كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي

الثَّانِي ) الْمُرُوءَةُ بِفِعْلِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ ، وَتَرْكِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ عَادَةً ، فَلَا شَهَادَةَ لِمُصَافَعٍ وَمُتَمَسْخِرٍ ، وَمُتَزَيٍّ بِزِيٍّ يُسْخَرُ مِنْهُ ، وَمُغَنٍّ وَرَقَّاصٍ وَمُشَعْبِذٍ وَلَاعِبٍ بِشِطْرَنْجِ ، وَذَكَرَ فِيهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَلَوْ مُقَلِّدًا أَوْ نَرْدٍ وَحَمَامٍ ، أَوْ يَسْتَرْعِيه مِنْ الْمَزَارِعِ ، نَقَلَهُ بَكْرٌ ، وَكُلُّ لَعِبٍ فِيهِ دَنَاءَةٌ وَأُرْجُوحَةٌ وَأَحْجَارٌ ثَقِيلَةٌ وَأَكْلٍ فِي سُوقٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ .
وَفِي الْغُنْيَةِ : أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ وَدَاخِلَ حَمَّامٍ بِلَا مِئْزَرٍ ، وَمَادٍّ رِجْلَيْهِ بِمَجْمَعِ النَّاسِ ، وَكَشْفِهِ مِنْ بَدَنِهِ مَا الْعَادَةُ تَغْطِيَتُهُ ، وَنَوْمِهِ بَيْنَ جُلُوسٍ ، وَخُرُوجِهِ عَنْ مُسْتَوَى الْجُلُوسِ بِلَا عُذْرٍ ، وَمُتَحَدِّثٍ بِمُبَاضَعَةِ أَهْلِهِ ، وَمُخَاطَبَتِهَا بِخِطَابٍ فَاحِشٍ بَيْنَ النَّاسِ ، وَحَاكِي الْمُضْحِكَاتِ وَنَحْوِهِ .
وَقَالَ فِي الْفُنُونِ ؛ وَالْقَهْقَهَةُ ، وَأَنَّ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَالنَّزَاهَةِ عَدَمَ الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ ، فَإِنْ جَلَسَ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ حَقِّهِ : غَضُّ الطَّرْفِ وَإِرْشَادُ الضَّالِّ وَرَدُّ السَّلَامِ ، وَجَمْعُ اللُّقَطَةِ لِلتَّعْرِيفِ ، وَأَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكِرٍ ، قَالَ فِي الْغُنْيَةِ : يُكْرَهُ تَشَدُّقُهُ بِضَحِكٍ وَقَهْقَهَةٍ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ ، وَقَالَ : وَمَضْغُ الْعَلْكِ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ ، وَإِزَالَةُ دَرَنِهِ بِحَضْرَةِ نَاسٍ ، وَكَلَامُهُ بِمَوْضِعٍ قَذِرٍ كَحَمَّامٍ وَخَلَاءٍ ، وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّهُ .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَالْمُصَارِعُ وَبَوْلُهُ فِي شَارِعٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ : وَمَنْ بَنَى حَمَّامًا لِلنِّسَاءِ بِمَا يَحْرُمُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَدَوَامُ اللَّعِبِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ أَوْ اخْتَفَى بِمَا يَحْرُمُ مِنْهُ قُبِلَتْ وَيَحْرُمُ شِطْرَنْجٌ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، كَمَعَ عِوَضٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ ، إجْمَاعًا ، وَكَنَرْدٍ ، وِفَاقًا لِلَّائِمَةِ الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ شَيْخِنَا هُوَ شَرٌّ مِنْ نَرْدٍ ، وِفَاقًا لِمَالِكٍ ، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى لَاعِبٍ

بِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ

وَكَرِهَ أَحْمَدُ اللَّعِبَ بِحَمَامٍ ، وَيَحْرُمُ لِيَصِيدَ بِهِ حَمَامَ غَيْرِهِ ، وَيَجُوزُ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا ، وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يُكْرَهُ ، وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ .
وَكَرِهَ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ ، وَقَالَ : بِدْعَةٌ لَا تُسْمَعُ ، كُلَّ شَيْءٍ مُحْدَثٍ لَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يَكُونَ طَبْعَ الرَّجُلِ ، كَأَبِي مُوسَى ، وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ : أَوْ يُحَسِّنُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ : إنْ غَيَّرَتْ النَّظْمَ حَرُمَتْ ، فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الْكَرَاهَةِ .
وَفِي الْوَسِيلَةِ : يَحْرُمُ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ ، وَقِيلَ : لَا ، وَلَمْ يُفَرِّقْ .

تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ ، يَعْنِي إذَا مَلَكَ الْحَمَامَ لِلْأُنْسِ بِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا ، وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ .
وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ : يُكْرَهُ ، وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ ، وَالصَّوَابُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُرَدُّ بِاِتِّخَاذِهَا لِذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَوْلُهُ فِي قِرَاءَةِ الْأَلْحَانِ : " وَقَالَ جَمَاعَةٌ ، إنْ غَيَّرَتْ النَّظْمَ حَرُمَتْ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الْكَرَاهَةِ " ، إطْلَاقُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ أَحْمَد كَرِهَ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ بِدْعَةٌ لَا تُسْمَعُ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَبْعًا : قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ ، إنْ لَمْ يُفْرِطْ فِي التَّمْطِيطِ وَالْمَدِّ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ .
وَقَالَ الْقَاضِي : يُكْرَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَرَدَّاهُ ، وَإِنْ أَسْرَفَ فِي الْمَدِّ وَالتَّمْطِيطِ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ كُرِهَ ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ كَانَ يُحَرِّمُهُ ، انْتَهَى .

وَيُكْرَهُ غِنَاءٌ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ : يَحْرُمُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يُعْجِبُنِي ، وَقَالَهُ فِي الْوَصِيِّ يَبِيعُ أَمَةً لِلصَّبِيِّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ وَعَلَى أَنَّهَا لَا تَقْرَأُ بِالْأَلْحَانِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى كُفْرِ مَنْ اسْتَحَلَّهُ ، وَقِيلَ : يُبَاحُ ، وَكَذَا اسْتِمَاعُهُ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا : يَحْرُمُ مَعَ آلَةِ لَهْوٍ ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا ، وَكَذَا قَالُوا هُمْ وَابْنُ عَقِيلٍ : إنْ كَانَ الْمُغَنِّي امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ : أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ بِلَا غِنَاءٍ فَلَمْ يَكْرَهْهُ .
وَيُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ : لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ بَنَاهُ لِلنِّسَاءِ .

وَالشِّعْرُ كَالْكَلَامِ ، سَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَمَّا يَكْرَهُ مِنْهُ قَالَ : الْهِجَاءُ وَالرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ ، وَأَمَّا الْكَلَامُ الْجَاهِلِيُّ فَمَا أَنْفَعُهُ .
وَسَأَلَهُ عَنْ الْخَبَرِ { لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا } فَتَلَكَّأَ ، فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ النَّضْرِ : لَمْ تَمْتَلِئْ أَجْوَافُنَا لِأَنَّ فِيهَا الْقُرْآنَ وَغَيْرَهُ ، وَهَكَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَمَّا الْيَوْمُ فَلَا ، فَقَالَ : مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
وَإِنْ فَرَّطَ شَاعِرٌ بِالْمِدْحَةِ بِإِعْطَائِهِ وَعَكْسِهِ بِعَكْسِهِ أَوْ شَبَّبَ بِمَدْحِ خَمْرٍ أَوْ بِمُرْدٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ أَوْ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَسَقَ ، لَا إنْ شَبَّبَ بِامْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَاخْتَارَ فِي الْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ : تُرَدُّ كَدَيُّوثٍ ، وَلَا تَحْرُمُ رِوَايَتُهُ ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَنَقَلَ صَالِحٌ : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْوِيَ الْهِجَاءَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ ، فِي الْوَلِيمَةِ : تَحْرِيمُ الْغَزَلِ بِصِفَةِ الْمُرْدِ وَالنِّسَاءِ الْمُهَيِّجَةِ لِلطَّبَّاعِ إلَى الْفَسَادِ .

وَيُكْرَهُ حَبْسُ الطَّيْرِ لِنَغْمَتِهِ فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ ( م 5 ) ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ ، كَمُخَاطَرَتِهِ بِنَفْسِهِ فِي رَفْعِ الْأَعْمِدَةِ وَالْأَحْجَارِ الثَّقِيلَةِ وَالثَّقَافَةِ
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : " وَيُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لِنَغْمَتِهِ ، فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْفُصُولِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْوَاسِطِيُّ ، وَقَالَ فِي الْكُبْرَى : فَأَمَّا حَبْسُ الْمُتَرَنِّمَاتِ مِنْ الْأَطْيَارِ كَالْقَمَارِيِّ وَالْبَلَابِلِ لِتَرَنُّمِهَا فِي الْأَقْفَاصِ فَقَدْ كَرِهَهُ أَصْحَابُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاجَاتِ إلَيْهِ ، لَكِنَّهُ مِنْ الْبَطَرِ وَالْأَشَرِ وَرَقِيقِ الْعَيْشِ ، وَحَبْسُهَا تَعْذِيبٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَدَّ الشَّهَادَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُرَدَّ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا تُرَدُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا ، وَعَمَلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَا تُرَدُّ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُصُولِ أَيْضًا : وَقَدْ مَنَعَ مِنْ هَذَا أَصْحَابُنَا وَسَمَّوْهُ فِسْقًا ، انْتَهَى ، وَقَالَ فِي بَابِ الصَّيْدِ : نَحْنُ نَكْرَهُ حَبْسَهُ لِلتَّرْبِيَةِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ السَّفَهِ ، لِأَنَّهُ يُطْرَبُ بِصَوْتِ حَيَوَانٍ صَوْتُهُ حُنَيْنٌ إلَى الطَّيَرَانِ وَتَأَسُّفٌ عَلَى التَّخَلِّي فِي الْفَضَاءِ ، انْتَهَى .

قَالَ شَيْخُنَا : وَتَحْرُمُ مُحَاكَاةُ النَّاسِ لِلضَّحِكِ وَيُعَزَّرُ هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُهُ بِهِ ، لِأَنَّهُ أَذًى ، قَالَ : وَمَنْ دَخَلَ قَاعَاتِ الْعِلَاجِ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الشَّرِّ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ عِنْدَ النَّاسِ ، لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ عَمَّنْ اعْتَادَ دُخُولَهَا وُقُوعُهُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ أَوْ فِيهِ وَالْعِشْرَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَالنَّفَقَةُ فِي غَيْرِ الطَّاعَةِ ، وَعَلَى كَافِلِ الْأَمْرَدِ مَنْعُهُ مِنْهَا وَمِنْ عِشْرَةِ أَهْلِهَا ، وَلَوْ بِمُجَرَّدِ خَوْفِ وُقُوعِ الصَّغَائِرِ ، فَقَدْ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا تَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ الِاجْتِمَاعِ بِهِ لِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ .
وَمِنْ صِنَاعَةٍ دَنِيَّةٍ عُرْفًا كَحَجَّامٍ وَحَدَّادٍ وَزَبَّالٍ وَقَمَّامٍ وَكَنَّاسٍ وَكَبَّاشٍ وَقَرَّادٍ وَدَبَّابٍ وَنَخَّالٍ وَنَفَّاطٍ وَصَبَّاغٍ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَصَائِغٍ وَمُكَارٍ وَحَمَّالٍ وَجَزَّارٍ وَمُصَارِعٍ ، وَمَنْ لَبِسَ غَيْرَ زِيِّ بَلَدٍ يَسْكُنُهُ أَوْ زِيِّهِ الْمُعْتَادِ بِلَا عُذْرٍ ، وَالْقَيِّمِ ، قَالَ غَيْرُهُ : وَجَزَّارٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، مَعَ حُسْنِ طَرِيقَتِهِ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ : لَا مَسْتُورَ الْحَالِ مِنْهُمْ ، وَكَذَا حَاتِكٌ وَحَارِسٌ وَدَبَّاغٌ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تُقْبَلُ ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، قَالَ : أَوْ تَقُولُ تُرَدُّ بِبَلَدٍ يُسْتَزْرَى فِيهِ بِهِمْ .
وَفِي الْفُنُونِ : وَكَذَا خَيَّاطٌ ، وَهُوَ غَرِيبٌ ، وَالصَّيْرَفِيُّ وَنَحْوُهُ إنْ لَمْ يَتَّقِ الرِّبَا رُدَّتْ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَكْرَهُ الصَّرْفَ ، قَالَ الْقَاضِي : يُكْرَهُ .
وَيُكْرَهُ كَسْبٌ مِنْ صَنْعَةٍ دَنِيئَةٍ ، وَالْمُرَادُ مَعَ إمْكَانِ أَصْلَحِ مِنْهَا ، وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ .
وَمَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ وَجَزَّارٍ ، ذَكَرَهُ فِيهِ الْقَاضِي وَابْنُ الْجَوْزِيِّ ، لِلْخَبَرِ ، وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ ، وَفَاصِدٍ وَمُزَيِّنٍ وَجَرَائِحِيٍّ وَنَحْوِهِمْ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَبَيْطَارٍ ، وَظَاهِرُ الْمُغْنِي لَا يُكْرَهُ كَسْبُ فَاصِدٍ .
وَفِي النِّهَايَةِ : الظَّاهِرُ يُكْرَهُ ، قَالَ :

وَكَذَا الْخَتَّانُ ، بَلْ أَوْلَى ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا تُكْرَهُ فِي الرَّقِيقِ ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي ، لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَوْلُ إبْرَاهِيمَ : كَانُوا يَكْرَهُونَهُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَنْقَصُهَا الصَّرْفُ ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الصَّائِغِ ، وَالصَّبَّاغُ : إنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ وَالثِّقَةَ فَلَا مَطْعَنَ عَلَيْهِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَأَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ التِّجَارَةُ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : الْأَشْبَهُ الزِّرَاعَةُ ، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ : الصَّنْعَةُ بِالْيَدِ .
قَالَ الْمَرْوَزِيُّ : سَمِعْته وَذَكَرَ الْمَطَاعِمَ يُفَضِّلُ عَمَلَ الْيَدِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : أَفْضَلُ الصَّنَائِعِ الْخِيَاطَةُ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا وَعَنْ عَمَلِ الْخُوصِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ قَالَ : كُلُّ مَا نَصَحَ فِيهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَيُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ ، ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ وَالْقَاضِي ، وَقَالَ : اتِّخَاذُ الْغَنَمِ ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : حَثَّنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى لُزُومِ الصَّنْعَةِ ، لِلْخَبَرِ ، قَالَ : وَيُعَارِضُهُ { لَا تَتَّخِذُوا الصَّنْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا } الْخَبَرُ ، وَكَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الرِّيبَةِ وَانْتِفَاءُ التُّهْمَةِ ، وَزَادَ فِي الرِّعَايَةِ : فِعْلُ مَا يُسْتَحَبُّ وَتَرْكُ مَا يُكْرَهُ .

وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ إلَّا عِنْدَ الْعَدَمِ بِوَصِيَّةِ مَيِّتٍ فِي سَفَرِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي وَالرَّوْضَةِ وَشَيْخُنَا أَنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ .
وَفِي الْمَذْهَبِ رِوَايَةٌ : لَا تُقْبَلُ ، وَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِهِ كِتَابِيًّا رِوَايَتَانِ ( م 6 ) بَلْ رَجُلًا ، وَقِيلَ : وَذِمِّيًّا ، وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ ، قِيلَ : وُجُوبًا ، وَقِيلَ : نَدْبًا ( م 7 ) وَفِي الْوَاضِحِ : مَعَ رَيْبٍ ، بَعْدَ الْعَصْرِ ، مَا خَانَ وَلَا حَرَّفَ وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ ، وَعَنْهُ : وَتُقْبَلُ لِلْحَمِيلِ ، وَعَنْهُ : وَمَوْضِعُ ضَرُورَةٍ ، وَعَنْهُ : سَفَرًا ، ذَكَرَهُمَا شَيْخُنَا ، قَالَ : كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ ، إذَا اجْتَمَعْنَ فِي الْعُرْسِ أَوْ الْحَمَّامِ ، وَعَنْهُ : وَبَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، نَصَرَهُ شَيْخُنَا وَابْنُ رَزِينٍ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ عَلَى أَوْلَادِهِ ، فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى ، وَنَصَرَهُ أَيْضًا فِي الِانْتِصَارِ ، وَفِيهِ : لَا مِنْ حَرْبِيٍّ .
وَفِيهِ أَيْضًا : بَلْ عَلَى مِثْلِهِ ، وَقَالَ : هُوَ وَغَيْرُهُ ، لَا مُرْتَدٌّ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِوِلَايَةٍ ، وَلَا يُقِرُّ ، وَلَا فَاسِقٍ ، لِأَنَّهُ لَا يَجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِهِ ، وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ ، وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ ( م 8 ) .

مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : " وَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِهِ كِتَابِيًّا رِوَايَتَانِ " ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَبِلْنَا شَهَادَةَ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ فِي السَّفَرِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ .
( إحْدَاهُمَا ) يُعْتَبَرُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، لِانْتِصَارِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُعْتَبَرُ بَلْ يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ مُطْلَقًا ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : " وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ ، وَقِيلَ : وُجُوبًا ، وَقِيلَ : نَدْبًا " ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُحَلِّفُهُ وُجُوبًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَهُوَ الْأَشْهَرُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : " وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ .
( أَحَدُهُمَا ) يُعْتَبَرُ ، صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَا يُعْتَبَرُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ .

وَلَا شَهَادَةَ لِأَخْرَسَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ بَلَى ، بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ ، فِيمَا يَرَاهُ ، أَوْمَأَ إلَيْهِ ، فَإِنْ أَدَّاهَا بِخَطِّهِ فَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ( م 9 )
( مَسْأَلَةٌ 9 ) [ قَوْلُهُ ] فَإِنْ أَدَّاهَا بِخَطِّهِ فَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، انْتَهَى .
قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي أَيْضًا ، قَالَ فِي النُّكَتِ : وَكَانَ وَجْهُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِتَابَةَ هَلْ هِيَ صَرِيحٌ أَمْ لَا ؟ انْتَهَى .
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا صَرِيحٌ .

وَلَا لِصَبِيٍّ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، مِنْ مُمَيِّزٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : ابْنِ عَشْرٍ ، وَعَنْهُ فِي الْجِرَاحِ ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ، وَعَنْهُ : وَالْقَتْلِ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ : إنْ أَدَّوْهَا أَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ ثُمَّ لَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُمْ ، وَقِيلَ : يُقْبَلُ عَلَى مِثْلِهِ ، وَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ : عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ .

وَلَا يُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : بَلَى ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي أَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ ، وَنَقَلَ أَيْضًا : يُقْتَلُ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَهَادَةِ نِكَاحٍ فِي عَبْدٍ خِلَافٌ .
وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَالرَّوْضَةُ : تُعْتَبَرُ فِي حَدٍّ وَهِيَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ ، وَعَنْهُ : وَقَوَدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ ، وَقِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ : لَا مُرُوءَةَ لِعَبْدٍ مُبْتَذَلٍ فِي كُلِّ صِنَاعَةٍ زَرِيَّةٍ وَفِعَالٍ تَمْنَعُ شَهَادَةَ الْحُرِّ ، فَقَالَ : لَوْ خَالَفَ سَيِّدَهُ فَسَقَ ، وَمَا يَفْسُقُ بِتَرْكِهِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ فِعْلُهُ وَصَارَ مِنْهُ كَالتَّجَرُّدِ لِلْإِحْرَامِ لَا يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ ، عَلَى أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا أَرْبَابَ مِهَنٍ وَأَعْمَالٍ مُسْتَرْذَلَةٍ .
وَمَتَى تَعَيَّنَتْ حَرُمَ مَنْعُهُ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : مَنْ أَجَازَ شَهَادَتَهُ لَمْ يُجِزْ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْ قِيَامِهَا ، فَلَوْ عَتَقَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَشَهِدَ حَرُمَ رَدُّهُ ، قَالَ فِي الْمُفْرَدَاتِ : فَلَوْ رَدَّهُ مَعَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ فَسَقَ ، قَالَ فِي الْجَامِعِ فِي عَوْرَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا عَلَى أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ : وَلَا تَلْزَمُ الشَّهَادَةُ أَنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الرِّقُّ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهَا الْعَدَالَةَ .

وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ فِيمَا سَمِعَهُ ، وَكَذَا مَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ وَعَرَّفَ فَاعِلَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ ، وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ ، وَإِنْ عَرَّفَهُ يَقِينًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَوْتِهِ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ وَشَهِدَ فَوَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ : يُقْبَلُ ( م 10 ) وَقَالَ شَيْخُنَا : وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِهَا لِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ .
وَالْأَصَمُّ كَسَمِيعٍ فِيمَا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ قَبْلَ صَمَمِهِ .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ عَنْ الْأَعْمَى : " وَإِنْ عَرَفَهُ يَقِينًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَوْتِهِ فَقَطْ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ وَشَهِدَ وَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ : يُقْبَلُ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرِّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ، وَظَاهِرُ الْمُقَنَّعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَلَعَلَّ لَهَا الْتِفَاتًا إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ ، انْتَهَى .
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ السَّلَمِ فِيهِ ، فَيَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا صِحَّةُ الشَّهَادَةِ بِهِ ، عَلَى هَذَا .

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ فُتْيَاهُ كَزَوْجٍ فِي زِنًا بِخِلَافِ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ ، وَكَشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإِنْسَانٍ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : الْبَعِيدُ لَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ حَالًا ، بَلْ فَقِيرٌ مُعْسِرٌ ، وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ ، وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا ، وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ ( م 11 ) وَلَا مَنْ يَجُرُّ إلَيْهِ بِهَا نَفْعًا ، قَالَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ ، كَسَيِّدٍ لِمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ وَعَكْسِهِ ، فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا مِنْهُ فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا لَمْ يُقْبَلْ ، لِعَوْدِهِمَا إلَى الرِّقِّ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ مُعْتِقَهُمَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ بِجَرْحِ الشَّاهِدَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِمَا ، وَلَوْ عَتَقَا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ لِلتَّرِكَةِ أَوْ وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ فِي الرِّقِّ لَمْ يُقْبَلْ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ السَّيِّدِ ، وَلَا يَجُوزُ ، وَلَا شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ وَغَرِمَا لِمُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِمَالٍ وَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ أَوْ شَرِيكٌ فِيهِ وَوَصِيٍّ لِمَيِّتٍ وَحَاكِمٍ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ ، قَالَهُ فِي الْإِشَارَةِ وَالرَّوْضَةِ ، وَتُقْبَلُ عَلَيْهِمَا .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : وَمَنْ لَهُ الْكَلَامُ فِي شَيْءٍ أَوْ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ ، نَحْوَ مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ ، قَالَ شَيْخُنَا فِي قَوْمٍ فِي دِيوَانٍ آجَرُوا شَيْئًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى مُسْتَأْجَرٍ ، لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ أَوْ وُلَاةٌ ، قَالَ : وَلَا شَهَادَةُ دِيوَانِ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ عَلَى الْخُصُومِ ، وَتُرَدُّ مِنْ وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ بَعْدَ الْعَزْلِ لِمُوَلِّيهِ وَمُوَكِّلِهِ ، وَقِيلَ وَكَانَ خَاصَمَ فِيهِ .
وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : تُقْبَلُ بَعْدَ عَزْلِهِ ،

وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إنْ خَاصَمَ فِي خُصُومَةٍ مَرَّةً ثُمَّ نَزَعَ ثُمَّ شَهِدَ لَمْ تُقْبَلْ ، وَأَجِيرٍ لِمُسْتَأْجِرٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ ، وَفِي التَّرْغِيبِ قَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِهِ .
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ : رَأَيْته يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِهِ جَوَازُهُ ، وَمِنْ وَارِثٍ بِجُرْحِ مَوْرُوثِهِ قَبْلَ بُرْئِهِ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً وَتُقْبَلُ إنْ شَهِدَ لَهُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ ، وَقِيلَ : لَا ، وَفِي التَّبْصِرَةِ فِي قِسْمِ انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ : وَأَنْ لَا يَدْخُلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ : أَكْرَهُهُ .

( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ " وَفِي الْمُنْتَخَبِ : الْبَعِيدُ لَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ حَالًا بَلْ فَقِيرٌ مُعْسِرٌ ، وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ ، وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا ، وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ " ، انْتَهَى .
يَعْنِي فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَقِيلَ : إنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَقِيرًا أَوْ بَعِيدًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ، لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِي الْحَالِ الرَّاهِنَةِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( تَنْبِيهٌ ) وَلَا يُقْبَلُ مِنْ وَارِثٍ بِجُرْحِ مَوْرُوثِهِ قَبْلَ بُرْئِهِ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً ، انْتَهَى .
يَعْنِي لِوُجُوبِهَا لِلشَّاهِدِ ابْتِدَاءً ، تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحَ ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ الْمُصَنِّفُ قَدَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَقْتُولِ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ ، فَالْحُكْمُ صَحِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ مِنْ وَارِثٍ بِجُرْحِ مَوْرُوثِهِ قَبْلَ بُرْئِهِ ، وَالتَّعْلِيلُ عَلَى الْمَذْهَبِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ، وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ مَنْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّعْلِيلِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ الْقَوَدَ ابْتِدَاءً أَوْ يَنْتَقِلُ عَنْ الْمَيِّتِ إلَيْهِ ، وَصَحَّحْنَا أَنَّهُ يَنْتَقِلُ عَنْ الْمَيِّتِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَا يُقْبَلُ عَلَى عَدُوِّهِ ، كَمَنْ قَطَعَ عَلَيْهِ طَرِيقًا أَوْ قَذَفَهُ فَلَا تُقْبَلُ إنْ شَهِدَتْ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَيْنَا أَوْ عَلَى الْقَافِلَةِ ، بَلْ عَلَى هَؤُلَاءِ ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ هَلْ قَطَعُوهَا عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ ، لِأَنَّهُ لَا يَبْحَثُ عَمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ ، وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُمْ عَرَضُوا لَنَا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا فَفِي الْفُصُولِ : تُقْبَلُ ، قَالَ : وَعِنْدِي : لَا ( م 12 ) .
وَعَنْهُ : وَلَا لَهُ ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا لِغَيْرِ اللَّهِ مَوْرُوثَةً أَوْ مُكْتَسِبَةً .
وَفِي التَّرْغِيبِ : ظَاهِرُهُ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَرُّ بِمُسَاءَةِ الْآخَرِ وَيَغْتَمُّ بِفَرَحِهِ وَيَطْلُبُ لَهُ الشَّرَّ .
قَالَ فِي الْفُنُونِ : اُعْتُبِرَتْ الْأَخْلَاقُ فَإِذَا أَشَدُّهَا وَبَالًا الْحَسَدُ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : الْإِنْسَانُ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى جِنْسِهِ ، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ الذَّمُّ إلَى مَنْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى التَّسَخُّطِ عَلَى الْقَدْرِ أَوْ يَنْتَصِبُ لِذَمِّ الْمَحْسُودِ ، قَالَ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْرَهَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَعَهُ التَّقْوَى وَالصَّبْرَ ، فَيَكْرَهَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَسْتَعْمِلَ مَعَهُ الصَّبْرَ وَالتَّقْوَى ، وَذَكَرَ قَوْلَ الْحَسَنِ : لَا يَضُرُّك مَا لَمْ تَعْدُ بِهِ يَدًا وَلِسَانًا ، قَالَ : وَكَثِيرٌ مِمَّنْ عِنْدَهُ دِينٌ لَا يُعِينُ مَنْ ظَلَمَهُ ، وَلَا يَقُومُ بِمَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ ، بَلْ إذَا ذَمُّهُ أَحَدٌ لَمْ يُوَافِقْهُ ، وَلَا يَذْكُرُ مَحَامِدَهُ ، وَكَذَا لَوْ مَدَحَهُ أَحَدٌ لَسَكَتَ ، وَهَذَا مُذْنِبٌ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ لَا مُعْتَدٍ .
وَأَمَّا مَنْ اعْتَدَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَذَاكَ يُعَاقَبُ ، وَمَنْ اتَّقَى وَصَبَرَ نَفَعَهُ اللَّهُ بِتَقْوَاهُ كَمَا جَرَى لِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
وَفِي الْحَدِيثِ { ثَلَاثَةٌ لَا يَنْجُو مِنْهُنَّ أَحَدٌ : الْحَسَدُ وَالظَّنُّ وَالطِّيَرَةُ ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِالْمَخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ ، إذَا حَسَدْت فَلَا تَبْغِ ، وَإِذَا ظَنَنْت فَلَا

تُحَقِّقْ ، وَإِذَا تَطَيَّرْت فَامْضِ }
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ عَرَضُوا لَنَا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا فَفِي الْفُصُولِ : تُقْبَلُ ، قَالَ : وَعِنْدِي : لَا " انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ الْقَبُولُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ عَدَمَ الْقَبُولِ وَقَالَ : لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْعَدَاوَةَ ، وَقَدَّمَ الْقَبُولَ وَقَالَ : لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ إنَّمَا ظَهَرَتْ بِالتَّعَرُّضِ لَهُمْ ، انْتَهَى .

وَلَا لِعَمُودِي نَسَبِهِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَالتَّرْغِيبُ : إلَّا مِنْ زِنًا ، وَرِضَاعٍ .
وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةٌ تُقْبَلُ ، وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ .
وَعَنْهُ : مَا لَمْ يَجُرَّ نَفْعًا غَالِبًا ، كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِمَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَنِيٌّ .
وَعَنْهُ : لِوَالِدِهِ لَا لِوَلَدِهِ .
وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وَهِيَ تَحْتَهُ أَوْ طَلَاقِهَا فَاحْتِمَالَانِ فِي الْمُنْتَخَبِ .
وَفِي الْمُغْنِي فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الْقَذْفِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ جَرَّ النَّفْعِ لِلْأُمِّ مَانِعٌ ( م 13 ) .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وَهِيَ تَحْتَهُ أَوْ طَلَّاقِهَا فَاحْتِمَالَانِ فِي الْمُنْتَخَبِ .
وَفِي الْمُغْنِي فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الْقَذْفِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ جَرَّ النَّفْعِ لِلْأُمِّ مَانِعٌ " انْتَهَى .
قَطَعَ الشَّارِحُ بِالْقَبُولِ فِيهِمَا ، وَقَطَعَ النَّاظِمُ بِالْقَبُولِ فِي الثَّانِيَةِ .
( قُلْت ) وَقَطَعَ فِي الْمُغْنِي بِالْقَبُولِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ : وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا .
وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفُلَ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفِ .

وَلَا أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ .
وَعَنْهُ : بَلَى ، كَأَخٍ لِأَخِيهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَصَدِيقٍ لِصَدِيقِهِ ، وَمَوْلَى لِعَتِيقِهِ ، وَوَلَدِ زِنًا ، وَرَدَّ ابْنُ عَقِيلٍ بِصَدَاقَةٍ وَكِيدَةٍ ، وَالْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ ، لِأَنَّ الْعِشْقَ يَطِيشُ ، وَشَهَادَتِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ ، كَمُرْضِعَةٍ ، وَكَذَا قَاسِمٌ عَلَى قِسْمَتِهِ ، أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ وَالْمُحَرَّرِ ، وَمَنَعَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالتَّبْصِرَةُ وَالتَّرْغِيبُ فِي [ غَيْرِ ] مُتَبَرِّعٍ لِلتُّهْمَةِ ، وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي مُرْضِعَةٍ .

وَفِي بَدْوِيٍّ عَلَى قَرَوِيٍّ وَجْهَانِ .
وَنَصُّهُ لَا يُقْبَلُ ( م 14 ) وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : مِنْ مَوَانِعِهَا الْحِرْصُ عَلَى أَدَائِهَا قَبْلَ اسْتِشْهَادِ مَنْ يَعْلَمُ بِهَا قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا ، فَتُرَدُّ .
وَهَلْ يَصِيرُ مَجْرُوحًا ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ .
قَالَ : وَمِنْ مَوَانِعِهَا الْعَصَبِيَّةُ ، فَلَا شَهَادَةَ لِمَنْ عُرِفَ بِهَا وَبِالْإِفْرَاطِ فِي الْحَمِيَّةِ ، كَتَعْصِيبِ قَبِيلَةٍ عَلَى قَبِيلَةٍ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ .
وَهُوَ فِي بَعْضِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي خَبَرِ الْعَدَاوَةِ ، وَمَنْ حَلَفَ مَعَ شَهَادَتِهِ لَمْ تُرَدَّ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، مَعَ النَّهْي عَنْهُ ، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ : تُرَدُّ أَوْ وَجْهٌ .
وَيُقْبَلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَفِي عَمُودِي نَسَبِهِ رِوَايَةٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَهِيَ فِي الزَّوْجَيْنِ .
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : " وَفِي بَدْوِيٍّ عَلَى قَرَوِيٍّ وَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ : لَا تُقْبَلُ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَصَاحِبِ التَّصْحِيحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، قَالَ الشَّارِحُ : وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْأَصْحَابِ ، ( قُلْت ) مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ ( قُلْت ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِهِ ، لِنَصِّهِ عَلَيْهِ .

وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ حَاكِمٍ حَتَّى صَارَ أَهْلًا قُبِلَتْ ، وَمَنْ رَدَّهُ حَاكِمٌ لِفِسْقِهِ فَأَعَادَهَا لَمَّا زَالَ الْمَانِعُ رُدَّتْ .
وَفِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ ، كَرَدِّهِ لِجُنُونِهِ أَوْ كُفْرِهِ أَوْ صِغَرِهِ أَوْ خَرَسِهِ أَوْ رِقِّهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ رَدَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ رَحِمٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ فَوَجْهَانِ ( م 15 ) وَقِيلَ : إنْ زَالَ الْمَانِعُ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ رُدَّتْ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَيُقْبَلُ غَيْرُهَا .
وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ حَدَثَ مَانِعٌ لَمْ يَمْنَعْ الْحُكْمَ إلَّا فِسْقٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ تُهْمَةٌ ، إلَّا عَدَاوَةٌ ابْتَدَأَهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ، كَقَذْفِهِ الْبَيِّنَةَ ، وَكَذَا مُقَاوَلَةٌ وَقْتَ غَضَبٍ وَمُحَاكَمَةٌ بِدُونِ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ سَابِقَةٍ .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : مَا لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْعَدَاوَةِ أَوْ الْفِسْقِ ، وَحُدُوثُ مَانِعٍ فِي شَاهِدِ أَصْلٍ كَحُدُوثِهِ فِي مَنْ أَقَامَ الشَّهَادَةَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : إنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ ، وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ حُكْمٍ لَمْ يُسْتَوْفَ حَدٌّ ، بَلْ مَالٌ ، وَفِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ ( م 16 ) .

مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ رَدَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ وَجَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ رَحِمٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ فَوَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : لَمْ يُقْبَلْ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ فِي الْكَافِي : هَذَا أَوْلَى ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي الْقَبُولُ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُسْتَوْفَ حَدٌّ ، بَلْ مَالٌ ، وَفِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ : وَلَوْ شَهِدَ وَهُوَ عَدْلٌ فَلَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى حَدَثَ مِنْهُ مَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ مَعَهُ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا : ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُسْتَوْفَى ذَلِكَ أَيْضًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي الْقِصَاصِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَسْتَوْفِيَانِ .
فَهَذِهِ سِتَّ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً .

وَمَنْ شَهِدَ بِحَقٍّ مُشْتَرَكٍ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لَهُ وَأَجْنَبِيٌّ رُدَّتْ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي نَفْسِهَا ، وَقِيلَ : تَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ .
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَصِحُّ [ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى الْقَافِلَةِ لَا عَلَيْنَا ] .

لَا يُقْبَلُ فِي زِنًا وَمُوجِبِ حَدِّهِ إلَّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ ، وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهِ ، وَعَنْهُ : رَجُلَانِ ، وَمَنْ عُزِّرَ بِوَطْءِ فَرْجٍ ثَبَتَ بِرَجُلَيْنِ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ .
وَتَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْحُدُودِ بِرَجُلَيْنِ ، وَكَذَا الْقَوَدُ .
وَعَنْهُ : أَرْبَعَةٌ .
وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ مَرَّةً وَعَنْهُ : أَرْبَعٌ ، نَقَلَ حَنْبَلٌ : يُرَدِّدُهُ وَيُسْأَلُ عَنْهُ لَعَلَّ بِهِ جُنُونًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى مَا رَدَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَيُقْبَلُ فِيمَا لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا ، كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَنَسَبٍ وَوَلَاءٍ وَإِيصَاءٍ ، أَوْ تَوْكِيلٍ فِي غَيْرِ مَالٍ ، رَجُلَانِ ، وَعَنْهُ : وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، وَعَنْهُ : أَوْ يَمِينٌ ، ذَكَرَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَاخْتَارَهَا شَيْخُنَا وَلَمْ أَجِدْ مُسْتَنَدَهَا عَنْ أَحْمَدَ ، وَقِيلَ : هُمَا فِي غَيْرِ نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : فِي النِّكَاحِ لَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ، وَاحْتَجَّ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِقَوْلِهِ { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وَالْعَدْلُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ ، كَذَا قَالَ ، وَلَا يَلْزَمُ ، إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا فَلَا نُسَلِّمُهُ ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ إسْقَاطُ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : يَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ، وَعَنْهُ : فِي الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةٌ ، وَيُقْبَلُ طَبِيبٌ وَبَيْطَارٌ وَاحِدٌ لِعَدَمٍ فِي مَعْرِفَةِ [ دَاءِ ] دَابَّةٍ وَمُوضِحَةٍ وَنَحْوِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ قَبُولَ الْوَاحِدِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدَّمَ الْمُثْبِتَ .

وَيُقْبَلُ فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ ، كَبَيْعٍ أَجَّلَهُ وَخِيَارِهِ وَرَهْنٍ وَتَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَرِقٍّ مَجْهُولٍ وَوَصِيَّةٍ لِمُعَيَّنٍ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : إنْ مَلَكَهُ مَا تَقَدَّمَ ، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي ابْنِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ : إنَّمَا شَرَطَ عَدَمَ الرَّجُلَيْنِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ حُضُورُ النِّسَاءِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ شَاهِدَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ ، وَرَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي ، قَالَ أَحْمَدُ : قَضَى بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقِيلَ : وَامْرَأَتَانِ وَيَمِينٌ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : لَوْ قِيلَ امْرَأَةٌ وَيَمِينٌ تَوَجَّهَ ، لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أُقِيمَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي التَّحَمُّلِ ، وَكَخَبَرِ الدِّيَانَةِ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد بَابُ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ صِدْقَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ ، ثُمَّ رَوَى شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهَا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ثُمَّ قَالَ : بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْمَالِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْخَبَرِ الثَّابِتِ مِنْ إفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْ خَبَرِ خُزَيْمَةَ : وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حَكَمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ بِعِلْمِهِ } ، وَجَرَتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ مَجْرَى التَّوْكِيدِ لِقَوْلِهِ ، وَقِيلَ : يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِيهَا وَشَاهِدِي صَادِقٌ فِي شَهَادَتِهِ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْحَقُّ ، وَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ عَلَيْهِ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ .
وَقِيلَ : تُرَدُّ عَلَى رِوَايَةِ الرَّدِّ ، لِأَنَّ سَبَبَهَا نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَمَنْ حَلَفَ مِنْ الْجَمَاعَةِ أَخَذَ نَصِيبَهُ ، وَلَا يُشَارِكُهُ نَاكِلٌ ، وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ نَاكِلٍ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ نُكُولِهِ ، وَعَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ : يَكْفِي وَاحِدٌ ، وَعَنْهُ : إنْ لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا نِسَاءٌ فَامْرَأَةٌ ، وَاحْتَجَّ ابْنُ عَقِيلٍ بِالذِّمَّةِ فِي السَّفَرِ ،

وَسَأَلَهُ ابْنُ صَدَقَةَ : الرَّجُلُ يُوصِي وَيُعْتِقُ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فِي الْحُقُوقِ .
وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ : وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فِي الْحُقُوقِ ، فَأَمَّا الْمَوَارِيثُ فَيَقْرَعُ .

وَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ فِي إيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي مَالٍ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ وَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 1 - 5 ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُقْبَلُ فِي كِتَابَةٍ ، وَالنَّجْمُ الْأَخِيرُ كَعِتْقٍ ، وَقِيلَ : يُقْبَلُ ، وَكَذَا جِنَايَةُ عَمْدٍ لَا قَوَدَ فِيهَا ( م 6 ) فَإِنْ قَبِلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فِي بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ فَرِوَايَتَانِ ( م 7 ) .
وَيُقْبَلُ فِي جِنَايَةٍ خَطَأً ، وَعَنْهُ : لَا ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي مَسْأَلَةِ الْأَسِيرِ تُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَيَمِينُهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ : لَا وَلَاءَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ .
وَفِي الْمُغْنِي قَوْلٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ : يَكْفِي وَاحِدٌ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .

بَابُ ذِكْرِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 - 5 ) قَوْلُهُ : " وَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ فِي إيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي مَالٍ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ وَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ رِوَايَتَانِ " انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 ) هَلْ يُقْبَلُ فِي الْإِيصَاءِ بِالْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ ، أَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : لَا تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) الْوَكَالَةُ بِالْمَالِ هَلْ يُقْبَلُ فِيهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ ، أَوْ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا رَجُلَانِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ : ( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ فِي الْوَكَالَةِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا رَجُلَانِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، فَقَالَ : الْمُعَوِّلُ فِي الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا شَاهِدَانِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3 ) لَوْ ادَّعَى الْأَسِيرُ تَقَدُّمَ إسْلَامِهِ لِمَنْعِ رِقِّهِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ

وَامْرَأَتَانِ ، وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي فِي كِتَابِ الْجِهَادِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ : وَيُنْفَلُ الْإِمَامُ وَمَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَالشَّارِحُ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ ، وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ : بَنَيْتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّبَعَةُ 4 ) لَوْ ادَّعَى قَتْلَ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ ، وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 5 ) لَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ أَوْ التَّدْبِيرَ أَوْ الْكِتَابَةَ ، فَهَلْ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِيهِنَّ أَيْضًا ، وَأَطْلَقَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّدْبِيرِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ فِي الْعِتْقِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، وَرَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي ، قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ : يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْكِتَابَةُ وَالْوَلَاءُ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي الثَّلَاثَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ بَكْرُوسٍ ، ذَكَرَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ صِحَّةَ التَّدْبِيرِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ،

وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ ، وَالْحُكْمُ فِي الْكِتَابَةِ كَذَلِكَ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ فِي الْعِتْقِ أَيْضًا ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ فِي مَوْضِعٍ أَيْضًا ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي مَوْضِعٍ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ فِي الْعِتْقِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا ، فَلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ عِبَارَاتٍ فِي الْمُقْنِعِ ، وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي ، فَتَارَةً اخْتَارَ الْأَوَّلَ ، وَتَارَةً اخْتَارَ الثَّانِيَ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافُ مَالٍ فِي الْحَقِيقَةِ قَالَ بِالْقَبُولِ كَبَقِيَّةِ الْإِتْلَافَاتِ ، وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْعِتْقِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ قَالَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ، وَهِيَ عَدَمُ الْقَبُولِ ، وَصَارَ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَنَحْوِهِمَا ، انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : " وَكَذَا جِنَايَةُ عَمْدٍ لَا قَوَدَ فِيهَا .
يَعْنِي أَنَّ فِيهَا الرِّوَايَتَيْنِ الْمُطْلَقَتَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ ، وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ فِي الْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا ، هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي ، انْتَهَى ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، قَالَ فِي النُّكَتِ : وَقَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، انْتَهَى ؛ وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ فِيهِ

إلَّا رَجُلَانِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ " فَإِنْ قُبِلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فِي بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ فَرِوَايَتَانِ " انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَقَالَ أَيْضًا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِهَاشِمَةِ مَسْبُوقَةٍ بِمُوضِحَةٍ لَمْ يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَشِمِ فِي الْأَقْيَسِ وَلَا الْإِيضَاحِ انْتَهَى .

وَمَنْ أَتَى فِي قَوَدٍ بِدُونِ بَيِّنَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ ، وَعَنْهُ : يَثْبُتُ الْمَالُ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا ، إنْ أَتَى بِهِ سَرِقَةً قُبِلَتْ فِيهِمَا ، لَكِنْ ثَبَتَ الْمَالُ لِكَمَالِ بَيِّنَتِهِ ، وَاخْتَارَ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ : لَا ، كَالْقَطْعِ وَبَنَى فِي التَّرْغِيبِ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ بِالْغُرْمِ عَلَى نَاكِلٍ ، وَإِنْ أَتَى بِهِ رَجُلٌ فِي خُلْعٍ ثَبَتَ الْعِوَضُ وَتَبِينُ بِدَعْوَاهُ ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَةٌ ادَّعَتْهُ لَمْ يَثْبُتْ ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ ثَبَتَ الْمَهْرُ ، لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ لَهُ ، وَإِنْ أَتَى بِهِ رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً بِيَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهَا وَلَدُهُ فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ ، وَفِي ثُبُوتِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ ( م 8 ) وَقِيلَ : يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَقَطْ بِدَعْوَاهُ
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : " وَفِي حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ " انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ : ( إحْدَاهُمَا ) لَا يَثْبُتَانِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَثْبُتَانِ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ .

وَيُقْبَلُ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ ، كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَحَيْضٍ وَرِضَاعٍ ، وَعَنْهُ : وَتَحْلِفُ فِيهِ ، وَوِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةِ امْرَأَةٍ لَا ذِمِّيَّةٍ ، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : فَيَجِبُ أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ ، وَكَالْخَبَرِ ، وَلَا أَعْرِفُ عَنْ إمَامِنَا مَا يَرُدُّهُ ، وَهُنَا ذَكَرَ الْخَلَّالُ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَةٍ ، وَسَأَلَهُ حَرْبٌ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ ؟ قَالَ : يَجُوزُ ، وَعَنْهُ : يُقْبَلُ امْرَأَتَانِ ، وَالرَّجُلُ فِيهِ كَالْمَرْأَةِ وَكَذَا الْجِرَاحَةُ وَغَيْرُهَا فِي حَمَّامٍ وَعُرْسٍ وَمَا لَا يَحْضُرُهُ رِجَالٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ .
وَلَوْ ادَّعَتْ إقْرَارَ زَوْجِهَا بِأُخُوَّةِ رَضَاعَةٍ فَأَنْكَرَ .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَقُلْنَا : تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ ، لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ نِسَاءٌ فَقَطْ ، وَتَرْكُ الْقَابِلَةِ وَنَحْوِهَا الْأُجْرَةَ لِحَاجَةِ الْمَقْبُولَةِ أَفْضَلُ ، وَإِلَّا دَفَعَتْهَا لِمُحْتَاجٍ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .

وَلَا يَصِحُّ أَدَاءُ شَهَادَةٍ إلَّا بِلَفْظِهَا فَلَا يُحْكَمُ بِقَوْلِهِ أَعْلَمُ وَنَحْوِهِ ، وَعَنْهُ تَصِحُّ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَشَيْخُنَا ، وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَأَخَذَهَا مِنْ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ : أَقُولُ إنْ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ ، فَقَالَ أَحْمَدُ : مَتَى قُلْت فَقَدْ شَهِدْت .
وَقَالَ لَهُ ابْنُ هَانِئٍ : تُفَرِّقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالشَّهَادَةِ فِي أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : لَا .
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَهَلْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا وَاحِدٌ ؟ وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الْعِلْمُ شَهَادَةٌ ، زَادَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وَقَالَ { وَمَا شَهِدْنَا إلَّا بِمَا عَلِمْنَا } وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : أَظُنُّ أَنِّي سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : هَذَا جَهْلٌ عَنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا أَشْهَدُ أَنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ .
وَقَالَ : قَالَ أَحْمَدُ : حُجَّتُنَا فِي الشَّهَادَةِ لِلْعَشَرَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، يَعْنِي قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتَلَاكُمْ فِي النَّارِ .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : قَالَ أَبِي : فَلَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ إلَّا بِالشَّهَادَةِ .
قَالَ شَيْخُنَا : لَا نَعْرِفُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ اشْتِرَاطَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ ، وَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إطْلَاقُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَبَرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ لَفْظِهِ أَشْهَدُ .
وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَهُ طَوْعًا فِي صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا ، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ .
وَلَا تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ إلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ حَاضِرٍ مَعَ نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ ، لِسُرْعَةِ فَصْلِ الْحُكْمِ .
قَالَ شَيْخُنَا : وَلَا يُعْتَبَرُ : وَأَنَّ الدِّينَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ ، بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ

عِنْدَهُ سَبَبُ الْحَقِّ إجْمَاعًا .
وَإِنْ عُقِدَ نِكَاحٌ بِلَفْظٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ قَالَ حَضَرْته وَأَشْهَدُ بِهِ ، وَيَصِحُّ : وَشَهِدْت بِهِ ، وَقِيلَ : لَا ، كَأَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا ، وَمَنْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَقَالَ آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ ، أَوْ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي ، أَوْ بِذَلِكَ ، أَوْ كَذَلِكَ أَشْهَدُ ، فَفِي الرِّعَايَةِ : يُحْتَمَلُ أَوْجُهًا ، الثَّالِثُ يَصِحُّ فِي : وَبِذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ فَقَطْ ، وَهُوَ أَشْهَرُ ( م 9 ) .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : " وَمَنْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَقَالَ آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ ، أَوْ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي ، أَوْ بِذَلِكَ ، أَوْ كَذَلِكَ أَشْهَدُ .
فَفِي الرِّعَايَةِ يُحْتَمَلُ أَوْجُهًا ، الثَّالِثُ يَصِحُّ فِي : وَبِذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَقَطْ ، وَهُوَ أَشْهَرُ ، " انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَالثَّالِثُ الصِّحَّةُ فِي قَوْلِهِ : وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ ، وَكَذَلِكَ أَشْهَدُ ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ .
وَقَالَ فِي النُّكَتِ : وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ أَوْلَى ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ .

تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي حَقٍّ يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي إنْ تَعَذَّرَ شُهُودُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ : أَوْ مَرَضٍ ، أَوْ خَوْفٍ ، أَوْ غَيْبَةٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ ، وَقِيلَ : فَوْقَ يَوْمٍ ، وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رِوَايَةَ الْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَتَغَيَّرَ حَالُهُ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَوَادِثِ ، وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ : وَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا ، وَهَذَا دَأْبُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ ، قَالَ : وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ كَكَلَامِ الشَّارِحِ إنْ وَجَدَ مَا يَصْرِفُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَإِلَّا لَمْ يُصْرَفْ ، وَإِنْ حَضَرُوا أَوْ صَحَوْا قَبْلَ الْحُكْمِ وَقَفَ عَلَيْهِمْ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ فَرْعٌ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ الْأَصْلُ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً : أَوَّلَا ، قَدَّمَهَا فِي التَّبْصِرَةِ ، وَإِنْ اسْتَرْعَى غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ ( م 1 ) فَيَقُولُ : اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا ، وَالْأَشْبَهُ : أَوْ اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا ، فَإِنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ يَعْزُوهَا إلَى سَبَبٍ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ جَازَ ، وَعَنْهُ : إنْ اسْتَرْعَاهُ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَيُؤَدِّيهَا الْفَرْعُ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ .
قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ : وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا : وَفِي التَّرْغِيبِ : يَنْبَغِي ذَلِكَ .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَمَعْنَاهُ فِي التَّرْغِيبِ : يَكْفِي الْعَارِفَ : أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ كَذَا .
وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ بِشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : لَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى هَذَا ، وَعَنْهُ : عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا عَلَى شَاهِدِ شَاهِدٍ .
وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ : بِأَرْبَعَةٍ عَلَى [ كُلِّ ] أَصْلٍ فَرْعَانِ ، وَعَنْهُ : تَكْفِي شَهَادَةُ رَجُلٍ عَلَى اثْنَيْنِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَيَتَحَمَّلُ فَرْعٌ مَعَ أَصْلٍ ، وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ عَلَى فَرْعٍ ؟ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَاضِي [ إلَى الْقَاضِي ] .

بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ اسْتَرْعَى غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ " وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ عَلَى فَرْعٍ ؟ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي " ، انْتَهَى .
قَالَ هُنَاكَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرُوا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ، لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ ، وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ .
وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ نَقْضُ الْحُكْمِ بِإِنْكَارِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ ، وَلَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ ، بَلْ يُمْنَعُ إنْكَارُهُ الْحُكْمَ ، كَمَا يَمْنَعُ رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ الْحُكْمَ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ ، وَهُوَ أَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ ، وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ فَرْعًا لِأَصْلٍ ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي فَرْعِ الْفَرْعِ انْتَهَى ، فَجَوَّزَ أَنْ يَتَحَمَّلَ فَرْعٌ ، عَلَى فَرْعٍ ، فَلِذَلِكَ أَحَالَ هُنَا عَلَيْهِ .

وَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ : لَا ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَعَنْهُ : لَا فِي الْفَرْعِ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : الْمَشْهُورُ لَا فِي الْأَصْلِ ، وَفِي الْفَرْعِ رِوَايَتَانِ ، فَيُقْبَلُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَّا عَلَى الثَّانِيَةِ ، وَيُقْبَلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى مِثْلِهِمْ أَوْ عَلَى رَجُلَيْنِ عَلَى الْأُولَى فَقَطْ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : الشَّهَادَةُ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، لِتَعَدُّدِهِمْ .

وَيُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ عَدَالَةُ الْكُلِّ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْفُرُوعِ تَعْدِيلُ أُصُولِهِمْ وَيُقْبَلُ ، وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمْ لَهُمْ .
قَالَ الْقَاضِي : حَتَّى لَوْ قَالَ تَابِعِيَّانِ أَشْهَدَنَا صَحَابِيَّانِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُعَيِّنَاهُمَا ؛ وَلَا يُزَكِّي أَصْلٌ رَفِيقَهُ وَإِنْ رَجَعَ الْأُصُولُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَضْمَنُوا ، وَقِيلَ : بَلَى ، كَمَا لَوْ رَجَعَ الْفُرُوعُ وَلَمْ يَقُولُوا بَانَ كَذِبُ الْأُصُولِ أَوْ غَلَطُهُمْ ، وَإِنْ قَالُوا بَعْدَ الْحُكْمِ : مَا أَشْهَدْنَاهُمْ ، لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ .
وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ : كَذَبْنَا أَوْ غَلَطِنَا ، فَفِي الْمُحَرَّرِ : ضَمِنُوا ، وَقِيلَ : لَا ( م 2 ) وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَا فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ وَتَعَذَّرَ الْآخَرُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ : إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا ، لِتَأَكُّدِ الشَّهَادَةِ ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : " وَلَوْ قَالَ الْأُصُولُ : كَذَبْنَا أَوْ غَلِطْنَا ، فَفِي الْمُحَرَّرِ : ضَمِنُوا ، وَقِيلَ : لَا " ، انْتَهَى .
مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَا يَضْمَنُونَ .

وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ أَدَّى بَعْدَ إنْكَارِهَا قُبِلَ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، كَقَوْلِهِ : لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ ، وَقِيلَ : لَا ، كَبَعْدِ الْحُكْمِ ، وَقِيلَ : يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَإِنْ رَجَعَ لَغَتْ وَلَا حُكْمَ ، وَلَمْ يَضْمَنْ ، وَتَقَدَّمَ هَلْ يُحَدُّ فِي قَذْفٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يُحَدُّ ، فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا أَتَى بِحَدٍّ فِي صُورَةِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يُكْمِلْ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : يُحَدُّ ، فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا فَلَا ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ ( م 3 )
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : " فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ " ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُعِيدُهَا ، بَلْ يَكْتَفِي بِالْأَوَّلِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) لَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا .

وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْحُكْمِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَيَضْمَنُونَ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُمْ مَشْهُودٌ لَهُ لَا مَنْ زَكَّاهُمْ .
وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقَرَابَةِ وَشُهُودُ الشِّرَاءِ غَرِمَ شُهُودُ الْقَرَابَةِ ، وَخَرَجَ فِي الِانْتِصَارِ كَشُهُودِ زِنًا وَإِحْصَانٍ .
وَفِيهِ لَوْ رَجَعَ شُهُودُ يَمِينٍ بِعِتْقِهِ وَشُهُودٌ بِحِنْثِهِ فَظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ يَغْرَمُهُ شُهُودُ الْيَمِينِ ، وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَصْحَابِنَا : بَيْنَهُمَا ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ

وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ إلَّا قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ بَدَلُهُ ، وَعَنْهُ : وَبَعْدَهُ كُلُّهُ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا : مَهْرُ الْمِثْلِ .

وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ لَمْ يُسْتَوْفَ فَتَجِبُ دِيَةُ الْقَوَدِ ، فَإِنْ وَجَبَ عَيْنًا فَلَا ، وَقِيلَ بِالِاسْتِيفَاءِ إنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَالُوا أَخْطَأْنَا غَرِمُوا دِيَةَ مَا تَلِفَ أَوْ أَرْشَ الضَّرْبِ .
نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَلَى عَدَدِهِمْ ، وَإِنْ رَجَعَ وَاحِدٌ غَرِمَ بِقِسْطِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : الْكُلُّ .
وَإِنْ رَجَعَ الزَّائِدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ اسْتَوْفَى ، وَيُحَدُّ الرَّاجِعُ لِقَذْفِهِ ، وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ لِقَذْفِهِ .
مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ ، وَقِيلَ : لَا يَغْرَمُ شَيْئًا ، قِيلَ : هُوَ أَقْيَسُ ، فَلَوْ رَجَعَ مِنْ خَمْسَةٍ فِي زِنَا اثْنَانِ فَهَلْ عَلَيْهِمَا خُمُسَانِ أَوْ رُبُعٌ ، أَوْ اثْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَتْلٍ ، فَالثُّلُثَانِ أَوْ النِّصْفُ ؟ فِيهِ الْخِلَافُ .

وَإِنْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ فِي مَالٍ غَرِمَ سُدُسًا ، وَقِيلَ : نِصْفًا ، وَقِيلَ : هُوَ كَأُنْثَى وَهُنَّ الْبَقِيَّةُ ، وَكَذَا رِضَاعٌ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : إلَّا أَنَّهُ لَا تَشْطِيرَ ، وَإِنَّا إنْ قُلْنَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِامْرَأَتَيْنِ فَالْغُرْمُ بِالتَّسْدِيسِ .

وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوهُ أَسْدَاسًا ، وَعَنْهُ شُهُودُ الزِّنَا نِصْفٌ ، وَكَذَا الْإِحْصَانُ ، وَقِيلَ : لَا يَضْمَنَانِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالشَّرْطِ لَا بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ ، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الْجِهَتَيْنِ غُرِّمُوا دِيَةً ، وَقِيلَ : نِصْفَهَا ، وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ وَشَاهِدُ الْإِحْصَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ الزِّنَا غَرِمَا ثُلُثَا دِيَةٍ .
وَعَلَى الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ .

وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ تَعْلِيقِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَشُهُودُ شَرْطِهِ غَرِمُوا بِعَدَدِهِمْ ، وَقِيلَ : كُلُّ جِهَةٍ نِصْفَهُ ، وَقِيلَ : كُلُّهُ شُهُودُ التَّعْلِيقِ ، وَإِنْ رَجَعَ شُهُودٌ بِكِتَابَةٍ غَرِمُوا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمُكَاتَبًا ، فَإِنْ عَتَقَ فَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ ، وَقِيلَ : كُلَّ قِيمَتِهِ ، وَكَذَا شُهُودٌ بِاسْتِيلَادٍ ، قَالَ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ فِي بَيْعِ وَكِيلٍ بِدُونِ ثَمَنٍ مِثْلُ لَوْ شَهِدَا بِتَأْجِيلٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا تَفَاوَتَ مَا بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ .

وَإِنْ حَكَمَ بِمَالٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ فَنَصُّهُ : يَغْرَمُ الْكُلَّ ، لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى يَمِينِهِ ، وَكَيَمِينِهِ مَعَ بَيِّنَةٍ عَلَى غَائِبٍ ، وَقِيلَ : النِّصْفَ ( م 4 ) وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ : وَيَجُوزُ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ أَنْ تُسْمَعَ يَمِينُ الْمُدَّعَى قَبْلَ الشَّاهِدِ .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ حَكَمَ بِمَالٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ فَنَصُّهُ : يَغْرَمُ الْكُلَّ ، لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى يَمِينِهِ ، وَكَيَمِينِهِ مَعَ بَيِّنَتِهِ عَلَى غَائِبٍ ، وَقِيلَ .
النِّصْفَ " ، انْتَهَى .
الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ : يَغْرَمُ النِّصْفَ فَقَطْ ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، خَرَّجَهُ مَنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَلِقُوَّةِ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُفْصِحَ بِتَقْدِيمِ الْمَنْصُوصِ .

وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ تَزْكِيَةٍ فَكَرُجُوعِ مَنْ زَكَّوْهُمْ ، وَلَا ضَمَانَ بِرُجُوعٍ عَنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ بَرَاءَةٍ مِنْهَا ، أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ، أَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمٍ عَمْدٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ مَالًا .
وَفِي الْمُبْهِجِ قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا لَا يَصِحُّ ، لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَضَمَّنُهُ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ وَالْقَوَدُ قَدْ يَجِبُ بِهِ مَالٌ .
وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلْأَوَّلَةِ فَكَرُجُوعِهِ ، وَأَوْلَى ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَقَالَ فِي شَاهِدٍ قَاسَ بِكَذَا وَكَتَبَ خَطَّهُ بِالصِّحَّةِ فَاسْتَخْرَجَ الْوَكِيلُ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ قَاسَ وَكَتَبَ خَطَّهُ بِزِيَادَةٍ فَغَرِمَ الْوَكِيلُ الزِّيَادَةَ قَالَ : يَضْمَنُ الشَّاهِدُ مَا غَرِمَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهِ ، تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ أَخْطَأَ ، كَالرُّجُوعِ .

وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ زُورٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ عَلِمَ كَذِبَهُ وَتَعَمَّدَهُ عَزَّرَهُ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، فَإِنْ تَابَ فَوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي ، فَيُتَوَجَّهَانِ فِي تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ ، كَأَنَّهُمَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَدِّ ( م 5 و 6 ) وَلَهُ فِعْلُ مَا رَآهُ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا .
وَفِي الْمُغْنِي أَوْ مَعْنَى نَصٍّ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عُقُوبَاتٍ إنْ لَمْ يَرْتَدِعْ إلَّا بِهِ وَنَقَلَ مُهَنَّا كَرَاهَةَ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ وَلَا يُعَزَّرُ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ ، وَلَا يُغَلِّطُهُ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ رُجُوعِهِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي التَّرْغِيبِ : إنْ ادَّعَى شُهُودَ الْقَوَدِ الْخَطَأَ عُزِّرُوا .
مَسْأَلَةٌ 5 ، 6 ) قَوْلُهُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ : " فَإِنْ تَابَ فَوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي " ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ ، عَدَمُ السُّقُوطِ هُنَا ، قَالَ الْمُصَنِّفُ : فَيُتَوَجَّهُ وَجْهَانِ فِي كُلِّ تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ ، كَأَنَّهُمَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَدِّ انْتَهَى ، وَهَذِهِ ( مَسْأَلَةٌ 6 ) أُخْرَى ، وَالصَّوَابُ أَيْضًا عَدَمُ السُّقُوطِ .
فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْتِزَامُهُ ، بِشَرْطِ كَوْنِهِ بِيَدِهِ وَوِلَايَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ ، لَا مَعْلُومًا ، وَظَاهِرُهُ : وَلَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ، أَوْ مَوْرُوثِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ بِحَقٍّ فِي مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَأَنَّ الْأَبَ لَوْ أَقَرَّ عَلَى ابْنِهِ إذَا كَانَ وَصِيَّهُ صَحَّ ، وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدْ ذَكَرُوا : إذَا اشْتَرَى شِقْصًا فَادُّعِيَ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ فَقَالَ اشْتَرَيْته لِابْنِي أَوْ لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ : لَا شُفْعَةَ ، لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ صَغِيرٍ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ ، وَقِيلَ : بَلَى ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِيهِ ، كَعَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ وَذَكَرُوا : لَوْ ادَّعَى الشَّرِيكُ عَلَى حَاضِرٍ بِيَدِهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشُّفْعَةِ فَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ ، لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ يُصَدَّقُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيمَا بِيَدِهِ كَإِقْرَارِهِ بِأَصْلِ مِلْكِهِ ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّك بِعْت نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فَقَالَ نَعَمْ ، فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ، وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الشَّفِيعِ .

كِتَابُ الْإِقْرَارِ ( تَنْبِيهَاتٌ ) ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : فِيمَنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ " وَقَدْ ذَكَرُوا إذَا اشْتَرَى شِقْصًا فَادَّعَى عَلَيْهِ الشُّفْعَةَ فَقَالَ اشْتَرَيْته لِابْنِي أَوْ لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ : لَا شُفْعَةَ ، لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ صَغِيرٍ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ ، وَقِيلَ : بَلَى ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِيهِ ، كَعَيْبٍ فِي بَيْعِهِ " انْتَهَى .
أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي إقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى مُوَلِّيهِ لِأَجْلِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ ، وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ فَقَالَ : وَلَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ فَفِي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ ، وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ أَحَدَهُمَا ، وَذَكَرْنَا مَنْ أَطْلَقَ وَقَدَّمَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا صِحَّةُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مُطْلَقًا ، وَذَكَرَ هَذَا طَرِيقَةً .

وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : لَيْسَ إقْرَارُهُ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ إقْرَارًا بَلْ دَعْوَى أَوْ شَهَادَةً يُؤَاخَذُ بِهَا إنْ ارْتَبَطَ الْحُكْمُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَوْ شَهِدَا بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ رَجُلٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ ، كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ ، لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكٍ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ ، وَقِيلَ فِيهِ : لَا ، لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ ، وَلَوْ مَلَكَاهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ ، وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ مَنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ ، وَإِنْ رَجَعَا اُحْتُمِلَ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ : يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ بِيَدِهِ وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَقِيلَ : لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا .
وَقَالَ الْقَاضِي : لِلْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مَعَ صِدْقِهِمَا التَّرِكَةُ لِلسَّيِّدِ وَثَمَنُهُ ظُلْمٌ ، فَيَتَقَاصَّانِ ، وَمَعَ كَذِبِهِمَا هِيَ لَهُمَا

( الثَّانِي ) قَوْلُهُ أَيْضًا فِي شَرْطِ مَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ " ثُمَّ ذَكَرَ الْأَزَجِيُّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَوْ شَهِدَا بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ رَجُلٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ ، كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ ، وَقِيلَ فِيهِ : لَا ، لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ ، وَلَوْ مَلَكَاهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ ، وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ مَنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ " وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ ، وَإِنْ رَجَعَا اُحْتُمِلَ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ ، وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا .
وَقَالَ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ التَّرِكَةِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسْأَلَتَيْنِ أَطْلَقَ فِيهِمَا الْخِلَافَ حِكَايَةً عَنْ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَأَتَى بِهَا اسْتِشْهَادًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، وَالْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا وَمَاتَ اسْتَحَقَّا إرْثَهُ ، لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ وَاحِدٌ وَرِثَهُ ، فَكَذَا إذَا رَجَعَا وَرِثَاهُ .
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ إذَا لَمْ يَرْجِعَا يَكُونُ إرْثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ، لِأَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ حُرٌّ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمَا ، لَكِنْ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمَا أَعْتَقَهُ وَرِثَاهُ بِالْوَلَاءِ إنْ كَانَا أَهْلًا لَهُ .

وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا فَرُدَّتْ فَبَذَلَا مَالًا لِيَخْلَعَهَا صَحَّ ، وَقَالَ شَيْخُنَا : وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ إنْشَاءً ، كَقَوْلِهِ : قَالُوا أَقْرَرْنَا ، فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ وَأَرَادَ : أَنْشَأَ تَمْلِيكَهُ ، صَحَّ ، كَذَا قَالَ .

وَنَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ بِدَيْنٍ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا : إقْرَارُهُ جَائِزٌ ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ وَلَيْسَتْ زَوْجَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ تَلْجِئَةً فَيُرَدَّ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ فَدَعْوَى أَوْ شَهَادَةٌ ، فَإِذَا صَارَ بِيَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ شَرْعًا لَزِمَهُ حُكْمُ إقْرَارِهِ شَرْعًا ، وَيَصِحُّ مَعَ إضَافَةِ الْمِلْكِ إلَيْهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ مِنْ سَفِيهٍ بِمَالٍ ، لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا ، وَيُتْبَعُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ ، وَمِثْلُهُ نَذْرٌ صَدَّقَتْهُ بِهِ ، فَيُكَفِّرُ بِصَوْمٍ إنْ لَمْ يَصِحَّ وَيُتْبَعُ بِغَيْرِ مَالٍ فِي الْحَالِ وَبِطَلَاقٍ .
وَيُتَوَجَّهُ : بِنِكَاحٍ إنْ صَحَّ مِنْهُ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ ، كَإِنْشَائِهِ ، قَالَ : وَيَصِحُّ مِنْ السَّفِيهَةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ احْتِمَالًا يُضَعِّفُ قَوْلَهَا وَلِلتُّهْمَةِ ، وَفِي صِحَّةِ عَفْوِ وَلِيِّ قَوَدٍ إلَى مَالٍ وَجْهَانِ .
الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : " وَفِي صِحَّةِ عَفْوِ وَلِيِّ قَوَدٍ إلَى مَالٍ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَزَجِيِّ ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ ، وَإِلَّا فَلَيْسَ مَحَلُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَذَا الْمَكَانَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَوَدِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَكَانَا مُحْتَاجَيْنِ هَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ رِوَايَتَيْنِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ، إنَّمَا عَفَا فِيهَا وَلِيُّ الْقَوَدِ ، وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا فَلَعَلَّهُ حَصَلَ بَعْضُ سَقْطٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ صَحَّ تَصَرُّفُ صَبِيٍّ بِإِذْنٍ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي قَدْرِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، كَعَبْدٍ قَبْلَ حَجْرِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ ، وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ : وَبَعْدَهُ ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فَأَقَرَّ جَازَ ، وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بِهِ صَحَّ ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَالتَّرْغِيبُ وَغَيْرُهُمَا ، وَقِيلَ : فِي صَبِيٍّ فِي الْيَسِيرِ ، وَمَنَعَ فِي الِانْتِصَارِ عَدَمَ صِحَّتِهِ ، ثُمَّ سَلَّمَ لِعَدَمِ مَصْلَحَتِهِ فِيهِ ، وَكَذَا الدَّعْوَى وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفُ وَنَحْوُهُ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي طَلَاقِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلِ الْيَمِينِ بِمَجْلِسِ حُكْمٍ لِدَفْعِ دَعْوَى ، وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إقْرَارِ مُمَيِّزٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : فِي إقْرَارِهِ رِوَايَتَانِ ، أَصَحُّهُمَا : يَصِحُّ ، نَصَّ عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ فِي قَدْرِ إذْنِهِ ، وَحَمَلَ الْقَاضِي إطْلَاقَ مَا نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَبْلُغَ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : هُوَ حَمْلٌ بِلَا دَلِيلٍ ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ : الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا .

وَذَكَرَ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُمَيِّزَ إنْ أَقَرَّا بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ طَلَاقٍ لَزِمَ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ أُخِذَا بَعْدَ الْحَجْرِ ، كَذَا قَالَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي السَّفِيهِ .

وَإِنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ ( م 1 ) وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُحَرَّرِ ، لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يُصَدَّقُ صَبِيٌّ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِلَا يَمِينٍ ، وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ لَمْ يُحَلَّفْ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : مَنْ أَنْكَرَهُ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ أَوْ ادَّعَاهُ وَأَمْكَنَّا حُلِّفَ إذَا بَلَغَ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : يُصَدَّقُ فِي سِنٍّ يُبْلَغُ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ ، وَيَلْزَمُهُ بِهَذَا الْبُلُوغِ مَا أَقَرَّ بِهِ ، قَالَ : وَعَلَى قِيَاسِهِ الْجَارِيَةُ ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْبَتَ بِعِلَاجٍ وَدَوَاءٍ لَا بِالْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ .
تَقَدَّمَ فِي الدَّعَاوَى تَصْدِيقُ الْمُقِرِّ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : الْمَرَاتِبُ ثَلَاثٌ : الْعُقُودُ ، فَإِنْ صَحَّتْ بِالْمُعَاطَاةِ لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ بَلْ الْقَبْضُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ ، الثَّانِي الْوَكَالَةُ ، فَإِنْ افْتَقَرَتْ إلَى الْقَبُولِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ عَدَمُ الرَّدِّ ، فَلَوْ رُدَّ اُعْتُبِرَ تَجْدِيدُهَا ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُهُ .

مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ " .
( أَحَدُهُمَا ) الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي الْكَافِي : فَإِنْ قَالَ أَقْرَرْت قَبْلَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ : لَوْ ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا حِينَ الْبَيْعِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ دَعْوَى الصِّغَرِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعُقُودِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ دُونَ الْفَسَادِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْبُلُوغِ وَالْإِذْنِ ، قَالَ : وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ وَجْهًا آخَرَ فِي دَعْوَى الصِّغَرِ أَنَّهُ يُقْبَلُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ تَكْلِيفُهُ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ، انْتَهَى .
وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ يُبْطِلُ الْعَقْدَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ ، وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى عَبْدٍ عَدَمَ الْإِذْنِ وَدَعْوَى الصِّغَرِ ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، انْتَهَى .
وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِثْلُ ذَلِكَ ، بَلْ هِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ رَجَبٍ وَغَيْرُهُمَا .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَنْ شُكَّ فِي بُلُوغِهِ " لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ بِيَمِينِهِ " كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ زِيَادَةُ بِيَمِينِهِ ، أَيْ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِ الْبُلُوغِ وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلَا يُحَلَّفُ ، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي .

وَمَنْ أُكْرِهَ لِيُقِرَّ بِدِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِدِينَارٍ أَوْ لِزَيْدٍ فَأَقَرَّ لِعَمْرٍو ، صَحَّ ، وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِقَرِينَةٍ ، كَتَوْكِيلٍ بِهِ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ تَهْدِيدِ قَادِرٍ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ اسْتَفَادَ بِهَا أَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ فَيُحَلَّفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ، كَذَا قَالَ ، وَيُتَوَجَّهُ : لَا يُحَلَّفُ ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ ، وَقِيلَ : يَتَعَارَضَانِ وَتَبْقَى الطَّوَاعِيَةُ فَلَا يُقْضَى بِهَا ، وَلَوْ قَالَ مَنْ ظَاهِرُهُ الْإِكْرَاهُ : عَلِمْت لَوْ لَمْ أُقِرَّ أَيْضًا : أُطْلِقْت فَلَمْ أَكُنْ مُكْرَهًا ، لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ ظَنٌّ مِنْهُ ، فَلَا يُعَارِضُ يَقِينَ الْإِكْرَاهِ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ طَوْعًا ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ يَقْدَمُ إلَى السُّلْطَانِ فَيُهَدِّدُهُ فَيَدْهَشُ فَيُقِرُّ يُؤْخَذُ بِهِ فَيَرْجِعُ وَيَقُولُ هَدَّدَنِي وَدَهِشْت : يُؤْخَذُ ، وَمَا عَلِمَهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْجَزَعِ وَالْفَزَعِ ؟ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ عِنْدَ الْجَزَعِ .

إنْ ادَّعَى جُنُونًا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : يُقْبَلُ أَيْضًا إنْ عُهِدَ مِنْهُ جُنُونٌ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا ، وَيُتَوَجَّهُ قَبُولُهُ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ ، وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ ، فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِوَارِثٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِوَارِثٍ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : أَوْ إجَازَةٍ ، وَظَاهِرُ نَصِّهِ : لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَ فِيهِ : يَصِحُّ مَا لَمْ يُتَّهَمْ ( و م ) وَأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَصِيَّتُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ ثُمَّ يَصِيرُ وَارِثًا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِوَارِثِهِ رِوَايَتَانِ : إحْدَاهُمَا : لَا يَصِحُّ ، وَالثَّانِيَةُ : يَصِحُّ ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِوَارِثٍ ، وَفِي الصِّحَّةِ أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ وَالْأُولَى أَصَحُّ ، كَذَا قَالَ ، وَقَالَ فِي الْفُنُونِ : يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ .
وَقَالَ أَيْضًا : إنَّ حَنْبَلِيًّا اسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِهِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ ، حَنْبَلِيٌّ : لَوْ أَقَرَّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ صَحَّ وَلَوْ نِحْلَةً لَمْ يَصِحَّ ، وَالنِّحْلَةُ تَبَرُّعٌ كَالْوَصِيَّةِ ، فَقَدْ افْتَرَقَ الْحَالُ لِلتُّهْمَةِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، كَذَا فِي الْمَرَضِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْلَا يَلْزَمُ التَّبَرُّعُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ ، وَيَلْزَمُ الْإِقْرَارُ ، وَقَدْ افْتَرَقَ التَّبَرُّعُ وَالْإِقْرَارُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، كَذَا يَفْتَرِقَانِ فِي الثُّلُثِ لِلْوَارِثِ .

وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِالْمَهْرِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : مِنْ الثُّلُثِ ، وَنَقَلَ أَيْضًا : لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَنَّ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةَ بِالزَّائِدِ ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ فِي صِحَّتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا رِوَايَتَيْنِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا : وَيَصِحُّ بِهِ .
وَإِنْ أَقَرَّتْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهَا أَخَذَتْهُ ، نَقَلَهُ مُهَنَّا ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَصِحَّ .

وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِأَخْذِ دَيْنٍ فِي صِحَّةٍ وَمَرَضٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : لَا يَصِحُّ بِقَبْضِ مَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ ، بَلْ حَوَالَةٍ وَمَبِيعٍ وَقَرْضٍ ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا : لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ ، وَكَذَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا فِي صِحَّتِهِ صَحَّ ، لَا أَنَّهُ وَهَبَ وَارِثًا .
وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ ، كَإِنْشَائِهِ ، وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ ، كَالْإِنْشَاءِ ، وَالثَّانِي يَصِحُّ ، لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ لَوْ صُدِّقَ فِيهِ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الْوَارِثِ لَهُ ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبُولِ .
وَفِي النِّهَايَةِ : يُقْبَلُ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا فِي صِحَّتِهِ ، وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ .
وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا : لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ .

وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَجْنَبِيًّا أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ لَا الْمَوْتِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، فَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ : لَا يَلْزَمُ ، لَا بُطْلَانُهُ ، لِأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ ، وَسَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ لِوَارِثٍ ، وَلِهَذَا أَطْلَقَ فِي الْوَجِيزِ الصِّحَّةَ فِيهِمَا ، وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ أَعْطَاهُ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ .
وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لِلْأَجْنَبِيِّ ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : لَا إنْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ .

وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ ، وَهَلْ يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ ، وَعَنْهُ : إنْ جَازَ الثُّلُثُ فَلَا مُحَاصَّةَ .
وَإِنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ أَوْ عَكْسُهُ فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ ، وَفِي الثَّانِيَةِ احْتِمَالٌ فِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ .
كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ .
وَإِنْ قَالَ هَذَا الْأَلْفُ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَصَدَّقُوهُ أَوْ لَا ، تَصَدَّقُوا بِهِ ، وَعَنْهُ : بِثُلُثِهِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ مُلِكَتْ لُقَطَةٌ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ ، وَهَلْ يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ ، وَذَكَرَهُمَا وَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) يَبْدَأُ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ وَلَا يُحَاصُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا : هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ ، وَالشِّيرَازِيُّ فِي مَوْضِعٍ ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .

وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ لَا بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ وَأُخِذَ بِهِ إذَنْ ، كَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ ، وَنَصُّهُ : يُتْبَعُ بِقَوَدِ النَّفْسِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَطَلَبُ جَوَابِ الدَّعْوَى مِنْهُ وَمِنْ سَيِّدِهِ جَمِيعًا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ : مِنْهُ ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهِ الْعَفْوُ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ مَالٍ ، وَقِيلَ فِي إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ رِوَايَتَانِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ : يَصِحُّ فِي غَيْرِ قَتْلٍ .
وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ ، فِي الْمَنْصُوصِ إذَنْ ، وَقِيلَ : بَعْدَ عِتْقِهِ ، كَالْمَالِ .

وَإِنْ أَقَرَّ مَأْذُونٌ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَقَرْضٍ وَجِنَايَةٍ وَغَصْبٍ فَهُوَ كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ ، فَنَصُّهُ : يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَعَنْهُ : بِرَقَبَتِهِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ( م 3 ) وَيُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدٍ عَلَى عَبْدِهِ بِمَا يُوجِبُ مَالًا فَقَطْ ، لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِهِ .
وَفِي الْكَافِي : إنْ أَقَرَّ بِقَوَدٍ وَجَبَ الْمَالُ وَيَفْدِي السَّيِّدُ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَقَرَّ مَأْذُونٌ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَقَرْضٍ وَجِنَايَةٍ وَغَصْبٍ فَهُوَ كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ ، فَنَصُّهُ : يُتْبَعُ بِهِ بِعَبْدٍ عَتَقَهُ ، وَعَنْهُ : بِرَقَبَتِهِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ " انْتَهَى .
الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَهُوَ أَصَحُّ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : ذَكَرَهَا الْقَاضِي ، وَلَا وَجْهَ لَهَا عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَالْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْمَقْطَعِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ ، لَكِنْ يُتْبَعُ بِهِ لِبُعْدِ الْعِتْقِ ، انْتَهَى .

وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَصَّتْ بِكَذَا لَمْ يَلْزَمْ وَلَدَهُ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي جَوَازِهِ بَاطِنًا الرِّوَايَتَانِ .
وَيُتَوَجَّهُ لُزُومُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ، وَمَا صَحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ فَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ وَإِلَّا فَسَيِّدُهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِالْجِنَايَةِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فِي الْأَصَحِّ ، وَبِرَقَبَتِهِ ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، وَإِنْ أَقَرَّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ لِسَيِّدِهِ أَوْ سَيِّدُهُ لَهُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ ، وَقِيلَ : بَلَى إنْ مَلَكَ ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِأَلْفٍ عَتَقَ ، فَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ وَإِلَّا حُلِّفَ ، وَقِيلَ : لَا وَالْإِقْرَارُ لِعَبْدِ غَيْرِهِ إقْرَارٌ لِسَيِّدِهِ ، وَلَا يَصِحُّ لِبَهِيمَةٍ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ ، كَقَوْلِهِ : بِسَبَبِهَا ، زَادَ فِي الْمُغْنِي : لِمَالِكِهَا ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ، وَلَا يَصِحُّ لِدَارٍ إلَّا مَعَ السَّبَبِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ الْبَهِيمَةُ مِثْلُهَا ، لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ ، وَلَوْ قَالَ : لِمَالِكِهَا ، عَلَى سَبَبِ حَمْلِهَا ، فَإِنْ انْفَصَلَ وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَصَّتْ بِكَذَا لَمْ يَلْزَمْ وَلَدُهُ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي جَوَازِهِ بَاطِنًا الرِّوَايَتَانِ " .
مُرَادُهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا فِي بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ ، فِيمَا إذَا وَصَّاهُ بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ ذَلِكَ ، أَوْ جَحَدُوا مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي جَوَازِ قَضَائِهِ بَاطِنًا مَعَ عِلْمِهِ وَتَكْمِيلِ ثُلُثِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَقَدْ صَحَّحْنَا الْمَسْأَلَةَ هُنَاكَ وَبَيَّنَّا الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا ، فَلْيُرَاجَعْ .

وَإِنْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ وَقْفِهِ صَحَّ ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) .
وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ بِمَالٍ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَهُوَ لِلْحَيِّ وَحَيَّيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ، وَقِيلَ : أَثْلَاثًا ، وَإِنْ عَزَاهُ إلَى مَا يَقْتَضِي التَّفَاضُلَ كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ عَمِلَ بِهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : إنْ أَطْلَقَ كُلِّفَ ذِكْرَ السَّبَبِ فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ وَيَبْطُلُ مَا يَبْطُلُ ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُفَسِّرَ بَطَلَ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ فَرَدَّهُ وَمَاتَ الْمُقِرُّ .
وَقَالَ الشَّيْخُ : كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ بِإِقْرَارِهِ ، كَذَا قَالَ ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ ؟ فِيهِ الْخِلَافُ وَصَحَّحَ التَّمِيمِيُّ الْإِقْرَارَ لِحَمْلٍ إنْ ذَكَرَ إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً فَقَطْ ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِغَيْرِهِمَا ، وَيَعْمَلُ بِحَسَبِهِ
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ [ وَقْفِهِ ] صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَيَكُونُ لِمَصَالِحِهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ " وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ ؟ فِيهِ الْخِلَافُ " ، انْتَهَى .
يَعْنِي بِهِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْمَالِ الضَّائِعِ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ : هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبُولُ الْمَالِ الضَّائِعِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ؟ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ ، وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ اللُّزُومَ ، فَكَذَا هُنَا عَلَى هَذَا التَّوْجِيهِ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ جَعَلْتهَا لَهُ أَوْ نَحْوَهُ فَوَعَدَ ، وَيُتَوَجَّهُ : يَلْزَمُهُ ، كَقَوْلِهِ : عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ ، عِنْدَ غَيْرِ التَّمِيمِيِّ ، وَجَزَمَ الْأَزَجِيُّ : لَا يَصِحُّ ، كَأَقْرَضَنِي أَلْفًا .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : وَيَصِحُّ بِمَالٍ لِحَمْلٍ يَعْزُوهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ مِنْ حِينِهِ .

وَإِنْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا فَعَنْهُ : يُقْبَلُ ، لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ ، وَكَبَيْعِ سِلْعَتِهَا ، وَعَنْهُ : لَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا تُنْكَرُ عَلَيْهِمَا بِبَلَدِ غُرْبَةٍ لِلضَّرُورَةِ ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ مُكَاتَبَةٍ وَلَا تَمْلِكُ عَقْدَهُ ، وَعَنْهُ : يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ( م 5 ) وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي : يَصِحُّ إقْرَارُ بِكْرٍ بَالِغٍ بِهِ وَإِنْ جَبَرَهَا الْأَبُ ، قَالَ : لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِمَا لَا إذْنَ لَهُ فِيهِ ، كَصَبِيٍّ أَقَرَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّ أَبَاهُ آجَرَهُ فِي صِغَرِهِ ، وَمَعَ بَيِّنَتِهِمَا يُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا ، فَإِنْ جُهِلَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُبْهِجِ ، وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ .
وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ : الْمُجْبَرُ ، وَإِنْ جَهِلَهُ فُسِخَا ، نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ .
وَفِي الْمُغْنِي : يَسْقُطَانِ ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَلِيَّ ، وَلَا تَرْجِيحَ بِالْيَدِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهَا مَتَى كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا : مَسْأَلَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ ، وَسَبَقَتْ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ ، وَإِنْ أَقَرَّ وَلِيُّهَا بِهِ قُبِلَ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُقِرَّةً لَهُ بِالْإِذْنِ كَالْمُجْبَرَةِ ، وَإِلَّا فَلَا .

مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا فَعَنْهُ : يُقْبَلُ ، لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ ، وَكَبَيْعِ سِلْعَتِهَا ، وَعَنْهُ : لَا ، وَعَنْهُ : يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ " انْتَهَى .
وَأَطْلَقَ الْقَبُولَ وَعَدَمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( إحْدَاهُنَّ ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِي النِّكَاحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يُقْبَلُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ ) : يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ الدَّعَاوَى .

وَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَفَسَخَهُ حَاكِمٌ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ إذَا بَلَغَتْ قُبِلَ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : عَلَى الْأَظْهَرِ ، فَدَلَّ أَنَّ مَنْ ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ ، وَسُئِلَ عَنْهَا الشَّيْخُ فَلَمْ يُجِبْ ، وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَجَحَدَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : تَحِلُّ لَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ صَحَّ وَوَرِثَهُ .

وَيُتَخَرَّجُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ بَعْدَهَا : لَا إرْثَ ، فَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَوَجْهَانِ ( م 6 ) فِي الرَّوْضَةِ : الصِّحَّةُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : " فَإِنْ كَذَّبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَوَجْهَانِ " ، انْتَهَى يَعْنِي وَصَدَّقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَلَا يَرِثُهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، قَالَ النَّاظِمُ : وَهُوَ أَقْوَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ وَيَرِثُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : الصِّحَّةُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا ، قَالَ فِي النُّكَتِ : قَطَعَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ .

وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ أَنْكَرَ الزَّوْجِيَّةَ فَأَبْرَأَتْهُ فَأَقَرَّ بِهَا : لَهَا طَلَبُهُ بِحَقِّهَا ، وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجٍ أَوْ مَوْلًى أَعْتَقَهُ فَصَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ وَلَمْ يَدْفَعْ بِهِ نَسَبَ غَيْرِهِ قُبِلَ وَلَوْ أَسْقَطَ وَارِثَهُ ، وَكَذَا بِوَلَدٍ ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ مَعَ صِغَرٍ وَجُنُونٍ ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ ، وَقِيلَ : لَا يَرِثُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا ، لِلتُّهْمَةِ ، وَقِيلَ : وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إنْ كَانَ كَبِيرًا عَاقِلًا مَيِّتًا .

وَفِي إقْرَارِ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ تَقَدَّمَتَا ( م 7 ) ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَبٍ فَكَوَلَدٍ .
وَفِي الْوَسِيلَةِ : إنْ قَالَ عَنْ بَالِغٍ هُوَ ابْنِي أَوْ أَبِي فَسَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، ثَبَتَ نَسَبُهُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ تَكْرَارُهُ فِي الْمَنْصُوصِ ، فَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا بِدُونِهِ ، نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ : النَّسَبُ بِالْوَلَدِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الرَّجُلِ بِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ، فَلَا يُنْكَرُ ، أَوْ بِوَلَدٍ عَلَى فِرَاشِهِ ، أَوْ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَحُرُمِهِ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : " وَفِي إقْرَارِ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ تَقَدَّمَتَا " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ .
( إحْدَاهُمَا ) يَلْحَقُهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَإِنْ أَقَرَّتْ مُزَوَّجَةٌ بِوَلَدٍ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا ، كَغَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ ، وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا ، انْتَهَى ، وَقَدَّمَ مَا قَدَّمَهُ فِي الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هُنَا وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَلْحَقُهَا .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " تَقَدَّمَتَا " يَعْنِي فِي بَابِ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي : وَمَنْ أَقَرَّ بِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولٍ نَسَبُهُ أَنَّهُ وَلَدُهُ وَأَمْكَنَ لَحِقَهُ ، وَقِيلَ : لَا يَلْحَقُ بِامْرَأَةٍ ، وَعَنْهُ : لَا يَلْحَقُ بِمَنْ لَهَا نَسَبٌ مَعْرُوفٌ ، وَأَيُّهُمَا لَحِقَهُ لَمْ يَلْحَقْ الْآخَرَ ، انْتَهَى ، فَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ صِحَّةُ إقْرَارِهَا بِوَلَدٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ ، لِأَنَّهُ أَحَالَهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ، وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ الصِّحَّةَ .
فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ .

وَمَنْ ثَبَتَ نِسْبَةً فَادَّعَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ زَوْجِيَّتَهُ لَمْ يَثْبُتْ ، وَكَذَا دَعْوَى أُخْتِهِ الْبُنُوَّةَ ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَمَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ فَأَقَرَّ بِغَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ كَابْنِ ابْنٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ لَمْ يَصِحَّ ، فَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرَائِضِ .

وَإِنْ أَقَرَّ مَجْهُولٌ نَسَبُهُ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ وَارِثٍ حَتَّى بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ فَصَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ قُبِلَ ، وَمَعَ الْوَلَاءِ يُقْبَلُ إنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُتَخَرَّجُ أَوَّلًا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( و هـ ) تَقَدَّمَ فِي اللَّقِيطِ : مَنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ وَكَانَ تَصَرَّفَ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ وَمَنْ عِنْدَهُ أَمَةٌ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَأَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ قُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَى الْأَمَةِ لَا عَلَى الْأَوْلَادِ ، نَقَلَهُ ابْنُ مُشَيْشٍ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ : يُقْبَلُ مُطْلَقًا تَبَعًا ، وَاحْتِمَالٌ : يُقْبَلُ عَلَيْهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ .
وَقَالَ الْقَاضِي : الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ وَطِئَ يَعْتَقِدُهَا مِلْكَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا مِلْكَ غَيْرِهِ .

وَإِنْ أَقَرَّ وَرَثَةٌ بِدَيْنٍ عَلَى مَوْرُوثِهِمْ قَضَوْهُ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ بِلَا شَهَادَةٍ فَيُقَدَّرُ إرْثُهُ ، إنْ وَرِثَ النِّصْفَ فَنِصْفُ الدَّيْنِ ، كَإِقْرَارِهِ بِوَصِيَّةٍ ، لَا كُلُّ إرْثِهِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : إنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَيَمِينٌ ثَبَتَ ، وَمُرَادُهُ : وَشَهِدَ الْعَدْلُ ، وَهُوَ مَعْنَى الرَّوْضَةِ ، وَفِيهَا : إنْ خَلَّفَ وَارِثًا وَاحِدًا لَا يَرِثُ كُلَّ الْمَالِ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ فَأَقَرَّ بِمَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أَخَذَ رَبُّ الدَّيْنِ كُلَّ مَا بِيَدِهَا .
وَيُقَدَّمُ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ مَيِّتٍ ، وَقِيلَ : مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ وَرَثَتِهِ ، وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَجْهًا ، وَيُقَدَّمُ مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ .

إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَالَ : نَعَمْ ، أَوْ أَجَلْ ، أَوْ صَدَقْت ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ ، أَوْ بِدَعْوَاك ، فَقَدْ أَقَرَّ بِهِ ، وَعَكْسُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا ، أَوْ عَسَى ، أَوْ لَعَلَّ ، أَوْ أَحْسِبُ ، أَوْ أَظُنُّ ، أَوْ أُقَدِّرُ ، أَوْ خُذْ ، أَوْ اتَّزِنْ ، أَوْ اُحْرُزْ ، أَوْ افْتَحْ كُمَّك ، وَكَذَا فِي الْأَصَحِّ أَنَا أُقِرُّ ، أَوْ لَا أُنْكِرُ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ زَادَ : بِدَعْوَاك ، لَمْ يُؤَثِّرْ فِي : أَنَا أُقِرُّ ، وَيَكُونُ مُقِرًّا فِي : لَا أُنْكِرُ ، وَفِي : أَنَا مُقِرٌّ ، أَوْ خُذْهُ ، أَوْ اتَّزِنْهُ ، أَوْ اُحْرُزْهُ ، أَوْ اقْبِضْهُ ، أَوْ هِيَ صِحَاحٌ ، وَجْهَانِ ( م 1 ) قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ : كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك ، أَوْ كَأَنِّي جَحَدْتُك حَقَّك ، أَقْوَى فِي الْإِقْرَارِ مِنْ خُذْهُ .

بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ وَمَا يُغَيِّرُهُ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : " وَفِي أَنَا مُقِرٌّ ، أَوْ خُذْهُ ، أَوْ اتَّزِنْهُ ، أَوْ اُحْرُزْهُ ، أَوْ اقْبِضْهُ ، أَوْ هِيَ صِحَاحٌ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ عِنْدَهُ ، أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ إلَّا فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ .
( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَكُونُ مُقِرًّا ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ فِي غَيْرِ قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي فِي قَوْلِهِ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ أَوْ هِيَ صِحَاحٌ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ .

وَإِنْ قَالَ : أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ ؟ فَقَالَ : بَلَى ، فَقَدْ أَقَرَّ ، لَا نَعَمْ ، وَيُتَوَجَّهُ : بَلَى ، مِنْ عَامِّيٍّ ، كَقَوْلِهِ : عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ ، بِضَمِّ الرَّاءِ ، يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهِ احْتِمَالٌ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : إذَا قَالَ لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَمُقِرٌّ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : [ لَفْظُ ] الْإِقْرَارِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّعْوَى ، فَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك كَذَا ، فَجَوَابُهُ نَعَمْ وَكَانَ إقْرَارًا ، وَإِنْ قَالَ : أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا ؟ كَانَ الْإِقْرَارُ بِبَلَى ، وَفِي { قِصَّةِ إسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ : فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْت عَلَيْهِ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَنْتَ الَّذِي لَقِيتنِي بِمَكَّةَ ؟ قَالَ : فَقُلْت : بَلَى } ، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : فِيهِ صِحَّةُ الْجَوَابِ بِبَلَى ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا نَفْيٌ ، وَصِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهَا ، قَالَ : وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا .

وَإِنْ قَالَ : أَعْطِنِي ، أَوْ اشْتَرِ ثَوْبِي هَذَا ، أَوْ أَلْفًا مِنْ الَّذِي لِي عَلَيْك ، أَوْ إلَيَّ أَوْ هَلْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا ، أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ ، أَوْ إلَّا أَنْ أَقُومَ ، أَوْ فِي عِلْمِ اللَّهِ ، أَوْ عِلْمِي ، أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ ، لَا فِيمَا أَظُنُّ ، أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ ، نَصَّ عَلَيْهَا ، أَوْ لَا تَلْزَمُنِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ، وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ ، فَقَدْ أَقَرَّ .

وَإِنْ قَالَ : بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك ، أَوْ قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ ، كَالْإِقْرَارِ ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَصَوْمُهُ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ تَأْكِيدًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } وَمَعْنَاهُ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، كَذَا قَالَ .
وَقَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْعُقُودُ ، لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَ إيجَابِهَا قَبْلَ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ .
وَفِي الْمُجَرَّدِ : فِي بِعْتُك ، أَوْ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، أَوْ بِعْتُك إنْ شِئْت ، فَقَالَ : قَبِلْت ، أَوْ قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ ، صَحَّ .
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ قَدَّمَهُ نَحْوَ إنْ شَاءَ فُلَانٌ ، أَوْ قَدِمَ : فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا ، أَوْ إنْ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَيَّ بِكَذَا صَدَّقْته ، لَمْ يَصِحَّ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ إنْ جَاءَ وَقْتُ كَذَا فَعَلَيَّ لِفُلَانٍ كَذَا ، أَوْ إنْ شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ بِكَذَا فَهُوَ صَادِقٌ ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُهُ إلَّا مَعَ ثُبُوتِهِ ، فَيَصِحُّ إذَنْ .

وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ ، نَحْوُ : لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ ، أَوْ قَدِمَ ، أَوْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ ، أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ ، فَوَجْهَانِ ( م 2 - 4 ) وَيَصِحُّ : لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ جَاءَ وَقْتُ كَذَا ، لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْمَحَلِّ ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ عَكْسِهَا ، وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ فِيهِمَا ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَجَلٍ أَوْ وَصِيَّةٍ قُبِلَ ، وَمَنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ لِسَانِهِ ، كَعَرَبِيٍّ بِعَجَمِيَّةٍ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ مَا قُلْته ، قُبِلَ بِيَمِينِهِ .

مَسْأَلَةٌ 2 - 4 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ نَحْوُ : لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ ، أَوْ قَدِمَ أَوْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ ، أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ فَوَجْهَانِ " انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ قَدِمَ فُلَانٌ ، فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ ، فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَالْحُكْمُ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي ذَلِكَ ، وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا هُنَا أَيْضًا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ ، فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ مُقِرًّا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : يَكُونُ مُقِرًّا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي

وَإِنْ قَالَ : لَهُ [ عَلَيَّ ] مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ ، أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ ، أَوْ لَمْ أَقْبِضْهُ ، أَوْ مِنْ مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَادَةً مَعَ فَسَادِهِ ، أَوْ بِكَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ ، فَقِيلَ : لَا يَلْزَمُهُ ، كَعَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مِائَةٌ ، وَقِيلَ بَلَى ( م 5 - 7 ) كَمِنْ مُضَارَبَةٍ أَوْ مِنْ وَدِيعَةٍ ، لِحَمْلِهِ عَلَى التَّعَدِّي فِيهِمَا ، وَكَعَلَيَّ مِائَةٌ لَا تَلْزَمُنِي ، وَحُكِيَ فِيهَا احْتِمَالٌ ، وَإِنْ قَالَ : كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَقَضَيْته ، أَوْ بَعْضَهُ ، قُبِلَ بِيَمِينِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا ، قَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَعَنْهُ : فِي بَعْضِهِ ، وَعَنْهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ فَيُطَالَبُ بِرَدِّ : جَوَابٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ هِيَ أَشْهَرُ وَعَنْهُ : مُقِرٌّ [ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ ] فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ أَوْ يُحَلِّفُ خَصْمَهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَغَيْرُهُمَا ، كَسُكُوتِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ : لَيْسَ بِإِقْرَارٍ ، وَبَنَى عَلَيْهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ عَبْدِهِ كَذَا ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ ، قَالَ بَعْدَهُ : وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهَا لَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ ؟ وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ : لَا تُسْمَعُ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : بِلَا خِلَافٍ .
وَإِنْ قَالَ : بَرِئَتْ مِنِّي ، أَوْ أَبْرَأَتْنِي ، فَالرِّوَايَاتُ ، وَقِيلَ : مُقِرٌّ ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ : كَانَ ، فَالرِّوَايَاتُ إلَّا الثَّالِثَةَ ، وَحَكَيْت وَجْهًا ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : يُقْبَلُ ، وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ : لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ

( مَسْأَلَةٌ 5 - 7 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ ، أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ ، أَوْ لَمْ أَقْبِضْهُ ، أَوْ مِنْ مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَادَةً مَعَ فَسَادِهِ ، أَوْ بِكَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ ، فَقِيلَ : لَا يَلْزَمُهُ وَقِيلَ : بَلَى " انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5 ) إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ تَكَفَّلْت بِهِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ، فَهَلْ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ : وَالْأَظْهَرُ يَلْزَمُهُ مَعَ ذِكْرِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ .
وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ ، وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ ، وَغَيْرُهُمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهُ ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ : هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ : كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 وَالثَّالِثَةُ 7 ) بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ ، وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ : بَرِئَتْ مِنِّي ، أَوْ أَبْرَأَتْنِي فَالرِّوَايَاتُ ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ : كَانَ ، فَالرِّوَايَاتُ إلَّا الثَّالِثَةَ ، وَحَكَيْت وَجْهًا ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : يُقْبَلُ ، وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ : لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ " انْتَهَى .
يَعْنِي أَنَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الرِّوَايَاتِ

الْمُتَقَدِّمَةَ ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَاتَيْنِ ، وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا ، وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ ، فَكَذَا فِي هَاتَيْنِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَمَنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ ، قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ فِي الْمَنْصُوصِ ، فَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ ، قُبِلَ فِي الضَّمَانِ ، وَفِي غَيْرِهِ وَجْهَانِ ( م 8 ) وَإِنْ سَكَتَ مَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ ثُمَّ قَالَ : زُيُوفٌ ، أَوْ صِغَارٌ ، أَوْ مُؤَجَّلَةٌ ، لَزِمَهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ حَالَّةٌ كَاسْتِثْنَاءٍ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : " وَمَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ ، قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، فَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ ، قُبِلَ فِي الضَّمَانِ .
وَفِي غَيْرِهِ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْمُحَرَّرِ : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَجَلِ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ أَيْضًا ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ : فَإِنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلِ أَجَّلَ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : وَمَنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلٍ صُدِّقَ وَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ يَقْبَلُهُ وَالْحُلُولِ ، وَلِمُنْكِرِ التَّأْجِيلِ يَمِينُهُ ، قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ : الَّذِي يَظْهَرُ قَبُولُ دَعْوَاهُ .

فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ ، أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْهَا كَبَيْعٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَالشَّهَادَةُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ [ أَوْ ] مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، كَمُطْلَقِ عَقْدٍ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ فَسَّرَ إقْرَارَهُ بِسِكَّةٍ دُونَ سِكَّةِ [ الْبَلَدِ ] وَتَسَاوَيَا وَزْنًا فَاحْتِمَالَانِ .
وَنَقَلَ يَزِيدُ بْنُ الْهَيْثَمِ فِيمَنْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقُلْ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرَةً قَالَ : صِحَاحٌ ، قَالَ : شَيْخُنَا : وَمُطْلَقُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مُنَزَّلٌ عَلَى الْعُرْفِ الْخَطَّابِيُّ وَعَادَةِ الْعَمَلِ ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ ، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَغْشُوشَةٍ ، لَا بِمَا لَا فِضَّةَ فِيهِ ، وَإِنْ قَالَ : صِغَارٌ ، قُبِلَ بِنَاقِصِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : وَلِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ ،
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : " فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ ، أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْهَا كَبَيْعٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : هَذَا أَوْلَى ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .

وَإِنْ قَالَ : وَازِنٌ ، فَقِيلَ : يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ ، وَقِيلَ : أَوْ وَازِنَةٌ ( م 10 ) وَإِنْ قَالَ : عَدَدًا لَزِمَاهُ .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ وَازِنٌ ، فَقِيلَ : يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ ، وَقِيلَ : أَوْ وَازِنَةٌ " انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَازِنٌ ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَقِيلَ أَوْ وَازِنَةٌ " قَالَ شَيْخُنَا : صَوَابُهُ " وَقِيلَ وَازِنُهُ " بِإِسْقَاطِ " أَوْ " ، الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ ، وَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُهُ الْوَزْنُ .

فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا فَالْوَجْهَانِ ( م 11 ) وَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ ، أَوْ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ ، أَوْ دُرَيْهِمٌ ، فَدِرْهَمٌ إسْلَامِيٌّ وَازِنٌ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي دُرَيْهِمٍ : يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ وَدِيعَةً قَبَضَهُ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَصُّهُ : يُقْبَلُ ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَكَذَا : ظَنَنْته بَاقِيًا ثُمَّ عَلِمْت تَلَفَهُ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : الظَّاهِرُ : لَا يُقْبَلُ هُنَا .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : " فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا فَالْوَجْهَانِ " انْتَهَى .
يَعْنِي اللَّذَيْنِ أَطْلَقَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي : أَوَّلُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ كَالْقَطْعِيِّ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ وَازِنَةٌ .

تَقَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَسْكُتَ مَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ ، وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ : يَصِحُّ وَلَوْ أَمْكَنَهُ ، وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ كَاسْتِثْنَاءٍ فِي يَمِينٍ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا : وَأَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ صِلَةِ كَلَامٍ مُغَيِّرَةٍ لَهُ ، وَاخْتَارَ أَنَّ الْمُتَقَارِبَ مُتَوَاصِلٌ ، فَإِنْ قَالَ : لَهُ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا ، لَزِمَهُ تِسْعَةٌ ، فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا فَقَالَ : هُوَ الْمُسْتَثْنَى ، قُبِلَ ، فِي الْأَصَحِّ ، كَقَتْلِهِمْ إلَّا وَاحِدًا ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ الدَّارُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ ، أَوْ الدَّارُ لَهُ وَالْبَيْتُ لِي ، صَحَّ ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَهَا ، وَإِنْ قَالَ : إلَّا ثُلُثَيْهَا وَنَحْوَهُ .
أَوْ الدَّارُ لَهُ وَلِي نِصْفُهَا فَاسْتِثْنَاءٌ لِلْأَكْثَرِ وَالنِّصْفِ ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ نَقْدٍ مِنْ آخَرَ ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا هَلْ هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ أَوْ جِنْسَانِ ؟ وَفِي الْمُغْنِي : يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْآخَرِ أَوْ يُعْلَمُ قَدْرُهُ مِنْهُ ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِالْعَكْسِ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : يَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ ثَوْبٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ : بَلْ نَوْعٌ مِنْ آخَرَ ، فَإِنْ صَحَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا رَجَعَ إلَى سِعْرِهِ بِالْبَلَدِ ، كَقَوْلِهِ : لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ بِدِينَارٍ ، وَقِيلَ : يُقْبَلُ مِنْهُ قِيمَتُهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ : إنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ الْمِائَةِ ، وَمَعْنَاهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَفِي الْمُذْهَبِ : يُقْبَلُ فِي النِّصْفِ فَأَقَلَّ ، وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ ، أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا ، لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْأَصَحِّ ، لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ .
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ : " أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا ، لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ " ، انْتَهَى .
صَوَابُهُ " أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ " مَرَّتَيْنِ لَا ثَلَاثَةً ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ " لَكِنَّ الْحُكْمَ صَحِيحٌ ، إذْ لَا فَرَّقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ ، لِرَفْعِ إحْدَى الْجَمَلِ .

وَإِنْ قَالَ : خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا ، فَقِيلَ : يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ ، جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى ، وَقِيلَ : ثَلَاثَةٌ ( م 12 ) وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اسْتِثْنَاءٍ كَسَبْعَةٍ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا ، فَيَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ ، لِأَنَّهُ مِنْ إثْبَاتِ نَفْيٍ وَمِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ ، وَإِنْ قَالَ : عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهَمًا ، لَزِمَهُ عَشَرَةٌ ، إنْ بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ اسْتِثْنَاءٍ بَاطِلٌ بِعَوْدِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ ، لِبُعْدِهِ ، كَسُكُوتِهِ ، وَإِلَّا سِتَّةٌ ، وَإِنْ بَطَلَ النِّصْفُ خَاصَّةً فَثَمَانِيَةٌ ، وَإِنْ صَحَّ فَقَطْ فَخَمْسَةٌ ، وَإِنْ عُمِلَ بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءِ فَسَبْعَةٌ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ : لَهُ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا ، فَقِيلَ : يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ ، جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى ، وَقِيلَ : ثَلَاثَةٌ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ ، جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَإِنْ قَالَ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا وَجَبَ خَمْسَةٌ ، عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَإِلَّا ثَلَاثَةٌ ، انْتَهَى ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لِلْجَمْعِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عِنْدِي رَهْنٌ ، قُبِلَ قَوْلُ الْمَالِكِ إنَّهُ وَدِيعَةٌ ، نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ : إذَا قَالَ : لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ ، قَالَ : هِيَ رَهْنٌ عَلَى كَذَا ، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا رَهْنٌ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ تَخْرِيجًا : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ ، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ .
وَإِنْ قَالَ : عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِوَدِيعَةٍ ، وَقِيلَ : بَلَى ، كَمُتَّصِلٍ ، فَإِنْ زَادَ الْمُتَّصِلَ ، وَقَدْ تَلِفَتْ لَمْ يُقْبَلْ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ ، لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ الْأَمَانَةَ ، وَلَا مَانِعَ ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَقَالَ : هُوَ هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ ، فَفِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ ( م 13 ) وَعَدَمُ الْقَبُولِ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ، وَلَوْ قَالَ : لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ وَدِيعَةً بِشَرْطِ الضَّمَانِ ، لَغَا وَصْفُهُ لَهَا بِالضَّمَانِ ، وَبَقِيَتْ عَلَى الْأَصْلِ ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا ، أَوْ فِي هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ ، فَقَدْ أَقَرَّ ، فَإِنْ فَسَّرَ بِإِنْشَاءِ هِبَةٍ لَمْ يُقْبَلْ ، وَمِثْلُهُ : لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ أَوْ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ أَلْفٌ ، صَحَّ وَفَسَّرَهَا ، قَالَ : وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكَهُ ، فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَقَرَّ وَكَانَ مِلْكَهُ إلَى أَنْ أَقَرَّ أَوْ قَالَ : هَذَا مِلْكِي إلَى الْآنَ ، وَهُوَ لِفُلَانٍ ، فَبَاطِلٌ .
وَلَوْ قَالَ : هُوَ لِفُلَانٍ وَمَازَالَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت ، لَزِمَهُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَزَجِيُّ ، قَالَ : وَلَوْ قَالَ : دَارِي لِفُلَانٍ ، فَبَاطِلٌ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ مِنْ مَالِي أَوْ فِيهِ ، أَوْ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ أَوْ نِصْفُهُ ، أَوْ دَارِي هَذِهِ ، أَوْ نِصْفُهَا أَوْ مِنْهَا ، أَوْ فِيهَا نِصْفُهَا ، صَحَّ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : الْمَشْهُورُ : لَا ، لِلتَّنَاقُضِ ، فَلَوْ

زَادَ : بِحَقٍّ لَزِمَنِي وَنَحْوُهُ ، صَحَّ عَلَيْهِمَا ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : عَلَى الْأَصَحِّ ، فَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى إنْ فَسَّرَ بِهِبَةٍ قُبِلَ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : لَا ، وَفِي الْمُحَرَّرِ : لَهُ مِنْ مَالِي أَلْفٌ ، أَوْ لَهُ نِصْفُ مَالِي إنْ مَاتَ ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فَلَا شَيْءَ ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ ، وَفِي الْمَذْهَبِ : فِي نِصْفِ دَارِي هِبَةٌ .
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْوَصَايَا : هَذَا مِنْ مَالِي لَهُ وَصِيَّةٌ ، وَهَذَا لَهُ ، إقْرَارٌ مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْوَصِيَّةِ .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَقَالَ : هُوَ هَذَا هُوَ وَدِيعَةٌ ، فَفِي قَبُولِ [ قَوْلِ ] الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ : اخْتَارَهُ الْقَاضِي .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، قَالَ الشَّيْخُ : وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ .

وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي أَلْفٌ يَصِحُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ ، وَمِنْ مَالِي وَعْدٌ ، قَالَ : وَقَالَ أَصْحَابُنَا : لَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَالْفَاءِ فِي أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ ، وَلَا يَكُونُ إقْرَارًا إذَا أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَإِنْ قَالَ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَالْخِلَافُ ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ الدَّارُ هِبَةً أَوْ عَارِيَّةً ، عُمِلَ بِالْبَدَلِ ، وَاعْتُبِرَ شَرْطَ هِبَةٍ .
وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ، وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مَنْعُ : لَهُ هَذِهِ الدَّارُ ثُلُثَاهَا ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ صِحَّتَهُ ، وَإِنْ قَالَ : هِبَةَ سُكْنَى أَوْ هِبَةَ عَارِيَّةٍ ، عُمِلَ بِالْبَدَلِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ بُطْلَانُ الِاسْتِثْنَاءِ هُنَا ، لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الرَّقَبَةِ وَبَقَاءُ الْمَنْفَعَةِ ، وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَنَا ، فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ .
وَإِنْ قَالَ غَصَبْتَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ ، لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو ، أَوْ غَصَبْته مِنْهُ وَغَصَبَهُ هُوَ مِنْ عَمْرٍو ، أَوْ هَذَا لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو ، وَدَفَعَهُ لِزَيْدٍ ، وَالْأَصَحُّ : وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِيَدِهِ ، وَقِيلَ : لَا إقْرَارَ مَعَ اسْتِدْرَاكٍ مُتَّصِلٍ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا
تَنْبِيهٌ ، قَوْلُهُ : " وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي أَلْفٌ يَصِحُّ " لَفْظَةُ " أَلْفٍ " الْأُولَى زَائِدَةٌ سَهْوًا مِنْ الْكَاتِبِ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ دَيْنِي " الَّذِي فِي قَوْلِهِ لَهُ دَارِي هَذِهِ أَوْ مِنْ مَالِي أَوْ فِي مَالِي وَنَحْوِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ ، وَقَدْ صَحَّحَ الصِّحَّةَ .

وَإِنْ قَالَ : مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ ، فَقِيلَ : هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَقِيلَ : هُوَ لِعَمْرٍو وَيَغْرَمُهُ لِزَيْدٍ ( م 14 )
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ : مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ فَقِيلَ : هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَقِيلَ : هُوَ لِعَمْرٍو وَيَغْرَمُهُ لِزَيْدٍ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِزَيْدٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَالَ : هَذَا الْأَشْهَرُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَى عَمْرٍو وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ ، قَالَ الشَّيْخُ : هَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَهُوَ الْأَصَحُّ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : وَلَا يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو ، وَفِيهِ وَجْهٌ : الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْغَرَامَةِ لِعَمْرٍو ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَالْوَجْهُ بِأَنَّهُ يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو أَيْضًا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : أَخَذَهُ زَيْدٌ وَأَخَذَ عَمْرٌو قِيمَتَهُ فِي الْأَشْهَرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنْ يُطْلِقَ الْخِلَافَ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِعَمْرٍو فِي : غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو ، وَجْهَانِ ( م 15 ) وَإِنْ قَالَ : أَخَذْته مِنْ زَيْدٍ ، لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِالْيَدِ .
وَإِنْ قَالَ : مَلَكْته ، أَوْ قَبَضْته ، أَوْ وَصَلَ إلَيَّ عَلَى يَدِهِ ، لَمْ يُعْتَبَرْ قَبُولُ زَيْدٍ وَإِنْكَارُهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ ، بَلْ كَانَ سَفِيرًا : وَإِنْ قَالَ : لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو ، أَوْ لِزَيْدٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو مِائَةُ دِينَارٍ ، فَهِيَ لِزَيْدٍ ، وَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو ، كَقَوْلِهِ : بِعْهُ لِزَيْدٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو .
وَقِيلَ : لَهَا الْمِقْدَارَانِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ ، وَعَيَّنَهُ .
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : " وَفِي ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِعَمْرٍو وَفِي : غَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو ، وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) : هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : أَخَذَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شَيْئًا فِي الْأَشْهَرِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو .

وَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالتَّرِكَةِ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو فَهِيَ لِزَيْدٍ ، وَيَغْرَمُهَا لِعَمْرٍو [ وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يَسْتَغْرِقُهَا لَهُ ثُمَّ بِمِثْلِهِ لِعَمْرٍو بِمَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو ] وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ تَشَارَكَا ، قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اشْتِرَاكُهُمَا إنْ تَوَاصَلَ كَلَامُهُ بِإِقْرَارَيْهِ ، وَقِيلَ : يُقَدَّمُ زَيْدٌ ، وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا : يَشْتَرِكَانِ ، كَإِقْرَارِ مَرِيضٍ لَهُمَا .
قَالَ : وَلَوْ خَلَّفَ أَلْفًا فَادَّعَى إنْسَانٌ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِثُلُثِهَا فَأَقَرَّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ عَلَيْهِ أَلْفًا دَيْنًا فَأَقَرَّ لَهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا ، وَبَقِيَّتُهَا لِلثَّانِي ، وَقِيلَ : كُلُّهَا لِلثَّانِي ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا مَعًا اُحْتُمِلَ أَنَّ رُبُعَهَا لِلْأَوَّلِ وَبَقِيَّتَهَا لِلثَّانِي ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي وَقْتَيْنِ ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ ، كَسَبَبَيْنِ أَوْ أَجَلَيْنِ أَوْ سِكَّتَيْنِ ، لَزِمَهُ أَلْفَانِ ، وَإِلَّا أَلْفٌ ، وَلَوْ تَكَرَّرَ الْإِشْهَادُ ، وَلَوْ قَيَّدَ إحْدَاهُمَا حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ ،

قَالَ الْأَزَجِيُّ : لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَقَرَّ فِي شَعْبَانَ بِقَبْضِ خَمْسِمِائَةٍ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ فِي رَمَضَانَ بِقَبْضِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ فِي شَوَّالٍ بِقَبْضِ مِائَتَيْنِ ، لَمْ يَثْبُتْ إلَّا قَبْضُ خَمْسِمِائَةٍ وَالْبَاقِي تَكْرَارٌ ، وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِالْقَبْضِ فِي شَعْبَانَ وَفِي شَوَّالٍ ثَبَتَ الْكُلُّ ، لِأَنَّ هَذَا تَوَارِيخُ الْقَبْضِ ، وَالْأَوَّلَ تَوَارِيخُ الْإِقْرَارِ : قَالَ : وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَقَرَّ بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَاهُ ، لِنَقْصِ الْوَاجِبِ ، قَالَ الْقَاضِي : عِنْدَنَا لَوْ شَهِدَ فِي كِتَابٍ بِدَيْنٍ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ ثُمَّ نَقَلَ شَهَادَتَهُ إلَى كِتَابٍ آخَرَ شَهِدَ مِثْلَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ ، وَلَا يُفْتَقَرُ [ إلَى ] قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي : أَقَرَّ عِنْدِي بِمَا فِي كِتَابِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ نُسْخَتُهُ .
ذَكَرَهُ الْقَاضِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ : الِاحْتِيَاطُ قَوْلُهُ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ يَرَى أَنَّهُمَا إقْرَارَانِ ، فَوَجَبَ رَفْعُ الِاحْتِمَالِ ، وَإِنْ ادَّعَيَا شَيْئًا بِيَدِ ثَالِثٍ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَقَرَّ بِنِصْفِهِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا ، وَقِيلَ : إنْ أَضَافَا الشَّرِكَةَ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ ، كَشِرَاءِ وَارِثٍ ، زَادَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ : وَلَمْ يَكُونَا قَبَضَاهُ بَعْدَ الْمِلْكِ لَهُ شَارَكَهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، لِأَنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِنَصِيبِ الْآخَرِ ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ طَعَامًا ، فَهَلَكَ بَعْضُهُ أَوْ غُصِبَ كَانَ الذَّاهِبُ مِنْهُمَا ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَكَذَا إقْرَارُهُ لِأَحَدِهِمَا ، الذَّاهِبُ مِنْهُمَا ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا ، وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى مُشْتَرِيهِ ، وَيَغْرَمُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ .

وَإِنْ قَالَ : لَمْ يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْته بَعْدُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ ، مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا ، بِأَنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ ، أَوْ قَالَ : قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي ، وَنَحْوَهُ .

وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وُهِبَ وَأُقْبِضَ ، أَوْ رُهِنَ وَأُقْبِضَ ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ ، ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَطْ ، وَلَا بَيِّنَةَ ، فَعَنْهُ : لَهُ تَحْلِيفُهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ .
وَعَنْهُ : لَا ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ( م 16 ) قَالَ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ : وَلَا يُشْبِهُ مَنْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ وَادَّعَى تَلْجِئَةً إنْ قُلْنَا يُقْبَلُ ، لِأَنَّهُ ادَّعَى مَعْنًى آخَرَ لَمْ يَنْفِ مَا أَقَرَّ بِهِ .
قَالَ شَيْخُنَا : فِيمَنْ أَقَرَّ بِمِلْكٍ ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ : إنَّهُ لَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُ إقْرَارَهُ إلَّا مَعَ شُبْهَةٍ مُعْتَادَةٍ ، قَالَ : وَلَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَأَقَرَّ وَارِثٌ شَافِعِيٌّ أَنَّهَا وَارِثَةٌ وَأَقْبَضَهَا وَأَبْرَأَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالْخِلَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَعْوَى مَا يُنَاقِضُهُ ، وَلَا يَسُوغُ الْحُكْمُ لَهُ قَالَ : وَلَوْ أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَوْ الْوَصِيُّ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ وَأَنَّهُ إنْشَاءٌ لَمْ يُعْطَ الْمُقَرُّ لَهُ حَتَّى يُصَدِّقَ الْمُقِرُّ ، وَفِي يَمِينِهِ الْخِلَافُ ، قَالَ : لَوْ أَقَرَّ ، فَقِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ : هَلْ سَلَّمْته إلَيْهِ ؟ قَالَ : لَا بَلْ إلَى وَكِيلِهِ فُلَانٍ ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : لَمْ أَتَسَلَّمْهُ ، لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ ، وَيُحَلَّفُ الْمُقَرُّ لَهُ .
وَمَنْ قَالَ : قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ ، فَقَالَ : ثَمَنُ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ ، لَمْ يَضْمَنْ ، وَيَضْمَنُ إنْ قَالَ : غَصْبًا ، وَعَكْسُهُ ، وَأَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ ، فَقَالَ : غَصْبًا ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِفِعْلِ الدَّافِعِ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .

مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وُهِبَ وَأُقْبِضَ ، أَوْ رُهِنَ وَأُقْبِضَ ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ ، ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَطْ ، وَلَا بَيِّنَةَ ، فَعَنْهُ : لَهُ تَحْلِيفُهُ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَعَنْهُ : لَا .
نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَهُ تَحْلِيفُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : لَهُ تَحْلِيفُهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ بَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُغْنِي ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ ، وَقَالَ فِي بَابِ الرَّهْنِ : هَذَا أَوْلَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً .

إذَا قَالَ : لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا ، أَوْ كَرَّرَ بِوَاوٍ ، أَوْ لَا ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : إنْ كَرَّرَ ذَلِكَ بِوَاوٍ ، فَلِلتَّأْسِيسِ لَا التَّأْكِيدِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ أَبَى فَقِيلَ بِبَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ ، فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ ، وَإِلَّا جُعِلَ نَاكِلًا وَحُكِمَ عَلَيْهِ ، وَالْأَشْهَرُ إنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ ( م 1 )
( بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ ) ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : " فَإِنْ أَبَى فَقِيلَ : بِبَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ ، فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ ، وَإِلَّا جُعِلَ نَاكِلًا ، وَحُكِمَ عَلَيْهِ ، وَالْأَشْهَرُ : إنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ " ، انْتَهَى .
الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُجْعَلُ نَاكِلًا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فَقَالَ : يُجْعَلُ نَاكِلًا وَيُؤْمَرُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيَانِ ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ ، لِقَوْلِهِ : وَالْأَشْهَرُ كَذَا ، وَلَكِنْ أَتَى بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لِتَدُلَّ عَلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ أَحَدَهُمَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أَوْ أَقَلِّ مَالٍ لَا بِمَيْتَةٍ وَخَمْرٍ ، وَغَيْرِ مُتَمَوَّلٍ كَقِشْرِ جَوْزَةٍ ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُغْنِي بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَكَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ ، وَقِيلَ : يُقْبَلُ ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَزَادَ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُهُ ، وَيَجِبُ رَدُّهُ .
وَأَنَّ قِلَّتَهُ لَا تَمْنَعُ طَلَبَهُ وَالْإِقْرَارَ بِهِ ، وَالْأَشْهَرُ : لَا يُقْتَلُ بِرَدِّ سَلَامٍ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ وَنَحْوِهِ ، وَفِي حَدِّ قَذْفٍ وَمَا يَجِبُ رَدُّهُ نَحْوُ كَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ وَجْهَانِ ( م 2 و 3 ) وَهُمَا فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ ( م 4 ) وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : وَفِي مَيْتَةٍ ، وَأَطْلَقَ فِي التَّبْصِرَةِ الْخِلَافَ فِي كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ .

مَسْأَلَةٌ 2 و 3 ) قَوْلُهُ : " وَفِي حَدِّ قَذْفٍ وَمَا يَجِبُ رَدُّهُ نَحْوُ كَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ وَجْهَانِ " انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) إذَا فَسَّرَهُ بِحَدِّ قَذْفٍ فَهَلْ يُقْبَلُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ فِي الْوَارِثِ ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ شَارِحُ الْوَجِيزِ ، قَالَ فِي النُّكَتِ : قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْقَبُولِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، قَالَ فِي النُّكَتِ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ، فَأَمَّا إنْ قُلْنَا هُوَ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) إذَا فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ ، وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ .
( قُلْت ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرْجَعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ وَالْعَوَائِدِ ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ مِثْلِ أَنْ يَكُونَ عَادَةً بِصَيْدٍ

وَنَحْوِهِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَهُمَا فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ ، انْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَبْلَ دَبْغِهِ وَبَعْدَهُ ، وَقِيلَ وَقُلْنَا لَا يَظْهَرُ ، وَقَالَ فِي الصُّغْرَى قَبْلَ الدَّبْغِ وَبَعْدَهُ ، وَقُلْنَا لَا يُظْهِرُهُ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَسِّرْ فَوَارِثُهُ كَهُوَ وَإِنْ تَرَكَ تَرِكَةً وَلَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِحَدِّ قَذْفٍ ، وَعَنْهُ : إنْ صَدَّقَ مَوْرُوثَهُ أَخَذَ بِهِ ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ : إنْ حَلَفَ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ لَزِمَهُ ، كَالْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ ، وَيُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي مَوْرُوثِهِ ، وَإِنْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ أَوْ غَصَبْته شَيْئًا قَبْلُ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَا بِنَفْسِهِ ، وَفِي الْمُغْنِي : بِمَا يُبَاحُ نَفْعُهُ .
وَفِي الْكَافِي كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُسْلِمًا لَزِمَ إرَاقَةُ الْخَمْرِ وَقَتْلُ الْخِنْزِيرِ ، وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُك قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِحَبْسِهِ وَسَجْنِهِ .
وَفِي الْكَافِي : لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : إنْ قَالَ غَصَبْتُك ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا يُقْبَلُ بِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ ، عِنْدَ الْقَاضِي ، قَالَ : وَعِنْدِي : لَا ، لِأَنَّ الْغَصْبَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ، فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِمَا هُوَ مُلْتَزَمٌ شَرْعًا ، وَذَكَرَهُ فِي مَكَان آخَرَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ .

وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ ، وَالْأَشْبَهُ : وَبِأُمِّ وَلَدٍ ، وَكَذَا : لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ وَنَحْوُهُ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزِيدَ شَيْئًا أَوْ يُبَيِّنَ وَجْهَ الْكَثْرَةِ ، وَيُتَوَجَّهُ الْعُرْفُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ ، كَيَسِيرِ اللُّقَطَةِ وَالدَّمِ الْفَاحِشِ .
قَالَ شَيْخُنَا : عُرْفُ الْمُتَكَلِّمِ ، فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ عَلَى أَقَلِّ مُحْتَمَلَاتِهِ ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ : فِي مَالٍ عَظِيمٍ نِصَابَ السَّرِقَةِ .
وَقَالَ فِي خَطِيرٍ وَنَفِيسٍ صِفَةٌ لَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهَا ، كَسَلِيمٍ ، وَقَالَ فِي عَزِيزٍ : يُقْبَلُ بِالْأَثْمَانِ الثِّقَالِ أَوْ الْمُتَعَذَّرِ وُجُودُهُ ، لِأَنَّهُ الْعُرْفُ ، وَلِهَذَا اعْتَبَرَ أَصْحَابُنَا الْمَقَاصِدَ وَالْعُرْفَ فِي الْأَيْمَانِ ، وَلَا فَرْقَ ، قَالَ : وَإِنْ قَالَ : عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ ، قُبِلَ بِالْقَلِيلِ ، وَإِنْ قَالَ : عَظِيمٌ عِنْدِي ، اُحْتُمِلَ كَذَلِكَ ، وَاحْتُمِلَ : يُعْتَبَرُ حَالُهُ ، وَإِنْ قَالَ : دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ ، قُبِلَ بِثَلَاثَةٍ ، كَدَرَاهِمَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُتَوَجَّهُ : فَوْقَ عَشَرَةٍ ، لِأَنَّهُ اللُّغَةُ ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا بُدَّ لِلْكَثْرَةِ مِنْ زِيَادَةٍ وَلَوْ دِرْهَمًا إذْ لَا حَدَّ لِلْوَضْعِ ، كَذَا قَالَ .
وَفِي الْمُذَهَّبِ احْتِمَالٌ : تِسْعَةٌ ، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْقَلِيلِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي دَرَاهِمَ وَجْهٌ : فَوْقَ عَشَرَةٍ ، وَإِنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وَزَعْفَرَانٍ فَفِي قَبُولِهِ احْتِمَالَانِ ( م 5 )

( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ عَظِيمٌ عِنْدِي ، اُحْتُمِلَ كَذَلِكَ .
وَاحْتُمِلَ : يُعْتَبَرُ حَالُهُ ، انْتَهَى .
هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ " .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وَزَعْفَرَانٍ فَفِي قَبُولِهِ احْتِمَالَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ .

[ فَصْلٌ ] وَلَوْ أَقَرَّ بِجَوْزَةٍ أَوْ لَوْزَةٍ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَدْرِهَا مِنْ الْخَمِيرِ لَمْ يُقْبَلْ .
وَلَوْ أَقَرَّ بِحَبَّةٍ انْصَرَفَ إلَى الْحَقِيقَةِ ، وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ عَادَةً ، وَيُسَفِّهُ النَّاسُ مَنْ بَاعَ صُبْرَةً فَتَخَلَّفَ مِنْهَا حَبَّةٌ فَرَدَّهَا إلَى الْمُشْتَرِي ، وَيَعُدُّونَهُ خَارِجًا عَنْ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ دَوَاتِهِ : هَذَا مِنْ الْوَرَعِ الْمُظْلِمِ ، كَذَا ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ ، وَهُوَ يُنَاقِضُ كَلَامَهُ السَّابِقَ ، فَيُتَوَجَّهُ فِيهِمَا الْخِلَافُ .

وَلَوْ قَالَ : حَبَّةُ بُرٍّ ، لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى قَلِيلٍ مِنْ الطَّعَامِ يُفَسِّرُهُ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، قَالَ : وَلَوْ فَسَّرَ قَلِيلَ الطَّعَامِ بِحَبَّةِ بُرٍّ لَمْ يُقْبَلْ ، لِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عَادَةً .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ ، كَحَذْفِ الْوَاوِ كَرَّرَ " كَذَا " أَوْ لَا ، وَقِيلَ : وَبَعْضٌ آخَرُ ، وَقِيلَ : دِرْهَمَانِ ، وَقِيلَ : مَعَ النَّصْبِ ، وَمَعَ الرَّفْعِ دِرْهَمٌ ، وَإِنْ قَالَ الْكُلُّ بِالْجَرِّ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِدُونِ دِرْهَمٍ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ ، وَقِيلَ : إنْ كَرَّرَ الْوَاوَ فَبَعْضٌ آخَرُ ، وَإِنْ وَقَفَ فَكَالْجَرِّ ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ جَهِلَ الْعَرَبِيَّةَ فَدِرْهَمٌ فِي الْكُلِّ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي عَرَبِيٍّ فِي كَذَا دِرْهَمًا أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيِّزُهُ ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِي جَاهِلِ الْعُرْفِ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ، فَفَسَّرَهُ بِحَبْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ قُبِلَ ، وَفِي نَحْوِ كِلَابٍ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَإِنْ قَالَ : لَهُ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ ، أَوْ أَلْفٌ وَدِينَارٌ ، أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ ، أَوْ أَلْفٌ وَمُدَبَّرٌ أَوْ آخِرُ الْأَلْفِ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ ، أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا ، فَالْأَلْفُ مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ ، وَقِيلَ : يُفَسِّرُهُ ، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ ، وَقِيلَ : يُفَسِّرُهُ مَعَ الْعَطْفِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ بِلَا عَطْفٍ لَا يُفَسِّرُهُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا ، وَقَالَ مَعَ الْعَطْفِ : لَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ الْأَلْفَ بِقِيمَةِ شَيْءٍ إذَا خَرَجَ مِنْهَا الدِّرْهَمُ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ ، كَذَا قَالَ ، وَالْخِلَافُ إنْ قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ ، أَوْ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا .
وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ ، فَإِنْ رَفَعَ الدِّينَارَ فَوَاحِدٌ ، وَاثْنَا عَشَرَ إنْ رَضِيَهُ نَحْوِيٌّ فَمَعْنَاهُ الِاثْنَا عَشَرَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : إنْ فَسَّرَ الْأَلْفَ بِجَوْزٍ أَوْ بَيْضٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِقِيمَةِ الدِّرْهَمِ ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا النِّصْفُ فَاحْتِمَالَانِ : أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَهُ ، كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمٌ .
وَالثَّانِي يُطَالِبُ بِتَفْسِيرٍ آخَرَ ، بِحَيْثُ يَخْرُجُ قِيمَةُ الدِّرْهَمِ وَيَبْقَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ .
قَالَ : وَكَذَا دِرْهَمٌ إلَّا أَلْفٌ ، نَقُولُ فَسَّرَ الْأَلْفَ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الدِّرْهَمِ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِهِ ، عَلَى مَا بَيَّنَّا ، وَكَذَا أَلْفٌ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ ، يُفَسِّرُ الْأَلْفَ وَالْخَمْسَمِائَةِ ، عَلَى مَا مَرَّ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ فِي هَذَا شِرْكٌ أَوْ هُوَ شَرِيكِي فِيهِ ، أَوْ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا ، أَوْ لِي وَلَهُ ، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ سَهْمَ الشَّرِيكِ ، وَكَذَا لَهُ فِيهِ سَهْمٌ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي سُدُسًا كَوَصِيَّةٍ .

مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : " وَفِي نَحْوِ كِلَابٍ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، صَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ فَقَالَ : لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الْمَالِ .
( الْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ فِيهِ ، أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ ، قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ فَسَّرَ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ فَقِيلَ : يُقْبَلُ كَجِنَايَتِهِ ، كَقَوْلِهِ نَقَدَهُ فِي ثَمَنِهِ ، أَوْ اشْتَرَى رُبُعَهُ بِهِ ، أَوْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ ، وَقِيلَ : لَا ( م 7 ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الذِّمَّةِ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ : لَهُ فِيهِ ، أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ ، قِيلَ : فَسِّرْ ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ ، فَقِيلَ : يُقْبَلُ ، وَقِيلَ : لَا " ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ ( الْقَوْلُ الثَّانِي ) .

وَإِنْ قَالَ : عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ ، فَفَسَّرَهُ بِدُونِهِ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ كَحِلِّهِ وَنَحْوِهِ قُبِلَ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ قَدْرًا وَلَوْ بِحَبَّةِ بُرٍّ ، وَقِيلَ : مَعَ عِلْمِهِ بِهِ ، وَلَوْ قَالَ : مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ ، لَزِمَهُ مِثْلُهُ ، وَلَوْ قَالَ : لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ : أَكْثَرُ ، لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَكْثَرُ ، وَيُفَسِّرُهُ ، وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ( م 8 ) وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَبْلَغًا فَقَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك عَلَيَّ ، وَقَالَ : أَرَدْت التَّهَزِّيَ ، لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا يُفَسِّرُهُ ، وَقِيلَ : لَا يَلْزَمُهُ ، وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ ، لَزِمَهُ تِسْعَةٌ ، وَقِيلَ : ثَمَانِيَةٌ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ ، قَالَ : لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَا بَعْدَ الْوَاحِدِ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : كَالْبَيْعِ ، وَكَمَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ ، وَعَنْهُ : عَشَرَةٌ ، وَكَذَا مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ ، وَيُتَوَجَّهُ هُنَا ثَمَانِيَةٌ وَإِنْ أَرَادَ مَجْمُوعَ الْأَعْدَادِ فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ ، لِزِيَادَةِ أَوَّلِ الْعَدَدِ وَهُوَ وَاحِدٌ عَلَى الْعَشَرَةِ ، وَضَرْبُهَا فِي نِصْفِ الْعَشَرَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا : فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ : أَحَدَ عَشَرَ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : " وَلَوْ قَالَ : لِي عَلَيْك أَلْفٌ ، فَقَالَ : أَكْثَرُ ، لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَكْثَرُ [ وَيُفَسِّرُهُ ] وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ " ، انْتَهَى .
الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ ، تَابَعَهُ جَمَاعَةٌ عَلَيْهِ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ ، أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ ، أَوْ مَعَ دِرْهَمٍ ، أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ ، أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمٌ ، أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ ، لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ ، كُلُّهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ ، أَوْ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ ، وَكَذَا دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ ، فَإِنْ نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي أَوْ كَرَّرَ بِعَطْفٍ ثَلَاثًا وَلَمْ يُغَايِرْ ، أَوْ لَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي ، وَقِيلَ : أَوْ أَطْلَقَ بِلَا عَطْفٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجَّهَ : وَمَعَهُ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : وَفِيهِ أَيْضًا ، فَفِي قَبُولِهِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا فَثَلَاثَةٌ وَجْهَانِ ( م 9 - 11 ) وَإِنْ غَايَرَ أَوْ أَكَّدَ الْأَوَّلَ بِالثَّالِثِ لَمْ يُقْبَلْ لِلْمُغَايَرَةِ ، وَلِلْفَاصِلِ ، وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالَيْنِ ، قَالَ : وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ ، فَإِنَّهُ إخْبَارٌ ، وَالطَّلَاقُ إنْشَاءٌ ، قَالَ : وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ ، وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ صَحَّ فِي الْكُلِّ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَذَكَرَ قَوْلًا فِي دِرْهَمٍ فَقَفِيزِ بُرٍّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ ، فَقَفِيزٌ خَيْرٌ مِنْهُ ، كَذَا قَالَ ، فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي الْوَاوِ وَغَيْرِهَا ، وَقِيلَ فِي : لَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ احْتِمَالَانِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي : دِرْهَمٌ لَا بَلْ دِرْهَمٌ رِوَايَتَانِ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ فِي : دِرْهَمٌ بَلْ اثْنَانِ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ ، وَقِيلَ : ثَلَاثَةٌ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ ، وَإِنْ قَالَ هَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَا ، أَوْ بَلْ هَذَانِ ، لَزِمَهُ الْكُلُّ ، لِلتَّعْيِينِ ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ : يَقَعُ بِوَاحِدَةٍ وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي دِرْهَمٍ بَلْ دِرْهَمٍ .
وَإِنْ قَالَ : قَفِيزُ بُرٍّ بَلْ شَعِيرٍ ، أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ ،

لَزِمَاهُ ، وَقِيلَ : الشَّعِيرُ وَالدِّينَارُ

مَسْأَلَةٌ 9 - 11 ) قَوْلُهُ : " وَكَذَا دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ ، فَإِنْ نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي ، أَوْ كَرَّرَ بِعَطْفٍ ثَلَاثًا وَلَمْ يُغَايِرْ ، أَوْ لَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي ، وَقِيلَ : أَوْ أَطْلَقَ بِلَا عَطْفٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : وَمَعَهُ ، لِأَنَّهُ الْيَقِينُ ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : وَفِيهِ أَيْضًا فَفِي قَبُولِهِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا فَثَلَاثَةٌ وَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9 ) إذَا قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ وَنَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ : ( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَصَرُوهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي .
( تَنْبِيهٌ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيهَا الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ ، وَهُوَ هَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ ، لِأَنَّهُ عَطَفَ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : فَفِي قَبُولِهِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا فَثَلَاثَةٌ ، وَهُوَ سَهْوٌ إذْ لَا قَائِلَ بِلُزُومِ الثَّلَاثَةِ فِيهَا ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي لُزُومِ دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمٌ ، وَلَعَلَّ هُنَا سَقْطًا .
وَإِنْ قُلْنَا الْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالْمُصَنِّفُ قَدْ عَطَفَ عَلَيْهَا وَأَجْرَى الْحُكْمَ فِي الْكُلِّ ، وَهُوَ لُزُومُ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ فِي الْحُكْمِ ، أَوْ يُقَالُ : دَلَائِلُ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْأُولَى بِالْخِلَافِ الْمُطْلَقِ ، فَيُقَالُ : تَبْقَى بِلَا ذِكْرِ حُكْمٍ لَهَا ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10 ) إذَا قَالَ : لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ، أَوْ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ ، أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ ، وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي ، فَهَلْ

يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ أَوْ دِرْهَمَانِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ : وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا قَالَ أَرَدْت بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَبَيَانَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 11 ) إذَا قَالَ : لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ ، وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ : ( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْطِفْ ، وَالْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ قَابِلٌ لِلتَّأْكِيدِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ ، فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ .
( تَنْبِيهٌ ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي إطْلَاقِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرًا ، بَلْ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُقَدَّمَ صِحَّةُ التَّأْكِيدِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ ، كَمَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ يُقَالُ : التَّأْكِيدُ فِي الطَّلَاقِ أَقْوَى ، وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ .

وَإِنْ قَالَ : دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِالسَّلَمِ فَصَدَّقَهُ بَطَلَ إنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ .
وَإِنْ قَالَ : دِرْهَمٌ رَهَنْت بِهِ الدِّينَارَ عِنْدَهُ فَالْخِلَافُ السَّابِقُ ، وَإِنْ قَالَ ثَوْبٌ قَبَضْته فِي دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ ، فَالثَّوْبُ مَالُ السَّلَمِ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ ، فَيَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ ، وَكَذَا دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ ، فَإِنْ خَالَفَهُ عُرْفٌ فَفِي لُزُومِهِ مُقْتَضَاهُ وَجْهَانِ ، وَيُعْمَلُ بِنِيَّةِ حِسَابٍ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ الْوَجْهَانِ ، وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ ، وَفِيهِ احْتِمَالَانِ ( م 12 و 13 )

مَسْأَلَةٌ 12 و 13 ) قَوْلُهُ : " وَكَذَا دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ ، فَإِنْ خَالَفَهُ الْعُرْفُ فَفِي لُزُومِهِ مُقْتَضَاهُ وَجْهَانِ ، وَيُعْمَلُ بِنِيَّةِ حِسَابٍ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ الْوَجْهَانِ ، وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ وَفِيهِ احْتِمَالَانِ ، " انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12 ) إذَا قَالَ : لَهُ دِرْهَمُ فِي عَشَرَةٍ ، وَأَطْلَقَ ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ عُرْفٌ ، فَإِنْ خَالَفَهُ عُرْفٌ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي لُزُومِ مُقْتَضَاهُ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ مُقْتَضَى الْعُرْفِ .
وَهُوَ الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهُ مُقْتَضَاهُ فِي الْعُرْفِ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13 ) يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْحِسَابِ وَبِنِيَّةِ الْجَمْعِ ، فَفِي الْأُولَى يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَحَدَ عَشَرَ ، وَهَلْ يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ حَاسِبٍ ؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ : فِيهِ احْتِمَالَانِ .
( أَحَدُهُمَا ) : يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ الْحَاسِبِ .
( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ .
( وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) لَا يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ الْحَاسِبِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا أَوْ خَطَأٌ ، وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ الْحَاسِبُ أَنَا أَرَدْت الْجَمْعَ بِقَوْلِي ذَلِكَ وَلَا نَقْبَلَهُ وَنَقُولَ لَا يَلْزَمُك إلَّا مُقْتَضَى اللَّفْظِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْحِسَابِ وَهُوَ عَشَرَةٌ ، هَذَا خُلْفٌ .
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى تَقْدِيمِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ : وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ ، ثُمَّ قَالَ : وَفِيهِ احْتِمَالَانِ ، أَوْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِمَا قَالَ غَيْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ ، أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ ، أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ ، أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ ، أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ ، أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ ، أَوْ دَابَّةٌ مُسَرَّجَةٌ ، أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ ، أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ ، أَوْ بِالْعَكْسِ ، فَقِيلَ : مُقِرٌّ بِالثَّانِي كَالْأَوَّلِ ، وَكَسَيْفٍ بِقِرَابٍ وَثَوْبٍ مُطَرَّزٍ وَنَحْوِهِ ، وَقِيلَ : لَا ( م 14 - 24 ) كَجَنِينٍ فِي جَارِيَةٍ أَوْ فِي دَابَّةٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي بَيْتٍ .

مَسْأَلَةٌ 14 - 24 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي ( 1 ) تَمْرٌ فِي جِرَابٍ ( 2 ) أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ ( 3 ) أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ ( 4 ) أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ ( 5 ) أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ ( 6 ) أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ ( 7 ) أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ ( 8 ) أَوْ دَابَّةٌ مُسَرَّجَةٌ ( 9 ) أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ ( 10 ) أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ ( 11 ) أَوْ بِالْعَكْسِ ( 12 ) فَقِيلَ : مُقِرٌّ بِالثَّانِي كَالْأَوَّلِ ، وَقِيلَ : لَا " ، انْتَهَى .
ذَكَرَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَإِنْ قَالَ عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ ، أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ ، أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ ، أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ ، أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ ، أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ ، أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ ، أَوْ كِيسٌ فِيهِ دَرَاهِمُ ، أَوْ جَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ ، أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ ، أَوْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ ، أَوْ مُسَرَّجَةٌ ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ ، فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ ، وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ .
وَقِيلَ : إنْ قَدَّمَ الْمَظْرُوفَ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ ، وَإِنْ أَخَّرَهُ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالظَّرْفِ وَحْدَهُ ، قَالَ فِي الْكُبْرَى : وَقِيلَ فِي الْكُلِّ خِلَافٌ ، انْتَهَى .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّانِي ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ : أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَظْرُوفِ دُونَ ظَرْفِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ ، انْتَهَى ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِي النُّكَتِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوِّرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّانِي أَيْضًا ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي ، إلَّا إنْ حَلَفَ مَا قَصَدْته ، انْتَهَى .

وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي قِرَابٍ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْقِرَابِ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، وَإِنْ قَالَ : سَيْفٌ بِقِرَابٍ كَانَ مُقِرًّا بِهِمَا ، وَمِثْلُهُ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ : وَإِنْ قَالَ لَهُ : عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ ، أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابِهِ ، أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ ، فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا بِهِمَا ، فَإِنْ قَالَ : لَهُ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ ، أَوْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ اُحْتُمِلَ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْعِمَامَةُ وَالسَّرْجُ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ ، انْتَهَى .
وَالِاحْتِمَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَبِي الْخَطَّابِ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْعِمَامَةِ وَالسَّرْجِ ، قَالَهُ فِي النُّكَتِ وَرَأَيْت مَسْأَلَةَ الْعِمَامَةِ فِي الْمُغْنِي .
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ ، وَحَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا .
وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ مَا يَتَّصِلُ بِظَرْفِهِ عَادَةً أَوْ خَلْفَهُ ، فَيَكُونُ إقْرَارُهُ بِهِ دُونَ مَا هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ عَادَةً ، قَالَ : وَيَحْتَمِلُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي تَابِعًا لِلْأَوَّلِ فَيَكُونَ إقْرَارًا بِهِ ؟ كَتَمْرٍ فِي جِرَابٍ ، أَوْ سَيْفٍ فِي قِرَابٍ ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا فَلَا يَكُونَ إقْرَارًا بِهِ ، كَنَوًى فِي تَمْرٍ وَرَأْسٍ فِي شَاةٍ ، انْتَهَى .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " أَوْ بِالْعَكْسِ " لَمْ يَظْهَرْ الْعَكْسُ سِوَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَعَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ ، فَإِنْ عَكْسَهُمَا سَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ عِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ ، وَمَا عَدَاهُمَا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى فِي عِبَارَتِهِ وَمَسْأَلَةُ الْخَاتَمِ تَأْتِي وَمَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ الْمُسَرَّجَةِ لَيْسَ لَهَا عَكْسٌ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَلَمْ أَرَ مَسْأَلَتَيْ سَرْجٍ عَلَى دَابَّةٍ وَعِمَامَةٍ عَلَى عَبْدٍ مَسْطُورَةً

إلَّا هُنَا ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَكَالْمِائَةِ الدِّرْهَمِ الَّتِي فِي هَذَا الْكِيسِ ، وَيَلْزَمَانِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَكَذَا تَتِمَّتُهَا ، أَصْلُهُمَا هَلْ يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمِائَةَ لَزِمَتْهُ ، وَفِي تَتِمَّتِهَا احْتِمَالَانِ ( م 25 ) وَفِي دَارٍ مَفْرُوشَةٍ الْوَجْهَانِ ( م 26 ) وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ : لَا يَلْزَمُهُ فَرْشٌ .
( مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : " وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمِائَةَ لَزِمَتْهُ ، وَفِي تَتِمَّتِهَا احْتِمَالَانِ " ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ دُونَ الْكِيسِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، فِي الْأَقْيَسِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُهُ لَزِمَهُ تَمَامُهُ ، وَقِيلَ : لَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) مَا صَحَّحَهُ وَالرِّعَايَةِ وَهُوَ لُزُومُ التَّتِمَّةِ هُوَ الصَّوَابُ .
( وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) لَا تَلْزَمُهُ التَّتِمَّةُ .
( مَسْأَلَةٌ 26 ) قَوْلُهُ : " وَفِي دَارٍ مَفْرُوشَةٍ الْوَجْهَانِ " ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْفَرْشِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ مُقِرًّا بِهِ أَيْضًا .

وَإِنْ قَالَ : خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ ، فَقِيلَ : الْوَجْهَانِ ، وَالْأَشْهَرُ لُزُومُهُمَا ، لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ ( م 27 ) فَلَوْ أَطْلَقَ لَزِمَاهُ .
( مَسْأَلَةٌ 27 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ قَالَ : خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ ، فَقِيلَ : الْوَجْهَانِ ، وَالْأَشْهَرُ لُزُومُهُمَا ، لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ " ، انْتَهَى .
الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ ، وَقِيلَ : فِيهِ الْوَجْهَانِ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : يَحْتَمِلُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ ، وَحَكَمَ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ ، وَأَطْلَقَ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَالَ : وَمَسْأَلَةُ جِرَابٍ فِيهِ تَمْرٌ وَقِرَابٍ فِيهِ سَيْفٌ .

وَفِي غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَزَيْتًا فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ الْوَجْهَانِ ( م 28 )

( مَسْأَلَةٌ 28 ) قَوْلُهُ : " وَفِي غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَزَيْتًا فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ الْوَجْهَانِ " انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا مَضَى .
وَقَالَ فِي النُّكَتِ : وَمِنْ الْعَجَبِ حِكَايَةُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمَا يَلْزَمَانِهِ ، وَأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : فُرِّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ غَصَبْته أَوْ أَخَذْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ، وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَغْصُوبًا بِكَوْنِهِ فِي الْمِنْدِيلِ وَقْتَ الْأَخْذِ ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا وَكِلَاهُمَا مَغْصُوبٌ ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ عِنْدِي ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ لَهُ ، انْتَهَى .
فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .
وَمِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ إلَى هُنَا سِتُّمِائَةٍ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً .
وَمِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَى هُنَا أَلْفَا مَسْأَلَةٍ وَمِائَتَانِ وَعِشْرُونَ تَقْرِيبًا .
وَبِتَعْدَادِ الصُّوَرِ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بِكَثِيرٍ ، وَقَدْ عَلَّمْت عَلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَى آخِرِهِ ، وَذَكَرْت الْعِدَّةَ فِي آخِرِ كُلِّ بَابٍ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَرُبَّمَا حَصَلَ مِنِّي ذُهُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا الْخِلَافَ لَمْ أَذْكُرْهَا ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلْيُلْحِقْهُ فِي مَوْضِعِهِ وَلْيُصَحِّحْهُ إنْ وَجَدَ نَقْلًا فِي ذَلِكَ ، وَلْيَسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِكِتَابِنَا الْإِنْصَافِ إنْ كَانَ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ نَقْلًا زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرْته فَلْيُلْحِقْهُ فِي مَحَلِّهِ ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {

وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ } .
وَقَدْ ذَكَرْت فِي هَذَا التَّصْنِيفِ مِنْ التَّنَابِيهِ مَا يَزِيدُ عَلَى سِتِّمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ تَنْبِيهًا مَا فِيهَا تَنْبِيهٌ إلَّا وَفِيهِ فَائِدَةٌ .
إمَّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَوْ الْحُكْمِ أَوْ التَّقْدِيمِ أَوْ الْإِطْلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ وَغَالِبُهَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِهَا مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَلَهُ الْمِنَّةُ ، وَبَعْضُهَا تَبِعْت فِيهَا مَنْ ذَكَرَهَا ، وَقَدْ أُحَرِّرُ بَعْضَهَا وَأُبَيِّنُ الصَّوَابَ فِيهِ .
وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
كَمَا نَفَعَ بِأَصْلِهِ ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ ، إنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَرَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَالْمَسْئُولُ مِمَّنْ طَالَعَهُ أَوْ كَشَفَ مِنْهُ مَسْأَلَةً أَنْ يَدْعُوَ لِجَامِعِهِ بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ ، وَالْمُسَامَحَةِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ ، فَإِنَّهُ قَدْ كَفَاهُ الْمُؤْنَةَ وَالتَّعَبَ فِي النَّقْلِ وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّحْرِيرِ .
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

وَمَنْ أَقَرَّ بِنَخْلَةٍ لَمْ يُقِرَّ بِأَرْضِهَا ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهَا ، وَثَمَرَتُهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ : كَالْبَيْعِ ، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَقَرَّ بِهَا : هِيَ لَهُ بِأَصْلِهَا ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَرْضَهَا ، وَيَحْتَمِلُ : لَا ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يُخَرَّجُ هَلْ لَهُ إعَادَةُ غَيْرِهَا ؟ وَالثَّانِي اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ ، قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ : وَالْبَيْعُ مِثْلُهُ ، كَذَا قَالَ ، وَرِوَايَةُ مُهَنَّا : هِيَ لَهُ بِأَصْلِهَا ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ سَقَطَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعُهَا ، سَبَقَ مَنْ أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ فِي عِتْقِ حَامِلٍ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ]

جَاءَ فِي آخِرِ الطَّبْعَةِ الْأُولَى مَا يَأْتِي : وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْهَا فِي سَلْخِ شَهْرِ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِمِائَةٍ عَلَى يَدِ أَضْعَفِ عِبَادِ اللَّهِ وَأَحْوَجِهِمْ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ الْعَلِيِّ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْمِرْدَاوِيِّ الْحَنْبَلِيِّ عَامَلَهُ اللَّهُ بِأَلْطَافِهِ الْخَفِيَّةِ وَغَفَرَ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32