كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي

وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ ، كَثُبُوتِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ ، وَيُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي الْعَادَةِ كَمَا سَبَقَ وَفِي اعْتِبَارِهِ فِي التَّمْيِيزِ خِلَافٌ يَأْتِي ، فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهَلْ يُقَدَّمُ وَقْتُ هَذِهِ الْعَادَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَعْدَهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 8 )
( مَسْأَلَةُ 8 ) فِي الْمُبْتَدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ : وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ ، كَثُبُوتِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ ، وَيُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي الْعَادَةِ كَمَا سَبَقَ ، وَفِي اعْتِبَارِهِ فِي التَّمْيِيزِ خِلَافٌ يَأْتِي فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهَلْ يُقَدَّمُ وَقْتُ هَذِهِ الْعَادَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَعْدَهَا ، فِيهِ وَجْهَانِ ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ أَطْلَقَ فِيهِمَا الْخِلَافَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ التَّكْرَارُ فِي التَّمْيِيزِ فَهَلْ يُقَدَّمُ وَقْتُ هَذِهِ الْعَادَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَعْدَهَا أَوْ لَا ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .

وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي ( م 9 ) فِيهِ وَجْهَانِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ .

( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 ) هَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَفِي اعْتِبَارِهِ فِي التَّمْيِيزِ خِلَافٌ يَأْتِي فَقَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ عَدَمَ اعْتِبَارِ التَّكْرَارِ فَقَالَ ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ فِيهِمَا ، انْتَهَى ، إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَتْ الَّتِي اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ مُتَمَيِّزًا جَلَسَتْ التَّمْيِيزَ فِيمَا بَعْدَ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ .
وَقَالَ ، ابْنُ عَقِيلٍ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَرُدُّ إلَى التَّمْيِيزِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ التَّمْيِيزِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : لَا تَجْلِسُ مِنْهُ إلَّا مَا تَكَرَّرَ ، فَعَلَى هَذَا لَوْ رَأَتْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةً أَحْمَرَ ، ثُمَّ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ وَاتَّصَلَ جَلَسَتْ الْأَسْوَدَ ، وَالْبَاقِي اسْتِحَاضَةٌ ، وَلَوْ رَأَتْ خَمْسَةً أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ وَاتَّصَلَ فَالْحُكْمُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، فَإِنْ اتَّصَلَ الْأَسْوَدُ وَعَبَرَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ فَلَيْسَ لَهَا تَمْيِيزٌ ، وَحَيْضُهَا مِنْ الْأَسْوَدِ ، وَلَوْ رَأَتْ الْأَوَّلَ أَحْمَرَ كُلَّهُ وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ وَاتَّصَلَ ، وَفِي الْخَامِسِ كُلَّهُ أَحْمَرَ فَإِنَّهَا تَجْلِسُ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ الْيَقِينَ وَفِي الرَّابِعِ الْأَسْوَدَ ، وَفِي الْخَامِسِ تَجْلِسُ خَمْسَةً أَيْضًا ، لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ مُعْتَادَةً ، قَالَ الْقَاضِي لَا تَجْلِسُ فِي الرَّابِعِ إلَّا الْيَقِينَ ، إلَّا أَنْ نَقُولَ بِثُبُوتِ الْعَادَةِ بِمَرَّتَيْنِ ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يُقَدَّرُ فِيهَا أَنَّهَا لَا عَادَةَ لَهَا وَلَا تَمْيِيزَ ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَجَلَسَتْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ ، فَكَذَا هُنَا ، زَادَ الشَّارِحُ قُلْت فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَجْلِسَ بِالتَّمْيِيزِ وَإِنَّمَا تَجْلِسُ غَالِبَ الْحَيْضِ لِمَا ذَكَرْنَا ، انْتَهَى ، وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ التَّكْرَارَ فِي التَّمْيِيزِ فَهَذِهِ مُمَيِّزَةٌ ، وَمَنْ قَالَ : إنَّ

الْمُمَيِّزَةَ تَجْلِسُ بِالتَّمْيِيزِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي قَالَ إنَّهَا تَجْلِسُ الدَّمَ الْأَسْوَدَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ ، لِأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهَا مُمَيِّزَةٌ قَبْلَهُ ، وَلَوْ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ صَارَ أَحْمَرَ ثُمَّ صَارَ أَسْوَدَ وَاتَّصَلَ جَلَسَتْ الْيَقِينَ مِنْ الْأَشْهُرِ الثَّالِثِ ، وَالرَّابِعُ لَا تَمْيِيزَ لَهَا فِيهِ ، فَتَصِيرُ فِيهِ إلَى سِتَّةِ أَيَّامٍ ، أَوْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ ، فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ إلَّا أَنْ نَقُولَ : الْعَادَةُ تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ فَتَجْلِسُ فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ خَمْسَةً خَمْسَةً .
وَقَالَ الْقَاضِي ، وَلَا تَجْلِسُ فِي الْأَرْبَعَةِ إلَّا الْيَقِينَ وَهُوَ بَعِيدٌ ، لِمَا ذَكَرْنَا ، انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي ، وَمَنْ تَبِعَهُ وَالْخِلَافُ ، بَيْنَ صَاحِبِ الْمُغْنِي ، وَالْقَاضِي هُوَ الْخِلَافُ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالصَّوَابُ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ .
وَقَالَ أَيْضًا : وَمَتَى بَطَلَتْ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ فَهَلْ تَجْلِسُ مَا تَجْلِسُهُ مِنْهُ ، أَوْ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي فِي الْأَشْهُرِ ، وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَالصَّوَابُ اشْتِرَاطُ التَّوَالِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .

وَلَوْ لَمْ تَعْرِفْ الْمُبْتَدَأَةُ وَقْتَ ابْتِدَاءِ دَمِهَا فَكَمُتَحَيِّرَةٍ نَاسِيَةٍ كَمَا يَأْتِي .

وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ بِزِيَادَةٍ ، أَوْ تَقَدُّمٍ ، أَوْ تَأَخُّرٍ ، فَكَدَمٍ زَائِدٍ عَلَى أَقَلِّ حَيْضِ الْمُبْتَدَأَةِ ، وَأَطْلَقَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ وَاجِبِ صِيَامٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ التَّكْرَارِ رِوَايَتَيْنِ .

وَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ يَعُدْ أَوْ أَيِسَتْ قَبْلَ التَّكْرَارِ لَمْ تَقْضِ ، وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهُ ، كَصَوْمِ النِّفَاسِ الْمَشْكُوكِ ، لِقِلَّةِ مَشَقَّتِهِ ، بِخِلَافِ صَوْمِ مُسْتَحَاضَةٍ فِي طُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ .
وَلَا عَادَةَ بِمَرَّةٍ ( و هـ ) وَلَوْ اتَّصَلَ بِهَا بَعْدَهَا تَبَعًا لَهَا ( هـ ) وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ ، وَأَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ ، وَعَنْهُ تَكُونُ حَيْضًا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( و ش )

وَإِنْ انْقَطَعَ دَمُهَا فِي عَادَتِهَا طَهُرَتْ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْوَطْءُ ، وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مِنْ الْمُبْتَدَأَةِ ، فِي الِانْتِصَارِ هُوَ كَنَقَاءِ مُدَّةِ النِّفَاسِ فِي رِوَايَةٍ .
وَفِي رِوَايَةٍ النِّفَاسُ آكَدُ ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ ، فَلَا مَشَقَّةَ ، وَعَنْهُ يَجِبُ قَضَاءُ وَاجِبِ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ إنْ عَادَ فِي الْعَادَةِ ، وَإِنْ عَادَ فِيهَا جَلْسَتُهُ ، وَعَنْهُ إنْ تَكَرَّرَ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهُوَ الْغَالِبُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الرِّوَايَةِ ، لِأَنَّ التَّكْرَارَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي دَمِ النِّفَاسِ ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعَادَةَ تَثْبُتُ بِالْمُعَاوَدَةِ فَهِيَ آكَدُ ، فَلَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهَا ، وَدَمُ النِّفَاسِ لَمْ يَثْبُتْ بِالْمُعَاوَدَةِ ، فَهُوَ أَضْعَفُ ، فَانْتَقَلَتْ عَنْهُ بِالطُّهْرِ الْمُتَخَلِّلِ ، وَعَنْهُ هُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ كَدَمِ نُفَسَاءَ عَادَ .

وَالصُّفْرَةُ زَمَنَ الْعَادَةِ حَيْضٌ ، وَعَنْهُ وَبَعْدَهَا ( و ) إنْ تَكَرَّرَ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَشَرَطَ جَمَاعَةٌ اتِّصَالَهَا بِالْعَادَةِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهَيْنِ ؛ أَحَدُهُمَا لَيْسَتْ حَيْضًا مُطْلَقًا ، وَعَكْسُهُ .

وَمَنْ رَأَتْ دَمًا مُتَفَرِّقًا يَبْلُغُ مَجْمُوعُهُ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَنَقَاءً فَالنَّقَاءُ طُهْرٌ .
وَعَنْهُ أَيَّامُ الدَّمِ وَالنَّقَاءِ حَيْضٌ ( و هـ ش ) وَقِيلَ إنْ تَقَدَّمَ مَا نَقَصَ عَلَى الْأَقَلِّ دَمٌ يَبْلُغُ الْأَقَلَّ فَهُوَ حَيْضٌ تَبَعًا لَهُ ، وَإِلَّا فَلَا .

وَمَتَى انْقَطَعَ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَقَلِّ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إذَنْ وَجْهَانِ ( م 10 )
( مَسْأَلَةُ 10 ) قَوْلُهُ فِي الْمُلَفِّقَةِ : وَمَتَى انْقَطَعَ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَقَلِّ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إذًا وَجْهَانِ انْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، أَحَدُهُمَا يَجِبُ كَمَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، وَالثَّالِثِ ، وَكَمَا لَوْ كَانَتْ أَيَّامُ الدَّمِ ، وَأَيَّامُ النَّقَاءِ صِحَاحًا ، قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ الشَّارِحُ : فَإِنْ كَانَ الدَّمُ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ مِثْلَ أَنْ تَرَى نِصْفَ يَوْمٍ دَمًا ، وَنِصْفًا طُهْرًا ، أَوْ سَاعَةً ، وَسَاعَةً ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ كَالْأَيَّامِ ، يُضَمُّ الدَّمُ إلَى الدَّمِ ، فَيَكُونُ حَيْضًا وَمَا بَيْنَهُمَا طُهْرٌ ، إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ، لَا يَكُونُ الدَّمُ حَيْضًا إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَمٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ ، انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ الدَّمِ مَا يَكُونُ مَجْمُوعُهُ حَيْضًا ، إذْ بِذَلِكَ يَتَيَقَّنُ وُجُوبَهُ ، وَقَبْلَهُ يُحْتَمَلُ دَوَامُ الِانْقِطَاعِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَهُوَ أَوْلَى .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ : وَقِيلَ مِنْ الْأَسْوَدِ ، لِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِدَمِ الْحَيْضِ ، فَفِي التَّكْرَارِ الْوَجْهَانِ ، يَعْنِي الْمَذْكُورَيْنِ فِي التَّمْيِيزِ ، هَلْ يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ أَمْ لَا ؟ وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ .

وَإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَمُسْتَحَاضَةٌ ، كَمَنْ تَرَى يَوْمًا دَمًا ، وَيَوْمًا نَقَاءً ، إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي كُلُّ مُلَفِّقَةٍ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ لَمْ يَتَّصِلْ دَمُهَا الْمُجَاوِزُ الْأَكْثَرَ بِدَمِ الْأَكْثَرِ فَالنَّقَاءُ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الزَّائِدَ اسْتِحَاضَةٌ .

فَصْلٌ الْمُسْتَحَاضَةُ مَنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ ، فَتَعْمَلُ بِعَادَتِهَا ، فَإِنْ عَدِمَتْ فَبِتَمْيِيزِهَا ، فَتَجْلِسُ زَمَنَ دَمٍ أَسْوَدَ ، أَوْ ثَخِينٍ ، أَوْ مُنْتِنٍ ، إنْ بَلَغَ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ فَقَطْ ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ بِمُجَاوَزَةِ الْأَكْثَرِ ، فَتَجْلِسُ الْأَكْثَرَ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ رَأَتْ أَحْمَرَ ثُمَّ أَسْوَدَ وَجَاوَزَ الْأَكْثَرَ جَلَسَتْ مِنْ الْأَحْمَرِ ، وَقِيلَ مِنْ الْأَسْوَدِ ، لِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِدَمِ الْحَيْضِ ، فَفِي التَّكْرَارِ وَجْهَانِ .
وَلَوْ رَأَتْ أَحْمَرَ سِتَّةَ عَشَرَ ، ثُمَّ أَسْوَدَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ جَلَسَتْ الْأَسْوَدَ ، وَقِيلَ : وَمِنْ الْأَحْمَرِ أَقَلَّ الْحَيْضِ ، لِإِمْكَانِ حَيْضَةٍ أُخْرَى ، وَلَا تَبْطُلُ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ بِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ عَلَى شَهْرٍ ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَعَنْهُ يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ عَلَى الْعَادَةِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ( و ش ) وَعَنْهُ ( هـ ) لَا عِبْرَةَ بِالتَّمْيِيزِ ، وَعَنْهُ ( م ) لَا عِبْرَةَ بِالْعَادَةِ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ إنْ اجْتَمَعَا عُمِلَ بِهِمَا ، إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَقَطَ ، وَإِنْ عُدِمَ التَّمْيِيزُ وَهِيَ مُبْتَدَأَةٌ جَلَسَتْ غَالِبَ الْحَيْضِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَتَجْتَهِدُ فِي السِّتِّ ، وَالسَّبْعِ ، وَقِيلَ تُخَيَّرُ ، وَعَنْهُ أَقَلُّهُ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( و ش ) وَعَنْهُ أَكْثَرُهُ ( و هـ م ) قَالَ ( م ) ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الطُّهْرِ ، فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهَا ثُمَّ رَأَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَحَيْضٌ مُسْتَأْنَفٌ ، لِأَنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ تُوجِبُ أَنَّ الدَّمَ الثَّانِيَ حَيْضٌ ، وَإِنْ اتَّصَلَ الدَّمُ بِهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَقَلِّ الطُّهْرِ : فَإِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا إلَى صِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ فَحَيْضٌ مِنْ تَغَيُّرِهِ ، سَوَاءً تَغَيَّرَ عِنْدَ مُضِيِّ أَقَلِّ الطُّهْرِ بِلَا فَصْلٍ ، أَوْ بَعْدَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَاسْتِحَاضَةٌ حَتَّى يُوجَدَ التَّغَيُّرُ

، فَلَا يُعْتَبَرُ التَّمْيِيزُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ كَمَا ذَكَرَ ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ تَجْلِسُ عَادَةَ نِسَائِهَا كَأُمٍّ وَأُخْتٍ ، وَعَمَّةٍ ، وَخَالَةٍ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : الْقُرْبَى ، فَالْقُرْبَى ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُنَّ فَذَكَرَ الْقَاضِي تَجْلِسُ الْأَقَلَّ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي تَتَحَرَّى ، وَقِيلَ : الْأَكْثَرُ ( م 11 ) فَإِنْ عُدِمَ الْأَقَارِبُ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ ، زَادَ بَعْضُهُمْ مِنْ نِسَاءِ بَلَدِهَا وَيُعْتَبَرُ تَكْرَارُ الِاسْتِحَاضَةِ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ لَا : اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، فَتَجْلِسُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي ، وَإِنْ كَانَتْ نَاسِيَةً لِقَدْرِ الْعَادَةِ ، أَوْ الْوَقْتِ ، أَوْ لَهُمَا ، فَكَذَلِكَ ، إلَّا أَنَّ اسْتِحَاضَتَهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى تَكْرَارٍ فِي الْأَصَحِّ ، وَالْمَشْهُورُ فِيهَا النَّقَاءُ ، رِوَايَةً الْأَكْثَرُ ، وَعَادَةُ نِسَائِهَا .
وَمَذْهَبُ ( هـ ) تَجْلِسُ أَقَلَّ الْحَيْضِ بِالتَّحَرِّي ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ تَجْلِسُهُ ، لَكِنْ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ ، وَلَنَا الْوَجْهَانِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ ( م ) لَا تَحِيضُ أَصْلًا ، بَلْ يَخْتَلِطُ فَتُصَلِّي أَبَدًا ، تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ مَعَ النَّاسِ ، فَيَصِحُّ لَهَا بِيَقِينٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، إنْ كَانَ نَاقِصًا ، وَإِلَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَلَهُمْ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرْجِيحِ .
فَتَغْتَسِلُ لِلظُّهْرِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَتُصَلِّيهَا فِيهِ ، ثُمَّ لِلْعَصْرِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ لِلْمَغْرِبِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَقْتَ الْمَغْرِبِ غُسْلَيْنِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَتُعِيدُهُمَا ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِلْعِشَاءِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَتُصَلِّيهَا فِيهِ ، ثُمَّ الْفَجْرِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلَيْنِ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَقْتَ الْفَجْرِ وَتُعِيدُهُمَا ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ اغْتَسَلَتْ وَقَضَتْ الْفَجْرَ ، وَلَا تَقْرَأُ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَلَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ ، وَلَا تَمَسُّ

الْمُصْحَفَ ، وَلَهُمْ فِي نَفْلِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَطَوَافٍ وَجْهَانِ .
وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا ، وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا لِلْمَشَقَّةِ ، وَإِنْ نَسِيَتْ وَقْتَهَا خَاصَّةً جَلَسَتْ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ ، لِخَبَرِ حَمْنَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ) وَلِأَنَّهُ الْغَالِبُ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا ، وَقِيلَ تَجْلِسُ مِنْ تَمْيِيزٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إنْ كَانَ ، لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِدَمِ حَيْضٍ ، وَقِيلَ تَتَحَرَّى ، لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْهِلَالِ فِي أَمْرِ الْحَيْضِ بِوَجْهٍ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إنْ ذَكَرَتْ أَوَّلَ الدَّمِ كَمُعْتَادَةٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَشْهُرًا ثُمَّ جَاءَ الدَّمُ خَامِسَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ مَثَلًا وَاسْتَمَرَّ وَقَدْ نَسِيَتْ الْعَادَةَ فَالْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ ، وَالثَّالِثُ تَجْلِسُ مَجِيءَ الدَّمِ مِنْ خَامِسِ كُلِّ شَهْرٍ ، قَالَ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ " لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَمَرَ حَمْنَةَ ابْتِدَاءً بِجُلُوسِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ ، ثُمَّ تَصُومُ ، وَتُصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ ، أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ ، وَقَالَ : فَافْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ ، وَكَمَا يَطْهُرْنَ ، وَلَيْسَ حَيْضُ النِّسَاءِ عِنْدَ رُءُوسِ الْأَهِلَّةِ غَالِبًا } فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الشَّهْرَ الْعَدَدِيَّ ، وَأَنَّهُ أَمَرَهَا بِالْحَيْضِ مِنْ الْأَوَّلِ ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ إذَا رَأَيْت أَنْ قَدْ طَهُرْت رَاجِعًا إلَى السِّتِّ أَوْ السَّبْعِ ، لِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ هُوَ الْأَصْلُ ، وَرُبَّمَا انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَهُ فَيُفْضِي التَّأْخِيرُ إلَى تَرْكِ إجْلَاسِهَا أَصْلًا ، وَلِهَذَا ذَهَبَ ( هـ و ش ) إلَى أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمُتَحَيِّرَةٍ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ، وَحَيْضُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَلَا سُلُوكِ الْيَقِينِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَا فِي غَيْرِهَا .
وَمَتَى تَعَذَّرَ التَّحَرِّي بِأَنْ يَتَسَاوَى عِنْدَهَا الْحَالُ وَلَمْ تَظُنَّ شَيْئًا ، أَوْ تَعَذَّرَ الْأَوَّلِيَّةُ عَمِلَتْ بِالْآخَرِ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ تَعَذَّرَ التَّحَرِّي عَمِلَتْ بِالْيَقِينِ كَالشَّافِعِيِّ وَلَمَّا ذَكَرَ أَبُو

الْمَعَالِي الْوَجْهَيْنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ ، أَوْ التَّحَرِّيَ قَالَ : وَهَذَا إذَا لَمْ تَعْرِفْ ابْتِدَاءَ الدَّمِ ، فَإِنْ عَرَفَتْ فَهُوَ أَوَّلُ دُورِهَا وَجَعَلْنَاهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ قَالَ : وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ ابْتِدَاءً الدَّمِ لَكِنْ تَذَكَّرَتْ أَنَّهَا كَانَتْ طَاهِرَةً فِي وَقْتٍ جَعَلْنَا ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا عَقِبَ ذَلِكَ الطُّهْرِ .
وَمَتَى ضَاعَتْ أَيَّامُهَا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَمَا عَدَا الْمُدَّةَ طُهْرٌ ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا نِصْفَ الْمُدَّةِ فَأَقَلُّ فَحَيْضُهَا بِالتَّحَرِّي أَوْ مِنْ أَوَّلِهَا ، وَإِنْ زَادَتْ ضُمَّ الزَّائِدُ إلَى مِثْلِهِ ، فَمَا قَبْلَهُ فَهُوَ حَيْضٌ بِيَقِينٍ ، وَإِنْ نَسِيَتْ أُسْقِطَ الزَّائِدُ عَلَى أَيَّامِهَا مِنْ آخِرِ الْمُدَّةِ ، وَمِثْلُهُ مِنْ أَوَّلِهَا ، فَمَا بَقِيَ حَيْضٌ بِيَقِينٍ ، وَالشَّكُّ فِيمَا بَقِيَ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي فِي شَرْحِهِمَا فِيمَنْ عَلِمَتْ قَدْرَ الْعَادَةِ فَقَطْ : لَمْ تَجْلِسْ وَتَغْتَسِلْ كُلَّمَا مَضَى قَدْرُهَا ، وَتَقْضِي مِنْ رَمَضَانَ بِقَدْرِهَا وَالطَّوَافِ ، وَلَا تُوطَأُ ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ رِوَايَةً لَا تَجْلِسُ شَيْئًا .
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ تَعَذَّرَ التَّحَرِّي وَالْأَوَّلِيَّةُ بِأَنْ قَالَتْ حَيْضَتِي خَمْسَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا ، وَلَمْ تَذْكُرْ أَوَّلَ الدَّمِ ، وَلَمْ تَظُنَّ شَيْئًا عَمِلَتْ بِالْيَقِينِ فِي مَذْهَبِ ( هـ و ش ) كَمَا سَبَقَ قَالَ : وَلَا أَعْرِفُ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا كَلَامًا ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهَا طَرِيقُ الْيَقِينِ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وَتَقْضِي مِنْهُ قَدْرَ حَيْضِهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ ، وَتُصَلِّي أَبَدًا ، فَتَغْتَسِلُ فِي الْحَالِ غُسْلًا ، ثُمَّ عَقِبَ انْقِضَاءِ قَدْرِ حَيْضِهَا غُسْلًا ثَانِيًا ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا ، وَفِيمَا بَعْدَهُمَا بِقَدْرِ مُدَّةِ طُهْرِهَا إنْ ذَكَرَتْهُ ، وَإِلَّا جُعِلَ قَدْرُ طُهْرِهَا تَمَامَ شَهْرٍ ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ ، وَإِذَا انْقَضَتْ لَزِمَهَا غُسْلَانِ بَيْنَهُمَا قَدْرُ الْحَيْضَةِ هَكَذَا أَبَدًا ، كُلَّمَا مَضَى قَدْرُ الطُّهْرِ اغْتَسَلَتْ

غُسْلَيْنِ بَيْنَهُمَا قَدْرُ الْحَيْضَةِ ؛ بِكَذَا قَالَ : وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُهُ ؛
( مَسْأَلَةُ 11 ) قَوْلُهُ فِي الْمُبْتَدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَجْلِسُ عَادَةَ نِسَائِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُنَّ فَذَكَرَ الْقَاضِي تَجْلِسُ الْأَقَلَّ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي تَتَحَرَّى ، وَقِيلَ الْأَكْثَرَ ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَةُ الْأَقَارِبِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَجْلِسُ الْأَقَلَّ ، وَالثَّانِي : الْأَقَلُّ وَالْأَكْثَرُ سَوَاءٌ فِي الرُّجُوعِ إلَيْهِ ، حَكَاهُمَا الْقَاضِي انْتَهَيَا ، وَحَكَى ابْنُ حَمْدَانَ الْخِلَافَ كَالْمُصَنِّفِ ، أَحَدُهُمَا تَجْلِسُ الْأَقَلَّ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، احْتِيَاطًا وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَجْلِسُ الْأَكْثَرَ وَفِيهِ ضَعْفٌ ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ التَّحَرِّي ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، قُلْت وَهُوَ قَوِيٌّ .

وَمَا جَلَسَتْهُ النَّاسِيَةُ فِي الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَالْحَيْضِ يَقِينًا ، وَمَا زَادَ عَلَى مَا تَجْلِسُهُ إلَى الْأَكْثَرِ قِيلَ : كَمُسْتَحَاضَةٍ ، وَقِيلَ : طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ ( م 12 ) وَهُوَ كَيَقِينِ الطُّهْرِ ، وَجَزَمَ الْأَزَجِيُّ بِمَنْعِهَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهِ إثْمٌ كَمَسِّ مُصْحَفٍ ، وَدُخُولِ مَسْجِدٍ ، وَقِرَاءَةٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَنَفْلِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِهِ ، قَالَ : وَيُحْتَمَلُ وَسُنَّةُ صَلَاةٍ رَاتِبَةٍ ، وَقِيلَ : تَقْضِي مَا صَامَتْهُ فِيهِ ، وَقِيلَ : وَيَحْرُمُ وَطْءٌ فِيهِ ، وَقِيلَ بِهِ فِي مُبْتَدَأَةٍ اسْتَحَاضَتْ وَقُلْنَا لَا تَجْلِسُ الْأَكْثَرَ ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ خَبَرُ ( حَمْنَةَ ) وَكَالْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ ، فَإِنَّ الشَّكَّ قَائِمٌ فِي حَقِّهَا ، وَلِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ تَطُولُ مُدَّتُهَا غَالِبًا وَلَا غَايَةَ لِانْقِطَاعِهَا تُنْتَظَرُ ، فَتَعْظُمُ مَشَقَّةُ الْقَضَاءِ ، بِخِلَافِ النِّفَاسِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ ، عَلَى رِوَايَةٍ ، لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ غَالِبًا ، بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى الْأَقَلِّ فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْأَكْثَرَ ، وَعَلَى عَادَةِ الْمُعْتَادَةِ لِانْكِشَافِ أَمْرِهِ قَرِيبًا بِالتَّكْرَارِ .

( مَسْأَلَةُ 12 ) قَوْلُهُ وَمَا جَلَسَتْهُ النَّاسِيَةُ مِنْ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَالْحَيْضِ يَقِينًا وَمَا زَادَ عَلَى مَا تَجْلِسُهُ إلَى الْأَكْثَرِ قِيلَ كَمُسْتَحَاضَةٍ ، وَقِيلَ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا هُوَ كَالطُّهْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : هُوَ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الطُّهْرِ بِيَقِينٍ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ ، إلَّا فِي جَوَازِ وَطْئِهَا ، فَإِنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَالْحَيْضُ وَالطُّهْرُ مَعَ الشَّكِّ كَالْمُتَيَقَّنِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ وَيَجِبُ وَيَسْقُطُ .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَإِنْ قُلْنَا تَجْلِسُ الْأَقَلَّ وَالْغَالِبَ فَبَقِيَّةُ زَمَنِ الشَّكِّ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا : حُكْمُ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ حُكْمُ الْمُتَيَقَّنِ فِي تَرْكِ الْعِبَادَاتِ ، وَحُكْمُ الطُّهْرُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ حُكْمُ الطُّهْرِ فِي وُجُوبِ الْعِبَادَاتِ ، انْتَهَى .
قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي حُكْمُهُمَا حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ .

فَصْلٌ وَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ ، وَلَا يَلْزَمُهَا إعَادَةُ شَدِّهِ ، وَغَسْلُ الدَّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ ( و هـ ) وَقِيلَ بَلَى ( و ش ) وَقِيلَ : إنْ خَرَجَ شَيْءٌ ، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ ، إلَّا أَنْ لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَقِيلَ : يَجِبُ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ( و ش ) وَتُصَلِّي مَا شَاءَتْ ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ ، وَعَنْهُ بِخُرُوجِهِ ، وَعَنْهُ لَا تَجْمَعُ بَيْنَ فَرْضَيْنِ ( و ش ) أَطْلَقَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُسْتَوْعِبِ ، وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِوُضُوءٍ لِلْأَمْرِ بِوُضُوءٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَلِخِفَّةِ عُذْرِهَا ، فَإِنَّهَا لَا تُفْطِرُ ، وَتُصَلِّي قَائِمَةً بِخِلَافِ الْمَرِيضِ ، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ : تَجْمَعُ بِالْغُسْلِ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِيهِ ، وَفِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ تَجْمَعُ وَقْتَ الثَّانِيَةِ ، وَتُصَلِّي عَقِبَ طُهْرِهَا ، وَلَهَا التَّأْخِيرُ ، وَقِيلَ لِمَصْلَحَةٍ ( و ش ) وَإِنْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ بِانْقِطَاعِهِ زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْفِعْلِ فِيهِ تَعَيَّنَ ، وَإِنْ عَرَضَ هَذَا الِانْقِطَاعُ لِمَنْ عَادَتُهَا الِاتِّصَالُ فَفِي بَقَاءِ طَهَارَتِهَا وَجْهَانِ ( م 13 ) ، وَعَنْهُ لَا عِبْرَةَ بِانْقِطَاعِهِ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَمِثْلُهَا مَنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ كَرُعَافٍ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَشِيَ ، نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ لَا ( و ش ) وَلَوْ قَدَرَ عَلَى حَبْسِهِ حَالَ الْقِيَامِ لَا حَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ رَكَعَ وَسَجَدَ نَصَّ عَلَيْهِ ، كَالْمَكَانِ النَّجَسِ .
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُومِئَ ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي لِأَنَّ فَوَاتَ الشَّرْطِ لَا بَدَلَ لَهُ ، قَالَ : وَلَوْ امْتَنَعَتْ الْقِرَاءَةُ أَوْ لَحِقَهُ السَّلَسُ إنْ صَلَّى قَائِمًا صَلَّى قَاعِدًا ، قَالَ : وَلَوْ كَانَ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَحْبِسْهُ ، وَلَوْ اسْتَلْقَى حَبَسَهُ صَلَّى قَائِمًا ، أَوْ قَاعِدًا ، لِأَنَّ الْمُسْتَلْقِيَ لَا نَظِيرَ لَهُ اخْتِيَارًا .

مَسْأَلَةُ 13 ) قَوْلُهُ فِي طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ : وَإِنْ كَانَ لَهَا عَادَةً بِانْقِطَاعِهِ زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْفِعْلِ فِيهِ تَعَيَّنَ ، وَإِنْ عَرَضَ هَذَا الِانْقِطَاعُ لِمَنْ عَادَتُهَا الِاتِّصَالُ ، فَفِي بَقَاءِ طَهَارَتِهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : طَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ وَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ ؟ : قَالَ ابْنُ رَزِينٍ : لَمْ تَبْطُلْ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ ، وَقِيلَ تَبْطُلَانِ .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَطَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ ، وَفِي الصَّلَاة وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي ، انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : فَطَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ وَتَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَذَا قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَهَؤُلَاءِ الْأَصْحَابُ يَقُولُونَ : طَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ ، وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي بَقَاءِ الطَّهَارَةِ ، وَمَنْ لَازَمَهُ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَإِنْ دَامَ الِانْقِطَاعُ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا فَفِي إعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَجْهَانِ ، وَكَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَهُ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ خَوْفَ الْعَنَتِ مِنْهَا ، أَوْ مِنْهُ ، وَقِيلَ : وَعَدَمُ الطَّوْلِ ، وَيَحْرُمُ مَعَ عَدَمِ الْعَنَتِ ، اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا ، وَقِيلَ : وَيُكَفِّرُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ ( و ش ) وَعَنْهُ يُبَاحُ ( و هـ م )

وَلَهَا شُرْبُ دَوَاءٍ مُبَاحٍ لِقَطْعِ الْحَيْضِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : بِإِذْنِ زَوْجٍ كَالْعَزْلِ ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي بَعْضِ جَوَابِهِ .
وَالزَّوْجَةُ تَسْتَأْذِنُ زَوْجَهَا ، وَيُتَوَجَّهُ يُكْرَهُ ، وَفِعْلُهُ ذَلِكَ بِهَا بِلَا عِلْمٍ يُتَوَجَّهُ تَحْرِيمُهُ ، لِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مُطْلَقًا ، مِنْ النَّسْلِ الْمَقْصُودِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي الْكَافُورِ وَنَحْوِهِ لِقَطْعِ الْحَيْضِ ، وَيَجُوزُ شُرْبُهُ لِإِلْقَاءِ نُطْفَةٍ ، ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
وَفِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ مُحَرَّمٌ .
وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْعَزْلِ ، فَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ الْمَوْءُودَةُ ، لِأَنَّهُ يَقْطَعُ النَّسْلَ ، فَأَنْكَرَ عَلِيٌّ ذَلِكَ ، وَقَالَ : إنَّمَا الْمَوْءُودَةُ بَعْدَ التَّارَاتِ السَّبْعِ وَتَلَا { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ } إلَى { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ } قَالَ : وَهَذَا مِنْهُ فِقْهٌ عَظِيمٌ ، وَتَدْقِيقٌ حَسَنٌ حَيْثُ سُمِعَ { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } وَكَانَ يَقْرَأُ ( سَأَلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلْتُ ) وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالْحَالِ ، وَأَبْلُغُ فِي التَّوْبِيخِ ، وَهَذَا لِمَا حَلَّتْهُ الرُّوحُ ، لِأَنَّ مَا لَمْ تَحُلَّهُ الرُّوحُ لَا يُبْعَثُ ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ لَا يَحْرُمُ إسْقَاطُهُ ، وَلَهُ وَجْهٌ ، وَيَجُوزُ لِحُصُولِ الْحَيْضِ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا إلَّا قُرْبَ رَمَضَانَ لِتُفْطِرَهُ ، ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ .

وَمَنْ اسْتَمَرَّ دَمُهَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِهَا بِقَدْرِ الْعَادَةِ فِي وَقْتِهَا وَوَلَدَتْ فَخَرَجَتْ الْمَشِيمَةُ وَدَمُ النِّفَاسِ مِنْ فَمِهَا فَغَايَتُهُ نَقْضُ الْوُضُوءِ ، لِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُهُ حَيْضًا كَزَائِدٍ عَلَى الْعَادَةِ ، وَكَمَنِيٍّ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ .

لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ ( و ) وَعَنْهُ يَوْمٌ ، وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ( و هـ ) وَعَنْهُ سِتُّونَ ( و م ش ) وَإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَهُ وَصَادَفَ عَادَةَ حَيْضِهَا وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ فَحَيْضٌ ، وَإِلَّا فَاسْتِحَاضَةٌ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ، وَلَا تَدْخُلُ الِاسْتِحَاضَةُ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ ( هـ ش ) وَأَوَّلُ مُدَّتِهِ مِنْ الْوَضْعِ ( و ) إلَّا أَنْ تَرَاهُ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ بِأَمَارَةٍ ، وَعَنْهُ بِيَوْمَيْنِ فَنِفَاسٌ ، وَلَا تُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ ( و هـ )

وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و هـ ) وَعَنْهُ وَمُضْغَةٌ ( و ش ) وَعَنْهُ وَعَلَقَةٌ ، وَقِيلَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهَا رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ الْعِدَّةِ وَغَيْرِهَا .

وَالنَّقَاءُ مِنْ النِّفَاسِ طُهْرٌ ، وَيُكْرَهُ وَطْؤُهَا ، وَعَنْهُ لَا ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ ( خ ) وَقِيلَ ، مَعَ عَدَمِ الْعَنَتِ ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَمِ الْمُبْتَدَأَةِ إذَا انْقَطَعَ بِأَنَّ تَحْرِيمَ النِّفَاسِ آكَدُ ، لِأَنَّ أَكْثَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ ، فَجَازَ أَنْ يَلْحَقَهُ التَّغْلِيظُ فِي الِامْتِنَاعِ ، مِنْ الْوَطْءِ فِي الطُّهْرِ .

وَإِنْ عَادَ الدَّمُ فِي الْأَرْبَعِينَ فَالنَّقَاءُ طُهْرٌ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ش ) وَالْعَائِدُ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، كَمَا لَوْ لَمْ تَرَهُ ثُمَّ رَأَتْهُ فِي الْمُدَّةِ فِي الْأَصَحِّ ، تَتَعَبَّدُ وَتَقْضِي وَاجِبَ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ ، وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا ، وَفِي غُسْلِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ ( م 14 ) وَعَنْهُ هُوَ نِفَاسٌ و هـ و ش ) إنْ نَقَصَ النَّقَاءُ عَنْ طُهْرٍ كَامِلٍ ( و م ) إنْ عَادَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ .
وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ ( و ) وَفِي وَطْئِهَا مَا فِي وَطْءِ حَائِضٍ نَقَلَهُ حَرْبٌ ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَقِيلَ تَقْرَأُ ، وَنَقَلَ ابْنُ تَوَّابٍ تَقْرَأُ إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ، وَالْمَذْهَبُ إنْ صَارَتْ نُفَسَاءَ بِتَعَدِّيهَا لَمْ تَقْضِ ، لِأَنَّ وُجُودَ الدَّمِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ مِنْ جِهَتِهَا ، فَقِيلَ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ : وَخَوْفُ التَّلَفِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لَيْسَ مَعْصِيَةً مِنْ جِهَتِهِ ، فَقَالَ : إلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَطْعُهُ ، وَالنِّفَاسُ لَا يُمْكِنُهُ كَالسُّكْرِ يُعَلَّقُ عَلَيْهِ حُكْمٌ بِسَبَبِهِ وَهُوَ الشُّرْبُ ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ، إلَّا أَنَّ سَبَبَهُ مِنْ جِهَتِهِ ، فَهُمَا سَوَاءٌ كَذَا قَالَ .
وَقَالَ أَيْضًا : السُّكْرُ جُعِلَ شَرْعًا كَمَعْصِيَةٍ مُسْتَدَامَةٍ يَفْعَلُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا بِدَلِيلِ جَرَيَانِ الْإِثْمِ وَالتَّكْلِيفِ وَلِأَنَّ الشُّرْبَ يُسْكِرُ غَالِبًا ، فَأُضِيفَ إلَيْهِ ، كَالْقَتْلِ يَحْصُلُ مَعَهُ خُرُوجُ الرُّوحِ فَأُضِيفَ إلَيْهِ ، وَأَجَابَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ بِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَيُدْخِلُ عَلَيْهَا الْأَلَمَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَالْقِيَامَ .

مَسْأَلَةُ 14 ) قَوْلُهُ فِي النِّفَاسِ : وَإِنْ عَادَ النِّفَاسُ فِي الْأَرْبَعِينَ فَالْعَائِدُ مَشْكُوكٌ فِيهِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، تَتَعَبَّدُ وَتَقْضِي وَاجِبَ صَوْمٍ ، وَنَحْوَهُ ، وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَفِي غُسْلِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، لَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا فِي كَلَامِ مَنْ اطَّلَعْت عَلَى كَلَامِهِ وَقَدْ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحَاضَةِ ، فَإِنَّ دَمَ هَذِهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ تِلْكَ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الدَّمَ أَقْرَبُ إلَى كَوْنِهِ دَمَ نِفَاسٍ مِنْ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ ، فَإِنَّ الدَّمَ الَّذِي لَمْ يُجْلِسْهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَيْضٌ ، لَكِنَّ احْتِمَالَ عَدَمِهِ أَقْوَى ، لِأَنَّنَا قَدْ جَعَلْنَا لِوَقْتِ جُلُوسِهَا عَلَامَةً فِي غَالِبِ أَحْوَالِهَا ، وَأَيْضًا الدَّمُ الْعَائِدُ مِنْ النُّفَسَاءِ عَائِدٌ فِي وَقْتِهِ قَطْعًا ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَاَلَّتِي عَلَيْهَا الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَلَنَا رِوَايَةٌ بِالْوُجُوبِ فَمَسْأَلَتُنَا إنْ جَعَلْنَاهَا كَهَذِهِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ ، قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا لِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الِاسْتِحْبَابَ ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَوْ نَقُولُ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ مَعَ قُوَّةِ الْخِلَافِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، وَلَيْسَتْ كَالْمُسْتَحَاضَةِ ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ ، فَعَلَى هَذَا الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَعَلَى هَذَا يَقْوَى الِاسْتِحْبَابُ .
فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ الْكَرِيمَ بِتَصْحِيحِهَا ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى ذَلِكَ .

وَإِنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَوَّلُ النِّفَاسِ وَآخِرُهُ مِنْ الْأَوَّلِ ( و هـ م ) فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ فَلَا نِفَاسَ لِلثَّانِي فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ تَبْدَؤُهُ بِنِفَاسٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ ، وَقَالَ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ ، وَعَنْهُ أَوَّلُهُ مِنْ الْأَوَّلِ ، وَآخِرُهُ مِنْ الثَّانِي وَعَنْهُ : هُمَا مِنْ الثَّانِي ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَالرِّوَايَاتِ .

كِتَابُ الصَّلَاةِ وَهِيَ لُغَةً : الدُّعَاءُ ، وَشَرْعًا أَفْعَالٌ وَأَقْوَالٌ مَخْصُوصَةٌ : سُمِّيَتْ صَلَاةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ ، هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ ، كَالْمُصَلِّي مِنْ السَّابِقِ فِي الْخَيْلِ ، وَقِيلَ : لِرَفْعِ الصَّلَا ؛ وَهُوَ مَغْرَزُ الذَّنَبِ مِنْ الْفَرَسِ ، وَقِيلَ : أَصْلُهَا الْإِقْبَالُ عَلَى الشَّيْءِ ، وَقِيلَ مِنْ صَلَّيْت الْعُودَ إذَا لَيَّنْته : وَالْمُصَلِّي يَلِينُ وَيَخْشَعُ .
وَفُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِنَحْوِ خَمْسِ سِنِينَ ، وَقِيلَ بِسِتٍّ ، وَقِيلَ : بَعْدَ الْبَعْثَةِ بِنَحْوِ سَنَةٍ ، وقَوْله تَعَالَى فِي الْ حَمِيم : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّلَوَاتُ ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ ، وَقِيلَ : صَلَاتَا الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ، وَعَنْ الْحَسَنِ رَكْعَتَانِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ رَكْعَتَانِ بُكْرَةً ، وَرَكْعَتَانِ عَشِيَّةً ، وَكَذَا قَالَ إبْرَاهِيمُ الْخِرَقِيُّ : كَانَ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا .
وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ ، يَلْزَمُ كُلَّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ غَيْرَ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ ( ع ) فِي الْكُلِّ ، وَيَقْضِي الْمُرْتَدُّ ( و ش ) وَعَنْهُ لَا ( و هـ م ) كَأَصْلِيٍّ ( ع ) وَالْمَذْهَبُ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ ، لَا زَمَنَهَا ، وَفِي خِطَابِهِ بِالْفُرُوعِ رِوَايَتَا أَصْلِيٍّ ، وَإِنْ طَرَأَ جُنُونٌ قَضَى ، لِأَنَّ عَدَمَهُ رُخْصَةٌ تَخْفِيفًا ، وَقِيلَ : لَا ، كَحَيْضٍ ، وَالْخِلَافُ فِي زَكَاةٍ ( ق ) إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ ، وَصَوْمٍ وَحَجٍّ ، فَإِنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ أَخَذَهَا الْإِمَامُ وَيَنْوِيهَا لِلتَّعَذُّرِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قُرْبَةً كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ ظَاهِرًا ، وَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ ( م 1 ) وَقِيلَ : إنْ أَسْلَمَ قَضَاهَا عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَا يُجْزِئُهُ إخْرَاجُهُ زَمَنَ كُفْرِهِ ( ش )

زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقِيلَ وَلَا قَبْلَهُ ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ بِرِدَّتِهِ فِيهِ ، وَإِلَّا انْقَطَعَ .
كِتَابُ الصَّلَاةِ ( مَسْأَلَةُ 1 ) قَوْلُهُ فِي الْمُرْتَدِّ : إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ مِنْهُ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ ظَاهِرًا وَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ انْتَهَى ، لَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ صَرِيحًا وَلَكِنْ لَهَا نَظَائِرُ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي بَابِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَلَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْإِمَامِ عَنْ نِيَّةِ رَبِّ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا ، فَيُجْزِئُ فِي الظَّاهِرِ ، وَفِي الْبَاطِنِ وَجْهَانِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُجْزِئُ الْمَالِكَ أَخْذُ الْإِمَامِ الْمُسْلِمِ لَهَا فِي الْأَظْهَرِ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ بَلْ مَعَ نِيَّةِ رَبِّهَا وَكَمَا لَوْ بَذَلَهَا طَوْعًا وَقِيلَ يُجْزِئُ الْمُمْتَنِعَ نِيَّةُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فِي الظَّاهِرِ .
وَقِيلَ وَالْبَاطِنِ ، انْتَهَى ، تَقَدَّمَ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدَّمَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ عَدَمَهُ .

وَفِي بُطْلَانِ اسْتِطَاعَةِ قَادِرٍ عَلَى الْحَجِّ بِرِدَّتِهِ وَوُجُوبُهُ بِاسْتِطَاعَتِهِ فَقَطْ فِي رِدَّتِهِ الرِّوَايَتَانِ ، وَمَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَصْلِهِمْ السَّابِقِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ حَجٍّ فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ فِي رِوَايَةٍ ( و ش ) وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ ( م 2 ) ( و هـ م ) قِيلَ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ ، وَقِيلَ : لَا ، كَإِيمَانِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ ، وَيَلْزَمُهُ ثَانِيًا ، وَالْوَجْهَانِ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ( م 3 ) وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَوْزِيِّ وَجَمَاعَةٌ بُطْلَانَهُ بِهَا ، وَجَعَلْته حُجَّةً فِي بُطْلَانِ الطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ شَطْرُهُ ، قَالَ شَيْخُنَا : اخْتَارَ الْأَكْثَرُ أَنَّهَا لَا تُحْبِطُهُ إلَّا بِالْمَوْتِ عَلَيْهَا ، قَالَ جَمَاعَةٌ وَالْإِحْبَاطُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الثَّوَابِ دُونَ حَقِيقَةِ الْعَمَلِ ، لِبَقَاءِ صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ ، وَحِلِّ مَا كَانَ ذَبَحَهُ ، وَعَدَمُ نَقْضِ تَصَرُّفِهِ ، قَالَ الْأَصْحَابُ : وَلَا تَبْطُلُ عِبَادَةٌ فَعَلَهَا فِي إسْلَامِهِ إذَا عَادَ .
وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ صَامَ قَبْلَهَا فَفِي الْقَضَاءِ وَجْهَانِ ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا فَكَالْحَجِّ ( م 4 ) وَقَالَ الْقَاضِي : لَا يُعِيدُ ، لِفِعْلِهَا فِي إسْلَامِهِ الثَّانِي ، وَيَقْضِيهَا مُسْلِمٌ قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ ( و م ش ) وَقِيلَ : لَا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرَائِعَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ ، وَقِيلَ حَرْبِيٌّ ( و هـ ) وَقَالَ شَيْخُنَا وَالْوَجْهَانِ فِي كُلِّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ ، كَمَنْ لَمْ يَتَيَمَّمْ لِعَدَمِ الْمَاءِ لِظَنِّهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِهِ ، أَوْ لَمْ يَتْرُكْ ، أَوْ أَكَلَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ، لِظَنِّهِ ذَلِكَ ، أَوْ لَمْ تُصَلِّ مُسْتَحَاضَةٌ وَنَحْوَهُ ، وَالْأَصَحُّ لَا قَضَاءَ قَالَ وَلَا إثْمَ اتِّفَاقًا ، لِلْعَفْوِ عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَعْنَاهُ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَإِلَّا أَثِمَ وَكَذَا لَوْ عَامَلَ بِرِبًا ، أَوْ أَنْكَحَ فَاسِدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ التَّحْرِيمُ

وَنَحْوَهُ .

( مَسْأَلَةُ 2 ) قَوْلُهُ فِي الْمُرْتَدِّ وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ حَجٍّ فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ فِي رِوَايَةٍ ، وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَجْدِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ .
هَذَا الصَّحِيحُ ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي مُوَفَّق الدِّينِ فِي شَرْحِ مَنَاسِكِ الْمُقْنِعِ ؛ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَلَا تَبْطُلُ عِبَادَاتُهُ فِي إسْلَامِهِ إذَا عَادَ وَلَوْ الْحَجَّ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْخَرَزِيُّ وَجَمَاعَةٌ يَبْطُلُ الْحَجُّ بِالرِّدَّةِ .
( مَسْأَلَةُ 3 ) قَوْلُهُ : عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ إعَادَةِ الْحَجِّ قِيلَ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ وَقِيلَ لَا كَإِيمَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ ، وَيَلْزَمُهُ ثَانِيًا ، وَالْوَجْهَانِ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لَا لِحُبُوطِ الْعَمَلِ وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَكْثَرُ أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ إلَّا بِالْمَوْتِ عَلَيْهَا ، قَالَ جَمَاعَةٌ الْإِحْبَاطُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الثَّوَابِ دُونَ حَقِيقَةِ الْعَمَلِ لِبَقَاءِ صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ وَحِلِّ مَا كَانَ ذَبَحَهُ ، وَعَدَمِ نَقْضِ تَصَرُّفِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةُ 4 ) قَوْلُهُ وَإِنْ

أَسْلَمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا فَكَالْحَجِّ انْتَهَى ، يَعْنِي هَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا أَمْ لَا كَالْحَجِّ ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الْحَجِّ فَكَذَا هُنَا .

وَإِنْ صَلَّى كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إنْ صَلَّى جَمَاعَةٌ ( و هـ ) وَزَادَ أَوْ بِمَسْجِدٍ ( و م ) إنْ صَلَّى غَيْرَ خَائِفٍ ( و ش ) فِي الْمُرْتَدِّ إنْ صَلَّى بِدَارِ الْحَرْبِ ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى تُخَالِفُ الْإِسْلَامَ ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ ، وَغَيْرُهُمَا كَالشَّهَادَتَيْنِ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إلَّا مَعَ قَرِينَةٍ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ ، وَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي الظَّاهِرِ وَجْهَانِ ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ ( م 5 ) فَإِنْ صَحَّتْ لَمْ تَصِحَّ إمَامَتُهُ فِي الْمَنْصُوصِ وَكَذَا إنْ أَذِنَ ، وَقِيلَ فِي وَقْتِهِ وَمَحَلِّهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَفِي حَجِّهِ وَصَوْمِهِ قَاصِدًا رَمَضَانَ وَزَكَاةَ مَالِهِ ، وَقِيلَ وَبَقِيَّةُ الشَّرَائِعِ وَالْأَقْوَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِنَا كَخِتَانٍ ( هـ ) وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا يُكَفَّرُ الْمُسْلِمُ بِإِنْكَارِهِ إذَا أَقَرَّ بِهِ الْكَافِرُ ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ .

( مَسْأَلَةُ 5 ) قَوْلُهُ وَإِنْ صَلَّى كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ، وَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي الظَّاهِرِ وَجْهَانِ ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدْ قَطَعَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ ، قَالَ الْقَاضِي صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ شَرْطُ الصَّلَاةِ تَقَدُّمُ الشَّهَادَةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالْإِسْلَامِ ، فَإِذَا تَقَرَّبَ بِالصَّلَاةِ يَكُونُ بِهَا مُسْلِمًا ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا ، وَلَا يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِهِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ ، لَا لِفَقْدِ الْإِسْلَامِ ، وَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِحُّ فِي الظَّاهِرِ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، فَعَلَيْهِ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ تَصِحُّ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ الْأَصْوَبُ أَنَّهُ إنْ قَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ إنَّمَا فَعَلْتهَا وَقَدْ اعْتَقَدْت الْإِسْلَامَ ، قُلْنَا صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ ، وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ ، وَإِنْ قَالَ فَعَلْتهَا تَهَيُّؤًا قَبِلْنَا مِنْهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ إلْزَامِ الْفَرَائِضِ ، وَلَمْ نَقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يُؤْثِرُهُ مِنْ دِينِهِ انْتَهَى ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَصَلَّى بِنِيَّةٍ صَحِيحَةٍ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ، انْتَهَى ، قُلْت الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ ، وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِهِ .
( مَسْأَلَةُ 6 ) قَوْلُهُ : وَفِي حَجِّهِ وَصَوْمِهِ قَاصِدًا رَمَضَانَ وَزَكَاةَ مَالِهِ ، وَقِيلَ وَبَقِيَّةِ الشَّرَائِعِ وَالْأَقْوَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِنَا كَخِتَانٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي إذَا فَعَلَ ذَلِكَ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَمْ لَا ، أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِفِعْلِ

شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَبْصِرَةِ الْوَعْظِ وَالْتَزَمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ بِالْحَجِّ فَقَطْ ، نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْتَزَمَهُ الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ فِيهِ أَيْضًا .

وَيَلْزَمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُحَرَّمٍ ( و ) خِلَافًا لِشَيْخِنَا فَلَوْ جُنَّ مُتَّصِلًا فَفِي زَمَنِ جُنُونِهِ احْتِمَالَانِ ( م 7 ) ، وَكَذَا بِمُبَاحٍ ( و هـ ) وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ ( و م ش ) وَذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فِي السُّكْرِ كَرِهَا ، كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ فِي الْحَضَرِ يُصَلِّي وَلَا يَقْضِي ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا .
وَقِيلَ إنْ طَالَ زَمَنُهُ .
وَتَلْزَمُ مُغْمًى عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ ( و هـ ) فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ كَنَائِمٍ ( ع ) وَقِيلَ لَا ، كَمَجْنُونٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( و ) وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبْلَهِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ .
وَقَالَ فِي الصَّوْمِ : لَا يَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ ، وَلَا عَلَى الْأَبْلَهِ اللَّذَيْنِ لَا يُفِيقَانِ ، وَفِي الرِّعَايَةِ : يَقْضِي ، مَعَ قَوْلِهِ فِي الصَّوْمِ : الْأَبْلَهُ كَالْمَجْنُونِ ، كَذَا ذَكَرَ ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ إنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ جُنُونٍ لَمْ يَسْقُطْ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ رَجُلٌ أَبْلَهُ بَيْنَ الْبَلَهِ وَالْبَلَاهَةِ ، وَهُوَ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ ، وَقَدْ بَلِهَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَبَّلَهُ ، وَالْمَرْأَةُ بَلْهَاءُ .
وَفِي الْحَدِيثِ { أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ } يَعْنِي فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِهَا وَهُمْ أَكْيَاسٌ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَتَبَالَهَ : أَرَى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( مَسْأَلَةُ 7 ) قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُحَرَّمٍ فَلَوْ جُنَّ مُتَّصِلًا فَفِي زَمَنِ جُنُونِهِ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي فِي لُزُومِ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ حَالَ جُنُونِهِ احْتِمَالَانِ ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ مُنَجَّى فِي النِّهَايَةِ : لَوْ شَرِبَ مُحَرَّمًا فَسَكِرَ بِهِ ثُمَّ جُنَّ مُتَّصِلًا بِالسُّكْرِ لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي وَقْتِ السُّكْرِ ، وَجْهًا وَاحِدًا ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي حَالِ الْجُنُونِ ؟ ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِاتِّصَالِهِ بِالسُّكْرِ ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَعَاطَى سَبَبًا أَثَّرَ فِي وُجُودِ الْجُنُونِ ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ طَرَيَانَ الْجُنُونِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ وُجِدَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً ، انْتَهَى ، قُلْت الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ ، وَيُعَضِّدُهُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ لَوْ جُنَّ الْمُرْتَدُّ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ زَمَنَ جُنُونِهِ ، لِأَنَّ سُقُوطَهَا بِالْجُنُونِ رُخْصَةٌ ، وَتَخْفِيفٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَكَذَا ، يُقَالُ فِي هَذَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي لُزُومِ إعْلَامِ النَّائِمِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا احْتِمَالَاتٌ ، الثَّالِثُ يَلْزَمُ مَعَ ضِيقِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّمْهِيدِ ، وَجَعَلَهُ دَلِيلًا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْعَزْمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ( م 8 )
( مَسْأَلَةُ 8 ) قَوْلُهُ : وَفِي لُزُومِ إعْلَامِ النَّائِمِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا احْتِمَالَاتٌ ، الثَّالِثُ يَلْزَمُ مَعَ ضِيقِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّمْهِيدِ ، وَجَعَلَهُ دَلِيلًا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْعَزْمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ، انْتَهَى ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَيَلِيهِ فِي الْقُوَّةِ الْقَوْلُ بِعَدَمِ لُزُومِ الْإِعْلَامِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهَلْ يَجِبُ إعْلَامُ النَّائِمِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِيُصَلِّيَ ، قُلْت يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا ، الثَّالِثُ يَجِبُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَافَ الْفَوْتَ ، انْتَهَى ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَهُ ، فَيَكُونُ فِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَتَصِحُّ مِنْ مُمَيِّزٍ ( و ) صَلَاةُ كَذَا .
وَفِي التَّعْلِيقِ وَهُوَ مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَتَثْبُتُ نَفْلًا ، وَيُقَالُ لِمَا فَعَلَهُ صَلَاةُ كَذَا .
وَفِي التَّعْلِيقِ مَجَازٌ ، وَثَوَابُ فِعْلِهِ لَهُ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي حَجِّهِ أَنَّهُ صَحِيحٌ يَقَعُ تَطَوُّعًا يُثَابُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ فِي أَوَائِلِ الْمُجَلَّدِ التَّاسِعَ عَشَرَ : وَعِنْدِي أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى طَاعَاتِ بَدَنِهِ ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ مِنْ مَالِهِ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْحَجِّ : مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَصِحُّ مِنْهُ أَيْ يُكْتَبُ لَهُ ، قَالَ : وَكَذَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلِّهَا فَهُوَ يُكْتَبُ لَهُ وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ ، وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْجَنَائِزِ تَقْدِيمَ النِّسَاءِ عَلَى الصِّبْيَانِ بِالتَّكْلِيفِ فَفَضْلُهُنَّ بِالثَّوَابِ وَالتَّعْوِيضِ ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ كَذَا قَالَ ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي مَسْأَلَةِ تَصَرُّفِهِ : ثَوَابُهُ لِوَالِدَيْهِ ، وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا { أَنَّ حَسَنَاتِ الصَّبِيِّ لِوَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا } وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ ، وَالْمُتَسَبِّبُ يُثَابُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ ، وَلِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى هُدًى ، وَلِأَنَّ { امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا فِي خِرْقَةٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا وَلَا تَلْزَمُهُ ( و ) كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَعَنْهُ بَلَى ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَأَنَّهُ مُكَلَّفٌ ، وَذَكَرَهَا فِي الْمُذَهَّبِ وَغَيْرِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَعَنْهُ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ يَضْرِبُهُ عَلَيْهَا وُجُوبًا ، وَعَنْهُ مُرَاهِقًا اخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ التَّمِيمِيُّ ، فَعَلَى الْأُولَى يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَمْرُهُ بِهَا وَتَعْلِيمُهُ إيَّاهَا وَالطَّهَارَةَ ، نَصَّ عَلَيْهِ

خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ وَبَعْضِ الْعُلَمَاءِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ ، وَكَإِصْلَاحِ مَالِهِ ، وَكَفِّهِ عَنْ الْمَفَاسِدِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيٍّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ أَنْ يُنَزِّهَهُمَا عَنْ النَّجَاسَةِ ، وَلَا أَنْ يُزِيلَهَا عَنْهُمَا ، بَلْ يُسْتَحَبُّ ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا وَجْهًا فِي أَنَّ الطَّهَارَةَ تَلْزَمُ الْمُمَيِّزَ ، وَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَصِحُّ لِدُونِ سَبْعٍ ، وَهُوَ الشَّيْخُ أَوْ غَيْرُهُ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ ظَاهِرَ الْخِرَقِيِّ تَصِحُّ صَلَاةُ الْعَاقِلِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِسِنٍّ ( و ش ) وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ ابْنَ ثَلَاثٍ وَنَحْوِهِ يَصِحُّ إسْلَامُهُ إذَا عَقَلَهُ ، وَكَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ تَعْلِيمَ الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ مَا يَحْتَاجُهُ الِابْنُ لِدِينِهِ يَجِبُ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ : وَكَذَا الْأُمُّ لِعَدَمِ الْأَبِ ، وَيُتَوَجَّهُ لَنَا مِثْلُهُ ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ { وَإِنَّ لِوَلَدِك عَلَيْك حَقًّا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ، قَالُوا وَالْأُجْرَةُ مِنْ الصَّبِيِّ ، ثُمَّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ مِثْلُهُ ، وَفِيهِ نَظَرُهُ .
وَحَيْثُ وَجَبَتْ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي النَّفْلِ ، وَيَلْزَمُهُ عَلَى الْأَوْلَى إعَادَتُهَا بِبُلُوغِهِ فِيهَا ، أَوْ فِي وَقْتِهَا بَعْدَ فِعْلِهَا فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا ش ) لَا إعَادَةُ طَهَارَةٍ ، لِأَنَّ الْقَصْدَ غَيْرُهَا ، وَكَذَا إسْلَامٌ ، لِأَنَّ أَصْلَ الدِّينِ لَا يَصِحُّ نَفْلًا ، فَإِذَا وُجِدَ فَعَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ ، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ بِفِعْلِ غَيْرِهِ ، وَهُوَ الْأَبُ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي خِلَافًا .
وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ : الْإِسْلَامُ أَصْلُ الْعِبَادَاتِ وَأَعْلَاهَا ، فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ ، وَمَعَ التَّسْلِيمِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ .

( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَصِحُّ لِدُونِ سَبْعٍ وَهُوَ الشَّيْخُ أَوْ غَيْرُهُ ، انْتَهَى ، لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الظِّهَارِ ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الشَّيْخُ قَدْ نُقِلَ وَهُوَ عَنْ الشَّيْخِ ضِدُّ ذَلِكَ فَقَالَ : لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ ظِهَارٌ وَلَا إيلَاءٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا .

وَلَهُ تَأْخِيرُهَا مَا لَمْ يُظَنُّ مَانِعٌ كَمَوْتٍ ، وَقَتْلٍ ، وَحَيْضٍ ، وَكَمَنْ أُعِيرَ سُتْرَةً أَوَّلَ الْوَقْتِ فَقَطْ ، أَوْ مُتَوَضِّئٍ عَدِمَ الْمَاءَ سَفَرًا لَا تَبْقَى طَهَارَتُهُ إلَى آخِرِهِ ، وَلَا يَرْجُو وُجُودَهُ مَعَ عَزْمِهِ ، وَقِيلَ وَبِدُونِهِ ، وَعَلَيْهِمَا هَلْ يَأْثَمُ الْمُتَرَدِّدُ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُهَا عَنْ بَعْضِهَا ، فَيَحْرُمُ لِغَيْرِ جَمْعٍ ، أَوْ شَرْطٍ قَرِيبٍ ، وَيَأْثَمُ مَنْ عَزَمَ عَلَى التَّرْكِ إجْمَاعًا ، وَمَتَى فُعِلَتْ فِي وَقْتِهَا فَهِيَ أَدَاءٌ .
وَقَالَ شَيْخُنَا أَوْ شَرْطٌ قَرِيبٌ لَيْسَ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ ، وَأَنَّ الْوَقْتَ يُقَدَّمُ ، وَاخْتَارَ تَقْدِيمَ الشَّرْطِ إنْ انْتَبَهَ قُرْبَ طُلُوعِهَا ، وَمَنْ صَحَّتْ مِنْهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَالْحَاقِنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالطَّهَارَةِ إنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ( و ) وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بِلَا عُذْرٍ إلَى وَقْتِ ضَرُورَةٍ فِي الْأَصَحِّ ، وَقَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ فِي الْعَصْرِ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ لَا يُكْرَهُ أَدَاؤُهَا ، وَكَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ التَّأْخِيرَ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَدَاءِ ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ فَلَا يُكْرَهُ ، وَمَنْ لَهُ التَّأْخِيرُ فَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ لَمْ يَأْثَمْ فِي الْأَصَحِّ ( و ) وَتَسْقُطُ إذَنْ بِمَوْتِهِ ( و ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ ، فَلَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهَا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَالْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ كَدَيْنٍ مُعْسِرٍ لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ ، وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ لِجَوَازِ الْإِبْرَاءِ ، أَوْ قَضَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ ، وَقِيلَ لَهُ لَوْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لَطُولِبَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَلَحِقَهُ الْمَأْثَمُ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ " فَقَالَ : هَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَالْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ ، وَلِابْنِ عَقِيلٍ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْفُنُونِ .

وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كُفِّرَ إجْمَاعًا ، وَمَنْ جَهِلَهُ عَرَفَهُ ، فَإِنْ أَصَرَّ كُفِّرَ .

وَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا وَكَسَلًا دَعَاهُ إمَامٌ أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِ : فَإِنْ أَبَى حَتَّى ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ الْأَوْلَى ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ، وَهِيَ أَظْهَرُ ( و م ش ) وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : إنْ لَمْ يَجْمَعْ وَحَسَّنَهُ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ إنْ تَرَكَ ثَلَاثًا ، وَعَنْهُ : وَيَضِيقُ وَقْتُ الرَّابِعَةِ قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ .
وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ وَتَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ رِوَايَةُ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ قُتِلَ ( هـ ) وُجُوبًا بِضَرْبِ عُنُقِهِ نَصَّ عَلَيْهِ ( و م ش ) كُفْرًا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ فَحُكْمُهُ كَالْكُفَّارِ وَذَكَرَ الْقَاضِي يُدْفَنُ مُنْفَرِدًا ، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ : مَنْ قُتِلَ مُرْتَدًّا تُرِكَ بِمَكَانِهِ ، وَلَا يُدْفَنُ ، وَلَا كَرَامَةَ ، وَعَنْهُ حَدًّا ( و م ش ) فَحُكْمُهُ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ قَالَ شَيْخُنَا كَذَا فَرَضَ الْفُقَهَاءُ ، وَيُمْتَنَعُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَهَا وَلَا يَفْعَلُهَا وَيَصْبِرُ عَلَى الْقَتْلِ ، هَذَا لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ قَطُّ ، وَاسْتِتَابَتُهُ كَمُرْتَدٍّ نَصُّ ( م ر ) وَذَكَرَ الْقَاضِي يُضْرَبُ ، ثُمَّ يُقْتَلُ ، وَيَنْبَغِي الْإِشَاعَةُ عَنْهُ بِتَرْكِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ ، قَالَهُ شَيْخُنَا قَالَ : وَلَا يَنْبَغِي السَّلَامُ عَلَيْهِ ، وَلَا إجَابَةُ دَعْوَتِهِ ، وَمَتَى رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ قَضَى صَلَاةَ مُدَّةِ امْتِنَاعِهِ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ ، لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ ، وَلَا يَلْزَمُ إبْطَالُ كُفْرِهِ ، وَيُتَوَجَّهُ أَيْضًا يَقْضِي مَا كُفِّرَ بِهِ ، لَا مَا تَرَكَهُ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ ، وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِأَنَّ تَكْلِيفَهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ ، وَاحْتَجَّ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى قَضَائِهَا ، وَقَاسَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي حَقِّ الْمُرْتَدِّ ، وَيَصِيرُ مُسْلِمًا بِالصَّلَاةِ ، نَقَلَ صَالِحٌ : تَوْبَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ .
وَفِي الْفُنُونِ الشَّهَادَتَانِ يَحْكِي مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ الْإِيمَانِ ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ

لَهَا حِينَ تَرَكَ الصَّلَاةَ ، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا إذَا تَابَ وَنَدِمَ ، وَالزِّنْدِيقُ يَتَظَاهَرُ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى يَكُونَ مُؤَذِّنًا ، ثُمَّ إذَا تَابَ قُبِلَتْ وَأَعَدْنَاهُ إلَى الْإِسْلَامِ بِنَفْسِ الْكَلِمَتَيْنِ لَا غَيْرِ ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، قَالَ شَيْخُنَا : الْأَصْوَبُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِالصَّلَاةِ ، لِأَنَّ كُفْرَهُ بِالِامْتِنَاعِ كَإِبْلِيسٍ وَتَارِكِ الزَّكَاةِ ، وَصِحَّتُهَا قَبْلَ الشَّهَادَتَيْنِ مُرْتَدٌّ ، قَالَ : وَالْأَشْبَهُ أَيْضًا أَنَّ الزِّنْدِيقَ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ تَائِبٌ بَاطِنًا ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَلَعَلَّ بَاطِنَهُ تَغَيَّرَ .

وَالْمُحَافِظُ عَلَيْهَا أَقْرَبُ إلَى الرَّحْمَةِ مِمَّنْ لَا يُصَلِّيهَا وَلَوْ فَعَلَ مَا فَعَلَ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَمَنْ تَرَكَ شَرْطًا أَوْ رُكْنًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَالطَّهَارَةِ فَكَتَرْكِهَا ، وَكَذَا مُخْتَلِفًا فِيهِ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ .
ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ لَا ، وَزَادَ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا فِي الْفُصُولِ لَا بَأْسَ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ ، كَمَا نَحُدُّهُ بِفِعْلِ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى مَذْهَبِهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ، وَفِي الْأَصْلِ نَظَرٌ ، مَعَ أَنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ .
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ حُذَيْفَةَ : وَقَدْ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ : مَا صَلَّيْت ، وَلَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكِرِ فِي مِثْلِ هَذَا يُغَلَّظُ لَهُ لَفْظُ الْإِنْكَارِ ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ ، وَإِلَى تَغْلِيظِ الْأَمْرِ فِي الصَّلَاةِ ، حَتَّى إنَّ مَنْ أَسَاءَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ تَارِكِهَا .

وَلَا يُكَفَّرُ بِتَرْكِ صَوْمٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَحَجٍّ ، وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ تَهَاوُنًا ، وَبُخْلًا بِزَكَاةٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( و ) وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَيُقْتَلُ عَلَى الْأَصَحِّ ( و م ) فِي الصَّوْمِ ، وَعَنْهُ يُكَفَّرُ بِزَكَاةٍ ، وَعَنْهُ وَلَوْ لَمْ يُقَاتَلْ عَلَيْهَا ، وَعَنْهُ يُقْتَلُ بِهَا فَقَطْ ، وَقَوْلُنَا فِي الْحَجِّ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ لِعَزْمِهِ عَلَى تَرْكِهِ ، أَوْ ظَنِّهِ الْمَوْتَ مِنْ عَامِهِ ، وَبِاعْتِقَادِهِ الْفَوْرِيَّةَ يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَدِّ بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلِفٍ فِيهِ ، قَالَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ ، وَحَمَلَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَوْضَحُ ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا ، كَذَا قَالَ ، وَلَا وَجْهَ لَهُ ، ثُمَّ اخْتَارَ إنْ قُلْنَا بِالْفَوْرِيَّةِ ، قِيلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِلَافِ ، فَإِنَّهُ قَالَ قِيَاسُ قَوْلِهِ يُقْتَلُ كَالزَّكَاةِ ، قَالَ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخِلَافِ ، وَقَالَ الْحَجُّ وَالزَّكَاةُ وَالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ سَوَاءٌ ، يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِيمَنْ لَا اعْتِقَادَ لَهُ ، وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِاعْتِقَادِهِ أَوْلَى ، وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ ، وَيَأْتِي فِيمَنْ أَتَى فَرْعًا مُخْتَلِفًا فِيهِ هَلْ يُفَسَّقُ ، قَالَ الْأَصْحَابُ : وَلَا قَتْلَ بِفَائِتَةٍ لِلْخِلَافِ فِي الْفَوْرِيَّةِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ مَا سَبَقَ ، وَقِيلَ يُقْتَلُ ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْفَوْرِ فَعَلَى هَذَا لَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَضِيقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ ، وَحَيْثُ كُفِّرَ فَلَا يَرِقُّ وَلَا يُسْبَى وَلَدٌ وَلَا أَهْلٌ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَا قَتْلَ ، وَلَا تَكْفِيرَ قَبْلَ الدِّعَايَةِ ، وَلَا بِتَرْكِ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ ، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ يُكَفَّرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ إبْلِيسَ كَفَرَ بِتَرْكِ السُّجُودِ لَا بِجُحُودِهِ وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي صَوْمِ جُنُبٍ لَمْ يَغْتَسِلْ يَوْمًا ، وَسَبَقَ قَرِيبًا كَلَامُ ابْنِ هُبَيْرَةَ ، وَيُوَافِقُهُ

مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ ، وَلَمْ تَثْبُتْ مَعَ كَثْرَةِ تَارِكِي الصَّلَاةِ ، وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ عَلَى مَنْ قَالَ يُقْتَلُ ، أَوْ يُكَفَّرُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا بِإِخْبَارِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَأْخِيرِ الْأُمَرَاءِ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا ، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ ، وَنَقَلَ أَيْضًا إذَا تَرَكَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةً أُخْرَى فَقَدْ تَرَكَهَا ، قُلْت فَقَدْ كَفَرَ ، قَالَ : الْكُفْرُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ ، وَلَكِنْ يُسْتَتَابُ ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ تَرْكِهَا اسْتِخْفَافًا وَمُجُونًا أَيُسْتَتَابُ ؟ قَالَ أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ ؟ ؟ وَمَنْ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي تَرْكِ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ فَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الطَّهَارَةُ ، لِأَنَّهَا كَالصَّلَاةِ ، وَلَا يَلْزَمُ بَقِيَّةُ الشَّرَائِطِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ لَهَا ، وَلِهَذَا صَنَّفَ أَبُو الْخَطَّابِ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسَ .
وَقَالَ الْفُقَهَاءُ : رُبُعُ الْعِبَادَاتِ ، وَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى وَمُتَعَيِّنٌ .

بَابُ الْمَوَاقِيتِ سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ ، لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ ، وَهِيَ [ أَيْ الْإِضَافَةُ ] تَدُلُّ عَلَى السَّبَبِيَّةِ ، وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ ، وَهُوَ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ إذْ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ الْخِطَابُ .
( وَقْتُ الظُّهْرِ ) وَهِيَ الْأَوْلَى لِبُدَاءَةِ جِبْرِيلَ بِهَا لَمَّا صَلَّى بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَإِنَّمَا بَدَأَ أَبُو الْخَطَّابِ بِالْفَجْرِ لِبِدَايَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالسَّائِلِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ ( ع ) حَتَّى يَتَسَاوَى مُنْتَصِبٌ وَفَيْئِهِ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ ( و ش ) وَهُوَ زِيَادَةُ الظِّلِّ بَعْدَ تَنَاهِي قِصَرِهِ ، لِأَنَّ الظِّلَّ يَكُونُ أَوَّلًا طَوِيلًا لِمُقَابَلَةِ قُرْصِهَا ، وَكَذَا كُلُّ مُنْتَصِبٍ فِي مُسَامَتَةِ نَيِّرٍ ، وَكُلَّمَا صَعِدَتْ قَصَرَ الظِّلُّ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ ، فَإِذَا أَخَذَتْ فِي النُّزُولِ مُغْرِبَةً طَالَ ، لِابْتِدَاءِ الْمُسَامَتَةِ وَمُحَاذَاةِ الْمُنْتَصِبِ قُرْصَهَا ، وَيَقْصِرُ الظِّلُّ فِي الصَّيْفِ ، لِارْتِفَاعِهِ إلَى الْجَوِّ ، وَفِي الشِّتَاءِ يَطُولُ ، لِأَنَّهَا مُسَامَتَةٌ لِلْمُنْتَصِبِ وَيَقْصِرُ الظِّلُّ جِدًّا فِي كُلِّ بَلَدٍ تَحْتَ وَسَطِ الْفُلْكِ وَالْأَبْعَدُ عَنْهُ طَوِيلٌ ، لِأَنَّ الشَّمْسَ نَاحِيَةٌ عَنْهُ ، فَصَيْفُهَا كَشِتَاءِ غَيْرِهَا ، قَالَ تَعَالَى : { يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ } أَيْ تَدُورُ وَتَرْجِعُ .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : قَالَ الْمُفَسِّرُونَ ، إذَا طَلَعَتْ وَأَنْتَ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ فَالظِّلُّ قُدَّامَك ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَعَنْ يَمِينِك ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَلْفَك ، ثُمَّ عَنْ يَسَارِك لِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو { وَقْتَ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ ، مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَلِئَلَّا يَصِيرَ آخِرُ وَقْتِهَا مَجْهُولًا .
وَفِي الْخِلَافِ لَا وَقْتَ لِظُهْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُهُ الزَّوَالَ ، يَعْنِي فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ ، وَعَنْهُ آخِرُهُ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ ، فَبَيْنَهُمَا وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ قَدْرَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ ،

وَعِنْدَ ( هـ ) مَثَلًا الْمُنْتَصَفُ ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا ، وَقَالَهُ صَاحِبَاهُ .
وَالزَّوَالُ فِي جَمِيعِ الدُّنْيَا وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ ، قَالَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا ، وَأَنْكَرَ عَلَى الْمُنَجِّمِينَ أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فِي الْبُلْدَانِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ مَا تَأْوِيلُهُ مَعْ الْعِلْمِ بِاخْتِلَافِهِ بِالْأَقَالِيمِ ؟ وَكَذَا فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ اخْتِلَافُهُ ، وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا بِأَنْ يَتَأَهَّبَ لَهَا بِدُخُولِ الْوَقْتِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ قَوْلًا لَا يَتَطَهَّرُ قَبْلَهُ إلَّا مَعَ حَرٍّ ( و هـ م ) وَقِيلَ لِقَاصِدِ جَمَاعَةٍ ، قَالَ جَمَاعَةٌ لِيَمْشِيَ فِي الْفَيْءِ ، وَقِيلَ فِي بَلَدٍ حَارٍّ ( و ش ) وَفِي الْوَاضِحِ لَا بِمَسْجِدِ سُوقٍ .
بَابُ الْمَوَاقِيتِ تَنْبِيهٌ لَمْ يُفْصِحْ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ لِلْحَرِّ مُسْتَحَبٌّ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُهُ لِذَلِكَ قَطَعَ بِهِ الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ الْأَرْجَحُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقِيلَ إنَّ التَّأْخِيرَ رُخْصَةٌ وَيُفْهَمُ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مُنَجَّى

وَلَا تُؤَخَّرُ هِيَ وَالْمَغْرِبُ لِغَيْمٍ فِي رِوَايَةٍ ( و م ش ) وَعَنْهُ بَلَى ( و هـ ) فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ ( م 1 ) ، وَقِيلَ : يُؤَخَّرُ الظُّهْرُ لَا الْمَغْرِبُ ، وَتُعَجَّلُ الْجُمُعَةُ مُطْلَقًا ( و ) .

مَسْأَلَةُ 1 ) قَوْلُهُ : وَلَا تُؤَخَّرُ يَعْنِي الظُّهْرَ وَالْمَغْرِبَ لِغَيْمٍ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْهُ بَلَى وَعَلَى فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ مَعَ غَيْمٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَمَّا تَأْخِيرُ الظُّهْرِ فَالصَّحِيحُ اسْتِحْبَابُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ وَنَصَرُوهُ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَجَمَاعَةٍ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ ، وَإِلَيْهِ مِيلُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ ، وَالشَّارِحُ ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الظُّهْرِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ قَوْلًا أَنَّ الظُّهْرَ تُؤَخَّرُ دُونَ الْمَغْرِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الظُّهْرِ فِي الْغَيْمِ ، وَاسْتِحْبَابِهِمْ تَعْجِيلَ الْمَغْرِبِ إلَّا لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ ، قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) : عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّأْخِيرِ : هَلْ يُسْتَحَبُّ إذَا كَانَ وَحْدَهُ أَمْ لَا يُسْتَحَبُّ إلَّا إذَا كَانَ فِي جَمَاعَةٍ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا لَا يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ،

جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ ، قَالَ الْمَجْدُ : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا ، قُلْت : وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا سِيَّمَا فِي الْمَغْرِبِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : عَلَّلَ الْأَصْحَابُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْغَيْمَ مَظِنَّةُ الْعَوَارِضِ وَالْمَوَانِعِ مِنْ الْبَرْدِ وَالْمَطَرِ ، وَالرِّيحِ فَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ بِالْخُرُوجِ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَفِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجَمْعِ وَتَعْجِيلِ الثَّانِيَةِ دَفْعٌ لِهَذِهِ الْمَشَقَّةِ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِمَا خُرُوجًا وَاحِدًا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، هَذَا يُوَافِقُ مَا صَحَّحْنَاهُ وَقَالَ الْمَجْدُ فِي الْعِلَّةِ لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ إذَا وُجِدَتْ فِي الْأَغْلَبِ سُحِبَ حُكْمُهُ عَلَى النَّادِرِ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي .

ثُمَّ يَلِيهِ وَقِيلَ بَعْدَ زِيَادَةِ شَيْءٍ وَقْتُ الْعَصْرِ ، وَآخِرُهُ الْمُخْتَارُ حَتَّى يَصِيرَ فَيْءُ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ ، وَعَنْهُ حَتَّى تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَهِيَ أَظْهَرُ ( ش ) وَفِي التَّلْخِيصِ مَا بَيْنَهُمَا وَقْتُ جَوَازٍ ، ثُمَّ هُوَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى غُرُوبِهَا ( و ) وَهِيَ الْوُسْطَى لَا الْفَجْرُ ( و ش ) وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ ( و م ش ) وَعَنْهُ مَعَ غَيْمٍ ( و هـ ) نَقَلَهُ صَالِحٌ قَالَهُ الْقَاضِي ، وَلَفْظُ رِوَايَتِهِ : يُؤَخَّرُ الْعَصْرُ أَحَبُّ إلَيَّ ؛ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدِي مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا ، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِتَغَيُّرِ الْقُرْصِ بِحَيْثُ لَا تَحَارُ فِيهِ الْعَيْنُ ، قَالَ الْقَاضِي : وَقْتُ الظُّهْرِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ مِثْلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ، لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مِنْ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ رُبُعُ النَّهَارِ ، وَيَبْقَى الرُّبُعُ إلَى الْغُرُوبِ ، وَقَالَ لَهُ الْخَصْمُ : طَرَفُ الشَّيْءِ مَا يَقْرُبُ مِنْ نِهَايَتِهِ ، فَقَالَ الطَّرَفُ مَا زَادَ عَنْ النِّصْفِ ، وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي اللُّغَةِ ، ثُمَّ بَيَّنَ صِحَّتَهُ بِتَفْسِيرِ الْآيَتَيْنِ .

ثُمَّ يَلِيهِ وَقْتُ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ ، وَعَنْهُ الْأَبْيَضُ ( و هـ ) وَعَنْهُ حَضَرَا ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا الْأَحْمَرُ ، وَقَالَهُ صَاحِبَاهُ ، لَا بِقَدْرِ طُهْرٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ( م ش ) وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَنَّ مَنْ أَخَّرَ حَتَّى يَبْدُوَ النَّجْمُ أَخْطَأَ ، وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا ، إلَّا لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ لِمُحْرِمٍ قَصَدَهَا إجْمَاعًا .
وَقَالَ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ : وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا ، يَعْنِي لِغَيْرِ مُحْرِمٍ ، وَاقْتَصَرَ فِي الْفُصُولِ عَلَى قَوْلِهِ : الْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِمِنًى ( بِمُزْدَلِفَةَ ) يُؤَخِّرُهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِالْعِشَاءِ وَذَلِكَ نُسُكٌ وَفَضِيلَةٌ ، كَذَا قَالَ ، وَنَظِيرُهُ فِي حَمْلِ النَّهْيِ عَنْ عُلُوِّ الْإِمَامِ عَلَى الْكَرَاهَةِ ، لِفِعْلِهِ فِي خَبَرِ سَهْلٍ ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي لَوْ دَفَعَ عَنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَحَصَلَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَقْتَ الْغُرُوبِ لَمْ يُؤَخِّرْهَا ، وَيُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا وَذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي فَرْضِ الْوَقْتِ : هَلْ هُوَ الْجُمُعَةُ أَوْ الظُّهْرُ ؟ ؟ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي الْمُوَافَقَةَ ، وَهُوَ وَاضِحٌ ، وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعِشَاءِ ، وَبِالْمَغْرِبِ أَوْلَى ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ يُكْرَهُ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِمِنًى ، يُؤَخِّرُهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِالْعِشَاءِ انْتَهَى ، صَوَابُهُ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ الْفُصُولِ ، وَاَلَّذِي فِي الْفُصُولِ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ .

ثُمَّ يَلِيهِ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ نِصْفِهِ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَهِيَ أَظْهَرُ ( و هـ ق ) وَفِي التَّلْخِيصِ مَا بَيْنَهُمَا وَقْتُ جَوَازٍ وَتَأْخِيرُهَا إلَى آخِرِهِ أَفْضَلُ [ آخَر النِّصْف ] ( ق ) مَا لَمْ يُؤَخِّرْ الْمَغْرِبَ ، وَيُكْرَهُ إنْ شَقَّ عَلَى بَعْضِهِمْ عَلَى الْأَصَحِّ ( و هـ ) ثُمَّ هُوَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي الْمُسْتَطِيرِ ، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْمَشْرِقِ لَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ ( و ) وَالْفَجْرُ الَّذِي قَبْلَهُ الْكَاذِبُ الْمُسْتَطِيلُ بِلَا اعْتِرَاضٍ ، أَزْرَقُ ، لَهُ شُعَاعٌ ، ثُمَّ يُظْلِمُ ، وَلِدِقَّتِهِ يُسَمَّى ذَنَبَ السِّرْحَانِ وَهُوَ الذِّئْبُ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَسْنَوَيْهِ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : الْفَجْرُ يَطْلُعُ بِلَيْلٍ ، وَلَكِنَّهُ يَسْتُرُهُ أَشْجَارُ جِنَانِ عَدْنٍ ، وَهَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ أَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهِ لَنَا ، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ مَيْلِهَا عَنْ كَبَدِ السَّمَاءِ ، وَقِيلَ : يَخْرُجُ الْوَقْتُ مُطْلَقًا بِخُرُوجِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ فِي الصَّلَاتَيْنِ .
وَفِي الْكَافِي : بَعْدَهُ فِي الْعَصْرِ وَقْتُ جَوَازٍ .
وَفِي التَّلْخِيصِ مِثْلُهُ فِي الْعِشَاءِ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمَا أَنَّ الْأَدَاءَ بَاقٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْوَجِيزِ لِلْعِشَاءِ وَقْتَ ضَرُورَةٍ ، وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِهِ فِي الْعَصْرِ ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ .
( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ وَفِي التَّلْخِيصِ مَا بَيْنَهُمَا وَقْتُ جَوَازٍ يَعْنِي مَا بَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ ، وَلَيْسَ فِي التَّلْخِيصِ ذَلِكَ ، بَلْ الَّذِي فِيهِ وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ذُهُولٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا ( و م ش ) وَعَنْهُ بِلَا مُوقِظٍ ( و هـ ) لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَخَّصَ لِعَلِيٍّ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ ، جَزَمَ بِهَا فِي جَامِعِ الْقَاضِي ، وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا فِي الْجُمْلَةِ ( و ) إلَّا لِشُغْلٍ ، وَشَيْءٍ يَسِيرٍ ، وَالْأَصَحُّ وَأَهْلٍ وَلَا تُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَتَمَةً ، وَالْفَجْرُ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ( ش ) وَقِيلَ يُكْرَهُ فِي الْأَخِيرَةِ ، وَقِيلَ فِي الْأُولَى ، وَفِيهَا فِي ( اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ) أَنَّ الْأَشْهَرَ عِنْدَنَا إنَّمَا يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الِاسْمِ الْآخَرِ ، وَأَنَّ مِثْلَهَا فِي الْخِلَافِ الْمَغْرِبُ بِالْعِشَاءِ .
وَفِي حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيِّ رِوَايَةُ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ بَشْرَانَ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { مَنْ سَمَّى الْعِشَاءَ الْعَتَمَةَ فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ } .

ثُمَّ يَلِيهِ وَقْتُ الْفَجْرِ ( ع ) حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، وَقِيلَ : إنْ أَسْفَرَ فَضَرُورَةٌ ( و ش ) وَهِيَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ ، وَهَلْ تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ ؟ وَهِيَ أَظْهَرُ ( و م ش ) أَوْ مُرَاعَاةُ أَكْثَرِ الْمَأْمُومِينَ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) ، وَعَنْهُ الْأَسْفَارُ أَفْضَلُ ، أَطْلَقَهَا بَعْضُهُمْ ( و هـ ) لِغَيْرِ الْحَاجِّ بِمُزْدَلِفَةَ ، وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ ، زَادَ الْحَنَفِيَّةُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى قِرَاءَةٍ مَسْنُونَةٍ ، وَإِعَادَتُهَا وَإِعَادَةُ الْوُضُوءِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَوْ ظَهَرَ سَهْوٌ ، وَلَهُمْ فِي الْأَسْفَارِ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ خِلَافٌ .
وَوَقْتُ الْعِشَاءِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ يَتْبَعُ النَّهَارَ ، فَيَكُونُ فِي الصَّيْفِ أَطْوَلَ ، كَمَا أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ يَتْبَعُ اللَّيْلَ فَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلَ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْفَجْرِ فِي الشِّتَاءِ وَفِي الصَّيْفِ ، فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا بَيِّنًا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ ، وَسَبَبُ غَلَطِهِ أَنَّ الْأَنْوَارَ تَتْبَعُ الْأَبْخِرَةَ ، فَفِي الشِّتَاءِ يَكْثُرُ الْبُخَارُ فِي اللَّيْلِ فَيَظْهَرُ النُّورُ فِيهِ ، وَفِي الصَّيْفِ تَقِلُّ الْأَبْخِرَةُ بِاللَّيْلِ وَفِي الصَّيْفِ يَتَكَدَّرُ الْجَوُّ بِالنَّهَارِ بِالْأَغْبِرَةِ ، وَيَصْفُو فِي الشِّتَاءِ ، وَلِأَنَّ النُّورَيْنِ تَابِعَانِ لِلشَّمْسِ ، هَذَا يَتَقَدَّمُهَا ، وَهَذَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا ، فَإِذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ طَالَ زَمَنُ مَغِيبِهَا فَيَطُولُ زَمَنُ الضَّوْءِ التَّابِعِ لَهَا ، وَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ طَالَ زَمَنُ ظُهُورِهَا فَيَطُولُ زَمَنُ الضَّوْءِ التَّابِعِ لَهَا ، وَأَمَّا جَعْلُ هَذِهِ الْحِصَّةِ بِقَدْرِ هَذِهِ وَأَنَّ الْفَجْرَيْنِ أَطْوَلُ ، وَالْعِشَاءُ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلُ ، وَجَعْلُ الْفَجْرِ تَابِعًا لِلنَّهَارِ يَطُولُ فِي الصَّيْفِ ، وَيَقْصُرُ فِي الشِّتَاءِ ، وَجَعْلُ الشَّفَقِ تَابِعًا لِلَّيْلِ : يَطُولُ فِي الشِّتَاءِ وَيَقْصُرُ فِي الصَّيْفِ ، فَهُوَ قَلْبٌ لِلْحِسِّ ، وَالْعَقْلِ ، وَالشَّرْعِ .

مَسْأَلَةُ 3 ) قَوْلُهُ : فِي الْفَجْرِ وَهَلْ تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ وَهِيَ أَظْهَرُ أَمْ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِينَ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذَهَّبِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ مُطْلَقًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْفَائِقِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَنَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، فَعَلَيْهَا يُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْإِسْفَارِ ، بِلَا عُذْرٍ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْأَفْضَلُ مُرَاعَاةُ أَكْثَرِ الْمَأْمُومِينَ ، اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ ، فِي الْمَنْهَجِ ، وَنَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ ، نَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَمَالَ إلَيْهِ ، قُلْت : الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ وَهِيَ أَظْهَرُ .

فَصْلٌ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا وَهُوَ فِيهَا ( هـ ) فِي الْفَجْرِ ، لِوُجُوبِهَا كَامِلَةً ، فَلَا تُؤَدَّى نَاقِصَةً ، وَمِثْلُهُ عَصْرُ [ شَمْسِهِ ] تَغْرُبُ وَهُوَ فِيهَا .
وَهِيَ أَدَاءٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( و ش ) وَلَوْ كَانَ صَلَّى دُونَ رَكْعَةٍ ( ش ) وَلِهَذَا يَنْوِيهِ ، وَقَطَعَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْمَعْذُورِ ، وَقِيلَ قَضَاءٌ ( و هـ ) وَقِيلَ الْخَارِجُ عَنْ الْوَقْتِ .
وَيُدْرِكُ بِإِدْرَاكِهِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فِي وَقْتِهَا ، قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ بِرَكْعَةٍ ، وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ بِنَاءً مَا خَرَجَ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى التَّحْرِيمَةِ ، وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ ، وَظَاهِرُ الْمَعْنَى أَنَّهَا مَسْأَلَةُ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ .
وَيَرْجِعُ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي دُخُولِهِ عَنْ عِلْمٍ .
أَوْ أَذَانِ ثِقَةٍ عَارِفٍ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ ، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي .
وَابْنُ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ : إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ بِدَارِ حَرْبٍ ، لَا عَنْ اجْتِهَادٍ ، إلَّا لِعُذْرٍ .
وَفِي كِتَابِ أَبِي عَلِيٍّ الْعُكْبَرِيِّ وَأَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا : لَا أَذَانَ فِي غَيْمٍ ، لِأَنَّهُ عَنْ اجْتِهَادِهِ ، وَيَجْتَهِدُ هُوَ ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْوَقْتَ بِالسَّاعَاتِ أَوْ تَقْلِيدِ عَارِفٍ عَمِلَ بِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، فَإِنْ ظَنَّ دُخُولَهُ فَلَهُ الصَّلَاةُ ، فَإِنْ بَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَنَفْلٌ ، وَيُعِيدُ ( و ) لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ ، وَالْيَقِينُ مُمْكِنٌ ، وَعَنْ ( م ش ) قَوْلٌ لَا يُعِيدُ ، وَعَنْهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَيَقَّنَ .
اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ ( و م ) كَمَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ ، أَوْ أَمْكَنَهُ مُشَاهَدَةَ الْوَقْتِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْوَقْتِ ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ .
وَخِلَافُ مَا شَهِدَتْ بِهِ النُّصُوصُ ، كَذَا قَالَ ، وَالْأَعْمَى الْعَاجِزُ يُقَلِّدُ ، فَإِنْ عَدِمَ أَعَادَ ، وَقِيلَ إنْ أَخْطَأَ .

وَإِنْ دَخَلَ الْوَقْتُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ ، وَأَطْلَقَهُ أَحْمَدُ ، فَلِهَذَا قِيلَ يُجْزِئُ وَعَنْهُ وَأَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ اخْتَارَهُ وَجَمَاعَةٌ ( و ش ) وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنْ يُضَيِّقَ ( و م ) ثُمَّ طَرَأَ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ ( هـ ) وَعَنْهُ وَالْمَجْمُوعَةُ إلَيْهَا بَعْدَهَا ( خ ) وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُ وَقْتِ صَلَاةٍ وَلَوْ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ ( و هـ ق ) وَقِيلَ بِجُزْءٍ ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي حِكَايَةَ الْقَوْلِ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ حِكَايَةُ الْقَوْلِ بِرَكْعَةٍ ، فَيَكُونُ فَائِدَةً الْمَسْأَلَةِ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْخِلَافَ عِنْدَنَا فِيمَا إذَا طَرَأَ مَانِعٌ أَوْ تَكْلِيفٌ ، هَلْ يُعْتَبَرُ بِتَكْبِيرَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ ، وَاخْتَارَ بِرَكْعَةٍ فِي التَّكْلِيفِ ( و م ) وَلَا يُعْتَبَرُ زَمَنٌ يَتَّسِعُ الطَّهَارَةَ نَصَّ عَلَيْهِ ( هـ و م ق ) قَضَاهَا ( و ش ) وَقَضَى الْمَجْمُوعَةَ إلَيْهَا قَبْلَهَا ( هـ ) وَلَوْ لَمْ يَتَّسِعْ لِفِعْلِهَا وَقَدَّرَ مَا تَجِبُ بِهِ الثَّانِيَةُ ( م ) .

وَيَجِبُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ ( و ) عَلَى الْفَوْرِ فِي الْمَنْصُوصِ : إنْ لَمْ يَضُرَّ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا تَحَوَّلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَصْحَابِهِ لَمَّا نَامُوا وَقَالَ : إنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ : لِأَنَّهُ سُنَّةٌ ، كَفِعْلِ سُنَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ .
وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ [ عَنْ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْقَضَاءِ ] لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَانْتِظَارِ رُفْقَةٍ ، أَوْ جَمَاعَةٍ لِلصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ فَالْأَوْلَى تَرْكُ سُنَنِهَا ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَاسْتَثْنَى أَحْمَدُ سُنَّةَ الْفَجْرِ ، وَقَالَ : لَا يُهْمِلُهَا ، وَقَالَ فِي الْوِتْرِ : إنْ شَاءَ قَضَاهُ ، وَإِنْ شَاءَ فَلَا ، وَنَقَلَ مُهَنَّا يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ : لَا الْوِتْرَ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : لِأَنَّهُ عِنْدَهُ دُونَهَا ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَقْضِي السُّنَنَ ، وَقَالَ بَعْدَ رِوَايَةِ مُهَنَّا الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهِ : وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَقْضِي الْوِتْرَ كَمَا يَقْضِي غَيْرَهُ مِنْ الرَّوَاتِبِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَظَاهِرُ هَذَا مِنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَقْضِي الْوِتْرَ فِي رِوَايَةٍ خَاصَّةٍ : وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ لَا يَتَطَوَّعُ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ مُتَقَدِّمَةٌ إلَّا الْوِتْرَ ، فَإِنَّهُ يُوتِرُ .
وَفِي الْفُصُولِ يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ رِوَايَةً وَاحِدَةً ، وَفِي بَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ مِنْ النَّوَافِلِ رِوَايَتَانِ ، نَصَّ عَلَى الْوِتْرِ لَا يَقْضِي ، وَعَنْهُ يَقْضِي : وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَحْرِيمِهِ كَأَوْقَاتِ النَّهْيِ ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ ، وَأَنَّ عَلَى الْمَنْعِ لَا يَصِحُّ ، قَالَ : وَكَذَا بِتَخَرُّجٍ فِي النَّفْلِ الْمُبْتَدَأِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ أَوْ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمُؤَدَّاةِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَتَحْرِيمِهِ .

وَيَجِبُ تَرْتِيبُهَا ( ش ) وَعَنْهُ لَا ، وَقِيلَ يَجِبَانِ فِي خَمْسٍ ( و هـ م ) فِي التَّرْتِيبِ ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَتَّبَ ، وَفِعْلُهُ بَيَانٌ لِمُجْمَلِ الْأَوَامِرِ الْمُطْلَقَةِ ، وَهِيَ تَشْمَلُ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ مَعَ عُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَالصَّوْمُ وَكَذَا الزَّكَاةُ لَا يُعْتَبَرُ التَّرْتِيبُ فِي جِنْسِهِ ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ ، بِدَلِيلِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَالْمُرَادُ لَا يَجِبُ فِي الصَّوْمِ تَرْتِيبٌ فِي الْجُمْلَةِ ، وَيَأْتِي فِيمَا إذَا اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ ، وَسُقُوطُهُ سَهْوًا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ شَرْطًا ، كَالْإِمْسَاكِ فِي الصَّوْمِ ، وَتَرْكِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ مُخَالِفِينَا ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ التَّرْتِيبُ ، وَلَا يُعْتَبَرُ لِلصِّحَّةِ ، وَلَهُ نَظَائِرُ ، قَالَ شَيْخُنَا : إنْ عَجَزَ فَمَاتَ بَعْدَ التَّوْبَةِ غُفِرَ لَهُ .

قَالَ : وَلَا تَسْقُطُ بِحَجٍّ ، وَلَا تَضْعِيفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ ( ع ) وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ لِخَشْيَةِ فَوَاتِ الْحَاضِرَةِ لِئَلَّا يَصِيرَا فَائِتَتَيْنِ ، وَلِأَنَّ تَرْكَ التَّرْتِيبِ أَيْسَرُ مِنْ تَرْكِ الْوَقْتِ ، وَعَنْهُ مَعَ الْكَثْرَةِ ( و م ) وَبِنِسْيَانِ التَّرْتِيبِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا ( م ) وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ : يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ الْمَاضِيَةِ كَالنِّسْيَانِ ، قَالَ : وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةٍ هَلْ صَلَّى مَا قَبْلَهَا ؟ وَدَامَ حَتَّى فَرَغَ فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَعَادَهُمَا كَمُتَيَمِّمٍ شَكَّ : هَلْ رَأَى مَاءً أَوْ سَرَابًا فَكَانَ مَاءً ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهَا احْتِمَالٌ .
وَقِيلَ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِجَهْلِ وُجُوبِهِ ( هـ ) وَالْمَذْهَبُ لَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ ، وَلِأَنَّهُ اعْتَقَدَ بِجَهْلِهِ خِلَافَ الْأَصْلِ ، وَهُوَ التَّرْتِيبُ فَلَمْ يُعْذَرْ ، فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ الْفَجْرَ جَاهِلًا ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا .
صَحَّتْ عَصْرُهُ لِاعْتِقَادِهِ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ كَمَنْ صَلَّاهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ أَعَادَ الظُّهْرَ ، وَعَنْهُ وَبِخَشْيَةِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ .

وَتَصِحُّ الْبِدَايَةُ بِغَيْرِ الْحَاضِرَةِ فِي الْمَنْصُوصِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ ( و ) وَلَا نَافِلَةَ إذًا فِي الْأَصَحِّ عَالِمًا عَمْدًا كَمَا سَبَقَ ، وَإِنْ ذَكَرَ فَائِتَةً فِي حَاضِرَةٍ أَتَمَّهَا غَيْرَ الْإِمَامِ ( و هـ م ) وَعَنْهُ وَهُوَ نَفْلًا ، وَقِيلَ فَرْضًا ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ .

وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمِ يَجْهَلُ عَيْنَهَا صَلَّى خَمْسًا نَصَّ عَلَيْهِ ( و ) بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ، زَادَ الْقَاضِي فَقَالَ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِمَنْ .
لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ : وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ فِعْلَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِنِيَّةِ الْوَاجِبِ مُحَرَّمٌ كَمَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ ، وَعَنْهُ فَجْرًا ، ثُمَّ مَغْرِبًا ، ثُمَّ رَبَاعِيَةً .

وَإِنْ تَرَكَ عَشَرَ سَجَدَاتٍ مِنْ صَلَاةِ شَهْرٍ قَضَى صَلَاةَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ ، لِجَوَازِ تَرْكِهِ كُلَّ يَوْمٍ سَجْدَةً ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، قَالَ : وَيُعْتَبَرُ فِيمَا فَاتَهُ فِي مَرَضِهِ وَصِحَّتِهِ وَقْتُ الْأَدَاءِ ، قَالَ : هُوَ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .

وَإِنْ نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ فَعَنْهُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ، وَعَنْهُ يَتَحَرَّى ( م ) فَإِنْ اسْتَوَيَا فَعَنْهُ بِمَا شَاءَ ، وَعَنْهُ يُصَلِّي ظُهْرَيْنِ بَيْنَهُمَا عَصْرٌ ، أَوْ عَكْسُهُ ( م 4 ) ( و هـ م )

( مَسْأَلَةُ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ فَعَنْهُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ، وَعَنْهُ يَتَحَرَّى ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَعَنْهُ بِمَا شَاءَ ، وَعَنْهُ يُصَلِّي ظُهْرَيْنِ بَيْنَهُمَا عَصْرٌ ، وَعَكْسُهُ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ فَهَلْ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ، أَوْ يَتَحَرَّى ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا يَتَحَرَّى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ، ثُمَّ الْعَصْرِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ ، نَقَلَهَا مُهَنَّا ، قُلْت وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعَصْرِ وَلَمْ أَرَهُ ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الْعَصْرَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ، كَمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الظُّهْرَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ، فَلَيْسَتْ لِلظُّهْرِ مَزِيَّةٌ فِي الِابْتِدَاءِ بِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى نِسْيَانِهِ ، فَيَكُونُ كَالظُّهْرِ ، فَيَأْتِي فِيهَا قَوْلٌ كَالظُّهْرِ ، وَلَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الظُّهْرِ قَبْلَهَا ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ثَلَاثُ صَلَوَاتٍ ، عَصْرٌ بَيْنَ ظُهْرَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ ، قَالَ وَهَذَا أَقْيَسُ ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ ، فَلَزِمَهُ ، كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا ، انْتَهَى ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي وَابْنُ مُنَجَّى ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا ثُمَّ عَصْرًا ثُمَّ ظُهْرًا ، قَالَ وَقِيلَ : أَوْ عَصْرًا ثُمَّ ظُهْرًا ثُمَّ عَصْرًا ، انْتَهَى ، وَفِي هَذَا

الْقَوْلِ الثَّانِي نَوْعُ الْتِفَاتٍ إلَى مَا وَجَّهْته .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) : عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَرِّي : لَوْ تَحَرَّى : فَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَعَنْهُ يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُصَلِّي ظُهْرَيْنِ بَيْنَهُمَا عَصْرٌ ، أَوْ عَكْسُهُ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد ، وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، لَكِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوِيَ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ أَمْ لَا ، وَالْمُصَنِّفُ فَرَّقَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى .

وَمَنْ شَكَّ فِيمَا عَلَيْهِ وَتَيَقَّنَ سَبَقَ الْوُجُوبُ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ يَقِينًا نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا مَا تَيَقَّنَ وُجُوبَهُ ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِيَقِينٍ أَوْ ظَنٍّ .

وَفِي الْغُنْيَةِ إنْ شَكَّ فِي تَرْكِ الصَّوْمِ أَوْ النِّيَّةِ فَلْيَتَحَرَّ ، وَلِيَقْضِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ تَرَكَهُ فَقَطْ ، وَإِنْ احْتَاطَ فَقَضَى الْجَمِيعَ كَانَ حَسَنًا ، وَكَذَا قَالَ فِي الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلَاةِ مَا يَتَيَقَّنُهُ لَا يَقْضِيهِ وَيَقْضِي غَيْرَهُ

وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَأْمُومُ : هَلْ صَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ ؟ اعْتَبَرَ بِالْوَقْتِ ، فَإِنْ أَشْكَلَ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ .

وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْأَصَحِّ ، وَمِنْ الْإِمَامَةِ عَلَى الْأَصَحِّ ( و ش ) وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ( و ) وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ أَفْضَلُ ( و ش ) وَأَنَّ مَا صَلَحَ لَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ ، وَهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ ، وَقِيلَ وَفَائِتَةٍ وَمَنْذُورَةٍ عَلَى الرِّجَالِ ، وَعَنْهُ وَالرَّجُلُ حَضَرًا ، وَعَنْهُ فِي الْمِصْرِ ، وَعَنْهُ وَسَفَرًا ، وَعَنْهُ هُمَا سُنَّةٌ ( و ) وَفِي الرَّوْضَةِ هُوَ فَرْضٌ وَهِيَ سُنَّةٌ ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ : وَعَلَى أَنَّهُمَا سُنَّةٌ يُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهِمَا ( هـ ) وَعَنْهُ يَجِبُ لِلْجُمُعَةِ فَقَطْ ، وَيَكْفِي مُؤَذِّنٌ فِي الْمِصْرِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ يَسْمَعُهُمْ .

وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ مَتَى أَذَّنَ وَاحِدٌ سَقَطَ عَمَّنْ صَلَّى مَعَهُ مُطْلَقًا خَاصَّةً ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي الْفَجْرِ فَقَطْ ، كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَلَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا .
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى أَرْبَعَةٍ ، لِفِعْلِ عُثْمَانَ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ، وَيُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ أَوَّلًا ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِعْلَامُ بِوَاحِدٍ زِيدَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ، كُلُّ وَاحِدٍ فِي جَانِبٍ ، أَوْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَيُقِيمُ أَحَدُهُمْ ، وَالْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ ، فَإِنْ تَشَاحُّوا أَقُرِعَ .

وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِمَا ، فَعَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَلِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى فِي الصَّلَاةِ ، بَلْ إلَى الدُّعَاءِ إلَيْهَا ، وَعَلَى أَنَّ كَوْنَ الْبُقْعَةِ حَلَالًا لَا يَجِبُ فِيهَا .
وَلَا تَبْطُلُ بِعَدَمِهِمَا هُمَا لَكِنْ يُكْرَهُ ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَّا بِمَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ ، وَنَصُّهُ أَوْ اقْتَصَرَ مُسَافِرٌ وَمُنْفَرِدٌ عَلَى الْإِقَامَةِ .
وَهُمَا أَفْضَلُ لِكُلِّ مُصَلٍّ ، إلَّا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَرَّعُ ، بَلْ حَصَلَ لَهُمْ الْفَضِيلَةُ كَقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ .

وَهَلْ صَلَاةُ مَنْ أَذَّنَ لِصَلَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ فَضْلٌ يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ ، أَمْ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا وَصَلَاةُ مَنْ أَذَّنَ لَهُ سَوَاءٌ بِحُصُولِ سُنَّةِ الْأَذَانِ ، ؟ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ ( م 1 ) وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي بَيْتِهِ مِنْ بُعْدٍ عَنْ الْمَسْجِدِ ، لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَنْ يَقْصِدُهُ .
وَفِي التَّلْخِيصِ يُشْرَعَانِ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي غَيْرُ الْجَوَامِعِ الْكِبَارِ .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُؤَذِّنُ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ إنْ لَمْ يَسْمَعْ آذَانَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا لَمْ يُشْرَعْ .
بَابُ الْأَذَانِ ( مَسْأَلَةُ 1 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ صَلَاةُ مَنْ أَذَّنَ لِصَلَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ فَضْلٌ يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ أَمْ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا وَصَلَاةُ مَنْ أُذِّنَ لَهُ سَوَاءٌ لِحُصُولِ سُنَّةِ الْأَذَانِ ؟ ؟ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ ، انْتَهَى ، قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي كَرَاهَتِهِمَا لِلنِّسَاءِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقِيلَ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ تُسَنُّ لَهُنَّ الْإِقَامَةُ ( و ش ) لَا الْأَذَانُ ( م 2 ) ( م ) وَيُتَوَجَّهُ فِي التَّحْرِيمِ جَهْرًا الْخِلَافُ فِي قِرَاءَةٍ وَتَلْبِيَةٍ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْفُصُولِ : تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي السُّجُودِ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ ، وَلِهَذَا مَنَعْنَاهَا مِنْ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَبِالْأَذَانِ وَمِنْ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ ، وَمِنْ التَّجَرُّدِ فِي الْإِحْرَامِ ، كَذَا قَالَ ، فَأَخَذَ قَدْرًا مُشْتَرَكًا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَنْعُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( مَسْأَلَةُ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي كَرَاهَتِهِمَا لِلنِّسَاءِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقِيلَ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ تُسَنُّ لَهُنَّ الْإِقَامَةُ لَا الْأَذَانُ ، انْتَهَى ، إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمَجْدِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ الْكَرَاهَةُ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ ، وَقَدَّمَ الْكَرَاهَةَ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَدَّمَ ابْنُ عُبَيْدَانَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُبَاحَانِ ، ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يُسْتَحَبَّانِ ذَكَرَهَا فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ ، وَرِوَايَةُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَحْتَمِلُ الْإِبَاحَةَ وَالِاسْتِحْبَابَ ، وَكَلَامُ الْمَجْدِ مُحْتَمِلٌ الْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ ، وَكَذَا ابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَعَنْهُ تُسَنُّ لَهُنَّ الْإِقَامَةُ لَا الْأَذَانُ ذَكَرَهَا الْقَاضِي فَمَنْ بَعْدَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَيُتَوَجَّهُ فِي التَّحْرِيمِ جَهْرًا الْخِلَافُ فِي قِرَاءَةٍ وَتَلْبِيَةٍ ، تَأْتِي الْقِرَاءَةُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا أَجْنَبِيٌّ قِيلَ كَرَجُلٍ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ ، وَيَأْتِي تَصْحِيحُ ذَلِكَ ، وَتَأْتِي التَّلْبِيَةُ فِي مَحَلِّهَا فِي قَوْلِهِ وَحَرَّمَ جَمَاعَةٌ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا فِيهَا إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا ، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ : وَيُكْرَهُ التَّثْوِيبُ فِي غَيْرِهَا لِعِلَّةٍ فِي غَيْرِهِ

وَلِلْأَذَانِ الْمُخْتَارِ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَبِلَا تَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ خِفْيَةً ( م ش ) بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَهُ ، لَا مَرَّتَيْنِ ( م ) وَيَجُوزُ تَرْجِيعُهُ ، وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي ( و هـ ) وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ .
وَفِي التَّعْلِيقِ أَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَ فِي مَوْضِعِ : أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَعْجَبُ إلَيَّ وَعَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ إلَى الْيَوْمِ ، وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ حَيْعَلَةِ آذَانِ الْفَجْرِ ( و هـ م ) وَقَدِيمُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ ، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ ، وَقِيلَ يَجِبُ ( خ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ، وَيُكْرَهُ التَّثْوِيبُ فِي غَيْرِهَا ( و ) خِلَافًا لِمَا اسْتَحَبَّهُ مُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ ، وَبَعْدَ الْأَذَانِ .

وَ [ يُكْرَهُ ] النِّدَاءُ إذَنْ بِالصَّلَاةِ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِيهِمَا ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ وَالْأَشْهَرُ [ كَرَاهَةُ ] نِدَاءِ الْأُمَرَاءِ اكْتِفَاءً بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ، وَصَنَّفَ ابْنُ بَطَّةَ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ : كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا بِذِي الْمَجَازِ عَلَى مَاءٍ لِبَعْضِ الْعَرَبِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ ابْنِ عُمَرَ ، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلَاةَ ، فَقَامَ رَجُلٌ فَعَلَا رَحْلًا مِنْ رَحَالَاتِ الْقَوْمِ ، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا أَهْلَ الْمَاءِ " الصَّلَاةَ " فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُسَبِّحُ فِي صَلَاتِهِ ، حَتَّى إذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَنْ الصَّائِحُ بِالصَّلَاةِ ؟ قَالُوا أَبُو عَامِرٍ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : لَا صَلَّيْت وَلَا تَلَيْت ، أَيُّ شَيَاطِينِك أَمَرَك بِهَذَا ؟ أَمَا كَانَ فِي اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَغْنَى عَنْ بِدْعَتِك هَذِهِ ؟ وَهَذَا إنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ أَوْ الْإِقَامَةَ ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ .

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ : الصَّلَاةَ الْإِقَامَةَ .
بِدْعَةٌ ، يُنْهَوْنَ عَنْهُ إنَّمَا جُعِلَ الْأَذَانُ لِيَسْتَمِعَ النَّاسُ ، فَمَنْ سَمِعَ جَاءَ ، وَقَالَ رَجُلٌ لِإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيِّ : خَاصَمَنِي رَجُلٌ ، فَقَالَ لِي يَا سِفْلَةُ ، فَقُلْت وَاَللَّهِ مَا أَنَا بِسِفْلَةٍ ، فَقَالَ إبْرَاهِيمُ هَلْ تَمْشِي خَلْفَ النَّاقَةِ وَتَصِيحُ يَا مَعْلُوفُ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ : لَا ، فَقَالَ هَلْ تَصِيحُ " الصَّلَاةَ الْإِقَامَةَ " قَالَ لَا ، قَالَ : لَسْتَ بِسِفْلَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ : الصَّلَاةَ قَالَ لَا يَقُولُ الصَّلَاةَ ، كَرِهَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، إنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ ، وَتَبِعَ الْقَاضِيَ فِي الْجَامِعِ لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى ذَلِكَ .

وَفِي الْفُصُولِ يُكْرَهُ بَعْدَ الْأَذَانِ نِدَاءُ الْأُمَرَاءِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ فِي الْأَذَانِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِلَهُ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ كَالْخُطْبَةِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْبِدْعَةِ فِعْلُهُ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ ، وَلَعَلَّهُ اقْتِدَاءً بِفِعْلِ بِلَالٍ ، حَيْثُ آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ وَكَانَ نَائِمًا ، وَجَعَلَ يَثُوبُ لِذَلِكَ ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ .

وَالْإِقَامَةُ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً ( و ش ) وَعَنْهُ أَوْ يُثَنِّيهَا إلَّا قَدْ قَامَتْ مَرَّةً ( م ) : لَا مَرَّتَيْنِ وَأَنَّهَا كَالْأَذَانِ ( هـ ) وَلَا يُكْرَهُ التَّثْنِيَةُ ( م ش ) وَيُسْتَحَبُّ التَّرَسُّلُ فِيهَا وَإِحْدَارُهَا ، وَأَذَانُهُ أَوَّلُ الْوَقْتِ ، وَيَتَوَلَّاهُمَا وَاحِدٌ ، وَعَنْهُ سَوَاءٌ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ ( و هـ م ) وَقِيلَ : بَلْ يُكْرَهُ ، وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ إلَّا أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَغْرِبَ بِمَنَارَةٍ ، [ فَلَا يُكْرَهُ اثْنَانِ ]

وَإِنْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا فَعَنْهُ يُكْرَهُ ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَعَنْهُ حَضَرًا ، وَعَنْهُ فِي الْإِقَامَةِ وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا أَوْ مَشَى فِيهِمَا كَثِيرًا بَطَلَ ( خ ) وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَعَنْهُ فِي الْأُولَى لَا يُعْجِبُنِي ( م 3 ) وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً لَا يَجُوزُ قَاعِدًا ، إلَّا أَبَا ثَوْرٍ ، وَوَافَقَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيِّ .

مَسْأَلَةُ 3 ) وَإِنْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا لَا يُكْرَهُ ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَعَنْهُ حَضَرًا وَعَنْهُ فِي الْأَوْلَى ، لَا يُعْجِبُنِي ، انْتَهَى ، إذَا أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ الْكَرَاهَةَ ، وَقَطَعَ بِهَا فِي التَّلْخِيصِ لِلْمَاشِي ، وَبِعَدَمِهَا لِلرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى يُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا ، وَرَاكِبًا فِي السَّفِينَةِ ، وَقَالَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ ، وَقَالَ فِي الْكُبْرَى وَيُكْرَهَانِ لِلْمَاشِي حَضَرًا ، وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا ، حَالَ مَشْيِهِ ، وَرُكُوبِهِ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ : وَلَا يَمْشِي فِيهِمَا ، وَلَا يَرْكَبُ نَصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ .
وَقَالَ فِي الْفَائِقِ وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا ، وَرَاكِبًا ، انْتَهَى .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُسَافِرُ رَاكِبًا وَتُكْرَهُ لَهُ الْإِقَامَةُ بِالْأَرْضِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : وَلَا يَجُوزُ الْأَذَانُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا أَرَادَا فِي السَّفَرِ .
وَيَأْتِي كَلَامُهُمَا فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي .
وَقَالَ الْقَاضِي إنْ أَذَّنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا حَضَرًا كُرِهَ ، نَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، قُلْت : الصَّوَابُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا ، وَالْكَرَاهَةُ فِي ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا أَوْ مَشَى فِيهِ كَثِيرًا بَطَلَ ، ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ مِنْ الْقَاعِدِ وَالْمَاشِي كَثِيرًا ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ ، وَيَصِحُّ فَقَطَعَا بِالصِّحَّةِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : لَمَّا عُدِمَ الْإِجْزَاءُ مِنْ الْقَاعِدِ .
وَحَكَى أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِهِ رِوَايَةً أَنَّهُ إذَا أَذَّنَ قَاعِدًا

قَالَ الْقَاضِي هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى نَفْيِ الِاعْتِدَادِ بِهِ .

وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ مُتَطَهِّرًا ، عَلَى عُلُوٍّ ، وَيُقِيمُ [ لِلصَّلَاةِ ] مَقَامَهُ كَالْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ ، لِأَنَّ بِلَالًا لَوْ أَقَامَ أَسْفَلَ لَمَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ ، احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ : إلَّا أَنْ يَشُقَّ .
لَا مَكَانَ صَلَاتِهِ ( م ش ) وَفِي النَّصِيحَةِ : السُّنَّةُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِالْمَنَارَةِ ، وَيُقِيمَ أَسْفَلَ ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : مِنْ السُّنَّةِ ذَلِكَ ، وَنَقَلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِيَلْحَقَ آمِينَ مَعَ الْإِمَامِ .

وَيَجْعَلُ سَبَّابَتَهُ فِي أُذُنَيْهِ ( و ) وَعَنْهُ يَجْعَلُ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ مَضْمُومَةً سِوَى الْإِبْهَامِ ، وَعَنْهُ مَعَ قَبْضِهِمَا عَلَى كَفَّيْهِ ، وَيَرْفَعُ وَجْهَهُ إلَى السَّمَاءِ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ ، وَقِيلَ وَالشَّهَادَتَيْنِ ، وَيَجْزِمُهُمَا فَلَا يُعْرِبُهُمَا .

وَيَلْتَفِت يَمْنَةً وَيَسْرَةً ( و ) فِي الْحَيْعَلَةِ ( هـ ) وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مَذْهَبَهُ ، كَقَوْلِنَا ، وَقِيلَ : يَمِينًا : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، ثُمَّ يُعِيدُهُ يَسَارًا ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، وَقِيلَ : يَقُولُ يَمِينًا : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، ثُمَّ يَسَارًا حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً ، وَهُوَ سَهْوٌ .

وَفِي الْتِفَاتِهِ فِيهَا فِي الْإِقَامَة وَجْهَانِ ( م 4 ) ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، وَجَزَمَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِهِ فِيهَا ، وَلَا يُزِيلُ قَدَمَيْهِ لِفِعْلِ بِلَالٍ ، وَكَالْخُطْبَةِ ، لَا يَنْتَقِلُ فِيهَا ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَظَاهِرُهُ يُزِيلُ صَدْرَهُ ( ش ) نَقَلَ حَرْبٌ يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ الدَّوَرَانَ فِي الْمَنَارَةِ ، وَعَنْهُ يُزِيلُ قَدَمَيْهِ فِي مَنَارَةٍ ، وَنَحْوِهَا ، نَصَرَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( و هـ م ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَبُو الْفَرَجِ حَفِيدُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي مَعَ كُبْرِ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ .
مَسْأَلَةُ 4 ) قَوْلُهُ : وَفِي الْتِفَاتِهِ يَعْنِي عَنْ يَمْنَةٍ وَيَسْرَةٍ عِنْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فِي الْإِقَامَةِ وَجْهَانِ ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، وَجَزَمَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِهِ فِيهَا انْتَهَى ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ؛ لِذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي الْأَذَانِ وَتَرْكِهِمْ لَهُ فِي الْإِقَامَةِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَبُو الْفَرَجِ حَفِيدُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، انْتَهَى ، فِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَحْمَدَ لِأَبِي الْمَحَاسِنِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ يُوسُفَ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْجَوْزِيِّ فَقَوْلُهُ أَبُو الْفَرَجِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ، وَكَذَا قَوْلُهُ حَفِيدُ الْجَوْزِيِّ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَلَدُ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ، وَيُعْرَفُ وَالِدُهُ بِابْنِ الْجَوْزِيِّ ، فَلَعَلَّ هَذَا نَقْصٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ قَدْرَ الْحَاجَةِ ، مَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِنَفْسِهِ ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ ، وَعَنْهُ يَتَوَسَّطُ .

وَلَا يَصِحُّ إلَّا مُرَتَّبًا ( و ) مُتَوَالِيًا ( و ) عُرْفًا مَنْوِيًّا مِنْ وَاحِدٍ .
فَظَاهِرُهُ لَا يُعْتَبَرُ مُوَالَاةٌ بَيْنَ الْإِقَامَةِ ، وَالصَّلَاةِ ( ش ) إذَا أَقَامَ عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ ، لِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ لِأَبِي بَكْرٍ أَتُصَلِّي فَأُقِيمَ ؟ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ ذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ، وَظَاهِرُهُ طُولُ الْفَصْلِ وَلَمْ يُعِدْهَا ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي أَذَانِ الْفَجْرِ .

وَفِي تَقْدِيمِ النِّيَّةِ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهِ رُكْنٌ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي بِحَيْثُ يَسْمَعُ مَنْ تَقُومُ بِهِ الْجَمَاعَةُ رُكْنٌ ،

وَيُكْرَهُ فِيهِ كَلَامٌ وَسُكُوتٌ يَسِيرٌ بِلَا حَاجَةٍ كَإِقَامَةٍ ، وَعَنْهُ لَا ، وَيَرُدُّ السَّلَامَ ( هـ م )

وَعَنْهُ وَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ فِيهِ ( و ) وَقِيلَ لَا إنْ عَادَ فِي الْحَالِ كَجُنُونِهِ وَإِفَاقَتِهِ .

وَإِنْ أَتَى بِيَسِيرِ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَقِيلَ : لَا يَبْطُلُ ، ( و ) وَقِيلَ بَلَى ( م 5 ) ، فَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّهُ سَامِعُهُ مُتَلَاعِبًا فَأَشْبَهَ الْمُسْتَهْزِئَ ، وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فِيهِ ، زَادَ بَعْضُهُمْ كَالرِّدَّةِ ، فَدَلَّ أَنَّ كُلَّ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ .
مَسْأَلَةُ 5 ) وَإِنْ أَتَى بِيَسِيرِ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَقِيلَ لَا يَبْطُلُ ، وَقِيلَ بَلَى ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ ، أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ أَبْطَلُوهُ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ ، وَأَطْلَقُوا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ : وَلَا يَقْطَعُهُمَا بِفَصْلٍ كَثِيرٍ ، وَلَا كَلَامٍ مُحَرَّمٍ ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَلَا يَقْطَعُ الْأَذَانَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ ، فَإِنْ قَطَعَهُ وَكَانَ كَثِيرًا لَمْ يُعْتَدَّ بِأَذَانِهِ .

وَقَالَ الْقَاضِي إنْ : ارْتَدَّ بَعْدَهُ بَطَلَ ( خ ) قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ ، فَدَلَّ أَنَّهَا مِثْلُهُ لَوْ ارْتَدَّ فِيهَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ يَبْطُلُ كَرِدَّتِهِ فِي صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ ، فَحُكْمُهُ فِيهِ كَمَنْ وَطِئَ فِيهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِبُطْلَانِهِ لِبُطْلَانِ عَمَلِهِ ، وَكَالصَّوْمِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يُعِيدُ بِمَا فَعَلَهُ الْوَاطِئُ ، وَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ ابْتِدَاءً ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَبْنِي كَالْأَذَانِ وَأَوْلَى .

قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ : وَيَبْطُلُ بِنَوْمٍ كَثِيرٍ لَا يَسِيرٍ

وَيَصِحُّ جُنُبًا ( و ) عَلَى الْأَصَحِّ ، ثُمَّ يُتَوَجَّهُ فِي إعَادَتِهِ احْتِمَالَانِ ( م 6 )
( مَسْأَلَةُ 6 ) قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ جُنُبًا عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ يُتَوَجَّهُ فِي إعَادَتِهِ ، احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى ، قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ .

وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ ( و م ) لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، وَفِعْلُهُ نَفْلٌ ، وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ ، كَذَا قَالَا ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : يَتَخَرَّجُ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَشَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ ، كَذَا قَالَ وَوِلَايَتِهِ وَعَنْهُ يَصِحُّ أَذَانُهُ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ( و هـ ش ) وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا رَاهَقَ ( م 7 ) .
( مَسْأَلَةُ 7 ) قَوْلُهُ : وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ ، وَعَنْهُ يَصِحُّ أَذَانُهُ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا رَاهَقَ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْحَوَاشِي لِلْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ ، فِي الْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : لَا يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَنَصَرَهُ وَمَالَ إلَيْهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ ، قَالَ الْقَاضِي : يَصِحُّ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ ، رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .

وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ امْرَأَةٍ ( هـ ) وَخُنْثَى ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَلَا يَصِحُّ ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَالْحِكَايَةِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ صِحَّتُهُ ، لِأَنَّ الْكَرَاهِيَةَ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ ، فَتَوَجَّهَ عَلَى هَذَا بَقَاءُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ مَنْ هُوَ فُرِضَ عَلَيْهِ ، وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ

وَلَا يُكْرَهُ مُحْدِثًا نَصَّ عَلَيْهِ ( هـ ) وَقِيلَ بَلَى ( و ش ) كَالْجُنُبِ ( و ) كَالْإِقَامَةِ ( و ) لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ .

وَيَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ الْمُلَحَّنُ وَالْمَلْحُونُ مَعَ بَقَاءِ الْمَعْنَى : مَعَ الْكَرَاهَةِ ، قَالَ الْقَاضِي : كَقِرَاءَةِ الْأَلْحَانِ ، قَالَ أَحْمَدُ : كُلُّ شَيْءٍ مُحْدَثٍ أَكْرَهُهُ مِثْلَ التَّطْرِيبِ .

وَعَنْهُ وَيَصِحُّ مِنْ فَاسِقٍ ( و ) وَتُكْرَهُ لُثْغَةٌ فَاحِشَةٌ .

فَصْلٌ وَيَصِحُّ لِلْفَجْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ ، وَقِيلَ : بَلْ قَبْلَ الْوَقْتِ بِيَسِيرٍ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا بَأْسَ بِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ إذَا كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، يَعْنِي الْكَاذِبِ ، وَقِيلَ سُنَّةٌ ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ ( و هـ ) كَغَيْرِهَا ( ع ) وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ إلَّا لِلْجُمُعَةِ .
وَكَالْإِقَامَةِ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِقَةِ ، قَالَ الْقَاضِي : لِأَنَّهَا [ الْإِقَامَة ] لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأَذَانِ عَلَيْهِمَا ، قَالَ وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ، وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ بِالصَّلَاةِ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْهَا ، وَالْأَذَانُ لِلْغَائِبَيْنِ ، وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقِيلَ مِمَّنْ لَا عَادَةَ لَهُ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا ، وَعَنْهُ مَا لَمْ يُعِدْ .

وَيُسْتَحَبُّ كَوْنِهِ أَمِينًا صَيِّتًا عَالِمًا بِالْوَقْتِ .
وَفِي الْإِفْصَاحِ حُرٌّ ، وَحَكَاهُ ( و ) وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا فَرْقَ .
وَقَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، قَالَ : وَيَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ ، قَالَ هُوَ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : وَالْبَصِيرُ أَوْلَى ، وَلَا يُكْرَهُ مِنْ أَعْمَى يَعْرِفُ بِالْوَقْتِ ( هـ ) .
وَيُشْتَرَطُ ذُكُورِيَّتُهُ وَعَقْلُهُ ( و ) وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : وَعِلْمُهُ بِالْوَقْتِ

وَمَعَ التَّشَاحُنِ يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ الْأَدْيَنُ ، وَقِيلَ : يُقَدَّمُ هُوَ ، ثُمَّ اخْتِيَارُ الْجِيرَانِ ، ثُمَّ الْقُرْعَةُ ، وَعَنْهُ هِيَ قَبْلَهُمْ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَقَالَهُ الْقَاضِي : وَعَنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا بِمَزِيَّةِ عِمَارَةٍ ، وَقِيلَ : أَوْ سَبَقَهُ بِآذَانٍ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي تَقْدِيمِ رِضَا الْجِيرَانِ أَنَّهُمْ أَخَصُّ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَوْ تَشَاحُّوا فِي الْعِمَارَةِ كَانَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَحَقَّ ، وَكَذَا ثَمَرَتُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ التَّقْدِيمَ فِيهِمَا ، بَلْ ظَاهِرُهُ التَّقْدِيمُ هُنَا فَقَطْ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالتَّسْوِيَةِ ، فَيَكُونُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْخِلَافُ .

وَيُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَإِقَامَتِهَا ( ش ) قِيلَ : بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، وَقِيلَ : بِجِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ ( م 8 ) ، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَالْوُضُوءُ وَالسَّعْيُ وَنَحْوُهُ ، لَا بِسَكْتَةٍ نَحْوَ قَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ ( هـ ) وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبُ أَوَّلَ الْفَوَائِتِ أَنْ يَفْصِلَ بِجِلْسَةٍ ، وَكَذَا صَلَاةٌ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ ، وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ .
وَفِي الْمَغْرِبِ بِجِلْسَةٍ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ فِي الْكُلِّ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ ، وَلَا يُكْرَهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فِي الْمَنْصُوصِ ( خ ) وَعَنْهُ تُسَنُّ ( خ ) وَعَنْهُ بَيْنَ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ، وَقَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ .
( مَسْأَلَةُ 8 ) وَيُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَإِقَامَتِهَا ، قِيلَ : بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، وَقِيلَ : بِجِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا يَكُونُ الْفَصْلُ بِقَدْرِ جِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَتَرَكَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : يَقْعُدُ الرَّجُلُ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ ، قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ : يَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ وُضُوءٍ وَرَكْعَتَيْنِ ، فَزَادَ الْوُضُوءَ .

وَإِنْ جَمَعَ أَوْ صَلَّى فَوَائِتَ أَذَّنَ لِلْأُولَى وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَعَنْهُ أَوْ يُقِيمُ فَقَطْ ، وَعَنْهُ وَلَوْ وَاحِدَةً وَفِي النَّصِيحَةِ يُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ : إلَّا أَنْ يَجْمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى فَيُؤَذِّنُ لَهَا أَيْضًا ؛ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجْمَعُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَيُكَرِّرُهُمَا لِلْفَوَائِتِ ؛ وَعِنْدَ مَالِكٍ يُكَرِّرُهُمَا لِلْجَمْعِ ؛ وَلَا يُؤَذِّنُ عِنْدَهُ ؛ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِفَائِتَةٍ ؛

وَفِي صِحَّةِ نَافِلَةٍ بَعْدَ إقَامَةٍ الْوَجْهَانِ كَمَا سَبَقَ فِي نَفْلٍ قَبْلَ قَضَاءِ فَرْضٍ ( م 9 ) وَلَا يُشْرَعُ فِيهَا ( هـ ) فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ يَرْكَعُهُمَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً ( م ) إنْ لَمْ تَفُتْهُ رَكْعَةٌ رَكَعَهَا خَارِجَهُ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ أَصْحَابِهِ الْمَالِكِيَّةِ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ، وَلَا يَأْتِي بِغَيْرِهَا ( هـ ) إنْ لَمْ تَفُتْهُ رَكْعَةٌ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ ، وَيُتِمُّ النَّافِلَةَ مَنْ هُوَ فِيهَا وَلَوْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ ( م ) وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ قَطَعَهَا ( و ش ) وَعَنْهُ يُتِمُّهَا ( و هـ ) خَفِيفَةً رَكْعَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَشْرَعَ فِي الثَّالِثَةِ فَيُتِمَّ الْأَرْبَعَ ، نَصَّ عَلَيْهِ لِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ثَلَاثٍ ، أَوْ لَا يَجُوزُ ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِآيَةٍ وَضَمِّ السُّورَةِ ، وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّرُوعِ فِي نَافِلَةٍ بِالْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِهِ ، وَلَوْ بِبَيْتِهِ ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ إذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَهُوَ بِبَيْتِهِ فَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِبَيْتِهِ ، وَالْمَسْجِدِ سَوَاءٌ ، وَأَلْزَمَنَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِمَا إذَا عَلِمَ الْإِقَامَةَ بِبَيْتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهَا ، وَهَذَا سَهْوٌ ، وَإِنْ جَهِلَ الْإِقَامَةَ فَكَجَهْلِ وَقْتِ نَهْيٍ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، لِأَنَّهُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ الْإِمَامِ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَمَا لَوْ سَمِعَهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ ، فَإِنَّهُ يُبْعِدُ الْقَوْلَ بِهِ ، لِأَنَّ إطْلَاقَ الْخَبَرِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَفْهُومِ الْمُعْتَادِ .

مَسْأَلَةُ 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي صِحَّةِ نَافِلَةٍ بَعْدَ إقَامَةٍ وَجْهَانِ كَمَا سَبَقَ فِي نَفْلٍ قَبْلَ قَضَاءِ فَرْضٍ ، انْتَهَى ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ : وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ عَلَى الْأَصَحِّ ، لِتَحْرِيمِهِ لِأَوْقَاتِ النَّهْيِ ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، الْخِلَافُ فِي الْجَوَازِ ، وَإِنْ عَلَى الْمَنْعِ لَا يَصِحُّ ، قَالَ الْمَجْدُ وَكَذَا يَتَخَرَّجُ فِي النَّفْلِ الْمُبْتَدَإِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ ، أَوْ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمُؤَدَّاةِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَتَحْرِيمِهِ ، انْتَهَى ، نَقَلَ الْمُصَنِّفُ ، فَإِلْحَاقُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِتِلْكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الصِّحَّةِ ، وَخَرَّجَ هَذِهِ عَلَى تِلْكَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، أَعْنِي عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِمَا ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا ابْنُ تَمِيمٍ ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى .

وَيَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَيْهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ ( و هـ ) وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُكْرَهُ ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِهِمَا رَزَقَ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ ، كَالْقَضَاءِ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إلَّا مَعَ امْتِيَازٍ بِحُسْنِ صَوْتٍ ( و ش ) وَغَيْرُهُ .

وَيُسْتَحَبُّ ( و ) لِلْمُؤَذِّنِ وَسَامِعِهِ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ فِي طَوَافٍ أَوْ امْرَأَةٍ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ مُتَابَعَةَ قَوْلِهِ بِمِثْلِهِ خُفْيَةً ، وَفِي الْحَيْعَلَةِ ( م ) فِيهِمَا فَيَقُولُ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ ، وَلِأَنَّهُ خِطَابٌ فَإِعَادَتُهُ عَبَثٌ ، بَلْ سَبِيلُهُ الطَّاعَةُ وَسُؤَالُ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ ، وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا ( هـ ش ) وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ : يَقُولُ كَمَا يَقُولُ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَجِبُ إجَابَتُهُ ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُجِيبُ مُؤَذِّنًا ثَانِيًا فَأَكْثَرَ ، وَمُرَادُهُمْ حَيْثُ يُسْتَحَبُّ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يُجِيبُ نَفْسَهُ ، وَحَكَى رِوَايَةً ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته " وَقَالَ جَمَاعَةٌ " الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ " ثُمَّ يَدْعُو ، قَالَ أَحْمَدُ إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ حَاجَةً فَقُولُوا : فِي عَافِيَةٍ .
وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَرُّوذِيُّ يَدْعُو الْمُؤَذِّنُ فِي خِلَالِ أَذَانِهِ ، وَسَبَقَ يُكْرَهُ الْكَلَامُ ، وَإِذَا لَمْ يَرُدَّ السَّلَامَ فَهُنَا أَوْلَى وَيُجِيبُ فِي التَّثْوِيبِ : صَدَقْت وَبَرَرْت ، وَقِيلَ يَجْمَعُ ، وَفِي الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا ، وَقِيلَ يَجْمَعُ ، وَيَدْعُو عِنْدَ إقَامَتِهِ فَعَلَهُ أَحْمَدُ ، وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ لَا بَعْدَهَا ، وَعَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ ظَاهِرَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ فِيهَا ، قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ { لَا يَرُدُّ الدُّعَاءَ ، أَوْ قَلَّمَا يَرُدُّ الدُّعَاءَ عِنْدَ النِّدَاءِ وَالصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ ، وَرَوَاهُ الْمَعْمَرِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مَرْفُوعًا ، وَكَذَا أَبُو دَاوُد ، وَالْحَاكِمُ وَلَهُمَا فِي رِوَايَةِ " وَقْتَ الْمَطَرِ " وَاسْتَحَبَّهُ

فِيهِ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ ، وَفِيهِ " وَعِنْدَ الْقِرَاءَةِ " وَلِلْمَعْمَرِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا { إذَا نَادَى الْمُنَادِي فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ } .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { يُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَلِلِقَاءِ الزَّحْفِ ، وَلِنُزُولِ الْقَطْرِ ، وَلِدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ ، وَلِلْأَذَانِ } إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ ، وَيُجِيبُهُ الْقَارِئُ ، لَا الْمُصَلِّي وَلَوْ نَفْلًا ( م ) وَتَبْطُلُ بِالْحَيْعَلَةِ ( هـ ) وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَرِوَايَتَا سَاهٍ ، وَقَالَ : وَتَبْطُلُ بِغَيْرِهَا إنْ نَوَى الْأَذَانَ لَا الذِّكْرَ ، وَيُجِيبُهُ إذَا فَرَغَ ، وَكَذَا الْمُتَخَلِّي ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا يُجِيبُهُ فِيهَا ، وَكَذَا عِنْدَ ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ وَجَدَ سَبَبَهُ فِيهَا ، وَسَيَأْتِي .

وَلَا يُحْرِمُ إمَامٌ وَهُوَ فِيهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ( هـ ) عِنْدَ الْإِقَامَةِ ، وَيَقُومُ عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِقَامَةِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْقِيَامُ عِنْدَهَا ، وَمُرَادُهُ يُسْتَحَبُّ لَا عِنْدَ حَيْعَلَةِ الْفَلَاحِ ( هـ ) وَلَا إذَا فَرَغَ ( م ش ) وَذَكَرَ عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ يَقُومُونَ بِشُرُوعِهِ فِي الْإِقَامَةِ ، وَيَقُومُ مَأْمُومٌ عِنْدَهَا بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ ( و هـ ) وَقِيلَ إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ ( و ش ) وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ عَنْ أَحْمَدَ ، وَقِيلَ أَوْ قَرِيبًا ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ ، وَعَنْهُ مُطْلَقًا ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ .

وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَ أَذَانٍ بِلَا عُذْرٍ ، أَوْ نِيَّةِ الرُّجُوعِ ، وَكَرِهَهُ أَبُو الْوَفَا وَأَبُو الْمَعَالِي ( و هـ ش ) وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ : أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَخْرُجَ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَا يَنْبَغِي ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ، وَيُتَوَجَّهُ يَخْرُجُ لِبِدْعَةٍ ، فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ خَرَجَ لِلتَّثْوِيبِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، وَقَالَ : فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ الْبِدْعَةُ ، فَيُتَوَجَّهُ كَالْخُرُوجِ مِنْ وَلِيمَةٍ .
وَلِمَنْ كَانَ صَلَّى ، الْخُرُوجُ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا بَعْدَ الْأَخْذِ فِي الْإِقَامَةِ لِظُهْرٍ وَعِشَاءٍ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ

وَوَقْتُ إقَامَةٍ إلَى الْإِمَامِ ، وَأَذَانٍ إلَى الْمُؤَذِّنِ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفِيهِ إعْلَامُ الْمُؤَذِّنِ بِالصَّلَاةِ وَإِقَامَتِهَا ، وَفِيهِمَا قَوْلُ عُمَرَ : الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَفِي مُسْلِمٍ قَوْلُ عَائِشَةَ " لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ ، فَطَفِقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ : الصَّلَاةَ " .

وَفِي الْفُصُولِ إنْ تَأَخَّرَ الْإِمَامُ ، أَوْ إمَامِ الْجِيرَانِ فَلَا بَأْسَ بِإِعْلَامِهِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : إنْ جَاءَ الْغَائِبُ لِلصَّلَاةِ أَقَامَ حِينَ يَرَاهُ ، لِلْخَبَرِ ، وَلَا يُؤَذِّنُ قَبْلَهُ ، مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ وَقْتِهِ ، كَالْإِمَامِ ، وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي بِتَحْرِيمِهِ ، وَمَتَى جَاءَ وَقَدْ أَذَّنَ قَبْلَهُ أَعَادَ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي يُمْنَعُ غَيْرُ إمَامِ الْحَيِّ أَنْ يُؤَذِّنَ ، وَيُقِيمَ وَيَؤُمَّ بِالْمَسْجِدِ .

وَلَا بَأْسَ بِالنَّحْنَحَةِ قُبَيْلَهُمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَذَانٌ وَاحِدٌ بِمَسْجِدَيْنِ لِجَمَاعَتَيْنِ ، وَلَا يَرْكَعُ [ مَنْ فِي ] دَاخِلِ الْمَسْجِدِ التَّحِيَّةَ قَبْلَ فَرَاغِهِ ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ أَذَانِ الْجُمُعَةِ ، لِأَنَّ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ أَهَمُّ ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ ، وَلَا يَقُومُ الْقَاعِدُ حَتَّى يَقْرَبَ فَرَاغَهُ ، وَيُنَادَى لِكُسُوفٍ لِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَاسْتِسْقَاءٍ وَعِيدٍ " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " أَوْ الصَّلَاةَ بِنَصْبِ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِغْرَاءِ ، أَوْ الثَّانِيَ عَلَى الْحَالِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ بِرَفْعِهِمَا وَنَصْبِهِمَا ، وَقِيلَ لَا يُنَادَى ، وَقِيلَ لَا فِي عِيدٍ كَجِنَازَةِ وَتَرَاوِيحَ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ " لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ خُرُوجِ الْإِمَامِ ، وَلَا بَعْدَمَا يَخْرُجُ ، وَلَا إقَامَةَ ، وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَيُكْرَهُ النِّدَاءُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ .

يُشْتَرَطُ سَتْرُهَا لِلصَّلَاةِ : عَنْ نَفْسِهِ ( و ش ) وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ قَادِرٍ خَالِيًا ، وَغَيْرِهِ ( م ر ) قَالَ أَبُو الْمَعَالِي : وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ ، مَعَ أَنَّ كَلَامَهُمْ مُطْلَقٌ : لَا مِنْ أَسْفَلَ ، وَاشْتَرَطَهُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ ( و ش ) بَلْ مِنْ فَوْقٍ ( هـ ) بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ ( و ) السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ ، لَا الْخِلْقَةَ أَيْ حَجْمَ الْعُضْوِ ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ نَصَّ عَلَيْهِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا تُغَطِّي خُفَّهَا لِأَنَّهُ يَصِفُ قَدَمَيْهَا ، وَاحْتَجَّ بِهِ الْمَازِنِيُّ عَلَى أَنَّ الْقَدَمَ عَوْرَةٌ .

وَيَكْفِي نَبَاتٌ وَنَحْوُهُ ، وَقِيلَ : لَا حَشِيشَ وَثَمَّ ثَوْبٌ وَفِي لُزُومِ طِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ ، لِعَدَمٍ : وَجْهَانِ ( م 1 ) لَا بِآرِيَةٍ وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَضُرُّ ، وَلَا حَفِيرَةٍ ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجِبُ الطِّينُ لَا الْمَاءُ .
وَيَكْفِي مُتَّصِلٌ : كَيَدِهِ ، وَلِحْيَتِهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ( و )
بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَيَكْفِي نَبَاتٌ وَنَحْوُهُ ، وَفِي لُزُومِ طِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ لِعَدَمٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي الْمَاءِ ، وَقَدَّمُوهُ فِي الطِّينِ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ : أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَيِّنَ بِهِ عَوْرَتَهُ ، وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِالْمَاءِ ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الطِّينِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِتَارُ بِالطِّينِ عِنْدَ الْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ ، وَقِيلَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجِبُ بِالطِّينِ لَا بِالْمَاءِ الْكَدِرِ ، فَتَلَخَّصَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ .

وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد إنْ رَأَى عَوْرَتَهُ ؟ قَالَ : إنْ كَانَ رَآهَا فِي كُلِّ حَالَاتِهِ أَعَادَ ، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْخِلَافِ لُزُومُ سَتْرِ عَادِمٍ : بِيَدَيْهِ ، وَمَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي ، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَهَلْ يَجِبُ سَتْرُهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ؟ ؟ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِطَابَةِ ، وَيَأْتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّعَايَةِ يَجِبُ سَتْرُهَا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا حَتَّى خَلْوَةٍ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ أَيْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ كَشْفُهَا خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهَا ، لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِكَشْفِهَا الْمُحَرَّمِ ، وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِ هَذَا .
لَا أَنْ يَحْرُمَ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا ، فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ هُوَ وَلَا لَمْسُهَا اتِّفَاقًا ، وَقَدْ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي : إذَا وَجَبَ سَتْرُهَا فِي الصَّلَاةِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْأَجَانِبِ فَعَنْ نَفْسِهِ إذَا خَلَا فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ السَّتْرُ عَنْ الْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ ، وَالثَّانِي يَجُوزُ .

وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( و ش ) وَعَنْهُ وَالرُّكْبَةُ ، لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ ، وَعِنْدَهُمَا ، قِيلَ لِلْقَاضِي : لَا يُمْكِنُهُ عَادَةً سَتْرُ الْفَخِذِ إلَّا بِسَتْرِ بَعْضِ الرُّكْبَةِ ، وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا مِثْلَهَا .
وَلِهَذَا دَخَلَتْ الْمِرْفَقُ فِي الْوُضُوءِ ، فَأَلْزِمْ بِالسُّرَّةِ ، وَعَنْهُ الْفَرْجَانِ ( و م ) اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، قَالَ وَسَمَّى الشَّارِعُ الْفَخِذَ عَوْرَةً لِتَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ ، وَتَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي الْخَبَرِ ، وَلِلْمَالِكِيَّةِ كَالْأَوَّلِ ، وَأَنَّ السُّرَّةَ عَوْرَةٌ ، وَأَنْ لَا يَجِبَ سَتْرُ جَمِيعِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَذَا خُنْثَى مُشْكِلٌ ، وَعَنْهُ كَالسُّرَّةِ .

وَالْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرُهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، إلَّا الْوَجْهَ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ وَالْكَفَّيْنِ ( و م ش ) وَقَالَ شَيْخُنَا وَالْقَدَمَيْنِ ( و هـ ) وَفِي الْوَجْهِ رِوَايَةٌ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عَكْسَهَا إجْمَاعًا ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَمُرَاهِقَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَمُمَيِّزَةٌ كَأَمَةٍ ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي شَعْرٍ وَسَاقٍ وَسَاعِدٍ لَا يَجِبُ سَتْرُهُ حَتَّى تَحِيضَ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : هِيَ بَعْدَ تِسْعٍ ، وَالصَّبِيُّ بَعْدَ عَشْرٍ كَبَالِغٍ ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ أَصْحَابِنَا إلَّا فِي كَشْفِ الرَّأْسِ ، وَقَبْلَهُمَا وَبَعْدَ السَّبْعِ ، الْفَرْجَانِ ، وَأَنْ يَجُوزَ نَظَرُ مَا سِوَاهُ ، وَالْأَمَةُ كَالرَّجُلِ ( و ش ) وَعَنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ غَالِبًا ( و هـ م ) وَكَذَا أُمُّ وَلَدٍ ، وَمُعْتَقٌ بَعْضُهَا ، وَمُدَبَّرَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ ، وَعَنْهُ كَحُرَّةٍ ( خ ) وَقِيلَ أُمُّ وَلَدٍ كَحُرَّةٍ ، وَقِيلَ الْمُعْتَق بَعْضُهَا ، وَقِيلَ هُمَا .

تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ ( الْحُرَّةُ ) إلَّا الْوَجْهَ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ وَالْكَفَّيْنِ ، انْتَهَى ، قَدَّمَ الْكَفَّيْنِ عَوْرَةً ، وَقَالَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، قُلْت هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ ، وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ ، وَصَاحِبُ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ ، وَصَحَّحَهُ ، فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَيْسَا بِعَوْرَةٍ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالنِّهَايَةِ ، وَنَظْمِهَا وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ مُنَجَّى وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ صَاحِبُ النَّظْمِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شُرُوحِهِمْ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُطْلِقَ الْخِلَافَ أَوْ لِعَدَمِ هَذَا ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْبِدَايَةِ ، وَالْمُبْهِجِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالتَّذْكِرَةِ لَهُ ، وَالْمُذَهَّبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، الثَّانِي قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمُرَاهِقَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَمُمَيِّزَةٌ كَأَمَةٍ ، انْتَهَى ، ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ ، قَالَ فِي النُّكَتِ : وَكَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالْبَالِغَةِ فِي عَوْرَةِ الصَّلَاةِ ، وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي

الْكَبِيرِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ ، فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ كَالْأَمَةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ ، وَنَقْلُ أَبِي طَالِبٍ يُوَافِقُ ذَلِكَ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَقِيلَ الْمُمَيِّزَةُ كَالْأَمَةِ ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ أَبِي الْمَعَالِي ، وَالصَّحِيحُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، الثَّالِثُ قَوْلُهُ : وَكَذَا مُعْتَقٌ بَعْضُهَا يَعْنِي كَالْأَمَةِ وَعَنْهُ كَحُرَّةٍ ، انْتَهَى ، تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْأَمَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْفَائِقِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ ؛ وَرِوَايَةٌ أَنَّهَا كَحُرَّةٍ جَزَمَ بِهَا فِي الْإِفَادَاتِ ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا كَالْحُرَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : هَذَا الصَّحِيحُ ، قَالَ النَّاظِمُ : هَذَا أَوْلَى ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هَذَا الْأَظْهَرُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَحْمَدِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ .

وَسَتْرُ الْمَنْكِبَيْنِ شَرْطٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا ، وَعَنْهُ وَاجِبٌ ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ( و ) وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ يَكْفِي خَيْطٌ وَنَحْوُهُ ، وَقِيلَ : أَقَلُّ لِبَاسٍ .
وَفِي النَّفْلِ ، وَالِاكْتِفَاءُ بِسَتْرِ أَحَدِهِمَا رِوَايَتَانِ ( م 2 )

مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : فِي سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ وَفِي النَّفْلِ وَالِاكْتِفَاءِ بِسَتْرِ أَحَدِهِمَا رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ النَّفَلُ كَالْفَرْضِ فِي سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ أَمْ لَا ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا : لَيْسَ النَّفَلُ كَالْفَرْضِ ، بَلْ يُجْزِئُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ : هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، لِاقْتِصَارِهِ عَلَى وُجُوبِهِ فِي الْفَرْضِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالنَّظْمِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : النَّفَلُ كَالْفَرْضِ فِي ذَلِكَ ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ ، قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ وَعَلَى الرَّجُلِ الْقَادِرِ سَتْرُ عَوْرَتِهِ وَمَنْكِبَيْهِ ، وَأَطْلَقَ ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ اخْتِيَارُ غَيْرِ الْقَاضِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) : هَلْ يَكْتَفِي بِسَتْرِ أَحَدِ الْمَنْكِبَيْنِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ سَتْرِهِمَا ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ سَتْرُ أَحَدِهِمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى بْنِ جَامِعٍ ، وَاخْتَارَهُ

الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا بُدَّ مِنْ سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ ، وَهُمَا عَاتِقَاهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرُهُمْ .

وَتُسَنُّ صَلَاتُهُ فِي ثَوْبَيْنِ ( و ) وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ( ع ) قَالَ جَمَاعَةٌ : مَعَ سَتْرِ رَأْسِهِ ، وَالْإِمَامُ أَبْلَغُ ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لِلْإِمَامِ ثَوْبَانِ .

وَصَلَاتُهَا فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٌ ( و ) رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ فِي جُزْئِهِ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ ، وَتُكْرَهُ فِي نِقَابٍ وَبُرْقُعٍ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَبْطُلُ بِكَشْفٍ يَسِيرٍ لَا يَفْحُشُ فِي النَّظَرِ عُرْفًا ، وَقِيلَ وَلَوْ عَمْدًا كَالْمَشْيِ فِي الصَّلَاةِ وَعَنْهُ بَلَى ( و ش ) اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَقِيلَ فِي الْمُغَلَّظَةِ ، وَكَذَا كَثِيرٌ قَصُرَ زَمَنُهُ ( ش ) وَقِيلَ إنْ احْتَاجَ عَمَلًا كَثِيرًا فِي أَخْذِهَا [ السُّتْرَةَ ] فَوَجْهَانِ ، وَمَذْهَبُ ( هـ ) يَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَشْفُ رُبْعِ السَّاقِ ، أَوْ رُبْعِ الذَّكَرِ أَوْ غَيْرِهِ ، وَأَنَّ مِثْلَهُ الشَّعْرُ

: وَلَا تَصِحُّ ، وَعَنْهُ مِنْ عَالِمٍ بِالنَّهْيِ فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ بُقْعَةِ غَصْبِ أَرْضٍ ، أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْمِلْكِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ جُزْءًا مُشَاعًا فِيهِمَا ، وَعَنْهُ بَلَى مَعَ التَّحْرِيمِ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْفُنُونُ ( و ) كَعِمَامَةٍ ، وَخَاتَمِ ذَهَبٍ ، وَخُفٍّ ، وَتِكَّةٍ فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : بَلْ فِي الْكَرَاهَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِي التِّكَّةِ ، وَعَنْهُ يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ ، وَعَنْهُ إنْ كَانَ شَفَّافًا لَمْ يَصِحَّ ، وَقِيلَ خَاتَمُ حَدِيدٍ وَصُفْرُ [ نُحَاسٍ ] كَذَهَبٍ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَعُدْ إلَى شَرْطِهَا ، وَلِهَذَا صَحَّ النَّفَلُ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ الصَّلَاةَ وَيُفْسِدَهَا كَذَا قَالَ هُنَا ، وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي مَوَاضِعِ النَّهْيِ .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الصَّلَاةُ فِي مَكَان أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ حَرِيرٍ مَكْرُوهَةٌ كَبَقِيَّةِ الْمَكْرُوهَاتِ فِي الصَّلَاةِ ، قَالُوا : وَلَيْسَتْ بِنَاقِضَةٍ ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِلْغَصْبِ ، لِأَنَّهُ غَاصِبٌ ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ ، وَنَفْسُ الْغَصْبِ لَيْسَ فِعْلَ الصَّلَاةِ ، لِأَنَّ فِعْلَهَا قَائِمٌ بِالْمُصَلِّي ، وَفِعْلُ الْغَصْبِ شَغْلُ الْأَرْضِ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْأَرْضِ ، وَلِهَذَا صَحَّ نَفْلُهُ ، وَلَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا ، وَيَصْلُحُ لِإِسْقَاطِ صَلَاةٍ وَاجِبَةٍ فِي ذِمَّتِهِ ، وَأَمَّا ظَرْفُ الزَّمَانِ وَهُوَ الْوَقْتُ الْمَكْرُوهُ وَهُوَ سَبَبُهَا فَنُقْصَانُ السَّبَبِ يُوجِبُ نُقْصَانَ الْمُسَبَّبِ ، فَالنَّفَلُ الْكَامِلُ وَهُوَ مَا وَجَبَ كَامِلًا فِي وَقْتٍ صَحِيحٍ لَا يَتَأَدَّى بِهَذَا النَّاقِصِ ، لِأَنَّ كَمَالَهَا دَاخِلٌ تَحْتَ الْأَمْرِ ، فَفَوَاتُهُ أَوْجَبُ نُقْصَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ ، قَالُوا : وَالْمَكَانُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْأَمْرِ ، فَلَا يُوجِبُ نُقْصَانًا ، وَكَذَا مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا كَالْفَاتِحَةِ فِي الْأَدَاءِ ، سَوَاءٌ كَانَ سَاهِيًا يَنْجَبِرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ ، أَوْ عَامِدًا فَلَا يَنْجَبِرُ

لِثُبُوتِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِطَرِيقِ الزِّيَادَةِ ، وَيَضْمَنُ النَّفَلُ النَّاقِصَ بِالشُّرُوعِ فِيهِ عِنْدهمْ ، خِلَافًا لِزُفَرَ ، قَالُوا فِي صَوْمِ الْعِيدِ : الصَّوْمُ يَقُومُ بِالْوَقْتِ ، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ ، وَدَاخِلٌ فِي حَدِّهِ وَيُعْرَفُ بِهِ ، وَالْمِعْيَارُ سَبَبٌ وَوَصْفٌ .
فَيَكُونُ فَاسِدًا وَإِذَا شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَا قَضَاءَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعِنْدَ صَاحِبِيهِ يَقْضِي ، لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزَمٌ كَالنَّذْرِ ، وَيَصِحُّ ، وَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ ، لِأَنَّ صَوْمَهُ طَاعَةٌ فِي نَفْسِهِ ، قَبِيحٌ بِوَصْفِهِ ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِ مَكَانِ غَصْبٍ فَأَدَّاهَا فِيهِ لَا تُجْزِئُهُ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ : وَإِنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ غَصْبًا أَوْ حَرِيرًا أَوْ حُبِسَ بِغَصْبٍ صَحَّتْ ، وَعَنْهُ لَا ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الصِّحَّةَ ( ع ) لِزَوَالِ عِلَّةِ الْفَسَادِ وَهِيَ اللِّبْسُ الْمُحَرَّمُ ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي فِي حَبْسِهِ بِغَصْبٍ رِوَايَتَيْنِ ، ثُمَّ جَزَمَ بِالصِّحَّةِ فِي ثَوْبٍ يُجْهَلُ غَصْبُهُ لِعَدَمِ إثْمِهِ ، كَذَا قَالَ

وَلَا يَصِحُّ نَفْلُ آبِقٍ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، لِأَنَّ زَمَنَ فَرْضِهِ مُسْتَثْنًى شَرْعًا ، فَلَمْ يَغْصِبْهُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا وَبُطْلَانُ فَرْضِهِ قَوِيٌّ .
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ { إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ } ، وَفِي لَفْظٍ { إذَا أَبَقَ مِنْ مَوَالِيه فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ } رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ ، قَالَ : أَرَاهُ عَلَى مَعْنَى إذَا اسْتَحَلَّ الْإِبَاقَ ، وَبِذَلِكَ يَكْفُرُ ، كَذَا قَالَ ، وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ عِنْدَهُ ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا : { ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاةٌ ، وَلَا تَصْعَدُ لَهُمْ حَسَنَةٌ : الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَوَالِيه فَيَضَعَ يَدَهُ فِي أَيْدِيهمْ ، وَالْمَرْأَةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَرْضَى ، وَالسَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ } .

وَإِنَّ غَيَّرَ هَيْئَةَ مَسْجِدٍ فَكَغَيْرِهِ [ مِنْ الْمَغْصُوبِ ] وَإِنْ مَنَعَهُ غَيْرُهُ ، وَقِيلَ : أَوْ زَحَمَهُ فَصَلَّى مَكَانَهُ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا مَنَعَهُ كَغَصْبِهِ سِتَارَ الْكَعْبَةِ وَصَلَاتَهُ فِيهَا ، كَذَا قَالَ ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهَا أَوْلَى ، لِتَحْرِيمِ صَلَاتِهِ فِيهَا ؛ وَلَا يَضْمَنُهُ بِمَنْعِهِ كَجُزْءٍ وَقَالَ شَيْخُنَا : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ ، وَتَصِحُّ مِمَّنْ طُولِبَ بِوَدِيعَةٍ أَوْ غَصْبٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا تَصِحُّ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ تَضَرُّرِ الطَّالِبِ ، زَادَ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يُفْلِتْ الْوَقْتِ ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ مَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ يَذْهَبُ إلَى مَكَان فَخَالَفَهُ .
وَيَصِحُّ وُضُوءٌ وَأَذَانٌ وَزَكَاةٌ وَصَوْمٌ وَعَقْدٌ فِي بُقْعَةِ غَصْبٍ لِأَنَّ الْكَوْنَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهِ ، بِدَلِيلِ إتْيَانِهِمَا بِهِ وَهُمَا يُسَبِّحَانِ أَوْ يُهَوِّيَانِ مِنْ عُلُوٍّ ، وَلِهَذَا يَصِحُّ تَجَدُّدُ الطَّهَارَةِ فِيهَا ، بِخِلَافِ نَفْلِ الصَّلَاةِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَخِتَانٍ ، وَعِتْقٍ ، وَطَلَاقٍ ، لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ ، وَقِيلَ هُوَ كَصَلَاةٍ ، وَنَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الشَّرَى ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي بَابِ الْغَصْبِ .
وَقَالَ الْقَاضِي بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا : يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْغَصْبِ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالتَّغْلِيظِ أَوْ الْوَرَعِ ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا مَغْصُوبًا ، وَالْبُقْعَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ ، وَلَا عُلْقَةَ لَهَا بِالْبَيْعِ ، وَلَا تَأْثِيرَ لِغَصْبِ الْبِقَاعِ فِي الْعُقُودِ فِيهَا ، وَسَلَّمَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ إسْلَامِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ بِهِ فِيهَا .
وَحَجُّهُ بِغَصْبٍ كَصَلَاةٍ ، وَلَا يُقَالُ : الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ يَتَقَدَّمَانِ الْعِبَادَةَ ، وَلَا يُصَاحِبَانِهَا ، لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ

مِنْ الْمِيقَاتِ وَسَارَ عَلَى رَاحِلَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَالتَّحْرِيمُ مُصَاحِبٌ لِلْعِبَادَةِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمْ ، وَلِأَنَّ الْحَجَّ مِنْ نَتِيجَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَفَائِدَتِهِ ، وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ فَائِدَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ لَا تَكُونُ لِلْغَاصِبِ ، وَلَا يُمْكِنُ الْحَجُّ لِلْمَالِكِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلَا نَوَاهُ ، ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ ، وَأَنَّ الْمُؤْثَرَ حَجُّهُ لَا قَبْلَ إحْرَامِهِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَفَرَّقَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ لَيْسَا شَرْطًا لِلصِّحَّةِ بَلْ لِلْوُجُوبِ ، فَقَالُوا : نَفْلُهُ كَفَرْضِهِ كَثَوْبٍ نَجِسٍ ، وَقِيلَ يَصِحُّ ، لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ لَا ، وَجَعَلُوهُ حُجَّةً عَلَى الْمُخَالِفِ ، فَلِهَذَا قَالُوا : لَا يُثَابُ عَلَى فَرْضِهِ إنْ صَحَّ ، وَقِيلَ لَهُ فِي التَّمْهِيدِ فِي مَسْأَلَةِ النَّهْيِ : خِلَافُنَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى صِفَةٍ مَكْرُوهَةٍ مِنْ الِالْتِفَاتِ وَالصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْغَصْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الدِّينِ ؟ فَقَالَ : فِعْلُ الْعِبَادَاتِ عَلَى وَجْهِ النَّهْيِ لَيْسَ فِي الدِّينِ ، وَلِهَذَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ ، وَمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ يُبَحْ لَهُ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الدِّينِ مَرْدُودٌ ، كَذَا قَالَ ، وَقَدْ يُتَوَجَّهُ مِنْ صِحَّةِ نَفْلِهِ إثَابَتُهُ عَلَيْهِ ، فَيُثَابُ عَلَى فَرْضِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي صِحَّةِ نَفْلِهِ ، وَلَا ثَوَابَ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ يُثَابُ عَلَى كُلِّ عِبَادَةٍ كُرِهَتْ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ فِي الْأُصُولِ : الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِي فِعْلِهِ .
مَا كُرِهَ بِالذَّاتِ لَا بِالْعَرْضِ ، وَيَأْتِي صِحَّةُ حَجِّ التَّاجِرِ وَإِثَابَتُهُ ، وَهَلْ يُثَابُ عَلَى عَمَلٍ مَشُوبٍ ؟ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ فِي الْأُصُولِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَلِهَذَا لَمَّا احْتَجَّ مَنْ كَرِهَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ { مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ

لَهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ } لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْأَجْرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، لَا اعْتِقَادًا وَلَا بَحْثًا ، وَاحْتُجَّ فِي الْخِلَافِ لِمَنْ لَمْ يَمْنَعْ قِرَاءَةَ الْجُنُبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ } وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُتَطَهِّرُ ، لِأَنَّ الْجُنُبَ تُكْرَهُ لَهُ الْقِرَاءَةُ عِنْدَهُمْ ، فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الظَّاهِرِ ، وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ : إنَّ صَلَاةَ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا تَصِحُّ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أَجْرَ لِمَنْ غَزَا عَلَى فَرَسٍ غَصْبٍ .
وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ فِي حَجٍّ ، وَكَذَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَلَا ثَوَابَ .
وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورِ ابْنِ أَخِي أَبِي نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاغِ مِنْهُمْ ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْكَامِلِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ وَيَحْصُلُ الثَّوَابُ ، فَيَكُونُ مُثَابًا عَلَى فِعْلِهِ ، عَاصِيًا بِمَقَامِهِ ، فَإِذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ صِحَّتِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ حُصُولِ الثَّوَابِ ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ : وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ ، وَلَوْ تَقَوَّى عَلَى عِبَادَةٍ بِأَكْلِ مُحَرَّمٍ لِزَوَالِ عَيْنِهِ ، وَلَا أَثَرَ لَهُ بَعْدَ زَوَالِهَا ، قَالَ أَحْمَدُ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ بِمَالٍ غَصْبٍ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا ، وَعَنْهُ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا : لَا أَدْرِي وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِهِ أَوْ مُصَلَّاهُ بِلَا غَصْبٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ حَمْلُهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْلَى ، وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا أَوْلَى مِنْ الطَّرِيقِ ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَنَّ الْأَرْضَ الْمَزْرُوعَةَ كَغَيْرِهَا ، وَالْمُرَادُ وَلَا ضَرَرَ ، وَلَوْ كَانَتْ لِكَافِرٍ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِصَلَاةِ مُسْلِمٍ بِأَرْضِهِ ( و هـ )

( تَنْبِيهُ ) قَوْلُهُ : وَإِنَّ غَيَّرَ هَيْئَةَ مَسْجِدٍ فَكَغَيْرِهِ لَعَلَّهُ فَكَغَصْبِهِ كَمَا فِي الرِّعَايَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِ الْمَغْصُوبِ : وَإِنْ مَنَعَهُ غَيْرَهُ أَيْ مَنَعَ الْمَسْجِدَ غَيْرَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ وَصَلَّى هُوَ فِيهِ ، وَقِيلَ أَوْ زَحَمَهُ وَصَلَّى مَكَانَهُ فَوَجْهَانِ ، يَعْنِي فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ تَمِيمٍ ، أَحَدُهُمَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : صَحَّتْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْأَقْوَى الْبُطْلَانُ ، قُلْت وَهُوَ قَوِيٌّ .

وَقِيلَ لِلْقَاضِي : لَوْ صَلَّى فِي بَرَاحٍ لِرَجُلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ سَتْرٌ ، فَقَالَ : لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ نُسَلِّمَهُ ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَالِكَهُ لَا يَمْنَعُ ، وَإِنْ بَسَطَ طَاهِرًا عَلَى غَصْبٍ أَوْ غَصْبًا عَلَى طَاهِرٍ إنْ غَصَبَ الْأَبْنِيَةَ فَقَطْ فَرِوَايَتَانِ إنْ اسْتَنَدَ ، وَقِيلَ أَوْ لَا ( م 5 )
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ بَسَطَ طَاهِرًا عَلَى غَصْبٍ ، أَوْ غَصْبًا عَلَى طَاهِرٍ ، انْتَهَى ، الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ ذَلِكَ ، وَتَقْدِيرُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ ، لِأَنَّهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ كَذَلِكَ ، وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ ، وَالصِّحَّةُ إذَا بَسَطَ غَصْبًا عَلَى طَاهِرٍ ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ غَصَبَ الْأَبْنِيَةَ فَقَطْ فَرِوَايَتَانِ إنْ اسْتَنَدَ ، وَقِيلَ أَوْ لَا ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَإِنْ صَلَّى فِي بُقْعَةٍ حَلَالٍ وَالْأَبْنِيَةُ غَصْبٌ فَرِوَايَتَانِ ، فَظَاهِرُهُ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ صَلَّى فِي أَرْضٍ لَهُ وَالْأَبْنِيَةُ مَغْصُوبَةٌ فَرِوَايَتَانِ ، قُلْت هَذَا إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ اسْتَنَدَ إلَيْهَا ، وَإِلَّا كُرِهَتْ الصَّلَاةُ ، وَصَحَّتْ ، انْتَهَى ، فَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ يَشْمَلُ الِاسْتِنَادَ وَعَدَمَهُ ، و يُقَوِّيه مَا اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ ، وَقَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّهُمَا مَعَ الِاسْتِنَادِ عَلَى الْمُقَدَّمِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالصَّوَابُ أَيْضًا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيُصَلِّي فِي حَرِيرٍ لِعَدَمٍ ( و ) وَعَنْهُ وَيُعِيدُ ( و م ) وَكَذَا فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ وَيُعِيدُ ، وَعَنْهُ لَا ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ كَمَكَانٍ نَجِسٍ ( هـ ) وَخَرَّجَ جَمَاعَةٌ فِيهِ رَاوِيَةً مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الثَّوْبِ وَخَرَّجُوا فِي الثَّوْبِ مِنْ الْمَكَانِ ، وَلَمْ يُخَرِّجْ آخَرُونَ ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ ، وَخَرَّجَ فِي التَّعْلِيقِ رِوَايَةَ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي الثَّوْبِ مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ ، وَعَنْهُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى فِي الثَّوْبِ ، وَقِيلَ يُصَلِّي عُرْيَانًا ( و ش ) كَغَصْبٍ ( و ) وَقِيلَ وَيُعِيدُ وَمَذْهَبٌ ( هـ ) تَجِبُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ رُبْعُهُ طَاهِرٌ ، وَإِلَّا فَهِيَ فِيهِ أَفْضَلُ .

وَهَلْ يُصَلِّي بِمَكَانٍ نَجِسٍ إيمَاءً أَمْ يَسْجُدُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 6 )
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُصَلِّي بِمَكَانٍ نَجِسٍ إيمَاءً ، أَمْ يَسْجُدُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذَهَّبِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَلَا يَخْلُو : إمَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً ؛ فَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَفِيهَا الرِّوَايَتَانِ ، أَحَدُهُمَا يَسْجُدُ بِالْأَرْضِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَابَعَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَهِيَ الصَّحِيحَةُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ تَقْدِيمًا لِرُكْنِ السُّجُودِ ، لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ ، وَمُجْمَعٌ عَلَى افْتِرَاضِهِ ، وَعَلَى عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالنِّسْيَانِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يُومِئُ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ ، وَلَا يَسْجُدُ ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَمَنْ مَحَلُّهُ نَجِسٌ ضَرُورَةً أَوْمَأَ وَلَمْ يَعُدْ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ كَمَنْ صَلَّى فِي مَاءٍ وَطِينٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ : يُقَرِّبُ أَعْضَاءَهُ مِنْ السُّجُودِ بِحَيْثُ لَوْ زَادَ شَيْئًا لَمَسَّتْهُ النَّجَاسَةُ ، وَيَجْلِسُ عَلَى رَجُلَيْهِ ، وَلَا يَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرَهُمَا ، انْتَهَى ، وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْمَأَ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ ، وَجَلَسَ عَلَى قَدَمَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

فَصْلٌ وَمَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَعَجُزَهُ فَقَطْ سَتَرَهُ وَصَلَّى جَالِسًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : يَتَّزِرُ وَيُصَلِّي قَائِمًا ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكْفِ .
وَقَالَ الْقَاضِي يُصَلِّي فِيهِ جَالِسًا ، وَيَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ ( خ ) وَسَتْرُ الْفَرْجَيْنِ مُقَدَّمٌ ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَنْهُ الدُّبُرُ أَوْلَى ، وَقِيلَ الْقُبُلُ ، وَقِيلَ بِالتَّسَاوِي ، وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا سَتْرًا ( م 7 ) وَيَجِبُ سَتْرُ دُونَ الرُّبْعِ ( هـ ) بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْكُلِّ لَا لِمَا دُونَهُ وَإِنْ أُعِيرَ سُتْرَةً لَزِمَهُ قَبُولُهَا ( و ) وَقِيلَ لَا ، كَالْهِبَةِ فِي الْأَصَحِّ ، وَيَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ ( هـ ) فِي الزِّيَادَةِ كَمَاءِ الْوُضُوءِ ، وَإِنْ عَدِمَ صَلَّى جَالِسًا نَدْبًا ( و هـ ) وَقِيلَ وُجُوبًا يُومِئُ ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ وَلَا يَتَرَبَّعُ هُنَا ، بَلْ يَتَضَامُّ ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ .
وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ يَتَرَبَّعُ ، وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ ( و م ش ) اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَقِيلَ يُومِئُ ، وَقِيلَ يُعِيدُ عَارٍ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ إنْ تَوَارَى بَعْضُ الْعُرَاةِ عَنْ بَعْضٍ فَصَلَّوْا قِيَامًا فَلَا بَأْسَ ، قَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُهُ لَا يُكْرَهُ الْقِيَامُ خَلْوَةً ، وَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا ، فَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا ، قَالَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يُومِئُ وَقِيلَ يُعِيدُ عَارٍ .

مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَسَتْرُ الْفَرْجَيْنِ مُقَدَّمٌ ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَنْهُ الدُّبُرُ أَوْلَى ، وَعَنْهُ الْقُبُلُ ، وَقِيلَ بِالتَّسَاوِي ، وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا سَتْرًا ، انْتَهَى ، إحْدَاهُمَا : سَتْرُ الدُّبُرِ أَوْلَى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، قَالَ الْمَجْدُ : هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدَنَا ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : سَتْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : سَتْرُ الْقُبُلِ أَوْلَى ، حَكَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ ، قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْكَافِي ، وَقِيلَ بِالتَّسَاوِي ، قَالَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ : فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمَا سُتِرَ أَحَدُهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ ، وَقِيلَ سَتْرُ أَكْثَرِهِمَا أَوْلَى ، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قُلْت : لَوْ قِيلَ بِالْوُجُوبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَكَانَ مُتَّجِهًا وَإِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ .

وَإِنْ وَجَدَهَا فِي الصَّلَاةِ قَرِيبَةً عُرْفًا بَنَى ( هـ م و ) وَإِلَّا ابْتَدَأَ ، وَقِيلَ بِالْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ إنْ انْتَظَرَ مَنْ يُنَاوِلُهَا لَهُ لَمْ تَبْطُلْ ، لِأَنَّ الِانْتِظَارَ وَاحِدٌ ، كَانْتِظَارِ الْمَسْبُوقِ ، وَكَذَا الْمُعْتَقَةُ فِيهَا ، وَإِنْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ ، أَوْ وُجُوبَ السِّتْرِ ، أَوْ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ أَعَادَتْ ، كَخِيَارِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ ، ذَكَره الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَتُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً وُجُوبًا لَا فُرَادَى ، ( هـ م ) فِي غَيْرِ ظُلْمَةٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ جُلُوسًا وُجُوبًا ( هـ ) إنَّ فِي مُنْفَرِدٍ رِوَايَتَيْنِ ، وَإِمَامُهُمْ وَسَطًا ، لَا مُتَقَدِّمًا ( هـ م ) وَقِيلَ يَجُوزُ ، وَيُصَلِّي كُلُّ نَوْعٍ وَحْدَهُ ، لِأَنَّهَا إنْ وَقَفَتْ خَلْفَهُ شَاهَدَتْ الْعَوْرَةَ وَمَعَهُ خِلَافٌ لِسُنَّةِ الْمَوْقِفِ ، وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى الْفِتْنَةِ ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي الْعُرْيَان يَؤُمُّ امْرَأَةً ، فَإِنْ شَقَّ صَلَّى نَوْعٌ ، وَاسْتَدْبَرَهُ الْآخَرُ ، ثُمَّ الْعَكْسُ .

وَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا وَأَعَارَ سُتْرَتَهُ لَمْ تَصِحَّ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيرَ إذَا صَلَّى ، وَيُصَلِّي بِهَا وَاحِدٌ وَاحِدٌ ، وَهَلْ يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ ( و ش ) أَمْ لَا ، كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهُ ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ ( م 8 ) وَجَعَلَ الشَّيْخُ وَاجِدَ الْمَاءِ أَصْلًا لِلُّزُومِ ، كَذَا قَالَ ، وَلَا فَرْقَ ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهُ الِانْتِظَارَ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى اتِّسَاعِ الْوَقْتِ ، وَالْأَصَحُّ يُقَدَّمُ إمَامٌ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ ، وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى ، وَيُصَلِّي بِهَا عَارٍ ، ثُمَّ يُكَفَّنُ مَيِّتٌ ، وَقِيلَ يُقَدَّمُ هُوَ .

مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ لَهُ سُتْرَةٌ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ إذَا صَلَّى بِهَا ، وَيُصَلِّي بِهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ، وَهَلْ يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَمْ لَا ، كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا ، بَلْ يُصَلِّي عُرْيَانًا فِي الْوَقْتِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ : وَإِنْ بُذِلَتْ لِلْعُرَاةِ سُتْرَةٌ صَلَّى بِهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ، زَادَ فِي الْكُبْرَى وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ، ثُمَّ قَالَا : وَيُقَدَّمُ الْإِمَامُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى ، وَلَعَلَّ هَذَا مُفِيدٌ لِلْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ أَطْلَقَهُمَا ، فَيَكُونُ قَدْ صَحَّحَ الْمَذْهَبَ كَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا وَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَالْأَصَحُّ يُقَدَّمُ إمَامٌ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْكُبْرَى أَيْضًا فَإِنْ أَعَادَهَا لَهُمْ صَلَّى بِهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى بِهَا وَاحِدٌ ، قُلْت إنْ عَيَّنَهُ ، ( رَبّهَا ) وَإِلَّا اقْتَرَعُوا إنْ تَشَاحُّوا ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَيْضًا وَإِنْ صَلَّى صَاحِبُ الثَّوْبِ وَقَدْ بَقِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعِيرَهُ لِمَنْ يَصْلُحُ لِإِمَامَتِهِمْ ، وَإِنْ أَعَارَهُ لِغَيْرِهِ جَازَ ، وَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ صَاحِبِ الثَّوْبِ ، انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي احْتِمَالًا وَقَالَ هَذَا لَيْسَ عِنْدِي .

وَيُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ السَّدْلُ ( م ) وَعَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ ثَوْبٌ ، أَوْ إزَارٌ ، وَعَنْهُ يُعِيدُ ( خ ) وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ لَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ : طَرْحُ ثَوْبٍ عَلَى كَتِفَيْهِ لَا يَرُدُّ طَرَفَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْآخَرِ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ طَرَحَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَرُدَّ طَرَفَيْهِ عَلَى الْآخَرِ ، وَعَنْهُ وَلَا يَضُمُّ طَرَفَيْهِ بِيَدِهِ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ يُرْخِي ثَوْبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ، ثُمَّ لَا يَمَسُّهُ ، وَقِيلَ هُوَ إسْبَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ ، وَقِيلَ : وَضْعُ وَسَطِ الرِّدَاءِ عَلَى رَأْسِهِ وَإِرْسَالِهِ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى ظَهْرِهِ ، وَهِيَ لُبْسَةُ الْيَهُودِ ، وَقِيلَ : وَضْعُهُ عَلَى عُنُقِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى كَتِفَيْهِ ، وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي كَرَاهَةِ السَّدْلِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ، وَظَاهِرُ قَوْلِنَا لَا يُكْرَهُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ ، وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لِبْسَةُ الْيَهُودِ ، أَوْ أَنَّهُ إسْبَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ فَالْخِلَافُ ، وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى : أَنَا أَكْرَهُ السَّدْلَ ، وَالنَّهْيُ فِيهِ صَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ .
وَخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَقَلَ مُهَنَّا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحْمَدُ ، وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَكْرَهُونَ السَّدْلَ فِي الصَّلَاةِ ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ كَرَاهَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَلِأَنَّ مَا نُهِيَ عَنْهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَفِي الصَّلَاةِ أَشَدُّ ، وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ ( م ) وَهُوَ اضْطِبَاعُهُ بِثَوْبٍ ، وَعَنْهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ، وَعَنْهُ يُعِيدُ ( خ ) وَقِيلَ يَلْتَفُّ بِثَوْبٍ يَرُدُّ طَرَفَيْهِ إلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ وَلَا يُبْقَى لِيَدَيْهِ مَا تَخْرُجُ مِنْهُ ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : وَهُمْ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ .

( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي السَّدْلِ : وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَبِسَهُ الْيَهُودُ وَأَنَّهُ إسْبَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ فَالْخِلَافُ ، يَعْنِي الْخِلَافَ الَّذِي فِي التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ ، وَالْخِلَافُ الَّذِي فِي إسْبَالِ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ ، وَقَدْ ذَكَرَ حُكْمَهُمَا الْمُصَنِّفُ .

وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ وَالتَّلَثُّمُ عَلَى الْفَمِ ، وَلَفُّ الْكُمِّ بِلَا سَبَبٍ وَعَنْهُ لَا ، وَفِي التَّلَثُّمِ عَلَى الْأَنْفِ رِوَايَتَانِ ( م 9 ) وَشَدُّ وَسَطِهِ بِمَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ لَا ، زَادَ بَعْضُهُمْ : إلَّا أَنْ يَشُدَّهُ لِعَمَلِ الدُّنْيَا فَيُكْرَهُ ، نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمُ ، وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْمِنْطَقَةُ ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَفِي غَيْرِ صَلَاةٍ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ يُكْرَهُ شَدُّ وَسَطِهِ عَلَى الْقَمِيصِ ، لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْيَهُودِ ، وَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى الْقَبَاءِ ، قَالَ الْقَاضِي : لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَرَاهَةُ شَدِّ وَسَطِهِ بِمَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ بِالنَّصَارَى فِي كُلِّ وَقْتٍ ، وَسَبَقَ فِي الْمَسْحِ ، وَيَأْتِي فِي آخَرِ الْبَابِ تَحْرِيمُهُ ، وَفِي الْوَلِيمَةِ فِي الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ فِي كُلٍّ تُشْبِهُ ، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَّا بِمَا يَتَمَيَّزُونَ بِهِ مِنْ اللِّبَاسِ وَلَا يُكْرَهُ بِمَا لَا يُشْبِهُ ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بَلْ يُسْتَحَبُّ ، نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ ، لِأَنَّهُ أَسْتُرُ لِعَوْرَتِهِ ، وَلَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّمَّاءِ لَمْ يُقَيِّدُهُ بِالصَّلَاةِ ، وَقَرَنَهُ بِالِاحْتِبَاءِ ، فَظَاهِرُ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ ، وَيَجُوزُ الِاحْتِبَاءُ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ ، وَيَحْرُمُ مَعَ كَشْفِ عَوْرَةٍ ، وَيَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ، بَلْ كَبِيرَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ نَصِّهِ إسْبَالُ ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ فِي غَيْرِ حَرْبٍ بِلَا حَاجَةٍ ، نَحْوُ كَوْنِهِ خَمْشَ السَّاقَيْنِ ، وَالْمُرَادُ وَلَمْ يُرِدْ التَّدْلِيسُ عَلَى النِّسَاءِ ، وَيُتَوَجَّهُ هَذَا فِي قَصِيرَةٍ اتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ فَلَمْ تُعْرَفْ ، وَيُكْرَهُ فَوْقَ نِصْفِ سَاقَيْهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ أَيْضًا يُشْهِرُ نَفْسَهُ ، وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ تَحْتَ كَعْبَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ ، وَعَنْهُ مَا تَحْتَهُمَا فِي

النَّارِ وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ مَنْ لَمْ يَخَفْ خُيَلَاءَ لَمْ يُكْرَهُ ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ ، وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إلَى ذِرَاعٍ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ ذَيْلُ نِسَاءِ الْمُدُنِ فِي الْبَيْتِ كَرَجُلٍ .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ وَالتَّلَثُّمُ عَلَى الْفَمِ وَلَفُّ الْكُمِّ بِلَا سَبَبٍ وَعَنْهُ لَا وَفِي التَّلَثُّمِ عَلَى الْأَنْفِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا : يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ : يُكْرَهُ التَّلَثُّمُ عَلَى الْأَنْفِ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُكْرَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَافِي .
( تَنْبِيهٌ ) وَيَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ إسْبَالُ ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ فِي غَيْرِ حَرْبٍ بِلَا حَاجَةٍ نَحْوَ كَوْنِهِ خَمْشَ السَّاقَيْنِ ، انْتَهَى .
الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ فِعْلُهُ خُيَلَاء ، وَلَوْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ إلَى الْإِسْبَالِ ، فَقَوْلُهُ بِلَا حَاجَةٍ نَحْوَ كَوْنِهِ خَمْشَ السَّاقَيْنِ يُعْطِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا الْمُبَاحُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِسْبَالُ فَقَطْ ، لَا الْإِسْبَالُ مَعَ الْخُيَلَاءِ ، وَلَعَلَّ التَّمْثِيلَ عَائِدٌ إلَى الْإِسْبَالِ فَقَطْ ، فَيَزُولَ الْإِشْكَالُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ جَمَاعَةٌ : وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ ، أَوْ أَكْثَرَ يَسِيرًا وَتَوْسِيعُهَا قَصْدًا ( م 10 ) ، وَقَصْرُ كُمِّهَا ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ فِي سَعَتِهِ قَصْدًا .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ أَوْ أَكْثَرَ يَسِيرًا ، وَتَوْسِيعُهَا قَصْدًا ، وَقَصْرُ كُمِّهَا ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ فِي سَعَتِهِ قَصْدًا ، انْتَهَى ، يَعْنِي لِلْمَرْأَةِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَتَوْسِيعُ الْكُمِّ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ حَسَنٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ ، وَبِخِلَافِ الرِّجَالِ .
وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَيُسَنُّ سَعَةُ كُمِّ قَمِيصِ الْمَرْأَةِ يَسِيرًا ، وَقَصْرُهُ .
وَقَالَ ابْنُ حَمَدٍ : إنْ قُلْت دُونَ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا ، انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَتَوْسِيعُ كُمِّ الْمَرْأَةِ قَصْدًا حَسَنٌ .

وَكَرِهَ أَحْمَدُ الزِّيقَ الْعَرِيضَ لِلرَّجُلِ ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ ( م 11 ) ، قَالَ الْقَاضِي : إنَّمَا كَرِهَهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشُّهْرَةِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّمَا كَرِهَ الْإِفْرَاطَ جَمْعًا بَيْنَ قَوْلَيْهِ ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الدُّرَّاعَةِ : الْفُرَجُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا قَدْ سَمِعْتُ ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ خَلْفِهَا إلَّا أَنَّ فِيهِ سَعَةً عِنْدَ الرُّكُوبِ ، وَمُقَنَّعَةٍ ، وَيُكْرَهُ إنْ وَصَفَ الْبَشَرَةَ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ حَيٍّ وَمَيِّتٍ نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ : لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يُكْرَهُ لِمَنْ لَمْ يَرَهَا إلَّا زَوْجٌ وَسَيِّدٌ ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَبُو الْمَعَالِي وَإِنْ وَصَفَ اللِّينَ وَالْخُشُونَةَ وَالْحَجْمَ كُرِهَ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ زِيَّ الْأَعَاجِمِ كَعِمَامَةٍ صَمَّاءَ ، وَكَنَعْلِ صِرَّارَةٍ لِلزِّينَةِ لَا لِلْوُضُوءِ وَنَحْوُهُ ، وَيُكْرَهُ شُهْرَةٌ وَخِلَافُ زِيِّ بَلَدِهِ ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ وَنَصُّهُ لَا ، قَالَ شَيْخُنَا : يَحْرُمُ شُهْرَةٌ وَهُوَ مَا يَقْصِدُ بِهِ الِارْتِفَاعَ ، وَإِظْهَارَ التَّوَاضُعِ ، كَمَا كَانَ السَّلَفُ يَكْرَهُونَ الشُّهْرَةَ مِنْ اللَّيِّنِ الْمُرْتَفِعِ ، وَالْمُنْخَفِضِ وَلِهَذَا فِي الْخَبَرِ { مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ } فَعَاقَبَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ يُكْرَهُ ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ الرِّيَاءِ ، وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ الْكِلَّةَ : وَهِيَ قُبَّةٌ لَهَا بَكْرَةٌ تُجْرِيهَا ، وَقَالَ : هِيَ مِنْ الرِّيَاءِ لَا تَرُدُّ حَرًّا ، وَلَا بَرْدًا ، وَكَرِهَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُلُوسَ مُتَرَبِّعًا عَلَى وَجْهِ التَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرِ ، وَيُسَنُّ غَسْلُهُ مِنْ عَرَقٍ وَوَسَخٍ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرِهِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { أَمَا يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ } وَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا فَقَالَ : { أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ

بِهِ رَأْسَهُ } وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِمَا رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ " مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ نَقَاءُ ثَوْبِهِ " وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ .
وَقَالَ يَنْبَغِي غَسْلُهُ ، فَيُتَوَجَّهُ مِنْ تَعْلِيلِهِ الْوُجُوبُ ، وَفِي يَنْبَغِي الْخِلَافُ ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ : " أَلَا يَتَجَمَّلُ أَحَدُكُمْ لِامْرَأَتِهِ كَمَا تَتَجَمَّلُ لَهُ " قِيلَ لِأَحْمَدَ يُؤْجَرُ فِي تَرْكِ الشَّهَوَاتِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَمُرَادُهُ لَا أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهَا مُطْلَقًا ، قَالَ شَيْخُنَا : مَنْ فَعَلَ هَذَا فَجَاهِلٌ ضَالٌّ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ : { أَنَّهُ بَلَغَهُ هَذَا عَنْ أُنَاسٍ فَخَطَبَ وَقَالَ : مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي } وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ : { أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا ، فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ } وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا : { كُلُوا ، وَاشْرَبُوا ، وَالْبَسُوا ، وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَزَادَ : { فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ } وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَحَسَّنَهَا وَقَالَ : " أَثَرَ نِعْمَتِهِ " .
وَلِأَحْمَدَ ، ثَنَا رَوْحٌ ، ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ فَضَالَةَ ، ثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ ، قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَعَلَيْهِ مُطَرَّفَةٌ مِنْ خَزٍّ لَمْ نَرَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَهُ ، فَقَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَلْيُظْهِرْهَا فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ قَالَ رَوْحٌ مَرَّةً عَلَى عَبْدِهِ } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ مَعَ تَفَرُّدِ شُعْبَةُ عَنْ الْفُضَيْلِ ، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا : { مَنْ تَرَكَ

أَنْ يَلْبَسَ صَالِحَ الثِّيَابِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُلَل الْإِيمَانِ أَيَّتُهُنَّ شَاءَ } فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : وَيُكْرَهُ مَعَ طُولِ الْغَنَاءِ لُبْسُك الرَّدِيءَ ، فَأَطْلَقَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَالَ : وَمَنْ يَرْتَضِي دُونَ اللِّبَاسِ تَوَاضُعًا سَيُكْسَى الثِّيَابَ الْعَبْقَرِيَّاتِ فِي غَدٍ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ ، لَا لِعَجَبٍ ، وَلَا شُهْرَةٍ ، وَلَا غَيْرِهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَالتَّوَسُّطُ فِي الْأُمُورِ أَوْلَى ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِحَسَبِ الْحَالِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ مَوْجُودٍ ، وَلَا يَتَكَلَّفُونَ مَفْقُودًا ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُهْدِيَنَا طَرِيقَهُمْ ، فَأَمَّا الْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحِ فَالْأَشْهَرُ لَا يَحْرُمُ ، عَلَى مَا يَأْتِي ، فِي الْحَجْرِ ، وَتَبَرُّعِ الْمَرِيضِ ، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا ، وَقَدْ سَبَقَ خَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، فَأَمَّا شُكْرُ اللَّهِ فَمُسْتَحَبٌّ ، وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ خِلَافٌ فِي الْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَى الطَّعَامِ فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي اللِّبَاسِ ، ثُمَّ إنْ وَجَبَ فَعَدَمُهُ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ الْمُبَاحَاتِ كَأَكْلٍ وَلُبْسٍ وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ جَاهِلٌ ، ضَالٌّ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالْأَكْلِ مِنْ الطَّيِّبِ ، وَالشُّكْرِ لَهُ ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ ، وَمَنْ أَكَلَ وَلَمْ يَشْكُرْ كَانَ مُعَاقَبًا عَلَى مَا تَرَكَهُ مِنْ فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ ، وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ الطَّيِّبَاتُ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَلَّهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ كَمَا قَالَ : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } الْآيَةُ ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ الْإِنْسَانُ بِالْمُبَاحَاتِ عَلَى الْمَعَاصِي وقَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ

لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ } أَيْ عَنْ الشُّكْرِ ، فَطَالَبَ الْعَبْدَ بِأَدَاءِ شُكْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَاقِبُ إلَّا عَلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ وَفِعْلِ مَحْظُورٍ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَكَرِهَ أَحْمَدُ الزِّيقَ الْعَرِيضَ لِلرَّجُلِ ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا لَا يُكْرَهُ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَلَامِ النَّاظِمِ فِي آدَابِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ إلَّا لِلرَّجُلِ .
وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُخَاطُ لِلنِّسَاءِ هَذِهِ الزِّيقَاتُ الْعِرَاضُ ؟ فَقَالَ إنْ كَانَ شَيْءٌ عَرِيضٌ أَكْرَهُهُ ، هُوَ مُحْدَثٌ ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ وَسَطٌ لَمْ نَرَ بِهِ بَأْسًا ، انْتَهَى ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يُكْرَهُ كَالرَّجُلِ .

يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ أُنْثَى لُبْسِ حَرِيرٍ ( و ) حَتَّى تِكَّةٍ أَوْ شَرَابَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالْمُرَادُ شَرَابَةٌ مُفْرَدَةٌ ، كَشَرَابَةِ الْبَرِيدِ لَا تَبَعًا ، فَإِنَّهَا كَزِرٍّ ، وَعَلَّلَ الْقَاضِي وَالْآمِدِيُّ فَقَطْ إبَاحَةَ كِيسِ الْمُصْحَفِ بِأَنَّهُ يَسِيرُ ، وَيَحْرُمُ افْتِرَاشُهُ ( هـ ) وَاسْتِنَادُهُ إلَيْهِ ( هـ ) وَمَا غَالِبُهُ حَرِيرٌ قِيلَ ظُهُورًا ، وَقِيلَ وَزْنًا ، بِلَا ضَرُورَةٍ ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ ( م 12 - 13 ) وَكَذَا الْخَزُّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ ، وَأَبَاحَهُ أَحْمَدُ ( م ر ) وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لُبْسَةُ الصَّحَابَةِ وَبِأَنَّهُ لَا سَرَفَ فِيهِ وَلَا خُيَلَاءَ ، وَيَحْرُمُ سِتْرُ الْجُدُرِ بِهِ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُكْرَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ ذَكَرَ تَحْرِيمَ لُبْسِهِ فَقَطْ ، وَمِثْلُهُ تَعْلِيقُهُ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِمَا لَا يُنَقِّي كَالْحَرِيرِ النَّاعِمِ ، وَحَرَّمَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالَهُ مُطْلَقًا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِي بُشْخَانَتِهِ ، وَالْخَيْمَةِ ، وَالْبُقْجَةِ ، وَكَمِرَانِهِ ، وَنَحْوُهُ الْخِلَافُ ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ مَنْسُوجٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ، وَقِيلَ فِي الرِّعَايَةِ أَوْ فِضَّةٍ ، وَالْمُمَوَّهُ بِهِ : بِلَا حَاجَةٍ فَيَلْبَسُهُ ، وَالْحَرِيرُ لِحَاجَةِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ وَنَحْوِهِ لِعَدَمٍ ، وَحُكِيَ الْمَنْعُ رِوَايَةً ، وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ يَلْبَسُهُ فِي الْحَرْبِ لِحَاجَةٍ ، وَقَالَ : وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : وَأَرَادَ لِحَاجَةٍ مَا احْتَاجَهُ ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ كَذَا قَالَ ، فَإِنْ اسْتَحَالَ لَوْنُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَقِيلَ مُطْلَقًا أُبِيحَ فِي الْأَصَحِّ ، ( و ) وَقِيلَ الْمَنْسُوجُ بِذَهَبٍ كَحَرِيرٍ كَمَا سَبَقَ ، وَلَهُ لُبْسُ حَرِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِمَرَضٍ وَحَكَّةٍ ( م ر ) وَقِيلَ يُؤَثِّرُ فِي زَوَالِهَا .

مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَيَحْرُمُ مَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ قِيلَ : وَزْنًا وَقِيلَ ظُهُورًا بِلَا ضَرُورَةٍ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ الِاعْتِبَارُ بِمَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ ظُهُورًا أَوْ وَزْنًا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ ، أَحَدُهُمَا مِمَّا غَالِبُهُ ظُهُورًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِذَلِكَ وَزْنًا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13 ) لَوْ اسْتَوَيَا ظُهُورًا وَوَزْنًا فَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالْمُذَهَّبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَابْنِ رَزِينٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالنَّظْمِ ، وَالْفَائِقِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ ، لَكِنْ إنَّمَا أَطْلَقَ فِي الْكُبْرَى فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا وَزْنًا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ ، أَحَدُهُمَا مُحَرَّمٌ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ : الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ : لِأَنَّ النِّصْفَ كَثِيرٌ ، وَلَيْسَ تَغْلِيبُ التَّحْلِيلِ بِأُولَى مِنْ التَّحْرِيمِ ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِبْسُ الْقَسِّيِّ وَالْمُلْحَمِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَالَ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي

الْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرَهُمْ ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمُحَرَّمِ أَوْ مَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ الْبَنَّاءِ بِقَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِلِبْسِ الْخَزَنْقَلَةِ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ .
( تَنْبِيهَاتْ ) الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُبَاحُ ، قَالَ شَيْخُنَا مَعَ الْكَرَاهَةِ .
الثَّانِي قَوْلُهُ : وَكَذَا الْخَزُّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ وَأَبَاحَهُ أَحْمَدَ ، انْتَهَى ، يَعْنِي أَنَّ الْخَزَّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ كَالْحَرِيرِ فِي الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ يَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ إذَا اسْتَوَيَا ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ إبَاحَتُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْآدَابِ وَغَيْرِهِ ، وَتَابَعَ ابْنُ عَقِيلٍ ابْنَ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالسَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ أَيْضًا .
الثَّالِثُ الْخَزُّ مَا عُمِلَ مِنْ صُوفٍ وَإِبْرَيْسَمٍ ، قَالَ فِي الْمُطْلِعِ فِي النَّفَقَاتِ وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مَا عَمَلِ مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَوَبَرٍ طَاهِرٍ ، كَالْأَرْنَبِ وَغَيْرِهِمَا ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ : الْخَزُّ مَا سُدِيَ بِالْإِبْرَيْسَمِ ، وَأُلْحِمَ بِوَبَرٍ ، أَوْ صُوفٍ وَنَحْوِهِ ، لِغَلَبَةِ اللَّحْمَةِ عَلَى الْحَرِيرِ ، انْتَهَى .

وَفِي حَرْبٍ مُبَاحٌ بِلَا حَاجَةٍ فِي رِوَايَةٍ ( و ش ) وَعَنْهُ لَا ، وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ ، وَلَوْ احْتَاجَهُ فِي نَفْسِهِ وَوَجَدَ غَيْرَهُ ، وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ الْقِتَالِ .
( م 14 )

مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَلُبْسُ حَرِيرٍ فِي حَرْبٍ مُبَاحٌ بِلَا حَاجَةٍ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْهُ لَا وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ ، وَلَوْ احْتَاجَهُ فِي نَفْسِهِ وَوَجَدَ غَيْرَهُ ، وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ الْقِتَالِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالْمُذَهَّبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ ، وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا : يُبَاحُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ يُبَاحُ عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَقْوَى ، قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى يُبَاحُ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فِي أَرْجَحِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُبَاحُ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُبَاحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ لِلْإِبَاحَةِ إلَّا الْمَرَضَ ، وَالْحِكَّةَ ، وَعَنْهُ يُبَاحُ مَعَ نِكَايَةِ الْعَدُوِّ بِهِ ، وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْعَدُوِّ وَضَرُورَةٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ ، وَغَيْرِهِ ، وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ الْقِتَالِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ : إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ فِي الْحَرْبِ حَرُمَ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، وَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ كَالْجُنَّةِ لِلْقِتَالِ فَلَا بَأْسَ ، انْتَهَى ، وَقِيلَ يُبَاحُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَقِيلَ يَجُوزُ حَالَ شِدَّةِ الْحَرْبِ ضَرُورَةً ، وَفِي لُبْسِهِ فِي أَيَّامِ الْحَرْبِ بِلَا ضَرُورَةٍ رِوَايَتَانِ ،

وَهَذِهِ طَرِيقَتُهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَجَعَلَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ ، وَقَالَ وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ فِي الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ ، قَالَ وَمَعْنَى الْحَاجَةِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ ، وَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ .

وَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ صَبِيٍّ إلْبَاسُهُ حَرِيرًا أَوْ ذَهَبًا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( هـ ) فَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى فِيهِ لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ .
وَقَالَ سَعِيدٌ : ثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ الْعَوَّامِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ : كَانُوا يُرَخِّصُونَ لِلصَّبِيِّ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ ، فَإِذَا بَلَغَ أَلْقَاهُ هُشَيْمٌ مُدَلِّسٌ .
وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَرِهَ إلْبَاسَ الصِّبْيَانِ الْقَرَامِزَ السُّودَ ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْفِتْنَةِ ، وَقَالَ جَزَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَعْرَ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ ، وَجَنَّبَهُ الزِّينَةَ وَلَهُ حَشْوُ جِبَابٍ وَفُرُشٍ بِحَرِيرٍ ( و ش ) وَقِيلَ : لَا ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً كَبِطَانَةٍ ( و هـ )

وَفِي تَحْرِيمِ كِتَابَةِ الْمَهْرِ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 15 )
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَحْرِيمِ كِتَابَةِ الْمَهْرِ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، إحْدَاهُمَا : لَا يَحْرُمُ ، بَلْ يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، وَتَبِعَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْرُمُ فِي الْأَقْيَسِ ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قُلْت : لَوْ قِيلَ بِالْإِبَاحَةِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيُبَاحُ مِنْهُ الْعَلَمُ إذَا كَانَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ فَأَقَلَّ ( و ) نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي الْوَجِيزِ دُونَهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ ( م 16 ) وَغَيْرِهِ قَدْرُ كَفٍّ ، وَإِنْ كَثُرَ فِي أَثْوَابٍ فَقِيلَ : لَا بَأْسَ بِهِ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَلَبِنَةِ جَيْبٍ ، وَسَجَفِ فِرَاءٍ وَخِيَاطَةٍ بِهِ ، وَالْأَزْرَارِ ، وَيَحْرُمُ بِيَسِيرِ ذَهَبٍ تَبَعًا نَصَّ عَلَيْهِ ، كَالْمُفْرَدِ ( و ) وَعَنْهُ لَا ( و هـ ) اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَحَفِيدُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَيُبَاحُ مِنْهُ الْعَلَمُ إذَا كَانَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ فَأَقَلَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَأَكْثَرَ فِي أَثْوَابٍ ، فَقِيلَ لَا بَأْسَ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى ، أَحَدُهُمَا لَا بَأْسَ ، فَيُبَاحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .

وَقَالَ : يَجُوزُ بَيْعُ حَرِيرٍ لِكَافِرٍ ، وَلُبْسُهُ لَهُ ، لِأَنَّ عُمَرَ بَعَثَ بِمَا أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَخٍ لَهُ مُشْرِكٌ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ التَّحْرِيمُ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ، وَقَالَ عَنْ خِلَافِهِ : قَدْ يَتَوَهَّمُهُ مُتَوَهِّمٌ ؛ بَاطِلٌ ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهَا : وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إبَاحَةُ لُبْسِهِ كَذَا قَالَ ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَعَلَى قِيَاسِهِ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ لِلْكُفَّارِ ، وَإِذَا جَازَ بَيْعُهَا لَهُمْ جَازَ صَبْغُهَا لِبَيْعِهَا مِنْهُمْ ، وَعَمَلُهَا لَهُمْ بِالْأُجْرَةِ ، كَذَا قَالَ .
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ حُذَيْفَةَ لَمَّا اسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِيٌّ فِي إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَمَى بِهِ ، وَقَالَ : إنِّي قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ لَا يَسْقِيَنِي فِيهِ : يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اقْتِنَاءِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ مَعَ تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَجُوسِيِّ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقْرَارِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ فِي أَيْدِي الْمَجُوسِيِّ ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى هَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِم ، وَذَكَرَ عُمُومَ التَّحْرِيمِ .

وَيَحْرُمُ عَلَى الْكُلِّ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يَنْبَغِي ، كَتَعْلِيقِهِ ( و ) وَسِتْرِ الْجُدُرِ بِهِ ( و ) وَتَصْوِيرِهِ ( و ) وَقِيلَ : لَا يَحْرُمُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا رِوَايَةً ، كَافْتِرَاشِهِ ، وَجَعْلِهِ مِخَدًّا فَلَا يُكْرَهُ فِيهِمَا ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { اتَّكَأَ عَلَى مِخَدَّةٍ فِيهَا صُورَةٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ ، قَالَتْ : فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ ، قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مَاذَا أَذْنَبْت ؟ قَالَ : مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ قُلْت اشْتَرَيْتُهَا لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَتَوَسَّدَهَا فَقَالَ إنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّورَةِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيُقَالُ لَهُمْ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَقَالَ : إنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ } وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، عَنْ جَابِرٍ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصُّورَةِ فِي الْبَيْتِ ، وَنَهَى أَنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ } وَإِنْ أُزِيلَ مِنْ الصُّورَةِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ لَمْ يُكْرَهْ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَمِثْلُهُ صُورَةُ شَجَرَةٍ وَنَحْوُهُ ، وَتِمْثَالٌ ، وَكَذَا تَصْوِيرُهُ ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ تَحْرِيمَ التَّصْوِيرِ .
وَفِي الْوَجِيزِ يَحْرُمُ التَّصْوِيرُ ( خ ) وَاسْتِعْمَالُهُ ، وَكَرِهَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ الصَّلَاةَ عَلَى مَا فِيهِ صُورَةٌ .
وَفِي الْفُصُولِ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ صُورَةٌ ، وَلَوْ عَلَى مَا يُدَاسُ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ } وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ هُنَا ظَاهِرٌ ، وَبَعْضُهُ صَرِيحٌ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهِ ، تَخْصِيصًا لِلنَّهْيِ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ فِي تَخْصِيصِ الْأَخْبَارِ .
وَفِي

تَتِمَّةِ الْخَبَرِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ { وَلَا كَلْبٌ ، وَلَا جُنُبٌ } إسْنَادُهُ حَسَنٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُ بَعْضِهِمْ الْمُرَادُ كَلْبٌ مَنْهِيٌّ عَنْ اقْتِنَائِهِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ نَهْيًا ، كَرِوَايَةِ النَّسَائِيّ عَنْ سُلَيْمَان بْنِ بَابَيْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا { لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جَرَسٌ ، وَلَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ } سُلَيْمَانَ تَفَرَّدَ عِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ ، وَكَذَا الْجُنُبُ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَوَضَّأَ .
وَفِي الْإِرْشَادِ الصُّوَرُ وَالتَّمَاثِيلُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُ فِي الْأَسِرَّةِ وَالْجُدَرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، إلَّا أَنَّهَا فِي الرَّقْمِ أَيْسَرُ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يُكْرَهُ صُورَةٌ بِسِتْرٍ ، أَوْ حَائِطٍ ؛ لَا صُورَةُ شَجَرٍ ، وَيُكْرَهُ الصَّلِيبُ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ ، وَيَحْتَمِلُ تَحْرِيمُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، نَقَلَ صَالِحٌ ،

وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ ، وَالْمُعَصْفَرِ ، وَالْأَحْمَرِ الْمُصْمَتِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَنَقَلَهُ الْأَكْثَرُ فِي الْمُزَعْفَرِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ ( و م ) وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا تَحْرِيمَ الْمُزَعْفَرِ لَهُ ( و هـ ش ) وَقِيلَ : يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ ، أَوْ بِمُعَصْفَرٍ ، أَوْ مُسْبِلًا وَنَحْوُهُ ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا الْمَعْنَى ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْمُعَصْفَرَ لِلرَّجُلِ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً ، قَالَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : { رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ : أُمُّك أَمَرَتْك بِهَذَا ؟ قُلْتُ أَغْسِلُهُمَا ؟ قَالَ بَلْ احْرِقْهُمَا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَهُ أَيْضًا { إنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهُمَا } وَمَذْهَبُ ( هـ م ش ) لَا يُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ ، وَكَذَا الْأَحْمَرُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَالْمَذْهَبُ يُكْرَهُ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُكْرَه لِلْمَرْأَةِ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً لِغَيْرِ زِينَةٍ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ ، قَالَ : وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ آلُ قَارُونَ ، أَوْ آلُ فِرْعَوْنَ ، وَحَمَلَ الْخَلَّالُ النَّهْيَ عَنْ التَّزَعْفُرِ عَلَى بَدَنِهِ فِي صَلَاتِهِ ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى التَّطَيُّبِ بِهِ ، وَالتَّخَلُّقِ بِهِ ، لِأَنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَ رِيحُهُ ، قَالَ شَيْخُنَا : بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ، أَوْ عَدَمُ الثَّوَابِ فَقَطْ

وَالصُّوفُ مُبَاحٌ ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَكَرِهَ التَّخْصِيصَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، مِنْهُمْ الثَّوْرِيُّ .
وَالْبَيَاضُ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا وَيُبَاحُ الْكَتَّانُ إجْمَاعًا ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بَاطِلٌ ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ كَرِهَهُ لِلرَّجُلِ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِبْسُ سَوَادٍ لِلْجُنْدِ ، وَقِيلَ فِي غَيْر حَرْبٍ ، وَقِيلَ إلَّا لِمُصَابٍ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَحْرِقُهُ الْوَصِيُّ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ لِبَاسُ الْجُنْدِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ وَالظَّلَمَةِ ، وَلَمْ يَرُدَّ أَحْمَدُ سَلَامَ لَابِسِهِ .

وَفِي كَرَاهَةِ الطَّيْلَسَانِ وَجْهَانِ ( م 17 )
مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَفِي كَرَاهَةِ الطَّيْلَسَانِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَكَرِهَ السَّلَفُ الطَّيْلَسَانَ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ ، وَهُوَ الْمُقَوَّرُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لُبْسُ الطَّيْلَسَانِ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِهِ ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مَعَ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا مُطَيْلَسِينَ مِنْ يَهُودَ أَصْبَهَانَ ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُكْرَهُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُكْرَهُ الْمُقَوَّرُ وَالْمُدَوَّرُ ، وَقِيلَ ، وَغَيْرُهُمَا غَيْرُ الْمُرَبَّعِ .

وَيُسَنُّ الرِّدَاءُ ، وَقِيلَ يُبَاحُ ، كَفَتْلِ طَرَفِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيُّ فِيهِ يُكْرَهُ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَيُسَنُّ إرْخَاءُ ذُؤَابَةٍ خَلْفَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : إطَالَتُهَا كَثِيرًا مِنْ الْإِسْبَالِ .
وَقَالَ الْآجُرِّيُّ : وَإِنْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَحَسَنٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ، وَعَلِيٍّ ، وَيُسَنُّ السَّرَاوِيلُ وَفِي التَّلْخِيصِ لَا بَأْسَ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : وَفِي مَعْنَاهُ التُّبَّانُ ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ خِلَافًا لِلرِّعَايَةِ ، قَالَ أَحْمَدُ : السَّرَاوِيلُ أَسْتُرُ مِنْ الْإِزَارِ ، وَلِبَاسُ الْقَوْمِ كَانَ الْإِزَارُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، خِلَافًا لِلرِّعَايَةِ ، وَسَبَقَ حُكْمُ الرِّدَاءِ ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا : الْأَفْضَلُ مَعَ الْقَمِيصِ السَّرَاوِيلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ ، وَسَبَقَ كَلَامُهُ فِي بَابِ السِّوَاكِ ، وَرَوَى أَحْمَدُ ثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ : { خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ الْخَبَرَ وَفِيهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَتَّزِرُونَ .
فَقَالَ : تَسَرْوَلَوا وَاتَّزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ } ، حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَالْقَاسِمُ وَثَّقَهُ الْأَكْثَرُ ، وَحَدِيثه حَسَنٌ ، وَقَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ ضَعِيفٌ بِمُرَّةٍ : فِيهِ نَظَرٌ .
وَفِي كِتَابِ اللِّبَاسِ لِلْقَاضِي يُسْتَحَبُّ لِبْسُ الْقَمِيصِ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ { كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمِيصَ ، } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ مِنْ الرِّدَاءِ ، مَعَ الْإِزْرَارِ وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَدِيدِ وَالْعَتِيقِ ، وَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ

الْمُحَافَظَةُ عَلَى شَيْءٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ ، كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمُلَقَّبُ بِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبَدًا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ جَدِيدَةٍ : سَرَاوِيلُهُ ، وَمَدَاسُهُ ، وَخِرْقَةٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا ، كَذَا قَالَ .

وَيُبَاحُ الْقَبَاءُ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : وَلَوْ لِلنِّسَاءِ ، وَالْمُرَادُ وَلَا تَشَبُّهَ ، وَنَعْلُ خَشَبٍ ، وَنَقَلَ فِيهِ حَرْبٌ لَا بَأْسَ لِضَرُورَةٍ ، وَمَا حُرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حُرُمَ بَيْعُهُ ، وَخِيَاطَتُهُ ، وَأُجْرَتُهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالْأَمْرُ بِهِ كَبَيْعِ عَصِيرٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عَلَى مَا يَأْتِي ، وَيُكْرَهُ لِبْسُهُ وَافْتِرَاشُهُ جِلْدًا مُخْتَلَفًا فِي نَجَاسَتِهِ ، وَقِيلَ لَا ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ لِعُمُومِ النَّهْيِ ، لَا لِبْسِهِ فَقَطْ ( م ) وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا إنْ طَهُرَ بِدَبْغِهِ لَبِسَهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ ، وَلَهُ إلْبَاسُهُ دَابَّةً ، وَقِيلَ مُطْلَقًا ، كَثِيَابٍ نَجِسَةٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ جِلْدُ كَلْبٍ لِإِبَاحَتِهِ فِي الْحَيَاةِ فِي الْجُمْلَةِ ، لَا جِلْدَ خِنْزِيرٍ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ أَبِي الْوَفَاءِ أَنَّهُ خَرَجَ إلْبَاسُهَا ( أَيْ الدَّابَّةِ ) جِلْدَ الْمَيْتَةِ ، قَبْلَ دَبْغِهِ ، وَبَعْدَهُ ، إذَا لَمْ يَطْهُرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ ، وَإِنْ لَبِسَهُ لِنَفْسِهِ يُكْرَهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ كَثَوْبٍ نَجِسٍ ، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي كَجِلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ .

، وَيَحْرُمُ إلْبَاسُهَا ( أَيْ الدَّابَّةِ ) ذَهَبًا وَفِضَّةً ، وَقَالَ شَيْخُنَا وَحَرِيرًا .

وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ بِلَا حَاجَةٍ ، وَنَصُّهُ وَلَوْ يَسِيرًا لِإِصْلَاحِ الْأُخْرَى ، خِلَافًا لِلْقَاضِي ، وَالْفُصُولِ ، وَالْغُنْيَةِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، .
وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ { إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا } وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِيهِ " وَلَا خُفٍّ وَاحِدٍ " وَمَشَى عَلِيٌّ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ ، وَعَائِشَةُ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ .
رَوَاهُمَا سَعِيدٌ وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : وَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي ، وَدَلِيلُ الرُّخْصَةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ مَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ ، وَالْأُخْرَى فِي يَدِهِ حَتَّى يَجِدَ شِسْعًا } ، وَأَحْسَبُ هَذَا لَا يَصِحُّ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَالْمُرَادُ لِأَنَّهُ مِنْ الشُّهْرَةِ ، وَيُسَنُّ كَوْنُ النَّعْلِ أَصْفَرَ ، وَالْخُفِّ أَحْمَرَ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ أَصْحَابِنَا أَوْ أَسْوَدَ ، وَأَنْ يُقَابِلَ بَيْنَ نَعْلَيْهِ ، .
{ وَكَانَ لِنَعْلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِبَالَانِ } بِكَسْرِ الْقَافِ ، وَهُوَ السَّيْرُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَفِي الْمُخْتَارِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَأَبُو دَاوُد ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا { اسْتَكْثِرُوا مِنْ النِّعَالِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ } قَالَ الْقَاضِي : يَدُلُّ عَلَى تَرْغِيبِ اللُّبْسِ لِلنِّعَالِ ، وَلِأَنَّهَا قَدْ تَقِيهِ الْحَرَّ ، وَالْبَرْدَ ، وَالنَّجَاسَةَ ، وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمِيرًا بِمِصْرَ قَالَ لَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ : لَا أَرَى عَلَيْك حِذَاءً ، قَالَ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا } ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

، وَيُرْوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ ، وَاسْتَحَبَّ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ الصَّلَاةَ فِي النَّعْلِ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ الْأَوْلَى حَافِيًا ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الِاسْتِحْبَابَ ، وَعَدَمَهُ ، لِلْخَبَرَيْنِ .

وَفِي كَرَاهَةِ الِانْتِعَالِ قَائِمًا رِوَايَتَانِ ( م 18 ) لِاخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي صِحَّةِ الْأَخْبَارِ ، وَصَحَّحَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْكَرَاهَةَ ، وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ يَلْبَسُ ذَلِكَ وَيُجَدِّدُ الْعِمَامَةَ كَيْفَ شَاءَ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ يُكْرَهُ لُبْسُ الْخُفِّ ، وَالْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ قَائِمًا ، لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ كَشْفِ الْعَوْرَةِ ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى ، وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ يَنْقُضُ الْعِمَامَةَ كَمَا لَفَّهَا .
مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَفِي كَرَاهَةِ الِانْتِعَالِ قَائِمًا رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَبِعْهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى ، إحْدَاهُمَا : يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْآدَابِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ : لَا يَنْتَعِلُ قَائِمًا ، زَادَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَالْأَثْرَمِ ، الْأَحَادِيثُ فِيهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخَرِ بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُكْرَهُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي آدَابِهِمَا : وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الِانْتِعَالُ قَائِمًا ، مَعَ التَّحَرُّزِ مِنْهُ ، قَالَ النَّاظِمُ فِي آدَابِهِ : وَلَا تَكْرَهَنَّ الشُّرْبَ مِنْ قَائِمٍ وَلَا انْتِعَالَ الْفَتَى فِي الْأَظْهَرِ الْمُتَأَكَّدِ .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالِ : سَأَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ الِانْتِعَالِ قَائِمًا قَالَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ الْقَاضِي : فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ ضَعَّفَ الْأَحَادِيثَ فِي النَّهْيِ ، وَالصَّحِيحُ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ ، يَعْنِي مِنْ الْكَرَاهَةِ ، فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَ مُعْظَمُهَا بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى .

وَيَحْرُمُ تَشَبُّهُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ ، وَعَكْسُهُ فِي لِبَاسٍ ، وَغَيْرِهِ ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِلَعْنِ فَاعِلِ ذَلِكَ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُكْرَهُ ، وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَصِيرَ لِلْمَرْأَةِ مِثْلُ ثَوْبِ الرِّجَالِ ، وَيَأْتِي فِي زَكَاةِ الْأَثْمَانِ ، وَيُكْرَهُ نَظَرُ مَلَابِسِ الْحَرِيرِ ، وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، إنْ رَغِبَهُ فِي التَّزَيُّنِ بِهَا ، وَالْمُفَاخَرَةِ ، وَحَرَّمَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَقَالَ : وَالتَّفَكُّرُ الدَّاعِي إلَى صُوَرِ الْمَحْظُورِ مَحْظُورٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ تَفَكُّرَ الصَّائِمِ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِدَامَةُ رِيحِ الْخَمْرِ كَاسْتِمَاعِ الْمَلَاهِي ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِالشَّرَابِ فِي مَجْلِسِهِ ، وَآنِيَتِهِ ، لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ ، وَقَالَ فِي مُنَاظَرَاتِهِ : مَعْلُومٌ أَنَّ التَّشَبُّهَ بِالْعَجَمِ لَا يَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِلتَّحْرِيمِ ، وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ بِهَذَا الْخَبَرِ ، وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
{ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ } عَلَى تَحْرِيمِ إنَاءٍ مُفَضَّضٍ ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ : يُكْرَهُ لُبْسُ مَا يُشْبِهُ زِيَّ الْكُفَّارِ دُونَ الْعَرَبِ ، وَقَالَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا : { مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ، قَالَ شَيْخُنَا : أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ .
وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي كُفْرَ الْمُتَشَبِّهِ بِهِمْ ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } قِيلَ : ( مَنْ يَتَوَلَّهُمْ ) فِي الدَّيْنِ ( فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) فِي مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ { لَا تَجِدُ قَوْمًا } الْآيَةُ أَنَّ اللَّهَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْإِيمَانَ يَفْسُدُ بِمَوَدَّةِ الْكُفَّارِ ، وَإِنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَمْ يُوَالِ كَافِرًا وَلَوْ كَانَ قَرِيبُهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا بِذَلِكَ ، وَكَانَ

الْمَرُّوذِيُّ مَعَ أَحْمَدَ بِالْعَسْكَرِ فِي قَصْرٍ فَأَشَارَ إلَى شَيْءٍ عَلَى الْجِدَارِ قَدْ نُصِبَ ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ : لَا تَنْظُرْ إلَيْهِ ، قَالَ قُلْت " فَقَدْ نَظَرْت إلَيْهِ " قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ ، لَا تَنْظُرْ إلَيْهِ ، قَالَ : وَسَمِعْته يَقُولُ : تَفَكَّرْت فِي هَذِهِ الْآيَةِ { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْك إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّك خَيْرٌ وَأَبْقَى } قَالَ : رِزْقُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ خَيْرٌ ، قَالَ وَلَا تَهْتَمَّ لِرِزْقِ غَدٍ ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : وَذَكَرْت رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ : أَنَا أَشَرْت بِهِ أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ حُبَّهُ لِلدُّنْيَا ، وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرَهُ ، وَقَالَ : كَمْ تَمَتَّعُوا مِنْ الدُّنْيَا إنِّي لِأَعْجَب مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ حِرْصَهُمْ عَلَى الدُّنْيَا ، قَالَ وَذَكَرْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ ، فَقَالَ : إنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ أَنْ لَيْسَ زِيُّهُ زِيَّ النُّسَّاكِ ، قَالَ : ابْنُ الْجَوْزِيِّ : قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ : مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ " إنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّك ، وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيك ، وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّك ، فَأَشْبِعْ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِك ، وَإِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ " ، وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ الْإسْفَرايِينِيّ ، وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ، أَمَّا بَعْدُ " فَاتَّزِرُوا وَارْتَدَوْا ، وَأَلْقَوْا الْخِفَافَ ، وَالسَّرَاوِيلَاتِ ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إسْمَاعِيلَ ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ ، فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ ، وَتَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا ، وَاقْطَعُوا الرَّكْبَ ، وَاتَّزِرُوا ، وَارْمُوا الْأَعْرَاضَ " [ زِيٌّ

بِكَسْرِ الزَّايِ وَلَبُوسُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْبَاءِ ] وَرَوَاهُ أَحْمَدُ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ ، ثَنَا عَاصِمٌ وَهُوَ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : اتَّزَرُوا وَارْتَدُّوا وَانْتَعِلُوا ، وَأَلْقَوْا الْخِفَافَ ، وَالسَّرَاوِيلَاتِ .
وَأَلْقَوْا الرَّكْبَ ، وَانْزُوا نَزْوًا وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعِدِيَّةِ وَارْمُوا الْأَعْرَاضَ ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ " حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَقَوْلُهُ : وَانْزُرُوا ، أَيْ ثِبُوا وَثْبًا ، وَالْمَعِدِيَّةُ اللُّبْسَةُ الْحَسَنَةُ ، إشَارَةٌ إلَى مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ عَنْ أَبِي حَدْرَدَ الْأَسْلَمِيِّ مَرْفُوعًا { تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا } وَعَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا " اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي : أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، اهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ { قُلْت : مَا هَدْيُ عَمَّارٍ ؟ قَالَ : الْقُشْفُ ، وَالتَّشْمِيرُ } رَوَى أَوَّلَهُ ابْنُ مَاجَهْ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَحَسَّنَهُ ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ .
وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ غَيْرُهُ : وَهُوَ ثِقَةٌ ، وَعَنْ مُعَاذٍ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ قَالَ إيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ ، فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِمُتَنَعِّمِينَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ : الْآفَةُ فِي التَّنَعُّمِ مِنْ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا أَنَّ الْمُشْتَغِلَ لَا يَكَادُ يُوَفِّي التَّكْلِيفَ حَقَّهُ ، الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْأَكْلِ يُورِثُ الْكَسَلَ ، وَالْغَفْلَةَ ، وَالْبَطَرَ ، وَالْمَرَحَ ، وَمِنْ اللِّبَاسِ مَا يُوجِبُ لِينَ الْبَدَنِ ، فَيَضْعُفُ عَنْ عَمَلٍ شَاقٍّ ، وَيَضُمُّ ضِمْنَهُ الْخُيَلَاءَ ، وَمِنْ ( حَيْثُ ) النِّكَاحِ يُضْعِفُ عَنْ أَدَاءِ اللَّوَازِمِ ، الثَّالِثُ أَنَّ مَنْ أَلِفَه صَعُبَ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ ، فَيَفْنَى زَمَانُهُ فِي اكْتِسَابِهِ ، خُصُوصًا فِي النِّكَاحِ ، فَإِنَّ الْمُتَنَعِّمَةَ تَحْتَاجُ إلَى أَضْعَافِ مَا

تَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُهَا ، قَالَ : وَالْإِشَارَةُ بِزِيِّ أَهْلِ الشِّرْكِ إلَى مَا يَتَفَرَّدُونَ بِهِ ، فَنَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ ، بَلْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : يَنْبَغِي غَضُّ الْبَصَرِ عَنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي ، وَالظُّلْمِ ، وَزَخَارِفِ الدُّنْيَا ، وَمَا يُحَبِّبُهَا إلَى الْقَلْبِ ، وَيَأْتِي فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ ، وَدَفْنِهِ ، وَزَكَاةِ الْأَثْمَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّبَاسِ ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا { إذَا لَبِسْتُمْ وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِأَيْمَانِكُمْ } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ : عِمَامَةً ، أَوْ قَمِيصًا ، أَوْ رِدَاءً ، ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ ، أَنْتَ كَسَوْتنِيهِ ، أَسْأَلُك خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَحَسَّنَهُ وَعَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا : { مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ } ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَالْحَاكِمُ .
وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ ، وَعِنْدَهُمْ أَيْضًا { مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا هَذَا } وَذَكَرُوهُ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَلَمْ أَجِدْ عِنْدَهُمْ " وَمَا تَأَخَّرَ " وَإِسْنَادُ هَذَا الْخَبَرِ لَيِّنٌ ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ حَسَنٌ وَهُوَ إلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ

طَهَارَةُ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَطَهَارَةُ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ وَبُقْعَتِهِ مَحَلِّ بَدَنِهِ وَالْمَذْهَبِ وَثِيَابِهِ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ شَرْطٌ ( وَ ) كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ ( ع ) وَعَنْهُ وَاجِبٌ .
وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ فُرِضَتْ قَبْلَ التَّيَمُّمِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ ، وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ فِي قِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي النِّيَّةِ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اعْتَرَضُوا بِهَذَا ، وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مَسْأَلَةَ النِّيَّةِ لِلْوُضُوءِ ، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " أُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ " ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّهَا آيَةُ الْمَائِدَةِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ ، وَهِيَ آيَةُ الْوُضُوءِ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } إلَخْ مَائِدَةُ أَوْ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } إلَخْ نِسَاءُ لَيْسَ التَّيَمُّمُ مَذْكُورًا فِي غَيْرِهِمَا ، وَهُمَا مَدَنِيَّتَانِ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ : لَا يُعْلَمُ أَيَّةُ آيَةٍ عَنَتْ عَائِشَةَ بِقَوْلِهَا فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ ، قَالَ : وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَلَا مَفْعُولًا لَهُمْ .
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ : مَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ ، كَمَا أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ اُفْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ لَمْ يُصَلِّ إلَّا بِوُضُوءٍ مِثْلَ وُضُوئِنَا الْيَوْمَ ، قَالَ : فَدَلَّ أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ إنَّمَا نَزَلَتْ لِيَكُونَ فَرْضُهَا الْمُتَقَدِّمُ مَتْلُوًّا فِي التَّنْزِيلِ ، وَفِي قَوْلِهَا فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ ، وَلَمْ تَقُلْ آيَةَ الْوُضُوءِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ

فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُكْمَ التَّيَمُّمِ ، لَا حُكْمَ الْوُضُوءِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الشِّفَاءِ : ذَهَبَ ابْنُ الْجَهْمِ إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَانَ سُنَّةً ، ثُمَّ نَزَلَ فَرْضُهُ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ .
وَقَالَ الْجُمْهُورُ : بَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْضًا ، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا ، وَالْجُمْهُورِ وَكَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ ؛ وَلِهَذَا قَالَتْ عَنْ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي طَلَبِ الْقِلَادَةِ " فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلُّوا بِغَيْرِ وُضُوءٍ : فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ " ، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ التَّيَمُّمِ بَدَلًا وَاجِبًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وُجُوبُ الْمُبْدَلِ ، وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا ، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا : { أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ الْمَاءِ فَنَضَحَ بِهَا فَرْجَهُ } وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عَنْ أُسَامَةَ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ رُشْدِ بْنِ سَعْدٍ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْخَبَرِ أَصْلًا ، وَنِسْبَةُ هَذَا إلَى أَحْمَدَ يُخَرَّجُ عَلَى أَنَّ مَا رَوَاهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ : هَلْ يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ ؟ وَسَبَقَ فِيهِ فِي الْخُطْبَةِ وَجْهَانِ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي فَصْلِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا مِنْ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ إنَّمَا هُوَ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا : { مَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا فَذَلِكَ وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي } إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا ، وَزَادَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَغَيْرُهُ فِي آخِرِهِ : { وَوُضُوءُ خَلِيلِي إبْرَاهِيمَ } .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ وَلَفْظُهُ فِي آخِرِهِ { وَوُضُوءُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ } إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ،

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : غَيْرُ ثَابِتٍ ، وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَوَضَّأَ ثَلَاثًا وَقَالَ : هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْمُرْسَلِينَ قَبْلِي } إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ ، وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الْوُضُوءُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأَمَةِ ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَتْنُ حَسَنًا لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا التَّيَمُّمَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأَمَةِ ، لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ ، فَدَلَّ أَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ كَذَلِكَ .
وَقَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ : { أَنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ } أَنَّهُمْ امْتَازُوا بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ ، لَا بِالْوُضُوءِ ، وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا ، لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِاتِّبَاعِهِمْ بِمَكَّةَ فِي قَوْلِهِ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ } وَفِي قَوْلِهِ : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْك أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا } وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : قَدْ يَجُوزُ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ يَتَوَضَّئُونَ فَيَكْتَسِبُونَ بِذَلِكَ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ ، وَلَا يَتَوَضَّأُ أَتْبَاعُهُمْ ، كَمَا جَاءَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : " أَجِدُ أُمَّةً كُلُّهُمْ كَالْأَنْبِيَاءِ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي " قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ ، قَالَ : وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَائِرَ الْأُمَمِ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ ، وَلَا أَعْرِفُهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَوْ جَهِلَ الْحَدَثَ أَوْ نَسِيَ وَصَلَّى لَمْ يَصِحَّ ، ذَكَرُوهُ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ( وَ ) لِأَنَّهَا آكَدُ ، لِأَنَّهَا فِعْلٌ ، وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا .
وَفِي أَحْكَامِ الْآمِدِيِّ الشَّافِعِيِّ فِي تَفْسِيرِ الْأَجْزَاءِ بِالِامْتِثَالِ أَوْ سُقُوطِ الْقَضَاءِ : لَا يُعِيدُ عَلَى قَوْلٍ لَنَا ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أُصُولِهِ ، فَقَالَ : وَأُجِيبَ بِالسُّقُوطِ لِلْخِلَافِ ، وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَوَّلُ الْفَصْلِ الْأَخِيرِ مِنْ صِفَةِ الصَّلَاةِ .
وَأَمَّا اجْتِنَابُ النَّجَاسَةِ فَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَثِيَابَك فَطَهِّرْ } قَالَ ابْنُ سِيرِينَ ، وَابْنُ زَيْدٍ اغْسِلْهَا بِالْمَاءِ ، وَنَقِّهَا ، وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ فِيهَا ، فَيَكُونُ شَرْطًا بِمَكَّةَ ، { وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سَاجِدًا فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ ، فَجَاءَ بِسَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ وَدَمِهَا وَفَرْثِهَا فَطَرَحَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، حَتَّى أَزَالَتْهُ فَاطِمَةُ } ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَتَى بِدَمِهَا ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ ، لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ ، وَلَعَلَّ الْخَمْسَ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ ، وَالْأَمْرُ بِتَجَنُّبِ النَّجَاسَةِ مَدَنِيٌّ مُتَأَخِّرٌ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ احْتَجَّتْ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَثِيَابَك فَطَهِّرْ } وَلَمْ يُفَرِّقْ ، فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ قِيلَ : مَعْنَاهُ قَلْبَك ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ قَصِّرْ ، قَالَ : مَعَ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ ، وَخَبَرُنَا خَاصٌّ ، وَالْخَاصُّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ .
فَصْلٌ فَعَلَى رِوَايَةِ : وُجُوبِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا ، وَعَلَى الْأُولَى تَصِحُّ صَلَاةُ جَاهِلٍ بِهَا ، أَوْ نَاسٍ حَمَلَهَا ، أَوْ لَاقَاهَا ( هـ ش

) وَالْأَشْهَرُ الْإِعَادَةُ ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَغَيْرُهُمَا فِي نَاسٍ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَكَذَا إنْ عَجَزَ ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ : أَوْ زَادَ مَرَضُهُ بِتَحْرِيكِهِ ، أَوْ نَقْلِهِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ؛ أَوْ احْتَاجَهُ لِحَرْبٍ .
وَفِي الرِّعَايَةِ أَوْ جَهْلِ حُكْمِهَا ، وَكَذَا إنْ عَلِمَهَا فِي صَلَاتِهِ ، وَقِيلَ : تَبْطُلُ ، فَإِنْ لَمْ تُزَلْ إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ أَوْ فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ بَطَلَتْ ، وَقِيلَ : يَبْنِي .

وَإِنْ حَمَلَ بَيْضَةً مَذِرَةً ، أَوْ عُنْقُودًا حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا فَقِيلَ : يَصِحُّ لِلْعَفْوِ عَنْ نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ ( و ) كَالْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ ( وَ ) وَجَوْفُ الْمُصَلِّي ، وَسَبَقَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ لَهُ ، وَقِيلَ : لَا ، كَقَارُورَةٍ ، أَوْ آجُرَّةٍ بَاطِنُهَا نَجِسٌ ( م 1 ) وَإِنْ مَسَّ ثَوْبُهُ ثَوْبًا أَوْ حَائِطًا نَجِسًا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَيْهِ أَوْ قَابَلَهَا رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَمْ يُلَاقِهَا ( وَ ) أَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمَرًا ( وَ ) أَوْ جَهِلَ كَوْنَهَا فِي الصَّلَاةِ ( وَ ) أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فَأَزَالَهَا ، أَوْ زَالَتْ سَرِيعًا ( وَ ) صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ طِينًا نَجِسًا ، أَوْ بَسَطَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا ، أَوْ غَسَلَ وَجْهٌ آخَرُ نَجِسٌ صَحَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَ ) كَسَرِيرٍ تَحْتَهُ نَجَسٌ ، أَوْ عُلُوٍّ سُفْلُهُ غَصْبٌ ، وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَحَيَوَانٌ نَجِسٌ كَأَرْضٍ ، وَقِيلَ تَصِحُّ ، وَكَذَا مَا وُضِعَ عَلَى حَرِيرٍ يَحْرُمُ جُلُوسُهُ عَلَيْهِ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، فَيُتَوَجَّهُ إنْ صَحَّ جَازَ جُلُوسُهُ ، وَإِلَّا فَلَا { وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَى خَيْبَرَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ : هُوَ غَلَطٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، وَالْمَعْرُوفُ صَلَاتُهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْبَعِيرِ ، لَكِنَّهُ مِنْ فِعْلِ أَنَسٍ ، وَيَصِحُّ عَلَى طَاهِرٍ مِنْ بِسَاطٍ طَرَفُهُ نَجَسٌ ( وَ ) أَوْ عَلَى حَبْلٍ بِطَرَفِهِ نَجَاسَةٌ ، وَالْمَذْهَبُ وَلَوْ تَحَرَّكَ النَّجِسُ بِحَرَكَتِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَنْجَرُّ مَعَهُ ( و ش ) وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ أَوْ وَسَطُهُ شَيْءٌ مَشْدُودٌ فِي نَجَسٍ ، أَوْ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ فِيهَا نَجَاسَةٌ تَنْجَرُّ مَعَهُ إذَا مَشَى لَمْ تَصِحُّ ، كَحَمْلِهِ مَا يُلَاقِيهَا ، وَإِلَّا صَحَّتْ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَتْبِعٍ لَهَا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَقَالَ : كَمَا لَوْ أَمْسَكَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ عَلَيْهَا نَجَاسَةٌ ، أَوْ سَفِينَةً عَظِيمَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ ، كَذَا

قَالَ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : إنْ كَانَ الشَّدُّ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ مِمَّا لَا يُمْكِنُ جَرُّهُ مَعَهُ كَالْفِيلِ لَمْ يَصِحَّ ، كَحَمْلِهِ مَا يُلَاقِيهَا ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهَا حَبْلٌ بِيَدِهِ طَرَفُهُ عَلَى نَجَاسَةٍ يَابِسَةٍ ، وَأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ الصِّحَّةُ ، وَلِهَذَا أَحَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا عَلَيْهَا ، تَسْوِيَةً بَيْنَهَا ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَلِهَذَا جَزَمَ فِي الْفُصُولِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِحَمْلِهِ لِلنَّجَاسَةِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا لَا يَنْجُسُ يَصِحُّ لَوْ انْجَرَّ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ خِلَافُهُ ، وَهُوَ أَوْلَى .
بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ، وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ حَمَلَ بَيْضَةً مَذِرَةً ، أَوْ عُنْقُودًا حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا ، فَقِيلَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ ، لِلْعَفْوِ عَنْ نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ ، كَالْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ ، وَجَوْفِ الْمُصَلِّي ، وَقِيلَ لَا تَصِحُّ ، كَقَارُورَةٍ ، أَوْ آجُرَّةٍ بَاطِنُهَا نَجِسٌ انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ لَوْ حَمَلَ بَيْضَةً فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ وَجْهَانِ ، وَلَمْ أَرَ مَسْأَلَةَ الْعُنْقُودِ إلَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَقَدْ حَكَمَ بِأَنَّهَا كَالْبَيْضَةِ ، إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ ، وَمَال إلَيْهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، فَإِنَّهُ قَاسَ الْبَيْضَةَ الْمَذِرَةَ عَلَى الْقَارُورَةِ ، وَقَالَ : بَلْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِحُّ صَلَاتُهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَسَبَقَ فِي الْبَابِ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ، إنَّمَا سَبَقَ هَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ قَبْلَهُ سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ ، أَوْ حَصَلَ ذُهُولٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَوْ جَبَرَ كَسْرًا لَهُ بِعَظْمٍ نَجَسٍ فَجُبِرَ قُلِعَ ، فَإِنْ خَافَ ضَرَرًا فَلَا ، عَلَى الْأَصَحِّ ( ق ) لِخَوْفِ التَّلَفِ ( و ) وَإِنْ لَمْ يُغَطِّهِ لَحْمٌ تَيَمَّمَ لَهُ ، وَقِيلَ لَا ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَلْزَمُهُ قَلْعُهُ قُلِعَ ( ش ) وَأَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ ، مَا لَمْ يُغَطِّهِ لَحْمٌ ، لِلْمُثْلَةِ ، وَإِنْ أَعَادَ سِنَّهُ بِحَرَارَتِهَا فَعَادَتْ فَطَاهِرَةٌ ، وَعَنْهُ نَجِسَةٌ ، كَعَظْمٍ نَجِسٍ ، وَلَا يَلْزَمُ شَارِبَ خَمْرٍ قَيْءٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و هـ م ) وَيُتَوَجَّهُ يَلْزَمُهُ ( و ش ) لِإِمْكَانِ إزَالَتِهَا ، وَادَّعَى فِي الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَأَمَّا عَدَمُ قَبُولِهَا فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِنَفْيِ ثَوَابِهَا ، لَا صِحَّتِهَا ، لِقَوْلِهِ فِي خَبَرٍ آخَرَ { لَمْ يُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَفِي لَفْظِهِ { نَجُسَتْ صَلَاتُهُ } وَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا فِي مَسَائِلَ الِامْتِحَانِ : إذَا قِيلَ مَا شَيْءٌ فِعْلُهُ مُحَرَّمٌ ، وَتَرْكُهُ مُحَرَّمٌ ، فَالْجَوَابُ إنَّهَا صَلَاةُ السَّكْرَانِ : فِعْلُهَا مُحَرَّمٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ، وَتَرْكُهَا مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ كَمَا نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَقَالَهُ ( ش ) وَغَيْرُهُ ، وَخَالَفَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ .

فَصْلٌ وَلَا تَصِحُّ ، فِي الْمَقْبَرَةِ ، وَالْحَمَّامِ ، وَالْحَشِّ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ : وَأَحَدُهَا ، عَطَنٌ ( بِفَتْحِ الطَّاءِ ) وَهِيَ الْمَعَاطِنُ وَأَحَدُهَا مَعْطِنٌ ( بِكَسْرِهَا ) وَهِيَ مَا تُقِيمُ فِيهِ ، وَتَأْوِي إلَيْهِ ، قَالَهُ أَحْمَدُ ، وَقِيلَ مَكَانُ اجْتِمَاعِهَا إذَا صَدَرَتْ عَنْ الْمَنْهَلِ ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَمَا تَقِفُ فِيهِ لِتَرِدَ الْمَاءَ ، وَزَادَ الشَّيْخُ بَعْدَ كَلَامِ أَحْمَدَ : وَقِيلَ مَا تَقِفُ لِتَرِدَ فِيهِ الْمَاءَ ، قَالَ : وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي مُقَابِلَةِ مَرَاحِ الْغَنَمِ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ، ثُمَّ الثَّانِيَ ، وَأَبْطَلَهُ بِمَا أَبْطَلَهُ بِهِ الشَّيْخُ لَا نُزُولُهَا فِي سَيْرِهَا قَالَ جَمَاعَةٌ أَوْ لِعَلَفِهَا لِلنَّهْيِ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا نُطْقًا كَالْبُقْعَةِ النَّجِسَةِ ، بِخِلَافِ صَلَاةِ مَنْ لَزِمَتْهُ الْهِجْرَةُ بِدَارِ الْحَرْبِ ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا اسْتِدْلَالًا ، لَا نُطْقًا كَذَا قَالُوا .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ لِنَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ ، لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا يَفُوتُ مِنْ فُرُوضِ الدِّينِ مِنْ تَرْكِ الْهِجْرَةِ ، لَا نَفْسِ الْمُقَامِ ، وَمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِيهِ ، فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى فِي مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ فُرُوضٌ لَا يُمْكِنُ أَدَاؤُهَا إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا : { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ أَشْرَكَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ عَمَلًا ، حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إلَى الْمُسْلِمِينَ } حَدِيثٌ جَيِّدٌ ، وَحَدِيثُ بَهْزٍ حُجَّةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ ، وَأَبِي دَاوُد ، وَيَأْتِي فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ ، وَسَبَقَ فِي الْبَابِ : " هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ " وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ ، لِخَفَاءِ دَلِيلِهِ ، وَالْأَوَّلُ أَشْهُرُ ، وَأَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ لِلْعُمُومِ ، وَعَنْهُ تَحْرُمُ وَتَصِحُّ ، وَعَنْهُ تَكْرَهُ ( وَ ) وَلَمْ يَكْرَهْ ( م

) الصَّلَاةَ فِي مَقْبَرَةٍ ، وَاحْتَجَّ بِمَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، " وَهَلْ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ ، أَوْ مُعَلَّلٌ بِمَظِنَّةِ النَّجَاسَةِ " فِيهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَنَصُّهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ : لَا يُصَلِّي فِي مَسْلَخِ حَمَّامٍ ، وَمِثْلُهُ أَتُونُهُ ، وَمَا تَبِعَهُ فِي بَيْعٍ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا : الْحَشُّ مَمْنُوعٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ ، زَادَ الشَّيْخُ وَالْكَلَامُ ، فَهُوَ أَوْلَى ، وَيُصَلِّي فِيهِمَا لِلْعُذْرِ ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) ، وَفِيمَا حَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ نَظَرٌ ، وَلَا يُصَلِّي فِيهَا مَنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ وَلَوْ فَاتَ الْوَقْتُ .
وَمَزْبَلَةٌ وَمَجْزَرَةٌ ، وَقَارِعَةُ طَرِيقٍ كَمَقْبَرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَقِيلَ وَمَدْبَغَةٌ .

مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ فِي مَوَاضِعِ النَّهْيِ عَنْ الْمَقْبَرَةِ وَغَيْرِهَا : وَهَلْ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ أَوْ مُعَلَّلٌ بِمَظِنَّةِ النَّجَاسَةِ ، فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ، أَحَدُهُمَا هُوَ تَعَبُّدٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ تَعَبُّدٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : هَذَا أَظْهَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعَلَّلُ ، وَإِلَيْهِ يَمِيلُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَالشَّارِحُ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَيُصَلِّي فِيهَا ، يَعْنِي الْأَمْكِنَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا الَّتِي عَدَّدَهَا لِلْعُذْرِ ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ، إحْدَاهُمَا : لَا يُعِيدُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحُولُهُ عَنْهَا صَحَّتْ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يُعِيدُ ، وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي ذَلِكَ ، لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا تَعَبُّدٌ عَلَى الصَّحِيحِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ وَقِيلَ : وَغَيْرُهُ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ بِحَالٍ ، وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيمَا حَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ نَظَرٌ ، انْتَهَى .

وَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَنَحْوُهَا فِي طَرِيقٍ ضَرُورَةً ، وَحَافَّتَيْهَا نَصَّ عَلَيْهَا ، وَعَلَى رَاحِلَةٍ فِيهَا ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَطَرِيقُ أَبْيَاتٍ يَسِيرَةٍ ، وَالْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يُكْرَهُ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ ، وَأَسْطُحَةِ الْكُلِّ كَهِيَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِ ، وَعَنْهُ تَصِحُّ ، قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ لَا سَطْحَ نَهْرٍ ، لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : هُوَ كَالطَّرِيقِ ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ ، وَكَرِهَهَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَعْفَرٍ عَلَى نَهْرٍ وَسَابَاطٍ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَا تَجْرِي فِيهِ سَفِينَةٌ كَطَرِيقِ ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْهَوَى تَابِعٌ لِلْقَرَارِ ، وَاخْتَارَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ الصِّحَّةَ كَالسَّفِينَةِ ، قَالَ : وَلَوْ جَمَدَ الْمَاءُ فَكَالطَّرِيقِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةَ ، وَإِنْ حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَهُ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) ، وَيَأْتِي الْبِنَاءُ فِي الطَّرِيقِ آخِرَ الْغَصْبِ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ فِيهَا ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ ، وَقِيلَ : لَا تَصِحُّ ، وَقِيلَ : إلَى مَقْبَرَةٍ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَعَنْهُ وَحَشٍّ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَقِيلَ وَحَمَّامٍ ، وَلَا حَائِلَ ، وَلَوْ كَمُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ ، وَظَاهِرُهُ لَيْسَ كَسُتْرَةِ صَلَاةٍ ، فَيَكْفِي الْخَطُّ ، بَلْ كَسُتْرَةِ الْمُتَخَلِّي ، كَمَا سَبَقَ ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُمْ لَا يَضُرُّ بُعْدٌ كَثِيرٌ عَرْفًا ، كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَارٍّ مُبْطِلٍ ، وَعَنْهُ لَا يَكْفِي حَائِطُ الْمَسْجِدِ ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ، لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فِي قِبْلَتِهِ حَشٌّ ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ النَّصَّ عَلَى سِرَايَةِ النَّجَاسَةِ تَحْتَ مُقَامِ الْمُصَلِّي ، وَاسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ، وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : يُبَيِّنُ صِحَّةَ تَأْوِيلِي لَوْ كَانَ الْحَائِلُ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ لَمْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِ الْكَلْبِ ، وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي الْقِبْلَةِ كَهِيَ تَحْتَ الْقَدَمِ لَبَطَلْت ، لِأَنَّ نَجَاسَةَ

الْكَلْبِ آكَدُ مِنْ نَجَاسَةِ الْخَلَاءِ ، لِغُسْلِهَا بِالتُّرَابِ ، فَلَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ بِالْخَطِّ هُنَا ، وَلَا وَجْهَ لَهُ ، وَعَدَمُهُ يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ وَلَا يَضُرُّ قَبْرٌ وَقَبْرَانِ ، وَقِيلَ ؛ بَلَى ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُسَمَّى مَقْبَرَةً أَمْ لَا ؟ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْخَشْخَاشَةَ فِيهَا جَمَاعَةٌ قَبْرٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ : نَدْبًا ، أَوْ وُجُوبًا ، وَأَنَّ مَعَ الْحَاجَةِ يُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ ، وَهَذَا مَعْنَى الْخَشْخَاشَةِ .
وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ وَغَيْرِهِ : وَمَنْ دُفِنَ بِدَارِهِ مَوْتَى لَمْ تَصِرْ مَقْبَرَةً ، وَإِنْ غَيَّرَ مَوْضِعَ النَّهْيِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَجَعْلِ حَمَّامٍ دَارًا ، أَوْ نَبْشِ مَقْبَرَةٍ صَحَّتْ الصَّلَاةُ ، وَحُكِيَ لَا : قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا } وَنَبَشَ قُبُورَ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُ ، وَبَنَى مَسْجِدَهُ .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَالْمَسْجِدُ إنْ حَدَثَ بِمَقْبَرَةٍ كَهِيَ وَإِنْ حَدَثَ حَوْلَهُ أَوْ فِي قِبْلَتِهِ فَكَالصَّلَاةِ إلَيْهَا ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَصِحُّ حَوْلَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .
وَقَالَ الْآمِدِيُّ : لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ : إنْ بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا بَعْدَ أَنْ انْقَلَبَتْ أَرْضُهَا بِالدَّفْنِ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ ، لِأَنَّهُ بُنِيَ فِي أَرْضٍ الظَّاهِرُ نَجَاسَتُهَا ، كَالْبُقْعَةِ النَّجِسَة ، وَإِنْ بُنِيَ فِي سَاحَةٍ طَاهِرَةٍ وَجُعِلَتْ فِي السَّاحَةِ مَقْبَرَةٌ جَازَتْ ، لِأَنَّهُ فِي جِوَارِ مَقْبَرَةٍ ، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ .

( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَهُ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي إذَا حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَ بِنَاءِ سَابَاطٍ ، وَصَلَّى عَلَى السَّابَاطِ سَوَاءٌ بَنَى عَلَى السَّابَاطِ مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ ؛ أَوْ صَلَّى عَلَى السَّابَاطِ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا : فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ سَابِقًا فَحَدَثَ تَحْتَهُ طَرِيقٌ أَوْ عَطَنٌ ، أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ مَوَاضِعِ النَّهْيِ لَمْ تُمْنَعْ الصَّلَاةُ فِيهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا حَدَثَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ وَجْهًا فِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ : إذَا كَانَ إحْدَاثُ السَّابَاطِ جَائِزًا صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، رِوَايَةً وَاحِدَةً ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى طَرِيقًا ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أُحْدِثَ تَحْتَهُ طَرِيقٌ أَوْ نَهْرٌ ، انْتَهَى ، وَقَدْ قَدَّمَ الْأَصْحَابُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فِيمَا إذَا حَدَثَتْ قُدَّامُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا مِثْلُهُ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَ بِنَاءِ السَّابَاطِ سَوَاءٌ بُنِيَ عَلَيْهِ مَسْجِدٌ ، أَوْ لَا ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ إنَّمَا ذَكَرَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَ الْمَسْجِدِ عَلَى السَّابَاطِ ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ ، وَكَلَامُهُمْ لَا يُنَافِي كَلَامَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ حَمْدَان أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَلَا يَخْلُو إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مِنْ نَوْعِ نَظَرٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ .

وَفِي صِحَّةِ صَلَاةِ جِنَازَةٍ فِي مَقْبَرَةٍ وَكَرَاهَتِهَا ( و ش ) وَعَدَمِهَا رِوَايَاتٌ ( م 5 و 6 ) وَيَصِحُّ النَّفَلُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْكَعْبَةِ ، وَعَلَيْهَا ، وَعَنْهُ إنْ جَهِلَ النَّهْيَ ، وَعَنْهُ وَالْفَرْضُ ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ، كَمَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ وَكَمَنْ وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهُ فِي الْمَنْصُوصِ .
مَسْأَلَةٌ 5 ) وَقَوْلُهُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ جِنَازَةٍ فِي مَقْبَرَةٍ وَكَرَاهَتِهَا وَعَدَمِهَا رِوَايَاتٌ انْتَهَى ، إحْدَاهَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ تُبَاحُ فِي مَسْجِدٍ وَمَقْبَرَةٍ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ لَا تُكْرَهُ فِي الْمَقْبَرَةِ ، قَالَ فِي الْكَافِي وَتَجُوزُ فِي الْمَقْبَرَةِ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ لَا بَأْسَ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ لَا يَصِحُّ صَلَاةٌ فِي مَقْبَرَةٍ لِغَيْرِ جِنَازَةٍ ، وَقَدَّمَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : تَصِحُّ ، وَتُكْرَهُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، لِعُمُومِ قَوْلِهِمْ لَا تَصِحُّ فِي الْمَقْبَرَةِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْمُذَهَّبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( تَنْبِيهٌ ) اشْتَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5 ) هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ أَمْ لَا ؟ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 ) إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَهَلْ تُكْرَهُ أَمْ لَا ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ .

وَإِنْ سَجَدَ عَلَى غَيْرِ مُنْتَهَاهُ وَلَا شَاخِصٍ مُتَّصِلٍ بِهَا فَعَنْهُ لَا يَصِحُّ ( و ش ) كَسُجُودِهِ عَلَى مُنْتَهَاهُ ( و ) وَعَنْهُ يَصِحُّ ، كَصَلَاتِهِ عَلَى مَكَان أَعْلَى مِنْهُ ( م 7 ) وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ عَلَى ظَهْرِهَا ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ فِيهَا إنْ نَقَضَ الْبِنَاءَ وَصَلَّى إلَى الْمَوْضِعِ ، وَيُسْتَحَبُّ نَفْلُهُ فِيهَا ، وَعَنْهُ لَا ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ ، يُصَلِّي فِيهِ إذَا دَخَلَهُ وِجَاهَهُ ، كَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُصَلِّي حَيْثُ شَاءَ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يَقُومُ كَمَا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ .
وَيَجُوزُ الْفَرْضُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَاقِفَةً ( و هـ م ) وَسَائِرَةً ( هـ ) وَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِأَذَى مَطَرٍ ، أَوْ وَحَلٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( ش ) لَا لِمَرَضٍ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ بَلَى ( و هـ ) وَقَيَّدَهَا فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ النُّزُولَ ، وَلَمْ يُصَرِّحْ أَحْمَدُ بِخِلَافِهِ ، وَقِيلَ : إنْ ازْدَادَ تَضَرُّرُهُ .
وَأُجْرَةُ مَنْ يُنْزِلُهُ كَمَاءِ الْوُضُوءِ ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، وَإِنْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ أَوْ عَجَزَ عَنْ رُكُوبِهِ صَلَّى عَلَيْهَا كَخَائِفٍ ، وَكَذَا غَيْرُ الْمَرِيضِ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَمَعْنَاهُ نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ ( و ) وَلَا إعَادَةَ ( ش ) وَلَوْ كَانَ عُذْرًا نَادِرًا ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى إنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ لَمْ يَصِحَّ إلَّا فِي الْمُسَايَفَةِ ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ جَوَازُهُ لِخَائِفٍ وَمَرِيضٍ ، وَمَنْ كَانَ فِي مَاءٍ أَوْ طِينٍ أَوْمَأَ كَمَصْلُوبٍ وَمَرْبُوطٍ ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ كَغَرِيقٍ ، وَقِيلَ فِيهِ يُومِئُ ، وَعَنْهُ وَيُعِيدُ الْكُلُّ .

( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ سَجَدَ عَلَى غَيْرِ مُنْتَهَاهُ وَلَا شَاخِصٍ مُتَّصِلٍ بِهَا فَعَنْهُ لَا تَصِحُّ كَسُجُودِهِ عَلَى مُنْتَهَاهُ ، وَعَنْهُ تَصِحُّ كَصَلَاتِهِ عَلَى مَكَان أَعْلَى مِنْهُ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يَحْكِي الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : تَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا تَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاخِصٌ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاخِصٌ ، أَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ آجُرٌّ مُعَبًّى غَيْرُ مَبْنِيٍّ ، أَوْ خَشَبٌ غَيْرُ مَسْمُورٍ فِيهَا ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ .

وَلَا يَصِحُّ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ فِي سَفِينَةٍ وَلَوْ سَائِرَةً ( هـ ) وَتُقَامُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ إنْ صَلُّوا جُلُوسًا فَلَا ، وَمَنْ أَتَى بِالْمَأْمُورِ وَصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ بِلَا عُذْرٍ قَائِمًا ، أَوْ عَلَى السَّفِينَةِ مَنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً صَحَّ ، وَعَنْهُ لَا ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرَّاحِلَةِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا ( و هـ و م ش ) فِي السَّائِرَةِ وَقَدَّمَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ ، وَفِي الْفُصُولِ فِي السَّفِينَةِ هَلْ تَصِحُّ كَمَا لَوْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَمْ لَا كَالرَّاحِلَةِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَكَذَا الْعَجَلَةُ وَالْمِحَفَّةُ وَنَحْوُهُمَا ، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ لَا تَصِحُّ ، كَمُعَلَّقٍ فِي الْهَوَاءِ وَلَا ضَرُورَةَ ، وَظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ تَصِحُّ فِي وَاقِفَةٍ ، وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ لَا تَصِحُّ فِي أُرْجُوحَةٍ ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ عُرْفًا ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ بِالْأَرْضِ ، كَسُجُودِهِ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ شِهَابٍ : وَمِثْلُهَا زَوْرَقٌ صَغِيرٌ ، وَكَذَا جَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ عِنْدَ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ لَا تَصِحُّ فِي أُرْجُوحَةٍ أَوْ مُعَلَّقٍ فِي الْهَوَاءِ أَوْ سَاجِدٍ عَلَى هَوَاءٍ مَا قُدَّامَهُ ، أَوْ عَلَى حَشِيشٍ ، أَوْ قُطْنٍ أَوْ ثَلْجٍ وَلَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، لِعَدَمِ الْمَكَانِ الْمُسْتَقَرِّ عَلَيْهِ ، وَمَتَى لَمْ يَصِحَّ فِي سَفِينَةٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَزِمَ الْخُرُوجُ ، زَادَ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِهِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ مَا يُحَاذِي الصَّدْرَ مَقَرًّا ، فَلَوْ حَاذَاهُ رَوْزَنَةٌ وَنَحْوُهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، بِخِلَافِ مَا تَحْتَ الْأَعْضَاءِ ، فَلَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى قُطْنٍ مُنْتَفِشٍ وَنَحْوِهِ لَمْ تَصِحَّ ، وَتَصِحُّ فِي أَرْضِ السِّبَاخِ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ ، كَأَرْضِ الْخَسْفِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : { إنَّ حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32