفَ طَلْقَةً بِبَيْنُونَةٍ وَقُلْنَا بِهِ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ التَّامِّ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ ، وَقِيلَ : بَائِنٌ بِثَلَاثَةٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ بِوَاحِدَةٍ اسْتَحَقَّهُ ، وَقِيلَ : ثَلَاثَةٌ إنْ جَهِلَتْ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَنَحْوَهُ ، فَقَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بَانَتْ بِالْأُولَى ، وَقِيلَ بِالْكُلِّ .
انْتَهَى ، قَدَّمَ أَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ ، وَلَيْسَ مَاشِيًا عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّهُ سَهْوٌ ، وَالصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ : طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ : ثَلَاثًا ، نُبِّهَ عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ .

وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً : أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ ، أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ ، فَقَبِلَتْهُ فِي الْمَجْلِسِ وَأَجْرَاهُ فِي الْمُغْنِي كَإِنْ أَعْطَيْتنِي بَانَتْ وَاسْتَحَقَّهُ ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا ، وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ فَنَصُّهُ : يَقَعُ رَجْعِيًّا ، وَقِيلَ : يَقَعُ فِي الْأُولَى ، وَقِيلَ : وَالثَّانِيَةِ ( م 8 ) وَخُرِّجَ مِنْ نَظِيرَتِهِنَّ فِي الْعِتْقِ عَدَمُهُ فِيهِنَّ ، وَلَا يَنْقَلِبُ بَائِنًا بِبَذْلِهَا فِي الْمَجْلِسِ ، وَقِيلَ : بَلَى فِي الْأُولَتَيْنِ ، قَالَ شَيْخُنَا مَعَ أَنَّ " عَلَى " لِلشَّرْطِ اتِّفَاقًا .
وَفِي الْمُغْنِي : لَيْسَتْ لَهُ وَلَا لِمُعَاوَضَةٍ ، لِعَدَمِ صِحَّةِ بِعْتُك ثَوْبِي عَلَى دِينَارٍ .

مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً : أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ ، أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ ، أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ .
وَلَمْ تَقْبَلْ ، فَنَصُّهُ : يَقَعُ رَجْعِيًّا ، وَقِيلَ : يَقَعُ فِي الْأُولَى ، وَقِيلَ : وَالثَّانِيَةُ ، انْتَهَى .
ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَقَعُ رَجْعِيًّا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنَوَّرِ الْآدَمِيِّ وَمُنْتَخَبِهِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ عَنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ : لَا يَقَعُ فِي الْجَمِيعِ حَتَّى تَقْبَلَ ، حَكَاهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِهِمَا .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ التَّخْرِيجُ الَّذِي خَرَّجَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ : تَطْلُقُ ، إلَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَلَا تَطْلُقُ فِيهَا حَتَّى تَقْبَلَ ، وَهِيَ قَوْلُهُ " بِأَلْفٍ " وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا تَطْلُقُ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ ، فَلَا تَطْلُقُ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ " بِأَلْفٍ ، وَعَلَى أَلْفٍ " حَتَّى تَقْبَلَ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّ الْقَاضِيَ فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ : لَا تَطْلُقُ فِي قَوْلِهِ " عَلَى أَلْفٍ " حَتَّى تَقْبَلَ ، انْتَهَى .
هَذَا نَقْلُ الْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى التَّحْرِيرِ ( تَنْبِيهٌ ) ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ نَقْلَ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا نُقِلَ عَنْ

الْأَصْحَابِ مِنْ الْخِلَافِ ، لِأَنَّهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى رَجْعِيًّا ، وَهُوَ قَوْلُهُ " بِأَلْفٍ " ، وَلَمْ يُوقِعْ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ " عَلَى أَلْفٍ " أَوْ " وَعَلَيْك أَلْفٌ " حَتَّى تَقْبَلَ ، وَأَوْقَعَهُ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ رَجْعِيًّا ، وَلَمْ يُوقِعْهُ فِي الثَّالِثَةِ حَتَّى تَقْبَلَ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ عَنْ الْأَصْحَابِ ، وَالصَّوَابُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا ، وَهُوَ لَفْظَةُ " لَا " بَعْدَ الْقَوْلِ ، وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ ، فَتَقْدِيرُهُ " وَقِيلَ : لَا يَقَعُ فِي الْأُولَى ، وَقِيلَ : وَالثَّانِيَةِ " فَلَفْظَةُ " لَا " سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْحَاوِي ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ ، أَعْنِي الْقَوْلَ الثَّانِيَ ، وَمُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، أَعْنِي الْقَوْلَ الثَّالِثَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَالْمُصَنِّفِ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُحَرَّرِ ، فَإِنَّهُ وَجَدَ نُسْخَةً قُرِئَتْ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهَا خَطُّهُ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ : لَا تَطْلُقُ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، فَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ تَطْلُقُ فِي قَوْلِهِ " بِأَلْفٍ " رَجْعِيًّا ، وَلَا تَطْلُقُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ، وَهُمَا قَوْلُهُ " عَلَى أَلْفٍ " أَوْ " وَعَلَيْك أَلْفٌ " وَهُوَ مُشْكِلٌ ، إذْ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ عَنْ الْقَاضِي وَلَا غَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ " وَعَلَيْك أَلْفٌ " ، فَكَذَلِكَ لَمَّا قُرِئَ هَذَا الْمَكَانُ عَلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَّةَ كَشَطَ لَفْظَةَ " لَا " فَبَقِيَ .
وَقَالَ الْقَاضِي : تَطْلُقُ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْهُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ ، وَلَوْ اعْتَذَرَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُحَرَّرِ قُلْنَا : لَمْ يُتَابِعْهُ فِي الْقَوْلِ الْأَخِيرِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ ،

فَحَصَلَ بِذَلِكَ الْخَلَلُ ، وَعَلَى مَا قَدَّرْنَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَيُوَافِقُ كَلَامَ الْأَصْحَابِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى تَخْبِيطٌ فِي هَذَا الْمَكَانِ ، رَأَيْت بَعْضَ الْأَصْحَابِ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ وَلِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ .

وَإِنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتَاهُ : طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ ، فَطَلَّقَ وَاحِدَةً ، بَانَتْ بِقِسْطِهَا ، وَإِنْ قَالَتْهُ إحْدَاهُمَا فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : رَجْعِيٌّ ( م 9 ) وَإِنْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي بِهِ عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّقَ ضَرَّتِي ، أَوْ أَنْ تُطَلِّقَهَا ، صَحَّ شَرِيطُهُ وَعِوَضُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفِ اسْتَحَقَّ فِي الْأَصَحِّ الْأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ الْمُسَمَّى .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَتَاهُ : طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بَانَتْ بِقِسْطِهَا ، وَإِنْ قَالَتْهُ إحْدَاهُمَا فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : رَجْعِيٌّ ، انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : هُوَ رَجْعِيٌّ لَا شَيْءَ لَهُ ، لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا لَا يَلْزَمُ الْبَاذِلَةَ هُنَا شَيْءٌ ، انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا ، قَالَ الْقَاضِي : هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَفِ اسْتَحَقَّ فِي الْأَصَحِّ الْأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ الْمُسَمَّى ، [ انْتَهَى ] .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : صَوَابُهُ " مِنْهُ وَمِنْ الْمُسَمَّى " وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بِعِوَضٍ ، فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ رَجَعَ إلَى مَا رَضِيَ بِكَوْنِهِ ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَلْفُ ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ عِوَضًا عَنْهَا وَعَنْ شَيْءٍ آخَرَ ، فَإِذَا جُعِلَ كُلُّهُ عَنْهَا كَانَ أَحَظَّ لَهُ .

إذَا قَالَ : مَتَى ، أَوْ إذَا ، أَوْ إنْ أَعْطَيْتنِي ، أَوْ أَقَبَضْتنِي أَلْفًا ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ، لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ ، خِلَافًا لِشَيْخِنَا ، كَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُ ، وَوَافَقَ عَلَى شَرْطٍ مَحْضٍ ، كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ ، وَفِي التَّعْلِيقِ الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ إيقَاعَ الْجَزَاءِ : إنْ كَانَ مُعَاوَضَةً فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ لَازِمَةً فَلَازِمٌ وَإِلَّا فَلَا ، فَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَلَا الْكِنَايَةُ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : التَّعْلِيقُ لَازِمٌ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ وَتَبِينُ بِعَطِيَّتِهِ ذَلِكَ فَأَكْثَرَ ، وَإِذْنِهِ بِإِحْضَارِهِ وَإِذْنِهَا فِي قَبْضِهِ وَمِلْكِهِ وَإِنْ تَرَاخَى ، وَالْمُرَادُ تُعْطِيهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ قَبْضُهُ ، كَمَا فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ فِي إنْ أَقَبَضْتنِي فَأَحْضَرَتْهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ ، فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ فَيَقَعَ بَائِنًا ، أَمْ لَا فَيَقَعَ رَجْعِيًّا ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ ( م 10 ) وَقِيلَ : يَكْفِي عَدَدٌ يُنْفِقُ بِرَأْسِهِ بِلَا وَزْنٍ ، لِحُصُولِ الْمَقْصِدِ فَلَا تَكْفِي وَازِنَةٌ نَاقِصَةٌ عَدَدًا كَذَلِكَ ، وَالسَّبِيكَةُ لَا تُسَمَّى دَرَاهِمَ .

مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ بَائِنًا أَمْ لَا فَيَقَعُ رَجْعِيًّا ؟ فِيهِ .
احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ لَهَا : مَتَى أَوْ إذَا أَوْ إنْ أَعْطَيْتنِي أَوْ أَقَبَضْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ ، فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ بَائِنًا أَمْ لَا يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ ، وَهُوَ أَوْلَى ، لِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ : وَتَبِينُ بِعَطِيَّتِهِ ذَلِكَ فَأَكْثَرَ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ نَذْكُرُ الصَّحِيحَ مِنْهُمَا .
( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ بَائِنًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : فَإِذَا أَحْضَرَتْهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَذِنَتْ فِي قَبْضِهِ عَلَى فَوْرٍ أَوْ تَرَاخٍ بَانَتْ مِنْهُ بِطَلْقَةٍ وَمَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ ، وَكَذَا قَالَ فِي الصُّغْرَى ، وَلَمْ يَقُلْ " وَمَلَكَهُ " وَكَذَا قَالَ فِي الْحَاوِي وَلَمْ يَقُلْ " مَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ " ، وَهُوَ مُرَادٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَا يَقَعُ بَائِنًا بَلْ رَجْعِيًّا ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .

وَإِنْ قَالَ لِرَشِيدَتَيْنِ : أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ ، فَقَبِلَتْهُ إحْدَاهُمَا ، طَلُقَتْ فِي الْأَصَحِّ بِقِسْطِهَا ، وَإِنْ قَالَهُ لِرَشِيدَةٍ وَمُمَيِّزَةٍ ، وَزَادَ : إنْ شِئْتُمَا ، فَقَالَتَا : قَدْ شِئْنَا ، طَلُقَتْ الرَّشِيدَةُ بِقِسْطِهَا مِنْهُ ، عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ يُقَسِّطُ بِقَدْرِ مَهْرِهِمَا ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ( م 11 ) وَالْمُمَيِّزَةُ تَطْلُقُ رَجْعِيَّةً كَسَفِيهَةٍ ، وَعَنْهُ : لَا مَشِيئَةَ لِمُمَيِّزَةٍ ، كَدُونِهَا .
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ لِمُكَلَّفَةٍ وَمُمَيِّزَةٍ : أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا قَدْ شِئْنَا طَلُقَتْ الرَّشِيدَةُ بِقِسْطِهَا مِنْهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ يَقْسِمُ بِقَدْرِ مَهْرَيْهِمَا ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ .
قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ هُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ ذَكَرَ الشَّيْخُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ .

فَلَا طَلَاقَ إنْ خَالَعَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِزَائِدٍ عَلَى إرْثِهِ ، وَقِيلَ : وَعَلَى مَهْرِهَا ، فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ .

وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَوْصَى أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِشَيْءٍ أَخَذَتْهُ إنْ كَانَ دُونَ إرْثِهَا ، وَإِنْ حَابَاهَا فِي الْخُلْعِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ .

وَإِنْ خَالَعَ وَكِيلَهُ مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَ لَهُ فَأَكْثَرَ أَوْ وَكِيلَهَا مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَتْهُ لَهُ فَأَقَلَّ صَحَّ ، وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا أَوْ نَقَصَ وَكِيلُهُ فَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، وَقِيلَ : فِي الْمُقَدَّرِ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ مِنْ وَكِيلِهِ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ النَّقْصَ وَالزِّيَادَةَ ، وَقِيلَ : يَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَعِنْدَ الْقَاضِي : لَا يَضْمَنُ وَكِيلُهَا ، لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْعَقْدَ لَهَا لَا مُطْلَقًا وَلَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ ( م 12 - 15 ) وَخُلْعُ وَكِيلِهِ بِلَا مَالٍ لَغْوٌ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ إنْ صَحَّ بِلَا عِوَضٍ ، وَإِلَّا رَجْعِيًّا ، وَيَصِحُّ مِنْ وَكِيلِهَا .
وَإِنْ خَالَفَ جِنْسًا أَوْ حُلُولًا أَوْ نَقْدَ بَلَدٍ فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ( م 16 ) وَتَوَلِّي الْوَكِيلِ فِيهِ لِطَرَفَيْهِ كَنِكَاحٍ ، وَإِذَا تَخَالَعَا تَرَاجَعَا بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ ، كَوُقُوعِهِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ ، وَعَنْهُ : تَسْقُطُ بِالسُّكُوتِ عَنْهَا ، إلَّا نَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَمَا خُولِعَ بِبَعْضِهِ .

( مَسْأَلَةٌ 12 - 15 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ خَالَعَ وَكِيلَهٌ مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَ لَهُ فَأَكْثَرَ أَوْ وَكِيلُهَا مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَتْهُ [ لَهُ ] فَأَقَلَّ صَحَّ ، وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا أَوْ نَقَصَ وَكِيلُهُ فَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، وَقِيلَ : فِي الْمُقَدَّرِ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ مِنْ وَكِيلِهِ : وَقِيلَ : يَصِحُّ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ النَّقْصَ وَالزِّيَادَةَ ، وَقِيلَ : يَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا : وَعِنْدَ الْقَاضِي : لَا يَضْمَنُ وَكِيلُهَا ، لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْعَقْدَ لَهَا لَا مُطْلَقًا وَلَا لِنَفْسِهِ ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12 ) وَلَوْ وَكَّلَ الزَّوْجُ فِي خُلْعِ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا ، فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا فَأَزْيَدَ ، صَحَّ ، وَإِنْ نَقَصَ صَحَّ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، اخْتَارَهَا ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ قَبُولِهِ نَاقِصًا وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِلْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ ، وَقِيلَ : يَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَهَذَا احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي أَيْضًا ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ ، قَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَصَحَّحَهُ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي ، وَأَطْلَقَ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13 ) لَوْ عَيَّنَ لَهُ الْعِوَضَ فَنَقَصَ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَابْنُ الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ؛ وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَصِحُّ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ ، قَالَ فِي

الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ : هَذَا الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْوَكَالَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 14 وَالرَّابِعَةُ 15 ) لَوْ وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا فَمَا دُونَ أَوْ بِمَا عَيَّنَتْهُ فَمَا دُونَ صَحَّ ، وَإِنْ زَادَ صَحَّ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ النِّهَايَةُ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَلَا شَيْءَ عَلَى وَكِيلِهَا ، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ وَتَبْطُلَ الزِّيَادَةُ ، يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلَا غَيْرَهُ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنِ ، وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : إذَا وَكَّلَتْهُ وَأَطْلَقَتْ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا مِقْدَارُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ ، وَقَالَ فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى مَا عَيَّنَتْ لَهُ : يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الزِّيَادَةُ .
وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ : يَلْزَمُهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ الْمُسَمَّى .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ خَالَفَ جِنْسًا أَوْ حُلُولًا أَوْ نَقْدَ بَلَدٍ فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، انْتَهَى .
عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا هُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا ، قَالَ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ : لَا يَصِحُّ .
وَقَالَ الْقَاضِي : الْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَ الْوَكِيلَ الَّذِي أُذِنَ فِيهِ ، وَيَكُونَ لَهُ مَا خَالَعَ بِهِ ، وَرَدَّهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ .

فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ ، وَمِنْ كِتَابِ الْبَيْعِ إلَى هُنَا ثَمَانُمِائَةٍ وَأَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً عَلَى التَّحْرِيرِ .

وَإِنْ ادَّعَى مُخَالَعَتَهَا بِمِائَةٍ فَأَنْكَرَتْهُ أَوْ قَالَتْ : خَالَعَكَ غَيْرِي ، بَانَتْ وَتَحْلِفُ لِنَفْيِ الْعِوَضِ ، وَإِنْ اعْتَرَفَتْ وَقَالَتْ ضَمِنَهُ غَيْرِي أَوْ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ فِي ذِمَّتِك لَزِمَهَا .

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ عِوَضِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ قُبِلَ قَوْلُهَا ، وَعَنْهُ : قَوْلُهُ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَهْرَ ، وَخَرَجَ التَّحَالُفُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ طَلَاقٍ وَلَهُ الْمَهْرُ .

وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ أَبَانَهَا وَبَاعَهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ ، لِأَنَّ غَرَضَهُ مَنْعُهُ فِي مِلْكِهِ ، كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ : إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ ، لِحِنْثِهِ وَانْعِقَادِهَا وَحِلِّهَا فِي غَيْرِ مِلْكٍ ، وَعَنْهُ : لَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا قَوْلًا ، وَعَنْهُ : فِي الْعِتْقِ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَوْدِ ، جَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي كِتَابِهِ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ فِيهِ وَفِي الطَّلَاقِ ، وَخَرَّجَ جَمَاعَةٌ مِثْلَهُ فِي الطَّلَاقِ ، وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : وَأَوْلَى ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رِوَايَةً ، وَاخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّ .

وَكَذَا : إنْ بِنْتِ مِنِّي ثُمَّ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَبَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ، وَفِي التَّعْلِيقِ احْتِمَالٌ : لَا يَقَعُ ، كَتَعْلِيقِهِ بِالْمِلْكِ .

قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ : إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا : إنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ تَغْلِيظًا عَلَيْهَا فِي أَنْ لَا تَعُودَ إلَيْهِ فَمَتَى عَادَتْ إلَيْهِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا طَلُقَتْ .

وَيُحَرَّمُ الْخُلْعُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ الطَّلَاقِ ، وَلَا يَقَعُ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ بَطَّةَ فِي مُصَنَّفٍ لَهُ فِيهَا ، وَذَكَرَ عَنْ الْآجُرِّيِّ ذَلِكَ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، وَالْقَاضِي فِي الْخِلَافِ ، وَاحْتَجَّ بِأَشْيَاءَ ، مِنْهَا قَوْلُ عُمَرَ : الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ ، رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْإِفْرَادِ مَرْفُوعًا ، وَكَذَا فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَ : إنَّهُ مُحَرَّمٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي : هَذَا يُفْعَلُ حِيلَةً عَلَى إبْطَالِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ ، وَالْحِيَلُ خِدَاعٌ لَا تُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ، فَلَوْ اعْتَقَدَ الْبَيْنُونَةَ فَفَعَلَ مَا حَلَفَ فَكَمُطَلِّقٍ مُعْتَقِدٍ أَجْنَبِيَّةً فَتَبِينُ امْرَأَتَهُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَقَالَ : خُلْعُ الْيَمِينِ هَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَوْ لَغْوًا وَهُوَ أَقْوَى ؟ فِيهِ نِزَاعٌ ، لِأَنَّ قَصْدَهُ ضِدَّهُ كَالْمُحَلِّلِ ، وَشَذَّ فِي الرِّعَايَةِ فَقَالَ : يُحَرَّمُ الْخُلْعُ حِيلَةً وَيَقَعُ فِي الْأَصَحِّ ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَصَدَ الْمُحَلِّلُ التَّحْلِيلَ وَقَصَدَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَصْدًا مُحَرَّمًا كَبَيْعِ عَصِيرٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ ، فَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا قِيلَ فِي الْأُخْرَى .
وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ : يُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْمُسْتَفْتِي بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلرُّخْصَةِ ، كَطَالِبٍ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الرِّبَا فَيَدُلُّهُ إلَى مَنْ يَرَى التَّحَيُّلَ لِلْخَلَاصِ مِنْهُ وَالْخُلْعُ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ .

كِتَابُ الطَّلَاقِ ، يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا ، وَعَنْهُ : لَا ، وَعَنْهُ : يُحَرَّمُ ، وَيُسْتَحَبُّ لِتَرْكِهَا صَلَاةً [ وَعِفَّةً ] وَنَحْوَهُمَا ، كَتَضَرُّرِهَا بِالنِّكَاحِ ، وَعَنْهُ : يَجِبُ لِعِفَّةٍ ، وَعَنْهُ : وَغَيْرِهَا ، فَإِنْ تَرَكَ حَقًّا لِلَّهِ فَهِيَ كَهُوَ فَتَخْتَلِعُ ، وَالزِّنَا لَا يَفْسَخُ نِكَاحًا ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يُسْكِرُ زَوْجَ أُخْتِهِ يُحَوِّلُهَا إلَيْهِ ، وَعَنْهُ أَيْضًا ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .
وَيَجِبُ فِي الْمُوَلَّى وَالْحَكَمَيْنِ [ وَعَنْهُ : لَا ] ، وَعَنْهُ : وَلِأَمْرِ أَبِيهِ ، وَعَنْهُ : الْعَدْلِ .

فَإِنْ أَمَرَتْهُ أُمُّهُ فَنَصُّهُ : لَا يُعْجِبُنِي طَلَاقُهُ ، وَمَنَعَهُ شَيْخُنَا مِنْهُ ، وَنَصَّ فِي بَيْعِ السَّرِيَّةِ : إنْ خِفْت عَلَى نَفْسِك فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ .
وَكَذَا نَصَّ فِيمَا إذَا مَنَعَاهُ مِنْ التَّزْوِيجِ .

وَيَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ حَتَّى كِتَابِيٍّ وَسَفِيهٍ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَكَذَا مُمَيِّزٌ يَعْقِلُهُ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : ابْنُ عَشْرٍ ، وَعَنْهُ : اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ، وَعَنْهُ : لَا يَقَعُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ ، وَعَنْهُ : لِأَبٍ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ فَقَطْ الطَّلَاقُ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : هِيَ أَشْهَرُ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَكَذَا سَيِّدُهُمَا ، وَقَاسَ فِي الْمُغْنِي عَلَى الْحَاكِمِ يُطَلِّقُ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ بِالْإِعْسَارِ وَيُزَوِّجُ الصَّغِيرَ ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ : يَمْلِكُهُ غَيْرُ أَبٍ إنْ مَلَكَ تَزْوِيجَهُ ، وَأَظُنُّهُ قَوْلَ ابْنِ عَقِيلٍ وَلَمْ يَحْتَجَّ الشَّيْخُ لِلْمَنْعِ ، بَلْ قَالَ : لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا .

وَطَلَاقُ مُرْتَدٍّ مَوْقُوفٌ ، وَإِنْ تَعَجَّلَتْ الْفُرْقَةُ فَبَاطِلٌ ، وَتَزْوِيجُهُ بَاطِلٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ كَرَجْعَتِهِ وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ : يَصِحُّ ، وَأَخَذَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ رِوَايَةِ عَدَمِ إقْرَارِ وَلَدِهِ زَمَنَ رِدَّتِهِ بِجِزْيَةٍ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ مُرْتَدٌّ لِمُرْتَدَّةٍ .

وَتُعْتَبَرُ إرَادَةُ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ ، فَلَا طَلَاقَ لِفَقِيهٍ يُكَرِّرُهُ وَحَاكٍ عَنْ نَفْسِهِ ، خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ، حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَغَيْرِهِ ، وَنَائِمٍ وَزَائِلِ الْعَقْلِ .

وَلَوْ ذَكَرَ الْمُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ الْمَجْنُونَ لَمَّا أَفَاقَ أَنَّهُ طَلَّقَ وَقَعَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ الشَّيْخُ : هَذَا فِيمَنْ جُنُونُهُ بِذَهَابِ مَعْرِفَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، فَأَمَّا الْمُبَرْسَمُ وَمَنْ بِهِ نِشَافٌ فَلَا يَقَعُ ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْمُبَرْسَمَ وَالْمُوَسْوِسَ إنْ عَقَلَ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ ، وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِمْ مَنْ غَضِبَ حَتَّى أُغْمِيَ [ عَلَيْهِ ] أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : بِلَا رَيْبٍ ، ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْ لَا ، وَيَقَعُ مِنْ غَيْرِهِ .
فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، لِأَنَّ { أَبَا مُوسَى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْمِلُهُ ، فَوَجَدَهُ غَضْبَانَ فَحَلَفَ لَا يَحْمِلُهُمْ وَكَفَّرَ } الْحَدِيثَ .
{ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ ، فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ وَاحْمَرَّ وَجْهُهُ قَالَ : مَا لَك وَلَهَا ؟ دَعْهَا } الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ .
وَجْنَتَاهُ مُثَلَّثُ الْوَاوِ ، مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْخَدَّيْنِ .
وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ { أَنَّهُ لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِمْ فِي الْخُرُوجِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَّبُوا الْبَابَ ، فَخَرَجَ مُغْضَبًا } .
الْحَدِيثَ ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلِأَنَّهُ مِنْ بَاطِنٍ كَالْمَحَبَّةِ الْحَامِلَةِ عَلَى الزِّنَا ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا إنْ غَيَّرَهُ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ لَمْ يَقَعْ ، لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ وَحَمَلَهُ عَلَيْهِ فَأَوْقَعَهُ وَهُوَ يَكْرَهُهُ لِيَسْتَرِيحَ مِنْهُ ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ ، فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ ، وَلِهَذَا لَا يُجَابُ دُعَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ نَذْرُ الطَّاعَةِ فِيهِ .
وَفِي صِحَّةِ حُكْمِهِ الْخِلَافُ ، وَإِنَّمَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا يَزُولُ بِالْكَفَّارَةِ ، وَهَذَا إتْلَافٌ ، وَرَوَى أَحْمَدُ { لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إغْلَاقٍ } قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ : يُرِيدُ [ بِهِ ] الْغَضَبَ ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد : أَظُنُّهُ الْغَضَبَ ، وَهَذَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُكْرَهِ

يَدُلُّ [ عَلَى ] أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ ، وَيَخُصُّ ظَاهِرُ الدَّلِيلِ بِهَذَا ، أَمَّا الْغَضَبُ يَسِيرًا فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فَيَقَعُ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَذْرُ الْغَضَبِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، لِظَاهِرِ قِصَّةِ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجَمِيِّ الَّتِي أَفْتَاهَا الصَّحَابَةُ فِي قَوْلِهَا هِيَ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ وَكَذَا ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ حُكْمَهُ لِلزُّبَيْرِ .
وَلِمَنْ اخْتَارَ هَذَا أَنْ يَحْمِلَ الْأَخْبَارَ الْمَذْكُورَةَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ، كَظَاهِرِ خَبَرِ زَيْدٍ ، فَلِأَنَّهُ مَعْصُومٌ ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حُكْمُهُ مَعَهُ ، أَمَّا لَوْ طَلَّقَ غَيْرَهَا أَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِهِ صَحَّ ، وَفِي الْفُنُونِ : مِنْ دَقِيقِ الْوَرَعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْبَذْلَ فِي اهْتِيَاجِ الطَّبْعِ وَهُوَ كَبَذْلِ السَّكْرَانِ ، وَقَلَّ أَنْ يَصِحَّ رَأْيٌ مَعَ فَوْرَةِ طَبْعٍ مِنْ حُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ أَوْ حَقْنِ الْخُبْثِ أَوْ غَضَبٍ ، فَإِذَا بَذَلَ فِي فَوْرَةِ ذَلِكَ يَعْقُبُهُ النَّدَمُ ، وَمِنْ هُنَا لَا يَقْضِي غَضْبَانُ .
وَإِذَا أَرَدْت عِلْمَ ذَلِكَ فَاخْتَبِرْ نَفْسَك .
وَقَدْ نَدِمَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى إحْرَاقِهِ بِالنَّارِ ، وَالْحَسَنُ عَلَى الْمُثْلَةِ ، فَمِنْ هُنَا وَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَى حِينِ الِاعْتِدَالِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : مِنْ الذُّنُوبِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْقَلْبِ الْغَضَبُ ، وَإِنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ اعْتِقَادِ الْكِبْرِ عَلَى الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّهْيَ عَنْهُ ، وَإِذَا كَظَمَهُ عَجْزًا عَنْ التَّشَفِّي احْتَقَنَ فِي الْبَاطِنِ ، فَصَارَ حِقْدًا يُثْمِرُ الْحَسَدَ وَالطَّعْنَ فِيهِ ، وَفِي الْبُخَارِيِّ ( بَابُ إذَا لَطَمَ الْمُسْلِمُ يَهُودِيًّا عِنْدَ الْغَضَبِ ) ثُمَّ رَوَى قِصَّةَ { الْأَنْصَارِيِّ لَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيَّ يَقُولُ : وَاَلَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ فَغَضِبَ فَلَطَمَهُ وَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ } ، وَلِأَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ الْغَضَبِ فَقَالَ لِرَجُلٍ : لَا تَغْضَبْ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

وَالْمُحَالُ لَا يُنْهَى عَنْهُ ، وَمَا حُرِّمَ لَا يَمْنَعُ تَرَتُّبَ الْأَحْكَامِ مَعَ وُجُودِ الْعَقْلِ ، كَالْخَمْرِ ، وَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ بِهِ إنْ عُذِرَ فَكَسُكْرٍ عُذِرَ فِيهِ ، وَإِلَّا كَبَنْجٍ ، وَظَهَرَ الْجَوَابُ عَنْ فِعْلٍ وَرَدٍّ مَعَ غَضَبٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيَقَعُ مِمَّنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسُكْرٍ مُحَرَّمٍ وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَشَيْخُنَا وَقَالَ : كَمُكْرَهٍ لَمْ يَأْثَمْ ، فِي الْأَصَحِّ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ : كُنْت أَقُولُ : يَقَعُ حَتَّى تَبَيَّنْتُهُ فَغَلَبَ عَلَيَّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ .
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : الَّذِي لَا يَأْمُرُ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا أَتَى خَصْلَةً وَاحِدَةً ، وَاَلَّذِي يَأْمُرُ بِهِ أَتَى ثِنْتَيْنِ : حَرَّمَهَا عَلَيْهِ وَأَحَلَّهَا لِغَيْرِهِ ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ وَهُوَ مَنْ يَخْلِطُ فِي كَلَامِهِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ ثَوْبَهُ أَوْ هَذَى ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا : أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ قَدْ يَفْهَمُ ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَزَعَمَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ( م ش ) وَأَحْمَدَ أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّشْوَانِ الَّذِي قَدْ يَفْهَمُ وَيَغْلَطُ ، فَأَمَّا الَّذِي تَمَّ سُكْرُهُ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مَا يَقُولُ : فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، وَالْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ جَعَلُوا النِّزَاعَ فِي الْجَمِيعِ ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي أَقْوَالِهِ وَكُلِّ فِعْلٍ يُعْتَبَرُ الْعَقْلُ لَهُ ، وَعَنْهُ : فِي حَدٍّ ، وَعَنْهُ : وَقَوْلُ كَمَجْنُونٍ ، وَغَيْرِهِمَا كَصَاحٍ ، وَعَنْهُ أَنَّهُ فِيمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ كَعِتْقِهِ وَقَتْلِهِ كَصَاحٍ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَلَا تَصِحُّ عِبَادَتُهُ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَلَا تُقْبَلُ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَتُوبَ ، لِلْخَبَرِ ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَالْبَنْجُ وَنَحْوَهُ كَجُنُونٍ ، لِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ بِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : يَقَعُ لِتَحْرِيمِهِ ، وَلِهَذَا يُعَزَّرُ قَالَ شَيْخُنَا : قَصْدُ إزَالَةِ الْعَقْلِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ مُحَرَّمٍ ، وَفِي الْوَاضِحِ : إنْ تَدَاوَى بِبَنْجٍ فَسَكِرَ لَمْ يَقَعْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .

وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ ظُلْمًا وَعَنْهُ : مِنْ سُلْطَانٍ بِإِيلَامِهِ بِضَرْبِهِ أَوْ حَبْسِهِ وَالْأَصَحُّ أَوْ لِوَلَدِهِ ، وَيَتَوَجَّهُ أَوْ وَالِدِهِ وَنَحْوَهُ أَوْ أَخْذِ مَالٍ يَضُرُّهُ ، أَوْ هَدَّدَهُ بِأَحَدِهَا قَادِرٌ يَظُنُّ إيقَاعَهُ فَطَلَّقَ تَبَعًا لِقَوْلِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَضُرُّهُ بِلَا تَهْدِيدٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ ، لَمْ يَقَعْ ، وَعَنْهُ : إنْ هُدِّدَ بِقَتْلٍ ، وَعَنْهُ : أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ ، فَإِكْرَاهٌ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقِيلَ : إحْرَاقُ مَنْ يُؤْلِمُهُ إكْرَاهٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَاضِحِ ، قَالَ الْقَاضِي الْإِكْرَاهُ يَخْتَلِفُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : لَا يَقَعُ مِنْ مُكْرَهٍ بِمُضِرٍّ وَشَتْمٍ وَتَوَعُّدٍ لِسُوقَةٍ ، وَإِنْ سَحَرَهُ لِيُطَلِّقَ فَإِكْرَاهٌ ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَإِنْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى مُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً فَوَجْهَانِ ( م 1 و 2 ) وَفِي الِانْتِصَارِ : هَلْ يَقَعُ لَغْوًا أَوْ يَقَعُ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ فَقَطْ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَكَذَا عِتْقُهُ وَيَمِينُهُ وَنَحْوَهُمَا ، وَعَنْهُ : تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهَا غَيْرَهَا ، وَلَا يُقَالُ : لَوْ كَانَ الْوَعِيدُ إكْرَاهًا لَكُنَّا مُكْرَهِينَ عَلَى الْعِبَادَاتِ فَلَا ثَوَابَ ، لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا : يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إنَّنَا مُكْرَهُونَ عَلَيْهَا ، وَالثَّوَابُ بِفَضْلِهِ لَا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، ثُمَّ الْعِبَادَاتُ تُفْعَلُ لِلرَّغْبَةِ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَيَقَعُ بَائِنًا فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ كَحُكْمٍ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَكْشِفُ خَافِيًا أَوْ يُنْفِذُ وَاقِعًا ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ : قَدْ قَامَ مَقَامَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي أَحْكَامِهِ كُلِّهَا ، وَعَنْهُ : يَقَعُ إنْ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ .

مَسْأَلَةٌ 1 و 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى مُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 ) إذَا تَرَكَ الْمُكْرَهُ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَقَعُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ ، وَيَأْتِي كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَقِيلَ : إنْ نَوَى الْمُكْرَهُ ظُلْمًا غَيْرَ الظَّاهِرِ نَفَعَهُ تَأْوِيلُهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ جَهْلًا أَوْ دَهْشَةً لَمْ يَضُرَّهُ ، وَإِنْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : لَا نِزَاعَ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ ، وَلِابْنِ حَمْدَانَ احْتِمَالٌ بِالْوُقُوعِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) إذَا أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ بِمُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا ( قُلْت ) : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْوُقُوعَ هُنَا أَقْوَى مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا ، فَإِنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْمُبْهَمَةِ إلَى مُعَيَّنَةٍ يَدُلُّ عَلَى نَوْعِ إرَادَةٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيَجُوزُ فِي حَيْضِ ، وَكَذَا عِتْقٌ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَتَعْلِيلِهِ ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَإِنْ سَلَّمَ فَلِإِسْقَاطِهِ حَقَّ الْبَائِعِ ، وَلَا يَلْزَمُ نِكَاحَ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُعْتَدَّةِ ، فَإِنَّهُ كَمَسْأَلَتِنَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، وَعَنْهُ : يَقَعُ فِي بَاطِلٍ إجْمَاعًا ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَا يَقَعُ فِي نِكَاحٍ فُضُولِيٍّ قَبْلَ إجَازَتَهُ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ .

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِلَا إذْنٍ فَطَلَّقَ سَيِّدُهُ جَازَ طَلَاقُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَنَقَلَ مُهَنَّا : إنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ أَوْ لَا لَمْ يَجُزْ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ فَطَلَّقَهَا ، فَقَالَ الْقَاضِي : لَا أَعْرِفُ رِوَايَةً ، وَإِنْ سَلَّمَ فَلِلْإِجْمَاعِ بَعْدُ ، وَقَالَ حَفِيدُهُ عَنْ بَعْضِ مُحَقِّقِي أَصْحَابِهِ : إنْ بَقِيَ مُجْتَهِدٌ يُفْتِي بِهِ وَقَعَ وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ : هَلْ يَمْنَعُ [ بَقَاءَ ] حُكْمِ خِلَافٍ سَبَقَ وَعَلَى إبْقَاءِ الْعَمَلِ بِمَذَاهِبِ الْمَوْتَى ، وَلَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ ، وَقَدْ بَنَى أَحْمَدُ مَذْهَبَهُ فِي أَحْكَامِ الْعُقُودِ عَلَى الِاجْتِهَادِ ، فَأَسْقَطَ مَهْرَ مَجُوسِيَّةٍ تَحْتَ أَخِيهَا أَوْ أَبِيهَا .

السُّنَّةُ لِمُرِيدِهِ ، إيقَاعُ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ ، ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، وَإِنْ طَلَّقَ مَدْخُولًا بِهَا فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ حَرَّمَ وَوَقَعَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي الْمُحَرَّرِ : وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخَرِ طُهْرَكِ وَلَمْ يَطَأْ فِيهِ ، وَكَلَامُ الْكُلِّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا مُبَاحٌ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ الْقُرُوءِ الْأَطْهَارُ ، وَفِي التَّرْغِيبِ : تَحَمُّلُهَا مَاءَهُ فِي مَعْنَى وَطْءٍ ، قَالَ : وَكَذَا وَطْؤُهَا فِي غَيْرِ قُبُلٍ ، لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ ، فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ ، وَتُسْتَحَبُّ رَجْعَتُهَا .
وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ : تَجِبُ ، وَعَنْهُ : فِي حَيْضٍ ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ .

وَطَلَاقُهَا فِي الطُّهْرِ الْمُتَعَقِّبِ لِلرَّجْعَةِ بِدْعَةٌ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ : وَيَلْزَمُهُ وَطْؤُهَا .

وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامٍ فَقَامَتْ حَائِضًا فَفِي الِانْتِصَارِ مُبَاحٌ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : بِدْعِيٌّ ، وَفِي الرِّعَايَةِ : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) [ قَوْلُهُ ] ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامٍ فَقَامَتْ حَائِضًا فَفِي الِانْتِصَارِ : مُبَاحٌ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يَدَّعِي .
وَفِي الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إنْ عَلَّقَهُ بِقُدُومِهِ فَقَدِمَ فِي حَيْضِهَا فَبِدْعَةٌ وَلَا إثْمَ فِيهِ ، انْتَهَى .
وَفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ مَا كَانَ عَلَّقَهُ وَهِيَ حَائِضٌ أَنَّهُ يُحَرَّمُ وَيَقَعُ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) يَحْتَمِلُ إنْ عَلِمَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَهِيَ حَائِضٌ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ ، وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَنْبَنِيَ ذَلِكَ عَلَى عِلَّةِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ ، فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالُوا : الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ الطَّلَاقِ فِيهِ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بِدْعِيًّا ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ : الْعِلَّةُ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ مَعَ قَصْدِ الْمُضَارَّةِ ، فَلَا يَكُونُ بِدْعِيًّا .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : الْعِلَّةُ كَوْنُهُ فِي زَمَنِ رَغْبَةٍ عَنْهَا ، فَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ بِدْعِيًّا ، وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِهِمَا ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .

وَذَكَرَ الشَّيْخُ إنْ عَلَّقَهُ بِقُدُومِهِ فَقَدِمَ فِي حَيْضِهَا فَبِدْعَةٌ ، وَلَا إثْمَ ( م 3 ) .

وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقِيلَ أَوْ ثِنْتَيْنِ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ فِي طُهْرٍ فَأَكْثَرَ وَقَعَ وَيُحَرَّمُ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : فِي الطُّهْرِ لَا الْأَطْهَارِ ، وَعَنْهُ : لَا يُحَرَّمُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا ، فَعَلَيْهَا : يُكْرَهُ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : هُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ ، وَلَا بِدْعَةَ بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ ، وَقَدَّمَ فِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةَ تَحْرِيمِهِ حَتَّى تَفْرُغَ الْعِدَّةُ ( هـ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا رَاجَعَ ، قَالَ : لِأَنَّهُ طُولُ الْعِدَّةِ ، وَأَنَّهُ مَعْنَى نَهْيهِ { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } ، وَلَمْ يُوقِعْ شَيْخُنَا طَلَاقَ حَائِضٍ وَفِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ ، وَأَوْقَعَ مِنْ ثَلَاثٍ مَجْمُوعَةٍ أَوْ مُفَرَّقَةٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَقَالَ : إنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ [ أَيْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ حَكَى عَدَمَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بَلْ وَاحِدَةً فِي الْمَجْمُوعَةِ أَوْ الْمُفَرِّقَةِ ] وَحَكَاهُ فِيهَا عَنْ جَدِّهِ ، لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إذَنْ فَلَا يَصِحُّ ، وَكَالْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ لِحَقِّ اللَّهِ ، وَمَنَعَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ [ فِي مَسْأَلَةِ النَّهْيِ ] وُقُوعَهُ فِي حَيْضٍ ، لِأَنَّ النَّهْيَ لِلْفَسَادِ ، وَقَالَ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ : إنَّمَا جَعَلَهُمْ لِإِكْثَارِهِمْ مِنْهُ ، فَعَاقَبَهُمْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ لِمَا عَصَوْا بِجَمْعِ الثَّلَاثِ ، فَيَكُونُ عُقُوبَةً لِمَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهِ ، مِنْ التَّعْزِيرِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ ، كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ لَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْهَا وَأَظْهَرُوهُ سَاغَتْ الزِّيَادَةُ عُقُوبَةً ، ثُمَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ إنْ كَانَتْ لَازِمَةً مُؤَبَّدَةً كَانَتْ حَدًّا ، كَمَا يَقُولُهُ مِنْ يَقُولُهُ فِي جَلْدِ الثَّمَانِينَ فِي الْخَمْرِ ، وَمَنْ يَقُولُ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِمَنْ جَمَعَهَا ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْجِعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ كَانَتْ تَعْزِيرًا ، وَمَتَى

كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ اتَّفَقَتْ النُّصُوصُ وَالْآثَارُ ، لَكِنَّ فِيهِ عُقُوبَةً بِتَحْرِيمِ مَا تُمْكِنُ إبَاحَتُهُ لَهُ ، وَهَذَا كَالتَّعْزِيرِ بِالْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةِ ، وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ عُقُوبَةً ، لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ مُحَرَّمٌ يَعْلَمُ قَائِلُهُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ ، وَإِذَا أَفْضَى إيقَاعُ الثَّلَاثِ إلَى التَّحْلِيلِ كَانَ تَرْكُ إيقَاعِهَا خَيْرًا مِنْ إيقَاعِهَا ، وَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي التَّحْلِيلِ ، وَلَعَلَّ إيقَاعَ بَعْضِ مَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِالْحَلِفِ بِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، فَإِنَّ الْحَالِفَ بِالنَّذْرِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَالْإِمْضَاءِ ، فَإِذَا قَصَدَ عُقُوبَتَهُ لِئَلَّا يَفْعَلَ ذَلِكَ أَمَرَ بِالْإِمْضَاءِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِابْنِهِ : أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ اللَّيْثِ ، وَإِنْ عُدْت أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ .
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ إمَامٌ فِي الْفِقْهِ وَالدِّينِ ، فَرَأَى سَائِغًا لَهُ أَنْ يُفْتِيَ ابْنَهُ ابْتِدَاءً بِالرُّخْصَةِ ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى فِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ أَفْتَاهُ بِالشِّدَّةِ ، وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ هُوَ التَّعْزِيرُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِالشَّدِيدِ ، إمَّا فِي الْإِيجَابِ وَإِمَّا فِي التَّحْرِيمِ فَإِنَّ الْعُقُوبَةَ بِالْإِيجَابِ كَالْعُقُوبَةِ بِالتَّحْرِيمِ .
وَحَدِيثُ رُكَانَةَ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ ، وَلَيْسَ فِيهِ إذَا أَرَادَ الثَّلَاثَ بَيَانُ حُكْمِهِ ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ جَوَازَ إلْزَامِهِ بِالثَّلَاثِ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ بِمُوجَبِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ ، وَقَدْ يَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ لِاسْتِحْقَاقِ التَّعْزِيرِ بِجَمْعِ الثَّلَاثِ ، فَيُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ ، وَيَغْتَاضُ عَلَيْهِ كَمَا اغْتَاضَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لَمَّا طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ ، لَكِنَّ التَّعْزِيرَ لِمَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ ، وَكَانُوا قَدْ عَلِمُوا النَّهْيَ عَنْ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ .
وَالْعَجْزُ فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ ضِدَّ الْكَيِّسِ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فَيُوقِعُ بِهِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ ، قَالَ : وَقَدْ يُقَالُ مِنْ هَذَا

الْبَابِ أَمَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لِمَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ أَنْ يُعِيدَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ .
وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ النِّزَاعُ وَاقِعًا فِيمَا يُسَوَّغُ فِيهِ الْأَمْرَانِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَقَالَ : إنَّ مِنْ ذَلِكَ بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ، لِوَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُ النَّاسِ مِنْهُ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً ، وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِي ذَلِكَ .

وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ ، وَمَنْ بَانَ حَمْلُهَا مُطْلَقًا ، وَعَنْهُ : يَلِي ، مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُطَلِّقَ حَائِضًا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَعَنْهُ : سُنَّةُ الْوَقْتِ تَثْبُتُ لِحَامِلٍ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، فَلَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ بِالْوَضْعِ ، وَعَلَى الْأُولَى لَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ : أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ طَلْقَةٌ ، وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةٌ ، وَقَعَتَا ، وَيُدَيَّنُ بِنِيَّتِهِ فِي غَيْرِ آيِسَةٍ إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ .
وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ : لَا ، وَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ( م 4 ) .
وَإِنْ قَالَهُ لِمَنْ هُمَا لَهَا فَوَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ وَوَاحِدَةٌ فِي ضِدِّ حَالِهَا ، إذَنْ .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ وَمَنْ بَانَ حَمْلُهَا .
ثُمَّ قَالَ : لَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ طَلْقَةٌ ، وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةٌ ، وَقَعَتَا ، وَيُدَيَّنُ بِنِيَّتِهِ فِي غَيْرِ آيِسَةٍ إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ .
وَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ : أَرَدْت طَلَاقَهَا فِي زَمَنٍ يَصِيرُ طَلَاقًا فِيهِ لِلسُّنَّةِ إنْ قَالَ : لِلسُّنَّةِ ، أَوْ لِلْبِدْعَةِ إنْ قَالَ : لِلْبِدْعَةِ ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : هَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَحْمَدَ ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ .

وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ نِصْفَيْنِ وَقَعَتْ إذَنْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى ، لِتَبْعِيضِ كُلِّ طَلْقَةٍ ، وَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّالِثَةِ فِي ضِدِّ حَالِهَا إذَنْ ، وَإِنْ نَوَى تَأَخُّرَ ثِنْتَيْنِ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ( م 5 ) وَإِنْ قَالَ لِمَنْ هُمَا لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ، طَلُقَتْ إنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ وَإِلَّا بِوُجُودِهِ ، وَإِنْ قَالَ لِلْبِدْعَةِ فَبِالْعَكْسِ ، وَفِي الثَّلَاثِ الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَعَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ نِصْفَيْنِ وَقَعَتْ إذًا عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّالِثَةِ فِي ضِدِّ حَالِهَا إذًا ، وَإِنْ نَوَى تَأَخُّرَ ثِنْتَيْنِ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ : هَذَا أَظْهَرُ : ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِأَخَفَّ مِمَّا يَلْزَمُهُ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ ( قُلْت ) : وَهُوَ قَوِيٌّ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ لِلْبِدْعَةِ فَبِالْعَكْسِ ، وَفِي الثَّلَاثِ الرِّوَايَتَانِ .
يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِي الطَّلَاقِ ثَلَاثًا ، هَلْ هُوَ لِلْبِدْعَةِ أَمْ لَا ؟ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُحَرَّمُ ، وَقَالَ : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَقَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَعَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ ، يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ : وَعَنْهُ : فِي الطُّهْرِ لَا الْأَطْهَارِ ، وَقَدَّمَ الْوُقُوعَ وَالتَّحْرِيمَ وَرِوَايَةً ثَالِثَةً بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ .

وَالْقُرُوءُ الْحِيَضُ ، فَيَقَعُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ بِالْحَائِضِ ، وَعَلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ يَقَعُ إذَنْ إلَّا حَائِضًا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَفِي صَغِيرَةٍ وَجْهَانِ ( م 6 ) .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَالْقُرُوءُ الْحِيَضُ فَيَقَعُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ بِالْحَائِضِ ، وَعَلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ يَقَعُ إذًا إلَّا حَائِضًا لَمْ يُدْخَلْ بِهَا ، وَفِي صَغِيرَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَطْلُقُ إلَّا فِي طُهْرٍ بَعْدَ حَيْضٍ يَتَجَدَّدُ .

وَأَقْبَحُهُ وَأَسْمَجُهُ كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ ، وَأَحْسَنُهُ وَأَجْمَلُهُ وَأَقْرَبُهُ وَأَعْدَلُهُ وَأَكْمَلُهُ وَأَتَمُّهُ وَأَسَنُّهُ كَالسُّنَّةِ ، فَإِنْ نَوَى أَحْسَنَ أَحْوَالِك وَأَقْبَحَهَا كَوْنَك مُطَلَّقَةً وَقَعَ إذَنْ ، كَقَوْلِهِ طَلْقَةٌ حَسَنَةٌ قَبِيحَةٌ ، وَإِنْ نَوَى بِأَحْسَنِهِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ لِشَبَهِهِ بِخَلْقِهَا الْقَبِيحِ أَوْ بِأَقْبَحِهِ زَمَنَ السُّنَّةِ لِقُبْحِ عِشْرَتِهَا فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ( م 7 ) .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَوَى بِأَحْسَنِهِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ لِشَبَهِهِ بِخُلُقِهَا الْقَبِيحِ أَوْ بِأَقْبَحِهِ زَمَنَ السُّنَّةِ لِقُبْحِ عِشْرَتِهَا فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَقِيلَ : إنْ قَالَ فِي أَحْسَنِ الطَّلَاقِ وَنَحْوَهُ : أَرَدْت طَلَاقَ الْبِدْعَةِ ، وَفِي أَقْبَحِ الطَّلَاقِ وَنَحْوَهُ : أَرَدْت طَلَاقَ السُّنَّةِ ، قُبِلَ فِي الْأَغْلَظِ عَلَيْهِ ، وَدُيِّنَ فِي الْأَخَفِّ ، وَهَلْ يُقْبَلُ حُكْمًا ؟ خُرِّجَ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ .

وَيُحَرَّمُ تَطْلِيقُ وَكِيلِ مُطَلِّقٍ وَقْتَ بِدْعَةٍ ، وَفِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ ( م 8 ) قَالَ فِي الْمُغْنِي : الزَّوْجُ يَمْلِكُهُ بِمِلْكِ مَحَلِّهِ ، وَلَمْ يُعَلِّلْ الْأَزَجِيُّ عَدَمَ الْوُقُوعِ إلَّا بِمُخَالَفَةِ أَمْرِ الشَّارِعِ ، فَإِنْ أَوْقَعَهُ وَقْتَ بِدْعَةٍ أَوْ ثَلَاثًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقَعُ ، وَيَتَوَجَّهُ عَدَمُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَيُحَرَّمُ ، وَفِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُحَرَّمُ وَيَقَعُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ : لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُحَرَّمُ وَلَا يَقَعُ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا فِيهِ شَرْعًا .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَطْرٍ بَعْدَ كَلَامِ الْأَزَجِيِّ : فَإِنْ أَوْقَعَهُ وَقْتَ بِدْعَةٍ أَوْ ثَلَاثًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : يَقَعُ ، وَيَتَوَجَّهُ عَدَمُهُ ، انْتَهَى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَزَجِيِّ ، وَهُوَ أَوْلَى ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَيَكُونَ زَادَ الثَّلَاثَ ، فَيَحْصُلُ فِي كَلَامِهِ خَلَلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي وُقُوعِهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَهُنَا قَدَّمَ الْوُقُوعَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ .
( وَالثَّانِي ) أَنَّهُ صَرَّحَ أَوَّلًا أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ ، وَهُنَا لَمْ يَنْقُلْ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ صَرِيحًا ، وَإِنَّمَا قَالَ : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ، وَذَكَرَ مِنْ عِنْدِهِ تَوْجِيهًا ، وَإِنْ أَعَدْنَاهُ إلَى كَلَامِ الْأَزَجِيِّ انْتَفَى ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ ثَمَانِي مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتُهُ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ بِغَيْرِ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ .
وَعَنْهُ : أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ ( و م ) وَقِيلَ : وَطَلَّقْتُك كِنَايَةٌ ، فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِنْشَاءَ وَالْخَبَرَ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ إنْشَاءٌ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ أَنَّ الْعُقُودَ الشَّرْعِيَّةَ بِلَفْظِ الْمَاضِي أَخْبَارٌ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : هَذِهِ الصِّيَغُ إنْشَاءٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا هِيَ الَّتِي أَثْبَتَتْ الْحُكْمَ وَبِهَا تَمَّ ، وَهِيَ أَخْبَارٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ ، فَإِنْ فَتَحَ تَاءَ أَنْتِ طَلُقَتْ ، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَأَبِي الْوَفَاءِ ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْخِلَافِ لَوْ قَالَتْهُ لِمَنْ قَالَ لَهَا : كُلَّمَا قُلْت لِي وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَقَالَ لَهَا مِثْلَهُ ، طَلُقَتْ ، وَلَوْ عَلَّقَهُ ، وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ تَخَلَّصَ وَبَقِيَ مُعَلَّقًا ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ثُمَّ قَالَ : وَلَهُ جَوَابٌ آخَرُ يَقُولُهُ بِفَتْحِ التَّاءِ فَلَا يَجِبُ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَلَهُ التَّمَادِي إلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ ، وَقِيلَ : لَا يَقَعُ شَيْءٌ ، لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْقَرِينَةِ ، فَزَوَّجْتُك بِفَتْحِ التَّاءِ وَنَحْوَهُ يَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ ، وَقِيلَ : مِنْ عَامِي وَفِي الرِّعَايَةِ : يَصِحُّ جَهْلًا أَوْ عَجْزًا ، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ .
وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَفِي الْوَاضِحِ : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ كَالطَّلَاقِ ، وَقِيلَ : وَكَذَا الْإِطْلَاقُ ، فَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ جِدًّا وَهَزْلًا ، وَعَنْهُ .
بِنِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةِ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِهَا وَنَحْوَهُ .

فَإِنْ أَرَادَ ظَاهِرًا فَغَلِطَ أَوْ أَنْ يَقُولَ : إنْ قُمْت فَتَرَكَ الشَّرْطَ وَلَمْ يُرِدْ طَلَاقًا أَوْ نَوَى بِطَالِقٍ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ سَابِقٍ لَمْ تَطْلُقْ ، وَيُدَيَّنُ بَاطِنًا ، وَعَنْهُ : لَا ، كَهَازِلٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي الْحُكْمِ وَلَا قَرِينَةَ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَقِيلَ فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ يُقْبَلُ إنْ وُجِدَ .
بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ أَرَادَ ظَاهِرًا فَغَلِطَ أَوْ أَنْ يَقُولَ : إنْ قُمْت فَتَرَكَ الشَّرْطَ ، وَلَمْ يُرِدْ طَلَاقًا ، أَوْ نَوَى بِطَالِقٍ عَنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ سَابِقٍ لَمْ تَطْلُقْ ، وَيُدَيَّنُ بَاطِنًا ، وَعَنْهُ لَا ، وَفِي الْحُكْمِ ، وَلَا قَرِينَةَ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى إلَّا فِي قَوْلِهِ : أَرَدْت أَنْ أَقُولَ : إنْ قُمْت فَتَرَكْت الشَّرْطَ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْأَخِيرَةِ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ إرَادَةِ الشَّرْطِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ .
وَفِي الْكَافِي إلَّا فِي قَوْلِهِ أَرَدْت أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلِي كَانَ كَذَلِكَ فَأَطْلَقَ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ إلَّا فِي إرَادَةِ الشَّرْطِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ فِي الْأَظْهَرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ ، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .

وَكَذَا قَوْلُهُ : أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت إنْ قُمْتِ ، وَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ ( م 2 ) وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى أَنَّ مَعَهُ شَرْطًا آخَرَ ، وَأَوْقَعَهُ فِي الْفُنُونِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ لَا فُقَهَاءُ الْبَصْرَةِ ، وَقَالَ : لَيْسَ فِي الْأُصُولِ قَبُولُ قَوْلِ إنْسَانٍ فِي رَدِّ قَوْلِ شَاهِدَيْنِ ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ أَوْ يَبِيعُ ثُمَّ ادَّعَى عَزْلًا أَوْ خِيَارًا .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) [ قَوْلُهُ ] وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت إنْ قُمْت ، وَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ ، انْتَهَى قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي : يُخَرَّجُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُقْبَلُ ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ " يَعْنِي وَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَفَرَّقَ ابْنُ مُنَجَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا .

وَإِنْ ضَرَبَهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا وَنَحْوَهُ وَقَالَ هَذَا طَلَاقُك ، فَنَصُّهُ : صَرِيحٌ ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ سَبَبُهُ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ، وَعَنْهُ : كِنَايَةٌ ( 3 ، 4 ) ، كَقَوْلِهِ بَعْدَ فِعْلٍ مِنْهَا أَوْ قَوْلِهِ : أَنْتِ عَاقِلَةٌ هَذَا طَلَاقُك ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ أَطْعَمَهَا أَوْ سَقَاهَا فَفِي كَوْنِهِ كَالضَّرْبِ وَجْهَانِ .

( مَسْأَلَةٌ 3 و 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ضَرَبَهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا وَنَحْوَهُ وَقَالَ : هَذَا طَلَاقُك ، فَنَصُّهُ صَرِيحٌ ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ سَبَبُهُ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ، وَعَنْهُ كِنَايَةٌ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3 ) إذَا فَعَلَ بِهَا مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ هَذَا طَلَاقُك ، فَهَلْ ذَلِكَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ .
( إحْدَاهُمَا ) هُوَ صَرِيحٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْكَافِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) هُوَ كِنَايَةٌ ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ .
قَالَ الْقَاضِي : يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ حَتَّى يَنْوِيَهُ ، وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْخِلَافِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَهُوَ قَوِيٌّ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4 ) عَلَى الْمَنْصُوصِ لَوْ نَوَى أَنَّهُ سَبَبُ طَلَاقِك فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي فِيمَا إذَا لَطَمَهَا فَقَالَ : هَذَا طَلَاقُك إنَّهُ كِنَايَةٌ مُحْتَمَلٌ بِالتَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ سَبَبُ طَلَاقِك ، انْتَهَى .

وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ ، وَقَعَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَعَكْسُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا .
وَإِنْ قَالَ : وَاحِدَةً أَوْ لَا فَوَجْهَانِ ( م 5 ) .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا تَطْلُقُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ ، وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَزَادَا غَيْرَهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي الْأُولَى ، وَهُوَ قَوْلُهُ : " أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا " وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : فَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .

وَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ آلَى ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا : شَرِكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْتِ مِثْلُهَا أَوْ كَهِيَ ، فَعَنْهُ كِنَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَنَصُّهُ : صَرِيحٌ ، وَقِيلَ : لَا يَلْزَمُهَا إيلَاءٌ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَلَوْ نَوَاهُ ( م 6 ، 7 ) .

( مَسْأَلَةٌ 6 و 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ آلَى ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا : شَرِكْتُك مَعَهَا ، أَوْ أَنْتِ مَعَهَا ، أَوْ كَهِيَ ، فَعَنْهُ : كِنَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَنَصُّهُ : صَرِيحٌ ، وَقِيلَ : لَا يَلْزَمُهَا إيلَاءٌ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَلَوْ نَوَاهُ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 ) إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي الضَّرَّةِ أَوْ كِنَايَةٌ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) هُوَ صَرِيحٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الظِّهَارِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) هُوَ كِنَايَةٌ فِيهِمَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 ) مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهِ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً فِي الثَّانِيَةِ .
( إحْدَاهُمَا ) يَكُونُ صَرِيحًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ أَيْضًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يَكُونُ كِنَايَةً ، فَإِنْ نَوَاهُ كَانَ مُولِيًا ، وَإِلَّا فَلَا ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلًا : لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا مِنْ الضَّرَّةِ مُطْلَقًا ، وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَيْضًا .
( تَنْبِيهٌ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً أَوْ صَرِيحًا ، أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا

مُطْلَقًا فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَتَأْخِيرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِي الذِّكْرِ عَنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ شَيْءٌ ، بَلْ الْأَوْلَى أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْخِلَافِ الْمُطْلَقِ أَوْ يُقَدِّمَهُ عَلَيْهِ .

وَإِنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِهَا بِشَيْءٍ يَبِينُ وَقِيلَ أَوْ لَا ، فَعَنْهُ : صَرِيحٌ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ .
وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَعَنْهُ كِنَايَةٌ ( م 8 ) وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَغْوٌ ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ بِخَطِّهِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا صِحَّةُ الْوِلَايَةِ بِالْخَطِّ ، وَصِحَّةُ الْحُكْمِ بِهِ ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي : مَا تَقُولُونَ فِي الْعُقُودِ وَالْحُدُودِ وَالشَّهَادَاتِ ؟ هَلْ تَثْبُتُ بِالْكِتَابَةِ ؟ قِيلَ : الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ تَثْبُتُ ، وَهِيَ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَثْبُتَ جَمِيعُهَا ، لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الصَّرِيحِ وَيَحْتَمِلُ لَا ، لِأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لَهَا فَقَوِيَتْ ، وَلِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كِنَايَةٌ فَضُعِّفَ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : لَا أَدْرِي أَرَادَ صِحَّتَهَا بِالْكِنَايَةِ أَوْ يُثْبِتُهَا فِي الظَّاهِرِ ، وَيَتَوَجَّهُ : هُمَا .
وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَتِهِ عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ خَطٌّ كَمَاءٍ وَنَحْوَهُ .
وَفِي الْمُغْنِي وَجْهٌ ، وَإِنْ نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ أَوْ غُمَّ أَهْلُهُ قَبِلَ حُكْمًا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ وَقَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَفِي قَبُولِهِ حُكْمًا الْخِلَافُ فِي التَّرْغِيبِ .

( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِهَا بِشَيْءٍ يَبِينُ وَقِيلَ : أَوْ لَا ، فَعَنْهُ : صَرِيحٌ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَعَنْهُ : كِنَايَةٌ ، انْتَهَى .
هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ خَرَّجَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) هُوَ صَرِيحٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ : أَدْخَلَهُ الْأَصْحَابُ فِي الصَّرِيحِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْرِيحِ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : وَقَعَ ، عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : هُوَ كِنَايَةٌ ، فَلَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَهُوَ الْأَظْهَرُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعِيدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَغْوٌ ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ بِخَطِّهِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِخَطِّهِ شَيْءٌ ، وَإِنْ نَوَاهُ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَطَّ بِنُطْقٍ لَيْسَ إقْرَارًا شَرْعِيًّا ، فِي الْأَصَحِّ ، انْتَهَى ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ الِاعْتِرَافُ ، وَهُوَ إظْهَارُ الْحَقِّ لَفْظًا .
وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي ، ثُمَّ قَالَ فِي الْكُبْرَى : قُلْت : هُوَ إظْهَارُ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ الْمُخْتَارِ مَا عَلَيْهِ لَفْظًا أَوْ كِنَايَةً فِي الْأَقْيَسِ ، أَوْ إشَارَةً أَوْ عَلَى مُوَكَّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ أَوْ مَوْرُوثِهِ بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ فِيهِ ، انْتَهَى .
فَصَحَّحَ هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا شَرْعِيًّا ، وَقَالَ فِي

الْإِقْرَارِ : إنَّهُ إقْرَارٌ فِي الْأَقْيَسِ ، وَتَابَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي ( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ .
كَمَنْ وَجَدَ خَطَّ أَبِيهِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَرَفَ خَطَّهُ .
وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيَقَعُ مِنْ أَخْرَسَ وَحْدَهُ بِإِشَارَةٍ ، فَلَوْ فَهِمَهَا الْبَعْضُ فَكِنَايَةٌ ، وَتَأْوِيلُهُ مَعَ صَرِيحٍ كَالنُّطْقِ ، وَكِتَابَتُهُ طَلَاقٌ ، وَإِنْ قَالَ الْعَجَمِيُّ : بهشتم ، وَقَعَ مَا نَوَاهُ ، فَإِنْ زَادَ : يَتَرَوَّحُونَ ، فَثَلَاثٌ ، وَفِي الْمُذْهَبِ مَا نَوَاهُ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِالْفَارِسِيَّةِ عَلَى مَا نَوَاهُ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مِثْلَ كَلَامٍ عَرَبِيٍّ ، وَإِنْ قَالَهُ عَرَبِيٌّ أَوْ نَطَقَ عَجَمِيٌّ بِلَفْظِ طَلَاقٍ وَلَمْ يَفْهَمَاهُ لَمْ يَقَعْ ، وَقِيلَ : بَلَى بِنِيَّةٍ مُوجِبَةٍ عِنْدَ أَهْلِهِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُفْرَدَاتِ : مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ، وَيَقَعُ طَلَاقُهُ .

وَكِنَايَاتُهُ الظَّاهِرَةُ : أَنْتِ خَلِيَّةٌ ، وَبَرِيئَةٌ ، وَبَائِنٌ ، وَبَتَّةٌ ، وَبَتْلَةٌ ، وَالْحَرَجُ .
وَجَعَلَ أَبُو جَعْفَرٍ مِخْلَاةً كَخَلِيَّةٍ ، وَقِيلَ : ابْنَتُك كَبَائِنٍ ، وَالْخَفِيَّةُ اُخْرُجِي ، وَاذْهَبِي ، وَذُوقِي ، وَتَجَرَّعِي ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ ، وَاعْتَزِلِي ، وَلَا حَاجَةَ لِي [ بِك ] وَمَا بَقِيَ شَيْءٌ ، وَأَغْنَاك اللَّهُ ، وَنَحْوَهُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَك ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : إذَا قَالَ : فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، قَالَ : إنْ كَانَ يُرِيدُ أَيْ دُعَاءً يَدْعُو بِهِ فَأَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ .
فَلَمْ يَجْعَلْهُ شَيْئًا مَعَ نِيَّةِ الدُّعَاءِ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْإِطْلَاقِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِرَاقَ صَرِيحٌ أَوْ لِلْقَرِينَةِ ، وَيُوَافِقُ هَذَا مَا قَالَ شَيْخُنَا فِي إنْ أَبْرَأْتنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَقَالَتْ : أَبْرَأَك اللَّهُ ، مِمَّا تَدَّعِي النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ ، فَظَنَّ أَنَّهُ يَبْرَأُ فَطَلَّقَ قَالَ : يَبْرَأُ ، فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءٌ ، وَظَهَرَ أَنَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلَيْنِ : هَلْ يَعْمَلُ بِالْإِطْلَاقِ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ ، أَمْ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ ؟ وَنَظِيرُ ذَلِكَ : إنَّ اللَّهَ قَدْ بَاعَك ، أَوْ قَدْ أَقَالَك وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي : حَبْلُك عَلَى غَارِبِك ، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْت ، وَحَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ ، وَلَا سَبِيلَ أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك ، وَغَطِّي شَعْرَك وَتَقَنَّعِي ، فَعَنْهُ ظَاهِرَةٌ ، كَأَنْتِ حُرَّةٌ وَأَعْتَقْتُك ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، لِأَنَّ النِّكَاحَ رِقٌّ ، وَعَنْهُ خَفِيَّةٌ ( م 10 ) كَقَوْلِهِ : اعْتَدِّي ( م ) ، وَاسْتَبْرِئِي ، وَالْحَقِي بِأَهْلِك ( م ) ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ لَا حَاجَةَ لِي فِيك ، وَبَابُ الدَّارِ لَك مَفْتُوحٌ ، كَأَنْتِ بَائِنٌ .

مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي : حَبْلُك عَلَى غَارِبِك ، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْت ، وَحَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ ، وَلَا سَبِيلَ أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك ، وَغَطِّي شَعْرَك ، وَتَقَنَّعِي فَعَنْهُ : ظَاهِرَةٌ ، وَعَنْهُ : خَفِيَّةٌ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخَمْسَةِ الْأُوَلِ ، فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) الْخَمْسُ الْأُوَلُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْمَزِيدَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : هِيَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَاخْتَارَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَنَّ قَوْلَهُ : لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك وَحَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ أَنَّ حَبْلَك عَلَى غَارِبِك وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْت وَحَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك وَلَا سُلْطَانَ عَلَيْك خَفِيَّةٌ .
( تَنْبِيهٌ ) حُكْمُ قَوْلِهِ " غَطِّي شَعْرَك ، وَتَقَنَّعِي " حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا .

وَفِي الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ وَلَوْ ظَاهِرَةً ، وَفِيهَا رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَفْظٍ ، وَقِيلَ أَوَّلُهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ أَوْ قَبْلَهُ ، وَعَنْهُ وَمَعَ خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ ، قَطَعَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ ، وَعَنْهُ : وَلَوْ بَعْدَ سُؤَالِهَا إيَّاهُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيمَا كَثُرَ قَوْلُهُ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ ، نَحْوَ اُخْرُجِي ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ لَمْ يَقْبَلْ حُكْمًا مَعَ سُؤَالِهَا أَوْ خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَيَقَعُ بِالظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَعَنْهُ : وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ ، وَعَنْهُ : مَا نَوَى ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ، وَكَذَا الرِّوَايَاتُ فِي : أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ أَلْبَتَّةَ ، أَوْ بِلَا رَجْعَةٍ ، وَإِنْ قَالَ : وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ أَوْ بَتَّةٌ فَرَجْعِيَّةٌ ، وَعَنْهُ : بَائِنَةٌ ، وَعَنْهُ ثَلَاثٌ ، كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا ، وَفِي الْفُصُولِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاحِدَةً يَقَعُ وَاحِدَةً ، لِأَنَّهُ وَصَفَ الْوَاحِدَةَ بِالثَّلَاثِ ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ الثَّلَاثَ بِالْوَاحِدَةِ فَوَقَعَتْ الثَّلَاثُ ، وَلَغَا الْوَصْفَ ، وَهُوَ أَصَحُّ ، وَيَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً ، فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ فِي غَيْرِ : أَنْتِ وَاحِدَةٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَقَعَ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قُلْنَا : إنَّهُمَا لَيْسَا صَرِيحَيْنِ هَلْ هُمَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْخَفِيَّةِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا .
( أَحَدُهُمَا ) هُمَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُمَا مِنْ الظَّاهِرَةِ ، قَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ ، وَأَنَا أَسْتَبْعِدُ هَذَا مِنْهُ ، لِكَوْنِهِ يَقْطَعُ بِهِ مَعَ قَطْعِ صَاحِبِ الْمُغْنِي بِخِلَافِهِ ، وَلَمْ يَحْكِهِ ، وَلَعَلَّ فِي النُّسْخَةِ غَلَطًا .

وَإِنْ قَالَ : لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَسْتِ [ لِي امْرَأَةً ] .
فَعَنْهُ : لَغْوٌ ، وَالْأَصَحُّ كِنَايَةٌ ، فَلَوْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ ، فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( م 12 ) وَكُلِي وَاشْرَبِي قِيلَ : كِنَايَةٌ ، وَالْأَصَحُّ لَا ، نَحْوَ : اُقْعُدِي ، وَأَنْتِ مَلِيحَةٌ أَوْ قَبِيحَةٌ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَسْت ، فَعَنْهُ : لَغْوٌ ، وَالْأَصَحُّ كِنَايَةٌ ، فَلَوْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ ، فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَقَالَ : مَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْإِنْشَاءَاتِ هَلْ تُؤَكِّدُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ ؟ أَمْ لَا يُؤَكِّدُ إلَّا الْخَبَرُ فَتَتَعَيَّنُ خَبَرِيَّةً هَذَا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ ؟ انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَلَوْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ ، انْتَهَى .
وَهُوَ الصَّوَابُ .

وَإِنْ قَالَ : أَنَا مِنْك طَالِقٌ ، فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، كَحَذْفِهِ " مِنْك " .

وَفِي : أَنَا مِنْك بَائِنٌ ، أَوْ حَرَامٌ ، أَوْ بَرِيءٌ .
وَجْهَانِ ( م 13 ) وَكَذَا مَعَ حَذْفِهِ " مِنْك " بِالنِّيَّةِ ، فِي احْتِمَالٍ .
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَفِي : أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَرِيءٌ وَجْهَانِ انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنُ رَزِينٍ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَا مِنْك بَرِيءٌ ، وَهِيَ مِثْلُهُمَا فِي الْحُكْمِ .
( أَحَدُهُمَا ) هُوَ لَغْوٌ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي قَوْلِهِ : أَنَا مِنْك بَرِيءٌ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ كِنَايَةٌ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي الْجَمِيعِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ .
( تَنْبِيهٌ ) مَنْشَأُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَتَوَقَّفَ ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ : يَتَخَرَّجُ عَلَى وَجْهَيْنِ .

وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ ، مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ ، أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ ، فَظِهَارٌ ، وَعَنْهُ : يَمِينٌ ، وَعَنْهُ : طَلَاقٌ بَائِنٌ ، حَتَّى نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ : الْحَرَامُ ثَلَاثٌ حَتَّى لَوْ وَجَدْت رَجُلًا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ كَرَاهَةُ الْفُتْيَا فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ ، وَعَنْهُ : كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ ، وَإِنْ نَوَى شَيْئًا ، فَعَنْهُ : نِيَّتُهُ ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ : ظِهَارٌ ( م 14 ) فَإِنْ نَوَى ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا فَظِهَارٌ ، وَإِنْ قَالَهُ لِمُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ وَنَحْوِهِ وَنَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِهِ فَلَغْوٌ ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخَبَرَ ، وَيَحْتَمِلُ إنْشَاءَ التَّحْرِيمِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ، وَيَتَوَجَّهُ كَإِطْلَاقِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ ، وَإِنْ قَالَ : أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ ، أَوْ طَلَاقًا ، فَعَنْهُ ظِهَارٌ ، كَقَوْلِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ ، وَالْمَذْهَبُ طَلَاقٌ بِالْإِنْشَاءِ ، وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ مَعَ التَّعْرِيفِ رِوَايَتَانِ ( م 15 ) .

مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَعَنْهُ : نِيَّتُهُ ، وَنَقْلُ الْجَمَاعَةِ - وَهُوَ الْأَشْهَرُ - ظِهَارٌ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ كَمَا قَالَ .
وَقَالَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ : هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، يَقَعُ مَا نَوَاهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ مَعَ التَّعْرِيفِ رِوَايَتَانِ .
يَعْنِي إذَا قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ بِالتَّعْرِيفِ وَقُلْنَا : هُوَ طَلَاقٌ فَهَلْ يَقَعُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً ؟ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ ثَلَاثًا ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَالَ : إنْ حُرِّمَتْ الرَّجْعِيَّةُ ، وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ نَقْلَ أَبِي طَالِبٍ فِي أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا فَقَالَ : وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ الرَّجْعَةَ مُحَرَّمَةٌ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ .

وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ : مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ إنْ دَخَلْت لَك فِي خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَالرَّجُلُ مَرِيضٌ ، يَعُودُهُ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَا يُشَيِّعُ جِنَازَتَهُ ، أَخَافُ أَنَّهُ ثَلَاثٌ وَلَا أُفْتِي بِهِ .

وَلَوْ نَوَى فِي : حَرَّمْتُك عَلَى غَيْرِي ، فَكَطَلَاقٍ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ .

وَلَوْ قَالَ : فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ ، فَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ فَظِهَارٌ ، وَإِنْ نَوَى فِرَاشَهُ فَيَمِينٌ ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ وَإِنْ قَالَ : كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ ، لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ ، وَقِيلَ : لَا الظِّهَارُ ، جَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، لِإِبَاحَتِهِ بِحَالٍ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَظِهَارٌ ، وَعَنْهُ : يَمِينٌ .

وَإِنْ قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقٍ ، وَكُذِّبَ ، دُيِّنَ وَلَزِمَهُ حُكْمًا ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا : .

وَإِنْ سُئِلَ أَطْلَقْت امْرَأَتَك ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَوْ أَلَك امْرَأَةٌ ؟ قَالَ : قَدْ طَلَّقْتهَا ، يُرِيدُ الْكَذِبَ ، وَقَعَ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : حُكْمًا كَقَوْلِهِ : كُنْت طَلَّقْتهَا وَإِنْ قِيلَ لَهُ : خَلَّيْتهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَكِنَايَةٌ .

وَمَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٌ : ثُمَّ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ ، وَيُقْبَلُ بِيَمِينِهِ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ ذَلِكَ مِمَّنْ يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .

وَإِنْ قَالَ : أَمْرُك بِيَدِك ، فَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ تَمْلِكُ ثَلَاثًا .
وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً ، أَفْتَى بِهِ أَحْمَدُ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَعَنْهُ : وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ، قَطَعَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ وَالتَّبْصِرَةِ ، كَقَوْلِهِ : اخْتَارِي ، وَعَنْهُ ، فِيهِ : غَيْرُ مُكَرِّرٍ ثَلَاثًا ، وَكَقَوْلِهِ : وَطَلِّقِي نَفْسَك ، وَعَنْهُ ، فِيهِ : ثَلَاثٌ بِنِيَّتِهِمَا لَهَا ، كَقَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَتَطْلُقُ بِنِيَّتِهَا ، وَقِيلَ أَوْ لَا وَنَصُّهُ : وَمُتَرَاخِيًا ، وَنَصُّهُ أَنْ اخْتَارِي مُخْتَصَّةً بِالْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ .
وَعَنْهُ : عَلَى الْفَوْرِ ، وَخُرِّجَ فِيهِمَا الْعَكْسُ .

وَطَلِّقِي نَفْسَك هَلْ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 16 ) وَذَلِكَ تَوْكِيلٌ يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ ، وَلَوْ وَكَّلَهَا بِعِوَضٍ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُرَدُّ الْوَكِيلُ .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَطَلِّقِي نَفْسَك هَلْ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، رَجَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَهُوَ أَوْلَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .

وَيَقَعُ بِإِيقَاعِ الْوَكِيلِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ وَفِي وُقُوعِهِ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ مِمَّنْ وَكَّلَ فِيهِ بِصَرِيحِ وَجْهَانِ ( م 17 ) .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَيَقَعُ بِإِيقَاعِ الْوَكِيلِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ ، وَفِي وُقُوعِهِ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّتِهِ مِمَّنْ وَكَّلَ فِيهِ بِصَرِيحٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَقَعُ ، قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ ، كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : طَلِّقِي نَفْسَك ، فَطَلُقَتْ بِالْكِنَايَةِ ، بَلْ جَعَلَهَا ابْنُ حَمْدَانَ مِثْلَهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَقَعُ إلَّا بِالصَّرِيحِ .

وَكَذَا عَكْسُهُ فِي التَّرْغِيبِ ( م 18 ) .
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا عَكْسُهُ فِي التَّرْغِيبِ .
يَعْنِي أَنَّهُ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ فَطَلَّقَ بِالصَّرِيحِ .
وَالصَّوَابُ هُنَا الْوُقُوعُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .

وَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا : اخْتَرْت بِنِيَّةٍ حَتَّى تَقُولَ : نَفْسِي أَوْ أَبَوَيَّ أَوْ الْأَزْوَاجَ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ ، وَنَفْسَهَا ثَلَاثٌ ، وَعَنْهُ : إنْ خَيَّرَهَا فَقَالَتْ : طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا وَقَعَتْ ، وَإِنْ أَنْكَرَ قَوْلَهَا قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَمَنْ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِيهَا .

وَتُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ إيقَاعِ وَكِيلِهِ ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَنَصُّ [ أَحْمَدَ ] ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ فِي تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ : لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَالْأَزَجِيُّ ، فِي عَزْلِ الْمُوَكَّلِ لَهُ ، وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا قَالَ : وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ وَرَهْنِهِ وَنَحْوَهُ .

وَمَنْ وَكَّلَ فِي ثَلَاثٍ فَأَوْقَعَ وَاحِدَةً أَوْ عَكْسَهُ فَوَاحِدَةٌ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ خُيِّرَ مِنْ ثَلَاثٍ مَلَكَ ثِنْتَيْنِ فَأَقَلَّ ، وَلَا يَمْلِكُ بِالْإِطْلَاقِ تَعْلِيقًا .

وَإِنْ وُكِّلَا فِي ثَلَاثٍ فَطَلَّقَ وَاحِدٌ وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أَكْثَرَ فَوَاحِدَةٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَإِنْ صَحَّ طَلَاقُ مُمَيِّزٍ صَحَّ تَوْكِيلُهُ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ : وَتَخْيِيرُ مُمَيِّزَةٍ وَإِلَّا فَلَا ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .

وَتَمْلِكُ بِطَلَاقِكِ بِيَدِكِ وَوَكَّلَتْكِ فِي الطَّلَاقِ مَا تَمْلِكُ بِالْأَمْرِ ، فَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا : أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مِنِّي طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك ، وَقِيلَ : بَلَى بِنِيَّةٍ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : صِفَةُ طَلَاقِهَا طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ أَنَا مِنْك طَالِقٌ ، وَإِنْ قَالَتْ : أَنَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ وَالْأَمْرُ إنْ لَمْ يُكَرِّرْهُمَا بِرَدِّهِ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ ، خِلَافًا لِلْحَلْوَانِيِّ وَالْأَجْنَبِيُّ كَهِيَ ، وَالْمَذْهَبُ إلَّا أَنَّهُ مُتَرَاخٍ .

وَإِنْ وَهَبَهَا لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فَرَدَّتْ فَلَغْوٌ ، وَعَنْهُ : رَجْعِيَّةٌ ، وَإِنْ قَبِلَتْ فَرَجْعِيَّةٌ ، وَعَنْهُ : بَائِنَةٌ ، وَعَنْهُ : ثَلَاثٌ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي : مَا نَوَاهُ ، وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ وَاهِبٍ وَمَوْهُوبٍ ، وَيَقَعُ أَقَلُّهُمَا ، وَعَنْهُ : لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةٌ فِي الْهِبَةِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي .
وَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ وَبِالْأَمْرِ وَالْخِيَارِ الطَّلَاقَ فِي الْحَالِ وَقَعَ ، وَإِنْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ فَلَغْوٌ مُطْلَقًا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً كَهِبَةٍ وَجْهَانِ ، نَقَلَ حَنْبَلٌ : وَهُمَا كَخَائِنٍ يُؤَدَّبَانِ وَلَا قَطْعَ وَيُحْبَسَانِ حَتَّى يُظْهِرَا تَوْبَةً .

وَمَنْ طَلَّقَ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَقَعْ ، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : إذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَلْفِظْ بِهِ أَوْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ ، وَيَتَوَجَّهُ كَقِرَاءَةِ صَلَاةٍ .

بَابُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ ، فَيَمْلِكُ حُرٌّ ثَلَاثًا ، وَعَبْدٌ ثِنْتَيْنِ ، وَلَوْ طَرَأَ رِقُّهُ ، كَلُحُوقِ ذِمِّيٍّ بِدَارِ حَرْبٍ فَاسْتُرِقَّ وَكَانَ قَدْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ وَقُلْنَا : يَنْكِحُ عَبْدٌ حُرَّةً نَكَحَ هُنَا ، وَلَهُ طَلْقَةٌ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ، وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ ، وَعَنْهُ : الطَّلَاقُ بِالنِّسَاءِ ، فَيَمْلِكُ زَوْجُ حُرَّةٍ ثَلَاثًا ، وَزَوْجُ أَمَةٍ ثِنْتَيْنِ ، فَيُعْتَبَرُ الطَّرَيَانِ بِالْمَرْأَةِ .
وَمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَحُرٍّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي الْكَافِي : كَقِنٍّ .
فَإِذَا قَالَ : أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي أَوْ عَلَيَّ وَنَحْوَهُ فَصَرِيحٌ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ يَقَعُ وَاحِدَةً ، مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ، وَعَنْهُ : ثَلَاثٌ : وَفِي الرَّوْضَةِ ، هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا : مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَلَهُ نِسَاءٌ وَلَا نِيَّةَ وَحَنِثَ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : إنْ قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَفَعَلَ وَقَعَ بِالْكُلِّ أَوْ بِمَنْ بَقِيَ .

قَالَ : وَإِنْ قَالَ : عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأَفْعَلَنَّ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَرْأَةَ ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ تَحْتَهُ زَوْجَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَفَعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَقَعَ أَيْضًا ، كَذَا قَالَ .

وَلَوْ قَالَ : فُلَانَةُ طَالِقٌ لَأَفْعَلَنَّ ، فَمَاتَتْ ، أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى ، لَمْ تَطْلُقْ ، لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ لِامْرَأَةٍ .
وَفِي الْوَاضِحِ : أَنْتِ طَلَاقٌ كَأَنْتِ الطَّلَاقُ ، وَمَعْنَاهُ فِي الِانْتِصَارِ .

وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا بِأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَتْهُ كَنِيَّتِهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا ، وَعَنْهُ وَاحِدَةٌ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي ، وَجَمَاعَةٌ ، كَنِيَّتِهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ، فِي الْأَصَحِّ ، فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ، وَصَادَفَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا مَوْتَهَا أَوْ قَارَنَهُ ، وَقَعَ وَاحِدَةً .
وَعَلَى الْأَوِّلَةِ ثَلَاثًا ، لِوُجُودِ الْمُفَسِّرِ فِي الْحَيَاةِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ .

وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا ، وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ ، فَثَلَاثٌ .
وَإِنْ أَرَادَ الْمَقْبُوضَتَيْنِ فَثِنْتَانِ .
وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا فَوَاحِدَةٌ ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّرْغِيبِ .

وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أَوْ غَايَتَهُ أَوْ مُنْتَهَاهُ أَوْ كَأَلْفٍ أَوْ عَدَدَ الْحَصَى أَوْ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ الرِّيحِ وَنَحْوَهُ أَوْ يَا مِائَةَ طَالِقٍ ، فَثَلَاثٌ ، وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَأَلْفٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُسْتَوْعِبِ : وَيَأْثَمُ بِالزِّيَادَةِ .

وَلَوْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا فَفِي الْحُكْمِ الْخِلَافُ ( م 1 ) .
مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا فَفِي الْحُكْمِ الْخِلَافُ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي غَيْرِ مَا مَسْأَلَةٍ تَقَدَّمَتْ فِيمَا إذَا احْتَمَلَ تَأْوِيلُهُ ذَلِكَ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُقْبَلُ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ عَلَى رَأْيٍ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .

وَإِنْ قَالَ : أَشَدَّهُ أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ عِظَمَهُ وَنَحْوَهُ فَوَاحِدَةٌ .
وَيَقَعُ مَا نَوَاهُ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي مِلْءِ الْبَيْتِ ، وَفِي أَقْصَاهُ أَوْ أَكْثَرِهِ أَوْجُهٌ ، ثَالِثُهَا : أَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ ( م 2 و 3 ) وَفِي آخِرِ الْمُجَلَّدِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْفُنُونِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ فِي أَشَدِّ الطَّلَاقِ كَأَقْبَحِ الطَّلَاقِ يَقَعُ طَلْقَةٌ فِي الْحَيْضِ أَوْ ثَلَاثٌ ، عَلَى احْتِمَالِ وَجْهَيْنِ ، وَأَنَّهُ كَيْفَ يُسَوِّي بَيْنَ أَشَدِّ الطَّلَاقِ وَأَهْوَنِ الطَّلَاقِ .

( مَسْأَلَةٌ 2 و 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : أَشَدَّهُ أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ عِظَمَهُ وَنَحْوَهُ فَوَاحِدَةٌ ، وَيَقَعُ مَا نَوَاهُ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي مِلْءِ الْبَيْتِ ، وَفِي أَقْصَاهُ أَوْ أَكْثَرِهِ أَوْجُهٌ ، ثَالِثًا أَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ ، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُغْنِي فِي مَكَان ، وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ فِي مَوْضِعٍ ، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : هَذَا أَشْهَرُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَقَالَ : تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ فِي مَوْضِعٍ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
( تَنْبِيهَانِ ) : الْأَوَّلُ : فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْأَصْحَابِ وَالْمُغْنِي ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، لِمَا تَقَدَّمَ .
( الثَّانِي ) كَوْنُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ يَقْطَعَانِ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَقْطَعَانِ بِوُقُوعِ وَاحِدَةٍ فِيهَا وَالْكُلُّ فِي وَرَقَةٍ عَجِيبٌ مِنْهُمَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَقْصَى الطَّلَاقِ تَطْلُقُ فَهَلْ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا )

تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، كَمُنْتَهَاهُ وَغَايَتِهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، كَأَشَدِّهِ وَأَعْرَضِهِ وَأَطْوَلِهِ .

وَلَوْ أَوْقَعَ طَلْقَةً ثُمَّ قَالَ : جَعَلْتهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ بَعْدَهَا فَوَاحِدَةٌ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ .
وَإِنْ قَالَ : وَاحِدَةً بَلْ هَذِهِ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا .
وَإِنْ قَالَ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ ، طَلُقَتَا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَالِقٌ وَقَعَ بِالثَّالِثَةِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ ، كَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ ، وَقِيلَ : يَقْرَعُ بَيْنَ الْأُولَى وَبَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ .
وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَقَعَ بِالْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ ، كَهَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَقِيلَ : يَقْرَعُ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالثَّالِثَةِ .

وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثِنْتَيْنِ ، وَعَنْهُ : ثَلَاثًا .

وَإِنْ قَالَ طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ بِالْحَاسِبِ وَبِغَيْرِهِ قِيلَ : طَلْقَةٌ ، وَقِيلَ : ثِنْتَانِ ، وَقِيلَ : بِهِمَا وَاحِدَةٌ ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ ، وَقِيلَ : بِعَامِي ( م 4 ) وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ .
فَإِنْ نَوَى مُوجِبَ حِسَابِهِ وَجَهِلَهُ فَوَجْهَانِ ( م 5 ) .

( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ بِالْحَاسِبِ وَبِغَيْرِهِ ، قِيلَ : طَلْقَةٌ ، وَقِيلَ : ثِنْتَانِ وَقِيلَ بِهِمَا وَاحِدَةٌ ، وَقِيلَ : ثَلَاثٌ ، وَقِيلَ : بِعَامِي ، انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ مَنْ لَهُمْ عُرْفٌ فِي هَذَا اللَّفْظِ أَوْ لَا ، قَالَ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ مِمَّنْ عُرْفُهُمْ أَنَّ " فِي " هُنَا بِمَعْنَى " مَعَ " وَقَعَ بِهِ ثَلَاثٌ ، لِأَنَّ كَلَامَهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِمْ ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ إرَادَتُهُ انْتَهَى ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا .
( وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا مِنْ الْعَامِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ .
وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي وَهُوَ الْفَرْقُ قَوْلٌ خَامِسٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ ، فَإِنْ نَوَى بِمُوجَبِ حِسَابِهِ وَجَهْلِهِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ النَّاظِمُ : هَذَا أَصَحُّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي .
وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ : وَإِنْ قَالَ وَاحِدَةً فِي اثْنَتَيْنِ لَزِمَ

الْحَاسِبَ ثِنْتَانِ ، وَغَيْرَهُ ثَلَاثٌ ، وَلَمْ يُفَصَّلْ .
( تَنْبِيهَانِ ) : ( أَحَدُهُمَا ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ خَمْسَةَ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثٍ وَنَحْوَهُ فَثِنْتَانِ ، وَقِيلَ : وَاحِدَةٌ ، كَنِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ أَوْ نِصْفِ ثِنْتَيْنِ ، انْتَهَى .
فِي هَذَا الْقِيَاسِ نَظَرٌ وَاضِحٌ ، لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْقَطْعُ بِوُقُوعِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِلْأَصْحَابِ ، وَالْمَنْقُولُ فِيهَا أَنَّهَا تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ أَنَّ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا حَصَلَ مِنْ الْكَاتِبِ أَوْ مِنْ تَخْرِيجٍ سَقَطَ وَشَبَهِهِ وَتَقْدِيرُهُ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ إلَى آخِرِهِ فَثِنْتَانِ كَنِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ ، وَقِيلَ : وَاحِدَةٌ كَنِصْفِ ثِنْتَيْنِ .
وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى وَيَصِحُّ الْحُكْمُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا مُعَيَّنًا أَوْ مَشَاعًا أَوْ مُبْهَمًا أَوْ عُضْوًا طَلُقَتْ ، نَصَّ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهِ فِي الْبَعْضِ ، بِخِلَافِ زَوَّجْتُك بَعْضَ وَلِيَّتِي ، وَعَنْهُ وَكَذَا الرُّوحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ ، انْتَهَى .
ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ : رُوحُك طَالِقٌ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ : فَإِنْ قَالَ : رُوحُكِ طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ نِسْبَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى أَبِي بَكْرٍ ، مَعَ نَقْلِهِ عَنْهُ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ قَالَ : لَا

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32