كتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا
المؤلف : أحمد بن علي القلقشندي

الجملة الثانية
في معرفة ما يقع به ابتداء الحروف وانتهاؤها من نقطة أو شظية أو غير ذلك
أما الابتداء فعلى ثلاثة أضرب
الضرب الأول ما يبتدأ بنقطة وهو تسع صور
صورة الباء وأختيها وصورة الدال وأختها وصورة السين وأختها وصورة اللام وصورة النون وصورة العين وأختها
وقد جمعها السرمري في أرجوزته في أوائل كلمات بيت واحد وهو قوله
( إذا بدت دعد رقا سناها ... لعاشق ناح على هواها )
على أن الشيخ شرف الدين بن عبد السلام قد وهم فعد منها الفاء وليس كذلك بل هي مما يبتدأ بجلفة على ما سيأتي ذكره
الضرب الثاني ما يبتدأ بشظية وهو صور خمسة أحرف الحاء والطاء والياء
والصاد والكاف
وقد جمعها السرمري في قوله خطي يصك

وجعل ابن عبد السلام الخمسة
الغين والطاء والحاء والكاف والصاد
وجمعها في قوله غط حصك وألحق بها أشباهها

الضرب الثالث ما يبتدأ بجلفة وهو صور أربعة أحرف القاف والميم والواو
والفاء
وقد جمعها السرمري في قوله قم وف
وأما الاختتام فعلى ثلاثة أضرب أيضا
الضرب الأول ما يختتم بقطة القلم وهو صور ستة أحرف الطاء والفاء والباء
واللام والدال والكاف
وجمعها ابن عبد السلام في قوله دب طفلك ولا يخفى أن أخواتها في معناها
الضرب الثاني ما يختتم بشظية وهو صورة واحدة وهي الألف
الضرب الثالث ما يرسل في ختمه إرسالا وهو صورة أحد عشر حرفا وهي السين
والراء والحاء والميم والنون والياء والعين والقاف والصاد والواو والهاء
يجمعها قولك سرح منيع وقصه

الطرف السابع في مقدمات تتعلق بأوضاع الخط وقوانين الكتابة وفيه ثلاث جمل
الجملة الأولى في كيفية إمساك القلم عند الكتابة ووضعه على الورق
قال الوزير أبو علي بن مقلة رحمه الله يجب أن تكون أطراف الأصابع الثلاث الوسطى والسبابة والإبهام على القلم وإلى ذلك يشير أبو تمام الطائي بقوله
( وسدت ... ثلاث نواحيه الثلاث الأنامل )
أما قول القائل في وصف القلم أيضا
( وذي عفاف راكع ساجد ... أخو صلاح دمعه جاري )
( ملازم الخمس لأوقاتها ... مجتهدا في طاعة الباري )
يريد بالخمس الأصابع الخمس فإنه على سبيل المجاز من باب مجاز المجاورة
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف وتكون الأصابع مبسوطة غير مقبوضة لأن بسط الأصابع يتمكن الكاتب معه من إدارة القلم ولا يتكئ على القلم الاتكاء الشديد المضعف له ولا يمسكه الإمساك الضعيف فيضعف اقتداره في الخط لكن يجعل اعتماده في ذلك معتدلا
وقال حنون إذا أراد الكاتب أن يكتب فإنه يأخذ القلم فيتكئ على الخنصر ويعتمد بسائر أصابعه على القلم ويعتمد بالوسطى على البنصر ويرفع السبابة على القلم ويعمل الإبهام في دورانه وتحريكه

قال ابن مقلة ويكون إمساك القلم فويق الفتحة بمقدار عرض شعيرتين أو ثلاث وتكون أطراف الأصابع متساوية حول القلم لا تفضل إحداهن على الأخرى
قال صاحب الحلية وتكون الأصابع على القلم منبسطة غير منقبضة ليتمكن من إدارة القلم ولا يدار حالة الاستمداد
قال ابن العفيف وعلى حسب تمكن الكاتب من إدارة قلمه وسرعة يده في الدوران يكون صفاء جوهر حروفه

الجملة الثانية في كيفية الاستمداد ووضع القلم على الدرج
أما الإستمداد فهو أصل عظيم من أصول الكتابة وقد قال المقر العلائي ابن فضل الله من لم يحسن الاستمداد وبري القلم فليس من الكتابة في شيء
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف وإذا مد الكاتب فليكن القلم بين أصابعه على صورة إمساكه له حين الكتابة ولا يديره للاستمداد لأن أحسن المذاهب فيه أن يكون من يد الكاتب على صورة وضعه في الكتاب ويحرك رأس القلم من باطن يده إلى خارجها فإنه يمكن معه مقام القلم على نصبته من الأصابع ومتى عدل عن هذا لحقته المشقة في نقل نصبه الأصابع في كل مدة

قال وهذا من أكبر ما يحتاج إليه الكاتب لأن هذا هو الذي عليه مدار جودة الخط
ثم قال وقلما يدرك علم هذا الفصل إلا العالم الحاذق بهندسة الخط مع ما يكون معه من الأناة وحسن التأدية
ومن كلام المقر العلائي ابن فضل الله ينبغي للكاتب ألا يكثر الاستمداد بل يمد مدا معتدلا ولا يحرك الليقة من مكانها ولا يعثر بالقلم فإن ذلك عيب عند الكتاب ولا يرد القلم إلى الليقة حتى يستوعب ما فيه من المداد ولا يدخل منه الدواة كثيرا بل إلى حد شقه ولا يجاوز ذلك إلى آخر الفتحة ليأمن تسويد أنامله وليس ذلك من خصال الكتاب
وأما وضع القلم على الدرج فقال أبو علي بن مقلة ويجب أن يكون أول ما يوضع على الدرج موضع القطة منكبا

الجملة الثالثة في وضع القلم على الأذن حال الكتابة عند التفكر
قال محمد بن عمر المدائني يستحب للكاتب في كتابته إذا فكر في حاجة أن يضع القلم على أذنه وساق بسنده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان كان يكتب للنبي فكان إذا رأى من النبي إعراضا وضع القلم في فيه فنظر إليه النبي وقال يا معاوية إذا كنت كاتبا فضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك وللمملي
وساق بسنده أيضا إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله نظر

إليه وهو يكتب في حوائجه فقال له ضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك
وأخرج أيضا من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله لكاتبه ضع القلم على أذنك يكن أذكر لك
وفي رواية عن أنس كان معاوية كاتبا للنبي فرآه يوما قد وضع القلم على الأرض فقال يا معاوية إذا كتبت كتابا فضع القلم على أذنك
وأخرج أيضا أن كعبا كان يتحدث عند عائشة فذكر إسرافيل فقال له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناح مسربل به والقلم على أذنه فإذا نزل الوحي جرى القلم ودرست الملائكة
فقالت عائشة هكذا سمعت رسول الله

الطرف الثامن في ذكر قوانين يعتمدها الكاتب في الخط وفيه ست جمل
الجملة الأولى في كيفية حركة اليد بالقلم في الكتابة وما يجب أن يراعى في
كل حرف
قال السرمري وابن عبد السلام وغيرهما كل خط منتصب ينبغي أن يكون الاعتماد فيه من القلم على سنيه معا وكل خط من يمنة إلى يسرة ينبغي أن يمال القلم فيه نحو اليسرة قليلا وكل خط من يسرة إلى يمنة ينبغي أن يمال رأس القلم فيه إلى اليمنة قليلا وكل شظية ينبغي أن تكون بالسن اليمنى من القلم وكل نقطة ينبغي أن تكون بسني القلم وكل تقعير كما في النون وتعريقة الصاد يجب أن تكون بالسن الأيمن وكل إرسالة يجب أن تكون بسن القلم اليمنى وكل تعريج كما في عراقة الجيم والعين يجب أن يكون بسن القلم اليسرى وكل ما أخذ فيه من يمنة إلى يسرة كاللام ونحوها ينبغي أن يمال فيه رأس القلم إلى اليسرة قليلا

وكل ما أخذ فيه من يسرة إلى يمنة كرأس الجيم ينبغي أن يمال رأس القلم فيه إلى اليمنة قليلا وكل خط منتصب فيجب أن يكون انتهاؤه إرسالة وطول كل سنة من السين ونحوها مثل سدس ألف خطها وقيل مثل سبعه وكل شظية في أول أوآخر مثل سبع ألف خطها
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف وللسن الأيمن من القلم الألف واللام ورفعة الطاء والنون والباء والكاف إذا كانت قائمة مبتدأة وأواخر التعريقات والمدات وطبقة الصاد والضاد ومدة السين والشين وللأيسر الجيم وأختاها والردات وتدوير رؤوس الفاءات والقافات والهاءات والواوات والكافات المشقوقة
قال وكل ردة من اليسار إلى اليمين تكون بصدر القلم
قال ويجب أن تكون المطات الطويلة بسن القلم اليمنى مشظاة ممالة فتكون المطة من رأس شظيتها وأن تكتب المدات القصيرة بحرف القلم وإذا ابتدأ بالمدة وجب أن يدار القلم على سنه مثل مطة الطاء وإذا وصلت المطة بحرف مثلها كتبت بوجه القلم مثل مطة الفاء المفردة
ثم قال وهذا من أعظم أسرار الكتابة

الجملة الثانية في تناسب الحروف ومقاديرها في كل قلم
قال صاحب رسائل إخوان الصفا في رسالة الموسيقى منه
ينبغي لمن يرغب أن يكون خطه جيدا وما يكتبه صحيح التناسب أن يجعل لذلك أصلا يبني عليه حروفه ليكون ذلك قانونا له يرجع إليه في حروفه لا يتجاوزه ولا يقصر دونه
قال ومثال ذلك في الخط العربي أن تخط ألفا بأي قلم شئت وتجعل غلظه الذي هو عرضه مناسبا لطوله وهو الثمن ليكون الطول مثل العرض ثمان مرات ثم تجعل البركار على وسط الألف وتدير دائرة تحيط بالألف لا يخرج دورها عن

طرفيه فإن هذا الطريق والمسلك يوصلان إلى معرفة مقادير الحروف على النسبة ولا تحتاج في مقاييسك ما تقصده إلى شيء يخرج عن الألف وعن الدائرة التي تحيط به
فالباء وأخواتها كل واحدة منها يجب أن يكون تسطيحها إذا أضيفت إليه سنها مساويا لطول الألف فإن زاد سمج وإن قصر قبح ومقدار ارتفاع سنها وجميع السنن التي في السين والشين ونحوها لا يتجاوز مقدار ثمن الألف
والجيم وأخواتها مقدار مدتها في الابتداء لا يقصر عن نصف طول الألف
وكذلك يجري الأمر في العين والغين والسين والشين والصاد والضاد والراء والزاي كل واحدة منها مثل ربع محيط الدائرة
والدال والذال كل واحدة منهما يجب أن يكون مقدارها إذا أزيل الانثناء الذي فيها وأعيدت إلى التسطيح لا يتجاوز طول الألف ولا يقصر دونه
والسين والشين كل واحدة منهما يجب أن تكون سننها إلى فوق مثل مقدار ثمن الألف وفي العرض بمقدار نصفها وفي التعريق مثل نصف الدائرة المحيطة بالألف
والصاد والضاد مقدار عرض كل منهما في مداها مثل مقدار نصف الألف وفتحة البياض فيها مقدار ثمن الألف أو سدسها وتعريقها إلى أسفل مثل نصف الدائرة المحيطة بالألف
والطاء والظاء كل واحدة منهما في ناحية يجب أن يكون مقداره مثل مقدار جميع طول الألف وعرضه مثل نصف الألف
والعين والغين كل واحد منهما مقدار تقويسه في العرض مثل نصف الألف أو مثل الألف إذا أعيدت إلى التسطيح وأزيل تثنيه وتقويسه من أسفل مثل نصف محيط الدائرة

والفاء يجب أن يكون تسطيحه إلى قدام بعد الطالع منه من فوق مثل طول الألف
وحلقته وحلقة الواو والميم كلها إلى فوق مثل سدس الألف وإلى أسفل في الميم والواو مثل الراء
والقاف تقويسها من فوق ينبغي أن يكون مثل سدس طول الألف وتعريقها مثل مقدار نصف الدائرة
والكاف ينبغي أن يكون الأعلى منها طول الألف وفتحة البياض التي داخله مثل سدس طول الألف وتسطيحه من أسفل مثل أعلاه وكسرته إلى فوق مثل نصف طول الألف
واللام يجب أن يكون مقدار طول قائمتها مثل الألف ومدتها إلى قدام مثل مقدار نصف الألف
والنون يجب أن يكون مقداره مثل نصف محيط الدائرة
والياء ينبغي أن يكون مبدؤه دالا مقلوبة لا تتجاوز مقدار طول الألف وتعريقها إلى أسفل مثل نصف محيط الدائرة
ثم قال وهذه المقادير وكمية نسبة بعضها إلى بعض هو ما توجبه قوانين الهندسة والنسبة الفاضلة إلا أن ما يتعارفه الناس ويستعمله الكتاب على غير ذلك
وقد أشار الشيخ عماد الدين بن العفيف إلى ضوابط في ذلك على ما تقتضيه أوضاع الكتاب يجب الوقوف عندها فقال
واعلم أن مقادير الحروف متناسبة في كل خط من الخطوط وأعلم أن صاحبنا الشيخ زين الدين شعبان الآثاري في ألفيته قد جعل طول الألف سبع نقط من كل قلم ومقتضاه أن يكون العرض سبع الطول
ثم قال إن ما زاد عن ذلك فهو زائد في الطول وما كان ناقصا عن ذلك فهو

ناقص وعلى ذلك تختلف المقادير المقدرة بالألف من الحروف بنقص قدر الثمن من الطول
فالألف واللام قدر سواء في كل خط وكذلك الباء وأختاها والجيم وأختاها والعين والغين قدر سواء والنون والصاد والضاد والسين والشين والقاف والياء المعرقة قدر سواء والراء والزاي والميم والواو قدر سواء
قال وكل عراقة بدأت بها في كل خط ما فعلى مثلها يكون انتهاؤها
ثم قال فتفهم هذا القدر فإنه كثيرا ما يختلط على الكتاب الحذاق
وقد ذكر الشيخ شرف الدين بن عبد السلام من ذلك أضربا
أحدها ما هو متناسب الطول وهو خمس صور صورة الألف وصورة اللام وصورة القاف وصورة التاء وصورة الكاف ويجمعها قولك القتك وفرع عليها أربع صور يجمعها قولك بث مي
الثاني ما يجوز مده من أول السطر إلى آخره وقصره ما شاء ما لم يقصر عن طول الألف وهي الباء والكاف واللام ويجمعها قولك بكل ويتفرع عليها أخواتها
الثالث ما هو متناسب في المقدار وهو ثلاث صور يجمعها قولك ديل
والمنكب من الدال والمستلقي منها والمنسطح والمستلقي منها والمنكب من الياء بمقدار نصف ألف خطه
الرابع ما هو متناسب المساحة في حال العطف والإرسال وهي القاف والسين والباء والياء والضاد ويجمعها قولك قبس يض وكل أخت تلحق بأختها
الخامس ما هو متناسب في الإرسال وهو الميم والواو والزاي ويجمعها قولك موز

السادس ما هو متناسب في الضوء والإرسال وهو ست صور هي الفاء والقاف والهاء والميم والواو واللام ألف ويجمعها قولك فقه مولا
السابع ما هو متناسب ضوء الباطن وهو ثلاث صور الصاد والطاء والعين وأخواتها
الثامن ما هو متناسب الرؤوس وهو ثلاث الصاد والعين والطاء ويجمعها قولك صعط ويلحق بها أخواتها
التاسع ما هو متناسب في التعريج وهو العين والجيم ويجمعهما قولك عج

الجملة الثالثة فيما يجب اعتماده لكل ناحية من نواحي القلم
قد تقدم في الكلام على براية القلم أن للقلم سنا أيمن وسنا أيسر وعرضا ووجها وصدرا وأنه يتعين على الكاتب معرفة كل واحد منها ليعطي كل واحد منها حقه في الموضع الذي يقتضيه الحال
وقد ذكر السرمري في أرجوزته جملا كلية إذا عرفها الكاتب سهل عليه ما يرومه من ذلك فقال
إن كل خط منتصب الشكل كالألف ونحوه يجب في كتابته الأعتماد على سني القلم جميعا وكل خط آخذ من اليمين إلى اليسار يجب إمالة القلم فيه إلى اليسار شيء يسيرا وكل خط آخذ من اليسار إلى اليمين يجب إمالة القلم فيه إلى اليمين شيئا يسيرا وكل نقطة يعتمد فيها بسينه جميعا وكل شظية فإنها تختلس بسنه اليمنى اختلاسا وكل إرسالة تعقيب كما في الجيم والعين يعتمد فيها على السن الأيسر وكل تقعير كما في النون يكتب بالسن اليمني
وأفصح عن ذلك الشيخ عماد الدين بن العفيف فقال إن للسن الأيمن الألف واللام ورفعة الطاء والنون والباء والكاف إذا كانت قائمة مبتدأة وأواخر التعريقات والمدات وطبقة خطة الصاد والضاد

المستقلة وبدء السين والشين وللسن الأيسر الجيم وأختيها والردات وتدوير رؤوس الفاءات والهاءات والواوات والكافات المشكولة
ثم قال وكل ردة من اليسار إلى اليمين تكون بصدر القلم

الجملة الرابعة في الترويس
والذي يدخله الترويس في الجملة الألف والباء والجيم والدال والراء والطاء والكاف واللام المجموعة ويختلف الحال في ترويسها وعدمه باختلاف الأقلام
فمنها ما يروس حتما ومنها ما يمتنع فيه الترويس ومنها ما الكاتب فيه بالخيار بين الترويس وعدمه وربما روس بعض الحروف في بعض الأقلام ولم يروس في بعضها
ثم قد ذكر أهل الصناعة أن ترويس الألف كسبعه وذهب ياقوت إلى الزيادة على ذلك وترويس الباء وأختيها بقدر نقطتين وترويس الجيم بقدر نصف نصبها وترويس الصاد والطاء كالسين وترويس الفاء والقاف كالباء
وسيأتي الكلام على ترويس كل حرف منها في قلمه إن شاء الله تعالى
الجملة الخامسة فيما يطمس من الحرف ويفتح
وهي المعبر عنها بالعقد وهي صورة الصاد والطاء والعين والفاء والقاف والميم والهاء والواو واللام ألف المخففة ويختلف الحال فيها
فمنها ما لا يطمس بحال وهي الصاد وأختها والطاء وأختها والعين المفردة والمبتدأة وأختها

حذف 0

ومنها ما يطمس في بعض الأقلام دون بعض وهي العين المتوسطة والعين الأخيرة وكذلك الغين والفاء والقاف والميم والهاء والواو واللام ألف وسيأتي الكلام على ما يطمس ويفتح من ذلك في كل قلم عند ذكره
ثم الطمس فيما يطمس منها على سبيل الجواز لا على سبيل اللزوم
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف والرجوع في ذلك إلى قانون مضبوط وهو أنه كلما غلظت الأقلام كان الطمس فيها على خلاف الأصل وكلما رقت كان الفتح فيها على خلاف الأصل وذلك أننا عدلنا عن الفتح إلى الطمس لأجل التلطيف

الجملة السادسة في ذكر الأقلام المستعملة في ديوان الإنشاء في زماننا
وسيأتي في المقالة الثالثة في الكلام على ما يناسب كل مقدار من مقادير قطع الورق من الأقلام أن المقر الشهابي بن فضل الله ذكر في ذلك خمسة أقلام وهي مختصر الطومار والثلث وخفيف الثلث والتوقيع والرقاع
فمختصر الطومار لقطع البغدادي الكامل والثلث لقطع الثلثين وخفيف الثلث لقطع النصف والتوقيع لقطع الثلث والرقاع لقطع العادة
ويلتحق بالخمسة التي ذكرها ثلاثة أقلام أخر وهي الطومار الكامل والمحقق والغبار

فالطومار يكتب به السلطان علاماته على المكاتبات والولايات ومناشير الإقطاع
والمحقق استحدثت كتابته في طغراوات كتب القانات على ما سيأتي بيانه في موضعه
والغبار يكتب به بطائق الحمام والملطفات وما في معناها
وحينئذ فيكون المستعمل بديوان الإنشاء في الجملة ثمانية أقلام الطومار

ومختصر الطومار والثلث وخفيف الثلث والتوقيع والرقاع والمحقق والغبار
وقد اختلف الكتاب في تسمية قلم الثلث وما في معناه من الأقلام المنسوبة إلى الكسور كالثلثين والنصف على مذهبين
المذهب الأول ما نقله صاحب منهاج الإصابة عن الوزير أبي علي بن مقلة أن الأصل في ذلك أن للخط الكوفي أصلين من أربع عشرة طريقة هما لها كالحاشيتين وهما قلم الطومار وهو قلم مبسوط كله ليس فيه شيء مستدير
قال وكثيرا ما كتب به مصاحف المدينة القديمة وقلم غبار الحلية وهو قلم مستدير كله ليس فيه شيء مستقيم فالأقلام كلها تأخذ من المستقيمة والمستديرة نسبا مختلفة فإن كان فيه من الخطوط المستقيمة الثلث سمي قلم الثلث وإن كان فيه من الخطوط المستقيمة الثلثان سمي قلم الثلثين وعلى ذلك اقتصر صاحب منهاج الإصابة
المذهب الثاني ما ذهب إليه بعض الكتاب أن هذه الأقلام منسوبة من نسبة قلم الطومار في المساحة وذلك أن قلم الطومار الذي هو أجل الأقلام مساحة عرضه أربع وعشرون شعرة من شعر البرذون كما سيأتي وقلم الثلث منه بمقدار ثلثه وهو ثمان شعرات وقلم النصف بمقدار نصفه وهو اثنتا عشرة شعرة وقلم الثلثين بمقدار ثلثيه وهو ثمان عشرة شعرة
وإلى ذلك كان يذهب بعض مشايخ الكتاب الذين أدركناهم وعليه اقتصر المولى زين الدين شعبان الآثاري في ألفيته
وهذه صور حروف الأقلام السبعة التي تستعمل في ديوان الإنشاء ولوازمه

وهي الطومار ومختصره والثلث وخفيف الثلث والرقاع والمحقق والغبار في حالتي الإفراد والتركيب

القلم الأول قلم الطومار
بإضافة قلم إلى الطومار والمراد بالطومار الكامل من مقادير قطع الورق أصل عمله وهو المعبر عنه في زماننا بالفرخة فأضيف هذه القلم إليه لمناسبة الكتابة به فيه
وقد تقدم أنه قلم جليل قدر الكتاب مساحة عرضه بأربع وعشرين شعرة من شعر البرذون وبه كانت الخلفاء تكتب علاماتهم في الزمن المتقدم في أيام بني أمية فمن بعدهم
فقد حكى أحمد بن إبراهيم الدورقي في مناقب عمر بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز أتي بطومار ليكتب فيه فامتنع وقال فيه ضياع الورق وهو من بيت مال المسلمين وبالضرورة فلا يكتب في الطومار إلا بقلم الطومار وهذا دليل على أنه كان موجودا فيما قبله وأظنه من الأمور التي رتبها معاوية بن أبي سفيان إذ هو أول من قرر أمور الخلافة ورتب أحوال الملك وبه استقرت كتابة ملوك الديار المصرية من لدن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وهلم جرا إلى زماننا

قال صاحب منهاج الإصابة ويكون من لب الجريد الأخضر ويؤخذ منه من أعلى الفتحة ما يسع رؤوس الأنامل
قال ويمكن أن يكون من القصب الفارسي
قلت والذي استقر عليه الحال في كتابة العهود بالديار المصرية بقصب البوص الأبيض الغليظ الأنابيب ينتقى قصبه من جزائر الصعيد بالوجه القبلي وفي كل سنة يجهز بريدي بطلب هذه الأقلام من ولاة الوجه القبلي ويؤتى بها فتحفظ عند كاتب السر ويبرى منها ما يحتاج إليه في كتابة السلطان ويوضع في دواته بقدر الحاجة
قال في منهاج الإصابة ولا بد فيه من ثلاثة شقوق أو أكثر بقدر ما يحتاج إليه في مج القلم الحبر في القرطاس
واعلم أن للكتاب فيه طريقتين
إحداهما طريقة الثلث فتجري الحال فيه على الميل إلى التقوير
والثانية طريقة المحقق فتجري الحال فيه على الميل إلى البسط دون التقوير وسيأتي إيضاح الطريقتين وكيفية تشكيل حروفهما فيما بعد إن شاء الله تعالى
وقد ذكر السرمري في أرجوزته اختصاص قلم الطومار بأمور
أحدها أن مستداراته كلها تكون بوجه القلم والمدات بسنه والتعاريق بوجهه منفتلا فيها على اليمين

الثاني أن الميم منه تكون مفتوحة مدورة
والفاء والقاف فيه أوساطها محددة وجنباتها مدورة
الثالث أن يكون البياض بين الأحرف كمثله بين السطور
الرابع أن يكون الفضل من جانبي القرطاس متساويا في المقدار
الخامس ألا يكون فيه صاد مدورة ولا كاف مشكولة
وذكر المولى زين الدين شعبان الآثاري في ألفيته أنه يدخل فيه الترويس في الألف والباء والجيم والدال والراء والطاء والكاف المجموعة واللام والنون في الإفراد والتركيب عند الابتداء وأنه لا يجوز فيه الطمس في شيء من عقدة كالصاد والطاء والفاء والقاف والميم والهاء والواو واللام ألف المحققة بحال والمعنى فيه أن الطمس لا يليق بالخط الجليل
وهذه صورة كتابة اسم السلطان في المكاتبات والولايات وغيرها منسوبا للسلطان الملك الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون

صورة ما يكتب في جليل المكاتبات

صورة ما يكتب في متوسطات المكاتبات

صورة ما يكتب في صغار المكاتبات

وهذه صورة كتابة العلامة على المناشير للإقطاع لمن علامته الله أملي بياء راجعة

القلم الثاني قلم مختصر الطومار
بإضافة قلم إلى مختصر وربما قيل فيه مختصر الطومار المضاف وهو الذي يكتب به في قطع البغدادي الكامل
وقد ذكر المولى زين الدين شعبان الآثاري في ألفيته أن مقدار مساحته ما بين كامل الطومار وبين قلم الثلثين وحينئذ فيكون مقداره ما بين عرض ست عشرة شعرة من شعر البرذون وبين أربع وعشرين شعرة والحامل له على ذلك أن أعلى ما وضعوه من الأقلام المنسوبة لكسر من الكسور قلم الثلثين وهو عرض ست عشرة شعرة فلو كان مرادهم بمختصر الطومار هذا المقدار لعبروا عنه بقلم الثلثين دون مختصر الطومار فتعين أن يكون فوق ذلك ودون الطومار الكامل فيكون ما بين عرض ثمان عشرة شعرة وعرض أربع وعشرين شعرة
ثم هذا القلم يجوز أن يكتب به على طريقة الثلث في الميل في حروفه إلى التقوير وعلى ذلك يكتب كتاب ديوان الإنشاء في عهود الملوك عن الخلفاء والمكاتبة إلى القانات العظام من ملوك بلاد الشرق
ويجوز أن يكتب به على طريقة المحقق في الميل في حروفه إلى البسط كما في الطريقة الثانية من قلم الطومار وسيأتي ذكر تشكيل الثلث فيما بعد إن شاء الله تعالى
ولا يخفى أن هذا القلم بالنسبة إلى الترويس وعدم الطمس على ما تقدم في الطومار للحوقه به في الجلالة وسعة مساحة العرض

وهذه صورة كتابته

القلم الثالث
قلم الثلث
بإضافة قلم إلى الثلث ويقال فيه الثلث بحذف المضاف وهو الذي يكتب به في قطع الثلثين
وقد تقدم اختلاف الكتاب في نسبته هل هو باعتبار التقوير والبسط أو باعتبار أنه ثلث مساحة الطومار من حيث إن عرض الطومار أربع وعشرون شعرة من شعر البرذون وعرض الثلث ثمان شعرات وهي الثلث من ذلك وقطة هذا القلم محرقة لأنه يحتاج فيه إلى تشعيرات لا تتأتى إلا بحرف القلم وهو إلى التقوير أميل منه إلى البسط بخلاف المحقق على ما سيأتي ذكره والترويس فيه لازم
وقد ذكر المولى زين الدين شعبان الآثاري في ألفيته أنه يروس فيه من الحروف الألف المفردة والجيم وأختاها والطاء والكاف المجموعة واللام المفردة والسنة المبتدأة وعقده من الصاد وأختها والطاء وأختها والعين وأختها والفاء والقاف والميم والهاء والواو واللام ألف المحققة كلها مفتحة لا يجوز فيها الطمس بحال
وهو على نوعين
النوع الأول
الثلث الثقيل
وربما قيل فيه ثقيل الثلث وهو المقدرة مساحته بثمان شعرات على ما تقدم ذكره وهذه صوره مفردة ومركبة
الألف على ضربين مفردة ومركبة فالمفردة على ثلاثة أنواع
الأول الألف المطلق

وطريقه أن تبتدئ فيه بصدر القلم من قفا الألف ثم تصعد إلى هامتها فإذا بلغتها نزلت بعرض القلم إلى وجهه ثم تنزل بوجه القلم معتمدا في نزولك على السن اليمنى حتى إذا بلغت شاكلة الألف أدرت القلم برفق حتى تختمه بحرفه

الثاني المشعر
وطريقه كالذي قبله إلا أنه إذا جئت آخر الألف عطفت ذنبها ويكون موصولا بغيره فإن لم يوصل بغيره فالغالب أن يكون مطلقا
الثالث المحرف
وطريقه أن يبدأ فيه من هامة الألف بوجه القلم فتضعه على تحريفه وتنزل به مستويا حتى إذا بلغت شاكلته أدرت حرف القلم على ما مضى من الشرط في المطلق والمشعر
الضرب الثاني
المركب مع غيره من الحروف
ولا يكون إلا طرفا أخيرا إذ لا يوصل بما بعده لأن الألف مطية يركب عليها ولا تركب وطريقه أنك تصعد به بعد تمام الحرف الذي قبله بصدر القلم عكسا لنزولك بالألف المحرف فإذا بلغت هامة الألف وقفت بالقلم حتى يكون بمنزلة رأس الألف المحرف
وكذلك يفعل في اللام الطالع وهذه صورته

الطالع
الصورة الثانية
صورة الباء وهي ضربين
الضرب الأول المفردة
وهي على ثلاثة أنواع مجموعة وموقوفة ومبسوطة
ولك في ابتدائها في الثلاث الصور وجهان إن شئت بدأت من قفاها بتشعيرة على ما مضى من صفة الألف المطلق وهو مذهب الأستاذ أبي الحسن وإن شئت بصدر القلم
ثم لكل صورة منها طريقة تخصها
فأما
المجموعة
فطريقها أن تبدأ من رأسها بوجه القلم حتى إذا بلغت فتلة الباء وهي الإدارة الخفية التي تجمع بين الخط القائم والمبسوط فتلت القلم ومططت الباء بصدر حتى إذا صرت إلى آخرها ختمت بحرف القلم الأيمن ونثرت يدك برفق حتى ترفع ذنب الباء حتى يجيء رأسها في نهاية الدقة
المجموعة
وأما الموقوفة فطريقها كطريق المجموعة في جميع ما تقدم إلا أنك إذا بلغت المكان الذي ترفع فيه من ذنب المجموعة وقفت فيه بعرض القلم فتأتي مطة معرفة كتعريف القلم

الموقوفة
وأما
المبسوطة
المبسوطة
المركبة
وأما المركبة فعلى نوعين متوسطة ومتطرفة
فأما المتوسطة فلها حالان
أحدهما أن يكون قبلها وبعدها مثلها فتكون الوسطى مرتفعة على أخواتها
وإذا رفعتها أكثر من أخواتها رجعت في خط يلاصقها
وهذا في كل حرف صغير كالنون والباء والتاء
والثاني ألا يكون قبلها وبعدها مثلها فهي كإحدى السنات
وأما المتطرفة فلها حالان أيضا
أحدهما أن تكون مبتدأة وهي التي تكون في أول الكلمة فطريقها أن تبدأ فيها بعرض القلم تحدرا من يمينك إلى يسارك وهي تصحب الجيم وأختيها
الثاني أن تكون في آخر الكلمة وتكون محذوفة الرأس للتركيب كرأس السين المبسوطة وتكون صورة مدتها كصورة المفردة سواء في جميع أحوالها في الجمع والبسط والوقف وهذه صورها

مركبة مجموعة
مركبة موقوفة
مركبة مبسوطة
الصورة الثالثة
صورة الجيم وما شاكلها
وهي على أربعة أضرب مرسلة ومسبلة ومجموعة وملوزة
وابتداء جميع الصور على وجهين من رأسها ومن جبهتها
فأما المبتدأة من رأسها فيخير الكاتب فيها بين أمرين إن شاء جعلها جرا وإن شاء جعلها مشعرة فإنها يبدأ فيها بصدر القلم وهو مذهب الأستاذ أبي الحسن والمشعرة يخطفها بحرف القلم أو بصدره على ما مضى فإذا بلغت جبهتها أدرت فجررت بوجه القلم وأنت في الجرة بالخيار إن شئت جئت بها على خط مستقيم وإن شئت رطبتها شيئا يسيرا فإذا بلغت قفاها كنت أيضا مخيرا إن شئت رجعت في الخط الذي جئت فيه وإن شئت رجعت في خط تحته يلاصقه بصدر القلم فإذا وصلت تحت هامة الجيم أدرت القلم على تحريفه فنزلت بعرضه حتى إذا بلغت آخر عجز الجيم ختمتها بحرف القلم ولا يخرج صدر الجيم عن الخط الموازي لجبهتها كما لا يجوز أن يخرج طرف ذنبها عن الخط الموازي لقفاها حتى لو نصب عليها خطوطا لناسبت أعاليها أسافلها وهذه صورتها
مفردة مرسلة

وأما المسبلة فإنها كالمرسلة في الصورة والصفة والفرق بينهما أنك في المرسلة إذا بلغت الصدر ونزلت فيه أسبلت ذنبها وهذه صورتها

مفردة مسبلة
وأما المجموعة فإنها كالمرسلة أيضا في جميع أوصافها ويزيد عليها أنك إذا وفيت بها على ما مضى من صفة المرسلة رددت ذنبها على عجزها فصارت هنالك دائرة وهذه صورتها
مفردة مجموعة
وأما الملوزة فإنها لا تكون إلا قبل الألف
وطريقها أن تبدأ بعرض القلم من تحت الألف فيما تقدر فإذا بلغت جبهة الجيم جررت بوجه القلم جرة مبطنة حتى يصير البياض الأوسط لوزة محققة فترفع الألف مع جبهة الجيم وتبقى تحت ذنب الألف بقية رأس الجيم وهذه صورتها
مبتدأة مركبة ملوزة

وزاد المتأخرون صورة أخرى تسمى الرتقاء وصورتها أنك تبتدئ برأس واو من واوات الثلث مفردة وتكون مرتفعة الرأس بقدر نقطة من نقط الخط ثم تكمل عليها ببقية العمل المتقدم ذكره على الثلاث الحالات المتقدمة في الباب وهي المرسلة والمسبلة والمجموعة وهذه صورها
رتقاء مرسلة
رتقاء مسبلة
رتقاء مجموعة
وزاد المتأخرون صورا أخرى في التركيب وهي ثلاث أولى ووسطى وأخيرة
أما الأولى فابتداء العمل فيها كابتداء العمل في الثلاث الحالات الأول ثم تكمل بالحرف الذي تريد وهذه صورتها

مركبة مبتدأة محققة
وتارة تكون ملوزة وهي التي تصحب الألف وما شابهها كالدال واللام واللام ألف وقد صوروها مع الألف فتقاس على ما عداها

وهذه صورتها مع اللام وهذه صورتها مع اللام ألف وهذه صورتها مع الدال
مركبة مبتدأة ملوزة مع شبه الألف
مركبة مبتدأة ملوزة مع شبه الألف
مركبة مبتدأة ملوزة مع شبه الألف
وأما المتوسطة فالعمل فيها كالعمل في المبتدأة المحققة المركبة كما تقدم ولكن بغير ترويس وهذه صورتها

مركبة متوسطة محققة
وأما الأخيرة فالعمل فيها كالعمل في الثلاث الحالات الأول المرسلة والمسبلة والمجموعة ولكن بغير ترويس وهذه صورها
مركبة مختتمة مرسلة
مركبة مختتمة مسبلة
مركبة مختتمة مجموعة

الصورة الرابعة
صورة الدال وأختها وهي على ضربين
مفردة
ومركبة
الضرب الأول
المفردة
ولها صورة واحدة وهي شكل مثلث على زاوية واحدة ويجمع طرفها جمعا يسيرا وهذه صورتها
مفردة
الضرب الثاني
المركبة
ولها أربعة أشكال مجموعة ومبسوطة ومخطوفة ومقطوفة
أما المجموعة فإنك ترفعها بعد فراغك من الحرف الذي قبلها ولك في ذلك مذهبان
أحدهما مذهب الوزير أبي علي بن مقلة
والثاني مذهب الأستاذ أبي الحسن بن البواب وطريقه أن ترفعها مائلا إلى اليسار ميلا خفيفا
ثم على كلا المذهبين ترجع بخط يلاصق الخط الذي صعدت به وبظهر القطة في الانتهاء وتأتي بالعراقة على شكل عراقة الدال المفردة في الجمع وهذه صورتها

مجموعة مركبة
وأما المبسوطة فحكمها في جميع صفاتها حكم المجموعة إلا أنك إذا نزلت في المبسوطة إلى العراقة وفتلتها أرسلت العراقة بعرض القلم وهذه صورتها
مركبة مبسوطة
وأما المخطوفة فهي كالمجموعة أيضا إلا أنك تخطفها بحرف القلم وتختمها بأدق ما تقدر عليه من النحافة وهذه صورتها
مركبة مخطوفة
وأما المقطوفة فهي كالمخطوفة إلا أنك بعد الفتلة تبقي لها ذنبا صغيرا بحرف القلم وهذه صورتها
مركبة مقطوفة

الصورة الخامسة صورة الراء وأختها وهي على ضربين مفردة ومركبة
الضرب الأول
المفردة
ولها ثلاثة أشكال مجموعة ومبسوطة ومقورة وابتداؤها في جميع الصور على وجهين
أحدهما أن تبدأ من قفاط صاعدا إلى هامتها ثم تنزل إلى وجهها
والثاني أن تبدأ بها حدا من رأسها وهو مذهب الأستاذ أبي الحسن بن البواب
ثم لكل واحدة منها بعد ذلك عمل يخصها فأما المجموعة فطريقها أن تبدأ فيها بوجه القلم وتنزل على خط الاستواء بقدر ربعها ثم تدير القلم وتبدأ في العراقة بصدر القلم ويكون تنزيلك إياها أكثر صبا من الباء المفردة قليلا فإذا عرفت مثلي ما نزلت به أولا على خط الاستواء نثرت يدك بالقلم إلى فوق وأنت تريد ذات اليمين بإشارة لطيفة ويكون ختمها بسن القلم اليمنى وهذه صورتها
مفردة مجموعة
وأما المبسوطة فطريقها أن تنزل بها على ما ذكرناه وترسل ما عرفت منها على ما تقدم في الدال المجموعة وتنقص منها النثرة الأخيرة وتحدد طرفها وهذه صورتها
مفردة مبسوطة

وأما المقورة فطريقها أن تنزل بأقل مما ذكرناه شيئا يسيرا وهذه صورتها

مفردة مقورة
الضرب الثاني
المركبة
ولها أربعة أشكال مخطوفة ومقطوفة وبتراء ومدغمة
فأما المخطوفة فهي كالمقورة في الصورة غير أن عراقتها بحرف القلم وهذه صورتها
مركبة مخطوفة
وأما المقطوفة فإنك تبقي لها ذنبا صغيرا وهذه صورتها
مركبة مقطوفة
وأما البتراء فإنك تقطفها من الثلثين فتحذف ثلثها وتأتي بها مستدقة الطرف وهذه صورتها
مركبة بتراء

وأما المدغمة فإنها تصلح بعد كل حرف وتقبح بعد المد وسميت مدغمة مجازا وإلا بالحرف الذي قبلها هو الذي يدغم فيها لكنهم لما حذفوا منها شيئا لقبوها بذلك ولا بد أن تحذف من الحرف الذي قبلها شيئا من آخره وتحذف منها شيئا من أولها وتبقي من كل واحد منهما ما يدل عليه وهذه صورتها

مركبة مدغمة
الصورة السادسة
صورة السين
وحكمها في حالتي الإفراد والتركيب سواء غير أنها في حالة الإفراد تزيد العراقة وعراقتها كعراقة النون في الجمع والبسط والتقوير وسيأتي الكلام على ذلك في حرف النون إن شاء الله تعالى
ثم هي على نوعين محققة ومعلقة
فأما المحققة فلها شكلان مظهرة ومدغمة فطريق المظهرة أن تبدأ بوجه القلم ثم تدير القلم منها إلى أختها إدارة لطيفة في نهاية الاعتدال وتحدد رأس الثانية بسن القلم اليمنى ويكون الذي بين الأولى والثانية أقل مما بين الثانية والثالثة وهو مذهب الأستاذ أبي الحسن بن البواب
وإذا كان قبلها شيء يكون سواء ويجوز أن تكون مصدرة مقلوبة وهذه صفتها
محققة مظهرة

وأما المعلقة فصفتها أنك تحذف السين حذفا وتقيم جرة مقامها وتبدؤها بوجه القلم عاملا إلى آخرها
هذا إذا كانت مبتدأة فإن كانت متوسطة فالأولى أن تكون محققة ولا بد من جر فوق المعلقة نقطت أو لم تنقط وهذه صورتها

مبتدأة معلقة
وتحسن قبل الكاف المشكولة وقبل الألف ولا تكون قبل الصاد والعين والكاف المعراة وقيل إنها لم تر في خط ابن البواب إلا مفردة
الصورة السابعة
صورة الصاد
والكلام في عراقتها كالكلام في عراقة السين من الجمع والبسط والتقوير وسيأتي الكلام على ذلك في حرف النون
نعم لا تكون عراقتها إلا حديدة الطرف في جميع صورها ولا يجوز فيها الوقف بحال
أما نفس الصاد فلها شكل واحد وهي تقارب التلويزة وللناس فيها مذهبان الأول إظهار مبدأ الصاد تحت رأس العراقة والآخر إخفاؤه وفي كلا المذهبين لا بد من ظهور رأسها شيئا يسيرا فإن كانت متوسطة فيكون رأسها بحرف القلم محدد الطرف
وإن كانت مفردة أو متطرفة فإنها تكون عريضة الرأس بوجه القلم
وإذا ركبت على خط قبلها لا يكون خطا على خط ولا يظهر أكثر من خط واحد وهذه صورتها

مجموعة
الصورة الثامنة
صورة الطاء وأختها وهي على ثلاثة أنواع موقوفة ومرسلة ومحققة
فأما الموقوفة فطريقها أن تبدأ بها على صورة الألف المطلق فإذا وفيت به رجعت طالعا من تلقاء ذنب الألف حتى تقارب شاكلته فترجع إلى يمينك فتركب عليه شكلا على صورة اللوزة وتخرج ذنب اللوزة من تحت الألف وتقف عليه بعرض القلم فتظهر القطة وهذه صفتها
مفردة موقوفة
وأما المرسلة فهي على نحو ما تقدم في الموقوفة غير أن الجرة السفلى ها هنا مبطنة وفي الموقوفة على خط مستقيم وهذه صفتها
مفردة مبسوطة
وقد اختلف الكتاب في رأس الطاء فكان بعضهم يذهب أن يكون على طرف اللوزة من غير ركوب عليها وهو أحد المذاهب فيها

قال الشيخ أبو القاسم سألت بعض مشايخي عن طي كيف يكون وضع الياء فيها بحضرة جماعة من الكتاب فقال تكتب طاء جيدة بعدها ياء حسنة فقلت الحمد لله الذي أبقى على جديد الأرض من يحسن صفة الخط بمثل هذا الضبط
فلما أردت الانصراف أشار إلي أن اجلس فجلست حتى انصرف القوم فقال قد كنت سألت عنها شيخنا أبا الحسن بن هلال فقال لي إذا فرغت من الطاء فاحذف رأس الياء بذنب الطاء ثم تممها على مذهبك في الياء أنى شئت ولا تخرج صدر الياء من تحت رأس الطاء
وعلامة صحتها أنك إذا حذفت لوزة الطاء بقيت في نهاية الصحة إن كان بعدها ياء وإن كان بعدها واو بقيت أيضا في نهاية الكمال
قال الشيخ أبو القاسم فينبغي أن يكون رأسها في آخر اللوزة ولا يكون مركبا على ظهرها لأنه إذا تركب بطل هذا القياس
وأما المحققة فإنك تبدأ فيها على صورة اللام المبتدأة المعلقة ويأتي الكلام على ذلك في حرف اللام إن شاء الله تعالى
وأكثر ما تستعمل هذه الطاء إذا كانت مشعرة بألف قبلها وألف بعدها فتستحسن وهذه صفتها

متوسطة بين قائمين

واعلم أنه لا بد للطاء من مدة قبلها تركب عليها ويكون طرفها ينتهي إلى تحت رأس الطاء من غير زيادة ولا نقصان ويجوز في طرف هذه المدة الجمع وعدمه وكلا المذهبين حسن

الصورة التاسعة
صورة العين وأختها ولها حالان
الحال الأول ألا تكون متصلة بما قبلها وهي على نوعين
ملوزة
ومركبة
فأما الملوزة فإنك تبدأ فيها من رأس العين بحرف القلم في غاية الدقة حتى إذا وصلت إلى هامتها مكنت إدارة قلمك فصرت عاملا بوجهه إلى قمحدوة العين فتصير على صورة اللوزة وتكون هذه العين قبل الهاء المدغمة وهذه صفتها
ملوزة
وتكون أيضا قبل هاء الردف وهذه صورتها
ملوزة مع هاء الردف
وأما المركبة فهي مركبة من راءين محققة ومعلقة وابتداؤها على ما تقدم

في الملوزة غير أنك إذا صرت إلى هامتها وأردت القمحدوة نزلت على خط مستقيم أو قريب من الاستقامة
والذي وجد بخط الأستاذ أبي الحسن بن البواب على الاستقامة وهذه العين لا يكون بعدها إلا حرف طالع كالألف واللام وما جرى مجراهما وهذه صفتها

مركبة وثعلبة
وكثير من الكتاب يخلطونها مع ما قبلها كالجماعة والبضاعة فإنهم يردون من الألف إلى العين جرة مبطنة يجعلونها عالية العين وهي مستحسنة ولا بد لها من ألف قبلها وحرف طالع بعدها وهذه صفتها
مردوفة ومشكولة
الحال الثاني أن يكون قبلها شيء متصل بها وتسمى المربعة وهي على نوعين منورة ومطموسة
فأما المنورة وتسمى المحققة فإنك إذا خرجت من الحرف الذي قبلها أتبعت خطا محدودبا مبطنا إلى يسارك بصدر القلم ثم حررت عالية العين بوجه القلم ثم على الجرة الأولى جرة تناقضها مثلها في القدر والمساحة بقطع الخط الأول ثم إن كنت معرقة وإن كانت غير ذلك أتبعتها ما بعدها

وعلامة صحتها أن تلتمس البياض الذي في وسطها فإن تناسبت زواياه فهو في غاية الصحة وقد تم تركيبها وإلا فتحرر حتى يصح ما رسم وهذه صفتها

مربعة مفتوحة
وأما المطموسة وتسمى المعلقة ولا تكون إلا في قلم التوقيعات والرقاع فصفتها أن تكون وقصاء غير مفتوحة ولا يجوز فيها من العراقات غير المجموعة وهذه صورتها
معلقة مطموسة
ثم إن كانت معرقة مفردة أو مركبة فالعراقة على ثلاثة أنواع مسبلة ومرسلة ومجموعة كعراقات الجيم
فأما المسبلة فإنك إذا نزلت من ظرها أسبلت العراقة فتكون أكثر من نصف الدائرة ولا يخرج الصدر عن الرأس ولا الظهر عن القمحدوة بل يكون كل واحد منهما مساويا لما فوقه غير زائد عليه ولا ناقص عنه
وكان الوزير أبو علي بن مقلة رحمه الله يقول المرء على ترك شيء مما يعمله أقدر منه على تكلف شيء لم يعتده ويأمر الطلبة بإخراج ذنب العين من تحت صدرها وهذه صورتها

مفردة مسبلة
وأما المرسلة فإنك تأتي بالعراقة نصف دائرة محققة وتتأمل فيها من المسامتة ما وصف في المسبلة والمسبلة تكون حديدة الطرف والمرسلة يجوز فيها التحديد والوقف والتحديد مذهب الأستاذ أبي الحسن بن البواب وهذه صورة التحديد وهذه صورة الوقف
مفردة مرسلة
وأما المجموعة فإنها كالمرسلة أيضا في جميع أوصافها وتزيد عليها أنك إذا وفيت بها على ما مضى من صفة المرسلة رددت ذنبها على عجزها فصارت هنالك دائرة وهذه صفتها

مفردة مجموعة
الصورة العاشرة
صورة الفاء وهي على ضربين مفردة ومركبة
فأما المفردة فعلى ثلاثة أقسام مجموعة ومبسوطة وموقوفة وقد تقدم الكلام على هذه العراقات في حرف الباء فأغنى عن إعادته هنا وهذه صفة العراقات الثلاث
مجموعة
موقوفة
مبسوطة
وأما المركبة فإنها تكون مقلوبة وذلك أن بياضها يكون الحاد منه في ملتقى الخطين اللذين يتقاطعان في ذهابها ومجيئها ويكون عرضه عند هامتها وهذه صفة المتوسطة
متوسطة

الصورة الحادية عشرة
صورة القاف وهي على ضربين أيضا مفردة ومركبة
فأما المفردة فحكم رأسها حكم الفاء وحكم عراقتها حكم النون وستأتي غير أنها تكون
مفردة مبسوطة
وهي مستحسنة بخلاف النون وهذه صفتها
مفردة مبسوطة
وأما المركبة فإنها كالفاء في جميع ما تقدم فلا حاجة إلى تمثيلها
الصورة الثانية عشرة
صورة الكاف وهي على ثلاثة أنواع مبسوطة ومشكولة ومعراة ولكل واحدة منها
موضع يخصها
فأما المبسوطة فتكون مفردة ومركبة وإفرادها قليل والمركبة منها موضعها الابتداءات والوسط ولا تكون طرفا أخيرا بحال وطريقها أن تبدأ فيها بصدر القلم من رأسها حتى ترد جبهتها فتخط عاليتها بوجه القلم وتفتل على هذا المنهاج إلى المطة السفلى وتمطها بصدر القلم وتقط ذنبها وتتوخى في عاليتها أن يكون على خط مستقيم لتجعلها قالبا للمطة السفلى واعتبار صحتها باعتبار البياض الذي في وسطها إذا استقام استقامت وهذه صورتها في الإفراد والتركيب والابتداء

مفردة مبسوطة
مبتدأة مبسوطة
متوسطة مبسوطة
وأما المشكولة فلا تكون إلا مركبة وموضعها الابتداءات والوسط ولا تنفرد البتة وتكون على هيئة شق لوزة فإن وصلت بألف أو لام تبينت ولا يخرج الحرف الذي يكون بعدها من تحت رأسها أصلا لأن الكاف المبسوطة والمشكولة لا يجوز أن يأتي بعدهما مدة وإنما سميت مشكولة للجرة التي عليها وهذه صورتها في الابتداء وفي الوسط
مبتدأة مشكولة
متوسطة مشكولة
وأما المعراة فلا تكون إلا طرفا أخيرا وهي في الصورة والشبه كاللام المطلقة والفرق بين اللام والكاف المعراة أن القائم من الكاف ثلثا المبسوط والمبسوط من اللام كالقائم فيها وهذه الكاف لا تجمع أبدا فإن مواضعها أواخر السطور وهذه صفتها

مفردة معراة

الصورة الثالثة عشرة
صورة اللام وهي على ضربين مفردة ومركبة
الضرب الأول
المفردة وهي على نوعين مجموعة ومطلقة
فأما المجموعة فطريقها أن تبدأ من قفاها على نحو ما وصف في الألف المطلق لأن الألف واللام يجريان على نظام واحد في كل خط لأنهما صاحبان كالباء والتاء وكالحاء والخاء وكالعين والغين
فإذا وصلت إلى شاكلته عرقت اللام عراقة أكثر حدورا من الباء وجمعت ذنبها كما تقدم في حرف الراء وهذه صفتها
مجموعة
مطلقة
الضرب الثاني
المركبة
وهي على قسمين محققة ومبتدأه معلقة
فأما المبتدأة المحققة فهي كالمرسلة غير أنها محذوفة المطة لأجل التركيب وهذه صفتها
مبتدأة محققة

وأما المبتدأة المعلقة فتنزل فيها بعرض القلم مائلا من يمينك إلى يسارك وهي تختص بثلاثة أحرف من سائر الحروف وهي الجيم والحاء والخاء ويكون مبتدؤها يوازي قفا الجيم من غير زيادة ولا إشارة إلى العراقة وهذه صفتها

مبتدأة معلقة
الصورة الرابعة عشرة
صورة الميم
وهي على خمسة أضرب محققة ومعلقة ومسبلة ومبسوطة ومفتولة
الضرب الأول
المحققة وهي على نوعين مبتدأة وغير مبتدأة
فأما المحققة المبتدأة فإنها كثيرا ما تصحب اللام وصفتها إذا أردت وضعها أنك إذا صرت إلى آخر الحرف الذي تريد منه الميم المحققة تميل فيه يسيرا ثم ترجع بخط آخر بجواره طالعا فيه ثم تعرق كتعريق الميم المعلقة وهذه صفتها
مبتدأة محققة

وكان الشيخ عماد الدين بن العفيف إذا انتهى من الحرف الذي قبل هذه الميم يقف فيه ثم يبدأ من يمينه براء مدغمة وهذه صفتها

محققة مختتمة
وأما المحققة غير المبتدأة
الضرب الثاني
المعلقة وهي على نوعين مبتدأة وغير مبتدأة
فأما المعلقة المبتدأة فإنها لا تحسن إلا مشعرة مع ما قبلها ولا تكون إلا قبل الألف وهذه صفتها
معلقة مبتدأة
وأما المعلقة غير المبتدأة فإنها تختص بالبسملة على مذهب الحذاق
وطريقها أنك إذا مططت إلى آخر المطة رجعت بالميم في الخط الذي جئت فيه حتى إذا بلغت هامتها فارقت ذلك الخط لئلا تجيء منافرة فإذا

وصلت إلى جبهة الميم عرقتها على ما رسم في الراء المجموعة والمقورة والمبسوطة والمخطوفة
وكان الأستاذ أبو الحسن بن البواب لا يفردها وهذه صفتها

معلقة مختتمة
وأما المعلقة المبتدأة فإنك تبدأ فيها كابتداء المحققة فإذا بلغت فتلتها ألصقت مدتها بقفاها والأولى أن تكون مطموسة فإذا بلغت جبهتها عرقت كتعريق الراء المدغمة لا يستعمل فيها غير ذلك وهذه صفتها
معلقة مبتدأة
الضرب الثالث المسبلة
ولا بأس بتركيبها وانفرادها غير أنك إذا وصلت إلى جبهتها أسبلت عراقة كهيئة الألف ملأى من فوق وتكون حديدة الطرف وهذه صفتها
مفردة مسبلة
مركبة

الضرب الرابع المبسوطة
وهي كالمحققة وهي مفردة وهذه صفتها
مبسوطة
الضرب الخامس المفتولة
وأكثر مواضعها بعد الهاء المدغمة على مذهب الحذاق
وبعض الكتاب يجيزها مع غير الهاء والأول أجود
وطريقها أنك إذا جئت بها بعد الهاء المدغمة تقوس بصدر القلم ثم تنزل بقدر ما قوست ثم تدير الميم عن يمينك وترد إلى يسارك شكلا مدورا وتعرقها على ما تقدم في المعلقة والمحققة وهذه صفتها
مفتولة
الصورة الخامسة عشرة صورة النون وهي على ضربين مفردة ومركبة
الضرب الأول
المفردة
وهي على أربعة أنواع مجموعة ومقورة ومبسوطة ومدغمة

فأما المجموعة فطريقها أن تبدأ بوجه القلم على خط مستقيم فإذا نزلت منها بمقدار ما ينزل من الباء وبلغت الفتلة أدرت القلم برفق من الفتلة بصدر القلم ثم تصير العراقة جمعا بصدر القلم حتى إذا بلغت ذنبها ختمت بحرف القلم وهذه صفتها

مفردة مجموعة
وأما المقورة فإنها تكون كنصف دائرة ويكون ذنبها موازيا لرأسها من غير زيادة عليه ويجوز أن يكون ناقصا عنه شيئا يسيرا وذلك قليل وهذه صفتها
مفردة مقورة
وأما المبسوطة فأكثر ما تكون متطرفة ولا تكون مفردة بحال
وطريقها أنك إذا نزلت على ما وصف في المجموعة وبلغت بها الفتلة وأدرت صدر القلم إلى العراقة جعلتها قطعة قوس من دائرة عظمى حتى يكون فيها تبطين يسير وتختمها بحرف القلم ولا يجوز في شيء من مبسوطات العراقة أن يكون مرفوعا ولا يجوز أن يكون إلا حديد الطرف وهذه صفتها
مفردة مبسوطة
وأما المدغمة فإنها لا تنفرد البتة ولا تحسن إلا مع ثلاثة أحرف مع الميم وهي كثيرة المؤاخاة لها ومع الكاف ومع العين

وكان بعض الكتاب يأبى إدغام النون ويكرهه إلا الأستاذ أبا الحسن بن البواب
ولا يتقدم هذه النون من سائر الحروف إلا ثلاثة أحرف الميم المعلقة من سائر الميمات والعين الملوزة وهي الصادية من أشكال العين خاصة والكاف المشكولة من أشكال الكاف خاصة
وطريقها أنك إذا بلغت قفا الميم أو صدر العين أو قاعدة الكاف صببت النون صبا في عرض اللام المبتدأة المعلقة فإذا صببت ثلثيها ختمت العراقة على ما رسم في الراء المدغمة وعراقة الميم المدغمة وهذه صورها
مدغمة مع الميم
مدغمة مع الكاف
مدغمة مع العين

الصورة السادسة عشرة صورة الهاء وهي على ضربين مفردة ومركبة
الضرب الأول
المفردة وهي على نوعين معراة ومركبة
فأما المعراة فطريقها أن تبدأ من رأسها بوجه القلم ثم تنزل إلى عجزها مميلا إلى ذات اليمين شيئا يسيرا ثم تفتل إلى قاعدتها بصدر القلم إلى صدرها ثم تصعد بمثل ما كنت انحدرت به من وجهها إلى قفاها وهذه صفتها

معراة
وأما المركبة فهي في الصورة قريبة من المعراة إلى صدرها فإذا بلغت صدرها وأنت طالع إلى وجهها رفعته بعرض القلم وأخرجت وجه الهاء إلى قفاها والكاتب مخير بين التقليل والتكثير في ذلك
ويكون الطرف الخارج إلى قفاها محددا وهذه صفتها
مركبة
وإنما سميت مركبة وإن كانت مفردة مجازا لتركيب طرفها وإلا فالمراد بالمركب كيفما وقع في المصطلح المختلط بغيره
الضرب الثاني
المركبةوهي على قسمين
القسم الأول
المشقوقة وهي على ستة أنواع ملوزة ووجه الهر ومشقوقة طولا ومشقوقة عرضا
ومختلسة ومدغمة
فأما الملوزة فتكون مبتدأة ومتوسطة ولا تتأخر بحال فإن كانت مبتدأة فطريقها أن تبدأ بصدر القلم مقدار نصف الهاء المفردة ثم تدير القلم من يسارك

إلى يمينك حتى إذا وصلت إلى المكان الذي ابتدأت منه أدرت إلى يمينك أيضا حتى يصير مركز نصف دائرة محققة لطيفة بصدر القلم وتقف عليها وقفة خفيفة ثم تنزل بوجه القلم من غير إدارة حتى تصير إلى المكان الذي ابتدأت منه أولا فيصير رأس الهاء حادا في الغاية
ومذهب الأستاذ أبي الحسن أن يكون النصف الأعلى أصغر من النصف الأسفل بجزء يسير وهذه صفتها

مقورة
وإن كانت متوسطة فهي غير مستحسنة إلا قبل الألف وطريقها على ما تقدم ولها حكم وهو أنك تجيء بالخط الذي قبلها حتى يشقها متصلا بالألف حتى لو طرحت الهاء لا تصل الألف بما قبله مستغنيا عن الهاء كأنما ركبت من فوقه تركيبا ويكون هذا العمل في كل حرف يقع معها وهذه صفتها
مقورة مستديرة
وأما وجه الهر فتكون أيضا مبتدأة ومتوسطة ولا يجوز تأخيرها
وطريقها في الابتداء والتوسط انك تبدأ من رأسها بوجه القلم معتدل النزول شيئا قليلا ثم تردها عن يمينك إلى يسارك صاعدة معتدلة ثم يصير جميعها دائرة على مركزين فإذا بلغت المكان الذي ابتدأت منه تكففتها طولا حذارا من أن يقع فيها حول وهو أن يكون أحد شقيها أوسع من الآخر
وكثيرا ما يكون شقها بحرف القلم إذا كانت متوسطة

فإن كانت مبتدأة فشقها بوجه القلم
وهذه صورتها في الابتداء
وجه الهر
وهذه صورتها في التوسط
وجه الهر متوسطة
وأما المشقوقة طولا فإنها لا تكون إلا متوسطة ولا يجوز تقديمها ولا تأخيرها ولا تصحب من حروف المعجم غير اللام وحدها وطريقها كطريق وجه الهر ويفترقان في القاعدة فتكون قاعدتها مستديرة وتكون اللام نازلة عليها من فوقها وعلامة صحتها أنك إذا حذفت الهاء صارت اللام متصلة بما بعدها كأنما زيدت الهاء عليها وهذه صفتها
مشقوقة طولا
وأما المشقوقة عرضا فلا تكون إلا صحبة اللام أيضا وطريقها أنك إذا نزلت باللام معتدلة أدرت الهاء فلصقتها بوجه اللام وشققت الهاء عرضا ولا بد من مدة لطيفة تكون بعدها وهذه صفتها
مشقوقة عرضا

وأما المختلسة فإنها لا تكون إلا مبتدأة ويكون بعدها من الحروف حروف المد واللين وهي الألف والواو والياء وهي مطموسة وهذه صفتها
مختلسة
وأما المدغمة فلا تكون إلا متوسطة وطريقها أنك إذا فرغت من الحرف الذي قبلها أدرت منه إدارة لطيفة ونزلت بها نزلة إلى ذات اليمين ثم صعدت في خط يلاصق الخط الذي هبطت فيه من غير وخز يكون بينهما وتكون مطموسة أيضا ولا يكون أسفلها أوسع من أعلاها بل يكون أعلاها أوسع شيئا يسيرا ويتوخى فيها الترطيب وهو شدة الاستدارات فمتى كان العمل فيها يابسا كان رديئا وهذه صورتها
مدغمة

القسم الثاني ما يقع في آخر الكلمة وهي على نوعين هاء الردف والمخفاة
فأما هاء الردف فطريقها أنك إذا فرغت من الحرف الذي قبلها طلعت فيه بصدر القلم ثم نزلت في الخط الذي صعدت فيه
هذا مذهب الأستاذ أبي الحسن بن البواب

ومذهب الوزير أبي علي بن مقلة أن تنزل في خط يلاصق الخط الذي صعدت فيه وكلاهما مستحسن فإذا بلغت ثلثي ما صعدت به جئت بصدر القلم إلى وجه الهاء ولا تخرج رأسها إلى قفاها البتة وهذه صفتها
مردوفة
وأما المخفاة فأكثر ما تصحب الحروف القصار وهي يمين أليق وطريقها أنك إذا فرغت من الحرف الذي قبلها أدرت منه إلى الهاء إدارة لطيفة مهللة ثم تأتي بنصف راء مدغمة حديدة الطرف مخطوفة وهذه صفتها
مخطوفة

الصورة السابعة عشرة
صورة الواو
ونظيرها في التركيب الفاء وفي الإفراد القاف ولكن القاف أكبر مساحة من الواو وتكون على خمسة أنواع مجموعة ومبسوطة ومقورة وبتراء ومخطوفة ويكون ذلك في الإفراد والتركيب
وكان بعض الكتاب يجعلها معلقة كالراء المدغمة لأنها قدرها
وقد تقدم أن الراء والزاي والميم والواو قدر سواء في كل خط
مجموعة
مبسوطة
مقورة

بتراء
مخطوفة
معلقة
الصورة الثامنة عشرة

صورة اللام ألف ولها ثلاث صور محققة ومخففة ووراقية
فأما المحققة فلا تكون إلا مفردة ولا يجوز تركيبها بحال وطريقها أن تبدأ بوجه القلم ثم تنزل به على تلك الصورة ثم تفتل إلى قاعدتها بوجه القلم ثم ترفع القلم وقد بطنت قلمك فصيرت بطنه مما يلي يمينك وظهره عن يسارك ويكون قدر الألف واللام قدرا سواء في الطول والالتواء والغلظ والنحافة ويكون ما بينهما كواحد منهما وتكون القاعدة على هيئة رأس الفاء المبسوطة لكنها مقلوبة وهذه صورتها
محققة مفردة
وأما المخففة فيجوز فيها التركيب والإفراد وكلاهما مستحسن جيد
وصورتها في التركيب كصورتها في الإفراد وطريقها أن تأتي بلام معلقة على ما

تقدم في اللام المعلقة في حرف اللام ثم ترمي عليها ألفا معوجة إلى ذات اليمين ويكون ذنب الألف موزونا على الخط الذي لامست به الحرف الذي قبل اللام إن كانت مركبة وهذه صفتها
مخففة مركبة
وإن لم تكن مركبة فتشعرهما معا وهذه صورتها في الإفراد
وأما الوراقية فإنها كالمحققة فإذا كتبت اللام ركبت عليها الألف وأخرجتها عنها ثم صيرت لها منها قاعدة مثلثة حادة الزوايا والأولى أن تكون مفردة
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف رحمه الله ولا يكون هذا الشكل إلا في قلم النسخ وما شاكله وفي قلم المحقق وما شابهه وهذه صفتها
وراقية

الصورة التاسعة عشرة
صورة الياء وهي على ضربين مفردة ومركبة
الضرب الأول
المفردة وهي على ثلاثة أنواع مجموعة ومقورة ومبسوطة
فأما المجموعة فطريقها أن تبدأ بصدر القلم فتعمل رأسها دالا مقلوبة وصدرها أيضا دالا مستوية فإذا تركبت الدالان جررت العراقة وعلامة صحتها أن تكون الدالان صحيحتين كما تقدم
وإذا ركبت خطا من ذنبها إلى صدرها صار صادا جيدة وهذه صفتها
مفردة مجموعة
وأما المقورة فبدؤها كبدء المجموعة غير أنك إذا وصلت إلى صدرها عرقت نصف دائرة ويكون ذنبها يحاذي صدرها وتكون حديدة الطرف ولا يجوز فيها الوقف ولا الجمع ويكون رأسها موزونا على صدرها لا يجاوزها سواء انفردت أو تركبت وهذه صورتها
مقورة
وأما المبسوطة فعلى ما تقدم في المقورة وتفارقها في الصدر فتكون

العراقة قطعة قوس مهللة وتكون حديدة الطرف ولا يجوز فيها الوقف وهذه صورتها
مبسوطة

الضرب الثاني
المركبة وهي على ثلاثة أنواع مبتدأة ومتوسطة ومتأخرة
فأما المبتدأه والمتوسطة فحكمهما حكم الباء والتاء والنون وما شابهها
وأما المتأخرة فعلى ثلاث صور محققة وراجعة ومعلقة
فأما المحققة فعلى ما تقدم أولا غير أنك تحذف رأسها للتركيب وهذه صورتها
محققة
وأما الراجعة فتختص ببعض الكلم دون بعض كالفاء واللام وهي مع الفاء أكثر استعمالا

وطريقها أنك إذا فرغت من الحرف الذي قبلها بطنته شيئا يسيرا وجئت برأس كرأس الياء ويكون فيها شيء من تبطين ثم تجر القلم إلى ذات اليمين جرة معتدلة في التكييف فإذا بلغت ثلاثة أرباعها أدرت القلم برفق ولا تظهر الإدارة ثم تمر وأنت مدير لقلمك حتى تختمها بحرف القلم في نهاية الدقة والتحديد وهذه صورتها
راجعة
وأما المعلقة فتكون على صورة اللام المجموعة واللام المرسلة وهذه صفتها
معلقة

النوع الثاني قلم الثلث الخفيف
ويقال فيه خفيف الثلث وهو الذي يكتب به في قطع النصف وصوره كصور الثلث الثقيل المتقدمة الذكر لا تختلف إلا أنه أدق منه قليلا وألطف مقادير منه بنزر يسير
قال الشيخ زين الدين عبدالرحمن بن الصائغ والفرق بينه وبين الثلث

الثقيل أن الثقيل تكون منتصباته ومبسوطاته قدر سبع نقط على ما في قلمه على ما تقدم والثلث الخفيف يكون مقدار ذلك منه خمس نقط فإن نقص عن ذلك قليلا سمي القلم اللؤلوي

القلم الرابع قلم التوقيع
بإضافة قلم إلى التوقيع سمي بذلك لأن الخلفاء والوزراء كانت توقع به على ظهور القصص ويقال فيه قلم التوقيعات على الجمع أيضا وقد يقال فيه التوقيع والتوقيعات بحذف المضاف إليه
ثم هو على نوعين
النوع الأول قلم التوقيع المطلق
وهو الذي يكتب به في قطع الثلث وقد تقدم أن أول من اخترعه يوسف أخو إبراهيم السجزي وأن ذا الرياستين الفضل بن هارون أعجب به وأمر أن تحرر الكتابة السلطانية به دون غيره وسماه القلم الرياسي ولعله إنما سمي الرياسي لما تقدم من اختصاص الكتب السلطانية به أخذا من الرياسة وقواعد حروفه وأوضاعه في الأصل قواعد قلم الثلث إلا أنه يخالفه في أمور
أحدها أن قطته إلى التدوير أميل بخلاف الثلث فإن قطته إلى التحريف أميل وذلك أن التوقيع امتلاء حروفه على السواء بخلاف الثلث فإن فيه تشعيرات تحتاج إلى التحريف
الثاني أن حروفه إلى التقوير أميل من الثلث وإن كان في الثلث ميل إلى التقوير فإنه لا يبلغ في ذلك مبلغ التوقيع

قال لي الشيخ عبد الرحمن المكتب الشهير بابن الصائغ ويكون في سطره تقوير ما على نسبة تقوير حروفه
قال الشيخ زين الدين شعبان في ألفيته وتكون منتصباته مروسة كما في الثلث
قال لي الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن الصائغ المكتب ويجوز ترك الترويس في بعض حروفه
قال الشيخ زين الدين شعبان الآثاري ويخير فيه بين الطمس والفتح في العين المتوسطة والفاء والقاف والميم والواو وعقدة اللام ألف المحققة
وخص الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن الصائغ طمس العين بالآخرة
قال الشيخ زين الدين شعبان الآثاري ويختص من الحروف الزائدة على الثلث بالراء المقورة والراء البتراء والراء المخطوفة والواو المقورة والواو البتراء والواو المخطوفة والعين البتراء وسيأتي ذكرها عند تشكيل الحروف فيما بعد إن شاء الله تعالى

حرف الألف
مطلق
مشعر
محرف
مركب
الباء
مجموعة
موقوفة
مبسوطة

مدغمة مجموعة
مدغمة مبسوطة
مركبة مبتدأة
مركبة متوسطة
مركبة موقوفة
مركبة مبسوطة

الجيم
مرسلة
مسبلة
مجموعة
رتقاء مفردة مرسلة
رتقاء مقورة مسبلة
رتقاء مفردة مجموعة
مركبة مبتدأة ملوزة
رتقاء مبتدأة
مركبة متوسطة

مركبة مختتمة مرسلة
مركبة مسبلة
مجموعة

الدال
مفردة مجموعة
مختلسة
مركبة مجموعة
مركبة مختلسة
مركبة مخطوفة
مركبة مشعرة
الراء مقورة
مخطوفة
مفردة مبسوطة
مفردة مدغمة
مركبة مبسوطة
مركبة مدغمة

مفردة مجموعة
مركبة مجموعة

السين
مخسوفة
مجموعة
مبسوطة
مبتدأة مركبة
متوسطة
مخسوفة
مطرفة مبسوطة
مطرفة مجموعة
مفردة معلقة
مركبة مطرفة
مركبة متوسطة معلقة

الصاد
مخسوفة
مجموعة
مبسوطة
مبتدأة
متوسطة
مطرفة مخسوفة
مطرفة مجموعة
مطرفة مبسوطة
الطاء
مفردة مرسلة
مفردة موقوفة
مركبة ملفوفة
مبتدأة مبسوطة
متوسطة لقائمين
متوسطة لمبسوطين

مطرفة موقوفة
مطرفة مرسلة

العين
مرسلة
مسبلة
مجموعة
نعلية بينها منتصب
نعلية بينها ما هو في حكم المنتصب
صاادية بينها مبسوط
صادية بينها ما هو في حكم المبسوط
مولفة مع الإفراد
مولفة مع التركيب

الفاء
مجموعة
موقوفة
مبسوطة
مبتدأة
متوسطة
مطرفة مجموعة
مطرفة موقوفة
مطرفة مبسوطة
القاف
مفردة مجموعة
مخسوفة
مبسوطة
مطرفة مجموعة
مطرفة مخسوفة
مطرفة مبسوطة

الكاف
مجموعة مفردة
موقوفة
مبسوطة
مشكولة مبتدأة
متوسطة
مبسوطة مبتدأة
متوسطة
مشكولة مبتدأة
وسطى
مشكولة مركبة مطرفة مجموعة بزورقها
منزول عليها

مبسوطة

اللام
مفردة
يخرج منها نون على رأي ابن البواب
يخرج منها قاف على طريقة ياقوت
أو ياء على طريقة ابن العفيف
مركبة مبتدأة
وسطى
مطرفة
مفردة
مخطوفة
مسبلة
مبتدأة مشعرة

وسطى مقلوبة
وسطى محققة
مسبلة ملفوفة
مسبلة ملوزة

النون
مفردة مجموعة
مدغمة
مختلسة وسطي مركبة مطرفة مجموعة مدغمة مختلسة
الهاء
مفردة مربعة
مفردة مثلثة
مركبة مبتدأة ملوزة
وجه الهر
مدغمة
طالعة

مخطوفة
محدودبة
محققة
مردوفة

الواو
مجموعة مشدودة
مبسوطة مشدودة
مجموعة مفتوحة
مبسوطة مفتوحة
مقورة
مخلوفة منورة
بتراء
اللام ألف
محققة مفردة
مرشوقة مفردة
مركبة محققة

الياء
مفردة مجموعة
مركبة
راجعة
مبتدأة ثم وسطى
مركبة مجموعة
مركبة مبسوطة
مركبة راجعة
مركبة مخسوفة
مركبة مبسوطة
القلم الخامس من الأقلام المستعملة بديوان الإنشاء قلم الرقاع
بإضافة قلم إلى الرقاع والمعنى أنه يكتب به في الرقاع جمع رقعة والمراد الورقة الصغيرة التي يكتب فيها المكاتبات اللطيفة والقصص وما في معناها وهو الذي يكتب به في قطع العادة من المنصوري والقطع الصغير وصوره في الأصل كصور حروف الثلث والتوقيع في الإفراد والتركيب إلا أنه يخالفه في أمور

أحدها أن قلمه أميل إلى التدوير من قلم التوقيع الذي هو أميل إلى التدوير من قلم الثلث
قال لي الشيخ عبد الرحمن بن الصائغ المكتب وتكون جلفه قلمه في البراية أقصر من الثلث والتوقيع
الثاني أن حروفه تكون أدق وألطف من حروف التوقيع
الثالث أن الترويس لا يقع في منتصباته من

الألف
المفردة وأخواتها إلا في القليل بخلاف الثلث والتوقيع فإن الترويس فيهما لازم
الرابع أنه يغلب فيه الطمس في العين المتوسطة والأخيرة وكذلك الفاء والقاف والميم والواو وعقدة اللام ألف المحققة
أما الصاد والطاء والعين المفردة والمبتدأة فإنها لا تكون إلا مفتوحة
الخامس أنه يوجد فيه من الحروف ما لا يوجد في غيره كالألف الممالة إلى جهة اليمين على ما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى
وهذه صورة حروفه إفرادا وتركيبا
مطلق
مشعر
محرف
طالع
الألف
الباء
مجموعة
مدغمة مفردة
مدغمة مبسوطة
مفردة موقوفة

مبتدأة
وسطى
مطرفة
مطرفة موقوفة
مطرفة مبسوطة

الجيم
مفردة مرسلة
مفردة مسبلة
مفردة مجموعة
رتقاء مرسلة
رتقاء مجموعة
رتقاء مسبلة
مبتدأة
وسطى
وسطى مفتوحة
مطرفة مرسلة
مطرفة مسبلة
مطرفة مجموعة
الدال
مفردة مجموعة
مختلسة
مخطوفة
مشعرة

مركبة مجموعة
مختلسة
مخطوفة

الراء
مجموعة
مقورة
مخطوفة
بتراء
محققة
مدغمة
مقطوفة
السين
مجموعة
معلقة
مخسوفة
مبسوطة
مبتدأة
متوسطة
مطرفة مجموعة
مبسوطة
مخسوفة
معلقة

الصاد
مجموعة
مبسوطة
مخسوفة
أولى مركبة
وسطى مركبة
مطرفة مجموعة
مطرفة مبسوطة
مطرفة مخسوفة
الطاء
مرسلة
موقوفة
مبتدأة
متوسطة
مطرفة مرسلة
مطرفة موقوفة
العين
مرسلة
مسبلة
مجموعة

مبتدأة نعلية
مبتدأة صادية
متوسطة
مطرفة مرسلة
مطرفة مسبلة
مطرفة مجموعة

الفاء
مجموعة
موقوفة
مبسوطة
أولى مركبه
وسطى
مطرفة مجموعة
مطرف موقوفة
مطرفة مبسوطة
القاف
مفردة مجموعة
مخسوفة
مبسوطة
مبتدأة

متوسطة
مطرفة مجموعة
مطرفة مخسوفة
مبسوطة

الكاف
مجموعة
موقوفة
مبسوطة
أولى مشكولة
وسطى مشكولة
مركبة مجموعة
مركبة موقوفة
مركبة مقورة
أولى مبسوطة
وسطى مبسوطة
مشكولة موصولة
مشكولة مفصولة

اللام
مفردة مجموعة
موقوفة
مبسوطة
مبتدأة
متوسطة
مجموعة مركبة
مبسوطة
موقوفة
الميم
مفردة معلقة
مخطوفة
مسبلة
مبتدأة مركبة
وسطى مركبة
مطرفة معلقة
مركبة مسبلة
مختتمة محققة
النون
مجموعة
مدغمة مجموعة
مدغمة مبسوطة

مبسوطة
مخسوفة
أولى
وسطى
مجموعة مركبة
مبسوطة مركبة
مخسوفة مركبة

الهاء
مربعة
مدورة
وجه الهر
مدغمة
مشقوقة عرضا
ملوزة
مشقوقة طولا
محدودبة
محققة
مختطفة
مختلسة
الواو
مجموعة مفردة
مبسوطة مفردة
مجموعة مركبة
مبسوطة مركبة

اللام ألف
محققة مفردة
مفردة
محققة مركبة
مرفلة
الياء
مجموعة مفردة
مخسوفة
راجعة
مبتدأة
وسطى
مجموعة مركبة
مخسوفة مركبة
راجعة مركبة مختتمة
القلم السادس قلم الغبار
سمي بذلك لدقته كأن النظر يضعف عن رؤيته لدقته كما يضعف عن رؤية الشيء عند ثوران الغبار وتغطيته له وهو الذي يكتب به في القطع الصغير من ورق الطير وغيره

وبه تكتب بطائق الحمام التي تحمل على أجنحتها في ورق الطير
وبعضهم يسميه قلم الجناح لذلك وهو قلم ضئيل مولد من الرقاع والنسخ مفتح العقد من غير ترويس فيه وينبغي أن تكون قطته مائلة إلى التدوير لتفرعه عن الرقاع والنسخ

وهذه وصورة حروفه إفرادا وتركيبا
وهذه الصورة المصطلح عليها الآن وقد أجازوا فيها الفتح والطمس جميعا

الجملة السابعة في كتابة البسملة وبيان صورتها في كل قلم من الأقلام المستعملة في ديوان الإنشاء وفيها مهيعان

المهيع الأول في ذكر قواعد جامعة للبسملة في جميع الأقلام وتشتمل على
ثمان قواعد
الأولى قد اتفق الكتاب على تطويل باء البسملة أكثر مما يطول به غيرها من الباءات التي في أول الكلمة
وسيأتي في الكلام على البسملة في المقالة الثالثة أنها طولت بدلا من الألف المحذوفة بينها وبين السين لكثرة تكرارها
وقد ذكر بعض المصنفين في الخط أنها تكون بمقدار ثلثي ألف ذلك الخط
وقد سبق القول على مقدار ألف كل قلم فيما تقدم وهذا أصل يترتب عليه غيره
الثاني في البسملة خمس أخوات متساويات في الطول والانتصاب وهي ألف الجلالة والألف واللام من الرحمن والألف واللام من الرحيم فكلها على مقدار واحد وقد سبق
الثالثة فيها أربع أخوات متساويات في الإرسال وهي إرسالة الميم من بسم وإرسالة الراء من الرحمن وإرسالة الراء من الرحيم وإرسالة الميم من الرحيم
الرابعة فيها أربع أخوات متساويات في الضوء وهي الميم من بسم والهاء من الجلالة والميم من الرحمن والميم من الرحيم
الخامسة فيها أختان متناسبتان في المقدار وهما الحاء من الرحمن والحاء من الرحيم
السادسة أن لامات الجلالة تكون موازية من أعلاها للباء في أول البسملة

إلا أن اللام الثانية من لامات الجلالة تكون أخفض من اللام الأولى بيسير
قال ابن عبد السلام في الميزان بحيث لا يدرك ذلك إلا بتأمل
والذي ذكره الشيخ زين الدين الآثاري أنها تكون ناقصة عنها بقدر نقطة يعني من نقط قلم كتابتها وتكون الهاء أخفض من اللام الثانية مثل ذلك
السابعة أن يكون بين الباء والسين قدر ربع ألف من ألفات ذلك الخط وتكون أسنان السين منها محددة الأطراف ويكون الأخذ من كل سن من أسنان السين من أعلاها آخذا فيها إلى أسفل مع التساوي من الأعلى وكذا من الأسفل بحيث أنه إذا خط خط من أسفل الباء إلى آخر السين لاصق بهما وقع على الاستقامة ثم يأخذ في مد السين من أعلى السنة الأخيرة منها وتكون أصابعه مقدمة وكلوة يده مؤخرة
الثامنة أن يكون البسط بين الأولى والثانية منخسفا لا مستويا وكذلك ما بين اللام الثانية والهاء

المهيع الثاني في بيان صورة البسملة في كل قلم من الأقلام التي تستعمل في
ديوان الإنشاء
قد تقدم أن الأقلام التي تستعمل في ديوان الإنشاء مما يكتب به كتابه ستة أقلام وهي مختصر الطومار وقلم الثلث الثقيل والخفيف وقلم التوقيعات وقلم الرقاع وقلم الغبار إلا أن المحقق لا بسملة له في ديوان الإنشاء لأنه إنما يستعمل في كتابة طغراة كتاب على ما تقدم ذكره ولا بسملة للطغراة اللهم إلا أن يكتب مختصر الطومار على طريقة المحقق فتكتب البسملة فيه على طريقة

المحقق بخلاف قلم الغبار فإنه يكتب به في الملطفات فيحتاج إلى البسملة وإن لم يحتج إليها في البطائق
ولتعلم أن صورة البسملة في هذه الأقلام تختلف ما بين صورة واحدة لكل قلم فأكثر
وقد ذكر صاحب العناية الربانية صورا من ذلك وأنا أوردها على الترتيب إن شاء الله تعالى
فأما البسملة قلم مختصر الطومار فقد تقدم أن طريقته طريقة الطومار وأن االطومار تارة يكتب على طريقة المحقق وهو الأكثر وتارة يكتب على طريقة الثلث وعليه عمل كتاب الإنشاء وربما عملوا على طريقة المحقق وحينئذ فإن كان المكتوب على طريقة المحقق فبسملته على طريقة المحقق مع امتلاء قلمه على حد مختصر الطومار على ما تقدم بيانه

وهذه صورة بسملة

على طريقة الثلث

وأما قلم الثلث الثقيل وقلم الثلث الخفيف فطريقهما واحدة لا خلف بينهما إلا في رقة القلم وغلظه على ما تقدم بيانه في الكلام على أصل الأقلام
وللبسملة فيهما ثلاث صور
الصورة الأولى أن تكون الراء في الرحمن وفي الرحيم مخسوفة وهذه صورتها

الصورة الثانية أن تكون الراء فيهما مجموعة والنون في الرحمن مجموعة وهذه صورتها

الصورة الثالثة أن تكون الراء فيهما مدغمة والنون في الرحمن مدغمة وهذه صورتها
وأما بسملة قلم التوقيع فلها ثلاث صور
الصورة الأولى مختصرة من قلم الثلث فتكون كهي إلا أنها أدق قلما منها وهذه صورتها

الصورة الثانية أن تكون الحاء فيها في الرحمن مقلوبة وفي الرحيم ملوزة وهذه صورتها
الصورة الثالثة أن تكون الحاء فيها في الرحمن والرحيم مقلوبة وهذه صورتها

وأما بسملة قلم الرقاع فإن السين تكون فيها بالتدريج كل سن دون التي قبلها بيسير والكاتب فيها مخير بين وصل أسنانها وفصلها فصلا يسيرا
وقد اصطلحوا على أن تكتب الألف التي قبل الجلالة فيها متصلة بميم بسم وتكون مثل الألف والصاعد في قلم الرقاع ثم يجعل لها ذيل وتوصل بالجلالة ولها ثلاث صور
الصورة الأولى أن تكون الراء فيها مدغمة والحاء في الرحمن والرحيم مقلوبة وهذه صورتها
الصورة الثانية أن تكون الراء فيها مدغمة والحاء رتقاء وهذه صورتها
الصورة الثالثة أن توصل الألف بالجلالة من أعلاها وهذه صورتها
وأما بسملة الغبار فلها صورة واحدة وهي هذه

الجملة الثامنة في وجوه تجويد الكتابة وتحسينها وهو على ضربين
الضرب الأول حسن التشكيل
قال الوزير أبو علي بن مقلة وتحتاج الحروف في تصحيح أشكالها إلى خمسة أشياء
الأول التوفية وهي أن يوفى كل حرف من الحروف حظه من الخطوط التي يركب منها من مقوس ومنحن ومنسطح
الثاني الإتمام وهو أن يعطي كل حرف قسمته من الأقدار التي يجب أن يكون عليها من طول أو قصر أو دقة أو غلظ
الثالث الإكمال وهو أن يؤتى كل خط حظه من الهيئات التي ينبغي أن يكون عليها من انتصاب وتسطيح وانكباب واستلقاء وتقويس
الرابع الإشباع وهو أن يؤتى كل خط حظه من صدر القلم حتى يتساوى به فلا يكون بعض أجزائه أدق من بعض ولا أغلظ إلا فيما يجب أن يكون كذلك من أجزاء بعض الحروف من الدقة عن باقيه مثل الألف والراء ونحوهما
الخامس الإرسال وهو أن يرسل يده بالقلم في كل شكل يجري بسرعة من غير احتباس يضرسه ولا توقف يرعشه
الضرب الثاني حسن الوضع
قال الوزير ويحتاج إلى تصحيح أربعة أشياء

الأول الترصيف وهو وصل كل حرف متصل إلى حرف
الثاني التأليف وهو جمع كل حرف غير متصل إلى غيره على أفضل ما ينبغي ويحسن
الثالث التسطير وهو إضافة الكلمة إلى الكلمة حتى تصير سطرا منتظم الوضع كالمسطرة
الرابع التنصيل وهو مواقع المدات المستحسنة من الحروف المتصلة
واعلم أن المد في الخط القديم فقد حكى أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب أن أهل الأنبار كانوا يكتبون المشق
وكأنه يريد أنهم كانوا على ذلك في القديم فقد تقدم أن أول ما تعلم أهل الحجاز الخط من أهل الأنبار
على أن صاحب مواد البيان قد حكى أن جماعة من المحررين كانوا يكرهون المشق لإفساده خط المبتدئ ودلالته على تهاون المنتهى
قال ولذلك كرهوا كتابة البسملة بغير سين مبينة ثم صارت كراهة ذلك سنة وعرفا
والذي عليه حذاق المحررين استعمال المد
قال في مواد البيان وهذه المدات تستعمل لأمرين أحدهما أنها تحسن الخط وتفخمه في مكان كما يحسن مد الصوت اللفظ ويفخمه في مكان
الثاني أنها ربما أوقعت ليتم السطر إذا فضل منه ما لا يتسع لحرف آخر لأن السطر ربما ضاق عن كلمتين وفضل عن كلمة فتمد التي وقعت في آخر السطر لتقع الأخرى في أول السطر الذي يليه
وقال الشيخ عماد الدين بن العفيف مواضع المد أواخر السطور وتكره إذا كانت سينا مدغمة
قال في مواد البيان فيجب على الكاتب أن يعرف أحكامها لئلا يوقعها في

غير المواضع اللائقة بها فيشتبه الحرف بغيره ويفسد المعنى مثل أن يوقع المد في متعلم بين الميم والتاء فتشتبه بمستعلم أو يوقع المد في متسلم بين الميم والتاء فتشتبه بمستسلم
ثم قال وبالجملة فالكلمة الأصلية اسما كانت أو حرفا أو وفعلا لا تخرج عن أربعة أصناف

الصنف الأول الثنائية
وهي إما أسماء مضاعفة أو أفعال أو حروف
فالأسماء نحو ند وضر وسر وشر وظل وطل وما أشبه ذلك
والأفعال نحو قل وكل وقم وعد ونم وسر ونحو ذلك
والحروف نحو هل وبل وقط وقد ومذ وعن ولو ولم ومن وما يجري مجرى ذلك
فأما الأسماء والأفعال الثنائية فقد ذكر في مواد البيان أنه لا يحسن المد في شيء منها إلا في سر وشر من الأسماء وسر من الأفعال لأن السين أو الشين وإن كان كل منهما حرفا على حياله في صورة ثلاثة أخرف
قال وقد يحسن في نحو ظل وطل في بعض المواضع
وأما الحروف الثنائية فقد ذكر في مواد البيان أنه لا يحسن المد فيها
وحكى صاحب منهاج الإصابة أن بعض الكتاب كان يمد في أواخر السطور مثل ما وهل وعن ثم حكى عن أبي القاسم بن خلوف أن ذلك لا يجوز في عن في أول السطر ولا في آخره
الصنف الثاني الثلاثية
قال في مواد البيان والمد فيها على الأكثر قبيح لأنها لا تنقسم بقسمين متساويين

قال ومنها ما يسمح في مده للضرورة كما إذا وقع في آخر سطر يحتاج إلى التتميم فيمد كبيع وقطع ونحوهما
وعلى نحو من ذلك جرى صاحب منهاج الإصابة ثم قال ويجوز أن تمد إذا كان ثالثها ألفا أو لاما
وقال الشيخ عماد الدين بن العفيف كان والدي يمد في الكلمة الثلاثية إذا كان أولها الجيم وأختاها والطاء والسين والعين
قال في مواد البيان وينبغي إذا مد أن يقدم الحرفان الأولان وتوضع المدة بينهما وبين الثالث
أما عسى ومتى وفتى ونحوها فإنها لا تحتمل المد بحال

النصف الثالث الرباعية نحو محمد وجعفر
قال أبو القاسم بن خلوف والمد فيه جائز بل المد فيه أحسن من القصر
قال في مواد البيان ولا يجوز أن يقدم منها ثلاثة أحرف ويوقع المدة بينها وبين الحرف الرابع ولا بالعكس بل وقع المد بين الحرفين الأولين والحرفين الآخرين فقط
قال على أن منها ما لا يحسن المد فيه نحو تغلب وخبير ونمير
الصنف الرابع الخماسية
نحو مشتمل ومستقل ومسيطر ومهيمن
وقد اختلف علماء الخط فيه على مذهبين فذهب صاحب مواد البيان إلى أن المد فيها لا يحسن فإنها لا تنقسم بقسمين متساويين كما في الثلاثية وذهب أبو القاسم بن خلوف إلى أن المد فيها لازم لا يجوز تركه
ثم إذا مد فالذي ذكره في مواد البيان أن الأحسن أن يقدم حرفين ويوقع المد بينهما وبين الثلاثة الأحرف الأخر

أما ما كان زائدا على خمسة فقد ذكر صاحب العناية الربانية أنه يرجع فيه إلى الأصول ويعتبر من السداسي فإنه مد فيما بعد السين من مسلمون وبعد التاء من معتبر
قال في مواد البيان ويصح المد فيما جاء من الأسماء والأفعال والحروف موصولا بضمير كناية مثل كتبته وعلمته وفيه ومنه وعليه وإليه إذا وقعت المدة بين تمام الكلمة والضمير
قال ومشق السين يحسن الخط في بعض المواضع ويقبح إذا وقعت طرفا نحو مشق السين من العباس والجواس وأقبح من ذلك مشقها إذا كانت موصولة بحرف واحد يتقدمها نحو يأنس وعانس وجالس وناعس وإذا توالت سينان أو سين وشين فالأحسن أن يفصل بينهما في الخط المحرر بمدة لطيفة نحو مسست وغششت ورششت
قال أبو القاسم بن خلوف ومن الحروف ما لا يحسن المد بعده إذا كان مبتدأ وهو الباء وأختاها والياء والفاء والقاف واللام وأما الكاف المشكولة فإنه لا يجوز مد ما بعدها في ابتداء ولا توسط
وقد ذكر الشيخ زين الدين شعبان الآثاري في ألفيته حروفا يجوز مدها في مواضع
أحدها الباء وأختاها فتمد إذا كان بعدها دال مثل بدر أو راء مثل بر أو ميم مثل تم أو هاء مثل بهز وأنه ربما مدت إذا كان بعدها لام مثل بل أو لام ألف مثل بلا

الثاني الجيم وأختاها فتمد إذا كان بعدها دال مثل حداد أو راء مثل حرير أو ميم مثل حم أو هاء مثل جهر
الثالث السين وأختها وتمد إذا كان بعدها راء مثل سر أو ميم مثل سم أو هاء مثل سهم
الرابع والخامس الصاد وأختها والطاء وأختها فلا يجوز مد واحد منها بحال
السادس العين وأختها فتمد إذا كان بعدها دال مثل عد أو راء مثل عر أو ميم مثل عم أو هاء مثل عهن
السابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر الفاء والقاف واللام والميم والهاء فحكمها حكم العين وأختها في جواز المد فيما تقدم
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف ولا يجوز الجمع بين مدتين في كلمة واحدة وعلى تمد إذا كانت الياء معرقة فإن كانت راجعة لم يجز المد أصلا لأنه يجتمع في كلمة ثلاثية مدتان
قال في مواد البيان ويقبح أن تمد حرفين توالي بينهما في سطر واحد وأن توقع حرفين ممدودين في سطرين أعلى وأسفل على تقابل وتحاذ
قال السرمري وإن كان في آخر الكلمة ياء لم يجز المد قبل الياء قال ولذلك لا يجوز المد بعد السين في اسم موسى ولا قبل السين في اسم عيسى
قال الآثاري وأجاز بعضهم مد العين منه بخلاف السين
قال ابن العفيف ولا تدغم الواو والنون بعد مد أصلا في خفيف ولا ثقيل

قال ولا يحسن إدغام السين بعد الكاف المشكولة ويجوز بعد اللام والميم
قال في مواد البيان ويقبح أن تكتب ياءان معطوفتان متقاربتان في سطر واحد
قال الشيخ عماد الدين بن الشيرازي وإذا توالت العراقات وكان فيها الياء وجب أن تكون راجعة إلى ذات اليمين
قال ابن أبي رقيبة سألت الشيخ عماد الدين بن العفيف هل يكون ذلك في كل قلم قال نعم إذا تمكن الكاتب من وضعها إلا في المحقق فإنه غير جائز
قال السرمري وإن أتت ياءان متقاربتان مثل قول القائل لي صلي رد ياء الأخرى من الكلمتين دون الأولى وإن شئت عرقتهما جميعا وهو اختيار الوزير ابن مقلة
قال وترد الياء بعد الألف واللام مثل إلى في خفيف الأقلام دون ثقيلها على الأحسن
قال الآثاري وإذا توالت حروف متشابهة كتبت القصير منه مقدما على الطويل

الصنف الخامس
مراعاة فواصل الكلام
قال في مواد البيان وذلك بأن تميز الفصول المشتمل كل فصل منها على نوع من الكلام عما تقدمه لتعرف مبادئ الكلام ومقاطعه فإن الكلام ينقسم فصولا طوالا وقصارا فالطوال كتقسيم منثور المترسل إلى رسائله ومنظوم الشاعر إلى قصائده ومثل هذا لا يحتاج إلى تفصيل لأنه لا يشكل الحال فيه في الرسالة أو القصيدة بغيرها اتصالا وانفصالا
والفصول القصار كانقسام الرسالة إلى الفصول والقصيدة إلى الأبيات ومثل هذا قد يشكل فينبغي أن تميز تمييزا يؤمن معه من الاختلاط فإن ترتيب

الخط يفيد ما يفيده ترتيب اللفظ
وذلك أن اللفظ إذا كان مرتبا تخلص بعض المعاني من بعض وإذا كان مخلطا أشكلت معانيه وتعذر على سامعه إدراك محصوله
وكذلك الخط إذا كان متميز الفصول وصل معنى كل فصل منه إلى النفس على صورته وإذا كان متصلا دعا إلى إعمال الفكر في تخليص أغراضه
وقد اختلفت طرق الكتاب في فصول الكلام الذي لم يميز بذكر باب أو فصل ونحوه
فالنساخ يجعلون لذلك دائرة تفصل بين الكلامين وكتاب الرسائل يجعلون للفواصل بياضا يكون بين الكلامين من سجع أو فصل كلام إلا أن بياض فصل الكلامين يكون في قدر رأس إبهام وفصل السجعتين يكون في قدر رأس خنصر
قال في مواد البيان وينبغي ألا تكون الجملة في آخر السطر والفاصلة في أول السطر الذي يليه فإنه ملبس لاتصال الكلام بل لا يجعل في أول السطر بياضا أصلا لأنه يقبح بذلك لخروجه عن نسبة السطور ولا أن يفسح بين السطر والذي يليه إفساحا زائدا عما بين كل سطرين ولكن يراعي ذلك من أول شروعه في كتابة السطر فيقدر الخط بالجمع والمشق حتى يخلص من هذا العيب

الصنف السادس حسن التدبير في قطع الكلام ووصله في أواخر السطور وأوائلها
لأن السطور في المنظر كالفصول فإذا قطع السطر على شيء يتعلق بما بعده كان قبيحا كما إذا كتب بعض حروف الكلمة في آخر السطر وبعضها في أول السطر الذي يليه
ثم للفصل المستقبح في آخر السطر وأول الذي يليه صنفان

الصنف الأول فصل بعض حروف الكلمة الواحدة عن بعض وتفريقها في السطر والذي
يليه
مثل أن تقع معه لفظة كتاب في آخر السطر فيكتب الكاف والتاء والألف في آخر السطر والباء في أول السطر الذي يليه أو يقع في آخر السطر لفظ مسرور فيكتب الميم والسين والراء فيه والواو والراء الثانية في أول السطر الذي يليه ونحو ذلك
قال في مواد البيان وهو قبيح جدا لأنه لا يجوز فصل الاسم عن بعضه
قال وأكثر ما يوجد ذلك في مصاحف العامة وخطوط الوراقين والحامل لهم على ذلك في الغالب هو ضيق آخر السطر عن الكلمة بكمالها ومن هنا احتاج الكاتب إلى النظر في ذلك بالجمع والمشق من حين شروعه في كتابة أول السطر على ما تقدم
قال صاحب منهاج الإصابة وإنما وقع مثل ذلك في المصاحف التي كتبت في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه لأنها كتبت بقلم جليل مبسوط فربما وقع في بعض الأماكن اللفظة فيقطعها في آخر السطر ويجعل باقيها في السطر الثاني
وعلى ذلك حمل ما روي أن عثمان رضي الله عنه قال إن في

المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنها إذ لا جائز أن يكون ذلك لحنا في اللفظ فقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على أن ما بين دفتي المصحف قرآن ومحال أن يجتمعوا على لحن
على أن هذه الرواية غير مشهورة عن عثمان رضي الله عنه كما أشار إلى ذلك الشاطبي بقوله في الرائية
( ومن روى ستقيم العرب ألسنتها ... لحنا به قول عثمان فما شهرا )

الصنف الثاني فصل الكلمة التامة وصلتها
مثل أن يكتب وصل كتابك وأيدك الله مفصلات فيكتب وصل في آخر السطر وكتابك في أول الذي يليه أو يكتب أيدك في آخر سطر واسم الله تعالى في أول الذي يليه وما جرى مجرى ذلك
قال في مواد البيان والأحسن تجنبه إذا أمكن فإن لم يمكن فيتجنب القبيح منه وهو الفصل بين المضاف والمضاف إليه كعبد الله وغلام زيد وما أشبه ذلك لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة الاسم الواحد والفصل بين الاسم وما يتلوه في النسب كقولك زيد بن محمد فلا يجوز أن يفصل بين الاسم والمنسوب إليه كما لا يجوز أن يفصل بين المضاف والمضاف إليه
قال فإن كان المراد بلفظة ابن تثبيت البنوة كقولك لزيد ابن جاز قطع الابن عما تقدمه
وكأنه إنما امتنع ذلك لأن لزيد لا يستقل بنفسه فلا يدخله لبس بخلاف غلام زيد ونحوه
ثم قال ومما يقبح فصله الفصل بين كل اسمين جعلا اسما واحدا نحو حضرموت وتأبط شرا وذي يزن وأحد عشر
قلت وباب الخط وأقلامه وحسن تدبيره متسع لا يسع استيفاؤه

الفصل الثالث من الباب الثاني من المقالة الأولىفي الصادق الخط وفيه
مقصدان
المقصد الأول في النقط وفيه أربع جمل
الجملة الأولى في مسيس الحاجة إليه
قال محمد بن عمر المدائني ينبغي للكاتب أن يعجم كتابه ويبين إعرابه فإنه متى أعراه عن الضبط وأخلاه عن الشكل والنقط كثر فيه التصحيف وغلب عليه التحريف
وأخرج بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال لكل شيء نور ونور الكتاب العجم وعن الأوزاعي نحوه
قال أبو مالك الحضرمي أي قلم لم تعجم فصوله استعجم محصوله
ومن كلام بعضهم الخطوط المعجمة كالبرود المعلمة
ثم قد تقدم في الكلام على عدد الحروف أن حروف المعجم تسعة

وعشرون حرفا وقد وضعت أشكالها على تسعة عشر شكلا
فمنها ما يشترك في الصورة الواحدة منه الحرفان كالدال والذال والراء والزاي والسين والشين
ومنها ما يشترك في الصورة الواحدة منه الثلاثة كالباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء
ومنها ما ينفرد بصورة واحدة كالألف
ومنها ما لا يلتبس حالة الإفراد فإذا ركب ووصل بغيره التبس كالنون والقاف فإن النون في حالة الإفراد منفردة بصورة فإذا ركبت مع غيرها في أول كلمة أو وسطها اشتبهت بالباء وما في معناها والقاف والنون إذا كانت منفردة لا تلتبس فإذا وصلت بغيرها أولا أو وسطا التبست بالفاء فاحتيج إلى مميز يميز بعض الحروف من بعض من نقط أو إهمال ليزول اللبس ويذهب الاشتراك
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان ولذلك ينبغي أن القاف إذا كتبا في حالة الإفراد على صورتهما الخاصة بهما لا ينقطان لأنه لا شبه بينهما ولا يشبهان غيرهما فيكونان إذ ذاك كالكاف واللام
قال ومنع بعض مشايخنا الاشتراك في صورة الحروف وقال الصورة والنقط مجموعهما دال على كل حرف
إذا تقرر ذلك فالنقط مطلوب عند خوف اللبس لأنه إنما وضع لذلك أما مع أمن اللبس فالأولى تركه لئلا يظلم الخط من غير فائدة
فقد حكى أنه عرض على عبد الله بن طاهر خط بعض الكتاب فقال ما أحسنه لولا أنه أكثر شونيزه
وقد حكى محمد بن عمر المدائني أن جعفرا المتوكل كتب إلى بعض

عماله أن أحص من قبلك من المدنيين وعرفنا بمبلغ عددهم فوقع على الحاء نقطة فجمع العامل من كان في عمله منهم وخصاهم فماتوا غير رجلين أو واحد
وقد حكى المدائني عن بعض الأدباء أنه قال كثرة النقط في الكتاب سوء ظن بالمكتوب إليه
أما كتاب الأموال فإنهم لا يرون النقط بحال بل تعاطيه عندهم عيب في الكتابة

الجملة الثانية في ذكر أول من وضع النقط
قد تقدم في الكلام على وضع الحروف العربية أن أول من وضع الحروف العربية ثلاثة رجال من قبيلة بولان على أحد الأقوال وهم مرار بن مرة وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة وأن مرارا وضع الصور وأسلم فصل ووصل وعامرا وضع الإعجام
وقضية هذا أن الإعجام موضوع مع وضع الحروف
وقد روى أن أول من نقط المصاحف ووضع العربية أبو الأسود الدؤلي من تلقين أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه
فإن أريد بالنقط في ذلك الإعجام فيحتمل أن يكون ذلك ابتداء لوضع الإعجام والظاهر ما تقدم إذ يبعد أن الحروف قبل ذلك مع تشابه صورها كانت عرية عن النقط إلى حين نقط المصحف
وقد روي أن الصحابة رضوان الله عليهم جردوا المصحف من كل شيء

حتى من النقط والشكل
على أنه يحتمل أن يكون المراد بالنقط الذي وضعه أبو الأسود الشكل على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى

الجملة الثالثة في بيان صورة النقط وكيفية وضعه
قال الوزير أبو علي بن مقلة رحمه الله وللنقط صورتان إحداهما شكل مربع والأخرى شكل مستدير
قال وإذا كانت نقطتان على حرف فإن شئت جعلت واحدة فوق أخرى وإن شئت جعلتهما في سطر معا وإذا كان بجوار ذلك الحرف حرف ينقط لم يجز أن يكون النقط إذا اتسعت إلا واحدة فوقع أخرى والعلة في ذلك أن النقط إذا كن في سطر خرجن عن حروفهن فوق اللبس في الأشكال فإذا جعل بعضها على بعض كان على كل حرف قسطه من النقط فزال الإشكال
قلت وإذا كان على الحرف ثلاث نقط فإن كانت ثاء جعلت واحدة فوق اثنتين وإن كانت شيئا فبعض الكتاب ينقطه كذلك وبعضهم ينقطه ثلاث نقط سطرا وذلك لسعة حرف الشين بخلاف الثاء المثلثة
أما السين إذا نقطت من أسفلها فإنهم ينقطونها ثلاثة سطرا واحدا
الجملة الرابعة فيما يختص بكل حرف من النقط وما لا نقط له
قد تقدم أن حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفا سوى اللام ألف وأن ذلك على عدد منازل القمر الثمانية والعشرين وأن المنازل أبدا منها أربعة عشر

فوق الأرض وأربعة عشر تحت الأرض ثم إنه لا بد أن يبقى مما فوق الأرض منزلة مختفية تحت الشفق فكانت الحروف المنقوطة خمسة عشر حرفا بعدد المنازل المختفية وهي الأربعة عشر التي تحت الأرض والواحدة التي تحت الشعاع إشارة إلى أنها تحتاج إلى الإظهار لاختفائها وهي الباء والتاء والثاء والجيم والخاء والذال والزاي والشين والضاد والظاء والغين والفاء والقاف والنون والياء آخر الحروف
وكانت الحروف العاطلة ثلاثة عشر بعدد المنازل الظاهرة وهي الألف والحاء والدال والراء والسين والصاد والطاء والعين والكاف واللام والميم والهاء والواو
فأما الألف فإنها لا تنقط لانفرادها بصورة واحدة إذ ليس في الحروف ما يشبهها في حالتي الإفراد والتركيب
وأما الباء فإنها تنقط من أسفل لتخالف التاء المثناة من فوق والثاء المثلثة في حالتي الإفراد والتركيب والياء المثناة من تحت والنون في حالة التركيب ابتداء أو وسطا ونقطت من أسفل لئلا تلتبس بالنون حالة التركيب
وأما التاء فإنها تنقط باثنتين من فوق لتخالف ما قبلها وما بعدها من الصورتين في حالة الإفراد وتخالفهما مع الياء والنون حالة التركيب ابتداء أو وسطا
وأما الثاء فإنها تنقط بثلاث من فوق لتخالف ما قبلها من الصورتين في الإفراد وتخالفهما مع النون والياء أيضا في التركيب ابتداء أو وسطا

وأما الجيم فإنها تنقط بواحدة من تحت لتخالف الصورتين بعدها
وأما الحاء فإنها لا تنقط ويكون الإهمال لها علامة وحذاق الكتاب يجعلون لها علامة غير النقط وهي حاء صغيرة مكان النقطة من الجيم
وأما الخاء فإنها تنقط بواحدة من أعلاها لتخالف ما قبلها من الجيم والحاء
وأما الدال فإنها لا تنقط ولا تعلم ويكون ترك العلامة لها علامة
وأما الذال فتنقط بواحدة من فوق فرقا بينها وبين أختها
وأما الراء فإنها لا تنقط ولا تعلم ويكون الإهمال لها علامة
وأما الزاي فإنها تنقط بواحدة من فوق فرقا بينها وبين الراء
وأما السين فإنها لا تنقط وتكون علامتها الإهمال كغيرها وبعض الكتاب ينقطها بثلاث نقط من أسفلها
وأما الشين فإنها تنقط بثلاث من فوق فرقا بينها وبين أختها فإن كانت مدغمة فلا بد من جرة فوقها فرقا ثم إن كانت محققة فاللائق التأسيس بنقطتين وجعل نقط ثالث من أعلاهما وإن كانت مدغمة فالأولى جعل الثلاث نقط سطرا واحدا
وأما الصاد فإنها لا تنقط نعم حذاق الكتاب يجعلون لها علامة كالحاء وهي صاد صغيرة تحتها
وأما الضاد فإنها تنقط بواحدة من أعلاها فرقا بينها وبين أختها
وأما الطاء فإنها لا تنقط لكن لها علامة كالصاد والحاء وهي طاء صغيرة تحتها
وأما الظاء فإنها تنقط بواحدة من فوقها فرقا بينها وبين أختها
وأما العين فإنها لا تنقط ولها علامة كالحاء والصاد والطاء وهي عين صغيرة في بطنها
وأما الغين فإنها تنقط بواحدة فرقا بينها وبين أختها
وأما الفاء فمذهب أهل الشرق أنها تنقط بواحدة من أعلاها ومذهب أهل

الغرب أنها تنقط بواحدة من أسفلها
وأما القاف فلا خلاف بين أهل الخط أنها تنقط من أعلاها إلا أن من نقط الفاء بواحدة من أعلاها نقط القاف باثنتين من أعلاها ليحصل الفرق بينهما ومن نقط الفاء من أسفلها نقط القاف بواحدة من أعلاها
وقد تقدم من كلام الشيخ أثير الدين أبي حيان رحمه الله عن بعض مشايخه أن القاف إذا كتبت على صورتها الخاصة بها ينبغي ألا تنقط إذ لا شبه بينهما وذلك في حالتي الإفراد والتطرف أخيرا
وأما الكاف فإنها لا تنقط إلا أنها إذا كانت مشكولة علمت بشكلة وإن كانت معراة رسم عليها كاف صغيرة مبسوطة لأنها ربما التبست باللام
وأما اللام فإنها لا تنقط ولا تعلم وترك العلامة لها علامة
وأما الميم فإنها لا تنقط ولا تعلم أيضا لانفرادها بصورة
وأما النون فإنها تنقط بواحدة من أعلاها وكان ينبغي اختصاص النقط بحالة التركيب ابتداء أو وسطا لالتباسها حينئذ بالباء والتاء والثاء أوائل الحروف والياء آخر الحروف بخلاف حالة الإفراد والتطرف في التركيب أخيرا فإنها تختص بصورة فلا تلتبس كما أشار إليه الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله إلا أنها غلبت فيها حالة التركيب فروعيت
وأما الهاء فإنها لا تنقط بجميع أشكالها وإن كثرت لأنه ليس في أشكالها ما يلتبس بغيره من الحروف
وأما الواو فإنها لا تنقط وإن كانت في حالة التركيب تقارب الفاء وفي حالة الإفراد تقارب القاف لأن الفاء لا تشابهها كل المشابهة ولأن القاف أكبر مساحة منها

وأما اللام ألف فإنها لا تنقط لانفرادها بصورة لا يشابهها غيرها
وأما الياء فإنها تنقط بنقطتين من أسفلها وإن كانت في حالة الإفراد والتطرف في التركيب لها صورة تخصها لأنها في حالة التركيب في الابتداء والتوسط تشابه الباء والتاء والثاء والنون فيحتاج إلى بيانها بالنقط لتغليب حالة التركيب على حالة الإفراد كما في النون وربما نقطها بعض الكتاب في حالة الإفراد بنقطتين في بطنها والله سبحانه وتعالى أعلم

المقصد الثاني في الشكل وفيه خمس جمل
الجملة الأولى في اشتقاقه ومعناه
قال بعض أهل اللغة هو مأخوذ من شكل الدابة لأن الحروف تضبط بقيد فلا يلتبس إعرابها كما تضبط الدابة بالشكال فيمنعها من الهروب
قال أبو تمام
( ترى الأمر معجوما إذا كان معجما ... لديه ومشكولا إذا كان مشكولا )
الجملة الثانية في أول من وضع الشكل
وقد اختلفت الرواية في ذلك على ثلاث مقالات فذهب بعضهم إلى أن المبتدئ بذلك أبو الأسود الدؤلي وذلك أنه أراد أن يعمل كتابا في العربية يقوم الناس به ما فسد من كلامهم إذ كان ذلك قد فشا في الناس

فقال أرى أن ابتدئ بإعراب القرآن أولا فأحضر من يمسك المصحف وأحضر صبغا يخالف لون المداد
وقال للذي يمسك المصحف عليه إذا فتحت فاي فاجعل نقطة فوق الحرف وإذا كسرت فاي فاجعل نقطة تحت الحرف وإذا ضممت فاي فاجعل نقطة أمام الحرف فإن اتبعت شيئا من هذه الحركات غنة يعني تنوينا فاجعل نقطتين
ففعل ذلك حتى أتى على آخر المصحف
وذهب آخرون إلى أن المبتدئ بذلك نصر بن عاصم الليثي وأنه الذي خمسها وعشرها
وذعب آخرون إلى أن المبتدىء بذلك يحيى بن يعمر
قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله وهؤلاء الثلاثة من جلة تابعي البصريين
وأكثر العلماء على أن أبا الأسود الدولي جعل الحركات والتنوين لا غير وأن الخليل بن أحمد هو الذي جعل الهمز والتشديد والروم والإشمام

الجملة الثالثة في الترغيب في الشكل والترهيب عنه
وقد اختلف مقاصد الكتاب في ذلك فذهب بعضهم إلى الرغبة فيه والحث عليه لما فيه من البيان والضبط والتقييد
قال هشام بن عبد الملك اشكلوا قرائن الآداب لئلا تند عن الصواب
وقال علي بن منصور حلوا غرائب الكلم بالتقييد وحصنوها عن شبه التصحيف والتحريف
ويقال إعجام الكتب يمنع من استعجامها وشكلها يصونها عن إشكالها ولله القائل
( وكأن أحرف خطه شجر ... والشكل في أغصانه ثمر )
وذهب بعضهم إلى كراهته والرغبة عنه
قال سعيد بن حميد الكاتب لأن يشكل الحرف على القارئ أحب إلي من أن يعاب الكاتب بالشكل
ونظر محمد بن عباد إلى أبي عبيد وهو يقيد

البسملة فقال لو عرفته ما شكلته
وقد جرد الصحابة رضوان الله عليهم المصحف حين جمعوا القرآن من النقط والشكل وهو أجدر بهما فلو كان مطلوبا لما جردوه منه
قال الشيخ أبو عمرو الداني وقد وردت الكراهة بنقط المصاحف عن عبد الله بن عمر وقال بذلك جماعة من التابعين
واعلم أن كتاب الديونة لا يعرجون على النقط والشكل بحال وكتاب الإنشاء منهم من منع ذلك محاشاة للمكتوب إليه عن نسبته للجهل بأنه لا يقرأ إلا ما نقط أو شكل ومنهم من ندب إليه للضبط والتقييد كما تقدم
والحق التفريق في ذلك بين ما يقع فيه اللبس ويتطرق إليه التحريف لعلاقته أو غرابته وبين ما تسهل قراءته لوضوحه وسهولته
وقد رخص في نقط المصاحف بالإعراب جماعة منهم ربيعة بن عبد الرحمن وابن وهب
وصرح أصحابنا الشافعية رضي الله عنهم بأنه يندب نقط المصحف وشكله أما تجريد الصحابة رضوان الله عليهم له من ذلك فذلك حين ابتداء جمعه حتى لا يدخلوا بين دفتي المصحف شيئا سوى القرآن ولذلك كرهه من كرهه
وأما أهل التوقيع في زماننا فإنهم يرغبون عنه خشية الإظلام بالنقط والشكل

إلا ما فيه إلباس على ما مر وأهل الديونة لا يرون بشيء من ذلك أصلا ويعدون ذلك من عيوب الكتابة وإن دعت الحاجة إليه والله سبحانه وتعالى أعلم

الجملة الرابعة فيما ينشأ عنه الشكل ويترتب عليه
واعلم أن الشكل جار مع الإعراب كيفما جرى فينقسم إلى السكون وهو الجزم وإلى الفتح وهو النصب وإلى الضم وهو الرفع وإلى الجر وهو الخفض
أما السكون فلأنه الأصل
وأما الحركات الثلاث فقد قيل إنها مشاكلة للحركات الطبيعية فالرفع مشاكل لحركة الفلك لارتفاعها والجر مشاكل لحركة الأرض والماء لانخفاضها والنصب مشاكل لحركة النار والهواء لتوسطها ومن ثم لم يكن في اللغة العربية أكثر من ثلاثة أخرف بعدها ساكن إلا ما كان معدولا
فسبحان من أتقن ما صنع
ثم الذي عليه أكثر النحاة أن الحركات الثلاث مأخوذة من حروف المد واللين وهي الألف والواو والياء اعتمادا على أن الحروف قبل الحركات والثاني مأخوذ من الأول فالفتحة مأخوذة من الألف إذ الفتحة علامة النصب في قولك رأيت زيدا ولقيت عمرا وضربت بكرا والألف علامة النصب في الأسماء المعتلة المضافة كقولك رأيت أباك وأكرمت أخاك ويكون إطلاقا للروي المنصوب كقولك المذهبا وأنت تريد المذهب فلما أشبعت الفتحة نشأت عنها الألف والكسرة مأخوذة من الياء لأنها أختها ومن مخرجها والكسرة علامة الخفض في قولك مررت بزيد وأخذت عن زيد حديثا والياء علامة الخفض أيضا في الأسماء المعتلة المضافة كقولك مررت بأبيك وأخيك وذي مال والضمة من الواو لأنها من مخرجها من الشفتين وهي علامة الرفع في

قولك جاءني زيد وقام عمرو وخرج بكر والواو علامة الرفع في الأسماء المعتلة المضافة كقولك جاءني أخوك وأبوك وذو مال
وذهب بعض النحاة إلى أن هذه الحروف مأخوذة من الحركات الثلاث الألف من الفتحة والواو من الضمة والياء من الكسرة اعتمادا على أن الحركات قبل الحروف بدليل أن هذه الحروف تحدث عند هذه الحركات إذا أشبعت وأن العرب قد استغنت في بعض كلامها بهذه الحركات عن هذه الحروف اكتفاء بالأصل عن الفرع لدلالة الأصل على فرعه
وذهب آخرون إلى أن الحروف ليست مأخوذة من الحركات ولا الحركات مأخوذة من الحروف اعتمادا على أن أحدهما لم يسبق الآخر وصححه بعض النحاة

الجملة الخامسة في صور الشكل ومحال وضعه على طريقة المتقدمين والمتأخرين
واعلم أن المتقدمين يميلون في شكل غالب الصور إلى النقط بلون يخالف لون الكتابة
وقال الشيخ أبو عمر الداني رحمه الله وأرى أن يستعمل للنقط لونان الحمرة والصفرة فتكون الحمرة للحركات والتنوين والتشديد والتخفيف والسكون والوصل والمد وتكون الصفرة للهمزة خاصة
قال وعلى ذلك مصاحف أهل المدينة ثم قال وإن أستعملت الخضرة للابتداء بألفات الوصل على ما أحدثه أهل بلدنا فلا أرى بذلك بأسا قال ولا

أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصورة الرسم
وقد وردت الكراهة لذلك عن عبد الله بن مسعود وعن غيره من علماء الأمة
وأما المتأخرون فقد أحدثوا لذلك صورا مختلفة الأشكال لمناسبة تخص كل شكل منها ومن أجل اختلاف صورها وتباين أشكالها رخصوا في رسمها بالسواد
ويتعلق بالمقصود من ذلك سبع صور

الأولى علامة السكون
والمتقدمون يجعلون علامة ذلك جرة بالحمرة فوق الحرف سواء كان الحرف المسكن همزة كما في قولك لم يشأ أو غيرها من الحروف كالذال من قولك اذهب
أما المتأخرون فإنهم رسموا لها دائرة تشبه الميم إشارة إلى الجزم إذ الميم آخر حرف من الجزم وحذفوا عراقة الميم استخفافا وسموا تلك الدائرة جزمة أخذا من الجزم الذي هو لقب السكون ويحتمل أن يكونوا أتوا بتلك الدائرة على صورة الصفر في حساب الهنود ونحوهم إشارة إلى خلو تلك المرتبة من الأعداد لأن الصفر هو الخالي ومنه قولهم صفر اليدين بمعنى أنه فقير ليس في يديه شيء من المال
وحذاق الكتاب يجعلونها جيما لطيفة بغير عراقة إشارة إلى الجزم

الثانية علامة الفتح
أما المتقدمون فإنهم يجعلون علامة الفتح نقطة بالحمرة فوق الحرف فإن اتبعت حركة الفتح تنوينا جعلت نقطتين إحداهما للحركة والأخرى للتنوين
والمتأخرون يجعلون علامتها ألفا مضطجعة لما تقدم من أن الألف علامة الفتح في الأسماء المعتلة ورسموها بأعلى الحرف موافقة للمتقدمين في ذلك وسموا تلك الألف المضطجعة نصبة أخذا من النصب ويجعلون حالة التنوين خطتين مضطجعتين من فوقه كما جعل المتقدمون لذلك نقطتين وعبروا عن الخطتين بنصبتين
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف رحمه الله ويكون بينهما بقدر واحدة منهما
الثالثة علامة الضم
أما المتقدمون فإنهم يجعلون علامة الضمة نقطة بالحمرة وسط الحرف أو أمامه فإن لحق حركة الضم تنوين رسموا لذلك نقطتين إحداهما للحركة والأخرى للتنوين على ما تقدم في الفتح
وأما المتأخرون فإنهم يجعلون علامة الضمة واوا صغيرة لما تقدم أن الواو من علامة الرفع في الأسماء المعتلة ورسموها رفعة لذلك وسموها بأعلى الحرف ولم يجعلوها في وسطه كيلا تشين الحرف بخلاف المتقدمين لمخالفة اللون ولطافة النقطة
فإن لحق حركة الضم تنوين رسموا لذلك واوا صغيرة بخطة بعدها الواو إشارة للضم والخطة إشارة للتنوين وعبروا عنهما برفعتين
وبعضهم يجعل عوض الخطة واوا أخرى مردودة الآخر على رأس الأولى

الرابعة علامة الكسر
والمتقدمون يجعلون علامة الجرة نقطة بالحمرة تحت الحرف
فإن لحق حركة الكسر تنوين رسموا لذلك نقطتين
والمتأخرون جعلوا علامة الكسر شظية من أسفل الحرف إشارة إلى الياء التي هي علامة الجر في الأسماء المعتلة على ما مر وسموا تلك الشظية خفضة أخذا من الخفض الذي هو لقب الكسر ولم يخالفوا بينها وبين علامة النصب لاختلاف محلهما
فإن لحق حركة الكسر تنوين رسموا له خطتين من أسفله إحداهما للحركة والأخرى للتنوين
الخامسة علامة التشديد
والمتقدمون اختلفوا فمذهب أهل المدينة أنهم يرسمون علامة التشديد على هذه الصورة ولا يجعلون معها علامات الإعراب بل يجعلون علامة الشد مع الفتح فوق الحرف ومع الكسر تحت الحرف ومع الضم أمام الحرف
قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله وعليه عامة أهل بلدنا
قال ومنهم من يجعل مع ذلك نقطة علامة للإعراب وهو عندي حسن
وعامة أهل الشرق على أنهم يرسمون علامة التشديد صورة شين من غير عراقة على هذه الصورة كأنهم يريدون أول شديد ويجعلون تلك العلامة فوق الحرف أبدا ويعربونه بالحركات فإن كان مفتوحا جعلوا مع الشدة نقطة فوق الحرف علامة الفتح وإن كان مضموما جعلوا مع الشدة نقطة أمام الحرف علامة

الضم وإن كان مكسورا جعلوا مع الشدة نقطة تحت الحرف علامة الكسر
وعلى هذا المذهب استقر رأي المتأخرين أيضا غير أنهم يجعلون بدل النقط الدالة على الإعراب علامات الإعراب التي اصطلحوا عليها من النصبة والرفعة والخفضة فيجعلون النصبة والرفعة بأعلى الشدة ويجعلون الخفضة بأسفل الحرف الذي عليه الشدة وبعضهم يجعلها أسفل الشدة من فوق الحرف
ولا فرق في ذلك بين أن يكون المشدد من كلمة واحدة أو من كلمتين كالإدغام من كلمتين

السادسة علامة الهمزة
والمتقدمون يجعلونها نقطة صفراء ليخالفوا بها نقط الإعراب كما تقدم في كلام الشيخ أبي عمرو الداني رحمه الله ويرسمونها فوق الحرف أبدا إلا أنهم يأتون معها بنقط الإعراب الدالة على السكون والحركات الثلاث بالحمرة على ما تقدم وسواء في ذلك كانت صورة الهمزة واوا أو ياء أو ألفا إذ حق الهمزة أن تلزم مكانا واحدا من السطر لأنها حرف من حروف المعجم
والمتأخرون يجعلونها عينا بلا عراقة وذلك لقرب مخرج الهمزة من العين ولأنها تمتحن بها كما سيأتي
ثم إن كانت الهمزة مصورة بصورة حرف من الحروف فإن كانت الهمزة ساكنة جعلت الهمزة من أعلى الحرف مع جزمة بأعلاها
وإن كانت مفتوحة جعلت بأعلى الحرف أيضا مع نصبة بأعلاها
وإن كانت مضمومة جعلت بأعلى الحرف مع رفعة بأعلاها
وإن كانت مكسورة جعلت بأسفل الحرف مع خفضة بأسفلها وربما جعلت بأعلى الحرف والخفضة بأسفله
وقد اختلف القدماء من النحويين في أي الطرفين من اللام ألف هي الهمزة فحكي عن الخليل بن أحمد رحمه الله أنه قال الطرف الأول هو الهمزة والطرف الثاني هو اللام

قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله وإلى هذا ذهب عامة أهل النقط واستدلوا على صحة ذلك بأن رسم هذه الكلمة كانت أولا لاما مبسوطة في طرفها ألف على هذه الصورة لا كنحو رسم ما أشبه ذلك مما هو على حرفين من سائر حروف المعجم مثل يا وها وما أشبههما إلا أنه استثقل رسم ذلك كذلك في اللام ألف خاصة لاعتدال طرفيه لمشابهة كتابة الأعاجم فحسن رسمه بالتضفير فضم أحد الطرفين إلى الآخر فأيهما ضم إلى صاحبه كانت الهمزة أولى ضرورة
وتعتبر حقيقة ذلك بأن يؤخذ شيء من خيط ونحوه فيضفر ويخرج كل واحد من الطرفين إلى جهة ثم يقام الطرفان فيتبين من الوجهين أن الأول هو الثاني في الأصل وأن الثاني هو الأول لا محالة في التضفير
وأيضا فقد اتفق أهل صناعة الخط من الكتاب القدماء وغيرهم على أنه يرسم الطرف الأيسر قبل الطرف الأيمن ولا يخالف ذلك إلا من جهل صناعة الرسم إذ هو بمنزلة من ابتدأ برسم الألف قبل الميم في ما وشبهه مما هو على حرفين فثبت بذلك أن الطرف الأول هو الهمزة وأن الطرف الثاني هو اللام إذ الأول في أصل القاعدة هو الثاني والثاني هو الأول على ما مر وإنما اختلف طرفاها من أجل التضفير
وخالف الأخفش فزعم أن الطرف الأول هو اللام والطرف الثاني هو

الهمزة واستشهد لذلك بأن ما تلفظ به أولا هو المرسوم أولا وما تلفظ به آخرا هو المرسوم آخرا ونحن إذا قرأنا لأنت ولأنه ونحوهما لفظنا باللام أولا ثم بالهمزة بعدها
ونازعه في ذلك الشيخ أبو عمر الداني
والحق أن ذلك يختلف باختلاف اللام ألف على ما رتبه متأخرو الكتاب الآن ففي المضفورة على ما تقدم وفي المصورة بهذه الصورة بالعكس
وإن كانت الهمزة غير مصورة بحرف من الحروف كالهمزة في جزء وخبء جعلت العلامة في محل الهمزة من الكلمة مع علامة الإعراب من سكون وفتح وضم وكسر
فإن عرض للهمزة مع حركة من الحركات الثلاث تنوين جعل مع الهمزة علامة التنوين من نصبتين أو رفعتين أو خفضتين على ما مر في غير الهمزة
قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله وتمتحن الهمزة في موضعها من الكلام بالعين فحيث وقعت العين وقعت الهمزة مكانها وسواء كانت متحركة أو ساكنة لحقها التنوين أو لم يلحقها فتقول في آمنوا عامنوا وفي وآتى المال وعاتى المال وفي مستهزعين مستعزئين وفي خاسئين خاسعين وفي مبرئون مبرعون وفي متكئون متكعون وفي ماء ماع وفي سوء سوع وفي أولياء أولياع وفي تنوء تنوع وفي لتنوء لتنوع وفي أن تبوأ أن تبوعا وفي تبؤ تبوع وفي من شاطئ من شاطع وكذلك ما أشبهه حيث وقع فالقياس فيه مطرد

السابعة علامة الصلة في ألفات الوصل
أما المتقدمون فإنهم رسموا لها جرة بالحمرة في سائر أحوالها وجعلوا محلها تابعا للحركة التي قبل ألف الوصل
فإن وليها فتحة كما في قوله تعالى ( تتقون الذي ) جعلت الصلة جرة حمراء على رأس الألف على هذه الصورة آ وإن وليها كسرة كما في قوله تعالى ( رب العالمين ) جعلت الصلة جرة تحت الألف على هذه الصورة ا وإن وليها ضمة كما في قوله تعالى ( نستعين اهدنا ) جعلت

الصلة جرة حمراء في وسطها على هذه الصورة - فإن لحق شيئا من الحركات التنوين جعلت الصلة أبدا تحت الألف لأن التنوين مكسور للساكنين ما لم يأت بعد الساكن الواقع بعد ألف الوصل ضمة لازمة نحو قوله تعالى ( فتيلا انظر ) و ( عيون ادخلوها )
قال بعضهم يضم التنوين فتجعل الجرة على ذلك في وسط الألف
وأما المتأخرون فإنهم رسموا لذلك صادا لطيفة إشارة إلى الوصل وجعلوها بأعلى الحرف دائما ولم يراعوا في ذلك الحركات اكتفاء باللفظ

تنبيه
قد تقدم في الأول من الهجاء أن اللفظ قد يتعين في الهجاء إلى الزيادة والنقصان ولا شك أن الشكل يتغير بتغير ذلك ونحن نذكر من ذلك ما يختص بالهجاء العرفي دون الرسمي باعتبار الزيادة والنقص
أما الزيادة فمثل أولئك وأولو وأولات ونحوها
قال الشيخ أبو عمرو الداني وسبيلك أن تجعل علامة الهمزة نقطة بالصفرة في وسط ألف أولئك وأولو وأولات وتجعل نقطة بالحمرة أمامها في السطر لتدل على الضمة
قال وإن شئت جعلتها في الواو الزائدة لأنها صورتها وهو قول عامة أهل النقط
هذه طريقة المتقدمين
أما المتأخرون فإنهم يجعلون علامة الهمزة على الواو وهو مخالف لما تقدم من اعتبار الهمزة بالعين فإنها لو امتحنت بالعين لكان لفظها عولئك وكذلك البواقي
وأما النقص فمثل النبئين إذا كتبت بياء واحدة وهؤلاء ويا آدم إذا كتبتا

بحذف الألف بعد الهاء في هؤلاء والألف الثانية في يا آدم فترسم علامة الهمزة من النقطة الصفراء وحركتها على رأي المتقدمين وصورة العين على رأي المتأخرين قبل الياء الثانية في النبيين وتجعل ذلك على الألف الثانية في يا آدم لأنها صورتها وعلى الواو في هؤلاء لأنها صورتها
ووراء ما تقدم من الشكل أمور تتعلق بالإدغام والإظهار والإخفاء والإقلاب والمد وغيرها من متعلقات القراءة ليس هذا موضع ذكرها والله أعلم

فائدة
قال الشيخ عماد الدين بن العفيف رحمه الله ولا بد من تناسب الشكل والنقط وتناسب البياضات في ذلك للحروف

الفصل الرابع من الباب الثاني من المقالة الأولى في الهجاء وفيه مقصدان
المقصد الأول في مصطلحه الخاص وهو على ضربين
الضرب الأول المصطلح الرسمي
وهو ما اصطلح عليه الصحابة رضوان الله عليهم في كتابة المصحف عند جمع القرآن الكريم على ما كتبه زيد بن ثابت رضي الله عنه ويسمى الاصطلاح السلفي أيضا ونحن نورد منه ما جر إليه الكلام أو وافق المصطلح العرفي
الضرب الثاني المصطلح العروضي
وهو ما اصطلح عليه أهل العروض في تقطيع الشعر واعتمادهم في ذلك على ما يقع في السمع دون المعنى إذ المعتد به في صنعة العروض إنما هو اللفظ لأنهم يريدون به عدد الحروف التي يقوم بها الوزن متحركا وساكنا فيكتبون التنوين نونا ولا يراعون حذفها في الوقف ويكتبون الحرف المدغم بحرفين ويحذفون اللام وغيره مما يدغم في الحرف الذي بعده كالرحمن والذاهب والضارب ويعتمدون في الحروف على أجزاء التفعيل فقد تتقطع الكلمة بحسب ما يقع من تبيين الأجزاء كما في قول الشاعر
( ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود )

فيكتبونه على هذه الصورة
( ستبدي لكالأييا مماكن تجاهلن ... ويأتي كبالأخبار ملم تزودي )

المقصد الثاني في المصطلح العام
وهو ما اصطلح عليه الكتاب في غير هذين الاصطلاحين
وهو المقصود من الباب وفيه جملتان
الجملة الأولى في الإفراد والحذف والإثبات والإبدال وفيه مدركان
المدرك الأول في بيان الأصل المعتمد في ذلك وما يكتب على الأصل
واعلم أن الأصل في الكتابة مطابقة المنطوق المفهوم وقد يزيدون في وزن الكلمة ما ليس في وزنها ليفصلوا بالزيادة بينه وبين المشبه له وينقصون من الكلمة عما هو في وزنها استخفافا واستغناء بما أبقي عما انتقص إذا كان فيه دليل على ما يحذفون كما أن العرب تتصرف في الكلمة بالزيادة والنقصان ويحذفون ما لا يتم الكلام في الحقيقة إلا به استخفافا وإيجازا إذا عرف المخاطب ما يقصدون
قال ابن قتيبة وربما تركوا الاشتباه على حاله ولم يفصلوا بين المتشابهين واكتفوا بما يدل عليه من متقدم أو متأخر كقولك للرجل الواحد

يغزوا وللاثنين لن يغزوا وللجميع لن يغزوا بالواو والألف في الجميع من غير تفريق بين الواحد والاثنين والجمع وبقوه على أصله
إذا علمت ذلك فالمكتوب على المصطلح المعروف هو على قسمين

القسم الأول ما له صورة تخصه من الحروف وهو على ضربين
الضرب الأول ما هو على أصله المعتبر فيه ذوات الحروف وعددها بتقدير الابتداء بها والوقوف عليها سواء بقي لفظه على حاله أم انقلب النطق به إلى حرف آخر
فيكتب لفظ امحى بغير نون بعد الألف وإن كان أصله انمحى على وزن انفعل من المحو لأن الإدغام من كلمة واحدة بخلاف ما إذا كان الإدغام من كلمتين فيكتب لفظ من مال بنون في من منفصلة من ميم مال وإن كانت النون الساكنة تدغم في الميم
ويكتب لفظ خنق مصدر خنق ولفظ أنت وما أشبهها بنون وإن كانت النون مخفاة في القاف من خنق وفي التاء من أنت
وكذلك حالة التركيب نحو من كافر
ويكتب عنبر وما أشبهها بنون أيضا وإن كانت النون الساكنة تنقلب عند الباء ميما وكذلك في حلة التركيب نحو من بعد
ويكتب مثل اضربوا القوم ويغزو الرجل بواو وكذلك كل ما فيه حرف مد حذف لساكن يليه لأنه لولا التقاء الساكنين لثبتت هذه الواو لفظا
ويكتب أنا بألف بعد النون وإن كانت في وصل الكلام لا إشباع في الفتحة لأن الوقف عليه بألف ومن أجل ذلك كتبت ( لكنا هو الله ) بألف بعد النون في لكنا إذ أصله لكن أنا
ويكتب المنون المنصوب مثل زيدا وعمرا من قولك رأيت زيدا وضربت عمرا بالألف لأنه يوقف عليه بالألف بخلاف المنون المرفوع والمجرور نحو جاء زيد ومررت بزيد إذ الوقف عليه بحذف نون

التنوين وإسكان الآخر على الصحيح
وتكتب إذا المنونة بالألف على رأي المازني رحمه الله ومن تابعه لأن الوقف عليها بالألف لضعفها والمبرد والأكثرون على أنها تكتب بالنون
قال الأستاذ ابن عصفور وهو الصحيح لأن كل نون يوقف عليها بالألف كتبت بالألف وما يوقف عليها نفسها كما توصل كتبت بالنون وهذه يوقف عليها عنده بالنون وأيضا فإنها إذا كتبت بالنون كانت فرقا بينها وبين إذا الطرفية لئلا يقع الإلباس
وفصل الفراء فقال إن ألغيت كتبت بالألف وإن أعملت كتبت بالنون لقوتها
ويحكى عن أبي العباس محمد بن يزيد أنه كان يقول أشتهي أن أكوي يد من يكتب إذن بالألف لأنها مثل أن ولن ولا يدخل التنوين في الحروف
ويكتب نحو لنسفا بالألف لأن الوقف عليها بالألف وكذلك يكتب اضربا زيدا ولا تضربا عمرا بالألف على رأي من ادعى أنه الأكثر ووجهه بأن النون الخفيفة تنقلب ألفا إذا كان ما قبلها مفتوحا في الوقف
وذهب بعضهم إلى أنها تكتب بالنون تشبيها لنونه بنون الجمع نحو اضربن للجمع المذكر وبه جزم الشيخ أثير الدين أبو حيان ووجهه بأنه لو كتب بالألف لالتبس بأمر الاثنين ونهيهما في الخط وإن كنت إذا وقفت عليه وقفت بالألف فلم تراع حالة الوقف في ذلك لأن الوقف منع من اعتباره ما عرض فيه

من كثرة الإلباس لأنهم لو أرادوا على الوقف بالألف كتابته بالألف كثر اللبس بالوقف والخط فتجنبوا ما كثر به الإلباس
ويكتب كل اسم في آخره ياء نحو قاضي وغازي وداعي وحادي وساري ومشتري ومهتدي ومستدعي ومفتري في حالتي الرفع والجر بغير ياء كما في قولك جاء قاض ومررت بقاض وكذا في الباقيات وفي حالة النصب بالياء مع زيادة ألف بعدها كما في قولك رأيت قاضيا وغازيا وداعيا وما أشبهه
وإن كان جمعا فإن كان غير منصرف كتب في حالتي الرفع والخفض بغير ياء على ما تقدم فيكتب في الرفع هؤلاء جوار وغواش وسوار ودواع وفي الخفض مررت بجوار وسوار وغواش ودواع بغير ياء في الحالتين
ويكتب في النصب بالياء إلا أنه لا تزاد الألف بعدها فتكتب رايت جواري وسواري ودواعي
فإذا دخلت الألف واللام في جميع هذه الأسماء أثبتت فيها الياء سواء المنصرف وغير المنصرف فيكتب هذا الداعي والغازي والقاضي والمستدعي وهؤلاء الجواري والسواري والدواعي بالياء في الجميع
قال ابن قتيبة وقد يجوز حذفها وليس بمستعمل إلا في كتابة المصحف
ويكتب نحو ره أمرا بالرؤية ولم يره نفيا للرؤية وقه أمرا بالوقاية ولم يقه نفيا لذلك وما أشبهه بالهاء وإن كانت الهاء تسقط منه حالة الدرج لأن الوقف عليها بالهاء وكذلك قولهم ممه أتيت ومجيء مه جئت لأن الوقف على ما الاستفهامية بعد حذف ألفه بالهاء فيكتب بالهاء بخلاف ما إذا وقعت ما المحذوف ألفها بعد الجار نحو حتام وإلام وعلام فإنه لا تلحقها الهاء لشدة الاتصال فلا تكتب بالهاء
وتكتب تاء التأنيث في نحو رحمة ونعمة ونقمة وقسمة وخدمة وطلحة وقمحة بالهاء لأن الوقف عليها بالهاء على الصحيح وبعضهم

يقف عليها بالتاء وهي لغة قليلة فتكتب بالتاء موافقة للوقف
وقد وقع في رسم المصحف الكريم مواضع من ذلك نحو قوله تعالى ( أفبنعمت الله يكفرون ) كتبوا أفبنعمت بالتاء والأكثر ما تقدم
قال ابن قتيبة وأجمع الكتاب على كتابة السلام عليك ورحمت الله وبركاته في أول الكتاب وآخره بالتاء
قال فإن أضفت تاء التأنيث إلى مضمر صارت تاء فتكتب شجرتك وناقتك ورحمتك وما أشبهه بالتاء
أما أخت وبنت وجمع المؤنث السالم مثل قائمات وصائمات وتائبات وتاء التأنيث الساكنة في آخر الفعل نحو قامت وقعدت وما أشبه ذلك فإنه يكتب جميع ذلك بالتاء لأن الوقف عليها بالتاء
قال ابن قتيبة وهيهات يوقف عليها بالهاء والتاء والإجماع على كتابتها بالتاء ثم اللفظ الذي يكتب على نوعين

النوع الأول أن يكون اسما لحرف من حروف الهجاء وهو على وجهين
الوجه الأول
أن يكون اسما قاصرا على الحرف لم يسم به غيره وله حالان
أحدهما أن يقصد اسم ذلك الحرف لا مسماه فيكتب الملفوظ به نحو جيم إذا سئل كتابته فيكتب بجيم وياء وميم
والثاني أن يقصد مسماه لا اسمه فيجب الاقتصار في الكتابة على أول حرف في الكلمة ويكتب بصورة ذلك الحرف مثل ق ن ص ولذلك كتبت الحروف المفتتح بها السور على نحو ما كتبوا حروف المعجم وذلك لأنهم أرادوا أن يضعوا أشكالا لهذه الحروف تتميز بها فهي أسماء مدلولاتها أشكال خطية

ولو لم يضعوا لها هذه الأشكال الخطية لم يكن للخط دلالة على المنطوق ولو اقتصروا على كتبها على حسب النطق ولم يضعوا لها أشكالا مفردة تتميز بها لم يمكن ذلك لأن الكتابة بحسب النطق متوقفة على معرفة كل حرف حرف وشكل كل حرف حرف غير موضوع فاستحال كتبها على حسب النطق
ألا ترى أنك إذا قيل لك اكتب جيم عين فاء راء فإنما تكتب هذه الصورة جعفر والملفوظ بلسان الأمر بالكتابة جيم والمكتوب ج ولو كان تصوير اللفظ بصور هجائه لكان المكتوب جيم كالملفوظ على قياس غيره من الألفاظ
ويشهد لذلك ما حكي أن الخليل رحمه الله قال يوما لطلبته كيف تنطقون بالجيم من جعفر فقالوا جيم فقال إنما نطقتم بالاسم ولم تلفظوا بالمسؤول عنه ثم قال الجواب جه لأنه المسمى من الكتاب يريد جيما مفتوحة وإنما أتى فيها بالهاء ليمكن الوقف عليها

الوجه الثاني
ألا يكون الاسم قاصرا على الحرف بأن يسمى به غيره أيضا كما إذا سمي رجل بقاف أو بياسين فللكتاب فيه مذهبان
أحدهما أن تكتب صورة الحرف هكذا ق ويس
والثاني أن يكتب الملفوظ به هكذا قاف وياسين وهو اختيار أبي عمرو ابن الحاجب رحمه الله
النوع الثاني
ألا يكون اسما لحرف من حروف المعجم وهو على وجهين أيضا

الوجه الأول أن يكون له معنى واحد فقط
فيكتب هكذا زيد إذا طلب كتابة زاي ياء دال
الوجه الثاني أن يكون له أكثر من معنى واحد
فيكتب بحسب القرينة كما إذا قيل لك أكتب شعرا فإن دلت القرينة على أن المراد هذا اللفظ كتب هكذا شعرا وإلا فيكتب ما ينطبق عليه الشعر إذ هو معنى الشعر
الضرب الثاني ما تغير عن أصله وهو على ثلاثة أنواع
النوع الأول ما تغير بالزيادة
والزيادة تقع في الكتابة بثلاثة أحرف الحرف الأول الألف وتزاد في مواضع
منها تزاد بعد الميم في مائة فتكتب على هذه الصورة مائة فرقا بينها وبين منه وإنما كانت الزيادة من حروف العلة دون غيرها لأنها تكثر زيادتها وكان حرف العلة ألفا لأنها تشبه الهمزة ولأن الفتحة من جنس الألف ولم تكن الزيادة ياء لأنه يستثقل في الخط أن يجمع بين حرفين مثلين في موضع مأمون فيه اللبس ألا ترى إلى كتابتهم خطيئة على وزن فعيلة بياء واحدة ولو كتبت على صيغة لفظها لوجب أن تكتب بياءين ياء لبناء فعيلة وياء هي صورة الهمزة ولم تكن الزيادة واوا لاستثقال الجمع بين الياء والواو وجعل الفرق في مائة ولم يجعل في منه لأن مائة اسم ومنه حرف والاسم أحمل للزيادة من الحرف ولأن المائة محذوفة اللام بدليل قولهم أمأيت الدراهم فجعل الفرق في مائة بدلا من المحذوف مع كثرة

الاستعمال ثم اختلف في المثنى منه فقيل لا يزاد في مائتين لأن موجب الزيادة اللبس ولا لبس في التثنية والراجح الزيادة كما في الإفراد لأن التثنية لا تغير الواحد عما كان عليه
أما في حالة الجمع فقد اتفقوا على منع الزيادة فكتبوا مئين ومئات يغير ألف بعد الميم لأن جمع التكسير يتغير فيه الواحد وجمع السلامة ربما بغير فيه أيضا فغلبت
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله وقد رأيت بخط بعض النحاة مأة على هذه الصورة بألف عليها نبرة الهمزة دون ياء
قال وكثيرا ما أكتب أنا مئة بغير ألف كما تكتب فئة لأن كتب مائة بالألف خارج عن القياس فالذي أختاره أن تكتب بالألف دون الياء على وجه تحقيق الهمزة أو بالياء دون الألف على وجه تسهيلها
ومنها تزاد بعد واو الجمع المتطرفة في آخر الكلمة إذا اتصلت بفعل ماض أو فعل أمر مثل ضربوا واضربوا وما أشبههما فتكتب بألف بعد الواو وسمي بن قتيبة هذه الألف ألف الفصل لأنها تفصل بين الفعل كي لا تلتبس الواو في آخر الفعل بواو العطف فإنك لو كتبت أوردوا وصدروا مثلا بغير ألف ثم اتصلت بكلام بعدها ظن القارئ أنها واو العطف
ولما فعلوا ذلك في الأفعال التي تنقطع واوها عن الحرف كالفعلين المتقدمين فعلوا ذلك في الأفعال التي تتصل واوها بالحرف قبلها نحو كانوا وبانوا ليكون حكم هذه الواو في جميع المواضع واحدا
أما إذا لم تقع طرفا في آخر الكلام نحو ضربوهم وكالوهم ووزنوهم لم تلحق به الألف
فلو اتصلت واو الجمع المذكورة بفعل مضارع نحو لن يضربوا ولن يذهبوا
فمذهب بعض البصريين أنه لا تلحقها الألف ومذهب الأخفش لحوقها كالماضي والأمر

ولو اتصلت باسم نحو ضاربوهم وضاربوا زيد
فمذهب البصريين أنها لا تلحق بل يجعل الاسم تلو الواو
ومذهب الكوفيين أنها تلحق فيكتبون ضاربوا زيد وقاتلوا عمرو وهموا بألف بعد الواو في الجميع والراجح الأول
ومنها زادها الفراء في يدعو ويغزو في المفرد حالة الرفع خاصة تشبيها بواو الجمع وأطلق ابن قتيبة النقل عن بعض كتاب زمانه بأنها لا تلحق في مثل ذلك لأن العلة التي أدخلت هذه الألف لأجلها في الجمع لا تلزم هنا لأنك إذا كتبت الفعل الذي تتصل واوه به من هذا الباب مثل أنا أرجو وأنا أدعو لم تشبه واوه واو العطف أيضا إلا بأن تزيل الكلمة عن معناها لأن الواو من نفس الفعل لا تفارقه إلا في حال جزمه والواو في صدروا ووردوا واو جمع مكتف بنفسه يمكن أن يجعل للواحد وتتوهم الواو عاطفة لشيء عليه
قال وقد ذهبوا مذهبا
غير أن متقدمي الكتاب لم يزالوا على إلحاق ألف الفصل بهذه الواوات كلها ليكون الحكم في كل موضع واحدا
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان وفصل الكسائي في حالة النصب فقال إن لم يتصل به ضمير نحو لن يدعو كتب بألف وإن اتصل به ضمير نحو لن يدعوك كتب بغير ألف فرقا بين الحالين
ومنها تزاد شذوذا بعد الواو المبدلة من الألف في الربو فتكتب بألف بعد الواو على هذه الصورة الربوا تنبيها على أن الأصل يكتب بالألف
ووجه الشذوذ أنه من ذوات الواو فكان قياسه أن يكتب بالألف
وقد زيدت في مواضع من المصحف كما في قوله تعالى ( إن امرؤا هلك ) تنبيها على أنه كان ينبغي أن تكون صورة الهمزة ألفا على كل حال ولا

يعتد بالضم والكسرة إذ اللغة الأصلية فيها إنما هي فتح الراء دائما والقياس كتابته بصورة الحركة التي قبل الهمزة وكذلك كتبوا لا أوضعوا بزيادة ألف بعد اللام ألف وذلك مختص برسم المصحف الكريم دون غيره فلا يقاس عليه والله أعلم

الحرف الثاني الواو وتزاد في مواضع أيضا
منها تزاد في عمرو بعد الراء إذا كان علما في حالتي الرفع والجر فرقا بينه وبين عمر
وكانت الزيادة واوا ولم تكن ياء لئلا يلتبس بالمضاف إلى ياء المتكلم ولا ألفا لئلا يلتبس المرفوع بالمنصوب
وجعلت الزيادة في عمرو دون عمر لأن عمرا أخف من عمر من حيث بناؤه على فعل ومن حيث انصرافه
أما في حالة النصب فلا تزاد فيه الواو ويكتب عمرو بألف وعمر لا يكتب بألف لأنه لا ينصرف وكذلك المحلى باللام كالعمر والمضاف كعمره والواقع قافية شعر كقول الشاعر
( إنما أنت في سليم كواو ... ألحقت في الهجاء ظلما بعمر )
وكذلك عمر واحد عمور الأسنان وهو اللحم الذي بينها وما هو بمعنى المصدر مثل قولهم لعمر الله لا تزاد فيه الواو إذ لا لبس
ولم يفرقوا في الكتابة بين عمر العلم وعمر جمع عمرة لأنهما ليسا من جنس واحد فلا يلتبسان
ومنها تزاد في أولئك بين الألف واللام فرقا بينها وبين إليك إذ حذفوا ألف أولئك الذي بعد اللام لكثرة الاستعمال فالتبست بإليك وكانت الواو أولى بالزيادة من الياء لمناسبة ضمة الهمزة ومن الألف لاجتماع صورتي الألف وهم يحذفون الواحدة إذا اجتمعت صورتاها وجعلت الزيادة في أولئك دون إليك لأن الاسم أحمل للزيادة من الحرف ولأن أولئك قد حذف منه الألف فكان أولى بالزيادة لتكون كالعوض من المحذوف

قال ابن الحاجب وحملوا أولى عليه مع عدم اللبس كما حملوا مائتين على مائة
ومنها تزاد في أولي وفي أولو بين الألف واللام أما في أولي فللفرق بينها وبين إلى وأما في أولو فبالحمل على أولي بالياء صرح به الشيخ أبو عمرو ابن الحاجب وقاله الشيخ أثير الدين أبو حيان بحثا وادعى أنه لم يظفر في تعليله بنص
قال وحمل التأنيث في أولات على التذكير في أولي
ومنها تزاد في أوخي تصغير أخي بين الألف والخاء والتغيير يأنس بالتغيير وجعلت الزيادة واوا لمناسبة ضمة الهمزة كما في أولئك ونحوه
وأكثر أهل الخط لا يزيدونها لأن التصغير فرع عن التكبير وليس ببناء أصلي

الحرف الثالث الياء المثناة تحت
وتزاد في مواضع من رسم المصحف الكريم فيكتبون قوله تعالى ( بنيناها بأييد ) بياءين بين الألف والدال من قوله بأييد
وقوله تعالى ( من نبإى المرسلين ) بياء بعد الألف من نبإ وقوله تعالى ( من ملإيه ) و ( من ملإيهم ) بياء قبل الهاء فيهما
وهذا مما يجب الانقياد إليه في المصحف إقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم
أما في غير المصحف فيكتب بأيد بياء واحدة لأن الهمزة فيه أول كلمة فتصور ألفا كغيرها من الهمزات الواقعة أولا على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى
ويكتب من نبإ ومن ملئه ومن ملئهم بغير ياء لأن الهمزة في نبإ وملإ أخيرة بعد فتحه فتصور ألفا كما في نحو كلا وخطإ وكذلك إذا أضيف إليه الضمير
وذهب بعضهم إلى أنها تكتب في هذا ياء على ما يناسب حركتها سواء أضيفت نحو من كلئه أو لم تضف نحو من الكلئ

قال بعضهم والأقيس أن يكتب ياء مع الضمير المتصل نحو من خطئه لأنها صارت معه كالمتوسطة ويكتب ألفا إذا تطرفت نحو من خطإ اعتبارا بما يؤول إليه في التخفيف والله أعلم

النوع الثاني ما يغير بالنقص والنقص يقع في الكتابة على وجهين
الوجه الأول ما لا يختص بحرف من الحروف وهو المدغم
فيكتب كل مشدد من كلمة واحدة حرفا واحدا نحو شد ومد وادكر ومقر واقشعر فيكتب بدال واحدة في شد ومد وادكر وراء واحدة في مقر واقشعر وإن كان في اللفظ حرفان فإن الحرف المدغم فيما بعده هو متلفظ به ساكنا مدغما فكان قياسه أن يكتب له صورة بحسب النطق لكنه لما أدغم ضعف بالإدغام إذ صار النطق به وبالمدغم فيه نقطا واحدا فاقتصر في الكتابة على حرف ولم يجعل للأول صورة اختصارا
وسواء كان المدغم إدغام مثل نحو رد أو مقارب نحو اطجع أصله اضطجع وأجروا نحو قنت مجرى ما هو من كلمة واحدة وإن كان من كلمتين لشدة اتصال الفعل بالفاعل مع كون الحرفين مثلين
قال الشيخ أبو عمرو بن الحاجب رحمه الله وكذلك نحو مم وعم
الوجه الثاني ما يختص بحرف من الحروف
وينحصر ذلك في خمسة أحرف

الحرف الأول الألف وتحذف في مواضع
منها تحذف مع لام التعريف إذا دخلت عليها لام الجر فيكتب للقوم وللغلام وللناس بلامين متواليتين من غير ألف بخلاف ما إذا دخلت عليها باء الجر فإنها لا تحذف فيكتب بالقوم وبالغلام وبالناس بألف بين الباء واللام
وإن كان في أول الكلمة ألف ولام من نفس الكلمة ليستا اللتين للتعريف نحو الألف واللام في التقاء والتفات والتباس
ثم دخلت لام الجر أو باؤه ثبتت الألف فيكتب بالتقائنا ولالتفاتنا ولالتباس الأمر علي وبالتباسه فإن أدخلت ألف التعريف ولامه على الألف واللام اللتين من نفس الكلمة للتعريف ولم تصل الكلمة بلام الجر وبائه لم تحذف شيئا فيكتب الالتقاء والالتفات والالتباس بألفين ولامين وكذلك إذا وصلتهما بلام الجر أو بائه فيكتب بالالتقاء وبالالتفات وبالالتباس وللالتقاء وللالتفات وللالتباس
ومنها تحذف بعد اللام الثانية من لفظ الله تعالى وبعد الميم من الرحمن إذا دخلت عليها الألف واللام فيكتب الله بلامين بعدهما هاء على هذه الصورة الله وإن كانت المدة بعد اللام الثانية توجب ألفا بعدها ويكتب الرحمن بنون بعد الميم على هذه الصورة الرحمن وإن كانت المدة على الميم توجب ألفا بعدها لأنه لا التباس في هذين الاسمين ولكثرة الاستعمال
فلو تجردا عن الألف واللام كتبا بالألف كما قالوا لاه أبوك يريدون لله أبوك فحذفوا حرف الجر والألف واللام وكتبوه بالألف
وكقولك رحمان الدنيا والآخرة فيكتبونه بالألف
ومنها تحذف بعد اللام من السلام في عبد السلام وفي السلام عليكم فيكتبان على هذه الصورة عبد السلم والسلم عليكم

ومنها تحذف بعد اللام من ملئكة فتكتب على هذه الصورة ملئكة
قال أحمد بن يحيى لأنه لا يشبه لفظ مثله ولكثرة الاستعمال
ومنها تحذف بعد الميم من سموات فتكتب على هذه الصورة سماوات
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان وعلة الحذف فيه علة الحذف في الملائكة من كثرة الاستعمال وعدم الشبه
وأما الألف الثانية منه وهي بعد الواو فإنها لا تحذف لأنها دليل الجمع ولأنها لو حذفت لاجتمع في الكلمة حذفان وقد كتبت في المصحف بحذف الألفين جميعا فيجب الانقياد إليه في المصحف خاصة
ومنها تحذف بعد اللام في أولئك وبعد الذال من ذلك فيكتبان على هذه الصورة أولئك وذلك فلو تجرد أولاء وذا عن حرف الخطاب وهو الكاف كتبا بالألف فيكتبان على هذه الصورة أولاء وذا
ومنها تحذف بعدها التنبيه إذا اتصلت بذا التي للإشارة وكانت خالية من كاف الخطاب في آخر الكلمة فتحذف من هذا وهذه وهؤلاء فيكتب الجميع بغير ألف فإن اتصلت باسم الإشارة الكاف نحو ذاك امتنع الحذف فيكتب بألف بعد الهاء على هذه الصورة ها ذاك ولا يضر اختلاف حرف الخطاب بالنسبة للإفراد والجمع والتذكير والتأنيث
وأما تا وتي في الإشارة بتا للمذكر وبتي

للمؤنث فإن الألف لا تحذف معهما إذا اتصلت بهما ها التنبيه فيكتب هاتا وهاتي وهاتان
وذكر أحمد بن يحيى أنها حذفت من هأنتم وهأنا وهأنت أيضا فتكتب بألف واحدة بعد الهاء في جميع ذلك
قال وهو القياس وكان الأصل أن تكتب بألفين على هذه الصورة ها أنتم وها أنا وها أنت ثم تلي الهمزة
ودليل أن ألف ها قد حذفت من ها التنبيه في غير اتصالها بذا وما والاها من رسم المصحف في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم في النور ( أيه المؤمنون ) وفي الزخرف ( يايه الساحر ) وفي الرحمن ( أيه الثقلان )
قال ابن قتيبة ويكتب أيها الرجل وأيها الأمير بالألف وإن كان قد كتب في القرآن الكريم بالألف وغير الألف لاختلافهم في الوقف عليها
ومنها تحذف من ثمانية عشر وثماني نساء بخلاف ما إذا حذفت الياء منها نحو ثمان عشرة وعندي من النساء ثمان فإنه لا تحذف الألف بل تكتب على هذه الصورة ثمان عشرة وعندي من النساء ثمان لأنه قد حذف منه الياء فلو حذف الألف لتوالى الحذف فيكثر فمثل قول الشاعر
( ولقد شربت ثمنيا وثمنيا ... وثمان عشرة واثنتين وأربعا )
يكتب الأولان بغير ألف والثالثة بالألف
وفي ثمانين وجهان أحدهما إثبات الألف بعد الميم فيها لأنه قد حذف منه الياء إذ الياء في ثمانين ليست ياء ثمانية لأنها حرف الإعراب المنقلب عن الواو في حالة الرفع فلو حذفت الألف أيضا لتوالى فيه الحذف
والوجه الثاني الحذف لأن الياء منه كأنها لم تحذف بدليل أنه قد عاقبتها ياء أخرى فهما لا يجتمعان فكأن الياء موجودة إجراء للمعاقب مجرى المعاقب
وإذا قلت ثمانون بالواو فحكمه حكم ثمانين بالياء في جواز الوجهين

ومنها تحذف بعد اللام من ثلاث فيكتب على هذه الصورة ثلث سواء كانت مفردة نحو عندي ثلث من البط أو مضافة نحو ثلث نساء أو مركبة نحو ثلثة عشرة امرأة أو معطوفة نحو ثلث وثلاثون جارية وحكم ثلاثة بالتاء كذلك في جميع الصور
وكذلك تحذف أيضا من ثلاثين وثلاثون بالياء والواو فيكتبان على هذه الصورة ثلثين وثلثون
فأما ثلاث المعدول كما في قوله تعالى ( مثنى وثلاث ) فقال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله لم أقف فيه على نقل
قال والذي اختاره أن يكتب بالألف لوجهين أحدهما أنه لم يكثر كثرة ثلث وثلثة وثلثين وثلثون والثاني أنها لو حذفت لالتبست بثلث الذي ليس بمعدول
قال ابن قاسم رحمه الله وقد ذكر في المقنع أنه محذوف في الرسم
ومنها تحذف من يا التي للنداء إذا اتصلت بهمزة نحو يا أحمد يا إبراهيم يا أبا بكر يا أبانا فتكتب على هذه الصورة ياحمد يإبراهيم يأباكر يأبانا
ثم الأظهر أن المحذوف هو ألف يا لا صورة الهمزة
وقال أحمد بن يحيى المحذوف صورة الهمزة لا الألف من يا نعم إذا كانت الهمزة المتصلة بيا كهمزة آدم امتنع الحذف وكتبت بألفين على هذه الصورة يا آدم لأنهم قد حذفوا ألفا من آدم لتوالي ألفين وحرف النداء مع المنادى كالكلمة

الواحدة بدليل أنه لا يجوز الفصل بينهما فلو حذفت الألف من ياء لاجتمع فيما هو كالكلمة الواحدة حذف ألفين
أما إذا لم يل يا همزة البتة نحو يا زيد ويا جعفر فالذي يستعمله الكتاب فيه إثبات الألف في يا
وفي كلام أحمد بن يحيى تجويز كتابته بغير ألف أيضا توجيها بأنهم جعلوا يا مع ما بعدها شيئا واحدا إذ أقاموا يا مقام الألف واللام بدليل أنهم لا ينادون ما فيه ألف ولام فلا يقولون يا الرجل
ومنها تحذف من الحارث إذا كان علما ودخلت عليه الألف واللام فيكتب على هذه الصورة الحرث
أما إذا عري عن الألف واللام فإنه يثبت فيه الألف لئلا يلتبس بحرب بالباء الموحدة إذ قد سمي به وإنما امتنع اللبس مع الألف واللام لأنهما إنما يدخلان من الأعلام على ما كان صفة إذا أريد به معنى التفاؤل وحرب ليس بصفة فلم يدخلا عليه وإن كانا قد دخلا على بعض المصادر كالعلاء وكذلك إذا كان حارث اسم فاعل من الحرث فإنه يكتب بالألف أيضا كما إذا عري عن الألف واللام
ومنها تحذف مما كثر استعماله من الأعلام الزائدة على ثلاثة أحرف إذا لم يحذف منها شيء سواء كان ذلك العلم من اللغة العربية نحو مالك وصالح وخالد أو من اللغة العجمية نحو إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وهارون وسليمان فتكتب على هذه الصورة ملك وصلح وخلد وإبرهيم وإسمعيل وهرون وسليمن بخلاف ما إذا لم يكثر استعماله كحاتم وجابر وحامد وسالم وطالوت وجالوت وهاروت وماروت وهامان وقارون فإنها لا تحذف ألفها
وقد حذفت في بعض المصاحف من هاروت وماروت وهامان وقارون فكتبت على هذه الصورة هروت ومروت وهمن وقرون
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله وذكر بعض شيوخنا أن إثباتها في نحو صالح وخالد ومالك جيد

وقال أحمد بن يحيى يجوز فيه الوجهان وهو قضية كلام ابن قتيبة
أما إذا كان العلم الذي كثر استعماله على ثلاثة أحرف فما دونها نحو هالة ولام فإنه لا تحذف ألفه وكذلك إذا حذف منه شيء غير الألف نحو إسراءيل وداود لأنهم قد حذفوا من إسراءيل صورة الهمزة ومن داود الواو فامتنع حذف الألف لئلا يتوالى الحذف
ويلتحق بذلك في الإثبات ما لو خيف بالحذف التباسه كعامر وعباس فلا تحذف منه الألف أيضا لأنه لو كتب بغير ألف لالتبس عامر بعمر وعباس بعبس
ومنها تحذف استحسانا مما كثر استعماله مما في آخره الألف والنون نحو شعبان وعثمان وما أشبههما فيكتبان على هذه الصورة شعبن وعثمن
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله إلا أنهم لم يحذفوا ألف عمران والإثبات في نحو شعبان حسن أيضا
قال ابن قتيبة فأما شيطان ودهقان فإثبات الألف فيهما حسن
وكان القياس إذا دخلت عليهما الألف واللام أن يكتبا بغير ألف إلا أن الكتاب مجمعون على ترك القياس في ذلك
ومنها تحذف من كل جمع على وزن مفاعل أو وزن مفاعيل إذا لم يحصل بالحذف التباس الجمع فيه بالواحد لموافقته له في الصورة فحيث لا يقع اللبس مثل خواتم ودوانق في وزن مفاعل ومحاريب وتماثيل وشياطين في وزن مفاعيل تحذف الألف فيكتب على هذه الصورة خوتم ودونق ومحريب

وتمثيل وشيطين ودهقين إذا المفرد منها خاتم ودانق ومحراب وتمثال وشيطان ودهقان وهي لا تشابه صور الجمع فيها بخلاف ما إذا كان يلتبس فيه الجمع بالواحد مثل مساكين في وزن مفاعيل جمع مسكين فإنه يكتب بالألف لئلا يلتبس بالواحد فلو كان الحذف يؤدي إلى موافقته للواحد في الصورة لكنه في غير موضع المفرد نحو ثلاثة دراهم ودراهم جياد ودراهم معدودة حذفت منه الألف وكتب على هذه الصورة ثلاثة درهم ودرهم جياد ودرهم معدودة لأنه لا يلتبس حينئذ بخلاف عندي دراهم ونحوه فإنه لو حذفت الألف منه لالتبس بدرهم المفرد
ثم الحذف في مفاعل ومفاعيل على ما تقدم إنما هو على سبيل الجواز وإلا فالإثبات أجود
وشرط بعض المغاربة في جواز الحذف شرطا وهو ألا تكون الألف فاصلا بين حرفين متماثلين فلا تحذف الألف من نحو سكاكين ودكاكين ودنانير لئلا يجتمع مثلان في الخط وهو مكروه في الخط ككراهته في اللفظ
وقد كتب في المصحف مساكين ومساكنهم بغير ألف على هذه الصورة مسكين ومسكنهم وإن كان اللبس موجودا
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله وإنما كتبنا كذلك لأنهما قد قرئا بالإفراد فكتبنا على ما يصلح فيهما من القراءة
كما كتبوا ( وما يخدعون ) بغير ألف على هذه الصورة ( وما يخادعون ) لأنه يصلح لقراءة يخدعون من الثلاثي
ومنها تحذف الألف الأولى مما كان فيه ألفان مما جمع بالألف والتاء المزيدتين نحو صالحات وعابدات وقانتات وذاكرات فتكتب على هذه الصورة صلحات وعبدات وقنتات وذكرات

وكذلك تحذف من صفات جمع المذكر السالم نحو الصالحين والقانتين فيكتب على هذه الصورة الصلحين والقنتين وإن لم يكن فيه ألف أخرى حملا على المؤنث
وقال بعض المغاربة إن كان مع ألف الجمع ألف أخرى كالسماوات والصالحات فيختار حذف ألف الجمع وإبقاء الأخرى
وثبت في المصحف بحذف الألفين جميعا على هذه الصورة سموت وصلحت وكذلك سياحات وغيابات وإن كان ليس فيه ألف أخرى فالمختار إثبات الألف كالمسلمات وثبت أيضا في المصحف محذوف الألف على هذه الصورة مسلمت
قال وتحذف أيضا في جمع المذكر السالم من الصفات المستعملة كثيرا كالشاكرين والصادقين والخاسرين والكافرين والظالمين وما أشبهها في كثرة الاستعمال فتكتب على هذه الصورة الشكرين والصدقين والخسرين والكفرين والظلمين
نعم إن خيف اللبس فيما جمع بالألف والتاء مثل طالحات امتنع الحذف لأنه لو حذفت الألف منه لالتبس بطلحات جمع طلحة وكذلك لو خيف اللبس فيما جمع بالواو والنون نحو حاذرين وفارهين وفارحين فلو حذفت الألف منه لالتبس بحذرين وفرهين وفرحين وهما مختلفان في الدلالة لأن فاعلا من هذا النوع مذهوب به مذهب الزمان وفعل يدل على المبالغة لا على الزمان
وكذلك لو كان مضعفا مثل شابات والعادين فلا يجوز فيه حذف الألف لأنه بالإدغام نقص في الخط إذ جعلوا الصورة للمدغم والمدغم فيه شكلا واحدا ولذلك كتبوا في المصحف الضالين والعادين بالألف
وقد أجري مجرى المضعف في الإثبات ما بعد ألفه همزة نحو الخائنين وقد حذفت ألفه في بعض المصاحف فكتب على هذه الصورة الخئنين ويتعين الإثبات أيضا فيما هو معتل اللام مثل دانيات حملا على دانين كما حذف من الصالحين حملا على

الصالحات ومثل الرامين لأنه قد حذف منه لام الفعل وحمل ما جمع بالألف والتاء عليه كما حمل الصالحين على الصالحات في حذف الألف وإن كانت العلة فيهما مفقودة
قال ابن قتيبة وكذلك ما كان من ذوات الياء والواو لا يجوز فيه حذف الألف نحو هم القاضون والرامون والساعون لأنهم حذفوا الياء لالتقاء الساكنين لما استثقلوا ضمة في الياء بعد كسرة فسكنوا ثم حذفوا الياء فكرهوا أن يحذفوا الألف أيضا لئلا يخلوا بالكلمة
ومنها تحذف إحدى الألفين مما اجتمع فيه ألفان مثل أادم وأارز وأامن وأامين وأاتين وأانفا ووراأك وقراأة وبراأة وشنأان وشبهه فتكتب على هذه الصورة آدم وآزر وآمن وآمين وآتين وآنفا ووراءك وقراة وبراءة وشنآن فلو انفتح الأول منهما كما في قرأا لفعل الاثنين من القراءة كتب بألفين على هذه الصورة قرأا لئلا يلتبس بفعل الواحد إذ المفرد تقول فيه قرأ فتكتبه بألف واحدة وذهب قوم إلى أنه في التثنية يكتب أيضا بألف واحدة مسندا إلى ألف الاثنين وبه قال أحمد بن يحيى
والذي عليه المتأخرون وهو الأجود عند ابن قتيبة ما تقدم
ومنها تحذف إحدى الألفات مما اجتمع فيه ثلاث ألفات مثل براأات جمع براءة ومساأات جمع مساءة فتكتب بألفين فقط على هذه الصورة براآت ومساآت لأنها في الجمع ثلاث ألفات
فلو حذفوا اثنتين أخلوا بالكلمة
ومنها تحذف من أول الكلمة في الاستفهام في اسم أو فعل نحو أالله أذن لكم أالسحر إن الله سيبطله أالذكرين حرم أم الأنثيين أاصطفى البنات على البنين أالرجل في الدار أاسمك زيد أم عمرو فتكتب بألف واحدة على هذه الصورة آلله آلسحر آلذكرين آلرجل آسمك آلآن

ثم مذهب أحمد بن يحيى وعليه جرى ابن مالك رحمه الله أنه لا فرق بين المكسورة والمضمومة
والذي ذهب إليه المغاربة أنها تكتب بألفين إحداهما ألف الوصل والأخرى همزة الاستفهام
قال الشيخ أبو عمرو بن الحاجب رحمه الله وجاز في نحو ألرجل الأمران ورسمت في المصحف بألف واحدة نحو آلذكرين آلآن
ومنها تحذف من ما الاستفهامية إذا دخل عليها حرف من حروف الجر نحو عم تسأل وفيم تفكر ومم فرقت ولم تكلمت وبم علمت وحتام تغضب وعلام تدأب فتكتب كلها بغير ألف في آخرها فرقا بينها وبين ما الموصولة ويصير حرف الجر كأنه عوض من الألف المحذوفة
وكان الحذف من الاستفهامية دون الموصولة لأن آخرها منتهى الاسم والأطراف محل التغيير بخلاف الموصولة لأنها متوسطة من حيث إنها تحتاج إلى صلة
وحكى الكوفيون ثبوتها في الاستفهامية أيضا والله أعلم

تذنيب
تحذف الهمزة المصورة بصورة الألف في أربعة مواضع
الأول تحذف بعد الباء من بسم الله الرحمن الرحيم فتكتب بغير ألف على هذه الصورة بسم والقياس إثباتها كما تكتب يأيها بالألف لكنها حذفت لكثرة الاستعمال أما في غير بسم الله الرحمن الرحيم فظاهر كلام ابن مالك أنها لا تحذف فتثبت في باسم ربك وفي باسم الله مفردا
وقال بعضهم إن كان مضافا إلى لفظ الله تعالى وليس متعلق الباء ملفوظا

به حذفت وإلا فلا فتثبت في باسم ربك لأنه غير مضاف إلى لفظ الله تعالى وفي نحو قولك تبركت باسم الله لأن متعلقه ملفوظ به
وقال الفراء في قوله تعالى ( بسم الله مجراها ومرساها ) إن شئت أثبت وإن شئت حذفت فمن أثبت قال ليست مبتدأ بها وليس معها الرحمن الرحيم ومن حذف قال كان معهم الرحمن الرحيم في الأصل فحذفت في الاستعمال فإن أضفت الاسم إلى الرحمن أو القاهر ونحوه فقال الكسائي تحذف وقال الفراء لا يجوز أن تحذف إلا مع الله لأنها كررت معه فإذا عدوت ذلك أثبت الألف
الثاني تحذف بين الفاء والواو وبين همزة هي فاء الفعل من وزن الكلمة مثل قولك فأت وأت لأنهم لو أثبتوا لها صورة الألف لكان ذلك جمعا بين ألفين إحداهما صورة همزة الوصل والأخرى صورة الهمزة التي هي فاء الفعل مع أن الواو والفاء شديدتا الاتصال بما بعدهما لا يوقف عليهما دونه وهم لم يجمعوا بين ألفين في سائر هجائهم إلا على خلاف في المتطرفة كما مر لأن الأطراف محل التغييرات والزيادة فلذلك حذوفها في نحو فأذن وأتمن فلان وعليه كتبوا ( وأمر أهلك ) فلو كانت الهمزة بين غير الفاء والواو وبين الهمزة التي هي فاء الفعل ثبتت نحو ائتوا و ( الذي اؤتمن ) ( ومنهم من يقول آئذن لي ) وكذلك لو كانت ابتداء والهمزة فاء الفعل نحو ائذن لي اؤتمن فلان ثبتت أيضا أو ليست فاء نحو ثم اضرب واضرب فاضرب
وكذلك في ( وأتوا البيوت )
الثالث تحذف في ابن وابنة مما وقع فيه ابن مفردا صفة بين علمين غير

مفصول فيكتب نحو جاء فلان بن فلان أو فلانة بنة فلان بغير ألف في ابن وابنة
ولا فرق في ذلك بين أن يكون العلمان اسمين نحو هذا أحمد بن عمر أو كنيتين نحو هذا أبو بكر بن أبي عبد الله أو لقبين نحو هذا نبت بن بطة أو اسما وكنية نحو هذا زيد بن أبي قحافة أو لقبا واسما نحو هذا أنف الناقة بن زيد أو كنية ولقبا نحو هذا أبو الحارث بن نبت أو لقبا وكنية نحو هذا بدر الدين بن أبي بكر
فهذه سبع صور تسقط فيها الألف من ابن ولا تسقط فيما عداها فلو قلت هذا زيد ابنك وابن أخيك وابن عمك ونحو ذلك مما ليس صفة بين علمين أثبت فيه الألف وكذلك إذا كان خبرا كقولك أظن زيدا ابن عمرو وكأن بكرا ابن خالد وإن زيدا ابن عمرو فتثبت الألف في الجميع
ومنه في القرآن الكريم ( وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ) كتبتا في المصحف بالألف فلو ثنيت الابن ألحقت فيه الألف صفة كان أو خبرا فتكتب قال عبد الله وزيد ابنا محمد كذا وكذا وأظن عبد الله وزيدا ابني محمد فعلا كذا بالألف
وكذلك إذا ذكرت ابنا بغير اسم فتكتب جاء عبد الله بالألف أيضا وحكم ابنة مؤنثا في جميع ما ذكر حكم الابن تقول جاءت هند بنة قيس فتحذف الألف وشرط الأستاذ أبو الحسن بن عصفور أن يكون مذكرا فلا تسقط من ابنة
ونقل أحمد بن يحيى عن أصحاب الكسائي أنه متى كان منسوبا إلى اسم أبيه أو أمه أو كنية أبيه وأمه وكان نعتا حذفوا الألف فلم يجزه في غير الاسم والكنية في الأب والأم
قال وأما الكسائي فقال إذا أضفت إلى اسم أبيه أو كنية أبيه وكانت الكنية معروفا بها كما يعرف باسمه جاز الحذف لأن القياس عنده الإثبات

والحذف استعمالا فإذا عدى الاستعمال يرجع إلى الأصل
وحكى ابن جني عن متأخري الكتاب أنهم لا يحذفون الألف مع الكنية تقدمت أو تأخرت قال وهو مردود عند العلماء على قياس مذاهبهم
والألف تحذف من الخط في كل موضع يحذف منه التنوين وهو حذف مع الكنى
الرابع تحذف من كل معرف بالألف واللام إذا دخلت عليه لام الابتداء نحو ( وللآخرة خير لك من الأولى ) أو لام الجر نحو للدار ألف ساكن غيرك وقياسها الإثبات كما أثبتوها في لابنك قائم ولأبيك مال وسبب حذفها التباسها بلا النافية
وذهب بعضهم إلى أنها لا تحذف مع لام الابتداء فرقا بينها وبين الجارة ولم يحذفوها من نحو مررت بالرجل والله أعلم

الحرف الثاني اللام وتحذف في مواضع
منها تحذف من الذي للزومها فكأنها ليست منفصلة وكذلك تحذف من جمعه وهو الذين لأنه يشبه مفرده في لزوم البناء ولفظ الواحد كأنه باق فيه ولم يحذفوه من المثنى كما في قوله تعالى ( ربنا أرنا اللذين أضلانا ) فكتبوه بلامين فرقا بينه وبين الجمع
وإنما اختصت التثنية بالإثبات لأنها أسبق من الجمع واللبس إنما حصل بالجمع
ومنها تحذف من التي للزومها كما تقدم ومن تثنيتها وهي التان

وجمعها وهي ألاتي لأنهما لا يلتبسان بخلاف تثنية الذي وحروفه
وقال أحمد بن يحيى كتبوا اللاتي التي واللائي الئي وأسقطوا لاما من أولها وألفا من آخرها
قال وهذا للاستعمال لأنه يقل في الكلام مثله ويدل عليه ما قبله وما بعده ولو كتب على لفظه كان أولى
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله والذي عهدناه من الكتاب أنه لا تحذف الألف لئلا يلتبس بالمفرد
ومنها تحذف من الليل والليلة على أجود الوجهين فيكتبان بلام واحدة على هذه الصورة اليل واليلة لأن فيه اتباع المصحف وأجاز بعضهم كتابته بلامين
قال أبو حيان وهو القياس
ومنها تحذف من اللعب ونحوه مما دخل عليه لام الجر فيكتب بلامين وإن كان في اللفظ ثلاث لامات
ومنها قال أحمد بن يحيى يكتب الطيف بلام واحدة لأنه قد عرف فحذف وهذا بخلاف اللهو واللعب واللعبة واللاعبين واللغو واللؤلؤ واللات واللهم واللهب واللوامة فإنها لا تحذف منها اللام
قال ابن قتيبة وكل اسم كان أوله لاما ثم أدخلت عليه لام التعريف كتبته بلامين نحو اللهم واللبن واللحم واللجام وما أشبه ذلك وإن كانوا قد اختلفوا في الليل والليلة لموافقة المصحف كما تقدم

الحرف الثالث النون وتحذف في مواضع
منها تحذف من عن إذا وصلت بمن أو بما فتكتب عمن وعما وعم
ومنها تحذف من من الجارة إذا وصلت بمن أو ما فتكتب ممن ومما

ومنها تحذف من إن إذا وصلت بلم فتكتب إلم
ومنها تحذف من أن المفتوحة إذا وصلت بلا فتكتب ألا

الحرف الرابع الواو وتحذف في مواضع
منها تحذف لأمن اللبس مثل ما كتبوا من قوله تعالى ( يدع الداع )
( ويمح الله الباطل ) بغير واو في يدعو ويمحو لأن ذكر الداع في الأول وذكر الله تعالى في الثاني يمنع أن يكون الفاعل جماعة فلا يحصل اللبس بخلاف قولك لا تضربوا الرجل فإنه لو حذف لالتبس الجمع فيه بالواحد
ومنها تحذف مما توالى فيه واوان في كلمة واحدة مثل داوود وطاووس ورؤوس ويستوون ويلوون وأووا إلى الكهف ويسووا وتبوؤوا وجاؤوا وباؤوا وأساؤوا ويؤوده ويؤوس وفادرؤوا ومبرؤون فيكتب بواو واحدة
وكتب بعضهم طاووس ونحوه بواوين على الأصل والقياس الاقتصار على واو واحدة كراهة اجتماع المثلين
واستثنى ابن عصفور من ذلك موضعا وهو ألا يؤدي إلى اللبس نحو قؤول وصؤول على وزن فعول فإنه يلتبس بقول وصول واختاره أحمد بن يحيى
ومنها تحذف مما توالى فيه ثلاث واوات في كلمتين ككلمة مثل ليسوؤوا وينؤون فتكتب ليسوءوا وينوؤون بواوين فقط ويكتب لووا

واجتووا والتووا بواوين لأنه لو حذفت إحدى الواوين لالتبس الجمع بالمفرد
ووقع في المصحف كتابة يستوون ويلوون بواو واحدة وذلك لأن في يستوون ونحوه اجتمع واوان وضمة فناسب الحذف وفي لووا رؤوسهم ونحوه انفتح ما قبل الواو فناسب الإثبات
ومنها تحذف للجزم كما في قولك لم يغد فتحذف الواو علامة للجزم والله سبحانه وتعالى أعلم

الحرف الخامس الياء وتحذف في مواضع
منها للجزم كما في قولك لم يقض فتحذف الياء من آخره علامة للجزم
ومنها تحذف لمراعاة الفواصل نحو قوله تعالى ( والليل إذا يسر ) بغير ياء في آخرها لمراعاة ما قبله من قوله ( والفجر )
ومنها تحذف فيما توالى فيه ياءان أو ثلاثة فتكتب النبيين وخاسئين وخاطئين وإسرائيل وما أشبه ذلك بياءين فقط وإن كان في اللفظ ثلاث ياءات
ومنها تحذف لأمن اللبس فتكتب قارءين جمع قاريء بياء واحدة فرقا بينها وبين قارئين تثنية قاريء فإنها تكتب بياءين
ومنها تحذف مدة ضمير الغائب مثل قولك ضربه فتكتبه بغير واو وإن كنت تلفظ به لأنك إذا وقفت حذفتها ووقفت على الهاء ساكنة وكذلك مدة

ضمير الغائبين مثل قولك ضربهم في لغة من وصل الميم وكذلك حذفوها إذا وليت الكاف نحو ضربكم زيد ولكم في لغة من وصل الميم بواو وبياء لأنه إذا وقف حذف الصلة والله أعلم

النوع الثالث ما يغير بالبدل
والحروف التي يدخلها البدل ثلاثة أحرف الألف والواو والياء والألف والياء أكثرهما تعاقبا
فتنوب الياء عن الألف في ثلاثة محال
المحل الأول الاسم وهو ثلاثة أحوال
الحال الأول أن تكون الألف فيه رابعة فصاعدا نحو المعزى والمستدعى والحبلى والمرضى والملهى والمدعى والمشترى ومقلى ومثنى وكذلك أعمى وأعشى وأظمى وأقنى وأدنى وأعلى ومعافى ومنادى وما أشبه ذلك فتكتب الألف في جميع ذلك ياء سواء كان منقلبا عن واو أو منقلبا عن ياء لأنك إذا ثنيته تثنيته بالياء ومن ثم كتبت يا ويلتى ويا حسرتى ويا أسفى بالياء إشعارا بأنها مما تمال أو تقلبها عند التثنية ياء إلا فيما قبلها ياء نحو الدنيا والعليا والقصيا وهديا ومعيا ومحيا وعام حيا ورؤيا وسقيا فإنك لا تكتب الألف فيها ياء كراهة أن تجتمع ياءان في الخط
نعم يغتفر ذلك في نحو يحيى وريى علمين للفرق بين يحيى علما وبينه فعلا وبين ريى علما وبينه وصفا وكان البدل في العلم دون الوصف والفعل لأن الفعل والصفة أثقل
قال ابن قتيبة وأحسبهم اتبعوا في يحيى رسم المصحف
فلو كان مهموزا نحو مستقرأ ومستنبئا أو قبل آخره ياء نحو خطايا

وزوايا وركايا والحوايا والحيا وما أشبهه كتب بالألف
الحال الثاني أن تكون الألف فيه ثالثة فإن كانت مبدلة عن ياء نحو فتى ورحى وسوى والهدى والمدى للغاية والهوى لهوى النفس وندى الأرض وندى الجود وحفى الدابة والكرى النوم والقذى والأذى والخنى فحش القول والضنى المرض والردى الهلاك والطوى الجوع والأسى الحزن والعمى في القلب والعين والجنى جنى الثمرة والصدى العطش والشرى في الجسد والضوى الهزال والثرى التراب الندي والجوى داء في الجوف والسرى سير الليل والسلى سلى الناقة ومنى المكان المعروف والمدى الغاية والصدى اسم طائر يقال إنه ذكر البوم والنسى عرق في الفخد وطوى واد والوغى الحرب والوحى العجل والورى الخلق والذرى الناحية وأنا في ذرى فلان والمعنى واحد الأمعاه والحجى والنهى العقل والحشى واحد الأحشاء وما أشبه ذلك كتب بالياء
وإن كانت منقلبة عن واو نحو عصا ومنا للقدر ورجا لجانب البئر والقنا في الأنف والرما والقرا للظهر والعشا في العين والقفا قفا الإنسان والصغا ميلك للرجل ووطا جمع وطأة لها جمع لهاة والفلا جمع فلاة كتب بالألف
وتفترق الواو من الياء فيه بطرق أقربها التثنية تقول في الأول فتيان ورحيان وسويان
قال ابن قتيبة فلوورد عليك اسم قد ثني بالواو والياء عملت على الأكثر

الأعم
وذلك نحو رحى فإن من العرب من يقول رحوت الرحاء ومنهم من يقول رحيت قال وكتبها بالياء أحب إلي لأنها اللغة العالية
وكذلك الرضا من العرب من يقول في تثنيته رضيان ومنهم من يقول رضوان قال وكتابته بالألف أحب إلي لأن الواو فيه أكثر وهو من الرضوان
وكذلك الحكم في متى لأنها لو سمي بها وثني لقلت متيان فيعلم أنه من ذوات الياء
وتقول في الثاني عصوان ومنوان ورجوان فيعلم أنه من ذوات الواو
فإذا أشكل عليك شيء فلم تعلم أهو من ذوات الواو أو من ذوات الياء نحو خسا بالخاء المعجمة والسين المهملة كتبته بالألف لأنه هو الأصل
ومنهم من يكتب الباب كله بالألف على الأصل وهو أسهل للكتاب وعلى تقدير كتبها بالياء فلو كان منونا فالمختار عندهم أنها تكتب بالياء أيضا وهو قياس المبرد وقياس المازني أن يكتب بألف إذ هي ألف التنوين عنده في جميع الأحوال
وقاس سيبويه المنصوب بالألف لأنه للتنوين فقط
قال ابن قتيبة وتعتبر المصادر بأن يرجع فيها إلى المؤنث فما كان في المؤنث بالياء كتبته بالياء نحو العمى والظمى لأنك تقول عمياء وظمياء وما كان المؤنث فيه بالواو كتبته بالألف نحو العشا في العين والعثا وهو كثرة شعر الوجه والقنا في الأنف لأنك تقول عشواء وقنواء وعثواء
قال وكل جمع ليس بين جمعه وبين واحده في الهجاء إلا الهاء من المقصور نحو الحصى والقطا والنوى فما كان جمعه بالواو كتبته بالألف وما كان جمعه بالياء كتبته بالياء

وكتبت لدى بالياء لانقلابها ياء في لديك
وأما كلا فالصحيح من مذهب البصريين أنها تكتب بالألف لأن ألفه عن واو ومن زعم أنها عن ياء كالمعى كتبها بالياء
وأجاز الكوفيون كتبها بالياء وهو خطأ على مذهبهم لأن الألف عندهم للتثنية وألف التثنية لا يجوز أن تكتب ياء لئلا يلتبس المرفوع بغيره
وقياس كلتا عند البصريين أن تكتب ياء وشذ كتابتها بالألف
قال ابن قتيبة والذي استحبه أن تكتب كلا وكلتا في حال الرفع بالألف وفي حالتي الجر والنصب بالياء فإذا قلت أتاني كلا الرجلين أو كلتا المرأتين كتبته بالألف وإذا قلت رأيت كلي الرجلين أو كلتي المرأتين كتبته بالياء لأن العرب قد فرقت بينهما في اللفظ فقالوا رأيت الرجلين كليهما ومررت بالرجلين كليهما ومررت بالمرأتين كلتيهما وقالوا جاءني الرجلان كلاهما والمرأتان كلتاهما
وتترى إن لم تنون فألفها للتأنيث وإن نونت فهي للإلحاق وقياسها أن تكتب بالياء
ومن زعم أنه فعل فألفه بدل التنوين كألف صبرا فهو قياسه
ووقع في كلام ابن البادس أن تترى في الخط بياء وهو خلاف المعروف

تنبيه
لو اتصل الاسم الذي يكتب بالياء بضمير متصل نحو رحاك وقفاك وملهاك ومرعاك فقيل يكتب بالياء كحال عدم اتصالها فيكتب على هذه الصورة رحيك وقفيك وملهيك ومرعيك
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله واختيار أصحابنا فيه بالألف إذا

اتصل به ضمير خفض أو ضمير نصب سواء كان ثلاثيا أم أزيد إلا إحدى خاصة فإنها تكتب بالياء حال اتصالها بضمير الخفض نحو من إحديهما كحالها دون الاتصال
واختلفوا إذا اتصلت بتاء تأنيث تنقلب هاء في الوقف فذهب البصريون إلى كتابتها ألفا نحو الحصاة واختار الكوفيون كتابتها بالياء نحو الحصية
الحال الثالث أن تكون الألف فيه ثانية نحو ما وذا إذا كانا اسمين فيكتب بالألف على صورة النطق به

المحل الثاني الفعل وله حالان
الحال الأول أن تكون الألف فيه رابعة فصاعدا نحو أعطى واستعلى وتداعى وتعادى واستدنى وما أشبهه فتكتبه كله بالياء إلا أن يكون مهموزا نحو أخطأ وأنبأ وتخاطا واستنبأ فإنه يكتب بالألف وكذلك إذا كان قبل آخره ياء نحو استحيا وتحايا وأعيا وتعايا واستعيا وما أشبهه
فإنك تكتبه بالألف
ووقع في بعض المصاحف ( نخشى أن تصيبنا دائرة ) بالألف في آخر نخشى وفي بعض المصاحف بالياء
الحال الثاني أن تكون الألف ثالثة فترده إلى نفسك فإن ظهرت فيه الواو فاكتبه بالألف نحو قولك عدا ودعا ومحا وغزا وسلا وعلا من العلو لأنك تقول عدوت ودعوت ومحوت وغزوت وسلوت وعلوت
وشذ زكى فكتب بالياء وإن كان من ذوات الواو لأنه من زكى يزكو إلا أن العرب يميلون الأفعال ذوات الواو وإن ظهرت فيه الياء فاكتبه بالياء نحو قولك قضى

ومشى وسعى وعسى لأنك تقول قضيت ومشيت وسعيت وعسيت ويجوز كتابته بالألف أيضا

تنبيه
لو اتصل بالفعل ضمير متصل نحو رماه وجزاه ورعاه فقيل يكتب على حاله بالياء فيكتب على هذه الصورة رمية وجزية ورعية والصحيح كتابته بالألف
قال ابن قتيبة وكل ما لحقته الزيادة من الفعل لم تنظر إلى أصله وكتبته كله بالياء فتكتب أغزى فلان فلانا وأدنى فلان فلانا وألهى فلان فلانا بالياء وهو من غزوت ودنوت ولهوت لأنك تقول فيه أغزيت وأدنيت وألهيت
وكذلك تكتب يغزى ويدنى ويلهى على البناء لما لم يسم فاعله بالياء لأنك تقول في تثنيته يغزيان ويدنيان ويدعيان
المحل الثالث بعض الحروف
واعلم أن الحرف الذي في آخره ألف في اللفظ إنما يكتب ألفا على صورة لفظه نحو ما ولا وألا وما أشبهها واستثنوا من ذلك أربع صور فكتبوها بالياء
إحداها بلى قال بعض النحاة لإمالتها وقال سيبويه لأنه إذا سمي بها وثنيت قيل بليان كما يقال في متى متيان
الثانية إلى وكتبت بالياء لأنها ترد إلى الياء في قولهم إليك
الثالثة على وكتبت بالياء لأنها ترد إلى الياء أيضا في قولهم عليك

قال ابن قتيبة وكان القياس فيها وفي إلى أن تكتبا بالألف لعدم جواز الإمالة فيهما
الرابعة حتى وكتبت بالياء حملا على إلى لكونهما بمعنى الانتهاء والغاية ولأنه قد روي فيها الإمالة عن بعض العرب فروعي حكمها

تنبيه
لو وليت ما الاستفهامية حتى أو إلى أو على كتبن بالألف على هذه الصورة حتام وإلام وعلام لأنها شديدة الاتصال بما الاستفهامية بدليل أن ما بعدها لا يوقف عليه إلا بذكرها معه فكأن الألف وقعت وسطا فصارت كحال ما كتب بالياء إذا اتصل بضمير خفض أو ضمير نصب فإنه يكتب بالألف
قال الشيخ أبو عمرو بن الحاجب رحمه الله فإن وصل في حتام وإلى الهاء الحائرة فلك أن تجريها على الاتصال ولا تعتد بها ولك أن تعتد بها وترجع الألف في حتى وإلى وعلى إلى أصلها فتكتب بالياء يعني على هذه الصورة حتى مه وإلى مه وعلى مه
فائدة
قد يكتب بالياء ما هو من ذوات الألف للمجاورة كما في قوله تعالى ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) فإن الضحى ونحوه قياسه عند البصريين أن يكتب بالألف لأنه من ذوات الواو ولكنه كتب بالياء لمجاورة سجى وسجى وإن كان من ذوات الواو أيضا كتب بالياء لمجاورة قلى الذي هو من ذوات الياء فسجى مجاور والضحى مجاور المجاور
وأما الواو فقد نابت عن الألف في مواضع من رسم المصحف الكريم وهي الصلاة والزكاة والحياة والنجاة ومشكاة ومناة فتكتب على هذه

الصورة الصلوة والزكوة والحيوة والنجوة ومنوة ومشكوة
فمنهم من كتبها كذلك في غير المصحف أيضا اتباعا للسلف في ذلك ومنهم من كتبها بالألف وهو القياس ووجه بأن رسم المصحف متبع في القرآن خاصة ولا يكتب شيء من نظائر ذلك إلا بالألف كالقناة والقطاة اقتصارا على ما ورد به الرسم السلفي
قال ابن قتيبة وقال بعض أهل الإرعاب إنهم كتبوا هذه الكلمات بالواو على لغات الأعراب وكانوا يميلون في اللفظ بها إلى الواو شيئا
وقيل بل كتبت على الأصل إذ الأصل فيها واو لأنك إذا جمعت قلت صلوات وزكوات وحيوات وإنما قلبت ألفا لما انفتحت وانفتح ما قبلها
قال ولولا اعتياد الناس لذلك في هذه الأحرف الثلاثة أي الصلاة والزكاة والحياة لكان من أحب الأشياء إلي أن تكتب كلها بالألف
وجمعوا في الربا بين العوض والعوض منه فكتبوه بواو وألف بعدها على هذه الصورة الربوا
وفي بعض المصاحف ( وما آتيتم من ربا ) بألف بغير واو وما سواه فلا خلاف فيه

تنبيه
لو اتصل بشيء مما أبدلت ألفه واوا ضمير نحو صلاتهم وزكاتهم وحياتك ونجاته ومشكاته ورباه كتبت بالألف دون الواو والله أعلم
القسم الثاني ما ليس له صورة تخصه
وهو الهمزة إذ تقع على الألف والواو والياء وعلى غير صورة ولها ثلاثة أحوال

الحال الأول أن تكون في أول الكلمة
فتكتب ألفا بأي حركة تحركت من فتحة مثل أحمد وأيوب وأحد أو ضمة نحو أخذ وأكرم وأوحي وأولئك أو كسرة نحو إبراهيم وإسماعيل وإسحق وإثمد وإبل وإذ وإلى وإلا وإما سواء في ذلك همزة القطع مثل أكرم وهمزة الوصل مثل اتخذ والهمزة الأصلية مثل امرئ والهمزة الزائدة مثل إشاح وذلك لأن الهمزة المبتدأة لا تخفف أصلا من حيث إن التخفيف يقربها من الساكن والساكن لا يقع أولا فجعلت لذلك على صورة واحدة واختصت الألف بذلك دون الياء والواو حيث شاركت الهمزة في المخرج وفارقت أختيها في الخفة ولا فرق في ذلك بين أن تكون الهمزة مبتدأة كما في الصور المذكورة أو تقدمها لفظ آخر نحو ( سأصرف عن آياتي ) وفبأي وأفأنت وبأنه وكأنه وكأين وبإيمان ولإيلاف ولبإمام وسأترك ولأقطعن ومررت بأحمد وجئت لأكرمك واكتحلت بالإثمد إلا فيما شذ من ذلك نحو هؤلاء وابنؤم ولئن ولئلا ويومئذ وحينئذ وما أشبهها فإنه كان القياس أن تكتب الهمزة فيها ألفا لأنها وقعت أولا لكنهم خالفوا فكتبوا همزة هؤلاء وابنؤم بالواو وإن كانت في الحقيقة مبتدأة بدليل أن ها حرف تنبيه وهو منفصل عن اسم الإشارة
وكذلك ابن اسم أضيف إلى الأم لكنهم شبهوها بهمزة لؤم فكتبوها بالواو وراعوا في ذلك كثرة لزوم هاء الإشارة وعدم انفكاك ابنؤم الواقع في القرآن فكأنها صارت همزة متوسطة
وكتبوا همزة لئن ولئلا وحينئذ ويومئذ وما أشبهها ياء وإن كانت أول كلمة وكان القياس أن تكتب بالألف أما لئن فلأن أصلها لأن بلام ألف ونون وأما لئلا فلأن أصلها لأن بلام ألف ونون منفصلة من لا بدليل أنهم إذا لم يجيئوا بعدها بلا كتبوها لأن نحو جئت لأن تقرأ لكنهم جعلوا اللام مع أن كالشيء الواحد
وكذلك حينئذ ويومئذ فإن الأصل أن يفصل الظرف المضاف للجملة التي بقي منها إذ المنونة

تنوين العوض وأن يكتب بالألف لكن جعل الظرف مع إذ كالشيء الواحد فوصل بإذ وجعلت صورة الألف ياء كما جعلوها في يئس
وكذلك الحكم في كل ظرف أضيف إلى ما ذكر سواء المفرد كالأمثلة المذكورة والجمع نحو أزمانئذ
وسيأتي الكلام على ما يتعلق من ذلك في الفصل والوصل إن شاء الله تعالى

الحال الثاني أن تكون متوسطة ولها حالتان
الأولى أن تكون ساكنة فلا يكون ما قبلها إلا متحركا وتكتب بحركة ما قبلها
فإن كان ما قبلها مفتوحا كتبت ألفا نحو رأس وكأس وبأس ويأس وضأن وشأن ودأب وتآمر وتأكل
وإن كان ما قبلها مضموما كتبت واوا نحو مؤمن ونؤمن وتؤوي وتؤتي ومؤتي ويؤفك وما أشبهها
وإن كان ما قبلها مكسورا كتبت ياء نحو بئر وذئب وبئس وأنبئهم ونبئنا وجئت وجئنا وشئت وشئنا ولملئت وما أشبهها
الثانية أن تكون الهمزة متحركة والنظر فيها باعتبارين
الاعتبار الأول أن يكون ما قبلها ساكنا وحينئذ فلا يخلو إما أن يكون حرفا من حروف العلة وهي الألف والواو والياء أو حرفا صحيحا
فإن كان الساكن الذي قبلها حرف علة نظر إن كان حرف العلة ألفا فإن كانت حركة الهمزة فتحة فلا تثبت للهمزة صورة نحو ساءل وأبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وجاءنا وجاءكم وساءل فاعل من السؤال وما أشبهه
وإن كانت ضمة تثبت لها صورة الواو نحو التساؤل وآباؤكم وأبناؤكم وأولياؤكم وبآبائنا وشبه ذلك وإن كان حرف العلة واوا أو ياء فإما أن تكونا زائدتين للمد أو تكون الياء للتصغير أو أصليتين أو ملحقتين بالأصل
فإن كانتا زائدتين للمد أو نحو خطيئة ومقروءة وهنيئا مريئا أو ياء تصغير نحو أفيئس تصغير

أفوس جمع فاس فلا صورة للهمزة وإن كانتا أصليتين نحو سوءة وهيئة أو ملحقتين بالأصل نحو جيل وهو الضبع وجوءبة وهو الدلو العظيم والحوءب اسم موضع والسموءل اسم رجل فإنك تحذفها وتنقل حركتها إلى الساكن قبلها فتقول سوة وهية وجيل وحوبة وحوب وسمول
ولا صورة للهمزة حينئذ في تحقيقها ولا في حذفها
وإن كان الساكن الذي قبلها حرفا صحيحا نحو المرأة والكمأة ويسأم ويسئم ويلؤم ونحو ذلك فتنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وتحذف الهمزة
والأحسن الأقيس ألا تثبت لها صورة في الخط لا في التحقيق ولا في الحذف والنقل
ومنهم من يجعل صورتها الألف على كل حال فيكتبها على هذه الصورة المرأة والكمأة ويسأم ويسإم ويلأم وهو أقل استعمالا
وقد كتب منه حرف في القرآن بالألف وهو قوله تعالى ( يسألون عن أنبائكم )
ومنهم من يجعل صورتها على حسب حركتها فيكتب المرأة والكمأة ويسأم بالألف ويكتب يسئم بالياء ويكتب يلؤم بالواو
واستثنى بعضهم من ذلك ما إذا كان بعدها حرف علة نحو سئول ومشئوم فلم يجعل لها صورة أصلا وإذا كان مثل رءوس يكتب بواو واحدة فلا صورة لها
وكذلك الموءودة في قوله تعالى ( وإذا الموءودة سئلت ) على ما كتبت في المصحف بواو واحدة لا يجعل لها صورة
الاعتبار الثاني أن يكون ما قبلها متحركا فينظر إن كانت مفتوحة مفتوحا ما قبلها كتبت ألفا نحو سأل ورأيت ورأوك وبدأكم وأنشأكم وقرأه وليقرأه وشبه ذلك إلا إن كان بعدها ألف فلا صورة لها نحو مئال ومئاب
وذهب بعضهم إلى أنها تصور ألفا فتكتب بألفين
وإن كانت مفتوحة مكسورا ما قبلها نحو خاطئة وناشئة وليبطئن وموطئا وخاسئا وينشئكم وشانئك

صورت بمجانس ما قبلها وهو الكسرة فتصور ياء
وإن كانت مفتوحة مضموما ما قبلها نحو الفؤاد والسؤال ويؤدة إليك ويؤلف ومؤجلا ومؤذن وهزؤا وشبهه صورتها بمجانس ما قبلها
وإن كانت مضمومة مضموما ما قبلها نحو نؤم كصبر جمع صبور أو مضمومة مفتوحا ما قبلها نحو لؤم كتبت بالواو في الحالتين إلا إن كان بعدها في الصورتين واو نحو رءوس ونئوم وإن كانت مضمومة مكسورا ما قبلها نحو يستهزءون وأنبئكم ولا ينبئك وسنقرئك كتبت بواو على مذهب سيبويه وياء وواو بعدها على مذهب الأخفش

الحال الثالث أن تكون الهمزة آخرا ولها حالتان أيضا
الحالة الأولى أن يكون ما قبلها ساكنا والنظر فيها باعتبارين
الاعتبار الأول أن يكون ما قبلها صحيحا فتحذف الهمزة وتلقى حركتها على ما قبلها ولا صورة لها في الخط نحو جزء وخبء ودفء والمرء وملء
سواء في ذلك حالة الرفع والنصب والجر
وقيل إن كان ما قبل الساكن مفتوحا فلا صورة لها وإن كان مضموما فصورتها الواو وإن كان مكسورا فصورتها الياء مطلقا
وقيل إن كان مضموما أو مكسورا فعلى حسب حركة الهمزة فيكتب الجزء والدفء بالواو في الرفع وبالألف في النصب وبالياء في الجر
وإن كان شيء من ذلك منصوبا منونا فيكتب بألف واحدة وهي البدل من التنوين
وقيل يكتب بألفين إحداهما صورة الهمزة والأخرى صورة البدل من التنوين
الاعتبار الثاني أن يكون ما قبلها معتلا فينظر إن كان حرف العلة زائدا

للمد فلا صورة لها نحو نبئ ووضوء وسماء والسوء والمسيء وقراء وشاء ويشاء والماء وجاء إلا إن كان منونا منصوبا فيكتبه البصريون بألفين والكوفيون وبعض البصريين بواحدة وهذا إذا كان حرف العلة ألفا نحو سماء الألف الواحدة حرف العلة والأخرى البدل من التنوين
فإن اتصل ما قبله ألف بضمير مخاطب أو غائب فتصور الهمزة واوا رفعا نحو هذا سماؤك وياء جرا نحو نظرت إلى سمائك وألفا واحدة هي ألف المد نصبا نحو رأيت سماءك
أما إذا كان حرف العلة ياء واوا نحو رأيت وضوءا فيكتب بألف واحدة
وإن كان حرف العلة غير زائد للمد فلا صورة للهمزة في الخط

الحالة الثانية أن يكون ما قبل الهمزة متحركا
فتكتب صورة الهمزة على حسب الحركة قبلها
فإن كانت الحركة فتحة رسمت ألفا نحو بدأ وأنشأ ومن سبإ بنبإ والملأ ويستهزأ على البناء للمفعول وينشأ كذلك ورأيت امرأ وما أشبهه
وإن كانت كسرة رسمت ياء نحو قرئ واستهزئ ولكل امرئ ومن شاطئ ويستهزئ على البناء للفاعل وبرئ ومررت بامرئ
وإن كانت ضمة رسمت واوا نحو امرؤ واللؤلؤ وما أشبه ذلك إلا في مثل النبأ إذا كان منصوبا منونا فقيل يكتب بألفين نحو سمعت نبأا وقيل بواحدة وهو الأولى
وإن اتصل بها ضمير فعلى حسب الحركة قبلها كحالها إذا لم يتصل بها ضمير
وقيل إن كان ما قبلها مفتوحا فبألف نحو لن يقرأ إلا أن تكون هي مضمومة فبواو إن قلنا بالتسهيل بين الهمزة والواو وبالياء إن قلنا بإبدالها ياء وقيل إن انضم ما قبلها أو انكسر

فكما قبل الاتصال بالضمير فتجعل صورتها على حسب الحركة قبلها
وإن انفتح ما قبلها وانفتحت فبالألف نحو لن يقرأ وكذلك إذا انفتح ما قبلها وسكنت نحو لم يقرأ ولم ينبأ واقرأ وإن نشأ وما أشبهه
وإن انفتح ما قبلها وانضمت فبالواو نحو يقرؤ وقيل بالواو والألف كما كتبوا في المصحف ( قل ما يعبؤا ) و ( نبؤا الخصم ) و ( يبدؤا الخلق ) ( أو من ينشؤا ) بواو وألف في الجميع
أو انكسرت فبالياء نحو من المقريء وقيل بها وبألف كما كتبوا في المصحف ( من نبأي المرسلين ) بألف وياء

تنبيه
قد تقدم في الحذف أن همزة الوصل تحذف في بعض مواضع وتثبت فيما عداها
فحيث ثبتت كتبت بحسب حالها إذا ابتدئ بها
فإن كانت يبتدأ بها مضمومة كتب ما يليها واوا وإن كانت همزة أو واوا مبدلة منها نحو اؤتمن فلان وقلت لك اؤمر فلانا بكذا وإن كانت يبتدأ بها مكسورة كتب ما يليها ياء إن كانت همزة أو ياء مبدلة منها نحو ائذن لي يا ويد ائت القوم ائت عليهم كذلك وإن كان النطق بها واوا بضم ما قبلها نحو ( ومنهم من يقول ائذن لي ) تكتبه ياء على الهمزة في الابتداء بها ويستثنى فاء افعل من نحو يوجل مثل يوسن فإنها تكتب واوا بعد الواو والفاء كما في قولك فاوجل واوجل يكتبان بإثبات ألف الوصل والواو بعدها ولم يكتبوها على ابتداء الهمزة
أما بعد غير الواو والفاء فإنها تكتب بحسب الابتداء بها نحو قلت لها ايجلي أو ثم ايجلي وقلت لكم ايجلوا فإنك تلفظ به واوا وتكتبه ياء للانفصال وإن كانت

قبلها كسرة كانت ياء لفظا وخطا نحو قلت لك ايجلي وكذلك إذا ابتدئ بهمزة الوصل نحو ايجلي يا هند
واعلم أنه إذا وقعت همزة استفهام وبعدها همزة قطع صورت همزة القطع بعدها بمجانس حركتها فإن كانت الحركة فتحة كتبت ألفا نحو أأسجد وإن كانت الحركة ضمة كتبت واوا نحو أؤنزل وإن كانت الحركة كسرة كتبت ياء نحو ائنك لأنها إذا خففت بالبدل كان إبدال المفتوحة ألفا وإبدال المضمومة واوا وإبدال المكسورة ياء
وقد تحذف المفتوحة خطا فتكتب بألف واحدة نحو أسجد كما في رسم المصحف
واختلف في الساقطة من الهمزتين والحالة هذه فقيل الثانية وهو قول أحمد بن يحيى وقيل الأولى وهو قول الكسائي
فلو كانت ثلاث ألفات في اللفظ نحو قوله تعالى ( أآلهتنا خير ) فقال أحمد بن يحيى تكتب بواحدة
واختلف في الثابتة فذهب الفراء وثعلب وابن كيسان إلى أنها الاستفهامية لأنها حرف معنى
وحكى الفراء عن الكسائي أنها الأصلية وحكاه ابن السيد عن غير الكسائي وحكي عنه أنها ألف الجمع
وقد تكتب غير المفتوحة ألفا نحو قوله أإنك لأن الألف هي الأصل والهمزة حرف زائد لمعنى كالواو والفاء فلا يعتد به لكنه قليل والله أعلم

الجملة الثانية في حالة التركيب والفصل والوصل
واعلم أن الأصل فصل الكلمة من الكلمة لأن كل كلمة تدل على معنى غير معنى الكلمة الأخرى فكما أن المعنيين متميزان فكذلك اللفظ المعبر عنهما يكون متميزا
وكذلك الخط النائب عن اللفظ يكون متميزا بفصله عن غيره
ويستثنى من ذلك مواضع كتبت على خلاف الأصل
منها أن تكون الكلمتان كشيء واحد وذلك في أربع مواضع
الموضع الأول أن تكون كلمتان قد ركبتا تركيب مزج مثل بعلبك ليدل على أن التركيب الذي يعتبر فيه وصل الكلمة بالأخرى هو تركيب المزج وهو أن يتحذ مدلول اللفظين بخلاف ما إذا ركبتا تركيب إسناد نحو زيد قائم أو تركيب إضافة نحو غلام زيد أو تركيب بناء لم يتحد فيه مدلول اللفظين نحو خمسة عشر وصباح مساء وبين بين وحيص بيص فإن هذا كله يكتب مفصولا لا تخلط فيه كلمة بأخرى
الموضع الثاني أن تكون إحدى الكلمتين لا يبتدأ بها في اللفظ نحو الضمائر البارزة المتصلة ونون التوكيد وعلامة التأنيث والتثنية والجمع في لغة أكلوني البراغيث وغير ذلك مما لا يمكن أن يبتدأ به فكل هذا يكتب متصلا وإن كان من كلمتين
الموضع الثالث أن تكون إحدى الكلمتين لا يوقف عليها وذلك ما كان نحو باء الجر وفاء العطف ولام التأكيد وفاء الجزاء فإن هذه الحروف لا يوقف عليها فلما امتزجت في اللفظ امتزجت في الخط فتكتب متصلة وإن كانت في الحقيقة كلمتين
الموضع الرابع أن تكون الكلمة مع الأخرى كشيء واحد في حال ما

فاستصحب لها الاتصال غالبا مثل بعلبك إذا أعرب إعراب المضاف والمضاف إليه فإن هذا الإعراب يقتضي أن تفصل إحدى الكلمتين من الأخرى لأن الإعراب قد فصلهما
أما إذا أعرب إعراب ما لا ينصرف فلا يصح فيه الفصل أصلا لأن اللفظ الثاني منتهى الاسم فهو مفرد في المعنى وفي اللفظ
وكتبوا لئلا مهموزة وغير مهموزة بالياء وكان القياس أن تكتب بالألف كما تكتب لأن إذا كانت اللام مكسورة بالألف فكذلك إذا زيدت عليها لا إلا أن الناس اتبعوا رسم المصحف وكذلك لئن فعلت كذا تكتبه بالياء اتباعا للمصحف وإن كان القياس أن يكتب بالألف
وسيأتي الكلام على وصل لا بإن فيما بعد إن شاء الله تعالى
ومنها توصل من الجارة وهي المكسورة الميم بما بعدها بعد حذف النون منها على ما تقدم في موضعين
الموضع الأول توصل بمن المفتوحة الميم مطلقا سواء كانت موصولة نحو أخذت الدرهم ممن أخذته منه أو موصوفة كما في المثال المذكور فإنها فيه تحتمل المعنيين جميعا أو استفهامية نحو ممن أنت أو شرطية نحو ممن تأخذ درهما آخذ منه وإنما وصلت بها لأجل اشتباههما خطا إذ لو كتبتا من من لكانتا مشتبهتين في الصورة فأدغمت نون من في ميم من ونزلت منزلة المدغم في الكلمة الواحدة فلم يجعل له صورة بل حذف مع كتبه متصلا وقد تقدم الكلام على ذلك في الحذف
هذا هو المشهور الراجح
وقال الأستاذ ابن عصفور إن كانت من استفهامية كتبت مفصولة على قياس ما هو من المدغمات على حرفين
الموضع الثاني توصل بعد حذف النون أيضا بما إذا كانت موصولة نحو عجبت مما عجبت منه أو استفهامية نحو مم هذا الثوب أو زائدة كما

في قوله تعالى ( مما خطاياهم أغرقوا )
أما إذا كانت شرطية نحو من ما تأخذ آخذ أو موصوفة نحو آكلت من ما أكلت منه فإن القياس يقتضي أن تكون مفصولة
وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور إذا كانت ما غير استفهامية كتبت من معها وقضيته أنها لا تكتب متصلة إلا في حالة الاستفهام فقط وتكتب منفصلة فيما عداها
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله والأول أصح لأن علة الوصل في ممن مفقودة في مما وهي التباس اللفظين خطا
ومنها توصل عن بما بعدها بعد حذف النون منها على ما تقدم في موضعين
الموضع الأول توصل بمن الموصولة غالبا نحو رويت عمن رويت عنه ويجوز فصلها فتفصل عن من من وتثبت النون في عن وأما من غير الموصولة فالقياس فصلها فتكتب في الاستفهام عن من تسأل وفي الشرط عن من ترض أرض عنه فتفصل عن من من على ما مر
وزعم ابن قتيبة أن عن من تكتب موصولة بكل حال سواء الموصولة وغيرها كما تكتب عم وعما موصولة من أجل الإدغام
وزعم غيره أنه لا يؤثر الإدغام في ذلك لأنهما كلمتان إلا في نحو عما قليل لزيادتها
الموضع الثاني توصل بما الاستفهامية كما في قوله تعالى ( عم يتساءلون ) وتحذف الألف من ما على ما تقدم في الحذف

ومنها توصل مع بما إذا كانت زائدة وتقطع إذا كانت موصولة قاله ابن قتيبة
ومنها توصل في بمن في موضعين
الموضع الأول توصل بمن الاستفهامية دائما نحو قولك فيمن تفكر ولكن لا تحذف الياء منها كما حذفت النون من عن ومن إذ لا إدغام هنا
الموضع الثاني توصل بما إذا كانت موصولة في الغالب نحو فكرت فيما فكرت فيه ولا تسقط الياء على ما مر
ويجوز في هذه الحالة فصلها فتفصل في عن ما
وتكتب على هذه الصورة في ما
وكذلك توصل بما إذا كانت استفهامية نحو قوله تعالى ( فيم أنت من ذكراها ) ولا تحذف ياؤها كما تقدم
أما مع إذا اتصلت بما أو بمن فإنها تكتب منفصلة
قاله ابن قتيبة
قال بعض النحاة أظن سبب ذلك قلة الاستعمال وإلا فما الفرق بين مع وبين في
قال وقد يمكن أن يفرق بينهما في الاسمية فإن في لا تكون إلا حرفا ومع إن تحركت كانت اسما وإن سكنت فخلاف والأصح الاسمية وأيضا فإنها تنفصل مما بعدها
ومنها توصل الحروف النواصب للاسم الروافع للخبر إذا دخلت على ما الزائدة نحو إنما وكأنما وليتما فتكتب إن وكأن وليت متصلات بما نحو إنما فعلت كذا وإنما كلمت أخاك وإنما أنا أخوك وكأنما وجهه قمر وليتما هذا الشيء لي ونحو ذلك
فإن كانت ما موصولة كتبت مفصولة نحو إن ما قلت لحق وكأن ما حدثت صحيح وليت ما لك لي
على أنه قد جاء في القرآن كثير من ذلك متصلا
وزعم بعضهم أنه لم يأت في القرآن مفصولا إلا قوله تعالى في الأنعام ( إن ما توعدون لآت )
وقد كتبوا في المصحف

( إنما توعدون لواقع ) في الطور وغيره متصلا وكذلك ( إنما صنعوا كيد ساحر )
مع رفع كيد ونصبه وإن كانت ما موصولة في الموضعين
ومنها توصل قل بما إذا دخلت عليها نحو قلما أتيتك مائة مرة
ومنها توصل إن الشرطية بلا إذا دخلت عليها بعد حذف النون نحو ( إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض )
ومنها توصل إن الشرطية بما إذا جاءت بعدها بعد حذف النون نحو ( وإما تخافن من قوم خيانة )
وإنما حذفت النون في هذه وما قبلها لإدغامها كما في مما وعما ونحوه
ومنها توصل أين بما نحو ( أينما تكونوا يأت بكم الله )
لأن ما إذا دخلت على أين صارت جازمة إذ تقول أين تكون أكون فترفع النون فإذا دخلت عليها ما قلت أينما تكن أكن فجزمت فصارت أين وما كأنها كلمة واحدة
فإن كانت ما موصولة فصلت نحو أين ما اشتريت تريد أين الذي اشتريت
ولم يصلوا متى بما بل كتبوها منفصلة عنها إذ لو وصلت للزم قلب الياء ألفا كما في ختام فتكتب متام فيتعذر إدراكها
ومنها توصل حيث أيضا بما نحو ( وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره )
كما تقدم في أين
ومنها توصل كل بما المصدرية إذا دخلت عليها نحو كلما جئتني

أحسنت إليك فإن كانت نكرة منعوتة كتبت مفصولة نحو كل ما تفعل حسن وكل ما كان منك حسن
قال ابن قتيبة وكل من مقطوعة على كل حال ومكان
ومنها توصل هل بلا وتحذف إحدى اللامين على هذه الصورة هلا فعلت وتقطعها من بل فتكتب بل لا تفعل
قال ابن قتيبة والفرق بينهما أن لا إذا دخلت على هل تغير معناها فكأنها معها كلمة واحدة وإذا دخلت على بل لم تغير المعنى تقول بل تفعل وبل لا تفعل كما تقول كي تفعل وكي لا تفعل
ومنها توصل بين بما الزائدة نحو بينما أنا جالس وبينما أنا أمشي
ومنها توصل أي بما إذا كانت ما زائدة كما في قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام ( أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي ) وكما تقول أيما الرجلين لقيت فأكرم
فإن كانت ما موصولة قطعت فتكتب أي ما تراه أوفق أي ما عندك أفضل مقطوعة
ومنها يوصل يوم وحين بإذ من قولك يومئذ وحينئذ وكان القياس الفصل على ما تقدم في الهمزة
ومنها توصل لئن ولئلا وإن كان كل منهما كلمتين إذ الأصل لإن ولأن لا وقد تقدم بيان كتابتها بالياء دون الألف لكونهم جعلوه مع ما بعده كالشيء الواحد
ومنها توصل أن المفتوحة بلا إذا دخلت عليها بعد حذف النون على أحد الأقوال فتكتب على هذه الصورة ألا والثاني تفصل منها وتثبت النون فتكتب على هذه الصورة أن لا يقوم
والثالث يفصل بين أن تكون مخففة عن الثقيلة فتكتب مفصولة نحو علمت أن لا يقوم زيد وعلمت أن لا ضرر

عندك التقدير أنه لا يقوم وأنه لا ضرر عندك ولذلك ثبت في قوله تعالى ( وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ) أو ناصبة للفعل فتقدر كتبها متصلة على اللفظ وتحذفها في الخط نحو يعجبني ألا تقوم وهو قول الأخفش وابن قتيبة واختيار ابن السيد
والرابع التفصيل بين أن تدغم بغنة فتكتب منفصلة أو بغير غنة فينوى الاتصال وتحذف خطا ويروى عن الخليل واستحسنه بعض الشيوخ
وقد وقع في القرآن مواضع متصلة ومواضع منفصلة فيجب اتباعها اقتداء بالسلف
وقد وقع في المصحف وصل مواضع القياس فصلها فجب وصلها في المصحف اتباعا لرسمه وتوصل في غيره في الغالب أو في بعض الأحوال
ومنها وصلت بئس بما في موضعين
أحدهما ( بئسما اشتروا به أنفسهم ) في البقرة
والثاني ( بئسما خلفتموني من بعدي ) في الأعراف
ومنها وصلت نعم بما للإدغام
وحكى ابن قتيبة فيه الفصل والوصل
ومنها وصلت إن بلم مع حذف النون للإدغام في قوله تعالى ( فإلم يستجيبوا لكم ) في هود بخلاف التي في القصص فإنها كتبت مفصولة بإثبات النون
ومنها وصلت أن بلن مع حذف النون للإدغام في سورة الكهف في قوله ( ألن نجعل لكم موعدا )

ومنها وصلت أم بمن في نحو قوله تعالى ( أمن هو قانت )
قال محمد بن عيسى كل ما في القرآن من ذكر أم فهو موصول إلا أربعة مواضع
في النساء ( أم من يكون عليهم وكيلا )
وفي التوبة ( أم من أسس بنيانه ) وفي الصافات ( أمن من خلقنا ) وفي فصلت ( أم من يأتي آمنا )
ومنها وصلت كي بلا في نحو كيلا ولكيلا في أربعة مواضع في المصحف ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ) في آل عمران
و ( لكيلا يعلم بعد علم شيئا ) في الحج و ( لكيلا يكون عليك حرج ) في الأحزاب
و ( لكيلا تأسوا ) في الحديد وما عداها فهو مقطوع كما في أول الأحزاب
ووجه ابن قتيبة في المقطوع بأنك تقول أتيتك كي تفعل وكي لا تفعل كما تقول حتى تفعل وحتى لا تفعل فيختلف المعنى بالنفي والإثبات فيه

الفصل الخامس من الباب الثاني من المقالة الأولى فيما يكتب بالظاء مع
بيان ما يقع الاشتباه فيه مما يكتب بالضاد
وإنما حصلت الظاء بالذكر دون الضاد لقلة وقوع الظاء وكثرة وقوع الضاد وخص ما يكتب بالظاء بالذكر دون ما يكتب بالذال المعجمة لأن الدال والذال في صورة الكتابة واحد فلا يظهر خطأ الكاتب فيه بخلاف الظاء والضاد فإن شكلهما مختلف فيظهر خطأ الكاتب وعواره فيه فلذلك وقعت العناية بالتنبيه على ما يكتب بالظاء دون ما يكتب بالذال المعجمة
وقد أوردته على حروف المعجم ليقرب تناوله
حرف الألف
فيه أظله الشيء إذا غشيه أما أضله من الضلال إذا ضل دابته إذا ندت فبالضاد

حرف الباء
فيه بهظه الأمر إذا أتعبه
وفيه البظر وهو اللحمة المتدلية من فرج المرأة التي قطع بالختان
حرف التاء المثناة فوق
فيه التقريظ وهو المدح والتملظ وهو تحريك الشفتين بعد الأكل لابتلاع ما حصل بين الأسنان
حرف الجيم
فيه الجواظ وهو الجافي المتكبر أو الأكول والجحوظ وهو نتو العين وندورها ومنه أبو عثمان الجاحظ وجحظة البرمكي
حرف الحاء المهملة
فيه الحفظ وهو ضد النسيان والحفيظة وهي الموجدة والحظ وهو الغنى والنصيب ومنه قوله تعالى ( إنه لذو حظ عظيم )
وقوله ( للذكر مثل حظ الأنثيين )
وأما الحض بمعنى الحث فإنه بالضاد
ومنه قوله تعالى

( ولا يحض على طعام المسكين )
والحظوة وهي الرفعة والحظر وهو المنع ومنه قوله تعالى ( كلا نمد هؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا )
وقوله ( كهشيم المحتظر )
وفي معناه الحظير وهو المحوط من قصب ونحوه
أما الحضور خلاف الغيبة فإنه بالضاد والحنظل وهو النبات المر المعروف

حرف الشين المعجمة
فيه الشظية وهي القطعة من الشيء والشظاظ وهي عيدان لطاف يجمع بها العدلان والشظف وهو خشونة العيش والشواظ وهو لهب النار ومنه قوله تعالى ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس )
والشيظم وهو الفرس الطويل الظهر والشناظي وهي أطراف الجبال
حرف الظاء المعجمة
فيه الضن بمعنى التخمين والشك والظنة وهي التهمة أما الضمن بمعنى البخل فإنه بالضاد وعلى المعنيين قرئ قوله تعالى ( وما هو على الغيب بضنين ) بالضاد والظاء لاتجاه المعنيين في النبي إذ ليس ببخيل ولا متهم وفيه ظل يفعل كذا إذا فعله نهارا ومنه قوله تعالى ( فظلوا فيه يعرجون )
وقوله ( فظلتم تفكهون ) وقوله ( وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا )

أما ضل من الضلال خلاف الهدى وضل الشيء إذا ضاع فبالضاد وفيه الظل خلاف الحر حيثما وقع وما يشتق منه والظلم وما يتشعب منه والظلام وما يتفرع منه والظلم بفتح الظاء وهو ماء الأسنان والظليم وهو ذكر النعام والظبي واحد الظباء والظبية الأنثى منه والظبية حياء الناقة والظبة وهو حد السيف والظرف وهو الوعاء الحسن والظعن وهو السفر
ومنه قوله تعالى ( يوم ظعنكم ويوم إقامتكم )
والظراب وهي الهضاب
أما الضراب مصدر ضاربته فإنه بالضاد والظعينة وهي المرأة والظلف وهو للبقر والغنم كالحافر للخيل والظلف وهو نزاهة النفس والظفر واحد الأظفار والظفر وهو النصر
أما ضفر الشعر ونحوه فبالضاد والظئر وهي المرضعة والظهر وهو العضو المعروف
أما الضهر وهو صخرة في الجبل يخالف لونها لونه فإنه بالضاد والظهير وهو المعين والظهيرة وهي وسط النهار والظمأ وهو العطش والظرار جمع ظر وهو الغليظ من الأرض
أما الضرير بمعنى الأعمى

فبالضاد والظربان وهي دويبة منتنة الريح والظلع وهو الغمز يقال ناقة ظالع إذا غمزت في المشي
أما الضلع واحد الأضلاع فإنه يكتب بالضاد ومنه قولهم فرس ضليع

حرف العين المهملة
فيه العظم وهو معروف والعظمة وهي الكبرياء وما تصرف منها وعظه الدهر وعظته الحرب
أما العض بالأسنان فبالضاد والعظل وهو الشدة ومنه تعاظل الجراد والكلاب في السفاد
وأما العضل بمعنى المنع فإنه

بالضاد ومنه قوله تعالى ( فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) وكذلك قولهم أعضل الأمر إذا صعب ومنه الداء العضال وسوق عكاظ وهو سوق كان يقام للعرب في الجاهلية وأصل العكظ الحبس

حرف الغين المعجمة
فيه الغيظ بمعنى الحنق وما تفرع عنه أما غاض الماء بمعنى غار والغيضة وهي منبت الشجر في الماء فبالضاد والغلظ وما تصفر منه
حرف الفاء
فيه الفظاظة وهي القسوة ومنه قوله تعالى ( ولو كنت فظا غليظ القلب ) أما انفضاض الجمع فبالضاد ومنه قوله تعالى ( لانفضوا من حولك )
وكذلك افتضاض البكر والكتاب والفظيع وهو الشنيع وفاظ الرجل إذا مات
أما فيض الإناء والدمع بمعنى السيلان فبالضاد ومن ثم جاز أن يكتب فاظت نفسه بالظاء على معنى ماتت نفسه ويجوز أن يكتب بالضاد على معنى سالت نفسه

حرف القاف
فيه القيظ وهو صميم الحر وما تصرف منه
أما القيض الذي هو القشر الأعلى من البيض فبالضاد وكذلك قيض الله له كذا أي أتاحه له والقرظ وهو ثمرة شجرة السنط التي يدبغ بها الجلد
أما القرض بمعنى القطع فبالضاد ومنه قرض المال
حرف الكاف
فيه الكظم وهو كتم الحزن والكظ وهو شدة الحرب وكاظمة وهو اسم مكان بالبحرين
حرف اللام
فيه لظى اسم جهنم واللظ وهو اللزوم ومنه ألظوا بياذا الجلال والإكرام أي الزموا هذا الاسم في الدعاء والمناجاة به واللحظ وهو النظر بمؤخر العين واللمظ وهو بياض الجحفلة السفلى من الفرس ومنه قيل فرس ألمظ واللفظ وهو معروف وما تصرف من جميع ذلك

حرف النون
فيه النظم وما تصرف منه والنظر بالعين وما تصرف منه والنظير وهو المثل
أما النضارة بمعنى البهجة فبالضاد ومنه قوله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة )
ومنه اشتقاق بني النضير وفي معناه النضار اسم الذهب والنظافة وهي خلاف القذارة
حرف الواو
فيه الوظيف ما فوق الرسغ من ذوات الحافر والوظيفة وأصلها الطعام الراتب ثم استعملت فيما هو أعم من ذلك
حرف الياء
اليقظة وهي خلاف النوم

المقالة الثانية في المسالك والممالك وفيها أربعة أبواب
الباب الأول في ذكر الأرض على سبيل الإجمال وفيه ثلاثة فصول
في معرفة شكل الأرض وإحاطة البحر بها وبيان جهاتها الأربع وما اشتملت عليه من الأقاليم الطبيعية وبيان موقع الأقاليم العرفية من الأقاليم الطبيعية وذكر حدودها الجامعة لها ومعرفة طريق استخراج جهة كل بلد وفيه طرفان
الطرف الأول في شكل الأرض وإحاطة البحر بها
أما شكل الأرض فقد تقرر في علم الهيئة أن الأرض كرية الشكل والماء محيط بها من جميع جهاتها إلا ما اقتضته العناية الإلهية من كشف أعلاها لوقوع العمارة فيه وقيل هي مسطحة الشكل وقيل كالترس وقيل كالطبل والتحقيق الأول وبكل حال فالماء محيط بها من جميع جهاتها كما تقدم
قال في تقويم البلدان وأحواله معلومة في بعض المواضع دون بعض فمن المعلوم الحال الجانب الغربي ويسمى بحر أوقيانوس بهمزة

مضمومة بعدها واو ساكنة ثم قاف مكسورة ثم ياء مثناة تحت مفتوحة ثم ألف بعدها نون ثم واو ثم سين مهملة
ثم للأرض أربع جهات
الأولى المشرق سميت بذلك لشروق الشمس منها ويقال لها الشرق أيضا
الثانية المغرب سميت بذلك لغروب الشمس فيها ويقال لها الغرب أيضا
الثالثة الشمال بفتح الشين وهي التي إذا استقبلت المشرق كانت على شمالك ويقال لها الشام أيضا لأن الشام كانت في جهة الشمال عن بلاد العرب فسميت الجهة به وأهل مصر يسمون هذه الجهة البحرية لكونها جهة البحر الرومي أو تسمية لها باسم الريح التي تهب منها فقد سبق أنهم يسمون الريح التي تهب من الشمال البحرية لأنها يسار بها في البحر كيف كان
الرابعة الجنوب بفتح الجيم وهي التي إذا استقبلت المشرق كانت على جانبك الأيمن ولم يسم بالأيمن كما سمي مقابله بالشمال لأنه لما ذكر الشمال لم

يبق إلا الجانب الأيمن فاستغني عن ذكره وأهل مصر يسمون هذه الجهة القبلية لوقوعها في جهة قبلتهم ولذلك يبدأون بها في التحديد وإن كان الأصل الابتداء بالمشرق لأن منه مبدأ حركة الفلك
ثم كرة الأرض يقسمها خط في وسطها بنصفين نصف جنوبي ونصف شمالي ويسمى هذا الخط الاستواء لاستواء الليل والنهار عنده في جميع فصول السنة ويقاطعه خط آخر يقسمها بنصفين نصف شرقي ونصف غربي وتصير الأرض به أربعة أرباع ويسمى هذا الخط خط نصف النهار لمسامته الشمس له في نصف النهار وكل من هذين الخطين مقسوم بمائة وثمانين درجة كل درجة ستون دقيقة وسيأتي تقدير ذلك بالأميال والفراسخ والمراحل والبرد في الكلام على بعد ما بين البلدان فيما بعد إن شاء الله تعالى
واعلم أن كل ما بعد عن أقصى العمارة في المغرب إلى جهة المشرق يعبر عنه عند علماء الهيئة والميقات بالطول وقد اختلف في ابتداء ذلك فالقدماء ابتداؤه من جزائر بالبحر المحيط تعرف بالخالدات يأتي الكلام عليها في جملة جزائر البحر المحيط والمحققون على ابتداء ذلك من ساحل البحر المحيط

الغربي الذي هو أقصى العمارة الآن وبينهما عشر درج ونهاية العمارة في المشرق موضع يقال له كندر ومنتصف ما بين الابتداء والنهاية الشرقية يسمى قبة أرين ويعبر عنه بقبة الأرض وهي على بعد ربع الدور من المبدإ الغربي ويختلف الحال فيه باختلاف الابتداء من الجزائر الخالدات أو من الساحل
وما بعد عن خط الاستواء المقدم ذكره يعبر عنه بالعرض فإن كان في جهة الجنوب فالعرض جنوبي وإن كان في جهة الشمال فالعرض شمالي
ويعتبر الطول والعرض في الأمكنة من البلدان وغيرها بالدرج والدقائق على ما سيأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى
ثم النصف الجنوبي من الأرض لا عمارة فيه إلا فيما قارب خط الاستواء في بعض بلاد الزنج والحبشة وما والى ذلك مما لا يزيد عرضه على ثلاث درج فيما أورده السلطان عماد الدين صاحب حماه في تقويم البلدان أو ست عشرة

درجة وخمس وعشرين دقيقة فيما ذكره إسحاق الحارثي وغيره
وأكثر المعمور إنما هو في النصف الشمالي والعمارة فيه فيما بين خط الاستواء إلى نهاية ست وستين درجة ونصف درجة في العرض وما وراء ذلك إلى نهاية الشمال خراب لا عمارة فيه وغالب العمارة واقع بينهما يجاوز عرضه عشر درج إلى حدود الخمسين درجة وما وراء ذلك في جهة الجنوب إلى خط الاستواء وفي جهة الشمال إلى حد العمارة غالبه جبال وقفار وغالب العمارة في الطول من ساحل البحر المحيط الغربي إلى تسعين درجة فما دونها

الطرف الثاني فيما اشتملت عليه الأرض من الأقاليم الطبيعية
قد قسم الحكماء المعمور إلى سبعة أقاليم ممتدة من المغرب إلى المشرق في عروض قليلة تتشابه أحوال البقاع في كل إقليم منها ثم اختلفوا في ترتيبها بحسب العرض فقوم جعلوا ابتداء الأول منها خط الاستواء وآخر السابع منتهى العمارة في الشمال وهو ست وستون درجة على ما تقدم
قال في تقويم البلدان والذي عليه المحققون أن ابتداء الإقليم الأول حيث العرض اثنتا عشرة درجة وثلثا درجة وما وراء ذلك إلى خط الاستواء خارج

عن الإقليم الأول في جهة الجنوب وآخر الإقليم السابع حيث العرض خمسون درجة وثلث درجة وما وراء ذلك إلى نهاية العمران في الشمال خارج عن الإقليم السابع إلى الشمال فيكون من العمران ما لم يدخل في الأقاليم السبعة وعليه وقع الترتيب في هذا الكتاب
الإقليم الأول مبدؤه حيث العرض اثنتا عشرة درجة وثلثا درجة كما هو مذهب المحققين على ما تقدم ووسطه حيث العرض ست عشرة درجة ونصف وثمن درجة وآخره حيث العرض عشرون درجة وربع وثمن درجة فتكون سعته سبع درجات وثلثي درجة وصمن درجة
الإقليم الثاني مبدؤه حيث العرض عشرون درجة وربع وثمن درجة ووسطه حيث العرض أربع وعشرون درجة وثلثا درجة وآخره حيث العرض سبع وعشرون درجة ونصف درجة فتكون سعته بالتقريب سبع درج وثلاث دقائق

الإقليم الثالث مبدؤه حيث العرض سبع وعشرون درجة ونصف درجة ووسطه حيث العرض ثلاثون درجة وثلثا درجة وآخره حيث العرض ثلاث وثلاثون درجة ونصفق وثمن درجة بالتقريب فتكون سعته ست درجات وثمن درجة بالتقريب
الإقليم الرابع مبدؤه حيث العرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف وثمن درجة ووسطه حيث العرض ست وثلاثون درجة وخمس وسدس درجة وآخره حيث العرض تسع وثلاثون درجة إلا عشرا فتكون سعته خمس درجات وسبع عشرة دقيقة بالتقريب
الإقليم الخامس مبدؤه حيث العرض تسع وثلاثون درجة ووسطه حيث العرض إحدى وأربعون درجة وآخره حيث العرض ثلاث وأربعون درجة وربع وثمن درجة فتكون سعته أربع درجات وربع وثمن وعشر درجة بالتقريب
الإقليم السادس مبدؤه حيث العرض ثلاث وأربعون درجة وربع وثمن درجة ووسطه حيث العرض خمس وأربعون درجة وعشر درجة وآخره حيث

العرض سبع وأربعون درجة وخمس درجة فتكون سعته ثلاث درجات ونصف وثمن وخمس درجة
الإقليم السابع مبدؤه حيث العرض سبع وأربعون درجة وخمس درجة ووسطه حيث العرض ثمان وأربعون درجة ونصف وربع وثمن درجة وآخره حيث العرض خمسون درجة وثلث درجة فتكون سعته ثلاث درجات وثمان دقائق
وأما أطوال هذه الأقاليم فإنها تختلف في الطول والقصر باعتبار القرب من خط الاستواء والبعد عنه فكلما قرب الإقليم من خط الاستواء كان أكثر طولا من الذي يليه ضرورة أن أوسع الكرة وسطها وما بعده من الجانبين يقصر شيئا فشيئا
فطول الإقليم الأول من ابتدائه من ساحل البحر المحيط الغربي إلى ساحل البحر المحيط الشرقي فيما ذكره في تقويم البلدان مائة واثنتان وسبعون درجة وسبع وعشرون دقيقة
وطول الإقليم الثاني مائة وأربع وستون درجة وعشرون دقيقة
وطول الإقليم الثالث مائة وأربع وخمسون درجة وخمسون دقيقة

وطول الإقليم الرابع مائة وأربع وأربعون درجة وسبع عشرة دقيقة
وطول الإقليم الخامس مائة وخمس وثلاثون درجة واثنتان وعشرون دقيقة
وطول الإقليم السادس مائة وست وعشرون درجة وسبع وعشرون دقيقة
وطول الإقليم السابع مائة وتسع عشرة درجة وثلاث وعشرون دقيقة

الفصل الثاني من الباب الأول من المقالة الثانية في البحار التي يتكرر
ذكرها بذكر البلدان في التعريف بها والسفر إليها وفيه طرفان
الطرف الأول في البحر المحيط
وهو المستدير بالقدر المكشوف من الأرض
وأحواله معلومة في بعض المواضع دون بعض
فمن المعلوم الحال منه الجانب الغربي ويسمى بحر أوقيانوس وفيه الجزائر الخالدات المتقدم ذكرها في الكلام على الأطوال
ويأخذ في الامتداد من سواحل بلاد المغرب الأقصى من زقاق سبتة الذي بين الأندلس وبر العدوة إلى جهة الجنوب حتى يتجاوز صحراء لمتونة وهي بادية البربر بين طرف بلاد المغرب من الجنوب وبين طرف بلاد السودان من الشمال ثم يمتد جنوبا على أرض خراب غير مسكونة ولا مسلوكة حتى يتجاوز خط الاستواء المتقدم ذكره إلى الجنوب

قال الشريف الإدريسي وماؤه هناك ثخين غليظ شديد الملوحة لا يعيش فيه حيوان ولا يسلك فيه مركب
ثم يعطف إلى جهة الشرق وراء جبال القمر التي منها منابع نيل مصر الآتي ذكرها فيصير البحر المذكور جنوبيا عن الأرض ويمتد شرقا على أراض خراب وراء بلاد الزنج ثم يمتد شرقا وشمالا حتى يتصل ببحر الصين والهند ثم يأخذ مشرقا حتى يسامت نهاية الأرض الشرقية المكشوفة وهناك بلاد الصين ثم ينعطف في شرق الصين إلى جهة الشمال ويصير في جهة الشرق عن الأرض ويمتد شمالا على شرقي بلاد الصين حتى يتجاوز حد الصين ويسامت سد يأجوج ومأجوج ثم ينعطف ويستدير على أرض غير معلومة الأحوال ويمتد مغربا ويصير في جهة الشمال عن الأرض ويسامت بلاد الروس ويتجاوزها ثم ينعطف غربا وجنوبا ويستدير على الأرض ويصير في جهة الغرب منها ويمتد على سواحل أمم مختلفة من الكفار حتى يسامت بلاد رومية من غربها ثم يمتد جنوبا ويتجاوز بلاد رومية ويسامت البلاد التي بينها وبين الأندلس ويتجاوزها إلى سواحل الأندلس ويمتد على غربي الأندلس جنوبا حتى يجاوزه وينتهي إلى زقاق سبتة الذي وقعت البداءة منه

الطرف الثاني في البحار المنبثة في أقطار الأرض ونواحي الممالك وما بها
من الجزائر المشهورة وهي على ضربين
الضرب الأول الخارج من البحر المحيط وما يتصل به والمشهور منه ثلاثة أبحر
البحر الأول الخارج من البحر المحيط الغربي إلى جهة الشرق
وهو بحر الروم وأضيف إلى الروم لسكنى أممهم عليه من شماليه ويعبر عنه بالبحر الرومي أيضا وقد يعبر عنه بالبحر الشامي لوقوع سواحل الشام عليه من شرقيه ومخرجه من المحيط من بحر أقيانوس المتقدم ذكره بين الأندلس وبر العدوة من بلاد المغرب ويسمى هناك بحر الزقاق وربما قيل زقاق سبتة لمجاورته لها على ما سيأتي وهو هناك في غاية الضيق
قال الشريف الإدريسي والثابت في الكتب القديمة أن سعته عشرة أميال ولكنه اتسع بعد ذلك
قال ابن سعيد وهو في زماننا ثمانية عشر ميلا
قال في الروض المعطار ويذكر أنه كان عليه قنطرة عظيمة بين

الأندلس وساحل طنجة من بر العدوة مبنية بالحجارة لا يعلم لها نظير في معمور الأرض يمر عليها الناس والدواب من جانب إلى جانب وأن البحر قبل الفتح الإسلامي بمائة سنة طمى فأغرق القنطرة وربما ظهرت لأهل المراكب تحت الماء
قال والناس يقولون إنه لا بد من ظهورها قبل فناء الدنيا
ويبتدئ هذا البحر من أول بحر الزقاق المقدم ذكره ويمتد على سواحل الغرب إلى حدود الديار المصرية فيمر على مدينة طنجة حيث الطول ثمان درج والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف ثم يعطف جنوبا وشرقا إلى مدينة سلا
ثم يمتد شرقا وشمالا إلى مدينة سبتة ويمتد كذلك حتى يسامت مدينة فاس قاعدة الغرب الأقصى على بعد منه ثم يمتد إلى حدود مدينة تلمسان قاعدة الغرب الأوسط ثم يأخذ شرقا بميلة إلى الشمال حتى يصير عند الجزائر فرضة بجاية ويمر حتى يسامت بجاية

ثم يمتد حتى يجاوز مدينة مرسى الخرز الذي به مغاص المرجان شرقي قسنطينة آخر مملكة بجاية من الشرق ثم يتجاوز مملكة بجاية إلى أول حدود إفريقية ويمر في سمت وسط المشرق حتى يقابل مدينة تونس قاعدة إفريقية من شماليها ويدخل منه خور إلى تونس المذكورة
ثم يمتد بعد أن يتجاوز تونس نحو تسعين ميلا شرقا نصا ثم يعطف جنوبا حتى يصير له دخلة كبيرة في الجنوب وفي فم هذه الدخلة حيث يعطف البحر عن الشرق إلى الجنوب جزيرة قوصرة مقابلة لجزيرة صقلية
ثم يمتد في الجنوب إلى قريب من مدينة سوسة ثم يشرق إلى سوسة المذكورة ثم يأخذ شرقا وجنوبا إلى مدينة المهدية ثم يمر شرقا وجنوبا حتى يتجاوز مدينة صفاقس ويمتد حتى يجاوز جزيرة جربة ثم يعطف مالا ويصير للبر الجنوبي دخلة في البحر وسمتد شرقا وشمالا حتى يبلغ مدينة طرابلس وهي آخر مدن إفريقية ثم ويمتد شرقا حتى يجاوز حدود إفريقية عند طول إحدى وأربعين درجة ثم يمتد شمالا على سواحل

برقة الآتي ذكرها في جملة نواحي الديار المصرية إلى طلميثا ثم ينعطف إلى جهة الشمال ويكون للبر في البحر دخلة إلى رأس أوثان وهو جبل داخل في البحر ثم يشرق من رأس أوثان إلى رأس تنبي وهو جبل في البحر قبالة رأس أوثان من جهة الشرق ثم يعطف إلى الجنوب ويمتد جنوبا حتى يسامت عقبة برقة وهي أول حدود الديار المصرية على ما يأتي ذكره في تحديدها
ثم يمتد على سواحل مصر ويمر شرقا وجنوبا إلى مدينة الإسكندرية من قواعد الديار المصرية
ثم يأخذ شرقا إلى عند مصب فرقة النيل الشرقية ويأخذ مشرقا إلى رشيد عند مصب فرقة النيل الغربية ويمتد كذلك إلى مدينة دمياط عند مصب فرقة النيل الشرقية ويأخذ شرقا إلى الطينة ثم إلى الفرما ثم إلى العريش ثم إلى رفح وهي منزلة في طرف رمل الديار المصرية من جهة الشام على مرحلة من غزة حيث الطول نحو ست وخمسين درجة ونصف والعرض اثنتان وثلاثون درجة ومن هنا ينقطع تشريقه

ثم ينعطف ويأخذ شمالا على سواحل الشام الآتي ذكرها في الكلام على المملكة الشامية فيمتد إلى مدينة غزة ثم إلى عسقلان ثم إلى يافا ميناء الرملة من أعمال الصفقة الساحلية من دمشق ثم إلى قيسارية بفتح القاف وهي مدينة خراب تعد من جند فلسطين كانت من أمهات المدن ثم إلى عثليث من أعمال صفد ثم إلى عكا من أعمالها ثم إلى صور من أعمالها ثم إلى بيروت من أعمال الصفقة الشمالية من دمشق ثم إلى جبيل وهي مدينة قديمة خراب ثم إلى أنفة من أعمال طرابلس ثم إلى مدينة طرابلس ثم إلى أنطرطوس من أعمالها ثم إلى بلنياس من أعمالها ثم إلى جبلة من أعمالها ثم إلى اللاذقية من أعمالها ثم إلى السويدية ميناء أنطاكية من أعمال حلب ثم يأخذ البحر غربا بشمال إياس مدينة الفتوحات الجاهانية ثم إلى المصيصة ثم إلى أذنة ثم إلى طرسوس ثم يمتد شمالا بغرب حتى يجاوز حدود بلاد الأرمن ويمتد على سواحل بلاد الروم التي هي الآن بيد التركمان ذكرها في مكاتبات ملوكهم إلى الكرك بضم الكاف وسكون الراء المهملة وهي بلدة بساحل بلاد المسلمين هي الآن بيد صاحب قبرس ثم يمر شمالا إلى العلايا ويقابلها من البر الآخر دمياط من

سواحل الديار المصرية تقريبا ثم يمر إلى أنطالية ثم إلى بلاط صم إلى طنفزلو ثم إلى إياس لوق ثم إلى مغنيسيا ثم إلى مدينة ابزو وهي بلدة على فم الخليج القسطنطيني من الشرق وبها يعرف الخليج فيقال فم ابزو ويقابلها من البر الآخر غربي مدينة الإسكندرية فيما بينها وبين برقة ثم يجاوز الخليج المذكور ويمتد مغربا بميلة إلى الجنوب على سواحل الروم والفرنجة فيمر على بلاد المرا وهي مملكة أولها فم الخليج القسطنطيني المتقدم ذكره من جانبه الغربي
كانت في الأيام الناصرية ابن قلاوون مشتركة بين صاحب القسطنطينية وبين طائفة الكيتلان من الفرنج وقد فتحها الآن ابن عثمان واستملكها من الروم

ثم يأخذ بين الغرب والجنوب حتى يجاوز بلاد الملفجوط وهم جنس من الروم لهم لسان ينفردون به
ويقابلها من البر الآخر شرقي برقة ثم يمتد في الغرب إلى بلاد إقليرنس ثم إلى بلد الباسليسة وهي امرأة ملكت هذه البلاد بعد السبعمائة فعرفت بها
ويقابلها من البر الآخر أوساط برقة
وبآخر هذه المملكة من جهة الغرب جون البنادقة وهو خليج يخرج من بحر الروم هذا ويمتد غربا بشمال حتى يصير طرفه غربي رومية وعلى طرفه مدينة البندقية ومن فمه إلى منتهاه نحو سبعمائة ميل ثم يجاور فم الخور المذكور إلى مملكة بولية وأولها فم خور البنادقة من الجانب الغربي
ويقابلها من البحر الآخر طلميثا فرضة برقة المتقدمة الذكر ثم يمتد في الغرب إلى بلاد قلفرية من جملة مملكة بولية المتقدمة الذكر
ويقابلها من البر الآخر بلاد أطرابلس من بلاد إفريقية ثم يمتد إلى ساحل رومية المدينة المعظمة المشهورة
ويقابلها من البر الآخر شرقي تونس من إفريقية
ثم ينقطع تغريبه ويأخذ جنوبا حتى يجاوز سواحل بلاد رومية المذكورة إلى بلاد التسقان وهم جنس من الفرنج وبلادهم معروفة بنبات الزعفران
ويقابلها من البر الآخر مدينة تونس قاعدة إفريقية المتقدمة الذكر ويمتد في الجنوب إلى بلاد بيزة وهي بلدة على الركن الشمالي من جزيرة الأندلس إليها ينسب الفرنج البيازنة والحديد البيزاني

ويقابلها من البر الآخر مرسى الخرز آخر مملكة بجاية من الشرق على ما تقدم ذكره
ثم يمتد إلى بلاد جنوة الآتي ذكرها في الكلام على البلاد الشمالية ثم يأخذ غربا إلى جبل البرت وهو الجبل الفاصل بين جزيرة الأندلس وبين الأرض الكبيرة ذات الأمم المختلفة ثم ينقطع تغريبه ويعطف مشرقا ويدخل الركن الشرقي من الأندلس فيه ويمتد في الشرق ويستدير على الركن المذكور ثم يعطف غربا ويمتد على سواحل الأندلس إلى مدينة برشلونة إلى مدينة طرطوشة
قال في الروض المعطار ويقابلها من البر الآخر مدينة بجاية
قال في تقويم البلدان وعرض البحر بينهما ثلاثة مجار ثم يمتد كذلك بين الغرب والجنوب إلى مدينة بلنسية ثم يعطف غربا إلى دانية ثم يمتد غربا بجنوب إلى مدينة مالقة ثم يمر إلى الجزيرة وهي مقابلة لساحل سبتة وطنجة حيث وقع الابتداء
وسيأتي الكلام على ضبط ما لم يضبط من البلاد على ساحل هذا البحر بالحروف مع ذكر صفاتها عند التعرض لذكرها في الكتاب في مواضعها إن شاء الله تعالى
وطول هذا البحر من البحر المحيط إلى ساحل الشام فيما يذكر ألف فرسخ ومائة وسبعون فرسخا وغاية عرضه في بعض الأماكن ستمائة ميل

وأما ما يتصل بالبحر الرومي المتقدم الذكر فبحر نيطش بنون مكسورة وياء مثناة تحت ساكنة وطاء مهملة مكسورة وشين معجمة في الآخر وهو المعروف في زماننا ببحر القرم لتركب بلاد القرم على ساحله ويعرف أيضا بالبحر الأرمني لتركب بعض بلاد أرمينية على بعض سواحله وربما قيل فيه البحر الأسود وهو متصل ببحر الروم المذكور من شماليه ويتركب عليه من آخره بحر مانيطش بزيادة لفظ ما في أوله وباقي الضبط على ما تقدم وهو المعروف في زماننا ببحر الأزق لتركب بلاد الأزق على ساحله الشرقي وليس وراءه بحر متصل به ولذلك يعبر عنه بعضهم ببحيرة مانيطش وهو يصب في بحر نيطش وبحر نيطش يصب في بحر الروم ولذلك تسرع المراكب في سيرها من القرم إلى بحر الروم وتبطئ في سيرها من بحر الروم إلى القرم لاستقبالها جريان الماء
وأول بحر نيطش المذكور مما يلي بحر الروم
الخليج القسطنطيني المتقدم ذكره في تحديد بحر الروم وهو خليج ضيق للغاية بحيث يرى الإنسان صاحبه من البر الآخر
قال ابن سعيد وطول هذا الخليج نحو خمسين ميلا
وذكر في تقويم البلدان عن بعض المسافرين أن طوله سبعون ميلا واتصاله بالبحر الرومي من جانبه الشمالي ويمتد شمالا على سواحل بلاد الروم من البر الشرقي منه إلى قلعة الجرون وهي قلعة خراب على ساحل هذا الخليج مقابل القسطنطينية ويمتد من الجرون شمالا بميلة يسيرة إلى الشرقي إلى مدينة كربى على خليج القسطنطينية على القرب من الجرون المذكورة ثم

يمتد شرقا بشمال إلى مدينة كترو وهي آخر مدن القسطنطينية التي على هذا الساحل ثم يمتد إلى مدينة كينولي وهي بلدة على الخليج القسطنطيني ثم يأخذ بين الشمال والغرب ويكون للبر دخلة في البحر إلى جهة الغرب وعلى طرف هذه الدخلة فرضة سنوب من سواحل الروم الآتي ذكرها في مكاتبات ملوك الكفر ثم يأخذ في الاتساع إلى مدينة سامسون وهي بلدة من سواحل بلاد الروم ثم يأخذ مشرقا إلى مدينة طرابزون وهي فرضة للروم بهذا الساحل ثم يمتد شمالا بميلة إلى مدينة سخوم وهي مدينة على ثلاثة أيام عن طرابزون شرقا بشمال وبينها وبين بلاد الكرج يوم واحد ويقال إنها من بلاد الكرج ثم يمتد شرقا بشمال إلى مدينة أبخاس وهي مدينة في جبل على سواحل البحر على القرب من سخوم ثم يتضايق البحر مغربا ويضيق من البر الآخر حتى يتقارب البران ويصير الماء بينهما مثل الخليج وهو مصب بحر مانيطش في بحر نيطش وعلى جانب هذا الخليج مدينة الطامان من سواحل الروم وهي حد بلاد الروم من مملكة بركة المشتملة على القرم ودشت القبجاق والسراي وخوارزم على ما سيأتي بيانه في مكاتبات القانات ثم يأخذ في الاتساع شرقا وشمالا وغربا ويصير كالبركة ويمتد على سواحل الأزق الآتي ذكرها في مكاتبات حاكمها إلى مدينة الشقراق وهي أول بلاد الأزق ومنها ينتهي تشريقه ثم يعطف إلى الشمال ويأخذ إلى مدينة الأزق ثم يستدير من الأزق حتى يصير إلى الغرب وينتهي إلى الخليج الذي بين بحر نيطش وبحر مانيطش المتقدم ذكره
وهناك مدنية الكرش من بلاد الأزق مقابل مدينة الطامان المتقدمة الذكر

من البر الآخر ثم يمر جنوبا ويمتد على سواحل القرم الآتية الذكر في مكاتبة حاكمها فيمر إلى مدينة الكفا فرضة القرم
ويقابلها من البر الآخر مدينة طرابزون المتقدمة الذكر ثم يمتد كذلك إلى مدينة صوداق وهي فرضة ببلاد القرم أيضا
ويقابلها من البر الآخر مدينة سامسون المتقدمة الذكر ثم يأخذ في الانضمام جنوبا ويعطف مشرقا بحيث يكون للبر دخلة في البحر ويمتد على سواحل بلاد البلغار إلى مدينة صاري كرمان من بلاد البلغار وبينها وبين صلغات مدينة القرم خمسة أيام
ويقابلها من البر الآخر مدينة سنوب المتقدمة الذكر ثم يأخذ في الاتساع غربا بميلة إلى الجنوب ويمتد كذلك إلى مدينة أقجاكرمان من بلاد البلغار ثم يأخذ جنوبا ويمتد على سواحل بلاد القسطنطينية إلى بلدة صقجى وعندها يصب نهر طنا بطاء مهملة مضمومة بعدها نون وألف وهو نهر عظيم بقدر مجموع دجلة والفرات ثم يتضايق ويأخذ شرقا حتى ينتهي إلى أول الخليج القسطنطيني المتقدم ذكره ثم يأخذ جنوبا ويتقارب البران ويمتد كذلك إلى مقابل مدينة كربى المتقدمة الذكر ثم يمتد كذلك إلى مدينة القسطنطينية قاعدة ملك الروم الآتي ذكرها في مكاتبة ملكها
ويقابلها من البر الآخر قلعة الجرون المتقدمة الذكر ثم يمتد حتى يصب في بحر الروم حيث وقع الابتداء
وسيأتي الكلام على ضبط ما لم يضبط من البلاد التي على ساحل هذا البحر المتقدمة الذكر مع ذكر صفاتها عند الكلام على مكاتبات ملوكها وحكامها إن شاء الله تعالى

وببحر نيطش المتقدم ذكره على القرب من الخليج القسطنطيني جزيرة مرمرا الآتي ذكرها عند الكلام على مكاتبة ملكها في جملة ملوك الكفر إن شاء الله

البحر الثاني الخارج من المحيط الشرقي إلى جهة الغرب
وهو بحر يخرج عند أقصى بلاد الصين الشرقية الجنوبية مما يلي خط الاستواء حيث لا عرض وقيل على عرض ثلاث عشرة درجة في الجنوب ويمتد غربا بشمال على سواحل بلاد الصين الجنوبية ثم على المفاوز التي بين الصين والهند حتى ينتهي إلى جبال قامرون الفاصلة بين الصين والهند
قال ابن سعيد ومدينة الملك بها في شرقيها ثم يجاوز جبال قامرون المذكورة ويمتد على سواحل بلاد الهند من الجنوب ويمر على سفالة الهند وهي سوفارة ويمتد حتى ينتهي إلى آخر الهند ثم يمتد على مفازة السند الفاصلة بينه وبين البحر ويمر حتى ينتهي إلى فم بحر فارس الخارج من هذا البحر إلى جهة الشمال على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى
ويجاوزه إلى بلاد اليمن فيمر على ساحل مهرة أول بلاد اليمن ويمتد من شماليها على سواحل اليمن من جنوبيه حتى ينتهي إلى مدينة عدن فرضة اليمن ثم يمر من عدن إلى الشمال بميلة إلى الغرب نحو مجرا حتى ينتهي إلى باب المندب وهو فرضة بين جبلين ويخرج منه ويمد غربا بميلة إلى

الشمال اثني عشر ميلا ثم يعطف شمالا ويمتد على سواحل اليمن الغربية إلى علافقة فرضة مدينة زبيد ثم يمتد شمالا أيضا إلى مدينة حلي من أطراف اليمن من جهة الحجاز وهي المعروفة بحلي ابن يعقوب ثم يمتد شمالا على ساحل الحجاز إلى جدة فرضة على بحر القلزم ثم يمتد شمالا إلى الجحفة ميقات الإحرام لأهل مصر ثم يمتد شمالا بميلة إلى الغرب حتى يتصل بساحل ينبع ثم يأخذ بين الغرب والشمال حتى يجاوز مدين الآتي ذكرها في كور مصر القديمة ويمتد شمالا بجنوب حتى يقارب أيلة الآتي ذكرها في كور مصر القديمة أيضا ثم يعطف إلى الجنوب حتى يجاوز أيلة المذكورة إلى مكان يعرف برأس أبي محمد ويكون للبر دخلة في البحر في جهة الجنوب ثم يعطف شمالا حتى ينتهي إلى فرضة الطور وهي مكان حط وإقلاع لمراكب الديار المصرية وإنما يصل إليها من اليمن وغيرها ويمر في الشمال حتى يصل إلى فرضة السويس وهي مكان حط وإقلاع للديار المصرية أيضا وعنده ينتهي بر العرب ببحر القلزم ويبتدئ بر العجم
وهناك يقرب هذا البحر من بحر الروم على ما تقدم ذكره في الكلام على أصل هذا البحر
ثم من السويس يعطف إلى الجنوب على ساحل مصر ويمتد موازيا لبلاد الصعيد حتى ينتهي إلى مدينة القلزم التي ينسب إليها هذا البحر الآتي ذكرها في الكلام على كور مصر القديمة ويقابلها من بر الحجاز أيلة ثم يأخذ عن القلزم جنوبا بميلة إلى الشرق حتى يسامت فرضة الطور المتقدم ذكرها وتصير فرضة

الطور بين أيلة والقلزم غربي الدخلة المتقدم ذكرها ثم يمتد كذلك حتى ينتهي إلى القصير فرضة قوص ثم يتسع في جهتي الجنوب والشرق حتى يكون اتساعه تسعين ميلا وتسمى تلك القطعة المتسعة بركة الغرندل وهي التي أغرق الله تعالى فيها فرعون ثم يأخذ جنوبا بميلة يسيرة إلى الغرب إلى عيذاب فرضة قوص أيضا
ويقابلها من بر الحجاز جدة فرضة مكة المشرفة ثم يمتد في سمت الجنوب على ساحل بلاد السودان حتى يصير عند سواكن من بلاد البجاة ثم يمتد كذلك حتى يحيط بجزيرة دهلك وهي جزيرة قريبة من ساحل هذا البحر الغربي وأهلها من الحبشة المسلمين
ويقابلها من البر الآخر جنوبي حلي ابن يعقوب من بلاد اليمن ويمتد حتى يصل إلى رأس جبل المندب المتقدم ذكره
وهناك يضيق البحر حتى يرى الرجل صاحبه من البر الآخر
ويقال إنه بقدر رميتي سهم وترى جبال عدن من جبال المندب في وقت الصحو ثم يتجاوز باب المندب ويأخذ شرقا وجنوبا ويتسع قليلا قليلا ويمر على بقية سواحل الحبشة حتى يمر بمدينة زيلع من بلاد الحبشة المسلمين
ويقابلها عدن من بر اليمن وهي عن عدن في الغرب بميلة إلى الجنوب ثم يمر إلى مدينة مقدشو ثم يمتد كذلك حتى ينتهي إلى خليج بربرا الخارج من بحر الهند في جانبه الجنوبي على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى
ويتجاوز فم هذا الخليج ويمتد على سواحل بلاد الزنج حتى ينتهي إلى آخرها ثم يمتد على سواحل بلاد الواق واق على أماكن مجهولة حتى ينتهي

إلى مبدئه من البحر المحيط الشرقي
على أنه في تقويم البلدان لم يتعرض لساحل هذا البحر الجنوبي فيما هو شرقي باب المندب لعدم تحققه
واعلم أن هذا البحر يسمى في كل مكان باسم ما يسامته من البلدان أو باسم بعض البلدان التي عليه فيسمى فيما يقابل بلاد الصين بحر الصين وفيما يقابل بلاد الهند إلى ما جاورها إلى بلاد اليمن شرقي باب المندب بحر الهند وفيما دون باب المندب إلى غايته في الشمال والغرب بحر القلزم نسبة إلى مدينة القلزم المتقدمة الذكر في ساحل الديار المصرية
قال في تقويم البلدان وطول هذا البحر من طرف بلاد الصين الشرقي إلى القلزم ألفان وسبعمائة وثمانية وأربعون فرسخا بالتقريب ومقتضى كلام ابن الأثير في عجائب المخلوقات أن طوله أربعة آلاف وتسعمائة وستة وستون فرسخا وثلثان فإنه قد ذكر أن طول بحر الصين والهند إلى باب المندب أربعة آلاف وخمسمائة فرسخ ثم ذكر أن طول بحر القلزم ألف وأربع مائة ميل وهي أربعمائة وستة وستون فرسخا وثلثان وبين الكلامين بون
وكلام صاحب تقويم البلدان أقرب إلى الصواب فإنه استخرجه من تضريب الدرج واستخراج أميالها وفراسخها
وبآخر بحر القلزم من الذراع الآخذ إلى جهة السويس على ميل من مدينة القلزم موضع يعرف بذنب التمساح يتقارب بحر القلزم وبحر الروم فيما بينه وبين الفرما حتى يكون بينهما نحو سبعين ميلا فيما ذكره ابن سعيد
قال في الروض المعطار وكان بعض الملوك قد حفره ليوصل ما بين

القلزم وبحر الروم فلم يتأت له ذلك لارتفاع القلزم وانخفاض بحر الروم والله تعالى قد جعل بينهما حاجزا كما ذكر تعالى في كتابه
قال ولما لم يتأت له ذلك احتفر خليجا آخر مما يلي بلاد تنيس ودمياط وجرى الماء فيه من بحر الروم إلى موضع يعرف بقيعان
فكانت المراكب تدخل من بحر الروم إلى هذه القرية وتدخل من بحر القلزم إلى ذنب التمساح فيقرب ما في كل بحر إلى الآخر ثم ارتدم ذلك على طول الدهر
وقد ذكر ابن سعيد أن عمرو بن العاص كان قد أراد أن يخرق بينهما من عند ذنب التمساح المتقدم ذكره فنهاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال إذن يتخطف الروم الحجاج
وذكر صاحب الروض المعطار أن الرشيد هم أن يوصل ما بين هذين البحرين من أصل مصب النيل من بحر بلاد الحبشة وأقاصي صعيد مصر فلم يتأت له قسمة ماء النيل فرام ذلك مما يلي بلاد الفرما فقال له يحيى بن خالد إن تم هذا تتخطف الناس من المسجد الحرام ومكة واحتج عليه بمنع عمر بن الخطاب عمرو بن العاص من ذلك فأمسك عنه
ويتفرع من البحر الهندي بحران عظيمان مشهوران وهما بحر فارس والخليج البربري
فأما بحر فارس فهو بحر ينبعث من بحر الهند المتقدم ذكره من شماليه ويمتد شمالا بميلة إلى الغرب غربي مفازة السند الفاصلة بينه وبين بحر الهند

ثم على غربي بلاد السند ثم على أرض مكران من نواحي الهند ويخرج منه من آخر مكران خور يمتد شرقا وجنوبا على ساحل مكران والسند حتى يصير السند غربيه ثم ينعطف آخره على ساحل بلاد كرمان من شماليها حتى يعود إلى أصل بحر فارس فيمتد شمالا حتى ينتهي إلى مدينة هرموز وينتهي إلى آخر كرمان فيخرج منه خور يمتد على ساحل كرمان من شماليها ثم يرجع من آخره على ساحل بلاد فارس من جنوبيها حتى يتصل بأصل بحر فارس ويمتد شمالا ثم يعطف ويمتد مغربا إلى حصن ابن عمارة من بلاد فارس وقيل من بلاد كرمان وهو اليوم خراب ثم يمتد مغربا في جبال منقطعة ومفاوز إلى مدينة سيراف ثم يمتد كذلك إلى سيف البحر بكسر السين وهو ساحل من سواحل فارس فيه مزارع وقرى مجتمعة ثم يمتد إلى جنابة من بلاد فارس ثم يمتد إلى سينيز من بلاد فارس وقيل من الأهواز ثم يمتد إلى مدينة مهروبان من سواحل خوزستان وقيل من سواحل فارس وهي فرضة أرجان وما والاها ثم يمتد مغربا بميلة يسيرة نحو الشمال إلى مدينة عبادان من أواخر بلاد العراق من الشرق على القرب من البصرة عند مصب دجلة في هذا البحر ثم ينعطف ويمتد جنوبا إلى كاظمة وهي جون على ساحل البحرين مما يلي البصرة على مسيرة يومين منها ثم يمتد إلى القطيف من بلاد البحرين ثم يمتد كذلك إلى مدينة عمان فرضة بلاد البحرين وإليها تنتهي مراكب السند والهند والزنج ويخرج على القرب منها عن يمين المقلع من ساحلها في جهة الغرب بحر ببلاد الشحر من اليمن أيضا وإليها ينسب العنبر الشحري الطيب كما تقدم ذكره في النوع الخامس فيما يحتاج إليه من نفيس الطيب ثم يمر على سواحل مهرة من شرقي بلاد اليمن حتى ينتهي إلى مبدئه من بحر الهند

قال في تقويم البلدان وبفم هذا البحر ثلاثة أجبل يخشاها المسافرون يقال لأحدها كسير والثاني عوير والثالث ليس فيه خير
قال ابن الأثير في عجائب المخلوقات وطول هذا البحر أربعمائة فرسخ وأربعون فرسخا وعمقه ثمانون باعا
وأما الخليج البربري فهو ينبعث من بحر الهند المتقدم ذكره في جنوبي جبل المندب المتقدم الذكر ويمتد في جنوبي بلاد الحبشة ويأخذ غربا حتى ينتهي إلى مدينة بربرا بباءين موحدتين مفتوحتين وراءين مهملتين الأولى منهما ساكنة وهي قاعدة الزغاوة من السودان حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض ست درج ونصف
قال في تقويم البلدان وطوله من المشرق إلى المغرب نحو خمسمائة ميل
قال الشريف الإدريسي وموجه كالجبال الشواهق ولكنه لا ينكسر قال يركب فيه إلى جزيرة قنبلو ويقال قنبلة وهي جزيرة للزنج في هذا البحر
قال في القانون وطولها اثنتان وخمسون درجة وعرضها في الجنوب ثلاث درج قال الإدريسي وأهلها مسلمون

البحر الثالث الخارج من المحيط الشمالي المعروف ببحر برديل
بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة وسكون

الياء المثناة تحت ولام في الآخر
قال ابن سعيد ويقال له بحر برطانية أيضا وهو بحر يخرج من شمالي الأندلس ويأخذ شرقا إلى خلف جبل الأبواب الفاصل بين الأندلس والأرض الكبيرة ويقرب طرفه الشرقي حتى يبقى بينه وبين بحر الروم المتقدم ذكره أربعون ميلا وهناك مدينة برديل التي يضاف البحر إليها

الضرب الثاني من البحار المنبثة في أقطار الأرض ما ليس له اتصال بالبحر
المحيط
وهو بحر الخزر بفتح الخاء والزاي المعجمتين وراء مهملة في الآخر
ويسمى بحر جرجان لوقوع مدينة جرجان على ساحله وبحر طبرستان لوقوع ناحية طبرستان على ساحله أيضا وهذا البحر بحر ملح منفرد عن البحار لا اتصال له بغيره البتة
قال ابن حوقل وهو مظلم القعر ويقال إنه متصل ببحر نيطش من تحت الأرض

قال المسعودي وهو غلط لا أصل له ولم أدر من أين أخذه قائله أمن طريق الحس أم من طريق الاستدلال والقياس
قال الشريف الإدريسي وهو مدور الشكل إلى الطول وقيل مثلث الشكل كالقلع وعلى ساحله الجنوبي بلاد الجيل والديلم وعلى جانبه الشرقي بلاد جرجان والمفازة التي بين جرجان وخوارزم وعلى جانبه الشمالي بلاد الترك والخزر وجبال سياوكوه وعلى جانبه الغربي بلاد إيلاق وجبال الفتيق وابتداؤه من جهة الغرب عند مدينة باب الحديد المعروف بباب الأبواب من بلاد أران حيث الطول ست وستون درجة والعرض نحو إحدى وأربعين درجة على القرب من دربند شروان ثم يمتد جنوبا من باب الحديد أحدا وخمسين فرسخا وهناك مصب نهر الكرفيه ثم يمتد مشرقا بانحراف إلى الجنوب ستة عشر فرسخا فيمر على أراضي موقان من عمل أردبيل من أذربيجان ثم يمتد جنوبا وشرقا حتى تبلغ غايته في الجنوب حيث العرض سبع وثلاثون درجة قبالة مدينة آمل قصبة طبرستان ثم ينعطف ويمتد شرقا حتى يجاوز بلاد الجيل إلى مدينة آبسكون وهي فرضة جرجان ثم يمتد إلى نهايته في الشرق حيث الطول ثمانون درجة والعرض نحو أربعين عند مدينة جرجان وهي في الشرق منه قريبة من ساحله ثم ينعطف ويمتد شمالا وغربا حتى يبلغ نهايته في الشمال حيث العرض نحو خمسين درجة والطول تسع وسبعون درجة وفي شماليه وغربيه يصب نهر إتل الذي عليه مدينة السراي قاعدة مملكة أزبك الاتي ذكرها في مكاتبة قانهم إن شاء الله تعالى
قال في تقويم البلدان وليس في هذا البحر جزيرة مسكونة

الفصل الثالث من الباب الأول من المقالة الثانية في كيفية استخراج جهات
البلدان والأبعاد الواقعة بينها وفيه طرفان
الطرف الأول في كيفية استخراج جهات البلدان
إذا كنت في بلد وأردت أن تعرف جهة بلد آخر عن البلد الذي أنت فيه فالذي أطلقه كثير من المصنفين أنك تعرف طول البلد الذي أنت فيه وعرضه وطول البلد الآخر وعرضه وتقابل بين الطولين وبين العرضين فإن كان ذلك البلد أعرض من بلدك مع مساواته له في الطول فهو عنك في جهة الجنوب وإن كان أطول من بلدك مع مساواته له في العرض فهو عنك في جهة الشرق
وإن كان أقل طولا مع مساواته في العرض فهو عنك في جهة الغرب
وإن كان أطول وأعرض من بلدك فهو عنك بين الشرق والشمال
وإن كان أقل طولا وعرضا فقهو عنك بين المغرب والجنوب
وإن كان أقل طولا وأكثر عرضا فهو عنك في الجنوب والشمال
وإن كان أكثر طولا وأقل عرضا فهو عنك بين الشرق والجنوب
والذي ذكره المحققون من علماء الهيئة أن البلد إذا كان أطول من بلدك مع مساواته له في العرض يكون عنك في جهة الشرق بميلة إلى الشمال
وإذا كان

أقل طولا مع مساواته له في العرض يكون في جهة الغرب بميلة إلى الشمال أيضا
وإذا كان أقل طولا وعرضا يكون بين المغرب والجنوب على ما تقدم إلا أن يقل الفصل بينهما بأن يكون أقل من درجة فإنه يحتمل أن يكون كذلك وأن يكون على وسط المغرب وإذا كان أقل طولا وأكثر عرضا فإنه يكون بين المشرق والمغرب على ما تقدم إلا أن يقل الفصل بينهما فيحتمل أن يكون كذلك وأن يكون على وسط المشرق

الطرف الثاني في معرفة الأبعاد الواقعة بين البلدان
قد تقدم أن الأطوال والعروض في الأمكنة والبلدان تعتبر بالدرج والدقائق وأن الدرجة مقسومة بستين دقيقة ثم الذي حققه القدماء كبطليموس صاحب المجسطي وغيره تقدير الدرجة بستة وستين ميلا وثلثي ميل وبه أخذ أكثر المتأخرين وعليه العمل
وما وقع لأصحاب الرصد المأموني مما يخالف ذلك بنقص عشر درج مما لا تعويل عليه
وقد نقل علاء الدين بن الشاطر من المتأخرين في زيجه عن القدماء أنهم قدروا الدرجة بالتقريب بعشرين فرسخا وبستين ميلا وبمائتي ألف وأربعين ألف ذراع وبخمسة برد وبمسير يومين
وقدر الشافعي رضي الله عنه ذلك بسير يومين بالأيام المعتدلة دون لياليهما وقدر السير بالسير المعتدل وتقدير الدرجة كما بين الفسطاط ودمياط فإن عرض

دمياط يزيد على عرض الفسطاط بدرجة وكسر يسير على ما سيأتي ذكره
فإذا أردت أن تعرف كم بين البلد الذي أنت فيه وبين بلد آخر الخط المستقيم فلك حالتان
الحالة الأولى أن يكون ذلك البلد على سمت بلدك الذي أنت فيه في الطول أو العرض فانظر كم درجة بينهما بالزيادة والنقص فاضربه في ست وستين وهو ما لكل درجة من الأميال فما خرج من الضرب فهو بعد ما بينهما من الأميال على الخط المستقيم فاعتبره بما شئت من المراحل والفراسخ والبرد على ما تقدم بيانه
الحالة الثانية ألا يكون ذلك البلد على سمت بلدك الذي أنت فيه فطريقك أن تقابل بين عرض بلدك وطوله وبين عرض البلد الآخر وطوله وتنظر كم فضل ما بين الطولين وبين العرضين وهو ما يزيده أحد الطولين أو أحد العرضين على الآخر فتضرب كلا من فضل الطولين وفضل العرضين في مثله وتجمع الحاصل من الضربين فما كان خذ جذره وهو القدر الذي إذا ضربته في مثله حصل عنه ذلك العدد فما بلغ مقدار ما بين بلدك والبلد الآخر من الدرج فاضربه في ست وستين وثلثين على ما تقدم فما بلغ فهو أميال فاعتبره بما شئت من المراحل والفراسخ والبرد على ما تقدم
مثال ذلك أن الفسطاط طوله خمس وخمسون درجة وعرضه ثلاثون درجة ودمشق طولها ستون درجة وعرضها ثلاث وثلاثون درجة ونصف درجة ففضل ما بين طوليهما خمس درج وفضل ما بين عرضيهما ثلاث درج ونصف درجة فتضرب فضل ما بين الطولين وهو خمس درج في مثله خمسا وعشرين وتضرب فضل ما بين العرضين وهو ثلاث ونصف في مثله يبلغ اثني عشر وربعا فتجمع ما حصل من الضربين وهو خمس وعشرون واثنا عشر وربع ويكون سبعا وثلاثين وربعا فخذ جذرها يكن ستا ونصف سدس تقريبا وهو ما بين الفسطاط ودمشق من الدرج فاضربه في ست وستين وثلثين وهي ما

للدرجة الواحدة من الأميال يكن أربعمائة وخمسة أميال وثلث سدس ميل فإذا اعتبرت كل أربعة وعشرين ميلا بمرحلة على ما تقدم كانت سبع عشرة مرحلة تقريبا وهو القدر الذي بين الفسطاط ودمشق على الخط المستقيم
أما الطرق المسلوكة إلى البلدان على التعاريج بسبب البحار والجبال والأودية وغيرها فإنها تقتضي الزيادة على ذلك
وقد ذكر أبو الريحان البيروني في كتابه القانون أن زيادة التعريج على الاستواء يكون بقدر الخمس تقريبا
فإذا كان بين البلدين أربعون ميلا على الخط المستقيم كانت بحسب سير السائر خمسين ميلا
قلت وفيه نظر لطول بعض التعاريج على بعض في الزيادة بالبحار والجبال عن الخط المستقيم على ما هو مشاهد في الأسفار اللهم إلا أن يريد الغالب كما تقدم بين الفسطاط ودمشق فقد مر أن بينهما على الخط المستقيم سبع عشرة مرحلة بالتقريب فإذا أضيف إليها مثل خمسها وهو ثلاثة وخمسان كانت عشرين مرحلة وهو القدر المعتاد في سيرها بالسير المعتدل
واعلم أن طول البلدان وعروضها قد وقع في الكتب المصنفة فيها ككتاب الأطوال المنسوب للفرس ورسم المعمور المترجم للمأمون من اللغة اليونانية والزيجات وغير ذلك اختلاف كثير وتباين فاحش
وممن صرح بذكر ذلك أبو الريحان البيروني في كتابه القانون فقال عند ذكرها ولم يتهيأ لي تصحيح جميعها وقد صححت ما أمكن منها
قال في تقويم البلدان إلا أن معرفة ذلك بالتقريب خير من الجهل بالكلية

الباب الثاني من المقالة الثانية في ذكر الخلافة ومن وليها من الخلفاء ومقراتهم في القديم والحديث وما انطوت عليه الخلافة من الممالك في القديم وما كانت عليه من الترتيب وما هي عليه الآن وفيه فصلان
الفصل الأول في ذكر الخلافة ومن وليها من الخلفاء من خلفاء بني أمية بالشام وخلفاء بني العباس بالعراق وخلفاء الفاطميين بمصر وخلفاء بني أمية بالأندلس
أما الخلافة فسيأتي في المقالة الخامسة في الكلام على الولايات أن المراد بها خلافة النبي بعده في أمته ولذلك كان يقال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله وأن الراجح أنه لا يجوز أن يقال في الخليفة خليفة الله إلى تمام القول فيما سيأتي ذكره هناك إن شاء الله تعالى
وأما من وليها من الخلفاء فعلى أربع طبقات

الطبقة الأولى الخلفاء من الصحابة رضوان الله عليهم
وأولهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بويع بالخلافة في اليوم الذي مات فيه النبي على ما سيأتي ذكره في الكلام على البيعات من المقالة الخامسة إن شاء الله تعالى
وبقي حتى توفي لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة ودفن مع النبي في حجرة عائشة رضي الله عنها
وبويع بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه في اليوم الذي مات فيه أبو بكر رضي الله عنه بعد أن عهد له بالخلافة وتوفي يوم السبت سلخ ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وعشرين بطعنة أبي لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ودفن مع النبي وأبي بكر رضي الله عنه
وفي أيامه فتحت الأمصار ففتحت دمشق على يد خالد بن الوليد وأبي عبيدة ابن الجراح وتبعها في الفتح سائر بلاد الشام ففتحت بيسان وطبرية وقيسارية وفلسطين وعسقلان وبعلبك وحمص وحلب وقنسرين وانطاكية وسار إلى بيت المقدس في خلال ذلك ففتحه صلحا

وفتح من بلاد الجزيرة الفراتية الرقة وحران والموصل ونصيبين وآمد والرها
وفتح من العراق القادسية والمدائن على يد سعد بن أبي وقاص وزال ملك الفرس وانهزم ملكهم يزدجرد إلى فرغانة من بلاد الترك
وفتحت أيضا كور دجلة والأبلة على يد عتبة بن غزوان
وفتحت كور الأهواز على يد أبي موسى الأشعري
وفتحت نهاوند وإصطخر وأصبهان وتستر والسوس وأذربيجان وبعض أعمال خراسان
وفتحت مصر والإسكندرية وأنطابلس وهي برقة وطرابلس الغرب على يد عمرو بن العاص
وبويع بالخلافة بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه لثلاث بقين من المحرم سنة أربع وعشرين وقتل بالمدينة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة

سنة خمس وثلاثين وقيل يوم الأضحى وقيل غير ذلك
وبويع بالخلافة بعده علي كرم الله وجهه يوم قتل عثمان وقتل لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة أربعين من الهجرة بالعراق ودفن بالنجف على الصحيح المشهور
وبويع بالخلافة لابنه الحسن بالكوفة من العراق يوم قتل أبيه وسلم الأمر لمعاوية لخمس بقين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وقيل في ربيع الآخر وقيل في جمادى الأولى ولحق بالمدينة فأقام بها إلى توفي بها في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وقيل ست وخمسين

الطبقة الثانية خلفاء بني أمية
أولهم معاوية بن أبي سفيان كان أميرا على الشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستمر بها إلى أن سلم الحسن إليه الأمر فاستقل بالخلافة وبقي حتى توفي بدمشق مستهل رجب الفرد سنة ستين من الهجرة وقيل في النصف من رجب وهو أول من رتب أمور الملك في الإسلام
وقام بالأمر بعده ابنه يزيد بالعهد من أبيه وبويع له بعد وفاته في رجب سنة ستين وتوفي لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة أربع وستين
وقام بالأمر بعده ابنه معاوية وبويع له بالخلافة في النصف من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين فأقام بالخلافة أربعين يوما وقيل ثلاثة أشهر وقيل عشرين يوما

وقام بالأمر بعده مروان بن الحكم وبويع له بالخلافة بالجابية في رجب سنة أربع وستين ثم جددت له البيعة في ذي القعدة من السنة المذكورة وتوفي بالطاعون بدمشق في شهر رمضان سنة خمس وستين
وقام بالأمر بعده ابنه عبد الملك بالعهد من أبيه وبويع به بالخلافة في الثالث من شهر رمضان المذكور وتوفي بدمشق منتصف شوال من سنة ست وثمانين
وقام بالأمر بعده ابنه الوليد بالعهد من أبيه وبويع له بالخلافة يوم موت أبيه وتوفي بدمشق في منتصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين
وقام بالأمر بعده أخوه سليمان بن عبد الملك وبويع له يوم موت أخيه الوليد وكان أبوه قد عهد أن يكون هو الخليفة بعد أخيه الوليد وتوفي بدابق لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين
وقام بالأمر بعده ابن عمه عمر بن عبد العزيز بعهده له وبويع له بالخلافة يوم موته وتوفي بخناصرة لخمس وقيل لست بقين من رجب سنة إحدى ومائة
وقام بالأمر بعده يزيد بن عبد الملك بن مروان بعهد من أخيه سليمان أن يكون له الأمر من بعد عمر بن عبد العزيز وقيل بعهد من أبيه أن يكون له الأمر بعد أخيه سليمان ولكنه سلم لابن عمه عمر وبويع له يوم موت عمر وتوفي بجولان لخمس بقين من شعبان سنة خمس ومائة

وقام بالأمر بعده أخوه هشام بن عبد الملك بعهد من أخيه يزيد بويع له بالخلافة في يوم موته وتوفي بالرصافة لست خلون من ربيع الأول سنة خمس وعشرين ومائة
وقام بالأمر بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك بويع له بالخلافة لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة وقيل لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين
وقام بالأمر بعده ابنه يزيد المعروف بالناقص سمي بذلك لنقصه الجند ما كان زادهم يزيد بويع له بالخلافة يوم قتل الوليد وتوفي بدمشق لعشر بقين من ذي الحجة من السنة المذكورة
وقام بالأمر بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بويع له بالخلافة بعد وفاة أخيه في ذي الحجة المذكور فمكث أربعة أشهر وقيل أربعين يوما ثم خلع نفسه
وقام بالأمر بعده مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الجعدي بتسليم إبراهيم بن الوليد الأمر إليه وفي أيامه ظهرت دعوة بني العباس وقصدته جيوشهم فهرب إلى مصر فأدرك وقتل بقرية يقال لها بوصير من الفيوم وبزواله زالت دولة بني أمية

الطبقة الثالثة خلفاء بني العباس بالعراق
وأول من قام بالأمر منهم بعد خلفاء بني أمية السفاح وهو أبو العباس عبد

الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس عم النبي بويع له بالخلافة بالكوفة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة وتوفي بالأنبار لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة
وقام بالأمر بعده أخوه المنصور أبو جعفر عبد الله بويع له بالخلافة يوم موت أخيه السفاح وتوفي بطريق مكة وهو محرم بالحج سنة ثمان وخمسين ومائة ودفن بالحجون
وقام بالأمر بعده ابنه المهدي أبو عبد الله محمد بويع له بالخلافة يوم مات أبوه بطريق مكة وهو يومئذ ببغداد وتوفي بماسبذان في المحرم سنة تسع وستين ومائة
وقام بالأمر بعده ابنه الهادي أبو محمد موسى بويع له بعد أبيه يوم موته وهو غائب فسار إلى بغداد ودخلها بعد عشرين يوما وتوفي لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة سبعين ومائة
وقام بالأمر بعده الرشيد أبو محمد هرون بن المهدي بويع له بالخلافة ليلة مات أخوه الهادي وتوفي ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة
وقام بالأمر بعده ابنه الأمين أبو عبد الله محمد ويقال أبو موسى

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39