كتاب :روضة الطالبين وعمدة المفتين
المؤلف : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي

ووبرها ولبنها قطعا ويملك نتاجها أيضا على الأصح كالثمرة
والثاني تكون وقفا تبعا لامه كولد الاضحية
وقيل الوجهان في ولد الفرس والحمار فأما ولد النعم فيملكه قطعا لان المطلوب منها الدر والنسل
وقيل لا حق فيه للموقوف عليه بل يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف إلا أن يصرح بخلافه وهذا الخلاف في نتاج حدث بعد الوقف
فإن وقف البهيمة وهي حامل فان قلنا الحادث وقف فهذا أولى وإلا فوجهان بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا وهذا المذكور في الدر والنسل هو فيما إذا أطلق أو شرطهما للموقوف عليه
فلو وقف دابة على ركوب إنسان ولم يشرط له الدر والنسل قيل حكمهما حكم وقف منقطع الآخر
وقال البغوي ينبغي أن يكون للواقف وهذا أوجه لأن الدر والنسل لا مصرف لهما أولا ولا آخرا

فرع قالوا لو وقف ثور للانزاء جاز ولا يجوز استعماله في الحراثة

فرع لا يجوز ذبح البهيمة المأكولة الموقوفة وإق خرجت عن الانتفاع كما
قال المتولي تذبح للضرورة
وفي لحمها طريقان
أحدهما يشترى بثمنه بهيمة من جنسها وتوقف
والثاني إن قلنا الملك فيها ينتقل إلى الله تعالى فعل فيه الحاكم ما رآه مصلحة
وإن قلنا للموقوف عليه أو للواقف صرف اليهما

فرع إذا ماتت البهيمة الموقوفة فالموقوف عليه أحق بجلدها

وإذا دبغه ففي عوده وقفا وجهان
قال المتولي
أصحهما العود
فصل المنافع المستحقة للموقوف عليه يجوز أن يستوفيها بنفسه ويجوز أن يقيم

هذا إن كان الوقف مطلقا فان قال وقفت داري ليسكنها من يعلم الصبيان في هذه القرية فللمعلم أن يسكنها وليس له أن يسكنها غيره بأجرة ولا بغيرها
ولو قال وقفت داري على أن تستغل وتصرف غلتها إلى فلان تعين الاستغلال ولم يجز له أن يسكنها كذا ذكرت الصورتان في فتاوى القفال وغيره
ولو كان الوقف مطلقا فقال الموقوف عليه اسكن الدار فقال الناظر أكريها لأصرف غلتها في مرمتها فله أن يكري
فرع متى وجب المهر فوطىء الموقوفة فهو للموقوف عليه كاللبن والثمرة
فرع لا يجوز وطء الموقوفة لا للواقف ولا للموقوف عليه وإن قلنا
الملك فيها لهما لأنه ملك ضعيف
ولو وطئت فلها أحوال

أحدها أن يطأها أجنبي
فإن لم يكن هناك شبهة لزمه الحد والولد رقيق
ثم هل هو ملك طلق أم وقف وجهان كنتاج البهيمة ويجب المهر إن كانت مكرهه
وإن كانت مطاوعة عالمه بالحال فقيه خلاف سبق في الغصب وإن كان هناك شبهة فلا حد ويجب المهر والولد حر وعليه قيمته ويكون ملكا للموقوف عليه إن جعلنا الولد ملكا وإلا فيشتري بها عبد ويوقف
الحال الثاني أن يطأها الموقوف عليه
فان لم يكن شبهه فقيل لا حد لشبهة الملك وبه قطع ابن الصباغ
والأصح أنه يبنى على أقوال الملك فان جعلناه له فلا حد إلا فعليه الحد
ولا أثر لملك المنفعة كما لو وطىء الموصى له بالمنفعة الجارية وهل الولد ملك أو وقف فيه الوجهان
وإن وطء بشبهة فلا حد والولد حر ولا قيمة عليه إن ملكناه ولد الموقوفة وإن جعلناه وقفا اشترى بها عبد آخر ويوقف وتصير الجارية أم ولد له إن قلنا الملك للموقوف عليه فتعتق بموته وتؤدى قيمتها من تركته
ثم هل هي لمن ينتقل الوقف إليه بعده ملك أم يشترى بها جارية وتوقف فيه خلاف نذكره في قيمة العبد الموقوف إذا قتل ولا مهر على الموقوف عليه بحال لأنه لو وجب لوجب له
الحال الثالث أن يطأها الواقف
فان لم يكن الوطء بشبهة تفرع على الخلاف في الملك
فان لم نجعل الملك له فعليه الحد والولد رقيق
وفي كونه ملكا أو وقفا الوجهان
ولا تكون الجارية أم ولد له
وإن جعلنا الملك له فلا حد
وفي نفوذ الاستيلاد إن أولدها الخلاف في استيلاد الراهن لتعلق حق الموقوف عليه بها وهذا أولى بالمنع
وإن وطء بشبهة فلا حد والولد حر نسيب وعلية قيمته وفيما يفعل بها الوجهان
وتصير أم ولد له إن ملكناه تعتق بموته وتؤخذ قيمتها
من تركته وفيما يفعل بها الخلاف

فرع في تزويج الموقوفة وجهان

أحدهما المنع لما فيه من النقص وربما ماتت من الطلق فيفوت حق البطن الثاني
وأصحهما الجواز تحصينا لها وقياسا على الاجارة
فعلى هذا إن قلنا الملك للموقوف عليه فهو الذي تزوجها ولا يحتاج إلى إذن أحد
وإن قلنا لله سبحانه وتعالى زوجها السلطان ويستأذن الموقوف عليه وكذا إن قلنا وكذا إن قلنا للواقف زوجها بإذن الموقوف عليه هذا كلام الجمهور
وحكى الغزالي وجهين في أن السلطان هل يستأذن الموقوف عليه وفي أنه هل يستأذن الواقف أيضا ويلزم مثله في استئذان الواقف إذا زوج الموقوف عليه والمهر للموقوف عليه بكل حال
وولدها من الزوج للموقوف عليه ملكا أو وقفا على الخلاف السابق
قلت ولو طلبت الموقوفة التزويج فلهم الامتناع
والله أعلم فرع ليس للموقوف عليه أن يتزوج الموقوفة إن قلنا إنها ملكه وإلا
فوجهان
أصحهما المنع احتياطا وعلى هذا لو وقفت عليه زوجته انفسخ النكاح
فصل حق تولية أمر الوقف في الاصل للواقف فإن شرطها لنفسه أو
اتبع شرطه وأشار في النهاية إلى خلاف فيما إذا كان الوقف على معين وشرط

التولية لاجنبي هل يتبع شرطه إذا فرعنا على أن الملك في الوقف للموقوف عليه والمذهب الأول وبه قطع الجمهور
وسواء فرض في الحياة أو أوصى فكل منهما معمول به
وإن وقف ولم يشرط التولية لأحد فثلاثة طرق
أحدها هل النظر للواقف أم للموقوف عليه أم للحاكم فيه ثلاثة أوجه
والطريق الثاني يبنى على الخلاف في ملك الرقبة فإن قلنا هو للواقف فالتولية له على الأصح
وقيل للحاكم لتعلق حق الغير به
وإن قلنا لله تعالى فهي للحاكم
وقيل للواقف إذا كان الوقف على جهة عامة فان قيامه بأمر الوقف من تتمة القربة
وقيل للموقوف عليه إن كان معينا لان الغلة والمنفعة له
وإن قلنا الملك للموقوف عليه فالتولية له
والطريق الثالث قاله كثيرون التولية للواقف بلا خلاف
والذي يقتضي كلام معظم الاصحاب الفتوى به أن يقال إن كان الوقف على جهة عامة فالتوالية للحاكم كما لو وقف على مسجد أو رباط
وإن كان على معين فكذلك إن قلنا الملك ينتقل إلى الله تعالى
وإن جعلناه للواقف أو الموقوف عليه فكذلك التولية

فرع لا بد من صلاحية المتولي لشغل التولية والصلاحية بالأمانة والكفاية في التصرف
المنصوب للتولية والوآقف إذا قلنا هو المتولي عند الاطلاق وسواء الوقف على الجهة العامة والاشخاص المعينين
وقيل لا تشترط العدالة إذا كان الوقف على معينين ولا طفل فيهم
فإن خان حملوه على السداد
والصواب المعروف هو الأول
حتى لو فوض إلى

موصوف بالامانة والكفاية فاختلت إحداهما انتزع الحاكم الوقف منه
وقبول المتولي ينبغي أن يجيء فيه ما في قبول الوكيل والموقوف عليه

فرع وظيفة المتولي العمارة والاجارة وتحصيل الغلة وقسمتها على المستحقين وحفظ الاصول والغلات على

ويجوز أن ينصب الواقف متوليا لبعض الأمور دون بعض بأن يجعل إلى واحد العمارة وتحصيل الغلة وإلى آخر حفظها وقسمتها على المستحقين أو يشرط لواحد الحفظ واليد ولآخر التصرف
ولو فرض إلى اثنين لم يستقل أحدهما بالتصرف
ولو قال وقفت على أولادي على أن يكون النظر لعدلين منهم فإن لم يكن فيهم إلا عدل واحد ضم إليه الحاكم عدلا آخر
فرع لو شرط الواقف للمتولي شيئا من الغلة جاز وكان ذلك أجرة
فلو لم يشرط شيئا ففي استحقاقه أجرة عمله الخلاف السابق فيما لو استعمل إنسانا ولم يذكر له أجرة
ولو شرط للمتولي عشر الغلة أجرة لعمله ثم عزله بطل استحقاقه
وإن لم يتعرض لكونه أجرة ففي فتاوى القفال أنه لا يبطل استحقاقه لأن العشر وقف عليه فهو كأحد الموقوف عليهم ويجوز أن يقال إذا اثبتنا الأجرة بمجرد التفويض أخذا من العادة فالعادة تقتضي أن المشروط للمتولي أجرة عمله وإن لم يصفه بأنه أجرة ويلزم من ذلك بطلان الاستحقاق بالعزل

فرع ليس للمتولي أن يأخذ من مال الوقف شيئا على أن

ولو فعل ضمن
ولا يجوز ضم الضمان إلى مال الوقف
وإقراض مال الوقف حكمه حكم إقراض مال الصبي
فرع للواقف أن يعزل من ولاه وينصب غيره كما يعزل الوكيل وكأن
نائب عنه
هذا هو الصحيح وبه قال الاصطخري وأبو الطيب ابن سلمة
وفي وجه ليس له العزل لأن ملكه زال فلا تبقى ولايته عليه ويشبه أن تكون المسألة مفروضة في التولية بعد تمام الوقف دون ما إذا وقف بشرط أن تكون التولية لفلان لأن في فتاوى البغوي أنه لو وقف مدرسة على أصحاب الشافعي رضي الله عنه ثم قال لعالم فوضت إليك تدريسها أو اذهب ودرس فيها كان له إبداله بغيره
ولو وقف بشرط أن يكون هو مدرسها أو قال حال الوقف فوضت تدريسها إلى فلان فهو لازم لا يجوز تبديله كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز التبديل بالاغنياء وهذا حسن في صيغة الشرط وغير متضح في قوله وقفتها وفوضت التدريس إليه
قلت هذا الذي استحسنه الإمام الرافعي هو الأصح أو الصحيح
ويتعين أن تكون صورة المسألة كما ذكر
ومن أطلقها فكلامه محمول على هذا
وفي فتاوى الشيخ أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى أنه ليس للواقف تبديل من شرط النظر له حال إنشاء الوقف وإن رأى المصلحة في تبديله ولا حكم له

في ذلك وأمثاله بعد تمام الوقف
ولو عزل الناظر المعين حالة إنشاء الوقف نفسه فليس للواقف نصب غيره فإنه لا نظر له بعد أن جعل النظر في حالة الوقف لغيره بل ينصب الحاكم ناظرا
وفيها أنه إذا جعل في حالة الوقف النظر لزيد بعد انتقال الوقف من عمرو إلى الفقراء فعزل زيد نفسه قبل انتقاله إلى الفقراء لم ينفذ عزله ولا يملك الواقف عزل زيد في الحال ولا بعدها كما تقدم
وفيها أنه ليس للناظر أن يسند ما جعل له من الاسناد قبل مصير النظر إليه
وفيها أنه لو شرط النظر للأرشد من أولاد أولاده فكان الأرشد من أولاد البنات ثبت له النظر
وفيها أنه إذا شرط النظر للأرشد من أولاده فأثبت كل واحد منهم أنه الارشد اشتركوا في النظر من غير استقلال إذا وجدت الأهلية في جميعهم
فان وجدت في بعضهم اختص بذلك لان البينات تعارضت في الارشد فتساقطت وبقي أصل الرشد فصار كما لو قامت البينة برشد الجميع من غير تفصيل وحكمه التشريك لعدم المزية
وأما عدم الاستقلال فكما لو أوصى إلى شخصين مطلقا
وفيها أنه لو كان له النظر على مواضع في بلدان فأثبت أهلية نظره في مكان منها ثبت أهليته في باقي الاماكن من حيث الامانة ولا تثبت من حيث الكفاية إلا أن تثبت أهليته للنظر في سائر الوقوف
والله أعلم

فرع في فتاوى البغوي أنه لا يبدل بعد موت

الذي نصبه كأنه يجعل بعد موته كالوصي
فصل نفقة العبد والبهيمة الموقوفين من حيث شرط الواقف فإن لم يشرط
الأكساب وعوض المنافع
فإن لم يكن العبد كاسبا أو تعطل كسبه ومنافعه لزمانة أو مرض أو لم يف كسبه بنفقته بني على أقوال الملك
فإن قلنا الملك للموقوف عليه لزمه النفقة
وإن قلنا لله تعالى ففي بيت المال كما لو أعتق من لا كسب له
وإن قلنا للواقف فهي عليه
فإذا مات ففي بيت المال قاله المتولي لأن التركة انتقلت إلى الورثة والرقبة لم تنتقل إليهم فلا يلزمهم النفقة
وقياس قولنا أن رقبة الوقف الوقف للواقف انتقالها إلى وارثه وإذا مات فمؤنة تجهيزه كنفقته
وأما العقار الموقوف فنفقته من حيث شرط
فإن لم يشرط فمن غلته
فإن لم يكن غلة لم يجب على أحد عمارته كالملك الطلق بخلاف الحيوان تصان روحه
فصل للواقف ولمن ولاه الواقف إجارة الوقف

وإذا لم ينصب الواقف للتولية أحدا فالخلاف فيمن له التولية قد سبق فإن قلنا المتولي هو الحاكم فهو الذي يؤجره وإن قلنا إنه الموقوف عليه بناء على أن الملك له يمكن من الاجارة على الصحيح
فإن كان الموقوف عليه جماعة اشتركوا في الايجار فان كان فيهم طفل قام وليه

مقامه
والثاني لا لأنه ربما مات في المدة فيكون تصرفه في نصيب غيره
فإن كان الواقف جعل لكل بطن منهم الاجارة فلهم الاجارة قطعا
وإذا أجر الموقوف عليه بحكم الملك وجوزناه فزادت الاجرة في المدة أو ظهر طالب بالزيادة لم يتأثر العقد به كما لو أجر الطلق
ولو أجر المتولي بحكم التولية ثم حدث ذلك فكذلك الحكم على الاصح لان العقد جرى بالغبطة في وقته فأشبه ما إذا باع الولي مال الطفل ثم ارتفعت القيمة بالاسواق أو ظهر طالب بالزيادة
والثاني ينفسخ العقد لأنه بان وقوعه بخلاف الغبطة في المستقبل
والثالث إن كانت الاجارة سنة فما دونها لم يتأثر العقد
وإن كانت أكثر فالزيادة مردودة وبه قطع أبو الفرج الزاز في الامالي

فصل إذا اندرس شرط الواقف ولم تعرف مقادير الاستحقاق أو كيفية الترتيب
بين أرباب الوقف قسمت الغلة بينهم بالسوية
وحكى بعض المتأخرين أن الوجه التوقف إلى اصطلاحهم وهو القياس
ولو اختلف أرباب الوقف في شرط الوقف ولا بينة جعلت الغلة بينهم بالسوية
فإن كان الواقف حيا رجع إلى قوله كذا ذكره صاحبا المهذب
والتهذيب ولو قيل لا رجوع إلى قوله كما لا رجوع إلى قول البائع إذا اختلف المشتريان منه في كيفية الشراء لما كان بعيدا
قلت الصواب الرجوع إليه والفرق ظاهر
وقولهم جعل بينهم هو فيما إذا كان في أيديهم أو لا يد لواحد منهم
أما لو كان في يد بعضهم فالقول قوله
قال الغزالي وغيره
فإن لم يعرف أرباب الوقف جعلناه كوقف مطلق لم يذكر مصرفه فيصرف إلى تلك المصارف
والله أعلم

فصل في تعطل الموقوف واختلال منافعه
وله سببان
السبب الأول أن يحصل بسبب مضمون بأن يقتل العبد الموقوف
فاما أن لا يتعلق بقتله قصاص وإما أن يتعلق
الضرب الأول ينظر فيه هل القاتل أجنبي أم الموقوف عليه دم الواقف
الحال الأول إذا قتله أجنبي لزمه قيمته
وفي مصرفها طريقان
أحدهما تخريجها على أقوال ملك الرقبة إن قلنا لله تعالى اشترى بها عبدا يكون وقفا مكانه فإن لم يوجد فبعض عبد
وإن قلنا للموقوف عليه أو الواقف فوجهان
أصحهما كذلك لئلا يتعطل غرض الواقف وحق باقي البطون
والثاني يصرف ملكا إلى من حكمنا له بملك الرقبة وبطل الوقف
والطريق الثاني القطع بأنه يشترى بها عبد يكون وقفا
والأصحاب متفقون على أن الفتوى بأنه يشترى عبد
وإذا اشتري عبد وفضل شىء من القيمة فهل يعود ملكا للواقف أم يصرف إلى الموقوف عليه وجهان في فتاوى القفال رحمه الله تعالى
قلت الوجهان معا ضعيفان والمختار أنه يشترى به شقص عبد لأنه بدل جزء من الموقوف والتفريع على وجوب شراء عبد
والله أعلم ثم العبد الذي يجعل بدلا يشتريه الحاكم إن قلنا الملك في الرقبة لله تعالى
وإن

قلنا للموقوف عليه فالموقوف عليه
وإن قلنا للواقف فوجهان ذكره أبو العباس الروياني في الجرجانيات
ولا يجوز للمتلف أن يشترى العبد ويقيمه مقام الأول لأن من ثبت في ذمته شىء ليس له استيفاؤه من نفسه لغيره

فرع العبد المشترى هل يصير وقفا بالشراء أم لا بد من وقف
جاريان في بدل المرهون إذا أتلف
وبالثاني قطع المتولي وقال الحاكم هو الذي ينشىء الوقف ويشبه أن يقال من يباشر الشراء يباشر الوقف
قلت الأصح أنه لا بد من إنشاء الوقف فيه ووافق المتولي آخرون
والله أعلم فرع لا يجوز شراء عبد بقيمة الجارية ولا عكسه
وفي جواز شراء الصغير بقيمة الكبير وعكسه وجهان حكاهما في الجرجانيات
قلت أقواهما المنع لاختلاف الغرض بالنسبة إلى البطون من أهل الوقف
والله أعلم الحال الثاني والثالث إذا قتله الموقوف عليه أو الواقف فإن صرفنا القيمة إليه في الحالة الأولى ملكا فلا قيمة عليه إذا كان هو القاتل وإلا فالحكم والتفريع كالحالة الأولى

الضرب الثاني ما يتعلق به القصاص فإن قلنا الملك للواقف أو الموقوف عليه وجب القصاص ويستوفيه المالك منهما
وإن قلنا لله تعالى فهو كعبيد بيت المال
والأصح وجوب القصاص قاله المتولي ويستوفيه الحاكم

فرع حكم أروش الأطراف والجنايات على العبد الموقوف فيما دون النفس حكم قيمته في

وفي وجه يصرف إلى الموقوف عليه على كل قول كالمهر والأكساب
فرع إذا جنى العبد الموقوف جناية موجبة للقصاص فللمستحق الاستيفاء

فإن استوفى فات الوقف كموته
وإن عفا على مال أو كانت موجبة للمال لم تتعلق برقبته لتعذر بيع الوقف لكن يفدى كأم الولد إذا جنت
فان قلنا الملك للواقف فداه وإن قلنا لله تعالى فهل يفديه الواقف أم بيت المال أم يتعلق بكسبه فيه أوجه
أصحها أولها
وإن قلنا للموقوف عليه فداه على الصحيح الذي قطع به الجمهور
وقيل على الواقف
وقيل إن قلنا الوقف لا يفتقر إلى القبول فعلى الواقف وإلا فعلى الموقوف عليه
وحيث أوجبنا الفداء على الواقف فكان ميتا ففي الجرجانيات أنه أن ترك مالا فعلى الوارث الفداء
وقال المتولي لا يفدي من التركة لأنها انتقلت إلى الوارث
فعلى هذا ( هل ) يتعلق بكسبه أم ببيت المال كالحر المعسر الذي لا عاقلة له وجهان
ولو مات العبد عقب الجناية بلا فصل ففي سقوط الفداء وجهان
أحدهما نعم كما لو جنى القن ثم مات
وأصحهما لا وبه

قال ابن الحداد
ويجري الخلاف فيما إذا جنت أم الولد وماتت وتكرر الجناية من العبد الموقوف كتكررها من أم الولد
قلت وحيث أوجبنا الأرش في جهة وجب أقل الأمرين من قدر قيمته والأرش كذا صرح به الأصحاب منهم صاحبا المهذب والتهذيب
وأما قول صاحب البيان إذا أوجبنا على الموقوف عليه تعين الأرش فشاذ باطل
والله أعلم السبب الثاني أن يحصل التعطل بسبب غير مضمون
فان لم يبق شىء منه ينتفع به بأن مات الموقوف فقد فات الوقف
وإن بقي كشجرة جفت أو قلعتها الريح فوجهان
أحدهما ينقطع الوقف كموت العبد
فعلى هذا ينقلب الحطب ملكا للواقف
وأصحهما لا ينقطع
وعلى هذا وجهان
أحدهما يباع ما بقي لتعذر الانتفاع بشرط الواقف
فعلى هذا الثمن كقيمة المتلف
فعلى وجه يصرف إلى الموقوف عليه ملكا
وفي وجه يشترى به شجرة أو شقص شجرة من جنسها لتكون وقفا
ويجوز أن يشترى به ودي يغرس موضعها
وأصحها منع البيع
فعلى هذا وجهان
أحدهما ينتفع باجارته جذعا إدامة للوقف في عينه
والثاني يصير ملكا للموقوف عليه واختار المتولي وغيره الوجه الأول إن أمكن استيفاء منفعة منه مع بقائه والوجه الثاني إن كانت منفعته في استهلاكه

فرع زمانه الدابة الموقوفة كجفاف الشجرة

قلت هذا إذا كانت الدابة مأكولة فإنه يصح بيعها للحمها فان كانت غير

مأكولة لم يجىء الخلاف في بيعها لأنه لا يصح بيعها إلا على الوجه الشاذ في صحة بيعها اعتمادا على جلدها
والله أعلم فرع حصر المسجد إذا بليت ونحاتة أخشابق إذا نخزت وأستار الكعبة إذا لم يبق فيها منفعة ولا جمال في جواز بيعها وجهان
أصحهما تباع لئلا تضيع وتضيق المكان بلا فائدة
والثاني لا تباع بل تترك بحالها أبدا
وعلى الأول قالوا يصرف ثمنها في مصالح المسجد
والقياس أن يشترى بثمن الحصير حصير ولا يصرف في مصلحة أخرى ويشبه أن يكون هو المراد باطلاقهم
وجذع المسجد المنكسر إذا لم يصلح لشىء سوى الإحراق فيه هذا الخلاف
وإن أمكن أن يتخذ منه ألواح أو أبواب قال المتولي يجتهد الحاكم ويستعمله فيما هو أقرب إلى مقصود الواقف
ويجري الخلاف في الدار المنهدمة وفيما إذا أشرف الجذع على الإنكسار والدار على الإنهدام
قال الإمام وإذا جوزنا البيع فالاصح صرف الثمن إلى جهة الوقف
وقيل هو كقيمة المتلف فيصرف إلى الموقوف عليه ملكا على رأي وإذا قيل به فقال الموقوف عليه لا تبيعوها واقلبوها إلى ملكي فلا يجاب على المذهب ولا تنقلب عين الوقف ملكا وقيل تنقلب ملكا بلا لفظ

فرع لو انهدم المسجد أو خربت المحلة حوله وتفرق الناس عنها فتعطل
المسجد

لم يعد ملكا بحال ولا يجوز بيعه لإمكان عوده كما كان ولانه في الحال يمكن الصلاة فيه
ثم المسجد المعطل في الموضع الخراب إن لم يخف من أهل الفساد نقضه لم ينفض
وإن خيف نقض وحفظ وإن رأى الحاكم أن يعمر بنقضه مسجدا آخر جاز وما كان أقرب إليه فهو أولى ولا يجوز صرفه إلى عمارة بئر أو حوض وكذا البئر الموقوفة إذا خربت يصرف نقضها إلى بئر أخرى أو حوض لا ( إلى ) المسجد ويراعي غرض الواقف ما أمكن

فرع جميع ما ذكرناه في حصر المسجد ونظائرها هو فيما إذا كانت
على المسجد
أما ما اشتراه الناظر للمسجد أو وهبه له واهب وقبله الناظر فيجوز بيعه عند الحاجة بلا خلاف لأنه ملك حتى إذا كان المشتري للمسجد شقصا كان للشريك الأخذ بالشفعة
ولو باع الشريك فللناظر الأخذ بالشفعة عند الغبطة هكذا ذكروه
قلت هذا إذا اشتراه الناظر ولم يقفه
أما إذا وقفه فإنه يصير وقفا قطعا وتجري عليه أحكام الوقف
والله أعلم فرع لو وقف على ثغر فاتسعت خطة الاسلام حوله تحفظ غلة الوقف لاحتمال عودة ثغرا

فرع قال أبو عاصم العبادي لو وقف على قنطرة فانخرق الوادي

تلك القنطرة واحتيج إلى قنطرة أخرى جاز النقل إلى ذلك الموضع
فرع إذا خرب العقار الموقوف على المسجد وهناك فاضل من غلته بدىء
منه بعمارة العقار
فرع قال ابن كج إذا حصل مال كثير من غلة المسجد أعد
لو خرب المسجد أعيدت به العمارة والزائد يشترى به للمسجد ما فيه زيادة غلة
وفي فتاوى القفال أن الموقوف لعمارة المسجد لا يشترى به شىء أصلا لأن الواقف وقف على العمارة
فصل في مسائل منثورة تتعلق بالباب إحداها وقف على الطالبيين وجوزناه كفى
من أولاد جعفر والثالث من أولاد عقيل

رضي الله عنهم
ولو وقف على أولاد علي وأولاد عقيل وأولاد جعفر رضي الله عنهم فلا بد من الصرف إلى ثلاثة من كل صنف
الثانية وقف شجرة ففي دخول المغرس وجهان وكذا حكم الأساس مع البناء
الثالثة وقف على عمارة المسجد لا يجوز صرف الغلة إلى النقش والتزويق وذكر في العدة أنه يجوز دفع أجرة القيم منه ولا يجوز صرف شىء منه إلى الإمام والمؤذن والفرق أن القيم يحفظ العمارة
قال ويجوز أن يشترى منه البواري ولا يشترى الدهن على الأصح
والذي ذكره البغوي وأكثر من تعرض للمسألة أنه لا يشترى منه الدهن ولا الحصير
والتجصيص الذي فيه إحكام معدود من العمارة
وإذا وقف على عمارة المسجد جاز أن يشترى منه سلم لصعود السطح ومكانس يكنس بها ومساحي لنقل التراب لأن ذلك كله لحفظ العمارة
ولو كان يصيب بابه المطر ويفسده جاز بناء ظلة منه وينبغي أن لا يضر بالمارة
ولو وقف على مصلحة المسجد لم يجز النقش والتزويق ويجوز شراء الحصر والدهن والقياس جواز الصرف إلى الإمام والمؤذن أيضا
والموقوف على الحشيش والسقف لا يصرف إلى الحصير ولا بالعكس والموقوف على أحدهما لا يصرف إلى اللبود ولا بالعكس
ولو وقف على المسجد مطلقا وجوزناه قال البغوي هو كالوقف على عمارة المسجد
وفي الجرجانيات في جواز الصرف إلى النقش والتزويق في هذه الصورة وجهان
وفي فتاوى الغزالي أنه يجوز هنا صرف الغلة إلى الإمام والمؤذن وأنه يجوز بناء منارة للمسجد ويشبه أن يجوز بناء المنارة من الموقوف على عمارة المسجد أيضا
ولو وقف على النقش والتزويق فوجهان قريبان من الخلاف في جواز تحلية المصحف

قلت الأصح لا يصح الوقف على النقش والتزويق لأنه منهي عنه
والله أعلم الرابعة إذا قال المتولي أنفقت كذا فالظاهر قبول قوله عند الاحتمال
الخامسة لا يجوز قسمة العقار الموقوف بين أرباب الوقف
وقال ابن القطان إن قلنا القسمة إفراز جاز فإذا انقرض البطن الأول انقضت القسمة ويجوز لأهل الوقف المهايأة قاله ابن كج
السادسة لا يجوز تغيير الوقف عن هيئته فلا تجعل الدار بستانا ولا حماما ولا بالعكس إلا إذا جعل الواقف إلى الناظر ما يرى فيه مصلحة للوقف
وفي فتاوى القفال أنه يجوز أن يجعل حانوت القصارين للخبازين فكأنه احتمل تغيير النوع دون الجنس
ولو هدم الدار أو البستان ظالم أخذ منه الضمان وبني به أو غرس ليكون وقفا مكان الاول
ولو انهدم البناء وانقلعت الاشجار استغلت الأرض بالاجارة لمن يزرعها أو يضرب فيها خيامه ثم تبنى وتغرس من غلتها ويجوز أن يقرض الإمام الناظر من بيت المال أو يأذن له في الاقتراض أو الانفاق من مال نفسه على العمارة بشرط الرجوع وليس له الاقتراض دون إذن الإمام
السابعة لو تلف الموقوف في يد الموقوف عليه من غير تعد فلا ضمان عليه
قلت ومن ذلك الكيزان المسبلة على أحواض الماء والانهر ونحوها فلا ضمان على من تلف في يده شىء منها بلا تعد
فإن تعدى ضمن ومن التعدي استعماله في غير ما وقف له
والله أعلم الثامنة لو انكسر المرجل والطنجير الموقوفان ووجد متبرع بالاصلاح فذاك وإلا اتخذ منه أصغر وأنفق الباقي على إصلاحه
فان لم يمكن اتخاذ مرجل

وطنجير اتخذ منه ما يمكن من قصعة ومغرفة وغيرهما ولا حاجة هنا إلى إنشاء وقفه فإنه غير الموقوف
التاسعة الوقف على الفقراء هل يختص بفقراء بلد الواق فيه الخلاف المذكور فيما لو أوصى للفقراء
وهل يجوز الدفع ( منه ) إلى فقيرة لها زوج يمونها فيه خلاف سبق في أول قسم الصدقات
قلت سبق هناك أن الاصح أنه لا يدفع إليها ولا إلى الابن المكفي بنفقة أبيه قال صاحب المعاياة ولو كان له صنعة يكتسب بها كفايته ولا مال له استحق الوقف باسم الفقر قطعا
وفي هذا الذي قاله احتمال
والله أعلم العاشرة سئل الحناطي عن شجرة تنبت في المقبرة هل يجوز للناس الأكل من ثمرها فقال قيل يجوز وعندي الأولى أن تصرف في مصالح المقبرة
قلت المختار الجواز
والله أعلم قلت وإن غرسها مسبلة للأكل جاز أكلها بلا عوض وكذا إن جهلت نيته حيث جرت العادة به وسبق في كتاب الصلاة أنها تقلع
والله أعلم الحادية عشرة قال الائمة إذا جعل البقعة مسجدا فكان فيها شجرة جاز للإمام قلعها باجتهاده
وبماذا ينقطع حق الواقف عن الشجرة قال الغزالي في الفتاوى مجرد ذكر الارض لا يخرج الشجرة عن ملكه كبيع الارض

وحينئذ لا يكلف تفريغ الأرض ولك أن تقول في استتباع الأرض للشجر في البيع قولان
وإذا قال جعلت هذه الارض مسجدا فلا تدخل الشجرة قطعا لانها لا تجعل مسجدا
ولو جعل الارض مسجدا ووقف الشجرة عليها فعلى هذه الصورة ونحوها ينزل كلام الأصحاب
الثانية عشرة أفتى الغزالي بأنه يجوز وقف الستور لتستر بها جدران المسجد وينبغي أن يجيء فيه الخلاف السابق في النقش والتزويق
الثالثة عشرة لو وقف على دهن السراج للمسجد جاز وضعه في جميع الليل لأنه أنشط للمصلين
قلت إنما يسرج جميع الليل إذا انتفع به من في المسجد كمصل ونائم وغيرهما
فإن كان المسجد مغلقا ليس فيه أحد ولا يمكن دخوله لم يسرج لأنه إضاعة مال
والله أعلم

كتاب الهبة
قسم الشافعي رضي الله عنه العطايا فقال تبرع الانسان بماله على غيره ينقسم إلى معلق بالموت وهو الوصية وإلى منجز في الحياة وهو ضربان
أحدهما تمليك محض كالهبات والصدقات
والثاني الوقف
والتمليك المحض ثلاثة أنواع الهبة والهدية وصدقة التطوع
وسبيل ضبطها أن نقول التمليك لا بعوض هبة
فإن انضم إليه حمل الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب له إعظاما له أو إكراما فهو هدية وإن انضم إليه كون التمليك للمحتاج تقربا إلى الله تعالى وطلبا لثواب الآخرة فهو صدقة فامتياز الهدية عن الهبة بالنقل والحمل من موضع إلى موضع ومنه إهداء النعم إلى الحرم ولذلك لايدخل لفظ الهدية في العقار بحال فلا يقال أهدى إليه دارا ولا أرضا وإنما يطلق ذلك في المنقولات كالثياب والعبيد فحصل من هذا أن هذه الانواع تفترق بالعموم والخصوص فكل هدية وصدقة هبة ولا تنعكس
ولهذا لو حلف لا يهب فتصدق حنث وبالعكس لا يحنث
واختلفوا في أنه هل يشترط في حد الهدية أن يكون بين المهدي والمهدي إليه رسول أو متوسط أم لا فحكى أبو عبد الله الزبيري فيما إذا حلف لا يهدي إليه فوهب له خاتما أو نحوه يدا بيد هل يحنث وجهين
والأصح أنه لا يشترط وينتظم أن يقول لمن حضر عنده هذه هديتي أهديتها لك
وهذه الأنواع الثلاثة مندوب إليها وتفترق في أحكام وتشترك في أحكام وسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى

قلت قال أصحابنا وفعلها مع الأقارب ومع الجيران أفضل من غيرهم
والله أعلم فرع ينبغي أن لا يحتقر القليل فيمتنع من إهدائه وأن لا يستنكف المهدى إليه عن قبول القليل
قلت ويستحب للمهدى إليه أن يدعو للمهدي ويستحب للمهدي إذا دعا له المهدى إليه أن يدعو أيضا له وقد أوضحت ذلك مع بيان ما يدعو به في كتاب الاذكار
والله أعلم فصل ويشتمل الكتاب على بابين
أحدهما في أركان الهبة وشرط لزومها
أما أركانها فأربعة
( الركن ) الأول والثاني العاقدان وأمرهما واضح
الركن الثالث الصيغة
أما الهبة فلا بد فيها من الايجاب والقبول باللفظ كالبيع وسائر التمليكات
وأما الهدية ففيها وجهان
أحدهما يشترط فيها الايجاب والقبول كالبيع والوصية وهذا ظاهر كلام الشيخ أبي حامد والمتلقين عنه
والثاني لا حاجة فيها إلى إيجاب وقبول باللفظ بل يكفي القبض ويملك به وهذا هو الصحيح الذي عليه قرار المذهب ونقله الأثبات من متأخري الاصحاب وبه قطع المتولي والبغوي واعتمده الروياني وغيرهم واحتجوا بأن الهدايا كانت

تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقبلها ولا لفظ هناك وعلى جرى ذلك الناس في الأعصار ولذلك كانوا يبعثون بها على أيدي الصبيان الذين لا عبارة لهم
فإن قيل هذا كان إباحة لا هدية وتمليكا فجوابه أنه لو كان إباحة لما تصرفوا فيه تصرف الملاك ومعلوم أن ما قبله النبي صلى الله عليه وسلم كان يتصرف فيه ويملكه غيره
ويمكن أن يحمل كلام من اعتبر الايجاب والقبول على الأمر المشعر بالرضى دون اللفظ ويقال الأشعار بالرضى قد يكون لفظا وقد يكون فعلا

فرع الصدقة كالهدية بلا فرق فيما ذكرناه وسواء فيما ذكرناه في الهدية
الأطعمة وغيرها
فرع في مسائل تتعلق بما سبق إحداها حيث اعتبرنا الايجاب والقبول لا
في العمرى إن شاء الله تعالى وكذلك لا يجوز تأخير القبول عن الايجاب بل يشترط التواصل المعتاد كالبيع وعن ابن سريج جواز تأخير القبول كما في الوصية وهذا الخلاف حكاه كثيرون في الهبة وخصه المتولي بالهدية وجزم بمنع التأخير في الهبة والقياس التسوية بينهما
ثم في الهدايا التي يبعث بها ( من ) موضع إلى موضع وإن اعتبرنا اللفظ والقبول على الفور فاما أن يوكل الرسول ليوجب ويقبل المبعوث إليه وإما أن يوجب المهدي ويقبل المهدى إليه عند الوصول إليه

الثانية إذا كانت الهبة لمن ليس له أهلية القبول نظر إن كان الواهب أجنبيا قبل له من يلي أمره من ولي ووصي وقيم
وإن كان الواهب ممن يلي أمره فان كان غير الأب والجد قبل له الحاكم أو نائبه
وإن كان أبا أو جدا تولى الطرفين
وهل يحتاج إلى لفظي الايجاب والقبول أم يكفي أحدهما وجهان كما سبق في البيع
قال الإمام وموضع الوجهين في القبول ما إذا أتى بلفظ مستقل كقوله اشتريت لطفلي أو اتهبت له كذا
أما قوله قبلت البيع والهبة فلا يمكن الاقتصار عليه بحال

فرع لا اعتبار بقبول متعهد الطفل الذي لا ولاية له عليه
الثالثة إذا وهب لعبد غيره فالمعتبر قبول العبد
وفي افتقاره إلى إذن سيده خلاف سبق
الرابعة وهب له شيئا فقبل نصفه أو وهب له عبدين فقبل أحدهما ففي صحته وجهان
والفرق بينه وبين البيع أن البيع معاوضة
الخامسة غرس أشجارا وقال عند الغراس أغرسه لابني لم يصر للابن
ولو قال جعلته لابني وهو صغير صار للجبن لأن هبته له لا تقتضي قبولا بخلاف ما لو جعله لبالغ كذا قاله الشيخ أبو عاصم وهو ملتفت إلى الانعقاد بالكنايات وإلى أن هبة الأب لابنه الصغير يكفي فيها أحد الشقين
السادسة لو ختن ابنه واتخذ دعوة فحملت إليه هدايا ولم يسم أصحابها الاب ولا الابن فهل تكون الهدية ملكا للأب أم للابن فيه وجهان

قلت قطع القاضي حسين في الفتاوى بأنه للابن وأنه يجب على الأب أن يقبلها لولده فإن لم يقبل أثم
قال وكذا وصي وقيم يقبل الهدية والوصية للصغير
قال فإن لم يقبل الوصي الوصية والهدية أثم وانعزل لتركه النظر
وفي فتاوى القاضي أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي قال تكون ملكا للأب لأن الناس يقصدون التقرب إليه وهذا أقوى وأصح
والله أعلم السابعة بعث إليه هدية في ظرف والعادة ي مثلها رد الظرف لم يكن الظرف هدية
فان كان العادة أن لا يرد كقوصرة التمر فالظرف هدية أيضا وقد يميز القسمان بكونه مشدودا فيه وغير مشدود
وإذا لم يكن الظرف هدية كان أمانة في يد المهدي إليه وليس له استعماله في غير الهدية
وأما فيها فان اقتضت العادة تفريغه لزم تفريغه
وإن اقتضت التناول منه جاز التناول منه قال البغوي ويكون عارية
الثامنة بعث كتابا إلى حاضر أو غائب وكتب فيه أن اكتب الجواب على ظهره لزمه رده وليس له التصرف فيه وإلا فهو هدية يملكها المكتوب إليه قاله المتولي
وقال غيره يبقى على ملك الكاتب وللمكتوب إليه الانتفاع به على سبيل الاباحة
قلت هذا الثاني حكاه صاحب البيان عن حكاية القاضي أبي الطيب عن بعض الأصحاب والأول أصح
والله أعلم التاسعة أعطاه درهما وقال ادخل به الحمام أو دراهم وقال اشتر بها لنفسك عمامة ونحو ذلك ففي فتاوى القفال أنه إن قال ذلك على سبيل التبسط المعتاد ملكه وتصرف فيه كيف شاء
وإن كان غرضه تحصيل

ما عينه لما رأى به من الشعث والوسخ أو لعلمه بأنه مكشوف الرأس لم يجز صرفه إلى غير ما عينه
قلت وقال القاضي حسين في الفتاوى وهل يتعين يحتمل وجهين
وقال ولو طلب الشاهد مركوبا ليركبه في أداء الشهادة فأعطاه دراهم ليصرفها إلى مركوب هل له صرفها إلى جهة أخرى وجهان
الصحيح المختار ما قاله القفال
قال القاضي ولو قال وهبتك هذه الدراهم بشرط أنك تشتري بها خبزا لتأكله لم تصح الهبة لأنه لم يطلق له التصرف
والله أعلم العاشرة سئل الشيخ أبو زيد رحمه الله تعالى عن رجل مات أبوه فبعث إليه رجل ثوبا ليكفنه فيه هل يملكه حتى يمسكه ويكفنه في غيره فقال إن كان الميت ممن يتبرك بتكفينه لفقه وورع فلا ولو كفنه في غيره وجب رده إلى مالكه
الحادية عشرة في فتاوى الغزالي أن خادم الصوفية الذي يتردد في السوق ويجمع لهم شيئا يأكلونه يملكه الخادم الصرف ولا يلزمه الصرف إليهم إلا أن المروءة تقتضي الوفاء بما تصدى له ولو لم يف فلهم منعه من أن يظهر الجمع لهم والانفاق عليهم
وإنما ملكه لأنه ليس بولي ولا وكيل عنهم بخلاف هدايا الختان
قلت ومن مسائل الفصل أن قبول الهدايا التي يجيء بها الصبي المميز جائز باتفاقهم وقد سبق في كتاب البيع وإنه يجوز قبول هدية الكافر وأنه يحرم على العمال وأهل الولايات قبول هدية من رعاياهم
والله أعلم

فصل في العمرى والرقبى

أما العمرى فقوله أعمرتك هذه الدار مثلا أو جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت أو حييت أو بقيت وما يفيد هذا المعنى
ثم له أحوال
أحدها أن يقول مع ذلك فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك وهي الهبة بعينها لكنه طول العبارة فإذا مات
فالدار لورثته فان لم يكونوا فلبيت المال ولا يعود إلى الواهب بحال
الثاني يقتصر على قوله جعلتها لك عمرك ولم يتعرض لما سواه فقولان
أظهرهما وهو الجديد أنه يصح وله حكم الهبة
والقديم أنه باطل
وقيل إن القديم أن الدار تكون للمعمر حياته
فاذا مات عادت إلى الواهب أو ورثته كما شرط
وقيل القديم أنها تكون عارية يستردها متى شاء فاذا مات عادت إلى الواهب
الثالث أن يقول جعلتها لك عمرك فاذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي إن كنت مت
فان قلنا بالبطلان في الحال الثاني فهنا أولى
وإن قلنا بالصحة والعود إلى الواهب فكذا هنا
وإن قلنا بالجديد فوجهان
أحدهما البطلان
والصحيح الصحة وبه قطع الأكثرون ونسووا بينه وبين حالة الاطلاق وكأنهم أخذوا باطلاق الأحاديث الصحيحة وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة
وأما الرقبى فهو أن يقول وهبت لك هذه الدار عمرك على أنك إن مت قبلي عادت إلي
وإن مت قبلك استقرت لك أو جعلت هذه الدار لك رقبى أو أرقبتها لك
وحكمها حكم الحال الثالث من العمرى وحاصله طريقان
أحدهما القطع بالبطلان
وأصحهما قولان
الجديد الأظهر صحته ويلغو الشرط

فالحاصل أن المذهب صحة العمرى والرقبى في الأحوال الثلاثة فإذا صححناهما وألغينا الشرط تصرف المعمر في المال كيف شاء
وإن أبطلنا العقد أو جعلناه عارية فلا يخفى أنه ليس له التصرف بالبيع ونحوه وإن قلنا بصحة العقد والشرط فباع الموهوب له ثم مات فقد ذكر الإمام احتمالين
أصحهما عنده لا ينفذ البيع لأن مقتضى البيع التأبيد وهو لم يملك إلا مؤقتا فكيف يملك غيره ما لم يملكه والثاني ينفذ كبيع المعلق عتقه على صفة وبهذا قطع ابن كج وعلله بأنه ملك في الحال والرجوع أمر يحدث وشبهه برجوع نصف الصداق بالطلاق قبل الدخول
فاذا صححنا بيعه فيشبه أن يرجع الواهب في تركته بالغرم رجوع الزوج إذا طلق بعد خروج الصداق عن ملكها
قال الإمام وفي رجوع المال إلى ورثة الواهب إذا مات قبل الموهوب له استبعاد لأنه إثبات ملك لهم فيما لم يملكه المورث لكنه كما لو نصب شبكة فوقع بها صيد بعد موته يكون ملكا للورثة
والصحيح أنه تركة تقضى منها ديونه وتنفذ الوصايا

فرع قال جعلت هذه الدار لك عمري أو حياتي فوجهان

أحدهما أنه كقوله جعلتها لك عمرك أو حياتك لشمول اسم العمرى
وأصحهما البطلان لخروجه عن اللفظ المعتاد ولما فيه من تأقيت الملك فانه قد يموت الواهب أولا بخلاف العكس فإن الإنسان لا يملك إلا مدة حياته فلا توقيت فيه
وأجري الخلاف فيما لو قال جعلتها لك عمر فلان
وخرج من تصحيح العقد وإلغاء الشرط في هذه الصرة وجه أن الشرط الفاسد لا يفسد الهبة وطرد ذلك في الوقف
ثم منهم من خص الخلاف في هذه القاعدة بما هو من قبيل الأوقات كقوله وهبتك أو وقفتها سنة

ومنهم من طرده في كل شرط كقوله وهبتك بشرط أن لا تبيعه إذا قبضته ونحو ذلك وفرقوا بين البيع والهبة والوقف بأن الشرط في البيع يورث جهالة الثمن فيفسد البيع
والمذهب فساد الهبة والوقف بالشروط المفسدة للبيع بخلاف العمرى لما فيها من الأحاديث الصحيحة

فرع لو باع على صورة العمرى فقال ملكتكها بعشر عمرك قال ابن
لا يبعد عندي جوازه تفريعا على الجديد
وقال أبو علي الطبري لا يجوز
فرع لا يجوز تعليق العمرى كقوله إذا مات أو قدم فلان أو
الشهر فقد أعمرتك هذه الدار أو فهي لك عمرك
فلو علق بموته فقال إذا مت فهذه الدار لك عمرك فهي وصية تعتبر من الثلث
فلو قال إذا مت فهي لك

عمرك فاذا مت عادت إلى ورثتي فهي وصية بالعمرى على صورة الحالة الثالثة

فرع جعل رجلان كل واحد منهما داره للآخر عمره على أنه إذا
عادت إلى صاحب الدار فهذه رقبى من الجانبين
فرع قال داري لك عمرك فإذا مت فهي لزيد أو عبدي لك
فهو حر صحت العمرى على قوله الجديد ولغا المذكور بعدها
الركن الرابع الموهوب فما جاز بيعه جازت هبته وما لا فلا هذا هو الغالب
وقد يختلفان فتجوز هبة المشاع سواء المنقسم وغيره وسواء وهبه للشريك أو غيره وتجوز هبة الأرض المزروعة مع زرعها ودون زرعها وعكسه
فرع لو وهب لاثنين فقبل أحدهما نصفه فوجهان كالبيع

وقطع صاحب الشامل بالتصحيح
فرع لا تصح هبة المجهول ولا الآبق والضال وتجوز هبة المغصوب لغير
الغاصب إن قدر على الانتزاع وإلا فوجهان
وأما هبته للغاصب فقد ذكرناها في

كتاب الرهن

وتجوز هبة المستعار لغير المستعير ثم إذا قبض الموهوب له بالاذن برىء الغاصب والمستعير من الضمان وتجوز هبة المستأجرة إذا جوزنا بيعها وإلا ففيها الوجهان
ثم قال الشيخ أبو حامد وغيره ولو وكل الموهوب له الغاصب أو المستعير أو المستأجر في قبض ما في يده في نفسه وقبل صح
وإذا مضت مدة يتأنى فيها القبض برىء الغاصب والمستعير من الضمان وهذا يخالف الاصل المشهور في أن الشخص لا يكون قابضا مقبضا وفي هبة المرهون وجهان
إن صححناها انتظرنا فإن بيع في الرهن بأن بطلان الهبة
وإن فك الرهن فللواهب الخيار من الاقباض
ويجري الوجهان في هبة الكلب وجلد الميتة قبل الدباغ والخمر المحترمة
والأصح من الوجهين في هذه الصور كلها البطلان قياسا على البيع
والثاني الصحة لأنها أخف من البيع
قال الإمام من صحح فيها فحقه تصحيحها في المجهول والآبق كالوصية
فرع إذا وهب الدين لمن هو عليه فهو إبراء ولا يحتاج إلى
على المذهب
وقيل يحتاج اعتبارا باللفظ
وإن وهبه لغير من هو عليه لم يصح على المذهب
وقيل في صحته وجهان كرهن الدين
فإن صححنا ففي افتقار لزومها إلى قبض الدين وجهان
فإن قلنا لا يفتقر فهل يلزم بنفس الايجاب والقبول كالحوالة أم لا بد من إذن جديد ويكون ذلك كالتخلية فيما لا يمكن نقله وجهان
فرع رجل عليه زكاة وله دين على مسكين فوهب له الذين بنية
لم يقع الموقع لأنه إبراء بتمليك وإقامة الابراء مقام التمليك إبدال وذلك لا يجوز

في الزكاة هكذ قال صاحب التقريب
ولك أن تقول ذكروا وجهين في أن هبة الدين ممن عليه ( الدين ) تنزل منزلة التمليك أم هو محض إسقاط وعلى هذا خرج اعتبار القبول فيها
فإن قلنا تمليك وجب أن يقع الموقع
ولو كان الدين على غير المسكين فوهبه للمسكين بنية الزكاة وقلنا تصح الهبة ولا يعتبر القبض أجزأه عن الزكاة ويطالب المسكين والمديون

فصل وأما شرط لزوم الهبة فهو القبض فلا يحصل الملك في الموهوب
إلا بقبضهما هذا هو المشهور
وفي قول قديم يملك بالعقد كالوقف
وفي قول مخرج الملك موقوف فإن قبض تبينا أنه ملك بالعقد
ويتفرع على الأقوال أن الزيادة الحادثة بين العقد والقبض لمن تكون ولو مات الواهب أو الموهوب له بعد العقد وقبل القبض فوجهان
وقيل قولان
أحدهما ينفسخ العقد لجوازه كالشركة والوكالة
وأصحهما لا ينفسخ لأنه يؤول إلى اللزوم
كالبيع الجائز بخلاف الشركة
فعلى هذا إن مات الواهب تخير الوارث في الاقباض
وإن مات الموهوب له قبض وارثه إن أقبضه الواهب
ويجري الخلاف في جنون أحدهما وإغمائه
قلت قال البغوي ويقبض بعد الافاقة منهما ولا يصح القبض في حال الجنون والاغماء
والله أعلم فرع القبض المحصل للملك هو الواقع باذن الواهب فلو قبض بلا إذنه لم يملكه

ودخل في ضمانه سواء قبض في مجلس العقد أو بعده
ولو كان الموهوب في يد الموهوب له فحكمه ما سبق في كتاب الرهن
ولو أذن في القبض ثم رجع عنه قبل القبض صح رجوعه فلا يصح القبض بعده
وكذا لو أذن ثم مات الآذن أو المأذون له قبل القبض بطل الاذن

فرع بعث هدية إلى إنسان فمات المهدى إليه قبل وصولها إليه بقيت
الهدية للمهدي
ولو مات المهدي لم يكن للرسول حملها إلى المهدي إليه وكذا المسافر إذا اشترى لأصدقائه هدايا فمات قبل وصولها إليهم فهي له تركة
فرع كيفية القبض في العقار والمنقول كما سبق في البيع

وحكينا هنا قولا أن التخلية في المنقول قبض
قال المتولي لا جريان له هنا لأن القبض هناك مستحق وللمشتري المطالبة به فجعل التمكين قبضا وفي الهبة غير مستحق فاعتبر تحقيقه ولم يكتف بالوضع بين يديه
قلت فلو كان الموهوب مشاعا فإن كان غير منقول فقبضه بالتخلية وإن كان منقولا فقبضه بقبض الجميع
قال أصحابنا صاحب الشامل وآخرون فيقال للشريك ليرضى بتسليم نصيبه أيضا إلى الموهوب له ليكون في يده وديعة حتى يتأتى القبض ثم يرده إليه
فإن فعل ( فقبض الموهوب الجميع ملك
وإن

امتنع قيل للموهوب له وكل الشريك في القبض لك
فإن فعل ) نقله الشريك وقبضه له
فإن امتنعا نصب الحاكم من يكون في يده لهما فينقله ليحصل القبض لأنه لا ضرر في ذلك عليهما
( والله أعلم ) فرع لو أتلف المتهب الموهوب لم يصر قابضا بخلاف المشتري إذا أتلف المبيع والفرق ما سبق في الفرع قبله
ولو أذن الواهب للموهوب له في أكل طعام الموهوب فأكله أو في إعتاق الموهوب فأعتقه أو أمر الموهوب له الواهب باعتاقه فأعتقه كان قابضا

فرع لو باع الواهب الموهوب قبل الاقباض حكى الشيخ أبو حامد أنه
إن كان يعتقد أن الهبة غير لازمة صح بيعه وبطلت الهبة
وإن اعتقد لزومها وحصول الملك بالعقد ففي صحة بيعه قولان كمن مال أبيه يظن أنه حي فبان ميتا

فرع في مسائل محكية عن نص الشافعي رضي الله عنه لو
وملكه لم يكن إقرارا بلزوم الهبة لجواز أن يعتقد لزومها وحصول الملك بالعقد والاقرار يحمل على اليقين
ولو قال وهبته له وخرجت إليه منه فإن كان الموهوب في يد المتهب كان إقرارا بالقبض وإن كان في يد الواهب فلا
ولو قيل له وهبت دارك لفلان وأقبضته فقال نعم كان إقرارا بالهبة والاقباض
الباب الثاني في حكم الهبة
في الرجوع والثواب فيه طرفان
( الطرف ) الأول في الرجوع فالهبة تنقسم إلى مقيدة بنفي الثواب ومقيدة باثباته ومطلقة
أما المقيدة بنفي الثواب فتلزم بنفس القبض ولا رجوع فيها إلا للوالد فإنه يرجع فيما وهبه لولده كما سيأتي إن شاء الله تعالى
فصل ينبغي للوالد أن يعدل بين أولاده في العطية فإن لم يعدل
فعل مكروها لكن تصح الهبة
والأولى في هذا الحال أن يعطي الآخرين ما يحصل به العدل
ولو رجع جاز
وإذا أعطى وعدل كره له الرجوع
وكذا لو كان ولدا واحدا فوهب له كره الرجوع إن كان الولد عفيفا بارا فان كان عاقا أو يستعين بما أعطاه في معصية فلينذره بالرجوع
فإن أصر لم يكره الرجوع

فرع في كيفية العدل بين الاولاد في الهبة وجهان

أصحهما أن يسوي بين الذكر والأنثى
والثاني يعطي الذكر مثل حظ الانثيين
قلت وإذا وهبت الأم لأولادها فهي كالأب في العدل بينهم في كل ما ذكرناه وكذلك الجد والجدة وكذا الابن إذا وهب لوالديه
قال الدارمي فان فضل فليفضل الأم
والله أعلم فصل للأب الرجوع في هبته لولده
وعن ابن سريج أنه إنما يرجع إذا قصد بهبته استجلاب بر أو دفع عقوق فلم يحصل فإن أطلق الهبة ولم يقصد ذلك فلا رجوع والصحيح الجواز مطلقا وأما الأم والأجداد والجدات من جهة الأب والأم فالمذهب أنهم كالأب
وفي قول لا رجوع لهم
وقيل ترجع الأم
وفي غيرها قولان
وقيل يرجع آباء الأب وفي غيرهم قولان
ولا رجوع لغير الأصول كالاخوة والأعمام وغيرهم من الاقارب قطعا
وسواء في ثبوت الرجوع للوالد كانا متفقين في الدين أم لا
ولو وهب لعبد ولده رجع
ولو وهب لمكاتب ولده فلا
وهبته لمكاتب نفسه كالأجنبي
ولو تنازع رجلان مولودا ووهبا له فلا رجوع لواحد منهما
فإن ألحق بأحدهما فوجهان لأن الرجوع لم يكن ثابتا ابتداء
قلت أصحهما الرجوع وبه قطع ابن كج لثبوت بنونه في الأحكام
والله أعلم

فرع حكم الرجوع في الهدية حكمه في الهبة
ولو تصدق على ولده فله الرجوع على الأصح المنصوص
قال المتولي ولو أبرأه من دين بني على أن الابراء إسقاط أو تمليك إن قلنا تمليك رجع وإلا فلا
قلت ينبغي أن لا يرجع على التقديرين
والله أعلم فرع وهب لولده ثم مات الواهب ووارثه أبوه لكون الولد مخالفا في الدين فلا رجوع للجد
فرع الموهوب إما أن لا يكون باقيا في سلطنة المتهب وإما أن

القسم الأول أن لا يكون بأن أتلف أو زال ملكه عنه ببيع أو غيره أو وقفه أو أعتقه أو كاتبه أو استولدها أو وهبه وأقبضه أو رهنه وأقبضه فلا رجوع له ولا قيمة أيضا
وحكى الإمام خلافا في أن الرهن هل يمنع الرجوع مبنيا على ما سبق من صحة هبة المرهون فإن قلنا لا تصح لم يصح الرجوع وإلا توقفنا
فإن فك الرهن بان صحة الرجوع وذكر أيضا ترددا في كتابة العبد بناء على صحة بيعه
ولا يمتنع الرجوع بالرهن والهبة إذا لم يقبضا ولا بالتدبير وتعليق العتق بصفة ولا بزراعة الأرض وتزويج الأمة قطعا

ولا بالايجار على المذهب وبه قطع الأكثرون وتبقى الاجارة بحالها كالتزويج
وقال الإمام إن صححنا بيع المستأجر رجع وإلا فان جوزنا الرجوع في المرهون وتوقفنا صح الرجوع هنا ولا توقف بل الرقبة للراجع ويستوفي المستأجر المنفعة إلى انقضاء المدة
وإن منعنا الرجوع في المرهون ففي المستأجر تردد وخرج على هذا ترددا فيما إذا أبق العبد الموهوب من يد المتهب هل يصح رجوع الواهب مع قولنا لا تصح هبة الآبق لأن الهبة تمليك مبتدأ والرجوع بناء فيسامح فيه ولو جنى وتعلق الأرش برقبته فهو كالمرهون في امتناع الرجوع
لكن لو قال أنا أفديه وأرجع مكن بخلاف ما لو كان مرهونا فأراد أن يبذل قيمته ويرجع لما فيه من إبطال تصرف المتهب
ولو زال ملك المتهب ثم عاد بإرث أو شراء ففي عود الرجوع وجهان
وقال الغزالي قولان
أصحهما المنع
واحتج أبو العباس الروياني لهذا الوجه بأنه لو وهب لابنه فوهبه الابن لجده فوهبه الجد لابن ابنه الذي وهبه فإن حق الرجوع للجد الذي حصل منه هذا الملك لا للأب ولا يبعد أن يثبت القائل الأول الرجوع لهما جميعا
ولو وهب له عصيرا فصار خمرا ثم صار خلا فله الرجوع على المذهب
وحكى بعضهم وجهين في زوال الملك بالتخمر ووجهين في عود الرجوع تفريعا على الزوال
وإذا انفك الرهن أو الكتابة بعجز المكاتب ثبت الرجوع على المذهب
ولو حجر على المتهب بالفلس فلا رجوع على الأصح كالرهن
وقيل يرجع لأن حقه سابق فانه يثبت من حين الهبة
قلت ولو حجر عليه بالسفه ثبت الرجوع قطعا لأنه لم يتعلق به حق غيره قاله المتولي وآخرون
والله أعلم ولو ارتد وقلنا لا يزول ملكه ثبت الرجوع
وإن قلنا يزول فلا
فإن

عاد إلى الاسلام ثبت الرجوع على المذهب
وقيل على الخلاف فيما لو زال ملكه ثم عاد
ولو وهب الابن المتهب الموهوب لابنه أو باعه له أو ورثه منه فلا رجوع للجد على المذهب
قلت ولو وهبه المتهب لأخيه من أبيه قال في البيان ينبغي أن لا يجوز للأب الرجوع قطعا لأن الواهب لا يملك الرجوع فالأب أولى
ولا يبعد تخريج الخلاف لأنهم عللوا الرجوع بأنه هبة لمن للجد الرجوع في هبته وهذا موجود هنا
والله أعلم القسم الثاني أن يكون باقيا في سلطنة المتهب فإن كان بحاله أو ناقصا فله الرجوع وليس على المتهب أرش النقص وإن كان زائدا نظر إن كانت الزيادة متصلة كالسمن وتعلم صنعة رجع فيه مع الزيادة
وإن كانت منفصلة كالولد والكسب رجع في الأصل وبقيت الزيادة للمتهب
وإن وهب جارية أو بهيمة حاملا فرجع قبل الوضع رجع فيها حاملا
وإن رجع بعد الوضع فإن قلنا للحمل حكم رجع في الولد مع الأم وإلا ففي الأم فقط
وإن وهبها حائلا ورجع وهي حامل فإن قلنا لا حكم للحمل رجع فيها حاملا وإلا فلا يرجع إلا في الأم وهل له الرجوع في الحال أم عليه الصبر إلى الوضع وجهان
ولو وهبه حبا فبذره ونبت أو بيضا فصار فرخا فلا رجوع لأن ماله مستهلك
قال البغوي هذا إذا ضمنا الغاصب بذلك وإلا فقد وجد عين ماله فيرجع
ولو كان الموهوب ثوبا فصبغه الابن رجع في الثوب والابن شريك بالصبغ
ولو قصره أو كانت حنطة فطحنها أو غزلا فنسجه فإن لم تزد قيمته رجع ولا شىء للابن
وإن زادت فإن قلنا القصارة عين فالابن شريك
وإن قلنا أثر فلا شىء له
ولو كان أرضا فبنى فيها أو غرس

رجع الأب في الأرض وليس له قلع البناء والغراس مجانا لكنه يتخير بين الابقاء بأجرة أو التملك بالقيمة أو القلع
وغرامة النقص كالعارية
ولو وطىء الابن الموهوبة قال ابن القطان لا رجوع وإن لم تحبل لأنها حرمت على الأب والصحيح ثبوت الرجوع

فرع فيما يحصل به الرجوع يحصل بقوله رجعت فيما وهبت أو ارتجعت
استرددت المال أو رددته إلى ملكي أو أبطلت الهبة أو نقضتها وما أشبه ذلك هكذا أطلقوه
وحكى الروياني في الجرجانيات وجهين في أن الرجوع نقض وإبطال للهبة أم لا فعلى الثاني ينبغي أن لا يستعمل لفظ النقض والابطال إلا أن يجعل كناية عن المقصود
وذكر الروياني هذا أن اللفظ الذي يحصل به الرجوع صريح وكناية فالصريح رجعت
والكناية تفتقر إلى النية كأبطلت الهبة وفسختها
فلو لم يأت بلفظ لكن باع الموهوب أو وهبه لآخر أو وقفه فثلاثة أوجه
أصحها لا يكون رجوعا
والثاني رجوع وينفذ التصرف
والثالث رجوع فلا ينفذ التصرف
ولو أتلف الطعام الموهوب أو أعتق العبد أو وطىء لم يكن رجوعا على الأصح
والثاني رجوع
وأشار الإمام إلى وجه ثالث أنه إن أحبلها بالوطء وحصل الاستيلاد كان رجوعا وإلا فلا
فعلى الأصح يلزمه بالاتلاف القيمة ويلغو الاعتاق وعليه بالوطء مهر المثل وباستيلاد القيمة
قلت ولا خلاف أن الوطء حرام على الأب وإن قصد به الرجوع كذا

قاله الإمام لاستحالة إباحة الوطء لشخصين ولا خلاف أن المتهب يستبيح الوطء قبل الرجوع
لكن إذا جرى وطء الأب الحرام هل يتضمن الرجوع فيه الخلاف
والله أعلم ولو صبغ الثوب الموهوب أو خلط الطعام بطعام نفسه لم يكن رجوعا بل هو كما لو فعل الغاصب ذلك

فرع الرجوع في الهبة حيث يثبت لا يفتقر إلى قضاء القاضي
وإذا رجع ولم يسترد المال فهو أمانة في يد الولد بخلاف المبيع في يد المشتري بعد فسخ البيع لأن المشتري أخذه على حكم الضمان
فرع لو اتفق الواهب والمتهب على فسخ الهبة حيث لا رجوع فهل
كما لو تقايلا أم لا كالخلع فيه وجهان عن الجرجانيات
قلت لا يصح الرجوع إلا منجزا
فلو قال إذا جاء رأس الشهر فقد رجعت لم يصح
قال المتولي لأن الفسوخ لا تقبل التعليق
والله أعلم الطرف الثاني في الثواب قد سبق أن الهبة مقيدة بنفي الثواب وإثباته ومطلقة ومضى الكلام في المقيدة وفرعناها على المذهب والذي قطع به الجمهور وهو صحتها
وقيل إنها باطلة إذا أوجبنا الثواب في المطلقة لأنه شرط يخالف مقتضاها

وأما القسم الثاني وهي المطلقة فينظر إن وهب الأعلى للأدنى فلا ثواب وفي عكسه قولان
أظهرهما عند الجمهور لا ثواب
والثاني يجب الثواب فعلى هذا هل ( هو ) قدر قيمة الموهوب أم ما يرضى به الواهب أم ما يعد ثوابا لمثله في العادة أم يكفي ما يتمول فيه أربعة أوجه
وقيل أقوال
أصحها أولها والخيار في جنسه إلى المتهب
فعلى الأصح لو اختلف قدر القيمة فالاعتبار بقيمة يوم القبض على الأصح
وقيل بيوم بذل الثواب
ثم إن لم يثب ما يصلح ثوابا فللواهب الرجوع إن كان الموهوب بحاله
قلت قال أصحابنا ولا يجبر المتهب على الثواب قطعا
والله أعلم فإن زاد زيادة منفصلة رجع فيه دونها
وإن زاد متصلة رجع فيه معها على الصحيح
وقيل للمتهب إمساكه وبذل قيمته بلا زيادة
وإن كان تالفا فوجهان
وقيل قولان منصوصان في القديم
أصحهما يرجع بقيمته
والثاني لا شىء له كالاب في هبة ولده
وإن كان ناقصا رجع فيه
وفي تغريمه المتهب أرش النقصان الوجهان
وقيل له ترك العين والمطالبة بكمال القيمة
قلت وإن كانت جارية قد وطئها المتهب رجع الواهب فيها ولا مهر على المتهب لأنه وطىء ملكه
والله أعلم وأما إذا وهب لنظيره فالمذهب القطع بأن لا ثواب
وقيل فيه القولان
وعن صاحب التقريب طرد القولين في هبة الاعلى للأدنى وهو شاذ
قلت وحكى صاحب الابانة و البيان وجها أنه إذا وهب لنظيره ونوى الثواب

استحقه وإلا فقولان
فإن اختلفا في النية فأيهما يقبل قوله وجهان
والمذهب أنه لا يجب الثواب في جميع الصور
قال المتولي إذا لم يجب فأعطاه المتهب ثوبا كان ذلك ابتداء هبة
حتى لو وهب لابنه فأعطاه الابن ثوابا لا ينقطع حق الرجوع ولا يجب في الصدقة ثواب بكل حال قطعا صرح به البغوي وغيره وهو ظاهر
وأما الهدية فالظاهر أنها كالهبة
والله أعلم وأما القسم الثالث فالمقيدة بالثواب وهو إما معلوم وإما مجهول
فالحالة الاولى المعلوم فيصح العقد على الاظهر ويبطل على قول
فإن صححنا فهو بيع على الصحيح
وقيل هبة
فإن قلنا هبة لم يثبت الخيار والشفعة ولم يلزم قبل القبض
وإن قلنا بيع ثبتت هذه الاحكام
وهل تثبت عقب العقد أم عقب القبض قولان
أظهرهما الأول
ولو وهبه حليا بشرط الثواب أو مطلقا وقلنا الهبة تقتضي الثواب فنص في حرملة أنه إن أثابه قبل التفرق بجنسه اعتبرت المماثلة
وإن أثابه بعد التفرق بعرض صح وبالنقد لا يصح لانه صرف وهذا تفريع ذلى أنه بيع
وفي التتمة أنه لا بأس بشىء من ذلك لانا لم نلحقه بالمعاوضات في اشتراط العلم بالعوض وكذا سائر الشروط وهذا تفريع على أنه هبة
وحكى الإمام الأول عن الأصحاب وأبدى الثاني احتمالا
وخرج على الوجهين ما إذا وهب الاب لابنه بثواب معلوم
فإن جعلنا العقد بيعا فلا رجوع وإلا فله الرجوع
وإذا وجد بالثواب عيبا وهو في الذمة طالب بسليم
وإن كان معينا رجع إلى عين الموهوب إن كان باقيا وإلا طالب ببدله
واستبعد الإمام مجيء الخلاف أنه بيع أم هبة هنا حتى لا يرجع على التقدير الثاني وإن طرده بعضهم
وإذا جعلناه هبة فكافأه بدون المشروط إلا أنه قريب ففي

شرح ابن كج وجهان في أنه هل يجبر على القبول لأن العادة فيه مسامحة قلت والاصح أو الصحيح لا يجبر
والله أعلم الحالة الثانية إذا كان الثواب مجهولا فإن قلنا الهبة لا تقتضي ثوابا بطل العقد لتعذر تصحيحه بيعا وهبة وإن قلنا تقتضيه صح وهو تصريح بمقتضى العقد هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور
وحكى الغزالي وجها أنه يبطل بناء على أن العوض يلحقه بالبيع

فرع نص الشافعي رضي الله عنه أنه لو وهب لاثنين بشرط الثواب
أحدهما فقط لم يرجع في حصة المثيب وأنه لو أثاب أحدهما عن نفسه وعن صاحبه ورضي به الواهب لم يرجع الواهب على واحد منهما
ثم إن أثاب إذن بغير الشريك لم يرجع عليه
وإن أثاب بإذنه رجع بالنصف إن أثاب ما يعتاد ثوابا لمثله
فإن زاد فمتطوع بالزيادة
فرع خرج الموهوب مستحقا بعد الثواب رجع بما أثاب على الواهب
وإن جرج بعضه مستحقا فله الخيار بين أن يرجع على الواهب بقسطه من الثواب وبين أن يرد الباقي ويرجع بجميع الثواب
وقيل تبطل الهبة في الكل
وقيل لا يجيء قول الابطال هنا

فرع قال وهبتك ببدل فقال بلا بدل وقلنا مطلق الهبة لا
فهل المصدق الواهب أم المتهب وجهان وبالأول قطع ابن كج
قلت الثاني أصح
والله أعلم فصل في مسائل تتعلق بالكتاب هبة منافع الدار هل هي إعارة لها وجهان في الجرجانيات ولا يحصل الملك بالقبض في الهبة الفاسدة
وهل المقبوض بها مضمون كالبيع الفاسد أم لا كالهبة الصحيحة وجهان
ويقال قولان
قلت أصحهما لا ضمان وهو المقطوع به في النهاية و العدة و البحر و البيان ذكروه في باب التيمم
قال المتولي وإذا حكمنا بفساد الهبة فسلم المال بعد ذلك هبة فإن كان يعتقد فساد الأولى صحت الثانية وإلا فوجهان بناء على من باع مال أبيه على أنه حي فكان ميتا
وهذه مسائل متعلقة بالكتاب
إحداها قال لرجل كسوتك هذا الثوب ثم قال لم أرد الهبة قال صاحب العدة يقبل قوله خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه لأنه يصلح للعارية فلا يكون صريحا في الهبة

الثانية قال منحتك هذه الدار أو الثوب فقال قبلت وأقبضه فهو هبة قاله في العدة
الثالثة في فتاوى الغزالي لو كان في يد ابن الميت عين فقال وهبنيها أبي وأقبضنيها في الصحة فأقام باقي الورثة بينة بأن الأب رجع فيما وهب لابنه ولم تذكر البينة ما رجع فيه لا تنتزع من يده بهذه البينة لاحتمال أن هذه العين ليست من المرجوع فيه
ويقرب من هذا لو وهب وأقبض ومات فادعى الوارث كون ذلك في المرض وادعى المتهب كونه في الصحة فالمختار أن القول قول المتهب
الرابعة دفع إليه ثوبا بنية الصدقة فأخذه المدفوع إليه ظانا أنه وديعة أو عارية فرده على الدافع لا يحل للدافع قبضه لأنه زال ملكه فإن الاعتبار بنية الدافع
فإن قبضه لزمه رده إلى المدفوع إليه ذكره القاضي حسين
الخامسة بر الوالدين مأمور به وعقوق كل واحد منهما محرم معدود من الكبائر بنص الحديث الصحيح وصلة الرحم مأمور بها فأما برهما فهو الإحسان إليهما وفعل الجميل معهما وفعل ما يسرهما من الطاعات لله تعالى وغيرها مما ليس بمنهي عنه ويدخل فيه الاحسان إلى صديقهما ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه
وأما العقوق فهو كل ما أتى به الولد مما يتأذى ( به ) الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع أنه ليس بواجب
وقيل تجب طاعتهما في كل ما ليس بحرام فتجب طاعتهما في الشبهات

وقد حكى الغزالي هذا في الإحياء عن كثير من العلماء أو أكثرهم
وأما صلة الرحم ففعلك مع قريبك ما تعد به واصلا غير منافر ومقاطع له ويحصل ذلك تارة بالمال وتارة بقضاء حاجته أو خدمته أو زيارته
وفي حق الغائب بنحو هذا وبالمكاتبة وإرسال السلام عليه ونحو ذلك
السادسة الوفاء بالوعد مستحب استحبابا متأكدا ويكره إخلافه كراهة شديدة ودلائله من الكتاب والسنة معلومة وقد ذكرت في كتاب الاذكار فيه بابا وبينت فيه اختلاف العلماء في وجوبه
والله أعلم

كتاب اللقطة
فيه بابان
( الباب ) الاول في أركانها وهي ثلاثة
( الركن ) الاول الالتقاط وفيه مسألتان
( المسألة ) الاولى في وجوب الالتقاط أربعة طرق
أصحها وقول الأكثرين أنه على قولين
أظهرهما لا يجب كالاستيداع
والثاني يجب
والطريق الثاني إن كانت في موضع يغلب على الظن ضياعها بأن تكون في ممر الفساق والخونة وجب الالتقاط وإلا فلا
والثالث إن كان لا يثق بنفسه لم يجب قطعا
وإن غلب على ظنه أمانة نفسه ففيه القولان
والرابع لا يجب مطلقا
فإذا قلنا لا يجب فإن وثق بنفسه ففي الاستحباب وجهان
أصحهما ثبوته
وإن لم يثق وليس هو في الحال من الفسقة لم يستحب له الالتقاط قطعا
قاله الإمام
وحكى عن شيخه في الجواز وجهين
أصحهما ثبوته وسواء قلنا بوجوب الالتقاط أو عدمه فلا يضمن اللقطة بالترك لأنها لم تحصل في يده
هذا حكم الأمين أما الفاسق فقطع الجمهور أنه يكره له الالتقاط
وأما قول الغزالي إن علم الخيانة حرم الالتقاط وقوله في الوسيط الفاسق لا يجوز له الاخذ فمخالف لما أطلقه الجمهور من الكراهة
المسألة الثانية في وجوب الاشهاد على اللقطة وجهان
ويقال قولان
أصحهما لا يجب لكن يستحب
وقيل لا يجب قطعا
ثم في كيفية الاشهاد وجهان
أصحهما عند البغوي يشهد على أصلها دون صفاتها لئلا يتوصل كاذب

إليها
قال البغوي ويجوز أن يذكر جنسها
والثاني يشهد على صفاتها أيضا حتى لو مات لا يتملكها الوارث ويشهد الشهود للمالك
وأشار الإمام إلى توسط بين الوجهين وهو أنه لا يستوعب الصفات بل يذكر بعضها ليكون في الاشهاد فائدة
قلت الأصح هذا الذي اختاره الإمام
قال الإمام والوجه الأول ساقط إذ لا فائدة فيه
وما ذكرناه من المنع من ذكر تمام الاوصاف لا نراه ينتهي إلى التحريم
والله أعلم الركن الثاني الملتقط وبناء الكلام فيه على أصل وهو أن اللقطة فيها معنى الأمانة والولاية والاكتساب فالأمانة والولاية أولا والاكتساب آخرا بعد التعريف
وهل المغلب دلأمانة والولاية لانها ناجزة أم الاكتساب لأنه مقصوده ولا يستقل الآحاد بالأمانات فيه وجهان
ويقال قولان
فاذا اجتمع في شخص أربع صفات الإسلام والحرية والأمانة والتكليف فله أن يلتقط ويعرف ويتملك لأنه أهل للأمانة والولاية والاكتساب وإلا ففيه مسائل
إحداها يمكن الذمي من الالتقاط في دار الاسلام على الأصح
وقيل قطعا كالاصطياد والاحتطاب وربما شرط فيه عدالته في دينه
فإن قلنا ليس له الالتقاط فالتقط أخذه الإمام منه وحفظه إلى ظهور مالكه
وإن جوزناه قال البغوي هو كالتقاط الفاسق
قال والمرتد إن قلنا يزول ملكه انتزعت اللقطة منه كما لو احتطب ينتزع من يده
وإن قلنا لا يزول فكالفاسق يلتقط
ولك أن تقول إن أزلنا ملكه فما يحتطبه ينتزع ويكون لأهل الفيء فإن كانت اللقطة كذلك فقياسه أن يجوز للإمام ابتداء الالتقاط لأهل الفيء ولبيت المال وأن يجوز للولي الالتقاط للصبي
وإن قلنا لا يزول ملكه فهو بالذمي أشبه منه من الفاسق فليكن كالتقاط الذمي وبهذا قطع المتولي

الثانية الفاسق أهل للالتقاط على المذهب وبه قطع الجمهور وهو ظاهر النص
وعن القفال تخريجه على الأصل المذكور إن غلبنا الاكتساب فنعم أو الأمانة فلا وما يأخذه مغصوب
فعلى المذهب هل يقر المال في يده قولان
أظهرهما لا بل ينتزع منه ويوضع عند عدل
والثاني نعم ويضم إليه عدل يشرف عليه
وعن ابن القطان وجه أنه لا يضم إليه أحد
وسواء قلنا ينتزع أو يضم إليه مشرف ففي التعريف قولان
أظهرهما لا يعتمد وحده بل يضم إليه نظر العدل ومراقبته
والثاني يكفي تعريفه
ثم إذا تم التعريف فللملتقط التملك
الثالثة التقاط العبد وهو على ثلاثة أضرب
أحدها التقاط لم يأذن فيه السيد ولا نهى عنه وفيه قولان
أظهرهما لا يصح والثاني كاحتطابه ويكون الحاصل لسيده
فان قلنا لا يصح التقاطه لم يعتد بتعريفه
ثم إن لم يعلم السيد التقاطه فالمال مضمون في يد العبد والضمان متعلق برقبته سواء أتلفه أو تلف بتفريط أو بغير تفريط كالمغصوب
وإن علم فله أحوال
أحدها أن يأخذه من يده
ولهذا مقدمة وهي أن القاضي لو أخذ المغصوب من الغاصب ليحفظه للمالك هل يبرأ الغاصب من الضمان وجهان
أقيسهما البراءة لأن يد القاضي نائبة عن يد المالك
فإن قلنا لا يبرأ فللقاضي أخذه منه
وإن قلنا يبرأ فإن كان المال معرضا للضياع والغاصب بحيث لا يبعد أن يفلس أو يغيب وجهي فكذلك وإلا فوجهان
أحدهما لا يأخذ فانه أنفع للمالك
والثاني يأخذ نظرا لهما جميعا
وليس لآحاد الناس أخذ المغصوب إذا لم يكن معرضا للضياع ولا الغاصب بحيث تفوت مطالبته ظاهرا
وإن كان كذلك فوجهان
أصحهما المنع لأن القاضي هو النائب عن الناس ولأنه

قد يؤدي إلى الفتنة
والثاني الجواز احتسابا ونهيا عن المنكر
فعلى الأول لو أخذه ضمنه وكان كغاصب من غاصب
وعلى الثاني لا يضمن وبراءة الغاصب على الخلاف السابق وأولى بأن لا يبرأ
قال الإمام ويجوز أن يقال إن كان هناك قاض يمكن رفع الأمر إليه فلا يجوز وإلا فيجوز
إذا عرف هذا فقال معظم الأصحاب إذا أخذ السيد اللقطة من العبد كان أخذه التقاطا لأن يد العبد إذا لم تكن يد التقاط كان الحاصل في يده ضائعا بعد ويسقط الضمان عن العبد لوصوله إلى نائب المالك فان كل أهل للالتقاط كأنه نائب عنه
وبمثله قالوا فيما لو أخذه أجنبي إلا أن المتولي جعل أخذه الاجنبي على الخلاف فيما لو تعلق صيد بشبكة رجل فأخذه غيره واستبعد الإمام قولهم إن أخذ السيد التقاط لأن العبد ضامن بالأخذ
ولو كان أخذ السيد التقاطا لسقط الضمان عنه فيتضرر به المالك وهذا وجه ذكره ابن كج والمتولي وحكيا تفريعا عليه أن السيد ينتزعه من يده ويسلمه إلى الحاكم ليحفظه لمالكه أبدا
وأما الإمام فقال إذا قلنا إنه ليس بالتقاط فأراد أخذه بنفسه وحفظه لمالكه فوجهان مرتبان على أخذ الآحاد المغصوب للحفظ وأولى بالمنع لأن السيد ساع لنفسه غير متبرع
ثم يترتب على جواز الأخذ حصول البراءة كما قدمنا
وإن استدعى من الحاكم انتزاعه فهذه الصورة أولى بأن يزيل الحاكم فيها اليد العادية
وإذا أزال فأولى أن تحصل البراءة لتعلق غرض السيد بالبراءة وهو غير منسوب إلى عدوان حتى يغلظ عليه
الحال الثاني أن يقره في يده ويستحفظه عليه ليعرفه
فإن لم يكن العبد أمينا فهو متعد بالاقرار وكأنه أخذه منه ورده إليه
وإن كان أمينا جاز

كما لو استعان به في تعريف ما التقطه بنفسه
وذكر الإمام في سقوط الضمان وجهين
أصحهما عنده المنع
وقياس كلام الجمهور سقوطه
الحال الثالث أن لا يأخذه ولا يقره بل يهمله ويعرض عنه
فنقل المزني أن الضمان يتعلق برقبة العبد كما كان ولا يطالب به السيد في سائر أمواله لأنه لا تعدي منه ولا أثر لعلمه كما لو رأى عبده يتلف مالا فلم يمنعه ونقل الربيع تعلقه بالعبد وبجميع أموال السيد
وعكس الإمام والغزالي فنسبا الأول إلى الربيع والثاني إلى المزني
والصواب المعتمد ما سبق ثم فيهما أربعة طرق
أصحها وقول الأكثرين المسألة على قولين
أظهرهما تعلقه بالعبد وسائر أموال السيد حتى لو هلك العبد لا يسقط الضمان
ولو أفلس السيد قدم صاحب اللقطة في العبد على سائر الغرماء
ومن قال به لم يسلم عدم وجوب الضمان إذا رأى عبده يتلف مالا فلم يمنعه
والطريق الثاني حمل نقل المزني على ما إذا كان العبد مميزا ونقل الربيع على غير المميز
والثالث القطع بنقل المزني في النقل
والرابع القطع بنقل الربيع وبه قال أبو إسحاق وغلطوا المزني في النقل هذا كله إذا قلنا لا يصح التقاطه
فإن قلنا يصح صح تعريفه وليس له التعريف أن يتملكه لنفسه وله التملك للسيد بإذنه ولا يجوز بغير إذنه على المذهب
وقيل وجهان كاتهابه وشرائه فعلى المذهب قيل لا يصح تعريفه بغير إذن سيده
والصحيح صحته كالالتقاط
قال الإمام لكن إن قلنا انقضاء مدة التعريف توجب الملك فيجوز أن يقال لا يصح تعريفه ويجوز أن يقال يصح ولا يثبت الملك كما لا يثبت إذا عرف من قصد الحفظ
ثم لا يخلو إما أن يعلم السيد بالالتقاط وإما أن لا يعلم
فإن لم يعلم فالمال أمانة في يد العبد لكن لو كان معرضا عن التعريف ففي الضمان وجهان كالوجهين في الحر إذا امتنع من التعريف
ولو أتلفه العبد بعد مدة التعريف أو تملكه لنفسه فهلك عده فهل يتعلق الضمان بذمته كما لو اقترض فاسدا وأتلفه أم برقبته كالمغصوب وجهان
وبالأول قطع الشيخ أبو محمد في الفروق

ولو أتلفه في المدة أو تلف بتقصيره فالمذهب تعلق الضمان برقبته وبه قطع الجمهور لأنه خيانة محضة إذ لم يدخل وقت التملك بخلاف ما بعد المدة
وقيل في تعلقه بالرقبة أو الذمة قولان
وإن علم به السيد فله أخذه كأكسابه ثم يكون كالتقاطه بنفسه
فإن شاء حفظه لمالكه وإن شاء عرف وتملك
فإن كان العبد عرف بعض المدة احتسب به وبنى عليه
وإن أقره في يده وهو خائن ضمن السيد بابقائه في يده
وإن كان أمينا جاز ثم إن تلف في يده في مدة التعريف فلا ضمان
وإن تلف بعدها فإن أذن السيد في التملك فتملك لم يخف الحكم وإلا فوجهان
أصحهما يتعلق الضمان بالسيد لاذنه في سبب الضمان كم لو أذن له في استيام شىء فأخذه فتلف في يده
والثاني لا كما لو أذن له في الغصب فغصب
فعلى الأول يتعلق الضمان أيضا بذمة العبد فيطالب به بعد العتق كما يطالب به السيد في الحال وعلى الثاني يتعلق برقبته كما يتعلق بمال السيد
وإن لم يأذن فهل يتعلق الضامن بذمة العبد أم برقبته وجهان
أصحهما الأول ولا يتعلق بالسيد قطعا
فإن أتلفه العبد بعد المدة فعلى الخلاف السابق

فرع قال صاحب التقريب القولان في أصل المسألة فيما إذا نوى الالتقاط
لنفسه فإن نوى لسيده فيحتمل أن يطرد القولان ويحتمل أن يقطع بالصحة
وقال ابن كج القولان إذا التقط ليدفع إلى سيده
فإن قصد نفسه فليس له الالتقاط قطعا بل هو متعد وحكاه عن أبي إسحق والقاضي أبي حامد
الضرب الثاني التقاط بإذن السيد بأن يقول متى وجدت لقطة فخذها وائتني بها فطريقان
قال ابن أبي هريرة بطرد القولين لأن الإذن لا يفيده أهلية الولاية

وقطع غيره بالصحة وإليه ميل الإمام كما لو أذن في قبول الوديعة
ولو أذن له في الاكتساب مطلقا ففي دخول الالتقاط وجهان
الضرب الثالث التقاط نهاه عنه السيد فقطع الاصطخري بالمنع وطرد غيره القولين
قلت طريقة الاصطخري أقوى ولكن سائر الأصحاب على طرد القولين قاله صاحب المستظهري
والله أعلم فرع إذا التقط ثم أعتقه السيد فإن صححنا التقاطه فهي كسب عبده يأخذها السيد ويعرفها ويتملكها
فإن كان العبد عرف اعتد به هذا هو المذهب
وقال ابن القطان هل السيد أحق نظرا إلى وقت الالتقاط أم العبد نظرا إلي وقت التملك وجهان
وإن لم نصحح التقاطه قال ابن كج للسيد حق التملك إذا قلنا للسيد التملك على هذا القول
وقطع الجمهور بأنه ليس للسيد أخذها
فعلى هذا هل للعبد تملكها وكأنه التقط بعد الحرية أم يجب أن يسلمها إلى الحاكم لأنه لم يكن أهلا وجهان
أصحهما الأول

فرع في التقاط المكاتب طرق

أحدها الصحة قطعا
والثاني المنع قطعا بخلاف القن فإن السيد ينتزع منه ولا ولاية للسيد على مال المكاتب مع نقصانه
والثالث وهو الأصح عند الجمهور طرد القولين كالعبد لكن الاظهر هنا باتفاق الاصحاب

صحة التقاطه
ثم المذهب أن هذه الطرق في المكاتب كتابة صحيحة
فأما الفاسدة فكالقن قطعا
وقيل بطرد الخلاف في النوعين ونقل الإمام عن العراقيين تفريعا على القطع بالصحة أن في إبقاء اللقطة في يده قولين كما سبق في الفاسق وكتبهم ساكتة عن ذلك إلا ما شاء الله تعالى
فإن صححنا التقاط المكاتب عرفها وتملكها ويكون بدلها في كسبه
وفي تقدم المالك به على الغرماء وجهان في أمالي أبي الفرج الزاز
وإذا أعتق في مدة التعريف أتم التعريف وتملك
وإن عاد إلى الرق قبل تمام التعريف فالمنقول عن الاصحاب أن القاضي يأخذها ويحفظها للمالك وأنه ليس للسيد أخذها وتملكها لأن التقاط المكاتب لا يقع للسيد فلا ينصرف إليه
وقال البغوي ينبغي أن يجوز له الأخذ والتملك لأن الالتقاط اكتساب وأكساب المكاتب لسيده عند عجزه
قال وكذا لو مات المكاتب أو العبد قبل التعريف وجب أن يجوز للسيد التعريف والتملك كما أن الحر إذا التقط ومات قبل التعريف يعرف الوارث ويتملك
وإذا لم نصحح التقاطه فالتقط صار ضامنا ولا يأخذ السيد اللقطة منه بل يأخذها القاضي ويحفظها هكذا ذكروه
ولك أن تقول ذكرتم تفريعا على منع التقاط القن أن للأجنبي أخذها ويكون ملتقطا ولم تعتبروا الولاية وليس السيد في حق المكاتب بأدنى حالا من الأجنبي في القن
ثم إذا أخذها الحاكم برىء المكاتب من الضمان
ثم كيف الحكم ذكر الشيخ أبو حامد وغيره أنه يعرفها فذا انقضت مدة التعريف تملكها المكاتب
والأصح أنه ليس له التملك فإن التفريع على فساد الالتقاط لكن إذا ( أخذها ) حفظها إلى أن يظهر مالكها

فرع من بعضه حر وبعضه رقيق هل يصح التقاطه قطعا أم على القولين كالقن فيه طريقان

وقيل يصح في قدر الحرية قطعا وفي الباقي الطريقان وبهذا قطع المتولي وأبداه الشاشي احتمالا
قلت المذهب المنصوص صحة التقاطه
والله أعلم فإن قلنا لا يصح فهو متعد بالأخذ ضامن بقدر الحرية في ذمته ويؤخذ منه إن كان له مال وبقدر الرق في رقبته
وهل ينتزع منه أم يبقى في يده ويضم إليه مشرف وجهان حكاهما ابن كج
أصحهما الانتزاع
وعلى هذا هل يسلم إلى السيد أم يحفظه الحاكم إلى ظهور مالكه وجهان
الصحيح الثاني
فإن سلم إلى السيد فعن أبي حفص بن الوكيل أن السيد يعرفه ويتملكه
قال ابن كج ويحتمل عندي أن يكون بينهما بحسب الرق والحرية
أما إذا قلنا يصح التقاطه فإن لم يكن بينه وبين السيد مهايأة فاللقطة بينهما يعرفانها ويتملكانها بحسب الرق والحرية كشخصين التقطا مالا
وقال ابن الوكيل يختص بها السيد كلقطة القن وليس بشىء
وإن كان بينهم مهايأة بني على أن الكسب النادر هل يدخل في المهايأة فيه قولان
ويقال وجهان ذكرناهما في زكاة الفطر
وميل العراقيين والصيدلاني هناك إلى ترجيح عدم الدخول ثم أنهم مع سائر الأصحاب كالمتفقين على ترجيح عدم الدخول هنا وهو نصه في المختصر
فعلى هذا إن وقعت اللقطة في نوبة السيد عرفها وتملكها
وإن وقعت في نوبة العبد عرفها وتملك
والاعتبار بوقت الالتقاط هذا هو الصحيح المعروف
وأشار

الإمام إلى وجه أن الاعتبار بوقت التملك
وإن قلنا النادر لا يدخل في المهايأة فهو كما لو لم يكن مهايأة
قلت ونقل إمام الحرمين في باب زكاة الفطر اتفاق العلماء على أن أرش الجناية لا يدخل في المهايأة لأنه يتعلق بالرقبة وهي مشتركة
والله أعلم فرع المدبر والمعلق عتقه بصفة وأم الولد كالقن في الالتقاط
لكن حيث حكمنا بتعلق الضمان برقبة القن ففي أم الولد يجب على السيد سواء علم التقاطها أم لا لأن جنايتها على السيد
وفي الأم أنه إن علم سيدها فالضمان في ذمته وإلا ففي ذمتها وهذا لم يثبته الاصحاب وقالوا هذا سهو من كاتب أو غلط من ناقل وربما حاولوا تأويله
المسألة الرابعة التقاط الصبي فيه طريقان كالفاسق
المذهب صحته كاحتطابه واصطياده فإن صححناه فلم يعلم به الولي وأتلفه الصبي ضمن
وإن تلف في يده فوجهان
أصحهما لا ضمان عليه كما لو أودع مالا فتلف عنده
وتسليط الشرع له على الالتقاط كتسليط المودع
والثاني يضمن لضعف أهليته فإنه لا يقر في يده
فإن علم به الولي فينبغي أن ينتزعه من يده ويعرفه
ثم إن رأى المصلحة في تملكه للصبي جاز حيث يجوز الاستقراض عليه
وقال ابن الصباغ عندي يجوز التملك له وإن لم يجز الاقتراض لأنه على هذا القول ملحق بالاكتساب

قلت هذا الذي قاله ابن الصباغ كما هو شذوذ عن الأصحاب فهو ضعيف دليلا فإنه اقتراض
والله أعلم وإن لم ير التملك له حفظه أمانة أو سلمه إلى القاضي
وإذا احتاج التعريف إلى مؤنة لم يصرفها من مال الصبي بل يرفع الأمر إلى القاضي ليبيع جزءا من اللقطة لمؤنة التعريف
ويجيء وجه مما سنذكره إن شاء الله تعالى في التقاط الشاة أنه يبيع بنفسه ولا يحتاج إلى إذن الحاكم
ولو تلفت اللقطة في يد الصبي قبل الانتزاع بغير تفريط فلا ضمان
وإن قصر الولي بتركها في يده حتى تلفت أو أتلفها لزم الولي الضمان من مال نفسه وشبهوه بما إذا احتطب الصبي وتركه الولي في يده حتى تلف أو أتلفه الصبي يجب الضمان على الولي لأن عليه حفظ الصبي عن مثله
قال البغوي ثم يعرف التالف وبعد التعريف يتملك للصبي إن كان في التملك مصلحة ويشبه أن يكون هذا فيما إذا وجد قبض من جهة القاضي ليصير المقبوض ملكا للملتقط أو إفراز من جهة الولي إذا قلنا إن من التقط شاة وأكلها يفرز بنفسه قيمتها من ماله
فأما الضمان في الذمة فلا يمكن تملكه للصبي
أما إذا قلنا لا يصح التقاط الصبي فإذا التقط وتلفت في يده أو أتلفها وجب الضمان في ماله وليس للولي أن يقرها في يده بل يسعى في انتزاعها فإن أمكنه رفع الأمر إلى القاضي فعل وإن انتزع الحاكم ففي براءة الصبي عن الضمان الخلاف المذكور في انتزاع القاضي المغصوب من الغاصب وأولى بحصول البراءة نظرا للطفل
إن لم يمكنه رفع الامر إلى القاضي أخذه بنفسه وتبنى براءة الصبي عن الضمان على الخلاف في براءة الغاصب بأخذ الآحاد

فإن لم تحصل البراءة ففائدة الأخذ صون عين المال عن التضييع والاتلاف
قال المتولي وإذا أخذه الولي فان أمكنه التسليم إلى القاضي فلم يفعل حتى تلف لزمه الضمان وإلا فقرار الضمان على الصبي
وفي كون الولي طريقا وجهان
وهذا إذا أخذ الولي لا على قصد الالتقاط
أما إذا قصد ابتداء الالتقاط ففيه وجهان وليكونا كالخلاف في الأخذ من العبد على هذا القصد إذا لم نصحح التقاطه
ولو قصر الولي وترك المال في يده قال المتولي لا ضمان عليه إذا تلف لأنه لم يحصل في يده ولا حق للصبي فيه حتى يلزمه حفظه بخلاف ما إذا فرعنا على القول الأول
وخصص الإمام هذا الجواب بما إذا قلنا إن أخذه لا يبرىء الصبي
أما إذا قلنا يبرىء فعليه الضمان لتركه الصبي في ورطة الضمان ويجوز أن يضمن
وإن قلنا إن أخذه لا يبرىء الصبي لأن المال في يد الصبي معرض للضياع فحق أن يصونه

فرع المجنون كالصبي في الالتقاط وكذا المحجور عليه بسفه إلا أنه يصح تعريفه ولا يصح تعريف

الركن الثالث الشىء الملتقط وهو قسمان
مال وغيره والمال نوعان حيوان وجماد
والحيوان ضربان آدمي وغيره
وغيره صنفان
أحدهما ما يمتنع من صغار السباع بفضل قوته كالابل والخيل والبغال والحمير أو بشدة عدوه كالأرانب والظباء المملوكة أو بطيرانه كالحمام فإن وجدها في مفازة فللحاكم ونوابه أخذها للحفظ
وفي جواز أخذها للآحاد للحفظ وجهان
أصحهما عند الشيخ أبي حامد والمتولي وغيرهما جوازه وهو المنصوص لئلا يأخذها

خائن فتضيع
وأما أخذها للتملك فلا يجوز لأحد
فمن أخذها للتملك ضمنها ولا يبرأ عن الضمان بالرد إلى ذلك الموضع
فإن دفعها إلى القاضي برىء على الأصح
وإن وجدها في بلدة أو قرية أو في موضع قريب منها فوجهان أو قولان
أحدهما لا يجوز التقاطها للتملك كالمفازة
وأصحهما جوازه لأنها في العمارة تضيع بتسلط الخونة
وقيل يجوز قطعا
وقيل لا يجوز قطعا
فإن منعنا فالتقاطها بقصد التملك كما ذكرنا في التقاطها من الصحراء
وإن جوزناه فعلى ما سيأتي في النصف الثاني إن شاء الله تعالى
هذا كله إذا كان زمان أمن
فأما في زمن النهب والفساد فيجوز التقاطها قطعا
وسواء وجدت في الصحراء أو العمران كما سيأتي فيما لا يمتنع قاله المتولي
الصنف الثاني ما لا يمتنع من صغار السباع كالكسير والغنم والعجول والفصلان فيجوز التقاطها للتملك سواء وجدت في المفازة أو العمران
وفي وجه لا يؤخذ ما وجد في العمران
والصحيح المعروف أنه لا فرق
ثم إذا وجده في المفازة فهو بالخيار بين أن يمسكها ويعرفها ثم يتملكها وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها ويعرفها ثم يتملك الثمن وبين أن يأكلها إن كانت مأكولة ويغرم قيمتها
والخشلة الأولى أولى من الثانية والثانية أولى من الثالثة
وإن وجدها في العمران فله الامساك مع التعريف والتملك وله البيع والتعريف وتملك الثمن
وفي الأكل قولان
أحدهما الجواز كالمفازة
وأظهرهما عند الأكثرين المنع لأن البيع في العمران أسهل هذا إذا كانت مأكولة فأما الجحش وصغار ما لا يؤكل فحكمها في الامساك والبيع حكم المأكول وفي جواز تملكها في الحال وجهان
أحدهما نعم كما يجوز أكل المأكول
ولو لم يجوز ذلك لأعرض عنها الواجدون ولضاعت وأصححهما لا يجوز تملكها حتى تعرف سنة كغيرها

ويتفرع على الخصال الثلاث مسائل
أحداها إذا أمسكها وتبرع بالانفاق فذاك
وإن الرجوع فلينفق بإذن الحاكم
فإن لم يجد حاكما أشهد كما سبق في نظائره
الثانية إذا أراد البيع فإن لم يجد حاكما استقل به
وإن وجده فالأصح أنه يجب استئذانه
وهل يجوز بيع جزء منمها لنفقة باقيها قال الإمام نعم كما تباع جميعها
وحكى عن شيخه احتمالا أنه لا يجوز لأنه يؤدي إلى أن تأكل نفسها وبهذا قطع أبو الفرج الزاز قال ولا يستقرض على المالك أيضا لهذا المعنى لكنه يخالف ما سبق في هرب الجمال ونحوه
قلت الفرق بينه وبين هرب الجمال ظاهر فان هناك لا يمكن البيع لتعلق حق المستأجر وهن يمكن فلا يجوز الاضرار بمالكها من غير ضرورة
والله أعلم

فرع متى حصلت الضالة في يد الحاكم فإن كان هناك حمى سرحها
بسمة الضوال ويسم نتاجها أيضا
وإن لم يمكن فالقول في بيعكلها أو بعضها للنفقة على ما سبق لكن لو توقع مجيء المالك في طلبها على قرب بأن عرف أنها من نعم بني فلان تأنى أياما كما يراه
الضرب الثاني الآدمي فإذا وجد رقيقا مميزا والزمان آمن لم يأخذه ونه يستدل على سيده
وإن كان غير مميز أو مميزا في زمن نهب جاز أخذه كسائر الأموال
ثم يجوز تملك العبد والامة التي لا تحل كالمجوسية والمحرم
وإن كانت ممن تحل فعلى قولين كالاستقراض
فإن منعناه لم يجب التعريف كذا ذكره الشيخ أبو حامد
ويتفق على الرقيق مدة الحفظ من كسبه وما بقي من الكسب

حفظ معه
فإن لم يكن كسب فعلى ما سبق في الصنف الثاني
وإذا بيع ثم ظهر المالك وقال كنت أعتقته فقولان
أظهرهما يقبل قوله ويحكم بفساد البيع
والثاني لا كما لو باع بنفسه
النوع الثاني الجماد وينقسم إل ما لا يبقى بمعالجة كالرطب يخفف أو بغيرها كالذهب والفضة والثياب وإلى ما لا يبقى كالهريسة وكل ذلك لقطة يؤخذ ويملك لكن فيما لا يبقى بمعالجة مزيد كلام نذكره في الباب الثاني إن شاء الله تعالى
القسم الثاني ما ليس بمال ككلب يقتنى فميل الإمام والآخذين عنه إلى أنه لا يؤخذ إلا على قصد الحفظ أبدا لأن الاختصاص به ممتنع وبلا عوض يخالف وضع اللقطة
وقال الأكثرون يعرفه سنة ثم يختص وينتفع به فإن ظهر صاحبه بعد ذلك وقد تلف فلا ضمان
وهل عليه أجرة المثل لمنفعة تلك المدة وجهان بناء على جواز إجارته

فصل يشترط في اللقطة ثلاثة شروط غير ما سبق

أحدها أن تكون شيئا ضاع من مالكه لسقوط أو غفلة ونحوهما
فأما إذا ألقت الريح ثوبا في حجره أو ألقى إليه هارب كيسا ولم يعرف من هو مورثه عن ودائع وهو لا يعرف ملاكها فهو مال ضائع يحفظ ولا يتملك
ولو وجد دفينا في فالقول في أنه ركاز أو لقطة سبق في الزكاة
الثاني أن يوجد في موات أو شارع أو مسجد
أماإذا وجد في أرض مملوكة فقال المتولي لا يؤخذ للتملك بعد التعريف بل هو لصاحب اليد في

الأرض فإن لم يدعه فلمن كانت في يده قبله وهكذا إلى أن ينتهي إلى المحيي فإن لم يدعه حينئذ يكون لقطة
الثالث أن يكون في دار الاسلام أو في دارالحرب وفيها مسلمون
أما إذا لم يكن فيها مسلم فما يوجد فيها غنيمة خمسها لأهل الخمس والباقي للواجد ذكره البغوي وغيره

الباب الثاني في أحكام الالتقاط
الصحيح وهي أربعة
( الحكم ) الأول في الأمانة والضمان ويخلتف ذلك بقصده
وله أحوال
أحدها أن يأخذها ليحفطها أبدا فهي أمانة في يده
فلو دفعها الى الحاكم لزمهم القبول
وكذامن أخذ للتملك ثم بدا له ودفعها إلى الحاكم لزمه القبول
وهل يجب التعريف إذا قصد الحفط أبدا وجهان يأتي بيانهما إن شاء الله تعالى
فإن يجب لم يضمن بتركه
وإذا له قصد التملك عرفها سنة من يومئذ ولا يعتد بم عرف من قبل
وإن أوحبناه فهو ضامن بالترك
حتى لو بدأ بالتعرف بعد ذلك فهلك في سنة التعريف ضمن
الثاني أن يأخذ بنية الخيانة والاستيلاى فيكون ضامنا غاصبا
وفي براءته بالدفع ألى الحاكم
الوجهان في الغاصب فلو عرف بعد ذلك وأراد التملك لم يكن له ذلك على المذهب وبه قطع الجمهور كالغاصب وقيل وجهان لوجود صورة الالتقاط
الثالث أن يأخذها ليعرفها سنة ويتملكها بعد السنة فهي أمانة في السنة

وأما بعد السنة فإن قلنا تملك بمضي السنة فقد دخلت في ملكه وضمانه وإلا فقال الغزالي تصير مضمونة عليه إذا كان غرم التملك مطردا ولم يوافقه غيره فالأصح ما صرح ابن الصباغ والبغوي أنها أمانة ما لم يختر التملك قصدا أو لفظا إذا اعتبرناه كما قبل الحول لكن إذا اختار وقلنا لا بد من التصرف فحينئذ يكون مضمونا عليه كالقرض
وإذا قصد الأمانة ثم قصد الخياة فالأصح أنه لا يصير مضمونا عليه بمجرد القصد كالمودع لا يضمن بنية الخيانة على المذهب
والثاني يصير لأنه لم يسلطه المالك
ومهما صار الملتقط ضامنا في الدوام إما بحقيقة الخيانة أو بقصدها ثم أقلع وأراد أن يعرف ويتملك فله ذلك على الأصح
الحال الرابع أن يأخذ اللقطة ولا يقصد خيانة ولا أمانة أو يقصد أحدهما وينساه فلا تكون مضمونة عليه وله التملك بشرطه
الحكم الثاني التعريف فينبغي للملتقط أن يعرف اللقطة ويعرفها
أما المعرفة فيعلم عفاصها وهو الوعاء من جلد وخرقة وغيرهما ووكاءها وهو الخيط الذي تشد به وجنسها أذهب أم عيره ونوعها أهروية أم غيرها وقدرها بوزن أو عدد وإنما يعرف هذه الأمور لئلا تختلط بماله ويستدل بها على صدق طالبها ويستحب تقييدها بالكتابة
وأما التعريف ففيه مسائل
إحداها يجب تعريف اللقطة سنة وليس ذلك بمعنى استيعاب السنة بل لا يعرف في الليل ولا يستوعب الأيام أيضا بل على المعتاد فيعرف في الابتداء في كل يوم مرتين طرفي النهار ثم في كل يوم مرة ثم في كل أسبوع مرتين أو مرة ثم في كل شهر بحيث لا ينسى أنه تكرار للأول
وفي وجوب المبادرة بالتعريف على الفور وجهان
الأصح الذي يقتضيه كلام الجمهور لا يجب بل المعتبر تعريف سنة متى كان
وهل تكفي سنة مفرقة بأن يفرق شهرين مثلا ويترك شهرين وهكذا فيه وجهان
أحدهما لا وبه قطع الإمام لأنه لا تظهر فائدة التعريف

فعلى هذا إذا قطع مدة وجب الاستئناف
والثاني وبه قطع العراقيون والروياني نعم
قلت هذا الثاني أصح ولم يقطع به العراقيون بل صححوه لأنه عرف سنة
والله أعلم الثانية ليصف الملتقط بعض أوصاف اللقطة فإنه أقرب إلى الظفر بالمالك
وهل هو شرط أم مستحب وجهان
أصحهما مستحب
فإن شرطناه فهل يكفي ذكر الجنس بأن يقول من ضاع منه دراهم قال الإمام عندي أنه لا يكفي ولكن يتعرض للعفاص والوكاء ومكان لالتقاط وزمنه ولا يستوعب الصفات ولا يبالغ فيها لئلا يعتمدها الكاذب
فإن بالغ ففي مصيره ضامنا وجهان لأنه لا يلزمه الدفع إلا ببينة لكن قد يرفعه إلى حاكم يلزمه الدفع بالوصف
قلت أصحهما الضمان
والله أعلم الثالثة إن تبرع الملتقط بالتعريف أو بذل مؤنته فذاك وإلا فإن أخذها للحفظ أبدا فإن قلنا لا يجب التعريف والحالة هذه فهو متبرع إن عرف
وإن قلنا يجب فليس عليه مؤنته بل يرفع الأمر إلى القاضي ليبذل أجرته من بيت المال أو يقترض على المالك أو يأمر الملتقط به ليرجع كما في هرب الجمال
وإن أخذها للتملك واتصل الأمر بالتملك فمؤنة التعريف على الملتقط قطعا
وإن ظهر مالكها فهل هي على الملتقط لقصده التملك أم على المالك لعود الفائدة إليه فيه وجهان
أصحهما أولهما
ولو قصد الأمانة أولا ثم قصد التملك ففيه الوجهان

الرابعة ما ذكرناه من وجوب التعريف هو فيما إذا قصد التملك أما إذا قصد الحفظ أبدا ففي وجوبه وجهان
أصحهما عند الإمام والغزالي وجوبه لئلا يكون كتمانا مفوتا للحق على صاحبه
والثاني وبه قطع الأكثرون لا يجب قالوا لأن التعريف إنما يجب لتخصيص شرط التملك
قلت الأول أقوى وهو المختار
والله أعلم الخامسة ليكن التعريف في الأسواق ومجامع الناس وأبواب المساجد عند خروج الناس من الجماعات ولا يعرف في المساجد كما لا تطلب اللقطة فيها قال الشاشي في المعتمد إلا أن الأصح جواز التعريف في المسجد الحرام بخلاف سائر المساجد
ثم إذا التقط في بلدة أو قرية فلا بد من التعريف فيها وليكن أكثر تعريفه في البقعة التي وجد فيها لأن طلب الشىء في موضع ضياعه أكثر
فإن حضره سفر فوض التعريف إلى غيره ولا يسافر بها
وإن التقط في الصحراء فعن أبي إسحق أنه إن اجتازت به قافلة تبعهم وعرف وإلا فلا فائدة في التعريف في المواضع الخالية ولكن يعرف في البلدة التي يقصدها قربت أم بعدت
وإن بدا له الرجوع أو قصد بلدة أخرى عرف فيها ولا يكلف أن يغير قصده ويعدل إلى أقرب البلاد إلى ذلك الموضع حكاه الإمام وتابعه الغزالي
ولكن ذكر المتولي وغيره أنه يعرف في أقرب البلاد إليه وهذا إن أراد به الأفضل فذاك وإلا فيحصل في المسألة الوجهان
قلت الأصح أنه لا يكلف العدول
والله أعلم

فرع ليس للملتقط تسليم المال إلى غيره ليعرفه إلا
الحاكم فإن فعل ضمن ذكره ابن كج وغيره
فرع يشترط كون المعرف عاقلا غير مشهور بالخلاعة والمجون وإلا فلا يعتمد قوله ولا تحصل فائدة التعريف

فصل إنما يجب تعريف اللقطة إذا جمعت وصفين أحدهما كون الملتقط كثيرا

فإن كان قليلا نظر إن انتهت قلته إلى حد يسقط تموله كحبة الحنطة والزبيبة فلا تعريف ولواجده الاستبداد به
وإن كان متمولا مع قلته وجب تعريفه وفي قدر تعريفه وجهان
أصحهما عند العراقيين ( سنة ) كالكثير
وأشبههما باختيار معظم الأصحاب لا يجب سنة
فعلى هذا أوجه
أحدها يكفي مرة
والثاني ثلاثة أيام
وأصحها مدة يظن في مثلها طلب فاقده له فإذا غلب على الظن إعراضه سقط ويختلف ذلك باختلاف المال قال الروياني فدانق الفضة يعرف في الحال ودانق الذهب يعرف يوما أو يومين أو ثلاثة
وأما الفرق بين القليل والمتمول والكثير ففيه أوجه
أصحها لا يتقدر بل ما غلب على الظن أن فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له غالبا فقليل قاله الشيخ أبو محمد وغيره وصححه

الغزالي والمتولي
والثاني القليل ما دون نصاب السرقة
والثالث الدينار قليل
والرابع ما دون الدرهم قليل والدرهم كثير

فرع قال المتولي يحل التقاط السنابل وقت الحصاد إن أذن فيه المالك
أو كان قدرا لا يشق عليه أن يلتقط وإن كان يلتقط بنفسه لو اطلع عليه وإلا فلا يحل
الوصف الثاني أن يكون شيئا لا يفسج
أما ما يفسد فضربان
أحدهما أن لا يمكن إبقاؤه كالهريسة والرطب الذي لا يتتمر والبقول
فإن وجده في برية فهو بالخيار بين أن يبيعه ويأخذ ثمنه وبين أن يتملكه في الحال فيأكله ويغرم قيمته
وإن وجده في بلدة أو قرية فطريقان
أحدهما على قولين
أحدهما ليس له الأكل بل يبيعه ويأخذ ثمنه لمالكه لأن البيع متيسر في العمران
والثاني وهو المشهور أنه كما لو وجد في برية
والطريق الثاني القطع بالمشهور
فاذا لم نجوز الأكل فأخذ للأكل كان غاصبا
وإذا جوزناه فأكل ففي وجوب التعريف بعده وجهان
أصحهما الوجوب إن كان في البلد كما أنه إذا باع يعرف
وإن كان في الصحراء قال الإمام فالظاهر أنه لا يجب لأنه لا فائدة فيه
وهل يجب إفراز القيمة المغرومة من ماله وجهان
ويقال قولان أصحهما لا لأن ما في الذمة لا يخشى هلاكه وإذا أفرز ( كان المفرز ) أمانة
والثاني يجب أحتياطا لصاحب المال ليقدم بالمفرز لو أفلس الملتقط
وعلى هذا فالطريق أنه يرفع الأمر إلى الحاكم ليقبض عن صاحب المال
فإن لم يجد حاكما فهل للملتقط بسلطان الالتقاط أن يستنيب عنه فيه احتمال

عند الإمام
وذكر الإمام والغزالي أنه إذا أفرزها لم تصر ملكا لصاحب المال بل هو أولى بتملكها
ولو كان كما قالا لم يسقط حقه بهلاك المفرز
وقد نصوا على السقوط ونصوا أيضا على أنه لو مضت مدة التعريف فله أن يتملك المفرز كما يتملك نفس اللقطة وكما يتملك الثمن إذا باع الطعام وهذا يقتضي صيرورة المفرز ملكا لصاحب اللقطة
ولو اختلفت قيمة يومي الأخذ والأكل ففي بعض الشروح أنه إن أخذ للأكل اعتبرت قيمة يوم الأخذ
وإن أخذ التعريف اعتبرت قيمة يوم الأكل
وإذا اختار البيع ففي الحاجة إلى إذن الحاكم ما سبق في بيع الشاة
وإذا باع أو أكل عرف المبيع والمأكول باتفاق الاصحاب لا الثمن والقيمة سواء أفرزها أم لا
الضرب الثاني ما يمكن إبقاؤه بالمعالجة والتجفيف
فإن كان الحظ لصاحبه في بيعه رطبا بيع وإلا فإن تبع الملتقط بالتجفيف فذاك بيع بعضه وأنفق على تجفيف الباقي
الحكم الثالث التملك فيجوز تملك اللقطة بعد التعريف سواء كان الملتقط غنيا أو فقيرا ومتى تملك فيه أوجه
أصحها لا تملك إلا بلفظ كقوله تملكت ونحوه
والثاني لا تملك ما لم يتصرف
وعلى هذا يشبه أن يجيء الخلاف المذكور في القرض في أن الملك بأي نوع من التصرف يحصل
والثالث يكفيه تجديد قصد التملك بعد التعريف ولا يشترط لفظ
والرابع تملك بمجرد مضي السنة

فرع في لقطة مكة وحرمها وجهان

الصحيح أنه لا يجوز أخذها للتملك وإنما تؤخذ للحفظ أبدا
والثاني أنها كلقطة سائر البقاع
قال هذا القائل والمراد

بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل لقطتها إلا لمنشد أنه لا بد من تعريفها سنة كغيرها لئلا يتوهم أن تعريفها في الموسم كاف لكثرة الناس وبعد العود في طلبها من الآفاق
قلت قال أصحابنا ويلزم الملتقط بها الاقامة للتعريف أو دفعها إلى الحاكم فلا يجيء هنا الخلاف السابق فيمن التقط للحفظ هل يلزمه التعريف بل يجزم هنا بوجوبه للحديث
والله أعلم الحكم الرابع رد عينها أو بدلها عند ظهور مالكها
فإذا جاء من يدعيها فإن لم يقم بينة أنها له ولم يصفها لم تدفع إليه إلا أن يعلم الملتقط أنها له فيلزم الدفع إليه
وإن أقام بينة دفعت إليه
وإن وصفها نظر إن لم يظن الملتقط صدقه لم يدفع إليه على المذهب المعروف وحكى الإمام ترددا في جواز الدفع أن ظن صدقة جاز الدفع إليه ولا يجب على المذهب وبه قطع الجمهور
ونقل الإمام في وجوبه وجهين
فعلى المذهب لو قال الواصف يلزمك تسليمها إلي فله أن يحلف أنه لا يلزمه
ولو قال تعلم أنها ملكي فله أن يحلف أنه لا يعلم
ولو أقام الواصف شاهدا فالمذهب أنه لا يجب الدفع واختار الغزالي وجوبه
وإذا دفعها إلى الواصف بوصفه فأقام غيره بينة أنها له فإن كانت باقية انتزعت منه ودفعت إلى الثاني
وإن تلفت عنده فهو بالخيار بين أن يضمن الملتقط أو الواصف
فإن ضمن الواصف لم يرجع على الملتقط
وإن ضمن الملتقط رجع على الواصف إن لم يقر بالملك للواصف
وإن أقر لم يرجع مؤاخذة له
هذا إذا دفع بنفسه
أما إذا ألزمه الحاكم الدفع إلى الواصف فليس لصاحب البينة تضمينه

فرع لو جاء الواصف بعد أن تملك الملتقط اللقطة وأتلفها فغرمها
لظنه صدقه فأقام آخر بينة بها طالب الملتقط دون الواصف لأن الحاصل عند الواصف مال الملتقط لا ماله
وإذا غرم الملتقط هل يرجع على الواصف ينظر هل أقر له بالملك أم لا كما سبق
فرع أقام مدعي اللقطة شاهدين عدلين عنده وعند الملتقط وهما فاسقان عند القاضي لم يلزمه

وقيل يلزمه لاعترافه بعدالتهما
فرع إذا ادعاها اثنان وأقام كل واحد بينة أنها له ففيه أقوال

فصل إذا ظهر المالك قبل تملك الملتقط أخذ اللقطة بزوائدها المتصلة

وإن ظهر بعد التملك فللقطة حالان
أحدهما أن تكون باقية عنده فينظر إن بقيت بحالها فوجهان
أصحهما له أخذها وليس للملتقط أن يلزمه أخذ بدلها
والثاني المنع فلا شك أنه لو ردها الملتقط لزم المالك القبول فعلى الأصح

لو باعها الملتقط فجاء المالك في مدة الخيار فهل له فسخ البيع وجهان حكاهما الشاشي ووجه المنع بأن الفسخ حق للعاقد فلا يتمكن منه غيره بغير إذنه
وجعل ابن كج الوجهين في أنه يجبر الملتقط على الفسخ ويجوز فرض الوجهين في الانفساخ
فإن زادت فالمتصلة تتبعها والمنفصلة تسلم للملتقط ويرد الاصل وإن نقصت بعيب ونحوه وقلنا لو بقيت بحالها لم يكن للمالك أخذها قهرا رجع إلى بدلها سليمة
وإن قلنا له أخذها قهرا فكذا هنا ويغرمه الأرش لأن الكل مضمون عليه
وقيل لا أرش عليه وبه قطع البغوي
ولو أراد بدلها وقال الملتقط أضم إليها الأرش وأردها أجيب الملتقط على الأصح
والثاني يجاب المالك فله الخيار بين البدل أو العين الناقصة مع الأرش أو دونه كما سبق
الحالة الثانية أن تكون تالفة فعليه بدلها المثل أو القيمة
والاعتبار بقيمة يوم التملك
وقال الكرابيسي من أصحابنا لا يطالب بالقيمة ولا برد العين عند بقائها
والصحيح المعروف هو الأول
وعلى هذا فالضمان ثابت في ذمته من يوم التلف
وعن أبي إسحق المروزي أنه لا يثبت وإنما يتوجه عند مجيء المالك وطلبه

فصل في مسائل تتعلق بالكتاب إحداها وجد رجلان لقطة يعرفانها ويتملكانها وليس
غيره
الثانية تنازعا فأقام كل واحد بينة أنه الملتقط فإن تعرضت بينة لسبق حكم بها وإلا فعلى الخلاف في تعارض البينتين

الثالثة ضاعت من يد الملتقط فأخذها آخر فالأول أحق بها على الأصح
وقيل الثاني
الرابعة كانا يتماشيان فرأى أحدهما اللقطة وأخبر بها الآخر فالآخذ أولى
فلو أراه اللقطة وقال هاتها فأجذها لنفسه فهي للآخذ
وإن أخذها للآمر أو له ولنفسه فعلى القولين في جواز التوكيل بالاصطياد ونحوه
الخامسة رأى شيئا مطروحا على الارض فدفعه برجله ليعرف جنسه أو قدره ولم يأخذه حتى ضاع لم يضمنه لأنه لم يحصل في يده قاله المتولي
السادسة دفع اللقطة إلى الحاكم وترك التعريف والتملك ثم ندم وأراد أن يعرف ويتملك ففي تمكينه وجهان حكاهما ابن كج
قلت المختار المنع لأنه أسقط حقه
والله أعلم السابعة قال في المهذب لو وجد خمرا أراقها صاحبها لم يلزمه تعريفها لان إراقتها مستحقة
فإن صارت عنده خلا فوجهان
أحدهما أنها للمريق كما لو غصبها فصارت خلا
والثاني للواجد لانه أسقط حقه بخلاف الغصب وهذا الذي ذكره تصويرا وتوجيها إنما يستمر في الخمرة المحترمة وحينئذ لا تكون إراقتها مستحقة
أما في الابتداء فظاهر
وأما عند الواجد فينبغي أن يجوز إمساكها إذا خلا عن قصد فاسد ثم يشبه أن يكون ما ذكره مخصوصا بما إذا أراقها لأنه معرض
أما إذا ضاعت المحترمة من صاحبها فلتعرف كالكلب
قلت أما قول الإمام الرافعي يشبه أن يكون

إلى آخره فكذا صرح به صاحب المهذب فقال وجد خمرا أراقها صاحبها
وأما قوله إن الواجد يجوز له إمساكها

فغير مقبول بل لا يجوز وإن خلا عن القصد الفاسد
والكلام فيما إذا لم يعلم الواجد أنها محترمة وحينئذ فقول صاحب المهذب الاراقة واجبة يعني على الواجد كلام صحيح لان الظاهر عدم احترامها
والله أعلم الثامنة قد سبق أن البعير وما في معناه لا يلتقط إذا وجد في الصحراء واستثنى صاحب التلخيص ما إذا وجد بعيرا في أيام منى مقلدا في الصحراء تقليد الهدايا فحكى عن نص الشافعي رضي الله عنه أنه يأخذه ويعرفه أيام منى
فإن خاف فوت وقت النحر نحره والمستحب أن يرفعه إلى الحاكم حتى يأمره بنحره
وحكى غيره قولا أنه لا يجوز أخذه
وبنوا القولين على القولين فيمن وجد بدنه منحورة قد غمس نعلها في دمها وضرب به صفحتها هل يجوز الأكل منها فإن منعناه منعنا الأخذ هنا
وإن جوزنا اعتمادا على العلامة فكذا هنا التقليد علامة
والأضحية المعينة إذا ذبحت في وقت النحر وقعت الموقع وإن لم يأذن صاحبها قال الإمام لكن ذبح الأضحية إن وقع الموقع لا يجوز الاقدام عليه من غير إذن ولهذا الاشكال قال القفال تفريعا على ( هذا ) القول يجب رفع الأمر إلى القاضي لينحره وأول قول الشافعي رضي الله عنه استحب
ثم لك أن تقول الاستثناء غير منتظم وإن جوزناه الأخذ لأن الأخذ الممنوع إنما هو الأخذ للتملك ولا شك أن هذا البعير لا يؤخذ للتملك
قلت قد سبق في جواز أخذ البعير لآحاد الناس للحفظ وجهان
فإن منعناه ظهر الاستثناء
وإن جوزناه وهو الأصح ففائدة الاستثناء جواز التصرف فيه بالنحر
والله أعلم

كتاب اللقيط
يقال للصبي الملقى الضائع لقيط وملقوط ومنبوذ وفيه بابان
الباب الأول في أركان الالتقاط الشرعي
وأحكام
أما الأركان فثلاثة
أحدها نفس الالتقاط وهو فرض كفاية
ومن أخذ لقيطا لزمه الاشهاد عليه على المذهب لئلا يضيع نسبه
وقيل في وجوبه قولان أو وجهان كاللقطة
وقيل إن كان ظاهر العدالة لم يلزمه
وإن كان مستورها لزمه
فإن أوجبنا الاشهاد فتركه قال في الوسيط لا تثبت ولاية الحضانة ويجوز الانتزاع وهذا يشعر باختصاص الاشهاد الواجب بابتداء الالتقاط
وإذا أشهد فليشهد على اللقيط وما معه نص عليه
الركن الثاني اللقيط وهو كل صبي ضائع لا كافل له فيخرج بقيد الصبي البالغ لانه مستغن عن الحضانة والتعهد فلا معنى للالتقاط
لكن لو وقع في معرض هلاك أعين ليتخلص
وفي الصبي الذي بلغ سن التمييز تردد للإمام والاوفق لكلام الاصحاب أنه يلتقط لحاجته إلى التعهد
والمراد بالضائع المنبوذ
وأما غير المنبوذ فإن لم يكن له أب ولا جد ولا وصي فحفظه من وظيفة القاضي فيسلمه إلى من يقوم به لانه كان له كافل معلوم فاذا فقد قام القاضي مقامه
وقولنا لا كافل له المراد بالكافل الاب والجد ومن يقوم مقامهما
والملتقط ممن هو في حضانة أحد هؤلاء لا معنى لالتقاطه إلا أنه لو حصل في مضيعة أخذ ليرد إلى حاضنه

قلت معناه يجب أخذه لرده إلى حاضنه
والله أعلم الركن الثالث الملتقط ويشترط فيه أمور
أحدها التكليف فلا يصح التقاط الصبي والمجنون
الثاني الحرية فالعبد إذا التقط ينتزع منه إن لم يأذن سيده
وإن أذن أو علم به فأقره في يده جاز وكان السيد هو الملتقط وهو نائبه في الاخذ والتربية والمكاتب إذا التقط بغير إذن السيد انتزع منه أيضا
وإن التقط باذنه ففيه الخلاف في تبرعاته بالاذن لكن المذهب الانتزاع لأن في الالتقاط ولاية وليس هو من أهلها
فإن قال له السيد التقط لي صغيرا فالسيد هو الملتقط
ومن بعضه حر إذا التقط في يومه هل يستحق كفالته وجهان حكاهما في المعتمد
الثالث الاسلام فالكافر يلتقط الطفل الكافر دون المسلم لأنه أولى به وللمسلم التقاط الصبي المحكوم بكفره
الرابع العدالة فليس للفاسق الالتقاط
ولو التقط انتزع منه وأما من ظاهر حاله الامانة إلا أنه لم يختبر فلا ينتزع من يده لكن يوكل القاضي به من يراقبه بحيث لا يعلم لئلا يتأذى
فإذا وثق به صار كمعلوم العدالة
وقبل ذلك لو أراد المسافرة به منع وانتزع منه لأنه لا يؤمن أن يسترقه
الخامس الرشد فالمبذر المحجور عليه لا يقر اللقيط في يده

فرع لا يشترط في الملتقط الذكورة قطعا ولا الغنى

وقيل لا يقر في يد الفقير والصحيح الأول

فصل إذا ازدحم اثنان على لقيط
نظر إن ازدحما قبل الأخذ وطلب كل واحد أخذه وحضانته جعله الحاكم في يد من رآه منهما أو من غيرهما إذ لا حق لهما قبل الأخذ
وإن ازدحما بعد الأخذ فإن لم يكن أحدهما أهلا للالتقاط سلم اللقيط إلى الآخر
وإن كانا أهلين قدم أسبقهما بالالتقاط
وهل يثبت السبق بالوقوف على رأسه بغير أخذ وجهان
أصحهما لا
وإن لم يسبق واحد منهما فقد يختص أحدهما بصفة تقدمه وقد يستويان والصفات المقدمة أربع
إحداها الغنى فإذا كان أحدهما غنيا والآخر فقيرا فقيل يستويان
والأصح تقديم الغني
وعلى هذا لو تفاوتا في الغنى فهل يقدم أكثرهما مالا وجهان
قلت الأصح لا يقدم
والله أعلم الثانية البلد فلو كان أحدهما بلديا والآخر قرويا أو بدويا ففيه كلام نذكره إن شاء الله تعالى في فصل الأحكام
الثالثة من ظهرت عدالته بالإختبار يقدم على المستور على الأصح
الرابعة الحر أولى من المكاتب وإن التقط بإذن سيده
ولو كان أحدهما عبدا التقط بإذن سيده فالاعتبار بالسيد والآخر ولا تقدم المرأة على الرجل بخلاف الأم في الحضانة لأن شفقتها أكمل ويتساوى المسلم والذمي في اللقيط المحكوم بكفره وقيل يقدم المسلم وقيل الذمي والأول أصح
وإذا استويا في الصفات وتشاحا أقرع بينهما على الصحيح المنصوص وقول الجمهور
وقال ابن خيران يقدم الحاكم من رآه منهما أصلح للقيط فإن استويا أو تحير أقرع
قال الاصحاب ولا يخير الصبي بينهما وإن كان ابن سبع سنين فأكثر بخلاف تخييره بين

الأبوين لان هناك يعول على الميل بسبب الولادة
وقال الإمام يحتمل أن يخير ويقدم اختياره على القرعة وإذا خرجت القرعة لاحدهما فترك حقه للآخر لم يجز كما ليس للمنفرد نقل حقه إلى غيره
ولو ترك حقه قبل القرعة فوجهان
أصحهما ينفرد به كالشفيعين والثاني لا بل يرفع إلى الحاكم حتى يقره في يد الآخر إن رآه وله أن يختار أمينا آخر فيقرع بينه وبين الآخر
وقال الإمام تفريعا على الثاني إن التارك لا يتركه الحاكم بل يقرع بينه وبين صاحبه
فإن خرج عليه ألزمه القيام بحضانته بناء على أن المنفرد إذا شرع في الالتقاط لا يجوز له الترك وسيأتي إن شاء الله تعالى

فصل وأما أحكام الالتقاط

فمنها أن الذي يلزم الملتقط حفظ اللقيط ورعايته
فأما نفقته فلا تلزمه وسيأتي بيان محلها إن شاء الله تعالى
فإن عجز عن الحفظ لأمر عرض سلمه إلى القاضي وإن تبرم به مع القدرة فوجهان بناء على أن الشروع في فرض الكفاية هل يلزم الاتمام ويصير الشارع متعينا وموضع ذكره كتاب السير والأصح هنا أن له التسليم إلى القاضي واختاره ابن كج ولا خلاف أنه يحرم عليه نبذه ورده إلى ما كان
واعلم أنهم يستعملون في هذا الباب لفظ الحضانة والمراد منه الحفظ والتربية لا الاعمال المفصلة في الاجارة لان فيها مشقة ومؤنة كثيرة فكيف تلزم من لا تلزمه النفقة وقد أوضحه البغوي فقال نفقة اللقيط وحضانته في ماله إن كان له مال ووظيفة الملتقط حفظه وحفظ ماله

فرع الملتقط البلدي إذا وجد لقيطا في بلدته أقر في يده
نقله إلى البادية إن أراد الانتقال ( إليها ) بل ينتزع منه لمعنيين
أحدهما أن عيش البادية خشن ويفوته العلم بالدين والصنعة
والثاني تعريض نسبه للضياع
فلو كان الموضع المنتقل إليه من البادية في بياض البلدة يسهل عليه تحصيل ما يراد منها فعلى المعنى الأول ل يمنع
وعلى الثاني إن كان أهل البلد يختلطون بهم فكذلك وإلا منع
وكما ليس له نقله إلى البادية فليس له نقله إلى قرية
ولو أراد نقله إلى بلدة أخرى أو التقطه غريب في تلك البلدة وأراد نقله إلى بلدته فعلى المعنى الأول لا يمنع وعلى الثاني يمنع وينتزع اللقيط منه
والاول هو المنصوص وبه قال الجمهور
قال المتولي ولا فرق بين سفر النقلة والتجارة والزيارة
ولو وجد القروي لقيطا في قريته أو قرية أخرى أو في بلدة يقاس بما ذكرناه في البلدي
ولو وجد الحضري اللقيط في بادية نظر إن كان في مهلكة فلا بد من نقله وللملتقط أن يذهب به إلى مقصده
ومن قال في اللقطة يعرفها في أقرب البلاد يشبه أن يقول لا يذهب به إلى مقصده رعاية للنسب
وإن كان في حلة أو قبيلة فله نقله إلى البلدة والقرية على المذهب وبه قطع الجمهور
وعن القاضي حسين أنه على وجهين بناء على المعنيين
ولو أقام هناك أقر في يده قطعا
أما البدوي فإذا التقط في قرية أو بلدة وأراد المقام بها أقر في يده
وإن أراد نقله إلى البادية أو قرية أو بلدة أخرى فعلى ما ذكرناه في الحضري
وإن وجده في حلة أو قبيلة في البادية فإن كان من أهل حلة مقيمين في موضع راتب أقر في يده وإن كان ممن ينتقلون من موضع إلى موضع منتجعين ففي منعه وجهان

قلت أصحهما لا منع
والله أعلم فرع لو ازدحم على لقيط في البلدة أو القرية مقيم بها وظاعن قال الشافعي رضي الله عنه في المختصر المقيم أولى
قال الاصحاب إن كان الظاعن يظعن إلى البادية أو إلى بلدة أخرى وقلنا ليس للمنفرد الخروج به إلى بلدة فالمقيم أولى وإن جوزناه له ذلك فهما سواء
ولو اجتمع على لقيط في القرية قروي مقيم بها وبلدي قال ابن كج القروي أولى وهذا يخرج على منع النقل من بلد إلى بلد
فإن جوزنا وجب أن يقال هما سواء
قلت المختار الجزم بتقديم القروي مطلقا كما قاله ابن كج وإنما نجوز النقل إذا لم يعارضه معارض
والله أعلم ولو اجتمع حضري وبدوي على لقيط في البادية نظر إن وجد في حلة أو قبيلة والبدوي في موضع راتب فهما سواء
وقال ابن كج البدوي أولى إن كان مقيما فيهم
وإن كان منتجعا فإن قلنا يقر في يده لو كان منفردا فهما سواء وإلا فالحضري أولى
وإن وجد في مهلكة قال ابن كج الحضري أولى
وقياس قوله تقديم البدوي أو من كان مكانه أقرب إلى موضع الالتقاط أقرب

فرع اللقيط قد يكون له مال يستحقه بكونه لقيطا أو بغيره
كالوقف على اللقطاء والوصية لهم والثاني كالوصية لهذا اللقيط والهبة له والوقف عليه ويقبل له القاضي من هذا ما يحتاج إلى القبول
ومن الأموال التي يستحقها ما يوجد تحت يده واختصاصه فإن للصغير يدا واختصاصا كالبالغ والأصل الحرية ما لم يعرف غيرها وذلك كثيابه التي هو لابسها والمفروشة تحته والملفوفة عليه وما غطي به من لحاف وغيره وما شد عليه وعلى ثوبه أو جعل في جيبه من حلي ودراهم وغيرها وكذا الدابة التي عنانها بيده أو هي مشدودة في وسطه أو ثيابه والمهد الذي هو فيه وكذا الدنانير المنثورة فوقه والمصبوبة تحته وتحت فراشه
وفي التي تحته وجه ضعيف
ولو كان في خيمة أو دار ليس فيهما غيره فهما له
وعن الحاوي وجهان في البستان
قلت وطرد صاحب المستظهري الوجهين في الضيعة وهو بعيد وينبغي القطع بأنه لا يحكم له بها
والله أعلم ولو كان بقربه ثياب وأمتعة موضوعة أو دابة فوجهان
أصحهما لا تجعل له كما لو كانت بعيدة
والثاني بلى لان هذا يثبت اليد والاختصاص ألا ترى أن الأمتعة الموضوعة في السوق بقرب الشخص تجعل له
والمال المدفون تحت اللقيط لا يجعل له لأنه لا يقصد بالدفن الضم إلى الطفل بخلاف ما يلف عليه ويوضع بقربه
فلو وجدت معه أو في ثيابه رقعة مكتوب فيها إن تحته دفينا له فوجهان
أصحهما عند الغزالي أنه له بقرينة المكتوب
والثاني لا أثر للرقعة وهو الموافق لكلام

الأكثرين
قال الإمام ومن عول على الرقعة ليت شعري ما يقول لو أرشدت الرقعة إلى دفين بالعبد منه أو دابة مربوطة بالبعد منه
قلت مقتضاه أن نجعله للقيط فإن الاعتماد إنما هو على الرقعة لا على كونه تحته
والله أعلم ولو كانت دابة مشدودة باللقيط وعليها راكب قال ابن كج هي بينهما
ثم إن ما سوى الدفين من هذه الاموال إذا لم يجعل للقيط فهو لقطة والدفين قد يكون لقطة وقد يكون ركازا كما سبق

فرع إذا عرف للقيط مال فنفقته في ماله

فان لم يعرف فقولان
أظهرهما ينفق عليه الإمام من بيت المال من سهم المصالح
والثاني يستقرض له الإمام من بيت المال أو بعض الناس
فإن لم يكن في بيت المال شىء ولم يقرض أحد جمع الإمام أهل الثروة من البلد وقسط عليهم نفقته وجعل نفسه منهم
ثم إن بان رقيقا رجعوا على سيده
وإن بان حرا أو له مال أو قريب فالرجوع عليه
وإن بان حرا لا قريب له ولا مال ولا كسب قضى الأمام حقهم من سهم الفقراء أو المساكين أو الغارمين كما يراه
قلت اعتباره القريب غريب قل من ذكره وهو ضعيف فإن نفقته القريب تسقط بمضي الزمان
والله أعلم

أما إذا قلنا بالأظهر إنه ينفق من بيت المال فان لم يكن فيه مال أو كان هناك ما هو أهم كسد ثغر يعظم ضرره لو ترك قام المسلمون بكفايته ولم يجز لهم تضييعه
ثم هل طريقه طريق النفقة أم طريق القرض قولان
أظهرهما والذي يقتضي كلام العراقيين وغيرهم ترجيحه أنه طريق القرض
فإن قلنا طريق النفقة فقام به بعضهم اندفع الحرج عن الباقين
وإن امتنعوا أثموا كلهم وطالبهم الإمام
فإن أصروا قاتلهم وعند التعذر يقترض على بيت المال وينفق عليه وإن قلنا طريق القرض يثبت الرجوع
وعلى هذا إن تيسر الاقتراض فذاك وإلا قسط الإمام نفقته على الموسرين من أهل البلد ثم إن ظهر عبدا فالرجوع على سيده
وإن ظهر له مال أو اكتسب فالرجوع عليه
فإن لم يكن له شىء قضي من سهم المساكين أو الغارمين
وإن حصل في بيت المال مال قبل بلوغه ويساره قضي منه
وإن حصل في بيت المال أو حصل للقيط مال دفعة واحدة قضي من مال اللقيط كما لو كان له مال وفي بيت المال مال
ولم يتعرض الأصحاب لطرد الخلاف في أنه إنفاق أو إقراض إذا كان في بيت المال مال وقلنا نفقته منه والقياس طرده
قلت ظاهر كلامهم أنه إنفاق فلا رجوع لبيت المال قطعا وهذا هو المختار الظاهر والله أعلم وحيث قلنا يقسطها الإمام على الأغنياء فذاك عند إمكان الاستيعاب
فإن كثروا أو تعذر التوزيع عليهم قال الإمام يضربها السلطان على من يراه منهم باجتهاده
فإن استووا في اجتهاد تخير والمراد أغنياء تلك البلدة أو القرية

فصل إذا كان للقيط
مال هل يستقل الملتقط بحفظه وجهان
أحدهما لا بل يحتاج إلى إذن القاضي إذ لا ولاية للملتقط
وأرجحهما على ما يقتضيه كلام البغوي الاستقلال
قلت رجح الإمام الرافعي أيضا في المحرر هذا الثاني
والله أعلم ولو ظهر منازع في المال المخصوص باللقيط فليس للملتقط مخاصمته على الأصح وسواء قلنا له الاستقلال بالحفظ أم لا فليس له إنفاقه على اللقيط إلا بإذن القاضي إذا أمكن مراجعته
فإن أنفق ضمن ولم يكن له الرجوع على اللقيط كمن في يده مال وديعة ليتيم أنفقها عليه
وحكى ابن كج وجها أنه لا يضمن ( وهو شاذ ) وإذا رفع الامر إلى الحاكم فليأخذ المال منه ويسلمه إلى أمين لينفق منه على اللقيط بالمعروف أو يصرفه إلى الملتقط يوما يوما
ثم إن خالف الأمين وقتر عليه منع منه وإن أسرف ضمن كل واحد من الامين والملتقط الزيادة والقرار على الملتقط إن كان سلم إليه لحصول الهلاك في يده
وهل يجوز أن يترك المال في يد الملتقط ويأذن له في الانفاق منه تقدم عليه مسألة وهي أنه إذا لم يكن للقيط مال واحتيج إلى الاقتراض له هل يجوز للقاضي أن يأذن للملتقط في الانفاق عليه من مال نفسه ( ليرجع ) نص أنه يجوز ونص في الضالة أنه لا يأذن لواجدها في الانفاق من مال نفسه ليرجع على صاحبها بل يأخذ المال منه ويدفعه
إلى أمين ثم الأمين يدفع إليه كل يوم قدر الحاجة فقال جمهور الاصحاب المسألتان على قولين
أحدهما المنع فيهما
وأظهرهما عند الشيخ أبي حامد الجواز فيهما للحاجة لكثرة المشقة ويلحق الأمين

بالأب في ذلك وسبق مثل هذا الخلاف في إنفاق المالك عند هرب عامل المساقاة والجمال وأجراه أبو الفرج السرخسي في إنفاق قيم الطفل من مال نفسه
وقالت طائفة بظاهر النصين وفرقوا بأن اللقيط لأولي له في الظاهر
رجعنا إلى إذن الحاكم للملتقط في الانفاق من مال اللقيط فالأكثرون طردوا الطريقين في جوازه والأحسن ما أشار إليه ابن الصباغ وهو القطع بالجواز كقيم اليتيم يأذن له القاضي في الانفاق من ماله عليه وينبغي أن يجري هذا الخلاف في تسليم ما اقترضه القاضي على الجمال الهارب إلى المستأجر ولا ذكر له هناك
وإذا جوزناه فبلغ اللقيط واختلفا فيما أنفق فالقول قول الملتقط إذا ادعى قدر الايفاء في الحال وقد سبق في هرب الجمال وجه أن القول قول الجمال والقياس طرده هنا
وإن ادعى زيادة على اللائق فهو مقر بتفريطه فيضمن ولا معنى للتحليف
قال الإمام لكن لو وقع النزاع في عين فزعم الملتقط أنه أنفقها فيصدق لتنقطع المطالبة بالعين ثم يضمن كالغاصب إذا ادعى التلف هذا كله أذا أمكن مراجعة القاضي
فان لم يكن هناك قاض فهل ينفق من مال اللقيط عليه بنفسه أم يدفعه إلى أمين لينفق عليه قولان
أظهرهما الاول
فعلى هذا إن أشهد لم يضمن على الصحيح وإلا ضمن على الأصح

الباب الثاني في أحكام اللقيط
هي أربعة
الأول الاسلام وإسلام الشخص قد يثبت بنفسه استقلالا وقد يثبت تبعا
أما القسم الأول فالبالغ العاقل يصح منه مباشرة الاسلام بالنطق إن كان ناطقا

وبالإشارة إن كان أخرس
وأما المجنون والصبي الذي لا يميز فلا يصح إسلامهما مباشرة بلا خلاف ولا يحكم بإسلامهما إلا بالتبعية
وأما الصبي المميز ففيه أوجه
الصحيح المنصوص لا يصح إسلامه
والثاني يتوقف
فإن بلغ واستمر على كلمة الاسلام تبينا كونه مسلما من يومئذ
وإن وصف الكفر تبينا أنه كان لغوا
وقد يعبر عن هذا بصحة إسلامه ظاهرا لا باطنا
والثالث يصح إسلامه حتى يفرق بينه وبين زوجته الكافرة ويورث من قريبه المسلم قاله الاصطخري
وعلى هذا لو ارتد صحت ردته لكن لا يقتل حتى يبلغ
فإن تاب وإلا قتل
قلت الحكم بصحة الردة بعيد بل غلط
والله أعلم فإذا قلنا بالصحيح فقد قال الشافعي رضي الله عنه يحال بينه وبين أبويه وأهله الكفار لئلا يفتنوه
فإن بلغ ووصف الكفر هدد وطولب بالاسلام
فإن أصر رد إليهم
وهل هذه الحيلولة مستحبة أم واجبة وجهان
أصحهما مستحبة فليتلطف بوالديه ليؤخذ منهما
فإن أبيا فلا حيلولة
هذا في أحكام الدنيا
فأما ما يتعلق بالآخرة فقال الاستاذ أبو إسحاق إذا أضمر الاسلام كما أظهره كان من الفائزين بالجنة ويعبر عن هذا بصحة إسلامه باطنا لا ظاهرا
قال الإمام في هذا إشكال لأن من يحكم له بالفوز لاسلامه كيف لا يحكم باسلامه ويجاب عنه بأنه قد يحكم بالفوز في الآخرة وإن لم يحكم بأحكام الاسلام في الدنيا كمن لم تبلغه الدعوة

فصل للتبعية في الاسلام ثلاث جهات

إحداها إسلام الأبوين أو أحدهما

ويتصور ذلك من وجهين
أحدهما أن يكون الأبوان أو أحدهما مسلما يوم العلوق فيحكم بإسلام الولد لأنه جزء من مسلم فإن بلغ ووصف الكفر فهو مرتد
والثاني أن يكونا كافرين يوم العلوق ثم يسلما أو أحدنما فيحكم باسلام الولد في الحال
قال الإمام وسواء اتفق الاسلام في حال اجتنان الولد أو بعد انفصاله وسنذكر إن شاء الله تعالى ما يفترق فيه هذان الوجهان بإسلامه
وفي معنى الأبوين الأجداد والجدات سواء كانوا وارثين أم لم يكونوا فإذا أسلم الجد أبو الأب أو أبو الأم تبعه الصبي إن لم يكن الأب حيا قطعا وكذا إن كان على الأصح
ثم إذا بلغ هذا الصبي فإن أفصح بالاسلام تأكد ما حكمنا به
وإن أفصح بالكفر فقولان
المشهور أنه مرتد لأنه سبق الحكم باسلامه جزما فأشبه من باشر الاسلام ثم ارتد وما إذا حصل العلوق في حال الاسلام
والثاني أنه كافر أصلي لأنه كان محكوما بكفره أولا وأزيل تبعا فاذا استقل زالت التبعية
ويقال إن هذا القول مخرج ومنهم من لم يثبته وقطع بالأول
فإن حكمنا بكونه مرتدا لم ينقص شيئا مما أقضيناه من أحكام الإسلام
وإن حكمنا بكونه مرتدا لم ينقص شيئا مما امضينا من أحكام الإسلام وإن حكمنا بأنه كافر أصلي فوجهان
أحدهما إمضاؤها بحالها لجريانه في حال التبعية
وأصحهما أنا نتبين بطلانها ونستدرك ما يمكن استدراكه حتى يرد ما أخذه من تركه قريبة المسلم ويأخذ من تركه قريبه الكافر ما حرمناه منه ونحكم بأن إعتاقه عن الكفارة لم يقع مجزئا
هذا فيما جرى في الصغر
فأما إذا بلغ ومات له قريب مسلم قبل أن يفصح بشيء أو أعتق عن الكفارة في هذا الحال فإن قلنا لو أفصح بالكفر كان مرتدا أمضينا أحكام الاسلام ولا تنقض
وإن جعلناه كافرا أصليا فإن أفصح بالكفر تبينا أنه لا إرث ولا إجزاء عن الكفارة
وإن فات الإفصاح بموت أو قتل فوجهان
أحدهما إمضاء أحكام الاسلام كما لو مات في الصغر

وأصحهما نتبين الانتقاض لأن سبب التعبية الصغر وقد زال ولم يظهر في الحال حكمه في نفسه فيرد الامر إلى الكفر الأصلي
وعن القاضي حسين أنه إن مات قبل الافصاح وبعد البلوغ ورثه قريبه المسلم
ولو مات له قريب مسلم فارثه عنه موقوف
قال الإمام أما التوريث منه فيخرج على أنه لو مات قبل الإفصاح هل ينقض الحكم وأما توريثه فإن أراد بالتوقف أنه يقال لو أفصح بالاسلام فهو قريب ويستفاد به الخروج من الخلاف
وأما لو مات القريب ثم مات هو وفات الافصاح ففي تعلق القصاص بقتله قولان
أحدهما نعم
كما لو قتل قبل البلوغ
وأظهرهما لا للشبهة وانقطاع التبعية
وأما الدية فالذي أطلقوه وحكوه عن نص الشافعي رضي الله عنه تعلق الدية الكاملة بقتله وقياس قولنا إنه لو أفصح بالكفر كان كافرا أصليا أن لا نوجب الدية الكاملة على رأي كما أنه إذا فات الافصاح بالموت يرد الميراث على رأي
قلت الصواب ما قاله الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم
والله أعلم فرع المحكوم بكفره إذا بلغ مجنونا حكمه حكم الصغير حتى إذا أسلم أحد والديه تبعه
وإن بلغ عاقلا ثم جن فكذلك على الاصح
الجهة الثانية تبعية السابي فاذا سبى المسلم طفلا منفردا عن أبويه حكم باسلامه لأنه صار تحت ولايته كالابوين
قلت هذا الذي جزم به هو الصواب المقطوع به في كتب المذهب

وشذ صاحب المهذب فذكر في كتاب السير في الحكم باسلامه وجهين وزعم أن ظاهر المذهب أنه لا يحكم به وليس بشيء وإنما ذكرته تنبيها على ضعفه لئلا يغتر به
والله أعلم فلو سباه ذمي فوجهان
أحدهما يحكم باسلامه لأنه من أهل دار الاسلام
وأصحهما لا لأن كونه من أهل الدار لم يؤثر فيه ولا في أولاده فغيره أولى
فعلى هذا لو باعه الذمي لمسلم لم يحكم باسلامه
ولو سبي ومعه أحد أبويه لم يحكم باسلامه قطعا
فلو كانا معه ثم ماتا لم يحكم بإسلامه أيضا لأن التعبية إنما تثبت في ابتداء السبي
قلت معنى سبي معه أحد أبويه أن يكونا في جيش واحد وغنيمة واحدة ولا يشترط كونها في ملك رجل
قال البغوي في كتاب الظهار إذا سباه مسلم وسبى أبويه غيره إن كان في عسكر واحد تبع أبويه
وإن كان في عسكرين تبع السابي
والله أعلم فرع حكم الصبي المحكوم بإسلامه تبعا للسابي إذ بلغ حكم المحكوم بإسلامه تبعا لأبويه إذا بلغ

فرع المحكوم باسلامه تبعا لأبيه أو للسابي إذا وصف الكفر فإن جعلناه
كافرا أصليا

ألحقناه بدار الحرب
فان كان كفره مما يقر عليه بالجزية قررناه برضاه
وإن وصف كفرا غير ما كان موصوفا به فهو انتقال من ملة إلى ملة وفيه تفصيل وخلاف مذكور في كتاب النكاح
وأما تجهيزه والصلاة غلته ودفنه في مقابر المسلمين إذ فات بعد البلوغ وقبل الافصاح فيتفرع على القولين في أنه لو أفصح بالكفر كان كافرا أصليا أو مرتدا ورأى الإمام أن يتساهل في ذلك ويقام فيه شعار الاسلام
قلت الذي رآه الإمام هو المختار أو الصواب لأن هذه الأمور مبنية على الظواهر وظاهره الاسلام
والله أعلم الجهة الثالثة تبعية الدار
فاللقيط يوجد في دار الاسلام أو دار الكفر
الحال الأول دار الاسلام وهي ثلاثة أضرب
أحدها دار يسكنها المسلمون فاللقيط الموجود فيها مسلم وإن كان فيها أهل ذمة تغليبا للاسلام
الثاني دار فتحها المسلمون وأقروها في يد الكفار بجزية فقد ملكوها أو صالحوهم ولم يملكوها فاللقيط فيها مسلم إن كان فيها مسلم واحد فأكثر وإلا فكافر على الصحيح
وقيل مسلم لاحتمال أنه ولد من يكتم إسلامه منهم
الثالث دار كان المسلمون يسكنونها ثم جلوا عنها وغلب عليها الكفار فإن لم يكن فيها من يعرف بالاسلام فهو كافر على الصحيح
وقال أبو إسحاق مسلم لاحتمال أن فيها كاتم إسلامه
وإن كان فيها معروف بالاسلام فهو مسلم وفيه احتمال للإمام
وأما عد الأصحاب الضرب الثالث دار إسلام فقد يوجد في كلامهم ما يقتضي أن الاستيلاء القديم يكفي لاستمرار الحكم ورأيت لبعض

المتأخرين تنزيل ما ذكروه على ما إذا كانوا لا يمنعون المسلمين منها فإن منعوهم فهي دار كفر
الحال الثاني دار الكفر
فإن لم يكن فيها مسلم فاللقيط الموجود فيها محكوم بكفره
وإن كان فيها تجار مسلمون ساكنون فهل يحكم بكفره تبعا للدار أو باسلامه تغليبا للاسلام وجهان
أصحهما الثاني ويجريان فيما لو كان فيها أسارى ورأى الإمام ترتيب الخلاف فيهم على التجار لأنهم مقهورون
قال ويشبه أن يكون الخلاف في قوم ينتشرون إلا أنهم ممنوعون من الخروج من البلدة فأما المحبوسون في المطامير فيتجه أن لا يكون لهم أثر كما لا أثر لطروق العابرين من المسلمين وحيث حكمنا بالكفر فلو كان أهل البقعة أصحاب ملل مختلفة فالقياس أن يجعل من أصونهم دينا

فرع الصبي المحكوم بإسلامه بالدار إذا بلغ وأفصح بالكفر فهو كافر

وقيل قولان كالمسلم تبعا لأبويه أو السابي
أحدهما أنه أصلي
والثاني أنه مرتد
فاذا قلنا أصلي فهل نتوقف في حال صباه في الأحكام التي يشترط لها الاسلام وجهان
أصحهما لا بل نمضيها كالمحكوم باسلامه تبعا لأبيه
والثاني نتوقف حتى يبلغ فيفصح بالاسلام
فإن مات في صباه لم يحكم بشيء من أحكام الاسلام وهذا ضعيف
فرع اللقيط الموجود في دار الاسلام لو ادعى ذمي نسبه وأقام عليه
بينة لحقه

وتبعه في الكفر وارتفع ما كنا نظنه
وإن اقتصر على مجرد الدعوى فالمذهب أنه مسلم وهو المنصوص وبه قطع أبو إسحاق وغيره وصححه الأكثرون
وقيل قولان
ثانيهما يحكم بكفره لأنه يلحقه بالاستحقاق
فاذا ثبت نسبه تبعه في الدين كما لو أقام البينة
وحجة المذهب أنا حكمناه باسلامه فلا نغيره بمجرد دعوى كافر
وأيضا فيجوز أن يكون ولده من مسلمة وحينئذ لا يتبع الدين النسب
وعلى الطريقين يحال بينهما كما ذكرنا فيما إذا وصف المميز الاسلام
ثم إذا بلغ ووصف الكفر فإن قلنا يتبعه فيه قرر لكنه يهدد ولعله يسلم وإلا ففي تقريره ما سبق من الخلاف

فرع سبق أن اللقيط المسلم ينفق عليه من بيت المال إذا لم
مال
فأما المحكوم بكفره فوجهان
أصحهما كذلك إذ لا وجه لتضييعه
الحكم الثاني جناية اللقيط والجناية عليه
أما جنايته فإن كانت خطأ فموجبها في بيت المال ولا نخرج ذلك على الخلاف في التوقف كما لا نتوقف في صرف تركته إلى بيت المال
وإن كانت عمدا نظر إن كان بالغا فعليه القصاص بشرطه
وإن جنى قبل البلوغ فإن قلنا عمد الصبي عمد وجبت الدية مغلظة في ماله
فإن لم يكن له مال ففي ذمته إلى أن يجد
وإن قلنا خطأ وجبت مخففة في بيت المال
ولو أتلف مالا فالضمان عليه فإن كان اللقيط محكوما بكفره فالتركة فيىء ولا تكون جنايته في بيت المال
وأما الجناية عليه فإن كانت خطأ نظر إن كانت على نفسه أخذت الدية ووضعت في بيت المال
وقياس من قال بالتوقف في أحكامه أن لا يوجب الدية الكاملة ولم أره

قلت الصواب الجزم بالدية الكاملة
والله أعلم وإن كانت على طرفه فواجبها حق اللقيط يستوفيه القاضي ويعود فيه القياس المذكور
وإن كانت عمدا فإن قتل وجب القصاص على الاظهر
وقيل يجب قطعا وهو نصه في المختصر لأنه مسلم معصوم
وإن قتل بعد البلوغ والافصاح بالاسلام وجب قطعا
وقيل على الخلاف لان القصاص حق للمسلمين ولا يتصور رضى كلهم باستيفائه
وإن قتل بعد البلوغ قبل الافصاح فعلى الخلاف
وقيل لا يجب قطعا لقدرته على الافصاح الواجب
وإن كانت الجناية على الطرف وجب القصاص على المذهب
وقيل قولان
ثانيهما يتوقف
فإن بلغ وأفصح تبينا وجوبه وإلا فعدمه
وإن كان الجاني على النفس أو الطرف كافرا رقيقا وجب على المذهب
وقيل قولان لأنه حق للمسلمين ولا يتصور رضاهم

فرع إذا أوجبنا له القصاص فقصاص النفس يستوفيه الإمام إن رآه مصلحة

وإن رأى العدول إلى الدية عدل وليس له العفو مجانا لأنه خلاف مصلحة المسلمين
وأما قصاص الطرف فإن كان اللقيط بالغا عاقلا فالاستيفاء إليه وإلا فليس للإمام استيفاؤه
وقال القفال يجوز في المجنون لأنه ليس لافاقته زمن معين وهذا ضعيف عند الأصحاب
وأضعف وجه حكاه السرخسي في جواز الاقتصاص حيث يجوز له أخذ الأرش
والمذهب المنع قطعا
وإذا لم يقتص فهل له أخذ أرش الجناية نظر إن كان المجني عليه مجنونا فقيرا فله وإن كان صبيا غنيا فلا وإن كان مجنونا غنيا أو صبيا فقيرا فالأصح المنع
وحيث منعنا الأرش

أو لم نر المصلحة فيه يحبس الجاني إلى البلوغ والافاقة وإذا جوزناه فأخذه ثم بلغ الصبي أو أفاق المجنون وأراد أن يرده ويقتص ففي تمكنه وجهان شبيهان بما لو عفا الولي عن الشفعة للمصلحة فبلغ وأراد الأخذ وهما مبنيان على أن أخذ المال عفو كلي وإسقاط للقصاص أم سببه الحيلولة لتعذر الاستيفاء وقد يرجح الأول بأن الحيلولة إنما تكون إذا جاءت من قبل الجاني كاباق المغصوب
قلت الراجح الأول
والله أعلم وما ذكرناه في أخذ الأرش للقيط جار في كل طفل يليه أبوه أو جده بلا فرق
وحكى الإمام عن شيخه أنه ليس للوصي أخذه قال وهذا حسن إن جعلناه إسقاطا
وإن قلنا للحيلولة فينبغي أن لا يجوز للوصي أيضا
الحكم الثالث نسب اللقيط وهو كسائر المجهولين فإذا استلحقه حر مسلم لحقه وقد سبق في كتاب الاقرار ما يشترط الاستلحاق ولا فرق في ذلك بين الملتقط وغيره لكن يستحب أن يقال للملتقط من أين هو لك فربما توهم أن الالتقاط يفيد النسب
وإذا ألحق بغير الملتقط سلم إليه لأنه أحق من الأجنبي
واستلحاق الكافر كاستلحاق المسلم في ثبوت النسب لاستوائهما في الجهات المثبتة للنسب
وإن استلحقه عبد لحقه إن صدقه السيد وكذا إن كذبه على الأظهر
وقيل لا يلحق قطعا
وقيل يلحق قطعا إن كان مأذونا له في النكاح ومضى زمان إمكانه وإلا فقولان
والمذهب للحوق مطلقا ويجري الخلاف في إقرار العبد بأخ أو عم
وقيل بالمنع هنا قطعا لأن لظهور نسبه طريقا آخر وهو إقرار الأب أو الجد ويجري فيما لو استلحق حر عبد غيره وهو بالغ فصدقه لما فيه من قطع الارث المتوهم بالولاء
وقيل يثبت هنا قطعا ويجري فيما لو استلحق المعتق غيره
والمنع هنا أبعد لاستقلاله بالنكاح والتسري
وإذا صححنا استلحاق العبد

فلا يسلم إليه اللقيط لأنه لا يتفرغ لحضانته وتربيته ولا نفقة عليه إذ لا مال له

فرع استلحقته امرأة وأقامت بينة لحقها ولحق زوجها إن أمكن العلوق منه ولا ينتفي عنه إلا بلعان

هذا إذا قيدت البينة أنها ولدته على فراشه
فإن لم تتعرض للفراش ففي ثبوت نسبه من الزوج وجهان
قلت الأصح المنع
والله أعلم وإن لم تقم بينة واقتصرت على الدعوى فهل يلحقها أم لا أم يلحق الخلية دون المزوجة فيه أوجه
أصحها الثاني
فإن ألحقنا ولها زوج لم يلحقه على المذهب وبه قطع الجمهور
وقيل وجهان
وباللحوق قال ابن سلمة
واستلحاق الأمة كالحرة إن جوزنا استلحاق العبد فإن أثبتناه لم يحكم برق الولد لمولاها على المذهب وبه قطع ابن الصباغ والمتولي وذكر البغوي فيه وجهين
فصل ادعى نسب اللقيط اثنان ففيه صور

إحداها ادعاه حر وعبد فإن قلنا يصح استلحاق العبد فهما سواء وإلا فيلحق بالحر
الثانية ادعاه مسلم وكافر يستويان فيه

الثالثة اختص أحدهما بيد نظر إن كان صاحب اليد هو الملتقط لم يقدم لأن اليد لا تدل على النسب بل إن استلحقاه معا ولا بينة عرض معهما على القافة كما سنذكره إن شاء الله تعالى
وإن استلحقه الملتقط أولا حكمنا بالنسب ثم ادعاه الآخر قال الشافعي رضي الله عنه يعرض الولد مع الثاني على القائف فإن نفاه عنه بقي لاحقا بالملتقط باستلحاقه
وإن ألحقه بالثاني عرض مع الملتقط عليه فإن نفاه عنه فهو للثاني وإن ألحقه به أيضا فقد تعذر العمل بقول القائف فيوقف
وإن كان صاحب اليد غير الملتقط فإن كان استلحقه وحكم ( له ) بالنسب ثم جاء آخر وادعى نسبه لم يلتفت إليه
وإن لم يسمع استلحاقه إلا بعدما جاء الثاني واستلحقه فهل يقدم صاحب اليد أم يستويان وجهان
أصحهما الثاني
الرابعة تساويا ولا بينة عرض الولد على القائف فبأيهما ألحقه لحق
فإن لم يوجد قائف أو تحير أو ألحقه بهما أو نفاه عنهما ترك حتى يبلغ فإذا بلغ أمر بالانتساب إلى أحدهما ولا ينسب بالنشهي بل يعول فيه على ميل الطبع الذي يجده الولد إلى الوالد الى القريب والقريب بحكم الجبلة
وقيل لا يشترط البلوغ بل يخير إذا بلغ سن التمييز كالتخيير بين الأبوين في الحضانة
والصحيح اشتراطه
والفرق أن الاختيار في الحضانة لا يلزم بل له الرجوع وهنا يلزم وعليهما النفقة مدة الانتظار
فإذا انتسب إلى أحدهما رجع الآخر عليه بما أنفق
ولو لم ينتسب إلى واحد منهما لفقد الميل بقي الأمر موقوفا
ولو انتسب إلى غيرهما وادعاه ذلك الغير ثبت نسبه منه
وفيه وجه أنه إن كان الرجوع إلى انتسابه بسبب إلحاق القائف بهما جميعا لم يقبل انتسابه إلى غيرهما
والصحيح الأول
وإذا انتسب إلى أحدهما لفقد القائف ثم وجد عرضناه عليه
فإن ألحقه بالثاني قدمنا قوله على الانتساب لأنه حجة أو حكم
وقال أبو إسحاق يقدم الانتساب

قال وعلى هذا فمتى ألحقه القائف بأحدهما فللآخر أن ينازعه ويقول يترك حتى يبلغ فينتسب
ولو ألحقه القائف بأحدهما وأقام الآخر بينة قدمت البينة لأنها حجة في كل خصومة وقيل لا يغير ما حكمنا به ولا يعمل بالبينة

فرع ادعت امرأتان نسب لقيط أو مجهول غيره ولا بينة وقبلنا استلحاق
المرأة ففي عرض الولد معهما على القائف وجهان أحدهما المنع
والأصح المنصوص العرض لأنه حكم أو حجة فأشبه البينة فاذا ألحقه بأحداهما وهي ذات زوج لحق زوجها أيضا كما قامت البينة
وقيل لا يلحقه وهو ضعيف
الخامسة أقام كل واحد بينة بنسبه وتعارضتا ففي التعارض في الأموال قولان
أظهرهما التساقط
فعلى هذا تسقطان أيضا هنا على الصحيح ويرجع إلى قول القائف
وقيل لا تسقطان وترجح إحداهما بقول القائف ولا يختلف المقصود على الوجهين
والقول الثاني تستعملان بالوقف أو القسمة أو القرعة فيه ثلاثة أقوال معروفة ولا يجيء هنا الوقف للاضرار بالطفل ولا القسمة فلا مجال لها في النسب ولا تجيء القرعة أيضا على الأصح وقول الاكثرين لانها لا تدخل النسب وأثبتها الشيخ أبو حامد
ولو اختص أحدهما باليد لم ترجح بينته بها
وفي الافصاح للمسعودي و أمالي أبي الفرج الزاز أنه لو أقام أحدهما بينة بأنه في يده من سنة والثاني بينة أنه في يده من شهر وتنازعا في نسبه فصاحب السنة مقدم لكن هذا كلام غير مهذب فإن ثبوت اليد لا يقتضي ثبوت النسب
وإن فرض تعرض البينتين لنفس النسب فلا مجال للتقدم والتأخر فيه
وإن شهدتا على الاستلحاق فيبنى على أن الاستلحاق من شخص هل يمنع غيره من الاستلحاق بعد وقد سبق بيانه

فرع ادعاه امرأتان وأقامتا بينتين قال الشافعي رضي الله عنه أريته
القائف معهما فبأيتهما ألحقه لحقها ولحق زوجها
فمن الأصحاب من قال هذا تفريع على قول الاستعمال وترجيح بقول القائف كما يرجح في الاملاك بالقرعة وهذا يوافق ما سبق عن الشيخ أبي حامد
وعلى هذا يلحق الزوج قطعا لأن الحكم بالبينة
ومنهم من قال هذا جواب على قول التساقط وكأنه لا بينة فيرجع إلى القائف
وعلى هذا ففي لحوقه بالزوج الخلاف السابق
فرع ألحقه القائف بأحدهما ثم بالآخر لم ينقل إليه إذا الاجتهاد

فرع وصف أحد المتداعيين أثر جراحة أو نحوه أو بظهره أو بعض
الباطنة وأصاب لا يقدم
فصل تنازعا في الالتقاط وولاية الحفظ والتعهد فإن تنازعا عند الأخذ

وإن قال كل واحد أنا الملتقط فلي حفظه فإن اختص بيد وقال الآخر أخذه مني فالقول قول صاحب اليد مع يمينه
فإن أقاما بينتين

قدمت بينة صاحب اليد
وإن لم يكن في يد واحد منهما فهو كما لو وجداه معا وتشاحا في حفظه فيجعله الحاكم عند من يراه منهما أو من غيرهما
وإن كان في يدهما فإن حلفا أو نكلا فحكمه كما سكرنا إذا ازدحما على الأخذ معا وهما متساويا الحال
وإن حلف أحدهما فقط خص به
ولو أقام كل واحد بينة وهو في يدهما أو لا في يد واحد منهما فإن كانتا مطلقتين أو مؤرختين بتاريخ واحد أو إحداهما مؤرخة والأخرى مطلقة فهما متعارضتان
فإن قلنا بالتساقط فكأنه لا بينة
وإن قلنا بالاستعمال فلا يجيء الوقف ولا القسمة وتجيء القرعة فيسلم لمن خرجت قرعته
وإن قيدتا بتاريخين مختلفين قدم السابق بخلاف المال فإنه لا يقدم فيه بسبق التاريخ على الأظهر لان الأموال تنتقل والملتقط لا ينتزع منه ما دامت الاهلية
فإذا ثبت السبق لزم استمراره
هكذا فرق الأصحاب قال أبو الفرج الزاز هذا إذا قلنا من التقط اللقيط ثم نبذه لا يسقط حقه
فإن أسقطناه فهو على القولين في الأموال لانه ربما نبذه الاول فالتقطه غيره وهذا حسن
ويتفرع على تقديم البينة المصرحة بالسبق ما إذا كان اللقيط في يد أحدهما وأقام من في يده البينة وأقام الآخر بينة أنه كان في يده وانتزعه منه صاحب اليد فتقدم بينة مدعي الانتزاع لإثباتها السبق
الحكم الرابع الحرية والرق وللقيط في ذلك أربعة أحوال
الأول أن لا يقر على نفسه بالرق ولا يدعي رقه أحد فيحكم بحريته لأن ظاهر حاله الحرية ولأن غالب الناس أحرار هذا هو المذهب وقد سبق أن من الأصحاب من يتوقف في إسلامه
قال الإمام وذلك التردد يجري هنا وأولى لقوة الاسلام واقتضائه الاستتباع للوالد والسابي بخلاف الحرية
ثم ذكر الإمام تفصيلا متوسطا فقال يجزم بالحرية ما لم ينته الأمر إلى إلزام الغير شيئا

فإن انتهى ترددنا إن لم يعترف الملتزم بحريته فنحكم له بالملك فيما نصادفه في يده جزما
وإذا أتلفه متلف أخذنا منه الضمان وصرفناه إليه لان المال المعصوم مضمون على المتلف فليس التضمين بالحرية وميراثه لبيت المال قطعا وأرش جنايته الخطأ في بيت المال قطعا قال الإمام ويحتمل أن يخرج على التردد المذكور لأن مال بيت المال لا يبذل إلا عن تحقق
ولو قتل اللقيط فقد ذكرنا في وجوب القصاص خلافا وينضم إليه التردد في الحرية فمن لا يجزم القول باسلامه وحريته لا يوجب القصاص على الحر المسلم بقتله ويوجبه على الرقيق الكافر
ومن يجزم بهما يخرج وجوب القصاص بكل حال على قولين بناء على أنه ليس له وارث معين الأظهر وجوبه
وإذا قتل خطأ فالواجب الدية على الصحيح أخذا بظاهر الحديث وأقل الأمرين من الدية والقيمة في الثاني بناء على أن الحرية غير متيقنة
قال الإمام وقياس هذا أن نوجب الأقل من قيمته عبدا ودية مجوسي لإمكان الحمل على التمجس وقد يرتب القصاص على الدية فيقال إن لم نوجب الدية فالقصاص أولى وإلا فوجهان
الحال الثاني أن يدعي شخص رقه ولا بينة
ومن ادعى رق صغير لا تتيقن حريته سمعت دعواه لإمكانها
فإن لم يكن في يده لم يقبل قوله إلا ببينة لأن الظاهر الحرية فلا تترك إلا بحجة بخلاف النسب فإن قبوله مصلحة للصبي وثبوت حق له
وإن كان في يده وقد عرفنا استنادها إلى التقاطه فقولان
أحدهما يحكم له بالرق كيد غير الملتقط وكما لو التقط مالا إدعاه ولا منازع يقبل قوله ويجوز شراؤه منه
وأظهرهما لا يقبل إلا ببينة لأن الأصل الحرية ويخالف المال فإنه مملوك وليس في دعواه تغيير صفة له واللقيط حر ظاهرا وفي دعواه تغيير صفة
وإن لم يعرف استنادها إلى الالتقاط حكم لصاحبها بالرق الذي يدعيه على الصحيح الذي قطع به الجمهور لأن الظاهر ممن في يده يتصرف فيه تصرف

المالكين ولا معارض له ولا سبب يحال عليه أنه ملكه وسواء كان الصغير مميزا أو غيره مقرا أو منكرا على الأصح
والثاني إن كان مميزا منكرا احتاج المدعي إلى البينة
فعلى الأصح يحلف المدعي واليمين واجبة على الأصح المنصوص
وقيل مستحبة
ثم إذا بلغ الصبي وأقر بالرق لغير صاحب اليد لم يقبل
وإن قال أنا حر لم يقبل أيضا على الأصح إلا أن يقيم بينة بالحرية ولكن له تحليف السيد قاله البغوي
والثاني يقبل قاله أبو علي الثقفي

فرع رأى صغيرا في يد إنسان يأمره وينهاه ويستخدمه هل له أن
له بالملك قال أبو علي الطبري فيه وجهان
وقال غيره إن سمعه يقول هو عبدي أو سمع الناس يقولون إنه عبده شهد له بالملك وإلا فلا
قلت هذا أصح
والله أعلم فرع صغيرة في يد رجل يدعي نكاحها فبلغت وأنكرت يقبل قولها وعلى المدعي البينة
وهل يحكم في صغرها بالنكاح قال ابن الحداد نعم كالرق
والأصح المنع
وفرق الأصحاب بأن اليد في الجملة دالة على الملك ويجوز أن يولد وهو مملوك والنكاح طارىء فيحتاج إلى البينة
الحال الثالث أن يدعي رقه مدع ويقيم عليه بينة حيث يحتاج مدعي الرق إلى بينة كما فصلناه
وهل يكفي إقامة البينة على الرق أو الملك مطلقا قولان

أحدهما نعم كما لو شهد بملك دار أو ثوب وغيرهما وهذا اختيار المزني وهو نصه في الدعاوى وفي القديم
والثاني لا لاحتمال اعتماد الشاهد ظاهر اليد ويكون يد التقاط
وإذا احتمل ذلك مع أن اللقيط محكوم بحريته بظاهر الدار لم يزل ذلك إلا بيقين وأمر الرق خطر وهذا نصه ( هنا ) وهو الأصح عند الإمام والبغوي والروياني وآخرين ورجح ابن كج وأبو الفرج الزاز الأول ويؤيده أن من الأصحاب من قطع به وحمل نصه هنا على الاحتياط ولأن البينة بمطلق الملك ليست بأقل من دعوى غير الملتقط رق الصغير في يده
قلت كل من الترجيحين ظاهر وقد رجح الرافعي في المحرر الثاني
والله أعلم ويجري القولان سواء كان المدعي هو الملتقط أو غيره هكذا ذكره الجمهور
وذكر الإمام كلاما يتخرج منه ومما ذكره غيره قول أن البينة المطلقة تكفي في غير الملتقط ولا تكفي فيه
والمذهب أنه لا فرق
وإذا قلنا لم يكتف بالبينة المطلقة شرطنا تعرض الشهود لسبب الملك من الارث أو الثراء أو الإلتهاب ونحوها
ومن الاسباب أن يشهدوا أن أمته ولدته مملوكا له
فإن اقتصروا على أن أمته ولدته أو أنه ولد أمته فطريقان
قال الجمهور قولان
أظهرهما يكفي
والثاني لا
وقيل يكفي قطعا وهو نصه هنا
وإن شهدوا أنه ملكه ولدته مملوكته قال البغوي يكفي قطعا وهو نصه هنا
وإن شهدوا أنه ملكه ولدته مملوكته قال البغوي يكفي قطعا وإن شهدوا بأن أمته ولدته في ملكه قال الأصحاب يكفي قطعا
وقال الإمام لا يكتفى به تفريعا على وجوب التعرض لسبب الملك فقد تلد في ملكه حرا بالشبهة وفي نكاح الغرور وقد تلد مملوكا لغيره بأن يوصي بحملها وتكون الرقبة للوارث وهذا حق
ويشبه أن لا يكون فيه خلاف ويكون قولهم في ملكه مصروفا إلى المولود كقولك ولدته في مشيمة

لا إلى الولادة ولا إلى الوالدة وحينئذ يكون قولهم ولدته مملوكا له ويكفي المدعي في دعواه قوله هو ملكي وإنما يشترط ذكر السبب إن شرطناه في صيغة الشهود

فرع تقبل هذه الشهادة من رجل وامرأتين على القولين لأن الغرض إثبات
الملك
وإذا اكتفينا بالشهادة على أنه ولدته أمته قبل من أربع نسوة أيضا لأنها شهادة على الولادة ثم يثبت الملك في ضمنها كثبوت النسب في ضمن الشهادة على الولادة
ولو شهدن أنه ملكه ولدته أمته قال القاضي حسين ثبت الملك والولادة وذكر الملك لا يمنع ثبوت الولادة ثم يثبت الملك ضمنا لا بتصريحهن
فرع لو شهدت البينة لمدعي الرق باليد قال في المهذب إن كان
الملتقط لم يحكم له
وإن كان غيره فقولان
والأصح ما ذكره صاحب الشامل وغيره أن المدعي إذا أقام البينة أنه كان في يده قبل التقاط الملتقط قبلت وثبتت يده ثم يصدق في دعوى الرق لما سبق أن صاحب اليد على الصغير إذا لم يعرف أن يده عن التقاط يصدق في دعوى الرق وبمثله قطع البغوي فيما إذا أقام الملتقط بينة أنه كان في يده قبل إن التقطه لكن نقل ابن كج في هذه الصورة عن النص أنه لا يرق حتى يقيم البينة على سبب الملك
الحال الرابع أن يقر على نفسه بالرق وهو بالغ عاقل فينظر إن كذبه

المقر له لم يثبت الرق
فلو عاد بعد ذلك فصدقه لم يلتفت إليه لأنه لما كذبه ثبتت حريته بالاصل فلا يعود رقيقا
وإن صدقه نظر إن لم يسبق الاقرار ما يناقضه قبل على المشهور كسائر الاقارير
وفي قول حكاه صاحب التقريب لا يقبل لانه محكوم بحريته بالدار فلا ينقض كالمحكوم باسلامه بالدار لو أفصح بالكفر لا ينقض ما حكمنا به في قول بل يجعل مرتدا
وإن سبقه ما يناقضه ففيه صور
إحداها إذا أقر بالحرية بعد البلوغ ثم أقر بالرق لا يقبل على المذهب وبه قطع الاصحاب
ونقل الإمام وجهين ثانيهما القبول
الثانية إذا أقر بالرق لزيد فكذبه ثم أقر لعمرو لم يقبل على المذهب والمنصوص والذي قطع به الجمهور بل يكون حرا وعن ابن سريج قبوله
الثالثة إذا وجدت منه تصرفات يقتضي نفوذها الحرية كبيع ونكاح وغيرهما ثم قامت بينة برقه نقضت تصرفاته المقتضية للحرية وجعلت صادرة عن عبد لم يأذن له سيده ويسترد ما قبضه من زكاة أو ميراث وما أنفق عليه من بيت المال وتباع رقبته فيها
فلو لم تقم بينة لكن أقر بالرق فإن قلنا بالقول الذي حكاه صححب التقريب فاقراره لاغ
لكن لو كان نكح فاقراره اعتراف بتحريمها فيؤاخذ به
وإن قلنا بالمشهور ففيه طرق حاصلها أنه تثبت أحكام الأرقاء في المستقبل على المذهب
وقال ابن سلمة قولان
ثانيهما أنه يقى على أحكام الحرية مطلقا
وقيل يبقى فيما يضر بغيره وكلاهما شاذ ضعيف
وأما الماضي فيقبل إقراره فيما يضر به من التصرفات السابقة قطعا ولا يقبل فيما يضر بغيره على الأظهر
ويتفرع على القولين فروع
أحدها إذا نكح قبل الاقرار نظر أذكر هو أم أنثى فإن كان أنثى فزوجها الحاكم على الحرية ثم أقرت بالرق
فإن قبلنا

الاقرار فيما يضر غيره فالنكاح فاسد ولا شىء على الزوج إن لم يدخل بها وإن دخل فعليه مهر المثل للمقر له
فإن كان سلم المهر إليها استرده إن كان باقيا وإلا رجع عليها بعد العتق والاولاد منها أحرار لظنه الحرية وعلى الزوج قيمتهم للمقر له ويرجع عليها بالقيمة إن كانت هي الغارة
وفي الرجوع بالمهر قولان معروفان
وفي العدة وجهان
أصحهما يلزمها قرءان لان عدة الامة بعد ارتفاع النكاح الصحيح قرءان ونكاح الشبهة في المحرمات كالنكاح الصحيح وبهذا قطع الشيخ أبو حامد وصاحبا المهذب و الشامل
والثاني لا عدة عليها إذ لا نكاح ولكن تستبرىء بقرء بسبب الوطء
قال الإمام ويجب طرد هذا الخلاف في كل نكاح شبهة على أمة
وإن قلنا لا يقبل الاقرار فيما يضر غيره فالكلام في أمور
أحدها لا يحكم بانفساخ نكاحها بل يبقى كما كان
قال الإمام سواء فرقنا بين الماضي والمستقبل أم لا ويصير النكاح كالمستوفى المقبوض واستدرك ابن كج فقال إن كان الزوج ممن لا يحل له نكاح الإماء انفسخ نكاحه لأن الاولاد الذين يلدهم في المستقبل أرقاء كما سنذكره إن شاء الله تعالى فليس له الثبات عليه وهذا حسن لكن صرح ابن الصباغ بخلافه
قلت الاصح أنه لا ينفسخ كما قال ابن الصباغ كالحر إذا وجد الطول بعد نكاح الأمة
والله أعلم ثم أطلق الأصحاب أن للزوج خيار فسخ النكاح ونص عليه في المختصر
قال الشيخ أبو علي هذا إذا نكحها على أنها حرة فإن توهم الحرية ولم يجر شرطها ففيه خلاف نذكره في النكاح إن شاء الله تعالى
الثاني في المهر ومتى ثبت للزوج الخيار ففسخ قبل الدخول فلا شىء عليه

وإن كان بعده لزمه أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل
وإن أجاز لزمه المسمى قاله البغوي
فإن طلقها بعد الاجازة وقبل الدخول لزمه نصف المسمى وفيه إشكال لأن المقر له يزعم فساد النكاح فاذا لم يكن دخول وجب أن لا يطالب بشىء وقد يشعر بهذا إطلاق الغزالي
قلت الراجح أنه لا يلزمه شىء لما ذكره
والله أعلم فإن كان الزوج أعطاها الصداق لم يطالب به ثانيا
الثالث أولادها فالذين حصلوا قبل الاقرار أحرار ولا يلزم للزوج قيمتهم
والحادثون بعده أرقاء لأنه وطئها عالما برقها
قال الإمام هذا ظاهر إن قبلنا الاقرار فيما يضر بالغير في المستقبل
فإن لم نقبله فيحتمل أن يقال بحريتهم لصيانة حق الزوج كما أدمنا النكاح صيانة له ويحتمل أن يقال برقهم وهو ظاهر ما أطلقه الأصحاب لأن العلوق متوهم فلا يجعل مستحقا بالنكاح بخلاف الوطء
الرابع تردد الإمام في أنا إذا أدمنا النكاح تسلم إلى الزوج تسليم الاماء أم تسليم الحرائر فالظاهر الثاني وإلا لعظم الضرر على الزوج واختلت مقاصد النكاح ويؤيده قول الشافعي رضي الله عنه في المختصر لا أصدقها على فساد النكاح ولا على ما يجب عليها للزوج
الخامس في العدة
وأما عدة الطلاق فإن كان رجعيا وطلقها ثم أقرت فعليها ثلاثة أقراء وله الرجعة في جميعها لأنه ثبت ذلك بالطلاق
وإن أقرت ثم طلقها فكذلك على الصحيح الذي قطع به الأكثرون لأن النكاح أثبت

له الرجعة في ثلاثة أقراء
والثاني تعتد بقرئين لأنه أمر يتعلق بالمستقبل كارقاق أولادها وصححه أبو الفرج الزاز وحكاه عن ابن سريج
وإن كان الطلاق بائنا فهو كالرجعي على الأصح لأن العدة فيهما لا تختلف
والثاني تعتد بقرئين مطلقا لأنها رقيقة وليست للزوج رجعة
وأما عدة الوفاة فإنها بشهرين وخمسة أيام عدة الاماء نص عليه سواء أقرت قبل موت الزوج أو بعده في العدة لأنها حق الله تعالى فقبل في قولها انتقاضها وليس فيها إضرار بأحد
وفي وجه لا يجب عليها عدة الوفاة أصلا لأنها تزعم بطلان النكاح من أصله وقد مات الزوج فعلى هذا إن جرى دخول لزمها الاستبراء
قال الإمام والقول في أنه بقرء أم بقرئين على ما سبق في التفريع على القول
فإن لم يجر دخول فهل تستبرىء بقرء كما لو اشتريت من امرأة أو مجبوب أم لا استبراء أصلا لانقطاع حقوق الزوج فيه احتمالان للإمام وبالثاني قطع الغزالي
هذا كله إذا كان المقر أنثى
فان كان ذكرا فبلغ ونكح ثم أقر بالرق فإن قبلنا إقراره مطلقا فهذا نكاح فاسد فيفرق بينهما ولا مهر إن لم يقع دخول وإن وقع فعليه مهر المثل كذا قاله الجمهور
وقال في المهذب وأبداه الإمام احتمالا أن عليه الاقل من مهر المثل والمسمى
ثم متعلق الواجب ذمته أم رقبته قولان
أظهرهما الاول
وإن قبلنا إقراره فيما يضره دون غيره حكمنا بانفساخ النكاح ولم نقبل قوله في المهر فعليه نصف المسمى إن لم يدخل وجميعه إن دخل ويؤدي ذلك مما في يده أو من كسبه في الحال أو المستقبل فإن لم يوجد ففي ذمته إلى أن يعتق
الفرع الثاني إذا كانت عليه ديون وقت الاقرار بالرق وفي يده أموال فإن قبلنا إقراره مطلقا فالاموال تسلم للمقر له والديون في ذمته
وإن قبلناه فيما يضره دون غيره قضينا الديون مما في يده
فإن فضل من المال شىء فهو للمقر له وإن بقي من الدين شىء ففي ذمته إلى أن يعتق

الفرع الثالث إذا باع أو اشترى بعد البلوغ ثم أقر بالرق فإن قبلنا الاقرار مطلقا فالبيع والشراء باطلان فإن كان ما باعه باقيا في يد المشتري أخذه المقر له وإلا طالبه بقيمته
والثمن إن أخذه المقر وأتلفه فهو في ذمته إلى أن يعتق وإن كان باقيا رده وما اشتراه إن كان باقيا في يده رده إلى بائعه وإلا استرد الثمن من البائع وحق البائع يتعلق بذمته وإن قلنا لا يقبل فيما يضر غيره لم نبطلهما ثم ما باعه إن لم يستوف ثمنه استوفاه المقر له وإن كان استوفاه لم يطالب المشتري ثانيا وما اشتراه إن كان وزن ثمنه فقد تم العقد وسلم المبيع للمقر له
وإن لم يزن فان كان في يده مال حين أقر بالرق وزن الثمن منه وإلا فهو كافلاس المشتري فيرجع البائع إلى عين ماله إن كان باقيا وإلا فهو في ذمة المقر حتى يعتق
الفرع الرابع جنى ثم أقر بالرق فان كانت الجناية عمدا فعليه القصاص سواء كان المجني عليه حرا أو عبدا
وإن كانت خطأ فان كان في يده مال أخذ الأرش منه كذا قاله البغوي وهو خلاف قياس القولين لأن أرش الخطأ لا يتعلق بما في يد الجاني حرا كان أو عبدا وإن لم يكن في يده مال تعلق الأرش برقبته على القولين
وقال القاضي أبو الطيب إن قلنا لا يقبل إقراره فيما يضر غيره فالأرش في بيت المال
فلو زاد الأرش على قيمة الرقبة فالزيادة في بيت المال على هذا القول قطعا
الفرع الخامس جني عليه فقطع طرفه ثم أقر بالرق فان كانت الجناية عمدا والجاني عبدا اقتص منه
وإن كان حرا فلا قصاص ويكون كالخطأ
وإن كانت خطأ فان قبلنا إقراره مطلقا فعلى الجاني كمال قيمته إن صارت قتلا وإلا فما تقتضيه جراحة العبد
وإن قبلناه فيما يضره دون غيره وكانت الجناية قطع يد فان لم يزد نصف القيمة على نصف الدية فالواجب نصف القيمة وإن زاد فهل يجب

نصف الدية أم نصف القيمة وجهان
أصحهما الأول
هذا كله تفريع على تعلق الدية بقتل اللقيط
وفيه وجه سبق أن الواجب الأقل من الدية والقيمة وذلك الوجه مطرد في الطرف

فرع لا فرق في جميع ما ذكرناه بين أن يقر بالرق ابتداء
يدعي رقه شخص فيصدقه فلو ادعى رجل ويكون كالخطأ
وإن كانت خطأ فان قبلنا إقراره مطلقا فعلى الجاني كمال قيمته إن صارت قتلا وإلا فما تقتضيه جراحة العبد
وإن قبلناه فيما يضره دون غيره وكانت الجناية قطع يد فان لم يزد نصف القيمة على نصف الدية فالواجب نصف القيمة وإن زاد فهل يجب نصف الدية أم نصف القيمة وجهان
أصحهما الأول
هذا كله تفريع على تعلق الدية بقتل اللقيط
وفيه وجه سبق أن الواجب الأقل من الدية والقيمة وذلك الوجه مطرد في الطرف
فرع لا فرق في جميع ما ذكرناه بين أن يقر بالرق ابتداء
يدعي رقه شخص فيصدقه فلو ادعى رجل رقه فأنكره ثم أقر له ففي قبوله وجهان لأنه بالانكار لزمه أحكام الأحرار
قلت ينبغي أن يفصل فان قال لست بعبد لم يقبل إقراره بعده وإن قال لست بعبد لك فالأصح القبول إذ لا يلزم من هذه الصيغة الحرية
والله أعلم فرع ادعى مدع رقه فأنكر ولا بينة فإن قبلنا إقراره بالرق فله تحليفه وإلا فلا إلا إذا جعلنا اليمين مع النكول كالبينة فله التحليف
فصل إذا قذف لقيطا صغيرا عزر وإن كان بالغا حد إن اعترف

فان ادعى رقه فقال المقذوف بل أنا حر فالقول قول المقذوف على الأظهر
وقيل

قطعا
ويجري الطريقان فيما لو قطع حر طرفه وادعى رقه وقال بل أنا حر
وقيل يجب القصاص قطعا لأن الحد يغني عنه التعزير لاشتراكهما في الزجر
فان لم نوجب القصاص أوجبنا الدية في اليدين ونصفها في إحداهما على الأصح
وعلى الثاني القيمة أو نصفها
ولو قذف اللقيط واعترف بأنه ( حر ) حد حد الأحرار
وإن ادعى أنه رقيق وصدقه المقذوف حد حد العبيد
وإن كذبه فأي الحدين يحد قولان بناء على إقراره إن قبلناه مطلقا فحد العبيد وإن منعناه فيما يضر غيره فحد الاحرار
وحكى في المعتمد وجها أنه إن أقر لمعين قبل إقراره وحد حد العبيد وإن لم يعين حد حد الأحرار 6

كتاب الفرائض
فيه عشرة أبواب الباب الأول في بيان أسباب التوريث والورثة وقدر استحقاقهم ونقدم عليه أنه يبدأ من تركة الميت بمؤنة تجهيزه بالمعروف ما لم يتعلق به حق غيره
فإن تعلق كالمرهون وما يتعلق به زكاة والعبد الجاني والمبيع إذا مات المشتري مفلسا قدم حق الغير ثم تقضى ديونه من تركته وللورثة إمساك ما تركه وغرامة ما عليه من مالهم كما سبق في كتاب الرهن ثم تنفذ وصاياه من ثلث الباقي ثم يقسم الباقي بين الورثة على فرائض الله تعالى
فصل أسباب التوريث أربعة قرابة ونكاح وولاء وجهة الاسلام

والمراد بجهة الإسلام أن من مات ولم يخلف وارثا بالأسباب الثلاثة وفضل عنه شىء كان ماله لبيت المال يرثه المسلمون بالعصوبة كما يحملون ديته
هذا هو الصحيح المشهور
وفي وجه أنه يوضع في بيت المال على سبيل المصلحة لا إرثا لأنه لا يخلو عن ابن عم بعيد فألحق ذلك بالمال الضائع الذي لا يرجى ظهور مالكه
وحكى ابن اللبان والروياني هذا قولا
قال المتولي فإن جعلناه إرثا لم يجز صرفه إلى المكاتبين والكفار
وفي جواز صرفه إلى القاتل وجهان
وجه الجواز أن تهمة الاستعجال لا تتحقق هنا لأنه لا يتعين مصرفا لماله

قلت الأصح أو الصحيح المنع
والله أعلم
وفي جواز صرفه إلى من أوصي له بشىء وجهان
أحدهما لا لئلا يجمع بين الوصية والارث ويخير بينهما
والثاني يجوز
قلت الأصح الجواز
والله أعلم
ولا خلاف أنه يجوز تخصيص طائفة من المسلمين ويجوز صرفه إلى من ولد بعد موته أو كان كافرا فأسلم بعد موته أو رقيقا فعتق
قلت قد ضم صاحب التلخيص إلى هذه الأسباب الأربعة سببا خامسا وهو سبب النكاح وهو غير النكاح وذلك في المبتوتة في مرض الموت إذا قلنا بالقديم إنها ترث
والله أعلم

فصل في بيان المجمع على توريثهم الرجال الوارثون خمسة عشر الابن وابن
للأب والأخ للأم وابن الأخ للأبوين وابن الأخ للأب والعم للأبوين والعم للأب وابن العم للأبوين وابن العم للأب والزوج والمعتق
والنساء الوارثات عشر البنت وبنت الابن وإن سفل والأم والجدة للأب والجدة للأم وإن علتا والأخت للأبوين والأخت للأب والاخت للأم والزوجة والمعتقة
والمراد بالمعتق والمعتقة من أعتق أو عصبة أدلى بمعتق

ويدخل في لفظ العم عم الميت وعم أبيه وعم جده إلى حيث ينتهي وكذلك حيث أطلقنا لفظ العم في الورثة بخلاف الأخ فإن المراد به أخو الميت فقط

فرع إذا اجتمع الرجال الوارثون ورث منهم الابن والأب والزوج فقط
وإذا اجتمع النساء فالبنت وبنت الابن والأم والزوجة والأخت للأبوين
وإذا اجتمع الصنفان غير أحد الزوجين ورث خمسة الأبوان والابن والبنت وأحد الزوجين
ومن انفرد من الرجال حاز كل التركة إلا الزوج والأخ للأم
ومن قال بالرد لا يستثني إلا الزوج
ومن انفردت من النساء لم تحزها إلا المعتقة
ومن قال بالرد يثبت لكلهن الحيازة إلا الزوجة
قلت وليس في الورثة ذكر يدلي بأنثى فيرث إلا الأخ للأم وليس فيهم من يرث مع من يدلي به إلا أولاد الأم
قال صاحب التلخيص والقفال وغيرهما ليس لنا من يورث ولا يرث إلا الجنين في غرته والمعتق بعضه على الأظهر أنه يورث
والله أعلم
فصل في ذوي الأرحام هم كل قريب يخرج عن المذكورين في الفصل

وإن شئت قلت كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة
وأما تفصيلهم فهم عشرة أصناف أبو الأم وكل جد وجدة ساقطين وأولاد البنات وبنات الاخوة وأولاد الأخوات

وبنو الاخوة للأم والعم للأم وبنات الاعمام والعمات والأخوال والخالات
ومنهم من يعدهم أحد عشر ويفصل الجد عن الجدة
ومنهم من يزيد على ذلك والمقصود لا يختلف فهؤلاء لا يرثون بالرحم شيئا على الصحيح
وقال المزني وابن سريج إن لم يخلف الميت إلا ذا فرض لا يستغرق رد الباقي عليه إلا الزوج والزوجة فلا رد عليهما
فإن لم يخلف ذا فرض ولا عصبة ورث ذوو الأرحام
وقولنا إن الصحيح أنهم لا يرثون ولا يرد هو فيما إذا استقام أمر بيت المال بأن ولي إمام عادل
أما إذا لم يكن إمام أو لم يكن مستجمعا لشروط الامامة ففي مال من لا عصبة له ولا ذا فرض مستغرق وجهان
أصحهما عند أبي حامد وصاحب المهذب لا يصرف إلى الرد ولا إلى ذوي الأرحام لأنه للمسلمين فلا يسقط بفوات نائبهم
والثاني أنه يرد ويصرف إلى ذوي الأرحام لأن المال مصروف إليهم أو إلى بيت المال بالاجماع
فإذا تعذر أحدهما تعين الآخر وهذا اختيار ابن كج وبه أفتى أكابر المتأخرين
قلت هذا الثاني هو الأصح أو الصحيح عند محققي أصحابنا وممن صححه وأفتى به الإمام أبو الحسن بن سراقة من كبار أصحابنا ومتقدميهم وهو أحد أعلامهم في الفرائض والفقه وغيرهما ثم صاحب الحاوي والقاضي حسين والمتولي والخبري بفتح الخاء المعجمة وإسكان الباء الموحدة وآخرون قال ابن سراقة وهو قول عامة مشايخنا
قال وعليه الفتوى اليوم في الامصار ونقله صاحب الحاوي عن مذهب الشافعي رضي الله عنه قال وغلط الشيخ أبو حامد في مخالفته قال وإنما مذهب الشافعي منعهم إذا استقام بيت المال
والله أعلم

فإن قلنا لا يصرف إليهم ولا يرد فإن كان في يد أمين نظر إن كان في البلد قاض بشروط القضاء مأذون له في التصرف في مال المصالح دفع إليه ليصرفه فيها
وإن لم يكن قاض بشرطه صرفه الامين بنفسه إلى المصالح وإن كان قاض بشرطه غير مأذون له في التصرف في مال المصالح فهل يدفعه إليه أم يفرقه الأمين بنفسه أم يوقف إلى أن يظهر بيت المال ومن يقوم بشرطه فيه ثلاثة أوجه
قلت الثالث ضعيف والأولان حسنان
وأصحهما الأول
ولو قيل يتخير بينهما لكان حسنا بل هو عندي أرجح
والله أعلم
وعلى الثاني وقوف مساجد القرى يصرفها صلحاء القرية في عمارة المسجد ومصالحه
أما إذا لم يكن في يد أمين فيدفع إليه ليفرقه
وإذا قلنا بالصرف إلى ذوي الأرحام فوجهان
أحدهما نقله ابن كج أنه يصرف إلى الفقراء منهم يقدم الأحوج فالاحوج
والصحيح الذي عليه الجمهور يصرف إلى جميعهم
وهل هو إرث أم شىء مصلحي فيه وجهان
أشبههما بأصل المذهب أنه على سبيل المصلحة واختاره الروياني قال ويصرف إليهم إن كانوا محتاجين أو إلى غيره من أنواع المصالح
فإن خيف على رأس المال من حاكم الزمان صرف إلى الاصلح بقول مفتي البلدة
قلت الصحيح الذي عليه جمهور من قال من أصحابنا بتوريث ذوي الارحام أنه يصرف إلى جميعهم على سبيل الميراث على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في الباب الثامن في كيفية توريثهم والرد
والله أعلم

فصل في بيان ما يستحقه كل وارث
من المجمع عليهم ونقدم عليه أن من له سهم مقدر في الكتاب أو السنة فهو صاحب فرض
ومن ورث بالإجماع ولا فرض له فهو عصبة
وقولنا بالإجماع احتراز من ذوي الارحام فإن من ورثهم لا يسميهم عصبة
وأصحاب الفروض قسمان
منهم من لا يرث إلا بالفرضية وهم الزوجان والام والجدة وولد الام
ومنهم من يرث بالتعصيب أيضا
ثم من هؤلاء من لا يجمع الجهتين دفعة بل يرث إما بهذه وإما بهذه وهم البنات وبنات الابن والأخوات للأبوين والاخوات للأب
ومنهم من يرث بهما جمعا وانفرادا وهما الأب والجد
أما العصبة فضربان
عصبة بنفسه وهو كل ذكر يدلي إلى الميت بغير واسطة أو بتوسط محض الذكور وهؤلاء يأخذ المنفرد منهم جميع المال والباقي بعد أصحاب الفروض وربما سقطوا
قلت هذا الذي قاله في حد العصبة غير مطرد ولا منعكس فإنه يقتضي دخول الزوج فإن الغزالي وغيره عدوه ممن يدلي بنفسه وخروج المعتقة فينبغي أن يقول هو كل معتق وذكر نسيب يدلي إلى آخره
والله أعلم
وعصبة بغيره وهم البنات وبنات الابن والأخوات للأبوين وللأب فيتعصبن باخوتهن ويتعصب الأخوات من الجهتين بالبنات وببنات الابن
وقد يقال العصبة ثلاثة
عصبة بنفسه وبغيره ومع غيره على الترتيب المذكور
أما قدر المستحق فللزوج نصف المال إذا لم يكن للميتة ولد ولا ولد ابن وربعه إن كان لها ولد أو ولد ابن منه أو من غيره
وللزوجة الربع حذا لم يكن

للميت ولد ولا ولد ابن والثمن إن كان له ولد أو ولد ابن منها أو من غيرها
والزوجات يشتركن في الربع والثمن بالاجماع

فصل وأما الأم فلها ثلاثة أحوال

حال ترث ثلث المال إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن ولا اثنان من الاخوة والأخوات وحال سدسه إذا لم يكن له ولد أو ولد ابن أو اثنان من الاخوة والأخوات من أي جهة كانوا وحال يكون معها زوج وأب أو زوجة وأب فلها ثلث ما يبقى على الصحيح المعروف في المذهب
وقال ابن اللبان لها الثلث كاملا
فصل وأما الجدة فترث أم الأم وأمهاتها المدليات بمحض الاناث وأم الأب
قولان
المشهور أنهن وارثات
والثاني لا نقله أبو ثور
وأما الجدة المدلية بذكر بين أنثيين كأم أب الأم فلا ترث بل هي من ذوي الأرحام كما سبق فحصل في ضبط الجدات الوارثات على المشهور عبارتان
إحداهما أن يقال هي كل جدة أدلت بمحض إناث أو بمحض ذكور أو بمحض الاناث إلى محض الذكور
الثانية التي لا تدلي بمحض الوارثين غير وارثة والباقيات وارثات
وعلى منقول أبي ثور لا ترد جدة تدلي بغير وارث ولا من وقع في آخر نسبها أبوان

فصاعدا وللجدة الواحدة السدس
وإن اجتمع جدتان فصاعدا وارثات اشتركن في السدس فلو أدلت إحداهما بجهتين كامرأة تزوج ابن بنتها بنت بنتها الأخرى فولد لهما ولد فهذه المرأة أم أم أبيه وأم أم أمه
فإذا مات الولد وخلف هذه وجدة أخرى هي أم أبي أبيه أو أدلت بثلاث جهات فأكثر بأن نكح الولد في المثال المذكور بنت بنت أخرى لتلك المرأة فولد لهما فالمرأة جدة للولد الثاني من ثلاثة أوجه
فالصحيح أن السدس بينهما سواء
والثاني يوزع على الجهات قاله ابن سريج وابن حربويه

فرع في تنزيل الجدات لك أم وأب وهما في الدرجة الأولى من
ولأبيك أم وأب وكذلك لأمك فالاربعة هم الواقعون في الدرجة الثانية من درجات أصولك وهذه هي الدرجة الأولى من درجات الاجداد والجدات ثم أصولك في الدرجة الثالثة ثمانية لأن لكل واحد من الاربعة أبا وأما وفي الدرجة الرابعة ستة عشر وفي الخامسة اثنان وثلاثون والنصف من الاصول في كل درجة ذكور والنصف إناث وهن الجدات ففي الدرجة الثانية من الاصول جدتان وفي الثالثة أربع وفي الرابعة ثمان وفي الخامسة ست عشرة وهكذا يتضاعف عددهن في كل درجة
ثم منهن وارثات وغير وارثات فإذا سئلت عن عدد من الجدات الوارثات على أقرب ما يمكن من المنازل فاجعل درجهن بعدد المسؤول عنه ومحض نسبة الأولى إلى الميت من أمهات ثم أبدل من اخر نسبة الثانية أما بأب وفي اخر نسبة الثالثة أمين بأبوين وهكذا تنقص من الامهات وتزيد في الآباء حتى تتمحض نسبة الاخيرة آباء

مثاله سئلت عن أربع جدات فقل هن أم أم أم أم وأم أم أم أب وأم أم أبي أب وأم أبي أبي أب فالاولى من جهة أم الميت والثانية من جهة أبيه والثالثة من جهة جده والرابعة من جهة أبي جده
وهكذا إذا أردت زيادة زدت لكل واحدة أبا
وإذا أردت معرفة من يحاذي الوارثات مع الساقطات فإن كان السؤال عن جدتين على أقرب ما يمكن فليس في درجتهما غيرهما
وإن كان السؤال عن أكثر فألق من عدد الوارثات اثنين أبدا وضعف الاثنين بعدد ما بقي منهن فما بلغ فهو عدد الجدات في تلك الدرجة الوارثات والساقطات
فإذا عرفت الوارثات منهن فالباقيات الساقطات
مثاله خذ من الاربع اثنتين وضعفهما مرتين لأن الباقي اثنان فيبلغ ثمانية فهن الوارثات والساقطات وإذا فرضت ثلاث جدات فخذ من الثلاثة اثنتين وضعفهما مرة لان الباقي واحد فيبلغ أربعة فهو عددهن في هذه الدرجة ثلاث وارثات وواحدة ساقطة
واعلم أن الوارثات في كل درجة من درجات الاصول بعد تلك الدرجة ففي الثانية ثنتان وفي الثالثة ثلاث وفي الرابعة أربع
وهكذا في كل درجة لا تزيد إلا وارثة واحدة وإن تضاعف عددهن في كل درجة وسببه أن الجدات ما بلغن فنصفهن من قبل الام ونصفهن من قبل الاب ولا يرث من قبل الام إلا واحدة والباقيات من قبل الاب
فإذا صعدنا درجة تبدلت لكل واحدة منهن بأمها وزادت أم الجد الذي صعدنا إليه ولا يفى أن معظم ما ذكرنا في تنزيل الجدات تفريع على المشهور
فأما على منقول أبي ثور فلا يرث إلا جدتان

فصل وللأب ثلاثة أحوال حال يرث بمحض الفرض
وهو إذا كان معه ابن أو ابن ابن فله السدس والباقي للابن أو ابن الابن
وحال يرث بمحض العصوبة وهو إذا لم يكن ولد ولا ولد ابن وحال يرث بهما وهو إذا كان معه بنت أو بنت ابن أو بنات فله السدس فرضا ولهن فرضهن والباقي له بالتعصيب
فصل الجد كالأب في الميراث إلا في مسائل

إحداها الأب يسقط الاخوة والأخوات مطلقا والجد لا يسقط الاخوة والأخوات للأبوين أو للأب
وسيأتي تفصيلهم إن شاء الله تعالى
الثانية الاب يرد الام إلى ثلث ما يبقى في صورتي زوج وأبوين وزوجة وأبوين كما سبق
ولو كان بدله جد كان للأم الثلث كاملا
الثالثة الاب يسقط أم نفسه وأم كل جد والجد لا يسقط أم الاب وإن أسقط أم نفسه وأبو الجد ومن فوقه كالجد لكن كل واحد يحجب أم نفسه ولا يحجبها من فوقه
الرابعة سبق أن الاب يجمع بين الفرض والتعصيب وفي الجد في مثل ذلك الحال وجهان
أحدهما أنه مثله
والثاني لا بل يأخذ الباقي بعد البنت أو البنات بالتعصيب فقط والجمع بينهما خاص بالاب
وهذا خلاف في العبارة فقط والمأخوذ لا يختلف
قلت أصحهما وأشهرهما الأول
والله أعلم

فصل في الأولاد
فالابن الواحد يستغرق جميع المال بالإجماع وكذا جماعة الابناء يستغرقونه وللبنت النصف وللبنتين فصاعدا الثلثان
فإن اجتمع الصنفان فللذكر مثل حظ الانثيين
فرع إذا اجتمع أولاد الصلب وأولاد ابن أو بنين فإن كان في
الصلب ذكر لم يرث أولاد الابن وإلا فإن كان ولد الصلب بنتا فلها النصف ثم ينظر فإن كان ولد الابن ذكرا فالباقي له
وإن كانوا ذكورا أو ذكورا وإناثا فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الانثيين
وإن كان ولد الابن بنتا فلها السدس وإن كن بنات فالسدس بينهن
وإن كان ولد الصلب بنتين فصاعدا فلهن الثلثان ولا شىء لبنات الابن
فإن كان معهن أو أسفل منهن ذكر عصبهن في الباقي للذكر مثل حظ الانثيين
وسواء كان الذي في درجتهن أخاهن أو أخا بعضهن أو ابن عمهن وإنما يعصبهن إذا لم يكن لهن فرض كما ذكرنا
فلو خلف بنت صلب وبنت ابن وابن ابن ابن وبنت ابن ابن فللبنت النصف ولبنت الابن السدس فرضا والباقي بين الأسفلين للذكر مثل حظ الانثيين ولا يعصب ابن الابن من كان أسفل منه بل يختص بالباقي
وأولاد ابن الابن مع أولاد الابن كأولاد الابن مع أولاد الصلب في كل تفصيل وكذا في كل درجة نازلة مع درجة عالية حتى إذا خلف بنت ابن وبنت ابن ابن فللعليا النصف وللسفلى السدس
ولو خلف

بنتي ابن وبنت ابن ابن فلبنتي الابن الثلثان ولا شىء للسفلى إلا أن يكون في درجتها أو أسفل منها من يعصبها

فرع ليس في الفرائض من يعصب أخته وعمته وعمة أبيه وجده وبنات
وبنات أعمام أبيه وجده إلا المستقل من أولاد الابن
فصل في الاخوة والاخوات أما الاخوة والأخوات من الأبوين إذا انفردوا فكأولاد الصلب
وللأختين فصاعدا الثلثان فإن اجتمع الإخوة والأخوات فللذكر مثل حظ الانثيين بنص القرآن
فرع الإخوة والأخوات للأب عند انفرادهم كالاخوة والأخوات للأبوين إلا
وللأم السدس وللأخوين للأم الثلث يشاركهم فيه الأخوان للأبوين
هذا هو المشهور والمذهب وبه قطع الأصحاب
وحكى أبو بكر بن لال من أصحابنا في المسألة قولين
ثانيهما سقوط الأخوين للأبوين بحسب اختلاف الرواية عن زيد رضي الله عنه

والرواية عن زيد رضي الله عنه مختلفة كما ذكر لكن لم أجد لغيره نقل قول للشافعي رضي الله عنه لكن ذهب ابن اللبان وأبو منصور البغدادي إلى الاسقاط فعلى المذهب للتشريك أربعة أركان
أن يكون في المسألة زوج وأم أو جدة واثنان فصاعدا من ولد الأم وأن يكون من أولاد الأبوين ذكر إما وحده وإما مع ذكور أو إناث أو كليهما فإن لم يكن من الأبوين ذكر بل كان مع الأركان الثلاثة أخت أو أختان للأبوين أو للأب فلا تشريك بل يفرض للواحد النصف وللأثنين فصاعدا الثلثان وتعال المسألة
ولو كان ولد الام واحدا فله السدس والباقي للعصبة من أولاد الأبوين أو الأب ولو كان بدل أولاد الأبوين إخوة أب سقطوا بالاتفاق لأنه ليس لهم قرابة أم فيشاركون أولاد الأم فافترق الصنفان في هذه المسألة
وإذا شركنا في الثلث بين أولاد الأم وأولاد الأبوين تقاسموه سواء ذكرهم كأنثاهم لأنهم يأخذونه بقرابة الأم
قلت قد ذكرنا أنه لو عدم في المشركة ولد الابوين وكان هناك أخت للأب فلها النصف فرضا
فلو كان معها أخوها لأب أيضا سقط وأسقطها لأنه لا يفرض لها معه فلا تشريك
والله أعلم

فرع لو اجتمع أولاد الأبوين وأولاد الأب فهو كاجتماع أولاد الصلب وأولاد الابن

فإن كان في أولاد الأبوين ذكر حجب أولاد الاب وإلا فإن كانت أنثى فقط فلها النصف والباقي لأولاد الأب إن كانوا ذكورا أو ذكورا وإناثا
وإن تمحضن إناثا أو أنثى فقط

فلهن أو لها السدس تكملة الثلثين
وإن كان من أولاد الابوين ثنتان فأكثر فلهما الثلثان ولا شىء لأولاد الاب إلا أن يكون فيهن ذكر فيعصب الاناث
ولا يعصب الاخت إلا من في درجتها بخلاف بنت الابن فإنه يعصبها من هو أسفل منها
فلو خلف اختين لابوين وأختا لأب وابن أخت لأب فللأختين الثلثان والباقي لابن الأخ وتسقط الأخت للأب

فرع الاخوة والأخوات للأم لواحدهم السدس ذكرا كان أو أنثى وللاثنين فصاعدا الثلث يقسم بين ذكورهم

قلت أولاد الام يخالفون غيرهم في خمسة أشياء فيرثون مع من يدلون به ويرث ذكرهم المنفرد كأنثاهم المنفردة ويتقاسمون بالسوية
والرابع أن ذكرهم يدلي بأنثى ويرث
والخامس يحجبون من يدلون به وليس لهم نظير
والله أعلم
فرع بنو الاخوة من الابوين أو الأب ينزل كل واحد منهم منزلة
في حالتي الانفراد والاجتماع فيستغرق الواحد والجماعة للمال عند الانفراد وما فضل عن أصحاب الفروض وعند الإجتماع يسقط ابن الأخ للأب لكنهم يخالفون الاخوة في أمور

أحدها أن الاخوة يردون الأم من الثلث إلى السدس وبنوهم لا يردونها
الثاني أن الاخوة للأبوين وللأب يقاسمون الجد وبنوهم يسقطون به
الثالث لو
كان بنو الاخوة للأبوين بدل آبائهم في المشركة سقطوا
الرابع الاخوة للأبوين ولأب يعصبون أخواتهم وبنوهم لا يعصبون أخواتهم
قلت ويخالفونهم في ثلاثة أشياء أخر
أحدها الإخوة للأبوين يحجبون الاخوة للأب وأولادهم لا يحجبونهم
والثاني الاخ من الأب يحجب بني الاخ من الابوين ولا يحجبهم ابنه
الثالث بنو الاخوة لا يرثون مع الاخوات إذا كن عصبات مع البنات
والله أعلم

فصل الأخوات للأبوين وللأب مع البنات وبنات الابن عصبات كالاخوة

حتى لو خلف بنتا وأختا فللبنت النصف وللأخت الباقي
ولو خلف بنتين فصاعدا أو أختا أو أخوات فللبنات الثلثان والباقي للأخت أو للأخوات
ولو كان معهن زوج فللبنتين الثلثان وللزوج الربع والباقي للأخت أو الأخوات
ولو كان معهن أم عالت المسألة وسقطت الأخت والأخوات كما لو كان معهن أخ
ولو خلف بنتا وبنت ابن وأختا فلها النصف والسدس لبنت الابن وللأخت الباقي
وإذا اجتمعت الاخت للأبوين والأخت للأب مع البنت وبنت الابن فالباقي للأخت للأبوين وسقطت الاخت للأب
ولو خلف بنتا وأختا لابوين وأخا لأب كان الباقي

للأخت وسقط الأخ بها كسقوطه بالاخ للأبوين
ولو خلف بنتا وأخا وأختا لابوين فالباقي بينهما للذكر مثل حظ الانثيين

فرع خلف بنتا وثلاث أخوات أو إخوة متفرقين فللبنت النصف والباقي للأخت أو للأخ للأبوين وسقط الباقون

فصل العم للأبوين أو للأب كالاخ من الجهتين في أن من انفرد
يأخذ جميع المال أو ما بقي بعد الفرض
وإذا اجتمعا أسقط العم للأبوين العم للأب
الباب الثاني في بيان العصبات
وترتيبهم فالاقرب منهم يسقط الأبعد
وجملة عصبات النسب الابن والاب ومن يدلي بهما ويقدم منهم الابناء ثم بنوهم وإن سفلوا ثم الاب ثم الجدة والاخوة للأبوين أو للأب وهم في درجة ولذلك يتقاسمون على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى
وأبو الجد وإن علا مع الاخ كالجد مع الاخ فيتقاسمان لقوة الجدودة ووقوع الاسم في القريب والبعيد
هذا هو المنصوص والمذهب والمعروف
وقال الامام الذي رأيته في ذلك يعني للأصحاب أن أبا الجد يكون له السدس والباقي للأخ
ثم قال وفي القلب من هذا شىء وأبدى المذهب المنصوص احتمالا

وإذا لم يكن أخ فالمقدم الجد ثم أبوه وإن علا ويسقط ابن الاخ بالجد العالي سقوطه بالادنى وفي النهاية وجه ضعيف أن أبا الجد وابن الاخ يتقاسمان والصحيح المعروف هو الأول فانا إذا قدمنا نوعا على نوع لا ننظر إلى القرب والبعد
ألا ترى أن ابن الاخ وإن سفل مقدم على العم مع قربه
وإذا لم يكن جد فالاخ من الابوين ثم من الاب ثم بنو الاخوة من الابوين ثم من الاب وكذلك بنوهم وإن سفلوا ثم العم من الأبوين ثم من الاب ثم بنو العم كذلك ثم عم الأب من الابوين ثم من الأب ثم بنوهما كذلك ثم عم الجد من الابوين ثم من الأب ثم بنوهما كذلك إلى حيث ينتهون
فإن لم يوجد أحد من عصبات النسب والميت عتيق فالعصوبة لمعتقه
فإن لم يكن المعتق حيا فلعصباته فإن لم يوجدوا فلمعتق المعتق ثم لعصباته إلى حيث ينتهون
فإن لم يكن عتيقا وأبوه أو جده عتيق ثبت الولاء عليه لمعتق الأب أو الجد على ما سيأتي في كتاب الولاء إن شاء الله تعالى
فإن لم يكن أحد منهم فالمال لبيت المال
صفرع البعيد من الجهة المقدمة يقدم على القريب من الجهة المؤخرة
مثاله ابن الابن وإن سفل يقدم على الأب وكذلك ابن الأخ وإن سفل يقدم على العم وكذلك ابن العم النازل يقدم على عم الأب وإذا اتحدت الجهة قدم الأقرب
فإن استويا في القرب قدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بالأب
مثاله الأخ للأبوين يقدم على الأخ للأب وابن الأخ للأب يقدم على ابن ابن الاخ للأبوين وكذا القول في بني العم وبني عم الاب

فرع إذا اشترك اثنان في جهة عصوبة واختص أحدهما بقرابة أخرى
عم أحدهما أخ لام نظر إن أمكن التوريث بالقرابة الاخرى لفقد الحاجب فالنص أنه يورث بهما فالاخ للأم يأخذ السدس والباقي بينهما بالعصوبة
ونص فيما لو ترك ابني عم معتقه وأحدهما أخو المعتق لأمه أن جميع المال الذي هو أخوه لأمه
وللأصحاب فيهما طريقان
أحدهما جعلهما على قولين
أحدهما ترجيح الاخ للأم فيأخذ جميع المال في الصورتين لأنهما استويا في العصوبة وزاد بقرابة الام فأشبه الاخ من الأبوين مع الأخ للأب
والثاني لا ترجيح لأن مزيته بجهة تفرض لها فلا يسقط من يشاركه في جهة العصوبة كابني عم أحدهما زوج
فعلى هذا في النسب له السدس فرضا والباقي بينهما بالعصوبة
وفي الولاء لا يمكن توريثه بالفرضية فالمال بينهما سواء بالعصوبة
والطريق الثاني وهو المذهب القطع بالمنصوص في الموضعين
والفرق أن الأخ للأم في النسب يرث فأعطي فرضه واستويا في الباقي بالعصوبة وفي الولاء لا يرث بالفرض فرجح من يدلي بقرابة الام
وهذا كله تفريع على أن أخا المعتق من أبويه يقدم على أخيه من أبيه وفيه خلاف نذكره قريبا إن شاء الله تعالى
ويجري الطريقان فيما لو ترك ابني عم أبيه وأحدهما أخوه لأمه
فلو تركت المرأة ابني عم أحدهما زوجها والآخر أخ لأم فعلى المذهب للزوج النصف وللآخر السدس والباقي بينهما بالسوية
وإن رجحنا الأخ للأم فالباقي كله له
ولو تركت ثلاثة بني أعمام أحدهم زوج والثاني أخ لأم فعلى المذهب للزوج النصف وللأخ السدس والباقي بينهم بالسوية
وإن رجحنا الأخ للأم فللزوج النصف والباقي

للأخ
هذا كله إذا أمكن توريث المختص بتلك القرابة
أما إذا لم يكن لحاجب بأن ترك بنتا وابني عم أحدهما أخ لام فوجهان
أصحهما للبنت النصف والباقي بينهما بالسوية لأن إخوة الام سقطت بالبنت
والثاني أن الباقي للأخ وحده وبه قال ابن الحداد واختاره الشيخ أبو علي كما لو اجتمع مع البنت أخ لأبوين وأخ لأب
وإذا قلنا بالأصح فترك ابن عم لأبوين وآخر لأب وهو أخ لأم فللثاني السدس بالأخوة والباقي للأول وتسقط به عصوبة الثاني
ولو تركت ثلاثة بني أعمام متفرقين والذي هو لأم زوج والذي هو لأب أخ لأم فللزوج النصف وللأخ السدس والباقي للآخر
ولو ترك أخوين لأم وترك سواهما أخوين لأم أحدهما ابن عم فلهما الثلث بالاخوة والباقي لابن العم منهما بلا خلاف
ولو ترك ابني عم أحدهما أخ لأم وترك سواهما أخوين لأم أحدهما ابن عم فالحاصل أنه ترك أخوين هما ابنا عم وأخا ليس بابن عم وابن عم ليس بأخ فالثلث للأخوة الثلاثة والباقي لبني الاعمام الثلاثة

فصل في عصبات المعتق قد سبق أن من لا عصبة له من
ما يفضل عن الفروض لمعتقه إن كان عتيقا سواء كان المعتق ذكرا أو أنثى
فإن لم يوجد المعتق فالاستحقاق لعصباته من النسب الذين يتعصبون بأنفسهم دون من يعصبهم غيرهم فلا ترث النساء بالولاء إلا ممن أعتقن أو أعتق من أعتقن أو جر الولاء اليهن من أعتقن
وإن شئت قلت لا ترث امرأة بولاء إلا معتقها أو منتميا إليه بنسب أو ولاء لأن الولاء أضعف من النسب البعيد
وإذا بعد النسب ورث الذكور دون الاناث

فيرث ابن الاخ والعم وابنه دون أخواتهم
فإذا لم ترث بنت الأخ فبنت المعتق أولى ثم الذين يتعصبون بأنفسهم ترتيبهم في الولاء كترتيبهم في النسب فيقدم ابن المعتق وابن ابنه على أبيه وجده لكن يفترق الترتيبان في مسائل
إحداها في الأخ للأبوين مع الأخ للأب طريقان
المذهب يقدم الأخ للأبوين كما في النسب
والثاني على قولين
ثانيهما يتساويان إذ لا مدخل لقرابة الأم هنا
الثانية في الجد والأخ قولان
أظهرهما عند الشيخ أبي حامد وأبي خلف الطبري والأكثرين أن الأخ مقدم
والثاني يتساويان كالنسب ورجحه البغوي
فإن قلنا يتساويان فطريقان
أحدهما نقله الحناطي وغيره فيه وجهان
أحدهما للجد ما هو خير له من المقاسمة وثلث المال كما سيأتي إن شاء الله تعالى في النسب
وأصحهما أنه يقاسم الاخوة أبدا لأنه لا مدخل للفرض والتقدير في الولاء
والطريق الثاني وهو المذهب وبه قطع الجمهور القطع بالمقاسمة أبدا
ولو اجتمع مع جد المعتق إخوة لأبوين وإخوة لأب فوجهان
أحدهما وهو اختيار ابن اللبان يعد الاخوة من الأب على الجد كما في النسب
وأصحهما وبه قال ابن سريج والأكثرون لا يعدون بل الجد والأخ للأبوين يقتسمان والفرق أن الاخوة للأب قد يأخذون شيئا في النسب كما إذا كان معهم أخت للأبوين وجد وهنا لا يأخذون شيئا بحال لأنه لا يرث هنا إلا ذكر ولا يرث الأخ للأب مع الأخ للأبوين فيبعد أن يدخل في القسمة من لا يأخذ بحال
وعلى هذا القول الجد أولى من ابن الأخ على الأصح كالنسب
وقيل يستويان
قال البغوي تفريعا على هذا القول الأخ أولى من أبي الجد وأبو الجد مع ابن الاخ يستويان
وإذا قلنا بالأظهر إن الأخ مقدم على الجد فابن الأخ مقدم أيضا كابن الابن والقولان في الاخ والجد يجريان في العم مع أبي الجد وفي كل عم اجتمع هو وجد إذا أدلى ذلك العم بابن ذلك الجد ولا خلاف أن الجد أولى من العم

المسألة الثالثة إذا كان للمعتق ابنا عم أحدهما أخ فالمذهب والمنصوص أنه مقدم كما سبق في الفصل قبله

فرع إذا لم يوجد أحد من عصبات المعتق فالمال لمعتق المعتق ثم
على النسق المذكور في عصبات المعتق ثم لمعتق معتق المعتق
وعلى هذا القياس
والقول في معتق الأب والجد وقواعد أخر ومسائل عويصة نذكره إن شاء الله تعالى في كتاب الولاء
الباب الثالث في ميراث الجد
مع الاخوة إذا كان مع الجد إخوة وأخوات من الابوين أو من الأب لم يسقطوا على الصحيح
وقال المزني يسقطون واختاره محمد بن نصر المروزي من أصحابنا وابن سريج وابن اللبان وأبو منصور البغدادي
والتفريع على الصحيح فنقول إذا كان معه إخوة وأخوات من الابوين أو من الأب فإن لم يكن معهم ذو فرض فللجد الأوفر من مقاسمتهم وثلث جميع المال
فإن قاسم كان كأخ
وإن أخذ الثلث فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الانثيين وقد يستوي الامران فلا يكون فرق في الحقيقة ولكن الفرضيون يتلفظون بالثلث لأنه أسهل
وإنما تكون القسمة أوفر إذا لم يكن معه إلا أخ أو أخت أو أخ وأخت أو أختان أو أختان أو ثلاث أخوات فهي خمس مسائل
وإنما يستويان إذا لم يكن معهم إلا أخوان أو أخ وأختان أو أربع أخوات
وفيما عدا ذلك الثلث أوفر وضابطه أن

الاخوة والاخوات إن كانوا مثليه فالقسمة والثلث سواء
وإن كانوا دون مثليه فالقسمة أوفر
وإن كانوا فوق مثليه فالثلث أوفر
وإن كان معهم صاحب فرض وأصحاب الفروض الوارثون مع الجد والاخوة ستة البنت وبنت الابن والام والجدة والزوج والزوجة فإما أن لا يبقى بعد الفروض شىء كبنتين وأم وزوج فيفرض للجد السدس ويزاد في العول
وإما أن يبقى السدس فقط كبنتين وأم فيصرف إلى الجد
وإما أن يبقى دون السدس كبنتين وزوج فيفرض للجد السدس وتعال المسألة
وعلى هذه التقديرات الثلاثة يسقط الاخوة والأخوات
وإما أن يكون الباقي أكثر من السدس فللجد خير الامور الثلاثة وهي مقاسمة الاخوة والأخوات وثلث ما يبقى وسدس جميع المال
أما إذا كان معه إخوة وأخوات لابوين ولاب فللجد خير الامرين إن لم يكن هناك ذو فرض وخير الامور الثلاثة إن كان كما إذا لم يكن إلا أحد الصنفين لكن هنا يعد أولاد الابوين أولاد الاب على الجد في القسمة
ثم إذا أخذ الجد حصته نظر إن كان ولد الابوين عصبة إما ذكرا وإما ذكورا وإما ذكورا وإناثا فلهم كل الباقي ولا شىء لولد الأب
وإن لم يكن عصبة بل أنثى أو إناث فالاثنتان فصاعدا يأخذون إلى الثلثين ولا يبقى شىء فيسقط أولاد الأب والواحدة تأخذ إلى النصف
فإن بقي شىء فلأولاد الأب ذكورا كانوا أو إناثا للذكر مثل حظ الانثيين

فرع إذا كان الصنفان معه وكان غير القسمة خيرا له بأن كان
للأبوين وأخوان أو أربع أخوات فصاعدا للأب فللجد الثلث
قال بعض الفرضيين يجعل الباقي

بين ولد الأبوين وولد الأب ثم يرد ولد الأب على ولد الأبوين قدر فرضه
قال ابن اللبان والصواب أن يفرض للأخت للأبوين النصف ويجعل الباقي لأولاد الأب

فرع لا فرق فيما ذكرناه بين أن يتمحض مع الجد إخوة أو
يختلطوا فالجد في الأحوال كلها كأخ والأخوات معه كهن مع أخ فلا يفرض لهن معه ولا تعال مسألة بسببهن بخلاف الجد حيث فرضنا له وأعلنا لأنه صاحب فرض بالجدودة فرجع إليه لضرورة
وهذا أصل مطرد إلا في المسألة الأكدرية وهي زوج وأم وجد وأخت للأبوين أو للأب فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس ويفرض للأخت النصف وتعول من ستة إلى تسعة ثم يجمع نصيب الأخت والجد ويجعل بينهما أثلاثا
وتصح من سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأم ستة وللأخت أربعة وللجد ثمانية
ويمتحن بها فيقال وراث أربعة أخذ أحدهم ثلث المال والثاني ثلث الباقي والثالث ثلث الباقي والرابع الباقي
ولو كان بدل الأخت أخ سقط إذ لا فرض له
ولو كانت أختان فللزوج النصف وللأم السدس وللجد السدس والباقي لهما ولاعول وبالله التوفيق
الباب الرابع في الحجب
هو نوعان حجب نقصان كحجب الولد الزوج من النصف إلى الربع والزوجة من الربع إلى الثمن والام من الثلث إلى السدس وحجب حرمان

وهو المقصود بالذكر فالورثة قسمان قسم لا يتوسط بينهم وبين الميت غيرهم وهم الأبوان والزوجان والأولاد فهؤلاء لا يحجبهم أحد
وقسم يتوسط بينهم وبينه غيرهم وهم ثلاثة أضرب
الضرب الأول المنتسبون إلى الميت من جهة العلو وهم الأصول
فالجد لا يحجبه إلا الأب وكذلك كل جد يحجب من فوقه
وأما الجدات فقد يحجبهن غيرهن وقد يججب بعضهن بعضا
فأما الأول فالأم تحجب كل جدة سواء كان من جهتها أو من جهة الأب كما يحجب الأب كل من يرث بالابوة والأب يحجب كل جدة من جهته وكذا كل جد يحجب أم نفسه وأم آبائه ولا يحجب أم من دونه والأب والاجداد لا يحجبون الجدة من جهة الأم قريبة كانت أو بعيدة بالإجماع
وأما حجب بعضهن فالقربى من كل جهة تحجب البعدى من تلك الجهة وهذا من جهة الأم لا يكون إلا والبعدى مدلية بالقربى ومن جهة الأب قد يكون كذلك فالحكم كمثل وقد لا يكون كأم الأب وأم أب الاب ففيه اختلاف عن الفرضيين والذي ذكره البغوي وغيره أن القربى تحجب البعدى أيضا
قلت هذا هو الصحيح المعروف
والله أعلم
ولو كانت البعدى مدلية بالقربى لكن البعدى جدة من جهة أخرى فلا وتحجب
مثاله لزينب بنتان حفصة وعمرة ولحفصة ابن ولعمرة بنت بنت فنكح الابن بنت بنت خالته فأتت بولد فلا تسقط عمرة التي هي أم أم أمه أمها لأنها أم أم أبي المولود

فرع القربى من جهة الام كأم الام تحجب البعدى من جهة
الأب كما أن الأم تحجب أم الأب
والقربى من جهة الأب كأم الأب هل تحجب البعدى من جهة الأم كأم أم الأم فيه قولان
أظهرهما لا لأن الاب لا يحجبها فأمه المدلية به أولى
وعلى هذا القياس نقل البغوي أن القربى من جهة أمهات الأب كأم أم الأب تسقط البعدى من جهة آباء الأب كأم أم أبي الأب وأم أبي أبي الأب والقربى من جهة آباء الأب كأم أبي الأب هل تسقط البعدى من جهة أمهات الأب كأم أم أم الأب فيه القولان
الضرب الثاني المنتسبون إليه من جهة السفل فابن الابن لا يحجبه إلا الابن وبنت الان يحجبها الإبن وكذا بنتا صلب إلا أن يكون معها أو أسفل منها ذكر يعصبها وكذا بنات ابن الابن يسقطهن ابن الابن ويسقطن أيضا إذا استكمل بنات الابن الثلثين إلا أن يكون معهن أو أسفل منهن من يعصبهن وكذا إن كانت بنت صلب وبنت ابن أو بنات ابن وعلى هذا القياس
الضرب الثالث المنتسبون إليه على الطرف فالأخوة والأخوات للأم يحجبهم أربعة الولد وولد الابن والأب والجد
والأخ للأبوين يحجبه الأب والابن وابن الابن بالإجماع وقد سبق وجه أن الجد أيضا يسقطه
والأخت للأبوين لا يحجبها أيضا إلا هؤلاء
والأخ للأب يحجبه هؤلاء والاخ للأبوين
والاخت للأب يحجبها الاربعة
وكذلك إذا استكملت الأخوات للأبوين الثلثين سقطت الأخوات للأب إلا أن يكون معهن معصب وابن الاخ للأبوين يحجبه ستة الابن وابن الابن والأب والجد والآخ للأبوين والاخ للأب
وابن الأخ للأب يحجبه هؤلاء وابن الأخ للأبوين
والعم للأبوين يحجبه هؤلاء وابن الأخ

للأب
والعم للأب يحجبه هؤلاء والعم للأبوين
وابن العم للأبوين يحجبه هؤلاء والعم للأب
وابن العم للأب يحجبه هؤلاء وابن العم للأبوين
والمعتق يحجبه عصبات النسب
وكل عصبة يحجبه أصحاب الفروض المستغرقة

فرع جميع ما ذكرناه من الحجب هو فيما إذا كان الحاجب وارثا

فإن لم يرث نظر إن كان امتناع الارث لنقص كالرق وغيره من الموانع فلا يحجب لاحجب حرمان ولا حجب نقصان
وإن كان لا يرث لتقدم غيره عليه فقد يحجب غيره حجب نقصان وذلك في صور
إحداها مات عن أبوين وأخوين فللأم السدس والباقي للأب لأنهما يسقطان به
الثانية أم وجد وأخوان لأم للأم السدس والباقي للجد
الثالثة أب وأم أب وأم أم فتسقط أم الاب بالأب وفيما ترثه أم الام وجهان
أصحهما السدس
والثاني نصف السدس
الرابعة إذا ترك جدا وأخا لأبوين وأخا لأب ينقص بالأخ للأب نصيب الجد ولا يأخذ شيئا
قلت وصورة خامسة أم وأخ لأبوين وأخ لأب
والله أعلم

الباب الخامس في بيان مانع الميراث

هو خمسة
المانع الأول اختلاف الدين وفيه مسائل
الأولى لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولا فرق بين النسيب والمعتق والزوج ولا بين من يسلم قبل القسمة أم لا
الثانية يرث الكفار بعضهم بعضا كاليهودي من النصراني والنصراني من المجوسي والمجوسي الحربي من الوثني وبالعكوس عن ابن خيران وغيره وجه أنه لا ترث ملة منهم من أخرى
والصحيح المعروف هو الأول
هذا إذا كان اليهودي والنصراني مثلا ذميين أو حربيين سواء كان الحربيان مختلفي الدار أو متفقيها كالروم والهند
فلو كان أحدهما ذميا والآخر حربيا فطريقان
المذهب وبه قطع الأكثرون لا يتوارثان لانقطاع الموالاة بينهما وربما نقل الفرضيون الإجماع على هذا
والثاني على قولين حكاهما الإمام وغيره ثانيهما التوارث لشمول الكفر
والمعاهد والمستأمن هل هما كالذمي أم كالحربي فيه وجهان
أصحهما وهو المنصوص كالذمي لأنهما معصومان بالعهد والأمان
فعلى هذا يتوارث الذمي والمستأمن
وعلى الآخر في التوارث بينهما الطريقان ويتوارث هو والحربي
فرع مات يهودي ذمي عن ابن مثله وابن نصراني ذمي وابن يهودي

وابن يهودي حربي فالمذهب أن التركة لجميعهم غير الحربي ويجيء في الحربي وجه أنه يرث وفي الآخرين وجه بالمنع سوى الأول
الثالثة لا يرث المرتد أحدا ولا يرثه أحد وماله فيىء سواء كسبه في الاسلام أو في الردة وسواء في المرتد المعلن والزنديق والمستسر ولا ينزل التحاقه بدار الحرب منزلة موته
المانع الثاني الرق
فلا يرث رقيق وإن عتق قبل القسمة ولا يورث رقيق إذ لا ملك له وإذا قلنا يملك بتمليك السيد فملكه غير مستقر يعود إلى السيد إذا زال ملكه عن رقبته
وسواء في ذلك القن والمكاتب والمدبر وأم الولد فلا يرثون ولا يورثون

فرع المعتق بعضه لا يرث على الصحيح المنصوص الذي قطع به الأصحاب

وعن المزني وابن سريج أنه يرث بقدر ما فيه من الحرية
وهل يورث قولان
القديم لا والجديد نعم لأنه تام الملك
قلت الجديد هو الأظهر عند الأصحاب
والله أعلم
فعلى القديم فيما ملكه بحريته وجهان
أصحهما عند الأكثرين وهو نصه في القديم أنه لمالك الباقي
والثاني أنه لبيت المال وهو منسوب إلى الاصطخري ونقله الفرضيون عن ابن سريج وقالوا هو الأصح
وعلى الجديد يرثه قريبه أو معتقه
قلت وزوجته
والله أعلم

وفي القدر الموروث وجهان
أصحهما جميع ماملكه بنصفه الحر
والثاني أنه يقسط ما ملكه بحريته على مالك الباقي والورثة بقدر رقه وحريته
فإن كان نصفه حرا فنصف ذلك للورثة ونصفه لمالك باقيه لأن الموت حل جميع البدن والبدن منقسم إلى رق وحرية
المانع الثالث القتل وهو ضربان
أحدهما مضمون وهو موجب للحرمان سواء ضمن بقصاص أو دية أو كفارة كمن رمى صف الكفار ولم يعلم فيهم مسلما فقتل قريبه المسلم تجب الكفارة ولا دية وسواء كان القتل عمدا أو خطأ
وحكى الحناطي قولا أن المخطىء يرث مطلقا والمشهور الأول
وسواء كان الخطأ بمباشرة كمن رمى صيدا فأصاب مورثه أو بالسبب كمن حفر بئرا عدوانا فسقط فيها مورثه أو وضع حجرا في الطريق فتعثر به مورثه
وسواء قصد بالتسبب مصلحته كضرب الأب والزوج والمعلم للتأديب وكسقيه الدواء وبط جرحه للمعالجة إذا مات به الصبي أو غيره أو لا يقصد
وفي بط الجرح وسقي الدواء وجه حكاه ابن اللبان وغيره أنه لا يمنع
وعن صاحب التقريب وجه في مطلق القتل بالتسبب أنه لا يمنع والصحيح الذي عليه الأصحاب الأول
وسواء صدر القتل من مكلف أو غيره ويجيء في الصبي وجه يتخرج من القول الذي حكاه الحناطي في المخطيء إذا قلنا عمد الصبي خطأ
وسواء فيه المكره والمختار وفي المكره خلاف والمذهب المنع
الضرب الثاني قتل غير مضمون وهو قسمان
مستحق مقصود وغيره
والأول نوعان

أحدهما ما لا يسوغ تركه
فإذا قتل الإمام مورثه حدا بالرجم أو في المحاربة ففي منعه أوجه
الثالث إن ثبت بالبينة منع
وإن ثبت بالإقرار فلا لعدم التهمة
قلت الأصح المنع مطلقا لأنه قاتل
والله أعلم
النوع الثاني ما يسوغ تركه كالقصاص فيه خلاف مرتب على قتل الإمام حدا وأولى بالحرمان
ولو شهد على مورثه بما يوجب الحد أو القصاص فقتل بشهادته أو شهد على إحصانه وشهد غيره بالزنا أو زكى الشهود بالزنا على مورثه فهو كما إذا قتله قصاصا
القسم الثاني ما لا يوصف بأنه مستحق مقصود كقتل الصائل والباغي ففيه خلاف مرتب على القصاص وأولى بالحرمان والباغي أولى بالحرمان من العادل
والمذهب وظاهر نص الشافعي رضي الله عنه في الصور كلها منع الأرث
قال الروياني لكن القياس والاختيار أن ما لا ضمان فيه لا يمنع

فرع قد يرث المقتول من قاتله بأن جرح مورثه ثم مات قبل

المانع الرابع استبهام وقت الموت
فإذا مات متوارثان بغرق أو حريق أو تحت هدم أو في بلاد غربة أو وجدا قتيلين في معركة فله خمس صور
إحداها أن نعلم سبق موت أحدهما بعينه وحكمه ظاهر
الثانية أن نعلم التلاحق ولا نعلم السابق
الثالثة أن نعلم وقوع الموتتين معا

الرابعة أن لا نعلم شيئا ففي هذه الصور الثلاث لا نورث أحدهما من صاحبه بل نجعل مال كل واحد لباقي ورثته لأنا لا نتيقن استحقاق واحد منهما ولأنا إن ورثنا أحدهما فقط فهو تحكم
وإن ورثنا كلا من صاحبه تيقنا الخطأ
وقيل إذا تلاحق الموتان ولم يعلم السابق أعطي كل وارث لهم ما يتيقن له ويوقف المشكوك فيه قاله ابن اللبان وحكاه عن ابن سريج
والصحيح المعروف الأول وهو أنه لا فرق ويصرف الجميع إلى الورثة
الخامسة أن يعلم سبق موته ثم يلتبس فيوقف الميراث حتى يتبين أو يصطلحا لأن التذكر غير مأيوس منه هذا هو الصحيح الذي عليه الأصحاب
وفيه وجه أنه كما لو لم يعلم السابق وإليه ميل الإمام
المانع الخامس الدور وهو أن يلزم من التوريث عدمه
ومثاله أقر الأخ بابن لاخيه الميت ثبت نسبه ولا يرث وقد سبقت المسألة في كتاب الاقرار
ولو أوصى بعبده لأبي العبد فمات الاب قبل القبول وقبلها أخوه يعتق العبد ولا يرث وسيأتي بيانها في كتاب الوصية إن شاء الله تعالى
ولو اشترى المريض أباه عتق ولم يرث
ولو ادعى شخص نسبا على ورثه ميت فأنكروا ونكلوا عن اليمين حلف وورث معهم إن لم يحجبهم
وإن كان يحجبهم فوجهان
أصحهما لا يرث وإلا لبطل نكولهم ويمينه
ولو ملك أخاه ثم أقر في مرض موته أنه كان أعتقه في الصحة قال البغوي ينفذ ثم إن صححنا الاقرار للوارث ورثه وإلا فلا لأن توريثه يوجب إبطال الاقرار بحريته
وإذا بطلت بطل الإرث

الباب السادس في أسباب تمنع صرف المال

إليه في الحال للشك في استحقاقه هي أربعة السبب الأول الشك في الوجود كمن مات وله قريب مفقود لا يعلم حياته ولا موته وفيه مسألتان
إحداهما في التوريث منه
فالمفقود الذي انقطع خبره وجهل حاله في سفر أو حضر في قتال أو عند انكسار سفينة أو غيرهما وله مال وفي معناه الأسير الذي انقطع خبره فإن قامت بينة على موته قسم ميراثه وإلا فوجهان
أحدهما وهو اختيار أبي منصور وغيره أنه لا يقسم ماله حتى يتحقق حاله
وأصحهما وبه قطع الأكثرون أنه إذا مضت مدة يحكم الحاكم بأن مثله لا يعيش فيها قسم ماله وهذه المدة ليست مقدرة عند الجمهور
وفي وجه شاذ تتقدر بسبعين سنة ويكفي ما يغلب على الظن أنه لا يبقى إليه ولا يشترط القطع بأنه لا يعيش أكثر منها على الصحيح
وقيل يشترط
ويجوز أن يراد بهذا القطع غلبة الظن
ثم إن كانت القسمة بالحاكم فقسمته تتضمن الحكم بالموت وإن اقتسموا بأنفسهم فظاهر كلام الاصحاب في اعتبار حكمه مختلف فيجوز أن يقال فيه خلاف إن اعتبرنا القطع فلا حاجة إلى الحكم وإلا فلا بد منه لأنه في محل الاجتهاد
وإذا مضت المدة المعتبرة وقسم ماله فهل لزوجته أن تتزوج ففهوم كلام الأصحاب دلالة وصريحا أن لها ذلك وأن المنع على قوله الجديد مخصوص بما قبل هذه المدة
ألا ترى أنهم ردوا على القول القديم حيث قالوا إذا لم يجز الحكم بموته في قسمة ماله وعتق أمهات أولاده لم يجز الحكم به في فراق زوجته فأشعر

بأنهم رأوا الحكمين متلازمين
وعلى هذا فالعبد المنقطع الخبر بعد هذه المدة لا تجب فطرته ولا يجزىء عن الكفارة بلا خلاف
وموضع القولين ما قبل ذلك
ثم إنا ننظر إلى من يرثه حين حكم الحاكم بموته ولا يورث منه من مات قبيل الحكم ولو بلحظة لجواز أن يكون موت المفقود بين موته وبين حكم الحاكم
وأشار العبادي في الرقم إلى أنه لا يشترط أن يقع حكم الحاكم بعد المدة فقال يضرب له الحاكم مدة لا يعيش في الغالب أكثر منها فإذا انتهت فكأنه مات ذلك اليوم
المسألة الثانية في توريثه
فإذا مات له قريب قبل الحكم بموته نظر إن لم يكن له وارث إلا المفقود توقفنا حتى يبين أنه كان عند موت القريب حيا أو ميتا
وإن كان له وارث غير المفقود توقفنا في نصيب المفقود وأخذنا في حق كل واحد من الحاضرين بالأسوإ فمن يسقط منهم بالمفقود لا يعطى شيئا حتى يبين حاله ومن ينقص حقه بحياته يقدر في حقه حياته ومن ينقص حقه بموته يقدر في حقه موته
ومن لا يختلف نصيبه بحياته وموته يعطى نصيبه
مثاله زوج مفقود وأختان لأب وعم حاضرون فان كان حيا فللأختين أربعة من سبعة ولا شىء للعم
وإن كان ميتا فلهما إثنان من ثلاثة والباقي للعم فيقدر في حقهم حياته
أخ لأب مفقود وأخ لأبوين وجد حاضران فإن كان حيا فللأخ الثلثان وللجد الثلث
وإن كان ميتا فالمال بينهما بالسوية فيقدر في حق الجد حياته وفي حق الأخ موته
أخ لأبوين مفقود وأختان لأبوين وزوج حاضرون فإن كان حيا فللزوج النصف والباقي بينهم فيكون للأختين الربع
وإن كان ميتا فللزوج ثلاثة من سبعة وللأختين أربعة من سبعة فيقدر في الزوج موته وفي حق الأختين حياته

ابن مفقود وبنت وزوج للزوج الربع بكل حال
هذا الذي ذكرناه في كل الصور هو الصحيح وظاهر المذهب
وفي وجه يقدر موته في حق الجميع لأن استحقاق الحاضرين معلوم واستحقاقه مشكوك فيه
فان ظهر خلافه غيرنا الحكم
وفيه وجه آخر تقدر حياته في حق الجميع لأن الأصل حياته
فإن ظهر خلافه غيرنا الحكم
السبب الثاني الشك في النسب
فإذا أشكل نسب مولود بأن وطىء اثنان فصاعدا امرأة بشبهة فأتت بولد يمكن كونه من كل واحد أو ادعى اثنان فصاعدا مجهولا فسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى أنه لا يلحق إلا بواحد بأن يعرض على القائف
فلو مات في زمن الإشكال وقفنا من ماله ميراث أب
وإن مات أحد الواطئين وقفنا من ماله ميراث المولود وأخذنا في نصيب كل من يرث معه لو ثبت نسبة بالاسوإ كما سبق في المفقود
السبب الثالث الحمل ونعني به كل حمل لو كان منفصلا لورث منه إما مطلقا وإما على تقدير
وهذا الحمل قد يكون من الميت ويرث لا محالة وقد يكون من غيره كما إذا كانت أمه حاملا من غير أبيه أو من أبيه والأب ميت أو ممنوع برق ونحوه وكذا زوجة ابنه أو أخيه أو جده والحمل من غيره قد لا يرث إلا على تقدير الذكورة كحمل امرأة الأخ والجد وقد لا يرث إلا على تقدير الأنوثة كما إذا ماتت عن زوج وأخت لأبوين وحمل من الأب وفيه فصلان
الفصل الأول فيما بعد الإنفصال وإنما يرث بشرطين
أحدهما أن يعلم وجوده عند الموت فإذا كان الحمل منه وانفصل لما بين موته وبين أكثر مدة الحمل ورث لثبوت نسبه وإن انفصل لما بعد ذلك لم يرث

وإن كان من غيره نظر إن لم يكن لها زوج يطؤها فالحكم كما لو كان منه قطعا
وإن كان زوج يطؤها فان انفصل قبل تمام ستة أشهر من وقت الموت فقد علم وجوده حينئذ
وإن انفصل لستة أشهر فأكثر لم يرث لاحتمال أن العلوق حصل بعده إلا أن وعترف جميع الورثة بوجوده عند الموت
وإذا مات حر عن أب رقيق تحته حرة حامل فان ولدت قبل ستة أشهر من يوم الموت ورث المولود من أخيه لأن الأب رقيق لا يحجبه
وإن ولدت لستة أشهر فصاعدا لم يرث لاحتمال حدوث العلوق بعد الموت إلا أن يتفقوا على وجوده يومئذ وينبغي أن يمسك الأب عن الوطء حتى يظهر الحال
قال الإمام ولا يحرم الوطء
الشرط الثاني أن ينفصل حيا فان انفصل ميتا فكأن لا حمل سواء كان يتحرك في البطن أم لا وسواء انفصل ميتا بنفسه أو بجناية وإن كانت الجناية جوجب الغرة وتصرف الغرة إلى ورثة الجنين لأن إيجاب الغرة لا يتعين له تقدير الحياة ألا ترى إلى قول الأصحاب الغرة إنما وجبت لدفع الجاني الحياة مع تهيؤ الجنين لها وبتقدير أن يكون وجوب الغرة بتقدير الحياة فالحياة مقدرة في حق الجاني فقط تغليظا فتقدر في توريث الغرة فقط
واعلم أنه تشترط الحياة عند تمام الانفصال
فلو خرج بعضه حيا ومات قبل تمام الانفصال فهو كما لو خرج ميتا في الإرث وسائر الأحكام
حتى لو ضرب بطنها بعد خروج بعضه وانفصل ميتا فالواجب الغرة دون الدية
هذا هو الصحيح الذي عليه الجماهير
وعن القفال وغيره أنه إذا خرج بعضه حيا ورث وإن انفصل ميتا وبه قال أبو خلف الطبري من أصحابنا
ولو مات عقب انفصاله حيا حياة مستقرة ورث ونصيبه لورثته
وتعلم الحياة المستقرة بصراخه وكذا بالبكاء أو العطاس أو التثاؤب أو امتصاص الثدي لدلالتها على الحياة
وحكى الإمام اختلاف قول في الحركة والاختلاج ثم قال

وليس موضع القولين ما إذا قبض اليد وبسطها فان هذه الحركة تدل على الحياة قطعا ولا الاختلاج الذي يقع مثله لانضغاط وتقلص عصب فيما أظن وإنما الاختلاف فيما بين هاتين الحركتين
والظاهر كيفما قدر الخلاف أن ما لا تعلم به الحياة ويمكن أن يكون مثله لانتشار بسبب الخروج من المضيق أو لاستواء عن التواء فلا عبرة به كما لا عبرة بحركة المذبوح

فرع لو ذبح رجل فمات أبوه وهو يتحرك لم يرثه المذبوح على

وحكى الروياني وجها أنه يرث
وحكى الحناطي قريبا منه عن المزني
قلت هذا الوجه غلط ظاهر فان أصحابنا قالوا من صار في حال النزع فله حكم الميت فكيف الظن بالمذبوح
والله أعلم
الفصل الثاني فيما قبل الانفصال ومتى ظهرت مخايل الحمل فلا بد من التوقف كما سنفصله إن شاء الله تعالى
وإن لم تظهر مخايله وادعت المرأة الحمل ووصفت علامات خفية ففيه تردد للإمام
والظاهر الاعتماد على قولها
وطرد التردد فيما إذا لم تدعه لكنها قريبة عهد بالوطء واحتمال الحمل قريب
إذا عرف هذا فان لم يكن للميت وارث سوى الحمل المنتظر وقفنا المال إلى أن ينفصل
وإن كان له وارث آخر ففي وجه حكاه الفوراني وحكاه الشيخ أبو خلف قولا عن رواية الربيع أنه يوقف جميع المال
والصحيح المشهور أنه لا يوقف الجميع بل ينظر في الورثة الظاهرين فمن احتمل حجبه بالحمل لم يدفع إليه شىء ومن لا يحجبه الحمل بحال وله مقدر لا ينقص دفع إليه
وإن أمكن العول دفع إليه ذلك القدر عائلا

مثاله زوجة حامل وأبوان يدفع إليها ثمن عائل وإليهما سدسان عائلان لاحتمال أن الحمل بنتان
وإن لم يكن له نصيب مقدر كالأولاد فالصرف إليهم مبني علو أن أقصى عدد الحمل هل له ضبط وفيه وجهان
الأصح أو الصحيح أنه لا ضبط له وبه قال شيخا المذهب أبو حامد والقفال والعراقيون والصيدلاني والقاضي حسين لأنه وجد خمسة في بطن واثنا عشر في بطن
والثاني أن أقصى الحمل أربعة وبهذا قطع ابن كج والغزالي وجعله الفرضيون قياس قول الشافعي رضي الله عنه وأرادوا أن الشافعي رضي الله عنه يتبع في مثل ذلك الوجود وأكثر الذي وجد أربعة لكن هذا الذي قالوه مشكل بما نقله الأولون فعلى الأول لو خلف ابنا وأم ولد حاملا لم يصرف إلى الابن شىء
ولو خلف ابنا وزوجة حاملا فلها الثمن ولا يدفع إلى الابن شىء
وعلى الثاني له الخمس أو خمس الباقي على تقدير أنهم أربعة ذكور
وعلى هذا هل يمكن الذين صرف إليهم حصتهم من التصرف فيها وجهان
أصحهما نعم وإلا لم يدفع إليهم
والثاني المنع قال القفال لأنه قد يهلك الموقوف للحمل فيحتاج إلى الاسترداد والحاكم وإن كان يلي أمر الأطفال فلا يلي أمر الأجنة فلا يمكن حمل ما جرى على القسمة
ثم الموقوف للحمل على الوجه الثاني قد يكون بتقدير الذكورة أكثر وقد يكون بتقدير الأنوثة أكثر بأن خلفت زوجا وأما حاملا من أبيها فإن كان الحمل ذكرا فله سدس المال
وإن كانوا ذكورا فثلث المال
وإن كان أنثيين عالت المسألة إلى ثمانية فيدفع إلى الزوج ثلاثة من ثمانية وإلى الأم سهم ويوقف أربعة

فرع مات كافر عن زوجة حامل وقفنا الميراث للحمل فأسلمت ثم
ورث الولد وإن كان محكوما بإسلامه لأنه كان محكوما بكفره يوم الموت
فرع مات عن ابن وزوجة حامل فولدت ابنا وبنتا فاستهل أحدهما ووجدا
ميتين ولم يعلم المستهل أعطي كل وارث أقل ما يصيبه ويوقف الباقي حتى يصطلحوا أو تقوم بينة
السبب الرابع الخنوثة سبق في كتاب الطهارة بيان ما تعرف به ذكورته وأنوثته
فلو مات له مورث في مدة إشكاله نظر إن لم يختلف ميراثه بالذكورة والأنوثة كولد الأم والمعتق ورث
وإن اختلف أخذ في حق الخنثى ومن معه من الورثة باليقين ويوقف المشكوك فيه فان كان يرث على أحد تقديري الأنوثة والذكورة دون الآخر لم يدفع إليه شىء ووقف ما يرثه على ذلك التقدير
وكذا من يرث معه على أحد التقديرين
وإن كان الخنثى يرث على التقديرين لكن يرث على أحدهما أقل دفع إليه الأقل ووقف الباقي وكذلك في حق من يرث معه على التقديرين ويختلف قدر ما يأخذه
وإن كان من معه يرث على التقديرين ولا يختلف حقه دفع إليه حقه
ولنا وجه أنه يؤخذ في حق الخنثى باليقين ويصرف الباقي إلى باقي الورثة حكاه الأستاذ أبو منصور ونسبه ابن اللبان إلى تخريج ابن سريج
وحكى وجهين في أنه هل يؤخذ من باقي الورثة ضمين

فرع

بسبب الخنثى لا بد من التوقف فيه ما دام الخنثى باقيا على إشكاله
فان مات فالمذهب أنه لا بد من الاصطلاح عليه
وحكى أبو ثور عن الشافعي رضي الله عنه أنه يرد إلى ورثة الميت الأول
فرع لو اصطلح الذين وقف المال بينهم على تساو أو تفاوت جاز
الإمام ولا بد أن يجري بينهما تواهب وإلا لبقي المال على صورة التوقف وهذا التواهب لا يكون إلا عن جهالة لكنها تحتمل للضرورة
ولو أخرج بعضهم نفسه من البين ووهبه لهم على جهل بالحال جاز أيضا
فرع لو قال الخنثى في أثناء الأمر أنا رجل أو قال أنا
الإمام بأنه يقضى بقوله ولا نظر إلى التهمة فانه لا اطلاع عليه إلا من جهته
وحكى أبو الفرج السرخسي هذا عن نصه هنا قال ونص فيما إذا جني عليه واختلف الجاني والخنثى في ذكورة الخنثى أن القول قول الجاني
ومنهم من نقل وخرج ومنهم من فرق بأنا عرفنا هناك أصلا ثابتا وهو براءة ذمة الجاني فلا نرفعه بقوله وهنا بخلافه
وإذا قبلنا قوله حلفناه عليه

فرع في أمثلة مختصرة توضح مسائل الخنثى بنتان وولد ابن خنثى
للبنتين الثلثان ويوقف الباقي
ولد خنثى وأخ أو عم للخنثى النصف ويوقف الباقي
ولد خنثى وابن يعطى الابن النصف والخنثى الثلث
ولد خنثى وابنان يعطى الخنثى الخمس والابنان الثلثين
ولد خنثى وبنت وعم يعطى الخنثى الثلث وكذا البنت
زوج وأب وولد خنثى للزوج الربع وللأب السدس وللخنثى النصف
زوج وأم وولد أب خنثى للزوج النصف عائلا من ثمانية وللأم الثلث عائلا وللخنثى سدس تام
وإذا اجتمع ولدان خنثيان فلهما الثلثان ويوقف الباقي
ثلاثة أولاد خناثى وعم لكل واحد من الخناثى خمس المال لاحتمال أنه أنثى وصاحباه ذكران
ابن وخنثيان يدفع إليه الثلث وإلى كل واحد منهما الخمس
ولد خنثى وولد ابن خنثى وعم فللولد النصف
بنت وبنت ابن وولد ابن خنثى وعم للبنت النصف ولولدي الابن السدس بالسوية
ثلاثة أولاد ابن خناثى بعضهم أسفل من بعض للأول النصف
والباقي في كل هذه الصور يوقف حتى يبين الحال

الباب السابع في ميراث
ولد الملاعنة وولد الزنا والمجوس فيه ثلاثة فصول
الفصل الأول اللعان يقطع التوارث بين الملاعن والولد لانقطاع النسب وكذا يقطع التوارث بين الولد وكل من يدلي بالملاعن كأبيه وأمه وأولاده
وفي السلسلة للشيخ أبي محمد وجه مخرج أن اللعان لا يقطع التوارث بين الولد والملاعن بناء على الوجهين في أن الملاعن هل له نكاح البنت التي نفاها باللعان إذا لم يدخل بأمها إن قلنا له ذلك كنكاح بنت الزنا فلا يرث و إن منعناه لأن نسبها يعرض الثبوت بأن يكذب نفسه ورث ولا يعرف هذا الوجه لغيره
قلت هذا الوجه غلط لأنه في الحال لا نسب
والله أعلم
وأما الولد مع الأم فيتوارثان ثوارث سائر الأولاد والأمهات
والتوأمان المنفيان باللعان في توارثهما وجهان
الأصح لا يتوارثان إلا بقرابة الأم لانقطاع نسب الأب
والثاني يتوارثان بأخوة الأبوين لأن اللعان يؤثر في حق المتلاعنين فقط فإذا قلنا بالأول فلا عصبة للمنفي إلا من صلبه أو بالولاء بأن يكون عتيقا أو أمه عتيقة فيثبت الولاء لمولاها عليه وعصبة الأم لا يكونون عصبة له

فرع إذا نفاه ثم استلحقه لحقه

فان كان بعد موت الولد فكذلك وتنقض القسمة إن كانت تركته قسمت
حتى لو كان على أمه ولاء فأخذ مولاها ميراثه كان للمستلحق استرداده ولا فرق في اللحوق بين أن يخلف الميت ولدا أم لا
الفصل الثاني ولد الزنا كالمنفي باللعان إلا في ثلاثة أشياء
أحدها أن الوجه المنقول عن السلسلة لا يجيء هنا قطعا
والثاني أن ولد الزنا لا يلحق بالاستلحاق
الثالث التوأمان من الزنا لا يتوارثان إلا بأخوة الأم قطعا
وفي وجه حكاه الحناطي وصاحب الحاوي يتوارثان بأخوة الأبوين
قلت هذا الوجه غلط فاحش قال الإمام ولو علقت بتوأمين من واطىء بشبهة ثم جهل الواطىء توارثا بأخوة الأبوين بلا خلاف
والله أعلم
الفصل الثالث فيما إذا اجتمع في شخص قرابتان منع الشرع من مباشرة سبب اجتماعهما كأم هي أخت وذلك يقع في المجوس لاستباحتهم نكاح المحارم وربما أسلموا بعد ذلك أو ترافعوا إلينا وقد يتفق في المسلمين نادرا بغلط واشتباه والحكم أنه لا توريث بالقرابتين بل يورث بأقواهما
وفي وجه يرث بهما إن كانتا بحيث لو كانتا في شخصين ورثا معا وبه قال ابن سريج وابن اللبان
والصحيح الأول ويعرف الأقوى بكل واحد من أمرين
أحدهما أن تحجب إحداهما الأخرى كبنت هي اخت لأم أن يطأ أمه فتلد بنتا
والثاني أن لا تحجب إحداهما أصلا أو يكون حجبها أقل فالأول كأم هي أخت
والثاني كأم أم هي أخت فترث بالأمومة أو الجدودة دون الأخوة وعن ابن اللبان وجه أنها ترث في الصورة الثانية بالأخوة دون الجدودة لأن نصيب الأخت أكثر وليجبر هذا في

أخوات الصورة
والصحيح المعروف الأول ولا يرثون بالزوجية بلا خلاف لبطلانها

الباب الثامن في الرد وذوي الأرحام
أصل المذهب فيهما وما اختاره الأصحاب لضرورة فساد بيت المال ذكرناه في أول الكتاب
فإذا قلنا بالرد فمقصود الفتوى منه أنه إن لم يكن ممن يرد عليه من ذوي الفروض إلا صنف فإن كان شخصا واحدا دفع إليه الفرض والباقي بالرد
وإن كانوا جماعة فالباقي بينهم بالسوية
وإن اجتمع صنفان فأكثر رد الفاضل عليهم بنسبة سهامهم
وأما الحساب وتصحيح المسائل فيذكر إن شاء الله تعالى في باب الحساب
فصل وأما توريث ذوي الأرحام فالذاهبون إليه منا اختلفوا في كيفيته فأخذ
لأن القائلين ممن ورثهم من الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم أكثر ومنهم من أخذ بمذهب أهل القرابة وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه وبه قطع البغوي والمتولي وسمي الأولون أهل التنزيل لتنزيلهم كل فرع منزلة أصله وسمي الآخرون أهل القرابة لأنهم يورثون الأقرب فالأقرب كالعصبات
قلت الأصح الأقيس مذهب أهل التنزيل
وللقائلين بتوريث ذوي الأرحام مذاهب غير هذين لكن الذي اختاره أصحابنا منها هذان
والله أعلم

والمذهبان متفقان على أن من انفرد من ذوي الأرحام يحوز جميع المال ذكرا كان أو أنثى وإنما يظهر الاختلاف عند اجتماعهم
وبيان ذلك في طرفين
الطرف الأول فيما إذا انفرد صنف منهم فمن الأصناف أولاد البنات وبنات ابنة الابن فأهل التنزيل ينزلونهم منزلة البنات وبنات الابن ويقدمون منهم من سبق إلى الوارث فان استووا في السبق إلى الوارث قدر كأن الميت خلف من يدلون به من الورثة واحدا كان أو جماعة ثم يجعل نصيب كل واحد للمدلين به على حسب ميراثهم لو كان هو الميت وقال أهل القرابة إن اختلفت درجاتهم فالأقرب إلى الميت أولى ذكرا كان أو أنثى فتقدم بنت البنت على بنت بنت البنت وعلى ابن بنت البنت
وإن لم تختلف فان كان فيهم من يدلي بوارث فهو أولى فتقدم بنت بنت الابن على بنت بنت البنت
هذا إذا أدلى بنفسه إلى الوارث أما إذا أدلى بواسطة كبنت بنت بنت الابن مع بنت بنت بنت البنت فلأصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه فيه اختلاف
والصحيح عندهم أن لا ترجيح
ومقتضى ما ذكره أصحابنا الترجيح كما لو أدلى بنفسه
وإن استووا في الادلاء ورثوا جميعا
وكيف يرثون اختلف فيه أبو يوسف ومحمد فقال أبو يوسف يعتبرون بأنفسهم
فإن كانوا ذكورا أو إناثا سوي بينهم
فان اختلطوا فللذكر مثل حظ الانثيين
وقال محمد ينظر في المتوسطين بينهم وبين الميت من ذوي الأرحام
فان اتفقوا ذكورة وأنوثة فالجواب كذلك
وإن اختلفوا فاما أن يكون الاختلاف في بطن واحد وإما في أكثر
فان كان في بطن قسمنا المال بين بطن الاختلاف وجعلنا كل ذكر

بعدد أولاده الذين يقسم ميراثهم ذكورا وكل أنثى بعدد أولادها الذين يقسم ميراثهم إناثا ويقسم المال بين الذكور والإناث الحاصلين من هذا التقدير للذكر مثل حظ الانثيين ثم أصاب كل واحد من الصنفين يقسم بين أولاده للذكر مثل حظ الانثيين
وإن كان الاختلاف في أكثر من بطن قسم المال بين أعلى بطون الاختلاف كما ذكرنا ثم ما أصاب كل واحد من الصنفين قسم على أولاده الذين فيهم الاختلاف على النحو المذكور في البطن الأول وهكذا يفعل حتى تنتهي القسمة إلى الأحياء
قال الناقلون كل واحد من أبي يوسف ومحمد يدعي أن قوله قول أبي حنيفة رضي الله عنه والأكثرون صدقوا محمدا لكن متأخروهم يفتون بقول أبي يوسف وكذلك قال البغوي والمتولي إنه أظهر الروايتين
والمذهبان متفقان على تفضيل الذكر على الأنثى في القسمة
وفي التتمة وجه آخر أنه يسوى بين الذكر والأنثى قال وهو اختيار الأستاذ أبي إسحق الإسفراييني

فرع في أمثلة توضح الغرض بنت بنت وبنت بنت ابن المنزلون يجعلون
المال بينهما أرباعا بالفرض والرد كما يكون بين البنت وبنت الابن وأهل القرابة يجعلون الجميع لبنت البنت لقربها
بنت ابن بنت وبنت بنت ابن المال للثانية بالاتفاق
أما على التنزيل فلأن السبق إلى الوارث هو المعتبر
وأما على القرابة فلأنه المعتبر عند استواء الدرجة
بنت بنت وابن وبنت من بنت أخرى المنزلون يجعلون المال من بنتي الصلب تقديرا بالفرض والرد ثم يقولون نصف البنت الأولى لبنتها ونصف الأخرى

لولديها أثلاثا
وأهل القرابة يجعلون المال بين ثلاثتهم للذكر مثل حظ الانثيين
ومحمد لا يخالف في هذه الصورة وإنما يخالف فيما إذا اختلفت الأصول الذين هم من ذوي الأرحام
ابن بنت وبنت بنت أخرى وثلاث بنات بنت أخرى المنزلون يقولون للابن الثلث وللبنت الفردة كذلك وللثلاث الثلث أثلاثا وأهل القرابة يجعلون المال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين
بنت بنت بنت وبنت ابن بنت عند المنزلين وأبي يوسف المال بينهما بالسوية وعند محمد ثلث المال للأولى وثلثاه للثانية
بنتا بنت بنت وثلاث بنات ابن بنت أخرى عند المنزلين للبنتين النصف بالسوية وللثلاث النصف أثلاثا وعند أبي يوسف المال بين الخمس بالسوية وعند محمد يقسم المال بين الذكر والأنثى المتوسطين ويقدر الذكر ثلاثة ذكور بعدد فروعه والأنثى اثنتين بعدد فرعيها فيكون المال على ثمانية حصة الذكر ستة وهي لبناته بالسوية وحصة الأنثى سهمان هما لبنتيها
بنت بنت بنت وبنت بنت ابن بنت وابن ابن ابن بنت عند أبي يوسف المال بينهم على أربعة وعند محمد يقسم المال أولا بين أعلى بطني الاختلاف وفيه ابنان وبنت فكل واحد منهما يعد واحدا لأن الفروع آحاد فيكون المال بينهم على خمسة حصة البنت سهم هو لبنت بنتها وحصة الذكرين أربعة أسهم تقسم على ولديهما للاختلاف وهما ابن وبنت على ثلاثة وأربعة لا تنقسم على ثلاثة فتضرب ثلاثة في خمسة تكون خمسة عشر كان للبنت في القسمة الأولى سهم فلها الآن ثلاثة وكان لكل واحد من الابنين سهمان فيكون ستة
فيجمع بينهما فيكون

اثني عشر يقسم بين ولديهما للذكر مثل حظ الاثنيين
فإذا لبنت بنت البنت ثلاثة من خمسة عشر وللأخرى أربعة من خمسة عشر وللابن الثمانية الباقية

فصل ومن الأصناف بنات الأخوة وبنو الأخوة للأم وأولاد الأخوات فالمنزلون ينزلون
فمن سبق إلى وارث قدموه فان استووا في الإنتهاء إلى الوارث قسم المال بين الأصول فما أصاب كل واحد قسم بين فروعه
وقال أهل القرابة إن اختلفوا في الدرجة قدم منهم الأقرب إلى الميت من أي جهة كان حتى تقدم بنت الأخت للأب أو للأم على بنت ابن الأخ من الأبوين
وإن لم يختلفوا في الدرجة فالأقرب إلى الوارث أولى من أي جهة كان حتى تقدم بنت ابن الأخ من الأب على بنت ابن الأخت من الأبوين
فان استووا فيه أيضا فعند أبي حنيفة وأبي يوسف رضي الله عنهما يقدم من كان من الأبوين ثم من كان من الأب ثم من كان من الأم رعاية لقوة القرابة ولا ينظر إلى الأصول ومن يسقط منهم عند الاجتماع ومن لا يسقط
وعند محمد يقدم من كان من الأبوين على من كان من الأب ولا يقدم على من كان من جهة الأم اعتبارا بالأصول
فرع أولاد الأخوة والأخوات من الأم يسوى بينهم في القسمة عند الجمهور

من المنزلين وأهل القرابة
قال الإمام وقياس المنزلين تفضيل الذكر لأنهم يقدرون أولاد الوارث كأنهم يرثون منه
وأما أولاد الأخوة والأخوات من الأبوين ومن الأب فيفضل ذكرهم عند المنزلين
وعن أبي حنيفة رضي الله عنه روايتان
أظهرهما وبها قال أبو يوسف أن الجواب كذلك
والثانية وبها قال محمد أنه يقسم المال بين الأصول أولا ويؤخذ عددهم من الفروع فما يصيب كل واحد منهم يجعل لفروعه كما سبق في أولاد البنات

فرع في أمثلته بنت أخت وابنا أخت أخرى وهما من الأبوين أو
عند المنزلين نصف المال للبنت ونصفه للابنين
وقال أهل القرابة المال بينهم على خمسة
ثلاث بنات إخوة متفرقين
قال المنزلون ومحمد السدس لبنت الأخ من الأم والباقي لبنت الأخ من الأبوين اعتبارا بالآباء
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما المال كله لبنت الأخ من الأبوين
ثلاث بني أخوات متفرقات
قال المنزلون ومحمد المال بينهم على خمسة كما يكون بين أمهاتهم بالفرض والرد
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما المال كله لابن الأخت من الأبوين
ولو كان بدلهم ثلاث بنات أخوات متفرقات كان جواب الفريقين كذلك
ولو اجتمع البنون الثلاثة والبنات الثلاث
قال المنزلون المال بين أمهاتهم على خمسة بالفرض والرد فنصيب الأخت من الأبوين لولديها أثلاثا ونصيب الأخت من الأب كذلك ونصيب الثالثة لولديها بالسوية
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما الكل لولدي الأخت من الأبوين
وقال محمد يجعل كأن في المسألة ست أخوات اعتبارا بعدد الفروع

فيكون للأخت من الأم الثلث بتقديرها أختين وللأخت من الأبوين الثلثان بتقديرها أختين فحصة كل واحدة لولديها هذه بالتفضيل وتلك بالسوية
قال الإمام قد نظر محمد هنا إلى الأصول الوارثين وفي أولاد البنات لم ينظر إلى الوارثين وإنما نظر إلى بطون الاختلاف من ذوي الأرحام كما سبق
ابن أخت من الأبوين وبنت أخ كذلك عند المنزلين ومحمد الثلثان لبنت الأخ والثلث لابن الأخت
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما بالعكس

فصل ومن الأصناف الأجداد الساقطون والجدات الساقطات فالمنزلون ينزلون كل
أولا
فان استويا في الإنتهاء قسم المال بين الورثة الذين انتهوا إليهم وقسمت حصة كل وارث بين المدلين به
وقال أهل القرابة إن اختلفت درجاتهم فالمال للأقرب من أي جهة كان حتى يقدم أو الأم على أبي أم الأب
وأم أبي الأم على أبي أبي أبي الأم فان استووا في الدرجة لم يقدم هنا بالسبق إلى الوارث على المشهور من مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه
ومن أصحابه من قدم به فان لم يقدم به أو قدم واستووا في السبق إليه نظر إن كان الكل من جهة أبي الميت فرواية الجوزجاني وهي الأظهر أنه يجعل ثلثا المال لمن هو من جهة أبي الأب وثلثه لمن هو من جهة أم الأب
ورواية عيسى بن أبان كل المال لمن هو من أبيه ويسقط به من هو من جهة الأم
وإن كان الكل من جهة أم الميت اطردت الروايتان في أنه يسقط من هو من جهة أمها أم يجعل المال بين من هو من جهة أبيها ومن هو من جهة أمها أثلاثا وإن كان بعضهم من جهة أب الميت وبعضهم

من جهة أمه قسم المال بين الجهتين أثلاثا وجعل كل قسم كأنه كل التركة وأهل كل جهة كأنهم كل الورثة فتجيء فيهم الروايتان
ثم قسمة الثلثين على من هو من جهة الأب للذكر مثل حظ الانثيين وقسمة الثلث على من هو من جهة الأم كمثل ذلك قاله البغوي في التهذيب

فرع في أمثلته أم أبي الأم وأبو أم الأل

عند المنزلين المال لأبي أم أم الأم لأنه أسبق إلى الوارث وعلى رواية الجوزجاني الثلثان لأم أبي الأم والثلث لأبي أم الأم وعلى رواية عيسى الكل لأم أبي الأم
أب أم أب وأبو أبي أم
عند المنزلين المال للأول وعلى رواية عيسى للثاني وعلى رواية الجوزجاني الثلثان للثاني والثلث للأول
أب أبي أم وأبو أم أب قال المنزلون المال للثاني وكذلك الجواب عند من رجح بالسبق إلى الوارث من أهل القرابة
وأما الظاهر عندهم فالثلثان للثاني والثلث للأول
أبو أم أم وأبو أم أب
عند المنزلين المال بينهما نصفان كما يكون بين أم الأم وأم الأب فرضا وردا
وعند أهل القرابة الثلث للأول والثلثان للثاني
أبو أبي أم وأم أبي أم وأبو أم أم
عند المنزلين المال للثالث وعلى رواية عيسى للأولين
وعلى رواية الجوزجاني الثلثان بين الأولين للذكر مثل حظ الانثيين والثلث للثالث

أبو أبي أم أب وأم أبي أم الأب وأبو أبي أبي أم وأم أبي أبي الأم قال المنزلون المال للأولين
وقال أهل القرابة الأولان من جهة الأب والآخران من جهة الأم فيجعل المال أثلاثا بين الجهتين ثم على رواية الجوزجاني وعلى رواية عيسى الثلثان للأول من الأولين والثلث للأول من الآخرين
الثلثان بين الأولين أثلاثا والثلث بين الآخرين كذلك

فصل ومن الأصناف الخالات والأخوال والعمات والأعمام من الأم نزل المنزلون الأخوال
على حسب ما يأخذون من تركة الأم لو كانت هي الميتة واختلفوا في العمات والأعمام للأم فالأصح أنهم كالأب
والثاني أنهم كالعم واختلف هؤلاء فقيل العمات من الجهات بمنزلة العم للأبوين
وقيل كل عمة بمنزلة العم الذي هو أخوها ثم من جعل العمات كالأب أو كالعم من الأبوين مع افتراقهن قال إذا انفردن قسم المال بينهن على حسب استحقاقهن لو كان الأب هو الميت ومن نزلهن منزلة الأعمام المفترقين قدم العمة من الأبوين ثم العمة من الأب ثم العمة من الأم
وإذا اجتمعت العمات والخالات والأخوال فالثلثان للعمات والثلث للأخوال والخالات ويعتبر في كل واحد من النصيبين ما اعتبر في جميع المال لو انفرد أحد الصنفين وأما أهل القرابة فقالوا إذا انفردت الخالات فان كن من جهة واحدة قسم المال بينهن بالسوية
وإن اختلفت الجهة فالخالة من الأبوين مقدمة ثم الخالة من الأب
والأخوال المنفردون كالخالات
وإذا اجتمع الأخوال والخالات فان كانوا من جهة قسم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كانوا من جهة الأم

وإن اختلفت الجهات فمن اختص بقرابة الأبوين أولى ثم من اختص بقرابة الأب
والعمات المنفردات كالخالات
وإذا اجتمع العمات من الأم والأعمام من الأب فالمال بينهم للذكر الثلث مثل حظ الأنثيين وإذا اجتمعت العمات والخالات فللعمات الثلثان وللخالات سواء اتفقت جهة العمات والخالات أو اختلفت على المشهور عندهم
وعند أبي يوسف أنه إذا اختلفت الجهة فالمال لأقوى الصنفين جهة
ثم إذا قسم المال أثلاثا اعتبر في كل واحد من النصيبين ما يعتبر في جميع المال عند انفراد الصنف المصروف إليهم

فرع في أمثلته ثلاث خالات متفرقات

عند المنزلين المال بينهن على خمسة كما لو ورثن من الأم
وعند أهل القرابة هو للخالة من الأبوين وبمثله قالوا في ثلاثة أخوال متفرقين
وعند المنزلين للخال من الأم السدس والباقي للخال من الأبوين
ولو اجتمع الأخوال المتفرقون والخالات المتفرقات قال أهل القرابة المال كله للخال والخالة من الأبوين للذكر مثل حظ الانثيين
وقال المنزلون ثلثا المال لهما كذلك وثلثه للخال والخالة للأم كذلك
قال الإمام وتفضيل الخال من الأم على الخالة من الأب مشكل مخالف للتسوية بين الذكور والإناث من أولاد الأخ للأم
ثلاثة أخوال متفرقون وثلاث عمات متفرقات
عند المنزلين ثلث المال بين الخال للأبوين والخال للأم على ستة واحد للثاني والباقي للأول وقسمة الثلثين تخرج على الخلاف في تنزيل العمات
إن جعلن كالأعمام فالثلثان للعمة من الأبوين

وإن نزلن منزلة الأب فالثلثان بينهن على خمسة كما يرثن من الأب
وقال أهل القرابة الثلثان للعمة من الأبوين والثلث للخال من الأبوين

فرع أولاد الأخوال والخالات والعمات والأعمام للأم عند المنزلين كآبائهم وأمهاتهم
بطنا
فان سبق بعضهم إلى وارث قدم
وإن استووا فيه قسم المال بين الذين يدلي بهم هؤلاء على حسب استحقاقهم من الميت فما أصاب كل واحد منهم قسم بين المدلين به على حسب استحقاقهم منه لو كان هو الميت
وقال أهل القرابة الأقرب يسقط الأبعد بكل حال
فان استووا في الدرجة نظر إن انفرد أولاد الأخوال والخالات بكن اختلفت الجهة قدم الذين هم من الأبوين ثم الذين هم من الأب ثم يأخذ الذين هم من الأم وإن لم يختلف ورثوا جميعا
ثم النظر عند أبي يوسف إلى أبدانهم
وعند محمد إلى آبائهم وأجدادهم كما سبق في أولاد الأخوات وبنات الأخوة
وأولاد العمات عند الانفراد كأولاد الخالات والأخوال فان اجتمع الصنفان فثلثا المال لأولاد العمات وثلثه لأولاد الأخوال والخالات على ما ذكرنا في آبائهم ويعتبر في كل واحد من النصيبين ما يعتبر في جميع المال
وإذا اجتمع مع هؤلاء جنات الأعمام من الأبوين أو من الأب ولم تختلف الدرجة فبنات الأعمام أولى لسبقهن إلى الوارث

فرع أخوال الأم وخالاتها عند المنزلين بمنزلة الجدة أم الأم وأعمامها
وعماتها بمنزلة الجد أبي الأم
وأخوال الأب وخالاته بمنزلة الجدة أم الأب وعماته عند من تنزل عمة الميت منزلة أبيه بمنزلة الجد أبي الأب
وعند من تنزل عمة الميت منزلة عمة بمنزلة عم الأب فيقسم المال بينهم
وما أصاب كل واحد منهم يجعل للمدلين به على حسب استحقاقهم لو كان هو الميت وعلى القياس يجعلون كل خال وخالة بمنزلة الجدة التي هي أختهما وكل عم وعمة بمنزلة الجد الذي هو أخوهما
وأما أهل القرابة فيعتبرون في أخوال الميتة وخالاتها ما اعتبروه في أخوال الميت وخالاته وكذلك في عماتها إذا انفردن
وإن اجتمع أعمامها وعماتها فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين على المشهور عندهم
وفي رواية إن كانوا من الأبوين أو من الأب قدم الأعمام
ولو اجتمع أعمامها وعماتها وأخوالها وخالاتها فالثلث للأخوال والخالات والثلثان للأعمام والعمات وخؤولة الأب وعمومته كخؤولة الأم وعمومتها عند الانفراد والاجتماع
ولو اجتمع القرابتان فلقرابة الأب الثلثان ولقرابة الأم الثلث ثم يقسم كل نصيب بينهم كما يقسم جميع المال لو انفردوا فثلثا الثلثين لعمات الأب وثلثه لخالاته وأخواله وكذلك الثلث
وسواء كان قرابة الأب من جنس قرابة الأم أم لم يكن حتى لو ترك عم أمه وخالة أبيه كان الثلثان للخالة والثلث للعم
ولو ترك ثلاث عمات متفرقات وثلاث خالات متفرقات لأبيه ومثلهن لأمه فعلى الصحيح من قول أهل القرابة ثلثا الثلثين لعمة الأب من الأبوين وثلثها لخالة الأب من الأبوين وثلث الثلث لعمة الأم من الأبوين وثلثه لخالة الأم من الأبوين ويسقط البواقي
وعند المنزلين نصف سدس المال بين خالات الأب ومثله بين خالات الأم لنزولهن منزلة الجدتين والباقي لعمات

الأب دون عمات الأم لأن عمات الأب كأب الأب وعمات الأم كأبي الأم
هذا تمام الطرف الأول
الطرف الثاني في ترتيب الأصناف
قال المنزلون كل واحد من ذوي الأرحام ينزل منزلة الوارث الذي يدلي به ثم ينظر في الورثة لو قدر اجتماعهم فان كانوا يرثون يرث المدلون بهم وإن حجب بعضهم بعضا جرى الحكم كذلك في ذوي الأرحام
وقال أهل القرابة ذوو الأرحام وإن كثروا يرجعون إلى أربعة أنواع
المنتمون إلى الميت وهم أولاد البنات وأولاد بنات الابن والمنتمي إليهم الميت وهم الأجداد والجدات الساقطون والمنتمون إلى أبوي الميت وهم أولاد الأخوات وبنات الأخوة والمنتمون إلى أجداده وجداته وهم العمومة والخؤولة
ومذهبهم الظاهر تقديم النوع الأول ثم الثاني ثم الثالث فما دام يوجد أحد من فروع الميت وإن سفل فلا شىء لاصوله من ذوي الأرحام وإن قربوا وعلى هذا القياس
وعن أبي حنيفة رضي الله عنه رواية بتقديم النوع الثاني على الأول
وقدم أبو يوسف ومحمد النوع الثالث على الثاني واتفقوا على أن من كان من العمومة والخؤولة وأولادهم ومن ولد جد أو جدة أقرب إلى الميت فهو أولى بالميراث وإن بعد ممن هو من ولد جد أو جدة أبعد منه
وإذا اجتمع الأجداد والجدات من ذوي الأرحام مع الخالات والأخوال والعمات فعند أبي حنيفة رضي الله عنه تقدم الجدودة
وعند صاحبيه إن كانت العمومة أو الخؤولة من ولد جد أو جدة تساوى الجد والجدة الموجودين أو أبعد فالأجداد والجدات أولى
وإن كانا من أصل أقرب منهما فهم أولى
وعن أحمد بن حنبل رضي الله عنه تقديم الخال على ذوي الأرحام
وفي الباقين مذهبه مذهب أهل التنزيل في كل فصل

فصل قد يجتمع في الشخص من ذوي الأرحام قرابتان بالرحم
كبنت بنت بنت هي بنت ابن بنت وكبنت أخت الأب هي بنت أخ الأم وكبنت خالة هي بنت عمة فالمنزلون ينزلون وجوه القرابة
فان سبق بعض الوجوه إلى وارث قدم به وإلا قدروا الوجوه أشخاصا ورثوا بها على ما يقتضيه الحال
وأما أهل القرابة فمحمد يورثه بجهتي القرابة
وقال أبو يوسف إن كان ذلك في أولاد البنات جعلت الوجوه كوجه ولم يورث بها
وإن كان في أولاد الأخوة والأخوات ورث بأقوى الجهتين
وإن كان في أولاد العمومة والخؤولة ورث بالقرابتين لأنهما مختلفتان وهذا أظهر عندهم
وعلى هذا لو خلف بنت أخ لأم هي بنت أخت لأب وبنت أخت أخرى أو بنت أخ أخرى ورثت بأقوى القرابتين وهي كونها بنت أخت لأب
ولو خلف بنت خال هي بنت عمة وبنت عمة أخرى فالثلث لبنت الخال والثلثان بينهما بالسوية
ولو كان معها بنت خال فالثلثان للأولى لانها بنت عمة والثلث بينهما بالسوية
فصل إذا كان مع ذوي الأرحام زوج أو زوجة قال أهل القرابة
ويقسم الباقي على ذوي الأرحام كما يقسم الجميع لو انفردوا وللمتدلين مذهبان
أصحهما كذلك
والثاني أن الباقي يقسم بينهم على نسبة سهام الذين يدلي بهم ذوو الأرحام من الورثة مع الزوج أو الزوجة ويعرف القائلون بالأول بأصحاب اعتبار ما بقي والقائلون بالثاني أصحاب اعتبار الأصل

مثاله زوجة بنت بنت وبنت أخت من الأبوين
عند أهل القرابة للزوجة الربع والباقي لبنت البنت
وأصحاب القول الأول من المنزلين جعلوا لها الربع والباقي بين بنت البنت وبنت الأخت بالسوية
ومن قال بالثاني قال إذا نزلناهما فكأن في المسألة زوجة وبنتا وأختا ولو كان كذلك لكانت المسألة من ثمانية نصيب الزوجة منها واحد يبقى سبعة يخرج منها تمام نصيب الزوجة يبقى ستة تقسم بينهما أسباعا
ولو خلفت زوجا وبنت بنت وخالة وبنت عم
عند أهل القرابة للزوج النصف والباقي لبنت البنت وعلى القول الأول للمنزلين للزوج النصف ولبنت البنت نصف الباقي وللخالة سدس الباقي ولبنت العم الباقي
وعلى القول الثاني إذا نزلنا حصل مع الزوج بنت وأم وعم وحينئذ يكون من اثني عشر يخرج نصيب الزوج يبقى تسعة ثم يخرج تمام النصف للزوج يبقى ستة يقسمها على التسعة وبالله التوفيق

الباب التاسع في حساب الفرائض
فيه مقصودان
أحدهما تصحيح المسائل
والثاني قسمة التركات
( المقصود ) الأول التصحيح وفيه فصول
( الفصل ) الأول في مقدماته وهن أربع
إحداها الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى ستة النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس
وقد سبق بيان مستحقيها
فالنصف فرض خمسة الزوج والبنت وبنت الابن والأخت للأبوين والأخت للأب

والربع فرض الزوج والزوجة أو الزوجات
والثمن فرض الزوجة والزوجات
والثلثان فرض أربعة وهن الإناث التي لواحدتهن النصف
والثلث فرض ثلاثة الأم وأولادها والجد
والسدس فرض سبعة الأم والجدة والأب والجد وبنت الابن مع بنت الصلب والأخت للأب مع الأخت للأبوين وواحد أولاد اأم
( المقدمة ) الثانية كل عددين فهما متماثلان أو متداخلان أو متوافقان أو متباينان
فالمتماثلان كثلاثة وثلاثة
والمتداخلان كثلاثة وستة أو تسعة
فالثلاثة داخلة في الستة والتسعة
والمتوافقان كأربعة وستة لكل واحد منهما نصف صحيح وستة وتسعة لهما ثلث صحيح وثمانية واثني عشر لهما ربع صحيح ولأحد وعشرين وخمسة وثلاثين سبع صحيح ولاثنين وعشرين وثلاثة وثلاثين جزء من أحد عشر
والمتباينان كثلاثة وأربعة
وطريق معرفة المداخلة أن تسقط الأقل من الأكثر مرتين فصاعدا أو زد على الأقل مثله مرة فصاعدا
فان فني الأكثر بالأقل أو تساويا بزيادة الأمثال فمتداخلان وإلا فلا
وطريق الموافقة والمباينة أن تسقط الأقل من الأكثر ما أمكن فما بقي فأسقطه من الأقل فان بقي منه شىء فأسقطه مما بقي من الأكثر ولا يزال بفعل ذلك حتى يفنى العدد المنقوص منه آخرا فان فني بواحد فمتباينان
وإن فني بعدد فمتوافقان بالجزء المأخوذ من ذلك العدد

وإن فني باثنين فبالنصف أو بثلاثة فبالثلث أو بعشرة فبالعشرة أو بأحد عشر فبأجزاء أحد عشر
وعلى هذا القياس
مثاله أحد وعشرون وتسعة وأربعون تسقط الأقل من الأكثر مرتين يبقى سبعة تسقطها من الأقل ثلاث مرات يفنى بها فهما متوافقان بالأسباع
المقدمة الثالثة في أصول المسائل أصلها العدد الذي يخرج منه سهامها
ومسائل الفرائض نوعان
أحدهما أن يكون كل الورثة عصبات بأن كانوا ذكورا أو نسوة أعتقن عبدا بينهن بالسوية فالقسمة بينهم بالسوية
وإن كانت العصبة ذكورا وإناثا قدرنا كل ذكر اثنين وأعطينا كل ذكر سهمين وكل أنثى سهما فعدد الرؤوس في هذا النوع هو أصل المسألة
النوع الثاني المسائل التي ورثتها أصحاب فروض أو بعضهم ذو فرض
فالأصول في هذا النوع سبعة عند المتقدمين ومن المتأخرين من يقول تسعة
فالسبعة المتفق عليها اثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية اثنا عشر وأربعة وعشرون فكل مسألة فيها نصف وما بقي وما فيها ثلثان وما بقي كبنتين وعم أو ثلث وما بقي كأم وأخ
أو ثلثان
كزوج وأخ أو نصفان كزوج وأخت فهي من اثنين وثلث كأختين لأب وولدي أم فمن ثلاثة وما فيها ربع وما بقي كزوج وابن أو ربع ونصف وما بقي كزوج وبنت وأخ فمن أربعة
وما فيها سدس وما بقي كأم وابن أو سدس ونصف وما بقي كأم وبنت أخ أو سدس وثلث وما بقي كأم وولد أو وعم أو نصف وثلثان كزوج وأختين أو نصف وثلث وما بقي كزوج وأم وأخ فمن ستة
وما فيها ثمن وما بقي كزوجة وابن أو ثمن ونصف وما بقي كزوجة وبنت وأخ فمن ثمانية
وما فيها ربع وثلثان

وما بقي كزوج وابنتين وأخ أو ربع وثلث وما بقي كزوجة وأم وأخ فمن ستة أو ربع وسدس وما بقي كزوج وأم وابن فمن اثني عشر
وما فيها ثمن وثلثان وما بقي كزوجة وبنتين وأخ أو ثمن وسدس وما بقي كزوجة وأم وابن فمن أربعة وعشرين
قلت ومن هذا الأخير ثمن وسدسان وما بقي كزوجة وأبوين وابن
والله أعلم
وأما الأصلان المزيدان فثمانية عشر وستة وثلاثون في مسائل الجد والأخوة حيث يكون الثلث خيرا له
فالأول في كل مسألة فيها سدس وثلث ما بقي وما يبقى كجد وأم وإخوة والثاني في كل مسألة فيها ربع وسدس وثلث ما بقي وما يبقى كزوجة وأم وجد وإخوة ومن لم يقل بالزيادة يصحح المسألتين بالضرب
فالأولى من ستة للأم سهم يبقى خمسة يضرب مخرج الثلث في الستة يبلغ ثمانية عشر
والثانية من اثني عشر يخرج بالفرضين خمسة ثم يضرب مخرج الثلث في اثني عشر تبلغ ستة وثلاثين واستصوب الإمام والمتولي صنيع المتأخرين لأن ثلث ما يبقى والحالة هذه مضموم إلى السدس والربع فلتكن الفريضة من مخرجها
واحتج المتولي بأنهم اتفقوا في زوج وأبوين أنها من ستة ولولا جعلها من ئلنصف وثلث الباقي لكانت من اثنين للزوج سهم يبقى سهم فيضرب مخرج الثلث في اثنين تبلغ ستة
واعلم أنه قد يتفق في صور الجد نصف وثلث ما بقي كبنت وجد وإخوة فيحتمل أن تكون من ستة قطعا كما ذكر في زوج وأبوين ويحتمل أن يطرد فيه الخلاف

قلت الاحتمال أصح والمختار أن الأصح الجاري على القاعدة طريق المتأخرين كما اختاره الإمام لما سبق ولكونها أخصر
والله أعلم
المقدمة الرابعة في العول
إذا ضاق المال عن الفروض فتعال المسألة أي ترفع سهامها ليدخل النقص على كل واحد بقدر فرضه كأصحاب الديون والوصايا إذا ضاق المال
والذي يعول من الأصول التسعة ثلاثة وهي ستة واثنا عشر وأربعة وعشرون فتعول الستة أربع مرات إلى سبعة كزوج وأختين لأب وإلى ثمانية كهؤلاء وأم وإلى تسعة كهؤلاء وأخ لأم وإلى عشرة كهؤلاء وأخ آخر لأم وتسمى هذه الأخيرة الشريحية لأن شريحا القاضي رحمه الله تعالى قضى فيها وتسمى أم الفروخ لكثرة سهامها
ومتى عالت إلى أكثر من سبعة لا يكون الميت إلا امرأة
وأما اثنا عشر فتعول ثلاث مرات إلى ثلاثة عشر كزوجة وأم وأختين لأب وإلى خمسة عشر كهؤلاء وأخ لأم
وإلى سبعة عشر كهؤلاء وأخ آخر لأم
ومن صورها أم الأرامل وهي ثلاث زوجات وجدتان وأربع أخوات لأم وثمان لأب فهن سبع عشرة أنثى أنصباؤهن سواء
ولا يعول هذا الأصل إلى سبع عشرة إلا والميت رجل
وأما أربعة وعشرون فتعول مرة فقط إلى سبعة وعشرين كزوجة وبنتين وأبوين وتسمى المنبرية لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها وهو على المنبر فقال ارتجالا صار ثمنها تسعا
ولا يكون هذا العول إلا والميت رجل بل لا تكون المسألة من أربعة وعشرين إلا وهو رجل
الفصل الثاني في طريق التصحيح وفيه نظران
أحدهما في تصحيح فريضة

الميت الواحد
والثاني في التصحيح إذا مات وارثان فأكثر قبل القسمة وتعرف بالمناسخات
أما النظر الأول فان كانت الورثة كلهم عصبات فأمر القسمة سهل وقد بينا أنه من عدد رؤوسهم
وإن كانوا أصحاب فروض أو فيهم صاحب فرض وعرفت المسألة بعولها إن كانت عائلة فانظر في السهام وأصحابها فان انقسمت عليهم جميعا حصل الغرض ولا حاجة إلى الضرب كزوج وثلاث بنين هي من أربعة لكل واحد سهم
وكزوجة وبنت وثلاثة إخوة من ثمانية للزوجة سهم وللبنت أربعة ولهم الباقي
وإن لم تنقسم فاما أن يقع الكسر على صنف وإما على أكثر
القسم الأول على صنف فينظر في سهامهم وعدد رؤوسهم وإن كانا متباينين ضربت عدد رؤوسهم في أصل المسألة بعولها إن عالت وإن كانا متوافقين ضربت جزء للوفق من عدد رؤوسهم من أصل المسألة بعولها ثم الحاصل على التقديرين تصح منه المسألة
مثال التباين زوج وأخوان هي من اثنين له سهم يبقى سهم لا يصح عليهما ولا موافقة فيضرب عددهما في أصل المسألة تبلغ أربعة منها تصح
مثال التوافق أم وأربعة أعمام هي من ثلاثة يبقى اثنان يوافق عددهم بالنصف فتضرب وفق عددهم في المسألة تبلغ ستة منها تصح
وإذا أمكنت الموافقة بأجزاء ضربنا أقلها

القسم الثاني الكسر على أكثر من صنف فيمكن أن يقع على صنفين أو ثلاثة أو أربعة ولا تتصور الزيادة لأن الوارثين في الفريضة لا يزيدون على خمسة أصناف كما ذكرنا في أول الكتاب عند اجتماع من يرث من الرجال والنساء ولا بد من صحة نصيب أحد الأصناف عليه لأن أحد الأصناف الخمسة الزوج والأبوان والواحد يصح عليه نصيبه قطعا فلزم الحصر
فإن وقع الكسر على صنفين نظرنا في سهام كل صنف وعدد رؤوسهم
والأحوال ثلاثة
أحدها أن لا يكون بين السهام والرؤوس موافقة في واحد من الصنفين فتترك رؤوس الصنفين بحالها
الثاني أن تكون موافقة فيهما فترد رؤوس كل صنف إلى جزء الوفق
الثالث بأن يكون الوفق في أحد الصنفين فترد رؤوسه إلى جزء الوفق وتترك رؤوس الآخر بحالها
ثم الرؤوس مردودين أو أحدهما أو غير مردودين إما أن يتماثلا فتضرب أحدهما في أصل المسألة بعولها وإما أن يتداخلا فتضرب أكثرهما في أصل المسألة بعولها وإما أن يتوافقا فتضرب جزء الوفق من أحدهما في جميع الآخر فما بلغ ضربته في أصل المسألة بعولها وإما أن يتباينا فتضرب أحدهما في الآخر فما حصل ضربته في أصل المسألة فما بلغ صحت منه
ويخرج من هذه الأحوال اثنا عشرة مسألة لأن في كل واحد من الأحوال الثلاثة أربع حالات والحاصل من ضرب ثلاثة في أربعة اثنا عشر
وإن وقع الكسر على ثلاثة أصناف أو أربعة نظرنا أولا في سهام كل صنف وعدد رؤوسهم فحيث وجدنا الموافقة رددنا الرؤوس إلى جزء الوفق
وحيث لم نجد بقيناه بحاله
ثم يجيء في عدد الأصناف الأحوال الأربعة فكل عددين متماثلين نقتصر منهما على واحد
وإن تماثل الكل اكتفينا بواحد وضربناه في أصل المسألة بعولها وكل عددين متداخلين نقتصر على أكثرهما وإن تداخلت كلها اكتفينا بأكثرها وضربناه في أصل المسألة بعولها وكل متوافقين

نضرب وفق أحدهما في الآخر فما بلغ ضربناه في أصل المسألة
وإن توافق الكل ففيه طريقان للفرضيين
قال البصريون نقف أحدهما ونرد ما عداه إلى جزء الوفق ثم ننظر أجزاء الوفق فنكتفي عند التماثل بواحد وعند التداخل بالأكثر وعند التوافق نضرب جزء الوفق من البعض في البعض
وعند التباين نضرب البعض في البعض ثم نضرب الحاصل في العدد الموقوف ثم ما حصل في أصل المسألة بعولها
وقال الكوفيون نقف أحد الأعداد ونقابل بينه وبين آخر ونضرب وفق أحدهما في جميع الآخر ثم نقابل الحاصل بالعدد الثالث ونضرب وفق أحدهما في جميع الآخر ثم نقابل الحاصل بالعدد الرابع ونضرب وفق أحدهما في جميع الآخر ثم نضرب الحاصل في أصل المسألة بعولها وتسمى صورة توافق الأعداد المسائل الموقوفات
وإن كانت الأعداد متباينة ضربنا عددا منها في آخر ثم ما حصل في ثالث ثم ما حصل في الرابع ثم ما حصل في أصل المسألة بعولها
وإن شئت ضربت أحدها في أصل المسألة بعولها ثم ما يحصل في الثاني ثم في الثالث ثم في الرابع
وإذا لم يكن بين السهام وعدد الرؤوس ولا بين أعداد الرؤوس موافقة سميت المسألة صماء ولا فرق في الأعداد المتوافقة بين عدد وعدد فتقف أيها شئت والعدد الذي تصح منه المسألة بعد تمام العمل لا يختلف
فإن حصل اختلاف فاستدل به على الغلط وإن وافق أحد الأعداد الثلاثة الآخرين والآخران متباينان لم يجز ان نقف إلا الذي يوافقهما ويسمى هذا الموقوف المقيد

فرع هذا الذي ذكرناه بيان التصحيح

فإذا فرغت منه وأردت أن تعرف نصيب كل واحد من الصنف مما حصل من الضرب فله طرق

أشهرها وأخفها أن تضرب نصيب كل صنف من أصل المسألة في العدد المضروب في المسألة وبعرف بعدد المنكسرين فما بلغ فهو نصيب ذلك الصنف فتقسمه على عدد رؤوسهم فالخارج بالقسمة هو نصيب كل واحد من ذلك الصنف
مثاله زوجتان وأربع جدات وست أخوات لأب هي من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر ويرجع عدد الجدات بالموافقة إلى اثنين والأخوات إلى ثلاث فيحصل اثنان واثنان وثلاثة تسقط أحد المتماثلين وتضرب الآخر في ثلاثة تبلغ ستة تضربها في أصل المسألة بعولها تبلغ ثمانية وسبعين كان للزوجين من أصل المسألة ثلاثة فتضرب في ستة تبلغ ثمانية عشر فهو نصيبهما
وإذا قسم ذلك على رؤوسهما خرج تسعة وكان للجدات سهمان تضربهما في ستة تبلغ اثني عشر لكل واحدة ثلاثة وكان للأخوات ثمانية تضرب في ستة تبلغ ثمانية وأربعين لكل واحدة ثمانية
الطريق الثاني تقسم سهام كل صنف من أصل المسألة على عدد رؤوسهم فما خرج من القسمة يضرب في المضروب في أصل المسألة فما حصل فهو نصيب كل واحد من الصنف
ففي المثال المذكور يقسم نصيب الزوجتين على عدد رؤوسهما يخرج بالقسمة سهم ونصف يضرب في الستة المضروبة في المسألة تبلغ تسعة وهو نصيب كل زوجة ويقسم نصيب الجدات عليهن يخرج نصف سهم تضربه في الستة تكون ثلاثة فهو نصيب كل جدة وعلى هذا فقس الأخوات
الطريق الثالث تقسم العدد المضروب في المسألة على عدد رؤوس كل صنف فما خرج تضربه في نصيب ذلك الصنف فما بلغ فهو نصيب الواحد من ذلك الصنف ففي المثال المذكور تقسم الستة على عدد رؤوس الزوجتين يخرج ثلاثة تضربها في نصيبهما من أصل المسألة وهو ثلاثة تبلغ تسعة وهو نصيب كل زوجة
وعلى هذا القياس

الطريق الرابع تقابل بين نصيب كل صنف وعدد رؤوسهم وتضبط النسبة بينهما وتأخذ بتلك النسبة في العدد المضروب في المسألة فهو نصيب كل واحد من ذلك الصنف ففي المثال المذكور نصيب الزوجتين ثلاثة وهما اثنان
والثلاثة مثل الاثنين ومثل نصفهما فتأخذ مثل العدد المضروب في المسألة ومثل نصفه يكون تسعة وهو نصيب كل زوجة ونصيب الأخوات ثمانية وعددهن ستة والثمانية مثل الستة ومثل ثلثها فلكل أخت مثل العدد المضروب ومثل ثلثه تكون ثمانية ونصيب الجدات اثنان مثل نصف عددهن فلكل جدة نصف العدد المضروب
الطريق الخامس ويعرف به نصيب كل واحد من الورثة قبل الضرب والتصحيح
إن كان الكسر على صنف فانظر إن لم يوافق سهامهم عددهم فنصيب كل واحد منهم بعدد سهام جميع الصنف من أصل المسألة ونصيب كل واحد من الأصناف الذين لا كسر عليهم بعدد رؤوس المنكسر عليهم إن كان لكل واحد منهم سهم واحد
وإن كان أكثر من سهم ضرب ما لكل واحد منهم من أصل المسألة في عدد المنكسر عليهم فما حصل فهو نصيب كل واحد منهم
وإن وافق سهامهم عددهم فنصيب كل واحد من المنكسر عليهم بعدد وفق سهامهم من أصل المسألة ونصيب كل واحد ممن لم ينكسر عليهم وفق عدد الرؤوس المنكسر عليهم على ما ذكرناه
مثاله زوج وأخوان لأم وخمس أخوات لأب تعول من ستة إلى تسعة وتصح من خمسة وأربعين ونصيب كل أخت بعدد سهام جميعهن من أصل المسألة وهو أربعة ونصيب كل أخ خمسة بعدد رؤوس الأخوات المنكسر عليهن ونصيب الزوج خمسة عشر لأنه كان له أكثر من سهم وهو ثلاثة فتضرب في عدد رؤوسهن
ولو كان عدد الأخوات عشرة وافق سهامهن عددهن بالنصف وترد

عددهن إلى النصف ويكون نصيب كل أخت بعدد نصف ما لجميعهن من أصل المسألة وهو اثنان ويكون لكل أخ خمسة نصف عدد رؤوس الأخوات وللزوج ثلاثة مضروبة في نصف عدد رؤوسهن
أما إذا كان الكسر على صنفين ولم يكن بين الرؤوس والسهام موافقة أو كانت ورددت الرؤوس إلى وفقها فانظر في عدد الرؤوس ولهما الحال
أحدها أن يكونا متباينين فالحاصل من ضرب كل صنف في سهام الصنف الآخر من أصل المسألة هو نصيب كل واحد من الصنف المضروب في سهامهم والحاصل من ضرب عدد أحد الصنفين في الآخر إذا ضربته في نصيب الواحد من الذين لا كسر عليهم كان المبلغ نصيب ذلك الواحد من ذلك الصنف
مثاله خمس بنات وأربع زوجات وأربع جدات وأخ لأب هي من أربعة وعشرين وتصح من أربعمائة وثمانين والكسر في البنات والزوجات ولا موافقة
فإذا ضربت رؤوس البنات في سهام الزوجات حصل خمسة عشر فهو نصيب كل زوجة
وإذا ضربت الزوجات في سهام البنات حصل أربعة وستون فهو نصيب كل بنت
وإذا ضربت البنات في الزوجات حصل عشرون
فإذا ضربته في نصيب كل واحد من الجدات كان عشرين لان لكل واحدة واحدا فهو نصيب كل جدة
وكذلك نصيب الأخ
ولو كان بدل الأربع جدتان ضربت العشرين في اثنين فالحاصل نصيب كل جدة
الحال الثاني إذا كان عدد الرؤوس متوافقا سواء تداخلا أم لا فإذا ضربت وفق أحد العددين في سهام الآخر كان الحاصل نصيب كل واحد من الصنف المضروب في سهامهم
وإذا ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ولا تداخل بينهما وضربت ما حصل في نصيب الواحد ممن لا كسر عليهم كان الحاصل نصيب الواحد

من ذلك الصنف وإن تداخلا ضربت أكثرهما في النصيب فما حصل فهو نصيب الواحد منهم
مثاله زوج وتسعة إخوة لأم وخمسة عشر أختا لأب هي من ستة وتعول إلى تسعة وتصح من أربعمائة وخمسة تضرب وفق عدد الأخوة في سهام الأخوات تبلغ اثني عشر فهو نصيب كل أخت ووفق عدد الأخوات في نصيب الأخوة تبلغ عشرة فهو نصيب كل أخ ووفق أحدهما في جميع الآخر تبلغ خمسة وأربعين تضربه في سهام الزوج وهي ثلاثة تبلغ مائة وخمسة وثلاثين فهو نصيب الزوج
فان كان عدد الأخوة اثني عشر وعدد الأخوات ست عشرة فالسهام توافق الأعداد فترجع الأخوة إلى ستة والأخوات إلى أربعة للموافقة بالربع وبين العددين موافقة بالنصف فتصح المسألة من مائة وثمانية
وإذا ضربت وفق الراجع من عدد الأخوة وهو ثلاثة في وفق سهام الأخوات وهو واحد كان الحاصل ثلاثة وهو نصيب كل أخت
وإذا ضربت وفق الراجع من عدد الأخوات وهو اثنان في وفق سهام الأخوة وهو واحد كان الحاصل اثنين وهو نصيب كل أخ
وإذا ضربت وفق أحد الراجعين في جميع الآخر حصل اثنا عشر فإذا ضربته في سهام الزوج من الأصل حصل ستة وثلاثون وهو نصيب الزوج
الحال الثالث إذا كان عدد الرؤوس متماثلا فنصيب كل واحد من كل صنف بعدد ما كان لجميعهم من أصل المسألة ونصيب كل واحد ممن لا كسر عليهم هو الحاصل من ضرب ما كان له في عدد أحد الصنفين المنكسر عليهم
مثاله خمس بنات وخمس جدات وأخ هي من ستة وتصح من ثلاثين ونصيب كل بنت مثل ما كان لهن وهو أربعة ونصيب كل جدة مثل ما كان لهن وهو واحد ونصيب الأخ هو الحاصل من ضرب ما كان له في خمسة وهو خمسة

أما إذا كان الكسر على ثلاثة أصناف فانظر إن كانت أعداد الرؤوس متباينة فاعزل الصنف الذين تريد أن تعرف نصيبهم واضرب عدد أحد الآخرين في الآخر فما بلغ فاضربه في نصيب الصنف الذين عزلتهم فما بلغ فهو نصيب كل واحد منهم واضرب عدد رؤوس الأصناف الثلاثة بعضه في بعض فما بلغ فاضربه في نصيب من انقسم عليهم نصيبهم من أصل المسألة فما بلغ فهو نصيب كل واحد منهم
مثاله أربع زوجات وثلاث جدات وخمس بنات وأخت لأب هي من أربعة وعشرين وتصح من ألف وأربعمائة وأربعين
فاذا أردت أن تعرف نصيب الزوجات فاعزلهن واضرب البنات في الجدات تبلغ خمسة عشر اضربه في نصيب الزوجات في الأصل تبلغ خمسة وأربعين فهو نصيب كل زوجة
وعلى هذا القياس حكم البنات
واضرب لمعرفة نصيب الأخت عدد الأصناف المنكسر عليهم بعضهم في بعض تبلغ ستين اضربه في نصيبها من أصل المسألة وهو واحد تبلغ ستين فهو نصيبها
وإن كانت الأعداد متوافقة أو متماثلة فالعمل على قياس ما ذكرنا في الكسرين
وصورة التماثل هينة وأما التوافق فكتسع بنات وست جدات وخمسة عشر أخا هي من ستة وتصح من خمسمائة وأربعين
فإذا أردت معرفة نصيب البنات فاعزلهن واضرب وفق أحد الصنفين من الجدات والأخوة في وفق الآخر تبلغ عشرة تضرب في نصيب البنات تبلغ أربعين فهذا نصيب كل بنت
وكذا تعزل الجدات وتضرب وفق أحد الصنفين الآخرين في وفق الثاني تبلغ خمسة عشر تضربها في نصيب الجدات تبلغ خمسة عشر فهو نصيب كل جدة
وتعزل الأخوة وتضرب وفق أحد الآخرين في وفق الثاني تبلغ ستة تضربها في نصيبهم تبلغ ستة فهو نصيب كل أخ

النظر الثاني في المناسخات
فإذا مات عن جماعة ثم مات أحدهم قبل قسمة التركة فللمسألة حالان
أحدهما أن تنحصر ورثة الميت الثاني في الباقين ويكون إرثهم من الثاني مثل الإرث من الأول فتجعل الميت الثاني كأن لم يكن وتقسم التركة على الباقين ويتصور ذلك إذا كان الإرث عنهما بالعصوبة كمن مات عن إخوة وأخوات من الأب ثم مات أحدهم عن الباقين أو عن بنين وبنات ثم مات أحدهم عن إخوته وأخواته
وفيما إذا كان الإرث عنهما بالفرض في بعض الصور كمن ماتت عن زوج وأم وأخوات مختلفات الآباء ثم نكح الزوج إحداهن فماتت عن الباقين
وفيما إذا ورث بعضهم بالفرض وبعضهم بالعصوبة كمن مات عن أم وإخوة لأم ومعتق ثم مات أحد الأخوة عن الباقين
ولا فرق بين أن يرث كل الباقين من الثاني أو بعضهم كمن مات عن زوجة وبنين وليست أمهم ثم مات أحد البنين عن الباقين
الحال الثاني أن لا يكون كذلك بأن لا ينحصروا إما لان الوارث غيرهم وإما لأن غيرهم يشركهم وإما لاختلاف مقادير استحقاقهم فنصحح مسألتي الأول والثاني جميعا وننظر في نصيب الثاني من مسأل الأول
فان انقسم نصيبه على مسألته فذاك وإلا فنقابل نصيبه بمسألته المصححة إن كان بينهما موافقة ضرب أقل جزء الوفق من مسألة الثاني في جميع مسألة الأول
وإن لم يكن ضرب جميع مسألته في جميع مسألة الأول فما بلغ صحت منه المسألتان
وإذا أردت معرفة نصيب كل واحد من الورثة مما حصل من الضرب فقل كل من له شىء من المسألة الأولى يأخذه مضروبا فيما ضربته في المسألة الأولى وهو جميع المسألة الثانية أو وفقها
ومن له شىء من الثانية يأخذه مضروبا في نصيب الميت الثاني من المسألة الأولى أو في وفق النصيب إن كان بين مسألته ونصيبه وفق

مثاله زوج وأختان لأب ماتت إحداهما عن الأخرى وعن بنت المسألة الأولى من سبعة والثانية من اثنين ونصيب الميت الثاني من الأول اثنان
زوجة وثلاث بنين وبنت ثم ماتت البنت عن أم وثلاثة إخوة وهم الباقون من ورثة الأول فالأولى من ثمانية والثانية تصح من ثمانية عشر ونصيب الميتة من الأول سهم لا يوافق فتضرب الثانية في الأولى تبلغ مائة وأربعة وأربعين للزوجة سهم مضروب في ثمانية عشر ولكل ابن سهمان في ثمانية عشر تبلغ ستة وثلاثين وللأم من الثانية ثلاثة مضروبة في سهم الميتة وهو واحد ولكل أخ خمسة فحصل للأم من المسألتين أحد وعشرون ولكل أخ أحد وأربعون
جدتان وثلاث أخوات متفرقات ثم ماتت الأخت للأم عن أخت لأم وهي الأخت للأبوين في المسألة الأولى
وعن أختين لأبوين وعن أم أم وهي إحدى الجدتين فالأولى من اثني عشر والثانية من ستة ونصيب الميتة من الأولى سهمان ونصيبها ومسألتها يتوافقان بالنصف فتضرب نصف مسألتها في الأولى تبلغ ستة وثلاثين كان للجدتين سهمان تضربهما في ثلاثة تبلغ ستة وكذا الأخت للأب وكان للأخت من الأبوين ستة تضربها في ثلاثة تبلغ ثمانية عشر ولها من الثانية سهم مضروب في وفق نصيب الميتة وهو سهم وللأختين للأبوين أربعة مضروبة في سهم وللجدة سهم في سهم فحصل للأخت الوارثة في المسألتين تسعة عشر وللجدة الوارثة فيهما أربعة

فرع لو مات ثالث قبل قسمة التركة فلك طريقان

أحدهما تصحح المسائل الثلاث وتأخذ نصيب الميت الثالث من الأولين وتقابله بما صحت منه مسألته فان انقسم

نصيبه على مسألته فذاك وإلا فان توافقا ضربت وفق مسألته فيما صحت منه الأوليان
وإن تباينا ضربت مسألته فيه
وعلى هذا القياس تعمل إذا مات رابع وخامس قبل القسمة
ثم من كان له شىء من المسألتين الأوليين أو من احداهما أخذه مضروبا في الثالثة أو في وفقها ومن كان له شىء من الثالثة أخذه مضروبا في نصيب الثالث من المسألتين الأولين أو في وفقه
الطريق الثاني أن تصحح كل مسألة برأسها وتقابل نصيب كل ميت بمسألته فمن انقسم نصيبه على مسألته فلا اعتداد بمسألته
ومن لم ينقسم حفظت مسألته بتمامها إن لم توافق نصيبه أو وفقها إن توافقا وفعلت بها ما تفعل باعداد الأصناف المنكسر عليهم سهامهم من المسألة الواحدة فما حصل ضربته في المسألة الأولى فما حصل قسمته فتضرب ما لكل واحد من الأولى في العدد المضروب فيها فما خرج فهو له إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا
مثاله زوجة وبنت وثلاثة بني ابن ثم ماتت البنت عن زوج وأخ لأم وأم وهي الزوجة ثم مات أحد ابني الابن عن زوجة وبنت وابن ابن وجدة وهي الزوجة في المسألة الأولى ثم مات آخر عن هذه الجدة وعن خمسة بنين وخمس بنات فالأولى من ثمانية والثانية من ستة والثالثة من أربعة وعشرين والرابعة من ثمانية عشر ونصيب البنت يوافق مسألتها بالنصف فترد مسألتها إلى ثلاثة فإذا معنا ثلاثة وثمانية عشر وأربعة وعشرون والثلاثة داخلة في أربعة وعشرين فتقتصر عليها وهي توافق ثمانية عشر بالسدس فتضرب سدس أحدهما في جميع الآخر تبلغ اثنين وسبعين تضربها في مسألة الميت الأول وهي ثمانية تبلغ خمسمائة وستة وسبعين ومنها تصح المسائل فمن له شىء من الأولى يضرب نصيبه في اثنين وسبعين ويقسم على ورثته

زوجة وثلاثة إخوة ثم مات أحدهم عن ابنين والثاني عن ابنين وبنت والثالث عن ابن وبنت فالأولى من أربعة والثانية من اثنين والثالثة من خمسة والرابعة من ثلاثة والسهام لا توافق المسائل فتضرب المسائل الثلاث بعضها في بعض تبلغ ثلاثين تضربه في المسألة الأولى تبلغ مائة وعشرين للزوجة منها سهم في ثلاثين ولكل أخ كذلك
فما للأول لابنيه لكل واحد خمسة عشر
وما للثاني لابنيه وبنته لكل ابن اثنا عشر وللبنت ستة
وما للثالث بين ابنه وبنته له عشرون ولها عشرة

فرع هذا الذي ذكرنا تصحيح المناسخات

قال الفرضيون وقد يمكن اختصار الحساب بعد الفراغ من عمل التصحيح وذلك إذا كانت أنصباء الورثة كلها متماثلة فترد المسألة إلى عدد رؤوسهم وكذلك إذا كانت متوافقة بجزء صحيح فيؤخذ ذلك الوفق من نصيب كل واحد يقسم المال بينهم على ذلك العدد كزوجة وبنت وثلاثة بنين منها ثم مات أحد البنين عن الباقين فالمسألة الأولى من ثمانية والثانية من ستة ونصيب الميت الثاني سهمان يوافقان مسألته بالنصف فتضرب نصف مسألته في الأولى تبلغ أربعة وعشرين للزوجة ثلاثة وللبنت ثلاثة ولكل ابن ستة ومن نصيب الثاني للأم سهم وللأخت سهم ولكل أخ سهمان فمجموع ما للأم أربعة وللأخت كذلك ولكل أخ ثمانية فالانصباء متوافقة بالربع فتأخذ ربع كل نصيب يبلغ المجموع ستة فتقسم المال عليها اختصارا
أما إذا لم يكن بين الأنصباء موافقة أو وافق بعضها فقط فلا يمكن الاختصار
المقصود الثاني قسمة التركات وله أصل وفروع متشعبة
أما الأصل

فإن كانت التركة دراهم أو دنانير أو غيرهما مما ينقسم بالأجزاء كالمكيلات والموزونات قسمت عينها بين الورثة
وإن كان مما لا ينقسم بالأجزاء كالعبيد والجواري والدواب قوم ثم قسم بينهم بالقيمة فما أصاب كل واحد من القيمة فله بقدرها من المقوم
وطريقه أن ينظر في التركة أهي عدد صحيح من الدراهم وغيرها أم عدد وكسر فان كان الأول قابلت التركة بالمسألة بعولها إن عالت
فان تماثلا فلا إشكال وإلا فان تباينا فاضرب نصيب كل وارث من أصل المسألة بعولها أو مما صحت منه المسألة في عدد التركة فما بلغ فاقسمه على أصل المسألة بعولها أو على ما صحت منه المسألة فما خرج من القسمة فهو نصيب ذلك الوارث
وإن شئت قسمت التركة أولا على أصل المسألة بعولها أو على ما صحت منه فما خرج بالقسمة فاضربه في سهم كل وارث فما بلغ فهو نصيبه
وإن كانا متوافقين فان عملت كما عملت في المتباينين حصل الغرض وإن أردت الاختصار فخذ وفقهما واضرب سهم كل وارث في وفق التركة فما بلغ فاقسمه على وفق المسألة فما خرج فهو نصيبه من التركة
وإن شئت فاقسم وفق التركة على وفق المسألة فما خرج فاضربه في سهم كل وارث فما بلغ فهو نصيبه
وإذا فرغت من العمل امتحنت صحته بأن تجمع ما أصاب كل واحد من الورثة وتنظر هل المجموع مثل التركة أم لا الأمثلة زوج وأم وأختان لأب وأخوان لأم والتركة ستون دينارا فالمسألة من ستة وتعول إلى عشرة
فان شئت ضربت سهام الزوج في ستين تبلغ مائة وثمانين تقسمها على المسألة يخرج ثمانية عشر فهو نصيب الزوج وتضرب نصيب الأم في ستين يكون ستين تقسمه على المسألة يخرج ستة فهو نصيبها
وتضرب نصيب الأخوين فيها يكون مائة وعشرين تقسمه على المسألة يخرج اثنا عشر

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28