كتاب :روضة الطالبين وعمدة المفتين
المؤلف : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي

وإذا أراد الأب تزويج البكر بغير كفء فاستأذنها فهل يكفي السكوت فيه الوجهان
قلت ونقل الرافعي في آخر كتاب النكاح عن فتاوى القاضي حسين الجزم بصحة النكاح إذا استأذنها ولي في تزويجها بغير كفء فسكتت
قال صاحب البيان قال أصحابنا المتأخرون إذا استأذن الولي البكر في أن يزوجها بغير نقد البلد أو بأقل من مهر المثل لم يكن سكوتها إذنا في ذلك
والله أعلم

فرع قال أزوجك بشخص فسكتت قال بعض المتأخرين الأليق بمذهبنا أنه لا يكون رضى لأن

ولك أن تقول هذا يخرج على أنه يشترط تعيين الزوج في الأذن
والأصح أنه ليس بشرط فلا يضر الجهل إذا اكتفينا بالسكوت
قلت هذا الذي أورده الرافعي هو الصواب
والله أعلم
فرع قال أيجوز أن أزوجك فقالت لم لا يجوز أو قال أتأذنين
لم لا آذن حكى بعضهم أنه ليس بإذن ولك أن تقول هذا مشعر برضاها فهو أولى من سكوتها
قلت المختار أنه إذن
والله أعلم

فرع قالت وكلتك بتزويجي فالذي لقيناهم من الأئمة لا يعدونه إذنا
لأن توكيل المرأة في النكاح باطل لكن المسألة غير مسطورة ويجوز أن يعتد به إذنا كما إذا فسدت الوكالة نفذ التصرف بالإذن
قلت هذا عجب من الإمام الرافعي والمسألة منصوصة للشافعي
قال صاحب البيان يجوز للمرأة أن تأذن لوليها غير المجبر بلفظ ( الإذن ) ويجوز بلفظ الوكالة نص عليه الشافعي رحمه الله لأن المعنى فيهما واحد فهذا هو الصواب نقلا ودليلا
ولو أذنت له ثم رجعت لم يصح تزويجها كالموكل إذا عزل الوكيل فإن زوجها الولي بعد العزل قبل العلم ففي صحته وجهان بناء على بيع الوكيل
والله أعلم
فرع في فتاوى البغوي أن التي يعتبر إذنها في تزويجها إذا قالت
وهي في نكاح أو عدة أذنت لك في تزويجي إذا فارقني زوجي أو انقضت عدتي فينبغي أن يصح الإذن كما لو قال الولي للوكيل زوج بنتي إذا فارقها زوجها أو انقضت عدتها
وفي هذا التوكيل وجه ضعيف أنه لا يصح وقد سبق في الوكالة
وفيها أنه لو قيل للبكر رضيت بما تفعله أمك وهي تعرف أنهم يعنون النكاح فقالت رضيت لم يكن إذنا لأن الأم لا تعقد بخلاف ما لو قالت رضيت بما يفعل الولي
ولو قالت رضيت بالتزويج بمن تختاره أمي جاز
ولو قالت

رضيت إن رضيت أمي لا يجوز
ولو قالت رضيت إن رضي وليي
فإن أرادت التعليق لم يجز
وإن أرادت إني رضيت بما يفعله الولي كان إذنا
وفيها لو أذنت في التزويج بألف ثم قيل لها عند العقد بخمسمائة فسكتت وهي بكر كان سكوتها إذنا في تزويجها بخمسمائة
ولو قيل ذلك لأمها وهي حاضرة فسكتت لم يكن إذنا
السبب الثالث الاعتاق فالمعتق وعصبته يزوجون كالأخ
السبب الرابع السلطنة فيزوج السلطان بالولاية العامة البوالغ بإذنهن ولا يزوج الصغار
ثم السلطان يزوج في مواضع
أحدها عدم الولي الخاص
الثاني عند غيبته
الثالث عند إرادته تزوجها لنفسه
الرابع عضله فإذا عضلها وليها بقرابة أو إعتاق واحدا كان أو جماعة مستوين زوجها السلطان
وهل تزويجه في هذا الحال بالولاية أم النيابة عن الولي وجهان حكاهما الإمام فيه وفي جميع صور تزويج السلطان مع وجود أهلية الولي الخاص
ثم إنما يحصل العضل إذا دعت البالغة العاقلة إلى تزويجها بكفء فامتنع
فأما إذا دعت إلى غير كفء فله الإمتناع ولا يكون عضلا
وإذا حصلت الكفاءة فليس له الإمتناع لنقصان المهر لأنه محض حقها
ولا بد من ثبوت العضل عند الحاكم ليزوجها
قال البغوي ولا يتحقق العضل حتى يمتنع بين يدي القاضي وذلك بأن يحضر الخاطب والمرأة والولي ويأمره القاضي بالتزويج فيقول لا أفعل أو يسكت فحينئذ يزوجها القاضي
وكان هذا فيما إذا تيسر إحضاره عند القاضي
فأما إذا تعذر بتعزز أو توار فيجب أن يجوز الإثبات بالبينة كسائر الحقوق
وفي تعليق الشيخ أبي حامد ما يدل عليه وعند الحضور لا معنى للبينة فإنه إن زوج وإلا فعضل

فرع سيأتي خلاف في أن السيد يزوج أمته بالملك أم بالولاية

بالولاية صارت الأسباب خمسة
الطرف الثاني في ترتيب الأولياء فتقدم جهة القرابة ثم الولاء ثم السلطنة
ويقدم من القرابة الأب ثم أبوه ثم أبوه إلى حيث ينتهي ثم الأخ من الأبوين أو من الأب ثم ابنه وإن سفل ثم العم من الأبوين أو من الأب ثم ابنه وإن سفل ثم سائر العصبات
والترتيب في التزويج كالترتيب في الإرث إلا في مسائل
إحداها الجد يقدم على الأخ هنا
المسألة الثانية الأخ للأبوين يقدم على الأخ للأب في الإرث وهنا قولان
أظهرهما وهو الجديد يقدم أيضا
والقديم يستويان ويجري القولان في ابني الأخ والعمين وابني العم إذا كان أحدهما من الأبوين والآخر من الأب
ولو كان ابنا عم أحدهما أخوها من الأم أو ابنا ابن عم أحدهما ابنها فقال الإمام هما سواء
وطرد الجمهور القولين وقالوا الجديد يقدم الأخ والإبن
ولو كان ابنا عم أحدهما من الأبوين والآخر من الأب لكنه أخوها من الأم فالثاني هو الولي لأنه يدلي بالجد والأم والأول بالجد والجدة
ولو كان ابنا ابن عم أحدهما ابنها والآخر أخوها من الأم فالإبن هو المقدم لأنه أقرب
ولو كان ابنا معتق أحدهما ابنها فهو المقدم وبه قال ابن الحداد لكنه ذكر في التفريع أنه لو أراد المعتق نكاح عتيقته وله ابن منها وابن من غيرها لأنها تستحق الحرية بسببه زوجه ابنه منها دون ابنه من غيرها وهذا غلط عند جمهور الأصحاب لأن ابن المعتق لا يزوج في حياة المعتق وإنما يزوجه السلطان وإنما يزوج

ابن المعتق بعد موته
وهذا كله على الجديد
وأما على القديم فيسوى بينهما في الصور
قلت ولو كان ابنا عم أحدهما معتق فعلى القولين أو ابنا عم أحدهما خال فهما سواء بلا خلاف
والله أعلم
( المسألة ) الثالثة الإبن لا يزوج بالبنوة فإن شاركها في نسب كابن هو ابن ابن عمها فله الولاية بذلك
وكذا إن كان معتقا أو قاضيا أو تولدت قرابة من أنكحة المجوس أو وطء الشبهة بأن كان ابنها أخاها أو ابن أخيها أو ابن عمها ولا تمنعه البنوة التزويج بالجهة الأخرى

فصل وأما الولاء فمن لا عصبة لها بنسب وعليها ولاء فينظر إن
رجل فولاية تزويجها له
فإن لم يكن بصفة الولاية فلعصباته ثم لمعتقه ثم لعصبات معتقه وهكذا على ترتيبهم في الإرث
وترتيب عصبات المعتق في التزويج كترتيب عصبات النسب إلا في ثلاث مسائل
إحداها جدها أولى من أخيها وفي جد المعتق وأخيه قولان كارثهما بالولاء
أظهرهما تقديم الأخ
والثاني يستويان
ولو اجتمع جد المعتق وابن أخيه فإن قدمنا الأخ على الجد قدمنا ابنه وإلا فيقدم الجد
وقد حكينا في الإرث تفريعا على هذا القول وجها أنهما يستويان فيجوز أن يطرد هنا
( المسألة ) الثانية ابن المرأة لا يزوجها وابن المعتق يزوج ويقدم على أبيه لأن التعصيب له
( المسألة ) الثالثة إذا اجتمع أخو المعتق
لأبويه وأخوه لأبيه فالمذهب

القطع بتقديم الأخ للأبوين
وقيل بطرد القولين كالنسب
وقيل يستويان قطعا
أما إذا كان المعتق إمرأة فلا ولاية لها لعدم أهليتها فإن كانت حية فوجهان
أحدهما قاله صاحب التلخيص يزوجها السلطان
والصحيح أنه يزوجها من يزوج معتقها فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها على ترتيب الأولياء ولا يزوجها ابن المعتقة ويشترط في تزويجها رضاها ولا يشترط رضى المعتقة على الأصح إذ لا ولاية لها
وقيل يشترط فإن عضلت ناب السلطان عنها في الإذن ويزوج الولي
فإن كانت المعتقة ميتة زوجها من له الولاء من عصبات المعتقة ويقدم الإبن على الأب
وتعود الصور المذكورة في مفارقتهم عصبات النسب فيما إذا كان المعتق رجلا
وحكي وجه أن الأب يقدم على الإبن بعد موت المعتقة ووجه أن الإبن يقدم على الأب في حياتها وهما شاذان

فرع متى اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة كالبنين والأخوة فهم
كالأخوة في النسب
فإذا زوجها أحدهم برضاها صح ولا يشترط رضى الآخرين
ولو أعتق الأمة اثنان اشترط رضاهما فيوكلان أو يوكل أحدهما الآخر أو يباشران العقد معا
ولو أراد أحد المعتقين أن يتزوجها اشترط موافقة السلطان للآخر
ولو مات أحدهما عن ابنين أو أخوين كفى موافقة أحدهما للمعتق الآخر
ولو مات كل منهما عن ابنين كفى موافقة أحد ابني هذا أحد ابني ذاك
ولو مات أحدهما ووارثه الآخر استقل بتزويجها

فرع كان المعتق خنثى مشكلا ينبغي أن يزوجها أبوه بإذنه فيكون
أو وكيلا إن كان الخنثى ذكرا
فصل فيمن بعضها حر خمسة أوجه

أصحها يزوجها مالك البعض ومعه وليها القريب
فإن لم يكن فمعتق بعضها وإلا فالسلطان
والثاني يكون معه معتق البعض
والثالث معه السلطان
والرابع يستقل مالك البعض
والخامس لا يجوز تزويجها أصلا لضعف الملك والولاية بالتبعيض
الطرف الثالث في موانع الولاية وهي خمسة
( المانع ) الأول الرق فلا ولاية لرقيق ويجوز أن يتوكل لغيره في قبول النكاح بإذن سيده قطعا وبغير إذنه على الأصح ولا يصح توكيله في الإيجاب على الأصح عند الجمهور
وقد سبق هذا في الوكالة
( المانع ) الثاني ما يسلب النظر والبحث عن حال الزوج وفيه صور ست
إحداها الصبا والجنون المطبق يمنعان الولاية وينقلانها إلى الأبعد
وفي الجنون المنقطع وجهان
أصحهما أنه كالمطبق ويزوجها الأبعد يوم جنونه لبطلان أهليته
والثاني لا يزيل ولايته كالإغماء فعلى هذا ينتظر حتى يفيق على الصحيح
وقيل يزوجها الحاكم كالغيبة والخلاف جار في الثيب المنقطع جنونها
فعلى رأي تزوج في حال جنونها
وعلى رأي ينتظر إفاقتها لتأذن
ولو وكل هذا الولي في إفاقته اشترط عقد وكيله قبل عود الجنون وكذا إذا أذنت الثيب يشترط

تقدم العقد على عود الجنون
قال الإمام وإذا قصرت نوبة الإفاقة جدا لم تكن الحال حال تقطع لأن السكون اليسير لا بد منه مع إطباق الجنون
ولو أفا وبقيت آثار خبل يحمل مثلها ممن لا يعتريه الجنون على حدة في الخلق فهل تعود ولايته أم يستدام حكم الجنون إلى أن يصفو من الخبل فيه وجهان
قلت لعل الثاني أصح
والله أعلم
الصورة الثانية إختلال النظر لهرم أو خبل جبلي أو عارض يمنع الولاية وينقلها إلى الأبعد والحجر بالفلس لا يمنعها وبالسفه يمنعها على المذهب
وقيل وجهان
قلت وحكى الشاشي في المفلس وجها
والله أعلم
الصورة الثالثة الإغماء الذي لا يدوم غالبا فهو كالنوم ينتظر إفاقته ولا يزوج غيره
وإن كان مما يدوم يوما أو يومين فأكثر فوجهان
أحدهما نقل الولاية إلى الأبعد كالجنون
وأصحهما المنع
فعلى هذا قال البغوي وغيره تنتظر إفاقته كالنائم
وقال الإمام ينبغي أن تعتبر مدته بالسفر
فإن كانت مدة يعتبر فيها إذن الولي الغائب وقطع المسافة ذهابا ورجوعا انتظرت إفاقته وإلا فيزوج الحاكم ويرجع في معرفة مدته إلى أهل الخبرة
الصورة الرابعة السكران الذي سقط تمييزه بالكلية كلامه لغو
فإن بقي له تمييز ونظر فالمذهب أنه لا يزوج وتنتظر إفاقته
الصورة الخامسة الأسقام والآلام الشاغلة عن النظر ومعرفة المصلحة تمنع الولاية وتنقلها إلى الأبعد نص عليه وأخذ به الأصحاب

( الصورة ) السادسة للأعمى أن يتزوج قطعا وله أن يزوج على الأصح
ويجري الخلاف في ولاية الأخرس الذي له كتابة أو إشارة مفهمج
وقيل يزوج قطعا
فإن لم تكن مفهمة فلا ولاية له
المانع الثالث الفسق فيه سبع طرق
أشهرها في ولاية الفاسق قولان وقيل بالمنع قطعا
وقيل يلي قطعا
وقيل يلي المجبر فقط
وقيل عكسه لأنه لا يستقل
وقيل يلي غير الفاسق بشرب الخمر
وقيل يلي المستتر بفسقه دون المعلن
وأما الراجح فالظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه منع ولاية الفاسق وأفتى أكثر المتأخرين بأنه يلي لا سيما الخراسانيون واختاره الروياني
قلت الذي رجحه الرافعي في المحرر منع ولايته
واستفتي الغزالي فيه فقال إن كان بحيث لو سلبناه الولاية لانتقلت إلى حاكم يرتكب ما يفسقه ولي وإلا فلا
وهذا الذي قاله حسن وينبغي أن يكون العمل به
والله أعلم

فرع قال القاضي حسين والشيخ أبو علي وغيرهما ولاية الفاسق لمال ولده على الخلاف في

وقطع غيرهم بالمنع وهو المذهب
فرع سبق أن الإمام الأعظم لا ينعزل بالفسق على الصحيح وحينئذ في
تزويجه

بناته وبنات غيره بالولاية العامة وجهان تفريعا على أن الفاسق لا يلي
أحدهما المنع كغيره ويزوجهن من دونه من الولاة والحكام
وأصحهما أنه يزوج تفخيما لشأنه ولهذا لم يحكم بانعزاله

فرع إذا تاب الفاسق قال البغوي في هذا الباب له التزويج في
ولا يشترط مضي مدة الإستبراء
والقياس الظاهر وهو المذكور في الشهادات اعتبار الإستبراء لعود الولاية حيث يعتبر لقبول الشهادة وسنفصله إن شاء الله تعالى
فرع للفاسق أن يتزوج لنفسه على المذهب وبه قطع الجمهور

وفي تعليق الشيخ ملكداذ القزويني عن القاضي أبي سعد وجه أنه ليس له التزويج إذا قلنا لا يلي
فرع إذا قلنا الفاسق لا يلي فالولاية للأبعد على الصحيح وبه قطع
الجمهور
وحكى الحناطي وجها أنها للسلطان
ثم الفسق إنما يتحقق بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة وليس العضل من الكبائر وإنما يفسق به إذا عضل مرات أقلها فيما حكى بعضهم ثلاث وحينئذ فالولاية للأبعد

فرع إذا قلنا الفاسق لا يلي ففي أصحاب الحرف الدنية وجهان

قلت المذهب القطع بثبوت ولايتهم قاله البغوي وغيره
والله أعلم
المانع الرابع إختلاف الدين فلا يزوج المسلمة قريبها الكافر بل يزوجها الأبعد من أولياء النسب أو الولاء وإلا فالسلطان
ولا يزوج الكافرة قريبها المسلم بل يزوجها الأبعد الكافر
فإن لم يكن زوجها قاضي المسلمين بالولاية العامة فإن لم يكن هناك قاض للمسلمين فحكى الإمام عن إشارة صاحب التقريب أنه يجوز للمسلم قبول نكاحها من قاضيهم
والمذهب المنع
وهل يزوج اليهودي النصرانية يمكن أن يلحق بالإرث ويمكن أن يمنع
ثم الكافر إما يلي تزويج قريبته الكافرة إذا كان لا يرتكب محرما في دينه فإن ارتكبه فتزويجه إياها كتزويج المسلم الفاسق بنته
وعن الحليمي أن الكافر لا يلي التزويج وأن المسلم إذا أراد تزوج ذمية زوجه بها القاضي
والصحيح أنه يلي
فرع في فتاوى البغوي أنه يجوز أن يوكل نصرانيا أو مجوسيا في
نكاح نصرانية ولا يجوز في قبول نكاح مسلمة ويجوز توكيل النصراني مسلما في قبول نكاح نصرانية ولا يجوز في قبول نكاح مجوسية لأن المسلم لا يجوز له

نكاحها ( بحال ) بخلاف توكيل المعسر موسرا في تزويج أمة فإنه جائز لأنه يستبيحها في الجملة

فرع المرتد لا ولاية له على مسلمة ولا مرتدة ولا غيرها من

قلت لا يزوج مسلم كافرة إلا السلطان والسيد على الأصح وإذا زوج أمة موليته ولا يزوج كافر مسلمة إلا ( أمته و ) أم ولده على وجه قاله الفوراني
والله أعلم
المانع الخامس الإحرام
فإحرام أحد العاقدين أو المرأة يمنع إنعقاد النكاح
وقيل إن كان العاقد الإمام أو القاضي فله التزويج لقوة ولايتهما
والصحيح المنع
وفي تأثير الإحرام وجهان
أحدهما سلب الولاية ونقلها إلى الأبعد كالجنون
وأصحهما أنه مجرد الإمتناع دون زوال الولاية لبقاء الرشد والنظر فعلى هذا يزوجها السلطان كما لو غاب
وسواء الإحرام بالحج أو العمرة والصحيح والفاسد ( وقيل لا يمنع الفاسد ) وينعقد بشهادة المحرم على الصحيح وخالف الإصطخري
وتصح الرجعة في الإحرام على الأصح
ومن فاته الحج هل يصح نكاحه قبل التحلل بعمل عمرة فيه وجهان حكاهما الحناطي
قلت الصحيح المنع لأنه محرم
والله أعلم

فرع إذا وكل حلال حلالا في التزويج ثم أحرم أحدهما أو
انعزال الوكيل وجهان
أصحهما لا ينعزل فيزوج بعد التحلل بالوكالة السابقة وليس للوكيل الحلال أن يزوج قبل تحلل الموكل
هذا هو المعروف في المذهب ونقل الغزالي في الوجيز فيه وجها ولم أره لغيره ولا له في الوسيط
ولو وكله في حال إحرام الوكيل أو الموكل أو المرأة نظر إن وكله ليعقد في الإحرام لم يصح
وإن قال لتزوج بعد التحلل أو أطلق صح لأن الإحرام يمنع الإنعقاد دون الإذن
ومن ألحق الإحرام بالجنون لم يصححه
ولو قال إذا حصل التحلل فقد وكلتك فهذا تعليق للوكالة وقد سبق الخلاف فيه
وإذن المرأة في حال إحرامها على التفصيل المذكور في التوكيل
ولو وكل حلال محرما ليوكل حلالا بالتزويج صح على الأصح لأنه سفير محض ليس إليه من العقد شىء
واعلم أن وكيل المصلي يزوج بخلاف وكيل المحرم لأن عبارة المحرم غير صحيحة وعبارة المصلي صحيحة
حتى لو زوجها في صلاته ناسيا صح النكاح والصلاة
فصل إذا لم يكن الولي الأقرب حاضرا نظر إن كان مفقودا لا
ولا موته وحياته زوجها السلطان لتعذر نكاحها من جهته
وإن انتهى الأمر إلى غاية يحكم القاضي فيها بموته وقسم ماله بين ورثته على ما سبق في الفرائض انتقلت

الولاية إلى الأبعد
وإن عرف مكان الغائب فإن كان على مسافة القصر زوجها السلطان ولا يزوجها الأبعد
وقيل يزوج الأبعد
وعن القاضي أبي حامد إن كان من الملوك وكبار الناس اشترط مراجعته وإن كان من التجار وأوساط الناس فلا
والصحيح الأول
وإن كان دون مسافة القصر فأوجه
أحدها كالطويلة وهو ظاهر نصه في المختصر
وأصحها لا تزوج حتى يراجع فيحضر أو يوكل نص عليه في الإملاء
والثالث إن كان بحيث يتمكن المبتكر إليه من الرجوع إلى منزله قبل الليل اشترطت مراجعته وإلا فلا

فرع عن الشافعي رضي الله عنه أن السلطان لا يزوج من تدعي
حتى يشهد شاهدان أنه ليس لها ولي حاضر وأنها خلية عن النكاح والعدة
فقيل هذا واجب
وقيل مستحب
قلت الأصح أنه مستحب وبه قطع إبرهيم المروذي ذكره في آخر كتاب الطلاق
والله أعلم
فعلى هذا لو ألحت في المطالبة ورأى السلطان التأخير فهل له ذلك وجهان ولا يقبل في هذا إلا شهادة مطلع على باطن أحوالها
وإن كان الولي الغائب ممن لا يزوج إلا بإذن فقالت ما أذنت له فللقاضي تحليفها على نفي الإذن

قلت قال الغزالي وللقاضي تحليفها أن وليها لم يزوجها في الغيبة إن رأى ذلك
ومثل هذه اليمين التي لا تتعلق بدعوى هل هي مستحبة أم واجبة وجهان
والله أعلم

فرع إذا غاب الولي الأقرب الغيبة المعتبرة فالأولى للقاضي أن يأذن للأبعد أن يزوج أو يستأذن

فرع في فتاوى البغوي أن القاضي إذا زوج من غاب وليها ثم
بعد العقد بحيث يعلم أنه كان قريبا من البلد عند العقد لم يصح النكاح
الطرف الرابع في تولي طرفي العقد فيه مسائل
إحداها هل يتولى الجد طرفي تزويج بنت ابنه الصغيرة أو الكبيرة بابن ابن آخر مولى عليه فيه وجهان
اختار ابن الحداد والقفال وابن الصباغ الجواز وصاحب التلخيص وجماعة من المتأخرين المنع
قلت قال الرافعي في المحرر رجح المعتبرون الجواز
والله أعلم
فإن جوزنا اشترط الإتيان بشقي الإيجاب والقبول على الأصح
وقيل يكفي أحدهما
وإن منعنا فإن كانت بالغة زوجها السلطان بإذنها ويقبل الجد للإبن
وإن كانت صغيرة وجب الصبر إلى أن تبلغ فتأذن أو يبلغ الصغير فيقبل

كذا حكاه الشيخ أبو علي وغيره
وذكر الإمام تفريعا على المنع أنه يرفع إلى السلطان ليتولى أحد الطرفين
قال ثم يحتمل أن يتخير منهما ويحتمل أن يقال يأتي بما يستدعيه الولي وهذا مفروض فيما إذا كانت الولاية بسبب الجنون وإلا فغير الأب والجد لا يزوج الصغير ولا الصغيرة
المسألة الثانية للعم تزويج بنت أخيه بابنه البالغ ولإبن العم تزويجها بابنه على المذهب فيهما
هذا إذا أطلقت الإذن وجوزناه
فإن عينته في الإذن جاز قطعا لانتفاء التهمة
وإن زوجها بابنه الطفل لم يصح على المذهب لأنه نكاح لم يحضره أربعة وليس له قوة الجدودة
المسألة الثالثة إذا كان الولي ممن يجوز له نكاحها كابن العم والمعتق والقاضي وأراد نكاحها لم تجز تولية الطرفين ولكن يزوج ابن العم من في درجته فإن لم يكن فالقاضي
وإن كان الراغب القاضي زوجه وال فوقه أو خرج إلى قاضي بلد آخر أو يستخلف من يزوجه إن كان له الإستخلاف
وإن كان الراغب الإمام الأعظم زوجه بعض قضاته
هذا هو الصحيح
وفي الإمام وجه مشهور أنه يتولى الطرفين
وفي القاضي وابن العم وجه أبعد ويجيء مثله في المعتق
وحكي الوجه في القاضي عن أبي يحيى البلخي
ولو أراد أحد هؤلاء تزويجها بابنه الصغير فكنفسه
وحيث جوزنا لنفسه فذلك إذا سمته في إذنها
فإن أطلقت وجوزنا الإطلاق فوجهان حكاهما الحناطي
وفي فتاوى البغوي أنه لو أراد نكاح بنت عمه وهو وليها وهو غائب عنها زوجها به قاضي بلد المرأة لا قاضي بلد الرجل
المسألة الرابعة من منعناه تولي الطرفين فوكل في أحدهما أو وكل

شخصين فيهما لم يصح على الأصح لأن فعل الوكيل فعل الموكل
وقيل يصح لوجود العدد
وقيل يجوز للجد لتمام ولايته من الطرفين
ولو وكل الولي رجلا ووكله الخاطب أو وكله في تزويجه لنفسه فتولى الطرفين لم يصح على الصحيح
المسألة الخامسة زوج أمته بعبده الصغير وجوزنا له إجباره فهو كتولي الجد طرفيه
المسألة السادسة ابنا عم أحدهما لأب والآخر لأبوين أراد الأول نكاحها يزوجه الثاني وإن أراد الثاني وقلنا هما سواء زوجه الأول وإلا فالقاضي
المسألة السابعة قالت لابن عمها أو معتقها زوجني أو زوجني من شئت ليس للقاضي تزويجه بها بهذا الإذن لأن المفهوم منه التزويج بأجنبي
وإن قالت زوجني نفسك حكى البغوي عن بعض الأصحاب أنه يجوز للقاضي تزويجه إياها
قال وعند لا يجوز لأنها إنما أذنت له لا للقاضي
قلت الصواب الجواز لأن معناه فوض إلى من يزوجك إياي
والله أعلم
الطرف الخامس في التوكيل التوكيل بالتزويج جائز
فإن كان الولي مجبرا فله التوكيل بغير إذنها على الصحيح
وقيل يشترط إذنها حكاه الحناطي والقاضي أبو حامد
فعلى هذا إن كانت صغيرة امتنع التوكيل
فعلى الصحيح إذا وكل لا يشترط تعيين الزوج على الأظهر
ولو أذنت الثيب في النكاح أو البكر لغير الأب والجد ففي اشتراط التعيين القولان
وقيل لا يشترط قطعا لأن الولي يعتني بدفع العار عن النسب بخلاف الوكيل
قال الإمام وظاهر كلام

الأصحاب يقتضي طرد الخلاف وإن رضيت بترك الكفاءة لكن القياس تخصيصه بمن لم ترض
فأما من أسقطت الكفاءة فلا معنى لاشتراط التعيين فيها
وإذا جوزنا التوكيل المطلق فعلى الوكيل رعاية النظر
فلو زوج لغير كفء لم يصح على الصحيح
وحكى ابن كج وجها أنه يصح ولها الخيار
فإن كانت صغيرة خيرت عند البلوغ
ولو خطب كفآن وأحدهما أشرف فزوج الآخر لم يصح
وإذا جوزنا الإذن المطلق فقالت زوجني ممن شئت فهل له تزويجها غير كفء وجهان أصحهما عند الإمام والسرخسي وغيرهما نعم كما لو قالت زوجني ممن شئت كفءا كان أو غيره
هذا كله إذا كان الولي مجبرا
فإن كان غير مجبر لكونه غير الأب والجد أو كانت ثيبا ففيه صور
إحداها قالت زوجني ووكل فله كل واحد منهما
الثانية نهت عن التوكيل لا يوكل
الثالثة قالت وكل بتزويجي واقتصرت عليه فله التوكيل
وهل له أن يزوج بنفسه وجهان
أصحهما نعم
الرابعة قالت أذنت لك في تزويجي فله التوكيل على الأصح لأنه متصرف بالولاية
ولو وكل من غير مراجعتها واستئذانها بالكلية لم يصح على الصحيح لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ
والثاني يصح
فعلى هذا يستأذن الولي أو الوكيل للولي ثم يزوج
ولا يجوز أن يستأذن لنفسه
ثم إذا وكل غير المجبر بعد إذن المرأة فهل يشترط تعيين الزوج إن أطلقت الإذن وجهان كما في توكيل المجبر
قال الإمام وإذا عينت زوجا سواء شرطنا تعيينها أم لا فليذكره الولي

للوكيل
فإن لم يفعل وزوج الوكيل غيره لم يصح
وكذا لو زوجه لم يصح على الظاهر لأن التفويض المطلق مع أن المطلوب معين فاسد
وهذا كما لو قال الولي للوكيل بع مال الطفل بالعين فباع بالغبطة لم يصح

فرع قالت أذنت لك في تزويجي ولا تزوجني بنفسك قال الإمام قال
لا يصح هذا الإذن لأنها منعت الولي وجعلت التفويض للأجنبي فأشبه الإذن للأجنبي ابتداء
فرع في فتاوى البغوي أنه إذا لم يكن ولي سوى الحاكم فأمر
يستأذنها رجلا بتزويجها فزوجها الرجل بإذنها هل يصح النكاح يبنى على أن استنابة القاضي في شغل معين كتحليف وسماع شهادة يجري مجرى الإستخلاف أم لا إن قلنا نعم جاز قبل استئذانها وصح النكاح وإلا فلا يصح على الأصح كتوكيل الولي قبل الإذن
فصل في بيان لفظ الوكيل في عقد النكاح فيقول وكيل الولي للزوج
بنت فلان
فإن كان الوكيل للزوج قال الولي زوجت بنتي فلانا فيقول وكيله قبلت نكاحها له
فلو لم يقل

له فعلى الخلاف السابق إذا قال الزوج قبلت ولم يقل نكاحها
ولو قال الولي لوكيل الزوج زوجت بنتي لك فقال قبلت نكاحها لفلان لم ينعقد
وإن قال قبلت نكاحها وقع العقد للوكيل ولم ينصرف إلى الموكل بالنية
ولو جرى النكاح بين وكيلين فقال وكيل الولي زوجت فلانة فلانا فقال وكيل الزوج قبلت نكاحها لفلان صح
وفي البيع يجوز أن يقول البائع لوكيل المشتري بعتك ويقول الوكيل إشتريت وينوي موكله فيقع العقد للموكل وإن لم يسمه
وفرقوا بينهما بوجهين
أحدهما أن الزوجين كالثمن والمثمن ولا بد من تسميتهما
الثاني أن البيع يرد على المال وهو قابل للنقل من شخص إلى شخص والنكاح يرد على البضع وهو لا يقبل النقل ولهذا لو قبل النكاح لزيد بوكالة فأنكرها زيد لم يصح العقد
ولو اشترى لزيد فأنكرها صح الشراء للوكل
ولو قال وكيل الزوج أولا قبلت نكاح فلانة منك لفلان فقال وكيل الولي زوجتها فلانا جاز
ولو اقتصر على قوله زوجتها ولم يقل فلانا فعلى الخلاف السابق

فرع إذا قبل الأب النكاح لإبنه بالولاية فليقل الولي زوجت فلانة بابنك فيقول الأب قبلت نكاحها لإبني

فرع كانت بنته مزوجة أو معتدة فقال إذا طلقت أو انقضت عدتها

وكلتك بتزويجها فقولان كما لو قال إذا مضت سنة فقد وكلتك بتزويجها
وهذا تفريع على أنه لو قال وكلتك بتزويجها إذا طلقها يصح كقوله زوجها إذا مضت سنة
وفي وجه لا يصح هذا التوكيل وقد سبق بيانهما في الوكالة

فرع لا يشترط في التوكيل بالتزويج ذكر المهر لكن لو سمى قدرا
يصح التزويج بدونه كما لو قال زوجها في يوم كذا أو مكان فخالف الوكيل لا يصح
ولو أطلق التوكيل فزوج الوكيل بدون مهر المثل أو لم يتعرض للمهر أو نفاه ففيه خلاف نذكره في آخر الباب الثاني من كتاب الصداق إن شاء الله تعالى
ولو وكله بقبول نكاح امرأة وسمى مهرا لم يصح القبول بما زاد عليه
وإن لم يسم فليقبل نكاح امرأة تكافئه مهر المثل أو أقل
فإن تزوج له من لا تكافئه لم يصح
وقيل إن قبل بأكثر من مهر المثل أو بغير نقد البلد أو يعين من أعيان مال الموكل أو من مال نفسه فوجهان
أحدهما يصح النكاح وعلى الموكل مهر المثل من نقد البلد
والثاني لا يصح كالبيع
هكذا فصل المسألة البغوي
ولك أن تتوقف في موضعين
أحدهما تصحيح إطلاق التوكيل في قبول نكاح إمرأة لأنه لو وكله في شراء عبد اشترط بيان نوعه وتفصيله فالإشتراط هنا أولى
الثاني حكمه ببطلان قبول من لا تكافئه لأنا سنذكر أن للولي أن يزوج الصغير من لا تكافئه
وإذا جاز للولي فكذا للوكيل عند إطلاق التوكيل

قلت هذا الإعتراض الثاني فاسد كما لو اشترى الوكيل معيبا بخلاف قوة ولاية الأب
وفي الإعتراض الأول أيضا نظر والراجح المختار ما ذكره البغوي
والله أعلم

فرع قال أقبل لي نكاح فلانة على عبدك هذا ففعل صح النكاح

وفي العبد وجهان
أحدهما لا تملكه المرأة بل على العبد مهر المثل
والثاني تملكه
وهل هو قرض أم هبة وجهان
الطرف السادس فيما يلزم الولي
فإن كان مجبرا فقد ذكرنا أن عليه الإجابة إلى التزويج إذا طلبت
ويلزمه تزويج المجنونة والمجنون عند الحاجة بظهور أمارات التوقان أو بتوقع الشفاء عند إشارة الأطباء ولا يلزمه تزويج ولديه الصغير والصغيرة لعدم الحاجة
فلو ظهرت الغبطة في تزويجهما ففي الوجوب احتمال للإمام كما إذا طلب ماله بزيادة يجب البيع
والوجوب في الصغير أبعد للزوم المؤن
أما غير المجبر فإن تعين كأخ واحد لزمه الإجابة إذا طلبت كالمجبر ويجيء فيه الخلاف المذكور هناك
وإن لم يتعين كإخوة فطلبت من بعضهم وجبت على الأصح
ولو عضل الواحد أو الجمع زوج السلطان كما سبق
فصل إذا قبل الأب للصغير أو المجنون نكاحا بصداق من مال الإبن
كان عينا فذاك ولا تعلق له بالأب
وإن كاق دينا فقولان
القديم أن الأب يكون ضامنا

للمهر بالعقد
والجديد لا يكون ضامنا إلا أن يضمن صريحا كما لو اشترى لطفله شيئا
فإن كان الثمن عليه لا على الأب قال ابن كج القولان فيما إذا أطلق
فإن شرطه على الإبن فعلى الإبن قطعا
ثم قال العراقيون وعامة الأصحاب القولان إذا لم يكن للإبن مال
فإن كان فالأب غير ضامن قطعا
وقيل بطرد القولين
فإن قلنا بالجديد فتبرع بالأداء لم يرجع وكذا الأجنبي
وإن ضمن صريحا وغرم فقصد الرجوع هنا بمنزلة إذن المضمون عنه
فإن ضمن بقصد الرجوع وغرم بقصد الرجوع رجع وإلا فعلى الخلاف المذكور في الضمان بغير الإذن
وإن ضمن بشرط براءة الأصيل قال القاضي حسين إن لم نصحح الضمان بشرط براءة الأصيل فهذا ضمان فاسد شرط في الصداق
وقد سبق ذكر قولين في أن شرط الضمان الفاسد أو الرهن الفاسد في عقد هل يفسد العقد وإن صححنا الضمان بشرط براءة الأصيل فالشرط هنا فاسد لأنه لا دين في ذمة المعقود له
وإذا فسد الشرط ففي فساد الضمان وجهان سبقا في الضمان
فإن قلنا بالقديم فغرم قال القاضي حسين والشيخ أبو علي لايرجع على الإبن لأنه غرم بالشرع كما لا ترجع العاقلة على الجاني
واعترض الإمام فقال المطالبة متوجهة على الإبن بخلاف الجاني
فعلى هذا يرجع إن قصد الرجوع عند الأداء وبهذا قطع البغوي
ولو شرط الأب أن لا يكون ضامنا فعن القاضي أنه يبطل العقد على القديم
قال الإمام وهذا وهم من الناقلين عنه فإن النكاح لا يفسد بمثل ذلك ولعله قال يبطل الشرط ويلزم الضمان

فصل يجب على الولي حفظ مال الصبي وصونه
عن أسباب التلف وعليه استنماؤه قدر ما لا تأكل النفقة والمؤن المال إن أمكن ذلك ولا تلزمه المبالغة في الإستنماء وطلب النهاية
وإذا طلب متاعه بأكثر من ثمنه لزمه بيعه
ولو كان شىء يباع بأقل من ثمنه وللطفل مال لزمه شراؤه إذا لم يرغب فيه لنفسه هكذا أطلقه الإمام والغزالي في الطرفين ويجب أن يتقيد ذلك بشرط الغبطة بل بالأموال المعدة للتجارة
أما ما يحتاج إلى عينه فلا سبيل إلى بيعه وإن ظهر طالب بالزيادة
وكذا العقار الذي يحصل منه كفايته
وكذا في طرف الشراء قد يؤخذ الشىء رخيصا لكنه عرضة للتلف ولا يتيسر بيعه لقلة الراغبين فيه فيصير كلا على مالكه
قلت هذا الذي قاله الرافعي هو الصواب ولا يغتر بما خالفه
والله أعلم
فرع إذا تضجر الأب بحفظ مال الطفل والتصرف فيه رفع الأمر إلى
لينصب قيما بأجرة وله أن ينصب بنفسه ذكره الإمام
ولو طلب من القاضي أن يثبت له أجرة على عمله فالذي يوافق كلام الجمهور أنه لا يجيبه إليه غنيا كان أو فقيرا إلا أنه إذا كان فقيرا ينقطع عن كسبه فله أن يأكل منه بالمعروف كما سبق في الحجر وذكر الإمام أن هذا هو الظاهر
قال ويجوز أن يقال يثبت له أجرة لأن له أن يستأجر فجاز له طلبها لنفسه وبهذا الإحتمال قطع الغزالي
وعلى هذا لا بد من تقدير القاضي وليس له الإستقلال به وهذا إذا لم يكن هناك متبرع بالحفظ والعمل
فإن وجد متبرع وطلب الأب الأجرة

فقد أشار الإمام إلى وجهين أيضا
الصحيح أنه لا يثبتها له للإستغناء عنه
والثاني يثبتها لزيادة شفقته كما تقدم الأم في الرضاع على قول على المتبرعة
الطرف السابع في خصال الكفاءة
إحداها التنقي من العيوب المثبتة للخيار واستثنى البغوي منها التعنين وقال لا يتحقق فلا ينظر إليه
وفي تعليق الشيخ أبي حامد وغيره التسوية بين التعنين وغيره وإطلاق الجمهور يوافقه
فمن به عيب ليس كفءا لسليمة منه وكذا إن كان بها ذلك ( العيب ) لكن ما به أفحش أو أكثر فليس بكفء
فإن تساويا أو كان ما بها أكثر فوجهان بناء على ثبوت الخيار في هذه الحالة ويجريان لو كان مجبوبا وهي رتقاء وزاد الروياني على العيوب المثبتة للخيار العيوب المنفرة كالعمى والقطع وتشوه الصورة
وقال هي تمنع الكفاءة عندي وبه قال بعض الأصحاب واختاره الصيمري
الثانية الحرية فلا يكون رقيق كفئا لحرة أصلية ولا عتيقة ولا عتيق لأصلية ولا من مس الرق أحد آبائه لمن لم يمس أحدا من آبائها ولا من مس أبا أقرب في نسبه لمن مس أبا أبعد من نسبها
ويشبه أن يكون الرق في الأمهات مؤثرا ولذلك تعلق به الولاء
قلت المفهوم من كلام الأصحاب أن الرق في الأمهات لا يؤثر كما سيأتي في النسب إن شاء الله تعالى
وقد صرح بهذا صاحب البيان فقال من ولدته رقيقة كفء لمن ولدته عربية لأنه يتبع الأب في النسب
والله أعلم
الثالثة النسب فالعجمي ليس كفءا للعربية ولا غير القرشي للقرشية ولا غير الهاشمي والمطلبي للهاشمية أو المصلبية
وبنو هاشم وبنو المطلب أكفاء
وحكي وجه أن قريشا بعضهم أكفاء بعض ويعتبر النسب في العجم كالعرب
وقال القفال والشيخ أبو عاصم لا يعتبر لأنهم لا يعتنون بحفظها وتدوينها
والأول أصح

ومقتضاه الإعتبار فيمن سوى قريش من العرب أيضا لكن ذكر ذاكرون أنهم أكفاء
قلت مقتضى كلام الأكثرين أن غير قريش من العرب بعضهم أكفاء بعض كما صرح به هؤلاء الجماعة
وذكر الشيخ إبرهيم المروذي أن غير كنانة ليسوا أكفاء لكنانة
ومما يتعلق بهذا ما حكاه في البيان عن الصيمري أنه قال موالي قريش أكفاء لقريش وكذا موالي كل قبيلة أكفاء لها ( قال ) وجمهور الأصحاب على أنهم ليسوا بأكفاء وهو الصحيح
والله أعلم

فرع الإعتبار في النسب بالأب فمن أبوه عجمي وأمه عربية ليس بكفء
لمن أبوها عربي وأمها عجمية
الرابعة الدين والصلاح فمن أسلم بنفسه ليس كفءا لمن لها أبوان أو ثلاثة في الإسلام وقيل كفء وقيل لا ينظر إلا إلى الأب الأول والثاني فمن له أبوان في الإسلام كفء لمن لها عشرة آباء في الإسلام والأول أصح
والفاسق ليس بكفء للعفيفة ولا تعتبر الشهرة بل من لا يشهر بالصلاح كفء للمشهورة به
وإذا لم يكن الفاسق كفءا للعفيفة فالمبتدع أولى أن لا يكون كفءا للنسيبة وقد نص عليه الروياني رحمه الله
الخامسة الحرفة
فأصحاب الحرف الدنية ليسوا أكفاء لغيرهم
فالكناس

والحجام وقيم الحمام والحارس والراعي ونحوهم لا يكافؤون بنت الخياط والخياط لا يكافىء بنت تاجر أو بزاز ولا المحترف بنت القاضي والعالم
وذكر في الحلية أنه تراعى العادة في الحرف والصنائع لأن في بعض البلاد التجارة أولى من الزراعة وفي بعضها بالعكس

فرع الحرفة الدنية في الآباء والإشتهار بالفسق مما يعير به الولد فيشبه
من أبوها عدل كما ذكرنا فيمن أسلم بنفسه مع من أبوها مسلم
والحق أن يجعل النظر في حق الآباء دينا وسيرة وحرفة من حيز النسب فإن مفاخر الآباء ومثالبهم هي التي يدور عليها أمر النسب وهذا يؤكد إعتبار النسب في العجم
ويقتضي أن لا تطلق الكفاءة بين غير قريش من العرب
السادسة اليسار على وجه
والأصح أنه غير معتبر
فإن اعتبرناه فوجهان
أحدهما أن المعتبر يسار بقدر المهر والنفقة فإذا أيسر به فهو كفء لصاحبه الألوف
وأصحهما لا يكفي ذلك بل الناس أصناف غني وفقير ومتوسط وكل صنف خكفاء وإن اختلفت المراتب
وفي فتاوى القاضي حسين أنه لو زوج بنته البكر بمهر مثلها رجلا معسرا بغير رضاها لم يصح النكاح على المذهب لأنه بخس حقها كتزويجها بغير كفء

فرع ليس من الخصال المعتبرة في الكفاءة الجمال ونقيضه لكن ذكر
أن الشيخ لا يكون كفئا للشابة على الأصح وأن الجاهل ليس كفءا للعالمة وهذا فتح باب واسع
قلت الصحيح خلاف ما قاله الروياني
قال أصحابنا وليس البخل والكرم والطول والقصر معتبرا
قال الصيمري واعتبر قوم البلد فقالوا ساكن مكة والمدينة والبصرة والكوفة ليس كفئا لساكن الجبال قال وهذا ليس بشىء
والله أعلم
فرع مقتضى كلام الجمهور أن خصال الكفاءة لا تقابل بعضها ببعض وقد
صرح به البغوي وأبو الفرج السرخسي حتى لا تزوج سليمة من العيوب دنية بمعيب نسيب ولا حرة فاسقة بعبد عفيف ولا عربية فاسقة بعجمي عفيف ولا رقيقة عفيفة بحر فاسق وتكفي صفة النقص في المنع
وفصل الإمام فقال السلامة من العيوب لا تقابل بسائر فضائل الزوج وكذا الحروة وكذا النسب
وفي انجبار دناءة نسبه بعفته الظاهرة وجهان
أصحهما المنع قال والتنقي من الحرف الدنية يقابله الصلاح وفاقا
والصلاح إن اعتبرناه يقابل بكل خصلة والأمة العربية بالحر العجمي على هذا الخلاف

فرع قال الإمام والغزالي لا اعتبار بالإنتساب إلى عظماء الدنيا والظلمة
الذي قالاه لا يساعده كلام النقلة
وقد قال المتولي للعجم عرف في الكفاءة فيعتبر عرفهم
واعلم أن صاحب الشامل نقل قولا عن كتاب البويطي أن الكفاءة في الدين وحده والمشهور ما سبق
فصل الكفاءة حق المرأة والولي واحدا كان أو جماعة مستوين في درجة

فإن زوجها بغير كفء وليها المنفرد برضاها أو أحد الأولياء برضاها ورضى الباقين صح النكاح فالكفاءة ليست شرطا للصحة
وإذا زوجها الولي الأقرب بغير كفء برضاها لم يكن للأبعد الإعتراض
فلو كان الذي يلي أمرها السلطان فهل له تزويجها بغير كفء إذا طلبته قولان أو وجهان
أصحهما المنع لأنه كالنائب فلا يترك الحظ
ولو زوجها أحد الأولياء بغير كفء برضاها دون رضى الباقين لم يصح على المذهب
وفي قول يصح ولهم الخيار في فسخه
وقيل يصح قطعا
وقيل لا يصح قطعا
وإن زوجها أحدهم أو كلهم بغير رضاها وكانت قد أذنت في التزويج مطلقا وقلنا لا يشترط تعيين الزوج أو زوج الأب أو الجد البكر الصغيرة أو البالغة بغير كفء بغير إذنها لم يصح على المذهب
وقيل يصح
وقيل إن علم الولي عدم الكفاءة فالنكاح باطل وإلا فصحيح
وإذا صححنا فللمرأة الخيار إن كانت بالغة وإن كانت صغيرة فإذا بلغت تخيرت
وحكى الإمام

وجها أنها لا تتخير وعليها الرضى بعقد الأب
وهل للولي الخيار في صغرها وجهان
ورواهما القاضي أبو الطيب قولين
أحدهما نعم كما لو اشترى للصغير معيبا
والثاني لا لأنه خيار شهوة
وهذا الخلاف فيما ذكره الحناطي والبغوي ورآه الإمام مخصوص بما إذا جهل الولي حال الزوج فإن علم فلا خيار له
وطرده ابن كج وآخرون في حالتي العلم والجهل وقالوا ليس هو عاقدا لنفسه حتى يؤاخذ بعلمه

فرع في فتاوى البغوي أنها لو أقرت بنكاح لغير كفء فلا اعتراض
لأنه ليس بإنشاء عقد ولا يقبل قوله ما رضيت كما لو أقرت بالنكاح وأنكر الولي لا يقبل إنكاره قال ولو زوجت بوكالة ثم أنكر الولي التوكيل والمرأة ساكتة فالقول قول الولي
فلو أقرت بالنكاح قبل قولها
فرع إذا زوج الأب ابنه الصغير بمن لا تكافئه نظر فإن كانت
بعيب يثبت الخيار ففي صحة النكاح الخلاف السابق في تزويج الصغيرة بغير كفء
والمذهب أنه يصح
وقيل لا يصح إنكاحه الرتقاء والقرناء قطعا لأنه بذل مال في بضع لا ينفع بخلاف تزويج الصغيرة بمجبوب
وإن زوجه أمة لم يصح لأنه لا يخاف العنت
وإن زوجه بمن لا تكافئه بجهة أخرى صح على الأصح إذ لا عار على الرجل في استفراش من دونه
فإن صححنا فالتفريع كما سبق في الصغيرة
وإن زوجه عمياء أو عجوزا أو مفقودة بعض الأطراف فوجهان
ويجب أن

يكون في تزويج الصغيرة بالأعمى والأقطع والشيخ الهم الوجهان
وإن زوج المجنون أمة جاز إن كان معسرا وخشي عليه العنت
وفي وجه لا يجوز لأنه لا يخشى عليه وطء يوجب حدا أو إثما وهو ضعيف
وإن كان النقص بسبب آخر فعلى ما ذكرنا في الصغيرة

فرع زوج بنته بخنثى قد بان رجلا أو ابنه بخنثى قد بان
أثبتنا الخيار بهذا السبب فالخنثى كالمجنون والمجنونة وإلا فكالأعمى
قلت الخصي كالخنثى في هذا قال البغوي وكذا لو أذنت البالغة في التزويج مطلقا فزوجها بخصي أو خنثى
والله أعلم
فرع للسيد أن يزوج أمته برقيق ودنيء النسب ولا يزوجها من به
يثبت الخيار ولا من لا يكافئها بسبب آخر
فإن خالف فهل يبطل النكاح أم يصح ولها الخيار فيه مثل الخلاف السابق
وفي وجه ضعيف يصح بلا خيار
ولو زوجها بمعيب برضاها لم يكن لها الإمتناع من تمكينه وله بيعها ممن به بعض تلك العيوب
وهل لها الإمتناع من تمكينه وجهان
قلت قال المتولي أصحهما يلزمها التمكين
ومما يتعلق بالفصل لو زوجها بعض الأولياء بكفء بدون مهر المثل برضاها دون رضى بقية الأولياء صح قطعا إذ لا حق لهم في المهر ولا عار
ولو طلبت

التزويج برجل وادعت كفاءته وقال الولي ليس بكفء رفع إلى القاضي فإن ثبتت كفاءته ألزمه تزويجها فإن امتنع زوجها القاضي به وإن لم تثبت لم يلزمه تزويجها به
قال البغوي ولو زوجها واحد برضاها ورضى الباقين بغير كفء فاختلعت منه ثم زوجها أحدهم به برضاها دون إذن الباقين فقيل يصح قطعا لأنهم رضوا به أولا
وقيل على الخلاف لأنه عقد جديد
ولو امتنعوا فلهم ذلك بلا خلاف
قال ولو استأذن الأب البكر البالغة في التزويج بغير كفء فسكتت فهل يصح قطعا أم يكون على الخلاف فيه طريقان
والمذهب الصحة
وقد سبقت المسألة في أول الباب
قال الشافعي رحمه الله في الإملاء لو زوج أخته فمات الزوج فادعى وارثه أن الأخ زوجها بغير رضاها وأنها لا ترث فقالت زوجني برضاي فالقول قولها وترث قال في الإملاء وإن قال رجل هذه زوجتي فسكتت فمات ورثته وإن ماتت لم يرثها لأن إقراره يقبل عليه دونها
ولو أقرت بزوجية رجل فسكت فماتت ورثها وإن مات لم ترثه
والله أعلم
الطرف الثامن في اجتماع الأولياء
فإذا اجتمعوا في درجة كالأخوة والأعمام وبنيهم استحب أن يزوجها أفضلهم بالفقه أو الورع وأسنهم برضى الباقين لأن هذا أجمع للمصلحة
ولو تعارضت هذه الخصال قدم الأفقه ثم الأورع ثم الأسن
ولو زوج غير الأسن والأفضل برضاها بكفء صح ولا اعتراض للباقين
ولو تنازعوا وقال كل أنا أزوج نظر إن تعدد الخاطب فالتزويج ممن ترضاه المرأة فإن رضيتهما جميعا نظر القاضي في الأصلح وأمر بتزويجه كذا ذكره البغوي وغيره
وإن اتحد الخاطب وتزاحموا على العقد أقرع بينهم فمن خرجت قرعته زوجها فإن بادر غيره فزوجها صح على الأصح
وقيل لا يصح

فعلى هذا هل يختص هذا الوجه بما إذا اقترعوا من غير ارتفاع إلى مجلس القاضي أم يختص بقرعة ينشئها القاضي فيه تردد للإمام
هذا كله إذا أذنت لكل واحد على الإنفراد أو قالت أذنت في فلان فمن شاء من أوليائي فليزوجني به
ولو قالت زوجوني اشترط اجتماعهم على الأصح
ولو قالت رضيت أن أزوج أو رضيت بفلان زوجا فوجهان
أحدهما ليس لأحد تزويجها لأنها لم تأذن لجميعهم إذنا عاما ولا خاطبت واحدا فصار كقولها رضيت أن يباع مالي
وأصحهما يصح ولكل واحد تزويجها لأنهم متعينون شرعا والشرط رضاها وقد وجد
فعلى هذا لو عينت بعد ذلك واحدا ففي انعزال الباقين وجهان
وقطع في الرقم بالإنعزال وقطع البغوي بخلافه
قلت الأصح عدم الإنعزال وغلط الشاشي من قال بالإنعزال
والله أعلم

فصل إذا أذنت لأحد الوليين أن يزوجها بزيد وللآخر أن يزوجها بعمرو
وأطلقت الإذن وصححناه فزوج واحد زيدا وآخر عمرا أو وكل الولي المجبر رجلا فزوجها الولي زيدا والوكيل عمرا أو وكل رجلين فزوج أحدهما زيدا والآخر عمرا فللمسألة خمس صور
إحداها أن يسبق أحد النكاحين ونعلمه فهو الصحيح
والثاني باطل سواء دخل الثاني أم لا وإنما يعلم السبق بالبينة أو التصادق
الثانية أن يقعا معا فباطلان
ولو اتحد الخاطب وأوجب كل واحد من الوليين النكاح له معا صح على الصحيح ويتقوى كل واحد من الإيجابين بالآخر

وحكى العبادي عن القاضي وغيره أنه لا يصح لأنه ليس أحدهما أولى بالإعتبار فتدافعا
الثالثة إذا لم يعلم السبق والمعية وأمكنا فباطلان لأن الأصل عدم الصحة كذا أطلقه الجمهور ونقل الإمام وغيره وجها أنه لا بد من إنشاء فسخ لاحتمال السبق
الرابعة أن يسبق واحد معين ثم يخفى فيتوقف حتى يبين ولا يجوز لواحد منهما الإستمتاع بها ولا لثالث نكاحها إلا أن يطلقاها أو يموتا أو يطلق أحدهما أو يموت الآخر
قلت ولا بد من انقضاء عدتها بعد موت آخرهما
والله أعلم
وطرد بعضهم في هذه الصورة القولين المذكورين في الصورة الخامسة وهو ضعيف
الخامسة إذا علم سبق أحدهما ولم يعلم عينه فباطلان على المنصوص وهو المذهب كما لو احتمل السبق والمعية لتعذر الإمضاء
وقيل قولان أحدهما هذا والثاني مخرج من الجمعين في مثل هذه الصورة أنه يتوقف كما في الصورة الرابعة
فعلى المذهب هل يبطلان بلا فسخ أم لا بد من إنشاء فسخ فيه الخلاف السابق في الصورة الثالثة فإن شرطنا الإنشاء ففيمن يفسخ أوجه
أصحها الحاكم أو المحكم إن جوزنا التحكيم
والثاني للمرأة الفسخ بغير مراجعة الحاكم
والثالث للزوجين الفسخ أيضا
وحيث أبطلنا النكاحين فلا مهر إلا أن يوجد دخول فيجب مهر المثل
وإذا أبطلنا عند احتمال السبق والمعية وفيما إذا سبق أحدهما ولم يعلم فهل يبطل ظاهرا وباطنا أم ظاهرا فقط وجهان
فعلى الأول لو ظهر وتعين السابق بعد فلا زوجية
ولو نكحت ثالثا فهي زوجة الثالث
وإن قلنا بالثاني فالحكم بخلافه

قلت ينبغي أن يقال الأصح أنه إن جرى فسخ من الحاكم انفسخ أيضا باطنا وإلا فلا
والله أعلم

فرع إذا قلنا بالتوقف فمات أحدهما وقفنا من تركته ميراث زوجه
ولو ماتت وقفنا ميراث زوج بينهما حتى يصطلحا أو يبين الحال وفي وجوب نفقتها في مدة التوقف ومدة الحبس قبل الفسخ إذا قلنا به وجهان
أحدهما لا لعدم التمكين والأصل البراءة
والثاني نعم لصورة العقد وعدم النشوز مع حبسها
والأول أصح عند الإمام
وبالثاني قطع ابن كج
فإن أوجبنا وزعت عليهما
فإن تعين السابق رجع الآخر عليه بما أنفق
قال أبو عاصم ويحتمل أن يقال إنما يرجع إذا أنفق بغير إذن الحاكم وبهذا قطع ابن كج وأما المهر فلا يطالب به واحد منهما
فرع جميع ما سبق هو فيما إذا تصادقوا في كيفية جريان العقد

أما إذا تنازعوا وادعى كل زوج سبقه وأنها زوجته فينظر إن لم يدعيا عليها لم يعتبر قولهما ولا تسمع دعوى أحدهما على الآخر ولا يحلف أحدهما الآخر
هكذا قاله الجمهور
وقال الصيدلاني والعبادي في الرقم يحلفان فلعله يظهر الحق
قال الإمام هذا لا مجال له إن زعما علم المرأة بالحال بل تراجع هي
فإن اعترفا بأنها لم تعلم فهو محتمل وينقدح في البداءة تخيير القاضي أو الإقراع
فإن حلفا

أو نكلا فهو كما لو اعترفا بالإشكال
وإن حلف أحدهما فقط قضي له
وإن ادعيا على المرأة فذاك ضربان
أحدهما أن يدعيا علمها بالسبق
فإن كانت الصيغة إنها تعلم سبق أحد النكاحين لم تسمع الدعوى للجهل
وإن قال كل واحد هي تعلم أن نكاحي سابق فقال صاحب التقريب والشيخ أبو محمد وغيرهما يبنى على القولين في إقرار المرأة بالنكاح هل يقبل فإن لم يقبل لم تسمع الدعوى إذ لا فائدة
وإن قلنا تقبل وهو الأظفر سمعت
وحينئذ إما أن تنكر وإما أن تقر
الحالة الأولى أن تنكر العلم بالسبق فتحلف عليه
وهل يكفي لهما يمين واحدة أم يجب يمينان قال البغوي يمينان
وقال القفال إن حضرا وادعيا حلفت يمينا وهو مقتضى كلام ابن كج
وقال الإمام إن حضرا ورضيا بيمين كفت
وإن حلفها أحدهما ثم حضر الآخر فهل له تحليفها وجهان لأن القضية واحدة ونفي العلم بالسبق يشملهما
فإذا حلفت كما ينبغي فقيل لا تحالف بين الزوجين وقد أفضى الأمر إلى الإشكال وضعفه الإمام وقال إنما حلفت على نفي العلم بالسبق ولم تنكر جريان أحد العقدين على الصحة فيبقى التداعي والتحالف بينهما
والذي أنكرناه ابتداء التحالف من غير ربط الدعوى بها وبهذا قطع الغزالي
وإن نكلت هي رددنا اليمين عليهما
فإن حلفا أو نكلا جاء الإشكال وإلا فيقضى للحالف وإذا حلفا ونكلا فلا شىء لهما عليها
وفي كتاب الحناطي وجه أنهما إذا حلفا واندفع النكاحان فلكل واحد عليها مهر المثل وهو ضعيف
ويمينها حلفت أو نكلت تكون على البت دون نفي العلم ولا حاجة إلى التعرض لعلمها
الحالة الثانية أن تقر لأحدهما بالسبق فيثبت النكاح ( له )
وفي سماع دعوى الثاني عليها وتحليفها قولان بناء على أنها لو أقرت للثاني بعد إقرارها للأول هل تغرم للثاني وفيه القولان السابقان في الإقرار لعمرو بدار أقر بها لزيد

أولا
فإن قلنا تغرم سمعت الدعوى وحلفها وإلا فقولان بناء على أن يمين المدعي بعد نكول المدعى عليه كإقرار المدعى عليه أو كبينة يقيمها المدعي وفيه قولان
أظهرهما كالإقرار
فعلى هذا لا تسمع دعواها لأن غايتها أن تقر أويحلف هو بعد نكولها وهو كإقرارها ولا فائدة فيه على هذا القول
وإن قلنا كالبينة فله أن يدعي ويحلفها
فإن حلفت سقطت دعواه
وإن نكل ردت اليمين عليه
فإن نكل فكذلك
وإن حلف بني على أن اليمين المردودة كالإقرار أم كالبينة إن قلنا كالإقرار فوجهان
أحدهما يندفع النكاحان لتساويهما في أن مع كل واحد إقرارا
وحكي هذا عن نصه في القديم
وأصحهما إستدامة النكاح للأول ولا يرتفع بنكولها المحتمل للتورع فيصير كما لو أقرت للأول ثم للثاني
وإن قلنا كالبينة
فقيل يحكم بالنكاح للثاني لأن البينة تقدم على الإقرار
وبهذا قطع في المهذب
وقال الصيدلاني وآخرون الصحيح إستدامة النكاح للأول لأن اليمين المردودة إنما تجعل كالبينة في حق الحالف والناكل لا في حق غيرهما
وإذا اختصرت قلت هل يندفع النكاحان أم تسلم للأول أم للأاني فيه أوجه
إن سلمت للأول غرمت للثاني وحيث تغرم نغرمها ما يغرم شهود الطلاق إذا رجعوا وفيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى

فرع لو كانت خرساء أو خرست بعد التزويج فأقرت بالإشارة بسبق أحدهما
لزمها الإقرار وإلا فلا يمين عليها والحال حال الإشكال حكي هذا عن نصه

فرع حلفت لأحدهما لا تعلم سبقه لا تكون مقرة للآخر ولو
لم يسبق كانت مقرة للآخر كذا قاله الإمام والبغوي
والمراد إذا جرى ذلك بعد إقرارها بسبق أحدهما وإلا فيجوز أن يقعا معا فلا تكون مقرة بسبق الآخر
الضرب الثاني أن يدعيا عليها زوجية مطلقة ولا يتعرضا لسبق ولا لعلمها به فهذا يبنى على أن دعوى النكاح هل يشترط فيها التفصيل وذكر الشروط وبيانه في كتاب الدعوى والبينات
فإن سمعنا دعوى النكاح مطلقة أو فصلا القدر المحتاج إليه ولم يتعرضا للسبق لزمها الجواب الحازم ولا يكفيها نفي العلم بالسابق لكنها إذا لم تعلم فلها الجواب الجازم والحلف أنها ليست زوجته وهذا كما إذا ادعى على رجل أن أباه أتلف كذا وطلب غرمه من التركة حلف الوارث أنه لا يعلم أن أباه أتلف
ولو ادعى ( أن ) عليه تسليم كذا من التركة حلف أنه لا يلزمه التسليم
وعدم العلم يجوز له الحلف الجازم
فرع هذا كله إذا كانت الدعوى على المرأة

فإن ادعيا على الولي فإن لم يكن مجبرا لم تسمع الدعوى لأن إقراره لا يقبل
وإن كان مجبرا فوجهان
أحدهما كذلك لأنه كالوكيل
وأصحهما تسمع لأن إقراره مقبول ومن قبل إقراره توجهت عليه الدعوى واليمين فعلى هذا إن كانت صغيرة حلف الأب
وإن كانت كبيرة فوجهان
أحدهما لا يحلف للقدرة على تحليفها
وأصحهما يحلف

ثم إن حلف الأب فللمدعي أن يحلف البنت أيضا
فإن نكلت حلف اليمين المردودة وثبت نكاحه
وفي التهذيب أن المرأة إذا كانت بالغة بكرا أو ثيبا فالدعوى عليها

الباب الخامس في المولى عليه الأسباب المقتضية لنصب الولي
خمسة الصغر والأنوثة والجنون والسفه والرق وقد سبق حكم الأولين
السبب الثالث الجنون
فإن كان المجنون كبيرا لم يزوج لغير حاجة ويزوج للحاجة وذلك بأن تظهر رغبته فيهن بدورانه حولهن وتعلقه بهن ونحو ذلك
أو بأن يحتاج إلى من يخدمه ويتعهده ولا يجد في محارمه من يحصل هذا وتكون مؤنة النكاح أخف من ثمن جارية أو بأن يتوقع شفاؤه بالنكاح
وإذا جاز تزويجه تولاه الأب ثم الجد ثم السلطان دون سائر العصبات كولاية المال
وإن كان المجنون صغيرا لم يصح تزويجه على الصحيح
وقيل يزوجه الأب أو الجد وطرد الشيخ أبو محمد الوجهين في الصغير العاقل الممسوح
ومتى جاز تزويج المجنون لم يزوج إلا إمرأة واحدة والمخبل كالمجنون في النكاح وهو الذي في عقله خلل وفي أعضائه استرخاء ولا حاجة به إلى النكاح غالبا
ويجوز أن يزوج الصغير العاقل أربعا على الأصح
وقيل لا يجوز أن يزيد على واحدة
قلت وفي الإبانة وجه أنه لا يجوز تزويجه أصلا وزعم أنه الأصح وهو غلط

ثم إنما يزوج الصغير العاقل الأب والجد ولا يصح تزويج الوصي والقاضي لعدم الحاجة وانتفاء كمال الشفقة هذا هو الصواب الذي عليه في البويطي وصرح به الجمهور
وقال في البيان يجوز للوصي والحاكم كالأب وليس بشىء
والله أعلم

فرع في المجنونة أوجه

الصحيح أن الأب والجد عند عدمه يزوجانها سواء كانت صغيرة أو كبيرة بكرا أم ثيبا
والثاني لا يستقلان بتزويج الكبيرة الثيب بل يشترط إذن السلطان بدلا عن إذنها
والثالث لا يزوج الثيب الصغيرة كما لو كانت عاقلة والفرق على الصحيح أن البلوغ غاية تنتظر
ثم لا يشترط في تزويجها ظهور الحاجة بل يكفي ظهور المصلحة بخلاف المجنون لأن نكاحها يفيد المهر والنفقة ويغرم المجنون
وسواء التي بلغت مجنونة ومن بلغت عاقلة ثم جنت بناء على أن من بلغ عاقلا ثم جن فولاية ماله لأبيه وهو الأصح
وإن قلنا إنها للسلطان فكذا التزويج
وأما المجنونة التي لا أب لها ولا جد فإن كانت صغيرة لم تزوج إذ لا إجبار لغير الأب والجد ولا حاجة لها في الحال
وإن كانت بالغة ففيمن يزوجها وجهان
أحدهما القريب كالأخ والعم لكن لا ينفرد به بل يشترط إذن السلطان مقام إذنها
فإن امتنع القريب زوجها السلطان كما لو عضلها
وأصحهما يزوجها السلطان كما يلي مالها لكن يراجع أقاربها لأنهم أعرف بمصلحتها وتطييبا لقلوبهم وهذه المراجعة واجبة أم مستحبة وجهان
صحح البغوي الوجوب وضعفه الإمام

فإن أوجبنا المشاورة فلم يشيروا بشىء استقل السلطان
ويجري الوجهان في وجوب المشاورة في تزويج المجنون
ثم من ولي نكاحها من السلطان أو القريب يزوج عند ظهور الحاجة بأن تظهر علامات غلبة شهوتها أو يقول أهل الطب يرجى بتزويجها الشفاء
أما إذا لم تظهر وأراد التزويج لكفاية النفقة أو لمصلحة أخرى فهل يجوز كما يجوز للأب بمجرد المصلحة أم لا لأن تزويجها يقع إجبارا وليس هو لغير الأب والجد فيه وجهان
أصحهما الثاني
قال الإمام واتفق الأصحاب على الإكتفاء بالمصلحة في تزويج الأب والجد

فرع البالغ المنقطع جنونه لا يصح تزويجه حتى يفيق فيأذن ويشترط

فلو عاد الجنون قبل العقد بطل الإذن كما تبطل الوكالة بالجنون وهكذا الثيب المنقطع جنونها
وأما المغلوب على عقله بمرض فتنتظر إفاقته فإن لم تتوقع إفاقته فكالمجنون
السبب الرابع السفه
فالمحجور عليه لسفه لا يستقل بالتزوج بل يراجع الولي ليأذن أو يزوجه
فإن أذن له الولي فتزوج جاز على الصحيح وعن أبي الطيب ابن سلمة وغيره أنه لا يجوز كالصبي
فعلى الصحيح إن عين له إمرأة لم يصح نكاح غيرها ولينكحها بمهر المثل أو أقل
فإن زاد فحكى ابن القطان قولا مخرجا أن النكاح باطل
والمشهور صحته لأن خلل الصداق لا يفسد النكاح
فعلى هذا تبطل الزيادة ويجب مهر المثل
وقال ابن الصباغ القياس بطلان المسمى ووجوب مهر المثل

والفرق أن على التقدير الأول تستحق الزوجة مهر المثل من المعين وعلى قوله يجب مهر المثل في الذمة
وإن قال له الولي انكح إمرأة من بني فلان فلينكح واحدة منهن بمهر المثل
ولو قدر المهر ولم يعين المرأة فقال انكح بألف فلينكح إمرأة بألف
فإن كان مهر مثلها ألفا فأكثر فالنكاح صحيح بالمسمى
وإن كان أقل صح النكاح بمهر المثل وسقطت الزادة
وإن نكح بألفين فإن كان مهر فثلها أكثر من ألف لم يصح النكاح لأن الولي لم يأذن في أكثر من ألف
وفي الرد إلى ألف إضرار بها
وإن كان مهر مثلها ألفا أو أقل صح النكاح بمهر المثل وسقطت الزيادة
وعن تخريج ابن خيران وابن القطان أنه متى زاد على ما أذن به الولي بطل النكاح بكل حال
ولو جمع الولي في الإذن بيق تعيين المرأة وتقدير المهر فقال انكح فلانة بألف فإن كان مهر مثلها دون الألف فالإذن باطل
وإن كان ألفا فنكحها بألف أو أقل صح النكاح بالمسمى
وإن زاد سقطت الزيادة
وإن كان مهر مثلها أكثر من ألف فإن نكح بألف صح النكاح بالمسمى وإن زاد لم يصح النكاح هكذا ذكره البغوي
أما إذا أطلق الولي الإذن فقال تزوج فوجهان
أحدهما ( وهو ) محكي عن أبوي علي ابن خيران والطبري
وعن الداركي أنه يلغو الإذن ولا بد من تعيين إمرأة أو قبيلة أو مهر
وأصحهما يكفي الإطلاق كالعبد
فعلى هذا لو تزوج بأكثر من مهر المثل صح النكاح وسقطت الزيادة
وإن تزوج بمهر المثل أو أقل صح النكاح بالمسمى
لكن لو نكح شريفة يستغرق مهر مثلها ماله فوجهان حكاهما ابن كج
اختيار الإمام وبه قطع الغزالي أنه لا يصح النكاح بل يتقيد

بموافقة المصلحة
ذكر ابن كج تفريعا على اعتبار الإذن المطلق وجهين فيما لو عين الولي إمرأة فعدل السفيه إلى غيرها ( فنكحها ) بمثل مهر المعينة لأنه لا غرض للولي في أعيان الزوجات

فرع قال انكح من شئت بما شئت ذكر بعضهم أنه يبطل الإذن
الحجر بالكلية
فرع قال ابن كج الإذن للسفيه في النكاح لا يفيده جواز التوكيل
لم يرفع الحجر
فرع أما إذا قبل الولي النكاح للسفيه ففي اشتراط إذن السفيه وجهان

أحدهما لا لأنه فوض إليه رعاية مصلحته
فإذا عرف حاجته زوجه كما يكسوه ويطعمه
وبهذا قال الشيخ أبو حامد والعراقيون
وأصحهما نعم لأنه حر مكلف
وقد نص الشافعي رحمه الله في المختصر أن السفيه يزوجه وليه فربما استأنس به الأولون وحمله الآخرون على أصل التزويج ثم يراعى شرطه ونقل الربيع أنه لا يزوجه وليه واتفقوا على أنه ليس اختلاف قول بل حمل قوم رواية الربيع على القيم الذي لم يأذن له الحاكم في التزويج وبعضهم على ما إذا

لم يحتج السفيه إلى النكاح
ثم إذا قبل له الولي النكاح فليقبل بمهر المثل أو أقل فإن زاد كان كما لو قبل الأب لإبنه بأكثر من مهر المثل
ففي قول يبطل النكاح
والأظهر أنه يصح بمهر المثل

فرع لو نكح السفيه بغير إذن الولي فنكاحه باطل ويفرق بينهما
فإن كان دخل بها فلا حد للشبهة
وفي المهر أوجه
أصحها لا يجب كما لو اشترى شيئا فأتلفه
وفيه إشكال من جهة أن المهر حق المرأة وقد تزوج ولا علم لها بحال الزوج
والثاني يجب مهر المثل
والثالث يجب أقل ما يتمول
قلت وإذا لم نوجب شيئا ففك الحجر فلا شىء عليه على المذهب كالصبي إذا وطىء ثم بلغ
وحكى الشاشي فيه وجهين
والله أعلم
فرع قال الأكثرون يشترط في نكاح السفيه حاجته إليه وإلا فهو إتلاف
ماله بلا فائدة وبنوا على هذا أنه لا يزوجه إلا واحدة كالمجنون
قالوا والحاجة بأن تغلب شهوته أو احتاج إلى من يخدمه ولم تقم محرم بخدمته وكانت مؤن الزوجة أخف من ثمن جارية ومؤنها ولم يكتفوا في الحاجة بقول السفيه لأنه قد يقصد إتلاف المال بل اعتبروا ظهور الأمارات الدالة على غلبة الشهوة
وحكى الإمام وجها أنه يجوز تزويجه بالمصلحة كالصبي ولم يعتبر الإمام والغزالي ظهور أمارات الشهوة واكتفيا فيها بقول السفيه

فرع إذا طلب السفيه النكاح مع ظهور أمارة الحاجة إن اعتبرناه
دونه إن لم نعتبره وجب على الولي إجابته
فإن امتنع فتزوج السفيه بنفسه فقد أطلق الأصحاب في صحة النكاح وجهين
أصحهما عند المتولي لا يصح
وقال الإمام والغزالي إذا امتنع الولي فليراجع السفيه السلطان كالمرأة المعضولة
فإن خفت الحاجة وتعذرت مراجعة السلطان ففي استقلال السفيه حينئذ الوجهان
فرع يصح طلاق المحجور عليه فإن كان مطلاقا سري بجارية

فرع الكلام فيمن يلي أمر السفيه سبق في الحجر

وذكر أبو الفرج الزاز أنه إن بلغ رشيدا ثم طرأ السفه فنكاحه متعلق بالسلطان
وإن بلغ سفيها فهل يفوض إلى السلطان أم إلى الأب والجد وجهان
وأطلق ابن كج أنه يزوجه القاضي وأنه إن جعله في حجر إنسان زوجه الذي هو في حجره
وقال الإمام إن فوض إلى القيم التزويج زوج وإلا فلا
قلت الأصح أنه إن كان له أب أو جد فالتزويج إليه وإلا فلا يجوز أن يزوجه إلا القاضي ومن فوض إليه القاضي تزويجه
وممن صرح بهذا التفصيل وجزم به الشيخ أبو محمد في شرح المختصر
والله أعلم

فرع قال البغوي إقرار السفيه بالنكاح لا يصح لأنه ليس ممن
وهذا قد يشكل بإقرار المرأة
فرع للمحجور عليه بفلس النكاح وتكون مؤنه في كسبه لا فيما في

السبب الخامس الرق
فنكاح العبد بغير إذن سيده باطل وبإذنه صحيح سواء كان سيده رجلا أو إمرأة
ويجوز إذن سيده في إمرأة معينة أو واحدة من القبيلة أو البلدة ويجوز مطلقا
وإذا قيد فعدل العبد عن المأذون فيه لم يصح نكاحه
وحكى الحناطي وجها أنه إن كان قدر مهرا فنكح غير المعينة به أو بأقل صح والصحيح الأول
وإذا أطلق الإذن فله نكاح حرة أو أمة وفي تلك البلدة أو غيرها وللسيد منعه من الخروج إلى البلدة الأخرى
ولو قدر مهرا فزاد فالزيادة في ذمته يطلب بها إذا عتق
ولو نكح بالمقدر إمرأة مهرها أقل فقد ذكر الحناطي فيه ثلاثة إحتمالات
أصحها صحة النكاح ووجوب المسمى في الحال
والثاني أن الزيادة على مهر مثلها يطلب بها إذا عتق
والثالث بطلان النكاح
ولو رجع عن الإذن ولم يعلم به العبد حتى نكح فهو على الخلاف في الوكيل كذا ذكره ابن كج
ولو طلق العبد بعدما نكح بإذن سيده لم ينكح أخرى إلا بإذن جديد
ولو نكحها نكاحا فاسدا فهل له نكاح أخرى فيه خلاف لبني على أن الإذن يتناول الفاسد أم يختص بالصحيح ولهذا أصل سيأتي إن شاء الله تعالى

فصل هل السيد إجبار العبد البالغ على النكاح
قولان
القديم نعم
والجديد لا
فإن كان صغيرا فالأصح أنه كالكبير
وقيل يجبر قطعا واختاره ابن كج
والكبير المجنون كالصغير فإن جوزنا الإجبار فللسيد أن يقبل النكاح للبالغ وله أن يكرهه على القبول ويصح لأنه إكراه بحق كذا قاله البغوي
وقال المتولي لا يصح قبوله كرها ويقبل إقرار السيد على العبد بالنكاح كإقرار الأب على بنته
ويجوز أن يزوج أمته بعبده الصغير والكبير ولا يجب مهر
وفي استحباب ذكره قولان
الجديد استحبابه
وإذا طلب العبد النكاح فليجبه السيد ولا تجب الإجابة على الأظهر
فإن أوجبنا فامتنع سيده زوجه السلطان كالمعضولة
ولو نكح بنفسه قال الإمام هو كما لو طلب السفيه وامتنع الولي فنكح بنفسه
والمدبر والمعلق عتقه كالقن
ومن بعضه حر لا يجبر ولا يستقل وفي وجوب إجابته الخلاف
والمكاتب لا يستقل ولا يجبره السيد
ولو نكح بإذن السيد صح على المذهب
وقيل قولان كتبرعه
فإن صححنا ففي وجوب إجابته الخلاف كالقن وأولى بالوجوب
والعبد المشترك هل لسيديه إجباره وعليهما إجابته فيه الخلاف المذكور في الطرفين
ولو دعاه أحدهما إلى النكاح وامتنع الآخر أو العبد فلا إجبار
ولو طلب أحدهما مع العبد وامتنع الآخر فعن الشيخ أبي حامد أنه كالمكاتب
وقال ابن الصباغ لا تؤثر موافقة الآخر

فرع له إجبار أمته على النكاح سواء الصغيرة والكبيرة والبكر والثيب
والعاقلة والمجنونة
وإن طلبته لم يلزمه إجابتها إن كانت ممن يحل له وطؤها وكذا إن لم يحل على الأصح كالأخت
ولو ملك أختين فوطىء إحداهما لم يجبر على تزويج الأخرى قطعا لأن تحريمها عليه لعارض
والمدبرة والمعلق عتقها كالقنة وكذا أم الولد على الصحيح
ومن بعضها حر لا تجبر ولا يجبر سيدها ( أيضا ) على الأصح
والمكاتبة لا تجبر ولا تنكح دون إذنه
وفي وجوب إجابتها وجهان
قلت الأصح لا تجب
والله أعلم
وفي وجه لا تزوج أصلا لاختلال ملك المولى وعدم استقلالها
فرع لا يزوج السيد أمة مكاتبه ولا عبده ولا يزوجها المكاتب بغير
سيده وبإذنه قولان كتبرعه
فرع إذا كان لعبده المأذون له في التجارة أمة فإن لم يكن
دين جاز للسيد تزويجها بغير إذن العبد على الأصح
وقيل لا إلا أن يعد الحجر عليه لاحتمال أن يحدث دين ولا يفي ما في يده به
وإن كان عليه دين وزوجها بإذن

العبد والغرماء صح
وإن زوج بإذنه دونهم أو بإذنهم دونه لم يصح على الأصح
وبيع السيد ووطؤه وهبته هذه الجارية كتزويجها في حالتي قيام الدين وعدمه
وإذا وطىء بغير إذن الغرماء فهل عليه المهر وجهان
قلت لعل أصحهما الوجوب لأن مهرها مما يتعلق به حق الغرماء بخلاف وطئه المرهونة
والله أعلم
فإن أحبلها فالولد حر والجارية أم ولد إن كان موسرا
وإن كان معسرا لم تصر أم ولد بل تباع في الدين
فإن ملكها بعد فالحكم كما سبق في المرهونة وكذا الحكم في استيلاد الجارية الجانية وفي استيلاد الوارث جارية التركة إذا كان على المورث دين
وإذا لم نحكم باستيلاد في الحال وجب قيمة ولد جارية العبد المأذون وجارية التركة ولا يجب في ولد الجانية والمرهونة لأن حق المجني عليه والمرتهن لا يتعلق بالولد
ولو أعتق عبد المأذون وعلى المأذون دين أو أعتق الوارث عبد التركة وعلى المورث دين قال البغوي قيل في نفوذ العتق قولان كإعتاق المرهون
والمذهب أنه إن كان معسرا لم ينفذ
وإن كان موسرا نفذ كالإستيلاد وعليه أقل الأمرين من الدين وقيمة العبد كإعتاق العبد الجاني

فرع تزويج من تعلق برقبتها مال لا يجوز بغير إذن المجني عليه
كان السيد معسرا
وإن كان موسرا جاز على أحد الوجهين وكان اختيارا للفداء

قلت الجواز أصح
والله أعلم

فرع تزويج السيد أمته هل هو بالملك أم بالولاية وجهان

أصحهما بالملك
ويتفرع عليهما صور
منها إذا سلبنا الفاسق الولاية زوجها إن قلنا بالملك وإلافلا
ومنها إذا كان لمسلم أمة كتابية فله تزويجها على المذهب وهو المنصوص وإنما يتصور تزويجه إياها بعبد أو حر كتابي إذا حللناها لهما
ومنها إذا كان للكافر أمة مسلمة أو أم ولد قال ابن الحداد يزوجها بالملك والأصح المنع
ولو كان لمسلم أمة مجوسية أو ذمية فهل له تزويجها وجهان
صحح الشيخ أبو علي الجواز وقطع البغوي بالمنع
وما ذكرناه من الخلاف في أن تزويج الأمة باللك أم بالولاية لا يجري في تزويج العبد إلا إذا قلنا للسيد إجباره
فلو كان للكافر عبد مسلم ورأينا الإجبار ففي إجباره إياه الخلاف في كونه يزوج أمته المسلمة
وإن لم نر الإجبار لم يستقل العبد ولكن يأذن له السيد ليسقط حقه فيستقل العبد حينئذ كما تأذن المرأة لعبدها فيتزوج وإن كانت ليست أهلا للتزويج
ومنها قال المتولي للمكاتب تزويج أمته إن قلنا بالملك وإلا فلا
فصل عبد الصبي والمجنون والسفيه لا يزوجه وليهم على الصحيح

وقيل يجوز

فقد تقتضيه مصلحة
ولو طلب عبدهم التزويج فإن لم نجبر السيد الرشيد لم يجز لوليهم الإجابة
وإن أجبرناه فعلى وليهم الإجابة
وأما أمة الصبي والمجنون والسفيه فيجوز لوليهم تزويجها على الأصح إذا ظهرت الغبطة
وقيل لا
وقيل تزوج أمة الصبية دون الصبي فقد يحتاج إليها إذا بلغ
فإن جوزنا قال الإمام يجوز تزويج أمة الثيب الصغيرة وإن لم يجز تزويجها ولا يجوز للأب تزويج أمة البكر البالغة وإن كان يقهرها
وفيمن يزوج أمة الصغير والمجنون وجهان
أحدهما ولي ماله نسيبا كان أو وصيا أو قيما كسائر التصرفات
وأصحهما أنه ولي النكاح الذي يلي المال
وعلى هذا غير الأب والجد لا يزوج أمة الصغير والصغيرة والأب لا يزوج أمة الثيب الصغيرة فإن كانت مجنونة زوج
وإن كانت لسفيه فلا بد من إذنه

فرع أمة المرأة إن كانت مالكتها محجورا عليها فقد سبق بيانها وإلا
فيزوجها ولي المرأة تبعا لولايته عليها وسواء الولي بالنسب وغيره والأمة العاقلة والمجنونة الصغيرة والكبيرة ولا حاجة إلى إذن الأمة ويشترط إذن مالكتها نطقا وإن كانت بكرا إذ لا تستحي
فصل أعتق في مرضه أمة قال ابن الحداد لا يجوز لوليها الحر
والأخ تزويجها حتى يبرأ أو يموت وتخرج من ثلثه لأنها إنما تعتق كلها على هذين

التقديرين ووافقه على هذا جماعة منهم ابن كج وقال ابن سريج وأبو زيد والأكثرون يجوز لوليها تزويجها لأنها حرة في الظاهر فعلى هذا النكاح صحيح ظاهرا
فإن تحققنا بعد ذلك نفوذ العتق تحققنا مضي النكاح على الصحة وإلا فإن رد الورثة أو أجازوا وقلنا الإجازة عطية منهم بان فساد النكاح وإلا بان صحته
ثم إن لم يكن للمعتق مال سواها فالمسألة على ما ذكرنا
وإن كان له ( مال ) يفي ثلثه بقيمتها فمقتضى كلام ابن الحداد وجماهير الناقلين أنه كذلك
قال الإمام ويجوز أن يقال على مقتضى قول ابن الحداد النكاح هاهنا محمول على الصحة ويجوز خلافه لضعف ملك المريض
قال الشيخ أبو علي ومفهوم كلام ابن الحداد أنه إذا لم يكن لها ولي غير السيد فزوجها صح لأنها إن لم تخرج من الثلث فهو ولي ما عتق بالولاء ومالك ما لم يعتق
فإن زوجها السيد ولها ولي مناسب إن كان بإذنه صح قطعا وإلا فلا قطعا

الباب السادس في موانع نكاحها
قد سبق في الركن الثاني من الباب الثالث الإشارة إلى بيان الموانع
ومنها ما نتكلم في إيضاحه في غير الباب ككونها ملاعنة ومعظمها نبسط الكلام فيه هنا إن شاء الله تعالى ويجمعها أربعة أجناس
( الجنس ) الأول المحرمية وهي الوصلة المحرمة للنكاح أبدا ولها ثلاثة أسباب القرابة والرضاع والمصاهرة
السبب الأول القرابة ويحرم منها سبع الأمهات والبنات والأخوات

والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت ولا تحرم بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات قربن أم بعدن والمراد بالأم كل أنثى ولدتك أو ولدت من ولدك ذكرا كان أو أنثى بواسطة أم بغيرها
وإن شئت قلت كل أنثى ينتهي إليها نسبك بالولادة بواسطة أم بغيرها
وبنتك كل أنثى ولدتها أو ولدت من ولدها ذكرا كان أو أنثى بواسطة أم بغيرها
وإن شئت قلت كل أنثى ينتهي إليك نسبها بالولادة بواسطة أم بغيرها
وأختك كل أنثى ولدهآ أبواك أو أحدهما
وبنت أخيك وبنت أختك منهما كبنتك منك
وعمتك كل أنثى هي أخت ذكر ولدك بواسطة أو بغيرها وقد تكون من جهة الأم كأخت أب الأم
وخالتك كل أنثى هي أخت أنثى ولدتك بواسطة أو بغيرها وقد تكون من جهة الأب كأخت أم الأب وعبر الأصحاب عنهن بعبارتين
إحداهما قال الأستاذ أبو إسحق يحرم عليه أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل بعده أي بعد أول الأصول
فالأصول الأمهات
والفصول البنات
وفصول أول الأصول الأخوات وبنات الأخ والأخت
وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول العمات والخالات
الثانية قال الأستاذ أبو منصور البغداذي تحرم نساء القرابة إلا من دخلت في إسم ولد العمومة جو ولد الخؤولة
وهذه العبارة أرجح لا يجازها ولأن الأولى لا تنص على الإناث لأن لفظ الأصول والفصول يتناول الذكور والإناث ولأن اللائق بالضابط أن يكون أقصر من المضبوط والأولى بخلافه

فرع زنا بإمرأة فولدت بنتا يجوز للزاني نكاح البنت لكن يكره

وقيل إن تيقن أنها من مائة إن تصور تيقنه حرمت عليه
وقيل تحرم مطلقا
والصحيح الحل مطلقا
والبنت التي نفاها باللعان تحرم عليه إن كان دخل بأمها وكذا إن لم يدخل ( بها ) على الأصح
قال المتولي وعلى هذا ففي وجوب القصاص بقتلها والحد بقذفها والقطع بسرقة مالها وقبول شهادته لها الوجهان
قلت وسواء طاوعته على الزنا أو أكرهها
والله أعلم
السبب الثاني الرضاع فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فكل من أرضعتك أو أرضعت من أرضعتك أو أرضعت من ولدك بواسطة أو غيرها فهي أمك
وكذلك كل إمرأة ولدت المرضعة أو الفحل وكل إمرأة ارتضعت بلبنك أو بلبن من ولدته أو أرضعتها إمرأة ولدتها أنت فهي بنتك
وكذلك بناتها من النسب والرضاع
وكل إمرأة أرضعتها أمك أو ارتضعت بلبن أبيك فهي أختك
وكذلك كل إمرأة ولدتها المرضعة أو الفحل وأخوات الفحل والمرضعة وأخوات من ولدهما من النسب والرضاع عماتك وخالاتك
وكذلك كل إمرأة أرضعتها واحدة من جداتك أو ارتضعت بلبن جد لك من النسب والرضاع وبنات أولاد المرضعة والفحل من النسب والرضاع بنات أخيك وأختك
وكذلك كل أنثى أرضعتها أختك أو ارتضعت بلبن أخيك وبناتها وبنات أولادها من النسب والرضاع بنات أخيك وأختك
وبنات كل ذكر أرضعته أمك أو ارتضع لبن أبيك وبنات أولاده من النسب والرضاع بنات أخيك
وبنات كل إمرأة

أرضعتها أمك أو ارتضعت لبن أبيك وبنات أولادها من النسب والرضاع بنات أختك

فرع أربع نسوة يحرمن في النسب وفي الرضاع قد يحرمن وقد لا

إحداهن أم الأخ والأخت في النسب حرام لأنها أم أو زوجة أب وفي الرضاع إن كانت كذلك حرمت وإلا فلا بأن أرضعت أجنبية أخاك أو أختك
الثانية أم نافلتك في النسب حرام لأنها بنتك أو زوجة إبنك وفي الرضاع قد لا تكون بنتا ولا زوجة ابن بأن أرضعت أجنبية نافلتك
الثالثة جدة ولدك في النسب حرام لأنها أمك أو أم زوجتك وفي الرضاع قد لا تكون كذلك بأن أرضعت أجنبية ولدك فإن أمها جدته وليست بأمك ولا بأم زوجتك
الرابعة أخت ولدك حرام لأنها بنتك أو ربيبتك
وإذا أرضعت أجنبية ولدك فبنتها أخته وليست بنتك ولا ربيبتك ولا تحرم أخت الأخ في النسب ولا في الرضاع
وصورته في النسب أن يكون لك أخت لأم وأخ لأب فيجوز له نكاحها
وفي الرضاع إمرأة أرضعتك وأرضعت صغيرة أجنبية منك يجوز لأخيك نكاحها
وهذه الصور الأربع مستثناة من قولنا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قلت كذا قال جماعة من أصحابنا تستثنى الصور الأربع
وقال المحققون لا حاجة إلى استثنائها لأنها ليست داخلة في الضابط ولهذا لم يستثنها الشافعي وجمهور الأصحاب رضي الله عنهم ولا استثنيت في الحديث الصحيح يحرم من

الرضاع ما يحرم من النسب لأن أم الأخ لم تحرم لكونها أم أخ وإنما حرمت لكونها أما أو حليلة أب ولم يوجد ذلك في الصورة الأولى وكذا القول في باقيهن
والله أعلم
السبب الثالث المصاهرة فيحرم بها على التأبيد أربع
إحداهن أم زوجتك وأم زوجتك منها كأمك منك وسواء أمهات النسب والرضاع
الثانية زوجة إبنك وابن إبنك وإن سفل بالنسب والرضاع وقول الله تعالى { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } المراد به أنه لا تحرم زوجة من تبناه
الثالثة زوجة الأب والأجداد وإن علوا من قبل الأب والأم جميعا وتحرم زوجة الأب من الرضاع
الرابعة بنت الزوجة وبنت زوجتك منها كبنتك منك سواء بنت النسب والرضاع وتحرم الثلاث الأوليات بمجرد العقد بشرط أن يكون صحيحا
فأما النكاح الفاسد فلا يتعلق به حرمة المصاهرة لأنه لا يفيد حل المنكوحة وحرمة غيرها فرع لحلها
وأما الرابعة وهي بنت الزوجة فلا تحرم إلا بالدخول بالزوجة
وحكى الشيخ أبو عاصم العبادي وابنه أبو الحسن عن أبي الحسن أحمد بن محمد الصابوني

من أصحابنا أن أم الزوجة لا تحرم إلا بالدخول بالزوجة كالربيبة وهو شاذ ضعيف

فرع لا تحرم بنت زوج الأم ولا أمه ولا بنت زوج البنت
أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة الإبن ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب
فصل مجرد ملك اليمين لا يثبت شيئا من هذه المحرمات لكن الوطء
يثبتها حتى تحرم الموطوءة على ابن الواطىء وأبيه وتحرم عليه أم الموطوءة وبنتها
والوطء بشبهة النكاح الفاسد والشراء الفاسد ووطء الجارية المشتركة وجارية الإبن يثبت حرمة المصاهرة كما يثبت النسب ويوجب العدة 0
وحكي قول أن وطء الشبهة لا يثبت حرمة المصاهرة كالزنا
والمشهور الذي قطع به الجمهور الأول وذلك فيما إذا شملت الشبهة الواطىء ( أو ) الموطوءة
فإن اختصت الشبهة بأحدهما والآخر زان بأن وطئها يظنها زوجته وهي عالمة أو يعلم وهي جاهلة أو نائمة أو مكرهة أو مكنت البالغة العاقلة مجنونا أو مراهقا عالمة فوجهان
أصحهما الإعتبار بالرجل فتثبت المصاهرة إذا اشتبه عليه كما يثبت النسب والعدة ولا يثبت إذا لم يشتبه عليه كما لا يثبت النسب والعدة
والثاني تثبت المصاهرة في أيهما كانت الشبهة وعلى هذا وجهان
أحدهما يختص بمن اختصت الشبهة به
فإن كان الإشتباه عليه حرم عليه أمها وبنتها ولا تحرم على أبيه وابنه
وإن كان الإشتباه عليها حرمت على ابنه وأبيه ولا تحرم عليه أمها وبنتها
والثاني أنها تعم الطرفين كالنسب

فرع الوطء في النكاح وملك اليمين كما يوجب الحرمة يوجب المحرمية
فيجوز للواطىء الخلوة والمسافرة بأم الموطوءة وبنتها والنظر إليها ولإبنه الخلوة والمسافرة بالموطوءة والنظر
وفي وطء الشبهة وجهان
ويقال قولان
أصحهما عند الإمام كذلك لأن الشبهة تثبت النسب والعدة فكذا المحرمية
وأصحهما عند الجمهور المنع وحكوه عن نصه في الإملاء
فرع الزنا لا يثبت المصاهرة فللزاني نكاح أم المزني بها وبنتها

ولو لاط بغلام لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته
ولو ملك جارية محرمة عليه برضاع أو مصاهرة فوطئها فإن لم نوجب به الحد ثبتت المصاهرة
وإن أوجبناه فلا
فرع المفاخذة والقبلة والمس هل هي كالوطء فتثبت المصاهرة وتحرم

أظهرهما عند البغوي والروياني نعم
وأظهرهما عند ابن أبي هريرة وابن القطان والإمام وغيرهم لا
والقولان فيما إذا جرى ذلك بشهوة
فأما المس بغير شهوة فلا أثر له على المذهب وبه قطع الجمهور
قال الإمام

ومنهم من أطلق القولين في الملامسة
وأما النظر بشهوة فلا يثبت المصاهرة على المذهب وبه قطع الجمهور
وقيل قولان
وقيل إن نظر إلى الفرج فقولان وإلا فلا

فرع إذا استدخلت ماء زوجها أو أجنبي بشبهة ثبتت المصاهرة والنسب

وفي تقدير المهر ووجوبه للمفوضة وثبوت الرجعة والغسل والمهر في صورة الشبهة وجهان
أصحهما المنع
ولو أنزل أجنبي بزنا لم يثبت باستدخاله المصاهرة ولا النسب
وإن أنزل الزوج بالزنا حكى البغوي أنه لا يثبت النسب ولا المصاهرة ولا العدة
وقال من عند نفسه وجب أن تثبت هذه الأحكام كما لو وطىء زوجته يظن أنه يزني
فرع ما أثبت التحريم المؤبد إذا طرأ على النكاح قطعه

فلو نكح إمرأة فوطئها أبوه أو إبنه بشبهة أو وطىء هو أمها أو بنتها بشبهة إنفسخ نكاحها
وفي المولدات لإبن الحداد فرعان يتعلقان بهذا الأصل
أحدهما نكح امرأة ونكح ابنه ابنتها ووطىء كل واحد منهما زوجة الآخر غالطا إنفسخ النكاحان
وهذا تفريع على المشهور أن وطء الشبهة كالوطء في ملك ويجب على كل واحد منهما مهر المثل للتي وطئها بالشبهة
ثم إن سبق وطء الأب فعليه لزوجته نصف المسمى لأنه الذي رفع نكاحها فهو كما لو طلقها قبل الدخول
وهل يجب على

الإبن لزوجته نصف المسمى فيه أوجه
قال ابن الحداد لا إذ لا صنع له
وقال آخرون نعم إذ لا صنع لها
وقال الشيخ أبو علي إن كانت زوجة الإبن نائمة أو صغيرة لا تعقل أو مكرهة وجب
وإن كانت عاقلة طاوعت الأب تظنه زوجها فلا شىء لها
فإن أوجبنا رجع الإبن على أبيه لأنه فوت نكاحه
وهل يرجع بمهر المثل أم بنصفه أم بما غرم فيه ثلاثة أقوال نوضحها في كتاب الرضاع إن شاء الله تعالى
وأما إن سبق وطء إلإبن فعليه لزوجته نصف المسمى
وهل يلزم الأب لزوجته نصف المسمى فيه الأوجه
فإن ألزمناه رجع على الإبن كما ذكرنا
ولو وقع الوطآن معا فعلى كل واحد نصف ما سمى لزوجته
وهل يرجع على الآخر وجهان
قال القفال يرجع كل واحد على صاحبه بنصف ما كان يرجع به لو انفرد ويهدر نصفه كالإصطدام فإنها حرمت بفعلهما وقال الشيخ أبو علي لا يرجع بشىء
( الفرع ) الثاني نكح إمرأتين في عقد فبانت إحداهما أم الأخرى بطل النكاحان
ولا شىء لواحدة منهما إلا أن يطأ فيجب مهر المثل
ولو نكحهما في عقدين ووطىء إحداهما ثم بان الحال نظر إن سبق نكاح الأم فإن كانت هي الموطوءة فنكاحها بحاله والأخرى محرمة
وإن كانت البنت هي الموطوءة فالنكاحان باطلان لأن البنت نكحها وعنده أمها والأم أم موطوءة بشبهة وله أن يتزوج البنت متى شاء لأنها ربيبة لم يدخل بأمها ويجب للبنت مهر المثل وللأم نصف المسمى
وإن سبق نكاح البنت فإن كانت هي الموطوءة فنكاحها بحاله والأم حرام أبدأ
وإن كانت الموطوءة الأم بطل النكاحان وحرمتا أبدا وللأم مهر المثل وللبنت نصف المسمى
وإن أشبهت الموطوءة وعرفت التي سبق نكاحها ثبت نكاح السابقة لأن الأصل إستمرار صحته وليس له نكاح الثانية لأن الأولى

إن كانت بنتا فالثانية أم إمرأته محرمة أبدا
وإن كانت أما فليس له نكاح البنت وأمها تحته
وإن ارتفع نكاح الأم بطلاق أو غيره لم يحل له واحدة منهما لأن إحداهما محرمة أبدا فصار كإشتباه أخته بأجنبية
وإن اشتبه السابق من النكاحين وعرفت الموطوءة فغير الموطوءة محرمة أبدا والموطوءة يوقف نكاحها وتمنع من نكاح غيره
وإن طلبت الفسخ للإشتباه فسخ كما في اشتباه الأوليين
وإن اشتبه السابق من النكاحين والموطوءة وقف عنهما لإحتمال سبق البنت والدخول بالأم وليس له نكاح واحدة منهما لأن إحداهما محرمة أبدا
ولو كانت المسألة بحالها لكن وطئهما جميعا بطل النكاحان وحرمتا أبدا
ثم إن وطىء أولا التي نكحها أولا فللأولى مهرها المسمى وللثانية مهر المثل
وإن وطىء أولا التي نكحها آخرا فلها مهر المثل لأنه لم ينعقد نكاحها وللمنكوحة أولا جميع مهر ) المثل ونصف المسمى
أما نصف المسمى فلارتفاع نكاحها بسبب من الزوج
وأما جميع مهر المثل فلأنه وطئها بشبهة بعد ارتفاع النكاح

فصل إذا اختلطت محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة بأجنبيات قال الأصحاب
إن كان الإختلاط بعدد لا ينحصر كنسوة بلدة أو قرية كبيرة فله نكاح واحدة منهن
قال الإمام هذا ظاهر إن عم الإلتباس
فأما إذا أمكنه نكاح من لا يشك فيها فيحتمل أن يقال لا ينكح من المشكوك فيهن
والمذهب أنه لا حجر
فإن كان الإختلاط بعدد محصور فليجتنبهن
فلو خالف ونكح واحدة منهن لم يصح على الأصح
قال الإمام المحصور ما عسر عده على آحاد الناس
وقال الغزالي كل عدد لو اجتمعوا في صعيد لعسر على الناظر عددهم بمجرد النظر

كالألف فهو غير محصور وإن سهل كالعشرة والعشرين فمحصور وبين الطرفين أوساط يلحق بأحدهما بالظن وما وقع فيه الشك استفتي فيه القلب
الجنس الثاني ما يقتضي حرمة غير مؤبدة ويتعلق بعدد وهو ثلاثة أنواع
الأول الجمع بين الأختين من النسب أو الرضاع سواء الأختان من الأبوين أو من أحدهما
فلو نكحهما بطل نكاحهما
وإن نكحها مرتبا بطلت الثانية
فإن وطئها جاهلا بالحكم فعليها العدة ولها مهر المثل وله وطء الأولى وإن كانت الثانية في العدة لكن المستحب أن لا يفعل
ولو طلق إمرأته طلاقا بائنا فله نكاح أختها في عدتها وإن كان رجعيا لم تحل أختها حتى تنقضي عدتها
فلو ادعى أنها أخبرته بانقضاء العدة والوقت محتمل وقالت لم تنقض فوجهان
أصحهما وهو نصه في الإملاء أن له نكاح أختها
ولو طلق الأولى لم يقع
ولو وطئها لزمه الحد لزعمه انقضاء عدتها
وقال الحليمي والقفال ليس له نكاح أختها لأن القول قولها في العدة
وعلى هذا لو طلقها وقع
ولو وطئها فلا حد وتجب النفقة على الوجهين لأنه لا يقبل قوله في إسقاط حقها
ولو طلق زوجته الأمة طلاقا رجعيا ثم اشتراها فله نكاح أختها في الحال وكذا لو اشتراها قبل الطلاق لأن ذلك الفراش انقطع

فرع يحرم الجمع بين المرأة وبنت أخيها وبنات أولاد أخيها وكذا بين
المرأة وبنت أختها وبنات أولاد أختها سواء كانت العمومة والخؤولة من النسب أو الرضاع

وضبط تحريم الجمع بعبارات
إحداهن يحرم الجمع بين كل إمرأتين بينهما قرابة أو رضاع ولو كانت إحداهما ذكرا لحرمت المناكحة بينهما
الثانية يحرم بين كل إمرأتين بينهما قرابة أو رضاع يقتضي المحرمية
الثالثة يحرم بين كل إمرأتين بينهما وصلة قرابة أو رضاع لو كانت تلك الوصلة بينك وبين إمرأة لحرمت عليك
وقصدوا بقيد القرابة والرضاع الإحتراز عن الجمع بين المرأة وأم زوجها وبنت زوجها فإن هذا الجمع غير محرم وإن كان يحرم النكاح بينهما لو كان أحدهما ذكرا لكنه ليس بقرابة ولا رضاع بل مصاهرة وليس فيها رحم يحذر قطعها بخلاف الرضاع والقرابة

فرع يحرم الجمع بين المرأة وبنتها لدخولهما في الضابط

فلو نكحهما معا بطل نكاحهما
ولو نكحهما في عقدين فالثانية باطلة
فإن كانت الثانية البنت جاز أن ينكحها إن فارق الأم قبل الدخول
فرع يجوز الجمع بين بنت الرجل وربيبته وبين المرأة وربيبة زوجها من
المناكحة بتقدير ذكورة أحدهما

فصل كل امرأتين يحرم الجمع بينهما في النكاح
يحرم الجمع بينهما في الوطء بملك اليمين لكن يجوز الجمع بينهما في نفس الملك
فإذا اشترى أختين أو امرأة وعمتها أو خالتها معا أو متعاقبتين صح الشراء وله وطء أيتهما شاء
فإذا وطىء واحدة حرم عليه وطء الأخرى لكن لا يجب به الحد لأن له طريقا إلى استباحتها بخلاف ما لو وطىء أخته من الرضاع وهي ملكه فإنه يحد على قول لأنه لا يستبيحها بحال ثم الثانية ببقى حراما كما كانت والأولى حلالا كما كانت فلا يحرم الحرام الحلال لكن يستحب أن لا يطأ الأولى حتى يستبرىء الثانية
وعن أبي منصور بن مهران أستاذ الأودني أنه إذا أحبل الثانية حلت وحرمت الأولى وهو غريب ثم لا تزال غير الموطوءة محرمة عليه حتى يحرم الموطوءة على نفسه إما بإزالة ملك كبيع كلها أو بعضها أو هبة مع الإقباض أو بالإعتاق وإما بإزالة الحل بالتزويج أو الكتابة ولا يكفي الحيض والإحرام والعدة عن وطء شبهة لأنها أسباب عارضة لم تزل الملك ولا الإستحقاق فكذا الردة لا تبيح الأخرى وكذا الرهن على الأصح
ولو باع بشرط الخيار فحيث يجوز للبائع الوطء لا تحل به الثانية وحيث لا يجوز وجهان
قال الإمام الوجه عندي القطع بالحل ولا يكفي إستبراء الأولى لأنه لا يزيل الفراش
وعن القاضي حسين أن القياس الإكتفاء لأنه يدل على البراءة
وعن القاضي أبي حامد قال غلط بعض أصحابنا فقال إذا قال حرمتها على نفسي حرمت عليه وحلت الأخرى
ثم إذا حرمها بالأسباب المؤثرة فعاد الحل بأن باعها فردت عليه بعيب أو إقالة

أو زوجها فطلقت أو كاتبها فعجزت لم يجز له وطؤها حتى يستبرئها لحدوث الملك
فإذا استبرأها فإن لم يكن وطىء الثانية بعد تحريم الأولى فله الآن وطء أيتهما شاء
وإن كان وطئها لم يجز وطء العائدة حتى تحرم الأخرى

فرع الوطء في الدبر كالقبل فتحرم الأخرى به

وفي اللمس والقبلة والنظر بشهوة مثل الخلاف السابق في حرمة المصاهرة
فرع ملك أختين إحداهما مجوسية أو أخته برضاع فوطئها بشبهة جاز وطء
الأخرى لأن الأولى محرمة
ولو ملك أما وبنتها ووطء إحداهما حرمت الأخرى أبدا فلو وطىء الأخرى بعد ذلك جاهلا بالتحريم حرمت الأولى أيضا أبدا
وإن كان عالما ففي وجوب الحد قولان
إن قلنا لا حرمت الأولى أيضا أبدا وإلا فلا
فصل ملكها ولم يطأ أو وطىء ثم نكح أختها أو عمتها صح
المنكوحة وحرمت المملوكة
ولو نكح إمرأة ثم ملك أختها فالمملوكة حرام ويبقى حل المنكوحة

فصل ارتدت الزوجة بعد الدخول
يحرم نكاح أختها وأربع سواها قبل انقضاء العدة كالرجعية
قال ابن الحداد فلو قال لها أنت طالق ثلاثا فله في الحال نكاح أختها لحصول البينونة وكذا الحكم لو ارتدت فخالعها في الردة
ولو كان تحته صغيرة وكبيرة مدخول بها فارتدت الكبيرة وأرضعت أمها في عدتها الصغيرة وقف نكاح الصغيرة
فإن أصرت الكبيرة حتى انقضت العدة ففي نكاح الصغيرة بحاله
وإن أسلمت في العدة بطل نكاح الصغيرة
وفي بطلان نكاح الكبيرة قولان نذكرهما إن شاء الله تعالى في نظير المسألة في الرضاع
قال الشيخ أبو علي أظهرهما لا يبطل كما لو نكح أختا على أخت لا تبطل الأولى
وكذا الحكم لو كانت المرضعة أخت الكبيرة
ثم على الزوج للصغيرة نصف المسمى وللكبيرة تمامه ويرجع الزوج على المرضعة بنصف مهر مثل الصغيرة على الأظهر وبكله في قول وبجميع مهر مثل الكبيرة على الأظهر إن أبطلنا نكاحها
النوع الثاني في قدر العدد المباح ولا يجوز للحر أن ينكح أكثر من أربع نسوة
فلو نكح خمسا في عقد بطل نكاحهن وإن نكحهن مرتبا بطل الزيادة على الأربع الأوليات
ولو نكح خمسا في عقد فيهن أختان بطل فيهما وفي البواقي قولا تفريق الصفقة والأظهر الصحة
ولو نكح سبعا فيهن أختان بطل الجميع
ولو كان تحته أربع فأبانهن فله نكاح أربع بدلهن وإن كن في العدة
ولو أبان واحدة فله نكاح أخرى في عدة المبانة

ولو وطىء إمرأة بشبهة فله نكاح أربع في عدتها
ولو كانت المفارقة رجعية لم تجز
وأما العبد فلا يجوز أن يزيد على إمرأتين

فرع لإبن الحداد نكح ست نسوة ثلاثا في عقد وثنتين في عقد
في عقد ولم يعلم المتقدم فنكاح الواحدة صحيح على كل تقدير لأنها لا تقع إلا أولة أو ثالثة أو رابعة فإنها لو تأخرت عن العقدين كان ثانيهما باطلا فتقع هي صحيحة
وأما البواقي فقال ابن الحداد لا يثبت نكاحهن لأن كل واحد من عقديهما يحتمل كونه متأخرا باطلا والأصل عدم الصحة
قال الشيخ أبو علي ما ذكره ابن الحداد غلط عند عامة الأصحاب بل يصح مع نكاح الواحدة إما الثنتان وإما الثلاث وهو الذي سبق منهما ولا نعرف عينه فيوقف ويسأل الزوج فإن ادعى سبق الثنتين وصدقتاه ثبت نكاحهما
وإن ادعى سبق الثلاث وصدقنه فكذلك
وإن قال لا أدري أو لم يبين فلهن طلب الفسخ
وإن رضين بالضرر لم ينفسخ وعلى الزوج نفقة الجميع مدة التوقف فإن مات قبل البيان اعتدت من لم يدخل بها عدة وفاة ومن دخل بها بأقصى الأجلين من وفاة وأقراء ويدفع إلى الفردة ربع ميراث النسوة لإحتمال صحة نكاح ثلاث معها ثم يحتمل أن يكون الصحيح معها نكاح الثلاث فلا يستحق غير الربع المأخوذ ويحتمل صحة نكاح الثنتين فيستحق الثلث فيوقف ما بين الثلث والربع وهو نصف سدس بين الواحدة والثلاث لا حق للثنتين فيه ويوقف الثلثان بين

نصيب النسوة بين الثنتين والثلاث لا حق للواحدة فيه
فإن أردن الصلح قبل البيان فالصلح في نصف السدس بين الواحدة والثلاث وفي الثلثين بين الثلاث والثنتين
وأما المهر فللمفردة المسمى
وأما البواقي فإن دخل بهن قابلنا المسمى لإحدى الفرقتين ومهر المثل بالمسمى للفرقة الأخرى ومهر مثل الأولى وأخذنا أكثر القدرين من التركة ودفعنا إلى كل واحدة منهن الأقل من مسماها ومهر مثلها ووقفنا الباقي
مثاله سمى لكل واحدة مائة ومهر مثل كل واحدة خمسون فمسمى الثلاث ومهر مثل الثنتين أربعمائة وهي أكثر من مسمى الثنتين ومهر مثل الثلاث فنأخذ من التركة أربعمائة وندفع إلى كل واحدة خمسين ونقف الباقي وهو مائة وخمسون ( منها ) مائة بين النسوة الخمس وخمسون بين الثلاث والورثة فإن بان صحة نكاح الثنتين فالمائة لهما والخمسون للورثة
وإن بان صحة الثلاث فالمائة والخمسون لهن
وإن لم يدخل بواحدة أخذنا من التركة أكثر المسميين ولا نعطي في الحال واحدة شيئا
والأكثر في المثال المذكور ثلثمائة فنقف مائتين بين الثلاث والثنتين ومائة بين الثلاث والورثة
وإن دخل بإحدى الفرقتين أخذنا الأكثر من مسمى المدخول بهن فقط ومن مهر مثلهن مع مسمى الفرقة الأخرى وأعطي الموطوءات الأقل من المسمى ومهر مثلهن
ففي المثال المذكور إن دخل بالثنتين فمهر مثلهما مع مسمى الثلاث أربعمائة وذلك أكثر من مسمى الثنتين فنأخذ أربعمائة ونعطي كل واحدة من الثنتين خمسين ونقف مائة بينهما وبين الثلاث ومائتين بين الثلاث والورثة
فإن بان صحة نكاح الثنتين دفعنا المائة إليهما والباقي للورثة
وإن بان صحة نكاح الثلاث دفعناها مع المائتين إليهن وإن دخل بالثلاث فمهر مثلهن مع مسمى الثنتين ثلاثمائة وخمسون وذلك أكثر من مسمى الثلاث فنأخذ ثلاثمائة وخمسين ونعطي كل واحدة من الثلث خمسين منها ونقف الباقي وهو مائتان منها مائة وخمسون بين الثنتين والثلاث والباقي بين الثنتين والورثة
فإن بان صحة نكاح الثلاث أعطيناهن مائة وخمسين والباقي للورثة
وإن بان صحة نكاح الثنتين أعطيناهما المائتين

قال الشيخ أبو علي فإن كانت المسألة بحالها ونكح أربعا أخر في عقد رابع ولم يعرف الترتيب لم يحكم بصحة نكاح الواحدة لاحتمال وقوعه بعد الأربع
فإن مات قبل البيان وقفنا ميراث زوجات ولا نعطي واحدة منه شيئا
وأما المهر فإن دخل بهن أخذنا لكل واحدة الأكثر من مسماها ومهر مثلها وأعطيناها أقلهما ووقفنا الباقي بينها وبين الورثة
فإن لم يدخل بواحدة منهن فيحتمل أن يكون الصحيح نكاح الأربع ويحتمل أن تكون الواحدة مع الثلاث أو مع الثنتين فينظر مهر الأربع وحده ومهر الواحدة مع الثلاث ثم مع الثنتين ويؤخذ أكثر المقادير الثلاثة ويوقف
وإن دخل ببعضهن أخذ للمدخول بها أكثر مهريها وتعطى منه أقلهما ويوقف الباقي بينها وبين الورثة وأخذ لغير المدخول بها مسماها فيوقف بينها وبين الورثة
النوع الثالث إستيفاء عدد الطلاق
فإذا طلق الحر زوجته ثلاثا في نكاح أو أنكحة دفعة أو أكثر قبل الدخول أو بعده لم يحل له نكاحها حتى تنكح زوجا غيره ويطأها ويفارقها وتنقضي عدتها منه وإذا طلق العبد طلقتين فكطلاق الحر ثلاثا
ولو عتق بعد ذلك لم يؤثر ويشترط أن يكون الوطء في نكاح صحيح
وفي قول يكفي الوطء في نكاح فاسد
ومنهم من أنكره ومنهم من طرده في وطء الشبهة والمذهب الأول
ويشترط تغييب جميع الحشفة في الفرج وبه تتعلق أحكام الوطء كلها
وقال البغوي إن كانت بكرا فأقله الإقتضاض بآلته
ومن قطعت حشفته إن بقي من ذكره دون قدرها لم يحل
وإن بقي قدرها فقط أحل
وإن بقي أكثر من قدرها كفى تغييب قدر حشفة هذا الشخص على الأصح
وقيل يشترط تغييب جميع الباقي سواء كان قوي الإنتشار أو ضعيفه فاستعان بأصبعه أو أصبعها فإن لم يكن إنتشار أصلا لتعنين أو شلل

أو غيرهما لم يحصل التحليل على الصحيح وبه قطع جمهور الأصحاب في كتبهم لعدم ذوق العسيلة وحصله الشيخ أبو محمد والغزالي لحصول الوطء وأحكامه
واستدخال ذكر النائم وغيره يحلل واستدخال الماء لا يحلل
قلت ولو لف على ذكره خرقة وأولج حلل على الصحيح
والله أعلم

فرع يحصل التحليل بكل زوج حر مسلم وعبد ومجنون وخصي وذمي إذا
المطلقة ذمية سواء كان المطلق مسلما أو ذميا ويشترط وطء الذمي في وقت لو ترافعوا إلينا لقررناهم على ذلك النكاح
قلت لا يشترط في تحليل الذمية للمسلم وطء ذمي بل المجوسي والوثني يحللانها أيضا للمسلم كما يحصنانها صرح به إبراهيم المروذي
والله أعلم
والصبي الذي يتأتى منه الجماع كالبالغ على المشهور
والطفل الذي لا يتأتى منه لا يحلل على الصحيح وعن القفال أنه يحلل
قلت هذا الوجه كالغلط المنابذ لقواعد الباب
ونقل الإمام إتفاق الأصحاب أنه لا يحلل
والله أعلم
فرع إذا كانت المطلقة ثلاثا صغيرة ووطئها زوج حلت قطعا

وقيل في التي لا تشتهى الوجهان كتحليل الصبي

فرع لو وطئها في إحرامه أو إحرامها أو الحيض أو صوم
التكفير عن ظهارها أو ظانا أنها أجنبية حلت لأنه وطء زوج في نكاح صحيح
ولو وطئها وهي في عدة وطء شبهة وقع بعد نكاحه حلت على الأصح
ولو وطئها في حال ردته أو ردتها وعاد إلى الإسلام لم تحل نص عليه لاضطراب النكاح بخلاف سائر أسباب التحريم
واعترض المزني بأنه إن دخل بها قبل الردة فقد حلت وإلا فتبين بنفس الردة
قال الأصحاب تتصور العدة بلا دخول بأن يطأها في الدبر أو فيما دون الفرج فسبق الماء أم تستدخل ماءه فتجب العدة ولا تحل بهذه الأسباب وكذا بالخلوة على القديم
قلت هذا الذي ذكره عن النص أنها لا تحل بالوطء في الردة هو الصواب وبه قطع جماهير الأصحاب
وقال صاحب التلخيص إن اجتمعا في الإسلام قبل انقضاء العدة حلت للأول لتابعه عليه القفال وليس بشىء
ولو طلقها رجعيا باستدخال الماء قبل الدخول ثم وطئها في العدة ( لم تحل للأول وإن راجعها في العدة ) نص عليه الشافعي والأصحاب وقال إبرهيم المروذي إذا قلنا تحل بوطء الشبهة فهنا أولى وإلا فلا تحل
والله أعلم
فرع نكحها على أنه إذا وطئها بانت منه أو نكحها إلى أن
على أنه إذا وطئها فلا نكاح بينهما فنكاح باطل فإن شرط أنه إذا وطئها طلقها فباطل

أيضا على الأظهر
وفي قول يصح العقد ويبطل الشرط ويجب مهر المثل
ولو تزوج بلا شرط وفي عزمه أن يطلقها إذا وطئها كره وصح العقد وحلت بوطئه
ولو نكحها على أن لا يطأها إلا مرة أو على أن لا يطأها نهارا ف للشافعي رحمه الله في بطلان النكاح أو صحته دون الشرط نصان
وقيل قولان
والمذهب أنهما على حالين
فالبطلان إذا شرطت الزوجة أن لا يطأها والصحة إذا شرط الزوج أن لا يطأ لأنه حقه فله تركه والتمكين عليها
ولو نكحها بشرط أن لا تحل له فقال الإمام يجب أن تلحق بشرط ترك الوطء
وقال الغزالي ينبغي أن يفسد للتناقض
قلت قول الغزالي أصح
والله أعلم
وفي فتاوى القفال أنه لو تزوج أمة على أن لا يملك الإستمتاع ببضعها فكشرط أن لا يطأ
وإن تزوجها بشرط أن لا يملك بضعها فإن أراد الإستمتاع فكذلك
وإن أراد ملك العين لم يضر
وجميع ما ذكرناه إذا شرطه في نفس العقد ولو تواطآ في شىء من ذلك قبل العقد وعقدا على ذلك القصد بلا شرط فليس كالمشروط على الصحيح

فرع قال الأئمة أسلم طريق في الباب وأدفعه للعار أن تزوج بعبد
وتستدخل حشفته ثم تتملكه ببيع أو هبة ونحوهما فينفسخ النكاح ويحصل التحليل إن صححنا تحليل الصبي وجوزنا إجبار العبد الصغير على النكاح وإلا فلا

فرع إذا قالت المطلقة ثلاثا نكحت زوجا آخر فوطئني وفارقني وانقضت
عدتي منه قبل قولها عند الإحتمال
وإن أنكر الزوج الثاني وصدق في أنه لا يلزمه إلا نصف المهر فكذلك لأنها مؤتمنة في انقضاء العدة والوطء يعسر إقامة البينة عليه
ثم إن ظن صدقها فله نكاحها بلا كراهة
وإن لم يظنه استحب أن لا يتزوجها
وإن قال هي كاذبة لم يكن له نكاحها
فإن قال بعده تبينت صدقها فله نكاحها
قلت قد حزم الفوراني بأنه إذا غلب على ظنه كذبها لم تحل له
وتابعه الغزالي على هذا وهو غلط عند الأصحاب وقد نقل الإمام إتفاق الأصجاب على أنها تحل وإن غلب على ظنه كذبها إذا كان الصدق ممكنا
قال وهذا الذي قاله الفوراني غلط وهو من عثرات الكتاب ولعل الرافعي لم يحك هذا الوجه لشدة ضعفه ولقول الإمام إنه غلط
قال إبرهيم المروذي ولو كذبها الزوج والولي والشهود لم تحل على الأصح
والله أعلم
فرع طلق زوجته الأمة ثم اشتراها قبل وطء زوج لا يحل له
اليمين على الصحيح لظاهر القران
قلت قال العلماء الحكمة في اشتراط التحليل التنفير من الطلاق الثلاث
والله أعلم

الجنس الثالث من الموانع رق المرأة وهو ضربان
رقيقة يملكها ورقيقة لا يملكها
الضرب الأول مملوكته فليس له نكاح من يملكها أو بعضها
ولو ملك بعض زوجته إنفسخ نكاحه وليس لها نكاح من تملك بعضه
ولو ملكت زوجها إنفسخ نكاحها
الضرب الثاني أمة غيره فلا تحل للحر إلا بشروط
أحدها أن لا يكون تحته حرة يتيسر الإستمتاع بها مسلمة أو كتابية
وفي وجه لا يمنع كون الكتابية تحته
فإن لم يتيسر الإستمتاع بأن كانت تحته صغيرة أو هرمة أو غائبة أو مجنونة أو مجذومة أو برصاء أو رتقاء أو مضناة لا تحتمل الجماع فوجهان
أحدهما يصح نكاح الأمة وهذا أصح عند صاحب المهذب والقاضي حسين وقطع به ابن الصباغ وجماعة من العراقيين
والثاني المنع وبه قطع الإمام والغزالي والبغوي
فعلى هذا لا يصح نكاح الأمة حتى تبين منه الحرة
( الشرط ) الثاني أن لا يقدر على نكاح حرة لعدم الحرة أو عدم صداقها
فلو قدر على نكاح حرة رتقاء أو قرناء أو مجنونة أو مجذومة أو رضيعة أو معتدة عن غيره فله نكاح الأمة على الأصح
ولو قدر على حرة كتابية لم تحل الأمة على الأصح وقول الله تعالى { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات } قيد بالمؤمنات لأنه الغالب لا للإشتراط
ولو قدر على حرة غائبة قال الأصحاب إن كان يخاف العنت في مدة قطع المسافة أو يلحقه مشقة ظاهرة بالخروج إليها فله نكاح الأمة وإلا فلا
قال الإمام المشقة المعتبرة أن ينسب متحملها في طلب زوجه إلى الإسراف
ولو لم يجد

إلا حرة لا ترضى إلا بأكثر من مهر مثلها وهو واجده فنقل البغوي أنه لا ينكح أمة
ونقل المتولي جوازه
وقال الإمام والغزالي إن كانت زيادة يعد بذلها إسرافا حلت الأمة وإلا فلا
وفرقوا بينه وبين الماء في التيمم بأن الحاجة إلى الماء تتكرر وبأن هذا الناكح لا يعد مغبونا
قلت قطع آخرون بموافقة المتولي وهو الأصح
والله أعلم
ولو لم يقدر على مهر ووجد حرة ترضى بمهر مؤجل وهو يتوقع القدرة عليه عند المحل أو وجد من يبيعه نسيئة ما يفي بصداقها أو وجد من يستأجره بأجرة معجلة أو رضيت حرة بأن ينكحها بلا مهر حلت الأمة على الأصح
ولو أقرض مهرها لم يجب القبول على المذهب لاحتمال المطالبة في الحال
وقيل بالوجهين
ولو رضيت حرة بدون مهر مثلها وهو يجده لم تحل الأمة على المذهب لأن المنة فيه قليلة إذ العادة المسامحة في المهور
ولو وهب له مال أو جارية لم يلزمه القبول وحلت الأمة
ومن له مسكن وخادم هل له نكاح الأمة أم عليه بيعهما وصرفهما إلى طول حرة وجهان حكاهما ابن كج
قلت أصحهما الأول
والله أعلم
والمال الغائب لا يمنع نكاح الأمة كما لا يمنع ابن السبيل الزكاة
ومن هو معسر وله ابن موسر يجوز له نكاح الأمة إن لم نوجب على الإبن إعفافه
وإن أوجبناه فوجهان لأنه مستغن بمال الإبن
قلت أصحهما المنع وبه قطع جماعة
والله أعلم

الشرط الثالث خوف العنت والمراد به هنا الزنا قال الإمام ليس المراد بالخوف أن يغلب على ظنه الوقوع في الزنا بل أن يتوقعه لا على الندور
وليس المراد بغير الخائف أن يعلم اجتنابه بل غلبة الظن بالتقوى والإجتناب ينافي الخوف فمن غلبت عليه شهوته وضعف تقواه فهو خائف
ومن ضعفت شهوته وهو يستبدع الزنا لدين أو مروءة أو حياء فهو غير خائف
وإن غلبت شهوته وقوي تقواه ففيه إحتمالان للإمام
أصحهما لا يجوز نكاح الأمة وبه قطع الغزالي لأنه لا يخاف الوقوع في الزنا
والثاني إن كان ترك الوقاع يجر ضررا أو مرضا فله نكاح الأمة
وأما المجبوب فلا يتصور منه الزنا
قال الإمام والمتولي ليس له نكاح الأمة
قال المتولي فلو نكح حر أمة فوجدته مجبوبا وأرادت الفسخ فقال الزوج جب ذكري بعد النكاح
فإن كان قوله غير محتمل بأن كان الموضع مندملا وقد عقد النكاح أمس فالنكاح باطل
وإن كان محتملا فإن صدقنه فذاك وإن كذبته فدعواها باطلة لأن مقتضى قولها بطلان النكاح من أصله
وقال الروياني في البحر للخصي والمجبوب نكاح الأمة عند خوف الوقوع في الفعل المأثوم به لأن العنت المشقة

فرع القادر على شراء أمة يتسراها لا يحل له نكاح أمة على

ولو كان في ملكه أمة لم ينكح أمة قطعا وطرد الحناطي الخلاف فيه فعلى المذهب لو كانت الأمة التي يملكها غير مباحة فإن وفت قيمتها بمهر حرة أو ثمن أمة يتسراها لم ينكح الأمة وإلا فينكحها

الشرط الرابع كون الأمة المنكوحة مسلمة ولا يشترط كونها لمسلم على الأصح ويجوز للحر الكتابي نكاح الأمة الكتابية على الأصح ويقال الأظهر ولا يجوز نكاحها للعبد المسلم على المشهور
وأما نكاح العبد المسلم الأمة المسلمة فسيأتي إن شاء الله تعالى في باب ( نكاح ) المشرك
والعبد الكتابي ينكح الأمة الكتابية إن نكحها الحر الكتابي وإلا فوجهان
أصحهما الجواز
قلت ونكاح الحر المجوسي والوثني الأمة المجوسية والوثنية كالكتابي الأمة الكتابية
والله أعلم

فرع للحر المسلم وطء أمته الكتابية دون المجوسية والوثنية كالنكاح

فصل من استجمع شروط نكاح الأمة ليس له نكاح أمة صغيرة لا
الأصح لأنه لا يأمن بها العنت
ومن بعضها رقيق كالرقيقة لا ينكحها حر إلا بالشروط
ولو قدر على نكاحها فهل يباح له نكاح الرقيقة المحضة فيه تردد للإمام لأن إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله
وحكي عن بعض الأصحاب أن من بعضه رقيق كالرقيق فينكح الأمة مع القدرة على الحرة لأنه كالرقيق في الولاية والنظر

فصل ولد الأمة المنكوحة رقيق
لمالكها سواء كان زوجها الحر عربيا أو غيره وفي القديم قول أن العرب لا يجري عليهم الرق فيكون ولد العربي حرا وهل على الزوج قيمته كالمغرور أم لا شىء عليه لأن السيد رضي حين زوجها عربيا فيه قولان
فرع في فتاوى القاضي حسين أنه لو زوج أمته بواجد طول حرة
فالأولاد أرقاء لأن شبهة النكاح كالنكاح الصحيح
فصل نكح الحر أمة بشروطه ثم أيسر أو نكح حرة لا ينفسخ

وقال المزني ينفسخ
فصل جمع حر حرة وأمة في عقد فإن كان ممن لا يحل
الأمة باطل ونكاح الحرة صحيح على الأظهر
وإن كان ممن يحل له نكاح الأمة بأن وجد حرة تسمح بمهر مؤجل أو بلا مهر أو بدون مهر المثل أو حرة

كتابية وقلنا إن هذه المعاني لا تمنع نكاح الأمة بطل نكاح الأمة قطعا لإستغنائه عنه
وفي الحرة طريقان
أظهرهما عند الإمام وبه قال صاحب التلخيص أنه على القولين
وقال ابن الحداد وأبو زيد وآخرون يبطل قطعا لأنه جمع بين إمرأتين يجوز إفراد كل منهما ولا يجوز الجمع فأشبه الأختين ومن قال بالأول فرق بأن الأختين ليس فيهما أقوى ( والحرة أقوى )
ولو جمع بين مسلمة ووثنية أو أجنبية ومحرم أو خلية ومعتدة أو مزوجة فهو كالجمع بين الحرة والأمة لمن لا تحل له الأمة
وإذا صححنا نكاح من تحل ( له ) فقد سبق في تفريق الصفقة قول أنها تستحق جميع المسمى وأن المذهب أنها لا تستحق جميعه بل تستحق مهر المثل في قول وما يخص مهر مثلها من المسمى إذا وزع على مهر مثلها ومهر مثل الأخرى في قول
فإن قلنا تستحق جميع المسمى فللزوج الخيار في فسخ الصداق والرجوع إلى مهر المثل كما ذكرنا في باب التفريق
وإن قلنا تستحق مهر المثل فلا فسخ إذ لا فائدة ( فيه ) فإنه لو فسخ لرجع إليه
وإن قلنا تستحق حصة مهر المثل من المسمى قال الشيخ أبو علي إن كان المسمى مما يمكن قسمته كالحبوب فلا خيار
وإن كان مما لا يمكن كالعبد فله الخيار لتضرره بالتشقيص
فإن فسخ فعليه مهر المثل
واعلم أن الجميع بين من يحل ومن لا يحل يتصور بأن يكون المزوج وليهما بأن زوج أمته وبنته أو كان وكيلا لوليين أو ولي إحداهما ووكيلا في الأخرى
وموضع الخلاف إذا قال زوجتك هذه وهذه بكذا فقال قبلت نكاحهما بكذا
فأما إذا قال زوجتك بنتي هذه وزوجتك أمتي هذه فقال قبلت نكاح بنتك وقبلت نكاح أمتك أو اقتصر على قبول نكاح البنت فنكاح البنت صحيح بلا خلاف ولو فصل المزوج وقال الزوج قبلت نكاحهما أو جمع المزوج وفصل الزوج فهل هو كما لو فصلا جميعا أو كما جمعا جميعا وجهان
أصحهما الأول
ولو جمع بين أختين وأمة وهو ممن يحل له

نكاح الأمة فنكاح الأختين باطل وفي الأمة الخلاف
ولو قال زوجتك بنتي وبعتك هذا الزق من الخمر بكذا فقبلهما أو زوجتك بنتي وابني أو فرسي أو وهذا الزق صح نكاح البنت على المذهب لأن المضموم لا يقبل النكاح فلغا
وقيل بطرد القولين
فإن صححنا فلها مهر المثل إن قلنا فيمن جمع بين محللة ومحرمة للمحللة مهر المثل
وإن قلنا هناك لها حصة مهر المثل من المسمى فقال البغوي يجب لها هنا جميع المسمى لتعذر التوزيع
قلت ولو تزوج أمتين في عقد بطل نكاحهما قطعا كالأختين
وجميع ما ذكرناه في نكاح أمة غيره أردنا به غير أمة ولده وأما أمة ولده ففيها خلاف وتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في الباب العاشر
والله أعلم
الجنس الرابع من الموانع الكفرة
الكفار ثلاثة أصناف
أحدها الكتابيون فيجوز للمسلم مناكحتهم سواء كانت الكتابية ذمية أو حربية لكن تكره الحربية وكذا الذمية على الصحيح لكن أخف من كراهة الحربية
والمراد بالكتابيين اليهود والنصارى
فجما المتمسكون بكتب سائر الأنبياء الأولين كصحف شيث وإدريس وإبرهيم وزبور داود صلوات الله وسلامه عليهم فلا تحل مناكحتهم على الصحيح
الصنف الثاني من لا كتاب له ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان والشمس والنجوم والمعطلة والزنادقة والباطنية والمعتقدين مذهب الإباحة وكل مذهب كفر معتقده فلا تحل مناكحتهم
الصنف الثالث من لا كتاب لهم مكن لهم شبهة كتاب وهم المجوس
وهل كان لهم كتاب فيه قولان
أشبههما نعم وعلى القولين لا تحل مناكحتهم

لأنه لا كتاب بأيديهم ولا نتيقنه من قبل فنحتاط
وقال أبو إسحق وأبو عبيد ابن حربويه يحل إن قلنا كان لهم كتاب وهذا ضعيف عند الأصحاب

فرع الكتابية كالمسلمة في النفقة والقسم والطلاق وعامة أحكام النكاح لكن
ولم نصحح نيتها
وإذا طهرت عن حيض أو نفاس ألزمها الزوج الإغتسال
فإن امتنعت أجبرناها عليه واستباحها وإن لم تنو للضرورة كما تجبر المسلمة المجنونة
وعن الحليمي تخريجا على الإجبار على الغسل أن للسيد إجبار أمته المجوسية والوثنية على الإسلام لأن حل الإستمتاع يتوقف عليه
والصحيح خلافه لأن الرق أفادها الأمان من القتل فلا تجبر كالمستأمنة وليس كالغسل فإنه لا يعظم الأمر فيه
واختلف نص الشافعي رضي الله عنه في إجبار زوجته الكتابية على غسل الجنابة
وقال الجمهور في إجبارها قولان
وقيل الإجبار إذا طالت المدة وكانت النفس تعافها وعدمه في غير هذا الحال
وأما المسلمة فهي مجبرة على الغسل من الجنابة كذا أطلقه البغوي
قلت ليس هو على إطلاقه بل هو فيما إذا طال بحيث حضر وقت صلاة فأما إذا لم تحضر صلاة ففي إجبارها القولان وهما مشهوران حتى في التنبيه
والأظهر من القولين الإجبار
والله أعلم
وتجبر المسلمة أو الكتابية على التنظف بالإستحداد وقلم الأظفار وإزالة شعر الإبط والأوساخ إذا تفاحش شىء من ذلك بحيث نفر التواق فإن كان لا يمنع

أصل الإستمتاع لكن يمنع كماله فقولان كغسل الجنابة ويجريان في منع الكتابية أكل الخنزير للإستقذار وفي كل ما يمنع كمال الإستمتاع
والأظهر أن للزوج المنع منه
وله المنع من أكل ما يتأذى من رائحته كالثوم والكراث على الأظهر
وقيل قطعا وله المنع من شرب ما تسكر به
وفي القدر الذي لا يسكر القولان ويجريان في منع المسلمة من هذا القدر من النبيذ إذا كانت تعتقد إباحته
وقيل بمنعهما قطعا لأن ذلك القدر لا ينضبط ويختلف باختلاف الأشخاص
ومتى تنجس فمها أو عضو آخر فله اجبارها على غسله بلا خلاف ليمكنه الإستمتاع به وله منعها من لبس جلد الميتة قبل دباغه ولبس ما له رائحة كريهة
ويمنع الكتابية من البيع والكنائس كما يمنع المسلمة من الجماعات والمساجد

فصل في صفة الكتابية التي ينكحها المسلم وهي ضربان إسرائيلية وغيرها
الضرب الأول التي ليست من بني إسرائيل ولها أحوال
أحدها أن تكون من قوم يعلم دخولهم في ذلك الدين قبل تحريفه ونسخه فيحل نكاحها على الأظهر
وقيل قطعا وهؤلاء يقرون بالجزية قطعا
وفي حل ذبائحهم الخلاف كالمناكحة
الحال الثاني أن يكون ممن يعلم دخولهم بعد التحريف وقبل النسخ
فإن تمسكوا بالحق منه وتجنبوا المحرف منه فكالحال الأول
وإن دخلوا في المحرف لم تحل مناكحتهم على المذهب ويقرون بالجزية على الأصح كالمجوس وأولى للشبهة
( الحال ) الثالث أن تكون ممن يعلم دخولهم بعد التحريف والنسخ فلا تحل مناكحتهم

قطعا
فالذين تهودوا أو تنصروا بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم لا يناكحون
وفي المتهودين بين نبينا وبين عيسى عليهما السلام وجهان
أصحهما المنع ومن جوز كأنه يزعم أنا لا نعلم كيفية نسخ شريعة عيسى لشريعة موسى صلى الله عليهما وسلم وهل نسخت كلها أو بعضها وهؤلاء لا يقرون بالجزية
الرابع أن تكون من قوم لا يعلم متى دخلوا فلا تحل مناكحتهم ويقرون بالجزية وبذلك حكمت الصحابة رضي الله أنهم في نصارى العرب
هكذا أطلقه عامة الأصحاب من المتقدمين والمتأخرين وفيه شىء لا بد من معرفته وسنذكره في الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى
الضرب الثاني الكتابية الإسرائيلية
والذي ذكره الأصحاب في طرقهم جواز نكاحها على الإطلاق من غير نظر إلى آبائها أدخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أم بعده وليس كذلك لأن ليس كل إسرائيلية يلزم دخول آبائها قبل التحريف وإن أشعر به كلام جماعة من الأئمة وذلك أن إسرائيل هو يعقوب صلى الله عليه وسلم وبينه وبين نزول التوراة زمان طويل ولسنا نعلم أدخل كل بني إسرائيل على كثرتهم في زمان موسى صلى الله عليه وسلم أم بعده قبل التحريف بل في القصص ما يدل على استمرار بعضهم على عبادة الأوثان والأديان الفاسدة وبتقدير إستمرار هذا في اليهود فلا يستمر في النصارى لأن بني إسرائيل بعد بعثة عيسى صلى الله عليه وسلم منهم من آمن به ومنهم من صد عنه فأصر على دين موسى
ثم من المصرين من تنصر على تعاقب الزمان قبل التحريف وبعده ولكن كأن الأصحاب اكتفوا بشرف النسب وجعلوه حابرا لنقص دخول الآباء في الدين بعد التحريف حتى فارق حكمهن حكم غير الإسرائيليات إذا دخل آباؤهن بعد التحريف
وأما الدخول فيه بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم فلا تفارق فيه الإسرائيلية غيرها كما سنوضحه إن شاء الله تعالى

وكلام الغزالي يقتضي النظر إلى حال الآباء في الإسرائيليات أيضا حتى يكون نكاح الإسرائيلية التي دخل أول آبائها في ذلك الدين بعد التحريف على قولين كغير الإسرائيلية التي دخل آباؤها فيه قبل التحريف لكن كلام الأصحاب يخالفه فاعرفه وانظر كيف يمكنك تنزيل كلامه على منقول الأصحاب

فرع الصابئون طائفة تعد من النصارى والسامرة طائفة تعد من اليهود
فإن كانوا يخالفون اليهود والنصارى في أصل دينهم ولا يتأولون نص كتابهم لم يناكحوا كالمجوس
وإن خالفوهم في الفروع دون الأصول وتأولوا نصوص كتابهم جازت مناكحتهم
هذا هو المذهب وهو نصه في المختصر وقطع به الجمهور
قال الشيخ أبو علي وأطلق بعض الأصحاب قولين في مناكحتهم
قال الإمام لا مجال للخلاف فيمن تكفرهم اليهود والنصارى ويخرجونهم عنهم لكن يمكن الخلاف فيمن جعلوه كالمبتدع فينا
وإذا شككنا في جماعة أيخالفونهم في الأصول أم الفروع لم نناكحهم
والصابئون فيما نقل فرقتان فرقة توافق النصارى في أصول الدين وفرقة تخالفهم وهم الذين أفتى الإصطخري بقتلهم
فصل في الإنتقال من دين إلى دين هو ثلاثة أقسام

القسم الأول من دين باطل إلى دين باطل وهو ثلاثة أضرب

أحدها الإنتقال من دين يقر أهله عليه إلى ما يقر أهله عليه كتهود نصراني وعكسه فهل يقر على ما انتقل إليه بالجزية أم لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي انتقل منه فيه ثلاثة أقوال
أظهرها الأول ثم الثاني
قلت الأصح لا يقبل منه إلا الإسلام
والله أعلم
فعلى الأول تحل ذبيحته
وإن كانت إمرأة حل للمسلم نكاحها
وإن كانت منكوحة مسلم استمر نكاحه
وإن قلنا لا يقر لم تحل ذبيحته ولا نكاحها
وإذا انتقلت منكوحة مسلم فكردة المسلمة فتتنجز الفرقة قبل الدخول وتقف على انقضاء العدة بعده
وإذا قلنا بالقول الثاني والثالث وامتنع من الإسلام أو منه ومن الدين الذي انتقل منه فقولان
أحدهما يقتل كالمرتد وأشبههما يلحق بمأمنه كمن نبذ العهد
ثم هو حرب لنا إن ظفرنا به قتلناه
ولو تمجس يهودي أو نصراني ففي تقريره وعدمه وما يقبل منه الأقوال
وقيل يمنع التقرير قطعا لكونه دون دينه الأول فإن لم نقره وأبي الرجوع ففي القتل والالحاق بالمأمن القولان وعلى كل حال لا تحل ذبيحته ولا نكاحها وإن كانت منكوحة مسلم تنجزت الفرقة إن كان قبل الدخول وإلا فإن أسلمت قبل انقضاء العدة أو عادت إلى دينها وقنعنا به دام النكاح وإلا بان حصول الفرقة من وقت الانتقال ولو تمجست كتابية تحت كتابي فإن كانوا لا يجوزون نكاح المجوس فكتمجسها تحت مسلم وإلا فنقرهما إذا أسلما ولو تهود أو تنصر مجوسي ففي التقرير الأقوال فإن منعناه فالتفريع كما سبق ولا تحل ذبيحت ونكاحها بحال لأن الانتقال من باطل الى باطل لا يفيد فضيلة
الضرب الثاني انتقال مما يقر عليه الى ما لا يقر كتوثن يهودي أو نصراني

فلا يقر قطعا وهل يقنع بعوده الى ما انتقل منه أو دين يقر أهله عليه أم لا يقبل إلا الاسلام أو ما انتقل منه أم لا يقبل إلا الإسلام فيه ثلاثة أقوال وإن كان هذا الانتقال من كتابية تحت مسلم انفسخ نكاحها إن لم يدخل وإن دخل فعادت الى ما يقبل قبل انقضاء العدة استمر نكاحها وإلا تبين الفراق من وقت الانتقال ولو توثن مجوسي لم يقر وفيما يقنع به الأقوال الضرب الثالث عكس الثاني كتهود وثني وتنصره وتمجسه فلا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام قطعا كالمرتد لأنه كان لا يقر فلا يستفيده بباطل
وإذا تأملت حكم هذه الأضرب علمت أن الإنتقال من دين باطل إلى باطل يبطل الفضيلة التي كانت في الأول ولا يفيد فضيلة لم تكن في الأول ولكن تبقى الفضيلة التي يشترك فيها الدينان إن قلنا بالتقرير
وعلمت أن كلامهم المطلق في الفصل السابق أن من دخل في التهود والتنصر بعد النسخ والتبديل لا يناكح ولا يقر بالجزية غير مستمر على إطلاقه لأن من تهود أو تنصر اليوم فقد دخل في ذلك الدين بعد النسخ والتبديل وقد بينا الخلاف في مناكحته وتقريره بالجزية إذا كان الدخول من دين يقر أهله عليه فإذا إطلاقهم هناك وجزمهم بالمنع محمول على ما إذا كان الدخول فيه من دين لا يقر أهله كالوثنية وهذا هو البيان الذي سبق الوعد به

فرع إذا قبلنا رجوعه إلى غير الإسلام في هذه الصورة لا نقول
أسلم أو عد إلى ما كنت عليه بل نأمره بالإسلام لكن نتركه إذا عاد إلى غيره
القسم الثاني الإنتقال من دين حق إلى باطل وهو ردة المسلم والعياذ بالله فلا يقبل منه إلا الإسلام فإن أبى قتل كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى

ولا يحل نكاح المرتد لأحد
وإذا ارتد الزوجان أوأحدهما قبل الدخول تنجزت الفرقة وبعده نقف على العدة
فإن جمعهما الإسلام قبل انقضائها استمر النكاح وإلا بان حصول الفرقة من وقت الردة
وفي مدة التوقف لا يحل الوطء فلو وطىء فلا حد وتجب العدة وهما عدتان من شخص فهو كوطء مطلقته في عدته واجتماعهما في الإسلام هنا كرجعته هناك فيستمر النكاح إذا جمعهما الإسلام في الحالات التي يحكم فيها بثبوت الرجعة هناك
ولو طلقها في مدة التوقف أو ظاهر منها أو آلى توقفنا
فإن جمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة تبينا صحتها وإلا فلا
وليس للزوج إذا ارتدت أن ينكح أختها في مدة التوقف ولا أربعا سواها ولا أن ينكح أمة
فإن طلقها ثلاثا في مدة التوقف أو خالعها جاز له ذلك لأنها إن لم تعد إلى الإسلام فقد بانت بنفس الردة وإلا فبالطلاق ( أو الخلع )
القسم الثالث الإنتقال من دين باطل إلى حق وهو باب نكاح المشرك الآتي إن شاء الله تعالى

فرع من أحد أبويه كتابي والآخر وثني يقر بالجزية على المذهب
وأما مناكحته ومناكحة من أحد أبويه مجوسي والآخر يهودي أو نصراني أو ذبيحته فإن كانت الأم هي الكتابية لم يحل قطعا وكذا إن كان هو الأب على الأظهر هذا في صغر المتولد منهما
فأما إذا بلغ وتدين بدين الكتابي منهما فقال الشافعي رضي الله عنه تحل مناكحته وذبيحته
فمن الأصحاب من أثبت هذا قولا ومنهم من قال لا أثر لبلوغه وحمل النص على ما إذا كان أحد أبويه يهوديا والآخر نصرانيا فبلغ واختار دين أحدهما
ولو تولد بين يهودي ومجوسية فبلغ واختار التمجس

فعن القفال أنه يمكن منه ويجري عليه حكم المجوس
وقال الإمام لا يمتنع أن يقال إذا أثبتنا له حكم اليهود في الذبيحة والمناكحة أن نمنعه من التمجس إذا منعنا انتقال الكافر من دين إلى دين

الباب السابع في نكاح المشرك
فيه أربعة أطراف
الطرف الأول فيما يقر عليه الكافر من الأنكحة الجارية في الكفر إذا أسلم
فإذا أسلم وتحته أربع كتابيات أو أقل استمر نكاحهن لأنه يجوز ابتداؤه في الإسلام وسواء في ذلك اليهودي والمجوسي والوثني والحربي والذمي
وإن أسلم وتحته مجوسية أو وثنية أو غيرهما ممن لا يجوز نكاحها من الكافرات وتخلفت هي فإن كان قبل المسيس تنجزت الفرقة
وإن كان بعده وأسلمت قبل انقضاء العدة استمر النكاح وإلا تبينا حصول الفرقة من وقت إسلام الزوج
وإن أسلمت المرأة وأصر الزوج على كفره أي كفر كان فالحكم كما لو أسلم وأصرت على التوثن
وإن أسلما معا بقيا على النكاح
سواء فيه جميع أنواع الكفر وقبل المسيس وبعده والإعتبار في الترتيب والمعية بآخر كلمة الإسلام لا بأولها
ولو نكح كافر لإبنه الصغير صغيرة فإسلام الأبوين أو أحدهما قبل بلوغهما كإسلام الزوجين أو أحدهما
ولو نكح لطفله بالغة وأسلم أبو الطفل والمرأة معا قال البغوي يبطل النكاح لأن إسلام الولد يحصل عقب إسلام الأب فيقدم إسلامهما على إسلام الزوج لكن ترتب إسلام الولد على إسلام الأب

لا يقتضي تقدما وتأخرا بالزمان فلا يظهر تقدم إسلامها على إسلإم الزوج قال وإن أسلمت عقب إسلام الأب بطل النكاح أيضا لأن إسلام الولد يحصل حكما وإسلامها يحصل بالقول والحكمي يكون سابقا للقولي فلا يتحقق إسلامهما معا

فرع حيث توقفنا في النكاح وانتظرنا الحال إلى انقضاء العدة فطلق

فإن اجتمعا على الإسلام في العدة تبقنا وقوعه
ويعتد من وقت الطلاق وإلا فلا طلاق
وقيل في الطلاق قولا وقف العقود
ففي قول لا يقع وإن اجتمعا في الإسلام قبل انقضاء العدة
وطردا فيما إذا أعتق عبد أبيه على ظن حياته فبان ميتا كما لو باعه على ظن حياته فبان ميتا
والمذهب الأول لأن الطلاق والعتق يقبلان صريح التعليق فقبولهما تقدير التعليق أولى وكذا يتوقف في الظهار والإيلاء
ولو قذفها ولم يجتمعا على إسلام في العدة لم يلاعن ويعزر إن كانت هي المتخلفة ويحد إن كان هو المتخلف
وإن اجتمعا على الإسلام فله أن يلاعن لدفع الحد أو التعزير
ولو سبق الزوج إلى الإسلام والزوجة وثنية فنكح في زمن التوقف أختها المسلمة أو أربعا سواها لم يصح
وكذا لو طلقها رجعية في الشرك ثم أسلم ونكح في العدة أختها المسلمة أو أربعا سواها لأن زوال نكاحها غير متيقن فلا ينكح من لا يجوز الجمع بينها وبينها
وقال المزني يتوقف فيمن نكحها
فإن أسلمت المتخلفة قبل انقضاء العدة بان بطلان نكاح الثانية وإلا بان صحته
وذكر بعض الأصحاب أنه على قولي وقف العقود
فعلى قول هو كما قال المزني
والمذهب هو الأول وهو المنصوص وبه قطع الجماهير

ولو أسلمت المرأة أولا ونكح في تخلفه أختها الكافرة ثم أسلم مع الثانية فإن كان بعد انقضاء عدة السابقة أقرت الثانية تحته
وإن أسلم قبل انقضاء عدتها فله أن يختار من شاء منهما كما لو أسلم وتحته أختان أسلمتا معه وليس كالصورة السابقة فإنه هناك مسلم عند نكاح الثانية فلا ينكح الأخت على الأخت وهنا وقع النكاحان في الشرك

فصل ما ذكرناه أولا كلام جملي في مواضع استمرار النكاح بعد الإسلام
وعدم استمراره
والمقصود الآن بيان شرط الإستمرار
فإن لم يقترن شىء من مفسدات النكاح بالعقد الجاري في الشرك ولا بحالة عروض الإسلام فهو مقرر عليه
فإن كانوا يعتقدون فساد شىء من ذلك لم نبال باعتقادهم وأدمنا ما هو صحيح عندنا
وإن اقترن به مفسد نظر إن كان زائلا عند الإسلام وكانت بحيث يجوز نكاحها حينئذ ابتداء استمر عليه إلا إذا اعتقدوا فساده وانقطاعه
وإن كان المفسد باقيا وقت الإسلام بحيث لا يجوز ابتداء نكاحها فلا تقرير بل يندفع النكاح ويتخرج على هذا الضابط مسائل
إحداها عقدا بغير ولي وشهود أو أجبر البكر غير الأب والجد أو أجبرت الثيب أو راجع في القرء الرابع وهم يعتقدون امتداد الرجعة إليه فيقر عليه إذ لا مفسد عند الإسلام ونكاحها الآن جائز
ولو نكح أمه أو بنته أو زوجة أبيه أو ابنه أو مطلقته ثلاثا قبل التحليل اندفع النكاح عند الإسلام لأنه لا يجوز ابتداؤه

( المسألة ) الثانية ( نكح ) معتدة غيره فإن كانت العدة باقية عند الإسلا اندفع النكاح وإلا استمر
وخص صاحب الرقم هذا التفصيل بعدة النكاح قال وفي عدة الشبهة يقران وإن كانت المدة باقية لأن الإسلام لا يمنع دوام النكاح مع عدة الشبهة ولم يتعرض الجمهور لهذا الفرق وأطلقوا اعتبار التقرير بالإبتداء
ولو كان نكحها بشرط الخيار لهما أو لأحدهما مدة مقدرة فإن كانت المدة باقية عند الإسلام اندفع النكاح وإلا استمر كالعدة وسواء قارن بقية العدة أم مدة الخيار إسلامهما أو إسلام أحدهما حتى لو أسلم أحدهما والعدة أو المدة باقية ثم أسلم الآخر وقد انقضت فلا تقرير كذا قاله الصيدلاني والإمام والغزالي والبغوي لأن المفسد لاقى إسلام أحدهما فغلب الفساد
وعن القاضي حسين أن المؤثر اقترانه بإسلامهما فإن اقترن بإسلام أحدهما فقط لم يندفع النكاح لأن وقت الإمساك والإختيار هو حال اجتماعهما مسلمين والأول أصح
المسألة الثالثة النكاح المؤقت إن اعتقدوه مؤبدا أقروا عليه
وإن اعتقدوه مؤقتا لم يقروا سواء أسلما بعد تمام المدة أو قبلها لأن بعد المدة لا نكاح في اعتقادهم وقبلها يعتقدونه مؤقتا ومثله لا يجوز ابتداؤه
المسأل الرابعة غصب حربي أو مستأمن إمرأة واتخذها زوجة وهم يعتقدون غصبها نكاحا قال القفال لا يقر إذ لا عقد
والصحيح التقرير إذ ليس فيه إلا إقامة الفعل مقام القول فأشبه سائر وجوه الفساد
ولو غصب ذمي ذمية لم يقر لأن على الإمام دفع قهر بعضهم بعضا بخلاف الحربي والمستأمن

فرع إذا أسلما لم يبحث عن شرط نكاحهما في الإبتداء لأنه أسلم
فلم

يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شروط أنكحتهم وأقرهم عليها
وأما في حال الإسلام فالوجه الإحتياط

فصل قد سبق بيان ما إذا لم يقترن بالعقد الجاري في الشرك
مفسد وما إذا اقترن بالعقد مفسد وهذا الفصل لقسم ثالث وهو أن لا يقترن بالعقد لكن يطرأ مفسد ويقترن بالإسلام وفيه مسائل بناها جماعة على أن الإختيار والإمساك كابتداء العقد أم كاستدامته قالوا وفيه قولان مستنبطان
أظهرهما عند الأصحاب الأول
إحدى المسائل إذا أسلم ووطئت زوجته بشبهة ثم أسلمت أو أسلمت ثم وطئت بشبهة ثم أسلم قبل انقضاء العدة استمر نكاحهما على المذهب والمنصوص وإن كان لا يجوز ابتداء نكاح المعتدة لأن عدة الشبهة لا تقطع نكاح المسلم فذا أولى
المسألة الثانية أسلم وأحرم ثم أسلمت في العدة فعن النص جواز إمساكها في الإحرام وكذا لو أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة ثم أسلمن وهو محرم له اختيار ( أربع ) منهن وللأصحاب طريقان
أحدهما القطع بالمنع كما لو أسلم وتحته أمة وهو موسر لا يجوز إمساكها وهؤلاء حملوا النص على ما إذا أسلما معا ثم أحرم الزوج فله الاختيار لأنه ثبت قبل الإحرام
وممن روي عنه هذا التأويل الأنماطي وابن سلمة
وعن القفال إنكار هذا النص وقال تفحصت كتب الشافعي فلم أجده
والطريق الثاني وهو الصحيح أن المسألة على قولين
أحدهما المنع

وأظهرهما ومختار أكثر الأصحاب الأخذ بظاهر النص لأن عروض الإحرام لا يؤثر كما في نكاح المسلم ولأن الإمساك استدامة فأشبه الرجعة
المسألة الثالثة نكح في الكفر حرة وأمة ثم أسلم وأسلمتا معه فالمذهب أن الحرة تتعين للنكاح ويندفع نكاح الأمة
وسواء نكحهما معا أو مرتبا وتندفع الأمة أيضا باليسار المقارن للإسلام
وقيل في اندفاعها في الصورتين قولان بناء على الأصل المذكور
والحاصل للفتوى أنه متى أسلم وتحته أمة وأسلمت معه أو جمعهما الإسلام في العدة فإن كان يحل له نكاح الأمة أمسكها وإن لم يحل ليسار أو أمن العنت اندفع نكاحها
المسألة الرابعة أسلمت بعد الدخول وارتدت فإن لم يسلم الزوج حتى انقضت العدة بانت باختلاف الدين أولا وتكون العدة من يومئذ
وإن أسلم قبل انقضائها سقط حكم تلك العدة من يومئذ ونتوقف
فإن عادت إلى الإسلام قبل انقضاء العدة من وقت ردتها استمر النكاح وإلا انقطع من يوم الردة وكذا لو أسلم الزوج بعد الدخول وارتد إن لم تسلم المرأة إلى انقضاء العدة من وقت إسلامه بانت وإن أسلمت توقفنا فإن عاد الزوج إلى الإسلام قبل انقضاء العدة من وقت ردته استمر النكاح وإلا حصلت الفرقة من يومئذ
قال الإمام وحكى القفال عن النص أنه يندفع النكاح في إسلام أحد الزوجين وارتداده ولا يتوقف والمشهور التوقف
وعلى هذا قال البغوي وغيره الردة يفترق فيها حكم الإبتداء والإستدامة لأن ابتداء نكاح المرتد باطل غير منعقد على التوقف وفي الدوام توقفنا فالتحقت الردة بالعدة للشبهة والإحرام
وإنما قيل بالتوقف في الردة ولم نجوز الإختيار فيها بخلاف الإحرام والعدة لأن منافاة الردة للنكاح أشد فإنها تقطعه بخلافهما ولهذا لا تجوز الرجعة في الردة وتجوز في الإحرام على الأصح
ولو أسلم وتحته أكثر من أربع وارتد ثم أسلمت

النسوة في العدة أو أسلم وأسلمن معه ثم ارتد قبل الإختيار لم يجز أن يختار أربعا منهن في الردة
فإن عاد إلى الإسلام في العدة فله الإختيار حينئذ

فرع قد بان بما ذكرنا أن القاطع للنكاح عند الإسلام منه ما
موجودا عند العقد واستمر كالعدة ومنه ما يطرأ كما لو نكح حرة على أمة ثم أسلم أو نكح أمة ثم أيسر وأسلم موسرا
ثم هل يشترط في الإنقطاع أن يقارن المفسد إسلامهما أو يكفي اقترانه بإسلام أحدهما فيه خلاف سبق
أما القسم الأول فالأصح الإكتفاء
وأما الثاني فقد ذكرنا أن المذهب أنه إذا أسلم ومعه حرة وأمة اندفعت الأمة وكذا لو أسلمت الحرة المدخول بها معه أو بعده قبل انقضاء العدة ثم أسلمت الأمة
ولو أصرت الأمة حتى انقضت العدة اندفعت باختلاف الدين
ولو ماتت الحرة بعد إسلامها أو ارتدت ثم أسلمت الأمة اندفعت الأمة أيضا وكفى اقتران إسلام الحرة بإسلامه
ولو أسلم وتحته أمة وهو موسر ثم تلف ماله وأسلمت وهو معسر فله إمساكها وإنما يؤثر اليسار في الدفع إذا قارن إسلامهما جميعا
وقيل يكفي اقتران اليسار بإسلامه حكي هذا عن أبي يحيى البلخي قال وعكسه لو أسلم معسرا ثم أسلمت وهو موسر فله إمساكها نظرا إلى وقت إسلامه
وعن ابن خيران في اليسار الزائل قولان
وعن القاضي أبي حامد أن في صورة الحرة والأمة له إمساك الأمة فحصل خلاف في الصورتين
والمذهب في صورة الحرة والأمة اندفاع الأمة وإن ماتت الحرة
وفي صورة زوال اليسار عدم اندفاعها واعتبار اقترانه بإسلامهما لأن وقت الإجتماع هو وقت جواز نكاح الأمة

فصل في الأنكحة الجارية
في الشرك ثلاثة أوجه كذا نقلها الأكثرون وسماها الغزالي أقوالا والصحيح أنها محكوم بصحتها قال الله تعالى { وامرأته حمالة الحطب } { وقالت امرأة فرعون } ولأنهم لو ترافعوا إلينا لم نبطله قطعا ولم نفرق بينهم وإذا أسلموا أقررناهم والفاسد لا ينقلب صحيحا ولا يقرر عليه
والثاني أنها فاسدة لعدم مراعاتهم الشروط لكن لا نفرق لو ترافعوا رعاية للعهد والذمة ونقرهم بعد الإسلام تخفيفا
والثالث لا نحكم بصحة ولا فساد بل نتوقف إلى الإسلام فما قرر عليه بانت صحته وما لا ففساده
ومن الأصحاب من قطع بالصحة
وإذا ثبت الخلاف فهل هو مخصوص بالعقود التي يحكم بفساد مثلها في الإسلام أم يجري في كل عقودهم مقتضى كلام المتولي وغيره التخصيص
وقال الإمام من يحكم بفساد أنكحتهم يلزمه أن لا يفرق بين ما عقدوه بشروطنا وغيره
والمصير إلى بطلان نكاح يعقد على وفق الشرائع كلها مذهب لا يعتقده ذو حاصل
قلت الصواب التخصيص بل لم يصرح أحد بطرده في الجميع وليس في كلام الإمام إثبات نقل طرده وانما ألزمه إلزاما لهم الإنفصال عنه بأن الظاهر إخلالهم بالشروط فإن تصور علمنا باجتماعها حكمنا بالصحة قطعا
والله أعلم
ويبنى على الأصل المذكور مسألتان
إحداهما طلق كافر زوجته ثلاثا ثم أسلما
فإن قلنا بالصحيح وهو صحة

أنكحتهم لا تحل إلا بمحلل وهذا هو نصه في المختصر
وإن قلنا بالفساد فالطلاق في الفاسد لا يحوج إلى محلل فإذا قلنا بالصحيح فنكحت هذه المطلقة زوجا في الشرك ووطئها ثم طلقها ثم أسلمت فتزوجها الأول بعد إسلامه حلت وكذا يحصل التحليل للمسلم بنكاح ذمي أو حربي كتابية طلقها المسلم ثلاثا
المسألة الثانية التي يقرر نكاحها بعد الإسلام لها المهر المسمى إن كان صحيحا
فإن كان خمرا ونحوها فسيأتي حكم مهورهم الفاسدة إن شاء الله تعالى
ومن اندفع نكاحها بإسلام الزوج إن لم تكن مدخولا بها وصححنا أنكحتهم فلها نصف المسمى إن كان صحيحا
وإن كان فاسدا فنصف مهر المثل
وإن لم يسم شيئا وجب المتعة
ومن اندفعت بإسلامها فلا شىء لها على المشهور
وقيل قولان
ثانيهما وجوب نصف المهر لأنها محسنة بالإسلام فهي في معنى من ينسب الفراق إلى تخلفه
وإن أفسدنا أنكحتهم فلا مهر مطلقا لأن المهر لا يجب في الفاسد بلا دخول
وإن كانت مدخولا بها وصححنا أنكحتهم وجب المسمى إن كان صحيحا
وإن أفسدناها فمهر المثل
ثم عن القفال أن من صور الإندفاع من نكح محرما له ثم أسلم وجعل وجوب نصف المهر على الخلاف
ورأى الإمام القطع بأنه لا شىء للمحرم من المهر
قال ولا نقول انعقد العقد عليها ثم انفسخ بالإسلام وإنما ذلك في الأخت المفارقة من الأختين وفي الزائدات على أربع
والموافق لا طلاق غير الإمام موافقة القفال

فرع نكح مشرك أختين فطلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلم وأسلمتا قال الأصحاب
إن صححنا أنكحتهم نفذ الطلاق فيهما ولم ينكح واحدة منهما إلا بمحلل
وإن

أفسدناها فلا نكاح ولا طلاق ولا حاجة إلى محلل فيهما
وإن توقفنا فلو لم يكن طلاق لاختار إحداهما وبان بذلك صحة نكاحها وفساد نكاح الأخرى فإذا طلقهما أمر بالإختيار لينفذ الطلاق في المنكوحة ويحتاج إلى محلل لها دون الأخرى
ولو أسلم مع أختين ثم طلق كل واحدة ثلاثا فهنا يتخير قطعا لأنهم لما أسلموا اندفع نكاح واحدة وإنما ينفذ الطلاق في المنكوحة
ولو أسلم قبلهما أو أسلمتا قبله تخير قطعا لأنه والحالة هذه لا يمسك إلا إحداهما وينفسخ نكاح الأخرى من وقت إسلام من تقدم إسلامه منهم
ولو كان تحته أكثر من أربع فطلقهن ثلاثا ثلاثا ثم أسلموا فعلى الصحيح ينفذ الطلاق فيهن كلهن وعلى التوقف يختار أربعا فينفذ فيهن دون الباقيات
قال الشيخ أبو علي ولو كان عنده حرة وأمة فطلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلموا لم يجز له نكاح واحدة إلا بمحلل
ولو أسلموا ثم طلقهما ثلاثا ثلاثا وقع الثلاث على الحرة لأنها متعينة وتندفع الأمة ولا يحتاج فيها إلى محلل
وكذا لو أسلمتا ثم طلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلم أو أسلم فطلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلمتا لأن الإسلام لما جمع الجميع بان اندفاع الأمة من وقت إسلام من تقدم إسلامه منهم

فصل أصدق فاسدا كخمر أو خنزير ثم أسلما بعد قبضه فلا شىء

وإن أسلما قبل قبضه وجب مهر المثل
وفي قول لها مهر المثل وإن قبضته
وفي قول لا شىء وإن لم تقبض والمشهور الأول وهو الفرق
وسواء كان المسمى خمرا معينة أو في الذمة
ولو أصدقها حرا مسلما استرقوه ثم أسلما قبل قبضه

أو بعده لم نقره في يدها بل نبطل ما جرى ويجب مهر المثل
هكذا ذكروه وقياس ما سبق أن يخرج من يدها ولا ترجع بشىء كما تراق الخمرة المقبوضة
ولو قبضت بعض الفاسد ثم أسلما وجب من مهر المثل بقسط ما لم يقبض ولا يجوز تسليم الباقي من الفاسد
وطريق التقسيط أن ينظر فإن سميا جنسا واحدا وليس فيه تعدد كزق خمر قبضت نصفه ثم أسلما وجب نصف مهر المثل
وإن تعدد المسمى كزقي خمر قبضت أحدهما
فإن تساويا في القدر فكذلك وإلا فهل يعتبر الكيل أو الوزن أو العدد أوجه
أصحها الأول
وإن أصدقها خنزيرين فهل يعتبر العدد أم قيمتهما بتقدير ماليتهما وجهان
أصحها الثاني
وإن سميا جنسين فأكثر كزقي خمر وكلبين وثلاثة خنازير وقبضت إحدى الأجناس فهل ينظر إلى الأجناس فكل جنس بثلث أم إلى الأعداد فكل فرد سبع أم إلى القيمة بتقدير المالية أوجه
أصحهما الثالث
وحيث اعتبرنا تقويمها فهل طريقه أن تقدر الخمر خلا والكلب شاة والخنزير بقرة أم الكلب فهدا لاشتراكهما في الإصطياد والخنزير حيوانا يقاربه في الصورة والفائدة أم تعتبر قيمتها عند من يجعل لها قيمة كتقدير الحر عبدا في الحكومة فيه أوجه
أصحها الثالث
ولو ترابى كافران فباعه أو أقرضه درهما بدرهمين ثم أسلما أو ترافعا إلينا قبله فإن جرى تقابض لم نتعرض لما جرى ولم يلزم الرد وإن لم يجر أبطلناه
وإن كان بعد قبض الدرهمين سألنا المؤدي أقصد أداءه عن الربح أم عن رأس المال وقد ذكرنا تفصيله في أواخر كتاب الرهن
وجميع ما ذكرناه هو إذا تقابضا بتراض فإن أجبرهم قاضيهم على القبض في الربا والصداق وثمن خمر تبايعوها ثم أسلموا لم نوجب الرد على المذهب فالإسلام يجب ما قبله
وإن ترافعوا إلينا في كفرهم فكذلك على الأظهر ويقال الأصح

فرع نكحها مفوضة ويعتقدون أن لا مهر للمفوضة بحال ثم أسلم
وإن كان إسلامهما قبل الدخول لأنه استحق وطءا بلا مهر
فصل إذا ترافع إلينا ذميان في نكاح أو غيره إن كانا متفقي
وجب الحكم بينهما على الأظهر عند الأكثرين لقول الله تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } ولأنه يجب الذب عنهم كالمسلمين
والثاني لا يجب لكن لا نتركهم على النزاع بل نحكم أو نردهم إلى حاكم ملتهم ورجحه الشيخ أبو حامد وابن الصباغ
وقيل يجب الحكم بينهم في حقوق الله تعالى والقولان في غيرها لئلا حضيع وقيل عكسه والأصح طردهما في الجميع
وإن كانا مختلفي الملة كيهودي ونصراني وجب الحكم على المذهب لأن كلا لا يرضى بملة صاحبه
وقيل بالقولين
ولو ترافع معاهدان لم يجب الحكم قطعا وإن اختلف ملتهما لأنهم لم يلتزموا حكمنا ولم نلتزم دفع بعضهم عن بعض
وقيل هما كالذميين
وقيل إن اختلف ملتهما وجب والمذهب الأول
ولو ترافع ذمي ومعاهد فكالذميين
وقيل يجب قطعا
وإن ترافع مسلم وذمي أو معاهد وجب قطعا
فرع قال الأصحاب على اختلاف طبقاتهم إن قلنا وجب الحكم بين الكافرين

فاستعدى خصم على خصم وجب إعداؤه وإحضار خصمه ليحكم بينهما ولزم المستعدى عليه الحضور
وإن قلنا لا يجب الحكم لم يجب الأعداء ولا يلزمه الحضور ولا يحضر قهرا
قال البغوي وغيره ولو أقر ذمي بالزنا أو سرقة مال مسلم أو ذمي حد قهرا إن أوجبنا الحكم بينهم وإلا فلا يحد إلا برضاه فاعتبر الأصحاب الرضى على قول عدم الوجوب ولم يعتبروه على قول الوجوب
وأما قول الغزالي لايجب الحكم إلا إذا رضيا جميعا فمردود مخالف لما عليه الأصحاب

فرع سواء أوجبنا الحكم بينهم أم لا إنما نحكم بحكم الإسلام
وإذا تحاكموا في أنكحتهم فنقر ما نقره لو أسلموا ونبطل ما لا نقره لو أسلموا
فإذا نكح بلا ولي وشهود أو ثيبا بلا إذنها أو معتدة منقضية العدة عند الترافع وترافعا حكمنا بالتقرير والنفقة
فلو كانت بعد في العدة أبطلناه ولم نوجب نفقة
ولو نكح مجوسي محرما وترافعا في النفقة أبطلناه ولا نفقة
ولو طلبت مجوسية النفقة من الزوج المجوسي أو اليهودي فوجهان وكذا في تقريرهما على النكاح
أصحهما التقرير والحكم بالنفقة كما لو أسلما والتزما الأحكام
ووجه المنع أنه لا يجوز نكاحها في الإسلام
ولو جاء كافر تحته أختان وطلبوا فرض النفقة قال الإمام فيه تردد لأنا نحكم بصحة نكاحهما وإنما تندفع إحداهما بالإسلام
قال والذي أدى القطع به المنع لقيام المانع وحيث لا نقرر في هذه الصور فهل يعرض القاضي المرفوع إليه عنهما أم يفرق بين الزوجين فيه وجهان
أصحهما عند الإمام الإعراض وإنما يفرق إذا رضوا بحكمنا
ووجه التفريق أنهم بالترافع أظهروا ما يخالف الإسلام كما لو أظهروا الخمر

فرع إذا التمسوا من حاكم المسلمين ابتداء نكاح أجاب إن كانت
كتابية ولم يكن لها ولي كافر ولا يزوج إلا بشهود مسلمين
فرع قال المتولي لو لم يترافع إلينا المجوس لكن علمنا فيهم من
محرما فالمشهور أنه لا يتعرض لهم
وحكى الزبيري قولا أن الإمام إذا عرف ذلك فرق بينهما كما لو عرف أن المجوسي نكح مسلمة أو مرتدة
الطرف الثاني فيما إذا أسلم وتحته عدد من النسوة لا يجمع بينهن في الإسلام وفيه صور
الصورة الأولى أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه أو تخلفن وهن كتابيات اختار أربعا منهن واندفع في نكاح الباقيات
وإن كن مجوسيات أو وثنيات وهن مدخول بهن فتخلفن ثم أسلمن قبل انقضاء العدة من وقت إسلام الزوج فكذلك الحكم وسواء في هذا كله نكحهن معا أو مرتبا
وإذا نكحهن مرتبا فله إمساك الأخريات ومفارقة الأوليات
وإذا أسلم على أكثر من أربع وهن غير مدخول بهن وأسلمن معه أربع تقرر نكاحهن وارتفع نكاح الباقيات
ولو كان دخل بهن فاجتمع إسلامه وإسلام أربع فقط في العدة تعين للنكاح حتى لو أسلم أربع من ثمان وانقضت عدتهن أو متن في الإسلام ثم أسلم الزوج وأسلمت الباقيات في عدتهن تعينت الأخريات
ولو أسلم أربع ثم أسلم الزوج قبل انقضاء عدتهن وتخلفت الباقيات حتى انقضت عدتهن من وقت إسلام الزوج

أو متن على الشرك تعينت الأوليات
ولو أسلم أربع ثم أسلم الزوج قبل انقضاء عدتهن ثم أسلم الباقيات قبل انقضاء عدتهن من وقت إسلام الزوج اختار أربعا من الأوليات والأخريات كيف شاء
فإن ماتت الأوليات أو بعضهن جاز له اختيار الميتات ويرث منهم

فرع قبل كافر لإبنه الصغير نكاح أكثر من أربع نسوة ثم أسلم
اندفع نكاح الزيادة على أربع لكن لا يختار الصبي ولا الولي لأنه خيار شهوة فيوقف حتى يبلغ ونفقتهن في مال الصبي لحبسهن عليه وكذا لو أسلم رجل وجن قبل الإختيار
الصورة الثانية أسلم وتحته أم وبنتها نكحهما معا أو مرتبا وأسلمتا أو لم تسلما وهما كتابيتان فإن كان دخل بهما حرمتا أبدا
ولكل واحدة مسماها إن جرت تسمية صحيحة وإلا فمهر المثل
وإن لم يدخل بواحدة منهما فهل تتعين البنت للنكاح ويندفع نكاح الأم أم يتخير إحداهما قولان
أظهرهما عند الأكثرين الأول وهما مبنيان عند الجمهور على صحة أنكحتهم
إن صححناها تعينت البنت وحرمت الأم أبدا وإلا تخير
فإن اختار البنت حرمت الأم أبدا
وإن اختار الأم اندفعت البنت لكن لا تحرم مؤبدا إلا بالدخول بأمها
وأما المهر فقال ابن الحداد إن خيرناه فللمفارقة نصف المهر لأنه دفع نكاحها بإمساك الأخرى
وإن قلنا تتعين البنت فلا مهر للأم لاندفاع نكاحها بغير اختياره
وقال القفال وغيره الحكم بالعكس إن خيرناه فلا مهر للمفارقة لأن التخيير يبنى على فساد نكاحهم فالمفارقة كأنه لم ينكحها حتى جوز الأصحاب

لإبنه وأبيه نكاحها تفريعا على هذا القول
وإذا لم يكن نكاح فلا مهر
وإن عينا البنت فللأم نصف المهر لصحة نكاحها واندفاعه بالإسلام
ومال الإمام إلى أنه لا مهر على هذا القول أيضا لأنه صح نكاح البنت فتصير الأم محرما وإيجاب المهر للمحرم بعيد وقد سبق نظير هذا
وإن دخل بالبنت فقط ثبت نكاحها وحرمت الأم أبدا ولا مهر لها عند ابن الحداد ولها نصفه عند القفال إن صححنا أنكحتهم
وإن دخل بالأم فقط حرمت البنت أبدا
وهل له إمساك الأم يبنى على القولين إذا لم يدخل بواحدة
إن خيرناه أمسكها وإلا فلا ولها مهر المثل بالدخول
( الصورة ) الثالثة سبق أنه لو أسلم وتحته أمة وأسلمت معه فله إمساكها إن كان يحل له نكاح الأمة وإلا فلا
فلو تخلفت نظر إن كان قبل الدخول تنجزت الفرقة كتابية كانت أو غيرها لأن المسلم لا ينكح الأمة الكتابية
وإن كان بعد الدخول وجمعت العدة إسلامهما فهو كما لو أسلمت معه
وإن كانت كتابية وعتقت في العدة فله إمساكها
وإن لم تسلم ولا عتقت أو كانت وثنية ولم تسلم إلى انقضاء العدة تبينا اندفاع النكاح من وقت إسلامه
وإن كان تحته إماء فأسلم وأسلمن معه اختار واحدة منهن إن كان ممن تحل له الأمة عند اجتماع إسلامه وإسلامهن وإلا فيندفع نكاحهن سواء سبق إسلامه أو سبقنه
ولو أسلم وتحته ثلاث فأسلمت معه واحدة وهو معسر خائف من العنت ثم أسلمت الثانية في عدتها وهو موسر ثم أسلمت الثالثة وهو معسر خائف من العنت فإن قلنا بالأصح إن اليسار إنما يؤثر في اندفاع النكاح إذا اقترن بإسلامهما اندفع نكاح الثانية لفقد الشرط عند اجتماع إسلامه وإسلامها ويخير بين الأولى والثالثة
وإن قلنا يؤثر عند إسلامه فقط لم تندفع الثانية بل تدخل في التخيير

فرع أسلم وتحته إماء وأسلمت معه إحداهن فله أن يختارها وله
الباقيات
فإن أصررن على الشرك تبينا أنهن بن وقت إسلامه وأن عدتهن انقضت
وإن أسلمن في العدة نظر إن كان اختار المسلمة أولا كانت بينونتهن باختياره إياها
وإنه لم يكن اختارها اختار إحداهن واندفع الباقيات
وإن طلق المسلمة أولا كان الطلاق متضمنا اختيارها
ثم إن أصر الباقيات حتى انقضت عدتهن بان أنهن بن باختلاف الدين
وإن أسلمن في العدة بان أنهن بن من وقت الطلاق فإنه وقت الإختيار
وإن فسخ نكاح المسلمة أولا لم ينفذ لأنه إنما يفسخ الزائد وليس في الحال زيادة ثم إن أصررن اندفعن باختلاف الدين ولزم نكاح الأولى
وإن أسلمن في العدة اختار من شاء من الجميع
وقيل لا يجوز اختيار الأولى بل نتبين نفوذ فسخه فيها والصحيح الأول
الصورة الرابعة أسلم وفي نكاحه حرة وأربع إماء مثلا وأسلمن نظر إن أسلمت الحرة معه أو كانت مدخولا بها وأسلمت قبل انقضاء عدتها تعينت واندفع الإماء سواء أسلمن قبله وقبل الحرة أو بعدهما في العدة أو بينهما
وإذا تأخر إسلامهن فإن أسلمن في العدة بن من وقت اجتماع إسلام الزوج والحرة وعدتهن من ذلك الوقت
وإن لم يسلمن حتى انقضت العدة فبينونتهن باختلاف الدين
وإن لم يجتمع إسلام الحرة وإسلامه في العدة بأن أسلم الزوج وأصرت هي إلى انقضاء العدة أو ماتت في العدة أو أسلمن أولا وتخلف الزوج حتى انقضت عدتها أو ماتت فالحكم كما لو لم يكن تحته حرة فيختار واحدة من الإماء على التفصيل السابق

وفي مدة تخلف الحرة المدخول بها لا يختار واحدة من الإماء سواء أسلمن معه أو بعده في العدة حتى يئس منها بالموت أو انقضاء العدة
فإن اختار واحدة قبل اليأس ثم ماتت الحرة أو انقضت عدتها وهي مصرة فالمذهب أنه يجب اختيار جديد ولا يتبين صحة ذلك الإختيار
هذا كله إذا لم يطرأ عتق الإماء فإن طرأ قبل اجتماع إسلامه وإسلامهن بأن عتقن ثم أسلم وأسلمن أو أسلمن ثم عتقن ثم أسلم أو أسلم وعتقن ثم أسلمن التحقن بالحرائر الأصليات حتى لو أسلمت الحرة ثم أسلمت الإماء المتخلفات بعد عتقهن فهو كما لو أسلم على حرائر فيختار من الجميع أربعا كيف شاء
وحكى ابن القطان وجها فيما إذا أسلم وتحته حرائر وإماء فعتق الإماء ثم أسلمن أنه لا يجوز إلا اختيار الحرائر الأصليات وهذا ضعيف
ولو تخلفت الحرة واجتمع إسلامه وإسلامهن وهن عتيقات فله أن يختارهن
ثم إن أسلمت الحرة المتخلفة في العدة بانت باختياره الأربع
وإن لم تسلم بانت باختلاف الدين
وإن أخر الإختيار انتظارا لإسلام الحرة الأصلية المتخلفة فقال الشيخ أبو حامد هو جائز
قال ابن الصباغ عندي أنه لا معنى لتأخير اختيار الجميع لأنه يلزمه نكاح ثلاث منهن لا محالة فيختار ثلاثا
ثم إن أسلمت المتخلفة في العدة اختارها أو الرابعة من العتيقات
وإن لم تسلم لزمه نكاح الرابعة من العتيقات
ولو أسلم وليس في نكاحه إلا إماء وتخلفن وعتقن ثم أسلمن في العدة اختار منهن أربعا كالحرائر الأصليات
ولو أسلمن معه إلا واحدة ثم أسلمت المتخلفة في العدة بعدما عتقت تعينت للنكاح كالحرة الأصلية
ولو كان تحته أربع إماء فأسلم معه ثنتان وتخلف ثنتان فعتقت واحدة من المتقدمتين وأسلمت المتخلفتان على الرق اندفعتا

لأن تحت زوجهما عتيقة ولا تندفع الرقيقة المتقدمة لأن عتق صاحبتها كان بعد اجتماع إسلامها وإسلام الزوت فلا يؤثر في حقها فيختار واحدة من المتقدمتين
ولو كان تحته إماء فأسلم الزوج مع واحدة ثم عتقت ثم عتق الباقيات ثم أسلمن اختار أربعا منهن لإلتحاقهن بالأصليات وليس له اختيار الأولى لأنها كانت رقيقة عند اجتماع الإسلامين
ولو كان تحته أربع إماء فأسلم معه اثنتان ثم عتقتا وعتقت المتخلفتان ثم أسلمتا تعين إمساك الأخريين واندفعت المتقدمتان
ولو أسلم الزوج وتخلفن ثم عتقت اثنتان ثم أسلمتا وأسلمت الأخريان ثم عتقتا تعين إمساك الأوليين واندفعت المتأخرتان
والنظر في جميع ذلك إلى حالة اجتماع الإسلامين لأنه حالة إمكان الإختيار

فصل عتق الأمة تحت عبد يثبت لها الخيار في فسخ النكاح كما
في الباب الآتي إن شاء الله تعالى
والغرض هنا بيان عتق المشركة مع إسلامها فإذا نكح عبد كافر أمة ثم أسلمتا وعتقت نظر إن عتقت بعد اجتماع الإسلامين فهي كسائرالإماء يعتقن تحت العبيد وليس هذا من صور الفصل وإن عتقت قبل اجتماع الإسلامين وهي مدخول بها فلها حالان
أحدهما أن تسلم هي أولا وتعتق ويتخلف الزوج فليس لها الإجازة سواء عتقت ثم أسلمت أو أسلمت ثم عتقت لأنها معرضة للبينونة ولا يبطل بهذه الإجازة حقها من الفسخ
وإن اختارت الفسخ في الحال جاز فإذا فسخت

فإن أسلم الزوج قبل انقضاء مدة عدتها فعدتها من وقت الفسخ وتعتد عدة حرة فإن لم تسلم حتى انقضت مدة عدتها فعدتها من وقت إسلامها
ويلغو الفسخ بحصول الفرقة قبله وتعتد عدة حرة إن عتقت ثم أسلمت
وإن أسلمت ثم عتقت فهي أمة عتقت في أثناء عدتها فهل تعتد عدة حرة أم عدة أمة فيه طريقان أقربهما إلى نص الشافعي رضي الله عنه وبه قطع في الشامل وغيره أنها كالرجعية تعتق في أثناء العدة والمذهب فيها الإقتصار على عدة أمة وموضع بيانهما كتاب العدد
ولو أرادت تأخير الفسخ إلى أن تبين حال الزوج جاز ولا يبطل خيارها كالرجعية إذا عتقت في العدة والزوج رقيق
ثم إن لم يسلم الزوج حتى انقضت مدة العدة سقط الخيار وعدتها من وقت إسلامها وهي عدة حرة إن عتقت ثم أسلمت وإن أسلمت ثم عتقت فهل هي عدة حرة أم أمة فيه الطريقان
وإن أسلم الزوج فلها الفسخ وتعتد من وقت الفسخ عدة حرة
الحال الثاني أسلم وتخلفت فلها الخيار على الصحيح لتضررها برقه
وقيل لا خيار لها لأن خيار العتق من أحكام الإسلام وهي كافرة فلا يثبت لها
فإذا قلنا بالصحيح فلها تأخير الفسخ والإجازة ثم إن أسلمت قبل مضي العدة وفسخت اعتدت من وقت الفسخ عدة حرة
وإن لم تسلم حتى انقضت تبينا حصول الفرقة من وقت إسلام الزوج
وهل تعتد عدة حرة أم أمة فيه الطريقان
وهنا أولى بإلحاقها بالأمة لأنها بائن ليس بيد الزوج من أمرها شىء
ولو أجازت قبل أن تسلم لم تصح إجازتها على الصحيح لأنها معرضة للبينونة
ولو فسخت نفذ الفسخ على الصحيح وقول الأكثرين كالحالة الأولى
وقيل لا ينفذ وبه قال ابن سلمة
وهو ظاهر نقل المزني لكنه مؤول عند الجمهور

فرع أسلم الزوج الرقيق هل لزوجته الكافرة خيار وجهان

أصحهما على ما قال الإمام والمتولي لا لأنها رضيت برقه ولم يحدث فيها عتق والثاني نعم وهو ظاهر نصه لأن الرق نقص في الإسلام وليس كبير نقص في الكفر
قال الداركي الخلاف في أهل الحرب أما الذمية مع الذمي فلا خيار لها قطعا لأنها رضيت بأحكامنا
واعلم أن الوجهين جاريان سواء كانت الزوجة حرة أو أمة وسواء أسلمت أو لم تسلم إذا كانت كتابية كذلك قال البغوي وغيره وفي الوسيط ذكر الوجهين فيما إذا أسلمت الحرة وليس هو بقيد فاعلم ذلك
فصل العبد الكافر إذا أسلم وتحته أكثر من إمرأتين فأسلمن معه أو
بعده في العدة إن دخل بهن اختار ثنتين منهن سواء كن حرائر أو إماء
فإن شاء اختار حرتين أو حرة وأمة
وإن سبقن بالإسلام ثم أسلم في العدة فكذلك
ولو طرأ عتقه نظر إن عتق بعد اجتماع الإسلامين لم يؤثر عتقه في زيادة العدد فلا يزيد على ثنتين
وإن عتق قبل الإسلامين بأن عتق قبل إسلامه وإسلامهن أو بينهما تقدم إسلامه أو تأخر فله حكم الأحرار وللزوجات ثلاثة أحوال
أحدها أن يتمحضن حرائر فيختار أربعا منهن
ولو أسلم منهن ثنتان معه ثم عتق ثم أسلم الباقيات فليس له إلا اختيار ثنتين إما الأوليين وإما ثنتين من الباقيات وإما واحدة منهما وواحدة منهن
ولو أسلمت معه واحدة

ثم عتق ثم أسلمت الباقيات فله اختيار أربع لأنه لم يكمل بإسلام الواحدة عدد العبيد
وحكى ابن القطان وجها أنه لا يختار إلا ثنتين وهو غريب ضعيف
الحال الثاني أن يتمحضن إماء
فإن كن قد عتقن عند اجتماع الإسلامين اختار منهن أربعا وإلا فلا يختار إلا واحدة بشرط الإعسار وخوف العنت
ولو كان تحته أربع إماء فأسلمت معه اثنتان ثم عتق ثم أسلمت المتخلفتان لم يختر إلا اثنتين لأنه وجد كمال عدد العبيد قبل العتق ويجوز اختيار الأوليين لأنه كان رقيقا عند اجتماع إسلامه وإسلامهما ولا يجوز اختيار الأخريين على الصحيح وجوزه القاضي حسين ولا يجوز اختيار واحدة من الأوليين وواحدة من الأخريين على الأصح
ولو أن المتخلفتين عتقتا بعد عتقه ثم أسلمتا فله اختيارهما وله اختيار واحدة منهما وواحدة من الأوليين لأنهما حرتان عند اجتماع الإسلام فصار كما لو كان تحته أربع حرائر فأسلم معه ثنتان ثم عتق ثم أسلمت الآخرتان فإنه يختار ثنتين كيف شاء
ولو أسلمت معه واحدة من الإماء الأربع ثم عتق ثم أسلمت البواقي قال المتولي لا يختار إلا واحدة على الصحيح وبهذا قطع البغوي لكن قياس الأصل السابق جواز اختيار ثنتين لأنه لم يستوف عدد العبيد قبل العتق
فإذا قلنا لا يختار إلا واحدة تعينت الأولى كذا قاله المتولي والبغوي
قال المتولي وعلى طريقة القاضي يختار واحدة من الجملة وعكس الإمام فحكى عن القاضي أن الأولى تتعين
وعن سائر الأصحاب أنه يختار واحدة من الجملة قال وقول القاضي هفوة منه
ولو عتقت البواقي بعد إسلام الواحدة معه ثم أسلمن قال البغوي له إمساك الجميع لأنه لم يستوف عدد الرق قبل العتق فله إمساك الأولى لأنه كان رقيقا عند اجتماع إسلامه وإسلامها والبواقي كن حرائر عند اجتماع إسلامه وإسلامهن فله إمساكهن لأن إدخال الحرائر على الإماء جائز

الحال الثالث إذا كن حرائر وإماء اندفعت الإماء ويختار أربعا من الحرائر إن زدن على الأربع وإلا فيمسكهن
ولو كان تحته حرتان وأمتان فأسلم معه حرة وأمة ثم عتق ثم أسلمت المتخلفتان لم يختر إلا اثنتين لاستيفاء العدد قبل العتق وله اختيار الحرتين واختيار الأمة الأولى مع حرة وليس له اختيار الثانية مع حرة
الطرف الثالث في ألفاظ الإختيار وأحكامه
أما ألفاظه فكقوله اخترت نكاحك أو تقرير نكاحك أو حبسك أو عقدك أو اخترتك أو أمسكتك أو أمسكت نكاحك أو ثبت نكاحك أو ثبتك أو حبستك على النكاح
وكلام الأئمة يقتضي أن جميع هذا صريح لكن الأقرب أن يجعل قوله اخترتك وأمسكتك من غير تعرض للنكاح كناية
ولو كان تحته ثمان مثلا وأسلمن معه فاختار أربعا منهن للفسخ وهو يريد حله بلا طلاق لزم نكاح الباقيات وإن لم يتلفظ فيهن بشىء
ولو قال لأربع أريدكن ولأربع لا أريدكن قال المتولي يحصل التعيين بذلك
وقياس ما سبق حصول التعيين بمجرد قوله أريدكن
فروع الفرع الأول طلق واحدة منهن أو أربعا كان تعيينا للنكاح لأن المنكوحة هي التي تخاطب بالطلاق فتندفع الأربع المطلقات بالطلاق والباقيات بالفسخ بالشرع
ولو طلق أربعا غير معينات أمر بالتعيين
فإذا عين فالحكم ما ذكرنا

هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور
وفي التتمة وجه أن الطلاق ليس تعيينا للنكاح
ولو آلى أو ظاهر من واحدة أو عدد فوجهان
أحدهما أنه تعيين لنكاحهن وأصحهما لا لأن الأجنبية تخاطب به بل هو بها أليق
فعلى هذا إن اختار من ظاهر منها أو آلى للنكاح صح الظهار والإيلاء ويكون ابتداء مدة الإيلاء من وقت الإختيار ويصير عائدا إن لم يفارقها في الحال
ولو قذف إحداهن لزمه الحد إن كانت محصنة ولا يسقط إلا بالبينة إن اختار غير المقذوفة وإن اختارها سقط بالبينة وباللعان
( الفرع ) الثاني قال فسخت نكاح هذه أو هؤلاء الأربع أو قال اخترت هذه للفسخ أو هذه للفسخ من غير لفظ اخترت فإن أراد الطلاق فهو اختيار للنكاح وإن أراد الفراق أو أطلق فهو اختيار للفسخ
ولو قال لواحدة فارقتك فالأصح أنه فسخ وبه قال الشيخ أبو حامد ورجحه ابن الصباغ والمتولي وغيرهما
وعن القاضي أبي الطيب أنه كقوله طلقتك لأنه من صرائح الطلاق
الفرع الثالث لو اختار الجميع للنكاح أو الفسخ فهو لغو ولو طلق الجميع وقع على المنكوحات ويعينهن
الفرع الرابع قال إن دخلت الدار فقد اخترتك للنكاح أو للفسخ لم يصح لأن تعليق الإختيار باطل فإنه إما كالإبتداء كالنكاح وإما كالرجعة
وقيل يصح تعليق الفسخ كالطلاق وهو ضعيف
ولو قال إن دخلت الدار فأنت طالق فالصحيح جوازه تغليبا لحكم الطلاق ويحصل اختيارها ضمنا فإنه يحتمل في الضمني ما لا يحتمل استقلالا

ولو قال إن دخلت الدار فنكاحك مفسوخ إن أراد الطلاق نفذ وإلا لغا
ولو قال كلما أسلمت واحدة فقد اخترتها للنكاح لم يصح
ولو قال فقد طلقتها صح على الأصح
ولو قال فقد فسخت نكاحها إن أراد حله بلا طلاق لم يجز لأن تعليق الفسخ لا يجوز وإن أراد الطلاق جاز
وإذا أسلمت واحدة طلقت وحصل اختيارها ضمنا وهكذا إلى تمام الأربع وتندفع الباقيات وفي وجه لا يصح تفسير الفسخ بالطلاق وهو ضعيف
( الفرع ) الخامس لا يكون الوطء اختيارا للموطوءة على المذهب لأن الإختيار هنا كالإبتداء ولا يصح ابتداء النكاح بل استدامته إلا بالقول فإن الرجعة لا تحصل بالوطء
فلو وطىء الجميع وجعلناه اختيارا كان مختارا للأوليات وعليه المهر للباقيات وإن لم نجعله اختيارا اختار أربعا منهن وغرم المهر للباقيات
الفرع السادس قال حصرت المختارات في هؤلاء الست أو الخمس انحصرن ويندفع نكاح الباقيات

فرع أسلم على ثمان وثنيات فأسلم معه أربع وتخلف أربع فعين الأوليات
للنكاح صح التعيين
فإن أصرت المتخلفات اندفعن من وقت إسلامه وإن أسلمن في العدة قال البغوي تقع الفرقة باختيار الأوليات وقال الإمام نتبين اندفاعهن باختلاف الدين لكن نتبين تعيينهن من وقت تعيينه للأوليات
وهذا هو الموافق لأصول الباب
وإن طلق الأوليات صح وتضمن اختيارهن وينقطع نكاحهن بالطلاق ونكاح الأخريات بالفسخ بالشرع

وإن قال فسخت نكاحهن فإن أراد به الطلاق فكذلك وإن أراد حله بلا طلاق فهو لغو لأن الحل هكذا إنما يكون فيما زاد على أربع
فإن لم تسلم المتخلفات تعين الأوليات وإن أسلمن اختار من الجميع أربعا وللمسلمات أن يدعين أنك إنما أردت طلاقنا ويحلفنه وللمتخلفات أيضا أن يدعين إرادة الطلاق وبينونتهن بالفسخ الشرعي ويحلفنه
وفي وجه لا يلغو الفسخ بل هو موقوف إن أصررن حتى انقضت العدة لغا وإن أسلمن فيها تبينا نفوذه في الأوليات وتعين الأخريات للنكاح والصحيح الأول
ولو عين المتخلفات للفسخ صح وتعينت الأوليات للزوجية
وإن عين المتخلفات للنكاح لم يصح لأنهن وثنيات وقد لا يسلمن
وعلى وجه الوقف ينعقد الإختيار موقوفا فإن أسلمن بانت صحته
ولو أسلم على ثمان وثنيات فتخلفن ثم أسلمن متعاقبات في عددهن وهو يقول لكل من أسلمت فسخت نكاحك فإن أراد الطلاق صار مختارا للأوليات وإن أراد حله بلا طلاق فهو على الصحيح لغو في الأربع الأوليات نافذ في الأخريات لأن فسخ نكاحهن وقع وراء العدد الكامل فنفذ
وعلى وجه الوقف إذا أسلمت الأخريات تبينا نفوذ الفسخ في الأوليات
ولو أسلم معه من الثمان خمس فقال فسخت نكاحهن فإن أراد الطلاق صار مختارا لأربع منهن وبن بالطلاق وعليه التعيين وإن أراد حله بلا طلاق انفسخ نكاح واحدة لا بعينها فإذا أسلمت المتخلفات في العدة اختار من الجميع أربعا
ولو قال فسخت نكاح واحدة منكن إن أراد الطلاق صار مختارا لواحدة لا بعينها فيعينها ويختار للنكاح من الباقيات ثلاثة
وإن أراد حله بلا طلاق انفسخ نكاح واحدة فيعينها ويختار من الباقيات أربعا
وإن انفسخ نكاح اثنتين منهن غير معينتين وأراد حله بلا طلاق

انفسخ نكاح واحدة فيعينها ويختار من الباقيات أربعا
فلو عين ثنتين انفسخت واحدة منهما فيعينها وله اختيار الأخرى مع ثلاث أخر
ولو اختار الخمس كلهن تعينت المنكوحات فيهن فيختار منهن أربعا

فصل أما حكم الإختيار فإذا أسلم على أكثر من أربع وأسلمن معه
بعده في العدة أو كن كتابيات وقعت الفرقة بينه وبين الزيادة على أربع بالإسلام ويجب عليه الإختيار والتعيين وإن امتنع حبس
فإن أصر ولم ينفع الحبس عزر بما يراه القاضي من الضرب وغيره
وعن ابن أبي هريرة أنه لا يضرب مع الحبس بل يشدد عليه الحبس فإن أصر عزر ثانيا وثالثا إلى أن يختار
فإن جن أو أغمي عليه في الحبس خلي حتى يفيق ولا يختار الحاكم عن الممتنع لأنه خيار شهوة
قال الإمام وإذا حبس لا يعزر على الفور فلعله يؤخر ليفكر وأقرب معتبر فيه مدة الإستتابة
واعتبر الروياني في الإمهال الإستنظار فقال ولو استمهل أمهله الحاكم ثلاثة أيام ولا يزيد ويلزمه نفقة جميعهن إلى أن يختار لأنهن في حبسه
فرع مات قبل التعيين فإن لم يكن دخل بهن فعلى كل واحدة
بأربعة أشهر وعشر وإن دخل بهن فعدة الحامل بالحمل
وأما غير الحامل فمن كانت من ذوات الأشهر اعتدت بأربعة أشهر وعشر وإن كانت من ذوات الأقراء لزمها الأكثر من ثلاثة أقراء وأربعة أشهر وعشر

ثم الأشهر تعتبر من موته
وفي الأقراء وجهان ويقال قولان أحدهما كذلك لأنا لا نتيقن شروعها في العدة قبل ذلك وأصحهما الإعتبار من وقت إسلامهما إن أسلما معا وإلا فمن إسلام سابق لأن الأقراء إنما تجب لإحتمال أنها مفارقة بالإنفساخ وهو يحصل من يومئذ

فرع مات قبل التعيين وقف لهن ربع ماله أو ثمنه عائلا أو
بحسب الحال إلى أن يصطلحن فيقسم بينهن بحسب اصطلاحهن بالتساوي أو التفاضل
وعن ابن سريج أنه يوزع بينهن لأن البيان غير متوقع وهن معترفات بالإشكال وبأنه لا ترجيح ومال الإمام إلى هذا الوجه
والصحيح الذي عليه الجمهور هو الأول فإن كن ثمانيا وفيهن صغيرة أو مجنونة صالح عنها وليها وليس له المصالحة على أقل من ثمن الموقوف وله المصالحة على الثمن على الأصح
وقيل لا يصالح على أقل من الربع
ثم المصالحة إذا اصطلحن كلهن فلو طلب بعضهن شيئا بلا صلح لم ندفع إلى المطالبة شيئا إلا باليقين
ففي ثمان نسوة لو طلب أربع منهن لم نعطهن فإن طلب خمس أعطيناهن ربع الموقوف وإن طلب ست فنصفه وسبع ثلاثة أرباعه ولهن قسم ما أخذن والتصرف
وهل يشترط في الدفع أن يبرئن عن الباقي وجهان
أحدهما اعم ونسبه ابن كج إلى النص لتنقطع الخصومة وأصحهما لا
فعلى الأول يعطى الباقي للثلاث ويرتفع الوقف وكأنهن اصطلحن على القسمة هكذا
هذا كله إذا علمنا استحقاق الزوجات الإرث
أما إذا أسلم على ثمان كتابيات فأسلم معه أربع أو كان تحته أربع كتابيات وأربع وثنيات فأسلم معه الوثنيات

ومات قبل الإختيار فوجهان أصحهما وهو المنصوص لا يوقف شىء للزوجات بل يقسم كل التركة بين باقي الورثة لأن إستحقاق الزوجات غير معلوم لإحتمال أنهن الكتابيات
والثاني يوقف لأن إستحقاق سائر الورثة قدر نصيب الزوجات غير معلوم واختاره ابن الصباغ وهو قريب من القياس
قلت المختار المقيس هو الأول لأن سبب الإرث في سائر الورثة موجود وشككنا في المزاحم والأصل عدمه وإرث الزوجات لم نتحققه والأصل عدمه
والله أعلم
ويجري الوجهان فيما لو كان تحته مسلمة وكتابية فقال إحداكما طالق ومات قبل البيان

فرع مات ذمي عن أكثر من أربع نسوة قال صاحب التلخيص الربع
لهن كلهن وقال آخرون لا يرث منهن إلا أربع فيوقف بينهن حتى يصطلحن ويجعل الترافع إلينا بمثابة إسلامهم
وبنى القفال الخلاف على صحة أنكحتهم
فإن صححناها ورث الجميع وإلا لم يرث إلا أربع
ولو نكح مجوسي أمه أو بنته ومات قال البغوي منهم من بنى التوريث على هذا الخلاف والمذهب القطع بالمنع لأنه ليس بنكاح في شىء من الأديان ولا يتصور التقرير عليه في الإسلام

فرع المتعينات للفرقة للزيادة على أربع هل تحسب عدتهن من وقت
أم من وقت إسلام الزوجين إن أسلما معا وإسلام السابق إن تعاقبا فيه وجهان أصحهما عند الجمهور الثاني خلافا للبغوي
الطرف الرابع في النفقة والمهر
أما النفقة فإن أسلم الزوجان معا استمرت النفقة كما يستمر النكاح وإن أسلما متعاقبين بعد الدخول والصورة إذا كانت الزوجة مجوسية أو وثنية فإن أسلم قبلها فإن أصرت حتى انقضت عدتها فلا نفقة لأنها ناشزة بالتخلف وإن أسلمت في العدة استحقتها من وقت الإسلام ولا تستحقها لمدة التخلف على الجديد الأظهر
فعلى هذا لو اختلفا فقال أسلمت اليوم فقالت بل من عشرة أيام فالقول قوله للأصل وكذا إذا قلنا بالقديم فقال أسلمت بعد العدة فلا نفقة وقالت بل فيها فالقول قوله
أما إذا أسلمت قبله فإن أسلم قبل انقضاء العدة فلها النفقة لمدة التخلف على المشهور وقيل الصحيح لأنها أدت فرضا مضيقا فهو كصوم رمضان
وإن أصر حتى انقضت العدة استحقت نفقة مدة العدة على الأصح عند الجمهور وهو المنصوص في المختصر
ولو قال أسلمت أولا فلا نفقة لك فادعت العكس فمن المصدق بيمينه وجهان
أصحهما هي لأن النفقة كانت واجبة وهو يدعي مسقطا

فرع ارتدت بعد الدخول فلا نفقة لزمن الردة لنشوزها سواء عادت
الإسلام في العدة أم لا ولا يجيء القول القديم
قلت ذكر صاحب المهذب وآخرون طريقين أحدهما طرد القولين القديم والجديد
والله أعلم
وإن ارتد فعليه نفقة مدة العدة وإن ارتدا معا قال البغوي لا نفقة ويشبه أن يجيء فيه خلاف كتشطر المهر
فصل أما المهر إذا أسلم أحدهما قبل الدخول أو بعده فسبق بيانه
ذكر الخلاف في صحة أنكحتهم
فلو قالت سبقتني بالإسلام قبل الدخول فعليك نصف المهر فادعى العكس صدقت بيمينها لأن الأصل بقاء نصف الصداق
ولو ادعى سبقها فقالت لا أدري أينا سبق لم يتمكن من طلب المهر
فإن عادت وقالت علمت أنه سبق صدقت بيمينها وأخذت النصف
ولو اعترفا بالجهل بالسابق فلا نكاح لاتفاقهما على تعاقب الإسلام قبل الدخول
ثم إن كان ذلك قبل قبض المهر لم تتمكن من طلبه لاحتمال سبقها وإن كان بعده لم يتمكن هو من استرداد النصف لاحتمال سبقه فيقر النصف في يدها حتى يتبين الحال
ولو اختلفا في بقاء النكاح فقال أسلمنا معا فالنكاح باق وقالت بل متعاقبين ولا نكاح فقولان
أظهرهما القول قوله والثاني قولها لتعارض الأصل والظاهر
فإن

قلنا القول قولها نظر إن قالت أسلمت قبلي حلفت على البت أنها ما أسلمت وقت إسلامه وإن قالت أسلمت قبلك حلفت على نفي العلم بإسلامه يوم إسلامها
ولو اختلفا على العكس فقالت أسلمنا معا فقال بل متعاقبين فلا نكاح لاعترافه وهي تدعي نصف المهر
وفي المصدق منهما القولان
ولو قال لا ندري أسلمنا معا أو متعاقبين استمر النكاح

فرع أسلمت بعد الدخول ثم أسلم هو وادعى أن إسلامه سبق انقضاء
وادعت العكس فهذا يتصور على أوجه
أحدها أن يتفقا على وقت انقضاء العدة كغرة رمضان فادعى إسلامه في شعبان وقالت بل في خامس رمضان فالقول قولها لأن الأصل بقاء كفره
والثاني أن يتفقا على وقت إسلامه كغرة رمضان وقال انقضت عدتك في خامس رمضان وقالت بل في شعبان فالقول قوله بيمينه
الثالث أن لا يتفقا على شىء واقتصر على أن إسلامي سبق واقتصرت على أن عدتي سبقت فالنص أن القول قوله ونص فيما إذا ارتد ثم أسلم وادعى أنه أسلم في العدة وادعت انقضاءها قبل إسلامه وفيما إذا قال راجعتك في العدة فقالت بل بعدها أن القول قولها
وللأصحاب طرق
أحدها طرد قولين في المسائل الثلاث هل القول قوله أم قولها والثاني أن النصين على حالين
فإن اتفقا على وقت إسلامه أو رجعته واختلفا في انقضاء العدة فالقول قوله
وإن اتفقا على وقت انقضاء العدة واختلفا في أنه أسلم أو راجع قبله فالقول قولها
والطريق الثالث وهو الأصح وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق ورجحه

الشيخ أبو حامد والبغوي وغيرهما أن من سبق بالدعوى فالقول قوله وعليه ينزل النص في المسائل الثلاث لأن المدعي أولا مقبول فلا يرد بلجرد قول آخر
وزاد البغوي فيما إذا سبق دعواه فقال إن ادعت بعد أن مضى بعد دعواه زمن فهو المصدق
فإن اتصل كلامها بكلامه فهي المصدقة

فرع نص الشافعي رضي الله عنه أن الزوج لو أقام شاهدين على
جميعا أسلما حين طلعت الشمس يوم كذا أو حين غربت قبلت شهادتهما واستمر النكاح
وإن شهدا أنهما أسلما مع طلوع الشمس أو مع غروبها لم يحكم بهذه الشهادة لأن حين طلوعها وغروبها يتناول حالة تمام الطلوع أو الغروب وهي حالة واحدة
وقوله مع الطلوع يصدق من حين يأخذ في الطلوع فيجوز أن يكون إسلام أحدهما مقارنا لطلوع أول القرص وإسلام الآخر مقارنا بطلوع آخره
فرع نكحت في الكفر زوجين ثم أسلموا فإن ترتب النكاحان فهي زوجة
الأول فإن مات الأول ثم أسلمت مع الثاني وهم يعتقدون جواز التزويج بزوجين ففي جواز التقرير وجهان
قلت ينبغي أن يكون أصحهما التقرير
والله أعلم
وإن وقع النكاحان معا لم تقر مع واحد منهما سواء اعتقدوا جوازه أم لا
وفيما إذا اعتقدوه وجه أن المرأة تختار أحدهما كما لو أسلم على أختين وبالله التوفيق

الباب الثامن في مثبتات الخيار في النكاح
أسبابه المتفق عليها أربعة العيب والغرور والعتق والتعنين
وقولنا المتفق عليها احتراز مما إذا زوج الأب أو الجد بكرا بغير كفء وصححنا النكاح فلها الخيار
ولو زوج الصغير من لا تكافئه وصححناه فله الخيار إذا بلغ
ولو ظنها مسلمة فكانت كتابية فله الخيار على رأي
والتعنين أحد العيوب إلا أنه يختص بأحكام كضرب المدة وغيره فبين الأصحاب في فصل العيوب أنه أحدها وأفردوه بالذكر لاختصاصه بأحكام
السبب الأول العيب العيوب المثبتة للخيار ثلاثة أقسام
أحدها يشترك فيه الرجال والنساء وهو ثلاثة البرص ولا يلتحق به البهق
والثاني الجذام وهو علة صعبة يحمر منها العضو ثم يسود ثم ينقطع ويتناثر نسأل الله الكريم العافية ويتصور ذلك في كل عضو لكنه في الوجه أغلب
ثم حكى الإمام عن شيخه أن أوائل البرص والجذام لا يثبت الخيار وإنما يثبت إذا استحكما
وإن استحكام الجذام إنما يحصل بالتقطع
وتردد الإمام في هذا وقال يجوز أن يكتفى باسوداد العضو وحكم أهل المعرفة باستحكام العلة
الثالث الجنون منقطعا كان أو مطبقا ولا يلحق به الإغماء بالمرض إلا أن يزول المرض ويبقى زوال العقل
قال الإمام ولم يتعرضوا في الجنون لاستحكامه ولم يراجعوا أهل المعرفة أهو مرجو الزوال أم لا ولو قيل به لكان قريبا
ومتى وجد أحد الزوجين بالآخر هذه العيوب فله فسخ النكاح قل ذلك العيب أم كثر
ولو تنازعا في قرحة هل هي جذام أو في بياض هل هو برص

فالقول قول المنكر وعلى المدعي البينة ويشترط كون الشاهدين عالمين بالطب
القسم الثاني مختص به وهو الجب والتعنين
الثالث مختص بها وهو الرتق والقرن فالرتق انسداد محل الجماع باللحم والقرن عظم في الفرج يمنع الجماع وقيل لحم ينبت فيه ويقول الفقهاء القرن بفتح الراء وهو في كتب اللغة بإسكانها
قلت يجوز الفتح والإسكان فالفتح على المصدر وهو هنا أحسن لأنه أنسب لكون قرائنه مصادر وهي الرتق والبرص ونحوهما وقد أوضحت هذه اللفظة أكمل إيضاح في تهذيب الأسماء واللغات ونقلت أقوال أهل اللغة فيها وحاصله جواز الأمرين وترجيح الفتح
والله أعلم
وليس للزوج إجبار الرتقاء على شق الموضع فلو فعلت وأمكن الوطء فلا خيار كذا أطلقوه ويمكن أن يجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا علم عيب المبيع بعد زواله
فجملة هذه العيوب سبعة يمكن في حق كل واحد من الزوجين خمسة وما سواها من العيوب لا خيار فيه على الصحيح الذي قطع به الجمهور
وقال زاهر السرخسي الصنان والبخر إذا لم يقبلا العلاج يثبتان الخيار وقال كذا العذيوط والعذيوطة يثبت به الخيار
والعذيوط من يخرج عنه الغائط عند الجماع
وزاد القاضي حسين وغيره فأثبتوا الخيار بالإستحاضة وبالعيوب التي تجتمع فتنفر تنفير البرص وتكسر سورة التائق كالقروح السيالة وما في معناه ويقال إن الشيخ أبا عاصم حكاه قولا للشافعي رحمة الله عليه

أما إذا وجد أحدهما الآخر خنثى قد زال إشكاله ففي ثبوت الخيار قولان
أظهرهما المنع لأنه لا يفوت مقصود النكاح وموضع القولين إذا اختار الذكورة أو الأنوثة بغير علامة لأنه قد يخرج بخلافه
فأما إذا اتضح بعلامة فلا خيار هذا هو الأصح
وقيل القولان أيضا فيما إذا اتضح بعلامة مظنونة فإن كان بقطيعة وهي الولادة فلا خيار
وقيل القولان مطلقا وإن كانت العلامة قطعية لمعنى النفرة
ولا خيار بكونه أو كونها عقيما ولا بكونها مفضاة والإفضاء رفع ما بين مخرج البول ومدخل الذكر

فصل إذا ظهر بكل واحد منهما عيب مثبت للخيار فإن كانا من
فلكل واحد منهما الخيار إلا إذا كان مجبوبا وهي رتقاء فهو كالجنس الواحد كذآ ذكره الحناطي والشيخ أبو حامد والإمام وحكى البغوي طريقا آخر أنه لا فسخ به قطعا لأنه لا طريق له إلى تحصيل الوطء
وإن كانا من جنس ثبت الخيار لكل واحد على الأصح
هذا في غير الجنون أما إذا كانا مجنونين فلا يمكن إثبات الخيار لواحد منهما في الحال ثم الوجهان فيما إذا تساوى العيبان في القدر والفحش
فإن كان أحدهما أكثر وأفحش فللآخر الخيار قطعا
فرع نكح أحدهما الآخر عالما بعيبه فلا خيار

فلو ادعى المعيب علم الآخر

صدق المنكر بيمينه
وقيل إن كان هذا الإختلاف بعد الدخول صدق مدعي العلم

فرع جبت المرأة ذكر زوجها فهل لها الخيار وجهان

أحدهما لا كما لو عيب المشتري المبيع قبل القبض وأصحهما نعم كما لو خرب المستأجر الدار المستأجرة فإن له الخيار فإن المرأة بالجب لا تصير قابضة لحقها والمستأجر لا يصير قابضا لحقه كالتخريب والمشتري بالتعيب قابض حقه
فصل العيب المثبت للخيار إن كان مقارنا للعقد فلكل واحد الفسخ بعيب
صاحبه وإن حدث بعد العقد فإن كان بها فله الفسخ على الجديد الأظهر وإن كان به نظر إن كان قبل الدخول فلها الفسخ وإن كان بعده والعيب جنون أو جذام أو برص فلها الخيار كذا قاله الأصحاب في جميع الطرق
وحكى الغزالي فيه وجها لم أره لغيره
وإن حدث التعنين فلا خيار لأنها عرفت قدرته وأخذت حظها وإن حدث الجب فلها الفسخ على الأصح ويقال الأظهر
فرع أولياء المرأة ليس لهم خيار الفسخ بعيب حدث به وأما المقارن
فإن كان جبا أو تعنينا فلا خيار لهم على الصحيح وإن كان جنونا فلهم الخيار
وإن

رضيت هي وكذا إن كان جذاما أو برصا على الأصح
ونقل الحناطي في العيب الحادث وجها أن للأولياء إجبارها على الفسخ وهو شاذ ضعيف
وعلى هذا التفصيل يخرج حكم ابتداء التزويج فإن دعت إلى تزويجها بمجبوب أو عنين فعليهم الإجابة على الصحيح فإن امتنعوا كانوا عاضلين وإن دعت إلى مجنون فلهم الإمتناع وكذا المجذوم والأبرص على الأصح

فصل في أحكام هذا الخيار فيه مسائل

إحداها هذا الخيار على الفور كخيار العيب في البيع هذا هو المذهب
وبه قطع الجمهور
وقيل قولان آخران كخيار العتق
أحدهما يمتد ثلاثة أيام
والثاني يبقى إلى أن يوجد صريح الرضى بالمقام معه أو ما يدل عليه حكاهما الشيخ أبو علي وهما ضعيفان
وهل ينفرد كل واحد من الزوجين بالفسخ أم لا بد من الرفع إلى الحاكم أما التعنين فلا بد من الرفع وفيما سواه وجهان
أصحهما لا بد من الرفع لأنه مجتهد فيه
قال البغوي وعلى الوجهين لو أخر إلى أن يأتي إلى الحاكم ويفسخ بحضرته جاز
ولو وطئها وظهر بها عيب فقالت وطئت عالما فأنكر أو كان العيب به فقال كنج عالمة فأنكرت فالقول قول المنكر على الصحيح
وقال ابن القطان قول الآخر لأن الأصل دوام النكاح
الثانية الفسخ بعيب مقارن للعقد إن كان قبل الدخول سقط كل المهر ولا متعة سواء كان العيب فيه أو فيها لأن شأن الفسخ تراد العوضين
وإن كان بعد الدخول فثلاثة أوجه الصحيح المنصوص أنه يسقط المسمى ويجب مهر

المثل والثاني يجب المسمى والثالث إن فسخ بعيبها فمهر المثل وإن فسخت بعيبه فالمسمى
وأما الفسخ بعيب حادث بعد العقد فإن كان قبل الدخول فلا مهر وإن كان بعده فإن أوجبنا في المقارن المسمى فهنا أولى وإلا فأوجه
أحدها المسمى والثاني مهر المثل وأصحها إن حدث قبل الدخول ثم دخل بها غير عالم بالحال فمهر المثل كالمقارن وإن حدث بعد الدخول فالمسمى لأنه تقرر بالوطء قبل الخلل

فرع إذا اطلع أحد الزوجين على عيب الآخر ومات الآخر قبل الفسخ
يفسخ بعد الموت وجهان حكاهما الحناطي أصحهما لا يفسخ ويتقرر المسمى بالموت
ولو طلقها قبل الدخول ثم علم عيبها لم يسقط حقها من النصف لأن الفرقة حصلت بالطلاق
الثالثة إذا فسخ بعيبها بعد الدخول وغرم المهر فهل يرجع به على من غره قولان
الجديد الأظهر لا
وموضع القولين إذا كان العيب مقارنا للعقد وأما إذا فسخ بعيب حادث فلا رجوع بالمهر مطلقا إذ لا غرور
وقال المتولي القولان إذا كان المغروم هو مهر المثل أما إذا كان المسمى فلا رجوع والأصح ما ذكره البغوي وهو أنه لا فرق بين المسمى ومهر المثل ثم إذا قلنا بالرجوع فإن كان التغرير والتدليس منها دون الولي فالرجوع عليها دونه
وصور المتولي التغرير منها بأن خطب الزوج إليها فلم يتعرض لعيبها وطلبت من الولي تزويجها به وأظهرت له أن الزوج عرف حالها
وصورة الشيخ أبو الفرج الزاز فيما إذا عقدت بنفسها وحكم بصحته حاكم
ثم لفظ الرجوع الذي استعمله الأصحاب يشعر

بالدفع إليها ثم الإسترداد منها
لكن ذكر الشيخ أبو حامد والإمام أنه لا معنى للدفع إليها والإسترداد ويعود معنى الرجوع إلى أنه لا يغرم لها
وهل يجب لها أقل ما يجوز صداقا لئلا يخلو النكاح عن مهر وجهان
ويقال قولان
قلت الأصح عند من قال بالرجوع أنه لا يبقى لها شيئا ويكفي في حرمة النكاح أنه وجب لها ثم استرد بالتغرير
والله أعلم
وإن كان التغرير من الولي بأن خطب إليه فزوج وهو مجبر أو غيره بإذنها ولم يذكر للخاطب عيبها فإن كان عالما بالعيب رجع عليه بجميع ما غرم
وإن كان جاهلا فوجهان لأنه غير مقتصر لكن ضمان المال لا يسقط بالجهل
فإن قلنا لا رجوع إذا جهل فذلك إذا لم يكن محرما كابن عم ومعتق وقاض وحينئذ يكون الرجوع على المرأة
فأما المحرم فلا يخفى عليه الحال غالبا وإن خفي فلتقصيره فيرجع عليه مع الجهل على الصحيح
فإذا قلنا لا رجوع على الجاهل فعلى الزوج إثبات العلم ببينة على إقرار الولي بالعلم
وإن غره أولياء الزوجة فالرجوع عليهم فإن جهل بعضهم وقلنا لا رجوع على الجاهل رجع على من علم
ولو وجد التغرير منها ومن الولي فهل يكون الرجوع عليها فقط لقوة جانبها أم عليهما نصفين فيه وجهان وإن غرت الولي وغر الولي الزوج رجع الزوج على الولي والولي عليها ولم يتعرضوا لما إذا كانت جاهلة بعيبها ولا يبعد مجيء الخلاف فيه
قلت لا مجيء له لتقصيرها الظاهر لا سيما وقد قطع الجمهور بأن الولي المحرم لا يعذر بجهله لتقصيره
والله أعلم

الرابعة المفسوخ نكاحها بعد الدخول لا نفقة لها في العدة ولا سكنى إذا كانت حائلا بلا خلاف وإن كانت حاملا فإن قلنا نفقة المطلقة الحامل للحمل وجبت هنا وإن قلنا بالأظهر
إنها للحال لم تجب
وأما السكنى لا تجب على المذهب وبه قطع الجمهور
وقيل بطرد القولين
وقال ابن سلمة إن كان الفسخ بعيب حادث وجبت وإلا فلا
وإذا لم نوجب السكنى فأراد أن يسكنها حفظا لمائه فله ذلك وعليها الموافقة قاله أبو الفرج السرخسي
فروع تتعلق بهذا السبب رضي أحد الزوجين بعيب صاحبه فحدث إسمعيل به العيب عيب آخر ثبت الخيار بالعيب الحادث على الصحيح
وإن ازداد الأول فلا خيار على الصحيح لأن رضاه بالأول رضى إسمعيلا يتولد منه
ولو فسخ بعيب فبان أن لا عيب فهل يحكم ببطلان الفسخ وباستمرار النكاح وجهان حكاهما الحناطي
قلت الصحيح بطلان الفسخ لأنه بغير حق
والله أعلم
ولو قال علمت عيب صاحبي ولم أعلم أن العيب يثبت الخيار فقولان كنظيره في عتقها تحت عبد
وقيل لا خيار هنا قطعا لأن الخيار بالعيب مشهور في جنس العقود
السبب الثاني الغرور بالإشتراط
فإذا شرط في العقد إسلام المنكوحة فبانت ذمية أو شرط نسب أو حرية في أحد الزوجين فبان خلافه فهل يصح النكاح أم يبطل قولان
أظهرهما الصحة
والقولان فيما إذا اشترطت حريته فبان

عبدا هما إذا نكح بإذن السيد وإلا فلا يصح قطعا
وفيما إذا شرط حريتها فبانت أمة هما إذا نكحت بإذن السيد وكان الزوج ممن يحل له الإماء وإلا فلا يصح قطعا
ويجري القولان في كل وصف شرط فبان خلافه سواء كان المشروط صفة كمال كالجمال والنسب والشباب واليسار والبكارة أو صفة نقص كأضدادها أو كان مما لا يتعلق به نقص ولا كمال هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور
وفي شرح مختصر الجويني أنهما إنما يجريان في النسب والحرية وما يتعلق بالكفاءة فإذا قلنا ببطلان النكاح فرق بينهما ولا شىء على الزوج إن لم يدخل بها وإن دخل فلا حد للشبهة وعليه مهر المثل ولا سكنى لها في العدة وكذا لا نفقة إن كانت حائلا
فإن كانت حاملا فعلى القولين في أن النفقة للحمل أو للحامل إن قلنا للحمل وجبت وإلا فلا وإذا قلنا بصحة النكاح فإن بان الموصوف خيرا مما شرط فلا خيار وإن بان دونه فقد أطلق الغزالي في ثبوت الخيار قولين
وأما سائر الأصحاب فقالوا إن شرط في الزوج نسب شريف فبان خلافه نظر إن كان نسبه دون نسبها فلها الخيار
وإن رضيت هي فلأوليائها الخيار وإن كان نسبه كنسبها أو فوقه إلا أنه دون المشروط فلا خيار لها على الأظهر وقيل لا خيار قطعا ولا خيار للأولياء لأن الكفاءة حاصلة والشرط لا يؤثر في حقهم وإن شرط في الزوجة نسب فبان خلافه فطريقان أصحهما أنه كهي فيثبت له الخيار إن كانت دون نسبه وإلا ففيه القولان
والطريق الثاني لا خيار له قطعا لقدرته على الطلاق وعدم العار عليه
وإن شرطت حريته فخرج عبدا فإن كانت حرة فلها ولوليها الخيار وإن كانت أمة ففي ثبوت الخيار وجهان
وقيل يثبت قطعا
قال الإمام والمتولي وإذا أثبتناه فهو للسيد دون الأمة فإن له أن يجبرها على نكاح عبد بخلاف ما إذا خرج الزوج معيبا فإن الخيار لها لأنه ليس للسيد إجبارها على نكاح معيب بأحد هذه

العيوب
وإن شرط الزوج حرية الزوجة فخرجت أمة فإن كان الزوج حرا فله الخيار على المذهب وإن كان عبدا فلا خيار على المذهب وإن كان المشروط صفة أخرى فإن شرطت في الزوج فبان دون المشروط فلها الخيار وإن شرطت فيها ففي ثبوت الخيار له قولان لتمكنه من الطلاق
قلت الأظهر ثبوته
والله أعلم

فرع في فتاوى البغوي تزوجها بشرط البكارة فوجدت ثيبا فقالت كنت بكرا
لدفع الفسخ ولو قالت كنت بكرا فافتضني فأنكر فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ وقوله بيمينه لدفع كمال المهر
فصل إذا ظنت زيدا كفئا لها وأذنت في تزويجها إياه فبان غير
فلا خيار لها كذا أطلق الغزالي وينبغي أن يفصل فيقال إن كان فوات الكفاءة لدناءة نسبه أو حرفته أو فسقه فلا خيار وإن كان لعيبه فيثبت الخيار وإن كان لرقه فليكن الحكم كما سنذكره إن شاء الله تعالى متصلا بهذا فيمن نكحها ظانا حريتها فبانت أمة بل جانب المرأة أولى بإثبات الخيار
قلت هذا الذي ذكره الغزالي ضعيف وفي فتاوى صاحب الشامل لو تزوجت حرة برجل نكاحا مطلقا فبان عبدا فلها الخيار
وذكر غيره نحو

هذا والمختار ثبوت الخيار بالجميع وقد أنكروا على الغزالي هذه المسألة
وقد ذكر الرافعي بعد هذا قبيل ذكر كتاب الصداق عن فتاوى القاضي حسين أنها لو أذنت في تزويجها برجل ولم تعلم فسقه فبان فاسقا صح النكاح لوجود الإشارة إلى عينه
قال البغوي لكن لها حق الفسخ كما لو أذنت في تزويجها رجلا ثم وجدته معيبا وعجب من الإمام الرافعي كيف قال هنا ما قال مع نقله هذا عن البغوي
والله أعلم

فرع نكح إمرأة يظنها مسلمة فخرجت كتابية فالنص أن له الخيار ولو
ظنها حرة فخرجت أمة وهو ممن يحل له نكاح الأمة فالنص أنه لا خيار وللأصحاب طريقان
أحدهما العمل بظاهر النصين ولتقصير ولي الكافرة بترك العلامة ولأن الكفر منفر
وأصحهما جعل الصورتين على قولين
أظهرهما لا خيار فيهما كما لو اشترى عبدا يظنه كاتبا فأخلف ظنه
فصل الخلف في الشرط إذا قلنا لا يفسد العقد وأنه يثبت الخيار
له الخيار إن أجاز العقد كان للزوجة المهر المسمى وإن فسخ فإن كان قبل الدخول لم يجب نصف المهر ولا المتعة وإن كان بعد الدخول فهل يجب مهر المثل أم المسمى أم أقلهما فيه أوجه الصحيح المنصوص الأول
وهل يرجع الزوج إسمعيل غرمه من المهر على من غره فيه التفصيل والخلاف السابقان في خيار العيب وحكم النفقة والسكنى على ما تقدم

فرع قال الأصحاب التغرير المؤثر هو الذي يكون مقرونا بالعقد على
سبيل الشرط فلو سبق العقد فالصحيح أنه لا يؤثر في صحة العقد ولا في الخيار
وقيل يؤثر فيهما
وأما الرجوع بالمهر إذا قضينا بالرجوع على الغار فقال الغزالي التغرير السابق كالمقارن وحققه الإمام فقال لا يشترط في حصول التغرير دخول الشرط بين الإيجاب والقبول ولا صدوره من العاقد لكن يشترط اتصاله بالعقد
فلو قال فلانة حرة في معرض الترغيب في النكاح ثم زوجها على الإتصال بوكالة أو ولاية فهو تغرير ولو لم يقصد بقوله تحريض سامع واتفق بعد أيام أنه زوجها لمن سمع كلامه فليس ما جرى تغريرا وإن ذكره لا في معرض التحريض وجرى العقد على الإتصال أو ذكره في معرض التحريض وجرى العقد بعد زمان فاصل ففي كونه تغريرا تردد ويشبه أن لا يعتبر الإتصال بالعقد على ما أطلقه الغزالي لأن تعلق الضمان أوسع بابا
فصل إذا غر بحرية أمة وصححنا النكاح فأولاده الحاصلون منها قبل العلم
وسواء كان المغرور حرا أو عبدا لاستوائهما في الظن ثم على المغرور قيمة الأولاد لسيد الأمة على

المشهور لأنه فوت رقهم بظنه
وفي قول حكاه الحناطي لا شىء عليه لأنه معذور
فعلى المشهور إن كان المغرور حرا فالقيمة مستقرة في ذمته وإن كان عبدا فهل تتعلق بذمته أم برقبته أم بكسبه فيه أقوال أظهرها الأول وتعتبر قيمة الأولاد يوم الولادة
وأما الأولاد الحاصلون بعد علمه برقها فهم أرقاء سواء كان المغرور عربيا أو غيره
و للشافعي قول أن العرب لا يجري عليهم الرق والمشهور أن لا فرق
ثم في الفصل مسائل
إحداها في الرجوع بالمهر المغروم على الغار قولان كما سبق في العيب وأما قيمة الأولاد فيرجع بها على الغار على المذهب
وقيل فيه القولان
وإذا قلنا بالرجوع فإنما يرجع إذا غرم كالضامن
فقد سبق في الضامن وجه ضعيف أنه يرجع قبل غرمه فيجيء مثله هنا
والصحيح المنع
فعلى هذا لو كان المغرور عبدا وعلقنا القيمة بذمته فإنما يرجع على الغار بعد عتقه لأنه حينئذ يغرم
أما إذا علقناها بكسبه أو إسمعيل وغرم سيده من كسبه أو من رقبته فيرجع في الحال وللمغرور مطالبة الغار بتحصيله كما ذكرنا في باب الضمان
المسألة الثانية إذا كان المغرور عبدا وقد دخل بالمنكوحة فحيث يجب المسمى يتعلق كسبه وحيث يجب مهر المثل فهل يتعلق بذمته أم برقبته أم بكسبه فيه ثلاثة أقوال
أظهرها الأول
المسألة الثالثة لا يتصور الغرور بحرية الأمة من السيد لأنه متى قال زوجتك هذه الحرة أو على أنها حرة عتقت
وإنما يتصور من وكيل السيد في تزويجها أو منها أو منهما ولا اعتبار بقول من ليس بعاقد ولا معقود عليه فإن كان الغرور من الوكيل رجع المغرور عليه بالقيمة إذا غرمها وبالمهر إن أثبتنا الرجوع به
وإن كان الغرور من الأمة المنكوحة كان الرجوع عليها

لكن لا يرجع في الحال بل يتعلق الغرم بذمتها تطالب به إذا عتقت ولا يتعلق بكسبها قطعا ولا برقبتها على الصحيح وسواء كان الرجوع عليها أو على الوكيل يرجع بكل المهر لأن المهر للسيد وقد أخذه
وإن كان الغرور منها ومن الوكيل فالرجوع عليهما
وفي كيفيته وجهان
أصحهما يرجع بالنصف على الوكيل في الحال وبالنصف عليها إذا عتقت
والثاني أنه له أن يرجع بالجميع على من شاء منهما على الوكيل في الحال وعليها بعد العتق فإن رجع هكذا قال البغوي يرجع المأخوذ منه بالنصف على الآخر
وقال الحناطي وغيره لا يرجع واحد منهما على الآخر لأن التغرير كامل من كل واحد منهما
ولو ذكرت للوكيل حريتها ثم ذكرها الوكيل للزوج رجع المغرور على الوكيل والوكيل عليها بعد العتق
وإن ذكرت للوكيل ثم ذكرت للزوج فالرجوع عليها وإن ذكر الوكيل للزوج أيضا لأنها لما شافهت الزوج خرج الوكيل من الوسط هكذا ذكره البغوي
وعلى هذا فصرة تغريرهما أن يذكرا معا
المسألة الرابعة لو خرجت التي غر بحريتها مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد أو معلقة بصفة فالكلام في صحة النكاح ثم في إثبات الخيار كما سبق إذا كانت قنة لكن إذا خرجت مكاتبة وفسخ النكاح فلا مهر لها إذا كان الغرور منها لأن المهر للمكاتبة فلا معنى للغرم لها والإسترداد منها
وهل يجب أقل ما يجوز أن يكون مهرا فيه الخلاف السابق في العيب
والأولاد الحاصلون قبل علمه بالحال أحرار وعلى المغرور قيمتهم
ولمن تكون القيمة يبنى على أن ولد المكاتبة قن للسيد أم مكاتب كالأم وفيه قولان
وإذا قلنا إنه مكاتب فقتله قاتل فهل قيمته للسيد أم للمكاتبة تستعين به في الأداء فيه قولان فإذا قلنا الولد للسيد أو قلنا هو مكاتب وإذا قتل فالقيمة للسيد غرم المغرور قيمة الأولاد

للسيد ويرجع بها على الوكيل وعليها إن غرت ويأخذ من كسبها
فإن لم يكن كسب ففي ذمتها إلى أن تعتق
وإن قلنا إن القيمة لها فإن كان الغرور منها لم يغرم القيمة لها كالمهر وإن كان من الوكيل غرم لها ورجع على الوكيل

فرع إذا حكمنا ببطلان النكاح بخلف الشرط فالرجوع بمهر المثل إذا غرمه
تفريعا على صحة النكاح
فرع ما ذكرناه من وجوب قيمة الولد هو فيما إذا انفصل الجنين

فلو انفصل ميتا نظر إن انفصل بغير جناية فلا شىء عليه ويجيء فيه وجه سبق نظيره في وطء الغاصب جاهلا بالتحريم
وإن انفصل بجناية بأن ضرب بطنها فأجهضت فله أحوال
أحدها أن يكون الجاني أجنبيا فيجب على عاقلته الغرة ويغرمه المغرور لأنه يغرم له فيغرمه
وقيل لا يغرمه إذ لا قيمة للميت والصحيح الأول وضمانه عشر قيمة الأم لأن الجنين الرقيق يغرم بهذا القدر
فإن كانت قيمة الغرة مثل عشر قيمة الأم أو أكثر فالمستحق للسيد عشر القيمة وإن كان العشر أكثر فوجهان
أصحهما يستحق العشر وهو اختيار القاضي حسين والإمام وغيرهما ونسبه البغوي إلى العراقيين لأنه قدر ما فوته
والثاني ليس له إلا قدر الغرة ويعبر عن هذا بأن الواجب أقل

الأمرين
فعلى الأول لا يتوقف تغريمه على حصول الغرة له
وعلى الثاني يتوقف وينظر إلى ما يحصل له من الغرة فإن كان يجوز ميراث الجنين فذاك وإلا فيغرم أقل الأمرين من حصته من الغرة والعشر ولا يتصور أن يرث مع الأب المغرور إلا الجدة أم الأم ولا تسقط بالأم لأنها رقيقة
الثاني أن يكون الجاني هو المغرور فعلى عاقلته الغرة ويلزم المغرور عشر قيمة الأم إن قلنا في الحال الأول بالأصح أنه يستحق العشر وتسلم الغرة للورثة وإن قلنا بأقل الأمرين تعلق حق السيد بالغرة فيؤدي منها وما فضل يكون للورثة
وعلى التقديرين لا يرث المغرور منها شيئا لأنه قاتل ولا يحجب من بعده من العصبات
فإن كان المغرور عبدا تعلقت الغرة برقبته
ثم إن اعتبرنا الغرة ولم نوجب زيادة عليها فإذا حصلت الغرة صرف إلى السيد منها عشر قيمة الأم فإن فضل شىء فهو للورثة وإن اعتبرنا التفويت سلمت الغرة للورثة وتعلق حق السيد بذمة المغرور
الثالث أن يكون الجاني عبد المغرور فإن اعتبرنا التفويت فحق سيد الأمة على المغرور ولا تتعلق الغرة برقبته إن كان المغرور حائز ميراث الجنين لأنه لا يستحق على عبده شيئا وإن كان معه جدة الجنين تعلق نصيبها برقبته وإن اعتبرنا أقل الأمرين تعلقت الغرة برقبته ليؤدي منها حق السيد
فإن فضل منها شىء فعلى ما ذكرنا
الرابع أن يكون الجاني سيد الأمة فعلى عاقلته الغرة
ثم إن اعتبرنا التفويت سلمت الغرة للورثة وغرم المغرور للسيد عشر قيمة الأم
قال الإمام ويجوز أن يقال انفصاله بجناية السيد كانفصاله بلا جناية فلا يغرم المغرور شيئا

وإن اعتبرنا أقل الأمرين فإذا حصلت الغرة صرف منها العشر إلى السيد
فإن فضل شىء فهو للورثة
قال الإمام إذا كانت الغرة قدر العشر أو أقل وصرفناها إلى السيد كان الحاصل إيجاب المال على عاقلة الجاني للجاني وهو مستبعد

فرع خيار الخلف هل هو على الفور فيه طريقان حكاهما ابن كج
المذهب نعم كخيار العيب والثاني على أقوال خيار العتق
قال البغوي وإذا أثبتنا الفسخ انفرد به من له الخيار ولا يفتقر إلى الحاكم كخيار عيب المبيع ولكن هذا مختلف فيه فليكن كخيار عيب النكاح
السبب الثالث العتق فإذا عتقت أمة تحت حر فلا خيار لها وإن عتقت تحت عبد فلها الخيار إن عتقت كلها فإن أعتق بعضها فلا خيار
وقال المزني لها الخيار
ولو دبرت أو كوتبت أو علق عتقها بصفة فلا خيار
ولو عتقت تحت مكاتب أو مدبر أو من بعضه رقيق فلها الخيار
ولو عتق الزوج وتحته أمة فلا خيار له على الصحيح أو المشهور
ولو عتقا معا فلا خيار ويثبت خيار العتق للصبية والمجنونة عند البلوغ والإفاقة ولا يقوم الولي مقامهما في الفسخ والإجازة
ولو عتق الزوج قبل أن تفسخ العتيقة بطل خيارها على الأظهر المنصوص في المختصر
فروع الفرع الأول طلقها رجعيا فعتقت في العدة فلها الفسخ ليقطع سلطنة الرجعة

وقيل الفسخ موقوف إن راجعها نفذ وإلا فلا
والصحيح الأول
وإذا فسخت هل تستأنف عدة أم تكفي بقية العدة قولان كما لو طلق الرجعية
وإذا قلنا بالبناء فتكمل عدة حر أو أمة فيه خلاف موضعه كتاب العدد
ولو أخرت الفسخ فلها ذلك ولا يبطل لها
ولو أجازت لم تنفذ الإجازة لأنها محرمة جارية إلى بينونة فالإجازة لا تلائم حالها
قال الإمام ولم يخرجوه على وقف العقود لأن شرط الوقف أن يكون مورد العقد ( قابلا لمقصود العقد ) وحكي عن الشيخ أبي محمد حكاية وجه في نفوذ إجازتها
ونقل الغزالي عن بعضهم تخريجا على وقف العقود فإن راجعها نفذت وإلا فلا
ولو ثبت لها العتق فطلقها قبل أن تفسخ فإن كان طلاقا رجعيا بقي حقها في الفسخ والحكم كما لو أعتقت في العدة
وإن كان بائنا فقولان
أحدهما أن الطلاق موقوف وإن فسخت بان أنه لم يقع وإلا بان وقوعه وهذا نصه في الأم
وأظهرهما يقع وهو نصه في الإملاء لمصادفته النكاح ويبطل ومنهم من أنكر القول الأول
ولو طلق الزوج المعيب قبل فسخها ففي وقوع الطلاق ووقفه هذا الخلاف
الفرع الثاني إذا فسخت العتيقة قبل الدخول فلا مهر وليس للسيد منعها من الفسخ
وإن فسخت بعد الدخول نظر إن تقدم الدخول على العتق وجب المسمى وإن تأخر عنه وكانت جاهلة بالحال وجب مهر المثل على المذهب
وقيل المسمى وقيل خلاف فيهما
وأيهما أوجبناه فهو للسيد وكذا لو اختارت المقام معه وجرى في العقد تسمية صحيحة أو فاسدة فالمهر للسيد لأنه وجب بالعقد

وإن زوجها مفوضة فإن دخل بها الزوج أو فرض لها قبل العتق فهو للسيد أيضا
وإن عتقت ثم دخل بها أو فرض لها فهل المهر للسيد أم لها قولان بناء على أن مهر المفوضة يجب بالعقد أم بالفرض أو الدخول
الفرع الثالث خيار العتق على الفور على الأظهر وفي قول يمتد ثلاثة أيام وفي قول إلى أن يصرح بإسقاطه أو تمكن من الوطء طائعة
وفي وجه تتقدر بالمجلس
فإن قلنا بالفور فهو كما ذكرنا في الرد بالعيب في البيع وفي الشفعة
قال الإمام تفريعا على القول الثاني ابتداء الأيام الثلاثة من وقت تخييرها وذلك إذا علمت بالعتق وثبوت الخيار ولا يحسب من وقت العتق
وذكر تفريعا على القوق الثالث أنها لو مكنت ولم يصبها الزوج لم يبطل حقها لأن التمكين من الوطء لا يتحقق إلا عند حصول الوطء وأنه لو أصابها الزوج قهرا ففي سقوط الخيار تردد لتمكنها من الفسخ عند الوطء فإن كان قبض على فمها بقي حقها قطعا
وعلى هذا القول لو قال أصبتها فأنكرت فأيهما يصدق وجهان حكاهما ابن كج لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الإصابة
وإذا اعتبرنا الفور فتمكنت ولم تفسخ أو مضت الأيام الثلاثة أو مكنت من الوطء إذا اعتبرنا ذلك ثم ادعت الجهل بالعتق صدقت بيمينها إن لم يكذبها ظاهر الحال
فإن كذبها بأن كانت معه في بيته ويبعد خفاء العتق عليها فالمصدق الزوج هذا هو المذهب
وقيل في المصدق قولان مطلقا
فإن ادعت الجهل بأن العتق يثبت الخيار صدقت على الأظهر
ولو ادعت الجهل بأن الخيار على الفور قال الغزالي لا تعذر ولم أر المسألة لغيره من الأصحاب ولكن ذكرها العبادي في الرقم

وقال إن كانت قديمة العهد بالإسلام وخالطت أهله لم تعذر وإن كانت حديثة العهد به أو لم تخالط أهله فقولان

فرع هذا الفسخ لا يحتاج إلى مراجعة الحاكم ولا إلى المرافعة إليه
لأنه ثابت بالنص والإجماع كالرد بالعيب والشفعة
قلت وللزوج وطء العتيقة ما لم تفسخ وكذا لزوج الصغيرة والمجنونة العتيقين وطؤهما ما لم تفسخا بعد البلوغ والإفاقة
والله أعلم
السبب الرابع التعنين فالتعنين مثبت للخيار وكذا الجب إن لم يبق ما يمكن الجماع به كأن لا يبقى قدر الحشفة فإن بقي دون قدر الحشفة أو بقي قدرها فأكثر فلا خيار بسبب الجب على المذهب
وعن ابن سلمة أنه خرجه على قولين كالخصي
فعلى المذهب لو عجز عن الجماع به فهو كالسليم العاجز فتضرب له المدة
وعن الشيخ أبي حامد ثبوت الخيار في الحال لأن العيب متحقق والظاهر دوام العجز وفي معناه المرض المزمن الذي لا يتوقع زواله ولا يمكن الجماع معه كذا ذكره الشيخ أبو محمد وغيره
ولو وجدت زوجها خصيا موجوء الخصيتين أو مسلولهما فلا خيار على الأظهر الجديد
وقيل لا خيار قطعا
فرع العنة الطارئة لا تؤثر لأن القدرة تحققت بالوطء فالعجز بعارض
ولو كان له إمرأتان فعن عن إحداهما دون الأخرى ثبت الخيار للتي عن عنها لفوات

الإستمتاع
قال الأصحاب وقد يتفق ذلك لانحباس الشهوة عن إمرأة معينة بسبب نفرة أو حياء ويقدر على غيرها لميل أو أنس
فأما العجز المحقق لضعف في الدماغ أو القلب أو الكبد أو لخلل في نفس الآلة فإنه لا يختلف بالنسوة وكذلك قد يفرض العجز عن القبل والقدرة على الدبر فيثبت الخيار على الصحيح
وحكى الحناطي فيه وجها بعيدا ولو عجز عن افتراع بكر وقدر على ثيب فللبكر الخيار

فصل إذا اعترفت بقدرته على الوطء وقالت إنه يمتنع منه فلا خيار
لها وهل لها مطالبته بوطأة واحدة وهل يجبر هو عليها وجهان
أصحهما لا لأنه حقه فلا يجبر عليه كسائر الوطآت
والثاني نعم لمعنيين
أحدهما استقرار المهر
والثاني حصول الإستمتاع للتعفف
فإن قلنا تجب الوطأة فكانت أمة فالطلب للسيد على المعنى الأول ولها على الثاني
ولو أبرأت الحرة عن مهرها فلا مطالبة على المعنى الأول وتطالب على الثاني ولا يرهق إلى الوطء بل يمهل ليستعد له على العادة
ولو كان به مرض أو عذر أمهل إلى زواله
وإن أصر على الإمتناع بلا عذر حبس
قال الإمام ولا يبعد أن يخرج من الإيلاء أن يطلق القاضي عليه لكن لم يخرجوه
فرع تسقط مطالبة العنين بالفسخ وغير العنين إذا أوجبنا وطأه بتغييب الحشفة

فإن أحكام الوطء كلها منوطة به كالتحليل والتحصين والحدود والكفارة والغسل وفساد العبادة وثبوت المصاهرة وغيرها
قال الإمام وسببه بعد الإتباع أن الحشفة هي التي تحس تلك اللذة قال ويعني بتغيبها أن يشتمل الشفران وملتقاهما عليها
أما لو انقلب الشفران إلى الباطن وكانت الحشفة تلاقي ما انعكس من البشرة الظاهرة ففيه تردد لأنها حصلت في حيز الباطن
وذكر البغوي أن أقل ما يزول به حكم التعنين إن كانت بكرا أن يقتضها بآلة الإقتضاض
وإن كانت ثيبا فأن تغيب الحشفة وهذا يدل على الإقتضاض لا يحصل بتغيب الحشفة
ولوجب بعض ذكره فغيب من الباقي قدر الحشفة فهو كتغيب الحشفة من السليم
وقيل يعتبر تغيب جميع الباقي وهو ظاهر نصه في المختصر ورجحه بعضهم والأول أصح وظاهر النص مؤول

فصل وجدته عنينا فرفعته إلى القاضي وادعت عنته فإن أقر بها أو
بينة على إقراره بها ثبتت
وإن أنكر حلف فإن حلف لم يطالب بتحقيق ما قاله بالوطء وامتنع الفسخ ويعود ما سبق أنه هل يطالب بوطأة واحدة وإن نكل فثلاثة أوجه
أصحها ترد اليمين عليها ولها أن تحلف إذا بان لها عنته بقرائن الأحوال وطول الممارسة
والثاني يقضى عليه بالنكول وتضرب المدة بغير يمين
والثالث لا ترد عليها ولا يقضى بنكوله
وحكى أبو الفرج وجها أن تحليف الزوج لا يشرع أصلا بناء على أن اليمين لا ترد عليها وهو ضعيف ثم ثبوت العنة لا يفيد

الخيار في الحال لكن القاضي يضرب للزوج مدة سنة يمهله فيها وابتداؤها من وقت ضرب القاضي لا من وقت إقراره لأنه مختلف فيه وإنما تضرب المدة إذا طلبت المرأة لكن لو سكتت وحمل القاضي سكوتها على دهشة أو جهل فلا بأس بتنبيهها ثم قولها أنا طالبة حقي على موجب الشرع كاف في ضرب المدة وإن جهلت تفصيل الحكم وسواء في المدة الحر والعبد فإذا تمت السنة ولم يصبها لم ينفسخ النكاح وليس لها فسخه بل ترفعه ثانيا إلى القاضي
وعن الإصطخري أن لها الفسخ بعد المدة والصحيح الأول
وإذا رفعته إليه فإن ادعى الإصابة في المدة حلف فإن نكل ردت اليمين على المرأة وفيه الخلاف السابق
وإذا حلفت أو أقر أنه لم يصبها في المدة فقد جاء وقت الفسخ فإن استمهل ثلاثا فهل يمهل فيه الخلاف المذكور في الإيلاء
وفي استقلالها بالفسخ وجهان
أصحهما الإستقلال كما يستقل بالفسخ من وجد بالمبيع تغيرا وأنكر البائع كونه عيبا وأقام المشتري بينة عند القاضي
والثاني أن الفسخ إلى القاضي لأنه محل نظر واجتهاد أو يأمرها بالفسخ وهذان الوجهان في الإستقلال بعد المرافعة والوجهان السابقان في فصل العيوب مفروضان في الإستقلال دون المرافعة
وإذا قلنا لها الفسخ بنفسها فهل يكفي لنفوذ الفسخ إقرار الزوج أم لا بد من قول القاضي ثبتت العنة أو ثبت حق الفسخ فاختاري فيه وجهان
أصحهما الثاني
ولو قالت اخترت الفسخ ولم يقل القاضي نفذته ثم رجعت هل يصح الرجوع ويبطل الفسخ وجهان في مجموع ابن القطان
أصحهما المنع
ويشبه أن يكون هذا الخلاف مفرعا على استقلالها بالفسخ أما إذا فسخت بإذن فإن الإذن السابق كالتنفيذ

فرع إنما تحسب ( المدة ) إذا لم تعتزل عنه فإن اعتزلت أو مرضت لم تحسب
ولو سافرت حبست على الأصح لئلا يدافع المطالبة بذلك
وإذا عرض ما يمنع الإحتساب في أثناء السنة وزال فالقياس أن يستأنف السنة أو ينتظر مضي مثل ذلك الفصل في السنة الأخرى

فرع الفسخ بالعنة بعد ثبوتها كالفسخ بسائر العيوب والمذهب أنه على الفور ويجيء فيه الخلاف السابق هناك

وإذا رضيت بالمقام معه بعد مضي المدة يسقط حقها من الفسخ ولا رجوع لها إليه
فإن فسخت في أثناء المدة لم تنفذ
وإن أجازت ورضيت بالمقام معه في المدة أو قبل ضرب المدة فالأظهر أنه لغو ويثبت لها الخيار بعد المدة
وإن رضيت بعد المدة ثم طلقها رجعيا ثم راجعها لم يعد حق الفسخ لأنها رضيت بعنته في هذا النكاح ويتصور الطلاق الرجعي بغير وطء يزيل العنة بأن يستدخل ماءه أو يطأها في الدبر فتجب العدة وحكم العنة باق
ولو بانت بانقضاء العدة أو كان الطلاق بائنا أو فسخت النكاح ثم تزوجها ثانيا ففي تجدد حق الفسخ قولان
أظهرهما التجدد لأنه

نكاح جديد وتضرب المدة ثانيا
ولو نكح إمرأة ابتداء وأعلمها أنه عنين فقال صاحب الشامل وغيره هو على القولين
وذكر البغوي فيما إذا نكح إمرأة ابتداء وهي تعلم أنه حكم بعنته في حق إمرأة أخرى طريقين
أحدهما على القولين
والثاني القطع بالثبوت لأنه قد يعجز عن إمرأة دون أخرى
ولو نكح إمرأة أو أصابها ثم أبانها ثم نكحها وعن عنها فلها الخيار قطعا لأنها نكحته غير عالمة بعنته

فرع إذا ادعت إمرأة الصبي والمجنون العنة لم تسمع دعواها ولم تضرب
مدة لأن المدة والفسخ يعتمدان إقرار الزوج أو يمينها بعد نكوله وقولهما ساقط
ونقل المزني أنه إن لم يجامعها الصبي أجل ولم يثبته عامة الأصحاب قولا وقالوا غلط المزني
وإنما قال الشافعي في الأم والقديم إن لم يجامعها الخصي أجل وهذا المذكور في الخصي تفريع على أنه لا خيار بالإخصاء أو رضيت به ووجدته مع الأخصاء عنينا وإلا فالخيار في الخصي لا تأجيل فيه كالجب
وحكى الحناطي وجها أن المراهق الذي يتأتى منه الجماع تسمع دعوى التعنين عليه وتضرب له المدة وبه قال المزني وهو ضعيف

فرع جن الزوج في أثناء السنة ومضت السنة وهو مجنون فطلبت
لم تجب إليها لأنه لا يصح إقراره
فرع مضت السنة فأمهلته شهرا أو سنة أخرى فوجهان

أحدهما وبه قال ابن القطان وغيره لها ذلك ولها أن تعود إلى الفسخ متى شاءت كما إذا أمهل بعد حلول الأجل لا يلزم الإمهال والصحيح بطلان حقها بهذا الإمهال لأنه على الفور
فرع إذا فسخت بالعنة فلا مهر على المشهور لأنه فسخ قبل الدخول

وفي قول يجب نصف المهر وفي قول كله حكاهما صاحب التقريب عن حكجية الإصطخري
فصل قال الأصحاب إذا اختلف الزوجان في الوطء فالقول قول نافيه عملا
بأصل العدم إلا في ثلاثة مواضع
إحداها إذا ادعت عنته فقال أصبتها فالقول قوله بيمينه سواء كان ذلك قبل المدة أم بعدها وسواء كان خصيا أو مقطوع بعض الذكر إذا كان الباقي بحيث يمكن الجماع به أو ادعت عجزه
وقيل في الخصي والمقطوع

فالقول قولها بيمينها لأن ذلك يقوي جانبها والصحيح الأول
ولو اختلفا في القدر الباقي هل يمكن الجماع به قال الأكثرون فالقول قولها
وقال صاحب الشامل ينبغي أن يرى أهل الخبرة ليعرفوا قدره ويخبروا عن الحال كما لو ادعت أنه مجبوب فأنكر قال المتولي وهذا هو الأصح
ولو ادعت عجزه بعد مضي السنة وادعى أنها امتنعت فإن كان لأحدهما بينة حكم بها وإلا فالقول قوله لأن الأصل دوام النكاح
فإذا حلف ضرب القاضي المدة ثانيا وأسكنهما في جوار قوم ثقات يتفقدون حالهما
فإذا مضت المدة اعتمد القاضي قول الثقات وجرى عليه كذا ذكره المتولي
الثاني إذا طالبته في الإيلاء بالفيأة والطلاق فقال وطئتها فالقول قوله استدامة للنكاح
ولو قالت في هذين الموضعين أنا بكر فوجهان
أحدهما وهو ظاهر النص إن شهد أربع نسوة ببكارتها حكم بعدم الإصابة من غير تحليفها فلو قال بعد شهادتهن أصبتها ولم أبالغ فعادت البكارة وطلب يمينها سمعت دعواه وحلفت
وإن لم يدع شيئا لم تحلف
والثاني وبه قال أبو علي في الإفصاح وابن القطان وابن كج والإمام والغزالي وغيرهم تحلف الزوجة مع البينة على قيام البكارة لأن البكارة وإن كانت موجودة فاحتمال الزوال والعود قائم وإن لم يدع الزوج فلا بد من الإحتياط
ثم إذا حلفت بعد دعواه أو دونها ( حلفت ) على أنه لم يصبها أو على أن بكارتها هي البكارة الأصلية ولها حق الفسخ بعد يمينها
وإن نكلت حلف الزوج وبطل الخيار
وإن نكل الزوج أيضا فوجهان
أصحهما لها الفسخ ويكون نكوله كحلفها لأن

الظاهر أن بكارتها هي الأصلية
والثاني المنع لأن ما قاله محتمل والأصل دوام النكاح
الموضع الثالث قالت طلقني بعد الدخول فلي كل المهر فقال بل قبله فلك النصف فالقول قوله للأصل وعليها العدة مؤاخذة بقولها ولا نفقة ولا سكنى وللزوج نكاح بنتها وأختها وأربعا سواها في الحال
فلو أتت بولد لزمن محتمل ثبت النسب وتقوى به جانبها فيرجع إلى تصديقها وتطالب الزوج بالنصف الثاني ولا بد من يمينها على ما ذكره الإمام والعبادي لأن ثبوت النسب لا يورث يقين الوطىء ويمكن أن يجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا ظهرت البكارة وهذه الصورة هي محل الإستثناء من تصديق النافي
فإن لاعن الزوج ونفى الولد فقد زال المرجح فتعود إلى تصديقه ويستمر الأمر على ما سبق
وحيث قلنا القول قول نافي الإصابة فذلك إذا لم يوافق على جريان خلوه فإن وافق فقولان
أظهرهما أن الحكم كذلك والثاني تصديق المثبت
فعلى هذا تضم هذه الصورة إلى مواضع الإستثناء من تصديق النافي وتصير أربعة وبالله التوفيق
قلت عجب قول الإمام الرافعي رحمه الله فيما إذا أتت بولد لزمن محتمل أنها المصدقة ويمكن أن يجيء فيه الخلاف والمسألة مشهورة ففي المهذب و التنبيه وغيرهما من الكتب المشهورة في المسألة قولان في أن القول قولها أم قوله لأن النسب يثبت بالإمكان ولأنه قد يولج بعض الحشفة أو يباشر فيما قارب الفرج فيدخل المني فيلحق النسب ولا وطء
والله أعلم

الباب التاسع فيما يملك الزوج من الإستمتاع
وفيه مسائل
إحداها له جميع أنواع الإستمتاع إلا النظر إلى الفرج ففيه خلاف سبق في حكم النظر وإلا الإتيان في الدبر فإنه حرام ويجوز التلذذ بما بين الإليتين والإيلاج في القبل من جهة الدبر
فرع الإتيان في الدبر كالإتيان في القبل في أكثر الأحكام كإفساد العبادة ووجوب
وغيرها لكن لا يحصل به الإحصان ولا التحليل ولا الفيأة في الإيلاء ولا يزول حكم التعنين وفي هذين الأخيرين وجه ضعيف
ويثبت به النسب على الأصح وإنما يظهر الوجهان فيما إذا أتى السيد أمته في دبرها أو كان ذلك في نكاح فاسد
فأما في النكاح الصحيح فإمكان الوطء كاف في ثبوت النسب ويجب به مهر المثل في النكاح الفاسد قطعا ويستقر به المسمى في النكاح الصحيح على المذهب
فإن قلنا لا يستقر فقال الحناطي لها مهر المثل فإن وطئها بعده فلها المسمى وترد مهر المثل على الأصح
وفي وجه لها المسمى ومهر المثل
وإن لم يطأها وطلقها فقد وجب لها مهر المثل وللزوج عندها المسمى
فإن كانا من جنس جرت أقوال التقاص وهذا كلام مظلم لا يهتدى إليه

قلت الذي يقتضيه كلام الأصحاب إنا إذا قلنا لا يستقر المسمى لا يجب أيضا مهر المثل وهذا الذي ذكره الحناطي مظلم كما قال الرافعي وعجب قوله وإذا طلقها قبل الدخول له عليها المسمى وقد علم أن الطلاق قبل الدخول يشطر المسمى
والله أعلم
وتثبت به المصاهرة على الأصح والعدة على الصحيح ولا يشترط نطق المصابة في دبرها إذا استؤذنت في النكاح على الأصح
وإذا وطىء أمته أو زوجته في دبرها فلا حد على الصحيح
قلت قال أصحابنا ( حكم ) الوطء في الدبر كالقبل إلا في سبعة أحكام التحليل والتحصين والخروج من الفيأة والتعنين وتغير إذن البكر
والسادس أن الدبر لا يحل بحال والقبل يحل في الزوجة والمملوكة
والسابع إذا جومعت الكبيرة في دبرها فاغتسلت ثم خرج مني الرجل من دبرها لم يجب غسل ثان بخلاف القبل فقد يجيء في بعض المسائل وجه ضعيف ولكن المعتمد ما ذكرناه
والله أعلم
المسألة الثانية العزل هو أن يجامع فإذا قاربالإنزال نزع فأنزل خارج الفرج والأولى تركه على الإطلاق
وأطلق صاحب المهذب كراهته ولا يحرم في السرية بلا خلاف صيانة للملك ولا يحرم في الزوجة على المذهب سواء الحرة والأمة بالإذن وغيره
( وقيل يحرم وقيل يحرم بغير إذن ) وقيل يحرم في الحرة

وأما المستولدة ففيها خلاف مرتب على المنكوحة الحرة وأولى بالجواز لأنها غير راسخة في الفراش ولهذا لا يقسم لها
قال الإمام وحيث حرمنا فذلك إذا نزع بقصد أن يقع الإنزال خارجا تحرزا عن الولد فأما إذا عن له أن ينزع لا على هذا القصد فيجب القطع بأن لا يحرم
الثالثة الإستنماء باليد حرام ونقل ابن كج أنه توقف فيه في القديم
والمذهب الجزم بتحريمه ويجوز أن يستمني بيد زوجته وجاريته كما يستمتع بسائر بدنها ذكره المتولي ونقله الروياني
الرابعة القول في تحريم الوطء في الحيض والنفاس وتحريم سائر الإستمتاعات كما سبق في باب الحيض
ونقل ابن كج عن أبي عبيد بن حربويه أنه يجتنب الحائض في جميع بدنها
قلت هذا الوجه غلط فاحش يخالف الأحاديث الصحيحة المشهورة كقوله صلى الله عليه وسلم إصنعوا كل شىء سوى النكاح وأنه صلى الله عليه وسلم كان يباشر الحائض فوق الإزار فقد خالف قائله إجماع المسلمين
والله أعلم
الخامسة لا بأس أن يطوف على إمائه بغسل واحد لكن يستحب أن يخلل بين كل وطئين وضوء أو غسل الفرج كما ذكرنا في كتاب الطهارة ولا يتصور ذلك في الزوجات إلا بإذنهن
وأما حديث الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه بغسل واحد فمحمول على إذنهن إن قلنا كان القسم واجبا عليه صلى الله عليه وسلم وإلا فهن كالإماء
السادسة يكره أن يطأ وهناك أمته أو زوجته الأخرى وأن يتحدث بما جرى بينه وبين زوجته أو أمته

قلت ويسن ملاعبته الزوجة إيناسا وتلطفا ما لم يترتب عليه مفسده للحديث الصحيح هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك
ويستحب أن لا يعطلها وأن لا يطيل عهدها بالجماع من غير عذر وأن لا يترك ذلك عند قدومه من سفره لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فإذا قدمت فالكيس الكيس أي ابتغ الولد
والسنة أن يقول عند الجماع باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا للحديث الصحيح فيه ولا يكره الجماع مستقبل القبلة ولا مستدبرها لا في البنيان ولا في الصحراء ويحرم على الزوجة والأمة تحريما غليظا أن تمتنع إذا طلبها للإستمتاع الجائز ولا يحرم وطء المرضع والحامل ويكره أن تصف المرأة إمرأة أخرى لزوجها من غير حاجة للحديث الصحيح في النهي عن ذلك

الباب العاشر في وطء الأب جارية ابنه
ونكاحه إياها ووجوب إعفافه فيه ثلاثة أطراف
الطرف الأول في وطئها فيحرم على الأب وطء جارية ابنه مع علمه بالحال فإن وطئها نظر أهي موطوءة الإبن أم لا الحالة الأولى أن لا تكون وفيه مسائل
المسألة الأولى لا حد على الأب لشبهة الإعفاف
وعن الإصطخري تخريج قول في وجوب الحد والمذهب الأول
وعلى هذا فيعزر على الأصح لحق الله تعالى
وقيل لا يعزر
فعلى تخريج الإصطخري هو كالزنا بأمة

أجنبي
فإن أكرهها وجب مهر المثل وإن طاوعته فوجهان
وعلى المذهب هو كوطء الشبهة فعليه المهر للإبن
فإن كان موسرا أخذ منه
وإن كان معسرا ففي ذمته إلى أن يوسر
وقيل إن كان معسرا لم يثبت في ذمته
والصحيح الأول
المسألة الثانية كما يسقط الحد ويجب المهر تثبت المصاهرة فتحرم الجارية على الإبن أبدا وستمر ملكه عليها إذا لم يوجد على الأب إحبال ولا شىء على الإبن بتحريمها لأن مجرد الحل في ملك اليمين غير متقوم وإنما المقصود الأعظم فيه المالية وهي باقية وله تزويجها وتحصيل مهرها بخلاف ما لو وطىء زوجة إبنه أو أبيه بالشبهة فإنه يغرم المهر له لأنه فوت الملك والحل جميعا ولأن الحل هناك هو المقصود
( المسألة ) الثالثة إذا أحبلها بوطئه فالولد نسيب حر كما لو وطىء جارية أجنبي بشبهة
وهل تصير الجارية أم ولد للأب فيه أقوال
أظهرها نعم
والثالث إن كان الأب موسرا فنعم وإلا فلا
وضعف الأصحاب هذا
فإن قلنا به قال الإمام يجب أن تخرج الأقوال الثلاثة في تعجيل الإستيلاد وتأخيره إلى أداء القيمة أو التوقف كما في سراية العتق في نصيب الشريك
وإذا قلنا لا يثبت اإستيلاد فعلى الأب قيمة الولد باعتبار يوم الإنفصال إن انفصل حيا لأن الرق اندفع بسببه
وإن انفصل ميتا فلا شىء عليه ولا يجوز للإبن بيع الأمة ما لم تضع لأنها حامل بحر وهل على الأب قيمتها في الحال للحيلولة ثم تسترد عند الوضع وجهان
أصحهما المنع لأن يده مستمرة عليها ومنتفع بالإستخدام وغيره بخلاف الآبق من يد الغاصب
و 4 هكذا الحكم في الجارية المغرور

بحريتها والموطوءة بشبهة إذا أحبلتا وإذا ملك الأب هذه الجارية يوما هل تصير أم ولد فيه قولان معروفان
أما إذا قلنا بالأظهر إنها تصير أم ولد فيجب على الأب قيمتها مع المهر
فإن اختلفا في القيمة فالقول قول الأب على المذهب لأنه غارم وقيل قولان
ومتى ينتقل الملك في الجارية إلى الأب فيه أربعة أوجه
أحدها قبيل العلوق ليسقط ماؤه في ملكه صيانة له وبهذا قطع البغوي
والثاني مع العلوق واختاره الإمام
والثالث عند الولادة
والرابع عند أداء القيمة بعد الولادة
وفي وجوب قيمة الولد على الأب وجهان
أصحهما المنع
قال الإمام لو فرض الإنزال مع تغييب الحشفة فقد اقترن موجب المهر بالعلوق فينبغي أن ينزل المهر منزلة قيمة الولد
والذي أطلقه الأصحاب من لزوم المهر محمول على ما إذا تأخر الإنزال عن موجب المهر على ما هو الغالب
قال البغوي لا ولاء على الولد إن أثبتنا الإستيلاد وكذا إن لم يثبت على الأصح
المسألة الرابعة إستولد الأب جارية مشتركة بين ابنه وأجنبي فثبوت الإستيلاد في نصيب الإبن على الأقوال السابقة فإن أثبتناه وكان موسرا سرى إلى نصب الشريك فالولد حر وعلى الأب كمال المهر وكمال القيمة للإبن والأجنبي
وإن كان معسرا لم يثبت الإستيلاد في نصيب الشريك ويكون نصف الولد حرا ونصفه رقيقا على الأظهر
وحكى أبو سعد الهروي وجها أن الإستيلاد

لا يثبت في نصيب الشريك بحال ولا يجعل حق الملك وشبهته كحقيقة الملك ولو كان نصف الجارية للإبن ونصفها حرا اقتصر الإستيلاد على نصيب الإبن لا محالة
( المسألة ) الخامسة لو كان الأب المستولد رقيقا فلا حد عليه ولا تصير أم ولد لأنه لا يملك والولد نسيب
وفي حريته وجهان
أفتى القفال بالحرية كولد المغرور وقيمته في ذمته إلى أن يعتق والمهر يتعلق برقبته إن كانت مكرهة وإن طاوعته فهل يتعلق برقبته أم بذمته قولان كما لو وطىء العبد أجنبية بشبهة
ولو كان الأب المحبل مكاتبا ففي ثبوت الإستيلاد وجهان بناء على القولين في ثبوته إذا أولد جارية نفسه
ولو كان نصفه حرا ونصفه رقيقا لم يثبت الإستيلاد ويكون نصف الولد حرا وفي نصفه الآخر وجهان
قال البغوي إن قلنا إنه حر أيضا فعليه كمال قيمة الولد نصفها في كسبه ونصفها في ذمته
وإن قلنا نصفه الآخر رقيق فعليه قيمة نصفه في كسبه

فرع لا فرق في الأحكام المذكورة بين الأب المسلم والذمي وتجري الأقوال
في ثبوت إستيلاد ( الذمي وإن كان الكافر لا يشتري المسلم لأنه ملك قهري كالإرث
فرع وطء الأب جارية البنت والحفدة كجارية ) الإبن بلا فرق

( الحالة ) الثانية أن تكون الجارية موطوءة الإبن ووطئها الأب عالما بالحال فلا حد عليه على الأصح أو الأظهر
والخلاف مبني على القولين في وجوب الحد على من وطىء جاريته المحرمة عليه برضاع أو نسب أو مصاهرة
الجديد الأظهر لا حد
قال الروياني في التجربة الخلاف فيما إذا لم يكن الإبن استولدها فإن كان وجب الحد قطعا كذا قاله الأصحاب لأنه لا يتصور أن يملكها بحال بخلاف ما إذا كانت موطوءة غير مستولدة فإن أوجبنا الحد على الأب لم تحرم الجارية على الإبن ويجب المهر إن كانت مكرهة
وإن كانت طائعة لم تجب على الأصح
وإن أولدها لم تصر أم ولد له ويكون الولد رقيقا غير نسيب
وعلى هذا القياس إذا وطىء الرجل جاريته المحرمة عليه برضاع وغيره وأولدها لا تصير أم ولد إن أوجبنا الحد
وقيل يثبت النسب والإستيلاد هنا وفي جارية الإبن وإن أوجبنا الحد فيهما والصحيح الأول
ولو أولد أحد الشريكين الجارية المشتركة ثبت النسب والإستيلاد وإن قلنا بالقديم إنه يجب الحد لأنه وطء صادف ملكه حقيقة وإنما أوجبنا الحد صيانة لملك الشريك
أما إذا قلنا لا حد على الأب فهو كما لو كان جاهلا يلزمه المهر وتصير الجارية محرمة عليهما أبدا
فإن أولدها فإن كانت مستولدة الإبن لم تصر مستولدة له لأن أم الولد لا تقبل النقل وإلا ففي مصيرها مستولدة للأب الأقوال الثلاثة السابقة في الحالة الأولى

فرع لو وطىء مكاتبه ابنه وأولدها ففي مصيرها مستولدة للأب وجهان
أحدهما لا لأن المكاتبة لا تقبل النقل
والثاني نعم لأنها تقبل الفسخ بخلاف الإستيلاد

وهذا أصح عند البغوي وبالأول قطع القاضي أبو سعد الهروي
قال وليس كما لو أولد مكاتبته فإنه ينفذ الإستيلاد لأنه لا نقل ولا يحتاج إلى فسخ الكتابة بل يجتمع الإستيلاد والكتابة ولا منافاة

فرع كانت جارية الإبن منكوحة رجل فأولدها الأب ففي ثبوت الإستيلاد الأقوال الثلاثة
سيدها ولا يجوز للزوج وطؤها في مدة الحمل
فصل لو وطىء الإبن جارية الأب فهو كوطء الأجنبي

فإن كان بشبهة نظر إن ظنها أمته أو زوجته الحرة فالولد حر وعليه قيمته للأب
وإن ظنها زوجته الرقيقة انعقد الولد رقيقا ثم عتق على الجد ولا يجب على الإبن قيمته
وإن وطئها عالما بالتحريم فهو زنا يتعلق به الحد لأن الإبن لا يستحق الإعفاف على الأب فلا شبهة له بخلاف العكس ويلزم الإبن المهر إن كانت مكرهة وإلا فلا على الأصح
ولو أتت بولد فهو رقيق للأب ولا يعتق عليه إذ لا نسب
الطرف الثاني في نكاحه جارية الإبن للشافعي رضي الله عنه في جوازه نصان
قيل هما قولان بناء على وجوب الإعفاف إن لم نوجبه جاز وإلا فلا
وقطع الجمهور بأنه لا يجوز قطعا
قالوا ونقل الجواز غلط إنما قال

الشافعي يجوز ان يتزوج جارية أبيه فصحف المزني ومنهم من تأوله على ما إذا كان الإبن معسرا لا يجد مؤونة الإعفاف وكانت له جارية يحتاج إلى خدمتها فيجوز أن يتزوجها الأب أو كان الأب مع إعساره صحيح البدن فإنا لا نوجب نفقته وإعفافه على قول فيجوز أن يتزوجها
والصحيح في هاتين الصورتين أنه يبنى جواز نكاحه جارية الإبن على أنه لو أولد جارية ابنه هل تصير مستولدة له إن قلنا لا جاز وإلا فلا
وكذا الحكم إذا قلنا لا يجب الإعفاف هذا كله إذا كان الأب حرا
فلو كان رقيقا فله نكاح جارية ابنه لأنه لا تجب نفقته ولا إعفافه
وإذا استولد الرقيق جارية ابنه لم تصر أم ولد له كما سبق
ولو نكح الأب جارية أجنبي فملكها الإبن وكان الأب بحيث لا يجوز له نكاح الأمة لم ينفسخ نكاحه على الأصح
ويجري الوجهان فيما لو نكح جارية ابنه ثم عتق هل ينفسخ إن قلنا لا ينفسخ أو جوزنا نكاح جارية ابنه ابتداء فأولدها فقال الشيخ أبو حامد والعراقيون والشيخ أبو علي والبغوي وغيرهم لا تصير أم ولد له لأنه رضي برق ولده ( حين ) نكحها ولأن النكاح حاصل محقق فيكون واطئا بالنكاح لا بشبهة الملك بخلاف ما إذا لم يكن نكاح
وقال الشيخ أبو محمد ومال إليه الإمام يثبت الإستيلاد وينفسخ النكاح
فرع لا يجوز للسيد نكاح جارية مكاتبه لشبهته ( فيها )
ولو أولد أمة مكاتبه

صارت أم ولد للسيد
ولو نكح أمة فملكها مكاتبة انفسخ نكاحه على الأصح لأن تعلق السيد بملك المكاتب أشد من تعلق الأب
قلت ويجوز نكاح جارية ابنه من الرضاع ونكاح جارية أبيه وأمه قطعا لعدم وجوب الإعفاف
والله أعلم
الطرف الثالث في إعفاف الأب
المشهور أنه يلزم الولد إعفاف الأب
وخرج ابن خيران قولا أنه لا يجب كما لا يجب إعفاف الإبن ولا الإعفاف في بيت المال ولا على المسلمين
التفريع على المشهور
فسبيل الإعفاف سبيل النفقة فيجب للمعسر الزمن وفي المعسر الصحيح قولان كالنفقة
وقيل حيث تجب النفقة فالإعفاف أولى وإلا فقولان لأن النفقة إذا لم تجب على الولد وجبت في بيت المال
وقيل حيث لا نفقة فلا إعفاف وإلا فقولان لأن النفقة أهم ولهذا يجوز للمضطر أكل طعام غيره بخلاف الجماع

فرع حيث وجب الإعفاف يستوي في لزومه الإبن والبنت ويثبت للأب والأجداد
من جهتي الأب والأم وإن علوا ويثبت للكافر على الأصح
ولو اجتمع أصلان محتاجان فإن وفى مال الولد بإعفافهما وجب
فإن لم يف إلا بأحدهما نظر إن اختلفا في الدرجة قدم الأقرب إن استويا في العصوبة أو عدمها
فإن كان للأبعد عصوبة دون الأقرب كأبي أبي أب مع أبي أم فالأول أولى على الأصح
وقيل هما سواء
وإن لم يكن لواحد عصوبة كأبي أم الأب

وأبي أبي الأم فسواء
وحيث استويا يقرع بينهما على الصحيح
وقيل يقدم القاضي باجتهاده
قلت قال الإمام إن رأينا القرعة لم يرفع الأمر إلى القاضي وإن قلنا يجتهد القاضي فأدى اجتهاده إلى شىء فعل
فإن استويا في نظره تعينت القرعة
والله أعلم
ولو اجتمع عدد ممن يجب عليهم الإعفاف كالأولاد والأحفاد فليكن حكمه كما سيأتي في النفقات إن شاء الله تعالى

فرع لا يجب إعفاف قادر على إعفاف نفسه بماله وكذا الكسوب الذي
بكسبه عن غيره كذا قاله الشيخ أبو علي وينبغي أن يجيء فيه الخلاف المذكور في النفقة
ولو وجد قدر النفقة ولم يجد مؤونة الإعفاف فهل يجب الإعفاف لحاجته إليه أم لا لعدم وجوب النفقة وجهان
أصحهما الأول
ولو سقط وجوب النفقة أياما لعارض قال الإمام لا ينبغي أن يكون هنا خلاف في وجوب الإعفاف
ولو قدر على سرية ولم يقدر على مهر حرة فالمتجه أن لا يجب إعفافه لأنة لا يتعين في إعفافه تزويجه حرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى

فرع شرط الإعفاف الحاجة إلى النكاح فإذا ظهرت الحاجة إلى قضاء
والرغبة في النكاح صدق بغير يمين لأن تحليفه في هذا المقام لا يليق بحرمته لكن لا يحل له طلب الإعفاف إلا إذا صدقت شهوته بحيث يخاف العنت أو يضر به التعزب أو يشق عليه الصبر
فصل المراد بالإعفاف أن يهيىء له مستمتعا بأن يعطيه مهر حرة ينكحها
أو يقول تزوج وأنا أعطي المهر أو يباشر النكاح بإذن الأب ويعطي المهر أو يملكه جارية تحل للأب أو ثمن جارية
وسواء كانت الحرة المنكوحة مسلمة أو كتابية وأومأ الروياني إلى وجه ( أن ) الكتابية لا تكفي وهو شاذ وليس للأب ( أن ) يعين النكاح ولا يرضى بالتسري ولا إذا اتفقا على النكاح أن يعين رفيعة المهر لجمال أو شرف
ولو اتفقا على مهر مقدر فتعيين المرأة إلى الأب ولا يجوز أن يملكه أو يزوجه شوهاء أو عجوزا ثم على الولد أن ينفق على زوجة الأب أو أمته ويقوم بمؤوناتها
ولو أيسر الأب بعدما ملكه الولد جارية أو ثمنها لم يكن له الرجوع كما لو أعطاه نفقة فلم يأكلها حتى أيسر
ولو كان تحته صغيرة أو عجوز أو رتقاء ولم تندفع حاجته فالقياس وجوب الإعفاف وأنه لا يجتمع عليه نفقتان
ولو ماتت الأمة التي ملكه إياها أو الحرة التي تزوجها أو فسخت النكاح بعيبه أو فسخ بعيبها أو انفسخ بردة

أو رضاع بأن أرضعت التي نكحها صغيرة كانت زوجة له وجب على الولد تجديد الإعفاف كما لو دفع إليه نفقة فسرقت منه
وقيل لا يجب والصحيح الأول
قلت قال الإمام ولو فرض الإعفاف مرارا أو بموت الزوجات تجدد الأمر بوجوب الإعفاف ما دامت الحاجة ولا ينتهي ذلك وإن كثر تكرار الإعفاف
والله أعلم
فلو طلقها أو خالعها أو أعتق الأمة فإن كان لعذر من شقاق أونشوز أو غيرهما وجب التجديد على الأصح وإلا فلا
وفي التتمة وجه أنه إذا طلق لزمه أن يزوجه مرة أخرى أو يسريه
فإن طلق ثانيا لم يزوجه بعد ذلك بل يسريه ويسأل الحاكم الحجر عليه لئلا ينفذ إعتاقه
وإذا وجب التجديد فإن كانت بائنة لزم التجديد في الحال وإن كانت رجعية لم يجب إلا بعد انقضاء العدة

فرع إذا قلنا لا يجب الإعفاف فللأب المحتاج أن ينكح أمة
وإن أوجبناه فوجهان
أحدهما يجوز لأنه غير مستطيع حرة وخائف العنت
وأصحهما المنع لأنه مستغن بمال ولده
فإن قلنا بالأول حصل الإعفاف بأن يزوجه أمة

الباب الحادي عشر في أحكام نكاح الأمة والعبد
فيه طرفان
الطرف الأول في نكاح الأمة وفيه مسائل
إحداها إذا زوج أمته لم يلزمه تسليمها إلى الزوج ليلا ونهارا لكن يستخدمها نهارا ويسلمها إلى الزوج ليلا
ولو أراد السيد أن يسلمها نهارا بدلا عن الليل لم يكن له
ولو قال السيد لا أخرجها من داري ولكن أخلي لك بيتا لتدخله وتخلو بها فقولان
أظهرما ليس له ذلك فإن الحياء والمروءة تمنعانه دخول دار غيره
وعلى هذا فلا نفقة على الزوج كما لو قالت الحرة أدخل بيتي ولا أخرج إلى بيتك
والثاني للسيد ذلك لتدوم يده على ملكه مع تمكن الزوج من حقه
فعلى هذا يلزمه النفقة
فإن قلنا بالأول وكانت محترفة فقال الزوج دعوها تحترف للسيد في يدي وبيتي فليس له ذلك على الأصح
المسألة الثانية للسيد أن يسافر بها لأنه مالك رقبتها ولا يمنع الزوج من المسافرة معها ولا يكلف أن يسافر بها وينفق عليها
وإذا لم يسافر معها لم يكن عليه نفقتها
وأما الهر فإن دخل بها فقد استقر وعليه تسليمه وإلا فلا
فإن كان سلمه فله أن يسترده
قلت وليس للزوج المسافرة بها منفردا إلا بإذن السيد
والله أعلم

( المسألة ) الثالثة ولو سامح السيد فسلمها ليلا ونهارا فعلى الزوج تسليم المهر وتمام النفقة وإن لم يسلمها إلا ليلا فهل تجب جميع النفقة أم نصفها أم لا يجب شىء فيه أوجه
أصحها عند جمهور العراقيين والبغوي أنه لا يجب شىء ويجري الوجهان الأخيران فيما إذا سلمت الحرة نفسها ليلا واشتغلت عن الزوج نهارا
قلت الصحيح الجزم في الحرة بأنه لا يجب شىء في هذه الحال
والله أعلم
وأما المهر فقال الشيخ أبو حامد لا يجب تسليمه كالنفقة
وقال القاضي أبو الطيب يجب
قال ابن الصباغ لأن التسليم الذي يتمكن معه ( من ) الوطء قد حصل وليس كالنفقة فإنها لا تجب بتسليم واحد
قلت الأصح الوجوب
والله أعلم
المسألة الرابعة هلاك المنكوحة بعد الدخول لا يسقط شيئا من المهر حرة كانت أو أمة سواء هلكت بموت أو قتل
فأما إذا هلكت قبل الدخول فإن قتل السيد أمته المزوجة فالنص في المختصر أن لا مهر
ونص في الأم في الحرة إذا قتلت نفسها لا يسقط شىء من المهر
وللأصحاب طريقان
أحدهما تقرير النصين
وأشهرهما طرد قولين فيهما ثم الحرة إذا ماتت أو قتلها الزوج أو أجنبي لم يسقط مهرها قطعا وكذا لو قتلت نفسها على المذهب
وأما الأمة فإن قتلها سيدها أو قتلت نفسها سقط على المذهب وهو نصه
وإن ماتت أو قتلها الزوج أو أجنبي لم يسقط على الصحيح
قال البغوي إذا قلنا قتل السيد أمته يسقط المهر فلو تزوج رجل أمة

أبيه ثم وطئها الأب قبل أن يدخل بها الإبن وجب أن يسقط المهر لأن قطع النكاح حصل من مستحق المهر قبل الدخول
المسألة الخامسة لو باع الأمة المزوجة لم ينفسخ النكاح ويكون المهر للبائع إن سمي في العقد مهر صحيح أو فاسد سواء دخل بها قبل البيع أو بعده لأنه وجب بالعقد وكان العقد في ملكه
ولو طلقها الزوج بعد البيع قبل الدخول كان نصف المهر للبائع وإن كان زوجها مفوضة ثم جرى فرض أو دخول قبل البيع فالمفروض أو مهر المثل للبائع أيضا
وإن جرى الفرض أو الدخول بعد البيع فهل المفروض أو مهر المثل للبائع أم للمشتري فيه طريقان
أصحهما على وجهين بناء على أن الوجوب بالفرض والدخول أم نتبين بهما الوجوب بالعقد وفيه قولان
أظهرهما الأول
وإن قلنا بالأول فهو للمشتري أو بالثاني فللبائع
والطريق الثاني أنه للبائع قطعا لأن العقد هو السبب وجرى في ملكه
ولو مات أحد الزوجين بعد البيع وقبل الفرض والدخول وأوجبنا المهر ففيمن يستحقه هذا الخلاف
ولو طلقها بعد البيع وقبل الفرض والدخول فالمتعة للمشتري لأنها تجب بالطلاق وهو في ملكه
ولو أعتق أمته المزوجة فالمهر على هذا التفصيل فحيث جعلناه للبائع فهو هنا للمعتق وحيث جعلناه للمشتري فهو للمعتقة وحيث قلنا هو للبائع أو المعتق ولم يجر دخول فليس له حبسها لدفع الصداق لأنها خرجت عن ملكه وتصرفه وليس للمشتري ولا للعتيقة الحبس أيضا لأنهما لا يملكان المهر
وحيث قلنا المهر للمشتري أو المعتقة فلهما الحبس لاستيفائه
ولو أعتقها وأوصى لها بصداقها فليس لها

حبس نفسها لاستيفائه لأن استحقاقها بالوصية لا بالنكاح
ولو تزوج أمة ولده ثم مات وعتقت وصار الصداق للوارث فليس له حبسها إذ لا ملك له فيها

فرع هذا الذي ذكرناه كله في النكاح الصحيح أما إذا زوجها تزويجا
فاسدا ثم باعها ووطئها الزوج بعد البيع فمهر المثل للمشتري لأنه وجب بالوطء في ملكن وإن وطىء قبل البيع فللبائع
السادسة قد سبق أنه يجوز أن يزوج أمته بعبده ولا مهر لأن السيد لا يثبت له دين على عبده ولهذا لو أتلف ماله لم يقتض ضمانا في الحال ولا بعد العتق
قال الشيخ أبو علي وهل نقول وجب المهر لحرمة النكاح ثم سقط أم لم يجب أصلا فيه وجهان
ولو أعتقها أو أحدهما فلا مهر لا للسيد ولا للمعتقة وإن جرى الدخول بعد العتق وكذا لو باعها ودخل الزوج بها في ملك المشتري فلا مهر لأنه ملك بضعها أولا بلا مهر وفيه احتمال للشيخ أبي علي على قولنا لا يجب بالعقد أصلا
قال ولا يجيء الإحتمال على قولنا يجب ثم يسقط لأنه كالمقبوض

فصل إذا قال لأمته أعتقتك على
أن تنكحيني أو على أن أنكحك لم تعتق إلا بالقبول ( على الإتصال )
وسواء قال مع ذلك وعتقك صداقك أو لم يقل
ولو قالت ابتداء أعتقني على أن أنكحك فأجابها إليه فكذلك ثم لا يلزمها الوفاء لأن النكاح لا يصح التزامه في الذمة
وفي شرح مختصر الجويني وجه عن أبي إسحق أنه يلزمها الوفاء وهو شاذ لا إلتفات إليه والصواب الأول ويلزمها قيمتها للسيد لأنه أعتقها على عوض لم يسلم فصار كإعتاقها على خمر وسواء في لزوم القيمة وفت بالنكاح المشروط أو لم تف
ولو رغبت في النكاح فللسيد أن يمتنع ولا تسقط القيمة بذلك
ولو تراضيا على النكاح وأصدقها غير القيمة فلها ما أصدقها وله عليها القيمة وقد يقع التقاص
وإن أصدقها القيمة فإن علماها عند العقد صح الإصداق وبرئت ذمتها
وإن جهلاها جميعا أو أحدهما فوجهان
أصحهما فساد الصداق كسائر المجهولات
فعلى هذا لها مهر المثل وعليها القيمة
والثاني وبه قال ابن خيران يصح لأن القيمة لم تثبت مقصودة وكما لو أصدقها عبدا جهلا قيمته
ولو أتلفت إمرأة على رجل عبدا فتزوجها بقيمته المجهولة فسد الصداق قطعا ورجعت إلى مهر المثل
قال الإمام ولو طرد الوجهان هنا لكان قياسا ولو نكحها المعتق على أن يكون عتقها صداقها فسد الصداق لأن العتق قد تقرر فلا يكون صداقا لنكاح متأخر
وفي الرقم للعبادي وجه أنه يصح وكأنه بالشرط جعل رقبتها صداقا والصحيح الأول
والمستولدة والمدبرة والمكاتبة والمعتق بعضها حكمهن في الإعتاق على أن ينكحنه

حكم القنة
وحكى ابن القطان وجها أنه لا قيمة على المستولدة لأنها لا تباع
ولو قال لغيره أعتق عبدك عني على أن أنكحك بنتي فأجاب أو قالت إمرأة أعتقه على أن أنكحك ففعل عتق العبد ولم يلزم الوفاء بالنكاح
وفي وجوب قيمة العبد وجهان بناء على القولين فيما لو قال أعتق عبدك عنك على ألف علي هل يلزمه الألف أم لا أصحهما عند الشيخ أبي حامد والبغوي وغيرهما أنه لا يلزمه إذ لا يعود إليه نفع بعتقه
ولو قال لأمته أعتقتك على أن تنكحي زيدا فقبلت ففي وجوب القيمة وجهان حكاهما الحناطي

فرع قالت لعبدها أعتقك على أن تنكحني ففي افتقار عتقه إلى قبوله
وجهان
أحدهما نعم
فإذا قبل عتق ولزمه قيمته ولا يلزمه الوفاء
وأصحهما لا بل يعتق بلا قبول ولا شىء عليه
فرع إذا لم يأمن السيد وفاءها بالنكاح ولم يرد العتق إن لم
فهل لذلك طريق يثق به وجهان
أحدهما نعم
قال ابن خيران وطريقه أن يقول إن كان في علم الله تعالى أن أنكحك أو تنكحيني بعد عتقك فأنت حرة
فإن رغبت وجرى النكاح بينهما عتقت وحصل غرض السيد وإلا استمر الرق
ونسب الإمام هذا الوجه إلى صاحب التقريب وعبارته في هذا التعليق إن يسر الله تعالى

بيننا نكاحا فأنت حرة قبله بيوم فإذا مضى يوم ونكحته انعقد النكاح وتبين حصول العتق قبله بيوم وذكر اليوم جرى تمثيلا ويكفي أن يقول فأنت حرة قبل
والوجه الثاني وبه قال أكثر الأصحاب لا يصح النكاح في هذه الصورة ولا يحصل العتق لأنه حال العتق شاك هل هي حرة أو أمة كما إذا قال لأمته إن دخلت الدار فأنت حرة قبله بشهر وأراد أن ينكحها في الحال لا يصح
الطرف الثاني في نكاح العبد وفيه مسائل
إحداها المهر والنفقة لازمان في نكاح العبد لزومهما في نكاح الحر
وبما يتعلقان نظر هل العبد محجور عليه أم مأذون له في التجارة فهما حالان
الأول المحجور عليه فينظر أمكتسب هو أم لا إن كان مكتسبا تعلقا بكسبه ويتعلقان بالكسب العام كالإصطياد والإحتطاب وما يحصله بصنعة وحرفة وبالأكساب النادرة كالحاصلة بالوصية والهبة
وفي وجه لا يتعلقان بالنادر
والصحيح الأول وإنما يتعلقان بما كسب بعد النكاح
فإن كان المهر مؤجلا لم يتعلقا إلا بما كسبه بعد حلول الأجل
وهل للعبد أن يؤجر نفسه للمهر والنفقة وجهان بناء على بيع المستأجر
إن جوزناه جاز وإلا فلا لئلا يمنع البيع على السيد
قال المتولي والوجهان في إجارة العين
فأما إذا التزم عملا في الذمة فالمذهب جوازه لأنه دين في ذمته لا يمنع البيع

وطريق الصرف إلى المهر والنفقة أن ينظر في الحاصل كل يوم فيؤدي منه النفقة إن وفى بها فإن فضل شىء صرف إلى المهر وهكذا كل يوم حتى يتم المهر فإذا تم صرف الفاضل عن النفقة إلى السيد ولا يدخر للنفقة
وإن لم يكن مكتسبا فهو في ذمة العبد أم في رقبته أم على السيد فيه ثلاثة أقوال
أظهرها الأول
وطرد القاضي أبو حامد القول الثاني في المكتسب
الحال الثاني أن يكون مأذونا له في التجارة فالمهر والنفقة يتعلقان بربح ما في يده لأنه كسبه ويتعلقان برأس المال على الأصح
وفي الربح الذي يتعلقان به وجهان
أحدهما الحاصل بعد النكاح فقط كما في كسب غير المأذون له
وأصحهما يتعلق به وبالحاصل قبل النكاح أيضا هذا كله في المهر الذي تناوله الإذن
أما لو قدر السيد مهرا فزاد العبد فالزيادة لا تتعلق إلا بالذمة
المسألة الثانية يجب على السيد تخلية العبد بالليل للإستمتاع وله أن يستخدمه نهارا إذا تكفل بالمهر والنفقة وإلا فعليه أن يخليه ليكتسب
فإن استخدمه ولم يلتزم شيئا لزمه الغرم لما استخدمه
وفيما يغرمه وجهان
أصحهما أقل الأمرين من أجرة المثل وكمال المهر والنفقة
والثاني كمال المهر والنفقة
وعلى الوجهين في المراد بالنفقة وجهان
الصحيح نفقة مدة الإستخدام
والثاني نفقة مدة النكاح ما امتدت لأنه ربما كان يكسب ما يفي بجميع ذلك
ولو استخدمه أجنبي لم يلزمه إلا أجرة المثل لأنه لم يوجد منه إلا الإتلاف ولم يسبق منه ما سبق من السيد وهو الإذن المقتضي لإلتزام مؤن النكاح

( المسألة ) الثالثة للسيد أن يسافر بالعبد وإن تضمن منعه من الإستمتاع لأنه مالك الرقبة كما يسافر بالأمة المزوجة ثم للعبد أن يسافر بزوجته معه
قال البغوي ويكون الكراء في كسبه
فإن لم تخرج الزوجة معه أو كانت رقيقة فمنعها سيدها سقطت نفقتها
وإن لم يطالبها الزوج بالخروج فالنفقة بحالها والسيد يتكفل بها فإن لم يفعل ففيما يغرمه في مدة السفر الخلاف السابق
هذا هو المنقول في الطرق ونص عليه في المختصر
ونقل الإمام عن العراقيين أنه ( ليس ) للسيد استخدامه ولا أن يسافر به ما بقيت عليه مؤنة من مؤن النكاح وجعل المسألة ذات خلاف للأصحاب ولا يكاد يتحقق فيها خلاف

فرع أكثر ما ذكرناه في هذه المسائل متفرع على القول الجديد وهو
أنه إذا أجرى النكاح بإذن السيد لا يصير ضامنا بالإذن للمهر والنفقة لأنه لم يلتزمه تصريحا و ( لا ) تعريضا
وقال في القديم يصير ضامنا بالإذن ملتزما المهر والنفقة
واتفق الأصحاب على أن الجديد هو الأظهر
فعلى الجديد لو أذن بشرط الضمان لم يصر ضامنا أيضا لأنه لا وجوب عند الإذن
وإذا قلنا بالقديم فهل يجب على السيد ابتداء أم يلاقي العبد ثم يحمل عنه السيد وجهان حكاهما أبو الفرج الزاز
فعلى الأول لا تتوجه المطالبة إلا على السيد
ولو أبرأت العبد فهو لغو

وعلى الثاني تتوجه المطالبة عليهما ويصح إبراء العبد ويبرأ به السيد
وصحح أبو الفرج الوجه الثاني وقطع البغوي بالأول وكلام الإمام يقرب منه

فرع في فتاوى القاضي حسين أنه لو زوج أمته عبده فنفقة الأمة
السيد كنفقة العبد
فلو أعتقها السيد وأولادها سقطت نفقتهم عنه وتعلقت نفقتها بكسب العبد وعليها نفقة الأولاد إن كانت موسرة وإلا ففي بيت المال
ولو أعتق العبد دونها سقطت نفقتهما عنه وكانت نفقة الأمة على العتيق كحر تزوج أمة غيره
المسألة الرابعة هذا الذي سبق حكم المهر في النكاح الصحيح
وأما المهر في النكاح الفاسد فله صورتان
إحداهما إذا فسد نكاح العبد لجريانه بغير إذن سيده فرق بينه وبين المرأة فإن دخل بها قبل التفريق فلا حد للشبهة ويجب مهر المثل
وهل يتعلق بذمته لكونه وجب برضى مستحقه أم برقبته لأنه إتلاف فيه قولان
أظهرهما الأول ومنهم من قطع به
وإن جرى النكاح بغير إذن مستحق المهر بأن نكح أمة بغير إذن سيدها ووطئها فطريقان
أحدهما القطع بتعلقه بالرقبة وبه قال ابن الحداد كما لو أكره أمة أو حرة على الزنا
والثاني طرد القولين لأن المهر وإن كان لغيرها فيمكنها إسقاطه في الجملة بإرضاع أو ردة
الثانية أذن سيده في النكاح فنكح نكاحا فاسدا ودخل بها قبل التفريق

فهل يتعلق المهر بذمته أم برقبته أم بكسبه أقوال
أظهرها الأول
ولو نكح بالإذن صحيحا لكن فسد المهر قال الصيدلاني تعلق مهر المثل بالكسب قطعا
ولو صرح بالإذن في نكاح فاسد ووجب مهر المثل فقياس هذه الصور تعلقه بالكسب

فرع في فتاوى القاضي حسين أنه لو اختلف السيد والعبد في الإذن
النكاح فقال السيد ما أذنت فالوجه أن تدعي المرأة على السيد أن كسب هذا العبد مستحق لي لمهري ونفقتي ليسمع القاضي البينة
فصل سبق في باب موانع النكاح أنه متى ملك أحد الزوجين جزءا
انفسخ النكاح
فلوكان لرجل عبد في نكاحه أمة فأعطاه مالا وقال اشترها لي ففعل صح واستمر النكاح كما يجوز أن يزوج عبده بأمته
ولو ملكه المال فقال اشترها لنفسك ففعل فإن قلنا يملك العبد بتمليك السيد انفسخ النكاح وإلا فالملك للسيد والنكاح مستمر
ولو اشترى من بعضه حر زوجته نظر إن اشتراها بالكسب المشترك بينهما وبإذن سيده ملك جزءا منها وانفسخ النكاح
وإن لم يأذن السيد لم يصح في نصيبه وفي نصيب العبد قولا تفريق الصفقة
إن صح فيه انفسخ النكاح
( وإن اشتراها بخالص

ماله انفسخ النكاح ) وإن اشتراها بخالص مال سيده من كسبه بإذنه لم ينفسخ وهكذا الحكم لو اشترت من بعضها حر زوجها

فرع متى ملكت زوجها بشراء أو هبة وغيرهما نظر إن كدن قبل
فهل يسقط كل المهر أم نصفه وجهان
وقيل قولان
أصحهما كله ومنهم من قطع به
وإن كان بعد الدخول لم يسقط شىء من المهر بالإنفساخ
فإن كانت قبضته لم ترد شيئا منه وإلا فقد ملكت عبدا لها في ذمته دين وفيه وجهان سبقا في كتاب الرهن وغيره
أحدهما يسقط كما لا يثبت له على عبده دين ابتداء
وأصحهما يبقى لأن الدوام أقوى من الإبتداء
فإن قلنا يسقط برئت ذمة العبد من المهر وللبائع الثمن عليها وإن قلنا يبقى فلها مطالبة العبد إذا عتق وللبائع الثمن عليها في الحال
فإن كان السيد البائع وضمن المهر فلها عليه المهر بالضمان وله عليها الثمن وقد يقع التقاص
أما إذا ملك زوجته بالشراء فينظر إن ملكها بعد المسيس فعليه المهر للبائع مع الثمن
وإن ملكها قبله فالمذهب وهو نصه أنه يجب نصف المهر
وقيل لا يجب شىء
ولو نكح جارية مورثه كأبيه ثم ملك بالإرث كلها أو بعضها فإن كان بعد الدخول لم يسقط المهر بالإنفساخ لإستراره وهو تركه للميت
فإن احتيج إليه لقضاء دين وتنفيذ وصية فعل وإلا سقط إن كان الناكح حائزا وإلا فلغيره من الورثة استيفاء نصيبه
وإن كان قبل الدخول فوجهان
أحدهما

قاله ابن الحداد يسقط جميع المهر فيسترده من التركة إن كان قبض
وأصحهما لا يسقط إلا النصف
فعلى هذا إن كان حائزا سقط النصف الآخر لأنه مستحقه وإلا سقط نصيبه وللآخر نصيبه
ولو زوج رجل بنته بعبد بإذنها ثم مات فورثت بعض زوجها فإن كان بعد الدخول فقسط ما ورثته من المهر دين لها على مملوكها ولها المطالبة بالباقي من كسب ما ترث منه
وإن كان قبل الدخول فعلى قول ابن الحداد يسقط جميع المهر
وعلى الأصح لا يسقط إلا النصف وحكم النصف الباقي حكم الجميع بعد الدخول وجميع ما ذكرناه إذا اشترت زوجها بغير الصداق
فلو اشترته بعين الصداق فيقدم عليه مقدمتين
إحداهما إذا نكح العبد نكاحا صحيحا وقلنا لا يصير السيد ضامنا للمهر بالعقد
فلو ضمن عنه جاز لأنه ضمان دين لازم
ثم إن كان العبد كسوبا فللزوجة مطالبة العبد والسيد جميعا وإلا فلا يطالب السيد وكذا الحكم لو طلقها بعد الدخول والمهر ( غير ) مقبوض
وإن طلقها قبل الدخول سقط نصف المهر عنها ومطالبتها بالنصف الآخر على التفصيل المذكور
فإن كانت قبضت المهر ردت نصفه على السيد إن بقي الزوج على الرق عند الطلاق
فإن كان أعتقه فعلى الزوج
الثانية صورة البيع بعين الصداق أن يلتزم السيد الصداق إما بأصل العقد على القديم وإما بالضمان اللاحق على الجديد ويصرح المتبايعان بالإضافة إليه بأن يقول سيد العبد لزوجته الحرة بعتك زوجك بصداقك الذي يلزمني وهو كذا فتشتري
أما إذا صرحا بالمغايرة أو طلقا فهو بيع بغير الصداق

مثاله كان الصداق ألفا فقال بعتك بألف غير الصداق أو بألفين أو أطلق فقال بعتك بألف
ولو اختلف جنس الصداق فلا شك في المغايرة
ولو دفع عينا إلى عبده ليجعلها صداق من ينكحها ففعل ثم باعها العبد بتلك العين فهو بيع بالعين
إذا عرفت المقدمتين فالبيع بعين الصداق إما أن يجري قبل الدخول وإما بعده
الحالة الأولى أن يجري قبله
فإن قلنا بالأصح إنه يسقط كل المهر لم يصح البيع بل يستمر النكاح لأنه لو صح البيع لملكت زوجها وانفسخ النكاح وسقط المهر وعري البيع عن العوض وبطل فتصحيحه يؤدي إلى بطلانه هذا ما نص عليه الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى
وقال الشيخ أبو علي يجب عندي أن يصح البيع ويبطل النكاح لأن البيع وارتفاع النكاح لا يقعان معا بل يكون الفسخ بعد البيع وحصول الملك حتى لا يحكم بانفساخ النكاح ما داما في المجلس إن قلنا إن الخيار يمنع حصول الملك للمشتري
وإذا كان الإنفساخ عقيب البيع والملك كان في زوال ملكها عن الصداق مع حصول ملكها في الرقبة فلا يبطل الثمن بالإنفساخ بل أثر الإنفساخ الرجوع إلى بدل الصداق وهذا الذي قاله أبو علي نقله المتولي وجها
وإن قلنا إن تملكها الزوج قبل الدخول يقتضي تنصيف المهر بني على خلاف سنذكره في الحالة الثانية إن شاء الله تعالى وهي إذا جرى بعد الدخول
فإن لم نصحح البيع هناك فكذا هنا وإلا بطل البيع هنا في نصف العبد ويخرج في الباقي على تفريق الصفقة
فإن فرقنا انفسخ النكاح
هذا قول الجمهور وعلى قول الشيخ أبي علي يصح البيع في جميعه لا محالة

الحالة الثانية أن يجري البيع بعين الصداق بعد الدخول فيبنى على الخلاف في أن من ملك عبدا له عليه دين هل يسقط ذلك الدين إن قلنا بالأصح إنه لا يسقط صح البيع وتصير مستوفية للمهر المستقر بالدخول ولا شىء لواحد من المتبايعين على الآخر
وإن قلنا يسقط وتبرأ ذمة العبد فهل يصح البيع أم لا وجهان
أصحهما الصحة وبه قطع الشيخ أبو حامد ونقله القفال عن شيوخ الأصحاب إذ ليس هو كما قبل الدخول فإن سقوط المهر هناك بانفساخ النكاح بدليل أنه لو كان مقبوضا وجب رده فلا يمكن جعله ثمنا وهنا السقوط بحدوث الملك
وإذا جعل ثمنا فكأنها استوفت الصداق قبل لزوم البيع فليس لها بعدما ملكت الزوج صداق في رقبته حتى يسقط وجميع ما ذكرناه فيما إذا اشترت زوجها وهي حرة
فأما إذا كانت أمة فاشترته بإذن سيدها أو كانت مأذونا لها في التجارة فاشترته للتجارة فيصح البيع ويستمر النكاح سواء كان قبل الدخول أو بعدل وسواء اشترت بعين الصداق أم بغيره لأن الملك للسيد لكن إذا اشترته بعين الصداق برىء السيد والعبد لأن الكفيل إذا أدى برىء الأصيل ولا رجوع للسيد على العبد كما لو ضمن عنه دينا آخر أداه في رقه ( وإن ) اشترته بغير الصداق ففي سقوط الصداق على العبد لكون سيدها ملكه وله عليه دين الوجهان المتكرران فإن سقط برىء سيده البائع عن الضمان لبراءة الأصيل ويبقى الثمن بحكم الشراء وإلا فلسيد الأمة على بائع العبد الصداق وللبائع عليه الثمن وقد يقع التقاص فإذا تقاصا برئت ذمة العبد عن حق المشتري لأنه بالتقاص استوفى حقه من البائع

فصل في مسائل من الدور الحكمي
عادة الأصحاب ذكر هذه المسائل هنا
والمسائل التي يقع فيها الدور نوعان
أحدهما ينشأ الدور فيه من محض حكم الشرع كما ذكرنا فيما إذا اشترت زوجها قبل الدخول بالصداق الذي ضمنه السيد فإنه لو صح البيع ثبت الملك
وإذا ثبت الملك انفسخ النكاح وإذا انفسخ سقط المهر المجعول ثمنا وإذا سقط فسد البيع فهذه الأحكام المرتبة ولدت الدور
والثاني ينشأ الدور فيه من لفظة يذكرها الشخص كما في مسألة دور الطلاق وعندها نذكر إن شاء الله تعالى أكثر مسائل الدور اللفظي
والذي نذكره هنا خمس مسائل من الدور الحكمي
إحداها أعتق أمته في مرض موته ونكحها على مهر سماه نظر إن لم يخرج من الثلث فحكمه ما ذكرناه في المسائل الدورية في كتاب الوصايا وإن خرجت نظر إن كانت قدر الثلث بلا مزيد بأن كانت قيمتها مائة ( و ) له مائتان سواها فالنكاح صحيح
ثم إن لم يجر دخول فلا مهر لها لأنه لو ثبت المهر لكان دينا على الميت وحينئذ لا تخرج من الثلث ويرقه بعضها وحينئذ يبطل النكاح والمهر فإثباته يؤدي إلى إسقاط فيسقط
وإن جرى

دخول فقد ذكرنا حكمه في كتاب الوصايا وسواء دخل أم لا فلا ترث بالزوجية لأن عتقها وصية والوصية والإرث لا يجتمعان
فلو أثبتنا الإرث لزم إبطال الوصية وهي العتق وإذا بطل بطلت الزوجية وبطل الإرث
وإن كانت الأمة دون الثلث فقد تمكنها المطالبة بالمهر لخروجها من الثلث بعد الدين وهذا كله تفريع على أنه يجوز للمعتق في مرض الموت نكاحها وهو الصحيح
وحكى الحناطي والشيخ أبو علي وجها أنه لا يجوز وهو كما حكيناه من قبل عن ابن الحداد أن المعتقة في مرض الموت نكاحها لا يجوز لقرينها لاحتمال أن لا يخرج من الثلث عند الموت
المسألة الثانية زوج أمته عبد غيره وقبض الصداق وأتلفه بإنفاق وغيره ثم أعتقها في مرض موته أو أوصى بعتقها فأعتقت وهي ثلث ماله وكان ذلك قبل الدخول فليس لها خيار العتق لأنها لو فسخت النكاح لوجب رد المهر من تركة السيد وحينئذ لا يخرج كلها من الثلث
وإذا بقي الرق في البعض لم يثبت الخيار فإثبات الخيار يؤدي إلى إسقاطه وكذا الحكم لو لم يتلف الصداق وكانت الأمة ثلث ماله مع الصداق
ولو خرجت من الثلث دون الصداق أو اتفق ذلك بعد الدخول فلها الخيار
ولو كانت المسألة بحالها إلا أن الإعتاق وجد من وارثه بعد موت السيد نظر إن كان الوارث معسرا فلا خيار لها لأنها لو فسخت لزم رد المهر من تركة الميت
وإذا كان على الميت دين لم ننفذ إعتاق الوارث المعسر على الصحيح
وإذا لم ينفذ الإعتاق لم يثبت الخيار
وإن كان الوارث موسرا فقد ذكرنا في كتاب الرهن خلافا في أن الوارث الموسر إذا أعتق عبد التركة وعلى الميت دين هل ينفذ العتق في الحال أم يتوقف نفوذه على وصول دين الغرماء فإن قلنا ينفذ في الحال وهو الأصح عتقت

ولها الخيار
فإن فسخت غرم الوارث لسيد العبد أقل الأمرين من الصداق وقيمة الأمة كما لو مات وعليه دين وله عبد فأعتقه وارثه الموسر يلزمه أقل الأمرين من الدين وقيمة العبد
ولو كان على الميت دين فالقيمة التي يغرمها الوارث يتضارب فيها سيد العبد والغرماء
( المسألة ) الثالثة مات عن أخ وعبدين والأخ هو الوارث في الظاهر فأعتق الأخ العبدين ثم ادعت إمرأة أنها زوجة الميت وادعى ابنها أنه ابن الميت فشهد المعتقان لهما ثبتت الزوجية والنسب ولا يرث الإبن إذ لو ورث لحجب الأخ وبطل إعتاقه وبطلت شهادتهما وحينئذ تبطل الزوجية والنسب
وفيه وجه أنه لا يثبت أيضا والصحيح الأول
ولو شهدا بنسب بنت نظر إن كان الأخ معسرا يوم الإعتاق لم ترث البنت إذ لو ورثت لرق نصيبها وبطلت الشهادة
وإن كان موسرا فإن عجلنا السراية بنفس الإعتاق ورثت لكمال العتق يوم الشهادة
وإن قلنا لا تحصل السراية إلا بأداء القيمة لم ترث لأن توريثها يمنع كمال العتق يوم الشهادة
وحكم الزوجة في الإرث حكم البنت فينظر إلى إعسار الأخ ويساره كما ذكرنا
( المسألة ) الرابعة أوصى لرجل بابنه ومات الموصى له بعد موت الموصي وقبل القبول ووارثه أخوه وقبل الوصية وقد سبق بيان هذه المسألة في آخر الباب الأول من كتاب الوصايا
( المسألة ) الخامسة اشترى في مرض الموت من يعتق عليه كابنه عتق من الثلث ولا يرث إذ لو ورث لكان العتق أو النسب إليه بالشراء وصية للوارث فيبطل
وإذا امتنع العتق امتنع الإرث
وحكى الأستاذ أبو منصور وجها

أنه يرث ووجها أنه لا يصح الشراء والصحيح الأول
ولو ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض كهبة وارث فهل يرث وجهان بناء على أنه يعتق من الثلث أو من رأس المال وقد ذكرنا ذلك في كتاب الوصايا وبالتوريث قال ابن سريج واختاره الشيخ أبو حامد

فرع ذكر الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني رحمه الله في مختصر جمعه في
ثم جاء العبد مع آخر فشهدا بجرح الشاهدين لم يقبل
وأنه لو أعتق عبدين في مرض موته هما ثلث ماله فشهدا على الميت بوصية أو بإعتاق وعليه دين أو زكاة لم يقبل ولو شهدا أنه نكح إمرأة على مهر كذا حكى عن بعض الأصحاب أنه لا تقبل شهادتهما قال ويحتمل أن يقبل في النكاح ولا مهر وأنه لو أعتق عبدين له فشهدا أنه كان محجورا عليه لسفه لم تقبل شهادتهما
وأنه لو ادعى أنه ابن فلان وقد مات ووارثه في الظاهر أخوه فأنكر ونكل فحلف المدعي ثبت النسب ولا يرث وهذا تفريع على أن اليمين المردودة مع النكول كالإقرار
أما إذا قلنا إنها كالبينة فيرث
وإنه لو ورث عبدين يعتقان عليه ثم مات وورثاه أقر بدين على الميت الأول يستغرق تركته لم يثبت الدين بإقرارهما
وأنه لو أعتق أمة في مرض موته وهي ثلث ماله فادعت أنه وطئها بشبهة أو أنه استأجرها وعليه أجرتها لم تسمع دعواها

وأنه لو ورث من زوجته عبدين وأعتقهما ثم شهدا بالفرقة قبل الموت بردة أو طلاق لم تقبل شهادتهما
وأنه لو كان في يد عبده مال فأخذه واشترى به عبدين وأعتقهما فشهدا عليه بأنه أعتقه قبل ذلك لم يقبل
وأنه لو مات ووارثه في الظاهر أخوه فأعتق عبدا من التركة وولي العتيق القضاء فجاء مجهول وادعى أنه ابن الميت وأقام شاهدين لم يقبل هذا الحاكم شهادتهما ولم يحكم بقولهما هكذا ذكروه وكان يجوز أن يقال يحكم بشهادتهما ويثبت النسب دون الإرث
كما لو أعتق الأخ في هذه الصورة عبدين وشهدا ببنوة المدعي وحينئذ فلا يؤثر نسبه في العتق والقضاء
وأنه لو ورث عبدا من مورثه المقتول وأعتقه وولي العتيق القضاء فجاء إليه الوارث وادعى على قاتله القصاص فقال ( قتلته ) وهو مرتد وأقام عليه شاهدين لم يحكم هذا الحاكم بشهادتهما
ومن هذا القبيل لو أعتق عبدين فجاء رجل وادعى أنه كان غصب العبدين وشهدا له لم تقبل شهادتهما
وفي التهذيب أنه لو ملك رجل أخاه ثم أقر في مرض موته أنه أعتقه في صحته كان العتق نافذا وهل يرثه إن صححنا الإقرار للوارث ورث وإلا فلا

فرع قال الغزالي في مجموعه غاية الغور في دراية الدور المسائل الدائرة

لا بد فيها من قطع الدور
وفي قطعه ثلاثة مسالك تارة يقطع من أوله وتارة من وسطه وتارة من آخره وذلك بحسب قوة بعض الأحكام وبعده عن الدفع وضعف بعضها وقربه للدفع
مثال القطع من أوله بيع العبد لزوجته الحرة قبل الدخول بصداقها الثابت في ذمة السيد فإنا حكمنا بفساد البيع وقطعنا الدور من أصله لم نقل يصح البيع ولا ينفسخ النكاح أو ينفسخ ولا يسقط الصداق وسببه أن البيع اختياري وحصول الإنفساخ بالملك قهري وكذا سقوط الصداق بالإنفساخ وما يختاره الإنسان من التصرفات يصح تارة ويفسد أخرى وما يثبت قهرا يبعد دفعه بعد حصول سببه فكان البيع أولى بالدفع من غيره
ومثال القطع من الوسط المسألة الثانية من المسائل السابقة فإنا لم نقطع الدور من أوله بأن نقول لا يحصل العتق ولا من آخره بأن نقول لا يزيد المهر حتى لا تضيق التركة ولكن قطعناه من وسطه فقلنا لا يثبت الخيار وسببه أن سقوط المهر عند الفسخ قهري يبعد دفعه والخيار أولى بالدفع من العتق لأن العتق أقوى
ألا ترى أنه لا يسقط بعد ثبوته والخيار يسقط بعد ثبوته بالإسقاط وبالتقصير
ومثال القطع من الآخر المسألة الأولى من الخمس فإنا لم نقطع الدور من الأول بأن نقول لا يحصل العتق ولا من الوسط بأن نقول لا يصح النكاح لكن قطعناه من الآخر فقلنا ليس لها المهر
ويمكن أن يقال سببه أن العتق له قوة السرعة والسراية فلا يدفع والنكاح أقوى من المهر المسمى فيه فإن ثبوت النكاح يستغني عن المهر بدليل المفوضة والمسمى مهرا لا يثبت من غير

ثبوت النكاح
وعد من هذا القسم الثالث أما إذا قال لزوجته إن انفسخ النكاح بيني وبينك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم اشتراها أو جرى رضاع أو ردة فلا يقطع الدور من أوله بأن نقول ( لا ينفسخ النكاح لكن يقطع من آخره بأن نقول ) ينفسخ ولا يقع الطلاق وربما نعود إلى هذه المسألة في مسائل الطلاق والدور فيها لفظي

فصل لا يجوز للعبد التسري لأنه لا يملك فإن ملكه سيده جارية
بالجديد إنه لا يملك لم يحل له وطؤها ولو أذن السيد فلو استولدها كان الولد ملكا للسيد
وإن قلنا بالقديم إنه يملك فقد ذكرنا في كتاب البيع أن المذهب أنه يتسرى بإذن السيد ولا يتسرى بغير إذنه
لكن لو وطىء لم يحد لشبهة الملك
ولو استولدها فالولد ملك له لكن لا يعتق عليه لضعف ملكه وتعلق حق السيد به
فإن عتق عتق الولد أيضا وحكم المدبر والمعلق عتقه بصفة حكم القن في هذا
ومن بعضه حر إذا اشترى جارية بما كسبه بحريته ملكها لكن لا يطؤها بغير إذن السيد لأن بعضه مملوك والوطء يقع بجميع بدنه ولا يختص بالبعض الحر
ومال ابن الصباغ إلى أنه لا حاجة إلى إذن السيد كما أنه يأكل كسبه ويتصرف فيه
فإن أذن السيد وقلنا لا بد من إذنه فعلى القديم يجوز
وعلى الجديد لا يجوز لأن ما فيه من الملك يمنع التسري والمكاتب لا يتسرى بغير إذن السيد وبإذنه قولان كتبرعاته

الباب الثاني عشر في اختلاف الزوجين
في النكاح وفيه مسائل
المسألة الأولى إذا ادعى زوجية إمرأة سمعت دعواه عليها وإن كان العاقد هو الولي لأن إقرارها مقبول وفيه خلاف سبق في باب أحكام الأولياء
وأما المرأة فإن ادعت المهر في النكاح أو ادعت النكاح وطلبت حقا من حقوقه سمعت دعواها
وإن ادعت مجرد الزوجية فوجهان إن سمعت أقامت البينة فإن أنكر فهل إنكاره طلاق فيه وجهان
إن قلنا طلاق اندفع ما يدعيه ولا معنى لإقامة البينة وستأتي هذه المسألة مبسوطة في كتاب الدعاوى إن شاء الله تعالى
المسألة الثانية زوج إحدى بنتيه بعينها ثم تنازعا فلتنازعهما حالان
أحدهما تقول كل واحدة أنا المزوجة فمن صدقها الزوج ثبت نكاحها والأخرى تدعي أنها زوجته وهو منكر فالمذهب أنه يحلف لها
وقيل في تحليفه قولان
وينبغي أن يفصل فإن ادعت زوجته وطلبت المهر فالوجه التحليف
وإن ادعت مجرد الزوجية ففيه الخلاف في المسألة الأولى
فإن قلنا يحلف فحلف سقطت دعواها
وإن نكل فحلفت فهل اليمين المردودة مع النكول كالبينة أم كالإقرار قولان مشهوران
إن قلنا كالخينة فوجهان
أحدهما يثبت نكاح الثانية دون الأولى كما لو أقامت بينة
قال الإمام وهذا القائل يقول ينتفي نكاح الأولى ويخكم بانقطاع نكاح الثانية لإنكار الزوج
وأصحهما استمرار نكاح الأولى لأن اليمين المردودة إنما تجعل كالبينة في حق المدعي والمدعى عليه لا في

حق غيرهما
وقد ثبت نكاح الأولى بتقارهما
وإن قلنا كالإقرار فوجهان
أحدهما يبطل النكاحان والصحيح استمرار نكاح الأولى كما لو أقر للأولى ثم أقر للثانية
وعلى هذا فهل تستحق الثانية نصف المهر أم لا تستحق شيئا قولإن
أظهرهما الأول
الحال الثاني تقول كل واحدة لست بالمزوجة بل صاحبتي فيقال للزوج عين فإذا عين فقد أقر بأن الأخرى ليست زوجة له فلا خصومة له معها والقول قول الأخرى مع يمينها
فإن لم تحلف حلف الزوج وثبت النكاح
وقيل القول قول الزوج بيمينه لأن إحداهما زوجة وهو أعلم بمحل حقه
والصحيح الأول
واعلم أن المسألة من فروع ابن الحداد وأنه قيدها فقال إذا مات الأب وكذا قيدها الغزالي
قال الشيخ أبو علي هذا القيد لا فائدة فيه في الحالة الأولى لأنه لو كان حيا وعين إحداهما لم يقبل قوله على الزوج لكنه مفيد في الحالة الثانية لأنه إذا كان الأب حيا وهي مجبرة راجعناه
فإن أقر بالنكاح على إحداهما قبل قوله ولا يضر الزوج إنكارها
قال الإمام ويظهر في القياس أن لا يقبل إقرارها ومعها مجبر حذرا من اختلاف الإقرارين وإذا قبلنا إقرارها فاختلف إقرارها وإقرار الولي فيجوز أن يقال الحكم للسابق ويجوز أن يقال يبطلان جميعا وقد ذكرنا وجهين في هذه المسألة في آخر الباب الثالث عن القفال الشاشي والأودني أن المقبول إقراره أم إقرارها فحصل أربعة احتمالات
ولو زوج بنته من أحد ابني رجل وادعت هي على أحدهما أنه الزوج

فإن جردت دعوى النكاح فعلى ما سبق وإن ادعت المهر حلفته
فإن نكل حلفت وأخذت نصف المهر وإن ادعى كل واحد مهما أنها إمرأته فأقرت لأحدهما ثبت نكاحه وهل للآخر تحليفها قولان على ما ذكرنا فيمن زوجها وليان بشخصين
المسألة الثالثة شهدوا على رجل بنكاح إمرأة بمهر معلوم وهو منكر فحكم بشهادتهم ثم رجعوا هل يغرمون له وجهان
أصحهما نعم وإنما يغرمون ما فوتوا على الزوج وهو نصف المسمى
وإن قلنا لا يغرمون فذلك في قدر مهر المثل فإن زاد المسمى على مهر المثل فحكم الزيادة في الرجوع حكم شهود المال إذا رجعوا
ولو شهدوا على رجل بطلاق ثم رجعوا فهل يغرمون مهر المثل أم نصفه أم غير ذلك فيه خلاف موضعه باب الرجوع عن الشهادة
وإذا ادعت أنها في نكاح رجل بمهر معلوم وشهد له شاهدان ثم ادعت الإصابة واستقرار المهر فشهد على الإصابة أو على إقرار الزوج بها آخران ثم ادعت أنه طلقها وشهد بذلك آخران وحكم بمقتضى الشهادات وأخذ منه المهر ثم رجع الشهود جميعا فثلاثة أوجه
أحدها لا غرم على أحد منهم لأن شهود النكاح والإصابة لم يوجد منهم إلا إثبات ملك واستمتاع بملك وشهود الطلاق لم يفوتوا عليه شيئا في زعمه فإنه ينكر النكاح ولأنه إن كان نكاح فقد فوته بزعمه بإنكاره قبل شهادتهم
والثاني لا غرم على شهود النكاح والإصابة ويغرم شهود الطلاق لأنهم فوتوا ما ثبت بالأولين
فعلى هذا في قدر غرمهم الخلاف الذي أحلناه على باب الرجوع عن الشهادة وبهذا الوجه قال ابن الحداد ووافقه طائفة

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28