كتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا
المؤلف : أحمد بن علي القلقشندي

سين مهملة قال ويقال لها بالفارسية كومس بإبدال القاف كافا قال وهي من بسطام إلى سمنان وهما من قومس بين خراسان وبين الجبال أولها من ناحية الغرب سمنان قال أحمد الكاتب وقومس بلد واسع جليل القدر وقال في المشترك قومس موضع كبير فيه بلاد كثيرة وقرى وقاعدتها سمنان قال في المشترك بكسر السين المهملة وسكون الميم ونونين بينهما ألف وقال في القانون حيث الطول تسع وسبعون درجة وخمس عشرة دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة قال في المشترك وهو بلد مشهور بين الري والدامغان
وبها مدن أيضا منها الدامغان قال في اللباب بفتح الدال المهملة وألف وفتح الميم والغين المعجمة وألف ثانية ثم نون وموقعها في الإقليم الرابع قال في القانون حيث الطول تسع وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وعشرون دقيقة
ومنها بسطام قال في اللباب بفتح الباء الموحدة وسكون السين وفتح الطاء المهلمتين وفي الآخر ميم وموقعها في الإقليم الرابع من الإقاليم السبعة قال في اللباب وهي بلدة مشهورة قال ابن حوقل ولها البساتين الكثيرة وهي كثيرة الفواكة وإليها ينسب أبو يزيد البسطامي الزاهد

الإقليم العاشر خراسان
قال في اللباب بضم الخاء المعجمة وفتح الراء المهملة وألف ثم سين مهملة وألف ونون وهي بلاد كثيرة قال وأهل العراق يقولون إنها من الري إلى مطلع الشمس وبعضهم يقول من حلوان إلى مطلع الشمس ومعنى أخر اسم

للشمس واسان موضع الشيء ومكانه وقيل معنى خراسان كل بالرفاهية قال في تقويم البلدان ويحيط بها من جهة الغرب المفازة التي بينها وبين بلاد الجيل وجرجان ومن جهة الجنوب مفازة فاصلة بينها وبين فارس وقومس ومن الشرق نواحي سجستان وبلاد الهند ومن جهة الشمال بلاد ما وراء النهر وشيء من تركستان قال وخراسان تشتمل على عدة كور كل كورة منها نحو إقليم
ومن كورها المشهورة جوين بضم الجيم وفتح الواو وسكون المثناة من تحت ونون في الآخر وقوهستان بضم القاف وسكون الواو وفتح الهاء وسكون السين المهملة وفتح المثناة فوق وألف ثم نون وبغشور بفتح الباء الموحدة والغين المعجمة الساكنة ثم شين معجمة وواو وراء مهملة في الآخر ومرو بفتح الميم وسكون الراء المهملة وواو في الآخر وطوس بضم الطاء المهملة وسكون الواو وسين مهملة في الآخر وبيهق بفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة التحتية وفتح الهاء وقاف في الآخر وباخرز بفتح الباء الموحدة ثم ألف وخاء معجمة وراء مهملة ساكنة وزاي معجمة وإليها ينسب الباخرزي الذي أسلم على يديه بركة
وقاعدتها فيما ذكره المؤيد صاحب حماة في تاريخه نيسابور قال في اللباب بفتح النون وسكون المثناة من تحتها وفتح السين المهملة وسكون الألف وضم الباء الموحدة وبعدها واو وراء مهملة قال في اللباب وسميت نيسابور لأن سابور الملك لما رآها قال يصلح أن يكون ها هنا مدينة وكانت قصبا فأمر بقطع القصب وأن تبنى مدينة فقيل نيسابور والني هو القصب قال ابن سعيد والعجم تسميها نشاور قال في تقويم البلدان واسمها الآن نشاور

يعني بفتح النون والشين المعجمة وألف وفتح الواو وراء مهملة في الآخر وموقعها في الإقليم الرابع من الإقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول ثمانون درجة والعرض ست وثلاثون درجة وعشرون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة مشهورة في أرض سهلة وهي مفترشة البناء مقدار فرسخ في فرسخ وبها قني ماء وهي صحيحة الهواء قال في اللباب وهي أحسن مدن خراسان وأجمعها للخير قال أحمد بن يعقوب الكاتب وبينها وبين كل من مرو ومن هراة ومن جرجان ومن الدامغان عشر مراحل
وبها مدن عديدة منها الطابران قال في اللباب بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة والراء المهملة وبعد الألف نون قال في القانون وهي قصبة طوس من كور خراسان وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول ثمانون درجة وثلاثون دقيقة والعرض خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة قال في العزيزي وهي من أجل مدن خراسان
ومنها نوقان قال في اللباب بفتح النون وسكون الواو وفتح القاف وبعد الألف نون وهي مدينة من أعمال طوس من خراسان وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول اثنتان وثمانون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض ثمان وثلاثون درجة قال المهلبي وهي من أجل مدن خراسان وأعمرها وبظاهرها قبر الإمام علي بن موسى بن جعفر الصادق وقبر هارون الرشيد الخليفة العباسي وبها معدن الفيروزج والدهنج
ومنها إسفراين قال في اللباب بكسر الألف وسكون السين

المهملة وفتح الفاء والراء المهملة وكسر المثناة التحتية ونون في الآخر وهي بلدة بنواحي نيسابور من خراسان موقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول إحدى وسبعون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة قال في تقويم البلدان وتسمى المهرجان أيضا بكسر الميم وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والجيم وألف ونون في الآخر يقال إن كسرى سماها بذلك تشبيها بالمهرجان أحد أعياد الفرس لأن المهرجان أطيب أوقات الفصول شبهها بذلك لخضرتها ونضارتها وإليها ينسب الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني الإمام الكبير المشهور
ومنها خسروجرد قال في اللباب بضم الخاء المعجمة وسكون السين وفتح الراء المهملتين وسكون الواو وكسر الجيم ثم راء ودال مهملتان وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول إحدى وثمانون درجة وخمس دقائق والعرض ست وثلاثون درجة قال في المشترك وهي قصبة ناحية بيهق من خراسان وقال في اللباب كانت قصبتها ثم صارت القصبة سبروار
ومنها نسا قال في المشترك بفتح النون والسين المهملة وألف مقصورة وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول اثنتان وثمانون درجة والعرض تسع وثلاثون درجة قال في المشترك وهي مدينة من خراسان بين أبيورد وسرخس قال ابن حوقل وهي مدينة حصينة ومنها الإمام أحمد النسائي صاحب السنن
ومنها أزاذوار قال في تقويم البلدان بالهمزة والزاي المعجمة ثم ألف وذال معجمة وواو مفتوحتين وألف وراء مهملة في الآخر وهي قصبة جوين

من خراسان وموقعها في الأقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول ثمانون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة ومنها إمام الحرمين الإمام الشافعي المشهور
ومنها قاين قال في اللباب بفتح القاف وبعد الألف ياء مثناة تحتية مكسورة ثم نون وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول أربع وثمانون درجة وخمس وثلاثون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل وهي قصبة قوهستان من خراسان على مفازة قال وهي مثل سرخس في الكبر وماؤها من القني وبساتينها قليلة وقراها متفرقة قال في اللباب وإليها ينسب جماعة من العلماء
ومنها سرخس قال في تقويم البلدان بفتح السين والراء المهملتين ثم خاء معجمة ساكنة وسين مهملة ساكنة وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول خمس وثمانون درجة والعرض ست وثلاثون درجة وأربعون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة بين نيسابور وبين مرو في أرض سهلة وليس لها ماء جار إلا نهر يجري في بعض السنة وهو فضلة مياه هراة والغالب على نواحيها المراعي ومعظم مال أهلها الجمال وماؤهم من الآبار وأرحيتهم على الدواب قال المهلبي والرمال محتفة بها
ومنها بوشنج قال في اللباب بضم الباء الموحدة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة وسكون النون وجيم في الآخر قال في اللباب ويقال لها ايضا فوشنج بالفاء بدل الباء قال في تقويم البلدان ويقال لها أيضا بوشنك بالكاف بدل الجيم قال ابن حوقل وهي مدينة على نحو النصف من هراة

في مستو من الأرض ولها مياه وأشجار كثيرة وماؤها من نهر بهراة وهو يجري من هراة إلى بوشنج إلى سرخس
ومنها هراة قال في اللباب بفتح الهاء والراء المهملة ثم ألف وهاء في الآخر قال في التعريف ولا يسمع عجمي يقول إلا هرى وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول خمس وثمانون درجة وثلاثون دقيقة والعرض خمس وثلاثون درجة قال ابن حوقل وهي من خراسان ولها أعمال وداخلها مياه جارية والجبل منها على نحو فرسخين ومنه تعمل حجارة الأرحية وغيرها وليس به محتطب ولا مرعى وعلى رأسه بيت نار كان للفرس وخارج هراة المياه والبساتين قال في المشترك وكانت مدينة عظيمة فخربها التتر قال في اللباب وكان فتحها في خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قال والنسبة إليها هروي قال في مسالك الأبصار ومن الناس من يعد هراة مفردة بذاتها عن خراسان وصاحبها يكاتب عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية
ومنها مرو الروذ قال في المشترك بفتح الميم وسكون الراء المهملة وفي آخرها واو وقال في اللباب بفتح الواو وألف ولام وضم الراء الثانية وسكون الواو وذال معجمة والروذ بالعجمية النهر ومعناه مرو النهر وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول سبع وثمانون درجة وأربعون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل وهي أكبر من بوشنج ولها نهر كبير وعليه البساتين وهي طيبة التربة والهواء والجبل عنها في جهة الغرب على ثلاثة فراسخ قال في اللباب وهي من أشهر مدن خراسان والنسبة إليها مروروذي ومروذي أيضا
ومنها مرو الشاهجان قال في المشترك بفتح الميم وسكون الراء المهملة وواو في الآخر وهو مضاف إلى الشاهجان بفتح الشين وألف بعدها هاء ثم جيم وألف ونون وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في

المشترك ومرو الشاهجان معناه روح الملك قال في الأطوال حيث الطول سبع وثمانون درجة والعرض سبع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة قديمة يقال إنها من بناء طهمورث أحد ملوك الفرس قال في مسالك الأبصار ويقال إنها من بناء ذي القرنين قال وهي في أرض مستوية بعيدة عن الجبال لا يرى منها الجبل وأرضها كثيرة الرمل وفيها سبوخة ويجري على بابها نهر يدخل منه الماء إلى حياض المدينة ومنه شرب أهها ولها ثلاثة أنهار أخر وبها الفواكه الحسنة تقدد وتحمل إلى البلاد وبها الزبيب الذي لا نظير له ولها من النظافة وحسن الترتيب وتقسيم الأبنية والغروس على الأنهار وتمييز كل سوق من غيره ما ليس لغيرها من البلاد قال في المشترك والنسبة إليها مروزي قال في تقويم البلدان وبها كان مقام المأمون لما كان بخراسان وبها قتل يزدجرد آخر ملوك الفرس ومنها ظهرت دولة بني العباس وبها صبغ أول سواد لبسته المسودة ومنها يرتفع الحرير الكثير والقطن قال في المشترك وبينها وبين كل من نيسابور وهراة وبلخ وبخارا مسيرة اثني عشر يوما
ومنها الطالقان قال في المشترك بفتح الطاء المهملة واللام والقاف ثم ألف ونون وقال في اللباب بتسكين اللام وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول ثمان وثمانون درجة والعرض ست وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة نحو مرو الروذ في الكبر ولها مياه جارية وبساتين قليلة وهي في جبل ولها رستاق في الجبل وهي غير الطالقان المقدم ذكرها في عراق العجم
ومنها بلخ قال في اللباب بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفي آخرها خاء معجمة وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال والقانون حيث الطول احدى وتسعون درجة والعرض ست وثلاثون درجة وإحدى وأربعون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة في مستو من الأرض بينها وبين أقرب جبل إليها أربعة فراسخ والمدينة نصف فرسخ في

مثله ولها نهر يسمى الدهاش يجري في ربضها وهو نهر يدير عشر أرحية والبساتين تحتف بها من جميع جهاتها وبها الأترج وقصب السكر وتقع في نواحيها الثلوج قال في اللباب فتحها الأحنف بن قيس التميمي في خلافة عثمان رضى الله عنه وخرج منها ما لا يحصى من الأئمة والعلماء والصلحاء
ومنها شهرستان قال في اللباب بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء وفتح الراء وسكون السين المهملتين وفتح التاء المثناة من فوق وبعد الألف نون وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال والقانون حيث الطول إحدى وتسعون درجة والعرض ست وثلاثون درجة وإحدى وأربعون دقيقة قال في المشترك شهر بلغة الفرس المدينة واستان الناحية فمعنى اسمها مدينة الناحية قال وهي مدينة مشهورة بين نيسابور وخوارزم في آخر حدود خراسان وأول حدود رمال خوارزم

الإقليم الحادي عشر زابلستان
بفتح الزاي المعجمة ثم ألف بعدها باء موحدة ولام مضمومتان وسين مهملة ساكنة وتاء مثناة فوق مفتوحة ثم ألف ونون وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وخمسون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة لها بلاد وأعمال وهي عن بلخ على عشر مراحل وعندها نهر كبير يجري وليس لها بساتين بل هي مدينة على جبل والفواكة تأتيها مجلوبة قال في اللباب وبها قلعة حصينة

ولها مدن غيرها منها غزنة قال في اللباب بفتح الغين وسكون الزاي المعجمتين وفتح النون وموقعها في آخر الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة قال في الأطوال والقانون حيث الطول أربع وتسعون درجة وعشرون دقيقة والعرض ثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل هي من عمل الباميان وقد تقدم أن الباميان من زابلستان وقال في اللباب هي من أول بلاد الهند وقال في مزيل الارتياب هي في طرف خراسان وأول بلاد الهند وهي كالحد بينهما قال ابن حوقل وهي فرضة الهند وموطن التجار ولها دربند مشهور
ومنها بنجهير قال في اللباب بفتح الباء الموحدة وسكون النون وفتح الجيم وكسر الهاء وسكون المثناة تحت وراء مهملة في الآخر وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول أربع وتسعون درجة وعشرون دقيقة والعرض خمس وثلاثون درجة قال ابن حوقل وهي مدينة من أعمال الباميان على جبل والغالب على أهلها العيث والفساد قال في اللباب وبها جبل الفضة والدراهم بها كثيرة لا يشترون ولو باقة بقل بأقل من درهم وقد جعلوا السوق كهئية الغربال لكثرة الحفر قال وإنما يتبعون عروقا يجدونها تفضي إلى الفضة فإذا وجدوا عرقا حفروا أبدا إلى أن يصيروا إلى الفضة والرجل منهم ينفق الأموال الكثيرة في الحفر وربما خرج له من الفضة ما يتسغني به هو وعقبة وربما خاب عمله لقلة المال وغير ذلك وربما وقف رجل على العرق ووقف آخر عليه في موضع آخر فيأخذان جميعا في الحفر والعادة عندهم أن من سبق فاعترض على صاحبه فقد استحق

الإقليم الثاني عشر الغور
قال في اللباب بضم الغين المعجمة وسكون الواو وراء مهملة في

الآخر قال وهي بلاد في الجبال بخراسان قريبة من هراة وهي مملكة كبيرة وغالبها جبال عامرة ذات عيون وبساتين وأنهار وهي بلاد حصينة منيعة وتحيط بها خراسان من ثلاث جهات ولذلك حسبت من خراسان والحد الرابع لها قبلي سجستان
وقاعدتها فيما قاله في تقويم البلدان بيروزكوه قال في المشترك بكسر الباء الموحدة وسكون المثناة التحتية وضم الراء المهملة وواو ثم زاي معجمة وضم الكاف وواو وهاء وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في المشترك معنى بيروزكوه الجبل الأزرق وهي قلعة حصينة دار مملكة جبال الغور قال وبها كان مستقرا بنو ساحان ملوك الغور
قلت وبلاد الغور وغزنة وما والاها وإن عدها في مسالك الأبصار من مملكة التورانيين فإنها ليست من أصل مملكة توران وإنما تغلب ملوكها عليها من مملكة إيران فلذلك أثبتها في مملكة إيران وما غلب عليه بنو هولاكو من مملكة الروم وهو قونية وما معها ليس من مملكة إيران بل هو مملكة مستقلة بذاتها كما سيأتي ولذلك لم أثبتها في مملكة إيران والله أعلم

الجملة الثالثة في الأنهار المشهورة
واعلم ان بهذه المملكة عدة أنهار والمشهور منها ثلاثة عشر نهرا الأول الفرات وما يصب فيها ويخرج منها فاما نهر الفرات فأوله من شمالي مدينة أرزن الروم وشرقيها وأرزن هذه آخر حد بلاد الروم من جهة الشرق ثم يأخذ إلى قرب ملطية ثم إلى شمشاط ثم يأخذ مشرقا ويتجاوز قلعة

الروم ويمر مع جانبها من شماليها وشرقيها ثم يسير إلى البيرة ويمر من جنوبيها ثم يمر مشرقا حتى يتجاوز بالس وقلعة جعبر ويتجاوزها إلى الرقة ثم يمر مشرقا ويتجاوز الرحبة من شمالها ويسير إلى عانة ثم إلى هيت ثم يسير إلى الكوفة فإذا جاوز نهر كوثى بستة فراسخ انقسم نصفين ومر الجنوبي منهما إلى الكوفة ويجاوزها ويصب في البطائح ويمر القسم الآخر وهو أعظمهما ويعرف بنهر سورا ويمر بإزاء قصر ابن هبيرة ويتجاوزه إلى مدينة بابل القديمة ويتفرع منه عدة أنهر ويمر عموده إلى النيل ويسمى من بعد النيل نهر الصراة ثم يتجاوز النيل ويصب في دجلة
وأما الأنهار التي تصب فيه فمنها نهر شمشاط ونهر البليخ ونهر الخابور ونهر الهرماس وغيرها
وأما الأنهار التي تخرج من الفرات فمنها نهر عيسى ونهر صرصر ونهر الملك ونهر كوثى وغير ذلك
الثاني دجلة وما يصب إليها ويخرج منها فأما دجلة فقال في المشترك بكسر الدال المهملة وسكون الجيم قال وهي نهر عظيم مشهور مخرجه من بلاد الروم ثم يمر على آمد وحصن كيفا وجزيرة ابن عمر والموصل وتكريت وبغداد وواسط والبصرة ثم يصب في بحر فارس وذكر في العزيزي أن رأس دجلة شمالي ميافارقين من تحت حصن يعرف بحصن ذي القرنين ويجري من الشمال والغرب إلى جهة الجنوب والشرق ثم يشرق ويرجع إلى جهة الشمال ثم يغرب بميلة إلى الجنوب إلى مدينة آمد ثم يأخذ جنوبا إلى جزيرة ابن عمر ثم يأخذ شرقا وجنوبا إلى مدينة بلد ثم يشرق إلى الموصل ثم يسير مشرقا إلى تكريت ثم يأخذ مشرقا نصبا إلى سر من رأى ثم يأخذ جنوبا على عكبرى ثم يأخذ مشرقا إلى البردان ثم يأخذ جنوبا بميلة إلى

الشرق إلى بغداد ثم يسير جنوبا إلى كلواذا ويأخذ إلى المدائن ويتجاوز إلى دير العاقول ثم يسير مشرقا إلى النعمانية ثم يسير جنوبا ومشرقا إلى فم الصلح ثم يسير مغربا إلى واسط ثم يشرق إلى بطائح واسط ثم يخرج من البطائح ويسير بين الشرق والجنوب حتى يتجاوز البصرة ويمر على فوهة الأبلة ثم يسير إلى عبادان ويصب في بحر فارس
وأما الأنهار التي تصب في دجلة فمنها نهر أرزن ونهر الثرثار ونهر الفرات الأعلى وهو الأكبر ونهر الزاب الأصغر وغيرها
وأما الأنهار التي تخرج من دجلة فعدة أنهار من أشهرها نهر الأبلة ونهر معقل المقدم ذكرهما في الكلام على متنزهات هذه المملكة
الثالث دجلة الأهواز وهو نهر ينبعث من الأهواز ويمر في جهة الغرب إلى عسكر مكرم وهو قرب دجلة بغداد في المقدار وعليه مزارع عظيمة من قصب السكر وغيره
الرابع نهر شيرين وهو نهر يخرج من جبل دينار من ناحية بازرع ويخترق بلاد فارس ويقع في بحر فارس عند جنابة من بلاد فارس
الخامس نهر المسرقان وهو نهر عظيم في بلاد خوزستان يجري من ناحية تستر ويمر على عسكر مكرم ويسقي بجميع مائه النخل والزرع وقصب السكر ولا يضيع شيء من مائه
السادس نهر تستر وهو نهر يخرج من وراء عسكر مكرم ويمر على الأهواز ثم ينتهي إلى نهر السدرة إلى حصن مهدي ويصب في بحر فارس

السابع نهر طاب ومخرجه من جبال أصفهان من قرب المرج وينضم إليه نهر آخر ويسير حتى يمر على باب أرجان ويقع في بحر فارس عند شينير
الثامن نهر سكان وهو نهر يخرج من رستاق الرونجان من قرية تدعى ساركري ويسقي شيئا كثيرا من كور فارس ثم يصب في بحر فارس وعليه من العمارة ما ليس على غيره
التاسع نهر زندورذ بفتح الزاي المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة والواو ثم راء مهملة ساكنة وذال معجمة في الآخر وهو نهر كبير على باب أصفهان
العاشر نهر الهندمند قال ابن حوقل وهو أعظم أنهار سجستان ويخرج من ظهر الغور ويمر على حدود الرخج ثم يعطف ويمر على بست حتى يصير على مرحلة من سجستان ثم يصب في بحيرة زره وإذا تجاوز بست يتشعب منه أنهار كثيرة وعلى باب مدينة بست على هذا النهر جسر من السفن كما في دجلة
الحادي عشر نهر الرس وهو نهر يخرج من جبال قاليقلا ويمر إلى ورثان ثم يلتقي مع نهر الكر الآتي ذكره بالقرب من بحر الخزر فيصيران نهرا واحدا ويصبان في بحر الخزر المذكور قال في تقويم البلدان وخلف نهر الرس فيما يقال ثلثمائة وستون مدينة خراب يقال إنها المراد في القرآن بقوله تعالى ( وأصحاب الرس )
الثاني عشر نهر الكر وهو نهر فاصل بين أران وأذربيجان كالحد بينهما وأوله عند جبل باب الأبواب ويخترق بلاد أران ويصب في بحر الخزر وذكر ابن

حوقل أن نهر الكر يمر على ثلاثة فراسخ من بردعة وبفارس أيضا نهر يقال له نهر الكر إلا أنه دون هذا في القدر والشهرة
الثالث عشر نهر جرجان ومخرجه من جبل جرجان ويسير غربا بجنوب إلى آبسكون ثم يفترق من آبسكون نهرين ويصب في بحر الديلم

الجملة الرابعة في الطرق الموصلة إلى قواعد هذه المملكة وذكر شيء من
المسافات بين بلادها
واعلم ان آخر المملكة المضافة إلى الديار المصرية من جهة الشرق مملكة حلب فتعين الابتداء منها ونحن نورد ذلك على ما يقتضيه كلام عبيد الله بن عبد الله بن خرداذبة في كتابه المسالك والممالك مقتصرا على ذكر مشاهير البلاد
الطريق من حلب إلى الموصل من حلب إلى منبج ومن منبج إلى الرستن ومن الرستن إلى الرقة إلى رأس عين سبعة عشر فرسخا ومن رأس عين إلى كفرتوثا سبعة فراسخ ومن كفرتوثا إلى دارا خمسة فراسخ ومن دارا إلى نصيبين أربعة فراسخ ثم إلى بلد ثلاثون فرسخا ثم إلى الموصل سبعة فراسخ
الطريق من الموصل إلى بغداد من الموصل إلى الحديثة أحد وعشرون فرسخا ثم إلى السن خمسة فراسخ ثم إلى سر من رأى ثلاثة فراسخ ثم إلى القادسية تسعة فراسخ ثم إلى عكبرى ثمانية فراسخ ثم إلى البردان أربعة فراسخ ثم إلى بغداد خمسة فراسخ وأخبرني بعض أهل تلك البلاد أن الطريق من حلب إلى البيرة يومان ومن البيرة إلى الرها يومان ومن الرها إلى ماردين أربعة أيام ثم من ماردين إلى جزيرة ابن عمر ثلاثة أيام ثم من جزيرة ابن عمر إلى الموصل يومان ومن الموصل إلى تكريت يومان ومن تكريت إلى خوي يومان ومن خوي إلى بغداد يومان

الطريق إلى نيسابور قاعدة خراسان من بغداد إلى النهروان أربعة فراسخ ثم إلى الدسكرة اثنا عشر فرسخا ثم إلى جلولاء سبعة فراسخ ثم إلى خانقين سبعة فراسخ ثم إلى قصر شيرين ستة فراسخ ثم إلى حلوان خمسة فراسخ ثم إلى مرج القلعة عشرة فراسخ ثم إلى قصر يزيد أربعة فراسخ ثم إلى قصر عمرو ثلاثة عشر فرسخا ثم إلى قصر اللصوص سبعة عشر فرسخا ثم إلى قرية العسل ثلاثة فراسخ ثم إلى همذان خمسة فراسخ ثم إلى الأساورة اثنان وعشرون فرسخا ثم إلى ساوة خمسة عشر فرسخا ثم إلى الري أربعة وعشرون فرسخا ثم إلى قصر الملح أحد وثلاثون فرسخا ثم إلى رأس الكلب سبعة فراسخ ثم إلى سمنان ثمانية فراسخ ثم إلى بومن سبعة عشر فرسخا ثم إلى أسداباذ أربعون فرسخا ثم إلى خسروجرد اثنا عشر فرسخا ثم إلى نيسابور خمسة عشر فرسخا
الطريق من نيسابور إلى بلخ ثم إلى نهر جيحون من نيسابور إلى طوس ثلاثة عشر فرسخا ثم إلى مرو الروذ أحد عشر فرسخا ثم إلى سرخس ثم إلى قصر النجار ثلاثة فراسخ ثم إلى مروالشاهجان سبعة وعشرون فرسخا ثم إلى القريتين خمسة وعشرون فرسخا ثم إلى أسداباذ على النهر سبعة فراسخ ثم إلى قصر الأحنف على النهر عشرة فراسخ ثم إلى مرو الروذ خمسة فراسخ ثم إلى الطالقان ثلاثة وعشرون فرسخا ثم إلى ارعين تسعة فراسخ ثم إلى العاديات عشرة فراسخ ثم إلى السدرة من عمل بلخ أربعة وعشرون فرسخا ثم إلى الغور تسعة فراسخ ثم إلى بلخ ثلاثة فراسخ ثم إلى شط جيحون اثنا عشر فرسخا فذات اليمين كورة ختل ونهر الضرغام وذات اليسار خوارزم وسيأتي ذكرهما في الكلام على مملكة توران فيما بعد إن شاء الله تعالى
الطريق إلى شيراز قاعدة فارس قد تقدم الطريق من حلب من مضافات الديار المصرية إلى بغداد ومن بغداد إلى واسط خمسة وعشرون سكة ومن واسط إلى الأهواز عشرون سكة ثم إلى النوبندجان تسع عشرة سكة ثم إلى شيراز اثنتا عشرة سكة

الطريق من شيراز إلى السيرجان قاعدة كرمان من شيراز إلى إصطخر خمس سكك ثم من إصطخر إلى البحيرة ثلاثة عشر فرسخا ثم إلى شاهك الكبرى سبعة عشر فرسخا ثم إلى قرية الملح تسعة فراسخ ثم إلى مرزبانة ثمانية فراسخ ثم إلى اروان ثلاثة فراسخ ثم إلى المرمان وهو آخر عمل فارس إلى السيرجان ستة عشر فرسخا
الطريق إلى أصبهان من بومن المقدم ذكرها إلى الرباط ثلاثة عشر فرسخا ثم إلى أصبهان أربعة عشر فرسخا
الطريق إلى البصرة قد تقدم الطريق من حلب إلى بغداد ثم إلى واسط ثم إلى الفاروث ثم إلى دير العمال ثم إلى الحوانيت ثم يسير في البطائح ثم إلى نهر أبي الأسد ثم في دجلة العورا ثم في نهر معقل ثم يمضي إلى البصرة
الطريق إلى تبريز قد تقدم الطريق من حلب إلى ماردين ثم من ماردين إلى حصن كيفا يومان ومن الحصن إلى سعرت يومان ومن سعرت إلى وان يومان ومن وان إلى وسطان ثلاثة أيام ومن وسطان إلى سلماس يومان ومن سلماس إلى تبريز أربعة أيام فيكون بين حلب وتبريز ثلاثة وعشرون يوما
الطريق إلى السلطانية من تبريز إليها سبعة أيام فيكون من حلب إلى السلطانية ثلاثون يوما

الجملة الخامسة في بعض مسافات بين بلاد هذه المملكة
بعض مسافات بلاد الجزيرة من الأنبار إلى تكريت مرحلتان ومن

تكريت إلى الموصل ستة أيام ومن الموصل إلى آمد أربعة أيام ومن آمد إلى سميساط ثلاثة أيام ومن الموصل إلى نصيبين أربع مراحل ومن نصيبيين إلى رأس عين ثلاث مراحل ومن رأس عين إلى الرقة أربعة أيام ومن رأس عين إلى حران ثلاثة أيام ومن حران إلى الرها يوم واحد
بعض مسافات خوزستان ومن عسكر مكرم إلى الأهواز مرحلة ومن الأهواز إلى الدورق أربع مراحل وكذلك من عسكر مكرم إلى الدورق ومن عسكر مكرم إلى سوق الأربعاء مرحلة ومن سوق الأربعاء إلى حصن مهدي مرحلة ومن السوس إلى بصنى رحلة خفيفة ومن السوس إلى متوث مرحلة
بعض مسافات فارس قال ابن حوقل من شيراز إلى سيراف نحو ستين فرسخا ومن شيراز إلى إصطخر نحو اثني عشر فرسخا ومن شيراز إلى كازرون نحو عشرين فرسخا ومن كازرون إلى جنابة أربعة وأربعون فرسخا ومن شيراز إلى أصبهان اثنان وسبعون فرسخا ومن شيراز مغربا إلى أول حدود خوزستان ستون فرسخا ومن شيراز إلى بسا سبعة وعشرون فرسخا ومن شيراز إلى البيضاء ثمانية فراسخ ومن شيراز إلى دارابجرد خمسون فرسخا ومن مهروبان إلى حصن ابن عمارة نحو مائة وستين فرسخا
بعض مسافات كرمان من السيرجان إلى المفازة مرحلتان ومن السيرجان إلى جيرفت مرحلتان ومن السيرجان إلى مدينة الزرند تسعة وعشرون فرسخا
بعض مسافات إرمينية وأران وأذربيجان قال ابن حوقل من بردعة

إلى شمكور أربعة عشر فرسخا ومن بردعة إلى تفليس ثلاثة وأربعون فرسخا ومن أردبيل إلى المراغة أربعون فرسخا ومن المراغة إلى أرمية أربع مراحل ومن أرمية إلى سلماس مرحلتان ومن سلماس إلى خوي سبعة فراسخ ومن خوي إلى بركري ثلاثون فرسخا ومن بركري إلى أرجيش يومان ومن أرجيش إلى خلاط ثلاثة أيام ومن خلاط إلى بدليس ثلاثة أيام ومن بدليس إلى ميافارقين أربعة أيام
ذكر الطريق من المراغة إلى أردبيل من مراغة إلى أرمية ثلاثون فرسخا ومن أرمية إلى سلماس أربعة عشر فرسخا ومن خوي إلى نشوى ثلاثة أيام ومن نشوى إلى دبيل أربع مراحل ومن المراغة إلى الدينور ستون فرسخا ومن خونج إلى مراغة ثلاثة عشر فرسخا ومن بردعة إلى ورثان سبعة فراسخ ومن ورثان إلى بيلقان سبعة فراسخ ومن شروان إلى باب الأبواب نحو سبعة أيام ومن بردعة إلى تفليس نحو اثنتين وستين فرسخا
بعض مسافات عراق العجم من همذان إلى الدينور ما ينيف على عشرين فرسخا ومن همذان إلى ساوة ثلاثون فرسخا ومن ساوة إلى الري ثلاثون فرسخا أيضا ومن همذان إلى زنجان على شهرزور ثلاثون فرسخا ومن همذان إلى أصبهان ثمانون فرسخا ومن همذان إلى أول خراسان نحو سبعين فرسخا ومن ساوة إلى قم نحو اثني عشر فرسخا ومن قم إلى قاشان نحو اثني عشر فرسخا أيضا ومن الري إلى قزوين ثلاثون فرسخا ومن الدينور إلى شهرزور أربع مراحل ومن أصبهان إلى قاشان ثلاث مراحل
بعض مسافات طبرستان ومازندران وقومس قال ابن حوقل بين آمل وسارية مرحلتان ومن سارية إلى أستراباذ نحو أربع مراحل ومن أستراباذ إلى جرجان نحو مرحلتين ومن آمل إلى مامطير مرحلة ومن مامطير إلى سارية مرحلة ومن جرجان إلى بسطام مرحلتان

بعض مسافات خراسان قال في تقويم البلدان من أول أعمال نيسابور إلى وادي جيحون ثلاث وعشرون مرحلة ومن سرخس إلى نسا سبعة وعشرون فرسخا ومن هراة إلى نيسابور أحد عشر يوما ومن هراة إلى مرو كذلك ومن هراة إلى سجستان كذلك ومن مرو الروذ إلى مرو الشاهجان أربعة أيام ومن بلخ إلى فرغانة ثلاثون مرحلة مشرقا ومن بلخ إلى الري ثلاثون مرحلة مغربا ومن بلخ إلى سجستان ثلاثون مرحلة جنوبا ومن بلخ إلى كرمان ثلاثون مرحلة ومن بلخ إلى خوارزم ثلاثون مرحلة

الجملة السادسة فيما بهذه المملكة من النفائس العلية القدر والعجائب
الغريبة الذكر والمنتزهات المرتفعة الصيت
وقد ذكر في مسالك الأبصار بها عدة نفائس وعجائب
أما النفائس فإن بها مغاص اللؤلؤ ببحر فارس بجزيرة كيش وعمان وهما من أحسن المغاصات وأشرفها وأعلاها قدرا في حسن اللؤلؤ على ما تقدم ذكره في الكلام على الأحجار النفيسة فيما يحتاج الكاتب إلى معرفته في المقالة الأولى
وبالدامغان في جبلها معدن ذهب قال الشيخ شمس الدين الأصفهاني وهو قليل المتحصل لكثرة ما يحتاج إليه من الكلف حتى يستخرج وببذخشان شرقي عراق العجم البازهر الحيواني الذي لا يباريه شيء في دفع السموم يوجد في الاياييل التي هناك وقد مر ذكره في الكلام على ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في المقالة الأوى
وبها الإثمد الأصفهاني الذي لا يساوي رتبة وقد مر ذكره في الكلام على

ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في المقالة الأولى ولكنه قد عز الآن حتى لا يكاد يوجد قال المقر الشهابي بن فضل الله سألت الشيخ شمس الدين الأصفهاني عن سبب قلته فقال لانقطاع عرقة فما بقي يوجد منه إلا ما لا يرى قال في مسالك الأبصار وبهذه المملكة مستعملات القماش الفاخر من النخ والمخمل والكمخا والعتابي والنصافي والصوف الأبيض المارديني وتعمل بها البسط الفاخرة في عدة مواضع مثل شيراز وأقصرا وتوريز إلى غير ذلك من الأشياء النفسية التي لا يضاهيها غيرها فيها
وأما العجائب فقد ذكر الشيخ شمس الدين الأصفهاني أن بمدينة قشمير على ثلاثة أيام عن أصفهان عين ماء سارحه يسمى ماؤها بماء الجراد إذا حمل ماؤها في إناء وعلق في تلك الأرض على عال أتاها طير يقال له سار فأكل ما فيها من الجراد حتى لا يدع منه شيئا بشرط أن لا يوضع على الأرض حتى يؤتى به إلى مكان الجراد فيعلق وحكى محمد بن حيدر الشيرازي في مصنف له أن بين الدامغان وأستراباذ من خراسان عينا ظاهرة إذا ألقيت فيها نجاسة فار ماؤها وأزبدت شيئا تبعته دودة طول أنملة الإنسان حتى لو حمل الماء تسعة وكان معهم عاشر لم يحمل الماء تبع كل واحد ممن حمل الماء دودة ولم يتبع الآخر منها شيء فلو قتل واحد منهم تلك الدودة استحال الماء مرا لوقته وكذلك ماء كل من هو وراءه ولا يستحيل ماء من هو إلى جانبه مرا قال ابن حوقل وبكورة سابور من بلاد فارس جبل فيه صورة كل ملك وكل مرزبان معروف للعجم وكل مذكور من سدنة النيران وفي كورة أرجان في قرية يقال لها طبريان بئر يذكر أهلها أنهم امتحنوا قعرها بالمثقلات فلم يلحقوا لها قعرا ويفور منها ماء بقدر ما يدير رحى تسقي أرض تلك القرية قال وفي كورة رستاق بئر تعرف بالهنديجان بين

جبلين يخرج منها دخان لا يستطيع أحد أن يقربها وإذا طار عليها طائر سقط فيها واحترق وبناحية داذين نهر ماء عذب يعرف بنهر أخشين يشرب منه الناس وتسقى به الأرض وإذا غسلت به الثياب خرجت خضرا
وأما المنتزهات فبها نهر الأبلة وشعب بوان وهما نصف منتزهات الدنيا الأربعة وهي نهر الأبلة وشعب بوان المذكوران وصغد سمرقند وغوطة دمشق وقد تقدم أن نهر الأبلة نهر شقه زياد مقابلة نهر معقل وبينهما البساتين والقصور العالية والمباني البديعة يتسلسل مجراه وتتهلل بكره وعشاياه ويظله الشجر وتغني به زمر الطير وفيه يقول القاضي التنوخي من أبيات
( وإذا نظرت إلى الأبلة خلتها ... من جنة الفردوس حين تخيل )
( كم منزل في نهرها آلى السرور ... بأنه في غيرها لا ينزل )
( وكأنما تلك القصور عرائس ... والروض حلي وهي فيه ترفل )
وشعب بوان وهو عدة قرى مجتمعة ومياه متصلة والأشجار قد غطت تلك القرى فلا يراها الإنسان حتى يدخلها وهو بظاهر همذان يشرف عليها من جبل وهو في سفح الجبل والأنهار تنحط عليه من اعلى الجبل وهو من أبدع بقاع الأرض منظرا قال المبرد أشرفت على شعب بوان فنظرت فإذا بماء ينحدر كأنه سلاسل فضة وتربة كالكافور وثرية كالثوب الموشى وأشجار متهادلة وأطيار متجاوبة وفيه يقول أبو الطيب المتنبي حين مر به
( مغاني الشعب طيبا في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمان )
( ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان )

الجملة السابعة في ذكر من ملك مملكة إيران جاهلية وإسلاما
وهم على ضربين

الضرب الأول ملوكها قبل الإسلام
واعلم أن هذه المملكة لم تزل بيد ملوك الفرس لابتداء الأمر وإلى حين انقراض دولتهم بالإسلام على ما سيأتي ذكره قال المؤيد صاحب حماة وهم أعظم ملوك الأرض من قديم الزمان ودولتهم وترتيبهم لا يماثلهم في ذلك أحد
وهم على أربع طبقات
الطبقة الأولى القيشداذية
سموا بذلك لأنه كان يقال لكل من ملك منهم قيشداذ ومعناه سيرة العدل وأول من ملك منهم أوشهنج وهو أول من عقد على رأسه التاج وجلس على السرير ورتب الملك ونظم الأعمال ووضع الخراج وكان ملكه بعد الطوفان بمائة سنة وهو الذي بنى مدينتي بابل والسوس وكان محمود السيرة حسن السياسة
ثم ملك بعده طهمورث وهو من عقب أوشهنج المقدم ذكره وبينهما عدة آباء وسلك سيرة جده وهو أول من كتب بالفارسية
ثم ملك بعده أخوه جمشيذ ومعناه شعاع القمر وسار سيرة من تقدمه

وزاد عليها وملك الأقاليم السبعة ورتب طبقات الحجاب والكتاب ونحوهم وهو الذي أحدث النيروز وجعله عيدا ثم حاد عن سيرة العدل فقتله الفرس
وملك بعده بيوراسب ويعرف بالدهاك ومعناه عشر آفات والعامة تسميه الضحاك وملك جميع الأرض فسار بالجور والعسف وبسط يده بالقتل وأحدث المكوس والعشور واتخذ المغنين والملاهي وسيأتي خبر هلاكه مع كابي الخارج عليه في الكلام على النحل والملل ويقال إنه هو ومن قبله كانوا قبل الطوفان
ثم ملك بعده إفريدون ويقال إنه التاسع من ولد جمشيذ المقدم ذكره وفي أول ملكه كان إبراهيم الخليل عليه السلام وهو ذو القرنين المذكور في القرآن على أحد الأقوال وملك جميع الأرض أيضا وقسمها بين بنيه ومات
فملك بعده ابنه إيراج بعهد من أبيه ثم ملك بعده أخوه شرم وطوج ثم غلبهما على الملك منوجهر بن إيراج وفي أيامه ظهر موسى عليه السلام ويقال إن فرعون موسى كان عاملا له على مصر داخلا تحت أمره
ثم تغلب على المملكة فراسياب بن طوج فأفسد وخرب ثم غلبه عليها زو بن طهماسب من أولاد منوجهر فأحسن السيرة وعمر البلاد وشق نهر الزاب وبنى مدينة على جانبه
ثم ملك بعده كرشاسف من أولاد طوج بن إفريدون وهو آخر ملوك هذه الطبقة

الطبقة الثانية الكيانية
سموا بذلك لأن في أول اسم كل واحد منهم لفظة كي ومعناه الروحاني وقيل الجبار
وأول من ملك منهم بعد كرشاسف المقدم ذكره كيقباذ بن زو فسار سيرة أبيه في العدل ومات فملك بعده كيكاؤوس بن كينية بن كيقباذ ومات فملك بعده ابنه كيخسرو بن سياووس بن كيكاؤوس بولاية من جده ثم أعرض عن الملك
وملك بعد كيهراسف بن أخي كيكاؤوس واتخذ سريرا من ذهب مرصعا بالجوهر كان يجلس عليه وبنى مدينة بلخ بأرض خراسان وسكنها لقتال الترك وفي زمنه كان بختنصر فجعله نائبا له ثم مات
وملك بعده كيبشتاسف وبنى مدينة نسا وفي أيامه ظهر زرادشت صاحب كتاب المجوس الآتي ذكره في الكلام على النحل والملل وتبعه كيبشتاسف على دينه ثم فقد
وملك بعده أردشير بهمن ومعنى بهمن الحسن النية ابن إسفنديار بن كيبشتاسف واسمه بالعبرانية كورش وملك الأقاليم السبعة وهو الذي أمر بعمارة البيت المقدس بعد أن خربه بختنصر
ثم ملك بعده ابنه دارا بن أرشيد وفي زمنه ملك الإسكندر بن فيلبس وغلب دارا على ملك فارس واستناب به عشرين رجلا وهم المسمون بملوك الطوائف فأقاموا على ذلك خمسمائة واثنتي عشرة سنة ثم بطل حكم ذلك

الطبقة الثالثة الإشغانية يقال لك منهم اشغا
وأول من ملك منهم بعد ملوك الطوائف اشغا بن اشغان ثم ملك بعده ابنه سابور بن اشغان عشر سنين ثم ملك بعده بسين بن اشغا ستين سنة ثم ملك بعده جور بن اشغان عشر سنين ثم ملك بعده بيرن الاشغاني إحدى وعشرين سنة ومات فملك بعده جوذرز الاشغاني تسع عشرة سنة ومات فملك بعده نرسي الاشغاني أربعين سنة ومات فملك بعده هرمز الاشغاني تسع عشرة سنة ومات فملك بعده اردوان الاشغاني اثنتي عشرة سنة ومات فملك بعده خسرو الاشغاني أربعين سنة ومات فملك بعده بلاش الاشغاني أربعا وعشرين سنة ومات فملك بعده اردوان الأصغر وهو آخر ملوكهم من هذه الطبقة
الطبقة الرابعة الأكاسرة
وأول من ملك منهم أردشير بن بابك من عقب ساسان بن أردشير بهمن قتل أردوان واستولى على ملكه فأقام أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وكتب عهدا بالملك في عقبه ومات فملك بعده ابنه سابور إحدى وثلاثين سنة وستة أشهر وفي أيامه ظهر ماني الزنديق وادعى النبوة واعتنى بنقل كتب الفلسفة من اللغة اليونانية إلى اللغة الفارسية ويقال إن العود الذي يتغنى به حدث

في أيامه ومات فملك بعده ابنه هرمز سنة واحدة وستة أشهر ومات فملك بعده ابنه بهرام ثلاث سنين وثلاثة أشهر ومات فملك بعده ابنه بهرام بن بهرام سبع عشرة سنة ومات فملك بعده ابنه بهرام بن بهرام بن بهرام أربع سنين ثم مات فملك بعده أخوه نرسي بن بهرام تسع سنين ثم مات وملك بعده ابنه هرمز تسع سنين أيضا ومات فملك بعده ابنه سابور وهو الذي عمل الجسر الثاني لدجلة ليكون أحد الجسرين للذاهبين والآخر للآئبين وفي زمنه كان قسطنطين ملك الروم ومات فملك بعده اخوه أردشير بوصية منه ثم مات فملك بعده ابنه سابور بن سابور ثم ملك بعده أخوه بهرام بن سابور ثم ملك بعده ابنه يزدجرد المعروف بالأثيم ثم ملك بعده كسرى من ولد أردشير ثم ملك بعده بهرام جور بن يزدجرد الأثيم وكانت مدة ملكه ثلاثا وعشرين سنة ومات فملك بعده ابنه يزدجرد ثمانيا وعشرين سنة ومات فملك بعده ابنه هرمز ثم مات فملك بعده أخوه فيروز سبعا وعشرين سنة وظهر في أيامه غلاء شديد ثم ملك بعده ابنه بلاش أربع سنين ومات فملك بعده أخوه قباذ ثلاثا وأربعين سنة وفي أيامه ظهر مزدك الزنديق وادعى النبوة ثم خلع وملك بعده أخوه جاماسف ثم تغلب عليه قباذ واستمر في الملك ثم مات وملك بعده أنوشروان ثمانيا وأربعين سنة وقتل مزدك الزنديق وأتباعه وجماعة من المانوية وغلب على اليمن وانتزعها من الحبشة وفي زمانه ولد عبد الله أبو النبي ثم ولد النبي في آخر أيامه ثم مات وملك بعده ابنه هرمز نحو ثلاث عشرة

سنة ونصف ثم ملك أبرو يز بن هرمز ثم غلبه على الملك بهرام جوبين من غير أهل بيت الملك ثم عاد أبرويز إلى الملك وملك ثمانيا وثلاثين سنة وتزوج شيرين المغنية وبنى لها القصر المعروف بقصر شيرين ثم ملك بعده ابنه شيرويه تغلبا على أبيه ثمانية أشهر ثم ملك بعده ابنه أردشير سنة وستة أشهر ثم ملك بعده شهريران من غير بيت الملك ثم قتل وملك بعده بوران بنت أبرويز سنة وأربعة أشهر ثم ملك بعدها خشنشده من بني عم أبرويز أقل من شهر ثم ملك بعده أزرميدخت بنت أبرويز أخت بوران ثم قتلت وملك بعدها كسرى بن مهر خشنش ثم قتلوه بعد أيام ثم ملك بعده فرخ زادخسرو من أولاد أنو شروان وملك ستة أشهر وقتلوه ثم ملك يزدجرد وهو آخرهم

الضرب الثاني ملوكها بعد الإسلام وهم على ثلاث طبقات الطبقة الأولى عمال
الخلفاء
قد تقدم أن فتحها كان في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتوالت عليها عمال الخلفاء في بقية خلافة عمر ثم في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ومقامهما يومئذ بالمدينة النبوية ثم لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة بعد قتل عثمان جعل إقامته بالعراق ثم كان بعده ابنه الحسن السبط رضي الله عنه فأقام بالعراق إلى أن سلم الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان فصارت الخلافة إلى بني أمية وجعلوا دار إقامتهم بالشأم وتوالت على هذه المملكة نوابهم في خلافة معاوية ثم ابنه يزيد ثم ابنه معاوية بن يزيد ثم مروان بن الحكم ثم عبد

الملك بن مراون ثم الوليد بن عبد الملك ثم سليمان بن عبد الملك ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك ثم يزيد بن الوليد بن عبد الملك ثم إبراهيم بن الوليد ثم مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وهو آخرهم

الطبقة الثانية خلفاء بني العباس
وقد تقدم في أول هذه المقالة أن دار مقامهم كانت بالعراق وأن اول من ولي منهم الخلافة أبو العباس السفاح فبنى المدينة الهاشمية ونزلها ثم انتقل منها إلى الأنبار فكانت دار مقامه إلى أن مات ثم كان بعده أخوه أبو جعفر المنصور فبنى بغداد وسكنها ثم سكنها بعده ابنه المهدي بن المنصور ثم ابنه الهادي ثم اخوه هارون الرشيد بن المهدي ثم ابنه الأمين ثم أخوه المأمون ثم أخوه المعتصم بن الرشيد ثم الواثق بن المعتصم ثم أخوه المتوكل ثم ابنه المنتصر ثم المستعين بن المعتصم ثم المعتز بن المتوكل ثم المهتدي بن الواثق ثم المعتمد بن المتوكل ثم المعتضد بن الموفق طلحة بن المتوكل ثم ابنه المكتفي بن المعتضد ثم أخوه المقتدر ثم المرتضي بن المعتز ثم أخوه القاهر ثم المقتدر المقدم ذكره ثم أخوه القاهر المقدم ذكره ثم ابن أخيه الراضي ثم أخوه المتقي ثم ابن عمه المستكفي ثم ابن عمه المطيع ثم ابنه الطائع ثم القادر ثم ابنه القائم ثم ابن ابنه المقتدي ثم ابنه المستظهر ثم ابنه المسترشد ثم ابنه الراشد ثم المقتفي بن المستظهر ثم ابنه المستنجد ثم ابنه المستضيء ثم ابنه الناصر ثم ابنه الظاهر ثم ابنه المستنصر ثم ابنه المستعصم وقتله هولاكو ملك

التتار الآتي ذكره في العشرين من المحرم سنة ست وخمسين وستمائة وهو آخرهم ببغداد
واعلم أن أمر الخلافة كان قد وهى وضعف وتناهت في الضعف أيام الراضي وتغلب عمال الأطراف عليها فاستولى محمد بن رائق من الفرات على البصرة والبريدي على خوزستان وعماد الدولة بن بويه على فارس ومحمد بن الياس على كرمان وركن الدولة بن بويه على الري وأصفهان وبنو حمدان على الموصل وديار بكر وديار مضر وديار ربيعة وغير أقطار هذه المملكة مع ملوك أخر ولم يبق للخليفة غير بغداد وأعمالها واستولى ابن رائق على جميع الأمور وخطب باسمه على المنابر وأقام سنة وعشرة أشهر ثم صار الأمر بعده إلى يحكم مملوك وزير ماكان بن كاكي الديلمي واستمر أيام الراضي فقتل واستقر البريدي بعده في أيام المتقي وأيام المستكفي وضربت ألقابه على الدنانير والدراهم وخطب باسمه على المنابر واستمر ذلك لذويه من بعده ثم ملك بعده بختيار ثم ابن عمه عضد الدولة بن ركن الدولة حسن بن بويه ثم ابنه صمصام الدولة بن عضد الدولة ثم أخوه شرف الدولة شيرزبك بن عضد الدولة ثم أخوه بهاء الدولة أبو نصر بن عضد الدولة ثم ابنه سلطان الدولة أبو شجاع ثم ابنه

بهاء الدولة ثم اخوه مشرف الدولة بن بهاء الدولة ثم أخوه جلال الدولة أبو الطاهر بن بهاء الدولة ثم ابن اخيه أبو كاليجار بن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ثم ابنه الملك الرحيم خسرو فيروز بن كاليجار بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه وبنو بويه هولاء ينسبون إلى يزدجرد ملك الفرس
ثم كانت دولة السلجوقية وهي من أعظم الدول الإسلامية ونسبتهم إلى سلجوق بن دقاق أحد مقدمي الأتراك وبهم زالت دولة بني بويه عن بغداد وأعمال الخلافة
وأول من ملك منهم طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة ثم ملك بعده ابن أخيه ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل ثم ابنه ملكشاه بن ألب أرسلان ثم ابنه محمود بن ملكشاه ثم أخوه بركيارق بن ملكشاه ثم أخوه محمد بن ملكشاه ثم ابنه محمود بن محمد ثم ابنه داود بن محمود ثم عمه طغرلبك بن محمد ثم أخوه مسعود بن محمد ثم ابن أخيه ملكشاه بن محمود ثم أخوه محمد بن محمود ثم قام منهم ثلاثة وهم ملكشاه بن محمود أخو محمد المذكور وسليمان شاه بن محمد بن ملكشاه وهو عم محمد المذكور وأرسلان شاه بن طغرلبك بن محمد بن ملكشاه ثم قبض على سليمان شاه ومات ملكشاه وانفرد أرسلان شاه بن طغرلبك بالسلطنة ثم ملك بعده ابنه طغرلبك بن أرسلان شاه وبقي حتى قتله علاء الدين تكش صاحب خوارزم وبعض خراسان والري وغيرها في خلافة الناصر لدين الله في سنة تسعين وخمسمائة واشتغل خوارزم شاه عن فصل العراق فبقي بيد الخلفاء من لدن الناصر لدين الله ومن بعده إلى أن انقرضوا بفعله هولاكو ملك التتر الآتي ذكره

الطبقة الثالثة ملوكها من بني جنكزخان
وأول من ملكها منهم هولاكو بن طولي بن جنكزخان المقدم ذكره قصدها بأمر أخيه منكوقان بن طولي صاحب التخت في سنة خمسين وستمائة وقتل المستعصم آخر الخلفاء ببغداد واستولى على جميع المملكة قال في مسالك الأبصار قال شيخنا العلامة شمس الدين الأصفهاني إلا أن هولاكو لم يملك ملكا مستقلا بل كان نائبا عن أخيه منكوقان ولم يضرب باسمه سكة درهم ولا دينار وإنما كانت تضرب باسم أخيه منكوقان قال وكان يكون لصاحب التخت أمير لا يزال مقيما في مملكة إيران مع هولاكو ومات في تاسع عشر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وستمائة وملك بعده ابنه أبغا قال الشيخ شمس الدين الأصفهاني ولما ملك أضاف اسمه في السكة إلى اسم صاحب التخت وكان قد وجه أخاه منكوتمر إلى الشام والتقى مع الجيوش الإسلامية على حمص وانكسر عليها ومات سنة إحدى وثمانين وستمائة وملك بعده أخوه بوكدار بن هولاكو وأسلم وحسن إسلامه وتلقب أحمد سلطان وحمل العسكر على الإسلام فقتلوه وملك بعده ابن أخيه أرغون بن أبغا بن هولاكو في جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وستمائة وتوفي في ربيع الأول سنة تسعين وستمائة وملك بعده أخوه كيختو فخرج عن الياسة وأفحش في الفسق بنساء المغل وأبنائهم فوثب عليه بنو عمه فقتلوه في ربيع الآخر سنة أربع وتسعين وستمائة وملك بعده بيدو بن طرغاي بن هولاكو وبقي حتى قتل في ذي الحجة من السنة المذكورة وملك بعده محمود غازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ودخل إلى الشام وكان بينه وبين الملك الناصر محمد بن قلاوون

وقعات بحمص وغيرها آخرها على شقحب كسر فيها كسرة فاحشة هلك فيها معظم عسكره في سنة اثنتين وسبعمائة وبقي حتى توفي في ثالث عشر شوال سنة ثلاث وسبعمائة وملك بعده أخوه خدابندا والعامة تقول خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو في الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة ثلاث وسبعمائة ثم ملك بعده أبو سعيد بن خدابندا وهو آخر من ملك من بني هولاكو وكان بينه وبين الناصر محمد بن قلاوون مكاتبات ومراسلات وتودد بعد وحشة وبموته تفرقت المملكة بأيدي أقوام وصارت شبيهة بملوك الطوائف من الفرس
قال في مسالك الأبصار بعد ذكر أبي سعيد ثم هم بعده في دهماء مظلمه وعمياء مقتمة لا يفضي ليلهم إلى صباح ولا فرقتهم إلى اجتماع ولا فسادهم إلى صلاح في كل ناحية هاتف يدعى باسمه وخائف أخذ جانبا إلى قسمه وكل طائفة تتغلب وتقيم قائما تقول هو من أبناء القان وتنسبه إلى فلان ثم يضمحل أمره عن قريب ولا تلحق دعوته حتى يدعى فلا يجيب وما ذلك من الدهر بعجيب وذكر نحوه في التعريف وزاد عليه فقال وكان العهد بهذه المملكة لرجل واحد وسلطان فرد مطاع وعلى هذا مضت الأيام إلى حين وفاة أبي سعيد فصاح في جنباتها كل ناعق وقطع رداءها كل جاذب وتفرد كل متغلب منها بجانب فهي الآن نهبى بأيديهم
فأما عراق العرب وهو بغداد وبلادها وما يليها من ديار بكر وربيعة ومضر فبيد الشيخ حسن الكبير وهو الحسن بن الحسين بن أقبغا من طائفة النورانيين كان جده نوكرا لهولاكو بن طولي بن جنكزخان والنوكر هو الرفيق
وأما بقية ديار بكر فبيد إبراهيم شاه بن بارنباي بن سوناي
وأما مملكة أذربيجان وهي قطب مملكة إيران ومقر كرسي ملوكها من بني جنكزخان فهي الآن بيد أولاد جوبان وبها القان القائم بها سليمان شاه

قال ولا أعرف صحة نسبه ولا سياقته بالدعوى
وأما خراسان فبيد القان طغيتمريار وهو صحيح النسب غير اني لم أعرف اسم آبائه
وأما بلاد الروم فقد أضيفت إلى إيران منها قطعة صالحة وبلاد نازحة ثم قال وهي الآن بيد أرتنا وقد نبه على ذلك ليعرف
قلت ثم تغيرت الأحوال عن ذلك

الجملة الثامنة في معاملاتها وأسعارها
أما معاملاتها فالمعتبر فيها معاملة ثلاث قواعد الأولى بغداد قد ذكر في مسالك الأبصار أن ببغداد دينارين أحدهما يسمى العوال عنه اثنا عشر درهما الدرهم بقيراط وحبتين وذلك أن الدينار عشرون قيراطا كل قيراط ثلاث حبات كل حبة أربعة فلوس من الدرهم النقرة عن كل فلس فلسان أحمران والثاني الدينار المرسل عنه عشرة دراهم وبه أكثر مبايعاتهم ومعاملات تجارهم وقد اختلف أصحابنا الشافعية في رطل بغداد فذهب الرافعي إلى أنه مائة وثلاثون درهما وهو الموجود فيها الآن وعليه اقتصر في مسالك الأبصار وذهب الشيخ محيي الدين النووي إلى أنه مائة وسبعة وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم والمن بها رطلان بالتوراني ومكاييلها أكبرها الكر وهو ثلاثون كارة كل كارة قفيزان فيكون الكر ستين قفيزا والقفيز مكوكان كل مكوك خمس عشر اق وتختلف الكارة في

الغلال فالقمح كارته مائتان وأربعون رطلا وكارة الأرز ثلثمائة رطل وكارة كل من الشعير والحمص والعدس والهرطمان مائة رطل وكارة الحبة السوادء وهي الشونيز مائة رطل
الثانية توريز قاعدة أذربيجان وسائر المملكة غير بغداد وخراسان فمعاملاتها بدينار يسمى عندهم بالرابح عنه ستة دراهم
الثالثة نيسابور قاعدة خراسان فدينارها أربعة دراهم وفي بعضها الدينار الرابح المقدم ذكره قال في مسالك الأبصار ولا يباع بتوريز وبلادها في الغالب قمح ولا شعير ونحوهما إلا بالميزان وليس لهم إلا المن وهو بتوريز رطلان بالبغدادي فتكون زنتة مائتين وستين درهما وبالساطانية المن ستمائة درهم
وأما أسعارها فنقل في مسالك الأبصار عن يحيى بن الحكيم الطياري في السعر ببغداد ان كر القمح بتسعة وثلاثين دينارا ونصف دينار والشعير بخمسة عشر دينارا كلاهما من العوال ثم قال ولعل هذا هو السعر المتوسط لا يكاد يميل فيه القانون عن معدله وذكر أن الأسعار بتبريز والسلطانية إذا لم ينزل عليها السلطان فأسعارها رخية لا إلى غاية وكل بلد نزل عليه السلطان غلت أسعاره ولعل هذا قد تغير كلها في زماننا كما تغير غيره من الأحوال

الجملة التاسعة في ترتيب هذه المملكة على ما كانت عليه في زمن بني هولاكو
آخر أيام أبي سعيد من الأمراء والوزراء وأرباب الوظائف
أما الأمراء فقد ذكر في مسالك الأبصار أنهم عندهم على أربع طبقات أعلاها النوين وهو أمير عشرة آلاف ويعبر عنه بأمير تومان إذ التومان عندهم عبارة عن عشرة آلاف ثم أمير ألف ثم أمير مائة ثم أمير عشرة قال في

التعريف وحكام دولة هذا السلطان أمراء الألوس وهم أربعة أكبرهم بكلاري بك وهو أمير الأمراء كما كان قطلوشاه عند غازان وجوبان عند خدابندا ثم عند أبي سعيد قال وهؤلاء الأمراء الأربعة لا يفصل جليل أمر إلا بهم فمن غاب منهم كتب في اليرالغ وهي المراسيم كما يكتب لو كان حاضرا ونائبه يقوم عنه وهم لا يمضون أمرا إلا بالوزير والوزير يمضي الأمور دونهم ويأمر نوابهم فتكتب أسماءهم والوزير هو حقيقة السلطان وهو المنفرد بالحديث في المال والولاية والعزل حتى في جلائل الأمور كما كان بكلاري بك يتحدث في أمر العسكر بمفرده فأما الاشتراك في أمور الناس فبهم أجمعين وليس للأمراء في غالب ذلك من العلم إلا ما علم نوابهم
قال في مسالك الأبصار نقلا عن نظام الدين بن الحكيم الطياري وأمر الجيوش والعساكر إلى كبير امراء الألوس المسمى بكلاري بك كما كان قطلوشاه مع السلطانين محمود غازان وأخيه محمد خدابندا وجوبان مع خدابندا ثم بعده مع ولده السلطان أبي سعيد بهادرخان والشيخ حسن بن حسين بن أقبغا مع خانه السلطان محمد بن طشتمر بن اشنتمر بن غبرجي وإليه يقطع أمر كل ذي سيف قال وأمر متحصلات البلاد ودخلها وخرجها إلى الوزير وإليه يقطع أمر كل ذي قلم ومنصب شرعي وله التصرف المطلق في الولاية والعزل والعطاء والمنع لا يشاور السلطان إلا فيما جل من المهمات وما قل من الأمور وهو السلطان حقيقة وصاحب البلاد معنى وإليه ترجع الأمور كلها وإليه عقدها وحلها أما السلاطين بها فلا التفات لهم لأمر ولا نهي ولا نظر في متحصل ولا دخل ولا خرج قال وعدة جيشهم المنزلة في دواوينهم لا تبلغ عشرين تومانا أما إذا أرادوا فإنهم يركبون بثلاثين تومانا وما يزيد عليها وعامة العسكر لا تزال أسماؤهم في دواوينهم على الإفراد وكل طائفة منهم عليهم في الديوان فارس معين إذا رسم لهم بالركوب ركب العدة المطلوبة قال وقد ذكر أنه كان في هذه المملكة عدة ملوك كصاحب هراة وحلول الجبل هم كالعبيد لقانها الأكبر منقادون إليه وداخلون تحت طاعته

وأما القضاة فعادة هذه المملكة أن يكون بها صحبة السلطان قاضي قضاة الممالك وهو الذي يولي القضاة في جميع المملكة على تنائي أقطارها إلا العراق فإن لبغداد قاضي قضاة مستقل بها يولي فيها وفي بلادها من جميع عراق العرب
وأما الكتاب وأصحاب الدواوين من ديوان الإنشاء ودواوين الأموال فعلى أتم نظام وأعدل قاعدة

الجملة العاشرة فيما لأرباب المناصب والجند من الرزق على السلطان
قد نقل في مسالك الأبصار عن نظام الدين الطياري ان المقرر للأمراء في القديم من زمن هولاكو لكل نوين أمير تومان وهو عشرة آلاف دينار رابح عنها ستون ألف درهم ثم تزايد الحال بهم حتى لا يقنع النوين فيهم إلا بخمسين ألف تومان وهي خمسمائة ألف دينار رابح عنها ثلاثة آلاف ألف درهم ومن خمسين تومانا إلى أربعين تومانا وكان قد استقر لجوبان وهو يؤميذ بكلاري بك ثم لمن بعده ثلثمائة تومان وهي ثلاثة آلاف ألف دينار رابح عنها ثمانية عشر ألف ألف درهم مع ما يحصل لكل من أمراء الألوس الأربعة من الخدم الكثيرة في البلاد جميعها عند تقريرات الضمان بها على ضمانها قال وأما أمير ألف ومن دونه فلا يتجاوز أحد منهم تقريره القديم في الديوان وهو لأمير الألف ألف دينار رابح عنها ستة آلاف درهم وأما أمير المائة وأمير العشرة وكل واحد من العسكرية إلى الجند فمائة دينار رابح عنها ستمائة درهم لا تفاوت بينهم وإنما تبقى مزية أمير المائة أو العشرة أنه ياخذ لنفسه شيئا مما هوللعسكرية ولكل طائفة أرض لنزولهم توارثها الخلف عن السلف منذ ملك هولاكو البلاد فيها منازلهم ولهم بها مزدرع لأقواتهم لكنهم لا يعيشون بالحرث والزرع

وأما الخواتين فإنه يبلغ ما للخاتون الواحدة في السنة مائتي تومان وهو ألف ألف دينار رابح عنها اثنا عشر ألف ألأف درهم وما دون ذلك إلى عشرين تومانا وهو مائتا ألف دينار عنها ألف ألف ومائتا ألف درهم
وأما الوزير فله مائة وخمسون تومانا وهو ألف ألف وخمسمائة ألف دينار رابح عنها تسعة آلاف ألف درهم ولا يقنع بعشرة أضعاف هذا في تقادير البلاد
وأما الخواجكية من أرباب الأقلام فمنهم من يبلغ في السنة ثلاثين تومانا وهي ثلثمائة ألف دينار عنها ألف ألف وثمانمائة ألف درهم ثم قال والذي للأمراء والعسكرية لا يكتب به مرسوم لأن كل طائفة ورثت مالها من ذلك عن آبائها وهم على الجهات التي قررها لهم هولاكو لم تتغير بزيادة ولا نقص إلا أكابر الأمراء الذين حصلت لهم الزيادات فإنه في ذلك الوقت كتب لهم بها بأمر القان أصدرها الوزراء عنه ومن الخواتين من أخذ بماله أو ببعضه بلادا فهي له قال وفي هذه المملكة ما لا يحصى من الإدرارات والرسومات حتى إن بعض الرواتب يبلغ ألف دينار
وأما الإدرارات من المبلغ أو القرى فإنها تبقى لصاحبها كالملك يتصرف فيه كيف شاء من بيع وهبة ووقف لمن أراد

الجملة الحادية عشرة في ترتيب أمور السلطان بهذه المملكة على ما كان
الأمر عليه
حكى في مسالك الأبصار عن نظام الدين بن الحكيم الطياري أن أهل هذه المملكة من التتر كانوا قد داخلوا العجم وزوجوهم وتزوجوا منهم وخلطوهم بالنفوس في الأمور فتفخمت قواعدهم وجرت على عوائد الخلفاء والملوك في غالب الأمور قوانينهم
ثم للسلطان بهذه المملكة مشتى ومصيف فأما مشتاه فبأوجان بظاهر تبريز وهو مكان متسع ذو مروج ومياه على ما تقدم ذكره وبه قصور لأكابر الأمراء والخواتين أما عامة الأمراء والخواتين فإنهم يتخذون زروبا من القصب كالحظائر يتزربون بها وينصبون معها الخركاوات والخيام فتصير مدينة متسعة الجوانب فسيحة الأرجاء حتى إذا خرجوا لمصيفهم راحلين عنها أحرقوا تلك الحظائر لكثرة ما يتولد فيما بقي منها من الأفاعي والحيات ولا يبالون بما يغرم عليها من كثير الأموال
وأما مصيفه فمكان يعرف بقراباغ ومعناه البستان الأسود وفيه قرى ممتدة وهو صحيح الهواء طيب الماء كثير المرعى وإذا نزل به الأردو وهو وطاق السلطان وأخذت الأمراء والخواتين منازلهم نصب هناك مساجد جامعة وأسواق منوعة يوجد بها من كل ما في أمهات المدن الكبار حتى يكون

بها أسواق لا ينكر أحد على أحد بل كل أحد وما استحسن إلا أن الأسعار تغلو حتى يصير الشيء بقيمة مثليه أو أكثر لكلفة الحمل ومشقة السفر وذكر أنه كان من عادة سلطانهم أنه لا يعمل موكبا ولا يجلس لخدمة ولا لقراءة قصص حكمية وإبلاغ مظالم إليه بل له من أبناء الأمراء خاصة له يقال لهم الإينافية يكونون حوله لا يكاد منهم من يفارقه
فأما الأمراء فإنهم يركبون في غالب الأيام على نحو عشرين غلوة سهم منها إلى باب الكرباس وتنصب لهم هناك كراسي صندلية يجلس كل أمير منهم على كرسي منها بحسب مراتبهم الأعلى ثم الأدنى ويدخل الوزير في بكرة كل يوم على القان ويبقى الأمراء على باب الكرباس فإما أن يخرج لهم القان وإما أن يأذن لهم في الدخول أو لا هذا ولا هذا فإذا حضر طعام القان بعث إلى كل أمير منهم شيئا للأكل بمفرده يأكله هو ومن انضم معه فيأكلون ثم يتفرقون ويذهبون إلى حالهم ومن تأخر منهم عن الحضور لم يطلب بحضور إلا أن تدعو الحاجة
أما الظلامات فإن كانت متعقلة بالعسكرية فإلى أمير الوزير الألوس وإن كانت متعلقة بالبلاد والأموال أو الرعايا فإلى الوزير بل أكثر الظلامات لا يفصلها إلا الوزير لملازمته باب القان بخلاف أمير الألوس لقلة ملازمته ثم قال وليس في هذه البلاد قاعدة محفوظة بل كل من انضوى إلى خاتون من الخواتين أو أمير من الأمراء أو كبير من الخواجيكية قام بأمره إما في قضاء حاجة يطلبها أو إزالة ظلامة يشكوها حتى إن من الخواتين والأمراء من يقتل ويوسط بيده بغير أمر القان ولا أمير الألوس

الجملة الثانية عشرة فيما يتعلق بترتيب ديوان الإنشاء بهذه المملكة
أما اليرالغ وهي المراسيم فالمتعلق بالأموال تسمى الطن طمغا ويكون صدورها عن رأي الوزير وكذلك المتعلق بالبريد والمتعلق بالعسكرية صادر عن أمير الألوس وليس لأحد على الجميع خط إلا الوزير وإنما العادة أن يأمر الوزير بكتابة ما يرى ثم تؤخذ خطوط المتحدثين فيما يكتب ثم تحرر مسودة وتعرض على الوزير فيأمر بتبييضها فإذا بيضت كتب عليها اسم السطان ثم تحته اسم الأمراء الأربعة ويخلى تحته مكان لخط الوزير ثم يكمل اليرلغ ويختمه بالتاريخ شخص معد لذلك غير من يكتب ثم يكتب الوزير في المكان الخالي فلان شوري أي هذا كلام فلان يسمي نفسه
ثم إن كان متعلقا بالمال أثبت بالديوان المتعلق به وإلا فلا فأما المتعلق بالعسكر فمنشأ الأمر فيه عن أمير الألوس يأمرهم على بقية الترتيب ولا خط لأمير الألوس بيده وعادة أصحاب الدواوين عندهم كما هو بمصر والشام لا يعلم صاحب علامةحتى يرى خط نائبه عليه أولا ليعلم أنه قد ثبت عنده
قلت وقد اختلفت الأحوال بعد ذلك وتغيرت عما كانت عليه في جل الأمور
المملكة الثانية مما بيد بني جنكزخان مملكة توران
قال في المشترك بضم المثناة من فوق وسكون الواو ثم راء مهملة

وألف ونون قال في التعريف وهي من نهر بلخ إلى مطلع الشمس على سمت الوسط فما أخذ عنها جنوبا كانب بلاد السند ثم الهند وما أخذ عنها شمالا كان بلاد الخفجاخ وهي طائفة القبجاق وبلاد الصقلب والجهاركس والروس والماجار وما جاورهم من طوائف الأمم المختلفة سكان الشمال قال ويدخل في توران ممالك كثيرة وبلاد واسعة وأعمال شاسعة وأمم مختلفة لا تكاد تحصى تشتمل على بلاد غزنة والباميان والغور وما وراء النهر الذي هو نهر جيحون نحو بخارا وسمرقند والصغد وخجند وغير ذلك وبلاد تركستان وأشروسنة وفرغانة وبلاد ساغون وأطرار وصريوم وبلاد الخطا نحو بشمالق والمالق إلى قراقوم وهي قرية جنكزخان التي أخرجته وعريسته التي أدرجته إلى ما وراء ذلك من بلاد الصين وصين الصين ثم قال وكل هذه ممالك جليلة وأعمال حفيلة أما في المشترك فإنه قد جعل توران اسما لمجموع ما وراء النهر من مملكة الهياطلة وهي جزء مما تقدم ذكره
وقد قسم في التعريف مملكة توران إلى ثلاثة أقسام القسم الأول منها غزنة وبخارا وسمرقند وعامة ما وراء النهر وتركستان
قال في مسالك الأبصار وما بعده وما معه قال وهي من أجل الممالك وأشهرها ثم قال وهي ممالك طائرة السمعة طائلة البقعة أسرة ملوك وأفق علماء ودارة أكابر ومعقد ألوية وبنود ومجرى سوابق وجنود كانت بها سلطنة الخانية وآل سامان وبني سبكتكين والغورية ومن أفقها بزغت شمس آل سلجوق وامتدت في الإشراق والشروق وغير هذه الدول مما طم سهول هذه

الممالك على قربها كانت قبل انتقالها إلى الإسلام في ملوك الترك لا ترامي ولا ترام ولا يشق لها سهام حتى إذا خيم بها الإسلام وحاز ملكها هذه الأمة برقت بالإيمان أسرتها وتطرزت بالجوامع والمساجد قراها ثم بنيت بها المدارس والخوانق والربط والزوايا وأجريت الأوقاف عليها وكثر من العلماء أهلها وسارت لها التصانيف المشهورة في الفقه والحديث والأصول والخلاف وكان فيهم الرؤساء والأعلام والكبراء أهل البحث والنظر ثم قال هي في أواسط المعمور وأوسع الأرض إذا قيل أنها أخصب بلاد الله تعالى وأكثرها ماء ومرعى لم يغير القائل الحق في أوصافها ذات الأنهار السارحة والمروج الممتدة كأنما نشرت الحلل على آفاقها ونثرت الحلى على حصبائها
ويرجع المقصود منها إلى سبع جمل

الجملة الأولى في ذكر حدودها وطولها وعرضها وموقعها من الأقاليم السبعة
أما حدودها وطولها وعرضها فقال في مسالك الأبصار وهي واقعة بشرق محض آخذة إلى الجنوب يحدها السند من جنوبيها والصين من شرقيها وخوارزم وإيران من جنوبيها وطولها من ماء السند إلى ماء ايلا المسمى قراخوجا وهي تلي بر الخطا وعرضها من ونج وهو منبع نهر جيحون إلى حدود كركانج قاعدة خوارزم وحدها من الجنوب جبال البتم وماء السند الفاصل بينها وبين السند ومن الشرق أوائل بلاد الخطا ومن الشمال مراعي باران وكجند وبعض خراسان إلى بحيرة خوارزم ومن الغرب بعض خراسان إلى خوارزم إلى مجرى النهر آخذا على الختل ثم حكى عن نظام الدين بن الحكيم الطياري أن بلاد هذه المملكة متصلة بخراسان متداخلة بعضها ببعض لا يفصل بينهما بحر ولا نهر ولا جبل ولا مفازة بل بينها وبين خراسان أنهار جارية ومزارع متصلة

الجملة الثانية فيما يدخل في هذه المملكة من الأقاليم العرفية وهي سبعة
أقاليم الإقليم الأول منها ما وراء النهر
قال في تقويم البلدان والذي ظهر لنا في تحديد ما وراء النهر أنه يحيط به من جهة الغرب حدود خوارزم ومن الجنوب نهر جيحون من لدن بذخشان إلى أن يتصل بحدود خوارزم فإن جيحون في الجملة يجري من الشرق إلى الغرب وإن كان يعرض فيه عطفات تجري جنوبا مرة وشمالا أخرى ثم قال أما حدوده من الشرق والشمال فلم تتضح لي قال صاحب كتاب أشكال الأرض وما وراء النهر من أخصب الأقاليم منزلة وأنزهها وأكثرها خيرا وأهلها يرجعون إلى رغبة في الخير واستجابة لمن دعاهم مع قلة غائلة وسلامة ناحية وسماحة بما ملكت أيديهم مع شدة شوكة ومنعة وبأس ونجدة وعدة وعدة وآلة وكراع وبسالة وعلم وصلاح وليس من إقليم إلا ويقحط أهله مرارا قبل أن يقحط ما وراء النهر مرة واحدة ثم إن احسوا ببرد أو بجراد أو بآفة تأتي على زروعهم وغلاتهم ففي فضل ما يسلم في عروض بلادهم ما يقوم بأودهم حتى يستغنوا به عن شيء ينقل إليهم من غير بلدهم قال وليس بما وراء النهر مكان يخلو من مدن أو قرى أو مراع لسوائمهم وليس من شيء لا بد للناس منه إلا وعندهم منه ما يقيم أودهم ويفضل عنهم لغيرهم ومياههم أعذب المياه وأبردها وأخفها وقد عمت جبالها وضواحيها ومدنها إلى التمكن من الجد في جميع أقطارها والثلوج من جميع نواحيها والغالب على أهل المال والثروة بها صرف المال في عمل المدارس وبناء الربط وعمارة الطرق والأوقاف على سبل الجهاد ووجوه الخير وعقد القناطر إلا القليل من ذوي البطالة

وفيها من الدواب الخيل والبغال والحمير والإبل البخت والبقر والغنم أكثرهم فإنها كما يقال أعوزها للزرائب وفيها من المباح ما فيه كفايتهم ولهم من نتاج الغنم الكثير والسائمة المفرطة وذكر أنه يوجد عند آحاد العامة من عشرين دابة إلى خمسين دابة لا كلفة علية في اقتنائها لكثرة الماء والمرعى
وفيها من الحبوب القمح والشعير والحمص والأرز والدخن وسائر الحبوب خلا الباقلا وبها من الفواكه المنوعة الأجناس العنب والتين والرمان والتفاح والكمثرى والسفرجل والخوخ والمشمش والتوت والبطيخ الأصفر والبطيخ الأخضر والخيار والقثاء
وفيها من البقول اللفت والجزر والكرنب والباذنجان والقرع وسائر أنواع البقول
وفيها من الرياحين الورد والبنفسج والآس واللينوفر والحبق ولا يوجد بها الأترج والنارنج والليمون والليم ولا الموز ولا قصب السكر ولا القلقاس ولا الملوخيا فإنها من ذلك عارية الحدائق خالية المروج إلا ما أتي به إليها من المحمضات مجلوبا
وفيها أصناف الملبوس من القز والصوف وطرائف البز
وفيها من المعادن معدن زئبق لا يعادله معدن في الغزارة . وقد اشتمل ما وراء النهر على عدة كور : منها السغد قال في اللباب بضم السين المهملة وسكون الغين المعجمة ودال مهملة في الآخر ويقال الصغد بالصاد بدل السين ويضاف إلى سمرقند فيقال سغد سمرقند وهو أحد منتزهات الدنيا الأربعة التي هي غوطة

دمشق ونهر الأبلة وشعب بوان وسغد سمرقند قال ابن حوقل وهو أنزه الأربعة لأنه ممتد نحو ثمانية أيام مشتبك الخضرة والبساتين لا ينقطع ذلك في موضع منه وقد حفت تلك البساتين بالأنهار الدائم جريها ومن وراء الخضرة من الجانبين مزارع ومن وراء المزارع مراعي السوائم ثم قال وهي أزكى بلاد الله وأحسنها أشجارا
ومنها اسروشنة قال في اللباب بضم الألف وسكون السين وضم الراء المهملتين وسكون الواو وفتح الشين المعجمة ثم نون قال ابن حوقل والغالب عليها الجبال ويحيط بها من الشرق بعض فرغانة ومن الغرب حدود سمرقند ومن الشمال بعض فرغانة أيضا ومن الجنوب بعض حدود كش والصغانيان قال أحمد الكاتب ولها عدة مدن ويقال إن بها أربعمائة حصن
ومنها فرغانة قال في المشترك بفتح الفاء وسكون الراء المهملة وفتح الغين المعجمة وألف ونون قال ابن حوقل وفيها مدن وكور وإليها ينسب جماعة من العلماء منهم أبو سعيد الفرغاني شارح تائية ابن الفارض قال ابن حوقل وبحبال فرغانة معادن الذهب والفضة والفيروزج والحديد
وقاعدتها بخارا قال في اللباب بضم الباء الموحدة وفتح الخاء المعجمة ثم ألف وراء مهملة مفتوحة وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول سبع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة والعرض تسع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة خارجها

نزه كثير البساتين قال وليس بتلك البلدان بلد أهلها أحسن قياما على عمارة قراهم منهم ويحيط بها وبقراها ومزارعها سور واحد اثنا عشر فرسخا ولها كورة عظيمة تصاقب جيحون على معبر خراسان وبها يتصل سغد سمرقند قال في مسالك الأبصار وهي أم الأقاليم ويم التقاسيم وقد كانت مستقرا للدولة السامانية ومركز أفلاكهم الدائرة وكانت تلك الممالك كلها تبعا لها قال صاحب أشكال الأرض ثم لم أر ولم أسمع بظاهر بلد أحسن من بخارا لأنك إذا علوت لم يقع نظرك من جميع النواحي إلا على خضرة تتصل خضرتها بلون السماء مكبة زرقاء على بساط أخضر تلوح القصور فيما بين ذلك كالتراس التبنية أو الجحف اللمطية أو الكواكب العلوية بين أراض وضياع مقسومة بالاستواء ممهدة كوجه المرآة في غاية الهندسة ولها سبعة أبواب حديد وهي باب المدينة وباب يون وباب خضرة وباب الحديد وباب قهندر وباب بني أسد وباب بني سعد وليس فيها ماء جار لارتفاعها ومياههم من النهر الأعظم الجاري من سمرقند وإليها ينسب الإمام الحافظ أبو عبد الله البخاري صاحب الجامع الصحيح في الحديث
ولها عدة مدن منها الطواويس قال في اللباب بفتح الطاء المهملة والواو وبعد الألف واو ثانية مكسورة ومثناة تحت ساكنة وسين مهملة في الآخر وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول سبع وثمانون درجة وأربعون دقيقة والعرض سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة من مضافات بخارا داخل الحائط الدائر على أعمال بخارا كثيرة البساتين والماء الجاري قال وقد خربت الآن وقال في اللباب هي

قرية من قرى بخارا خرج منها جماعة من العلماء وبينها بين بخارا سبعة فراسخ وإليها ينسب الطاووسي صاحب المصباح على الحاوي الصغير في فقه الشافعية ردا لها في النسب إلى المفرد وهو الطاوس
ومنها نخشب قال في اللباب بفتح النون وسكون الخاء وفتح الشين المعجمتين ثم باء موحدة قال في تقويم البلدان فلما عربت قيل نسف يعني بفتح النون والسين المهملة وفاء في الآخر قال ابن حوقل وهي في مستو من الأرض والجبال منها على نحو مرحلتين مما يلي كش وبينها وبين جيحون مفازة ولها نهر يجري في المدينة وينقطع في بعض السنة والغالب عليها الخصب قال المهبلي وهي وبية
ومنها كش قال في المشترك بفتح الكاف ثم شين معجمة مشددة وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول تسع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة والعرض تسع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل وهي مدينة قدرها ثلث فرسخ في مثله وهي خصبة وفواكهها تدرك قبل فواكه غيرها من بلاد ما وراء النهر وطول عملها أربعة أيام في نحوها قال المهبلي ولها رستاق جليل ولها نهران وإليها ينسب جماعة من العلماء
ومنها سمرقند قال في تقويم البلدان بفتح السين المهملة والميم وسكون الراء المهملة وفتح القاف وسكون النون ثم دال مهملة وموقعها في الإقليم الخامس قال في القانون حيث الطول ثمان وثمانون درجة وعشرون دقيقة والعرض أربعون درجة قال ابن حوقل وهي قصبة السغد وهي مبنية على ضفة واديه وهي مرتفعة عن الوادي وحول سورها رسم خندق

عظيم ولها نهر يدخل إليها على حمالات في الخندق معمول بالرصاص وهو نهر جاهلي يشق السوق بموضع يعرف برأس الطاق قال ابن حوقل ورأيت على باب من أبوابها يسمى باب كش صفحة من حديد وعليها كتيبة يزعم أهلها أنها بالحميرية وأن الباب من بناء تبع ملك اليمن وأن من صنعاء إلى سمرقند ألف فرسخ وأن ذلك مكتوب من أيام تبع قال ثم وقعت فتنة بها في أيام مقامي بها وأحرق الباب وذهبت الكتابة ثم أعاد عمارة الباب محمد بن لقمان بن نصر الساماني ولم يعد الكتابة قلت والمراد تبع المسمى بأسعد أبا كرب وقد أشرت إلى قضية تبع في بناء سمرقند في الكتاب الذي أنشأته لأن يكتب عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية إلى تمرلنك عند إرساله بالمفاوضة في الصلح بعد واقعة دمشق والقبض على ابن عثمان صاحب برسا من بلاد الروم بقولي بعد الدعاء ولا زال بالنصر تقضي قواضبه وبالظفر وحسن الأثر تمضي مقانبه وتشاع مناقبه وبلسان دولته القاهرة يصاح بتبع سمرقند لن تبلغ هذه الرتبة حتى نظم الجزع ثاقبه على ما سيأتي ذكره في الكلام على مكاتبة القان صاحب ما وراء النهر في الكلام على المكاتبات في المقالة الرابعة إن شاء الله تعالى
قال في مسالك الأبصار وسمرقند مدينة مرتفعة يشرف الناظر بها على شجر أخضر وقصور تزهر وأنهار تطرد وعمارة تتقد لا يقع الطرف بها على مكان إلا ملأه ولا بستان إلا استحسنه قال صاحب أشكال الأرض وقد نصصت أسحار السير وتشبهت بطوائف الحيوان من الفيلة والإبل والبقر والوحوش المقبل بعضها على بعض قال وبها حصن ولها أربعة أبواب باب مما يلي المشرق يعرف بباب الصين مرتفع عن وجه الأرض ينزل إليه بدرج كثيرة مطل على وادي السغد وباب مما يلي المغرب يعرف بباب النوبهار على نشز من الأرض وباب مما يلي الشمال يعرف بباب بخارا وباب مما يلي

الجنوب يعرف بباب كش قال فيها ما في المدن العظام من الأسواق الحسان والحمامات والخانات والمساكن وبناؤها من طين وخشب والبلد كله طرقه وسككه وأسواقه وأزقته مفروشة بالحجارة
ومنها بنكث قال في اللباب بكسر الباء الموحدة وسكون النون وفتح الكاف وفي آخرها ثاء مثلثة وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول تسعون درجة والعرض إحدى وأربعون درجة وعشرون دقيقة ولها سور وربض وبساتين كثيرة
ومنها نوبكت بنون وواو وباء موحدة ثم كاف ومثناة من فوق قال ابن حوقل وهي قصبة ناحية إيلاق وعليها سور ولها عدة أبواب وفيها مياه وبساتين كثيرة
ومنها خجندة قال في اللباب بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون ثم دال مهملة وهي مدينة على طرف سيحون مضمومة إلى فرغانة واقعة في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول تسعون درجة والعرض أربعون درجة وخمسون دقيقة قال في اللباب وهي مدينة كبيرة وهي في مستو من الأرض ولها بساتين كثيرة قال أحمد الكاتب ومنها إلى سمرقند سبع مراحل ومنها إلى الشاش كذلك
ومنها تنكت قال في اللباب بضم المثناة من فوق وسكون النون وفتح الكاف وفي آخرها تاء ثانية وهي مدينة من مدن الساحل وقيل هي قصبة إيلاق وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول إحدى وتسعون درجة والعرض ثلاث وأربعون درجة قال في

حذف

اللباب ولها نهر ودار إمارة وخرج منها جماعة من العلماء
ومنها اخسيكث قال في اللباب بفتح الألف وسكون الخاء المعجمة وكسر السين المهملة وسكون المثناة من تحتها وفتح الكاف وفي آخرها ثاء مثلثة وهي مدينة من بلاد فرغانة واقعة في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول إحدى وتسعون درجة وعشرون دقيقة والعرض اثنتان وأربعون درجة وخمس وعشرون دقيقة قال ابن حوقل وهي على شط نهر الشاش في أرض مستوية بينها وبين الجبال نحو فرسخ
ومنها ترمذ قال في اللباب قيل بفتح التاء ثالثة الحروف وقيل بضمها وقيل بكسرها قال والمتداول على لسان أهلها فتح التاء وكسر الميم والمشهور في القديم كسر التاء والميم جميعا وقيل بضم التاء والميم وبينهما راء ساكنة وفي آخرها ذال معجمة وهي مدينة على شط جيحون واقعة في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول إحدى وتسعون درجة وخمس وخمسون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل ومعظم مساكنها وأسواقها مفروشة بالآجر وهي قصبة تلك النواحي وأقرب الجبال إليها على مرحلة وليس لقراها شرب من جيحون بل من نهر الصغانيان قال ولها مدن كثيرة وكور مضافة إليها قال في اللباب وهي مدينة قديمة
ومنها الصغانيان قال في اللباب بفتح الصاد المهملة والغين المعجمة وألف ونون ومثناة تحتية ونون في الآخر جميع ذلك بالتخفيف قال ويقال لها بالعجمية جغانيان وهي مدينة موقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول تسعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ثلاث وأربعون درجة وثلاث عشرة دقيقة قال ابن حوقل وهي أكبر من ترمذ إلا

أن ترمذ أكثر أهلا ثم قال وهي كورة كبيرة كثيرة الماء والشجر والنسبة إليها صغاني وصاغاني

الإقليم الثاني تركستان
بضم التاء المثناة من فوق وسكون الراء المهملة وضم الكاف وسكون السين المهملة وألف بعدها نون ومعناه ناحية الترك قال في مسالك الأبصار وهي مملكة لو انفردت لكانت ملكا كبيرا وسلطنة جليلة زهرة الدنيا وطراز الأرض بلاد الترك وحقيقة من كناسها رتعت غزلانها ومن غابها أصحرت ليوثهم وهي إقليم فسيح المدى قديم الذكر منشأ حماه ومنسب كماه قال وهو المراد بقولهم بلاد الأتراك ولم تزل الملوك تلحظها لاتقاء بوادرها والقتاء ذواخرها فأشد ما نكرت الأيام معالمها وغيرت الغير أحوالها قال ولقد صادفت حدة التتار في أول التيار فجاءت قدامهم في سورة غضبهم ونفحة نارهم فأمالت السيوف حصائد أحبالهم ولم يبق إلا من قل عديده ثم قال حكى لي من جال في رساتيقها وجاز في قراها أنه لم يبق من معالمها إلا رسوم داثرة وأطلال ناتئة يرى على البعد القرية مشيدة البناء مخضرة الأكناف فيأنس لعله يجد بها أنيسا ساكنا فإذا جاءها وجدها عالية البنيان خالية من الأهل والسكان إلا أهل العمل وأصحاب السائمة ليست بذات حرث ولا زرع وإنما خضرتها مروج أطلعها باريها بها من النباتات البرية لا بذرها باذر ولا زرعها زارع ويوجد بها خلف من بقايا العلماء ويجزى التيمم فيها بالتراب بعد الماء
ومن نواحيها فاراب قال في المشترك بفتح الفاء والراء المهملة بين ألفين وفي آخرها باء موحدة وقال في مسالك الأبصار الصواب إبدال الفاء باء موحدة لأنه ليس في اللغة التركية فاء قال ابن حوقل وهي ناحية لها

غياض ولهم مزارع ومقدارها في الطول والعرض أقل من يوم قال في تقويم البلدان وتسمى أطرار
وقاعدتها قاشغر قال في اللباب بفتح القاف وسكون الألف ثم سكون الشين المعجمة أيضا وفتح الغين المعجمة وفي آخرها راء مهملة قال في تقويم البلدان ويقال لها كاشغر بإبدال القاف كافا وموقعها في الإقليم السادس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول ست وتسعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وأربعون درجة قال المهلبي وهي مدينة عظيمة آهله عليها سور وأهلها مسلمون قال في القانون وتسمى أزدوكند
قال في مساك الأبصار أما الآن فقاعدتها قرشي بقاف وراء مهملة وشين معجمة ثم ياء مثناة من تحت في الآخر قال في مسالك الأبصار وهي على نهر قراخوجا في نهاية الحد قال وهي إن لم تكن شيئا مذكورا ولا لها على اختلاف حالات الزمان شهرة تذكر لكن قد شملها في دولة ملوكها الآن من نظر السعادة لنسبتها إلى أنها سكن لهم وإن كانوا ليسوا بسكان جدار ولا متديرين في ديار ولكن لاسم وسميت به وبها عدة مدن أيضا منها كدر قال في الأطوال وهي قصبة فاراب قال في مسالك الأبصار وإليها ينسب فيلسوف الإسلام أبو نصر الفارابي
ومنها ختن قال في اللباب بضم الخاء المعجمة وفتح المثناة من فوق ونون في الآخر وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول ست وثمانون درجة والعرض ثنتان وأربعون درجة قال في تقويم البلدان وهي أقصى تركستان قال في العزيزي وهي مدينة خصبة آهله عامرة بها أنهار كثيرة
ومنها جند قال في اللباب بفتح الجيم وسكون النون وفي آخرها

دال مهملة وهي بلدة واقعة في الإقليم السادس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول سبع وثمانون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض سبع وأربعون درجة قال في اللباب وهي في حدود الترك على طرف سيحون خرج منها جماعة من الفضلاء
ومنها إسفيجاب قال في اللباب بكسر الألف وسكون السين المهملة وكسر الفاء وسكون المثناة من تحت وفتح الجيم وفي آخرها باء موحدة بعد الألف ووقع في مسالك الأبصار إبدال الفاء باء موحدة وموقعها في الإقليم السادس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول تسع وثمانون درجة وخمسون دقيقة والعرض ثلاث وأربعون درجة قال في اللباب وهي بلدة كبيرة قال في تقويم البلدان وهي من ثغور الترك
ومنها طراز قال في اللباب بفتح الطاء والراء المهملتين وألف وزاي معجمة وهي مدينة على حد بلاد الترك واقعة في الإقليم السادس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول تسع وثمانون درجة وخمسون دقيقة والعرض ثلاث وأربعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة قال ابن حوقل وحولها حصون منسوبة إليها
ومنها نيلي قال في مسالك الأبصار وهي أربعة مدن بين كل مدينة والأخرى فرسخ واحد ولكل واحدة منها اسم يخصها فالأولى نيلي والثانية نيلي مالق والثالثة كجك والرابعة تلان قال وبينها وبين سمرقند عشرون يوما

ومنها ألمالق بفتح الهمزة وسكون اللام وفتح الميم وألف بعدها ثم لام مكسورة وقاف في الآخر قال في مسالك الأبصار وبينها وبين نيلي عشرون يوما ونقل عن الشيخ محمد الخجندي الصوفي وغيره ان بها من الخيل والأغنام ما لولاموتان يقع فيها في بعض السنوات لما بيعت ولا جد من يشتريها لكثرتها وبركات نتاجها

الإقليم الثالث طخارستان
قال في اللباب بضم الطاء المهملة وفتح الخاء المعجمة وألف وضم الراء وسكون السين المهملتين وفتح المثناة من فوق وألف ونون قال وهي ناحية مشتملة على بلدان في أعلى نهر جيحون وقال ابن حوقل وهو إقليم له مدن كثيرة من مضافات بلخ وقاعدتها فيما ذكره في القانون ولوالج قال في تقويم البلدان بواوين بينهما لام ساكنة ثم ألف ولام وجيم وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وعشرون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وخمس وخمسون دقيقة قال في القانون وهي مقر مملكة الهياطلة في القديم قال المهلبي وهي في مستو من الأرض
ولها مدن منها إسكلكند قال في اللباب بكسر الألف وسكون السين المهملة وفتح الكافين بينهما لام ساكنة ثم نون كذلك ودال مهملة في الآخر قال وقد تحذف الألف من أولها وهي مدينة صغيرة موقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وخمسون

دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وخمسون دقيقة قال في اللباب وهي مدنية صغيرة كثيرة الخير
ومنها راون قال في اللباب بفتح الراء المهملة والواو ونون في الآخر وموقعها في الإقليم الرابع من الأقليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وأربعون دقيقة والعرض سبع وثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة قال في اللباب وهي مدينة من طخارستان ولم يزد

الإقليم الرابع بذخشان
قال في اللباب بفتح الباء الموحدة والذال وسكون الخاء وفتح الشين المعجمات ونون في الآخر قال ابن حوقل وهو اسم للمدينة والإقليم معا قال في اللباب وهي في أعلى طخارستان متاخمة لبلاد الترك وقال في مسالك الأبصار هي مع مملكة ما وراء النهر وليست حقيقة منها ولا من تركستان بل هو إقليم قائم بذاته معدود المجاورة مع أخواته وقد حوى كل بديع من حيوانه ومعدنه ونباته
ثم حكى عن محمد الخجندي الصوفي وغيره أن بها معدن البلخش ومعدن اللازورد وهما في جبل بها يحفر عليهما في معادنهما فيوجد اللازورد بسهولة ولا يوجد البلخش إلا بتعب كثير وإنفاق زائد وقد لا يوجد بعد التعب الشديد والإنفاق الكثير ولذلك عز وجوده وعلت قيمته وكثر طالبه والتفت الأعناق إلى التحلي به وقد تقدم ذكره في المقالة الأولى في الكلام على ما يحتاج الكاتب إلى معرفته ليصفه عند ذكر الأحجار النفيسة وقد تقدم هناك أن أنفس قطعة وصلت إلى بلاد الشام منه قطعة زنتها خمسون درهما وقد ذكر في اللباب أن

بها معدن البلور أيضا وقد تقدم ذكره هناك في الكلام على الأحجار النفيسة

الجملة الثالثة في الطرق الموصلة إليها وبعض المسافات الواقعة بين بلادها
قد تقدم في الكلام على مملكة إيران الطريق إلى آمل الشط بشط جيحون قال ابن خرداذبه ومن آمل إلى بخارا تسعة عشر فرسخا ومن بخارا إلى سمرقند سبعة وثلاثون فرسخا ومن سمرقند إلى الشاش اثنان وأربعون فرسخا ثم إلى باب الحديد ميلان ثم إلى كار فرسخان ثم إلى إسفيجاب عشرة فراسخ ومن إسفيجاب إلى أطرار وهي فاراب ستة وعشرون فرسخا قال في تقويم البلدان ومن سمرقند إلى خجندة سبع مراحل ومن خجندة إلى الشاش أربع مراحل
الجملة الرابعة في عظام الأنهار الواقعة في هذا القسم من مملكة توران وهي
نهران
الأول نهر جيحون بفتح الجيم وسكون الياء المثناة تحت وضم الحاء المهملة وسكون الواو ثم نون ويسمى نهر بلخ أيضا إضافة إلى مدينة بلخ من بلاد فارس المقدم ذكرها قال في تقويم البلدان وقد اختلف النقل فيه وأقربه ما نقله ابن حوقل أن عمود نهر جيحون يخرج من حدود بذخشان ثم تجتمع إليه أنهار كثيرة ويسير غربا وشمالا حتى يصل إلى حدود بلخ ثم يسير إلى ترمذ ثم غربا وجنوبا إلى زم واسمها أمويه ويجري كذلك غربا وشمالا إلى خوارزم قال في رسم المعمور ويخرج جنوبا ويمر قرب خجندة ويتجاوزها ويصب في البحر الأخضر

الثاني نهر سيحون قال في تقويم البلدان وقد اختلف النقل فيه أيضا قال والمختار ما ذكره ابن حوقل لأنه يحكي ذلك عن مشاهدة فقال إن نهر الشاش بقدر الثلثين من نهر جيحون وهو يجري من حدود بلاد الترك ويمر على أخسيكث ثم يسير مغربا بميلة إلى الجنوب إلى خجندة ثم يجري إلى فاراب إلى ينغي كنت ثم يقع في بحيرة خوارزم على مرحلتين من ينغي كنت

الجملة الخامسة في معاملاتها وأسعارها
أما معاملاتها فبالدينار الرابح وهو ستة دراهم كما في معظم مملكة إيران وفي بعض بالدينار الخراساني وهو أربعة دراهم قال في مسالك الأبصار ودراهمهم نوعان درهم بثمانية فلوس ودرهم بأربعة فلوس قال ودراهمها فضة خالصة غير مغشوشة وهي وإن قل وزنها عن معاملة مصر والشام فإنها تجوز مثل جوازها
وأما أسعارها فأسعارها جميعها رخية حتى إذا غلت الأسعار فيها أعلى الغلو كانت مثل أرخص الأسعار بمصر والشام
الجملة السادسة في من ملك هذا القسم من مملكة توران
قد تقدم في الكلام على أصل مملكة توران أنها كانت مملكة الترك في القديم وأنه كان بها افراسياب بن شبك بن رستم بن ترك بن كوبر بن يافث بن

نوح عليه السلام على الخلاف السابق فيه وكانت تعرف بمملكة الخانية
أما في الإسلام فملوكها على طبقتين

الطبقة الأولى ما هو عقيب الفتح وهم على ضربين الضرب الأول ملوك ما وراء
النهر
وكانت بيد نواب الخلفاء برهة من الزمان في صدر الإسلام ثم تغلب عليها الملوك بعد ذلك وحازوها وتوالت عليها أيديهم إلى الآن وأول من تغلب عليها من الملوك السامانية وهم بنو سامان بن جثمان بن طمغان بن بوشرد بن بهرام جوبين المذكور في أخبار كسرى أبرويز أحد ملوك الفرس
وأول من ملكها منهم أولاد أسد بن سامان في خلافة المأمون في سنة أربع ومائتين فتولى أحمد بن أسد فرغانة ويحيى بن أسد الشاش وأسروشنة ونوح بن أسد سمرقند ثم مات نوح بن أسد بسمرقند ثم مات أحمد بفرغانة واستخلف ابنه نصرا على أعماله وكان إسماعيل بن أحمد يخدم أخاه نصرا فولاه نصر بخارا في السنة المذكورة وكان إسماعيل رجلا خيرا يحب أهل العلم ويكرمهم فاستقرت قدمه ببخارا وملك جميع ما وراء النهر وملك إسماعيل المذكور خراسان مع ما وراء النهر في سنة سبع وثمانين ومائتين
ثم ملك بعده ما وراءالنهر وخراسان ابنه أحمد بن إسماعيل حتى قتل في سنة إحدى وثلثمائة وولي بعده ما وراء النهر وخراسان ابنه أبو الحسن نصر ابن أحمد وتوفي سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة

وولي بعده ما رواء النهر وخراسان ابنه نوح بن نصر وتوفي في سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة
وولي بعده ما وراء النهر وخراسان ابنه عبد الملك بن نوح وبقي حتى قبض عليه إيليك خان ملك الترك وحبس هو وجميع أقاربه ومات في الحبس في سنة تسع وثمانين وثلثمائة وانقرضت بموته دولة بني سامان وكانت دولتهم من أحسن الدول وأعدلها وكانت ولايتهم إمارة لا ملكا
وملك بعدهم ما رواء النهر ايليك خان المقدم ذكره وتوالت بأيديهم حتى ملكها منهم رجل اسمه أحمد خان فبقيت بيده حتى ملكها منه ملكشاه السلجوقي في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة وأطاعه صاحب تركستان فخطب له وضرب السكة باسمه ثم خرج عنها وعاد أحمد خان إليها فبقي حتى ثبتت زندقته وضرب عنقه في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
وملك بعده ابن عمه مسعود ثم أقيمت الخطبة بما وراء النهر لبركيارق ثم خطب بركيارق فيما بيده مما وراء النهر وغيره لأخيه محمد بن ملكشاه ثم غلب عليها الخطا الكفار في سنة ست وثلاثين وخمسمائة وانتزعوها من يد سنجر بن ملكشاه ثم صارت بيد الغز وهم طائفة من الترك مسلمون
ثم استولى عليها بنو أنوشتكين ملوك خوارزم الآتي ذكرهم إلى أن غلب عليها جنكزخان في سنة ست عشرة وستمائة
وأما غزنة وما معها فكانت بيد بني سامان ثم غلب عليها سبكتكين وهو أحد مماليك أبي إسحاق بن ألبتكين صاحب جيش غزنة للسامانية المقدم ذكره في سنة ست وستين وثلثمائة بعد موت أبي إسحاق المذكور ثم مات وقام بالأمر بها بعده ابنه إسماعيل ثم غلبه عليها أخوه محمود بن سبكتكين واستضاف إليها بعض خراسان في سنة تسع وثمانين وثلثمائة وقطع الخطبة السامانية وبقي حتى توفي سنة إحدى وعشرين وأربعمائة
وملك بعده ابنه محمد بن محمود بعهد من أبيه ثم قدم أهل المملكة

عليه أخاه مسعود بن محمود وملكوه عليهم وبقي حتى قتل في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة
ثم ملك بعده أخوه محمد المقدم ذكره وقتل من عامه وملك بعده ابن أخيه مودود بن مسعود وتوفي سنة إحدى وأربعين وأربعمائة
وملك بعده عمه عبد الرشيد بن محمود وقتل في سنة أربع وأربعين وأربعمائة
وملك بعده أخوه فرخزاد بن مسعود بن محمود وتوفي سنة إحدى وخمسين وأربعمائة
وملك بعده أخوه الملك المؤيد إبراهيم بن مسعود وتوفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة
وملك بعده ابنه مسعود بن إبراهيم وتوفي سنة ثمان وخمسمائة
وملك بعده أرسلان شاه بن مسعود
ثم ملك بعده بهرام شاه بن مسعود ثم توفي
وملك بعده ابنه خسروشاه بن بهرام وتوفي سنة خمس وخمسين وخمسمائة
وملك بعده ابنه ملكشاه بن خسروشاه بن بهرام بن مسعود بن محمد بن سبكتكين وهو آخرهم
ثم انتقل الملك إلى الغورية
فأول من ملك منهم علاء الدين الحسين بن الحسين ملك عند انقراض الدولة السبكتكينية واستضافها إلى الغور في سنة خمس وخمسين وخمسمائة وتلقب بالملك المعظم وتوفي سنة ست وخمسين وخمسمائة
وملك بعده غياث الدين محمد بن سام بن الحسين ثم استولى عليها الغز نحو خمس عشرة سنة ثم ملكها شهاب الدين أخو غياث الدين المقدم

ذكره سنة تسع وسبعين وخمسمائة وقتل سنة اثنتين وستمائة وفي أيامه كان الإمام فخر الدين الرازي وكان يغشاه ويعظه
ثم ملك بعده علاء الدين محمد بن سام بن محمد بن مسعود بن الحسين ثم غلبه عليها يلدز مملوك غياث الدين أخي شهاب الدين ثم غلبه عليها علاء الدين المذكور ثم غلب عليها يلدز أيضا ثم غلب عليها علاء الدين محمد بن تكش بن خوارزم شاه في سنة اثنتين عشرة وستمائة وبقي حتى غلبه عليها جنكزخان الآتي ذكره في سنة سبع عشرة وستمائة

الطبقة الثانية ملوكها من بني جنكزخان
قال في مسالك الأبصار كان جنكزخان قد أوصى بمملكة ما رواء النهر لولده جداي ويقال له جفطاي فلم يتمكن من ذلك
ثم ملك بعده ابنه قراهولاوو ثم ولده مبارك شاه ثم غلب عليه قيدو بن قاشي بن يكبوك بن أوكداي بن جنكزخان ثم غلب عليه براق بن بسنطو بن منكوقان بن جفطاي بن جنكزخان
ثم ملك بعده ابنه دوا بن براق ثم أخوه كنجك ثم اخوه اسبنغا ثم أخوه كيوك ثم أخوه الجكداي ثم أخوه دراتمر ثم أخوه ترما شيرين
ثم ملك بعده رجل ليس من أولاد دوا اسمه توزون بن أوياكان قال وتخلل في خلال ذلك من وثب على الملك ولم ينتظم له حال ولا صلت له أعلام دولة وبقي الملك بعد ترماشيرين غير منتظم حتى قام جنفصو بن دراتمر بن حلو ابن براق بن بسنطو بن منكوقان بن جفطاي بن جنكزخان إلى هنا انقضى كلامه في مسالك الأبصار
وأول من أسلم من ملوك هذه المملكة ترماشيرين المقدم ذكره سنة خمس وعشرين وسبعمائة فأسلم وحسن إسلامه وأخلص في إسلامه وأيد

الإسلام وقام به حق القيام وأمر به أمراءه وعساكره فمنهم من كان سبق إسلامه ومنهم من أجاب داعية فأسلم وفشا فيهم الإسلام وعلا لواؤه حتى لم تمض عشرة أعوام حتى اشتمل فيها بملاءته الخاص والعام وأعان على ذلك من في تلك البلاد من الأئمة العلماء والمشايخ الصلحاء وصارت التجار من مصر والشام مترددة إلى تلك الممالك وهو يكرمهم أتم الإكرام على أن رعايا هذه المملكة من قدماء الإسلام السابقين إليه كانوا مع كفر ملوكهم في جانب الإعزاز والإكرام لا يتطرق إليهم منهم أذية في دين و لا حال ولا مآل

الجملة السابعة في ترتيب هذه المملكة وحال عساكرها
أما ترتيبها فقد أشار في مسالك الأبصار إلى أنها على نحو ما تقدم في مملكة إيران لاتفاق ملوك بني جنكزخان في الترتيب على طريقة واحدة
وأما عساكرهم فذكر أن عساكرهم من أهل النجدة والبأس لا يجحد ذلك من طوائف الترك جاحد ولا يخالف فيه مخالف حتى حكى في مسالك الأبصار عن مجد الدين إسماعيل السلامي أنه كان إذا قيل في بيت هولاكو العساكر تحركت من خوارزم والقبجاق لا يحمل لذلك احد منهم هما وإذا قيل إن العساكر تحركت مما وراء النهر تأثروا لذلك غاية التأثر لأن هؤلاء أقوى ناصرا وإن كان اولئك أكثر عددا لأنه يقال إن واحدا من هؤلاء بمائة من أولئك ولذلك كانت خراسان عندهم ثغرا لا يهمل سداده ولا يزال فيه من يستحق ميراث التخت أو من يقوم مقامه ولما وقر في صدورهم لهؤلاء من مهابة لا يقلقل طودها لأنهم طالما بلوهم في الحرب وابتلوهم فيها
القسم الثاني من مملكة توران خوارزم والقبجاق
قال في مسالك الأبصار حدثني الشيخ نجم الدين بن الشحام الموصلي أن هذه المملكة متسعة الجوانب طولا وعرضا كبيرة الصحراء قليلة

المدن وبها عالم كثير لا يدخل تحت حد إلا أنهم ليس لهم كثير نفع لقلة السلاح ورداءة الخيل وأرضهم سهلة قليلة الحجر لا تطيق خيل ربيت فيها الأوعار فلذلك يقل غناؤها في الحروب قال في التعريف وكانت هذه المملكة في قديم الزمان زمان الخلفاء وما قبله تعرف بصاحب السرير قال في الروض المعطار وذلك أنه كان بها سرير من ذهب يجلس عليه ملوكها نقله إليها ملوك الفرس قال في التعريف وكان صاحبها في الأيام الناصرية يعني ابن قلاوون السلطان أزبك خان قال وقد خطب إليه السلطان فزوجه بنتا تقرب إليه ثم قال وما زال بين ملوك هذه المملكة وبن ملوكنا قديم اتحاد وصدق وداد من أول الدولة الظاهرية بيبرس وإلى آخر وقت
ويحصل الغرض من ذلك في ثمان جمل

الجملة الأولى في ذكر حدود هذه المملكة ومسافتها
قد ذكر في مسالك الأبصار نقلا عن الشيخ علاء الدين بن النعمان الخوارزمي ان طول هذه المملكة من بحر اصطنبول إلى نهر أريس ستة أشهر وعرضها من بلغار إلى باب الحديد أربعة أشهر تقريبا ثم ذكر عنه في موضع آخر أن مجموع هذه المملكة من ورعات خوارزم من الشرق إلى باشقرد وعرضا من خوارزم إلى أقصى بلاد سير وهي منتهى العمارة في الشمال وذكر في موضع آخر عن ابن النعمان ان مبدأ عرض هذه المملكة من ديرقنو وهي مدينة من بناء الإسكندر كان عليها باب من حديد قديما إلى بلاد بوعره وطولها من ماء أريس وهو أعظم من نيل مصر بكثير من ناحية بلاد الخطا إلى اصطنبول يعني القسطنطينية قال ويتجاوز هذا الطول قليلا إلى بلاد تسمى كمخ مشتركة بين الروس والفرنج وذكر في موضع آخر أن خوارزم إقليم منقطع عن خراسان

وعن ما رواء النهر والمفاوز محيطة به من كل جانب وحده متصل بغزنة مما يلي الشمال والغرب وجنوبيه وشرقيه وهو على جانبي جيحون قال ابن حوقل وبلاد خوارزم من أبرد البلاد ومنها يبتدئ الجمود في نهر جيحون قال في العزيزي وبلاد خوارزم في جهة الجنوب والشرق عن بحيرة خوارزم وبنهما نحو ست مراحل قال في مسالك الأبصار وأول حد خوارزم بلدة تسمى الظاهرية مما يلي آمل وتمتد العمارة في جانبي جيحون معا
وحكى عن حسن الرومي التاجر السفار أن طولها من مدينة باكو المعروفة بالباب الحديد إلى حدود بلاد الخطا فيكون بسير القوافل خمسة أشهر وعرضها من نهر جيحون إلى نهر طونا وقال في مسالك الأبصار وهذه المملكة واقعة في الشمال آخذة إلى الشرق تحدها اطراف الصين من شرقيها وبلاد الصقلب وما يليها من شماليها وخراسان وما سامتها من جنوبيها والخليج القاطع من بحر الروم من غربيها

الجملة الثانية فيما اشتملت عليه من الأقاليم العرفية
اعلم أن هذه المملكة قد اشتملت على عدة أقاليم
الإقليم الأول خوارزم
بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وألف بعدها راء مهملة ثم زاي معجمة ساكنة وميم في الآخر قال في تقويم البلدان وهو إقليم منقطع عن خراسان وعن ما وراء النهر والمفاوز محيطة به من كل جانب قال ويحيط به من الغرب بعض بلاد الترك ومن جهة الجنوب خراسان ومن الشرق بلاد ما رواء النهر ومن الشمال بلاد الترك أيضا قال وإقليم خوارزم في آخر جيحون وليس بعده على النهر عمارة إلى أن يقع جيحون في بحيرة خوارزم وهو على جانبي جيحون

قال ابن حوقل وبلاد خوارزم من أبرد البلاد ويبتدئ الجمود في نهر جيحون من جهة خوارزم وقال المهلبي بلاد خوارزم في جهة الجنوب والشرق عن بحيرة خوارزم إلى آمل نحو اثنتي عشرة مرحلة ومن خوارزم إلى بحيرة خوارزم نحو ست مراحل قال في مسالك الأبصار وبخوارزم جبل يقال له جبل الخير به عين تعرف به يقصدها ذوو الأمراض المزمنة ويقيمون عندها سبعة أيام في كل يوم يغتسلون بها بكرة وعشية ويشربون منها عقب كل اغتسال حتى يتضلعوا فيحصل البرء قال وخوارزم على جيحون بين شعبتين منه مثل السراويل قال ويلي خوارزم أرض مدورة تسمى قسلاع طولها خمسة أشهر وعرضها كذلك كلها صحراء يسكنها أمم كثيرة من البرجان ويفصل بينها وبين نهر جيحون جبل اسمه أويلغان شمالي خراسان ولها قاعدتان

القاعدة الأولى القديمة مدينة كاث
بكاف وألف وثاء مثلثة قال ابن حوقل وهو اسمها بالخوارزمية وهي مدينة واقعة في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول خمس وثمانون درجة والعرض إحدى وأربعون درجة وست عشرة دقيقة قال في القانون وهي في شرقي جيحون قال المهلبي وبينها وبين القرية الحديثة من بلاد الترك خمسون فرسخا قال وهي من أجل مدن خوارزم قال ابن حوقل وقد خربها التتر وبنى الناس لهم مدينة وراءها قال وكانت هذه المدينة في الجانب الشمالي عن جيحون قال في مسالك الأبصار وبها مائة بيت من اليهود ومائة بيت من النصارى لا يسمح لهم بأكثر من ذلك

القاعدة الثانية كركانج
قال في المشترك بضم الكاف وسكون الراء المهلمة ثم كاف ثانية وألف ونون ساكنة وفي آخرها جيم قال ويلتقي فيها ساكنان يعني الألف والنون ولذلك يكتبونها كركنج بغير ألف وتعرف بكركنج الكبرى والعرب تسميها الجرجانية وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال والقانون حيث الطول أربع وثمانون درجة ودقيقة واحدة والعرض اثنتان وأربعون درجة وسبع وخمسون دقيقة قال في المشترك وهي على ضفة جيحون قال في القانون من غربيه وبها عدة مدن أيضا
منها كركنج الصغرى وتعرف بالجرجانية أيضا وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة أيضا قال في الأطوال حيث الطول أربع وثمانون درجة وخمس دقائق والعرض اثنتان وأربعون درجة وخمس وأربعون دقيقة قال في المشترك وهي مدينة قريبة من كركنج الكبرى بينهما عشرة أميال وهي في غربي جيحون
ومنها زمخشر قال في اللباب بفتح الزاي المعجمة والميم وسكون الخاء وفتح الشين المعجمتين وراء مهملة في الآخر وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول أربع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وأربعون درجة وخمس أربعون دقيقة وإليها ينسب الإمام أبو القاسم محمود الزمخشري صاحب الكشاف في التفسير وغيره من المصنفات الفائقة النافعة
ومنها هزاراسب قال في اللباب بفتح الهاء والزاي المعجمة وسكون الألف وفتح الراء وسكون السين المهملتين وباء موحدة في الآخر وهي

قلعة بخوارزم موقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول خمس وثمانون درجة وعشرون دقيقة والعرض إحدى وأربعون درجة وعشرون دقيقة قال السمعاني ويقال لها بالفارسية هزارسف قال وهي قلعة حصينة قال المهلبي غربي جيحون وبينها وبين مدينة كاث ستة فراسخ
ومنها درعان بدال وراء وعين مهملات وألف ثم نون وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول ست وثمانون درجة وأربع وعشرون دقيقة والعرض أربعون درجة وثلاثون دقيقة قال في تقويم البلدان وهي آخر حدود خوارزم إلى جهة مرو قال المهلبي وبينها وبين هزاراسب أربعة وعشرون فرسخا
ومنها فربر قال في اللباب بفتح الفاء والراء المهملة وسكون الباء الموحدة وقال في مزيل الارتياب بفتح الفاء وكسرها كل منهما مسموع وهي مدينة على طرف جيحون ما يلي بخارا موقعها في آخر الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول سبع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ثمان وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة قال في القانون وهي المعبر من بلاد ما رواء النهر إلى خراسان وجعلها ابن حوقل من أعمال بخارا فتكون مما وراء النهر وهي خصبة ولها قرى عامرة

الإقليم الثاني الدشت
بفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة وتاء مثناة فوق في الآخر وهي صحارى في جهة الشمال وتضاف إلى القبجاق بفتح القاف وسكون الباء الموحدة وفتح الجيم وألف بعدها ثم قاف وهم جنس من الترك يسكنون هذه الصحارى أهل حل وترحال على عادة البدو

وقاعدة المملكة بها صراي قال في تقويم البلدان بفتح الصاد والراء المهملتين وألف وياء مثناة تحتية ووقع في مسالك الأبصار بالسين المهملة بدل الصاد وموقعها في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال في تقويم البلدان وهي مدينة عظيمة في مستو من الأرض على شط نهر الأثل من الجانب الشمالي الشرقي غربي بحر الخزر وشماليه على مسيرة نحو يومين وبحر الخزر شرقيها بجنوبيها ونهر الأثل عندها يجري من الشمال والغرب إلى الشرق والجنوب حتى يصب في بحر الخزر وهي فرضة عظيمة للتجار ورقيق الترك وذكر في مسالك الأبصار عن عبد الرحمن الخوارزمي الترجمان أنها بناء بركة بن طوجي بن جنكزخان وأنها في أرض سبخة بغير سور ودار الملك بها قصر عظيم على عليائه هلال من ذهب زنته قنطاران بالمصري ويحيط بالقصر سوار وأبراج فيها الأمراء وبهذا القصر يكون مشتاهم والسراي مدينة كبيرة ذات أسواق وحمامات ووجوه بر مقصودة بالإجلاب وفي وسطها بركة ماؤها من نهر الحل ماؤها للاستعمال أما شربهم فمن النهر يسقى لهم في جرار فخار وتصف على العجلات وتجر إلى المدينة وتباع بها قال وبعدها عن خوارزم نحو شهر ونصف قال في تقويم البلدان وقد بنى بها السلطان أزبك مدرسة للعلم قال في مسالك الأبصار وهم في جهد من قشف العيش لأنهم ليسوا أهل حاضرة وشدة البرد تهلك مواشيهم قال وهم لشدة ما بهم من سوء الحال إذا وجد أحدهم لحما صلقه ولم ينضجه وشرب مرقه وترك اللحم ليأكله مرة أخرى ثم يجمع العظام ويعاود صلقها مرة أخرى ويشرب مرقها وقس على هذا بقية عيشهم ونقل عن جمال الدين عبد الله الحصني التاجر أن لبس كثير منهم الجلود مذكاة كانت أو ميتة مدبوغة أو غير مدبوغة من حيوان طاهر أو غيره ولا يعرفون في المآكل ما يعاف مما لا يعاف ولا التحريم من التحليل وأنهم يبيعون أولادهم في بعض

السنين لضيق العيش قال ومع ذلك فليس لهم تمسك بدين ولا رزانه في عقل ثم عقب ذلك بأن قال ومع ذلك فهم من خيار الترك أجناسا لوفائهم وشجاعتهم وتجنبهم الغدر مع تمام قاماتهم وحسن صورهم وظرافة شمائلهم ثم قال ومنهم معظم جيش الديار المصرية من ملوكها وأمرائها وجندها إذ لما رغب الملك الصالح نجم الدين أيوب في مشترى المماليك منهم ثم صار من مماليكه من انتهى إلى الملك والسلطنة فمالت الجنسية إلى الجنسية ووقعت الرغبة في الاستكثار منهم حتى أصبحت مصر بهم آهلة المعالم محمية الجوانب منهم أقمار مواكبها وصدور مجالسها وزعماء جيوشها وعظماء أرضها وحمد الإسلام مواقفهم في حماية الدين حتى إنهم جاهدوا في الله أهليهم قال وكفى بالنصرة الأولى يوم عين جالوت في كسر الملك المظفر قطز صاحب مصر إذ ذاك في سنة ثمان وخمسين وستمائة عساكر هولاكو ملك التتر بعد أن عجز عنهم عساكر الأقطار واستأصلوا شأفة السلطان جلال الدين محمد بن خوارزم شاه وقتلوا عساكره مع أن الجيش المصري بالنسبة إلى العساكر الجلالية كالنقطة من الدائرة والنغبة من البحر والله يؤيد بنصره من يشاء
أما في زماننا هذا فإنه منذ قام السلطان الملك الظاهر برقوق من جنس الجركس رغب في المماليك من جنسه وأكثر من المماليك الجراكسة حتى صار منهم أكثر الأمراء والجند وقلت المماليك الترك من الديار المصرية حتى لم يبق منهم إلا القليل من بقاياهم وأولادهم

الإقليم الثالث بلاد الخزر
بفتح الخاء والزاي المعجمتين وراء مهملة في الآخر
وقاعدته مدينة بلنجر قال في اللباب بفتح الباء الموحدة واللام

ونون ساكنة وجيم مفتوحة ثم راء مهملة وهي مدينة بدربند خزران واقعة في الإقليم السادس من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول خمس وسبعون درجة وعشرون دقيقة والعرض خمسون درجة وثلاثون دقيقة قال في كتاب الأطوال وهي إتل قال في اللباب وهي داخل الباب والأبواب قيل إنها نسبت إلى بلنجر بن يافث

الإقليم الرابع القرم
قال في تقويم البلدان بكسر القاف والراء المهملة وميم في الآخر قال وهو اسم لإقليم يشتمل على نحو أربعين بلدا
وقاعدتها صلغات قال في تقويم البلدان بضم الصاد المهملة وسكون اللام وفتح الغين المعجمة وألف وتاء مثناة فوقية في الآخر وقد أطلق الناس اسم القرم عليها حتى إذا قالوا القرم لا يريدون إلا صلغات وموقعها في الإقليم السابع من الإقاليم السبعة قال والقياس أنها حيث الطول سبع وخمسون درجة وعشر دقائق والعرض خمسون درجة قال وهي عن البحر على نصف يوم وهي عن الأزق في الغرب والشمال
وبصراي بلاد مضافة إليها ومنها الأكك قال في تقويم البلدان بضم الهمزة وفتح الكاف الأولى ثم كاف ثانية وهي بليدة من بلاد الصراي موقعها في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال في تقويم البلدان القياس حيث الطول ثمان وسبعون درجة والعرض تسع وأربعون درجة وخمس وخمسون دقيقة وهي على جانب نهر إتل من الجانب الغربي بين صراي وبلار على قرب منتصف الطريق بينهما وهي عن كل واحدة منهما على نحو خمس عشرة مرحلة وإلى الأكك هذه ينتهي أردو القان صاحب هذه المملكة ولها مدن أخر كما تقدم وهي عن الكفا شمال

بغرب وعن صوادق شمال بشرق وبين كل منهما مسيرة يوم وبها حاكم يكاتب عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية
ومنها صوادق قال في تقويم البلدان بضم الصاد المهملة وواو وفتح الدال المهملة وألف وقاف في الآخر والعامة يقولون سرداق فيبدلون الصاد سينا مهملة والواو راء مهملة وموقعها في آخر الإقليم السابع من الأقاليم السبعة أو في الشمال عنه قال ابن سعيد حيث الطول ست وخسون درجة والعرض إحدى وخمسون درجة قال في تقويم البلدان وهي في ذيل جبل على شط بحر القرم وأرضها محجر وهي مسورة وهي فرضة للتجار ويقابلها من البر الآخر مدينة سامسون من سواحل بلاد الروم الآتي ذكرها قال وأهلها مسلمون وقال ابن سعيد أهلها أخلاط من الأمم والأديان والأمر فيها راجع إلى النصرانية وإليها ينسب الجلد السرداقي المعروف
ومنها كفا قال في تقويم البلدان بفتح الكاف والفاء وألف مقصورة وهي فرضة القرم وموقعها في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال والقياس أنها حيث الطول سبع وخسمون درجة والعرض خمسون درجة وهي في وطاة من الأرض وهي على ساحل بحر القرم ويقابلها من البر الآخر مدينة طرابزون من سواحل بلاد الروم وهي شرقي صوداق وعليها سور من لبن ومن شماليها وشرقيها صحراء القبجاق وهي عن صوداق في سمت الشرق والكفا وصوداق وصلغات كالأثافي

الإقليم الخامس بلاد الأزق
قال في تقويم البلدان بفتح الهمزة والزاي المعجمة وقاف في الآخر وقاعدته مدينة الأزق بالضبط المعروف موقعها في الإقليم السابع من الأقليم السبعة قال في تقويم البلدان والقياس أنها حيث الطول خمس وستون درجة والعرض ثمان وأربعون درجة قال وإليها ينسب بحر الأزق

المعروف في الكتب القديمة ببحر مانيطش وهي فرضة على بحر الأزق في مستو من الأرض عند مصب نهر تان في بحر الأزق وبناؤها بالخشب وبينها وبين القرم نحو خمس عشرة مرحلة وهي في الشرق والجنوب عن القرم ولها مدن أخر منها الكرش قال في تقويم البلدان بفتح الكاف وسكون الراء المهلمة وشين معجمة في الآخر وهي بلدة صغيرة على ساحل بحر الأزق واقعة في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال في تقويم البلدان القياس حيث الطول ستون درجة والعرض سبع وأربعون درجة وثلاثون دقيقة وهي بلدة صغيرة بين الكفا والأزق على فم بحر الأزق ويقابلها من البر الآخر الطامان من سواحل أرمينية وبلاد الروم وأهلها قبجاق كفار

الإقليم السادس بلاد الجركس
بفتح الجيم وسكون الراء وفتح الكاف وسين مهملة في الآخر قال المؤيد صاحب حماة في تاريخه وهو على بحر نيطش من شرقية وهم في شظف من العيش قال وقد غلب عليهم دين النصرانية وقد صار في زماننا منهم أكثر عسكر الديار المصرية من لدن ملك الظاهر برقوق فإنه أكثر الإجلاب منهم

الإقليم السابع بلاد البلغار
بضم الباء الموحدة وسكون اللام وفتح الغين المعجمة وألف ثم راء مهملة في الآخر وهم جنس معروف أيضا قال صاحب حماة في تاريخه وهم منسوبون إلى بلدان يسكنونها
وقاعدتها مدينة بلار بضم الباء الموحدة وفتح اللام وألف وراء مهملة في الآخر قال في تقويم البلدان ويقال لها بالعربي بلغار وموقعها في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة أو في الشمال عنه قال في الأطوال وطولها ثمانون درجة والعرض خمسون درجة وثلاثون دقيقة وهي بلدة في نهاية العمارة قريبة من شط نهر إتل من البر الشمالي الشرقي وهي وصراي في بر واحد وبينهما فوق عشرين مرحلة وهي في وطاة والجبال عنها أقل من يوم وأهلها مسلمون حنفية وليس بها شيء من الفواكه ولا أشجار الفواكه لشدة بردها والفجل الأسود في غاية الكبر قال السلطان عماد الدين صاحب حماة وقد حكى لي بعض أهلها أن في أول الصيف لا يغيب الشفق عنها ويكون ليلها في غاية القصر ثم قال وهذا الذي حكاه صحيح موافق لما يظهر بالأعمال الفلكية لأن من عرض ثمانية وأربعين ونصف يبتديء عدم غيبوبة الشفق في أول فصل الصيف وعرضها أكثر من ذلك فصح ما تقدم على كل تقدير قال في مسالك الأبصار وحكى لي الحسن الإربلي أن أقصر ليلها أربع ساعات ونصف وهو غاية نقصان الليل قال حسن الرومي وسألت مسعودا المؤقت بها عن هذا فقال جربناه بالآلات الرصدية فوجدناه كذلك تحريرا قال في مسالك الأبصار وقد ذكر المسعودي في مروج الذهب أنه كان في السرب والبلغار من قديم دار إسلام ومستقر إيمان فأما الآن فقد تبدلت بإيمانها كفرا وتداولها طائفة من عباد الصليب ووصلت منهم رسل إلى حضرة مصر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة من صاحب السرب والبلغار يعرض نفسه على مودته ويسأله سيفا يتقلده وسنجقا

يقهر أعداءه به فأكرم رسله وأحسن نزله وجهز له معه خلعه كاملة طرد وحش بقصب بسنجاب مقندس على مقرح سكندري وكلوتة زركش بطرفين ومنطقة ذهب وكلاليب ذهب وسيف محلى وسنجق سلطاني أصفر مذهب قال وهم يدارون سلطان القبجاق لعظيم سلطانه عليهم وأخذه بخناقهم لقربهم منه وذكر في التعريف قريبا منه ولصاحب السرب مكاتبة عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية يأتي ذكرها في المكاتبات إن شاء الله تعالى
وبين السرب والبلغار وبلاد الترك بلاد منها أقجا كرمان بفتح الهمزة وسكون القاف وفتح الجيم وألف وفتح الكاف والراء المهملة والميم وألف والنون في الآخر وهي بليدة على بحر نيطش المعروف ببحر القرم واقعة في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال في تقويم البلدان والقياس أنها حيث الطول خمس وأربعون درجة والعرض خمسون درجة وهي في مستو من الأرض وأهلها أخلاط من مسلمين وكفار وعلى القرب منها يصب نهر طرلو
ومنها صاري كرمان قال في تقويم البلدان بفتح الصاد المهملة وألف وكسر الراء المهملة وياء مثناة تحتية وكرمان على ما تقدم منخرطة في أقجا كرمان وهي بليدة أصغر من أقجا كرمان وموقعها في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال في تقويم البلدان حيث الطول خمس وخمسون درجة والعرض خمسون درجة قياسا ويقابلها من البر الآخر مدينة سنوب من سواحل بلاد الروم وهي شرقي أقجا كرمان المقدم ذكرها وبينهما نحو خمسة عشر يوما وبينها وبين صلغات نحو خمسة أيام

الإقليم الثامن بلاد الأولاق
بضم الهمزة وسكون الواو ولام ألف بعدها قاف ويقال لهم البرغال بضم الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وفتح الغين المعجمة وألف ثم لام وهم جنس معروف
وقاعدتها مدينة طرنو قال في تقويم البلدان بالطاء المكسورة والراء الساكنة المهملتين والنون المفتوحة وواو في الآخر وموقعها في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال في تقويم البلدان والقياس أنها حيث الطول سبع وأربعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض خمسون درجة قال وهي غربي صقجي على ثلاثة أيام منها وأهلها كفار من الجنس المذكور ولهم بلاد أخرى . منها صقجي قال في تقويم البلدان قال بعض الفقهاء بفتح الصاد المهملة وسكون القاف وكسر الجيم المشربة بالشين المعجمة وفي الاخر مثناة تحتية وهي من أولاق وبلاد القسطنطينية قال في الأطوال حيث الطول ثمان وأربعون درجة وسبع وثلاثون دقيقة والعرض خمسون درجة وهي متوسطة بين الصغر والكبر في مستو من الأرض عند مصب نهر طنا في بحر نيطش المعروف ببحر القرم في الجانب الجنوبي الغربي منه وهي عن أقجا كرمان على مسيرة خمسة أيام وبينها وبين القسطنطينية في البحر عشرون يوما وغالب أهلها مسلمون
الإقليم التاسع بلاد الآص
بفتح الهمزة الممدودة وصاد مهملة وهم جنس معروف

وقاعدته قرقر قال في تقويم البلدان بكسر القاف وسكون الراء المهملة وسكون القاف الثانية وكسر الراء المهملة في الآخر ومعنى اسمها بالتركية أربعون رجلا وموقعها في آخر الإقليم السابع قال في تقويم البلدان القياس أنها حيث الطول خمس وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض خمسون درجة قال وهي قلعة عاصية على جبل لا يقدر أحد على الطلوع إليه ووسط ذلك الجبل وطاة تسع أهل البلاد وهي بعيدة عن البحر في شمالي صاري كرمان على نحو يوم وعندها جبل عظيم شاهق في الهواء يقال له جاطوطاغ بفتح الجيم وألف وطاء مكسورة وواو ساكنة وطاء مهملة وألف وغين معجمة يظهر للمراكب من بحر القرم

الإقليم العاشر بلاد الروس
بضم الراء المهملة وسكون الواو وسين مهملة في الآخر وهم جنس معروف قال في تقويم البلدان في شمالي مدينة بلار المذكورة قال صاحب حماة في تاريخه ولهم جزائر أيضا في بحر نيطش وبلار في شماليه قال وقد غلب عليهم دين النصرانية قال في مسالك الأبصار وإذا سافر المسافر على غربي جولمان وصل إلى بلاد الروس ثم إلى بلاد الفرنج وسكان البحر الغربي قال في تقويم البلدان وفي شمالي الروس الذين يبايعون مغايبة ونقل عن بعض من سافر إلى تلك البلاد أنهم يتصلون بساحل البحر الشمالي فإذا وصلوا إلى تخومهم أقاموا حتى يعلموا بهم ثم يتقدمون إلى المكان المعروف بالبيع والشراء ويحط كل تاجر بضاعته معلمة ويرجعون إلى منازلهم فيحضر أولئك القوم ويضعون قبالة تلك البضاعة السمور والثعلب والوشق وما شاكل ذلك ويدعونه ويمضون ثم يحضر التجار فمن أعجبه ذلك أخذه وإلا تركه حتى يتفاصلوا على الرضا
وقد ذكر في مسالك الأبصار عن الشيخ علاء الدين بن النعمان أن

البلاد التي يجلب منها السمور والسنجاب هي بلار المقدمة الذكر قال ابن النعمان وتجار بلادنا لا يتعدون بلاد البلغار وتجار البلغار يسافرون إلى بلاي جقطاي وتجار جولمان يسافرون إلى بلاد بوغزه وهي في أقصى الشمال ليس بعدها عمارة سوى برج عظيم من بناء الإسكندر على هيئة المنارة العالية ليس وراءه مذهب لأحد إلا الظلمات فسئل عن الظلمات فقال صحار وجبال لا يفارقها الثلج والبرد ولا تطلع عليها الشمس ولا ينبت فيها نبات ولا يعيش فيها حيوان متصلة ببحر أسود لا يزال يمطر الغيم منعقد عليه
واعلم أن صاحب تقويم البلدان قد ذكر عدة أماكن من هذه المملكة سوى ما تقدم ولم ينسبها إلى إقليم
منها كوماجر بضم الكاف وسكون الواو والميم المشددة وألف وجيم وراء مهملة وهي مدينة قريبة من الوسط ما بين باب الحديد والأزق شرقي الأزق وغربي باب الحديد
ومنها مدينة لكز بفتح اللام وسكون الكاف وفي آخرها زاي معجمة وهي مدينة يسكنها جنس من الترك يقال لهم اللكزى وهم في الجبل الفاصل بين تتر مملكة بركة وتتر مملكة هولاكو
ومنها بلاد القيتق بفتح القاف وسكون المثناة تحت وفتح المثناة من فوق وفي آخرها قاف ثانية وهم جنس من الترك يسكنون الجبل المتصل باللكز من شماليه قال في تقويم البلدان وهم قطاع طريق وجبلهم متحكم على باب الحديد
قلت وهذه المملكة أوسع من أن يحاط ببلادها وفيما ذكرناه مقنع لمن تأمله

الجملة الثالثة في ذكر الأنهار العظام والبحيرات الواقعة في هذه المملكة
أما الأنهار فقد ذكر في مسالك الأبصار أن بهذه المملكة سيحون

وجيحون المقدم ذكرهما في مملكة ما وراء النهر وذلك أنهما يمتدان من هذه المملكة إلى تلك فيصدق وجودهما في المملكتين وقد تقدم ذكرهما هناك فأغنى عن إعادته هنا
ثم المشهور مما يختص بهذه المملكة خمسة أنهار أحدها نهر أثل بفتح الهمزة وكسر المثلثة ولام في الآخر فعرف بأثل وهي مدينة بلنجر المقدم ذكرها ويقال فيه نهر الأثل بالألف واللام أيضا وهو من أعظم الأنهار بتلك البلاد وأشهرها ذكر في مسالك الأبصار عن الفاضل شجاع الدين عبد الرحمن الخوارزمي الترجمان أنه يكون قدر النيل ثلاث مرات أو أكثر قال وأصله من بلاد الصقلب قال في تقويم البلدان وهو يأتي من أقصى الشمال والشرق من حيث لا عمارة ويمر بالقرب من مدينة بلار وهي بلغار ويستدير عليها من شماليها وغربيها ويجري منها إلى بليدة على شطه يقال لها أوكك ثم يتجاوزها إلى قرية يقال لها بلجمن ويجري جنوبا ثم يعطف ويجري إلى الشرق والجنوب ويمر على مدينة صراي من جنوبيها وغربيها فإذا تجاوز مدينة صراي أفترق ويصير على ما قبل ألف نهر ونهر ويصب الجميع في بحر الخزر قال في مسالك الأبصار وتجري فيه السفن الكبار ويسافر فيه المسافرون إلى الروس والصقلب
الثاني نهر طنا قال في تقويم البلدان بضم الطاء المهملة وفتح النون وألف قال في تقويم البلدان وهو نهر عظيم يكون أكبر من دجلة والفرات إذا اجتمعا بكثير قال ويجري من أقصى الشمال إلى جهة الجنوب ويمر في شرقي جبل يسمى قشغا طاغ ومعناه الجبل الصعب وهو جبل فيه أجناس مختلفة من أمم الكفر مثل الأولاق والماجار والسرب وغيرهم فيمر في

شرقيه وكلما جرى جنوبا قرب من بحر نيطش المعروف الآن ببحر القرم ولا يزال يتقارب منه ويقرب ما بين الجبل والبحر المذكور حتى يصب فيه في شمالي مدينة صقجي في شمالي القسطنطينية بميلة إلى الغرب
الثالث نهر أزو قال في تقويم البلدان بالزاي المعجمة المفخمة بعد الألف وواو في الآخر قال وهو نهر عظيم يأتي من الشمال شرقي نهر طنا المقدم ذكره ويمر مغربا ثم يعطف ويمر مشرقا حتى يصب في خور من بحر القرم بين صاري كرمان وأقجا كرمان المقدم ذكرهما
الرابع نهر تان قال في تقويم البلدان بتاء مثناة من فوق وألف ممالة ونون في الآخر قال وهو نهر عظيم شرقي أزو المقدم ذكره وغربي نهر الأثل يجري من الشمال إلى الجنوب ويصب في بحيرة مانيطش المعروفة في زماننا ببحر الأزق عند مدينة الأزق من غربيها
الخامس نهر طرلو قال في تقويم البلدان بضم الطاء وسكون الراء المهملتين ولام وواو قال وهو نحو عاصي حماة ويصب على القرب من أقجا كرمان في بحر نيطش المعروف ببحر القرم
وأما البحيرات فالمشهورة بها بحيرة خوارزم وهي بحيرة كبيرة ماؤها ملح قال ابن حوقل دورها مائة فرسخ وفيها يصب نهر جيحون في جانبها الجنوبي وفيها يصب نهر الشاش أيضا وبينها وبين البحر عشرون مرحلة وبينها وبين خوارزم ست مراحل

الجملة الرابعة في الطرق الموصلة إلى هذه المملكة
ولها طريقان طريق في البر وطريق في البحر
فأما طريق البر فقد تقدم في الكلام على مملكة إيران الطريق إلى شط جيحون وقد ذكر في تقويم البلدان أن بين آمل الشط وبين خوارزم نحو اثنتي عشرة مرحلة وذكر في مسالك الأبصار أن بين خوارزم ومدينة صراي نحو شهر ونصف وأن بين خوارزم ومدينة صراي مدينة وجق ومدينة قطلود
وأما طريق البحر فهو أن يركب المسافر إليها في بحر الروم من مدينة الإسكندرية او مدينة دمياط من شمالي الديار المصرية ويسير إلى خليج القسطنطينية المتصل ببحر الروم من جهة الشمال ويركب فيه ويجاوزه إلى بحر نيطش المعروف ببحر القرم ثم إلى بحر مانيطش المعروف ببحر الأزق وينتهي إلى آخره
الجملة الخامسة في الموجود بها
قد ذكر في مسالك الأبصار أن فيها من الحبوب القمح والشعير والدخن ويسمى عندهم الأرزن والماش والجاورس وهو شبيه بحب البرسيم على قلة في القمح والشعير أما الفول فلا يكاد يوجد عندهم وأكثر حبوبهم الدخن ومنه أكلهم وبها من الفواكه جميع أنواع الفواكه إلا النخل والزيتون وقصب السكر والموز والأترج والليمون والنارنج وذكر عن بلاد القبجاق أنها كانت قبل استيلاء التتار عليها معمورة الجوانب وأنها في بقايا تلك العمارة والغراس وأن فيها من الفواكه العنب والرمان والسفرجل والتفاح والكمثرى والمشمش والخوخ والجوز وفاكهة تسمى بلغة القبجاق بانيك شبيهة بالتين وأن الفواكه كثيرة الوجود في جبالهم مع كثرة ما باد منها قال وأما البطيخ فينجب عندهم نجابة خاصة الأصفر وهو في غاية صدق الحلاوة يقددونه

ويجففونه فيبقى عندهم من السنة إلى السنة وربما استخرجوا ماءه وصنعوا منه الحلوى وعندهم من الخضروات اللفت والجزر والكرنب وغير ذلك ثم قال وكذلك مدن الجركس والروس والآص وبها العسل الكثير الأبيض اللون اللذيذ الطعم الخالي من الحدة

الجملة السادسة في المعماملات والأسعار بها
أما المعاملات فقد ذكر في مسالك الأبصار عن عبد الرحمن الخوارزمي الترجمان أن دينارهم رابح كما في غالب مملكة إيران وهو الذي عنه ستة دراهم وأن الحبوب تباع كلها عندهم بالرطل وذكر أن رطل خوارزم زنته ثلثمائة وثلاثون درهما
وأما الأسعار فقد ذكر في مسالك الأبصار عن الصدر زين الدين عمر بن مسافر أن الأسعار في جميع هذه المملكة رخية إلى الغاية إلا كركنج أم إقليم خوارزم فإنها متماسكة في أسعار الغلات قل أن ترخص بل إما أن تكون غلية أو متوسطة لا يعرف بها الرخص أبدا ثم ذكر عن شجاع الدين عبد الرحمن الخوارزمي الترجمان أن الاسعار في خوارزم والسراي لا يكاد يتباين ما بينهما قال والسعر المتوسط عندهم القمح بدينارين ونصف وكذلك الماش والشعير بدينارين وكذلك الدخن والجاورس وربما زاد والغالب أن يكون سعره مماثل سعر القمح واللحم الضأن على السعر المتوسط كل ثلاثة أرطال بدرهم وذكر ابن مسافر أن اللحوم بها رخيصة وأكثر ما يذبح بها الخيل
وأما سكان البر فإن اللحم لا يباع لديهم ولا يشترى لكثرته وغالب أكلهم لحوم الطير واللبن والسمن وإن تلف لأحد منهم دابة من فرس أو بقرة أو شاة أو غير ذلك ذبحها وأكل هو وأهله منها وأهدى لجيرانه فإذا تلف عند من أهدى إليه شيء من ذلك ذبحه أيضا وأهدى لجيرانه فلهذا لا تكاد بيتوهم تخلو من اللحم

الجملة السابعة في ذكر ملوك هذه المملكة
قد تقدم أنها قسم من مملكة توران ومملكة توران كانت في القديم بيد افراسياب ملك الترك وتداولها ملوك الترك بعده إلى الفتوح الإسلامية وأسلم من أسلم من ملوكهم
أما خوارزم فتوالت عليها الأيدي حتى صارت إلى محمود بن سبكتكين المقدم ذكره في ملوك غزنة من القسم الأول من هذه المملكة ثم صارت لمسعود ابنه واستناب فيها خوارزم شاه هارون بن الطيطاش ثم قتله غلمانه عند خروجه إلى الصيد واستولى عليها رجل يقال له عبد الجبار ثم وثب غلمان هارون بعبد الجبار فقتلوه وولوا مكانه إسماعيل بن الطيطاش أخا هارون ثم غلبه عليها شاه ملك بن علي ثم غلبه عليها طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق وبقيت بيد السلجوقية المقدم ذكرهم في مملكة إيران إلى أن صارت منهم إلى بركيارق بن ملكشاه بن أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق فاستناب فيها علاء الدين محمد انوشتكين في أيام بركيارق بن ملكشاه بن ميكائيل بن سلجوق السلجوقي ولقب خوارزم شاه في سنة تسعين وأربعمائة
ثم ولي بعده ابنه أطسز بن محمد ثم غلبه على ذلك سنجر بن ملكشاه أخو علاء الدين محمد وأقام بها من يحفظها في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ثم غلبه عليها أطسز بن محمد المقدم ذكره وبقي بها حتى توفي سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
وملك بعده ابنه أرسلان بن أطسز وتوفي سنة ثمان وستين وخمسمائة وملك بعده ابنه سلطان شاه محمود صغيرا وقامت أمه بتدبير دولته ثم

غلب على الملك أخوه علاء الدين تكش ثم غلبه أخوه سلطان شاه وطرده ثم مات سلطان شاه وانفرد تكش بالملك ثم مات في سنة ست وتسعين وخمسمائة
وولي بعده ابنه محمد بن تكش وكان لقبه قطب الدين فتقلب علاء الدين وبقي حتى غلبه جنكزخان وهزمه في سنة تسع عشرة وستمائة ثم مات بعد ذلك ولما ملك جنكزخان أوصى بدشت القبجاق وما معه لابنه طوجي ويقال له دوجي أيضا فمات طوجي في حياة أبيه جنكزخان فلما مات جنكزخان استقر في مملكة ما وراء النهر وما معه باتو بن طوجي بن جنكزخان ثم مات باتو
وملك بعده أخوه بركة بن طوجي وهو الذي تنسب هذه المملكة إليه فيقال فيها بيت بركة بمعنى هذه مملكة بيت بركة كما يقال في مملكة إيران هي مملكة بيت هولاكو قال صاحب الذيل على الكامل وكانت المكاتبة بينه وبين الظاهر بيبرس لا تنقطع وبقي حتى توفي سنة خمس وستين وستمائة عن غير ولد
وملك بعده ابن أخيه منكوتمر بن طغان بن باطو بن دوجي خان بن جنكزخان وتوفي سنة إحدى وثمانين وستمائة
وملك بعده أخوه تدان منكوتمر بن طغان بن باطو بن دوجي خان ابن جنكزخان وقيل سنة اثنتين وثمانين وستمائة وكان صاحب مصر قد جهز إلى منكوتمر هدية فلم تصل إليه حتى مات واستقر تدان منكو فقدمت إليه فابتهج بها وعادت الرسل بجوابه بذلك وبقي إلى سنة ست وثمانين وستمائة فأظهر الوله وتخلى عن المملكة وانتمى إلى المشايخ والفقراء

وملك بعده تلابغا باشارته ابن منكوتمر بن طغان بن باطو بن دوجي خان بن جنكزخان وبقي حتى قتل في سنة تسعين وستمائة
وملك بعده طقطغا بن منكوتمر بن طغان بن باطوخان بن جنكزخان والذي ذكره قاضي القضاه ولي الدين بن خلدون في تاريخه انه ملك بعد باطوخان أخوه طرطو ثم أخوه بركة ثم منكوتمر بن طغان خان بن باطوخان ابن دوشي خان ثم ابنه تدان منكو ثم أخوه تلابغا ثم أخوه جفطاي ثم ابن أخيه أزبك وهو الذي كان في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون صاحب الديار المصرية قال في التعريف وخطب إليه السلطان فزوجه بنتا تقرب إليه ثم ابنه جاني بك ثم ابنه بردي بك ثم ابنه طقتمش ثم نائبه ماماي ثم عبد الله بن أزبك ثم قطلقتمر ثم ماماي ثانيا ثم حاجي جركس ثم أيبك خان ثم ابنه قاني بك خان ثم أرص خان ثم طقتمش خان بن بردي بك خان قال ومنه انتزعها تمرلنك وقتله
قلت والمعروف أن تمرلنك لم يملك هذه المملكة أصلا ولا قتل طقتمش وما ذكره وهم فيه
وأول من أسلم من ملوك هذه المملكة من بني جنكزخان بركة بن طوجي ابن جنكزخان وكان إسلامه قبل تملكه حين أرسله أخوه باطوخان لإجلاس منكوخان على كرسي جده جنكزخان فأجلسه وعاد فمر في طريقه على الباخرزي شيخ الطريقة فأسلم على يديه وحسن إسلامه ولم يملك بعد أخيه باطوخان إلا وهو مسلم وتلاه من تلاه من ملوكهم بهذه المملكة في الإسلام حتى كان أزبك خان منهم فأخلص في الإسلام غاية الإخلاص وتظاهر بالديانة والتمسك بالشريعة وحافظ على الصلاة وداوم على الصيام
وقد حكى في مسالك الأبصار عن زين الدين عمر بن مسافر أن ملوك

هذه الطائفة مع ظهور الإسلام فيهم وإقرارهم بالشهادتين مخلفون أحكامها في كثير من الأمور واقفون مع ياسة جنكزخان التي قررها لهم وقوف غيرهم من أتباعه مع مؤاخذة بعضهم بعضا أشد المؤاخذة في الكذب والزنا ونبذ المواثيق والعهود وقد جرت عادة ملوكهم أنهم إذا غضبوا على أحد من أتباعهم أخذوا ماله وباعوا أولاده وأن في سلطان هذه المملكة طوائف الجركس والروس والآص وهم أهل مدن عامرة آهله وجبال مشجرة مثمرة ينبت عندهم الزرع ويدر لهم الضرع وتجري الأنهار وتجنى الثمار وهم وإن كان لهم ملوك فهم كالرعايا فإن داروه بالطاعة والتحف كف عنهم وإلا شن عليهم الغارات وضايقهم وحاصرهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وذراريهم وجلب رقيقهم إلى أقطار الأرض ثم قال والقسطنطينية مجاورة لأطراف ملك القبجاق وملك الروم معه في كلب دائم وافتراءات متعددة في كل وقت وملك الروم على توقد جمرته وكثرة حماته وأنصاره يخاف غارته وشره ويتقرب إليه ويداريه ويدافع معه الأيام من وقت إلى وقت منذ تدير ملوك بني جنكزخان هذه المملكة وما تخلو بينهم مدة عن تجديد عهود ومسالمة إلى مدة تؤجل بينهم وأشياء تحمل من جهة ملك الروم إلى ملكهم

الجملة الثامنة في مقدار عسكر هذه المملكة وترتيبها ومقادير الأرزاق
الجارية عليهم وزيهم في اللبس
أما مقدار عسكرها فقد ذكر في مسالك الأبصار عن الشيخ علاء الدين ابن النعمان ان عساكرها كثيرة تفوت الحصر لا يعلم لها مقدار إلا أنه خرج مرة عليه وعلى القان الكبير اسنبغا سلطان ما وراء النهرخارج فجرد إليه من كل

عشرة واحدا فبلغ عدة المجردين مائتين وخمسين ألفا ممن دخل تحت الإحصاء سوى من انضم إليهم وألزم كل فارس منهم بغلامين وثلاثين راسا من الغنم وخمسة أرؤس من الخيل وقدرين ونحاس وعجلة
وأما ترتيب مملكتهم فحكى عن الشيخ نجم الدين بن الشحام الموصلي أن ترتيب هذه المملكة في أمر جيوشها وسلطانها كما في ترتيب مملكة العراق والعجم في عدة الأمراء والأحكام والخدم ولكن ليس لأمير الألوس والوزير بها تصرف أمير الألوس والوزير بتلك المملكة ولا لسلطان هذه المملكة نظير ما لذلك السلطان من الدخل والمجابي وعدد المدن والقرى ولا مشى أهل هذه المملكة على قواعد الخلفاء مثل أولئك ولخواتين هؤلاء مشاركة في الحكم معهم وإصدار الأمور عنهم مثل أولئك وأكثر إلا ما كانت عليه بغداد بنت جوبان امرأة أبي سعيد بهادر بن خدابندا فإنه لم ير من يحكم حكمها قال المقر الشهابي بن فضل الله وقد وقفت على كثير من الكتب الصادرة عن ملوك هذه البلاد من عهد بركة وما بعده وفيها واتفقت آراء الخواتين والأمراء على كذا وما يجري هذا المجرى
وحكي عن الصدر زين الدين عمر بن مسافر عن أزبك خان سلطان هذه المملكة في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون أنه لا التفات له من أمور مملكته إلا إلى جمليات الأمور دون تفصيل الأحوال يقنع بما حمل إليه ولا يبحث عن وجوه القبض والصرف وأن لكل إمرأة من خواتينه جانبا من الحمل وانه يركب كل يوم إلى امرأة منهن يقيم ذلك اليوم عندها يأكل من بيتها ويشرب وتلبسه بدلة قماش كاملة ويخلع التي كانت عليه من اللبس على من يتفق ممن حوله ثم قال وقماشه ليس بفائق الجنس ولا غالي الثمن مع قربه من الرعايا القاصدين له إلا أن يده ليست مبسوطة بالعطاء ولو أراد هذا لما وفى به دخل بلاده فإن غالب رعاياه أصحاب عمل في الصحراء أقواتهم من مواشيهم ونقل عن نظام

الدين بن الحكيم الطياري أن لسلطان هذه المملكة على جميعهم خراجا يستأديه منهم وأنهم ربما طولبوا بالخراج في سنة ممحلة لوقوع الموتان بدوابهم أو سقوط الثلج ونحوه فباعوا أولادهم لأداء ما عليهم من الخراج
وأما مقادير أرزاق جندهم فقد حكى عن شجاع الدين عبد الرحمن ان كل من كان بيد آبائه شيء من الإقطاع فهو بيد أبنائه ثم قال والأمراء لهم بلاد منهم من تغل بلاده في السنة مائتي ألف دينار رابح وما دون ذلك إلى مائة ألف دينار رابح
أما الجند فليس لأحد منهم إلا نقود تؤخذ كلهم فيها على السواء لكل واحد منهم في السنة مائتا دينار رابح
وأما زيهم في اللبس فحكى عن شجاع الدين الترجمان أيضا أنه كان زيهم زي عسكر مصر والشام في الدولة الإسلامية وما يناسب ذلك ثم غلب على زيهم زي التتر إلا أنهم بعمائم صغار مدورة

القسم الثالث من مملكة توران مملكة القان الكبير
قال في التعريف وهو أكبر الثلاثة يعني ملوك الأقسام الثلاثة المتقدمة الذكر وهو صاحب الصين والخطا ووارث تخت جنكزخان قال وقد تواترت الأخبار بأنه أسلم ودان بدين الإسلام ورقم كلمة التوحيد على ذوائب الأعلام قال وإن صح وهو المؤمل فقد ملأت الأمة المحمدية الخافقين وعمرت المشرق والمغرب وامتدت بين ضفتي البحر المحيط قال في مسالك الأبصار وهو القائم مقام جنكزخان والجالس على تخته قال وهو كالخليفة على بني عمه من بقية ملوك توران من مملكة إيران وصاحب القبجاق وصاحب ما وراء النهر فإذا تجدد في مملكة أحد منهم مهم كبير مثل لقاء

عسكر أو قتل أمير كبير بذنب أو ما يناسب ذلك أرسل إليه وأعلمه به وإن كان لا افتقار إلى استئذانه ولكنها عادة مرعية بينهم
وقد ذكر في مسالك الأبصار عن نظام الدين بن الحكيم الطياري أنه لم يزل يكتب إلى كل من القانات الثلاثة يأمرهم بالاتحاد والألفة وإذا كتب إليهم بدأ باسمه قبلهم وإذا كتبوا إليه بدؤا باسمه قبلهم قال وكلهم مذعنون له بالتقدم عليهم قال في مسالك الأبصار وأهل هذه المملكة هم أهل الأعمال اللطيفة والصنائع البديعة التي سلمت إليهم فيها الأمم وقد تكتب الكتب من أحوالهم بما أغنى عن ذكره قال ومن عادة المجيدين في الصنائع أنهم إذا عملوا عملا بديعا حملوه إلى باب الملك وعلق عليه ليراه الناس ويبقى سنة فإن سلم من عائب أسدى إلى صاحبه الإحسان وإن عيب وتوجه العيب وضع قدر الصانع ولم يوجه العيب على من عابه
وقد حكى المسعودي في مروج الذهب أن صانعا منهم صور عصفورا على سنبلة في نقش ثوب كمخا وعلقه فاستحسنه كل من رآه حتى مر به رجل فعابه باستقامة السنبلة لأن العصفور من شأنه إذا وضع على السنبلة أمالها
وحكى في مسالك الأبصار عن بدر الدين حسن الإسعردي أن بعض صناعهم عمل ثيابا من الورق وباعها على أنها من الكمخاوات الخطائية لا يشك فيها شاك ثم أظهرهم على ذلك فعجبوا منه
وحكي عن الشريف حسن السمرقندي أنه كان بهذه البلاد فشكا ضرسه فأراه لرجل من الخطا فوضع يده عليه فأخرج منه قطعة متأكلة ووضع مكانها قطعة من ضرس أجنبي ودهنه بدهن وأمره أن لا يشرب ماء يومه فالتصق حتى

صار كأنه من أصل الخلقة إلا أن لون الأول يبين من اللون الثاني وذكر المقر الشهابي أنه أراه له بحضرة الشيخ شمس الدين الأصفهاني وجماعة من أهل العلم قال بدر الدين حسن الإسعردي ولقد رأيت منهم من هذه الأعمال ما يحار فيه العقل
ويحصل الغرض منه في خمس جمل

الجملة الأولى فيما اشتملت عليه هذه المملكة من الأقاليم
واعلم أن هذه المملكة هي أوسع ممالك بني جنكزخان وأفسحها جوانب وأكثرها أقاليم وأوفرها مدنا غير أنها بعيدة المسافة منقطعة الأخبار فجهلت لذلك أسماء أقاليهما وتعذرت الإحاطة بأقطارها ونحن نورد منها ما شاع ذكره في سائر الآفاق وانتشر ونقنع من التفصيل بالجملة ونكتفي من البحر بالنغبة
والقول الجملي في ذلك أنه يشتمل على إقليمين عظيمين
الأقليم الأول الصين
بكسر الصاد المهملة وسكون الياء المثناة تحت ونون في الآخر قال في تقويم البلدان ويحيط به من جهة الغرب المفاوز التي بينه وبين الهند ويحيط به من جهة الجنوب البحر يعني بحر الهند ويحيط به من جهة الشرق البحر المحيط ويحيط به من جهة الشمال أرض يأجوج ومأجوج وغيرها من الأراضي المنقطعة الأخبار عنا ثم قال وقد ذكر أصحاب المسالك والممالك في

كتبهم بلادا كثيرة ومواضع وأنهارا وغيرها في إقليم الصين ولم يقع لنا ضبط أسمائها ولا تحقيق أحوالها فصارت كالمجهولة لنا لعدم من يصل من تلك النواحي من المسافرين إلينا لنستعلم منه أخبارها فأضربنا عن ذكرها
وقد ذكر في مسالك الأبصار عن الشريف تاج الدين حسن بن الجلال السمرقندي وهو من السفار وممن جال الآفاق ودخل الصين وجال بلاده وجاب آفاقه وجاس خلاله وجال في أقطاره أن بالصين ألف مدينة وأنه دار الكثير منها قال وبلاد الصين كلها عمارة متصلة من بلد إلى بلد ومن قرية إلى قرية
وقاعدة هذه المملكة خان بالق قال في تقويم البلدان بفتح الخاء المعجمة ثم ألف ونون ساكنة وباء موحدة مفتوحة ثم ألف ولام مكسورة وقاف في الآخر قال وهي مدينة من أقاصي الشرق عند بلاد الخطا واقعة في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول مائة وأربع عشرة درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة وهي قاعدة مشهورة على ألسنة التجار وأهلها من جنس الخطا وعندهم معادن الفضة قال ابن سعيد ويذكر عن عظم هذه المدينة ما يستبعده العقل قال في مسالك الأبصار نقلا عن الشريف حسن بن الجلال السمرقندي إن مدينة خان بالق المذكورة مدينتان قديمة وجديدة والجديدة منهما اسمها ديدو بناها ديدو آخر ملوكها فسميت باسمه والقان الكبير ينزل بوسطها في قصر عظيم يسمى كوك طاق ومعناه بلغة المغل القصر الأخضر لأن طاق معناه عندهم القصر وكوك معناه الأخضر ومنازل الأمراء حوله خارج القصر قال وهي مدينة طيبة واسعة الأقوات رخية الأسعار ويجمد بها الماء في زمن الشتاء فيصير كالثلج فيرفع إلى أيام الصيف حتى يبرد به الماء كما يبرد بالثلج ويشق مدينة ديدو المذكورة نهر
وبها أنواع الفواكه إلا العنب فإنه قليل بها وليس بها نارنج ولا ليمون ولا

زيتون ثم يعمل بها السكر وبها من الزرع والجمال والخيل والبقر والغنم ما لا يدخل تحت الإحصاء
وبالصين مدن مشهورة سواها منها قراقوم قال في تقويم البلدان بفتح القاف والراء المهملة ثم ألف وقاف مضمومة وواو ساكنة وميم قال وهي مدينة في أقاصي بلاد الترك الشرقية ومعنى قراقوم باللغة التركية الرمل الأسود لأن قرا في لغتهم بمعنى الأسود وقم بمعنى الرمل ويقع في كثير من الكتب قراقرم بإبدال الواو راء وهو خطأ وإنما كتبت الواو بها بعد القاف دليلا على الضمة على عادتهم في ذلك وموقعها في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول مائة وست وخمسون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة قال وهي كانت قاعدة التتر وفي جهاتها بلاد المغل وهم خالصة التتر ومنها خاناتهم قال الشريف حسن بن الجلال السمرقندي وفيها غالب عساكر القان الكبير وبها يعمل القماش الفاخر والصنائع الفائقة وغالب ما يحتاج إليه القان يستدعى منها لأنها دار استعمال وأهلها أهل صنائع فائقة قال في مسالك الأبصار وهي قرية جنكزخان التي أخرجته وعريسته التي أدرجته
ومنها الخنساء قال في تقويم البلدان بالخاء المعجمة والنون والسين المهملة وألف وهي مدينة واقعة في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة قال في تقويم البلدان حيث الطول مائة وخمس وستون درجة وأربعون دقيقة والعرض ثمان وعشرون درجة وثلاثون دقيقة قال وعن بعض المسافرين من بلادنا أن الخنساء في هذا الزمان أعظم فرض الصين وإليها ينتهي وصول التجار المسافرين من بلادنا قال الشريف السمرقندي وطول الخنساء يوم كامل وعرضها نصف يوم وفي وسطها سوق واحد ممتد من أولها إلى آخرها وأسواقها

مبلطة بالبلاط وبناؤها خمس طبقات بعضها فوق بعض وكلها مبنية بالأخشاب والمسامير وشرب أهلها من الآبار وأهلها في قشف عظيم وغالب أكلهم لحم الجاموس والإوز والدجاج وفيها الأرز والموز وقصب السكر والليمون وقليل الرمان وأسعارها متوسطة وتجلب إليها الغنم والقمح على قلة ولا يوجد فيها من الخيل إلا ما قل عند أعيانها وأما الجمال فلا توجد فيها البتة فإن دخلها جمل تعجبوا منه ونقل في مسالك الأبصار أن بينها وبين جالق بالق أربعين يوما وحكى عن الصدر صدر الدين عبد الوهاب بن الحداد البغدادي أنه وصل إلى الخنساء ووصف عظمة بنائها ومنعة رفعة مدينتها مع تشحط الأقوات بها ووفور المكاسب فيها ورخص الدقيق الجيد فيها وفي جميع تلك البلاد قال وأهلها يتفاخرون بكثرة الجواري السراري حتى إنه ليوجد لأحد التجار وآحاد الناس أربعون سرية فما زاد على ذلك
ومنها الزيتون قال في تقويم البلدان عن بعض المسافرين الثقات هي بلفظ الزيتون الذي يعتصر منه الزيت وهي فرضة من فرض الصين موقعها في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول مائة وأربع عشرة درجة والعرض سبع عشرة درجة قال وهي مدينة مشهورة على ألسنة التجار المسافرين إلى تلك البلاد وهي على خور من البحر والمراكب تدخل إليها من بحر الصين في الخور المذكور وقدره نحو خمسة عشر ميلا ولها نهر عند رأس الخور المذكور
وذكر في مسالك الأبصار عن الشريف السمرقندي أن مدينة الزيتون على البحر المحيط وهي آخر العمارة قال وبينها وبين جالق بالق شهر واحد
ومنها السيلي قال في تقويم البلدان بالسين المهملة والياء المثناة التحتية ولام وياء ثانية ثم قال هكذا وجدناه في الكتب قال ويقال لها

سيلا يعني باللام ألف ورأيت في بعض الكتب سيلان بزيادة نون بعد اللام ألف قال وهي مدينة في أقصى الصين الشرقي خارجة عن الإقليم الأول إلى الجنوب قال في القانون حيث الطول مائة وسبعون درجة والعرض خمس درج وهي في أعالي الصين من الشرق كجزائر الخالدات في بحر الغرب لكن هذه معمورة في خصب بخلاف تلك
ومنها جمكوت قال في تقويم البلدان بالجيم والميم والكاف ثم واو وتاء فوقية في الآخر قال كذا وجدناها مكتوبة واسمها عند الفرس جماكرد قال وهي مدينة في أقصى العمارة الشرقية خارجة عن الإقليم الأول من الأقاليم السبعة إلى الجنوب قال في الأطوال وهي على خط الاستواء لا عرض لها قال في تقويم البلدان وهي على النهاية الشرقية مثل ما يحكى عن الجزائر الخالدات في النهاية الغربية قال وليس شرقي جمكوت عمارة أصلا
ومنها مدن أخرى مذكورة في الكتب مجهولة الضبط : إحداها مدينة ينجو وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول مائة وخمس وعشرون والعرض اثنتان وعشرون وقد ذكر في القانون أنها مستقر ملكهم الأكبر الملقب بطمغاج
ومنها مدينة خانقو بخاء معجمة وألف ونون وقاف ثم واو وهي مدينة على النهر واقعة في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول مائة وستون درجة والعرض أربع عشرة درجة قال في تقويم البلدان وهي من أبواب الصين قال ابن سعيد وموقعها على شرقي نهر خمدان قال ابن خرداذبة وهي المرفأ الأكبر وفيها الفواكه الكثيرة والبقول والحنطة والشعير والأرز والعنب والسكر
ومنها مدينة خانجو بإبدال القاف من المدينة السابقة جيما وهي مدينة على النهر واقعة في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول مائة واثنتان وستون درجة والعرض أربع عشرة درجة قال في القانون وهي من أبواب الصين

ومنها مدينة سوسة بسينين مهملتين بينهما واو ساكنة وفي الاخر هاء
قال في تقويم البلدان وهي مدينة مشهورة كثيرة التجار متصلة العمارة وبها يصنع الفخار الصيني الذي لا يفوقه ولا يعدله شيء من أعمال الصين قال وهي على شرقي نهر خمدان

الإقليم الثاني بلاد الخطا
بكسر الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة وألف في الآخر وهم جنس من الترك بلادهم في متاخمة بلاد الصين
وقد ذكر في مسالك الأبصار مدينة قمجوهي بقاف وميم وجيم وواو ثم هاء وياء آخر الحروف وقال إنها اول بلاد الخطا وإن منها إلى جالق بالق أربعين يوما بل ذكر أن مدينة جالق بالق التي هي قاعدة هذه المملكة من بلاد الخطا
الجملة الثانية في معاملة هذه المملكة وأسعارها
أما معاملتها فقال في مسالك الأبصار حدثني الفاضل نظام الدين ابن الحكيم أن معاملتهم بقشور من لحاء شجر التوت مطبوعة باسم القان فإذا عتق ذلك حمله صاحبه إلى نواب هذا القان وأخذ عوضه مع خسارة لطيفة كما يؤخذ في دار الضرب مما يحمل إليها من الذهب والفضة ليضرب بها وذكر عن الشريف حسن السمرقندي أن فيها كبارا وفيها صغارا فمنها ما يقوم في المعاملة مقام الدرهم الواحد ومنها ما يقوم مقام درهمين ومنها ما يقوم مقام خمسة دراهم وأكثر إلى ثلاثين وأربعين وخمسين ومائة وقد تقدم في الكلام على جالق بالق

والخنساء ذكر ما بهما من الحيوان والحبوب والبقول وغير ذلك

الجملة الثالثة في الطريق الموصل إلى هذه المملكة
قد حكى في مسالك الأبصار عن الشريف تاج الدين السمرقندي أن من سمرقند من بلاد ما وراء النهر إلى سيلي عشرين يوما ومن سيلي المذكورة إلى ألمالق عشرين يوما ومن ألمالق إلى قراخوجا إلى قمجوهي إلى خان بالق أربعين يوما ثم قال ومن خان بالق إلى الخنساء طريقان طريق في البر وطريق في البحر وفي كل من الطريقين من خان بالق إلى الخنساء أربعون يوما وذكر في الكلام على مملكة بيت بركة عن حسن الإربلي أن المسافر إذا سافر من جولمان على شرقيها وصل إلى مدينة قراقوم
الجملة الرابعة في ذكر ملوكها
قد ذكر المسعودي في مروج الذهب عدة ملوك من ملوك الصين قبل الإسلام وبعده أسماؤهم أعجمية لا حاجة بذكرها والمقصود معرفة حالها في أيام بني جنكزخان القائمين بها إلى الآن
قد تقدم في الفصل الأول من هذا الباب الكلام على مبتدأ أمر جنكزخان وكيفية مصير الملك إليه فأغنى عن إعادته هنا
ثم لما ملك جنكزخان أوصى بتخته المستولي فيه على هذا القسم من المملكة لولده الصغير أوكداي ومات جنكزخان فاستقر ولده أوكداي ثم استقر في هذه المملكة مكانه ابنه كيوك ثم مات
فملك بعده منكوقان بن طولي بن جنكزخان ومات سنة ثمان وخمسين وستمائة

فملك بعده أري بكا ثم قبلي خان ثم دمرياق ثم قرماي ثم ترقاي كيزي ثم قيان قان ثم سند مرقان بن طولي بن جنكزخان وهو الذي كان في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون صاحب الديار المصرية ثم انقطع خبرهم فلم يعلم من ملك منهم وملوك هذه المملكة من بني جنكزخان كفار يدينون بتعظيم الشمس واقفون في الأحكام مع ياسة جدهم جنكزخان المقدم ذكرها في الفصل الأول قال في مسالك الأبصار ذكر لي الفاضل نظام الدين ابن الحكيم الطياري الكاتب البوسعيدي أنهم على ما هم عليه من الجاهلية على السيرة الفاضلة الشاملة لأهل مملكتهم ومن يرد إليها قال الشريف السمرقندي ومن عجائب ما رأيت في مملكة هذا القان أنه مع كفره في رعاياه من المسلمين أمم كثيرة وهم عنده مكرمون محترمون ومتى قتل أحد من الكفار مسلما قتل القاتل الكافر هو وأهل بيته ونهبت أموالهم وإن قتل مسلم كافرا لا يقتل به بل يطلب بديته ودية الكافر عندهم حمار لا يطلب بغيره

الجملة الخامسة في عسكره
قال بدر الدين حسن الإسعردي التاجر وهذا القان ذو عسكر مديد قال والذي اعلم من حاله أن له اثني عشر ألف بازدار يركبون الخيل وعساكره من المغل عشرون تومانا وهي مائتا ألف فارس اما من الخطا فمما لا يحصى
الجملة السادسة في ترتيب هذه المملكة
قال الشريف تاج الدين السمرقندي وترتيب هذه المملكة أن لهذا القان أميرين كبيرين هما الوزراء يسمى كل من يكون في هذه الرتبة جنكصان

ودونهما أميران آخران يسمى كل منهما بنجار ودونهما أميران آخران يسمى كل منهما زوجين ودونهما أميران آخران يسمى كل منهما بوجين قال وله كاتب هو رأس كتابه يسمى لنجون وهو بمنزلة كاتب السر في بلادنا والقان يجلس في كل يوم في صدر دار فسيحة تسمى شن بمثابة دار العدل عندنا ويقف الأمراء المذكورون حوله عن اليمين وعن الشمال على مقادير رتبهم ورأس الكتاب المسمى لنجون فإذا شكا أحد شكوى أو سأل حاجة أعطى قصته رأس الكتاب المذكور فيقف عليها ثم يوصلها إلى أحد الأميرين اللذين يليانه وهما أصغر الكل فيقف عليها هو ومن معه ثم يوصلانها إلى من يليهما في الرتبة وهكذا إلى أن تصير إلى القان فيأمر فيها بما يراه وذكر عن الشريف أبي الحسن الكربلاي وكان ممن اجتمع بالقان في هذه البلاد أن لهذا القان أربعة وزراء يصدرون الأمر في مملكته كلها ولا يراجع القان إلا في القليل النادر قال وإذا أراد القان أن يركب ركب في محفة ولا يظهر للناس إلا في يوم واحد وهو مثل يوم مولده في كل سنة فإنه يركب فرسا ويخرج إلى الصحراء ويعمل بها من الأطعمة والسماطات ما يغمر الناس ويكون مثل يوم العيد عندهم

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد واله وصحبه
المقصد الثاني في ممالك جزيرة العرب الخارجة عن مضافات الديار المصرية
قد تقدم في الكلام على مملكة الديار المصرية ومضافاتها ذكر جزيرة العرب وأنه يحدها من جهة الغرب بحر القلزم ومن جهة الجنوب بحر الهند ومن جهة الشرق بحر فارس ومن جهة الشمال الفرات
وأنها تحتوي الحجاز ونجدا وتهامة واليمن واليمامة والبحرين وقطعة من بادية الشام وقطعة من بادية العراق
وتقدم هناك الكلام على ماهو مضاف إلى مملكة الديار المصرية
منها مكة والمدينة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام والتحية والإكرام والينبع وما هو من بادية الشام كتدمر ونحوها
والمقصود هنا الكلام على باقي أقطارها التي لم تدخل في مضافات الديار المصرية ويتوجه القصد منها إلى ثلاثة أقطار
القطر الأول اليمن
قال في اللباب بفتح المثناة التحتية والميم وفي اخرها نون
قال وينسب إليه يمني ويماني
وهو قطعة من جزيرة العرب يحدها من الغرب بحر

القلزم ومن الجنوب بحر الهند ومن الشمال بحر فارس ومن الشرق حدود مكة حيث الموضع المعروف بطلحة الملك وما على سمت ذلك إلى بحر فارس
وقد وردت السنة بتفضيله بقوله الإيمان يمان
واختلف في سبب تسميته باليمن فقيل سمي بيمن بن قحطان
وقيل إن قحطان نفسه كان يسمى بيمن
وقيل سمي بيمن بن قيدار
وقيل سمي بذلك لأنه عن يمين الكعبة
قال ابن الكلبي سميت بذلك لتيامنهم إليها
قال ابن عباس استتب الناس وهم العرب فتيامنوا إلى اليمن فسميت بذلك
وقيل تيامنت بنو يقطن إليها فسميت بذلك
وقيل لما كثر الناس بمكة وتفرقوا عنها التأمت بنو يمن إلى اليمن وهو أيمن الأرض
وهو إقليم متسع له ذكر في القديم وبه كان قوم سبإ المنصوص خبرهم في سورة سبإ وبلقيس المذكور عرشها في سورة النمل

وقد ذكر البكري أن عرضه ست عشرة مرحلة وطوله عشرون مرحلة
قال في مسالك الأبصار وله ذكر قديم
قال وهو كثير الأمطار ولكن لا تنشأ منه السحب ويمطر في الغالب من وقت الزوال إلى أخريات النهار
قال الحكيم صلاح الدين محمد بن البرهان وأكثر مطره في أخريات الربيع إلى وسط الصيف
وهو إلى الحر أميل وبه الأنهار الجارية والمروج الفيح والأشجار المتكاثفة في بعض أماكنه وله ارتفاع صالح من الأموال وغالب أمواله موجبات التجار الواصلين من الهند ومصر والحبشة مع مالها من دخل البلاد
وذكر عن الحكيم صلاح الدين المذكور أن لأهل اليمن سيادات بينهم محفوظة وسعادات عندهم ملحوظة ولأكابرها حظ من رفاهية العيش والتنعم والتفنن في المأكل يطبخ في بيت الرجل منهم عدة ألوان ويعمل فيها السكر والقلوب وتطيب أوانيها بالعطر والبخور ويكون لأحدهم الحاشية والغاشية وفي بيته العدد الصالح من الإماء وعلى بابه جملة من الخدم والعبيد والخصيان من الهند والحبوش ولهم الديارات الجليلة والمباني الأنيقة إلا الرخام ودهان الذهب واللازورد فإنه من خواص السلطان لا يشاركه فيه غيره من الرعايا
وإنما تفرش دور أعيانهم بالخافقي ونحوه على أن ابن البرهان قد غض من اليمن في أثناء كلامه فقال واسم اليمن أكبر منه لا تعد في بلاد الخصب بلاده

وذكر في مسالك الأبصار أنه ليس باليمن أسواق مرضية دائمة إنما يقام لها سوق يوم الجمعة تجلب فيه الأجلاب ويخرج أرباب الصنائع والبضائع بضائعهم وصنائعهم فيبيع من يبيع ويشتري من يشتري من أعوزه شيء في وسط الجمعة لا يكاد يجده إلا المأكل
ثم اليمن على قسمين

القسم الأول التهائم
وهي المنخفض من بلاده قال في مسالك الأبصار وهي باردة الهواء طيبة المسكن
وفيه أربع جمل
الجملة الأولى في ذكر ما اشتمل عليه من القواعد والمدن
قال في مسالك الأبصار وهو يشتمل على عدة بلاد وقلاع وحصون حصينة ولكن يفصل البر ما بين بعضها عن بعض وبه قاعدتان
القاعدة الأولى تعز
وهي مصيف صاحب اليمن قال في تقويم البلدان بكسر المثناة من فوق والعين المهملة وزاي معجمة في الاخر وموقعها في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال والقياس حيث الطول خمس وستون درجة وثلاثون دقيقة

والعرض ثلاث عشرة درجة وأربعون دقيقة
قال وهي في زماننا هذا مقر ملوك اليمن يعني من أولاد رسول الاتي ذكرهم في الكلام على ملوكه
ثم قال وهي حصن في الجبال مطل على التهائم وأراضي زبيد وفوقها منتزه يقال له مهلة قد ساق له صاحب اليمن المياه من الجبال التي فوقها وبنى فيها أبنية عظيمة في غاية الحسن في وسط بستان هناك
قال في الروض المعطار ولم تزل حصنا للملوك
قال وهو بلد كثير الماء بارد الهواء كثير الفاكهة
قال ولسلطانهم بستان يعرف بالينعات فيه قبة ملوكية ومقعد سلطاني فرشهما وأزرهما من الرخام الملون وبهما عمد قليلة المثل يجري فيهما الماء من نفثات تملأ العين حسنا والأذن طربا بصفاء نميرها وطيب خريرها وترمي شبابيكهما على أشجار قد نقلت إليه من كل مكان تجمع بين فواكه الشام والهند لا يقف ناظر على بستان أحسن منه جمعا ولا أجمع منه حسنا ولا أتم صورة ولا معنى

القاعدة الثانية زبيد
وهي مشتى صاحب اليمن من بني رسول
قال في تقويم البلدان بفتح الزاي المعجمة وكسر الباء الموحدة وسكون المثناة من تحت ودال مهملة
وهي مدينة من تهائم اليمن
قال في العبر بناها محمد بن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد بن أبيه في خلافة المأمون
وموقعها في أوائل الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول أربع وستون درجة وعشرون دقيقة والعرض أربع عشرة درجة وعشر دقائق
قال في العبر وهي مدينة مسورة

وبها كان مقام بني زياد ملوك اليمن وهم الذين بنوها ثم غلب عليها بنو الصليحي ثم صارت قاعدة بني رسول
وهي قصبة التهائم وهي مبنية في مستو من الأرض عن البحر على أقل من يوم وماؤها من الابار وبها نخيل كثيرة وعليها سور وفيها ثمانية أبواب
قال البيروني وهي فرضة اليمن وبها مجتمع التجار من الحجاز ومصر والحبشة ومنها تخرج بضائع الهند والصين
قال المهلبي ولها ساحل يعرف بغلافقة وبينهما خمسة عشر ميلا
قال في مسالك الأبصار وهي شديدة الحر لا يبرد ماؤها ولا هواؤها وهي أوسع رقعة وأكثر بناء ولها نهر جار بظاهرها ومساكن السلطان فيها في نهاية العظمة من فرش الرخام والسقوف
وباليمن عدة مدن سوى القواعد المتقدمة الذكر
منها عدن
قال في تقويم البلدان بفتح العين والدال المهملتين ونون في الاخر
وهي من تهائم اليمن
قال وهي خارجة إلى الجنوب عن الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول سبع وستون درجة والعرض تسع عشرة درجة
قال في الروض المعطار وأول من نزلها عدن بن سبإ فعرفت به
قال في تقويم البلدان ويقال لها عدن أبين بفتح الهمزة

وسكون الباء الموحدة وفتح المثناة التحتية ثم نون وقال في المشترك عن سيبويه بكسر الهمزة وهو رجل من حمير أضيفت إليه عدن
قال في العبر وهو أبين بن زهير بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير
وذكر الأزهري أن سبب تسميتها بذلك أن الحبشة عبرت في سفنهم إليها وخرجوا منها فقالوا عدونه يريدون خرجنا فسميت عدن لذلك
وقيل مأخوذة من قولهم عدن بالمكان إذا أقام به
وهي على ساحل البحر ذات حط وإقلاع
قال في مسالك الأبصار وهي أعظم المراسي باليمن وتكاد تكون ثالثة تعز وزبيد في الذكر وبها قلعة حصينة مبنية وهي خزانة مال ملوك اليمن إلا أنه ليس بها زرع ولا ضرع وهي فرضة اليمن ومحط رحال التجار لم تزل بلد تجارة من زمن التبابعة وإلى زماننا عليها ترد المراكب الواصلة من الحجاز والسند والهند والصين والحبشة ويمتار أهل كل إقليم منها ما يحتاج إليه إقليمهم من البضائع
قال صلاح الدين بن الحكيم ولا يخلو أسبوع من عدة سفن وتجار واردين عليها وبضائع شتى ومتاجر منوعة والمقيم بها في مكاسب وافرة وتجائر مربحة ولحط المراكب عليها وإقلاعها مواسم مشهورة فإذا أراد ناخوذة السفر بمركب إلى جهة من الجهات أقام فيها علما برنك خاص به فيعلم التجار بسفره ويتسامع الناس فيبقى كذلك أياما ويقع الاهتمام بالرحيل وتسارع التجار في نقل أمتعتهم وحولهم العبيد بالقماش السري والأسلحة النافعة وتنصب على الشاطيء البحر الأسواق ويخرج أهل عدن للتفرج هناك
قال في العبر ويحيط بها من جهة شماليها على بعد جبل دائر إلى البحر

ينثقب فيه من طرفيه ثقبان كالبابين بينهما على ظهر الجبل مسيرة أربعة أيام وليس لأهلها دخول ولا خروج إلا على الثقبين أو من البحر
وكان ملكها لبني معن ابن زائد ثم لبني زياد أصحاب زبيد ثم انتزعها منهم احمد بن المكرم الصليحي وصفا الملك فيها لبني الزريع منهم وبقيت بأيديهم حتى ملكها منهم توران شاه بن أيوب أول ملوك اليمن من الأيوبية ومن الأيوبية انتقلت لبني رسول ملوك اليمن الآ ن
وذكر في مسالك الأبصار عن الحكيم صلاح الدين بن البرهان أنه أقام بها مدة وقال إن المقيم بها يحتاج إلى كلفة في النفقات لارتفاع الأسعار بها في الماكل والمشارب ويحتاج المقيم بها إلى ما يتبرد به في اليوم مرات في زمن قوة الحر
قال ولكنهم لا يبالون بكثرة الكلف ولا بسوء المقام لكثرة الأموال النامية
ومنها ظفار
قال في تقويم البلدان بفتح الظاء المعجمة والفاء وألف وراء مهملة
قال وهي من تهائم اليمن من أوائل الإقليم الأول من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول سبع وستون درجة والعرض ثلاث عشرة درجة وثلاثون دقيقة
قال السهيلي وهي مدينة عظيمة بناها مالك بن أبرهة ذي المنار

وذكر في العبر أنها كانت دار ملك التبابعة وخربها أحمد الناخوذة سنة تسع عشرة وستمائة لأنها لم يكن لها مرسى وبنى على الساحل مدينة ظفار بالضم وسماها الأحمدية
قال في تقويم البلدان وهي مدينة على ساحل خور قد خرج من البحر الجنوبي وطعن في البر في جهة الشمال نحو مائة ميل ومدينة ظفار على طرفه ولا تخرج المراكب من ظفار في هذا الخور إلا بريح البر ويقلع منها في الخور المذكور إلى الهند
قال وهي قاعدة بلاد الشحر ويوجد في أرضها كثير من نبات الهند كالرانج والتنبل وشمالي ظفار رمال الأحقاف التي كان بها قوم عاد وهي المذكورة في القران وبينها وبين صنعاء أربعة وعشرون فرسخا
قال وعن بعضهم أن لها بساتين على السواني
قال في مسالك الأبصار وهي في زماننا لأولاد الواثق ابن عم صاحب اليمن
قال وهم وإن أطلق عليهم اسم الملك نواب له
وذكر أن البضائع منها تنقل في زوارق حتى تخرج من خورها ثم توسق في السفن
قال في العبر وكانت منزلة الملوك في صدر الدولتين

ومنها حلي
قال في تقويم البلدان بفتح الحاء المهملة وسكون اللام ثم ياء مثناة من تحت
وهي بلدة من اليمن واقعة في الإقليم الأول
قال في الأطوال حيث الطول ست وستون درجة والعرض ثلاث عشرة درجة وثلاثون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي من أطراف اليمن من جهة الحجاز وتعرف بحلي ابن يعقوب
ومنها المهجم
قال في تقويم البلدان بفتح الميم وسكون الهاء وجيم وميم
وهي مدينة من تهائم اليمن واقعة في الإقليم الأول
قال في الأطوال حيث الطول أربع وستون درجة والعرض ست عشرة درجة
قال في تقويم البلدان وهي من أجل مدن اليمن وهي عن زبيد ثلاثة أيام وهي في الشرق والشمال عن زبيد وعن صنعاء على ست مراحل
قال الإدريسي ومن عدن على ست مراحل
ومنها حصن الدملوة
قال في تقويم البلدان بكسر الدال المهملة وسكون الميم ثم لام وواو وهاء في الاخر
وهو حصن من حصون اليمن واقع في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال أبو العقول حيث الطول أربع وستون درجة وأربعون دقيقة والعرض أربع عشرة درجة
قال في تقويم البلدان وهو حصن في شمال عدن في جبال اليمن
قال ابن سعيد وهو على الجبل الممتد من الجنوب إلى الشمال وهو خزانة صاحب اليمن ويضرب بامتناعه وحصانته المثل
ومنها الشرجة
قال في تقويم البلدان بفتح الشين المعجمة

وسكون الراء المهملة وجيم وهاء
وهي ميناء على ساحل البحر واقعة في الإقاليم الأول في الإقاليم السبعة
قال في القانون حيث الطول خمس وستون درجة والعرض سبع عشرة درجة وثلاثون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي صغيرة وبيوتها أخصاص
ومنها جبلة قال في تقويم البلدان بضم الجيم وسكون الباء الموحدة ولام مفتوحة وهاء
وهي مدينة بين عدن وصنعاء واقعة في الإقليم الأول
قال وقياس قول أبي العقول أنها حيث الطول خمس وستون درجة والعرض ثلاث عشرة درجة وعشر دقائق
قال وهي على نهرين ولذلك يقال لها مدينة النهرين
قال بعض الثقات وبينها وبين تعز دون يوم وهي عن تعز في الشرق بميلة يسيرة إلى الشمال
ومنها الجند
قال في اللباب بالجيم والنون المفتوحتين ودال مهملة في الاخر
وهي مدينة شمالي تعز على نحو نصف مرحلة منها واقعة في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول خمس وستون درجة والعرض أربع عشرة درجة وثلاثون دقيقة
وهي عن صنعاء على ثمانية وأربعين فرسخا وعن ظفار على أربعة وعشرين فرسخا
وقال الشريف الإدريسي هي بين ذمار وبين زبيد
وهو بلد جليل به مسجد جامع ينسب لمعاذ بن جبل الصحابي رضي الله عنه وعلى القرب من الجند وادي سحول ومنه يسير في صحارى إلى جبل عرضه أحد وعشرون فرسخا ثم يسير في صحراء ورمال إلى مدينة زبيد
والجند بلد وخم في غاية الوخامة

ومنها سرين
قال في اللباب بكسر السين المهملة وفتح الراء المهملة المشددة وسكون المثناة من تحت ونون في الاخر
وهي بلدة على تسعة عشر فرسخا من حلي في جهة الشمال منها واقعة في اخر الإقليم الأول
قال في الأطوال حيث الطول ست وستون درجة وأربعون دقيقة والعرض عشرون درجة
وقال المهلبي هي مدينة على ساحل البحر على أربعة أيام من مكة
قال الإدريسي وهي على القرب من قرية يلملم ميقات أهل اليمن للإحرام
ومنها مرباط
قال في تقويم البلدان بكسر الميم وسكون الراء المهملة ثم باء موحدة وألف بعدها طاء مهملة
وهي بليدة على ساحل خور ظفار المقدم ذكره
قال وهي خارجة عن الإقليم الأول من الأقاليم السبعة إلى الجنوب أو منه
قال في الأطوال حيث الطول اثنتان وسبعون درجة والعرض اثنتا عشرة درجة
قال ابن سعيد وهي في الشرق والجنوب عن ظفار
قال الإدريسي وقبر هود عليه السلام منها على خمسة أيام
قال في نزهة المشتاق وبجبال مرباط ينبت شجر اللبان ومنها يجهز إلى البلاد
ومنها بلاد مهرة
قال في تقويم البلدان بفتح الميم ثم هاء ساكنة وراء مهملة مفتوحة وهاء في الاخر
والمراد بمهرة بنو مهرة بن حيدان قبيلة من قبائل اليمن وقد بسطت القول على ذلك في كتابي المسمى بنهاية الأرب في معرفة قبائل العرب
وموقعها في الإقليم الأول
قال في الأطوال واخرها حيث الطول خمس وسبعون درجة والعرض ست عشرة درجة
قال في تقويم البلدان وليس بها نخيل ولا زرع وإنما اموال أهلها الإبل
قال وألسنتهم مستعجمة لا يكاد يوقف عليها وينسب إليها البخت المفضلة ويحمل منها اللبان إلى الافاق

ومنها الشحر بكسر الشين المعجمة وسكون الحاء المهملة وراء مهملة في الاخر
قال ياقوت الحموي وهي بليدة صغيرة وهي بليولم يزد على ذلك
والذي يظهر أن لها إقليما ينسب إليها وإليها ينسب العنبر الشحري على ما تقدم القول عليه في الكلام على ما يحتاج الكاتب إلى وصغه في المقالة الأولى

الجملة الثانية في ذكر حيوانه وحبوبه ولفواكهه ورياحينه ومعاملاته
وأسعاره
وأنا أذكر جملة من ذلك على ما ذكره في مسالك الأبصار عن أبي جعفر أحمد بن محمد المقدسي المعروف بابن غانم كاتب الإنشاء بها وأبي محمد عبد الباقي بن عبد المجيد اليمني الكاتب
أما حيوانه فيه من الحيوان الخيل العربية الفائقة والبغال الجيدة للركوب والحمل والحمر والإبل والبقر والغنم ومن الطير الدجاج والإوز والحمام وفيها من الوحوش الزرافة والأسد والغزلان والقردة وغير ذلك
وأما حبوبه فبه من الحبوب الحنطة والشعير والذرة والأرز والسمسم وغالب قوتهم الذرة وأقله الحنطة والشعير
وأما فواكهه فبه العنب والرمان والسفرجل والتفاح والخوخ والتوت والموز والليمون والأترج في أنواع أخرى من الفاكهة قليلة المقدار وبه البطيخ الأخضر والأصفر
قال ابن البرهان وغالب ما يوجد بمصر من الفواكه يوجد باليمن إلا أنه

بالغ في وصف السفرجل به
وأما أسعاره فرخية في الغالب
وذكر ابن البرهان أن الحنطة فيه تغلو واللحوم فيه رخيصة

الجملة الثالثة في الطريق الموصلة إلى اليمن
وله طريقان طريق في البر وطريق في البحر
اما طريقه في البر فالطريق من مصر إلى مكة معروفة
قال في تقويم البلدان ومن مكة إلى عدن نحو شهر
قال ولها طريقان أحدهما على ساحل البحر وهو الأبعد
والثاني على نجران وجرش وصعدة وصنعاء وهو الأقرب
وأما في البحر فمن مصر إلى السويس ثلاثة أيام في البر ثم يركب في البحر إلى زبيد وعدن
وربما عدل المسافرون عن السويس إلى الطور فتطول الطريق في البر وتقصر في البحر وربما وقع السفر إلى قوص في النيل أو في البر ثم من قوص إلى عيذاب أو إلى القصير فيركب في البحر إلى زبيد أو عدن
الجملة الرابعة في ذكر ملوكه جاهلية وإسلاما
أما ملوكه في الجاهلية فعلى عشر طبقات
الطبقة الأولى العادية
وهم بنو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام
وكانت منازلهم بالأحقاف من اليمن وعمان من البحرين إلى حضرموت والشحر

وأول من ملكها منهم عاد المقدم ذكره
ويقال إنه أول من ملك من العرب وطال عمره وكثر ولده حتى يقال إنه ولد أربعة الآف ولد ذكر لصلبه وتزوج ألف امرأة وعاش ألف سنة ومائتي سنة
وقال البيهقي عاش ثلثمائة سنة
ثم ملك بعده ابنه شديد بن عاد
ثم ملك بعده ابنه الثاني شداد بن عاد وسار في الممالك واستولى على كثير من بلاد الشام والعراق والهند ويقال إنه ملك مصر أيضا
ثم ملك بعده ابنه إرم بن عاد
والذي ذكره المسعودي أنه ملك بعد عاد بن عوص ابنه عاد بن عاد وأن جيرون بن سعد بن عاد كان من ملوكهم وأنه الذي اختط مدينة دمشق ومصرها وإليه ينسب باب جيرون بها كما تقدم في الكلام عليها في مضافات الديار المصرية
وذكر ابن سعيد أن شداد بن بداد بن هداد بن شداد بن عاد غلب قفط ابن قبط على أسافل الديار المصرية ثم هلك هناك ويقال أن ملكهم على عهد هود عليه السلام كان اسمه الخلجان بن عاد بن رقيم بن عاد الأكبر ولقمان بن عاد بن عاديا بن صداقا بن لقمان وكفر الخلجان وأهلك الله من كفر منهم بالريح العقيم

وانتقل ملك لقمان إلى ولده لقيم واتصل ملك لقمان ورهطه ألف سنة أو أكثر إلى أن غلبهم عليه يعرب بن قحطان الاتي ذكره

الطبقة الثانية القحطانية
وأول من ملك منهم قحطان بن عابر بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام
قال المؤيد صاحب حماة وهو أول من ملك اليمن ولبس التاج
ثم ملك بعده ابنه يعرب بن قحطان وغلب عادا على اليمن وعظم ملكه
وهو أول من حياه قومه بتحية الملك وولى أخاه حضرموت بن قحطان على بلاد حضرموت فعرفت به وولى أخاه عمان بن قحطان على بلاد عمان من البحرين فعرفت به
ثم ملك بعده ابنه يشجب بن يعرب
ثم ملك بعده ابنه عبد شمس وأكثر الغزو والسبي فسمي سبأ وبنى قصر سبإ ومدينة مأرب باليمن
ويقال إنه غزا مصر وبنى بها مدينة عين شمس التي أثرها بالقرب من المطربة الان
ثم ملك بعده ابنه حمير خمسين سنة وهو أول من تتوج بالذهب
ثم ملك بعده ابنه وائل
وقيل بل ملك بعده أخوه كهلان
ثم ملك بعد وائل ابنه السكسك
ثم ملك بعده ابنه يعفر بن السكسك

ثم غلب على الملك عامر بن باران بن عوف بن حمير ويعرف بذي رياش
ثم ملك بعده ابنه المعافر واسمه النعمان بن يعفر المقدم ذكره
ثم ملك بعده ابنه أسمح بن النعمان فاضطرب أمر حمير وصار ملكهم في طوائف إلى أن ظهرت ملوك التبابعة
ويقال إنه ملك منهم أبين بن زهير بن الغوث بن أيمن بن الهميسع وإليه تنسب عدن أبين على ما تقدم ذكره
وملك منهم أيضا عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير
وملك منهم أيضا حسان بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس
ثم ملك بعده أخوه لقمان
ثم أخوه ذو شدد وهو ذو مراثد
ثم ابنه الصعب ويقال إنه ذو القرنين
ويقال إن بني كهلان بن سبإ داولوا بني حمير في الملك
وملك منهم جبار بن غالب بن زيد بن كهلان وانه ملك من شعوب قحطان أيضا نجران بن زيد بن يعرب بن قحطان وبه عرفت نجران المقدم ذكرها

الطبقة الثالثة التبابعة
إما بمعنى أن الناس يتبعونهم كما قاله السهيلي والزمخشري وإما بمعنى يتبع بعضهم بعضا كما قاله ابن سيده
قال في العبر وكانت منازلهم ظفار
وأول من ملك منهم الحارث بن ذي شدد بن الملطاط بن عمرو بن ذي يقدم بن الصوار بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبإ
وسمي الرائش لأنه لما ملك الناس راشهم بالعطاء
قال السهيلي وكان مؤمنا
ثم ملك بعده ابنه أبرهة ذو المنار مائة وثمانين سنة قاله المسعودي
وقال ابن هشام هو أبرهة بن الصعب بن ذي مراثد بن الملطاط المقدم ذكره وسمي ذا المنار لأنه رفع منارا يهتدى به
ثم ملك بعده ابنه إفريقش بن أبرهة مائة وستين سنة
وقال هشام ابن الكلبي هو إفريقش بن قيس بن صيفي أخي الحارث الرائش وسار إلى بلاد المغرب وفتح أفريقية فعرفت به
ثم ملك بعده أخوه عمرو العبد بن أبرهة المعروف بذي الأذعار خمسا وعشرين سنة
قال المسعودي وسمي ذا الأذعار لكثرة ذعر الناس منه قال وكان على عهد سليمان عليه السلام أو قبله بقليل
وقال الطبري عمرو بن أبرهة ذي المنار بن الحارث الرائش بن قيس ابن صيفي بن سبإ الأصغر

ثم ملك بعده الهدهاد بن شرحبيل بن عمرو ذي الأذعار ست سنين أو عشر سنين وهو ذو الصرح
ثم ملك بعده ابنته بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل سبع سنين وهي صاحبة القصة مع سليمان عليه السلام
وقال الطبري بلقيس هي يلقمة بنت ليشرح بن الحارث بن قيس
ثم ملك بعدها سليمان عليه السلام
ثم أقاموا في ملكه وملك بنيه أربعا وعشرين سنة
ثم ملك ناشر بن عمرو ذي الأذعار
ويقال له ناشر ينعم وربما قيل ناشر أنعم سمي بذلك لإنعامه عليهم
وقال السهيلي ناشر بن عمرو
ثم قال ويقال له ناشر النعم
وقال المسعودي ناشر بن عمرو ذي الأذعار
وقيل ناشر بن عمرو بن يعفر بن شرحبيل بن عمرو ذي الأذعار وسار إلى وادي الرمل بأقصى الغرب فلم يجد وراءه مذهبا فنصب صنما من نحاس وزبر عليه بالمسند هذا الصنم لناشر أنعم ليس وراءه مذهب فلا يتكلف أحد ذلك فيعطب
ثم ملك بعده ابنه شمر مائة وستين سنة
ويقال له شمر مرعش سمي بذلك لارتعاش كان به
وقال السهيلي شمر بن مالك ومالك هو الأملوك
ويقال إنه وطيء أرض العراق وفارس وخراسان وافتتح مدائنها وخرب مدينة الصفد وراء نهر جيحون فقالت العجم شمر كند أي شمر خرب وبنى هناك مدينة فسميت بذلك ثم عربت سمرقند
ويقال إنه الذي بنى الحيرة بالعراق وملك بلاد الروم واستعمل عليها ماهان قيصر

ثم ملك بعده بتع الأقرن ثلاثا وخمسين سنة وقيل ثلاثا وستين سنة واسمه زيد قال المسعودي وهو ابن شمر مرعش وقال الطبري ابن عمرو ذي الأذعار
قال السهيلي وسمي الأقرن لشامة كانت في قرنه
ثم ملك بعده ابنه كليكرب
ثم ملك بعده تبان أسعد أبو كرب بن قيس بن زيد الأقرن بن عمرو ذي الأذعار وهو تبع الاخر
ويقال له الرائد وكان على عهد يستاسف أحد ملوك الفرس الكيانية وحافده أردشير وملك اليمن والحجاز والعراق والشام وغزا بلاد الترك والتبت والصين ويقال إنه ترك ببلاد التبت قوما من حمير هم بها إلى الان وغزا القسطنطينية ومر في طريقه بالعراق فتحير قومه فبنى هناك مدينة سماها الحيرة وقد مر الكلام عليها مع العراق في الكلام على مملكة إيران ويقال إنه أول من كسا الكعبة الملاء وجعل لبابها مفتاحا وأوصى ولاتها من جرهم بتطهيرها ودام ملكه ثلثمائة وعشرين سنة
ثم ملك من بعده ربيعة بن نصر بن الحارث بن نمارة بن لخم ويقال ربيعة بن يصر بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر
وبعضهم يعكس فيقول نصر بن ربيعة ثم رأى رؤيا هالته فسار بأهله إلى العراق وأقام بالحيرة ومن عقبه كان النعمان بن المنذر ملك الحيرة وهو النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر
ثم ملك بعده حسان ذو معاهر بن تبان أسعد أبي كرب
ثم ملك بعده أخوه عمرو بن تبان أسعد أبي كرب ويسمى الموثبان ثلاثا وستين سنة ومات عن أولاد صغار وأكبرهم قد استهوته الجن فوثب على ملك

التبابعة عبد كلال بن مثوب فملك أربعا وتسعين سنة وهو تبع الأصغر وله مغاز واثار بعيدة
ثم ملك بعده أخوه لأمه مرثد بن عبد كلال سبعا وثلاثين سنة
ثم ملك من بعده ابنه وليعة بن مرثد
ثم ملك بعده أبرهة بن الصباح بن لهيعة بن شيبة بن مرثد بن نيف ابن معدي كرب بن عبد الله بن عمرو بن ذي أصبح الحارث بن مالك وقيل إنما ملك تهامة فقط
ثم ملك بعده حسان بن عمرو بن تبع بن كليكرب سبعا وخمسين سنة
ثم ملك بعده لخيعة بن ينوف ذو شناتر سبعا وعشرين سنة
ثم ملك بعده ذو نواس زرعة تبع بن تبان أسعد أبي كرب ثمانين سنة ويسمى يوسف وكان يدين باليهودية وحمل الناس عليه
ثم ملك بعده ذو جدن واسمه علس بن زيد بن الحارث بن زيد الجمهور
وقيل علس بن الحارث بن زيد بن الغرث بن سعد بن عوف ابن عدي بن مالك بن زيد الجمهور وهو اخر ملوك اليمن من العرب
وقيل غير ذلك من تقديم وتأخير وتبديل اسم باسم
وبالجملة فأخبار التبابعة غير مضبوطة وأمورهم غير محققة
قال المسعودي ولا يسمى أحد منهم تبعا حتى يملك اليمن والشحر وحضرموت على أن الطبري قد ذكر أن الملك من ملوك اليمن لا يتجاوز مخلافه وإن تجاوزه فبمسافة يسيرة

الطبقة الرابعة الحبشة
وأول من ملك منهم أرياط بعثه صاحب الحبشة مقدما على جيوشه حين تهود ذو نواس وأحرق الإنجيل ففتح اليمن واستقر في ملكه

ثم ملك بعده أبرهة الأشرم وهو صاحب الفيل الذي جاء به لتخريب الكعبة
ثم ملك بعده ابنه يكسوم
ثم ملك بعده أخوه مسروق وهو اخر ملوك اليمن من الحبشة

الطبقة الخامسة الفرس
وأول من ملك منهم وهزر وذلك أن سيف بن ذي يزن بن عابر بن أسلم بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد الجمهور الحميري استجاش كسرى أنو شروان ملك الفرس على مسروق بن أبرهة اخر ملوك الحبشة باليمن فأسعفه بجيش ففتح به اليمن واستنابه فيه فقتله بعض من استخلصه من الحبشة فولى كسرى وهزر مكانه وهلك فأقام كسرى مكانه ابنه المرزبان ثم هلك فأقام مكانه خذخسرو بن السيحان بن المرزبان ثم عزله وولى على اليمن باذان فلم يزل به إلى أن كانت البعثة فأسلم وفشا الإسلام باليمن وتتابعت الوفود منه على رسول الله
الطبقة السادسة عمال النبي والخلفاء بعده
لما أسلم باذان نائب كسرى ولاه النبي على جميع مخاليف اليمن وكان منزله بصنعاء دار مملكة التبابعة وبقي حتى مات بعد حجة الوداع فولى النبي ابنه شهر بن باذان على صنعاء وولى على كل جهة واحدا من الصحابة رضوان الله عليهم إلى أن خرج الأسود العنسي فقتل شهر بن باذان

وأخرج سائر عمال النبي من اليمن
فلما قتل العنسي رجع عمال النبي إلى أعمالهم واستول ى قيس بن عبد يغوث المرادي على صنعاء وتوفي رسول الله والأمر على ذلك
ثم ولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيروز الديلمي
ثم ولى بعده المهاجر بن أبي أمية وعكرمة بن أبي جهل على قتال أهل الردة ثم استقر في ولاية يعلي بن منبه
ثم ولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خلافته عبيد الله بن عباس ثم أخاه عبد الله
ثم ولى معاوية على صنعاء فيروز الديلمي ومات سنة ثلاث وخمسين من الهجرة
ثم جعل عبد الملك بن مروان اليمن في ولاية الحجاج بن يوسف حين بعثه لقتال ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين
ثم كان به يوسف بن عمرو سنة ثمان ومائة
ثم لما جاءت دولة بني العباس ولى السفاح أول خلفائهم على اليمن عمه داود وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة
فولى مكانه عمر بن زيد بن عبد الله ابن عبد المدان وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائة فولى السفاح مكانه علي بن الربيع بن عبيد الله
ثم في سنة ثلاث وخمسين ومائة كان عليها يزيد بن منصور ثم عزله المهدي في خلافته وولى مكانه وولى مكانه رجاء بن روح
ثم ولى بعده علي بن سليمان ثم عزله سنة اثنتين وستين ومائة وولى مكانه عبد الله بن سليمان ثم عزله سنة ثلاث وستين ومائة وولى مكانه منصور بن يزيد ثم عزله في سنة ست وستين ومائة وولى مكانه عبد الله بن سليمان الربعي
ثم ولى سليمان بن يزيد ثانيا

ثم ولى الرشيد سنة أربع وثمانين حمادا اليزيدي

الطبقة السابعة ملوكها من بني زياد
لم تزل نواب الخلفاء متوالية على اليمن إلى أيام المأمون فاضطرب أمر اليمن فوجه المأمون إليه محمد بن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد بن أبيه ففتح اليمن وملكه وبنى مدينة زبيد في سنة أربع ومائتين وولى مولاه جعفرا على الجبال فعرفت بمخلاف جعفر إلى الان
ثم ملك اليمن بعده ابنه إبراهيم بن محمد ثم ابنه زياد بن إبراهيم
ثم ملك بعده أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم وطالت مدته وتوفي سنة إحدى وتسعين وثلثمائة وخلف طفلا فتولت أخته هند بنت أبي الجيش كفالته وتولى معها عبد لأبي الجيش اسمه رشيد فبقي حتى مات فتولى مكانه حسين بن سلامة وسلامة اسم أمه وصار وزيرا لهند وأخيها حتى ماتا
ثم ملكوا عليهم طفلا اسمه إبراهيم وقيل عبد الله بن زياد وقام بأمره عمته وعبد من عبيد حسين بن سلامة اسمه مرجان ثم قبض قيس عبد مرجان على الطفل وعمته في سنة سبع وأربعمائة واستبد بالملك ثم قتل قيس بزبيد
وملك بعده نجاح عبد مرجان أيضا وعظم شأنه وركب بالمظلة وضربت السكة باسمه وبقي حتى توفي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة
وملك بعده ابنه سعيد الأحول بن نجاح
ثم غلب على الملك الملك المكرم أحمد بن علي الصليحي في سنة

إحدى وثمانين وأربعمائة
وقيل سنة ثمانين وأقام بزبيد
ثم ملكها جياش بن نجاح في بقايا سنة إحدى وثمانين ومات سنة ثمان وتسعين وأربعمائة
ثم ملك بعده ابنه فاتك ثم ملك بعده منصور بن فاتك بن جياش بن نجاح
ثم ملك بعده ابنه فاتك بن منصور بن فاتك
ثم ملك بعده ابن عمه فاتك بن محمد بن فاتك بن جياش بن نجاح في سنة احدى وثلاثين وخمسمائة وقتل في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة
وهو اخر ملوك بني نجاح

الطبقة الثامنة ملوكها من بني مهدي
لما قتل فاتك ملك بعده علي بن مهدي واستقر في دار الملك بزبيد في رابع عشر شهر رجب سنة أربع وخمسين وخمسمائة ومات بعد شهرين وأحد وعشرين يوما وكان مذهبه التكفير بالمعاصي وقتل من خالف مذهبه
ثم ملك بعده ابنه مهدي بن علي بن مهدي
ثم ملك بعده ابنه عبد النبي بن مهدي
ثم ملك بعده عمه عبد الله بن مهدي
ثم عاد عبد النبي ثانيا وهو اخرهم

الطبقة التاسعة ملوكها من بني أيوب ملوك مصر
وأول من ملكها منهم شمس الدولة توران شاه بن أيوب سيره إليها أخوه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب الديار المصرية في سنة تسع وستين وخمسمائة ففتح زبيد وأسر صاحبها عبد النبي
ثم ملك عدن وأسر صاحبها ياسر واستولى على اليمن لأخيه صلاح الدين ثم استناب توران شاه على زبيد حطان بن كامل بن منقذ الكناني ورجع إلى الشام في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة فأضاف إليه أخوه السلطان صلاح الدين الإسكندرية وبقيت نوابه باليمن يحملون إليه الأموال من زبيد إلى أن توفي بالإسكندرية في سنة ست وسبعين وخمسمائة فاضطرب أمر اليمن فوجه السلطان صلاح الدين إليه أميرا فعزل عنه حطان بن كامل وتولى مكانه ثم توفي الأمير فعاد حطان إلى ولايته
ثم بعث السلطان صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب إلى اليمن فقبض على حطان واستقر في مملكة اليمن وبقي به حتى مات بزبيد في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة
ثم ملك بعده ابنه الملك العزيز إسماعيل فأساء السيرة فقتله أمراؤه
وملك بعده أخوه الناصر صغيرا فقام بتدبير مملكته سنقر مملوك أبيه

أربع سنين ثم مات فتزوج أم الناصر غازي بن جبريل أحد أمراء دولته وقام بتدبيرها ثم مات الناصر وبقي غازي في المملكة فقتله جماعة من العرب فغلبت أم الناصر على زبيد
وكان سليمان بن شاهنشاه بن المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب قد خرج فقيرا فاتفق أن وافى اليمن فتزوج أم الناصر وملك اليمن فأساء السيرة فبعث إليه عمه الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر ابنه الملك المسعود أطسر المعروف باقسيس في جيش فملك اليمن من سليمان ثم كره المقام فيه فسار قاصدا الشام فتوفي بمكة وهو اخر ملوكها من بني أيوب

الطبقة العاشرة دولة بني رسول وهم القائمون بها الان
وأول من ملكها منهم علي بن رسول
وذلك أنه لما توفي الملك المسعود أقسيس ابن الملك الكامل محمد كان معه أميراخور لابيه اسمه رسول فلما خرج الملك المسعود يريد الشام استخلف على اليمن علي بن رسول المذكور فاستقر نائبا باليمن لبني أيوب حتى مات سنة ثلاثين وستمائة ووقع في التعريف أن المستقر في اليمن أولا هو رسول والد علي المذكور ولم أره في تاريخ
ثم استقر بعد علي بن رسول المذكور في النيابة ولده الملك المنصور عمر بن علي
ثم تغلب على اليمن وخرج عن طاعة بني أيوب ملوك مصر واستقل بملك اليمن وتلقب بالملك المنصور ثم قتل في سنة ثمان وأربعين وستمائة
وملك بعده ابنه الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بن علي بن رسول وصفا له ملك اليمن وطالت مدته وأرسل إلى الملك المنصور قلاوون

صاحب الديار المصرية حينئذ هدية نفيسة وسأل أن يكتب له أمانا فقبلت هديته وكتب له بالأمان وقررت عليه إتاوة لملوك مصر وأعيدت رسله في سنة ثمانين وستمائة
ومات بقلعة تعز سنة أربع وتسعين وستمائة
وملك بعده ابنه الأشرف ممهد الدين عمر بن المظفر يوسف وبقي حتى مات سنة ست وتسعين وستمائة
ثم ملك بعده أخوه الملك المؤيد هزبر الدين داود واستمر على مواصلة ملوك مصر بالهدايا والتحف والضريبة المقررة عليه
وتمذهب بمذهب الشافعي رضي الله عنه واشتغل بالعلم واعتنى بجمع الكتب
حتى اشتملت خزائنه على مائة ألف مجلد وبر العلماء وكانت تحفه تصل إلى الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله في كل وقت وتوفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة
وملك بعده ابنه الملك المجاهد سيف الدين علي وكان في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون صاحب الديار المصرية فأساء السيرة فقبض عليه وخلع وحبس في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة
وملك بعده عمه الملك المنصور أيوب بن المظفر يوسف ثم قتله شيعة المجاهد وأعادوا الملك المجاهد
وكان الظاهر أسد الدين عبد الله بن المنصور أيوب بحصن الدملوة المقدم ذكره فعصى عليه وملك عدن وغيرها
وبعث الملك المجاهد للملك الناصر محمد بن قلاوون يستصرخه على الظاهر عبد الله
فجهز إليه العساكر فوصلت إليه سنة خمس وعشرين وسبعمائة فأوقعوا الصلح بينهما على أن تكون الدملوة للظاهر المذكور وتمهد اليمن للمجاهد واستنزل الظاهر عن الدملوة ثم قبض عليه وقتله

ثم حج المجاهد سنة إحدى وخمسين في أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون صاحب مصر
وكان الأمير طاز أحد أكابر أمراء الديار المصرية قد حج وأشيع أن المجاهد يريد كسوة الكعبة في تلك السنة فوقعت الفتنة بين العسكر المصري والمجاهد فانهزم المجاهد ونهبت عساكره وسائر أهل اليمن وأسر المجاهد صاحب اليمن وحمل إلى مصر فاعتقل بها ثم أطلق سنة ثنتين وخمسين وسبعمائة في دولة الصالح ووجه معه الأمير قشتمر المنصوري ليوصله إلى بلاده فلما بلغ به الينبع ارتاب منه في الهرب فرجع به إلى مصر فحبس في الكرك من بلاد الشام ثم أطلق وأعيد إلى ملكه وأقام على مداراة صاحب مصر إلى أن توفي سنة ست وستين وسبعمائة
وملك بعده ابنه الملك الأفضل عباس بن المجاهد علي فاستقام له ملك اليمن وبقي حتى مات سنة ثمان وسبعين وسبعمائة
وملك بعده ابنه الملك المنصور محمد ومات
وملك أخوه الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس فاستقام أمره بها ثم مات
وولي بعده ابنه الملك الناصر أحمد ابن الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول وهو باق باليمن إلى اخر سنة اثنتي عشرة وثمانمائة
وله مكاتبة عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية يأتي ذكرها في المكاتبات إن شاء الله تعالى

الجملة السادسة في ترتيب هذه المملكة على ما هي عليه في زمن بني رسول
ملوكها الان في مقدار عساكرها وزي جندها وبيان أرباب وظائفها وحال سلطانها
أما مقدار عساكرها
فقد قال في مسالك الأبصار أخبرني أقضى القضاة أبو الربيع سليمان بن محمد بن الصدر سليمان وكان قد توجه إلى اليمن وخدم في ديوان الجيوش به أن جميع جند اليمن لا يبلغ ألفي فارس
قال وينضاف إليهم من العرب المدافعين في طاعته مثلهم وأراني جريدة للجيش تشهد بما قال
ذكر أن غالب جنده من الغرباء
ونقل عن الحكيم صلاح الدين بن البرهان أن الإمرة عندهم قد تطلق على من ليس بأمير وأما الإمرة الحقيقية التي ترفع بها الأعلام والكؤؤسات فإنها لمن قل وربما أنه لا يتعدى عدة الأمراء بها عشرة نفر
وأما زي السلطان والجند بها فقد ذكر في مسالك الأبصار أن لباس السلطان وعامة الجند باليمن أقبية إسلامية ضيقة الأكمام مزندة على الأيدي وفي أوساطهم مناطق مشدودة وعلى رؤوسهم تخافيف لانس وفي أرجلهم الدلاكسات وهي أخفاف من القماش الحرير الأطلس والعتابي وغير ذلك
قال المقر الشهابي بن فضل الله وقد حضر علي بن عمر بن يوسف الشهابي أحد أمراء الملك المجاهد باليمن إلى الديار المصرية في وحشة حصلت بينه وبين سلطانه وهو بهذا الزي خلا الدلاكس فإنه قلعه ولبس الخف

المعتاد بالديار المصرية وكان يحضر الموكب السلطاني بالديار المصرية وهو على هذا الزي
وأما شعار السلطنة فقد ذكر عن الحكيم بن البرهان أيضا أن شعار سلطان اليمن وردة حمراء في ارض بيضاء
قال المقر الشهابي بن فضل الله ورأيت أنا السنجق اليمني وقد رفع في عرفات سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة وهو أبيض فيه وردات حمر كثيرة
وأما أرباب الوظائف فنقل عن ابن البرهان أن باليمن أرباب وظائف من النائب والوزير والحاجب وكاتب السر وكاتب الجيش وديوان المال
وبها وظائف الشاد والولاية وأنه يتشبه بالديار المصرية في أكثر أحواله
قال أما كتاب الإنشاء ثم فإنه لا يجمعهم رئيس يرأس عليهم يقرأ ما يرد على السلطان ويجاوب عنه ويتلقى المراسيم وينفذها وإنما السلطان إذا دعت حاجته إلى كتابة كتب بعث إلى كل منهم ما يكتبه
فإذا كتب السلطان ما رسم له به بعثه على يد أحد الخصيان فقدمه إليه فيعلم فيه وينفذه
قال المقر الشهابي بن فضل الله وعادة ما يكتب عنه ديوان الإنشاء كعادة الديار المصرية في المصطلح
قال ورأيت علامة الملك المؤيد داود على توقيع مثالها الشاكر لله على نعمائه في سطر وتحته داود
وأما ترتيب أحوال السلطان فقد ذكر في مسالك الأبصار أن صاحب اليمن قليل التصدي لإقامة رسوم المواكب والخدمة والاجتماع بولاة الأمور ببابه فإذا احتاج أحد من أمرائه وجنده إلى مراجعته في أمر كتب إليه قصة يستأمره فيها فيكتب عليها بخطه ما يراه وكذلك إذا رفعت إليه قصص المظالم هو الذي يكتب عليها بخطه بما فيه إنصاف المظلوم
ونقل عن ابن البرهان أن ملوك اليمن أوقاتهم مقصورة على لذاتهم والخلوة مع حظاياهم وخاصتهم من الندماء والمطربين فلا يكاد السلطان يرى بل ولا يسمع أحد من أهل اليمن خبرا له على حقيقته وأهل خاصته المقربون

الخصيان وله أرباب وظائف للوقوف بأموره وهو ينحو في أموره منحى صاحب مصر يتسمع أخباره ويحاول افتفاء أثاره في أحواله وأوضاع دولته غير أنه لا يصل إلى هذه الغاية ولا تخفق عليه تلك الراية لقصور مدد بلاده وقلة عدد أجناده وللتجار عندهم موضع جليل لأن غالب متحصلات اليمن منهم وبسببهم وغالب دخله من التجار والجلابة برا وبحرا
ولذلك كانت مملكة بني رسول هذه أكثر مالا من مملكة الشرفاء بصنعاء وما والاها لمجاورة مملكة بني رسول البحر
وصاحب اليمن لا ينزل في أسفاره إلا في قصور مبنية له في منازل معروفة من بلاده فحيث أراد النزول بمنزلة وجد بها قصرا مبنيا ينزل به
قال وإنما تجتمع لهم الأموال لقلة الكلف في الخرج والمصاريف والتكاليف ولأن الهند يمدهم بمراكبه ويواصلهم ببضائعه
قال في مسالك الأبصار ولا تزال ملوك اليمن تستجلب من مصر والشام طوائف من أرباب الصناعات والبضائع ببضائعهم على اختلافها
قال أقضى القضاة أبو الربيع سليمان بن الصدر سليمان وصاحب هذه المملكة أبدا يرغب في الغرباء ويحسن تلقيهم غاية الإحسان ويستخدمهم بما يناسب كلا منهم ويتفقدهم في كل وقت بما يأخذ به قلوبهم ويوطنهم عنده
وذكر في مسالك الأبصار عن ملوك هذه المملكة أنهم لم يزالوا مقصودين من افاق الأرض قل أن يبقى مجيد في صنعة من الصنائع إلا ويصنع لأحدهم شيئا على اسمه ويجيد فيه بحسب الطاقة ثم يجهزه إليه ويقصده به فيقدمه إليه فيقبل عليه ويقبل منه
ويحسن نزله ويسني جائزته ثم إن أقام في بابه أقام مكرما محترما أو عاد محبوا محبورا يجزلون من نعمهم العطايا ويثقلون بكرمهم المطايا ما قصدهم قاصدا إلا وحصل له من البر والإيناس وتنويع الكرامة ما يسليهم عن الأوطان ولكنهم لا يسمحون بعود غريب ولا يصفحون

في زلل عن بعيد ولا قريب فإن أراد الارتحال عن دارهم مكنوه من العود كما جاءهم وخرج عنهم على أسوإ حال
مسلوبا ما استفاد عندهم من نعمة عقابا له على مفارقته لأبوابهم لا بخلا بما جادوا به
أما من قدم إليهم القول بأنه أتاهم راحلا لا مقيما وزائرا لا مستديما فإنهم لا يكلفونه المقام لديهم ولا دواما في النزول عليهم بل يجزلون إفادته ويجملون إعادته
ثم بعد أن ذكر ما بين صاحب اليمن هذا وبين إمام الزيدية باليمن من المشاجرة والمهادنة تارة والمفاسخة أخرى قال وصاحب اليمن لا عدو له لأنه محجوب ببحر زاخر وبر منقطع من كل جهة وللمسالمة بينه وبينهم فهو لهذا قرير العين خالي البال لا يهمه إلا صيد ولا يهيجه إلا بلبال
قال وهم مع ذلك على شدة ضبط لبلادهم ومن فيها واحترازهم على طرقها برا وبحرا من كل جهة لا يخفى عليهم داخل يدخل إليها ولا خارج يخرج منها ومع ذلك فهو يداري صاحب مصر ويهاديه لمكان إمكان تسلطه عليه من البر والبحر الحجازي ولذلك اكتتب الملك المؤيد داود وصية أوصى فيها الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب الديار المصرية على ابنه الملك المجاهد علي
فلما مات المؤيد نجم على ابنه المجاهد ناجم فبعث بوصية أبيه إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فجهز معه عسكرا إلى اليمن فمنعه من عدوه الناجم عليه ومكن له في اليمن وبسط يده فيه

القسم الثاني من اليمن النجود
وهي ما ارتفع من الأرض وبها مستقر أئمة الزيدية الان

قال في مسالك الأبصار وهي شديدة الحر وقد انطوى فيها جزء من اليمن وإن كان ما بيد أولاد رسول هو الجزء الوافر الأعظم
وفيه أربع جمل

الجملة الأولى فيما اشتملت عليه من النواحي والمدن والبلاد
قال في مسالك الأبصار حدثني الحكيم صلاح الدين بن البرهان أن اليمن منقسم إلى قسمين سواحل وجبال وأن السواحل كلها لبني رسول والجبال كلها أو غالبها للأشراف
قال وهي أقل دخلا من السواحل لمدد البحر لتلك واتصال سبيلها عنه وانقطاع المدد عن هذه البلاد لانقطاع سبيلها من كل جهة
قال وحدثني أبو جعفر بن غانم أن بلاد الشرفاء هؤلاء متصلة ببلاد السراة إلى الطائف إلى مكة المعظمة
قال وهي جبال شامخة ذات عيون دافقة ومياه جارية على قرى متصلة الواحدة إلى جانب الأخرى وليس لواحدة تعلق بالأخرى بل لكل واحدة أهل يرجع أمرهم إلى كبيرهم لا يضمهم ملك ملك ولا يجمعهم حكم سلطان ولا تخلو قرية منها من أشجار وعروش ذوات فواكه أكثرها العنب واللوز ولها زروع أكثرها الشعير ولأهلها ماشية أعوزتها الزرائب وضاقت بها الحظائر
قال وأهلها أهل سلامة وخير وتمسك بالشريعة ووقوف معها يعضون على دينهم بالنواجذ ويقرون كل من يمر بهم ويضيفونه مدة مقامه حتى

يفارقهم
وإذا ذبحوا لضيفهم شاة قدموا له جميع لحمها ورأسها وأكارعها وكبدها وقلبها وكرشها فيأكل ويحمل معه ما يحمل
ولا يسافر أحد منهم من قرية إلى أخرى إلا برفيق يسترفقه منها فيخفره لوقوع العداوة بينهم
ثم هي تشتمل على عدة حصون وبلاد مخصبة
وقاعدتها مدينة صنعاء
قال في تقويم البلدان بفتح الصاد المهملة وسكون النون وعين مهملة وألف ممدودة
وهي مدينة من نجود اليمن واقعة في أوائل الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول سبع وستون درجة والعرض أربع عشرة درجة وثلاثون دقيقة
قال في الروض المعطار واسمها الأول أوال يعني بضم الهمزة وفتح الواو من الأولية بلغتهم
فلما وافتها الحبشة ونظروا إلى بنائها قالوا هذه صنعة ومعناه بلغتهم حصينة فسميت صنعاء من يؤمئذ
قال والنسبة إليها صنعاني على غير قياس
ويقال إنها أول مدينة بنيت باليمن
ثم اختلف فقيل بناها سام بن نوح عليه السلام وذلك أنه طلب مكانا معتدل الحرارة والبرودة فلم يجد ذلك إلا في مكان صنعاء فبنى هذه المدينة هناك وقيل بنتها عاد
قال في تقويم البلدان وهي من أعظم مدن اليمن وبها أسواق ومتاجر كثيرة ولها شبه بدمشق لكثرة مياهها وأشجارها وهواؤها معتدل وتتقارب فيها ساعات الشتاء والصيف وفي أطول يوم في السنة يكون الشاخص عند الاستواء لا ظل له

وقال في موضع اخر تشبه بعلبك في الشام لتمامها الحسن وحسنها التمام وكثرة الفواكه تقع بها الأمطار والبرد
وهي كرسي ملوك اليمن في القديم ويقال إنها كانت دار ملك التبابعة
قال في الروض المعطار وهي على نهر صغير يأتي إليها من جبل في شماليها ويمر منحدرا إلى مدينة ذمار ويصب في البحر الهندي وعمارتها متصلة وليس في بلاد اليمن أقدم منها عمارة ولا أوسع منها قطرا
قال في تقويم البلدان وكانت في القديم كرسي مملكة اليمن
قال وبها تل عظيم يعرف بغمدان كان قصرا ينزله ملوكها
قال في الروض المعطار هو أحد البيوت السبعة التي بنيت على اسم الكواكب السبعة بناه الضحاك على اسم الزهرة وكانت الأمم تحجه فهدمه عثمان رضي الله عنه فصار تلا عظيما قال في تقويم البلدان وهي شرقي عدن بشمال في الجبال
ولها عدة بلاد وحصون مضافة إليها جارية في أعمالها
منها كحلان بفتح الكاف وسكون الحاء المهملة ثم لام ألف ونون في الاخر
وهي قلعة من عمل صنعاء على القرب منها
قال ابن سعيد كان بها في أول المائة الرابعة بنو يعفر من بقايا التبابعة
قال ولم يكن لها نباهة في الملك إلى أن سكنها بنو الصليحي وغلب عليها الزيدية ثم السليمانيون بعد بني الصليحي
ومنها نجران
قال في اللباب بفتح النون وسكون الجيم وراء مهملة وألف ونون في الاخر
قال الأزهري وسميت بنجران بن زيد بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان
وهي بلدة من بلاد قبيلة همدان واقعة في

الإقليم الأول
قال في الأطوال حيث الطول سبع وستون درجة والعرض تسع عشرة درجة
قال في تقويم البلدان وهي بليدة فيها نخيل بين عدن وحضرموت في جبال بين قرى ومدائن وعمائر ومياه تشتمل على أحياء من اليمن وبها يتخذ الأدم وهي شرقي صنعاء بشمال وبها أشجار وبينها وبين صنعاء عشر مراحل ومنها إلى مكة عشرون يوما في طريق معتدل
وجعلها صاحب الكمام صقعا مفردا عن اليمن
ومنها صعدة
قال في تقويم البلدان بفتح الصاد وسكون العين المهملتين ودال مهملة وهاء في الاخر
قال في الروض المعطار والنسبة إليها صاعدي على غير قياس
قال في القانون وتسمى غيل أيضا
وهي بلدة على ستين فرسخا من صنعاء وموقعها في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول سبع وستون درجة وعشرون دقيقة والعرض ست عشرة درجة
قال في العزيزي وهي مدينة عامرة اهلة خصبة وبها مدابغ الأدم وجلود البقر التي تتخذ منها النعال
ومنها خيوان
قال في تقويم البلدان بفتح الخاء المعجمة وسكون المثناة من تحت وفتح الواو ثم ألف بعدها نون
وهي صقع معروف باليمن واقع في الإقليم الأول
قال في الأطوال حيث الطول سبع وستون درجة وإحدى وعشرون دقيقة والعرض خمس عشرة درجة وعشرون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي بلاد تشتمل على قرى ومزارع ومياه معمورة بأهلها وبها أصناف من قبائل اليمن
قال المهلبي وهي طرف منازل بني الضحاك من بني يعفر من بقايا التبابعة وماؤها من السماء
قال الإدريسي وبينها وبين صعدة ستة

عشر فرسخا
وقال المهلبي بينهما أربعة وعشرون ميلا
ومنها جرش
قال في تقويم البلدان بضم الجيم وفتح الراء المهملة وشين معجمة في الاخر
وهي بلدة باليمن موقعها في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول سبع وستون درجة وخمسون دقيقة والعرض سبع عشرة درجة
وهي بلدة بها نخيل مشتملة على أحياء من اليمن ويتخذ بها الأدم الكثير
قال في العزيزي وهي بلدة صالحة وحولها من شجر القرظ مالا يحصى وبها مدابغ كثيرة
قال الإدريسي وهي ومدينة نجران متقاربتان في المقدار والعمارة ولهما مزارع وضياع وبينهما ست مراحل
ومنها مأرب
قال في تقويم البلدان بفتح الميم وهمزة ساكنة وراء مهملة مكسورة وفي اخرها باء موحدة
وذكر أنه راها مكتوبة في الصحاح كذلك ثم قال والمشهور فتح الهمزة ومدها
وهي مدينة على ثلاث مراحل من صنعاء واقعة في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض أربع عشرة درجة
قال في تقويم البلدان وهي في اخر جبال حضرموت ويقال لها مدينة سبإ تسمية لها باسم بانيها وبها كان السد
قال وكانت قاعدة التبابعة وهي اليوم خراب
ومنها حضرموت
قال في اللباب بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء المهملة وبعدها ميم مفتوحة وواو ساكنة وتاء مثناة من فوقها في الاخر
وهي ناحية من نواحي اليمن وأعمالها أعمال عريضة ذات شجر ونخل ومزارع

قال الأزهري وسميت حضرموت بحاضر بن سنان بن إبراهيم وكان أول من نزلها
قال صاحب العبر وكانت بلاد حضرموت لعاد مع البحرين وعمان ثم غلبهم عليها بنو يعرب بن قحطان حين ولى أولاده البلاد أعطى هذه ابنه حضرموت فعرفت به
والنسبة إليها حضرمي وقصبتها مدينة شبام
قال في اللباب بكسر الشين المعجمة وفتح الباء الموحدة وألف وميم ووهم ابن الأثير في اللباب فجعل شبام قبيلة لا بلدا
قال في تقويم البلدان وهي خارجة عن الإقليم الأول من الأقاليم السبعة إلى الجنوب
قال في الأطوال وهي حيث الطول إحدى وسبعون درجة والعرض اثنتا عشرة درجة وثلاثون دقيقة وهي قلعة فوق جبل منيع فيه قرى ومزارع كثيرة
قال في العزيزي وفيه سكان كثيرة
قال وفيه معدن العقيق والجزع وبينها وبين صنعاء أحد وعشرون فرسخا وقيل إحدى عشرة مرحلة وبينها وبين ذمار مرحلة واحدة

الجملة الثانية في الطرق الموصلة إلى هذه المملكة
قد تقدم أن الطريق من مصر إلى مكة معروفة
قال ابن خرداذبه ثم من مكة إلى بئر ابن المرتفع ثم إلى قرن المنازل قرية عظيمة وهي ميقات أهل اليمن للحج منه يحرمون ثم إلى الفتق وهي قرية كبيرة ثم إلى صقر ثم إلى تربة وهي قرية كبيرة ثم إلى كدي وفيها نخيل وعيون ثم إلى رنية وفيها نخيل وعيون أيضا ثم إلى تبالة وهي مدينة كبيرة فيها عيون جارية ثم إلى

جسدا وفيها بئر ولا أهل فيها ثم إلى كشة وهي قرية عظيمة فيها عيون وحرس ثم إلى بيشة يقطان وفيها ماء ظاهر وكرم والحرس منها على ثلاثة أميال ثم إلى المهجرة وهي قرية عظيمة فيها عيون وفيما بين سروم راح والمهجرة طلحة الملك وهي شجرة عظيمة
وهناك حد ما بين عمل مكة المشرفة وعمل اليمن ثم منها إلى عرقة وماؤها قليل ولا أهل فيها ثم إلى صعدة وقد تقدم ذكرها ثم إلى الأعمشية وفيها عين صغيرة ولا أهل فيها ثم إلى خيوان وقد تقدم ذكرها ثم إلى أثافت وهي مدينة فيها زرع وكرم وعيون ثم إلى مدينة صنعاء وهي قاعدة هذه المملكة على ما تقدم

الجملة الثالثة فيمن ملك هذه المملكة إلى زماننا
قد تقدم في الكلام على صنعاء أنها كانت قاعدة ملك التبابعة وقد مر القول عليهم في الكلام على ملوك اليمن في مملكة بني رسول في القسم الأول من اليمن
أما حضرموت فقد قال علي بن عبد العزيز الجرجاني إنه كان لهم في الجاهلية ملوك يقاربون ملوك التبابعة في علو الصيت ونباهة الذكر
ثم قال وقد ذكر جماعة من العلماء أول من انبسطت يده منهم وارتفع ذكره عمرو بن الأشنب بن ربيعة بن يرام بن حضرموت ثم خلفه ابنه نمر الأزج فملكهم مائة سنة وقاتل العمالقة
ثم ملك بعده ابنه كريب ذو كراب بن نمر الأزج مائة وثلاثا وثلاثين سنة

ثم ملك بعده مرثد ذومران بن كريب مائة وأربعين سنة وكان يسكن مأرب ثم تحول إلى حضرموت
ثم ملك بعده ابنه علقمة ذوقيقان بن مرثد ذي مران ثلاثين سنة
ثم ملك بعده ابنه ذوعيل بن ذي قيقان عشرين سنة
ثم تحول من حضرموت إلى صنعاء واشتدت وطأته
وهو أول من غزا الروم من ملوك اليمن وأدخل الحرير والديباج اليمن
ثم ملك بعده ابنه بدعيل بن ذي عيل أربع سنين وبنى بها حصونا وخلف اثارا
ثم ملك بعده ابنه يدنو ذو حمار بن بدعيل بحضرموت وبحر فارس وكان في أيام سابور ذي الأكتاف من ملوك الفرس ودام ملكه ثمانين سنة وهو أول من اتخذ الحجاب من ملوكهم
ثم ملك بعده ابنه ليشرح ذو الملك بن ودب بن ذي حمار بن عاد من بلاد حضرموت مائة سنة وهو أول من رتب المراتب وأقام الحرس من ملوكهم
ثم ملك بعده ينعم بن ذي الملك دثار بن جذيمة
ثم ملك بعده ساجي بن نمر وفي أيامه تغلبت الحبشة على اليمن وقد مر القول على ملكهم ثم ملك الفرس بعدهم إلى ظهور الإسلام في الكلام على ملوك اليمن في القسم الأول من اليمن فأغنى عن إعادته هنا
وأما نجران وجرش فإنهما كانا بيد جرهم من القحطانية ثم غلبهم على ذلك بنو حمير وصاروا ولاة للتبابعة فكان كل من ملك منهم يسمى أفعى

ومنهم كان الإفعى الذي حكم بين أولاد نزار بن معد بن عدنان في قصتهم المشهورة
ثم نزل نجران بنو مدحج واستولوا عليها ثم نزل في جوارهم الحارث بن كعب الأزدي فغلبهم عليها وانتهت رياسة بني الحارث فيها إلى بني الديان ثم صارت إلى بني عبد المدان إلى أن كان منهم في زمان النبي يزيد فأسلم على يد خالد بن الوليد رضي الله عنه
وكان منهم زياد بن عبد الله بن عبد المدان خال السفاح ولاه نجران واليمامة وخلف ابنه محمدا ويحيى ودخلت المائة الرابعة والملك بها لبني أبي الجود بن عبد المدان واتصل مجيئهم وكان اخرهم عبد القيس الذي أخذ علي بن مهدي الملك من يده
أما في الإسلام فقد تقدم في الكلام على القسم الأول من اليمن أيضا أنه لما ظهر الإسلام أسلم باذان نائب الفرس على اليمن وتتابع أهل اليمن في الإسلام وولى النبي على صنعاء شهر بن باذان المذكور فلما خرج الأسود العنسي أخرج عمال النبي من اليمن على ما تقدم وزحف إلى صنعاء فملكها وقتل شهر بن باذان وتزوج امرأته
فلما قتل العنسي ورجع عمال النبي إلى اليمن استبد بصنعاء قيس بن عبد يغوث المرادي وتوفي رسول الله والأمر على ذلك
ثم كانت خلافة أبي بكر رضي الله عنه فولى على اليمن فيروز الديلمي ثم ولى بعده المهاجر بن أبي أمية
ثم توالت عمال الخلفاء على اليمن على ما تقدم في الكلام على القسم الأول من اليمن
ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن كان اول المائة الرابعة بعد الهجرة أو ما قاربها
فغلب على صنعاء وما والاها بنو يعفر من بقايا التبابعة
قال ابن سعيد وكان دار ملكهم كحلان وهي

قلعة من عمل صنعاء بالقرب منها ولم أقف على تفاصيل احوالهم وأسماء ملوكهم
ثم كانت دولة أئمة الزيدية القائمين بها إلى الآن وهم بنو القاسم الرسي ابن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
وكان مبدأ أمرهم ان محمد بن إبراهيم طباطبا خرج بالكوفة في خلافة المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة ودعا إلى نفسه وكان شيعته من الزيدية وغيرهم يقولون إنه مستحق للإمامة بالتوارث من ابائه عن جده إبراهيم الإمام وغلب على كثير من بلاد العراق ثم خمدت سورته فتطلب المأمون أخاه القاسم الرسي فهرب إلى الهند ولم يزل به حتى هلك سنة خمس وأربعين ومائتين فرجع ابنه الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا إلى اليمن فكان من عقبه هؤلاء الأئمة
وأول من خرج منهم باليمن يحيى بن الحسين الزاهد بن القاسم الرسي ودعا لنفسه بصعدة وتلقب بالهادي وبويع بالإمامة سنة ثمان وثمانين ومائتين في حياة أبيه الحسين وجمع الشيعة وغيرهم وحارب إبراهيم بن يعفر ويقال أسد بن يعفر القائم من أعقاب التبابعة بصنعاء وكحلان وملك صنعاء ونجران وضرب السكة باسمه
قال في مسالك الأبصار واستجاب الناس لندائه وصلوا بصلاته وأمنوا على دعائه وقام فيهم مقاما عظيما وأثر فيهم من الصلاح أثرا مشهودا قال وفي ذلك يقول

( بني حسن إني نهضت بثأركم ... وثأر كتاب الله والحق والسنن )
( وصيرت نفسي للحوادث عرضة ... وغبت عن الإخوان والأهل والوطن ) - طويل -
ثم ارتجعهما بنو يعفر منه ورجع هو إلى صعدة فتوفي بها سنة ثمان وتسعين ومائتين لعشر سنين من بيعته
قال ابن المحاب وله مصنفات في الحلال والحرام
وقال غيره كان مجتهدا في الأحكام الشرعية وله في الفقه اراء غريبة وتاليف بين الشيعة مشهورة قال ابن حزم ولم يبعد في الفقه عن الجماعة كل البعد
قال الصولي ثم ولي بعده ابنه محمد المرتضى وتمت له البيعة فاضطرب الناس عليه
قال في أنساب الطالبيين واضطر إلى تجريد السيف فجرده
وفي ذلك يقول
( كدر الورد علينا بالصدر ... فعل من بدل حقا أو كفر )
( أيها الأمة عودي للهدى ... ودعي عنك أحاديث البشر )
( عدمتني البيض والسمر معا ... وتبدلت رقادا بسهر )
( لأجرن على أعدائنا ... نار حرب بضرام وشرر ) - رمل -
ومات سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة لثنتين وعشرين سنة من ولايته
وولي بعده أخوه الناصر فاستقام ملكه
ثم ولي بعده ابنه الحسين المنتجب بالجيم ومات سنة أربع وعشرين وثلثمائة
وولي بعده أخوه القاسم المختار بعهد من أخيه المذكور وقتله أبو القاسم بن الضحاك الهمداني سنة أربع وأربعين وثلثمائة
وولي بعده صعدة جعفر الرشيد ثم بعده أخوه المختار ثم أخوه الحسن المنتجب ثم أخوه محمد المهدي

قال ابن المحاب ولم تزل إمامتهم بصعدة مطردة إلى أن وقع الخلاف بينهم وجاء السليمانيون أمراء مكة حين غلبة الهواشم عليهم فغلبوا على صعدة في المائة السادسة
قال ابن سعيد وقام بها منهم أحمد بن حمزة بن سليمان بن داود ابن عبد الله بن المثنى بن الحسن السبط وغلب على زبيد وملكها من بني مهدي ثم انتزعها بنو مهدي منه وعاد إلى صعدة ومات
فولي بعده ابنه المنصور عبد الله بن أحمد بن حمزة وامتدت يده مع الناصر لدين الله خليفة بني العباس ببغداد وبعث دعاته إلى الديلم والجبل فخطب له بهما وأقيم له بهما ولاة وكان بينه وبين سيف الإسلام بن أيوب ثم الملك مسعود ابن الملك الكامل حروب باليمن
وبقي حتى توفي سنة ثلاثين وستمائة عن عمر طويل
وولي بعده ابنه أحمد بن المنصور عبد الله بن أحمد بن حمزة ولقب بالمتوكل صغيرا ولم يخطب له بالإمامة لصغر سنه
وكان بنو الرسي حين غلب عليهم السليمانيون بصعدة أووا إلى جبل شرقي صعدة فلم يبرحوا عنه والخبر شائع بأن الأمر يرجع إليهم إلى أن كان المتوكل أحمد من السليمانيين فبايع الزيدية أحمد الموطىء بن الحسين المنتجب بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي بن الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا المقدم ذكره في سنة خمس وأربعين وستمائة
وكان الموطىء فقيها أديبا عالما بمذهبهم قواما صواما فأهم عمر بن علي بن رسول صاحب زبيد شأنه فحاصره بحصن ملا سنة فلم يصل إليه

وتمكن أمر الموطىء وملك عشرين حصنا وزحف إلى صعدة فغلب السليمانيين عليها فنزل أحمد المتوكل إمام السليمانيين إليه وبايعه في سنة تسع وأربعين وستمائة وحج سنة خمسين وستمائة وبقي أمر الزيدية بصعدة في عقبه
وقد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في مسالك الأبصار أنه سأل تاج الدين عبد الباقي اليماني أحد كتاب اليمن عن تفاصيل أحوال هذه الأئمة فقال إن أئمة الزيديين كثيرون والمشهور منهم المؤيد بالله والمنصور بالله والمهدي بالله والمطهر يحيى بن حمزة
قال ويحيى بن حمزة هو الذي كان اخرا على عهد الملك المؤيد داود بن يوسف صاحب اليمن وكانت الهدنة تكون بينهما
وذكر في التعريف أن الإمامة في زمانه كانت في بني المطهر
ثم قال واسم الإمام القائم في وقتنا حمزة
ثم قال ويكون بينه وبين الملك الرسولي باليمن مهادنات ومفاسخات تارة وتارة
قال قاضي القضاة ولي الدين بن خلدون في تاريخه وقد سمعت بمصر أن الإمام بصعدة كان قبل الثمانين والسبعمائة علي ابن محمد من أعقابهم وتوفي قبل الثمانين وولي ابنه صلاح وبايعه الزيدية وكان بعضهم يقول فيه إنه ليس بإمام لعدم اجتماع شروط الإمامة فيقول أنا لكم على ما شئتم إمام أو سلطان
ثم مات صلاح اخر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وقام بعده ابنه نجاح وامتنع الزيدية من بيعته
فقال أنا محتسب لله تعالى
قلت وقد وهم في التعريف فجعل هذه الأئمة من بقايا الحسنيين القائمين بامل الشط من بلاد طبرستان وأن القائم منهم بامل الشط بطبرستان هو الداعي المعروف بالعلوي من الزيديه وهو الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج سنة خمس وخمسين ومائتين أو ما يقاربها فملك طبرستان وجرجان وسائر أعمالها ثم مات وقام أخوه محمد بن زيد مقامه
وكان لشيعته من الزيدية دولة هناك ثم

انقرضت وورثها الناصر الأطروش وهو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب وكان له دولة هناك
ثم خرج على الأطروش من الزيدية الداعي الأصغر وهو الحسن بن القاسم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد البطحائي بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط وجرى بينه وبين الأطروش حروب إلى أن قتل سنة تسع عشرةوثلثمائة ويجتمع الداعي الأصغر مع الداعي الأكبر في الحسن بن زيد وليس بنو الرسي الذين منهم أئمة اليمن من هؤلاء بوجه

الجملة الثالثة في ترتيب مملكة هذا الإمام
قال في التعريف بعد أن ذكر إمام زمانه وهذا الإمام وكل من كان قبله على طريقة ما عدوها وهي إمارة أعرابية لا كبر في صدورها ولا شمم في عرانينها وهم على مسكة من التقوى وترد بشعار الزهد يجلس في ندي قومه كواحد منهم ويتحدث فيهم ويحكم بينهم سواء عنده المشروف والشريف والقوي والضعيف
قال وربما اشترى سلعته بيده ومشى بها في أسواق بلده لا يغلظ الحجاب ولا يكل الأمور إلى الوزراء والحجاب يأخذ من بيت المال قدر بلغته من غير توسع ولا تكثر غير مشبع هكذا هو وكل من سلف قبله مع عدل شامل وفضل كامل
وذكر في مسالك الأبصار عن تاج الدين عبد الباقي اليماني الكاتب نحو ذلك
فقال وأئمتهم لا يحجبون ولا يحتجبون ولا يرون التفخيم والتعظيم الإمام كواحد من شيعته في مأكله ومشربه وملبسه وقيامه وقعوده وركوبه

ونزوله وعامة أموره يجلس ويجالس ويعود المرضى ويصلي بالناس وعلى الجنائز ويشيع الموتى ويحضر دفن بعضهم
قال ولشيعته فيه حسن اعتقاد ويستشفون بدعائه ويمرون يده على مرضاهم ويستسقون المطر به إذا أجدبوا ويبالغون في ذلك مبالغة عظيمة قال المقر الشهابي بن فضل الله ولا يكبر لإمام هذه سيرته في التواضع لله وحسن المعاملة لخلقه وهو من ذلك الأصل الطاهر والعنصر الطيب أن يجاب دعاؤه ويتقبل منه
وينادى ببلاد هذا الإمام في الأذان بحي على خير العمل بدل الحيعلتين كما كان ينادى بذلك في تأذين أهل مصر في دولة الخلفاء الفاطميين بها
قال في التعريف وأمراء مكة تسر طاعته ولا تفارق جماعته
قال ابن غانم هذا الإمام يعتقد في نفسه ويعتقد أشياعه فيه أنه إمام معصوم مفترض الطاعة تنعقد به عندهم الجمعة والجماعة ويرون أن ملوك الأرض وسلاطين الأقطار يلزمهم طاعته ومبايعته حتى خلفاء بني العباس وأن جميع من مات منهم مات عاصيا بترك مبايعته ومتابعته
قال وهم يزعمون ويزعم لهم أن سيكون لهم دولة يدال بها بين الأمم وتملك منتهى الهمم وأن الإمام الحجة المنتظر في اخر الزمان منهم
وذكر عن رسول هذا الإمام الواصل إلى مصر أن الأئمة في هذا البيت أهل علم يتوارثونه إمام عن إمام وقائم عن قائم
وذكر عن بعض من مر بهم أنه فارقهم في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وهم لا يشكون أنه قد آن أوان ظهورهم وحان حين ملكهم ولهم رعايا تختلف إلى البلاد وتجتمع بمن هو على رأيهم تصون ضعف الدولة في أقطار الأرض
وحكى المقر الشهابي بن فضل الله عن قاضي القضاة كمال الدين محمد ابن الزملكاني قاضي حلب أنه مات رجل من شيعتهم بحلب فوجد عنده صندوقان ضمنهما كتب من ائمة هذه البلاد إلى ذلك الرجل وإلى سلفه يستعرفون فيها

الأخبار وأحوال الشيعة والسؤال عن أناس منهم وأن في بعضها ولا يؤخر مدد من هنا من إخوانكم المؤمنين في هذه البلاد الشاسعه وهو حق الله فيه تزكية أموالكم ومدد إخوانكم من الضعفاء واتقوا الله و ( استغفروا ربكم أنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )
ونقل عن الشيخ شهاب الدين بن غانم أنه حدثه عند وصوله من اليمن أن هذا الإمام في منعة منيعة وذروة رفيعة وأنه يركب في نحو ثلاثة آلاف فارس وأن عسكره من الرحالة خلق لا جسم وذكر عمن أقام عندهم أنهم أهل نجدة وبأس وشجاعة ورأي غير ان عددهم قليل وسلاحهم ليس بكثير لضيق أيديهم وقلة بلادهم ونقل عن تاج الدين عبد الباقي اليمني أن قومه معه على الطواعية والانقياد لا يخرج أحد منهم له عن نص ولا يشاركه فيما يتميز به
قال ابن غانم وزي هذا الإمام وأتباعه زي العرب في لباسهم والعمامة والحنك بخلاف ما تقدم من زي صاحب اليمن من بني رسول قال الشيخ شهاب الدين بن غانم وهذا الإمام لا يزال صاحب اليمن يرعى جانبه وفي كل وقت تعقد بينهما العقود وتكتب الهدن وتوثق المواثيق وتشترط الشروط
قال في التعريف وقد وصل إلينا بمصر في الأيام الناصرية سقى الله تعالى عهدها رسول من هذا الإمام بكتاب أطال فيه الشكوى من صاحب اليمن وعدد قبائحه ونشر على عيون الناس فضائحه واستنصر بمدد يأتي تحت الأعلام المنصورة لإجلائه عن دياره وإجرائه مجرى الذين ظلموا في تعجيل دماره
وقال انه إذا حضرت الجيوش المؤيدة قام معها وقاد إليها الأشراف والعرب أجمعها ثم إذا استنقذ منه ما بيده أنعم عليه ببعضه وأعطي منه ما هو الى جانب أرضه قال فكتبت إليه مؤذنا بالإجابة مؤديا إليه ما يقتضي إعجابه

وضمن الجواب أنه لا رغبة لنا في السلب وأن النصرة تكون لله خالصة وله كل البلاد لا قدر ما طلب
وسيأتي ذكر المكاتبة إلى هذا الإمام عن الأبواب السلطانية في الكلام على المكاتبات في المقالة الرابعة فيما بعد ان شاء الله تعالى

القطر الثاني مما هو خارج من جزيرة العرب عن مضافات الديار المصرية بلاد
البحرين تثنية بحر
قال في تقويم البلدان بفتح الباء الموحدة وسكون الحاء المهملة وفتح الراء المهملة وسكون المثناة من تحت ثم نون وهي قطعة من جزيرة العرب المذكورة
قال في تقويم البلدان وهي ناحية من نواحي نجد على شط بحر فارس ولها قرى كثيرة قال وهي هجر ونهايتها الشرقية الشمالية قال في الأطوال ونهايتها من الشمال في الاقليم الثاني حيث الطول أربع وسبعون درجة وعشرون دقيقة والعرض خمس وعشرون درجه وخمس وأربعون دقيقة
قال في المشترك ويقال للبحرين هجر أيضا بفتح الهاء والجيم ثم راء مهملة وليست هجر مدينة بعينها
قال الأزهري وإنما سميت هجر بالبحرين ببحيرة بها عند الأحساء وبالبحر الملح يعني بحر فارس والنسبة إلى البحرين بحراني
قال الجوهري والنسبة إلى هجر هاجري على غير قياس قال الأزهري وسميت هجر بهجر بنت المكنف وهي التي بنتها
وفيها ثلاث جمل
الجملة الأولى فيما تشتمل عليه من المدن
وقاعدتها عمان قال في اللباب بضم العين المهملة وفتح الميم ونون

في الاخر بعد الألف
قال الأزهري وسميت بعمان بن نعسان بن إبراهيم عليه السلام وموقعها في الإقليم الأول
قال وهي على البحر تحت البصرة
قال المهلبي وهي مدينة جليلة بها مرسى السفن من السند والهند والزنج وليس على بحر فارس مدينة أجل منها وأعمالها نحو ثلثمائة فرسخ
قال وهي ديار الأزد قال في تقويم البلدان وهي بلدة كثيرة النخيل والفواكه ولكنها حارة جدا
وكانت القصبة في القديم مدينة صحار
قال في تقويم البلدان بضم الصاد وفتح الحاء المهملتين كما في الصحاح
قال وهي اليوم خراب
وبها بلاد أخرى غير ذلك
منها الأحساء
قال في تقويم البلدان بفتح الهمزة وسكون الحاء وفتح السين المهملتين وألف في الاخر
قال في المشترك والأحساء جمع حسي وهو رمل يغوص فيه الماء حتى إذا صار إلى صلابة الأرض أمسكته فتحفر عنه العرب وتستخرجه
وموقعها في أوائل الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة
قال في الأطوال حيث الطول ثلاث وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وعشرون درجة
قال في تقويم البلدان ذات نخيل كثير ومياه جارية ومنابعها حارة شديدة الحرارة ونخيلها بقدر غوطة دمشق وهو مستدير عليها وهي في البرية في الغرب عن القطيف بميلة إلى الجنوب على مرحلتين منها
قال وتعرف بأحساء بني سعد
ومنها القطيف
قال في اللباب بفتح القاف وكسر الطاء المهملة وسكون المثناة من تحت وفاء في الاخر
وهي بلدة على مرحلتين من الأحساء من جهة الشرق والشمال واقعة في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة
قال في تقويم البلدان والقياس أنها حيث الطول ثلاث وسبعون درجة وخمس

وخمسون دقيقة والعرض اثنتان وعشرون درجة وخمس وثلاثون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي على شط بحر فارس وبها مغاص لؤلؤ وبها نخيل دون نخيل الأحساء
قال وعن بعض أهلها أن لها سورا وخندقا ولها أربعة أبواب والبحر إذا مد يصل إلى سورها وإذا جزر ينكشف بعض الأرض وهي أكبر من الأحساء
قال ولها خور في البحر تدخل فيه المراكب الكبار الموسقة في حالة المد والجزر وبينها وبين البصرة ستة أيام وبينها وبين عمان مسيرة شهر
ومنها كاظمة
قال في تقويم البلدان بكاف وألف وظاء معجمة مكسورة وميم وهاء
قال وهي جون على ساحل البحر بين البصرة والقطيف في سمت الجنوب عن البصرة وبينها وبين البصرة مسيرة يومين وبينها وبين القطيف أربعة أيام

الجملة الثانية في ذكر ملوكها
قد ذكر صاحب العبر أنها كانت في القديم لعاد مع حضرموت والشحر وما والاهما ثم غلب عليها بعد ذلك بنو يعرب بن قحطان
الجملة الثالثة في الطريق الموصل إليها
قد تقدم في الكلام على مملكة إيران الطريق من مملكة مصر إلى البصرة
قال ابن خرداذبه ثم من البصرة إلى عبادان ثم إلى الحدوثة ثم إلى عرفجاء ثم إلى الزابوقة ثم إلى المغز ثم إلى عصا ثم إلى المعرس ثم إلى خليجة ثم إلى حسان ثم إلى القرى ثم إلى مسيلحة ثم إلى حمض ثم إلى ساحل هجر ثم إلى العقير ثم إلى القطن ثم إلى السبخة ثم إلى عمان
وذكر لها طريقا أخرى من مكة إليها على الساحل وهي من مكة إلى جدة إلى منزل ثم إلى الشعيبة ثم إلى المرجاب ثم إلى أغيار ثم إلى السرين

ثم إلى مرسى حلي ثم إلى مرسى ضنكان ثم إلى سجين ثم إلى مخلاف الحكم ثم إلى الجودة ثم إلى مخلاف عك ثم إلى غلافقة ثم إلى مخلاف زبيد ثم إلى المندب ثم إلى مخلاف الركب ثم إلى المنجلة ثم إلى مخلاف بني مجيد ثم إلى مغاص اللؤلؤ ثم إلى عدن ثم إلى مخلاف لحج ثم إلى قرية عبد الله بن مذحج ثم إلى مخلاف كندة ثم إلى الشحر ثم إلى ساحل هماه ثم إلى عوكلان ثم إلى فرق ثم إلى عمان
وهي طريق بعيدة
ولعربها مكاتبات عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية على ما سيأتي ذكره في الكلام على المكاتبات في المقالة الرابعة إن شاء الله تعالى

القطر الثالث مما هو خارج من جزيرة العرب عن مضافات الديار المصرية
اليمامة
قال في تقويم البلدان بفتح المثناة من تحت والميم وألف وميم وهاء في الاخر
وهي قطعة من جزيرة العرب من الحجاز وعليه جرى الفقهاء فحكموا بتحريم مقام الكفر بها كما بسائر أقطار الحجاز وهي في سمت الشرق عن مكة المشرفة
قال البيهقي وهي ملك منقطع بعمله ويحدها من جهة الشرق البحرين ومن الغرب أطراف اليمن ومن الشمال نجد والحجاز وأرضها تسمى العروض لاعتراضها بين الحجاز والبحرين وطولها عشرون مرحلة
وهي في جهة الغرب عن القطيف وبينهما نحو أربع مراحل وبينها وبين مكة أربعة أيام
وسميت اليمامة باسم امرأة وهي اليمامة بنت سهم بن طسم كانت تنزلها إلى أن قتلها عبد كلال وصلبها على بابها فسميت بها سماها بذلك تبع الاخر
قال في تقويم البلدان وكان اسمها في القديم جوا بفتح الجيم وسكون الواو
قال في تقويم البلدان وهي عن البصرة على ست عشرة مرحلة وعن

الكوفة مثل ذلك
قال في تقويم البلدان وبها من القرب عين ماء متسعة وماؤها سارح وذكر أنها أكثر نخيلا من سائر الحجاز ثم نقل عمن راها في زمانه أن بها ابارا وقليل نخل وكأنه حكى معبرا عما كانت عليه في القدم وبها واد يسمى الخرج بخاء معجمة مفتوحة وراء مهملة ساكنة وجيم في الاخر كما هو مضبوط في الصحاح
وفيها ثلاث جمل

الجملة الأولى فيما اشتملت عليه من البلدان
قد ذكر في تقويم البلدان عمن أخبره ممن راها في زمانه أن بها عدة قرى
وبها الحنطة والشعير كثير
وقاعدتها دون مدينة النبي واقعة في أوائل الإقليم الثاني
قال في الأطوال حيث الطول إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض إحدى وعشرون درجة وثلاثون دقيقة
ومن بلادها حجر قال في المشترك بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم وراء مهملة في الاخر
وهي في الغرب عن مدينة اليمامة على مرحلتين منها وبعضهم يجعلها قاعدة اليمامة وموقعها في أوائل الإقليم الثاني
قال في تقويم البلدان والقياس انها حيث الطول إحدى وسبعون درجة وعشر دقائق والعرض اثنتان وعشرون درجة
قال وبها قبور الشهداء الذين قتلوا في حرب مسيلمة الكذاب

الجملة الثانية في ذكر ملوكها
قال صاحب العبر كانت هي والطائف بيد بني هزان بن يعفر بن السكسك إلى أن غلبهم عليها طسم
ثم غلبهم عليها جديس ومنهم زرقاء اليمامة
ثم استولى عليها بنو حنيفة وكان منهم هوذة بن علي وهو الذي كتب إليه النبي يدعوه إلى الإسلام
ثم ملكها من بني حنيفة ثمامة بن أثال على عهد النبي وأسر ثم أسلم ثم كان بها منهم مسيلمة الكذاب زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقتل في حرب المسلمين معه
وكان لبني الأخيضر من الطالبيين بها دولة
وأول من ملكها منهم محمد بن الأخيضر بن يوسف بن إبراهيم بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وكان استيلاؤه عليها أيام المستعين الخليفة العباسي
ثم ملكها بعده ابنه يوسف ثم ابنه الحسن ثم ابنه أحمد ولم يزل ملكها فيهم إلى أن غلب عليهم القرامطة على ما تقدم ذكره في الكلام على بلاد البحرين
قال ابن سعيد وسألت عرب البحرين في سنة لمن اليمامة اليوم فقالوا لعرب من قيس عيلان وليس لبني حنيفة بها ذكر

قلت ولم أقف لعربها على ذكر في المكاتبات السلطانية بالديار المصرية

الجملة الثالثة في الطريق الموصل إليها
قد تقدم أنها في جهة الشرق عن مكة وان بينهما أربعة أيام وطريق مكة معروف على ما تقدم
أما ما ذكره ابن خرداذبه من طريقها على البصرة فمن البصرة إلى المنجشانية ثم إلى الكفير ثم إلى الرحيل ثم إلى الشجي ثم إلى الحفر ثم إلى ماوية ثم إلى ذات العشر ثم إلى الينسوعة ثم إلى السمينة ثم إلى النباج ثم إلى العمومية ثم إلى القريتين ثم إلى سويقة ثم إلى صداة ثم إلى السد ثم إلى السقي ثم إلى المنبية ثم إلى السفح ثم إلى المريقة ثم إلى اليمامة والبصرة قد تقدم أكثر الطريق إليها في الكلام على مملكة إيران
القطر الرابع مملكة الهند ومضافاتها
قال في مسالك الأبصار وهي مملكة عظيمة الشأن لا تقاس في الأرض بمملكة سواها لا تساع أقطارها وكثرة أموالها وعساكرها وأبهة سلطانها في ركوبه ونزوله ودست ملكه وفي صيتها وسمعتها كفاية
ثم قال ولقد كنت أسمع من الاخبار الطائحة والكتب المصنفة ما يملأ العين والسمع وكنت لا أقف على حقيقة أخبارها لبعدها منا وتنائي ديارها عنا ثم تتبعت ذلك من الرواة فوجدت أكثر مما كنت أسمع وأجل مما كنت أظن
وحسبك ببلاد في بحرها الدر وفي برها الذهب وفي جبالها الياقوت والماس وفي شعابها العود والكافور وفي مدنها أسرة الملوك ومن وحوشها الفيل والكركدن ومن حديدها سيوف الهند وأسعارها رخية وعساكرها لا تعد وممالكها لا تحد ولأهلها

الحكمة ووفور العقل وهم أملك الأمم لشهواتهم وأبذلهم للنفوس فيما يظن به الزلفى
قال وقد وصف محمد بن عبد الرحيم الاقليشي هذه المملكة في كتابه تحفة الألباب فقال الملك العظيم والعدل الكثير والنعمة الجزيلة والسياسة الحسنة والرضا الدائم والأمن الذي لا خوف معه في بلاد الهند
وأهل الهند أعلم الناس بأنواع الحكمة والطب والهندسة والصناعات العجيبة ثم قال وفي جبالهم وجزائرهم ينبت شجر العود والكافور وجميع أنواع الطيب كالقرنفل والسنبل والدارصيني والقرفة والسليخة والقاتلة والكبابة والبسباسة وأنواع العقاقير
وعندهم غزال المسك وسنور الزباد هذا مع ما هذه المملكة عليه من اتساع الأقطار وتباعد الأرجاء وتنائي الجوانب
فقد حكى في مسالك الأبصار عن الشيخ مبارك بن محمود الأنباتي أن عرض هذه المملكة ما بين سومنات وسرنديب إلى غزنة وطولها من الفرضة المقابلة لعدن إلى سد الإسكندر عند مخرج البحر الهندي من البحر المحيط وأن مسافة ذلك ثلاث سنين في مثلها بالسير المعتاد كلها متصلة المدن ذوات المنابر والأسرة والأعمال والقرى والضياع والرساتيق والأسواق لا يفصل بينها خراب بعد أن ذكر عنه أنه ثقة ثبت عارف بما يحكيه إلا أنه استبعد

هذا المقدار وقال إن جميع المعمور لا يفي بهذه المسافة اللهم إلا أن يريد أن هذه مسافة من يتنقل فيها حتى يحيط بجميعها مكانا مكانا فيحتمل على ما فيه
وفيه إحدى عشرة جملة

الجملة الأولى فيما اشتملت عليه هذه المملكة من الأقاليم
وتحتوي هذه المملكة على إقليمين عظيمين
الإقليم الأول إقليم السند وما انخرط في سلكه من مكران وطوران والبدهة
وبلاد القفس والبلوص
فأما السند فبكسر السين المهملة وسكون النون ودال مهملة في الاخر
قال ابن حوقل ويحيط به من جهة الغرب حدود كرمان وتمام الحد مفازة سجستان ومن جهة الجنوب مفازة هي فيما بين كرمان والبحر الهندي والبحر جنوبي المفازة ومن جهة الشرق بحر فارس أيضا لأن البحر يتقوس على كرمان والسند حتي يصير له دخلة شرقي بلاد السند ومن جهة الشمال قطعة من الهند
قال ابن خرداذبة وبالسند القسط والقنا والخيزران
وقاعدته المنصورة قال في تقويم البلدان بفتح الميم وسكون النون وضم الصاد المهملة وسكون الواو وفتح الراء المهملة وهاء في الاخر
وهي مدينة بالسند واقعة في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول خمس وتسعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وعشرون درجة واثنتان وأربعون دقيقة
قال في القانون واسمها القديم يمنهو وإنما سميت المنصورة

لأن الذي فتحها من المسلمين قال نصرنا
وقال المهلبي إنما سميت المنصورة لأن عمر بن حفص المعروف بهزارمرد بناها في أيام أبي جعفر المنصور ثاني خلفاء بني العباس وسماها بلقبه
قال ابن حوقل وهي مدينة كبيرة يحيط بها خليج من نهر مهران وهو نهر يأتي من الملتان فهي كالجزيرة ولكنها بلدة حارة وليس بها سوى النخيل وبها قصب السكر وبها أيضا ثمر على قدر التفاح شديد الحموضة يسمى اليمومة
وبها عدة مدن وبلاد أيضا
منها الديبل قال في اللباب بفتح الدال المهملة وسكون المثناة من تحتها وضم الباء الموحدة ولام في الاخر
وهي بلدة على ساحل البحر واقعة في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وعشرون درجة وعشرون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي بلدة صغيرة على ساحل ماء السند شديدة الحر
قال ابن حوقل وهي شرقي مهران وهي فرضة تلك البلاد
وقال في اللباب إنها على البحر الهندي قريبة من السند
قال ابن سعيد وهي في دخلة من البر في خليج السند وهي أكبر فرض السند وأشهرها ويجلب منها المتاع الديبلي
قال في تقويم البلدان وبها سمسم كثير ويجلب إليها التمر من البصرة وبينها وبين المنصورة ست مراحل
ومنها البيرون
قال في اللباب بكسر الباء الموحدة وسكون الياء اخر الحروف وضم الراء المهملة وبعدها واو ونون في الاخر
وهي مدينة من أعمال الديبل بينها وبين المنصورة واقعة في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال في

القانون حيث الطول أربع وتسعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة
قال ابن سعيد وهي من فرض بلاد السند التي عليها خليجهم المالح الخارج من بحر فارس
قال في العزيزي وأهلها مسلمون ومنها إلى المنصورة خمسة عشر فرسخا
قال ابن سعيد وإليها ينسب أبو الريحان البيروني يعني صاحب القانون في أطوال البلاد وعروضها
ومنها سدوسان
قال في تقويم البلدان بفتح السين وضم الدال المهملتين وواوثم سين مهلمة ثانية مفتوحة وألف ونون
وهي مدينة غربي نهر مهران واقعة في أوائل الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول أربع وتسعون درجة وخمسون دقيقة والعرض ثمان وعشرون درجة وعشر دقائق
قال ابن حوقل وهي خصبة كثيرة الخير وحولها قرى ورستاق وهي ذات أسواق جليلة
ومنها المولتان قال في تقويم البلدان بضم الميم وسكون اللام ثم تاء مثناة فوقية وألف ونون
قال وهي في أكثر الكتب مكتوبة بواو
وهي مدينة من السند فيما ذكره أبو الريحان البيروني وإن كان ابن حوقل جعلها من الهند وعليه جرى في مسالك الأبصار لأن البيروني أقعد بذلك منه لأن السند بلاده فهو بها أخبر واقعة في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة
قال في القانون حيث الطول ست وتسعون درجة وخمس وعشرون دقيقة والعرض ثمان وعشرون درجة وأربعون دقيقة
قال ابن حوقل وهي أصغر من المنصورة
وقد ذكر في مسالك الأبصار عن بعض المصنفات أن قرى الملتان مائة ألف قرية وستة وعشرون ألف قرية
قال المهلبي وأعمال الملتان واسعة من

قرب حد مكران من الجنوب إلى حد المنصورة وبينها وبين غزنة ثمانية وستون فرسخا
ومنها أزور
قال ابن حوقل وهي مدينة تقارب الملتان في الكبر وعليها سوران وهي على نهر مهران
وقال في العزيزي هي مدينة كبيرة وأهلها مسلمون في طاعة صاحب المنصورة وبينهما ثلاثون فرسخا قال في القانون حيث الطول خمس وتسعون درجة وخمس وخمسون دقيقة والعرض ثمان وعشرون درجة وعشر دقائق
وأما مكران فقال في اللباب بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء المهملة وألف ونون
قال ابن حوقل وهي ناحية واسعة عريضة والغالب عليها المفاوز والقحط والضيق
وقد اختلف كلام صاحب تقويم البلدان فيها فذكر في الكلام على السند أنها منه وذكر في كلامه على مكران في ضمن بلاد السند أنها من كرمان
وقاعدتها التيز قال في اللباب بالتاء المثناة الفوقية الممالة ثم ياء اخر الحروف وزاي معجمة في الاخر وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول ست وثمانون درجة والعرض ست وعشرون درجة وخمس عشرة دقيقة
قال ابن حوقل وهي فرضة مكران وتلك النواحي وهي على شط نهر مهران في غربيه بقرب الخليج المنفتح من مهران على ظهر المنصورة

وأما طوران
فناحية على خمس عشرة مرحلة من المنصورة
قال في القانون وقصبتها قندابيل قال وهي حيث الطول خمس وتسعون درجة والعرض ثمان وعشرون درجة
وذكر ابن حوقل أن قصبة طوران قزدار قال في اللباب بضم القاف وسكون الزاي المعجمة وفتح الدال المهملة وألف وراء مهملة
وقد نقل في تقويم البلدان عن إخبار من راها أنها قليعة
قال في تقويم البلدان وهي كالقرية لصغرها وهي في وطاءة من الأرض على تليل وحولها بعض بساتين
وذكر في اللباب أن قزدار ناحية من نواحي الهند
قال في تقويم البلدان وبينها وبين الملتان نحو عشرين مرحلة
وأما البدهة فقال ابن حوقل وهي مفترشة ما بين حدود طوران ومكران والملتان ومدن المنصورة وهي في غربي نهر مهران وأهلها أهل إبل كالبادية ولهم أخصاص واجام
قال في تقويم البلدان ومن المنصورة إلى أول البدهة خمس مراحل ومن أراد البدهة من المنصورة احتاج إلى عبور نهر مهران

الإقليم الثاني إقليم الهند
قال في الأنساب بكسر الهاء وسكون النون ودال مهملة في الاخر
قال في تقويم البلدان والذي يحيط به من جهة الغرب بحر فارس وتمامه حدود السند ومن جهة الجنوب البحر الهندي ومن جهة الشرق المفاوز الفاصلة بين الهند والصين ولم يذكر الحد الذي من جهة الشمال
وذكر في مسالك

الأب صار أن حده من جهة الشمال بلاد الترك
وذكر عن الشيخ مبارك الأنباتي أنه ليس في هذه المملكة خراب سوى مسافة عشرين يوما مما يلي غزنة لتجاذب صاحب الهند وصاحب تركستان وما وراء النهر بأطراف المنازعة أو جبال معطلة أو شعواء مشتبكة
قال صاحب مسالك الأبصار وسألت الشيخ مبارك الأنباتي عن بر الهند وضواحيه فقال إن به أنهارا ممتدة تقارب ألف نهر كبار وصغار منها ما يضاهي النيل عظما ومنها ما هو دونه ومنها ما هو مثل بقية الأنهار
وعلى صغار الأنهار القرى والمدن وبه الأشجار الكثيفة والمروج الفيح
قال وهي بلاد معتدلة لا تتفاوت حالات فصولها ليست مفرطة في حر ولا برد بل كأن كل أوقاتها ربيع وتهب بها الأهوية والنسيم اللطيف وتتوالى بها الأمطار مدة أربعة أشهر وأكثرها في أخريات الربيع إلى ما يليه من الصيف
ثم لمملكة الهند قاعدتان

القاعدة الأولى مدينة دلي
قال في تقويم البلدان بدال مهملة ولام مشددة مكسورة ثم مثناة تحتية ولم يتعرض لضبط الدال والناس ينطقون بها بالفتح وبالضم
وسماها صاحب تقويم البلدان في تاريخه دهلي بابدال اللام هاء
وهي مدينة ذات إقليم متسع وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول مائة وثمان وعشرون درجة وخمسون دقيقة والعرض خمس وثلاثون درجة وخمسون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي مدينة كبيرة في مستو من الأرض وتربتها مختلطة بالحجر والرمل وعليها سور من اجر وسورها أكبر من

سور حماة وهي بعيدة من البحر ويمر على فرسخ منها نهر كبير دون الفرات وبها بساتين قليلة وليس بها عنب وتمطر في الصيف وبجامعها منارة لم يعلم في الدنيا مثلها مبنية من حجر أحمر ودرجها نحو ثلثمائة درجة وهي كبيرة الأضلاع عظيمة الأوضاع واسعة الأسفل وارتفاعها يقارب منارة الإسكندرية
وذكر في مسالك الأبصار عن الشيخ برهان الدين بن الخلال البزي الكوفي أن علوها في نحو ستمائة ذراع
وذكر عن الشيخ مبارك الأنباتي أن دلي مدائن جمعت ولكل مدينة منها اسم يخصها ودلي واحدة منها
قال الشيخ أبو بكر ابن الخلال وجملة ما يطلق عليه الان اسم دلي إحدى وعشرون مدينة
قال الشيخ مبارك وهي مميلة طولا وعرضا ويكون دور عمرانها أربعين ميلا وبناؤها بالحجر والاجر وسقوفها بالخشب وأرضها مفروشة بحجر أبيض شبيه بالرخام ولا يبنى بها أكثر من طبقتين وربما اقتصر على طبقة واحدة ولا يفرش دوره فيها بالرخام إلا السلطان
قال وفيها ألف مدرسة منها مدرسة واحدة للشافعية وباقيها للحنفية وبها نحو سبعين بيمارستانا وتسمى بها دور الشفاء وبها وببلادها من ا لربط والخوانق نحو ألفين وفيها الزيارات العظيمة والأسواق الممتدة والحمامات الكثيرة وشرب أهلها من ماء المطر تجتمع الأمطار فيها في أحواض وسيعة كل حوض قطره غلوة سهم أو أكثر
أما مياه الاستعمال وشرب الدواب فمن ابار قريبة المستقى أطول ما فيها سبعة أذرع
وقد صارت دلي قاعدة لجميع الهند ومستقر السلطان وبها قصور ومنازل خاصة بسكنه وسكن حريمه ومقاصير جواريه وحظاياه وبيوت خدمه ومماليكه لا يسكن معه أحد من الخانات ولا من الأمراء ولا يكون بها أحد منهم إلا إذا حضر للخدمة ثم ينصرف كل واحد منهم إلى بيته
ولها بساتين من جهاتها الثلاث الشرق والجنوب والشمال على استقامة
كل خط اثنا عشر ميلا أما الجهة الغربية فعاطلة من ذلك لمقاربة جبل لهابة
ووراء ذلك مدن وأقاليم متعددة

القاعدة الثانية مدينة الدواكير
ومدينة الدواكير بفتح الدال المهملة والواو وألف بعدها كاف مكسورة ثم ياء مثناة تحتية وراء مهملة في الاخر
وهي مدينة ذات إقليم متسع
وقد ذكر في مسالك الأبصار عن الشيخ مبارك الأنباتي أنها مدينة قديمة جددها السلطان محمد بن طغلقشاه وسماها قبة الإسلام
وذكر أنه فارقها ولم تتكامل بعد وأن السلطان المذكور كان قد قسمها على أن تبنى محلات لأهل كل طائفة محلة الجند في محلة والوزراء في محلة والكتاب في محلة والقضاة والعلماء في محلة والمشايخ والفقراء في محلة وفي كل محلة ما يحتاج إليه من المساجد والأسواق والحمامات والطواحين والأفران وأرباب الصنائع من كل نوع حتى الصواغ والصباغين والدباغين بحيث لا يحتاج أهل محلة إلى أخرى في بيع ولا شراء ولا أخذ ولا عطاء لتكون كل محلة كأنها مدينة مفردة قائمة بذاتها
واعلم أن صاحب تقويم البلدان قد ذكر عن بعض المسافرين إلى الهند أن بلاد الهند على ثلاثة أقسام
القسم الأول بلاد الجزرات
قال في تقويم البلدان بالجيم والزاي المعجمة والراء المهملة ثم ألف وتاء مثناة فوق
وبها عدة مدن وبلاد
منها نهلوارة بالنون والهاء واللام والواو ثم ألف وراء مهملة وهاء
قال ابن سعيد نهروالة فقدم الراء وأخر اللام وكذلك نقله في تقويم البلدان عن بعض المسافرين
وفي نزهة المشتاق نهروارة براءين

وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول ثمان وتسعون درجة وعشرون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة
وهي غربي إقليم المنيبار الاتي ذكره
قال وهي أكبر من كنبايت وعمارتها مفرقة بين البساتين والمياه وهي عن البحر على مسيرة ثلاثة أيام
قال صاحب حماة في تاريخه وهي من أعظم بلاد الهند
ومنها كنبايت قال في تقويم البلدان بالكاف ونون ساكنة وباء موحدة ثم ألف وياء مثناة تحتية وتاء مثناة من فوقها ومقتضى ما في مسالك الأبصار أن يكون اسمها أنبايت بإبدال الكاف همزة فإنه ينسب إليها أنباتي
وهي مدينة على ساحل بحر الهند موقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول تسع وتسعون درجة وعشرون دقيقة والعرض اثنتان وعشرون درجة وعشرون دقيقة
وذكر في تقويم البلدان عمن سافر إليها أنها غربي المنيبار على خور من البحر طوله مسيرة ثلاثة أيام
قال وهي مدينة حسنة أكبر من المعرة من الشام في المقدار وأبنيتها بالاجر وبها الرخام الأبيض وبها بساتين قليلة
ومنها تانة
قال تقويم البلدان قال أبو العقول نقلا عن عبد الرحمن الريان الهندي بفتح المثناة الفوقية ثم ألف ونون وهاء
وهي بلدة على ساحل البحر واقعة في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول مائة وأربع عشرة درجة وعشرون دقيقة والعرض تسع عشرة درجة وعشرون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي من مشارق الجزرات
قال ابن سعيد وهي مشهورة على ألسن التجار
قال وأهل هذا الساحل جميعهم كفار يعبدون الأنداد والمسلمون ساكنون معهم
قال الإدريسي وأرضها

وجبالها تنبت القنا والطباشير ويحمل منها إلى الافاق
قال أبو الريحان والنسبة إليها تانشي ومنها الثياب التانشية
ومنها صومنات قال في تقويم البلدان بالصاد المهملة ويقال بالسين المهملة ثم واو ساكنة وميم ونون مفتوحتين ثم ألف وتاء مثناة فوقية في الاخر وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول سبع وتسعون درجة وعشر دقائق والعرض اثنتان وعشرون درجة وخمس عشرة دقيقة
قال في القانون وهي على الساحل في ارض البوازيج
قال ابن سعيد وهي مشهورة على ألسنة المسافرين وتعرف ببلاد اللار وموضعها في جهة داخلة في البحر فينطحها كثير من مراكب عدن لأنها ليست في جون ولها خور ينزل من الجبل الكبير الذي في شماليها إلى شرقيها وكان بها صنم تعظمه الهنود يضاف إليها فيقال صنم صومنات فكسره يمين الدولة محمود بن سبكتكين عند فتحها كما هو مذكور في التاريخ
ومنها سندان بالسين المهملة والنون والدال المهملة والألف والنون هكذا ذكره في تقويم البلدان ونقل لفظه عن المهلبي في العزيزي
وقال بعض المسافرين إنها سندابور بالسين المهملة والنون والدال المهملة وألف وباء موحدة وواو وراء مهملة في الاخر
وهي مدينة على ثلاثة أيام من تانة موقعها في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول مائة وأربع درج وعشرون دقيقة والعرض تسع عشرة درجة وعشرون دقيقة
قال في تقويم البلدان عن بعض المسافرين وهي على جون في البحر الأخضر وهي اخر إقليم الجزرات
قال في القانون وهي على الساحل
قال في

العزيزي وبينها وبين المنصورة خمسة عشر فرسخا وهي مجمع الطرق
قال وهي بلاد القسط والقنا والخيزران وهي من أجل الفرض التي على البحر
ومنها ناكور قال في تقويم البلدان بفتح النون وألف وكاف مضمومة وواو وراء مهملة في الاخر
وهي مدينة على أربعة أيام من دلي
ومنها جالور بفتح الجيم ثم ألف ولام مضمومة وواو وراء مهملة
وهي على تل تراب نحو قلعة مصياف بين ناكور وبين نهروالة
ويقال إنه لم يعص على صاحب دلي من الجزرات غير جالور
ومنها منوري
قال في القانون وهي بين الفرضة وبين المعبر إلى سرنديب حيث الطول مائة وعشرون درجة والعرض ثلاث عشرة درجة
القسم الثاني من إقليم الهند بلاد المنيبار
قال في تقويم البلدان بفتح الميم وكسر النون وسكون الياء اخر الحروف وفتح الباء الموحدة ثم ألف وراء مهملة في الاخر
وهي إقليم من أقاليم الهند في الشرق عن بلاد الجزرات المقدم ذكرها
قال والمنيبار هي بلاد الفلفل
ثم قال والفلفل في شجره عناقيد كعناقيد الدخن وشجره ربما التف على غيره من الأشجار كما تلتف الدوالي وبها بلاد كثيرة وجميع بلاد المنيبار مخضرة كثيرة المياه والأشجار الملتفة
ومنها هنور قال في تقويم البلدان بفتح الهاء والنون المشددة والواو وراء مهملة
وهي غربي سندابور من بلاد الجزرات المقدم ذكرها فتكون أول بلاد المنيبار من الغرب
قال ولها بساتين كثيرة
ومنها باسرور بالباء الموحدة وبالسين المفتوحة والراءين المهملات

وهي بلدة صغيرة شرقي هنور المقدمة الذكر
ومنها منجرور قال في تقويم البلدان بفتح الميم وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء المهملة ثم واو ساكنة وراء مهملة
وهي شرقي باسرور المقدمة الذكر
قال وهي من أكبر بلاد المنيبار وملكها كافر ووراءها بثلاثة أيام جبل عظيم داخل في البحر يرى للمسافرين من بعد يسمى رأس هيلي بفتح الهاء وسكون الياء المثناة من تحت وكسر اللام ثم ياء مثناة تحتية في الاخر
ومنها تنديور بالتاء المثناة الفوقية المفتوحة وسكون النون ثم دال مهملة وياء اخر الحروف مضمومة وواو وراء مهملة
وهي بليدة شرقي رأس هيلي لها بساتين كثيرة
ومنها الشاليات بفتح الشين المعجمة وألف ولام وياء اخر الحروف ثم ألف وتاء مثناة فوقية
ومنها الشنكلي بالشين المعجمة المكسورة وسكون النون وكاف ولام وياء اخر الحروف
وهي بلدة بالقرب من الشاليات
ومنها الكولم قال في تقويم البلدان بالكاف المفتوحة والواو الساكنة ثم لام مفتوحة وميم في الاخر وموقعها في الإقليم الأول من الأقاليم السبعة قال في الأطوال حيث الطول مائة وعشر درجات والعرض ثمان عشرة درجة وثلاثون دقيقة
قال ابن سعيد وهي اخر بلاد الفلفل من الشرق ومنها يقلع إلى عدن
قال صاحب تقويم البلدان وحكى لي بعض المسافرين أنها على خور من البحر في مستو من الأرض وأرضها مرملة وهي كثيرة البساتين وبها شجر البقم وهو شجر كشجر الرمان وورقه يشبه ورق العناب وفيها حارة

للمسلمين وبها جامع
القسم الثالث من إقليم الهند بلاد المعبر
قال في تقويم البلدان بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الباء الموحدة ثم راء مهملة وهي شرقي بلاد الكولم بثلاثة أيام وأربعة قال في تقويم البلدان وينبغي أن تكون بميلة إلى الجنوب
قال ابن سعيد وهو مشهور على الألسن ومنه يجلب اللانس
وبها يضرب المثل في قصاريها
قال وفي شماليها جبال متصلة ببلاد بلهرا ملك ملوك الهند وفي غربيها يصب نهر الصوليان في البحر وذكر في مسالك الأبصار عن قاضي القضاة سراج الدين الهندي أن بلاد المعبر تشتمل على عدة جزائر كبار
وبه عدة مدن وبلاد
منها بيرداول قال في تقويم البلدان بكسر الباء الموحدة وتشديد الياء المثناة التحتية وسكون الراء وفتح الدال المهملتين وألف وواو ولام
قال وهي قصبة بلاد المعبر وموقعها في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد حيث الطول مائة واثنتان وأربعون درجة والعرض سبع عشرة درجة وخمس وعشرون دقيقة
قال في تقويم البلدان وهي مدينة سلطان المعبر وإليه تجلب الخيول من البلاد
ثم اعلم أن وراء ما تقدم بلادا أخرى ذكرها في تقويم البلدان
منها ماهورة قال في تقويم البلدان بفتح الميم والألف والهاء والواو ثم راء مهملة وهاء
وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة قال في القانون حيث الطول مائة درجة وأربع درج والعرض سبع وعشرون درجة
قال ابن سعيد وهي على جانبي نهر كنك في انحداره من قنوج إلى بحر الهند
قال في تقويم البلدان وهي بلد البراهمة وهم عباد الهند ينسبون إلى البرهمن أول حكمائهم قال ابن سعيد وقلاعهم بها لا ترام
ومنها لوهور قال في اللباب بفتح اللام وسكون الواوين بينهما

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39