كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي

مُتَّبِعًا لَهُ .
كِتَابُ الْفَرَائِضِ تَنْبِيهَاتٌ .
( الْأَوَّلُ ) أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي عَدَدِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ بِالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ الْأَبِ إذَا انْفَرَدْنَ ، فَإِنَّهُنَّ أَصْحَابُ فُرُوضٍ ، بِلَا نِزَاعٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُنَّ وَلَكِنَّهُ قَالَ : وَكُلُّ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ لِأُمٍّ .
فَقَالَ شَيْخُنَا : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَتَقْدِيرُهُ : وَأَخٌ لِأُمٍّ وَكُلُّ أُخْتٍ فَبِهَذَا يَجْمَعُ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ فِي عَدَدِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ : وَكُلُّ أَخٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ وَقَدْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ بِمَوْتِ أُمِّهِ عَنْهُمَا .
انْتَهَى .
تَابَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْوَجِيزِ وَفِيهِ نَظَرٌ ، إذْ الْأُمُّ إذَا مَاتَتْ عَنْهُمَا لَا يَرِثَانِ مِنْهَا إلَّا بِكَوْنِهِمَا أَوْلَادًا لَهَا لَا بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَخَا الْآخَرِ لِأُمِّهِ ، غَايَتُهُ أَنَّهُمَا أَخٌ وَأُخْتٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَبٍ ، وَالْإِرْثُ مِنْ الْأُمِّ ، وَالتَّعْصِيبُ إنَّمَا حَصَلَ لِكَوْنِهِمْ أَوْلَادًا لَا لِكَوْنِهِمْ إخْوَةً لِأُمٍّ ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْأَكْثَرُ .
( الثَّالِثُ ) أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِإِحْدَى الْعُمَرِيَّتَيْنِ ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا سَهْوًا ، فَإِنَّ تَعْلِيلَهُ يُعْطِي أَنَّهُ ذَكَرَهَا ، أَوْ يَكُونُ تَرَكَهَا وَتُقَاسُ عَلَى الْمَذْكُورَةِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تُسَمَّى زَوْجًا ، وَهُوَ أَوْلَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَوْ يَكُونُ سَقَطَ لَفْظُ " أَوْ زَوْجَةٌ " وَتَقْدِيرُهُ ، " زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ " وَالْأَوْلَى أَنَّ لَفْظَةَ الزَّوْجِ تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الزَّوْجَةِ ، وَأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِ ، وَهُوَ مِنْ أَرْشَقِ الْعِبَارَاتِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ إيهَامٍ لَا يَضُرُّ عِنْدَ الْعَارِفِ .

فَصْلٌ .
وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ مَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ ؛ لِأَنَّهُ وَلَدٌ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا ، وَابْنُ الْأَخِ لَيْسَ بِأَخٍ ، أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ إخْوَةٍ أَوْ أَخَوَاتٍ وَإِنْ سَقَطَا بِأَبٍ لَا بِمَانِعٍ فِيهِمَا ، وَالثُّلُثُ مَعَ عَدَمِهِمْ ، فَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِلْزَامِ ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ إنْ جَعَلَ لِلْأُمِّ ثُلُثًا وَالْبَاقِي لَهُمَا فَهُوَ إنَّمَا يُدْخِلُ النَّقْصَ عَلَى مَنْ يَصِيرُ عَصَبَةً بِحَالٍ ، وَإِنْ جَعَلَ لِلْأُمِّ سُدُسًا فَلَا يَحْجُبُهَا إلَّا بِثُلُثِهِ ، وَهُوَ لَا يَرَى الْعَوْلَ ، وَلَهَا فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهِمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي السَّبَبِ الْمُدْلَى بِهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ ، وَامْتَازَ الْأَبُ بِالتَّعْصِيبِ بِخِلَافِ الْجَدِّ ، وَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ : لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَالْحُجَّةُ مَعَهُ لَوْلَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ .
وَلَوْ انْقَطَعَ نَسَبُ وَلَدِهَا وَتَعْصِيبُهُ مِنْ أَبِيهِ لَا مِنْ أُمِّهِ ؛ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ أَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَةٌ وَأُلْحِقَ بِهَا وَرِثَتْ أُمُّهُ وَذُو الْفَرْضِ مِنْهُ فَرْضَهُمْ ، وَعَصَبَتُهُ بَعْدَ ذُكُورِ وَلَدِهِ وَإِنْ نَزَلَ عَصَبَةُ أُمِّهِ فِي الْإِرْثِ ، وَيَرِثُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ مَعَ بِنْتِهِ لَا أُخْتِهِ ، وَيُعَايَا بِهَا ، وَنَقَلَ حَرْبٌ : وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ .
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى أَنْ يَعْقِلُوا مَعَاقِلَهُمْ وَيَفْدُوا عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ } .
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ { الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } .
وَعَنْهُ : أُمُّهُ عَصَبَتُهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَشَيْخُنَا ، فَإِنْ عَدِمَتْ فَعَصَبَتُهَا ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَحِقَهُ انْجَرَّ إلَيْهِ ، وَعَنْهُ : يُرَدُّ عَلَى ذِي فَرْضٍ ، فَإِنْ عَدِمَ فَعَصَبَتُهَا

عَصَبَتُهُ ، فَلَوْ مَاتَ ابْنُ ابْنِ مُلَاعَنَةٍ عَنْ أُمِّهِ وَجَدَّتِهِ الْمُلَاعَنَةِ فَلِأُمِّهِ الْجَمِيعُ عَلَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ الثُّلُثُ وَالْبَقِيَّةُ لِلْجَدَّةِ ، وَيُعَايَا بِهَا ، وَلَيْسَتْ الْمُلَاعَنَةُ عَصَبَةً لِوَلَدِ بِنْتِهَا .
وَظَاهِرُ اخْتِيَارِ الْآجُرِّيِّ : تَرِثُ هِيَ وَذُو الْفَرْضِ فَرْضَهُمْ وَمَا بَقِيَ لِمَوْلَاهَا إنْ كَانَتْ مَوْلَاةً وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ .
وَلَا يُورَثُ تَوْأَمُ مُلَاعَنَةٍ وَزِنًا وَفَرْدُهُمَا بِإِخْوَةٍ لِأَبٍ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَقِيلَ : فِي وَلَدِ مُلَاعَنَةٍ .

وَلِلْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ إنْ تَحَاذَيْنَ وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِهِنَّ ، وَمَنْصُوصُهُ أَنَّ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تُشَارِكُ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَلَا يَرِثُ غَيْرُ ثَلَاثٍ : أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ أَبِي الْأَبِ ، وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً ، وَقِيلَ وَأُبُوَّةً إلَّا مُدْلِيَةً بِغَيْرِ وَارِثٍ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَتَرِثُ أُمُّ الْأَبِ مَعَهُمَا كَالْعَمِّ ، وَعَنْهُ : لَا ، فَعَلَيْهَا لِأُمِّ أُمٍّ مَعَ الْأَبِ وَأُمِّهِ السُّدُسُ وَقِيلَ : نِصْفُهُ مُعَادَةً ، وَتَرِثُ الْجَدَّةُ بِقَرَابَتَيْهَا ، وَعَنْهُ : بِأَقْوَاهُمَا ، فَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدَيْهِمَا وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ ، وَبِنْتَ خَالَتِهِ جَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ]
الرَّابِعُ ) قَوْلُهُ : " وَلِلْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ إنْ تَحَاذَيْنَ ، وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِهِنَّ ، وَمَنْصُوصُهُ أَنَّ الْبُعْدَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تُشَارِكُ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ " .
انْتَهَى .
الْمَذْهَبُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالْمَنْصُوصُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ ، وَلَمْ يَعْزِ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ .
إلَّا إلَى الْخِرَقِيِّ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ : تُشَارِكُهَا ، فِي الْأَشْهَرِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَذْهَبُ ، لِنَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .

فَصْلٌ .
وَلِبِنْتِ صُلْبٍ النِّصْفُ ، ثُمَّ هُوَ لِبِنْتِ ابْنٍ ، ثُمَّ لِأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ لَمْ يُعَصَّبْنَ ، وَلِثِنْتَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ فَأَكْثَرَ لَمْ يُعَصَّبْنَ الثُّلُثَانِ ، وَلِبِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتِ صُلْبٍ السُّدُسُ مَعَ عَدَمِ مُعَصِّبٍ ، وَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ بِهِ ، فَإِنْ عَصَّبَهَا أَخُوهَا فَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ ؛ لِأَنَّهُ ضَرَّهَا وَمَا انْتَفَعَ ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا .
وَكَذَا الْأُخْتُ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ، فَأُمُّهَا الْقَائِلَةُ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ : إنْ أَلِدُ ذَكَرًا فَأَكْثَرَ لَمْ يَرِثْ ، وَكَذَا ابْنُ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ ، وَعَلَى هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ ، وَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ بِسُدُسِ الْأُخْتِ ، فَإِنْ عَصَّبَهَا أَخُوهَا فَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ ، لِأَنَّهُ ضَرَّهَا وَمَا انْتَفَعَ ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا ، فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَيْنِ بَنَاتُ صُلْبٍ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ أَوْ هُمَا سَقَطَ مَنْ دُونِهِنَّ إنْ لَمْ يُعَصِّبْهُنَّ ذَكَرٌ بِإِزَائِهِنَّ أَوْ أَنْزَلُ مِنْ بَنِي الِابْنِ .
لِلذَّكَرِ مِثْلَيْ الْأُنْثَى ، وَلَا يُعَصِّبُ ذَاتَ فَرْضٍ أَعْلَى مِنْهُ ، وَكَذَا أَخَوَاتٌ لِأَبٍ مَعَ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْصِبُهُنَّ إلَّا أَخُوهُنَّ ؛ لِلذَّكَرِ مِثْلَيْ الْأُنْثَى ، وَالْأُخْتُ فَأَكْثَرُ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ عَصَبَةٌ .
وَلِوَاحِدٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ أُمٍّ سُدُسٌ ، وَلِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُلُثٌ بِالسَّوِيَّةِ .
وَيَسْقُطُ جَدٌّ بِأَبٍ ، وَأَبْعَدُ بِأَقْرَبَ ، وَوَلَدُ ابْنٍ بِهِ ، وَكُلُّ جَدَّةٍ بِالْأُمِّ ، وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ بِابْنٍ ، وَابْنِ ابْنٍ ، وَأَبٌ وَوَلَدُ الْأَبِ بِهِمْ وَبِأَخٍ لِأَبَوَيْنِ ، وَعَنْهُ : يَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ بِجَدٍّ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا .
قَالَ : وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، كَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ وَالْآجُرِّيِّ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ عَنْ أَبِي حَفْصٍ

الْعُكْبَرِيِّ وَالْآجُرِّيِّ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْآجُرِّيُّ مِنْ أَعْيَانِ [ أَعْيَانِ ] أَصْحَابِ أَحْمَدَ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : أَقُولُ بِقَوْلِ زَيْدٍ : لَيْسَ الْجَدُّ أَبًا ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ } ، ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وَأَسْنَادُهُ ثِقَاتٌ ، وَرُوِيَ مُرْسَلًا ، وَيَسْقُطُ بِهِ ابْنُ أَخٍ وَوَلَدُ الْأُمِّ بِوَلَدٍ وَوَلَدِ ابْنٍ وَأَبٍ وَجَدٍّ .
وَمَنْ لَا يَرِثُ لَا يُحْجَبُ ، نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِي أَخٍ مَمْلُوكٍ وَابْنِ أَخٍ حُرٍّ : الْمَالُ لِابْنِ أَخِيهِ ، لَا يُحْجَبُ مَنْ لَا يَرِثُ ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
.

بَابُ الْعَصَبَةِ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ الِابْنُ ، ثُمَّ ابْنُهُ ، وَإِنْ نَزَلَ ، ثُمَّ الْأَبُ ، ثُمَّ الْجَدُّ ، وَإِنْ عَلَا مَعَ عَدَمِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ، ثُمَّ هُمَا [ ثُمَّ بَنُوهُمَا ] وَإِنْ نَزَلُوا ، ثُمَّ عَمٌّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ ، ثُمَّ عَمُّ أَبِيهِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ ، ثُمَّ عَمُّ جَدِّهِ ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ ، لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ ، وَلَوْ نَزَلُوا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً وَأَبُوهُ بِنْتَهَا ، فَوَلَدُ الْأَبِ عَمٌّ ، وَوَلَدُ الِابْنِ خَالٌ ، فَيَرِثُهُ خَالُهُ هَذَا دُونَ عَمٍّ لَهُ ، وَلَوْ خَلَّفَ الْأَبُ أَخًا وَابْنَ ابْنِهِ هَذَا ، وَهُوَ أَخُو زَوْجَتِهِ وَرِثَهُ دُونَ أَخِيهِ ، وَيُعَايَا بِهَا ، وَيُقَالُ أَيْضًا : وَرِثَتْ زَوْجَةٌ ثُمُنَ [ الْمَالِ ] وَأَخُوهَا الْبَاقِيَ ، فَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ سَبْعَةً وَرِثُوهُ سَوَاءً ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ نَكَحَ الْأُمَّ فَوَلَدُهُ عَمُّ وَلَدِ الِابْنِ وَخَالُهُ ، وَإِنْ نَكَحَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ أُمَّ الْآخَرِ فَهُمَا الْقَائِلَتَانِ : مَرْحَبًا بِابْنَيْنَا وَزَوْجَيْنَا وَابْنَيْ زَوْجَيْنَا ، وَوَلَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَمُّ الْآخَرِ ، وَأَوْلَى وَلَدُ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ حَتَّى فِي أُخْتٍ لِأَبٍ وَابْنِ أَخٍ مَعَ بِنْتٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّمَ مَنْ لِأَبَوَيْنِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، حَتَّى فِي أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ مَعَ بِنْتٍ ، فَإِنْ عَدِمَ عَصَبَةَ النَّسَبِ وَرِثَ الْمُعْتَقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ مَوْلَاهُ ، وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِي ابْنِهِ بِحَالٍ ، ثُمَّ الرَّدُّ ، ثُمَّ الرَّحِمُ ، وَعَنْهُ : تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الْوَلَاءِ ، وَعَنْهُ : الرَّدُّ بَعْدَ الرَّحِمِ .
وَمَتَى انْفَرَدَ الْعَصَبَةُ أَخَذَ الْمَالَ ، وَيَبْدَأُ بِالْفُرُوضِ ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَصَبَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ ، كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأَبٍ وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ مَعَهُنَّ أَخُوهُنَّ ، وَكَذَا لَوْ كَانُوا وَلَدَ أَبَوَيْنِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ : يَشْتَرِكُونَ فِي

الثُّلُثِ ، وَتُسَمَّى الْمُشَرَّكَةَ وَالْحِمَارِيَّةَ ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ التَّشْرِيكُ ، وَرُوِيَ الْإِسْقَاطُ ، فَقِيلَ : هَبْ أَنَّ الْأَبَ كَانَ حِمَارًا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمْ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ عَالَتْ إلَى عَشَرَةٍ ، وَتُسَمَّى ذَاتَ الْفُرُوخِ ؛ لِكَثْرَةِ عَوْلِهَا ، وَالشُّرَيْحِيَّةَ ، لِحُدُوثِهَا زَمَنَ شُرَيْحٍ ، فَسَأَلَهُ الزَّوْجُ فَأَعْطَاهُ النِّصْفَ فَقَالَ : مَا أَعْطَيْت النِّصْفَ وَلَا الثُّلُثَ ، وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ لَهُ إذَا رَأَيْتَنِي ذَكَرْتَ حُكْمًا جَائِرًا ، وَإِذَا رَأَيْتُك ذَكَرْتُ رَجُلًا فَاجِرًا ، إنَّك تَكْتُمُ الْقَضِيَّةَ وَتُشِيعُ الْفَاحِشَةَ .
وَابْنَا عَمِّ أَحَدِهِمَا زَوْجٌ أَوْ أَخٌ لِأُمٍّ لَهُ فَرْضُهُ وَالْبَقِيَّةُ لَهُمَا ، فَمَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ غَيْرِهِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا وَرِثَاهَا نِصْفَيْنِ وَبِنْتَيْنِ أَثْلَاثًا .
وَثَلَاثُ إخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أَصْغَرُهُمْ زَوْجٌ لَهُ ثُلُثَانِ وَلَهُمَا ثُلُثٌ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا : ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَكُلُّهُمْ إلَى خَيْرٍ فَقِيرُ فَحَازَ الْأَكْبَرَانِ هُنَاكَ ثُلُثًا وَبَاقِي الْمَالِ أَحْرَزَهُ الصَّغِيرُ وَتَسْقُطُ إخْوَةُ الْأُمِّ بِمَا يُسْقِطُهَا ، فَبِنْتٌ وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ لِابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ أَخًا لِأُمٍّ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : أَقُولُ بِقَوْلِ عَطَاءٍ ، أَخْطَأَ سَعِيدٌ ؛ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ .
وَمَنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ وَلَدًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَلَهُ خَمْسَةُ ذُكُورٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ مِثْلَهُمْ ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلَهُمْ [ ثُمَّ مَاتَتْ ] ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهَا الْأَوَّلُ وَرِثَ خَمْسَةٌ نِصْفًا وَخَمْسَةٌ ثُلُثًا وَخَمْسَةٌ سُدُسًا ، وَيُعَايَا بِهَا .

بَابُ الْعَصَبَةِ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " فَمَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ غَيْرِهِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا وَرِثَاهَا نِصْفَيْنِ وَبِنْتَيْنِ أَثْلَاثًا " .
انْتَهَى .
هَذَا سَهْوٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ ، وَالصَّوَابُ فَمَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ نَفْسِهِ أَوْ بِنْتَ عَمِّهِ ، وَهُوَ مَحَلُّ مَا قَالَ مِنْ الْقِسْمَةِ ، لَا مَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ غَيْرِهِ ، فَإِنَّ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا قَالَ ، بَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْعَمِّ ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سَهْوٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَالْعَوْلِ وَالرَّدِّ .
وَهِيَ سَبْعَةٌ ، فَنِصْفَانِ أَوْ نِصْفٌ وَالْبَقِيَّةُ مِنْ اثْنَيْنِ ، فَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ تُسَمَّى الْيَتِيمَتَانِ ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ مُتَسَاوِيَانِ وُرِّثَ بِهِمَا الْمَالُ ، وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا .
وَثُلُثَانِ أَوْ ثُلُثٌ وَالْبَقِيَّةُ أَوْ هُمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَرُبُعٌ أَوْ ثُمُنٌ وَالْبَقِيَّةُ أَوْ مَعَ النِّصْفِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَمِنْ ثَمَانِيَةٍ وَلَا نُعَوِّلُ هَذِهِ الْأَرْبَعَ .
وَنِصْفٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ سُدُسٌ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ ، وَتُسَمَّى عَوْلَ تِسْعَةِ الْغَرَّاءِ ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْمُبَاهَلَةِ فَاشْتُهِرَ الْعَوْلُ بِهَا ، وَالْمُبَاهَلَةُ زَوْجٌ وَأُخْتٌ وَأُمٌّ ؛ لِأَنَّ عُمَرَ شَاوَرَ الصَّحَابَةَ فِيهَا ، فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ بِالْعَوْلِ ، وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ إلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ ، لَكِنْ لَمْ يُظْهِرْ النَّكِيرَ ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ دَعَا إلَى الْمُبَاهَلَةِ ، وَقَالَ : مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ ، إنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالَجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا ، إذَا ذَهَبَ النِّصْفَانِ فَأَيْنَ مَحَلُّ الثُّلُثِ ؟ وَاَيْمُ اللَّهِ لَوْ قَدَّمُوا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ وَأَخَّرُوا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ مَا عَالَتْ مَسْأَلَةٌ قَطُّ .
فَقِيلَ لَهُ : لِمَ لَا أَظْهَرْت هَذَا زَمَنَ عُمَرَ ؟ قَالَ : كَانَ مَهِيبًا فَهِبْتُهُ .
وَرُبُعٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ سُدُسٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَتَعُولُ عَلَى الْأَفْرَادِ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ، كَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ ، وَهِيَ أُمُّ الْأَرَامِلِ ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ نِسَاءٌ ، فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَلِكُلِّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ ، وَيُعَايَا بِهَا .
قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ : قُلْ لِمَنْ يَقْسِمُ الْفَرَائِضَ وَاسْأَلْ إنْ سَأَلْت الشُّيُوخَ وَالْأَحْدَاثَا مَاتَ مَيْتٌ عَنْ سَبْعَ عَشْرَةَ أُنْثَى مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى فَحُزْنُ التُّرَاثَا أَخَذْت هَذِهِ كَمَا أَخَذْت تِلْكَ

عَقَارًا وَدِرْهَمًا وَأَثَاثًا وَثُمُنٌ مَعَ سُدُسٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ : إحْدَى وَثَلَاثِينَ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ ، وَتُسَمَّى الْبَخِيلَةَ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا ، وَالْمِنْبَرِيَّةَ لِقَوْلِ عَلِيٍّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] عَلَى الْمِنْبَرِ : صَارَ ثُمُنُهَا تِسْعًا .
وَفُرُوضٌ مِنْ جِنْسٍ تَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ فَقَطْ وَهِيَ أُمٌّ وَإِخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ .
بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ ( تَنْبِيهٌ ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةَ الْمَأْمُونِيَّةِ وَلَيْسَ هُوَ مَحَلَّهَا وَلَكِنْ ذَكَرَهَا اسْتِطْرَادًا وَإِنَّمَا مَحَلُّهَا الْمُنَاسَخَاتُ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهَا هُنَاكَ فِي مَحَلِّهَا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَنَّهُ ذَكَرَهَا هُنَا ، وَإِلَّا لَمَا ذَكَرَهَا فِي الْمُنَاسَخَاتِ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِ الِاخْتِصَارَ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا فِيهِ تَكْرَارٌ لَا غَيْرُ .

، وَإِذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْفَرْضُ الْمَالَ ، وَلَا عَصَبَةَ رُدَّ الْبَاقِي عَلَى كُلِّ فَرْضٍ بِقَدْرِهِ إلَّا زَوْجًا وَزَوْجَةً ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ : لَا رَدَّ ، وَعَنْهُ : عَلَى وَلَدِ أُمٍّ مَعَهَا أَوْ جَدَّةٍ مَعَ ذِي سَهْمٍ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إلَّا قَوْلَهُ مَعَ ذِي سَهْمٍ ، فَإِنْ رُدَّ عَلَى وَاحِدٍ أَخَذَ الْكُلُّ ، وَيَأْخُذُ الْجَمَاعَةُ مِنْ جِنْسٍ كَبَنَاتٍ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمْ فَخُذْ عَدَدَ سِهَامِهِمْ مِنْ أَصْلِ سِتَّةٍ أَبَدًا ؛ لِأَنَّ الْفُرُوضَ كُلَّهَا تَخْرُجُ مِنْ سِتَّةٍ إلَّا الرُّبُعَ وَالثُّمُنَ ، وَهُمَا فَرْضُ الزَّوْجَيْنِ ، وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِ الرَّدِّ ، فَإِنْ انْكَسَرَ شَيْءٌ صَحَّحْت وَضَرَبْت فِي مَسْأَلَتِهِمْ لَا فِي السِّتَّةِ ، فَجَدَّةٌ وَأَخٌ لِأُمٍّ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأُمٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَأُمٌّ وَبِنْتٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَأُمٌّ وَبِنْتَانِ مِنْ خَمْسَةٍ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قُسِّمَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّدِّ ، كَوَصِيَّةٍ مَعَ إرْثٍ ، فَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَزَوْجٌ أَوْ هُمَا وَزَوْجَةٌ وَأُمٌّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَهُمَا أَوْ جَدٌّ ثَانٍ وَزَوْجَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَبِنْتٌ أَوْ زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَأُخْتٌ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَمَكَانُهُ زَوْجَةٌ ، مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ، وَمَعَ الْبِنْتِ بِنْتًا مِنْ أَرْبَعِينَ ، وَتُصَحَّحُ مَعَ كَسْرٍ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ شِئْت صَحِّحْ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ ثُمَّ زِدْ عَلَيْهَا لِفَرْضِ الزَّوْجِيَّةِ لِلنِّصْفِ مَثَلًا وَلِلرُّبُعِ ثُلُثًا ، وَلِلثُّمُنِ سُبُعًا ، وَابْسُطْ مِنْ مَخْرَجِ كَسْرٍ ؛ لِيَزُولَ ، وَأَبَوَانِ وَبِنْتَانِ مِنْ سِتَّةٍ ، ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَخَلَّفَتْ مَنْ خَلَّفَتْ ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا فَقَدْ خَلَّفَتْ أُخْتًا وَجَدًّا وَجَدَّةً مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، تُوَافِقُ مَا مَاتَتْ عَنْهُ الْأُخْتُ بِالْأَنْصَافِ ، فَتَضْرِبُ نِصْفَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ .
ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ تِسْعَةً ، وَمِنْ الثَّانِيَةِ

مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ مَا مَاتَتْ عَنْهُ وَهُوَ سَهْمٌ ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى فَقَدْ خَلَّفَتْ أُخْتًا وَجَدَّةً وَجَدًّا لِأُمٍّ لَا يَرِثُ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ تُوَافِقُ مَا مَاتَتْ عَنْهُ بِالْأَنْصَافِ ، فَتَضْرِبُ نِصْفَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى يَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَمِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَتَانِ وَتُسَمَّى الْمَأْمُونِيَّةَ ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ عَنْهَا يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ قَالَ لَهُ : أَبَوَانِ وَبِنْتَانِ لَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَخَلَّفَتْ مَنْ خَلَّفَتْ ، فَقَالَ : الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ؟ فَعَلِمَ أَنَّهُ عَرَفَهَا ، فَقَالَ لَهُ : كَمْ سِنُّك ؟ فَفَطِنَ يَحْيَى أَنَّهُ اسْتَصْغَرَهُ ، فَقَالَ : سِنُّ مُعَاذٍ لَمَّا وَلَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَمَنَ ، وَسِنُّ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ لَمَّا وَلَّاهُ مَكَّةَ ، فَاسْتَحْسَنَ جَوَابَهُ وَوَلَّاهُ الْقَضَاءَ .

بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنَاسَخَاتِ وَقَسْمِ التَّرِكَاتِ إذَا انْكَسَرَ سَهْمُ فَرِيقٍ عَلَيْهِ ضَرَبْتَ عَدَدَهُ إنْ بَايَنَ سِهَامَهُ أَوْ وَفِّقْهُ لَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوِّلْهَا إنْ عَالَتْ ، وَيَصِيرُ لِوَاحِدِهِمْ مَا كَانَ لِجَمَاعَتِهِمْ أَوْ وَفِّقْهُ ، وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَى فَرِيقَيْنِ فَأَكْثَرَ ضَرَبْتَ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ ، كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ ، أَوْ أَكْثَرِ الْمُتَنَاسِبَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْأَقَلُّ جُزْءًا مِنْ الْأَكْثَرِ كَنِصْفِهِ أَوْ وَفْقِهِمَا أَوْ بَعْضَ الْمُبَايِنِ فِي بَعْضِهِ إلَى آخِرِهِ ، وَوَفِّقْ الْمُتَوَافِقَيْنِ كَسِتَّةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي كُلِّ الْآخَرِ ، ثُمَّ وَفِّقْهَا فِيمَا بَقِيَ ، ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوِّلْهَا إنْ عَالَتْ ، فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَضْرُوبٌ فِي الْعَدَدِ الَّذِي ضَرَبْتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى جُزْءَ السَّهْمِ ، فَمَا بَلَغَ فَلَهُ إنْ كَانَ وَاحِدًا ، وَتَقْسِمُهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ ، وَمَتَى تَبَايَنَ أَعْدَادُ الرُّءُوسِ أَوْ الرُّءُوسُ وَالسِّهَامُ كَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ سُمِّيَتْ صَمَّاءَ ، وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَخَمْسِ جَدَّاتٍ وَسَبْعِ بَنَاتٍ وَتِسْعِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الِامْتِحَانِ ؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ؛ لِضَرْبِ الْأَعْدَادِ بَعْضِهَا فِي بَعْضِهَا أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَلَيْسَ فِي الْوَرَثَةِ صِنْفٌ يَبْلُغُ عَدَدُهُمْ عَشَرَةً .

فَصْلٌ .
مَنْ مَاتَ مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ وَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ كَالْمَيِّتِ الْأَوَّلِ كَعَصَبَةٍ لَهُمَا قِسْمَتُهَا عَلَى مَنْ بَقِيَ ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْ وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ غَيْرَهُ كَإِخْوَةٍ لَهُمْ بَنُونَ صَحَّحْت الْأُولَى وَقَسَمْت سَهْمَ الْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَتِهِ وَصَحَّحْت ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَإِنْ لَمْ يَرِثُوا الثَّانِيَ كَإِرْثِهِمْ لِلْأَوَّلِ صَحَّحْت وَقَسَمْت سَهْمَ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَتِهِ ، فَإِنْ انْقَسَمَتْ صَحَّتَا مِنْ الْأُولَى ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ ضَرَبْت مَسْأَلَتَهُ أَوْ وَفِّقْهَا لِسِهَامِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، ثُمَّ مَنْ لَهُ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ مَضْرُوبٌ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ وَفْقِهَا ، وَمَنْ لَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ مَضْرُوبٌ فِي سِهَامِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَوْ وَفْقِهَا ، فَزَوْجَةٌ وَبِنْتٌ وَأَخٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ عَمِّهَا وَبِنْتٌ وَزَوْجٌ فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَصَحَّتَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أُمًّا لِلْبِنْتِ الْمَيِّتَةِ كَانَتْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، تُوَافِقُ سِهَامَهَا بِالرُّبُعِ ، فَتَضْرِبُ رُبُعَهَا ثَلَاثَةً فِي الْأُولَى أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، وَلَوْ خَلَّفَتْ الْبِنْتُ بِنْتَيْنِ عَالَتْ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، فَتَضْرِبُهَا فِي الْأُولَى ، لِمُبَايَنَتِهَا لِمَهَامِّهَا الْأَرْبَعَةِ ، تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً ، وَتَعْمَلُ فِي مَيِّتٍ ثَالِثٍ فَأَكْثَرَ كَعَمَلِك فِي الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ .
وَاخْتِصَارُ الْمُنَاسَخَاتِ أَنْ تُوَافِقَ سِهَامَ الْوَرَثَةِ بَعْدَ التَّصْحِيحِ بِجُزْءٍ ، كَنِصْفٍ وَخُمُسٍ وَجُزْءٍ مِنْ عَدَدٍ أَصَمَّ كَأَحَدَ عَشَرَ ، فَتَرُدُّ الْمَسَائِلَ إلَى الْجُزْءِ وَسِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ إلَيْهِ ، وَإِنْ قِيلَ أَبَوَانِ وَابْنَتَانِ لَمْ يُقْسَمْ حَتَّى مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ اُحْتِيجَ إلَى السُّؤَالِ عَنْ الْمَيِّتِ [ الْأَوَّلِ ] فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَالْأَبُ جَدٌّ أَبُو أَبٍ وَارِثٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَتَصِحَّانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهُوَ أَبُو أُمٍّ ، وَتَصِحَّانِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَتُسَمَّى الْمَأْمُونِيَّةَ ؛

لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ عَنْهَا فَقَالَ : مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ؟ فَعَلِمَ فَهْمَهُ .

فَصْلٌ : إذَا أَمْكَنَ نِسْبَةُ سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ الْمَسْأَلَةِ بِجُزْءٍ ، فَلَهُ مِنْ التَّرِكَةِ كَنِسْبَتِهِ ، وَلَوْ قَسَمْت التَّرِكَةَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَضَرَبْت الْخَارِجَ بِالْقَسْمِ فِي سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ خَرَجَ حَقُّهُ ، وَلَوْ ضَرَبْت سَهْمَ كُلِّ وَارِثٍ فِي عَدَدِ التَّرِكَةِ أَوْ وَفْقِهَا وَقَسَمْت الْمُرْتَفِعَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ أَوْ وَفْقِهَا خَرَجَ حَقُّهُ ، وَإِنْ أَرَدْت الْقِسْمَةَ عَلَى قَرَارِيطِ الدُّنْيَا وَجَعَلْتهَا كَتَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ وَعَمِلْت كَمَا تَقَدَّمَ وَتَجْمَعُ السِّهَامَ مِنْ الْعَقَارِ ، كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ مِنْ قَرَارِيطِ الدُّنْيَا وَتَقْسِمُهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَإِنْ شِئْت أَخَذْتهَا مِنْ مَخْرَجِهَا وَقَسَمْتهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ ، فَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ وَافَقْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ ضَرَبْت الْمَسْأَلَةَ أَوْ وَفْقَهَا فِي مَخْرَجِ سِهَامِ الْعَقَارِ ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يُضْرَبُ فِي السِّهَامِ الْمَوْرُوثَةِ ، مِنْ الْعَقَارِ أَوْ وَفْقِهَا ، فَمَا بَلَغَ فَانْسُبْهُ مِنْ مَبْلَغِ سِهَامِ الْعَقَارِ ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يُضْرَبُ فِي مَسْأَلَتِهِ أَوْ وَفْقِهَا فَإِنْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ بِإِرْثِهِ نَقْدًا مَعْلُومًا قَسَمْتَهُ عَلَى سِهَامِهِ وَضَرَبْت الْخَارِجَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ التَّرِكَةُ ، وَلَك ضَرْبُ مَا أُخِذَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِ الزَّوْجِ تَخْرُجُ التَّرِكَةُ وَلَك ضَرْبُهُ فِي سِهَامِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِهِ .
وَإِنْ أُخِذَ عَرَضًا فَطَرِيقُ قِيمَتِهِ قِسْمَةُ النَّقْدِ عَلَى سِهَامِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ، فَتَضْرِبُ الْخَارِجَ عَلَى سِهَامِ الْآخِذِ مِنْ سِهَامِ الْبَقِيَّةِ ، فَخُذْ بِالنِّسْبَةِ مِنْ النَّقْدِ وَإِنْ أُخِذَ عَرَضًا وَنَقْدًا فَأَلْقِ النَّقْدَ مِنْ النَّقْدِ وَاضْرِبْ سِهَامَهُ فِي الْبَقِيَّةِ وَاقْسِمْهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْمَسْأَلَةِ ، فَالْخَارِجُ حَقُّهُ ، فَأَلْقِ النَّقْدَ مِنْهُ وَالْبَقِيَّةُ قِيمَتُهُ .

بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ تَنْبِيهَاتٌ .
( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ فِي النِّسْبَةِ بَعْدَ الْفَصْلِ الثَّانِي : وَلَك ضَرْبُ مَا أُخِذَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِ الزَّوْجِ خَرَجَ التَّرِكَةُ .
انْتَهَى .
فِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ : وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِ الْأُخْرَى وَعَلَى سِهَامِهِ ، إذْ الْمَسْأَلَةُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا زَوْجٌ ، وَقَدْ لَا يَكُونُ ، وَسَبَبُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ تَبِعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي ذَلِكَ ، لَكِنَّ صَاحِبَيْ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ صَوَّرَا صُورَةً فِيهَا زَوْجٌ ، وَأُعْطِيَ الزَّوْجُ فِي عَمَلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثَةِ ، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا قَاعِدَةً كُلِّيَّةً ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ سَهْوٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَلَك ضَرْبُهُ أَيْ ضَرْبُ مَا أُخِذَ فِي سِهَامِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِهِ .
انْتَهَى .
لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ حُكْمٌ ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا وَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِهِ " : فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَاقِي التَّرِكَةِ .
وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَهُوَ وَاضِحٌ ، وَلَا يَصِحُّ الْكَلَامُ إلَّا بِهِ .

وَمَنْ قَالَ : إنَّمَا يَرِثُنِي أَرْبَعَةُ بَنِينَ لِلْأَكْبَرِ دِينَارٌ وَلِلثَّانِي دِينَارَانِ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلرَّابِعِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ بَعْدَمَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي فَتَرِكَتُهُ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا وَلَوْ قَالَ لِمَنْ قَالَ أُوصِ : إنَّمَا يَرِثُنِي امْرَأَتَاك وَجَدَّتَاك وَأُخْتَاك وَعَمَّتَاك وَخَالَتَيْك ، فَقَدْ نَكَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَدَّتَيْ الْآخَرِ أُمَّ أُمِّهِ وَأُمَّ أَبِيهِ ، فَأَوْلَدَ الْمَرِيضُ كُلًّا مِنْهُمَا بِنْتَيْنِ فَهُمَا مِنْ أُمِّ أَبِ الصَّحِيحِ عَمَّتَا الصَّحِيحِ ، وَمِنْ أُمِّ أُمِّهِ خَالَتَاهُ ، وَقَدْ كَانَ أَبُو الْمَرِيضِ نَكَحَ أُمَّ الصَّحِيحِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ .
قَالَ أَحْمَدُ فِي قَوْلِهِ : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى } الْآيَةَ : وَذَلِكَ إذَا قَسَمَ الْقَوْمُ الْمِيرَاثَ ، فَقَالَ حِطَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : قَسَمَ لِي أَبُو مُوسَى بِهَذِهِ الْآيَةِ وَفَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ ، قَالَ : فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ .
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ : [ إنَّهَا ] مَنْسُوخَةٌ ، كَانَتْ قَبْلَ الْفَرَائِضِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ : قَالَ أَبُو مُوسَى : أَطْعِمْ مِنْهَا ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ ، وَأَنَّهُ عَامٌّ فِي الْأَمْوَالِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَكَمِ سَأَلَ أَحْمَدَ عَنْهَا فَقَالَ : أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى يُعْطِي قَرَابَةَ الْمَيِّتِ مَنْ حَضَرَ الْقِسْمَةَ ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ : لَا حَاجَةَ لِي بِالْمِيرَاثِ ، اقْتَسَمَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ، وَيُوقَفُ سَهْمُهُ ، قَالَهُ أَحْمَدُ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] .
.

الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ إنَّمَا يَرِثُنِي أَرْبَعَةُ بَنِينَ ، لِلْأَكْبَرِ وَلِلثَّانِي دِينَارَانِ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَلِلرَّابِعِ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ بَعْدَ مَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي فَتَرِكَتُهُ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا .
انْتَهَى .
فَقَوْلُهُ : وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ بَعْدَمَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي " سَهْوٌ ، فَإِنَّ الْأَكْبَرَ إذَا أَخَذَ دِينَارًا وَخُمُسَ الْبَاقِي يَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَرْبَعَةً ، فَإِذَا أَخَذَ الثَّانِي دِينَارَيْنِ وَخُمُسَ الْبَاقِي يَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَرْبَعَةً ، فَإِذَا أَخَذَ الثَّالِثُ ثَلَاثَةً وَخُمُسَ الْبَاقِي يَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَرْبَعَةً ، وَبَقِيَ نَصِيبُ الرَّابِعِ ، فَمَا أَخَذَ إلَّا الْبَاقِيَ لَا غَيْرَهُ ، وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الرَّابِعَ ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، فَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ : وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ بَعْدَمَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي إلَّا الرَّابِعَ فَإِنَّ لَهُ الْبَاقِيَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَاتِبِ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَيْسَ فِي بَابِ ذَوِي الْأَرْحَامِ شَيْءٌ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ .

بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَرِثُونَ بِالتَّنْزِيلِ ، وَعَنْهُ : عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ ، فَوَلَدُ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَوَلَدُ بَنَاتِ الْبَنِينَ ، وَوَلَدُ الْأَخَوَاتِ كَأُمَّهَاتِهِنَّ ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَبَنَاتُ بَنِيهِمْ ، وَوَلَدُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ كَآبَائِهِمْ ، وَأَبُ الْأُمِّ وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ كَالْأُمِّ ، وَأَبُ أُمِّ أَبٍ وَأَبُ أُمِّ أُمٍّ وَأَخَوَاهُمَا وَأُخْتَاهُمَا وَأُمُّ أَبِ جَدٍّ بِمَنْزِلَتِهِمْ ، وَالْعَمَّاتُ وَالْعَمُّ مِنْ الْأُمِّ كَالْأَبِ ، وَعَنْهُ : كَالْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَعَنْهُ : الْعَمَّةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَجَدٍّ ، فَعَلَى هَذِهِ الْعَمَّةُ لِأُمٍّ وَالْعَمُّ لِأُمٍّ كَالْجَدَّةِ أُمِّهِمَا ، وَهَلْ عَمَّةُ الْأَبِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَالْجَدِّ أَوْ كَعَمِّ الْأَبِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ كَأَبِي الْجَدِّ ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَاتِ ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْجَدِّ أَوْ بِأَخِيهِ أَوْ بِأَبِيهِ وَهَلْ عَمُّ الْأَبِ مِنْ الْأُمِّ وَعَمَّةُ الْأَبِ لِأُمٍّ كَالْجَدِّ ، أَوْ كَعَمِّ الْأَبِ مِنْ أَبَوَيْنِ أَوْ كَأُمِّ الْجَدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ ، وَلَيْسَا كَأَبِي الْجَدِّ ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمَا فَتَجْعَلُ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ ، فَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِوَارِثٍ وَاسْتَوَتْ مَنْزِلَتُهُمْ مِنْهُ بِلَا سَبْقٍ كَأَوْلَادِهِ أَوْ اخْتَلَفَتْ كَإِخْوَتِهِ الْمُفْتَرِقِينَ وَأَدْلَوْا بِأَنْفُسِهِمْ فَنَصِيبُهُ لَهُمْ كَإِرْثِهِمْ مِنْهُ ، لَكِنَّ الذَّكَرَ كَأُنْثَى ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : إلَّا الْخَالَ وَالْخَالَةَ ، وَعَنْهُ : يُفَضَّلُ الذَّكَرُ إلَّا فِي وَلَدِ وَلَدِ الْأُمِّ ، وَإِنْ أَدْلَوْا إلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ جَعَلْتُهُ كَمَيِّتٍ اقْتَسَمُوا إرْثَهُ ، وَفِي تَفْضِيلِ الذَّكَرِ الْخِلَافُ ، فَثَلَاثُ خَالَاتٍ وَعَمَّاتٍ مُفْتَرَقَاتٍ كَأَبَوَيْنِ ، خَلَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ مُفْتَرَقَاتٍ ، فَثُلُثٌ لِلْخَالَاتِ أَخْمَاسٌ ، وَثُلُثَانِ لِلْعَمَّاتِ كَذَلِكَ ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، بِضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي خَمْسَةٍ ، وَثَلَاثُ بَنَاتِ

عُمُومَةٍ ، الْمَالُ لِلَّتِي مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَثَلَاثَةُ أَخْوَالٍ لِذِي الْأُمِّ سُدُسٌ ، وَالْبَقِيَّةُ لِذِي الْأَبَوَيْنِ ، وَيُسْقِطُهُمْ أَبُو أُمٍّ ، قَالَ فِي الْفُنُونِ : خَالَةُ الْأَبِ كَأُخْتِهَا الْجَدَّةِ أُمُّ الْأَبِ ، وَتَقَدَّمَ هَلْ الْعَمَّةُ كَأَبٍ أَمْ لَا ، وَلَمَا أَسْقَطَتْ الْأُمُّ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمَّهَاتِهَا عُلِمَ أَنَّ كُلَّهُنَّ يُدْلِينَ بِالْأُمُومَةِ ، فَالْعَجَبُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ قَرَابَتَيْ الْأَبِ مِنْ جَانِبَيْ أُمِّهِ وَأُمِّهِ كَجِهَتَيْنِ ، وَجِهَةُ الْأُمُومَةِ مَعَ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ كَجِهَةٍ ، وَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِجَمَاعَةٍ قَسَمْت الْمَالَ بَيْنَ الْمُدْلَى بِهِمْ ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُدْلَى بِهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ ، وَلِبِنْتِ بِنْتٍ نِصْفُ أُمِّهَا ، وَلِبِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى نِصْفُ أُمِّهِمَا ، وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَمِلْت بِهِ ، فَثَلَاثُ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأُمِّ سُدُسٌ وَالْبَقِيَّةُ لِلَّتِي لِلْأَبَوَيْنِ كَآبَائِهِنَّ ، وَأَوْلَاهُمْ الْقَرِيبُ مِنْ الْوَارِثِ وَلَوْ بَعُدَ عَنْ الْمَيِّتِ ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ نُزِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ حَتَّى يَلْحَقَ بِمَنْ يُدْلَى بِهِ ، وَلَوْ أَسْقَطَ الْقَرِيبُ ، كَبِنْتِ بِنْتِ [ بِنْتٍ ] وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ ، الْمَالَ لِلْأُولَى ، وَخَالَةِ أَبٍ وَأُمِّ أَبِي أُمٍّ الْمَالَ لِلثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا كَأُمٍّ ، وَالْأُخْرَى كَجَدَّةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ : الْإِرْثُ لِلْجِهَةِ الْقُرْبَى مُطْلَقًا .
وَفِي الرَّوْضَةِ : ابْنُ بِنْتٍ وَابْنُ أُخْتٍ لِأُمٍّ لَهُ السُّدُسُ وَلِابْنِ الْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ بِالرَّدِّ ، وَفِيهَا أَنَّ الْعَمَّةَ كَأَبٍ ، وَقِيلَ : كَبِنْتٍ .

وَالْجِهَاتُ الْأُبُوَّةُ وَالْأُمُومَةُ وَالْبُنُوَّةُ [ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إسْقَاطُ بِنْتِ عَمَّةٍ لِبِنْتِ بِنْتِ أَخٍ ، وَقِيلَ : وَالْأُخُوَّةُ ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إسْقَاطُهَا مَعَ بُعْدِهَا لِبِنْتِ أَخٍ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : وَالْعُمُومَةُ ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ ] وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إسْقَاطُهَا لِبِنْتِ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ ، وَعَنْهُ : كُلُّ وَلَدٍ لِلصُّلْبِ جِهَةٌ ، وَعَنْهُ : كُلُّ وَارِثٍ جِهَةٌ ، فَعَمَّةٌ وَابْنُ خَالٍ لَهُ ثُلُثٌ وَلَهَا الْبَقِيَّةُ ، وَمَعَهُمَا خَالَةُ أُمٍّ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ، وَالْمَذْهَبُ : يَسْقُطُ بِهَا ابْنُ الْخَالِ وَلَهَا سُدُسٌ وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمَّةِ ، وَخَالَةُ أُمٍّ وَخَالَةُ أَبٍ الْمَالُ لَهُمَا كَجَدَّتَيْنِ ، وَتُسْقِطُهُمَا أُمُّ أَبِي أُمٍّ ، عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَالْمَذْهَبُ : تَسْقُطُ هِيَ ، وَإِنْ أَدْلَى ذُو رَحِمٍ بِقَرَابَتَيْنِ وَرِثَ بِهِمَا كَشَخْصَيْنِ ، وَحُكِيَ عَنْهُ : بِأَقْوَاهُمَا ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَخَذَ فَرْضَهُ بِلَا حَجْبٍ وَلَا عَوْلٍ ، وَالْبَقِيَّةُ لَهُمْ ، كَانْفِرَادِهِمْ ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْوَاضِحِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ كَمَا يُقْسَمُ بَيْنَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ ، فَزَوْجَةٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ أَخٍ لِأَبٍ ، لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ، وَالْبَقِيَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ ؛ لِبِنْتِ الْبِنْتِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأُخْرَى ثَلَاثَةٌ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ ، بِضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ ، وَيَعُولُ أَصْلُ سِتَّةٍ خَاصَّةً إلَى سَبْعَةٍ ، كَخَالَةٍ وَبِنْتَيْ أُخْتَيْنِ مِنْ الْأُمِّ وَبِنْتَيْ أُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَكَأَبِي أُمٍّ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ ، وَثَلَاثِ بَنَاتٍ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرَقَاتٍ [ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ] .

مَنْ مَاتَ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ فَطَلَبَ وَرَثَتُهُ الْقِسْمَةَ وُقِفَ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ إرْثِ وَلَدَيْنِ مُطْلَقًا ، فَإِذَا وُلِدَ أَخَذَهُ ، وَهَلْ يَجْرِي فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ مَوْتِهِ ؛ لَحَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا ، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ أَوْ أَذِنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي مَسْأَلَةِ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ، بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ مَيِّتًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَيْسَ حَمْلًا أَوْ لَيْسَ حَيًّا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي قُبَيْلَ الْمِلْكِ التَّامِّ ( م 1 ) قَالَ : وَلَوْ وَصَّى لِحَمْلٍ وَمَاتَ فَوَضَعَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَبِلَ وَلِيُّهُ مِلْكَ الْمَالِ ، وَهَلْ يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَبُولِ ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُوطَأُ فَوَضَعَتْ لِمُضِيِّ أَرْبَعِ سِنِينَ وَقُلْنَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ فَفِي وُجُوبِ زَكَاةِ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَجْهَانِ ، وَمَا بَقِيَ لِمُسْتَحِقِّهِ ، وَيَأْخُذُ مَنْ لَا يَحْجُبُهُ إرْثَهُ كَجَدٍّ وَمَنْ يُنْقِصُهُ شَيْئًا الْيَقِينُ ، وَمَنْ سَقَطَ بِهِ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا .
.

بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : فَإِذَا وُلِدَ أَخَذَهُ ، وَهَلْ يَجْرِي فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ كَمَا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ مِنْ عِنْدِهِ مِنْ مَوْتِهِ ، لَحَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا ، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ أَوْ أَذِنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فِي مَسْأَلَةِ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ، بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ مَيِّتًا ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَيْسَ حَمْلًا أَوْ لَيْسَ حَيًّا ، فِيهِ وَجْهَانِ .
ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي قُبَيْلَ الْمِلْكِ التَّامِّ .
انْتَهَى .
الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي فِطْرَةِ الْجَنِينِ : لَمْ تَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامٌ لَدَيْنَا إلَّا فِي الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا .
وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ : وَمِنْهَا مِلْكُهُ بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَلَكِنْ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ حَتَّى يَنْفَصِلَ حَيًّا ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ ، وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ : الْحَمْلُ هَلْ لَهُ حُكْمٌ قَبْلَ انْفِصَالِهِ أَمْ لَا ؟ حَكَى الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ ، قَالُوا : وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ حُكْمًا .
انْتَهَى .
تَنْبِيهَاتٌ : ( الْأَوَّلُ ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي مِنْ التَّفَارِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الثَّانِي ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ ، فَحَصَلَ مِنْهُ تَكْرَارٌ ، وَلَكِنْ هُنَا زِيَادَاتٌ عَلَى ذَلِكَ .

وَيَرِثُ وَيُورَثُ إنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا ، وَعَنْهُ : وَبِصَوْتِ غَيْرِهِ ، وَالْأَشْهَرُ : وَبِرَضَاعٍ وَحَرَكَةٍ طَوِيلَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا تُعْلَمُ بِهِ حَيَاتُهُ ، لَا بِمُجَرَّدِ حَرَكَةٍ وَاخْتِلَاجٍ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ : وَلَوْ عُلِمَ مَعَهُمَا حَيَاةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ اسْتِقْرَارُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ ، فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يَتَحَرَّكُ بَعْدَ ذَبْحِهِ شَدِيدًا ، وَهُوَ كَمَيِّتٍ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ : وَتَنَفَّسَ ، وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ : إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْجَنِينَ تَنَفَّسَ أَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ فَهُوَ حَيٌّ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ : إذَا تَحَرَّكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ خَرَجَ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ جُهِلَ مُسْتَهِلٌّ مِنْ تَوْأَمَيْنِ إرْثُهُمَا مُخْتَلِفٌ عُيِّنَ بِقُرْعَةٍ .
الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْجَنِينَ تَنَفَّسَ أَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ فَهُوَ حَيٌّ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُذْهَبِ فِي هَذَا الْبَابِ : إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا بَعْدَ انْفِصَالِهِ جَمِيعَهُ وَرِثَ وَوَرَّثَ ، وَإِنْ لَمْ يَصْرُخْ بَلْ عَطَسَ أَوْ بَكَى أَوْ ارْتَفَعَ فَكَذَلِكَ ، فَإِنْ تَحَرَّكَ أَوْ تَنَفَّسَ لَمْ يَكُنْ كَالِاسْتِهْلَالِ .
انْتَهَى .
فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي التَّنَفُّسِ وَالتَّحَرُّكِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ مِنْهُ لَمْ يَرِثْهُ ؛ لِحُكْمِ أَحْمَدَ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ ، وَقِيلَ : وَهُوَ أَظْهَرُ ( م 2 ) وَفِي الْمُنْتَخَبِ : يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ وَضْعِهِ وَيَرِثُهُ ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ أَحْمَدَ إذَا مَاتَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يَرِثْهُ وَحَمَلَهُ عَلَى وِلَادَتِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ، وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ كَافِرٍ غَيْرِهِ فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ وَضْعِهِ .
وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِحُرٍّ فَأَحْبَلَهَا فَقَالَ السَّيِّدُ : إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتَ وَهُوَ قِنَّانِ ، وَإِلَّا فَحُرَّانِ ، فَهِيَ الْقَائِلَةُ : إنْ أَلِدُ ذَكَرًا لَمْ أَرِثْ وَلَمْ يَرِثْ وَإِلَّا وَرِثْنَا ، وَمَنْ خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَامْرَأَةَ أَبٍ حَامِلًا فَهِيَ الْقَائِلَةُ : إنْ أَلِدُ أُنْثَى وَرِثْت لَا ذَكَرًا .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ مِنْهُ لَمْ يَرِثْهُ ، لِحُكْمِ أَحْمَدَ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ ، وَقِيلَ : يَرِثُهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
انْتَهَى .
مَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَنَصَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ بِأَدِلَّةٍ جَيِّدَةٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ : إنَّهُ أَظْهَرُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ كُتُبِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .

وَمَنْ خَلَفَ وَرَثَةً وَأُمًّا مُزَوَّجَةً ، فَفِي الْمُغْنِي : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَأَ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ : يَحْرُمُ لِيَعْلَمَ أَحَامِلٌ ( م 3 ) فَإِنْ وَطِئَ ، وَلَمْ تُسْتَبْرَأْ فَأَتَتْ بِهِ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْ وَطْئِهِ لَمْ يَرِثْهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : يَكُفُّ عَنْ امْرَأَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ فَجَاءَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا أَدْرِي هُوَ أَخُوهُ أَمْ لَا ؟ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ خَلَفَ وَرَثَةً وَأُمًّا مُزَوَّجَةً فَفِي الْمُغْنِي : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَأَ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ : يَحْرُمُ ، لِيُعْلَمَ أَحَامِلٌ أَمْ لَا .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ .
وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَأَسْرٍ وَتِجَارَةٍ وَسِيَاحَةٍ اُنْتُظِرَ بِهِ تَتِمَّةَ تِسْعِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ ، وَعَنْهُ : أَبَدًا ، فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ ، كَغَيْبَةِ ابْنِ تِسْعِينَ ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَعَنْهُ : أَبَدًا حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ ، وَعَنْهُ : زَمَنًا لَا يَعِيشُ مِثْلَهُ غَالِبًا ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : مِائَةً وَعِشْرِينَ [ سَنَةً ] مُنْذُ وُلِدَ ، وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ : يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَرْبَعَ سِنِينَ لِقَضَاءِ عُمَرَ ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَهْلَكَةٍ ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا هَلَاكَهُ كَمَفْقُودٍ بَيْنَ أَهْلِهِ أَوْ فِي مَفَازَةٍ مُهْلِكَةٍ كَالْحِجَازِ أَوْ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ فَسَلِمَ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ اُنْتُظِرَ تَتِمَّةَ أَرْبَعِ سِنِينَ ، وَعَنْهُ : مَعَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ، وَعَنْهُ : هُوَ كَالْقِسْمِ قَبْلَهُ ، وَفِي الْوَاضِحِ : وَعَنْهُ : زَمَنًا لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ قَالَ : وَحَدَّهَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ بِتِسْعِينَ ، وَقِيلَ : بِسَبْعِينَ ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي عَبْدٍ مَفْقُودٍ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحُرِّ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا وَأَبُو طَالِبٍ فِي الْأَمَةِ عَلَى النِّصْفِ وَيُزَكَّى قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِمَا مَضَى ، نَصَّ عَلَيْهِ .

، فَإِنْ مَاتَ مُورِثُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ أَخَذَ كُلُّ وَارِثٍ الْيَقِينَ وَوُقِفَ الْبَاقِي ، فَاعْمَلْ مَسْأَلَةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَوْتِهِ ثُمَّ اضْرِبْ إحْدَاهُمَا أَوْ وَفِّقْهَا فِي الْأُخْرَى ، وَاجْتَزِئْ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا ، أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا ، وَيَأْخُذُ الْيَقِينَ الْوَارِثُ مِنْهُمَا ، وَمَنْ سَقَطَ فِي إحْدَاهُمَا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا ، وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الصُّلْحُ عَلَى مَا زَادَ عَنْ نَصِيبِهِ ، كَأَخٍ مَفْقُودٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ مَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، لِلزَّوْجِ ثُلُثٌ ، وَلِلْأُمِّ سُدُسٌ ، وَلِلْجَدِّ سَبْعَةٌ ، مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ ، وَلِلْأُخْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ تَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى رِوَايَةِ رَدِّ الْمَوْقُوفِ لَهُ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ ، وَعَلَى رِوَايَةِ قِسْمَةِ نَصِيبِهِ مِمَّا وُقِفَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ مِثْلَيْ الْأُخْتِ يَبْقَى تِسْعَةٌ ، كَذَا ذَكَرَ فِي الشَّرْحِ رِوَايَتَيْنِ ، وَالْمَعْرُوفُ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَلَهُمْ الصُّلْحُ عَلَى كُلِّ الْمَوْقُوفِ إنْ حَجَبَ أَحَدًا ، وَلَمْ يَرِثْ أَوْ كَانَ أَخًا لِأَبٍ عَصَّبَ أُخْتَهُ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ، وَقِيلَ : تَعْمَلُ مَسْأَلَةَ حَيَاتِهِ ، وَتَقِفُ نَصِيبَهُ إنْ وَرِثَ ، وَفِي أَخْذِ ضَمِينٍ مِمَّنْ مَعَهُ زِيَادَةٌ مُحْتَمَلَةٌ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَمَتَى بَانَ حَيًّا يَوْمَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ فَلَهُ حَقُّهُ وَالْبَاقِي لِمُسْتَحِقِّهِ ، وَإِنْ بَانَ مَيِّتًا فَالْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ، وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : وَكَذَا إنْ جُهِلَ وَقْتُ مَوْتِهِ .

بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الصُّلْحُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى نَصِيبِهِ ، كَأَخٍ مَفْقُودٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ ، مَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، لِلزَّوْجِ ثُلُثٌ ، وَلِلْأُمِّ سُدُسٌ ، وَلِلْجَدِّ سَبْعَةٌ ، مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ ، وَلِلْأُخْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ ، تَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى رِوَايَةِ رَدِّ الْمَوْقُوفِ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ ، وَعَلَى رِوَايَةِ قِسْمَةِ نَصِيبِهِ مِمَّا وُقِفَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ ، لِأَنَّهُ وَرِثَ مِثْلَيْ الْأُخْتِ ، يَبْقَى تِسْعَةٌ ، كَذَا [ ذَكَرَ ] فِي الشَّرْحِ رِوَايَتَيْنِ ، وَالْمَعْرُوفُ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا مَاتَ مَيِّتٌ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى كُلِّ وَارِثٍ الْيَقِينَ وَيُوقِفُ الْبَاقِيَ ، فَإِنْ قَدَّمَ أَخْذَ نَصِيبِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ فَهَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَالِهِ أَوْ يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) أَنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمَفْقُودِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : هُوَ غَيْرُ صَاحِبِ الْمُغْنِي فِيهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ أَيْضًا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي أَخْذِ ضَمِينٍ مِمَّنْ مَعَهُ زِيَادَةٌ مُحْتَمَلَةٌ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِعَمَلِ مَسْأَلَةِ حَيَاتِهِ وَوَقْفِ نَصِيبِهِ إنْ وَرِثَ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُؤْخَذُ ضَمِينٌ بِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
( الْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُؤْخَذُ .

وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ تَرَبُّصِهِ وَلَمْ يَبْنِ حَالُهُ ، فَقِيلَ : مَا وُقِفَ لَهُ لِوَرَثَتِهِ إذَنْ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ فَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهِ ، وَقِيلَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَيُنْفَقُ عَلَى زَوْجَتِهِ ، وَقِيلَ : يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ ، فَلَا يُقْضَى وَلَا يُنْفَقُ ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمْ ( م 3 ) .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ تَرَبُّصِهِ وَلَمْ يَبْنِ حَالُهُ ، فَقِيلَ : مَا وُقِفَ لَهُ لِوَرَثَتِهِ إذَنْ ، كَبَقِيَّةِ مَالِهِ ، فَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهِ ، وَقِيلَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ : وَيُنْفَقُ عَلَى زَوْجَتِهِ ، وَقِيلَ : يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ ، فَلَا يُقْضَى وَلَا يُنْفَقُ ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمْ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ : يُقَسَّمُ مَالُهُ بَعْدَ انْتِظَارِهِ ، وَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْمَعْدُومِ مِنْ حِينِ فَقْدِهِ أَوْ لَا يَثْبُتُ إلَّا مِنْ حِينِ إبَاحَةِ أَزْوَاجِهِ وَقِسْمَةِ مَالِهِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ مَاتَ لَهُ فِي مُدَّةِ انْتِظَارِهِ مَنْ يَرِثُهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِتَوْرِيثِهِ مِنْهُ أَمْ لَا ؟ وَنَصَّ عَلَيْهِ يُزَكَّى مَالُهُ بَعْدَ مُدَّةِ انْتِظَارِهِ ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِأَحْكَامِ الْمَوْتَى إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ .
انْتَهَى .
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بَنَاهُمَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .

وَمَتَى قَدِمَ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ أَخَذَ مَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ ، وَالتَّالِفُ مَضْمُونٌ فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا ، إنَّمَا قُسِمَ بِحَقٍّ لَهُمْ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( م 4 ) وَإِنْ حَصَلَ لِأَسِيرٍ مِنْ وَقْفٍ تَسَلَّمَهُ وَحَفِظَهُ وَكِيلُهُ وَمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَعْدَهُ جَمِيعًا ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ : وَيَكْفِي وَكِيلُهُ .
.
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَمَتَى قَدِمَ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ أَخَذَ مَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ ، وَالتَّالِفُ مَضْمُونٌ ، فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا ، إنَّمَا قُسِمَ بِحَقٍّ لَهُمْ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ .
انْتَهَى .
( الرِّوَايَةُ الْأُولَى ) هِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الْمَذْهَبِ ، نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَهُوَ أَصَحُّ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ ، وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .

وَالْمُشْكِلُ نَسَبُهُ كَمَفْقُودٍ ، وَمَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ابْنِي ، ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا ، فَيُعَيِّنُهُ ، فَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَرَى الْقَافَةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي النَّسَبِ ، عَلَى مَا يَأْتِي ، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُوقَفُ ، وَيَصْرِفُ نَصِيبَ ابْنٍ لِبَيْتِ الْمَالِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ الْقَاضِي ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْقَاضِي : يَعْزِلُ مِنْ التَّرِكَةِ مِيرَاثَ ابْنٍ يَكُونُ مَوْقُوفًا فِي بَيْتِ الْمَالِ ؛ لِلْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ : لَا وَقْفَ ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا رُجِيَ زَوَالُ الْإِشْكَالِ ( م 5 ) .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ابْنِي ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا ، فَيُعَيِّنُهُ ، فَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَرَى الْقَافَةَ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُوقَفُ ، وَيُصْرَفُ نَصِيبُ ابْنٍ لِبَيْتِ الْمَالِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ الْقَاضِي ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْقَاضِي يَعْزِلُ مِنْ التَّرِكَةِ مِيرَاثَ ابْنٍ يَكُونُ مَوْقُوفًا فِي بَيْتِ الْمَالِ ، لِلْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ : لَا وَقْفَ ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا رُجِيَ زَوَالُ الْإِشْكَالِ .
انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ : وَمَنْ افْتَقَرَ نَصِيبُهُ إلَى قَائِفٍ فَهُوَ فِي مُدَّةِ إشْكَالِهِ كَالْمَفْقُودِ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا لِأَجْلِ الْمِيرَاثِ ، فَمَنْ قُرِعَ اسْتَحَقَّهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى .
وَهُوَ مَنْ لَهُ شَكْلُ ذَكَرِ رَجُلٍ وَفَرْجِ امْرَأَةٍ ، فَإِنْ بَالَ أَوْ سَبَقَ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ ذَكَرٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَكْسُهُ أُنْثَى ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ ، وَقِيلَ : لَا يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ وَغَيْرِهِ ، وَقَالَ : هَلْ يُعْتَبَرُ السَّبْقُ فِي الِانْقِطَاعِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي التَّبْصِرَةِ : يُعْتَبَرُ أَطْوَلُهُمَا خُرُوجًا ، وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ ؛ لِأَنَّ بَوْلَهُ يَمْتَدُّ وَبَوْلَهَا يَسِيلُ ، وَقَدَّمَ ابْنُ عَقِيلٍ الْكَثْرَةَ عَلَى السَّبْقِ .
وَقَالَ هُوَ وَالْقَاضِي : إنْ خَرَجَا مَعًا حُكِمَ لِلْمُتَأَخِّرِ ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : إنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ أَوْ احْتَلَمَ مِنْهُ أَوْ أَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ ، لِجَوَازِ كَوْنِهِ خِلْقَةً زَائِدَةً ، وَإِنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ وَأَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ فَبَالِغٌ بِلَا إشْكَالٍ يَأْخُذُ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينَ ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ فَيُعْمَلَ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عَلَامَةِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ، كَنَبَاتِ لِحْيَتِهِ أَوْ تَفَلُّكِ ثَدْيَيْهِ ، وَالْمَنْصُوصُ : أَوْ سُقُوطِهِمَا ، وَبُلُوغِهِ بِالسِّنِّ أَوْ الْإِنْبَاتِ ، وَكَذَا إنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِهِ وَأَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِهِ ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهَا فَوَجْهَانِ ( م 1 ) وَإِنْ وُجِدَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ فَلَا ذَكَرَ وَلَا أُنْثَى وَفِي الْبُلُوغِ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَقِيلَ : إنْ اشْتَهَى أُنْثَى فَذَكَرٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ .
وَفِي الْجَامِعِ : لَا فِي إرْثٍ وَدِيَةٍ ؛ لِأَنَّ لِلْغَيْرِ حَقًّا ، وَقِيلَ : أَوْ انْتَشَرَ بَوْلُهُ عَلَى كَثِيبِ رَمْلٍ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : تُعَدُّ أَضْلَاعُهُ ، فَسِتَّةَ عَشَرَ أَضْلَاعُ ذَكَرٍ ، وَسَبْعَةَ عَشَرَ أُنْثَى ، فَإِنْ مَاتَ أَوْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ وَوَرِثَ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَخَذَ نِصْفَهُ ، وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا فَلَهُ نِصْفُ إرْثِهِمَا ، كَوَلَدِ الْمَيِّتِ مَعَهُ بِنْتٌ وَابْنٌ

، لَهُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمَانِ ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ : تُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ أُنْثَى وَتَضْرِبُ إحْدَاهُمَا أَوْ وَفِّقْهَا فِي الْأُخْرَى وَاجْتَزِئْ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا ، وَاضْرِبْهَا فِي الْحَالَيْنِ ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مَضْرُوبٌ فِي الْأُخْرَى أَوْ وَفِّقْهَا ، وَاجْمَعْ مَا لَهُ مِنْهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا .

بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَقَالَ : هَلْ يُعْتَبَرُ السَّبْقُ فِي الِانْقِطَاعِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : وَإِنْ خَرَجَا مَعًا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَبُلُوغُهُ بِالسِّنِّ أَوْ الْإِنْبَاتِ ، وَكَذَا إنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِهِ وَأَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِهِ ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا ) لَا يَحْصُلُ الْبُلُوغُ بِذَلِكَ ، قَالَ الْقَاضِي : لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَمًا عَلَى الْبُلُوغِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحْصُلُ بِهِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِنْزَالَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ مُطْلَقًا ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ وُجِدَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ فَلَا ذَكَرَ وَلَا أُنْثَى ، وَفِي الْبُلُوغِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَحْصُلُ بِهِ الْبُلُوغُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحْصُلُ بِهِ الْبُلُوغُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
تَنْبِيهَانِ : ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : " فَلَا ذَكَرَ وَلَا أُنْثَى " يَعْنِي لَيْسَ هَذَا عَلَامَةَ لِلذَّكَرِ وَلَا عَلَامَةَ لِلْأُنْثَى ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إمَّا ذَكَرٌ وَإِمَّا أُنْثَى .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : فَإِنْ مَاتَ أَوْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ وَوَرِثَ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَخَذَ نِصْفَهُ ، وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا فَلَهُ نِصْفُ إرْثِهِمَا ، كَوَلَدِ الْمَيِّتِ مَعَهُ بِنْتٌ وَابْنٌ ، لَهُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمَانِ .
وَقَالَ الْأَكْثَرُ : تُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ أُنْثَى ، وَتُضْرَبُ إحْدَاهُمَا أَوْ وَفْقَهَا فِي الْأُخْرَى ، إلَى آخِرِهِ .
مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ اخْتِيَارُ

الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْقَوْلُ الثَّانِي ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ .
وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ : وَقَالَ أَصْحَابُنَا : تُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى إلَى آخِرِهِ ، فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَلَيْسَ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَنَحْوِهِمْ شَيْءٌ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ نَزَّلْتَهُمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ ، كَإِعْطَائِهِمْ الْيَقِينَ قَبْلَ الْبُلُوغِ ، وَكَالْمَفْقُودِينَ ، وَقِيلَ : حَالِّينَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : تُقْسَمُ التَّرِكَةُ وَلَا يُوقَفُ مَعَ خُنْثَى مُشْكِلٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ .

بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَنَحْوِهِمْ .
إذَا عُلِمَ مَوْتُ مُتَوَارِثَيْنِ مَعًا فَلَا إرْثَ ، وَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ بِالْمَوْتِ أَوْ عُلِمَ وَجُهِلَ عَيْنُهُ وَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ مَعَهُ ؛ لِئَلَّا يَدُورَ فَيُقَدِّرَ أَحَدَهُمَا مَاتَ أَوَّلًا وَيُوَرِّثَ الْآخَرَ مِنْهُ ثُمَّ يَقْسِمَ إرْثَهُ مِنْهُمَا عَلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ ، ثُمَّ يَعْمَلَ بِالْآخِرِ كَذَلِكَ ، فَلَوْ جُهِلَ مَوْتُ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا عَتِيقُ زَيْدٍ وَالْآخَرُ عَتِيقُ عَمْرٍو كَانَ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمُعْتَقِ الْآخَرِ ، زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَابْنُهُمَا خَلَّفَ امْرَأَةً أُخْرَى وَأُمًّا وَخَلَّفَتْ ابْنًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَبًا ، فَتَصِحُّ مَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ، لِزَوْجَتِهِ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأَبِ سُدُسٌ ، وَلِابْنِهَا الْحَيِّ مَا بَقِيَ ، رَدَدْت مَسْأَلَتَهَا إلَى وَفْقِ سِهَامِهَا بِالثُّلُثِ اثْنَيْنِ ، وَلِابْنِهِ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ ، لِأُمِّ أَبِيهِ سُدُسٌ ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ ، وَمَا بَقِيَ لِعَصَبَتِهِ ، فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ ، تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالنِّصْفِ ، فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ اثْنَيْنِ ، ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، تَكُنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ ، وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، فَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْهَا مِنْ سِتَّةٍ ، دَخَلَ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَتِهِ ، فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ ، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، فَمَسْأَلَةُ أُمِّهِ مِنْ سِتَّةٍ ، وَلَا مُوَافَقَةَ وَمَسْأَلَةُ أَبِيهِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، فَاجْتَزِئْ بِضَرْبِ وَفْقِ سِهَامِهِ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةً تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَكَذَا لَوْ عُلِمَ السَّابِقُ ثُمَّ نُسِيَ ، وَقِيلَ : بِالْقُرْعَةِ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : إنَّمَا لَمْ تَجْزِ الْقُرْعَةُ ؛

لِعَدَمِ دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي النَّسَبِ ، وَقَالَ الْوَنِّيُّ : يَعْمَلُ بِالْيَقِينِ وَيَقِفُ مَعَ الشَّكِّ .
وَإِنْ ادَّعَى وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ سَبْقَ الْآخَرِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ تَعَارَضَتْ تَحَالَفَا ، وَلَمْ يَتَوَارَثَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : بَلَى ، وَخَرَّجُوا مِنْهَا الْمَنْعَ فِي جَهْلِهِمْ الْحَالَ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَقِيلَ : بِالْقُرْعَةِ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : إنْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَةُ وَقُلْنَا يُقْسَمُ قُسِمَ بَيْنَهُمَا مَا اخْتَلَفَا فِيهِ نِصْفَيْنِ ، وَيَرِثُ مَنْ شُكَّ فِي وَقْتِ مَوْتِهِ مِمَّنْ عُيِّنَ وَقْتُهُ ، وَقِيلَ : لَا .

بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ .
مَنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ لَمْ يَتَوَارَثَا ، وَتَرِثُهُ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ ، وَفِي مَرَضٍ مَخُوفٍ وَلَمْ يَمُتْ وَلَمْ يَصِحَّ ، بَلَى لُسِعَ أَوْ أُكِلَ ، وَإِنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ مُتَّهَمًا بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا كَمَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ابْتِدَاءً أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ عَلَّقَهَا عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا فَفَعَلَتْهُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ خِلَافًا لِلْمُنْتَخَبِ فِيهَا أَوْ عَلَّقَ إبَانَةَ ذِمِّيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ عَلَى إسْلَامٍ وَعِتْقٍ أَوْ عَلِمَ أَنَّ سَيِّدَهَا عَلَّقَ عِتْقَهَا لِغَدٍ فَأَبَانَهَا الْيَوْمَ ، أَوْ وَطِئَ عَاقِلًا وَقِيلَ مُكَلَّفًا حَمَاتَهُ أَوْ عَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ عَلَى مَرَضِهِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ لَهُ فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ عَلَى تَرْكِهِ نَحْوُ لَأَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْك فَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ وَكَّلَ فِي صِحَّتِهِ مَنْ يُبِينُهَا مَتَى شَاءَ فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ، لَمْ يَرِثْهَا .
وَتَرِثُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ، نَقَلَهُ [ وَاخْتَارَهُ ] الْأَكْثَرُ مَا لَمْ تَرْتَدَّ ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَرِوَايَتَانِ ( م 1 ) فَلَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ ، عَلَى الْأَصَحِّ فَتَرِثُهُ الْخَمْسُ ، وَعَنْهُ : رُبُعُهُ لَهَا وَالْبَقِيَّةُ لَهُنَّ إنْ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ ، وَإِلَّا فَلِثَلَاثٍ سَوَابِقَ بِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَهَا أَرْبَعٌ فَهَلْ تَرِثُهُ الثَّمَانِ أَوْ الْمَبْتُوتَاتُ ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَوْ مَاتَتْ فَحَقُّهَا لِلْجُدُدِ فِي عَقْدٍ وَإِلَّا فَلِلسَّابِقَةِ إلَى كَمَالِ أَرْبَعٍ بِالْمَبْتُوتَةِ ، وَعَنْهُ : لَا تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ بَعْدَ عِدَّتِهَا ، اخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَفِي بَائِنٍ قَبْلَ الدُّخُولِ الرِّوَايَتَانِ ، وَكَذَا عِدَّةُ وَفَاةٍ ، وَقِيلَ : طَلَاقٌ ، وَتَكْمِلَةُ مَهْرٍ ، وَعَنْهُ : لَا عِدَّةَ فَقَطْ ، وَعَنْهُ : لَا يَكْمُلُ فَقَطْ .
وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا كَتَعْلِيقِهِ إبَانَتَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى

فِعْلٍ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَتَفْعَلُهُ عَالِمَةً بِهِ أَوْ أَبَانَهَا بِسُؤَالِهَا فِيهِ فَكَصَحِيحٍ ، وَعَنْهُ : كَمُتَّهَمٍ ، صَحَّحَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَيْخُنَا ، كَمَنْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ : وَإِنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَرِثْهُ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ ، وَحَسَّنَ الشَّيْخُ فِي قَوْلِهِ : إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهَا فِيهِ فَأَبَتْ لَمْ يَتَوَارَثَا ، فَإِنْ قَذَفَهَا فِي صِحَّتِهِ وَلَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ وَقِيلَ : لِلْحَدِّ لَا لِنَفْيِ وَلَدٍ أَوْ عَلَّقَ إبَانَتَهَا عَلَى فِعْلٍ لَهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ فَفَعَلَتْهُ فِي مَرَضِهِ وَرِثَتْهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ لَا تَرِثُهُ فِي الْأُولَى .

بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلَ فِي الطَّلَاقِ الْمُتَّهَمِ فِيهِ فِي مَرَضِهِ : لَمْ يَرِثْهَا وَتَرِثُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، مَا لَمْ تَرْتَدَّ ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَرِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا مُتَّهَمًا فِيهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَرِثَتْهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ ، فَإِنْ ارْتَدَّتْ لَمْ تَرِثْهُ ، فَإِنْ عَادَتْ أَسْلَمَتْ فَهَلْ تَرِثُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا تَرِثُهُ أَيْضًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَرِثُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَهَا أَرْبَعٌ فَهَلْ تَرِثُهُ الثَّمَانِ أَوْ الْمَبْتُوتَاتُ ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ .
مُرَادُهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعًا بَعْدَ الْمَبْتُوتَةِ هَلْ تَرِثُهُ الْخُمُسَ أَخْمَاسًا أَوْ تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ رُبُعَ مِيرَاثِ الزَّوْجَاتِ وَالْبَاقِي لَهُنَّ ، وَقَدَّمَ أَنَّهُ لِلْخُمُسِ أَخْمَاسًا ، فَكَذَا يَكُونُ لِلثَّمَانِ عَلَى الْمُقَدَّمِ ، وَقَوْلُهُ : " وَفِي بَائِنٍ قَبْلَ الدُّخُولِ الرِّوَايَتَانِ " .
مُرَادُهُ بِهِمَا اللَّتَانِ فِي إرْثِ الْمَبْتُوتَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ ، وَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرِثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ، فَكَذَا هَذِهِ ، وَقَوْلُهُ " وَكَذَا عِدَّةُ وَفَاةٍ " مَبْنِيٌّ عَلَيْهِمَا أَيْضًا ، فَإِنْ قُلْنَا تَرِثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ اعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ ، وَإِلَّا فَلَا .

، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بِشَهْرٍ فَجَاءَ فِي مَرَضِهِ فَرِوَايَتَانِ ( 2 و 3 ) وَالزَّوْجُ فِي إرْثِهَا إذَا قَطَعَتْ نِكَاحَهَا مِنْهُ كَفِعْلِهِ ، وَكَذَا رِدَّةُ أَحَدِهِمَا ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ ، وَالْأَشْهَرُ : لَا ، وَكَذَا خَرَّجَ الشَّيْخُ فِي بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ .
وَإِنْ أَكْرَهَ ابْنُ وَارِثٍ عَاقِلٍ وَلَوْ نَقَصَ إرْثُهُ أَوْ انْقَطَعَ زَوْجَةَ أَبِيهِ الْمَرِيضِ عَلَى فَسْخِ نِكَاحِهَا وَعَنْهُ : وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يُقْطَعْ إرْثُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ وَارِثَةً غَيْرَهَا أَوْ لَمْ يُتَّهَمْ ، وَالِاعْتِبَارُ بِالتُّهْمَةِ حَالَ الْإِكْرَاهِ ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ : إنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْإِرْثَ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ تَرِثْهُ ، فِي الْأَصَحِّ .
مَسْأَلَةٌ 2 و 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بِشَهْرٍ فَجَاءَ فِي مَرَضِهِ فَرِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَهَلْ تَرِثُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا تَرِثُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا صَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَرِثُهُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَهْرٍ فَجَاءَ الشَّهْرُ فِي مَرَضِهِ فَهَلْ تَرِثُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا تَرِثُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَدَمُ الْإِرْثِ فِيهَا أَوْلَى مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَرِثُهُ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ ، لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ، وَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ فِي هَذِهِ ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ : لَوْ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ مُضَارَّةً لِيُنْقِصَ إرْثَ غَيْرِهَا وَأَقَرَّتْ بِهِ لَمْ تَرِثْهُ ، وَمَعْنَى كَلَامِ شَيْخِنَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ : تَرِثُهُ ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِالثُّلُثِ ، قَالَ : وَلَوْ وَصَّى بِوَصَايَا أُخَرَ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجٍ يَأْخُذُ النِّصْفَ فَهَذَا الْمَوْضِعُ فِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْمَفْسَدَةَ إنَّمَا هِيَ فِي هَذَا .

، وَمَنْ جَحَدَ إبَانَةً ادَّعَتْهَا امْرَأَتُهُ لَمْ تَرِثْهُ إنْ دَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا ، وَإِنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَاتٍ لَا يَرِثُهُ بَعْضُهُنَّ لِجَهْلِ عَيْنِهَا أَخَرَجَ الْوَارِثَاتُ بِالْقُرْعَةِ ، وَلَوْ قَتَلَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ ، لِخُرُوجِهَا مِنْ حَيِّزِ التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَيُتَوَجَّهُ خِلَافٌ ، كَمَنْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَيَأْتِي فِي دُخُولِ دِيَةٍ فِي وَصِيَّةٍ [ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ] .

بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالْقَاتِلِ لَا يَرِثُ كَافِرٌ مُسْلِمًا وَلَا مُسْلِمٌ كَافِرًا ، وَيَتَوَارَثَانِ بِالْوَلَاءِ ؛ لِثُبُوتِهِ ، وَعَنْهُ : لَا تَوَارُثَ ، فَعَلَيْهَا يَرِثُ عَصَبَةُ سَيِّدِهِ الْمُوَافِقِ لِدِينِهِ وَوَرَّثَ شَيْخُنَا الْمُسْلِمَ مِنْ ذِمِّيٍّ ؛ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَرِيبُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ ، وَلِوُجُوبِ نَصْرِهِمْ وَلَا يَنْصُرُونَنَا وَلَا مُوَالَاةَ ، كَمَنْ آمَنَ وَلَمْ يُهَاجِرْ يَنْصُرُهُ وَلَا وَلَاءَ لَهُ ، لِلْآيَةِ ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَنْصُرُونَنَا وَلَا هُمْ بِدَارِنَا لِنَنْصُرَهُمْ دَائِمًا ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ ، وَالْإِرْثُ كَالْعَقْلِ ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي قَوْلِهِ { وَأُولُو الْأَرْحَامِ } فِي الْأَحْزَابِ أَنَّ الْقَرِيبَ الْمُشَارِكَ فِي الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ أَوْلَى مِمَّنْ لَيْسَ بِقَرَابَةٍ ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا .
وَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ تَوَارَثُوا ، وَمَنْ لَزِمَتْهُ الْهِجْرَةُ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَالْآيَةُ فِيهِ ، إلَّا مَنْ لَهُ هُنَاكَ نُصْرَةٌ وَجِهَادٌ بِحَسَبِهِ فَيَرِثُ ، وَفِي الرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا هَاجَرُوا أَنْ لَا يَتَوَارَثُوا إلَّا بِالْهِجْرَةِ ، فَلَمَّا كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ رَدَّ اللَّهُ الْمِيرَاثَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ هَاجَرُوا أَوْ لَمْ يُهَاجِرُوا .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : كَانَ التَّوَارُثُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِالْحِلْفِ وَالنُّصْرَةِ ، ثُمَّ نُسِخَ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ بِقَوْلِهِ { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ مَعَ وُجُودِ النَّسَبِ ، ثُمَّ نُسِخَ بِالرَّحِمِ وَالْقَرَابَةِ ، قَالَ : فَهَذَا نُسِخَ مَرَّتَيْنِ ، كَذَا رَوَاهُ عِكْرِمَةُ .

وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ قَبْلَ قِسْمَةِ إرْثِ قَرِيبٍ مُسْلِمٍ وَرِثَهُ ، وَعَنْهُ : لَا ، صَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ ، كَقِنٍّ عَتَقَ قَبْلَ قِسْمَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَالْكُفْرُ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ ، فَلَا يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا ، وَعَنْهُ : ثَلَاثَةٌ : الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّة وَدِينُ غَيْرِهِمْ ، وَعَنْهُ : كُلُّهُ مِلَّةٌ فَيَتَوَارَثُونَ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُهُ الْأُولَى .

وَيَتَوَارَثُ حَرْبِيٌّ وَمُسْتَأْمَنٌ ، وَذِمِّيٌّ وَمُسْتَأْمَنٌ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : يَرِثُ مُسْتَأْمَنًا وَرَثَتُهُ بِحَرْبٍ ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ وَفِي التَّرْغِيبِ : هُوَ فِي حُكْمِ ذِمِّيٍّ ، وَقِيلَ : حَرْبِيٍّ ، نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ : الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ يَمُوتُ هُنَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ وَحَرْبِيٌّ ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ .
وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : هُوَ الْأَقْوَى فِي الْمَذْهَبِ .
قَالَ الشَّيْخُ : هُوَ قِيَاسُهُ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ : اخْتَارَ الْأَكْثَرُ : لَا ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّهْذِيبِ اتِّفَاقًا .

وَلَا يَرِثُ مُرْتَدٌّ أَحَدًا ، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَالرِّوَايَتَانِ ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَيْهَا أَوْ مَاتَ فَمَالُهُ فَيْءٌ ، وَعَنْهُ : لِوَارِثٍ مُسْلِمٍ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلِأَنَّ رِدَّتَهُ كَمَرَضِ مَوْتِهِ ، وَعَنْهُ : مِنْ أَهْلِ دِينِهِ الَّذِي اخْتَارَهُ .

وَالدَّاعِيَةُ إلَى بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ مَالُهُ فَيْءٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَهْمِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ : أَوْ غَيْرُ دَاعِيَةٍ ، وَهُمَا فِي غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي الْجَهْمِيِّ إذَا مَاتَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا نَصَارَى مَنْ يَشْهَدُهُ ؟ قَالَ : أَنَا لَا أَشْهَدُهُ ، يَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهَا عَلَى نَقْلِ يَعْقُوبَ وَغَيْرِهِ ، وَأَنَّهُ بِمَثَابَةِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فِي وَفَاتِهِ وَمَالِهِ وَنِكَاحِهِ ، قَالَ : وَ [ قَدْ ] يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ إنْ تَوَلَّاهُ مُتَوَلٍّ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي مَالِهِ وَمِيرَاثِهِ أَهْلَهُ وَجْهَانِ ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَةَ الْمَيْمُونِيِّ ، نَقَلَ : أَنَا لَا أَشْهَدُ الْجَهْمِيَّةَ وَلَا الرَّافِضَةَ ، وَيَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ ، قَدْ تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذِي الدَّيْنِ وَالْغُلُولِ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : إنْ أَرَادَ بِهِ الْإِبَاحَةَ لَا الْإِنْكَارَ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَلِّدِ غَيْرِ الدَّاعِيَةِ ؛ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ ، كَالْفَاسِقِ بِالْفِعْلِ ، وَالزِّنْدِيقُ وَهُوَ الْمُنَافِقُ كَمُرْتَدٍّ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ : وَآكَدٌ ، حَيْثُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ ، فَالْمُرَادُ إذَا لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ وَلَمْ نَقْبَلْهَا ، وَذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا تَابَ فِي قَتْلِهِ وَأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ بِكَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ بِإِظْهَارِ الشَّهَادَةِ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ لَهُ بِبَاطِنِهِمْ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَلْ جِهَادُهُمْ بِالْكَلَامِ أَمْ بِالسَّيْفِ وَأَوْرَدَ عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ، فَأَجَابَ أَنَّهُ إذَا أَظْهَرُوهُ ، فَإِنْ لَمْ ، فَإِنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِظَاهِرِهِمْ وَلَا يَبْحَثَ عَنْ سِرِّهِمْ ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا : هَذَا كَانَ أَوَّلًا ، ثُمَّ نَزَلَ { مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا

وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا } فَعُلِمَ أَنَّهُمْ إنْ أَظْهَرُوهُ كَمَا كَانُوا قُتِلُوا .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : مَعْنَى الْكَلَامِ : الْأَمْرُ ، أَيْ هَذَا الْحُكْمُ فِيهِمْ سُنَّةُ اللَّهِ ، أَيْ سَنَّ فِي الَّذِينَ يُنَافِقُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَيُرْجِفُونَ بِهِمْ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ هَذَا .
وَقَالَ : قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَقَدْ أُغْرِيَ بِهِمْ فَقِيلَ لَهُ { جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ } وَعِنْدَ شَيْخِنَا : يَرِثُ وَيُورَثُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ تَرِكَةِ مُنَافِقٍ شَيْئًا وَلَا جَعَلَهُ فَيْئًا ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمِيرَاثَ مَدَارُهُ عَلَى النُّصْرَةِ الظَّاهِرَةِ ، قَالَ : وَاسْمُ الْإِسْلَامِ يَجْرِي عَلَيْهِمْ فِي الظَّاهِرِ ( ع ) وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ : قَدْ يُسَمَّى مَنْ فَعَلَ بَعْضَ الْمَعَاصِي مُنَافِقًا ؛ لِلْخَبَرِ ، وَقَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ هَانِئٍ سَأَلَ أَحْمَدَ عَمَّنْ لَا يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، قَالَ أَحْمَدُ : وَمَنْ يَأْمَنُ النِّفَاقَ ؟ فَبَيَّنَ أَنَّهُ غَالِبٌ فِي حَالِ الْإِنْسَانِ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : مِنْ أَحْكَامِ النِّفَاقِ ، قَطْعُ الْإِرْثِ وَتَحْرِيمُ النِّكَاحِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَثْبُتُ فِيمَنْ ارْتَكَبَ الْمَعَاصِيَ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُوصَفَ بِهَذَا الِاسْمِ ، وَحَمْلُ الْخَبَرِ عَلَى التَّغْلِيظِ .

وَإِنْ أَسْلَمَ مَجُوسِيٌّ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا وَرِثَ بِقَرَابَتَيْهِ ، وَعَنْهُ : بِأَقْوَاهُمَا ، وَكَذَا مُسْلِمٌ بِوَلَدِ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهَا بِشُبْهَةٍ تُثْبِتُ النَّسَبَ .

وَفِي الْمُغْنِي : وَكَذَا مَنْ يَجْرِي مَجْرَى الْمَجُوسِ مِمَّنْ يَنْكِحُ ذَاتَ مَحْرَمٍ ، وَلَا إرْثَ بِنِكَاحِ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَلَا بِنِكَاحٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَافِرٌ لَوْ أَسْلَمَ ، فَلَوْ أَوْلَدَ بِنْتَهُ بِنْتًا بِتَزْوِيجٍ فَخَلَّفَهُمَا وَعَمًّا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالْبَقِيَّةُ لِعَمِّهِ ، فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ فَالْمَالُ لِلصُّغْرَى ؛ لِأَنَّهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْكُبْرَى فَلَهَا ثُلُثُ نِصْفٍ ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ ، ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَ الصُّغْرَى فَوَلَدَتْ بِنْتًا وَخَلَّفَ مَعَهُنَّ عَمًّا فَلِبَنَاتِهِ الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لَهُ ، وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِنْتُهُ الْكُبْرَى فَلِلْوُسْطَى النِّصْفُ ؛ لِأَنَّهَا بِنْتٌ ، وَمَا بَقِيَ لَهَا وَلِلصُّغْرَى ؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِأَبٍ ، فَيَصِحُّ مِنْ أَرْبَعٍ ، فَهَذِهِ بِنْتُ بِنْتٍ وَرِثَتْ مَعَ بِنْتٍ فَوْقَ السُّدُسِ ، وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ الْوُسْطَى فَالْكُبْرَى أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ ، وَالصُّغْرَى بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ ، فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَمَا بَقِيَ لَهُمَا بِالتَّعْصِيبِ ، فَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهَا فَأُمُّ أُمِّهَا أُخْتٌ لِأَبٍ ، فَلَهَا الثُّلُثَانِ ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَمِّ ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُ بِنْتُهُ الصُّغْرَى فَلِلْوُسْطَى بِأَنَّهَا أُمٌّ السُّدُسُ ، وَحَجَبَتْ نَفْسَهَا ، وَلَهُمَا الثُّلُثَانِ بِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِأَبٍ ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَمِّ ، وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى ؛ لِأَنَّهَا جَدَّةٌ مَعَ أُمٍّ ، فَهَذِهِ جَدَّةٌ حَجَبَتْ أُمًّا وَوَرِثَتْ مَعَهَا ، وَمَنْ حَجَبَ بِنَفْسِهِ عُمِلَ بِهِ .

وَلَا يَرِثُ مُكَلَّفٌ أَوْ غَيْرُهُ انْفَرَدَ أَوْ شَارَكَ بِقَتْلِ مَوْرُوثِهِ وَلَوْ بِسَبَبٍ إنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ أَوْ دِيَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ ، وَإِلَّا وَرِثَ ، فَلَا تَرِثُ مَنْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ مِنْ الْغُرَّةِ شَيْئًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : مَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ ، وَأَنَّهُ إنْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ فَصَدَهُ أَوْ بَطَّ سِلْعَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَوَجْهَانِ وَأَنَّ فِي الْحَافِرِ احْتِمَالَيْنِ ، وَمِثْلُهُ نَصْبُ سِكِّينٍ وَوَضْعُ حَجَرٍ وَرَشُّ مَاءٍ وَإِخْرَاجُ جَنَاحٍ .
بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ الْقَاتِلَ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَأَنَّهُ إنْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ فَصَدَهُ أَوْ بَطَّ سِلْعَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ طَرِيقَةٍ مُؤَخَّرَةٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمَهُ ، وَهُوَ عَدَمُ الْإِرْثِ .

وَفِي إرْثِ بَاغٍ عَادِلًا رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَجَزَمَ فِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ : لَا يَرِثُهُ ، وَنَصَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَفِي عَكْسِهِ رِوَايَةٌ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ ، فَلِهَذَا عَنْهُ رِوَايَةٌ : لَا يَرِثُ قَاتِلٌ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ : إنْ جَرَحَهُ الْعَادِلُ لِيَصِيرَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ وَرِثَهُ ، لَا إنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ ابْتِدَاءً ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وَذَكَرَ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ أَحَدَ طَرِيقَيْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَرِثُ مَنْ لَا قَصْدَ لَهُ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ مَنْ يُتَّهَمُ ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْوَفَاءِ ، وَنَصُّ أَحْمَدَ خِلَافُهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظْهِرُ الْجُنُونَ لِيَقْتُلَهُ ، وَقَدْ يُحَرِّضُ عَاقِلٌ صَبِيًّا ، فَحَسَمْنَا الْمَادَّةَ ، كَالْخَطَإِ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .
مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي إرْثِ بَاغٍ عَادِلًا رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَرِثُهُ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ ، فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ النَّاظِمُ : هَذَا أَوْلَى ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ ( قُلْت ) : وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَلَيْسَ بِالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا إدْخَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَالْكَافِي وَقَالَ : هُوَ أَظْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ ، قَالَ الشَّارِحُ : هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَمْنَعُ الْإِرْثَ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْمُذْهَبِ ، وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ ، وَنَصَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ .

لَا يُورَثُ رَقِيقٌ ، وَكَذَا لَا يَرِثُ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ : بَلَى ، عِنْدَ عَدَمٍ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَأَبُو الْبَقَاءِ فِي النَّاهِضِ ، وَإِنْ هَايَأَ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ سَيِّدَهُ أَوْ قَاسَمَهُ فِي حَيَاتِهِ فَتَرِكَتُهُ كُلُّهَا لِوَرَثَتِهِ ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيُحْجَبُ بِقَدْرِ حُرِّيَّةِ بَعْضِهِ ، وَكَسْبُهُ بِهَا لِوَرَثَتِهِ ثُمَّ لِمُعْتَقٍ بَعْضِهِ ، فَبِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ وَأُمٌّ وَعَمٌّ ، لِلْبِنْتِ الرُّبُعُ [ وَلِلْأُمِّ الرُّبُعُ ] يَحْجُبُهَا عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ سَهْمَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، فَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا عَصَبَةٌ نِصْفُهُ حُرٌّ ، كَابْنٍ ، فَهَلْ يَأْخُذُ النِّصْفَ أَوْ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ بَعْدَ رُبُعِ الْأُمِّ أَوْ نِصْفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهِ مَعَ ذِي الْفَرْضِ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ ( م 1 ) فَإِنْ لَمْ يُنْقَصْ ذُو الْفَرْضِ بِالْعَصَبَةِ ، كَجَدَّةٍ مَكَانَ الْأُمِّ ، فَلَهُ النِّصْفُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الْبَقِيَّةِ بَعْدَ فَرْضِهَا ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ فَرْضٌ يَسْقُطُ بِحُرِّيَّتِهِ كَابْنٍ نِصْفُهُ حُرٌّ وَأُخْتٌ وَعَمٌّ فَلَهُ النِّصْفُ وَلَهَا نِصْفُ الْبَقِيَّةِ فَرْضًا ، وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي لَهَا النِّصْفُ ، ابْنَانِ نِصْفُ أَحَدِهِمَا حُرٌّ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا تَنْزِيلًا لَهُمَا وَخِطَابًا بِأَحْوَالِهِمَا ، وَقِيلَ : أَثْلَاثًا ، جَمْعًا لِلْحُرِّيَّةِ وَقِسْمَةً لِإِرْثِهِمَا ، كَالْعَوْلِ .

بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : فَبِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ وَأُمٌّ وَعَمٌّ ، لِلْبِنْتِ الرُّبُعُ ، وَلِلْأُمِّ الرُّبُعُ يَحْجُبُهَا عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ سَهْمَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، فَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا عَصَبَةٌ نِصْفُهُ حُرٌّ كَابْنٍ فَهَلْ يَأْخُذُ النِّصْفَ أَوْ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ بَعْدَ رُبُعِ الْأُمِّ أَوْ نِصْفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهِ مَعَ ذَوِي الْفَرْضِ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ .
أَحَدُهَا : يَسْتَحِقُّ نِصْفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهِ مَعَ ذَوِي الْفَرْضِ ، فَيَسْتَحِقُّ الِابْنُ هُنَا رُبُعًا وَسُدُسًا مِنْ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حُرًّا كَانَ يَسْتَحِقُّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ ، وَهُوَ نِصْفٌ وَثُلُثٌ ، فَيَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهِ ، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ بَعْدَ إطْلَاقِ الْخِلَافِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ، لَهُ نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ رُبُعِ الْأُمِّ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي : وَفِيهِ بُعْدٌ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ ، لَهُ نِصْفُ الْمَالِ كَامِلًا ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ : رَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ أَبِيهِ .

فَإِنْ كَانَ نِصْفُهُمَا حُرًّا فَفِي الْمُسْتَوْعِبِ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَقِيلَ : تَنْزِيلُهُمَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا ، فَلَهُمَا بِحُرِّيَّتِهِمَا الْمَالُ ، فَبِنِصْفِهِمَا نِصْفُهُ ، وَقِيلَ : الْمَالُ بَيْنَهُمَا ، جَمْعًا لِلْحُرِّيَّةِ ( م 2 و 3 ) كَابْنٍ وَلِلْأُمِّ مَعَهُمَا سُدُسٌ ، وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنٌ .
ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ لِلِابْنِ النِّصْفُ ، وَلَا شَيْءَ لِابْنِهِ ، عَلَى الْأَوْسَطِ ، وَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ الرُّبُعُ ، وَعَلَى الثَّالِثِ النِّصْفُ .
جَدَّةٌ حُرَّةٌ وَأُمٌّ نِصْفُهَا حُرٌّ ، لِلْأُمِّ سُدُسٌ ، وَلِلْجَدَّةِ نِصْفُ سُدُسٍ ، وَمَعَ نِصْفِ حُرِّيَّتِهَا لَهَا رُبُعُ سُدُسٍ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَنِصْفُ سُدُسٍ عَلَى الثَّالِثِ ، وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الْأَوْسَطِ .
أُمٌّ وَأَخَوَانِ بِأَحَدِهِمَا رِقٌّ ، لَهَا ، وَحَجَبَهَا أَبُو الْخَطَّابِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ ، فَبِنِصْفِهَا عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ ، وَيُرَدُّ عَلَى ذِي فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ لَمْ تَرِثْ بِقَدْرِ نِسْبَةِ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُمَا ، فَلِبِنْتٍ نِصْفُهَا حُرٌّ النِّصْفُ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ ، وَلِابْنٍ مَكَانَهَا النِّصْفُ بِالْعُصُوبَةِ وَالْبَقِيَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَلِابْنَيْنِ نِصْفُهُمَا حُرَّانِ لَمْ يُوَرِّثْهُمَا الْمَالَ الْبَقِيَّةُ مَعَ عَدَمِ عَصَبَةٍ ، وَلِبِنْتٍ وَجَدَّةٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ الْمَالُ نِصْفَيْنِ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ ، وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِمَا الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا بِقَدْرِ فَرْضِهِمَا ، وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثُلُثِهِمَا الثُّلُثَانِ بَيْنَهُمَا وَالْبَقِيَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ .

( مَسْأَلَةٌ 2 و 3 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَ نِصْفُهُمَا حُرًّا يَعْنِي نِصْفَ الِابْنَيْنِ فَفِي الْمُسْتَوْعِبِ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَقِيلَ تَنْزِيلُهُمَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا ، فَلَهُمَا بِحُرِّيَّتِهِمَا الْمَالُ ، فَبِنِصْفِهِمَا نِصْفُهُ ، وَقِيلَ : الْمَالُ بَيْنَهُمَا ، جَمْعًا لِلْحُرِّيَّةِ .
انْتَهَى .
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَصَبَتَانِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرٌّ فَهَلْ تَكْمُلُ الْحُرِّيَّةُ أَمْ لَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا تَكْمُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُصُولِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَكْمُلُ الْحُرِّيَّةُ فَيَكُونُ لَهُمَا الْمَالُ كُلُّهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ : رَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالسَّامِرِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَلَهُ مَأْخَذَانِ .
أَحَدُهُمَا : جَمْعُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا فَيَكْمُلُ لَهُمَا حُرِّيَّةُ ابْنٍ وَهُوَ مَأْخَذُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ ، وَالثَّانِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ كَمَالِ الْحُرِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لَا فِي نِصْفِهِ ، وَإِنَّمَا أَخَذَ نِصْفَهُ لِمُزَاحَمَةِ أَخِيهِ لَهُ ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْمَالِ ، وَهُوَ يُضِيفُ حَقَّهُ مَعَ كَمَالِ حُرِّيَّتِهِ ، فَلَمْ يَأْخُذْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ .
انْتَهَى .
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّهْذِيبِ : قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ جَمْعُ الْحُرِّيَّةِ ، قَالَ شَيْخُهُ الْوَنِّيُّ : هَذَا أَقْيَسُ وَأَوْلَى ، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بِأَحْوَالٍ ، أَوْ مَيَّزَ لَهُمَا

حُرِّيَّةً وَرِقًّا فَقَطْ ، فَلَهُمَا بِحُرِّيَّتِهِمَا الْمَالُ فَبِنِصْفِهَا نِصْفُهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ .
أَحَدُهُمَا لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بِالْأَحْوَالِ وَالْخِطَابِ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ ، وَقَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي ، وَمَالَ إلَيْهِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَهُمَا نِصْفُهُمَا بِتَنْزِيلِهِمَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا فَقَطْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ .
وَهَذِهِ ( مَسْأَلَةٌ 3 ) أُخْرَى قَدْ صُحِّحَتْ ، وَالتَّفْرِيعُ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ ، فَهَذِهِ ثَلَاثٌ ، وَفِي التَّفْرِيعِ مَسْأَلَتَانِ فَيَكْمُلُ خَمْسٌ .

مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا نَدْبًا أَوْ بَعْضَهُ فَسَرَى أَوْ وَاجِبًا أَوْ سَائِبَةً أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ أَوْ حَلَفَ بِهِ فَحَنِثَ وَلَوْ بِرَحِمٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ كِتَابَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَفِيهِمَا قَوْلٌ فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ وَسُرِّيَّةٍ وَعَلَى مَنْ لَهُ أَوْ لَهُمْ وَلَاؤُهُ كَمُعْتَقَيْهِ وَمُعْتَقَيْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ، وَعَنْهُ فِي الْمُكَاتَبِ : إنْ أَدَّى إلَى الْوَرَثَةِ فَوَلَاؤُهُ لَهُمْ ، وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا .
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَجْهٌ : لِلْوَرَثَةِ .
وَفِي الْمُبْهِجِ : إنْ أَعْتَقَ كُلُّ الْوَرَثَةِ الْمُكَاتَبَ نَفَذَ وَالْوَلَاءُ لِلرِّجَالِ ، وَفِي النِّسَاءِ رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ : فِي مُعْتَقِ سَائِبَةٍ وَهُوَ : أَعْتَقْتُك سَائِبَةً ، أَوْ : لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك ، أَوْ فِي وَاجِبٍ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ فَفِي عَقْلِهِ ؛ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا وَانْتِفَاءُ الْوَلَاءِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي ( م 1 ) وَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَعَنْهُ : يُرَدُّ وَلَاؤُهُ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ يَلِي عِتْقَهُمْ الْإِمَامُ .
وَعَنْهُ : لِلسَّيِّدِ ، وَقِيلَ : وَكَذَا عِتْقُهُ بِرَحِمٍ .

بَابُ الْوَلَاءِ ( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَعَنْهُ فِي مُعْتَقِ سَائِبَةٍ أَوْ لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك ، أَوْ فِي وَاجِبٍ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ .
انْتَهَى .
قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ هَذَا أَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ : أَصَحُّهُمَا الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ عِنْدَ كَفَّارَتِهِ أَوْ نَذْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِمْ هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ ، وَقَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ بِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ فِيمَا أَعْتَقَهُ سَائِبَةً أَوْ قَالَ لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك ، وَقِيلَ : لَهُ الْوَلَاءُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ : لَا وَلَاءَ لَهُ فِي السَّائِبَةِ .
انْتَهَى .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْخِلَافُ قَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْخِلَافَ ، وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) إذَا قُلْنَا أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ " فَفِي عَقْلِهِ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا ، وَانْتِفَاءِ الْوَلَاءِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي " .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَعْقِلُ ، كَالْحُرِّ أَصَالَةً ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُعْقَلُ عَنْهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ ذِكْرِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ : وَمَنْ أُعْتِقَ مِنْ الزَّكَاةِ رَدَّ مَا رَجَعَ مِنْ وَلَايَةٍ فِي عِتْقِ

مِثْلِهِ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَقِيلَ : فِي الصَّدَقَاتِ ، وَهَلْ يَعْقِلُ عَنْهُ ، فِيهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا هُنَاكَ ، وَقَدَّمَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَنَصَرَهُ وَقَالَ : اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَعْقِلُ عَنْهُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَابِ قِسْمَةٍ كَفَيْءٍ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَهِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا ، فَإِنَّهُ قَالَ هُنَا : أَوْ فِي وَاجِبٍ .

وَلَوْ قَلَّ عَنْ رَقَبَةٍ ، فَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ وَتَرْكِهِ بِبَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ فِي التَّبْصِرَةِ ( م 2 ) .
وَمَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ الْأَوَّلِ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَمَنْ أَبُوهُ عَتِيقٌ وَأُمُّهُ حُرَّةٌ الْأَصْلُ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ، كَعَكْسِهَا ، وَعَنْهُ : بَلَى : لِمَوْلَى أَبِيهِ ، وَلَا وَلَاءَ عَلَى مَنْ أَبُوهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ وَأُمُّهُ عَتِيقَةٌ ، وَحُكِيَ عَنْهُ : بَلَى لِمَوْلَى أُمِّهِ .
وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ ، إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ وَارِثُهُ فِي وَاجِبٍ ، وَلَهُ تَرْكُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعِتْقُ أَطْعَمَ أَوْ كَسَا ، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ ، وَقِيلَ : بِوَصِيَّةٍ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا : الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَلَّ عَنْ رَقَبَةٍ فَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ وَتَرْكِهِ بِبَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ فِي التَّبْصِرَةِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُتَصَدَّقُ بِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ مَا لَا شَكَّ فِيهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُتْرَكُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْوَجْهِ إذَا كَانَ بَيْتُ الْمَالِ مُنْتَظِمًا ، وَهُوَ الْحَقُّ .

وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا تَرِكَةَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ ؟ كَإِطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ ، أَمْ لَا ؟ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْوَلَاءُ ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ ، فِيهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا تَرِكَةَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ كَإِطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ ، أَمْ لَا ؟ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْوَلَاءُ ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ الْعِتْقِ عَنْهُ ، فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْإِجْزَاءُ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا فِيمَا إذَا أُعْتِقَ عَبْدُهُ عَنْ مَيِّتٍ بِلَا أَمْرِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ ، فَظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ : لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ زَيْدٍ الْحَيِّ أَوْ بَكْرٍ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَالْوَلَاءُ لَهُ دُونَهُمَا ، وَعَنْهُ : إنْ كَانَ بِعِوَضٍ فَهُوَ لَهُمَا ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ لَهُ .
انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ بِلَا إذْنٍ فَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ عَنْ الْمُعْتِقِ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ قَالَ فِي الْكُبْرَى عَنْ الْقَوْلِ الْأَخِيرِ : وَهُوَ أَوْلَى .
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ عَنْ الْمُعْتِقِ ، وَإِلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيَقَعَانِ لِلْمَيِّتِ ، فَفِي هَذَا الْكَلَامِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عُمُومٌ ؛ لِيَشْتَمِلَ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ : الصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ ، كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ .

وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَأَوْجُهٌ ، الثَّالِثُ يُجْزِئُهُ فِي إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ ( م 4 ) قَالَ أَبُو النَّضْرِ : قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعِتْقِ عَنْ الْمَيِّتِ : إنْ وَصَّى بِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ ، وَإِلَّا لِلْمُعْتِقِ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ فِي الرَّجُلِ يُعْتَقُ عَنْ الرَّجُلِ : فَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَالْأَجْرُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ : إذَا وَصَّى لِرَجُلٍ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فَزَادَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِهٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ هَذِهِ الرَّقَبَةُ جَمِيعُهَا عَنْ الْمَيِّتِ : لَا بَأْسَ بِذَلِكَ [ وَلَا ] يَكُونُ لِلْوَصِيِّ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَيَّرَهُ لِلْمَيِّتِ بِإِعْطَاءِ الْمَالِ ، فَدَلَّتْ نُصُوصُهُ أَنَّ الْعِتْقَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ ، وَأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ ، إلَّا عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ، وَفِي مُقَدِّمَةِ الْفَرَائِضِ لِأَبِي الْخَيْرِ سَلَامَةَ بْنِ صَدَقَةَ الْحَرَّانِيِّ : إنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلِأَيِّهِمَا الْوَلَاءُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَقِ عَنْهُ ، فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَتَقَ حَيًّا كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ أَوْ مَيِّتًا ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : مَنْ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَالْعِتْقُ لِلْمُعْتِقِ ، كَالْوَلَاءِ وَيَحْتَمِلُ : لِلْمَيِّتِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ الْقُرَبَ يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَيْهِ ، وَمَنْ قِيلَ لَهُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي أَوْ عَنِّي مَجَّانًا أَوْ عَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ قَبْلَ فِرَاقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْعِتْقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ ، كَإِطْعَامِهِ وَعَنْهُ : وَالْكِسْوَةُ ، ذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ فَيُعْتِقَهُ هُوَ ، وَنَقَلَهُ مُهَنَّا ، وَعَلَى

الْأَوَّلِ : يُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَهُ ، وَيَلْزَمُهُ عِوَضُهُ بِالْتِزَامِهِ ، وَعَنْهُ : يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ ، وَعَنْهُ : الْعِتْقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ عِوَضَهُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : اعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي وَلَك عَلَيَّ مِائَةٌ ، فَأَعْتَقَهُ ، عَتَقَ ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ ، وَتَلْزَمُهُ الْمِائَةُ ، وَالْوَلَاءُ لَهُ .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَلَوْ قَالَ : اعْتِقْهُ عَنِّي بِهَذَا الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ ، مَلَكَهُ وَعَتَقَ كَالْهِبَةِ ، وَالْمِلْكُ يَقِفُ عَلَى الْقَبْضِ فِي هِبَةٍ بِلَفْظِهَا لَا بِلَفْظِ الْعِتْقِ ، بِدَلِيلِ : اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي ، يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ ، وَيَجُوزُ جَعْلُهُ قَابِضًا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ ، كَقَوْلِهِ : بِعْتُك أَوْ وَهَبْتُك هَذَا الْعَبْدَ ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي : هُوَ حُرٌّ ، عَتَقَ ، وَنُقَدِّرُ الْقَبُولَ حُكْمًا ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ عِتْقِهِ ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ : أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ ، أَوْ أُعْتِقُهُ عَنْك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ لَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ وَوَلَاءَهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ : وَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَلَوْ قَالَ : أَقْبَلُهُ عَلَى دِرْهَمٍ فَلَغْوٌ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَأَوْجُهٌ ، وَالثَّالِثُ يُجْزِئُهُ فِي إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ وَفِي وَاجِبٍ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ .
انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ، وَكَلَامُهُ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْإِطْعَامَ وَالْكِسْوَةَ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ فِي الْجَمِيعِ .
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ " لَوْ أَخْرَجَ أَجْنَبِيٌّ وَاجِبًا عَنْ مَيِّتٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ " فِي آخِرِ بَابِ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَتَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ .

وَإِنْ قَالَ كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ : اعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ ، فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ ( م 5 ) .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ : اعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ وَيُعْتَقُ وَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ كَالْمُسْلِمِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
تَنْبِيهٌ ) حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرُهُمْ ، وَحَكَاهُ رِوَايَتَيْنِ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ ، فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا وَعَتِيقَهُ وَأَوْلَادَهُمَا وَمَنْ جَرُّوا وَلَاءَهُ وَالْمَنْصُوصُ .
وَعَتِيقَ أَبِيهَا إذَا كَانَتْ مُلَاعَنَةً ، وَعَنْهُ : تَرِثُ بِنْتُ الْمُعْتَقِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَعَنْهُ : مَعَ عَدَمِ عَصَبَةٍ ، وَعَنْهُ : تَرِثُ مَعَ أَخِيهَا فَلَوْ اشْتَرَى هُوَ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا فَعَتَقَ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ بَعْدَ أَبِيهِ وَرِثَهُ ابْنُهُ لَا بِنْتُهُ ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَرِثَاهُ أَثْلَاثًا .
وَمَنْ نَكَحَتْ عَتِيقَهَا فَأَحْبَلَهَا فَهِيَ الْقَائِلَةُ : إنْ أَلِدُ أُنْثَى فَلِيَ النِّصْفُ وَذَكَرًا الثُّمُنُ وَإِنْ لَمْ أَلِدْ فَالْجَمِيعُ .
وَلَا يَرِثُ بِهِ ذُو فَرْضٍ غَيْرَ سُدُسٍ لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ مَعَ ابْنٍ أَوْ جَدٍّ مَعَ إخْوَةٍ ، حَيْثُ فُرِضَ فِي النَّسَبِ ، وَاخْتَارَ أَبُو إِسْحَاقَ سُقُوطَهُمَا مَعَ ابْنٍ ، وَيُجْعَلُ جَدٌّ كَأَخٍ وَإِنْ كَثُرُوا ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : هُوَ أَقْيَسُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ رُبَّمَا حَمَلْنَا تَوْرِيثَ أَبٍ سُدُسًا بِفَرْضٍ مَعَ ابْنٍ عَلَى رِوَايَةِ تَوْرِيثِ بِنْتِ الْمَوْلَى ، فَيَجِيءُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَرِثُ قَرَابَةُ الْمَوْلَى بِالْوَلَاءِ عَلَى نَحْوِ مِيرَاثِهِمْ ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ ، وَإِنَّمَا يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَةِ السَّيِّدِ إلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِ عَتِيقِهِ ، قَالَ أَحْمَدُ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَعْطِهِ أَكْبَرَ خُزَاعَةَ } لَيْسَ أَكْبَرَهُمْ سِنًّا وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُهُمْ إلَى خُزَاعَةَ ، قَالَ : وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَلَا وَقْفُهُ ، فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ فَإِرْثُهُ لِابْنِ سَيِّدِهِ ، وَلَوْ خَلَّفَ أَحَدُ ابْنَيْهِ ابْنًا وَالْآخَرُ أَكْثَرَ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ فَإِرْثُهُ لَهُمْ بِعَدَدِهِمْ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يُورَثُ الْوَلَاءُ كَالْمَالِ ، لَكِنْ لِلْعَصَبَةِ ، فَلِابْنِ الِابْنِ نِصْفُ الْإِرْثِ فِيهِمَا ، وَقِيلَ : فِي الْأُولَى ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ فِي الثَّانِيَةِ ، وَمَنْ خَلَّفَتْ ابْنًا وَعَصَبَةً غَيْرَهُ

وَعَتِيقًا فَوَلَاؤُهُ لِابْنِهَا وَعَقْلُهُ عَلَى عَصَبَتِهَا ، فَإِنْ بَادَ بَنُوهَا فَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهَا ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ : لِعَصَبَةِ بَنِيهَا ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْوَلَاءِ يُورَثُ ، ثُمَّ لِعَصَبَةِ بَنِيهَا ، وَقِيلَ : لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَسَيَأْتِي مِنْ الْعَاقِلَةِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ اخْتَصَمَا فِي مَوَالِي صَفِيَّةَ ، فَقَضَى عُمَرُ بِالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ وَالْمِيرَاثِ لِلزُّبَيْرِ .
.

فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ وَرَدِّهِ .
وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ وَلَاءٌ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ ، فَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَوْلَدَهَا فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوْلَى أُمِّهِ ، فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ إلَى مُعْتِقِهِ ، وَلَا يَعُودُ إلَى مَوْلَى أُمِّهِ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِ مُكَاتَبٍ مَيِّتٍ إنَّهُ أَدَّى وَعَتَقَ لِيَجُرَّ الْوَلَاءَ وَإِنْ عَتَقَ الْجَدُّ قَبْلَهُ لَمْ يَجُرَّهُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، مَعَ مَوْتِ الْأَبِ ، وَعَنْهُ : مُطْلَقًا ، ثُمَّ إنْ عَتَقَ الْأَبُ جَرَّهُ ، وَإِنْ اشْتَرَى الِابْنُ أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَوَلَاءُ إخْوَتِهِ ، وَيَبْقَى وَلَاءُ نَفْسِهِ لِمَوْلَى أُمِّهِ ، كَمَا لَا يَرِثُ نَفْسَهُ .
فَلَوْ أَعْتَقَ هَذَا الِابْنُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ ، ثَبَتَ لَهُ وَلَاؤُهُ ، وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ ، فَصَارَ وَلَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدًا كَافِرًا فَسَبَى سَيِّدَهُ فَأَعْتَقَهُ .
وَلَوْ سَبَى الْمُسْلِمُونَ الْعَتِيقَ الْأَوَّلَ فَرُقَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ ثَانِيًا ، وَقِيلَ : أَوَّلًا ، وَقِيلَ : لَهُمَا ، وَلَا يَنْجَرُّ مَا لِلْأَوَّلِ إلَى الْأَخِيرِ قَبْلَ رِقِّهِ ثَانِيًا مِنْ وَلَاءِ وَلَدٍ وَعَتِيقٍ ، وَكَذَا عَتِيقٌ ذِمِّيٌّ ، وَقِيلَ : أَوْ مُسْلِمٌ ، وَإِذَا اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتُ مُعْتَقَةٍ أَبَاهُمَا نِصْفَيْنِ فَقَدْ عَتَقَ ، وَوَلَاؤُهُ لَهُمَا ، وَجَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ ، وَيَبْقَى نِصْفُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَرِثَاهُ أَثْلَاثًا بِالنَّسَبِ ، وَإِنْ مَاتَتْ الْبِنْتُ بَعْدَهُ وَرِثَهَا أَخُوهَا بِالنَّسَبِ ، فَإِذَا مَاتَ فَلِمَوْلَى أُمِّهِ النِّصْفُ ، وَلِمَوْلَى أُخْتِهِ النِّصْفُ ، وَهُمْ الْأَخُ وَمَوْلَى الْأُمِّ ، فَلِمَوْلَى أُمِّهَا النِّصْفُ وَهُوَ الرُّبُعُ ، يَبْقَى الرُّبُعُ وَهُوَ الْجُزْءُ الدَّائِرُ ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْأَخِ وَعَادَ إلَيْهِ ، فَيَكُونُ لِمَوْلَى أُمِّهِ ، وَقِيلَ : لِبَيْتِ الْمَالِ : وَقِيلَ لِمَوْلَى أُمِّهِ ثُلُثَانِ ، وَلِمَوْلَى أُمِّهَا ثُلُثٌ ، وَلَا تَرِثُ الْبِنْتُ مِنْ عَتِيقِ

أَبِيهَا مَعَ أَخِيهَا ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ ، وَأَخْطَأَ فِيهَا خَلْقٌ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .

إذَا أَقَرَّ كُلُّ الْوَرَثَةِ ، وَلَوْ مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ ، وَلَوْ أَنَّهُ وَاحِدٌ ، بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَتِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ مُشَارِكٍ أَوْ مُسْقِطٍ فَصَدَّقَ أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَوْ مَعَ مُنْكِرٍ لَهُ لَا يَرِثُ لِمَانِعِ رِقٍّ وَنَحْوِهِ ، وَيَثْبُتُ إرْثُهُ مَعَ عَدَمِ مَانِعِ رِقٍّ وَنَحْوِهِ فِيهِ وَارِثُهُ ، وَقِيلَ : لَا يَرِثُ مُسْقِطٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ سِوَى الْقَاضِي ، وَأَنَّهُ الصَّحِيحُ ، فَقِيلَ : نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ ، وَقِيلَ : بِبَيْتِ الْمَالِ ( م 1 ) وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى الْمُعْتَقِ إذَا كَانَا مِنْ الْوَرَثَةِ ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتًا صَحَّ لِإِرْثِهَا بِفَرْضٍ وَرَدٍّ .
وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِابْنٍ لِلْآخَرِ مِنْ غَيْرِهِ فَصَدَّقَهُ نَائِبُ إمَامٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ .
وَفِيهِ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ مَنْصِبُ الْوَرَثَةِ ، قَالَ : وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ لَهُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ لَا وَارِثَ لَهُ ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ غَيْرِ وَارِثٍ لِرِقٍّ وَنَحْوِهِ .

بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَقِيلَ : لَا يَرِثُ مُسْقِطٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ سِوَى الْقَاضِي .
يَكُونُ نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ ، أَوْ يَكُونُ بِبَيْتِ الْمَالِ [ انْتَهَى ] .
أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْفَائِقِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَقِيلَ : لَا يَرِثُ الِابْنُ إذَنْ ( قُلْت ) : وَهَلْ نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُقَرُّ بِيَدِ الْمُقِرِّ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهِيَ قَرِيبَةُ النِّسْبَةِ بِمَا إذَا أَقَرَّ لِكَبِيرٍ عَاقِلٍ بِمَالٍ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ ، عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ أَنَا لَا أَسْتَحِقُّهُ .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ ؛ لِكَوْنِ الْوَجْهَيْنِ إنَّمَا خَرَّجَهُمَا صَاحِبُ الرِّعَايَةِ ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ تَرْجِيحُ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ الْخِلَافَ قَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ أَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ .
انْتَهَى .
فِي أَخْذِهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ نَظَرٌ ، إذْ قَدْ يَكُونُ الْمُقِرُّ بِهِ لَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ ذَلِكَ وَلَا نِصْفَ التَّرِكَةِ ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ ، وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ .

وَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَا وَإِلَّا فَلَا ، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرَّيْنِ الْوَارِثَيْنِ ، وَقِيلَ : لَا ، جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ ، فَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ أَخًا وَمَاتَ الْمُقِرُّ عَنْ بَنِي عَمٍّ وَرِثُوهُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرِثُهُ الْأَخُ ، وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَلَدِ الْمُقِرِّ الْمُنْكِرِ لَهُ تَبَعًا فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَفِي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ مَعَ كَوْنِهِ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ أَبِي الْمُقِرِّ ، أَوْ مَعْرُوفَ النَّسَبِ ، وَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ وَخَلَفُهُ وَالْمُنْكِرُ فَإِرْثُهُ بَيْنَهُمَا ، فَلَوْ خَلَفَهُ فَقَطْ وَرِثَهُ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إقْرَارَهُ لَهُ كَوَصِيَّةٍ ، فَيَأْخُذُ الْمَالَ فِي وَجْهٍ ، وَثُلُثَهُ فِي آخَرَ ، وَقِيلَ : الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ صَدَّقَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا بَلَغَ وَعَقِلَ ثَبَتَ نَسَبُهُ ، فَلَوْ مَاتَ وَلَهُ إرْثُ غَيْرِ الْمُقِرِّ اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَعَنْهُ إنْ أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى أَبِيهِمَا بِدَيْنٍ أَوْ نَسَبٍ ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ ، إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ شَهَادَةٍ وَإِقْرَارٍ ، وَفِي اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمَا الرِّوَايَتَانِ وَفِي الْهِدَايَةِ : إنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ تَزَوَّجَ سِرًّا فَأَرَادَ سَفَرًا فَقَالَ لِبَعْضِ قَرَابَتِهِ : لِي فِي السِّرِّ امْرَأَةٌ وَوَلَدٌ ، ثُمَّ سَافَرَ فَمَاتَ ، فَأَتَتْ امْرَأَتُهُ بِصَبِيٍّ فَقَالَتْ [ إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَ ] إنَّهُ ابْنُهُ ، وَلَهَا شَاهِدَانِ غَيْرُ عَدْلَيْنِ ، فَقَالَ : إنْ كَانَ مَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةً لَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ إقْرَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِثْلُ مَا أَقَرَّ ابْنُ زَمْعَةَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ لِقَرَابَتِهِ وَلَا وَصِيَّ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِعَدْلَيْنِ ، وَمُرَادُهُ : أَقَرَّ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ غَيْرُهُ ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ : إنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَخٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ عَلَى مَنْ

نَفَاهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ أَخٌ لِلْجَمِيعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَدْفَعُ ذَلِكَ ؛ { لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ } وَلَمْ يَدْفَعْ دَعْوَى [ عَبْدِ ] بْنِ زَمْعَةَ أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ ، وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ أَخَذَ الْفَاضِلُ بِيَدِ الْمُقِرِّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ ، أَوْ كُلُّهُ إنْ سَقَطَ بِهِ ، فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْهِ بِأَخٍ فَلَهُ ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ ، نَقَلَهُ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ فَلَهَا خُمُسُهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ ابْنُ ابْنٍ بِابْنٍ أَخَذَ مَا بِيَدِهِ ، وَلَوْ خَلَّفَ أَخًا لِأَبٍ وَأَخًا لِأُمٍّ فَأَقَرَّ الْأَخُ لِأَبٍ بِأَخٍ لِأَبَوَيْنِ أَخَذَ مَا بِيَدِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ لِأُمٍّ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَطَرِيقُ الْعَمَلِ فِي جَمِيعِ الْبَابِ أَنْ تَضْرِبَ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ وَتُرَاعِيَ الْمُوَافَقَةَ وَتُعْطِيَ الْمُقِرَّ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ ، فَمَا فَضَلَ فَلِلْمُقِرِّ بِهِ ، فَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخَوَيْنِ فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ فَصَارُوا ثَلَاثَةً ، مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلْمُقِرِّ رُبُعٌ ، وَلِلْمُنْكِرِ ثُلُثٌ ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ [ مِثْلُهُ ] إنْ جَحَدَ الرَّابِعُ وَإِلَّا فَكَالْمُقِرِّ وَالْبَقِيَّةُ لِلْمَجْحُودِ ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ : لَا يَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُنْكِرِ إذَا صَدَّقَ إلَّا رُبُعَ مَا بِيَدِهِ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ؛ لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْمَجْحُودِ سَهْمٌ ، وَلِلْآخَرَيْنِ سَهْمَانِ بَيْنَهُمَا

( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ وَإِلَّا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّينَ الْوَارِثِينَ ، وَقِيلَ : لَا ، جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ ، فَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ أَخًا وَمَاتَ الْمُقِرُّ عَنْ بَنِي عَمٍّ وَرِثُوهُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرِثُهُ الْأَخُ ، وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَلَدِ الْمُقِرِّ الْمُنْكِرِ لَهُ تَبَعًا فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّ تَبَعًا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، مِنْهُمْ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَثْبُتُ .
( تَنْبِيهَانِ ) : ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إقْرَارَهُ لَهُ كَوَصِيَّةٍ ، فَيَأْخُذُ الْمَالَ فِي وَجْهٍ ، وَثُلُثَهُ فِي آخَرَ ، وَقِيلَ : الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ .
انْتَهَى .
هَذَا الْخِلَافُ طَرِيقَةٌ مُؤَخِّرَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ حُكْمًا فِي الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ ذَلِكَ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : " وَفِي اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمَا الرِّوَايَتَانِ " .
انْتَهَى .
مُرَادُهُ بِالرَّاوِيَتَيْنِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا فِيمَا إذَا أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِنَسَبِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَفِي ثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ رِوَايَتَانِ ، وَهُمَا فِي إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ فِي عَدَالَتِهِمَا ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي التَّمَامِ .
انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفَائِقِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ ، فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِمَا .

وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا ، وَقِيلَ : إنْ اخْتَلَفَا وَلَمْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ فَلَا ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَكُذِّبَ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي ثَبَتَ نَسَبُ الْأَوَّلِ فَقَطْ ، وَلَهُ نِصْفُ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ ، وَلِلثَّانِي ثُلُثُ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ ، وَإِنْ أُكْذِبَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ وَهُوَ مُصَدِّقٌ بِهِ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّلَاثَةِ ، وَقِيلَ : يَسْقُطُ نَسَبُ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ لَزِمَهُ مِنْ إرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ فَأَقَرَّ بِهِ ابْنُهُ فَفِي تَكْمِيلِ إرْثِهَا وَجْهَانِ ( م 3 ) وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إنْكَارِهِ ثَبَتَ إرْثُهَا ، وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ : مَاتَ أَبِي وَأَنْتَ أَخِي ، فَقَالَ : هُوَ أَبِي وَلَسْت بِأَخِي ، فَالْمَالُ لَهُمَا ، وَقِيلَ : لِلْمُقِرِّ ، وَقِيلَ : لِلْمُقِرِّ بِهِ ، وَكَذَا : مَاتَ أَبُونَا وَنَحْنُ ابْنَاهُ وَإِنْ قَالَ : مَاتَ أَبُوك وَأَنَا أَخُوك ، فَكُلُّهُ لِلْمُنْكِرِ ، وَإِنْ قَالَ : مَاتَتْ زَوْجَتِي وَأَنْتَ أَخُوهَا فَأَنْكَرَهُ الزَّوْجِيَّةَ قُبِلَ إنْكَارُهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ أَقَرَّ فِي مَسْأَلَةِ عَوْلٍ بِمَنْ يُزِيلُهُ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِأَخٍ فَاضْرِبْ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ سِتَّةً وَخَمْسِينَ ، وَاعْمَلْ كَمَا تَقَدَّمَ ؛ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْمُنْكِرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْمُقِرَّةِ سَبْعَةٌ ، وَلِلْأَخِ تِسْعَةٌ فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَهُوَ يَدَّعِي أَرْبَعَةً ، وَالْأَخُ يَدَّعِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، فَاقْسِمْ التِّسْعَةَ عَلَى مُدَّعَاهُمَا ، لِلزَّوْجِ سَهْمَانِ وَلِلْأَخِ سَبْعَةٌ ، وَمَعَ أُخْتَيْنِ لِأُمٍّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْمُنْكِرَةِ مِثْلُهُ ، وَلِلْمُقِرَّةِ ثَلَاثَةٌ ، يَبْقَى مَعَهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْأَخِ سِتَّةٌ ، تَبْقَى سَبْعَةٌ لَا مُدَّعِيَ لَهَا ، فَتُقِرُّ بِيَدِ الْمُقِرَّةِ ، وَقِيلَ : بِبَيْتِ الْمَالِ ، وَقِيلَ : يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُقِرَّةِ وَالزَّوْجِ وَوَلَدِ

الْأُمِّ بِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقِهِمْ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ لَزِمَهُ مِنْ إرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ فَأَقَرَّ بِهِ ابْنُهُ فَفِي تَكْمِيلِ إرْثِهَا وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَكْمُلُ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَعْتَقِدُ أَنَّ وَالِدَهُ ظَلَمَهَا بِإِنْكَارِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَكْمُلُ .
تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَلِلْأَخِ تِسْعَةٌ .
انْتَهَى .
تَبِعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ ، وَهُوَ أَنَّ الْأُخْتَ بِيَدِهَا سِتَّةَ عَشَرَ ، وَيَقْتَضِي إقْرَارُهَا أَنَّ لَهَا مِنْهُ سَبْعَةً ، وَلِلزَّوْجِ سَهْمَانِ ، لَكِنَّ الزَّوْجَ بِإِنْكَارِ الْأَخِ لَا يَسْتَحِقُّ السَّهْمَيْنِ ، فَكَيْفَ تَدْفَعُهُمَا إلَى غَيْرِ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِمَا لَهُ .
انْتَهَى .
قُلْت : يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ السَّهْمَيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْأُخْتِ ، وَلَا يَدَّعِيهِمَا أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ ، وَالْأُخْتُ تَدَّعِي بِإِقْرَارِهَا أَنَّ لِلْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ ، فَكَانَ أَوْلَى بِهِمَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَيْضًا الْمُقِرُّ بِهِ يَدَّعِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَالسَّهْمَانِ لَا يَدَّعِيهِمَا أَحَدٌ ، فَكَانَا لَهُ ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

كِتَابُ الْعِتْقِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ ، وَفِي التَّبْصِرَةِ : هُوَ أَحَبُّهَا إلَى اللَّهِ وَأَفْضَلُ الرِّقَابِ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَعْلَاهَا ثَمَنًا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ [ كَانَتْ ] كَافِرَةً ( و م ) وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ ، لَكِنْ يُثَابُ عَلَى عِتْقِهِ [ ( ع ) ] قَالَ فِي الْفُنُونِ : لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ ، وَاحْتَجَّ بِهِ وَبِرِقِّ الذُّرِّيَّةِ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ بَلْ مِحْنَةٌ وَبَلْوَى .
وَعِتْقُ ذَكَرٍ أَفْضَلُ وَعَنْهُ : أُنْثَى لِأُنْثَى ، وَعَنْهُ : أَمَتَيْنِ كَعِتْقِهِ رَجُلًا ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ الْقَاسِمِ { عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تُعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ لَهَا زَوْجٌ ، فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَبْدَأَ بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ } ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ ، وَهُوَ ثَابِتٌ إلَى ابْنِ مَوْهَبٍ ، وَابْنُ مَوْهَبٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : صَالِحُ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ : لَيْسَ بِقَوِيٍّ .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : حَسَنُ الْحَدِيثِ ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ .
وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ : لَا يُعْرَفُ هَذَا الْخَبَرُ إلَّا بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَتَزْوِيجُهُ بِهَا وَعِتْقُهُ مَنْ انْعَقَدَ سَبَبُ حُرِّيَّتِهَا أَفْضَلُ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي الثَّانِيَةِ عَكْسُهُ .
وَيُسْتَحَبُّ عِتْقُ وَكِتَابَةُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ ، وَعَنْهُ : وَغَيْرُهُ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ كِتَابَتُهُ وَعَنْهُ : الْأُنْثَى ، كَخَوْفٍ مُحَرَّمٍ ، فَإِنْ ظَنَّ حَرُمَ وَصَحَّ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَيُتَوَجَّهُ كَمَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِقَصْدِ الْحَرَامِ .
وَيَنْعَقِدُ بِصَرِيحِهِ ، فَلَوْ قَالَ : أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ عَتَقَ مُطْلَقًا .
وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ بِغَيْرِ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ ، وَعَنْهُ : بِنِيَّةِ وُقُوعِهِ .
وَفِي الْفُنُونِ عَنْ

الْإِمَامِيَّةِ : لَا يَنْفُذُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَةَ ، قَالَ : وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ عِبَادَةً ، وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ ، وَلَا عِتْقَ مَعَ نِيَّةِ عِفَّتِهِ وَكَرَمِ خُلُقِهِ وَنَحْوِهِ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : هُوَ كَطَلَاقٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ وَالتَّعْلِيقِ ، وَدَعْوَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ صَرِيحِهِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُمَا فِي اللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ .
نَقَلَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى فِيمَنْ كَتَبَ إلَى آخَرَ اعْتِقْ جَارِيَتِي يُرِيدُ يَتَهَدَّدُهَا [ قَالَ ] : أَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ [ تَعَالَى ] أَنْ يَبِيعَهَا ، وَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا ، وَجَزَمَ فِي التَّبْصِرَةِ : لَا يُقْبَلُ حُكْمًا .
وَيَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : أَوْ دَلَالَةِ حَالٍ ، نَحْوُ خَلَّيْتُك وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ ، وَأَطْلَقْتُك .
وَهَلْ : لَا سَبِيلَ ، أَوْ لَا سُلْطَانَ ، أَوْ لَا مِلْكَ ، أَوْ لَا رِقَّ ، أَوْ لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك ، أَوْ مَلَّكْتُك نَفْسَك ، أَوْ فَكَكْت رَقَبَتَك ، وَأَنْتَ لِلَّهِ ، وَأَنْتِ سَائِبَةٌ ، وَأَنْتَ مَوْلَايَ ، صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ : وَهَبْتُك لِلَّهِ ، صَرِيحٌ ، وَسَوَّى الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ : أَنْتَ لِلَّهِ .
وَفِي الْمُوجَزِ : هِيَ ، وَرَفَعْت يَدِي عَنْك إلَى اللَّهِ ، كِنَايَةٌ .

كِتَابُ الْعِتْق مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَهَلْ : لَا سَبِيلَ ، أَوْ لَا سُلْطَانَ ، أَوْ لَا مِلْكَ ، أَوْ لَا رِقَّ ، أَوْ لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك ، أَوْ مَلَّكْتُك نَفْسَك ، أَوْ فَكَكْت رَقَبَتَك ، وَأَنْتَ لِلَّهِ ، وَأَنْتِ سَائِبَةٌ وَأَنْتَ مَوْلَايَ ، صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ فِي أَكْثَرِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ .
( إحْدَاهُمَا ) ذَلِكَ صَرِيحٌ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ : لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك ، وَمَلَّكْتُك نَفْسَك ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ : وَفِيهِ بُعْدٌ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) كِنَايَةٌ ، صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَنَّ قَوْلَهُ : لَا سَبِيلَ ، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك ، وَأَنْتَ سَائِبَةٌ ، كِنَايَةٌ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي قَوْلِهِ : لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك ، وَأَنْتَ لِلَّهِ ، صَرِيحٌ ، وَقَالَ هُوَ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي : لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك ، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك : كِنَايَةٌ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ ، وَقَالَ : وَمِنْ الْكِنَايَةِ ، لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك ، وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك ، وَفَكَكْت رَقَبَتَك ، وَمَلَّكْتُك نَفْسَك ، وَأَنْتَ مَوْلَايَ ، وَأَنْتَ سَائِبَةٌ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَقَوْلُهُ : لَا مِلْكَ ، وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك ، وَأَنْتَ لِلَّهِ ، صَرِيحٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : كِنَايَةٌ .
انْتَهَى .
وَقَطَعَ فِي الْإِيضَاحِ أَنَّ قَوْلَهُ : لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك ، وَأَنْتَ لِلَّهِ ، كِنَايَةٌ ، وَقَالَ : اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ

أَلْفَاظٍ : لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك ، وَلَا سُلْطَانَ ، وَأَنْتِ سَائِبَةٌ ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ : لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك ، وَلَا رِقَّ لِي ، وَأَنْتَ لِلَّهِ ، صَرِيحٌ ، وَقَالَ : اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْإِيضَاحِ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ فِي الْوَاضِحِ وَكَلَامَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَكَلَامَهُ فِي الْمُوجَزِ .

وَهَلْ قَوْلُهُ لِأَمَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ حَرَامٌ ، كِنَايَةٌ أَوْ لَغْوٌ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَفِي الِانْتِصَارِ : وَكَذَا : اعْتَدِّي ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مِثْلُهُ فِي لَفْظِ الظِّهَارِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ ، وَعَنْهُ : لَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ إذَا أَضَافَ إلَيْهَا الْحُرِّيَّةَ ( و هـ ) وَإِنْ قَالَ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ : أَنْتَ ابْنِي ، لَمْ يُعْتَقْ ، فِي الْأَصَحِّ ، كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُك ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : وَلِأَمَتِهِ : أَنْتَ ابْنِي ، وَلِعَبْدِهِ : أَنْتِ بِنْتِي ، وَإِنْ أَمْكَنَ وَلَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ عَتَقَ ؛ لِجَوَازِ كَوْنِهِ وَطْءَ شُبْهَةٍ ، وَقِيلَ : لَا ؛ لِكَذِبِهِ شَرْعًا ، وَمِثْلُهُ لِأَصْغَرَ : أَنْتَ أَبِي ، وَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَلَيْهِ وَافَقَهُ فِي دِينِهِ أَوْ لَا ، عَتَقَ ، وَعَنْهُ : عَمُودُ النَّسَبِ ، قَالَ فِي الْكَافِي : بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِهِمْ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : لَنَا فِيهِ خِلَافٌ ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ : لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِهِمْ ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّهُ آكَدُ مِنْ التَّعْلِيقِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ قَوْلُهُ لِأَمَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حَرَامٌ ، كِنَايَةٌ أَوْ لَغْوٌ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) كِنَايَةٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَنَظْمِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي قَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ، وَصَحَّحَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي قَوْلِهِ : أَنْتِ حَرَامٌ ، وَأَطْلَقَا الرِّوَايَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ .

فَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مِلْكِهِ عَتَقَ بِمِلْكِهِ لَا بِتَعْلِيقِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ عَتَقَ بِرَحِمٍ : لَا يَمْلِكُ بَائِعُهُ اسْتِرْجَاعَهُ لِفَلَسِ مُشْتَرٍ ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا عِتْقَ بِمِلْكٍ ، وَعَنْهُ : إنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ لَمْ يُعْتَقْ ، وَفِي إجْبَارِهِ عَلَى عِتْقِهِ رِوَايَتَانِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ( م 3 ) وَعَنْهُ : لَا يُعْتَقُ حَمْلٌ حَتَّى يُولَدَ فِي مِلْكِهِ حَيًّا ، فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ بِأَمَتِهِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ جَدِّهِ فَهَلْ هُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ أَوْ حُرٌّ ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ ، وَاحْتَجَّ فِي الْفُنُونِ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ بِتَمَلُّكِ الرَّحِمِ ، وَكَافِرٌ لِمُسْلِمٍ بِإِرْثٍ ، وَأَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِدَامَةُ ، وَلَا يُعْتَقُ فِي الْمَنْصُوصِ وَلَدُهُ وَلَوْ نَزَلَ مِنْ زِنًا ، وَمِثْلُهُ أَبُوهُ مِنْ زِنًا ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) [ قَوْلُهُ ] : وَعَنْهُ : إنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ لَمْ يُعْتَقْ ، وَفِي إجْبَارِهِ عَلَى عِتْقِهِ رِوَايَتَانِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى .
انْتَهَى .
هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ أَبِي مُوسَى ، وَلَيْسَتْ الرِّوَايَتَانِ : مُطْلَقَتَيْنِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ ، بَلْ الْمُقَدَّمُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى ذَكَرَ رِوَايَتَيْنِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِجْبَارَ وَعَدَمَهُ لَيْسَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَإِنَّمَا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، فَيَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الْعِتْقِ ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ .

وَيُعْتَقُ حَمْلٌ وَحْدَهُ بِعِتْقِهِ ، وَيَتْبَعُ أُمَّهُ بِعِتْقِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فَاحْتِمَالَانِ ( م 4 ) وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَجْهَيْنِ ، وَوَجْهُ دُخُولِهِ شُمُولُ اسْمِهَا لَهُ ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ شَمِلَ الْأَشْجَارَ ، أَوْ بِشَجَرَةٍ شَمِلَ الْأَغْصَانَ ، فَإِنْ دَخَلَ ، فَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْحَمْلَ ، فَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ ؛ لِرُجُوعِهِ عَمَّا دَخَلَ تَحْتَ إطْلَاقِهِ ، وَقِيلَ : بَلَى ، كَاسْتِثْنَائِهِ بِلَفْظِهِ ( م 5 ) كَعُضْوٍ ، بِخِلَافِ عَبْدَيْنِ ، فَتُقَوَّمُ حَامِلًا ، وَقِيلَ : كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ هِيَ قُدِّمَ ، وَلَا سِرَايَةَ مِنْهُ ، وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ ، كَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِمَا مِثْلُهُ ، وَلِهَذَا قَاسَ فِي الرَّوْضَةِ الْكِتَابَةَ عَلَى الْعِتْقِ ، وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ ، وَعَنْهُ : لَا يُعْتَقُ فِيهِمَا حَتَّى يُوضَعَ حَيًّا ، وَإِنْ أُعْتِقَ مِنْ حَمْلِهَا لِغَيْرِهِ كَالْمُوصَى بِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : لَا يُعْتَقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَلَا يُعْتَقُ رَحِمٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا مَحْرَمٌ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، قَالَ : عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ } ، فَالرَّضَاعَةُ لَيْسَتْ بِرَحِمٍ .
قَالَ الزُّهْرِيُّ : مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنْ يُبَاعَ ، وَعَنْ أَحْمَدَ : يُكْرَهُ بَيْعُ أَخِيهِ لِرَضَاعٍ ، وَقَالَ : يَبِيعُ أَخَاهُ .

مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَيُعْتَقُ حَمْلٌ وَحْدَهُ بِعِتْقِهِ وَيَتْبَعُ أُمَّهُ بِعِتْقِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فَاحْتِمَالَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي لَوْ أَقَرَّ بِالْأَمَةِ لِشَخْصٍ فَهَلْ يَدْخُلُ الْحَمْلُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ لَا ؟ ذَكَرَ احْتِمَالَيْنِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَجْهَيْنِ ، قَالَ فِي التَّخْلِيصِ : لَوْ قَالَ : لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ ، فَهَلْ يَدْخُلُ الْجَنِينُ فِي الْإِقْرَارِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَدْخُلُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ ، وَدُخُولُهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَدْخُلُ تَبَعًا كَالْعِتْقِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ دَخَلَ فَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْحَمْلَ يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِدُخُولِ الْحَمْلِ فِي الْإِقْرَارِ ، فَقَالَ الْمُقِرُّ لَمْ أُرِدْ إدْخَالَهُ فَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ ؛ لِرُجُوعِهِ عَمَّا دَخَلَ تَحْتَ إطْلَاقِهِ ، وَقِيلَ : بَلَى ، كَاسْتِثْنَائِهِ بِلَفْظِهِ .
انْتَهَى .
الْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ ، بَلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ .
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ .

وَمَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ بِقَطْعِ عُضْوٍ أَوْ حَرْقِهِ عَتَقَ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، بِلَا حُكْمٍ ( م ) قَالَ جَمَاعَةٌ : لَا مُكَاتَبَ ، لَا بِضَرْبِهِ وَخَدْشِهِ ، وَفِي اعْتِبَارِ الْقَصْدِ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَجْهَانِ ( م 6 - 7 ) وَلَوْ زَادَ ثَمَنُهُ بِجَبٍّ أَوْ خَصْيٍ فَيُتَوَجَّهُ حَلُّ الزِّيَادَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ، 7 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ : وَفِي اعْتِبَارِ الْقَصْدِ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 ) هَلْ يُعْتَبَرُ فِي التَّمْثِيلِ الْقَصْدُ أَمْ لَا ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : لَمْ يَشْتَرِطْ الْقَصْدَ غَيْرُ ابْنِ عَقِيلٍ ، قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ : لَا نَعْرِفُ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ فِي ذَلِكَ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 ) هَلْ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ إذَا عَتَقَ عَلَيْهِ بِالتَّمْثِيلِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَثْبُتُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَثْبُتُ وَيَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : يُصْرَفُ فِي رِقَابٍ ، قَالَ : وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : قُلْت : وَاخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ .

وَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ غَيْرَ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ عَتَقَ كُلُّهُ ، وَإِنْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْهُ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ حَقِّ شَرِيكِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ فِطْرٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الْمُغْنِي : مُقْتَضَى نَصِّهِ لَا يُبَاعُ لَهُ أَصْلُ مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ فَأَدَّى إلَيْهِ أَوْ مَلَكَهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الْمُذْهَبِ ، وَعَنْهُ : أَوْ قَهْرًا كَإِرْثٍ ، عَتَقَ كُلُّهُ عَلَيْهِ ، لِلْخَبَرِ ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَا يَتَجَزَّأُ ، كَنِكَاحٍ ، فَلَوْ قَالَ إمَامٌ لِأَسِيرٍ : أَرَقَقْت نِصْفَك ، لَمْ يَصِحَّ وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ وَقْتَ عِتْقِهِ .
وَفِي الْإِرْشَادِ وَجْهٌ : يَوْمَ تَقْوِيمِهِ ، وَيُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْمُعْتِقِ ، وَقِيلَ : يُعْتَقُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، فَلَوْ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ قَبْلَهَا فَوَجْهَانِ ( م 8 ) وَلَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ ، قَالَهُ أَحْمَدُ : لَا قِيمَةَ النِّصْفِ وَيُعْتَقُ عَلَى الْمُوسِرِ بِبَعْضِهِ بِقَدْرِهِ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَالْمُعْسِرُ يُعْتَقُ حَقُّهُ فَقَطْ ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ ، أَوْ لِضَرَرِ الْغَيْرِ ، وَعَنْهُ : كُلُّهُ ، وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي بَقِيَّتِهِ ، نَصَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا فِي كَوْنِهِ قَبْلَ أَدَائِهَا كَحُرٍّ أَوْ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْهُ مُوسِرٌ بِقِيمَتِهِ عَتَقَ كُلُّهُ ، لِلْخَبَرِ وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ وَقِيلَ : يُعْتَقُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، فَلَوْ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ قَبْلَهَا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : فَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ .

وَالسِّرَايَةُ بِعِتْقِ كَافِرٍ شِرْكًا لَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَجْهَانِ ( م 9 و 10 ) وَيَسْرِي إلَى شِقْصِ شَرِيكٍ رَهْنًا وَقِيمَتُهُ مَكَانَهُ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَكَذَا مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا ، وَقِيلَ : إذَا بَطَلَا ، وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكٍ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا ، وَعَنْهُ : بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ، وَمَنْ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَبَقِيَّتُهُ لِآخَرَ فَأَعْتَقَ مُوسِرَانِ مِنْهُمْ حَقَّهُمَا مَعًا تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِ الْبَاقِي وَوَلَائِهِ ، وَقِيلَ : بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا ، وَمَنْ قَالَ أَعْتَقْت نَصِيبَ شَرِيكِي ، فَلَغْوٌ ، وَلَوْ قَالَ : أَعْتَقْت النِّصْفَ انْصَرَفَ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ سَرَى ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ نَصِيبَهُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي ] دَارٍ بَيْنَهُمَا قَالَ أَحَدُهُمَا : بِعْتُك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ لَا يَجُوزُ ، إنَّمَا لَهُ الرُّبُعُ مِنْ النِّصْفِ حَتَّى يَقُولَ نَصِيبِي .

( مَسْأَلَةٌ 9 ، 10 ) قَوْلُهُ عَلَى رِوَايَةِ الِاسْتِسْعَاءِ : وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي بَقِيَّتِهِ ، وَفِي كَوْنِهَا قَبْلَ أَدَائِهَا كَحُرٍّ أَوْ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ وَالسِّرَايَةُ بِعِتْقِ كَافِرٍ شِرْكًا لَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9 ) هَلْ يَكُونُ قَبْلَ الْأَدَاءِ كَحُرٍّ أَوْ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِسْعَاءِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ ( أَحَدُهُمَا ) حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ ، فَلَوْ مَاتَ وَبِيَدِهِ مَالٌ كَانَ لِسَيِّدِهِ مَا بَقِيَ فِي السِّعَايَةِ ، وَالْبَاقِي إرْثٌ ، وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى أَحَدٍ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا : يُعْتَقُ كُلُّهُ وَيُسْتَسْعَى فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ السِّعَايَةِ ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ عَبْدٍ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ ، فَلَوْ مَاتَ كَانَ لِلشَّرِيكِ مِنْ مَالِهِ مِثْلُ مَا لَهُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالسِّعَايَةِ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10 ) لَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَهَلْ يَسْرِي إلَى الْجَمِيعِ أَمْ لَا ؟ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) يَسْرِي ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ .
قَالَ فِي الْفَائِقِ : يَسْرِي إلَى سَائِرِهِ ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَسْرِي ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ،

وَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ شَيْءٌ .

وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَلَا نِيَّةَ فَفِي صَرْفِهِ إلَى نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ أَمْ نَصِيبِهِ أَمْ إلَيْهِمَا احْتِمَالَاتٌ فِي الْمُغْنِي ( م 11 ) وَأَيُّهُمَا سَرَى عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهُ .
وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرَيْنِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ حَقَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِمَا ، وَلَا وَلَاءَ لَهُمَا ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ لَهُ وَضَمِنَ حَقَّ شَرِيكِهِ ، وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ ، وَحَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلسِّرَايَةِ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا عَتَقَ حَقُّهُ فَقَطْ ، وَمَعَ عُسْرَتِهِمَا لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَمَعَ عَدَالَتِهِمَا وَثُبُوتِ الْعِتْقِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَيُعْتَقُ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَيُعْتَقُ نِصْفُهُ ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : لَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَذَكَرَهُ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ ، وَلَا شَهَادَةَ لِخَصْمٍ عَلَى خَصْمِهِ ، وَأَيُّهُمَا اشْتَرَى حَقَّ الْآخَرِ عَتَقَ مَا اشْتَرَى ، وَقِيلَ : جَمِيعُهُ .
وَإِذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ : إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ الْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ مَضْمُونًا ، وَقِيلَ : يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا ، كَالْأَصَحِّ فِي قَوْلِهِ : فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِك أَوْ قَبْلَهُ ، وَقِيلَ فِي قَبْلِهِ : يُعْتَقُ جَمِيعُهُ بِالشَّرْطِ ، وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ ، وَمَعَ عُسْرَتِهِمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ : إنْ صَلَّيْت مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ ، فَصَلَّتْ كَذَلِكَ ، عَتَقَتْ ، وَقِيلَ : لَا ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي ؛ لِبُطْلَانِ الصِّفَةِ بِتَقْدِيمِ الْمَشْرُوطِ ، وَإِنْ قَالَ : إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ ، فَأَقَرَّ بِهِ لَهُ ، صَحَّ إقْرَارُهُ فَقَطْ ، وَإِنْ قَالَ : إنْ أَقْرَرْت بِك لَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ سَاعَةَ إقْرَارِي ، لَمْ يَصِحَّا .

مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَعْنِي أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لِشَرِيكِهِ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَلَا نِيَّةَ ، فَفِي صَرْفِهِ إلَى نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ أَمْ نَصِيبِهِ أَمْ إلَيْهِمَا احْتِمَالَاتٌ فِي الْمُغْنِي .
انْتَهَى .
( أَحَدُهَا ) يُصْرَفُ إلَى نَصِيبِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ .
( وَالثَّانِي ) يُصْرَفُ إلَى نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِيهِ فَهُوَ كَنَصِيبِهِ وَيَزِيدُ بِأَنَّهُ تَعَيَّنَ بِالتَّوْكِيلِ لِلْعِتْقِ .
( وَالثَّالِثُ ) يُصْرَفُ إلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَكَّلَهُ بَقِيَ فِي يَدِهِ كُلُّهُ ، وَلَيْسَ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ أَوْلَى بِالْعِتْقِ مِنْ الْآخَرِ ، هَذَا مَا يَظْهَرُ فِي تَعْلِيلِ الِاحْتِمَالَاتِ ، وَتَعْلِيلُ الِاحْتِمَالِ الثَّالِثِ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي .

يَصِحُّ مِنْ حُرٍّ وَفِي عَبْدٍ وَجْهَانِ ( م 12 ) تَعْلِيقُ عِتْقِ رَقِيقٍ يَمْلِكُهُ ، نَحْوُ : إنْ مَلَكْت فُلَانًا أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَاخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ ، وَالنِّكَاحُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الطَّلَاقُ ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ لِلَّهِ ، وَلَا فِيهِ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ ، وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ ، كَتَعْلِيقِهِ حُرِّيَّةَ عَبْدٍ أَجْنَبِيٍّ بِكَلَامِهِ ، ثُمَّ يَمْلِكُهُ [ ثُمَّ ] يُكَلِّمُهُ .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ فِي تَعْلِيقِ عِتْقِ رَقِيقٍ تَمَلَّكَهُ : يَصِحُّ مِنْ حُرٍّ ، وَفِي عَبْدٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعَبْدِ عِتْقَ رَقِيقٍ يَمْلِكُهُ فِيمَا يَأْتِي كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْحُرِّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ كَالْحُرِّ .

وَعَلَى الْأَوَّلِ : لَوْ قَالَ : أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ ، فَلَمْ يَمْلِكْ بَعْدَ وَاحِدٍ شَيْئًا ، فَوَجْهَانِ ( م 13 ) فَإِنْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا فَقِيلَ : يُعْتِقُهُمَا ، وَعَكْسُهُ ، وَقِيلَ : أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ ( م 14 ) وَنَقَلَهُ مُهَنَّا فِي : أَوَّلُ غُلَامٍ أَوْ امْرَأَةٍ يَطْلُعُ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ طَالِقٌ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ لَفْظَهَا : أَوَّلُ مَنْ يَطْلُعُ مِنْ عَبِيدِي .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنُ رَزِينٍ فِي الطَّلَاقِ : وَلَوْ عَلَّقَهُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ فَقُمْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ، وَفِي مُنْفَرِدَةٍ بِهِ وَجْهٌ ، كَذَا قَالَا ، وَلَوْ قَالَ : آخَرُ ، فَالْآخَرُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ مُنْذُ مَلَكَهُ ، وَكَسْبُهُ لَهُ ، وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْأَمَةِ حَتَّى يَشْتَرِيَ بَعْدَهَا غَيْرَهَا ، وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ .
فَإِنْ مَلَكَ اثْنَيْنِ فَكَأَوَّلٍ ، وَقَوْلُهُ لِعَبْدِ غَيْرِهِ : أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي أَوْ فِيهِ ، لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .

( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِشَرْطٍ لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَلَمْ يَمْلِكْ بَعْدَ وَاحِدٍ شَيْئًا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُعْتَقُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، ذَكَرَا ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : وَهُوَ الْأَظْهَرُ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْهُ غَيْرُهُ ، وَيَصْدُقُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُعْتَقُ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا فَقِيلَ : يُعْتِقُهُمَا ، وَعَكْسُهُ ، وَقِيلَ : أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمْ ) يُعْتَقَانِ .
( وَالثَّانِي ) لَا يُعْتَقَانِ ، وَفِيهِ قُوَّةٌ .
( وَالثَّالِثُ ) يُعْتَقُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَ : هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ .

وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ : أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ ، أَوْ إذَا وَلَدْت وَلَدًا ، فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا فَفِي عِتْقِ الثَّانِي رِوَايَتَانِ ( م 15 ) وَإِنْ جُهِلَ أَوَّلُ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ ، وَعَنْهُ : هُمَا ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ أَمَدَ مَنْعِ السَّيِّدِ [ مِنْهُمَا ] هَلْ هُوَ الْقُرْعَةُ أَوْ الِانْكِشَافُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ : لَا يُعْتَقُ وَلَدٌ حَدَثٌ ، كَتَعْلِيقِهِ بِمِلْكِهِ ، وَإِنْ قَالَ : آخَرُ ، فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا فَالرِّوَايَتَانِ ( م 16 ) وَحَمْلُ الْمُعْتَقَةِ بِصِفَةٍ وَقْتَ التَّعْلِيقِ أَوْ الصِّفَةِ وَقِيلَ أَوْ فِيمَا بَيْنَهُمَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ لَا فِي الصِّفَةِ ، وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُعْتَقُ وَلَدُهُمَا مِنْ غَيْرِهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَقَطْ بِمَنْزِلَتِهِمَا لَا مَا وَلَدَتَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَبْلَ تَدْبِيرٍ وَإِيلَادٍ ، وَإِنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِمُدَبَّرَةٍ وَوَلَدِهَا أُقْرِعَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ فِي حَمْلٍ بَعْدَ تَدْبِيرٍ : كَحَمْلِ مُعْتَقَةٍ بِصِفَةٍ ، وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ : لَا يَتْبَعُ ، وَفِيهِ : هَلْ يَبْطُلُ حُكْمُ عِتْقِ مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ بِمَوْتِهِمَا قَبْلَ سَيِّدٍ أَمْ لَا ؟ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُمَا ، اخْتَلَفَ كَلَامُهُ ، وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ فِي وَلَدِهِمَا .

مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ أَوْ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا فَفِي عِتْقِ الثَّانِي رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُعْتَقُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُعْتَقُ الْحَيُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : آخَرُ فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا فَالرِّوَايَتَانِ ، يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يُعْتَقُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُعْتَقُ ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَمَا قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ .

وَفِي قَبُولِ قَوْلِ وَارِثٍ حُدُوثُهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ كَمَوْرُوثٍ أَوْ الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ ( م 17 ) وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَلَدِ مُكَاتَبَةٍ ( م 18 ) وَوَلَدُ مُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ كَهُوَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : لَا ، وَمِنْ غَيْرِهَا كَالْأُمِّ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : فِي قَبُولِ قَوْلِ وَارِثٍ حُدُوثُهُ يَعْنِي حُدُوثَ الْحَمْلِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ كَمَوْرُوثٍ أَوْ الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَتْ الْمُدَبَّرَةُ : حَمَلْت بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَيَتْبَعُنِي ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ : بَلْ قَبْلَهُ ، فَلَا يُتْبَعُ ، فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ أَوْ قَوْلُ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَعَلَّلَهُ بِمُوَافَقَةِ قَوْلِهِمْ الْأَصْلَ ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ ، مَعَ أَيْمَانِهِمْ مُكَفِّرٌ ، هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَلَمْ يُفْهَمْ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا تَرْجِيحُهُ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الثَّانِي .
أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ كَمَوْرُوثِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ ، كَقَوْلِهِ فِيمَا إذَا اسْتَدْعَى الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ مَعًا فِي الرَّجْعَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ ، ( قُلْت ) : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهَا ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ ، لَكِنْ فِيهِ نَوْعُ تُهْمَةٍ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " كَمَوْرُوثٍ " يَعْنِي أَنَّ الْمَوْرُوثَ وَهُوَ الَّذِي دَبَّرَهَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ .
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَلَدِ مُكَاتَبَةٍ يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَقَالَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَلْ بَعْدَهَا ( قُلْت ) : وَالْإِلْحَاقُ وَاضِحٌ ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُدَبَّرَةِ صَحِيحٌ حَيْثُ قُلْنَا يَتْبَعُ فِي التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَا يَتْبَعُ مُكَاتَبًا وَلَدُهُ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : إلَّا بِشَرْطٍ ، وَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ ، وَهَلْ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 19 ) فَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ سَيِّدِهِ ثُمَّ مَلَكَهَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي أَنَّ الْوَلَدَ مِلْكُهُ ؛ لِأَنَّ يَدَهُ دَلِيلُ الْمِلْكِ ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ ، وَيَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ مَا وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَوْ كَانَ قِنًّا .
وَإِنْ عَتَقَتْ بِغَيْرِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ تُعْتَقْ كَمَوْتِهَا فَيُرَقُّ وَقِيلَ : يَبْقَى مُكَاتَبًا ، وَنَصُّهُ : يُعْتَقُ ، كَعِتْقِهِ بِإِعْتَاقِهِ وَحْدَهُ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَإِنْ فَاتَ كَسْبُهُ عَلَيْهَا ، وَوَلَدُ بِنْتِهَا كَهِيَ ، وَوَلَدُ ابْنِهَا وَوَلَدُ مُعْتَقٍ بَعْضِهَا كَأَمَةٍ ، وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : أَنْتَ حُرٌّ بِمِائَةٍ أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِمِائَةٍ فَقَبِلَ عَتَقَ وَلَزِمَتْهُ مِائَةٌ وَإِلَّا فَلَا ، وَكَذَا أَنْتَ حُرٌّ عَلَى مِائَةٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِائَةً .
وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ : شَرْطٌ لَازِمٌ بِلَا قَبُولِهِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ ، وَعَنْهُ : يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ مَجَّانًا ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، كَقَوْلِهِ : أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك مِائَةٌ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقَوْلُهُ لِأَمَتِهِ : أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَك ، كَقَوْلِهِ : عَلَى مِائَةٍ ، وَإِنْ أَبَاهُ لَزِمَتْهَا الْقِيمَةُ ، وَقِيلَ : تُعْتَقُ بِقَبُولِهَا مَجَّانًا ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا تُعْتَقُ إلَّا بِالْأَدَاءِ .

( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ : وَلَا يَتْبَعُ مُكَاتَبًا وَلَدُهُ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ ، وَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ ، وَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ : وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ، فِي الْأَصَحِّ .
انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ شَيْءٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ .

وَإِنْ قَالَ : أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً ، فَقِيلَ : كَقَوْلِهِ : عَلَى مِائَةٍ ، وَقِيلَ : يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ ( م 20 ) وَهَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 21 ) .
نَقَلَ حَرْبٌ : لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِمَّنْ شَاءَ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَذَكَرُوا صِحَّتَهُ فِي الْوَقْفِ ، وَهَذَا مِثْلُهُ ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد { أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ وَشَرَطَتْ عَلَيْهَا خِدْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَاشَ } ، وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْبَائِعِ خِدْمَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ .

مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً ، فَقِيلَ : كَقَوْلِهِ عَلَى مِائَةٍ ، وَقِيلَ : يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ .
انْتَهَى .
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِيهِ قُوَّةٌ ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّرْحُ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي .
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي : وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ .
( إحْدَاهُمَا ) يُعْتَقُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .
( وَالثَّانِيَةُ ) لَا يُعْتَقُ .
وَقَدَّمَا فِي أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ أَنَّهُ يُعْتَقُ مَجَّانًا ، فَخَالَفَ الطَّرِيقَتَيْنِ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يُعْتَقْ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ طُرُقٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ وَهَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، يَعْنِي بَيْعَ الْخِدْمَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ : لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِمَّنْ شَاءَ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَمَنْ بَعْدَهُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ .
( إحْدَاهُمَا ) يَجُوزُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَوَازَ بَيْعِ الْمَنَافِعِ ، لَكِنْ عَلَى التَّأْبِيدِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَجُوزُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ ، بَلْ يَصِحُّ إيجَارُهَا لِغَيْرِ نَفْسِهِ : وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْعِ الْإِجَارَةُ ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ ، وَلَمْ نَعْلَمْ جَوَازَ بَيْعِ الْمَنَافِعِ مُدَّةً ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ نَظِيرَةَ هَذِهِ

الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ إجَارَةُ مَا اسْتَثْنَاهُ وَإِعَارَتُهُ مُدَّةَ اسْتِثْنَائِهِ ، كَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ إذَا بِيعَتْ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا صِحَّةَ بَيْعِهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ فَفِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : مَأْخَذُهُمَا هَلْ هُوَ مُعَاوَضَةٌ أَوْ تَعْلِيقٌ ؟ ( م 22 ) .
( مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ بِيَدِهِ فَفِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : مَأْخَذُهُمَا هَلْ هُوَ مُعَاوَضَةٌ أَوْ تَعْلِيقٌ ؟ .
انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ : صَحَّ ، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي الْوَلَاءِ : وَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِعِوَضٍ حَالٍّ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ ، فَهُوَ مِثْلُ الْمَكَاسِبِ سَوَاءٌ ، وَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُعْتِقُ لَهُمَا ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ عَلَيْهِمَا .
انْتَهَى .
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَأَجْرَاهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَاخْتَارَ الصِّحَّةَ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ الْقَاضِي .

وَإِنْ قَالَ [ إنْ ] أَعْطَيْتَنِي مِائَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَتَعْلِيقٌ مَحْضٌ ، لَا يُبْطِلُهُ مَا دَامَ مِلْكُهُ ، وَلَا يُعْتَقُ بِإِبْرَاءٍ ، بَلْ بِدَفْعِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَمَا فَضَلَ عَنْهَا لِسَيِّدِهِ ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مِلْكِهِ ، إذْ لَا مِلْكَ لَهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ : إنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَأَتَتْ بِمِائَةٍ مَغْصُوبَةٍ ، فَفِي وُقُوعِهِ احْتِمَالَانِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَالْعِتْقُ مِثْلُهُ ، وَأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْفَاسِدَةِ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ ( م 23 - 25 ) وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْأُولَى إنْ قَالَهُ لِصَغِيرٍ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَالَ : جَعَلْت عِتْقَك إلَيْك أَوْ خَيَّرْتُك ، وَنَوَى تَفْوِيضَهُ إلَيْهِ ، فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ ، عَتَقَ ، وَيُتَوَجَّهُ : كَطَلَاقٍ وَلَوْ قَالَ : اشْتَرِنِي مِنْ سَيِّدِي بِهَذَا الْمَالِ وَأَعْتِقْنِي ، فَفَعَلَ ، عَتَقَ وَلَزِمَ مُشْتَرِيَهُ الْمُسَمَّى ، وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ النُّقُودُ ، وَإِلَّا بَطَلَا ، وَعَنْهُ : أَجْبُنُ عَنْهُ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : إنْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْعَبْدِ وَقَعَ عَنْهُ وَعَتَقَ ، وَإِنْ لَمْ ، احْتَمَلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَقَعَ عَنْ الْوَكَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَنْهُ لَعَتَقَ ، وَالسَّيِّدُ لَمْ يَرْضَ بِالْعِتْقِ

( مَسْأَلَةٌ 23 - 25 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتَنِي مِائَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَا يُعْتَقُ بِإِبْرَاءِ بَلْ يَدْفَعُهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَمَا فَضَلَ عَنْهَا لِسَيِّدِهِ ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مِلْكِهِ ، إذْ لَا مِلْكَ لَهُ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ : إنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَأَتَتْ بِمِائَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَفِي وُقُوعِهِ احْتِمَالَانِ ، فِي التَّرْغِيبِ ، وَالْعِتْقُ مِثْلُهُ ، وَأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْفَاسِدَةِ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ .
مَسْأَلَةٌ 23 ) الطَّلَاقُ ، ( وَمَسْأَلَةٌ 24 ) التَّعْلِيقُ فِي الْفَاسِدَةِ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ الْعِتْقِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِعْطَائِهِ مَغْصُوبًا ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُعَلِّقِ تَمَلُّكُ الْمِائَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

مَنْ قَالَ : مَمَالِيكِي أَوْ رَقِيقِي أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ ، شَمِلَ مُكَاتَبِيهِ وَمُدَبَّرِيهِ وَأُمَّ وَلَدِهِ ، وَكَذَا أَشْقَاصُهُ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا : بِنِيَّةٍ ، كَشِقْصٍ فَقَطْ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَعَبْدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ ، ( هـ ) مَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ أَوْ وُجُودِ دَيْنٍ ، وَإِنْ عَلَّقَ بِشَرْطٍ قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ فَسَوَاءٌ إنْ صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالْمِلْكِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ ، وَإِنْ قَالَ : عَبْدِي أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ ، وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا ، شَمِلَ الْكُلَّ لَا أَحَدَهُمْ بِقُرْعَةٍ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَالْمُرَادُ إنْ كَانَ عَبْدًا مُفْرَدًا لِذَكَرٍ وَأُنْثَى ، وَإِنْ كَانَ لِذَكَرٍ فَقَطْ لَمْ يَشْمَلْ أُنْثَى إلَّا إنْ اجْتَمَعَا تَغْلِيبًا ، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ لِخَدَمٍ لَهُ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ : أَنْتُمْ أَحْرَارٌ ، وَكَانَتْ مَعَهُمْ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا : إنَّهَا تُعْتَقُ ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ : وَكَذَا إنْ قَالَ : كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَإِنْ قَالَ : أَحَدُ عَبْدَيَّ أَوْ عَبِيدِي أَوْ بَعْضُهُمْ حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِهِ أَوْ عَيَّنَهُ وَنَسِيَهُ أَوْ [ أَدَّى ] أَحَدُ مُكَاتَبِيهِ وَجُهِلَ ، أَقْرَعَ أَوْ وَارِثُهُ وَعَتَقَ وَاحِدٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ بَانَ لِنَاسٍ أَنَّ عَتِيقَهُ أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ ، وَيَبْطُلُ عِتْقُ الْآخَرِ ، وَقِيلَ : لَا ، كَالْقُرْعَةِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ ، وَإِنْ قَالَ : أَعْتَقْت هَذَا ، لَا بَلْ هَذَا ، عَتَقَا ، وَكَذَا إقْرَارُ وَارِثٍ ، وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِشَرْطٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَهُ قَبْلَهُ عَتَقَ الْبَاقِي ، كَقَوْلِهِ لَهُ وَلِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِبَهِيمَةٍ : أَحَدُهُمَا حُرٌّ ، عَتَقَ وَحْدَهُ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ : يُقْرَعُ ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلٌّ لِلْعِتْقِ وَقْتَ قَوْلِهِ ، وَكَذَا الطَّلَاقُ .

( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَمَنْ قَالَ مَمَالِيكِي أَوْ رَقِيقِي أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ شَمِلَ مُكَاتَبُوهُ وَمُدَبَّرُوهُ .
انْتَهَى .
كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَصَوَابُهُ مُكَاتَبِيهِ وَمُدَبَّرِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ .

وَإِنْ قَالَ : إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرٌ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ ، وَقَالَ آخَرُ : إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَبْدِي حُرٌّ ، وَلَمْ يَعْلَمَاهُ ، فَلَا عِتْقَ ، فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ فَقِيلَ : يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ ، وَقِيلَ : يُعْتَقُ الْمُشْتَرَى ، وَقِيلَ : إنْ تَكَاذَبَا ( م 26 ) وَفِي نَظِيرَتِهَا فِي النِّكَاحِ أَحْكَامُ الطَّلَاقِ بَاقِيَةٌ ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ إلَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، نَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلْيَتَّقِيَا الشُّبْهَةَ وَفِي الْمُنْتَخَبِ : إمْسَاكُهُ عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي الْعَبِيدِ كَوَطْئِهِ وَلَا حِنْثَ ، وَاخْتَارَ أَبُو الْفَرَجِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَشَيْخُنَا : بَلَى ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ، فَيُقْرَعُ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي الْمَنْصُوصَ ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي الْعِتْقِ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .

مَسْأَلَةٌ 26 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَبْدِي حُرٌّ ، وَلَمْ يَعْلَمَاهُ ، فَلَا عِتْقَ ، فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ فَقِيلَ : يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ ، وَقِيلَ : يُعْتَقُ الْمُشْتَرَى ، وَقِيلَ : إنْ تَكَاذَبَا .
انْتَهَى .
( أَحَدُهَا ) يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ : هَذَا أَصَحُّ ، وَقَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ أَيْضًا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يَتَكَاذَبَا .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يُعْتَقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، ذَكَرَاهُ فِي مِيرَاثِ الْوَلَاءِ وَجَرَّهُ وَدَوَّرَهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
( وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ ) يُعْتَقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ إنْ تَكَاذَبَا ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : إنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ فَقِيلَ : يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَقِيلَ : إنَّمَا يُعْتَقُ إذَا تَكَاذَبَا ، وَإِلَّا يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ .
انْتَهَى .
وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَالصَّوَابُ عِتْقُ الْمُشْتَرَى إنْ تَكَاذَبَا ، فَهَذِهِ سِتٌّ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .

بَابُ التَّدْبِيرِ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ ، وَيَصِحُّ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : مِنْ كُلِّهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ عِتْقٌ ، وَعَنْهُ : فِي الصِّحَّةِ مُطْلَقًا ، نَحْوُ : إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ .
وَمُقَيَّدًا ، نَحْوُ : إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ عَامِي هَذَا أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَإِنْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا : إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلْحُرِّيَّةِ بِمَوْتِهِمَا جَمِيعًا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ ، وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ ، وَلَا يَبِيعُ وَارِثُهُ حَقَّهُ .
وَقَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ : إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُهُ حُرٌّ ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ آخِرِهِمَا مَوْتًا فَإِنْ جَازَ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا ، وَإِلَّا عَتَقَ نَصِيبُ الْآخَرِ مِنْهُمَا بِالتَّدْبِيرِ ، وَفِي سِرَايَتِهِ إنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُهُ الرِّوَايَتَانِ .
وَصَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ كَالْعِتْقِ ، وَلَفْظُهُ صَرِيحٌ ، وَيَبْطُلُ هُوَ وَعِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ بِمَوْتِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ ، نَحْوُ : إنْ خَدَمْتنِي سَنَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَيَمُوتُ السَّيِّدُ قَبْلَ مُضِيِّهَا ، وَإِنْ قَالَ : إنْ شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ، فَشَاءَ حَيَاةَ سَيِّدِهِ فَقَطْ ، صَارَ مُدَبَّرًا ، كَمَتَى شِئْت ، وَإِذَا شِئْت .
وَقِيلَ : يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي إذَا .
وَإِنْ قَالَ : أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ، أَوْ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ ، فَفِي صِحَّتِهِ وَعِتْقِهِ رِوَايَتَانِ ( م 1 و 2 ) وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَصِيَّةٍ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ .
فَإِنْ صَحَّ وَأُبْرِئَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَتَقَ مِنْ حِينِهِ ، وَقِيلَ : بَعْدَ سَنَةٍ .

بَابُ التَّدْبِيرِ ( مَسْأَلَةٌ 1 و 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ فَفِي صِحَّتِهِ وَعِتْقِهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ، فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ ، وَالنَّظْمِ فِي التَّدْبِيرِ ، وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ : بَنَى طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ هَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ؟ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ صَحَّ تَقْيِيدُهَا بِصِفَةٍ أُخْرَى تُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَإِنْ قُلْنَا عِتْقٌ بِصِفَةٍ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا لَوْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَأَنْتَ حُرٌّ ، لَمْ يُعْتَقْ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي إشَارَتِهِ .
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، وَذَكَرَ عِلَّتَهُ وَقَالَ : وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ هَذَا الْعَقْدَ تَدْبِيرًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفِي ذَلِكَ ، وَلَهُمْ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ أَرْبَعُ طُرُقٍ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) لَوْ قَالَ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ ،

وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَصِيَّةٍ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ .
انْتَهَى .
قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ ، فَكَذَا فِي هَذِهِ ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ وَصِيَّتِهِ لَهُ بِمُشَاعٍ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّوْجِيهِ .

فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِبِيعَةٍ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ فَفِي لُزُومِهِ الْقِيمَةَ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَإِنْ كَانَتْ لِابْنِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَكَبِرَ وَاسْتَغْنَى عَنْ رَضَاعٍ عَتَقَ ، وَقِيلَ : عَنْ إطْعَامِهِ وَتَنْجِيَتِهِ ، نَقَلَ مُهَنَّا : لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ ، قُلْت : حَتَّى يَحْتَلِمَ ؟ قَالَ : لَا دُونَ الِاحْتِلَامِ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِبِيعَةٍ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ فَفِي لُزُومِهِ الْقِيمَةَ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى فَمَنْ بَعْدَهُ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَلْزَمُهُ وَيُعْتَقُ مَجَّانًا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ ؛ لِتَعَذُّرِهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ .

وَالرِّوَايَتَانِ فِي : إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدِي فَأَنْتَ حُرٌّ ( م 4 ) وَعَلَى الصِّحَّةِ لَا يَمْلِكُ وَارِثُهُ بَيْعَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ ، كَالْمُوصَى بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبُ : يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِمَشِيئَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، فَمَا كَسَبَ قَبْلَهَا لِلْوَرَثَةِ ، وَلَا يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِرُجُوعِهِ فِيهِ ، وَإِبْطَالُهُ وَبَيْعُهُ ثُمَّ شِرَاؤُهُ كَعِتْقٍ مُعَلَّقٍ بِصِفَةٍ .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحُ : لَهُ فَسْخُهُ ، كَبَيْعِهِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي طَلَاقٍ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، كَوَصِيَّةٍ ، فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي حَمْلٍ لَمْ يُوجَدْ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَالرِّوَايَتَانِ فِي إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدِي فَأَنْتَ حُرٌّ .
انْتَهَى .
وَقَدْ عَلِمْت أَيْضًا الصَّحِيحَ مِنْهُمَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَإِنْ رَجَعَ فِي حَامِلٍ فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ ( م 5 ) لَا بَعْدَ وَضْعِهِ ، وَالرِّوَايَتَانِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِصَرِيحِ التَّعْلِيقِ أَوْ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ : لَا يَرْجِعُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 6 ) وَلَهُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ ، وَعَنْهُ : فِي الدَّيْنِ ، وَعَنْهُ : وَلِحَاجَةٍ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَعَنْهُ : لَا تُبَاعُ الْأَمَةُ .
وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ أَوْ دَبَّرَ الْحَمْلَ ثُمَّ بَاعَ أُمَّهُ فَكَاسْتِثْنَائِهِ فِي الْبَيْعِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : لَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي الدَّيْنِ ، وَفِي بَيْعِهَا فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَإِنْ دَبَّرَ مُوسِرٌ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ لَمْ يَسْرِ ، وَقِيلَ : يَصِيرُ مُدَبَّرًا ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرُ كَافِرٍ بِيعَ عَلَيْهِ إنْ أَبَى إزَالَةَ مِلْكِهِ عَنْهُ ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبُهُ وَعَجَزَ ، وَقِيلَ : لَا يَلْزَمُهُ إنْ اسْتَدَامَ تَدْبِيرُهُ ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا ، وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يُعْتَقَ بِمَوْتِهِ .
وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ الْقِنُّ فَحُكْمُهُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ : تَصِحُّ كِتَابَتُهُ وَتَكْفِي ، وَوَارِثُهُ مِثْلُهُ ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ فَكَالثَّانِي ، وَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ ، وَعَنْهُ : لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا ، وَعَنْهُ : تُسْتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا ثُمَّ تُعْتَقُ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا تُعْتَقُ بِإِسْلَامِهَا .
وَإِنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَهُ أَوْ دَبَّرَ مُكَاتَبَهُ فَأَدَّى عَتَقَ وَكَسْبُهُ لَهُ .
وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ عَتَقَ بِمَوْتِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ ، وَإِلَّا عَتَقَ بِقَدْرِهِ وَبَاقِيهِ مُكَاتَبٌ بِقِسْطِهِ ، وَكُلُّ كَسْبِهِ إذَا عَتَقَ أَوْ بِقَدْرِ عِتْقِهِ لِسَيِّدِهِ ، وَعَنْهُ : لَهُ ، كَلُبْسِهِ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : مَا لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِ ، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُدَبَّرُ أَنَّهُ كَسَبَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَمْكَنَ ، لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ وَلَدِهِ ، وَكَذَا إنْ أَوْلَدَ

أَمَتَهُ ثُمَّ كَاتَبَهَا أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ أَوْلَدَهَا ، لَكِنْ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْقِنَّ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَعْتَقَ مُكَاتَبَهُ فَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ ، وَعَنْهُ : لَهُ .

مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ رَجَعَ فِي حَامِلٍ فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ رُجُوعًا .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ ، وَقَالُوا بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ : بِنَاءً عَلَى مَا إذَا جَحَدَ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ جَحْدَ الْوَصِيَّةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا أَيْضًا ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَجَبٍ فِي فَوَائِدِ قَوَاعِدِهِ أَنَّ جُحُودَهُ لِلتَّدْبِيرِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا .
وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ .
انْتَهَى .
وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ رُجُوعًا بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فِي الْوَصِيَّةِ .
تَنْبِيهَانِ ) .
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ : وَلَهُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُوصِ بِهِ .
انْتَهَى .
هَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا إذْ لَا قَائِلَ بِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَلَعَلَّهُ " وَإِنْ لَمْ يَرْضَ " .
بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَبْلَ لَفْظَةِ " إنْ " وَبِرَاءٍ بَدَلَ الْوَاوِ فِي يُوصِ ، يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُدَبَّرُ بِالْبَيْعِ ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ ، وَقَالَ صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَلَهُ بَيْعُهُ لَا أَنْ يُوصِيَ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمُدَبَّرِ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا .
انْتَهَى .
وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا فَيُقَدَّرُ بِمَا يَصِحُّ الْكَلَامُ بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِي ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : وَعَنْهُ : فِي الدَّيْنِ ، وَعَنْهُ : وَلِحَاجَةٍ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ .
انْتَهَى .
إنَّمَا اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ رِوَايَةَ جَوَازِ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ ، فَقَالَ : وَلَهُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ ، وَلَا تُبَاعُ الْمُدَبَّرَةُ فِي

إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَالْأُخْرَى الْأَمَةُ كَالْعَبْدِ .
انْتَهَى .
فَحَصَلَ الْخَلَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) نِسْبَةُ الرِّوَايَةِ إلَى اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ ، وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا أَجَازَهُ فِي الدَّيْنِ ، وَالْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ الدَّيْنِ ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ رِوَايَتَيْنِ .
( وَالثَّانِي ) إطْلَاقُ الْبَيْعِ يَشْتَمِلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ، وَالْخِرَقِيُّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي الْأُنْثَى ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَعِتْقُهُ مُكَاتَبَهُ قِيلَ : إبْرَاءٌ مِمَّا بَقِيَ ، وَقِيلَ : فَسْخٌ ، كَعِتْقِهِ فِي كَفَّارَةٍ ( م 7 ) وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِالْإِيلَادِ ، وَقِيلَ : وَبِالْكِتَابَةِ إنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ ، وَإِنْ جَنَى بِيعَ ، وَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ تَدْبِيرُهُ ، وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ فَبَاقِيهِ مُدَبَّرٌ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ إنْ وَفَّى ثُلُثُهُ بِهَا ، وَإِنْ أَوْجَبْت الْقَوَدَ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ لَمْ يُعْتَقْ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَعِتْقُهُ مُكَاتَبَهُ قِيلَ : إبْرَاءٌ مِمَّا بَقِيَ ، وَقِيلَ : فَسْخٌ كَعِتْقِهِ فِي كَفَّارَةٍ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ الثَّانِي ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا : إذَا أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ بَرِئَ الرَّقِيقُ ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَلَتْ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهُ ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِهِ بَرِئَ مِنْهُ ، وَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ ، لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ كَالْأَدَاءِ .
انْتَهَى .
فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ مَعَ كَسْبِ عَبْدِهِ وَأَمَانَتِهِ ، وَأَسْقَطَهَا فِي الْوَاضِحِ وَالْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ ، وَعَنْهُ : وَاجِبَةٌ بِطَلَبِهِ بِقِيمَتِهِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَقَدَّمَ فِي الرَّوْضَةِ الْإِبَاحَةَ ، وَتَصِحُّ مِنْ جَائِزٍ بَيْعُهُ ، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ عَبْدِهِ حَتَّى الْمُمَيَّزِ .
وَفِي الْمُوجَزِ ، وَالتَّبْصِرَةِ : ابْنِ عَشْرٍ أَوْ شِرْكًا بِلَا إذْنٍ ، وَيَمْلِكُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ ، وَعَنْهُ : يَوْمًا وَيَوْمًا ، وَيَعْتِقُ طِفْلٌ وَمَجْنُونٌ بِأَدَاءٍ مُعَلَّقٍ صَرِيحٍ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 1 ) وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَبُولِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَإِذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ هُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ : يَشْتَرِطُ قَوْلَهُ : وَقِيلَ : أَوْ نِيَّتَهُ .
بَابُ الْكِتَابَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَيَعْتِقُ طِفْلٌ وَمَجْنُونٌ بِأَدَاءٍ مُعَلَّقٍ صَرِيحٍ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَعْتِقُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : الْمَذْهَبُ لَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ ، خِلَافًا لِمَا قَالَ الْقَاضِي .
انْتَهَى .
وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَعْتِقُ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الصِّفَةِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي .

، وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِعِوَضٍ مُبَاحٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مُنَجَّمٌ نَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ ، يُعْلَمُ لِكُلِّ نَجْمٍ قِسْطُهُ وَمُدَّتُهُ ، تَسَاوَتْ أَوْ لَا ، وَقِيلَ : وَنَجْمٌ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : وَعَبْدٌ مُطْلَقٌ كَمَهْرٍ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي تَوْقِيتِهَا بِسَاعَتَيْنِ أَمْ يُعْتَبَرُ مَا لَهُ وَقْعٌ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ ، فِيهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ ( م 2 ) وَفِي الْمُغْنِي : لَا تَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلَةٌ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، فَدَلَّ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا قُلْنَا لَا تَصِحُّ إلَّا مُنَجَّمَةً : " فِي تَوْقِيتِهَا بِسَاعَتَيْنِ أَمْ يُعْتَبَرُ مَا لَهُ وَقْعٌ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ ؟ " فِيهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةُ ، وَلَكِنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ ، لَكِنَّ السَّلَمَ أَضْيَقُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي التَّرْغِيبِ فِي كِتَابَةِ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ كِتَابَةً حَالَّةً وَجْهَانِ ، وَتَصِحُّ عَلَى مَالٍ قَدَّمَ ذَلِكَ أَوْ أَخَّرَهُ ، وَخِدْمَةٍ ، فَإِذَا أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ هُوَ أَوْ وَلِيُّ مَجْنُونٍ وَلَوْ مِنْ مَجْنُونٍ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَالْأَصَحُّ : أَوْ بَعْضُ وَرَثَتِهِ الْمُوسِرُ مِنْ حَقِّهِ لِإِسْقَاطِ كُلِّ حَقِّهِ عَتَقَ ، فَقِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ عَلَى قَاتِلِهِ وَعَنْهُ : يَعْتِقُ بِمِلْكِهِ وَفَاءَ فِدْيَتِهِ لِوَرَثَتِهِ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ انْفَسَخَتْ ، وَتَرِكَتُهُ لِسَيِّدِهِ ، وَعَنْهُ : لَا تَنْفَسِخُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ ، فَفِي كَوْنِهِ حَالًّا أَمْ عَلَى نُجُومِهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ انْفَسَخَتْ وَتَرِكَتُهُ لِسَيِّدِهِ ، وَعَنْهُ : لَا تَنْفَسِخُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ ، فَفِي كَوْنِهِ حَالًّا أَمْ عَلَى نُجُومِهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ إذَا مَاتَ ، عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ ، الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ ، وَالصَّحِيحُ هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّوَثُّقُ مِنْ الْوَرَثَةِ يَحِلُّ ، وَلَيْسَ هُنَا تَوَثُّقٌ فِي الظَّاهِرِ فَإِنْ وُجِدَ وَارِثٌ وَوُثِّقَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحِلَّ ، قِيَاسًا عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يَكُونُ حَالًّا .

وَفِي عِتْقِهِ بِالِاعْتِيَاضِ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَإِنْ بَانَ بِعِوَضٍ دَفَعَهُ عَيْبٌ فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ عِوَضُهُ بِرَدِّهِ وَلَمْ يَزُلْ عِتْقُهُ ، وَفِيهِ وَجْهٌ : كَبَيْعٍ ، وَلَوْ أَخَذَ سَيِّدُهُ حَقَّهُ ظَاهِرًا ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَعْتِقْ ، وَإِنْ ادَّعَى تَحْرِيمَهُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ ، وَإِلَّا حَلَفَ الْعَبْدُ ثُمَّ يَجِبُ أَخْذُهُ وَيَعْتِقُ بِهِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ إنْ أَضَافَهُ إلَى مَالِكٍ ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَفِي عِتْقِهِ بِالِاعْتِيَاضِ وَجْهَانِ [ انْتَهَى ] يَعْنِي إذَا أَعْطَاهُ مَكَانَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ شَيْئًا عِوَضًا عَنْهُ .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَعْتِقُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْمَعْنَى مَا فَسَّرْتُهَا بِهِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قَالَا : وَإِنْ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِثْلَ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ النُّقُودِ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ جَازَ ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ الدَّرَاهِمِ بِدَنَانِيرَ وَنَحْوِهِ ، لَمْ يَجُزْ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْمُصَالَحَةُ ؛ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ مِنْ شَرْطِهِ التَّأْجِيلُ فَلَمْ تَجُزْ الْمُصَالَحَةُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ ، فَهُوَ كَدَيْنِ السَّلَمِ ، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ : وَالْأَوْلَى مَا قُلْنَاهُ .
انْتَهَى .
وَفَرَّقَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ فَوَافَقَا مَا اخْتَرْنَاهُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي .

وَلَهُ قَبْضُهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَتَعْجِيزُهُ ، وَفِي تَعْجِيزِهِ قَبْلَ أَخْذِ ذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ، وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ السَّيِّدِ ( م 5 ) .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَلَهُ قَبْضُهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَتَعْجِيزُهُ ، وَفِي تَعْجِيزِهِ قَبْلَ أَخْذِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ [ وَجْهَانِ ] فِي التَّرْغِيبِ ، وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ السَّيِّدِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ دَيْنٌ وَقَدْ حَلَّ نَجْمٌ وَدَفَعَ الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ مَالًا ( قُلْت ) : الصَّوَابُ لَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ قَبْلَ الْأَخْذِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ دَيْنِهِ الْآخَرِ وَتَعْجِيزُهُ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي قَوْلِهِ " وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ السَّيِّدِ " نَظَرٌ ، إذْ قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ : لَوْ قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ كَانَ عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أَوْ الْمُبْرِئُ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي النِّيَّةِ ، بِلَا نِزَاعٍ ، فَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ ، لَا إلَى سَيِّدِهِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الصُّورَتَيْنِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مَا قُلْنَاهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفَائِدَتُهُ يَمِينُهُ عِنْدَ النِّزَاعِ ، وَيَمْلِكُ كَسْبَهُ وَنَفْعَهُ وَالْإِقْرَارَ وَكُلَّ تَصَرُّفٍ يُصْلِحُ مَالَهُ ، كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ ، وَيَتَعَلَّقُ دَيْنُهُ بِذِمَّتِهِ ، زَادَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ ، فَلَيْسَ مِنْ السَّيِّدِ غُرُورٌ ، بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ ، وَإِنْ حَبَسَهُ وَيَقْتَضِي كَلَامُ الشَّيْخِ : أَوْ مَنَعَهُ مُدَّةً فَفِي لُزُومِهِ أَجْرَهَا أَوْ إنْظَارِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَرْفَقِهِمَا بِمُكَاتَبِهِ أَوْجُهٌ ( م 6 ) .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ حَبَسَهُ وَيَقْتَضِي كَلَامُ الشَّيْخِ أَوْ مَنَعَهُ مُدَّةً فَفِي لُزُومِهِ أَجْرَهَا أَوْ إنْظَارِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَرْفَقِهِمَا بِمُكَاتَبِهِ أَوْجُهٌ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهَا فِي الْكَافِي وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ أَجْرُهَا ، جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ إنْظَارُهُ مِثْلَ الْمُدَّةِ ، وَلَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَبْسِهِ ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهَ الثَّالِثَ ) يَلْزَمُهُ أَرْفَقُ الْأَمْرَيْنِ بِالْمُكَاتَبِ مِنْ إنْظَارِهِ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .

وَلَهُ السَّفَرُ كَغَرِيمٍ وَأَخْذِ الصَّدَقَةِ ، وَيَصِحُّ شَرْطُ تَرْكِهِمَا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَالْعَقْدِ ، فَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ ، وَقِيلَ : لَا بِسَفَرٍ كَإِمْكَانِهِ رَدَّهُ ، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ نَوْعِ تِجَارَةٍ ، وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ التَّابِعِ لَهُ كَوَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزِهِ لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ ، وَلِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ ، وَفِيهِ مِنْ مُكَاتَبَةٍ لِسَيِّدِهِ احْتِمَالَانِ ( م 7 ) وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَلِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ ، وَفِيهِ مِنْ مُكَاتَبَةٍ لِسَيِّدِهِ احْتِمَالَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ مُكَاتَبَةٍ لِسَيِّدِهِ أَمْ النَّفَقَةُ عَلَى أُمِّهِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، أَحَدُهُمَا تَجِبُ عَلَى أُمِّهِ ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَنَفَقَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ عَلَيْهَا دُونَ أَبِيهِ الْمُكَاتَبِ ، وَكَذَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ .
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ؛ لِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) .
( الْأَوَّلُ ) قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِجَوَازِ نَفَقَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ : وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ ، وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا ، وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةِ سَيِّدِهِ بِلَا شَرْطٍ ، ثُمَّ قَالُوا : " وَيُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ التَّابِعِ لَهُ " فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَى غَيْرِ التَّابِعِ لَهُ ، وَهَذَا لَا يَتْبَعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَطَعَ بِالنَّفَقَةِ وَأَطْلَقَ ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا قُلْنَا يَتْبَعُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَيُكَفِّرُ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، كَتَبَرُّعٍ وَقَرْضٍ وَتَزَوُّجٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : لَهُ ذَلِكَ لَا لَهَا ، وَتَسَرٍّ ، وَعَنْهُ : الْمَنْعُ ، وَعَنْهُ : عَكْسُهُ ، وَكَذَا حَجُّهُ بِمَالِهِ مَا لَمْ يَحُلَّ نَجْمٌ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، وَقَالُوا : نَصَّ عَلَيْهِ .

( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَيُكَفِّرُ بِمَالِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَعَنْهُ : الْمَنْعُ ، وَعَنْهُ : عَكْسُهُ ، وَكَذَا حَجُّهُ بِمَالِهِ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، وَقَالُوا نَصَّ عَلَيْهِ .
انْتَهَى .
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَحُجُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ ، وَقَالَ فِي الِاعْتِكَافِ : وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ بِلَا إذْنٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ جَمَعَهُ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ ، أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقَالُوا : نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ ، وَعَنْهُ : الْمَنْعُ مُطْلَقًا .
انْتَهَى .
فَقَدَّمَ الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ، وَقَدَّمَ فِيمَا إذَا حَجَّ بِإِذْنِهِ الْجَوَازَ سَوَاءٌ حَلَّ نَجْمٌ أَوْ لَا .
وَقَالَ : أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا : نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ ، وَقَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ تَقْيِيدَهُ بِعَدَمِ حُلُولِ نَجْمٍ ، وَعَدَمِ حَجِّهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ، فَحَصَلَ الْخَلَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ .
أَحَدِهِمَا ) كَوْنُهُ قَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَقَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ خِلَافَهُ .
( الثَّانِي ) كَوْنُهُ قَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ تَقْيِيدَ الْجَوَازِ بِعَدَمِ حُلُولِ نَجْمٍ ، وَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ الْجَوَازَ مُطْلَقًا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ عِنْدِهِ : وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ ، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ جَوَازُ حَجِّهِ بِلَا إذْنٍ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ ، وَقَدْ حَرَّرْت ذَلِكَ فِي الْإِنْصَافِ فِي الِاعْتِكَافِ وَالْكِتَابَةِ .
( الثَّالِثُ ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا فِي قَوْلِهِ فِي التَّكْفِيرِ : " وَعَنْهُ : الْمَنْعُ " وَالنَّقْصُ لَفْظَةُ " مُطْلَقًا " وَتَقْدِيرُهُ : " وَعَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا " إذْ لَوْ لَمْ تَرِدْ هَذِهِ لَحَصَلَ التَّكْرَارُ أَوْ عَكْسُ الْمَنْعِ عَدَمُ الْمَنْعِ وَهُوَ الْجَوَازُ ، وَقَدْ قَدَّمَهُ أَوَّلًا ،

فَإِذَا زِدْنَا لَفْظَةَ " مُطْلَقًا " انْتَفَى التَّكْرَارُ ، وَتَكُونُ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا ، أَعْنِي سَوَاءٌ أَذِنَ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ إنْ شَرَطَ السَّيِّدُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِهِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَالْخُرُوجُ ، وَإِنْ شَرَطَ الْخِدْمَةَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ، نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : يَسْتَمْتِعُ بِجَارِيَتِهِ وَيَسْتَخْدِمُهَا وَيَتَصَرَّفُ بِمَشِيئَتِهِ إلَّا بِتَبَرُّعٍ .

وَفِي بَيْعِهِ نِسَاءً ، وَلَوْ بِرَهْنٍ وَهِبَتِهِ بِعِوَضٍ وَرَهْنِهِ وَمُضَارَبَتِهِ وَقَوَدِهِ مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِهِ وَحْدَهُ وَمُكَاتَبَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَعِتْقِهِ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوَدِهِ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى طَرْفِهِ بِلَا إذْنٍ وَجْهَانِ ( م 8 - 16 ) وَقِيلَ : يُزَوِّجُ أَمَةً .
وَلَهُ تَعْزِيرُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ زَوْجٍ ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، وَلِسَيِّدِهِ الْقَوَدُ مِنْهُ ، وَوَلَاءُ مَنْ يُعْتِقُهُ وَيُكَاتِبُهُ بِإِذْنٍ لِسَيِّدِهِ ، وَقِيلَ : لَهُ إنْ عَتَقَ ، وَلَهُ تَمَلُّكُ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ بِهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَكَسْبِهِمْ لَهُ ، وَلَا يَبِعْهُمْ ، فَإِنْ عَجَزَ رُقُّوا مَعَهُ ، وَإِنْ عَتَقَ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَلَوْ بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهِ إيَّاهُ عَتَقُوا ، لَا بِعِتْقِ السَّيِّدِ إيَّاهُمْ ، وَفِي شِرَائِهِمْ بِلَا إذْنِهِ وَجْهَانِ ( م 17 ) وَمِثْلُهُ الْفِدَاءُ ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ ، وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ يَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ ، وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالتَّرْغِيبِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَتَقُوا .

( مَسْأَلَةٌ 8 - 16 ) قَوْلُهُ : وَفِي بَيْعِهِ نَسَاءً وَلَوْ بِرَهْنٍ وَهِبَتِهِ بِعِوَضٍ وَرَهْنِهِ وَمُضَارَبَتِهِ وَقَوَدِهِ مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى عَبْدِهِ وَحْدَهُ وَمُكَاتَبَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَعِتْقِهِ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوَدِهِ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى طَرْفِهِ بِلَا إذْنٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلَ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 ) : هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ نَسَاءً بِرَهْنٍ وَبِغَيْرِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِلْقَاضِي مِنْ الْمُضَارِبِ ، وَقِيلَ : لَهُ ذَلِكَ بِرَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ ( قُلْت ) : وَهُوَ أَوْلَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 ) هَلْ لَهُ أَنْ يَهَبَ بِعِوَضٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ وَلَوْ بِثَوَابٍ مَجْهُولٍ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 10 ) : هَلْ لَهُ أَنْ يُرْهِنَ أَوْ يُضَارِبَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِمَا ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ

وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ ذَلِكَ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي الرَّهْنِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 11 ) : هَلْ لَهُ الْقَوَدُ مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى عَبْدِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّده ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الدِّرَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ ذَلِكَ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي .
( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 12 ) : هَلْ لَهُ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ كَالْحُرِّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ ( قُلْت ) : وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ : وَلِسَيِّدٍ مُكَلَّفٍ عَالِمٍ بِهِ ، وَالْأَصَحُّ حُرٌّ .
انْتَهَى .
فَصَحَّ اشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الرَّقِيقِ ، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا نَاقَضَ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَوَّلِ الْكِتَابِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ

ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) ، لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ ، وَرِوَايَةٌ فِي الْخُلَاصَةِ .
( الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ 13 ) : هَلْ لَهُ مُكَاتَبَةُ رَقِيقِهِ أَمْ لَا ؟ [ أَطْلَقَ ] الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) ، لَهُ ذَلِكَ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هُوَ مَوْقُوفٌ ، كَقَوْلِهِ فِي الْمُعْتَقِ الْمُنَجَّزِ .
( الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ 14 ) : هَلْ لَهُ تَزْوِيجُ رَقِيقِهِ أَمْ لَا : أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ ذَلِكَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقِيلَ : لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ دُونَ الْعَبْدِ ، حَكَاهُ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِمَا ، وَهُوَ قَوِيٌّ ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ 15 ) : هَلْ لَهُ عِتْقُ رَقِيقِهِ بِمَالٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ

وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ فِي الْكَافِي : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ الرَّقِيقَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ .
وَلَنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ عِتْقَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا بَطَلَ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّرِيفِ فِي خِلَافِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ 16 ) هَلْ يَسُوغُ لَهُ قَوَدُهُ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ بِلَا إذْنٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ [ لَهُ ] ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَلَا يَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ مِنْ عُضْوٍ وَقِيلَ : أَوْ جُرْحٍ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَكَذَا قَالَ فِي الْفَائِقِ ، قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ : هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ : وَفِيهِ نَظَرٌ .
انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ ذَلِكَ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا ، إذْ قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ : إنَّ الْعَبْدَ إذَا وَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ لَهُ طَلَبُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ ، فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى ، ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ : لَهُ هُنَاكَ طَلَبُهُ وَلَا يَقْتَصَّ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، أَوْ يُقَالُ أَيْضًا : الْمُكَاتَبُ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِهِ شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا ، فُرُوعِي طَلَبُهَا ، فَيَقْوَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ وَفِي شِرَائِهِمْ بِلَا إذْنِهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالرَّحِمِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي

وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا أَشْهَرُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَلَهُ شِرَاءُ ذِي رَحِمِهِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرُهُمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْخِرَقِيُّ ، قَالَهُ الْقَاضِي .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ .

يَصِحُّ شَرْطُ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمِلْكِ ، كَرَاهِنٍ يَطَأُ بِشَرْطٍ ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ ، وَعَنْهُ : لَا ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَمَتَى وَطِئَ بِلَا شَرْطٍ عُزِّرَ عَالِمٌ فَقَطْ ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُهَا ، كَأُجْرَةِ خِدْمَتِهَا ، وَقِيلَ : إنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا .

وَيَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَعَنْهُ : لَا ، وَعَنْهُ : بِأَكْثَرَ مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَمُشْتَرِيهِ [ يَقُومُ ] مَقَامَ مُكَاتَبِهِ .
وَفِي الْوَاضِحِ فِي مُدَبَّرٍ كَذَلِكَ ، كَعَبْدٍ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ ، فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ عَتَقَ دُونَ وَلَدِهِ ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ ، وَإِلَّا عَادَ قِنًّا ، وَجَهْلُ مُشْتَرِيهِ كِتَابَتِهِ كَعَيْبٍ .

وَإِنْ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْ الْمُكَاتَبَيْنِ الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ ، فَإِنْ جَهِلَ أَسْبَقُهُمَا بَطَلَا ، وَقِيلَ : أَبْطَلَا .

وَيَلْزَمُ سَيِّدَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ .

وَإِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ لَزِمَهُ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ، وَقِيلَ : يَتَحَاصَّانِ ، فَإِنْ أَدَّى مُبَادِرًا وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَتَقَ وَاسْتَقَرَّ الْفِدَاءُ ، وَالْفِدَاءُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ قَتَلَهُ وَكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ ، وَيَسْقُطُ فِي الْأَصَحِّ إنْ كَانَتْ عَلَى سَيِّدِهِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَإِنْ عَجَزَ وَجِنَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِهِ فَفَدَاهُ ، وَإِلَّا بِيعَ فِيهَا قِنًّا ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ : جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ بِفِدْيَةٍ إنْ شَاءَ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَبِهِ أَقُولُ ، وَيَجِبُ فِدَاءُ جِنَايَتِهِ مُطْلَقًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِهَا ، وَعَنْهُ : جِنَايَتُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ ، وَعَنْهُ : وَسَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ .

وَإِنْ عَجَزَ عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ ، فَيُقَدِّمُهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ ، فَلِهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ ، بِخِلَافِ الْأَرْشِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ ، وَعَنْهُ : تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَتَتَسَاوَى الْأَقْدَامُ وَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ ، وَيَشْتَرِكُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِهِ ؛ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ ، وَقِيلَ : يُقَدِّمُ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ ، وَلِغَيْرِ الْمَحْجُورِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَلْ يُقَدِّمُ دَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى السَّيِّدِ كَحَالِ الْحَيَاةِ أَمْ يَتَحَاصَّانِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَهَلْ يَضْرِبُ سَيِّدَهُ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ مَعَ غَرِيمٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَجَزَ عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ ، فَيُقَدِّمُهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ ، وَعَنْهُ : تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ، وَيَشْتَرِكُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِهِ .
لِفَوْتِ الرَّقَبَةِ ، وَقِيلَ : يُقَدِّمُ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ ، وَلِغَيْرِ الْمَحْجُورِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَلْ يُقَدَّمُ دَيْنُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى السَّيِّدِ كَحَالِ الْحَيَاةِ أَمْ يَتَحَاصَّانِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَهَلْ يَضْرِبُ سَيِّدُهُ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ مَعَ غَرِيمٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْجَمَاعَةُ طَرِيقَةٌ فِي الْمُذْهَبِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ .

وَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ إنْ أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ يُحْتَسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ وَيَعْتِقُ ، وَلَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا إلَّا السَّيِّدُ بِعَجْزِ الْعَبْدِ ، بِأَنْ يَحُلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُؤَدِّهِ ، وَعَنْهُ : لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَحُلَّ نَجْمَانِ ، وَعَنْهُ : لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَقُولَ قَدْ عَجَزْتُ .
.

وَفِي أَسِيرٍ كَافِرٍ وَاحْتِسَابِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْمُدَّةِ عِنْدَ الْكَافِرِ وَجْهَانِ ( م 18 - 19 ) .

مَسْأَلَةٌ 18 - 19 ) قَوْلُهُ : وَفِي أَسِيرٍ كَافِرٍ وَاحْتِسَابِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْمُدَّةِ عِنْدَ الْكَافِرِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) قَوْلُهُ : وَفِي أَسِيرٍ كَافِرٍ ، يَعْنِي إذَا أَسَرَ الْمُكَاتَبُ كَافِرًا وَحَلَّ عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ مَا يَقْتَضِي تَعْجِيزَهُ لَوْ كَانَ مُطْلَقًا فَهَلْ يَمْلِكُ سَيِّدُهُ تَعْجِيزَهُ وَفَسْخًا ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَمْلِكُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ .
( تَنْبِيهٌ ) .
لَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذِهِ ، فَإِنْ قُلْنَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ لَهُ تَعْجِيزُهُ ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْجِيزُهُ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هِيَ الْآتِيَةُ بِعَيْنِهَا وَفَائِدَتُهَا مَا قُلْنَا ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا الْأَكْثَرُ ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الثَّانِيَةَ ، وَلَعَلَّهُ رَأَى هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي كِتَابٍ وَتِلْكَ فِي آخَرَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مَبْنِيًّا عَلَى الرَّاوِيَةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي تَعْجِيزِهِ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ حَتَّى يَقُولَ قَدْ عَجَزْتُ ، فَلَوْ كَانَ أَسِيرًا فَهَلْ يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَمْ لَا ؟ وَقَالَ شَيْخُنَا : مَعْنَاهُ إذَا أَسَرَهُ كَافِرٌ وَعَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ بِسَبَبِ ذَلِكَ .
وَقَالَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ : إذَا قَامَ فِي أَسْرِ الْكَافِرِ مُدَّةً ثُمَّ أُطْلِقَ فَهَلْ يَحْتَسِبُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ ؛ لِأَجْلِ الْعَجْزِ أَمْ لَا عِبْرَةَ بِهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَقَالَهُ غَيْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَأَصْلَحَ بَعْضُهُمْ " أَسِيرَ " بِأَسْرٍ بِحَذْفِ الْيَاءِ ، وَقِيلَ : إنَّهُ وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ .
الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ 19 ) هَلْ يَحْتَسِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمُدَّةِ حَبْسِهِ عِنْدَ

الْكَافِرِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَحْتَسِبُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي فَقَالَ : وَإِنْ قَهَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَحَبَسُوهُ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ إنْظَارُهُ ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ .
انْتَهَى .

وَلَهُ الْفَسْخُ بِلَا حُكْمٍ ، كَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَيَلْزَمُهُ إنْظَارُهُ ثَلَاثَةً ، كَبَيْعِ عَرَضٍ ، وَمِثْلُهُ مَالٌ غَائِبٌ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَدَيْنُ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ وَمُودِعٍ ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ : لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِيفَاؤُهُ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي غَيْرِهِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ بَعْدَ حُلُولِ نَجْمٍ وَلَا قَبْلَهُ مَعَ قُدْرَةِ عَبْدٍ عَلَى الْأَدَاءِ ، كَبَيْعٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : إنْ غَابَ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَفْسَخْ ، وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْغَائِبُ ؛ لِيَأْمُرَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ يُثْبِتَ عَجْزَهُ فَحِينَئِذٍ يُفْسَخُ ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ : لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا ، كَمُرْتَهِنٍ ، وَكَاتِّفَاقِهِمَا ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ : لَا ؛ لِحَقِّ اللَّهِ ، وَيَمْلِكُ قَادِرٌ عَلَى كَسْبٍ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ ، فَإِنْ مَلَكَ وَفَاءً ، وَلَمْ يَعْتِقْ بِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ ؛ لِلْإِرْقَاقِ ، فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ ، فَلَا فَسْخَ لِسَيِّدٍ ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى حُرَّةٍ أَوْ صَبْرِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَعَنْهُ : يَمْلِكُهُ ، فَيَفْسَخُ السَّيِّدُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي فَسْخِهَا بِجُنُونِ مُكَاتَبٍ وَجْهَانِ .

وَمَنْ مَاتَ وَفِي وَرَثَتِهِ زَوْجَةٌ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ وَرِثَ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ، فَيُعَايَا بِهَا ، وَقِيلَ : حَتَّى يَعْجِزَ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ انْتِقَالَ مَا يُقَابِلُهُ إلَى الْوَرَثَةِ ، فَعَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ بِمُعَيَّنٍ وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ الِانْتِقَالَ ، فَلَا فَسْخَ ، وَعَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ ، وَيَلْزَمُهُ إذَا أَدَّى مُكَاتَبُهُ إيتَاءَهُ رُبُعَ كِتَابَتِهِ تَعْجِيلًا أَوْ وَضْعًا بِقَدْرِهِ ، وَيَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ قَبُولُ جِنْسِهَا ، وَقِيلَ : وَغَيْرُهُ ، وَقِيلَ : بَلْ مِنْهَا ، فَإِنْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَعَنْهُ : أَوْ أَكْثَرَ كِتَابَتِهِ وَعَجَزَ لَمْ يَعْتِقْ ، وَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ ، فِي أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي عِتْقِهِ بِالنِّقَاضِ رِوَايَتَانِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَجْزَ ، وَقَالَ : لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ النُّجُومِ أَوْ أَدَّاهُ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ مِثْلُ النُّجُومِ عَتَقَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : وَعَنْهُ : يَعْتِقُ بِمِلْكِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا إنْ لَزِمَ إيتَاءُ رُبُعٍ وَفِي الرَّوْضَةِ رِوَايَةٌ وَقَدَّمَهَا : لَا يَجِبُ إيتَاءُ الرُّبُعِ وَأَنَّ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ

إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ أَجَلِهِ قُبِلَ قَوْلُ السَّيِّدِ ، كَالْعَقْدِ وَقَدْرِ الْأَدَاءِ ، وَعَنْهُ : عَكْسُهُ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، كَعِتْقِهِ بِمَالٍ ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مِثْلُهَا ، وَعَنْهُ : يَتَحَالَفَانِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فَسَخَاهُ ، إلَّا مَعَ حُصُولِ الْعِتْقِ فَلَا يَرْتَفِعُ ، فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَدَّاهُ ، وَإِنْ قَالَ : قَبَضْتهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ زَيْدٌ ، عَتَقَ ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ ، وَلَوْ فِي مَرَضِهِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَفِي التَّرْغِيبِ الثَّانِيَةُ .

وَإِنْ كَاتَبَ عَبِيدَهُ صَفْقَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ ، بِخِلَافِ قَوْلِ ثَلَاثَةٍ لِبَائِعٍ : اشْتَرَيْت أَنَا زَيْدًا وَهَذَا عَمْرًا وَهَذَا بِكْرًا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، وَقَسَّمَ بَيْنَهُمْ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمْ يَوْمَ الْعَقْدِ ، وَأَيُّهُمْ أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ ، وَقِيلَ : بِعَدَدِهِمْ ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يُؤَدُّوا الْكُلَّ ، وَإِذَا أَدَّوْا وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَدَاءَ الْوَاجِبِ قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إذَا كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَمْ عُدَّتِهِمْ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ فَقَدْ دَخَلُوا فِي الْكِتَابَةِ أَيْضًا ، وَمَنْ قَبِلَ كِتَابَةً عَنْ نَفْسِهِ وَغَائِبٍ صَحَّ ، كَتَدْبِيرٍ ، فَإِنْ أَجَازَ الْغَائِبُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْكُلُّ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَيَتَوَجَّهُ كَفُضُولِيٍّ وَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ، وَلَهُمَا كِتَابَةُ عَبْدِهِمَا عَلَى تَسَاوٍ وَتَفَاضُلٍ ، وَلَا يُؤَدِّ إلَيْهِمَا إلَّا بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا ، فَإِنْ خَصَّ أَحَدَهُمَا بِالْأَدَاءِ لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبَهُ ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَوْ بِإِذْنٍ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّتِهِ [ قَالَ الْقَاضِي عَنْ الْأَوَّلِ : وَطَرْدُهُ دَيْنٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يَقْبِضَ نَصِيبَهُ أَنَّ مَا قَبَضَهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَسْأَلَتِنَا ] وَإِذَا كَاتَبَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا فَادَّعَى الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ فَأَنْكَرَهُ أَحَدُهُمْ شَارَكَهُمَا فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ ، [ وَنَصُّهُ : ] تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ .
وَفِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالرَّوْضَةِ ، وَمَتَى حَرُمَ الْعِوَضُ أَوْ جُهِلَ أَوْ شُرِطَ مَا يُنَافِيهَا وَفَسَدَتْ بِفَسَادِ الشَّرْطِ فِي وَجْهٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا ، وَلَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ بَلْ بِالْأَدَاءِ ، وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ إنْ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ .

وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ وَيَتْبَعُ الْوَلَدُ وَالْكَسْبُ فِيهَا وَيَجِبُ الْإِيتَاءُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 20 - 24 ) وَكَذَا جَعْلُ مَنْ أَوْلَدَهَا أُمَّ وَلَدِهِ ( م 25 ) وَفِيهِ وَجْهٌ فِي الصِّحَّةِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَعَنْهُ : بُطْلَانُهَا بِعِوَضٍ مُحَرَّمٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ

مَسْأَلَةٌ 20 - 24 ) قَوْلُهُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ : وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ وَيَتْبَعُ الْوَلَدُ وَالْكَسْبُ فِيهَا وَيَجِبُ الْإِيتَاءُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
فِيهِ مَسَائِلُ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 20 ) هَلْ تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَنْفَسِخُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَنْفَسِخُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 21 ) هَلْ تَنْفَسِخُ بِالْجُنُونِ وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَنْفَسِخُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَنْفَسِخُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي : وَهُوَ الْأَوْلَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 22 ) هَلْ يَتْبَعُ الْوَلَدُ فِيهَا كَالصَّحِيحَةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا ) لَا يَتْبَعُهَا ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ

رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : هَذَا أَقْيَسُ وَأَصَحُّ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَتْبَعُهَا ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْعِشْرِينَ : إنْ قُلْنَا هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا تَبِعَهَا ، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ كَسْبٌ فَوَجْهَانِ ، بِنَاءً عَلَى سَلَامَةِ الْأَكْسَابِ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 23 ) هَلْ يَتْبَعُ الْكَسْبُ فِيهَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) مَا فَضَلَ عَنْ الْأَدَاءِ فِيهَا لِسَيِّدِهِ فَلَا يَتْبَعُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) مَا فَضَلَ يَكُونُ لِلْمُكَاتَبِ ، قَالَ الْقَاضِي : مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَمَا يَلْبَسُهُ وَمَا يَفْضُلُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَهُوَ لَهُ .
انْتَهَى .
وَكَلَامُهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي كَالْمُتَنَاقِضِ ، فَإِنَّهُمَا قَطَعَا بِأَنَّ لِسَيِّدِهِ أَخْذَ مَا مَعَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَمَا فَضَلَ بَعْدَهُ ، وَقَالَا قَبْلَ ذَلِكَ : وَفِي تَبَعِيَّةِ الْكَسْبِ وَجْهَانِ ، وَلَعَلَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 24 ) هَلْ يَجِبُ الْإِيتَاءُ فِيهَا كَالصَّحِيحَةِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجِبُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ .
( مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ : وَكَذَا جَعْلُ مَنْ أَوْلَدَهَا أُمَّ

وَلَدِهِ ، يَعْنِي جَعْلَ مَنْ أَوْلَدَهَا الْمُكَاتَبُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَقُلْنَا فِي الصَّحِيحَةِ : إنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ، فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْفَاسِدَةِ ؟ .
[ ( أَحَدُهُمَا ) تَصِيرُ ] أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ كَالصَّحِيحَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَصِيرُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي جَعْلِ مَنْ أَوْلَدَهَا الْمُكَاتَبُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أُمَّ وَلَدٍ ، فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .

إذَا أَوْلَدَ حُرٌّ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمَتَهُ ، وَعَنْهُ : أَوْ أَمَةَ غَيْرِهِ ، بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ .
وَفِي الْمُغْنِي : لَا بِزِنًا ، ثُمَّ مَلَكَهَا ، وَعَنْهُ حَامِلًا ، وَعَنْهُ : وَوَطِئَهَا حَالَ حَمْلِهَا ، وَقِيلَ عَنْهُ : فِي ابْتِدَاءٍ أَوْ وَسَطٍ ، فَوَضَعَتْ مَا يَصِيرُ بِهِ نَفْسًا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَأَبُو الْحَارِثِ : يُغَسَّلُ السِّقْطُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ : فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ يَوْمٍ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ إذَا دَخَلَ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ ، وَقَدَّمَ فِي الْإِيضَاحِ : سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، وَجَزَمَ فِي الْمُبْهِجِ : مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ خَلْقُ آدَمِيٍّ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ : إنْ لَمْ تَضَعْ وَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا فِي بَطْنِهَا عَتَقَتْ ، وَأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ ؛ لِمَا فِي بَطْنِهَا ، حَتَّى يُعْلَمَ ، وَتُعْتَقُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَابْنُ أَبِي حَرْبٍ فِيمَنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ : لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ .
وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُنْتَخَبِ : أَنَّ هَذِهِ أَصْلٌ لِمُحَرَّمَةٍ لِاخْتِلَافِ دِينٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ .

وَفِي إثْمِ وَاطِئِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ جَهْلًا وَجْهَانِ ( م 1 ) .
( بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ) ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي إثْمِ وَاطِئِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ جَهْلًا وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا إثْمَ عَلَيْهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الْحَقُّ ، وَكَيْفَ يُؤْثَمُ الْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ ، وَاَللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُؤْثِمَهُ مَعَ جَهْلِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَأْثَمُ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ ، وَلَعَلَّ وَجْهَ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ فَرَّطَ فِي عَدَمِ السُّؤَالِ وَالْعِلْمِ بِذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، لَا فِي بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ بِهَا وَعَنْهُ : يُحَدُّ قَاذِفُهَا ، وَعَنْهُ : إنْ كَانَ لَهَا ابْنٌ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَهُ ، كَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ بَيْعُهَا ، فَقِيلَ : لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ ( م 2 ) وَهَلْ هَذَا الْخِلَافُ شُبْهَةٌ ؟ فِيهِ نِزَاعٌ ، وَالْأَقْوَى شُبْهَةٌ ، قَالَهُ شَيْخُنَا : وَأَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ لَوْ وَطِئَ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ هَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ أَوْ يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ ؟ أَمَّا التَّعْزِيرُ فَوَاجِبٌ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ : يَجُوزُ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ ، وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ لَا يَرْفَعُهُ وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَابْنُ بَطَّالٍ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَكُلَّمَا حَنِثَ فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْفِدَاءِ أَوْ دُونَهَا ، وَعَنْهُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ ، كَقِنٍّ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا إنْ تَكَرَّرَتْ بَعْدَ الْفِدَاءِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهَا ، قَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَتُعْتَقُ بِقَتْلِهَا سَيِّدِهَا ، وَلِوَلِيِّهِ الْقَوَدُ ، وَيَلْزَمُهَا مَعَ اخْتِيَارِ الْمَالِ وَالْقَتْلِ خَطَأً الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دِيَتِهِ ، وَعَنْهُ : قِيمَتُهَا ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : فِي قَتْلِ الْخَطَإِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ؛ لِأَنَّ عِنْدَ آخَرِ جُزْءٍ مَاتَ مِنْ الْمَقْتُولِ عَتَقَتْ وَوَجَبَ الضَّمَانُ .

مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَعَنْهُ : يُكْرَهُ بَيْعُهَا ، فَقِيلَ : لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ : فَتُعْتَقُ بِوَفَاةِ سَيِّدِهَا مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ ، وَبَعْضُهَا مَعَ عَدَمِ سَعَتِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَكَسَائِرِ رَقِيقِهِ .
انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ : إذَا أَوْلَدَهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ ، إلَّا أَنْ نَقُولَ : لَهُ بَيْعُهَا ، فَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : إذَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ ، عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ ، وَقِيلَ : إنْ جَازَ بَيْعُهَا لَمْ تُعْتَقْ ، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّهَا تُعْتَقُ ، وَلَوْ قُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَاوِي ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْمُصَنِّفُ إلَّا قَوْلًا وَاحِدًا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ .

وَمَنْ وَطِئَ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ أُدِّبَ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَيَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ ، وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ مَهْرِهَا لِشَرِيكِهِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ : إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَقَدْ نَقَصَ مِنْهَا ، فَعَلَيْهِ الْعَقْدُ ، وَالثَّيِّبُ لَمْ تُنْقَصُ ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ ، وَإِنْ أَحْبَلَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ ، وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا ، وَعَنْهُ : وَنِصْفُ مَهْرِهَا ، وَعَنْهُ : [ وَ ] قِيمَةُ الْوَلَدِ ، ثُمَّ إنْ وَطِئَ شَرِيكُهُ فَأَحْبَلَهَا لَزِمَهُ مَهْرُهَا ، وَإِنْ جَهِلَ إيلَادَ الْأَوَّلِ أَوْ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَهُ فَوَلَدُهُ حُرٌّ ، وَيَفْدِيهِمْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ ، وَإِلَّا فَهُمْ رَقِيقٌ ، وَقِيلَ : إنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ اسْتِيلَادُهُ ، وَهَلْ وَلَدُهُ حُرٌّ أَوْ نِصْفُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا ، مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، مَضْمُونًا ، وَقِيلَ : مَجَّانًا .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : فِيمَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَأَوْلَدَهَا : وَقِيلَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسِرْ اسْتِيلَادُهُ ، وَهَلْ وَلَدُهُ حُرٌّ أَوْ نِصْفُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرٌّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، ثُمَّ وَجَدْت الزَّرْكَشِيّ قَالَ ذَلِكَ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَهَذَا أَصَحُّ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) نِصْفُهُ حُرٌّ لَا غَيْرُ ، يَعْنِي إذَا كَانَ الْوَاطِئُ لَهُ نِصْفُهَا .

وَإِنْ كَاتَبَا أَمَتَهُمَا ، ثُمَّ وَطِئَاهَا فَلَهَا الْمَهْرُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٌ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ نِصْفُهَا مُكَاتَبًا ، وَلَهَا الْمَهْرُ ، وَفِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ رِوَايَتَانِ ( م 4 ) وَقِيلَ : لِشَرِيكِهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا قِنًّا وَنِصْفُ مَهْرِهَا ، وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَنِصْفُهَا مُكَاتَبٌ .
وَقَالَ الْقَاضِي : لَا يَسْرِي اسْتِيلَادُ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ فَيَقُومُ عَلَى الْمُوسِرِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَأُلْحِقَ بِهِمَا فَأُمُّ وَلَدٍ لَهُمَا وَكِتَابَتُهَا بِحَالِهَا .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَاتَبَا أَمَتَهُمَا فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَةٌ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ نِصْفُهَا مُكَاتَبًا ، وَلَهَا الْمَهْرُ ، وَفِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ فِي الْمُذْهَبِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَغْرَمُ شَيْئًا ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَقَالَ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، كَذَا قَالَ ، وَقِيلَ : إنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ .

وَإِنْ وَطِئَ حُرٌّ أَوْ وَالِدُهُ أَمَةً لِأَهْلِ غَنِيمَةٍ هُوَ مِنْهُمْ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ فَالْمَهْرُ ؛ فَإِنْ أَحَبْلَهَا فَأُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهُ حُرٌّ ، وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا ، وَعَنْهُ : وَمَهْرُهَا ، وَعَنْهُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ ، وَكَذَا الْأَبُ يُوَلِّدُ جَارِيَةَ وَلَدِهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ هُنَا : لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ، وَيُعَزَّرُ فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ تَحْبَلْ ، وَعَنْهُ : يُحَدُّ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : مَا لَمْ يَنْوِ ، تَمَلُّكَهُ ، وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ وَطِئَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَفِي الْحَدِّ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَيُحَدُّ عَلَى الْأَصَحِّ بِوَطْئِهِ أَمَةَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ عَالِمًا تَحْرِيمَهُ ، وَلَا يَلْحَقُهُ وَلَدٌ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ : يَلْحَقُهُ .
مَسْأَلَةٌ 5 ) [ قَوْلُهُ ] : وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ وَطِئَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ ، فِي الْمَنْصُوصِ يَعْنِي إذَا أَوْلَدَ أَمَةَ ابْنِهِ بَعْدَ وَطْءِ ابْنِهِ وَفِي الْحَدِّ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْهِبَةِ وَقَالَ : يُحَدُّ وَاطِئُ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ، وَقَدَّمَ فِيهِ أَنَّهُ يُحَدُّ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا حَدَّ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ ، نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا حَيْثُ قَالُوا لَا حَدَّ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الِابْنُ ، يَطَأُهَا أَمْ لَا ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَصَاحِب الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) عَلَيْهِ الْحَدُّ ، قَالَ الْمُسْتَوْعِبُ : حُكْمُهُ حُكْمُ وَاطِئِ أَمَةِ ابْنِهِ وَلَمْ يَنْوِ تَمَلُّكَهَا بِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ابْنُهُ وَطِئَهَا ، وَقِيلَ : أَوْ كَانَ عُزِّرَ ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَطِئَهَا حُدَّ الْأَبُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ .
انْتَهَى .

وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ : إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَعْمَلُ بِهِ فَاشْتَرَى بِهِ أَمَةً فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَوْلَدَهَا مَضَى عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ .

وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ حَرُمَ بَيْعُ الْوَلَدِ وَيُعْتِقُهُ ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ : يَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ، قَالَ شَيْخُنَا : يُسْتَحَبُّ ، وَفِي وُجُوبِهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَب أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ أَيْضًا : يَعْتِقُ وَأَنَّهُ يَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ ، وَهُوَ يَسْرِي كَالْعِتْقِ ، وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : { إذَا تَزَوَّجَ بِكْرًا فَدَخَلَ بِهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْهَا وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَك فَإِذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدُوهَا وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا حَدَّ لَعَلَّهَا اُسْتُكْرِهَتْ } حَدِيثُ أَبِي مُوسَى ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ : [ بَابُ ] الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَجِدُهَا حُبْلَى : حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْمَعْنِيِّ قَالُوا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ { عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ - قَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ : مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْأَنْصَارِ ، ثُمَّ اتَّفَقُوا - يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ ، قَالَ : تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَك فَإِذَا وَلَدَتْ ، قَالَ الْحَسَنُ : فَاجْلِدْهَا ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ .
فَاجْلِدُوهَا ، أَوْ قَالَ : فَحُدُّوهَا } قَالَ أَبُو دَاوُد : رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَرْسَلُوهُ .
[ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
] وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ

أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ بَصْرَةَ بْنَ أَكْثَمَ نَكَحَ امْرَأَةً ، وَكُلُّهُمْ قَالَ فِي حَدِيثِهِ : جَعَلَ الْوَلَدَ عَبْدًا لَهُ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ نَكَحَ امْرَأَةً ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ ، وَزَادَ : وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ أَتَمُّ .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهِ ، وَهُوَ مُرْسَلٌ ، كَذَا قَالَ .
وَفِي الْهُدَى : قِيلَ : لَمَّا كَانَ وَلَدَ زِنًا وَقَدْ غَرَّتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَغَرِمَ صَدَاقَهَا أَخْدَمَهُ وَلَدَهَا وَجَعَلَهُ لَهُ كَالْعَبْدِ ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَقَّهُ عُقُوبَةً لِأُمِّهِ عَلَى زِنَاهَا وَغُرُورِهَا ، وَيَكُونُ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ وَبِذَلِكَ الْعَهْدِ ] وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ ، وَقِيلَ : كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ يُسْتَرَقُّ الْحُرُّ فِي الدِّينِ .
انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَقِيلَ : بَصْرَةُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا يَصِحُّ فِي تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَامِلِ خَبَرٌ غَيْرُ خَبَرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ .

وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَلَمْ يَقُلْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَمَاتَ فَقِيلَ : تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ، وَقِيلَ : لَا ( م 6 ) فَعَلَيْهِ الْوَلَاءُ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ ، وَمَنْ قَالَ يَدُكٍ أُمُّ وَلَدِي ، أَوْ لِوَلَدِهَا : يَدُك ابْنِي ، صَحَّ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي طَلَاقِ جُزْءٍ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ]
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يَقُلْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَمَاتَ ، فَقِيلَ : تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ، وَقِيلَ : لَا .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ هُنَا ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى .
وَغَيْرِهِمْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ : ( أَحَدُهُمَا ) تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى آخِرَ الْبَابِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ .
فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

كِتَابُ النِّكَاحِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ ، جَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ ، فِي الْوَطْءِ ، وَالْأَشْهَرُ مُشْتَرَكٌ ، وَقِيلَ : حَقِيقَةٌ فِيهِمَا .
وَقَالَ شَيْخُنَا : فِي الْإِثْبَاتِ لَهُمَا ، وَفِي النَّهْيِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ نُهِيَ عَنْ بَعْضِهِ ، وَالْأَمْرُ بِهِ أَمْرٌ بِكُلِّهِ ، فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْكَلَامِ .
وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ ، كَالْإِجَارَةِ ، لَا فِي حُكْمِ الْعَيْنِ .
( هـ ) وَفِيهَا قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ : مَا ذَكَرُوهُ مِنْ مَالِيَّةِ الْأَعْيَانِ وَدَعْوَاهُمْ أَنَّ الْأَعْيَانَ مَمْلُوكَةٌ ؛ لِأَجْلِهَا يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لِلَّهِ ، وَإِنَّمَا تُمْلَكُ التَّصَرُّفَاتُ ، وَلَوْ سَلِمَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ فَلِمِلْكِهِ إتْلَافُهَا ، وَلَا ضَمَانَ ، بِخِلَافِ مِلْكِ النِّكَاحِ .
يَلْزَمُ مَنْ خَافَ الزِّنَا .
وَيَتَوَجَّهُ : مَنْ عَلِمَ وُقُوعَهُ بِتَرْكِهِ ، وَعَنْهُ : وَذَا الشَّهْوَةِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى .
وَالْمَنْصُوصُ : حَتَّى لِفَقِيرٍ .
وَجَزَمَ فِي النَّظْمِ : لَا يَتَزَوَّجُ فَقِيرٌ إلَّا ضَرُورَةً ، وَكَذَا قَيَّدَهَا ابْنُ رَزِينٍ بِالْمُوسِرِ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ : يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : فِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ ، وَلَا يَكْتَفِي بِمَرَّةٍ .
وَفِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ : بَلَى لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ : الْمُتَبَتِّلُ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، قَالَ : عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِهِ ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِعَقْدٍ اسْتِغْنَاءٌ بِالْبَاعِثِ الطَّبِيعِيِّ ، بِخِلَافِ أَكْلِ مُضْطَرٍّ .
وَجْهَانِ فِي الْوَاضِحِ ( م 1 ) ، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ : وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَسَرٍّ وَجْهَانِ ( م 2 ) قَالَ أَحْمَدُ : إنْ خَافَ الْعَنَتَ أَمَرْتُهُ يَتَزَوَّجُ ، وَإِنْ أَمَرَهُ وَالِدَاهُ

أَمَرْتُهُ يَتَزَوَّجُ ، وَاَلَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ أَبَدًا إنْ أَمَرَهُ أَبُوهُ تَزَوَّجَ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَلَيْسَ لَهُمَا إلْزَامُهُ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُهَا ، وَفِي اسْتِحْبَابِهِ لِغَيْرِهِمَا رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَقِيلَ : يُكْرَهُ ، وَحُكِيَ عَنْهُ : يَلْزَمُ ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي التَّرْغِيبِ .

كِتَابُ النِّكَاح ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِعَقْدٍ اسْتِغْنَاءٌ بِالْبَاعِثِ الطَّبِيعِيِّ وَجْهَانِ فِي الْوَاضِحِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي يَقْتَضِي إيجَابُهُ شَرْعًا ، كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ تَمَلُّكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَتَنَاوُلُهُمَا ، قَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ : وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَالْوَاجِبُ هُوَ الْعَقْدُ ، وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِمْتَاعِ فَقَالَ الْقَاضِي : لَا يَجِبُ ، بَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِدَاعِيَةِ الْوَطْءِ ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْوَطْءَ فَإِنَّمَا هُوَ لِإِيفَاءِ حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا غَيْرُ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : إيجَابُ الْعَقْدِ فَقَطْ قَرِيبٌ مِنْ الْعَبَثِ ، بَلْ الْوَاجِبُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِمْتَاعُ فِي الْجُمْلَةِ ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ النِّكَاحِ ، لَا لِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ : وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَسَرٍّ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ ، ( قَالَ ) الزَّرْكَشِيّ : وَهَلْ يَنْدَفِعُ بِالتَّسَرِّي ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ : وَيُجْزِئُ عَنْهُ التَّسَرِّي ، فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ .
انْتَهَى .
وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ : فِيهِ احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : وَيَشْهَدُ لِسُقُوطِ النِّكَاحِ قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } .
انْتَهَى .
وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ : الْأَظْهَرُ أَنَّ الْوُجُوبَ سَقَطَ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ ، وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ مَعَ غَيْرِهِ .
انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الزَّرْكَشِيّ : أَصَحُّهُمَا لَا يَنْدَفِعُ ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { فَلْيَتَزَوَّجْ } فَأَمَرَ بِالتَّزَوُّجِ نَفْسِهِ .
انْتَهَى .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي اسْتِحْبَابِهِ لِغَيْرِهِمَا

رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي لِغَيْرِ مَنْ خَافَ الْعَنَتَ ، وَصَاحِبُ الشَّهْوَةِ يَدْخُلُ فِيهِ الْعِنِّينُ وَمَنْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ إحْدَاهُمَا لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُبَاحُ فِي حَقِّهِمْ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي بَابِ النِّكَاحِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ ، وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ ، وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يُسْتَحَبُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَالْخِصَالِ لَهُ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .

وَلَا يَلْزَمُ نِكَاحُ أَمَةٍ ، قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ : يُبَاحُ وَالصَّبْرُ عَنْهُ أَوْلَى ، لِلْآيَةِ .
وَفِي الْفُصُولِ : فِي وُجُوبِهِ الْخِلَافُ ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ ، وَأَنَّ الْمُخَالِفَ اسْتَحَبَّهُ ، فَلِهَذَا جَوَابُهُ عَنْ الْآيَةِ : مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ صَارَ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ ، وَنَفْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى نَفْلِ الْعِبَادَةِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ( ش ) قَالَ : وَإِطْلَاقُ الْأَمْرِ بِالصَّوْمِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لَوْلَا الْإِجْمَاعُ .

وَذَكَرَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْمُهَنَّا أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى ، كَالْجِهَادِ ، وَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ عَلَى الْأَعْيَانِ ، تَرَكْنَاهُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ ، وَمَنَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ تُتَلَقَّى مِنْ الشَّرْعِ ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ ، وَإِنَّمَا صَحَّ مِنْ الْكَافِرِ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ عِمَارَةِ الدُّنْيَا ، كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ ، وَكَذَا الْعِتْقُ يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ عِبَادَةً ، وَمِنْ الْكَافِرِ وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ .
وَقِيلَ لَهُ : لَا يَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الْعِبَادَةِ كَالتَّسَرِّي ، فَقَالَ : التَّسَرِّي لَمْ يُوضَعْ لِلنِّكَاحِ ، كَذَا قَالَ .
وَلَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ حَرْبٍ ضَرُورَةً وَبِدُونِهَا وَجْهَانِ وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ ، وَقَالَ : لَا يَتَزَوَّجْ وَلَا يَتَسَرَّ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ ، قَالَ : وَلَا يَطْلُبْ الْوَلَدَ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : لَا يَتَزَوَّجْ وَلَوْ خَافَ ( م 4 ) ، يَجِبُ عَزْلُهُ إنْ حَرُمَ نِكَاحُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ .

مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَلَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ حَرْبٍ ضَرُورَةً وَبِدُونِهَا وَجْهَانِ ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ : لَا يَتَزَوَّجْ وَلَا يَتَسَرَّى إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَالَ : وَلَا يَطْلُبْ الْوَلَدَ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : لَا يَتَزَوَّجْ وَلَوْ خَافَ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، قَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ فِي نُكَتِهِ : لَيْسَ لَهُ النِّكَاحُ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ أَمْ لَا .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي فِي آخِرِ الْجِهَادِ : وَأَمَّا الْأَسِيرُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ مَا دَامَ أَسِيرًا ، وَأَمَّا الَّذِي يَدْخُلُ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ كَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ التَّزَوُّجُ ، فَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّهْوَةُ أُبِيحَ لَهُ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ وَلْيَعْزِلْ عَنْهَا وَلَا يَتَزَوَّجْ مِنْهُمْ .
انْتَهَى .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : فَعَلَى تَعْلِيلِ أَحْمَدَ لَا يَتَزَوَّجْ إلَّا مُسْلِمَةً ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ، وَلَا يَطَأْ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ ، وَعَلَى مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ آيِسَةً أَوْ صَغِيرَةً ، فَإِنَّهُ عَلَّلَ وَقَالَ ، مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ لِئَلَّا يُسْتَعْبَدَ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُبَاحُ لَهُ النِّكَاحُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32