كتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا
المؤلف : أحمد بن علي القلقشندي

في الاعتداد بها ومنتهى الطوق في البشر لها بمنه وطوله وقوته وحوله
وقد عرف مولانا الأمير فلان ما كان من كذا وكذا ثم أتى على ذكر الفتح إلى آخره

الأسلوب الثالث
أن يفتتح الكتاب بلفظ كتابي كما كتب الصابي عن الوزير أبي عبد الله الحسن بن سعدان إلى فخر الدولة بن بويه في بشارة فتح
كتابي أطال الله بقاء مولانا الأمير الجليل فخر الدولة ومولانا الملك السيد صمصام الدولة وشمس الملة جار على افضل حال جمع الله بينهما في تمام عز ونصر ونفاذ أمر ونهي وعلو كلمة ورأي وسبوغ موهبة ونعمة وشكر الله يستزيد من فضله ويستدر المادة من طوله وأنا جار فيما أحمله من اعباء خدمتهما وأتولاه من تعاظم شؤونهما على أجمل ما عود الله وزراء هذه المملكة المناصحين لها وأوليائها المحامين عنها من هداية إلى مراشد الأمور وتوفيق لصواب التدبير والحمد لله رب العالمين وقد كان كذا وكذا
الاسلوب الرابع
أن يفتتح الكتاب بلفظ كتبت كما كتب الصابي إلى صاحب الجيش في تعزية
كتبت أطال الله بقاء سيدنا صاحب الجيش والعين عبرى والكبد حرى والصبر مسلوب والعزاء مغلوب بالفجيعة في سيدي فلان نضر الله

وجهه وكرم منقلبه التي هدت الجلد وفتت في العضد وبسطت عذر الجزوع وهجنت حلم الحليم فإنا لله وإنا إليه راجعون وإلى أمره صائرون وعند الله نحتسبه غصنا ذوى وشهابا خبا وعلق مضنة علقت به ايدي النوائب وتخيرته سهام المصائب وقارنت بين قلوب الأباعد والأقارب والخواص والعوام في التألم لفقده والاستيحاش لمصرعه والكآبة لوقوع المحذور به وعز علي أن يجرى لساني بهذا القول ويدي بهذا الخط إلى آخر المكاتبة

الأسلوب الخامس
أن يفتتح الكتاب بالخطاب كما كتب صاحب ديوان الإنشاء في زمن المسترشد عن نفسه إلى شجاع الدولة وزير دمشق بعد هلاك زنكي بن اقسنقر
أيها السيد الرئيس المحامي عن سربه والذي قصر إلا في المعالي رب ناء بجسمه وهو دان بقلبه وغريب إذا نسبت وأمير على دمشق مطاع في صحبه وله بالعراق إخوان من حزبه إلى آخر المكاتبة
الأسلوب السادس
أن تفتتح المكاتبة بلفظ أنا كما كتب الصابي عن نفسه إلى الاثير أبي الحسن يهنئه بعيد

أنا أطال الله بقاء سيدنا الاستاذ الأثير أحاول الخدمة له والقربة منه منذ وصلت إلى العسكر المنصور فيعترض دون ذلك عوارض يجري بها المقدور إلى الحين الموقت المسطور وقد علم مني وشهر عني كذا وكذا إلى آخر الكتاب

الاسلوب السابع
أن تفتتح المكاتبة بلفظ صدرت أو اصدرت كما كتب صاحب ديوان الإنشاء في زمن المسترشد عن نفسه إلى أبي الفرج سعد بن محمد تشوقا
صدرت هذه الجملة إلى فلان ولواعج الأشواق إليه متضاعفة مترادفة واستمرار الصبر على البعد عنه قد رث قواه ووهن عراه وأعوزنا وجد أنه إذ عنت ذكراه وإن كان ذكره سمير الخاطر وتجاه الناظر والغريم الملازم الذي يستحق غالبه اللبيب الحازم إلى آخر الكتاب
المهيع الثاني في الأجوبة على هذا المصطلح وهي على ضربين
الضرب الأول
أن يفتتح الجواب بما يفتتح به الابتداء ثم يقع التعرض بعد ذلك لوصول الكتاب والجواب عنه إما ملاصقا لأول الابتداء وإما بعد كلام طويل
فأما ما هو متصل بأول الابتداء فكما كتب الصابي
كتابي ووصل كتاب مولاي وفهمته وجل عندي قدره وموقعه وسكنت إلى ما دل عليه من سلامته وسألت الله أن يسبغ عليه ظلها ويمليه نعمه كلها فأما ما ذكره من كذا وكذا إلى آخر الكتاب
وأما ما هو بعد كلام طويل فكما كتب الصابي ايضا عن نفسه إلى الصاحب

ابن عباد
كتابي أطال الله بقاء مولانا الصاحب الجليل كافي الكفاة وليس من جارحة إلا ناطقة بشكره وحمده ولا في الدهر جراحة إلا عافية بفضله ورفده وأنا مستمر له على دعاء إن خلوت من أن يكون عائدا لصلاحي ورائشا لجناحي لألتزمنه عن الأحرار العائشين في نداه المستظلين بذراه فكيف وأنا أول ساهر في مرابعة ووارد لشرائعه وأحوالي جارية على استقامة أقوى أسبابها تصرف الأيام على آرائه واتباعها إيثاره في أوليائه وأعدائه والحمد لله رب العالمين قضاء لحقه واقتضاء لمزيده واستدامة للنعمة عنده التي استحصفت في أيدينا سعتها وسالت علينا شعابها وغمرتنا سجالها وتفيأت لنا ظلالها وما يزال بين رغبة مولانا الصاحب الجليل كافي الكفاة أدام الله علوه وكبت عدوه في عبده ورغبة عبده إليه سر مكنون في الصدور ومستور تحت الضلوع فهما يتناجيان به على بعد الدار ويلتقيان عليه بالافكار فإن تطلع من حجاب القلوب وشذ من ظهور الغيوب فإن ظهوره يكون من جهته في نفحات الإنعام ومن جهتي في ثمرات الكلام وقد وصل كتابه المخطوط بكرمه لا بقلمه إلى صنيعته الماثل بين يديه بهممه لا بقدمه فلم يستطع ان ينهض من الفكر إلا بقدر ما يبريء ساحته من الكفر ويبلغه إلى آخر الاجتهاد والعذر وأسأل الله أن يطيل بقاءه للإفضال المأخوذ منه والفضل المأخوذ عنه والعلم الذي يزخر به بحره والفخر الذي يسحب له ذيله والعز الذي ضرب عليه رواقه والسلطان الذي ألقي إليه استحقاقه والأمر والنهي اللذين يحويهما تراثا واكتسابا إذا حواهما غيره غلولا واغتصابا بمنه وطوله وقد كان كذا وكذا

الضرب الثاني
أن يفتتح الجواب بلفظ ورد أو وصل ونحوهما
كما كتب الصابي عن الوزير ابي عبد الله بن سعدان في جواب كتاب ورد عليه وصل كتابك أطال الله بقاءك وفهمته وأدى فلان ما تحمله عنك ووعيته وأزددت به بصيرة في سدادك ومعرفتك وفضلك وحصافتك واجتماع الأدوات الجميلة فيك الداعية إلى إعلاء محلك وحميد حالك والثقة بك والاستنامة إليك وأنهيت ذلك إلى الملك فلان فأصغى إليه مستمعا وأوجب لك به حقا متضاعفا وأمرني بكذا وكذا إلى آخر مراده
وكما كتب أبو الفرج الببغاء في جواب كتاب
ورد كتابك مشافها من البر ومؤديا من الفضل ومتحملا من المنن ما تجاوز الإنصاف إلى الإسراف وقرن الإكرام بالإنعام ولم أدر أي المنح به أشكر ولا بأي العوارف له أعترف أبما تحمله من جميل نيته أم ما أدى من جليل مخاطبته أم ما ناجتني به فوائد ملاطفته أم ما اعتمدني من حلاوة مفاوضته إلى غير ذلك من الوصول إلى النعمة التي لا أطاولها بشكر ولا أقاومها بمنة اعتداد وهو ابتداؤه إياي من المكاتبة بما أحرز به على عادته قصب السبق وزاد على الرغبة مبرهنا وبصادق الود مخبرا وإلى البسط دليلا وعلى مستأنف الخدمة بالمواصلة باعثا ووجدته ايده الله قد فعل كذا وكذا
المهيع الثالث في خواتم الإخوانيات على هذا المصطلح
وأعلم أنه لم يكن لهم ضابط للاختتامات ولا ما يقتضي ملازمة اختتام معين لصدر معين بل ذلك موكول إلى رأي الكاتب لا يراعي فيه غير علو الرتبة

وهبوطها حيث تفاوتتب رتب الاختتامات عندهم
ثم الاختتامات لديهم على أنواع شتى
منها الاختتام باستماحة الرأي وهو على مراتب أعلاها ولمولانا علو الرأي في ذلك كما كتب الصابي في خاتمة كتاب ولمولانا علو الرأي في تشريف خادمه بالقبول والتقدم بإعلامه بالوصول واستخدامه بما يتعلق بآرابه وأوطاره ومن نظائر ذلك وأشكاله إن شاء الله تعالى
ودون ذلك الاختتام بلفظ فإن رأى كذا وكذا فعل كما كتب الصابي في خاتمة كتاب بشارة بفتح فإن رأي سيدي أن يعرفني موقع هذه البشرى منه ومقابلتها بالشكر الواجب عليها ويتقدم بإشاعتها في نواحيه وأعماله ليكبت الله به عدوه وعدونا ويكاتبني بما أتطلعه من احواله وأخباره واتعمد إسعافه به من مآربه وأوطاره فإني أعتده شريكا لنا مساهما وخليطا مفاوضا فعل إن شاء الله تعالى
ودونه فرأيك في كذا وكذا كما كتب أبو الفرج الببغاء في خاتمة كتاب في الحث على مواصلة الكتب فرأيك في إيناسنا بكتبك متضمنة نؤثره من انبساطك ونعلمه من أخبارك موفقا إن شاء الله تعالى
وقد تقدم في الكلام على أصول المكاتبات لأي معنى كان فرأيك دون فإن رأيت
وذكر ابن حاجب النعمان أن أعلى المراتب وللآراء العالية فضل السمو ومزيد القدرة ودونه ولرأي المجلس الفلاني فضله وسموه ودونه ولرأي الحضرة الفلانية فضله ودونه ورأي حضرة مولانا أسمى ودونه ورأي حضرة مولاي العالي ودونه ورأيه موفقا ودونه ورأيه السديد ودونه ورأيه الأرشد

ودونه والموثر كذا ودونه فأحب أن يفعل كذا ودونه ويجب أن يفعل كذا ودونه فافعل كذا من غير مخالفة ودونه وأحذر المخالفة
ومنها الاختتام بالدعاء كما كتب الصابي خاتمة كتاب وأسأل الله أن يطيل بقاءه ويصل إخاءه ويحفظه بعيدا وقريبا ويرعاه غائبا وحاضرا
ومنها الاختتام بطلب مواصلة الكتب كما كتب الصابي في خاتمة كتاب وأنا أسأله أن يواصلني بكتبه مضمنة أخباره الطيبة وأمره الممتثل وأوطاره ومهماته معتمدا بذلك إن شاء الله تعالى
ومنها الاختتام بترك التكليف بالمكاتبة في غير الضروري كما كتب الصابي في آخر مكاتبة وما أطالب سيدي بالمكاتبة إلا عند الحاجة العارضة فإنه يفيدني بها جميلا أشكره ويستفيد مني سعيا يحمده فأما ما عدا ذلك مما يشغل أوقات راحته ويسد فرج خلوته فإنني أستعفي منها استعفاء المتقرب إليه المؤثر لما خف عليه وله فيما سألت فضل النظر فيه والإسعاف به إن شاء الله تعالى
ومنها الاختتام بالتحذير من المخالفة كما كتب الصابي في خاتمة الكتاب إلى جماعة بتحصيل قوم وليكتب كل واحد منهم بخبر من عسى أن يظفر به من هؤلاء أو يقف على موضعه أو ينتهي إليه شيء من خبره وليحذر من التقصير في ذلك إلى غير ذلك من الاختتامات التي لا تحصى كثرة
وقد ذهب كثير من الكتاب إلى عدم تفضيل بعض الاختتامات على بعض على أن ابن حاجب النعمان قد قال في ذخيرة الكتاب إن أعلى ذلك بالنسبة إلى المكتوب إليه وللآراء الفلانية فضل السمو ومزيد القدرة ودونه ولرأي المجلس الفلاني فضله وسموه ودونه ولرأي الحضرة الفلانية فضله

ودونه ورأي حضرة سيدنا أسمى ودونه ورأي حضرة مولاي العالي ودونه ورأية موفقا ودونه ورأيه السديد ودونه ورأيه الأرشد ودونه والموثر كذا ودونه فأحب كذا ودونه ويجب أن يفعل كذا ودونه وسبيله أن يعتمد كذا ودونه فافعل كذا ودونه ودونه فافعل كذا من غير مخالفة ودونه وآحذر المخالفة

المهيع الرابع في عنوانات الكتب على هذا المصطلح وفيها أربعة أحوال
الحالة الأولى أن يكون العنوان من الرئيس إلى المرؤوس قد ذكر في صناعة الكتاب أن العنوانات من الوزير والقاضي وغيرهما من الرؤساء على تسع مراتب
الأولى أن يكتب في الجانب الأيمن لأبي فلان أطال الله بقاءه وأعزه وفي الجانب الأيسر من فلان بن فلان باسم الوزير واسم أبيه إن لم يكنه الإمام فإن كناه كتب من أبي فلان والقاضي في معنى ذلك
الثانية أن يكتب في الجانب الأيمن لأبي فلان أطال الله بقاءه فقط ويكتب الاسم ولا يكتب وأعزه
الثالثة أن يكتب في الدعاء للمكتوب إليه أدام الله عزه
الرابعة أن يكتب أعزه الله
الخامسة أن يكتب أكرمه الله وأدام كرامته
السادسة أن يكتب أكرمه الله وفي ذلك يكتب اسم الوزير في الجانب الايسر

السابعة أن يكتب أبقاه الله ولا يذكر اسم الوزير في هذه المرتبة وما بعدها
الثامنة أن يكتب حفظه الله ولا يكتب اسم الوزير
التاسعة أن يكتب عافاه الله وعلى نحو ذلك جرى ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب فقال إنه يبدأ في الجانب الأيمن بذكر المكتوب إليه ونعوته وكنيته واسمه واسم أبيه ونسبه المشهور من ناحيته أو قبيلته أو بلده ثم يذكر المكتوب عنه في الجانب الأيسر باسمه واسم أبيه فإن كان الكتاب عن الوزير ذكر كنيته في الجانب الأيسر إن كان الإمام أمره أن يكاتب متكنيا أو متلقبا
وقد سبق في الكلام على أصول المكاتبات في أول الباب الثاني من هذه المقالة أن من السلف من كره لأبي فلان وقال الصواب أن يكتب إلى أبي فلان قال في صناعة الكتاب ويكتب لأبي الحسن فإن أعدت الكنية في الناحية الأخرى رفعت فقلت أبو الحسن علي بن فلان على المبتدإ والخبر أو على إضمار مبتدإ وإن شئت خفضت على البدل فإن لم تعد الكنية كان الخفض أحسن فقلت لأبي الحسن ثم قال وإن كتبت إلى رجلين كنية كل منهما أبو الحسن كتبت لأبوي الحسن إذا لم يكن لهما ولد يقال له الحسن فإن كان لكل منهما ولد يقال له الحسن جاز أن يكتب لأبوي الحسنين قال والاختيار أن يكتب لأبوي الحسن أيضا لأن المعنى للذين يقال لكل واحد منهما أبو الحسن ويجوز أن يكتب إلى الرجلين اللذين يكنيان بأبي الحسن لأبي الحسن بفتح الباء وكسر الياء على لغة من قال جاءني أبك والأصل فيه لأبين الحسن سقطت النون للإضافة ويكتب في الجميع لأبي الحسن بكسر الباء الأصل لأبين بكسرها أيضا سقطت النون للإضافة على لغة من قال جاءني أبوك يعني بضم الواو

ويجوز أن يكتب لرجل كنيته أبو الحسن لأبا الحسن على لغة القصر كما يقال لفتى الحسن
قال في ذخيرة الكتاب وإن كان الكتاب إلى اثنين وكنايتهما مختلفة كأبي جعفر وأبي منصور وأبي بكر كتبت آباء جعفر ومنصور وبكر وإن كانت كنايتهم متفقة مثل أن تكون كنية كل منهم أبو جعفر كتبت آباء جعفر
الحالة الثانية أن يكون العنوان من المرؤوس إلى الرئيس قد ذكر النحاس عن الفضل بن سهل أنه إذا خوطب الكفء بجعلني الله فداءك بالصدر الكامل فأحسن دعائه للعنوان أعزه الله وأطال بقاءه وذكر أنه إذا كوتب بأعزه الله فأجمل العنوان مد الله في عمره قال في صناعة الكتاب ولا يتكنى الرجل في كتبه إلا أن تكون كنيته أشهر من اسمه فيتكنى على نظيره ويتسمى لمن فوقه ثم يلحق المعروف أبا فلان أو المعروف بأبي فلان قال ويكتب من أخيه إن كانت الحال بينهما توجب ذلك
الحالة الثالثة أن يكون العنوان من الرجل إلى ابنه ومن في معناه قد ذكر النحاس أنه يعنون إليه من فلان بن فلان إلى فلان بن فلان ثم قال وكذا كبير الإخوة والرجل إلى أهل بيته
الحالة الرابعة أن يكون المكتوب إليه امرأة قال في صناعة الكتاب إن كان المكتوب إليه أم الخليفة كتب للسيدة أم فلان أمير المؤمنين وإن كانت امرأة الخليفة وكان ابنها معهودا اليه بالخلافة كتب للسيدة أم فلان ولي عهد المسلمين وإن كانت امرأة رجل جليل كتب للحرة أم فلان ولا يكتب اسمها ويدعو لها بالدعاء الذي يكون خطابها به

هذا ما كان الحال عليه في زمن النحاس في خلافة الراضي وما حولها
وقد ذكر ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب أن الحال تغير عن ذلك عند تغير المكاتبات إلى المجلس العالي والحضرة السامية وما يجري مجرى ذلك ثم قال فعلى هذا إذا كتب إلى المكتوب إليه بالمجلس العالي أو السامي ونعوته فيجب أن يكني عن نفسه بالمملوك أو مملوكه أو العبد أو الخادم وإذا كتب الحضرة السامية أو العالية ونعوتها فيجب أن يكني عن نفسه الخادم أو خادمها أو عبدها وإذا كتب حضرة سيدنا ونعوتها فيجب أن يكنى عن نفسه خادمها أو خادمه وعبدها أو عبده وإذا كتب حضرة مولانا ونعوته فيجوز أن يكني عن نفسه ما شاء من ذلك قال وفي الكتابة إلى النظير لا ضابط لعنوانه كما لا ضابط لمكاتبته بل له أن يكني عن نفسه بما شاء مما تقدم ذكره
ثم قال وإن كانت المكاتبة من الرئيس إلى المرؤوس فيجب أن يكني حضرة الفلاني بغير مولاي ودونه الفلاني بغير حضرة وكنيته ونعوته واسمه واسم أبيه ويكني عن نفسه ما يختار أن يكتبه الرئيس إلى المرؤوس مما هو معروف مشهور ويزيد في اسمه واسم أبيه ألفا ولاما إن كانا مما يجوز أن يزاد فيهما وإذا كتب المرؤوس إلى الرئيس وكنى عن نفسه بما كنى فيجب أن يحذف من اسمه واسم أبيه الألف واللام قال وللرئيس أن يكتب عن نفسه بما شاء من الكنايات التي تليق بمنصبه واسمه واسم أبيه ونعته المقترن بأمير المؤمنين مثل ناصر أمير المؤمنين وحسام أمير المؤمنين وما أشبه ذلك

المقصد الثاني في رسوم إخوانيات أهل المغرب
وعادتهم فيها أن يكون الخطاب فيها خطاب المواجهة مثل أنت وأنا ولك وعندي وعندك وربما خاطبوا الواحد بميم الجمع تعظيما للمكتوب إليه كما يعبر عن المتكلم الواحد بنون الجمع تعظيما له قال ابن شيث في

معالم الكتابة ولا يعرف ذلك لغيرهم وربما وقع الخطاب عندهم على الغيبة أيضا وفيه جملتان

الجملة الأولى في مفتتحات المكاتبات على اصطلاحهم وفيها مهيعان
المهيع الأول في ابتداء المكاتبات وهي على طرق
منها أن تفتتح المكاتبة بالدعاء إما بطول البقاء كما كتب عبد الله بن طاهر أطال الله بقاء سيدي الأعلى ومفزعي في الجلى متممة عليه النعم ميسرة لديه الهمم أقول بدءا أيدك الله لقد أعشى الناظرين سناك كما أعيا الطالبين مسعاك ولئن فت الجميع لقد أبدعت الصنيع فلا غاية لمجد إلا وأنت آتيها لا ذروة لعز إلا ومن ظباك بانيها لك الهدى والناس ضلال وفي يديك الضوء والكل أغفال وإن الأمر كذا وكذا
وكما كتب أبو المطرف بن عميرة أطال الله بقاء الاخ السري الكريم الحري بالتقديم والتغظيم أوحد فرسان الإحسان وواحد عقبان البيان ولا زال قلمه جالي بدائع السحر جالب بضائع الشحر مغبوط السبق عند كلال جياد

الكلام مبسوط الرزق في حال إملاق الأقلام إن ذكرت أبقاك الله البلاغة فمن على موردها يساجلك أو قيل في شريعتها بنيت على خمس فإنما هي أناملك صفوها متفجر من معينك وشاؤها لا مطمع فيه لغير يمينك وشأوها تستوفيه في هيئة متمهل وجناها ترعاه بعزة أخي مهلهل فقد صرت أمام أمتها لا بل إمام أئمتها والراضع لرسلهابل الواضع لأصلها فهنيئا لها أن كنت سابق غايتها وسائق رايتها وبشرى لمهرق وشته يراعتك ومشته براعتك لقد أوتي من الحسن ما تشتريه القلوب بحباتها وتشتهيه النفوس أكثر من حياتها وإن الأمر كذا وكذا
وإما بالبقاء المجرد
كما كتب أبو محمد بن عبد البر إلى بعض ارباب الأقلام
أبقى الله الشيخ في عزة تالدة طارفة وسعادة لا تزال طارقة بكل عارفة ولا زال قاصده مخيما من رفده بروض ناضر ومحوما من مجده على مسرة سمع وقرة ناظر والأمر كذا وكذا
وإما بالدعاء للحضرة
كما كتب أبو زيد الفازازي
أبقى الله حضرة السيد ناضرة أدواح السعد عاطرة أفواح المجد ساكبة أنواع الجد صائبة سهام الجد ولا زالت مغشية الجناب بوفد الحمد موشية

الإهاب بسودد الحفد الظل إذا رحب ازدحم عليه الضاحون والورد إذ عذب ازدلف إليه الممتاحون وظل الحضرة المكرمة كثيف الأفياء ووردها مغن عن وسائط الأرشية والدلاء فلا غرو أن تضرب إليها أكباد الإبل وتغص بالوفود عليها أفواه السبل والله تعالى يعين الحضرة المكرمة على الايادي تسوغها والآمال تبلغها بمنه وإن الأمر كذا وكذا
وإما بالدعاء للمحل
كما كتب أبو المطرف بن عميرة في صدر شفاعة
ابقى الله المحل الأعلى حرما يتحاماه الأنام وعلما تتضاءل له الأعلام ولا زالت آراؤه الناجحة تستمدها العقول والأفهام ومساعيه الصالحة يشكرها الله والاسلام إن مجدا سامى الكواكب بمثواه وسارى الغر السواكب في جدواه لداع إلى استلام كفه العلية والاستهام على وصفه الذي له حقيقة الأولية وكيف لا وقد أجار من الدهر المخيف وصار قبلة كل داخل تحت التكليف يعيد متى أخطأها صلاة الأمل ويرى الاجتهاد في طلبها من راحة العمل وإن الأمر كذا وكذا إلى غير ذلك من أنواع الدعاء
ومنها أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتابي كما كتب أبو المطرف بن عميرة إلى بعض العلماء
كتابي إلى سيدي حفظه الله مقيما وسائرا وأبقاه لغرر البيان ساحرا وعن وجه الإحسان سافرا ولا زالت آدابه تشرق وتروق ساهرا ومحاسنه كالشمس إذا لم يلق نورها ساترا من فلانة والود روضة مطلولة ورحم موصولة خلص من القلب إلى حبته واختص منه بما ليس لأحد من أحبته وأثار شوقا على قدره وهوى ثوى في صدره وأسفا على عهد أصبو إلى ذكره فات ورد الفائت يعسر وقصر وأيام السرور تقصر كأنما كان قراءة سطر أو إغفاءة فجر أو زيارة مجتاز أو عبارة ذي إيجاز فمن لنا بذلك الأرج الذكي والأريحي يرتاح لما يخترع أو يحكي ومتى نفوز بمن ينحت من صخر ويزري بأبي صخر ويغرف

من بحر ويجري مع أبي بحر ويجمع إسناده بين الجامع والمسند وينشد من بدائع حفظه ما يؤثر يد المسند شجرة علم تؤتى كل حين أكلها ومزنة فضل تجود ما نخشى بخلها وضالة أدب يقل لها أن يجعل القارت جعلها فات عنا فأتعب وعنى فهل معين على دواء إن نحن لسعنا أو سبيل إلى ما يفيدنا من الكلام فنحن في حروف تجيء بغير معنى وإن الأمر كذا وكذا
ومنها أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتبت
كما كتب أبو زيد الفازازي
كتبت كتب الله للأخ الأبر الأوفى والفاضل الذي آثار مآثره لا تخفى مجدا هامي الربابة سامي الرابة وذاكرا منتحلا بالإطالة والاطابة وقرن أعماله بالقبول ودعواته بالاستجابة من مكان كذا ولا جديد بيمن الله تعالى إلا صنعه الجميل ولطفه العريض الطويل والحمد لله رب العالمين حمدا يؤمن آلاءه من التغيير والتبديل والأمر على كذا وكذا
ومنها أن تفتتح المكاتبة بكناية عن المكتوب إليه من لقب ونحوه كما كتب أبو المطرف بن عميرة لبعض الرؤساء
الجناب الرياسي أدام الله اعتلاءه وحرس مجده وسناءه
صدرت هذه الخدمة إليه من فلانة ولا مزيد على ما يجب لجلاله من التعظيم ولفضله من التقديم ولآلائه من الشكر العميم وإن الأمر كذا وكذا
وكما كتب أبو بكر بن عيسى شافعا في أنصاري

السيد العماد والماجد الجواد والملجأ المنيع المريع لمن يرتاع أو يرتاد أدام الله علاءه وضاعف عنده آلاءه بدر الجملة الشريفة وفرع الدوحة المنيفة من آل قيس الجود وقيل بني قيلة الباذلين الموجود أولئك الذين عز المهاجرون بإخائهم وسخائهم فلا غرو أن تكلف الألسنة بمدحه وتمد الأيدي إلى منحه ويصدر باسمه تاريخ الاجداد فهو أحق مفتتحه والأمر كذا وكذا
وكما كتب أبو المطرف بن عميرة عن الأمير أبي جميل زيان إلى الامير أبي زكريا بن إسحاق
الامير الأجل الهمام الأعلى حرس الله مقامه وأسعد ايامه وظاهر بالنصرة مضاءه واعتزامه راسخ شرف النجار ثابت أصل الفخار مستهل آلاء السحب الغزار والعيون إليه سامية والهمم إلى ما لديه مترامية والصدور بالأمل فيه تشرح والنفوس الحرة إلى استرقاقه تطمح ولا غرو والكرم من بعض شيمه والغنى من فضل ديمه أن يسيير إليه في البر والبحر كل ذي رغبة وتترامى نحوه ركائب الرجاء من كل تربة ومخاطبتنا هذه إلى مجلسه أيده الله عما نعلمه من كبير قدره ونوجبه لعالي أمره ونبيح به من طيب خبره وجميل ذكره والأمر كذا وكذا

وكما كتب أبو الحسن بن شلبون
العماد المذخر والملاذ الذي بولائه أفخر جعل الله قدره عاليا ودهره بمحاسنه حاليا ولا زال للنعم قابلا وللأ سواء قاليا كتبت من مكان كذا والود حلية يتألق رونقها وشجرة لا يسقط ورقها وإنها مغروسة لا تقبل بذر العوادي ومحروسة لا يقع عليها من يقع في شجر الوادي والأمر كذا وكذا
وكما كتب أبو المطرف بن عميرة إلى بعض الفقهاء شافعا موصيا
المحل الأعلى ضاعف الله أنوار هدايته وأبقى على الجمع آثار عنايته مستودع الكمال ومشرع الآمال ومقعد أرباب السؤال ومصعد الصالح من الأعمال وإن فلانا من أمره كذا وكذا
وكما كتب ابن أبي الخصال
الشيخ الأجل أدام الله عزه ونعماه ووصل رفعته وعلاه بتقواه مجل قدركم وملتزم بركم وشكركم العارف بحقكم فلان فكتب يعظمكم كتب الله لكم خيرا مستمرا ورضا على ما ترضونه ثابتا مستقرا من مكان كذا على الرسم الملتزم من توفير علائك والشكر لآلائك والرب تعالى ينهض بحقكم اللازم الألزم ويصل حراسة مجدكم الأتلد الأقدم بمنه وفضله وإن الأمر كذا وكذا
وأعلم أنه ربما أتي بعد ذكر النعوت بالسلام ثم بحمد الله تعالى والصلاة

على النبي وعلى آله ثم الرضا عن الخلفاء الماضين والخليفة القائم وعلى ذلك كانت طريقة كتاب دولة الموحدين أتباع المهدي بن تومرت كما كتب أبو محمد بن عبد البر
الشيخ الأجل أدام الله عزته ووصل كرامته ورفعته مجل قدره وملتزم بره وشكره المسرور بما يجريه إحسانه من طيب ذكره
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد حمد الله العظيم والصلاة على سيدنا محمد رسوله الكريم وعلى آله والرضا عن الإمام المعصوم مهديه وعن خلفائه الأئمة الراشدين والدعاء لسيدنا الخليفة الإمام أمير المؤمنين أبن الأئمة الخلفاء أمراء المؤمنين بالنصر الأعز والفتح الأتم الأوفى فكتب كتب الله لكم مجدا لا يهي شرفه وسعدا لا يني طرفه من فلانة حرسها الله ولا ناشيء عن الله تعالى وعميم لطفه إلا الخير الأكمل والصنع الأجمل والحمد لله رب العالمين كثيرا وإن الأمر كذا وكذا
قلت وعلى هذه الطريقة كانت كتابة أبي عبد الله بن الخطيب كاتب ابن الأحمر بالأندلس على القرب من زماننا
ومنها أن تفتتح المكاتبة بالخطاب إما مع حذف ياء النسب أو مع إثباتها أما مع حذفها فكما كتب أبو المطرف بن المثنى

سيدي ومفخري وعصمتي ووزري وركني وعمادي وذخيرتي وعتادي أبقاك الله ناهجا سبل المكارم والمعالي موقى حوادث الأيام والليالي كتبي أعزك الله عن عهد حسن لك قد أحكمت معاقده وود محض فيك قد صفت موارده ونفس ترتاح لذكراك ولسان لاه بين محاسنك وعلاك قد انفسح في نشر فضائلك ميدانها وفاق في وصف فواضلك بيانها فهي تنظم عقود مجدك على أجياد شكرك وتحوك من برود تقريظك وثنائك خلعا لمجدك وسنائك وشيها الذكر الخطير وطرازها الترفيع والتوقير تكسر عصب عدن وتعفي على وشي اليمن وتطلع من رياض أخلاقك في منابت أعراقك ما يزري بنسيم المسك تضوع عرفه وانتشاره ويربي على حسن النجوم الزاهرة طوالع أزهاره وأنواره وأخلق بمن جمع الله العالم فيه وحرس معاهد البر بكريم مساعيه أن لا تعزى خلة نبيلة إلا إليه ولا تقصر منقبة جليلة إلا عليه ولا تؤثر مأثرة نفيسة إلا عنه ولا تقتبس سيرة جميلة إلا منه والله تقدس اسمه يحمي هذه الأوصاف البديعة والخلال الرفيعة من طوارق الدهر ونوازل الغير ويجعل عليها يده ويصرف عنها معرة كل خطب وشدة بحوله وطوله ويكون الأمر كذا وكذا
وأما مع إثبات ياء النسب فكما كتب أبو المطرف بن الدباغ إلى بعض الأدباء عند وروده إلى بلاده
يا مولاي وسيدي العظيم شأنه وأمره العالي صيته وذكره ومن أبقاه الله في عز لا تنفصم عراه وحرز لا يستباح حماه لم أزل أبقى الله سيدي ومولاي تسمو بي إلى الكتابة همة وتترامى بي إلى البلاغة عزمة حتى تذللت لي صعابها فامتطيت وتسهلت لي حزونها فارتقيت ولما رفعت لي عن غرائبها

الأستار وعلمت من غوامضها الأسرار وفزت بالمعلى من سهامها والموفور من أقسامها جعلت بأي أئمتها أأتم وأهتدي وإلى أي رؤسائها أنتسب وأعتزي ناظرا في ذلك إلى شائع الأخبار ومتداول الآثار فوجدت الألسنة إذا تناولت صفة سواه تحلت بعض حلاه أو أرقته إلى رتبة من العلياء تمثلت به في الرفعة والسناء ثم تفرده أعزه الله دونها بالفهم المتين والعلم المشهور والحلم المتعارف والفضل المتواصف والرتبة السامية والجلالة المتناهية فكلما رأيت محاسن مجده تجلى وسور فضله تتلى هممت أن أطير إلى حضرته بجناح الارتياح وأركب إلى أفقه نوره الله أعناق الرياح والأيام تقطعني بمصائبها وتقيدني بأحداثها وبحوائبها حتى قضى الله أن يرد هذا الأفق فأفرخ الأمل بغير نصب وأنال البغية بغير طلب طويل
( وليس الذي يتبع الوبل رائدا ... كمن جاءه في داره رائد الوبل )
ومنها أن تفتتح المكاتبة بالتحية والسلام
كما كتب أبو المطرف بن عميرة
تخص الابن محبة ومقة والعباد اعتدادا بجانبه وثقة حفظ الله نجابته وجعل لداعي السيادة تلبيته وإجابته تحية الإجلال والتكرمة والمودة الخالصة المتحكمة ورحمة الله تعالى وبركاته من مكان كذا والود كلف والعهد بالصون من جميع جوانبه مكتنف وتلكم الذات السنية ذخيرة جليلة وأمل لا تخطيء منه مخيلة وهبة يكذب معها أن يقال الأيام بخيلة وكنا نظن أن

بناء الكرم صم صداه ومربع الفضل عاصب برداه وغائب عن الرشد أداه ونقول ما كل من أقعدته العيلة عميلة ومتى يفطن عمير عمر وبحيلة فكفا بكفاتها وهل سوى قيس لرحى العجوز عدمت جداتها حتى تمثل هذا المجاهد من طرفيه المستقبل آثار سلفيه حفظ الله الألفاظ والألسنة وحملة الأقلام والأسنة
وكما كتب أبو زيد الفازازي
السلام الكريم العميم على الشيخ الذي أثبت على وده فلا أتحول وأطنب في حمده فلا أستعير ولا أتأول وأتعلل بذكره عند عدم مرآته ولأمر ما أتعلل فلان أدام الله رفعته وحرس من الأسواء مهجته كتب أخوكم البر بكم الشيق إليكم الشاكر لمحاسنكم المسرور بما سمعه من صلاح أحوالكم فلان ولا جديد بمن الله تعالى إلا الخير والحمد لله كثيرا والأمر كذا وكذا

ومنها أن تفتتح المكاتبة بالكناية عن المكتوب عنه كما كتب ابن أبي الخصال إلى بعض الكتاب يسأله حاجة
معظم الشيخ الأجل أبي فلان ومجله المكبر له فلان أعلى الله قدركم وأوزع أولياءكم شكركم أياديكم أدام الله كرامتكم أوكف من الغمام ونعمكم ألزم للأعناق من أطواق الحمام وإن وليكم ومعظمكم يحتاج إلى كذا وكذا
ومنها أن تفتتح المكاتبة بلفظ من فلان
كما كتب بعضهم من فلان إلى الشيخ الحافظ الأكرم أبي فلان أدام الله كرامته بتقواه فالكتاب إليكم كتب الله لكم أحوالا صالحة وخيرات عليكم غادية رائحة من موضع كذا والبركات متوافرة والخيرات متظاهرة والحمد لله تعالى وإن الأمر كذا وكذا
ومنها أن تفتتح المكاتبة بلفظ إلى فلان
كما كتب بعضهم إلى والده
إلى مولاي المعظم وأبي المتكفل بتعليمي وحسن أدبي أبقاه الله ناظرا إلي بعين رضاه وأعانني على الجري في بره على حكم الشرع القويم ومقتضاه من ابنك المعظم لك بل عبدك المتطلع إلى ما يصل من الأنباء الكريمة من عندك المواصل المسعى في شكرك وحمدك فلان بأبي كتبته كتب الله لكم ليانا من العيش وخفضا وجمع بعد الافتراق بعضا منا وبعضا ويسر لي بطوله ومنته أن يصفح عني وأن يرضى من موضع كذا ولا جديد إلا نعم من الله عز و جل تراوح وتغادي وتجري الخواتم منها على حكم المبادي وشوق إليكم يعمر أحناء ضلوعي وفؤادي ويحسم عني قطيعي دمعي الهتون وسهادي والله جل وعز ييسر انقضاب غربة النوى ويريح النفوس من محرق اللوعة ولا عج الجوى والأمر كذا وكذا

المهيع الثاني في الأجوبة وهي على ما تقدم في أجوبة المشارقة من أنها على
ضربين
الضرب الاول أن يفتتح الجواب بما بفتتح به الابتداء ثم يقع التعرض إلى
وصول الكتاب وذكر الجواب عنه
كما كتب أبو عمرو الباجي
وعدك الكريم أدام الله عزك دين وقضاؤه شرف وزين ومثلك من تحلى بمحاسن الشيم وزاحم في السيادة بالمنكب العمم وحفظ العهد لما أضيع واشترى المجد بما بيع والتزم للوفاء شرطا لا يفسخ ورآه شرعا لا ينسخ ووصل كتابك العزيز في معنى كذا وكذا
الضرب الثاني أن يفتتح الجواب بورود الكتاب ووصوله ابتداء
كما كتب أبن أبي الخصال
ورد كتابك في أمر فلان يفرض الحمل عليه في النفوذ لوجهته والتقدم إلى رتبته وليس عندي إلا عون وإنجاد وطاعة وانقياد غير أن في الأمر كذا وكذا
الجملة الثانية في خواتم المكاتبات على اصطلاحهم وهي على أساليب
منها أن يختم الكتاب بالسلام المجرد عن الدعاء

كما كتب أبو عمرو الباجي في خاتمة كتاب
وأقرأ عليك سيدي وأسنى عددي أجزل السلام وأحفله وأتمه وأكمله
ومنها أن يختم بالدعاء
كما كتب أبو المطرف بن الدباغ في خاتمة كتاب
والله لا يخلي مولاي من عبد يسترقه ومنعم نعيم عليه بما يستحقه وجميل يوليه وصنع يسديه بمنه وجميل صنعه
ومنها أن يختم بذكر التودد والمحبة
كما كتب أبو جعفر الكاتب في آخر كتاب
وإن لم يكن لي من الحق ما لا أتبسط به عليه فلي من الود ما أمت به إليه فحسبي به سلما إلى فضلك وذريعة إلى مجدك إن شاء الله تعالى والسلام
ومنها أن يختم باستماحة النظر في أمر المكتوب عنه
كما كتب أبو المطرف بن المثنى في خاتمة كتاب
ولك الطول العام والفضل الزاهر في اعتبار أمري وتحقيق خبري والسلام
إلى غير ذلك من الخواتم التي تستدعيها المكاتبة وتستوجبها المقاصد وفيما ذكر من الصدور والخواتم ابتداء وجوابا مقنع لمن تأمل والله المستعان في الأمر كله

المقصد الثالث في الإخوانيات المستعملة بالديار المصرية وفيه ثلاثة
مصطلحات
المصطلح الأول ما كان الأمر عليه في الدولة الطولونية وما قاربها مما جرى
عليه ابن عبد كان وغيره وفيه ثلاثة مهايع
المهيع الاول في الصدور وهي على ضربين
الضرب الأول الابتداءات ولهم فيه أساليب
الأسلوب الأول أن تفتتح المكاتبة بالدعاء وعليه غالب كتابتهم وهي على
أنماط
منها الدعاء بطول البقاء وما في معناه
كما كتب ابن عبد كان في صدر مكاتبة أطال الله بقاءك ففي إطالته حياة الأنام وأنس الأيام والليالي وأدام عزك ففي إدامته دوام الشرف ونحو المعالي وأتم نعمته عليك فإنها نعمة حلت محل الاستحقاق ونزلت منزلة الاستيجاب ووقفت على من لا تكره الآلاء مكانه ولا تنكر الفواضل محله
وكما كتب عمر الله بك الأزمنة والدهور وآنس ببقائك الأيام والشهور وأمتع بدوام عزك السعداء بحظهم منك

ومنها الدعاء بداوم النعمة
كما كتب أسبغ الله عليك نعمه الراهنة بنعمة المستظفر وصانها لديك بإيزاع الشكر عليها فلم أر ولله الحمد نعمة قصدت مستقرها وتوخت وليها وتمنت كفؤها إلا نعمتك أكسبت أولياءها عزا ونضرة وملأت أعداءها ذلة وغضاضة وتمكنت بمحل الصيانة والرعاية وخيمت بمستقر الشكر والحمد
ومنها اطراح الدعاء بدوام النعمة لتقييدها بموجباتها منها
كما كتب قد كفى الله عز و جل مؤونة الدعاء لنعمتك بالنماء لأنها توخت لديك محلها فحلت بفنائك سارة مطمئنة قارة تستوثر مهادها قبلك وتستهنيء مواردها عندك ولم تزل تائقة إليك متطلعة نحوك بما استجمع لها فيك من لطيف السياسة وحسن الاحتمال لأعباء المغارم فهنأكها الله متصلة البقاء بطول مدة بقائك ومتحلية بحسن فنائك فلا زلت لعوارف النعم مستدعيا وللشكر بالزيادة فيها ممتريا وبدوام الحمد لردفها مستمريا
ومنها الدعاء بجعلت فداك
كما كتب جعلني الله فداك فإن في ذلك شرفا في العاجل وذخر العقبى في الآجل وخير تراث لمخلفي من بعدي دعاء أخلصته النية وصدقته الطوية
ومنها استكراه الدعاء بالتفدية
كما كتب إن قلت في كتبي إليك جعلني الله فداك فأكون قد بخستك حظ إحسانك إلي وحق مفترضك علي لأنها نفس لا توازن ساعة من يومك ولا توازي طرفة من دهرك وإنما يفدى مثلك بالأنفس التي هي أنفس من الدنيا وأعرض من أقطار الارض
ومنها تفدية النعمة إعظاما لها
كما كتب جعلني الله فداء نعمتك التي علت ذروة سنامها وفاضت درة سمائها فعمرت أقطار الآملين ونضرت جناب ناحية المعتمدين
ومنها الدعاء بصلاح الدنيا وغبطة الآخرة

كما كتب أسعدك الله بعواقب قضائه وقدره ووهب لك الصلاح في دينك والسلامة في دنياك
ومنها الدعاء بكبت العدو
كما كتب مكن الله يدك من ناصية عدوك بالصولة عليه ومن زمام وليك بالإحسان إليه وبلغك من كلتا الحالتين ما ينمي على تأميلك ويوفي على تمنيك
ومنها الدعاء المشترك بين المكتوب عنه والمكتوب إليه
كما كتب أدام الله أنسي بحياتك وحرسني من الغير في نعمتك وأكرمني بصيانة أيامك ولياليك وأعزني بذل عدوك وقمع حاسديك
ومنها الدعاء بطيب الحياة
كما كتب عش أطيب الأعمار موقى من سوء الأقدار مبلغا نهاية الآمال مغبوطا في كل الأحوال لا ينقضي عنك حق عارفة حتى تجدد لك أخرى أجل منها ولا يمر بك يوم من الايام إلا كان مؤمنا على أمسه مقصرا عن فضلة غده
ومنها الدعاء باقتضاء العدل والإنصاف
كما كتب جعلك الله ممن ينظر بعين العدل وينطق بلسان القسط ويزن بقسطاس الحق ويكيل بمعيار الإنصاف
ومنها الدعاء بإنزاع الشكر
كما كتب وصل الله لك كل نعمة ينعمها عليك من الشكر بما يكون لحقها قاضيا وللمزيد إليها داعيا ومن الغير مؤمنا وللسلامة موجبا
ومنها الدعاء للحاج بالبلاغ

كما كتب أوطاك الله في مسيرك أوثر المطايا وخولك فيما نويته اسبغ العطايا وأوردك الهداية إلى كريم المشاهدة وزكي المواقف وأولادها بالزلفة المقبولة والقربة المأمولة
ومنها الدعاء للمسافر
كما كتب جعلك الله في حفظه وكنفه وأحاطك بحيطته وجعل سفرك ايمن سفر عليك ورجع لك بدرك الحاجة وبلوغ الأمل ونجح الطلبة ونيل السؤل
ومنها الدعاء بالعافية من المرض
كما كتب مسح الله ما بك وعاد بالبر عليك وعجل الشفاء لك ومحص بلواك
ومنها الدعاء للولاة
كما كتب أجرى الله بالخير يدك وصما بالعز طرفك واوطأ كل مكرمة قدمك وأطال إلى كل غاية هممك وبلغك أقصى محبتك
ومنها الدعاء في الاضحية بقبول النسك
كما كتب جعلك الله بقبول النسيكة والقربان فائزا بالأجر والرضوان مخلصا لله بالايمان في السر والاعلان مؤديا لما افترض عليك شاكرا لإحسانه إليك
ومنها الدعاء بالهناء في الأعياد
كما كتب عرفك الله في هذا العيد المبارك من السلامة وعمومها والعافية وشمولها والعارفة وسبوغها والحياطة وكمالها والحماية وجمالها أفضل ما عرفك في ماضي أعيادك وسالف أعوامك
ومنها الدعاء بدفع النوائب
كما كتب كان الله جارك من فجائع الدهر ونوبه وولي إنعام النعمة فيما آتاك من فضله وتطول عليك من حسن الحياطة لما تولاك والذب عما افادك

الأسلوب الثاني أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتابي أو كتبت
فأما كتابي فكما كتب ابن عبد كان كتابي إليك وأنا استعتب الأيام فيك وأصانع الزمان في تقريبك وربع الجوار الذي كنا نسكن تحت ظلاله ونتفيأ برونق جماله بأجل تحفة وأيسر ألفة وأعذب مشاهدة وأصدق مشافهة ولعل أن يرتاح فيشعب صدعا ويؤلف جمعا
وأما كتبت فكما كتب ابن عبد كان أيضا كتبت وأنا من حنين الصبابة إليك وإرزام الشوق نحوك وأليم التشويق إليك ولاعج اللوعة بك على ما أسأل الله أن يرحم ضعفي ويتصدق علي برؤيتك ويهب لي النظر إلى وجهك وجمال غرتك التي هي حليف الجذل ونزهة الأمل
الأسلوب الثالث أن تفتتح المكاتبة بالخطاب بأنا
كما كتب أنا من جملة صنائعك وحفظة ودائعك وشكرة إحسانك متى تصرفت في البلاد فأنا المعروف بمعروفك والعائش بجدواك وأنت منزع همتي وقرة عيني ومدار أملي ومحل رجائي
الضرب الثاني الأجوبة
وابتداؤها إما كما في الصدور الابتداآت كما تقدم ثم يقع التعرض لوصول الكتاب وإما بأن تصدر بوصوله وهو الأكثر
كما كتب ابن عبد كان وصل كتابك فدفع تباريح الشوق وقمع كآبة البين وأطفأ لهيب الحرقة وبرد حر الصبابة
وكما كتب وصل كتابك مشتملا من أنواع البر على ما يقصر في جنب أيسره أعظم الشكر

وكما كتب وصل كتابك المصدر بجواهر لفظك وبدائع معانيك ومحاسن نظمك مستودعا ما لا يقدر على حمده وشكره إلا بالاعتراف بالعجز عنه وما أشبه ذلك

المهيع الثاني في خواتم الكتب
وكان اختتام المكاتبات عند أهل هذا المصطلح على ما تقدم في مكاتبات أهل المشرق من استماحة الرأي إما بلفظ فإن رأيت
كما كتب ابن عبد كان فإن رأيت أن تأتي فيه مؤتنفا ما لم تزل تأتيه سلفا فعلت
وإما بلفظ فرأيك
كما كتب فرأيك فيه بما أنت أهله فإن الرأي الذي أنت أهله فوق ما يلتمسه المسرف في همته والمتبسط في أمنيته
وكما كتب فرأيك في ذلك بما تقضي به الحق وتصل به الذمام وتحفظ به الحرمة وتصدق به الأمل وتقتعد به الصنيعة وتستوجب به الشكر
المهيع الثالث في عنوانات الكتب
ومصطلحهم فيه على نحو ما تقدم في مكاتبات أهل المشرق من كتابة إلى فلان من فلان أو من فلان إلى فلان
فأما ما يكتب إلى فلان من فلان فكما كتب ابن عبد كان للسيد الذي استعبد الأحرار بفضله
وكما كتب لمن قربه يمن وسعادة ونأيه نكد ومحنة
وأما ما يكتب من فلان فكما كتب من صريع الشوق إليه وأسير الرقبة عليه

وكما كتب ممن لا يتمنى الخير إلا له إذ كان لا يناله إلا به

المصطلح الثاني من مصطلحات الديار المصرية ما كان عليه الحال في الدولة
الأيوبية مما جرى عليه القاضي الفاضل ومن بعده وهو على قسمين
القسم الأول الابتداء وليس لمصطلحهم ضابط في الابتداء ولا في الترتيب في الرفعة والضعة بل افتتاحاتهم في ذلك متباينة
فمن ذلك الافتتاح بالدعاء وهو أكثر ما يقع في مكاتباتهم والغالب في ذلك الدعاء للمجلس كما كتب القاضي الفاضل إلى العماد الأصفهاني أدام الله ايام المجلس التي لحسنات المدل مديلة ولعثرات المقل مقيلة ولمعاطف العز مميلة ولمقاطف الفوز منيلة ولقداح الجدوى مجيلة ولا زالت الآراب بمكارمه باجخة والآراء بمراسمه ناجحة ومتاجر المفاخر بموالاته رابحة وأيدي الآمال لأياديه بمصافاته مصافحة وأرواح أوليائه بروح آلائه في مواطاة أعطياته عابقة فائحة وأدعية الداعين لأيامن أيامه المذعنين لعهود إنعامه طيبة صالحة
ومن ذلك افتتاح العماد الأصفهاني في اعتذار تأخر المكاتبات إن تأخرت مكاتباتي فإن العذر معلوم والأجر محتوم والقلم مصدود واللقم مسدود والبلد محصور

إلى غير ذلك من اساليبهم المشهورة التي لا يسع استيعابها ولا حاجة إلى الإمعان في ذكرها
المصطلح الثالث من مصطلحات الديار المصرية في الإخوانيات ما جرى عليه الاصطلاح في الدولة التركية مما رتبه القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر والشيخ شهاب الدين محمود الحلبي والمقر الشهابي بن فضل الله ومن جرى مجراهم من فضلاء الكتاب إلى زماننا مما هو دائر بين أعيان المملكة وأكابر أهل الدولة من نواب السلطنة وسائر الأمراء والوزراء ومن في معناهم من أعيان الكتاب ومن نهج نهجهم من أرباب الوظائف
وفيه مهيعان

المهيع الأول في رتب المكاتبات المصطلح عليها
وقد اختلفت مقاصدهم في ترتيبها اختلافا متقاربا في الزيادة والنقص والتقديم والتأخير مع مراعاة أصول المراتب وها أنا أذكر ما أستقر عليه الحال من ذلك وأنبه على ما خالفه من ترتيبهم المتقدم الذكر لتحصل الإحاطة به ويعلم ما جرى عليه أهل كل عصر منهم مما لعل مختارا يختاره أو ينسج على منواله منبها على وهم من وهم في شيء من ذلك
واعلم أنهم قد بنوا هذا النوع من الإخوانيات على قاعدتين تتعين معرفتهما قبل الخوض في رتب المكاتبات
القاعدة الأولى فيما يتعلق بورق هذه المكاتبات
قد جرت العادة أن تكون جميع هذه المكاتبات من الأعلى إلى الأدنى ومن الأدنى إلى الأعلى ومن النظير إلى النظير في ورق قطع العادة دون ما فوقه من مقادير قطع الورق المتقدمة الذكر غير أن أعيان أهل الديار المصرية يكاتبون في الورق المصري وأعيان أهل الشأم يكاتبون في الورق الشامي لكثرة وجوده عندهم والمعنى في ذلك أن كتب السلطان الصادرة عنه إلى جميع أهل المملكة من النواب وغيرهم في هذا القطع فلا جائز أن تعلو مكاتبة أحد منهم على مكاتبة السلطان في ذلك
ثم قد اصطلحوا على أن يكون في أعلى المكاتبة عن كل أحد من أعيان الدولة قبل البسملة وصل واحد بياضا إذ كان أقل ما يجعل بياضا في كتب السلطان وصلين فاقتصروا على وصل واحد كي لا يساويه غيره في ذلك واصطلحوا أيضا على أن لا تنقص المكاتبات المذكورة عن ثلاثة أوصال الوصل الأبيض في أعلى المكاتبة على ما تقدم ووصلان مكتوبان إذ لو نقص عن ذلك لخرج الكتاب في القصر عن الحد فيزدرى أما لو دعت الضرورة إلى الزيادة على الثلاثة لزيادة الكلام فلا مانع منه واصطلحوا على أن يترك للكتاب حاشية بيضاء تكون بقدر ربع الدرح على ما تقدم ذكره في غير هذا الموضع

القاعدة الثانية فيما يتعلق بخط هذه المكاتبات وكيفية أوضاعها
قد أصطلحوا على أن جميع هذه المكاتبات تكتب بقلم الرقاع على ما تقدم ذكره في الكلام على قطع الورق من أن لقطع العادة قلم الرقاع واصطلحوا أيضا على أن تكون كتابة البسملة في أول الوصل الثاني من المكاتبة وأن يكون تحت الجلالة من البسملة لقب المكتوب عنه المضاف إلى ملكه أو أميره فإن كان المكتوب عنه من اتباع السلطان كنواب السلطنة وغيرهم من الأمراء والوزراء ومن في معناهم من رؤساء الكتاب السلطانية كتب الملكي الفلاني بلقب ملكه السلطان مثل الملكي الظاهري ونحو ذلك كما في هذه الصورة
بسم الله الرحمن الرحيم الملكي الظاهري
وإن كان المكتوب عنه من أتباع الأمراء كإستدار أمير ونحوه انتسب في كتابته إلى لقب أميره الخاص مما يضاف في التلقيب إلى الدين فإن كان أميره لقبه سيف الدين مثلا كتب بدل الملكي الفلاني السيفي وإن كان لقب أميره ناصر الدين كتب الناصري وإن كان لقبه علاء الدين كتب العلائي ونحو ذلك وإذا كتب تحت الجلالة من البسملة الملكي الفلاني ونحو ذلك جعل ما قبله في السطر بياضا وما بعده بياضا ويكون ذلك قطعة من سطر مفردة بذاتها واصطلحوا على أنه كلما دق القلم وتقاربت الأسطر كان أعلى في رتبة المكتوب إليه وكلما غلظ القلم وتباعدت الأسطر كان أنزل في رتبة المكتوب إليه واصطلحوا على أن في الرتبة العلية من المكاتبات يكون السطر الأول من المكاتبة تلو الملكي الفلاني وما في معناه ملاصقا له وفيما دون ذلك من المكاتبات يترك بياض يسير ولا يكتب فيه شيء وكأن المكتوب عنه يقول للمكتوب إليه هذا محل العلامة ولكني قد تركت الكتابة فيه وكتبت بحاشية الكتاب تأدبا معك ورفعة

لقدرك وفيما دون ذلك يترك بياض أوسع من ذلك ويكتب فيه المكتوب عنه علامته على ما سيأتي بيانه في مواضعه إن شاء الله تعالى واصطلحوا على أنه بعد انتهاء الكلام في المكاتبة يكتب إن شاء الله تعالى في خطه ثم يكتب التاريخ في سطرين اليوم والشهر في سطر والسنة في سطر ثم تكتب الحمدلة والصلاة على النبي في سطر ثم الحسبلة في سطر على ما تقدم بيانه في الكلام على الفواتح والخواتم في المقالة الثالثة
وليعلم أن هذه المكاتبات على قسمين
القسم الأول الابتداءات وهو على أربع درجات سبق توجيه ترتيبها في الكلام على اصول المكاتبات في أول هذه المقالة
الدرجة الأولى المكاتبة بتقبيل الأرض وهي أعلاها رتبة بالنسبة إلى المكتوب إليه
واعلم أن كثيرا من كتاب الزمان يظنون أن المكاتبة بيقبل الارض من مخترعات كتاب الدولة التركية بل بعضهم يظن انها من مخترعات المقر الشهابي بن فضل الله وليس كذلك بل المكاتبة بذلك كانت موجودة في أواخر الدولة العباسية ببغداد ثم سرت إلى الديار المصرية في أوائل الدولة الأيوبية فاستعملت بعض الاستعمال والمكاتبة بذلك موجودة في كلام القاضي الفاضل في بعض المكاتبات الملوكية ومن ذلك ما كتب به عن نفسه إلى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في صدر كتاب تهنئة بمولود
المملوك يقبل الأرض بالمقام العالي الناصري نضر الله الإسلام بمقامه وأهلك أعداء الحق بانتقامه ولا أعدم الأمة المحمدية عقد التزامه بكفالتها ومضاء اعتزامه ثم توسع فيه الكتاب بعد ذلك حتى كاتب به الآحاد بعضهم بعضا
وقد رتبوا المكاتبة بتقبيل الأرض في المصطلح المستقر عليه الحال على خمس مراتب

المرتبة الأولى الإتيان بالإنهاء بعد يقبل الأرض من غير تعرض لذكر دعاء ولا ثناء مع مراعاة الاختصار وعدم السجع وتقارب السطور مثل أن يكتب بعد البسملة ولقب المكتوب عنه الذي تحت البسملة
يقبل الارض وينهي كيت وكيت وسؤال المملوك من الصدقات العميمة بروز الأوامر العالية بكيت وكيت أو والمملوك يعرض على الآراء العالية كيت وكيت ونحو ذلك ويختم الكتاب بقوله أنهى ذلك أو طالع بذلك وللآراء العالية مزيد العلو ويعبر عن المكتوب عنه في خلال المكاتبة بالمملوك ويختلف الحال في خطاب المكتوب إليه فإن كان من أرباب السيوف وهو نائب سلطنة خوطب بمولانا ملك الأمراء عز نصره أو أعز الله أنصاره وإن كان أميرا غير نائب سلطنة خوطب بمولانا المخدوم ونحو ذلك مما يقتضيه الحال وإن كان وزيرا رب سيف خوطب بمولانا الوزير وإن كان قاضيا خوطب بمولانا قاضي القضاة وإن كان عالما كبيرا خوطب بمولانا شيخ الإسلام وإن كان من مشايخ الصوفية خوطب بمولانا شيخ الشيوخ وعلى ذلك بحسب المراتب والوظائف على ما يقتضيه رأي الكاتب بما يناسب الحال
والعنوان في هذه المكاتبة الفلاني مطالعة المملوك فلان ويعبر عن ذلك بالفلاني بمطالعة وقد يعبر عن ذلك عن نفس المكاتبة وصورته أن يكتب في رأس ظاهر المكاتبة من الجانب الأيمن الفلاني باللقب الخاص بالمكتوب إليه كالسيفى والناصري والشمسي وما أشبه ذلك ويكون ذلك ممتدا إلى نحو ربع عرض الدرج وتحته فلان بما يقتضي تعريفه من وظيفة أو شهرة فإن كان نائب سلطنة كتب تحت الفلاني مولانا ملك الأمراء بالمكان الفلاني وإن كان وزيرا كتب مولانا الوزير بالمكان الفلاني وإن كان قاضي قضاة كتب مولانا قاضي القضاة بالمكان الفلاني ونحو ذلك ويعبر عن ذلك بالتعريف

ويكتب في الجانب الأيسر من رأس ظاهر المكاتبة مقابل ما كتبه في الأولى ما صورته مطالعة المملوك فلان باسم المكتوب عنه ويكون لفظ المملوك تحت ذلك وفلان تحته عن بعد ثلاثة أسطر وتكون لطيفة القد غير ممشوقة على الضد من المكتوب إليه وهذا مثال عنوان إلى نائب سلطنة بالشام لقبه سيف الدين عمن اسمه يلبغا
السيفي
مولانا ملك الأمراء بالشام المحروس عز نصره
وعلى ذلك يقاس سائر العنوانات من هذه المرتبة والأصل في ذلك أن الحجاج بن يوسف كتب كتابا إلى عبد الملك بن مروان فكتب في عنوانه بقلم جليل لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين وفي الجانب الأيسر بقلم ضئيل من الحجاج بن يوسف كما حكاه أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب فتبعه الناس على ذلك في تعظيم اسم المكتوب إليه وتلطيف اسم المكتوب عنه والعلامة في هذه المكاتبة المملوك فلان باسم المكتوب عنه بقلم ضئيل بحاشية الكتاب سطرين المملوك سطر والاسم سطر تحته على هذه الصورة
ويكون ذلك مقابل يقبل ملاصقا له بحيث تكون جرة الكاف من المملوك تحت الياء من يقبل فكأنهم راعوا في ذلك صورة ما يكتب في القصص التي ترفع إلى الأكابر لاستماحة الحوائج ونحوها من حيث إنها يكتب فيها المملوك فلان يقبل الأرض وينهي كيت وكيت لما في ذلك من إظهار الخضوع والتواضع
المرتبة الثانية أن يأتي بعد يقبل الأرض بذكر الدعاء دون الثناء مع تقارب الأسطر أيضا واجتناب السجع وقد اصطلحوا في هذه المكاتبة على أن يكتبوا تحت البسملة مع لقب المكتوب عنه الذي هو الملكي الفلاني ونحوه لقب

المكتوب إليه كالسيفي ونحوه على سمت الملكي الفلاني من الجهة اليمنى مع بياض بينهما بحيث يقع بعض اللقب في حاشية الكتاب وبعضه تحت أول البسملة على هذه الصورة
بسم الله الرحمن الرحيم
السيفي الظاهري
ثم يأتي بصورة المكاتبة بعد ذلك ويختلف الحال في هذه المكاتبة باختلاف حال المكتوب إليه فإن كان نائب سلطنة كتب يقبل الأرض وينهي بعد رفع الأدعية الصالحة أو بعد أبتهاله إلى الله تعالى بالأدعية الصالحة تقبلها الله تعالى من المملوك ومن كل داع مخلص ببقاء مولانا ملك الأمراء أو بدوام أيام مولانا ملك الأمراء وخلود سعادته ومزيد تأييده وعلو درجاته في الدنيا والآخرة بمحمد وآله أن الأمر كيت وكيت والمملوك يسأل الصدقات العميمة أو الصدقات الكريمة أعز الله تعالى أنصارها بروز الأوامر المطاعة بكيت وكيت ثم يقول والمملوك مملوك مولانا ملك الأمراء وعبد بابه ونشء إحسانه ويسأل تشريفه بمراسيمه وخدمه أو والمملوك يستعرض المراسيم الكريمة والخدم العالية ليبادر إلى امتثالها والفوز بقضائها أو والمملوك مملوك الأبواب العالية ونشوئها وغلامها ويسأل دوام النظر الكريم عليه في أحواله كلها ونحو ذلك مما يقتضيه الحال وقد جهز المملوك بهذه المكاتبة فلانا أو مملوكه فلانا فإن كان قد حمله كلام مشافهة قال وحمله من المشافهة ما يسأل الصدقة عليه بسماعه والإصغاء إليه ونحو ذلك ثم يقول طالع بذلك والرأي العالي أعلاه الله تعالى أعلى وإن كان المكتوب إليه أميرا غير نائب سلطنة كتب بدوام أيام مولانا المخدوم بدل مولانا ملك الأمراء وإن كان قاضيا كتب ببقاء مولانا قاضي القضاة أو بدوام أيام مولانا قاضي القضاة وإن كان من مشايخ الصوفية كتب ببقاء مولانا شيخ الشيوخ ونحو ذلك وباقي المكاتبة على ما

تقدم بحسب ما يقتضيه الحال والعنوان في هذه المكاتبة الأبواب الفلانية مطالعة المملوك فلان ويعبر عن ذلك بالأبواب بمطالعة ويختلف الحال في ذلك باختلاف حال المكتوب إليه فإن كان المكتوب إليه نائب سلطنة كتب الأبواب الكريمة العالية المولوية الأميرية الكبيرية المالكية المخدومية الكافلية بلقبه الخاص كالسيفية ونحوها أعلاها الله تعالى فلان الفلاني باسمه وشهرته وإن كان المكتوب إليه أميرا غير نائب سلطنة أسقط منه الكافلية وإن كان وزيرا رب سيف كتب بعد الأميرية الوزيرية وإن كان وزيرا رب قلم اسقط الأميرية وكتب قبل الفلانية الصاحبية وإن كان من رؤساء الكتاب ممن في معنى الوزاء ككاتب السر وناظر الخاص وناظر الجيش ونحوهم أبدل لفظ الأميرية والوزيرية بالقاضوية وإن كان قاضي حكم أتى مع القاضوية قبل الفلانية بالحاكمية وإن كان من مشايخ الصوفية أبدل القاضوية بالشيخية ونحو ذلك
وصورته أن يكتب الألقاب من أول عرض الدرج سطرا إلى آخر المالكية ويخلي بياضا في آخر السطر بقدر ربع الدرج ثم يكتب المخدومية الفلانية في أول السطر الثاني ملاصقا للأول ثم يخلي بياضا يسيرا ثم يكتب أعلاها الله تعالى ثم يخلي بياضا يسيرا ثم يكتب فلان الفلاني تحت آخر السطر الأول ثم يكتب في آخر الدرج من الجهة اليسرى بعد خلو بياض مطالعة المملوك فلان ثلاثة أسطر على ما تقدم في العنونة بالفلاني بمطالعة كما في هذه الصورة
الأبواب الكريمة العالية المولوية الأميرية الكبيرية المالكية مطالعة
المخدومية السيفية أعلاها الله تعالى أمر دوادار الظاهري المملوك
فلان
والعلامة المملوك فلان بقلم ضئيل مسامت يقبل كما في المكاتبة قبلها

قال في التثقيف وبهذه المكاتبة يكتب عن أكابر أمراء الديار المصرية إلى نائب الشام وحلب فيما أظن
قال وكذلك كان يكتب المقر العلائي بن فضل الله كاتب السر الشريف إلى المشار إليه يعني نائب حلب إلا أنه كان يكتب له العلامة اسفل الكتاب دون أعلاه
قلت وعلى هذا يكون للعلامة في هذه المكاتبة رتبتان إن عظمه كتب له العلامة على سمت يقبل وإلا ففي أسفل الكتاب ومن ثم ذكرت قول صاحب التثقيف هنا وإن كان محله رتب المتكاتبين على ما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى
المرتبة الثالثة أن لا يكتب في أول المكاتبة عن يمين أسفل البسملة الفلاني ويأتي بذكر الدعاء والثناء مسجوعا مثل أن يكتب بعد البسملة ولقب المكتوب عنه الذي هو الملكي الفلاني يقبل الأرض وينهي بعد رفع دعائه وإخلاصه في محبته وولائه واعترافه بإحسان مولانا وجزيل آلائه أن الأمر كيت وكيت والمملوك يسأل إحسان مولانا أو صدقات مولانا أو إحسان المخدوم أو صدقاته في كيت وكيت ثم يقول والمملوك فهو مملوك مولانا ومحبه والداعي لإحسانه ويسأل تشريفه بمراسيمه وخدمه وقد جهز المملوك بهذه العبودية فلانا أو مملوكه فلانا وحمله من الدعاء والولاء ما ينهيه من لسانه ويعرب عنه ببيانه أو وقد حمله المملوك ما يقوم عنه به في إنهائه من رصف الأدعية ووصف الأثنية والمملوك يسأل الإصغاء إليه والتشريف بالمراسيم العالية والخدم الكريمة ليفوز بإقبالها ويبادر إلى امتثالها طالع بذلك أو أنهى ذلك أو والمملوك يستعرض المراسيم العالية والخدم الكريمة المتوالية ليتشرف بقضائها ويتشوف إلى إمضائها

صدر آخر وينهي بعد رفع الأدعية وبث المحامد والأثنية والموالاة التي يحمل منها عالي الألوية أن الأمر كيت
آخر وينهي بعد رفع دعائه الذي لا يفتر لسانه عن رفعه ولا يخفى إن شاء الله إبان نفعه وابتهاله الذي يرفع السحب وشوقه الذي يهدي النجب أن الأمر كيت وكيت
آخر وينهي بعد دعائه المقبول وشوقه الذي لا يحول عنه ولا يزول وسلامه الذي يعجز عن شرحه القلم ويضعف عن حمله الرسول
آخر وينهي بعد دعاء يرفعه بالغدو والآصال وولاء لا يتغير ما دامت الأيام والليال وثناء أطيب من عرف الروض إذا مر عليه نسيم الشمال أن الأمر كيت وكيت
آخر وينهي بعد رفع الدعاء ونصب لواء الولاء وجر ذيول الفخر بالانتساب إلى عبودية مولانا والاعتزاء أن الأمر كيت وكيت
آخر وينهي بعد دعائه المرفوع وثنائه الذي هو كالمسك يضوع وشكره الذي يسمع منه ويسمع أطيب مسموع ان الأمر كيت وكيت
والعنوان لهذه المكاتبة الأبواب الفلانية بغير مطالعة ويختلف الحال فيه فإن كان المكتوب إليه من ارباب السيوف وهو نائب سلطنة كتب الأبواب الكريمة العالية المولوية الأميرية الكبيرية السيدية المالكية المخدومية الكافلية الفلانية أعلاها الله تعالى ثم يقال نائب السلطنة الشريفة المحروسة أو كافل المملكة الفلانية المحروسة وباقي عنوانات ارباب الوظائف من أرباب السيوف والأقلام على ما تقدم في العنونة بالأبواب بمطالعة
وصورة وضعه أن يكتب الأبواب الكريمة إلى آخر الكافلية مثلا سطرا واحدا من أول عرض الدرج إلى آخره ثم يكتب الفلانية أعلاها الله تعالى في أول السطر الثاني ملاصقا له ثم يترك بياضا قدر رأس إبهام ثم يكتب في آخر

السطر الثاني كافل الممالك الشريفة الفلانية المحروسة كما في هذه الصورة
الأبواب الكريمة العالية المولوية الأميرية الكبيرية السيدية المالكية المخدومية الكافلية السيفية أعلاها الله تعالى كافل الممالك الشريفة بالشام المحروس
والعلامة في ذيل الكتاب مقابل تحت البسملة بقلم الرقاع المملوك فلان وكأنهم لما انحطت رتبة المكتوب إليه عن أن تكتب العلامة إليه على سمت يقبل ليكون في معنى القصة كما تقدم أخذ المكتوب عنه في التنازل إلى آخر المكاتبة تواضعا للمكتوب إليه وتأدبا معه
قال في التثقيف وبذلك كان يكتب عن الامير يلبغا العمري يعني الخاصكي وهو أتابك العساكر المنصورة بالديار المصرية إلى نائبي الشام وحلب
قال وكذلك كتب بعده إلى المذكورين الأمير منكلي بغا والأمير الجاي ونواب السلطنة بالديار المصرية
المرتبة الرابعة أن يأتي بصدر المكاتبة على ما تقدم في المكاتبة قبلها من الابتداء بيقبل الأرض وينهي بعد رفع دعائه وما في معناه على ما تقدم من غير فرق ولا يختلف الحال في الصدر ولا في متن الكتاب والعنوان الباب الكريم ولا يكون إلا بغير مطالعة فإن كان المكتوب إليه من ارباب السيوف كتب الباب الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي المالكي المخدومي الفلاني اعلاه الله تعالى فلان الفلاني باسم المكتوب إليه وإن كان من أرباب الأقلام أو غيرهم فعلى ما تقدم في الأبواب بمطالعة من إبدال الأميري بالقضائي أو الشيخي وزيادة قاضي الحكم الحاكمي قبل الفلاني
وصورة وضعه الباب الكريم بالألقاب المتقدمة إلى آخر المالكي سطرا واحدا من أول عرض الدرج إلى آخره ثم يكتب المخدومي الفلاني أعلاه الله تعالى في أول السطر الثاني ويترك بياضا ثم يكتب فلان الفلاني باسم المكتوب إليه أو شهرته كما في هذه الصوره

الباب الكريم العالي المولوي الاميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي المالكي المخدومي السيفي أعلاه الله تعالى بهادر أمير أخور الأشرفي
تنبيه كل ما كان العنوان فيه الباب الكريم كان العنوان فيه للمسافر المخيم بدل الباب وباقي الألقاب على حالها كما نبه عليه في التثقيف وغيره والعلامة في آخر المكاتبة مقابل حسبي الله إذ لما كانت العلامة في اسفل الكتاب مقابل تحت الحسبلة كانت العلامة فيما فوق ذلك انزل في رتبة المكتوب إليه وأعلى في رتبة المكتوب عنه
المرتبة الخامسة يقبل الارض بالمقر الشريف والرسم فيه أن يترك بعد البسملة وما تحتها من الملكي الفلاني قدر سطر أو سطرين بياضا ثم يكتب يقبل الأرض بالمقر الشريف ويختلف الحال فيه فإن كان المكتوب إليه من ارباب السيوف كتب يقبل الأرض بالمقر الشريف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الذخري الظهيري المسندي الزعيمي المالكي المخدومي الفلاني أعز الله تعالى أنصاره وأعلى مناره وضاعف مباره وينهي بعد وصف محبته وبث اثنيته كيت وكيت والمسؤول من إحسانه كيت وكيت وربما كتب والمملوك يسأل كيت وكيت كما في المكاتبات السابقة أو والمملوك يسأل تشريفه بمراسمه وخدمه والله تعالى يديم عليه سوابغ نعمه
دعاء آخر لهذه المكاتبة أعز الله تعالى أنصاره وأدام انتصاره وجعل على غايات النجوم اقتصاره وينهي
آخر لا زالت الرقاب لمهابته خاضعة والركاب به فوق النجوم واضعة وأجنة السيوف بمضاربه من ماء الأعداء راضعة وينهي
آخر لا زالت أعلامه مشرفة وأقلامه مصرفة وأيامه بطيب ثنائه بين الخافقين معرفة

آخر لا زالت الدنيا ببقائه مجملة والعلياء لارتقائه مؤملة والنعم على اختلافها جواهر مكملة وينهي
قلت وربما اتي بصورة الإنهاء مسجوعة أيضا مثل أن يكتب وينهي بعد تعبده بولائه وقيامه بحقوق آلائه أو وينهي بعد دعاء يقوم بوظائفه وولاء يتردى بمطارفه أو وينهي بعد رفع أدعيته وقطع العمر في موالاته وعبوديته ونحو ذلك وعلى ذلك جرى في عرف التعريف إلا أن الغالب في كتابة أهل الزمان إهماله والعنوان إن قصد تعظيمه الباب العالي بألقاب الباب الكريم في المكاتبة قبلها إلا أنه يحذف منها الكريم وإن لم يقصد تعظيمة فالمقر الشريف بالألقاب التي في صدر الكتاب وصورة وضعه في الباب العالي على ما تقدم في الباب الكريم أن يأتي به في سطرين كاملين من اول عرض الدرج إلى آخره كما في هذه الصورة
المقر الشريف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الذخري الظهيري المسندي الزعيمي المالكي المخدومي السيفي أعز الله تعالى انصاره أمير حاجب بالشام المحروس
والعلامة في هذه المكاتبة المملوك فلان بقلم الرقاع بأسافل الكتاب مقابل إن شاء الله تعالى
واعلم أن هذه المراتب الخمس هي الدائرة في المكاتبات بين كتاب زماننا بمملكة الديار المصرية وما جرى على نهجها والمعنى في ترتيبها على هذا الترتيب أنه في المرتبة الأولى منها حذف الدعاء والثناء المقتضيان للدالة من المكتوب عنه على المكتوب إليه واقتصر على اليسير من الكلام دون الكثير الذي فيه سآمة المكتوب إليه واضجاره عند قراءة الكتاب وعنونت بالفلاني كالسيفي ونحوه من حيث إنه لقب مؤد إلى رفعة وأتي فيه بمطالعة المملوك فلان إشارة إلى التصريح بالرق والعبودية من المكتوب عنه للمكتوب إليه مع إقامته في مقام الرفعة بذكر لقبه المؤدي إلى رفعة قدره وفي المرتبة الثانية أتي فيها بالفلاني داخل المكاتبة دون العنوان فكانت أنزل مما قبلها من حيث إن العنوان ظاهر وباطن

المكاتبة خفي والظاهر المؤدي إلى الرفعة أعلى من الخفي من ذلك وأتي بالدعاء فكانت أنزل رتبة من التي قبلها لما تقدم من أن الدعاء فيه معنى الدالة واجتنب فيه السجع من حيث إن في الإتيان به تفاصحا على المكتوب إليه وعنون بالأبواب إشارة إلى شرف محل المكتوب إليه من حيث الإشعار بأن له ابوابا يوقف عليها وجعلت دون المرتبة الثانية من حيث إن العنونة في المرتبة الأولى باللقب المؤدي إلى الرفعة مع دلالته على الذات وفي الثانية عنون بالأبواب الموصلة إلى محل الشخص ولا يخفى أن ما دل على نفس الشخص أعلى مما هو موصل إلى محله وأتي فيها بمطالعة المملوك فلان إشارة الى التصريح للمكتوب إليه بالرق والعبودية كما تقدم في المرتبة الأولى وفي المرتبة الثالثة حذف منها الفلاني المؤدي إلى الرفعة من داخل المكاتبة فكانت أنزل من التي قبلها فأتي فيها بذلك وأتي بالدعاء مسجوعا فكان أنزل مما قبله لما في السجع من التفاصح على المكتوب إليه واسقط من عنوانه مطالعة المملوك فلان فكان أنزل من حيث إنه لم يقع فيه تصريح برق وعبودية كما في المرتبة الأولى والثانية وفي المرتبة الرابعة بقي الصدر على حاله وعنون فيها بالباب بلفظ الإفراد فكانت أنزل مما قبلها من حيث إن الإفراد دون الجمع بدليل أنه بعض من أبعاضه وفي المرتبة الخامسة قيل يقبل الأرض بالمقر يعني مقر المكتوب إليه فكانت انزل مما قبلها من حيث إشعار ذلك بالقرب من محله بخلاف يقبل مطلق الأرض فإنه لا ينحصر في ذلك ثم إن عنونت بالباب العالي مجردا عن الكريم كانت أنزل مما عنون فيه بالكريم لما جرى عليه الاصطلاح من رفعة رتبة الكريم العالي على العالي المجرد عن الكريم على ما تقدم في الكلام على الألقاب في المقالة الثالثة وإن عنونت بالمقر الشريف فهي على انحطاط الرتبة عما قبلها من حيث

إشعاره بقرب المحل من المكتوب إليه على أن في عنونة هذه المكاتبة بالمقر الشريف نظرا فإن أعلى مراتب الابتداء في المكاتبة بالدعاء هي الدعاء للمقر الشريف وهو بعد تقبيل الباسط والباسطة واليد على ما سيأتي ذكره في الدرجة الثالثة فيما بعد إن شاء الله تعالى
فربما التبس عنوان هذه بعنوان تلك قبل فضها والوقوف على صدرها هل هو مفتتح بيقبل الأرض بالمقر أو بالدعاء للمقر إلا أن كتاب الزمان قد رفضوا المكاتبة بالدعاء للمقر الشريف واقتصروا على الدعاء للمقر الكريم إذ كان هو أعلى ما يكتب به عن السلطان لأكابر أمراء المملكة على ما تقدم ذكره في الكلام على مكاتبات السلطان إلى أهل المملكة في المقالة الرابعة
قلت وفي الدساتير المؤلفة في الإخوانيات في الدولة التركية في الزمن السابق ما يخالف بعض هذا الترتيب فجعل في عرف التعريف أعلى المراتب يقبل الأرض وينهي كيت وكيت والعنوان الفلاني بمطالعة على ما تقدم ذكره في الترتيب السابق ودونه الصدر بعينه والعنوان الأبواب بمطالعة ودونه كذلك والعنوان الأبواب بغير مطالعة ودونه يقبل الأرض بالمقر الشريف والعنوان إما الباب العالي أو المقر الشريف
وفي دستور يعزى لبعض بني الأثير أن أعلى المراتب يقبل الارض وينهي كيت وكيت على ما تقدم ودوه يقبل الارض ويدعو مثل يقبل الأرض وينهي بعد رفع دعائه الذي لا يفتر لسانه عن رفعه ولا يخفى إن شاء الله إبان نفعه ودونه يقبل الأرض ويدعو لها مثل يقبل الأرض حماها الله تعالى من غير الزمان وأكتنفها بالأمان من صروف الحدثان ولا زالت محط وفود الجدا وكعبة قصاد الندا وينهي كيت وكيت ودونه يقبل الأرض ويصفها مثل أن

يكتب يقبل الأرض التي هي ملجأ العفاه وملثم الشفاه ومحل الكرم الذي لا يخيب من اقتفاه ومقصد الراجي الذي إذا عول عليه كفاه وينهي كيت وكيت ودونه يقبل الأرض ويدعو لها مثل أن يكتب يقبل الارض لا زالت محروسة الرحاب هامية السحاب فسيحة الجناب لمن أناب وينهي كيت وكيت
وجرى في التثقيف على الترتيب المتقدم في المرتبة الاولى والثانية والثالثة والرابعة على ما تقدم في المراتب الخمس السابقة وجعل المرتبة الخامسة يقبل الأرض مع وصفها على ما تقدم في الدستور المنسوب لبعض بني الأثير مع العنونة بالباب العالي وجعل يقبل الأرض بالمقر الشريف مرتبة سادسة مع العنونة بالباب العالي أو المقر الشريف
وفي غير هذه الدساتير ما يخالف بعض ذلك في الترتيب والتقديم والتأخير وفي بعض الدساتير بعد تقبيل الأرض تقبيل العتبات مثل أن يكتب يقبل العتبات الكريمة لا برحت مطلع السعود ومنبع الجود ومهيعا للمقام المحمود أو يقبل العتبات الكريمة لا زالت الأفلاك تتمنى أنها بها تحف وأنها لنجومها إليها بحوض الوالدين تزف أو يقبل العتبات الكريمة لا زالت الآمال بها مطيفة والسعود لها حليفة وسعادتها لاستخدام كل ذي إلمام مضيفة
ولا يخفى أن بعض هذه الاختيارات غير محكم الأساس ولا موضوع على اصل يقتضي صحة الترتيب فيه بل الكثير من ذلك راجع إلى التشهي كلما تقدم متقدم في دولة من الدول أحب أن يؤثر مخالفة غيره ويجعل له شيئا يحدثه لينسب إليه ولا يبالي وافق في ذلك غرضا صحيحا أم لا وقل من يصيب الغرض في ذلك

على أن تقديم بعض هذه المراتب على بعض في العلو والهبوط إنما هو من جهة استحسانه لو تكلف المتكلف تأخير ما تقدم فيها أو تقديم ما أخر لأمكنه ذلك

الدرجة الثانية المكاتبة بتقبيل اليد وقد رتبوا ذلك على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى يقبل الباسط الشريف وهي الأعلى بالنسبة إلى المكتوب إليه والرسم فيها أن يترك الكاتب تحت الملكي الفلاني بعد البسملة قدر سطرين بياضا كما في المسألة قبلها ويختلف الحال في ذلك فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب يقبل الباسط الشريف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي السيدي المالكي المخدومي المحسني الفلاني لا زالت ساحته مقبلة وسماحته مؤملة وينهي بعد وصف خدمه وثبوت قيامه فيها على قدمه أن الأمر كيت وكيت والمسؤول من إحسانه كيت وكيت والله تعالى يحرسه بمنه وكرمه
دعاء آخر يليق بهذه المكاتبة يقال بعد تكملة الألقاب لا زالت نعمه باسطة وأيامه لعقود الأيام واسطة وينهي كيت وكيت
آخر لا زال جناح كرمه مبسوطا وجناب حرمه من المخاوف محوطا وينهي كيت وكيت
آخر لا زال يصرف الأعنة والأسنة ويقلد أعناق أعدائه كل أجل وأعناق أودائه كل منة وينهي
آخر لا زالت حمائل السيوف تتسابق إلى بنانه وأعقاب الرماح تأوي إلى أنامله ليمكنها من قلوب أعداء الله يوم طعانه ومتون الخيل متحصنة بعزائمه فيقوى جنانها بجنانه

آخر لا زالت رحى حروبه على أعدائه تدار وأسنة رماحه تنادي الأعداء البدار البدار وجنوده تقاتل سفرة الوجوه إذا قاتل الأعداء في قرى محصنة أو من وراء جدار
آخر لا زالت أعلام النصر مقعودة بأعلامه وجواري اليم السعيد معدودة من خدامه وسطور البأس والكرم مثبتة إما بأقلام الخط من رماحه وإما برماح الخط من أقلامه
آخر لا زالت الأعنة والأسنة طوع يمينه وشماله والامال والاحوال تحت ظلال كرمه وكرم ظلاله والسيوف والاقلام هذه جارية بعوائد بأسه وهذه جارية بعوائد نواله
آخر ولا زالت وجوه النضر تتراءى في مرآة صفاحه وثمار النصر تجتنى من أغصان رماحه ولا برح السيف والقلم يتباريان في ضر الأعداء ببأسه ونفع الأولياء بسماحه وإن كان المكتوب إليه وزيرا رب سيف كتب بعد الأميري الوزيري وإن كان وزيرا رب قلم كتب قبل الفلاني ايضا الصاحبي وإن كان من أعيان الكتاب ككاتب السر وناظر الخاص وناظر الجيش وناظر الدولة وكتاب الدست ونحوهم كتب بدل الاميري القضائي ثم يكتب للجميع بعد الوزيري أو القضائي العالمي العادلي الممهدي المشيدي المالكي المخدومي المحسني الفلاني اسبغ الله تعالى ظلاله ومدها وشيد به مباني الملك وشدها ووهب الأيام منه هبة لا تستطيع الليالي ردها وينهي كيت وكيت
دعاء آخر يليق بهذه المكاتبة يقال بعد تكملة الألقاب ولا زالت اقلامه تروع الأسد في أجامها وتزيد على الغيوث في انسجامها وتعلم الرماح الإقدام إذا نكصت لإحجامها وينهي
آخر ولا زالت الدول مشيدة بتصريفه مجددة لتشريفه مؤيدة بين صرير القلم وصريفه

آخر ولا زالت أقلامه تهزأ بالغيوث الهامية وأنعامه تفوق على البحار الطامية وموارد إحسانه تأوي إليها الوفود الظامية
آخر وأدام القصد لبابه ونزول الآمال برحابه وصعودها إلى سحابه
آخر لا زال فسيحا للمقاصد جنابه مجربا للمناجح بابه صريحا في ابتغاء خير الدنيا والاخرة طلابه وإن كان من القضاة الحكام كتب يقبل الباسط الشريف العالي المولوي القضائي العالمي الإمامي العلامي السيدي المالكي المخدومي المحسني الحاكمي الفلاني أعز الله تعالى أحكامه وجمل به الدهر وحكامه وثبت به الأمر وزاد إحكامه وينهي كيت وكيت
دعاء آخر يناسبه يقال بعد تكملة الألقاب أعز الله تعالى أحكامه وأنفذها وتدارك به الأمة وأنقذها وأسعف به الملة الإسلامية واسعدها وينهي
آخر نضر الله الدين بنوره وسقى الغمام باقي سوره وحمى حمى الشرع الشريف بما ضرب عليه من سوره
آخر وجمل الدهر بمناقبه وزين سماء العلم بكواكبه ولا زال الزمان يقول لمنصب الشرع الشريف بشخصه ورأيه عز يدوم وإقبال لصاحبه
آخر وأمضى بيده سيوف الشرع التي هي اقلامه وأعلى طروس العدل والحق فإنها أعلامه ولا زالت يد القصد مشيرة إليه ولا ينعقد إلا على ثنائه خنصر ولا ينجلي إلا بهداه إبهام
آخر وسدد سهام الحق باقضيته وشيد اركان الشرع بأبنيته وايد الإسلام بأقلام سجلاته القائمة للنصر مقام الويته وإن كان المكتوب إليه من مشايخ الصوفية كتب يقبل الباسط الشريف العالي المولوي الشيخي الإمامي العالمي العاملي الخاشعي الناسكي السيدي المالكي المخدومي المحسني الفلاني لا زال يقاتل بسلاحه ويقابل فساد الدهر بصلاحه ويجلو دجى الظلماء بصباحه وينهي

آخر ونفع ببركاته في الروحات والغدوات وجمل ببقائه المحافل والملوات وبسط في صالح الدول يده إما في مباشرته بصالح التدبير وإما في انقطاعه بصالح الدعوات
والعنوان في هذه المكاتبة الباسط الشريف بالألقاب التي في صدر المكاتبة على السواء والدعاء له بأول سجعة من دعاء الصدر أو نحوها بحسب حال المكتوب إليه مثل أن يكتب لمن هو من أرباب السيوف أعز الله تعالى نصره أو عز نصره ولمن هو من رؤساء الكتاب أسبغ الله ظلاله ولمن هو قاضي حكم أعز الله أحكامه ولمن هو من مشايخ الصوفية أعاد الله من بركاته
وصورة وضعه في الورق أن تكتب الألقاب والدعاء والتعريف في سطرين كاملين من اول عرض الورق إلى اخره إلا أنه يفصل بين الالقاب والدعاء ببياض لطيف وبين الدعاء والتعريف ببياض لطيف كما في هذه الصورة
الباسط الشريف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي السيدي المالكي المخدومي المحسني الفلاني اعز الله انصاره امير حاجب بحلب المحروسة
وقد ذكر في عرف التعريف أنه إن قصد تعظيمه عنونه بالمقر الشريف بالألقاب المتقدمة على السواء ولا تخفى صورة وضعه بعدما تقدم والعلامة المملوك فلان بقلم الرقاع مقابل إن شاء الله كالمكاتبة بالمقر الشريف المتقدمة
المرتبة الثانية يقبل الباسطة الشريفة والرسم فيها أن يترك تحت الملكي الفلاني قدر سطرين بياضا كما في المكاتبة قبلها ثم يكتب يقبل الباسطة الشريفة بالتأنيث ويجري الحال في ذلك كما في الباسط فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب يقبل الباسطة الشريفة العالية

المولوية الأميرية الكبيرية العالمية العادلية المؤيدية الذخرية المالكية المحسنية الفلانية لا زالت سحائبها مستهلة ومواهبها للبحار مستقلة وينهي كيت وكيت والمستمد من محبته كيت وكيت وربما قيل والمسؤول والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
دعاء آخر يليق بذلك لا زالت سيولها تملأ الرحاب وسيوفها تسرع السل إلى الرقاب
آخر لا زالت خناصر الحمد على فضل بنانها معقودة ومآثر البأس والكرم لها ومنها شاهدة ومشهودة وبواتر السيوف مسيرة القصد إلى مناصرة اقلامها المنضودة
آخر ضاعف الله تعالى مواد نعمها وجواد كرمها واتصال الآمال بمساقط ديمها
آخر لا زالت الآمال لائذة بكرمها عائذة بحرمها مستنجدة على جدب الأيام بسقي ديمها
آخر لا زالت لرسوم الكرم مقيمة ولصنائع المعروف مديمة ولأيادي الإحسان متابعة إذا قصرت عن البروق ديمة وإن كان المكتوب إليه من رؤوس الكتاب كتب بدل الأميري القضائي والباقي على ما تقدم ثم يدعى له بما يناسبه
دعاء يناسب ذلك لا زالت السيوف خاضعة لاقلامها والنجوم خاشعة لكلامها والجبال متواضعة لإعلاء أعلامها
آخر لا زالت موالاتها فريضة وأجنحة أعدائها مهيضة ومقل الأسنة إذا خاصمتها ألسنة أقلامها غضيضة
آخر اسبغ الله ظلها وهنأ بها أمة قرب مبعث زمانها وأظلها وهدى الآمال وقد حيرها الحرمان واضلها

آخر لا زال قلمها مفتاح الرزق لطالبه والجاه لكاسبه والنصر لمستنيب كتبها عن كتائبه
آخر لا زال رفدها المطلوب وسعدها المكتوب وقلمها المخاطب في مصالح الدول والمخطوب
آخر بسط الله ظلها ولا قلصها وزادها من فضله ولا نقصها ولا جرع كبد حاسدها الظامية إلا غصصها
آخر ولا زال عميما إنعامها قديما وحديثا ديمها وإكرامها قاضية بسعدها النجوم التي هي خدامها
آخر لا زالت بسيطا ظلها مديدا فضلها سريعا إلى داعي الندى والردى قلمها في المهمات ونصلها وإن كان من قضاة الحكم زاد مع القاضوي قبل الفلاني الحاكمي ودعا يما يناسب
دعاء أعز الله شانها واذل من شانها وأغص بادمع اعدائها الضريحة شانها
دعاء آخر يليق بذلك ولا زالت الآمال إليها وافدة والصلات عائدة ومعاني الفضل عن أخبار معنها زائدة
آخر لا زالت خناصر الحمد معقودة على فضل بنانها وفصل بيانها وعوائد الفضل والكرم شاهدة بالحسنين من فضلها وامتنانها وإن كان من مشايخ الصوفية ابدل القضائية بالشيخية واسقط العادلية والحاكمية ودعا له نحو قوله ومتع الإسلام ببقيته الصالحة وبيض صحائف أعماله التي لأيدي الملائكة الكرام مصافحة

آخر لا اخلى الله من بركاته خلواته واعاد من نوامي دعواته وسوامي درجاته وتوجهاته ونحو ذلك
والعنوان الألقاب التي في صدر المكاتبة والدعاء بالسجعة الأولى من الدعاء باطنه أو نحوها
وصورة وضعه أن تكتب الألقاب والدعاء والتعريف في سطرين كما تقدم في الباسط كما في هذه الصورة
الباسطة الشريفة العالية المولوية الاميرية الكبيرية العالمية العادلية الذخرية السندية الكاملية المحسنية أعز الله تعالى أنصارها أمير حاجب بحماة المحروسة
والعلامة المملوك فلان بقلم الرقاع في أول الوصل الثالث على القرب من اللصاق
المرتبة الثالثة يقبل اليد الشريفة بألقاب الباسطة المتقدمة ثم اليد الكريمة ثم اليد العالية مع حذف الكريمة رتبة بعد رتبة والألقاب بحالها ويدعى له ثم يقال والمستمد من محبته كيت وكيت والله تعالى يؤيده والحال في اختلاف بعض القابها بالنسبة إلى أرباب السيوف وغيرهم على ما تقدم في الباسطة

وهذه أدعية لأرباب السيوف في هذه المكاتبة
دعاء من ذلك يقال بعد استكمال الألقاب لا زالت مقبلة البنان مؤملة الإحسان مفضلة على أنواء السحب بكل لسان وينهي
آخر لا زالت ترد بالسيف صدور الكتائب وترد الظماة منها موارد السحائب وتحدث عن البحر وكم في البحر من العجائب
آخر لا زالت بربها مأمونة وبذبها ممنونة وأيامها تصبح الأعداء باسنتها الزرق المسنونة

آخر لا اخلى الله من ودها ولا قطع وظائف حمدها ولا قضى مغيبها إلا جعل لها ذكرى بعدها
آخر لا زالت مصالحها تظفر بالمنى وتحصل على الغنى وتطلق لسانه بعاطر الثنا
آخر لا زالت لتقليد المنن سابقة في الجود العذل مقسمة في مكارم التكريم باطنها للندى وظاهرها للقبل

وهذه أدعية تناسب أرباب الأقلام
يقال بعد استيفاء الألقاب لا زالت مستهلة بالندا مستقلة بكبت العدا مطلة على النجوم على بعد ما بينهما من المدى
آخر لا برحت مفاخرها مفصلة ومحبتها في الخواطر ممثلة والكواكب تود لو فارقت فلكها وأصبحت لديها مسبلة
آخر لا زالت لصحائف الإحسان مسطرة ولقلوب الأعداء مفطرة ولصنائع المعروف إذا أمسكت الانواء ممطرة
آخر أعلى الله تعالى شانها وضاعف إحسانها
والعنوان اليد الشريفة أو اليد الكريمة أو اليد العالية بالالقاب التي في صدر الكتاب من غير زيادة ولا نقص والدعاء باول سجعة من المدعو به في صدر الكتاب أو نحوها والتعريف بعد ذلك
وصورة وضعه في الكتابة أن يكتب سطران على ما تقدم في الباسط والباسطة كما في هذه الصورة
اليد الشريفة العالية المولوية الأميرية والكبيرية العالمية العادلية الذخرية المالكية المحسنية الفلانية أعلى الله تعالى شأنها نائب ملطية المحروسة

والعلامة المملوك فلان بقلم التوقيعات في آخر الوصل الثاني من الكتاب على القرب من موضع لصاقه
واعلم انه ربما وصف التقبيل في هذه المراتب بعد الدعاء بالاوصاف الدالة على زيادة التأدب ورفعة قدر المكتوب إليه وعلى ذلك جرى في عرف التعريف وقد يستعمله بعض كتاب الزمان وذلك مثل أن يقول في تقبيل الباسط بعد استعمال الدعاء تقبيلا يحوم على مناهله ويحلق نسر السماء على منازله أو يقول تقبيل محب أخلص ولاءه ومحص الصدق وفاءه أو تقبيلا يواليه وينظم لآليه أو تقبيلا يواصل به الخدم ويود لو سعى لأدائه على الرأس إن لم تسعف القدم أو تقبيلا لا يروى الكرم إلا عنه ولا تستفاد المكارم إلا منه أو تقبيل وارد على ذلك الزلال رائد في ذلك الروض الممتد الظلال أو تقبيل مسارع إليها مزاحم عليها
وربما أتى في الإنهاء بما يلائم المقام مثل ان يقول وينهي بعد وصف خدمه وتمنيه لو وقف في صف خدمه وما أشبه ذلك
قلت وفي بعض الدساتير بعد تقبيل اليد العالية يقبل يد الجناب الكريم العالي الاميري الكبيري العالمي المؤيدي النصيري الزعيمي الفلاني وبعد ذلك يخدم الجناب الكريم بنحو هذه الألقاب وفي التثقيف يقبل يد الجناب العالي ويخدم الجناب العالي بدون الكريم ثم يقال بعد ذلك ويبدي لعلمه كيت وكيت والقصد من محبته كيت وكيت فيحيط علما بذلك وبعض الكتاب يستعمل ذلك إلى الآن وهو ذهول إذ سيأتي في

أول الدرجة الثالثة أن أعلى المراتب المفتتحة بالدعاء الدعاء للمقر الشريف على المصطلح الأول وللمقر الكريم عل ما استقر عليه الحال الآن وإذا كان كذلك فكيف يتأتى أن تكون مرتبة من مراتب الجناب الكريم أو الجناب العالي قبل المقر الشريف أو المقر الكريم

الدرجة الثالثة المكاتبة بالدعاء
وقد رتبوا المكاتبة بالدعاء على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى الدعاء للمقر والرسم فيه أن يترك بعد الملكي الفلاني قدر عرض ثلاثة اصابع بياضا ثم يؤتى بصدر المكاتبة على سمت البسملة
ويختلف الحال في ذلك فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب أعز الله تعالى انصار المقر الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي العوني النصيري الفلاني ثم يدعى له بما يناسب نحو ولا زالت جيوشه جائلة وجنوده بين الأعداء وبين مطالبها حائلة واولياؤه على صهوات خيلها لديه قائله اصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أطيبه ومن الثناء أطنبه وتبدي لعلمه الكريم أن الامر كيت وكيت والقصد من اهتمامه كيت وكيت فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
وهذه أدعية تناسب ذلك
دعاء يليق بذلك يقال بعد تكملة الألقاب وأيد عزائمه ونصرها وأعلى أعلامه ونشرها ودقق في مقاتل الأعداء حيث تزور الأسنة نظرها وينهي

آخر ولا برحت الآمال بكرمه تعترف وبوارق صوارمه لأبصار الآعداء تختطف
آخر وأعلى قدره وانفذ امره اصدرناها
وإن كان من رؤساء الكتاب كتب بسط الله ظل المقر أو اسبغ الله ظلال المقر الكريم العالي القضائي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي السيدي السندي المالكي المخدومي المحسني الفلاني وباقي المكاتبة كما في أرباب السيوف
وهذه أدعية تناسب ذلك
دعاء يليق به ولا زالت الأمور إليه مفوضة ومضارب العز إلا عنه مقوضة وصحائف الحسنات بتسويده على أثناء الدهر مبيضة أصدرناها
آخر وصرف لسان قلمه وشرف مكان قدمه وعرف من كان يناويه انه اصبح لا يعد من خدمه
قلت وقد ذكر في عرف التعريف أن القضاة والحكام لا مدخل لهم في المكاتبة بالمقر وعلى ذلك جرى في مشايخ الصوفية على انه قد كوتب بذلك وقد رأيت المكاتبة بذلك في بعض الدساتير وحينئذ فيكتب أعز الله تعالى أحكام المقر العالي القضائي الكبيري العالمي العلامي الإمامي المالكي المحسني الحاكمي الفلاني ويدعى له بما يناسب مثل وجدد له إقبالا وبلغه من الدارين أمالا وأحسن إليه مبدأ ومآلا ونحو ذلك والباقي على نحو ما تقدم
وهذه أدعية تناسب ذلك
لا برحت الشريعة محوطة بأقلامه مضبوطة بأحكامه منوطة بما يشيد

مبانيها ومثانيها من أحكامه مؤرخة ايام سعودها بايامه
آخر حرس الله بأحكامه سرح المدى ولا برحت فتاويه بها يقتدى ويظهر على المناوين والمبتدعين من تجريدها مهندا مهندا
آخر لا برحت أنوار فتاويه لامعة وسيوف أقلامها بها قاطعة وحدودها إلى موارد أحكام الشريعة المحمدية شارعة
والعنوان لهذه المكاتبة المقر الكريم بنظير ما في الصدر والدعاء بأول سجعة في الصدر من الدعاء
وصورة وضعه في الورق أن يكتب في سطرين الألقاب والدعاء والتعريف كما في هذه الصورة
المقر الكريم العالي الاميري الكبيري العالمي العادلي العوني النصيري الفلاني اعز الله تعالى انصاره فلان الفلاني
والعلامة المملوك فلان بقلم الثلث مقابل السطر الثاني من المكاتبة
المرتبة الثانية الدعاء للجناب وهو على ثلاث طبقات
الطبقة الاولى اعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم والرسم فيه ان يترك تحت الملكي الناصري عرض ثلاثة اصابع بياضا كما في المسألة قبلها
ثم إن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب اعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي العوني الذخري العضدي الفلاني ويدعى له نحو وأعلى قدره وانفذ أمره صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاما رائقا وثناء عابقا وتوضح لعلمه الكريم كيت وكيت والقصد من اهتمامه كيت وكيت فيحيط علمه بذلك والله تعالى يحرسه بمنه وكرمه

وهذه أدعية تناسب ذلك
دعاء منه ولا زالت عزائمه تعير السيوف المضاء وتعلم السهام النفوذ في القضاء
آخر ولا زال جنابه مرتعا وسحابه مربعا ورعبه لا يدع من قلوب الأعداء موضعا
آخر ولا زالت عزائمه تباري السيوف وتشق الصفوف وتجاري الى مقاتل الأعداء الحتوف صدرت
وإن كان من الكتاب كتب أدام الله تعالى جلال الجناب الكريم العالي القضائي الكبيري الصدري الرئيسي العوني الغيابي الملاذي الفلاني ويدعى له بما يناسبه والباقي من نسبة أرباب السيوف
دعاء يناسبه وحرس سماءه التي تغنى عن المصابيح ونعماءه التي هي للنعم مفاتيح
آخر وبلغه اشرف الرتب وملأ به قلوب الأعداء غاية الرهب وشكر ندى قلمه الذي لم يدع للغمام إلا فضل ما وهب صدرت
وإن كان قاضيا كتب أعز الله تعالى أحكام الجناب الكريم العالي القضائي الإمامي العالمي العلامي الأوحدي الفلاني ويدعو له نحو ونور بعلمه البصائر وسر بحكمه السرائر وجعل فيض يمه مما لا تودع درره إلا في الضمائر والباقي من نسبة ما تقدم
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب أعاد الله تعالى من بركات الجناب الكريم العالي الشيخي الإمامي العالمي العاملي الورعي الزاهدي الفلاني ويدعى له نحو ولا زال يقاتل بسلاحه ويقابل فساد الدهر بصلاحه وتجلى دجى الظلماء بصباحه صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاما يزدان بعرض بخدمته ويزداد نضرة بنظرته

والعنوان لكل منهم بألقاب الصدر والدعاء بأول سجعة من دعائه أو نحو ذلك
وصورة وضعه أن يكتب في سطرين ألقابه ودعاءه وتعريفه كما في هذه الصورة
الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي النصيري الفلاني اعز الله تعالى نصرته فلان الفلاني
والعلامة المملوك فلان بقلم الثلث مقابل السطر الثاني كما في المكاتبة التي قبلها
الطبقة الثانية من المرتبة الثانية ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي والرسم فيه أن يترك تحت الملكي الفلاني قدر أربعة أصابع بياضا ثم يختلف الحال في ذلك فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني النصيري الذخري الفلاني ثم يدعى له نحو ونصره في جلاده وايده في مواقف جهاده صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما يشوق وثناء يروق وتوضح لعلمه كيت وكيت فالجناب العالي يتقدم بكيت وكيت فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
دعاء آخر يناسب هذه المكاتبة يقال بعد استيفاء الالقاب ولا زال عزنه مؤيدا وعزه مؤبدا واجتهاده وجهاده هذا يسر الأولياء وهذا يسوء العدا صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تخصه بالسلام والثناء الوافر الأقسام وتوضح لعلمه كيت وكيت
آخر ولا زالت آراؤه كواكب يهتدى بلوامعها وتقرأ سورة النصر في جوامعها وتسير كالسحب فترمي الأعداء بصواعقها وتأتي الأولياء بهوامعها
وإن كان من الكتاب كتب ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي

القضائي الكبيري الصدري الرئيسي القوامي النظامي الفلاني ثم يدعى له نحو ولا زال يرجى لكل جليل ويؤمل لكل جميل ويؤهل لكل منتهى تقصر دونه أصابع النيل صدرت هذه المكاتبة والباقي على ما تقدم في أرباب السيوف
وإن كان من القضاة كتب ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي القضائي العالمي الفاضلي الأوحدي الصدري الرئيسي الفلاني ويدعى له نحو ودفع عنه الأباطيل وأرشد بهداه من الأضاليل
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب أعاد الله تعالى من بركة الجناب العالي الشيخي الإمامي العالمي الكاملي الورعي الزاهدي ويدعى له نحو ولا زال تكشف به اللأواء وتطب به الأدواء صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما وتفض عن مثل المسك ختاما وتوضح لعلمه
دعاء آخر نفع الله بدعواته التي لا حاجب لها عن الإجابة ولا عارض يمنعها عن الإصابة وامتع ببركاته التي هي أمن للناس ومثابة صدرت
والعنوان الألقاب التي في صدر المكاتبة والدعاء ضاعف الله تعالى نعمته ثم التعريف
وصورة وضعه في الورق أن يكتب في سطرين ألقابه ودعاؤه وتعريفه كما في هذه الصورة
الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني النصيري الذخري الفلاني ضاعف الله تعالى نعمته فلان الفلاني
والعلامة المملوك فلان بقلم الثلث الثقيل مقابل السطر الأول من المكاتبة

الطبقة الثالثة أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي وما في معنى ذلك والرسم فيه أن يترك تحت الملكي الفلاني بحيث يبقى من الوصل الذي فيه البسملة ما يسع سطرين فقط ثم يختلف الحال فيه فإن كان المكتوب إليه من ارباب السيوف كتب أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي العوني النصيري الذخري الفلاني ويدعى له نحو وأيد عزمه وأظهره وكبت عدوه وقهره صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما طيبا وثناء مطنبا وتوضح لعلمه كيت وكيت فالجناب العالي يتقدم بكيت وكيت فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
دعاء آخر يناسبه وموه بجهاده كل سنان ونبه بجلاده جفن كل سيف وسنان صدرت هذه المكاتبة تحييه بسلام يطيب وثناء يهتز غصنه الرطيب وتوضح لعلمه
وإن كان من الكتاب كتب أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي القضائي والألقاب من نسبة ما تقدم في ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي والدعاء نحو ولا زال قلمه لأبواب الأرزاق فاتحا ونجم رفده لأنواء الفضل مانحا صدرت
وإن كان من القضاة كتب أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي والألقاب من نسبة ما تقدم في ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي والدعاء نحو ولا أخلى الله أفق الفضل من كوكبه ولا مجال الجدال من مركبه صدرت
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي الشيخي وبقية الألقاب من نسبة ما تقدم مع ضاعف الله تعالى نعمة الجناب

والدعاء نحو نفع الله ببركات خلواته التي كم انجلت عن الرشاد وبان في مرآتها نور الهدى للعباد وأنارت إنارة الشمس لا إنارة الزناد
والعنوان بنظير الألقاب التي في صدر المكاتبة والدعاء أدام الله تعالى نعمته
وصورة وضعه في الورق ان يكتب في سطرين الألقاب والدعاء والتعريف كما في هذه الصورة
الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي العوني النصيري الذخري الفلاني أدام الله نعمته فلان الفلاني
والعلامة المملوك فلان تحت البسملة بقلم مختصر الطومار
المرتبة الثالثة الدعاء للمجلس ويختص بالمجلس العالي والبياض فيه تحت الملكي الفلاني بحيث يبقى من الوصل قدر سطرين كما تقدم في الجناب العالي ويختلف الحال فيه فإن كان من ارباب السيوف كتب أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الذخري العوني الفلاني ويدعى له نحو وايد عزمه ووفر من الخيرات قسمه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاما وتوفر له من الخير أقساما وتوضح لعلمه المبارك كيت وكيت فالمجلس يتقدم بكيت وكيت فيحيط بذلك علما والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
وهذه أدعية تليق بهذه المكاتبة
دعاء من ذلك ولا زال مشكور الاهتمام موصوف المحاسن وصف البدر التمام معروفا بجميل الأثر مثل ما تعرف مواقع الغمام صدرت هذه المكاتبة إلى

المجلس العالي تهدي إليه سلاما وتسدد لرأيه الصائب سهاما وتوضح لعلمه الكريم
آخر ولا زال سيفا يدفع بحده ويجري ماء النصر من فرنده ويتنوع به الظفر فيقتل بتجريده ويخاف وهو في غمده
وإن كان من الكتاب كتب أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي القضائي الأجلي الكبيري الرئيسي الماجدي الأوحدي الأثيري الفلاني ويدعى له نحو وسدد رأيه ووفقه وصدق فيه الظن وحققه وجمع له شمل السعادة ثم لا فرقه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تشكر مساعيه واهتمامه الذي بان طرف النجم وهو يراعيه وتوضح لعلمه الكريم
آخر ولا نزع عنه ثوب سعادة ولا غير منه جميل عادة ولا عرف سوى بابه الذي لو كان له الحق في جبهة الأسد لاستعاده صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه السلام والثناء الذي تنطق به السنة الاقلام وتوضح لعلمه
وإن كان من القضاة كتب أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي القضائي الكبيري العالمي العاملي الفاضلي الأوحدي الفلاني ويدعى له نحو ولا برحت طلبته مفيدة المطالب مورية الهدى في الغياهب قائمة أقلام هدايتها في ليالي الحيرة مقام الكواكب
آخر ولا برحت الدنيا ممطورة بغمامه محبورة بدخولها تحت ذمامه
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب أدام الله تعالى بركة المجلس العالي الشيخي الإمامي العالمي العاملي العابدي الورعي الزاهدي

الأوحدي الفلاني ويدعى له نحو ولا زال نوره يسعى بين يديه ويدعى باسمه إليه
آخر أعاد الله من بركاته على الراعي والرعية وجعل خلواته خلوات كل نفس راضية مرضية والباقي على ما تقدم
والعنوان الألقاب التي في الصدر والدعاء أدام الله تعالى نعمته ثم التعريف
وصورة وضعه في الورق أن تكتب ألقابه والدعاء والتعريف كما في هذه الصورة
المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الذخري العوني الفلاني أدام الله تعالى نعمته فلان الفلاني
والعلامة المملوك فلان بقلم مختصر الطومار تحت الملكي الفلاني على ما تقدم في المكاتبة قبلها
واعلم أن ترتيب هذه الدرجة على هذه المراتب من الدعاء بأعز الله تعالى أنصار المقر الكريم ثم أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم ثم ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي ثم أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي ثم أدام الله نعمة المجلس العالي هو المستقر عليه الحال بين كتاب الزمان بالديار المصرية وجعل في عرف التعريف أعلى المراتب في الدعاء أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم ثم أعز الله تعالى نصرة المقر الكريم ثم أعز الله تعالى نصر المقر الكريم ثم أدام الله تعالى نصرة الجناب الشريف ثم أدام الله نصرة الجناب الكريم ثم ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي وحرس الله تعالى نعمة الجناب العالي مع اختصار الألقاب وحذف بعضها ثم أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي وعلى كثير من ذلك كان الحال جاريا إلى آخر الدولة الأشرفية شعبان بن حسين ثم أخذ

الناس في التغيير إلى أن صار الأمر على ما هو عليه الآن
قلت وكانوا في الزمن السالف في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون وما والاها لا يأتون مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي والجناب الشريف بأصدرناها ولا بصدرت هذه المكاتبة كما هو الآن بل بعد الدعاء يقولون مع أعز الله تعالى أنصار المقر الشريف المملوك يقبل الباسطة ثم يأتي بالإنهاء بعد ذلك مثل أن يقول المملوك يقبل الباسطة الكريمة التي هي معدن السماح وموطن ما يوهن العدا من صدور الصفاح وينهي أو يقول يقبل الباسطة الكريمة ويرتع منها في كل ديمة وينهي أو والمملوك يقبل اليد الشريفة ويلجأ إلى ظلالها الوريفة وينهي ومع الجناب الشريف لفظ المملوك يخدم ثم يقول ويبدي مثل أن يكتب المملوك يخدم بأثنيته ويفض عقود الشكر على أنديته ويبدي لعلمه الكريم أو المملوك يخدم بأثنيته التي تزيد الطيب طيبا وتسري سرى السحب فلا تدع في الأرض جريبا ويبدي لعلمه الكريم وربما أعاض ذلك بقوله صدرت هذه الخدمة مثل أن يقول صدرت هذه الخدمة وسلامها يتضوع وثناؤها السافر لا يتبرقع

الدرجة الرابعة الابتداء بصيغ مخترعة من صدور مكاتبات الأدعية
اعلم أن صدور المكاتبات المفتتحة بالأدعية يقال فيها بعد الدعاء المعطوف أصدرناها أو صدرت هذه المكاتبة ثم يقال وتبدي لعلمه أو وتوضح لعلمه ومن أجل ذلك جعلت هذه الدرجة دون درجة الافتتاح بالدعاء لأن هذه فرع من فروع تلك وحينئذ فيكون الصدر مشتملا بعد الدعاء على ثلاثة أشياء
أحدها افتتاح صدور المكاتبة بقوله أصدرناها أو صدرت

والثاني الإشارة إلى المكاتبة بقوله هذه المكاتبة
والثالث الإعلام بما صدرت بسببه المكاتبة فانتظم من ذلك ثلاث مراتب
المرتبة الأولى الافتتاح بصدور المكاتبة وفيها طبقتان
الطبقة الأولى صدرت والعالي وهي أن تفتتح المكاتبة بأن يقال صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي ويختلف الحال فيها
فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي الأميري الكبيري المجاهدي المؤيدي الذخري الأوحدي الفلاني ويدعى له نحو أدام الله تعالى نعمته ووفر من الخير قسمته تتضمن إعلامه كيت وكيت فالمجلس العالي يتقدم بكيت وكيت فيعلم ذلك ويعتمده والله الموفق
وإن كان من الكتاب كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي القضائي الكبيري الرئيسي الكاملي الماجدي الأثيري الأوحدي الفلاني ويدعى له نحو حرس الله مجده وأنجح قصده والباقي على ما تقدم
وإن كان من القضاة كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي القضائي الأجلي الإمامي الصدري الفقيهي الكاملي الفاضلي الفلاني ويدعى له نحو أيد الله أحكامه ووفر من الخير أقسامه والباقي على ما تقدم
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي الشيخي الإمامي العالمي العاملي الزاهدي العابدي الورعي الأوحدي ويدعى له نحو أعاد الله من بركته ونفع المسلمين بصالح أدعيته والباقي على ما تقدم
والعنوان بالألقاب التي في الصدر وأول سجعة من الدعاء فيه وتكون الألقاب والدعاء والتعريف في سطرين كما في هذه الصورة

المجلس العالي الأميري الكبيري المجاهدي المؤيدي الذخري الأوحدي الفلاني الله رفعتهفلان الفلاني
والعلامة المملوك فلان تحت الملكي الفلاني بقلم مختصر الطومار الثقيل وربما جعل بعضهم العلامة أخوه
الطبقة الثانية صدرت والسامي وهي ان تفتتح المكاتبة بأن يقال صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والبياض فيها تحت الملكي الفلاني كما في المكاتبة التي قبلها بحيث لا يبقى من الوصل إلا ما يسع سطرين فقط على ما تقدم
ثم إن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري الكبيري المجاهدي العضدي الذخري الأوحدي الفلاني ويدعى له نحو أدام الله سعده وأنجح قصده ثم يقال تتضمن إعلامه كيت وكيت فالمجلس السامي يتقدم بكيت وكيت فيعلم ذلك ويعتمده ويبادر إليه والله الموفق
وإن كان من الكتاب كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي القضائي الأجلي الكبيري الزيني الماجدي الأثيري الأوحدي الفلاني ويدعى له نحو ضاعف الله تعالى إقباله أو أدام الله سعادته وبلغه إرادته والباقي على ما تقدم
وإن كان من القضاة كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي القضائي الصدري الفقيهي الإمامي العالمي الفاضلي الكاملي الأوحدي فلان الدين والباقي من نسبة ما تقدم
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الشيخي العالمي العاملي الورعي الزاهدي الأوحدي الفلاني ويدعى له نحو لا أخلاه الله من أنسه ولا أبعده من حضرة قدسه والباقي على نحو ما تقدم
والعنوان الألقاب التي في صدر المكاتبة بالسجعة الأولى مما فيه من الدعاء والتعريف

وصورة وضعه في الورق أن يكتب في سطرين كما في هذه الصورة
المجلس السامي الاميري الكبيري المجاهدي العضدي الذخري الأوحدي الفلاني الله سعده الفلاني والعلامة أخوه فلان تحت الملكي الفلاني بقلم مختصر الطومار الثقيل
المرتبة الثانية الافتتاح بالإشارة إلى المكاتبة وهي أن يكتب هذه المكاتبة إلى المجلس السامي بغير ياء في القابه ويعبر عنه بالسامي بغير ياء والبياض فيها تحت الملكي الفلاني متسع أيضا بحيث لا يبقى من الوصل إلا ما يسع سطرين فقط
ثم إن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير الأجل الكبير المجاهد المؤيد الأوحد الذخر فلان الدين ويدعى له نحو أدام الله إقباله وبلغه آماله أو أنجح الله قصده وأعذب ورده تعلمه كيت وكيت فالمجلس يتقدم بكيت وكيت فيعلم ذلك ويعتمده ويبادر إليه والله الموفق
وإن كان من الكتاب كتب هذه المكاتبة إلى المجلس السامي القاضي الأجل الكبير الصدر الرئيس الأوحد ويدعى له نحو أدام الله سعادته وبلغه من الخير إرادته تعلمه كيت وكيت والباقي على ما تقدم
وإن كان من القضاة كتب هذه المكاتبة إلى المجلس السامي القاضي الأجل الكبير العالم الفاضل الكامل الأوحد فلان الدين والباقي من نسبة ما تقدم
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الشيخ الصالح الورع الزاهد فلان الدين نفع الله تعالى ببركته ولا أخلى مجالس الذكر من محاسن سمته وسمته والباقي من نسبة ما تقدم
والعنوان الألقاب التي في صدر الكتاب وأول سجعة من الدعاء الذي فيه وتعريفه ويكون في سطرين كما في هذه الصورة

المجلس السامي الأمير الأجل الكبير المجاهد المؤيد الأوحد الذخر فلان الدين الله إقباله الفلاني
المرتبة الثالثة الافتتاح بالإعلام بالقصد وهو أن يكتب يعلم فلان وقد تقدم في الكلام على مقدمة المكاتبات من هذه المقالة أن الصواب فيها ليعلم بإثبات لام الأمر في أوله فحذف كتاب الزمان منها اللام اللازم إثباتها وأجروها مجرى الخبر والرسم فيه أن يترك تحت الملكي الفلاني بياض بحيث لا يبقى من الوصل إلا ما يسع سطرين كما في المكاتبة قبلها وما قبل ذلك
ثم إن كان المكتوب له من أرباب السيوف كتب يعلم الأمير الأجل الكبير المؤيد الذخر المرتضى المختار فلان الدين ويدعى له نحو أدام الله عزه ووفر من الخير كنزه كيت وكيت فمجلس الامير يتقدم بكيت وكيت فيعلم ذلك ويعتمده ويبادر إليه والله الموفق بمنه وكرمه
وإن كان من الكتاب كتب يعلم مجلس القاضي الأجل الكبير العالم الفاضل الكامل الأوحد فلان الدين كيت وكيت والباقي من نسبة ما تقدم
وإن كان من القضاة كتب يعلم مجلس القاضي الأجل الكبير العالم الفاضل الكامل الأوحد فلان الدين كيت وكيت والباقي من نسبة ما تقدم
وإن كان من مشايخ الصوفية كتب يعلم مجلس الشيخ الصالح الورع الزاهد الأوحد الكامل فلان الدين كيت وكيت والباقي من نسبة ما تقدم
والعنوان لهذه المكاتبة الألقاب التي في الصدر والدعاء بأول سجعة مما فيه من الدعاء والتعريف
وصورة وضعه في الورق أن يكتب ذلك في سطرين كما في هذه الصورة

المجلس الأمير الأجل الكبير المؤيد الذخر المرتضى المختار فلان الدين الله عزه الفلاني
والعلامة تحت البسملة الاسم بقلم مختصر الطومار الثقيل
قلت ومما يجب التنبيه عليه أن الألقاب المذكورة في صدور المكاتبات وعنواناتها ليست موقوفا عندها بل لكل واحد فيها اختيار من تقديم وتاخير وتبديل لقب بلقب وزيادة ونقص إلا أن الزيادة والنقص يكونان على المقاربة مثل زيادة لقب ولقبين وثلاثة ونقصها على أنهم في الزمن السابق كانوا يتعاطون في الإخوانيات الألقاب المركبة في الصدور والعنوانات فيما يبدأ فيه بالدعاء وما بعد ذلك إلى اخر المراتب كما هو في السلطانيات
فإن كان من ارباب السيوف قيل مع الدعاء للمقر الشريف لأرباب السيوف بعد استيفاء الألقاب المفردة عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين زعيم الجيوش مقدم العساكر عون الامة غياث الملة ممهد الدول مشيد الممالك ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين ومع الدعاء للمقر الكريم عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين عماد الدولة عون الأمة ذخر الملة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين وعلى ذلك إلى آخر كل مرتبة بحسبها
وإن كان من رؤساء الكتاب قيل جلال الإسلام والمسلمين سيد الكبراء في العالمين رئيس الأصحاب قوام الأمة نظام الملة مدبر الدولة ذخر الممالك ظهير الملوك والسلاطين وكذلك إلى آخر المراتب كل مرتبة بحسبها وكذلك القول في القضاة ومشايخ الصوفية كل أحد منهم بما يناسبه من الألقاب لوظيفته ورتبته ثم اقتصروا بعد ذلك على استعمال اللقب المضاف إلى الملوك والسلاطين مثل ظهير الملوك والسلاطين ونحو ذلك فحذف كتاب الزمان هذه الألقاب المركبة جملة أختصارا وهو مستحسن لما في ذلك من ميل النفوس إلى

الاختصار ولتخالف المكاتبات الصادرة عن السلطان فتكون مختصة بالألقاب المركبة دون غيرها

القسم الثاني من المكاتبات الإخوانيات الدائرة بين أعيان المملكة وأكابر
أهل الدولة الأجوبة وهي على ضربين
الضرب الأول ما يفتتح من ذلك بما تفتتح به الابتداءات المتقدمة الذكر
والرسم فيها أن يكتب صدر الكتاب كما يكتب ان لو كان ابتداء ثم يذكر ورود الكتاب المجاوب عنه ويؤتى بالجواب عما تضمنه وهو على اربع مراتب
المرتبة الأولى وهي أعلاها في تعظيم الكتاب الوارد أن يعبر عنه بالمثال وذلك مع الابتداء بلفظ يقبل الأرض وينهي كيت وكيت وصورته أن يقول بعد كمال الصدر ورود المثال الكريم العالي أعلاه الله تعالى على المملوك على يد فلان ويذكر ما يليق به من المجلس العالي أو المجلس السامي أو غيرهما ثم يقول فقبل المملوك لوروده الأرض وأدى من واجبه الفرض وتضاعف دعاء المملوك لتأهيله لغلمانية الأبواب الكريمة وابتهج بوروده وحمد الله وشكره على ما دل عليه من عافية مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره إن كان المثال قد ورد من نائب سلطنة أو من عافية مولانا قاضي القضاة إن كان قاضيا أو من عافية المخدوم وصحة مزاجه المحروس وقابل المملوك المراسيم الكريمة بالامتثال ففهم ما رسم له به من كيت وكيت والمملوك لم يكن عنده غفلة ولا إهمال فيما رسم له به وإن كان ثم فصول كثيرة قال فأما ما رسم له به من كيت وكيت فقد امتثله المملوك ويجاوب عنه ثم يقول وأما ما رسم له به من كيت وكيت فالأمر فيه كيت وكيت حتى يأتي على آخر الفصول فإذا انتهى إلى

آخرها قال وسؤاله من الصدقات العميمة إمداده بمراسيمه الكريمة وخدمه ليفوز بقضائها ويبادر إلى امتثالها والمملوك مملوكه وعبد بابه الشريف
المرتبة الثانية أن يعبر عن الكتاب الوارد بالمثال العالي بدون الكريم وذلك مع الابتداء بلفظ يقبل الأرض وينهي بعد ابتهاله إلى الله تعالى والابتداء بيقبل الأرض بعد رفع دعائه ويقبل الأرض بالمقر الشريف ويقبل الباسط الشريف فأما مع يقبل الأرض بعد ابتهاله فالأمر على ما تقدم في جواب المكاتبة قبلها إلا أنه يقتصر على المثال العالي دون الكريم كما تقدمت الاشارة إليه وأما مع يقبل الأرض بعد رفع دعائه فإنه يقول بعد تكملة الصدر ورود المثال العالي اعلاه الله تعالى على يد فلان فقبله حين قابله ووقف على ما تضمنه من كيت وكيت وفرح بما دل عليه من عافية المخدوم وحمد الله تعالى وشكره على ذلك وفهم ما اشار إليه من كيت وكيت ويجاوب عنه ثم يقول والمملوك يسأل إحسان المخدوم بتشريف المملوك بمهماته ومراسيمه ليفوز بقضائها فإن المملوك وقف المالك طالع بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه أو نحو ذلك وأما مع يقبل الأرض بالمقر الشريف ويقبل الباسط الشريف فإنه يقال ورود المثال العالي ايضا وربما قيل ورود مثاله العالي وقد يقال المشرف الكريم العالي على ما تقتضيه رتبة المكتوب إليه ويرتضيه المكتوب عنه والباقي على نحو ما تقدم
المرتبة الثالثة أن يعبر عن الكتاب الوارد بالمشرفة على التأنيث وذلك مع يقبل الباسطة ويقبل اليد ويختلف الحال في ذلك بحسب المراتب فيقال يقبل الباسطة وينهي ورود المشرفة الكريمة ومع اليد الشريفة والكريمة والعالية وفي معنى ذلك يخدم إذا كتب بها وكذلك أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم وإن كان المكتوب عنه يكني عن نفسه بنون الجمع المقتضية للتعظيم ثم يقول في كل منها فقبلها المملوك حين قابلها ووقف على ما تضمنته من محبته ومودته وفهم ما شرحه من أمر كيت وكيت ويجارب عنه ثم يقول والمستمد من محبته تشريف المملوك بمراسيمه ومشرفاته وخدمه ليفوز بقضائها ويبادر

إلى امتثالها فإن المملوك ما عنده فيما غفلة يقتضيه رأيه العالي والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
المرتبة الرابعة أن يعبر عن الكتاب الوارد بالمكاتبة وذلك مع الابتداء بالدعاء بلفظ ضاعف الله نعمة الجناب العالي وأدام الله تعالى نعمة المجلس العالي وصدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي أو المجلس السامي أو هذه المكاتبة إلى المجلس السامي أو يعلم مجلس فيقال وتوضح لعلمه أو موضحة لعلمه أو تتضمن إعلامه أو تعلمه أو يعلم على حسب المراتب المتقدمة ورود مكاتبته فوقفنا عليها وأحطنا علما بما تضمنته من كيت وكيت ويجاوب عنه ثم يقول فيتقدم الجناب أو المجلس أو مجلس الأمير ونحو ذلك مما يقتضيه الحال بإعلامنا بأخباره وضروراته وحوائجه
واعلم أن لكاتب السر أجوبة لنواب السلطنة وغيرهم ممن ترد عليه مكاتباتهم بطلب الملاحظة عند عرض مكاتباتهم على الحضرة السلطانية وتحسين السفارة في ذلك ويقع الخطاب في جواب كل منهم على حسب رتبته
ففي جواب نائب السلطان بالشام المحروس يكتب ما صورته وينهي بعد رفع أدعيته الصالحة تقبلها الله تعالى من المملوك ومن كل داع مخلص بدوام ايام مولانا ملك الأمراء أعز الله تعالى أنصاره وخلود سعادته عليه أن المثال الكريم ورد على المملوك على يد فلان فنهض له المملوك وأجمل في تلقيه السلوك وفضه عن صدقات عميمة وتفضلات جسيمة وفرح بما دل عليه من سلامة مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره وعافيته وصحة مزاجه المحروس وتضاعف سرور المملوك بذلك وتزايد ابتهاجه به وسأل الله تعالى أن يديم حياة مولانا ملك الأمراء أعز الله انصاره ويبقيه وانتهى إلى ما تضمنته الإشارة في معنى تجهيز المشار إليه إلى خدمة الأبواب الشريفة بما على يده من المكاتبة الكريمة وما رسم به من القيام في خدمتها وعرضها بين يدي المواقف الشريفة شرفها الله تعالى وعظمها وقابل المملوك الإشارة الكريمة بالامتثال بالسمع والطاعة وبادر إلى ما رسم به وقد عرض المملوك المكاتبة الكريمة على المسامع

الشريفة وكتب الجواب الشريف عن ذلك بما ستحيط به العلوم الكريمة وعاد بذلك إلى خدمة مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره والمملوك مملوك مولانا ملك الأمراء عز نصره ومحبه القديم والمعترف بإحسانه وصدقاته ويسأل تشريفه بالمهمات والخدم أنهى ذلك إن شاء الله تعالى
وفي جواب بقية النواب بالممالك الشامية كنواب السلطنة بحماة وطرابلس وصفد والكرك ومقدم العسكر بغزة يكتب وينهي بعد رفع دعائه وإخلاصه في محبته وولائه واعترافه بإحسان مولانا وآلائه أن المثال العالي أعلاه الله تعالى ورد على المملوك على يد فلان فقبله المملوك وأحسن في تلقيه السلوك وفرح بما دل عليه من عافية مولانا وسلامته وصحة مزاجه المحروس وحمد الله تعالى على ذلك وانتهى إلى ما أشار إليه من تجهيز المطالعة الكريمة إلى الأبواب الشريفة شرفها الله تعالى وعظمها وفهم المملوك ذلك وامتثل ما اشار إليه بالسمع والطاعة ووقف في خدمتها عند العرض على المسامع الشريفة وأحاطت العلوم الشريفة بمضمونها وكتب الجواب الشريف عن ذلك بما سيحيط به علم مولانا وقد عاد فلان بالجواب الشريف وبهذه الخدمة وحمله المملوك من السلام والشوق والدعاء والولاء وتقبيل الأرض ما يبديه لمسامع مولانا والمملوك يسأل إحسانه الإصغاء إلى ذلك والتشريف بمراسيمه وخدمه ليبادر إلى قبولها والله تعالى يؤيده ويحرسه بمنه وكرمه
وعلى قياس ذلك في غير هذه من المكاتبات بحسب ما تقتضيه رتبة كل واحد من أصحابها

الضرب الثاني من الأجوبة ما يفتتح بورود المكاتبة مصدرا بلفظ وردت أو
وصلت أو وقفت على المكاتبة وما أشبه ذلك
مثل أن يكتب ورد المثال الكريم الفلاني وذكر سلامته أحلى من ذكر الأوائل وقد تطرز منه طرازا أشرف من طراز الغلائل وما سكن القلب إلى شيء

كسكونه إليه ولا رأى واردا أكرم منه عليه فقابل نعمة قدومه بدوام شكرها وطوى صحائف الآمال إلا من نشرها وإذا كان وجه الأيام مقطبا استغنى ببشر وجهه الميمون عن بشرها فإن حسن في رأيه الإجراء على عوائد إحسانه من التشريف بمراسيمه وخدمه والمواصلة بها نالت النفس من ورودها نهاية أربها
قلت أما الأجوبة المطلقة وهي الدائرة بين الأصدقاء والأصحاب من أفاضل الكتاب وعيون أهل الأدب ممن له ملكة في الإنشاء وقوة في النظم والنثر فإنها لا تتوقف على ابتداء مخصوص ابتداء ولا جوابا بل قد تكون مبتدأة بما تقدم من الابتداءات وقد تكون بغير ذلك من الافتتاحات التي يختارها صاحب الرسالة بل أكثرها مفتتح بالشعر المناسب للحال المكتوب فيها بل ربما اقتصر فيها على الشعر خاصة دون النثر
المهيع الثاني في بيان رتب المكتوب عنهم والمكتوب إليهم من أعيان الدولة بمملكة الديار المصرية وما يستحقه كل منهم من رتب المكاتبات السابقة على ما الحال مستقر عليه في زماننا
اعلم أن المكتوب عنهم من أعيان الدولة على طبقات لكل منهم مكاتبات بصدر يختص به إلى من فوق رتبته أو مساو له في الرتبة أو دونه فيها مرتبة على ترتيب المكاتبات الصادرة عن الأبواب السلطانية إلى أهل الدولة
الطبقة الأولى من المكتوب عنهم من يكتب إليه عن السلطان اعز الله تعالى انصار المقر الكريم ككافل السلطنة وهو نائب السلطان بالحضرة وأتابك العساكر ونائب السلطنة بالشام والمكتوب إليهم عن هذه الطبقة على مراتب

المرتبة الأولى من يكتب له عن هذه الطبقة الفلاني بمطالعة وممن يكتب إليه بذلك عن نائب الشام فيما رأيته أتابك العساكر بالأبواب الشريفة وكان ما كتب له المخدومي الأتابكي فلان الفلاني باللقب المضاف إلى لقب السلطان أتابك العساكر المنصورة
المرتبة الثانية من يكتب إليه الأبواب بمطالعة وممن يكتب إليه بذلك عن النائب الكافل بالحضرة والأتابك نائب السلطنة بالشام فقد قال في التثقيف إن بهذه المكاتبة يكتب عن أكابر أمراء الديار المصرية إلى نائب الشام وحلب فيما أظن وممن يكتب إليه بذلك عن نائب الشام الدوادار وأميراخور ومقدموا الألوف بالديار المصرية وأكابر الأمراء مقدمي الألوف بالشام وكافل المملكة الشريفة الحلبية
المرتبة الثالثة من يكتب له عن هذه الطبقة الأبواب بغير مطالعة وبذلك يكتب عن كافل السلطنة بالحضرة إلى نائب السلطنة بحلب وقد ذكر في التثقيف أنه كان يكتب بذلك عن الأمير يلبغا العمري يعني الخاصكي وهو أتابك الديار المصرية إلى نائب الشام ايضا ثم قال وكذلك كتب بعده إلى نائبي

وحلب الأمير منكلي بغا والأمير الجاي ونواب السلطنة بالديار المصرية وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى كل من قضاة القضاة الأربعة بالديار المصرية وكذلك الوزير وكاتب السر بها
المرتبة الرابعة من يكتب له عن هذه الطبقة الباب الكريم والباب العالي أما الباب الكريم فإنه يكتب بذلك عن النائب الكافل والأتابك وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى الامراء الطبلخاناه بالديار المصرية وإستادار الأملاك الشريفة وناظر الجيوش المنصورة بالأبواب السلطانية وناظر الخواص وناظر الدولة وحاجب الحجاب بالشام وقاضي القضاة الشافعي بالشام وكاتب السر به ونائب السلطنة بطرابلس نائب السلطنة بحماة ونائب السلطنة بصفد ونائب السلطنة بالكرك
أما من يكتب له عن نائب الشام الباب العالي بدون الكريم فمقدم العسكر المنصور بغزة والقضاة الثلاثة بالشام ما خلا الشافعي المقدم ذكره والوزير بالشام
المرتبة الخامسة من يكتب إليه عن هذه الطبقة يقبل الأرض بالمقر الشريف وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك إلى نائب طرابلس ونائب

حماة ونائب صفد ونائب الإسكندرية وأمراء الألوف بالديار المصرية وبه يكتب عن نائب الشام
المرتبة السادسة من يكتب إليه عن هذه الطبقة الباسط الشريف وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك إلى مقدم العسكر بغزة ومقدم العسكر بسيس ونائب السلطنة بالكرك وحاجب الحجاب بالشام وحاجب الحجاب بحلب
السابعة من يكتب له عن هذه الطبقة الباسطة الشريفة وممن يكتب له بذلك عن نائب الشام قاضي القضاة الشافعي بحلب
المرتبة الثامنة من يكتب له عن هذه الطبقة اليد الشريفة أو اليد الكريمة أو اليد العالية وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك إلى نائبي الوجه القبلي والوجه البحري بالديار المصرية ونائب القدس ونائب حمص ونائب الرحبة ونائب البيرة ونائب قلعة المسلمين ونائب ملطية ونائب دبركي ونائب الأبلستين ونائب طرسوس ونائب أذنه ونائب بهسنا وأمراء الألوف بالشام وحلب
وبذلك يكتب أيضا عن نائب الشام إلى أمراء العشرات بالديار المصرية

وقضاة العسكر بها وحاجب الحجاب بحلب والقضاة الثلاثة الحنفي والمالكي والحنبلي بها
المرتبة التاسعة من يكتب له عن هذه الطبقة اعز الله تعالى أنصار المقر الكريم وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى كاشف الصفقة القبلية وإلى الأمراء مقدمي الألوف بالشام وناظر الجيش به وأمير آل فضل ونائب حمص وكاتب السر بحلب ونائب المملونائب دوركي ونائب درندة
المرتبة العاشرة من يكتب له عن هذه الطبقة أعز الله تعالى نصرة المقر الكريم وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى نائب قلعة دمشق والحاجب الثاني بها ووكيل بيت المال بها ومقدمي الألوف بحلب ونائب الجبش بها ونائب الرحبة ونائب الأبلستين ونائب ملطية ونائب قلعة المسلمين ونائب بهسنا ونائب البيرة ونائب جعبر ونائب الرها ونائب حسبان
المرتبة الحادية عشرة من يكتب له عن هذه الطبقة أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى أمراء الطبلخاناه بالشام ونائب القدس ونائب بعلبك ومتولي صيدا وأمراء الطبلخاناه بحلب ووكيل بيت المال بها والمحتسب بها وناظر خاص البريد بها وأمير حاجب بصفد
المرتبة الثانية عشرة من يكتب إليه عن هذه الطبقة ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى والي قطيا وربما زيد فيه الكريم

المرتبة الثالثة عشرة من يكتب إليه عن هذه الطبقة أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى أمراء العشرات بمصر وأمراء العشرينات بالشام والمحتسب بها والحاجب الكبير بغزة ومقدم عرب بني عقبة وأكابر عرب آل فضل وأمير عرب آل علي وأمير آل موسى ونائب مصياف ومتولي بيروت
المرتبة الرابعة عشرة من يكتب إليه عن هذه الطبقة المجلس العالي مع الدعاء وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى العشرات بدمشق ووالي المدينة ووالي البر بها والحاجب الثاني بغزة وأمير آل مرا ومقدم عرب جرم ومقدم بني مهدي وأمراء العشرينات بحلب
المرتبة الخامسة عشرة من يكتب إليه عن هذه الطبقة صدرت والعالي وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك إلى كاشف الوجه البحري من الديار المصرية وكاشف الفيوم والبهنساوية ووالي أسوان وكشاف الجسور من أمراء الطبلخاناه بالوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية ونائب قلعة حلب ونائب آياس ونائب جعبر ونائب درندة وحاجب الحجاب بطرابلس وحاجب الحجاب بحماة وحاجب الحجاب بصفد وبذلك يكتب أيضا عن نائب الشام إلى أجناد الحلقة بمصر والحاجب

الكبير بحمص وأمراء العشرات بحلب
المرتبة السادسة عشرة من يكتب إليه عن هذه الطبقة صدرت والسامي وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك إلى والي قوص ووالي منفلوط ووالي الأشمونين ووالي البهنسا ووالي منوف ووالي الغربية ووالي الشرقية ووالي قطيا ونائب مصياف ونائب بعلبك ونائب قلعة صفد ونائب عينتاب والحاجب الكبير بغزة وبذلك يكتب أيضا عن نائب الشام إلى مقدم الحلقة بالشام وأعيان الجند بها ومقدم بني مهدي ومتولي الصلت وعجلون ومتولي صرخد والحاجب الصغير بحمص ووالي تدمر ومقدم إقليم الخروب بصيدا ومقدم إقليم النعاج ووالي البقاعين ووالي بلنياس
المرتبة السابعة عشرة من يكتب إليه عن هذه الطبقة هذه المكاتبة وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك إلى والي الجيزية ووالي إطفيح ووالي قليوب ووالي أشموم الرمان بالديار المصرية وبذلك يكتب أيضا إلى نائب الكختا ونائب كركر ونائب حجر شغلان ونائب سرفندكار ونائب القصير ونائب بغراس ونائب الراوندان ونائب الشغر وبكاس ونائب الرها ونائب الدربساك ونائب شيزر بالمملكة الحلبية وإلى نائب اللاذقية ونائب صهيون ونائب حصن الأكراد ونائب حمص ونائب المرقب ونائب بلاطنس ونائب الكهف ونائب القدموس ونائب الخوابي ونائب العليقة ونائب

المينقة من أعمال طرابلس ونائب شقيف تيرون من معاملة صفد وبذلك يكتب أيضا عن نائب الشام إلى صغار الأجناد بمصر وإلى كاشف الرملة ومتولي حسبان وحامي الخربة
المرتبة الثامنة عشرة من يكتب إليه عن هذه الطبقة يعلم وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى صغار الاجناد بالشام
واعلم أن وراء ما تقدم من المكاتبات عن نائب الشام مكاتبات أخرى إلى من هو خارج عن المملكة وهم على مراتب
المرتبة الأولى من يكتب له عنه يقبل الأرض صاحب بغداد كما كان يكتب للقان احمد بن أويس كان يكتب إليه في ورق قطع نصف الحموي بقلم الثلث الصغير يقبل الأرض لدى الحضرة الشريفة العالية المولوية السلطانية العالمية العادلية المؤيدية المالكية القانية ولا زالت عزماتها مؤيدة وآراؤها مسددة وينهى إلى العلم الكريم صاحب السراي ودشت القبجاق مثله بأبسط ألقاب
المرتبة الثانية من يكتب إليه أعز الله تعالى انصار المقر الشريف ابن السلطان احمد بن اويس المذكور وورقه نظير ورق والده وقلمه نظير قلمه صاحب هراة مثله
المرتبة الثالثة من يكتب إليه اعز الله انصار المقر الكريم صاحب ماردين اعز الله تعالى انصار المقر الكريم العالي المولوي الكبيري

العادلي السلطاني الملكي الفلاني ورفع مقداره وأجزل مباره المملوك يجدد الخدمة العالية ويصف أشواقه المتوالية وينهي لعلمه الكريم صاحب برصا من بلاد الروم وهو ابن عثمان والرسم فيه على ما كان يكتب لأبي يزيد بن مراد بك بن عثمان أعز الله تعالى انصار المقر الكريم العالي المولوي الكبيري العالمي العادلي العوني الغياثي الممهدي المشيدي الزعيمي الغازي المجاهدي المثاغري المرابطي العابدي الناسكي الزاهدي المقدمي الأتابكي المحسني الظهيري الملكي الفلاني معز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين مبيد المشركين قامع أعداء الدين مقتلع الحصون من الكافرين عون الأمة عماد الملة ذخر الدولة ظهير الملوك والسلاطين حاكم البلاد الرومية صاحب برصا وقيسرية سيف أمير المؤمنين قهر الله أعداء الدين الحنيفي بعزائمه وسطواته وجعله مؤيدا في حركاته وسكناته وأيده في جهاده واجتهاده بالنصر الذي لا يفارق ألوية أعلامه وراياته ولا زالت رعاياه محبورة وعساكره منصورة هؤلاء بجوده وهباته وهؤلاء بوجوده وحياته المملوك يقبل اليد التي لا زال القصد بها يزيد وبحر البر من أناملها مديد ونوالها يناله الوافدين حيث أموه من قريب وبعيد ويصف صفاء محبة يتضاعف نماؤها كل يوم جديد وتترادف تحيات أشواقها بالموالاة والتحميد ويتؤامر بهادي رسائلها بصدق المودة الدائمة على التأبيد ويبدي إلى العلم الكريم
قلت كذا رأيته في دستور بخط القاضي ناصر الدين بن أبي الطيب كاتب سر الشأم كان وفيه اضطراب وتخليط من نعته في ألقابه بقوله الملكي الفلاني وقوله سيد الأمراء في العالمين حيث وصفه أولا بأوصاف الملوك ثم وصفه

بأوصاف الأمراء إلى غير ذلك من الخبط الذي لا يخفى على متأمل
المرتبة الرابعة أعز الله انصار المقر العالي وزير صاحب بغداد وورقه في قطع الحموي بقلم الثلث الخفيف قاضي بغداد مثله سواء صاحب لارندا من بلاد الروم بمملكة بني قرمان ويقال في ألقابه الأصيلي نوين التوامين مجهز المقانب ذخر القانات صاحب سيواس من البلاد الرومية أيضا صاحب آياس لوق من البلاد الرومية صاحب جولمرك من بلاد الأكراد
المرتبة الخامسة الجناب الكريم صاحب حصن كيفا من بلاد الجزيرة ويقال فيه الملكي الفلاني مقدم التركمان البياضية
المرتبة السادسة الجناب العالي صاحب أرزنجان صاحب جزيرة ابن عمر من بلاد الجزيرة صاحب انطاليا من بلاد الروم ابن الشيخ عبد القادر الكيلاني شيخ الجبال
المرتبة السابعة المجلس العالي صاحب ميافارقين من بلاد الجزيرة صاحب أكل من الجزيرة ايضا صاحب أرقنين صاحب قلعة الجوز صاحب

جرموك صاحب أماسيا من بلاد الروم نائب ماردين خادم صاحب ماردين صاحب بطنان صاحب سنجار من بلاد الجزيرة صاحب حاسك صاحب أزبك صاحب الموصل صاحب سنوب صاحب بوشاظ صاحب الدربند صاحب عين دارا صاحب الحمة صاحب خلاط صاحب طلان صاحب تاخ صاحب جمشكزاك نائب كربزاك صاحب القنطرة نائب خرت برت صاحب البارعية صاحب حران صاحب العمادية صاحب حاني نائب مازكرد نائب صالحية ماردين أمير التركمان الشهرية صاحب أشنه
الطبقة الثانية ممن يكتب عنهم من أعيان الدولة بالديار المصرية من يكتب إليه عن السلطان أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم وهو نائب السلطنة بحلب
والكتابة عنه على مراتب

المرتبة الأولى الفلاني بمطالعة وهو النائب الكافل بالحضرة السلطانية وأتابك العساكر المنصورة
المرتبة الثانية الأبواب بمطالعة وهو نائب السلطنة بالشام والأمير الدوادار بالأبواب السلطانية وأستاد الدار بها وأكابر الأمراء المقدمين الخاصكية
المرتبة الثالثة الأبواب بغير مطالعة وبذلك يكتب إلى نائب الشام
المرتبة الرابعة الباب الكريم وبذلك يكتب إلى نائب السلطنة بطرابلس ونائب السلطنة بحماة ونائب السلطنة بصفد وكذلك يكتب به إلى الطبقة الثانية من الأمراء المقدمين بالحضرة ممن دون الخاصكية وفي معنى ذلك الوزير وكاتب السر وناظر الخاص وناظر الجيش ومن في معناهم
المرتبة الخامسة يقبل الأرض بالمقر الشريف وبذلك يكتب إلى حاجب الحجاب بالشأم
المرتبة السادسة يقبل الباسطة وبذلك يكتب إلى الحاجب الثاني بالشأم وحاجب الحجاب بحلب وحاجب الحجاب بحماة وحاجب الحجاب بطرابلس وقاضي القضاة الشافعي بحلب وكاتب السر بها
المرتبة السابعة يقبل اليد الشريفة وبذلك يكتب إلى نائب البيرة

ونائب ملطية ونائب قلعة المسلمين ونائب جعبر ونائب الرها ونائب الأبلستين ونائب حمص وأمراء الطبلخاناه بدمشق
المرتبة الثامنة أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم وبذلك يكتب إلى نائب طرسوس ونائب الرحبة والحاجب الثاني بطرابلس ومقدمي الألوف بها والقضاة الثلاثة المالكي والحنفي والحنبلي بحلب إلا أنه يقال أعز الله تعالى أحكام المقر
المرتبة التاسعة أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي وبذلك يكتب إلى نائب بهسنى ونائب الرحبة وأكابر الطبلخاناه بالشام ومن تولى الإمرة من عرب آل فضل ثم عزل وقضاة العساكر المنصورة بحلب وناظر المملكة بها وأمير آل علي
المرتبة العاشرة أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم وبذلك يكتب إلى أعيان أمراء الطبلخاناه بحلب والحاجب الثالث والرابع بها وأكابر أولاد أمراء عرب آل فضل
المرتبة الحادية عشرة ضاعف الله تعالى نعمه الجناب العالي وما في معناه مما يكتب به إلى أرباب الأقلام وغيرهم وبذلك يكتب إلى نائب شيزر

وأمراء الطبلخاناه بحلب غير الأعيان وناظر الأملاك الشريفة بحلب وناظر خاص البريد وموقعي الدست بها
المرتبة الثانية عشرة صدرت والعالي وبذلك يكتب إلى نائب عينتاب ونائب الراوندان ونائب الكختا ونائب كركر ونائب بغراس ونائب الدربساك ونائب الشغر وبكاس ونائب القصير وأمراء العشرينات بحلب وأعيان العشرات بها
المرتبة الثالثة عشرة صدرت والسامي وبذلك يكتب إلى مقدمي الحلقة بحلب ومقدمي البريدية بها وأعيانهم
المرتبة الرابعة عشرة السامي بغير ياء وبذلك يكتب إلى والي سرمين ووالي الباب ووالي غزاز ووالي أنطاكية ووالي حارم ووالي كفر

طاب ووالي الجبول ووالي منبج ووالي تل باشر وأجناد الحلقة بحلب وصغار البريدية بها وعداد التركمان وعداد الأكراد
واعلم أن وراء ما تقدم من المكاتبات الصادرة عن نائب حلب مكاتبات أخرى إلى من هو خارج عن المملكة كما تقدم في المكاتبات الصادرة عن نائب الشام وهي على مراتب
المرتبة الأولى المكاتبة بيقبل الارض القان صاحب بغداد كما كان يكتب إلى القان أويس وابنه أحمد يقبل الارض بالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني الأعظمي الأوحدي الملاذي العطوفي المحسني القاني الملكي الفلاني الجلالي أعلى الله تعالى شانه وأعز سلطانه وأمكن من رقاب الأعداء مكانه ولا زال لواؤه يتأزر بالنصر ويرتدي وفناؤه يروح إليه العز ويغتدي وعزمه يثقف صرف الزمان فلا يعتاد أن يعتدي ولا برح محمودا في موقف النصر موقفه ماضيا في هامات أعدائه مرهفه وينهي بعد أدعية رفعها إلى مواطن الإجابة ( فتقبلها ربها بقبول حسن ) وموالاة شفعها بالإخلاص فعجز عن وصفها ذوو البلاغة واللسن وأثنية جمعها فلذت بها الأسماع لذاذة الأعين الساهرة بالوسن أن الأمر كيت وكيت
المرتبة الثانية من يكتب له أعز الله تعالى انصار المقر الشريف صاحب ماردين والرسم ان يكتب إليه اعز الله تعالى انصار المقر الشريف العالي المولوي الكبيري العالمي العادلي السلطاني الملكي الفلاني ويدعى له نحو لا زالت ايامه مسعودة وأبوابه مقصودة وألوية النصر بنواصي خيله معقودة المملوك يقبل اليد الشريفة ويقوم من الخدمة باكمل وظيفة

وينهي لعلمه الكريم بعد السلام الزكي والثناء المسكي كيت وكيت فيحيط بذلك علمه الكريم ويتحف بالمشرفات على عادة فضله العميم
المرتبة الثالثة أعز الله تعالى انصار المقر الكريم وبذلك يكتب إلى ابن قرمان نائب السلطنة بالبلاد القرمانية حاكم جولمرك صاحب برصا وهو ابن عثمان صاحب اياس لوق
المرتبة الرابعة المقر العالي وبذلك يكتب إلى صاحب حصن كيفا والوزير بالممالك القانية وقاضيها
المرتبة الخامسة أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم وبذلك يكتب إلى صاحب أنطاليا من بلاد الروم
المرتبة السادسة ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي وبذلك يكتب إلى نائب كربزاك وحاكم جمشكزاك وحاكم سيواس وحاكم أماسيا وحاكم سنوب والحاكم بخرت برت
المرتبة السابعة أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي وبذلك يكتب إلى نائب صاحب ماردين ونائب الصالحية وبعض خدام صاحب ماردين
المرتبة الثامنة صدرت والعالي وبذلك يكتب إلى حاكم حران ونائب ما زكرد وحاكم قلعة الجوز
الطبقة الثالثة ممن يكتب عنه من أعيان الدولة بمملكة الديار المصرية من يكتب إليه عن السلطان ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي كوزير

المملكة بالديار المصرية وناظر الخاص على ما استقر عليه الحال آخرا وارباب الوظائف من الأمراء المقدمين بها كأمير سلاح وأمير مجلس وأميرأخور والدوادار وإستادار وحاجب الحجاب ونائب الإسكندرية وكذلك نواب السلطنة بطرابلس وحماة وصفد من الممالك الشامية
والمكتوب إليهم عن هذه الطبقة على تسع مراتب
المرتبة الأولى الفلاني بمطالعة وهم النائب الكافل وأتابك العساكر ونائب الشأم
المرتبة الثانية الأبواب بمطالعة وبذلك يكتب إلى نائب حلب
المرتبة الثالثة الأبواب بغير مطالعة وبذلك يكتب إلى نائب طرابلس ونائب حماة ونائب صفد ونائب الكرك وأمير سلاح وغيره من سائر من في هذه الطبقة
المرتبة الرابعة الباب الكريم وبذلك يكتب إلى نائبي الوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية ومقدمي العسكر بغزة وسيس والأمراء المقدمين المتوجهين من الأبواب السلطانية لكشف الجسور والمساحة وقبض الغلال
المرتبة الخامسة يقبل الأرض بالمقر الشريف إن قصد تعظيمه أو الباسط الشريف إن لم يقصد وبذلك يكتب إلى
المرتبة السادسة يقبل اليد العالية وبذلك يكتب إلى أمراء الطبلخاناه المتوجهين من الأبواب السلطانية لكشف الجسور والمساحة والقبض وربما انحطت رتبة أحد هؤلاء فكتب إليه أعز الله تعالى أنصار المقر

الكريم أو نصرة الجناب الكريم أو ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي
المرتبة السابعة ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي وبذلك يكتب إلى كاشف الوجه البحري وكاشف الفيوم والبهنساوية
المرتبة الثامنة أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي وبذلك يكتب إلى الولاة الطبلخاناه بالوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية كقوص والمحلة وغيرهما وربما كتب صدرت والعالي لأحدهم المرتبة التاسعة صدرت والسامي وبذلك يكتب إلى ولاة العشرات بالوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية
الطبقة الرابعة ممن يكتب عنه من أعيان الدولة بمملكة الديار المصرية من يكتب إليه عن السلطان أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي ككاتب السر وناظر الجيش وكذلك الحجاب الطبلخاناه بالديار المصرية وعلى ذلك كان ناظر الخاص في الزمن المتقدم فلما جمع للصاحب شمس الدين المقسي بين الوزارة ونظر الخاص كان يكتب عنه بما يكتب به عن الوزراء كما تقدم فلما انفصل الخاص عن الوزارة روعي في الخاص ذلك القدر فكتب عن ناظر الخاص كما كتب عن الوزير والأمر على ذلك إلى الآن
والمكاتبات الصادرة عن هذه الطبقة على مراتب
المرتبة الأولى الفلاني بمطالعة وبذلك يكتب إلى النائب الكافل والأتابك ونائب الشام وألحقوا بهذه الرتبة نائب حلب فكتبوا إليه الفلاني
المرتبة الثانية الأبواب بمطالعة وبذلك يكتب عن هذه الطبقة إلى نواب السلطنة بطرابلس وحماة وصفد وثغر الإسكندرية

المرتبة الثالثة الأبواب بغير مطالعة وبذلك يكتب إلى نائبي الوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية ومقدمي العسكر بغزة وسيس وربما كتب إلى أحدهم الباب الكريم
المرتبة الرابعة الباسط الشريف وبذلك يكتب إلى نائب الكرك
المرتبة الخامسة يقبل الباسطة وبذلك يكتب إلى نائب القدس الشريف ونائب الرحبة وكاشف الوجه البحري وكاشف الفيوم بالديار المصرية
المرتبة السادسة يقبل اليد العالية وبذلك يكتب إلى الولاة الطبلخاناه بالوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية
المرتبة السابعة يخدم الجناب العالي وبذلك يكتب إلى الولاة العشرات الوجهين القبلي والبحري ايضا
قلت وعلى هذه الطبقات الأربع يقاس من دونهم ممن يكتب إليه عن السلطان صدرت والعالي كنائبي القدس والرحبة ومن يكتب له صدرت والسامي كالكاشف بالوجه البحري وكاشف الفيوم ومن يكتب له هذه المكاتبة كالولاة الطبلخاناه بالوجهين القبلي والبحري ومن يكتب له يعلم كالولاة العشرات بالوجهين أيضا على أن الغالب في مثل هؤلاء أن تكون الكتابة عنهم لأعيان الدولة الفلاني بمطالعة وفيمن هو مثلهم أو دونهم يقاس على ما تقدم
وأعلم أن هذه المراتب المضمنة للطبقات ليست على سبيل اللزوم في الوقوف عند حدها بحيث لا يجوز تجاوزها بزيادة ولا التأخر عنها بنقص بل هي على سبيل التقريب والأمر في زيادة رتبة المكتوب إليه زيادة لا تخرجه عن حده في المقدار موكول إلى أختيار الكاتب يزيد في ذلك وينقص بحسب ما يقتضيه الحال من رفعة قدر المكتوب إليه لمزيد رفعته عن نوعه أو محاباته لاستمالته إلى القصد المطلوب منه أو الغض منه بحطيطة رتبته أو نحو ذلك

الفصل السابع
من الباب الثاني من المقالة الرابعة في مقاصد المكاتبات وهي الأمور التي
تكتب المكاتبات بسببها
وهي الجزء الأعظم من صناعة الترسل وعليها مدار صنعة الكتابة إذ الولايات من مقاصد المكاتبات وهي أهم ما تضلع به الكاتب وألزم ما مهر فيه وهي قسمان
القسم الاول مقاصد المكاتبات السلطانيات وهي على نوعين
النوع الأول ما يكتب عن الخلفاء والملوك وهو على ثلاثة اضرب
الضرب الأول ما يكتب عن الخلفاء والملوك ومن ضاهاهم
مما هو مستعمل الآن مما كان عليه الحال في الزمن القديم مما يقل ويكثر ويتكرر تداوله في الكتابة وسائر المكاتبات في الحوادث المألوفة التي يكثر تداولها وتتكرر الكتابة فيها بتكرر وقائعها وما رسم الكتابة به باق إلى زماننا وإن تغير مصطلح الابتداء والخطاب وغيرهما من رسوم المكاتبات وهو على أصناف

الصنف الأول الكتب بانتقال الخلافة إلى الخليفة
قال في مواد البيان جرت العادة أن تنفذ الكتب إلى ولاة الأعمال في مثل هذه الحالة متضمنة ما جرى عليه الأمر بالحضرة من انقياد الأولياء والرعايا إلى الطاعة ودخولهم في البيعة بصدور منشرحة وحض من بالأعمال من رجال السلطان ورعيته على الدخول فيما دخل فيه أمثالهم وإعطاء الرعايا على ذلك صفقة أيمانهم
وقد كان الرسم فيها أن تصدر بحمد الله تعالى على عوارفه التي لم تزل تكشف الخطب وترأب الشعب وتدفع المهم وترفع الملم وتجبر الوهن وتسبغ الأمن والصلاة على سيدنا محمد وذكر خصائصه ومناقبه وتشريف الله تعالى له بإقرار الإمامة في اقاربه وتخصيصها ببني عمه الذين هم أحق الناس به وما أمر به الله تعالى رسوله من طلب مودتهم من الأمة بقوله جل من قائل ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) وما أشار إليه من بقاء الخلافة فيهم بقوله لعمه العباس ألا أبشرك يا عم بي ختمت النبوة وبولدك تختم الخلافة وما يجري مجرى ذلك ثم يتلو ذلك بالإفصاح عن شرف الخلافة وفضلها والإبانة عن رفيع مكانها ومحلها وأنها ظل الله الممدود وحبله المشدود ومساك الدين ونظامه وملاك الحق وقوامه وامتنان الله تعالى عل العباد بأن جعل فيهم أئمة يقسطون العدل عليهم ويقيمون الحدود فيهم ويقومون أديانهم ويهذبون إيمانهم ويرهفون بصائرهم ويهدون حائرهم ويكفون ظلومهم وينصفون مظلومهم ويجمعون كلمتهم ويحمون

ذمارهم ويحوطون ديارهم وما يجري مجرى ذلك ثم يذكر ما أوجبه الله تعالى على أهل الإسلام للإمام من الطاعة وحسن التباعة أيام حياته والانقياد لأمره في طاعة من ينص عليه في القيام مقامه بعد وفاته ليتصل حبل الإمامة بينهم ويمتد ظل الخلافة عليهم فإن كان قد تلقى الخلافة بعهد عن خليفة قد مات من أب أو غيره أتى بمقدمة في ذكر الموت وأن الله تعالى سوى فيه بين بريته وجعل في تطرقه إلى رسوله أسوة لخليقته وتفرد بالبقاء وامتنع عن الفناء ثم يقال وإن الله تعالى لما اختار لعبده ووليه فلان النقلة إلى دار كرامته والحلول بفناء طاعته وأعانه على سياسة بريته وأنهضه بما حمله وأيده فيما كفله من الذب عن المسلمين والمراماة عن الدين والعمل بكتابه وسنته في القول والفعل واستشعار خيفته ومراقبته في السر والجهر وما يليق بهذا استخلص عبده ووليه فلانا الإمام الفلاني لخلافته وأهمى سماء الرحمة بإمامته وأحل عزيز النصر بولايته وألقى في نفيس رأيه النص عليه والتفويض إليه لما علم سبحانه في ذلك من شمول المصلحة للعباد وعموم الأمنة للبلاد فأمضى قدس الله روحه ما ألهمه وكمله قبل خروجه من دار الدنيا وتممه عالما بفضل اختياره وأنه لم يمل به الهوى في إيثاره فقام أمير المؤمنين الإمام الفلاني مقامه وحفظ نظامه وسد ثلمته وعفى رزيته وأقر الله تعالى الإمامة به في نصابها ومقرها وزاد باستخلافه في صيت الخلافة وقدرها
وأمير المؤمنين يسأل الله تعالى أن يخص وليه السعيد بقربه بأفضل صلواته وأشرف تحياته ويحسن جزاءه في سعيه في صلاح العباد وسداد البلاد وأن يلهم أمير المؤمنين الصبر على تجرع الرزية فيه ويجزيه أفضل ما جزى به صابرا محتسبا وأن يجبر كسره في فقده ويوفقه لجميل العزاء من بعده ويسدده في مصادره وموارده ويهديه لما يرضيه في جميع مقاصده ويعينه على تأليف الأهواء وجمع الآراء ونظم الشمل وكف القتل وإرخاء الظل

وكتاب أمير المؤمنين هذا إليك وقد اجتمع من بحضرته من ذوي جهته وامراء دولته وكافة جنده وجماعة حوزته على بيعته وإعطائه صفقة أيمانهم على طاعته ومشايعته عن صدور مخلصه نقية وسرائر صافية سليمة وعقائد مشتملة على الوفاء بما عقدوا عليه وانقادوا مختارين إليه وشملتهم بذلك الرحمة وضفت عليهم النعمة فما برحوا الرزية حتى فرحوا بالعطية ولا وجموا للمصيبة حتى بسموا للرغيبة ولا أظلموا لفقد الماضي حتى أضاء الوجود بالآتي
فلله الحمد على هذه النعمة التي جبرت الوهن وحققت في فضله المن حمدا يستدر أخلاف فضله ويستدعي سابغ طوله وصلى الله على محمد وآله وأمير المؤمنين يراك من أهل مخالصته والمتحققين بطاعته وهو يأمرك أن تأخذ البيعة له على نفسك وعلى جميع أوليائه المقيمين قبلك وكافة رعاياه الذين هم في عملك وتشعرهم بما عنده للمسارعين لطاعته المبادرين إلى اتباعه من تيسير الإنصاف والعدل وإفاضة الإحسان والفضل وما لمن نكب عن الطريقة المثلى وحاد عن الأولى من الكف الرادع والأدب الوازع ويتوسع في هذا المعنى توسعا يشرح صدور أهل السلامة المستمرين على نهج الاستقامة ويردع أهل الفساد ويغض من نواظر ذوي العناد ويحلي الكتاب بآيات من القران الكريم تحسن استعارتها في باب العزاء ويليق ذكرهافي باب الإشادة الخلافة والخلفاء فإن كان الكتاب مما يقرأ بالحضرة قال في موضع وكتاب أمير المؤمنين إليك وأنتم معاشر أقارب أمير المؤمنين من إخوته وبني عمه وخواص الدولة وأمرائها وأجنادها وكتابها وقضاتها وكافة رعيتها ومن اشتمل عليه ظل مملكتها أحق من حافظ على عوارف أمير المؤمنين وأعتد بلطائفه وقام بشكر نعمته وسارع إلى اتباعه واعتصم بحبل دعوته فأجمعوا على متابعته وإعطائه صفقة ايمانكم على مبايعته ليجمع الله على التأليف كلمتكم ويحمي بالتآزر بيضتكم ويتبع ذلك من وعد أهل الطاعة بما يضاعف جدودهم ومن وعيد أهل المعصية بما يصفر خدودهم على نسق ما سبق في الترتيب

وهذه نسخة كتاب في المعنى كتب به عن الآمر بأحكام الله تعالى عند استقراره في الخلافة بعد أبيه المستعلي بالله والدولة مشتملة على وزير من إنشاء ابن الصيرفي وهي
الحمد لله المتوحد بالبقاء القاضي على عباده بالفناء الذي تمجد بالأزلية والقدم وتفرد بالوجود وتنزه عن العدم وجعل الموت حتما مقضيا على جميع الأمم
يحمده أمير المؤمنين على ما خصه به من الإمامة التي قمصه سربالها وورثه فخرها وجمالها حمد شاكر على جزيل العطية صابر على جليل الرزية مسلم إليه في الحكم والقضية ويسأله أن يصلي على جده محمد الذي ثبتت حجته ووضحت محجته وعلت كلمته وأنافت على درج الأنبياء درجته صلى الله عليه وعلى أخيه وابن عمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي جعل

الله الإمامة كلمة في عقبه باقية وحبه جنة يوم الفزع الأكبر واقية وعلى الائمة من ذريتهما الطاهرين صلاة دائمة إلى يوم الدين
وإن الإمام المستعلي بالله أمير المؤمنين قدس الله روحه وصلى عليه كان من أوليائه الذين اصطفاهم لخلافته في الارض وجعل إليهم أزمة البسط والقبض وقام بما حمله من أوق الإمامة ولم يزل عاملا بمرضاة الله إلى أن نقله إلى دار المقامة فإنا لله وإنا إليه راجعون رضا بقضائه وصبرا على بلائه وإلى الله يرغب أمير المؤمنين في إلهامه حسن الصبر على هذا المصاب وإجزال حظه عليه من الأجر والثواب وإمداده في خلافته بمواد الإرشاد والصواب بكرمه
وكتاب امير المؤمنين يوم كذا من الشهر الفلاني من سنة كذا بعد ان جلس للحاضرين بحضرته من الامراء عمومته وأوليائه وخدم دولته وسائر أجناده وعبيد مملكته وعامة شيعته وأصناف رعيته وأنوار الخلافة عليه مشرقة وأغصان الامامة مثمرة مورقة والسيد الأجل الأفضل الذي أمده الله في نصرة الدولة العلوية بالتأييد والاظهار وأبان به برهان الامامة الآمرية فوضحت أنوارها للبصائر والابصار وشهر له من المناقب ماسار مسير الشمس في جميع الأقطار يتولى الأمر بحضرته تولي الكافل الزعيم ويباشر النظر في بيعته مباشرة القسيم الحميم والناس داخلون في البيعة بانشراح صدور واظهار ابتهاج وسرور يعطون صفقة أيمانهم ويعلمون ما لهم من الحظ في طاعة امام زمانهم قد تحققوا شمول السعد وعموم الرشاد وتيقنوا الخيرة لهم قي العا جلة والمعاد وأمير المؤمنين يعزيك ومن قبلك من أولياء دولته وسائر رعيته عن المصيبة قي الامام

المستعلي بالله صلى الله عليه التي قطعت من النفوس أملها وأسكنت الألباب جزعا وولها ويهنيك وإياهم بمتجدد دولته التي تهلل لها وجه الزمان واستهلت بها سحائب الفضل والإحسان وأمير المؤمنين يحمد الله الذي أقر الحق في منصبه وأفرده بما كان والده الإمام المستعلي بالله أفرد به
فاعلم ما أعلمك أمير المؤمنين من هذا الخطب الجسيم والنبأ العظيم واشكر الله على ما جدده لك ولكافة المسلمين من النعمة بإمامة أمير المؤمنين التي أوفت بإساءة الزمان وجنايته وشفت من داء كلمه ونكايته وتقدم إلى الدعاء قبلك بأخذ البيعة على نفسك وعلى كافة من في ولايتك واستحمد إلى أمير المؤمنين أنت وهم بالإخلاص في طاعته والاجتهاد في مناصحته والتمسك بعصم مشايعته لتنالوا في العاجلة خطا جسيما وتحرزوا في الآجلة أجرا كريما ( ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما )
وطالع بالكائن منك بعد قراءة كتاب أمير المؤمنين على الحاضرين قبلك وإذاعته في الواردين عليك والمستوطنين عملك ليحمدوا الله على ما أنالهم بخلافة أمير المؤمنين من جميل الصنع العائد على العباد وصلاح البلاد وكتب في اليوم المذكور
وهذه نسخة كتاب عن الآمر بأحكام الله المقدم ذكره كتب به إلى ولاة الأطراف بعد قراءة عهده مهنئا بخلافته وتجديد ولايته من إنشاء ابن الصيرفي ايضا وهي
أما بعد فالحمد لله مولي المنائح من نعمه ومجزل العطايا من مواهبه وقسمه ومعود الصنع الجميل من لطفه وكرمه الذي له الحكم الظاهر عدله ولديه الطول الفائض فضله وعنده مفاتح الغيب وإليه يرجع الأمر كله

يحمده أمير المؤمنين على ما أفرده به من سني المواهب ونظمه له من عقود المناقب ونقله إليه من تراث آبائه الكرام الذين جلا ضياؤهم ظلام الغياهب وتزينت بهم الأرض تزين السماء الدنيا بزينة الكواكب ويسأله أن يصلي على جده محمد الذي نشر الله به الرحمة وكشف الغمة وانقذ الامة صلى الله عليه وعلى أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين والمذكور في زبر الأولين وعلى الصفوة من ذريتهما الهداة الراشدين صلاة باقية إلى يوم الدين
وإن النعم تتفاضل أقدارها بحسب مواقعها وتتفاوت أخطارها بقدر مواضعها ومن ألطفها مكانا واشرفها محلا وشانا وأولاها بأن تستنطق به الأقلام وأحقها بأن يتناقل ذكرها الخاص والعام ما خص الله به امير المؤمنين من المنن الظاهرة وتولاه من المنح المتظاهرة واصاره إليه من الخلافة في ارضه واستخلفه عليه من القيام بسنن دينه وفرضه واسترعاه إياه من حياطة بلاده وأوجبه من طاعته على كافة خلقه وعباده وذخره لدولته من كفيله وخليله ومقيم أدلة حقه وموضح سبيله السيد الأجل الأفضل الذي ارتضاه الله للذب عن الاسلام وانتضاه لنصرة إمام بعد إمام وشهر مناقبه في كل موقف ومقام وخصه بفضائل لم تر مجتمعة لملك من ملوك الإسلام لا جرم أن أمير المؤمنين قد أحله منه محل الروح من الجسد والوالد من الولد وفوض الأمور إليه تفويض معول على يمن نقيبته معتمد مبالغ في حسن الاختيار للأمة مجتهد والله تعالى يمتع أمير المؤمنين ببقائه الكافل ببلوغ الأمل ويجازيه عن تشييد مملكته أحسن ما جزى به مخلصا جمع في الإيمان بين القول والعمل بكرمه
ولما وقف أمير المؤمنين بما طالعه به السيد الأجل الأفضل عند مثوله بحضرته وإنهائه أمور دولته وأحوال مملكته على امرك الذي استحمده في الخدمة واستحققت به إفاضة الإحسان وإسباغ النعمة وأن لك في الدولتين

المستنصرية والمستعلية من الخدم المشكورة والمساعي المبرورة ما يدل على مناصحتك وإخلاصك ويبعث على اصطناعك واستخلاصك أمر بكتب هذا السجل لك مؤكدا لأواخيك ومعربا عن رأيه الجميل فيك ومجددا من ولايتك ومجريا لك فيها على مستمر رسمك ومستقر عادتك فقابل نعمة أمير المؤمنين من الإخلاص في طاعته بما يرتبطها ووفها من حق الاجتهاد ما يقرها عنك ويثبطها واجعل تقوى الله تعالى عمادك واطو عليها طويتك واعتقادك ومكن في نفوس الأولياء جميل رأي أمير المؤمنين فيهم وإحماده لمواقفهم في الخدمة ومساعيهم وحقق عند كافة المستقرين لديك والواردين عليك ما يكنفون به من الأمر الشامل ويغمرون به من حسن النظر المتواصل وأجر على العادة المألوفة في إفاضة العدل والإنصاف وتنكب سبيل الجور والإجحاف ومهد السبل قبلك وأحم من أسباب الفساد ولايتك وعملك واخصص متولي الحكم والدعوة الهادية ثبتها الله تعالى بالإعزاز والرعاية ووفر حظهم من الملاحظة والعناية وخذ المستخدم في الخطبة العلوية بإقامتها في أوقاتها على أفضل قوانينها وواجباتها معلنا فيها بذكر أمير المؤمنين الذي يتوج فروق المنابر ويشنف أسماع البوادي والحواضر وتوفر على ما ثمر الأموال وأنماها وغزرها ورخاها وقضى بوفورها وحصولها ودعا إلى درورها ومواصلة حمولها وانظر في أمر الرجال المستخدمين معك نظرا يؤدي إلى مصلحتهم فاعلم هذا من أمير المؤمنين واغتبط بما أصاره الله إليه اغتباط أمثالك من المخلصين واعتقد طاعته اعتقاد من يجاريك من أهل اليقين واعمل بوصاياه ومراشده تحظ في الدنيا والدين وطالع بالكائن منك بعد قراءة هذا السجل على كافة الناس أجمعين وكتب في كذا وكذا

وأعلم أن العادة جارية بينهم أنه إذا كتب كتاب عن الخليفة بانتقال الخلافة إليه يكتب ملطف عن الوزير يلف كتاب الخليفة ضمنه ويوجه به إلى حيث المقصد
وهذه نسخة ملطف في هذا المعنى كتب به عن وزير في الدولة الفاطمية ليلف كتاب الخليفة طيه وهو
ينطوي هذا الأمر الوارد على الأمير على كتاب مولانا وسيدنا الإمام الفلاني لدين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين أو أبنائه المنتظرين إن كان لا ولد له بما أصاره إليه من شرف الإمامة وبوأه إياه من مقام العظمة والكرامة إثر انتقال الإمام فلان أمير المؤمنين قدس الله روحه إلى جوار ربه فاعتمد العمل بمضمونه في أخذ البيعة على نفسك ومن يليك وتلاوته على رؤوس الأشهاد وإذاعة مكنونه في الحاضر والباد على الرسم المعتاد فاعلم هذا واعمل به إن شاء الله تعالى
قلت وهذا المعنى في الكتابة بانتقال الخلافة إلى الخليفة جار في زماننا بانتقال السلطنة إلى السلطان ويعبر عن ذلك بجلوسه على تخت الملك والأمر على ما تقدم في الخلافة من التعزية بالماضي والتهنئة بالمستقر ونحو ذلك مما يجري مجراه
وهذه نسخة مكاتبة بالبشارة بجلوس الملك الصالح صالح ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون على التخت في شهر رجب الفرد سنة اثنتين وخمسين

وسبعمائة بعد خلع أخيه الملك الناصر حسن وصورتها بعد الصدر والألقاب
وأورد عليه من البشائر اسنى البشر واسمعه من التهاني ما انتشى حديثه بين البرايا وانتشر وحفظ عليه وعلى الامة ما أراد لهم من الخير وولى عليهم خيارهم وجعل مليكم صالح البشر
صدرت هذه المكاتبة إلى فلان ونصربها مقدما بالظفر وذكرها قد ملأ الأقطار فجمع عليه كل قلب كان قد نفر تهدي إليه سلاما عن وجه الشكر سفر وثناء يحصل منه على النصيب الأوفر وتوضح لعلمه أن الجنابات العالية الأمراء الأكابر أمراء الدولة الشريفة ضاعف الله نعمتهم كانوا قد عظموا أخانا الناصر وحكموه ومشوا إلى خدمته على أحسن سنن وما أبقوا في خدمته ممكنا من التعظيم والإجلال والتحكيم وامتثال الأمر في كل جليل وحقير فلم يرع لهم ذلك ولا التفت إلى ما لهم عليه من حقوق الخدمة واتفق مع الصبيان وأراد القبض على الأمراء وإمساك الجنابات العالية الأمراء الأكابر والإيقاع بهم فلما تحققوا منه ذلك اجتمعت الأمراء واتفقت الكلمة على خلعه من الملك الشريف وإقامتنا فخلع المشار إليه وكان جلوسنا على تخت الملك الشريف وكرسي السلطنة المعظمة في يوم الاثنين المبارك بحضور الإمام المعتضد بالله أمير المؤمنين أبي الفتح ابي بكر ابن الإمام المرحوم أمير المؤمنين أبي الربيع سليمان المستكفي بالله ومبايعته لنا وحضور المجالس العالية قضاة القضاة بالأبواب

الشريفة أعز الله تعالى أحكامهم وحلف لنا أمراء الدولة الشريفة على جاري العادة في ذلك وضربت عند ذلك البشائر وشهد هذا الهناء كل باد وحاضر وتشنفت الأسماع وقرت العيون واستقرت الخواطر وابتهجت بذلك الأمم وتباشرت بهذا السعد الذي كتب لنا من القدم واصبح كل من أنصار دولتنا الشريفة مبتهلا بالدعاء مبتهجا
فليأخذ المقر حظه من هذه التهنية وليذع خبرها لتكون المسار معيدة ومبدية ويتحقق ماله عندنا من المكانة والمحل الذي زان بالإقبال الشريف زمانه ويتقدم أمره الكريم بتهنئة المجالس العالية والسامية ومجالس الامراء بالمملكة الفلانية ويتقدم أيضا بضرب البشائر وبالزينة على العادة
وقد تجهز إلى الجناب العالي نسخة يمين شريفة يحلف عليها ويكتب خطه ويجهزها إلينا صحبة المجلس السامي الأمير الأجل الكبير العضد الذخري النصيري الأوحدي عضد الملوك والسلاطين يلبغا الحموي الصالحي أدام الله علوه المتوجه بهذا المثال الشريف وقد جهزنا نسخة يمين شريفة ليحلف عليها لنا الأمراء بطرابلس ويكتبوا خطوطهم ويجهزها إلينا على العادة صحبة المشار إليه
وقد جهزنا للجناب العالي صحبة المشار إليه تشريفا شريفا كاملا فيتقدم الجناب العالي بتسلمه منه ولبسه ويتحقق ماله عندنا من المكانة والمنزلة ويعيد الأمير سيف الدين يلبغا المشار إليه إلى الباب الشريف فيحيط علمه بذلك

الصنف الثاني من الكتب السلطانية الكتب في الدعاء إلى الدين وهو من أهم
المهمات
قال في مواد البيان أشرف ما ينشئه الكاتب الدعاء إلى دين الإسلام

الذي أظهره الله تعالى على كل دين وأعزه على كره المشركين واستجرار مخالفيه إليه واجتذاب الخارجين عن دائرته إلى الدخول فيه عملا بما كان عليه رسول الله والخلفاء من بعده لأنه قوام الملك ونظام السلطان اللذان لا يصحان إلا به
قال والكاتب يحتاج في إنشاء هذه الكتب إلى علم التوحيد وبراهينه وشرع الرسول خاصه وعامه ومعجزاته وآيات نبوته ليتوسع في الإبانة من ظهور حجته ووضوح محجته
ثم قال والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله الذي اختار دين الإسلام فأعلاه وأظهره وقدسه وطهره وجعله سبيلا إلى رضاه وكرامته وطريقا إلى الزلفى في جنته وشفيعا لا يقبل عمل عامل إلا به وبابا لا يصل واصل إلا منه فلا تغفر السيئات إلا لمن اعتصم بحبله ولا تتقبل الحسنات إلا من أهله وشكره تعالى على الهداية إليه والتوفيق عليه وذيادته عن مجاهل الضلالة بما أوضحه من برهانه ونوره من تبيانه وتمجيده من تعظيم آياته وباهر معجزاته وحكيم صنعته وبديع فطرته وتنزيهه عما لا يليق بسلطانه ولا تجوز إضافته إلى عظيم شانه وتسبيحه عما يصفه به الملحدون ويختلقه الجاحدون والصلاة على رسوله محمد والإفصاح عن دلائل نبوته وبراهين رسالته وما خصه الله تعالى به من إعلاء ذكره وإمداده بالمعجزات الباهرة والآيات الظاهرة
ثم يتبع ذلك بالدعاء إلى الدين والحض عليه وإيضاح ما في التمسك به من الرشاد في داري المبدإ والمعاد والتبشير بما وعد الله به المستجيبين له والداخلين فيه من تمحيص السيئات ومضاعفة الحسنات وعز الدنيا وفوز الآخرة والإنذار بما أوعد الله به الناكبين عن سبيله العادلين عن دليله من الإذلال في هذه الدار والتخليد بعد العرض عليه في النار وتصريف المخالفين بين الرغبة والرهبة في العاجل والمغبة
قال وينبغي أن يتأنى الكاتب فيما يورده من هذه الأغراض ليقع في

المواقع اللائقة به ويجلو الحجج في أحسن المعاريض ويفصح عنها بأقرب الألفاظ من النفوس فإنه إذا وفق لذلك ناب كتابه مناب الجيوش والأجناد وأقر السيوف في الأغماد ثم قال ومن صدقت في هذا الفن رغبته أيد الله تعالى غريزته وعضد بديهته ورويته
قلت وهذا الصنف من المكاتبات السلطانية قد بطل في زماننا فلم يعهد أن ملكا من الملوك كتب إلى بلاد الكفر بالدعاية إلى الدين إذ مثل ذلك إنما يصدر مع الغلبة والقوة والقهر كما كان الخلفاء في الزمن المتقدم والكفر مقهور معهم مذلول لديهم أما الآن فلولا ما أخبر به بقوله ونصرت بالرعب مسيرة شهر وفي رواية ونصرت أمتي لاجتاح أهل الكفر الإسلام ولكن الله وعد دينه أن لا يخذل

الصنف الثالث من الكتب السلطانية الكتب بالحث على الجهاد
قال في مواد البيان كما أن الدين ينتظم بالدعاء إليه والترغيب فيه كذلك ينتظم يصيانة حوزته وما دخل في مملكته وكف أعدائه عن تنقص أطرافه والتغلب على بلاده ولهذا فرض الله تعالى الجهاد وأوجبه وأكد الأمر فيه وشدده والسلطان يحتاج عند الحوادث التي تحدث من تطرق المخالفين إلى بعض الثغور أو شن الغارة على أهل الإسلام أن يدعو إلى الجهاد ومقارعة الأعداء وصون حريم الملة وحفظ نظام الدولة
ثم ذكر أن الرسم فيها أن تفتتح بحمد الله تعالى على جميل صنعه على إعزاز الكلمة وإسباغ النعمة باظهار هذه الملة وما وعد الله به من نصر أوليائه وخذلان أعدائه وأدالة الموحدين وإذالة الملحدين والصلاة على رسوله وعلى آله وذكر طرف من مواقفه في الجهاد ومقارعته لشيع الإلحاد وتأييد الله تعالى أنصاره على أهل العناد ثم يذكر الحادثة بنصها ويشرح القصة على فصها ويندب من جاوره وداناه من أهل الملة أجمعين

ويخاطبهم بما يرهف عزائمهم في نصرة الدين وكافة المسلمين واتباع سبيل السلف الصالحين الذين خصهم الله تعالى بصدق الضمائر ونفاذ البصائر وصحة الدين ووثاقة اليقين فلم يكونوا ليروموا مراما إلا سهل لهم ما توعر ويسر عليهم ما تعسر وسما بهم إلى ما هو أقصى منه مرمى وأبعد مدى رغبة فيما رغبهم فيه من نصرته وتعرضا لما عرضهم له من جزيل مثوبته وأن يحضهم على التمسك بعزائم الدين والعمل على بصائر المخلصين وافتراض ما فرض الله عليهم من جهاد أعدائه وتنجيز ما وعدهم به من الإظفار بهم والإظهار عليهم وأن يجاهدوا مستنصرين ويؤدوا الحق محتسبين ويقدموا رسلا لا ناكصين ولا شاكين ولا مرتابين متبعين الحق حيث يمم وقصد ومضاربين دونه من صد عنه وعند ويبالغ في تنخية أهل البسالة والنجدة والبأس والشدة ويبعثهم على نصر حقهم وطاعة خالقهم والفوز بدرك الثواب والرضوان وتنور البصائر في الايمان وفضيله الأنف من الضيم والبعد من الذيم إلى غير هذا مما يعدل الأرواح والمهج والإقدام على مصارع التلف فإن الملوك الماضين لعلمهم بأن الناس إنما يجودون بذلك للفوائد التي توجبه كانوا يبذلون لمن يدعونه إلى المكافحة ويعرضونه للمذابحة الرغائب التي تهون عليهم إلقاء نفوسهم في المهالك تارة ويذكرونهم الأحقاد والضغائن ويخوفونهم من الوقوع في المذلة أخرى
ثم قال وينبغي للكاتب أن يقدم في هذه الكتب مقدمات يرتبها على ترتيب يهز الأريحيات ويشحذ العزائم ليجمع بين خدمة سلطانه والفوز بنصيب من الأجر
قلت وهذا الصنف من المكاتبات السلطانيات مستمر الحكم إلى زماننا فما زالت الملوك يكتبون إلى ما يليهم بالحث على الجهاد والقيام بأوامره والحض على ملاقاة العدو والأخذ بنصرة الدين وقد تقدم في الكلام على

مقدمات المكاتبات في اول هذه المقالة أن الشيخ شهاب الدين محمودا الحلبي ذكر في حسن التوسل إنه إذا كتب عن الملك في أوقات حركات العدو إلى أهل الثغور يعلمهم بالحركة للقاء عدوهم أنه يبسط القول في وصف العزائم وقوة الهمم وشدة الحمية للدين وكثرة العساكر والجيوش وسرعة الحركة وطي المراحل ومعاجلة العدو وتخيل أسباب النصر والوثوق بعوائد الله في الظفر وتقوية القلوب منهم وبسط آمالهم وحثهم على التيقظ وحضهم على حفظ ما بايديهم من ذلك وما أشبهه وأنه يبرز ذلك في أبين كلام وأجله وأمكنه وأقربه من القوة والبسالة وأبعده من اللين والرقة ويبالغ في وصف الإنابة إلى الله تعالى واستنزال نصره وتأييده والرجوع إليه في تثبيت الأقدام والاعتصام به في الصبر والاستعانة به على العدو والرغبة إليه في خذلانهم وزلزلة أقدامهم وجعل الدائرة عليهم دون التصريح بسؤال بطلان حركتهم ورجاء تأخيرهم وانتظار العرضيات في تخلفهم لما في ذلك من إيهام الضعف عن لقائهم واستشعار الوهن والخوف منهم وأن زيادة البسط ونقصها في ذلك بحسب المكتوب إليه
وهذه نسخة مكاتبة من ذلك عن السلطان إلى بعض نواب الثغور من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي أوردها في حسن التوسل وهي
أصدرناها ومنادي النصر قد أعلن بياخيل الله اركبي ويا ملائكة الرحمن اصحبي ويا وفود الظفر والتأييد اقربي والعزائم قد ركضت على سوابق الركض إلى العدا والهمم قد نهضت إلى عدو الإسلام فلو كان في مطلع الشمس لاستقربت ما بينها وبينه من المدى والسيوف قد أنفت من الغمود فكادت تنفر من قربها والأسنة قد ظمئت إلى موارد القلوب فتشوفت إلى الازنواء من قلبها والكماة قد زأرت كالليوث إذا دنت فرائسها والجياد قد مرحت لما عودتها من

الانتعال بجماجم الأبطال فوارسها والجيوش قد كاثرت النجوم اعدادها وسار بها للهجوم على اعداء الله من الملائكة الكرام أمدادها والنفوس قد اضرمت الحمية للدين نار غضبها وعداها حر الاشفاق على ثغور المسلمين عن برد الثغور وطيب شنبها والنصر قد أشرقت في الوجود دلائلة والتأييد قد ظهرت على الوجوه مخايله وحسن اليقين بالله في إعزاز دينه قد أنبأت بحسن المآل أوائله والألسن باستنزال نصر الله لهجة والأرجاء بأرواح القبول ارجة والقلوب بعوائد لطف الله بهذه الامة مبتهجة والحماة وما منهم إلا من استظهر بإمكان قوته وقوة إمكانه والأبطال وليس فيهم من يسأل عن عدد عدوه بل عن مكانه والنيات على طلب عدو الله حيث كان مجتمعة والخواطر مطمئنة بكونها مع الله بصدقها ومن كان مع الله كان الله معه وما بقي إلا طي المراحل والنزول على أطراف الثغور نزول الغيث على البلد الماحل والإحاطة بعدو الله من كل جانب وإنزال نفوسهم على حكم الأمرين الأخرين من عذاب واصب وهم ناصب وإحالة وجودهم إلى العدم وإجالة السيوف التي إن انكرتها أعناقهم فما بالعهد من قدم واصطلامهم على ما بايدي العصابة المؤيدة بنصر الله في حربها وابتلاؤهم من حملاتها بريح عاد التي تدمر كل شيء بأمر ربها فليكن مترقبا طلوع طلائعها عليه متيقنا من كرم الله استئصال عدوه الذي إن فر أدركته من ورائه وإن ثبت أخذته من بين يديه وليجتهد في حفظ ما قبله من الأطراف وضمها وجمع سوائم الرعايا من الأماكن المخوفة ولمها وإصلاح ما يحتاج إلى أصلاحه من مسالك الأرباض المتطرفة ورمها فإن الاحتياط على كل حال من آكد المصالح الإسلامية وأهمها فكأنه بالعدو وقد زال طمعه وزاد ظلعه وذم عقبى مسيره وتحقق سوء منقلبه ومصيره وتبرأ منه الشيطان الذي دلاه بغروره واصبح لحمة موزعا بين ذئاب الفلا وضباعها وبين عقبان الجو ونسوره ثقة من وعد الله وتمسكا منه باليقين وتحققا أن الله ينصر من ينصره والعاقبة للمتقين

وهذه نسخة مرسوم كريم في المعنى بل هو أصرح في ذلك مما قبله كتب به عند ظهور الفرنج اللوسارية والشوال بالبحر من إنشاء الشيخ بدر الدين بن حبيب الحلبي وهو وإن لم يكن عن السلطان فإنه في معناه لقيام النائب بالمملكة قيام السلطان الذي استنابه وهو
المرسوم بالأمر العالي أعلاه الله تعالى لا زالت مراسمه النافذة تبلغ أهل العصابة المحمدية غاية الآمال وأوامره المطاعة تقضي بكسر اللوسارية وشين الشوال أن تتقدم العساكر المنصورة بالمملكة الطرابلسية أيد الله تعالى عزائمهم القاهرة وأذل بسيوفهم الطائفة الكافرة بارتداء ملابس الجهاد والتحلي بمرارة الصبر على اجتلاء الجلاد وأن يجيبوا داعي الدين ويكفوا أيدي المعتدين ويفوقوا سهامهم ويجعلوا التقوى أمامهم ويشرعوا رماحهم ويحملوا سلاحهم ويومضوا بروق السيوف ويرسلوا نبال الحتوف ويهدموا بنيان الكفار ويطلعوا أهلة القسي بمد الاوتار ويهضموا جانب أهل العناد ويقابلوا البحر بملء بحر من الجياد ويناظروا أمواجه بأمواج النصال ويقاتلوا الفرقة الفرنجية اشد القتال ولا يهملوهم بالنهار ولا بالليل ويعدوا لهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل وينوروا بمصابيح الرباط في سبيل الله ظلام الدجنة وأن يصابروا ويصبروا فإذا استنفروا فلينفروا ويبالغوا في الغدو والرواح ليبلغوا الرعية من الأمن أمانيها فقد قال لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ويعتمدوا على القريب المجيب ويجتهدوا في كسر اصلاب أهل الصليب وينافسوا في أمر الآخرة ويدعوا الدنيا ويقاتلوا لتكون كلمة الله هي

العليا ويشهدوا المواقف ويبذلوا التالد والطارف وليبرز الفارس والراجل ويظهر الرامح والنابل فإن الجهاد سطوة الله تعالى على ذوي الفساد ونقمته القائمة على أهل الشرك والعناد وهو من الفروض الواجبة التي لم تزل سهام أصحابة صائبة فواظبوا على فعله ولا تذهبوا عن مذاهبه وسبله وأطلبوا أعداء الله برا وبحرا وقسموا بينهم الفتكات قتلا واسرا وفاجئوهم بمكروه الحرب وناجوهم برسائل الطعن والضرب وخذوا من الكفار باليمين وجدوا في تحصيل الربح الثمين ولازموا النزول بساحل البحر لمنازلة الطغاة والمشركين ( يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ) وسابقوا الأعنة وهزوا أعطاف الاسنة وشمروا عن ساق العزائم ولا تاخذكم في الله لومة لائم واتخذوا الخيام مساكن واجعلوا ظهور الخيل لكم مواطن وانصبوا الالوية والاعلام واطفئوا جمرة الشرذمة الغائظة للإسلام ولا تخشوا من جمعهم الآئل إلى التفريق وحشدهم الذي هو عما قليل إن شاء الله تعالى غريق ولا تعبأوا بسفنهم البحرية فإن سفنكم الخيل المخلوقة من الرياح ولا تنظروا إلى مجاديفهم الخشبية فإن مجاديفكم السيوف والرماح فاقلعوا قلوعهم وشتتوا جموعهم وأذهبوا الجنف والحيف وخاطبوهم بألسنة السيف وأوقدوا في قلوبهم بالتحصين والاحتراز نارا وأدعوا الله أن لا يذر على الأرض من الكافرين ديارا ونكسوا صليبهم المنصوب وبادروا إلى حرب حزبهم المغلوب وارفعوا باليقين شك هذه المحنة وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة واهجروا في ذات الله طيب المنام وانقلوا الأقدام إلى الاقدام واكشفوا عنكم أستار الملال والملام واهتموا بما يعلي كلمة الاسلام والسلام فليرفعنكم الله إلى منازل العز والتمييز ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )

الصنف الرابع من الكتب السلطانية الكتب في الحث على لزوم الطاعة وذم
الخلاف
قال في مواد البيان طاعة السلطان والانقياد إليه والرجوع إلى رأيه والاعتماد عليه أبدى الاسباب في استمرار الاتساق والاستتباب وهي فرض أوجبه الله تعالى فقال ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ولا تصح مملكة ولا تدوم دولة إلا بأمرين أحدهما عدل السلطان والآخر طاعة الرعية له فمتى ارتفع أحدهما فسد السائس والمسوس ولم تزل ملوك الأزمنة يقدمون إلى الرعايا لزوم الطاعة والاعتصام بحبل الشريعة والنهي عن مفارقة الجماعة
قال والرسم فيها أن تفتتح بالحمد لله على النعم في تأليف قلوب أهل الدين وجمع كلمة الموحدين ورعاية أهوائهم إلى الاتفاق وصيانة عصاهم عن الانشقاق والصلاة على رسوله والتنبيه على فضائل الطاعة فإنها العروة الوثقى والمعقل الذ لا يرقى والحصن الحصين والكنف الامين والحمى الامنع والمرقب الارفع وأن من حافظ عليها فاز وسلم وربح وغنم ومن فارقها خسر وخاب ونكب عن سبيل الصواب وإيضاح ما في سبيل الطاعة من اتفاق الكلمة وانتظام شمل الأمة وشمول الخيرات وعموم البركات وعمارة البلاد وصلاح العباد وما في المشاققة من الفساد العام العائد بانتثار النظام وانبتات الحبل وتفرق الشمل واجتثاث الأصل وطموس الديار وصيال الأشرار وانقماع الاخيار وتوالي الفتن التي لا تصيب الظالم خاصة دون العادل ولا المشاقق دون الموافق وحلول النوائب المزيلة للنعم وإتباع ذلك بما يجب من إعذار وأنذار وترهيب وترغيب وتذكير وتبصير ووعظ وتخويف وبعث العلماء الحصفاء على ردع الجهلاء السخفاء وتنبيه أهل

السلامة والصلاح على كف ذوي العيث والطلاح إلى نحو هذا مما يجاريه وأن يبالغ فيما يورده من هذه المعاني فإن هذه الكتب إذا كانت بليغة مستوفاة جيدة العبارة أخذت بمجامع القلوب وأغنت عن الكتائب في إدراك المطلوب
وهذه مكاتبات في معنى ذلك أوردها أبو الحسين بن سعد في ترسله وهي
أما بعد فإن الله افترض الطاعة وأوجبها وأمر بها ورغب فيها وجعلها عصمة من كل فتنة وضياء من كل شبهة وسلامة من كل هلكة وسببا للظفر بخير الدنيا والآخرة من أراد الله به خيرا وفقه لها وألزمه المحافظة عليها والاعتصام بحبلها فتعجل عزها وشرفها وسعتها وامنها واستحق السعادة في الدار الأخرة الآخرة بها والمثوبة عليها
آخر وقد علمتم ما جعل الله في الطاعة ولزومها والمحافظة عليها من العز والمنعة والأيد والقوة والفوز بخير الدنيا والآخرة وما في خلافها من صنوف المخاوف وأنواع المتالف
آخر وقد كانت الطاعة أنافت بك على كل ظليل وافضت بك إلى لين مهاد عند إقضاض المضاجع وصفاء المشارب عند تكدر المناهل واتصال أمنة عند حدوث المخاوف حتى فعلت كذا وكذا
آخر فلم يمرق من طاعته مازق ولا فارقها مفارق إلا صرع الله خده وأتعس جده وخضد شوكته وأكذب ظنه وأمنيته وجعله لسيوف الله غرضا ولأوليائه غنيمة

آخر والطاعة هي العروة الوثقى والطريقة المثلى والغنيمة لاهلها في الاخرى والأولى
عبد الحميد فإن الفتنة تتشوف لأهلها بآنق منظر وازين ملبس تجر لهم أذيالها وتعدهم تتابع لذاتها حتى ترمي بهم في حومات أمواجها مسلمة لهم تعدهم الكذب وتمنيهم الخدع فإذا لزمهم عضاضها ونفر بهم شماسها وتخلت عنهم خاذلة لهم وتبرأت منهم معرضة قد سلبوا أجمل لباس دينهم واستنزلوا عن أحصن معاقل دنياهم من الغناء البهي منظره الجميل أثره حتى تطرحهم في فضائح أعمالهم والايجاف في التعب وسوء المنقلب فمن آثر دينه على دنياه تمسك بطاعة ولاته وتحرز بالدخول في الجماعة تاركا لأثقل الأمرين وأوبل الحالين
ابن عبد كان في ذم الخلاف وإن فلانا كان عبدا من عبيدنا اعتوره إنعامنا ونوه به إكرامنا وشرفه ولاؤنا وحسن عنده بلاؤنا وابتنينا له الأموال وأسنينا له الاعمال وأوطأنا عقبه الرجال فلم تقع النعم منه عند شاكر ولا الصنيعة عند محتمل فلما رفع الله بمكاننا خسيسته وبلغه من شرف الذكر ونباهة القدر وانبساط يده ما كانت همته تعجز عنه وآماله تقصر دونه أضراه ذلك وأبطره وأطغاه وأكفره فاختال زاهيا واستكبر عاليا وغدر باغيا وشاق عاصيا وأوضع في الفتنة لنا حربا ولأعدائنا حزبا ولمن انحرف عنا يدا ولمن مال إلينا ضدا من غير سبب أوجبه ولا أمر دعاه إليه فكان كما قال الله عز و جل في كتابه ( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) وكقوله ( ولو بسط الله

الرزق لعباده لبغوا في الأرض ) فلما ورده الخبر بما هيأ الله لنا من الرجوع إلى الفسطاط على الحال السارة لأوليائنا الغائظة لأعدائنا سقط في يده وفكر في غليظ جرمه وخيانته فأداه الخوف الذي استشعره والإشفاق الذي خامره إلى أن ركب عظيما من الأمور وكاشف بالعصبية والغرور مكاتفا اعداء ومواليا ذوي العداوة والشنارة ونرجو بحول الله وقوته وإرادته ومشيئته وما لم يزل الله تقدس اسمه يجريه عندنا من جميل عاداته فيمن سفه الحق وزاغ عن القصد أن يبسل هذا الخائن بخبائث أعماله ويسلمه لقبائح أفعاله وأن يصرعه بأسوا مصارع أمثاله فإن أحدا لم يحمد النعمة إلا استدعى النقمة ولم يذع الشكر ويستعمل الكفر إلا كانت العثرة منه قريبة والبلايا محيطة قولا لا يبدل رسمه ولا يحول
من كتاب موسى بن عيسى
أما بعد فإن أمرا لو خلص من فلتات الخطاء وخطوات الملا بفضيلة رأي ولطافة بصر بالأمور كنت أحجى بذلك دون أهل زمانك للذي جرت لك عليه تصاريف التبع وتعرضت لك به وجوه العبر ولما استقبلت من موارد امور نفسك وتعقبت من مصادر أمور غيرك ولكن الله إذا أراد أمرا جعل له من قضائه سببا ومن مقاديره عللا فمن مقادير علل البلاء تضييع المعرفة وإلغاء ما تفيده

التجربة ومن أسباب السلامة الانتباه بالعبر والاستدلال بما كان على ما يكون وأنت امرؤ جرت لك وعليك انحاء من النعم وانحاء من الحجج عرفت بها ما لك وعليك فإن تاخذ بها عرفت كيف تسلك مسالكه وإن تدع الأخذ بذلك تدعه على علم وقد رايت الذي انقادت لك به النعمة ووهبت لك به العافية فيما الهمك الله من طاعة ولا ة أمورك والصبر لها على مواطن الحق التي رفع الله بها ذكرك وأحسن عليها عقباك وذخرك فلم تمض بك في طاعتهم رتبة إلا قربك الله بها في الخير عقبه ولا تبذل من نفسك نصحا إلا أوجب لك به نجحا ولم تفتأ تواتر ذلك من مناصحتك وحسن طاعتك حتى طلت بها على من طاولك وفضلت بها من فاضلك وجربت ممدودا عنانك إلى قصوى غايات أملك فأصبحت قريع المسلمين بعد خليفة الله أمير المؤمنين وخيرته من خلقه بعد ذوي الفضل من أهل بيته حتى مالك من رجلات العرب نظير في منزلة ولا نديد في حال ولا رتبة بل هم فيك رجلان إما راهب منك وإما راغب فيك
قلت وهذا الصنف من المكاتبات السلطانية مستمر الكتابة إلى زماننا فما زالت الملوك يكتبون إلى من يتخيلون منه خلع الطاعة من النواب ومن في معناهم وبجنونهم على لزوم الطاعة ويحذرونهم المخالفة والخروج عن الجماعة
ومن ذلك ما كتب به الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي إلى متملك سيس عند كسرة التتار بعد قيامه معهم في المصاف ومساعدته إياهم وهو
بصره الله برشده وأراه مواقع غيه في الإصرار على مخالفته ونقض عهده وأسلاه بسلامة نفسه عمن روعته السيوف الإسلامية بفقده
صدرت نعرفه أنه قد تحقق ما كان من امر العدو الذي دلاه بغروره وحمله

التمسك بخداعه على مجانبة الصواب في أموره وأنهم استنجدوا بكل طائفة وأقدموا على البلاد الإسلامية بنفوس طامعة وقلوب خائفة وذلك بعد أن أقاموا مدة يشترون المخادعة بالموادعة ويسرون المصارمة في المسالمة ويظهرون في الظاهر أمورا ويدبرون في الباطن أمورا ويعدون كل طائفة من أعداء الدين ويمنونهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا وكنا بمكرهم عالمين وعلى معاجلتهم عاملين وحين تبين مرادهم وتكمل احتشادهم استدرجناهم إلى مصارعهم واستجررناهم ليقربوا في القتل من مضاجعهم ويبعدوا في الهرب عن مواضعهم وصدمناهم بقوة الله صدمة لم يكن لهم بها قبل وحملنا عليهم حملة ألجأهم طوفانها إلى ذلك الجبل وهل يعصم من أمر الله جبل فحصرناهم في ذلك الفضاء المتسع وضايقناهم كما قد رؤي ومزقناهم كما قد سمع وأنزلناهم على حكم السيف الذي نهل من دمائهم حتى روي وأكل من لحومهم حتى شبع وتبعتهم جيوشنا المنصورة تتخظفهمم رماحها وتتلقفهم صفاحها ويبددهم في الفلوات رعبها ويفرقهم في القفار طعنها المتدارك وضربها ويقتل من فات السيوف منهم العطش والجوع ويخيل للحي منهم أن موضعه كالدنيا التي ليس للميت إليها رجوع ولعله قد رأى من ذلك فوق ما وصف عيانا وتحقق من كل ما جرى ما لا يحتاج أن نزيده به علما ولا نقيم عليه برهانا
وقد علم أن أمر هذا العدو المخذول ما زال معنا على هذه الوتيرة وأنهم ما أقدموا إلا ونصرنا الله عليهم في مواطن كثيرة وما ساقتهم الأطماع في وقت ما إلا إلى حتوفهم ولا عاد منهم قط في وقعة آحاد تخبر عن مصارع ألوفهم ولقد أضاع الحزم من حيث لم يستدم نعمة الله عليه بطاعتنا التي كان في مهاد أمنها ووهاد يمنها وحماية عفوها وبرد رأفتها التي كدرها بالمخالفة بعد صفوها يصون رعاياه بالطاعة عن القتل والإسار ويحمي أهل ملته بالحذر عن

الحركات التي ما نهضوا إليها إلا وجروا ذيول الخسار ولقد عرض نفسه وأصحابه لسيوفنا التي كان من سطواتها في أمان ووثق بما ضمن له التتار من نصره وقد رأى ما آل إليه أمر ذلك الضمان وجر لنفسه بموالاة التتار عناء كان عنه في غنى وأوقع روحه بمظافرة المغل في حومة السيوف التي تخطفت أولياءه من هنا ومن هنا واقتحم بنفسه موارد هلاك سلبت رداء الأمن عن منكبيه واغتر هو وقومه بما زين لهم الشيطان من غروره ( فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه ) وما هو والوقوف في هذه المواطن التي تتزلزل فيها أقدام الملوك الأكاسرة وأنى لضعاف النقاد قدرة على الثبات لوثبات الأسود الضارية والليوث الكاسرة لقد اعترض بين السهم والهدف بنحره وتعرض للوقوف بين ناب الأسد وظفره وهو يعلم أننا مع ذلك نرعى له حقوق طاعة أسلافه التي ماتوا عليها ونحفظ له خدمة آبائه التي بذلوا نفوسهم ونفائسهم في التوصل إليها ونجريه وأهل بلاده مجرى أهل ذمتنا الذين لا نؤيسهم من عفونا ما استقاموا ونسلك فيهم حكم من في أطراف البلاد من رعايانا الذين هم في قبضتنا نزحوا أو أقاموا ونحن نتحقق أنه ما بقي ينسى ملازمة ربقة الحتف خناقه ولا يرجع يورد نفسه في موارد الهلاك وهل يرجع إلى الموت من ذاقه فيستدرك باب الإنابة قبل أن يغلق دونه ويصون نفسه وأهله قبل أن تبتذل السيوف الإسلامية مصونه ويبادر إلى الطاعة قبل أن يبذلها فلا تقبل ويتمسك بأذيال العفو قبل أن ترفع دونه فلا تسبل ويعجل بحمل أموال القطيعة وإلا كان أهله وأولاده في جملة ما يحمل منها إلينا ويسلم مفاتح ما عدا عليه من فتوحنا وإلا فهو يعلم أنها وجميع ما تأخر من بلاده بين يدينا ويكون هو السبب في تمزق شمله وتفرق أهله وقلع بيته من أصله وهدم كنائسه وابتذال نفسه ونفائسه واسترقاق حرمه واستخدام أولاده قبل خدمه واستقلاع قلاعه وإحراق ربوعه ورباعه وتعجيل رؤية ما وعد به قبل

سماعه ومن لغاز أن يجاب إلى مثل ذلك أو يسمح له مع الأمن من سيوفنا ببعض ما في يده من الممالك لينتفع بما أبقت جيوشنا المؤيدة في يده من الخيل والخول ويعيش في الأمن ببعض ما نسمح له به ومن للعور بالحول والسيوف الآن مصغية إلى جوابه لتكف إن أبصر سبيل الرشاد أو تتعوض برؤوس حماته وكماته عن الإغماد إن أصر على العناد والخير يكون إن شاء الله تعالى

الصنف الخامس من الكتب السلطانية الكتب إلى من نكث العهد من المخالفين
قال في مواد البيان إذا نقض معاهد عهده أو نفض من شروط الهدنة يده فالرسم أن يصدر ما يكاتب به بالحمد لله تعالى على موهبته في إظهار الدين وإعزاز المسلمين وما تكفله من النصر على الباغين ووعد به أهل العدل من الإدالة والتمكين والصلاة على سيدنا محمد النبي وعلى آله أجمعين وإيراد طرف من معجزاته وفضائله وآياته ومناقبه التي تنخرط في هذا النظام وتليق بهذا النمط من الكلام ثم يتبع ذلك بمقدمة تدل على متانة البصائر في الدين ووثاقة العقائد في إذالة المحادين ومضاء العزائم في مجاهدة المعتدين والاستطالة على المعاندين مع ما تضمنه الله تعالى من نصره وإظفاره ووعد به من تأييده وإقراره وسهله من إهواء الأهوية إليه وجمع الكلمة عليه بما خوله من بأس وشدة وعديد وعدة وما يليق بذلك مما يعرب به عن علو السلطان ووفور الإخوان واتساع القوة والأيد وصدق العزم والجد ثم يذكر الحال التي انعقدت الهدنة عليها وأن الإجابة إليها لم تقع قصورا عن غزوهم في عقر دارهم وتشريدهم بالغارات المبثوثة برا وبحرا عن قرارهم وإنما قبولا لمساءلتهم وامتثالا لأمر الله تعالى في مسالمتهم ويأخذ في تعديد الوقائع التي أوقعها أهل الإسلام بهم والمشاهد التي نصر الله تعالى فيها عليهم والمعاقل المنتزعة من أيديهم وأن تلك العزائم مضطرمة متوقدة وتلك السيوف مشحذة مهندة وأن الله تعالى قد أباح حرم من نقض عهده ونفض من الذمام يده وأن كتائب الله موجفة وراء هذا الكتاب في جيش يلحق الخبت بالهضاب

ما لم يكن منهم مبادرة إلى الإقلاع والإنابة ومكاتبة في الصفح والاستتابة وأنه قد قدم الأعذار وبدأ قبل الإقدام بالإنذار وما يقتضيه الحال من هذا ومثله
قال فإن كان الكتاب جوابا عن كتاب ورد أجيب بما ينقضه وبني الأمر فيه على ما يبسط الهيبة ويدعو إلى النزول على أحكام الطاعة ويختلف الحال في ذلك باختلاف الأمور الحادثة والأسباب العارضة فينبغي للكاتب أن يحتاط فيما يطلق به قلمه من هذه المعاني الخطيرة لأنها مزاحمة بالدول والملك وحجج تحصل من كل دولة عند الآخرين ودرك ما يقع فيها عائد عليه ومنسوب إليه
وهذه نسخة كتاب كتب به عن الحافظ لدين الله الخليفة الفاطمي بالديار المصرية إلى بهرام النصراني الأرمني الذي كان استوزره ثم خرج عليه رضوان بن ولخشي ارتغاما للدين لتحكم نصراني في أهل الملة وولي

الوزارة مكانه ففر هاربا إلى الشام ناقضا للعهد وكتب إلى الحافظ يطلب أهله وجماعته من الأرمن الذين كانوا معه في جملة جند الديار المصرية مظهرا للطاعة والرغبة إلى التخلي عن الدنيا والانقطاع في بعض الديرة للتعبد مكرا وخديعة فكتب له بذلك جوابا عن كتابه الوارد منه ونص ما كتب إليه
عرض بحضرة أمير المؤمنين الكتاب الوارد منك أيها الامير المقدم المؤيد المنصور عز الخلافة وشمسها تاج المملكة ونظامها فخر الأمراء شيخ الدولة وعمادها ذو المجدين مصطفى أمير المؤمنين ووقف على جميعه واستولى بحكمه على مضمونه
فأما ما وسعت القول فيه وبسطته وتفسحت فيما أوردته منه وذكرته مما فحواه ومحصوله ما أنت عليه من الطاعة والولاء والمشايعة والاعتراف بنعم الدولة عليك والإقرار بإحسانها إليك فلعمر أمير المؤمنين إن هذا الذي يليق بك ويحسن منك ويحسن أن يرد عنك ويجب أن يعرف لك وقد كانت الدولة أسلفتك من حسن الظن قديما ونقلتك في درجة التنويه حديثا حتى رفعتك إلى أعلى المراتب وبلغتك ما لم تسم إليه همة طالب وأوطأت الرجال عقبك وجعلت جميع أهل الدولة تبعك مما أغنى اعترافك به عن الإطالة بشرحه والإطناب في ذكره
وأما ما ذكرته مما كان أمير المؤمنين أعطاك التوثقة عليه فأجابك منه إلى ما رغبت فيه فاستقر بينه وبينك في معناه ما اطمأننت إليه فلم يزل أمير المؤمنين على الوفاء باطنا وظاهرا ونية وعلانية واعتقاده أن لا يرجع عنه ولا يغير ما أحكمه منه وإنما حال بينه وبين هذا المراد أن كافة المسلمين في البعد والقرب

غضبوا لملتهم وامتعضوا مما لم تجربه عادة في شريعتهم ونفرت نفوسهم مما يعتقدون أن الصبر عليه قادح في دينهم ومضاعف لآلامهم وأنه ذنب لا يغفر ووزر لا يتجاوز ولا يصفح عنه حتى إن أهل المشرق أخذوا في ذلك وأعطوا وعزموا على ما اتفقوا عليه مما صرفه الله وكفى مؤونته والاشتغال به
وأما ما التمسته من تسيير من بالباب من طائفتك إليك فهذا أمر لا يسوغ ولا يمكن فعله ولو جاز أن يؤمر به لمنع المسلمون منه فلم يفسحوا فيه والآن فلن يخلو حالك من أحد قسمين إما أن تكون متعلقا بأمور الدنيا وغير منفصل عنها فأمير المؤمنين يخيرك في ولاية أحد ثلاثة مواضع إما قوص أو إخميم أو أسيوط فأيها اخترت ولاك إياه ورد أمره والنظر فيه إليك على أن تقتصر من الذين معك على خمسين أو ستين فارسا وتسير الباقين إلى الباب ليجروا على عاداتهم ورسومهم في واجباتهم وإقطاعاتهم إذ كانوا عبيد الدولة ومتقلبين في فضلها وأكثرهم متولدون في ظلها وإما أن تكون على القضية التي ما زلت تذكر رغبتك فيها وإيثارك لها من التخلي عن الدنيا ولزوم أحد الديرة والانقطاع إلى العبادة فإن كنت مقيما على ذلك فتخير ضيعة من أي الضياع شئت يكون فيها دير تقيم فيه وتنقطع إليه فتعين الضيعة ليجعلها أمير المؤمنين تسويغا لك موبدا وإقطاعا دائما مخلدا وتجري مجرى الملك ويكتب لك بذلك ما جرت العادة بمثله ما تطمئن إليه وتستحكم ثقتك به وإن أبيت القسمين المذكورين ولم يرضك الأول منهما ولا رغبت في الثاني فتحقق أن المسلمين بأجمعهم وكافتهم وأسرهم وكل من يقول بالشهادتين من قاص ودان وقريب وبعيد وكبير وصغير ينفرون إليك ويتفقون على القصد لك ولا يختلفون في التوجه نحوك وهو عمل ديني لا يريثه أمر دنيوي فتأمل ما تضمنته هذه الإجابة من الأقسام وطالع بما عندك في ذلك
قلت وهذا الصنف من المكاتبات السلطانية لا وجود له في زماننا لعدم وقوع الهدن المترتب عليها هذا الصنف من المكاتبات فإن احتيج إلى ذلك مشاه الكاتب على القاعدة القديمة المتقدمة

الصنف السادس من الكتب السلطانية الكتب إلى من خلع الطاعة
قال في مواد البيان وهذه الكتب تختلف رسومها بحسب اختلاف أقدار المكاتبين وأحوالهم في الخروج عن الطاعة قال وجمع أوضاعها كلها في قانون كلي عسير المرام إلا أننا نرسم فيها رسوما يمكن الزيادة فيها والنقص منها ثم قال والعادة أن تنفذ هذه الكتب إلى من ترجى إنابته وتؤمل مراجعته فأما من وقع الإياس من استصلاحه ودعت الضرورة إلى كفاحه فلا حاجة إلى معاتبته ولا وجه لمكاتبته
قال والرسم فيها أن تفتتح بالتحميد المناسب لمعنى الكتاب والصلاة على النبي بما يدعو إلى إيناسه ويزيل أسباب استيحاشه ويعود بثبات جاشه ويبعثه على مراجعة فكره ومعاودة النظر في أمره ويذكره ما أسدي من العوارف إليه وأفيض من النعم عليه وأنه لا ينفر سربها بجحدها وكفرها ويوحش ربعها بإهمال حمدها وشكرها ويربطها بحسن الطاعة ويسترهنها بالتأدب في التباعة ولا يجر الوبال إلى نفسه بالخروج عن العصمة في عاجل ذميم الوصمة وفي آجل أليم النقمة ويبصره بعاقبته ومن يليه من ذوي الجند بما يقتضي رب الإنعام لديهم وإقرار الفضل عليهم وأن يسلبهم ملبس الظل الظليل وأن يعطلهم من حلي الرأي الجميل ويتدرع في أثناء ذلك بشعار النفاق ويتسم بميسم الشقاق ويتعجل إزعاجه من داره وبعده من قراره وهدم ما شيده الإخلاص من ذكره وتقويض ما رفعته الطاعة من قدره ويعود بعد أن كان مجاهدا عن الحوزة مجاهدا بمحتدها وبعد أن كان مراميا عن السدة مرميا بيدها ويضيع ما أسدي إليه وأفيض من الإحسان عليه وما ذهب من اليقين في تدريجه إلى مراقي السيادة ومن الرغائب في إلحاقه بأهل السعادة ولا يغتر بمن يزين له عاجل الآجل ويتقرب إليه بخدع الباطل ويجعل أقوالهم دبر سمعه ويبعد أشخاصهم عن نظره ناظرا في عاقبته وحارسا مهجته وراغبا في حقن دمه وصيانة حرمه وليرجع إلى الفناء الذي لم يزل يحرزه والكنف الذي لم يزل

يعزه ولا يجعل مسالمه بالعنود منازعا ومواصله بالجحود مقاطعا وواهبه بالكفر سالبا ومطلع النعمة بضياعه حقها مغربا وقد بقي في الحبل ممسك وفي الأمر مستدرك لأن يهب من رقدته ويستبدل من لقاء أمير المؤمنين بلقاء حضرته ثم يقول فإن كان ما جناه قد هد سربه وكدر شربه وأحس في نفسه سوء الظن وأخافه بعد الأمن فليبعث رسوله يستوثق ويعاقد ويتوكد ويعاهد فإذا عاد إليه بما يملأ فؤاده أمنا ويكون عليه حصنا سارع إلى امتثال المراسم وجرى في الطاعة على سننه المتقادم ولا يستمر على المدافعة والمطاولة ويقتصر على المغايظة والمماطلة
ثم يقال بعد هذا وقد قدم أمير المؤمنين كتابه هذا إليك نائبا عنه في استصلاحك وقائدا يقودك إلى طريق نجاحك قبل تجريد مواضيه وإلحاق مستأنفه في الحرب بماضيه وخيوله تجاذب الأعنة وذوابله مشرعة الأسنة ولم يبق إلا قصدك في عقر دارك التي بوأكها وانتزاع نعمته التي أعطاكها لتذوق مرارة المخالفة وتزنها بحلاوة الموافقة فكن على نفسك لنفسك حاكما ولا تكن لها ظالما ونحو ذلك مما يليق به
وإن كانت المكاتبة إلى رجل قد سبقت له سابقة بخلع الطاعة ثم سأل الإقالة فأقيل بعد مشارفة الإحاطة به والنكاية فيه ثم راجع العصيان فالرسم أن تفتتح بحمد الله جاعل العاقبة للمتقين والعدوان على الظالمين والعزة لحزبه والذلة لحربه والإظهار لأهل طاعته والخسار لأهل معصيته ودائرة السوء على الخالعين طاعة خلفائه القائمين بحجته ثم يقال أمير المؤمنين على ما يراك تتخوله به من تصديق آماله وتوفيق أفعاله وتسديد مراميه وهداية مساعيه وإجابة دعوته وتحقيق رغبته بإدالة مواليه وإذالة معاديه ومعونته على ما ولاه وتمكينه ممن ناواه ويسأله الصلاة على سيدنا محمد نبيه
ثم يؤتى بمقدمة تدل على جميل عاقبه الطاعة وذميم مغبة المعصية يبسط

القول عليها ويتوسع فيها لتكون فراشا لما يتلوها ثم يقال بعدها وإنما يحمل ذلك أهل الغرارة الذين لم يلوكوا شكائم التجارب ولم يمارسوا ضرائم النوائب وأنت فقد تذوقت من كراهة المعصية ومرارتها وعذوبة الطاعة وحلاوتها ما يرجو امير المؤمنين ان يكون قد وعظك وأدبك وقومك وهذبك وكشف لك عن عاقبتهما وعرفك بغايتهما فدعتك الطاعة إليها بما أسبغته عليك من لباس شرفها ومجدها واستخدمته لك من أنصار إقبالها وسعدها ونهتك المعصية عنها بما بلوته من نوائبها وصنائعها وجربته من مرمض مراميها ومواقعها لأنها أقلت عددك ومزقت مطرفك ومتلدك حتى تداركك من عطف أمير المؤمنين ما أنبتك بعد الحصد وراشك بعد الحص وانتهى إلى امير المؤمنين انك حنيت الى اتباع الضلالة الذين غروك وملت الى اشياع الذين استهووك فأصغيت الى اقوالهم التي ظاهرها نصح وباطنها غش وآرائهم التي مواردها صلاح ومصادرها فساد وملت إلى معاودة الشقاق والارتكاس في العصيان ومقابلة النعمى بالكفران فقدم كتابه إليك مذكرا ومنحك خطابه معذرا منذرا ليعرفك حظك ويهديك رشدك ويدلك على الأحسن لك في مبدئك وعاقبتك ويحذرك من مراجعة ما قارفته وأن تنزل عن المنزلة التي رقاك إليها وتجدب رباعك من النعمة التي أرتعك فيها وتتخلى عن مرابع الدعة التي أوردك عليها فانظر لنفسك حسنا وكن إليها محسنا وانتفع بمراشد أمير المؤمنين ولا تفسدن بخلافك عن أمره نصيبك من الدنيا والدين فارجع إليه مسترغما فإنه يقتدي بالله في الرحمة للمحسنين ما دام مؤثرا لرب لنعمة لديك وإقرارها عليك فاعلم هذا وأعمل به إن شاء الله تعالى
قال وإن كانت المكاتبة إلى رعية قد خرجت عن الطاعة كتب إليها بما مثاله
أما بعد وفقكم الله لطاعته وعصمكم من معصيته فإن الشيطان يدلي الإنسان بغروره ويقيم له الضلال في صورة الهدى ببهتانه وزوره مستخفا لطائشي الألباب ومستزلا للأقدام عن موقف الصواب محسنا بكيده

لاعتقاد الأباطيل مزينا بغيه اتباع الأضاليل صارفا بمكره عن سواء السبيل مصورا للحق في صورة المين مغطيا على القلوب بشغاف الرين والحازم اليقظ من تحرز من أشراكه وحبائله وتحفظ من مخايله وغوائله واتهم هواجس فكره واستراب بوساوس صدره وعرض ما يعرض له على عقله وكرر فيه النظر متحرزا من مكر الشيطان وختله فإن ألفاه عادلا عن الهوى مائلا إلى التقوى بريئا من خدع الشيطان آمنا من عوادي الافتتان أمضاه واثقا بسلامة مغبته وعاقبته وشمول الأمن في أولاه وأخراه
وانتهى إلى أمير المؤمنين أن الشيطان المريد استخف احلام جماعة من جهالكم واستولى على أفهام عدة من أراذلكم وحسن لهم شق عصا الإسلام ومعصببة الإمام ومفارقة الجماعة والانسلاخ من الطاعة التي فرضها الله تعالى على الجمهور وجعلها نظام الأمور فقال جل قائلا ( يأيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وأختيار الفرقة التي نهى الله عنها فقال ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ) ومجانبة الألفة التي عدها في جلائل نعمه فقال ممتنا بها على عباده ( وأذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) وسول لهم التعري من آداب الدين والمجاهرة بالخلاف على امير المؤمنين فنبذوا ما بأيديهم من بيعته وسلبوا من ظل دعوته وركبوا من ذلك أوعر المراكب وسلكوا أخشن المسارب وسعوا في البلاد بالفساد وقاموا في وجه الحق بالعناد واستخفوا بحمل الآثام وبسطوا أيديهم إلى الدماء الحرام وشنوا

الغارات على أهل الإسلام
وقد علمتم أن من أقدم على تأثير مثل هذه الآثار فقد استنزل في هذه الدار سخط الجبار وتبوأ في الآخرة مقعده من النار وجرى على غير الواجب في إقامة الفروض والصلوات وتأدية العبادات والزكوات وعقد العقود والمناكحات لأن هذه الأحوال إنما ترضى وترفع وتجاب وتسمع إذا تولاها أمير المؤمنين أو من يستخلفه من صلحاء المسلمين فأما إذا استبددتم فيها بأنفسكم وأقتديتم في تأديتها بناكب عن سبيله مجانب لدليله فقد تسكعتم في الضلالة وتطابقتم على الجهالة وكل راض منكم بذلك عاص لله ورسوله وللإمام
ولما اطلع أمير المؤمنين على ما ذهبتم إليه بسوء الاختيار وركبتموه من مراكب الاغترار لم ير أن يلغيكم ويهجركم ويغفلكم ولا يبصركم فقدم مكاتبتكم معذرا منذرا ومخوفا محذرا وبدأكم بوعظه مشفقا عليكم من زلة القدم وموقف الندم وجاذبا لكم عن مضال الغواية إلى مراشد الهداية وافتتحكم باللفظ الأحسن والقول الألين وهداكم إلى السبيل الأوضح والمتجر الأربح واختار أن يهديكم الله تعالى إلى طريق الرشاد ويدلكم على مقاصد السداد ويعيدكم إلى الأولى ويبعثكم على الطريقة المثلى وأن تعرفوا الحق فتعتصموا في أيديكم من بيعته وتقوموا بما فرض عليكم من طاعته وترجعوا إلى إجماع المسلمين وما اتفقت عليه كلمة إخوانكم في الدين وتتبعوا مذاهب أهل السلامة وأولي الاستقامة فإن وقع ما القاه إليكم الموقع الذي قدره فيكم وسألتم الإقالة فالتوبة تنفعكم والعفو يسعكم وإن تماديتم في غيكم وباطلكم وغروركم وجهلكم تقدمت إليكم جيوش أمير المؤمنين مقومة ومن عصاتكم منتقمة وذلك مقام لا يتميز فيه البريء من السقيم ولا الجاهل من العليم ألا تسمعون الله تعالى يقول ( وأتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة ) وأي فتنة أشد من طاعة الشيطان ومعصية السلطان وشق العصا

وإراقة الدما وإثارة الدهما فاتقوا الله وأرجعوا وتأملوا وراجعوا وتبصروا واستبصروا وقد أوضح لكم أمير المؤمنين المحجة وبدأكم بالحجة فأوجدوه السبيل إلى ما ينويه لكم ولكافة أهل الإسلام من حقن الدماء وصيانة الحريم وتحصين الأموال وشمول الأمن والأمان وأجيبوا عن كتابه هذا بما يوفقكم الله تعالى إليه من إجابة دعائه والعمل برأيه إن شاء الله تعالى
وهذه نسخة ما كتب به عبد الحميد إلى بعض من خرج عن الطاعة وهو
أما بعد بلغني كتابك تذكر أنك تحمل المرد على الجرد فسترد عليك جنود الله المقربون وأولياؤه الغالبون ويرد عليك مع ذلك حزبه المنصور من الكهول على الفحول كأنها الوعول تخوض الوحول طوال السبال تختضب بالجربال رجال هم الرجال بين رامح وناشب ليس معهم إلا كلب محارب ولا ينكلون عن الأصحاب قد ضروا بضرب الهام واعتادوا الكر والإقدام ليسوا بذوي هينة ولا إحجام يقضون بالسيوف ويخالطون الزحوف في أعنتهم الحتوف يزأرون زئير الأسود ويثبون وثوب الفهود ليس فيهم إلا شاك محتبك في الحرب مجرب قد شرب على ناجذ الحرب وأكل ذو شقشقة وكلكل كأنما أشرب وجهه نقيع الحناء قد رئم الحرب ورضعها وغذته وألفها فهي أمه وهو أبنها يسكن إليها ويأنس بقربها فهو بطلبها أرب وعلى أهلها حرب لا يروعه ما يروع ولا يزيغه ما يزيغ الغمر الجبان حين

يشتد الوغى وتخطر القنا وتقلص الشفاه وتسفر الكماه فعند ذلك تسلمك المرد وتكشف عن الجرد فتأهب لذلك أهبتك واخطب له خطبتك من المساكين والحوكة ثم كيدوني جميعا فلا تنظرون فما أسرنا إكثارك الجموع وحشدك الخيول فإنك لا تكثف جمعا ولا تسرب خيلا إلا وثقنا بأن سيمدنا الله من ملائكته ويزيدنا من نصره بما قد جرت به سنته وسلفت به عادته ونحن نجري من ذلك على نقمات من الله ونكال وسطوات مهلكة فرأيتم ذلك في المنازل وعرفتموه في المواطن التي يجمعها الحق والباطل فأبشر منا بما ساءك ضجرا ومشاك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش
ومن أحسن الكتب المكتتبة في هذا الباب ما كتب به قوام الدين يحيى بن زيادة وزير أمير المؤمنين الناصر لدين الله الخليفة ببغداد إلى طغرل مقطع البصرة بأمر الخليفة له في ذلك وقد بلغه أنه نزح عنها قاصدا بعض الأطراف مفارقا لطاعة الخليفة عندما طلب من ديوانه شيء من المال فأوجب ذلك أنثناءه عن عزمه وتوجهه إلى بغداد داخلا تحت الطاعة ومقابلته بالصفح وتلقيه بالقبول وهذه نسخته
أصدرت هذه الخدمة إلى الجناب الكريم الأميري الاسفهسلاري

الأجلي الكبيري السيدي العمادي الركني الظهيري المحترمي العزي الجمالي أمير الجيوش أطال الله بقاءه وأدام علوه ونعمته وأنا أوقع الأقوال المتواترة والأموال المتناصرة مستغربا لها متعجبا منها كأني أسمعها في المنام وتخاطبني بها أضغاث أحلام فلولا أن الأيام صحائف العجائب ولا يأنس بمتجدداتها إلا من حنكته التجارب لم أصدق هذه الحركة المباركة التي وقعت منه بسعادته فإني ما أراها إلا عثرة من جواد وعورة على كماله وإلا فمن أين يدخل الزلل على ذلك الرأي السديد والعقل الراجح والفكر الصائب الذي يعلم الآراء كيف تنير ويعرف النجوم كيف تسير ويهدي غيره في المشكلات إلى صواب التدبير والفائت لا كلام فيه غير أن العقل يقضي باستدراك الممكن وتلافيه بالانحراف عن الهوى إلى الرأي الصادق والرجوع عن تأويل النفس إلى مراجعة الفكر الناضج فالعود إلى الحق أولى من التمادي على الباطل وأحب أن تسمع ما أقول بأذن واعية وقلب حاضر وحوشي أن تستدفعه الكواذب عن تدبر الحقائق وعرفان النصائح فإن من القول ما برهانه لا يحتاج إلى شاهد من غيره
قبل كل شيء ما الذي أحوج إلى هذه الحال القبيحة السمعة وركوب الخطر في هذه الحركة واحتمال هذه المشاق والانزعاج من غير أن تدعو إليه حاجة هل هو إلا شيء جرت العادة بمثله وبمطالبة ديوانه بما كان يندفع الامر ببعضه كما جرت عادة الدواوين وخدم السلاطين ثم إنه عمد أدام الله نعمته بأول خاطره وباديء رأيه في هذه العجلة من غير تثبت ولا روية لم لا راجع فكرة الكريم ويقول لنفسه إلى أين امضي ولمن اخدم وعلى أي باب اقف وتحت أي لواء اسير وبأي غبار اكتحل وفضل من أطلب وعلى حكم من انزل بعد أن ربيت في عرصة الخلافة ودار النبوة وحضن المملكة أنشأني نعيمها صغيرا وقدمني كبيرا وكنت مأمورا فجعلني أميرا وطار صيتي في الدنيا ولم أكن شيئا مذكورا فأنا خير من ملك أقصده وأمثل من كل من أرجوه وأستنجده أفأنزل من السماء إلى الحضيض وأهدم ما بنى الإنعام عندي في الزمن الطويل العريض هذا هو المكروه الأعظم الذي تعوذ منه رسول الله

حين قال اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور ومن يكون حضين خلافة كيف يرضى أن يكون تابع إمارة ولو لم يكن ما هجم عليه إلا هذا لكفى ثم لم لا يلتفت في هذه الحال التي هو عليها التي صحبته بوفائها ويسمع خطابها بلسان حالها ثم تقول له يا عماد الدين أما هذه خيام الإنعام عليك أما هذه الخيل المسوفة تحتك أما هذه ملابسه الفاخرة مفاضة عليك أما هذه مماليكه حافة بك أليس الاصطناع رفع قدرك إلى المنزلة التي ثقل عليك بعض الانحطاط عنها ووهب لك الهمة التي أبيت الضيم بها فحوشيت أن تكون ممن تواترت عليه النعم فملها وتكاثرت عليه فضعف عن حملها فياليت شعري ماذا يكون جوابها والله إنني أقول له بسعادته ولا أعقب ولو أنه قد تحقق والعياذ بالله وقوع كل محذور وحلول كل مكروه لم يكن في هذه الحركة معذورا فكيف بظن مرجم وقول مسوف متوهم ورأي فطير غير مختمر ولقد كان استسلامه لمالك الرق صلوات الله عليه وسلامه أحسن في الدنيا وأحمد في العقبى واقعا ذلك من أحواله حيث وقع والآن فالوقت ضاق في إصدار هذه المكاتبة عن استقصاء العتاب والمحاققة وإيراد كل ما تلزم به الحجة لكني أقول على سبيل الجملة
إنني أخاف على سديد ذلك الرأي إجابة داعي الهوى فإن اللجاج من أوسع مداخل الشيطان على الانسان وحوشي كماله من هذا القسم
والثاني استشعاره بسعادته من بادرته واستيحاشه من عجلته وهذا أيضا من أدق مكايد النفس الأمارة بالسوء فإنها تومن من المخوف وتخوف من المأمون وتسحر العقل بالتحير والشك فلا تصح له عزيمة ولا تصفو له فكرة وهذا النوع إذا عرض في الصدر يجب دفعه بالنظر إلى الحق وشجاعة القلب والإخلاد إلى مناظرة النفس فإن الإنسان ليس بمعصوم والزلل في الرأي ليس من أوصاف الجماد بل من الاوصاف اللازمة للبشرية وليس الكمال لأحد إلا للواحد الصمد فإذا عرض له بسعادته هذا الاستشعار فيدفعه عن نفسه فليس سلطان الوسواس الخناس إلا في صدور الناس فلهذا لا ينبغي لمذنب أن

يقنط ولا لمسيء أن يستوحش لا سيما إذا أتبع الذنب بالاستقالة والاستغفار والاعتذار والإقلاع وعلى الخصوص إذا كانت الخيانة عند من لا يتعاظمه عفوها ولا يضيق حلمه عنها فإن كل كبيرة توجب المخافة تغرق في بحر عفو الخلافة فيجب أن يقرر بسعادته ذلك في نفسه ويخرج سوء الظن والاستشعار من خياله فإن مثله من خلصان المماليك لا يسمح به ولا يشغب عليه عند هفوة بادرة
والثالث الانقباض والحياء فإنه ربما يقول في نفسه بأي وجه ألقى مولاي وبأي عين أبصر مواطن الدار العزيزة رباني وأنشاني وهذا أيضا لا يصلح خطوره بباله في هذا المقام فإنه من ضعف النحيزة والميل مع خوادع الطبع عن نصائح العقل والشرع فإن الحياء إتباع زلة القدم بالندم والاعتذار لا التهوك في اللجاج والإصرار فقد قال بعض الملوك لخصيص من خواصه عصاه في شيء من أمره بأي عين تلقاني وقد عصيت أمري فقال بالعين التي ألقى بها ربي في الصلوات الخمس وهو سبحانه يراني على فواضح المعاصي وقد أثنى الله سبحانه على من أذنب ثم تاب وشرد عن طاعته ثم أناب وبحمد الله تعالى ما جرى ما يقتضي فرط الاستشعار هل هو إلا عبد خاف بادرة مولاه فتنحى من مكانه إلى أن يعطف عليه برحمته وليس هذا ببديع ولا من الصفح ببعيد على أنه بسعادته لو أنصف من نفسه لما استشعر فكم أخرجت الخزائن الشريفة عليه من الأموال حتى نبت عرقه وأورق غصنه وكبر شأنه وجميع ضمان البصرة عشر معشار ذلك
والرابع إصغاؤه والعياذ بالله إلى قول من لا ينصحه ويغويه ولا يرشده ويتقرب إليه بمتابعة هواه وهذا ما لا يخفى عن لمحة الناقث ولا يحتاج الإعراض عنه إلى باعث فقديما قيل صديقك من نهاك وعدوك من أغراك

والله تعالى يوفقه لتحقيقه النظر في هذه الاقسام الاربعة التي أحذرها عليه وأحذره منها وييسره لليسرى
وبعد ذلك فأنا انصفه من نفسي وأقول الحق إن نفسا رباها خليفة الله في أرضه صلوات الله عليه وسلامه بإنعامه وأعلى همتها باختصاصه وشرفها بنسب عبوديته لا تحتمل الهوان ولا تقر على الابتذال فغالب ظني أن نفوره بسعادته إنما هو من ديوان الزمام المعمور والآن فأنا وهو بسعادته عبدان ولكني انفرد عنه بالسن والتجريب وطريقتي هو بسعادته يعرفها وإنني لا أدخر عن أحد نصحا فالصواب أن يقبل قولي ويتحقق صحة مقصدي في نصيحته ومقصده فإني أوجب ذلك له على نفسي وأراه من واجبات خدم مالك الرق صلوات الله عليه وسلامه أيضا
وقد علم الله تعالى أني قد أوضحت من عذره وأحسنت المناب عنه بسعادته مالو حضره وتولاه بنفسه لما زاد عليه ورأيت الإنعام يستغني عن كل شرط ولا يحتاج إليه وتقررت قاعدته بسعادته أن لا يكون له مع ديوان الزمام المعمور حديث ولا مع غيره مممن لا يعرف حقه ولا يكون من الاحترام واجبه فإن أمر أن أتولى وساطته فأنا أعتمد ذلك في مراضيه وتمشية أمره أكثر مما في نفسه وإن أختار بسعادته أن يكون غيري وسيطه وسفيره فيعين من يختاره ليكون حديثه معه وقد أسلفت من وظائف إحسان المناب أنني تنجزت له بسعادته أمانا متوجا بالقلم الأشرف المقدس على نفسه الكريمة وماله وأولاده والأمان المذكور طي كتابي هذا مقرونا بخاتم أمان ثان فيجب أن يكون هو بسعادته جواب ذلك إذ لا يجوز ان يكون الجواب إلا هو بنفسه الكريمة فلا يشعر به أحد إلا وهو مقابل التاج الشريف ملقيا نفسه بين يدي مالكها الذي هو أرحم لها وألطف بها وأشفق عليها منها تاليا ما حكاه القرآن المجيد عن يونس عليه السلام إذ نادى وهو مكظوم ( سبحانك إني كنت من الظالمين ) فإنه يرى

بمشيئة الله تعالى وتوفيقه كل ما يحب ويأمن كل ما يحذر وأنا استسرع وصوله عن استعراض مهماته ولرأيه كرمه إن شاء الله تعالى
قلت فإن اتفقت المكاتبة في معنى ذلك في زماننا راعى الكاتب فيه صورة الحال وجرى في ذلك على ما يلائم حاله ويناسب ما هو فيه مع النظر في كلام من سبقه إلى شيء من ذلك والنسج على منوال المجيد والاقتداء بالمحسن في ايراده وإصداره

الصنف السابع الكتب في الفتوحات والظفر بأعداء الدولة وأعداء الملة
واسترجاع المعاقل والحصون والاستيلاء على المدن
وأصلها من فتح الأقفال ودخول الأبواب كأن المدينة أو الحصن كان مقفلا ممتنعا بالأغلاق على قاصده حتى يفتح له فيدخل
قال في مواد البيان وهو من أعظم المكاتبات خطرا وأجلها قدرا لاشتمال أغراضها على إنجاز وعد الله تعالى الذي وعد به أهل الطاعة في إظهار دينهم على كل دين وتوفير حظهم من التأييد والتمكين وما يمر فيها من الأساليب المختلفة التي يشتمل هذا القانون عليها
قال والكاتب يحتاج إلى تصريف فكره فيها وتهذيب معانيها لانها تتلى من فوق المنابر على أسماع السامعين وتجعل نصب عيون المتصفحين
ثم قال والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله العفو الحليم الغفور الرحيم العليم الحكيم ذي البرهان المبين والفضل الجسيم والقوة المتين والعقاب الأليم مبيد الظالمين ومبير القاسطين ومؤيد العادلين وجاعل العاقبة للمتقين المملي إمهالا وإنذارا والمعاقب تنبيها وإذكارا الذي لا ينجي منه مهرب ولا يبعد عليه مطلب وكيف يعتصم منه وهو أقرب من حبل الوريد وله على كل لافظ رقيب وعتيد والصلاة على رسوله الأمين الذي ختم به النبيين

وفضله على المرسلين وايده بأوليائه التائبين الذين قاموا في نصرته وإعزاز رايته المقام الذي فازوا فيه بالخصل فاستولوا به على قصبات الفضل فشركهم معه في الوصف والثناء فقال جل قائلا ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )
ثم يؤتى بمقدمة تشتمل على التحدث بنعمة الله في شحذ العزائم لنصرته وتثبيت الأقدام في لقاء عدوه ومجاهدته وإنجازه وعده في الإعزاز والإظهار والظفر والإظفار والاستبشار بموقع النعمة في الفتح الجليل والإشادة بإبقاء هذا الأثر الجميل ثم يفيض بما جرت به العادة في مقاربة العدو ومداناته وبث الطلائع لتنفيذ السرايا في مبادي ملاقاته وما أفضى إليه الأمر في التقابل والمواثبة والتواشج في المطاعنة والمضاربة وذكر مواقف الشجعان في الكفاح والمجاهدة والذب والمجالدة وثبوت الأقدام والجود بالنفوس واشتداد الأيدي وقوة الشكائم واستصحاب العزائم وتفخيم أمر العدو بوصفه بكثرة الرجال والأجناد والقوة والاستعداد لأن توقع الظفر بمن هذه صفته أعظم خطرا وأوقع في النفوس أثرا
ثم يذكر ما جال بين الفريفين من قراع ومصاع ومضاربة ودفاع ومصاولة ومناضلة ومناهدة ومكافحة وحماية ومنافحة وثبات ومصاففة ومقاومة ومواقفة ومخادعة ومطامعة وينعت المواكب والكتائب والخيول والأسلحة والجرحى والمجدلين والأسرى والمقتلين واستعمال التشبيهات الفائقة والاستعارات الرائقة وإرداف المعاني في الإبانة عن لمعان أسنة الذوابل وبريق صفحات المناصل وإعمال المقاصل في القمم وظهور نجوم السيوف من ليل الحرب في دياجي الظلم وينعت الدماء المنبعثة من الجراح على متون الرماح والصفاح

ويذكر ما أظهره الله تعالى من تكامل النصر ودلائل الظفر وما انجلت عنه الحرب من قتل وأسر من اسر وهزيمة من هزم وما فاز به الرجال من الأسلاب والأموال والدواب والرجال وما جرت عليه الحال من انفلال العدو عند المقاتلة أو أسر العدو إن أسر أو أعتصامه بمعقل لا يحصنه أو أمتناعه بحيث يحتاج إلى منازلته باستنزاله قسرا أو حيازة المعقل الذي كان بيده وما اعتمد فيه من حسن السيرة وتخفيف الوطأة عن الرعية وحسم أسباب الفتنة أو رغبته في المسالمة وسؤاله في المهادنة لخوف أظله وهلع احتله وما تردد من رسائل وتقرر من شروط وعقود وإنفاذ الأمر في ذلك كما أوجبه الحزم واقتضاه صواب الرأي
وإن كان السلم قد وقع والتنازع قد ارتفع ذكر اتفاق الحزبين واتحاد الكلمة وشمول النعمة
وإن كان لم يجبه إلى المهادنة حذرا من المكر والمخادعة ذكر ما مر في ذلك من رأي وتدبير وتسديد وتقرير
وإن كان طلب المهادنة ليجد فسحة المهل فيكثر عدده ويجم عدده وتتم حيلته فاطلع منه على ذلك فبادره مفللا لكيده ومكره مذيقا له وبال أمره شرح الحال على نصها وما انتهى إليه آخرها
قال وقد يقع من هذه الأمور ما لا يحتسب وسبيل جميعه هذا السبيل
ثم قال ويختم الكتاب بحمد الله القاضي لأوليائه بالإدالة ولأعدائه بالإذالة الذي يستدرج بحلمه إمهالا ولا يلقى العادل عن حكمه إهمالا والصلاة على رسوله وعلى آله
وقد تقدم في الكلام على مقدمة المكاتبات في أوائل المقالة الرابعة من الكتاب أن هذه الكتب مما يجب بسطها والإطناب فيها وأن ما وقع في كتاب

المهلب بن أبي صفرة من كتابه إلى الحجاج في فتح الأزارقة من الخوارج على عظم الفتح وبعد صيته على سبيل الإيجاز والاختصار حيث قال فيه
أما بعد فالحمد لله الذي لا تنقطع مواد نعمه عن خلقه حتى تنقطع منهم مواد الشكر وإنا وعدونا كنا على حال يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا ويسوءهم منا أكثر مما يسرهم ولم يزل الله جل ثناؤه يزيدنا وينقصهم ويعزنا ويذلهم ويؤيدنا ويخذلهم ويمحصنا ويمحقهم حتى بلغ الكتاب أجله ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ) فإنما سلك فيه سبيل الإيجاز لكونه من التابع إلى المتبوع إذ الحجاج كان هو القائم بأمر العراق وما والاه لعبد الملك بن مروان على شدة سطوته وما كان عليه من قوة الشكيمة وشدة البأس مع كون الأدب في مكاتبة المرؤوس الرئيس الإتيان بقليل اللفظ الدال على المقصد حتى لا يكون فيه شغل للرئيس بطول الكلام وبسط القول على ما تقدم بيانه في موضعه
وأعلم أن الكتابة في فتوحات بلاد الكفر ومعاقلهم والاستيلاء على بلاد البغاة تكاد أن تكون في الكتابة على نسق واحد إلا أن مجال الكاتب في فتوحات بلاد الكفر أوسع من حيث عزة الإسلام على الكفر وظهور دينه على سائر الأديان

وهذه نسخة كتاب بفتح فتحه الخليفة وعاد منه وهي
الحمد لله مديل الحق ومنيره ومذل الباطل ومبيره مؤيد الإسلام بباهر الإعجاز ومتمم وعده في الإظهار بوشيك الإنجاز وأخمد كل دين وأعلاه ورفض كل شرع واجتباه وجعله نوره اللامع وظله الماتع وابتعث به السراج المنير والبشير النذير فأوضح مناهجه وبين مدارجه وأنار أعلامه وفصل أحكامه وسن حلاله وحرامه وبين خاصه وعامه ودعا الى الله بإذنه وحض على التمسك بعصم دينه وشمر في نصره مجاهدا من ند عن سبيله وعند عن دليله حتى قصد الأنصاب والأصنام وأبطل الميسر والأزلام وكشف غيابات الإظلام وانتعلت خيل الله بقبائل الهام
يحمده امير المؤمنين ان جعله من ولاة أمره ووفقه لاتباع سنة رسوله واقتفاء أثره واعانه على تمكين الدين وتوهين المشركين وشفاء صدور المؤمنين وأنهضه بالمراماة عن الملة والمحاماة عن الحوزة وإعزاز أهل الايمان وإذلال حزب الكفران ويسأله الصلاة على خيرته المجتبى وصفوته المنتصى محمد أفضل من ذب وكافح وجاهد ونافح وحمى الذمار وغزا الكفار صلى الله عليه وعلى أخيه وابن عمه أمير المؤمنين علي بن ابي طالب

سيفه القاطع ومجنه المدافع وسهمه الصارد وناصره المعاضد فارس الوقائع ومفرق الجمائع مبيد الأقران ومبدد الشجعان وعلى الطهرة من عترته أئمة الأزمان وخالصة الله من الإنس والجان
وإن أولى النعم بان يرفل في لباسها ويتوصل بالشكر إلى إيناسها ويتهادى طيب خبرها ويتفاوض بحسن أثرها نعمة الله تعالى في التوفيق لمجاهدة أهل الإلحاد والشرك وغزو أولي الباطل والإفك والهجوم عليهم في عقر دارهم واجتثات اصلهم والجد في دمارهم واستنزالهم من معاقلهم وتشريدهم عن منازلهم وتغميض نواظرهم الشوس وإلباسهم لباس البوس لما في ذلك من ظهور التوحيد وعزه وخمود الإلحاد وعره وعلو ملة المسلمين وانخفاض دولة المشركين ووضوح محجة الحق وحجته وصدوع برهانه وآيته
وكتاب أمير المؤمنين هذا إليك وقد انكفأ عن ديار الفلانيين المشركين إلى دست خلافته ومقر إمامته بعد أن غزاهم برا وبحرا وشردهم سهلا ووعرا وجرعهم من عواقب كفرهم مرا وفرق جمائعهم التي تطبق سهوب الفضاء خيلا ورجلا وتضيق بها المهامه حزنا وسهلا ومزق كتائبهم التي تلحق الوهاد

بالنجاد وتختطف الأبصار ببوارق الأغماد وتجعل رعود سنابكها في السماء وسبى الذراري والأطفال واسر البطاريق والأقبال وأفتتح المعاقل والأعمال وحاز الأسلاب والأموال واستولى من الحصون على حصن كذا وحصن كذا ومحا منها رسوم الشرك وعفاها وأثبت سنن التوحيد بها وامضاها وغنم أولياء أمير المؤمنين ومتطوعة المسلمين من الغنائم ما اقر العيون وحقق الظنون وانفصلوا وقد زادت بصائرهم نفاذا في الدين وسرائرهم إخلاصا في طاعة امير المؤمنين بما أولاهم الله من النصر والإظفار والإعزاز والإظهار ووضح للمشركين بما أنزل الله عليهم من الخذلان وأنالهم إياه من الهوان أنهم على مضلة من الغي والعمى ومنحاة من الرشد والهدى فضرعوا إلى أمير المؤمنين في السلم والموادعة وتحملوا بذلا بذلوه تفاديا من الكفاح والمقارعة فأجابهم إلى ذلك متوكلا على الله تعالى وامتثالا لقوله إذ يقول ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم ) وعاقد طاغيتهم على كتاب هدنة كتبه له وأقره في يده حجة بمضمونه
أشعرك أمير المؤمنين ذلك لتاخذ من هذه النعمة بنصيب مثلك من المخلصين وتعرف موقع ما تفضل الله تعالى به على الإسلام والمسلمين فيحسن ظنك وتقر عينك وتشكر الله تعالى شكر المستمد من فضله المعتد بطوله وتتلو كتاب أمير المؤمنين على كافة من قبلك من المسلمين ليعلموا ما تولاهم الله به من نصره وتمكينه وإذلال عدوهم وتوهينه فاعلم ذلك واعمل به إن شاء الله تعالى

ثم الفتوح إما فتح لبعض بلاد الكفر وإما فتح لما استولى عليه البغاة من المسلمين
فأما فتح بلاد الكفار فكان سبيلهم فيه أن يصدر الكتاب بحمد الله تعالى على علو دين الإسلام ورفعته وإظهاره على كل دين ثم على بعث النبي بالهداية إلى الدين القويم والصراط المستقيم ويذكر ما كان من امره من جهاد الكفار ثم على إقامة الخلفاء في الأرض حفظا للرعية وحياطة للبرية وصونا للبيضة ويخص خليفة زمانه من ذلك بما فيه تفضيله ورفعة شأنه ثم يؤخذ في تعظيم شأن العدو وتهويل أمره وكثرة عدده ووفور مدده ثم في وصف جيوش المسلمين بالقوة والاستعداد والاشتداد في الله تعالى والقيام في نصرة دينه ثم تذكر الملحمة وما كان من الوقيعة والتحام القتال وما انجلت عنه الملحمة من النصرة على عدو الدين وخذلانه والإمكان منه وقتل من قتل منهم وأسر من أسر وتفريق شملهم وانتظام كلمة الإسلام وطماعيتهم بهلاك عدوهم وما في معنى ذلك
وهذه نسخة كتاب كتب به إلى الديوان العزيز أيام الناصر لدين الله عن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بفتح القدس الشريف وإنقاذه من يد الكفر في آخر شعبان سنة ثلاث وثمانين وخمسائة من إنشاء القاضي الفاضل وهو
أدام الله أيام الديوان العزيز النبوي الناصري ولا زال مظفر الجد بكل

جاحد غني التوفيق عن رأي كل رائد موقوف المساعي على اقتناء مطلقات المحامد مستيقظ النصر والسيف في جفنه راقد وارد الجود والسحاب على الأرض غير وارد متعدد مساعي الفضل وإن كان لا يلقى إلا بشكر واحد ماضي حكم العدل بعزم لا يمضي إلا بنبل غوي وريش راشد ولا زالت غيوث فضله إلى الأولياء أنواء إلى المرابع وأنوارا إلى المساجد وبعوث رعبه إلى الأعداء خيلا إلى المراقب وخيالا إلى المراقد
كتب الخادم هذه الخدمة تلو ما صدر عنه مما كان يجري مجرى التباشير لصبح هذه الخدمة والعنوان لكتاب وصف هذه النعمة فإنها بحر للأقلام فيه سبح طويل ولطف تحمل الشكر فيه عبء ثقيل وبشرى للخواطر في شرحها مآرب ويسرى للأسرار في إظهارها مسارب ولله في إعادة شكره رضا وللنعمة الراهنة به دوام لا يقال معه هذا مضى وقد صارت امور الإسلام إلى أحسن مصايرها واستتبت عقائد أهله على أبين بصائرها وتقلص ظل رجاء الكافر المبسوط وصدق الله أهل دينه فلما وقع الشرط حصل المشروط وكان الدين غريبا فهو الآن في وطنه والفوز معروضا فقد بذلت الانفس في ثمنه وأمر أمر الحق وكان مستضعفا وأهل ربعه وكان قد عيف حين

عفا وجاء امر الله وأنوف أهل الشرك راغمة فأدلجت السيوف إلى الآجال وهي نائمة وصدق وعد الله في إظهار دينه على كل دين واستطارت له أنوار أبانت أن الصباح عندها حيان الحين واسترد المسلمون تراثا كان عنهم آبقا وظفروا يقظة بما لم يصدقوا انهم يظفرون به طيفا على النأي طارقا واستقرت على الأعلى أقدامهم وخفقت على الأقصى أعلامهم وتلاقت على الصخرة قبلهم وشفيت بها وإن كانت صخرة كما تشفى بالماء غللهم
ولما قدم الدين عليها عرف منها سويداء قلبه وهنأ كفؤها الحجر الأسود ببت عصمتها من الكافر بحربه وكان الخادم لا يسعى سعيه إلا لهذه العظمى ولا يقاسي تلك البؤسى إلا رجاء هذه النعمى ولا يناجز من يستمطله في حربه ولا يعاتب بأطراف القنا من يتمادى في عتبه إلا لتكون الكلمة مجموعة والدعوة إلى سامعها مرفوعة فتكون كلمة الله هي العليا وليفوز بجوهر الآخرة لا بالعرض الأدنى من الدنيا وكانت الألسنة ربما سلقته فانضج قلوبها بالاحتقار وكانت الخواطر ربما غلت عليه مراجلها فأطفأها بالاحتمال والاصطبار ومن طلب خطيرا خاطر ومن رام صفقة رابحة تجاسر ومن سما لأن يجلي غمرة غامر وإلا فإن القعود يلين تحت نيوب الأعداء المعاجم فتعضها ويضعف بأيديها مهز القوائم فتقضها هذا إلى كون القعود لا يقضي فرض الله

في الجهاد ولا يرعى به حق الله في العباد ولا يوفى به واجب التقليد الذي تطوقه الخادم من أئمة قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون وخلفاء الله كانوا في مثل هذا اليوم لله يسألون لا جرم أنهم أورثوا سرهم وسريرهم خلفهم الأطهر ونجلهم الأكبر وبقيتهم الشريفة وطلعتهم المنيفة وعنوان صحيفة فضلهم لا عدم سواد العلم وبياض الصحيفة فما غابوا لما حضر ولا غضوا لما نظر بل وصلهم الأجر لما كان به موصولا وشاطروه العمل لما كان عنه منقولا ومنه مقبولا وخلص إليهم إلى المضاجع ما أطمأنت به جنوبها وإلى الصحائف ما عبقت به جيوبها وفاز منها بذكر لا يزال الليل به سميرا والنهار به بصيرا والشرق يهتدي بأنواره بل إن أبدى نورا من ذاته هتف به الغرب بأنواره فإنه نور لا تكنه أغساق السدف وذكر لا تواريه أوراق الصحف
وكتاب الخادم هذا وقد أظفر الله بالعدو الذي تشظت قناته شفقا وطارت فرقه فرقا وفل سيفه فصار عصا وصدعت حصاته وكان الأكثر عددا وحصا وكلت حملاته وكانت قدرة الله تصرف فيه العيان بالعنان عقوبة من الله ليس لصاحب يد بها يدان وعثرت قدمه وكانت الأرض لها حليفة وغضت

عينه وكانت عيون السيوف دونها كسيفة ونام جفن سيفه وكانت يقظته تريق نطف الكرى من الجفون وجدعت انوف رماحه وطالما كانت شامخة بالمنى أو راعفة بالمنون وأضحت الأرض المقدسة الطاهرة وكانت الطامث والرب المعبود الواحد وكان عندهم الثالث فبيوت الشرك مهدومة ونيوب الكفر مهتومة وطوائفه المحامية مجتمعة على تسليم البلاد الحامية وشجعانه المتوافية مذعنة لبذل المطامع الوافية لا يرون في ماء الحديد لهم عصرة ولا في فناء الأفنية لهم نصرة وقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة وبدل الله مكان السيئة الحسنة ونقل بيت عبادته من أيدي أصحاب المشأمة إلى أيدي أصحاب الميمنة
وقد كان الخادم لقيهم اللقاة الأولى فأمده الله بمداركته وانجده بملائكته فكسرهم كسرة ما بعدها جبر وصرعهم صرعة لا ينتعش بعدها بمشيئة الله كفر وأسر منهم من اسرت به السلاسل وقتل منهم من فتكت به المناصل وأجلت المعركة عن صرعى من الخيل والسلاح والكفار وعن اصناف يخيل بأنه قتلهم بالسيوف الأفلاق والرماح الأكسار فنيلوا بثأر من السلاح ونالوه أيضا بثار

فكم أهلة سيوف تقارض الضراب بها حتى صارت كالعراجين وكم أنجم أسنة تبادلت الطعان حتى صارت كالمطاعين وكم فارسية ركض عليها فارسها الشهم إلى أجل فاختلسه وفغرت تلك القوس فاها فإذا فوها قد نهش القرن على بعد المسافة فافترسه وكان اليوم مشهودا وكانت الملائكة شهودا وكان الكفر مفقودا والإسلام مولودا وجعل الله ضلوع الكفار لنار جهنم وقودا واسر الملك وبيده أوثق وثائقه وآكد وصله بالدين وعلائقه وهو صليب الصلبوت وقائد أهل الجبروت وما دهموا قط بأمر إلا وقام بين دهمائهم يبسط لهم باعه ويحرضهم وكان مد اليدين في هذه الدفعة وداعة لا جرم أنهم يتهافت على ناره فراشهم ويجتمع في ظل ظلامه خشاشهم ويقاتلون تحت ذلك الصليب اصلب قتال واصدقه ويرونه ميثاقا يبنون عليه اشد عقد وأوثقه ويعدونه سورا تحفر حوافر الخيل خندقه

وفي هذا اليوم اسرت سراتهم وذهبت دهاتهم ولم يفلت منهم معروف إلا القومص وكان لعنه الله مليا يوم الظفر بالقتال ومليا يوم الخذلان بالأحتيال فنجا ولكن كيف وطار خوفا من أن يلحقه منسر الرمح أو جناح السيف ثم أخذه الله تعالى بعد ايام بيده وأهلكه لموعده فكان لعدتهم فذالك وانتقل من ملك الموت إلى مالك
وبعد الكسرة مر الخادم على البلاد فطواها بما نشر عليها من الراية العباسية السوداء صبغا البيضاء صنعا الخافقة هي وقلوب أعدائها الغالبة هي وعزائم أوليائها المستضاء بأنوارها إذا فتح عينها البشر وأشارت بأنامل العذبات إلى وجه النصر فافتتح بلد كذا وكذا وهذه كلها أمصار ومدن وقد تسمى البلاد بلادا وهي مزارع وفدن وكل هذه ذوات معاقل ومعاقر وبحار وجزائر وجوامع ومنائر وجموع وعساكر يتجاوزها الخادم بعد أن يحرزها ويتركها وراءه بعد أن ينتهزها ويحصد منها كفرا ويزرع إيمانا ويحط من منائر جوامعها صلبانا ويرفع أذانا ويبدل المذابح منابر والكنائس مساجد ويبويء بعد أهل الصلبان أهل القرآن للذب عن دين الله مقاعد ويقر عينه وعيون أهل الإسلام أن تعلق النصر منه ومن عسكره بجار ومجرور وأن ظفر

بكل سور ما كان يخاف زلزاله وزياله إلى يوم النفخ في الصور ولما لم يبق إلا القدس وقد اجتمع إليها كل شريد منهم وطريد واعتصم بمنعتها كل قريب منهم وبعيد وظنوا أنها من الله مانعتهم وأن كنيستها إلى الله شافعتهم فلما نازلها الخادم رأى بلدا كبلاد وجمعا كيوم التناد وعزائم قد تألبت وتألفت على الموت فنزلت بعرصته وهان عليها مورد السيف وأن تموت بغصته فزاول البلد من جانب فإذا أودية عميقة ولجج وعرة غريقة وسور قد انعطف عطف السوار وأبرجة قد نزلت مكان الواسطة من عقد الدار فعدل إلى جهة أخرى كان للمطامع عليها معرج وللخيل فيها متولج فنزل عليها وأحاط بها وقرب منها وضرب خيمته بحيث يناله السلاح بأطرافه ويزاحمه السور بأكنافه وقابلها ثم قاتلها ونزلها ثم نازلها وبرز إليها ثم بارزها وحاجزها ثم ناجزها فضمها ضمة ارتقب بعدها الفتح وصدع أهلها فإذا هم لا يصبرون على عبودية الخد عن عتق الصفح فراسلوه ببذل قطيعة إلى مدة وقصدوا نظرة من شدة وانتظارا

لنجدة فعرفهم الخادم في لحن القول وأجابهم بلسان الطول وقدم المنجنيقات التي تتولى عقوبات الحصون عصيها وحبالها وأوتر لهم قسيها التي تضرب فلا تفارقها سهامها ولا يفارق سهامها نصالها فصافحت السور بأكنافه فإذا سهمها في ثنايا شرفاتها سواك وقدم النصر نسرا من المنجنيق يخلد إخلاده إلى الارض ويعلو علوه إلى السماك فشج مرادع ابراجها وأسمع صوت عجيجها صم أعلاجها ورفع مثار عجاجها فأخلى السور من السيارة والحرب من النظارة فأمكن النقاب أن يسفر للحرب النقاب وأن يعيد الحجر إلى سيرته الأولى من التراب فتقدم إلى الصخر فمضغ سرده بأنياب معوله وحل عقده بضربه الأخرق الدال على لطافة أنمله واسمع الصخرة الشريفة حنينه واستغاثته إلى أن كادت ترق لمقبله وتبرأ بعض الحجارة من بعض وأخذ الخراب عليها موثقا فلن تبرح الأرض وفتح في السور بابا سد من نجاتهم أبوابا وأخذ ينقب في حجره فقال عنده الكافر ( ياليتني كنت ترابا ) فحينئذ يئس الكفار من أصحاب الدور كما يئس الكفار من أصحاب القبور وجاء أمر الله وغرهم بالله الغرور

وفي الحال خرج طاغية كفرهم وزمام أمرهم ابن بارزان سائلا ان يؤخذ البلد بالسلام لا بالعنوة وبالأمان لا بالسطوة والقى بيده الى التهلكة وعلاه ذل الملكة بعد عز المملكة وطرح جبينه في التراب وكان جبينا لا يتعاطاه طارح وبذل مبلغا من القطيعة لا يطمح إليه طرق آمل طامح وقال ها هنا أسارى مؤمنون يتجاوزون الألوف وقد تعاقد الفرنج على أنهم إن هجمت عليهم الدار وحملت الحرب على ظهورهم الأوزار بديء بهم فعجلوا وثني بنساء الفرنج وأطفالهم فقتلوا ثم استقتلوا بعد ذلك فلم يقتل خصم إلا بعد أن ينتصف ولم يسل سيف من يد إلا بعد ان تنقطع أو ينقصف وأشار الأمراء بالأخذ بالميسور من البلد المأسور فإنه إن أخذ حربا فلا بد أن تقتحم الرجال الأنجاد وتبذل انفسها في آخر أمر قد نيل من أوله المراد وكانت الجراح في العساكر قد تقدم منها ما اعتقل الفتكات واعتاق الحركات فقبل منهم المبذول عن يد وهم ضاغرون وانصرف أهل الحرب عن قدرة وهم ظاهرون وملك الإسلام خطة كان عهده بها دمنة سكان فخدمها الكفر إلى أن صارت روضة جنان لا جرم أن الله أخرجهم منها وأهبطهم وأرضى أهل الحق

واسخطهم فإنهم خذلهم الله حموها بالأسل والصفاح وبنوها بالعمد والصفاح وأودعوا الكنائس بها وبيوت الديوية والاستبارية منها كل غريبة من الرخام الذي يطرد ماؤه ولا يطرد لألاؤه وقد لطف الحديد في تجزيعه وتفنن في توشيعه إلى أن صار الحديد الذي فيه بأس شديد كالذهب الذي فيه نعيم عتيد فما ترى إلا مقاعد كالرياض لها من بياض الترخيم رقراق وعمدا كالأشجار لها من التنبيت أوراق
وأوعز الخادم برد الأقصى إلى عهده المعهود وأقام له من الأئمة من يوفيه ورده المورود وأقيمت الخطبة يوم الجمعة رابع شهر شعبان فكادت السموات يتفطرن للسجوم لا للوجوم والكواكب منها ينتثرن للطرب لا للرجوم ورفعت إلى الله كلمة التوحيد وكانت طرائقها مسدودة وظهرت قبور الأنبياء وكانت بالنجاسات مكدودة وأقيمت الخمس وكان التثليث يقعدها وجهرت الألسنة بالله أكبر وكان سحر الكفر يعقدها وجهر باسم امير المؤمنين في وطنه الأشرف من المنبر فرحب به ترحيب من بر بمن بر وخفق علماه في

حفافيه فلو طار به سرورا لطار بجناحيه
وكتاب الخادم وهو مجد في استفتاح بقية الثغور واستشراح ما ضاق بتمادي الحرب من الصدور فإن قوى العساكر قد استنفدت مواردها وأيام الشقاء قد مردت مواردها والبلاد المأخوذة المشار إليها قد جاست العساكر خلالها ونهبت ذخائرها وأكلت غلالها فهي بلاد ترفد ولا تسترفد وتجم ولا تستنفد وينفق عليها ولا ينفق منها وتجهز الأساطيل لبحرها وتقام المرابط لبرها ويدأب في عمارة أسوارها ومرمات معاقلها وكل مشقة فهي بالإضافة إلى نعمة الفتح محتملة وأطماع الفرنج فيما بعد ذلك مذاهبها غير مرجئة ولا معتزلة فلن يدعوا دعوة يرجو الخادم من الله أنها لا تسمع ولن تزول أيديهم من أطواق البلاد حتى تقطع
وهذه البشائر لها تفاصيل لا تكاد من غير الالسنة تتشخص ولا بما سوى المشافهة تتلخص فلذلك نفذنا لسانا شارحا ومبشرا صادحا ينشر الخبر على سياقته ويعرض جيش المسرة من طليعته إلى ساقته

قلت وقد وقفت على نسخة كتاب كتب به عن المكتفي بالله عندما بعث محمد بن سليمان الكاتب إلى الديار المصرية فانتزعها من يد بني طولون واستولى عليها للخليفة في نحو كراسة تاريخها سنة اثنتين وتسعين ومائتين أولها أما بعد فالحمد لله العلي الكبير العزيز القدير أضربت عن ذكرها لطولها

الصنف الثامن المكاتبة بالاعتذار عن السلطان في الهزيمة
قال في مواد البيان من اخلاق العامة تقبيح سيرة السلطان إذا زل في بعض آرائه والإزراء على تدبيره في جيش يجهزه فيكسر ونحو ذلك مما لا يسلم من مثله والإفاضة فيه والتشنيع به فيحتاج إلى مكاتبتهم بما يتلافى الوهن

ويقيم العذر كما يكاتبهم بتفخيم المنح وتعظيم الفتوحات والتحدث بمواقع المواهب وشكر الله تعالى على إسباغ النعم والإظفار باعداء الدين والدولة ليقوي بذلك منتهم ويرهف بصائرهم ويستخلص طاعتهم ويملأ صدورهم رهبة قال وليست لهذه الكتب رسوم ينتظم كل ما وقع فيها لاختلاف ما يلام فيه ويعتذر
ثم قال ونحن نرسم في اصوله قولا وجيزا وهو أن يقتضب الكاتب له المعاذير التي تحسن أحدوثته وتستر زلته والحجج التي تعيد اللائم عاذرا والذام شاكرا وتوجب التقريظ من حيث يجب التانيب والإحماد من حيث يستحق التذنيب مثل أن يعتذر عن هزيمة جيش فيقول وقد علمتم أن الحرب سجال والدنيا دول تدال وقد تهب ريح النصر للقاسطين على المقسطين امتحانا من الله وبلوى ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى من غير ان يصرح بباطل ولا يطلق كذبا محضا ولا يختلق زورا يعلم الناس خلافه فتتضاعف الهجنة وتتكاثف المحنة فإنه لا شيء أقبح على السلطان وأقدح في جلالة الشان من أن يعثر في كتبه على إفك قد يعلمه بعض من يقف عليه بل ينبغي أن يعتمد في ذلك حسن التخلص والتورية عن الغرض واستعمال الألفاظ التي تدل على أطراف الحال ولا تفصح بحقائقها
وهذه نسخة كتاب من ذلك
الحمد لله الذي ساس الأمور بحكمته وأبان فيها مواقع قدرته وسلك فيها طريق مشيئته وصرفها على ما رآه عدلا بين العباد في أقسام نعمته ومحنته وأحوال بلواه وعافيته وجعل الأيام فيهم نوبا والأحوال بينهم عقبا فخص أولياءه وأهل طاعته بالنصر في المحاكمة والصلح عند المخاصمة والظهور على من شاقهم وعاداهم والقهر لمن ضادهم وناواهم إنجازا لما وعد به الصابرين المحتسبين وإعزازا للدين وانصاره من المؤمنين ولم يخل اعداءه من دولة أدالها لهم وجولة على الحق زادها في طغيانهم ووصل الإملاء لهم فيها بخذلانهم ليجب الثواب للمحسنين ويحق العذاب على الكافرين فقال

في محكم كتابه وقد ظهر المشركون على المسلمين ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس ) وقال ( ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) وناوب بين الفريقين في المصائب والمواهب والمسار والمضار ليشفي الله صدور المؤمنين وليمحص ما في قلوبهم ويوجب لهم إخلاص السرائر في طاعته والجهاد في سبيله والنصرة لرسوله والمراماة عن دينه والمدافعة عن حريمه ضعف الثواب وحسن المآب ويحل بالمشركين ما أعد لهم في دار الجزاء من أليم العذاب
وإذا كان الحال بين الفريقين المتلاقيين والفئتين المتجاورتين والحزبين المتحاكمين في تعاور الغلبة وتعاقب الدولة جاريا على تقدير الله ومتصرفا على حكمه ومستوسقا على ما سبق في علمه فليس يغني في ذلك زيادة عدد ولا اتصال مدد ولا قوة أيد ولا لطف كيد ولا اختيار وقت محمود للقتال ولا الانتخاب لأهل البسالة والنجدة من الرجال ولا يجب أن يستريث النصر من ابطأ عنه ويستشعر الجزع من نال خصمه منه بعد تحصيله السلامة في نفسه وقيام العذر له بعنايته وجده وقد جمع الله للأمير من المناقب التي ورثها عن آبائه وحازها في صدره والحيازة فيما بان من فضل بأسه وثبات جأشه وأصالة رأيه وصحة تدبيره وإيفائه الحرب شروطها والهيجاء حقوقها من الحزم والتؤدة والإقدام عند الفرصة والإصابة في التقدير والتعبير والاحتياط في سد مواقع الخلل والعورة وإعمال النظر والروية لولا اعتراض القضاء الذي هو مالك نواصي العباد وغير مدفوع بمحال ولا جلاد ولا قوة ولا عدة ولا عتاد ما أوفى حسنه على مزية الظفر وزاد عظمه في السناء والخطر إلى ما شمل عسكره في منقلبه بمراعاته لهم ومدافعته من ورائهم حتى توافى الجمع موفورين وآبوا سالمين غانمين وبالله الحول والقوة وعليه ضمان الإدالة على ما جرى به وعده

الصادق وأخبر عنه كتابه الناطق وهو حسب أمير المؤمنين وكافيه وناصره وواليه ونعم الوكيل والظهير والمولى والنصير وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وآله الطيبين اجمعين وسلم تسليما
وفي مثله من إنشاء احمد بن سعيد
أحكام الله جل جلاله جارية على سبل جامعة لوجوه الحكمة منتظمة لأسباب الصلاح والمعدلة فمنها ما عرف الله أولياءه والمندوبين بطاعته والمجموعين بهدايته طريق المراد منه وسبب الداعي إليه والعلة فيما قضي من ذلك لحينه والصورة المقتضية له ومنها ما أستأثر بعلمه وطوى عن الخلق معرفة حاله فهو وإن اشكل عليهم موضع الحاجة إليه وموقع العائدة به ورؤي بهم اضطرابا في ظاهره عند تأملهم إياه بمقادير عقولهم ومبالغ افهامهم مبني على أوثق اساس الحكمة وأثبت أركان الصواب على الجملة وكيف لا يكون كذلك والله خالق الأشياء كلها وعالم بها قبل كونها في أحوال تكوينه إياها وبعده في منزع غاياتها ومقضي عواقبها فليس تخفى عليه خافية ولا تعزب عنه دانية ولا قاصية ولا يسقط عن معرفته فصل ما بين الخاطرين والوهمين في الخير والشر وما بين الجبلين والدربين في الوفور والغمور فكيف بما يبرزه الظهور ويخبر فيه عن موضع التدبير المحتاج فيه إلى إحكام الصنعة وإتقان التقدير ومن ظن أن شيئا من ذلك يخرج عن نهج الصواب ويخالف طريق الصلاح فقد ضل من حيث ضلل وغلط من حيث غلط واتصل سوء ظنه وفساد فكره بالزراية على فعل ربه تعالى عن قول المبطلين ورجم الشياطين
ثم إن لله جل جلاله عادة في الجيشين المتحاربين والحزبين

المتحاكمين من عباده المؤمنين واضدادهم المفسدين الملحدين في المداولة بينهما والمعاقبة بين الفئتين منهما في العجز والظهور والوفاء والقصور والمعافاة والامتحان والنصر والخذلان والإعلاء لراية الحق في حال والإملاء للباطل في أخرى بتضمين الخيرة لأوليائه والدائرة على أعدائه عاجلا بالتمحيص لهؤلاء وبالمحق لأولئك بما يصل إليهم من مصيبته وينوبهم في حاضر الدنيا من رغبته ويحل العادين من المشركين دار الفاسقين ويجعل العاقبة للمتقين ومن سعد بقسم من التوفيق وحظ من فائدة الإرشاد فليس في هذه الحالة بزيادة أنصار وعدة وفضل عتاد وعدة وبسالة ونجدة وايد وقوة وسعة وبسطة ولا يعدو أن يسلم لله تعالى قاضيا له وعليه ويوفى بإحدى الحسنيين من علوه أو غلبة عدوه أو يتوكل عليه وهو حسبه منعما وممتحنا ومعافيا ومسلما ونعم الوكيل
قلت وهذا الصنف من المكاتبات السلطانية مستعمل بين الكتاب دائر في مصطلحاتهم إلى الآن وللشيخ شهاب الدين محمود الحلبي في ذلك تفننات كثيرة اورد بعضها في كتابه حسن التوسل
فمن ذلك ما انشأه فيمن هزم هو وجيشه يتضمن إقامة عذره ووصف اجتهاده ويحث على معاودة عدوه والطلب بثاره وهو
هذه المكاتبة إلى فلان لا زال مأمون الغرة مأمول الكرة مجتنيا حلو الظفر من أكمام تلك المرة المرة راجيا من عواقب الصبر أن يسفر له مساء تلك المساءة عن صبح المسرة واثقا من عوائد نصر الله بإعادته ومن معه في القوة و الاستظهار كما بدأهم أول مرة
أصدرناها وقد اتصل بنا نبأ ذلك المقام الذي أوضحت فيه السيوف عذرها

وابدت به الكماة صبرها وأظهرت فيه الحماة من الوثبات والثبات ما يجب عليها وبذلت فيه الأبطال من الجلاد جهدها ولكن لم يكن الظفر إليها وكان عليهم الإقدام على غمرات المنون والاصطلاء بحمرات الحرب الزبون ولم يكن عليهم إتمام ما قدر أنه لا يكون فكابرت رقاب الأعداء في ذلك الموقف السيوف وكاثرت أعدادهم الحتوف وتدفقت بحارهم على جداول من معه ولولا حكم القدر لانتصفت تلك الاحاد من تلك الألوف فضاق بازدحام الصفوف على رجاله المجال وزاد العدد على الجلد فلم يفد له الإقدام على الأوجال مع قدوم الاجال وأملي للكافرين بما قدر لهم من الانظار وحصل لهم من الاستظهار وعوضوا بما لم يعرفوه من الإقدام عما ألفوه من الفرار ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) وقد ورد أنهم ينصرون كما ننصر وإذا كانت الحروب سجالا فلا ينسب إلى من كانت عليه وبالا إذا اجتهد ولم يساعده القدر أنه قصر مع أنه قد اشتهر بما فعله في مجاله من الذب عن رجاله وما أبداه في قتاله من الضرب الذي ما تروى فيه خصمه إلا بدره بارتجاله وأن الرماح التي امتدت إليه اخرس سيفه ألسنة اسنتها والجياد التي أقدمت عليه جعل طعنة أكفالها مكان أعنتها فأثبت في مستنقع الموت رجله ووقف وما في الموت شك لواقف ليحمي خيله ورجله حتى تحيز أصحابه إلى مأمنهم وأقام نفسه دونهم دريئة لمن بدر من سرعان القوم أو ظهر من مكمنهم وهذا هو الموقف الذي قام له مقام النصر إذ فاته النصراء وفاته النصر والمقام الذي اصيب فيه من اصحابه آحاد يدركهم أدنى العدد وفقد فيه من أعدائه مع ظهورهم ألوف لا يدركهم الحصر وكذا فليكن قلب الجيش كالقلب يقوى بقوته الجسد وإذا حق اللقاء فلا يفر عن كناسه إلا الظبي ولا يحمي عرينه إلا الأسد وما بقي إلا أن تعفو الكلوم وتثوب الحلوم وتندمل الجراح وتبرأ من فلول المضارب صدور الصفاح

وتنهض لاقتضاء دين الدين من غرمائه المعتدين وتبادر الى استنجاز وعد الله بأن الله يمحص المؤمنين ويمحق الكافرين والليث إذا جرح كان اشد لثباته وأمد لوثباته والموتور لا يصطلى بناره والثائر لا يرهب الإقدام على المنون في طلب ثاره والدهر ذو دول والزمان متلون إن دجت عليكم منه بالقهر ليلة واحدة فقد اشرقت لكم منه بالنصر ليال أول فالمولى لا يلتفت الى ما فات ويقبل بفكره على تدبير ما هو آت ويعد للحرب عدته ويعجل أمد الاستظهار ومدته ولا يؤخر فرصة الإمكان ولا يعيد ذكر ما مضى فإنه دخل في خبر كان ولا يظهر بما جرى عجزا فإن العاجز من ظن أنه يصيب ولا يصاب ولا يتخذ غير ظهر حصانه حصنا فلا حرز أمنع من صهوة الجواد ولا سلم اسلم من الركاب وليعلم ان العاقبة للمتقين ويدرع جنة الصبر ليكون من النصر على ثقة ومن الظفر على يقين فإن الله مع الصابرين ومن كان الله معه كانت يده الطولى وإذا لقي عدو الله وعدوة فليصبر لحملته فإن الصبر عند الصدمة الأولى والله تعالى بكلؤه بعينه ويمده بعونه ويجعل الظفر بعدوه موقوفا على مطالبته له بدينه
ومن ذلك ما كتبه على لسان المهزوم يتضمن الاعتذار ويصف الاحتفال بأخذ الثار
هذه المكاتبة إلى فلان أتبع الله ما ساءه من امرنا مع العدو بما يسره وبلغه عنا من الانتصاف والانتصار ما يظهر من صدور الصفاح وألسنة الرماح سره واراه من عواقب صنعه الجميل بنا ما يتحقق به أن كسوف الشمس لا ينال طلعتها وأن سرار القمر لا يضره توضح لعلمه أنه ربما اتصل به خبر تلك الوقعة التي صدقنا فيها اللقاء وصدمنا العدو صدمة من لا يحب البقاء واريناه حربا لو أعانها التأييد فللت جموعه وأذقناه ضربا لو أن حكم النصر فيه إلى النصل أوجده

مصارعه وأعدمه رجوعه وحين شرعت رياح النصر تهب وسحاب الدماء من مقاتلهم تصوب وتصب وكرعت الصفاح في موارد نحورهم وكشفت الرماح خبايا صدورهم وما بقي إلا أن تستكمل سيوفنا الري من دمائهم وتقف صفوفنا على ربوات أشلائهم وتقبض بالكف من صفحت الصفاح عن دمه وتكف بالقبض يد من ألبسته الجراح حلة عندمه أظهروا الخرع في عزائمهم وحكموا الطمع في غنائمهم فحصل لجندنا عجب أعجل سيوفنا أن تتم هدم بنائهم وطمع منع جيوشنا أن تكف عن النهب إلى أن تصير من ورائهم فاغتنم العدو تلك الغفلة التي ساقها المهلكان العجب والطمع وانتهز فرصة الإمكان التي أعانه عليها المطمعان إبداء الهلع وتخلية ما جمع فانتثر من جمعنا بعض ذلك العقد المنظم وانتقض من حزبنا ركن ذلك الصف الذي أخذ فيه الزحام بالكظم وثبت الخادم في طائفة من ذوي القوة في يقينهم وارباب البصائر في دينهم فكسرنا جفون السيوف وحطمنا صدور الرماح في صدور الصفوف وأرينا تلك الألوف كيف تعد الآحاد بالألوف وحلنا بين العدو وبين أصحابنا بضرب يكف اطماعهم ويرد سراعهم ويعمي ويصم عن الآثار والأخبار أبصارهم واسماعهم إلى أن نفسنا للمنهزم عن خناقه وايسنا طالبه عن لحاقه ورددناه عنه خائبا بعد أن كادت يده تعتلق بأطواقه وأحجم العدو مع ما يرى من قلتنا عن الإقدام علينا ورأى منا جدا كاد لولا كثرة جمعه يستسلم به إلينا وعادوا ولنا في قلوبهم رعب يثنيهم وهم الغالبون ويدركهم وهم الطالبون ويسلبهم رداء الأمن وهم السالبون وقد لم الخادم شعث رجاله وضم فرقهم بذخائر ماله

وأمدهم بنفقات أصلحت أحوالهم وأطلقت في طلب عدو الله أقوالهم وسلاح جدد استطاعتهم وأعان شجاعتهم وخيول تكاد تسابقهم إلى طلب عدوهم وتحضهم على اخذ حظهم من اللقاء كانها تساهمهم في أجر رواحهم وغدوهم وقد نضوا رداء الإعجاب عن أكتافهم واعتصموا بعون الله وتأييده لا بقوة جلدهم ولا بحدة اسيافهم وسيعجلون العدو إن شاء الله تعالى عن اندمال جراحه ويتعجلون إليه بجيوش تسوء طلائعها في مسائه وتصبحه كتائبها في صباحه والله تعالى لا يكلنا إلى جلدنا ولا ينزع أعنة نصره من يدنا

الصنف التاسع المكاتبة بتوبيخ المهزوم وتقريعه والتهكم به
وهذا النوع من المكاتبات قليل الوقوع ولذلك لم يتعرض إليه في مواد البيان والذي ينبغي أن تبنى المكاتبة فيه عليه ذكر هزيمة المهزوم وما استولى عليه من الغلبة والقهر وصورة الحال في النصرة عليه والاستيلاء على بلاده وأمواله وسائر ذات يده واسر رجاله واسترقاق ذراريهم ونسائهم وما يجري مجرى ذلك مما فيه إيلام خاطره وتقطيع قلبه حسرات على ما ناله ونحو ذلك مما يدعو المكتوب إليه إلى الطاعة ويوجب الانقياد
وهذه نسخة كتاب من هذه النمط كتب به القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر رحمه الله إلى البولس بيمند ملك الفرنج المستولي على طرابلس من

الشام وأنطاكية من بلاد العواصم حين غزاه الملك في طرابلس ثم قصد انطاكية فأخذها من عانه وهي
قد علم القومص الجليل المنتقلة مخاطبته بأخذ انطاكية منه من البولسية إلى القومصية ألهمه الله رشده وقرن بالخير قصده وجعل النصيحة محفوظة عنده ما كان من قصدنا طرابلس وغزونا له في عقر الدار وما شاهده بعد رحيلنا من إخراب العمائر وهدم الأعمار وكيف كنست تلك الكنائس من على بساط الأرض ودارت الدوائر على كل دائر وكيف جعلت تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر وكيف قطرت الرجال واستخدمت الأولاد وتملكت الحرائر وكيف قطعت الأشجار ولم يترك إلا ما يصلح لأعواد المجانيق إن شاء الله تعالى والستائر وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والحواشي وكيف استغنى الفقير وتأهل العازب واستخدم الحريم وركب الماشي هذا وانت تنظر نظر المغشي عليه من الموت وإذا سمعت صوتا قلت فزعا علي هذا الصوت وكيف رحلنا عنك رحيل من يعود وأخرناك وما كان تأخيرك إلا لأجل معدود وكيف فارقنا بلادك وما بقيت فيها ماشية إلا وهي لدينا ماشية ولا جارية إلا وهي في ملكنا جارية ولا سارية إلا وهي بين أيدي المعاون سارية ولا زرع إلا وهو محصود ولا موجود إلا وهو منك مفقود وما منعت تلك المغاير التي هي في رؤوس الجبال الشاهقة ولا تلك الأوردية التي في التخوم مخترقة وللعقول خارقة وكيف سقنا عنك ولم يسبقنا إلى مدينتك أنطاكية خبر وكيف وصلنا إليها وأنت لا تصدق أننا نبعد عنك وإن بعدنا فسنعود على الأثر وها نحن نعلمك بما تم ونفهمك بالبلاء الذي عم
كان رحيلنا عنك من طرابلس يوم الأربعاء ونزولنا انطاكية في شهر

رمضان وفي حال النزول خرجت عساكرك للمبارزة وتناصروا فما نصروا واسر من بينهم كد اسطل فسأل في مراجعة اصحابك فدخل إلى المدينة فخرج هو وجماعة من رهبانك وإن رأيهم في الخير مختلف وقولهم في الشر واحد فلما رأيناهم قد فات فيهم الفوت وأنهم قد قدر الله عليهم الموت رددناهم وقلنا نحن الساعة لكم نحاصر وهذا هو الأول في الإنذار والآخر فرجعوا به متشبهين بفعلك ومعتقدين انك تدركهم بخيلك ورجلك ففي بعض ساعة مرشان المرشان وداخل الرهب الرهبان ولان للبلاء القسطلان وجاءهم الموت من كل مكان وفتحناها بالسيف في الساعة الرابعة من يوم السبت رابع شهر رمضان وقتلنا كل من اخترته لحفظها والمحاماة عنها وما كان احد منهم إلا وعنده شيء من الدنيا فما بقي أحد منا إلا وعنده شيء منهم ومنها فلو رايت خيالتك وهي صرعى تحت أرجل الخيول وديارك والنهابة فيها تصول والكسابة فيها تجول وأموالك وهي توزن بالقنطار وإماءك وكل أربع منها تباع فتشترىمن مالك بدينار ولو رأيت كنائسك وصلبانها قد كسرت ونثرت وصحفها من الأناجيل المزورة قد نشرت وقبور البطارقة وقد تغيرت ولو رأيت عدوك المسلم وقد داس مكان القداس والمذبح وقد ذبح فيه الراهب والقسيس والشماس والبطارقة وقد دهموا بطارقة وابناء المملكة وقد دخلوا في المملكة ولو شاهدت النيران وهي في قصورك تخترق والقتلى بنار الدنيا قبل نار الآخرة تحترق وقصورك وأحوالها قد حالت وكنيسة بونصر وكنيسة القسيان وقد زلت كل منهما وزالت لكنت تقول يا ليتني كنت ترابا وياليتني لم أوت بهذا الخبر كتابا ولكانت نفسك تذهب من حسرتك ولكنت تطفيء تلك النيران بماء عبرتك ولو رأيت مغانيك وقد أقفرت ومراكبك وقد أخذت في السويدية بمراكبك لصارت شوانيك من شوانيك ولتيقنت أن الإله الذي أنطاك أنطاكية منك استرجعها

والرب الذي أعطاك قلعتها منك قلعها ومن الأرض اقتعلها ولتعلم أنا قد أخذنا بحمد الله منك ما كنت أخذته من حصون الإسلام وهو دركوش وشقيف تل منس وشقيف كفردبين وجميع ما كان لك في بلاد انطاكية في هذه المدة إقامة وكونك ما كنت بها فيكون إما قتيلا وإما أسيرا وإما جريحا وإما كسيرا وسلامة النفس هي التي يفرح بها الحي إذا شاهد الأموات ولعل الله إنما أخرك لأن تستدرك من الطاعة والخدمة ما فات ولما لم يسلم أحد يخبرك بما جرى خبرناك ولما لم يقدر أحد أن يباشرك بالبشرى بسلامة نفسك وهلاك ما سواها باشرناك بهذه المفاوضة وبشرناك لتتحقق الأمر على ما جرى وبعد هذه المكاتبة لا ينبغي لك أن تكذب لنا خبرا كما أن بعيد هذه المخاطبة يجب أن لا تسأل عما جرى
وهذه نسخة في هذا المعنى من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي وهي
هذه المكاتبة إلى فلان أقاله الله عثرة زلته وأقامه من حفرة ذلته وتجاوز له عن كبيرة فراره من جمع عدوه على قلته
بلغنا أمر الواقعة التي لقي فيها العدو بجمع قليل غناؤه ضعيف بناؤه كثيف في رأي العين جمعه خفيف في المعنى وقعه ونفعه اسرع في مفارقة المجال من الظل في الانتقال واشبه في مماثلة الوجود بالعدم من طيف

الخيال يمشون إليه بقلب واجب ويهتدون من تخرصه برأي بينه وبين الصواب الف حاجب ويأتمون منه بمقدم برى الواحد من عدوه كالف ويتسرعون منه وراء مقدام يمشي إلى الزحف ولكن إلى خلف جناح جيشه مهيض وطرف سنانه غضيض وساقة عسكره طالعة وطلائعه كالنجوم ولكن في حال كونها راجعة تاسف السيوف بيمينه على ضارب وتأسى الجنائب حوله إذ تعد لمحارب فتعد لهارب وأنه حين وقعت العين على العين وأيقن عدوه لما رأى من عدده وعدده معاجلة الحين أعجل نصول العدا عن وصولها وترك غنيمة الظفر لعداه بعد أن أشرف على حصولها تناديه ألسنة أسنته الكرة الكرة فلا يلوي إلى ندائها وتشكو إليه سيوفه الظمأ وقد رأت موارد الوريد فيردها إلى الغمود بدائها فمنح عدوه مقاتل رجاله واباحهم كرائم مال جنده وماله وخلى لهم خزائن سلاحه التي أعدها لقتالهم فاصبحت معدة لقتاله فنجا منجى الحارث ابن هشام وآب بسلامة أعذب منها لو عقل شرب كأس الحمام واتسم بين أوليائه وأعدائه بسمة الفرار وكان يقال النار ولا العار فجمع له فراره من الزحف بين النار والعار وعاد بجمع موفور من الجراح موقر من الإثم والاجتراح لا علم بما جرى عند اسيافهم ولا شاهد بمشاهدتهم الوغى غير مواقع الظبا في أكتافهم فبأي جنان يطمع في معاودة عدوه من هذا قلبه وهؤلاء حزبه وذلك القتال قتاله وتلك الحرب حربه
وبعد فإن كانت له حمية فستظهر آثارها أو أريحية فستشب نارها أو أنفة فستحمله على غسل هذه الدنية وتبعثه على طلب غايتين إما شهادة مريحة أو

حياة هنية والله تعالى يوقظ عزمه من سنته ويعجل له الانتصاف من عدوه قبل إكمال سنته

الصنف العاشر في المكاتبات بالتضييق على أهل الجرائم
قال في مواد البيان لم يزل السلطان يكتب إلى الولاة عندما ينتهي إليه من إقدام الرعايا على ارتكاب الجرائم واستباحة المحارم واقتراف المآثم كالزنا واللواط وشرب الخمر وقطع الطرق والغصب والتظالم وما يجري هذا المجرى بالتضييق عليهم وإقامة حدود الله تعالى فيهم
قال والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله الباديء بنعمته قبل افتراض طاعته الممتن بفضله قبل إيجاب شكره خالق الخلائق جودا وكرما وموسعهم منا ونعما الذي اختار دين الاسلام وطهره من الارجاس ونزهه عن الأدناس واختص به صفوته من الناس وابتعث به محمدا سيد المرسلين ( لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ) يحمده أمير المؤمنين أن فوض إليه إيالة خلقه وأقدره على القيام بخدمته ونصبه لإعزاز دينه والمحافظة على مفروضه ومسنونه وزيادة العباد عن محارمه التي نهى عن التعدي إليها وإقامة الحدود عليهم فيها ويسأله الصلاة على محمد
ثم يقال وإن أمير المؤمنين يرى أن من أعظم نعم الله تعالى عليه توفيقه لحفظ ما استحفظه من شريعته ورعاية ما استرعاه من بريته وتوفير القيام على من قلده النظر فيهم وأعتماد ما يعود بالصلاح في الدين والدنيا عليهم ومساواته بين قريبهم وبعيدهم في تفقده ومماثلته بين قاصيهم ودانيهم في تعهده فلا ينال القريب فقط نصيبا من رعايته ويعلم جاهلهم ويهدي حائرهم ويشحذ بصائرهم ويثقف مائدهم ويصلح فاسدهم ويتخولهم من مواعظه بما يبرد

الغلل ويشفي العلل وينسخ الشك باليقين ويقبس مقابس النور المبين فمن أصغى إلى أرشاده سعد جده وورى زنده وأحمد يومه وغده ومن خالف عن أمره ضل مسعاه وخسر آخرته ودنياه ودعا إلى أتباع امر الله تعالى في تقويمه وإصلاحه والكف بإقامة الحدود عليه من جماحه
وانتهى إلى امير المؤمنين ما أقدم عليه الأحداث وأهل الدعارة قبلكم من احتقاب الآثام واستدماث مراكب الحرام والاستهتار بمحظور اللذات والإكباب على دنيء الشهوات التي تسلخ من الدين وتخرج عن دائرة المسلمين وتدفع عن تأدية العبادات وإقامة الصلوات وتنظم في سلك البهائم المرسلة والسوائم المهملة وتقصير مشايخهم وعلمائهم عن كفهم والأخذ على أكفهم وتعريفهم وجوه مراشدهم وتقويم أودهم فامتعض من ذلك وأشفق من نزول القوارع والمثلات وحلول البليات والآيات وارتجاع ما أودعكم الله تعالى من نعمته وانتزاع ما ألبسكم من رحمته وبادر بكتابه موقظا لغافلكم ومبصرا لذاهلكم وباعثا لكم على مراضيه الأولى ومعاودة الطريقة المثلى ومبادرة آجالكم بأعمالكم والأخذ لأخراكم من أولاكم ولسقمكم من صحتكم ولنومكم من يقظتكم عالمين بأن الدنيا لعب ولهو وان الآخرة هي دار القرار وأنكم فيها كسفر شارفوا المنزل فاجهدوا عباد الله واحتشدوا وأقلعوا وارجعوا وأسمعوا وعوا فكأنكم والله وقد توضحت خدعها وتصرم متاعها وجل متوقعها والسعيد من وثق بما قدم لنفسه بعد نفاد أيامه وورود حمامه والشقي من افرط وفرط وندم حيث لا مندم وأوعز إلى والي الحرب فلان بقراءة ما نص فيه عليكم واختبار سيركم بعد مروره على أسماعكم فمن رغب في التقوى وآثر الآخرة على الدنيا عرف ذلك وتوخاه بتكرمته وتخوله ومن أبى إلا غواية وضلالا وبطالة ومحالا أقام حد الله تعالى عليه غير مراقب فيه فرحم الله عبدا صان نفسه في هذه الدار عن العار وحماها في الاخرة من عذاب النار وأمير

المؤمنين يرجو أن ينفعكم الله بهدايته ويشفي صدوركم بموعظته ويرشدكم إلى ما يفضي بكم إلى الكفاية والحماية فليعلم فلان بن فلان ذلك من أمير المؤمنين ورسمه وليعمل عليه بجملته إن شاء الله تعالى

الصنف الحادي عشر الكتب في النهي عن التنازع في الدين
قال في مواد البيان من أهم ما صرف إليه السلطان تفقده ووقف عليه تعهده أمر الرعايا في أعماله وتنفيذ الكتب إليهم بالنهي عن التنازع في الدين وحسم أسباب المجادلة والمراء والتحذير من اتباع البدع والأهواء والإخلاد إلى مضل النحل والآراء لأنه متى فسح لهم في هذا الباب صاروا شيعا متباينين وفرقا متحاربين وانشقت عصاهم وانقضت حيلهم وخرجوا عن أحكام أهل السلامة إلى احكام اهل الفتنة وعاد ضرر ذلك على الدين والسلطان ولهذا صرف إليه الساسة الحزمة من الملوك الاهتمام ولم يبخلوا بحسم مادته على تغاير الأيام
ثم قال والرسم فيها أن تصدر بحمد الله تعالى على نعمه في تاليف كلمة اهل الاسلام وما من به عليهم من الاتفاق والالتئام وشكره على موهبته في نزع الغل من صدورهم والتأليف بين قلوبهم وتصييرهم إخوانا متصافين وخلانا متوافين وعونهم بما وفقهم له من إظهارهم على من شق عصاهم وإقدارهم بما منحهم من الألفة على مراماة من راماهم والصلاة على سيدنا محمد وعلى آله ثم يشفع هذا بأن أمير المؤمنين بما مكنه الله تعالى من مراضيه ووفقه له من القيام بفرضه والنهوض بحقوق طاعته والعمل بكتابه وسنته ورغبته في الخير العام وشمول الصلاح لكافة الأنام لا يزال يحض رعيته على ما يقضي بسداد دنياهم وحسن المنقلب في أخراهم ويرى أن أنفع ذلك عائدة وأجزله فائدة ما رفع عنهم أسباب التنافر ودعاهم إلى التعاضد والتظافر وحال بينهم وبين الخوض في محدث النحل والآراء والإصغاء إلى مضل البدع

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39