كتاب :روضة الطالبين وعمدة المفتين
المؤلف : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي

والثالث وهو أصحها لا شىء على شهود الطلاق لأنه ينكر أصل النكاح فكيف يطالبهم بضمان تفويته بل النكاح لا يثبت مع إنكاره فلا ينبغي أن تسمع بينة الطلاق
وأما شهود النكاح والإصابة فإن أرخوا شهادتهم فشهد هؤلاء أنه نكحها في المحرم وأولئك أنه أصابها في صفر غرم الصنفان ما غرم الزوج بالسوية
وإن أطلق شهود الإصابة شهادتهم فنصف الغرم على شهود النكاح ولا شىء على شهود الإصابة لجواز وقوعها في غير النكاح وكونها زنا ولو شهدوا بالإصابة في النكاح فقد ألحق ذلك بما إذا أرخت الشهادتان
وفي النهاية أنهم لو شهدوا بالنكاح ثم على الإصابة بعده اشترك الصنفان في غرم نصف المهر والنصف الآخر مختص بغرم شهود الإصابة والصورتان متقاربتان ولا يبعد التسوية بينهما في الحكم ولم يقل أحد بتخصيص الغرم بشهود الإصابة
المسألة الرابعة إذا زوجت برجل ثم ادعت أن بينها وبينه محرمية بأن قالت هو أخي من الرضاع أو كنت زوجة أبيه أو ابنه أو وطئني أحدهما بشبهة نظر أوقع التزويج برضاها أم لا الحالة الأولى زوجت برضاها به بأن كانت ثيبا أو زوجها أخ أو عم أو زوجها المجبر برضاها فلا يقبل دعواها والنكاح ماض على الصحة لأن إذنها فيه يتضمن حلها له فلا يقبل نقيضه
لكن إن ذكرت عذرا كغلط أو نسيان سمعت دعواها على المذهب فتحلفه

الحالة الثانية زوجت بغير رضاها لكونها مجبرة فوجهان
أصحهما وبه قال ابن الحداد ونقله الإمام عن معظم الأصحاب أنه يقبل قولها بيمينها ويحكم باندفاع النكاح من أصله لأن قولها محتمل ولم تعترف بنقيضه فصار كقولها في الإبتداء هو أخي لا يجوز تزويجها به
والثاني قاله الشيخ أبو زيد واختاره الغزالي وحكي عن اختيار ابن سريج لا يقبل قولها استدامة للنكاح الجاري على الصحة ظاهرا ولئلا تتخذه الفاسقات ذريعة إلى الفراق
واحتج الشيخ أبو علي للأول وهو الأصح عنده أيضا فإن الشافعي رحمه الله نص على أنه لو باع الحاكم عبدا أو عقارا على مالكه الغائب بسبب اقتضاه ثم جاء المالك وقال كنت أعتقت العبد أو وقفت العقار أو بعته صدق بيمينه ونقض بيع القاضي ورد اليمين على المشتري بخلاف ما لو باعه بنفسه أو توكيله ثم ادعى ذلك فإنه لا يقبل لأنه سبق منه نقيضه ومقتضى حكايته أنه لا خلاف في صورة بيع الحاكم لكن الإمام حكى فيها قولين ولو زوج بنته أو أمته ثم ادعى الأب أو السيد محرمية بينها وبين الزوج لم يلتفت إلى قوله لأن النكاح حق الزوجين
قال الشيخ أبو علي ولو قال بعد تزويجه أمته كنت أعتقتها حكم بعتقها ولا يقبل قوله في النكاح وكذا لو أجر العبد ثم قال كنت أعتقته ويغرم للعبد أجرة مثله لأنه أقر بإتلاف منافعه ظلما كمن باع عبدا ثم قال كنت غصبته لا يقبل قوله في البيع ويغرم قيمته للمقر له
والخلاف في الحالة الثانية في أنها هل تصدق بيمينها وأما دعواها فتسمع بلا خلاف
ولو قامت بينة حكم بها بلا خلاف
والكلام في الحالة الأولى في رد الدعوى من أصلها وأن الإذن والرضى بالتزويج إنما يؤثر إذا أذنت في تزويجها بشخص معين

أما إذا أذنت في النكاح مطلقا وقلنا لا حاجة إلى تعيين الزوج فزوجها الولي برجل ثم ادعت محرمية فالحكم كما إذا زوجت مجبرة لأنه ليس فيه اعتراف بجهالة
ولو زوج الأخ البكر وهي ساكتة اكتفي بصماتها على الأصح ثم ادعت محرمية قال الإمام الذي ارتضاه العراقيون أن دعواها مسموعة
قال لكن لا تصدق بيمينها
المسألة الخامسة إذا زوج أمته ثم قال كنت مجنونا أو محجورا علي وقت تزويجها وأنك ) الزوج وقال تزوجتها تزوجا صحيحا فإن
لم يعهد السيد ما ادعاه ولا بينة فالقول قول الزوج بيمينه لأن الظاهر صحة النكاح
وكذا لو قال زوجتها وأنا محرم أو قال لم تكن ملكي يومئذ ثم ملكتها وكذا الحكم لو باع عبدا ثم قال بعد البيع بعته وأنا محجور علي أو لم يكن ملكي ثم ملكته
وعن نصه في الإملاء أنه لو زوج أخته ومات الزوج فادعى ورثته أن أخاها زوجها بغير إذنها وقالت بل زوجني بإذني فالقول قولها
ولك أن تقول قد سبق ذكر وجهين فيما لو ادعى أحد المتعاقدين صحة البيع والآخر فساده فليجىء ذلك الخلاف في هذه الصورة
قلت لم يذكره الأصحاب في هذه الصورة ولا يصح مجيئه لأن الظاهر الغالب في الأنكحة الإحتياط لها وعقدها بشروطها وبحضرة الشهود وغيرهم بخلاف البيع فإن وقوعه فاسد كثير
والله أعلم
ولو ادعت المنكوحة أنها زوجت بغير إذنها وهي معتبرة الإذن ففي فتاوى البغوي أنه لا يقبل قولها بعدما دخلت عليه وأقامت معه كأنه جعل الدخول بمنزلة الرضى

أما إذا عهد للسيد المزوج جنون أو حجر أو قال زوجتها وأنا صبي فأيهما يصدق بيمينه قولان خرجهما الشيخ أبو زيد
أظهرهما عند الشيخ أبي علي وغيره أن المصدق الزوج لأن الغالب جريان العقد صحيحا ولأنه صح ظاهرا والأصل دوامه
ولو زوج أخته برضاها ثم ادعت أنها كانت صغيرة يومئذ ففي فتاوى القفال والقاضي حسين والبغوي أن القول قولها بيمينها وإن أقرت يومئذ ببلوغها كما لو أقر بمال ثم قال كنت صغيرا يوم الإقرار وهذا يمكن أن يكون تفريعا على أحد القولين ويمكن أن يفرق بأن الغالب من العقد الجاري بين مسلمين صحته وهذه لم تعقد
ولو وكل الولي بتزويجها ثم أحرم وجرى العقد فادعى الولي جريانه في الإحرام وأنكر الزوج فنص الشافعي رحمه الله أن القول قول الزوج عملا بظاهر الصحة
ولم يحك الشيخ أبو علي خلافا في هذه الصورة
قال الإمام وسببه أن الإحرام طرأ والأصل استناد العقد إلى الحل لكن الشيخ ألحق بمسألة الإحرام المنقولة عن النص ما إذا وكل بقبول نكاح ثم أحرم الموكل وقبل الوكيل ثم اختلف الزوجان فقال الزوج عقد قبل إحرامي ( أو بعده ) أو بعد

تحللي وقالت بل في حال إحرامك فالقول قول الزوج فلم يفرق بين أن يدعي سبق الإحرام النكاح وعكسه
ومقتضى ما سبق في المسألة الرابعة أن الولي إذا زوج ثم ادعى المحرمية بين الزوجين لا يلتفت إلى دعواه أن لا يفرض النزاع في مسألة النص بين الولي والزوج بل يفرض بين الزوجين
ولو زوج أمته ثم ادعى أن الزوج كان واجدا للطول وأنكر الزوج صدق الزوج
ولو زوج بنته ومات فادعت أن أباها كان مجنونا يوم العقد نظر هل كان التزويج برضاها أم بغيره وحكمه ما سبق في المسألة الرابعة

فرع ادعى نكاح إمرأة وأقام بينة به ثم ادعت أنها زوجة غيره
بينة به قال ابن الحداد يعمل ببينة الرجل لأن حقه في النكاح أقوى منها فإن المتصرف إن شاء أمسكها وإن شاء طلق فقدمت بينته كصاحب اليد مع غيره هذا قول ابن الحداد وبه قال الجمهور
وقال الشيخ أبو علي يحتمل أن ينظر في جواب من ادعت أنها زوجته فإن أنكر فلا نكاح له فيعمل ببينة الرجل
وإن سكت فهما بينتان تعارضتا ولم يتعرضوا في تصوير المسألة لدعواها المهر أو حقا من حقوق النكاح وقد سبق في سماع دعوى الزوجية المجردة خلاف
فإن سمعت وأنكر الزوج ففي إقامة البينة أيضا خلاف
فإذا ادعت الزوجية المجردة فإنما تقيم ( هي ) البينة تفريعا على سماع هذه الدعوى والبينة مع إنكاره

فرع في فتاوى البغوي أنه إذا كان تحته مسلمة وذمية لم

فقال للمسلمة ارتددت وقال للذمية أسلمت فأنكرتا ارتفع نكاحهما لزعمه
وذكر الإمام الرافعي هنا مسائل منثورة من فتاوى القفال والقاضي حسين والبغوي تتعلق بأبواب النكاح قدمتها أنا فوضعتها في مواضعها اللائقة بها وبالله التوفيق

كتاب الصداق
هو اسم المال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح أو الوطء وله أسماء الصداق والصدقة والمهر والأجر والعقر والعليقة
ويقال أصدقها ومهرها
ويقال في لغة قليلة أمهرها
قال الأصحاب ليس المهر ركنا في النكاح بخلاف المبيع والثمن في البيع لأن المقصود الأعظم منه الإستمتاع وتوابعه وهو قائم بالزوجين فهما الركن فيجوز إخلاء النكاح عن تسمية المهر لكن المستحب تسميته لأنه أقطع للنزاع ثم ليس للصداق حد مقدر بل كل ما جاز أن يكون ثمنا أو مثمنا أو أجرة جاز جعله صداقا
فإن انتهى في القلة إلى حد لا يتمول فسدت التسمية
ويستحب أن لا ينقص عن عشرة دراهم للخروج من خلاف أبي حنيفة رضي الله عنه وأن لا يغالي في الصداق والمستحب أن لا يزاد على صداق أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خمسمائة درهم
فصل يشتمل كتاب الصداق على ستة أبواب ( الباب ) الأول في أحكام الصداق الصحيح وهي ثلاثة

( الحكم ) الأول في أن الصداق في يد الزوج كيف يضمن فإذا أصدقها عينا فهي مضمونة عليه إلى أن يسلمها
وفي كيفية ضمانه قولان
أظهرهما وهو الجديد ضمان العقد كالمبيع في يد البائع
والقديم ضمان اليد كالمستعار والمستام ويتفرع على القولين مسائل
( المسألة ) الأولى إذا باعت الصداق قبل قبضه إن قلنا ضمان يد جاز وإلا فلا
ولو كان الصداق دينا فاعتاضت عنه جاز إن قلنا ضمان يد وإلا فقولان كالثمن
أظهرهما الجواز كذا ذكره الإمام وغيره
وفي التتمة لو أصدقها تعليم القرآن أو صنعة لم يجز الإعتياض على قول ضمان العقد كالمسلم فيه
( المسألة ) الثانية تلف الصداق المعين في يده فعلى ضمان العقد ينفسخ عقد الصداق ويقدر عود الملك إليه قبيل التلف حتى لو كان عبدا كان عليه مؤنة تجهيزه كالعبد المبيع يتلف قبل القبض ولها عليه مهر المثل
وإن قلنا ضمان اليد تلف على ملكها حتى لو كان عبدا فعليها تجهيزه
ولا ينفسخ الصداق على هذا القول بل بدل ما وجب على الزوج تسليمه يقوم مقامه فيجب لها عليه مثل الصداق إن كان مثليا وقيمته إن كان متقوما
ورجح الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وجوب البدل والجمهور رجحوا القول الأول وهو وجوب مهر المثل
فإذا أوجبنا القيمة فهل يجب أقصى القيمة من يوم الصداق إلى يوم التلف لأن التسليم كان مستحقا في كل وقت أم يوم التلف فقط لأنه لم يكن متعديا أم يوم الصداق أم الأقل من يوم الصداق إلى يوم التلف فيه أربعة أوجه
أصحهما الأول
ولو طالبته بالتسليم فامتنع تعين الوجه الأول على المذهب
وقيل يجب أقصى القيم من وقت المطالبة إلى التلف لأنه يصير متعديا
ولو طالبها

الزوج بالقبض فامتنعت ففي بقاء الصداق مضمونا عليه وجهان نقلهما أبو الفرج السرخسي الصحيح الضمان كما أن البائع لا يخرج عن عهدة المبيع بهذا القدر
هذا كله إذا تلف الصداق بنفسه
أما لو أتلف فينظر إن أتلفته الزوجة صارت قابضة وبرىء الزوج وقد ذكرنا في البيع وجها أن المشتري إذا أتلف المبيع في يد البائع لم يصر قابضا بل يغرم القيمة للبائع ويسترد الثمن
فعلى قياسه تغرم له الصداق وتأخذ مهر المثل
وإن أتلفه أجنبي فإن قلنا إتلاف الأجنبي المبيع قبل القبض كآفة سماوية فالحكم ما سبق وإن قلنا يوجب الخيار للمشتري وهو المذهب فللمرأة الخيار إن شاءت فسخت الصداق وحينئذ تأخذ من الزوج مهر المثل إن قلنا بضمان العقد ومثل الصداق أو قيمته إن قلنا بضمان اليد ويأخذ الزوج الغرم من المتلف
وإن أجازت تأخذ من المتلف المثل أو القيمة ولها أن تطالب الزوج بالغرم فيرجع هو على المتلف إن قلنا بضمان اليد
وإن قلنا بضمان العقد فليس لها مطالبة الزوج هكذا رتب الإمام والبغوي وغيرهما فأثبتوا لها الخيار على قولي ضمان العقد واليد ثم فرعوا عليهما
وكان يجوز أن يقال إنما يثبت لها الخيار على قول ضمان العقد
فأما على ضمان اليد فلا خيار وليس لها إلا طلب المثل أو القيمة كما إذا أتلف أجنبي المستعار في يد المستعير
وإن أتلفه الزوج فعلى الخلاف في أن إتلاف البائع المبيع قبل القبض كالآفة السماوية أو كإتلاف الأجنبي والمذهب الأول
وقد بينا حكم الصداق على التقديرين
المسألة الثالثة حدث في الصداق نقص في يد الزوج فهو نقص جزء أو صفة فنقص الجزء مثل أن أصدقها عبدين فتلف أحدهما في يده فينفسخ عقد الصداق فيه ولا ينفسخ في الباقي على المذهب لكن لها الخيار
فإن فسخت رجعت إلى مهر المثل على قول ضمان العقد وعلى

ضمان اليد تأخذ قيمة العبدين
وإن أجازت في الباقي رجعت للتالف إلى حصة قيمته من مهر المثل على قول ضمان العقد وإلى قيمة التالف على ضمان اليد
وإن تلف أحد العبدين بإتلاف نظر إن أتلفته المرأة جعلت قابضة لقسطه من الصداق
وإن أتلفه أجنبي فلها الخيار
فإن فسخت أخذت الباقي وقسط قيمة التالف من مهر المثل إن قلنا بضمان العقد وقيمته إن قلنا بضمان اليد
وإن أجازت أخذت من الأجنبي الضمان
وإن أتلفه الزوج فهو كالتلف بآفة على المذهب
وأما نقص الصفة فهو العيب كعمى العبد أو نسيانه الحرفة ونحوهما وللمرأة الخيار
وفي الوسيط أن أبا حفص بن الوكيل قال لا خيار على قول ضمان العقد والمذهب الأول
فإن فسخت الصداق أخذت من الزوج مهر المثل على الأظهر وبذل الصداق في القول الآخر
وإن أجازت فعلى الأظهر لا شىء لها كما لو رضي المشتري بعيب المبيع وعلى ضمان اليد لها عليه أرش النقص
وإن اطلعت على عيب قديم فلها الخيار ( فإن ) فسخت رجعت إلى مهر المثل أو إلى قيمة العين سالمة
وإن أجازت وقلنا بضمان اليد فلها الأرش على المذهب وفيه تردد للقاضي حسين لأنها رضيت بالعين
وإن حصل التعييب بجناية نظر إن حصل بفعل الزوجة جعلت قابضة لقدر النقص وتأخذ الباقي ولا خيار
وإن هلك بعد التعييب في يد الزوج فلها من مهر المثل حصة قيمة الباقي على الأظهر وقيمة الباقي على القول الثاني
وإن

حصل التعييب بفعل أجنبي فلها الخيار فإن فسخت أخذت مهر المثل على الأظهر وقيمته سليما في الثاني ويأخذ الزوج الغرم من الجاني
وإن أجازت غرمت للجاني
وليس لها مطالبة الزوج إن قلنا بضمان العقد
وإن قلنا بضمان اليد فلها مطالبته فينظر إن لم يكن للجناية أرش مقدر أو كان أرش النقص أكثر رجعت على من شاءت منهما والقرار على الجاني
وإن كان المقدر أقل طالبت بالمقدر من شاءت منهما والقرار على الجاني وأخذت قيمة الأرش من الزوج
وإن حصل التعييب بجناية الزوج فعلى الخلاف في أن جناية البائع كآفة أو كجناية أجنبي إن قلنا بالأول وقلنا بضمان اليد فعليه ضمان ما نقص
فإن كان للجناية أرش مقدر كقطع اليد فعليه أكثر الأمرين من نصف القيمة وأرش النقص
فرعان الأول أصدقها دارا فانهدمت في يده ولم يتلف من النقص شىء فالحاصل نقصان صفة
وإن تلف بعضه أو كله باحتراق أو غيره فالحاصل هل هو نقصان نصفه كطرف العبد أم نقصان جزء كأحد العبدين وجهان
أصحهما الثاني
وقد سبقا في البيع
الثاني أصدقها نخلا ثم جعل ثمره في قارورة وصب عليه صقرا من ذلك النخل وهو بعد في يده والصقر هو السائل من الرطب من غير أن يعرض

على النار
فإما أن تكون الثمرة صداقا مع النخل بأن أصدقها نخلة مطلعة
وإما أن لا تكون
الحالة الأولى إذا كانت صداقا ينظر إن لم يدخل الثمرة والصقر نقص لا بتقدير النزع من القارورة ولا بتقدير الترك فيها فتأخذهما المرأة ولا خيار لها بل الزوج كفاها مؤنة الجداد
وإن حدث فيهما أو في أحدهما نقص فهو إما نقص عين وإما نقص صفة
أما نقص العين فمثل أن صب عليها مكيلتين من الصقر فشرب الرطب مكيلة فلا يجبر نقص عين الصقر بزيادة قيمة الرطب ثم إن جعلنا الصداق مضمونا ضمان عقد انفسخ الصداق في قدر ما ذهب من الصقر إن قلنا جناية كالآفة وهو المذهب ولا ينفسخ في الباقي ولها الخيار
إن فسخت رجعت إلى مهر المثل وإن أجازت في الباقي أخذت بقدر ما ذهب من الصقر من مهر المثل
وإن قلنا جناية كجناية الأجنبي لم ينفسخ الصداق في شىء ولها الخيار إن فسخت فلها مهر المثل وإن أجازت أخذت النخل والرطب ومثل ما ذهب من الصقر
وإن قلنا بضمان اليد تخيرت أيضا
فإن فسخت فلها قيمة النخل مثل الصقر وقيمة الرطب أو مثله على الخلاف المذكور في كتاب الغصب أنه مثلي أو متقوم
وإن أرادت أخذ النخل ورد الثمرة فعلى الخلاف في تفريق الصفقة
وإن أجازت فلها ما بقي ومثل الذاهب من الصقر
وأما نقصان الصفة فإذا نقصت قيمة الصقر والمكيلتان بحالهما أو قيمة الرطب فإن كان النقصان حاصلا سواء ترك الرطب في القارورة أو نزع فلها الخيار
فإن فسخت فعلى قول ضمان العقد لها مهر المثل وعلى ضمان اليد لها بدل النخل والرطب والصقر
وإن أجازت فإن قلنا بضمان العقد وجعلنا جنايته كالآفة أخذتها بلا أرش
وإن جعلناها كجناية الأجنبي أو قلنا بضمان اليد فعليه أرش النقصان وإن كان الرطب يتعيب لو نزع من القارورة
ولو

ترك لا يتعيب فلا يجبر الزوج على التبرع بالقارورة لكن إن تبرع بها أجبرت المرأة على القبول إمضاء للعقد ويسقط خيارها
وقيل لا تجبر على القبول والصحيح الأول
وهل يملك القارورة حتى لا يتمكن الزوج من الرجوع وإذا نزعت ما فيها لم يجب رد القارورة أم لا تملك وإنما الغرض قطع الخصومة فيتمكن من الرجوع وإذا رجع يعود خيارها فيجب رد القارورة إذا نزعت ما فيها فيه وجهان كما ذكرنا في البيع في مسألة النعل والأحجار المدفونة
وإن كان الرطب لا يتعيب بالنزع ويتعيب بالترك فلها مطالبته بالنزع ولا خيار
ولو تبرع هو بالقارورة لم تجبر هي على القبول لأنه لا ضرورة إليه
الحالة الثانية أن لا تكون الثمار صداقا بأن حدثت بعد الإصداق في يد الزوج
فإن لم يحدث نقص أو زادت القيمة فالكل لها
وإن حدث نقص فيهما أو في أحدهما فلا خيار لها لأن ما حدث فيه النقص ليس بصداق ولها الأرش
وحكى ابن كج وجها أن لها الخيار وهو غلط
وإن كان النقص بحيث لا يقف ويزداد إلى الفساد فهل تأخذ الحاصل وأرش النقص أم تتخير بينه وبين أن تطالبه بغرم الجميع فيه خلاف سبق في الغصب فيما إذا بل الحنطة فعفنت
وفي العدة أنها على القول الأول تأخذ أرش النقص في الحال وكلما ازداد النقص طالبت بالإرش
ولو كان الرطب يتعيب بالنزع من القارورة ولا يتعيب بالترك فتبرع الزوج بالقارورة لم تجبر على القبول لأنه لا حاجة إليه في إمضاء العقد هنا هذا كله إذا كان الصقر من ثمرة النخلة أما إذا كان الصقر للزوج والثمرة من الصداق فالنظر هناك إلى نقصان الرطب وحده إن نقص فلها

الخيار
وإن لم ينقص بالنزع فلا خيار فتأخذ المرأة الرطب والزوج الصقر ولا شىء لما تشربه الرطب
وإن كان ينقص بالنزع فلها الخيار
فإن تبرع الزوج بالصقر والقارورة سقط الخيار ولزم القبول على الصحيح ويجيء فيه ما سبق في التبرع بالقارورة

فرع إذا زاد الصداق في يد الزوج إن كان زيادة متصلة كالسمن
وتعلم الصنعة فهي تابعة للأصل
وإن كانت منفصلة كالثمرة والولد وكسب الرقيق قال المتولي إن قلنا بضمان اليد فهي للمرأة وإلا فوجهان كالوجهين في زوائد المبيع قبل القبض
والصحيح أنها للمشتري في البيع وللمرأة هنا
فإن قلنا للمرأة فهلكت في يده أو زالت المتصلة بعد حصولها ولا ضمان على الزوج إلا إذا قلنا بضمان اليد وقلنا يضمن ضمان المغصوب وإلا إذا طالبته بالتسليم فامتنع
وفي التهذيب وغيره ما يشعر بتخصيص الوجهين في أن الزوائد لمن هي بما إذا هلك الأصل في يد الزوج وبقيت الزوائد أو ردت الأصل بعيب أما إذا استمر العقد وقبضت الأصل فالزوائد لها قطعا
المسألة الرابعة المنافع الفائتة في يد الزوج غير مضمونة عليه إن قلنا بضمان العقد وإن طالبته بالتسليم فامتنع
أما إذا قلنا بضمان اليد فعليه أجرة المثل من وقت الإمتناع
وأما المنافع التي استوفاها بركوب أو لبس أو

استخدام ونحوها فلا يضمنها على قول ضمان العقد إن قلنا جناية البائع كآفة
وإن قلنا هي كجناية أجنبي أو قلنا بضمان اليد ضمنها بأجرة المثل

فرع قال الأصحاب القولان في ضمان العقد واليد مبنيان على أن الصداق
نحلة وعطية أم عوض كالعوض في البيع وربما ردوا القولين إلى أن الغالب عليه شبه النحلة أم العوض ودليل النحلة قول الله تعالى { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } ولأن النكاح لا يفسد بفساده ولا ينفسخ برده
ودليل العوض أن قوله زوجتك بكذا كقوله بعتك بكذا أو لأنها تتمكن من الرد بالعيب ولأنها تحبس نفسها لاستيفائه ( و ) لأنه تثبت الشفعة فيه وهذا أصح
وأجابوا عن الآية بجوابين
أحدهما أنه يجوز أن يكون المراد بالنحلة الدين يقال فلان ينتحل كذا فالمعنى آتوهن صدقاتهن تدينا
والثاني يجوز أن يكون المعنى عطية من عند الله تعالى لهن
وإنما لا يفسد النكاح بفساده لأنه ليس ركنا في النكاح مع أنه حكي قول قديم أنه يفسد النكاح بفساد الصداق
فصل إذا فسد الصداق بأن أصدقها حرا فقولان

أظهرهما يجب مهر

المثل
والثاني قيمته بتقدير الرق وينسب هذا إلى القديم
قال الشيخ أبو حامد والصيدلاني والقاضي حسين والبغوي وغيرهم قولان فيما إذا قال أصدقتك هذا العبد وهو عالم بحريته أو جاهل
أما لو قال أصدقتك هذا الحر فالعبارة فاسدة فيجب مهر المثل قطعا
وحكى المتولي طريقة أخرى أنه لا فرق بين اللفظين في جريان القولين
ولو قال أصدقتك هذا واقتصر عليه فلا خلل في العبارة ففيه القولان
ولو ذكر خمرا أو خنزيرا أو ميتة فقيل يجب مهر المثل قطعا
وقيل على القولين
فعلى هذا يعود النظر في عبارته إن قال أصدقتك هذا الخمر أو الخنزير فالعبارة فاسدة
وإن قال هذا العصير أو النعجة فهو موضع القولين وعلى هذا على قول الرجوع إلى بدل الصداق يقدر الخمر عصيرا ويجب مثله وقد حكينا في نكاح المشرك فيما إذا جرى قبضهم في خمر وجها أنها تقدر خلا ولم يذكروا هناك تقدير العصير والوجه التسوية بينهما
وحكينا وجها أنه تعتبر قيمة الخمر عند من يرى لها قيمة فلا يبعد مجيئه هنا بل ينبغي أن يرجح كما سبق في نكاح المشرك تفريق الصفقة والخنزير يقدر بقرة كذا قاله الإمام والبغوي
وقد سبق مثله في كتاب نكاح المشرك وقال الغزالي يقدر شاة والميتة تقدر مذكاة ثم الواجب فيها وفي الخنزير القيمة
هذا الإضطراب للأصحاب يزيد القول الأظهر القوة وهو وجوب مهر المثل

الحكم الثاني تسليم الصداق
فلو أخر تسليمه بعذر أو بغيره وطلب تسليم نفسها فلها الإمتناع ( حتى يسلم جميع الصداق إن كان عينا أو دينا حالا وإن كان مؤجلا فليس لها الإمتناع فإن حل الأجل قبل تسليمها فليس لها الإمتناع ) أيضا على الأصح وبه قطع الشيخ أبو حامد وأصحابه والبغوي والمتولي وأكثر الأصحاب
وقيل لها وبه قال القاضي أبو الطيب واختاره الحناطي والروياني لأنها تستحق الآن المطالبة
ولو كانت المرأة صغيرة أو مجنونة فلوليها حبسها حتى تقبض الصداق الحال
فلو رأى المصلحة في التسليم فله ذلك
ولو اختلف الزوجان فقال لا أسلم الصداق حتى تسلمي نفسك وقالت لا أسلمها حتى تسلمه فثلاثة أقوال
أظهرها يجبران بأن يؤمر بوضع الصداق عند عدل وتؤمر بالتمكين
فإذا مكنت سلم العدل الصداق إليها
والثاني لا يجبر واحد منهما بل إن بادر أحدهما فسلم أجبر الآخر
والثالث يجبر الزوج أولا فإذا سلم سلمت
وذهبت طائفة كبيرة إلى إنكار هذا القول الثالث
ومن أثبته قال موضعه ما إذا كانت متهيئة للإستمتاع
أما إذا كانت ممنوعة بحبس أو مرض فلا يلزم تسليم الصداق
وإن كانت صغيرة لا تصلح للجماع فهل يلزمه التسليم قولان
ولو سلمت مثل هذه الصغيرة إلى زوجها هل عليه تسليم المهر قولان كالنفقة
أظهرهما المنع
وقيل بالمنع قطعا لأن النفقة للحبس عليه وهو موجود والمهر للإستمتاع وهو متعذر
وقيل بالإيجاب قطعا لأن المهر في مقابلة بضع وهو مملوك في الحال والنفقة للتمكين وهو مفقود
ويجري الخلاف في مطالبة الولي لو كان الزوج صغيرا وإن كان الزوج صغيرا وهي كبيرة فالأظهر أن لها طلب المهر كالنفقة
وإذا قلنا يبدأ بالزوج أو

يجبران فقالت سلم المهر لأسلم نفسي لزمه النفقة من حينئذ
وإن قلنا لا يجبر واحد منهما فلا نفقة لها حتى تمكن

فرع إذا بادرت فمكنت فلها طلب الصداق على الأقوال كلها ثم إن
يجر وطء فلها العود إلى الإمتناع ويكون الحكم كما قبل التمكين
وإن وطىء فليس لها بعده الإمتناع على الصحيح كما لو تبرع البائع فسلم المبيع قبل قبض الثمن فليس له أخذه وحبسه
ولو وطئها مكرهة فلها الإمتناع بعده على الأصح
ويجري الوجهان فيما لو سلم الولي صغيرة أو مجنونة قبل قبض صداقها إذا بلغت أو أفاقت بعد الدخول فلو بلغت أو أفاقت قبله فلها الإمتناع قطعا
ولو بادر الزوج فسلم الصداق لزمها التمكين إذا طلبها
وكذا لو كان الصداق مؤجلا فإن امتنعت بلا عذر فله الإسترداد وإن قلنا يجبر أولا لأن الإجبار بشرط التمكين
وإن قلنا لا يجبر فليس له الإسترداد على الأصح لأنه تبرع بالمبادرة كمعجل الدين المؤجل
وقيل له ذلك لعدم حصول الغرض
وقال القاضي حسين إن كانت معذورة حين سلم فزال العذر وامتنعت استرد لأنه سلم راجيا التمكين فيشبه هذا الخلاف وجهين ذكرا فيما لو سلم مهر صغيرة لا تصلح للجماع عالما بحالها أو جاهلا وقلنا بالأظهر إنه لا يجب تسليم مهرها هل له الإسترداد فرع إذا استمهلت بعد تسليم الصداق أمهلت لتتهيأ بالتنظيف والإستحداد وإزالة

الأوساخ على ما يراه القاضي من يوم و يومين وغاية المهلة ثلاثة
وظاهر كلام الغزالي في الوسيط إثبات خلاف في أن المهلة بقدر ما تتهيأ أم تقدر بثلاثة أيام والمذهب خلافه
ثم المفهوم من كلام الأكثرين أنه يجب الإمهال إذا استمهلت في العدة أنه ليس بواجب
وعن نصه في الإملاء قول إنه لا إمهال أصلا
والمذهب الأول ولا تمهل لتهيئة الجهاز ولا لانتظار السمن ونحوهما ولا بسبب الحيض والنفاس بل تسلم لسائر الإستمتاعات كالرتقاء والقرناء
وإن كانت صغيرة لا تحتمل الجماع أو كان بها مرض أو هزال تتضرر بالوطء معه أمهلت إلى زوال المانع
ويكره للولي تسليم هذه الصغيرة ولا يجوز للزوج وطؤها إلى أن تصير محتملة
ولو قال الزوج سلموا إلي الصغيرة أو المريضة ولا أقربها إلى أن يزول ما بها قال البغوي يجاب في المريضة دون الصغيرة لأن الأقارب أحق بالحضانة وفي الوسيط أنه لا يجاب في الصورتين لأنه ربما وطىء فتتضرران بخلاف الحائض فإنها لا تتضرر لو وطىء
وله أن يمتنع من تسلم الصغيرة لأنه نكح للإستمتاع لا للحضانة
وفي المريضة وجهان
قال في الشامل الأقيس أنه ليس له الإمتناع كما ليس له أن يخرجها من داره إذا مرضت
وإذا تسلم المريضة فعليه النفقة لا كالصغيرة لأن المرض عارض متوقع الزوال
ولو كانت المرأة نحيفة بالجبلة فليس لها الإمتناع بهذا العذر لأنه غير متوقع الزوال كالرتقاء
ثم إن خافت الإفضاء لو وطئت لعبالة الزوج فليس عليها التمكين من الوطء
قال الأئمة وليس له الفسخ بخلاف الرتق لأنه يمنع الوطء مطلقا والنحافة لا تمنع وطء نحيف مثلها وليس ذلك بعيب أيضا
ولو وطىء زوجته فأفضاها فليس له العود إلى وطئها حتى تبرأ البرء الذي لو عاد

لم يخدشها هذا نص الشافعي رضي الله عنه
فإن اختلفا في حصول البرء فأنكرته قال الشافعي رحمه الله القول قولها
قال المتولي المراد بالنص إذا ادعت بقاء ألم بعد الإندمال لأنه لا يعرف إلا منها
أما إذا ادعت بقاء الجرح وأنكرت أصل الإندمال فتعرض على أربع نسوة ثقات ويعمل بقولهن
ومنهم من حمل النص على ما إذا لم يمض من الزمان ما يغلب فيه البرء فإن مضى راجعنا النسوة
ومنهم من أطلق القول بمراجعتهن عند الإختلاف
وعلى هذا فالنص على ما إذا لم يكن نسوة ثقات

فرع مسائل عن مجرد الحناطي اختلف الزوج وأبو الزوجة فقال أحدهما هي صغيرة لا تحتمل

فهل القول قول منكر الإحتمال أم تعرض على أربع نسوة أو رجلين من المحارم وجهان
قلت أصحهما الثاني
والله أعلم
ولو قال الزوج زوجتي حية فسلمها وقال لا بل ماتت فالقول قول الزوج
ولو تزوج رجل ببغداد إمرأة بالكوفة وجرى العقد ببغداد فالإعتبار بموضع العقد فتسلم نفسها ببغداد ولا نفقة لها قبل أن يحصل ببغداد
ولو خرج الزوج إلى الموصل وبعث إليها من يحملها من الكوفة إلى الموصل فنفقتها من بغداد إلى الموصل على الزوج

الحكم الثالث التقرير فالمهر الواجب بالنكاح أو بالفرض يستقر بطريقين
أحدهما الوطء وإن كان حراما لوقوعه في الحيض أو الإحرام لأن وطء الشبهة يوجب المهر ابتداء فذا أولى بالتقرير ويستقر بوطأة واحدة
الطريق الثاني موت أحد الزوجين والموت وإن أطلقوا أنه مقرر فيستثنى منه إذا قتل السيد أمته المزوجة فإنه يسقط مهرها على المذهب
ومنهم من ألحق بهذه الصورة غيرها كما ذكرناه في أول الباب الحادي عشر

فصل الخلوة لا تقرر المهر ولا تؤثر فيه على الجديد وهو الأظهر

وعلى هذا لو اتفقا على الخلوة وادعت الإصابة لم يترجح جانبها بل القول قوله بيمينه
وفي القديم الخلوة مؤثرة وفي أثرها قولان
أحدهما أثرها تصديق المرأة إذا ادعت الإصابة ولا يتقرر المهر بمجردها سواء طال زمنها أم قصر
وأظهرهما أنها كالوطء في تقرير المهر ووجوب العدة
وعلى هذا تثبت الرجعة على الأصح
وهل يشترط على القديم في تقرر المهر بالخلوة أن لا يكون مانع شرعي كحيض وإحرام وصوم فيه وجهان
ويشترط أن لا يكون مانع حسي كرتق أو قرن فيها أو جب أو عنة فيه قطعا
وإذا قلنا مجرد الخلوة لا تقرر ففي الوطء فيما دون الفرج وجهان كثبوت المصاهرة

الباب الثاني في الصداق الفاسد
لفساده ستة أسباب
السبب الأول أن لا يكون المذكور مالا بأن سميا خمرا وقد اندرج هذا في الحكم الأول من الباب الأول
ولو أصدقها شيئا فخرج مغصوبا فهل يجب مهر المثل أم قيمة المغصوب قولان
أظهرهما الأول
ولو أصدقها عبدين فخرج أحدهما حرا أو مغصوبا بطل الصداق فيه
وفي آخر قولا تفريق الصفقة
فإن أبطلنا فيه أيضا فهل لها مهر المثل أم قيمتهما فيه القولان وإن صححنا فلها الخيار
فإن فسخت فعلى القولين وإن أجازت فقولان
أحدهما تأخذ الباقي ولا شىء لها غيره وأظهرهما تأخذ معه حصة المغصوب من مهر المثل إذا وزعناه على القيمتين على الأظهر وعلى الثاني تأخذ قيمته
فرع أصدقها عبدا أو ثوبا غير موصوف فالتسمية فاسدة ويجب مهر المثل
قطعا
وإن وصف العبد والثوب وجب المسمى وحيث جرت تسمية فاسدة وجب مهر المثل بالغا ما بلغ
السبب الثاني الشرط في النكاح إن لم يتعلق به غرض فهو لغو كما سبق في البيع وإن تعلق به لكن لا يخالف مقتضى النكاح بأن شرط أن ينفق عليها أو يقسم لها أو يتسرى أو يتزوج عليها إن شاء أو يسافر بها أو لا تخرج إلا بإذنه فهذا لا يؤثر في النكاح ولا في الصداق

وإن شرط ما يخالف مقتضاه فهو ضربان
أحدهما ما لا يخل بالمقصود الأصلي من النكاح فيفسد الشرط سواء كان لها بأن شرط أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا يطلقها أو لا يسافر بها أو أن تخرج متى شاءت أو يطلق ضرتها
أو كان عليها بأن شرط أن لا يقسم لها أو يجمع بين ضراتها وبينها في مسكن أو لا ينفق عليها
ثم فساد الشرط لا يفسد النكاح على المشهور
وفي وجه أو قول حكاه الحناطي يبطل النكاح
وأما الصداق فيفسد ويجب مهر المثل سواء زاد على المسمى أم نقص أم ساواه هذا هو المذهب
وعن ابن خيران إن زاد والشرط لها فالواجب المسمى وكذا إن نقص والشرط عليها ومنهم من جعل هذا قولا مخرجا
وحكى الحناطي وجها أن الواجب في الشروط الفاسدة أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل
ووجها أن الشرط لا يؤثر في الصداق كما لا يؤثر في النكاح
الضرب الثاني ما يخل بمقصود النكاح كشرطه أن يطلقها أو لا يطأها وقد سبق الكلام في الصورتين في فصل التحليل
فإن صححنا النكاح أثر الشرط في الصداق كسائر الشروط الفاسدة

فرع نكحها على ألف إن لم يخرجها من البلد وعلى ألفين إن
وجب مهر المثل وذكر الحناطي أنه لو نكحها على أن لا يرثها أو لا ترثه أو لا يتوارثا

أو على أن النفقة على غير الزوج بطل النكاح
وفي قول يصح ويبطل الشرط وأنه لو زوج أمته عبد غيره بشرط أن لا أولاد بين السيدين صح النكاح وبطل الشرط نص عليه في الإملاء
وفي قول يبطل النكاح

فصل شرط الخيار في النكاح يبطل النكاح

ولو شرط الخيار في الصداق فهل يبطل النكاح أم يصح ويجب المسمى أم يصح النكاح ويفسد المسمى ويجب مهر المثل فيه ثلاثة أقوال
أظهرها الثالث
وإذا صححنا الصداق ثبت الخيار على الأصح كما حكي عن نصه أنه لو أصدقها عينا غائبة صح ولها خيار الرؤية
فعلى هذا إن أجازت فذاك وإن فسخت رجعت إلى مهر المثل
وإذا أثبتنا خيار الشرط ففي خيار المجلس وجهان نقلهما الشيخ أبو الفرج
فصل نقل المزني في المختصر أنه لو نكحها بألف على أن لإبنها
فسد الصداق وأنه لو نكحها بألف على أن يعطي أباها ألفا كان الصداق جائزا
وللأصحاب طرق
المذهب منها فساد الصداق في الصورتين ووجوب مهر المثل فيهما
وعلى هذا منهم من غلط المزني في نقله في الصورة الثانية ومنهم من تأوله
والطريق الثاني فساد الصداق في الأولى دون الثانية عملا بالنصين
والثالث طرد قولين فيهما
ونسب العراقيون الصحة إلى القديم
وقيل

إن شرط الزوج فسد وإن شرطت فلا حكاه البغوي وإذا صححنا فالمهر في الصورتين ألفان
السبب الثالث تفريق الصفقة
فإذا أصدقها عبدا على أن ترد إليه مائة أو ألفان وصورته أن يقول للولي زوجني بنتك وملكني كذا من مالها بولاية أو وكالة بهذا العبد فيجيبه ( إليه ) أو يقول الولي زوجتك بنتي وملكتك كذا من مالها بهذا العبد فيقبل الزوج فهذا جمع بين عقدين مختلفي الحكم في صفقة فإن بعض العبد صداق وبعضه مبيع
وفي صحة البيع والصداق قولان
أظهرهما الصحة
ويصح النكاح قطعا إلا على القول الشاذ السابق أن النكاح يفسد بفساد الصداق
فإذا أبطلنا البيع والصداق فلها مهر المثل
وإذا صححناهما وزعنا العبد على مهر مثلها وعلى الثمن
فإذا كان مهر مثلها ألفا والثمن ألفا والعبد يساوي ألفين فنصفه مبيع ونصفه صداق
فإن طلقها قبل الدخول رجع إليه نصف الصداق وهو ربع العبد
وإن فسخ النكاح بعيب ونحوه رجع إليه جميع الصداق وهو نصف العبد
ولو تلف العبد قبل القبض استردت الألف ولها بدل الصداق وهو مهر المثل على الأظهر ونصف قيمة العبد على الثاني
ولو وجد الزوج بالثمن الذي أخذه عيبا ورده استرد المبيع وهو نصف العبد ويبقى لها النصف الآخر
ولو وجدت العبد معيبا فردته استردت الثمن وترجع في الصداق إلى مهر المثل على الأظهر ونصف القيمة على الثاني
ولو أرادت أن

ترد أحد النصفين وحده جاز على الأصح لتعدد العقد
والثاني المنع لتضرر التبعيض
ولو قال زوجتك بنتي أو جاريتي وبعتك عبدها أو عبدي بكذا ففي صحة البيع والصداق قولان ذكرناهما في تفريق الصفقة
فإن صححناهما وزع العوض المذكور على مهر المثل وقيمة العبد فما خص مهر المثل فهو صداق
وإذا وجد الزوج بالعبد عيبا استرد الثمن وليس للمرأة رد الباقي والرجوع إلى مهر المثل لأن المسمى صحيح
وإن رد العبد بعيب أو فسخ النكاح قبل الدخول بعيب رجع إليه جميع العوض المذكور
وإن خرج العوض المعين مستحقا رد العبد ورجعت للصداق إلى مهر المثل على الأظهر
وعلى الثاني إلى حصة الصداق منه

فرع لبنته مائة درهم فقال لرجل زوجتك بنتي وملكتك هذه الدراهم بهاتين
المائتين لك فالبيع والصداق باطلان نص عليه في الأم لأنه ربا فإنه مسألة مد عجوة
فلو كان من أحد الطرفين دنانير كان جمعا بين صداق وصرف وفيه القولان
فصل جمع نسوة في عقد بصداق واحد وهذا يتصور عند اتحاد الولي
يكون

له بنات بنين أو إخوة أو أعمام أو معتقات
ويتصور مع تعدد الولي بأن وكل أولياء نسوة رجلا فالنكاح صحيح
وفي الصداق طريقان
أحدهما القطع بفساده
وأصحهما على قولين
أظهرهما فساده
ويجري الطريقان فيما لو خالع نسوة على عوض واحد هل يفسد العوض وأما البينونة فتحصل قطعا
ونص الشافعي رضي الله عنه أنه لو اشترى عبيدا لملاك صفقة من المالكين أو وكيلهم بطل البيع
ولو كانت عبيدا بعوض واحد صحت الكتابة
واختلفوا في البيع والكتابة الذين قالوا في النكاح والخلع قولان على أربع طرق
أحدها طرد القولين فيهما
والثاني يفسد البيع
وفي الكتابة قولان
والثالث تصح الكتابة
وفي البيع قولان
والرابع تصح الكتابة ويفسد البيع وإن أفردت
قلت في البيع طريقان
أصحهما طرد القولين والثاني القطع بالفساد وبه قال الإصطخري
وفي الكتابة طريقان
أصحهما قولان
والثاني القطع بالصحة
وإذا قلنا بصحة الصداق المسمى وزع المسمى على نسبة مهور أمثالهن على المذهب
وفي وجه أو قول ضعيف يوزع المسمى على عدد رؤوسهن
وإذا قلنا بفساد الصداق ففيم يجب لهن قولان كما لو أصدقها خمرا
أظهرهما يجب لكل واحدة منهن مهر مثلها
والثاني يوزع المسمى على مهور أمثالهن ولكل واحدة ما يقتضيه التوزيع ويكون الحاصل لهن على هذا القول كالمسمى إذا قلنا بصحته
ولو زوج أمتيه بعبد على صداق واحد صح الصداق لأن المستحق واحد كبيع عبدين بثمن
ولو كان له أربع بنات ولآخر أربع بنين فزوجهن بهم صفقة بمهر واحد بأن قال زوجت بنتي فلانة ابنك فلانا

وفلانة فلانا بألف ففيه طريقان حكاهما المتولي
أحدهما في صحة الصداق القولان
والثاني القطع ببطلانه لتعدد المعقود له من الجانبين
السبب الرابع أن يتضمن إثبات الصداق رفعه
نقدم عليه أن الأب إذا زوج ابنه الصغير أو المجنون فإما أن يصدق من مال الإبن وإما من مال نفسه
فإن أصدق من مال الإبن فالكلام في أنه ( هل ) يصير ضامنا للصداق إذا كان دينا وهل يرجع إذا غرم على ما سبق في الطرف السادس من باب بيان الأولياء فإن تطوع وأداه من مال نفسه ثم بلغ الإبن وطلقها قبل الدخول فهل يرجع النصف إلى الأب أم إلى الإبن فيه طريقان
أحدهما وبه قال الداركي إنه على الوجهين فيما لو تبرع أجنبي على الزوج بأداء الصداق ثم طلق قبل الدخول هل يعود النصف إلى الزوج لأن الطلاق منه أم إلى الأجنبي المتبرع والطريق الثاني وهو المذهب وبه قطع الجمهور أنه يعود إلى الإبن وفرقوا بينه وبين الأجنبي بأن الأب يتمكن من تمليك الإبن فيكون موجبا قابلا قابضا مقبضا فإذا حصل الملك ثم صار للمرأة عاد إليه بالطلاق والأجنبي بخلافه
فإن كان الإبن بالغا وأدى الأب عنه فكالأجنبي
والأصح في صورة الأجنبي عود النصف إلى الأجنبي قاله الإمام فإذا قلنا يعود إلى الإبن الذي طلق فإن كان ما أخذه بالطلاق بدل ما أخذته فلا رجوع للأب وإن كان عين المأخوذ فقيل لا رجوع قطعا
وقيل على الوجهين فيمن وهب لإبنه عينا فزال ملكه عنها ثم عاد والمذهب المنع
فإن كان الإبن بالغا فقيل كالصغير
وقيل بالمنع قطعا لأنه ( ليس ) للأب تمليكه

فالأداء عنه محض إسقاط
أما إذا أصدقها الأب من مال نفسه فيجوز ويكون تبرعا منه على الإبن
قال البغوي سواء كان عينا أو دينا
ثم لو بلغ الصبي وطلقها قبل الدخول عاد الخلاف فيمن يرجع إليه النصف
فإن قلنا بالمذهب وهو العود إلى الإبن فإن كان أصدقها عينا وبقيت بحالها فرجع النصف إليه فهل للأب الرجوع فيه الخلاف المذكور فيما إذا زال ملك الإبن عن الموهوب ثم عاد
وإن أصدقها دينا قال البغوي فلا رجوع فيما حصل كما لو اشترى لإبنه الصغير شيئا في الذمة ثم أداه من ماله ثم وجد الإبن بالمبيع عيبا فرده يسترد الثمن ولا يرجع الأب فيه بخلاف ما لو خرج المبيع مستحقا يعود الثمن إلى الأب لأنه بان أنه لم يصح الأداء
ولو ارتدت المرأة قبل الدخول فالقول فيمن يعود إليه كل الصداق وفي رجوع الأب فيه إذا عاد إلى الإبن كالقول في النصف عند الطلاق
إذا عرفت هذه المقدمة فمن مفسدات الصداق أن يلزم من إثباته رفعه وذلك إما أن يكون بتوسط تأثيره في رفع النكاح وإما بغير هذا التوسط
مثال القسم الأول أذن لعبده أن ينكح حرة ويجعل رقبته صداقا لها ففعل لا يصح الصداق لأنه لو صح لملكت زوجها وانفسخ النكاح وارتفع الصداق ولا يصح أيضا النكاح لأنه قارنه ما يضاده وفي صحته احتمال لبعض الأئمة
قلت هذا الإحتمال ذكره الإمام والغزالي قالا ولكن لا صائر إليه من الأصحاب وقد جزم به صاحب الشامل ذكره في آخر باب الشغار ولكن الذي عليه الجمهور الجزم ببطلان النكاح
والله أعلم
ولو أذن له في نكاح أمة ويجعل رقبته صداقها ففعل صح النكاح والصداق لأن المهر للسيد لا لها
فلو طلقها قبل الدخول بني على ما إذا باع السيد عبده

بعدما نكح بإذنه ثم طلق العبد المنكوحة بعد أداء المهر وقبل الدخول إلى من يعود النصف وفيه أوجه
أصحها إلى المشتري سواء أداه البائع من مال نفسه أو من كسب العبد قبل البيع أو بعده لأن الملك في النصف إنما حصل بالطلاق والطلاق في ملك المشتري فأشبه سائر الأكساب
والثاني يعود إلى البائع بكل حال
والثالث إن أداه البائع من عنده أو أدى من كسب العبد قبل البيع عاد إلى البائع وإن أدى من كسبه بعد البيع عاد إلى المشتري ولو فسخ أحدهما النكاح بعيب أو ارتدت أو عتقت وفسخت جرت الأوجه في أن كل الصداق إلى من يعود ولو أعتق العبد ثم طلق قبل الدخول أو حدث شىء من الأسباب المذكورة فحيث نقول بالعود إلى البائع يعود هنا إلى المعتق وحيث جعلناه للمشتري يكون هنا للعتيق
فإن قلنا بالأصح وهو العود إلى المشتري ففي المسألة التي كنا فيها تبقى رقبة العبد كلها لمالك الأمة
وإن قلنا بالعود إلى البائع فكذا هنا يعود النصف إلى السيد المصدق في صورة الطلاق ولو ارتدت أو فسخت بعيب عاد الكل إليه
ولو أعتق مالك الأمة العبد ثم طلقها قبل الدخول أو فسخت أو ارتدت فعلى المعتق نصف قيمة العبد في صورة الطلاق وجميعها في الفسخ ( و ) الردة ويكون ذلك للزوج العتيق على الأصح ولسيده الأول على الوجه الآخر
ولو قبل نكاح أمة لعبده الرضيع على قولنا يجوز إجبار العبد الصغير على النكاح وجعله صداقها فأرضعت الأمة زوجها وانفسخ النكاح فالعبد يبقى لمالك الأمة على الأصح
وعلى الوجه الآخر يعود إلى سيده الأول
ولو ارتضع الصغير بنفسه فهو كالطلاق قبل

الدخول
ولو باع مالك الأمة العبد ثم طلق العبد قبل الدخول أو حصلت ردة أو فسخت فعلى الوجه المقابل للأصح يجب عليه لسيد العبد الأول نصف قيمة العبد في صورة الطلاق وجميع قيمته في سائر الصور
وأما على الوجه الأصح فقد أطلق في التهذيب أنه لا شىء عليه
وقال الشيخ أبو علي يرجع مشتري العبد عليه بنصف القيمة أو بجميعها لأن الصداق على هذا الوجه يكون أبدا لمن له العبد يوم الطلاق أو الفسخ وهذا هو الصواب وليتأول ما في التهذيب على أنه لا شىء عليه للسيد الأول
ولو باع الأمة ثم طلق أو فسخت فعلى الأصح يبقى العبد له ولا شىء عليه وعلى الآخر يعود نصفه أو كله إلى السيد الأول
مثال القسم الثاني كانت أم ابنه الصغير في ملكه بأن استولد أمة غيره بنكاح ثم ملكها هي وولدها فيعتق عليه الولد دونها
فلو قبل لإبنه نكاح إمرأة وأصدقها أمة لم يصح الصداق لأن ما يجعله صداقا يدخل في ملك الإبن أولا ثم ينتقل إلى المرأة ولو دخلت في ملكه لعتقت عليه وامتنع انتقالها إلى الزوجة فيصح النكاح ويفسد الصداق ويجيء الخلاف في أن الواجب مهر المثل أم قيمتها هذا ما ذكره الأصحاب
وقد ذكرنا خلافا فيما إذا أصدق الأب من ماله عن الصغير ثم بلغ وطلق قبل الدخول لأن النصف يرجع إلى الأب أو إلى الإبن
فمن قال إلى الأب فقد ينازع في قولهم لا يدخل في ملكها حتى يدخل في ملك الإبن
السبب الخامس تفريط الولي في قدر المهر
فإذا قبل لإبنه الصغير أو

المجنون نكاحا بمهر المثل أو دونه أو بعين من أمواله بقدر مهر المثل أو دونه صح
وإن قبله بأكثر من مهر المثل فالصداق فاسد
وكذا لو زوج بنته المجنونة أو البكر أو الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها بأقل من مهر المثل فسد الصداق
وفي النكاح في المسألتين قولان أظهرهما صحته كسائر الأسباب المفسدة ويجب مهر المثل
وفيما إذا أصدقها عينا وجه أنه تصح التسمية في قدر مهر المثل
والقول الثاني لا يصح النكاح لأنه ترك مصلحة المولى عليه فصار كترك الكفاءة
ولو أصدق عن ابنه أكثر من مهر المثل من مال نفسه ففيه احتمالان للإمام
أحدهما يفسد المسمى لأنه يتضمن دخوله في ملك الابن ثم يكون متبرعا بالزيادة
والثاني يصح وتستحق المرأة المسمى لأنه لا ضرر على الابن بل إذا لم نصححه أضررنا به فإنه مهر المثل في ماله وبهذا الثاني قطع الغزالي والبغوي ورجح المتولي والسرخسي في الأمالي الاحتمال الأول ويتأيد بأنه لو لزم الصبي كفارة قتل فأعتق الولي عنه عبدا لنفسه لم يجز لأنه يتضمن دخوله في ملكه وإعتاقه عنه وإعتاق عبد الطفل لا يجوز

فصل إذا اتفقوا على مهر في السر وأعلنوا بأكثر من ذلك فعن
رضي الله عنه أنه قال في موضع المهر مهر السر وفي موضع العلانية
وللأصحاب طريقان
أحدهما إثبات قولين وفي موضعهما وجهان أحدهما موضعهما إذا اتفقوا على ألف واصطلحوا على أن يعبروا عن الألف في العلانية بألفين
أظهر القولين وجوب ألفين بجريان

اللفظ الصريح بهما
والثاني الواجب ألف عملا باصطلاحهما
والوجه الثاني إثبات قولين مهما اتفقوا على ألف وجرى العقد بألفين وإن لم يتعرضوا للتعبير عن ألف بألفين اكتفاء بقصدهم
قال الإمام وعلى هذه القاعدة تجري الأحكام المتلقاة من الألفاظ
فلو قال الزوج لزوجته إذا قلت أنت طالق ثلاثا لم أرد به الطلاق وإنما غرضي أن تقومي وتقعدي وأريد بالثلاث واحدة فالمذهب أنه لا عبرة بذلك
وفي وجه الإعتبار بما تواضعا عليه
ثم ما المعنى بما أطلقناه في الوجهين من الإتفاق في السر أهو مجرد التراضي والتواعد أم المراد ما إذا جرى العقد بألف في السر ثم عقدوا بألفين في العلانية منهم من يشعر كلامه بالأول ومقتضى كلام البغوي وغيره إثبات القولين وإن جرى العقدان
قال البغوي وخرج بعضهم من هذا أن المصطلح عليه قبل العقد كالمشروط في العقد وقد سبق بيان هذا التخريج
والطريق الثاني وهو المذهب تنزيل النصين على حالين فحيث قال المهر مهر السر أراد إذا عقد في السر بألف ثم أتوا بلفظ العقد في العلانية بألفين تحملا وهم متفقون على بقاء العقد الأول
وحيث قال المهر مهر العلانية أراد إذا تواعدوا أن يكون المهر ألفا ولم يعقد في السر ثم عقدوا في العلانية فالمهر مهر العلانية لأنه العقد
ونقل الحناطي وغيره في المسألة نصا ثالثا وهو أنه يجب مهر المثل ويفسد المسمى وحملوه على ما إذا جرى العقد بألفين على أن يكتفى بألف أو على أن لا يلزمه إلا أداء ألف
والمعتبر في المسألة توافق الولي والزوج وقد يحتاج إلى مساعدة المرأة

السبب السادس مخالفة الآمر لا يشترط في إذن المرأة حيث يعتبر إذنها تقدير المهر ولا ذكره
لكن لو قدرت فقالت زوجني بألف مثلا فزوجها الولي أو وكيله بخمسمائة لم يصح النكاح وألحق البغوي بهذه الصورة ما إذا زوجها الولي بلا مهر أو مطلقا
وقيل في صحة النكاح في صورة الولي قولان
ولو قالت لوكيل الولي زوجني ولم تتعرض للمهر فزوجها بدون مهر المثل فسد النكاح على المذهب
وقيل قولان
أحدهما يفسد
والثاني يصح بمهر المثل
وذكر البغوي هذين الطريقين فيما لو وكل الولي بالتزويج مطلقا فزوج الوكيل ونقص عن مهر المثل
وإذا قلنا لا يصح نكاح الوكيل إذا نقص عن مهر المثل فلو أطلق التزويج ولم يتعرض للمهر ففيه احتمالان للإمام
أحدهما لا يصح النكاح أيضا لأن الإطلاق يقتضي ذكر المهر عرفا
وأصحهما يصح مهر المثل لأن فعله مطابق للإذن
ولو أذنت للولي في التزويج مطلقا فزوج بدون مهر المثل أو بلا مهر فهل يبطل النكاح أم يصح بمهر المثل فيه القولان السابقان في السبب الخامس
أظهرهما الصحة
وقيل يفسد قطعا كالوكيل
ولو قالت للولي أو للوكيل زوجني بما شاء الخاطب فقال المأذون له للخاطب زوجتكها بما شئت فإن لم يعرف ما شاء الخاطب فقد زوجها بمجهول فيصح النكاح بمهر المثل
وإن عرف فوجهان
أصحهما صحة المسمى لعلمها به
والثاني يصح النكاح بمهر المثل وبه قال القاضي حسين لإبهام اللفظ
قلت هذا المذكور في هذا السبب هو طريقة الخراسانيين
وأما العراقيون فقطعوا بصحة النكاح في كل هذه المسائل
قال صاحب البيان إذا أذنت

في التزويج فزوجها وليها بلا مهر أو بدون مهر المثل أو بدون ما أذنت فيه أو بغير جنسه أو زوج الأب البكر الصغيرة أو الكبيرة بلا مهر أو بأقل من مهر مثلها أو وكل بعلا فزوجها بلا مهر أو بأقل من مهر مثلها فقال أصحابنا البغداديون يصح النكاح في كل الصور بمهر المثل
وحكى الخراسانيون قولين في صحة النكاح في جميع ذلك
والله أعلم

فرع قال الولي للوكيل زوجها من شاءت بكم شاءت فزوجها برضاها بغير
كفء بدون مهر المثل صح
ولو قال زوجها بألف فزوجها بخمسمائة برضاها قال المتولي الصحيح صحة النكاح لأن المهر حقها
وقيل لا يصح لأنه باشر غير ما وكل فيه
فرع جاء رجل وقال أنا وكيل فلان في قبول نكاح فلانة بكذا
الولي والمرأة وجرى النكاح وضمن الوكيل الصداق ثم إن فلانا أنكره وصدقناه باليمين فهل يطالب الوكيل بشىء من الصداق وجهان
أحدهما لا لأن مطالبة الأصل سقطت والضامن فرعه
وأصحهما وهو محكي عن نصه في الإملاء

أنه يطالب بنصف الصداق لأن المال ثابت عليهما بزعمه فصار كما لو قال لزيد على عمرو ألف وأنا ضامنة فأنكر عمرو يجوز لزيد مطالبة الضامن

فرع في فتاوى البغوي أنه إذا قال الولي للوكيل لا تزوجها إلا
أن ترهن بالصداق فلانا أو يتكفله فلان صح وعلى الوكيل الإشتراط
فإن أهمله لم يصح النكاح
ولو قال زوجها بكذا وخذ به كفيلا فزوجها بلا شرط صح النكاح لأنه أمره بأمرين امتثل أحدهما
وإن قال لا تزوجها إذا لم يتكفل فلان ينبغي أن لا يصح التوكيل لأن الكفالة تتأخر عن النكاح وقد منع العقد إلا بها وأنه إذا قال للوكيل زوجها بألف وجارية ولم يصف الجارية فزوجها الوكيل بألف لم يصح
ولو قال زوجها بخمر أو خنزير أو مجهول فزوجها بألف درهم فإن كان ذلك نقد البلد وقدر مهر المثل أو أكثر صح النكاح والمسمى وإلا فلا
الباب الثالث في التفويض وحكم المفوضة
التفويض أن تجعل الأمر إلى غيره
ويقال إنه الإهمال
ومنه قوله

لا يصلح الناس فوضى


وسميت المرأة مفوضة لتفويضها أمرها إلى الزوج أو الولي بلا مهر أو لأنها أمهلت المهر
ومفوضة بفتح الواو لأن الولي فوض أمرها إلى الزوج
وفي الباب طرفان
أحدهما في صورة التفويض
والثاني في حكمه
أما الأول فالتفويض ضربان
تفويض مهر وتفويض بضع
فتفويض المهر أن تقول لوليها زوجني على أن المهر ما شئت أو ما شئت أنا أو ما شاء الخاطب أو فلان فإن زوجها على ما ذكرت من الإبهام فحكمه ما سبق في آخر الباب السابق
وإن زوجها بما عين المذكور مشيئته صح المسمى وإن كان دون مهر المثل
وإن زوجها بلا مهر فهل يبطل النكاح أم يصح بمهر المثل فيه الخلاف السابق في آخر الباب السابق فيما إذا أطلقت الإذن وزوج الولي بدون مهر المثل وليس النكاح في هذه الصور خاليا عن المهر وليس هذا التفويض بالتفويض الذي عقدنا له الباب
وأما تفويض البضع فالمراد به إخلاء النكاح عن المهر وإنما يعتبر إذا صدر من مستحق المهر بأن تقول البالغة الرشيدة ثيبا كانت أو بكرا زوجني بلا مهر أو على أن لامهر فيزوجها الولي وينفي المهر أو يسكت عنه
ولو قالت زوجني وسكتت عن المهر فالذي ذكره الإمام وغيره أن هذا ليس بتفويض

لأن النكاح يعقد غالبا بمهر فيحمل الإذن على العادة فكأنها قالت زوجني بمهر ويوافق هذا ما سبق
وفي بعض كتب العراقيين ما يقتضي كونه تفويضا
ومن التفويض الصحيح أن يقول سيد الأمة زوجتها بلا مهر أو زوجها ساكتا عن المهر
ولو أذنت الحرة لوليها في التزويج على أن لا مهر لها في الحال ولا عند الدخول ولا غيره وزوجها الولي كذلك فوجهان
أحدهما بطلان النكاح
وأصحهما صحته
وعلى هذا هل هو تفويض فاسد فيجب مهر المثل أم يلغى النفي في المستقبل ويكون تفويضا صحيحا وجهان وبالأول قال أبو إسحق لأنه شرط فاسد والشرط الفاسد في النكاح يوجب مهر المثل
ولو زوجها الولي ونفى المهر من غير أن ترضى هي بمهر المثل فهو كما لو نقص عن مهر المثل
فإن كان مجبرا فهل يبطل النكاح أم يصح بمهر المثل قولان
وإن كان غير مجبر فهل يبطل قطعا أم على القولين فيه طريقان وقد سبق جميع هذا

فرع لايصح تفويض المحجور عليها لسفه ولا الصبية المميزة

وإذا قالت السفيهة زوجني بلا مهر استفاد به الولي الإذن في النكاح ولغا التفويض
فرع نكحها على أن لامهر لها ولا نفقة أو على أن لا
زوجها ألفا فهذا أبلغ في التفويض
ولو قالت للولي زوجني بلا مهر فزوجها بمهر المثل

من نقد البلد صح المسمى
وإن زوجها بدون مهر المثل أو بغير نقد البلد لم يلزم المسمى وكان كما لو نكحها تفويضا
الطرف الثاني في حكم التفويض وفيه مسائل
إحداها هل تستحق المفوضة مهر المثل بنفس العقد أم لايجب بنفس العقد فيه قولان
أظهرهما الثاني
فعلى هذا إذا وطئها وجب مهر المثل على الصحيح
وعن القاضي حسين تخريج وجه أنه لايجب خرجه من وطء المرتهن المرهونة بإذن الراهن ظانا الإباحة والجامع حصول الإذن من مالك البضع وموضع هذا الوجه على ما ذكره أكثر من نقله ما إذا جددت إذنا في الوطء وصرحت بنفي المهر
قال الإمام والقياس أن لا يشترط تجديد الإذن قال وقد رأيت في بعض المجموعات ما يدل عليه وإذا قلنا بالصحيح وأوجبنا مهر المثل فهل تعتبر حالة الوطء أم يجب أكثر مهر من يوم العقد إلى الوطء فيه وجهان أو قولان
أظهرهما الثاني
الثانية مات أحد الزوجين قبل الفرض والمسيس فهل يجب مهر المثل أم لا يجب شىء فيه خلاف مبني على حديث بروع بنت واشق أنها نكحت بلا مهر فمات زوجها قبل أن يفرض لها فقضى لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهر نسائها والميراث فقيل إن ثبت الحديث وجب المهر وإلا فقولان
وقيل إن لم يثبت فلا مهر وإلا فقولان
وقيل إن ثبت وجب وإلا فلا وهو ظاهر لفظ المختصر
وقيل قولان وهو الأصح وبه قال العراقيون والحليمي

واختلفوا في الأظهر منهما فرجع صاحب التقريب والمتولي الوجوب
ورجح العراقيون والإمام والبغوي والروياني أنه لايجب
قلت الراجح ترجيح الوجوب والحديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم
قال الترمذي حديث حسن صحيح ولا اعتبار بما قيل في إسناخه وقياسا على الدخول فإن الموت مقرر كالدخول ولا وجه للقول الآخر مع صحة الحديث
والله أعلم
فإن أوجبنا فيجب مهر المثل باعتبار يوم العقد أم يوم الموت أم أكثرهما فيه ثلاثة أوجه حكاها الحناطي
الثالثة طلقها قبل الدخول إن كان فرض لها تشطر المفروض كالمسمى في العقد وإن لم يكن فرض لها فلا يشطر على المذهب وبه قطع الأصحاب
وعن الشيخ أبي محمد والمتولي خلاف مبني على أن المهر يجب بالعقد أم لا قال الإمام لايعتد بهذا ولا يلتحق بالوجوه الضعيفة
الرابعة إذا قلنا لايجب المهر للمفوضة بالعقد فلها مطالبة الزوج بفرض مهر قبل المسيس
وإن أوجبناه بالعقد فمن قال يشطر بالطلاق قبل المسيس قال ليس لها طلب الفرض لكن لها طلب المهر نفسه كما لو وطئها ووجب مهر المثل تطالب به لا بالفرض
ومن قال لا يتشطر
قال لها طلب الفرض ليتقرر الشطر فلا يسقط بالطلاق وهذا هو المذهب
ولها حبس نفسها للفرض

وهل لها حبس نفسها لتسليم المفروض قال البغوي والروياني نعم كالمسمى وحكى الإمام عن الأصحاب المنع وبه قطع الغزالي لأنها سامحت بالمهر فكيف تضايق في تقديمه

فرع الفرض يوجد من الزوج أو القاضي أو أجنبي

الضرب الأول إذا فرض الزوج نظر إن لم ترض به المرأة فكأنه لم يفرض وفيما علق عن الإمام أنه لا يشترط القبول منها بل يكفي طلبها وإسعافه وليكن هذا فيما إذا طلبت عينا أو مقدرا فأجابها أما إذا أطلقت الطلب فلا يلزم أن تكون راضية بما يعينه أو يقدره
أما إذا تراضيا على مهر فينظر إن جهلا قدر مهر المثل أو جهله أحدهما ففي صحة الفرض قولان
أظهرهما عند الجمهور صحته وهو نصه فيالإملاء والقديم
وإن كانا عالمين به صح ما فرضاه
ويجوز إثبات الأجل في المفروض على الأصح ويجوز أن يكون زائدا على مهر المثل إن كان من غير جنسه وكذا إن كان منه على المذهب
الضرب الثاني فرض القاضي وذلك إذا امتنع الزوج من الفرض أو تنازعا في قدر المفروض فيفرضه ولا يفرض إلا من نقد البلد حالا
ولو رضيت بالأجل لم يؤجل بل تؤخر هي إن شاءت ولا يزيد على مهر المثل ولا ينقص كما في قيم المتلفات
ولكن الزيادة والنقص اليسير الذي يقع في محل الإجتهاد لا اعتبار

به ويشترط علمه بقدر مهر المثل
قال الشيخ أبو الفرج وإذا فرض لم يتوقف لزومه على رضاهما لأنه حكم منه وحكم القاضي لا يفتقر لزومه الى رضى الخصمين
الضرب الثالث فرض الأجنبي
فإذا فرض أجنبي للمفوضة مهرا يعطيه من مال نفسه برضاها لم يصح على الأصح
فإن صححنا طالبت الأجنبي بالمفروض وسقطت المطالبة عن الزوج
وعلى هذا لو طلقت قبل الدخول فنصف المفروض يعود إلى الزوج أم الى الأجنبي فيه الوجهان السابقان فيما إذا تبرع أجنبي بأداء المسمى ثم طلقت قبل المسيس ذكرناهما فيما لو أصدق عن ابنه

فرع أبرأت المفوضة عن المهر قبل الفرض والمسيس فإن قلنا يجب المهر
بالعقد صح الإبراء إن كانت تعلم مهر المثل فإن جهلته ففي صحة الابراء عن المجهول قولان سبقا في الضمان
أظهرهما المنع
فإن منعنا فذلك فيما زاد على المتيقن
وفيما استيقنته وجهان من تفريق الصفقة
وإن قلنا لا يجب المهر بالعقد فهو إبراء عما لم يجب وجرى سبب وجوبه
وفي صحته قولان كالقولين في ضمانه
أظهرهما فساده فحصل أن المذهب فساد إبرائها
ولو أسقطت حق الفرض لم يسقط كإسقاط زوجة المولي ولو أبرأت عن المتعة قبل الطلاق فهو إبراء عما لم يجب
وإن أبرأت بعد فإبراء عن مجهول
ولو تزوج امرأة على خمر أو خنزير فأبرأته عن المسمى فهو لغو لأن الواجب غيره
وإن أبرأته عن مهر المثل وهي عالمة به صح

فرع لزوجته عليه مهر تيقن أنه لا ينقص عن ألف واحتمل
إلى ألفين ورغبا في البراءة فينبغي أن تبرئه عن ألفين ذكره البغوي
ولو قبضت ألفا وأبرأته من ألف إلى ألفين فإن بان أن مهرها ألف أو فوق الألف إلى ألفين فالبراءة حاصلة وإن بان فوق الألفين فعليه الزيادة وحصلت البراءة من ألفين والقول بحصول براءة حذا بان فوق ألف إلى ألفين تفريع على أنه إذا قال ضمنت من واحد إلى عشرة أو أبرأت صح الضمان والإبراء وهو الأصح
ولو دفع الزوج إليها ألفين وحلل لها ما بين ألف وألفين حل لها ذلك إن بان فوق ألف إلى ألفين
وإن بان دون ألف فعليها رد قدر التفاوت بين مهرها وبين الألف لأنه لم يدخل في التحليل ويحصل الفرض من جهة الزوجة بلفظ التحليل والإبراء أو الإسقاط والعفو
وأما من جهة الزوج فيشترط لفظ صالح لتمليك الأعيان
فإن تصرفت في المدفوع وصار دينا جرت فيه الألفاظ
فرع قال لمن عليه ألف درهم أبرأتك عن ألف درهم ثم قال
الإبراء أنه كان لي عليه شىء لايقبل قوله في الظاهر
وفي الباطن وجهان
قال الاصطخري لا يقبل أيضا لأنه ورد على محل حقه
وقال غيره يقبل والخلاف مأخوذ مما إذا باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا

فصل ذكرنا أن المفروض فرضا صحيحا كالمسمى في العقد
حتى يتشطر بالطلاق قبل الدخول
فلو فرض فاسدا كخمر لغا ولم يؤثر في تشطر مهر المثل بخلاف التسمية الفاسدة في العقد فإنها تشطره
فرع نكح ذمي ذمية على أن لا مهر وترافعا إلينا حكمنا بحكمنا
المسلمين
فصل في بيان مهر المثل ويحتاج إليه في مواضع

منها المفوضة وفي التفويض الفاسد وفي التسمية الفاسدة وفيما إذا نكح نسوة بمهر واحد وقلنا يوزع على مهور أمثالهن وفي وطء الشبهة والإكراه على الزنا وفيه مسائل
إحداها مهر المثل هو القدر الذي يرغب به في أمثالها والركن الأعظم في الباب النسب وينظر إلى نساء عصباتها وهن المنتسبات إلى من تنسب هذه إليه كالأخت وبنت الأخت والعمة وبنت العم ولا ينظر إلى ذوات الأرحام ويراعى في نساء العصبة قرب الدرجة وأقربهن الأخوات من الأبوين ثم من

الأب ثم بنات الاخوة من الأبوين ثم من الأب ثم العمات كذلك ثم بنات الأعمام
فإن تعذر اعتبار نساء العصبة اعتبر بذوات الأرحام كالجدات والخالات وتقدم القربى فالقربى من الجهات وكذا تقدم القربى فالقربى من الجهة الواحدة كالجدات
ولا يتعذر اعتبار نساء العصبة بموتهن بل يعتبر بعد موتهن وإنما يتعذر بفقدهن من الأصل وقد يكون للجهل بمقدار مهورهن أو لأنهن لم ينكحن
فإن تعذرت ذوات الأرحام اعتبرت بمثلها من الأجنبيات وكذا إن لم يكن نسبها معلوما وتعتبر العربية بعربية مثلها والأمة بأمة مثلها وينظر إلى شرف سيدها وخسته ومهر المعتقة بمعتقة مثلها
وفي وجه تعتبر المعتقة بنساء الموالي
الثانية يعتبر مع ما ذكرناه البلد
فإذا كان نساء عصباتها ببلدتين هي في إحداهما اعتبر بعصبات بلدها
فإن كن كلهن ببلدة أخرى فالإعتبار بهن لا بأجنبيات بلدها وتعتبر المشاركة في الصفات المرغبة كالعفة والجمال والسن والعقل واليسار والبكارة والعلم والفصاحة والصراحة وهي أن تكون شريفة الأبوين وسائر الصفات التي تختلف بها الأغراض
وفي وجه لا اعتبار باليسار وهو بعيد ومتى اختصت بصفة مرغبة زيد في مهرها
وإن كان فيها نقص ليس في النسوة المعتبرات مثله نقص من المهر بقدر ما يليق به
الثالثة المعتبر غالب عادة النساء المعتبرات
فلو سامحت واحدة منهن لم يلزم الباقيات المسامحة إلا أن يكون لنقص دخل النسب وفترت الرغبات
الرابعة مهر المثل يجب حالا من نقد البلد كقيمة المتلفات
وإن رضيت بالتأجيل لا يوجبه الحاكم مؤجلا لكن لها أن تسامح بالإنظار
فإن كانت النسوة المعتبرات ينكحن بمؤجل أو بصداق بعضه مؤجل لم يؤجل الحاكم أيضا

لكن ينقص ما يليق بالأجل
وإن جرت عادتهن بمسامحة العشيرة دون غيرهم خففنا مهر هذه في حق العشيرة دون غيرها
وكذا لي كن يخففن إذا كان الزوج شريفا خفف في حق الشريف دون غيره
وعن الشيخ أبي محمد أنه لا يلزم التخفيف في حق العشيرة والشريف
وقيل مهر المثل الواجب بالعقد يجوز أن يختلف دون الواجب بالإتلاف والصحيح الأول

فرع تقادم العهد لا يسقط مهر المثل عندنا

فرع الوطء في النكاح الفاسد يوجب مهر المثل باعتبار يوم الوطء كالوطء
بالشبهة ولا يعتبر يوم العقد إذ لا حرمة للعقد الفاسد
فرع إذا وطىء مرارا بشبهة واحدة أو في نكاح فاسد لم يجب
واحد
ولو وطىء بشبهة فزالت تلك الشبهة ثم وطىء بشبهة أخرى وجب مهران
ولو أكرهها على الزنا وجب بكل وطأة مهر لأن الوجوب هنا بالإتلاف وقد تعدد
ولو وطىء الأب جارية الإبن مرارا من غير إحبال فقيل يجب بكل وطء مهر
والأصح أنه لا يجب إلا مهر واحد لأن شبهة الإعفاف تعم الوطآت وخصص البغوي الوجهين بما إذا اتحد المجلس وجزم بالتكرار عند اختلاف المجلس
ووطء الشريك المشتركة والسيد المكاتبة مرارا كوطآت جارية الإبن
وإذا وجب مهر واحد بوطآت اعتبر أكمل الأحوال

الباب الرابع في تشطر الصداق بالطلاق قبل الدخول
يشطر الصداق بين الزوجين وفي الباب أطراف
الطرف الأول في موضع التشطر وكيفيته
أما موضعه فيتشطر الصداق قبل الدخول بالطلاق والخلع
وفيما إذا طلقت نفسها بتفويضه إليها أو علق طلاقها بدخول الدار فدخلت أو طلقها بعد مدة الإيلاء بطلبها وبكل فرقة تحصل لا بسبب من المرأة بأن أسلم أو ارتد أو أرضعت أو أم الزوجة الزوج وهو صغير أو أم الزوج أو إبنة الزوجة الصغيرة أو وطئها أبوه أو ابنه بشبهة وهي تظنه زوجها أو قذفها ولاعن
فأما إذا كان الفراق منها أو بسبب فيها بأن أسلمت أو ارتدت أو فسخت النكاح بعتق أو عيب أو أرضعت زوجة أخرى له صغيرة أو فسخ النكاح بعيبها فيسقط جميع المهر وشراؤها زوجها يسقط الجميع على الأصح وشراؤه زوجته يشطر على الأصح
فرع إذا طلق المفوضة قبل الفرض والدخول فالقول في التشطر سبق
وأما غير المفوضة فكل صداق واجب ورد عليه الطلاق قبل الدخول شطره سواء فيه

المسمى الصحيح في العقد والمفروض بعده ومهر المثل إذا جرت تسمية فاسدة في العقد

فصل وأما كيفية التشطر ففيها أوجه

الصحيح أنه يعود إليه نصف الصداق بنفس الفراق
والثاني أن الفراق يثبت له خيار الرجوع في النصف فإن شاء يملكه وإلا فيتركه كالشفعة
والثالث لا يرجع إليه إلا بقضاء القاضي
وحكى العبادي أن أبا الفضل القاشاني الزاهد حكى الثالث قولا قديما
وأنكر جمهور الأصحاب كونه قولا أو وجها فإذا قلنا يثبت الملك بالإختيار فطلقها على أن يسلم لها كل الصداق وهذا إعراض منه ورضى بسقوط حقه فيسلم لها جميعه
وعلى الصحيح يلغو قوله ويتشطر المهر كما لو أعتق ونفى الولاء
ولو طلق ثم قال أسقطت خياري وقلنا الطلاق يثبت الخيار فقد أشار الغزالي إلى احتمالين
أحدهما يسقط كخيار البيع
وأرجحهما لا كما لو أسقط الواهب خيار الرجوع ولم يجر هذا التردد فيما لو طلق على أن يسلم لها كل الصداق
ويجوز أن يسوي بين الصورتين
ولو حدثت زيادة في الصداق بعد الطلاق فعلى الوجه الأول الصحيح نصفها للزوج وعلى الثاني إن حدثت قبل اختيار التملك فالجميع للزوجة كالحادث قبل الطلاق هذا إذا كانت الزيادة منفصلة فإن كانت متصلة وقلنا بالأول فالنصف بزيادته للزوج
وإن قلنا بالثاني فوجهان
أصحهما كذلك
والثاني يمنع الرجوع إلا برضاها
وإن حدث نقص فإن قلنا يملك بالإختيار فإن شاء أخذه ناقصا بلا أرش وإن شاء تركه وأخذ نصف قيمته صحيحا
وإن قلنا يملك بنفس الطلاق فإن

وجد منها تعد بأن طالبها برد النصف فامتنعت فله النصف مع أرش النقص وإن تلف الكل والحالة هذه فعليها الضمان
وإن لم يوجد تعد فوجهان
أحدهما وهو ظاهر النص وبه قال العراقيون والروياني أنها تغرم أرش النقص
وإن تلف غرمت البدل لأنه مقبوض عن معاوضة كالمبيع في يد المشتري بعد الإقالة
وفي الأم نص يشعر بأنه لا ضمان وبه قال المراوزة لأنه في يدها بلا تعد فأشبه الوديعة
فعلى الأول لو قال الزوج حدث النقص بعد الطلاق فعليك الضمان وقالت قبله ولا ضمان فأيهما المصدق وجهان
أصحهما المرأة وبه قطع الشيخ أبو حامد وابن الصباغ
ولو رجع كل الصداق إليه بردتها أو فسخ وتلف في يدها فمضمون عليها كالبيع ينفسخ بإقالة أو رد بعيب
قال الإمام وحكم النصف عند ردته كالطلاق

فرع إذا قلنا يملك بالإختيار فهل تملك الزوجة التصرف بعد الطلاق

قال القياس أنها تملك كما قبل الطلاق وكما يملك المتهب قبل رجوع الواهب
فرع إذا كان الصداق دينا سقط نصفه بمجرد الطلاق على الصحيح وعند
الإختيار على الثاني ولو أدى الدين والمؤدى باق فهل لها أن تدفع قدر النصف من موضع آخر لأن العقد لم يتعلق بعينه أم يتعين حقه فيه لتعينه بالدفع وجهان
أصحهما الثاني

الطرف الثاني في تغير الصداق قبل الطلاق
إذا أصدقها عينا ثم طلقها قبل الدخول فإن كانت تالفة رجع بنصف مثلها إن كانت مثلية أو نصف قيمتها إن كانت متقومة
وإن كانت باقية فإن لم يحدث فيها تغير رجع في نصفها كما سبق
وإن حدث تغير وهو مقصود الفصل فهو نقص أو زيادة أو كلاهما فهي ثلاثة أقسام
الأول نقص محض وهو نوعان نقص صفة ونقص جزء
النوع الأول نقص الصفة كالعمى والعور ونسيان الصنعة وهو ضربان
حادث في يدها وحادث في يده
الضرب الأول أن يحدث في يدها فالزوج بالخيار إن شاء رجع إلى نصف قيمة الصداق سليما وإن شاء قنع بنصف الناقص بلا أرش
هذا قول الأصحاب
قال الإمام ويحتمل أن يقال يجب الأرش وجعل الغزالي هذا الإحتمال وجهان
الضرب الثاني أن يحدث في يده قبل قبضها وأجازت فله عند الطلاق نصفها ناقصا ولا خيار له ولا أرش لأنه نقص وهو من ضمانه لكن لو حدث النقص بجناية وأخذت الإرش فهل له نصف الإرش لأنه بدل الفائت أم لا شىء له من الإرش كزيادة منفصلة فيه وجهان
أصحهما الأول
النوع الثاني نقص جزء بأن أصدقها عبدين وقبضهما فتلف أحدهما في يدها ثم طلقها فثلاثة أقوال
أظهرها يرجع إلى نصف الباقي ونصف قيمة التالف
والثاني أنه يأخذ الباقي بحقه إن استوت قيمتهما
والثالث يتخير بين أن يأخذ نصف الباقي ونصف قيمة التالف وبين أن يأخذ نصف قيمة العبدين

القسم الثاني زيادة محضة وهي صنفان منفصلة ومتصلة
أما المنفصلة كاللبن والولد والكسب فيسلم للمرأة سواء حصلت في يدها أو في يد الزوج ويختص الرجوع بنصف الأصل
ثم في الشامل و التتمة إن قولنا يرجع بنصف الأصل ويبقى الولد لها مفروض في غير الجواري وليس له الرجوع في إسمعيل لأنه يتضمن التفريق بين الأم والولد بل يرجع إلى القيمة
فإن وافقته الزوجة ورضيت برجوعه إلى نصف الأم فهو كالتفريق بين الأم والولد بالبيع
الصنف الثاني الزيادة المتصلة كالسمن وتعلم صنعة فلا يستقل الزوج بالرجوع إلى عين النصف بل يخير الزوجة
فإن أبت رجع إلى نصف القيمة بغير تلك الزيادة
وإن سمحت أجبر على القبول ولم يكن له طلب القيمة
وحكى الحناطي وجها أنه لا يجبر للمنة والصحيح الأول
قال الأصحاب لا تمنع الزيادة المتصلة الإستقلال بالرجوع إلا في هذا الموضع
فأما في سائر الأصول كالمبيع في يد المفلس والموهوب في يد الولد والمردود بالعيب في البيع فلا تمنع الزيادة المتصلة الرجوع بل يستقلون بالرجوع معها وفرقوا بأن الرجوع في هذه الصور بالفسخ وهو رفع العقد من أصله أو حينه
فإن رفع من أصله فكأنه لا عقد
وإن رفع من حينه فالفسخ مشبه بالعقد والزيادة تتبع الأصل في العقد فكذا في الفسخ وعود الشطر بالطلاق ليس فسخا ولهذا لو سلم العبد الصداق من كسبه ثم عتق وطلق عاد النصف إليه لا إلى السيد وإلما هو ابتداء ملك يثبت فيما فرض صداقا
وفرق أبو إسحاق

بين الصداق وصورة الإفلاس بأن غريم المفلس لو منعناه الرجوع إلى العين لم يتم له الثمن لمزاحمة الغرماء وهنا إذا لم تسلم العين سلمت القيمة بتمامها فلا ضرر حتى لو كانت محجورا عليها بفلس عند الطلاق ولو ترك العين لاحتاج إلى المضاربة قال يرجع إلى العين بزيادتها بغير رضاها
وعول الأكثرون على الفرق الأول ومنعوا استقلاله بالرجوع وإن كانت محجورا عليها واعتبروا في الرجوع حينئذ رضاها ورضى الغرماء
وحكى الإمام وجها أن كونها محجورا عليها يمنع الرجوع وإن لم تكن زيادة لتعلق حق الغرماء قبل ثبوت الرجوع والزوائد المنفصلة والمتصلة فيما سوى الطلاق من الأسباب المشطرة كهي في الطلاق
وأما ما يوجب عود جميع الصداق إلى الزوج فينظر فيه إن كان سببه عارضا كالرضاع وردتها فكذلك الحكم
وفي ردتها وجه أن الزوج يستقل بالرجوع في الزوائد المتصلة
وإن كان السبب مقارنا كالفسخ بعيبه أو عيبها فالذي قطع به الجمهور أنه يعود بزيادته إلى الزوج ولا حاجة إلى رضاها كفسخ البيع بالعيب
وقال المتولي إن قلنا في الفسخ بعد الدخول يبقى المسمى لها فهو كما لو كان السبب عارضا
وإن قلنا يوجب مهر المثل فهل يستند الفسخ إلى أصل العقد ويرفع أصله أم لا فيه خلاف
إن قلنا لا فالحكم كما سبق وإن قلنا نعم عاد الصداق إليه بزوائده المتصلة والمنفصلة

فرع إذا امتنع الرجوع إلى نصف عين الصداق رجع بنصف قيمة
بغير زيادة ولا نقص ولا يقال يرجع بقيمة النصف
ووقع في كلام الغزالي بقيمة النصف وهو تساهل في العبارة والصواب ما ذكرنا لأن التشقيص عيب
القسم الثالث إذا تغير الصداق بالزيادة والنقص معا إما بسبب واحد بأن أصدقها عبدا صغيرا فكبر فإنه نقص بسبب نقص القيمة ولأن الصغير يدخل على النساء ولا يعرف الغوائل ويقبل التأديب والرياضة وفيه زيادة بقوته على الشدائد والأسفار وحفظ ما يستحفظه
وكما إذا أصدقها شجرة فكبرت فقل ثمرها وزاد حطبها
وإما بسببين بأن أصدقها عبدا فتعلم القرآن واعور فيثبت لكل منهما الخيار وللزوج أن لا يقبل العين لنقصها ويعدل إلى نصف القيمة ولها أن لا تبذلها لزيادتها وتدفع نصف القيمة
فإن اتفقا على رد العين جاز ولا شىء لأحدهما على الآخر
وليس الإعتبار بزيادة القيمة بل كل ما حدث وفيه فائدة مقصودة فهو زيادة من ذلك الوجه وإن نقصت القيمة كما ذكرنا في كبر العبد
فرع أصدقها جارية حائلا فحبلت في يدها وطلقها قبل الدخول فهو زيادة
من وجه ونقص من وجه للضعف في الحال ولخطر الولادة
فإن لم يتفقا على نصف الجارية

فالمعدول إليه نصف قيمة الجارية وليس لأحدهما إجبار الآخر
وحكى الحناطي وجها أن الزوج يجبر إذا رضيت برجوعه إلى نصف الجارية حاملا بناء على أن الحمل لا يعرف ومقتضى هذا أن تجبر هي أيضا إذا رغب الزوج في نصفها حاملا والصحيح الأول
وأما الحمل في البهيمة فكالجارية
وقيل زيادة محضة إذ لا خطر فيه والأول أصح لأنه لا يحمل عليها حاملا ما يحمل حائلا ولأن لحم الحامل أردأ

فرع أصدقها أرضا فحرثتها فإن كانت الأرض معدة للزراعة فزيادة محضة
وإن كانت معدة للبناء فنقص محض فحينئذ إن أراد الرجوع إلى نصف عينها مكن وإن أبى رجع إلى نصف القيمة بلا حراثة
وإن زرعتها فنقص محض فإن اتفقا على الرجوع إلى نصف العين وترك الزرع إلى الحصاد فذاك
قال الإمام وعليه إبقاؤه بلا أجرة لأنها زرعت ملكها الخالص
وإن رغب فيها الزوج وامتنعت أجبرت
وإن رغبت هي فله الإمتناع ويأخذ نصف قيمة الأرض
فإن قالت خذ نصف الأرض مع نصف الزرع ففي إجباره طريقان
أحدهما وجهان كما سنذكره إن شاء الله تعالى في الثمار
والثاني القطع بالمنع لأن الزرع ليس من عين الصداق بخلاف الثمرة والمذهب المنع كيف كان
وإن طلقها بعد الحصاد وبقي في الأرض أثر العمارة وكانت تصلح لما لا تصلح له قبل الزراعة فهي زيادة محضة ولو غرستها فكما لو زرعتها
لكن لو أراد أن يرجع في نصف الأرض ويترك الغراس ففيه وجه أنها لا تجبر لأن الغراس للتأبيد
وفي إبقائه في ملك الغير ضرر
ولو طلقها والأرض مزروعة أو مغروسة

فبادرت بالقلع نظر إن بقي في الأرض نقص لضعفها بهما وهو الغالب فهو على خيرته وإلا انحصر حقه في الأرض

فصل أصدقها نخيلا حوائل ثم طلقها وهي مطلعة فليس له أخذ نصف
قهرا ولا نصف العين قهرا لأن الطلع كزيادة متصلة فيمنع الرجوع قهرا
فإن رضيت بأخذه نصف النخل والطلع أجبر على المذهب
وقيل وجهان كالثمرة المؤبرة أما إذا طلقها وعليها ثمار مؤبرة ففيها مسائل
إحداها ليس له تكليفها قطع الثمرة ليرجع إلى نصف العين
فلو بادرت بقطعها أو قالت اقطعها ليرجع فليس للزوج إلا الرجوع إلى نصف الشجر إذا لم يمتد زمن القطع ولم يحدث به نقص في الشجر بانكسار سعف وأغصان
الثانية أراد الرجوع في نصف النخل وترك الثمار إلى الجداد فأبت أجبرت على الأصح عند الجمهور منهم العراقيون وبه قطع البغوي لأن الأشجار في يدها كسائر الأموال المشتركة
ورجح المتولي منع الإجبار وأشار إلى ترجيحه الإمام والغزالي لأنها قد لا ترضى بيده ودخوله البستان
قال الإمام ولأنه لا بد من تنمية الثمار بالسقي ولا يمكن تكليفها السقي لأن نفعه غير مختص بالثمر بل ينفع به الشجر أيضا ولا يمكن تكليفها ترك السقي لتضرر الثمر

والشجر
ولمن قال بالأول أن يقول حكم السقي هنا حكمه فيما إذا اشترك اثنا في الشجر وانفرد أحدهما بالثمر في غير الصداق
الثالثة أرادت رجوعه في نصف الشجر وترك ثمرها إلى الجداد فله الإمتناع وطلب القيمة لأن حقه في الشجر خالية وليس لها تكليفه تأخير الرجوع إلى الجداد لأن حقه ناجز في العين أو القيمة
ولو قال أؤخر الرجوع إلى الجداد فلها الإمتناع لأن نصيبه يكون مضمونا عليها كذا وجهوه وهو تفريع على أن النصف الراجع إليه يكون مضمونا عليها وفيه خلاف سبق
ولو قال أرجع ويكون نصيبي وديعة عندك وقد أبرأتك عن ضمانه فوجهان لهما التفات إلى حبراء الغاصب مع بقاء المغصوب في يده
وزاد من نظر إلى السقي فقال ليس لها أن تقول ارجع واسق لأن فائدة السقي تعود إلى نصيبها من الشجر وإلى الثمار وهي خالصة لها ولا أن تقول ارجع ولا تسق لأنه يتضرر
ولو قالت ارجع وأنا لا أسقي وإليك الخيرة في السقي وتركه أو قال ارجع ولا أسقي ولك الخيار في السقي وتركه لم يلزم الآخر الإجابة لأنه إن ترك السقي تضرر وإن سقى اختص بالمؤنة دون الفائدة
ولو قال الزوج ارجع إلى النصف واسق والتزم المؤنة أو قالت ارجع وأنا أسقي فهل يلزم الآخر الإجابة وجهان
أصحهما المنع لأنه وعد وقد لا يفي به
فإن قلنا بالإجابة فبدا للملتزم وامتنع تبينا أن الملك لم يرجع إلى الزوج وكأنه موقوف على الوفاء بالوعد وألحقوا بهذه الصورة ما إذا أصدقها جارية فولدت في يدها ولدا مملوكا ثم طلقها قبل الدخول فقال ارجع إلى نصف الجارية وأرضى

أن ترضع الولد ففيه الوجهان
قال الإمام ونص الشافعي رحمه الله يدل على أنه لا يجاب
ولو قال أرجع وأمنعها الإرضاع لم تجب بلا خلاف
وفي هذه المسألة وراء الإرضاع ومضي زمانه شىء آخر وهو التفريق بين الأم والولد
وقد ذكرنا ما ذكره صاحبا الشامل و التتمة فيه
الرابعة وهبت له نصف الثمار ليشتركا في الثمر والشجر فهل يجب القبول لأن الثمر متصل كالسمن أم لا لأن الثمرة المؤبرة كالمنفصلة ولا يجبر على قبول ملك الغير وجهان
أصحهما الثاني
الخامسة تراضيا على الرجوع في نصف الشجر في الحال أو على تأخير الرجوع إلى الجداد مكنا منه
وإذا بدا لأحدهما في التأخير مكن من الرجوع عنه
وقال المعللون بالسقي إن رضيا بالرجوع في الحال على أن يسقي من شاء منهما متبرعا أو على أن يتركا أو أحدهما السقي فمن التزم السقي فهو وعد لا يلزم الوفاء به لكن إذا لم يف تبينا أن الملك لم يعد إلى الزوج
ومن ترك السقي لم يمكن من العود إليه
هذا حاصل المسألة ولم أر تعرضا للسقي إلا للإمام ومن نحا نحوه

فرع ظهور النور في سائر الأشجار كبدو الطلع في النخل وانعقاد الثمار
مع تناثر النور كالتأبير في النخل

فرع أصدقها نخلة عليها ثمرة مؤبرة وطلقها قبل الدخول فله نصف
مع نصف النخلة سواء جدت الثمرة أم لا
وإن أصدقها والثمرة مطلعة وطلقها وهي بعد مطلعة أخذ نصفها مع الطلع
ونقل المتولي وجها أنه إذا امتد الزمان بحيث يزداد في مثله الطلع لا يجوز له الرجوع فيه هذا لفظه
ولو قال لم يجز له الرجوع بغير رضاها لكان أحسن
فلو كانت مؤبرة عند الطلاق فهل له في الثمرة حق فيه طريقان
أحدهما على قولين كما إذا أصدقها جارية حاملا فولدت قبل الطلاق والمذهب القطع بثبوت حقه في الثمرة لأنها مشاهدة متيقنة ويجوز إفرادها بالعقد بخلاف الحمل
فإن أثبتنا له حقا في الثمرة لم يأخذ إلا برضاها لأنها زادت
فإن لم ترض أخذ نصف الشجر مع نصف قيمة الطلع
فرع أصدقها جارية حاملا فطلقها قبل الدخول نظر إن طلقها وهي بعد
حامل فله نصفها حاملا ويجيء عند امتداد الزمان الوجه الذي حكاه المتولي في الفرع قبل هذا
وإن طلقها وقد ولدت فالكلام في الأم ثم الولد أما الأم فلا يأخذ نصفها إن كان الولد رضيعا لئلا يتضرر لكن يرجع إلى نصف القيمة وإن كان فطيما فإن كان في زمن التفريق المحرم فعلى ما تقدم وإلا فله نصفها
وإن نقصت قيمتها بالولادة نظر إن ولدت في يد الزوج فعلى ما سبق من حكم النقص في يد الزوج
وإن ولدت في يد الزوجة فله الخيار إن شاء أخذ نصفها ولا شىء له معه وإن شاء رجع إلى نصف القيمة
وأما الولد فهل

للزوج حق في نصفه يبنى على أن له قسطا من الثمن في المبيع وفيه قولان سبقا في مواضع
أظهرهما نعم
فإن قلنا لا فلا حق له فيه لأنه حادث في ملكها وإن قلنا نعم فوجهان
أحدهما له فيه حق كما لو أصدقها عينين لكن الولد زاد بالولادة فلها الخيار
فإن رضيت برجوع الزوج في نصفه ونصف الأم أجبر على قبوله
وإن أبت قال المتولي لا يرجع في نصف الجارية للتفريق لكن يرجع في نصف قيمتها ونصف قيمة الولد يوم انفصاله
والثاني لا حق له فيه لأنه لا قيمة له قبل الإنفصال
قلت الأول أصح
والله أعلم
ولو كانت الجارية المصدقة حائلا وطلقها حاملا فقد سبق حكمه
فإن ولدت ثم طلقها فالولد لها والقول في الأم كما سبق فيما إذا كانت حاملا يوم الإصداق وولدت وطلقها وإن حبلت في يد الزوج وولدت في يدها فهل النقص من ضمانه ولها الخيار لأن السبب وجد في يده أم من ضمانها وله الخيار لأن النقص حصل عندها وجهان

فرع أصدقها حليا فكسرته أو انكسر في يدها وبطلت صنعته ثم أعادت
المنكسر حليا ثم طلقها قبل الدخول نظر إن صاغته على هيئة أخرى فالحاصل زيادة من وجه ونقص من وجه فإن اتفقا على الرجوع إلى نصفه جاز
وإن أبى أحدهما تعين نصف القيمة
وإن عادت الصنعة بحالها فهل يرجع في نصف العين بغير رضاها أم يعتبر رضاها وجهان
أصحهما الثاني وبه قال

ابن الحداد ويجري الوجهان فيما لو أصدقها جارية فهزلت ثم سمنت وفيما لو نسي العبد الصنعة ثم تعلمها
ولو طرأت على عين العبد غشاوة وكان لا يبصر شيئا ثم زالت ثم طلقها ففيما علق عن الإمام أن الزوج يرجع في نصف العبد بلا خلاف كما لو حدث في يدها عيب فزال ثم طلقها
وإذا قلنا في الحلي يعتبر رضاها ففيما يرجع به وجهان
أصحهما نصف قيمة الحلي بهيأته التي كانت
والثاني مثل نصفه بالوزن تبرا وإلا نصف أجرته مثل الصنعة وهي قيمتها فعلى الأول فيما يقوم به وجهان
أحدهما وبه قال ابن الحداد بغير جنسه فالمذهب بفضة وكذا العكس
والثاني يقوم بنقد البلد وإن كان من جنسه وبه قال محمد بن نصر المروزي
ويجري الوجهان في قيمة الصنعة ففي وجه يقوم بغير جنس الحلي وفي وجه بنقد البلد وهو الأصح كما سبق في الغصب
ولو كانت المسألة في إناء من ذهب و فضة بني على جواز اتخاذه
وهل لصنعته قيمة إن قلنا لا فللزوج الرجوع في نصف العين سواء عادت الصنعة الأولى أم غيرها إذ لا زيادة
وإن قلنا نعم فكالحلي
ولو غصب جارية مغنية فنسيت عنده الألحان هل يرد معها ما نقص من قيمتها بنسيان الألحان أم لا لأنه محرم فلا عبرة بفواته وجهان
قلت الأصح المنع
والله أعلم
ولو اشترى مغنية بألفين وهي تساوي ألفا بلا غناء ففي صحة البيع ثلاثة أوجه حكاها الشيخ أبو علي
أحدها البطلان لأنه بذل في مقابلة حرام وبه

أفتى المحمودي
والثاني قاله أبو زيد إن قصد بالشراء الغناء بطل وإلا فلا
والثالث صحة البيع قاله الأودني قال وما سوى ذلك استحسان
قلت واختار إمام الحرمين الصحة مطلقا وهو الأصح
ولو بيعت بألف فالبيع صحيح بلا خلاف
والله أعلم

فصل أصدق ذمي خمرا ثم أسلما وترافعا إلينا فقد سبق أنه إن
بعد القبض لم نحكم لها بشىء
وإن كانت غير مقبوضة حكمنا بوجوب مهر المثل
ولو صارت الخمرة المصدقة في يده خلا ثم أسلما أو أحدهما فوجهان
قال ابن الحداد لا شىء لها إلا الخل
وأصحهما وبه قال القفال لها مهر المثل لأن الخمر لا تصلح صداقا ولا عبرة بذكرها إذا لم يتصل بها قبض قبل الإسلام
ولو أصدقها عصيرا فتخمر في يده ثم عاد خلا ثم أسلما أو ترافعا إلينا لزمه قيمة العصير
ولو قبضت الذمية الخمر ثم طلقها قبل الدخول ثم أسلما أو ترافعا إلينا فلا رجوع للزوج لعدم المالية ومنع إمساك الخمر
ولو صارت خلا عندها ثم طلقها قبل الدخول فهل للزوج الرجوع إلى نصفه لكون العين باقية وإنما تغيرت صفتها أم لا ترجع بشىء لأن حق الرجوع إنما يثبت إذا كان المقبوض مالا وهنا حدثت المالية في يدها فهو كزيادة منفصلة فيه وجهان
أصحهما الأول وبه قال ابن الحداد
فعلى هذا لو تلف الخل أو أتلفته ثم طلقها فوجهان
أصحهما وهو قول الخضري يرجع بمثل نصف الخل
والثاني وبه قال ابن الحداد لا يرجع بشىء لأن الرجوع فيه تعتبر قيمته يوم الإصداق والقبض

ولا قيمة لهذا يوم الإصداق والقبض
ولو أصدقها جلد ميتة فقبضته ودبغته ثم طلقها قبل الدخول ففي رجوعه في نصفه وجهان مرتبان على تخلل الخمر وأولى بعدم الرجوع لأن ماليته حدثت بفعلها ومع الترتيب فالأصح الرجوع وبه قال ابن الحداد
فعلى هذا إن هلك الجلد عندها بعد الدباغ قال ابن الحداد لا يرجع
قال الشيخ أبو علي ينبغي أن لا يرجع هنا بلا خلاف بخلاف الخل لأنه مثلي والجلد متقوم والنظر في المتقوم إلى وقت الإصداق والإقباض ولم يكن له قيمة حينئذ
ولو ارتدت وانفسخ النكاح قبل الدخول فالقول في كل الخل وكل الجلد كالقول في النصف عند الطلاق

فصل كل عمل جاز الإستئجار عليه جاز جعله صداقا وذلك كتعليم القرآن
والصنائع وكالخياطة والخدمة والبناء وغيرها وفيه مسائل
إحداها يشترط في تعليم القرآن ليصح صداقا شرطان
أحدهما العلم بالمشروط تعليمه بأحد طريقين
الأول بيان القدر الذي يعلمه بأن يقول كل القرآن أو السبع الأول أو الأخير
وحكي وجه شاذ أنه لا يشترط تعيين السبع
فإن عين بالسور والآيات فعلى ما ذكرناه في الإجارة وذكرنا هناك الخلاف في اشتراط قراءة نافع وأبي عمرو وغيرهما
وقطع ابن كج هنا بعدم الإشتراط قال فلو شرط حرف أبي عمرو علمها بحرفه فإن علمها بحرف الكسائي فهل يستحق أجرة المثل أم لا شىء له وجهان
وحكى قولين في أنها ترجع على الزوج بمهر المثل أم بقدر التفاوت بين أجرة التعليم بالحرف المشروط والآخر فإن لم يكن تفاوت

لم يرجع بشىء ثم قال ولا معنى لهذا الإختلاف بل الواجب أن يقال يعلمها بحرف أبي عمرو وهو متطوع بما علم
ثم العلم بهذا يشترط في حق الزوج فإن لم يعرف أحدهما أو كلاهما قدر السور والأجزاء والآيات قال أبو الفرج الزاز الطريق التوكيل وإلا فيرى المصحف ويقال تعلم من هذا الموضع إلى هذا ولك أن تقول لا يكفي هذا إذ لا يعرف به صعوبته وسهولته
قلت الصواب أنه لا تكفي الإشارة إذا لم يعلمها فيتعين التوكيل
والله أعلم
الطريق الثاني تقديرها بالزمان بأن يصدقها تعليم القرآن شهرا ويعلمها فيه ما شاءت كما يخيط الأجير للخياطة ما شاء المستأجر
فلو جمع الطريقين فقال تعلمها في شهر سورة البقرة فهو كقوله استأجرتك لتخيط هذا الثوب اليوم وفيه خلاف سبق في الإجارة
الشرط الثاني أن يكون المعقود على تعليمه قدرا في تعليمه كلفة فإن لم يكن بأن شرط تعليم لحظة لطيفة أو قدر يسير وإن كان آية كقوله تعالى { ثم نظر } لم يصح الإصداق وهو كبيع حبة حنطة
الثانية أصدقها تعليم الفاتحة وهو متعين للتعليم ففي صحة الإصداق وجهان كنظيره في الإجارة
أصحهما الصحة
ولو نكحها على أداء شهادة لها عنده أو نكح كتابية على أن يلقنها كلمة الشهادة لم يصح الصداق قاله البغوي

الثالثة إذا كان الزوج لا يحسن ما شرط تعليمه فإن التزم التعليم في الذمة جاز ثم يأمر بتعليمها أو يتعلم و يعلمها
وإن كان الشرط أن يعلمها بنفسه فهل يصح ثم يتعلم ويعلمها أم لا يصح لعجزه وجهان
أصحهما الثاني
ولو شرط أن يتعلم ثم يعلمها لم يصح أيضا لأن العمل متعلق بعينه والأعيان لا تقبل التأجيل
قال المتولي فإن صححنا فأمهلته ليتعلم فذاك وإلا فهو معسر بالصداق
ولو أراد الزوج أن يقيم غيره يعلمها جاز إن كان التزم في الذمة وإلا فلا
ولو أرادت أن تقيم غيرها متعلما فهل يجبر الزوج كالمستأجر للركوب يركب غيره أم لا لاختلاف الناس في الفهم والحفظ وجهان
أصحهما عند الجمهور الثاني وخالفهم الإمام ومنهم من جعل الخلاف في جواز الإبدال مع التراضي
ولو فرض عقد مجدد فأبدلت منفعة بمنفعة جاز قطعا
الرابعة أصدقها تعليم ولدها لم يصح الصداق كما لو شرط الصداق لولدها
وإن أصدقها تعليم غلامها قال البغوي لا يصح كالولد
وقال المتولي يصح وهذا أصح
ولو وجب عليها تعليم الولد أو ختان العبد فشرطته صداقا جاز
الخامسة لو تعذر التعليم بأن تعلمت من غيره أو كانت بليدة لا تتعلم أو لا تتعلم إلا بكلفة عظيمة ويذهب الوقت في تعليمها فوق العادة أو ماتت أو مات الزوج والشرط أن يعلم بنفسه ففي الواجب القولان السابقان فيما لو تلف الصداق قبل القبض
فعلى الأظهر يجب مهر المثل وعلى الآخر أجرة التعليم
السادسة قال علمتك وأنكرت فإذا لم تحسنه صدقت وإن أحسنته

وادعت التعلم من غيره فأيهما يصدق وجهان لتعارض الأصل والظاهر أصحهما هي
السابعة أصدقها تعلم سورة فعلمها ثم طلقها إن كان بعد الدخول فذاك وإلا فيرجع عليها بنصف أجرة التعليم وإن طلقها قبل التعليم فقد استحقت جميع التعليم إن دخل وإلا فتعليم النصف وفيه وجهان
أحدهما يعلمها وراء حجاب بغير خلوة
وأصحهما وهو المنصوص في المختصر أنه قد تعذر التعليم لأنها قد صارت أجنبية ولا تؤمن مفسدة
فعلى هذا ترجع بمهر المثل على الأظهر إن دخل وإلا فنصفه وعلى الآخر ترجع بأجرة التعليم أو نصفها
الثامنة نكح كتابية على تعليم القرآن فإن توقع إسلامها صح الصداق وإلا فسد ومال جماعة إلى الجواز مطلقا
ولو نكح مسلمة أو كتابية على تعليم التوراة والإنجيل لم يصح لأنه لا يجوز الإشتغال به لتبديله والواجب في هذه الحالة مهر المثل قطعا إذ لا قيمة للمسمى
ولو نكح ذمي على تعليم التوراة والإنجيل ثم أسلما أو ترافعا بعد التعليم لم نوجب شيئا آخر وإن كان قبل التعليم أوجبنا مهر المثل كما فيالخمر
التاسعة أصدقها تعليم فقه أو أدب أو طب أو شعر ونحوها مما ليس بمحرم صح الصداق
وإن كان محرما كالهجو والفحش لم يصح
العاشرة نكحها على أن يرد عبدها الآبق أو جملها التائه وكان الموضع معلوما صح
وإن كان مجهولا فقولان
أحدهما يصح كالجعالة
والمشهور المنع ويجب مهر المثل بخلاف الجعالة فإنها عقد جائز احتملت الجهالة فيها للحاجة

فإن رده فله أجرة مثل الرد ولها مهر المثل
وإذا صح الصداق فطلقها بعد رد العبد وقبل الدخول استرد منها نصف أجرة المثل
وإن طلقها قبل الرد فإن كان بعد الدخول فعليه الرد
وإن كان قبله فعليه الرد إلى نصف الطريق ثم يسلمه إلى الحاكم
فإن لم يكن حاكم أو لم يكن موضعا يمكن تركه فيه ولم يتبرع بالرد إليها قال المتولي يؤمر برده إليها وله عليها نصف أجرة المثل
ولو تعذر رده برد غيره أو رجوعه بنفسه أو بموته فقد فات الصداق قبل القبض فترجع إلى مهر المثل على الأظهر وعلى الآخر إلى أجرة الرد
الحادية عشرة نكحها على خياطة ثوب معلوم جاز وله أن يأمر بالخياطة إن التزم في الذمة وإن نكح على أن يخيط بنفسه فعجز بأن سقطت يده أو مات ففيما عليه قولان
أظهرهما مهر المثل
والثاني أجرة الخياطة
ولو تلف ذلك الثوب فوجهان
أصحهما تلف الصداق فيعود القولان في مهر المثل والأجرة
والثاني تأتي بثوب مثله ليخيطه
وإن طلقها بعد الخياطة قبل الدخول فله عليها نصف أجرة المثل
وإن طلقها قبل الخياطة فإن دخل بها فعليه الخياطة وإلا خاط نصفه
فإن تعذر الضبط عاد القولان في أنه يجب مهر المثل أم الأجرة الثانية عشرة قال المتولي لو كان له عليها قصاص فنكحها وجعل النزول عن القصاص صداقا جاز
ولو جعل النزول عن الشفعة أو حد القذف صداقا لم يجز لأنه لا يقابل بمال ولا يجوز جعل طلاق إمرأة صداقا لأخرى ولا بضع أمته صداق المنكوحة

فصل إذا أثبتنا الخيار للمرأة
بسبب زيادة الصداق أوله بنقصه أو لهما بهما لم يملك الزوج النصف قبل أن يختار من له الخيار الرجوع إن كان الخيار لأحدهما وقبل أن يتوافقا إن كان الخيار لهما وإن قلنا الطلاق يشطر الصداق بنفسه وليس لها الخيار على الفور بل هو كخيار الرجوع على الهبة لكن إذا توجهت مطالبة الزوج لا تمكن هي من التأخير بل تكلف اختيار أحدهما
وإذا طلب الزوج فلا يعين في طلبه العين ولا القيمة لأن التعيين يناقض تفويض الأمر إليها لكن يطالبها بحقه عندها فإن امتنعت قال الإمام لا يقضي القاضي بحبسها لبذل العين أو القيمة بل يحبس العين عنها إن كانت حاضرة ويمنعها من التصرف فيها لأن تعلق حق الزوج بالصداق فوق تعلق حق المرتهن بالمرهون والغرماء بالتركة
فإن أصرت على الإمتناع فإن كان نصف القيمة الواجبة دون نصف العين للزيادة الحادثة باع ما يفي بالواجب من القيمة
فإن لم يرغب في شراء البعض باع الكل وصرف الفاضل عن القيمة الواجبة إليها
وإن كان نصف العين مثل نصف القيمة الواجبة ولم تؤثر الزيادة في القيمة ففيه احتمالان للإمام
أصحهما وبه قطع الغزالي تسلم نصف العين إليه إذ لا فائدة في البيع فإذا سلم إليه أفاد قضاؤه ثبوت الملك له
والثاني لا تسلم إليه العين بل يبيعه فلعله يجد من يشتريه بزيادة

فرع إذا وجب الرجوع إلى القيمة بهلاك الصداق أو خروجه عن
أو زيادة فيه أو نقص فالمعتبر الأقل من قيمة يوم الإصداق ويوم القبض
لكن لو تلف الصداق في يدها بعد الطلاق وقلنا إنه مضمون عليها اعتبرت قيمة يوم التلف لأنه تلف ملكه تحت يد مضمنة
الطرف الثالث في بيان حكم التشطر بعد تصرفها في الصداق وفيه مسائل
إحداها إذا زال ملكها عنه ببيع أو هبة مقبوضة أو إعتاق فليس للزوج نقص تصرفها لطلاقه قبل الدخول بل زوال ملكها كالهلاك ويرجع الزوج إلى نصف بدله وهو المثل إن كان مثليا وإلا فالقيمة
وإن لم يزل الملك بل تعلق به حق فإن كان غير لازم بأن أوصت به أو وهبته أو رهنته ولم يقبض فللزوج الرجوع في نصفه
وفي الشامل وغيره نقل قول أنه لا يرجع في نصف الموهوب وإن لم يقبض لئلا يبطل تصرفها في ملكها وحق هذا أن يطرد في الرهن والوصية
وإن باعت بشرط الخيار وطلقها في مدته فإن جعلنا الملك للبائع فهو كالهبة قبل القبض وإن جعلناه للمشتري فلا رجوع في العين
وإن كان الحق لازما بأن رهنته وأقبضته فليس له الرجوع إلى نصفه
وإن أجرته فقد نقص الصداق باستحقاق المستأجر منفعته فإن شاء الزوج رجع إلى نصف القيمة في الحال وإن شاء رجع إلى نصف العين مسلوبة

المنفعة مدة الإجارة
فلو قال أنا أصبر إلى انفكاك الرهن وانقضاء مدة الإجارة نظر إن قال أتسلمه ثم أسلمه إلى المرتهن أو المستأجر فليس لها الإمتناع
وإن قال لا أتسلمه وأصبر فلها الإمتناع وتدفع إليه نصف القيمة لما عليها من خطر الضمان هذا إن قلنا الصداق في يدها مضمون بعد الطلاق وهو الأصح
وإن قلنا لا ضمان أو أبرأها عن الضمان وصححنا الإبراء فهل عليها الإجابة أم لا لأنه قد يبدو له فيطالبها بالقيمة وتخلو يدها عنها وجهان فإن لم نوجب الإجابة ولم نطالبها حتى انفك الرهن وانقضت مدة الإجارة فهل يتعلق حقه بالعين لزوال المانع أم تتعين القيمة لأن المانع نقل حقه إليها وجهان
وتزويج جارية الصداق كالإجارة
ولو زال ملكها وعاد ثم طلقها فهل يتعلق حقه بالعين أم بالقيمة وجهان سبقت نظائرهما في الفلس والهبة
أصحهما هنا عند الجمهور التعلق بالعين لأن حقه لا يختص بالعين بل يتعلق بالبدل فالعين العائدة أولى من البدل هذا إذا زال الملك بجهة لازمة فإن زال بغير لازم بأن باع بالخيار وقلنا يزول الملك وفسخ البيع ثم طلقها فالخلاف مرتب في التعلق بالعين وأولى بالثبوت
ولو كاتبت عند الصداق وعجز نفسه ثم طلقها فعن القاضي حسين إجراؤه مجرى الزوال اللازم
وقال الإمام هذا أولى بالثبوت لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ولا شك أن عروض الرهن وزواله قبل الطلاق لا يؤثر
المسألة الثانية أصدقها عبدا فدبرته ثم طلق قبل الدخول فالمذهب أنه لا يرجع فيه وهو المنصوص في المختصر وهو ظاهر نصه في الأم أيضا سوى جعل التدبير وصية الأم تعليقا بصفة لأن التدبير قربة يتعلق بها غرض لا يتقاعد عن الزيادة المتصلة التي لا تؤثر في القيمة
وقيل في الرجوع قولان إن قلنا

التدبير وصية رجع وإلا فلا
وقيل يرجع قطعا وهو ضعيف
ثم قال أبو إسحق المروزي وغيره الخلاف فيما إذا كانت موسرة تتمكن من أداء القيمة
فإن لم تكن رجع إلى نصف العبد قطعا
ويتعلق بهذا الخلاف فروع
الفرع الأول إن قلنا بالرجوع فالمفهوم من كلام الجمهور أن الزوج يستقل به ولا حاجة إلى تقدم رجوع المرأة
وقال الحناطي يحتمل أن يقال تجبر المرأة على الرجوع وإعطاء الزوج النصف
فإن امتنعت قام الحاكم مقامها ففسخه
الثاني لو رجعت عن التدبير بالقول وجوزناه ثم طلقها وقلنا التدبير يمنع الرجوع فطريقان
أحدهما القطع بتمكنه من الرجوع إلى نصفه لأن الملك لم يزل عنه
والثاني أنه كما لودبرته ثم باعته ثم ملكته ثم طلقها فيعود الوجهان السابقان في عود الملك بعد زواله
أصحهما التمكن ومع هذا التمكن لو تركه وطلب نصف القيمة أجيب إليها خوفا من أن يقضي قاض ببطلان الرجوع والبيع
ولو طلقها وهو مدبر وقلنا حق الزوج في القيمة فرجعت عن التدبير باللفظ وجوزناه أو بإزالة الملك عنه ثم عاد إليها قبل أخذ القيمة ففي الرجوع إلى نصف العبد وجهان يجريان فيما لو طلقها كالصداق ناقص ثم زال نقصه قبل أخذ القيمة وفيما إذا طلقها وملكها زائل عن الصداق ثم عاد قبل أخذ القيمة
الثالث لو علقت عتق العبد على صفة فهل يمنع الرجوع قيل إن قلنا التدبير يمنع فالتعليق أولى وإلا فوجهان لقوة التعليق
وقيل إن لم يمنع

التدبير فالتعليق أولى وإلا فوجهان لأن التدبير قربة محضة والتعليق يراد به منع أو حث وبهذا قال الشيخ أبو محمد وبالأول قطع البغوي وقال المذهب منذ الرجوع
ولو أوصت للعبد بعتقه فهل هو كالتدبير في منع الرجوع وجهان
أصحهما لا
الرابع إذا جوزنا للزوج الرجوع في النصف فرجع بقي النصف الآخر مدبرا على الصحيح
وحكى الحناطي وجها أنه ينتقض التدبير في جميعه
الخامس إذا قلنا التدبير يمنع التشطر فهل يمنع رجوع البائع فيما لو باع عبدا بثوب وتقابضا ثم دبره المشتري ثم وجد البائع بالثوب عيبا وكذا هل يمنع رجوع الواهب فيه وجهان
أحدهما نعم وأصحهما لا بل يرجع وينقض التدبير لقوة الفسخ ولهذا الزيادة المتصلة تمنع التشطر دون الفسخ
المسألة الثالثة سبق في كتاب الحج خلاف في أن المحرم هل يملك الصيد بالشراء والهبة وهل يزول ملكه إذا أحرم عن صيده وهل يملكه بالإرث فلو أصدقها صيدا ثم أحرم ثم ارتدت عاد الصيد إلى ملكه على الصحيح وفيه الوجه الضعيف المذكور في الإرث لأنه لا اختيار له فيه
وإن طلقها قبل الدخول بني على أن النصف يعود إليه بنفس الطلاق أم باختياره إن قلنا باختياره فليس له الإختيار ما دام محرما فإن فعل كان كشرائه
وإن قلنا بنفس الطلاق ففي عود النصف إليه في الإحرام وجهان
أحدهما لا
وينتقل إلى القيمة لأن المحرم لا يملك الصيد باختياره والطلاق باختياره
وأصحهما العود لأن الطلاق لا ينشأ لاجتلاب الملك فأشبه الإرث ثم إذا عاد إليه الكل بالردة لزمه إرساله لأن المحرم ممنوع من إمساك الصيد كذا ذكر الشيخ أبو علي وغيره في هذه المسألة وهو وجه ذكرناه في الحج تفريعا على أن المحرم يرث الصيد

وحكينا عن بعضهم أنه يزول ملكه بمجرد الإرث ولا فرق بين البابين
وإذا عاد النصف بالطلاق وقلنا يجب الإرسال ولا يزول الملك فلا يمكن إرسال النصف إلا بإرسال الكل فخرج مخرجون وجوب الإرسال على الأقوال في ازدحام حق الله تعالى وحق الآدمي
إن قدمنا حق الله تعالى لزمه الإرسال وغرم لها نصف القيمة وإن قدمنا حق الآدمي لم يجب الإرسال
فإن تلف في يده أو يدها فعليه نصف الجزاء
وإن سوينا فالخيرة إليهما
فإن اختار الإرسال غرم لها النصف وإلا بقي مشتركا بينهما وهو ضامن لنصف الجزاء وهذا التخريج ضعيف لأن الخلاف في الإزدحام على شىء واحد كالتركة إذا ازدحم فيها دين وزكاة ونصيب المرأة لا ازدحام فيه
وإذا تضمن إرسال المحرم فوات ملك غيره وجب أن يمنع وبهذا قطع الشيخ أبو علي وعلى التخريج ينبغي أن يخص وجوب الإرسال بالموسر كسراية العتق
الطرف الرابع فيما إذا وهبته الصداق ثم طلقها قبل الدخول ونصدره بقاعدتين مستمدتين من قول الله تعالى { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح }
ومعنى الآية أن الطلاق قبل الدخول ينصف الصداق إلا أن تعفو الزوجة وتتبرع بحقها فيعود جميع الصداق إلى الزوج
وفيمن بيده عقدة النكاح قولان
القديم أنه الولي والمعنى إلا أن تعفو المرأة أو وليها إن لم تكن هي أهلا للعفو
والجديد أنه الزوج والمعنى أن يعفو الزوج عن حقه فيخلص لها جميع الصداق
القاعدة الأولى في ألفاظ التبرع
فالواجب عند الطلاق قبل الدخول دين أو عين والدين قد يكون في ذمته وقد يكون في ذمتها بأن قبضته وتلف

عندها فينظر إن تبرع مستحق الدين بإسقاطه نفذ بلفظ العفو والإبراء والإسقاط والترك
وحكى الحناطي وجهين في أن لفظ الترك صريح أو كناية ولا حاجة في هذه الألفاظ إلى قبول من عليه على الصحيح وينفذ أيضا بلفظ الهبة والتمليك وفيهما وجه حكاه ابن كج
والصحيح الأول
وهل يفتقر اللفظان إلى القبول وجهان
أصحهما لا وبه قطع البغوي اعتمادا على حقيقة التصرف وهو الإسقاط
أما إذا تبرع من في ذمته بالنصف الآخر فالطريق أن ينقل ويملكه ويقبله صاحبه ويقبضه فإنه ابتداء هبة ولا ينتظم لفظ العفو والإبراء من جهته
لكن لو كان الصداق في ذمة الزوج وقلنا لا يشترط إلا باختياره فقال عفوت سقط اختياره كعفوه عن الشفعة ويبقى جميع الصداق لها في ذمته
أما إذا كان الصداق عينا فالتبرع فيها هبة
فإن كانت في يد المتبرع اشترط الإيجاب والقبول والقبض
وإن كانت في يد الآخر فهو هبة لمن المال في يده فتعتبر مدة إمكان القبض
وفي افتقاره إلى إذن جديد في القبض بهذه الجهة خلاف سبق في كتاب الرهن
وإن كانت العين عند الطلاق في يد الزوج فذلك قد يكون بعد قبضها وقد يكون باستمرار يده السابقة قبل الإصداق
وعلى التقدير الثاني يزيد النظر في أن تبرعها كهبة المبيع للبائع قبل القبض إذا قلنا الصداق في يده مضمون ضمان العقود ثم التبرع في العين ينفذ بلفظ الهبة والتمليك ولا ينفذ بلفظ الإبراء والإسقاط على المذهب
وحكى الحناطي فيهما وجهين
وينفذ بلفظ العفو على الأصح لظاهر القرآن هذا في تبرعها وتبرعه

إذا ملكناه بنصف الطلاق فأما إذا قلنا له خيار التملك فيعتبر لفظ العفو في إسقاط الخيار ويبقى الجميع لها
القاعدة الثانية هل للولي العفو عن صداقها قولان بناء على أن من هو الذي بيده عقدة النكاح الجديد المنع والقديم الجواز بخمسة شروط
أن يكون أبا أو جدا وأن تكون بكرا عاقلة صغيرة وأن يكون بعد الطلاق وأن يكون قبل الدخول وأن يكون الصداق دينا هذا هو المذهب تفريعا على القديم
وفي وجه له العفو في الثيب والمجنونة والبالغة والمحجور عليها والرشيدة وقبل الطلاق إذا رآه مصلحة وعن العين أيضا
والصحيح الأول
ولو زوجها الأب ومات ففي صحة عفو الجد وجهان لأن الصداق لم يثبت به لكنه ولي
ولو خلعها الولي على نصف الصداق وجوزنا العفو صحت المخالعة قاله المتولي وغيره
وفي الوسيط في صحة الخلع مع صحة العفو وجهان
والأول أشبه

فصل وهبت لزوجها الصداق المعين فطلقها قبل الدخول فقولان

أحدهما وهو القديم وأحد قولي الجديد والراجح ( عند البغوي ) أنه لا يرجع عليها بشىء
والثاني وهو الأظهر عند الجمهور منهم العراقيون والإمام والروياني يرجع بنصف بدله المثل ( أ ) والقيمة
وقيل إن وهبته قبل القبض لم

يرجع قطعا
والمذهب طرد القولين سواء قبضته أم لا
ولو كان الصداق دينا فأبرأته منه لم يرجع على المذهب
ولو وهبت له الدين فالمذهب أنه كالإبراء
وقيل كهبة العين
ولو قبضت منه الدين ثم وهبته له ثم طلقها فكهبة العين
وقيل له الرجوع قطعا بناء على أنه لا يتعين فيما دفع عن الدين لو طلقها وهو باق عندها
ولو وهبت له الصداق ثم ارتدت قبل الدخول أو فسخ أحدهما بعيب ففي الرجوع بالجميع مثل الخلاف في النصف إذا طلق
ولو باع عبدا بجارية ووهب الجارية لبائعها ثم وجد بائعها بالعبد ( عيبا ) فأراد رده بالعيب ففي تمكنه منه ومن المطالبة بقيمة الجارية وجهان مأخوذان من هبة الصداق ويجريان في تمكنه ( من ) طلب الأرش لو رأى عيبا بعد هلاك العبد أو حدث به عيب يمنع الرد
وفيما لو أبرأ المكاتب عن النجوم وعتق هل ( له ) مطالبة السيد بالإيتاء ولو وهب المشتري المبيع للبائع ثم أفلس بالثمن فللبائع المضاربة مع الغرماء بلا خلاف لأن الموهوب غير المستحق وهو الثمن
وفي الصورة السابقة الموهوب هو المستحق فالهبة تعجيل على قول
وطرد الحناطي الخلاف في مسألة الفلس
ولو ادعى عينا وأخذها ببينة ثم وهبها للمدعى عليه ثم رجع الشهود وقلنا بتغريم شهود المال فهل للمدعى عليه تغريم الشهود فيه طريقان
أحدهما على وجهين أخذا من هبة الصداق
والثاني

القطع بالمنع لأن المدعى عليه لا يقول بحصول الملك بالهبة بل يزعم دوام الملك السابق وفي الصداق زال الملك حقيقة وعاد بالهبة
قلت هذا الثاني هو الصحيح
والله أعلم

فرع وهبت الصداق للزوج على أنه إن طلقها كان ذلك عن مستحقه
فوجهان
أحدهما فساد الهبة ويبقى الصداق ملكا لها
فإن طلق تشطر
والثاني يصح ولا رجوع بالطلاق كما لو عجل الزكاة وليكن الوجهان مبنيين على أن الهبة المطلقة هل تمنع الرجوع إن قلنا تمنع فهذا تصريح بمقتضاها فيصح ولا رجوع وإلا فتفسد بالشرط الفاسد
فرع وهبته نصف الصداق فطلق قبل الدخول

فإن قلنا هبة الكل لا تمنع الرجوع فهنا أولى وإلى ماذا يرجع فيه ثلاثة أقوال
أظهرها إلى نصف الباقي وربع بدل الجملة
والثاني إلى نصف الباقي
والثالث يتخير إن شاء أخذ بدل نصف الجملة وإن شاء أخذ نصف الباقي وربع بدل الجملة
وإن قلنا

هبة الكل تمنع الرجوع فهل يرجع بالنصف الباقي أم بنصف الباقي أم لا يرجع بشىء فيه ثلاثة أقوال
أظهرها الثالث وهو نصه في المختصر فحصل في المسألة خمسة أقوال
ولو كان الصداق دينا وأبرأته من نصفه ثم طلقها قال المتولي إن قلنا لو أبرأت عن الجميع يرجع فهنا يسقط عنه النصف الباقي
و ( أيضا ) إن قلنا لا يرجع بشىء فهنا وجهان
أحدهما يحسب عليه
والثاني يسقط عنه النصف الباقي
ولو أبرأ المشتري عن نصف الثمن ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا وأراد رده فحكمه كما ذكرنا في الإبراء عن نصف الصداق
ولو أبرأه عن عشر الثمن واطلع على عيب قديم وحدث عنده عيب وأرش العيب القديم العشر فالمذهب أنه يطالب بالأرش

فصل خالعها قبل الدخول على غير الصداق فله المسمى ولها نصف الصداق

وإن خالعها على جميع الصداق فقد خالع على ماله ومالها لعود النصف إليه بالخلع فتقع البينونة وتبطل التسمية في نصيبه وفي نصيبها قولا تفريق الصفقة
إن لم نصحح بقي لها عليه نصف الصداق
وفيما له عليها قولان
أظهرهما مهر المثل
والثاني مثل الصداق أو قيمته
وإن صححنا التسمية في نصيبها قال الإمام وغيره يثبت للزوج الخيار إن كان جاهلا بالتشطير والتفريق
فإن فسخ عاد القولان في أن الرجوع بمهر المثل أم بدل المسمى
وإن جاز فعلى القولين

المذكورين في البيع أن يجبر ما صح العقد فيه بكل الثمن أم بالقسط إن قلنا بالكل فلا شىء له سوى النصف الذي صح الخلع فيه
وإن قلنا بالقسط رجع عليها بنصف مهر المثل على الأظهر وعلى الآخر بمثل نصف الصداق أو قيمته
وإن خالعها على نصف الصداق نظر إن قال بالنصف الباقي لك بعد الفراق صح وبرىء عن جميع الصداق إن كان دينا ويعود إليه الملك في جميعه إن كان عينا
وإن أطلق فقولان بناء على أن تصرف أحد الشريكين في النصف المطلق من العين المشتركة نصفين هل ينزل على النصف الذي له أم يشيع أحدهما ينزل على نصيبهما ويكون كما لو قيد بنصفها وأظهرهما عند الأكثرين يشيع لإطلاق اللفظ وكأنه خالع على نصف نصيبها ونصف نصيبه فيبطل في نصف نصيبه وفي نصيبها القولان
إن لم يصح بقي لها عليه نصف الصداق وله عليها مهر المثل على الأظهر ومثل نصف الصداق أو قيمته في الآخر
وإن صح في نصف نصيبها فلها عليه ربع الصداق ويسقط الباقي بحكم التشطر وعوض الخلع ثم أحد القولين أنه لا يستحق لعوض الخلع إلا الربع الذي صح الخلع فيه
وأظهرهما أن له مع ذلك نصف مهر المثل على الأظهر وربع مثل الصداق أو قيمته على قول
ومن الأصحاب من يقول كل الصداق لها حتى يتفرقا فيصح أن نجعله أو بعضه عوضا ثم إذا تفرقا بالخلع سقط النصف فهو كما لو خالعها على عين وتلف نصفها قبل القبض فيرجع بمهر المثل في قول وبدل التالف في قول

فرع عن ابن شريج خالعني على أن لا تبعة لك علي

ومعناه على ما سلم ( لي ) من المهر
الباب الخامس في المتعة
هي اسم للمال الذي يدفعه الرجل إلى امرأته لمفارقته إياها والفرقة ضربان
فرقة تحصل بالموت فلا توجب متعة بالإجماع وفرقة تحصل في الحياة كالطلاق
فإن كان قبل الدخول نظر إن لم يشطر المهر فلها المتعة وإلا فلا على المشهور
وإن كان بعد الدخول فلها المتعة على الجديد الأظهر
وكل فرقة من الزوج لا بسبب فيها أو من أجنبي فكالطلاق مثل أن ارتد أو أسلم أو لاعن أو أسلم على أكثر من أربع نسوة وفارق بعضهن أو وطىء أبوه أو ابنه زوجته بشبهة أو أرضعت أمه أو بنته زوجته الصغيرة والخلع كالطلاق على الصحيح
ولو فوض الطلاق إليها فطلقت فكتطليقه
ولو علق الطلاق بفعلها ففعلت أو الى منها ثم طلق بعد المدة بطلبها فكالطلاق على الصحيح
قلت ويجيء هذا الوجه في تطليقها
والله أعلم

ولو ارتدا معا فلا متعة على الأصح
وكل فرقة منها أو لسبب فيها لا متعة فيها كردتها وإسلامها وفسخها بإعساره أو عتقها أو تغريره أو عيبه أو فسخه بعيبها
ونقل المزني إثبات المتعة إذا فسخت بالتعيين فجعله بعضهم قولا اخر وأنكره الجمهور
ولو كانت ذمية صغيرة تحت ذمي فأسلم أحد أبويها وانفسخ النكاح فلا متعة كما لو أسلمت بنفسها
ولو اشترى زوجته فلا متعة على الأظهر
وقال أبو إسحق إن استدعاه الزوج وجب وإن استدعاه السيد فلا

فرع يسوى في المتعة المسلم والذمي والحر والعبد والحرة والذمية وهي في كسب العبد ولسيد

فصل المستحب أن يمتعها ثلاثين درهما نص عليه في المختصر

وفي القديم ثوبا قيمته ثلاثون درهما
وفي نص آخر يمتعها خادما وإلا فمقنعة وإلا فبقدر ثلاثين درهما وليس هو اختلافا بل نزلها الأصحاب على درجات الاستحباب وقالوا أقل المستحب ثلاثون درهما
وفي نص آخر يمتعها بخادم إن كان موسرا وبمقنعة إن كان معسرا
وإن كان متوسطا فبقدر ثلاثين درهما
وأما الواجب فإن تراضيا بشىء فذاك
وحكى الحناطي وجها أنه ينبغي أن يحلل كل منهما

صاحبه
فإن لم يفعلا لم يبرأ الزوج ولها رفع الأمر إلى القاضي ليقدرها
والصحيح الأول
وإن تنازعا فهل يكفي أقل ما يتمول أم يقدره الحاكم باجتهاده وجهان
الصحيح الثاني
وهل يعتبر بحاله أم بحالها أم بحالهما فيه أوجه
أصحها الثالث وهو ظاهر نصه في المختصر
وهل يجوز أن تزاد المتعة على نصف مهرها أم يشترط أن لا تزيد أم يشترط أن لا تبلغ نصفه فيه أوجه
أصحها الأول لإطلاق الآية وبهذا قطع البغوي وغيره

الباب السادس في النزاع في الصداق
وفيه مسائل
الأولى إذا اختلف الزوجان في قدر الصداق أو صفته كالصحة والتكسر والأجل وقدره تحالفا كالبيع سواء اختلفا قبل الدخول أو بعده أو بعد انقضاء الزوجية أو اختلف وارثاهما أو أحدهما ووارث الآخر ويحلف الزوجان على البت في النفي والإثبات ويحلف الوارث في الإثبات على البت وفي النفي على نفي العلم على الصحيح الذي عليه الجمهور
وقيل يحلف فيه على البت لأن من قطع بأن النكاح جرى بخمسمائة فهو قاطع بأنه ما جرى بألف
فإذا ثبت جريانه بخمسمائة فلا معنى لقوله لا أعلمه نكح بألف
وكيفية اليمين ومن يبدأ به كما سبق في البيع
فإذا تحالفا فسخ الصداق ورجعت إلى مهر المثل وقد سبق في البيع وجه أنه ينفسخ بنفس التحالف فليجىء هنا مثله وليكن

القول فيمن يتولى الفسخ وفي الانفساخ باطنا على ما سبق في البيع
وقد صرح بجميع هذا الحناطي وسواء في الرجوع إلى مهر المثل زاد على ما تدعيه المرأة أم لا
وقال ابن خيران وابن الوكيل إن كان مهر المثل زائدا فليس لها إلا ما ادعته والصحيح الأول
هذا في الظاهر أما في الباطن فإن قلنا لا ينفسخ لم يخف ما يحل لها
الثانية ادعت مسمى فأنكر الزوج أصل التسمية فوجهان
أحدهما القول قوله بيمينه
وأصحهما يتحالفان لأنه يقول الواجب مهر المثل وهي تدعي المسمى فحاصله الاختلاف في قدر المهر فيتحالفان
وإنما يحسن وضع المسألة إذا كان ما تدعيه أكثر من مهر المثل
ولو أنكرت تسمية مهر وادعاها الزوج فهل القول قولها أم يتحالفان القياس مجيء الوجهين
ولو ادعى أحدهما التفويض والآخر التسمية فإن أوجبنا المهر في التفويض بالعقد فهو كما لو ادعى أحدهما السكوت والآخر التسمية وإلا فالأصل عدم التسمية من جانب وعدم التفويض من جانب
ولو ادعى أحدهما التفويض والآخر أنه لم يجر للمهر ذكر فيشبه أن يكون القول قول الثاني
الثالثة إذا حكمنا بالتحالف فحلف أحدهما ونكل الآخر حكمنا للحالف
ومن أقام بينة حكمنا بها
ولو أقاما بينتين مختلفتين في قدر المهر فوجهان
أحدهما يحكم ببينة المرأة لاشتمالها على الزيادة
والثاني يتعارضانإذا قلنا بالتساقط فكأن لا بينة فيتحالفان
وإن قلنا بالقرعة فهل يحتاج من خرجت قرعته إلى اليمين وجهان
الرابعة ادعت النكاح ومهر المثل واعترف الزوج بالنكاح وأنكر المهر أو سكت عنه ولم يدع التفويض ولا إخلاء النكاح عن ذكر المهر حكى

الغزالي فيه وجهين
أحدهما وينسب إلى القاضي حسين يثبت لها المهر إذا حلفت لأن الظاهر معها فإن النكاح يوجب مهر المثل إذا لم تكن تسمية صحيحة
وأصحهما عند الغزالي أنه لا يثبت مهر مثلها بيمينها بل يتحالفان لأنه قد ينكحها بأقل ما يتمول وهذا الذي فرضه لا يكاد يتصور فإن التحالف أن يحلف كل واحد على إثبات ما يزعمه ونفي ما زعمه صاحبه
والمفروض من جهة الزوج إنكار مطلق فلا معنى للتحالف
ولم يذكر الروياني الخلاف هكذا بل قال قال مشايخ طبرستان القول قول الزوج وعليها البينة والحق أنه لا يسمع إنكاره لاعترافه بما يقتضي المهر ولكن يكلف البيان
فإن ذكر قدرا وادعت زيادة تحالفا
وإن أصر على الإنكار ردت اليمين عليها وقضي لها بها
قال الروياني ورأيت جماعة من المحققين بخراسان والعراق يفتون بهذا وهو القديم
ولو ادعت زوجية ومهرا مسمى يساوي مهر المثل وقال الزوج لا أدري أو سكت قال الإمام ظاهر ما ذكره القاضي أن القول قولها لما سبق أن النكاح اقتضى مهر المثل
قال والذي يقتضيه قياس المذهب أن دعواها متوجهة بذلك القدر ولا يسمع منه التردد بل يحلف على نفي ما تدعيه
فإن نكل ردت اليمين عليها وقضي بيمينها
ثم حكى عن القاضي على قياس الوجه المنسوب إليه أنه لو قال هذا ابني من فلانة استحقت عليه مهر المثل إذا حلفت لأنه إقرار بالوطء ظاهرا لأن استدخال الماء بعيد والوطء المحرم ( هو ) الذي يحصل منه الولد النسيب ظاهرا وهو يقتضي المهر
وقياس ظاهر المذهب أنه يؤمر بالبيان إذا أنكر ما ادعته
فإن أصر على الإنكار ردت اليمين عليها

فرع قال المتولي لو مات الزوج وادعت على الوارث أن الزوج
ألفا فقال الوارث لا أعلم كم سمى لم يتحالفا بل يحلف الوارث على نفي العلم
فإذا حلف قضي لها بمهر المثل
قلت هذا الذي ذكره المتولي حكاه الإمام عن القاضي حسين ثم قال هو مشكل على قياس المذهب قال والقياس أن يحكم بانقطاع الخصومة يحلف الوارث والقدر الثابت على قطع هو أقل ما يتمول والمختار بل الصواب قول المتولي والقاضي وقد نص عليه قبلهما القفال شيخ طريقة خراسان وقد حكاه عنه الرافعي في الباب الثاني من الدعوى والبينات ولم يذكر فيه خلافا ولم أر لأحد من الأصحاب خلافا ودليله أن تعذر معرفة المسمى كعدمه من أصله ولهذا نوجب مهر المثل في التحالف وإن كان هناك مسمى زائد أو ناقص
والله أعلم
الخامسة اختلف الزوج وولي الصغيرة أو المجنونة فقال الولي زوجتكها بألفين فقال بل بألف
فوجهان
أصحهما عند الأصحاب يتحالفان
والثاني لا فعلى هذا توقف إلى بلوغها فيتحالفان ويجوز أن يحلف الزوج ويوقف يمينها إلى بلوغها
وإذا قلنا يحلف الولي فذلك إذا ادعى زيادة عى مهر المثل والزوج معترف بمهر المثل
وأما إذا ادعى الزوج نكاحها بدون مهر المثل فلا تحالف لأنه يثبت مهر المثل وإن نقص الولي
ولو ذكر الزوج قدرا يزيد على مهر المثل وادعى الولي زيادة عليه لم يتحالفا كيلا يرجع الواجب إلى مهر المثل بل يأخذ الولي ما يقوله الزوج
ولو ادعى الولي مهر المثل أو

أكثر وذكر الزوج أكثر من ذلك فهل يتحالفان أم يؤخذ بما قاله الزوج وجهان حكاهما الحناطي وهذا الخلاف المذكور في اختلاف الزوج وولي الصغيرة يجري في اختلاف المرأة وولي الزوج الصغير وفيما إذا اختلف وليا الزوجين الصغيرين
ولو بلغت الصغيرة قبل التحالف حلفت هي ولا يحلف الولي
وادعى البغوي الاتفاق عليه
ولو اختلف ولي البكر البالغة وزوجها فالصحيح أنها هي التي تحلف
وقيل يحلف الولي لأنه العاقد قاله القاضي أبو الطيب وغيره
ومن قال بهذا لا يسلم في الصغيرة إذا بلغت أن اليمين عليها
والخلاف في حلف الولي يجري في الوكيل في النكاح وفي وكيل البائع مع المشتري ووكيل المشتري مع البائع وفي وكيليهما ومنهم من رتب وقال إن لم يحلف الولي فالوكيل أولى وإلا فوجهان لقوة الولاية

فرع إذا قلنا يحلف الولي فنكل فهل يقضى بيمين صاحبه أم يوقف
تبلغ الصبية وتفيق المجنونة فلعلها تحلف فيه وجهان نقلهما الحناطي
فرع جميع ما ذكرنا في هذه المسألة هو فيما يتعلق بإنشاء الولي
ما لا يتعلق به بأن ادعى على رجل أنه أتلف مال الطفل فأنكر المدعى عليه ونكل فهل يحلف اليمين المردودة إتماما للخصومة واستخلاصا لحق اصبي أم لا لأنه لا يتعلق بانشائه وجهان
أصحهما الثاني
وعلى هذا لا يقضى بالنكول بل يتوقف حتى يبلغ الصبي
وفي وجه لا تعرض اليمين على المدعى عليه ويتوقف في أصل

الخصومة
وأفتى القفال فيما إذا ادعى الولي على رجل دينا ورثه الصبي وأقام بينة به فقال الخصم كنت قضيته أو أبرأني مورثه أنه لا يحلف الولي بل يحلف الصبي إذا بلغ على نفي العلم بذلك
ولو أقر القيم بما قاله الخصم انعزل وأقام القاضي غيره
ولو ادعى أن هذا القيم قبضه وأنكر حلف
السادسة ادعت على رجل أنه نكحها يوم الخميس بألف ونكحها يوم السبت بألف وطلبت الألفين سمعت دعواها لإمكان ثبوت الألفين بأن يطأها يوم الجمعة ويخلعها ثم ينكحها يوم السبت وإذا ثبت العقدان بالبينة أو باقراره أو بيمينها بعد نكوله لزمه الألفان ولا يحتاج إلى التعرض لتخلل الفرقة ولا لحصول الأصل لأن كل عقد منهما ثبت مسماه والأصل بقاؤه
فإن ادعى أن العقد الثاني كان إظهارا للأول لا إنشاء لم يقبل
وهل له تحليف المرأة على نفي ذلك وجهان حكاهما في العدة أصحهما له
فإن ادعى على أنه لم يصبها في النكاح الأول صدق بيمينه ولا يطالب من المهر الأول إلا بالنصف وتكون معه بطلقتين
ولو ادعى في النكاح الثاني الطلاق قبل الإصابة صدق بيمينه وقنع منه بنصف المهر الثاني أيضا
ولو ادعى على رجل أنه اشترى منه كذا يوم الخميس بألف ثم يوم الجمعة بألف وطالبه بالثمنين لزمه الثمنان إذا ثبت العقدان كما في المهرين
السابعة رجل يملك أبوي حرة فنكحها على أحدهما معينا ثم اختلفا فقال

أصدقتك أباك فقالت بل أمي فوجهان
أصحهما يتحالفان
والثاني يصدق الزوج بيمينه في أنه لم يصدقها أمها وتحلف هي أنه لم يصدقها الأب ولها مهر مثلها ويعتق الأب بإقرار الزوج أنه أصدقها الأب لتضمنه الإقرار لأنه عتق عليها ولا غرم على المرأة لأنها لم تفوت عليه شيئا فصار كما لو قال لرجل بعتك أباك فأنكر عتق عليه باقراره
إن قلنا بالتحالف فحلفا عتق الاب بإقرار الزوج ولها مهر مثلها وليس عليها قيمة الاب وولاؤه موقوف لأن الزوج يقول هو لها وهي تنكره
وإن حلفت دونه عتق الأبوان
أما الاب فبإقراره وأما الأم فلأنا حكمنا بكونها صداقا وليس عليها قيمة واحدة منهما
وإن حلف دونها رقت الأم وعتق الأب وولاؤه موقوف
وإن لم يحلف واحد منهما عتق الاب ولا تتمكن هي من طلب المهر لأن من ادعى شيئا ونكل عن اليمين بعد الرد كان كمن لم يدع شيئا
ولو قال الزوج أصدقتك أباك ونصف أمك وقالت بل أصدقتني كليهما تحالفا بلا خلاف لأن الاختلاف هنا في قدر الصداق
فإذا حلفا فلها مهر المثل وتعتق وعليها قيمته لاتفاقهما أنه عتق عليها بحكم الصداق فلما تحالفا بطل الصداق ولا سبيل إلى رد العتق فوجبت القيمة كما لو اشترى عبدا فأعتقه ثم اختلفا في الثمن وتحالفا
وأما الام فيعتق عليها نصفها
فان كانت موسرة عتق الباقي بالسراية وعليها قيمة ما يعتق منها ويجيء التقاص
ولو حلف الزوج دونها عتق الاب ونصف الام ولا سراية إن كانت معسرة ولا شىء لها ولا عليها لانا حكمنا بيمينه أن الصداق هو الاب ونصف الام
ولو حلفت دونه حكم بكونهما صداقا وعتقا ولا شىء عليها
ولو قالت أصدقتني الام ونصف الاب فقال لا بل الاب ونصف الام تحالفا
فإذا حلفا

فلها مهر المثل ويعتق من الاب نصفه لاتفاقهما ونصف الزوج وعليها قيمة ما اتفقا عليه
وأما الام فيعتق نصفها باتفاقهما ويسري إلى الباقي إن كانت موسرة وعليها قيمة ما عتق منها
الثامنة اختلفا في أداء المهر فالقول قولها بيمينها سواء اختلفا قبل الدخول أو بعده
فلو اتفقا على قبض مال فقال دفعته صداقا وقالت بل هدية
فإن اتفقا على أنه تلفظ واختلفا هل قال خذي هذا صداقا أم قال هدية فالقول قوله بيمينه
وإن اتفقا أنه لم يجر لفظ واختلفا فيما نوى فالقول قوله بيمينه أيضا
وقيل بلا يمين وسواء كان المقبوض من جنس الصداق أم غيره طعاما أم غيره
فاذا حلف الزوج فان كان المقبوض من جنس الصداق وقع عنه وإلا فان رضيا ببيعه بالصداق فذاك وإلا استرده وأدى الصداق
فان كان تالفا فله البدل عليها وقد يقع في التقاص
ولو بعث إلى بيت من لا دين له عليه شيئا ثم قال بعثته بعوض وأنكر المبعوث إليه فالقول قول المبعوث إليه
التاسعة ادعى دفع الصداق إلى ولي الصغيرة والمجنونة أو السفيهة سمعت دعواه
وإن ادعى دفعه إلى ولي البالغة الراشدة لم يسمع الدعوى عليها إلا أن يدعي إذنها وسواء البكر والثيب
وفي البكر وجه ( و ) الخلاف مبني على أن الولي هل يملك قبض مهر البكر الرشيدة والمذهب منعه
وفيه قول أو وجه
ومنهم من لم يثبته وقطع بالاول
وإذا قلنا بالمذهب فاستأذنها

فسكتت لم يستفد بسكوتها الاذن في القبض وقياس القول أو الوجه الضعيف أن يستفيده وإن نهت عنه كتزويجها
العاشرة وقع الاختلاف في غير المنكوحة فهو اختلاف في عقدين القول في كل منهما قول النافي
وإن قال نكحت هاتين بألف فقالت إحداهما أو وليهما بل نكحت هذه فقط بألف فهذا اختلاف في قدر مهر المتفق على نكاحها
وأما الاخرى فالقول قول المنكر

فصل يتعلق بكتاب الصداق أصدقها جارية ثم وطىء الجارية عالما بالحال فإن
بالدخول إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام
وإن كان قبل الدخول فلا حد
وعللوه بشيئين
أحدهما لا يبعد أن يخفى مثل هذه الأحكام عن العوام
والثاني اختلاف العلماء فإن مالكا رحمه الله تعالى قال لا تملك قبل الدخول إلا نصف الصداق
فإن كان عالما بأنها تملك جميع الصداق بالعقد فعلى التعليل الأول يحد
وعلى الثاني لا
وحيث قلنا يحد فأولدها فالولد رقيق وعليه المهر إن كانت مكرهة
وحيث قلنا لا يحد فالولد نسيب حر وعليه قيمته يوم سقوطه

فصل خالع زوجته
المدخول بها ثم نكحها في العدة وطلقها قبل الدخول في النكاح الثاني يتشطر المهر عندنا
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يحب جميعه وبالله التوفيق
باب الوليمة
هي عامة على ما قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى تقع على كل دعوة تتخذ بسرور حادث من نكاح أو ختان أو غيرهما
لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح وتقيد في غيره فيقال وليمة الختان وغيره ويقال لدعوة الختان إعذار ولدعوة الولادة عقيقة ولسلامة المرأة من الطلق خرس
وقيل الخرس لطعام الولادة ولقدوم المسافر نقيعة ولإحداث البناء وكيرة ولما يتخذ للمصيبة وضيمة ولما يتخذ بلا سبب مأدبة
قلت الاعذار بالعين المهملة وبالذال المعجمة
والخرس بضم الخاء المعجمة وبالسين المهملة ويقال بالصاد
المأدبة بضم الدال وفتحها
والوضيمة بكسر الضاد المعجمة
وقول الأصحاب النقيعة لقدوم المسافر ليس فيه بيان من يتخذها أهو القادم أو المقدوم عليهم وفيه خلاف لاهل اللغة
فنقل إلازهري عن الفراء أنه القادم
وقال صاحب المحكم هو طعام يصنع للقادم وهو الاظهر
والله أعلم

وفي وليمة العرس قولان أو وجهان
أحدهما أنها واجبة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أولم ولو بشاة
وأصحهما أنها مستحبة كالاضحية وسائر الولائم والحديث على الاستحباب وقطع القفال بالاستحباب وأما سائر الولائم فمستحبة ليس بواجبة على المذهب وبه قطع الجمهور ولا يتأكذ تأكد وليمة النكاح
قال المتولي وخرج بعضهم في وجوب سائر الولائم قولا لان الشافعي رحمه الله قال بعد ذكرها ولا أرخص في تركها

فرع أقل الوليمة على ما ذكره ابن الصباغ وغيره للمتمكن شاة وإن
لم يتمكن اقتصر على ما يقدر عليه
فرع وأما الإجابة إلى الدعوة ففي وليمة العرس تجب الإجابة إن أوجبنا
الوليمة وكذا إن لم نوجبها على الأظهر
وقيل على الأصح صححه العراقيون والروياني وغيرهم للأحاديث الصحيحة من دعي إلى وليمة فليأتها
والثاني أنها مستحبة
وأما غير وليمة العرس فالمذهب أن الإجابة فيها مستحبة
وقيل بطرد الخلاف في الوجوب
وإذا أوجبنا الإجابة فهي فرض عين على الأصح
وقيل فرض كفاية
ثم إنما تجب الإجابة أو تستحب بشروط
منها أن يعم عشيرته أو جيرانه أو أهل حرفته أغنياءهم وفقراءهم دون ما إذا خص الاغنياء
ومنها أن يخصه بالدعوة بنفسه أو يبعث إليه شخصا
فأما إذا فتح باب داره وقال ليحضر من أراد أو بعث شخصا ليحضر من شاء أو قال لشخص احضر وأحضر

معك من شئت فقال لغيره احضر فلا تجب الإجابة ولا تستحب
ومنها أن لا يكون إحضاره لخوف منه أو طمع في جاهه أو ليعاونه على باطل بل تكون للتقرب أو التودد
ومنها أن يدعوه مسلم
فإن دعاه ذمي فهل هو كالمسلم أم لا تجب قطعا طريقان
أصحهما الثاني
ولا يكون الاستحباب في إجابته كالاستحباب في دعوة المسلم لانه قد يرغب عن طعامه لنجاسته وتصرفه الفاسد وتكره مخالطة الذمي وموادته
ومنها أن يدعو في اليوم الاول
فلو أولم ثلاثة أيام فالإجابة في اليوم الثالث مكروهة وفي الثاني لا تجب قطعا ولا يكون استحبابها كالاستحباب في اليوم الاول

فرع إذا اعتذر المدعو إلى صاحب الدعوة فرضي بتخلفه زال الوجوب وارتفعت
كراهة التخلف
فرع دعاه جماعة أجاب الاسبق فإن جاءا معا أجاب الاقرب رحما ثم
دارا كالصدقة
ومنها أن لا يكون هناك من يتأذى بحضوره ولا يليق به مجالسته
فإن كان فهو معذور في التخلف
وأشار في الوسيط إلى وجه فيه
ومنها أن لا يكون هناك منكر كشرب الخمر والملاهي
فان كان نظر إن كان الشخص ممن إذا حضر رفع المنكر فليحضر إجابة للدعوة وإزالة للمنكر وإلا فوجهان
أحدهما الاولى أن لا يحضر ويجوز أن يحضر ولا يستمع وينكر بقلبه كما لو كان يضرب المنكر في جواره فلا يلزمه التحول وإن

بلغه الصوت وعلى هذا جرى العراقيون
والثاني وهو الصحيح يحرم الحضور لانه كالرضى بالمنكر وإقراره
قلت الوجه الاول غلط ولا يثبت عن كل العراقيين وإنما قاله بعضهم وهو خطأ ولا يغتر بجلالة صاحب التنبيه ونحوه ممن ذكره
والله أعلم
فاذا قلنا بالثاني فلم يعلم حتى حضر نهاهم فان لم ينتهوا فليخرج
وفي جواز القعود وجهان
قلت أصحهما التحريم
والله أعلم
فإن لم يمكنه الخروج بأن كان في الليل ويخاف من الخروج قعد كارها ولا يستمع
ولو كانوا يشربون النبيذ المختلف في إباحته لم ينكره لأنه مجتهد فيه
فإن كان حاضره ممن يعتقد تحريمه فكالمنكر المجمع على تحريمه
وقيل لا

فرع ومن المنكرات فرش الحرير وصور الحيوانات على السقوف والجدران والثياب الملبوسة والستور المعلقة
بأس بما على الارض والبساط الذي يداس والمخاد التي يتكأ عليها وليكن في معناها الطبق والخوان والقصعة
ولا بأس بصور الاشجار والشمس والقمر
وفي وجه يكره صورة الشجر
ولو كانت صور الحيوانات مقطوعة الرؤوس فلا بأس به على الصحيح ومنعه المتولي
وهل دخول البيت الذي فيه الصور الممنوعة حرام

أم مكروه وجهان
وبالتحريم قال الشيخ أبو محمد وبالكراهة قال صاحب التقريب والصيدلاني ورجحه الإمام والغزالي في الوسيط
ولو كانت الصورة في الممر دون موضع الجلوس فلا بأس بالدخول والجلوس ولا يترك إجابة الدعوة بهذا السبب
وكذا لا بأس بدخول الحمام الذي على بابه صور كذا قاله الأصحاب

فرع يحرم على المصور التصوير على الحيطان والسقوف ولا يستحق أجرة
وفي نسج الثياب المصورة وجهان جوزه أبو محمد لانها قد لا تلبس ورجح المنع الإمام والغزالي تمسكا بالحديث لعن الله المصورين
قلت الصحيح التحريم والحديث صحيح
والله أعلم
وطرد المتولي الوجهين في التصوير على الأرض ونحوها وكأن من قال بالمنع
قال ليس له أن يصور لكن إن اتفق يسامح به ولا يجب طمسه
قلت الصحيح تحريم التصوير على الارض وغيرها
والله أعلم
فصل الصوم ليس عذرا في ترك اجابة الدعوة

فإذا حضر الصائم إن كان صوم

فرض مضيق الوقت حرم الفطر
وإن كان موسعا كالنذر المطلق وقضاء رمضان فإن لم نجوز الخروج منه حرم الفطر وإلا ( فقيل ) هو كصوم النفل
وعن القاضي حسين كراهة الخروج منه لان ذمته مشغولة
وإن كان صوم نفل فإن لم يشق على صاحب الدعوة إمساكه استحب اتمام صومه وإن شق عليه استحب الفطر
أما المفطر ففي أكله وجهان
أحدهما يجب وأقله لقمة وأصحهما أنه مستحب

فصل دعاه من أكثر ماله حرام كرهت إجابته كما تكره معاملته
فإن علم أن عين الطعام حرام حرمت إجابته
فصل المرأة إذا دعت النساء كما ذكرنا في الرجال

فإن دعت رجلا أو رجالا وجبت الإجابة إذا لم يكن خلوة محرمة
قلت قال إبرهيم المروزي لو دعته أجنبية وليس هناك محرم له ولا لها ولم يخل به بل جلست في بيت وبعثت الطعام مع خادم إليه إلى بيت آخر من دارها لم يجبها مخافة الفتنة
والله أعلم

فصل في مسائل تتعلق بالضيافة

إحداها للضيف أن يأكل إذا قدم إليه الطعام من غير أن يأذن صاحب الطعام لفظا إلا إذا كان ينتظر حضور غيره فلا يأكل حتى يحضر أو يأذن المضيف لفظا
وفي الوسيط أنه لا بد من لفظ وهو شاذ ضعيف والصحيح الاكتفاء بقرينة التقديم وللقرينة أثر ظاهر في مثل هذا الباب وكذلك يجوز الشرب من الحباب الموضوعة على الطرق وكان السلف يأكلون من بيوت إخوانهم للانبساط وهم غيب
وقال المتولي تقديم الطعام إنما يكفي إذا دعاه إلى بيته
فإن لم يسبق دعوة فلا بد من الإذن لفظا إلا إذا جعلنا المعاطاة بيعا وقرينة التقديم لا تختلف لسبق الدعوة وعدمه
قلت الصحيح بتقديم الطعام أنه يجوز الأكل بلا لفظ سواء دعاه أم لا بشرط أن لا يكون منتظرا غيره كما سبق
وأما الأكل من بيت الصديق وبستانه ونحوهما في حال غيبته فجائز بشرط أن يعلم من حاله أنه لا يكره ذلك منه
والله أعلم
الثانية هل يملك الضيف ما يأكله وجهان
قال القفال لا بل هو إتلاف بإذن المالك وللمالك أن يرجع ما لم يأكل
وقال الجمهور نعم
وبم يملك فيه أوجه
قيل بالوضع بين يديه وقيل بالأخذ وقيل بوضعه

في الفم وقيل بالازدراد يتبين حصول الملك قبيله
وضعف المتولي ما سوى الوجه الأخير
وعلى الأوجه ينبني التمكن من الرجوع
قلت قال صاحب البيان إذا قلنا يملكه بالأخذ أو بالوضع في الفم فهل للآخذ إباحته لغيره والتصرف فيه بغير ذلك وجهان
الصحيح ( وقول الجمهور ) لا يجوز كما لا يعير المستعار
وقال الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب يجوز أن يفعل ما يشاء من البيع والهبة وغيرهما لأنه ملكه
قال ابن الصباغ هذا لا يجيء على أصلهما
والله أعلم
الثالثة ليس للضيف التصرف في الطعام بما سوى الأكل فلا يجوز أن يحمل معه منه شيئا إلا إذا أخذ ما يعلم رضى المالك به ويختلف ذلك بقدر المأخوذ وجنسه وبحال المضيف والدعوة
فإن شك في وقوعه في محل المسامحة فالصحيح التحريم وليس للضيف إطعام السائل والهرة ويجوز أن يلقم الأضياف بعضهم بعضا إلا إذا فاوت بينهم في الطعام فليس لمن خص بنوع أن يطعموا منه غيرهم ويكره للمضيف أن يفعل ذلك
الرابعة يحرم التطفل واستثنى المتولي وغيره فقالوا إذا كان في الدار ضيافة جاز لمن بينه وبين صاحب الطعام انبساط أن يدخل ويأكل إذا علم أنه لا يشق عليه

فصل في آداب الأكل
منها أن يقول أولا باسم الله فإن نسي قال إذا تذكر بسم الله أوله وآخره وأن يغسل يديه قبل الأكل وبعده وأن يأكل بأصابعه الثلاث وأن يدعو لصاحب الطعام إن كان ضيفا ويقول أكل طعامكم الأبرار وأفطر عندكم الصائمون
وصلت عليكم الملائكة
ويكره أن يأكل متكئا وأن يأكل مما يلي آكليه وأن يأكل من وسط القصعة وأعلى الثريد ونحوه ولا بأس بذلك في الفواكه ويكره أن يعيب الطعام وأن يقرن بين تمرتين ونحوهما وأن يأكل بشماله وأن يتنفس في الإناء وأن ينفخ فيه
ولا يكره الشرب قائما وحملوا النهي الوارد على حالة السير
قلت هذا الذي قاله من تأويل النهي على حالة السير قد قاله ابن قتيبة والمتولي وقد تأوله آخرون بخلاف هذا
والمختار أن الشرب قائما بلا عذر خلاف الأولى للأحاديث الصريحة بالنهي عنه في صحيح مسلم
وأما الحديثان الصحيحان عن علي وابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما فمحمولان على بيان الجواز جمعا بين الأحاديث
وقد اعترض على أحاديث النهي بأشياء باطلة أوضحت جوابها في شرح صحيح مسلم
ويكره الشرب من القربة
ومن آداب الأكل حمد الله تعالى في آخره
وكذلك في آخر الشرب فيقول الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا
ثبت ذلك في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله وقد جاءت في هذا أذكار كثيرة في الصحيح وغيره وقد جمعت

مقاصدها في كتاب أذكار الطعام من كتاب الأذكار وشرحت فيه هذه الألفاظ أحزن شرح وأوجزه مع جمل مما يتعلق بالأطعمة
وقوله ربنا يجوز بالرفع على الابتداء وبالنصب على الاختصاص أو النداء وبالجر على البدل من قوله الحمد لله
وإذا أكل جماعة فمن الأدب أن يتحدثوا على طعامهم بما لا إثم فيه ويكره أن يتمخط ويبصق في حال أكلهم إلا لضرورة ويكره أن يقرب فمه من القصعة بحيث يرجع من فمه إليها شىء
ويستحب أن يلعق القصعة وأن يلعق أصابعه وأن يأكل اللقمة الساقطة ما لم تتنجس ويتعذر تطهيرها للأحاديث الصحيحة في ذلك
والأولى أن لا يأكل الشخص وحده وأن لا يرتفع عن مؤاكلة الغلام والصبيان والزوجة وأن لا يتميز على جلسائه بنوع إلا لحاجة كدواء ونحوه وأن يمد الأكل مع رفقته ما دام يظن لهم حاجة إلى الأكل وأن يؤثرهم بفاخر الطعام كقطعة لحم وخبز لين أو طيب ونحو ذلك وقد سبق استحباب التسمية في أول الطعام وهي مستحبة لكل آكل حتى الحائض والنفساء
وينبغي أن يجهر بها جهرا يسمعه رفقته سماعا محققا ليقتدى به فيها وليتنبه غيره لها ويستحب لكل واحد من الجماعة أن يسمي
فإن سمى واحد من الجمع أجزأ عن الباقين نص عليه الشافعي رضي الله عنه وقد ذكرته في كتاب الأذكار وفي طبقات الفقهاء في ترجمة الشافعي وهو شبيه برد السلام وتشميت العاطس فإنه يكفي قول أحد الجماعة
ومن ترك التسمية عامدا أو مكرها أو لعارض آخر ثم تمكن في أثناء أكله سمى كما لو نسيها وسبق مثله في الوضوء والتسمية في المشروب كالمأكول
ولا بأس

بقوله لا أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدت أكله لحديث الضب
ويستحب لمن حضر وهو صائم ولم يأكل أن يدعو لأهل الطعام ويستحب الترحيب بالضيف وحمد الله تعالى على حصوله ضيفا عنده وسروره به وثناؤه عليه لجعله أهلا لتضييفه
ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
والله أعلم

فصل يجوز نثر الجوز واللوز والتمر والسكر ونحوها في الإملاكات

وهل يكره أم يستحب أم لا يستحب ولا يكره بل تركه أولى فيه أوجه
أصحها الثالث
والتقاط النثار جائز لكن الأولى تركه إلا إذا عرف أن الناثر لا يؤثر بعضهم على بعض ولم يقدح الالتقاط في مروءته ثم من التقط لم يؤخذ منه
وهل يملكه وجهان
أحدهما لا لأنه لم يوجد لفظ تمليك لمعين والثاني يملك اعتبارا بالعادة والأئمة إلى هذا الوجه أميل وهو مقتضى إطلاق أكثرهم
فعلى الأول للناثر الاسترجاع
قال ابن كج له الاسترجاع ما لم يخرج الملتقط من الدار وعليه الغرم إن أتلفه
وإن قلنا يملك فهل يخرج عن ملك الناثر بالنثر أم بأخذ الملتقط أم بإتلافه فيه أوجه
قلت الأصح أنه يملك بالأخذ كسائر المباحات
والله أعلم

ومن وقع في حجره شىء من النثار فإن بسطه لذلك لم يؤخذ منه
فإن سقط منه بنفس الوقوع لم يبطل حقه على الأصح فيمنع غيره من أخذه
وإن لم يبسطه له لم يملكه لعدم القصد والفعل
فإن نفضه فهو كما لو وقع على الأرض أولا وإلا فهو أولى به من غيره وليس لغيره أن يأخذه
فلو أخذه غيره ففي ملكه وجهان جاريان فيما لو عشش طائر في ملكه فأخذ فرخه غيره
وفيما إذا دخل السمك مع الماء حوضه وفيما إذا وقع الثلج في ملكه فأخذه غيره وفيما إذا أحيا ما يحجره غيره
لكن الأصح أن المحيي يملك
وفي هذه الصور ميلهم إلى المنع أكثر لان المتحجر غير مالك فليس الإحياء تصرفا في ملك غيره بخلاف هذه الصورة ولو سقط من حجره قبل أن يقصد أخذه أو قام فسقط بطل اختصاصه كما لو طار الفرخ فإنه يجوز لغير صاحب الارض أخذه بلا خلاف
ثم اختصاص من وقع في حجره مخصوص بمن هو ممن يأخذه
أما من يعلم أنه لا يأخذه ولا يرغب فيه فلا اختصاص له به ويجوز لغيره أخذه من حجره ذكره البغوي وغيره
ويكره أخذ النثار من الهواء بالملاءة والازر المربوطة برؤوس الخشب
فإن أخذ كذلك استحقه ونثر الدراهم والدنانير كنثر السكر ذكره المسعودي
قلت ولو التقط النثار صبي ملكه ولو التقطه عبد ملكه سيده ذكره إبرهيم المروزي والختان في هذا كاملاك
والله أعلم

كتاب عشرة النساء
والقسم والشقاق فيه بابان
الأول في عشرتهن والقسم
النكاح مناط حقوق الزوج على الزوجة كالطاعة وملازمة المسكن
وحقوقها عليه كالمهر والنفقة والكسوة والمعاشرة بالمعروف
قال الله تعالى { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } والمراد تماثلها فق وجوب الآداب
وقال تعالى { وعاشروهن بالمعروف } قال الشافعي رحمه الله جماع المعروف بين الزوجين الكف عن المكروه وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه من غير إظهار كراهته في تأديته
فأيهما مطل بتأخيره فمطل الغني ظلم قالاالأصحاب أراد بالكف عن المكروه الامتناع عما يكرهه صاحبه وبإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه أن لا يحوجه في أداء الحق إلى كلفة ومؤنة
وبقوله من غير إظهار كراهة أن يؤدي الحق راضيا طلق الوجه
ومن المعاشرة بالمعروف القسم
وفائدته العدل والتحرز عن الإيذاء والإيحاش بترجيح البعض وقد يعرض ما يقتضي التفضيل
ويتضمن الباب خمسة أطراف
الأول في استحقاق القسم
من له زوجة واحدة ينبغي أن لا يعطلها فيستحب أن يبيت عندها ويحصنها وأدنى الدرجات أن ( لا ) يخلي أربع ليال عن

ليلة ولا يجب عليه المبيت بحال لأنه حقه فله تركه
ولو كان له مستولدات أو إماء فلا قسم لهن ويستحب أن لا يعطلهن وأن يسوي بينهن
ولو كان معهن نساء فلا قسم بينهن وبين النساء
حتى لو بات عند المنكوحات أو عند الإماء فلا قسم للأخريات
وإذا كان تحته زوجتان فأكثر فالإعراض عن جملتهن كالإعراض عن الواحدة المنفردة
وحكى القاضي أبو حامد وجها أنه يلزمه القسم بينهن ويحرم إعراضه عنهن ويمكن أن يجيء مثله في الواحدة
ولو بات عند بعضهن لزمه مثله للباقيات
وإذا سوى بينهن في الظاهر لم يؤاخذ بزيادة ميل قلبه إلى بعضهن ولا تجب التسوية في الجماع لكن يستحب التسوية فيه وفي سائر الاستمتاعات
ولو قسم بينهن مدة وسوى ثم أعرض عنهن جاز كالابتداء

فصل فيمن تستحق القسم فيه مسائل

إحداها تستحقه المريضة والرتقاء والقرناء والحائض والنفساء والمحرمة والمؤلى منها والمظاهر منها والمراهقة والمجنونة التي لا يخاف منها لأن المراد الأنس
قال المتولي والمعتدة عن وطء شبهة لا قسم لها لأنه يحرم الخلوة بها

الثانية إذا نشزت عن زوجها بأن خرجت من مسكنه أو أراد الدخول عليها فأغلقت الباب ومنعته أو ادعت عليه الطلاق أو منعت التمكين فلا قسم لها كما لا نفقة
وإذا عادت إلى الطاعة لم تستحق القضاء وامتناع المجنونة كامتناع العاقلة لكن لا تأثم
الثالثة إن لم ينفرد بمسكن وطاف عليهن في مساكنهن فذاك وإن انفرد فيتخير بين المضي إليهن ودعائهن إلى مسكنه في نوبتهن والأول أولى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
فإن دعاهن لزمهن الإجابة
ومن امتنعت فهي ناشزة
وهل له أن يدعو بعضهن إلى مسكنه ويمضي إلى مسكن بعضهن وجهان
وقال الحناطي قولان
أصحهما المنع وبه قطع البغوي والسرخسي وغيرهما
فإن أقرع بينهن ليدعو من خرجت قرعتها إلى منزله فينبغي القطع بالجواز كالمسافرة ببعضهن بالقرعة
ثم الوجهان إذا لم يكن التخصيص بعذر فإن كان بأن كان مسكن إحداهما قريبا إليه فمضى إليها ودعا الأخرى لتخف عنه مؤنة السير لزمها الإجابة وكذا لو كان تحته عجوز وشابة فحضر بيت الشابة لكراهة خروجها ودعا العجوز فلزمها الإجابة فإن أبت بطل حقها
وإذا كان يدعوهن إلى منزله فمنع بعضهن شغل لها بطل حقها
وإن منعها من الإجابة مرض قال ابن كج عليه أن يبعث إليها من يحملها إليه
ولو أقام عنده واحدة منهن ودعا الباقيات إلى بيتها لم تلزمهن الإجابة لما فيه من المشقة

الرابعة إن سافرت معه فسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى
وإن سافرت وحدها من غير إذنه فهي ناشزة
وإن أذن نظر إن كان السفر لغرضه بقي حقها فيقضيه من حق الباقيات
وإن كان لغرضها كحج وتجارة سقط حقها على الجديد فلا قضاء لها
وقيل بالسقوط قطعا وفائدة الإذن دفع الإثم

فصل فيمن يستحق عليه القسم هو كل زوج عاقل وإن كان مراهقا

فإن جاز المراهق فالإثم على وليه وإن جاز السفيه فعلى نفسه ( و ) أما المجنون فإن كان لا يؤمن منه ضرر فلا قسم وإن أمن فإن كان قسم لبعضهن ثم جن فعلى الولي أن يطوف به على الباقيات قضاء لحقوقهن كقضاء الديون
قال المتولي وذلك إذا طلبن
فإن أردن التأخير إلى إفاقته لتتم المؤانسة فلهن ذلك
وإن لم يكن عليه شىء من القسم فإن رأى منه ميلا إلى النساء وقال أهل الخبرة ينفعه غشيانهن لزم الولي أن يطوف به عليهن أو يدعوهن إلى منزله أو يطوف به على بعضهن ويدعو بعضهن كما يرى
وإن لم ير منه ميلا فليس عليه الطواف به
وحكى الفوراني وجها أن حق القسم يبطل بالجنون ولا يطالب الولي برعايته بحال ولا يجري الوجه فيما إذا قيل ينفعه الغشيا
ولو قيل يضره لزمه منعه عنهن
أما من به جنون منقطع فان ضبط كيوم ويوم جعلت أيام الجنون

كالغيبه ويقسم في إفاقته
ولو أقام في الجنون عند واحدة فلا قضاء ولا اعتداد به كذا قاله البغوي وغيره وفيه إشعار بأنه لا يقسم أيام جنونه
وحكى أبو الفرج وجها أنه إذا أقام في الجنون عند واحدة قضى للباقيات
وقال المتولي يراعي القسم في أيام الافاقة ويراعيه الولي في الجنون ولكل واحدة نوبة من هذا ونوبة من هذا وهذا حسن
وإن لم تنضبط الإفاقة وقسم الولي لواحدة في الجنون وأفاق في نوبة الأخرى قال الغزالي يقضي ما جرى في الجنون لنقصه
الطرف الثاني في مكان القسم وزمانه فيه مسائل
إحداها يحرم عليه أن يجمع بين زوجتين أو زوجات في مسكن ولو ليلة واحدة إلا برضاهن
والمراد بالمسكن ما يليق بامرأة من دار وحجرة بيت مفرد
فاللواتي تليق بكل واحدة منهن بيت أو دار أو حجرة لا يجمع بينهن في دار واحدة و لا حجرة واحدة لكن لو كان في الدار حجر مفردة المرافق فله أن يسكنهن فيها
وكذا لو أسكن واحدة في العلو والأخرى في السفل والمرافق متميزة واللواتي يليق بهن البيوت الفردة له أن يسكن كل واحدة منهن بيتا من خان واحد أو دار واحدة ولا يجمع بينهن في بيت إلا بالرضى
وإذا جمعهما في مسكن بالرضى كره وطء أحدهما بحضرة الأخرى
ولو طلب لم تلزمها الإجابة ولا تصير بالامتناع ناشزة
الثانية عماد القسم الليل والنهار تابع وله أن يرتب القسم على الليلة واليوم الذي قبلها أو اليوم الذي بعدها هذا حكم عامة الناس
وأما من يعمل ليلا ويسكن نهارا كالأتوني والحارس فعماد قسمه النهار والليل تابع وعماد قسم المسافر وقت نزوله ليلا كان أو نهارا قليلا أم كثيرا

الثالثة من عماد قسمه الليل يحرم عليه أن يدخل في نوبة واحدة على الأخرى ليلا وإن كان لحاجة كعيادة وغيرها
وقيل يجوز للحاجة وهو ضعيف ويجوز الدخول للضرورة بلا خلاف
قال في الشامل هي مثل أن تموت أو يكون منزولا بها
وقال الشيخ أبو حامد وغيره هي كالمرض الشديد
قال الغزالي هي كالمرض المخوف
قال وكذا المرض الذي يحتمل كونه مخوفا فيدخل لتبيين الحال
وفي وجه لا يدخل حتى يتحقق أنه مخوف
ثم إذا دخل على الضرة لضرورة أو مكث ساعة طويلة قضى لصاحبة النوبة مثل ذلك في نوبة المدخول عليها وإن لم تكن إلا لحظة يسيرة فلا قضاء
ولو تعدى بالدخول إن طال الزمان قضى وإلا فلا لكن يعصي
وعن القاضي حسين تقدير القدر المقتضي بثلث الليل
والصحيح أن لا يقدر
هذا إذا لم يجامع المدخول عليها فإن جامعها عصى
وفي القضاء أوجه
أحدها أنه أفسد الليلة فلا تحسب على صاحبة النوبة
والثاني يقضي الجماع في نوبة التي جامعها
وأصحها يقضي من نوبتها مثل تلك المدة ولا يكلف الجماع
فإن فرض الجماع في لحظة يسيرة فلا قضاء على هذا الوجه ويبقى الوجهان الأولان

فرع وأما النهار فلا تجب التسوية فيه بين النسوة في قدر إقامته
في البيت ولكن ينبغي أن تكون إقامته في بيت صاحبة النوبة إن أقام ولا يدخل على

غيرها إلا لحاجة كعيادة وتعرف خبر وتسليم نفقة ووضع متاع واحدة
وينبغي أن لا يطيل المقام ولا يعتاد الدخول على واحدة في نوبة الأخريات ولا في نوبة واحدة الدخول على غيرها
وإذا دخل على واحدة بغير حاجة ففي التجريد للمحاملي أنه يجب القضاء وحكاه عن نصه في الإملاء
وإن دخل لحاجة فلا قضاء
هذا هو الصحيح المعروف وحكى الغزالي وجهين آخرين
أحدهما أن النهار كالليل ومقتضى هذا الإطلاق أن لا يدخل إلا لضرورة وأنه يقضي إذا دخل متعديا
وحكى ابن كج أن أبا إسحق حكى في وجوب القضاء قولا
والثاني لا حجر بالنهار
ومقتضى هذا أن يدخل ويخرج كيف شاء بلا قضاء ولا يجوز في دخول الحاجة أن يجامع
وفي سائر الاستمتاعات وجهان
أصحهما الجواز
وفي كتاب ابن كج وجه أنه يجوز الجماع وهو شاذ

فرع من عماد قسمه النهار فليله كنهار غيره ونهاره كليل غيره في
جميع ما ذكرنا
فرع نقل البغوي وغيره أنها إذا مرضت أو طرأ بها الطلق فإن
متعهد لم يبت عندها إلا في نوبتها ويراعي القسم
وإن لم يكن متعهد بات عندها ليالي بحسب الحاجة ويقضي للباقيات إن برأت
وإن ماتت تعذر

القضاء
وفي القضاء لا يبيت عند كل واحدة من الأخريات جميع تلك الليالي ولاء بل ( لا ) يزيد على ثلاث ليال وهكذا يدور حتى يتم القضاء
ولو مرضت ثنتان ولا متعهد فقد يقال يقسم الليالي عليهما ويسوي بينهما في التمريض ويمكن أن يقال يقرع بينهما كما يسافر جها بالقرعة
قلت القسم أرجح
والله أعلم

فرع كان يعمل تارة بالليل ويستريح بالنهار وتارة عكسه فهل يجوز أن
وللأخرى ليلة متبوعة ونهار تابع وجهان حكاهما الحناطي
قلت الأصح المنع لتفاوت الغرض
والله أعلم
الرابعة أقل نوب القسم ليلة ليلة ولا يجوز ببعض الليلة
وحكى ابن كج وجها أنه يجوز أن يقسم لكل واحدة بعضا من ليلة
وحكى الإمام وجها أنه يجوز أن يقسم لكل واحدة ليلة ونصفا ولا يجوز لكل واحدة بعض ليلة
والصحيح المنع مطلقا
والأفضل أن لا يزيد على ليلة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وليقرب عهده بهن كلهن
ولو قسم ليلتين ليلتين أو ثلاثا ثلاثا جاز نص عليه
وفي وجه عن أبي إسحق لا تجوز الزيادة على ليلة إلا برضاهن

والصحيح الأول
ولا تجوز الزيادة على ثلاثة إلا برضاهن على المذهب
وقيل قولان أو وجهان
فإن جوزنا الزيادة فوجهان
أحدهما عن صاحب التقريب لا تجوز الزيادة على سبعة
والثاني عن الشيخ أبي محمد وغيره تجوز الزيادة ما لم تبلغ أربعة أشهر مدة تربص المؤلي
الخامسة إذا أراد الابتداء بالقسم فوجهان
أحدهما يبدأ بمن شاء
والصحيح يلزمه القرعة فيبدأ بالقارعة
فإذا مضت نوبتها أقرع بين الباقيات
ثم بين الآخرتين فإذا تمت النوب راعى الترتيب ولا حاجة إلى إعادة القرعة
ولو بدأ بلا قرعة فقد ظلم ويقرع بين الثلاث
فإذا تمت النوب أقرع للابتداء
الطرف الثالث في التساوي وبيان محل التفاضل
القسم المشروع للعدل فيحرم التفضيل وإن ترجحت إحداهما بشرف وغيره فتجب التسوية بين المسلمة والكتابية ولا يجوز التفضيل إلا بشيئين
أحدهما الحرية فللحرة ضعف ما للأمة فدورهما أثلاث
فلو طرأ عتق الأمة فإما أن يكون الابتداء بالحرة وإما بالأمة
الحالة الأولى بالحرة
فإما أن تعتق في نوبة الحرة وإما في نوبتها
القسم الأول في نوبة الحرة وهو ضربان
أحدهما أن يعتق في القدر المشترك بين الحرة والأمة بأن عتقت في الليلة الأولى من ليلتي الحرة فيتم الليلة ويبيت الليلة الأخرى عند العتيقة ليسوي بينهما
الضرب الثاني عتقت في الليلة الثانية فلا يلزمه الخروج بل له أن يبيت عند الحرة بقية الليل لكن يبيت بعد ذلك عند العتيقة ليلتين
فلو خرج في الحال وكان بقية الليلة في مسجد أو بيت صديق لم يلزمه قضاء ما مضى من تلك الليلة
وإن خرج بقية الليلة إلى العتيقة فقد أحسن

القسم الثاني تعتق في نوبة نفسها فإن عتقت قبل تمام ليلتها كمل لها ليلتين لالتحاقها بالحرة وحكى الحناطي وغيره وجها أنها لا تستحق إلا ليلة نظرا إلى الابتداء
وإن عتقت بعد تمام ليلتها لم تستحق إكمال ليلتين بل يقتصر في تلك النوبة على تلك الليلة ثم يسوي بينهما
وهل العتق في يومها التالي ليلتها كعتقها في ليلتها حكي عن إمام الحرمين فيه وجهان
أصحهما وهو الموافق لكلام الجمهور المنع لأنه تابع
الحالة الثانية بدأ بالأمة فعتقت في نوبتها صارت كالحرة فيسوي بينهما وإن عتقت بعد تمام نوبتها فوجهان
أحدهما يبيت عند الحرة ليلتين ثم يسوي بعد ذلك وبهذا قطع الإمام والمتولي والغزالي والسرخسي ومنع البغوي تكميل الليلتين وقال إن عتقت في الأولى من ليلتي الحرة أتمها واقتصر عليها وإن عتقت في الثانية خرج من عندها في الحال
وعلى نحو هذا جرى الشيخ أبو حامد وأصحابه وصاحب المهذب

فرع ذكر ابن كج والشيخ أبو الفرج وغيرهما أن الأمة إنما تستحق
إذا استحقت النفقة وفي نص الشافعي رضي الله عنه إشارة إليه وقد بينا في كتاب النكاح متى تجب نفقتها
فرع إسقاط حق القسم بهبته للزوج أو لضرة الأمة لا للسيد لأن
الحظ في القسم لها كما أن خيار العيب لها لا له

فرع ذكر المتولي أنه إذا قسم للحرة ليلتين ثم سافر السيد
لم يسقط حقها من القسم بل على الزوج قضاء ما فات عند التمكن لأن الفوات حصل بغير اختيارها فعذرت
السبب الثاني تجدد النكاح وهو يقتضي تخصيص الجديدة بزيادة مبيت عند الزفاف وهي سبع ليال للبكر وثلاث للثيب للحديث الصحيح في ذلك ولتزول الحشمة بينهما وهذا التخصيص واجب على الزوج
وحكى الحناطي في وجوبه قولين
والمذهب الأول حتى قال المتولي لو خرج بعض تلك الليالي بعذر أو أخرج قضى عند التمكن
وتجب الموالاة بين السبع والثلاث لأن الحشمة لا تزول بالمفرق
فلو فرق ففي الاحتساب به وجهان ذكرهما أبو الفرج الزاز
وظاهر كلام الجمهور المنع وذكر الزاز تفريعا عليه أنه يوفيها حقها متواليا ويقضي ما فرق للأخريات وسواء كانت ثيوبة الجديدة بنكاح أو زنا أو وطء شبهة
ولو حصلت بمرض أو وثبة فعلى الوجهين في استئذانها نطقا في النكاح
ولو كانت الجديدة أمة ولا يتصور ذلك إلا في العبد فإن له نكاح أمة على حرة فوجهان
أصحهما أنها كالحرة في استحقاق السبع والثلاث لأن المراد زوال الحشمة والأمة كالحرة فيه
والثاني لها نصف ما للحرة كالقسم
وعلى هذا في صفه التنصيف وجهان
أحدهما تجبر الكسر فللبكر أربع وللثيب ليلتان
وأصحهما وبه قطع البغوي للبكر ثلاث

ونصف وللثيب ليلة ونصف ثم الاعتبار بحال الزفاف
فلو نكحها وهي أمة وزفت إليه وهي حرة فلها حق الحرائر قطعا
وإن عتقت بعد الزفاف فلها حق الإماء
قال البغوي ويحتمل أن يقال لها حق الحرائر إذا عتقت في المدة

فرع إذا وفى حق الزفاف من الثلاث أو السبع لم يقض للباقيات
أن يخير الثيب بين أن يقيم عندها ثلاثا بلا قضاء وبين أن يقيم عندها سبعا ويقضيهن للباقيات كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة رضي الله عنها
فإن اختارت السبع فأجابها قضى السبع للباقيات
وإن أقام بغير اختيارها لم يقض إلا الأربع الزائدة هذا هو المذهب وبه قطع الأصحاب
وحكي في المهذب فيما إذا أقام سبعا وجهين في أنه يقضي السبع أو أربعا هكذا أطلقه
فإن أراد إذا التمسته حصل وجه أنه لا قضاء على خلاف المذهب
وإن أراد إذا لم تلتمسه أو كلتا الحالتين حصل وجه أنه يجب القضاء وإن لم يختر على خلاف المذهب
ولو التسمت أربعا أو خمسا أو ستا لم يقض إلا ما زاد على الثلاث
ولو التمست البكر عشرا لم يجبر إجابتها
فإن أجابها لم يقض إلا ما زاد على السبع
فرع لو وفى حق جديدة ثم طلقها ثم راجعها فليس لها حق
باقية على النكاح الأول وقد وفى حقه
وإن أبانها ثم جدد نكاحها فقولان أو

وجهان
أظهرهما تجدد الحق
ويجري الخلاف فيما لو أعتق مستولدته أو أمته التي هي فراشه ثم نكحها
أما لو أبانها قبل توفية حقها ثم نكحها فيلزمه التوفية بلا خلاف
ولو أقام عند البكر ثلاثا وافتضها ثم أبانها ثم نكحها فإن قلنا يتجدد حق الزفاف بات عندها ثلاث ليال لأنه حق زفاف الثيب
وإن قلنا لا يتجدد بات أربعا تتميما للزفاف الأول

فرع نكح جديدتين وفى لهما حق الزفاف وكذا لو لم يكن في

ثم إن زفتا على الترتيب أدى حق الأولى أولا
وإن زفتا معا وهو مكروه أقرع بينهما للابتداء فإذا خرجت قرعة إحداهما قدم الجميع السبع أو الثلاث
وحكى ابن كج وجها أنه يقدمها بليلة ثم يبيت عند الاخرى ليلة وهكذا يفعل إلى تمام المدة
وحكى البغوي في الفتاوى وجها أنهما إذا كانتا بكرين أو ثيبين فليس لهما حق الزفاف إن لم يكن في نكاحه غيرهما
فإن أراد أن يبيت عندهما لزمه التسوية
وإن كانت إحداهما بكرا والاخرى ثيبا خص البكر بأربع ثم يسوي وهذا ضعيف
فرع في فتاوى البغوي أن حق الزفاف إنما يثبت إذا كان في

فإن لم تكن أو كانت وكان لا يبيت عندها لم يثبت حق الزفاف للجديدة كما لا يلزمه أن يبيت عند زوجته أو زوجاته ابتداء

فرع إذا كانت عنده نسوة فزفت إليه الجديدة بعدما سوى بينهن فيوفيها
حقها ثم يستأنف القسم بين الجميع
وإن كان عنده زوجتان فزفت الجديدة بعدما قسم لإحداهما ليلة وفي حق الزفاف ثم يقسم للقديمة الاخرى ليلة ويبيت عند الجديدة نصف ليلة لانها تستحق ثلث القسم ثم يخرج بقية الليلة إلى مسجد ونحوه ثم يستأنف القسم بين الثلاث بالسوية
فرع ينبغي أن لا يتخلف بسبب حق الزفاف عن الجماعات وعيادة المرضى
وتشييع الجنائز وإجابة الدعوات وسائر أعمال البر التي كان يقوم بها
هذا في النهار وأما في الليل فقالوا لا يخرج لان هذه مندوبات والمقام عندها واجب
قالوا وفي دوام القسم يجب أن يسوي بينهن في الخروج إلى الجماعات وأعمال البر بأن يخرج في ليلة الجميع أو لا يخرج أصلا
فلو خرج في ليلة بعضهن فقط فحرام
الطرف الرابع في الظلم والقضاء فيه مسائل
إحداها تحته ثلاث نسوة بات عند ثنتين عشرين ليلة إما عشرا عند هذه ثم عشرا عند هذه وإما ليلة ليله فتستحق الثالثة عشر ليال متوالية لا يجوز تفريقها
فلو نكح جديدة عقبى العشرين لم يجز تقديم العشر لأنه ظلم للجديدة

بل يوفيها أولا حق الزفاف ثم يقسم بين الجديدة والمظلومة ويجعل للمظلومة ليلتها وليلتي الآخرتين فيبيت عند الجديدة ليلة وعند المظلومة ثلاث ليال
فإذا دار هكذا ثلاث نوب فقد وفاها تسعا وبقيت ليلة
فإن كان بدأ بالمظلومة فإذا تمت التسع لها بات عند الجديدة ليلتها لتمام القسم ثم يبيت عند المظلومة ليلة لتمام العشر ويبيت عند الجديدة بهذه الليلة ثلث ليلة ثم يخرج إلى موضع خال عن زوجاته ثم يستأنف القسم بعد ذلك للأربع
وعن الشيخ أبي محمد أنه لا يبيت ثلث الليلة عند الجديدة ويعذر فيه وليس بشىء وإن كان بدأ بالجديدة فإذا تمت التسع للمظلومة بات ثلث ليلة عند الجديدة وخرج ثم يبيت ليلة عند المظلومة ثم يقسم بين كلهن بالسوية والقسم بين الجديدة والمظلومة بالقرعة كغيرها
الثانية تحته أربع ثلاث حاضرات وواحدة غائبة فظلم واحدة من الحاضرات بالآخرتين ثم حضرت الغائبة فيقضي للمظلومة مع رعاية حق التي حضرت فيقسم لها ليلة وللمظلومة ثلاثا وقد يحتاج آخرا إلى تبعيض ليلة كما سبق في المسألة الاولى وكذا لو كان يقسم بين نسائه فخرج في نوبة واحدة لضرورة بأن أخرجه السلطان فيقضي لها من الليلة التي بعدها مثل ما خرج والأولى أن يراعي الوقت فيقضي لاولى الليل من أوله ولآخرة من آخره ويكون باقي الليل في موضع خال عنهن ويستثنى ما إذا كان يخاف العسس أو اللصوص ونحو ذلك لو خرج فيعذر في الإقامة قاله المتولي
والأولى أن لا يستمتع بها فيما وراء زمان القضاء

فرع قال في الام لو كان له أربع فترك القسم لإحداهن
قسم لها عشرا
قال الأصحاب صورته أن يبيت عند الثلاث عشرا عشرا ويعطل عشر الرابعة فلا يبيت عند واحدة فيها
أما إذا وزع الاربعين على الثلاث بالسوية فحصة كل واحدة ثلاث عشرة ليلة وثلث فيقسم للرابعة مثل ذلك
الثالثة لو وهبت واحدة حقها من القسم لم يلزم الزوج القبول فله أن يبيت عندها في نوبتها
فإن رضي بالهبة نظر إن وهبت لمعينة جاز ويبيت عند الموهوب له ليلتين
فإن كانت نوبة الواهبة متصلة بنوبة الموهوب لها بات ليلتين ولاء وإلا فوجهان
أحدهما أنه إذا انتهت النوبة إلى الموهوب لها بات عندها ليلتين لأنه أسهل عليه والمقدار لا يختلف
وقياس هذا أنه إذا كانت ليلة الواهبة أسبق وبات فيها عند الموهوب لها يجوز أن يقدم لها ليلتها ويبيتها متصلة بها وأصحهما لا تجوز الموالاة بل يبيت الليلتين منفصلتين
ولو طلق الواهبة لم يبت عند الموهوب لها بعد ذلك إلا ليلتها ولا يشترط في هذه الهبة رضى الموهوب لها على الصحيح
وإن وهبت حقها للزوج فهل له تخصيص واحدة بنوبة الواهبة وجهان
أحدهما نعم وبه قطع العراقيون والروياني وغيرهم وإليه ميل الاكثرين
فعلى هذا ينظر هل الليلتان متصلتان أم لا وحكمه ما سبق
والثاني المنع فتجعل الواهبة كالمعدومة ويسوي بين الباقيات
ولو أبقى الدور بحاله وبات ليلة الواهبة في كل دور عند واحدة من الباقيات فلا تفضيل ولا ميل فلا يبعد تجويزه
فإن جاز فقياسه أن يجوز وضع الدور في الابتداء كذلك بأن تجعل ليلة بين لياليهن دائرة بينهن
ولو وهبت حقها لجميع الضرات أو أسقطت حقها مطلقا وجبت التسوية فيه بين الباقيات بلا خلاف

فرع للواهبة أن ترجع في الهبة متى شاءت ويعود حقها في
لان المستقبل هبة لم تقبض
حتى لو رجعت في أثناء الليل يخرج من عند الموهوب لها
وأما ما مضى فلا يؤثر فيه الرجوع
وكذا ما فات قبل علم الزوج بالرجوع لا يؤثر فيه الرجوع فلا يقضيه
وخرج في قضائه وجه من تصرف الوكيل بعد العزل قبل العلم
والمذهب الاول
وشبهه الغزالي بما إذا أباحه ثمرة بستانه ثم رجع وتناول المباح له بعضها قبل العلم بالرجوع
وفي هذه الصورة طريقان محكيان فيما علق عن الامام فعن الشيخ أبي محمد في وجوب الغرم قولان كمسألة الوكيل
وعن الصيدلاني القطع بالغرم ومال إليه الإمام لأن الغرامات يستوي فيها العلم والجهل
فرع لا يجوز أن تأخذ عن حقها من القسم عوضا لا من
الضرة
فإن أخذت لزمها رده ويستحق القضاء على الصحيح لأنه لم يسلم لها العوض
وحكى ابن كج وجها أنه لا قضاء
فرع بات في نوبتها عند غيرها وادعى أنها وهبتها وأنكرت فالقول قولها
وعليه البينة ولا تقبل إلا شهادة رجلين

الرابعة إذا ظلم واحدة فقد سبق أنه يجب القضاء وإنما يمكن إذا كانت المظلومة والمظلوم بسببها في نكاحه فإن فارق المظلومة بطلاق أو غيره فقد تعذر القضاء وبقيت الظلامة في ذمته
قال المتولي لو قسم لواحدة فلما جاءت نوبة الأخرى طلقها قبل توفية حقها عصى لأنه منعها حقها بعد ثبوته وهذا سبب آخر لكون الطلاق بدعيا
قلت هذا النقل غير مختص بالمتولي بل هو مشهور حتى في التنبيه
والله أعلم
ثم إذا عادت المظلومة إليه بنكاح أو رجعة والتي ظلم بسببها في نكاحه لزمه القضاء لتمكنه وقيل إن عادت بنكاح جديد لم يستحق القضاء بناء على عدم عود الحنث
فلو لم تكن في نكاحه التي ظلم بسببها حين عادت المظلومة بل نكح جديدات فقد تعذر القضاء لأنه إنما يقضي من نوبة التي ظلم بسببها
ولو لم يفارق المظلومة وفارق التي ظلم بسببها ثم عادت إلى نكاحه أو فارقهما ثم عادتا وجب القضاء ولا يحسب من القضاء ما بات عندها في مفارقة الظالمة ويجيء في عود النكاح الجديد الوجه السابق

فرع في نكاحه ثلاث فبات عند ثنتين عشرين ليلة ثم فارق إحداهما
عند المظلومة عشرا تسوية بينهما وبين الباقية كذا ذكره البغوي وقال

المتولي يقضي خمسا فقط لأنه إنما يقضي العشر من حقهما وقد بطل حق إحداهما

فرع تحته زوجتان ظلم إحداهما ثم نكح ثالثة لم يتعذر القضاء بل
للمظلومة من نوبة المظلوم بسببها كما سبق
الطرف الخامس في المسافرة بهن
إذا أراد المسافرة ببعض زوجاته أقرع بينهن فيسافر بمن خرجت قرعته ولا يقضي مدة السفر وإنما يسقط القضاء بشروط
أحدها أن يقرع فإن لم يقرع لزمه القضاء للمخلفات
وهل يقضي جميع ما بين إنشاء السفر إلى رجوعه إليهن أم تستثنى مدة الرجوع لخروجه عن المعصية أم يسقط قضاء ما بعد العزم على الرجوع فيه أوجه
أصحها الأول وما ذكرناه من تحريم المسافرة ببعضهن بلا قرعة سواء فيه كان يقسم لهن أم لا
وأشار الحناطي إلى خلاف في اختصاصه بمن كان يقسم والمذهب الأول
وإذا خرجت القرعة لواحدة لم يجز أن يسافر بغيرها ويجوز أن يخلفها مع الباقيات
الشرط الثاني أن لا يقصد بسفره النقلة وأما سفر النقلة فلا يجوز أن يستصحب فيه بعضهن دون بعض بقرعة ولا بغيرها
فلو فعل قضى للمخلفات
وقيل لا يقضي مدة السفر إن أقرع والصحيح الأول
ولو نقل بعضهن بنفسه وبعضهن بوكيله بلا قرعة قضى لمن مع الوكيل ويجوز ذلك بالقرعة كذا ذكره البغوي
قلت وفي القضاء في هذه الصورة وجهان في التنبيه وغيره أصحهما يجب لاشتراكهن في السفر
والله أعلم

وإذا أخذ في الرجوع إليهن بعد تخصيص واحدة بالنقل ففي قضاء مدة الرجوع الوجهان ولا يجوز أن يسافر سفر نقلة ويخلف نساءه بل ينقلهن بنفسه أو بوكيله أو يطلقهن لما في تخليفهن من الإضرار بهن هكذا أطلقه الغزالي قال وإنما لا يكلف في الحضر البيتوتة اكتفاء بداعيته
وفي ما علق عن الإمام أن ذلك أدب وليس بواجب
الشرط الثالث أن يكون السفر طويلا
فإن كان قصيرا فوجهان
أصحهما عند البغوي والمتولي وغيرهما أنه كالطويل
والثاني لا يجوز أن يستصحب بعضهن فيه بقرعة ولو فعل قضى
الشرط الرابع أن لا يعزم على الإقامة فلا يقضي مدة السفر
وأما إذا صار مقيما فينظر إن انتهى إلى مقصده الذي نوى إقامة أربعة أيام فأكثر فيه أو نواها عند دخوله قضى مدة إقامته وفي مدة الرجوع وجهان
أصحهما لا يقضي كمدة الذهاب
وإن لم ينو الإقامة وأقال فقال الإمام والغزالي إن أقام يوما لم يقضه والأقرب ما ذكره البغوي إن زاد مقامه في بلد على مقام المسافرين وجب قضاء الزائد
ولو أقام لشغل ينتظره ففي القضاء خلاف كالخلاف في الترخص
قال المتولي إن قلنا يترخص لم يقض وإلا فيقضي ما زاد على مدة المسافرين والقياس في مدة الرجوع في هذه الحالة أن يقال إن لم نوجب القضاء مدة هذه الإقامة لم يقض مدة الرجوع وإلا فعلى الوجهين السابقين والمذهب من الخلاف في الترخص أنه إن كان يتوقع تنجيز شغله ساعة ساعة ترخص ثمانية عشر يوما
وإن علم أنه لا ينجز في أربعة أيام لا يترخص أصلا

فرع قال الغزالي شرط عدم القضاء أن يكون سفرا طويلا مرخصا
يقتضي وجوب القضاء في سفر المعصية
فرع استصحب واحدة بقرعة ثم عزم على الإقامة في بلد وكتب إلى
يستحضرهن ففي وجوب القضاء من وقت كتابته وجهان حكاهما البغوي
وفي فتاويه أنه لو نوى المقام في بلد قبل وصوله مقصده يقضي مدة مقامه فيه وهل يقضي مدة ذهابه إلى المقصد بعد ذلك يحتمل أن يكون على الوجهين في مدة الرجوع ويحتمل أن يقال يقضي قطعا
وأنه إذا استصحب واحدة بلا قرعة قضي للباقيات جميع المدة وإن كان لا يبيت معها إلا إذا تركها في بلد وفارقها ويحتمل أن يقال لا يقضي إلا ما بات عندها ويحتمل أن يقال يقضي وإن خلفها في بلد
وفيما علق عن الإمام ذكر وجهين فيما لو استصحب واحد بقرعة في سفر نقلة وأوجبنا القضاء هل يخرج من الظلم بتغير عزم النقلة أم يستمر حكمه إلى أن يرجع إلى المخلفات فصل إذا سافر بزوجتين بقرعة عدل بينهما فإن ظلم إحداهما قضى لها بالسفر

فإن لم يتفق قضى في الحضر من نوبة التي ظلمها بها
ولو استصحب واحدة بقرعة وأخرى بلا قرعة عدل بينهما أيضا
ثم إذا رجع قضى للمخلفة من نوبة المستصحبة بلا قرعة ولا تخص مدة السفر بمن استصحبها بالقرعة إنما يكون كذلك إذا لم يكن معها غيرها
ولو كانت إحدى المستصحبتين جديدة لم يكن قضى حق زفافها فيقضيه ثم يسوي بينهما
ولو أراد تخليف إحداهما في بلد فله ذلك ولكن تكون بالقرعة
ولو نكح في الطريق جديدة قضى حق زفافها ثم يسوي بينهما وبين المستصحبات ولا يلزم القضاء للمخلفات
ولو خرج وحده ونكح في الطريق فكذلك ولا يقضي للمخلفات هذا في مدة السفر فأما إذا نوى الإقامة في موضع أو أقام أياما فيقضي في الصورتين ما وراء أيام الزفاف وفي مدة الرجوع الوجهان

فرع تحته زوجتان ثم نكح جديدتين وسافر بإحداهما بقرعة اندرج حق

فإذا عاد فهل يوفي حق الأخرى بسبع أو ثلاث وجهان أصحهما نعم لأنه حق ثبت قبل السفر فلا يسقط به كما لو قسم لبعضهن وسافر فإنه يقضي بعد الرجوع لمن لم يقسم
لها
والثاني لا وبه قال ابن سريج كما لو سافر بإحدى القديمتين فإنه لا يقضي للأخرى ولأن حق الجديدة عقيب الزفاف وقد مضى
ولو نكح ثنتين وزفتا إليه معا فسافر بإحداهما بقرعة فالحكم كذلك فلو كانتا بكرين فرجع بعد ثلاثة أيام قال ابن كج

على الوجه الأول يتم لها السبع ثم يوفي الأخرى سبعا
وعلى قول ابن سريج يتم لها السبع ويبيت عند الأخرى أربعا ويبطل ما جرى في السفر
ولو نكح جديدة على قديمة وسافر قبل توفية الزفاف بإحداهما بقرعة فإن سافر بالقديمة وفى حق الجديدة إذا رجع نص عليه
ويجيء فيه الوجه الآخر
وإن سافر بالجديدة اندرج حق الزفاف في أيام السفر

فرع تحته نسوة وله إماء هل له أن يسافر بأمة بلا قرعة
الحناطي ونسب المنع إلى ابن أبي هريرة والجواز إلى أبي إسحق وهو قياس أصل القسم
قلت الجواز هو الصحيح
والله أعلم
فرع في فتاوى البغوي أنه لو سافر بإحدى زوجاته الثلاث بالقرعة ثم
نكح في السفر جديدة ومنعها حق الزفاف ظلما وبات عند القديمة سبعا وعاد إلى البلد قبل أن يقضي للجديدة حق الزفاف وفاها حق الزفاف ثم يدور على المخلفات والجديدة فيقضي لها من نوبة القديمة التي كانت معه بأن يبيت عند كل واحدة من المخلفتين ليلة وعند الجديدة ليلتين وهكذا حتى يتم لها السبع وكذا لو كان تحته ثلاث ونكح جديدة ولم يوفها حق الزفاف بل بات عند واحدة من الثلاث عشرا ظلما فعليه أن يوفي حق الجديدة ثم يدور عليها وعلى المظلومتين حتى يتم لكل واحدة عشرا

الباب الثاني في الشقاق
الوحشة والشقاق بين الزوجين قد يظهر سببه بأن تنشز أو يتعدى هو عليها وقد لا يظهر ويشكل الحال في أن المتعدي أيهما أو كلاهما فهذه ثلاثة أحوال
الأول أن تتعدى هي
قال الله تعالى { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن } والمراد بالوعظ أن يقول اتقي الله في الحق الواجب عليك واحذري العقوبة ويبين لها أن النشوز يسقط النفقة والقسم وأما الهجران فهجرها في المضجع وأما الهجران في الكلام فممنوع
وفيما علق عن الإمام حكاية وجهين في أنه محرم أم مكروه قال وعندي أنه لا يحرم ترك الكلام أبدا لكن إذا كلم فعليه أن يجيب وهو كابتداء السلام وجوابه ولمن ذهب إلى التحريم أن يقول لا منع من ترك الكلام بلا قصد فأما بقصد الهجران فحرام كما أن الطيب ونحوه إذا تركه الإنسان بلا قصد لا يأثم
ولو قصد بتركه الإحداد أثم وحكي عن نص الشافعي أنه لو هجرها بالكلام لم يزد على ثلاثة أيام فإن زاد أثم
قلت الصواب الجزم بتحريم الهجران فيما زاد على ثلاثة أيام وعدم التحريم في الثلاثة للحديث الصحيح لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث
قال أصحابنا وغيرهم هذا في الهجران لغير عذر شرعي فإن كان عذر بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما أو كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور فلا تحريم
وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن

مالك وصاحبيه ونهيه صلى الله عليه وسلم الصحابة عن كلامهم وكذا ما جاء من هجران السلف بعضهم بعضا
والله أعلم
وأما الضرب فهو ضرب تأديب وتعزير وقدره نذكره في بابه إن شاء الله تعالى
وينبغي أن لا يكون مدميا ولا مبرحا ولا على الوجه والمهالك
فإن أفضى إلى تلف وجب الغرم لأنه تبين أنه إتلاف لا إصلاح ثم الزوج وإن جاز له الضرب فالأولى له العفو بخلاف الولي فإنه لا يترك ضرب التأديب للصبي لان مصلحته للصبي وفي الحديث النهي عن ضرب النساء
وأشار الشافعي رحمه الله إلى تأويلين له
أحدهما أنه منسوخ بالآية أو حديث آخر بضربهن
والثاني حمل النهي على الكراهة أو ترك الأولى وقد يحمل النهي على الحال الذي لم يوجد فيه السبب المجوز للضرب
قلت هذا التأويل الأخير هو المختار فإن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع وعلمنا التاريخ
والله أعلم
إذا عرفت هذا فلتعدي المرأة ثلاث مراتب
إحداها أن يوجد منها أمارات النشوز قولا أو فعلا بأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان لينا أو يجد منها إعراضا وعبوسا بعد طلاقة ولطف ففي هذه المرتبة يعظها ولا يضربها ولا يهجرها

الثانية أن يتحقق نشوزها لكن لا يتكرر ولا يظهر إصرارها عليه فيعظها ويهجرها
وفي جواز الضرب قولان رجح الشيخ أبو حامد والمحاملي المنع وصاحبا المهذب و الشامل الجواز
قلت رجح الرافعي في المحرر المنع والموافق لظاهر القرآن الجواز وهو المختار
والله أعلم
الثالثة أن يتكرر وتصر عليه فله الهجران والضرب بلا خلاف هذه هي الطريقة المعتمدة في المراتب الثلاث
وحكى ابن كج قولا في جواز الهجران والضرب عند خوف النشوز لظاهر الآية
وحكى الحناطي في حالة ظهور النشوز ثلاثة أقوال
أحدها له الوعظ والهجران والضرب
والثاني يتخير بينها ولا يجمع
والثالث يعظها
فإن لم تتعظ هجرها فإن لم تنزجر ضربها

فرع فيما تصير به ناشزة فمنه الخروج من المسكن والامتناع من مساكنته
ومنع الاستمتاع بحيث يحتاج في ردها إلى الطاعة إلى تعب ولا أثر لامتناع الدلال وليس من النشوز الشتم وبذاء اللسان لكنها تأثم بايذائه وتستحق التأديب وهل يؤدبها الزوج أم يرفع إلى القاضي ليؤدبها وجهان
ولو مكنت من الجماع ومنعت من سائر الاستمتاعات فهل هو نشوز يسقط النفقة وجهان

قلت أصحهما نعم
والأصح من الوجهين في تأديبها أنه يؤدبها بنفسه لأن في رفعها إلى القاضي مشقة وعارا وتنكيدا للاستمتاع فيما بعد وتوحيشا للقلوب بخلاف ما لو شتمت أجنبيا
والله أعلم
الحال الثاني أن يتعدى الرجل فينظر إن منعها حقا كنفقة أو قسم ألزمه الحاكم توفية حقها
ولو كان يسيء خلقه ويؤذيها ويضربها بلا سبب ففي التتمة أن الحاكم ينهاه
فإن عاد عزره
وفي الشامل وغيره أنه يسكنهما بجنب ثقة ينظرهما ويمنعه من التعدي والنقلان متقاربان
وذكروا أنه لو كان التعدي منهما جميعا فكذلك يفعل الحاكم ولم يتعرضوا للحيلولة
وقال الغزالي يحال بينهما حتى يعودا إلى العدل
قال ولا يعتمد قوله في العدل وإنما يعتمد قولها وشهادة القرائن
وإن كان لا يمنعها حقا ولا يؤذيها بضرب ونحوه لكن يكره صحبتها لمرض أو كبر ولا يدعوها إلى فراشه أو يهم بطلاقها فلا شىء عليه ويستحب لها أن تسترضيه بترك بعض حقها من قسم أو نفقة وكذا لو كانت هي تشكوه وتكره صحبته فيحسن أن يبرها ويستميل قلبها بما تيسر له
الحال الثالث إذا نسب كل واحد الآخر إلى التعدي وسوء الخلق وقبح السيرة ولم يعرف الحاكم المتعدي منهما يعرف حالهما من ثقه في جوارهما خبير بهما فإن لم يكن أسكنهما بجنب ثقة يبحث عن حالهما وينهيها إليه
فإن علم الظالم منعه هكذا أطلقوه وظاهره الاكتفاء بقول عدل ولا يخلو عن احتمال
وإذا اشتد شقاقهما وداما على السباب الفاحش والتضارب بعث القاضي

حكما من أهله وحكما من أهلها لينظرا في أمرهما ويصلحا بينهما أو يفرقا إن عسر الإصلاح
وهل بعث الحكمين واجب قال البغوي عليه بعثهما وظاهره الوجوب وحجته الآية
وقال الروياني يستحب
قلت الأصح أو الصحيح الوجوب
والله أعلم
ثم المبعوثان وكيلان للزوجين أم حاكمان موليان من جهة الحاكم فيه قولان
أظهرهما وكيلان فعلى هذا يوكل الزوج حكمه في التطليق عليه وقبول الخلع والمرأة حكمها ببذل العوض وقبول الطلاق ولا يجوز بعثهما إلا برضاهما
فإن لم يرضيا ولم يتفقا على شىء أدب القاضي الظالم واستوفى حق المظلوم
وإذا قلنا هما حكمان لم يشترط رضى الزوجين في بعثهما
وإذا رأى حكم الزوج الطلاق استقل به ولا يزيد على طلقة لكن إن راجعها الزوج وداما على الشقاق طلق ثانية وثالثة
وإن رأى الخلع ووافقه حكمها تخالعا وإن لم يرض الزوجان
ولو رأى الحكمان أن تترك المرأة بعض حقها من قسم ونفقة أو أن لا يتسرى أو لا ينكح عليها غيرها لم يلزمه ذلك بلا خلاف
وإن كان لأحدهما على الآخر مال متعلق بالنكاح أو غير متعلق لم يجز للحكم استيفاؤه من غير رضى صاحبه بلا خلاف ويشترط في المبعوثين التكليف قطعا ويشترط العدالة والإسلام والحرية على المذهب ويشترط الاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما
وأشار الغزالي إلى خلاف فيه
ويشترط الذكورة إن قلنا حكمان وإن قلنا

وكيلان قال الحناطي لا يشترط في وكيلها وفي وكيله وجهان ولا يشترط فيهما الاجتهاد وإن قلنا حكمان ولا كونهما من أهل الزوجين لكن أهلهما أولى
ولو كان القاضي من أهل أحدهما فله أن يذهب بنفسه وفيما علق عن الإمام اشتراط كونهما من أهلهما و ( لا ) يجوز الاقتصار على حكم واحد على الأصح وبه قطع ابن كج وينبغي أن يخلو حكمه به وحكمها بها فيعرفا ما عندهما وما فيه رغبتهما فإذا اجتمعا لم يخف أحدهما عن الآخر شيئا وعملا ما رأياه صوابا
ولو اختلف رأي الحكمين بعث آخرين حتى يجتمعا على شىء ذكره الحناطي
ولو جن أحد الزوجين أو أغمي عليه لم يجز بعثهما بعده وإن جن بعد استعلام الحكمين رأيه لم يجز تنفيذ الأمر
وقيل إن قلنا حاكمان لم يؤثر جنون أحدهما قاله ابن كج
وقيل الإغماء لا يؤثر إن قلنا وكيلان كالنوم حكاه الحناطي وهذا ينبغي أن يجيء في كل وكالة والصحيح الاول
ولو غاب أحد الزوجين بعد بعث الحكمين نفذ الأمر إن قلنا وكيلان وإلا فلا على الصحيح

فرع ذكر الحناطي أنه لو رأى أحد الحكمين الاصلاح والآخر التفريق ففرق نفذ التفريق

فرع وكل رجلا فقال إذا أخذت مالي منها فطلقها أو خالعها
ثم طلقها لم يجز تقديم الطلاق على أخذ المال
قال أبو الفرج الزاز وكذا لو قال خالعها على أن تأخذ مالي منها
ولو قال خذ مالي وطلقها فهل يشترط تقديم أخذ المال وجهان
أصحهما عند البغوي نعم
ولو قال طلقها ثم خذ جاز تقديم أخذ المال لأنه زيادة خير وبالله التوفيق

كتاب الخلع
هو الفرقة بعوض يأخذه الزوج وأصل الخلع مجمع على جوازه وسواء في جوازه خالع على الصداق أو بعضه أو مال آخر أقل من الصداق أو أكثر ويصح في حالتي الشقاق والوفاق وخصه ابن المنذر بالشقاق ثم لا كراهة فيه إن جرى في حال الشقاق أو كانت تكره صحبته لسوء خلقه أو دينه أو تحرجت من الإخلال ببعض حقوقه أو ضربها تأديبا فافتدت
وألحق الشيخ أبو حامد به ما إذا منعها نفقة أو غيرها فافتدت لتتخلص منه
وإن كان الزوج يكره صحبتها فأساء عشرتها ومنعها بعض حقها حتى ضجرت وافتدت كره الخلع وإن كان نافذا ويأثم الزوج بفعله
وفي وجه منعه حقها كالإكراه على الخلع بالضرب وما في معناه وإذا أكرهها بالضرب ونحوه فاختلعت فقالت مبتدئة خالعني على كذا ففعل لم يصح الخلع ويكون الطلاق رجعيا إن لم يسم مالا
وإن سماه لم يقع الطلاق لأنها لم تقبل مختارة وفي التتمة وجه أنه لا يقع الطلاق وإن لم يسم المال
ولو ابتدأ وقال طلقتك على كذا وأكرهها بالضرب على القبول لم يقع شىء وإذا ادعت أنه أكرهها على بذل مال عوضا عن الطلاق وأقامت بينة فالمال مردود إليها والطلاق واقع وله الرجعة نص عليه
قال الأصحاب موضع الرجعة ما إذا لم يعترف بالخلع بل أنكر المال أو سكت
فأما إذا اعترف بالخلع وأنكر الإكراه فالطلاق بائن

بقوله ولا رجعة
ولو زنت فمنعها بعض حقها فافتدت بمال صح الخلع وحل له أخذه
وعلى هذا حمل قول الله تعالى { ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } ومن جعل منع الحق كالإكراه بالضرب قال لا يحل الأخذ
ولو أمسكها عنده وحبسها ليرثها فماتت ورثها على المشهور
وحكى ابن كج والحناطي قولا أنه لا يرثها

فصل يشتمل هذا الكتاب على خمسة أبواب

الأول في حقيقة الخلع فإن فارقها على عوض بلفظ الطلاق فهو طلاق سواء فيه صريح الطلاق وكناياته
وإن لم يجز إلا لفظ الخلع فقولان
الجديد أنه طلاق ينقص به العدد وإذا خالعها ثلاث مرات لم ينكحها إلا بمحلل والقديم أنه فسخ لا ينقص به العدد
ويجوز تجديد نكاحها بعد الخلع بلا حصر والجديد هو الأظهر عند جمهور الأصحاب
ورجح الشيخ أبو حامد وأبو مخلد البصري القديم فإن قلنا فسخ فلفظ الخلع صريح فيه ولو قال فسخت نكاحك بألف فقبلت أو قال فاديتك بألف فقالت قبلت أو افتديت فوجهان
أصحهما أنه صريح
والثاني كناية
فعلى هذا في انعقاد الخلع بهما خلاف نذكره في أنه هل ينعقد بالكناية إذا جعلناه فسخا ولو نوى بالخلع الطلاق والتفريع على أنه فسخ فهل يكون طلاقا أم فسخا لكونه صريحا فيه وجهان اختيار القاضي حسين الفسخ وبه قطع المتولي والغزالي
ولو قال لزوجته فسخت نكاحك ونوى الطلاق وهو متمكن من الفسخ بعيبها فالصحيح أنه طلاق وبه قطع القاضي حسين
وقيل فسخ
أما إذا قلنا الخلع طلاق فلفظ الفسخ كناية فيه ولفظ الخلع فيه قولان
قال في الأم

كناية وفي الإملاء صريح
قال الروياني وغيره الأول أظهر واختار الإمام والغزالي والبغوي الثاني ولفظ المفاداة كلفظ الخلع على الأصح
وقيل كناية قطعا
وإذا قلنا لفظ الخلع صريح فذاك إذا ذكر المال فإن لم يذكره فكناية على الأصح
وقيل على القولين
وهل يقتضي الخلع المطلق الجاري بغير ذكر المال ثبوت المال وجهان
أصحهما عند الإمام والغزالي والروياني نعم للعرف وكالخلع على خمر والثاني لا لعدم الالتزام فإن أثبتنا المال فإن جعلناه فسخا أو صريحا في الطلاق أو كناية ونوى وجب مهر المثل وحصلت البينونة
وإن جعلناه كناية ولم ينو لغا وإن لم يثبت المال عند الطلاق فإن جعلناه فسخا لغا لأن الفسخ بالتراضي لا يكون إلا بعوض هكذا حكاه الإمام وغيره عن الأصحاب وذكروا أن مساق كلامهم أنه لو نفى العوض في الخلع لم يصح الخلع على قول الفسخ قال الإمام والقياس الحق صحته بلا عوض
وإن جعلناه طلاقا إما صريحا وإما كناية ونوى فهو طلاق رجعي وفي افتقاره إلى قبولها وجهان
أصحهما لا يفتقر صححه الإمام وقطع به البغوي لاستقلال الزوج بالطلاق الرجعي والوجهان فيما إذا قال خالعتك وأضمر التماس جوابها وانتظر قبولها
أما لو قال خلعت أو خالعت ولم يضمر التماس الجواب فلا يفتقر إلى الجواب قطعا كما لو قال فارقتك
ولو نوى المال ولم يذكره وقلنا مطلقه لا يقتضي مالا فهل تؤثر النية في ثبوت المال وجهان يقربان من انعقاد البيع ونحوه بالكنايات
فإن قلنا يؤثر ثبت المال ولا بد فيه من نيتها أيضا
وإن قلنا لا تؤثر فهل يقع الطلاق ويلغى منه المال أم لا يقع لأنه نوى الطلاق على مال لا مطلقا وجهان
وفي فتاوى

البغوي وجهان فيما لو اختلعت نفسها على بقية صداقها فخالعها عليه ولم يكن بقي لها شىء عليه فهل تحصل البينونة بمهر المثل ورجح الحصول

فرع يصح الخلع بجميع كنايات الطلاق مع النية إن جعلناه طلاقا وإن
جعلناه فسخا فهل للكنايات فيه مدخل وجهان
أصحهما نعم
فإن نوى الطلاق أو الفسخ كان ما نوى
وإن نوى الخلع عاد الخلاف في أنه فسخ أم طلاق ولو قال خالعت نصفك أو يدك على كذا أو خالعتك شهرا على كذا نفذ إن جعلناه طلاقا والقول في المال الواجب سيأتي إن شاء الله تعالى ولا ينفذ إن جعلناه فسخا
فرع ترجمة الخلع بسائر اللغات كلفظة العربي ولا يجيء فيه الخلاف

فرع لفظ البيع والشراء كناية في الخلع سواء جعل فسخا أم طلاقا
بأن يقول بعتك نفسك بكذا فتقول اشتريت أو قبلت ولفظ الإقالة كناية أيضا فيه وبيع الطلاق بالمهر من جهة الزوج وبيع المهر بالطلاق من جهتها

يعبر بهما عن الخلع وليكونا كنايتين كقوله بعتك نفسك
وفي الزيادات لأبي عاصم إن بيع الطلاق مع ذكر العوض صريح
ورأى إسمعيل البوشنجي من أصحابنا أن ينزل قوله بعتك طلاقك بكذا منزلة قوله ملكتك طلاقك بكذا حتى إذا طلقت في المجلس لزم المال ووقع الطلاق
وإن نويا مجرد بيع الطلاق وشرائه من غير إيقاع طلاق منها وبغير نية طلاق منه فهذا التصرف فاسد والنكاح باق بحاله
وإسمعيل هذا إمام غواص متأخر لقيه من لقيناه

فرع قالت طلقني على كذا فقال خالعتك فإن جعلنا الخلع فسخا لم
لأنه لم يجبها وإن جعلناه صريحا في الطلاق أو كناية ونوى حصلت البينونة ولزم المال
وإن لم ينو لم يقع شىء و
ولو قالت خالعني على كذا فقالت طلقتك عليه فإن قلنا الخلع فسخ لم يقع عليه فرقة لأنه لم يجبها
وقل يقع الطلاق لأنه أعطاها فرقه أقوى مما طلبت فكأنه زاد كمن سألته طلقة فطلق طلقتين والأول أصح
وعلى هذا قوله طلقتك ابتداء كلام منه فإن لم يسم المال وقع طلاق رجعي وإن سماه لم يقع ما لم يقبل
وإن قلنا الخلع طلاق فإن جعلناه صريحا أو كناية ونوت حصلت البينونة ولزم المال ولا يضر اختلاف اللفظ وإن جعلناه كناية ولم ينو فقولها لغو
والزوج مبتدىء بالطلاق
ولو وكل رجلا في طلاقها فخالع فإن قلنا الخلع فسخ

لم ينفذ
وإن قلنا طلاق قال البوشنجي الذي يجيء على أصلنا أنه لا ينفذ أيضا لأنه يمنعه الرجعة إن كان بعد الدخول
قال ولو وكله في الطلاق فطلق على مال إن كان بحيث يتصور الرجعة لم ينفذ وإن لم يتصور بأن كان قبل الدخول أو كان المملوك له الطلقة الثالثة فذكر في نفوذه احتمالين لأنه حصل غرضه مع فائدة لكنه غير مفهوم بالتوكيل المطلق وقد يتوقف في بعض ما ذكره حكما ودليلا

فرع تخالعا هازلين نفذ إن قلنا إنه طلاق وإن قلنا فسخ فهو
الهازل وفيه خلاف سبق
فرع التعليق يمنع صحة الخلع إن قلنا فسخ وإن قلنا طلاق فلا

فرع فيما يلحق به الخلع من الأصول قال الأصحاب إن جعلنا الخلع
فهو معاوضة محضة من الجانبين لا مدخل للتعليق فيه بل هو كابتداء النكاح والبيع
فلو قال خالعتك بمائة فقبلت بخمسين أو قالت خالعني بمائة فخالعها بخمسين أو قالت بخمسين فخالعها

بمائة لم يصح كالبيع
وإن جعلناه طلاقا أو جرى لفظ الطلاق صريحا نظر هل بدأ الزوج بالايقاع أم بدأت بسؤاله القسم الأول إن بدأ هو بطلاقها وذكر العوض فهو معاوضة فيها شوب تعليق لأنه يأخذ مالا في مقابلة ما يزيله والشوب فيه لكونه يترتب على قبول المال كترتب الطلاق المعلق بشرط ثم تارة تغلب المعاوضة وتارة التعليق وتارة يراعى المعنيان ويختلف ذلك بالصيغ المأتي بها
فإن أتى بصيغة المعاوضة وصورتها فقال خالعتك بكذا أو على كذا أو طلقتك أو أنت طالق على كذا غلب معنى المعاوضة ويثبت أحكامها فيجوز له الرجوع قبل قبولها ويلغو قبولها بعد رجوعه ويشترط قبولها باللفظ من غير فصل كالبيع وسائر العقود
فلو تخلل زمن طويل أو اشتغلت بكلام آخر ثم قبلت لم ينفذ
ولو اختلف الايجاب والقبول بأن قال طلقتك بألف فقبلت بألفين أو بخمس مائة لم يصح
كالبيع كذا ذكره البغوي وغيره
وفي الشامل أنها إذا قبلت بألفين صح ولا يلزمها الألف لأنه لم يوجب إلا ألفا
والصحيح الأول
ولو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بثلث الألف لم يصح وإن قبلت واحدة بالألف فثلاثة أوجه
أحدها لا يقع شىء كالبيع والثاني يقع طلقة لأن الزوج هو المستقل بالطلاق وأصحها يقع الثلاث صححه الشيخ أبو علي والغزالي وبه قال القفال لأن قبولها إنما يحتاج إلى المال وأصل الطلاق وعدده يستقل به الزوج
وإذا قلنا يقع الثلاث أو واحدة ففيما يستحقه الزوج عليها وجهان
أصحهما الألف وبه قال ابن الحداد والشيخ أبو محمد لأن

الايجاب والقبول تعلقا به
والثاني عن ابن سريج أنه يجب مهر المثل لاختلاف الايجاب والقبول
وإن أتى الزوج بصيغة تعليق نظر إن قال متى أعطيتني أو متى ما أو أي وقت أو حين أو زمان غلب معنى التعليق وثبتت أحكامه وجعل كالتعليق بسائر الأوصاف حتى لا يحتاج إلى قبول باللفظ ولا يشترط الإعطاء في المجلس بل متى وجد الإعطاء طلقت وليس للزوج الرجوع قبل الإعطاء وإن قال إن أعطيتني أو إذا أعطيتني كذا فأنت طالق فله بعض أحكام التعليق فلا يحتاج إلى القبول لفظا ولا رجوع للزوج قبل الإعطاء
وقيل يجوز له الرجوع قبل الإعطاء حكاه البغوي وقطع به صاحب المهذب ويقرب منه ما حكاه ابن كج عن ابن سلمة أن الزوج بالخيار بين أن لا يقبل الألف الذي أحضرته وبين أن يقبل
والصحيح الأول وله بعض أحكام المعاوضة وهو اشتراط الإعطاء في المجلس
واختار صاحب المهذب إلحاق إذا ب متى وألحقها الجمهور ب أن كما ذكرنا
وحكي وجه أن كلمة إن ك متى في أنه لا يشترط تعجيل الإعطاء وهو شاذ
ثم قال المتولي اشتراط الإعطاء على الفور مخصوص بالزوجة الحرة فإن قال لزوجته الأمة إن أعطيتني ألفا فأنت طالق وقع الطلاق متى أعطته الألف وإن طال الزمان لأنها لا تقدر على الإعطاء في المجلس غالبا بخلاف ما إذا قال إن أعطيتني زق خمر فأنت طالق فإنه يشترط الفور وإن لم تملك الخمر لأن يدها قد تشمل على خمر
قال ولو أعطته الأمة ألفا من كسبها حصلت البينونة لوجود الصفة وعليه رد المال إلى سيدها ويطالبها بمهر المثل إذا عتقت

فرع المراد بالمجلس الذي يشترط فيه الإعطاء مجلس التواجب وهو ما يحصل

وفي وجه حكاه

ابن كج وغيره أنه يقع الطلاق إذا أعطته قبل تفرقهما وإن طالت المدة
والصحيح الأول
القسم الثاني إذا بدأت بسؤال الطلاق فأجابها فهو معاوضة فيها شوب جعالة
والصحيح لها الرجوع قبل أن يجيبها لأن هذا حكم المعاوضة والجعالة وسواء أتت بصيغة تعليق كقولها إن طلقتني أو متى طلقتني فلك كذا أو قالت طلقني على كذا فهو معاوضة في الحالتين ويشترط أن يطلقها في مجلس التواجب سواء فيه صيغة المعاوضة والتعلق وسواء علقت بإن أو بمتى
فلو طلقها بعد مدة طويلة كان طلاقا مبتدأ
ولو قالت طلقني ثلاثا على ألف فطلق واحدة على ثلث الألف أو اقتصر على قوله طلقتك واحدة وقعت الواحدة واستحق ثلث الألف
كما لو قال رد عبيدي ولك ألف فرد أحدهم
وحكى الشيخ أبو علي وجها أنه لا يقع شىء وغلط قائله

فرع قال لامرأتيه خالعتكما أو طلقتكما أو أنتما طالقان بألف فقبلت

وقيل يصح في حق القائلة والصحيح الأول
ولو قال طلقت إحداكما بألف ولم يعين فقالتا قبلنا لم يصح ذكره البغوي
ولو قال خالعتك وضرتك بألف
فقالت قبلت صح الخلع ولزمها الألف لأن الخطاب معها وحدها وهي مختلعة لنفسها وقابلة لضرتها كالأجنبي
ولو قالتا له طلقنا بألف فطلق إحداهما طلقت دون الأخرى
وهل يلزمها مهر المثل أم حصتها من المسمى إذا وزع على مهر مثلهما أم نصف المسمى فيه ثلاثة أقوال
أظهرها الأول وتجري الاقوال في الواجب على كل واحدة إذا طلقهما

قال الشيخ أبو حامد والخلاف مخصوص بصورة الإطلاق
أما لو قال طلقتكما على ألف مناصفة أو قالتا طلقنا على ألف مناصفة فهو مناصفه بلا خلاف
ولو قالت طلقني بألف فقال طلقتك بخمس مائة بانت واستحق خمسمائة على الصحيح وقيل لا تطلق تغليبا للمعاوضة وبالله التوفيق

الباب الثاني في أركان الخلع
وهي خمسة
الأول الزوج فيوجب ابتداء أو يجيب سؤالها ويشترط أن يكون ممن ينفذ طلاقه فلا يصح خلع الصبي والمجنون ويصح خلع المحجور عليه بفلس أو سفه سواء أذن الولي أم لا وسواء كان العوض مهر المثل أو دونه لأن طلاقها مجانا نافذ ولا يجوز للمختلع تسليم المال إلى السفيه بل يسلمه إلى الولي فإن سلمه إلى السفيه وكان الخلع على عين مال أخذها الولي من يده
فإن تركها في يده حتى تلفت بعد علمه بالحال ففي وجوب الضمان على الولي وجهان حكاهما الحناطي
وإن تلف في يد السفيه ولم يعلم الولي بالتسليم رجع على المختلع بمهر المثل على الأظهر وبقيمة العين على القول الآخر
وإن كان الخلع على دين رجع الولي على المختلع بالمسمى لأنه لم يجر قبض صحيح تبرأ به الذمة ويسترد المختلع من السفيه ما سلمه إليه
فإن تلف في يد السفيه فلا ضمان لأنه ضيع ماله بتسليمه إلى السفيه كمن باعه شيئا وسلمه إليه وتلف عنده هذا إذا كان التسليم

إلى السفيه بغير إذن الولي فإن كان بإذنه ففي الاعتداد بقبضه وجهان عن الداركي ورجح الحناطي الاعتداد

فرع يصح خلع العبد بغير إذن سيده وبدون مهر المثل ويدخل المهر
ملك سيده قهرا كأكسابه ولا يسلم المختلع المال إليه بل إلى السيد
فإن سلمه إليه فعلى ما سبق في السفيه إلا أن ما يتلف في يد العبد يطالبه المختلع بضمانه إذا عتق وما يتلف في يد السفيه لا يطالبه به لا في الحال ولا بعد الرشد وخلع المدبر والمعتق بعضه كالقن
فإن جرت مهايأة بين من بعضه حر وبين سيده فليكن عوض الخلع من الاكساب النادرة وليجىء فيه الخلاف
والمكاتب يسلم إليه عوض الخلع لصحة يده واستقلاله
الركن الثاني المختلع يشترط في قابل الخلع من الزوجة والاجنبي أن يكون مطلق التصرف في المال صحيح الالتزام
وللحجر أسباب
أحدها الرق
فإن اختلعت الامة نفسها بغير إذن سيدها نظر إن اختلعت بعين ماله فقولان
أحدهما يقع الطلاق رجعيا كالسفيهة والمشهور أنه يقع بائنا كالخلع على خمر وهل المستحق عليها مهر المثل أم بدل العين قولان
أظهرهما الأول
وإن اختلعت على دين بانت
وهل عليها المسمى أم مهر المثل وجهان أو قولان
أصحهما الأول وبه قطع

العراقيون واختاره القفال والشيخ أبو علي ثم ما ثبت عليها باختلاعها يتعلق بذمتها تطالب به بعد العتق لا في الحال
أما إذا اختلعت بإذن سيدها فأما أن يبين العوض وإما أن يطلق
فإن بين نظر إن كان عينا من ماله نفذ الخلع واستحق الزوج تلك العين وإن قدر دينا بأن قال اختلعي بألف ففعلت تعلق الالف بكسبها كمهر زوجة العبد
وإن زادت على ما قدر فالزيادة في ذمتها
وإن قال اختلعي بما شئت اختلعت بمهر المثل وبالزيادة إن شاءت وتعلق اجميع بكسبها ذكره البغوي
وإن أطلق الاذن اقتضى مهر المثل
فإن لم تزد عليه ففي كسبها وإلا فالزيادة في ذمتها وما يتعلق بكسبها يتعلق بما في يدها من مال التجارة إن كانت مأذونا لها
وإن جرى الخلع بإذن السيد والعوض دين ففي كون السيد ضامنا له الخلاف السابق في مهر زوجة العبد

فرع اختلاع المكاتبة بغير إذن سيدها كاختلاع الامة بغير إذنه

وإن اختلعت بإذنه فالمذهب والمنصوص هنا أنه كاختلاعها بغير إذن
وقيل كاختلاع الامة بالإذن ولا يكون السيد هنا ضامنا بلا خلاف
فرع اختلاع السيد أمته التي هي تحت حر أو مكاتب على رقبتها
إسماعيل

البوشنجي تحصلت فيه بعد إمعان النظر على وجهين
أحدهما تحصل الفرقة بمهر المثل
وأصحهما لا يصح الخلع أصلا
السبب الثاني الحجر بالسفه
فإذا قال لزوجته المحجور عليها لسفه خالعتك أو طلقتك على ألف فقبلت وقع الطلاق رجعيا سواء فعلت ذلك بإذن الولي أم بغير إذنه ولا يلزمها المال وليس للولي صرف مالها في الخلع
فإن لم تقبل لم يقع الطلاق لأن الصيغة تقتضي القبول فأشبه الطلاق المعلق على صفة
ولو قال لها طلقتك على ألف إن شئت فقالت على الاتصال شئت وقع الطلاق رجعيا
ولو بدأت فقالت طلقني على كذا فأجابها وقع طلاق رجعي أيضا

فرع له زوجتان رشيدة ومحجور عليها بسفه فقال طلقتكما على كذا فقبلتا
طلقت الرشيدة بائنا وعليها مهر المثل على الأظهر وطلقت السفيهة رجعيا وإن قبلت إحداهما لم يقع عليهما شىء
ولو كانتا سفيهتين فقال طلقتكما على ألف فقبلتا وقع الطلاق عليهما رجعيا
وإن قبلت إحداهما لم يقع شىء
ولو بدأتا فقالتا طلقنا بألف فطلقهما وقع الطلاق على السفيهة رجعيا وعلى الرشيدة بائنا
وإن أجاب السفيهة وقع عليها رجعيا وإن أجاب الرشيدة وقع بائنا
وقوله أنتما طالقان على ألف إن شئتما كقوله طلقتكما على ألف في جميع ذلك
السبب الثالث الجنون والصغر فقبول مجنونة وصغيرة لا تمييز لهما لغو

وقول الزوج لها أنت طالق على كذا لغو
ولو قال ذلك لصغيرة مميزة فقبلت فهل يقع طلاق رجعي أم لا يقع شىء وجهان
رجح الإمام والغزالي المنع والبغوي الوقوع
السبب الرابع المرض
فإذا اختلعت في مرض موتها نظر إن كان بمهر المثل نفذ ولم يعتبر من الثلث وإن كان بأكثر فالزيادة كالوصية للزوج فيعتبر من الثلث ولا يكون كالوصية للوارث لخروجه بالخلع عن الإرث
ولو اختلعت بعبد قيمته مائة ومهر مثلها خمسون فقد حابت بنصف العبد فينظر إن خرجت المحاباة من الثلث فالعبد كله للزوج عوضا ووصية
وحكى الشيخ أبو حامد وجها أنه بالخيار بين أن يأخذ العبد وبين أن يفسخ العقد فيه ويرجع إلى مهر المثل لأنه دخل في العقد على أن يكون ( العبد ) كله عوضا
والصحيح الأول إذ لا نقص ولا تشقيص
وإن لم يخرج من الثلث بأن كان عليها دين مستغرق لم تصح المحاباة والزوج بالخيار بين أن يمسك نصف العبد وهو قدر مهر المثل ويرضى بالتشقيص وبين أن يفسخ المسمى ويضارب الغرماء بمهر المثل
وإن كان لها وصايا أخر فإن شاء الزوج أخذ نصف العبد وضارب أصحاب الوصايا في النصف الآخر
وإن شاء فسخ المسمى وتقدم بمهر المثل على أصحاب الوصايا ولا حق له في الوصية لأنها كانت في ضمن المعاوضة وقد ارتفعت بالفسخ
وإن لم يكن دين ولا وصية ولا شىء لها سوى ذلك العبد فالزوج بالخيار إن شاء أخذ ثلثي العبد نصفه بمهر المثل وسدسه بالوصية وإن شاء فسخ وليس له إلا مهر المثل

فرع مرض الزوج لا يؤثر في الخلع فيصح خلعه في مرض
المثل لأن البضع لا يبقى للوارث لو لم يخالع كما لو أعتق مستولدته في مرض الموت لا يعتبر من الثلث ولأنه لو طلق بلا عوض لم يعتبر قيمة البضع من الثلث
الركن الثالث المعوض وهو البضع وشرطه أن يكون مملوكا للزوج
فأما البائنة بخلع وغيره فلا يصح خلعها ويصح خلع الرجعية على الأظهر لأنها زوجة
والثاني لا لعدم الحاجة إلى الافتداء
وقيل يصح خلعها بالطلقة الثالثة دون الثانية لتحصل البينونة الكبرى
وإذا قلنا لا يصح فنقل الإمام وغيره عن الأصحاب أن الطلاق يقع رجعيا إذا قبلت كالسفيهة
فرع خالع مرتدة مدخولا بها توقف فإن عادت إلى الإسلام قبل انقضاء
العدة تبينا صحة الخلع ولزوم المال المسمى وإلا تبينا بطلان الخلع لانقطاع النكاح بالردة وكذا الحكم لو ارتد الزوج بعد الدخول أو ارتدا معا ثم جرى الخلع وكذا لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين ثم تخالعا وأطلق المتولي أنه لا يصح الخلع بعد تبديل الدين لأن الملك كالزائل

الركن الرابع العوض هو كالصداق فيجوز قليلا وكثيرا عينا ودينا ويشترط أن يكون معلوما متمولا مع سائر شروط الأعواض كالقدرة على التسليم واستقرار الملك وغيرهما وتفصيله بصور
إحداها لو خالع على مجهول كثوب غير معين حصلت البينونة ورجع إلى مهر المثل ومن المجهول حمل البهيمة والجارية سواء قال خالعتك بما في بطنها أو على حملها
ولو خالع بألف إلى أجل مجهول أو خالع بشرط فاسد كشرط أن لا ينفق عليها وهي حامل أو لا سكنى لها أو لا عدة عليها أو أن يطلق ضرتها بانت بمهر المثل
وحكى المتولي وجها أنه لا تحصل الفرقة في صورة الجهل وسائر صور فساد العوض وكذا لو خالع ولم يذكر عوضا بناء على أن الخلع فسخ والمذهب الأول

فرع خالعها على ما في كفها ولم يعلمه أو علمه ولم نصحح
بانت بمهر المثل وإن علم وصححناه وبانت بالمسمى
فإن لم يكن في كفها شىء ففي الوسيط أنه يقع الطلاق رجعيا والذي نقله غيره وقوعه بائنا بمهر المثل ويشبه أن يكون الأول فيما إذا كان عالما بالحال والثاني فيما إذا ظن في كفها شيئا
قلت المعروف الذي أطلقه الجمهور كأصحاب الشامل و التتمة و المستظهري و البيان وغيرهم وقوعه بائنا بمهر المثل وهو مقتضى كلام إمام الحرمين
والله أعلم

الصورة الثانية خالعها على ما ليس بمال كخمر أو حر بانت
وهل يرجع عليها بمهر المثل أم ببدل المذكور قولان
أظهرهما الأول
ولو خالع على مغصوب فكذلك ويفرق بين أن يقول خالعتك على هذا العبد فبان حرا وبين قوله خالعتك على هذا الحر في أصح الطريقين كما سبق في الصداق حتى يقطع بمهر المثل في الصورة الثانية لفساد الصيغة وكذا يفرق بين قوله خالعتك على هذا العبد فبان مستحقا وبين قوله خالعتك على هذا المغصوب حتى يقطع بمهر المثل في الصورة الثانية
وعن القاضي حسين وجه فيما إذا خالع على خمر أو مغصوب وقع الطلاق رجعيا لان المذكور ليس بمال فلا يظهر طمعه في شىء والصحيح الأول وبه قطع الأصحاب
ولو خالع على دم وقع الطلاق رجعيا وعللوه بأنه لا يقصد بحال فكأنه لم يطمع في شىء
والخلع على الميتة كالخمر لا كالدم لأنها قد تقصد للضرورة وللجوارح
الصورة الثالثة الخلع على مالا يقدر على تسليمه ومالا يتم ملكه عليه كالخلع على خمر في جريان القولين فيما يرجع به من مهر المثل والبدل
ولو خالع على عين فتلفت قبل القبض أو خرجت مستحقة أو معيبة فردها أو فاتت منها صفة مشروطة فردها ففيم يرجع به القولان
ولو خالعها على ثوب في الذمة ووصفه كما ينبغي فأعطته ثوبا بالصفة فبان معيبا فله رده ويطالب بمثله سليما كما في السلم
وإن قال إن أعطيتني ثوبا بصفة كذا فأنت طالق فأعطته ثوبا بتلك الصفة طلقت
فإن خرج معيبا فرده عاد القولان في أنه يرجع بمهر المثل أم بقيمة ذلك الثوب سليما

الرابعة التوكيل بالخلع من الجانبين جائز
فأما وكيل الزوج فإن قدر له مالا بأن قال خالعها بمائة فينبغي أن يخالع بالمائة فأكثر ولا ينقص
فإن خالع بمائة وثوب فهو كما لو قال بع عبدي بمائة فباعه بمائة وثوب وقد سبق
وإن أطلق التوكيل في الخلع فينبغي أن يخالع بمهر المثل وأكثر ولا ينقص
وصورة إطلاق التوكيل أن يقول وكلتك في خلع زوجتي أو خالعها ولا يذكر مالا ويكفي هذا في التصوير إن قلنا إن مطلق الخلع يقتضي مالا وإن قلنا لا يقتضيه اشترط أن يقول خالعها بمال
فإن نقص الوكيل عن المائة في صورة التقدير فالنص لا يقع الطلاق وإن نقص عن مهر المثل في صورة الإطلاق فالنص وقوعه
وللأصحاب فيه طرق مجموعها خمسة أقوال
أظهرها يقع الطلاق في صورة الإطلاق بمهر المثل ولا خيار للزوج ولا يقع في صورة التقدير عملا بالنصين لتصريح المخالفة في صورة التقدير
والثاني لا يقع فيهما كالمخالفة في البيع والثالث يتحتم وقوع الطلاق بائنا فيهما ويتخير الزوج بين المسمى ومهر المثل
والرابع يتخير بين المسمى وبين ترك العوض وجعل الطلاق رجعيا
والخامس إن رضي بالمسمى فذاك وإلا فلا طلاق
وخلع الوكيل بغير نقد البلد أو غير جنس المسمى وبالمؤجل كخلعه بدون المقدر أو دون مهر المثل ففيه الخلاف المذكور
وأما وكيل الزوجة فإما أن يقدر له العوض وإما لا
الحالة الأولى قدرت فقالت اختلعني بمائة فإن اختلعها بها أو بما دونها

بالوكالة عنها نفذ
والقول في أنه هل يطالبه الزوج يأتي في فصل خلع الأجنبي إن شاء الله تعالى
وإن اختلع بأكثر من مائة وأضاف إليها فقال اختلعها بكذا من مالها بوكالتها فالمنصوص وقوع الطلاق بائنا
وخرج المزني قولا أنه لا يقع الطلاق
ونقل الحناطي قولا أنه يقع ولا يلزمها ولا الوكيل شىء
والمشهور حصول البينونة
فعلى هذا يلزمها مهر المثل على الأظهر وهو نصه في الإملاء
ونص في الأم أنه يلزمها أكثر الأمرين مما سمته هي ومن أقل الأمرين من مهر المثل وما سماه الوكيل
فإن كان مهر المثل زائدا على ما سماه الوكيل لم تجب الزيادة على ما سماه على هذا القول وكذا لو كان ما سماه الوكيل أكثر من مهر المثل لم تجب الزيادة
فلو سمت مائة وسمى الوكيل مائتين ومهر المثل تسعون فالواجب تسعون على القول الأول ومائة على الثاني
ولو كان مهر المثل مائة وخمسين فالواجب مائة وخمسون على القولين
ولو كان مهر المثل ثلاثمائة لم يجب على القول الثاني إلا مائتان
وحكى قول ثالث أنها بالخيار إن شاءت أجازت بمسمى الوكيل وإن شاءت ردت وعليها مهر المثل
وأما مطالبة الوكيل بما عليها فقال الأصحاب لا يطالب إلا أن يقول إني ضامن فيطالب بما سمى هذا هو المذهب وبه قطع الأصحاب في طرقهم وفي المختصر تعرض لمثله وفي المجرد للحناطي قول شاذ أنه لا أثر لهذا الضمان
وقال الإمام ينبغي أن يكون أثر الضمان في مطالبته بما تطالب به المرأة ولا تطالب بزيادة عليه وهذا ضعيف

ثم إذا غرم الوكيل للزوج قال البغوي لا يرجع عليها إلا بما سمت ويجيء فيه قول إنه يرجع بالواجب عليها وهو مهر المثل أو أكثر الأمرين كما سنذكره إن شاء الله تعالى فيما إذا اختلع ولم يضف إليها
أما إذا اختلع وأضاف إلى نفسه فهو اختلاع أجنبي والمال عليه
ولو أطلق ولم يضف إليها ولا إليه فان قلنا بالمشهور فعلى الوكيل ما سماه وفيما عليها منه قولان
أظهرهما عليها ما سمت والباقي على الوكيل فعلى هذا لو طالب الزوج الوكيل به رجع على الزوجة بما سمت
والثاني عليها أكثر الأمرين مهر المثل وما سمت
فإن بقي شىء مما سمى فعلى الوكيل
وإن زاد مهر المثل على ما سمى الوكيل لم تجب تلك الزيادة لأن الزوج رضي بما سمى الوكيل
ولو أضاف ما سمته إليها والزيادة الى نفسه ثبت المال كذلك
ولو خالف الوكيل في جنس العوض بأن قالت خالع على دراهم فخالع بدنانير أو ثوب فوجهان
أحدهما عن القاضي حسين ينصرف الاختلاع عنها فيلغو إن أضاف إليها ويقع عن الوكيل إن أطلق
وأصحهما وبه قطع البغوي تحصل البينونة ثم ينظر إن أضاف الخلع إلى مالها
ولم يقل وأنا ضامن فالرجوع عليها بمهر المثل على الأظهر وبأكثر من مهر المثل وبدل ما سمت في القول الثاني
وإن قال وأنا ضامن أو لم يضف العقد إليها لم يرجع إلا ببدل ما سمت
الحالة الثانية إذا أطلقت التوكيل فمقتضاه الاختلاع بمهر المثل
فإن نقص

عنه أو ذكر فيه أجلا فقد زادها خيرا وإن زاد على مهر المثل فهو كما لو قدرت فزاد على المقدر وحكمه ما سبق لكن لا يجيء قول وجوب أكثر الأمرين

فرع اختلعها وكيلها بخمر أو خنزير بانت ولزمها مهر المثل سواء أطلقت
التوكيل أو سمت الخمر والخنزير
وقال المزني لا يصح التوكيل إذا سمت الخمر ولا ينفذ معه خلع الوكيل
ولو خالع وكيل الزوج على خمر أو خنزير وكان قد وكله بذلك فقد طرد أبو الفرج الزاز فيه مذهبنا ومذهب المزني
فرع في فتاوى البغوي قالت لوكيلها اختلعني بطلقة على ألف فاختلعها بثلاث
وليس عليها إلا ثلث الألف لأنه لم تحصل مسألتها إلا بثلث الألف وعلى الوكيل البقية
وفي هذا نظر وسيأتي إن شاء الله تعالى أنها لو قالت طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا وقع الثلاث واحدة منها بالألف وفيها أنها لو قالت اختلعني من زوجي بثلاث على ألف فاختلعها واحدة على ألف فإن أضاف إليها لم يقع وإلا وقع وعلى الوكيل ما سماه
وأن الرجل لو قال لوكيله خالعها ثلاثا بألف فخالع واحدة على ألف وقع لأنه زاد خيرا
وأنه لو وكله بتطليقها بألف ووكل آخر بتطليقها بألفين فأيهما سبق وقع الطلاق بما سمى
وإن أوجبا معا فقالت قبلت منكما أو كانت وكلت

وكيلين أيضا فقبل وكيلاها من وكيله معا لم يقع شىء كما لو وكل رجلا ببيع عبده بألف وآخر ببيعه بألفين فعقدا معا لا يصح البيع
وفي فتاوى القفال أنه لو وكله بتطليق زوجته ثلاثا فطلقها واحدة بألف وقعت رجعية ولا يثبت المال ومقتضى هذا أن يقال لو طلقها ثلاثا بألف لا يثبت المال أيضا ولا يبعد أن يقال يثبت المال وإن لم يتعرض الزوج له كما لو قال خالعها بمائة فخالع بأكثر
الركن الخامس الصيغة ولا بد منها ويشترط أن لا يتخلل بين الإيجاب والقبول كلام أجنبي فإن تخلل كلام كثير بطل الارتباط بينهما وإن تخلل كلام يسير لم يضر على الصحيح

فصل سألت زوجها طلاقا بعوض وارتدت عقب السؤال ثم أجابها فينظر إن
كان قبل الدخول تنجزت الفرقة بالردة فلا مال عليها ولا طلاق
وإن كان بعد الدخول فالطلاق موقوف
فإن أصرت حتى انقضت العدة فلا مال ولا طلاق
وإن أسلمت قبلها تبينا وقوع الطلاق ولزمها المال وحسبت العدة من وقت الطلاق
ولو قالت له امرأتاه طلقنا بألف ثم ارتدتا ثم أجابهما فإن لم يكن دخل بهما لغا الطلاق وكذا لو كان دخل بهما وأصرتا حتى انقضت العدة
وإن أسلمتا قبلها تبينا وقوع الطلاق عليهما

وهل العوض الواجب على كل واحدة مهر المثل أم نصف المسمى أم حصتها منه إذا وزع على مهر مثلهما فيه ثلاثة أقوال
أظهرها الأول
وإن أصرت إحداهما وأسلمت الأخرى لم يقع الطلاق على المصرة ويقع على المسلمة وفيما يلزمها الأقوال
وفي وجه يلزمها كل المسمى حكاه الحناطي
ولو ارتدت إحداهما ثم أجابهما وكان قبل الدخول أو بعده وأصرت حتى انقضت العدة طلقت المسلمة دون المرتدة
ولو ابتدأ الزوج فقال طلقتكما بألف فارتدتا ثم قبلتا فإن لم يدخل بهما أو دخل وأصرتا لغا الخلع
وإن دخل بهما وأسلمتا في العدة طلقتا وإن أسلمت إحداهما وأصرت الأخرى لم تطلق واحدة منهما كما لو قبلت إحداهما دون الأخرى وقد سبق أنه إذا ابتدأ الزوج بالإيجاب فلا بد من قبولهما بخلاف ما إذا ابتدأتا
ولو خاطبهما كما ذكرنا وارتدت إحداهما ثم قبلتا فإن كانت المرتدة غير مدخول بها أو مدخولا بها وأصرت حتى انقضت العدة فلا طلاق فيهما
وإن أسلمت في العدة طلقتا
ولو ارتدتا بعد الدخول ثم قالتا طلقنا بألف فأجابهما ثم أسلمتا طلقتا
وحكى الحناطي خلافا في أنه يقع رجعيا أم ببدل وهذا الخلاف عجيب
قلت الصواب وقوعه بائنا ببدل كما أشار إليه الرافعي
والله أعلم

فصل قال الزوج خالعتك بألف
درهم فقالت قبلت الألف ففي فتاوي القفال أنه يصح ويلزم الألف وإن لم تقل اختلعت
وكذآ لو قال الأجنبي خالعت زوجتي بألف فقال قبلته
وإن أبا يعقوب غلط فقال في حق المرأة يشترط قولها اختلعت ولا يشترط في الأجنبي
فصل قالت طلقني على ألف فقال طلقتك كفى وإن لم يسم المال
ويمكن جري خلاف فيه
ولو قال المتوسط لها اختلعت نفسك منه بكذا فقالت اختلعت ثم قال للزوج وهو في المجلس خالعتها فقال خالعت صح الخلع على المذهب وبه قطع البغوي ( قال البغوي ) ولو لم تسمع المرأة قول الزوج وسمع السفير كلامهما كفى والإسماع ليس بشرط ألا ترى أنه إذا خاطب أصم فأسمعه غير المخاطب وقبل صح العقد
فصل إذا طلقها على عوض أو خالعها فلا رجعة له سواء كان
أو

فاسدا سواء قلنا الخلع فسخ أو طلاق
فلو قال خالعتك أو طلقتك بدينار على أن عليك الرجعة فنقل الربيع والمزني أنه يقع الطلاق رجعيا ولا مال
وجرج المزني ونقل الربيع قولا آخر أنه يلغو شرط الرجعة وتحصل البينونة بمهر المثل
فقال ابن سلمة وابن الوكيل في المسألة قولان وبه قطع الإمام والبغوي ورجحا البينونة بمهر المثل وذهب ابن سريج وأبو إسحق وجمهور الأصحاب إلى القطع بوقوعه رجعيا بلا مال
ولو خالعها بمائة على أنه متى شاء رد المائة وكان له الرجعة نص الشافعي رحمه الله أنه يفسد الشرط وتحصل البينونة بمهر المثل فقيل بطرد الخلاف
وقيل بالجزم بالمنصوص لأنه رضي بسقوط الرجعة هنا ومتى سقطت لا تعود

فصل لو وكل امرأة بطلاق زوجته أو خلعها صح على الأصح وقيل
لا تستقل
ولو وكلت الزوجة امرأة باختلاعها جاز بلا خلاف ويجوز أن يكون وكيل الزوجة والزوج ذميا لأنه قد يخالع المسلمة ويطلقها ألا ترى أنها لو أسلمت وتخلف فخالعها في العدة ثم أسلم حكم بصحة الخلع ويجوز أن يوكل الزوج بالخلع العبد والمكاتب والسفيه المحجور عليه ولا يشترط إذن السيد والولي لأنه لا يتعلق في الخلع عهدة توكيل الزوج ولا يجوز أن يوكل المحجور عليه في القبض
فإن فعل وقبض ففي التتمة أن المختلع يبرأ ويكون الزوج مضيعا لماله
ولو وكلت المرأة في الاختلاع عبدا جاز سواء أذن السيد أم لا
فإن كان الاختلاع على عين مالها فذاك
وإن كان على

مال في الذمة نظر إن أضافه إليها فهي المطالبة
وإن لم يضف بل أطلق فإن لم يأذن السيد في الوكالة جاز للزوج مطالبته بالمال بعد العتق
وإذا غرم رجع على الزوجة إذا قصد الرجوع
وإن أذن في الوكالة تعلق المال بكسبه كما لو اختلعت الأمة بإذن السيد
وإذا أدى في كسبه ثبت الرجوع على الموكلة
ولو وكلت في الاختلاع محجورا عليه لسفه قال البغوي لا يصح
وإن أذن الولي فلو فعل وقع الطلاق رجعيا كاختلاع السفيهة وهذا على ما ذكره المتولي فيما إذا أطلق
وأما إذا أضاف المال إليها فتحصل البينونة ويلزمها المال إذ لا ضرر على السفيه

فرع الواحد لا يتولى طرفي الخلع بالوكالة كالبيع وسائر العقود

فلو وكل الزوجان رجلا تولى ما شاء من الطرفين مع الزوج الآخر أو وكيله
وقيل يجوز أن يتولى طرفي الخلع لأن الخلع يكفي فيه اللفظ من جانب والإعطاء من جانب
وعلى هذا ففي الإكتفاء بأحد شقي العقد خلاف كبيع الاب ماله لولده والصحيح الأول
فصل يجوز أن يكون عوض الخلع منفعة ويصح عقد الإجارة عليها
فلو خالعها على إرضاع ولده أو حضانته مدة معلومة جاز سواء كان الولد منها أو من غيرها ويشبه أن يكون الجمع بينهما واستتباع أحدهما إذا أفرد على ما سبق في الإجارة
وفي إبدال الصبي المعين وانفساخ العقد بموته خلاف سبق في الإجارة

والمذهب الانفساخ وهو المنصوص في المختصر وأكثر الكتب ورجحه الجمهور
وامتناع الصبي من الارتضاع والتقام الثدي كالموت
فإن قلنا بالانفساخ فذلك فيما بقي من المدة ولا تنفسخ في الماضي على المذهب
وقيل قولان من تفريق الصفقة فإن انفسخ فيما مضى رجع عليها بمهر المثل على الأظهر
وعلى القول الآخر بأجرة مثل الارضاع تلك المدة وعلى الزوج لها أجرة الارضاع في المدة الماضية
وإن لم ينفسخ في الماضي فعلى الأظهر يرجع بقسط المدة الباقية من مهر المثل إذا وزع مهر المثل على المدتين
وعلى الثاني يرجع بأجرة مثل ما بقي من المدة
وإن قلنا لا ينفسخ العقد فإن أتى بصبي مثله لترضعه فذاك وإن لم تأت به مع الإمكان حتى مضت المدة فوجهان
أحدهما يبطل حقه ولا شىء عليها كما لو لم ينتفع المستأجر بعد قبضه العين تستقر عليه الاجرة
والثاني يلزمها قسط المدة الباقية من مهر المثل إذا وزع على المدتين كما إذا تلف المبيع في يد البائع يكون من ضمانه وإن تمكن المشتري من القبض وهذا أصح عند الشيخ أبي حامد
ومقتضى كلام البغوي ترجيح الاول
قلت الأصح الوجه الثاني
والله أعلم
ولو لم يأت بصبي آخر لعجزه فقد قطع البغوي وغيره بأن الحكم فيه ( كما ) إذا حكمنا بالانفساخ والوجه أن يطرد فيه الخلاف ولا فرق بين العجز وعدمه كما سبق في الإجارة فيما لو تلف الثوب المعين للخياطة وقلنا لا تنفسخ الإجارة فلم يأت المستأجر بثوب مثله حتى مضت مدة الإجارة فإن في استقرار الاجرة وجهين سواء امتنع من الإبدال لعجزه أو مع القدرة

قلت الصحيح ما جزم به البغوي وموافقوه
والله أعلم

فرع لو أضاف إلى الإرضاع والحضانة نفقته مدة بأن خالعها على كفالة
ولده عشر سنين ترضعه منها سنتين وتنفق عليه تمام العشر وتحضنه نظر إن بين النفقة كل يوم من الطعام والأدم كالزيت واللحم وكسوته كل فصل أو سنة وكان ذلك مما يجوز السلم فيه ووصفه بالأوصاف المشروطة في السلم ففي صحة الخلع بما سمى طريقان
أصحهما القطع بالصحة لأن المقصود الكفالة وهذه الامور تابعة
والثاني على قولين لانه جمع بين بيع وإجارة ولأنه سلم في أجناس
أظهرهما الصحة أيضا
فإن أبطلناه فهل يرجع بمهر المثل أم ببدل الأشياء المذكورة قولان
أظهرهما الأول ومنهم من قطع به هنا لأنه لو رجع إلى بدل الأشياء لأثبتناها
وإن صححنا فهو في الطعام والشراب فيخير بين أن يستوفيه بنفسه ويصرفه إلى الولد وبين أن يأمرها بالصرف إليه
قال ابن الصباغ ينبغي أن يجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا أذن الحاكم للملتقط في الانفاق على اللقيط من ماله بشرط الرجوع
قلت ليس هو مثله بل يجوز هذا قطعا والفرق ظاهر
والله أعلم

ثم إن عاش الولد حتى استوفى المنفعة والعين فذاك فإن خرج زهيدا وفضل من المقدر شىء فهو للزوج وإن كان رغيبا واحتاج إلى زيادة فهي على الزوج
وإن مات الولد فله حالان
أحدهما أن يموت قبل تمام مدة الإرضاع ففيه الخلاف السابق في انفساخ العقد وجواز الإبدال فإن حكمنا بالانفساخ ومنعنا الابدال انفسخ فيما بقي من المدة وفي انفساخه فيما مضى وفي الطعام والكسوة خلاف تفريق الصفقة
والأظهر عدم الانفساخ
وإذا قلنا لا ينفسخ استوفى الزوج الطعام والكسوة ويرجع بما انفسخ العقد فيه من المدة إلى أجرة المثل في قول وإلى حصته من مهر المثل على الأظهر وبيان الحصة بأن يقوم الطعام والأدم والكسوة وما مضى من المدة وما بقي ويعرف نسبة قيمة الباقي من المدة من الجميع فيجب من مهر المثل بتلك النسبة وإذا قلنا يتعدى الانفساخ إلى المدة الماضية والنفقة رجع إلى مهر المثل على الأظهر وإلى بدل الجميع على الثاني وترجع الزوجة بأجرة ما مضى من مدة الإرضاع وقد يقع التقاص هذا هو المذهب
وعن القاضي أبي الطيب أن الواجب قسط ما سوى المدة الماضية من مهر المثل وتسقط حصتها وتجعل منفعتها مستوفاة
الحال الثاني أن يموت بعد ارتضاعه المدة بكمالها فيبقى استحقاق النفقة والكسوة وهل يتعجل الاستحقاق أم يبقى منجما كما كان وجهان
أصحهما الثاني
ولو انقطع جنس بعض الاشياء المذكورة ففيه القولان السابقان في انقطاع المسلم فيه
أحدهما ينفسخ العقد
فعلى هذا ينفسخ في المنقطع ولا ينفسخ في الأعيان المقبوضة على الأظهر كما لو اشترى عبدين فقبض أحدهما وتلف الآخر

ولا في الحضانة والإرضاع على المذهب لبعد ما بينهما فإن حكم بالانفساخ في الجميع غرم لها بدل ما استوفى من العين والمنفعة وله عليها مهر المثل على الأظهر
وفي قول بدل المسمى
وإن قلنا لا ينفسخ إلا في المنقطع رجع إلى حصته من مهر المثل على الاظهر وإلى بدل المنقطع في قول
والقول الثاني في الأصل وهو الاظهر أن انقطاع المسلم فيه لا يقتضي الانفساخ لكن يثبت له خيار الفسخ فله الفسخ في الجميع
وهل له الفسخ في المنقطع وحده فيه الخلاف السابق فيمن اشترى عبدين فوجد أحدهما معيبا وأراد إفراده بالرد قال المتولي وله الفسخ في الأعيان دون المنافع على المذهب لبعد ما بينهما جنسا وعقدا
وإذا أفرد المنقطع بالرد وجوزناه ففيما يرجع به القولان
هذا كله إذا كان المذكور مما يجوز السلم فيه ووصف بالصفات المشروطة في المسلم فيه فإن لم توصف أو كان مما لا يجوز السلم فيه كالثياب المخيطة والمحشوة والمطبوخ والمشوي من الطعام فالمسمى فاسد والرجوع إلى مهر المثل بلا خلاف

الباب الثالث في بيان الألفاظ الملزمة ومقتضاها
فيه أطراف
الأول في الالفاظ الملزمة وفيه مسائل
إحداها صيغة المعاوضة ملزمة فإذا قال طلقتك أو أنت طالق على ألف فقبلت صح الخلع ولزم الالف
ولو قال أنت طالق وعليك ألف أو لي

عليك ألف نظر إن لم يسبقه استيجاب بل ابتدأ الزوج به وقع الطلاق رجعيا قبلت أم لا ولا مال بخلاف قولها طلقني ولك علي ألف فأجابها فإنه يقع بائنا بالألف لأن المتعلق بها من عقد الخلع الالتزام فيحمل لفظها عليه والزوج ينفرد بالطلاق
فإذا لم يأت بصيغة المعاوضة حمل على ما ينفرد به وصيغته خبر
فلو قال أردت بقولي وعليك ألف الإلزام وقصدت ما يقصده القائل بقوله طلقتك على ألف لم يصدق
فإن وافقته فوجهان
أحدهما لا يؤثر توافقهما لأن اللفظ لا يصح للإلزام
وأصحهما يؤثر فتبين بالألف
فعلى الأول لا يحلف على نفي العلم إذا أنكرت لأنها لو صدقته لم تؤثر
وعلى الثاني يحلف
ومقتضى الثاني انعقاد البيع بقوله بعتك ولي عليك ( كذا ) تفريعا على انعقاد البيع بالكناية أما إذا سبق استيجاب فإن لم تذكر عوضا بأن قالت طلقني فحكمه كما لو لم تطلب
وإن ذكرته مبهما بأن قالت طلقني ببدل فإن عين الزوج البدل في الجواب فقال طلقتك وعليك ألف فهو كما لو ابتدأ فقال طلقتك على ألف
فإن قبلت بانت بالألف وإلا فلا طلاق
وإن أبهم الجواب فقال طلقتك بالبدل أو طلقتك بانت بمهر المثل
وإن عينت البدل فقالت طلقني فقال طلقتك وعليك ألف بانت بالألف وذكر المتولي أنه لو لم يسبق منها طلب وشاع في العرف استعمال هذا اللفظ في طلب العوض وإلزامه كان كقوله طلقتك على ألف
ولو اختلفا فقال الزوج طلبت مني الطلاق ببدل فقلت في جوابك أنت طالق وعليك ألف فقالت بل ابتدأت فلا شىء لك صدقت بيمينها في نفي العوض ولا رجعة له لقوله

المسألة الثانية قال أنت طالق أو طلقتك على أن لي عليك ألفا فهو كقوله أنت طالق على ألف
فإذا قبلت بانت ولزمها المال هذا هو الصواب المعتمد وهو نصه في الأم وفي عيون المسائل وقطع به صاحب المهذب وسائر العراقيين
ومقتضاه انعقاد البيع بقوله بعتك هذا على أن يكون لي عليك ألف وأدنى درجاته أن يجعل كناية في البيع
وقال الغزالي يقع الطلاق رجعيا ولا مال
قال فإن فسر بالإلزام ففي قبوله وجهان
قال صاحب التقريب لا وغيه نعم
الثالثة قال أنت طالق إن ضمنت لي ألفا أو إن ضمنت لي ألفا فأنت طالق فقالت في مجلس التواجب ضمنت طلقت ولزمها ألف
ولو قالت متى ضمنت لي ألفا فأنت طالق لم يعتبر المجلس بل متى ضمنت طلقت وليس للزوج الرجوع قبل الضمان
ولو أعطته المال ولم تقل ضمنت أو قال شئت بدل ضمنت لم تطلق
ولو ضمنت ألفين طلقت لوجود الصفة المعلق عليها مع زيادة بخلاف قوله طلقتك على ألف فقالت قبلت بألفين لأن تلك صيغة معاوضة فيشترط فيها توافق الايجاب والقبول

فرع قال الزوج لها أمرك بيدك أو جعلت أمر الطلاق إليك فطلقي
إن ضمنت لي ألفا فقالت ضمنت وطلقت نفسي أو قالت طلقت وضمنت بانت بالألف ويكون الضمان والطلاق مقترنين سواء قدمت لفظ الطلاق أو الضمان كما لو قال طلقتك إن ضمنت لي ألفا فقالت ضمنت يقع الطلاق ويثبت المال مقترنين وإن تعاقب اللفظان فلو ضمنت ولم تطلق أو طلقت

ولم تضمن لم يقع الطلاق
وإذا جمعتهما اشترط كون الضمان في المجلس قطعا ويشترط كون التطليق في المجلس أيضا على المذهب ولا يشترط إعطاء المال في المجلس قطعا
وهل المراد بالمجلس مجلس التواجب أم مجلس القعود وجهان
أصحهما الأول وقد سبقا في أول الكتاب
ولا يخفى أن المراد بالضمان في هذه المسائل القبول والالتزام دون الضمان المفتقر إلى أصيل
الرابعة سبق أنه إذا علق الطلاق بالإعطاء لا يقع إلا بالإعطاء في المجلس على الصحيح إلا إذا كان بصيغة متى وما في معناها فلا تختص بالمجلس وكل ذلك جار في قوله إن أقبضتيني كذا أو أديت إلي كذا
ولو قال أنت طالق إن شئت أو أنت طالق على ألف إن شئت اشترط وجود مشيئتها في مجلس التواجب بخلاف التعليق كسائر الصفات لأنه استدعاء لجوابها واستبانة رغبتها
وحكى الحناطي قولا أنه لا يشترط المجلس ويقع الطلاق متى شاءت كسائر التعليق والمجلس مجلس التواجب على الصحيح كما سبق
وإذا قالت في المجلس شئت وقبلت فقد تم العقد فتطلق ويلزم المال ولا يشترط تسليم المال في المجلس
وإن اقتصرت على قولها شئت أو قبلت فثلاثة أوجه
أصحها عند الغزالي يكفي لأن كلا منهما يشعر بالرضى والالتزام وهذا مقتضى كلام الشيخ أبي حامد
والثاني لا بد من الجمع بينهما لأنه لو اقتصر على قوله أنت طالق ( كان جوابها قبلت ولو اقتصر على قوله أنت طالق ) إن شئت كان جوابها شئت فإذا جمعهما اشترط جمعهما في الجواب
والثالث يكفي قولها شئت

ولا يكفي قولها قبلت لأن القبول ليس مشيئة ولهذا لو قال أنت طالق إن شئت فقالت قبلت لم تطلق وبهذا قطع المتولي واختاره الإمام فيما حكى عنه المعلق
قلت هذا الثالث هو الأصح بل الصحيح
والله أعلم
فعلى الثالث لا رجوع للزوج على قاعدة التعليقات وعلى الثاني في جواز رجوعه وجهان لتردده بين التعليق والمعاوضة
ولو علق طلاقها بالمشيئة بصيغة متى طلقت متى شاءت ولا يختص بالمجلس كسائر الصفات
ولو قالت طلقني بألف درهم فقال أنت طالق على ألف إن شئت فليس بجواب لها لما فيه من التعليق فيتوقف على مشيئة مستأنفة
ولو نكر فقال على ألف ونوى ما ذكرت فكذلك الحكم
وإن نوى غير الدراهم فقد نقل الحناطي أنه يقع طلاق رجعي ولا بدل وخرج من عنده أنه لا طلاق حتى يتصل به القبول والمشيئة كما لو ابتدأ به وهذا هو القياس الحق
ولو لم ينو شيئا فقد حكى وجهين في وقوعه رجعيا أو بائنا ووجهين إن وقع بائنا في أن الواجب مهر المثل أم المسمى ومقتضى جعله مبتدءا أن لا يقع الطلاق إلا أن يتصل به قبول ومشيئة
الخامسة في حقيقة الإعطاء المعلق عليه
فإن سلمت المال إليه فقبضه فذاك وإن وضعته بين يديه كفى ووقع الطلاق وإن امتنع من قبضه على الصحيح لأنها أعطته وهو يفوت حقه
وقيل لا يكفي الوضع فلا يقع به الطلاق وهو ضعيف غريب
فإذا أعطته دخل في ملكه على الصحيح

وقيل لا بل يرده ويرجع بمهر المثل ويجري هذا الوجه في قوله إن ضمنت لي ألفا فأنت طالق فقالت ضمنت لأن لزوم المال بمجرد قولها بعيد كدخوله في ملكه بمجرد الإعطاء
وإذا قال متى أعطيتني ألفا فأنت طالق فبعثته على يد وكيلها فقبضه الزوج لم تطلق لانها لم تعط هي وكذا لو أعطته عن الالف عوضا أو كان لها عليه ألف درهم فتقاصا لم تطلق
ولو حضرت وقالت لوكيلها الحافظ لمالها سلم إليه فسلمه طلقت وكان تمكينها الزوج من المال المقصود إعطاء قاله المتولي
ولو علق الطلاق بالإقباض فقال إن أقبضتني كذا فأنت طالق فوجهان
أصحهما وبه قطع المتولي أنه تعليق محض لأن الإقباض لا يقتضي التمليك بخلاف الإعطاء
فعلى هذا لا يملك المقبوض وليس له مهر المثل بل يقع الطلاق رجعيا
ولا يختص الإقباض بالمجلس كسائر التعليقات
والثاني أن الإقباض كالإعطاء على ما ذكرنا فيه
ولو قالت إن قبضت منك كذا فهو كقوله إن أقبضتني ويعتبر في القبض الأخذ باليد ولا يكفي الوضع بين يديه لأنه لا يسمى قبضا ولو بعثته مع وكيلها لم يكف
ولو قبض منها مكرهة طلقت لوجود الصفة
وفي التعليق بالإعطاء لو أخذ منها كرها لم تطلق لأنها لم تعطه
وذكر المتولي أن ما ذكرناه في التعليق بالإقباض مفروض فيما إذا لم يسبق منه كلام يدل على الاعتياض بأن يقول إن أقبضتني كذا وجعلته لي أو لأصرفه في حاجتي وما أشبه ذلك
قلت هذا الذي ذكره المتولي متعين
والله أعلم
والأداء والدفع والتسليم كالإقباض

فرع قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطت ألفين طلقت لأن
هنا بحكم التعليق وإعطاء الألفين يشتمل على إعطاء الألف وكذا لو قال إن ضمنت لي ألفا فضمنت ألفين ويلغو ضمان الزيادة على ألف
وإذا قبض زيادة على القدر المعلق به كانت أمانة عنده ويخالف هذا قوله خالعتك بألف فقالت قبلت بألفين فإنها لا تطلق لعدم موافقة الإيجاب
السادسة في بيان ما ينزل عليه الدرهم
إذا علق الطلاق باعطائه وما يقبل تفسيره وقد سبق في الزكاة والإقرار قدر الدرهم الإسلامي واسم الدرهم هنا يقع على ذلك القدر من الفضة الخالصة المضروبة سواء كان نوعه جيدا أو رديئا لسواد أو خشونة أو غيرهما
فإذا قال إن أعطيتني ألف درهم فأنت طالق طلقت بأي نوع أعطته
لكن إذا كان في البلد نقد غالب فأتت بغيره طولبت به لأن المعاملات تنزل على النقد الغالب والخلع فيما يتعلق بالمال كسائر المعاملات
وفي قول يرجع بمهر المثل والمشهور الأول
فإن قلنا بالرجوع إلى مهر المثل فالمعطى غير مملوك وإن قلنا بالرجوع إلى الغالب فالمعطى مملوك للزوج وله رده والمطالبة بالغالب
وذكر في الوسيط أنه لا يملكه ويجب الإبدال والصحيح الأول
ثم العادة الغالبة إنما تؤثر في المعاملات لكثرة وقوعها ورغبة الناس فيما يروج هناك ولا تؤثر في الإقرار والتعليق بل يبقى اللفظ على عمومه فيهما
أما في التعليق فلقلة وقوعه وأما

في الإقرار فلأنه إخبار عن وجوب سابق وربما تقدم الوجوب على الضرب الغالب أو وجوب في بقعة أخرى
ولو قال طلقتك على ألف فهذا ليس بتعليق فينزل على الغالب على قاعدة المعاملات

فرع لو كان الغالب في البلد دراهم عددية ناقصة الوزن أو زائدته
لم ينزل الإقرار والتعليق عليها لأن الغلبة لا تؤثر فيهما واللفظ صريح في الوازنة وفي تنزيل البيع والمعاملات عليها وجهان
أحدهما المنع لأن اللفظ صريح في القدر المذكور والعرف لا يغير المسمى وإن كان يخص بعض الأنواع
وأصحهما التنزيل عليهما لأنها التي تقصد في مثل هذه البلدة
وفي قبول تفسير المقر بالناقص خلاف وتفصيل سبق في الإقرار
ولو فسر المعلق بالدراهم المعتادة فإن كانت زائدة قبل على المذهب وإن كانت ناقصة قبل قطعا لأنه توسيع لباب الطلاق
فرع لو أتت بدراهم مغشوشة فإن كان الغالب في البلد المغشوشة فقد
أطلق الغزالي أنه لا ينزل اللفظ عليها فلا يقع الطلاق إلا إذا أعطته الخالصة لكن تسترد ما أعطته وتعطيه مغشوشة
ومن قال بهذا قال التفسير بالمغشوشة كالتفسير بالناقصة
فإن قلنا التفسير بهما فهل تراجعه ليعبر عن مقصوده أم تأخذ بالظاهر إلا أن يفسر فيه احتمالان في البسيط

قلت أفقههما الثاني
والله أعلم
وقطع المتولي والبغوي بأن اللفظ ينزل على المغشوشة ويقع الطلاق إذا أعطت مغشوشة وهل تسلم له الدراهم بذلك قال المتولي يبنى على جواز المعاملة بالمغشوشة
إن لم نجوزها رد الدراهم ولزمها مهر المثل وإلا سلمت له الدراهم ويشبه أن يكون ما ذكره الغزالي أصح
أما إذا كان الغالب في البلد الدراهم الخالصة فلا تطلق إلا إذا أعطت ما تبلغ نقرته ألفا
وفي وجه لا يقع الطلاق وإن بلغته كما لو أعطته سبيكة
فإن قلنا بالصحيح وهو الوقوع فهل يملك الزوج المدفوع إليه وجهان
أحدهما لا لأن المعاملة تنزل على الغالب
والثاني ( نعم ) لأن قبضها اعتبر في وقوع الطلاق وكذا في إفادة الملك لكن له الرد بسبب العيب
فإذا رد رجع إلى مهر المثل على الأظهر وإلى ألف خالصة في قول
ولك أن تقول ينبغي أن لا يملك الغش نفسه في هذه الصورة لأنه إذا بلغت الفضة الخالصة ألفا بقي الغش شيئا آخر مضموما فلا يملكه كما لو ضمت إلى الألف ثوبا
قلت ظاهر كلام القائل بالملك أنه لا ينظر إلى الغش لحقارته في جنب الفضة ويكون تابعا كما سبق في مسألة نعل الدابة
والله أعلم
وأما المعاملة بالدراهم المغشوشة فذكرناها في كتابي الزكاة والبيع والأصح الجواز

السابعة قال إن أعطيتني عبدا أو ثوبا فأنت طالق ووصفه بما يعتبر في السلم فأتت به بالصفة طلقت وملكه الزوج كما قلنا في الدراهم وإن أعطته على غير تلك الصفة لم تطلق ولا يملكه
فلو كان بالصفة لكنه معيب فله الخيار
فإن رده رجع بمهر المثل على الأظهر وبقيمته سليما في قول وليس له المطالبة بسليم بالصفة وفي كتاب الحناطي وجه أنه لا يرد العبد بل يأخذ أرش العيب وهو ضعيف
أما إذا قال إن أعطيتني عبدا ولم يصف فأعطته عبدا لها طلقت لوجود الصفة ولا يملكه لان الملك فيه يكون معاوضة والمجهول لا يكون عوضا فيجب مهر المثل قطعا
وحكى ابن كج والحناطي وجها أنه يقع الطلاق رجعيا ولا شىء عليها وإنما يلزمها العوض إذا ابتدأت فسألت طلاقا بعوض فقال في جوابها إن أعطيتني عبدا فأنت طالق فأعطت والصحيح الأول وسواء إن أعطت سليما أو معيبا أو قنا أو مدبرا أو معلقا عتقه على صفة لوقوع اسم العبد عليه وإمكان نقله وتمليكه
فإن أعطته مكاتبا لم تطلق
وكذا لو قال لاجنبي إن أعطيتني أمة فامرأتي طالق فأعطاه أم ولده
وأشير في المكاتب إلى وجه
ولو وصف العبد ولم يستوعب صفاته فهو كعدم الوصف في أن الرجوع إلى مهر المثل لكن لو أعطته عبدا بغير الصفة لم تطلق مثل أن يقول إن أعطيتني عبدا تركيا فأعطته هنديا
ولو أتت بعبد مغصوب أو مشترك لها ولغيرها أو قال إن أعطيتني ألف درهم فأتت بدراهم مغصوبة فوجهان
أحدهما يقع الطلاق ويرجع بمهر المثل
وأصحهما لا يقع لأنه لا يسمى إعطاء وطرد الخلاف في العبد المرهون والمستأجر
قلت يجري الخلاف في المستأجر إذا لم يجوز بيعه وإلا فهو كغيره
والله أعلم

ولو قال إن أعطيتني هذا العبد المغصوب فأعطته وقع الطلاق بائنا على المذهب ويرجع بمهر المثل
وقيل لا يقع وقيل يقع رجعيا
ولو قال إن أعطيتني زق خمر أو خنزيرا فأنت طالق فقد سبق أنها إذا أتت به بانت ووجب مهر المثل
فإن أتت بخمر مغصوبة بأن كانت محترمة أو لذمي فإن قلنا في العبد المغصوب يقع الطلاق فهنا أولى وإلا فوجهان
أصحهما الوقوع لأن الإعطاء هنا مضاف إلى ما يتأتى تملكه
والثاني المنع ويحمل على ما يختص به يدا كما حمل لفظ العبد على ما اختصت به ملكا
ولو قال إن أعطيتني هذا الحر فثلاثة أوجه
أصحها يقع الطلاق بائنا بمهر المثل
والثاني لا يقع
والثالث يقع رجعيا لأنه لا يملك بحال فالزوج لم يطمع بشىء
ولو قال إن أعطيتني هذا العبد أو الثوب فأنت طالق فأعطته طلقت وملكه فإن خرج مستحقا أو مكاتبا فوجهان
أحدهما لا يقع الطلاق
وأصحهما وقوعه للإشارة ويرجع بمهر المثل على الأظهر وبقيمته في قول
وإن وجده معيبا فله رده وفيما يرجع به القولان
أظهرهما مهر المثل
والثاني قيمته سليما
وقيل ليس له الرد بل يرجع بالأرش والصحيح الأول
قال البغوي ولو قال لزوجته الامة إن أعطيتني ثوبا فأنت طالق فأعطته لم تطلق لانها لم تملكه فإن قال هذا الثوب فأعطته طلقت وفيما يرجع به اقولان
وهذا تفريع منه على المذهب في الثوب المطلق والمعين ولا يخفى مما تقدم أن الإعطاء في جميع صور المسألة ينبغي أن يقع في المجلس
الثامنة قال إن أعطيتني هذا الثوب وهو هروي فأنت طالق فأعطته وبان مرويا لم تطلق
وإن قال إن أعطيتني هذا الثوب الهروي فبان مرويا

أو بالعكس طلقت على الأصح لأنها ليست صيغة شرط بل أخشج في الوصف
ولو خالعها على ثوب هروي ووصفه كما ينبغي فأعطته ثوبا بالصفة فبان مرويا رده وطالبها بهروي بالصفة
ولو خالعها على ثوب بعينه على أنه هروي فبان مرويا وقعت البينونة وملكه الزوج وإخلاف الصفة كعيب لله خيار الخلف
وقيل إن لم تنقص قيمته عن الهروي فلا خيار لأن الجنس واحد ولا نقص والصحيح الأول
فان رد رجع بمهر المثل على الأظهر وبقيمة هروي في الثاني
فإن وجد به عيبا بعد تلفه أو تعيبه في يده وتعذر الرد رجع بقدر النقص من مهر المثل على الأظهر وبقدر ما نقص من القيمة في الثاني وليس له هنا طلب هروي لأنه معين هنا بالعقد
قال أبو الفرج السرخسي وهذا على قولنا إن اختلاف الصفة ليس كاختلاف العين وهو الأظهر كما سبق في النكاح
فإن قلنا هو كاختلاف العين فالعوض فاسد فليس له إمساكه ويرجع بمهر المثل على الأظهر أو قيمة الثوب مرويا على قول
ولو خالعها على ثوب معين على أنه كتان فخرج قطنا أو بالعكس فوجهان
أحدهما وبه قطع البغوي أنه كاختلاف الصفة فيكون حكمه ما سبق في خروجه مرويا
وأصحهما وبه قطع الشيخ أبو حامد وسائر العراقيين أن العوض فاسد وتقع البينونة بمهر المثل على الأظهر وبقيمة ثوب كتان في قول وليس له إمساكه وهؤلاء قالوا لو باعه على أنه كتان فبان قطنا بطل البيع
ولو قالت خالعني على هذا الثوب فانه هروي فخالعها عليه فبان مرويا فهو كما لو قال خالعتك عليه على أنه هروي لأنها غرته
قال المتولي لو قالت هذا الثوب هروي فقال إن أعطيتني هذا الثوب فأنت طالق فأعطته فبان مرويا بني على المتواطىء عليه

قبل العقد كالمشروط فيه أم لا إن قلنا نعم لم يقع الطلاق وإلا وقع وليس له إلا ذلك الثوب
ولو قال خالعتك على هذا الثوب وهو هروي فبان خلافه فلا رد لأنه لا تغرير من جهتهما ولا اشتراط منه وكذا لو قال خالعتك على هذا الثوب الهروي كذا ذكره البغوي
فإن قيل قوله وهو هروي أفاد الاشتراط في قوله إن أعطيتني هذا الثوب وهو هروي حتى لم يقع الطلاق إذا لم يكن هرويا فلم لم يفد الاشتراط في قوله خالعتك على هذا الثوب وهو هروي حتى يتمكن من الرد إذا لم يكن هرويا كما لو قال خالعتك عليه على أنه هروي فالجواب أن قوله وهو هروي دخل هناك على كلام غير مستقل لان قوله إن أعطيتني هذا الثوب غير مستقل فيتقيد بما دخل عليه وتمامه بالفراغ من قوله فأنت طالق
وأما قوله خالعتك على هذا الثوب فكلام مستقل فجعل قوله بعده وهو هروي جملة مستقلة ولم يتقيد بها الاول وبالله التوفيق

الباب الرابع في سؤال المرأة الطلاق بمال
واختلاع الأجنبي فيه أطراف
الأول في ألفاظها وفيه مسائل
الأولى إذا قالت طلقني بكذا أو على كذا جو على أن علي كذا أو على أن أعطيك كذا أو أن أضمن لك أو إن طلقتني أو إذا طلقتني أو متى طلقتني فلك علي كذا فهذه كلها صيغ صحيحة في الالتزام ويختص الجواب في

المجلس بلا خلاف في متى وغيرها بخلاف قول الرجل متى أعطيتني وقد سبق الفرق
الثانية قالت إن طلقتني فابرأ من صداقي أو فقد أبرأتك فقال طلقتك وقع الطلاق رجعيا ولم يبرأ من الصداق لأن الإبراء لا يصح تعليقه وطلاق الزوج طمعا في البراءة من غير لفظ صحيح في الالتزام لا يوجب عوضا وهذا تفريع على الجديد الاظهر أن تعليق الابراء لا يصح وكان لا يبعد أن يقال طلق طمعا في عوض ورغبت هي في الطلاق بالبراءة فيكون فاسدا كالخمر
الثالثة قالت طلقني ولك علي ألف فقال طلقتك بانت ولزمها الألف لأنها صيغة التزام
وقيل لا يثبت العوض بل إن اقتصر على قوله طلقتك وقع رجعيا وإن قال طلقتك على ألف احتاج إلى قبولها والصحيح الأول
قال المتولي ويقرب من هذا قولها طلقني وأضمن لك ألفا
ولو قالت وأعطيك ألفا فالأصح أنه إذا طلقها مطلقا وقع رجعيا لأن لفظ الضمان يشعر بالالتزام بخلاف الإعطاء ولم يطردوا الوجه المذكور هنا في الجعالة بل لو قال رد عبدي ولك علي كذا فرده لزم المال بلا خلاف ولو قال المشتري بعني هذا ولك علي كذا فقال بعت فوجهان أحدهما ينعقد كالاختلاع والجعالة وهذا هو المذكور في فتاوي القفال والثاني لا لأنه يحتمل فيها ما لا يحتمل في البيع كالتعليق وفيما علق عن الإمام أن هذا أصح
ويشبه أن يكون الوجهان في أنه هل هو صريح فأما كونه كناية فينبغي أن يكون متفقا عليه
الرابعة قالت طلقني على ألف أو أتت بصيغة أخرى صريحة في الالتزام

فإن أجابها وأعاد ذكر المال فذاك وإن اقتصر على قوله طلقتك كفى وانصرف إلى السؤال على الصحيح وقيل يقع الطلاق رجعيا ولا مال
ولو قال قصدت الابتداء دون الجواب قبل وكان رجعيا فإن اتهمته حلفته
الخامسة اللفظ الدائر بين الزوجين إن كان صريحا منهما فذاك وإن كان لفظهما كناية بأن قالت أبني قال أبنتك فإن نويا الطلاق نفذ ولزم المال إن ذكرا مالا
وإن لم ينو الزوج فلا فرقة وإن نوى دونها نظر إن جرى ذكر المال في السؤال والجواب لم يقع الطلاق لأنه ربط الطلاق بالمال وهي لم تسأل الفراق ولم تلتزم المال في مقابلته وإن لم يجر ذكر المال في الطرفين وقع طلاق رجعي وإن ذكر هو المال دونها فلا طلاق لأنها لم تسأل فرقة وهو إنشاء فرقة على مال ولم يتصل به قبول
وإن ذكرت هي المال فقالت أبني على ألف فقال ابنتك فلا طلاق على الأصح كما لو ذكر المال
وقيل يقع رجعيا كما لو قال قصدت الابتداء دون الجواب فإنه يقع رجعيا قطعا
أما إذا كان لفظ أحدهما صريحا والآخر كناية فالكناية مع النية كالصريح ودون النية لغو
وعن ابن خيران أنها لو قالت طلقني فقال أبنتك ونوى لم يقع لأن الصريح أقوى فالمأتي به غير المسؤول والصحيح الأول
الطرف الثاني في سؤالها عددا فيه مسائل
إحداها قالت طلقني ثلاثا بألف أو على ألف أو ولك علي ألف أو إن طلقتني ثلاثا فلك علي ألف فطلقها واحدة ففيه أربعة أوجه
الصحيح أنه يقع طلقة بثلث الألف والثاني لا يقع طلاق
والثالث يقع طلقة بمهر

المثل والرابع طلقة بثلث مهر المثل
حكى الحناطي الأخيرين
فعلى الصحيح لو طلقها طلقتين استحق ثلثي الألف
وإن طلق طلقة ونصفا فهل يستحق ثلثي الألف أم نصفه وجهان
قلت الثاني أرجح
والله أعلم
ولو قالت طلقني ثلاثا بألف وهو لا يملك إلا طلقة فطلقها تلك الطلقة فقد نص الشافعي رحمه الله أنه يستحق جميع الألف لأنه حصل بتلك الطلقة مقصود الثلاث وهو البينونة الكبرى
وللأصحاب أوجه
أصحها عند القفال والشيخ أبي علي وكبار الأصحاب وأكثرهم وجوب جميع الالف كما نص عليه سواء علمت أنه لم يبق إلا طلقة أم ظنت بقاء الثلاث والثاني لا يستحق إلا ثلث الالف في الحالين وهو قول المزني وابن خيران والثالث إن علمت استحق الالف وإلا فثلثه قاله ابن سريج وأبو إسحق
والرابع يستحق مهر المثل قاله صاحب التلخيص
والخامس لا يستحق شيئا لأنه لم يطلق كما سألت حكاهما الحناطي
ولو سألت الثلاث بألف ولا يملك إلا طلقتين فطلقها واحدة فله ثلث الالف على الاصح المنصوص وكذا على الثاني وله النصف على الثالث إن علمت وإلا فالثلث
وإن طلقها الطلقتين فعلى النص له الالف وعلى الثاني ثلثاه وعلى الثالث إن علمت فالالف وإلا فثلثاه وزاد الحناطي وجها رابعا وهو الرجوع بمهر المثل وخامسا وهو ثلثا مهر المثل وسادسا وهو أنه لا شىء له
ولو قالت طلقني عشرا بألف فإن كان يملك الثلاث فالاصح الاشهر الجاري على قياس النص أنه يستحق بالواحدة عشر الالف وبالثنتين عشريه وبالثلاث جميع

الالف
وقيل إن كان التوزيع على الثلاث والزيادة لغو فيستحق بالواحدة الثلث وبالطلقتين الثلثين وطرد الوجهان على قياس قول المزني
فعلى الاشهر تستحق بالثلاث ثلاثة أعشار الالف
وعلى الثاني تستحق الجميع توزيعا على العدد الشرعي
وعلى قول من فرق بين العلم والجهل تستحق بالثلاث الجميع وبالواحدة الثلث وبالثنتين الثلثين لحصول العلم بأن الطلاق لا يزيد على ثلاث وأن الزيادة لغو
فإن ظنت أنه يملك عشرا بأن كانت قريبة عهد بالإسلام فالقياس عود الوجهين في أنه يجب ثلاثة أعشار الالف أم الجميع ولو لم يملك إلا طلقتين فسألته عشرا فعلى قياس النص إن طلقها واحدة استحق عشر الالف أو الثلث
وإن طلق ثنتين فتمام الالف
وعلى قياس المزني المستحق العشر أو العشران على الاشهر والثلث أو الثلثان على الوجه الآخر
وعلى قول الفارق إن علمت فله بالواحدة النصف وبالثنتين الجميع
وإن ظنت أنه يملك الثلاث فبالواحدة الثلث وبالثنتين الثلثان
قال الاصحاب والضابط على النص أن الزوج إن ملك العدد المسؤول كله فأجابها فله المسمى وإن أجابها ببعضه فله قسطه بالتوزيع
وإن ملك بعض المسؤول فإن تلفظ بالمسؤول أو حصل مقصودها بما أوقع فله المسمى وإلا فيوزع المسمى على العدد المسؤول على الاشهر
وعلى قول المزني التوزيع على المسؤول أبدا وكذا الحكم على الوجه الفارق إن جهلت
فإن علمت فالتوزيع على المملوك دون المسؤول فلو ملك الثلاث فسألته ستا بألف فعلى النص وقول المزني له بالواحدة السدس بالثنتين الثلث
فإن طلق ثلاثا فعلى النص له الجميع وعند المزني له النصف وعلى الوجه له بالواحدة الثلث وبالثنتين الثلثان وبالثلاث الجميع

المسألة الثانية قالت طلقني ثلاثا بألف وهو يملك الثلاث فقال أنت طالق واحدة بألف وثنتين مجانا فنقل الفوراني والصيدلاني والقاضي حسين وغيرهم أن الاولى تقع بثلث الالف لأنها لم ترض بواحدة إلا بثلث الالف كالجعالة ولا يقع الاخريان لانها بانت بالأولى
وقال الإمام القياس الحق أن لا تجعل كلامه جوابا لها لأنها سألت كل واحدة بثلث الألف وهو لم يرض إلا بالألف وإذا لم يوافق كلامه سؤالها كان مبتدئا فإذا لم تقبل لا تقع الطلقة كما لو قالت طلقني واحدة بثلث ألف فقال طلقتك واحدة بألف لا يقع
وإذا لم تقع الواحدة وقع الاخريان رجعيتين وتابعه الغزالي وغيره على ما قال وهو حسن متجه والاول بعيد وأبعد منه ما في التهذيب أنه تقع الواحدة بالألف ولا تقع الاخريان ولعله غلط من الناسخ
ولو سألته الثلاث بألف فقال طلقتك واحدة بثلث الالف وثنتين مجانا فقد وافق كلامه ما اقتضاه السؤال من التوزيع وزال الإشكال فتبين بالأولى ولا تقع الاخريان ونقل الائمة إن أمكن تأويله على هذه الصورة فليفعل
ولو قال طلقتك ثنتين بألف وواحدة مجانا فعلى الأول تقع الثنتان بثلثي الالف وعلى الثاني لا يقعان
ولو قال طلقتك واحدة مجانا وثنتين بثلثي الالف أو ثنتين مجانا وواحدة بثلث الالف وقع ما أوقعه مجانا ويبنى ما بعده على مخالفة الرجعية إن كانت مدخولا بها والجديد صحته
فعلى هذا تقع الثنتان بثلثي الالف وعلى القديم يقعان بلا عوض لما سبق أن خلع الرجعية على هذا كالسفيهة وإن لم تكن مدخولا بها بانت بما أوقعه مجانا فلا يقع ما بعده

ولو قال طلقتك واحدة مجانا وثنتين بالالف ففي التهذيب أنه إن كان بعد الدخول وقعت الاولى مجانا والثنتان بثلثي الالف ولا يستحق تمام الالف وإن حصل غرضها لان ذلك إنما يكون إذا وقع المملوك من الطلاق في مقابلة المال وهنا أوقع بعض المملوك مجانا
وأعلم أن الإشكال الذي ذكره الإمام يعود هنا لانها لم ترض بالطلقتين إلا بثلثي الالف وقد أوقعهما بألف فوجب أن يجعل كلاما مبتدءا
فأما إذا لم يتصل به قبول لغا
وفي التهذيب أيضا أنه لو قال طلقتك ثلاثا واحدة بألف وقع الثلاث واستحق ثلث الالف ويعود فيه الإشكال
المسألة الثالثة قالت طلقني واحدة بألف فقال أنت طالق ثلاثا وقع الثلاث واستحق الالف
وهل الالف في مقابلة الثلاث أم الواحدة وجهان
ظاهر النص ثانيهما ولا يتعلق بالخلاف فائدة حكمية
ولو قال بعني هذا العبد بألف فقال بعتكه مع هذين العبدين بألف فالبيع باطل على الصحيح لأنه معاوضة محضة بخلاف الخلع فإنه كالجعالة
وقيل يصح البيع في الجميع وقيل يصح في العبد المسؤول خاصة
ولو أعاد في الجواب ذكر الالف
فقا طلقتك ثلاثا بألف فهل يقع الثلاث بألف أم الثلاث بثلث الالف أم واحدة بثلث الالف ولا يقع الاخريان أم لا يقع شىء أصلا فيه أربعة أوجه
أصحها الاول
وينبغي أن تطرد هذه الاوجه فيما إذا لم يعد ذكر الالف
ولو قالت طلقني واحدة بألف فقال أنت طالق طلقتين فقياس ما تقدم أنه تقع الطلقتان ويستحق الألف وفيه احتمال للإمام إذ لم تحصل البينونة الكبرى فلا يستحق شيئا لأنه خالف ولم تحصل البينونة الكبرى

الرابعة قالت طلقني بألف فقال طلقتك أو أنت طالق بخمسمائة فهل يقع الطلاق بخمسمائة أم بألف ويلغى قوله بخمسمائة لأنها بانت بقوله طلقتك واستحق الألف أم لا يقع طلاق للمخالفة كما لو خالفت في قبولها فيه ثلاثة أوجه
أصحها الأول وبه قال ابن الحداد
ولو قال بعني عبدك بألف فقال بعتك بخمسمائة لم ينعقد البيع على الأصح لأنه معاوضة محضة
وقيل يصح بخمسمائة
الخامسة قالت طلقني على كذا درهما فطلقها على دنانير كان مبتدئا بكلامه فينظر أيتصل به قبول أم لا ولو قالت طلقني واحدة بألف فقال أنت طالق وطالق وطالق سئل فإن قال أردت مقابلة الأولى بالألف وقعت الأولى بالألف ولم تقع الاخريان
وإن قال أردت الثانية بالألف وقعت الأولى رجعية ويجيء في الثانية القولان في خلع الرجعية فإن صححناه لغت الثالثة وإلا فلا
وإن قال أردت الثالثة وقعت الأوليان بلا عوض وفي الثالثة الخلاف
وإن قال أردت مقابلة الجميع بالألف وقعت الأولى بثلث الألف ولغت الأخريان وإن لم يكن له نية قال البغوي بانت الأولى بالألف لأنه جواب لقولها ولغت الأخريان
وذكر صاحب المهذب مثل هذا التفصيل فيما إذا ابتدأ فقال أنت طالق وطالق وطالق بألف وليشترط فيه مطابقة القبول للإيجاب
ولو قال في جوابها أنت طالق طالق طالق واحدة بألف انقطع احتمال مقابلة الجميع بالألف والباقي كما ذكرناه

هذا إذا كانت مدخولا بها فإذا لم تكن وأراد مقابلة غير الأولى بالألف بانت الأولى ولغا ما بعدها
ولو قالت له وهو لا يملك إلا طلقة طلقني طلقتين بألف فقال طلقتك طلقتين الاولى منهما بألف والثانية مجانا استحق الألف
وإن قال الثانية منهما بألف وقعت الاولى بلا عوض ولغت الثانية
وإن قال إحداهما بألف أو اقتصر على قوله طلقتك طلقتين سئل فإن قال أردت الأولى والثانية فعلى ما ذكرنا وإن قال لم أنو شيئا ففي استحقاقه المال وجهان أصحهما نعم لمطابقة الجواب السؤال
ولو أعاد ذكر المال فقال طلقتك طلقتين بألف فهل يستحق خمسمائة عملا بالتوزيع أم ألفا لحصول البينونة الكبرى وجهان
أصحهما الثاني وبه قال أبو زيد

فرع لو لم يملك إلا طلقة فقالت طلقني ثلاثا بألف طلقة أحرم
في الحال وطلقتين يقعان علي إذا نكحتني بعد زوج أو تكونان في ذمتك تنجزهما حينئذ فطلقها ثلاثا وقعت الواحدة ولغا كلامهما في الآخرتين
ثم النص في المختصر أن للزوج مهر المثل وللأصحاب طريقان
أحدهما هذا وأصحهما على قولي تفريق الصفقة للجمع بين مملوك وغيره فإن أبطلنا فله مهر المثل وإن صححنا فلها الخيار في العوض لتبعيض مقصودها فإن فسخت فله مهر المثل وإن أجازت فهل يجيز بكل الالف أم بثلثه عملا بالتقسيط قولان كالبيع ومنهم مق قطع هنا بالتقسيط لأن المشتري بالفسخ

يدفع العقد من كل وجه والطلاق هنا لا مدفع له فيبعد إلزامها بواحدة ما التزمته للثلاث
السادسة قالت طلقني نصف طلقة بألف أو طلق نصفي أو يدي أو رجلي بألف فأجابها بذلك أو قال ابتداء طلقتك نصف طلقة أو طلقت نصفك بألف فقبلت فلا يخفى أن الطلاق يقع مكملا وكذا لو كان ذلك بلفظ الخلع وجعلناه طلاقا
ثم الواجب في هذه الصور مهر المثل على الصحيح لفساد صيغة المعاوضة
ولهذا لو قال بعتك هذا نصف بيعة أو بعته لنصفك أو ليدك لم يصح البيع
وإذا فسدت الصيغة تعين مهر المثل وإنما يجيء الخلاف في الرجوع إلى مهر المثل وبدل المسمى إذا كان الفساد في المسمى
وحكى الإمام وجها واختاره أنه يجب المسمى لان الشرع كمل ذلك المبعض فصار كتكميلها
الطرف الثالث في تعليقها بزمان وفيه مسائل
الأولى قالت طلقني غدا ولك علي ألف أو إن طلقتني غدا فلك علي ألف أو قالت خذ هذا الالف على أن تطلقني غدا فأخذه لم يصح ولم يلزم الطلاق لأنه سلم في الطلاق والطلاق لا يثبت في الذمة
ثم إن طلقها في الغد أو قبله وقع الطلاق بائنا ولزمها المال لأنه إن طلق في الغد فقد حصل مقصودها
وإن طلق قبله فقد زادها كما لو سألت طلقة فطلق ثلاثا
فلو قال أردت الابتداء صدق بيمينه وله الرجعة وفي المال الواجب طريقان
المذهب والمنصوص مهر المثل
والثاني قولان
ثانيهما المسمى

وهل يفرق بين أن يطلقها عالما ببطلان ما جرى وبين تطليقها جاه ببطلانه قال القاضي حسين والبغوي يفرق ولا يلزمها شىء إذا طلقها عالما بل يقع رجعيا وضعفه الإمام واستشهد بالجلع على الخمر وسائر الأعواض الفاسدة فإنه لا فرق في ثبوت المال بين العلم والجهل
وإن طلقها بعد مضي الغد نفذ رجعيا لأنه خالف قولها فكان مبتدئا فإن ذكر مالا اشترط في وقوعه القبول
الثانية قالت لك ألف إن طلقتني في هذا الشهر ولم تؤخر تطليقي عنه أو قالت خذ هذا الألف على أن تطلقني في هذا الشهر متى شئت فهو باطل وأولى بالبطلان من مسألة الغد فإن طلقها بعد الشهر كان مبتدئا وإن طلقها في الشهر وقع الطلاق بائنا
وفي المال الواجب الطريقان
ولا يشترط وقوع الطلاق في المجلس وقد ذكرنا في الباب الأول وفي الطرف الأول من هذا الباب أنها إذا قالت متى طلقتني فلك ألف يشترط التطليق في المجلس
وللأصحاب طريقان حكاهما الإمام أحدهما طرد القولين فيهما والمذهب الفرق لأن كلمة متى ظاهر في جواز التأخر لكن قرينة العوض خصتها بالمجلس عملا بقاعدة المعاوضات وهنا صرحت بجواز التأخير فضعفت القرينة عن مقاومة الصريح على طريقة التسوية هي اشتراط المجلس وعدمه والمسمى صحيح في تلك الصورة بلا خلاف
الثالثة قالت طلقني بألف طلاقا يمتد تحريمه إلى شهر ثم أكون في نكاحك حلالا لك فطلقها كذلك وقع الطلاق مؤبدا وفي قدر المال الواجب

الطريقان وطريقة القطع هنا أظهر لأن الشرط هنا لا يمكن الوفاء به وفساد الشرط يوجب الجهل بالعوض فيتعين مهر المثل
الرابعة علق طلاقها بصفة وذكر عوضا فقال طلقتك إذا جاء غد أو رأس الشهر أو دخلت الدار على ألف فقبلت أو سألته فقالت علق طلاقي برأس الشهر أو بدخول الدار على ألف فعلق فالصحيح وقوع الطلاق عند وجود المعلق عليه على مقتضى التعليق
وقيل لا يقع لأن المعاوضة لا تقبل التعليق فيمتنع ثبوت المال
وإذا لم يثبت لم تطلق لارتباطه فإن قلنا بالصحيح اشترط القبول على الاتصال قال القفال ويحتمل أنها تخير بين القبول في الحال أو عند وجود الصفة والمعروف الأول
ثم الواجب المسمى أم مهر المثل وجهان
وقيل قولان أصحهما عند الجمهور الأول ويجري الخلاف فيما إذا قالت إذا جاء رأس الشهر وطلقتني فلك ألف فطلقها عند رأس الشهر إجابة لها
وقيل إن ابتدأ الزوج بالتعليق وجب المسمى وإن ابتدأت بالسؤال فمهر المثل
وإذا أثبتنا المسمى فمتى يجب ويلزم تسليمه فيه أوجه
أصحها في الحال واختاره ابن الصباغ لأن الأعواض المطلقة يلزم تسليمها في الحال والمعوض تأخر بالتراضي
فإن تعذر تسليم المعوض بأن فارقها قبل وجود المعلق عليه لزم رد العوض كما لو تعذر تسليم المسلم فيه
والثاني يجب في الحال لكن لا يلزم تسليمه إلا عند وجود المعلق عليه لتأخر المعوض

والثالث لا يجب إلا عند البينونة ولا شك أنه لا رجوع لها قبل القب
فأما إذا قالت طلقني غدا ولك ألف أو إن طلقتني غدا فلك ألف وهما الصورتان السابقتان في المسألة الأولى فلها الرجوع قبل التطليق لأن الجواب به يحصل وما يستحقه الزوج هناك يستحقه عند التطليق
الطرف الرابع في اختلاع الأجنبي فيه مسائل
الأولى يصح الخلع من الزوج مع الأجنبي ويلزم الأجنبي المال هذا إذا قلنا الخلع طلاق
قال الأصحاب فإن قلنا هو فسخ لم يصح لأن الزوج لا ينفرد به بلا سبب ولا يجيء هذا الخلاف إذا سأله الأجنبي الطلاق فأجابه لأن الفرقة الحاصلة عند استعمال الطلاق طلاق بلا خلاف
الثانية الخلع مع الاجنبي كهو مع الزوجة في الالفاظ والاحكام وهو من جانب الزوج معاوضة فيها معنى التعليق ومن جانب الاجنبي معاوضة فيها ثبوت جعالة
فلو قال الاجنبي طلقت امرأتي وعليك كذا طلقت رجعيا ولا مال ولو قال الاجنبي طلقها وعلي ألف أو لك ألف فطلق وقع بائنا ولزمه المال
ولو اختلعها عبد كان المال في ذمته كما لو اختلعت أمة نفسها
ولو اختلعها سفيه وقع رجعيا كما لو اختلعت سفيهة نفسها
الثالثة لو وكلت الزوجة من يخلعها فله أن يختلعها استقلالا وبالوكالة
فإن صرح بالاستقلال فذاك وإن صرح بالوكالة فالزوج يطالب الزوجة بالمال وإن لم يصرح ونوى الوكالة فالخلع لها لكن تتعلق به العهدة فيطالب ثم يرجع عليها
وإن لم يصرح ولا نوى شيئا أصلا فالخلع لها لأن منفعته لها بخلاف نظيره من الوكالة في الشراء
ويجوز أن يوكل الاجنبي الزوجة لتختلع عنه وحينئذ تتخير الزوجة بين أن تختلع استقلالا أو بالوكالة

وقول الزوجة لأجنبي سل زوجي تطليقي على ألف توكيل سواء قالت علي أم لا
وقول الاجنبي لها سلي زوجك يطلقك على كذا إن لم يقل علي فليس بتوكيل
فلو اختلعت فالمال عليها
وإن قال علي كان توكيلا
فإن أضافت إليه أو نوته فالمال على الاجنبي
وقول الاجنبي للأجنبي سل فلانا يطلق زوجته على ألف كقوله للزوجة فيفرق بين قوله علي وعدمه
ولو اختلع الاجنبي وأضاف إليها مصرحا بالوكالة ثم بان كذبه لم تطلق لأنه مربوط بالمال وهو لم يلتزم في نفسه فأشبه إذا خاطبها ولم تقبل

فرع قال لرجل بع عبدك لفلان بكذا وعلي ألف فباعه لم يستحق
شيئا على الصحيح وهو قول الجمهور
قال القاضي أبو الطيب وقال الداركي يحتمل أن يستحق الالف كالتماس الطلاق والعتق
ولو قال بعه عندك بألف في مالي لم يستحق على القائل شيئا
الرابعة أبو الزوجة في اختلاعها كالاجنبي فإن اختلع بمال نفسه فذاك صغيرة كانت أو بالغة وإن اختلع بمالهاوصرح بالنيابة أو الولاية لم يقع الطلاق كما لو بان كذب مدعي الوكالة في الاختلاع
وإن اختلع بمالها مصرحا بالاستقلال فهو كالاختلاع بمغصوب فيقع الطلاق بمهر المثل على الاظهر وببدل المسمى في قول
ولو اختلع بعبد أو غيره وذكر أنه من مالها ولم يتعرض لنيابة ولا استقلال وقع الطلاق رجعيا كمخالعة السفيهة صغيرة كانت الزوجة أم كبيرة بكرا أم ثيبا

وكذا لو قال للأجنبي خالعها على عبدها هذا أو صداقها وذكرا في تشبيهه بالسفيهة أنه أهل للقبول لكنه محجور عليه في مالها ولكن هذا ينتقض بالمغصوب ولهذا خرج القاضي حسين هنا وجها أنه يقع الطلاق بائنا ويعود القولان في قدر المال الواجب
والمذهب الفرق لأن الاجنبي متبرع بما يبذله لا يحصل له فائدة إذا أضاف إلى مالها فقد صرح بترك التبرع بخلاف اختلاعها نفسها بمغصوب
وبنى البغوي على هذا الفرق أنه لو قال الاجنبي طلقها على هذ المغصوب أو على هذا الخمر أو على عبد زيد هذا فطلق وقع رجعيا ولا مال بخلاف ما إذا التمست المرأة هكذا
ولو اختلع الاب أو الاجنبي بعبدها ولم يذكر أنه من مالها فإن لم يعلم الزوج كونه عبدها فكالمغصوب فيقع بمهر المثل على الاظهر وإن علم فالاصح أنه كالذي لم يعلم
وقيل المعلوم كالمذكور فيقع رجعيا هذا كله إذا اختلع الاب بغير صداقها فإن اختلع به أو على أن الزوج بريء من صداقها أو قال طلقها وأنت بريء من صداقها أو على أنك بريء من صداقها فالمنصوص أن يقع الطلاق رجعيا ولا يبرأ عن صداقها ولا شىء على الاب
وحكى الإمام وغيره تخريجه على عفو الاب عن صداق الصغيرة وإن جوزناه صح الخلع وإلا فالصحيح وقوعه رجعيا كما نص عليه كاختلاع السفيهة
وقيل لا يقع الطلاق أصلا كالوكيل الكاذب
فإذا صححنا عفو الولي فشرطه كونه قبل الدخول وحينئذ يتشطر المهر فيكون العوض أحد الشطرين
ولو اختلعا بالبراءة عن صداقها وضمن له الدرك فالذي أطلقه الجمهور من

العراقيين وغيرهم أنه لا يبرأ ويقع الطلاق بائنا لانه التزم المال في نفسه فأشبه الاختلاع بمغصوب
فعلى هذا هل الواجب عليه مهر المثل أم بدل الصداق فيه القولان المعروفان
أظهرهما الاول
وهكذا الحكم فيما إذا قال الاب أو الاجنبي طلقها على عبدها هذا وعلي ضمانه
فعلى الاظهر يلزم مهر المثل
وعلى الثاني قيمة العبد
والذي قدمناه أنه لا يلزمه شىء هو فيما إذا لم يتلفظ بالضمان
وحكى الإمام أنه لا أثر لهذا الضمان ويقع الطلاق رجعيا كما لو قال طلقها وأنت بريء من الصداق
ووجها أنه ( إن ) قال طلقها وأنا ضامن براءتك لغا ووقع رجعيا إذ لا فائدة فيه
وإن قال وأنا ضامن للصداق إن طولبت به أديته عنك وقع بائنا لانه صرح بالمقصود إلا أنه التزام فاسد واختار الإمام الغزالي هذا
ولفظ الضمان هنا كهو في قوله ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه
والمراد به الالتزام دون الضمان المشهور
ولو التمس الطلاق على أنه بريء وضمن الدرك فقال الزوج في جوابه إن برئت من صداقها فهي طالق لم تطلق لأن الصفة المعلق عليها لم توجد

الباب الخامس في الاختلاف
فيه مسائل
الأولى قالت خالعني على كذا فأنكر الزوج صدق بيمينه
ولو كان

له زوجتان تسميان باسم واحد فقال خالعت فلانة بكذا فقبلت إحداهما فقال الزوج أردت الأخرى وقالت القائلة بل أردتني فهو المصدق ولا فرقة
ولو قال طلقتك بألف فقالت بلا عوض صدقت بيمينها في نفي العوض ولا يقبل قوله في سقوط سكناها ونفقتها وتحصل البينونة بقوله
ولو قال خالعتك بالعوض الذي سألت فأنكرت أصل السؤال فكذلك الحكم
وإن قالت طلقتني بعد طول الفصل وقال بل في الحال فهي المصدقة في نفي المال أيضا
ولو قال طلقتك بعد طول الفصل ولم تقبلي فلي الرجعة وقالت بل طلقتني متصلا بسؤالي فلا رجعة لك فالمصدق الزوج
الثانية اتفقا على الخلع واختلفا في جنس العوض أو قدره أو صفته في الصحة والتكسر والأجل ولا بينة تحالفا وحصلت البينونة وإنما أثر التحالف في العوض
والقول في أنه هل تنفسخ التسمية أم تفسخ إن أصرا على النزاع وفي كيفية اليمين ومن يبدأ به على ما تقدم في البيع وفي الرجوع بعد الفسخ أو الانفساخ إلى مهر كتحالفهما في الصداق وقيل يرجع بأقل الأمرين من مهر المثل وما ادعاه
وقيل بأكثر الامرين من مهر المثل والمسمى الذي ادعته والصحيح الاول
ولو أقام كل واحد بينة بدعواه فهل تتساقطان أم يقرع قولان حكاهما الحناطي
وعلى التقديرين هل يحلف وجهان
وعن ابن سريج أنه يعمل بأكثر البينتين
قلت الاظهر أنهما يسقطان ولا ترجيح بالكثرة
والله أعلم
ولو خالع أجنبيا واختلفا تحالفا وعلى الأجنبي مهر المثل

الثالثة سبق أنه لو خالعها على ألف درهم وفي البلد نقد غالب نزل عليه فلو لم يكن بطلت التسمية ووجب مهر المثل فإن نويا نوعا فالصحيح الإكتفاء بالنية ولزوم ذلك النوع
وقيل تفسد التسمية ويجب مهر المثل كنظيره في البيع والفرق أنه يحتمل هنا ما لا يحتمل في البيع
ولو قال خالعتك على ألف ولم يذكر جنسا فالصحيح أنه كإبهام النوع فإن نويا جنسا تعين
وقيل يتعين هنا مهر المثل لكثرة الاختلاف في الاجناس
ولو قال خالعتك على ألف شىء فقبلت ونويا شيئا معينا قال القاضي حسين التسمية فاسدة لشدة الإجمال فيرجع إى مهر المثل ويمكن أن ينازعه غيره
ثم قال الشيخ أبو محمد إنما يؤثر التعيين بالنية إذا تواطا قبل العقد على ما يقصدانه ولا أثر للتوافق بلا مواطأة ولم يعتبر آخرون ذلك بل اعتبروا مجرد التوافق
قلت هذا الثاني هو الاصح
وقول الشيخ أبي محمد هنا ضعيف
والله أعلم
وإذا عرفت هذه المقدمة فلو تخالعا بألف درهم وأطلقا فقال الزوج أردنا بالدراهم النقرة فقالت بل أردنا بها الفلوس أو على ألف فقال أردنا الدنانير أو الدراهم فقالت أردنا الفلوس فالصحيح أنهما يتحالفان
وقيل يجب مهر المثل بلا تحالف
فلو توافقا على أنه أراد النقرة وادعت أنها أرادت الفلوس وقال بل أردت النقرة أيضا حصلت البينونة لانتظام الصيغة ومؤاخذة لها وتصدق هي بيمينها
فإذا حلفت فلا شىء عليها لانها نفت بيمينها النقرة ونفى هو الفلوس
ولو توافقا أنها أرادت الفلوس وقال هو أنا أردت النقرة ولا فرقة للمخالفة فقالت

بل أردت الفلوس أيضا وبنت منك حصلت البينونة ظاهرا لاتفاق اللفظين
وهل للزوج مهر المثل وجهان قال القاضي حسين نعم للبينونة ظاهرا والذي اختاره الغزالي لا لإنكاره البينونة وعوضها
قلت هذا الثاني هو الأصح واختاره أيضا الإمام
قال الإمام فإن قيل لو صدقها بعد ذلك في اتفاق النية قلنا إذ ذاك يطالبها بالمسمى المعين لا بمهر المثل
والله أعلم
وفي معنى هذه الصورة ما إذا اتفقا على أنه أراد الدراهم وزعم أنها أرادت الفلوس ولا فرقة فقالت أردت الدراهم وبنت فالفرقة حاصلة ويعود الوجهان في ثبوت شىء للزوج وبالثبوت قطع البغوي وقال لا تحصل الفرقة باطنا إن كان صادقا
ولو قال أردت النقرة ولم يتعرض لجانبها وقالت أردت الفلوس ولم تتعرض لجانبه حصلت الفرقة
ثم عن القاضي حسين أنهما يتحالفان
وفي البسيط أن الوجه وجوب مهر المثل لانه لا يدعي عليها معينا حتى تحلف
قلت الأصح وجوب مهر المثل بلا تحالف
وقد نقل الإمام الاتفاق عليه وجعل مخالفة القاضي في التحالف في غير هذه الصورة
والله أعلم
ولو قال أحد المتخالعين أطلقنا الدراهم
وقال الآخر عينا نوعا تحالفا
الرابعة قالت سألتك ثلاث تطليقات بألف فأجبتني فقال بل سألت واحدة بألف فأجبتك فالالف متفق عليه لكن اختلفا في المعوض فيتحالفان فإذا تحالفا فعليها مهر المثل
والقول في عدد الطلاق الواقع قوله بيمينه
قال

الحناطي ولو أقام كل واحد بينة على قوله فإن اتفق تاريخ البينتين تحالفا وإلا فالاسبق تاريخا مقدمة
ولو قال طلقتك وحدك بألف فقالت بل طلقتني وضرتي تحالفا وعليها مهر المثل
ولو قالت سألتك واحدة بألف فأجبتني فقال بل طلقتك ثلاثا بألف وقع الثلاث ووجب الألف ولا معنى لهذا الاختلاف
ولو قالت سألتك ثلاثا بألف فطلقتني طلقة فلك الثلث فقال بل ثلاثا فلي الألف فإن لم يطل الفصل طلقت ثلاثا ولزمها الالف وإن طال ولم يمكن جعله جوابا طلقت ثلاثا بإقراره وتحالفا للعوض وعليها مهر المثل هكذا نص عليه في روحية الربيع
وفيما نقله أبو بكر الفارسي في عيون المسائل واختلف الاصحاب فأخذت طائفة بالنص وقال البغوي يتحالفان وله مهر المثل ولم يفرق بين طول الفصل وعدمه
وقال آخرون النص مشكل في حالتي الاتصال والانفصال
قال الإمام ينبغي أن يقال في حالة الاتصال إن قال الزوج ما طلقتك من قبل والآن أطلقك ثلاثا على ألف تقع الثلاث ويجب الألف لان الوقت وقت الجواب
وإن قال طلقتك من قبل ثلاثا تعذر جعل هذا إنشاء لانها بانت قبله فيقع الثلاث بإقراره ولا يلزمها إلا ثلث الالف كما لو قال إن رددت أعبدي الثلاثة فلك الالف فقال رددتهم وقال ما رددت إلا واحدا
وأما في حال الانفصال فيحكم بوقوع الثلاث بإقراره وعليها ثلث الالف ولا معنى للتحالف لان التحالف عند الاختلاف في صفة العقد أو العوض ( وهما ) هنا متفقان على أن المسؤول ثلاث وأن العوض ألف

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28