كتاب :روضة الطالبين وعمدة المفتين
المؤلف : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي

الثاني وإلا فيسري وما في يده يصرف إلى الشريك والباقي في ذمته
وإن كان الشقصان لشخصين صرف إلى كل منهما نصفه
ولو ملك الشقصين فأعتقهما معا ولا مال له غيرهما فلا سراية لأنه معسر
وإن أعتقهما مرتبا عتق كل الأول لأن في نصيبه في العبد الآخر وفاء بباقي الذي أعتق شقصه ثم إذا أعتق نصيبه من الثاني نفذ العتق في نصيبه ولا سراية لأنه معسر وإنما نفذ إعتاقه نصيبه من الثاني لأن حق الشريك لا يتعين فيه بل هو في الذمة

فرع أعتق شريك نصيبه في مرض موته نظر إن خرج جميع العبد
ماله قوم عليه نصيب شريكه وعتق وإن لم يخرج منه إلا نصيبه عتق نصيبه ولا تقويم وإن خرج نصيبه وبعض نصيب شريكه قوم عليه ذلك القدر ويجيء فيه خلاف نذكره إن شاء الله تعالى في يسار المعتق ببعض نصيب الشريك
وبالجملة المريض في الثلث كالصحيح في الكل وفيما زاد على الثلث معسر
واحتج القاضي أبو الطيب وغيره باعتبار الثلث على أن التقويم يكون بعد موت المريض لأن الثلث يعتبر حالة الموت حتى إذا لم يف الثلث بجميع العبد حال إعتاقه ثم استفاد مالا ووفى عند الموت قوم جميعه
وفي التهذيب أنه لو ملك نصفين من عبدين متساويي القيمة فأعتقهما في مرض الموت نظر إن خرجا من الثلث عتقا سواء أعتقهما معا أو مرتبا وعليه قيمة نصيب شريكه وإن لم يخرج من الثلث إلا نصيباه فإن أعتقهما معا عتق نصيباه ولا سراية وإن أعتقهما

مرتبا عتق كل الأول ولم يعتق من الثاني شىء لأنه لزمه قيمة نصيب الشريك من الأول وصار نصيبه من الثاني مستحق الصرف إليه وإن خرج من الثلث نصيباه ونصيب أحد الشريكين فإن أعتقهما مرتبا عتق جميع الأول ولا يعتق من الثاني إلا نصيبه وإن أعتقهما معا فوجهان
أحدهما وبه قال ابن الحداد يعتق من كل واحد ثلاثة أرباعه نصيباه ونصف نصيب الشريك من كل واحد منهما
والثاني يقرع فمن خرجت قرعته عتق كله ولم يعتق من الآخر إلا نصيبه لأن القرعة مشروعة في العتق ولا يصار إلى التشقيص مع إمكان التكميل
وإن لم يخرج من الثلث إلا أحد نصيبه فإن أعتقهما معا فوجهان أحدهما يعتق من كل واحد نصف نصيبه وهو ربع كل عبد وأصحهما يقرع فمن خرجت قرعته عتق منه جميع نصيبه ولا يعتق من الآخر شىء
ولو أعتق النصيبين ولا مال له غيرهما قال الشيخ أبو علي إن أعتقهما مرتبا عتق ثلثا نصيبه من الأول وهو ثلث جميع ماله وهو ثلث ذلك العبد ويبقى للورثة سدس ذلك العبد ونصف العبد الآخر
وإن أعتقهما معا ومات أقرع بينهما فمن خرجت قرعته عتق منه ثلثا نصيبه وهو ثلث ماله

فرع لو أوصى أحد الشريكين بإعتاق نصيبه بعد موته فلا سراية وإن
خرج كله من الثلث لأن المال ينتقل بالموت إلى الوارث ويبقى الميت معسرا بل لو كان كل العبد له فأوصى بإعتاق بعضه فأعتق لم يسر
وكذا لو دبر أحدهما نصيبه فقال إذا مت فنصيبي منك حر وإن قال في الوصية أعتقوا نصيبي وكملوا العتق كملناه

إن خرج من الثلث وإن لم يخرج كله نفذت الوصية في القدر الذي يخرج
وهنا فائدتان إحداهما قال القاضي أبو الطيب عندي أنه إذا أوصى بالتكميل لا يكمل إلا باختيار الشريك لأن التقويم إذا لم يكن مستحقا لا يصير مستحقا باختيار المعتق
ألا ترى أن المعتق لو كان معسرا ثم أيسر أو قال قوموه علي حتى استقرض لا يجبر الشريك والجمهور أطلقوا ووجهه الروياني بأنه متمكن من التصرف في الثلث
وإذا أوصى بالتكميل فقد استبقى لنفسه قدر قيمة العبد من الثلث فكان موسرا به
الثانية ذكر الإمام والغزالي أن لصورة الوصية بالتكميل أن يقول اشتروا نصيب الشريك فأعتقوه فأما إذا قال أعتقوه إعتاقا ساريا فلا خير في هذه الوصية لأنه لا سراية بعد الموت وإن أعتقنا نصيبه فالذي أتى به وصية بمحال
ولو ملك نصفي عبدين فأوصى بإعتاق نصيبه منهما بعد موته أعتق عنه النصيبان ولا سراية
ولو قال مع ذلك وكملوا عتقهما فإن خرجا من الثلث كمل عتقهما وإن خرج الباقي من أحدهما فطريقان حكاهما البغوي
أحدهما فيه الوجهان فيمن أعتق في مرض الموت النصيبين ولم يخرج من الثلث إلا نصيباه مع الباقي من أحدهما ففي وجه يعتق من كل واحد ثلاثة أرباعه وفي آخر يقرع فمن خرجت قرعته أعتق كله وأعتق من الآخر نصيبه لا غير
الثاني القطع بالقرعة لأنه قصد التكميل هنا حيث أوصى به فيراعى مقصوده بقدر الإمكان


فرع لو كان الشريك موسرا ببعض قيمة النصيب فوجهان الأصح المنصوص في الأم

والثاني لا يسري لأنه لا يفيده الاستقلال في ثبوت أحكام الأحرار
ولو كان بن ثلاثة عبد فأعتق اثنان نصيبهما وأحدهما موسر قوم نصيب الثالث عليه بلا خلاف
الشرط الثاني أن يحصل عتق نصيبه باختياره فلو ملك بعض من يعتق عليه بالقرابة نظر إن ملكه لا باختياره بأن ورثه لم يسر وإن ملكه باختيار فإن كان بطريق يقصد به اجتلاب الملك كالشراء وقبول الهدية والوصية سرى وإن كان بطريق لا يقصد به التملك غالبا لكنه يتضمنه فإن كانت عبدا فاشترى شقصا ممن يعتق على سيده ثم عجزه سيده فصار الشقص له وعتق لم يسر على الأصح وبه قال ابن الحداد
وإن عجز المكاتب نفسه لم يسر لعدم اختيار سيده
ولو باع شقصا ممن يعتق على وارثه بأن باع ابن أخيه بثوب ومات وراثه أخوه فوجد بالثوب عيبا فرده واسترد الشقص وعتق عليه ففي السراية وجهان لأنه تسبب في تملكه لكن مقصوده رد الثوب
قلت الأصح هنا السراية
والله أعلم
ولو وجد مشتري الشقص به عيبا فرده فلا سراية كالإرث
ولو أوصى لزيد بشقص ممن يعتق على وارثه بأن أوصى له ببعض جارية له منها ابن أو أوصى له ببعض ابن أخيه ومات زيد قبل قبول الوصية فقبلها ابنه أو أخوه عتق عليه الشقص ولا سراية

على الأصح لأن بقبوله يدخل الشقص في ملك الوارث ثم ينتقل إليه بالإرث
فلو أوصى له بشقص ممن يعتق عليه ولا يعتق على وارثه بأن أوصى له بشقص من أمة ووارثه أخوه من أبيه فمات وقبل الوصبة أخوه عتق ذلك الشقص على الميت ويسري إن كان له تركة يفي ثلثها بقيمة الباقي لأن قبول وارثه كقبوله في الحياة
قال الإمام هكذا ذكره الأصحاب وفيه وقفة لأن القبول حصل بغير اختياره
ولو باع عبدا لابنه ولأجنبي صفقة واحدة عتق نصيب الابن وقوم عليه نصيب الشريك
الشرط الثالث أن لا يتعلق بمحل السراية حق لازم فلو أعتق نصيبه ونصيب شريكه مرهون سرى على الأصح لأن حق المرتهن ليس بأقوى من حق المالك وتنتقل الوثيقة إلى القيمة
ولو كاتبا عبدا ثم أعتقه أحدهما فالصحيح أو المشهور أنه يسري وهل يقوم في الحال أم بعد العجز عن أداء نصيب الشريك فيه خلاف نذكر تفاريعه إن شاء الله تعالى في الكتابة
ولو كان نصيب شريكه مدبرا قوم أيضا على الأظهر لأن المدبر كالقن في البيع
فإن قلنا لا يسري فرجع عن التدبير قال الأكثرون لا يسري كما لو أعتق وهو معسر ثم أيسر
وقيل يسري لزوال المانع فعلى هذا هل يحكم بالسراية عند ارتفاع التدبير أم يتبين استنادها إلى وقت الإعتاق وجهان
ولو كان نصيب الشريك مستولدا بأن استولدها وهو معسر لم يسر على الأصح لأن السراية تتضمن النقل وأم الولد لا يقبل النقل وقيل يسري لأن السراية كالإتلاف وإتلاف أم الولد يوجب القيمة ولو استولدها أحدهما وهو معسر ثم استولدها الثاني ثم أعتقها أحدهما ففي السراية الوجهان
الشرط الرابع أن يوجه الإعتاق إلى ما يملكه ليعتق نصيبه

ثم يسري وذلك بأن يقول أعتقت نصيبي من هذا العبد أو النصف الذي أملكه فلو قال أعتقت نصيب شريكي أو نصيب شريكي من هذا العبد حر فهو لغو ولو أطلق فقال لعبد يملك نصفه أعتقت نصفك فهل يحمل على النصف الذي يملكه أم على النصف شائعا وجهان
وعلى التقديرين يعتق جميع العبد إذا كان موسرا قال الإمام ولا يكاد يظهر لهذا الخلاف فائدة إلا في تعليق طلاق أو إعتاق
ولو باع نصف عبد يملك نصفه فإن قال بعت النصف الذي أملكه من هذا العبد أو نصيبي منه وهما يعلمانه صح
وإن أطلق وقال بعت نصفه فهل يحمل على ما يملكه أم على النصف شائعا وجهان فعلى الثاني يبطل في نصيب الشريك
وفي صحته في نصف نصيبه قولا تفريق الصفقة
ولو أقر بنصفه المشترك ففيه هذان الوجهان
وقال أبو حنيفة يحمل في البيع على ما يملكه لأن الظاهر أنه لا يبيع ما لا يملكه
وفي الإقرار على الإشاعة أنه إخبار واستحسن الإمام والغزالي هذا وصحح البغوي الإشاعة فيهما
قلت الراجح قول أبي حنيفة
والله أعلم

فرع قال كل واحد منهما إن دخلت دار زيد فأنت حر أو
فدخلها عتق على كل واحد نصيبه ولا يقوم لأن العتق حصل دفعة وكذا لو قال أحدهما إن كلمت زيدا فنصيبي منك حر وقال الآخر إن شتمته فنصيبي منك حر فشتمه
وكذا لو وكلا رجلا في عتقه فأعتق كله دفعة ولا أثر لوقوع التعليقين أو التوكيلين في

وقتين وإنما العبرة بوقت الوقوع ولهذا لو قال لغير المدخول بها إذا دخلت الدار فأنت طالق طلقة ثم قال بعده إن دخلتها فأنت طالق طلقتين فدخلت طلقت ثلاثا كقوله أنت طالق ثلاثا
ولو قال أحدهما أنت حر قبل موتي بشهر ونجز الآخر عتقه بعد تعليق الأول بيوم مثلا فله أحوال أحدهما أن يموت المعلق لدون شهر من التعليق فيعتق العبد كله على المنجز إن كان موسرا لأنه لا يمكن والحالة هذه أن يعتق بالتعليق لئلا يتقدم العتق على التعليق وكذا الحكم لو مات بعد مضي شهر من أول شروعه في لفظ التعليق بلا زيادة وما لم يمض شهر من تمام التعليق لا يمكن أن يعتق بالتعليق
الثانية أن يموت لأكثر من شهر بأيام فيعتق جميعه على الثاني أيضا لأن العتق بالتعليق إنما يتقدم على الموت بشهر واعتاق المنجز متقدم على الشهر المتقدم على الموت فيؤخذ قيمة نصيب المعلق من المنجز لورثة المعلق
هذا إن قلنا السراية تحصل بنفس الإعتاق أو قلنا بالتبيين وإن قلنا تحصل بدفع القيمة فإذا سبق وقت العتق بالتعليق كان في نفوذ العتق عن المعلق خلاف كما سنذكره في تفريع أقوال السراية إن شاء الله تعالى
الثالثة إذا مات على رأس شهر من تمام صيغة التعليق عتق جميع العبد على المعلق
الرابعة إذا مات على تمام شهرين من تمام كلام المنجز عتق على كل واحد نصيبه ولا تقويم لوقوع العتقين معا

فرع متى تثبت السراية إذا حكمنا بها ثلاثة أقوال أظهرها بنفس

الشريك والثاني بأداء قيمة نصيب الشريك
والثالث موقوف فإن رأى القيمة تبينا حصول العتق باللفظ وإن فات تبينا أنه لم يعتق
ويتفرع على الأقوال مسائل
إحداها إذا أولد أمة له نصفها فإن كان موسرا سرى الاستيلاد وهل يسري بنفس العلوق أم بأداء القيمة أم يتبين كأدائها السراية بنفس العلوق فيه الأقوال كالعتق
وعلى الأقوال تلزم المستولد نصف المهر لشريكه مع نصف قيمة الأمة ثم إن قلنا يحصل الملك بأداء القيمة وجب مع ذلك نصف قيمة الولد
وإن قلنا يحصل بالعلوق أو قلنا بالتبين فهل يثبت بعد العتق أو قبله وجهان إن قلنا بعده وجب أيضا نصف قيمة الولد وإن قلنا قبله فلا وبه أجاب البغوي
ولو وطئها الثاني قبل أداء القيمة فإن أثبتنا السراية بنفس العلوق فعلى الثاني كمال المهر للأول وللثاني على الأول نصفه فيقع المهر قصاصا
وإن قلنا يحصل بأداء القيمة لزمه نصف المهر وله على الأول نصفه فيتقاصان
وإن كان الذي أولد معسرا ثبت الاستيلاد في نصفه ونصف الآخر يبقى قنا
وهل يكون الولد كله حرا أم تبعض حريته وجهان أو قولان سبقا في الغنائم
الثانية عبد بين ثلاثة لواحد نصفه وللآخر ثلثه وللآخر سدسه فأعتق أحدهم نصيبه وهو موسر يسري العتق إلى نصيب الشريكين وإن كان موسرا ببعض قيمة الباقي وقلنا بالصحيح قوم عليه بنسبة المقدور عليه من نصيب كل واحد منهما فإذا كان موسرا بثبث الباقي قوم عليه ثلث نصيب كل واحد منهما
ولو

أعتق اثنان منهم نصيبهما معا أو علقا بشرط واحد أو وكلا من أعتق عنهما دفعة فإن كان أحدهما فقط موسرا قوم عليه نصيب الثالث
وإن كانا موسرين قوم نصيب الثالث عليهما وكيف يقوم فيه طريقان أحدهما على قولين أحدهما القيمة عليها بالسوية الثاني على قدر الملكين كنظيره من الشفعة والطريق الثاني القطع بأنها على عدد الرؤوس لأن الأخذ بالشفعة من مرافق الملك كالثمرة وهنا سبيله سبيل ضمان المتلف فيستوي القليل والكثير كما لو مات من جراحاتها المختلفة وهذا الطريق هو المذهب باتفاق فرق الأصحاب إلا الإمام فرجح طريق القولين
الثالثة إن قلنا تحصل السراية باللفظ أو قلنا بالتبين اعتبرت قيمة يوم الإعتاق وإن قلنا بالأداء فهل يعتبر يوم الإعتاق أم الأداء أم أكثر القيم من يوم الإعتاق إلى الأداء فيه أوجه
الصحيح عند الجمهور الأول ورجح الإمام والغزالي الثاني فإن اختلفا في قيمة العبد فإن كان حاضرا والعهد قريب راجعنا المقومين وإن مات العبد أو غاب أو تقادم العهد فأيهما يصدق بيمينه قولان
أظهرهما المعتق لأنه غارم كالغاصب ولو اختلفا في صنعة للعبد تزيد في قيمته واتفقنا على قيمته لو لم تكن تلك الصنعة فإن كان العبد حاضرا وهو يحسن الصنعة ولم يمض بعد الإعتاق زمن يمكن تعلمه فيه صدق الشريك وإن مضى زمن يمكن التعلم فيه أو مات العبد أو غاب فالمذهب أن المصدق المعتق
وقيل فيه القولان ولا يقبل قول العبد إني أحسنها أو لا أحسنها بل يجرب
ولو اختلفا في عيب ينقص القيمة نظر إن ادعى المعتق عيبا في أصل الخلقة بأن قال كان أكمه أو أخرس وقال الشريك بل بصيرا ناطقا وقد

غاب العبد أو مات صدق المعتق بيمينه على المذهب
وقيل في المصدق قولان قال البغوي الطريقان فيما إذا ادعى النقص في الأعضاء الظاهرة أما إذا ادعاه في الباطنة فقولان كالصورة الآتية لتمكن الشريك من البينة على سلامة الظاهرة
وإن ادعى حدوث عيب بعد السلامة بأن زعم ذهاب بصره أو سرقته فالأظهر أن المصدق الشريك لأن الأصل عدمه وخص بعضهم القولين فيما يشاهد ويطلع عليه وقطع فيما لا يشاهد بتصديق الشريك لعسر إثباته ببينة
الرابعة لو مات المعتق قبل أداء القيمة أخذت من تركته
ولو أعسر بعد الإعتاق ومات معسرا فإن أثبتنا الإعتاق بنفس اللفظ فالقيمة في ذمته وإن قلنا بالقولين الآخرين لم يعتق حصة الشريك
ولو مات العبد قبل أداء القيمة فإن قلنا السراية تحصل باللفظ مات حرا موروثا وأخذت من المعتق قيمة حصة الشريك وإن قلنا بالتبيين لزمته القيمة فإذا أداها تبينا العتق وإن قلنا يحصل بالأداء سقطت القيمة على الأصح لأن الميت لا يعتق
والثاني تجب لأنه مال استحق في الحياة فلا يسقط بالموت
قال الإمام وعلى هذا يجب على المعتق قيمة نصيب شريكه ثم تبيين أن العتق حصل قبل موته
وفي التهذيب تفريعا على تأخر السراية أنه يموت نصفه رقيقا ثم ذكر الوجهين في مطالبة الشريك له بقيمة نصيبه وهذا ضعيف
الخامسة لو أعتق الشريك نصيبه قبل أخذ القيمة لم ينفذ إن قلنا بالسراية في الحال وإن قلنا بأداء القيمة فكذلك على الأصح عند الجمهور لئلا يفوت حقا ثبت للأول ونفذه ابن خيران والاصطخري وابن أبي هريرة فعلى هذا في نفوذ البيع والهبة ونحوهما

وجهان الصحيح المنع فإن نفذنا البيع فهل للأول أن ينقض البيع ويبذل القيمة كالشفيع فيه احتمال للإمام
السادسة للشريك مطالبة المعتق بالقيمة على الأقوال كلها أما على غير التأخر فظاهر وأما على التأخير فلأنه محجور عليه في التصرف فيه والحيلولة من أسباب الضمان
قال الإمام ويلزم على تنفيذ البيع ونحوه أن لا يملك مطالبته وهو ضعيف
وإذا دفع المعتق القيمة أجبر الشريك على قبولها إن وقفنا العتق على أدائها وإذا لم ندفع ولم يطالبه الشريك فللعبد طلب الدفع من هذا والقبض من ذاك فإن امتنع طالبهما الحاكم لأن العتق حق لله تعالى
ولو كان الشريك غائبا دفع القيمة إلى وكيله فإن لم يكن جعله القاضي عند أمين وله أن يقرها في يد المعتق إن كان ثقة
السابعة إذا تعذرت القيمة بإفلاس أو هرب فقال الشيخ أبو علي والصيدلاني والروياني يبقى نصيب الشريك رقيقا ويرتفع الحجر عنه إذ لا وجه لتعطيل ملكه عليه بلا بدل وفيه احتمال للإمام أنه يثبت العتق وجعله الغزالي وجها فقال الصحيح أن إعسار المعتق يدفع الحجر ولو عاد اليسار قال الشيخ أبو علي لا يعود التقويم لأن حق العتق ارتفع بتخلل الإعسار وفيه احتمال للإمام
الثامنة إذا قلنا لا سراية قبل أداء القيمة فوطئها الشريك قبل الأداء وجب نصف المهر لنصفها الحر
قال الإمام وليصور في وطء محرم أو في مكرهة وفي النصف الآخر وجهان أصحهما

لا يجب لأنه ملكه والثاني يجب ويصرف إلى المعتق لأنه مستحق الانقلاب إليه
قال الإمام ويجوز أن يكون للجارية وإن قلنا تحصل السراية بنفس الإعتاق وجب لها جميع المهر ولا حد للاختلاف في ملكه
التاسعة قال لشريكه إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر أو فجميع العبد حر أو فنصيبي حر بعد عتق نصيبك فإذا أعتق المقول له نصيبه نظر إن كان معسرا عتق على كل واحد نصيبه وإن كان موسرا عتق عليه نصيبه
ثم إن قلنا السراية تحصل بنفس الإعتاق سرى عليه ولزمه قيمة نصيب شريكه لأن السراية قهرية تابعة لعتق نصيبه لا مدفع لها وموجب التعليق قابل للدفع بالبيع ونحوه
وإن قلنا بالتبين فكذلك الحكم إذا أديت القيمة وإن قلنا بالأداء فنصيب المعلق عمن يعتق فيه وجهان
ولو قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر مع عتق نصيبك أو في حال عتق نصيبك وقلنا السراية بنفس الإعتاق فوجهان
أحدهما يعتق نصيب كل واحد عنه ولا شىء على المعتق وبهذا قال ابن القاص وصاحب التقريب واختاره القاضي أبو الطيب وحكاه الروياني عن عامة الأصحاب والثاني وبه قال القفال واختاره الشيخ أبو علي يعتق جميعه عن المقول له ولا أثر لقوله مع نصيبك لأن المعلق لا يهارن المعلق عليه بل يتأخر عنه بلا شك
ولو قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر قبل عتق نصيبك فأعتق المقول له نصيبه نظر إن كانا معسرين أو المعلق معسرا عتق نصيب المنجز وعتق على المعلق نصيبه قبل ذلك لموجب التعليق ولا سراية وإن كان المعلق موسرا وقلنا السراية تحصل بنفس الإعتاق فوجهان من صحح الدور اللفظي كابن الحداد يقول لا ينفذ إعتاق المقول له في نصيبه لأنه لو نفذ لعتق نصيب

القائل قبله ولو عتق لسرى ولو سرى لبطل عتقه فيلزم من نفوذه عدم نفوذه
وعلى هذا لو قال السيد لعبده مهما أعتقتك فأنت حر قبله لم يتمكن من اعتاقه كما سبق نظيره في الطلاق ولو صدر هذا التعليق من الجانبين امتنع الإعتاق عليهما
ولو قال أحدهما للآخر متى بعت نصيبك فنصيبي حر قبله لم ينفذ البيع والمستبعدون لصحة الدور وانسداد باب الطلاق ونحوه أولى بالاستبعاد هنا لتضمنه الحجر على العين ومن لا يصحح الدور وهو الأصح يقول يعتق نصيب كل واحد منهما عنه ولا شىء لأحدهما على الآخر كما لو قال مع نصيبك
وإن قلنا يحصل العتق بأداء القيمة فإن نفذنا عتق الشريك قبل أداء القيمة عتق نصيب المنجز عليه ونصب المعلق على المعلق
وإن لم ننفذه قال الإمام تدور المسألة أيضا وعلى هذه الصور جميعا لو أعتق المعلق نصيبه عتق وتثبت السراية إذا وجد شرطها
العاشرة إذا قال الشريك الموسر أعتقت نصيبك فعليك قيمة نصيبي فأنكر فإن كان للمدعي بينة قضي بها ومتى يعتق حصة المدعي فيه الأقوال
وإن لم يكن بينة صدق المنكر بيمينه فإن حلف رق نصيبه وإن نكل حلف المدعي اليمين المردودة واستحق القيمة والصحيح أنه لا يحكم بعتق نصيب المدعى عليه لأن الدعوى إنما توجهت عليه بسبب القيمة وإلا فلا معنى للدعوى على إنسان بأنه أعتق عبده وإنما هذا وظيفة العبد لكن لو شهد آخر مع هذا المدعي ثبت العتق بشهادة الحسبة
قال الإمام وأبعد بعض من لا خبرة له فحكم بالعتق تبعا لدعوى القيمة وهل يحكم بعتق

نصيب المدعي إذا حلف المدعى عليه أو نكل وحلف المدعي إن قلنا بتعجيل السراية فنعم لاعترافه بسراية إعتاق المدعى إليه إلى نصيبه وإن قلنا بالتأخر لم يعتق
وإذا عتق نصيبه لم يسر إلى نصيب المنكر وإن كان المدعي موسرا لأنه لم ينشىء العتق فأشبه ما لو ادعى أحد الشريكين على رجل أنك اشتريت نصيبي وأعتقته وأنكر المدعى عليه يعتق نصيب المدعي ولا يسري
وإن قلنا لا يعتق إلا بعد أداء القيمة لم يعتق نصيب المدعي
ولو صدق المدعى عليه الشريك فلا إشكال وإن كان المدعى عليه معسرا وأنكر وحلف لم يعتق شىء من العبد فإن اشترى المدعي نصيبه بعد ذلك عتق ما اشتراه لاعترافه بحريته ولا يسري إلى الباقي
ولو ادعى كل واحد من الشريكين الموسرين على صاحبه أنك أعتقت نصيبك وطالب بالقيمة وأنكر صدق كل واحد بيمينه فيما أنكره فإذا حلفا فلا يطالب بالقيمة ويحكم بعتق جميع العبد إن قلنا بتعجيل السراية والولاء موقوف لأنه لا يدعيه أحد
وإن قلنا بتأخر السراية أو بالتبين فالعبد رقيق وإن كانا معسرين وقال كل واحد للآخر أعتقت نصيبك لم يعتق منه شىء فإن اشترى أحدهما نصيب الآخر حكم بعتق ما اشتراه ولا يسري لأنه لم ينشىء إعتاقا
وذكر البغوي أنه لو باع أحدهما لعمرو والآخر لزيد صح ولا عتق
ولو باعا لزيد حكم بعتق نصفه لأنه متيقن وهذا ليس بصحيح ولا يقين في واحد من النصفين لجواز كونهما كاذبين
وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا عتق نصيب المعسر على قول تعجيل السراية وولاؤه موقوف ولا يعتق نصيب الموسر فإن اشتراه المعسر عتق كله
ولو طار طائر فقال أحدهما إن كان غرابا فنصيبي من هذا العبد حر وقال الآخر إن لم يكن غرابا فنصيبي حر ولم يبين الحال فإن كانا

معسرين فلا عتق فإن اشترى أحدهما نصيب الآخر حكم بعتق أحد النصفين
ولو باعاه لثالث حكم بعتق أحد النصفين أيضا ولا رجوع على واحد منهما لأن كل واحد يزعم أن نصيبه مملوك هذا هو الأصح وبه قال القفال وقطع به الغزالي وحكى الشيخ أبو علي وجها أنه إن اشتراه عالما بالتعليقين فلا رجوع له وإن لم يعلم ثم علم فله الرد كما لو اشترى عبدا فبان أن نصفه حر فعلى هذا يرد العبد لأن نصفه حر والنصف الآخر معيب بسبب التشقيص
قال الشيخ أبو علي ولو اختلف النصيبان لم يعتق إلا أقلهما
ولو تبادلا النصيبين فإن لم يحنث واحد منهما صاحبه بل اعترفا بالإشكال لم يحكم على واحد منهما بعتق شىء والحكم بعد المبادلة كالحكم قبلها
وان حنث كل واحد الآخر حكم بعتق الجميع لاعتراف كل واحد بعتق ما صار إليه ويكون الولاء موقوفا
وإن حنث أحدهما صاحبه
ولم يحنثه الآخر حكم بعتق ما صار للمحنث وولاؤه موقوف ولا يحكم بعتق نصيب الآخر
وإن كانا موسرين فإن قلنا بتعجيل السراية عتق العبد لأنا نتحقق حنث أحدهما وإن لم نتمكن من التعيين فيعتق نصيبه ويسري إلى الثاني والولاء موقوف ولكل واحد منهما أن يدعي قيمة نصيبه على الآخر ويحلفه على البت أنه لم يحنث
وإن قلنا لا تحصل السراية إلا بأداء القيمة لم يحكم بعتق شىء منه والحكم كما في المعسرين قال الشيخ أبو علي فإن ادعى كل واحد على صاحبه أنه عتق نصيبه وأراد طلب القيمة حلفه كما ذكرنا على قول تعجيل السراية
وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا فإن قلنا بتعجيل السراية عتق نصيب المعسر بكل حال ولا يعتق نصيب الموسر للشك فبه
وإن أخرناها إلى أداء القيمة لم يحكم بعتق شىء في الحال وللمعسر أن يدعي التقويم على الموسر ويحلفه


فرع قال أحدهما أعتقناه معا وأنكر الآخر فإن كانا موسرين أو كان
القائل موسرا فقد أطلق ابن الحداد أنه يحلف المنكر وتابعه جماعة
قال الشيخ إنما يحلف عندي إذا قال للمقر أنت أعتقت نصيبك وأنا لم أعتق وأراد طلب القيمة فيحلفه أنه لم يعتق معه ليأخذ القيمة لأن المقر أقر بما يوجب القيمة وادعى ما يسقطها وهو الموافق في الإعتاق فيدفع يمينه المسقط فأما إذا قال لم تعتق نصيبك ولا أنا أعتقته فلا مطالبة بالقيمة ولا يمين
وهل يحكم بإعتاق جميع العبد بإقرار الموسر إن أثبتنا السراية بنفس الإعتاق فنعم وإن أخرناها لم يعتق نصيب المنكر وإذا حلف المنكر في التصوير الأول أخذ القيمة من المقر وحكم بعتق جميع العبد وولاء نصيب المنكر موقوف
فلو مات العتيق ولا وارث له سوى المقر أخذ نصف ماله بالولاء
وهل له أن يأخذ من النصف الآخر قدر نصف القيمة الذي غرمه للمنكر وجهان
أحدهما نعم لأنه إن صدق فالمنكر ظالم له وهذا ماله بالولاء وإن كذب فهو مقر بإعتاق جميعه فجميع المال له بالولاء والثاني لاختلاف الجهة
قلت الأول أصح
والله أعلم
وإن رجع المنكر عن إنكاره وصدق المقر رد ما أخذ منه
وإن رجع المقر واعترف بأنه أعتقه كله قبل وكان جميع الولاء له كما لو نفى نسبا يلحقه ثم استلحقه


فرع عبد بين ثلاثة شهد اثنان منهم أن الثالث أعتق نصيبه فإن
الثالث معسرا قبلت شهادتهما وحكم بعتق نصيب الثالث ورق الباقي
وإن كان موسرا فالأصح وبه قال ابن الحداد ان شهادتهما باطلة لأنهما متهمان بإثبات القيمة فلا يعتق نصيبه ولا يلزمه لهما قيمة ويعتق نصيبهما لاعترافهما بالسراية إليه وقيل تقبل شهادتهما في عتق نصيبه دون القيمة وهو ضعيف والحكم بعتق نصيبهما مفرع على تعجيل السراية فإن أخرناها لم يعتق شىء من العبد لكن لا ينفذ تصرفهما لاعترافهما بأنه مستحق العتق على الثالث هكذا حكاه الشيخ أبو علي عن بعض الأصحاب وصححه ويجوز أن يقال قد سبق أن تعذر حصول القيمة بإعسار وغيره يرفع الحجر عن الشريك والتعذر هنا حاصل
الحادية عشرة إذا قلنا السراية تحصل بنفس الإعتاق فله حكم الأحرار في الإرث والشهادة والحد والجناية وإن لم يؤد القيمة وإن أخرناها إلى أداء القيمة فله حكم الأرقاء فيها حتى يؤدي وإن توقفنا في هذه الأحكام
الثانية عشرة لو أعتق شركاء له في حبلى وهو موسر ولم يقوم عليه حتى ولدت عتق معها ولدها تفريعا على السراية في الحال فأما إذا أخرناها إلى الأداء فنص أنه ينبغي أن لا يعتق الولد معها لأنه إنما يعتق بعتقها إذا كان حملا فأما بعد الولادة فلا
قال القاضي أبو حامد معناه أن نصيب الذي لم يعتق من الولد مملوك فأما نصيب المعتق فيجب أن يعتق
وقال ابن الصباغ عندي أنه أراد أن نصيب الذي لم يعتق من الولد لا يعتق بدفع نصف قيمة الأم وعتقها

وإلا فقد عتق من الولد نصيب المعتق وهو موسر فوجب أن يسري
قلت هذا الذي قاله ابن الصباغ ضعيف
والله أعلم
الثالثة عشرة وكل شريكه في عتق نصيبه فقال الوكيل للعبد نصفك حر فإن قال أردت نصيبي قوم عليه نصيب شريكه وإن قال أردت نصيب شريكي قوم على الشريك نصيب الوكيل وإن أطلق فعلى أيهما يحمل وجهان حكاهما في الشامل
قلت لعل الأصح حمله على نصيب الوكيل
والله أعلم
الرابعة عشرة مريض له نصفا عبدين قيمتهما سواء لا مال له غيرهما فقال أعتقت نصيبي من سالم وغانم وقلنا السراية تعجل عتق ثلثا نصيبه من سالم فقال الوكيل للعبد نصفك حر فإن قال أردت نصيبي من سالم ومن غانم وقلنا السراية تعجل عتق ثلثا نصيبه من سالم وهو ثلث ماله ولا يعتق من الآخر شىء
ولو قال نصيبي من هذين حر عتق ثلثا نصيبه من أحدهما فيقرع ويعتق فمن خرجت قرعته عتق ثلثا نصيبه وإن نصفاهما ثلث ماله فقال أعتقت نصيبي من سالم ومن غانم عتق سالم بالمباشرة والسراية ولم يعتق من غانم شىء
ولو قال نصيبي منهما حر عتق النصفان ولا سراية
الخامسة عشرة أمة حامل من زوج اشتراها زوجها وابنها الحر معها وهما موسران فالحكم كما ذكرنا لو أوصى مالكها بهما لهما وقبلا الوصية معا وقد ذكرناه في الوصايا ومختصره أن الأمة تعتق على الابن والحمل يعتق عليهما ولا يقوم


السادسة عشرة شهد رجلان أن زيدا أعتق نصيبه من المشترك وهو موسر وحكم القاضي بشهادتهما ثم رجعا فشهادتهما تثبت عتق نصيبه ويوجب عليه قيمة نصيب شريكه فيغرمان قيمة نصيبه قطعا لأن شهود العتق يغرمون بالرجوع
وهل يغرمان له قيمة نصيب الشريك التي غرمها قولان لأن في تغريم شهود المال قولين سبقا
هذا إذا صدق الشريك الشهود وأخذ القيمة وعتق جميع العبد إما بنفس الإعتاق وإما بدفع القيمة فأما إذا كذبهم وقال لم يعتق زيد نصيبه فإن عجلنا السراية عتق الجميع ولا يلزمه للشريك شىء وإن أخرناها قال الشيخ أبو علي يجبر على أخذ القيمة ليكمل العتق ثم يلزمه ردها إن أصر على تكذيب الشهود كما لو جاء المكاتب بالنجم الأخير فقال السيد هذا حرام غصبت من فلان يجبر على أخذه ثم يرده على من أقر له
ولو شهد اثنان على شريك أنه أعتق نصيبه وآخران على الشريك الآخر أنه أعتق نصيبه وهما موسران فإن أرخت البينتان عتق كله على الأول إن عجلنا السراية وعليه قيمة نصيب الآخر وإن أخرناها إلى أداء القيمة فعلى الخلاف السابق في أن إعتاق الثاني قبل أداء القيمة هل ينفذ إن قلنا لا وهو الأصح أخذت قيمة نصيبه من الأول ليعتق وإن لم يؤرخا عتق العبد كله ولا تقويم
فلو رجع الشاهدان على أحدهما لم يغرما شيئا لأنا لا ندري أن العتق في النصف الذي شهدا به حصل بشهادتهما أم بشهادة الآخرين بالسراية فلا يوجب شيئا بالشك وإن رجعوا جميعا فقيل الحكم كذلك والأصح أنهم يغرمون قيمة

العبد لأنه إذا لم يكن تاريخ فالحكم بعتق العبد معلق بشهادة الأربعة ويقدر كأن الإعتاقين وقعا معا وبالله التوفيق
الخصيصة الثانية العتق بالقرابة فمن ملك أباه أو أمه أو أحد أصوله من الأجداد والجدات من جهة الأب أو الأم أو ملك من أولاده وأولاد أولاده وإن سفلوا عتق عليه سواء ملكه قهرا بالإرث أم اختيارا بالشراء والهبة وغيرهما ولا يعتق غير الأصول والفروع كالإخوة والأعمام والأخوال وسائر الأقارب
وليس لولي الصبي والمجنون أن يشتري لهما من يعتق عليهما فإن فعل فالشراء باطل
ولو وهب للصبي قريبه أو أوصى له به
نظر إن كان الصبي معسرا فلوليه قبوله ويلزمه القبول على الأصح وظاهر النص فإذا قبل عتق على الصبي
وإن كان موسرا نظر إن كان القريب بحيث يجب تعففه في الحال لم يجز للولي القبول وإن كان بحيث لا يجب فعلى ما ذكرنا في المعسر وإذا لم يقبل الولي قبل الحاكم فإن لم يفعل فللصبي بعد بلوغه القبول كذا ذكره الروياني وليكن هذا في الوصية
ولو وهب له بعض القريب أو أوصى له به فإن كان الصبي معسرا قبل الولي وإن كان موسرا زاد النظر في غرامة السراية وفيه قولان
أظهرهما لا يقبل لأنه لو قبل لعتق على الصبي وسرى ولزمه قيمة الشريك وفيه ضرر
والثاني يقبل ويعتق عليه ولا يسري
وقيل ليس له القبول قطعا وإنما القولان في صحة القبول

فرع اشترى في مرض موته قريبه فإما أن يشتريه بثمنه أو بمحاباة
التقدير الأول قد يكون عليه دين وقد لا وقد سبق بيان

كل ذلك في الوصية وذكرنا أنه إذا لم يكن دين ولا وصية اعتبر عتقه من الثلث فإن خرج كله من ثلثه عتق وإلا عتق قدر الثلث وإن ملكه بإرث عتق من رأس المال على الأصح حتى يعتق كله وإن لم يكن مال آخر
وقيل من الثلث حتى لا يعتق إلا ثلثه إذا لم يملك شيئا آخر
ولو ملكه بهبة أو وصية فإن قلنا الإرث من الثلث فهنا أولى وإلا فوجهان والمسألة مبسوطة في الوصايا

فرع من قواعد كتاب السير أن الحربي إذا قهر حربيا ملكه قال
ولم يشترط الأصحاب قصد الإرقاق بل اكتفوا بصورة القهر وعندي لا بد من القصد فإن القهر قد يكون للاستخدام فلا يتميز قهر الإرقاق إلا بالقصد فإذا قهر عبد سيده الحربي عتق العبد وصار السيد رقيقا له
ولو قهر الزوج زوجته واسترقها ملكها وجاز له بيعها وكذا لو قهرت زوجها
ولو قهر حربي أباه أو ابنه فهل له بيعه وجهان أحدهما لا وبه قال ابن الحداد لا يعتق عليه بالملك
والثاني نعم لأن القهر دائم وبهذا أفتى الشيخ أبو زيد ويشبه أن يرجح الأول ويتجه أن يقال لا يملكه بالقهر لاقتران سبب العتق بسبب الملك
ويخالف الشراء فإنا صححناه لكونه ذريعة إلى تخليصه من الرق
فرع قد سبق أنه لو اشترى بعض قريبه عتق عليه وسرى إلى
معناه قبول الهبة والوصية
ولو ورث نصفه لا يسري

وشراء الوكيل وقبوله الهبة والوصية كشرائه وقبوله لصدوره عن اختياره وكذا قبول نائبه شرعا حتى لو أوصى له ببعض ابنه فمات وقبل الأخ الوصية عتق الشقص على الميت وسرى إلى الباقي إن وفى به الثلث وينزل قبول وارثه منزلة قبوله في حياته
ولو أوصى له ببعض من يعتق على وارثه بأن أوصى له ببعض ابن أخيه فمات وقبل الأخ الوصية عتق الشقص على الميت وسرى إلى الباقي إن وفى به الثلث وينزل قبول وارثه منزلة قبوله في حياته
ولو أوصى له ببعض من يعتق على وارثه بأن أوصى له ببعض ابن أخيه فمات وقبل الأخ الوصية عتق الشقص ولا سراية على الأصح لأن الملك حصل للميت أولا ثم انتقل إلى الأخ إرثا ويجري الخلاف في السراية حيث يملك بطريق اختيار يتضمن الملك ولا يقصد به التملك كما إذا باع ابن أخيه بثوب ومات ووارثه الأخ فرد الثوب بعيب واسترد الشقص عتق عليه
وفي السراية الخلاف
ولو وهب لعبد بعض من يعتق على سيده فقبل وقلنا يصح قبوله بغير إذن سيده عتق الموهوب على السيد وسرى لأن قبول العبد كقبوله شرعا
قلت هذا مشكل وينبغي أن لا يسري لأنه دخل في ملكه قهرا كالإرث
والله أعلم

فرع جرح عبد أباه فاشتراه الأب ثم مات بالجراحة

إن قلنا تصح الوصية للقاتل عتق من ثلثه وإلا لم يعتق
وعلى هذا قال البغوي ينبغي أن تجعل صحة الشراء على وجهين كما لو اشتراه وعليه دين


الخصيصة الثالثة امتناع العتق بالمرض سبق في كتاب الوصايا أن التبرعات في مرض الموت تحسب من الثلث وأن العتق من التبرعات وقد يندفع لوقوعه في المرض وإنما يعتبر الثلث بعد حط قدر الدين فلو كان الدين مستغرقا لم يعتق شىء منه فإن أعتق عبد لا مال له سواه لم يعتق إلا ثلثه وإن مات هذا العبد بعد موت السيد مات وثلثه حر وإن مات قبل موت السيد فهل يموت كله رقيقا أم كله حرا أم ثلثه حرا وباقيه رقيقا فيه أوجه
أصحهما عند الصيدلاني الأول وبه أجاب الشيخ أبو زيد في مجلس الشيخ أبي بكر المحمودي فرضيه وحمده عليه لأن ما يعتق ينبغي أن يحصل للورثة مثلاه ولم يحصل لهم هنا شىء وتظهر فائدة الخلاف في شيئين أحدهما لو وهب في المرض عبدا لا يملك غيره وأقبضه ومات العبد قبل السيد فإن قلنا في مسألة العتق يموت رقيقا مات هنا على ملك الواهب ويلزمه مؤونة تجهيزه
وإن قلنا يموت حرا مات هنا على ملك الموهوب له فعليه تجهيزه
وإن قلنا بالثالث وزعت المؤونة عليهما
الثاني إذا كان لهذا العبد ولد من معتقه كان ولاء الولد لموالي أمه فإن قلنا يموت حرا انجز الولاء إلى معتق الأب وإن قلنا يعتق ثلثه أنجز ولاء ثلثه
ولو أعتق في مرضه عبدا وله مال سواه ومات العتيق قبل موت السيد قال الإمام قال جماهير الأصحاب لا يجب من الثلث ويجعل كأنه لم يكن لأن الوصية إنلا تتحقق بالموت فإذا لم تبق إلى الموت لم يدخل في الحساب قال ويجيء على قولنا حكمه بعد الموت كحكمه لو عاش أن يحسب

من الثلث
ولو وهب عبدا وأقبضه وله مال آخر فتلف في يد المتهب قبل موت الواهب فهو كما لو أعتقه كما أن هبته ولا مال له سواه كإعتاقه ولا مال له سواه
ولو أتلفه المتهب فهو كما لو كان باقيا حتى إذا كان له مال آخر يحسب الموهوب من الثلث وإذا لم يخرج من الثلث يغرم الموهوب للورثة ما زاد على الثلث بخلاف ما إذا تلف لأن الهبة ليست مضمنة والإتلاف مضمن على كل حال وللإمام احتمال في إلحاق التلف بالإتلاف وعكسه

فرع أعتق ثلاثة أعبد لا يملك غيرهم قيمتهم سواء فمات أحدهم قبل
موت السيد فالذي نص عليه الشافعي رحمه الله وأطبق عليه فرق الأصحاب أن الميت يدخل في القرعة قال الإمام وقياس ما ذكرنا في العبد الواحد أن يجعل الفائت كالمعدوم ويجعل كأنه أعتق عبدين لا مال له سواهما وجعل الغزالي هذا الإحتمال وجها والتفريع على الأول فإن خرجت القرعة على الميت بان أنه مات حرا موروثا عنه ورق الآخران وإن خرج عليه سهم الرق لم يحسب على الورثة لأنهم يريدون المال ويحتسب به عن المعتق لأنه يريد الثواب وتعاد القرعة بين العبدين كما لو لم يكن إلا عبدان فأعتقهما فمن خرج له سهم العتق عتق ثلثاه ورق ثلثه مع العبد الآخر
ولو خرج سهم العتق أولا على أحد الحيين فكذلك يعتق ثلثاه
ولو مات أحدهم بعد موت السيد وقبل امتداد يد الوارث إلى التركة فالحكم كما

لو مات قبل موت السيد ولفظ الصيدلاني يقتضي الاكتفاء بأن لا يكون الميت في يده لثبوت الحكم المذكور
وإن مات بعد امتداد يد الوارث إلى التركة وقبل الإقراع فوجهان
أصحهما يحسب الميت على الوارث حتى لو خرجت القرعة لأحد الحيين عتق كله لأن الميت دخل في يده وضمانه
والثاني أنه كما لو مات قبل ثبوت يده على التركة لأنه لم يتسلط على التصرف
ولو مات اثنان منهم قبل موت السيد قال ابن أبي هريرة يقرع بينهم فإن خرج سهم العتق على أحد الميتين صح عتق نصفه وجعل للورثة مثلاه وهو العبد الحي
وإن خرج سهم الرق عليه أقرعنا بين الميت الآخر والحي فإن خرج سهم الحرية على الميت الآخر أعتقنا نصفه وإن خرج سهم الرق عليه لم يحسب على الورثة وأعتقنا ثلث الحي
ولو قتل أحد العبيد قبل موت السيد أو بعده دخل القتيل في القرعة قطعا لأن قيمته تقوم مقامه فإن خرج سهم العتق لأحد الحيين عتق كله ولورثه الآخر قيمة القتيل وإن خرج للقتيل بان أنه قتل حرا وعلى قاتله الدية لورثته وأما القصاص فعن بعض الأصحاب أنه لا يجب إن كان قاتله حرا بخلاف ما إذا قال لعبده إن جرحك أحد فأنت حر قبله فجرحه حر ومات بالجراحة وجب القصاص لأن الحرية متعينة فيه وهنا التعيين بالقرعة
قال البغوي يحتمل أن يكون في المسألتين وجهان لأنه قتل من اعتقد رقه كما لو قتل من عرفه رقيقا فبان عتيقا ففي القصاص قولان
الخصيصة الرابعة القرعة وفيها طرفان أحدهما في محلها

وهو أن يعتق في مرض موته عبيدا دفعة ويقصر عنهم ثلث ماله ولا يجيز الورثة عتقهم فيقرع بينهم لتجتمع الحرية في بعضهم فيعتق أو يقرب من العتق
وفي الضابط قيود أحدها وقوع الإعتاق في مرض الموت فإذا انتفى عتقوا كلهم
الثاني أن يعتقهم دفعة بأن يوكل بإعتاق كل واحد وكيلا فيعتقوا معا أو يقول هؤلاء أحرار أو يقول لهم أعتقتكم أو أنتم أحرار فإن أعتقهم أولا قدم الأول فالأول إلى تمام الثلث كقوله سالم حر وغانم حر وفائق حر فلو قال سالم وغانم وفائق أحرار فهو محل القرعة
ولو قال سالم وغانم وفائق حر فعن القاضي أبي حامد أنه يراجع فإن قال أردت حرية كل واحد منهم فهو كقوله أنتم أحرار وإن قال أردت حرية الأخير قبل ولا قرعة وإن قال حرية غيره لم يقبل
الثالث أن يقصر عنهم ثلث ماله ولم تجز الورثة فإن وفى الثلث بهم أو أجاز الورثة عتقوا جميعا
ولو أوصى بإعتاق عبيد ولم يف الثلث بهم ولم يجز الورثة أقرع أيضا وسواء أوصى بإعتاقهم دفعة أو قال أعتقوا فلانا ثم قال أعتقوا فلانا لأن وقت الاستحقاق واحد وهو الموت بخلاف ما إذا رتب الإعتاق المنجز إلا أن يقيد فيقول اعتقوا فلانا ثم فلانا ولو علق العتق بالموت فقال إذا مت فأنتم أحرار أو أعتقتكم بعد موتي أو رتب فقال إذا مت ففلان حر أقرع أيضا
وفي الوصية والتعليق وجه أنه لا قرعة بل يعتق من كل واحد ثلثه والصحيح الأول
ولو قال أعتقت ثلث كل واحد منكم أو أثلاث هؤلاء أحرار فوجهان أحدهما لا يقرع

بل يعتق من كل واحد ثلثه لتصريحه بالتبعيض
وأصحهما يقرع وقد سبق في الوصايا أنه لو قال أعتقت ثلثكم أو ثلثكم حر فهو كقوله أعتقتكم أم كقوله أثلاث هؤلاء أحرار فيه طريقان وأنه لو أضاف إلى الموت فقال ثلث كل واحد حر بعد موتي أو أثلاث هؤلاء أحرار بعد موتي عتق من كل واحد ثلثه ولا قرعة على الصحيح

فرع يعتبر لمعرفة الثلث فيمن أعتقه منجزا في المرض قيمة يوم الإعتاق
وفيمن أوصى بعتقه قيمة يوم الموت أقل فالزيادة حصلت في ملكهم وإق كانت يوم القبض أقل فما نقص قبل ذلك لم يدخل في يدهم فلا يحسب عليهم كالذي يغصب أو يضيع من التركة قبل قبضهم وإذا أنجز إعتاق عبد وأوصى بإعتاق آخر قومنا المنجز حال إعتاقه والآخر حال الموت وبقية التركة بأقل القيمتين فإن بقي شىء من الثلث عتقا وإن خرج أحدهما أعتقنا المنجز فإن بقي شىء من الثلث أعتقنا بقدره من الموصى بإعتاقه وإن نقص الثلث أعتقنا من المنجز بقدره
ولو أعتق في المرض عبدا مبهما بأن قال أحد هؤلاء حر أو أوصى بإعتاق واحد منهم بأن قال اعتقوا أحدهم ففي جمع الجوامع للروياني أنه يكتب رقعة للعتق وأخرى للوصية بإعتاق ورقعتان للتركة فمن خرج له العتق فكأنه أعتقه بعينه ومن خرج له الوصية فكأنه أوصى بإعتاقه ثم يكون الحكم كما سبق
وفي الشامل أنه يميز الثلث بالقرعة أولا ثم يميز بين المنجز والآخر


فرع كل عبد من المنجز إعتاقهم عتق بالقرعة يحكم بعتقه من يوم
لا من يوم القرعة ويسلم له ما كسبه من وقت الإعتاق ولا يحسب من الثلث سواء كسبه في حياة المعتق أم بعد موته وكل من بقي رقيقا منهم فأكسابه قبل موت المعتق تحسب على الوارث في الثلثين وأكسابه بعد موته وقبل القرعة لا تحسب عليه لحصولها على ملكه
فلوأعتق في مرضه ثلاثة أعبد لا مال له غيرهم قيمة كل واحد مائة وكسب أحدهم مائة وأقرعنا فإن خرجت القرعة للكاسب عتق وفاز بكسبه ورق الآخران وإن خرج لأحد الآخرين عتق ثم تعاد بين الكاسب والآخر فإن خرجت للآخر عتق ثلثه وبقي ثلثاه مع الكاسب وكسبه للورثة وإن خرجت للكاسب وقع الدور لأنه يعتق بعضه ويتوزع الكسب على ما عتق وعلى ما رق ولا يحسب عليه حصة ما عتق وتزيد التركة بحصة ما رق وإذا زادت التركة زاد ما عتق وتزيد حصته وإذا زادت حصته نقصت حصة التركة
وطريق استخراجه بيناه في المسائل الدورية من الوصايا والحكم أنه يعتق منه ربعه ويتبعه ربع كسبه يبقى للورثة ثلاثة أرباعه وثلاثة أرباع كسبه مع العبد الآخر وجملتها ضعف ما عتق ولو كسب أحدهم مائتين وخرجت القرعة الثانية لغير الكاسب عتق ثلثاه وبقي ثلثه والكاسب وكسبه للورثة وإن خرجت للكاسب

فقد عتق منه شىء وتبعه من الكسب شيئان لأن كسبه مثلا قيمته تبقى للورثة أربعة أعبد إلا ثلاثة أشياء تعدل ضعف ما عتق وهو عبدان وشيئان فبعد الجبر أربعة أعبد تعدل عبدين وخمسة أشياء تسقط عبدين بعيدين يبقى عبدان وشيئان في مقابلة خمسة أشياء فالشىء خمس العبدين وهو خمسا عبد وذلك أربعون فقد عتق مائة وأربعون وبقي للورثة ثلاثة أخماسه ستون وثلاثة أخماس كسبه مائة وعشرون والعبد الآخر وجملتها مائتان وثمانون وقد سبقت نظائر هذا في الوصايا
هذا كله في الأكساب الحاصلة في حياة المعتق ولو كسب أحدهم في المثال المذكور مائة بعد موته فإن خرجت القرعة للكاسب عتق وتبعه كسبه غير محسوب كما لو كسب في الحياة وإن خرجت لغير الكاسب عتق ورق الآخران ولا تعاد القرعة للكسب بل يفوز به الوارث لحصوله في ملكه وكسب من أوصى بإعتاقه في حياة الموصى للموصي تزيد به التركة والثلث وكسبه بعد موته لا تزيد به التركة ولا الثلث بلا خلاف
وهل هو للورثة أم للعبد طريقان حكاهما ابن الصباغ أحدهما قولان كالقولين في أن كسب الموصى به بعد موت الموصي وقبل القبول للورثة أو للموصى له والمذهب القطع بأنه للورثة
والفرق أنه استحق العتق بموت الموصي استحقاقا مستقرا والوصية غير مستقرة بل الموصى له بالخيار بين الرد والقبول وإذا زادت قيمة من نجز إعتاقه كانت الزيادة كالكسب فمن خرجت له قرعة العتق تبعته الزيادة غير محسوبة عليه وكذا لو كان فيمن أعتقهم جارية فولدت قبل موت المعتق فالولد كالكسب

فإذا خرجت القرعة لها تبعها الولد غير محسوب من الثلث وإن خرجت لغير من زادت قيمته أو التي ولدت وقع للدور
ولو أعتق ثلاثة أعبد لا مال له غيرهم قيمة كل واحد مائة فبلغت قيمة أحدهم مائتين فهو كما لو كسب أحدهم مائة
ولو أعتق أمتين قيمة كل واحدة مائة فولدت إحداهما ولدا قيمته مائة فهو كما لو كسب أحدهم مائة فإن خرجت القرعة للتي لم تلد عتقت ورقت الوالدة وولدها وهما ضعف ما عتق وإن خرجت للوالدة عتق منها شىء وتبعها من الولد مثله يبقى مع الورثة ثلاثمائة إلا شيئين يعدل ضعف ما أعتقنا محسوبا وهما شيئان فبعد الجبر يعدل ثلاثمائة أربعة أشياء فالشىء ثلاثة أرباع مائة فعرفنا أنه عتق ثلاثة أرباعها وتبعها ثلاثة أرباع الولد يبقى للورثة ربعهما والجارية الأخرى وجملته مائة وخمسون ضعف ما عتق منها
ولو قال لأمته الحامل في مرض موته أنت حرة أو ما في بطنك فولدت لدون ستة أشهر من يوم الإعتاق ولم يتفق تعيين فيقرع فإن خرجت للولد عتق دون الأم وإن لم يف الثلث به عتق منه قدر الثلث وإن خرجت الأم عتقت وتبعها الولد إن وفى بهما الثلث وإلا فيعتق منها شىء ويتبعها من الولد شىء
وطريق استخراجه ما ذكرناه في الوصايا فيمن أعتق عبدا فكسب وتقويم الولد بما يكون يوم الولادة هذا كله إذا ولدت قبل موت المعتق فإن ولدت بعده نظر إن ولدت لأكثر من ستة أشهر من يوم الموت فالولد ككسب حصل بعد موته إن خرجت القرعة للأم عتقت وتبعها وإن خرجت لغير

الوالدة عتقت ولا تعاد القرعة للولد لأنه حدث على ملك الورثة وإن ولدت لأقل من ستة أشهر فهل تحسب على الوارث حتى تعاد القرعة قال البغوي يبنى على أن الحمل هل يعرف إن قلنا لا فهو كالحادث بعد الموت فلا تعاد وإن قلنا نعم فكالحادث قبل الموت فتعاد وأطلق الصيدلاني وجهين في أنها لو ولدت بعد الموت هل يحسب الولد على الورثة من الثلثين ولو نقصت قيمة من نجز عتق بعضهم قبل موت المعتق فإن كان النقص فيمن خرجت له قرعة العتق حسب عليه لأنه محكوم بعتقه من يوم الإعتاق وإن كان فيمن رق لم يحسب على الورثة إذا لم يحصل لهم إلا الناقص
فلو أعتق عبدا لا مال له غيره قيمته مائة ورجع الى خمسين فقد ذكرنا طريق استخراجه في الوصايا
وحاصله أن يعتق منه الخمس
ولو أعتق ثلاثة أعبد قيمة كل واحد مائة فعادت قيمة أحدهم إلى خمسين فإن خرجت القرعة للناقص عتق وحده لأنه كانت قيمته يوم الإعتاق مائة فينبغي أن يبقى للورثة ضعفها وإن خرجت لأحد الآخرين عتق منه خمسة أسداس وهي ثلاثة وثمانون وثلث يبقى للورثة سدسه والعبد الآخر والناقص
وجملة ذلك مائة وستة وستون وثلثان ضعف ما عتق لأن المحسوب على الورثة الباقي بعد النقص وهو مائتان وخمسون
ولو أعتق عبدين قيمة كل واحد مائة ولا مال له سواهما فعادت قيمة أحدهما إلى خمسين فإن خرجت القرعة للآخر عتق نصفه وبقي للورثة نصفه مع العبد الناقص وهما ضعف ما عتق وإن خرجت للناقص وقع الدور لأنا نحتاج إلى إعتاق بعضه معتبرا بيوم الإعتاق وإلى إبقاء ضعفه للورثة معتبرا بيوم الموت وحاصله أنه يعتق ثلاثة أخماسه يبقى خمساه مع الآخر للورثة
وإن حدث

النقص بعد موت المعتق وقبل الإقراع فهل يحسب على الورثة قال البغوي إن كان الوارث مقصور اليد عن التركة لم يحسب عليه كما في حال الحياة وإلا فوجهان أصحهمأ يحسب عليه
الطرف الثاني في كيفية القرعة والتجربة المترتبة عليها وفيه فصلان الأول في كيفية القرعة قد سبق في باب القسمة أن للقرعة طريقين أحدهما أن يكتب أسماء العبيد في رقاع ثم يخرج على الرق والحرية
والثاني أن يكتب في الرقاع الرق والحرية ويخرج على أسماء العبيد وذكرنا أن من الأصحاب من أثبت قولين في أنه يقرع بالطريق الأول أم الثاني وأن في كون ذلك الخلاف في الجواز والأولوية خلافا وأن الجمهور قالوا في العتق يسلك ما شاء من الطريقين ولفظه في المختصر يدل عليه والطريق الأول أخصر
واستحب الشافعي رحمه الله على الطريقتين أن تكون الرقاع صغارا ليكون أخفى وأن تكون متساوية وأن تدرج في بنادق وتجعل في حجر من لم يحضر هناك كما بينا في القسمة وأنه يغطى بثوب ويدخل من يخرجها اليد من تحته
كل هذا ليكون أبعد من التهمة ولا تتعين الرقاع بل تجوز القرعة بأقلام متساوية وبالنوى والبعر وذكر الصيدلاني أنه لا يجوز أن يقرع بأشياء مختلفة كدواة وقلم وحصاة وقد يتوقف في هذا لأن المخرج إذا لم يعلم ما لكل واحد منهم لا يظهر حيفه ولا يجوز الإعراض عن أصل القرعة والتمييز بطريق آخر بأن يتفقوا على أنه إن طار غراب ففلان حر أو أن من وضع على صبي يده فهو حر أو أن يراجع شخص لا غرض له

ونحو ذلك
قال الإمام فإن كنا نعتق عبدا ونرق آخرين ورأينا إثبات الرق والحرية فقد قال الأصحاب يثبت الرق في رقعتين والحرية في رقعة على نسبة المطلوب في القلة والكثرة فإن ما يكثر فهو أحرى بسبق اليد إليه
وفي كلامهم ما يدل على استحقاق ذلك ومنهم من عده احتياطا وقال يكفي رقعة للرق وأخرى للحرية ثم إذا أخرجنا رقعة باسم أحدهم فخرجت للحرية انفصل الأمر وان خرجت للرق احتجنا إلى إخراجها
قال الإمام إذا أثبتنا الرق والحرية فقال المخرج أخرج على اسم هذا ونازعه الآخرون وقالوا أخرج على اسمائنا أو أثبتنا الأسماء وقال المخرج أخرج على الحرية وقالوا أخرج على الرق أو تنازع الورثة والعبد فقال الورثة أخرج على الرق وقال العبد على الحرية فهذا لم يتعرض له الأصحاب وفيه احتمالان إن أثبت الرق والحرية أحدهما أنه يقرع بين العبيد أولا حتى يتعين من يعرض على الرق والحرية فإذا تعين واحد أخرجت رقعة على اسمه والثاني أن تثبت الحرية على رقعة والرق على رقعتين ويعطي المخرج كل عبد رقعة وقد سبق في القسمة أن تعيين من يبدأ به من الشركاء والأجراء منوط بنظر القسام فيمكن أن يناط هنا بنظر متولي الإقراع من قاض أو وصي فيبدأ بمن شاء ولا يلتفت إلى مضايقاتهم
واعلم أن إعطاء كل عبد رقعة ليس من شرط الإقراع بل يكفي الإخراج بأسمائهم وأعيانهم
الفصل الثاني في كيفية تجزئة العبيد وهي تقع بحسب الحاجة فإن أعتق عبدين لا مال له سواهما أقرع بإثبات اسميهما في رقعتين وإخراج أحدهما على الرق أو الحرية أو بإثبات الرق والحرية في رقعتين والإخراج على اسمهما ثم إن استوت قيمتهما فمن خرج له سهم الحرية عتق ثلثاه ورق باقيه مع الآخر وإن اختلفت قيمتهما

كمائة ومائتين فإن خرجت الحرية لصاحب المائة عتق ورق الآخر وان خرجت للآخر عتق نصفه ورق باقيه مع الآخر
وإن أعتق عبيدا لا مال له سواهم فإن كانوا ثلاثة واستوت قيمتهم فإن شاء كتب أسماءهم وقال للمخرج أخرج رقعة على الحرية فمن خرج اسمه عتق أو قال أخرج في الرق حتى يتعين في الآخر الحرية والإخراج على الحرية أولى لأنه أقرب إلى فصل الأمر
وإن شاء كتب على الرقاع الرق في رقعتين والحرية في رقعة وقال أخرج على اسم سالم أو أشار إلى عينه وقال على اسم هذا فإن خرج سهم الحرية عتق ورق الآخران وإن خرج سهم الرق رق وأمرنا بإخراج رقعة أخرى على اسم غانم فإن خرج سهم الحرية عتق ورق الثالث وإن خرج سهم الرق فبالعكس
وإن اختلفت قيمتهم كمائة ومائتين وثلاثمائة فإما أن نكتب أسماءهم فإن خرج اسم الأول عتق وأخرج رقعة أخرى فإن خرج اسم الثاني عتق نصفه وإن خرج اسم الثالث عتق ثلثه وإن خرج أولا اسم الثاني عتق ورق الآخران وإن خرج اسم الثالث عتق ثلثاه ورق باقيه والآخران وإما أن نكتب الرق في رقعتين والحرية في رقعة ونخرج على أسمائهم وإن كانوا أكثر من ثلاثة فإن أمكن تسوية الأجزاء عددا وقيمة كستة أو تسعة أو اثني عشر قيمتهم سواء جزأناهم ثلاثة أجزاء وصنعنا صنيعنا في الثلاثة المتساوين وكذا الحكم في ستة ثلاثة منهم قيمة كل واحد منهم مائة وثلاثة قيمة كل واحد خمسون فيضم إلى كل نفيس خسيسا ونجعلهم ثلاثة أجزاء وفي ستة اثنان منهم قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة واثنان قيمة كل واحد مائتان واثنان قيمة كل واحد مائة فنجعل اللذين قيمتهما أربعمائة جزءا ويضم إلى كل نفيس خسيسا فيستوي الأجزاء عددا وقيمة
وإن لم يمكن التسوية

بالعدد وتيسرت بالقيمة كخمسة قيمة أحدهم مائة وقيمة اثنين مائة وقيمة اثنين مائة جزأناهم كذلك وأقرعنا
وإن أمكن التسوية بالعدد دون القيمة كستة قيمة أحدهم مائة وقيمة اثنين مائة وقيمة ثلاثة مائة فوجهان الصحيح المنصوص يجزؤون بالعدد واثنين وثلاثة ويقرع بينهم كما ذكرنا
والثاني يجزؤون بالعدد فيجعل اللذان قيمتهما مائة جزءا والذي قيمته مائة مع واحد من الثلاثة الباقين جزءا ويقرع بينهم فيعتق قدر الثلث على ما سبق
وإن لم يمكن التسوية بالعدد ولا بالقيمة كثمانية قيمتهم سواء فقولان أظهرهما يجزؤون ثلاثة أجزاء بحيث يقرب من التثليث فيجعلون ثلاثة وثلاثة واثنين ويقرع فإن خرج سهم العتق على ثلاثة رق غيرهم وانحصر العتق فيهم ثم يقرع بينهم بسهمي عتق وسهم رق فلمن خرج له الرق رق ثلثه وعتق ثلثه مع الآخرين
وإن خرج سهم العتق أولا على الاثنين عتقا وتعاد القرعة بين الستة ويجعل كل اثنين جزءا فإذا خرج سهم العتق باسم اثنين أعدنا القرعة بينهما فمن خرج له سهم الحرية عتق ثلثاه
هذا إذا كتبنا في الرقاع الرق والحرية وإن كتبنا الأسماء فإذا خرج سهم اثنين وعتقا لم تعد القرعة بين الستة بل يخرج قرعة أخرى ثم يقرع بين الثلاثة المسمين فيها فمن خرج له سهم العتق عتق ثلثاه ولا يجوز على هذا القول أن نجزئهم أربعة واثنين واثنين لبعد هذه التجزئة على التثليث
والقول الثاني لا يراعى التثليث بل يراعي ما هو أقرب إلى فصل الأمر فيجوز أن تكتب أسماؤهم في ثمان رقاع ويخرج

واحدة بعد واحدة إلى أن يتم الثلث ويجوز أن يجعلوا أرباعا ثم إن شئنا أثبتنا اسم كل اثنين في رقعة فإذا خرجت واحدة على الحرية عتقا ثم يخرج رقعة أخرى ويقرع بين الاثنين اللذين اسمهما فيها فمن خرجت له القرعة عتق ثلثه وإن شئنا أثبتنا الرق والحرية فأثبتنا العتق في واحدة والرق في ثلاث فإذا خرجت رقعة العتق لاثنين عتقا ويعيد القرعة بين الستة فإذا خرجت لاثنين أقرعنا بينهما كما سبق ولا يبعد على هذا أن يجوز إثبات العتق في رقعتين والرق في رقعتين ويعتق الاثنان اللذان خرجت لهما رقعة العتق أولا ويقرع بين اللذين خرج لهما رقعتي العتق الثانية وإن كان العبيد سبعة فعلى القول الأول يجزئهم ثلاثة واثنين واثنين وعلى الثاني نجزىء كيف شئنا إلى أن يتم الثلث
وإن كانوا أربعة قيمتهم سواء فعلى الأول نجزئهم اثنين وواحدا وواحدا فإن خرج سهم العتق لأحد الفردين عتق ثم يعيد القرعة بين الثلاثة فمن خرج له سهم العتق عتق ثلثه وإن خرج للاثنين أقرعنا بينهما فمن خرج له سهم العتق عتق كله وثلث الآخر
وهذا على تقدير إثبات الرق والحرية في الرقاع وعلى القول الثاني يثبت اسم كل واحد في رقعة ويخرج باسم الحرية فمن خرج اسمه أولا عتق ومن خرج اسمه ثانيا عتق ثلثه وإن كانوا خمسة قيمتهم سواء فعلى الأول يجزئهم اثنين واثنين وواحدا وعلى الثاني لنا إثبات أسمائهم في خمس رقاع ثم القول في الإيجاب أم في الاستحباب والاحتياط فيه وجهان وبالأول قال القاضي حسين واختاره الإمام وبالثاني قال الصيدلاني وهو مقتضى كلام الأكثرين
ولو أعتق عبدا من عبيد على الإبهام فقد يحتاج إلى

تجزئتهم أربعة أجزاء وخمسة وأكثر فيجزؤون بحسب الحاجة وكذا لو كان على المعتق دين كما سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى

مسائل الأولى إذا أعتق في مرض موته عبيدا لا مال له غيرهم
وعليه دين نظر إن استغرقهم الدين فهو مقدم فيباعون فيه وإن لم يستغرقهم أقرع بين الدين والتركة ليصرف العتق عما يتعين للدين فإن كان الدين قدر نصفهم جعلنا حرين وأقرعنا بينهما بسهم دين وسهم تركة ثم إن شئنا كتبنا أسماء كل حر في رقعة وأخرجنا رقعة الدين أو التركة
وإن شئنا كتبنا الدين في رقعة والتركة في رقعة وأخرجنا إحداهما على أحد الحرين وإن كان قدر الدين ثلثهم جزأناهم ثلاثة أجزاء وأقرعنا بينهم بسهم دين وسهمي تركة ولمن كان قدر الرابع جزأناهم أربعة أجزاء وأقرعنا بسهم دين وثلاثة أسهم تركة
وهل يجوز أن يقرع للدين والعتق والتركة بأن يقرع والحالة هذه بسهم دين وسهم عتق وسهمي تركة أو يجزئهم إذا كان الدين قدر نصفهم ستة أجزاء ويقرع بثلاثة أسهم للدين وسهم للعتق وسهمين للتركة فيه وجهان الأصح المنصوص لا لأنه لا يمكن تنفيذ العتق قبل قضاء الدين ولو تلف المعين للدين قبل قضائه انعكس الدين على الباقي من التركة وكما لا يقسم شىء على الورثة قبل قضاء الدين لا يعتق قبله
والثاني يجوز لأن العمل فيه أخف فلا ينقص به حق ذي حق وعلى هذا نقل الغزالي أنا نتوقف في تنفيذ العتق إلى أن يقضى الدين
وفي التهذيب ما يقتضي الحكم بالعتق في الحال
وإذا قلنا بالمنوص فتعين بعضهم للدين يباع ويقضى منه الدين ثم يقرع للعتق وحق الورثة
ولو قال الوارث أقضي الدين من موضع آخر وأنفذ العتق في الجميع فهل ينفذ العتق وجهان أحدهما نعم لأن المنع من النفوذ الدين

فإذا سقط بالقضاء نفذ كما لو أسقط الورثة حقهم من ثلثي التركة وأجازوا عتق الجميع
والثاني لا لأن تعلق الدين منع النفوذ لا ينقلب نافذا بسقوطه كما لو أعتق الراهن وقلنا لا ينفذ فقال أنا أقضي الدين من موضع آخر لينفذ فإنه لا ينفذ إلا أن يبتدىء إعتاقا وبني الوجهان على أن تصرف الورثة في التركة قبل قضاء الدين هل ينفذ قلت ينبغي أن يكون الأصح نفوذ العتق
والله أعلم

فرع لو أعتق من لا دين عليه عبيدا لا مال له غيرهم
بعضهم بالقرعة وأرققنا بعضهم فظهر للميت مال مدفون فإن كان بحيث يخرج جميعهم من الثلث بأن كان المال مثلي قيمتهم حكم بعتقهم جميعا فندفع إليهم أكسابهم من يوم إعتقاقهم ولا يرجع الوارث بما أنفق عليه كمن نكح امرأة نكاحا فاسدا على ظن أنه صحيح ثم فرق القاضي بينهما لا يرجع بما أنفق
وإن خرج من الثلث بعض من أرققناهم أعتقناهم بالقرعة مثل أن أعتقنا واحدا من ثلاثة ثم ظهر مال يخرج به آخر يقرع بين اللذين أرققناهما فمن خرج له سهم الحرية عتق
ولو أعتقنا بعض العبيد ولم يكن عليه دين ظاهر ثم ظهر دين فإن كان مستغرقا للتركة فالعتق باطل فإن قال الورثة نحن نقضي الدين من موضع آخر فعلى الوجهين السابقين
واستبعد الشيخ بناءهما على الخلاف في تصرف الورثة في التركة قبل الدين وقال هناك الوارث ينشىء إعتاقا من عنده ولا يمضي ما فعل الميت وإنما الخلاف مبني على أن إجازة الوراث لما زاد على الثلث تنفيذ أم ابتداء عطية من الوراث فإن قلنا تنفيذ فله تنفيذ إعتاقه بقضاء

الدين من موضع آخر وإلا فينبغي أن يقضي الدين ثم يبتدىء إعتاقا وإن كان الدين الذي ظهر غير مستغرق فهل يبطل القرعة من أصلها وجهان ويقال قولان
أحدهما نعم كما لو اقتسم شريكان ثم ظهر ثالث فعلى هذا يقرع الآن للدين والتركة ولا يبالى بوقوع سهم الدين على من وقعت له قرعة العتق أولا
وأظهرهما لا ولكن إن تبرع الوارث بأداء الدين نفذ العتق وإلا فيرد العتق بقدر الدين فإن كان الدين نصف التركة رددناه في نصف من أعتقنا وإن كان ثلثها رددنا ثلثهم فإن كانت العبيد ستة قيمتهم سواء وأعتقنا اثنين بالقرعة فظهر دين بقدر قيمة اثنين بعنا من الأربعة اثنين للدين كيف اتفق ويقرع بين المعتقين القرعة أولا بسهم رق وسهم عتق فمن خرج له سهم الرق رق ثلثاه وعتق ثلثه مع الآخر
وإن ظهر الدين بقدر قيمة ثلاثة أقرع بين اللذين كان خرج لهما الحرية فمن خرج له الحرية عتق ورق الآخر
المسألة الثانية إذا قال لعبيده أحدكم حر أو اثنان حران أو أعتقت أحدكم فله حالان أحدهما أن ينوي معينا فيؤمر ببيانه ويحبس عليه
فإن قال أردت هذا عتق ولغيره أن يدعي عليه أنك أردتني ويحلفه وإن نكل السيد حلف هو وعتق
ولو عين واحدا وقال أردت هذا بل هذا أعتقا جميعا مؤاخذة له
ولو قتل واحدا منهم لم يكن ذلك بيانا بل يبقى الأمر بالبيان
فلو قال أردت المقتول لزمه القصاص
ولو جرى ذلك في إماء أو أمتين ثم وطىء واحدة لم يكن الوطء بيانا بل لو بين العتق فيها تعلق به الحد والمهر لجهلها بأنها معتقة
ولو مات قبل البيان قام وارثه

مقامه على المذهب لأنه خليفته وربما علمه
وقيل قولان فإن أقمناه فبين أحدهم عتق ولغيره تحليفه على نفي العلم فإن لم يكن وارث أو قال الوارث لا أعلم فالصحيح أو المشهور أنه يقرع بينهم
وفي وجه أو قول لا يقرع بل يوقف
ولو قال المعتق نسيت من أعتقته أمر بالتذكر
قال الأصحاب يحبس عليه قال الإمام وفيه احتمال
وإن مات قبل التذكر ففي بيان الوارث والقرعة الخلاف وهكذا الحكم لو سمى واحدا وأعتقه ثم قال نسيته
الحال الثاني أن لا ينوي معينا فيؤمر بالتعيين ويوقف عنهم إلى أن يعين ويلزمه الإنفاق عليهم فإذا عين أحدهم عتق وليس لغيره أن ينازع فيه إن وافق على أنه لم ينو معينا
وإذا قال نويت هذا عتق الأول ولغا قوله للثاني لأن العتق حصل في الأول بخلاف قوله نويت هذا بل هذا لأنه إخبار
ثم العتق في المبهم هل يحصل عند التعيين أم يتبين حصوله من وقت اللفظ المبهم وجهان سبق نظيرهما في الطلاق وخرج على الخلاف أنه لو مات أحدهم فعينه فهل يصح إن قلنا يحصل العتق عند التعيين فلا لأن الميت لا يقبل العتق فعلى هذا لو كان الإبهام بين عبدين فإذا بطل التعيين في الميت تعين الثاني للعتق ولا حاجة إلى لفظ
وإن قلنا الإبهام صح تعيينه
ولو جرى ذلك في أمتين أو إماء فهل يكون الوطء تعيينا لغير الموطوءة وجهان كما في الطلاق
قال ابن الصباغ وكونه تعيينا هو قول أكثر الأصحاب
وإذا لم نجعله تعيينا فعين العتق في الموطوءة فلا حد
وبنى البغوي حكم المهر على أن العتق يحصل عند التعيين أم باللفظ المبهم إن قلنا بالأول لم يجب وإلا وجب
والوطء فيما دون الفرج والقبلة واللمسة بشهوة مرتب على الوطء إن لم يكن تعيينا فهذا أولى وإلا فوجهان
والاستخدام مرتب على

اللمس والمذهب أنه ليس بتعيين قال الإمام هذا يوجب طرد الخلاف في أن الاستخدام في زمن الخيار هل يكون فسخا أو إجازة والعرض على البيع كالاستخدام
ولو باع بعضهم أو وهبه وأقبضه أو أجره قال البغوي فيه الوجهان كالوطء والإعتاق ليس بتعيين
ثم إن عين فيمن أعتقه قبل وإن عين في غيره عتقا
وقتل السيد أحدهم ليس تعيينا ثم إن عين في غير المقتول لم يلزمه إلا الكفارة وإن عين في المقتول لم يجب القصاص للشبهة
وأما المال فإن قلنا العتق يحصل عند التعيين لم يجب وإن قلنا عند الإبهام لزمه الدية لورثته
وإن قتل أجنبي أحدهم فلا قصاص إن كان القاتل حرا ثم إن عين في غير المقتول لزمه القيمة وإن عين فيه وقلنا العتق يحصل عند التعيين فكذلك كما لو نذر إعتاق عبد بعينه فقتل
وإن قلنا عند الإبهام لزمه الدية لورثة المقتول
ولو مات قبل التعيين فهل للورثة التعيين قولان ويقال وجهان أظهرها نعم
المسألة الثالثة قال لأمته أول ولد تلدينه حر فولدت ميتا ثم حيا لم يعتق الحي لأن الصفة انحلت بولادة الميت كما لو قال أول عبد رأيته من عبيدي حر فرأى أحدهم ميتا انحلت اليمين فإذا رأى بعده حيا لا يعتق ووافق أبو حنيفة في هذا وخالف الأول
قلت إن كانت حاملا حال التعليق صح قطعا وكذا إن كانت حائلا في الأظهر والأصح كما لو وصى بما ستحمل والثاني لا لأنه تعليق قبل الملك
والله أعلم
الرابعة قال لعبده أنت ابني ومثله يجوز أن يكون ابنا له ثبت نسبه وعتق إن كان صغيرا أو بالغا وصدقه وإن

كذبه عتق أيضا وإن لم يثبت النسب
وإن لم يمكن كونه ابنه بأن كان أصغر منه على حد لا يتصور كونه ابنه لغا قوله ولم يعتق لأنه ذكر محالا
هذا في مجهول النسب فإن كان معروف النسب من غيره لم يلحقه لكن يعتق على الأصح لتضمنه الإقرار بحريته
ولو قال لزوجته أنت بنتي قال الإمام الحكم في حصول الفراق وثبوت النسب كما في العتق
الخامسة قال لعبديه أعتقت أحدكما على ألف أو أحدكما حر على ألف لم يعتق واحد منهما ما لم يقبلا فإن قبل كل واحد الألف عتق أحدهما ولزم السيد البيان فإن مات قبله ولم يقم الوارث مقامه أو لم يكن وارث أقرع فمن خرجت قرعته قرعته عتق بعوض
وفي ذلك العوض وجهان أصحهما وبه قال ابن الحداد قيمته
والثاني المسمى قاله أبو زيد لأن المقصود العتق لا المعاوضة فيحتمل إبهام العوض تبعا للعتق
ولو قال لأمتيه إحداكما حرة على ألف فقبلتا ثم وطىء إحداهما فهل هو اختيار لملك الموطوءة ويتعين الأخرى للعتق وجهان حكاهما الشيخ أبو علي
السادسة جارية مشتركة زوجها الشريكان بابن أحدهما فأتت منه بولد يعتق نصفه على الجد ولا يسري إلى النصف الآخر إذا لم يعتق عليه باختياره
السابعة سبق في النكاح إن من نكح أمة غر بحريتها فأولدها انعقد الولد حرا ويلزم المغرور قيمته لمالك الأمة
هذا هو الصحيح وحكى الشيخ أبو علي وجها أنه ينعقد رقيقا ثم يعتق على المغرور وله ولاؤه
وأنا إذا قلنا ينعقد حرا فلا قيمة على المغرور وهو غريب ضعيف
قال الشيخ وفي القلب من وجوب القيمة على المغرور

شيء لأنه لم يتلف شيئا على مالك وإنما منع دخول شيء في ملكه لكن ليس فيه خلاف يعتد به وأجمعت الصحابة رضي الله عنهم على وجوب الضمان فلا بد من متابعتهم
وإذا عرفت هذا فلو نكح جارية ابنه مغرورا بحريتها فأولدها فهل يلزمه قيمة الولد وجهان أحدهما لا لأنه إن انعقد حرا فينبغي أن لا يلزمه شيء وإن انعقد رقيقا عتق على الجد بالقرابة ولأنه لم يفوت بظن الحرية على الأب رقا ينتفع به لأنه كان يعتق عليه وأصحهما نعم وبه قال ابن الحداد
وإن وطئها عالما بالحال
ملكه الجد وعتق عليه قال الإمام ولا يبعد أن يقال ينعقد حرا
فروع في مسائل منثورة
شهد أنه قال أحد هذين العبدين حر أو أنه أوصى بإعتاق أحدهما أو أنه قال إحدى هاتين المرأتين طالق يقبل ويحكم بمقتضى شهادتهما ولو ولدت المزني بها ولدا وملكه الزاني لم يعتق عليه وقال أبو حنيفة يعتق
ولو قال لعبده أنت حر كيف شئت قال أبو حنيفة يعتق في الحال وقال صاحباه لا يعتق حتى يشاء وقال ابن الصباغ وهو الأشبه
ولو أوصى بإعتاق عبد يخرج من الثلث لزم الوارث إعتاقه فإن امتنع أعتقه السلطان
ولو كان له عبد مقيد فحلف بعتقه أن في قيده عشرة أرطال وحلف بعتقه لا يحله هو ولا غيره فشهد عند القاضي شاهدا أن قيده خمسة أرطال وحكم القاضي بعتقه ثم حل القيد فوجد فيه عشرة أرطال قال ابن الصباغ لا شيء على الشاهدين لأن العتق حصل

بحل القيد دون الشهادة لتحقق كذبهما
قال ابن الحداد ولو شهد شاهدان أنه أعتق في مرضه هذا العبد أو أوصى بعتقه وحكم القاضي بشهادتهما وشهد آخران أنه أعتق عبدا آخر وكل واحد منهما ثلث ماله ثم رجع الأولان لم يرد القضاء بعد نفوذه بل يقرع بينهما فإن خرجت القرعة للأول عتق وعلى الشاهدين الغرم للرجوع ويرق الثاني وحينئذ يحصل للورثة التركة كلها وإن خرجت للثاني عتق ورق الأول ولا شيء على الراجعين لأن من شهدا به لم يعتق واعترض ابن الصباغ فقال ينبغي أن يعتق الثاني بكل حال ويقرع بينهما لمعرفة حال الأول فإن خرجت القرعة له أعتق أيضا وغرم الراجعان

فرع قال ابن الحداد لو زوج أمته بعبد غيره وقبض مهرها وأتلفه
ولا مال غيرها ولم يدخل الزوج بها فأعتقها الوارث نفذ إعتاقه
قال الشيخ أبو علي تقدم على هذا فصلين أحدهما إذا أعتق الوارث عبد التركة وعلى الميت دين نظر إن كان الوارث معسرا لم ينفذ العتق هكذا قطع به الشيخ
وعن الشيخ أبي محمد أنه على الخلاف في إعتاق الراهن وضعفه الإمام
وإن كان موسرا فوجهان أحدهما وبه قال ابن الحداد ينفذ وينتقل الدين إلى مال الوارث كما لو أعتق السيد الجاني هذا لفظ الشيخ ونقل الإمام عنه أنا إذا أنفذنا العتق نقلنا الدين إلى ذمة الوارث إذا

لم يخلف سوى العبد قال وكنت أرى الأمر كذلك فالدين لا يتحول إلى ذمة الوارث قط لكنه بالإعتاق متلف للعبد فعليه أقل الأمرين من الدين وقيمة العبد
والثاني أنه موقوف فإذا أدى الوارث الدين من ماله تبين نفوذ العتق وإلا بيع العبد في الدين وبان أن العتق لم ينفذ
ولو باع الوارث التركة بغير إذن الغرماء لم ينفذ بيعه إن كان معسرا وإن كان موسرا ففيه أوجه أحدها لا ينفذ كالمرهون والثاني ينفذ والثالث موقوف كالعتق
قال الإمام ويجيء مما حكاه الشيخ أبو محمد قول أنه يصح بيع الوارث التركة إن كان معسرا كالجاني
قال وذكر أبو علي تفريعا على صحة البيع أن الثمن يصرف إلى الغرماء وأن المشتري لو دفع الثمن إلى الوارث فتلف في يده كان للغرماء تغريم المشتري
قال الإمام والوجه عندي القطع بأنهم لا يطالبون المشتري
وأنا إذا صححنا البيع كان كالإعتاق
قال الإمام ولزوم البيع بعيد فإن بيع الجاني وإن صححناه لا يلزم مع أن تعلق الأرش به أضعف فبيع الوارث أولى بأن لا يلزم
واعلم أن جميع هذا تفريع على أن الدين لا يمنع الإرث فإن قلنا يمنعه فالتركة باقية على ملك الميت فلا يصح التصرف للوارث بحال
والحاصل أن المذهب نفوذ العتق من الوارث الموسر ومنع البيع
الفصل الثاني ذكرنا في النكاح أن الأمة إذا عتقت تحت عبد فلها الخيار فإن فسخت قبل الدخول سقط كل المهر وعلى السيد رده إن كان قبضه
إذا تقرر الفصلان فينفذ العتق في الحال في فرع ابن الحداد


ثم إن كان الوارث معسرا فلا خيار لها لأنها لو فسخت لوجب رد مهرها وصار ذلك دينا على الميت وذلك يمنع نفوذ العتق من الوارث المعسر وإذا لم يعتق فلا خيار ففي إثبات الخيار بقية والمسألة دورية وقد سبق طرف منها في النكاح
وإن كان موسرا فإن قلنا ينفذ عتقه فلها الفسخ وإذا فسخت صار مهرها دينا فيطالبه به المعتق إن كانت قيمتها المهر لتفويته التركة وإن كان مهرها أكثر لم يطالب إلا بقيمتها لأنه لم يفوت إلا ذلك
وإن قلنا يتوقف نفوذ العتق على أداء الدين فلا عتق ولا خيار حتى يرد الصداق إلى سيد العبد هكذا ذكره الشيخ أبو علي وفيه إشكال لأنه لا يثبت لسيد العبد دين ما لم يفسخ فكيف يقضي الدين قبل ثبوته

فرع مات عن ابن حائز للتركة وهي ثلاثة أعبد قيمتهم سواء فقال
أعتق أبي في مرضه هذا وأشار إلى أحدهم ثم قال بل هذا وهذا يعني الأول وآخر معا ثم قال بل أعتق الثلاثة معا قال ابن الحداد الأول حر بكل حال ويقرع بينه وبين الثاني لإقراره الثاني ويقرع بين الثلاثة مرة ثانية فإذا أقرعنا في المرتين فإن خرج سهم العتق للأول فيهما لم يعتق غيره وإن خرج للثاني فيهما وللأول في الأولى وللثاني في الثانية أو بالعكس عتقا دون الثالث

وإن خرج للأول في الأولى وللثالث في الثانية عتقا دون الثاني وإن خرج للثاني في الأولى وللثالث في الثانية عتقوا كلهم
قال الشيخ أبو علي ولو كانت قيمتهم مختلفة بأن كانت قيمة الأول مائة والثاني المضوم إليه مائتين والثالث ثلاثمائة فالأول حر بكل حال لإقراره الأول وهو دون الثلاثة فإذا أقرعنا بينة وبين الثاني وخرج سهم العتق للأول عتق من الثاني أيضا نصفه وإن خرج السهم للثاني عتق كله
وإذا أقرعنا بين الثلاثة لإقراره الثالث فإن خرج سهم العتق الثالث عتق ثلثاه وذلك ثلث ماله وإن خرج للثاني لم يعتق الثالث سواء خرجت القرعة الأولى على الثاني أو لم تخرج لأنه ثلث ماله وإن خرجت للأول فهو خرجت القرعة الأولى على الثاني أو لم تخرج لأنه ثلث ماله وإن خرجت للأول فهو نصف الثلث فتعاد القرعة لإكمال الثلث بين الثاني والثالث فإن خرجت على الثاني رق الثالث ولا يعتق من الثاني إلا ما عتق بالقرعة الأولى وهو كله أو نصفه وإن خرجت على الثالث عتق ثلثه
ولو كانت قيمة الأول ثلاثمائة والثاني مائتين والثالث مائة عتق من الأول ثلثاه ثم يقرع بينه وبين الثاني فإن خرج سهم العتق للأول ثم يرد شيء وإن خرج للثاني عتق كله ثم يقرع بين الثلاثة فإن خرج للأول أو الثاني لم يرد شيء على ما عتق وإن خرج للثالث عتق كله

فرع مات عن ثلاثة بنين وله ثلاثة أعبد قيمتهم سواء فأقر أحد
أن أباه أعتق في مرضه هذا العبد وأقر آخر أنه أعتقه مع هذا الآخر وأقر الثالث أنه أعتق الثلاثة معا عتق الأول لأن أحد البنين أقر بعتقه فنفذ في حصته وهي ثلثه ثم يقرع بينه وبين المضموم إليه لإقرار الثاني فإن خرج سهم العتق للأول عتق ثلث آخر وهو حصة المقر وإن خرج للثاني عتق ثلثه لهذا المعنى ثم يقرع بين الثلاثة فمن خرج له سهم العتق عتق كله
وإذا حكمنا بعتق بعض

عبد فلا سراية لأنهم لم يباشروا الإعتاق ولا أقروا به على أنفسهم
ومن أعتقنا بعضه بإقرار أحد البنين إذا وقع القسمة في نصيب ذلك المقر أو صار له بوجه آخر حكم عليه بعتقه لإقراره بأنه حر كله

فرع شهد اثنان على ميت أنه أوصى بعتق عبده سالم وهو ثلث
الوارث أوصي بعتق غانم وهو ثلثه فإن لم يكذب الوارث الشاهدين واقتصر على أنه أوصى بعتق غانم وهو ثلثه فإنه لم يكذب الوارث الشاهدين واقتصر على أنه أوصى بعتق هذا عتق الأول بموجب البينة وأقرع بينة وبين الثاني لإقرار الوارث فإن خرجت القرعة للأول لم يعتق الثاني وإن خرجت للثاني عتق ولم يرق الأول لأنه مستحق العتق بالبينة فلا يتمكن الوارث من إبطاله بالإقرار وقد تعمل القرعة في أحد الطرفين دون الأخر كما سبق
وإن أقر الوارث أنه أعتق الثاني وكذب الشهود في الأول عتقا جميعا الأول بالشهادة والثاني بالإقرار
ولو شهد أجنبيان بأنه أوصى بإعتاق عبد هو ثلث ماله وشهد وارثان بأنه أوصى بإعتاق آخر فإن كذب الوارثان الأجنبيين عتقا عتقا وإلا أقرع كما سبق
ثلاثة إخوة في أيديهم أمة وولدها وهو مجهول النسب قال أحدهم هي أم ولدي وهو ولدي منها وقال الثاني هي أم ولد أبينا والولد أخونا وقال الثالث هي أمتي وولدها عبدي فالكلام في أحكام الأول نسب الولد فلا يثبت من أبيهم
وأما ثبوته

من الذي استلحقه فإن قلنا إن من استلحق عبدا مجهول النسب لحقه ثبت نسبه منه وإلا فلا على الأصح
الثاني القائل هي أم ولد أبينا لا يدعي لنفسه شيئا على الآخرين فلا يحلفهما لكن إن ادعت الأمة ذلك وأنها عتقت لموت الأب حلفهما أنهما لا يعلمان الأب أولدها وأما الآخران فكل واحد منهما يدعي ما في يد صاحبه هذا يقول هي مستولدتي وذلك يقول ملكي فيحلف كل واحد الآخر على نفي ما يدعبه في الثلث الذي في يده
الثالث القائل هي أم ولد أبينا لا غرم له لأنه لا يدعي لنفسه شيئا ولا عليه والذي يدعي إستيلاد يلزمه الغرم للذي يدعي الملك لاعترافه بأنه فوت عليه نصيبه من الأمة والولد هكذا عللوه ومقتضاه أن يكون الصورة فيما إذا سلم أنه كان لمدعي الرق منها نصيب بالإرث أو غير وإلا فلا يلزم من قوله مستولدتي كونها مشتركة من قبل
وكم يغرم وجهان بناء على أن الجارية في يد من هي وفيه وجهان أحدهما لا يد عليها للقائل مستولدة أبينا لأنها حرة بزعمه فتكون في يد الآخرين
وأصحهما في يد الثلاثة حكما فعلى الأول يلزمه لمدعي الرق نصف قيمتها وقيمة الولد وعلى الأصح ثلث قيمتها وبه أجاب ابن الحداد
الرابع الولد حر بقول من يقول مستولدة الأب ومن يقول مستولدتي قال الشيخ أبو علي ويعتق عليه نصيب مدعي الرق ونصيبه من الجارية هكذا ينبغي أن يكون


فرع قال لعبديه أحدكما حر ثم غاب أحدهما فقال للذي لم يغب
ثالث أحدكما حر ثم مات قبل البيان قال الأستاذ أبو إسحق يقرع بين الأولين فإن خرج سهم العتق للذي غاب عتق وتعاد القرعة بين الآخرين فمن خرجت له عتق أيضا
وإن خرجت أولا للذي لم يغب عتق ولا تعاد لأن تعيين القرعة كتعيين المالك ولو عين الذي لم يغب للعتق ثم قال له وللآخر أحدكما حر كان صادقا ولم يقتض ذلك عتق الآخر
وقال الماسرجسي إن خرجت القرعة للذي لم يغب تعاد لأنه يحتمل أنه أراد بقوله الثاني الذي حضر أخرا فإن خرجت القرعة الثانية للذي لم يغب أيضا لم يعتق وإن خرجت للآخر عتق أيضا مال الإمام إلى هذا ورجح الشيخ أبو علي بالأول
فرع له أربع إماء فقال كلما وطئت واحدة منكن فواحدة منكن حرة
وطىء إحداهن عتقت إحداهن
وهل تدخل الموطوءة في العتق المبهم يبنى على الوجهين السابقين في أن الوطء هل يكون تعيينا للملك في الموطوءة والعتق في غيرها إن قلنا نعم وعليه فرع ابن الحداد فأول الوطء لا يتضمن التعيين لأن العتق معلق به وما لم

يوجد لا يثبت استحقاق العتق
فلو نزع بمجرد تغييب الحشفة دخلت الموطوءة في العتق المبهم وإن استدام فهل تتضمن الاستدامة التعيين وإخراج الموطوءة عن استحقاق العتق وجهان أحدهما هو قول أبي زيد نعم فيقرع بين الثلاث البواقي وأصحهما وبه قال ابن الحداد لا لأنه وطء واحد ولهذا لا يستحق بالاستدامة عتق آخر فيقرع بين الأربعة وهذا كمن قال لأمته إن وطئتك فأنت حرة فوطىء ونزع في الحال لا يلزمه مهر وإن استدام فوجهان كنظيره في الحلف بالطلاق
وإن وطىء ثلاثا منهن واستدام عتق بكل وطء أمة فإن جعلنا الوطء تعيينا والاستدامة متضمنة للتعيين عتقت الأولى والثانية والرابعة بلا قرعة ورقت الثالثة لأنه لما وطىء الأولى فبتغييب الحشفة ثبت عتق واحدة فإذا استدام خرجت هي عن الاستحقاق لتعينها للملك والثانية والثالثة تعينتا للملك بوطئهما فتعينت الرابعة للعتق بالوطء الأول فإذا استدام خرجت هي عن الاستحقاق وخرجت الثالثة أيضا بوطئها فتعينت الأولى للعتق فإذا وطىء الثالثة لم تبق إلا هي والثانية واستدامة الوطء فيها إمساك فيعين العتق في الثانية وإن جعلنا الوطء تعيينا ولم نجعل الاستدامة تعيينا أقرع بين الأولى والرابعة لأنه أمسك الثانية والثالثة بوطئهما للملك فإن خرجت القرعة للرابعة عتقت بوطء الثانية يستحق عتق آخر لكن لا حظ فيه للرابعة لأنها عتقت بالوطء الأول ولا للثالثة لأنه أمسكها بالوطء فهو إذا متردد بين

الأولى والثانية فيقرع بينهما فمن خرجت لها القرعة عتقت وبوطء الثالثة يستحق عتق آخر ولا حظ فيه للرابعة ولا لمن عتق من الأولى والثانية فإن عتقت الأولى أقرعنا بين الثانية والثالثة وإن عتقت الثانية أقرعنا بين الأولى والثالثة وإن خرجت القرعة الأولى للأولى دون الرابعة عتقت وبوطء الثانية يتردد العتق بينها وبين الرابعة لأن الأولى عتقت والثالثة تعينت بالوطء للإمساك فمن خرجت لها القرعة عتقت وبوطء الثالثة يستحق عتق آخر لا حظ فيه للأولى ولا لمن عتقت والثانية والرابعة فإن عتقت الثانية أقرعنا بين الثالثة والرابعة وإن عتقت الرابعة أقرعنا بين الثانية والثالثة وإذا قلنا الوطء ليس بتعيين أقرع ثلاث مرات لاستحقاق العتق لثلاث منهن يقرع بوطء الأولى بين الأربع بسهم عتق وثلاثة أسهم رق فإن خرجت الرابعة عتقت ولا مهر لها لأنه لم يطأها وإن خرجت الأولى عتقت وهل تستحق المهر يبنى على أن استدامة الوطء هل يوجب مهرا وإن خرجت للثانية أو الثالثة عتقت ولها المهر لأنا تبينا أنه وطئها بعد حصول عتقها ثم يقرع لوطء الثانية بي الثلاث البواقي بسهم عتق وسهمي رق فإن خرجت للرابعة فلا شيء لها وإن خرجت للثانية ففي استحقاقها المهر الوجهان
وإن خرجت الثالثة استحقت وإن خرجت القرعة الحرية في المرة الأولى للثانية أقرعنا لوطء الثانية بين الأولى والثالثة والرابعة فإن خرج سهم العتق للأولى فلا مهر لها بلا خلاف لأن عتقها متأخر عن وطئها وإن خرج للرابعة فكذلك لأنه لم يطأها


وإن خرج للثالثة فلها المهر لأنا تبينا أنها عتقت قبل وطئها ثم يقرع لوطء الثالثة بين الباقيين بسهم عتق وسهم رق فإن بقيت الثالثة والرابعة فلا مهر وإن خرجت للثالثة فهل لها المهر فيه الوجهان وإن بقيت الأولى والثانية فلا مهر لمن خرجت لها القرعة منهما لتقدم وطئها على عتقها وفيه وجه أنه يقرع بين الأربع دفعة واحدة بثلاثة أسهم عتق وسهم رق فتعتق ثلاث وترق واحدة وهذا صحيح لمعرفة الرق والعتق ولكن لا يصرف به المهر وموضع الخلاف فيه والوفاق
ولو وطىء الأربع عتقن كلهن ونحتاج للمهر إلى الإقراع ثلاث مرات بين الأربع مرة بسهم عتق وثلاثة أسهم رق ثم مرة بين ثلاث منهن بسهم عتق وسهمي رق ثم مرة بين الباقيتين بسهم عتق وسهم رق واستيعاب الاحتمالات يطول
وضابطه أن ينظر في كل قرعة فمن بان أنها عتقت قبل وطئها فلها المهر وفيمن عتقت بوطئها الوجهان
أما إذا قال كلما وطئت واحدة منكن فواحدة من صواحبها حرة ووطئهن فإن قلنا الوطء يعين الملك في الموطوءة عتقت الرابعة بوطء الأولى والأولى بوطء الثانية والثانية بوطء الثالثة ورقت الثالثة
وإن قلنا لا يعين عتق ثلاث ورقت واحدة فيقرع لوطء الأولى بين الثلاث البواقي فإن خرجت القرعة للثانية عتقت ثم يقرع لوطء الثانية بين الأولى والثالثة والرابعة فإن خرجت للأولى أو للرابعة عتقت
وإذا وطىء الثالثة عتقت الباقية والثالثة والرابعة فإن خرجت للأولى أو للرابعة عتقت
وإذا وطىء الثالثة عتقت الباقية والثالثة والرابعة فإن خرجت للأولى أو للرابعة عتقت
وإذا وطىء الثالثة عتقت الباقية منهن

وهي الأولى أو الرابعة وإن خرجت القرعة الثانية للثالثة عتقت فإذا وطىء الثالثة أقرع بين الأولى والرابعة
وأما المهر فلا يجب لمن عتقت بعد الوطء ويجب لمن بان عتقها قبله
وفي هذه الصورة لا يعتق الموطوءة بوطئها بحال
واعلم أن الإقراع في جميع هذه الصورة فيما إذا مات قبل البيان فأما في حياته فيؤمر بالبيان

فرع له أربع إماء وعبيد فقال كلما وطئت واحدة منكن فعبد من
حر وكلما وطئت اثنتين فعبدان حران وكلما وطئت ثلاثا فثلاثة وكلما وطئت أربعا فأربعة فوطىء الأربعة فهو كقوله كلما طلقت امرأة من عبيدي حر إلى آخر التصوير وقد سبق في الطلاق والصحيح أنه يعتق خمسة عشر عبدا
فرع اشترى في مرض موته عبدا بأكثر من قيمته وكانت المحابات قدر
الثلث بأن كان له ثلاثمائة واشترى عبدا يساوي مائة بمائتين ثم أعتقه قال ابن الحداد وإن لم يوفر الثمن نفذ العتق وبطلت المحاباة لأن المحاباة كالهبة فإذا لم يقترن بها القبض حتى جاء ما هو أقوى منها وهو العتق بطلت ويمضى البيع بثمن المثل وعلى البائع أن يقنع به
وإن وفر الثمن نفذت المحاباة وبطل العتق لأن المحاباة استغرقت الثلث
قال الأصحاب هذا غلط ولا فرق في المحاباة بين أن يقبض أو لا يقبض لأنها تعلقت بالمعارضة والمعارضة

تلزم بنفس العقد ولها لو حابى المريض ولم يقبض ثم أراد إبطالها لم يتمكن منه بخلاف الهبة فالجواب نفوذ المحاباة وبطلان العتق لتقدمها قالوا وقوله يلزم البائع أن يقنع بقدر قيمة العبد غلط أيضا لأنه لم يرض بزوال ملكه إلا بالزيادة بل ينبغي أن يقال له الخيار بين أن ينفذ البيع بقدر القيمة وينفذ العتق وبين أن يفسخه ويبطل العتق

فرع جارية بين شريكين حامل من زوج أو زنا عتق أحدهما نصيبه
وهو موسر ثم وضعته لوقت يعلم وجوده يوم الإعتاق وهو لدون ستة أشهر فهو حر بالمباشرة والسراية وعلى المعتق قيمة نصيب الشريك يوم الولادة فإن ألقته ميتا من غير جناية فلا شىء على المعتق وإن كان بجناية فعلى عاقلة الجاني غرة لورثة الجنين لأنه محكوم بحريته وعلى المعتق نصف عشر قيمة الأم للشريك
هكذا أطلق ابن الحداد فقال القفال إنما يلزم المعتق نصف عشر قيمة الأم إذا لم يزد على قيمة الغرة فإن زاد لم يلزم إلا نصف قيمة الغرة ورأى الشيخ أبو علي الأخذ بالإطلاق وأنه يجب نصف عشر قيمة الأم بالغا ما بلغ لأن انفصاله مضمونا كانفصاله حيا لأن الغرة تصرف إلى الوارث وقد لا يستحق المعتق منها شيئا وإنما كان يجب رعاية المناسبة بين الغرمين أن لو كان الواجب بالجناية للمعتق قال الشيخ وهذا كله جواب على أن الشراء يحصل بنفس الإعتاق فإن

قلنا يحصل بأداء القيمة فإذا وضعت الحمل وقوم ووصل نصف القيمة إلى الشريك فحينئذ يعتق الباقي
وإن ألقته ميتا بجناية فنصفه حر وهو يقوم الباقي على المعتق فيه الخلاف السابق فيما لو أعتق نصيبه ومات العبد قبل وصول القيمة إلى الشريك
فإن قلنا يسقط التقويم فنصفه حر ونصفه رقيق فعلى عاقلة الجاني نصف غرة
وإلى من تصرف فيه الخلاف المذكور في أن من بعضه حر هل يورث ويجب للنصف المملوك نصف عشر قيمة الأم وهل يكون في مال الجاني أم على عاقلته فيه الخلاف في أن بدل الرقيق تحمله العاقلة

فرع خلف ثلاثة أعبد قيمة كل واحد مائة ولا مال له غيرهم
أنه عتق في مرضه هذين فأشار الوارث إلى أحدهما فقال أما هذا فأعتقه وأما الآخر فلا فلا يقبل قوله في إبطال حق الآخر من العتق لكن يقرع بينهما فإن خرج العتق لمن عينه الوارث عتق ورق الآخر وإن خرج للآخر عتق بمقتضى القرعة التي اقتضتها الشهادة ويعتق الآخر بإقرار الوارث
وإن قال الوارث أعتق مورثي هذا ولا أعلم حال الآخر أقرع بينهما فمن خرجت له القرعة عتق دون الآخر
ولو شهدا أنه أعتق الثلاثة دفعة وقال الوارث أعتق هذين دون ذاك قال ابن الحداد يقرع بين الثلاثة فإن خرج سهم العتق للذي أنكره الوارث عتق وتعاد القرعة لإقرار الوارث بين الآخرين فمن خرجت له عتق بإقرار الوارث
وإن خرجت

أولا لأحد الاثنين اللذين أقر بإعتاقهما عتق ورق الآخران وبالله التوفيق
الخصيصة الخامسة الولاء وفيه طرفان
الأول في سببه وهو زوال الملك عن رقيق بالحرية فمن أعتق عبدا تنجيزا أو بصفة أو دبره أو استولدها فعتقا بموته أو عتق عليه بأداء نجوم الكتابة أو الإبراء منها أو التمس من مالك عبد عتقه على مال فأجابه أو أعتق نصيبه من مشترك وسرى أو ملك قريبه فعتق عليه ثبت له عليه الولاء
ولو باع عبد نفسه فله عليه الولاء على المذهب وسواء اتفق دينهما أو اختلف
فلو أعتق مسلم كافرا أو عكسه ثبت الولاء وإن لم يتوارثا كما تثبت علقة النكاح والنسف بينهما
ثم الولاء مختص بالإعتاق فمن أسلم على يديه إنسان فلا ولاء له عليه ومن أعتق عن غيره بغير إذنه وقع العتق عن المعتق عنه وله الولاء دون المعتق
والولاء كالنسب لا يجوز بيعه ولا هبته ولا يورث لكن يورث به
ولو أعتق عبدا على أن لا ولاء له عليه أو على أن يكون سائبة لغا الشرط وثبت الولاء وكذا لو شرط أن ولاءه لفلان أو للمسلمين لغا ولا ينتقل الولاء عنه كما لا ينتقل النسب ولا يثبت الولاء بالمولاة والحلف كما لا يثبت النسب بذلك وكما يثبت الولاء على المعتق يثبت على أولاده وأحفاده وعلى عتيقه وعتيق عتيقه وكما يثبت للمعتق يثبت لمعتق الأب وسائر الأصول ولمعتق المعتق وكما يثبت على ولده العتيق يثبت على ولد العتيقة ويستثنى من استرسال الولاء على أولاد

العتيق وأحفاده موضعان أحدهما إذا كان منهم من مسه رق وأعتق فولاؤه لمعتقه فإن لم يكن فلعصبات معتقه فإن لم يوجدوا فالميراث لبيت المال ولا ولاء عليه لمعتق الأصول بحال فإنه أعتق مباشرة وولاء المباشرة أقوى
وصورته أن تلد رقيقة رقيقا من رقيق أو حر وأعتق الولد وأبواه أو أمه
الثاني من أبوه حر أصلي لا ولاء عليه وأمه معتقة هل يثبت عليه الولاء لموالي الأم فيه أوجه
الصحيح لا والثاني نعم والثالث إن كانت حرية الأب متيقنة بأن كان عربيا معلوم النسب فلا وإن كانت مبنية على ظاهر الدار وأن الأصل في الناس الحرية فنعم لضعف حرية الأب ولو كان الأب معتقا والأم حرة أصلية فالصحيح ثبوت الولاء عليه لموالي الأب لأنه ينسب إليه
وقيل لا ولاء عليه تغليبا للحرية كعكسه
ومن له أمه حرة أصليه وأبوه رقيق لا ولاء عليه لأحد فإن أعتق الأب فهل يثبت عليه لموالي الأب قال الشيخ أبو علي فيه جوابان سمعتهما من شيخي في وقتين وهما محتملان أحدهما نعم لثبوته على الأب وإنما لم تثبت أولا لرقه
والثاني لا لأنه لم يثبت ابتداء فلا يثبت بعده كما لو كان أبواه حرين

فرع من مسه رق وعتق فلا ولاء عليه لمعتق أبيه وأمه وسائر
كما سبق سواء وجدوا في الحال أم لا فالمباشر إعتاقه ولاؤه لمعتقه ثم لعصبته فأما إذا كان حر الأصل وأبواه عتيقين أو أبوه عتيق فولاؤه لمولى أبيه وإن كان الأب رقيقا والأم معتقة فالولاء لمعتقها فإن مات والأب رقيق بعد ورثه معتق الأم وإن أعتق الأب في حياة

الولد الخبر الولاء من مولى الأم إلى مولى الأب
ولو مات الأب رقيقا وعتق الجد انجر من موالي الأم إلى موالي الجد ولو عتق الجد والأب رقيق ففي انجراره إلى مولى الجد
وجهان
أصحهما ينجر فإن أعتق الأب بعد ذلك انجر من مولى الجد إلى مولى الأب والثاني لا ينجر فعلى هذا لو مات الأب بعد عتق الجد ففي انجراره إلى موالي الجد وجهان
أصحهما عند الشيخ أبي علي لا ينجر وقطع البغوي بالانجرار
قلت الانجرار أقوى
والله أعلم
وإذا ثبت الولاء لموالي الأم لرق الأب فاشترى الولد أباه ثبت له الولاء عليه وعلى إخوته وأخواته الذين هم أولاد الأب وهل يجر ولاء نفسه من مولى الأم وجهان الأصح المنصوص لا لأنه لا يمكن أن يكون له على نفسه ولاء ولهذا لو اشترى العبد نفسه عتق وكان الولاء عليه لبائعه وكذا المكاتب إذا عتق بالأداء وإذا تعذر الجر بقي الولاء موضعه
والثاني ينجر ويسقط ويصير كحر لا ولاء عليه
ولو خلق انسان حر من حرين وكان في أحد أجداده رقيق
ويتصور ذلك في نكاح الغرور وفي الوطء بشبهة إذا أعتقت أم أمه ثبت الولاء عليه لمعتق أم الأم فإذا أعتق أبو أمه بعد ذلك انجر الولاء إلى مولاه فإذا أعتقت أم الأب بعد ذلك انجر الولاء من مولى أبي الأم إلى مولى أم الأب فإذا أعتق أبو أبيه بعد ذلك انجر إلى مولاه
ولو كانت المسألة بحالها لكن أبوه رقيق

فأعتق الأب بعد عتق هؤلاء انجر إلى مولاه واستقر عليه
ودليله أن جهة الأبوة أقوى وحيث أثبتنا الولاء لمولى الأم فمات الولد أخذ ميراثه فإن عتق بعد ذلك لم يسترده مولاه بل الاعتبار بحال الموت وليس معنى الانجرار أن يحكم بأن الولاء لم يزل في جانب الأب بل معناه أنه ينقطع من وقت عتق الأب عن مولى الأم وإذا انجر إلى موالي الأب فلم يبق منهم أحد لم يعد إلى موالي الأم بل يكون الميراث لبيت المال وكذا إذا ثبت الولاء لموالي الأب فهلكوا لم يصر لموالي الجد حتى لو مات من انتقل ولاؤه من موالي أبيه إلى موالي جده حينئذ فميراثه لبيت المال

فرع أعتق أمته المزوجة بعتيق فولدت لأقل من ستة أشهر من يوم
فولاء الولد لمعتق الأم لا لمعتق الأب لأنا تيقنا وجوده يوم الإعتاق فمعتقه باشر إعتاقه بإعتاقها وولاء المباشرة مقدم وإن ولدت لستة أشهر فصاعدا فإن كان الزوج يفترشها فولاؤه لمعتق الأب لأنا لا نعلم وجوده يوم الإعتاق والأصل عدمه والافتراش سبب ظاهر للحدوث وإن كان لا يفترشها وولدت لأربع سنين من الإعتاق فذلك
وإن ولدت لأقل من أربع سنين فقولان
أظهرهما لمعتق الأم
ولو أعتق المزوجة برقيق فولدت لدون ستة أشهر من الإعتاق فولاؤه لمعتق الأم بالمباشرة فإن أعتق الأب الأب لم ينجر الولاء إلى معتق الأب من معتق الأم لأنه أعتقه مباشرة
وإن ولدته لستة أشهر فصاعدا قال البغوي إن لم يفارقها الزوج

فولاؤه لمولى الأم فإذا أعتق الأب انجر إلى مولاه وإن كان فارقها فإن ولدت لأكثر من أربع سنين من يوم الفراق فالولد منفي عن الزوج وولاؤه لمعتق الأم أبدا وإن ولدته لأربع سنين لحق الزوج وولاؤه لمعتق الأم فإذا أعتق الأب ففي الانجرار إلى مولاه قيلان
ولو نفى الزوج المعتق ولد زوجته المعتقة بلعان فالولاء في الظاهر لمولى الأم فإن كذب الملا عن نفسه لحقه الولد وحكمنا بأن الولاء لمولاه
فإن كان الولد قد مات بعد اللعان ودفعنا الميراث إلى مولى الأم استرددناه منه بعد الاستلحاق لأنا تبينا أنه لم يكن ولاء
ولو غر بحرية أمة فنكحها وأولدها على ظن أنها حرة ثم علم أنها أمة فأولدها ولدا آخر فالولد الأول حر والثاني رقيق
فلو أعتق السيد الأمة والولد الثاني ثم عتق الأب انجر ولاء الولد الأول إلى معتق الأب ولم ينجر إليه ولاء الثاني لأنهعتق بالمباشرة
ولو نكحها عالما بأنها أمة وأولدها ثم عتقت وأولدها ولدا آخر فالثاني حر وولاؤه لمعتق الأب والأول مملوك وولاؤه لمعتقه
الطرف الثاني في حكم الولاء وهو إحدى جهات العصوبة ومن يرث به لا يرث إلا بالعصوبة ويتعلق به ثلاثة أحكام الإرث وولاية التزويج وتحمل الدية وقد ذكرناها في مواضعها
قلت ورابع وهو التقدم في صلاة الجنازة فإذا مات العتيق ولا وارث له بنسب ولا نكاح ورث معتقه جميع ماله
وإن كان له من يرث بالفرضية وفضل منه شىء أخذه المعتق فإن لم يكن المعتق

حيا ورث بولاية أقرب عصباته ولا يرث أصحاب فروضه ولا من يتعصب بغيره فإن لم نجد للمعتق عصبة بالنسب فالميراث لمعتق المعتق فإن لم نجده فلعصبات معتق المعتق فإن لم نجدهم فلمعتق معتق المعتق ثم لعصبته ولا ميراث لمعتق عصبات المعتق إلا لمعتق أبيه أو جده
وللأصحاب عبارة ضابطة لمن يرث بولاء المعتق إذا لم يكن المعتق حيا قالوا هو ذكر يكون عصبة المعتق لو مات المعتق يوم موت العتيق بصفة العتيق
وخرجوا عليها مسائل منها إذا مات العتيق وللمعتق ابن وبنت أو أب وأم أو أخ وأخت فالميراث للذكر دون الأنثى ولا يرث النساء بولاء الغير أصلا لكن إن باشرت المرأة إعتاقا أو عتق عليها مملوك فلها عليه الولاء كما للرجل لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الولاء لمن أعتق كما يثبت لها الولاء على عتيقها يثبت على أولاده وأحفاده وعتيقه كالرجل
ومنها لو أعتق عبدا ومات عن ابنين فولاء العتيق لهما فمات أحدهما وخلف ابنا فولاء العتيق لابن المعتق دون ابن ابنه وهذه الصورة ونحوها معنى ما روي عن عمر وعثمان رضي الله عنهما أن الولاء للكبر بضم الكاف أي الكبير في الدرجة والقرب دون السن
ولو مات المعتق عن ثلاثة بنين ثم مات أحدهم عن ابن وآخر عن أربعة والآخر عن خمسة فالولاء بين العشرة بالسوية فإذا مات العتيق ورثوه أعشارا لأنه لو مات المعتق يومئذ ورثوه كذلك
ولو

أعتق عبدا ومات عن أخ من أبوين وأخ من أب فولاء عتيقه للأخ من الأبوين على المذهب كما سبق
فلو مات الأخ من الأبوين وخلف ابنا والأخ الآخر فولاء العتيق للأخ لأن المعتق لو مات الآن كان عصبة الأخ من الأب دون ابن الأخ من الأبوين
ومنها أعتق مسلم عبدا كافرا ومات عن ابنين مسلم وكافر ثم مات العتيق فميراثه للابن الكافر لأنه الذي يرث المعتق بصفة الكفر
ولو أسلم العتيق ثم مات فميراثه للابن المسلم
ولو أسلم الابن الكافر ثم مات العتيق مسلما فالميراث بينهما

فرع الذين يرثون بولاء المعتق من عصباته يترتبون ترتب عصبات النسب إلا في مسائل سبقت في الفرائض

منها أخ المعتق وجده إذا اجتمعا هل يتساويان كالإرث أم يقدم الأخ قولان أظهرهما الثاني فيقدم ابن الأخ أيضا ويقدم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب على المذهب
وقيل قولان
ولو كان له ابناء عم أحدهما أخ لأم قدم على المذهب
فرع الانتساب في الولاء قد يكون بمحض الإعتاق كمعتق المعتق ومعتق معتق
ومعتق أبي المعتق فإن تركب الانتساب فقد يشتبه حكم الولاء ويغالط به بأن قال اجتمع أبو المعتق ومعتق الأب فأيهما أولى وجوابه أنه إذا كان للميت أبو المعتق كان له معتق وحينئذ فلا ولاء لمعتق أبيه أصلا كما سبق فلا معنى لمقابلة أحدهما بالآخر وطلب

الأولوية
ولو اجتمع معتق أبي المعتق ومعتق المعتق فالولاء لمعتق المعتق لأن ولاءه بجهة المباشرة

فرع اشترت امرأة أباها فعتق ثم أعتق الأب عبدا ومات عتيقه بعد
نظر إن لم يكن للأب عصبة بالنسب فميراث العتيق للبنت لا لكونها بنت المعتق بل لأنها معتقة المعتق وإن كان له عصبة كأخ وابن عم قريب أو بعيد فميراث العتيق له لأنه عصبة المعتق بالنسب ولا شىء للبنت لأنها معتقة المعتق فتتأخر عن عصبة النسب
قال الشيخ أبو علي سمعت بعض الناس يقول أخطأ في هذه المسألة أربعمائة قاض لأنهم رأوها أقرب
ولو اشترى أخ وأخت أباهما فعتق عليهما ثم أعتق عبدا ومات العتيق بعد موت الأب وخلف الأخ والأخت فميراثه للأخ دون الأخت لأنه عصبة المعتق بالنسب بل لو كان الأخ قد مات قبل موت الأب وخلف ابنا وابن ابن أو كان للأب ابن عم بعيد فهو أولى من البنت
ولو مات هذا الأخ بعد موت الأب ولم يخلفه إلا أخته فلها نصف الإرث بالأخوة ونصف الباقي لأن لها نصف ولاء الأخ لإعتاقها نصف أبيه فلها ثلاثة أرباع المال
ولو مات الأب ثم الابن ثم العتيق ولم يخلف إلا البنت فلها ثلاثة أرباع الميراث أيضا النصف لأنها معتقة نصف المعتق ونصف الباقي لولاء السراية على نصف الأخ بإعتاقها نصف أبيه

فهي معتقة نصف أبي معتق معتقه
والربع الباقي في الصورتين لبيت المال
ولو مات الأب ولم يخلف إلا البنت فقال الغزالي في الوجيز لها النصف بالبنوة ونصف الباقي لولائها على نصف الأب ولم يذكر الصورة في الوسيط ولا في النهاية ومفهومه انحصار حقها في النصف والربع وكلام الأصحاب منهم الشيخ أبو علي وأبو خلف السلمي في صورة أخرى ينازع في هذا فإنهم قالوا لو اشترت أختان أباهما بالسوية فعتق عليهما ثم مات الأب فلهما الثلثان والباقي بالولاء
ولو ماتت إحداهما بعد موت الأب فللأخرى النصف بالاخوة ونصف الباقي بولائهما على نصف الأخت بإعتاقها نصف أبيها
وأما الربع فأطلق البغوي أنه لبيت المال وليحمل ذلك على ما أذا كانت أمها حرة أصلية فأما إذا كانت معتقة فلموالي الأم ولاء الأختين فإذا أعتقنا الأب جرت كل واحدة نصف ولاء أختها إلى نفسها وهل تجر ولاء نفسها وتسقط أم يبقى لموالي الأم فيه خلاف سبق فإن قلنا تبقى هي وهو الأصح فالربع الباقي لموالي الأم وإن قلنا يجر ويسقط فهو لبيت المال
ولو ماتت إحدى الأختين ثم مات الأب وخلفت الأخرى فلها سبعة أثمان ماله والنصف بالبنوة والربع لأنها معتقة نصفه ونصف الربع الباقي لأن لها نصف ولاء الأخت بإعتاقها نصف أبيها والثمن الباقي لموالي الأم إن كانت معتقة على الأصح لأن نصف ولاء الميتة يبقى لها
وإن قلنا لا يبقى فهو لبيت المال وهذه الصورة كالصورة التي ذكرها الغزالي
ولو اشترتا الأب وعتق عليهما ثم أعتق عبدا ومات العتيق بعد موته وخلف البنتين فجميع المال لهما لأنهما معتقتا معتقه


فرع أختان أو أخوان ليس عليهما ولاء مباشر اشترت إحداهما أباهما فعتق
عبد بحرية أمة فنكحها وأولدها ولدين وفيما لو كانوا كفارا فأسلم الولدان واسترققتا الأبوين فولاء الأب للتي اشترته فأما إذا مات عنهما فلهما الثلثان بالبنوة والباقي لها بالولاء وولاء الأم للتي إشتريتها فإذا ماتت عنهما فلهما الثلثان والباقي لها بالولاء ولمشترية الأب الولاء على مشترية الأم فإذا ماتت مشترية الأم وخلفت مشترية الأب فلها النصف بالأخوة والباقي بالولاء وهل لمشترية الأم الولاء على مشترية الأب فيه الوجهان فيمن عليه ولاء لمولى أمه إذا اشترى أباه هل يبقى الولاء لموالي أمه أم يسقط فإن قلنا بالأصح إنه يبقى فلمشترية الأم الولاء على مشترية الأب فإذا ماتت فالحكم كما في الطرف الآخر وإن قلنا يسقط فلا ولاء لها على مشترية الأب وإذا ماتت فلها النصف بالبنوة والباقي لبيت المال
ولو اشترتا أباهما ثم اشترت إحداهما والأب أبا الأب وعتق عليهما ثم مات الأب فللبنتين الثلثان والباقي لأبيه فإن مات الجد بعده فللبنتين الثلثان بالبنوة والباقي نصفه للتي اشترته مع الأب ونصفه الآخر بينهما لإعتاقهما معتق نصفه
ولو ماتت إحداهما بعد ذلك وخلفت الأخرى فعلى ما سبق
ولو اشترتا أمهما ثم الأم أباهما وأعتقته فلهما عليها الولاء ولها عليهما لأنها معتقة أبيهما

فإن ماتت فلهما الثلثان بالبنوة والباقي بالولاء فإن مات الأب بعد ذلك فلهما الثلثان بالبنوة والباقي بالولاء لأنهما معتقتا معتقه فإن ماتت إحداهما بعد ذلك فللأخرى النصف بالأخوة ونصف الباقي لإعتاقها نصف معتق أبيها والباقي لبيت المال
ولو اشترتا أباهما ثم اشترت إحداهما والأب أخاهما للأب فعتق نصفه على الأب وهو معسر فأعتقت المشترية باقيه فمات الأب ورثه أولاده الثلاثة فإن مات الأخ بعده فلهما الثلثان بالأخوة والباقي نصفه للمشتري وباقيه بين البنتين لأنهما معتقتا الأب الذي هو معتق نصف الأخ فالقسمة من اثني عشر لمشترية الأخ سبعة والأخرى خمسة
ولو ماتت التي لم تشتر الأخ أولا ثم مات الأب ثم الأخ فمال الميتة أولا لأبيها ومال الأب لابنه وبنته أثلاثا ومال الأخ نصفه للأخت الباقية بالنسب ونصف باقيه لها بإعتاقها نصفه والباقي وهو الربع لمعتقتي الأب فلهذه نصفه ونصفه للميتة فيكون لمواليها وهم هذه الأخت وموالي الأم إن كانت الأم معتقة فيكون بينهما نصفين فإن لم يكن للأم مولى فلبيت المال

فرع أختان لا ولاء عليهما اشترتا أمهما فعتقت ثم اشترت الأم وأجنبي
أباهما وأعتقاه فللأختين الولاء على أمهما ولها وللأجنبي على الأب وعليهما فإن ماتت الأم ثم الأب ثم إحداهما فأما الأم فمالها لهما ثلثاه بالبنوة وباقيه بالولاء وأما الأب فلهما

ثلثا ماله بالبنوة وباقية للأجنبي نصفه ولهما نصفه لأنهما معتقتا معتقه نصفه وأما الأخت فالنصف من مالها للأخرى بالأخوة ونصف الباقي للأجنبي لأنه أعتق نصف أبيها والربع الباقي كان للأم وهي ميتة فيكون للأختين لأنهما معتقتاها فللأخت الباقية نصفه وهو الثمن ويرجع الثمن الذي هو حصة الميتة إلى من ولاؤها وهو الأجنبي والأم ونصيب الأم يرجع إلى الحية والميتة وحصة الميتة إلى الأجنبي والأم هكذا يدور فلا ينقطع ولذلك سمي سهم الدور
وفيما يفعل به وجهان قال ابن الحداد يجعل في بيت المال لأنه لا يمكن صرفه بنسب ولا ولاء
والثاني يقطع السهم الدائر وهو الثمن ويجعل كأن لم يكن ويقسم المال على باقي السهام وهو سبعة خمسة للأخت الباقية وسهمان للأجنبي وزيف الإمام الوجهين وقال الوجه أن يفرد النصف ولا يدخله في حساب الولاء وينظر في النصف المستحق بالولاء فيحد نصفه للأم ونصفه للأجنبي ومال الأم يصير للأختين ثم نصيب إحداهما نصفه للأم ونصفه للأجنبي ونصيب الأم للأختين فحصل أن للأجنبي ضعف ما للأخت فيجعل المال ستة للأخت نصفها بالنسب ويبقى ثلاثة للأجنبي سهمان وللأخت سهم فجعل له الثلث ولها الثلثان من الجملة وبهذا قطع الغزالي
ونقل أبو خلف الطبري عن أكثر الأصحاب أن سهم الدور لبيت المال كما قال ابن الحداد وإليه يميل كلام ابن اللبان
أما إذا ماتت إحدى

الأختين أولا ثم الأم فمال الأخت لأبويها ومال الأم للبنت نصفه بالبنوة ولها نصف الباقي لإعتاقها نصف الأم ونصفه الباقي للأب لأنه عصبة معتقة النصف قال الشيخ أبو علي وفي مثل هذه المسائل لا يورث بالزوجية إلا أن يشترط السائل في السؤال بقاء الزوجية أما إذا مات الأب أولا ثم إحدى الأختين ثم الأم فمال الأب ثلثاه للبنتين بالأبوة وباقيه بين الأم والأجنبي ومال الأخت للأم ثلثه وللأخت نصفه والباقي بين الأم والأجنبي لأنهما معتقتا أبيهما ومال الأم نصفه للبنت الباقية بالبنوة ولها من النصف الباقي نصفه لأنها أعتقت نصفها ونصفه الباقي حصة البنت الميتة فيكون لمواليها وهم الأجنبي والأم فللأجنبي نصفه وهو الثمن ويبقى ثمن يرجع إلى الأختين لإعتاقهما الأم وهو سهم دور وفيه الخلاف السابق
أما إذا ماتت البنتان أولا فمالهما لأبويهما فإن مات الأب بعدهما فماله للأم والأجنبي فإن ماتت الأم بعده فنصف مالها للأجنبي لأنه معتق نصف أبي معتقها والباقي لبيت المال
واعلم أن الفرضيين قالوا إنما يحصل الدور في الولاء بثلاثة شروط أن يكون للمعتق ابنان فصاعدا وأن يكون قد مات منهم أثنان فصاعدا وألا يكون الباقي منهم حائزا لمال الميت فإن اختل أحد هذه الشروط فلا دور

فصل في مسائل منثورة تتعلق بكتاب العتق من الولاء وغيره شخصان كل
منهما مولى صاحبه من فوق ومن أسفل بأن أعتق عبدا فأعتق أبا المعتق أختان لأبوين أعتقهما رجل فاشترتا أباهما

فلكل منهما نصف ولاء أبيها ولا ولاء لأحدهما على الأخرى لأن عليهما ولاء مباشرة
وفي فتاوى القفال إذا اشترى مكاتب بعض أبيه عتق نصفه ولا يقوم عليه لأنه لم يعتق باختياره بل عتق ضمنا وأنه إذا قال لمن له عبد مستأجر أعتقه عني على كذا فأعتقه نفذ قطعا بخلاف البيع لقوة العتق وكذا يجوز في المغصوب والغائب إذا علم حياته
وفي فتاوى القاضي حسين إذا ادعى عبد على سيده العتق عند الحاكم فحلفه فلما أتم يمينه قال قم يا حر على وجه السخرية حكم عليه بالحرية لقوله صلى الله عليه وسلم ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد ومنها العتاق
وأنه لو كانت جارية حاملا والحمل مضغة فقال أعتقت مضغة هذه الجارية كان لغوا لأن إعتاق ما لم ينفخ فيه الروح لغو
ولو قال مضغة هذه الجارية حر فهو إقرار بأن الولد انعقد حرا وتصير الأم به أم ولد
قلت ينبغي أن لا تصير حتى يقر بوطئها لأنه يحتل أنه حر من وطء أجنبي بشبهة
والله أعلم
وأنه لو قال لعبده لو أخذك متغلب فقل أنا حر لا يعتق بل هو أمر بكذب وكان القاضي يلقن عبيده بذلك
وأنه لو قال لعبده أعتقك الله أو الله أعتقك فقيل يفرق بينهما لأن الأول دعاء والثاني خبر
قال القاضي وعندي لا يعتق فيهما
وقال العبادي يعتق فيهما
وفي الزيادات لأبي عاصم العبادي رحمه الله أنه إذا قال من بشرني من عبيدي بقدوم زيد فهو حر فبعث بعض عبيده عبدا آخر ليبشره به فجاء وقال عبدك فلان يبشرك بقدومه

وأرسلني لأخبرك فالمبشر المرسل دون الرسول
وأنه لو قال إن اشتريت عبدين في صفقة فلله علي إعتاقهما فاشترى ثلاثة صفقة لزمه إعتاق اثنين لوجود الصفة
ولو ولدت الزانية فملك الزاني بها ذلك الولد لم يعتق عليه لانتفاء نسبه
وفي فروع حكاها الروياني عن والده وغيره قال لعبده أنت حر مثل هذا العبد وأشار إلى عبد آخر يحتمل أن لا يعتق لعدم حرية المشبه به ويحمل على حرية الخلق
قلت ينبغي أن يعتق
والله أعلم
وأنه لو قال أنت حر مثل هذا ولم يقل هذا العبد يحتمل أن يعتقا والأوضح أنهما لا يعتقان
قلت الصواب هنا عتقهما
والله أعلم
وأنه لو قال لغيره أنت تعلم أن هذا العبد الذي في يدي حر حكم بعتقه
ولو قال تظن أنه حر لم يحكم بعتقه لأنه لو لم يكن حرا لم يكن المقول له عالما بحريته وقد اعترف بعلمه والظن بخلافه
ولو قال ترى أنه حر احتمل أن لا يقع وأن يقع والرؤية بمعنى العلم
قلت الصواب أنه لا يعتق
والله أعلم
وأنه لو وكل رجلا في عتق عبد فأعتق الوكيل نصفه فهل يعتق نصفه فقط أم يعتق ويسري إلى باقيه أم لا يعتق منه شىء لمخالفته فيه أوجه أصحها الأول
وفي جمع الجوامع للروياني أنه لو كان عبد بين شريكين فقال رجل لأحدهما اعتق نصيبك عني بكذا فأعتقه عنه فولاؤه للآمر ويقوم نصيب الشريك على المعتق

دون الآمر لأنه أعتقه لغرض نفسه وهو العوض الذي حصل له
ولو قال أحد الشريكين للآخر أعتق نصيبك عني بكذا فأعتقه عنه فولاؤه للآمر ويقوم نصيب الآمر على المعتق حكاه عن القاضي الطبري
قلت الصواب في الصورتين أنه لا يقوم عليه لأنه لم يعتق عنه
والله أعلم


كتاب التدبير
فيه بابان الأول في أركانه وهي ثلاثة المحل والصيغة والأهل
أما المحل فمعلوم وأما الصيغة فينعقد التدبير بالصريح وبالكناية فالصريح كقوله أنت حر بعد موتي أو أعتقتك أو حررتك بعد موتي أو إذا مت فأنت حر أو عتيق فإذا مات عتق ولو قال دبرتك أو أنت مدبر فالنص أنه صريح ويعتق إذا مات السيد
ونص في الكتابة أن قوله كاتبتك على كذا لا يكفي حتى يقول فإذا أديت فأنت حر وينويه وفيهما طريقان فقيل فيهما قولان أحدهما صريحان لاشتهارهما في معنييهما كالبيع والهبة
والثاني كنايتان لخلوهما عن لفظ الحرية والعتق والمذهب تقرير النصين
والكناية كقوله خليت سبيلك بعد موتي مع نية العتق
ولو قال دبرت نصفك أو ربعك صح
وإذا مات عتق ذلك الجزء ولم يسر
ولو قال دبرت يدك أو رجلك فهل يصح ويكون كله مدبرا أم يلغو وجهان
ونص في الأم أنه لو قال أنت حر بعد موتي ولست بحر لا يصح التدبير كما لا يحصل العتق لو قال أنت حر أو لست بحر ولا الطلاق إذا قال أنت طالق أو لست بطالق


فرع يصح التدبير مطلقا وهو أن يعلق العتق بالموت بلا شرط
مقيدا بشرط في الموت كقوله إن قتلت أو مت من مرضي هذا أو حتف أنفي أو في سفري هذا أو في هذا الشهر أو في هذا البلد فأنت حر فإن مات على الصفة المذكورة عتق وإلا فلا
ولو قال إذا مت ومضى شهر أو يوم فأنت حر أو قال أنت حر بعد موتي بيوم عتق بعد موته بيوم ولا يحتاج إلى إنشاء إعتاق بعد موته
وهل هذا تدبير مطلق أم مقيد أم ليس بمطلق ولا مقيد وإنما هو تعليق ليس بتدبير فيه أوجه
الصحيح الثالث وبه قال الأكثرون منهم الشيخ أبو حامد وابن كج وابن الصباغ والروياني قالوا متى علق العتق بصفة بعد الموت كقوله إذا مت وشئت الحرية أو يشاء فلان أو إذا مت ثم دخلت فأنت حر أو أنت حر بعد موتي إذا خدمت ابني شهرا فكل ذلك ليس بتدبير بل تعليق ويجوز تعليق التدبير بأن يقول إذا أو متى دخلت الدرا فأنت حر بعد موتي أو أنت مدبر فإذا دخل صار مدبرا ولا يشترط الدخول في الحال لكن يشترط حصوله في حياة السيد كسائر الصفات المعلق عليه فإن مات السيد قبل الدخول فلا تدبير ولغا التعليق إلا أن يصرح فيقول إذا دخلت الدار بعد موتي أو إذا مت ثم دخلت الدار فأنت حر فإنما يعتق حينئذ بالدخول بعد الموت
وللإمام احتمال في تعليق العتق بالدخول بعد الموت وذكر أن القاضي رمز إليه ولا تشترط المبادرة إليه بعد الموت بل متى دخل عتق
ولو قال إذا مت ودخلت الدار فأنت حر قال البغوي يشترط الدخول بعد الموت إلا أن يريد الدخول قبله
ولو قال

إذا مت فدخلت الدار أو إذا مت فأنت حر إن دخلت الدار فعلى ما سنذكره إن شاء الله تعالى في التعليق بالمشيئة
ولو قال الشريكان لعبدهما إذا متنا فأنت حر لم يعتق حتى يموتا إما معا وإما مرتبا ثم إن ماتا معا فالحاصل عتق لحصول الصفة لا تدبير لأنه معلق بموته وموت غيره
والتدبير أن يعلق بموت نفسه
وقيل إنه عتق تدبير لاتصاله بالموت والصحيح الأول
وإن ماتا مرتبا فوجهان
أحدهما ليس بتدبير والصحيح أنه إذا مات أحدهما صار نصيب الثاني مدبرا لتعلق العتق بموته وكأنه قال إذا مات شريكي فنصيبي منك مدبر ونصيب الميت لا يكون مدبرا وهو بين الموتين للورثة فلهم التصرف فيه بما لا يزيل الملك كالاستخدام والإجارة وليس لهم بيعه لأنه صار مستحق العتق بموت الشريك وكذا إذا قال إن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر فليس للوارث بيعه بعد الموت وقبل الدخول إذ ليس له إبطال تعليق الميت وإن كان للميت أن يبطله كما لو أوصى لرجل بشىء ومات ليس للوارث بيعه وإن كان للموصي أن يبيعه
وكذا من أعار له الرجوع في العارية
ولو قال أعيروا داري لفلان بعد موتي شهرا وجب تنفيذ وصيته ولم يملك الوارث الرجوع عن هذه العارية هذا هو الصحيح
وفي الصورتين وجه أنه يجوز للورثة بيعه وفي كسب العبد بين موتيهما وجهان أحدهما أنه معدود من تركة الميت وأصحهما أنه للوارث خاصة قال في الأم ولو قالا لعبدهما أنت حبيس على آخرنا موتا فإذا مات عتقت فهو كما لو قالا إذا متنا فأنت حر إلا أن هناك المنفعة بين الموتين تكون لورثة الأول وهي للآخر

وكذا الكسب وكأن أولهما موتا أوصى بهما لآخرهما موتا
ولو قال أحدهما إذا مت فأنت حر فإذا مات عتق نصيبه ولم يسر

فرع قال لعبده أنت حر إن شئت فإنما يعتق إذا شاء على
لا يشترط الفور والصحيح الأول
ولو علق التدبير بمشيئة العبد فقال أنت مدبر إن شئت أو دبرتك إن شئت أو قال إن شئت فأنت مدبر أو فأنت حر إذا مت أو متى مت فلا يصير مدبرا إلا بالمشيئة والصحيح اشتراط الفور فيها
فلو قال متى شئت أو مهما شئت لم يشترط الفور ويصير مدبرا متى شاء
وفي الحالتين تشترط المشيئة في حياة السيد كسائر الصفات المعلق عليها إلا إذا علق صريحا بمشيئة بعد الموت فإنما يحصل العتق بمشيئة بعد الموت ولا يمنع الامتناع في الحياة من المشيئة بعد الموت
ثم ينظر في لفظ التعليق فإن قال أنت حر بعد موتي إن شئت بعد الموت أو اقتصر على قوله إن شئت وقال أردت بعد الموت فقال الإمام والغزالي لا يشترط الفور بعد الموت ونفى الإمام الخلاف في ذلك لأنها إذا تأخرت عن الخطاب واعتبرت بعد الموت لم يكن لاشتراط اتصالهما بعد الموت معنى ولهذا لا يشترط في قبول الوصية
وفي التهذيب وغيره وجهان فيما لو قال إذا مت وشئت بعد موتي فأنت حر أن المشيئة على التراضي أم يشترط الفور والصورة كالصورة
ولو قال إذا مت فشئت فأنت حر ففي اشتراط اتصال المشيئة بالموت وجهان
الأصح

الاشتراط وبه أجاب الأكثرون لأن الفاء للتعقيب ويجري الخلاف في سائر التعليقات كقوله إن دخلت الدار فكلمت زيدا فأنت طالق هل يشترط اتصال الكلام بالدخول ولو قال إذا مت فمتى شئت فأنت حر لم يشترط اتصال المشيئة بالموت بلا خلاف
ولو قال إذا مت فأنت حر إن شئت أو إذا شئت أو قال أنت حر إذا مت إن شئت فيحتمل أن يراد بهذا اللفظ المشيئة في الحال وتحتمل المشيئة بعد الموت فيراجع ويعمل بمقتضى إرادته فإن قال أطلقت ولم أنو شيئا فثلاثة أوجه
الأصح حمله على المشيئة بعد الموت وبه أجاب الأكثرون
منهم العراقيون وشرطوا أن تكون المشيئة بعد الموت على الفور ومقتضى ما سبق عن الإمام والغزالي أن لا يشترط الفور
والثاني حمله على المشيئة في الحياة وبعد الموت لأن الموت متردد بينهما فتكفي المشيئة في حياة السيد ويشترط الفور على الصحيح
والثالث تشترط المشيئة في الحياة فإن لم يتحققا لم يحصل يقين العتق وليجر هذا الخلاف في سائر التعليقات كقوله إذا دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا
أيعتبر الكلام بعد الدخول أم قبله قال الإمام ونشأ من هذا المنتهى إشكال فيما لو قال لعبده إن رأيت عينا فأنت حر والعين لفظ مشترك بين الباصرة والدينار وعين الماء ولم ينو المعلق شيئا فهل يعتق العبد إذا رأى شيئا منها فيه تردد والوجه أنه يعتق وبه يضعف اعتبار المشيئتين في مسألة المشيئة
ولك أن تقول إن لم تكن المسألة كالمسألة فلا إلزام وإن كانت كهي فليحصل العتق بالمشيئة في الحياة أو بعد

الموت كمسألة العين وهذا وجه غير الثلاثة ثم الأشبه أن اللفظ المشترك لا يحمل جميع معانيه ولا يحمل عند الإطلاق على كلها ويمكن أن يؤمر بتعيين أحدها ومتى اعتبر في المشيئة بعد الموت الفور فأخرها بطل التعليق وإذا لم تعتبر كما في قوله فأنت حر متى شئت فقال القاضي أبو حامد تعرض عليه المشيئة فإن امتنع فللورثة بيعه وكذا لو علق بدخول الدار وغيره بعد الموت يعرض عليه الدخول كما يقال للموصى له أقبل أو رد
وهل للورثة بيعه قبل المشيئة وعرضها عليه فيه الخلاف السابق في الفرع الماضي

فرع قال إن شاء فلان وفلان فعبدي حر بعد موتي لم يكن
يشآء جميعا
ولو قال إذا مت فشئت فأنت مدبر فهذا لغو وكذا لو قال إذا مت فدبروا هذا العبد
ولو قال إذا مت فعبد من عبيدي حر ومات ولم يبين أقرع بينهم
قال في الأم لو قال إذا قرأت القرآن بعد موتي فأنت حر لا يعتق إلا بقراءة جميع القرآن
ولو قال إذا قرأت قرآنا عتق بقراءة بعض القرآن
الركن الثالث الأهل فلا يصح تدبير مجنون ولا صبي لا يميز ولا مميز على الأظهر فإن صححناه صح رجوعه بالقول إن جوزنا الرجوع عن التدبير بالقول وفيه وجه
وإن قلنا يملك الرجوع بالقول فالتصرف الذي يحصل به الرجوع لا يصح منه لكن يقوم

الولي مقامه فإذا رأى المصلحة في بيعه باعه وبطل التدبير ويصح تدبير المحجور عليه بسفه على المذهب وقيل قولان كالمميز فإن صححنا فرجوعه كما ذكرنا في المميز وتدبير المحجور عليه بفلس كإعتاقه وقد سبق في التفليس
وفي تدبير السكران الخلاف السابق في سائر تصرفاته
وفي تدبير المرتد أقوال مبنية على ملكه إن قلنا باق صح تدبيره وإن قلنا زال فلا
وإن قلنا موقوف فتدبيره موقوف إن أسلم بان صحته وإن مات مرتدا بان فساده
وحكي قول في بطلان تدبيره على قول الوقف ثم قال ابن سلمة الأقوال إذا حجر القاضي عليه فأما قبله فيصح قطعا وقال أبو إسحق هي قبل الحجر فأما بعده فلا يصح قطعا
وقال غيرهما بطرد الأقوال في الحالين
وقد سبق في الردة أن البغوي جعل الوقف أصح
وروى بعضهم أن الشافعي رضي الله عنه قال أشبه الأقوال بالصحة زوال الملك بنفس الردة وبه أقول
ولو دبر عبدا ثم ارتد فثلاث طرق أصحها وهو الذي رجحه ابن كج والعراقيون وبه قال أبو إسحق لا يبطل التدبير قطعا فإذا مات مرتدا عتق العبد صيانة لحق العبد عن الضياع كحق الغرماء وكما لا يبطل بيعه وسائر عقوده
والثاني يبطل قطعا لأنه لو بقي لنفذ من الثلث وما نفذ من الثلث اشترط فيه بقاء الثلثين للورثة وهذا ضعيف وعلى هذا تبطل وصايا المرتد
والثالث وبه قال ابن سلمة يبنى على أقوال الملك إن بقي فالتدبير باق وإن زال بطل وإن وقف فإن قلنا بالبطلان فأسلم عاد ملكه وعاد التدبير على

المذهب
وقيل قولان كعود الحنث كما لو باع مدبرا ثم ملكه
وإن أبقينا التدبير عتق المدبر من الثلث وجعل الثلثان فيئا وفي وجه يعتق كله ورعاية الثلث والثلثين يختص بالمياث
ولو ارتد المدبر قتل كالقن لكن لا يبطل التدبير بالردة كما لا يبطل الاستيلاد والكتابة بالردة
فلو مات السيد قبل قتله عتق
ولو التحق المرتد بدار الحرب فسبي فهو على تدبيره ولا يجوز استرقاقه لأنه إن كان سيده حيا فهو له وإن مات فولاؤه له ولا يجوز إبطاله فإن كان سيده ذميا ففي جواز استرقاق عتيقه خلاف سبق
ولو استولى الكفار على مدبر مسلم ثم عاد إلى يد المسلمين فهو مدبر كما كان

فرع الكافر الأصلي يصح تدبيره وتعليقه العتق بصفة كما يصح استيلاده سواء الكتابي والمجوسي
من حمل مدبره ومستولدته الكافرين إلى دار الحرب سواء جرى التدبير في دار الإسلام أو دار الحرب وليس له حمل مكاتبه الكافر قهرا لظهور استقلاله
ولو دبر كافر عبدا كافرا ثم أسلم العبد فإن رجع السيد عن التدبير بالقول وجوزناه بيع عليه وإلا ففي بيعه قولان منصوصان في الأم أحدهما يباع عليه ويبطل التدبير دفعا لإذلاله وأظهرهما لا يباع بل يبقى التدبير لتوقع الحرية ولكن يخرج من يده ويجعل في يد عدل ويصرف كسبه إليه كما لو أسلمت مستولدته فإن خرج سيده إلى دار الحرب أنفق من كسبه عليه وبعث ما فضل إلى السيد

فإذا مات عتق من الثلث فإن بقي منه شىء للورثة بيع عليهم
ولو أسلم مكاتب الكافر فقيل قولان كالمدبر والمذهب أنه لا يباع بل تبقى الكتابة لانقطاع سلطة السيد واستقلاله فإن عجزه السيد بيع عليه

فرع إذا دبر أحد الشريكين نصيبه فالمشهور أنه لا يسري ولا يقوم
عليه نصيب شريكه فإن مات وعتق نصيبه لم يسر أيضا إلى نصيب الشريك لأن الميت معسر بخلاف ما إذا علق عتق نصيبه بصفة فوجدت وهو موسر يسري
وفي قول يسري وحكي هذا وجها
ولو دبر بعض عبده الخالص صح ولا سراية ويجيء فيه الخلاف في نصيب الشريك وأولى
الباب الثاني في حكم التدبير

وله حكمان ارتفاعه وسرايته إلى الولد
الأول ارتفاعه ويرتفع بخمسة أمور
الأول إزالة الملك فللسيد إزالة الملك عن المدبر بالبيع والهبة والوصية وغيرها سواء كان التدبير مطلقا أو مقيدا وإذا زال الملك عنه ببيع ونحوه ثم عاد إلى ملكه فهل يعود التدبير يبنى على أن التدبير وصية للعبد بالعتق أم هو تعليق عتق بصفة وفيه قولان القديم وأحد قولي الجديد وصية والثاني وهو نصه في أكثر كتبه تعليق بصفة وهذا هو الأظهر عند الأكثرين فإن قلنا وصية لم يعد التدبير كما لو أوصى بشىء ثم باعه ثم ملكه
وإن قلنا تعليق فعلى الخلاف في عود الحنث وقد سبق أن الأظهر أنه لا يعود فحصل أن المذهب

أنه لا يعود التدبير الثاني لو رجع عن التدبير باللفظ كقوله رجعت عنه أو فسخته أو أبطلته أو رفعته أو نقضته فإن قلنا وصية صح الرجوع وإلا فلا
وسواء التدبير المطلق والمقيد
وقيل يختص الخلاف بالمطلق ويقطع في المقيد بمنع الرجوع والمذهب الأول
ولو قال أعتقوا فلانا عني إذا مت جاز الرجوع باللفظ كسائر الوصايا
ولو ضم إلى الموت صفة أخرى بأن قال إذا مت فدخلت الدار فأنت حر لا يجوز الرجوع باللفظ قطعا وإنما الخلاف في التدبير

فرع إذا وهب المدبر ولم يقبضه إن قلنا التدبير وصية حصل الرجوع
وإن قلنا تعليق لم يحصل على الصحيح وإن اتصل بها القبض وقلنا يملك بالقبض انقطع التدبير وإن قلنا يتبين الملك من حين الهبة قال الإمام ففي انقطاع التدبير من حين الهبة تردد وكذا لو باع بشرط الخيار وقلنا يزيل الملك فهل يبطل التدبير قبل لزوم البيع فيه تردد والذي أطلقه البغوي أن البيع بشرط الخيار يبطل التدبير على القولين
ولو باع نصف المدبر أو وهب وأقبض بطل التدبير في النصف المبيع أو الموهوب وبقي في الباقي وهل يبطل التدبير في الرهن قيل يبطل وقيل لا والمذهب قولان بناء على أنه وصية أو تعليق ومجرد الإيجاب في الهبة والرهن إن جعلناه وصية كان على الخلاف في أنه رجوع في الوصية وإن جعلناه تعليقا فلا أثر له ولا يبطل التدبير بالاستخدام والتزويج بلا خلاف وإذا جعلناه

وصية بطل بالعرض على البيع
وسائر ما ذكرناه في باب الوصية لكن الوطء ليس رجوعا عن التدبير وإن جعلناه وصية سواء عزل أم لا بخلاف الوصية فإن استولدها فالصحيح الذي قطع به الجمهور بطلان التدبير لأن الاستيلاد أقوى فيرتفع به الأضعف كما يرتفع النكاح بملك اليمين ولهذا لو دبر مستولدته لم يصح لأنها تستحق العتق بالموت بجهة أقوى من التدبير وقيل لا يبطل التدبير ويكون لعتقها بالموت سببان
وقيل لا يبطل بل يدخل في الاستيلاد كالحدث في الجنابة ولو كاتب المدبر ففي ارتفاع التدبير وجهان بناء على أنه وصية أم تعليق
إن قلنا وصية ارتفع وإلا فلا
فيكون مدبرا مكاتبا كما لو دبر مكاتبا فإن أدى النجوم عتق بالكتابة وإن مات السيد قبل الأداء عتق بالتدبير فإن لم يحتمله الثلث عتق قدر الثلث وبقيت الكتابة في الباقي فإذا أدى قسطه عتق وهذا نص الشافعي رحمه الله وبه قطع الشيخ أبو حامد وجماعة وقال القاضي أبو حامد يسأل عن كتابته فإذا أراد بها الرجوع عن التدبير ففي ارتفاعه القولان وإلا فهو مدبر مكاتب قطعا
وخرج الإمام على الخلاف في الكتابة ما لو علق عتق المدبر بصفة لأنه لو أوصى به ثم علق عتقه بصفة كان رجوعا وقطع البغوي بأنه يصح التعليق بالصفة ويبقى التدبير بحاله كما لو دبر المعلق عتقه بصفة تجوز ثم إن وجدت الصفة قبل الموت عتق وإن مات قبلها عتق بالتدبير
فروع قال رجعت عن التدبير في نصفه أو ربعه بقي التدبير في جميعه

إن قلنا لا يكفي الرجوع باللفظ وإلا فيبقى في باقيه فقط نص في الأم أنه إذا دبر ثم خرس فإن لم يكن له إشارة مفهومة ولا كتابة فلا مطلع على رجوعه وإن كانت له إشارة أو كتابة فأشار بالبيع ونحوه ارتفع التدبير وإن أشار بنفس الرجوع فعلى الخلاف
ولو دبر مكاتبا صح فإن أدى النجوم قبل موت السيد عتق بالكتابة وبطل التدبير ولو عجز نفسه
أو عجزه سيده بطلت الكتابة وبقي التدبير ولو مات قبل الأداء والتعجيز الأداء والتعجيز عتق بالتدبير إن احتمله الثلث
قال الشيخ أبو حامد وتبطل الكتابة
قال ابن الصباغ وعندي أنه يتبعه ولده وكسبه كما لو أعتق السيد مكاتبه قبل الأداء فكما لا يملك إبطال الكتابة بالإعتاق فكذا بالتدبير
قال ويحتمل أن يريد بالبطلان زوال العقد دون سقوط أحكامه
الأمر الثالث إن لم نجوز الرجوع عن التدبير باللفظ فإنكار السيد التدبير ليس برجوع وإن جوزناه فهل هو رجوع وكذا إنكار الموصي الوصية والموكل الوكالة هل هو رجوع ثلاثة أوجه أحدها نعم لأن هذه العقود عرضة للفسخ
ولو قال لست بمدبر أو لست بوكيل أو ليس هذا موصى به وجب القطع بارتفاع هذه العقود فكذا إذا قال لم أدبر ولم أوكل ولم أوص
والثاني لا لأنه كذب فلم يؤثر
والثالث وهو الأصح المنصوص ترتفع الوكالة لأن فائدتها العظمى تتعلق بالموكل ولا يرتفع التدبير والوصية لأنهما عقدان يتعلق بهما غرض شخصين فلا يرتفعان

بإنكار أحدهما وإنكار البيع الجائز ليس فسخا وفيه احتمال
ولو أنكر الزوجية فليس بطلاق على الأصح
ولو ادعت على زوجها طلاقا رجعيا فأنكر لم يكن إنكاره رجعة بالاتفاق
وإذا ادعى على سيده التدبير أو العتق بصفة سمعت الدعوى على المذهب
وقيل يسمع العتق بصفة وفي التدبير الخلاف
وفي شهادة الحسبة على التدبير الخلاف في سماع الدعوى ورد الشهادة أولى لأن موضع شهادة الحسبة أن يثبت لله تعالى مجحود فيثبته الشاهد حسبة ثم إذا توجهت الدعوى وأنكر السيد فله إسقاط اليمين عن نفسه بأن يقول إن كنت دبرته فقد رجعت عنه إذا جوزنا الرجوع باللفظ وكذا لو قامت به بينة وحكم به الحاكم فله الدفع بهذا الطريق على هذا القول
ولو ادعى على الورثة أن مورثهم دبره وأنه عتق بموته حلفوا على نفي العلم ولا يثبت التدبير إلا بشهادة رجلين لأنه ليس بمال وثبت الرجوع برجل وامرأتين وشاهد ويمين لأنه مال وفيه وجه ضعيف لأنه ينفي الحرية
الرابع مجاوزة الثلث فعتق المدبر معتبر من الثلث بعد الديون فلو كان على الميت دين مستغرق للتركة لم يعتق منه شىء وإن لم يكن دين ولا مال سواه عتق ثلثه وإن كان دين يستغرق نصفه بيع نصفه في الدين ويعتق ثلث الباقي منه
وفي تعليقة إبرهيم المروزي أن الحيلة في عتق الجميع بعد الموت وإن لم يكن له مال

سواه أن يقول هذا العبد حر قبل مرض موتي بيوم وإن مت فجأة فقبل موتي بيوم فإذا مات بعد التعليقين بأكثر من يوم عتق من رأس المال ولا سبيل عليه لأحد
ولو اقتصر على قوله أنت حر قبل موتي بيوم أو شهر فإذا مات نظر إن كان في أول اليوم أو الشهر قبل الموت مريضا اعتبار عتقه من الثلث وإن كان صحيحا فمن رأس المال ولا فرق في اعتابر التدبير من الثلث بين أن يقع التدبير في الصحة أو في المرض كالوصية

فرع دبر عبدا ومات وباقي ماله غائب عن بلد الورثة أو دين
فلا يعتق جميع المدبر وهل يعتق ثلثه وجهان أحدهما نعم لأن الغيبة لا تزيد على العدم
ولو لم يكن إلا العبد لعتق ثلثه فعلى هذا ثلث أكسابه بعد موت السيد له ويوقف الباقي
وأصحهما لا يعتق حتى يصل المال إلى الورثة لأن في تنجيز العتق تنفيذ التبرع قبل تسليط الورثة على الثلثين فعلى هذا يوقف الأكساب فإن حضر الغائب بان أنه عتق وأن الأكساب له
ويقال الخلاف قولان
الأول مخرج
والثاني منصوص
فإذا كانت قيمة المدبر مائة والغائب مائتان فحضر مائة فعلى الأول يعتق ثلثاه وعلى الثاني نصفه لحصول مثليه للورثة فإن حضرت مائة وتلفت المائة الأخرى استقر العتق في ثلثيه وتسلطت الورثة على ثلثه وعلى المائة
وفي طريقة الصيدلاني تفريعا على أنه يعتق من المدبر ثلثه أن للوارث

التصرف في الثلثين فإن حضر الغائب نقض تصرفه
وأنه لو أعتق أعتق الثلثين ولم يحضر الغائب فولاء الثلثين له
وإن حضر فعن ابن سريج أن الجواب كذلك وأن فيه وجها أن جميع الولاء للميت بناء على أن إجازة الوارث تنفيذ أم ابتداء عطية واشتد إنكار الإمام على هذا وقال إعتاق الورثة رد للتدبير ولا سبيل إليه بسبب غيبة المال بل الوجه التوقف فإن حضر الغائب بان نفوذ العتق في الجميع ولكن مستند إلى وقت الموت أم عند حصول القدرة فيه احتمالان أوجههما الأول قال ولو كانت التركة بحيث يفي ثلثها بالمدبر لكن عليه دين مستغرق فأبرأ مستحق الدين عن الدين بعد أيام من الموت فيسند العتق إلى وقت الموت أم يتنجز من وقت سقوط الدين فيه احتمالان أصحهما الثاني
ولو كان له دين على إنسان ليس له غيره فأبرأ عنه في مرض الموت أو عن ثلثه هل تحصل البراءة عن الثلث قبل وصول الثلثين فيه الخلاف الأصح المنع ويجري الخلاف فيما لو مات عن ابنين ولم يترك إلا دينا على أحدهما هل يبرأ من عليه الدين من نصفه ولو أوصى بغير مال يخرج من الثلث وباقي ماله غائب هل يسلم إلى الموصى له ثلث العين أم ينتظر حضور الغائب فيه الخلاف وقد سبق في الوصايا
ولو أوصى بثلث ماله وبعضه حاضر وبعضه غائب أو عين ودين دفع الى الموصى له ثلث الحاضر والعين وما حصل بعده قسم كذلك

فرع إذا علق عتق عبد بصفة فوجدت في مرض موته نظر إن
بصفة لا توجد إلا في المرض كقوله إن دخلت الدار في مرض

موتي فأنت حر أو إذا مرضت مرض الموت فأنت حر اعتبر عتقه من الثلث
وإن احتمل وجودها في الصحة والمرض فهل يعتق من رأس المال أم الثلث قولان أظهرهما الأول هذا إن وجدت الصفة بغير اختياره فإن وجدت باختياره اعتبر من الثلث لأنهم قالوا لو قال إن دخلت الدار فأنت حر فدخلها في مرضه اعتبر العتق من الثلث لأنه اختار حصول العتق في مرضه
ولو باع الصحيح محاباة وشرط الخيار ثم مرض في مدة الخيار ولم يفسخ حتى مات اعتبرت المحاباة من الثلث لأنه لزم العقد في المرض باختياره فأشبه من وهب في الصحة وأقبض في المرض
قلت إنما يظهر هذا إذا قلنا الملك في مدة الخيار للبائع وترك الفسخ عامدا لا ناسيا
والله أعلم

فرع علق عتق عبد بصفة وهو مطلق التصرف فوجدت وهو محجور عليه
عتق إن اعتبرنا حال التعليق وإن اعتبرنا حال وجود الصفة فهو كإعتاق المفلس
ولو وجدت الصفة وهو مجنون أو محجور عليه بسفه عتق بلا خلاف ذكره البغوي وفرق بأن حجر المريض والمفلس لحق الغير وهو الورثة والغرماء بخلاف السفه والجنون
ولو قال إن جننت فأنت حر فجن ففي العتق وجهان حكاهما صاحب الإفصاح وقد يخرج هذا فيما لو كان التعليق بصفة غير الجنون فوجدت في الجنون
ولو قال إن مرضت مرضا مخوفا فأنت حر فمرض مرضا مات فيه عتق العبد من الثلث على الصحيح
وقيل من رأس المال
ولو مرض مرضا مخوفا وبرأ منه عتق من

رأس المال
وقيل لا يعتق أخذا من الخلاف فيمن حج عنه وهو معضوب فبرأ وهذا ضعيف
الأمر الخامس جناية المدبر
اعلم أن الجناية على المدبر كهي على القن فإن قتل فللسيد القصاص أو القيمة ولا يلزمه أن يشتري بها عبدا يدبره وإن جنى على طرفه فللسيد القصاص والأرش ويبقى التدبير بحاله
أما جناية المدبر فهو فيها كالقن أيضا فإن جنى بما يوجب القصاص فاقتص منه فات التدبير وإن جنى بموجب للمال أو عفي عن القصاص فللسيد أن يفديه وأن يسلمه ليباع في الجناية فإن فداه بقي التدبير
وهل يفديه بأرش الجناية أم بالأقل من قيمته والأرش فيه القولان السابقان في القن
وإن سلمه للبيع فبيع جميعه بطل التدبير فإن عاد إلى ملكه ففي عود التدبير الخلاف السابق في أول الباب وإن حصل الغرض ببيع بعضه بقي التدبير في الباقي
وإن مات السيد قبل البيع واختيار الفداء فطريقان أصحهما أن حصول العتق على الخلاف في نفوذ عتق الجاني فإن نفذناه أخذ الفداء من تركة السيد ويكون الفداء أقل الأمرين بلا خلاف لأنه تعذر تسليمه للبيع وإن لم ننفذه فالوارث بالخيار بين أن يفديه فيعتق من الثلث أو يسلمه للبيع
وإن كان في ثلث المال سعة فإذا بيع بطل التدبير
وقد سبق في البيع أن المذهب أن إعتاق الجاني ينفذ من الموسر دون المعسر
والطريق الثاني أنه إن وفى الثلث بقيمة الرقبة والفداء لزم الورثة تحصيل العتق وإلا فيخرج على هذا الخلاف
ولو كانت جناية المدبر تستغرق ثلث الرقبة مثلا ومات السيد ففداه الوارث

من ماله ففي ولاء ذلك الثلث وجهان هل هو للوارث أو المورث بناء على أن إجازة الوارث تنفيذ أم عطية
ولو جنت مدبرة ولها ولد صغير وقلنا بسراية التدبير إليه فوجهان أحدهما يبيع الولد معها حذرا من التفريق ولا يبالي بفوات التدبير فيه
والثاني يبيعها وحدها ويحتمل التفريق للضرورة حفظا للتدبير في الولد وهو كالخلاف فيمن رهن الجارية دون الولد واحتجنا إلى بيعها للدين هل يباع معها الحكم الثاني السراية إلى الولد يجوز وطء المدبرة والمعلق عتقها بصفة لكمال الملك ونفاذ التصرف فإن أولدها صارت مستولدة وبطل التدبير على الأصح كما سبق
وفائدة الخلاف فيما لو قال كل مدبر لي حر هل تعتق هي ولو أتت المدبرة بولد من نكاح أو زنى سرى التدبير إليه على الأظهر عند الأكثرين منهم الشيخان أبو حامد والقفال وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد رحمهم الله كما يتبع ولد المستولدة والأضحية والهدي أمه
قلت بل الأظهر عند الأكثرين أنه لا يتبعها
والله أعلم
ولو ولدت المعلق عتقها بصفة لم يتبعها الولد على الأظهر وولد الموصى بها لا يتبعها على المذهب
وقال الشيخ أبو محمد يحتمل طرد القولين فإذا جعلنا ولد المدبرة مدبرا فماتت في حياة السيد لم يبطل التدبير في الولد كما لو دبر عبدين فمات أحدهما قبل السيد

وكما لو ماتت المستولدة لا يبطل حق الولد
ولو رجع السيد عن تدبير أحدهما باللفظ وجوزناه أو باع أحدهما لم يبطل التدبير في الآخر
ولو كان الثلث لا يفي إلا بأحدهما فوجهان أصحهما وبه قال ابن الحداد يقرع بينهما كعبدين ضاق الثلث عنهما والثاني يقسم العتق عليهما لئلا تخرج القرعة على الولد فيعتق ويرق الأصل
وإذا قلنا المعلق عتقها بصفة يتبعها الولد فمعناه أن الصفة إذا وجدت فيها وعتقت عتق الولد ولا تعتبر الصفة فيه
ولو وجدت الصفة منه فلا أثر لها
هذا هو الصحيح المعروف في المذهب
وقال الشيخ أبو محمد مقتضى سراية التعليق أن عتقه بنفس الصفة وهي دخول الدار مثلا فعلى هذا لا يعتق هو بدخولها ويعتق بدخوله
ولو بطل التعليق فيها بموتها بطل في الولد
ومقتضى قول الشيخ أبي محمد أن لا يبطل فيه
ولو قال لأمته أنت حرة بعد موتي بعشر سنين مثلا فإنما يعتق بعد مضي تلك المدة من يوم الموت فلو ولدت قبل موت السيد فهل يتبعها الولد في حكم الصفة فيه القولان
وإن ولدت بعد موت السيد وقبل مضي المدة فقد نص الشافعي رحمه الله أنه يتبعها فقيل فيه القولان كما قبل الموت وإنما فرع على أحدهما
وقيل يتبعها قطعا لتأكد سبب العتق إذ ليس للوارث التصرف فيها فأشبهت المستولدة فعلى هذا يعتق الولد من رأس المال كولد المستولدة
وأما ولد المدبر فلا يؤثر تدبير أبيه فيه وإنما يتبع الأم في الرق والحرية

فرع هذا الذي ذكرناه في ولد المدبرة هو فيما إذا حدث بعد
وانفصل قبل موت السيد فأما إذا كانت حاملا عند موت السيد فيعتق معها الحمل بلا خلاف كما لو أعتق حاملا فإن لم يحتملها

الثلث حاملا عتق منها قدر الثلث وكذا المعلق عتقها على صفة لو كانت حاملا عند وجود الصفة
ولو كانت المدبرة حاملا عند التدبير فطريقان أحدهما أنه على القولين في أن الحمل هل يعرف إن قلنا نعم وهو الأظهر فالولد مدبر وإلا ففيه القولان في الولد الحادث والمذهب القطع بأنه مدبر
وإن قلنا لا يعرف الحمل كما يدخل في البيع
وإن قلنا لا يعرف وليس هو بسراية التدبير بل اللفظ يتناوله وإنما يعرف كونه موجودا عند التدبير إذا ولدته لدون ستة أشهر فإن ولدته لأكثر من أربع سنين من وقت التدبير فهو حادث وإن ولدته لما بينهما نظر هل لها زوج يفترشها أم لا وقد سبقت نظائره في مواضع
وإن كان لها زوج قد فارقها قبل التدبير وولدت لدون اربع سنين من وقت الفراق فالأظهر أنه يجعل موجودا يوم التدبير كما يجعل موجودا في ثبوت النسب من الزوج

فرع إذا ثبت التدبير في الحمل ثم انفصل فرجوع السيد في التدبير
عن أحدهما لا يرفع التدبير في حق الآخر
وإن رجع قبل الإنفصال عن تدبير الحمل وجوزنا الرجوع باللفظ ارتفع التدبير فيه وبقي في الأم
وقيل لا يصح الرجوع فيه ما دام حملا مع بقاء التدبير في الأم والصحيح الأول
وإن رجع في تدبير الأم نظر إن قال رجعت في تدبيرها دون الولد لم يخف حكمه وإن أطلق فوجهان أحدهما يتبعها في الرجوع كما يتبعها في التدبير وأصحهما لا يتبعها كالرجوع بعد الإنفصال بخلاف التدبير فإن فيه معنى العتق وللعتق قوة
وإذا رجع في تدبيرها دون الولد ثم ولدت لدون ستة أشهر من وقت الرجوع فهو مدبر
وإن أتت به لأكثر من ذلك ولها زوج يفترشها لم يكن مدبرا لأنه لا يعلم وجوده قبل الرجوع


فرع لو دبر الحمل وحده جاز كما لو أعتقه ولا يتعدى إلى
مات السيد عتق الحمل دون الأم فإن باع الأم فوجهان
أحدهما أنه إن قصد به الرجوع حصل الرجوع وصح البيع في الأم والحمل وإن لم يقصد لم يحصل الرجوع فلا يصح البيع في الولد ويبطل في الأم على الأصح كما لو باع حاملا بحر
وأصحهما صحة البيع فيهما وحصول الرجوع قصد أم لا كما لو باع المدبر ناسيا للتدبير صح البيع والرجوع
فرع لو دبر أمة وقلنا ولد المدبرة مدبر وجوزنا الرجوع عن التدبير
باللفظ فقال إذا ولدت أو كلما ولدت ولدا فقد رجعت في تدبيره لم يصح الرجوع فإذا ولدت كان مدبرا حتى يرجع بعد الولادة لأن الرجوع لا يصح إلا بعد ثبوت التدبير ولا يثبت للولد قبل الولادة فصار كما لو قال إذا دبرتك فقد رجعت عن تدبيرك فلا يصح الرجوع
فرع إذا قلنا ولد المدبرة مدبر وتنازع السيد والمدبرة فيه فقال السيد

ولو جرى هذا الخلاف مع الوارث بعد موت السيد صدق الوارث أيضا
قال البغوي وتسمع دعواها حسبة حتى لو كانت قنة وادعت على السيد أنك دبرت ولدي سمعت
ولو قالت ولدته بعد موت السيد فهو حر وقال الوارث بل قبل التدبير صدق الوارث على الصحيح
وقيل تصدق هي لأنها لم تعترف للورثة بيد ولا ملك ولو كان في يد المدبر مال وقال كسبته بعد موت السيد

فهو لي وقال الوارث بل قبله فهو لي صدق المدبر بيمينه لأن اليد له بخلاف دعواها الولد لأنها تزعم أنه حر والحر لا يدخل تحت اليد
ولو أقام كل واحد بينة بدعواه رجحت بينة المدبر لاعتضادها باليد
ولو أقام الوارث بينة أن هذا المال كان في يد المدبر في حياة السيد فقال المدبر كان في يدي لكن كان لفلان فملكته بعد موت السيد صدق المدبر أيضا نص عليه
ولو تنازع السيد والمستولدة في ولدها هل ولدته قبل الإستيلاد أم بعده أو الوارث والمستولدة هل ولدته قبل موت السيد أم بعده فهو على ما ذكرنا في تنازع السيد والمدبرة فإذا قلنا بسراية الكتابة إلى الولد فقالت المكاتبة ولدته بعد الكتابة وقال السيد بل قبلها صدق السيد أيضا على الأصح وقيل بل المكاتبة لأنها يثبت لها اليد على نفسها وولدها
ولو اختلف السيد والمكاتب في المال صدق المكاتب كالمدبر

فصل دبر عبدا ثم ملكه أمة فوطئها وأولدها فإن قلنا العبد لا
بالتمليك فالولد للسيد ويثبت نسبه من العبد ولا حد عليه للشبهة نص عليه
وإن قلنا يملك بالتمليك فالجارية للمدبر ولا يحكم للولد بحرية لأنه حصل من رقيقين
وهل يتبع الأم ويكون رقيقا للسيد أم يتبع الأب فيكون مدبرا
فرع أمة لرجلين دبراها فأتت بولد فادعاه أحدهما فهو ابنه ويضمن نصف
قيمتها ونصف قيمته ونصف مهرها لشريكه وأخذ

قيمتها يكون رجوعا في التدبير
وقال القاضي أبو الطيب عندي أنه لا يقوم نصيب الشريك إلا برضاه لأنه ثبت له حق الولاء فيه

فرع قول المدبر في حياة السيد وبعد موته رددت التدبير لغو لا
فيه وبالله التوفيق


كتاب الكتابة
لا يجب على السيد أن يكاتب عبده وحكى صاحب التقريب قولا انها واجبة إذا طلبها العبد لقول الله تعالى { فكاتبوهم } والمشهور الأول وبه قطع الجماهير كما لا يجب التدبير وشراء القريب والآية محمولة على الندب فتستحب الإجابة إذا طلبها العبد وكان أمينا قادرا على الكسب فإن فقد الشرطان لم يستحب ولكن لا يكره لأنها قد تفضي الى العتق
وقال ابن القطان يكره والصحيح الأول
وإن فقدت الأمانة وقدر على الكسب لم يستحب على الصحيح
وقيل يستحب دون الاستحباب مع الشرطين وإن كان أمينا بلا كسب لم يستحب على الأصح
ولو طلب السيد الكتابة فامتنع العبد لم يجبره
وفي الكتابة بابان الأول في أركان الكتابة وهي أربعة الأول الصيغة وهي أن يقول لعبده كاتبتك على ألف مثلا تؤديه إلي في نجمين مثلا أو أكثر فإذا أديت فأنت حر فيقول العبد قبلت
ولو لم يصرح بتعليق الحرية بالأداء لكن نواه بقوله كاتبتك على كذا صحت الكتابة أيضا فإن لم يصرح بالتعليق ولا نواه لم يصح ولم يحصل العتق
ومنهم من خرج من التدبير قولا ان لفظ الكتابة صريح مغن عن التصريح بالتعلق ونيته وقد سبق في التدبير عن أبي إسحق أنه قال إن كان الرجل فقيها صحت كتابته بمجرد اللفظ وإلا فلا بد من التعليق أو نيته والمذهب الأول والفرق بين التدبير والكتابة أن التدبير مشهور بين الخواص والعوام

والكتابة لا يعرفها العوام وقد نقلوا عن أبي إسحق أنه قال على هذا لو كان قريب الإسلام أو جاهلا بالأحكام لا يعرف التدبير لم ينعقد تدبيره بمجرد لفظة التدبير حتى تنضم إليه نية أو زيادة لفظ
وحكي وجه أنه إن ذكر ما تتميز به الكتابة عن المخارجة كفى كقوله تعاملني أو أضمن لك أرش الجناية أو يستحق مني الإيتاء أو من الناس سهم الرقاب فيكفي عن تعليق الحرية بالأداء
ولا خلاف أنه لا يكفي قوله كاتبتك وحده كما إذا قال بعتك كذا ولم يذكر عوضا

فرع قال أنت حر على ألف فقبل عتق في الحال وثبت الألف
كقوله لزوجته أنت طالق على ألف فقبلت ولو قال إن أعطيتني ألفا أو أديت لي ألفا فأنت حر فلا يمكنه أن يعطيه من مال نفسه لأنه لا يملك
فلو أعطاه من مال غيره هل يعتق وجهان أصحهما لا
والثاني نعم فعلى هذا هل سبيله سبيل الكتابة الفاسدة أم تعليق محض وجهان فإن قلنا كتابة فاسدة رد السيد ما أخذ ورجع على العبد بقيمته وتبعه كسبه وأولاده الحاصلة بعد التعليق
وإن قلنا تعليق فهل يرجع عليه بقيمته وجهان أصحهما لا ولا يتبعه الكسب والولد بخلاف ما إذا قال لزوجته إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته مغصوبا وقلنا تطلق فإنه يرجع لأنها أهل للالتزام وقت المخاطبة بخلاف العبد


فرع قال لعبده بعتك نفسك بكذا فقال اشتريت أو قال العبد بعني
بكذا فقال بعتك صح البيع وثبت المال في ذمته وعتق في الحال كما لو أعتقه على مال
وذكر الربيع قولا انه لا يصح
فمن الأصحاب من أثبته قولا ضعيفا ومنهم من نفاه وقال هو تخريج له فعلى المذهب للسيد الولاء كما لو أعتقه على مال وفيه وجه سبق
ولو أقر السيد بأنه باعه نفسه فأنكر العبد عتق بالإقرار وحلف أنه لم يشتر ولا شىء عليه
ولو قال بعتك نفسك بهذه العين أو بخمر أو خنزير فإن صححنا بيعه له وأثبتنا الولاء للسيد عتق وعليه قيمته كما لو قال أعتقتك على خمر أو خنزير فإن قلنا لا ولاء عليه لم يصح ولم يعتق كما لو باعه لأجنبي بخمر
ولو قال وهبت لك نفسك أو ملكتك فقبل عتق
ولو أوصى له برقبته فقبل بعد الموت عتق
واعلم أن الإعتاق على عوض وبيع العبد نفسه يشاركان الكتابة في أن كل واحد منها يتضمن إعتاقا بعوض ويفارقانها في الشروط والأحكام وهما عقدان مستقلان
الركن الثاني العوض وشروطه ثلاثة الأول كونه دينا مؤجلا إذ لا قدرة له في الحال فلو ملك بعض شخص باقيه حر وكاتبه في ملكه بدين حال لم يصح على الأصح
وقيل يصح لأنه يملك ببعضه الحر فلا يتحقق عجزه ولهذا يصح البيع لمعسر لأن الحرية

مظنة الملك وإن لم يملك شيئا آخر
فلو زاد الثمن على قيمة المبيع فالصحيح الصحة وبه قطع الجمهور لأنه قد يجد من يشتريه بقدر الثمن فيؤدي ذلك
وحكى الشيخ أبو محمد وجها أنه لا يصح البيع والحالة هذه
ولو أسلم إلى مكاتبه عقب الكتابة ففي صحته وجهان حكاهما القاضي حسين
الثاني أن ينجم نجمين فصاعدا
ومن بعضه رقيق هل يشترط في كتابة الرقيق منه التنجيم وجهان كالتأجيل وهل تجوز الكتابة على مال كثير إلى نجمين قصيرين أو إلى طويل وقصير بشرط أداء الأكثر في القصير وجهان
أصحهما نعم لإمكان القدرة كما لو أسلم الى معسر في مال كثير
والثاني لا لأن النادر كالمعجوز عنه كما في السلم ويجوز جعل العوض منفعة كبناء دار وخياطة وخدمة شهر كما يجوز جعل المنفعة ثمنا وأجرة ومهرا ولا يجوز أن يكتفى بخدمة شهر أو شهرين أو سنة ويقدر كل عشرة أيام نجما أو كل شهر لأن الجميع نجم واحد والمطالبة به ثابتة في الحال
فلو شرط صريحا كون خدمة شهر نجما وخدمة الشهر بعده نجما آخر لم يصح على الأصح المنصوص في الأم لأن منفعة الشهر الثاني متعينة والمنافع المتعلقة بالأعيان لا يجوز شرط تأخيرها
ولو انقطع ابتداء المدة الثانية عن آخر الأولى كخدمة رجب ورمضان لم يصح بلا خلاف
ثم يشترط أن تتصل الخدمة وغيرها من المنافع المتعلقة بالأعيان بعقد الكتابة ولا تتأخر عنها كما

أن عين المبيع لا يقبل التأجيل وتأخير التسليم
فلو كاتبه في رمضان على خدمة شوال لم يصح ولو كاتبه على دينار يؤديه في آخر هذا الشهر وعلى خدمة الشهر الذي بعده لم يصح
وأما المنافع الملتزمة في الذمة كخياطة ثوب معين وبناء جدار موصوف ودار موصوفة فيجوز فيها التأجيل
ولو كاتبه على بناء دارين وجعل لكل واحدة منهما وقتا معلوما صح
ولو قال كاتبتك على خدمة شهر من الآن وعلى دينار بعد انقضائه بيوم أو شهر جاز
ولو قال وعلى دينار عند انقضائه فوجهان
وقيل قولان الأصح المنصوص الجواز قالوا ولا بأس بكون المنفعة حالة لأن التأجيل يشترط لحصول القدرة وهو قادر على الاشتغال بالخدمة في الحال بخلاف ما لو كاتب على دينارين أحدهما حال والآخر مؤجل وهذا يبين أن الأجل وإن أطلقوا اشتراطه فليس ذلك بشرط في المنفعة التي تقدر على الشروع فيها في الحال
ولو كاتب على خدمة شهر ودينار في أثناء الشهر كقوله ودينار بعد العقد بيوم جاز على الأصح
ولو قال على خدمة شهر من وقت العقد وعلى خياطة ثوب موصوف بعد انقضاء الشهر فهو كقوله ودينار بعد انقضاء الشهر
وذكر البغوي أنه يشترط بيان العمل في الخدمة قال ابن الصباغ يكفي إطلاق الخدمة لكن لو قال على منفعة شهر لم يصح لاختلاف المنافع
وإذا كاتب على خدمة ودينار فمرض في الشهر وفاتت الخدمة انفسخت الكتابة في قدر الخدمة وأما الباقي فقيل تبطل فيه قطعا لأنها لا تصح في بعض العبد
وقيل هو كمن باع عبدين فتلف أحدهما قبل القبض ففي الباقي طريقان
أحدهما لا تبطل
والثاني قولان


فرع إذا قال لعبده أعتقتك على أن تخدمني أو على أن تخدمني
فقبل العبد عتق في الحال ورجع السيد عليه بقيمته
ولو قال على أن تخدمني شهرا من الآن فقبل عتق وعليه الوفاء فإن تعذر بمرض وغيره ففيما يرجع عليه السيد به من أجرة مثل الخدمة أو قيمة العبد قولان كالصداق وبدل الخلع إذا تلفا قبل القبض
ولو قال كاتبتك على أن تخدمني أبدا لم يعتق
ولو قال على أن تخدمني شهرا فقبل وخدمه شهرا عتق ورجع السيد عليه بقيمته وهو على السيد بأجرة مثل الخدمة لأنها كتابة فاسدة وإن خدمه أقل من شهر لم يعتق
الشرط الثالث بيان قدر العوض والأجل فيشترط بيان قدر العوض وصفته وأقدار الآجال وما يؤدى عند حلول كل نجم
فإن كاتب على نقد كفى الإطلاق إن كان في البلد نقد منفرد أو غالب وإلا فيشترط التبيين
وإن كاتب على عرض وصفه بالصفات المشترطة في المسلم وإن كاتب على ثوب موصوف على أن يؤدي نصفه بعد سنة ونصفه بعد سنة ونصفه الآخر بعد انقضاء سنتين لم يصح لأنه إذا سلم النصف في السنة الأولى تعين النصف الثاني للثانية والمعين لا يجوز شرط الأجل فيه ولا يشترط تساوي الآجال ولا الأقدار المؤداة في آخر الآجال
ولو كاتبه على مائة على أن يؤدي نصفها أو ثلثها عند انقضاء خمس والباقي عند تمام العشر أو على أن يؤدي عند تمام

كل سنة عشرة جاز
ولو قال تؤدي بعضها عند انقضاء نصف المدة والباقي عند تمامها لم يجز
ولو قال تؤديها في عشر سنين لم يجز على الصحيح
وقيل يجوز ويوزع المال على عدد السنين
ولو قال في كل شهر كذا وفي سنة كذا فهل هو مجهول أم يحمل على أول الشهر والسنة وجهان كنظيره في السلم وكذا لو قال في يوم كذا
ولو قال في وسط السنة فهل هو مجهول أم يحمل على نصفها لأنه الوسط الحقيقي وجهان
ولو قال تؤديها إلى عشر سنين لم يجز لأنه كتابة إلى أجل واحد
ولو قال كاتبتك على مائة تؤديها إلى ثلاثة أشهر قسط كل شهر عند انقضائه جوزه ابن سريج ومنعه ابن أبي هريرة وغيره إذا لم يعلم حصة كل شهر
ولو كاتب على دينار إلى شهر ودينارين إلى شهر على أنه إذا أدى الأول عتق ويؤدي الدينارين بعد العتق ففي صحة الكتابة القولان فيما إذا جمعت الصفقة عقدين مختلفين

فرع هل يشترط بيان موضع تسليم النجوم ذكر ابن كج أن فيه
المذكور في السلم وذكر خلافا في أنه لو عين موضع فخرب هل يسلم فيه أم في أقرب المواضع إليه
فرع لو كاتب على مال الغير فسدت الكتابة فإن أذن رب المال
يعطيه لسيده فأعطاه عتق وإن أعطاه بغير إذن المالك لم يعتق بخلاف ما إذا قال إن أديت إلي هذا فأنت حر فإنه إذا أداه عتق

وإن كان مستحقا لأن ذلك محض تعليق وهذه كتابة تقتضي التمليك فإذا وجد إذن المالك وجد ما يقتضي الملك لكن يجب الرد والرجوع إلى القيمة لفساد الكتابة

فرع إذا شرط أن يشتري أحدهما من الآخر فسدت الكتابة

ولو كاتبه وباعه شيئا بعوض واحد كقوله كاتبتك وبعتك هذا الثوب بمائة إلى شهرين تؤدي نصفها في آخر كل شهر فإذا أديت فأنت حر فقال قبلت الكتابة والبيع أو البيع والكتابة أو قبلتهما فطريقان
أحدهما على القولين فيمن جمع بين عقدين مختلفي الحكم ففي قول يصحان وفي قول يبطلان
والثاني وهو المذهب يبطل البيع وفي الكتابة قولا تفريق الصفقة فإن صححناها وهو الأظهر فيصح بجميع العوض في قول وبالقسط على الأظهر فيوزع ما سماه على قيمة العبد وقيمة الثوب فما خص العبد لزمه في النجمين فإذا أداه عتق
وإن قلنا فاسدة لم يعتق حتى يؤدي جميع المال ليحقق الصفة ثم يتراجعان
قال الصيدلاني ويحتمل أن يخرج قول انه إذا أدى ما يخص قيمته عتق ثم يتراجعان
فرع كاتب ثلاثة أعبد صفقة فقال كاتبتكم على ألف إلى وقتي كذا
فإذا أديتم فأنتم أحرار فالنص صحة الكتابة
ولو

اشترى رجل ثلاثة أعبد كل لرجل عبد من ملاكهم صفقة فالنص بطلان البيع
ولو نكح نسوة أو خالعهن على عوض واحد ففي صحة المسمى قولان منصوصان
وقد سبق ذكر هذه الصورة وما فيها من الطرق في كتاب الصداق فإن أفسدنا هذه الكتابة فأدوا المال عتقوا بالتعليق وإن أدى بعضهم حصته فهل يعتق وجهان أو قولان
أصحهما لا لعدم كمال الصفة كما لو قال إن دخلتم الدار فأنتم أحرار فدخل بعضهم لا يعتق
والثاني نعم لأن العتق في الكتابة الفاسدة محمول على المعاوضة ولهذا يتراجعان
ومقتضى المعاوضة أن يعتق كل واحد بأداء حصته ثم من عتق رجع على السيد بقيمته يوم العتق لأن سلطة السيد باقية إلى يوم العتق لتمكنه من فسخ الكتابة الفاسدة وإن صححنا الكتابة وهو المذهب وزع المسمى عليهم
ثم المذهب توزيعه على قيمتهم لا على عددهم ثم كل عبد يؤدي حصته من النجمين فإذا أداها عتق ولا يتوقف عتقه على أداء غيره
وإن مات بعضهم أو عجز فهو رقيق ويعتق غيره بالأداء ولا يقال علق بأدائهم لأن الكتابة الصحيحة يغلب فيها حكم المعاوضة ولهذا إذا أبرأ السيد المكاتب عتق وإذا مات لم تبطل الكتابة بخلاف التعليقات
الركن الثالث السيد وشرطه كونه مختارا مكلفا أهلا للتبرع فلا تصح كتابة صبي ومجنون ولا إعتاقهما على مال ولو أذن فيه الولي
ولا كتابة وليهما أبا كان أو غيره ولا إعتاقه عبدهما

بمال
فلو أدى العبد إلى الولي ما كاتبه عليه لم يعتق لبطلان التعليق ولا تصح كتابة محجور عليه بسفه ولا يحصل العتق بتسليم المال إليه لا في الحجر ولا بعد ارتفاعه
وحكى الفوراني خلافا فيما لو سلم المال إليه في حال الحجر ثم ارتفع حجره أنه هل يعتق بالتسليم السابق والمذهب الأول

فرع المريض إذا كاتب في مرض موته اعتبرت قيمة العبد من الثلث
كاتبه على أكثر منها ثم إن كان يملك عند الموت مثلي قيمته صحت الكتابة وإن لم يملك غيره وأدى في حياة السيد فإن كان كاتبه على مثلي قيمته عتق كله لأنه يبقى للورثة مثلاه وإن كان كاتبه على مثل قيمته عتق ثلثاه
وإن كاتبه على مثل قيمته وأدى نصف النجوم صحت الكتابة في نصفه
أما إذا لم يؤد شيئا حتى مات السيد ولم تجز الورثة ما زاد على الثلث فثلثه مكاتب فإذا أدى حصته من النجوم عتق
وهل يزاد في الكتابة بقدر نصف ما أدى وهو سدس العبد وجهان الأصح المنصوص لا لأن الكتابة بطلت في الثلثين فلا تعود والثاني نعم كما لو ظهر للميت دفين أو نصب شبكة في الحياة فيعقل بها صيد بعد الموت فإنه يزاد في الكتابة
فإن قلنا يزاد وكان الأداء بعد حلول النجم فهل يلزمه حصة السدس من النجوم في الحال أم يضرب له مثل المدة التي

ضربها الميت أولا وجهان بناء على ما إذا حبس السيد المكاتب مده فإذا زيدت الكتابة بقدر السدس فأدى نجومه يزداد نصف السدس وهكذا يزاد نصف ما يؤدي مرة بعد أخرى الى أن ينتهي إلى ما لا يقبل التنصيف
وإن قلنا لا يزاد في الكتابة فالباقي قن ولا يخرج على الخلاف فيما لو كاتب نصيبه من مشترك فإن ذاك ابتداء كتابة وهنا وردت الكتابة على الجميع ثم دعت ضرورة إلى إبطال البعض
وحكى ابن كج عن بعضهم تخريج صحة الكتابة في الثلث على كتابة المشترك
أما إذا أجاز الورثة الكتابة في جميعه فيصح في جميعه فإذا عتق بالأداء فولاء الجميع للمورث إن قلنا إجازتهم تنفيذ وإن قلنا ابتداء عطية فولاء الثلث للمورث والثلثين لهم على قدر مواريثهم
وإن أجازوا بعض الثلثين فإن قلنا إجازتهم تنفيذ صحت فيما أجازوا وحكم الباقي ما سبق
وإن قلنا عطية فهو على الخلاف في تبعيض الكتابة
ولو كان عبدان قيمتهما سواء لا مال له غيرهما وكاتب في مرض موته أحدهما وباع الآخر نسيئة نظر إن حصل الثمن والنجوم في حياته فالكتابة والبيع صحيحان وإن لم يحصل حتى مات السيد ولم تجز الورثة ما زاد على الثلث صحت الكتابة في ثلث هذا والبيع في ثلث ذاك فإذا حصلت نجوم الثلث وثمن الثلث فهل يزاد في الكتابة والبيع فيه الوجهان
إن قلنا نعم يقع فيهما جميعا وصححت الكتابة في نصف سدس وكذا البيع وإن حصلت نجوم الثلث وثمن الثلث معا صحح كل واحد منهما في السدس
ولو كاتبه في الصحة ثم أبرأه عن النجوم في المرض أو

قال وضعت عنه النجوم أو أعتقته فإن خرج من الثلث عتق كله وإن لم يكن له مال سواه فإن اختار العجز عتق ثلثه ورق ثلثاه وإن اختار بقاء الكتابة فإن كانت النجوم مثل القيمة فالأصح أنه يعتق ثلثه وتبقى الكتابة في الثلثين
والثاني لا يعتق ثلثه حتى يسلم للورثة ثلثاه إما بأداء نجوم الثلثين وإما بالعجز
وإن كان بين النجوم والقيمة تفاوت اعتبر خروج الأقل منهما من الثلث
وقد ذكرنا جميع هذا ووجوهه وطرق حسابه في الوصايا
ولو أوصى بإعتاق مكاتبه أو إبرائه أو وضع النجوم عنه نظر أيخرج من الثلث أم لا ويكون الحكم كما لو أعتقه السيد أو أبرأه إلا أنه يحتاج إلى إنشاء عتق وإبراء بعد موت السيد
ولو كاتب في صحته وقبض النجوم في مرض موته أو قبضها وارثه بعد موته صح القبض وكانت الكتابة من رأس المال كما لو باع بمحاباة في الصحة وقبض الثمن في المرض
ولو أقر في المرض أنه قبض النجوم في الصحة أو في المرض قبل إقراره وكان الاعتبار من رأس المال لأنه أقر بما يقدر على إنشائه ولأن الإقرار لغير الوارث يستوي فيه الصحة والمرض

فصل لا يشترط لصحة الكتابة إسلام السيد بل تصح كتابة الكافر كإعتاقه

وفي كتابة المرتد خمسة أقوال منصوصة ومخرجة أظهرها البطلان
والثاني تصح
والثالث موقوف على إسلامه
والرابع يصح قبل الحجر عليه
وإن قلنا يصير محجورا عليه بنفس الردة
والخامس يصح قبل أن يصير عليه حجرا إما بنفس الردة وإما

بحجر القاضي فإذا صححناها ولم نحجر عليه وقلنا لا يصير محجورا عليه بالردة فدفع المكاتب النجوم إليه عتق وكان له الولاء ويملك النجوم لأنا حكمنا ببقاء ملكه على هذا القوم
إن أبطلناها لم يصح الأداء ولا يعتق
وإن قلنا موقوف فالأداء موقوف فإن مات مرتدا بان بطلانها وكان العبد قنا وإن صار محجورا عليه بنفس الردة أو بحجر القاضي فإن أبطلناها فعلى ما ذكرنا إذا لم يكن حجر وإن صححناها أو توقفنا لم يجز دفع النجوم إليه لأن المحجور عليه لا يصح قبضه بل يجب دفعه إلى الحاكم فإن دفعها إلى المرتد لم يعتق ويستردها ويدفعها إلى الحاكم فإن تلفت وتعذر الاسترداد فإن كان معه ما يفي بالنجوم ودفعه إلى الحاكم فذاك وإلا فله تعجيزه
ثم إن مات السيد على الردة بعد ما عجزه فهو رقيق وإن أسلم فهل يكفي التعجيز قولان أو وجهان
أظهرهما وهو نصه في المختصر نعم لأن المنع من التسليم إليه كان لحق المسلمين فإذا أسلم صار الحق له فيعتمد بقبضه فعلى هذا يعتق إن كان دفع إليه كل النجوم
وقيل لا يعتق ولا ينقلب القبض الممنوع منه صحيحا لكن يبقى مكاتبا فيستأنف الأداء ويمهل مدة الردة والصحيح المعروف الأول
ولو كاتب مسلم عبده ثم ارتد السيد لم تبطل الكتابة كما لا يبطل بيعه لكن لا يجوز دفع النجوم إليه إن قلنا زال ملكه وصار محجورا عليه فإن دفعها إليه فعلى ما ذكرناه

فرع يجوز أن يكاتب عبده المرتد كما يجوز بيعه وتدبيره وإعتاقه

إن أدى النجوم في ردته من أكسابه أو تبرع بأدائها غيره عتق ثم جرى عليه حكم المرتدين وإن لم يؤدها وعاد إلى الإسلام بقي مكاتبا وإن لم يسلم قتل وكان ما في يده لسيده
وإن ارتد مكاتب لم تبطل كتابته فإن هلك على الردة كان ما في يده لسيده وارتفعت الكتابة
قال في الأم ولا أجيز كتابة السيد المرتد والعبد المرتد إلا على ما أجيز عليه كتابة المسلمين بخلاف الكافرين الأصليين يتركان على ما يستحلان ما لم يتحاكما إلينا
قال ولو لحق السيد بعد ردته بدار الحرب ووقف الحخكم ماله تتأدى كتابة مكاتبه فإن عجز رده إلى الرق فإن عجزه ثم جاء سيده فالتعجيز ماض ويكون رقيقا له فإن أسلم السيد ففي الاعتداد بما دفعه إليه ما سبق
فرع تصح كتابة الذمي كتابيا كان أو مجوسيا وكتابة المستأمن هذا إذا
أو ترافعا إلينا فإن كان ذلك قبل العوض المسمى فالعتق حاصل ولا رجوع للسيد على العبد وإن كان قبل القبض حكمنا بفسادها وإبطالها فإن وجد القبض بعد ذلك لم يحصل العتق لأنه لا أثر للكتابة الفاسدة بعد الفسخ والإبطال
وإن قبض بعد الإسلام ثم ترافعا حصل العتق لوجود الصفة ويرجع السيد على المكاتب بقيمته ولا يرجع المكاتب على السيد بشىء للخمر والخنزير
ولو كان المسمى له قيمة رجع وإن قبض بعض المسمى في الشرك ثم أسلما أو ترافعا إلينا حكم ببطلان الكتابة فلو

اتفق قبض الباقي بعد الإسلام وقبل إبطالها حصل العتق ورجع السيد عليه بجميع قيمته ولا يوزع على المقبوض والباقي لأن العتق يتعلق بالنجم الأخير وقد وجد في الإسلام
ولو أسلم عبد لذمى أو اشترى مسلما وصححنا شراءه وأمرنا بإزالة الملك عنه فكاتبه صحت الكتابة على الأظهر لأن فيه نظرا للعبد فإن عجز أمر بإزالة الملك
وإن قلنا لا يصح أمر بإزالة الملك في الحال فإن أدى النجوم قبل الإزالة عتق بحكم الكتابة الفاسدة
ولو كاتب ذمي عبده فأسلم المكاتب لم ترتفع الكتابة على المذهب لقوة الدوام

فرع تصح كتابة الحربي لأنه مالك فإن قهره سيده بعد الكتابة ارتفعت
وصار قنا
ولو قهر سيده صار حرا وعاد السيد عبدا له لأن الدار دار قهر وكذا لو قهر حر حرا هناك بخلاف ما لو دخل السيد والمكاتب دار الإسلام بأمان ثم قهر أحدهما الآخر لا يملكه لأن الدار دار حق وإنصاف
ولو خرج المكاتب إلينا مسلما هاربا من سيده ارتفعت الكتابة وصار حرا لأنه قهره على نفسه فزال ملكه عنه
وإن خرج غير مسلم نظر إن خرج بإذنه وأماننا لتجارة وغيرها استمرت الكتابة وإن خرج هاربا بطلت وصار حرا
ثم لا يمكن من الإقامة عندنا إلا بالجزية فإن لم يقبل أو كان ممن

لا يقر بالجزية ألحق بمأمنه وإن جاءنا السيد مسلما لم يتعرض لمكاتبه هناك وإن دخل بأمان مع المكاتب ولم يقهر أحدهما الآخر وأراد العود إلى دار الحرب وكاتبه بعد ما دخلا وأراد العود فلم يوافقه المكاتب لم يكن له أن يحمله قهرا كما لا يسافر المسلم بمكاتبه بل يوكل من يقبض النجوم فإن أراد أن يقيم طولب بالجزية ثم إن عتق المكاتب طولب بالجزية أو رد إلى المأمن وإن عجز نفسه عاد قنا للسيد
قال ابن الصباغ ويبقى الأمان فيه وإن انتقض في نفس سيده بعوده لأن المال ينفرد بالأمان
ولهذا لو بعث الحربي ماله إلى دار الإسلام بأمان ثبت الأمان للمال دون صاحبه ويجيء فيه الخلاف السابق في السيد فيمن رجع وخلف عندنا مالا
ولو مات السيد في دار الإسلام أو بعد العود إلى دار الحرب ففي مال الكتابة قولان
أظهرهما يبقى الأمان فيه فيرسل إلى ورثته لأنه لا خلاف أنهم ورثوه ومن ورث مالا ورثه بحقوقه كالرهن والضمين
والثاني يبطل الأمان فيه ويكون قنا لأنه مال كافر لا أمان له
وإن سبي السيد بعد رجوعه إلى دار الحرب نظر إن من عليه أو فدي أخذ النجوم وهما بما جرى في أمان ما دام في دار الإسلام فإن رجع انتقض الأمان فيه
وفي المال إن تركه عندنا ما سبق وإن استرق زال ملكه
وفي مال الكتابة طريقان
أحدهما قولان كالموت
والثاني لا يبطل قطعا لأنه ينتظر عتقه ومصيره مالكا بخلاف الميت
وأما ولاء هذا المكاتب فإن عتق قبل استرقاق السيد فطريقان أحدهما أن الولاء كالمال فإن جعلناه فيئا فالولاء لأهل الفيء وإن توقفنا فكذلك تتوقف في الولاء
والثاني

وهو المذهب أنه يسقط ولاؤه لأن الولاء لا يورث ولا ينتقل من شخص إلى شخص
وإن استرق السيد قبل عتق المكاتب فإن جعلنا ما في ذمته فيئا فادعى عتق بدفعه إلى المكاتب ففي الولاء وجهان
وإن قلنا موقوف فإن عتق السيد دفع المكاتب المال إليه وكان له الولاء وإن مات رقيقا وصار المال فيئا ففي الولاء الوجهان
ولو قال المكاتب في مدة التوقف انصبوا من يقبض المال لأعتق أجيب إليه وإذا عتق فليكن في الخلاف
وقيل يبنى على أن مكاتب المكاتب إذا عتق تفريعا على صحة كتابته يكون ولاؤه لسيد المكاتب أو يوقف على عتق المكاتب
وفيه قولان
إن قلنا بالأول فالولاء هنا لأهل الفيء وإن قلنا بالثاني فيوقف
قال الروياني الأصح عند الأصحاب أنه يوقف المال والولاء فإن عتق فهما له وإن مات رقيقا فالمال فيء ويسقط الولاء

فرع كاتب مسلم عبدا كافرا في دار الإسلام أو الحرب صح فإن
يمكن من الإقامة بدارنا إلا بجزية فإن كاتب بدار الحرب فأسر لم تبطل كتابته لأنه في أمان سيده
ولو استولى الكفار على مكاتب مسلم لم تبطل كتابته وكذا لم يبطل التدبير والاستيلاد فإذا استنقذ المسلمون مكاتبه فهل يحسب عليه مدة الأسر من أجل مال الكتابة طريقان
أحدهما كما لو حبسه السيد والمذهب القطع بالاحتساب لعدم تقصير السيد
وهل للسيد الفسخ بالتعجيز وهو الأسر إن قلنا يحسب فله ذلك
ثم هل يفسخ بنفسه كما لو

حضر المكاتب أو يرفع الأمر إلى القاضي ليبحث هل له مال وجهان
أظهرهما الأول
فإذا فسخت وخلص وأقام بينة أنه كان له من المال ما يكفي بالكتابة بطل الفسخ وأدى المال وعتق
الركن الرابع المكاتب وشرطه كونه مكلفا مختارا فلا تصح كتابة مجنون ولا صبي وإن كان مميزا ولا مكره
ولو كاتب البالغ لنفسه ولأولاده الصغار لم يصح لهم
وفي صحتها لنفسه قولا تفريق الصفقة
ولو كاتب عبده الصغير أو المجنون وقال في كتابته إذا أديت كذا فأنت حر فوجدت الصفة عتق هكذا قال الأصحاب وفيه احتمال للإمام
ثم قيل يعتق بحكم كتابة فاسدة لأنه لم يرض بعتقه إلا بعوض
فعلى هذا يرجع السيد عليه بقيمته ويرجع هو على السيد بما دفع والصحيح الذي عليه الجمهور أنه يعتق بمجرد الصفة وليس لما جرى حكم الكتابة الفاسدة في التراجع ولا غيره ولا تصح كتابة عبد مرهون لأنه مرصد للبيع ولا مستأجر لأنه مستحق المنفعة وتصح كتابة المعلق عتقه بصفة والمدبر والمستولدة
وفي امستولدة وجه
ولو قبل الكتابة من السيد أجنبي على أن يؤدي عن العبد كذا في نجمين فإذا أداها عتق العبد فهل يصح وجهان
أحدهما نعم كخلع الأجنبي
والثاني لا لمخالفة موضوع الباب فإن صححناها فهل تجوز حالة وجهان
وإن لم نصححها فأدى عتق العبد بالصفة ويرجع المؤدي على السيد بما أدى والسيد عليه بقيمة العبد


قلت الأصح أنها لا تصح والله أعلم

فصل إذا كاتب بعض عبده إن كان باقيه حرا صحت الكتابة لأنها
منه
وفي الباقي قولا تفريق الصفقة وكذا لو كان يعتقد الرق في جميعه فبان بعضه حرا فإن قلنا تفسد لم يعتق حتى يؤدي جميع المسمى لتتحقق الصفة فإذا عتق استرد من السيد ما أدى وللسيد قسط القدر الذي كاتبه من القيمة
وإن قلنا يصح فهل يستحق جميع المسمى أم قسط الرقيق من القيمة قولان كالبيع إذا أجازه في المملوك
أما إذا كاتب بعض عبد وباقيه رقيق فللرقيق حالان
أحدهما أن يكون له أيضا فلا تصح كتابته على المذهب والمنصوص وبه قطع الجمهور
فإن صححنا وكان بينه وبين السيد مهايأة وكسب النجوم في نوبته فأداها عتق القدر الذي كاتبه وسرى إلى الباقي
وإن لم تكن مهايأة فكسبه بينهما فإن كسب ما يفي بقسط السيد والنجوم عتق وإن لم يكسب إلا قدر النجوم ففي العتق خلاف سنذكر نظيره إن شاء الله تعالى
وإن لم نصححها فهي كتابة فاسدة فإن أدى المال قبل أن يفسخها السيد عتق والسراية كما ذكرنا ثم يرجع المكاتب على السيد بما أدى ويرجع السيد عليه بقسط القدر المكاتب من القيمة ولا يرجع بقسط ما سرى العتق إليه لأنه لم يعتق بحكم الكتابة


الحال الثاني أن يكون الباقي لغيره فإذا كاتب أحد الشريكين نصيبه إن كان بإذن الآخر فقولان أظهرهما لا يصح لأن الشريك الآخر يمنعه من التردد والمسافرة ولا يمكن أن يصرف إليه سهم المكاتبين من الزكاة
والثاني يصح كما يصح إعتاق بعضه
وإن كاتبه بغير إذن الآخر لم يصح على المذهب
وقيل بطرد الخلاف
فإن أفسدنا كتابة الشريك فللسيد إبطالها فإن لم يفعل ودفع العبد إلى الذي لم يكاتبه بعض كسبه وإلى الذي كاتب بعضه بحسب الملك حتى أدى مال الكتابة عتق ويقوم نصيب الشريك على الذي كاتب بشرط يساره ويرجع العبد عليه بما دفع ويرجع هو على العبد بقسط القدر الذي كاتبه من القيمة
وإن دفع جميع ما كسبه إلى الذي كاتبه حتى تم قدر النجوم فوجهان ونقلهما الصيدلاني قولين أحدهما يعتق لأن العتق في الكتابة الفاسدة يتعلق بحصول الصفة وقد حصلت
وأصحهما لا يعتق لأن المعاوضة تقتضي إعطاء ما تملكه لينتفع به المدفوع إليه
وأجري الخلاف فيما لو قال إن أعطيتني عبدا فأنت حر فأعطاه عبدا مغصوبا هل يحصل العتق فإن قلنا لا يعتق فللذي لم يكاتب أن يأخذ نصيبه مما أخذه الذي كاتب ثم أن أدى العبد تمام النجوم من حصته من الكسب عتق وإلا فلا
وإن قلنا يعتق فيأخذ نصيبه أيضا
والتراجع بين الذي كاتب والعبد وسراية العتق على ما سبق
وإن صححنا كتابة الشريك فدفع العبد من كسبه إلى الذي كاتبه حصته أو جرت بينه وبين الذي لم يكاتبه مهايأة فدفع ما كسبه في نوبة

نفسه إلى الذي كاتبه حتى تمت النجوم عتق وقوم عليه نصيب الشريك إن كان موسرا وكذا لو أبرأه عن النجوم أو أعتقه
وإن دفع إليه كل كسبه حتى تم قدر النجوم فقيل في حصول العتق وجهان أو قولان كما ذكرنا تفريعا على الفساد والمذهب القطع بالمنع لأن الكتابة إذا صحت غلب فيها حكم العارضات
وفي العارضات تسلم غير المملوك كعدمه وأما الفاسدة فالمغلب فيها حكم الصفة

فرع أذن الشريك في كتابة نصيبه فله أن يرجع عن الإذن فإن
الشريك برجوعه حتى كاتب فعلى الخلاف في تصرف الوكيل بعد العزل وقبل العلم به
ولو كاتب نصيبه بإذن الشريك وجوزناه فأراد الآخر كتابة نصيبه هل يحتاج إلى إذن الأول وجهان
فرع كاتب أحدهما نصيبه وقال للآخر كاتبته بإذنك فأنكر فإن قال مع
ذلك قد أدى المال عتق بإقراره وقوم عليه نصيب الشريك إن كان موسرا
وإن لم يقر بالأداء فالقول قول المنكر بيمينه فإن حلف بطلت الكتابة وإن نكل حلف الذي كاتب فإن نكل حلف العبد
هكذا حكاه ابن كج عن ابن القطان قال وعنده ينبغي أن يكون هذا التداعي بين الشريك والمكاتب فإذا ادعى المكاتب الإذن وأنكر الشريك صدق فإن نكل حلف المكاتب وثبتت الكتابة


فرع إذا كاتب الشريكان العبد معا أو وكلا من كاتبه أو وكل
الآخر فكاتبه صحت الكتابة قطعا إن اتفقت النجوم جنسا وأجلا وعددا وجعلا حصة كل واحد من النجوم بحسب اشتراكهم في العبد أو أطلقا فإنها تقسم كذلك
وإن اختلفت النجوم في الجنس أو قدر الأجل أو العدد أو شرط التساوي في النجوم مع التساوي في الملك أو بالعكس ففي صحة كتابتهما القولان فيما إذا انفرد أحدهما بكتابة نصيبه بإذن الآخر
وقيل تبطل قطعا فلا يشترط استواء ملك الشريكين في الذي تكاتبا فيه
وقيل يشترط وليس بشىء
فرع من بعضه رقيق لا يجوز صرف الزكاة إليه للقدر المكاتب منه
الصحيح أو المشهور وحكي وجه وقول ومال الروياني إلى تفصيل حسن وهو أنه إن لم يكن بينهما مهايأة لا يجوز وإلا فيجوز في اليوم نفسه
فرع إذا كاتباه ثم عجز فعجزه أحدهما وفسخ الكتابة وأراد الآخر إنظاره
وإبقاء الكتابة فالمذهب أنه كابتداء الكتابة فلا يجوز بغير إذن الشريك على المذهب ولا بإذنه على الأظهر
ومنهم من قطع بالجواز بالإذن لأن الدوام أقوى من الابتداء
وهل يكون التوافق على ابتداء الكتابة إذنا في ابقائها وجهان
أحدهما نعم لأنهما

إذا توافقا فقد رضيا بأحكامها
ومن أحكامها جواز الإنظار عن العجز
وأصحهما المنع وجعل الإرقاق ناقصا لما جرى به الإذن
ولو كاتب رجل عبده ومات عن ابنين وعجز المكاتب فأرقه أحدهما وأراد الآخر إنظاره ففيه الطريقان وأولى بالإبقاء لأنها صدرت أولا من واحد فيصير كأنه كاتب بعض عبده

فصل قد ذكرنا الكتابة الصحيحة بأركانها وشروطها

فأما التي لا تصح فتنقسم إلى باطلة وفاسدة
أما الباطلة فهي التي اختل بعض أركانها بأن كان السيد صبيا أو مجنونا أو مكرها على الكتابة أو كان العبد كذلك أو كاتب ولي الصبي والمجنون عبدهما أو لم يجر ذكر عوض أو ذكر ما لا يقصد ولا مالية فيه كالحشرات والدم أو اختلت الصيغة بأن فقد الإيجاب أو القبول أو لم يوافق أحدهما الآخر
وأما الفاسدة فهي التي اختلت صحتها لشرط فاسد في العوض بأن ذكر خمرا أو خنزيرا أو مجهولا أو لم يؤجله أو لم ينجمه أو كاتب بعض العبد
وضبطها الإمام فقال إذا صدرت الكتابة إيجابا وقبولا ممن تصح عبارته وظهر اشتمالها المالية لكنها لم تجمع شرائط الصحة فهي الكتابة الفاسدة وجعل الصيدلاني الكتابة على دم أو ميتة كتابة فاسدة كالكتابة على خمر


إذا عرف هذا فالكتابة الباطلة لاغية إلا أنه إذا صرح بالتعليق وهو ممن يصح تعليقه ثبت حكم التعليق
وأما الفاسدة فإنها تشارك الصحيحة في بعض الأحكام كما سنذكره على الأثر إن شاء الله تعالى بخلاف البيع وغيره من العقود لا يفرق بين فاسدها وصحيحها لأن مقصود الكتابة العتق وهو لا يبطل بالتعليق على فاسد
قال الأصحاب تعليق العتق بالصفة ثلاثة أقسام
أحدها التعليق الخالي عن المعاوضة كقوله إن دخلت الدار أو كلمت فلانا فأنت حر
ومن هذا إن أديت إلي كذا فأنت حر فإن المال ليس مذكورا على سبيل المعاوضة فهذا القسم لازم من الجانبين فليس للسيد ولا للعبد ولا لهما رفعه بالقول ويبطل بموت السيد
وإذا وجدت الصفة في حياة السيد عتق وكسبه قبل وجود الصفة للسيد
ولو أبرأه في صورة التعليق بأداء المال عن المال لم يعتق ولا تراجع بين السيد وبينه
القسم الثاني التعليق في عقد يغلب فيه معنى المعاوضة وهو الكتابة الصحيحة وستأتي أحكامها إن شاء الله تعالى
الثالث التعليق في عقد فيه معنى المعاوضة ويغلب فيه معنى التعليق وهو الكتابة الفاسدة وهي كالصحيحة في أحكام
أحدها أنه إذا أدى العبد المسمى عتق بموجب التعليق ولا يعتق بإبراء السيد ولا بأداء الغير عنه تبرعا لأن الصفة لا تحصل بهما
ولو اعتاض عن المسمى لم يعتق أيضا


الثاني أنه يستقل بالاكتساب فيتردد ويتصرف فيؤدي المسمى ويعتق
وإذا أدى فما فضل من الكسب فهو له لأن الفاسدة كالصحيحة في حصول العتق بالأداء فكذلك في الكسب وولد المكاتب من جارية ككسبه لكن لا يجوز له بيعه لأنه مكاتب عليه فإذا عتق تبعه وعتق عليه
وهل يتبع المكاتبة كتابة فاسدة ولدها طريقان
المذهب نعم كالكسب
والثاني قولان كما سبق في باب التدبير في ولد المعلق عتقها بصفة
الثالث ذكر الإمام والغزالي أنه إذا استقل سقطت نفقته عن السيد وان معاملته كالمكاتب كتابة صحيحة
والذي ذكره البغوي أنه لا تجوز معاملته مع السيد ولا ينفذ تصرفه فيما في يده كما في المعلق عتقه بصفة ولعل هذا أقوى

فرع المكاتب كتابة صحيحة هل له السفر بغير إذن السيد فيه نصان
قولان أظهرهما الجواز لأنه يستعين به على الكسب ولأنه في يد نفسه وعليه دين مؤجل فلم يمنع السفر
وقيل نص الجواز محمول على سفر قصير والمنع على طويل
وقيل الجواز إذا لم يحل النجم والمنع إذا حل فإن جوزناه فهل يجوز للمكاتب كتابة فاسدة وجهان أصحهما لا
فرع تفارق الفاسدة الصحيحة في أمور

أحدها إذا أدى المسمى في الفاسدة وعتق رجع على السيد بما أدى ورجع السيد عليه بقيمته يوم العتق
وفي قول ضعيف يرجع بقيمة يوم العقد فإن هلك المسمى في يد السيد رجع العتيق بثلثه أو قيمته فإن كان الواجب

على السيد من جنس القيمة بأن كان غالب نقد البلد فهو على أقوال التقاص وسنذكرها إن شاء الله تعالى
وإذا حصل التقاص وفضل لأحدهما شىء رجع به وإنما يثبت التراجع إذا كان المسمى مالا فإن كان خمرا أو نحوه لم يرجع العتيق على السيد بشىء ويرجع السيد عليه بالقيمة
الثاني للسيد فسخ الكتابة الفاسدة بخلاف الصحيحة ثم إن شاء فسخ بنفسه وإن شاء رفع الأمر إلى القاضي ليحكم بإبطالها أو يفسخها
قال الروياني وهو كما لو وجد المشتري المبيع معيبا له أن يفسخ بنفسه وله أن يرفع الأمر إلى القاضي ليفسخ ولا يبطلها القاضي بغير طلب السيد
وقال ابن سلمة لا سبيل إلى إبطال الفاسدة بالقول لأن العتق فيها يحصل بالتعليق والتعليق لا يصح إبطاله والصحيح الأول فإذا فسخها أو حكم الحاكم بإبطالها ثم أدى المسمى لم يعتق لأنه إن كان تعليقا فهو في ضمن معاوضته فإذا ارتفعت المعاوضة ارتفع ما تضمنته من التعليق وليشهد السيد على الفسخ فإن أدى المسمى وقال أديته قبل الفسخ وقال السيد بل بعده صدق العبد لأن الأصل عدم الفسخ وعلى السيد البينة
الثالث إذا أعتق المكاتب كتابة فاسدة لا عن جهة الكتابة أو باعه أو وهبه كان فسخا للكتابة
ولو أعتقه عن كفارة أجزأه نص عليه في الأم قال الشيخ أبو علي إذا عتق لا عن جهة الكتابة لا يتبعه الكسب والولد بخلاف الكتابة الصحيحة لأن المكاتب هناك استحق العتق على السيد بعقد لازم واستحق استتباع الولد

والكسب فليس للسيد إبطاله وهناك لا استحقاق على السيد فجعل فاسخا
قال وعرضت هذا على القفال فاستحسنه وأقرني عليه ولم ير غيره
وحكى الإمام وجها أنه لا يجزىء عن الكفارة ولا يتبعه الولد والكسب والصحيح الأول
الرابع تبطل الكتابة الفاسدة بموت السيد ولا يعتق بالأداء إلى الوارث بعد الموت بخلاف الصحيحة فإن قال إن أديت إلى وارثي كذا بعد موتي فأنت حر عتق بالأداء إليه
الخامس لا يجب الإيتاء في الفاسدة
السادس لو كاتب أمة كتابة فاسدة وعجزت عن الأداء فأرقها أو فسخ الكتابة قبل عجزها لم يجب الاستبراء بخلاف الصحيحة
السابع لو عجل النجوم في الكتابة الفاسدة فهل يعتق كالصحيحة أم لا لأن الصفة لم توجد على وجهها 0 وجهان
قلت أصحهما الثاني
والله أعلم الثامن من يلزم السيد فطرة المكاتب كتابة فاسدة
التاسع هل يصرف سهم المكاتبين إلى المكاتب كتابة فاسدة وجهان الأصح المنصوص المنع
العاشر المسافرة ممنوعة في الفاسدة على المذهب جائزة في الصحيحة على المذهب كما سبق وبالله التوفيق


الباب الثاني في أحكام الكتابة الصحيحة
هي خمسة الأول حصول العتق ويتعلق بما يحصل به العتق مسائل
إحداها أنه يحصل بأداء كل النجوم وكذا بالإبراء وفي حصوله بالاستبدال عن النجوم خلاف سنذكره إن شاء الله تعالى
وإذا جوزنا الحوالة بالنجوم أو عليها حصل العتق بنفس الحوالة
ولو أدى بعض النجوم أو أبرأه عن بعضها لم يعتق شىء منه بل يتوقف على الجميع للحديب الحسن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم
ولو كاتب عبيدا صفقة واحدة فقد سبق أن المذهب صحتها وأنه إذا أدى بعضهم حصته عتق وإن لم يؤد الآخرون شيئا
ولو كاتب اثنان عبدهما معا فليسو بينهما في الأداء ولا يعتق نصيب أحدهما بأداء نصيب أحدهما بأداج نصيبه من النجوم كما سيأتي إن شاء الله تعالى
ولو كاتب إنسان عبدا ومات وخلف ابنين فأدى نصيب أحدهما بغير إذن الآخر لم يعتق
وإن أدى بإذنه ففي عتقه خلاف سنذكره إن شاء الله تعالى
الثانية لا تنفسخ الكتابة بجنون السيد ولا العبد ولا بإغمائهما فإن جن السيد فعلى المكاتب تسليم النجوم إلى وليه فإن سلم إليه لم يعتق لأن قبضه فاسد
ولو تلف في يده فلا ضمان لتقصيره بالتسليم إليه ثم إن لم يكن في يد المكاتب شىء آخر يؤديه فللولي تعجيزه
ولو حجر عليه بالسفه فهو كالجنون
فلو أدى المكاتب إليه في حال الحجر وعجزه الولي ثم رفع الحجر عنه استمر التعجيز
وقيل فيه قولان كما سبق في المرتد إذا

أخذ النجوم وعجز الحاكم المكاتب ثم أسلم المرتد والمذهب الأول لأن حجر السفة أقوى
ولهذا لا ينفذ تصرفه قطعا بخلاف المرتد في قول ولأن حجر السفه لحفظ ماله
فلو حسب عليه ما أخذه وأتلفه في حال الحجر لم يحصل حفظ المال وحجر المرتد لحق المسلمين فإذا أسلم لم يبق لهم في ماله حق
وأما إذا جن المكاتب فأدى في جنونه أو أخذه السيد من غير أداء منه فيعتق لأن قبض النجوم مستحق
ولو أخذها المولى من غير إقباض من المكاتب وقع موقعه
هذا المعروف في المذهب
وقال الإمام إن عسر وصول السيد إلى حقه إلا من جهة قبض ما يصادف فله ذلك وإن أمكن مراجعة الولي فلا وجه لاستبداده بالقبض
فلو استبد لم يصح وإذا لم يصح فلو أقبض المجنون لم يكن لإقباضه حكم
وحكى قولا أو وجها أن الكتابة تنفسخ بجنون المكاتب والمذهب الأول
هذا في الكتابة الصحيحة أما الفاسدة فهل تبطل بجنونهما وإغمائهما فيه أوجه أحدهما نعم كالشركة والثاني لا كالبيع بشرط الخيار وأصحها عند الجمهور وهو ظاهر النص تبطل بجنون السيد وإغمائه وبالحجر عليه لا بجنون العبد وإغمائه لأن الحظ في الكتابة للعبد لا للسيد
فإن قلنا لا تبطل فأفاق وأدى المسمى عتق وثبت التراجع
قالوا وكذا لو أخذ السيد في جنونه وقالوا ينصب السيد من يرجع له وينبغي أن لا يعتق بأخذ السيد هنا
وإن قلنا يعتق في الكتابة الصحيحة لأن المغلب هنا التعليق والصفة المعلق عليها بالأداء من العبد فلم يوجد
وإن قلنا يبطل فأدى المسمى لم يعتق على الأصح لأن العتق بالتعليق في الفاسدة يتبعها

فإذا بطلت بطل التعليق كما لو فسخها السيد
والثاني يعتق فعلى هذا قال الإمام الوجه القطع بأن لا تراجع لأن التراجع مقتضى الكتابة الفاسدة وقد زالت وبقي التعليق المحض
وقيل يثبت قال ومساقه أن يتبعه الكسب وهذا ضعيف
الثالثة إذا كاتب الشريكان معا ثم أعتق أحدهما نصيبه عتق
وهل يسري إلى نصيب الشريك إن كان موسرا وجهان أو قولان
الصحيح المشهور يسري
وفي وقت السراية قولان
أحدهما في الحال لئلا تتبعض الحرية
وأظهرهما لا يثبت في الحال لأنه قد انعقد سبب الحرية في النصف الآخر وفي التعجيل ضرر على السيد لفوات الولاء وبالمكاتب بانقطاع الولد والكسب عنه
فإن قلنا تتعجل السراية فهل تنفسخ الكتابة في نصيب الشريك أم يسري العتق مع بقاء الكتابة وجهان
الصحيح وبه قطع الجمهور تنفسخ لأن الإعتاق أقوى من الكتابة فعلى هذا يعتق كله على الشريك للمعتق ويكون له الولاء
والثاني يسري العتق مع بقاء الكتابة لئلا يبطل حق الغير فعلى هذا ولاء النصف الآخر للشريك لا للمعتق حينئذ
وإن قلنا لا تتعجل السراية فأدى نصيب الآخر من النجوم عتق عن الكتابة وكان الولاء بينهما
وإن عجز وعاد إلى الرق ثبتت السراية حينئذ ويكون الولاء كله للمعتق ويجيء الخلاف في أنها ثبتت بنفس العجز أم بأداء القيمة أم يثبت بأداء القيمة حصول التعليق من وقت العجز ويجري هذا الخلاف على قولنا بتعجيل السراية
وإن مات قبل الأداء والعجز فقد مات بعضه رقيقا وبعضه حرا
وهل يورث فيه القولان السابقان في الفرائض
ولو أبرأه أحد الشريكين عن نصيبه من النجوم فهو كما لو أعتقه والقول

في السراية وفي وقتها كما ذكرنا لو أعتق أحدهما نصيبه
ولو قبض أحدهما نصيبه من النجوم برضى صاحبه فهل يعتق نصيبه فيه خلاف سنذكره في الحكم الثاني إن شاء الله تعالى
فإن قلنا يعتق فهو كالإعتاق في السراية ووقتها
قال الإمام ولا نقول إنه مجبر على القبض فلا يسري لأنه مختار في إنشاء الكتابة التي اقتضت إجباره على القبض فهو كما لو قال أحد الشريكين إذا طلعت الشمس فنصيبي حر فإذا طلعت عتق نصيبه وسرى لأنه مختار في التعليق
ولو كاتب عبدا ومات عن ابنين فعتق أحدهما نصيبه وقلنا يعتق نصيبه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى لم يسر لأنه مجبر على القبض وابتداء الكتابة لم يصدر منه

فرع قال العبد لمالكيه وقد كاتباه قد أعطيتكما النجوم وأنكرا صدقا باليمين
بيمينه
وهل يسري العتق فيه خلاف سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى والمذهب المنع والاختلاف في غير النجم الأخير كالاختلاف فيه لأن العتق لا يحصل بغير الأخير
ولو قال المكاتب لأحدهما دفعت إليك جميع النجوم لتأخذ نصيبك وتدفع نصيب الآخر إليه فقال دفعت إلي نصيبي ودفعت نصيب الآخر إليه بنفسك وأنكر الآخر القبض عتق نصيب المقر وصدق في أنه لم يقبض نصيب الآخر بيمينه وصدق الآخر في أنه لم يقبض

نصيبه ولا حاجة إلى اليمين لأن المكاتب لا يدعي عليه شيئا
ثم يتخير المنكر بين أن يأخذ حصته من النجوم من العبد وبين أن يأخذ من المقر نصف ما أخذ لأن كسب المكاتب متعلق حقهما بالشركة ويأخذ الباقي من العبد ولا تقبل شهادة المقر عليه لأنه متهم بدفع المشاركة عنه
وإذا عجز المكاتب عما طالب المنكر به فله تعجيزه وإرقاق نصيبه
ثم عن نصه في الاملاء أنه يقوم ما أرقه على المقر ونقله ابن سلمة وابن خيران إلى الصورة السابقة وجعلوا التقويم عند العجز في الصورتين على قولين وامتنع الجمهور من نقله إلى تلك الصورة وفرقوا بأن العبد هناك يقول أنا حر كامل الحال فلا يستحق التقويم وهنا يعترف بأن نصيب المنكر منه لم يعتق
ولو قال المكاتب لأحدهما دفعت النجوم إليك لتأخذ نصيبك وتدفع نصيب الآخر إليه كما صورنا فقال في الجواب قد فعلت ما أمرت به فأنت عتيق وأنكر الآخر عتق نصيب المقر وصدق المنكر بيمينه فإذا حلف بقي نصيبه مكاتبا وله الخيار بين أخذ حصته من المكاتب وبين أخذه من المقر لإقراره بأخذها ومن أيهما أخذ عتق نصيبه
ثم إن أخذها من المكاتب فله الرجوع على المقر لأنه وإن صدقه في الدفع إلى الشريك فإنه كان ينبغي أن يشهد عليه
وإن أخذها من المقر فلا رجوع له على المكاتب لاعترافه بأنه مظلوم
فإذا اختار الرجوع على المكاتب فلم يأخذ حصته من المقر ولم يدفعها إلى المنكر وعجز نفسه فنصفه حر ونصفه رقيق فيقوم على المقر فيأخذ المنكر منه قيمة النصف ويأخذ أيضا ما أقر بقبضه له فإنه كسب النصف الذي كان ملكه


الرابعة كاتب عبدا ومات عن ابنين فهما قائمان مقامه في أنهما إذا أعتقاه أو أبرآه عن النجوم عتق وكذا لو استوفياها
ولو أعتقه أحدهما أو أعتق نصيبه عتق نصيبه وكذا لو أبرأه أحدهما عن نصيبه من النجوم
وقال المزني لا يعتق نصيبه بالإبراء حتى يبرئه الآخر أو يستوفي منه كما لو كان الأب حيا فأبرأه عن بعض النجوم
وأجاب الأصحاب بأن هناك لم يبرئه عن جميع ماله عليه وهنا أبرأه الابن عن جميع ماله عليه فصار كأحد الشريكين يبرئه عن نصيبه من النجوم وهذا الذي ذكرنا من أنه إذا أعتق الابن نصيبه أو أبرأه عن نصيبه يعتق وهو الذي قطع به الأصحاب
وقال البغوي مقتضى سياق المختصر حصول قولين في عتق نصيبه
أحدهما العتق وأظهرهما المنع بل يوقف فإن أدى نصيب الآخر عتق كله والولاء للأب وإن عجز فإن كان قد أعتق نصيبه عتق الآن نصيبه
ثم إن كان معسرا فله ولاء ما عتق والباقي قن للآخر وإن كان موسرا قوم عليه الباقي وبطلت كتابة الأب وكان ولاء الجميع للابن
وإن كان قد أبرأه عن نصيبه من النجوم لم يعتق منه شىء بالعجز لأن الكتابة تبطل بالعجز والعتق في غير الكتابة لا يحصل بالإبراء والمذهب ما قدمناه عن الأصحاب
فعلى هذا إن كان الذي أعتق نصيبه أو أبرأه معسرا بقيت الكتابة في نصيب الآخر فإن عجز عاد قنا وإن أدى وعتق فولاؤه للأب
وأما ولاء نصيب الأول فالأصح أنه للأب أيضا
وقيل للابن وقيل إن أعتقه فله وإن أبرأه فللأب
وإن كان موسرا فهل يسري العتق إلى نصيب الشريك إذا قلنا بالأصح لأن الكتابة لا تمنع

السراية فيه قولان أحدهما نعم كما لو كاتبه شريكان ثم أعتقه أحدهما وأظهرهما لا لأن الكتابة السابقة تقتضي حصول العتق بها والميت لا يقوم عليه والابن كالنائب عنه فإن قلنا يسري فهل يسري في الحال أو عند العجز قولان كما سبق في الشريكين أظهرهما الثاني فإن قلنا يسري في الحال فحكى الإمام وجهين في انفساخ الكتابة فيما سرى العتق إليه كما حكاهما في صورة الشريكين والذي قطع به الجمهور الانفساخ فيه وإثبات ولائه للمعتق وفي ولاء النصف الأول وجهان أحدهما للمعتق فقط لأن نصيب الآخر بقي رقيقا وأصحهما أنه لهما لأنه عتق بحكم كتابة الأب فيثبت له الولاء وينتقل إليهما بالعصوبة
وإذا قلنا لا تنفسخ الكتابة فيما سرى إليه فولاء الجميع للأب وإن قلنا إن السراية تثبت عند العجز فإن أدى نصيب الآخر عتق كله وولاؤه للأب وإن عجز فطريقان أحدهما تبطل الكتابة ويكون ولاء الجميع له وأصحهما أن ولاء ما سرى العتق إليه وقوم عليه له
وفي ولاء النصف الأول الوجهان
وقد يختص الوجهان بصورة الإعتاق
وفي صورة الإبراء يكون ولاء النصف للأب ينتقل إليهما قطعا أما إذا قلنا لا سراية فنصيب الآخر مكاتب كما كان فإن عتق بأداء أو إعتاق أو إبراء فولاء الجميع للأب
وإن عجز بقي نصيبه رقيقا
وفي ولاء نصيب الأول الوجهان هل هو له أم لهما ولو قبض أحد الابنين نصيبه من النجوم إن كان بغير إذن الآخر فهو فاسد وإن كان بإذنه فقولان كما سنذكره في الشريكين إن شاء الله تعالى
فإن صححنا فقال الإمام لا سراية بلا خلاف لأنه يجبر على القبض
ولا سراية حيث حصل العتق بغير اختيار
وفي التهذيب أن القول في عتق نصيبه وفي السراية كما ذكرنا فيما

إذا أعتق نصيبه أو أبرأ عن نصيبه من النجوم بلا فرق
ولمن قال بهذا أن يمنع كونه مجبرا على القبض ويقول له الإعتاق والإبراء فإن لم يفعلهما فيشبه أن يقال لا يجبر على الانفراد بالقبض وإن جوزناه لأنه لو عجز عن نصيب الثاني قاسم الأول فيما أخذ فله الامتناع من قبض ما عسى الثاني أن يزاحمه فيه

فرع خلف ابنين وعبدا فادعى العبد أن أباهما كاتبه فإن كذباه صدقا
بيمينهما على نفي العلم بكتابة الأب فإن حلفا فذاك وإن نكلا وحلف العبد اليمين المردودة ثبتت الكتابة وإن حلف أحدهما دون الآخر ثبت الرق في نصيب الحالف وترد اليمين في نصيب الناكل فإن أقام بينة اشترط رجلان لأن المقصود الحرية لا المال وإن صدقاه أو قامت بينة فالحكم ما سبق قبل الفرع
وإن صدقه أحدهما وكذبه الآخر فالمكذب يصدق بيمينه
وأما نصيب المصدق فالصحيح ثبوت الكتابة فيه ولا يضر التبعيض فيه للضرورة
ثم أطلقوا القول بقبول شهادة المصدق على المكذب وقال الإمام شهادته هذه تثبت له حقوقا فإن النجوم موروثة فإن شهد بعد الإبراء من النجوم فله غرض في السراية فإن نفينا السراية اتجه القبول وإذا حكمنا بأن نصيب المصدق مكاتب والآخر قن فنصف الكسب له يصرف في جهة النجوم ونصفه للمكذب
وإن اتفقا على مهايأة

ليكسب يوما لنفسه ويوما للمكذب أو يخدمه جاز ولا إجبار عليها على الأصح ولا تقدير في النوبتين في المهايأة
وقال ابن كج يجوز يومين وثلاثة فإن كسبه فوجهان
وإذا أدى النجوم وفضل شىء مما كسب لنفسه فه له
ثم إن أعتق المصدق نصيب نفسه عتق
وفي سرايته طريقان قال الأكثرون قولان كما لو صدقاه إلا أنا إذا قلنا بالسراية ثبت هنا في الحال ولا يجيء القول الآخر لأن صاحبه منكر الكتابة فلا يمكن التوقف إلى العجز وقيل تثبت السراية في الحال قطعا لأن منكر الكتابة يقول هو رقيق لهما فإذا أعتق صاحبه ثبتت السراية فإن قلنا لا سراية فولاء ما عتق هل يكون بينهما أم ينفرد به المصدق وجهان
أصحهما الثاني لأن المنكر أبطل حقه بالإنكار فإن جعلناه بينهما فمات هذا العبد ونصفه رقيق وقلنا إن مثله يورث وقفت حصة المنكر وإن قلنا بالسراية فولاء النصف الذي سرى العتق إليه للمعتق وفي ولاء النصف الآخر الوجهان
ولو أبرأه المصدق عن نصيبه من النجوم فالمذهب أنه لا سراية لأن منكر الكتابة لا يعترف بعتق نريبه ويعتقد الإبراء لغوا قال الإمام ويجيء الخلاف في السراية لأن قول المصدق مقبول في نصيبه فإذا أتى بما يقتضي العتق فالسراية بعده قهرية وإن أدى نصيب المصدق من جلنجوم فلا سراية
وهل يكون ولاء ما عتق لهما أم يختص به المصدق فيه الوجهان
ولو عجزه المصدق عاد قنا ويكون الكسب الذي في يده للمصدق لأن المكذب أخذ حصته
ولو اختلفا في شىء من أكسابه فقال المصدق كسبته بعد الكتابة وقد أخذت نصيبك

فهو لي وقال المكذب بل قبلها وكان للأب فورثنا صدق المصدق لأن الأصل عدم الكسب قبل الكتابة
المسألة الخامسة إذا قبض النجوم فوجدها ناقصة تقدم على هذا أن عوض الكتابة لا يكون إلا دينا كما سبق ويجوز كونه نقدا وعرضا موصوفا وأن من له دين فقبضه فوجده دون المشروط فله رده وطلب ما استحقه ولا يبطل العقد فإن كان المقبوض من غير جنس حقه لم يملكه إلا أن يعتاضه حيث يجوز الاعتياض
وإن اطلع على عيب به نظر هل يرضى به فإن رضي فهل نقول ملكه بالرضى أم نقول ملكه بالقبض وتأكد الملك بالرضى فيه قولان
وإن رده فهل نقول ملكه بالقبض ثم انتقض الملك بالرد أم نقول إذا رد تبين أنه لا يملكه فيه قولان ويبنى على هذا الخلاف مسائل سبقت كلها أو بعضها
منها تصارفا في الذمة وتقابضا وتفرقا فوجد أحدهما بما قبضه عيبا فرده إن قلنا ملك بالقبض صح العقد وإن قلنا تبين أنه لم يملك فالعقد فاسد لأنهما تفرقا قبل قبض
ومنها أسلم في جارية وقبض جارية فوجدها معيبة فردها هل على المسلم إليه استبراؤها يبنى على هذا الخلاف
ومنها قال الإمام الموصوف في الذمة إذا قبضه فوجده معيبا إن قلنا يملكه بالرضى فلا شك أن الرد ليس على الفور والملك موقوف على الرضى وإن قلنا يملك بالقبض فيحتمل أن

يقال الرد على الفور كما في شراء الأعيان والأوجه المنع لأنه ليس بمعقود عليه وإنما يثبت الفور فيما يؤدي رده إلى رفع العقد ابقاء للعقد
إذا ثبت هذا فإن وجد السيد بالنجوم المقبوضة أو بعضها عيبا له الخيار بين أن يرضى به أو يرده ويطالب ببدله سواء العيب اليسير والفاحش فإن كان العيب في النجم الأخير فإن رضي به فالعتق نافذ قطعا ويكون رضاه بالعيب كالإبراء عن بعض الحق
وهل يحصل العتق من وقت القبض أم عند الرضى وجهان أصحهما الأول
وإن أراد الرد والاستبدال فرد وإن قلنا نتبين بالرد أن الملك لم يحصل بالقبض فلا عتق وإن أدى بعد ذلك على الصفة المستحقة حصل العتق حينئذ
وإن قلنا يحصل الملك في المقبوض وبالرد يرتفع فوجهان
أحدهما أن العتق كان حاصلا إلا أنه كان بصفة الجواز فإذا رد العوض ارتد
وأصحهما نتبين أن العتق لم يحصل إذ لو حصل لم يرتفع ولا يثبت العتق هنا بصفة اللزوم باتفاق الأصحاب
ولو تلف عند السيد ما قبضه ثم عرف أنه كان معيبا فقد قدم الإمام عليه أنه لو اتفق ذلك في عين فإن رضي فالذي يدل عليه فحوى كلام الأصحاب أن الرضى كاف ولا حاجة إلى إنشاء إبراء لأن الأرش كالعوض فق الرد والرد يكفي في سقوط الرضى فكذا الأرش
وإن طلبه تقرر ولم يسقط إلا بالإسقاط
وأما النجوم فإن رضي فالحق نافذ ويعود الوجهان في أنه يحصل عند الرضى أم يستند إلى القبض وإن طلب الأرش تبين أن العتق لم يحصل فإذا أدى

الأرش حصل حينئذ وإن عجز فللسيد إرقاقه كما لو عجز ببعض النجوم
ويجيء الوجه الآخر وهو أنه يرتفع العقد بعد حصوله
وفي قدر الأرش وجهان أحدهما ما نقص من قيمة قدر رقبة العبد بحسب نقصان العيب من قيمة النجوم وبهذا قطع السرخسي
والثاني ما نقص من النجوم المقبوضة بسبب العيب
ونقل الروياني ترجيح هذا الوجه وأجري الوجهان في كل عقد ورد على موصوف في الذمة
قال الإمام وأمثل منهما أن يقال يغرم السيد ما قبض ويطالبه بالمسمى بصفاته المشروطة
أما إذا قبض النجوم فوجدها ناقصة الكيل أو الوزن فلا يعتق بلا خلاف سواء بقي المقبوض في يد السيد أم تلف فإن رضي بالناقص فحينئذ يعتق بالإبراء عن الباقي
السادسة إذا خرج بعض النجوم مستحقا تبين أن لا عتق لأن الأداء لم يصح وإن ظهر الاستحقاق بعد موت المكاتب تبين أنه مات رقيقا وأن ما تركه للسيد دون الورثة
ولو قال السيد عند الأخذ اذهب فأنت حر أو قد عتقت ثم بان الاستحقاق فهل يحكم بالحرية مؤاخذة له أم لا لأنه بناه على ظاهر الحال وهو صحة الأداء وجهان أصحهما الثاني وهو المنصوص وهما كالوجهين فيما إذا خرج المبيع مستحقا وكان قد قال في مخاصمة المدعي إنه كان ملكا للبائع فلان إلى أن اشتريته منه أنه هل يرجع بالثمن على بائعه وجزم البغوي بالأصح في المسألتين
ثم قال ولو اختلفا فقال المكاتب أعتقتني بقولك أنت حر وقال السيد أردت أنك حر بما أديت وبان أنه لم يصح الأداء فالقول قول السيد بيمينه وهذا السياق يقتضي أن مطلق قول السيد محمول على أنه حر بما أدى وإن لم يذكر إرادته قال الصيدلاني وقياس تصديق السيد أنه لو

قيل لرجل طلقت امرأتك فقال نعم طلقتها ثم قال إنما قلت ذلك على ظن أن اللفظ الذي جرى طلاق وقد سألت المفتين فقالوا لا يقع به شىء
وقالت المرأة بل أردت إنشاء الطلاق أو الإقرار به أنه يقبل قوله بيمينه وكذا الحكم في مثله في العتق وهكذا قد ذكره غيره ونقله الروياني ولم يعترض عليه لكن قال الإمام هذا عندي غلط لأن الإقرار جرى بصريح الطلاق فقبول قوله في دفعه محال ولو فتح هذا الباب لما استقر إقرار بخلاف إطلاق لفظ الحرية عقيب قبض النجوم فإنه محمول على الإخبار عما يقتضيه القبض ولم توجد الإشارة في الطلاق إلى واقعة وإنما وجد سؤال مطلق وجواب مطلق
وفي كلام الإمام إشعار بأن قوله أنت حر إنما يقبل تنزيله على الحرية بموجب القبض إذا رتبه على القبض وإن في مسألة الطلاق لو وجد قرينة عند الإقرار بأن كانا يتخاصمان في لفظة أطلقها فقال ذلك ثم ذكر التأويل يقبل وأن في الصورتين لو انفصل قوله عن القرائن لم يقبل التأويل
وهذا تفصيل قويم لا بأس بالأخذ به لكن قال في الوسيط لا فرق بين أن يكون قوله أنت حر جوابا عن سؤال حريته أم ابتداء وبين أن يكون متصلا بقبض النجوم أو غير متصل لشمول العذر
ومال لذلك إلى قبول التأويل في الطلاق وغيره
الحكم الثاني في الأداء
وفيما يتعلق به مسائل إحداها يجب على السيد إيتاء المكاتب لقول الله تعالى { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم }

واختار الروياني في الحلية أن الإيتاء مستحب وليس بشىء
والإيتاء أن يحط عن المكاتب شيئا من النجوم أو يبذل شيئا ويأخذ النجوم والحط أفضل وهل هو الأصل والبذل بدل عنه أم بالعكس وجهان
الأصح المنصوص الأول ومحل الإيتاء الكتابة الصحيحة ولا يجب في الفاسدة على الأصح
فإن أوجبنا كفى حط شىء من القيمة التي يجب فيها
ومن أعتق عبده بعوض أو باعه نفسه فلا إيتاء على الصحيح وحكى الشيخ أبو محمد وجها أنه يجب في كل عقد عتاقة على عوض ولا يجب في الإعتاق بغير عوض بلا خلاف
وفي وقت وجوب الإيتاء وجهان
أحدهما بعد العتق كالمتعة ليتبلغ به وأصحهما قبله ليستعين به في الأداء
وعلى هذا فإنما يتعين في النجم الأخير
وأما وقت الجواز فمن أول عقد الكتابة ويجوز أيضا بعد الأداء وحصول العتق لكن يكون قضاء إذا أوجبنا التقديم على العتق
وقيل لا يجوز الإيتاء إلا في النجم الأخير أو بعده وفي قدره وجهان الأصح المنصوص في الأم لا يتقدر بل يكفي أقل ما يتمول والثاني أنه ما يليق بالحال ويستعين به على العتق فيختلف بقلة المال وكثرته فإن لم يتفقا على شىء قدره الحاكم بالاجتهاد ونظر فيه إلى قوة العبد وأكسابه
وقيل يعتبر حال السيد في اليسار والإعسار وقال الاصطخري يحتمل أن يقدر بربع العشر قال الإمام إذا قلنا يقدره الحاكم فقدر شيئا تبين أن له وقعا بالنسبة إلى مال الكتابة كفى وإن تيقنا أنه لا وقع له لا يكفي وإن شككنا فخلاف لتعارض أصل براءة السيد وأصل

بقاء وجوب الإيتاء
أما المستحب فقدر الربع وقيل الثلث وإلا فالسبع
وأما جنسه فالإيتاء بالحط لا يكون إلا من نفس مال الكتابة وأما البدل فإن كان المبذول من غير جنس مال الكتابة كبذل الدراهم عن الدنانير لم يلزم المكاتب قبوله على الصحيح وبه قطع الأكثرون وشذ الغزالي بترجيح اللزوم
فلو رضي به جاز قطعا نص عليه لأن الكتابة من قبيل المعاوضات فلا يسلك بها مسلك العبادات على أن الإمام قال إذا منعنا نقل الزكاة وانحصر المستحقون فقد نقول لهم أن يعتاضوا عروضا عن حقوقهم فلو كان المبذول من غير مال الكتابة لكن من جنسه فهل يلزمه القبول وجهان أحدهما لا لظاهر الآية والصحيح نعم كالزكاة ولأن المقصود الإعانة

فرع لو مات السيد بعد أخذ النجوم وقبل الإيتاء لزم الورثة الإيتاء
فإن كانوا صغارا تولاه وليهم فإن كان مال الكتابة باقيا أخذ الواجب منه ولا يزاحمه أصحاب الديون لأن حقه في عينه أو هو كالمرهون به هكذا قاله القفال ونقله ابن كج عن نصه في المبسوط
وإن لم يكن باقيا فثلاثة أوجه أحدها أن واجب الإيتاء لضعفه يؤخر عن الديون ويحصل في رتبة الوصية
والثاني أنا إذا قلنا بقدر الواجب في الاجتهاد فأقل ما يتمول في رتبة الديون والزيادة في رتبة الوصية لضعفها
والثالث وهو الصحيح أن ما يحكم بوجوبه على الاختلاف يقدم على الوصايا فإن أوصى بزيادة على الواجب فتلك الزيادة من الوصايا


إذا لم يبق من النجوم إلا القدر الواجب في الإيتاء لم يسقط ولم يحصل التقاص لأن للسيد أن يؤتيه من غيره وليس للسيد تعجيزه لأنه له عليه مثله لكن يرفع المكاتب إلى القاضي حتى يرى برأيه ويفصل الأمر بينهما
وإن جعلند الإيتاء أصلا فقال القاضي حسين له تعجيزه بالباقي إذا لم نجده وإذا عجزه سقط الإيتاء وارتفع العقد من أصله
قال الإمام هذا عندي غير صحيح وإنما شرع الإيتاء لئلا يعجز العبد بقدره ولا يفوت العتق
المسألة الثانية إذا عجل المكاتب النجوم قبل المحل فإن لم يكن على السيد ضرر في القبول أجبر عليه وإن كان بأن كان لا يبقى بحاله إلى وقت الحلول كالطعام الرطب أو لزمه له مؤنة كالحيوان وما يحتاج إلى حفظ أو كان في أيام فتنة أو غرة فلا يجبر على القبول
فلو أنشأ العقد في وقت الفتنة والغارة لم يجبر على الأصح لأنها قد تزول عند المحل
ولو أتى بالنجوم في غير بلد العقد فإن كان في النقل مؤنة أو كان الطريق أو ذلك البلد مخوفا لم يجبر على القبول وإلا فيجبر
ولو أتى بالنجم في محله والسيد غائب قبض القاضي عنه وكذا يقبض عنه إذا امتنع وهو حاضر ويعتق المكاتب
ولو أتى بالنجم قبل الحول والسيد غائب قبض عنه أيضا إذا علم أن السيد لا ضرر عليه في أخذه قال الصيدلاني ومثله لو كان للغائب دين على حر فأذن له الحاكم

هل يقبضه للغائب وجهان
أصحهما المنع لأنه ليس للمؤدي غرض إلا سقوط الدين عنه والنظر للغائب أن يبقى المال في ذمة المليء فإنه خير من أن يصير أمانة عند الحاكم

فرع إذا أتى المكاتب بالنجوم فقال السيد هذا حرام أو مغصوب نظر
إن أقام بينة بذلك لم يجبر على قبوله وتسمع منه هذه البينة لأن في إقامتها غرضا ظاهرا وهو الامتناع عن الحرام هكذا أطلقه كثيرون
وقال الصيدلاني إنما تقبل البينة إذا عين له مالكا إما أذا لم يعين فلا تتصور البينة للمجهول ولا معنى لقولهم إنه مغصوب
والصحيح الأول
وإن لم يكن بينة فالقول قول المكاتب بيمينه أنه له لظاهر اليد فإن نكل حلف السيد وكان كإقامة البينة في وجه لا يحتاج السيد إلى بينة والصحيح الأول
ولا تثبت بينة السيد في حق المالك الذي عينه ولا يسقط بحلف المكاتب حقه ثم إذا حلف المكاتب فالمذهب أنه يجبر السيد على قبوله أو إبرائه عن ذلك القدر فإن امتنع منهما أخذ الحاكم تلك النجوم وعتق المكاتب
وقيل في إجباره على الأخذ قولان
ثم إذا أخذه السيد نظر إن عين له مالكا أمر بتسليمه إليه بلا خلاف مؤاخذة له باعترافه وإن لم يقبل قوله على المكاتب
وإن لم يعين مالك بل اقتصر على قوله هو مغصوب أو مسروق أو حرام فوجهان
أحدهما ينتزعه الحاكم ويحفظه ببيت المال إلى أن يظهر مالكه
وأصحهما لا ينتزعه لأنه لم يقر لمعين
ونقل الروياني وغيره على هذا أن يقال امسكه حتى يتبين صاحبه ويمنع من التصرف

فيه فإن كذب نفسه فقال هو للمكاتب كان كما ادعاه قال الإمام فالصحيح أنه يقبل وينفذ تصرفه فيه بحسبه
قال وإن قلنا يزيل الحاكم يده فالظاهر أنه لو كذب نفسه لا يقبل

فرع إذا جاء المكاتب بالنجم عند المحل وعلى شرط السيد أن يبرئه
فالشرط لغو وللسيد أخذه فلا يلزمه أن يبرئه عن الباقي وإن عجل قبل المحل على أن يبرئه عن الباقي فأخذه وأبرأه لم يصح القبض ولا الإبراء
ولو قال أبرأتك عن كذا بشرط أن تعجل لي الباقي وإذا عجلت علي كذا فقد أبرأتك عن الباقي فعجل لم يصح القبض ولا الإبراء وإذا لم يصح لا يحصل العتق وعلى السيد رد المأخوذ
هذا هو المذهب وأشار المزني إلى ترديد قول في صحة القبض والإبراء ولم يسلم له جمهور الأصحاب اختلاف القول وحملوا التجويز على ما إذا لم يجر شرط فابتدأ بذلك
ولو أنشأ رضى جديدا بقبضه عما عليه حكم بصحته كما لو أذن للمشتري في قبض ما في يده عن جهة الشراء أو للمرتهن في قبضه عن جهة الرهن
ولو أخذ السيد ما عجله المكاتب وأبرأه عن الباقي بلا شرط أو عجز المكاتب نفسه فأخذ السيد ما معه وأبرأه عن الباقي أو أعتقه جاز
ولو أراد السيد والمكاتب حيلة يعتق بها بما عجل ويكون بجهة الكتابة فقال الأصحاب طريقه أن يقول إذا عجزت نفسك وأديت كذا فأنت حر فإذا وجدت الصفات عتق عن جهة الكتابة لأنها لا ترتفع بمجرد تعجيز نفسه وإنما ترتفع إذا فسخها بعد التعجيز وإذا عتق عن الكتابة كانت الأكساب له

فيتراجعان فيرجع المكاتب على السيد بما أخذه والسيد عليه بقيمته لأنه أعتقه على عوضين التعجيز والمال المذكور والتعجيز لا يصلح عوضا فكأنه أعتقه بعوض فاسد
قال صاحبالشامل ولو لم يعلق هكذا ولكن قال إن أعطيتني كذا فأنت حر فأعطاه عتق ولكنه عوض فاسد لأن المكاتب لا تصح المعاوضة عليه فيعتق بالصفة وعليه تمام قيمته
ولو عجل المكاتب النجم على أن يعتقه ويبرئه عن الباقي ففعل السيد ذلك عتق المكاتب ورجع عليه بقيمته ويرجع المكاتب على السيد بما دفع لأنه أعتقه بعوض فاسد حكاه القاضي عن النص
المسألة الثالثة في تعذر تحصيل النجوم عند حلولها وله أسباب الأول الإفلاس فإذا حل نجم على المكاتب وهو عاجز عن أدائه أو عن بعضه فللسيد فسخ الكتابة وله أن يفسخ بنفسه لأنه فسخ مجمع عليه كفسخ النكاح بالعتق وإن شاء رفع إلى الحاكم ليفسخ
وفي تعليق الشيخ أبي حامد لأنه إذا ثبت عجزه بإقراره أو بالبينة فللسيد فسخ الكتابة
وينبغي أن لا يشترط إقراره بالعجز ولا قيام البينة عليه لأنا سنذكر إن شاء الله أنه لو امتنع من الأداء ثبت حق الفسخ
وإذا لم يؤد فهو ممتنع إذا لم يكن عاجزا
وإذا رفع إلى القاضي فلا بد من ثبوت الكتابة وحلول النجم عنده
ومتى فسخت سلم للسيد ما أخذه لأنه كسب عبده لكن ما أخذه من الزكاة يسترد ويؤديه
وهذا قد سبق في الزكاة وليس هذا الفسخ على الفور بل له تأخيره ما شاء كفسخ الإعسار
وإذا استنظره المكاتب استحب أن ينظره ثم لا يلزمه الإمهال بل له

الرجوع إلى الفسخ متى بدا له
وإذا طالبه بالمال فلا بد من الإمهال بقدر ما يخرجه من الصندوق والدكان والمخزن ويزن فإن كان ماله غائبا فقد أطلق الإمام والغزالي أن السيد الفسخ وليحمل على تفصيل ذكره ابن الصباغ والبغوي وغيرهما وهو أنه إن كان على مسافة القصر لم يلزمه التأخير إلى استيفائه كما لو كانت له وديعة وإن كان مؤجلا أو على معسر فلا
وإن كان الدين على السيد وهو من جنس النجوم ففيه الخلاف في التقاص وإن كان من غير جنسه أداه ليصرفه المكاتب في النجوم
ولو حل النجم وهو نقد وللمكاتب عروض فإن أمكن بيعها أمكن بيعها على الفور بيعت ولا فسخ وإن احتاج البيع إلى مدة لكساد وغيره فمقتضى كلام الصيدلاني أن لا فسخ
ورأى الإمام الفسخ كغيبة المال وهذا أصح وضبط البغوي التأخير للبيع بثلاثة أيام
وقال لا يلزم أكثر منها
السبب الثاني غيبة المكاتب فإذا حل النجم والمكاتب غائب أو غاب بعد حلوله بغير إذن السيد فللسيد الفسخ إن شاء بنفسه وإن شاء بالحاكم وقيل لا يفسخ بنفسه والصحيح الأول فلا يلزمه تأخير الفسخ لكون الطريق مخوفا أو المكاتب مريضا
وإذا فسخ بنفسه فليشهد عليه لئلا يكذبه المكاتب وإن رفع إلى الحاكم فلا بد أن يثبت عنده حلول النجم وتعذر التحصيل ويحلفه الحاكم مع ذلك لأنه قضاء على الغائب
قال الصيدلاني يحلفه أنه ما قبض النجوم منه ولا من وكيله ولا أبرأه ولا أحال به ولا يعلم له مال حاضر
وذكر الحوالة مبني على جواز الحوالة بالنجوم
ولو كان مال المكاتب حاضرا لم يؤد الحاكم النجوم منه ويمكن السيد من الفسخ

لأنه ربما عجز نفسه لو كان حاضرا ولم يؤد المال
ولو نظر المكاتب بعد حلول النجم وأذن له في السفر ثم بدا له في الانظار لم يكن له الفسخ في الحال لأن المكاتب غيرمقصر هنا ولكن يرفع السيد الأمر إلى الحاكم ويقيم البينة على الحلول والغيبة ويحلف مع ذلك ويذكر أنه رجع عن الإنظار فيكتب الحاكم إلى حاكم بلد المكاتب ليعرفه الحال فإن أظهر العجز كتب به إلى حاكم بلد السيد ليفسخ إن شاء وإن قال أؤدي الواجب فإن كان للسيد هناك وكيل سلم إليه فإن أبى ثبت حق الفسخ للسيد وللوكيل أيضا إن كان وكيلا فيه
وحكى ابن كج قولا آخر أنه لا فسخ بالامتناع عن التسليم إلى الوكيل لاحتمال العزل
وإن لم يكن هناك وكيل أمره الحاكم بإيصاله إليه إما بنفسه وإما بغيره ويلزمه ذلك في أول رفقة تخرج أو في الحال إن كان لا يحتاج إلى رفقة في ذلك الطريق وعلى السيد الصبر إلى أن تمضي مدة إمكان الوصول فإن مضت ولم يوصله مقصرا فللسيد الفسخ
قال ابن كج ولو لم يكن في بلد السيد حاكم فكتب السيد إلى العبد وأعلمه بالحال وأمره بالتسليم إلى رجل فامتنع فعندي أنه كما لو امتنع بعد كتاب القاضي إذا وقع له العلم به
وحكى ابن القطان فيه وجهين
قال وحكى وجهين فيما لو سلم المكاتب إلى وكيل السيد وبان أن السيد عزله هل يبرأ المكاتب قال قال وعندي أن الوجهين مخصوصان بما إذا قال الحاكم فلان وكيله ولم يأذن بالتسليم إليه فإن أمره بالتسليم إليه برىء بلا خلاف
السبب الثالث الامتناع فإذا امتنع المكاتب من أداء النجوم

مع القدرة لم يجب عليه لأن الحط له فلا يجبر عليه ولأن الكتابة جائزة من جهة المكاتب ولأنها تتضمن التعليق بالصفة والعبد لا يجبر على الصفة فإذا عجز نفسه فالسيد بالخيار إن شاء فسخ وإن شاء صبر وإن أراد الفسخ فسخ بنفسه ولا يحتاج إلى القاضي
وهل للمكاتب الفسخ وجهان أحدهما لا إذ لا ضرر عليه في بقائها وأصحهما نعم كالمرتهن يفسخ الرهن قال الإمام وتجويز الامتناع من الأداء مع أنه لا يملك الفسخ بعيد
الرابع قد سبق أن الكتابة لا تنفسخ بجنون العبد فإن أراد السيد الفسخ اشترط أن يأتي الحاكم فيثبت عنده الكتابة وحلول النجم ويطالب به ويحلفه الحاكم على بقاء الاستحقاق ثم يبحث فإن وجد للمكاتب مالا أداه عن الواجب عليه ليعتق لأن المجنون ليس من أهل الضرر لنفسه فناب عنه الحاكم بخلاف الغائب الذي له مال حاضر
ثم إن الجمهور أطلقوا أن الحاكم يؤدي عنه
وقال الغزالي يؤدي إن رأى له مصلحة في الحرية وإن رأى أنه يضيع إذا عتق لم يؤد وهذا حسن ولكنه قليل النفع مع قولنا إن للسيد إذا وجد مالا الاستقلال بأخذه إلا أن يقال يمنعه الحاكم من الأخذ والحالة هذه
وإن لم يجد الحاكم له مالا مكن السيد من الفسخ فإذا فسخ عاد المكاتب قنا له وعليه نفقته فإن أفاق وظهر له مال كان حصله قبل الفسخ دفعه إلى السيد وحكم بعتقه وبعض التعجيز
هكذا أطلقوه
وأحسن الإمام فقال إن ظهر المال في يد السيد رد التعجيز وإلا فهو ماض لأنه فسخ حين تعذر الوصول إلى حقه فأشبه ما لو كان ماله غائبا فحضر بعد الفسخ
وإذا حكمنا ببطلان التعجيز وكان السيد جاهلا بحال المال فعلى المكاتب رد ما أنفق السيد عليه
وإن وجد السيد للمكاتب في جنونه

مالا فقد سبق أن الاستقلال بأخذه وحكينا عن الإمام فيه تفصيلا
الخامس إذا مات المكاتب قبل تمام الأداء انفسخت الكتابة ومات رقيقا فلا يورث وتكون أكسابه لسيده وتجهيزه عليه سواء خلف وفاء بالنجوم أم لا وسواء كان الباقي قليلا أم كثيرا وسواء كان حط عنه شيئا أم لا لأن الإيتاء غير معلوم فلا يسقط به معلوما
نص في الأم على أنه لو أحضر المكاتب المال ليدفعه إلى السيد أو دفع المال إلى رسوله ليوصله إليه فمات قبل قبضه مات رقيقا أيضا وأنه لو وكل المكاتب رجلا في دفع النجم الأخير إلى السيد ومات المكاتب فقال أولاده الأحرار دفع الوكيل قبل موته فمات حرا وكذبه السيد فهو المصدق فإن أقاموا بينة على الدفع يوم الخميس وكان قد مات يوم الخميس لم ينفعهم إلا أن يقول الشهود دفع قبل موته أو يقولوا دفع قبل طلوع الشمس ويكون السيد معترفا بأن مات بعد الطلوع
وأنه لو شهد وكيل المكاتب بقبض السيد قبل موت المكاتب لم تقبل شهادته ولو شهد به وكيل السيد قبلت لعدم التهمة
فروع تتعلق بالفسخ والانفساخ فيحصل الفسخ بقول السيد فسخت الكتابة ونقضتها ورفعتها وأبطلتها وعجزت المكاتب
ولو لم يطالبه السيد بعد حلول النجم مدة ثم أحضر المكاتب المال لم يكن للسيد الامتناع من قبضه ونص في الأم أنه لو قال بعد التعجيز قررتك على الكتابة لم يصر مكاتبا حتى يجدد كتابة وقد سبق في القراض ما يقتضي خلافا فيه


قلت ليس هذا كالقراض فإن معظم الاعتماد هنا في العتق على التعليق وهذا اللفظ لا يصلح له
والله أعلم
ولو تطوع رجل بأداء مال الكتابة فهل يجبر السيد على القبول أم له الفسخ وجهان أصحهما له الفسخ وبه قطع الإمام
وإذا قبل ففي وقوعه عن المكاتب إذا كانبإذنه وجهان القياس الوقوع
وإذا مات المكاتب رقيقا أو فسخ السيد الكتابة لعجزه رق كل من يكاتب عليه والد وولد وصاروا جميعا للسيد وجميع ما في يده من المال للسيد إن لم يكن عليه دين فإن كان فسنذكره إن شاء الله تعالى

فرع إذا قهر السيد المكاتب واستعمله مدة لزمه أجرة مثله

ثم إذا جاء المحل هل يلزمه إمهاله مثل تلك المدة أم له تعجيزه والفسخ قولان
أظهرهما الثاني لأنه أخذ بدل منافعه
ولو حبسه عن السيد فالمذهب فالمذهب أنه لا إمهال وأجراه العراقيون على القولين
وقد ذكرنا المسألة فيما لو أسر الكفار مكاتبا مدة ثم استنقذناه
المسألة الرابعة فيما إذا انضم إلى النجوم ديون على المكاتب لسيده أو لغيره أو له ولغيره
وفيها صور
الأولى كان للسيد مع النجوم دين معاوضة أو أرش جناية فإن تراضيا بتقديم الدين فذاك وإن تراضينا بتقديم النجوم عتق
ثم المذهب أن الدين الآخر لا يسقط فللسيد مطالبته به
ولو كان ما في يده وافيا بالنجوم دون الدين فإذا أداه عن النجوم بإذن السيد فالحكم ما ذكرناه وللسيد

منعه من تقديم النجوم فيأخذ ما معه عن الدين ثم يعجزه
وهل له تعجيزه قبل أخذه وجهان أصحهما نعم
ولو دفع المكاتب ما في يده إلى السيد ولم يتعرضا للجهة ثم قال المكاتب قصدت النجوم وأنكر السيد أو قال أصدقه ولكن قصدت أنا الدين لا النجوم فقال القفال يصدق المكاتب
وقال الصيدلاني يصدق السيد لأن الاختيار هنا إليه بخلاف سائر الديون
قلت قول القفال أصح والله أعلم
الثانية والثالثة إذا اجتمع عليه نجوم وديون للسيد أو لغيره أو له ولغيره فهو كالحر في الحجر عليه بالفلس وقسم ماله بين أصحاب الديون
وهل تحل بالحجر الديون المؤجلة طريقان
أصحهما قولان كالمفلس
والثاني تؤل قطعا لأن للرق أثرا في إبطال الأجل ولهذا نص الشافعي رحمه الله أن الحربي إذا استرق وعليه دين مؤجل حل قلنا يحل قسم المال على الجميع وإلا فعلى الحال ولا يحجر عليه بالتماس السيد للنجوم لأنها غير مستقرة والمكاتب متمكن من إسقاطها
إذا ثبت هذا فإن كان ما في يد المكاتب وافيا بالديون قضيت وإلا فإن لم يحجر عليه فله تقديم ما شاء من الديون وله تعجيل الديون قبل المحل ولا يجوز تعجيل الديون المؤجلة بغير إذن سيده
وفي جوازه بإذنه الخلاف في تبرعاته بإذنه
وفي معناه ما إذا عجل الديون للسيد ومنهم من طرد الخلاف في تعجيل النجوم ذكره الروياني
وإذا قدم النجوم عتق وبقي دين الأجانب عليه ولا

يجيء فيه الخلاف في إعتاق الجاني لأن العتق يحصل بالصفة السابقة على الجناية فهو كما لو علق عتق عبده بصفة ثم جنى فإن الجناية لا تمنع وقوع العتق بالتعليق السابق بلا خلاف والأولى أن يقدم دين المعاملة فإن فضل شىء جعله في الأرش فإن فضل شىء صرفه في النجوم
وسيظهر وجه هذا الترتيب إن شاء الله تعالى
وإن حجر عليه تولى قسمة ما في يده
وفي كيفية القسمة وجهان ويقال قولان أحدهما يقسم على قدر الديون وأصحهما يقدم دين المعاملة لأنه يتعلق بما في يده خاصة وللأرش متعلق آخر وهو الرقبة وكذا حق السيد بتقدير العجز يعود إلى الرقبة ويسوى بين النقد والعرض ثم يقدم أرش الجناية على النجوم لأن الأرش مستقر والنجوم معرضة للسقوط
وقال القاضي أبو الطيب لا خلاف أن هذا الثاني مذهب الشافعي رحمه الله وإنما الأول إذا رضوا بالتسوية فإن عجز المكاتب نفسه سقطت النجوم
وفي دين المعاملة للسيد وجهان أصحهما يسقط أيضا ويصرف ما في يده إلى ديون الأجانب من معاملة وأرش فإن لم يف بالنوعين فهل تقدم المعاملة أم الأرش أم يسوى بينهما أوجه أصحها عند الشيخ أبي محمد والغزالي ونحوهما الثالث
ثم ما تبقى من دين المعاملة يتبع به بعد العتق وما تبقى من الأرش يتعلق بالرقبة يباع فيه
ولوو مات المكاتب قبل قسمة ما في يده انفسخت الكتابة وسقطت النجوم
قال ابن سريج وابن الصباغ تسقط الأروش أيضا لأنها تتعلق بالرقبة وقد فاتت وبما في يده بحكم الكتابة وقد بطلت فعلى هذا يتعين صرف ما خلفه إلى المعاملة
وقال الصيدلاني والإمام والبغوي

تبقى الأروش وتعلقها بالمال فعلى هذا إن سوينا في صورة التعجيز فهنا أولى وإن قدمنا الأرش فكذا هنا وإن قدمنا المعاملة فهل تقدم هنا أيضا أم يسوى وجهان أصحهما التسوية لأنهما متعلقان بما خلفه

فرع إذا لم يكن في يد المكاتب مال أو قسم الموجود إما
جميعا بالسوية وإما على التقديم والترتيب وبقيت النجوم أو بعضها فللسيد تعجيزه ورده رقيقا
وإن بقيت الأروش أو بعضها فمستحق الأرش الباقي لعجزه لتباع رقبته في حقه ولا يعجزه بنفسه لأنه لم يعقده لكن يرفع الأمر إلى الحاكم ليعجزه صرح الأصحاب بهذا
وقال الإمام ظاهر كلامهم أنه يعجزه بنفسه لأنه لم يعقده لكن يرفع الأمر إلى الحاكم ليعجزه بنفسه والوجه الرفع إلى القاضي
فلو أراد السيد أن يفديه ويبقي الكتابة فهل يمتنع على مستحق الأرش التعجيز ويلزمه قبول الفداء وجهان أرجحهما عند الإمام والغزالي لا وأصحهما نعم وبهذا قطع الجمهور
وأما صاحب دين المعاملة فليس له التعجيز لأن حقه لا يتعلق بالرقبة
ولو أمهله السيد ومستحق الأرش ثم بدا لبعضهم وأراد التعجيز فله ذلك
وإذا تحقق التعجيز سقطت النجوم ويباع في الأرش إلا أن يفديه السيد ودين المعاملة لا يتعلق بالرقبة على الصحيح
فرع ذكرنا أن الأصح تقديم دين الأجنبي على النجوم وهل يضارب السيد
معهم بماله من دين المعاملة وجهان أصحهما نعم وأما ما للسيد

عليه من أرش جناية فقال ابن كج يستوي السيد والأجنبي فيه في دوام الكتابة وأما بعد التعجيز فيباع في أرش الجناية للأجنبي ويسقط ما للسيد لأنه صار ملكه ولا يثبت للسيد على عبده أرش ويجوز أن يجعل فيه خلاف
المسألة الخامسة إذا كان بينهما عبد بالسوية فكاتباه لم يكن للمكاتب أن يفضل أحدهما على الآخر في المدفوع
فلو دفع إلى أحدهما تمام حصته بغير إذن الآخر لم يعتق منه شىء لأن نصف المأخوذ لشريكه ويجيء فيه وجه ضعيف سبق
وإن دفع إليه تمام النجوم فكذلك على الأصح وللشريك الآخر أخذ حصته مما قبض بلا خلاف
ولو قبض أحدهما جميع النجوم بإذن الآخر عتق العبد قطعا
وإن سلم إلى أحدهما حصته من مال الكتابة بإذن الآخر ورضاه بتقديمه فهل يصح القبض قولان أظهرهما لا لأن حقه في ذمة المكاتب
وما في يده ملكه فلا أثر للإذن فيه ولأنه لو جاء بالمال ليعطيهما فرضي أحدهما بأن يزن للآخر أولا ففعل وأقبضه لم يعتق حتى يزن للآخر
ولو هلك الباقي قبل أن يزن للثاني كان المدفوع بينهما فكذا هنا والثاني نعم لأن الحق لا يعدوهم فإن قلنا لا يصح القبض لم يعتق نصيب القابض وللآذن طلب حصته من المقبوض
ثم إن أدى المكاتب الباقي عتق عليهما وإلا فلهما التعجيز
وإن قلنا يصح القبض اختص القابض بما قبض وعتق نصيبه
ثم إن كان معسرا لم يعتق عليه

نصيب الآخر ولكن إن كان في يد المكاتب ما يفي بنصيب الآخر وأداه عتق أيضا وإلا فله التعجيز
وإن كان موسرا قوم عليه نصيب الشريك
وهل يقوم في الحال أم عند التعجيز عن نصيب الآخر فيه القولان السابقان فيما إذا عتق أحدهما نصيبه فإن قلنا يقوم في الحال فجميع ما في يد المكاتب يكون للشريك الآذن وما كسبه بعد ذلك يكون بين المكاتب والشريك الآذن لأنه كسب بنصفيه الحر والمكاتب
وإن مات قبل الأداء والتعجيز فعلى ما سبق هناك
هذه طريقة جماهير الأصحاب
وقال الإمام إن كان في يده وفاء بنصيب الشريك الآذن فالذي رأيته للأصحاب القطع بأنه لا سراية
وقال الغزالي ولا نقول بعتق نصيبه بل يؤدي نصيب الآذن فإذا أدى عتق عليهما وإن عجز عن أداء نصيب الآذن فعن ابن سريج لا يشارك القابض فيما قبض لأنه لما قدمه رضي ببقاء حقه في ذمة المكاتب فعلى هذا يعتق نصيب القابض
وفي السراية ما ذكره الجماهير
وعن غيره أن الآذن يشاركه لأن ما قبضه كسب عبدهما وإنما تبرع الآذن بالتقديم لا بالتمليك ولا يخلص له المقبوض
فعلى هذا لهما تعجيزه وإرقاقه

فرع قد سبق أنهما إذا كاتبا المشترك فادعى أنه أوفاهما فصدقه أحدهما
وكذبه الآخر صدق المكذب بيمينه فإذا حلف بقيت الكتابة في نصيبه وهو بالخيار بين أن يشارك المصدق فيما أقر بقبضه فيأخذ نصفه ويطالب العبد بالباقي وبين أن يطالب المكاتب بتمام

نصيبه لأن كسبه متعلق حقهما بالشركة
وقيل إذا جوزنا انفراد أحدهما بكتابة نصيبه لم يشارك المصدق بل يطالب المكاتب بجميع حقه
وإنكاره قبض الشريك لا يمنعه الرجوع عليه لأنه أقر بالقبض وربما قبض وهو لا يعلم
ثم إذا أخذ المكاتب حصته منهما أو من العبد لاعترافه بأنه مظلوم ولا يرجع العبد أيضا على المصدق بما العبد وحده عتق باقيه ولا يرجع المصدق إن أخذ منهما بشىء على يأخذ منه ولا تقبل شهادة المصدق على المكذب لأنه متهم
السادسة إذا كاتب عبيدا وشرط أن يتكفل بعضهم بعضا بالنجوم فسدت الكتابة لأنه شرط فاسد لأن ضمان النجوم باطل
ولو ضمن بعضهم بعضا بلا شرط لم يصح وفي قول قديم لا تفسد الكتابة بالشرط المذكور لأنه مصلحة العقد والمشهور الأول ولو كاتب عبدا بشرط أن يضمن عنه فلان لم تصح الكتابة أيضا ولو أدى بعض المكاتبين عن بعض بلا شرط ولا ضمان أو كاتب عبدين في عقدين فأدى أحدهما عن الآخر فإن أدى بإذنه رجع عليه وإلا فلا وإن أدى قبل العتق فهو تبرع وتبرعه بغير إذن السيد باطل وبإذنه قولان فإن لم يعلم السيد أنه يؤدي عن غيره بأن ظن أن كسب المؤدى عنه وأنه وكيله فهو تبرع بغير إذن السيد وإن علم الحال فهو كالتصريح بالإذن على الأصح فإن صححنا الأداء لم يرجع المؤدى على السيد ويرجع على المؤدى عنه إن أدى بإذنه ولا يرجع إن أدى بغير إذنه وإذا ثبت له الرجوع عليه فإن كان قد عتق فذاك وإلا فيأخذ مما في يده ويقدم على النجوم لأنه لا بدل له وحق السبد له بدل عند التعذر وهو رقبته وإن لم نصحح الأداء فلا رجوع للمؤدي على المؤدى عنه لكنه يسترد من السيد فلو أدى النجوم وعتق فالنص أنه لا يسترد حينئذ ونص

فيما لو جنى السيد على مكاتبه فعفا عن الأرش وأبطلنا العفو بناء على رد تبرعاته فعتق أن له أخذ الأرش
قال أكثر الأصحاب في الصورتين قولان كزوال المانع من تبرعه لكن وقع العفو والأداء فاسدين فلا ينقلبان صحيحيحن
ولو كاتب رجلان كل واحد منهما عبده ثم أدى أحدهما عن الآخر بغير إذن سيده لم يصح أداءه وبإذنه قولان
وقال القفال إن انضم إذن المؤدى عنه إلى آذن سيده صح بلا خلاف لأنه يكون إقراضا والإقراض بإذن السيد صحيح بلا خلاف فإن لم نصحح أداءاه فله الاسترداد فإن عتق قبل الاسترداد ففيه الخلاف

فرع المكاتبون دفعة واحدة إذا اختلفوا فيما دفعه إلى السيد فقال من
على أقدار القيم فقولان
أظهرهما يصدق من قلت قيمته لثبوت يده على ما ادعاه
والثاني يصدق الآخر لأن الظاهر معه
وقيل ليست على قولين بل إن أدوا بعض المال بحيث لو وزع على رؤوسهم لم يخص أحدهم أكثر من قسطه صدق قليل القيمة وإن أدوا الجميع وادعى قليل القيمة أنه أدى أكثر مما عليه ليكون وديعة عند السيد أو قرضا على كثير القيمة فيصدق كثير القيمة
قال الروياني ويجري الخلاف فيما لو اشترى اثنان شيئا على التفاضل وأديا الثمن واختلفا في أنهما أديا متفاضلا أم متساويا


السابعة في الاختلاف وفي صور إحداهما ادعى عبد على سيده انك كاتبتني فأنكر صدق السيد بيمينه وكذا لو ادعى على وارثه بعده أن مورثك كاتبني صدق الوارث ويحلف على نفي العلم
ولو قال السيد كاتبتك وأنا مجنون أو محجور علي قال العبد بل كنت كاملا فإن عرف للسيد جنون أو حجر صدق وإلا فيصدق العبد
ولو قال السيد كاتبتك فأنكر العبد ففي كتاب ابن كج أنه إن لم يعترف بأداء المال عاد رقيقا ويكون إنكاره تعجيزا منه
وإن قال السيد وأديت المال وعتقت فهو حر بإقراره فإن قال العبد الذي أديت إليك ليس لي بل ودبعة لزيد وادعاه زيد صدق أما إذا اختلفا في أداء المال فالمصدق السيد فإن أراد المكاتب إقامة بينة بالأداء أمهل ثلاثة أيام
وهل هذا الإمهال واجب أم مستحب وجهان
ولا تثبت الكتابة بشاهد وامرأتين ولا بشاهد ويمين
ويشترط في الشهادة التعرض للتنجيم وقدر كل نجم ووقته ويثبت الأداء بشاهد وامرأتين وبشاهد ويمين
وقيل لا يثبت النجم الأخير إلا بعدلين لتضمنه العتق والصحيح الأول
وحكى الروياني في الكافي أنه لو أمهل ثلاثة أيام ليأتي ببينة الأداء فأحضر شاهدا بعد الثلاثة واستنظر ليأتي بالثاني أنظر ثلاثة أخرى
الثانية اختلفا في قدر النجوم أو عددها أو جنسها أو صفتها أو قدر الأجل ولا بينة تحالفا وكيفيته كما سبق في البيع فإذا تحالفا نظر إن لم يحصل العتق باتفاقهما بأن لم يقبض جميع

ما يدعيه أو قبض غير الجنس الذي يدعيه فهل تنفسخ الكتابة أم يفسخها الحاكم إن لم يتراضيا على شىء فيه ما سبق في البيع
وإن حصل العتق باتفاقهما بأن قبض ما يدعيه بتمامه وزعم المكاتب أن الزيادة على القدر الذي اعترف به أودعها عنده استمر نفوذه ويتراجعان فيرجع السيد بقيمة المكاتب ويرجع هو بما أدى وقد يقع في التقاص
ولو قال السيد كاتبتك على نجم فقال بل على نجمين قال البغوي صدق السيد بيمينه لأنه يدعي فساد العقد
قلت ينبغي أن يكون على الخلاف فيما لو اختلف المتبايعان في مفسد للبيع
والله أعلم
فلو أقام العبد بينة بأنه كاتبه في رمضان سنة كذا على ألف وأقام السيد بينة أنه كاتبه في شوال تلك السنة على ألفين فإن اتفقا أن الكتابة متحدة فكل بينة تكذب الأخرى فيتساقطان ويتحالفان
وإن لم يتفقا على الاتحاد فالبينة المتأخرة أولى لأنه ربما كاتب في رمضان ثم ارتفعت تلك الكتابة وأحدث أخرى
الثالثة ولد المكاتب من زوجته المعتقة حر وولاؤه لمواليها فإن عتق المكاتب انجر الولاء إلى مواليه كما سبق في الولاء
فلو مات المكاتب فاختلف مولاه ومولى أم أولاده فقال مولاه عتق بأداء النجوم ثم مات وجر ولاء أولاده إلي وأنكر مواليها فهم المصدقون باليمين وعليه البينة
وهل يكفيه شاهد ويمين أو شاهد

وامرأتان أم يحتاج إلى شاهدين فيه الخلاف في النجم الأخير ويدفع مال المكاتب إلى ورثته الأحرار لإقرار السيد أنه مات حرا
ولو أقر السيد في حياة المكاتب بأنه أدى النجوم عتق وجر إليه ولاء ولده
الرابعة كاتب عبدين في صفقتين أو صفقة وجوزناها ثم أقر أنه استوفى نجوم أحدهما أو أنه أبرأ أحدهما أمر بالبيان فإن قال نسيته أمر بالتذكر ولا يقرع بينهما ما دام حيا وقيل يقرع والصحيح الأول فإن بين أحدهما فصدقه الآخر فذاك وإن كذبه وقال بل استوفيت مني أو أبرأتني فله تحليف السيد فإن حلف بقيت كتابته إلى أداء النجوم وإن نكل حلف المكذب وعتق أيضا
وإن لم يتذكر حلف لهما إذا ادعاه
وإذا حلف فوجهان أحدهما يبقيان على الكتابة ولا يعتق واحد منهما إلا بأداء النجوم والثاني تتحول دعوى المكاتبين فإن حلفا على الأداء أو نكلا بقيا على الكتابة وإن حلف أحدهما ونكل الآخر حكم بعتق الحالف وبقي الآخر مكاتبا
ولو بين أحدهما فقال الآخر تؤتيني بالإقرار الذي اتهمته ولم يقل استوفيت مني أو أبرأتني قال الإمام فالأصح أن دعواه مردودة لأنه لا يدعي حقا ثابتا وإنما يدعي إخبارا قد يصدق فيه وقد يكذب وقد سبق نظير هذا في الدعاوى
ولو مات السيد قبل البيان فهل يقوم الوارث مقامه في البيان قولان
أحدهما لا بل يقرع فمن خرجت قرعته فهو حر وعلى الآخر أداء النجوم وله تحليف الوارث على نفي العلم
وأظهرهما يقوم مقامه ولا قرعة فإذا بين فالحكم كما سبق في بيان المورث إلا أن الوارث يحلف على نفي العلم فإن قال الوارث لا أعلم المؤدي فلكل واحد تحليفه أنه لا يعلمه أدى فإذا حلف لهما

فوجهان أحدهما يستوفي من كل واحد منهما ما عليه كما لو أقر بأن أحد غريميه أوفاه دينه ومات قبل البيان وحلف الوارث لكل واحد منهما فإنه يستوفي الدينين جميعا
وحكى ابن الصباغ توقف العتق على أداء كل واحد منهما جميع ما عليه ثم قال وعندي أنه إن استوفى المالان فقالا نؤدي ما على أحدنا أو اختلفا فقالا نؤدي الأكثر ليعتق كان لهما ذلك لأنهما بأدائه قد أديا جميع ما عليهما
والوجه الثاني وهو الأصح وبه قال القاضي أبو الطيب يقرع بينهما هكذا رتب الجمهور المسألة
وقال الإمام والغزالي لكل واحد من الكاتبين أن يدعي على الوارث توفية النجوم إلى المورث أو إبراءه له وأن يحلفه على نفي العلم فإذا حلف هل يقرع قولان
أظهرهما نعم فمن خرجت له القرعة فهو حر وعلى الآخر أداء النجوم
وإن قلنا لا يقرع قال الإمام الذي يقتضيه القياس التوقف الى الاصطلاح أو البيان أو بينة وينقدح أن يقال للوارث تعجيزهما فإنهما ممتنعان من الأداء وأحدهما مكاتب وحينئذ فأحدهما حر والآخر رقيق فيقرع والمذهب ما قدمناه عن الجمهور
ولو أقر باستيفاء بعض نجوم أحدهما ولم يبين فلا قرعة لأن العتق لا يحصل به بل يوقف الأمر
ولو ادعى أحد المكاتبين على الوارث الأداء أو الإبراء فأنكر حصل بإنكاره الإقرار للآخر قاله الصيدلاني
قلت هذا الذي قاله الصيدلاني فيما إذا قال في إنكاره لست المؤدي
أما إذا قال لا أعلم ونحوه فليس مقرا للآخر بلا شك
والله أعلم


فروع من التهذيب لو قال السيد استوفيت أو قال المكاتب أليس قد أوفيتك فقال بلى ثم قال المكاتب وفيتك الجميع
وقال السيد البعض فالمصدق السيد لأن اللفظ يحتملهما جميعا
ولو وضع عن المكاتب شيئا من النجوم واختلفا فقال السيد وضعت من النجم الأول وقال المكاتب من الأخير أو قال وضعت بعض النجوم فقال المكاتب بل كلها صدق السيد بيمينه
ولو كاتبه على ألف درهم فوضع عنه عشرة دنانير لم يصح فإن قال أردت قيمة عشرة دنانير من الدراهم صح
فلو قال المكاتب أردت المعنى الثاني فأنكر السيد صدق السيد
ولو وضع عنه من الدراهم ما يقابل عشرة دنانير فهو مجهول عندهما ففي صحته وجهان بناء على الخلاف فيما لو أوصى بزيادة على الثلث وأجاز الوارث وهو جاهل بالزيادة ففي وجه لا يصح ويحمل ظلى أقل ما يتيقن
الحكم الثالث تصرفات السيد في المكاتب وما يتعلق به وتصرف المكاتب أما القسم الأول ففيه مسائل إحداها في صحة بيع السيد رقبة المكاتب وهبته قولان الأظهر الجديد بطلانه ومنهم من قطع به فعلى هذا لو أدى النجوم إلى المشتري بعد البيع فهل يعتق فيه الخلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى فيما لو دفع النجوم إلى مشتري النجوم
ولو استخدمه المشتري مدة لزمه أجرة المثل للمكاتب وهل على السيد أن يمهله قدر المدة التي كانت في يد المشتري قولان كما لو استخدمه السيد أو حبسه
وإن قلنا

بالقديم فثلاثة أوجه الصحيح بفاء الكتابة وينتقل إلى المشتري مكاتبا فإذا أدى إليه النجوم عتق وكان الولاء للمشتري
والثاني يعتق بالأداء إلى المشتري ويكون الولاء للبائع ويكون انتقاله بالشراء كانتقاله بالإرث
والثالث ترتفع الكتابة بالبيع فينتقل غير مكاتب وهو ضعيف
ولو قال أجنبي لسيد المكاتب أعتق مكاتبك على كذا أو أعتقه عني على كذا أو مجانا فهو كقوله أعتق مستولدتك وقد سبق في الكفارات ولا يجوز للسيد بيع ما في يد المكاتب ولا إعتاق عبيده ولا تزويج إمائه
الثانية لا يصح بيع السيد نجوم الكتابة التي على المكاتب على المذهب ولا الاستبدال عنها على الصحيح فلو باعها لم يجر للمكاتب تسليمها إلى المشتري ولا للمشتري مطالبته بها ويحصل العتق بدفعها إلى السيد
وهل يحصل بدفعها إلى المشتري قال في المختصر نعم
وفي الأم لا فقال الجمهور قولان
أحدهما نعم لأن للسيد سلطة على القبض فأشبه الوكيل وأظهرهما لا لأنه يقبض لنفسه حتى لو تلف في يده ضمنه بخلاف الوكيل وقال أبو إسحق إن قال عند البيع خذها منه أو قال للمكاتب ادفعها إليه صار وكيلا وعتق بقبضه وإن اقتصر على البيع فلا
ويقال إن أبا إسحق عرض هذا الرق على ابن سريج فلم يعبأ به
وقال هو وإن صرح بالإذن فإنما يأذن بحكم المعاوضة لا بالوكالة
فإن قلنا يعتق فما أخذه المشتري يعطيه للسيد لأنا جعلناه كتوكيله
وإن قلنا لا يعتق فالسيد يطالب المكاتب والمكاتب يسترد من المشتري


الثالثة السيد معه في المعاملة كأجنبي يبايعه ويأخذ ثمنه بالشفعة
فلو ثبت له على سيده دين معاملة ولسيده عليه النجوم أو دين معاملة ففي التقاص الخلاف الآتي في الفرع عقيبه إن شاء الله تعالى
فرع في التقاص
إذا ثبت لشخصين كل واحد منهما على صاحبه دين بجهة واحدة أو جهتين كسلم وقرض أو قرض وثمن نظر هل هما نقدان أم لا وهل هما جنس أم لا فإن كانا جنسا واتفقا في الحلول وسائر الصفات فأربعة أقوال
أظهرها يحصل التقاص بنفس ثبوت الدينيين ولا حاجة إلى الرضى إذ لا فائدة فيه
والثاني لا يحصل التقاص وإن رضيا لأنه بيع دين بدين
والثالث يشترط في التقاص رضاهما
والرابع يكفي رضى أحدهما
وإن اختلف الدينان في الصفات كالصحة والكسر والحلول والتأجيل أو قدر الأجل لم يحصل التقاص لاختلاف الأغراض ولصاحب الحال أن يستوفيه وينتفع به إلى أن يحل ما عليه فإن تراضيا على جعل الحال قصاصا عن المؤجل لم يجز كما في الحوالة
وحكى أبو الفرج الزاز فيهما وجها
ولو كانا مؤجلين لأجل واحد فهل هما كالحالين أم كمؤجلين بأجلين مختلفين وجهان أرجحهما عند الإمام الأول وعند البغوي الثاني
وإن كانا جنسين دراهم ودنانير فلا مقاصة
والطريق أن يأخذ أحدهما ما على الآخر ثم إن شاء جعل المأخوذ عوضا عما عليه فيرده إليه ولا حاجة إلى قبض العوض

الآخر
أما إذا لم يكن الدينان نقدين فإن كانا جنسا فالمذهب أنه لا تقاص وبه قطع جمهور العراقيين وغيرهم
وقيل هو على الأقوال
وقيل إن كانا من ذوات الأمثال فعلى الأقوال وإلا فلا تقاص قطعا وإن كانا جنسين فلا تقاص قطعا وإن تراضيا بل إن كانا عرضين فليقبض كل واحد ما على الآخر فإن قبض أحدهما لم يجز رده عوضا عن المستحق للمردود عليه لأنه بيع عرض قبل القبض إلا أن يكون ذلك العرض مستحقا بقرض أو إتلاف لا بعقد
وإن كان أحدهما عرضا والآخر نقدا فإن قبض مستحق العرض العرض ورده عوضا عن النقد المستحق عليه جاز وإن قبض مستحق النقد النقد ورده عوضا عن العرض المستحق عليه لم يجز إلا أن يكون العرض مستحقا بقرض أو إتلاف
هكذا ذكر ابن الصباغ والروياني وإذا حصل التقاص بين السيد والمكاتب وبرىء المكاتب عن النجوم عتق كما لو أداها
قلت فإذا قلنا لا يتقاصان ولم يبدأ أحدهما بتسليم ما عليه حبس حتى يسلما ذكره صاحب الشامل وغيره
والله أعلم
الرابعة إذا أوصى السيد بالمكاتب صحت الوصية على القديم الذي نصحح بيعه ولا يصح على الجديد
فعلى هذا لو قال إن عجز مكاتبي وعاد إلى الرق فقد أوصيت به لفلان فوجهان أحدهما لا يصح اعتبارا بحال التعليق وكما لو قال إن ملكت عبد فلان فهو حر
والثاني وهو الصحيح وبه قطع الجمهور تصح الوصية كما لو أوصى بثمرة نخلته وحمل جاريته وكما لو قال إن ملكت عبد

فلان فقد أوصيت به فإن قلنا بالصحيح فعجز وأراد الوارث إنظاره فللموصى له تعجيزه وليأخذه وإنما يعجزه بالرفع إلى الحاكم كما سبق في المجني عليه
ولو أوصى بالنجوم التي عليه صحت وإن لم تكن مستقرة كما تصح الوصية بالحمل
وإن لم يكن مملوكا في الحال فإن أداها فهي للموصى له وولاء المكاتب للسيد
وإن عجز فللوارث تعجيزه وفسخ الكتابة
وإن أنظره الموصى له فهل للموصى له إبراؤه عن النجوم فيه احتمالان لابن كج والقاضي حسين
ولو أوصى لواحد برقبته إن عجز ولآخر بالنجوم صحت الوصيتان فإن أدى المال بطلت الأولى
وإن رق بطلت الثانية
ولو أوصى لرجل بما يعجله المكاتب فلم يعجل وأدى النجوم في محلها بطلت الوصية ولا يجبر على التعجيل لتنفيذ الوصية
هذا كله في الكتابة الصحيحة أما إن كاتبه كتابة فاسدة ثم أوصى برقبته فإن كان عالما بفساد الكتابة صحت الوصية
قال الصيدلاني وغيره وتتضمن الوصية فسخ الكتابة
وإن كان يظن صحتها فقولان أحدهما لا تصح الوصية لأنه أوصى معتقدا بطلان الوصية وأظهرهما تصح اعتبارا بحقيقة الحال
ومنهم من طرد القولين فيما لو كان عالما بفساد الكتابة لأن الفاسدة كالصحيحة في حصول العتق وغيره بخلاف ما لو باع بيعا فاسدا ثم أوصى بالمبيع وهو عالم بفساد البيع فإنه يصح قولا واحدا لأن البيع الفاسد ليس كالصحيح
وأما إذا أوصى بالمبيع جاهلا بفساد المبيع فهو على القولين
ولو باع المكاتب كتابة فاسدة أو المبيع بيعا فاسدا أو وهب أو رهن وهو جاهل بالفساد فقيل فيه القولان
وقيل يبطل قطعا بخلاف الوصية لأنها تحتمل الغرر
والخلاف

في هذا كله كالخلاف فيمن باع مال أبيه ظانا أنه حي فكان ميتا
وفي معناها ما إذا وكل رجلا بشراء عبد ثم باعه وهو لا يعلم أن الوكيل اشتراه له أو باع مال اليتيم وهو لا يعلم أن أباه جعله وصيا له فبان أنه جعله
الخامسة الوصية بوضع النجوم عن المكاتب صحيحة معتبرة من الثلث فلو قال ضعوا عنه ما عليه من النجوم أو كتابته فمقتضاه وضع النجوم
فلو قال نجما من نجومه فالاختيار للوارث يضع ما شاء أقلها أو أكثرها أولها أو آخرها أو أوسطها وكذا لو قال ضعوا عنه ما قل أو كثر أو ما خف وثقل
ولو قال ضعوا عنه ما شاء من نجوم الكتابة فشاء وضع الجميع لم يوضع الجميع بل يبقى أقل ما يتمول لأن من للتبعيض
ولو اقتصر على قوله ضعوا عنه ما شاء فشاء الجميع فقيل بوضع الجميع
والصحيح المنصوص أنه يبقى شىء كالصورة السابقة
ولو قال ضعوا عنه أكثر مما عليه أو أكثر ما بقي عليه وضع نص ما عليه وزيادة وتقدير الزيادة إلى اختيار الوارث
ولو قال ضعوا عنه أكثر مما عليه أو ما عليه وأكثر وضع عنه الجميع ولغا ذكر الزيادة
ولو كانت عليه نجوم مختلفة الأقدار والآجال فقال ضعوا عنه أكثر النجوم أو أكبرها روعي القدر
وإن قال أطولها وأقصرها روعيت المدة
وإن قال أوسط النجوم فهذا يحتمل الأوسط في القدر وفي الأجل وفي العدد فإن اختلفت النجوم فيها جميعا فللورثة تعيين ما شاؤوا فإن زعم المكاتب أنه أراد غيرهم حلفهم على نفي العلم
وإن تساوت في القدر

والأجل حملت على العدد فإذا كان العدد وترا كالثلاثة والخمسة فالأوسط واحد
وإن كان شفعا فالأوسط اثنان كالثاني والثالث من أربعة فيعين الوارث أحدهما هكذا قال ابن الصباغ وغيره
ويجوز أن يقال الأوسط كلاهما فيوضعان وهذا مقتضى ما في التهذيب

فرع أوصى بكتابة عبد بعد موته فلم يرغب العبد في الكتابة تعذر
الوصية ولا يكاتب بدله آخر كما لو أوصى لزيد بمال فلم يقبل فلا يصرف إلى غيره
وإن رغب فإن خرج كله من الثلث كوتب ثم إن عين مال الكتابة كوتب على ما عينه وإلا فعلى ما جرت به العادة
والعادة أن يكاتب العبد على ما فوق قيمته
وإن لم يخرج كله من الثلث فلم يجز الوارث فقيل كتابة القدر الذي يخرج من الثلث يكون على الخلاف في كتابة بعض العبد والمذهب أنه يكاتب ذلك القدر ويصح بلا خلاف ولا يبالي بالتبعيض إذا أفضت الوصية إليه وإذا كوتب بعضه وأدى النجوم عتق وولاؤه للموصي والباقي رقيق فإن أجاز الوارث كتابة كله وعتق بأداء النجوم فولاء الجميع للموصي إن جعلنا الإجازة تنفيذا وإلا فولاء ما زاد على القدر الخارج من الثلث للوارث
ولو قال كاتبوا أحد عبيدي لم يكاتب أمة ولا خنثى مشكل
وهل يكاتب خنثى ظهرت ذكورته فيه طريقان
المذهب نعم
والثاني قولان لبعده عن الفهم عند الاطلاق
ولو قال كاتبوا إحدى إمائي لم يكاتب المشكل فإن ظهرت أنوثتها فعلى الطريقين
ولو قال أحد رقيقي جاز العبد والأمة وجاز المشكل على المشهور


فصل وأما تصرفات المكاتب فهو كالحر في معظمها فيبيع ويشتري ويؤجر ويستأجر ويأخذ بالشفعة
ويؤدب عبيده إصلاحا للمال كما يقصدهم ويختنهم
وفي إقامته الحدود عليهم خلاف سبق في الحدود
ولو أجر نفسه أو عبيده أو أمواله فعجزه السيد في المدة انفسخ العقد
وقيل لا يجوز أن تزيد مدة الإجارة على مدة النجوم ولا يصح منه تصرف فيه تبرع أو خطر
هذا هو القول الجملي فيه وفي تفصيله صور
إحداها لا يصح إعتاقه ولا إبراؤه عن دين ولا هبة مجانا ولا بشرط الثواب لأن في قدر الثواب خلافا فقد يحكم القاضي بقليل
وإن شرط فيها ثوابا معلوما ولم يكن فيه غبن وقلنا هذه الهبة بيع ولا يشترط في ثبوت الملك الإقباض فهي جارية على قياس البيوع وكذا إن شرطنا الإقباض صحت الهبة لكن لا يسلمها حتى يقبض العوض
الثانية قال الشيخ أبو محمد لا يحل له التبسط في الملابس والمآكل ولا يكلف فيها التقتير المفرط
الثالثة ليس له دفع المال إلى غيره قراضا لأنه قد يخون أو يموت فيضيع
وله أن يأخذه إقراضا لأنه أكساب وليس له أن يقرض وله أن يقترض وليس له تعجيل دين مؤجل


الرابعة ليس له شراء أحد من أصوله وفروعه لتضمنه العتق
فلو وهب له قريبه أو أوصى له به فإن لم يقدر على الكسب لهرم أو زمانة وعجز وكان بحيث يلزمه نفقته لم يجز قبوله
وقيل يجوز قبول الزمن وهو ضعيف
وإن كان كسوبا يقوم بكفاية نفسه استحب قبوله إذ لا ضرر فيه ثم لا يعتق عليه لضعف ملكه بل يكاتب عليه فيعتق بعتقه ويرق برقه وليس له بيعه
وعن ابن أبي هريرة أنه يجوز بيعه
قال الشيخ أبو علي هذا غلط وتكون نفقته في كسبه وما فضل فللمكاتب أن يستعين به في أداء النجوم فإن مرض أو عجز أنفق المكاتب عليه لأنه من صلاح ملكه فإن جنى بيع في الجناية وليس للمكدتب أن يفديه بخلاف ما إذا جنى عبده له أن يفديه لأن الرقبة تبقى له يصرفها في النجوم
الخامسة ليس له الشراء بالمحاباة ولا البيع بالغبن ولا بالنسيئة
ولو استوثق برهن وكفيل فلو باع ما يساوي مائة بمائة نقدا أو مائة نسيئة جاز ولو اشترى نسيئة بثمن النقد جاز ولا يرهن به لأنه قد يتلف الرهن
وإن اشتراه بثمن نسيئة لم يجز ذكره البغوي لما فيه من التبرع وذكره الروياني في جمع الجوامع أنه يجوز إذ لا غبن
وقد سبق في كتاب الرهن حكاية وجه أن المكاتب كولي الطفل في البيع نسيئة والرهن والارتهان والصحيح الذي عليه الجمهور الفرق
السادسة إذا باع أو اشترى لم يسلم ما في يده حتى يتسلم العوض لأن رفع اليد عن المال بلا عوض نوع غرر وكذا ليس له السلم لأنه يقتضي تسليم رأس المال في المجلس وانتظار المسلم فيه لاسيما إن كان سلما مؤجلا
وقيل يجوز السلم حالا ويسلم رأس المال ثم يتسلم المسلم فيه في المجلس
وقيل يجوز مطلقا بشرط الغبطة والصحيح الأول


السابعة ليس له أن يكاتب عبده فلو كاتبه فأدى المال لم يعتق لأن تعليقه غير صحيح ولا يتزوج ولا يزوج عبده لما فيه من المؤن ولا يتزوج المكاتبة لأن ذلك ينقصها
وله شراء الجواري للتجارة ولا يجوز له التسري خوفا من هلاك الجارية في الطلق ولضعف الملك
وقال الشيخ أبو محمد لا يبعد إجراء الوجهين في وطء من يؤمن حبلها كما في المرهونة
قال الإمام هذا غير مرضي
الثامنة إذا لزم المكاتب كفارة قتل أو ظهار أو وطىء في نهار رمضان أو يمين كفر بالصوم دون المال لأن ملكه ليس بتمام وهو مستحق لجهة الكتابة

فرع جميع ما منعناه في هذه الصور مفروض فيما إذا لم يأذن
فإن أذن فسنذكره عقيبه إن شاء الله تعالى
فرع وصية المكاتب باطلة سواء أوصى بعين أو ثلث ماله لأن ملكه
تمام
فصل تبرعات المكاتب وتصرفاته المحظرة كالهبة والإبراء والإنفاق على الأقارب
والإقراض والبيع بمحاباة وبنسبة وتعجيل

المؤجل ونحوها إن جرت بإذن السيد فمنقول المزني والمنصوص في الأم صحتها
ونقل الربيع قولا آخر بالمنع
ونص أن اختلاع المكاتب بالإذن لا يجوز فقال الجمهور في الجميع قولان
أظهرهما الصحة
وقيل يصح ما سوى الخلع قطعا ولا يصح هو
وعن ابن سلمة القطع بصحة الخلع أيضا
ولو وهب للسيد أو لابنه الصغير فقبل له السيد أو أقرضه أو باعه نسيئة أو بمحاباة أو عجل له دينا مؤجلا غير النجوم فالمذهب أنه على الخلاف فيما إذا وهب لغيره بإذنه
وقيل يصح قطعا واختاره الشيخ أبو محمد لأن للمكاتب أن يعجز نفسه فيجعل جميع ما في يده لسيده فجواز الهبة أولى
ولو وهب بإذن السيد فرجع عن الإذن قبل إقباض الموهوب لم يكن له إقباضه
ولو اشترى قريبه بإذن السيد ففي صحته القولان في الهبة فإن صححناه يكاتب عليه
وعن أبي إسحق القطع بالصحة لأنه قد يستفيد من أكسابه وفيه صلة الرحم
ولو أعتق المكاتب عبده عن سيده أو عن غيره بإذنه فهو كتبرعه بالإذن
ولو أعتق عن نفسه بإذن السيد لا يصح على المذهب لتضمنه الولاء والمكاتب ليس أهلا لثبوت الولاء له كالقن فإن صححناه فلمن يكون ولاء العتيق قولان أحدهما للسيد لأن المكاتب ليس أهلا للولاء ووقف الولاء بعيد وأظهرهما يوقف لأن الولاء لمن أعتق والسيد لم يعتق فإن عتق المكاتب هان له وإن مات رقيقا كان لسيده وإن عجزه ورق فحكى الإمام أنه يبقى التوقف لأنه يرجى عتقه من جهة أخرى
والصحيح الذي قطع به الأصحاب أن يكون للسيد بلا توقف لانقطاع الكتابة فإن جعلنا الولاء للسيد فعتق المكاتب بعد ذلك ففي انجرار الولاء إليه وجهان حكاهما أبو علي الطبري وصاحب التقريب أصحهما المنع وكأن

السيد أعتقه
وإن قلنا بالتوقف فمات العتيق قبل موت المكاتب وعوده إلى الرق فهل يوقف الميراث أيضا أم يكون للسيد أم لبيت المال أقوال
أظهرها الأول
ولو كاتب المكاتب عبده بإذن السيد فهو كتنجيز العتق نص عليه في المختصر وقاله الأصحاب فيعود الطريقان في صحة الكتابة
والقولان في الولاء تفريعا على الصحة إذا عتق المكاتب الثاني قبل الأول
وإن عتق الأول ثم الثاني فولاء الثاني للأول
وفي نكاح المكاتب بإذن السيد طريقان
أحدهما قولان كتبرعه لأنه يبذل المهر والنفقة لا في مقابلة مال
والثاني
وهو المذهب عند الجمهور القطع بالصحة لأنه إذا صح نكاح القن بالإذن فالمكاتب أولى لأنه أحسن حالا منه ولأنه يحتاج إليه للتحصين وغيره بخلاف الهبة ونحوها
وتزويج المكاتبة بإذنها صحيح على الصحيح
وقال القفال لا تزوج أصلا لضعف ملك السيد ونقصها فلا يؤثر إذنها
ولو أذن السيد للمكاتب في التسري بجارية لم يصح على المذهب
ولو أذن له في التكفير بالإطعام أو بالكسوة فقولان ولو أذن في التكفير بالإعتاق لم يجزئه على المذهب

فرع اشترى المكاتب من يعتق على سيده أو أوصى له به فقبل
المكاتب
فإن رق المكاتب صار القريب للسيد وعتق عليه
ولو اشترى بعضه أو اتهبه أو قبل الوصية به صح أيضا
وإذا رق عتق ذلك الشقص على السيد
وهل يسري إلى الباقي إن كان السيد موسرا ينظر إن عجز المكاتب نفسه بغير اختيار السيد لم يسر كما لو ورث بعض قريبه وإن عجزه السيد فوجهان
لأن المقصود فسخ الكتابة والملك يحصل قهرا
ولو اتهب

العبد القن من يعتق على سيده بغير إذن بني على أن اتهابه بغير إذن السيد هل ينقذ وفيه خلاف سبق
إن قلنا لا فلا كلام
وإن قلنا نعم وهو الصحيح فإن خيف وجوب النفقة على السيد في الحال فإن اتهب زمنا والسيد موسر لم يصح قبوله لأن فيه إضرارا بالسيد
وإن لم يجب النفقة في الحال لكون القريب كسوبا أو السيد فقيرا صح القبول وعتق الموهوب على السيد
ولو اتهب بعض من يعتق على السيد بغير إذنه وصححنا اتهابه بغير إذنه ولم يتعلق به لزوم النفقة صح القبول على الأظهر ولا يسري لحصول الملك قهرا
والثاني لا يصح
قال الشيخ أبو علي وخرج ابن سريج على هذين القولين ما إذا اشترى المريض أباه بألف لا يملك غيره وعليه دين مستغرق ففي قول لا يصح الشراء لأنه لو صح لعتق وبطل حق الغرماء
وفي الثاني يصح ولا يعتق ويباع في ديونهم
وفي الوسيط وجه أنه يصح ويعتق ويسري ويجعل اختيار العبد كاختياره كما جعل قبوله كقبوله
ولم أجد هذا الوجه في النهاية وإذا صححنا اتهاب القن بغير إذن سيده دخل الموهوب في ملك السيد قهرا كما لو احتطب
وهل للسيد رده بعد قبول السيد وجهان
أحدهما نعم لأن تمليك الرشيد قهرا بعيد
وأصحهما المنع كالملك بالاحتطاب فعلى الأول هل ينقطع ملكه من وقت الرد أم يتبين أنه لم يدخل في ملكه وجهان وفائدتهما لو كان الموهوب عبدا ووقع هلال شوال بين قبول العبد ورد السيد في الفطرة


فرع وهب المكاتب بعض ابنه فقبله وصححنا قبوله فعتق المكاتب عتق عليه
ذلك الشقص
وهل يقوم الباقي عليه إن كان موسرا وجهان أصحهما نعم قاله ابن الحداد وصححه الشيخ أبو علي ومنعه القفال فرع اشترى المكاتب ابن سيده ثم باعه بأبي السيد صح وملك الأب فإن رق المكاتب صار الأب ملكا للسيد وعتق عليه فإن وجد به عيبا لم يكن له الرد وله الأرش وهو جزء من الثمن فإن نقص العين عشر قيمة الأب رجع بعشر الابن الذي هو الثمن ويعتق ذلك العشر ولا يقوم الباقي على السيد إن كان المكاتب عجز نفسه وكذا إن عجزه سيده على الأصح
فرع ذكرنا أنه لا يجوز للمكاتب وطء أمته بغير إذن سيده ولا
على المذهب
فلو وطيء فلا حد ولا مهر لأنه لو ثبت مهر لكان له فإن أولدها فالولد نسيب فإن ولجته وهو مكاتب بعد فهو ملكه لأنه ولد أمته لكن لا يملك بيعه لأنه ولده ولا يعتق عليه لضعف ملكه بل يتوقف عتقه على عتق المكاتب إن عتق

عتق وإلا رق وصار للسيد ولا تصير الأمة مستولدة له في الحال على المذهب لأنها علقت بمملوك فأشبهت الأمة المنكوحة وحق الحرية للولد لم يثبت بالاستيلاد في الملك بل لمصيره ملكا لأبيه كما لو ملكه بهبة فإن عتق ففي مصيرها أم ولد قولان
فإن قلنا يثبت الاستيلاد في الحال فإن عتق المكاتب استقر الاستيلاد وإن عجز رقت مع الولد للسيد فإن عتق المكاتب بعد ذلك وملكها لم تصر مستولدة له لأن بالعجزتين انها علقت برقيق وأن لا استيلاد
وإن قلنا لا يثبت فإن عجز ثم عتق وملكها لم تصر مستولدة له وإن أعتق بأداء النجوم فكذلك على المذهب
وقال أبو إسحق قولان كما لو استولد مرهونته وبيعت ثم ملكها والفرق أن العلوق هنا بمملوك هذا كله إذا ولدت وهو بعد مكاتب فإن ولدت بعد عتقه فإن كان لدون ستة أشهر من حين العتق فكذلك الحكم لأن العلوق وقع في الرق وإن كان لستة أشهر فأكثر من يومئذ فقد أطلق الشافعي أنها تصير مستولدة
وللأصحاب طريقان
أصحهما أن هذا إذا وطىء بعد الحرية وولدت لستة أشهر فصاعدا من حين الوطء لظهور العلوق بعد الحرية والولد والحالة هذه لا ولاء عليه إلا بالولاء على أبيه ولا ينظر إلى احتمال العلوق في الرق تغليبا للحرية
فأما إذا لم يطأها بعد الحرية فالاستيلاد على الخلاف
والثاني يثبت الاستيلاد وطىء بعد الحرية أم لا لأنها كانت فراشا قبل الحرية والفراش مستدام بعدها وإمكان العلوق بعدها قائم فيكتفى به


الحكم الرابع في ولد المكاتبة فإذا كاتب أمة لها ولد فالولد باق على ملك السيد فإن شرط دخوله في عقد الكتابة فسدت فإن أدت عتق الولد أيضا بموجب التعليق
وإن كان في يدها مال وشرط أن يكون المال لها فهو جمع بين البيع والكتابة بعوض واحد
وإن كانت حاملا وتيقنا الحمل بانفصاله لدون ستة أشهر فإن قلنا الحمل لا يعرف فهو كالولد الحادث بعد الكتابة وسنذكره إن شاء الله تعالى قريبا
فإن قلنا يعرف فوجهان
أصحهما أن عقد الكتابة متوجهة إليهما فإذا عتقت عتق
والثاني لا يثبت للولد كتابة وإن حدث الولد بعد الكتابة فإن كان من السيد فسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى
وإن كان من أجنبي بزنا أو نكاح فهل ثبتت له الكتابة قولان
أظهرهما وأحبهما إلى الشافعي وهو نصه في المختصر تثبت فيعتق بعتق الأم بالأداء أو الإبراء أو الإعتاق
وقطع أبو إسحق بهذا القول وقال إذا اختاره الشافعي كان الآخر ساقطا واتفق الأصحاب على أنه لا يدخل في الكتابة ولا يطالبه بشىء من النجوم لأنه لم يوجد منه التزام
ولو عجزت المكاتبة أو ماتت بطلت الكتابة وكان الولد رقيقا للسيد بلا خلاف
ولو فسخت الكتابة ثم عتقت لم يعتق الولد قطعا لأنه إنما يعتق بعتقها الجهة الكتابة فإن قلنا لا يثبت الولد حكم الكتابة فهو قن للسيد بيعه وإعتاقه عن الكفارة والوطء إن كان الولد أمة ولا يعتق بعتق الأم
وإن قلنا يثبت فحق الملك فيه لمن هو فيه قولان
أظهرهما عند الشافعي رضي الله عنه أنه للسيد كما أن حق الملك في الأم له وكولد أم الولد
والثاني أنه للمكاتبة لأنه يتكاتب عليه ولأنه لو كان للسيد لما عتق بعتقها
ويتفرع على القولين صور


منها إذا قتل الولد فعلى القول الأول القيمة للسيد وعلى الثاني للمكاتب
وقيل للسيد أيضا
ومنها كسب الولد وأرش الجناية على أطرافه ومهر وطء الشبهة إن قلنا بالقول الثاني فهي للأم يستعين بها في كتابتها ويصرف ما يحصل إليها يوما يوما بلا توقف
وإن قلنا بالأول فوجهان
أحدهما يصرف إلى السيد بلا توقف كما تصرف إليه القيمة
والصحيح التوقف فإن عتقت وعتق الولد فهي له وإلا فللسيد
فلو أرقت نفسها مع القدرة على أداء النجوم فقال الولد أنا أؤدي نجومها من كسبي لتعتق فأعتق قال الإمام لا يمكن منه لأنه تابع لا اختيار له في العتق
وإن عجزت فأرادت أن تأخذ من كسب ولدها الموقوف وتستعين به في أداء النجوم فهل تجاب قولان أظهرهما المنع إذ لا حق لها في كسبه فإن مات الولد في مدة التوقف صرف الموقوف إلى السيد
ومنها نفقة الولد وهي على السيد
ان قلنا يصرف الكسب إليه في الحال
وإن قلنا يوقف أنفق عليه من كسبه ويعالج جرحه ويكفي مؤناته فما فضل فهو الذي يوقف فإن لم يكن له كسب أو لم يف بالنفقة فالنفقة على السيد على الأصح لأن الملك له
وقيل في بيت المال لأن تكليفه النفقة بلا كسب إجحاف به
وإن قلنا الكسب للأم فالنفقة عليها
ومنها لو أعتق السيد الولد فإن قلنا الملك له وإن الكسب يصرف إليه في الحال أو قلنا يوقف ومنعناها من أخذه لأداء النجوم نفذ إعتاقه وإن جوزنا لها الاستعانة بالموقوف لم ينفذ

إعتاقه على الأصح لئلا ينقطع حقها من كسبه
وإن قلنا الملك لها لم ينفذ إعتاقه

فرع لو رق الولد برق الأم فكسبه للسيد سواء قلنا الملك فيه
أم للأم
فرع ولد المكاتب من جاريته حق الملك فيه للمكاتب قطعا فيصرف كسبه
إليه ولا ينفذ إعتاق السيد فيه ونفقته على المكاتب لأنه ولد أمته وهي ملكه
ولو ولدت أمته من نكاح أو زنى فهم عبيده كسائر أكسابه فكذا هذا الولد إلا أنه لا يتبعه بل يتكاتب عليه بالقرابة فيعتق بعتقه ويرق برقه
وإذا عتق المكاتب وتبعه هذا الولد وله كسب فكسبه للمكاتب لا للولد
ولو جنى هذا الولد وتعلق الأرش برقبته فقد حكى الإمام عن العراقيين أنه إن كان له كسب فله أن يفديه من كسبه وإلا فله أن يبيعه كله وإن زاد على قدر الأرش ثم يصرف قدر الأرش إلى المجنى عليه ويأخذ الباقي ثم غلط الإمام من صار إليه وقال الصحيح أنه لا يفدي ولده لأن كسب الولد كسائر أموال المكاتب والفداء كالشراء وليس له صرف المال الذي يملك التصرف فيه إلى غرض ولده الذي لا يملك التصرف فيه لأنه تبرع قال والصحيح أنه إن باع لا يبيع إلا قدر الأرش كما لا يباع من المرهون إذا جنى إلا قدر الأرش
وإذا

فداه لا ينفذ تصرفه فيه بل يتكاتب عليه كما لا ينفذ إذا اشتراه
وولد المكاتبة من عبدها يشبه أن يكون كولد المكاتب من جاريته

فرع اختلف السيد والمكاتب في ولدها وقال ولدته قبل الكتابة فهو رقيق
محتمل فإن كان بينة قضي بها
قال البغوي ولو أقام السيد أربع نسوة قبلن لأنها شهادة على الولادة ويثبت الملك ضمنا
وإن أقاما بينتين تعارضتا
وإ لم يكن بينة صدق السيد بيمينه لأنه اختلاف في وقت الكتابة فصدق فيه كأصلها
فرع زوج عبده بأمته ثم كاتبه ثم باعها له

وولدت فقال السيد ولدت قبل الكتابة فهو قن لي
وقال المكاتب بعد الشراء وقد تكاتب صدق المكاتب بيمينه بخلاف ما سبق في الفرع قبله لأن المكاتب هنا يدعي ملك الولد كما سبق أن ولد أمته ملكه ويده مقرة على هذا الولد وهي تدل على الملك والمكاتبة هناك لا تدعي الملك بل تدعي ثبوت حكم الكتابة فيه
فرع حكى الصيدلاني أن الشافعي رحمه الله قال لو أتت المكاتبة بولدين
أحدهما قبل الكتابة والآخر بعدها فهما للسيد

لأنه حمل واحد وكذا لو أتت بأحدهما لدون ستة أشهر من حين ملكها وبالآخر لأكثر فهما للسيد
وإن أبا زيد أفتى بذلك والصحيح أن كلام الشافعي مؤول وأن الحمل يتبع الأم في البيع كيف كان حتى لو وضعت ولدا وفي بطنها آخر فباعها فالولد الثاني مبيع معها والأول للبائع وهذا ما ذكره البغوي

فصل السيد ممنوع من وطء المكاتبة لاختلال ملكه فإن شرط في الكتابة
أن يطأها فسد العقد فإن وطىء فلا حد وإن علم التحريم للشبهة وفي قول يحد العالم والمشهور الأول لكن يعزر على الصحيح هو وهي ويجب المهر مع العلم والجهل
وقيل إن طاوعته فلا مهر والصحيح الأول وهو نصه في الأم وإذا وجب المهر فلها أخذه في الحال فإن حل عليها نجم وهما من جنس فعلى أقوال التقاص
وإن عجزت قبل أخذه سقط
وإن عتقت بالأداء فلها المطالبة
ولو أولدها فالولد حر لأنها علقت به في ملكه وتصير مستولدة
وهل يلزمه قيمة الولد إن قلنا ولد المكاتبة قن للسيد أو قلنا يتكاتب وحق الملك فيه للسيد فلا شىء عليه كما لو قتل ولد المكاتبة
وإن قلنا الحق لها لزمه لها القيمة فإن عجزت قبل الأخذ سقطت وإن عتقت أخذتها وإن ولدت بعدما عجزت ورقت فلا شىء لها وكذا لو ولدت بعد ما عتقت فإن عجزت ثم مات السيد عتقت بالاستيلاد والأولاد الحادثون بعد الاستيلاد من نكاح أو زنى يتبعونها والحاصلون قبلها أرقاء للسيد
وإن مات

السيد قبل عجزها عتقت
قال البغوي ويتبعها كسبها
وهل يعتق عن الكتابة أم عن الاستيلاد وجهان
أصحهما الأول كما لو أعتق السيد المكاتب أو ابرأه عن النجوم فعلى هذا الأولاد الحادثون بعد الكتابة وقبل الاستيلاد هل يتبعونها فيه الخلاف السابق وأجري هذا الخلاف فيما لو علق عتق المكاتب بصفة فوجدت قبل أداء النجوم وفيما إذا تقدم الاستيلاد على الكتابة
قال البغوي وإذا استولد ثم كاتب وأدت النجوم فالكسب الحاصل بعد الكتابة يتبعها والحاصل قبلها للسيد والأولاد الحاصلون بعد الاستيلاد يتبعونها وهذا مبني على صحة كتابة المستولدة وقد سبق فيه خلاف

فرع ليس للسيد وطء أمة مكاتبه أو مكاتبته فإن وطىء فلا حد
لأنه يملك سيدها ويلزمه المهر للمكاتب
وإن أولدها فالولد حر نسيب وتصير الأمة مستولدة له
قال في الشامل يلزمه قيمتها لسيدها لأنها ملكه ولا يلزمه قيمة الولد لأنها وضعته في ملكه ويجيىء فيه الخلاف السابق
وللسيد وطء بنت المكاتبة إن لم يثبت حكم الكتابة في ولد المكاتبة فإن أثبتناه فليس له وطؤها ولكن لا حد عليه
وأما المهر فيبنى على الخلاف في الكسب
إن قلنا يصرف إلى السيد في الحال فلا مهر عليه وإن قلنا هو للأم فكذا المهر
وإن قلنا بالتوقف أنفق منه عليها ووقف الباقي فإن عتقت بعتق الأم فهو لها وإن عجزت فهو للسيد
وإن أولدها صارت مستولدة والولد حر نسيب ولا يلزمه قيمة المستولدة لأمها لأنها لا تملكها وإنما يثبت لها حق العتق بعتقها


وقد تأكد ذلك بالاستيلاد هكذا ذكره ابن الصباغ وقد سبق في قتلها قولان في أنه هل تجب القيمة للأم فينبغي أن يكون كذلك
قال البغوي ويبقى حق الكتابة فيها فتعتق بعتق الأم ويكون الكسب لها إذا جعلنا الحق فيها للأم فإن مات السيد عتقت البنت بموته وتؤخذ القيمة من تركته للأم إذا جعلنا الحق لها كما في القتل
وأما قيمة الولد فعلى ما ذكرنا في ولد المكاتب

فرع الأمة المشتركة إذا كاتبها مالكاها معا ثم وطئها أحدهما فحكم الحد

ثم إن لم يحل النجم فلها المهر في الحال وإن حل فإن كان معها مثل المهر دفعته إلى الذي لم يطأ
وفي المهر ونصيب الواطىء من النجم الذي حل الخلاف في التقاص
وإن لم يكن معها شىء آخر فنصف النجم الذي للواطىء مع المهر على الخلاف في التقاص والنصف الآخر يدفع إلى الذي لم يطأ وإن عتقت قبل أخذ المهر ومصيره قصاصا أخذت وإن عجزت بعد أخذه فإن بقي فهو للسيدين وإن تلف تلف من ملكهما وإن عجزت قبل أخذه فإن كان في يدها بقدر المهر مال أخذه الذي لم يطأ وبرئت ذمة الواطىء
وإن لم يكن معها شىء فللذي لم يطأ أن يأخذ نصف المهر من الواطىء
وإن أجلها نظر إن ادعى الاستبراء وحلف عليه فولدت لستة أشهر فصاعدا من وقت الاستبراء لم يلحقه وهو كولد المكاتبة من نكاح أو زنى وإن لم يدع الاستبراء وولدت لدون ستة أشهر فالولد لاحق به ويثبت الاستيلاد في نصيبه من الأمة مع بقاء الكتابة فيه
ثم هو معسر أو موسر فإن كان معسرا لم يسر الاستيلاد إلى نصيب الشريك

فإن أدت النجوم حليهما عتقت بالكتابة وبطل الاستيلاد
وإن عجزت وفسخا الكتابة فنصفها قن ونصفها مستولد
وإن مات الواطىء قبل الأداء والفسخ عتق نصفها وبقيت الكتابة في النصف الآخر
وإن مات بعد الفسخ عتق النصف والباقي قن
وفي الولد وجهان
أصحهما نصفه حر ونصفه رقيق
والثاني ينعقد كله حرا لشبهة الملك وإن قلنا بالأول وقلنا ولد المكاتبة قن للسيد لزم الواطىء نصف قيمته للشريك
وإن قلنا ثبت فيه حكم الكتابة وقلنا الحق فيه للسيد فكذلك الجواب
وإن قلنا الحق للمكاتبة لزمه جميع قيمته لها فإن عتقت قبل أخذها أخذتها وإن عجزت قبل الأداء أخذ الشريك الآخر نصفها وسقط النصف وإن قلنا ينعقد نصفه حرا ونصفه رقيقا فآن قلنا ولد المكاتب قن للسيد فالنصف الرقيق للشريك ولا يجب شىء من
قيمة الولد على الواطىء
وإن قلنا تثبت الكتابة في ولد المكاتبة فالنصف الرقيق يتكاتب عليها إن عتقت عتق وإلا رق للشريك الآخر
وهل تجب قيمة النصف الحر على الواطىء يبنى على أن الحق في ولد المكاتبة للسيد أم لها إن قلنا له لم تجب وإلا وجبت
ثم إن عتقت عتق وسلم لها نصف القيمة فيأخذه إن لم تكن أخذته وإن عجزت سقط عنه
وإن كان دفعه استرده إن كان باقيا أما إذا كان موسرا فيسري الاستيلاد إلى نصيب الشريك وكان الولد كله حرا ومتى يسري فيه طريقان قال الجمهور قولان كما لو أعتق أحد الشريكين

نصيبه من المكاتب ففي قول في الحال وفي قول عند العجز
وعن ابن أبي هريرة وغيره القطع بأنه يسري عند العجز فإن قلنا بالسراية في الحال انفسخت الكتابة في نصيب الشريك وتبقى في نصيب الواطىء ويثبت الاستيلاد في جميع الجارية وعلى الواطىء للشريك نصف مهرها ونصف قيمتها
وأما نصف قيمة الولد منه ففي وجوبها قولان كما لو استولد أحد الشريكين الأمة القنة وانعقد الولد حرا وعليه أيضا نصف المهر للمكاتبة لبقاء الكتابة في نصيبه وهل يجب لها نصف قيمة الولد يبنى على أن الملك في ولد المكاتبة لمن هو ولو أدت نصيب الواطىء من مال الكتابة عتق نصيبه وسرى إلى الباقي وإن عجزت وفسخ الكتابة بقيت مستولدة محضة
وإن قلنا بالسراية عند العجز فأدت النجوم عتقت عن الكتابة وولاؤه بينهما ويبطل الاستيلاد ولها المهر على الواطىء فتأخذه إن لم تكن أخذته وتجب نصف قيمة الولد للشريك إن قلنا ولد المكاتبة قن للسيد أو قلنا ثبتت فيه صفة الكتابة وحق الملك فيه للسيد
وإن قلنا حق الملك فيه للمكاتبة وجب جميع القيمة لها
وإن لم تؤد النجوم وعجزت لزم الواطىء للشريك نصف مهرها ونصف قيمتها ونصف قيمة الولد
هذا تمام الكلام في وطء أحد الشريكين
فأما إذا وطئاها جميعا فإن لم يحصل علوق فحكم الحد والتعزير ما سبق
وعلى كل واحد مهر كامل فإن عجزت ورقت بعد قبض المهرين لم يطالب أحدهما الآخر بشىء
ويقتسمان المهرين إن كانا باقيين
وإن عجزت قبل أخذه سقط عن كل واحد نصف ما لزمه ويجيء في النصف الآخر التقاص وقد يكون أحد المهرين أكثر من الآخر إما لكونها بكرا عند وطء أحدهما ثيبا عند الآخر وإما لاختلاف حالها في الصحة والمرض وغيرهما فيأخذ مستحق الفضل الفضل


وإن أفضاها أحدهما لزمه نصف القيمة للشريك
فإن أفتضها لزمه نصف أرش الافتضاض مع المهر
وإن ادعى كل واحد على الآخر أنه الذي أفضى أو افتض حلف كل واحد منهما للآخر فإن حلفا فذاك وإن حلف أحداهما ونكل الآخر قضي للحالف وإن حصل علوق نظر هل أتت بولد أم بولدين من كل واحد ولد
القسم الأول إن أتت بولد فينظر إن ادعيا الاستبراء وحلفا عليه لم يلحق بواحد منهما وهو كولد المكاتب من نكاح أو زنى وإن لم يدعيا الاستبراء فله أربعة أحوال
أحدهما أن لا يمكن كون الولد من واحد منهما بأن ولدته لأكثر من أربع سنين من وطء الأول ولدون ستة أشهر من وطء الثاني أو ولدته لأكثر من أربع سنين من وطء أحدهما فهو كما لو ادعيا الاستبراء
وحكم المهرين في الحالين كما إذا لم يكن علوق
الحال الثاني أن يمكن كونه من الأول دون الثاني فيلحق بالأول ويثبت الاستيلاد في نصيبه فإن كان معسرا فلا سراية وتبقى الكتابة في جميعها فإن أدت النجوم وعتقت فلها على كل واحد المهر
وإن رقت فنصفها قن للثاني ونصيب الأول يبقى مستولدا ولكل واحد على الآخر نصف المهر وهو من صور التقاص
وهل كل الولد حر أم تتبعض حريته فيه الخلاف السابق
وإن كان موسرا فالولد كله حر ويسري الاستيلاد من نصيبه إلى نصيب شريكه ويعود الخلاف في أنه يسري في الحال أم عند العجز فإن قلنا في الحال انفسخت الكتابة في نصيب الثاني وبقيت في نصيب الأول
وإن قلنا عند العجز فإذا عجزت ورقت ارتفعت الكتابة

وهي مستولدة له على القولين
والحكم فيما إذا أدت النجوم وعتقت على ما سبق فيما إذا وطىء أحدهما وأولدها وكذا الحكم لو عتقت بالموت
وما ذكرنا هناك أنه يجب للشريك على الذي أولدها من المهر وقيمة الجارية
وقيمة الولد تجب هنا للثاني على الاول
وأما وطء الثاني فإن كان بعدما حكمنا بمصير جميعها أم ولد الأول وجب جميع المهر فإن بقيت الكتابة في نصيب الأول فهو بينه وبين المكاتبة
وإن ارتفعت في نصيبه أيضا فجميعه له
وإن كان قبل الحكم يصير جميعها أم ولد له لم يلزمه إلا نصف المهر لأن السراية إذا حصلت أخيرا انفسخت الكتابة وعاد نصفه رقيقا فتكون الأكساب له والمهر من الأكساب
ثم ذلك النصف للمكاتبة إن بقيت في نصيب الأول وإلا فهو للأول
هكذا ضبط القول فيما يلزم الثاني جماعة منهم ابن الصباغ
واعلم أن وطء الثاني إذا وقع بعد الحكم بمصير جميعها أم ولد للأول فقد وقع بعد ارتفاع شبهة الملك فيكون زنى وإطلاق وجوب جميع المهر مصور فيما إذا فرضت شبهة أخرى
وأطلق في المختصر قولين في أنه يلزم الثاني جميع المهر أم نصفه قال أبو إسحق الأظهر وجوب جميع المهر وهو اختيار الشافعي والمزني رضي الله عنهما
الحال الثالث أن يمكن كونه من الثاني دون الأول فيلحق الثاني ويثبت الاستيلاد في نصيبه ولا سراية إن كان معسرا
وفي تبعيض الحرية في الولد الخلاف
وإن كان موسرا سرى الاستيلاد إما في الحال وإما عند العجز كما سبق
ويجب على الثاني هنا ما ذكرنا أنه يجب على الأول في الحال الثاني وأما الأول فقال البغوي إن كان الثاني معسرا لزم الأول كمال المهر للمكاتبة وكذا إن كان موسرا

وقلنا السراية تحصل بعد العجز
وإن قلنا تحصل في الحال انفسخت الكتابة في نصيب الأول ولا يجب إلا نصف المهر لها
وأطلق العراقيون والروياني وغيرهما أنه لا يلزم الأول عند يسار الثاني إلا نصف المهر
الحال الرابع أن يمكن كونه من كل واحد منهما وادعياه أو ادعاه أحدهما فيعرض على القائف فمن ألحقه به كان الحكم كما لو تعين الإمكان منه فإن تعذرت معرفته بالقائف اعتمد انتسابه بعد بلوغه ويكون الحكم ما ذكرنا
قال الإمام ولو فرض ذلك في الأمة القنة وألحقه القائف بأحدهما لحقه وثبت الاستيلاد في نصيبه ولا سراية إن كان معسرا لكن يثبت الاستيلاد أيضا في نصيب الآخر بإقراره أنها مستولدة
وإن كان موسرا سرى ولا يلزمه للشريك قيمة نصيبه لأنه يدعي أن الجارية مستولدته فيؤخذ بإقراره
وإذا لم نجد القائف والمتداعيان موسران فلم بأنها مستولدتهما نصفهما لهذا ونصفها لذاك وليس أحدهما بالسراية أولى من الآخر
ولو أقر بالوطء وسكتا عن دعوى الولد وألحقه القائف بأحدهما ثبت الاستيلاد في
نصيبه ويسري وعليه الغرم للشريك لأنه لم يوجد هنا إقرار ينافي الغرم
ولو لم نجد قائفا وإعتمدنا انتسابه بعد بلوغه ففي ثبوت الغرم وجهان
القسم الثاني إذا أتت بولدين وعرفا حالهما واتفقا على أن هذا من هذا وذاك من ذاك وله صورتان
إحداهما اتفقا على

السابق منهما فينظر إن كانا موسرين أو كان الأول موسرا صارت مستولدة للأول وعليه للثاني نصف مهرها ونصف قيمتها وأما قيمة الولد فقال البغوي إن قلنا تحصل السراية بنفس العلوق لم يجب
وإن قلنا تتوقف على العجز وقلنا لا يحصل إلا بأداء القيمة وجبت
وأما الثاني فإن وطئها بعد ما صار جميعها مستولدا للأول وهو عالم بالحال لزم الحد وولده رقيق للأول
وإن كان جاهلا فالولد حر وعليه تمام المهر وتمام قيمة الولد يوم الوضع ويكون جميعهما للأول إن ارتفعت الكتابة في نصيبه أيضا
وإن بقيت فنصف المهر له ونصفه للمكاتبة ونصف قيمة الولد على الخلاف في ولد المكاتبة
وإن وطئها قبل أن يصير جميعها مستولدا للأول لم يلزمه إلا نصف المهر لأن نصفها يعدله وفي تبعيض حرية الولد ما سبق فإن لم تتبعض فعليه نصف قيمة الولد ولا يثبت الاستيلاد في نصيب الثاني له وإن بقي نصيبه له لأن الأول استحق السراية ولا يجوز إبطال حقه
وعن القفال في ثبوت الاستيلاد الثاني في نصيبه وجهان كما لو أعتق شريك نصيبه وهو موسر وقلنا السراية تقف على القيمة فأعتق الآخر نصيبه قبل أدائها
وأما إذا كانا معسرين أو كان الأول معسرا فثبت الاستيلاد في نصيب الأول ولم يسر فإذا أحبلها الثاني ثبت في نصيبه أيضا
وعلى كل واحد تمام المهر للمكاتبة فإن عجزت قبل الأجل فعلى كل واحد نصف المهر لشريكه ومن مات منهما عتق نصيبه
وذكر البغوي أن في تبعيض الحرية في ولد كل واحد منهما الخلاف وأنا إذا لم نحكم بالحرية في نصفه فهل هو قن للآخر أم يتكاتب فيه الخلاف
وأنه لا يلزم كل واحد منهما شىء

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28